المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مُتُونُ طالِبِ العِلِم مُحَقَّقَةٌ عَلى (230) مَخطوُطَة المُستَوَى الخَامِسُ (2)   زَادُ المُسْتَقْنِع في اخْتِصَار المُقنِعِ مُحَقَّقٌ - متون طالب العلم - المستوى الخامس - ٢

[عبد المحسن القاسم]

فهرس الكتاب

مُتُونُ طالِبِ العِلِم

مُحَقَّقَةٌ عَلى (230) مَخطوُطَة

المُستَوَى الخَامِسُ (2)

زَادُ المُسْتَقْنِع

في

اخْتِصَار المُقنِعِ

مُحَقَّقٌ عَلَى نُسْخَةٍ مَقرُوءَةٍ عَلَى المُصَنِّفِ وَنُسَخٍ أُخْرَى

تَأليفُ

الشَّيخ شَرَفِ الدِين أَبي النَّجَا مُوسَى بن أَحْمَدَ الحَجَّاوِيّ

رحمه الله (ت 968 هـ)

تحقيق

د. عَبد المُحْسِن بن مُحَمَّدَ القَاسم

إمَامِ وَخَطِيبِ المَسجِدِ النَّبَوي الشَريف

ص: 1

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‌

‌المُقَدِّمَةُ

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ العِلْمَ الشَّرْعِيَّ مِنْ أَجَلِّ القُرُبَاتِ، وَبِهِ تُنَالُ الرِّفْعَةُ فِي الدَّارَيْنِ، وَالظَّفَرُ بِالعِلْمِ بِحِفْظِ أُصُولِهِ، وَلِذَا قِيلَ

(1)

: «مَنْ حَفِظَ الأُصُولَ غَنِمَ الوُصُولْ، وَمَنْ ضَيَّعَ الأُصُولَ حُرِمَ الوُصُولْ، وَأُبْعِدَ عَنِ الأُصُولْ، وَطَالَتْ عَلَيْهِ الفُصُولْ، وَفَقَدَ حَتَّى القَلِيلَ المَحْصُولْ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ لَهُ إِلَى السَّمَاءِ وُصُولْ» .

وَقَدِ اجْتَهَدَ العُلَمَاءُ رحمهم الله بِوَضْعِ مُتُونٍ فِي كُلِّ فَنٍّ تَسْهِيلاً لِضَبْطِ العِلْمِ وَاسْتِحْضَارِ مَسَائِلِهِ، وَبِحِفْظِهَا انْتَشَرَ عِلْمُهُمْ فِي الآفَاقِ، وَسَارَ طُلَّابُهُمْ فِي الدِّيَارِ، فَانْتَفَعَتْ بِهِمُ الأُمَّةُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ.

وَلِأَهَمِّيَّةِ الحِفْظِ لِطَالِبِ العِلْمِ؛ جَمَعْتُ لَهُ مُتُوناً مِنْ أَشْمَلِ

(1)

القائل: الوالد رحمه الله.

ص: 5

المُتُونِ وَأَنْفَعِهَا، بَلَغَتْ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ (22) مَتْناً، قَسَّمْتُهَا إِلَى سِتَّةِ مُسْتَوَيَاتٍ، رَاعَيْتُ فِيهَا التَّدَرُّجَ فِي الحِفْظِ مَعَ تَنَوُّعِ الفُنُونِ.

وَقَدِ اعْتَمَدْتُ فِي تَحْقِيقِ نُصُوصِ مُتُونِ المُسْتَوَيَاتِ الخَمْسَةِ الأُولَى مِنْهَا عَلَى مِئَةٍ وَسِتِّينَ (160) مَخْطُوطَةً، مُنْتَخَبَةً مِنْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ (500) مَخْطُوطَةٍ، جَمَعْتُهَا مِنْ مَكْتَبَاتٍ وَخَزَائِنَ شَتَّى فِي العَالَمِ، وَأَثْبَتُّ وَصْفَ نُسَخِ كُلِّ مَتْنٍ فِي صَدْرِهِ.

كَمَا ضَبَطْتُ أَلْفَاظَهَا بِالشَّكْلِ، وَاعْتَنَيْتُ بِعَلَامَاتِ التَّرْقِيمِ، مُرَاعِياً مَعَانِيَ الأَلْفَاظِ فِيهَا.

وَسَمَّيْتُهَا: «مُتُونُ طَالِبِ العِلْمِ» يَحْتَاجُهَا الطَّالِبُ المُبْتَدِي، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الرَّاغِبُ المُنْتَهِي.

وَقَدْ جَرَّدْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنْ حَوَاشِي الفُرُوقِ بَيْنَ نُسَخِ المَخْطُوطَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِيَسْهُلَ عَلَى الطَّالِبِ الحِفْظُ، وَأَثْبَتُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى.

وَبَيَانُ هَذِهِ المُتُونِ وَمُسْتَوَيَاتِهَا مَا يَلِي:

* المُسْتَوَى التَّمْهِيدِيُّ: الأَذْكَارُ وَالآدَابُ.

* المُسْتَوَى الأَوَّلُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 ـ الأُصُولُ الثَّلَاثَةُ وَأَدِلَّتُهَا.

ص: 6

2 ـ القَوَاعِدُ الأَرْبَعُ.

3 ـ نَوَاقِضُ الإِسْلَامِ.

4 ـ الأَرْبَعُونَ فِي مَبَانِي الإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِ الأَحْكَامِ (الأَرْبَعُونَ النَّوَوِيَّةُ).

* المُسْتَوَى الثَّانِي: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 ـ تُحْفَةُ الأَطْفَالِ وَالغِلْمَانِ فِي تَجْوِيدِ القُرْآنِ.

2 ـ شُرُوطُ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانُهَا وَوَاجِبَاتُهَا.

3 ـ كِتَابُ التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى العَبِيدِ.

* المُسْتَوَى الثَّالِثُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 ـ مَنْظُومَةُ البَيْقُونِيِّ.

2 ـ مَنْظُومَةُ أَبِي إِسْحَاقَ الإِلْبِيرِيِّ.

3 ـ المُقَدِّمَةُ الآجُرُّومِيَّةُ.

4 ـ العَقِيدَةُ الوَاسِطِيَّةُ.

* المُسْتَوَى الرَّابِعُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 ـ الوَرَقَاتُ.

2 ـ عُنْوَانُ الحِكَمِ.

3 ـ بُغْيَةُ البَاحِثِ عَنْ جُمَلِ المَوَارِثِ (الرَّحْبِيَّةُ).

4 ـ العَقِيدَةُ الطَّحَاوِيَّةُ.

ص: 7

* المُسْتَوَى الخَامِسُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 ـ بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ أَدِلَّةِ الأَحْكَامِ.

2 ـ زَادُ المُسْتَقْنِعِ فِي اخْتِصَارِ المُقْنِعِ.

3 ـ الخُلَاصَةُ فِي النَّحْوِ (أَلْفِيَّةُ ابْنِ مَالِكٍ).

* المُسْتَوَى السَّادِسُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 ـ الجَامِعُ لِمَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ.

2 ـ أَفْرَادُ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.

3 ـ الزَّوَائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ.

وَوَضَعْتُ بَعْدَ المُقَدِّمَةِ أَسْهَلَ طَرِيقَةٍ لِحِفْظِ المُتُونِ، وَمُرَاجَعَتِهَا، وَأَسْمَاءَ شُرُوحٍ مُقْتَرَحَةٍ لِمُتُونِ المُسْتَوَيَاتِ الخَمْسَةِ الأُولَى، وَأَسْمَاءَ كُتُبٍ مُقْتَرَحَةٍ لِلْقِرَاءَةِ مُرَتَّبَةً عَلَى تِلْكَ المُسْتَوَيَاتِ.

وَلِكِبَرِ حَجْمِ مُتُونِ «المُسْتَوَى الخَامِسِ» وَ «المُسْتَوَى السَّادِسِ» ؛ أَفْرَدْتُ كُلَّ مَتْنٍ فِيهِ عَلَى حِدَةٍ.

أَسْأَلُ اللَّهَ لِلْجَمِيعِ إِخْلَاصَ النِّيَّةِ، وَصَلَاحَ القَوْلِ وَالعَمَلِ، وَمُرَاقَبَتَهُ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

د. عَبد المُحْسِن بن مُحَمَّدَ القَاسم

إمَامِ وَخَطِيبِ المَسجِدِ النَّبَوي الشَريف

ص: 8

أَسْهَلُ طَرِيقَةِ لِحِفْظِ المُتُونِ

المُدَاوَمَةُ عَلَى حِفْظِ المُتُونِ، وَعَدَمُ الإِكْثَارِ مِنَ المَحْفُوظِ اليَوْمِيِّ، وَالتَّأَنِّي فِي الحِفْظِ: هُوَ نَهْجُ العُلَمَاءِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ رحمه الله:«إِنَّمَا جَمَعْنَا هَذَا العِلْمَ بِالحَدِيثِ وَالحَدِيثَيْنِ، وَالمَسْأَلَةِ وَالمَسْأَلَتَيْنِ» .

وَالمَتْنُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثاً عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَثْراً، أَوْ نَظْماً.

* وَمِقْدَارُ مَا تَحْفَظُ مِنَ المُتُونِ مَا يَلِي:

1 -

إِذَا كَانَ المَتْنُ المَحْفُوظُ مِنْ مُتُونِ الحَدِيثِ؛ فَاحْفَظْ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ.

2 -

وَإِذَا كَانَ نَثْراً؛ فَاحْفَظْ جُمْلَةً مُفِيدَةً مِنْهُ لَا تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْطُرٍ.

3 -

وَإِذَا كَانَ مَنْظُوماً؛ فَلَا تَزِدْ عَلَى حِفْظِ ثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ.

وَبِهَذَا المَقْدَارِ المُتَأَنِّي مَعَ التَّكْرَارِ يَرْسَخُ المَحْفُوظُ ـ بِإِذْنِ اللَّهِ ـ.

ص: 9

* وَطَرِيقَةُ حِفْظِ المُتُونِ مَا يَلِي:

1 -

كَرِّرِ المِقْدَارَ الَّذِي تُرِيدُ حِفْظَهُ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً، وَأَفْضَلُ وَقْتٍ لِلْحِفْظِ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ.

2 -

كَرِّرْ بَعْدَ العَصْرِ أَوْ بَعْدَ المَغْرِبِ مَا حَفِظْتَهُ فِي الفَجْرِ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً.

3 -

مِنَ الغَدِ وَقَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ فِي حِفْظِ المِقْدَارِ الجَدِيدِ؛ اقْرَأْ مَا حَفِظْتَهُ أَمْسِ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً.

4 -

ثُمَّ اقْرَأْ حِفْظاً مَا حَفِظْتَهُ مِنْ أَوَّلِ المَتْنِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَوْطِنِ الحِفْظِ الجَدِيدِ.

5 -

بَعْدَ ذَلِكَ ابْدَأْ فِي حِفْظِ الدَّرْسِ الجَدِيدِ بِالطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا.

6 -

كَرِّرْ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ يَوْمِيّاً حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنَ حِفْظِ المَتْنِ وَيَرْسَخَ المَحْفُوظُ.

وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ سِرْ فِي كُلِّ مَتْنٍ تَحْفَظُهُ، مَعَ ضَرُورَةِ مُدَاوَمَةِ مُدَارَسَةِ العِلْمِ حِفْظاً وَمُرَاجَعَةً وَقِرَاءَةً لِلْكُتُبِ،

ص: 10

وَحُضُورِ دُرُوسِ العُلَمَاءِ وَمُلَازَمَتِهِمْ، وَالسُّؤَالِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ مَسَائِلِ العِلْمِ.

وَالحِفْظُ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّكْرَارِ، وَرُسُوخُ المَحْفُوظِ بِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ، وَهَذَا دَأْبُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ رحمه الله يُعِيدُ مِقْدَارَ الحِفْظِ «مِئَةَ مَرَّةٍ» ، وَإِلْكِيَا الهَرَّاسِيُّ رحمه الله يُعِيدُ مِقْدَارَ الحِفْظِ «سَبْعِينَ مَرَّةً» ، وَإِلَيْكَ هَذِهِ القِصَّةَ الَّتِي تُظْهِرُ لَكَ أَنَّ قِلَّةَ التَّكْرَارِ سَبَبُ سُرْعَةِ النِّسْيَانِ:

قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ رحمه الله: «وَحَكَى لَنَا الحَسَنُ ـ يَعْنِي: ابْنَ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ ـ أَنَّ فَقِيهاً أَعَادَ الدَّرْسَ فِي بَيْتِهِ مِرَاراً كَثِيرَةً، فَقَالَتْ لَهُ عَجُوزٌ فِي بَيْتِهِ: قَدْ وَاللَّهِ حَفِظْتُهُ أَنَا، فَقَالَ: أَعِيدِيهِ، فَأَعَادَتْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ، قَالَ: يَا عَجُوزُ أَعِيدِي ذَلِكَ الدَّرْسَ، فَقَالَتْ: مَا أَحْفَظُهُ، قَالَ: أَنَا أُكَرِّرُ بَعْدَ الحِفْظِ؛ لِئَلاَّ يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكِ»

(1)

.

(1)

الحث على حفظ العلم ص 36.

ص: 11

أَسْهَلُ طَرِيقَةِ لِمُرَاجَعَةِ المُتُونِ

إِذَا حَفِظْتَ مُتُوناً مُتَنَوِّعَةً فِي فُنُونِ العِلْمِ، فَرَاجِعْهَا؛ لِتَكُونَ أَرْسَخَ فِي الحِفْظِ، وَأَظْهَرَ فِي الِاسْتِحْضَارِ، وَأَسْرَعَ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى إِتْقَانِ المَحْفُوظِ: قِرَاءَتُهُ عَلَى غَيْرِكَ حِفْظاً.

* وَطَرِيقَةُ مُرَاجَعَةِ المُتُونِ مَا يَلِي:

1 -

رَاجِعْ كُلَّ يَوْمٍ صَفْحَتَيْنِ، وَاقْرَأْهَا حِفْظاً «عِشْرِينَ مَرَّةً» .

2 -

وَفِي الغَدِ وَقَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ فِي المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ؛ اقْرَأْ حِفْظاً مَا رَاجَعْتَهُ أَمْسِ «خَمْسَ مَرَّاتٍ» .

3 -

ثُمَّ ابْدَأْ فِي المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ بِمِقْدَارِ صَفْحَتَيْنِ حِفْظاً «عِشْرِينَ مَرَّةً» ، وَهَكَذَا سِرْ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَى نِهَايَةِ المَتْنِ.

4 -

إِذَا انْتَهَيْتَ مِنْ مُرَاجَعَةِ المَتْنِ الأَوَّلِ؛ فَاقْرَأْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ خَمْسَ صَفَحَاتٍ حِفْظاً حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنْهُ.

ص: 12

5 -

إِذَا رَاجَعْتَ خَمْسَ صَفَحَاتٍ مِنَ المَتْنِ الأَوَّلِ؛ فَابْدَأْ فِي مُرَاجَعَةِ المَتْنِ الثَّانِي، كَمَا فَعَلْتَ فِي المَتْنِ الأَوَّلِ.

6 -

تَوَقَّفْ يَوْماً فِي الأُسْبُوعِ عَنِ المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ، وَاقْرَأْ حِفْظاً مَا رَاجَعْتَهُ فِي الأُسْبُوعِ.

7 -

إِذَا أَتْقَنْتَ المَحْفُوظَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ فَلَا يَمْضِ عَلَيْكَ شَهْرٌ إِلَّا وَقَدْ رَاجَعْتَهُ كُلَّهُ حِفْظاً.

* * *

ص: 13

شُرُوحَاتٌ مُقْتَرَحَةُ لِلْمُتُون

* المستوى الأوَّل:

1 ـ الأصول الثَّلاثة وأدلتها. شرح ثلاثة الأصول؛ لمحمد بن إبراهيم

2 ـ القواعد الأربع.

شرح القواعد الأربع؛ لصالح الفوزان

3 ـ نواقض الاسلام.

شرح نواقض الاسلام؛ لصالح الفوزان

4 ـ الأربعون النَّوويَّة.

جامع العلوم والحكم؛ لابن رجب

* المستوى الثَّاني:

1 ـ تحفة الأطفال.

فتح الأقفال شرح تحفة الأطفال؛ للجمزوري

2 ـ شروط الصَّلاة.

شرح كتاب شروط الصلاة؛ لعبد العزيز ابن باز

3 ـ كتاب التَّوحيد.

حاشية كتاب التوحيد؛ لابن قاسم

* المستوى الثَّالث:

1 ـ منظومة البيقوني.

شرح منظومة البيقوني؛ لحسن المَشَّاط

2 ـ منظومة أبي إسحاق الالبيري.

3 ـ المقدِّمة الآجرُّوميَّة.

شرح المقدِّمة الآجرُّوميَّة؛ لمحمد ابن عثيمين

4 ـ العقيدة الواسطيَّة.

شرح العقيدة الواسطيَّة؛ لمحمد بن إبراهيم

* المستوى الرَّابع:

1 ـ الورقات.

شرح الورقات؛ لعبد الله الفوزان

2 ـ عنوان الحِكَم.

3 ـ الرَّحبيَّة.

حاشية الرَّحبيَّة؛ لابن قاسم

4 ـ العقيدة الطَّحاويَّة.

شرح العقيدة الطَّحاويَّة؛ لابن أبي العز

* المستوى الخامس:

1 ـ بلوغ المرام.

منحة العلاّم؛ لعبد الله الفوزان

2 ـ زاد المستقنع.

حاشية الروض المربع؛ لابن قاسم

3.

ألفية ابن مالك.

شرح ابن عقيل

ص: 15

كُتُبٌ مُقْتَرَحَةٌ لِلْقِرَاءَةِ

المستوى الأوَّل:

1 -

التبيان في آداب حملة القرآن؛ للنووي.

2 -

الوابل الصيب من الكلم الطيب؛ لابن القيم.

المستوى الثَّاني:

1 -

الكبائر؛ للذهبي.

2 -

الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لابن كثير.

المستوى الثَّالث:

1 -

الجواب الكافي؛ لابن القيم.

2 -

العبودية؛ لشيخ الإسلام.

المستوى الرَّابع:

1 -

حادي الأرواح؛ لابن القيم.

2 -

صيد الخاطر؛ لابن الجوزي.

المستوى الخامس:

1 -

تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير.

2 -

زاد المعاد؛ لابن القيم.

* * *

ثم بعد ذلك قراءة بقية كتب شيخ الاسلام وابن القيم

وابن كثير وابن رجب والذهبي وغيرهم من علماء السلف

ص: 17

زَادُ المُسْتَقْنِع

في

اخْتِصَار المُقنِعِ

تَأليفُ

الشَّيخ شَرَفِ الدِين أَبي النَّجَا مُوسَى بن أَحْمَدَ الحَجَّاوِيّ

رحمه الله (ت 968 هـ)

ص: 19

• النُّسَخُ المُعتمَدةُ في تحقيقِ هذا المتن:

- نسخة خطِّية بدار الكتب المصريَّة - مصر -، برقم (60 فقه حنبلي)، تاريخُ نسخِها: 968 هـ، وهي مقروءةٌ على المصنِّف رحمه الله.

- نسخة خطِّية بجامعة برنستون - أمريكا -، برقم (5038)، تاريخُ نسخِها: 1000 هـ، وهي منقولة ومقابلة على نسخةٍ نُقِلَتْ من خطِّ المصنِّفِ رحمه الله.

- نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية -، برقم (5887 ف 1614/ 2)، تاريخُ نسخِها: 1021 هـ.

- نسخة خطِّية بجامعة الإمام محمد بن سعود - السعودية -، برقم (11582 ف)، تاريخُ نسخِها: 1090 هـ.

- نسخة خطية بمكتبة برلين - ألمانيا - برقم (1444)، تاريخ نسخِها: 1116 هـ.

ص: 20

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً لَا يَنْفَدْ، أَفْضَلَ مَا يَنبْغِي أَنْ يُحْمَدَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى أَفْضَلِ المُصْطَفَيْنَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَعَبَّدَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَهَذَا مُخْتَصَرٌ فِي الفِقْهِ مِنْ «مُقْنِعِ» الإِمَامِ المُوَفَّقِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَلَى قَوْلٍ وَاحَدٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَرُبَّمَا حَذَفْتُ مِنْهُ مَسَائِلَ نَادِرَةَ الوُقُوعِ، وَزِدتُّ مَا عَلَى مِثْلِهِ يُعْتَمَدُ، إِذِ الهِمَمُ قَدْ قَصُرَتْ، وَالأَسْبَابُ المُثَبِّطَةُ عَنْ نَيْلِ المُرَادِ قَدْ كَثُرَتْ، وَهُوَ بِعَوْنِ اللَّهِ مَعَ صِغَرِ حَجْمِهِ حَوَى مَا يُغْنِي عَنِ التَّطْوِيلِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ.

ص: 21

‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

وَهِيَ: ارْتِفَاعُ الحَدَثِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَزَوَالُ الخَبَثِ.

المِيَاهُ ثَلَاثَةٌ:

طَهُورٌ لَا يَرْفَعُ الحَدَثَ وَلَا يُزِيلُ النَّجِسَ الطَّارِئَ غَيْرُهُ، وَهُوَ البَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ.

فَإِنْ تَغَيَّرَ بِغَيْرِ مُمَازِجٍ - كَقِطَعِ كَافُورٍ، وَدُهْنٍ -، أَوْ بِمِلْحٍ مَائِيٍّ، أَوْ سُخِّنَ بِنَجِسٍ: كُرِهَ.

وَإِنْ تَغَيَّرَ بِمُكْثِهِ، أَوْ بِمَا يَشُقُّ صَوْنُ المَاءِ عَنْهُ - مِنْ نَابِتٍ فِيهِ، وَوَرَقِ شَجَرٍ -، أَوْ بِمُجَاوَرَةِ مَيْتَةٍ، أَوْ سُخِّنَ بِالشَّمْسِ، أَوْ بِطَاهِرٍ: لَمْ يُكْرَهْ.

وَإِنِ اسْتُعْمِلَ فِي طَهَارَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ - كَتَجْدِيدٍ، وَغُسْلِ جُمُعَةٍ، وَغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ -: كُرِهَ.

وَإِنْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ - وَهُوَ الكَثِيرُ، وَهُمَا: خَمْسُ مِئَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيٍّ تَقْرِيباً - فَخَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ - غَيْرَ بَوْلِ آدَمِيٍّ، أَوْ عَذِرَتِهِ

ص: 23

المَائِعَةِ - فَلَمْ تُغَيِّرْهُ، أَوْ خَالَطَهُ البَوْلُ أَوِ العَذِرَةُ وَيَشُقُّ نَزْحُهُ - كَمَصَانِعِ طَرِيقِ مَكَّةَ -: فَطَهُورٌ.

وَلَا يَرْفَعُ حَدَثَ رَجُلٍ طَهُورٌ يَسِيرٌ خَلَتْ بِهِ امْرَأَةٌ لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ حَدَثٍ.

ص: 24

وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ - بِطَبْخٍ، أَوْ سَاقِطٍ فِيهِ -، أَوْ رُفِعَ بِقَلِيلِهِ حَدَثٌ، أَوْ غُمِسَ فِيهِ يَدُ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ، أَوْ كَانَ آخِرَ غَسْلَةٍ زَالَتِ النَّجَاسَةُ بِهَا: فَطَاهِرٌ.

وَالنَّجِسُ: مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ، أَوْ لَاقَاهَا وَهُوَ يَسِيرٌ، أَوِ انْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّ نَجَاسَةٍ قَبْلَ زَوَالِهَا.

فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى المَاءِ النَّجِسِ طَهُورٌ كَثِيرٌ - غَيْرَ تُرَابٍ وَنَحْوِهِ -، أَوْ زَالَ تَغَيُّرُ النَّجِسِ الكَثِيرِ بِنَفْسِهِ، أَوْ نُزِحَ مِنْهُ فَبَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ: طَهُرَ.

ص: 25

وَإِنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ مَاءٍ - أَوْ غَيْرِهِ -، أَوْ طَهَارَتِهِ: بَنَى عَلَى اليَقِينِ.

وَإِنِ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِنَجِسٍ: حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُمَا، وَلَمْ يَتَحَرَّ - وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّيَمُّمِ إِرَاقَتُهُمَا، وَلَا خَلْطُهُمَا -.

وَإِنِ اشْتَبَهَ بِطَاهِرٍ: تَوَضَّأَ مِنْهُمَا وُضُوءاً وَاحِداً - مِنْ هَذَا غَرْفَةٌ وَمِنْ هَذَا غَرْفَةٌ -، وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً.

وَإِنِ اشْتَبَهَتْ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بِنَجِسَةٍ: صَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً بِعَدَدِ النَّجِسِ، وَزَادَ صَلَاةً.

* * *

ص: 26

‌بَابُ الآنِيَةِ

كُلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ - وَلَوْ ثَمِيناً -: يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ؛ إِلَّا آنِيَةَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَمُضَبَّباً بِهِمَا؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا وَلَوْ عَلَى أُنْثَى - وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ مِنْهَا - إِلَّا ضَبَّةً يَسِيرَةً مِنْ فِضَّةٍ لِحَاجَةٍ، وَتُكْرَهُ مُبَاشَرَتُهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

وَتُبَاحُ آنِيَةُ الكُفَّارِ - وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبَائِحُهُمْ -، وَثِيَابُهُمْ إِنْ جُهِلَ حَالُهَا.

وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ مَيْتَةٍ بِدِبَاغٍ - وَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي يَابِسٍ، مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فِي الحَيَاةِ -، وَلَبَنُهَا وَكُلُّ أَجْزَائِهَا نَجِسَةٌ غَيْرُ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ.

وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ: فَهُوَ كَمَيْتَتِهِ.

* * *

ص: 27

‌بَابُ الاسْتِنْجَاءِ

يُسْتَحَبُّ عِنْدَ دُخُولِ الخَلَاءِ قَوْلُ: «بِسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ» ، وَعِنْدَ الخُرُوجِ مِنْهُ:«غُفْرَانَكَ، الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَذَى وَعَافَانِي» ، وَتَقْدِيمُ رِجْلِهِ اليُسْرَى دُخُولاً وَيُمَنَى خُرُوجاً - عَكْسَ مَسْجِدٍ وَنَعْلٍ -، وَاعْتِمَادُهُ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَبُعْدُهُ فِي فَضَاءٍ، وَاسْتِتَارُهُ، وَارْتِيَادُهُ لِبَوْلِهِ مَكَاناً رِخْواً، وَمَسْحُهُ بِيَدِهِ اليُسْرَى إِذَا فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ مِنْ أَصْلِ ذَكَرِهِ إِلَى رَأْسِهِ ثَلَاثاً، وَنَتْرُهُ ثَلَاثاً، وَتَحَوُّلُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ لِيَسْتَنْجِيَ إِنْ خَافَ تَلُوُّثاً.

وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ بِشَيْءٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا لِحَاجَةٍ، وَرَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنَ الأَرْضِ، وَكَلَامُهُ فِيهِ، وَبَوْلُهُ فِي شَقٍّ وَنَحْوِهِ، وَمَسُّ فَرْجِهِ بِيَمِينِهِ، وَاسْتِنْجَاؤُهُ وَاسْتِجْمَارُهُ بِهَا، وَاسْتِقْبَالُ النَّيِّرَيْنِ.

وَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا فِي غَيْرِ بُنْيَانٍ،

ص: 28

وَلُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ، وَبَوْلُهُ فِي طَرِيقٍ وَظِلٍّ نَافِعٍ وَتَحْتَ شَجَرَةٍ عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ.

وَيَسْتَجْمِرُ ثُمَّ يَسْتَنْجِي بِالمَاءِ، وَيُجْزِئُهُ الِاسْتِجْمَارُ إِنْ لَمْ يَعْدُ الخَارِجُ مَوْضِعَ العَادَةِ.

وَيُشْتَرَطُ لِلِاسْتِجْمَارِ بِأَحْجَارٍ وَنَحْوِهَا: أَنْ يَكُونَ طَاهِراً مُنْقِياً - غَيْرَ عَظْمٍ وَرَوْثٍ، وَطَعَامٍ، وَمُحْتَرَمٍ، وَمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ -.

وَيُشْتَرَطُ ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ مُنْقِيَةٍ فَأَكْثَرُ - وَلَوْ بِحَجَرٍ ذِي شُعَبٍ -، وَيُسَنُّ قَطْعُهُ عَلَى وِتْرٍ.

وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ لِكُلِّ خَارِجٍ إِلَّا الرِّيحَ، وَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ وُضُوءٌ وَلَا تَيَمُّمٌ.

ص: 29

‌بَابُ السِّوَاكِ، وَسُنَّةِ الوُضُوءِ

التَّسَوُّكُ - بِعُودٍ لَيِّنٍ، مُنْقٍ، غَيْرِ مُضِرٍّ، لَا يَتَفَتَّتُ، لَا بِإِصْبَعٍ وَخِرْقَةٍ -: مَسْنُونٌ كُلَّ وَقْتٍ لِغَيْرِ صَائِمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ.

مُتَأَكِّدٌ عِنْدَ صَلَاةٍ، وَانْتِبَاهٍ، وَتَغَيُّرِ فَمٍ.

وَيَسْتَاكُ عَرْضاً، مُبْتَدِئاً بِجَانِبِ فَمِهِ الأَيْمَنِ.

وَيَدَّهِنُ غِبّاً، وَيَكْتَحِلُ وِتْراً.

وَتَجِبُ التَّسْمِيَةُ فِي الوُضُوءِ مَعَ الذِّكْرِ.

وَيَجِبُ الخِتَانُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ.

وَيُكْرَهُ القَزَعُ.

وَمِنْ سُنَنِ الوُضُوءِ: السِّوَاكُ، وَغَسْلُ الكَفَّيْنِ ثَلَاثاً - وَيَجِبُ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ -، وَالبُدَاءَةُ بِمَضْمَضَةٍ ثُمَّ اسْتِنْشَاقٍ، وَالمُبَالَغَةُ فِيهِمَا لِغَيْرِ صَائِمٍ، وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الكَثِيفَةِ وَالأَصَابِعِ، وَالتَّيَامُنُ، وَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلْأُذُنَيْنِ، وَالغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ.

* * *

ص: 30

‌بَابُ فَرْضِ الوُضُوءِ، وَصِفَتِهِ

فُرُوضُهُ سِتَّةٌ: غَسْلُ الوَجْهِ - وَالفَمُ وَالأَنْفُ مِنْهُ -، وَغَسْلُ اليَدَيْنِ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ - وَمِنْهُ الأُذُنَانِ -، وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ، وَالتَّرْتِيبُ، وَالمُوَالَاةُ - وَهِيَ: أَلَّا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَنْشَفَ الَّذِي قَبْلَهُ -.

وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الحَدَثِ كُلِّهَا؛ فَيَنْوِي رَفْعَ الحَدَثِ أَوِ الطَّهَارَةَ لِمَا لَا يُبَاحُ إِلَّا بِهَا.

فَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ - كَقِرَاءَةٍ -، أَوْ تَجْدِيداً مَسْنُوناً نَاسِياً حَدَثَهُ: ارْتَفَعَ.

وَإِنْ نَوَى غُسْلاً مَسْنُوناً: أَجْزَأَ عَنْ وَاجِبٍ، وَكَذَا عَكْسُهُ.

وَإِنِ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ وُضُوءاً أَوْ غُسْلاً فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا: ارْتَفَعَ سَائِرُهَا.

وَيَجِبُ الإِتْيَانُ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ - وَهُوَ التَّسْمِيَةُ -.

ص: 31

وَيُسَنُّ عِنْدَ أَوَّلِ مَسْنُونَاتِهَا إِنْ وُجِدَ قَبْلَ وَاجِبٍ، وَاسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا فِي جَمِيعِهَا.

وَيَجِبُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا.

وَصِفَةُ الوُضُوءِ: أَنْ يَنْوِيَ، ثُمَّ يُسَمِّيَ، ثُمَّ يَغْسِلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثاً، ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ، وَيَغْسِلَ وَجْهَهُ - مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلَى مَا انْحَدَرَ مِنَ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقْنِ طُولاً، وَمِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ عَرْضاً - وَمَا فِيهِ مِنْ شَعْرٍ خَفِيفٍ، وَالظَّاهِرَ الكَثِيفَ مَعَ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْهُ -، ثُمَّ يَدَيْهِ مَعَ المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ يَمْسَحَ كُلَّ رَأْسِهِ مَعَ الأُذُنَيْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ مَعَ الكَعْبَيْنِ.

وَيَغْسِلُ الأَقْطَعُ بَقِيَّةَ المَفْرُوضِ؛ فَإِنْ قُطِعَ مِنَ المِفْصَلِ: غَسَلَ رَأْسَ العَضُدِ مِنْهُ.

ثُمَّ يَرْفَعُ نَظَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَقُولُ مَا وَرَدَ.

وَتُبَاحُ مَعُونَتُهُ، وَتَنْشِيفُ أَعْضَائِهِ.

* * *

ص: 32

‌بَابُ مَسْحِ الخُفَّيْنِ

يَجُوزُ يَوْماً وَلَيْلَةً، وَلِمُسَافِرٍ ثَلَاثَةً بِلَيَالِيهَا؛ مِنْ حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ، عَلَى طَاهِرٍ، مُبَاحٍ، سَاتِرٍ لِلْمَفْرُوضِ، يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ - مِنْ خُفٍّ، وَجَوْرَبٍ صَفِيقٍ، وَنَحْوِهِمَا -، وَعَلَىَ عِمَامَةٍ لِرَجُلٍ مُحَنَّكَةٍ، أَوْ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ، وَخُمُرِ نِسَاءٍ مُدَارَةٍ تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ، فِي حَدَثٍ أَصْغَرَ، وَجَبِيرَةٍ لَمْ تَتَجَاوَزْ قَدْرَ الحَاجَةِ - وَلَوْ فِي أَكْبَرَ - إِلَى حَلِّهَا، إِذَا لَبِسَ ذَلِكَ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ.

وَمَنْ مَسَحَ فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَقَامَ، أَوْ عَكَسَ، أَوْ شَكَّ فِي ابْتِدَائِهِ: فَمَسْحَ مُقِيمٍ.

وَإِنْ أَحْدَثَ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ مَسْحِهِ: فَمَسْحَ مُسَافِرٍ.

وَلَا يَمْسَحُ قَلَانِسَ، وَلَا لِفَافَةً، وَلَا مَا يَسْقُطُ مِنَ القَدَمِ أَوْ يُرَى مِنْهُ بَعْضُهُ.

وَإِنْ لَبِسَ خُفّاً عَلَى خُفٍّ قَبْلَ الحَدَثِ: فَالحُكْمُ لِلْفَوْقَانِيِّ.

ص: 33

وَيَمْسَحُ أَكْثَرَ العِمَامَةِ، وَظَاهِرِ قَدَمِ الخُفِّ مِنْ أَصَابِعِهِ إِلَى سَاقِهِ - دُونَ أَسْفَلِهِ وَعَقِبِهِ -، وَعَلَى جَمِيعِ الجَبِيرَةِ.

وَمَتَى ظَهَرَ بَعْضُ مَحَلِّ الفَرْضِ بَعْدَ الحَدَثِ، أَوْ تَمَّتْ مُدَّتُهُ: اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ.

* * *

ص: 34

‌بَابُ نَوَاقِضِ الوُضُوءِ

يَنْقُضُ مَا خَرَجَ مِنْ سَبِيلٍ.

وَخَارِجٌ مِنْ بَقِيَّةِ البَدَنِ؛ إِنْ كَانَ بَوْلًا، أَوْ غَائِطًا، أَوْ كَثِيراً نَجِساً غَيْرَهُمَا.

وَزَوَالُ العَقْلِ؛ إِلَّا يَسِيرَ نَوْمٍ مِنْ قَاعِدٍ أَوْ قَائِمٍ.

وَمَسُّ ذَكَرٍ مُتَّصِلٍ أَوْ قُبُلٍ بِظَهْرِ كَفِّهِ أَوْ بَطْنِهِ، وَلَمْسُهُمَا مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ، وَلَمْسُ ذَكَرٍ ذَكَرَهُ، أَوْ أُنْثَى قُبُلَهُ لِشَهْوَةٍ فِيهِمَا.

وَمَسُّهُ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ، أَوْ تَمَسُّهُ بِهَا، وَمَسُّ حَلْقَةِ دُبُرٍ - لَا مَسُّ شَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفُرٍ وَأَمْرَدَ، وَلَا مَعَ حَائِلٍ، وَلَا مَلْمُوسٍ بَدَنُهُ وَلَوْ وُجِدَ مِنْهُ شَهْوَةٌ -.

وَيَنْقُضُ غُسْلُ مَيِّتٍ.

وَأَكْلُ اللَّحْمِ خَاصَّةً مِنَ الجَزُورِ.

وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ غُسْلاً أَوْجَبَ وُضُوءاً إِلَّا المَوْتَ.

ص: 35

وَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الحَدَثِ أَوْ بِالعَكْسِ: بَنَى عَلَى اليَقِينِ، فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ: فَهُوَ بِضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا.

وَيَحْرُمُ عَلَى المُحْدِثِ: مَسُّ المُصْحَفِ، وَالصَّلَاةُ، وَالطَّوَافُ.

* * *

ص: 36

‌بَابُ الغُسْلِ

مُوجِبُهُ: خُرُوجُ المَنِيِّ دَفْقًا بِلَذَّةٍ - لَا بِدُونِهِمَا مِنْ غَيْرِ نَائِمٍ -، وَإِنِ انْتَقَلَ وَلَمْ يَخْرُجِ: اغْتَسَلَ لَهُ، فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَهُ: لَمْ يُعِدْهُ.

وَتَغْيِيبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ - قُبُلاً كَانَ، أَوْ دُبُراً، وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ، أَوْ مَيِّتٍ -.

وَإِسْلَامُ كَافِرٍ، وَمَوْتٌ.

وَحَيْضٌ، وَنِفَاسٌ - لَا وِلَادَةٌ عَارِيَةٌ عَنْ دَمٍ -.

وَمَنْ لَزِمَهُ الغُسْلُ: حَرُمَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ القُرْآنِ، وَيَعْبُرُ المَسْجِدَ لِحَاجَةٍ، وَلَا يَلْبَثُ فِيهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ.

وَمَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً، أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونٍ أَوْ إِغْمَاءٍ بِلَا حُلُمٍ: سُنَّ لَهُ الغُسْلُ.

وَالغُسْلُ الكَامِلُ: أَنْ يَنْوِيَ، ثُمَّ يُسَمِّيَ، وَيَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلَاثاً وَمَا لَوَّثَهُ، وَيَتَوَضَّأَ، وَيَحْثِيَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثاً تُرَوِّيهِ،

ص: 37

وَيَعُمَّ بَدَنَهُ غُسْلاً ثَلَاثاً، وَيَدْلُكَهُ، وَيَتَيَامَنَ، وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ مَكَاناً آخَرَ.

وَالمُجْزِئُ: أَنْ يَنْوِيَ، ثُمَّ يُسَمِّيَ، وَيَعُمَّ بَدَنَهُ بِالغُسْلِ مَرَّةً.

وَيَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ، وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ، فَإِنْ أَسْبَغَ بِأَقَلَّ، أَوْ نَوَى بِغُسْلِهِ الحَدَثَيْنِ: أَجْزَأَ.

وَيُسَنُّ لِجُنُبٍ: غَسْلُ فَرْجِهِ، وَالوُضُوءُ لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ وَمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ.

* * *

ص: 38

‌بَابُ التَّيَمُّمِ

وَهُوَ بَدَلُ طَهَارَةِ المَاءِ.

إِذَا دَخَلَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ أَوْ أُبِيحَتْ نَافِلَةٌ وَعَدِمَ المَاءَ، أَوْ زَادَ عَلَى ثَمَنِهِ كَثِيرًا، أَوْ ثَمَنٍ يُعْجِزُهُ، أَوْ خَافَ بِاسْتِعْمَالِهِ أَوْ طَلَبِهِ ضَرَرَ بَدَنِهِ، أَوْ رَفِيقِهِ، أَوْ حُرْمَتِهِ، أَوْ مَالِهِ - بِعَطَشٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ هَلَاكٍ، وَنَحْوِهِ -: شُرِعَ التَّيَمُّمُ.

وَمَنْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ طُهْرِهِ: تَيَمَّمَ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ.

وَمَنْ جُرِحَ: تَيَمَّمَ لَهُ، وَغَسَلَ البَاقِي.

وَيَجِبُ طَلَبُ المَاءِ فِي رَحْلِهِ وَقُرْبِهِ وَبِدَلَالَةٍ، فَإِنْ نَسِيَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ وَتَيَمَّمَ: أَعَادَ.

وَإِنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ أَحْدَاثاً، أَوْ نَجَاسَةً عَلَى بَدَنِهِ تَضُرُّهُ إِزَالَتُهَا، أَوْ عَدِمَ مَا يُزِيلُهَا، أَوْ خَافَ بَرْداً، أَوْ حُبِسَ فِي مِصْرٍ فَتَيَمَّمَ، أَوْ عَدِمَ المَاءَ وَالتُّرَابَ: صَلَّى وَلَمْ يُعِدْ.

ص: 39

وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ: بِتُرَابٍ، طَهُورٍ، لَهُ غُبَارٌ، لَمْ يُغَيِّرْهُ طَاهِرٌ غَيْرُهُ.

وَفُرُوضُهُ: مَسْحُ وَجْهِهِ، وَيَدَيْهِ إِلَى كُوعَيْهِ، وَكَذَا التَّرْتِيبُ، وَالمُوَالَاةُ فِي حَدَثٍ أَصْغَرَ.

وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِمَا يَتَيَمَّمُ لَهُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ نَوَى أَحَدَهَا: لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الآخَرِ.

وَإِنْ نَوَى نَفْلاً أَوْ أَطْلَقَ: لَمْ يُصَلِّ بِهِ فَرْضاً، وَإِنْ نَوَاهُ: صَلَّى كُلَّ وَقْتِهِ فُرُوضاً وَنَوَافِلَ.

وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ: بِخُرُوجِ الوَقْتِ، وَبِمُبْطِلَاتِ الوُضُوءِ، وَوُجُودِ المَاءِ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ، لَا بَعْدَهَا.

وَالتَّيَمُّمُ آخِرَ الوَقْتِ لِرَاجِي المَاءِ: أَوْلَى.

وَصِفَتُهُ: أَنْ يَنْوِيَ، ثُمَّ يُسَمِّيَ، وَيَضْرِبَ التُّرَابَ بِيَدَيْهِ مُفَرَّجَتَيِ الأَصَابِعِ - يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِهَا وَكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ، وَيُخَلِّلَ أَصَابِعَهُ.

* * *

ص: 40

‌بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ

يُجْزِئُ فِي غَسْلِ النَّجَاسَاتِ كُلِّهَا إِذَا كَانَتْ عَلَى الأَرْضِ: غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ تَذْهَبُ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ.

وَعَلَى غَيْرِهَا: سَبْعٌ، إِحْدَاهَا بِتُرَابٍ، فِي نَجَاسَةِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ؛ وَيُجْزِئُ عَنِ التُّرَابِ أُشْنَانٌ، وَنَحْوُهُ.

وَفِي نَجَاسَةِ غَيْرِهِمَا: سَبْعٌ بِلَا تُرَابٍ.

وَلَا يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِشَمْسٍ، وَلَا رِيحٍ، وَلَا دَلْكٍ، وَلَا اسْتِحَالَةٍ غَيْرَ الخَمْرَةِ، فَإِنْ خُلِّلَتْ أَوْ تَنَجَّسَ دُهْنٌ مَائِعٌ: لَمْ يَطْهُرَا.

وَإِنْ خَفِيَ مَوْضِعُ نَجَاسَةٍ: غَسَلَ حَتَّى يَجْزِمَ بِزَوَالِهِ.

وَيَطْهُرُ بَوْلُ غُلَامٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ بِنَضْحِهِ.

وَيُعْفَى فِي غَيْرِ مَائِعٍ وَمَطْعُومٍ عَنِ يَسِيرِ دَمٍ نَجِسٍ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ، وَعَنْ أَثَرِ اسْتِجْمَارٍ.

ص: 41

وَلَا يَنْجُسُ الآدَمِيُّ بِالمَوْتِ، وَلَا مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ مُتَوَلِّدٌ مِنْ طَاهِرٍ.

وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَرَوْثُهُ، وَمَنِيُّهُ، وَمَنِيُّ الآدَمِيِّ، وَرُطُوبَةُ فَرْجِ المَرْأَةِ، وُسُؤْرُ الهِرِّ وَمَا دُونَهَا فِي الخِلْقَةِ: طَاهِرٌ.

وَسِبَاعُ البَهَائِمِ وَالطَّيْرِ، وَالحِمَارُ الأَهْلِيُّ، وَالبَغْلُ مِنْهُ: نَجِسَةٌ.

* * *

ص: 42

‌بَابُ الحَيْضِ

لَا حَيْضَ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ، وَلَا بَعْدَ خَمْسِينَ سَنَةً، وَلَا مَعَ حَمْلٍ.

وَأَقَلُّهُ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَأَكْثَرُهُ: خَمْسَةَ عَشَرَ، وَغَالِبُهُ: سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ.

وَأَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ: ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ.

وَتَقْضِي الحَائِضُ الصَّوْمَ لَا الصَّلَاةَ، وَلَا يَصِحَّانِ مِنْهَا؛ بَلْ يَحْرُمَانِ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا فِي الفَرْجِ، فَإِنْ فَعَلَ: فَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُهُ كَفَّارَةً، وَيَسْتَمْتِعُ مِنْهَا بِمَا دُونَهُ.

وَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ وَلَمْ تَغْتَسِلْ: لَمْ يُبَحْ غَيْرُ الصِّيَامِ وَالطَّلَاقِ.

وَالمُبْتَدَأَةُ: تَجْلِسُ أَقَلَّهُ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنِ انْقَطَعَ لِأَكْثَرِهِ فَمَا دُونَ: اغْتَسَلَتْ إِذَا انْقَطَعَ، فَإِنْ تَكَرَّرَ

ص: 43

ثَلَاثاً: فَحَيْضٌ - تَقْضِي مَا وَجَبَ فِيهِ -، وَإِنْ عَبَرَ أَكْثَرَهُ: فَمُسْتَحَاضَةٌ.

فَإِنْ كَانَ بَعْضُ دَمِهَا أَحْمَرَ وَبَعْضُهُ أَسْوَدَ، وَلَمْ يَعْبُرْ أَكْثَرَهُ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ: فَهُوَ حَيْضُهَا، تَجْلِسُهُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَالأَحْمَرُ اسْتِحَاضَةٌ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَمُهَا مُتَمَيِّزاً: جَلَسَتْ غَالِبَ الحَيْضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.

وَالمُسْتَحَاضَةُ المُعْتَادَةُ - وَلَوْ مُمَيِّزَةً -: تَجْلِسُ عَادَتَهَا.

وَإِنْ نَسِيَتْهَا: عَمِلَتْ بِالتَّمْيِيزِ الصَّالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْيِيزٌ: فَغَالِبَ الحَيْضِ - كَالعَالِمَةِ بِمَوْضِعِهِ النَّاسِيَةِ لِعَدَدِهِ -.

وَإِنْ عَلِمَتْ عَدَدَهُ وَنَسِيَتْ مَوْضِعَهُ مِنَ الشَّهْرِ - وَلَوْ فِي نِصْفِهِ -: جَلَسَتْهَا مِنْ أَوَّلِهِ - كَمَنْ لَا عَادَةَ لَهَا وَلَا تَمْيِيزَ -.

وَمَنْ زَادَتْ عَادَتُهَا، أَوْ تَقَدَّمَتْ، أَوْ تَأَخَّرَتْ: فَمَا تَكَرَّرَ ثَلَاثاً حَيْضٌ، وَمَا نَقَصَ عَنِ العَادَةِ: طُهْرٌ، وَمَا عَادَ فِيهَا جَلَسَتْهُ.

ص: 44

وَالصُّفْرَةُ وَالكُدْرَةُ فِي زَمَنِ العَادَةِ: حَيْضٌ.

وَمَنْ رَأَتْ يَوْماً دَماً وَيَوْماً نَقَاءً: فَالدَّمُ: حَيْضٌ، وَالنَّقَاءُ: طُهْرٌ، مَا لَمْ يَعَبُرَا أَكْثَرَهُ.

وَالمُسْتَحَاضَةُ وَنَحْوُهَا: تَغْسِلُ فَرْجَهَا، وَتَعْصِبُهُ، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتُصَلِّي فُرُوضاً وَنَوَافِلَ، وَلَا تُوطَأُ إِلَّا مَعَ خَوْفِ العَنَتِ، وَيُسْتَحَبُّ غُسْلُهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ.

وَأَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ: أَرْبَعُونَ يَوْماً، وَمَتَى طَهَرَتْ قَبْلَهُ: تَطَهَّرَتْ وَصَلَّتْ، وَيُكْرَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الأَرْبَعِينَ بَعْدَ التَّطْهِيرِ.

فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ فِيهَا فَمَشْكُوكٌ فِيهِ: تَصُومُ وَتُصَلِّي، وَتَقْضِي الصَّوْمَ الوَاجِبَ.

وَهُوَ كَالحَيْضِ - فِيمَا يَحِلُّ، وَيَحْرُمُ، وَيَجِبُ، وَيَسْقُطُ - غَيْرَ العِدَّةِ وَالبُلُوغِ.

وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ: فَأَوَّلُ النِّفَاسِ وَآخِرُهُ مِنْ أَوَّلِهِمَا.

ص: 45

‌كِتَابُ الصَّلاةِ

تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، مُكَلَّفٍ، إِلَّا حَائِضاً، وَنُفَسَاءَ.

وَيَقْضِي مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ سُكْرٍ، وَنَحْوِهِ.

وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا كَافِرٍ، فَإِنْ صَلَّى: فَمُسْلِمٌ حُكْماً.

وَيُؤْمَرُ بِهَا صَغِيرٌ لِسَبْعٍ، وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، فَإِنْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا فِي وَقْتِهَا: أَعَادَ.

وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا؛ إِلَّا لِنَاوِ الجَمْعِ، وَلِمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا الَّذِي يُحَصِّلُهُ قَرِيباً.

وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا: كَفَرَ، وَكَذَا تَارِكُهَا تَهَاوُناً وَدَعَاهُ إِمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ فَأَصَرَّ وَضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ عَنْهَا، وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثاً فِيهِمَا.

* * *

ص: 46

‌بَابُ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

هُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الرِّجَالِ المُقِيمِينَ، لِلصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَةِ، يُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ تَرَكُوهُمَا.

وَتَحْرُمُ أُجْرَتُهُمَا - لَا رَزْقٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ لِعَدَمِ مُتَطَوِّعٍ -.

وَيَكُونُ المُؤَذِّنُ صَيِّتاً، أَمِيناً، عَالِماً بِالوَقْتِ.

فَإِنْ تَشَاحَّ فِيهِ اثْنَانِ: قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا فِيهِ، ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ، ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الجِيرَانُ، ثُمَّ قُرْعَةٌ.

وَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ جُمْلَةً، يُرَتِّلُهَا عَلَى عُلُوٍّ، مُتَطَهِّراً، مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، جَاعِلاً إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، غَيْرَ مُسْتَدِيرٍ، مُلْتَفِتاً فِي الحَيْعَلَةِ يَمِيناً وَشِمَالاً، قَائِلاً بَعْدَهُمَا فِي أَذَانِ الصُّبْحِ:«الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ» مَرَّتَيْنِ.

وَهِيَ: إِحْدَى عَشْرَةَ يَحْدُرُهَا، وَيُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ فِي مَكَانِهِ - إِنْ سَهُلَ -.

ص: 47

وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مُرَتَّباً مُتَوَالِياً مِنْ عَدْلٍ، وَلَوْ مُلَحَّناً وَمَلْحُوناً.

وَيُجْزِئُ مِنْ مُمَيِّزٍ.

وَيُبْطِلُهُمَا: فَصْلٌ كَثِيرٌ، وَيَسِيرٌ مُحَرَّمٌ.

وَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ الوَقْتِ؛ إِلَّا الفَجْرَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.

وَيُسَنُّ جُلُوسُهُ بَعْدَ أَذَانِ المَغْرِبِ يَسِيراً.

وَمَنْ جَمَعَ أَوْ قَضَى فَوَائِتَ: أَذَّنَ لِلْأُولَى، ثُمَّ أَقَامَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ.

وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ: مُتَابَعَتُهُ سِرّاً، وحَوْقَلَتُهُ فِي الحَيْعَلَةِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ:«اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ» .

* * *

ص: 48

‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلاةِ

شُرُوطُهَا قَبْلَهَا، مِنْهَا: الوَقْتُ، وَالطَّهَارَةُ مِنَ الحَدَثِ وَالنَّجِسِ.

فَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ فَيْئَهُ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ؛ إِلَّا فِي شِدَّةِ حَرٍّ وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْمٍ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً.

وَيَلِيهِ وَقْتُ العَصْرِ إِلَى مَصِيرِ الفَيْءِ مِثْلَيْهِ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، وَالضَّرُورَةُ إِلَى غُرُوبِهَا، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا.

وَيَلِيهِ وَقْتُ المَغْرِبِ إِلَى مَغِيبِ الحُمْرَةِ، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهُا؛ إِلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ لِمَنْ قَصَدَهَا مُحْرِماً.

وَيَلِيهِ وَقْتُ العِشَاءِ إِلَى الفَجْرِ الثَّانِي - وَهُوَ البَيَاضُ المُعْتَرِضُ -، وَتَأْخِيرُهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ إِنْ سَهُلَ.

وَيَلِيهِ وَقْتُ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ.

ص: 49

وَتُدْرَكُ الصَّلَاةُ بِالإِحْرَامِ فِي وَقْتِهَا.

وَلَا يُصَلِّي قَبْلَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا: إِمَّا بِاجْتِهَادٍ، أَوْ خَبَرٍ مُتَيَقَّنٍ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِاجْتِهَادٍ فَبَانَ قَبْلَهُ: فَنَفْلٌ، وَإِلَّا فَفَرْضٌ.

وَإِنْ أَدْرَكَ مُكَلَّفٌ مِنْ وَقْتِهَا قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ ثُمَّ زَالَ تَكْلِيفُهُ، أَوْ حَاضَتْ ثُمَّ كُلِّفَ وَطَهَرَتْ: قَضَوْهَا.

وَمَنْ صَارَ أَهْلاً لِوُجُوبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا: لَزِمَتْهُ وَمَا يُجْمَعُ إِلَيْهَا قَبْلَهَا.

وَيَجِبُ فَوْراً قَضَاءُ الفَوَائِتِ مُرَتَّباً، وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِنِسْيَانِهِ وَبِخَشْيَةِ خُرُوجِ وَقْتِ اخْتِيَارِ الحَاضِرَةِ.

ص: 50

وَمِنْهَا: سَتْرُ العَوْرَةِ؛ فَيَجِبُ بِمَا لَا يَصِفُ بَشَرَتَهَا.

وَعَوْرَةُ رَجُلٍ، وَأَمَةٍ، وَأُمِّ وَلَدٍ، وَمُعْتَقٍ بَعْضُهَا: مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ.

وَكُلُّ الحُرَّةِ: عَوْرَةٌ؛ إِلَّا وَجْهَهَا.

وَيُسْتَحَبُّ لِرَجُلٍ: صَلَاتُهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَيُجْزِئُ: سَتْرُ عَوْرَتِهِ فِي النَّفْلِ، وَمَعَ أَحَدِ عَاتِقَيْهِ فِي الفَرْضِ.

وَصَلَاتُهَا: فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٍ، وَيُجْزِئُ سَتْرُ عَوْرَتِهَا.

وَمَنِ انْكَشَفَ بَعْضُ عَوْرَتِهِ وَفَحُشَ، أَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ أَوْ نَجِسٍ: أَعَادَ، لَا مَنْ حُبِسَ فِي مَحَلٍّ نَجِسٍ.

وَمَنْ وَجَدَ كِفَايَةَ عَوْرَتِهِ: سَتَرَهَا، وَإِلَّا فَالفَرْجَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمَا فَالدُّبُرَ، وَإِنْ أُعِيرَ سُتْرَةً: لَزِمَهُ قَبُولُهَا.

وَيُصَلِّي العَارِي قَاعِداً بِالإِيمَاءِ اسْتِحْبَاباً فِيهِمَا،

ص: 51

وَيَكُونُ إِمَامُهُمْ وَسَطَهُمْ.

وَيُصَلِّي كُلُّ نَوْعٍ وَحْدَهُ، فَإِنْ شَقَّ صَلَّى الرِّجَالُ وَاسْتَدْبَرَهُمُ النِّسَاءُ، ثُمَّ عَكَسُوا.

فَإِنْ وَجَدَ سُتْرَةً قَرِيبَةً فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ: سَتَرَ وَبَنَى، وَإِلَّا ابْتَدَأَ.

وَيُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ: السَّدْلُ، وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ، وَتَغْطِيَةُ وَجْهِهِ، وَاللِّثَامُ عَلَى فَمِهِ وَأَنْفِهِ، وَكَفُّ كُمِّهِ، وَشَدُّ وَسَطِهِ كَزُنَّارٍ.

وَيَحْرُمُ الخُيَلَاءُ فِي ثَوْبٍ وَغَيْرِهِ، وَالتَّصْوِيرُ وَاسْتِعْمَالُهُ.

وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَنْسُوجٍ أَوْ مُمَوَّهٍ بِذَهَبٍ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ، وَثِيَابُ حَرِيرٍ وَمَا هُوَ أَكْثَرُهُ ظُهُوراً عَلَى الذُّكُورِ - لَا إِذَا اسْتَوَيَا، أَوْ لِضَرُورَةٍ، أَوْ حِكَّةٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ حَرْبٍ، أَوْ حَشْوٍ، أَوْ كَانَ عَلَماً أَرْبَعَ أَصَابِعَ فَمَا دُونُ، أَوْ رِقَاعاً، أَوْ لَبِنَةَ جَيْبٍ، وَسُجُفَ فِرَاءٍ -.

وَيُكْرَهُ: المُعَصْفَرُ وَالمُزَعْفَرُ لِلرِّجَالِ.

ص: 52

وَمِنْهَا: اجْتِنَابُ النَّجَاسَاتِ: فَمَنْ حَمَلَ نَجَاسَةً لَا يُعْفَى عَنْهَا، أَوْ لَاقَاهَا بِثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ.

وَإِنْ طَيَّنَ أَرْضاً نَجِسَةً، أَوْ فَرَشَهَا طَاهِراً: كُرِهَ، وَصَحَّتْ.

وَإِنْ كَانَتْ بِطَرَفِ مُصَلّىً مُتَّصِلٍ: صَحَّتْ إِنْ لَمْ يَنْجَرَّ بِمَشْيِهِ.

وَمَنْ رَأَى عَلَيْهِ نَجَاسَةً بَعْدَ صَلَاتِهِ جَهِلَ كَوْنَهَا فِيهَا: لَمْ يُعِدْ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِيهَا لَكِنْ نَسِيَهَا أَوْ جَهِلَهَا: أَعَادَ.

وَمَنْ جُبِرَ عَظْمُهَ بِنَجِسٍ: لَمْ يَجِبْ قَلْعُهُ مَعَ الضَّرَرِ، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ مِنْ عُضْوٍ أَوْ سِنٍّ: فَطَاهِرٌ.

وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ: فِي مَقْبَرَةٍ، وَحُشٍّ، وَحَمَّامٍ، وَأَعْطَانِ إِبِلٍ، وَمَغْصُوبٍ وَأَسْطِحَتِهَا، وَتَصِحُّ إِلَيْهَا.

وَلَا تَصِحُّ الفَرِيضَةُ فِي الكَعْبَةِ وَلَا فَوْقَهَا، وَتَصِحُّ النَّافِلَةُ بِاسْتِقْبَالِ شَاخِصٍ مِنْهَا.

ص: 53

وَمِنْهَا: اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ: فَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ؛ إِلَّا لِعَاجِزٍ، وَمُتَنَفِّلٍ رَاكِبٍ سَائِرٍ فِي سَفَرٍ وَيَلْزَمُهُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا، وَمَاشٍ وَيَلْزَمُهُ الِافْتِتَاحُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إِلَيْهَا.

وَفَرْضُ مَنْ قَرُبَ مِنَ القِبْلَةِ: إِصَابَةُ عَيْنِهَا؛ وَمَنْ بَعُدَ: جِهَتُهَا.

فَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِيَقِينٍ، أَوْ وَجَدَ مَحَارِيبَ إِسْلَامِيَّةً: عَمِلَ بِهَا.

وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ: بِالقُطْبِ، وَالشَّمْسِ، وَالقَمَرِ، وَمَنَازِلِهِمَا.

وَإِنِ اجْتَهَدَ مُجْتَهِدَانِ فَاخْتَلَفَا جِهَةً: لَمْ يَتْبَعْ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، وَيَتْبَعُ المُقَلِّدُ: أَوْثَقَهُمَا عِنْدَهُ.

وَمَنْ صَلَّىَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَقْلِيدٍ: قَضَى إِنْ وَجَدَ مَنْ يُقَلِّدُهُ.

وَيَجْتَهِدُ العَارِفُ بِأَدِلَّةِ القِبْلَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَيُصَلِّي بِالثَّانِي، وَلَا يَقْضِي مَا صَلَّى بِالأَوَّلِ.

ص: 54

وَمِنْهَا: النِّيَّةُ: فَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَ صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ.

وَلَا يُشْتَرَطُ: فِي الفَرْضِ، وَالأَدَاءِ، وَالقَضَاءِ، وَالنَّفْلِ، وَالإِعَادَةِ: نِيَّتُهُنَّ.

وَيَنْوِي مَعَ التَّحْرِيمَةِ، وَلَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ فِي الوَقْتِ؛ فَإِنْ قَطَعَهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، أَوْ تَرَدَّدَ: بَطَلَتْ.

وَإِنْ قَلَبَ مُنَفَرِدٌ فَرْضَهُ نَفْلاً فِي وَقْتِهِ المُتَّسِعِ: جَازَ.

وَإِنِ انْتَقَلَ بِنِيَّتِهِ مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ: بَطَلَا.

وَتَجِبُ نِيَّةُ الإِمَامَةِ وَالِائْتِمَامِ.

وَإِنْ نَوَى المُنْفَرِدُ الِائْتِمَامَ: لَمْ يَصِحَّ - كَنِيَّةِ إِمَامَتِهِ فَرْضاً -.

وَإِنِ انْفَرَدَ مُؤْتَمٌّ بِلَا عُذْرٍ: بَطَلَتْ.

وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إِمَامِهِ فَلَا اسْتِخْلَافَ.

ص: 55

وَإِنْ أَحْرَمَ إِمَامُ الحَيِّ بِمَنْ أَحْرَمَ بِهِمْ نَائِبُهُ وَعَادَ النَّائِبُ مُؤْتَمّاً: صَحَّ.

* * *

ص: 56

‌بَابُ صِفَةِ الصَّلاةِ

يُسَنُّ القِيَامُ عِنْدَ «قَدْ» مِنْ إِقَامَتِهَا، وَتَسْوِيَةُ الصَّفِّ.

وَيَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» ، رَافِعاً يَدَيْهِ مَضْمُومَةَ الأَصَابِعِ، مَمْدُودَةً حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ - كَالسُّجُودِ -.

وَيُسْمِعُ الإِمَامُ مَنْ خَلْفَهُ - كَقِرَاءَتِهِ فِي أَوَّلَتَيْ غَيْرِ الظُّهْرَيْنِ - وَغَيْرُهُ نَفْسَهُ.

ثُمَّ يَقْبِضُ كُوعَ يُسْرَاهُ تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَيَنْظُرُ مَسْجِدَهُ.

ثُمَّ يَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» .

ثُمَّ يَسْتَعِيذُ، ثُمَّ يُبَسْمِلُ سِرّاً - وَلَيْسَتْ مِنَ الفَاتِحَةِ -.

ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ، فَإِنْ قَطَعَهَا بِذِكْرٍ، أَوْ سُكُوتٍ - غَيْرِ مَشْرُوعَيْنِ - وَطَالَ، أَوْ تَرَكَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً، أَوْ حَرْفاً، أَوْ تَرْتِيباً: لَزِمَ غَيْرَ مَأْمُومٍ إِعَادَتُهَا.

وَيَجْهَرُ الكُلُّ بِآمِينَ فِي الجَهْرِ.

ص: 57

ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً: تَكُونُ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ المُفَصَّلِ، وَفِي المَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ، وَفِي البَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ.

وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ.

ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّراً رَافِعاً يَدَيْهِ، وَيَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّجَتَيِ الأَصَابِعِ مُسْتَوِياً ظَهْرُهُ، وَيَقُولُ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» .

ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ قَائِلاً - إِمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ -: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، وَبَعْدَ قِيَامِهِمَا:«رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ، وَمَأْمُومٌ فِي رَفْعِهِ:«رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ» فَقَطْ.

ثُمَّ يَخِرُّ مُكَبِّراً سَاجِداً عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءَ: رِجْلَيْهِ، ثُمَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَبْهَتِهِ مَعَ أَنْفِهِ - وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ لَيْسَ مِنْ أَعْضَاءِ سُجُودِهِ -، وَيُجَافِي عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَيُفَرِّقُ رُكْبَتَيْهِ، وَيَقُولُ:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» .

ص: 58

ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّراً، وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشاً يُسْرَاهُ، نَاصِبًا يُمْنَاهُ، وَيَقُولُ:«رَبِّ اغْفِرْ لِي» ، وَيَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالأُولَى.

ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّراً، نَاهِضاً عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِداً عَلَى رُكْبَتَيْهِ - إِنْ سَهُلَ -.

وَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ، مَا عَدَا التَّحْرِيمَةَ، وَالِاسْتِفْتَاحَ، وَالتَّعَوُّذَ، وَتَجْدِيدَ النِّيَّةِ.

ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشاً، وَيَدَاهُ عَلَى فَخِذَيْهِ، يَقْبِضُ خِنْصِرَ اليُمْنَى وَبِنْصِرَهَا وَيُحَلِّقُ إِبْهَامَهَا مَعَ الوُسْطَى، وَيُشِيرُ بِسَبَّاحَتِهَا فِي تَشَهُّدِهِ، وَيَبْسُطُ اليُسْرَى، وَيَقُولُ:«التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ، هَذَا التَّشَهُّدُ الأَوَّلُ.

ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ

ص: 59

عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».

وَيَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَفِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَفِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَيَدْعُو بِمَا وَرَدَ.

ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ، وَعَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ: نَهَضَ مُكَبِّراً بَعْدَ التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ، وَصَلَّى مَا بَقِيَ - كَالثَّانِيَةِ - بـ «الحَمْدُ» فَقَطْ.

ثُمَّ يَجْلِسُ فِي تَشَهُّدِهِ الأَخِيرِ مُتَوَرِّكاً.

وَالمَرْأَةُ مِثْلُهُ، لَكِنْ تَضُمُّ نَفْسَهَا، وَتَسْدُلُ رِجْلَيْهَا فِي جَانِبِ يَمِينِهَا.

* * *

ص: 60

‌فَصْلٌ

وَيُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ: التِفَاتُهُ، وَرَفْعُ بَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَإِقْعَاؤُهُ، وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِداً، وَعَبَثُهُ، وَتَخَصُّرُهُ، وَتَرَوُّحُهُ، وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ، وَتَشْبِيكُهَا، وَأَنْ يَكُونَ حَاقِناً، أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَشْتَهِيهِ، وَتَكْرَارُ الفَاتِحَةِ - لَا جَمْعُ سُوَرٍ فِي فَرْضٍ كَنَفْلٍ -.

وَلَهُ: رَدُّ المَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَدُّ الآيِ، وَالفَتْحُ عَلَى إِمَامِهِ، وَلُبْسُ الثَّوْبِ وَالعِمَامَةِ، وَقَتْلُ حَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَقَمْلٍ.

فَإِنْ أَطَالَ الفِعْلَ عُرْفاً - مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَا تَفْرِيقٍ -: بَطَلَتْ وَلَوْ سَهْواً.

وَيُبَاحُ قِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا.

وَإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ: سَبَّحَ رَجُلٌ، وَصَفَّقَتِ امْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الأُخْرَى.

ص: 61

وَيَبْصُقُ فِي الصَّلَاةِ: عَنْ يَسَارِهِ، وَفِي المَسْجِدِ: فِي ثَوْبِهِ.

وَتُسَنُّ صَلَاتُهُ: إِلَى سُتْرَةٍ قَائِمَةٍ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَاخِصاً: فَإِلَى خَطٍّ.

وَتَبْطُلُ بِمُرُورِ كَلْبٍ أَسْوَدَ بَهِيمٍ فَقَطْ.

وَلَهُ: التَّعَوُّذُ عِنْدَ آيَةِ وَعِيدٍ، وَالسُّؤَالُ عِنْدَ آيَةِ رَحْمَةٍ، وَلَوْ فِي فَرْضٍ.

* * *

ص: 62

‌فَصْلٌ

أَرْكَانُهَا: القِيَامُ، وَالتَّحْرِيمَةُ، وَالفَاتِحَةُ، وَالرُّكُوعُ، وَالاعْتِدَالُ عَنْهُ، وَالسُّجُودُ عَلَى الأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ، وَالجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي الكُلِّ، وَالتَّشَهُّدُ الأَخِيرُ، وَجَلْسَتُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَالتَّرْتِيبُ، وَالتَّسْلِيمُ.

وَوَاجِبَاتُهَا: التَّكْبِيرُ غَيْرَ التَّحْرِيمَةِ، وَالتَّسْمِيعُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَتَسْبِيحَتَا الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَسُؤَالُ المَغْفِرَةِ مَرَّةً مَرَّةً - وَيُسَنُّ ثَلَاثاً -، وَالتَّشَهُّدُ الأَوَّلُ وَجَلْسَتُهُ.

وَمَا عَدَا الشَّرَائِطَ وَالأَرْكَانَ وَالوَاجِبَاتِ المَذْكُورَةَ: سُنَّةٌ.

فَمَنْ تَرَكَ شَرْطاً لِغَيْرِ عُذْرٍ - غَيْرَ النِّيَّةِ -: فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ، أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ البَاقِي.

ص: 63

وَمَا عَدَا ذَلِكَ: سُنَنُ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ، وَإِنْ سَجَدَ فَلَا بَأْسَ.

* * *

ص: 64

‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

يُشْرَعُ: لِزِيَادَةٍ، وَنَقْصٍ، وَشَكٍّ، لَا فِي عَمْدٍ فِي الفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ.

فَمَتَى زَادَ فِعْلاً مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ - قِيَاماً، أَوْ قُعُوداً، أَوْ رُكُوعاً، أَوْ سُجُوداً - عَمْداً: بَطَلَتْ؛ وَسَهْواً: يَسْجُدُ لَهُ.

وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا: سَجَدَ؛ وَإِنْ عَلِمَ فِيهَا: جَلَسَ فِي الحَالِ، فَتَشَهَّدَ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَسَجَدَ وَسَلَّمَ.

وَإِنْ سَبَّحَ بِهِ ثِقَتَانِ، فَأَصَرَّ وَلَمْ يَجْزِمْ بِصَوَابِ نَفْسِهِ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَصَلَاةُ مَنْ تَبِعَهُ عَالِماً، لَا جَاهِلاً وَنَاسِياً، وَلَا مَنْ فَارَقَهُ.

وَعَمَلٌ مُسْتَكْثَرٌ عَادَةً - مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ - يُبْطِلُهَا عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ، وَلَا يُشْرَعُ لِيَسِيرِهِ سُجُودٌ.

وَلَا تَبْطُلُ بِيَسِيرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ سَهْواً، وَلَا نَفْلٌ بِيَسِيرِ شُرْبٍ عَمْداً.

ص: 65

وَإِنْ أَتَى بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ - كَقِرَاءَةٍ فِي سُجُودٍ وَقُعُودٍ، وَتَشَهُّدٍ فِي قِيَامٍ، وَقِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي الأُخْرَيَيْنِ -: لَمْ تَبْطُلْ، وَلَمْ يَجِبْ لَهُ سُجُودٌ؛ بَلْ يُشْرَعُ.

وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ إِتْمَامِهَا عَمْداً: بَطَلَتْ.

وَإِنْ كَانَ سَهْواً ثُمَّ ذَكَرَ قَرِيباً: أَتَمَّهَا وَسَجَدَ.

وَإِنْ طَالَ الفَصْلُ، أَوْ تَكَلَّمَ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا: بَطَلَتْ - كَكَلَامِهِ فِي صُلْبِهَا -.

ولِمَصْلَحَتِهَا إِنْ كَانَ يَسِيراً: لَمْ تَبْطُلْ.

وَقَهْقَهَةٌ: كَكَلَامٍ.

وَإِنْ نَفَخَ، أَوِ انْتَحَبَ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ تَنَحْنَحَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَبَانَ حَرْفَانِ: بَطَلَتْ.

ص: 66

* * *

‌فَصْلٌ

وَمَنْ تَرَكَ رُكْناً فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى: بَطَلَتِ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا.

وَقَبْلَهُ: يَعُودُ وُجُوباً، فَيَأْتِي بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ.

وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ: فَكَتَرْكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ.

وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ وَنَهَضَ: لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِماً.

فَإِنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا: كُرِهَ رُجُوعُهُ.

وَإِنْ لَمْ يَنْتَصِبْ: لَزِمَهُ الرُّجُوعُ.

وَإِنْ شَرَعَ فِي القِرَاءَةِ: حَرُمَ الرُّجُوعُ، وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِلْكُلِّ.

ص: 67

وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ: أَخَذَ بِالأَقَلِّ، وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ: فَكَتَرْكِهِ.

وَلَا يَسْجُدُ لِشَكِّهِ فِي تَرْكِ وَاجِبٍ، أَوْ زِيَادَةٍ.

وَلَا سُجُودَ عَلَى مَأْمُومٍ إِلَّا تَبَعاً لِإِمَامِهِ.

وَسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا يُبْطِلُهَا عَمْدُهُ: وَاجِبٌ.

وَتَبْطُلُ بِتَرْكِ سُجُودٍ أَفْضَلِيَّتُهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَطْ، وَإِنْ نَسِيَهُ وَسَلَّمَ: سَجَدَ إِنْ قَرُبَ زَمَنُهُ.

وَمَنْ سَهَا مِرَاراً: كَفَاهُ سَجْدَتَانِ.

* * *

ص: 68

‌بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ

آكَدُهَا: كُسُوفٌ، ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ، ثُمَّ تَرَاوِيحُ.

ثُمَّ وِتْرٌ: وَيُفْعَلُ بَيْنَ العِشَاءِ وَالفَجْرِ.

وَأَقَلُّهُ: رَكْعَةٌ، وَأَكْثَرُهُ: إِحْدَى عَشْرَةَ - مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ -.

وَإِنْ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ: لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهَا.

وَبِتِسْعٍ: يَجْلِسُ عَقِبَ الثَّامِنَةِ وَيَتَشَهَّدُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ.

وَأَدْنَى الكَمَالِ: ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ بِسَلَامَيْنِ - يَقْرَأُ فِي الأُولَى: بِـ «سَبِّحِ» ، وَفِي الثَّانِيَةِ:«الكَافِرُونَ» ، وَفِي الثَّالِثَةِ:«الإِخْلَاصَ» -.

وَيَقْنُتُ فِيهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ،

ص: 69

وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ»، وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ.

وَيُكْرَهُ: قُنُوتُهُ فِي غَيْرِ الوِتْرِ؛ إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِالمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ غَيْرَ الطَّاعُونِ، فَيَقْنُتُ الإِمَامُ فِي الفَرَائِضِ.

وَالتَّرَاوِيحُ: عِشْرُونَ رَكْعَةً، تُفْعَلُ فِي جَمَاعَةٍ مَعَ الوِتْرِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي رَمَضَانَ، وَيُوتِرُ المُتَهَجِّدُ بَعْدَهُ، فَإِنْ تَبِعَ إِمَامَهُ شَفَعَهُ بِرَكْعَةٍ.

وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ بَيْنَهَا، لَا التَّعْقِيبُ بَعْدَهَا فِي جَمَاعَةٍ.

ص: 70

ثُمَّ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الفَجْرِ - وَهُمَا آكَدُهَا -.

وَمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْهَا: سُنَّ لَهُ قَضَاؤُهَ.

وَصَلَاةُ اللَّيْلِ: أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَأَفْضَلُهَا: ثُلُثُ اللَّيْلِ بَعْدَ نِصْفِهِ.

وَصَلَاةُ لَيْلٍ وَنَهَارٍ مَثْنَى مَثْنَى، وَإِنْ تَطَوَّعَ فِي النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ؛ كَالظُّهْرِ: فَلَا بَأْسَ.

وَأَجْرُ صَلَاةِ قَاعِدٍ عَلَى نِصْفِ أَجْرِ صَلَاةِ قَائِمٍ.

ص: 71

وَتُسَنُّ صَلَاةُ الضُّحَى، وَأَقَلُّهَا: رَكْعَتَانِ، وَأَكْثَرُهَا: ثَمَانٍ، وَوَقْتُهَا مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ النَّهْيِ إِلَى قُبَيْلِ الزَّوَالِ.

وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ: صَلَاةٌ، يُسَنُّ لِلْقَارِئِ وَالمُسْتَمِعِ دُونَ السَّامِعِ، وَإِنْ لَم يَسْجُدِ القَارِئُ لَمْ يَسْجُدْ.

وَهُوَ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً، فِي «الحَجِّ» مِنْهَا اثْنَتَانِ، وَيُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ، وَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يَتَشَهَّدُ.

وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ قِرَاءَةُ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةِ سِرٍّ وَسُجُودُهُ فِيهَا، وَيَلْزَمُ المَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ فِي غَيْرِهَا.

وَيُسْتَحَبُّ سُجُودُ الشُّكْرِ: عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ وَانْدِفَاعِ النِّقَمِ، وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاةُ غَيْرِ جَاهِلٍ وَنَاسٍ.

ص: 72

وَأَوْقَاتُ النَّهْيِ خَمْسَةٌ:

مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانِي إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَمِنْ صَلَاةِ العَصْرِ إِلَى الغُرُوبِ، وَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ، وَعِنْدَ قِيَامِهَا حَتَّى تَزُولَ، وَإِذَا شَرَعَتْ فِي الغُرُوبِ حَتَّى يَتِمَّ.

وَيَجُوزُ قَضَاءُ الفَرَائِضِ فِيهَا.

وَفِي الأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ: فِعْلُ رَكْعَتَيْ طَوَافٍ، وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ.

وَيَحْرُمُ تَطَوُّعٌ بِغَيْرِهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الأَوْقَاتِ الخَمْسَةِ، حَتَّى مَا لَهُ سَبَبٌ.

* * *

ص: 73

‌بَابُ صَلاةِ الجَمَاعَةِ

تَلْزَمُ الرِّجَالَ لِلصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، لَا شَرْطٌ، وَلَهُ فِعْلُهَا فِي بَيْتِهِ.

وَتُسْتَحَبُّ صَلَاةُ أَهْلِ الثَّغْرِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ.

وَالأَفْضَلُ لِغَيْرِهِمْ: فِي المَسْجِدِ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ الجَمَاعَةُ إِلَّا بِحُضُورِهِ، ثُمَّ مَا كَانَ أَكْثَرَ جَمَاعَةً، ثُمَّ المَسْجِدُ العَتِيقُ، وَأَبْعَدُ أَوْلَى مِنْ أَقْرَبَ.

وَيَحْرُمُ أَنْ يَؤُمَّ فِي مَسْجِدٍ قَبْلَ إِمَامِهِ الرَّاتِبِ؛ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ عُذْرِهِ.

وَمَنْ صَلَّى ثُمَّ أُقِيمَ فَرَضٌ: سُنَّ أَنْ يُعِيدَهَا؛ إِلَّا المَغْرِبَ.

وَلَا تُكْرَهُ إِعَادَةُ الجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ.

ص: 74

وَإِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا المَكْتُوبَةُ، فَإِنْ كَانَ فِي نَافِلَةٍ: أَتَمَّهَا؛ إِلَّا أَنْ يَخْشَى فَوَاتَ الجَمَاعَةِ فَيَقْطَعُهَا.

وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ إِمَامِهِ: لَحِقَ الجَمَاعَةَ، وَإِن لَحِقَهُ رَاكِعاً: دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ، وَأَجْزَأَتْهُ التَّحْرِيمَةُ.

وَلَا قِرَاءَةَ عَلَى مَأْمُومٍ، وَتُسْتَحَبُّ فِي إِسْرَارِ إِمَامِهِ وَسُكُوتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدٍ - لَا لِطَرَشٍ -، وَيَسْتَفْتِحُ وَيَسْتَعِيذُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ إِمَامُهُ.

وَمَنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ إِمَامِهِ: فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ لِيَأْتِيَ بِهِ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَمْداً: بَطَلَتْ.

وَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ إِمَامِهِ عَالِماً عَمْداً: بَطَلَتْ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً، أَوْ نَاسِياً: بَطَلَتِ الرَّكْعَةُ فَقَطْ.

وَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ ثُمَّ سَجَدَ قَبْلَ رَفْعِهِ: بَطَلَتْ؛ إِلَّا الجَاهِلَ وَالنَّاسِيَ، وَيُصَلِّي تِلْكَ الرَّكْعَةَ قَضَاءً.

ص: 75

وَيُسَنُّ لِإِمَامٍ التَّخْفِيفُ مَعَ الإِتْمَامِ، وَتَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الأُولَى أَكْثَرَ مِنَ الثَّانِيَةِ.

وَيُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ دَاخِلٍ إِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ.

وَإِذَا اسْتَأْذَنْتِ المَرْأَةُ إِلَى المَسْجِدِ: كُرِهَ مَنْعُهَا، وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لَهَا.

* * *

ص: 76

‌فَصْلٌ

الأَوْلَى بِالإِمَامَةِ: الأَقْرَأُ العَالِمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ، ثُمَّ الأَفْقَهُ، ثُمَّ الأَسَنُّ، ثُمَّ الأَشْرَفُ، ثُمَّ الأَتْقَى، ثُمَّ مَنْ قَرَعَ.

وَسَاكِنُ البَيْتِ، وَإِمَامُ المَسْجِدِ: أَحَقُّ؛ إِلَّا مِنْ ذِي سُلْطَانٍ.

وَحُرٌّ، وَحَاضِرٌ، وَمُقِيمٌ، وَبَصِيرٌ، وَمَخْتُونٌ، وَمَن لَهُ ثِيَابٌ: أَوْلَى مِنْ ضِدِّهِمْ.

وَلَا تَصِحُّ خَلْفَ فَاسِقٍ- كَكَافِرٍ- وَلَا امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِلرِّجَالِ، وَلَا صَبِيٍّ لِبَالِغٍ وَأَخْرَسَ، وَلَا عَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ قِيَامٍ؛ إِلَّا إِمَامِ الحَيِّ المَرْجُوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ، وَيُصَلُّونَ وَرَاءَهُ جُلُوسًا نَدْبًا، فَإِنِ ابْتَدَأَ بِهِمْ قَائِمًا ثُمَّ اعْتَلَّ فَجَلَسَ: أَتَمُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا وُجُوبًا.

وَتَصِحُّ خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ بِمِثْلِهِ.

ص: 77

وَلَا تَصِحُّ خَلْفَ مُحْدِثٍ وَلَا مُتَنَجِّسٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَإِنْ جَهِلَ هُوَ وَالمَأْمُومُ حَتَّى انْقَضَتْ: صَحَّتْ لِمَأْمُومٍ وَحْدَهُ.

وَلَا إِمَامَةُ الأُمِّيِّ - وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ فِيهَا مَا لَا يُدْغَمُ، أَوْ يُبْدِلُ حَرْفاً، أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْناً يُحِيلُ المَعْنَى - إِلَّا بِمِثْلِهِ، وَإِنْ قَدِرَ عَلَى إِصْلَاحِهِ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ.

وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ: اللَّحَّانِ، وَالفَأْفَاءِ، وَالتَّمْتَامِ، وَمَن لَا يُفْصِحُ بِبَعْضِ الحُرُوفِ، وَأَنْ يَؤُمَّ أَجْنَبِيَّةً فَأَكْثَرَ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ، أَوْ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ بِحَقٍّ.

وَتَصِحُّ إِمَامَةُ: وَلَدِ الزِّنَا وَالجُنْدِيِّ إِذَا سَلِمَ دِينُهُمَا، وَمَنْ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِمَنْ يَقْضِيهَا، وَعَكْسُهُ.

لَا مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، وَلَا مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَنْ يُصَلِّي العَصْرَ أَوْ غَيْرَهَا.

* * *

ص: 78

‌فَصْلٌ

يَقِفُ المَأْمُومُونَ: خَلْفَ الإِمَامِ، وَيَصِحُّ مَعَهُ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ جَانِبَيْهِ.

لَا قُدَّامَهُ، وَلَا عَنْ يَسَارِهِ فَقَطْ، وَلَا الفَذُّ خَلْفَهُ أَوْ خَلْفَ الصَّفِّ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً.

وَإِمَامَةُ النِّسَاءِ تَقِفُ فِي صَفِّهِنَّ.

وَيَلِيهِ الرِّجَالُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ النِّسَاءُ - كَجَنَائِزِهِمْ -.

وَمَنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ؛ إِلَّا كَافِرٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ مَنْ عَلِمَ حَدَثَهُ أَحَدُهُمَا، أَوْ صَبِيٌّ فِي فَرْضٍ: فَفَذٌّ.

وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً دَخَلَهَا، وَإِلَّا عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ: فَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ.

فَإِنْ صَلَّى فَذّاً رَكْعَةً: لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ رَكَعَ فَذّاً ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّفِّ، أَوْ وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلَ سُجُودِ الإِمَامِ: صَحَّتْ.

ص: 79

‌فَصْلٌ

يَصِحُّ اقْتِدَاءُ المَأْمُومِ بِالإِمَامِ فِي المَسْجِدِ - وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَلَا مَنْ وَرَاءَهُ - إِذَا سَمِعَ التَّكْبِيرَ، وَكَذَا خَارِجَهُ إِنْ رَأَى الإِمَامَ أَوِ المَأْمُومِينَ إِذَا اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ.

وَتَصِحُّ خَلْفَ إِمَامٍ عَالٍ عَنْهُمْ، وَيُكْرَهُ إِذَا كَانَ العُلُوُ ذِرَاعاً فَأَكْثَرَ - كَإِمَامَتِهِ فِي الطَّاقِ -، وَتَطَوُّعُهُ مَوْضِعَ المَكْتُوبَةِ؛ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ، وَإِطَالَةُ قُعُودِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ.

فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نِسَاءٌ؛ لَبِثَ قَلِيلاً لِيَنْصَرِفْنَ.

وَيُكْرَهُ وُقُوفُهُمْ بَيْنَ السَّوَارِي إِذَا قَطَعْنَ صُفُوفَهُمْ.

* * *

ص: 80

‌فَصْلٌ

وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ: مَرِيضٌ، وَمُدَافِعُ أَحَدِ الأَخْبَثَيْنِ، وَمَنْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، وَخَائِفٌ مِنْ ضَيَاعِ مَالِهِ أَوْ فَوَاتِهِ أَوْ ضَرَرٍ فِيهِ، أَوْ مَوْتِ قَرِيبِهِ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ضَرَرٍ أَوْ سُلْطَانٍ، أَوْ مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، أَوْ مِنْ فَوَاتِ رُفْقَتِهِ، أَوْ غَلَبَةِ نُعَاسٍ، أَوْ أَذًى بِمَطَرٍ وَوَحَلٍ، وَرِيحٍ بَارِدَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ.

* * *

ص: 81

‌بَابُ صَلاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ

يَلْزَمُ المَرِيضَ: الصَّلَاةُ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَى جَنْبٍ.

فَإِنْ صَلَّى مُسْتَلْقِياً وَرِجْلَاهُ إِلَى القِبْلَةِ: صَحَّ، وَيُومِئُ رَاكِعاً وَسَاجِداً وَيَخْفِضُهُ عَنِ الرُّكُوعِ.

فَإِنْ عَجَزَ: أَوْمَأَ بِعَيْنَيْهِ، فَإِنْ قَدَرَ أَوْ عَجَزَ فِي أَثْنَائِهَا: انْتَقَلَ إِلَى الآخَرِ.

فَإِنْ قَدَرَ عَلَى قِيَامٍ وَقُعُودٍ، وَعَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ: أَوْمَأَ بِرُكُوعٍ قَائِمًا، وَبِسُجُودٍ قَاعِداً.

وَلِمَرِيضٍ: الصَّلَاةُ مُسْتَلْقِياً مَعَ القُدْرَةِ عَلَى القِيَامِ؛ لِمُدَاوَاةٍ بِقَوْلِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ.

وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَاعِداً فِي السَّفِينَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى القِيَامِ.

وَيَصِحُّ الفَرْضُ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَشْيَةَ التَّأَذِّي بِالوَحَلِ، لَا لِلْمَرَضِ.

ص: 82

‌فَصْلٌ

مَنْ سَافَرَ سَفَراً، مُبَاحاً، أَرْبَعَةَ بُرُدٍ: سُنَّ لَهُ قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ رَكْعَتَيْنِ، إِذَا فَارَقَ عَامِرَ قَرْيَتِهِ أَوْ خِيَامَ قَوْمِهِ.

وَإِنْ أَحْرَمَ حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ، أَوْ سَفَراً ثُمَّ أَقَامَ، أَوْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ فِي سَفَرٍ، أَوْ عَكْسُهُ، أَوِ ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ، أَوْ بِمَنْ يَشُكُّ فِيهِ، أَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ يَلْزَمُهُ إِتْمَامُهَا فَفَسَدَتْ وَأَعَادَهَا، أَوْ لَمْ يَنْوِ القَصْرَ عِنْدَ إِحْرَامِهَا، أَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ القَصْرِ، أَوْ نَوَى إِقَامَةً أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَوْ كَانَ مَلَّاحاً مَعَهُ أَهْلُهُ لَا يَنْوِي الإِقَامَةَ بِبَلَدٍ: لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ.

وَإِنْ كَانَ لَهُ طَرِيقَانِ فَسَلَكَ أَبْعَدَهُمَا، أَوْ ذَكَرَ صَلَاةَ سَفَرٍ فِي آخَرَ: قَصَرَ.

وَإِنْ حُبِسَ وَلَمْ يَنْوِ إِقَامَةً، أَوْ أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ بِلَا نِيَّةِ إِقَامَةٍ: قَصَرَ أَبَداً.

* * *

ص: 83

‌فَصْلٌ

يَجَوزُ الجَمْعُ: بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ وَبَيْنَ العِشَاءَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا، فِي سَفَرِ قَصْرٍ، وَلِمَرَضٍ يَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ مَشَقَّةٌ.

وَبَيْنَ العِشَاءَيْنِ: لِمَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ، وَلِوَحَلٍ، وَرِيحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَةٍ - وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ، أَوْ فِي مَسْجِدٍ طَرِيقُهُ تَحْتَ سَابَاطٍ -.

وَالأَفْضَلُ: فِعْلُ الأَرْفَقِ بِهِ مِنْ تَأْخِيرٍ وَتَقْدِيمٍ.

فَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الأُولَى: اشْتُرِطَ نِيَّةُ الجَمْعِ عِنْدَ إِحْرَامِهَا - وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِقَدْرِ إِقَامَةٍ، وَوُضُوءٍ خَفِيفٍ، وَيَبْطُلُ بِرَاتِبَةٍ بَيْنَهُمَا -، وَأَنْ يَكُونَ العُذْرُ مَوْجُوداً عِنْدَ افْتِتَاحِهِمَا وَسَلَامِ الأُولَى.

وَإِنْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ: اشْتُرِطَ نِيَّةُ الجَمْعِ فِي وَقْتِ الأُولَى قَبْلَ أَنْ يَضِيقَ عَنْ فِعْلِهَا، وَاسْتِمْرَارُ العُذْرِ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

* * *

ص: 84

‌فَصْلٌ

وَصَلَاةُ الخَوْفِ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِصِفَاتٍ كُلُّهَا جَائِزَةٌ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهَا مِنَ السِّلَاحِ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُثْقِلُهُ - كَسَيْفٍ، وَنَحْوِهِ -.

* * *

ص: 85

‌بَابُ صَلاةِ الجُمُعَةِ

تَلْزَمُ كُلَّ: ذَكَرٍ، حُرٍّ، مُكَلَّفٍ، مُسْلِمٍ، مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ اسْمُهُ وَاحِدٌ - وَلَوْ تَفَرَّقَ - لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ.

وَلَا تَجِبُ عَلَى: مُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا امْرَأَةٍ.

وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ: أَجْزَأَتْهُ، وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ، وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا.

وَمَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِعُذْرٍ - غَيْرِ سَفَرٍ -: وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَانْعَقَدَتْ بِهِ، وَأَمَّ فِيهَا.

وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ حُضُورُ الجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الإِمَامِ: لَمْ تَصِحَّ.

وَتَصِحُّ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَالأَفْضَلُ: حَتَّى يُصَلِّيَ الإِمَامُ.

وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ السَّفَرُ فِي يَوْمِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ.

ص: 86

‌فَصْلٌ

يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا شُرُوطٌ - لَيْسَ مِنْهَا إِذْنُ الإِمَامِ -:

أَحَدُهَا: الوَقْتُ؛ وَأَوَّلُهُ: أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ العِيدِ، وَآخِرُهُ: آخِرُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ: صَلَّوْا ظُهْراً؛ وَإِلَّا فجُمُعَةً.

الثَّانِي: حُضُورُ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا، بِقَرْيَةٍ مُسْتَوْطِنِينَ.

وَتَصِحُّ فِيمَا قَارَبَ البُنْيَانَ مِنَ الصَّحْرَاءِ، فَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إِتْمَامِهَا: اسْتَأْنَفُوا ظُهْراً.

وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً: أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ: أَتَمَّهَا ظُهْراً؛ إِذَا كَانَ نَوَى الظُّهْرَ.

وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمَ خُطْبَتَيْنِ - مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِمَا: حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَقِرَاءَةُ آيَةٍ، وَالوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ عز وجل.

وَحُضُورُ العَدَدِ المُشْتَرَطِ.

ص: 87

وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ، وَلَا أَنْ يَتَوَلاَّهُمَا مَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ.

وَمِنْ سُنَنِهِمَا: أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ، أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ، وَيُسَلِّمَ عَلَى المَأْمُومِينَ إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَجْلِسَ إِلَى فَرَاغِ الأَذَانِ، وَيَجْلِسَ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ، وَيَخْطُبَ قَائِماً، وَيَعْتَمِدَ عَلَى سَيْفٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ عَصَا، وَيَقْصِدَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَيَقْصُرَ الخُطْبَةَ، وَيَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ.

* * *

ص: 88

‌فَصْلٌ

وَالجُمُعَةُ: رَكْعَتَانِ - يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ جَهْراً فِي الأُولَى بِالجُمُعَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالمُنَافِقِينَ -.

وَتَحْرُمُ إِقَامَتُهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ مِنَ البَلَدِ إِلَّا لِحَاجَةٍ، فَإِنْ فَعَلُوا: فَالصَّحِيحَةُ مَا بَاشَرَهَا الإِمَامُ، أَوْ أَذِنَ فِيهَا، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي إِذْنٍ أَوْ عَدَمِهِ: فَالَثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ وَقَعَتَا مَعاً أَوْ جُهِلَتِ الأُولَى: بَطَلَتَا.

وَأَقَلُّ السُّنَّةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ: رَكْعَتَانِ، وَأَكْثَرُهَا: سِتٌّ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَغْتَسِلَ - وَتَقَدَّمَ -، وَيَتَنَظَّفَ، وَيَتَطَيَّبَ، وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ، وَيُبَكِّرَ إِلَيْهَا مَاشِياً، وَيَدْنُوَ مِنَ الإِمَامِ، وَيَقْرَأَ سُورَةَ الكَهْفِ فِي يَوْمِهَا، وَيُكْثِرَ الدُّعَاءَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَاماً، أَوْ إِلَى فُرْجَةٍ.

ص: 89

وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ فَيَجْلِسَ مَكَانَهُ، إِلَّا مَنْ قَدَّمَ صَاحِباً لَهُ فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لَهُ.

وَحَرُمَ رَفْعُ مُصَلّىً مَفْرُوشٍ مَا لَمْ تَحْضُرِ الصَّلَاةُ.

وَمَنْ قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ لِعَارِضٍ لَحِقَهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ قَرِيبًا: فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.

وَمَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ: لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يُوجِزُ فِيهِمَا.

وَلَا يَجُوزُ الكَلَامُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ إِلَّا لَهُ، أَوْ لِمَنْ يُكَلِّمُهُ.

وَيَجُوزُ قَبْلَ الخُطْبَةِ وَبَعْدَهَا.

* * *

ص: 90

‌بَابُ صَلاةِ العِيدَيْنِ

وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، إِذَا تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ قَاتَلَهُمُ الإِمَامُ.

وَوَقْتُهَا: كَصَلَاةِ الضُّحَى، وَآخِرُهُ: الزَّوَالُ - فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالعِيدِ إِلَّا بَعْدَهُ: صَلَّوْا مِنَ الغَدِ -.

وَتُسَنُّ فِي صَحْرَاءَ، وَتَقْدِيمُ صَلَاةِ الأَضْحَى، وَعَكْسُهُ الفِطْرُ، وَأَكْلُهُ قَبْلَهَا، وَعَكْسُهُ فِي الأَضْحَى لِمُضَحٍّ.

وَتُكْرَهُ فِي الجَامِعِ بِلَا عُذْرٍ.

وَيُسَنُّ تَبْكِيرُ مَأْمُومٍ إِلَيْهَا مَاشِيًا بَعْدَ الصُّبْحِ، وَتَأْخِيرُ إِمَامٍ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ؛ إِلَّا المُعْتَكِفَ فَفِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ.

وَمِنْ شَرْطِهَا: اسْتِيطَانٌ، وَعَدَدُ الجُمُعَةِ - لَا إِذْنُ إِمَامٍ-

وَيُسَنُّ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ.

وَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، يُكَبِّرُ فِي الأُولَى - بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ، وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالقِرَاءَةِ - سِتّاً، وَفِي الثَّانِيَةِ - قَبْلَ

ص: 91

القِرَاءَةِ - خَمْساً، يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَيَقُولُ:«اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، وَآلِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً» ، وَإِنْ أَحَبَّ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقْرَأُ جَهْراً فِي الأُولَى - بَعْدَ الفَاتِحَةِ - بِسَبِّحْ، وَبِالغَاشِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ.

فَإِذَا سَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ - كَخُطْبَتَيِ الجُمُعَةِ - يَسْتَفْتِحُ الأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، يَحُثُّهُمْ فِي الفِطْرِ: عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ، وَيُرَغِّبُهُمْ فِي الأَضْحَى فِي الأُضْحِيَّةِ وَيُبَيِّنُ لَهُمْ حُكْمَهَا.

وَالتَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ، وَالذِّكْرُ بَيْنَهَا، وَالخُطْبَتَانِ: سُنَّةٌ.

وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا فِي مَوْضِعِهَا.

وَيُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ، أَوْ بَعْضُهَا: قَضَاؤُهَا عَلَى صِفَتِهَا.

ص: 92

وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ المُطْلَقُ: فِي لَيْلَتَيِ العِيدَيْنِ، وَفِطْرٌ آكَدُ، وَفِي كُلِّ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ.

وَالمُقَيَّدُ - عَقِبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ - فِي الأَضْحَى: مِنْ صَلَاةِ الفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَلِلْمُحْرِمِ: مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

وَإِنْ نَسِيَهُ: قَضَاهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ، أَوْ يَخْرُجْ مِنَ المَسْجِدِ.

وَلَا يُسَنُّ عَقِبَ صَلَاةِ عِيدٍ.

وَصِفَتُهُ: شَفْعاً «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ» .

* * *

ص: 93

‌بَابُ صَلاةِ الكُسُوفِ

تُسَنُّ - جَمَاعَةً وَفُرَادَى، إِذَا كَسَفَ أَحَدُ النَّيِّرَيْنِ -: رَكْعَتَيْنِ.

يَقْرَأُ فِي الأُولَى جَهْراً بَعْدَ الفَاتِحَةِ سُورَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ يَرْكَعُ طَوِيلاً، ثُمَّ يَرْفَعُ، وَيُسَمِّعُ، وَيُحَمِّدُ.

ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ وَسُورَةً طَوِيلَةً دُونَ الأُولَى، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ - وَهُوَ دُونَ الأَوَّلِ -، ثُمَّ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ.

ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَالأُولَى؛ لَكِنَّهَا دُونَهَا فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ.

فَإِنْ تَجَلَّى الكُسُوفُ فِيهَا: أَتَمَّهَا خَفِيَفَةً.

وَإِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ كَاسِفَةً، أَوْ طَلَعَتْ وَالقَمَرُ خَاسِفٌ، أَوْ كَانَتْ آيَةٌ عَدَا الزَّلْزَلَةِ: لَمْ يُصَلِّ.

وَإِنْ أَتَى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ، أَوْ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ: جَازَ.

ص: 94

‌بَابُ صَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ

إِذَا أَجْدَبَتِ الأَرْضُ وَقَحَطَ المَطَرُ: صَلَّوْهَا جَمَاعَةً وَفُرَادَى.

وَصِفَتُهَا: فِي مَوْضِعِهَا.

وَأَحْكَامُهَا: كَعِيدٍ.

وَإِذَا أَرَادَ الإِمَامُ الخُرُوجَ لَهَا: وَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنَ المَعَاصِي، وَالخُرُوجِ مِنَ المَظَالِمِ، وَتَرْكِ التَّشَاحُنِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقةِ، وَيَعِدُهُمْ يَوْماً يَخْرُجُونَ فِيهِ.

وَيَتَنَظَّفُ وَلَا يَتَطَيَّبُ، وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعاً، مُتَخَشِّعاً، مُتَذَلِّلاً، مُتَضَرِّعاً، وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالشُّيُوخُ وَالصِّبْيَانُ المُمَيِّزُونَ.

وَإِنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مُنْفَرِدِينَ عَنِ المُسْلِمِينَ لَا بِيَوْمٍ: لَمْ يُمْنَعُوا.

ص: 95

فَيُصَلِّي بِهِمْ، ثُمَّ يَخْطُبُ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ - كَخُطْبَةِ العِيدِ -، وَيُكْثِرُ فِيهَا الاسْتِغْفَارَ وَقِرَاءَةَ الآيَاتِ الَّتِي فِيهَا الأَمْرُ بِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهُ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً

» إِلَى آخِرِهِ.

وَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ: شَكَرُوا اللَّهَ، وَسَأَلُوهُ المَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.

وَيُنَادَى: «الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ» .

وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا: إِذْنُ الإِمَامِ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ فِي أَوَّلِ المَطَرِ، وَإِخْرَاجُ رَحْلِهِ وَثِيَابِهِ لِيُصِيبَهَا.

فَإِذَا زَادَتِ المِيَاهُ وَخِيفَ مِنْهَا: سُنَّ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ، وَالآكَامِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} الآيَةَ» .

* * *

ص: 96

‌كِتَابُ الجَنَائِزِ

تُسَنُّ عِيَادَةُ المَرِيضِ، وَتَذْكِيرُهُ التَّوْبَةَ وَالوَصِيَّةَ.

وَإِذَا نُزِلَ بِهِ: سُنَّ تَعَاهُدُ بَلِّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَنَدْيُ شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ، وَتَلْقِينُهُ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» مَرَّةً، فَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ؛ إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ، فَيُعِيدُ تَلْقِينَهُ بِرِفْقٍ، وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ يس، وَيُوَجِّهُهُ لِلْقِبْلَةِ.

فَإِذَا مَاتَ: سُنَّ تَغْمِيضُهُ، وَشَدُّ لَحْيَيْهِ، وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ، وَخَلْعُ ثِيَابِهِ، وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ، وَوَضْعُ حَدِيدَةٍ عَلَى بَطْنِهِ، وَوَضْعُهُ عَلَى سَرِيرِ غَسْلِهِ مُتَوَجِّهًا مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ، وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إِنْ مَاتَ غَيْرَ فَجْأَةٍ، وَإِنْفَاذُ وَصِيَّتِهِ، وَيَجِبُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ.

* * *

ص: 97

‌فَصْلٌ

غَسْلُ المَيِّتِ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ.

وَأَوْلَى النَّاسِ بِغَسْلِهِ: وَصِيُّهُ، ثُمَّ أَبُوهُ، ثُمَّ جَدُّهُ، ثُمَّ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَاتِهِ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ.

وَبِالأُنْثَى: وَصِيَّتُهَا، ثُمَّ القُرْبَى فَالقُرْبَى مِنْ نِسَائِهَا.

وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ: غَسْلُ صَاحِبِهِ، وَكَذَا سَيِّدٌ مَعَ سُرِّيَّتِهِ.

وَلِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ: غَسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ فَقَطْ.

وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسْوَةٍ، أَوْ عَكْسُهُ: يُمِّمَ؛ كَخُنْثَى مُشْكِلٍ.

وَيَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِراً أَوْ يَدْفِنَهُ؛ بَلْ يُوَارَى لِعَدَمٍ.

ص: 98

وَإِذَا أَخَذَ فِي غَسْلِهِ: سَتَرَ عَوْرَتَهُ، وَجَرَّدَهُ، وَسَتَرَهُ عَنِ العُيُونِ.

وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ يُعِينُ فِي غَسْلِهِ حُضُورُهُ.

ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ إِلَى قُرْبِ جُلُوسِهِ، وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ، وَيُكْثِرُ صَبَّ المَاءِ حِينَئِذٍ، ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنَجِّيهِ.

وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَةِ مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ، وَيُسْتَحَبُّ أَلَّا يَمَسَّ سَائِرَهُ إِلَّا بِخِرْقَةٍ.

ثُمَّ يُوَضِّيهِ نَدْباً - وَلَا يُدْخِلُ المَاءَ فِي فِيهِ، وَلَا فِي أَنْفِهِ - وَيُدْخِلُ إِصْبَعَيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِالمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ، فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ، وَفِي مَنْخِرَيْهِ فَيُنَظِّفُهُمَا وَلَا يُدْخِلُهُمَا المَاءَ.

ثُمَّ يَنْوِي غَسْلَهُ، وَيُسَمِّي، وَيَغْسِلُ بِرَغْوَةِ السِّدْرِ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقَطْ.

ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الأَيْمَنَ، ثُمَّ الأَيْسَرَ، ثُمَّ كُلَّهُ ثَلَاثاً، يُمِرُّ

ص: 99

فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَ بِثَلَاثٍ زِيدَ حَتَّى يَنْقَى وَلَوْ جَاوَزَ السَّبْعَ، وَيَجْعَلُ فِي الغَسْلَةِ الأَخِيرَةِ كَافُورًا.

وَالمَاءُ الحَارُّ، وَالأُشْنَانُ، وَالخِلَالُ: يُسْتَعْمَلُ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهِ.

وَيَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَلَا يُسَرِّحُ شَعْرَهُ، ثُمَّ يُنَشَّفُ بِثَوْبٍ.

وَيُضْفَرُ شَعْرُهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَيُسْدَلُ وَرَاءَهَا.

وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ سَبْعٍ: حُشِيَ بِقُطْنٍ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فَبِطِينٍ حُرٍّ، ثُمَّ يُغْسَلُ الْمَحَلُّ وَيُوَضَّأُ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ تَكْفِينِهِ: لَمْ يُعَدِ الغَسْلَ.

وَمُحْرِمٌ مَيِّتٌ كَحَيٍّ - يُغَسَّلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا يُقَرَّبُ طِيباً، وَلَا يُلْبَسُ ذَكَرٌ مَخِيطاً، وَلَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا وَجْهُ أُنْثَى -.

ص: 100

وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدٌ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُباً، وَيُدْفَنُ فِي ثِيَابِهِ بَعْدَ نَزْعِ السِّلَاحِ وَالجُلُودِ عَنْهُ، وَإِنْ سُلِبَهَا: كُفِّنَ بِغَيْرِهَا، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.

وَإِنْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ، أَوْ وُجِدَ مَيِّتاً وَلَا أَثَرَ بِهِ، أَوْ حُمِلَ فَأَكَلَ، أَوْ طَالَ بَقَاؤُهُ: غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.

وَالسِّقْطُ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ: غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.

وَمَنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ: يُمِّمَ.

وَعَلَىَ الغَاسِلِ: سَتْرُ مَا رَآهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَناً.

* * *

ص: 101

‌فَصْلٌ

يَجِبُ كَفَنُهُ فِي مَالِهِ مُقَدَّماً عَلَى دَيْنٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ: فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ إِلَّا الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ.

وَيُسَنُّ تَكْفِينُ رَجُلٍ: فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ، تُجَمَّرُ، ثُمَّ يُبْسَطُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَيُجْعَلُ الحَنُوطُ فِيمَا بَيْنَهَا، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا مُسْتَلْقِيًا، وَيُجْعَلُ مِنْهُ فِي قُطْنٍ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ، وَيُشَدُّ فَوْقَهَا خِرْقَةٌ مَشْقُوقَةُ الطَّرَفِ - كَالتُّبَّانِ - تَجْمَعُ أَلْيَتَيْهِ ومَثَانَتَهُ وَيُجْعَلُ البَاقِي عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ وَمَوَاضِعِ سُجُودِهِ، وَإِنْ طُيِّبَ كُلُّهُ فَحَسَنٌ، ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُ اللِّفَافَةِ العُلْيَا عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، وَيُرَدُّ طَرَفُهَا الآخَرُ فَوْقَهُ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ كَذَلِكَ، وَيُجْعَلُ أَكْثَرُ الفَاضِلِ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ يَعْقِدُهَا، وَتُحَلُّ فِي القَبْرِ.

وَإِنْ كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ: جَازَ.

ص: 102

وَتُكَفَّنُ المَرْأَةُ: فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ - إِزَارٍ، وَخِمَارٍ، وَقَمِيصٍ، وَلِفَافَتَيْنِ -.

وَالوَاجِبُ: ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ.

* * *

ص: 103

‌فَصْلٌ

السُّنَّةُ: أَنْ يَقُومَ الإِمَامُ عِنْدَ صَدْرِهِ، وَعِنْدَ وَسَطِهَا.

وَيُكَبِّرُ أَرْبَعاً: يَقْرَأُ فِي الأُولَى بَعْدَ التَّعَوُّذِ الفَاتِحَةَ.

وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّانِيَةِ - كَالتَّشَهُّدِ -.

وَيَدْعُو فِي الثَّالِثَةِ فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا وَمَثْوَانَا، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالخَطَايَا؛ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ

ص: 104

زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ».

وَإِنْ كَانَ صَغِيراً قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْراً لِوَالِدَيْهِ، وَفَرَطاً، وَأَجْراً، وَشَفِيعاً مُجَاباً، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ المُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الجَحِيمِ» .

وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلاً، وَيُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ.

وَوَاجِبُهَا: قِيَامٌ، وَتَكْبِيرَاتٌ، وَالفَاتِحَةُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَدَعْوَةٌ لِلْمَيِّتِ، وَالسَّلَامُ.

وَمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّكْبِيرِ: قَضَاهُ عَلَى صِفَتِهِ.

وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ: صَلَّى عَلَى القَبْرِ، وَعَلَى غَائِبٍ عَنِ البَلَدِ بِالنِّيَّةِ إِلَى شَهْرٍ.

وَلَا يُصَلِّي الإِمَامُ: عَلَى الغَالِّ، وَلَا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ.

وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ.

* * *

ص: 105

‌فَصْلٌ

يُسْتَحَبُّ التَّرْبِيعُ فِي حَمْلِهِ، وَيُبَاحُ بَيْنَ العَمُودَيْنِ.

وَيُسَنُّ الإِسْرَاعُ بِهَا، وَكَوْنُ المُشَاةِ أَمَامَهَا، وَالرُّكْبَانِ خَلْفَهَا.

وَيُكْرَهُ جُلُوسُ تَابِعِهَا حَتَّى تُوضَعَ.

وَيُسَجَّى قَبْرُ المَرْأَةِ فَقَطْ.

وَاللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنَ الشَّقِّ، وَيَقُولُ مُدْخِلُهُ:«بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» ، وَيَضَعُهُ فِي لَحْدِهِ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ.

وَيُرْفَعُ القَبْرُ عَنِ الأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ مُسَنَّمًا.

وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ، وَالبِنَاءُ، وَالكِتَابَةُ، وَالجُلُوسُ، وَالوَطْءُ عَلَيْهِ، وَالاتِّكَاءُ إِلَيْهِ.

وَيَحْرُمُ فِيهِ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ.

ص: 106

وَلَا تُكْرَهُ القِرَاءَةُ عَلَى القَبْرِ.

وَأَيُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِمَيِّتٍ مُسْلِمٍ أَوْ حَيٍّ: نَفَعَهُ ذَلِكَ.

وَيُسَنُّ أَنْ يُصْلَحَ لِأَهْلِ المَيِّتِ طَعَامٌ يُبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِمْ، وَيُكْرَهُ لَهُمْ فِعْلُهُ لِلنَّاسِ.

* * *

ص: 107

‌فَصْلٌ

تُسَنُّ زِيَارَةُ القُبُورِ؛ إِلَّا لِلنِّسَاءِ.

وَيَقُولُ إِذَا زَارَهَا، أَوْ مَرَّ بِهَا:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، يَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالمُسْتَأْخِرِينَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ» .

وَتُسَنُّ تَعْزِيَةُ المُصَابِ بِالمَيِّتِ.

وَيَجُوزُ البُكَاءُ عَلَى المَيِّتِ.

وَيَحْرُمُ النَّدْبُ، وَالنِّيَاحَةُ، وَشَقُّ الثَّوْبِ، وَلَطْمُ الخَدِّ، وَنَحْوُهُ.

* * *

ص: 108

‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

تَجِبُ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: حُرِّيَّةٌ، وَإِسْلَامٌ، وَمِلْكُ نِصَابٍ، وَاسْتِقْرَارُهُ، وَمُضِيُّ الحَوْلِ فِي غَيْرِ المُعَشَّرِ؛ إِلَّا نِتَاجَ السَّائِمَةِ، وَرِبْحَ التِّجَارَةِ - وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَاباً - فَإِنَّ حَوْلَهُمَا حَوْلُ أَصْلِهِمَا إِنْ كَانَ نِصَاباً، وَإِلَّا فَمِنْ كَمَالِهِ.

وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ، أَوْ حَقٌّ - مِنْ صَدَاقٍ، أَوْ غَيْرِهِ، عَلَى مَلِيءٍ، أَوْ غَيْرِهِ -: أَدَّى زَكَاتَهُ إِذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى.

وَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَنْقُصُ النِّصَابَ - وَلَوْ كَانَ المَالُ ظَاهِراً -، وَكَفَّارَةٌ كَدَيْنٍ.

وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا صِغَاراً: انْعَقَدَ حَوْلُهُ حِينَ مَلَكَهُ.

وَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ فِي بَعْضِ الحَوْلِ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ - لَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ -: انْقَطَعَ الحَوْلُ، وَإِنْ أَبْدَلَهُ بِجِنْسِهِ: بَنَى عَلَى حَوْلِهِ.

ص: 109

وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ المَالِ، وَلَهَا تَعَلُّقٌ بِالذِّمَّةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِهَا: إِمْكَانُ الأَدَاءِ، وَلَا بَقَاءُ المَالِ.

وَالزَّكَاةُ كَالَدَّيْنِ فِي التَّرِكَةِ.

* * *

ص: 110

‌بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ

تَجِبُ فِي إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، إِذَا كَانَتْ سَائِمَةَ الحَوْلِ أَوْ أَكْثَرِهِ.

فَيَجِبُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ: بِنْتُ مَخَاضٍ.

وَفِيمَا دُونَهَا: فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ.

وَفِي سِتٍّ وثَلَاثِينَ: بَنِتُ لَبُونٍ.

وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ: حِقَّةٌ.

وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ: جَذَعَةٌ.

وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ: بِنْتَا لَبُونٍ.

وَفِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ: حِقَّتَانِ.

فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِئَةٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةً: فَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ.

ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ: بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ: حِقَّةٌ.

ص: 111

‌فَصْلٌ

وَيَجِبُ فِي ثَلَاثِينَ مِنَ البَقَرِ: تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ.

وَفِي أَرْبَعِينَ: مُسِنَّةٌ، وَفِي سِتِّينَ: تَبِيعَانِ.

ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ: تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ: مُسِنَّةٌ.

وَيُجْزِئُ الذَّكَرُ هُنَا، وَابْنُ لَبُونٍ مَكَانَ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَإِذَا كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُوراً.

ص: 112

‌فَصْلٌ

وَيَجِبُ فِي أَرْبَعِينَ مِنَ الغَنَمِ: شَاةٌ.

وَفِي مِئَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ: شَاتَانِ.

وَفِي مِئتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ: ثَلَاثُ شِيَاهٍ.

ثُمَّ فِي كُلِّ مِئَةِ شَاةٍ: شَاةٌ.

وَالخُلْطَةُ تُصَيِّرُ المَالَيْنِ؛ كَالوَاحِدِ.

* * *

ص: 113

‌بَابُ زَكَاةِ الحُبُوبِ وَالثِّمَارِ

تَجِبُ فِي الحُبُوبِ كُلِّهَا - وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُوتاً -، وَفِي كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ - كَتَمْرٍ، وَزَبِيبٍ -.

وَيُعْتَبَرُ بُلُوغُ نِصَابٍ قَدْرُهُ: أَلْفٌ وَسِتُّ مِئَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيٍّ.

وَتُضَمُّ ثَمَرَةُ العَامِ الوَاحِدِ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ - لَا جِنْسٌ إِلَى آخَرَ -.

وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ مَمْلُوكاً لَهُ وَقْتَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَلَا تَجِبُ فِيمَا يَكْتَسِبُهُ اللَّقَّاطُ، أَوْ يَأْخُذُهُ بِحَصَادِهِ، وَلَا فِيمَا يَجْتَنِيهِ مِنَ المُبَاحِ - كَالبُطْمِ، وَالزَّعْبَلِ، وَبِزْرِ قَطُونَا - وَلَوْ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ.

* * *

ص: 114

‌فَصْلٌ

يَجِبُ عُشْرٌ: فِيمَا سُقِيَ بِلَا مُؤْنَةٍ، وَنِصْفُهُ: مَعَهَا، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ: بِهِمَا.

فَإِنْ تَفَاوَتَا: فَبِأَكْثَرِهِمَا نَفْعًا، وَمَعَ الجَهْلِ: العُشْرُ.

وَإِذَا اشْتَدَّ الحَبُّ، وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ: وَجَبَتِ الزَّكَاةُ.

وَلَا يَسْتَقِرُّ الوُجُوبُ؛ إِلَّا بِجَعْلِهَا فِي البَيْدَرِ، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ: سَقَطَتْ.

وَيَجِبُ العُشْرُ عَلَى مُسْتَأْجِرِ الأَرْضِ.

وَإِذَا أَخَذَ - مِنْ مُلْكِهِ، أَوْ مَوَاتٍ - مِنَ العَسَلِ مِئَةً وَسِتِّينَ رِطْلاً عِرَاقِيّاً: فَفِيهِ عُشْرُهُ.

وَالرِّكَازُ - مَا وُجِدَ مِنْ دِفْنِ الجَاهِلِيَّةِ -: فِيهِ الخُمُسُ - فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ -.

ص: 115

‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ

يَجِبُ فِي الذَّهَبِ إِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالاً، وَفِي الفِضَّةِ إِذَا بَلَغَتْ مِئَتَيْ دِرْهَمٍ: رُبْعُ العُشْرِ مِنْهُمَا.

وَيُضَمُّ الذَّهَبُ إِلَى الفِضَّةِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ، وَتُضَمُّ قِيمَةُ العُرُوضِ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا.

وَيُبَاحُ لِلذَّكَرِ مِنَ الفِضَّةِ: الخَاتَمُ، وَقَبِيعَةُ السَّيْفِ، وَحِلْيَةُ المِنْطَقَةِ، وَنَحْوُهُ.

وَمِنَ الذَّهَبِ: قَبِيعَةُ السَّيْفِ، وَمَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ - كَأَنْفٍ، وَنَحْوُهُ -.

وَيُبَاحُ لِلنِّسَاءِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ: مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ - وَلَوْ كَثُرَ -.

وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيِّهِمَا المُعَدِّ لِلاسْتِعْمَالِ، أَوِ العَارِيَّةِ.

وَإِنْ أُعِدَّ لِلْكِرَى، أَوِ النَّفَقَةِ، أَوْ كَانَ مُحَرَّماً: فَفِيهِ الزَّكَاةُ.

ص: 116

‌بَابُ زَكَاةِ العُرُوضِ

إِذَا مَلَكَهَا بِفِعْلِهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَاباً: زَكَّى قِيمَتَهَا.

فَإِنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ، أَوْ بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ ثُمَّ نَوَاهَا: لَمْ تَصِرْ لَهَا.

وَتُقَوَّمُ عِنْدَ الحَوْلِ بِالأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ - مِنْ عَيْنٍ، أَوْ وَرِقٍ -، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا اشْتُرِيَتْ بِهِ.

وَإِنِ اشْتَرَى عَرْضاً بِنِصَابٍ - مِنْ أَثْمَانٍ، أَوْ عُرُوضٍ -: بَنَى عَلَى حَوْلِهِ، وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِسَائِمَةٍ: لَمْ يَبْنِ.

* * *

ص: 117

‌بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ

تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَضَلَ لَهُ يَوْمَ العِيدِ وَلَيْلَتَهُ صَاعٌ عَنْ قُوتِهِ، وَقُوتِ عِيَالِهِ، وَحَوَائِجِهِ الأَصْلِيَّةِ.

وَلَا يَمْنَعُهَا الدَّيْنُ؛ إِلَّا بِطَلَبِهِ.

فَيُخْرِجُ عَنْ نَفْسِهِ، وَمُسْلِمٍ يَمُونُهُ - وَلَوْ شَهْرَ رَمَضَانَ - فَإِنْ عَجَزَ عَنِ البَعْضِ: بَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَامْرَأَتِهِ، فَرَقِيقِهِ، فَأُمِّهِ، فَأَبِيهِ، فَوَلَدِهِ، فَأَقْرَبَ فِي مِيرَاثٍ.

وَالعَبْدُ بَيْنَ شُرَكَاءَ: عَلَيْهِمْ صَاعٌ.

وَيُسْتَحَبُّ عَنِ الجَنِينِ، وَلَا تَجِبُ لِنَاشِزٍ.

وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ: أَجْزَأَتْ.

وَتَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الفِطْرِ - فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ، أَوْ مَلَكَ عَبْدًا، أَوْ زَوْجَةً، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ: لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ، وَقَبْلَهُ تَلْزَمُ -.

ص: 118

وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ العِيدِ بِيَوْمَيْنِ فَقَطْ، وَيَوْمَ العِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، وَتُكْرَهُ فِي بَاقِيهِ، وَيَقْضِيهَا بَعْدَ يَوْمِهِ آثِماً.

* * *

ص: 119

‌فَصْلٌ

وَيَجِبُ صَاعٌ مِنْ: بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ دَقِيقِهِمَا، أَوْ سَوِيقِهِمَا، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ، أَوْ أَقِطٍ.

فَإِنْ عَدِمَ الخَمْسَةَ أَجْزَأَ كُلُّ حَبٍّ وَثَمَرٍ يُقْتَاتُ - لَا مَعِيبٍ، وَلَا خُبْزٍ -.

وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الجَمَاعَةَ مَا يَلْزَمُ الوَاحِدَ، وَعَكْسُهُ.

* * *

ص: 120

‌بَابُ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

يَجِبُ عَلَى الفَوْرِ مَعَ إِمْكَانِهِ؛ إِلَّا لِضَرَرٍ، فَإِنْ مَنَعَهَا جَحْداً لِوُجُوبِهَا: كَفَرَ عَارِفٌ بِالحُكْمِ، وَأُخِذَتْ، وَقُتِلَ. أَوْ بُخْلاً: أُخِذَتْ مِنْهُ، وَعُزِّرَ.

وَتَجِبُ فِي مَالِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، فَيُخْرِجُهَا وَلِيُّهُمَا، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا إِلَّا بِنِيَّةٍ.

وَالأَفْضَلُ أَنْ يُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ، وَيَقُولُ عِنْدَ دَفْعِهَا - هُوَ وَآخِذُهَا -: مَا وَرَدَ.

وَالأَفْضَلُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ كُلِّ مَالٍ فِي فُقَرَاءِ بَلَدِهِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إِلَى مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ فَعَلَ: أَجْزَأَتْ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا فُقَرَاءَ فِيهِ، فَيُفَرِّقُهَا فِي أَقْرَبِ البِلَادِ إِلَيْهِ.

فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِي آخَرَ: أَخْرَجَ زَكَاةَ المَالِ فِي بَلَدِهِ، وَفِطْرَتَهُ فِي بَلَدٍ هُوَ فِيهِ.

ص: 121

وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ لِحَوْلَيْنِ فَأَقَلَّ، وَلَا يُسْتَحَبُّ.

ص: 122

‌بَابُ أَهْلِ الزَّكَاةِ

ثَمَانِيَةٌ: الفُقَرَاءُ: وَهُمْ مَنْ لَا يَجِدُونَ شَيْئاً، أَوْ يَجِدُونَ بَعْضَ الكِفَايَةِ.

وَالمَسَاكِينُ: يَجِدُون أكْثَرَهَا، أَوْ نِصْفَهَا.

وَالعَامِلُونَ عَلَيْهَا: وَهُمْ جُبَاتُهَا، وَحُفَّاظُهَا.

الرَّابِعُ: المُؤَلَّفُةُ قُلُوبُهُمْ - مِمَّنْ يُرْجَى إِسْلَامُهُ، أَوْ كَفُّ شَرِّهِ، أَوْ يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ قُوَّةُ إِيمَانِهِ -.

الخَامِسُ: الرِّقَابُ، وَهُمُ: المُكَاتَبُونَ - وَيُفَكُّ مِنْهَا الأَسِيرُ المُسْلِمُ -.

السَّادِسُ: الغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ البَيْنِ - وَلَوْ مَعَ غِنىً، أَوْ لِنَفْسِهِ مَعَ الفَقْرِ -.

السَّابِعُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُمُ: الغُزَاةُ المُتَطَوِّعَةُ - أَيْ: لَا دِيوَانَ لَهُمْ -.

ص: 123

الثَّامِنُ: ابْنُ السَّبِيلِ: المُسَافِرُ المُنْقَطِعُ بِهِ - دُونَ المُنْشِئِ لِلسَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ - فيُعْطَى قَدْرَ مَا يُوصِلُهُ إِلَى بَلَدِهِ.

وَمَنْ كَانَ ذَا عِيَالٍ: أَخَذَ مَا يَكْفِيهِمْ.

وَيَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ.

وَيُسَنُّ إِلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ.

ص: 124

‌فصلٌ

وَلَا تُدْفَعُ إِلَى هَاشِمِيٍّ، وَمُطَّلِبِيٍّ، وَمَوَالِيهِمَا، وَلَا إِلَى فَقِيرَةٍ تَحْتَ غَنِيٍّ مُنْفِقٍ، وَلَا إِلَى فَرْعِهِ وَأَصْلِهِ، وَلَا إِلَى عَبْدٍ، وَزَوْجٍ.

وَإِنْ أَعْطَاهَا لِمَنْ ظَنَّهُ غَيْرَ أَهْلٍ؛ فَبَانَ أَهْلاً، أَوْ بِالعَكْسِ: لَمْ يُجْزِئْهُ؛ إِلَّا غَنِيّاً ظَنَّهُ فَقِيراً.

وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مُسْتَحَبَّةٌ، وَفِي رَمَضَانَ وَأَوْقَاتِ الحَاجَاتِ أَفْضَلُ.

وَتُسَنُّ بِالفَاضِلِ عَنْ كِفَايَتِهِ وَمَنْ يَمُونُهُ، وَيَأْثَمُ بِمَا يَنْقُصُهَا.

* * *

ص: 125

‌كِتَابُ الصِّيَامِ

يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ صَحْوٍ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ: أَصْبَحُوا مُفْطِرِينَ.

وَإِنْ حَالَ دُونَهُ غَيْمٌ، أَوْ قَتَرٌ - فَظَاهِرُ المَذْهَبِ -: يَجِبُ صَوْمُهُ.

وَإِنْ رُئِيَ نَهَارًا: فَهُوَ لِلَّيْلَةِ المُقْبِلَةِ.

وَإِذَا رَآهُ أَهْلُ بَلَدٍ: لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ.

وَيُصَامُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ - وَلَوْ أُنْثَى -، فَإِذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ ثَلَاثِينَ يَوْماً فَلَمْ يُرَ الهِلَالُ، أَوْ صَامُوا لِأَجْلِ غَيْمٍ: لَمْ يُفْطِرُوا.

وَمَنْ رَأَى وَحْدَهُ هِلَالَ رَمَضَانَ وَرُدَّ قَوْلُهُ، أَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ: صَامَ.

وَيَلْزَمُ الصَّوْمُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، مُكَلَّفٍ، قَادِرٍ.

ص: 126

وَإِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ: وَجَبَ الإِمْسَاكُ وَالقَضَاءُ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ صَارَ فِي أَثْنَائِهِ أَهْلاً لِوُجُوبِهِ، وَكَذَا حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ طَهَرَتَا، وَمُسَافِرٌ قَدِمَ مُفْطِراً.

وَمَنْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ: أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً، وَيُسَنُّ لِمَرِيضٍ يَضُرُّهُ، وَلِمُسَافِرٍ يَقْصُرُ.

وَإِنْ نَوَى حَاضِرٌ صَوْمَ يَوْمٍ، ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ: فَلَهُ الفِطْرُ.

وَإِنْ أَفْطَرَتْ حَامِلٌ، أَوْ مُرْضِعٌ خَوْفاً عَلَى أَنْفُسِهِمَا: قَضَتَاهُ فَقَطْ، وَعَلَى وَلَدَيْهِمَا: قَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً.

وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ وَلَمْ يُفِقْ جُزْءاً مِنْهُ: لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ - لَا إِنْ نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ - وَيَلْزَمُ المُغْمَى عَلَيْهِ: القَضَاءُ فَقَطْ.

وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ مِنَ اللَّيْلِ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ وَاجِبٍ، لَا نِيَّةُ الفَرِيضَةِ.

ص: 127

وَيَصِحُّ النَّفْلُ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ.

وَلَوْ نَوَى إِنْ كَانَ غَداً مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِي: لَمْ يُجْزِئْهُ.

وَمَنْ نَوَى الإِفْطَارَ: أَفْطَرَ.

* * *

ص: 128

‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَيُوجِبُ الكَفَّارَةَ

مَنْ أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ، أَوِ اسْتَعَطَ، أَوِ احْتَقَنَ، أَوِ اكْتَحَلَ بِمَا يَصِلُ إِلَى حَلْقِهِ، أَوْ أَدْخَلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ غَيْرَ إِحْلِيلِهِ، أَوِ اسْتَقَاءَ، أَوِ اسْتَمْنَى، أَوْ بَاشَرَ فَأَمْنَى، أَوْ أَمْذَى، أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ، أَوْ حَجَمَ أَوِ احْتَجَمَ وَظَهَرَ دَمٌ، عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ: فَسَدَ.

لَا نَاسِياً، أَوْ مُكْرَهاً، أَوْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ، أَوْ غُبَارٌ، أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ، أَوِ احْتَلَمَ، أَوْ أَصْبَحَ فِي فِيهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ، أَوِ اغْتَسَلَ، أَوْ تَمَضْمَضَ، أَوِ اسْتَنْشَقَ، أَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، أَوْ بَالَغَ فَدَخَلَ المَاءُ حَلْقَهُ: لَمْ يَفْسُدْ.

وَمَنْ أَكَلَ شَاكّاً فِي طُلُوعِ الفَجْرِ: صَحَّ صَوْمُهُ، لَا إِنْ أَكَلَ شَاكّاً فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ، أَوْ مُعْتَقِداً أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَاراً.

* * *

ص: 129

‌فَصْلٌ

وَمَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ: فَعَلَيْهِ القَضَاءُ، وَالكَفَّارَةُ.

وَإِنْ جَامَعَ دُونَ الفَرْجِ فَأَنْزَلَ، أَوْ كَانَتِ المَرْأَةُ مَعْذُورَةً، أَوْ جَامَعَ مَنْ كَانَ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ: أَفْطَرَ، وَلَا كَفَّارَةَ.

وَإِنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ، أَوْ كَرَّرَهُ فِي يَوْمٍ وَلَمْ يُكَفِّرْ: فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي الأُولَى اثْنَتَانِ.

وَإِنْ جَامَعَ ثُمَّ كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ فِي يَوْمٍ: فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَزِمَهُ الإِمْسَاكُ إِذَا جَامَعَ.

وَإِنْ جَامَعَ وَهُوَ مُعَافىً، ثُمَّ مَرِضَ، أَوْ جُنَّ، أَوْ سَافَرَ: لَمْ تَسْقُطْ.

وَلَا تَجِبُ الكَفَّارَةُ بِغَيْرِ الجِمَاعِ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ.

ص: 130

وَهِيَ: عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ: فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ: فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ: سَقَطَتْ.

* * *

ص: 131

‌بَابُ مَا يُكْرَهُ، وَمَا يُسْتَحَبُّ،

وَحُكْمُ القَضَاءِ

يُكْرَهُ جَمْعُ رِيقِهِ فَيَبْتَلِعَهُ.

وَيَحْرُمُ بَلْعُ النُّخَامَةِ، وَيُفْطِرُ بِهَا فَقَطْ إِنْ وَصَلَتْ إِلَى فَمِهِ.

وَيُكْرَهُ ذَوَقُ طَعَامٍ، وَمَضْغُ عِلْكٍ قَوِيٍّ، وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُمَا فِي حَلْقِهِ: أَفْطَرَ.

وَيَحْرُمُ العِلْكُ المُتَحَلِّلُ إِنْ بَلَعَ رِيقَهُ.

وَتُكْرَهُ القُبْلَةُ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ.

وَيَجِبُ اجْتِنَابُ كَذِبٍ، وَغِيبَةٍ، وَشَتْمٍ.

وَسُنَّ لِمَنْ شُتِمَ؛ قَوْلُهُ: «إِنِّي صَائِمٌ» ، وَتَأْخِيرُ سُحُورٍ، وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ عَلَى رُطَبٍ، فَإِنْ عَدِمَ فَتَمْرٌ، فَإِنْ عَدِمَ فَمَاءٌ، وَقَوْلُ مَا وَرَدَ.

ص: 132

وَيُسْتَحَبُّ القَضَاءُ مُتَتَابِعًا، وَلَا يَجُوزُ إِلَى رَمَضَانٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ فَعَلَ: فَعَلَيْهِ مَعَ القَضَاءِ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ - وَإِنْ مَاتَ وَلَوْ بَعْدَ رَمَضَانٍ آخَرَ -.

وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، أَوْ حَجٌّ، أَوِ اعْتِكَافٌ، أَوْ صَلَاةٌ بِنَذْرٍ: اسْتُحِبَّ لِوَلِيِّهِ قَضَاؤُهُ.

* * *

ص: 133

‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

يُسَنُّ صِيَامُ أَيَّامِ البِيضِ، وَالِاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، وَشَهْرِ المُحَرَّمِ - وَآكَدُهُ: العَاشِرُ، ثُمَّ التَّاسِعُ -، وَتِسْعِ ذِي الحِجَّةِ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ بِهَا.

وَأَفْضَلُهُ: صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ.

وَيُكْرَهُ إِفْرَادُ رَجَبٍ، وَالجُمُعَةِ، وَالسَّبْتِ، وَالشَّكِّ، وَعِيدِ الْكُفَّارِ: بِصَوْمٍ.

وَيَحْرُمُ صَوْمُ العِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ - وَلَوْ فِي فَرْضٍ - إِلَّا عَنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ.

وَمَنْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ مُوَسَّعٍ: حَرُمَ قَطْعُهُ، وَلَا يَلْزَمُ فِي النَّفْلِ، وَلَا قَضَاءُ فَاسِدِهِ؛ إِلَّا الحَجَّ.

وَتُرْجَى لَيْلَةُ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأَخِيرِ، وَأَوْتَارُهُ آكَدُ، وَلَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَبْلَغُ، وَيَدْعُو فِيهَا بِمَا وَرَدَ.

ص: 134

‌بَابُ الاعْتِكَافِ

لُزُومُ مَسْجِدٍ لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى: مَسْنُونٌ، وَيَصِحُّ بِلَا صَوْمٍ، وَيَلْزَمَانِ بِالنَّذْرِ.

وَلَا يَصِحُّ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ يُجَمَعُ فِيهِ؛ إِلَّا المَرْأَةُ فَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ سِوَى مَسْجِدِ بَيْتِهَا.

وَمَنْ نَذَرَهُ، أَوِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ - وَأَفْضَلُهَا: الحَرَامُ، فَمَسْجِدُ المَدِينَةِ، فَالأَقْصَى-: لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِ، وَإِنْ عَيَّنَ الأَفْضَلَ: لَمْ يُجْزِ فِيمَا دُونَهُ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ.

وَمَنْ نَذَرَ زَمَاناً مُعَيَّناً: دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ لَيْلَتِهِ الأُولَى، وَخَرَجَ بَعْدَ آخِرِهِ.

وَلَا يَخْرُجُ المُعْتَكِفُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدُ جَنَازَةً إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ.

وَإِنْ وَطِئَ فِي فَرْجٍ: فَسَدَ اعْتِكَافُهُ.

وَيُسْتَحَبُّ اشْتِغَالُهُ بِالقُرَبِ، وَاجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ.

ص: 135

‌كِتَابُ المَنَاسِكِ

الحَجُّ وَالعُمْرَةُ: وَاجِبَانِ عَلَى المُسْلِمِ، الحُرِّ، المُكَلَّفِ، القَادِرِ، فِي عُمُرِهِ مَرَّةً، عَلَى الفَوْرِ.

فَإِنْ زَالَ الرِّقُّ وَالجُنُونُ وَالصِّبَا فِي الحَجِّ بِعَرَفَةَ، وَفِي العُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا: صَحَّ فَرْضًا، وَفِعْلُهُمَا مِنَ الصَّبِيِّ وَالعَبْدِ: نَفْلًا.

وَالقَادِرُ: مَنَ أَمْكَنَهُ الرُّكُوبُ، وَوَجَدَ زَاداً ومَرْكُوباً صَالِحَيْنِ لِمِثْلِهِ، بَعْدَ قَضَاءِ الوَاجِبَاتِ وَالنَّفَقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالحَوَائِجِ الأَصْلِيَّةِ.

وَإِنْ أَعْجَزَهُ كِبَرٌ، أَوْ مَرَضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ وَجَبَا، وَيُجْزِئُ عَنْهُ - وَإِنْ عُوفِيَ - بَعْدَ الإِحْرَامِ.

وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ عَلَى المَرْأَةِ: وَجُودُ مَحْرَمِهَا - وَهُوَ: زَوْجُهَا، أَوْ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ، أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ -.

وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَزِمَاهُ: أُخْرِجَا مِنْ تَرِكَتِهِ.

ص: 136

‌بَابُ المَوَاقِيتِ

وَمِيقَاتُ أَهْلِ المَدِينَةِ: ذُو الحُلَيْفَةِ، وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالمَغْرِبِ: الجُحْفَةُ، وَأَهْلِ اليَمَنِ: يَلَمْلَمُ، وَأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنٌ، وَأَهْلِ المَشْرِقِ: ذَاتُ عِرْقٍ.

وَهِيَ لِأَهْلِهَا، وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ.

وَمَنَ حَجَّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: فَمِنْهَا، وَعُمْرَتُهُ: مِنَ الحِلِّ.

وَأَشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحِجَّةِ.

* * *

ص: 137

‌بَابٌ

الإِحْرَامُ: نِيَّةُ النُّسُكِ.

سُنَّ لِمُرِيدِهِ: غُسْلٌ، أَوْ تَيَمُّمٌ لِعَدَمٍ، وَتَنَظُّفٌ، وَتَطَيُّبٌ، وَتَجَرُّدٌ عَنْ مَخِيطٍ، فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ، وَإِحْرَامٌ عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ.

وَنِيَّتُهُ: شَرْطٌ.

وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لِي، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» .

وَأَفْضَلُ الأَنْسَاكِ: التَّمَتُّعُ.

وَصِفَتُهُ: أَنْ يُحْرِمَ بِالعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ، وَيَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يُحْرِمَ بِالحَجِّ فِي عَامِهِ، وَعَلَى الأُفُقِيِّ دَمٌ.

وَإِنْ حَاضَتِ المَرْأَةُ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الحَجِّ: أَحْرَمَتْ بِهِ، وَصَارَتْ قَارِنَةً.

ص: 138

وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» - يُصَوِّتُ بِهَا الرَّجُلُ، وَتُخْفِيهَا المَرْأَةُ -.

ص: 139

‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ

وَهِيَ تِسْعَةٌ:

حَلْقُ الشَّعْرِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ - فَمَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً: فَعَلَيْهِ دَمٌ-

وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلَاصِقٍ: فَدَى.

وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخِيطاً: فَدَى.

وَإِنْ طَيَّبَ بَدَنَهُ، أَوْ ثَوْبَهُ، أَوِ ادَّهَنَ بِمُطَيَّبٍ، أَوْ شَمَّ طِيباً، أو تَبَخَّرَ بِعُودٍ وَنَحْوِهِ: فَدَى.

وَإِنْ قَتَلَ صَيْداً مَأْكُولاً، بَرِّيّاً أَصْلاً - وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ - أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ: فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ - وَلَا يَحْرُمُ حَيَوَانٌ إِنْسِيٌّ، وَلَا صَيْدُ البَحْرِ، وَلَا قَتْلُ مُحَرَّمِ الأَكْلِ وَالصَّائِلِ -.

وَيَحْرُمُ عَقْدُ نِكَاحٍ، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا فِدْيَةَ، وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ.

ص: 140

وَإِنْ جَامَعَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ: فَسَدَ نُسُكُهُمَا، وَيَمْضِيَانِ فِيهِ، ويَقْضِيَانِهِ ثَانِيَ عَامٍ.

وَتَحْرُمُ المُبَاشَرَةُ، فَإِنْ فَعَلَ فأَنْزَلَ: لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، لَكِنْ يُحْرِمُ مِنَ الحِلِّ لِطَوَافِ الفَرْضِ.

وَإِحْرَامُ المَرْأةِ كَالرَّجُلِ إِلَّا فِي اللِّبَاسِ، وَتَجْتَنِبُ البُرْقُعَ، والقُفَّازَيْنِ، وَتَغْطِيَةَ وَجْهِهَا، وَيُبَاحُ لَهَا التَّحَلِّي.

* * *

ص: 141

‌بَابُ الفِدْيَةِ

يُخَيَّرُ بِفِدْيَةِ حَلْقٍ، وَتَقْلِيمٍ، وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ، وَطِيبٍ: بَيْنَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ - لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ -، أَوْ ذَبْحِ شَاةٍ.

وَبِجَزَاءِ صَيْدٍ: بَيْنَ مِثْلٍ إِنْ كَانَ، أَوْ تَقْوِيمِهِ بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا طَعَاماً - فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدّاً، أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْماً -، وَبِمَا لَا مِثْلَ لَهُ بَيْنَ: إِطْعَامٍ وَصِيَامٍ.

وَأَمَّا دَمُ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ: فَيَجِبُ الهَدْيُ، فَإِنْ عَدِمَهُ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ - وَالأَفْضَلُ: كَوْنُ آخِرِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ - وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ.

وَالمُحْصَرُ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْياً: صَامَ عَشَرَةً، ثُمَّ حَلَّ.

وَيَجِبُ بِوَطْءٍ فِي فَرْجٍ فِي الحَجِّ: بَدَنَةٌ، وَفِي العُمْرَةِ: شَاةٌ، وَإِنْ طَاوَعَتْهُ زَوْجَةٌ: لَزِمَاهَا.

* * *

ص: 142

‌فَصْلٌ

وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُوراً مِنْ جِنْسٍ وَلَمْ يَفْدِ: فَدَى مَرَّةً، بِخِلَافِ صَيْدٍ.

وَمَنْ فَعَلَ مَحْظُوراً مِنْ أَجْنَاسٍ: فَدَى لِكُلِّ مَرَّةٍ، رَفَضَ إِحْرَامَهُ أَوْ لَا.

وَيَسْقُطُ بِنِسْيَانٍ: فِدْيَةُ لُبْسٍ، وَطِيبٍ، وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ - دُونَ وَطْءٍ، وَصَيْدٍ، وَتَقْلِيمٍ، وَحِلَاقٍ -.

وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إِطْعَامٍ: فلِمَسَاكِينِ الحَرَمِ.

وَفِدْيَةُ الأَذَى، وَاللُّبْسِ، وَنَحْوِهِمَا، وَدَمُ الإِحْصَارِ: حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهُ.

وَيُجْزِئُ الصَّوْمُ بِكُلِّ مَكَانٍ.

وَالدَّمُ: شَاةٌ، أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ، وَتُجْزِئُ عَنْهَا بَقَرَةٌ.

* * *

ص: 143

‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

فِي النَّعَامَةِ: بَدَنَةٌ.

وَحِمَارِ الوَحْشِ، وَبَقَرَتِهِ، وَالإِيَّلِ، وَالثَّيْتَلِ، وَالوَعْلِ: بَقَرَةٌ.

وَالضَّبْعِ: كَبْشٌ.

وَالغَزَالِ: عَنْزٌ.

وَالوَبْرِ، وَالضَّبِّ: جَدْيٌ.

وَاليَرْبُوعِ: جَفْرَةٌ.

وَالأَرْنَبِ: عَنَاقٌ.

وَالحَمَامَةِ: شَاةٌ.

* * *

ص: 144

‌بَابُ صَيْدِ الحَرَمِ

يَحْرُمُ صَيْدُهُ عَلَى المُحْرِمِ وَالحَلَالِ، وَحُكْمُ صَيْدِهِ كَصَيْدِ المُحْرِمِ.

وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ، وَحَشِيشِهِ الأَخْضَرَيْنِ؛ إِلَّا الإِذْخِرَ.

وَيَحْرُمُ صَيْدُ المَدِينَةِ وَلَا جَزَاءَ.

وَيُبَاحُ الحَشِيشُ لِلْعَلَفِ، وَآلَةِ الحَرْثِ وَنَحْوِهِ.

وَحَرَمُهَا: مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ.

ص: 145

‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

يُسَنُّ مِنْ أَعْلَاهَا، وَالمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ.

فَإِذَا رَأَى البَيْتَ: رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ مَا وَرَدَ، ثُمَّ يَطُوفُ مُضْطَبِعاً، يَبْتَدِئُ المُعْتَمِرُ بِطَوَافِ العُمْرَةِ، وَالقَارِنُ وَالمُفْرِدُ لِلْقُدُومِ، فَيُحَاذِي الحَجَرَ الأَسْوَدَ بِكُلِّهِ، وَيَسْتَلِمُهُ، وَيُقَبِّلُهُ، فَإِنْ شَقَّ قَبَّلَ يَدَهُ، فَإِنْ شَقَّ اللَّمْسُ أَشَارَ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ مَا وَرَدَ، وَيَجْعَلُ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَيَطُوفُ سَبْعاً، يَرْمُلُ الأُفُقِيُّ فِي هَذَا الطَّوَافِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعًا يَسْتَلِمُ الحَجَرَ وَالرُّكْنَ اليَمَانِيَّ كُلَّ مَرَّةٍ.

- وَمَنْ تَرَكَ شَيْئاً مِنَ الطَّوَافِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، أَوْ نَكَّسَهُ، أَوْ طَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ أَوْ جِدَارِ الحِجْرِ، أَوْ عُرْيَاناً، أَوْ نَجِساً: لَمْ يَصِحَّ -.

ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ المَقَامِ.

* * *

ص: 146

‌فَصْلٌ

ثُمَّ يَسْتَلِمُ الحَجَرَ، ويَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا مِنْ بَابِهِ، فَيَرْقَاهُ حَتَّى يَرَى البَيْتَ، ويُكَبِّرُ ثَلَاثاً ويَقُولُ مَا وَرَدَ، ثُمَّ يَنْزِلُ مَاشِياً إِلَى العَلَمِ الأَوَّلِ، ثُمَّ يَسْعَى شَدِيداً إِلَى الآخَرِ، ثُمَّ يَمْشِي وَيَرْقَى المَرْوَةَ ويَقُولُ مَا قَالَهُ عَلَى الصَّفَا، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ إِلَى الصَّفَا، يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعًا - ذَهَابُهُ سَعْيَةٌ، ورُجُوعُهُ سَعْيَةٌ - فَإِنْ بَدَأَ بالمَرْوَةِ: سَقَطَ الشَّوْطُ الأَوَّلُ.

وتُسَنُّ فِيهِ الطَّهَارَةُ، والسِّتَارَةُ، والمُوَالَاةُ.

ثُمَّ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعاً لَا هَدْيَ مَعَهُ: قَصَّرَ مِنْ شَعْرِه وتَحَلَّلَ، وَإِلَّا حَلَّ إِذَا حَجَّ.

والمُتَمَتِّعُ إِذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ: قَطَعَ التَّلْبِيَةَ.

* * *

ص: 147

‌بَابُ صِفَةِ الحَجِّ، وَالعُمْرَةِ

يُسَنُّ لِلْمُحِلِّينَ بِمَكَّةَ: الإِحْرَامُ بِالحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْهَا، وَيُجْزِئُ مِنْ بَقِيَّةِ الحَرَمِ، وَيَبِيتُ بِمِنىً.

فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ: سَارَ إِلَى عَرَفَةَ - وَكُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ -.

وَيُسَنُّ أَنْ يَجْمَعَ بِهَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَيَقِفَ رَاكِباً عِنْدَ الصَّخَرَاتِ وَجَبَلِ الرَّحْمَةِ، وَيُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ وَمِمَّا وَرَدَ فِيهِ.

وَمَنْ وَقَفَ - وَلَوْ لَحْظَةً - مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ أَهْلٌ لَهُ: صَحَّ حَجُّهُ، وَإِلَّا فَلَا.

وَمَنْ وَقَفَ نَهَاراً وَدَفَعَ قَبْلَ الغُرُوبِ، وَلَمْ يَعُدْ قَبْلَهُ: فَعَلَيْهِ دَمٌ.

وَمَنْ وَقَفَ لَيْلاً فَقَطْ: فَلَا.

ص: 148

ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ الغُرُوبِ إِلَى مُزْدَلِفَةَ بِسَكِينَةٍ - يُسْرِعُ فِي الفَجْوَةِ -، وَيَجْمَعُ بِهَا بَيْنَ العِشَاءَيْنِ، وَيَبِيتُ بِهَا.

وَلَهُ الدَّفْعُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَقَبْلَهُ فِيهِ دَمٌ - كَوُصُولِهِ إِلَيْهَا بَعْدَ الفَجْرِ، لَا قَبْلَهُ -.

فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ: أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ فَرَقَاهُ، أَوْ يَقِفُ عِنْدَهُ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ ويُكَبِّرُهُ، وَيَقْرَأُ:{فإذا أفضتم من عرفات} الآيَتَيْنِ، وَيَدْعُو حَتَّى يُسْفِرَ.

فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا: أَسْرَعَ رَمْيَةَ حَجَرٍ، وَأَخَذَ الحَصَا، وَعَدَدُهُ: سَبْعُونَ - بَيْنَ الحِمِّصِ وَالبُنْدُقِ -.

فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مِنىً - وَهِيَ مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إِلَى جَمْرَةِ العَقَبَةِ -: رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مُتَعَاقِبَاتٍ، يَرَفْعُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطِهِ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.

وَلَا يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِغَيْرِهَا، وَلَا بِهَا ثَانِيًا، وَلَا يَقِفُ، وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ قَبْلَهَا، وَيَرْمِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُجْزِئُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.

ص: 149

ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْياً - إِنْ كَانَ مَعَهُ -، وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ، وَتُقَصِّرُ مِنْهُ المَرْأَةُ أَنْمُلَةً.

ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ؛ إِلَّا النِّسَاءَ.

وَالحِلَاقُ وَالتَّقْصِيرُ: نُسُكٌ، لَا يَلْزَمُ بِتَأْخِيرِهِ دَمٌ، وَلَا بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الرَّمْيِ وَالنَّحْرِ.

ص: 150

‌فَصْلٌ

ثُمَّ يُفِيضُ إِلَى مَكَّةَ، وَيَطُوفُ القَارِنُ وَالمُفْرِدُ بِنِيَّةِ الفَرِيضَةِ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَأَوَّلُ وَقْتِهِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَيُسَنُّ فِي يَوْمِهِ، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ.

ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ - إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعاً، أَوْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ سَعَى مَعَ طَوَافِ القُدُومِ -.

ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ.

ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ لِمَا أَحَبَّ، وَيَتَضَلَّعُ مِنْهُ، وَيَدْعُو بِمَا وَرَدَ.

ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَبِيتُ بِمِنًى ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَيَرْمِي الجَمْرَةَ الأُولَى - وَتَلِي مَسْجِدَ الخَيْفِ - سَبْعَ حَصَيَاتٍ - وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ، وَيَتَأَخَّرُ قَلِيلاً، وَيَدْعُو طَوِيلاً -، ثُمَّ الوُسْطَى مِثْلَهَا، ثُمَّ جَمْرَةَ العَقَبَةِ - وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَسْتَبْطِنُ الوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا -.

ص: 151

يَفْعَلُ هَذَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ، مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، مُرَتِّباً.

وَإِنْ رَمَاهُ كُلَّهُ فِي الثَّالِثِ: أَجْزَأَهُ، وَيُرَتِّبُهُ بِنِيَّتِهِ.

فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَبِتْ بِهَا: فَعَلَيْهِ دَمٌ.

وَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ: خَرَجَ قَبْلَ الغُرُوبِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ المَبِيتُ وَالرَّمْيُ مِنَ الغَدِ.

فَإِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ: لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ، فَإِنْ أَقَامَ أَوِ اتَّجَرَ بَعْدَهُ: أَعَادَهُ.

وَإِنْ تَرَكَهُ غَيْرُ حَائِضٍ: رَجَعَ إِلَيْهِ، فَإِنْ شَقَّ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ: فَعَلَيْهِ دَمٌ.

وَإِنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ فَطَافَهُ عِنْدَ الخُرُوجِ: أَجْزَأَ عَنِ الوَدَاعِ.

وَيَقِفُ غَيْرُ الحَائِضِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالبَابِ دَاعِيًا بِمَا وَرَدَ، وَتَقِفُ الحَائِضُ بِبَابِهِ، وَتَدْعُو بِالدُّعَاءِ.

ص: 152

وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ.

وَصِفَةُ العُمْرَةِ: أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ المِيقَاتِ، أَوْ مِنْ أَدْنَى الحِلِّ مِنْ مَكِّيٍّ وَنَحْوِهِ - لَا مِنَ الحَرَمِ -.

فَإِذَا طَافَ، وَسَعَى، وَقَصَّرَ: حَلَّ.

وَتُبَاحُ كُلَّ وَقْتٍ، وَتُجْزِئُ عَنِ الفَرْضِ.

وَأَرْكَانُ الحَجِّ: الإِحْرَامُ، وَالوُقُوفُ، وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ، وَالسَّعْيُ.

وَوَاجِبَاتُهُ: الإِحْرَامُ مِنَ المِيقَاتِ المُعْتَبَرِ لَهُ، وَالوُقُوفُ بِعَرَفَةَ إِلَى الغُرُوبِ، وَالمَبِيتُ - لِغَيْرِ أَهْلِ السِّقَايَةِ وَالرِّعَايَةِ - بِمِنىً وَمُزْدَلِفَةَ إِلَى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَالرَّمْيُ، وَالحِلَاقُ، وَالوَدَاعُ.

وَالبَاقِي: سُنَنٌ.

وَأَرْكَانُ العُمْرَةِ: إِحْرَامٌ، وَطَوَافٌ، وَسَعْيٌ.

وَوَاجِبَاتُهَا: الحِلَاقُ، وَالإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهَا.

ص: 153

فَمَنْ تَرَكَ الإِحْرَامَ: لَمْ يَنْعَقِدْ نُسُكُهُ.

وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا غَيْرَهُ أَوْ نِيَّتَهُ: لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ إِلَّا بِهِ.

وَمَنْ تَرَكَ وَاجِباً: فَعَلَيْهِ دَمٌ؛ أَوْ سُنَّةً: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

* * *

ص: 154

‌بَابُ الفَوَاتِ وَالإِحْصَارِ

مَنْ فَاتَهُ الوُقُوفُ: فَاتَهُ الحَجُّ، وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، وَيَقْضِي، وَيُهْدِي إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ.

وَمَنْ صَدَّهُ عَدُوٌّ عَنِ البَيْتِ: أَهْدَى ثُمَّ حَلَّ، فَإِنْ فَقْدَهُ: صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ حَلَّ.

وَإِنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ: تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ.

وَإِنْ حَصَرَهُ مَرَضٌ، أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ: بَقِيَ مُحْرِماً إِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ.

* * *

ص: 155

‌بَابُ الهَدْيِ وَالأُضْحِيَةِ

أَفْضَلُهُمَا: إِبِلٌ، ثُمَّ بَقَرٌ، ثُمَّ غَنَمٌ - وَلَا يُجْزِئُ فِيهَا إِلَّا جَذَعُ ضَأْنٍ، وَثَنِيٌّ سِوَاهُ -.

فَالإِبِلُ: خَمْسٌ، وَلِبَقَرٍ: سَنَتَانِ، وَلِمَعْزٍ: سَنَةٌ، وَلِضَأْنٍ: نِصْفُهَا.

وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ، وَالبَدَنَةُ وَالبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ.

وَلَا تُجْزِئُ العَوْرَاءُ، وَالعَجْفَاءُ، وَالعَرْجَاءُ، وَالهَتْمَاءُ، وَالجَدَّاءُ، وَالمَرِيضَةُ، وَالعَضَبَاءُ.

بَلِ البَتْرَاءُ خِلْقَةً، وَالجَمَّاءُ، وَالخَصِيُّ غَيْرُ المَجْبُوبِ، وَمَا بِأُذُنِهِ أَوْ قَرْنِهِ قَطْعٌ أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ.

وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الإِبِلِ قَائِمَةً، مَعْقُولَةً يَدُهَا اليُسْرَى، فَيَطْعَنُهَا بِالحَرْبَةِ فِي الوَهْدَةِ الَّتِي بَيْنَ أَصْلِ العُنُقِ وَالصَّدْرِ، وَيُذْبَحُ غَيْرُهَا، وَيَجُوزُ عَكْسُهَا، وَيَقُولُ:

ص: 156

«بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكَبْرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ» ، وَيَتَوَلَّاهَا صَاحِبُهُا، أَوْ يُوَكِّلُ مُسْلِماً وَيَشْهَدُهَا.

وَوَقْتُ الذَّبْحِ: بَعْدَ صَلَاةِ العِيدِ أَوْ قَدْرِهِ، وَيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ، وَيُكْرَهُ فِي لَيْلَتَيْهِمَا، فَإِنْ فَاتَ: قَضَى وَاجِبَهُ.

* * *

ص: 157

‌فَصْلٌ

وَيَتَعَيَّنَانِ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْيٌ أَوْ أُضْحِيَةٌ، لَا بِالنِّيَّةِ.

وَإِذَا تَعَيَّنَتْ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، وَلَا هِبَتُهَا؛ إِلَّا أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا.

وَيَجُزُّ صُوفَهَا وَنَحْوَهُ إِنْ كَانَ أَنْفَعَ لَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ.

وَلَا يُعْطِي جَازِرَهَا أُجْرَتَهُ مِنْهَا، وَلَا يَبِيعُ جِلْدَهَا وَلَا شَيْئاً مِنْهَا؛ بَلْ يَنْتَفِعُ بِهِ.

وَإِنْ تَعَيَّبَتْ: ذَبَحَهَا وَأَجْزَأَتْهُ؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ التَّعْيِينِ.

وَالأُضْحِيَةُ: سُنَّةٌ، وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا.

وَيُسَنُّ أَنْ يَأْكُلَ، وَيُهْدِيَ، وَيَتَصَدَّقَ - أَثْلَاثاً -، وَإِنْ أَكَلَهَا إِلَّا أُوقِيَّةً تَصَدَّقَ بِهَا: جَازَ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا.

وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَنْ يَأْخُذَ فِي العَشْرِ مِنْ شَعْرِهِ، أَو بَشَرَتِهِ شَيْئاً.

ص: 158

‌فَصْلٌ

تُسَنُّ العَقِيقَةُ: عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ.

تُذْبَحُ يَوْمَ سَابِعِهِ، فَإِنْ فَاتَ: فَفِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ فَاتَ: فَفِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ.

وتُنْزَعُ جُدُولاً، وَلَا يُكْسَرُ عَظْمُهَا.

وَحُكْمُهَا: كَالأُضْحِيَةِ؛ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا شِرْكٌ فِي دَمٍ.

وَلَا تُسَنُّ الفَرَعَةُ، وَلَا العَتِيرَةُ.

* * *

ص: 159

‌كِتَابُ الجِهَادِ

وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ.

وَيَجِبُ إِذَا حَضَرَهُ، أَوْ حَصَرَ بَلَدَهُ عَدُوٌّ، أَوِ اسْتَنْفَرَهُ الإِمَامُ.

وَتَمَامُ الرِّبَاطِ: أَرْبَعُونَ لَيْلَةً.

وَإِذَا كَانَ أَبَوَاهُ مُسْلِمَيْنِ: لَمْ يُجَاهِدْ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِمَا.

وَيَتَفَقَّدُ الإِمَامُ جَيْشَهُ عِنْدَ المَسِيرِ، وَيَمْنَعُ المُخَذِّلَ وَالمُرْجِفَةَ.

وَلَهُ أَنْ يُنَفِّلَ فِي بِدَايَتِهِ: الرُّبُعَ بَعْدَ الخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ: الثُّلُثَ بَعْدَهُ.

وَيَلْزَمُ الجَيْشَ: طَاعَتُهُ، وَالصَّبْرُ مَعَهُ.

وَلَا يَجُوزُ الغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ إِلَّا أَنْ يَفْجَأَهُمْ عَدُوٌّ يَخَافُونَ كَلَبَهُ.

ص: 160

وَتُمْلَكُ الغَنِيمَةُ بِالاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فِي دَارِ الحَرْبِ - وَهِيَ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ مِنْ أَهْلِ القِتَالِ - فَيُخْرَجُ الخُمُسُ، ثُمَّ يُقْسَمُ بَاقِي الغَنِيمَةِ: لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ - سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ -.

وَيُشَارِكُ الجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ.

وَالغَالُّ مِنَ الغَنِيمَةِ: يُحَرَّقُ رَحْلُهُ كُلُّهُ؛ إِلَّا السِّلَاحَ، وَالمُصْحَفَ، وَمَا فِيهِ رُوحٌ.

وَإِذَا غَنِمُوا أَرْضاً فَتَحُوهَا بِالسَّيْفِ: خُيِّرَ الإِمَامُ بَيْنَ قَسْمِهَا، وَوَقْفِهَا عَلَى المُسْلِمِينَ - وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجاً مُسْتَمِرّاً، يُؤْخَذُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ -.

وَالمَرْجِعُ فِي الخَرَاجِ وَالجِزْيَةِ: إِلَى اجْتِهَادِ الإِمَامِ.

وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِهِ: أُجْبِرَ عَلَى إِجَارَتِهَا، أَوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا - وَيَجْرِي فِيهَا المِيرَاثُ -.

ص: 161

وَمَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِغَيْرِ قِتَالٍ - كَجِزْيَةٍ، وَخَرَاجٍ، وَعُشْرٍ، وَمَا تَرَكُوهُ فَزَعاً، وَخُمُسِ خُمُسِ الغَنِيمَةِ - فَفَيْءٌ، يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ المُسْلِمِينَ.

ص: 162

‌بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَحْكَامِهَا

لَا يُعْقَدُ لِغَيْرِ المَجُوسِ، وَأَهْلِ الكِتَابَيْنِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ.

وَلَا يَعْقِدُهَا إِلَّا إِمَامٌ، أَوْ نَائِبُهُ.

وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا فَقِيرٍ يَعْجِزُ عَنْهَا.

وَمَنْ صَارَ أَهْلًا لَهَا: أُخِذَتْ مِنْهُ فِي آخِرِ الحَوْلِ.

وَمَتَى بَذَلُوا الوَاجِبَ عَلَيْهِمْ: لَزِمَ قَبُولُهُ، وَحَرُمُ قِتَالُهُمْ.

وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا، وَيُطَالُ وُقُوفُهُمْ، وَتُجَرُّ أَيْدِيهِمْ.

ص: 163

‌فَصْلٌ

وَيَلْزَمُ الإِمَامَ أَخْذُهُمْ بِحُكْمِ الإِسْلَامِ: فِي النَّفْسِ، وَالمَالِ، وَالعِرْضِ، وَإِقَامَةِ الحُدُودِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ - دُونَ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ -.

وَيَلْزَمُهُمُ التَّمْيِيزُ عَنِ المُسْلِمِينَ.

وَلَهُمْ رُكُوبُ غَيْرِ خَيْلٍ، بِغَيْرِ سَرْجٍ - بِإِكَافٍ -.

وَلَا يَجُوزُ تَصْدِيرُهُمْ فِي المَجَالِسِ، وَالقِيَامُ لَهُمْ، وَبُدَاءَتُهُمْ بِالسَّلَامِ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ إِحْدَاثِ كَنَائِسَ، وَبِيَعٍ، وَبِنَاءِ مَا انْهَدَمَ مِنْهَا - وَلَوْ ظُلْماً -، وَمِنْ تَعْلِيَةِ بُنْيَانٍ عَلَى مُسْلِمٍ - لَا مُسَاوَاتِهِ لَهُ -، وَمِنْ إِظْهَارِ خَمْرٍ، وَخِنْزِيرٍ، وَنَاقُوسٍ، وَجَهْرٍ بِكِتَابِهِمْ.

وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ عَكْسُهُ: لَمْ يُقَرَّ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلَامُ، أَوْ دِينُهُ.

ص: 164

‌فَصْلٌ

وَإِنْ أَبَى الذِّمِّيُّ بَذْلَ الجِزْيَةِ، أَوِ الْتِزَامَ حُكْمِ الإِسْلَامِ، أَوْ تَعَدَّى عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلٍ أَوْ زِناً، أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ، أَوْ تَجْسِيسٍ، أَوْ إِيوَاءِ جَاسُوسٍ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ، أَوْ كِتَابَهُ بِسُوءٍ: انْتَقَضَ عَهْدُهُ - دُونَ نِسَائِهِ، وَأَوْلَادِهِ -، وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ.

* * *

ص: 165

‌كِتَابُ البَيْعِ

وَهُوَ: مُبَادَلَةُ مَالٍ - وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ -، أَوْ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ - كَمَمَرِّ دَارٍ - بِمِثْلِ أَحَدِهِمَا، عَلَى التَّأْبِيدِ، غَيْرَ رِباً وَقَرْضٍ.

يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بَعْدَهُ، وَقَبْلَهُ، وَمُتَرَاخِيًا عَنْهُ فِي مَجْلِسِهِ، فَإِنِ اشْتَغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ: بَطَلَ، وَهِيَ الصِّيغَةُ القَوْلِيَّةُ.

وَبِمُعَاطَاةٍ: وَهِيَ الفِعْلِيَّةُ.

وَيُشْتَرَطُ: التَّرَاضِي مِنْهُمَا - فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ بِلَا حَقٍّ -.

وَأَنْ يَكُونَ العَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ - فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ، بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيٍّ -.

وَأَنْ تَكُونَ العَيْنُ مُبَاحَةَ النَّفْعِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ - كَالبَغْلِ، وَالحِمَارِ، وَدُودِ القَزِّ، وَبِزْرِهِ، وَالفِيلِ، وَسِبَاعِ البَهَائِمِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ - إِلَّا الكَلْبَ، وَالحَشَرَاتِ،

ص: 166

وَالمُصْحَفَ، وَالمَيْتَةَ، وَالسِّرْجِينَ النَّجِسَ، وَالأَدْهَانَ النَّجِسَةَ، وَلَا المُتَنَجِّسَةَ، وَيَجُوزُ الاسْتِصْبَاحُ بِهَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ.

وَأَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِكٍ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ - فَإنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ، أَوِ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ شَيْئاً بِلَا إِذْنِهِ: لَمْ يَصِحَّ -.

وَإِنِ اشْتَرَى لَهُ فِي ذِمَّتِهِ بِلَا إِذْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ فِي العَقْدِ: صَحَّ لَهُ بِالإِجَازَةِ، وَلَزِمَ المُشْتَرِي بِعَدَمِهَا مِلْكاً.

وَلَا يُبَاعُ غَيْرُ المَسَاكِنِ مِمَّا فُتِحَ عَنْوَةً - كَأَرْضِ الشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ - بَلْ تُؤَجَّرُ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَقْعِ البِئْرِ، وَلَا مَا يَنْبُتُ فِي أَرْضِهِ - مِنْ كَلَأٍ وَشَوْكٍ -، وَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ.

وَأَنْ يَكُونَ مَقْدُوراً عَلَى تَسْلِيمِهِ - فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ آبِقٍ، وَشَارِدٍ، وَطَيْرٍ فِي هَوَاءٍ، وَسَمَكٍ فِي مَاءٍ، وَلَا مَغْصُوبٍ مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ وَقَادِرٍ عَلَى أَخْذِهِ -.

ص: 167

وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُوماً بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ - فَإنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ، أَوْ رَآهُ وَجَهِلَهُ، أَوْ وُصِفَ لَهُ بِمَا لَا يَكْفِي سَلَماً: لَمْ يَصِحَّ -.

وَلَا يُبَاعُ حَمْلٌ فِي بَطْنٍ، وَلَبَنٌ فِي ضَرْعٍ مُنْفَرِدَيْنِ، وَلَا مِسْكٌ فِي فَأْرَتِهِ، وَنَوىً فِي تَمْرٍ، وَصُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ، وَفُجْلٌ وَنَحْوُهُ قَبْلَ قَلْعِهِ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ المُلَامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ، وَلَا عَبْدٍ مِنْ عَبِيدٍ، وَنَحْوِهِ، وَلَا اسْتِثْنَاؤُهُ إِلَّا مُعَيَّناً.

وَإِنِ اسْتَثْنَى مِنْ حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ - رَأْسَهُ وَجِلْدَهُ وَأَطْرَافَهُ -: صَحَّ، وَعَكْسُهُ: الشَّحْمُ، وَالحَمْلُ.

وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ - كَرُمَّانٍ، وَبِطِّيخٍ -، وَبَيْعُ البَاقِلَّاءِ وَنَحْوِهِ فِي قِشْرِهِ، وَالحَبِّ المُشْتَدِّ فِي سُنْبُلِهِ.

وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُوماً - فَإِنْ بَاعَهُ بِرَقْمِهِ، أَوْ بِأَلفِ دِرْهَمٍ ذَهَباً وَفِضَّةً، أَوْ بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ السِّعْرُ، أَوْ بِمَا بَاعَ زَيْدٌ وَجَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَصِحَّ -.

ص: 168

وَإِنْ بَاعَ ثَوْباً، أَوْ صُبْرَةً، أَوْ قَطِيعاً - كُلَّ ذِرَاعٍ، أَوْ قَفِيزٍ، أَوْ شَاةٍ - بِدِرْهَمٍ: صَحَّ.

وَإِنْ بَاعَ مِنَ الصُّبْرَةِ: كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ بِمِئَةِ دِرْهَمٍ إِلَّا دِينَاراً، أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ مَعْلُوماً وَمَجْهُولاً يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ وَلَمْ يَقُلْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِكَذَا: لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ: صَحَّ فِي المَعْلُومِ بِقِسْطِهِ.

وَإِنْ بَاعَ مُشَاعاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ - كَعَبْدٍ - أَوْ مَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِالأَجْزَاءِ: صَحَّ فِي نَصِيبِهِ بِقِسْطِهِ.

وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ عَبْداً وَحُرّاً، أَوْ خَلّاً وَخَمْراً صَفْقَةً وَاحِدَةً: صَحَّ فِي عَبْدِهِ، وَفِي الخَلِّ بِقِسْطِهِ؛ وَلِمُشْتَرٍ الخِيَارُ إِنْ جَهِلَ الحَالَ.

* * *

ص: 169

‌فَصْلٌ

وَلَا يَصِحُّ البَيْعُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الجُمُعَةُ بَعْدَ نِدَائِهَا الثَّانِي، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ، وَسَائِرُ العُقُودِ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَصِيرٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْراً، وَلَا سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ، وَلَا عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ إِذَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ فِي يَدِهِ: أُجْبِرَ عَلَى إِزَالَةِ مُلْكِهِ، وَلَا تَكْفِي مُكَاتَبَتُهُ.

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ، أَوْ بَيْعٍ وَصَرْفٍ: صَحَّ فِي غَيْرِ الكِتَابَةِ، وَيُقَسَّطُ العِوَضُ عَلَيْهِمَا.

وَيَحْرُمُ بَيْعُهُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ - كَأَنْ يَقُولَ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ: أَنَا أُعْطِيكَ مِثْلَهَا بِتِسْعَةٍ - وَشِرَاؤُهُ عَلَى شِرَائِهِ - كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِتِسْعَةٍ: عِنْدِي فِيهَا عَشَرَةٌ - لِيَفْسَخَ وَيَعْقِدَ مَعَهُ، وَيَبْطُلُ العَقْدُ فِيهِمَا.

وَمَنْ بَاعَ رِبَوِيّاً بِنَسِيئَةٍ وَاعْتَاضَ عَنْ ثَمَنِهِ مَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً، أَوِ اشْتَرَى شَيْئاً نَقْداً بِدُونِ مَا بَاعَ بِهِ نَسِيئَةً - لَا بِالعَكْسِ -: لَمْ يَجُزْ.

ص: 170

وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ، أَوْ بَعْدَ تَغَيُّرِ صِفَتِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهِ، أَوِ اشْتَرَاهُ أَبُوهُ أَوِ ابْنُهُ: جَازَ.

* * *

ص: 171

‌بَابُ الشُّرُوطِ فِي البَيْعِ

مِنْهَا: صَحِيحٌ - كَالرَّهْنِ، وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ، وَكَوْنِ العَبْدِ كَاتِباً، أَوْ خَصِيّاً، أَوْ مُسْلِماً، وَالأَمَةِ بِكْراً -.

وَنَحْوِ أَنْ يَشْتَرِطَ البَائِعُ: سُكْنَى الدَّارِ شَهْراً، أَوْ حُمْلَانِ البَعِيرِ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ.

أَوْ يَشْتَرِطَ المُشْتَرِي عَلَى البَائِعِ: حَمْلَ الحَطَبِ، أَوْ تَكْسِيرَهُ؛ أَوْ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ، أَوْ تَفْصِيلَهُ.

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ: بَطَلَ البَيْعُ -.

وَمِنْهَا: فَاسِدٌ يُبْطِلُ العَقْدَ - كَاشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ عَقْداً آخَرَ، كَسَلَفٍ، وَقَرْضٍ، وَبَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَصَرْفٍ -.

وَإِنْ شَرَطَ أَلَّا خَسَارَةَ عَلَيْهِ، أَوْ مَتَى نَفَقَ المَبِيعُ وَإِلَّا رَدَّهُ، أَوْ لَا يَبِيعَ، وَلَا يَهَبَ، وَلَا يَعْتِقَ، أَوْ إِنْ أَعْتَقَ فَالوَلَاءُ لَهُ، أَوْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ: بَطَلَ الشَّرْطُ وَحْدَهُ؛ إِلَّا إِذَا شَرَطَ العِتْقَ.

ص: 172

وَبِعْتُكَ عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ إِلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا: صَحَّ.

وَبِعْتُكَ إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا، أَوْ رَضِيَ زَيْدٌ، أَوْ يَقُولُ لِلْمُرْتَهِنِ: إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ: لَا يَصِحُّ البَيْعُ.

وَإِنْ بَاعَهُ وَشَرَطَ البَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ مَجْهُولٍ: لَمْ يَبْرَأْ.

وَإِنْ بَاعَهُ دَاراً عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَبَانَتْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ: صَحَّ، وَلِمَنْ جَهِلَهُ وَفَاتَ غَرَضُهُ: الخِيَارُ.

* * *

ص: 173

‌بَابُ الخِيَارِ

وَهُوَ أَقْسَامٌ:

الأَوَّلُ: خِيَارُ المَجْلِسِ: يَثْبُتُ فِي البَيْعِ، وَالصُّلْحِ بِمَعْنَاهُ، وَالإِجَارَةِ، وَالصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ، دُونَ سَائِرِ العُقُودِ.

وَلِكُلٍّ مِنَ المُتَبَايِعَيْنِ: الخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عُرْفاً بِأَبْدَانِهِمَا.

وَإِنْ نَفَيَاهُ، أَوْ أَسْقَطَاهُ: سَقَطَ، وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَحَدُهُمَا: بَقِيَ خِيَارُ الآخَرِ، وَإِذَا مَضَتْ مُدَّتُهُ: لَزِمَ البَيْعُ.

الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِطَاهُ فِي العَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً - وَلَوْ طَوِيلَةً - وَابْتِدَاؤُهَا مِنَ العَقْدِ، وَإِذَا مَضَتْ مُدَّتُهُ، أَوْ قَطَعَاهَ: بَطَلَ.

وَيَثْبُتُ: فِي البَيْعِ، وَالصُّلْحِ بِمَعْنَاهُ، وَالإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ عَلَى مُدَّةٍ لَا تَلِي العَقْدَ.

ص: 174

وَإِنْ شَرَطَاهُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ: صَحَّ.

وَإِلَى الغَدِ، أَوِ اللَّيْلِ: يَسْقُطُ بِأَوَّلِهِ.

وَلِمَنْ لَهُ الخِيَارُ: الفَسْخُ - وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ الآخَرِ، وَسُخْطِهِ -.

وَالمُلْكُ مُدَّةَ الخِيَارَيْنِ لِلْمُشْتَرِي، وَلَهُ نَمَاؤُهُ المُنْفَصِلُ وَكَسْبُهُ.

وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا فِي المَبِيعِ وَعِوَضِهِ المُعَيَّنِ فِيهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ - بِغَيْرِ تَجْرِبَةِ المَبِيعِ - إِلَّا عِتْقَ المُشْتَرِي.

وَتَصَرُّفُ المُشْتَرِي: فَسْخٌ لِخِيَارِهِ.

وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا: بَطَلَ خِيَارُهُ.

الثَّالِثُ: إِذَا غُبِنَ فِي المَبِيعِ غَبْناً يَخْرُجُ عَنِ العَادَةِ - بِزِيَادَةِ النَّاجِشِ وَالمُسْتَرْسِلِ -.

الرَّابِعُ: خِيَارُ التَّدْلِيسِ - كَتَسْوِيدِ شَعْرِ الجَارِيَةِ، وَتَجْعِيدِهِ، وَجَمْعِ مَاءِ الرَّحَى وَإِرْسَالِهِ عِنْدَ عَرْضِهَا -.

ص: 175

الخَامِسُ: خِيَارُ العَيْبِ: وَهُوَ مَا نَقَّصَ قِيمَةَ المَبِيعِ - كَمَرَضِهِ، وَفَقْدِ عُضْوٍ، أَوْ سِنٍّ، أَوْ زِيَادَتِهِمَا، وَزِنَا الرَّقِيقِ، وَسَرِقَتِهِ، وَإبَاقِهِ، وَبَوْلِهِ فِي الفِرَاشِ -.

فَإِذَا عَلِمَ المُشْتَرِي العَيْبَ بَعْدُ: أَمْسَكَهُ بِأَرْشِهِ - وَهُوَ قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الصِّحَّةِ وَالعَيْبِ - أَوْ رَدَّهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ.

وَإِنْ تَلِفَ المَبِيعُ، أَوْ أَعْتَقَ العَبْدَ: تَعَيَّنَ الأَرْشُ.

وَإِنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يُعْلَمْ عَيْبُهُ بِدُونِ كَسْرِهِ - كَجَوْزِ هِنْدٍ، وَبَيْضِ نَعَامٍ - فَكَسَرَهُ فَوَجَدَهُ فَاسِداً فَأَمْسَكَهُ: فَلَهُ أَرْشُهُ، وَإِنْ رَدَّهُ: رَدَّ أَرْشَ كَسْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ كَبَيْضِ دَجَاجٍ: رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ.

وَخِيَارُ عَيْبٍ: مُتَرَاخٍ مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ الرِّضَا، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمٍ، وَلَا رِضَا، وَلَا حُضُورِ صَاحِبِهِ.

وَإِنِ اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ العَيْبُ: فَقَوْلُ مُشْتَرٍ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إِلَّا قَوْلَ أَحَدِهِمَا: قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ.

ص: 176

السَّادِسُ: خِيَارٌ فِي البَيْعِ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ مَتَى بَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.

وَيَثْبُتُ فِي: التَّوْلِيَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالمُرَابَحَةِ، وَالمُوَاضَعَةِ - وَلَا بُدَّ فِي جَمِيعِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ المُشْتَرِي رَأْسَ المَالِ -.

وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، أَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حِيلَةً، أَوْ بَاعَ بَعْضَ الصَّفْقَةِ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ فِي تَخْبِيرِهِ بِالثَّمَنِ: فَلِمُشْتَرٍ الخِيَارُ بَيْنَ الإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ.

وَمَا يُزَادُ فِي ثَمَنٍ، أَوْ يُحَطُّ مِنْهُ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ، أَوْ يُؤْخَذُ أَرْشًا لِعَيْبٍ، أَوْ جِنَايَةً عَلَيْهِ: يُلْحَقُ بِرَأْسِ مَالِهِ، وَيُخْبَرُ بِهِ.

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ لُزُومِ البَيْعِ: لَمْ يُلْحَقْ بِهِ، وَإِنْ أَخْبَرَ بِالحَالِ: فَحَسَنٌ.

ص: 177

السَّابِعُ: خِيَارٌ لِاخْتِلَافِ المُتَبَايِعَيْنِ؛ فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ: تَحَالَفَا - فَيَحْلِفُ البَائِعُ أَوَّلاً: مَا بِعْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا، ثُمَّ يَحْلِفُ المُشْتَرِي: مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا - وَلِكُلٍّ الفَسْخُ إِذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الآخَرِ.

فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً: رَجَعَا إِلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا.

فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا: فَقَوْلُ مُشْتَرٍ.

وَإِذَا فُسِخَ العَقْدُ: انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَوْ شَرْطٍ: فَقَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ.

وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ المَبِيعِ: تَحَالَفَا، وَبَطَلَ البَيْعُ.

وَإنْ أَبَى كُلٌّ مِنْهُمَا تَسْلِيمَ مَا بِيَدِهِ حَتَّى يَقْبِضَ العِوَضَ - وَالثَّمَنُ عَيْنٌ -: نُصِبَ عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا، وَيُسَلِّمُ المَبِيعَ ثُمَّ الثَّمَنَ.

وَإِنْ كَانَ دَيْناً حَالّاً: أُجْبِرَ بَائِعٌ، ثُمَّ مُشْتَرٍ؛ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي المَجْلِسِ.

ص: 178

وَإِنْ كَانَ غَائِباً فِي البَلَدِ: حُجِرَ عَلَيْهِ فِي المَبِيعِ وَبَقِيَّةِ مَالِهِ حَتَّى يُحْضِرَهُ.

وَإِنْ كَانَ غَائِباً بَعِيداً عَنْهَا - وَالمُشْتَرِي مُعْسِرٌ -: فَلِبَائِعٍ الفَسْخُ.

وَيَثْبُتُ الخِيَارُ: لِلْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ، وَتَغَيُّرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ.

* * *

ص: 179

‌فَصْلٌ

وَمَنِ اشْتَرَى مَكِيلاً وَنَحْوَهُ: صَحَّ وَلَزِمَ بِالعَقْدِ، وَلَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ.

وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ: فَمِنْ ضَمَانِ بَائِعٍ.

وَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ: بَطَلَ البَيْعُ.

وَإِنْ أَتْلَفَهُ آدَمِيٌّ: خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخٍ، وَإِمْضَاءٍ وَمُطَالَبَةِ مُتْلِفِهِ بِبَدَلِهِ.

وَمَا عَدَاهُ: يَجُوزُ تَصَرُّفُ المُشْتَرِي فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَإِنْ تَلِفَ: فَمِنْ ضَمَانِهِ، مَا لَمْ يَمْنَعْهُ بَائِعٌ مِنْ قَبْضِهِ.

وَيَحْصُلُ قَبْضُ مَا بِيعَ بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدٍّ، أَوْ ذَرْعٍ: بِذَلِكَ، وَفِي صُبْرَةٍ وَمَا يُنْقَلُ: بِنَقْلِهِ، وَمَا يُتَنَاوَلُ: بِتَنَاوُلِهِ، وَغَيْرِهِ: بِتَخْلِيَتِهِ.

وَالإِقَالَةُ: فَسْخٌ - تَجُوزُ قَبْلَ قَبْضِ المَبِيعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ فِيهَا، وَلَا شُفْعَةَ -.

* * *

ص: 180

‌بَابُ الرِّبَا وَالصَّرْفِ

يَحْرُمُ رِبَا الفَضْلِ: فِي مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بِيعَ بِجِنْسِهِ، وَيَجِبُ فِيهِ: الحُلُولُ وَالقَبْضُ.

وَلَا يُبَاعُ مَكِيلٌ بِجِنْسِهِ إِلَّا كَيْلًا، وَلَا مَوْزُونٌ بِجِنْسِهِ إِلَّا وَزْنًا، وَلَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جُزَافًا.

فَإِنِ اخْتَلَفَ الجِنْسُ: جَازَتِ الثَّلَاثَةُ.

وَالجِنْسُ: مَا لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ يَشْمَلُ أَنْوَاعاً - كَبُرٍّ، وَنَحْوِهِ -.

وَفُرُوعُ الأَجْنَاسِ: أَجْنَاسٌ - كَالأَدِقَّةِ، وَالأَخْبَازِ، وَالأَدْهَانِ -.

وَاللَّحْمُ: أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ.

وَكَذَا اللَّبَنُ، وَاللَّحْمُ، وَالشَّحْمُ، وَالكَبِدُ: أَجْنَاسٌ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَيَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ.

ص: 181

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ حَبٍّ بِدَقِيقِهِ وَلَا سَوِيقِهِ، وَلَا نَيْئِهِ بِمَطْبُوخِهِ، وَأَصْلِهِ بِعَصِيرِهِ، وَخَالِصِهِ بَمَشُوبِهِ، وَرَطْبِهِ بِيَابِسِهِ.

وَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِهِ بِدَقِيقِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النُّعُومَةِ، وَمَطْبُوخِهِ بِمَطْبُوخِهِ، وَخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النَّشَافِ، وَعَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ، وَرَطْبِهِ بِرَطْبِهِ.

وَلَا يُبَاعُ رِبَوِيٌّ بِجِنْسِهِ وَمَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا، وَلَا تَمْرٌ بِلَا نَوىً بِمَا فِيهِ نَوىً.

وَيُبَاعُ النَّوَى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوىً، وَلَبَنٌ وَصُوفٌ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ وَصُوفٍ.

وَمَرَدُّ الكَيْلِ: لِعُرْفِ المَدِينَةِ، وَالوَزْنِ: لِعُرْفِ مَكَّةَ زَمَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَا لَا عُرْفَ لَهُ: اعْتُبِرَ عُرْفُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

* * *

ص: 182

‌فَصْلٌ

وَيَحْرُمُ رِبَا النَّسِيئَةِ: فِي بَيْعِ كُلِّ جِنْسَيْنِ اتَفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الفَضْلِ، لَيْسَ أَحَدُهُمَا نَقْداً - كَالمَكِيلَيْنِ، وَالمَوْزُونَيْنِ -.

وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ القَبْضِ: بَطَلَ.

وَإِنْ بَاعَ مَكِيلًا بِمَوْزُونٍ: جَازَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ القَبْضِ وَالنَّسَأُ.

وَمَا لَا كَيْلَ فِيهِ وَلَا وَزْنَ - كَالثِّيَابِ، وَالحَيَوَانِ -: يَجُوزُ فِيهِ النَّسَأُ.

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.

* * *

ص: 183

‌فَصْلٌ

وَمَتَى افْتَرَقَ المُتَصَارِفَانِ قَبْلَ قَبْضِ الكُلِّ، أَوِ البَعْضِ: بَطَلَ العَقْدُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ.

وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ: تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي العَقْدِ، فَلَا تُبَدَّلُ.

وَإِنْ وَجَدَهَا مَغْصُوبَةً: بَطَلَ، وَمَعِيبَةً مِنْ جِنْسِهَا: أَمْسَكَ أَوْ رَدَّ.

وَيَحْرُمُ الرِّبَا بَيْنَ المُسْلِمِ وَالحَرْبِيِّ، وَبَيْنَ المُسْلِمِينَ مُطْلَقًا.

* * *

ص: 184

‌بَابُ بَيْعِ الأُصُولِ وَالثِّمَارِ

إِذَا بَاعَ دَارًا: شَمِلَ أَرْضَهَا، وَبِنَاءَهَا، وَسَقْفَهَا، وَالبَابَ المَنْصُوبَ، وَالسُّلَّمَ وَالرَّفَّ المَسْمُورَيْنِ، وَالخَابِيَةَ المَدْفُونَةَ، دُونَ مَا هُوَ مُودَعٌ فِيهَا - مِنْ كَنْزٍ، وَحَجَرٍ - وَمُنْفَصِلٍ مِنْهَا - كَحَبْلٍ، وَدَلْوٍ، وَبَكْرَةٍ، وَقُفْلٍ، وَفَرْشٍ، وَمِفْتَاحٍ -.

وَإِنْ بَاعَ أَرْضاً - وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا -: شَمِلَ غَرْسَهَا وَبِنَاءَهَا.

وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ - كَبُرٍّ، وَشَعِيرٍ -: فَلِبَائِعٍ مُبْقىً.

وَإِنْ كَانَ يُجَزُّ، أَوْ يُلْقَطُ مِرَارًا: فَأُصُولُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَالجَزَّةُ وَاللَّقْطَةُ الظَّاهِرَتَانِ عِنْدَ البَيْعِ لِلْبَائِعِ، وَإِنِ اشْتَرَطَ المُشْتَرِي ذَلِكَ: صَحَّ.

* * *

ص: 185

‌فَصْلٌ

وَمَنْ بَاعَ نَخْلاً تَشَقَّقَ طَلْعُهُ: فَلِبَائِعٍ مَبْقِيٌّ إِلَى الجَذَاذِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ مُشْتَرٍ، وَكَذَلِكَ شَجَرُ العِنَبِ وَالتُّوتِ وَالرُمَّانِ وَغَيْرِهِ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ - كَالمِشْمِشِ، وَالتُّفَّاحِ -، وَمَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ - كَالوَرْدِ، وَالقُطْنِ -.

وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَالوَرَقُ: فَلِمُشْتَرٍ.

وَلَا يُبَاعُ ثَمَرٌ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَلَا زَرْعٌ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ، وَلَا رَطْبَةٌ، وَبَقْلٌ، وَلَا قِثَّاءٌ، وَنَحْوُهُ، دُونَ الأَصْلِ؛ إِلَّا بِشَرْطِ القَطْعِ فِي الحَالِ، أَوْ جِزَّةً جِزَّةً، أَوْ لَقْطَةً لَقْطَةً.

وَالحَصَادُ وَاللَّقَاطُ عَلَى المُشْتَرِي.

وَإِنْ بَاعَهُ مُطْلَقاً، أَوْ بِشَرْطِ البَقَاءِ، أَوِ اشْتَرَى ثَمَراً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِشَرْطِ القَطْعِ وَتَرَكَهُ حَتَّى بَدَا، أَوْ جِزَّةً أَوْ لَقْطَةً فَنَمَتَا، أَوِ اشْتَرَى مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَحَصَلَ آخَرُ وَاشْتَبَهَا، أَوْ عَرِيَّةً فَأَتْمَرَتْ: بَطَلَ، وَالكُلُّ لِلْبَائِعِ.

ص: 186

وَإِذَا بَدَا مَا لَهُ صَلَاحٌ فِي الثَّمَرَةِ، وَاشْتَدَّ الحَبُّ: جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا، وَبِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي: تَبْقِيَتُهُ إِلَى الحَصَادِ وَالجَذَاذِ، وَيَلْزَمُ البَائِعَ سَقْيُهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ - وَإِنْ تَضَرَّرَ الأَصْلُ -.

وَإِنْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ: رَجَعَ عَلَى البَائِعِ.

وَإِنْ أَتْلَفَهُ آدَمِيٌّ: خُيِّرَ مُشْتَرٍ: بَيْنَ الفَسْخِ، وَالإِمْضَاءِ وَمُطَالَبَةِ المُتْلِفِ.

وَصَلَاحُ بَعْضِ الشَّجَرَةِ: صَلَاحٌ لَهَا، وَلِسَائِرِ النَّوْعِ الَّذِي فِي البُسْتَانِ.

وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ: أَنْ تَحْمَرَّ أَوْ تَصْفَرَّ، وَفِي العِنَبِ: أَنْ يَتَمَوَّهَ حُلْوًا، وَفِي بَقِيَّةِ الثَّمَرِ: أَنْ يَبْدُوَ فِيهِ النُّضْجُ وَيَطِيبَ أَكْلُهُ.

وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ: فَمَالُهُ لِبَائِعِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ المُشْتَرِي - فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ المَالَ: اشْتُرِطَ عِلْمُهُ وَسَائِرُ شُرُوطِ البَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا -، وَثِيَابُ الجَمَالِ: لِلْبَائِعِ، وَالعَادَةِ: لِلْمُشْتَرِي.

ص: 187

‌بَابُ السَّلَمِ

وَهُوَ: عَقْدٌ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، مُؤَجَّلٍ، بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ بِمَجْلِسِ العَقْدِ.

وَيَصِحُّ بِأَلْفَاظِ البَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالسَّلَفِ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ:

أَحَدُهَا: انْضِبَاطُ صِفَاتِهِ بِمَكِيلٍ، وَمَوْزُونٍ، وَمَذْرُوعٍ.

وَأَمَّا المَعْدُودُ المُخْتَلِفُ - كَالفَوَاكِهِ، وَالبُقُولِ، وَالجُلُودِ، وَالرُّؤُوسِ -.

وَالأَوَانِي المُخْتَلِفَةُ الرُّؤُوسِ وَالأَوْسَاطِ - كَالقَمَاقِمِ، وَالأَسْطَالِ الضَّيِّقَةِ الرُّؤُوسِ -.

وَالجَوَاهِرُ، وَالحَوَامِلُ مِنَ الحَيَوَانِ، وَكُلُّ مَغْشُوشٍ، وَمَا يَجْمَعُ أَخْلَاطاً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ -كَالغَالِيَةِ، وَالمَعَاجِينِ-: فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ.

وَيَصِحُّ فِي الحَيَوَانِ، وَالثِّيَابِ المَنْسُوجَةِ مِنْ نَوعَيْنِ، وَمَا خِلْطُهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ - كَالجُبْنِ، وَخَلِّ التَّمْرِ، وَالسَّكَنْجَبِينِ، وَنَحْوِهَا -.

ص: 188

الثَّانِي: ذِكْرُ الجِنْسِ وَالنَّوْعِ، وَكُلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ ظَاهِراً، وَحَدَاثَتِهِ وَقِدَمِهِ.

وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الأَرْدَى وَالأَجْوَدِ، بَلْ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ.

فَإِنْ جَاءَ بِمَا شَرَطَ، أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ - وَلَوْ قَبْلَ مَحِلِّهِ - وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ: لَزِمَ أَخْذُهُ.

الثَّالِثُ: ذِكْرُ قَدْرِهِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ يُعْلَمُ؛ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي المَكِيلِ وَزْناً، وَفِي المَوْزُونِ كَيْلاً: لَمْ يَصِحَّ.

الرَّابِعُ: ذِكْرُ أَجْلٍ مَعْلُومٍ لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ؛ فَلَا يَصِحُّ حَالًّا، وَلَا إِلَى الجَذَاذِ وَالحَصَادِ، وَلَا إِلَى يَوْمٍ؛ إِلَّا فِي شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ -كَخُبْزٍ، وَلَحْمٍ، وَنَحْوِهِمَا -.

الخَامِسُ: أَنْ يُوجَدَ غَالِبًا فِي مَحَلِّهِ وَمَكَانِ الوَفَاءِ، لَا وَقْتَ العَقْدِ.

فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ بَعْضُهُ: فَلَهُ الصَّبْرُ، أَوْ فَسْخُ الكُلِّ، أَوِ

ص: 189

البَعْضِ، وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ المَوْجُودَ أَوْ عِوَضَهُ.

السَّادِسُ: أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ تَامّاً - مَعْلُوماً قَدْرُهُ وَوَصْفُهُ - قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَإِنْ قَبَضَ البَعْضَ ثُمَّ افْتَرَقَا: بَطَلَ فِيمَا عَدَاهُ.

وَإِنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إِلَى أَجَلَيْنِ، أَوْ عَكْسُهُ: صَحَّ إِنْ بَيَّنَ كُلَّ جِنْسٍ، وَثَمَنَهُ، وَقِسْطَ كُلِّ أَجَلٍ.

السَّابِعُ: أَنْ يُسْلِمَ فِي الذِّمَّةِ؛ فَلَا يَصِحُّ فِي عَيْنٍ.

وَيَجِبُ الوَفَاءُ مَوْضِعَ العَقْدِ، وَيَصِحُّ شَرْطُهُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ عَقَدَا بِبَرٍّ أَوْ بَحْرٍ: شَرَطَاهُ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ المُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا هِبَتُهُ، وَلَا الحَوَالَةُ بِهِ، وَلَا عَلَيْهِ، وَلَا أَخْذُ عِوَضِهِ.

وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَالكَفِيلُ بِهِ.

ص: 190

‌بَابُ القَرْضِ

وَهُوَ: مَنْدُوبٌ.

وَمَا صَحَّ بَيْعُهُ صَحَّ قَرْضُهُ؛ إِلَّا بَنِي آدَمَ.

وَيُمْلَكُ بِقَبْضِهِ، فَلَا يَلْزَمُ رَدُّ عَيْنِهِ؛ بَلْ يَثْبُتُ بَدَلُهُ فِي ذِمَّتِهِ حَالّاً - وَلَوْ أَجَّلَهُ -.

فَإِنْ رَدَّهُ المُقْتَرِضُ: لَزِمَ قَبُولُهُ.

وَإِنْ كَانَتْ مُكَسَّرَةً، أَوْ فُلُوساً، فَمَنَعَ السُّلْطَانُ المُعَامَلَةَ بِهَا: فَلَهُ القِيمَةُ وَقْتَ القَرْضِ.

وَيَرُدُّ المِثْلَ فِي المِثْلِيَّاتِ، وَالقِيمَةَ فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ أَعْوَزَ المِثْلُ: فَالقِيمَةُ إِذًا.

وَيَحْرُمُ كُلُّ شَرْطٍ جَرَّ نَفْعًا.

وَإِنْ بَدَأَ بِهِ بِلَا شَرْطٍ، أَوْ أَعْطَاهُ أَجْوَدَ، أَوْ هَدِيَّةً بَعْدَ الوَفَاءِ: جَازَ.

ص: 191

وَإِنْ تَبَرَّعَ لِمُقْرِضِهِ قَبْلَ وَفَائِهِ بِشَيْءٍ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِهِ: لَمْ يَجُزْ؛ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُكَافَأَتَهُ، أَوِ احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ.

وَإِنْ أَقْرَضَهُ أَثْمَاناً فَطَالَبَهُ بِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ: لَزِمَتْهُ، وَفِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ: قِيمَتُهُ، إِنْ لَمْ تَكُنْ بِبَلَدِ القَرْضِ أَنْقَصَ.

* * *

ص: 192

‌بَابُ الرَّهْنِ

يَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا - حَتَّى المُكَاتَبِ مَعَ الحَقِّ وَبَعْدَهُ - بِدَيْنٍ ثَابِتٍ.

وَيَلْزَمُ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ فَقَطْ.

وَيَصِحُّ رَهْنُ المُشَاعِ.

وَيَجُوزُ رَهْنُ المَبِيعِ - غَيْرِ المَكِيلِ، وَالمَوْزُونِ - عَلَى ثَمَنِهِ وَغَيْرِهِ.

وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ: لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ؛ إِلَّا الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ الأَخْضَرَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِمَا بِدُونِ شَرْطِ القَطْعِ.

وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إِلَّا بِالقَبْضِ.

وَاسْتِدَامَتُهُ شَرْطٌ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ إِلَى الرَّاهِنِ بِاخْتِيَارِهِ: زَالَ لُزُومُهُ، فَإِنْ رَدَّهُ إِلَيْهِ: عَادَ لُزُومُهُ.

وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ؛ إِلَّا عِتْقَ الرَّاهِنِ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الإِثْمِ، وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ.

ص: 193

وَنَمَاءُ الرَّهْنِ، وَكَسْبُهُ، وَأَرْشُ الجِنَايَةِ عَلَيْهِ: مُلْحَقٌ بِهِ، وَمُؤْنَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَكَفَنُهُ وَأُجْرَةُ مَخْزَنِهِ.

وَهُوَ: أَمَانَةٌ فِي يَدِ المُرْتَهِنِ - إِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ -.

وَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ: فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ.

وَلَا يَنْفَكُّ بَعْضُهُ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ.

وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ دُونَ دَيْنِهِ.

وَإِنْ رَهَنَ عِنْدَ اثْنَيْنِ شَيْئًا فَوَفَّى أَحَدَهُمَا، أَوْ رَهَنَاهُ شَيْئًا فَاسْتَوفَى مِنْ أَحَدِهِمَا: انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ.

وَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ وَامْتَنَعَ مِنْ وَفَائِهِ؛ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَوِ العَدْلِ فِي بَيْعِهِ: بَاعَهُ وَوَفَّى الدَّيْنَ، وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الحَاكِمُ عَلَى وَفَائِهِ أَوْ بَيْعِ الرَّهْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ: بَاعَهُ الحَاكِمُ، وَوَفَّى دَيْنَهُ.

* * *

ص: 194

‌فَصْلٌ

وَيَكُونُ عِنْدَ مَنِ اتَّفَقَا عَلَيْهِ؛ وَإِنْ أَذِنَا لَهُ فِي البَيْعِ: لَمْ يَبِعْ إِلَّا بِنَقْدِ البَلَدِ.

وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ: فَمِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ.

وَإِنِ ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَى المُرْتَهِنِ؛ فَأَنْكَرَهُ وَلَا بَيِّنَةَ، وَلَمْ يَكُنْ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ: ضَمِنَ؛ كَوَكِيلٍ.

وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ إِذَا حَلَّ الدَّيْنُ، أَوْ إِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ وَقْتَ كَذَا، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ: لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَحْدَهُ.

وَيُقْبَلُ قَوْلُ رَاهِنٍ فِي: قَدْرِ الدَّيْنِ، وَالرَّهْنِ، وَرَدِّهِ، وَكَوْنِهِ عَصِيرًا لَا خَمْرًا.

وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُ غَيْرِهِ، أَوْ أَنَّهُ جَنَى: قُبِلَ عَلَى نَفْسِهِ، وَحُكِمَ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ فَكِّهِ؛ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ المُرْتَهِنُ.

* * *

ص: 195

‌فَصْلٌ

وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْكَبَ مَا يُرْكَبُ، وَيَحْلِبَ مَا يُحْلَبُ، بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ بِلَا إِذْنٍ.

وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى الرَّهْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ الرَّاهِنِ مَعَ إِمْكَانِهِ: لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ تَعَذَّرَ: رَجَعَ - وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنِ الحَاكِمَ -.

وَكَذَا وَدِيعَةٌ وَدَوَابُّ مُسْتَأْجَرَةٌ هَرَبَ رَبُّهَا.

وَلَوْ خَرِبَ الرَّهْنُ فَعَمَّرَهُ بِلَا إِذْنٍ: رَجَعَ بِآلَتِهِ فَقَطْ.

* * *

ص: 196

‌بَابُ الضَّمَانِ

لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ.

وَلِرَبِّ الحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فِي الحَيَاةِ وَالمَوْتِ، فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ المَضْمُونِ عَنْهُ: بَرِئَ الضَّامِنُ، لَا عَكْسُهُ.

وَلَا تُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ: المَضْمُونَ عَنْهُ، وَلَهُ، بَلْ رِضَا الضَّامِنِ.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ المَجْهُولِ إِذَا آلَ إِلَى العِلْمِ، وَالعَوَارِي، وَالغُصُوبِ، وَالمَقْبُوضِ بِسَوْمٍ، وَعُهْدَةِ المَبِيعِ - لَا ضَمَانُ الأَمَانَاتِ؛ بَلِ التَّعَدِّي فِيهَا -.

* * *

ص: 197

‌فَصْلٌ

وَتَصِحُّ الكَفَالَةُ بِكُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ، وَبِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ - لَا حَدٌّ وَلَا قِصَاصٌ -.

وَيُعْتَبَرُ رِضَا الكَفِيلِ، لَا مَكْفُولٍ بِهِ.

فَإِنْ مَاتَ، أَوْ تَلِفَتِ العَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ: بَرِئَ الكَفِيلُ.

* * *

ص: 198

‌بَابُ الحَوَالَةِ

لَا تَصِحُّ إِلَّا عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ، وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِقْرَارُ المُحَالِ فِيهِ.

وَيُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الدَّيْنَيْنِ: جِنْسًا، وَوَصْفاً، وَوَقْتاً، وَقَدْراً - وَلَا يُؤَثِّرُ الفَاضِلُ -.

وَإِذَا صَحَّتْ: نَقَلَتِ الحَقَّ إِلَى ذِمَّةِ المُحَالِ عَلَيْهِ، وَبَرِئَ المُحِيلُ.

وَيُعْتَبَرُ رِضَاهُ - لَا رِضَا المُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا رِضَا المُحْتَالِ عَلَى مَلِيءٍ -.

وَإِنْ بَانَ مُفْلِساً وَلَمْ يَكُنْ رَضِيَ: رَجَعَ بِهِ.

وَمَنْ أُحِيلَ بِثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ أُحِيلَ عَلَيْهِ بِهِ فَبَانَ البَيْعُ بَاطِلاً: فَلَا حَوَالَةَ.

وَإِذَا فُسِخَ البَيْعُ: لَمْ تَبْطُلْ، وَلَهُمَا أَنْ يُحِيلَا.

ص: 199

‌بَابُ الصُّلْحِ

إِذَا أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ، فَأَسْقَطَ، أَوْ وَهَبَ البَعْضَ وَتَرَكَ البَاقِي: صَحَّ، إِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ.

وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ.

وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ الحَالِّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهِ: صَحَّ الإِسْقَاطُ فَقَطْ.

وَإِنْ صَالَحَ عَنِ المُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا، أَوْ بِالعَكْسِ، أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِبَيْتٍ فَصَالَحَهُ عَلَى سُكْنَاهُ سَنَةً، أَوْ يَبْنِي لَهُ فَوْقَهُ غُرْفَةً، أَوْ صَالَحَ مُكَلَّفًا لِيُقِرَّ لَهُ بِالعُبُودِيَّةِ، أَوِ امْرَأَةً لِتُقِرَّ لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ بِعِوَضٍ: لَمْ يَصِحَّ.

وَإِنْ بَذَلَاهُ هُمَا لَهُ صُلْحًا عَنْ دَعْوَاهُ: صَحَّ.

وَإِنْ قَالَ: أَقِرَّ لِي بِدَيْنِي وَأُعْطِيكَ مِنْهُ كَذَا، فَفَعَلَ: صَحَّ الإِقْرَارُ - لَا الصُّلْحُ -.

* * *

ص: 200

‌فَصْلٌ

وَمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ: فَسَكَتَ، أَوْ أَنْكَرَ - وَهُوَ يَجْهَلُهُ - ثُمَّ صَالَحَ بِمَالٍ: صَحَّ.

وَهُوَ: لِلْمُدَّعِي بَيْعٌ - يَرُدُّ مَعِيبَهُ وَيَفْسَخُ الصُّلْحَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِشُفْعَةٍ - وَلِلْآخَرِ: إِبْرَاءٌ -فَلَا رَدَّ وَلَا شُفْعَةَ-.

وَإِنْ كَذَبَ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّهِ بَاطِنًا، وَمَا أَخَذَهُ حَرَامٌ.

وَلَا يَصِحُّ بِعِوَضٍ عَنْ حَدِّ سَرِقَةٍ وَقَذْفٍ، وَلَا حَقِّ شُفْعَةٍ، وَتَرْكِ شَهَادَة -، وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، وَالحَدُّ -.

وَإِنْ حَصَلَ غُصْنُ شَجَرَتِهِ فِي هَوَاءِ غَيْرِهِ، أَوْ قَرَارِهِ: أَزَالَهُ، فَإِنْ أَبَى: لَوَاهُ إِنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَلَهُ قَطْعُهُ.

وَيَجُوزُ فِي الدَّرْبِ النَّافِذِ: فَتَحُ الأَبْوَابِ لِلِاسْتِطْرَاقِ - لَا إِخْرَاجُ رَوْشَنٍ، وَسَابَاطٍ، وَدَكَّةٍ، وَمِيزَابٍ -.

ص: 201

وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي مِلْكِ جَارٍ، وَدَرْبٍ مُشْتَرَكٍ بِلَا إِذْنِ المُسْتَحِقِّ.

وَلَيْسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبَةٍ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ؛ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّسْقِيفُ إِلَّا بِهِ، وَكَذَلِكَ المَسْجِدُ وَغَيْرُهُ.

وَإِذَا انْهَدَمَ جِدَارُهُمَا، أَوْ خِيفَ ضَرَرُهُ، فَطَلَبَ أَحُدُهُمَا أَنْ يَعْمُرَهُ الآخَرُ مَعَهُ: أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا النَّهْرُ وَالدُّولَابُ وَالقَنَاةُ.

* * *

ص: 202

‌بَابُ الحَجْرِ

مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَفَاءِ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ: لَمْ يُطَالَبْ بِهِ، وَحَرُمَ حَبْسُهُ.

وَمَنْ مَالُهُ قَدْرُ دَيْنِهِ، أَوْ أَكْثَرُ: لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَأُمِرَ بِوَفَائِهِ، فَإِنْ أَبَى: حُبِسَ بِطَلَبِ رَبِّهِ، فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَبِعْ مَالَهُ: بَاعَهُ الحَاكِمُ وَقَضَاهُ، وَلَا يُطَالَبُ بِمُؤَجَّلٍ.

وَمَنْ مَالُهُ لَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ حَالًّا: وَجَبَ الحَجْرُ عَلَيْهِ بِسُؤَالِ غُرَمَائِهِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ.

وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بَعْدَ الحَجْرِ، وَلَا إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ.

وَمَنْ بَاعَهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ شَيْئاً بَعْدَهُ: رَجَعَ فِيهِ إِنْ جَهِلَ حَجْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا.

وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِهِ، أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالاً: صَحَّ، وَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الحَجْرِ عَنْهُ، وَيَبِيعُ الحَاكِمُ مَالَهُ وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بِقَدْرِ دُيُونِ غُرَمَائِهِ.

ص: 203

وَلَا يَحِلُّ مُؤَجَّلٌ بِفَلَسٍ، وَلَا بِمَوْتٍ؛ إِنْ وَثَّقَ الوَرَثَةُ بِرَهْنٍ، أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ.

وَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ القِسْمَةِ: رَجَعَ عَلَى الغُرَمَاءِ بِقِسْطِهِ.

وَلَا يَفُكُّ حَجْرَهُ؛ إِلَّا حَاكِمٌ.

* * *

ص: 204

‌فَصْلٌ

وَيُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ، وَالصَّغِيرِ، وَالمَجْنُونِ؛ لِحَظِّهِمْ.

وَمَنْ أَعْطَاهُمْ مَالَهُ بَيْعًا، أَوْ قَرْضًا: رَجَعَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ أَتْلَفُوهُ لَمْ يَضْمَنُوا، وَيَلْزَمُهُمْ أَرْشُ الجِنَايَةِ، وَضَمَانُ مَالِ مَنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إِلَيْهِمْ.

وَإِنْ تَمَّ لِصَغِيرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَوْ نَبَتَ حَوْلَ قُبُلِهِ شَعْرٌ خَشِنٌ، أَوْ أَنْزَلَ، أَوْ عَقَلَ مَجْنُونٌ وَرَشَدَا، أَوْ رَشَدَ سَفِيهٌ: زَالَ حَجْرُهُمْ بِلَا قَضَاءٍ، وَتَزِيدُالجَارِيَةُ فِي البُلُوغِ بِالحَيْضِ، وَإِنْ حَمَلَتْ حُكِمَ بِبُلُوغِهَا.

وَلَا يَنْفَكُّ قَبْلَ شُرُوطِهِ.

وَالرُّشْدُ: الصَّلَاحُ فِي المَالِ - بِأَنْ يَتَصَرَّفَ مِرَارًا فَلَا يُغْبَنُ غَالِبًا، وَلَا يَبْذُلُ مَالَهُ فِي حَرَامٍ، أَوْ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ -.

وَلَا يُدْفَعُ إِلَيهِ مَالُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ.

وَوَلِيُّهُمْ حَالَ الحَجْرِ: الأَبُ، ثُمَّ وَصِيُّهُ، ثُمَّ الحَاكِمُ.

ص: 205

وَلَا يَتَصَرَّفُ لِأَحَدِهِمْ وَلِيُّهُ؛ إِلَّا بِالأَحَظِّ، وَيَتَّجِرُ لَهُ مَجَّاناً، وَلَهُ دَفْعُ مَالِهِ مُضَارَبَةً بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ.

وَيَأْكُلُ الوَلِيُّ الفَقِيرُ مِنْ مَالِ مَوْلِيِّهِ: الأَقَلَّ مِنْ كِفَايَتِهِ، أَوْ أُجْرَتِهِ، مَجَّاناً.

وَيُقْبَلُ قَوْلُ الوَلِيِّ وَالحَاكِمِ بَعْدَ فَكِّ الحَجْرِ فِي: النَّفَقَةِ، وَالضَّرُورَةِ، وَالغِبْطَةِ وَالتَّلَفِ، وَدَفْعِ المَالِ.

وَمَا اسْتَدَانَ العَبْدُ: لَزِمَ سَيِّدَهُ إِنْ أَذِنَ لَهُ، وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ - كَاسْتِيدَاعِهِ، وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَقِيمَةِ مُتْلَفِهِ -.

* * *

ص: 206

‌بَابُ الوَكَالَةِ

تَصِحُّ: بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى الإِذْنِ.

وَيَصِحُّ القَبُولُ - عَلَى الفَوْرِ، وَالتَّرَاخِي -: بِكُلِّ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ، دَالٍّ عَلَيْهِ.

وَمَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ: فَلَهُ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ فِيهِ.

وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ - مِنَ العُقُودِ، وَالفُسُوخِ، وَالعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ، وَتَمَلُّكِ المُبَاحَاتِ مِنَ الصَّيْدِ، وَالحَشِيشِ، وَنَحْوِهِ - لَا الظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالأَيْمَانِ.

وَفِي كُلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ - مِنَ العِبَادَاتِ، وَالحُدُودِ فِي إِثْبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا -.

وَلَيْسَ لِلْمُوَكَّلِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ؛ إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ إِلَيْهِ.

وَالوَكَالَةُ: عَقْدٌ جَائِزٌ، تَبْطُلُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا، وَمَوْتِهِ، وَعَزْلِ الوَكِيلِ، وَحَجْرِ السَّفِيهِ.

ص: 207

وَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ: لَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَشْتَرِ مِنْ نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ.

وَلَا يَبِيعُ بِعَرْضٍ، وَلَا نَسَاءٍ، وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ البَلَدِ.

وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ، أَوْ دُونِ مَا قَدَّرَهُ لَهُ، أَوِ اشْتَرَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ المِثْلِ، أَوْ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ: صَحَّ، وَضَمِنَ النَّقْصَ وَالزِّيَادَةَ.

وَإِنْ بَاعَ بِأَزْيَدَ، أَوْ قَالَ: بِعْ بِكَذَا مُؤَجَّلاً فَبَاعَ بِهِ حَالّاً، أَوِ اشْتَرِ بِكَذَا حَالّاً؛ فَاشْتَرَى بِهِ مُؤَجَّلاً، وَلَا ضَرَرَ فِيهِمَا: صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا.

* * *

ص: 208

‌فَصْلٌ

وَإِنِ اشْتَرَى مَا يَعْلَمُ عَيْبَهُ: لَزِمَهُ إِنْ لَمْ يَرْضَ مُوَكِّلُهُ، فَإِنْ جَهِلَ: رَدَّهُ.

وَوَكِيلُ المَبِيعِ يُسَلِّمُهُ، وَلَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ، وَيُسَلِّمُ وَكِيلُ الشِّرَاءِ الثَّمَنَ، فَلَوْ أَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ وَتَلِفَ: ضَمِنَهُ.

وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ فَبَاعَ صَحِيحاً، أَوْ وَكَّلَهُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، أَوْ شِرَاءِ مَا شَاءَ، أَوْ عَيْنًا بِمَا شَاءَ وَلَمْ يُعَيِّنْ: لَمْ يَصِحَّ.

وَالوَكِيلُ فِي الخُصُومَةِ: لَا يَقْبِضُ، وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ.

وَاقْبِضْ حَقِّي مِنْ زَيْدٍ: لَا يَقْبِضُ مِنْ وَرَثَتِهِ؛ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الَّذِي قِبَلَهُ.

وَلَا يَضْمَنُ وَكِيلُ الإِيدَاعِ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ.

* * *

ص: 209

‌فَصْلٌ

وَالوَكِيلُ: أَمِينٌ - لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ-، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِهِ وَالهَلَاكِ مَعَ يَمِينِهِ.

وَمَنِ ادَّعَى وَكَالَةَ زَيْدٍ فِي قَبْضِ حَقِّهِ مِنْ عَمْرٍو: لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إِنْ صَدَّقَهُ، وَلَا اليَمِينُ إِنْ كَذَّبَهُ.

فَإِنْ دَفَعَهُ؛ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ الوَكَالَةَ: حَلَفَ، وَضَمِنَهُ عَمْرٌو.

وَإِنْ كَانَ المَدْفُوعُ وَدِيعَةً: أَخَذَهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ: ضَمَّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ.

* * *

ص: 210

‌بَابُ الشَّرِكَةِ

وَهِيَ: اجْتِمَاعٌ فِي اسْتِحْقَاقٍ، أَوْ تَصَرُّفٍ.

وَهِيَ أَنْوَاعٌ:

فَشَرِكَةُ عِنَانٍ: أَنْ يَشْتَرِكَ بَدَنَانِ بِمَالَيْهِمَا المَعْلُومِ - وَلَوْ مُتَفَاوِتًا - لِيَعْمَلَا فِيهِ بِبَدَنَيْهِمَا.

فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِمَا - بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ، وَبِالوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ -.

وَيُشْتَرَطُ: أَنْ يَكُونَ رَأْسُ المَالِ مِنَ النَّقْدَيْنِ المَضْرُوبَةِ - وَلَوْ مَغْشُوشَةً يَسِيرًا -.

وَأَنْ يَشْتَرِطَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ مُشَاعاً مَعْلُوماً.

فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الرِّبْحَ، أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءًا مَجْهُولًا، أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ رِبْحَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ: لَمْ يَصِحَّ؛ وَكَذَا مُسَاقَاةٌ، وَمُزَارَعَةٌ، وَمُضَارَبَةٌ.

وَالوَضِيعَةُ: عَلَى قَدْرِ المَالِ.

وَلَا يُشْتَرَطُ خَلَطُ المَالَيْنِ، وَلَا كَوْنُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.

ص: 211

‌فَصْلٌ

الثَّانِي: المُضَارَبَةُ لِمُتَّجِرٍ بِهِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ.

فَإِنْ قَالَ: وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا: فَنِصْفَانِ، وَإِنْ قَالَ: وَلِي أَوْ لَكَ ثُلُثُهُ: صَحَّ، وَالبَاقِي لِلْآخَرِ.

وَإِنِ اخْتَلَفَا لِمَنِ المَشْرُوطُ: فَلِعَامِلٍ.

وَكَذَا مُسَاقَاةٌ، وَمُزَارَعَةٌ.

وَلَا يُضَارِبُ بِمَالٍ لِآخَرَ إِنِ انْضَرَّ الأَوَّلُ وَلَمْ يَرْضَ، فَإِنْ فَعَلَ: رَدَّ حِصَّتَهُ فِي الشَّرِكَةِ، وَلَا يُقْسَمُ مَعَ بَقَاءِ العَقْدِ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا.

وَإِنْ تَلِفَ رَأْسُ المَالِ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ، أَوْ خَسِرَ: جُبِرَ مِنَ الرِّبْحِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ أَوْ تَنْضِيضِهِ.

* * *

ص: 212

‌فَصْلٌ

الثَّالِثُ: شَرِكَةُ الوُجُوهِ: أَنْ يَشْتَرِيَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا بِجَاهِهِمَا، فَمَا رَبِحَا فَبَيْنَهُمَا.

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: وَكِيلُ صَاحِبِهِ، كَفِيلٌ عَنْهُ بِالثَّمَنِ، وَالمِلْكُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَالوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ مُلْكَيْهِمَا، وَالرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا.

الرَّابِعُ: شَرِكَةُ الأَبْدَانِ: أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا، فَمَا تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ عَمَلٍ: يَلْزَمُهُمَا فِعْلُهُ.

وَتَصِحُّ فِي الِاحْتِشَاشِ وَالِاحْتِطَابِ وَسَائِرِ المُبَاحَاتِ، وَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا: فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ طَالَبَهُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقِيمَ مُقَامَهُ: لَزِمَهُ.

الخَامِسُ: شَرِكَةُ المُفَاوَضَةِ: أَنْ يُفَوِّضَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ كُلَّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ وَبَدَنِيٍّ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ.

وَالرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا، وَالوَضِيعَةُ بِقَدْرِ المَالِ.

ص: 213

فَإِنْ أَدْخَلَا فِيهَا كَسْبًا، أَوْ غَرَامَةً نَادِرَيْنِ، أَوْ مَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا - مِنْ ضَمَانِ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ -: فَسَدَتْ.

* * *

ص: 214

‌بَابُ المُسَاقَاةِ

تَصِحُّ عَلَى شَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ يُؤْكَلُ، وَعَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ، وَعَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ: بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَرَةِ.

وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ، فَإِنْ فَسَخَ المَالِكُ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ: فَلِلْعَامِلِ الأُجْرَةُ، وَإِنْ فَسَخَهَا هُوَ: فَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَيَلْزَمُ العَامِلَ: كُلُّ مَا فِيهِ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ - مِنْ حَرْثٍ، وَسَقْيٍ، وزِبَارٍ، وَتَلْقِيحٍ، وَتَشْمِيسٍ، وَإِصْلَاحِ مَوْضِعِهِ، وَطُرُقِ المَاءِ، وَحَصَادٍ، وَنَحْوِهِ -.

وَعَلَى رَبِّ المَالِ: مَا يُصْلِحُهُ - كَسَدِّ حَائِطٍ، وَإِجْرَاءِ الأَنْهَارِ، وَالدُّولَابِ، وَنَحْوِهِ -.

* * *

ص: 215

‌فَصْلٌ

وَتَصِحُّ المُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومِ النِّسْبَةِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَرْضِ، لِرَبِّهَا، أَوْ لِلْعَامِلِ، وَالبَاقِي لِلْآخَرِ.

وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ البَذْرِ وَالغِرَاسِ مِنْ رَبِّ الأَرْضِ - وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ -.

* * *

ص: 216

‌بَابُ الإِجَارَةِ

تَصِحُّ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:

مَعْرِفَةُ المَنْفَعَةِ - كَسُكْنَى دَارٍ، وَخِدْمَةِ آدَمِيٍّ، وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ -.

الثَّانِي: مَعْرِفَةُ الأُجْرَةِ، وَتَصِحُّ فِي الأَجِيرِ وَالظِّئْرِ بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا.

وَإنْ دَخَلَ حَمَّامًا، أَوْ سَفِينَةً، أَوْ أَعْطَى ثَوبَهُ قَصَّاراً أَوْ خَيَّاطاً بِلَا عَقْدٍ: صَحَّ بأُجْرَةِ العَادَةِ.

الثَّالِثُ: الإِبَاحَةُ فِي العَيْنِ؛ فَلَا تَصِحُّ عَلَى نَفْعٍ مُحَرَّمٍ - كَالزِّنَا، وَالزَّمْرِ، وَالغِنَاءِ، وَجَعْلِ دَارِهِ كَنِيسَةً أَوْ لِبَيْعِ الخَمْرِ -.

وَتَصِحُّ إِجَارَةُ حَائِطٍ لِوَضْعِ أَطْرَافِ خَشَبِهِ عَلَيْهِ.

وَلَا تُؤَجِّرُ المَرْأَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا.

* * *

ص: 217

‌فَصْلٌ

وَيُشْتَرَطُ فِي العَيْنِ المُؤَجَّرَةِ:

مَعْرِفَتُهَا بِرُؤْيَةٍ، أَوْ صِفَةٍ - فِي غَيْرِ الدَّارِ، وَنَحْوِهَا -.

وَأَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْعِهَا دُونَ أَجْزَائِهَا؛ فَلَا تَصِحُّ إِجَارَةُ الطَّعَامِ لِلأَكْلِ، وَلَا الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ، وَلَا حَيَوَانٍ لِيَأْخُذَ لَبَنَهُ؛ إِلَّا فِي الظِّئْرِ - وَنَقْعُ البِئْرِ، وَمَاءُ الأَرْضِ: يَدْخُلَانِ تَبَعاً -.

وَالقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ؛ فَلَا تَصِحُّ إِجَارَةُ الآبِقِ، وَالشَّارِدِ.

وَاشْتِمَالُ العَيْنِ عَلَى المَنْفَعَةِ، فَلَا تَصِحُّ إِجَارَةُ بَهِيمَةٍ زَمِنَةٍ لِلْحَمْلِ، وَلَا أَرْضٍ لَا تُنْبِتُ لِلزَّرْعِ.

وَأَنْ تَكُونَ المَنْفَعَةُ لِلْمُؤَجِّرِ، أَوْ مَأذُوناً لَهُ فِيهَا، وَتَجُوزُ إِجَارَةُ العَيْنِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، لَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ ضَرَرًا.

وَتَصِحُّ إِجَارَةُ الوَقْفِ.

ص: 218

فَإِنْ مَاتَ المُؤَجِّرُ فَانْتَقَلَ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ: لَمْ تَنْفَسِخْ، وَلِلثَّانِي حِصَّتُهُ مِنَ الأُجْرَةِ.

وَإِنْ آجَرَ الدَّارَ وَنَحْوَهَا مُدَّةً - وَلَوْ طَوِيلَةً - يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ العَيْنِ فِيهَا: صَحَّ.

وَإِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِعَمَلٍ - كَدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ بَقَرٍ لِحَرْثٍ، أَوْ دِيَاسِ زَرْعٍ، أَوْ مَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقٍ-: اشْتُرِطَ مَعْرِفةُ ذَلِكَ وَضَبْطُهُ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ.

وَلَا تَصِحُّ عَلَى عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ أَهْلِ القُرْبَةِ.

وَعَلَى المُؤَجِّرِ كُلُّ مَا يُتَمَكَّنُ بِهِ مِنَ النَّفْعِ - كَزِمَامِ الجَمَلِ، وَرَحْلِهِ، وَحِزَامِهِ وَالشَّدِّ عَلَيْهِ، وَشَدِّ الأَحْمَالِ وَالمَحَامِلِ، وَالرَّفْعِ وَالحَطِّ، وَلُزُومِ البَعِيرِ، وَمَفاتِيحِ الدَّارِ وَعِمَارَتِهَا -.

فَأَمَّا تَفْرِيغُ البَالُوعَةِ وَالكَنِيفِ: فَيَلْزَمُ المُسْتَأْجِرَ إِذَا تَسَلَّمَهَا فَارِغَةً.

ص: 219

‌فَصْلٌ

وَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ، فَإِنْ آجَرَهُ شَيْئاً وَمَنَعَهُ كُلَّ المُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا: فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ بَدَا لِلآخَرِ قَبْلَ تَقَضِّيهَا: فَعَلَيْهِ الأُجْرَةُ.

وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ العَيْنِ المُؤَجَّرَةِ، وَمَوْتِ المُرْتَضِعِ وَالرَّاكِبِ إِنْ لَمْ يُخَلِّفْ بَدَلاً، وَانْقِلَاعِ ضِرْسٍ، أَوْ بُرْئِهِ، وَنَحْوِهِ.

لَا بِمَوْتِ المُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَا بِضَيَاعِ نَفَقَةِ المُسْتَأْجِرِ، وَنَحْوِهِ.

وَإِنِ اكْتَرَى دَارًا فًانْهَدَمَتْ، أَوْ أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا، أَوْ غَرِقَتْ: انْفَسَخَتِ الإِجَارَةُ فِي البَاقِي.

وَإِنْ وَجَدَ العَيْنَ مَعِيبَةً، أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ: فَلَهُ الفَسْخُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى.

وَلَا يَضْمَنُ أَجِيرٌ خَاصٌّ مَا جَنَتْ يَدُهُ خَطَأً، وَلَا

ص: 220

حَجَّامٌ وَطَبِيبٌ وَبَيْطَارٌ لَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ إِنْ عُرِفَ حِذْقُهُمْ، وَلَا رَاعٍ لَمْ يَتَعَدَّ.

ويَضْمَنُ المُشْتَرَكُ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ.

وَتَجِبُ الأُجْرَةُ بِالعَقْدِ إِنْ لَمْ تُؤَجَّلْ، وَتُسْتَحَقُّ بِتَسْلِيمِ العَمَلِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ.

وَمَنْ تَسَلَّمَ عَيْنًا بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ وَفَرَغَتِ المُدَّةُ: لَزِمَهُ أُجْرَةُ المِثْلِ.

* * *

ص: 221

‌بَابُ السَّبْقِ

يَصِحُّ عَلَى الأَقْدَامِ، وَسَائِرِ الحَيَوَانَاتِ، وَالسُّفُنِ، وَالمَزَارِيقِ.

وَلَا تَصِحُّ بِعِوَضٍ إِلَّا فِي إِبِلٍ، وَخَيْلٍ، وِسِهَامٍ.

وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ المَرْكُوبَيْنِ، وَاتِّحَادِهِمَا، وَالرُّمَاةِ، وَالمَسَافَةِ بِقَدْرٍ مُعْتَادٍ.

وَهِيَ جَعَالَةٌ - لِكُلِّ وَاحِدٍ فَسْخُهَا -.

وَتَصِحُّ المُنَاضَلَةُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ يُحْسِنُونَ الرَّمْيَ.

* * *

ص: 222

‌بَابُ العَارِيَّةِ

وَهِيَ: إِبَاحَةُ نَفْعِ عَيْنٍ، مُبْقىً مَعَ اسْتِيفَائِهِ.

وَتُبَاحُ إِعَارَةُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ مُبَاحٍ؛ إِلَّا البُضْعَ، وَعَبْداً مُسْلِماً لِكَافِرٍ، وَصَيْداً وَنَحْوَهُ لِمُحْرِمٍ، وَأَمَةً شَابَّةً لِغَيْرِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ.

وَلَا أُجْرَةَ لِمَنْ أَعَارَ حَائِطًا حَتَّى يَسْقُطَ، وَلَا يُرَدُّ إِنْ سَقَطَ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

وَتُضْمَنُ العَارِيَّةُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ تَلِفَتْ - وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهَا - وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهَا، لَا المُؤَجَّرَةَ، وَلَا يُعِيرُهَا.

فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الثَّانِي: اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَعَلَى مُعِيرِهَا أُجْرَتُهَا، وَيُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ.

وَإِنْ أَرْكَبَ مُنْقَطِعًا لِلثَّوَابِ: لَمْ يَضْمَنْ.

وَإِذَا قَالَ: أَجَّرْتُكَ، قَالَ: بَلْ أَعَرْتَنِي، أَوْ بِالعَكْسِ،

ص: 223

عَقِبَ العَقْدِ: قُبِلَ قَوْلُ مُدَّعِي الإِعَارَةِ، وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ: قَوْلُ المَالِكِ فِي مَاضِيهَا بِأُجْرَةِ المِثْلِ.

وَإِنْ قَالَ: أَعَرْتَنِي، أَوْ قَالَ: أَجَّرْتَنِي، قَالَ: بَلْ غَصَبْتَنِي، أَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَ، قَالَ: بَلْ أَجَّرْتَنِي، وَالبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ، أَوِ اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ: فَقَوْلُ المَالِكِ.

* * *

ص: 224

‌كِتَابُ الغَصْبِ

وَهُوَ: الِاسْتِيلاءُ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ، قَهْراً، بِغَيْرِ حَقٍّ، مِنْ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ.

وَإِنْ غَصَبَ كَلْباً يُقْتَنَى، أَوْ خَمْرَ ذِمِّيٍّ: رَدَّهُمَا، وَلَا يَرُدُّ جِلْدَ مَيْتَةٍ؛ وَإِتْلَافُ الثَّلَاثَةِ: هَدَرٌ.

وَإِنِ اسْتَولَى عَلَى حُرٍّ: لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنِ اسْتَعْمَلَهُ كُرْهًا أَوْ حَبَسَهُ: فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ.

وَيَلْزَمُهُ: رَدُّ المَغْصُوبِ بِزِيَادَتِهِ - وَإِنْ غَرِمَ أَضْعَافَهُ -.

وَإِنْ بَنَى فِي الأَرْضِ، أَوْ غَرَسَ: لَزِمَهُ القَلْعُ، وَأَرْشُ نَقْصِهَا، وَالتَّسْوِيَةُ، وَالأُجْرَةُ.

وَلَوْ غَصَبَ جَارِحًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ فَرَسًا فَحَصَّلَ بِذَلِكَ صَيْداً: فَلِمَالِكِهِ.

وَإِنْ ضَرَبَ المَصُوغَ، وَنَسَجَ الغَزْلَ، وَقَصَرَ الثَّوْبَ، أَوْ صَبَغَهُ بِغَصْبٍ، وَنَجَرَ الخَشَبَةَ وَنَحْوَهُ، أَوْ صَارَ الحَبُّ

ص: 225

زَرْعًا، أَوِ البَيْضَةُ فَرْخاً، أَوِ النَّوَى غَرْساً: رَدَّهُ، وَأَرْشَ نَقْصِهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ، وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ.

وَإِنْ خَصَى الرَّقِيقَ: رَدَّهُ مَعَ قِيمَتِهِ، وَمَا نَقَصَ بِسِعْرٍ: لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بِمَرَضٍ عَادَ بِبُرْئِهِ.

وَإِنْ عَادَ بِتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ: ضَمِنَ النَّقْصَ.

وَإِنْ تَعَلَّمَ، أَوْ سَمِنَ؛ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ، ثُمَّ نَسِيَ، أَوْ هُزِلَ؛ فَنَقَصَتْ: ضَمِنَ الزِّيَادَةَ، كَمَا لَوْ عَادَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الأَوَّلِي، وَمِنْ جِنْسِهَا: لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَكْثَرَهُمَا.

* * *

ص: 226

‌فَصْلٌ

وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ - كَزَيْتٍ أَوْ حِنْطَةٍ بِمِثْلِهِمَا، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ، أَوْ لَتَّ سَوِيقًا بِدُهْنٍ، أَوْ عَكَسَ - وَلَمْ تَنْقُصِ القِيمَةُ وَلَمْ تَزِدْ: فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَتِ القِيمَةُ: ضَمِنَهَا.

وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا: فَلِصَاحِبِهَا.

وَلَا يُجْبَرُ مَنْ أَبَى قَلْعَ الصُّبْغِ، وَإِذَا قُلِعَ غَرْسُ المُشْتَرِي، أَوْ بِنَاؤُهُ لِاسْتِحْقَاقِ الأَرْضِ: رَجَعَ عَلَى بَائِعِهَا بِالغَرَامَةِ.

وَإِنْ أَطْعَمَهُ لِعَالِمٍ بِغَصْبِهِ: فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ.

وَإِنْ أَطْعَمَهُ لِمَالِكِهِ، أَوْ رَهَنَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ، أَوْ آجَرَهُ إِيَّاهُ: لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ، وَيَبْرَأُ بِإِعَارَتِهِ.

وَمَا تَلِفَ، أَوْ تَعَيَّبَ مِنْ مَغْصُوبٍ مِثْلِيٍّ: غَرِمَ مِثْلَهُ إِذاً، وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ يَوْمَ تَعَذَّرَ.

ص: 227

وَيَضْمَنُ غَيْرَ المِثْلِيِّ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ.

وَإِنْ تَخَمَّرَ عَصِيرٌ: فَالمِثْلُ، فَإِنِ انْقَلَبَ خَلّاً: رَدَّ مَعَهُ نَقْصَ قِيمَةِ عَصِيرِهِ.

* * *

ص: 228

‌فَصْلٌ

وَتَصَرُّفَاتُ الغَاصِبِ الحُكْمِيَّةِ: بَاطِلَةٌ.

وَالقَوْلُ فِي قِيمَةِ التَّالِفِ، أَوْ قَدْرِهِ، أَوْ صَنْعَتِهِ: قَوْلُهُ؛ وَفِي رَدِّهِ وَعَدَمِ عَيْبِهِ: قَوْلُ رَبِّهِ؛ وَإِنْ جَهِلَ رَبَّهُ: تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ مَضْمُوناً.

وَمَنْ أَتْلَفَ مُحْتَرَماً، أَوْ فَتَحَ قَفَصًا، أَوْ بَاباً، أَوْ حَلَّ وِكَاءً أَوْ رِبَاطًا أَوْ قَيْدًا فَذَهَبَ مَا فِيهِ، أَوْ أَتْلَفَ شَيْئاً، وَنَحْوَهُ: ضَمِنَهُ.

وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ فَعَقَرَتْ: ضَمِنَ؛ كَالكَلْبِ العَقُورِ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ بِإِذْنِهِ، أَوْ عَقَرَهُ خَارِجَ مَنْزِلِهِ.

وَمَا أَتْلَفَتِ البَهِيمَةُ مِنَ الزَّرْعِ لَيْلًا: ضَمِنَ صَاحِبُهَا، وَعَكْسُهُ النَّهَارُ؛ إِلَّا أَنْ تُرْسَلَ بِقُرْبِ مَا تُتْلِفُهُ عَادَةً.

وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ رَاكِبٍ، أَوْ قَائِدٍ، أَوْ سَائِقٍ: ضَمِنَ جِنَايَتَهَا بِمُقَدَّمِهَا، لَا بِمُؤَخَّرِهَا، وَبَاقِي جِنَايَتِهَا: هَدْرٌ

ص: 229

- كَقَتْلِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ، وَكَسْرِ مِزْمَارٍ وَصَلِيبٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَآنِيَةِ خَمْرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ-.

* * *

ص: 230

‌بَابُ الشُّفْعَةِ

وَهِيَ: اسْتِحْقَاقُ انْتِزَاعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ، مِمَّنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ، بِعِوَضٍ مَالِيٍّ، بِثَمَنِهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ العَقْدُ عَلَيْهِ.

فَإِنِ انْتَقَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَوْ كَانَ عِوَضُهُ صَدَاقاً، أَوْ خُلْعاً، أَوْ صُلْحاً عَنْ دَمِ عَمْدٍ: فَلَا شُفْعَةَ.

وَيَحْرُمُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِهَا.

وَتَثْبُتُ لِشَرِيكٍ فِي أَرْضٍ تَجِبُ قِسْمَتُهَا - وَيَتْبَعُهَا الغِرَاسُ وَالبِنَاءُ، لَا الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ، - فَلَا شُفْعَةَ لِجَارٍ.

وَهِيَ: عَلَى الفَوْرِ وَقْتَ عِلْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا إِذًا بِلَا عُذْرٍ: بَطَلَتْ.

وَإِنْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: بِعْنِي، أَوْ صَالِحْنِي، أَوْ كَذَّبَ العَدْلَ، أَوْ طَلَبَ أَخْذَ البَعْضِ: سَقَطَتْ.

وَالشُّفْعَةُ لِاثْنَيْنِ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا، فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا: أَخَذَ الآخَرُ الكُلَّ، أَوْ تَرَكَ.

ص: 231

وَإِنِ اشْتَرَى اثْنَانِ حَقَّ وَاحِدٍ، أَوْ عَكْسُهُ، أَوِ اشْتَرَى وَاحِدٌ شِقْصَيْنِ مِنْ أَرْضَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً: فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحَدِهِمَا.

وَإِنْ بَاعَ شِقْصاً وَسَيْفاً، أَوْ تَلِفَ بَعْضُ المَبِيعِ: فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الشِّقْصِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ.

وَلَا شُفْعَةَ بِشَرِكَةِ وَقْفٍ، وَلَا فِي غَيْرِ مِلْكٍ سَابِقٍ، وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ.

* * *

ص: 232

‌فَصْلٌ

وَإِنْ تَصَرَّفَ مُشْتَرِيهِ بِوَقْفِهِ، أَوْ هِبَتِهِ، أَوْ رَهْنِهِ - لَا بِوَصِيَّةٍ -: سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ؛ وَبِبَيْعٍ: فَلَهُ أَخْذُهُ بِأَحَدِ البَيْعَيْنِ.

وَلِلْمُشْتَرِي: الغَلَّةُ، وَالنَّمَاءُ المُنْفَصِلُ، وَالزَّرْعُ، وَالثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ.

فَإِنْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ: فَلِلشَّفِيعِ تَمَلُّكُهُ بِقِيمَتِهِ، وَقَلْعُهُ، وَيَغْرَمُ نَقْصَهُ، وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِلَا ضَرَرٍ.

وَإِنْ مَاتَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الطَّلَبِ: بَطَلَتْ، وَبَعْدَهُ لِوَارِثِهِ.

وَيَأْخُذُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ: سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَالمُؤَجَّلُ: يَأْخُذُهُ المَلِيءُ بِهِ، وَضِدُّهُ: بِكَفِيلٍ مَلِيءٍ.

وَيُقْبَلُ فِي الخُلْفِ مَعَ عَدَمِ البَيِّنَةِ: قَوْلُ المُشْتَرِي.

فَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ: أَخَذَ الشَّفِيعُ بِهِ - وَلَوْ أَثْبَتَ البَائِعُ أَكْثَرَ -.

ص: 233

وَإِنْ أَقَرَّ البَائِعُ بِالبَيْعِ، وَأَنْكَرَ المُشْتَرِي: وَجَبَتْ.

وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ: عَلَى المُشْتَرِي، وَعُهْدَةُ المُشْتَرِي: عَلَى البَائِعِ.

* * *

ص: 234

‌بَابُ الوَدِيعَةِ

إِذَا تَلِفَتْ مِنْ بَيْنِ مَالِهِ، وَلَمْ يَتَعَدَّ: لَمْ يَضْمَنْ.

وَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، فَإِنْ عَيَّنَهُ صَاحِبُهَا فَأَحْرَزَهَا بِدُونِهِ: ضَمِنَ، وَبِمِثْلِهِ أَوْ أَحْرَزَ: فَلَا.

وَإِنْ قَطَعَ العَلَفَ عَنِ الدَّابَّةِ بِغَيْرِ قَوْلِ صَاحِبِهَا: ضَمِنَ.

وَإِنْ عَيَّنَ جَيْبَهُ فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ: ضَمِنَ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ.

وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ، أَوْ مَالَ رَبِّهَا: لَمْ يَضْمَنْ، وَعَكْسُهُ الأَجْنَبِيُّ وَالحَاكِمُ، وَلَا يُطَالَبَانِ إِنْ جَهِلَا.

وَإِنْ حَدَثَ خَوْفٌ، أَوْ سَفَرٌ: رَدَّهَا عَلَى رَبِّهَا، فَإِنْ غَابَ: حَمَلَهَا إِنْ كَانَ أَحْرَزَ، وَإِلَّا أَوْدَعَهَا ثِقَةً.

ص: 235

وَمَنْ أُودِعَ دَابَّةً فَرَكِبَهَا لِغَيْرِ نَفْعِهَا، أَوْ ثَوبًا فَلَبِسَهُ، أَوْ دَرَاهِمَ فَأَخْرَجَهَا مِنْ مُحْرَزٍ ثُمَّ رَدَّهَا، أَوْ رَفَعَ الخَتْمَ وَنَحْوَهُ عَنْهَا، أَوْ خَلَطَهَا بِغَيْرِ مُتَمَيِّزٍ، فَضَاعَ الكُلُّ: ضَمِنَ.

* * *

ص: 236

‌فَصْلٌ

وَيُقْبَلُ قَوْلُ المُودَعِ: فِي رَدِّهَا إِلَى رَبِّهَا أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَتَلَفِهَا، وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ.

فَإِنْ قَالَ: لَمْ تُودِعْنِي، ثُمَّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، ثُمَّ ادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا سَابِقَيْنِ لِجُحُودِهِ: لَمْ يُقْبَلَا - وَلَوْ بِبَيِّنَةٍ - بَلْ فِي قَوْلِهِ: مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ وَنَحْوُهُ، أَوْ بَعْدَهُ بِهَا.

وَإِنِ ادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ مِنْهُ، أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِ: لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.

وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُ الوَدِيعَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ يَنْقَسِمُ: أَخَذَهُ.

وَلِلْمُسْتَوْدَعِ، وَالمُضَارِبِ، وَالمُرْتَهِنِ، وَالمُسْتَأْجِرِ: مُطَالَبَةُ غَاصِبِ العَيْنِ.

* * *

ص: 237

‌بَابُ إِحْيَاءِ المَوَاتِ

وَهِيَ: الأَرْضُ المُنْفَكَّةُ عَنِ الِاخْتِصَاصَاتِ، وَمِلْكِ مَعْصُومٍ.

فَمَنْ أَحْيَاهَا: مَلَكَهَا - مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، بِإِذْنِ الإِمَامِ وَعَدَمِهِ، فِي دَارِ الإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا، وَالعَنْوَةُ كَغَيْرِهَا -.

وَيُمْلَكُ بِالإِحْيَاءِ: مَا قَرُبَ مِنْ عَامِرٍ، إِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَصْلَحَتِهِ.

وَمَنْ أَحَاطَ مَوَاتًا، أَوْ حَفَرَ فِيهِ بِئْراً فَوَصَلَ إِلَى المَاءِ، أَوْ أَجْرَاهُ إِلَيْهِ مِنْ عَيْنٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ حَبَسَهُ عَنْهُ لِيَزْرَعَ: فَقَدْ أَحْيَاهُ.

وَيَمْلِكُ حَرِيمَ البِئْرِ العَادِيَّةِ: خَمْسِينَ ذِرَاعاً مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَحَرِيمَ البَدِيَّةِ: نِصْفَهَا.

وَلِلْإِمَامِ: إِقْطَاعُ مَوَاتٍ لِمَنْ يُحْيِيهِ - وَلَا يَمْلِكُ -، وَإِقْطَاعُ الجُلُوسِ فِي الطُّرُقِ الوَاسِعَةِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ - وَيَكُونُ أَحَقَّ بِجُلُوسِهَا -.

ص: 238

وَمِنْ غَيْرِ إِقْطَاعٍ: لِمَنْ سَبَقَ الجُلُوسَ مَا بَقِيَ قُمَاشُهُ فِيهَا - وَإِنْ طَالَ -، وَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ: اقْتَرَعَا.

وَلِمَنْ فِي أَعْلَى المَاءِ المُبَاحِ: السَّقْيُ، وَحَبْسُ المَاءِ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى كَعْبِهِ، ثُمَّ يُرْسِلُهُ إِلَى مَنْ يَلِيهِ.

وَلِلإِمَامِ - دُونَ غَيْرِهِ -: حِمَى مَرْعىً لِدَوَابِّ المُسْلِمِينَ؛ مَا لَمْ يَضُرَّهُمْ.

* * *

ص: 239

‌بَابُ الجَعَالَةِ

وَهِيَ: أَنْ يَجْعَلَ شَيْئاً مَعْلُوماً، لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ عَمَلاً مَعْلُوماً أَوْ مَجْهُولاً، مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً - كَرَدِّ عَبْدٍ، وَلُقَطَةٍ، وَخِيَاطَةٍ، وَبِنَاءِ حَائِطٍ -.

فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِقَوْلِهِ: اسْتَحَقَّهُ، وَالجَمَاعَةُ يَقْتَسِمُونَهُ، وَفِي أَثْنَائِهِ: يَأْخُذُ قِسْطَ تَمَامِهِ.

وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا، فَمِنَ العَامِلِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَمِنَ الجَاعِلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ: لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَمَعَ الِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِهِ أَوْ قَدْرِهِ: يُقْبَلُ قَوْلُ الجَاعِلِ.

وَمَنْ رَدَّ لُقَطَةً، أَوْ ضَالَّةً، أَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلاً بِغَيْرِ جُعْلٍ: لَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضاً؛ إِلَّا دِينَارًا أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا عَنْ رَدِّ الآبِقِ، وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ أَيْضاً.

* * *

ص: 240

‌بَابُ اللُّقَطَةِ

وَهِيَ: مَالٌ أَوْ مُخْتَصٌّ، ضَلَّ عَنْ رَبِّهِ، وَتَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ.

فَأَمَّا الرَّغِيفُ وَالسَّوْطُ وَنَحْوُهُمَا: فَيُمْلَكُ بِلَا تَعْرِيفٍ.

وَمَا امْتَنَعَ مِنْ سَبُعٍ صَغِيرٍ - كَثَوْرٍ، وَجَمَلٍ، وَنَحْوِهِمَا -: حَرُمَ أَخْذُهُ.

وَلَهُ التِقَاطُ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ، إِنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ كَغَاصِبٍ.

وَيُعَرِّفُ الجَمِيعَ بِالنِّدَاءِ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ- غَيْرِ المَسَاجِدِ - حَوْلًا، وَيَمْلِكُهُ بَعْدَهُ حُكْمًا، لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا قَبْلَ مَعْرِفَةِ صِفَاتِهَا، فَمَتَى جَاءَ طَالِبُهَا فَوَصَفَهَا: لَزِمَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ.

وَالسَّفِيهُ وَالصَّبِيُّ: يُعَرِّفُ لُقَطَتَهُمَا وَلِيُّهُمَا.

ص: 241

وَمَنْ تَرَكَ حَيَوَانًا بِفَلَاةٍ لِانْقِطَاعِهِ، أَوْ عَجْزِ رَبِّهِ عَنْهُ: مَلَكَهُ آخِذُهُ.

وَمَنْ أُخِذَ نَعْلُهُ وَنَحْوُهُ، وَوَجَدَ مَوْضِعَهُ غَيْرَهُ: فَلُقَطَةٌ.

* * *

ص: 242

‌بَابُ اللَّقِيطِ

وَهُوَ: طِفْلٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ، وَلَا رِقُّهُ، نُبِذَ أَوْ ضَلَّ.

وَأَخْذُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ.

وَهُوَ: حُرٌّ، وَمَا وُجِدَ مَعَهُ، أَوْ تَحْتَهُ ظَاهِرًا، أَوْ مَدْفُونًا طَرِيًّا، أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ -كَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ-، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ: فَلَهُ، يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَإِلَّا مِنْ بَيْتِ المَالِ.

وَهُوَ: مُسْلِمٌ، وَحَضَانَتُهُ لِوَاجِدِهِ الأَمِينِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِ حَاكِمٍ، وَمِيرَاثُهُ وَدِيَتُهُ لِبَيْتِ المَالِ، وَوَلِيُّهُ فِي العَمْدِ: الإِمَامُ يُخَيَّرُ بَيْنَ القِصَاصِ وَالدِّيَةِ.

وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ ذَاتُ زَوْجٍ، أَوْ مُسْلِمٌ، أَوْ كَافِرٌ أَنَّهُ وَلَدُهُ: لَحِقَ بِهِ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ اللَّقِيطِ.

وَلَا يَتْبَعُ الكَافِرَ فِي دِينِهِ؛ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ.

ص: 243

وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالرِّقِّ مَعَ سَبْقِ مُنَافٍ، أَوْ قَالَ: إِنَّهُ كَافِرٌ: لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.

وَإِنِ ادَّعَاهُ جَمَاعَةٌ: قُدِّمَ ذُو البَيِّنَةِ، وَإِلَّا فَبِمَنْ أَلْحَقَتْهُ القَافَةُ.

* * *

ص: 244

‌كِتَابُ الوَقْفِ

وَهُوَ: تَحْبِيسُ الأَصْلِ، وَتَسْبِيلُ المَنْفَعَةِ.

وَيَصِحُّ: بِالقَوْلِ، وَبِالفِعْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ - كَمَنْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِداً وَأَذِنَ لِلنَّاسِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ، أَوْ مَقْبَرَةً وَأَذِنَ فِي الدَّفْنِ فِيهَا -.

وَصَرِيحُهُ: وَقَفْتُ، وَحَبَّسْتُ، وَسَبَّلْتُ.

وَكِنَايَتُهُ: تَصَدَّقْتُ، وَحَرَّمْتُ، وَأَبَّدتُّ، فَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ مَعَ الكِنَايَةِ، أَوِ اقْتِرَانِ أَحَدِ الأَلْفَاظِ الخَمْسَةِ، أَوْ حُكْمِ الوَقْفِ.

وَيُشْتَرَطُ فِيهِ المَنْفَعَةُ دَائِماً، مِنْ مُعَيَّنٍ، يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ - كَعَقَارٍ، وَحَيَوَانٍ، وَنَحْوِهِمَا -.

وَأَنْ يَكُونَ عَلَى بِرٍّ - كَالمَسَاجِدِ، وَالقَنَاطِرِ، وَالمَسَاكِينِ، وَالأَقَارِبِ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ - غَيْرَ حَرْبِيٍّ، وَكَنِيسَةٍ، وَنَسْخِ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَكُتُبِ زَنْدَقَةٍ.

ص: 245

وَكَذَا الوَصِيَّةُ، وَالوَقْفُ عَلَى نَفْسِهِ.

وَيُشْتَرَطُ - فِي غَيْرِ المَسْجِدِ وَنَحْوِهِ -: أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُ - لَا مَلَكٍ، وَحَيَوَانٍ، وَقَبْرٍ، وَحَمْلٍ - لَا قَبُولُهُ، وَلَا إِخْرَاجُهُ عَنْ يَدِهِ.

* * *

ص: 246

‌فَصْلٌ

وَيَجِبُ العَمَلُ بِشَرْطِ الوَاقِفِ: فِي جَمْعٍ، وَتَقْدِيمٍ، وَضِدِّ ذَلِكَ، وَاعْتِبَارِ وَصْفٍ وَعَدَمِهِ، وَالتَّرْتِيبِ، وَنَظَرٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

فَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ: اسْتَوَى الغَنِيُّ وَالذَّكَرُ، وَضِدُّهُمَا، وَالنَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ، ثُمَّ عَلَى المَسَاكِينِ: فَهُوَ لِوَلَدِهِ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ، ثُمَّ وَلَدِ بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَذُرِّيَّتِهِ لِصُلْبِهِ.

وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنِيهِ، أَوْ بَنِي فُلَانٍ: اخْتَصَّ بِذُكُورِهِمْ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَبِيلَةً فَيَدْخُلَ النِّسَاءُ، دُونَ أَوْلَادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ.

وَالقَرَابَةُ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَقَوْمُهُ: يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِ أَبِيهِ وَجَدِّهُ وَجَدِّ أَبِيهِ.

ص: 247

وَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي إِرَادَةَ الإِنَاثِ، أَوْ حِرْمَانَهُنَّ: عُمِلَ بِهَا.

وَإِذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ: وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسَاوِي، وَإِلَّا جَازَ التَّفْضِيلُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمْ.

* * *

ص: 248

‌فَصْلٌ

وَالوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ - لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ - وَلَا يُبَاعُ إِلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ، وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ - وَلَوْ أَنَّهُ مَسْجِدٌ وَآلَتُهُ - وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ: جَازَ صَرْفُهُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَالصَّدَقَةُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ.

* * *

ص: 249

‌بَابُ الهِبَةِ وَالعَطِيَّةِ

وَهِيَ: التَّبَرُّعُ بِتَمْلِيكِ مَالِهِ، المَعْلُومِ، المَوْجُودِ فِي حَيَاتِهِ، غَيْرَهُ.

فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا عِوَضًا مَعْلُومًا: فَبَيْعٌ، وَلَا يَصِحُّ مَجْهُولاً؛ إِلَّا مَا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ.

وَتَنْعَقِدُ: بِالإِيجَابِ، وَالقَبُولِ، وَالمُعَاطَاةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا.

وَتَلْزَمُ بِالقَبْضِ بِإِذْنِ وَاهِبٍ؛ إِلَّا مَا كَانَ فِي يَدِ مُتَّهِبٍ، وَوَارِثُ الوَاهِبِ يَقُومُ مَقَامَهُ.

وَمَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ بِلَفْظِ: الإِحْلَالِ، أَوِ الصَّدَقَةِ، أَوِ الهِبَةِ، وَنَحْوِهَا: بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ.

وَتَجُوزُ هِبَةُ كُلِّ عَيْنٍ تُبَاعُ، وَكَلْبٍ يُقْتَنَى.

* * *

ص: 250

‌فَصْلٌ

يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَولَادِهِ بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ.

فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ: سَوَّى بِرُجُوعٍ أَوْ زِيَادَةٍ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ: ثَبَتَ.

وَلَا يَجُوزُ لِوَاهِبٍ: أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ اللَّازِمَةِ إِلَّا الأَبَ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَيَتَمَلَّكَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَحْتَاجُهُ.

فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ - وَلَوْ فِيمَا وَهَبَهُ لَهُ - بِبَيْعٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ إِبْرَاءٍ، أَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، أَوْ تَمَلُّكِهِ - بِقَوْلٍ، أَوْ نِيَّةٍ وَقَبْضٍ مُعْتَبَرٍ -: لَمْ يَصِحَّ، بَلْ بَعْدَهُ.

وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَنَحْوِهِ؛ إِلَّا نَفَقَتَهُ الوَاجِبَةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ بِهَا، وَحَبْسَهُ عَلَيْهَا.

ص: 251

‌فَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ المَرِيضِ

مَنْ مَرَضُهُ غَيْرُ مَخُوفٍ - كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَعَيْنٍ، وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ -: فَتَصَرُّفُهُ لَازِمٌ كَالصَّحِيحِ، وَلَوْ مَاتَ مِنْهُ.

وَإِنْ كَانَ مَخُوفاً - كَبِرْسَامٍ، وَذَاتِ جَنْبٍ، وَوَجَعِ قَلْبٍ، وَدَوَامِ قِيَامٍ، أَوْ رُعَافٍ، وَأَوَّلِ فَالِجٍ، وَآخِرِ سِلٍّ، وَالحُمَّى المُطْبِقَةِ، وَالرِّبْعِ، وَمَا قَالَ طَبِيبَانِ مُسْلِمَانِ عَدْلَانِ إِنَّهُ مَخُوفٌ، وَمَنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ، وَمَنْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ -: لَا يَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ، وَلَا بِمَا فَوْقَ الثُّلُثِ؛ إِلَّا بِإِجَازَةِ الوَرَثَةِ لَهَا إِذَا مَاتَ مِنْهُ. وَإِنْ عُوفِيَ: فَكَصَحِيحٍ.

وَمَنِ امْتَدَّ مَرَضُهُ - بِجُذَامٍ، أَوْ سِلٍّ، أَوْ فَالَجٍ - وَلَمْ يَقْطَعْهُ بِفِرَاشٍ: فَمِنْ كُلِّ مَالِهِ، وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ.

وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ.

وَيُسَوَّى بَيْنَ المُتَقَدِّمِ وَالمُتَأَخِّرِ فِي الوَصِيَّةِ.

ص: 252

وَيُبْدَأُ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ فِي العَطِيَّةِ، وَلَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَيُعْتَبَرُ القَبُولُ لَهَا عِنْدَ وُجُودِهَا، وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ إِذاً، وَالوَصِيَّةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

* * *

ص: 253

‌كِتَابُ الوَصَايَا

يُسَنُّ لِمَنْ تَرَكَ خَيْراً - وَهُوَ المَالُ الكَثِيرُ -: أَنْ يُوصِيَ بِالخُمُسِ، وَلَا تَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَا لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ؛ إِلَّا بِإِجَازَةِ الوَرَثَةِ لَهُمَا بَعْدَ المَوْتِ، فَتَصِحُّ تَنْفِيذاً.

وَتُكْرَهُ وَصِيَّةُ فَقِيرٍ وَارِثُهُ مُحْتَاجٌ.

وَتَجُوزُ بِالكُلِّ لِمَن لَا وَارِثَ لَهُ.

وَإِنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِالوَصَايَا: فَالنَّقْصُ بِالقِسْطِ.

وَإِنْ أَوصَى لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ المَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ: صَحَّتْ؛ وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ.

وَيُعْتَبَرُ قَبُولُ المُوصَى لَهُ بَعْدَ المَوْتِ - وَإِنْ طَالَ - لَا قَبْلَهُ، وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ عَقِبَ المَوْتِ.

وَمَنْ قَبِلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا: لَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ.

وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الوَصِيَّةِ.

ص: 254

وَإِنْ قَالَ: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلَهُ مَا وَصَّيْتُ بِهِ لِعَمْرٍو، فَقَدِمَ فِي حَيَاتِهِ: فَلَهُ؛ وَبَعْدَهَا: لِعَمْرٍو.

وَيُخْرَجُ الوَاجِبُ كُلُّهُ - مِنْ دَيْنٍ، وَحَجٍّ، وَغَيْرِهِ -: مِنْ كُلِّ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ.

وَإِنْ قَالَ: أَدُّوا الوَاجِبَ مِنْ ثُلُثِي: بُدِئَ بِهِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيءٌ: أَخَذَهُ صَاحِبُ التَّبَرُّعِ، وَإِلَّا سَقَطَ.

* * *

ص: 255

‌بَابُ المُوصَى لَهُ

تَصِحُّ لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ، وَلِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ - كَثُلُثِهِ - وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَيَأْخُذُ الفَاضِلَ، وَبِمِئَةٍ أَوْ مُعَيَّنٍ: لَا يَصِحُّ لَهُ.

وَتَصِحُّ بِحَمْلٍ، وَلِحَمْلٍ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَبْلَهَا.

وَإِذَا أَوصَى مَنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ: صُرِفَ مِنْ ثُلُثِهِ مُؤْنَةُ حِجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى تَنْفَدَ.

وَلَا تَصِحُّ لِمَلَكٍ، وَبَهِيمَةٍ، وَمَيِّتٍ.

فَإِنْ وَصَّى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ يَعْلَمُ مَوْتَهُ: فَالكُلُّ لِلْحَيِّ، وَإِنْ جَهِلَ: فَالنِّصْفُ.

وَإِنْ وَصَّى بِمَالِهِ لِابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّا وَصِيَّتَهُ: فَلَهُ التُّسُعُ.

* * *

ص: 256

‌بَابُ المُوصَى بِهِ

تَصِحُّ بِمَا يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ - كَآبِقٍ، وَطَيْرٍ فِي هَوَاءٍ - وَبِالمَعْدُومِ - كَبِمَا يَحْمِلُ حَيَوَانُهُ وَشَجَرَتُهُ أَبَدًا، أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً -.

فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ: بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ.

وَتَصِحُّ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ، وَبِزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ، وَلَهُ ثُلُثُهُمَا - وَلَوْ كَثُرَ المَالُ - إِنْ لَمْ تُجِزِ الوَرَثَةُ.

وَتَصِحُّ بِمَجْهُولٍ- كَعَبْدٍ، وَشَاةٍ -.

وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ العُرْفِيُّ.

وَإِذَا وَصَّى بِثُلُثِهِ فَاسْتَحْدَثَ مَالًا - وَلَوْ دِيَةً -: دَخَلَ فِي الوَصِيَّةِ.

وَمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِمُعَيَّنٍ فَتَلِفَ: بَطَلَتْ، وَإِنْ تَلِفَ المَالُ كُلُّهُ غَيْرَهَ: فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، إِنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ المَالِ الحَاصِلِ لِلْوَرَثَةِ.

* * *

ص: 257

‌بَابُ الوَصِيَّةِ بِالأَنْصِبَاءِ وَالأَجْزَاءِ

إِذَا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ: فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ مَضْمُومًا إِلَى المَسْأَلَةِ.

فَإِذَا أَوْصَىبِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَهُ ابْنَانِ: فَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً: فَلَهُ الرُّبُعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ بِنْتٌ: فَلَهُ التُّسُعَانِ.

وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ: كَانَ لَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ نَصِيباً - فَمَعَ ابْنٍ وَبِنْتٍ: رُبُعٌ، وَمَعَ زَوْجَةٍ وَابْنٍ: تُسُعٌ -.

وَبِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ: لَهُ سُدُسٌ.

وَبِشَيْءٍ أَوْ جُزْءٍ أَوْ حَظٍّ: أَعْطَاهُ الوَارِثُ مَا شَاءَ.

* * *

ص: 258

‌بَابُ المُوصَى إِلَيهِ

تَصِحُّ وَصِيَّةُ المُسْلِمِ إِلَى: كُلِّ مُسْلِمٍ، مُكَلَّفٍ، عَدْلٍ، رَشِيدٍ - وَلَوْ عَبْداً وَيَقْبَلُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ -.

وَإِذَا أَوْصَى إِلَى زَيْدٍ وَبَعْدَهُ إِلَى عَمْرٍو، وَلَمْ يَعْزِلْ زَيْداً: اشْتَرَكَا، وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِتَصَرُّفٍ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ.

وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ؛ إِلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ، يَمْلِكُهُ المُوصِي - كَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ، وَالنَّظَرِ لِصِغَارِهِ -.

وَلَا تَصِحُّ بِمَا لَا يَمْلِكُهُ المُوصِي - كَوَصِيَّةِ المَرْأَةِ بِالنَّظَرِ فِي حَقِّ أَوْلَادِهَا الأَصَاغِرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ -.

وَمَنْ وُصِّيَ فِي شَيْءٍ: لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيْرِه.

وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى المَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ بَعْدَ تَفْرِقَةِ الوَصِيِّ: لَمْ يَضْمَنْ.

وَإِنْ قَالَ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْتَ: لَمْ يَحِلَّ لَهُ، وَلَا لِوَلَدِهِ.

ص: 259

وَمَنْ مَاتَ بِمَكَانٍ لَا حَاكِمَ فِيهِ، وَلَا وَصِيَّ: حَازَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ مِنَ المُسْلِمِينَ تَرِكَتَهُ، وَعَمِلَ الأَصْلَحَ فِيهَا مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ.

* * *

ص: 260

‌كِتَابُ الفَرَائِضِ

وَهِيَ: العِلْمُ بِقِسْمَةِ المَوَارِيثِ.

أَسْبَابُ الإِرْثِ: رَحِمٌ، وَنِكَاحٌ، وَوَلَاءٌ.

وَالوَرَثَةُ: ذُو فَرْضٍ، وَعَصَبَةٍ، وَرَحِمٍ.

فَذُو الفَرْضِ عَشْرَةٌ: الزَّوجَانِ، وَالأَبَوَانِ، وَالجَدُّ، وَالجَدَّةُ، وَالبَنَاتُ، وَبَنَاتُ الِابْنِ، وَالأَخَوَاتُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَالإِخْوَةُ مِنَ الأُمِّ.

فَلِلزَّوْجِ: النِّصْفُ، وَمَعَ وُجُودِ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ - وَإِنْ نَزَلَ -: الرُّبُعُ.

وَلِلزَّوْجَةِ فَأَكْثَرَ: نِصْفُ حَالَيْهِ فِيهِمَا.

وَلِكُلٍّ مِنَ الأَبِ وَالجَدِّ: السُّدُسُ بِالفَرْضِ مَعَ ذُكُورِ الوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ، وَيَرِثَانِ بِالتَّعْصِيبِ: مَعَ عَدَمِ الوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ، وَبِالفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ: مَعَ إِنَاثِهِمَا.

ص: 261

‌فَصْلٌ

وَالجَدُّ لِأَبٍ - وَإِنْ عَلَا - مَعَ وَلَدِ أَبَوَيْنِ أَوْ أَبٍ: كَأَخٍ مِنْهُمْ.

فَإِنْ نَقَصَتْهُ المُقَاسَمَةُ عَنْ ثُلُثِ المَالِ: أُعْطِيَهُ.

وَمَعَ ذِي فَرْضٍ بَعْدَهُ: الأَحَظُّ مِنَ المُقَاسَمَةِ، أَوْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ، أَوْ سُدُسِ الكُلِّ.

فَإِنْ لَمْ يَبْقَ سِوَى السُّدُسِ: أُعْطِيَهُ، وَسَقَطَ الإِخْوَةُ؛ إِلَّا فِي الأَكْدَرِيَّةِ.

وَلَا يَعُولُ وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ مَعَهُ إِلَّا بِهَا.

وَوَلَدُ الأَبِ إِذَا انْفَرَدُوا مَعَهُ: كَوَلَدِ الأَبَوَيْنِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا فَقَاسَمُوهُ: أَخَذَ عَصَبَةُ وَلَدِ الأَبَوَيْنِ مَا بِيَدِ وَلَدِ الأَبِ، وَأُنْثَاهُمْ فَقَطْ تَمَامَ فَرْضِهَا، وَمَا بَقِيَ لِوَلَدِ الأَبِ.

* * *

ص: 262

‌فَصْلٌ

وَلِلْأُمِّ: السُّدُسُ مَعَ وُجُودِ وَلَدٍ، أَوْ وَلَدِ ابْنٍ، أَوِ اثْنَيْنِ مِنْ إِخْوَةٍ أَوْ أَخَوَاتٍ، وَالثُّلُثُ مَعَ عَدَمِهِمْ.

وَالسُّدُسُ مَعَ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ، وَالرُّبُعُ مَعَ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ، وَلِلْأَبِ مِثْلَاهُمَا.

* * *

ص: 263

‌فَصْلٌ

تَرِثَ أُمُّ الأُمِّ، وَأُمُّ الأَبِ، وَأُمُّ أَبِ الأَبِ - وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً -: السُّدُسَ، فَإِنْ تَحَاذَيْنَ: فَبَيْنَهُنَّ، وَمَنْ قَرُبَتْ: فَلَهَا وَحْدَهَا.

وَتَرِثُ أَمُّ الأَبِ وَالجَدِّ مَعَهُمَا - كَالعَمِّ -.

وَتَرِثُ الجَدَّةُ بِقَرَابَتَيْنِ: ثُلُثَيِ السُّدُسِ.

فَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ خَالَتِهِ فَجَدَّتُهُ: أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهِمَا وَأُمُّ أُمِّ أَبِيهِ.

وَإِنْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ فَجَدَّتُهُ: أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أَبِي أَبيهِ.

* * *

ص: 264

‌فَصْلٌ

وَالنِّصْفُ: فَرْضُ بِنْتٍ وَحْدَهَا، ثُمَّ لِبِنْتِ ابْنٍ وَحْدَهَا، ثُمَّ لِأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ وَحْدَهَا.

وَالثُّلُثَانِ: لِثِنْتَيْنِ مِنَ الجَمِيعِ فَأَكْثَرَ، إِذَا لَمْ يُعَصَّبْنَ بِذَكَرٍ.

وَالسُّدُسُ: لِبِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتٍ، وَلِأُخْتٍ فَأَكْثَرَ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ، مَعَ عَدَمِ مُعَصِّبٍ فِيهِمَا.

فَإِنِ اسْتَكْمَلَ الثُّلُثَيْنِ بَنَاتٌ، أَوْ هُمَا: سَقَطَ مَنْ دُونَهُنَّ، إِنْ لَمْ يُعَصِّبْهُنَّ ذَكَرٌ بِإِزَائِهِنَّ أَوْ أَنْزَلَ مِنْهُنَّ.

وَكَذَا الأَخَوَاتُ مِنَ الأَبِ مَعَ أَخَوَاتِ الأَبَوَيْنِ، إِنْ لَمْ يُعْصِبْهُنَّ أَخُوهُنَّ.

وَالأُخْتُ فَأَكْثَرُ: تَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ البِنْتِ فَأَزْيَدَ.

وَلِلذَّكَرِ أَوِ الأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الأُمِّ: السُّدُسُ.

وَلِاثْنَيْنِ فَأَزْيَدَ: الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.

ص: 265

‌فَصْلٌ فِي الحَجْبِ

تَسْقُطُ الأَجْدَادُ: بِالأَبِ، وَالأَبْعَدُ: بِالأَقْرَبِ.

وَالجَدَّاتُ: بِالأُمِّ.

وَوَلَدُ الِابْنِ: بِالابْنِ.

وَوَلَدُ الأَبَوَيْنِ: بِابْنٍ، وَابْنِ ابْنٍ، وَأَبٍ.

وَوَلَدُ الأَبِ: بِهِمْ، وَبِالأَخِ لِأَبَوَيْنِ.

وَوَلَدُ الأُمِّ: بِالوَلَدِ، وَوَلَدِ الِابْنِ، وَبِالأَبِ وَأَبِيهِ، وَيَسْقُطُ بِهِ: كُلُّ ابْنِ أَخٍ، وَعَمٍّ.

* * *

ص: 266

‌بَابُ العَصَبَاتِ

وَهُمْ: كُلُّ مَنْ لَوِ انْفَرَدَ أَخَذَالمَالَ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَعَ ذِي فَرْضٍ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ.

فَأَقْرَبُهُمْ: ابْنٌ، ثُمَّ ابْنُهُ - وَإِنْ نَزَلَ-.

ثُمَّ الأَبُ، ثُمَّ الجَدُّ - وَإِنْ عَلَا - مَعَ عَدَمِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ.

ثُمَّ هُمَا، ثَمَّ بَنُوهُمَا أَبَداً.

ثُمَّ عَمٌّ لأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ.

ثُمَّ أَعْمَامُ أَبِيهِ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمْ كَذَلِكَ، ثُمَّ أَعْمَامُ جَدِّهِ، ثُمَّ بَنُوهُمْ كَذَلِكَ.

لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ وَلَوْ نَزَلُوا - فَأَخٌ لِأَبٍ: أَوْلَى مِنْ عَمٍّ وَابْنِهِ، وَابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ. وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ: أَوْلَى مِنِ ابْنِ ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ -.

وَمَعَ الِاسْتِوَاءِ: يُقَدَّمُ مَنْ لَأَبَوَيْنِ.

فَإنْ عَدِمَ عَصَبَةُ النَّسَبِ: وَرِثَ المُعْتِقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ.

ص: 267

‌فَصْلٌ

يَرِثُ الِابْنُ وَابْنُهُ، وَالأَخُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ مَعَ أُخْتِهِ مِثْلَيْهَا.

وَكُلُّ عَصَبَةٍ غَيْرُهُمْ: لَا تَرِثُ أُخْتُهُ مَعَهُ شَيْئاً.

وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ، أَوْ زَوْجٌ: لَهُ فَرْضُهُ، وَالبَاقِي لَهُمَا.

وَيُبْدَأُ بِالفُرُوضِ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ، وَيَسْقُطُونَ بِالحِمَارِيَّةِ.

* * *

ص: 268

‌بَابُ أُصُولِ المَسَائِلِ

الفُرُوضُ سِتَّةٌ: نِصْفٌ، وَرُبُعٌ، وَثُمُنٌ، وَثُلُثَانِ، وَثُلُثٌ، وَسُدُسٌ.

وَالأُصُولُ سَبْعَةٌ:

فَنِصْفَانِ، أَوْ نِصْفٌ وَمَا بَقِيَ: مِنَ اثْنَيْنِ.

وَثُلُثَانِ، أَوْ ثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ، أَوْ هُمَا: مِنْ ثَلَاثَةٍ.

وَرُبُعٌ، أَوْ ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ، أَوْ مَعَ النِّصْفِ: مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَمِنْ ثَمَانِيَةٍ.

فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ.

وَالنِّصْفُ مَعَ الثُّلُثَيْنِ أَوِ الثُّلُثِ أَوِ السُّدُسِ، أَوْ هُوَ وَمَا بَقِيَ: مِنْ سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إِلَى عَشَرَةٍ شَفْعًا وَوِتْراً.

وَالرُّبُعُ مَعَ الثُّلُثَيْنِ أَوِ الثُّلُثِ أَوِ السُّدُسِ: مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ وِتْراً.

ص: 269

وَالثُّمُنُ مَعَ سُدُسٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ: مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ.

وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الفُرُوضِ شَيْءٌ وَلَا عَصَبَةَ: رُدَّ عَلَى كُلِّ فَرْضٍ بِقَدْرِهِ، غَيْرَ الزَّوْجَيْنِ.

* * *

ص: 270

‌بَابُ التَّصْحِيحِ وَالمُنَاسَخَاتِ

وَقِسْمَةِ التَّرِكَاتِ

إِذَا انْكَسَرَ سَهْمُ فَرِيقٍ عَلَيْهِمْ: ضَرَبْتَ عَدَدَهُمْ إِنْ بَايَنَ سِهَامَهُمْ، أَوْ وَفْقَهُ إِنْ وَافَقَهُ بِجُزْءٍ - كَثُلُثٍ وَنَحْوِهِ - فِي أَصْلِ المَسْأَلَةِ، وَعَوْلِهَا إِنْ عَالَتْ، فَمَا بَلَغَ: صَحَّتْ مِنْهُ، وَيَصِيرُ لِلْوَاحِدِ مَا كَانَ لِجَمَاعَتِهِ أَوْ وَفْقَهُ.

* * *

ص: 271

‌فَصْلٌ

إِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَمْ تُقْسَمْ تَرِكَتُهُ حَتَّى مَاتَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ:

فَإِنْ وَرِثُوهُ كَالأَوَّلِ- كَإِخْوَةٍ-: فَاقْسِمْهَا عَلَى مَنْ بَقِيَ.

وَإِنْ كَانَ وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ لَا يَرِثُونَ غَيْرَهُ - كَإِخْوَةٍ لَهُمْ بَنُونَ -: فَصَحِّحِ الأُولَى، وَاقْسِمْ سَهْمَ كُلِّ مَيِّتٍ عَلَى مَسْأَلَتِهِ، وَصَحِّحِ المُنْكَسِرَ - كَمَا سَبَقَ -.

وَإِنْ لَمْ يَرِثُوا الثَّانِي كَالأَوَّلِ: صَحَّحْتَ الأُولَى، وَقَسَمْتَ سَهْمَ الثَّانِي عَلَى وَرَثَتِهِ، فَإِنِ انْقَسَمَتْ: صَحَّتَا مِنْ أَصْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ: ضَرَبْتَ كُلَّ الثَّانِيَةِ أَوْ وَفْقَهَا لِلسِّهَامِ فِي الأُولَى.

وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا: فَاضْرِبْهُ فِيمَا ضَرَبْتَهُ فِيهَا.

وَمَنْ لَهُ مِنَ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ: فَاضْرِبْهُ فِيمَا تَرَكَهُ المَيِّتُ أَوْ وَفْقِهِ: فَهُوَ لَهُ.

وَتَعْمَلُ فِي الثَّالِثِ فَأَكْثَرَ: عَمَلَكَ فِي الثَّانِي مَعَ الأَوَّلِ.

ص: 272

‌فَصْلٌ

إِنْ أَمْكَنَ نِسْبَةُ سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ مِنَ المَسْأَلَةِ بِجُزْءٍ: فَلَهُ مِنَ التَّرِكَةِ كَنِسْبَتِهِ.

* * *

ص: 273

‌بَابُ ذَوِي الأَرْحَامِ

يَرِثُونَ بِالتَّنْزِيلِ، الذَّكَرُ وَالأُنْثَى سَوَاءٌ.

فَوَلَدُ البَنَاتِ، وَوَلَدُ بَنَاتِ البَنِينَ، وَوَلَدُ الأَخَوَاتِ؛ كَأُمَّهَاتِهِنَّ.

وَبَنَاتُ الإِخْوَةِ وَالأَعْمَامِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَبَنَاتُ بَنِيهِمْ، وَوَلَدُ الإِخْوَةِ لِأُمٍّ؛ كَآبَائِهِمْ.

وَالأَخْوَالُ، وَالخَالَاتُ، وَأَبُو الأُمِّ؛ كَالأُمِّ.

وَالعَمَّاتُ، وَالعَمُّ لِأُمٍّ؛ كَالأَبِ.

وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ هِيَ إِحْدَاهُمَا - كَأُمِّ أَبِي أُمٍّ - أَوْ بِأَبٍ أَعْلَى مِنَ الجَدِّ - كَأُمِّ أَبِ الجَدِّ-. وَأَبُو أُمِّ أَبٍ، وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ وَأَخَوَاهُمَا، وَأُخْتَاهُمَا بِمَنْزِلَتِهِمْ.

فَيُجْعَلُ حَقُّ كُلِّ وَارِثٍ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ.

فَإِنْ أَدَلَى جَمَاعَةٌ بِوَارِثٍ، وَاسْتَوَتْ مَنْزِلَتُهُمْ مِنْهُ بِلَا سَبْقٍ - كَأَوْلَادِهِ -: فَنَصِيبُهُ لَهُمْ - فَابْنٌ وَبِنْتُ أُخْتٍ، مَعَ

ص: 274

بِنْتِ أُخْتٍ أُخْرَى:

لِهَذِهِ حَقُّ أُمِّهَا، وَلِلْأُولَيَيْنِ حَقُّ أُمِّهِمَا -.

وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مَنَازِلُهُمْ مِنْهُ: جَعَلْتَهُمْ كَمَيِّتٍ اقْتَسَمُوا إِرْثَهُ.

فَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَثَلَاثَ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ: فَالثُّلُثُ لِلْخَالَاتِ أَخْمَاساً، وَالثُّلُثَانِ لِلْعَمَّاتِ أَخْمَاساً، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ.

وَفِي ثَلَاثَةِ أَخْوَالٍ مُتَفَرِّقِينَ: لِذِي الأُمِّ السُّدُسُ، وَالبَاقِي لِذِي الأَبَوَيْنِ.

فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَبُو أُمٍّ: أَسْقَطَهُمْ.

وَفِي ثَلَاثِ بَنَاتِ عُمُومَةٍ مُتَفَرِّقِينَ: المَالُ لِلَّتِي لِلْأَبَوَيْنِ.

وَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِجَمَاعَةٍ: قَسَمْتَ المَالَ بَيْنَ المُدَلَى بِهِمْ، فَمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ: أَخَذَهُ المُدْلِي بِهِ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ: عَمِلْتَ بِهِ.

وَالجِهَاتُ: أُبُوَّةٌ، وَأُمُومَةٌ، وَبُنُوَّةٌ.

ص: 275

‌بَابُ مِيرَاثِ الحَمْلِ وَالخُنْثَى المُشْكِلِ

مَنْ خَلَّفَ وَرَثَةً فِيهِمْ حَمْلٌ فَطَلَبُوا القِسْمَةَ: وُقِفَ لِلْحَمْلِ الأَكْثَرُ مِنْ إِرْثِ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ.

فَإِذَا وُلِدَ: أَخَذَ حَقَّهُ، وَمَا بَقِيَ: فَهُوَ لِمُسْتَحِقِّهِ.

وَمَنْ لَا يَحْجُبُهُ: يَأْخُذُ إِرْثَهُ - كَالجَدَّةِ -، وَمَنْ يَنْقُصُهُ شَيْئًا: اليَقِينَ، وَمَنْ سَقَطَ بِهِ: لَمْ يُعْطَ شَيْئًا.

وَيَرِثُ وَيُورَثُ: إِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا، أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَكَى، أَوْ رَضَعَ، أَوْ تَنَفَّسَ وَطَالَ زَمَنُ التَّنَفُّسِ، أَوْ وُجِدَ دَلِيلُ حَيَاتِهِ غَيْرَ حَرَكَةٍ وَاخْتِلَاجٍ.

وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ، ثُمَّ مَاتَ وَخَرَجَ: لَمْ يَرِثْ.

وَإِنْ جُهِلَ المُسْتَهِلُّ مِنَ التَّوْأَمَيْنِ وَاخْتَلَفَ إِرْثُهُمَا: تَعَيَّنَ بِقُرْعَةٍ.

وَالخُنْثَى المُشْكِلُ: يَرِثُ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى.

ص: 276

‌بَابُ مِيرَاثِ المَفْقُودِ

مَنْ خَفِيَ خَبَرُهُ بِأَسْرٍ، أَوْ سَفَرٍ غَالِبُهُ السَّلَامَةُ - كَتِجَارَةٍ -: انْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ تِسْعِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ.

وَإِنْ كَانَ غَالِبُهُ الهَلَاكَ - كَمَنْ غَرِقَ فِي مَرْكَبٍ، فَسَلِمَ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ، أَوْ فُقِدَ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ، أَوْ فِي مَفَازَةٍ مُهْلِكَةٍ-: انْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ فُقِدَ، ثُمَّ يُقْسَمُ مَالُهُ فِيهِمَا.

فَإِنْ مَاتَ مَوْرُوثُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ: أَخَذَ كُلُّ وَارِثٍ إِذاً اليَقِينَ، وَوُقِفَ مَا بَقِيَ.

فَإِنْ قَدِمَ: أَخَذَ نَصِيبَهُ؛ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَالِهِ.

وَلِبَاقِي الوَرَثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى مَا زَادَ عَنْ حَقِّ المَفْقُودِ، فَيَقْتَسِمُونَهُ.

* * *

ص: 277

‌بَابُ مِيرَاثِ الغَرْقَى

إِذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ - كَأَخَوَيْنِ لِأَبٍ - بِهَدْمٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ غُرْبَةٍ، أَوْ نَارٍ، وَجُهِلَ السَّابِقُ بِالمَوْتِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ: وَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الآخَرِ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ، دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ.

* * *

ص: 278

‌بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ المِلَلِ

لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ إِلَّا بِالوَلَاءِ، وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ إِلَّا بِالوَلَاءِ.

وَيَتَوَارَثُ الحَرْبِيُّ، وَالذِّمِّيُّ، وَالمُسْتَأْمَنُ.

وَأَهْلُ الذِّمَّةِ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَعَ اتِّفَاقِ أَدْيَانِهِمْ لَا مَعَ اخْتِلَافِهَا، وَهُمْ مِلَلٌ شَتَّى.

وَالمُرْتَدُّ: لَا يَرِثُ أَحَداً، وَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ: فَمَالَهُ فَيْءٌ.

وَيَرِثُ المَجُوسِيُّ بِقَرَابَتَيْنِ إِنْ أَسْلَمُوا، أَوْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ.

وَكَذَا حُكْمُ المُسْلِمِ يَطَأُ ذَاتَ رَحِمٍ مُحَرَّمٍ بِشُبْهَةٍ.

وَلَا إِرْثَ بِنِكَاحِ ذَاتِ رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، وَلَا بِعَقْدٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ.

* * *

ص: 279

‌بَابُ مِيرَاثِ المُطَلَّقَةِ

مَنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ وَمَاتَ بِهِ، أَوْ مَخُوفٍ وَلَمْ يَمُتْ بِهِ: لَمْ يَتَوَارَثَا؛ بَلْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ.

وَإِنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ المَخُوفِ، مُتَّهَماً بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا، أَوْ عَلَّقَ إِبَانَتَهَا فِي صِحَّتِهِ عَلَى مَرَضِهِ، أَوْ عَلَى فِعْلٍ لَهُ فَفَعَلُهُ فِي مَرَضِهِ، وَنَحْوِهِ: لَمْ يَرِثْهَا، وَتَرِثُهُ فِي العِدَّةِ وَبَعْدَهَا، مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ.

* * *

ص: 280

‌بَابُ الإِقْرَارِ بُمَشَارِكٍ فِي المِيرَاثِ

إِذَا أَقَرَّ كُلُّ الوَرَثَةِ - وَلَوْ أَنَّهُ وَاحِدٌ - بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ فَصَدَّقَ، أَوْ كَانَ صَغِيراً، أَوْ مَجْنُوناً، وَالمُقَرُّ بِهِ مَجْهُولُ النَّسَبِ: ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ.

وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْهِ بِأَخٍ مِثْلِهِ: فَلَهُ ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ.

وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ: فَلَهَا خُمُسُهُ.

* * *

ص: 281

‌بَابُ مِيرَاثِ القَاتِلِ وَالمُبَعَّضِ وَالوَلَاءِ

مَنِ انْفَرَدَ بِقَتْلِ مَوْرُوثِهِ، أَوْ شَارَكَ فِيهِ مُبَاشَرَةً، أَوْ سَبَباً بِلَا حَقٍّ: لَمْ يَرِثْهُ إِنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ، أَو دِيَةٌ، أَوْ كَفَّارَةٌ.

وَالمُكَلَّفُ وَغَيْرُهُ: سَوَاءٌ.

وَإِنْ قَتَلَ بِحَقٍّ - قَوَدٍ، أَوْ حَدٍّ، أَوْ كُفْرٍ، أَوْ بَغْيٍ، أَوْ صِيَالَةٍ، أَوْ حِرَابَةٍ، أَوْ شَهَادَةِ وَارِثِهِ - أَوْ قَتَلَ العَادِلُ البَاغِيَ، وَعَكْسُهُ: وَرِثَهُ.

وَلَا يَرِثُ الرَّقِيقُ، وَلَا يُورَثُ.

وَيَرِثُ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَيُورَثُ، وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الحُرِّيَّةِ.

وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا: فَلَهُ عَلَيْهِ الوَلَاءُ، وَإِنِ اخْتَلَفَ دِينُهُمُا.

وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ بِالوَلَاءِ إِلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ، أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ.

* * *

ص: 282

‌كِتَابُ العِتْقِ

وَهُوَ: مِنْ أَفْضَلِ القُرَبِ.

وَيُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ.

وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ العِتْقِ بِمَوْتٍ - وَهُوَ التَّدْبِيرُ -.

* * *

ص: 283

‌بَابُ الكِتَابَةِ

وَهِيَ: بَيْعُ عَبْدِهِ نَفْسَهُ، بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهِ.

وَتُسَنُّ: مَعَ أَمَانَةِ العَبْدِ وَكَسْبِهِ.

وَتُكْرَهُ: مَعَ عَدَمِهِ.

وَيَجُوزُ بَيْعُ المُكَاتَبِ، وَمُشْتَرِيهِ يَقُومُ مَقَامَ مُكَاتِبِهِ.

فَإِنْ أَدَّى: عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَإِنْ عَجَزَ: عَادَ قِنًّا.

* * *

ص: 284

‌بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ

إِذَا أَوْلَدَ حُرٌّ أَمَتَهُ، أَوْ أَمَةً لَهُ وَلِغَيْرِهِ، أَوْ أَمَةَ وَلَدِهِ، خُلِقَ وَلَدُهُ حُرّاً - حَيّاً وُلِدَ أَوْ مَيِّتاً - قَدْ تَبَيَّنَ فِيهِ خَلْقُ الإِنْسَانِ - لَا مُضْغَةٌ، أَوْ جِسْمٌ بِلَا تَخْطِيطٍ -: صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَالِهِ.

وَأَحْكَامُ أَمِّ الوَلَدِ: أَحْكَامُ الأَمَةِ - مِنْ وَطْءٍ، وَخِدْمَةٍ، وَإِجَارَةٍ، وَنَحْوِهِ -.

لَا فِي نَقْلِ المِلْكِ فِي رَقَبَتِهَا، وَلَا بِمَا يُرَادُ لَهُ - كَوَقْفٍ، وَبَيْعٍ، وَرَهْنٍ، وَنَحْوِهِ -.

* * *

ص: 285

‌كِتَابُ النِّكَاحِ

وَهُوَ: سُنَّةٌ، وَفِعْلُهُ مَعَ الشَّهْوَةِ أَفْضَلُ مِنْ نَفْلِ العِبَادَةِ.

وَيَجِبُ عَلَى مَنْ خَافَ الزِّنَا بِتَرْكِهِ.

وَيُسَنُّ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ، دَيِّنَةٍ، أَجْنَبِيَّةٍ، بِكْرٍ، وَلُودٍ.

وَلَهُ نَظَرُ وَجْهِهَا مِرَاراً، بِلَا خَلْوَةٍ.

وَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِخِطْبَةِ المُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ وَالمُبَانَةِ، دُونَ التَّعْرِيضِ.

وَيُبَاحَانِ لِمَنْ أَبَانَهَا بِدُونِ الثَّلَاثَةِ - كَرَجْعِيَّتِهِ -.

وَيَحْرُمَانِ مِنْهَا عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا.

وَالتَّعْرِيضُ: إِنِّي فِي مِثْلِكِ لَرَاغِبٌ، وَتُجِيبُهُ: مَا يُرْغَبُ عَنْكَ، وَنَحْوُهُمَا.

فَإِنْ أَجَابَ وَلِيُّ مُجْبَرَةٍ، أَوْ أَجَابَتْ غَيْرُ المُجْبَرَةِ لِمُسْلِمٍ: حَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا.

ص: 286

وَإِنْ رُدَّ، أَوْ أَذِنَ، أَوْ جُهِلْتِ الحَالُ: جَازَ.

وَيُسَنُّ العَقْدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ مَسَاءً، بِخُطْبَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

* * *

ص: 287

‌فَصْلٌ

وَأَرْكَانُهُ: الزَّوْجَانِ الخَالِيَانِ مِنَ المَوَانِعِ، وَالإِيجَابُ، وَالقَبُولُ.

وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ يُحْسِنُ العَرَبِيَّةَ بِغَيْرِ لَفْظِ: زَوَّجْتُ أَوْ أَنْكَحْتُ. وَقَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ، أَوْ تَزَوَّجْتُهَا، أَوْ تَزَوَّجْتُ، أَوْ قَبِلْتُ.

وَمَنْ جَهِلَهُمَا: لَمْ يَلْزَمْهُ تَعَلُّمُهُمَا، وَكَفَاهُ مَعْنَاهُمَا الخَاصُّ بِكُلِّ لِسَانٍ.

فَإِنْ تَقَدَّمَ القَبُولُ: لَمْ يَصِحَّ.

وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنِ الإِيجَابِ: صَحَّ مَا دَامَا فِي المَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ.

وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ: بَطَلَ.

* * *

ص: 288

‌فَصْلٌ

وَلَهُ شُرُوطٌ:

أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ.

فَإِنْ أَشَارَ الوَلِيُّ إِلَى الزَّوْجَةِ، أَوْ سَمَّاهَا، أَوْ وَصَفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ، أَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي، وَلَهُ وَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرَ: صَحَّ.

* * *

ص: 289

‌فَصْلٌ

الثَّانِي: رِضَاهُمَا؛ إِلَّا البَالِغَ المَعْتُوهَ، وَالمَجْنُونَةَ، وَالصَّغِيرَ، وَالبِكْرَ - وَلَوْ مُكَلَّفَةً - لَا الثَّيِّبَ، فَإِنَّ الأَبَ وَوَصِيَّهُ فِي النِّكَاحِ: يُزَوِّجُهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ - كَالسَّيِّدِ مَعَ إِمَائِهِ، وَعَبْدِهِ الصَّغِيرِ -.

وَلَا يُزَوِّجُ بَاقِي الأَوْلِيَاءِ صَغِيرَةً دُونَ تِسْعٍ، وَلَا صَغِيراً، وَلَا كَبِيرَةً عَاقِلَةً، وَلَا بِنْتَ تِسْعٍ: إِلَّا بِإِذْنِهِمَا - وَهُوَ صُمَاتُ البِكْرِ، وَنُطْقُ الثَّيِّبِ -.

* * *

ص: 290

‌فَصْلٌ

الثَّالِثُ: الوَلِيُّ.

وَشُرُوطُهُ: التَّكْلِيفُ، وَالذُّكُورِيَّةُ، وَالحُرِّيَّةُ، وَالرُّشْدُ فِي العَقْدِ، وَاتِّفَاقُ الدِّينِ - سِوَى مَا يُذْكَرُ -، وَالعَدَالَةُ.

فَلَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا وَلَا غَيْرَهَا.

وَيُقَدَّمُ أَبُو المَرْأَةِ فِي إِنْكَاحِهَا، ثُمَّ وَصِيُّهُ فِيهِ.

ثُمَّ جَدُّهَا لِأَبٍ وَإِنْ عَلَا.

ثُمَّ ابْنُهَا، ثُمَّ بَنُوهُ وَإِنْ نَزَلُوا، ثُمَّ أَخُوهَا لِأَبَوَيْنِ.

ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ.

ثُمَّ عَمُّهَا لأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ.

ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةِ نَسَبٍ - كَالإِرْثِ -.

ثُمَّ المَوْلَى المُنْعِمُ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ نَسَباً،

ثُمَّ وَلَاءٌ، ثُمَّ السُّلْطَانُ.

ص: 291

فَإِنْ عَضَلَ الأَقْرَبُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا، أَوْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لَا تُقْطَعُ إِلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ: زَوَّجَ الأَبْعَدُ.

وَإِنْ زَوَّجَ الأَبْعَدُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ: لَمْ يَصِحَّ.

* * *

ص: 292

‌فَصْلٌ

الرَّابِعُ: الشَّهَادَةُ.

فَلَا يَصِحُّ؛ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَينِ، ذَكَرَيْنِ، مُكَلَّفَيْنِ، سَمِيعَيْنِ، نَاطِقَيْنِ.

وَلَيْسَتِ الكَفَاءَةُ: وَهِيَ دِينٌ، وَمَنْصِبٌ - وَهُوَ النَّسَبُ وَالحُرِّيَّةُ - شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ.

فَلَوْ زَوَّجَ الأَبُ عَفِيفَةً بِفَاجِرٍ، أَوْ عَرَبِيَّةً بِعَجَمِيٍّ، فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنَ المَرْأَةِ وَالأَوْلِيَاءِ: الفَسْخُ.

* * *

ص: 293

‌بَابُ المُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

تَحْرُمُ أَبَدًا: الأُمُّ وَكُلُّ جَدَّةٍ وَإِنْ عَلَتْ، وَالبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَبِنْتَاهُمَا مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَإِنْ سَفَلَتْ، وَكُلُّ أُخْتٍ وَبِنْتُهَا وَبِنْتُ ابْنَتِهَا، وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ وَبِنْتُهَا، وَبِنْتُ ابْنِهِ وَبِنْتُهَا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَكُلُّ عَمَّةٍ وَخَالَةٍ وَإِنْ عَلَتَا، وَالمُلَاعَنَةُ عَلَى المُلَاعِنِ.

وَيَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ؛ إِلَّا أُمَّ أُخْتِهِ وَأُخْتَ ابْنِهِ.

وَيَحْرُمُ بِالعَقْدِ: زَوْجَةُ أَبِيهِ وَكُلِّ جَدٍّ، وَزَوْجَةُ ابْنِهِ وَإِنْ نَزَلَ، دُونَ بَنَاتِهِنَّ وَأُمَّهَاتِهِنَّ.

وَتَحْرُمُ أَمُّ زَوْجَتِهِ وَجَدَّاتُهَا: بِالعَقْدِ، وَبِنْتُهَا وَبَنَاتُ أَوْلَادِهَا: بِالدُّخُولِ.

فَإِنْ بَانَتِ الزَّوْجَةُ، أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الخَلْوَةِ: أُبِحْنَ.

* * *

ص: 294

‌فَصْلٌ

وَيَحْرُمُ إِلَى أَمَدٍ: أُخْتُ مُعْتَدَّتِهِ، وَأُخْتُ زَوْجَتِهِ، وَبِنْتَاهُمَا، وَعَمَّتَاهُمَا، وَخَالَتَاهُمَا.

فَإِنْ طُلِّقَتْ وَفَرَغَتِ العِدَّةُ: أُبِحْنَ.

فَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ مَعًا: بَطَلَا.

فَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا، أَوْ وَقَعَ فِي عِدَّةِ الأُخْرَى - وَهِيَ بَائِنٌ، أَوْ رَجْعِيَّةٌ -: بَطَلَ.

وَتَحْرُمُ المُعْتَدَّةُ وَالمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ غَيْرِهِ، وَالزَّانِيَةُ حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثاً حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ، وَالمُحْرِمَةُ حَتَّى تَحِلَّ.

وَلَا يَنْكِحُ كَافِرٌ مُسْلِمَةً، وَلَا مُسْلِمٌ - وَلَوْ عَبْداً - كَافِرَةً؛ إِلَّا حُرَّةً كِتَابِيَّةً.

وَلَا يَنْكِحُ حُرٌّ مُسْلِمٌ أَمَةً مُسْلِمَةً؛ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَنَتَ العُزُوبَةِ لِحَاجَةِ المُتْعَةِ، أَوِ الخِدْمَةِ، وَيَعْجِزُ عَنْ طَوْلِ حُرَّةٍ وَثَمَنِ أَمَةٍ.

ص: 295

وَلَا يَنْكِحُ عَبْدٌ سَيِّدَتَهُ، وَلَا سَيِّدٌ أَمَتَهُ.

وَلِلْحُرِّ نِكَاحُ أَمَةِ أَبِيهِ، دُونَ أَمَةِ ابْنِهِ، وَلَيْسَ لِلْحُرَّةِ نِكَاحُ عَبْدِ وَلَدِهَا.

وَإِنِ اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ وَلَدُهُ الحُرُّ، أَوْ مُكَاتَبُهُ، الزَّوْجَ الآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ: انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا.

وَمَنْ حَرُمَ وَطْؤُهَابِعَقْدٍ: حَرُمَ بِمِلْكِ يَمِينٍ؛ إِلَّا أَمَةً كِتَابِيَّةً.

وَمَنْ جَمَعَ بَينَ مُحَلَّلَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ فِي عَقْدٍ: صَحَّ فِيمَنْ تَحِلُّ.

وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ قَبْلَ تَبَيُّنِ أَمْرِهِ.

ص: 296

‌بَابِ الشُّرُوطِ وَالعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ

إِذَا شَرَطَتْ طَلَاقَ ضَرَّتِهَا، أَوْ لَا يَتَسَرَّى، وَلَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا، أَوْ شَرَطَتْ نَقْداً مُعَيَّناً، أَوْ زِيَادَةً فِي مَهْرِهَا: صَحَّ، فَإِنْ خَالَفَهُ: فَلَهَا الفَسْخُ.

وَإِذَا زَوَّجَهُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ وَلِيَّتَهُ، فَفَعَلَا وَلَا مَهْرَ: بَطَلَ النِّكَاحَانِ، فَإِنْ سُمِّيَ لَهُمَا مَهْرٌ: صَحَّ.

وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى حَلَّلَهَا لِلْأَوَّلِ طَلَّقَهَا، أَوْ نَوَاهُ بِلَا شَرْطٍ، أَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ إِنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا، أَوْ إِذَا جَاءَ غَدٌ فَطَلِّقْهَا، أَوْ وَقَّتَ بِمُدَّةٍ: بَطَلَ الكُلُّ.

* * *

ص: 297

‌فَصْلٌ

وَإِنْ شَرَطَ أَلَّا مَهْرَ لَهَا، أَوْ لَا نَفَقَةَ، أَوْ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ شَرَطَ فِيهِ خِيَاراً، أَوْ إِنْ جَاءَ بِالمَهْرِ فِي وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا: بَطَلَ الشَّرْطُ، وَصَحَّ النِّكَاحُ.

وَإِنْ شَرَطَهَا مُسْلِمَةً فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً، أَوْ شَرَطَهَا بِكْرًا، أَوْ جَمِيلَةً، أَوْ نَسِيبَةً، أَوْ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ: فَلَهُ الفَسْخُ.

وَإِنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حَرٍّ: فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ بَلْ تَحْتَ عَبْدٍ.

* * *

ص: 298

‌فَصْلٌ

وَمَنْ وَجَدْتَ زَوْجَهَا مَجْبُوباً، أَوْ بَقِيَ لَهُ مَا لَا يَطَأُ بِهِ: فَلَهَا الفَسْخُ.

وَإِنْ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى إِقْرَارِهِ: أُجِّلَ سَنَةً مُنْذُ تَحَاكُمِهِ، فَإِنْ وَطِئَ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَهَا الفَسْخُ.

وَإِنِ اعْتَرَفَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا: فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ، وَلَو قَالَتْ فِي وَقْتٍ رَضِيتُ بِهِ عِنِّيناً: سَقَطَ خِيَارُهَا أَبَداً.

* * *

ص: 299

‌فَصْلٌ

وَالرَّتَقُ، وَالقَرَنُ، وَالعَفَلُ، وَالفَتْقُ، وَاسْتِطْلَاقُ بَوْلٍ وَنَجْوٍ، وَقُرُوحٌ سَيَّالَةٌ فِي فَرْجٍ، وَبَاسُورٌ، ونَاصُورٌ، وَخِصَاءٌ، وَسِلٌّ، وَوِجَاءٌ، وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا خُنْثَى وَاضِحاً، وَجُنُونٌ وَلَوْ سَاعَةً، وَبَرَصٌ، وَجُذَامٌ: يَثْبُتُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا الفَسْخُ - وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ العَقْدِ، أَوْ كَانَ بِالآخَرِ عَيْبٌ مِثْلُهُ -.

وَمَنْ رَضِيَ بِالعَيْبِ، أَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ دَلَالَتُهُ مَعَ عِلْمِهِ: فَلَا خِيَارَ لَهُ.

وَلَا يَتِمُّ فَسْخُ أَحَدِهِمَا؛ إِلَّا بِحَاكِمٍ.

فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ: فَلَا مَهْرَ، وَبَعْدَهُ: لَهَا المُسَمَّى يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الغَارِّ- إِنْ وُجِدَ -.

وَالصَّغِيرَةُ، وَالمَجْنُونَةُ، وَالأَمَةُ: لَا تُزَوَّجُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِمَعِيبٍ.

ص: 300

فَإِنْ رَضِيَتِ الكَبِيرَةُ مَجْبُوبًا، أَوْ عِنِّينًا: لَمْ تُمْنَعْ؛ بَلْ مِنْ مَجْنُونٍ، وَمَجْذُومٍ، وَأَبْرَصَ.

وَمَتَى عَلِمَتِ العَيْبَ، أَوْ حَدَثَ بِهِ: لَمْ يُجْبِرْهَا وَلِيُّهَا عَلَى فَسْخِهِ.

* * *

ص: 301

‌بَابُ نِكَاحِ الكُفَّارِ

حُكْمُهُ: كَنِكَاحِ المُسْلِمِينَ.

وَيُقَرُّونَ عَلَى فَاسِدِهِ: إِذَا اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ فِي شَرْعِهِمْ، وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إِلَيْنَا.

فَإِنْ أَتَوْنَا قَبْلَ عَقْدِهِ: عَقَدْنَاهُ عَلَى حُكْمِنَا.

وَإِنْ أَتَوْنَا بَعْدَهُ، أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ - وَالمَرْأَةُ تُبَاحُ إِذًا -: أُقِرَّا.

وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.

وَإِنْ وَطِئَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فَأَسْلَمَا، وَقَدِ اعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا: أُقِرَّا، وَإِلَّا فُسِخَ.

وَمَتَى كَانَ المَهْرُ صَحِيحاً: أَخَذَتْهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَقَبَضَتْهُ: اسْتَقَرَّ.

وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ وَلَمْ يُسَمَّ: فُرِضَ لَهَا مَهْرُ المِثْلِ.

* * *

ص: 302

‌فَصْلٌ

وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعاً، أَوْ زَوْجُ كِتَابِيَّةٍ: بَقِيَ نِكَاحُهُمَا.

فَإِنْ أَسْلَمَتْ هِيَ، أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ - غَيْرِ الكِتَابِيَّيْنِ - قَبْلَ الدُّخُولِ: بَطَلَ.

فَإِنْ سَبَقَتْهُ: فَلَا مَهْرَ.

وَإِنْ سَبَقَهَا: فَلَهَا نِصْفُهُ.

وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ: وُقِفَ الأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ العِدَّةِ.

فَإِنْ أَسْلَمَ الآخَرُ فِيهَا: دَامَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا بَانَ فَسْخُهُ مُنْذُ أَسْلَمَ الأَوَّلُ.

وَإِنْ كَفَرَا، أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ: وُقِفَ الأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ العِدَّةِ، وَقَبْلَهُ: يَبْطُلُ.

* * *

ص: 303

‌بَابُ الصَّدَاقِ

يُسَنُّ تَخْفِيفُهُ، وَتَسْمِيَتُهُ فِي العَقْدِ: مِنْ أَرْبَعِ مِئَةِ دِرْهَمٍ إِلَى خَمْسِ مِئَةٍ.

وَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا، أَوْ أُجْرَةً: صَحَّ مَهْرًا، وَإِنْ قَلَّ.

وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ: لَمْ يَصِحَّ، بَلْ فِقْهٍ وَأَدَبٍ وَشِعْرٍ مُبَاحٍ مَعْلُومٍ.

وَإِنْ أَصْدَقَهَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا: لَمْ يَصِحَّ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا.

وَمَتَى بَطَلَ المُسَمَّى: وَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ.

* * *

ص: 304

‌فَصْلٌ

وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَلْفًا إِنْ كَانَ أَبُوهَا حَيّاً، وَأَلْفَيْنِ إِنْ كَانَ مَيِّتاً: وَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ.

وَعَلَى إِنْ كَانَتْ لِي زَوْجَةٌ بِأَلْفَيْنِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ بِأَلْفٍ: يَصِحُّ بِالمُسَمَّى.

وَإِذَا أُجِّلَ الصَّدَاقُ، أَوْ بَعْضُهُ: صَحَّ، فَإِنْ عَيَّنَ أَجَلًا، وَإِلَّا فَمَحِلُّهُ الفُرْقَةُ.

وَإِنْ أَصْدَقَهَا مَالًا مَغْصُوبًا، أَوْ خِنْزِيرًا، وَنَحْوَهُ: وَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ.

وَإِنْ وَجَدَتِ المُبَاحَ مَعِيبًا: خُيِّرَتْ بَيْنَ أَرْشِهِ، وَقِيمَتِهِ.

وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا: صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ.

فَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ القَبْضِ: رَجَعَ بِالأَلْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الأَبِ لَهُمَا؛ وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الأَبِ: فَكُلُّ المُسَمَّى لَهَا.

ص: 305

وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ - وَلَوْ ثَيِّبًا - بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا: صَحَّ، وَإِنْ كَرِهَتْ.

وَإِنْ زَوَّجَهَا بِهِ وَلِيٌّ غَيْرُهُ بِإِذْنِهَا: صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ: فَمَهْرُ المِثْلِ.

وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَهْرِ المِثْلِ، أَوْ أَكْثَرَ: صَحَّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِراً: لَمْ يَضْمَنْهُ الأَبُ.

* * *

ص: 306

‌فَصْلٌ

وَتَمْلِكُ المَرْأَةُ صَدَاقَهَا بِالعَقْدِ، وَلَهَا نَمَاءُ المُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَضِدُّهُ بِضِدِّهِ، وَإِنْ تَلِفَ: فَمِنْ ضَمَانِهَا؛ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَهَا زَوْجُهَا قَبْضَهُ: فَيَضْمَنُ.

وَلَهَا التَصَرُّفُ فِيهِ - وَعَلَيْهَا زَكَاتُهُ -.

وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوِ الخَلْوَةِ: فَلَهُ نِصْفُهُ حُكْماً دُونَ نَمَائِهِ المُنْفَصِلِ؛ وَفِي المُتَّصِلِ: لَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ بِدُونِ نَمَائِهِ.

وَإِنِ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي: قَدْرِ الصَّدَاقِ، أَوْ عَيْنِهِ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ: فَقَوْلُهُ، وَقَوْلُهَا: فِي قَبْضِهِ.

* * *

ص: 307

‌فَصْلٌ

يَصِحُّ تَفْوِيضُ البُضْعِ - بِأَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ المُجْبَرَةَ، أَوْ تَأْذَنَ امْرَأَةٌ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَابِلَا مَهْرٍ.

وَتَفْوِيضُ المَهْرِ: بِأَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى مَا يَشَاءُ أَحَدُهُمَا، أَوْ أَجْنَبِيٌّ: فَلَهَا مَهْرُ المِثْلِ بِالعَقْدِ، وَيَفْرِضُهُ الحَاكِمُ بِقَدْرِهِ بِطَلَبِهَا.

وَإِنْ تَرَاضَيَا قَبْلَهُ عَلَى مَفْرُوضٍ: جَازَ.

وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهَا مِنْ مَهْرِ المِثْلِ قَبْلَ فَرْضِهِ.

وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا قَبْلَ الإِصَابَةِ وَالفَرْضِ: وَرِثَهُ الآخَرُ، وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا.

وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: فَلَهَا المُتْعَةُ بِقَدْرِ يُسْرِ زَوْجِهَا وَعُسْرِهِ، وَيَسْتَقِرُّ مَهْرُ المِثْلِ بِالدُّخُولِ.

وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ: فَلَا مُتْعَةَ.

ص: 308

وَإِذَا افْتَرَقَا فِي الفَاسِدِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالخَلْوَةِ: فَلَا مَهْرَ، وَبَعْدَ أَحَدِهِمَا: يَجِبُ المُسَمَّى.

وَيَجِبُ مَهْرُالمِثْلِ: لِمَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا كُرْهًا، وَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ بَكَارَةٍ.

وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الحَالَّ.

فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، أَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، أَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا تَبَرُّعًا: فَلَيْسَ لَهَا مَنْعٌ.

فَإِنْ أَعْسَرَ بِالمَهْرِ الحَالِّ: فَلَهَا الفَسْخُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَلَا يَفْسَخُهُ إِلَّا حَاكِمٌ.

* * *

ص: 309

‌بَابُ وَلِيمَةِ العُرْسِ

تُسَنُّ وَلَوْ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ.

وَتَجِبُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ: إِجَابَةُ مُسْلِمٍ، يَحْرُمُ هَجْرُهُ إِلَيْهَا، إِنْ عَيَّنَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُنْكَرٌ.

فَإِنْ دَعَا الجَفَلَى، أَوْ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ: كُرِهَتِ الإِجَابَةُ.

وَمَنْ صَوْمُهُ وَاجِبٌ: دَعَا وَانْصَرَفَ، وَالمُتَنَفِّلُ: يُفْطِرُ إِنْ جَبَرَ وَلَا يَجِبُ الأَكْلُ.

وَإِبَاحَتُهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى صَرِيحِ إِذْنٍ أَوْ قَرِينَةٍ.

وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ثَمَّ مُنْكَرًا يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِهِ: حَضَرَ وَغَيَّرَ، وَإِلَّا أَبَى.

وَإِنْ حَضَرَ ثُمَّ عَلِمَ: أَزَالَهُ، فَإِنْ دَامَ لِعَجْزِهِ: انْصَرَفَ.

وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ: خُيِّرَ.

ص: 310

وَيُكْرَهُ النِّثَارُ وَالتِقَاطُهُ، وَمَنْ أَخَذَهُ أَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ: فَلَهُ.

وَيُسَنُّ إِعْلَانُ النِّكَاحِ، وَالدُّفُّ فِيهِ لِلنِّسَاءِ.

* * *

ص: 311

‌بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

يَلْزَمُ الزَّوْجَيْنِ: العِشَرَةُ بِالمَعْرُوفِ.

وَيَحْرُمُ مَطْلُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَلْزَمُهُ لِلآخَرِ، وَالتَّكَرُّهُ لِبَذْلِهِ.

وَإِذَا تَمَّ العَقْدُ: لَزِمَ تَسْلِيمُ الحُرَّةِ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ إِنْ طَلَبَهُ، وَلَمْ تَشْتَرِطْ دَارَهَا.

وَإِذَا اسْتَمْهَلَ أَحَدُهُمَا: أُمْهِلَ العَادَةَ وُجُوباً، لَا لِعَمَلِ جَهَازٍ.

وَيَجِبُ تَسْلِيمُ الأَمَةِ لَيْلًا فَقَطْ.

ويُبَاشِرُهَا مَا لَمْ يَضُرَّ، أَوْ يَشْغَلْهَا عَنْ فَرْضٍ.

وَلَهُ السَّفَرُ بِالحُرَّةِ، مَا لَمْ تَشْتَرِطْ ضِدَّهُ.

وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا فِي الحَيْضِ وَالدُّبُرِ.

وَلَهُ إِجْبَارُهَا - وَلَوْ ذِمِّيَّةً - عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ، وَنَجَاسَةٍ، وَأَخْذِ مَا تَعَافُهُ النَّفْسُ مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا تُجْبَرُ الذِّمِّيَّةُ عَلَى غُسْلِ الجَنَابَةِ.

ص: 312

‌فَصْلٌ

وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ الحُرَّةِ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ، وَيَنْفَرِدُ إِنْ أَرَادَ فِي البَاقِي.

وَيَلْزَمُهُ الوَطْءُ - إِنْ قَدَرَ -: كُلَّ ثُلُثِ سَنَةٍ مَرَّةً.

وَإِنْ سَافَرَ فَوْقَ نِصْفِهَا، وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ، وَقَدَرَ: لَزِمَهُ.

فَإِنْ أَبَى أَحَدَهُمَا: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا.

وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الوَطْءِ، وَقَوْلُ الوَارِدِ.

وَتُكْرَهُ كَثْرَةُ الكَلَامِ، وَالنَّزْعُ قَبْلَ فَرَاغِهَا، وَالوَطْءُ بِمَرْأَى أَحَدٍ، وَالتَّحَدُّثُ بِهِ.

وَيَحْرُمُ جَمْعُ زَوْجَتَيْهِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا.

وَلَهُ مَنْعُهَا الخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهِ.

وَيُسْتَحَبُّ بِإِذْنِهِ إِنْ تَمَرَّضَ مَحْرَمُهَا، وَتَشْهَدُ جِنَازَتَهُ.

وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إِجَارَةِ نَفْسِهَا، وَمِنْ إِرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ إِلَّا لِضَرُورَتِهِ.

ص: 313

‌فَصْلٌ

وَعَلَيْهِ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي القَسْمِ - لَا فِي الوَطْءِ -.

وَعِمَادُهُ اللَّيْلُ لِمَنْ مَعَاشُهُ نَهَارًا، وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ.

وَيَقْسِمُ لِحَائِضٍ، وَنُفَسَاءَ، وَمَرِيضَةٍ، وَمَعِيبَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ مَأْمُونَةٍ، وَغَيْرِهَا.

وَإِنْ سَافَرَتْ بِلَا إِذْنِهِ، أَوْ بِإِذْنِهِ فِي حَاجَتِهَا، أَوْ أَبَتِ السَّفَرَ مَعَهُ، أَوِ المَبِيتَ عِنْدَهُ فِي فِرَاشِهِ: فَلَا قَسْمَ لَهَا، وَلَا نَفَقَةَ.

وَمَنْ وَهَبَتْ قَسْمَهَا لِضَرَّتِهَا بِإِذْنِهِ، أَوْ لَهُ فَجَعَلَهُ لِأُخْرَى: جَازَ، فَإِنْ رَجَعَتْ: قَسَمَ لَهَا مُسْتَقْبَلًا.

وَلَا قَسْمَ لإِمَائِهِ، وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ؛ بَلْ يَطَأُ مَنْ شَاءَ، مَتَى شَاءَ.

وَإِنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا: أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعاً، ثُمَّ دَارَ، وَثَيِّباً ثَلَاثاً، وَإِنْ أَحَبَّتْ سَبْعاً: فَعَلَ وَقَضَاهُنَّ لِلْبَوَاقِي.

ص: 314

‌فَصْلٌ

النُّشُوزُ: مَعْصِيَتُهَا إِيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا.

فَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَاتُهُ - بِأَلَّا تُجِيبَهُ إِلَى الِاسْتِمْتَاعِ، أَوْ تُجِيبَهُ مُتَبَرِّمَةً، أَوْ مُتَكَرِّهَةً -: وَعَظَهَا.

فَإِنْ أَصَرَّتْ: هَجَرَهَا فِي المَضْجَعِ مَا شَاءَ، وَفِي الكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

فَإِنْ أَصَرَّتْ: ضَرَبَهَا غَيْرَ مُبَرِّحٍ.

* * *

ص: 315

‌بَابُ الخُلْعِ

مَنْ صَحَّ تَبَرُّعُهُ مِنْ زَوْجَةٍ وَأَجْنَبِيٍّ: صَحَّ بَذْلُهُ لِعِوَضِهِ.

فَإِذَا كَرِهَتْ خُلُقَ زَوْجِهَا، أَوْ خَلْقَهُ، أَوْ نَقْصَ دِينِهِ، أَوْ خَافَتْ إِثْمًا بِتَرْكِ حَقِّهِ: أُبِيحَ الخُلْعُ، وَإِلَّا كُرِهَ، وَوَقَعَ.

فَإِنْ عَضَلَهَا ظُلْمًا لِلِافْتِدَاءِ بِهِ - وَلَمْ يَكُنْ لِزِنَاهَا، أَوْ نُشُوزِهَا، أَوْ تَرْكِهَا فَرْضاً - فَفَعَلَتْ، أَوْ خَالَعَتِ الصَّغِيرَةُ، وَالمَجْنُونَةُ، وَالسَّفِيهَةُ، وَالأَمَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا: لَمْ يَصِحَّ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، إِنْ كَانَ بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ.

* * *

ص: 316

‌فَصْلٌ

وَالخُلْعُ بِلَفْظِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ، أَوْ كِنَايَتِهِ وَقَصْدِهِ: طَلَاقٌ بَائِنٌ.

وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الخُلْعِ، أَوِ الفَسْخِ، أَوِ الفِدَاءِ، وَلَمْ يَنْوِ طَلَاقًا: كَانَ فَسْخاً - لَا يَنْقُصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ -.

وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ: طَلَاقٌ - وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ -.

وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ.

وَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَوْ بِمُحَرَّمٍ: لَمْ يَصِحَّ.

وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيّاً: إِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، أَوْ نِيَّتِهِ.

وَمَا صَحَّ مَهْرًا: صَحَّ الخُلْعُ بِهِ، وَيُكْرَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا.

وَإِنْ خَالعَتْ حَامِلٌ بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا: صَحَّ.

وَيَصِحُّ بِالمَجْهُولِ، فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى حَمْلِ شَجَرَتِهَا، أَوْ أَمَتِهَا، أَوْ مَا فِي يَدِهَا أَوْ مَا فِي بَيْتِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَتَاعٍ، أَوْ عَلَى عَبْدٍ: صَحَّ الخُلْعُ بِهِ.

ص: 317

وَلَهُ مَعَ عَدَمِ الحَمْلِ وَالمَتَاعِ وَالعَبْدِ: أَقَلُّ مُسَمَّاهُ، وَعَدَمِ الدَّرَاهِمِ: ثَلَاثَةٌ.

* * *

ص: 318

‌فَصْلٌ

وَإِذَا قَالَ: مَتَى، أَوْ إِذَا، أَوْ إِنْ أَعْطَيْتِنِي ألفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ: طَلَقَتْ بِعَطِيَّتِهِ - وَإِنْ تَرَاخَى -.

وَإِنْ قَالَتِ: اخْلَعْنِي عَلَى ألْفٍ، أَوْ بِألْفٍ، فَفَعَلَ: بَانَتْ، وَاسْتَحَقَّهَا.

وَطَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِألفٍ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا: اسْتَحَقَّهَا، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ؛ إِلَّا فِي وَاحِدَةٍ بَقِيَتْ.

وَلَيْسَ لِلْأَبِ خَلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَلَا طَلَاقُهَا، وَلَا خَلْعُ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا.

وَلَا يُسْقِطُ الخُلْعُ غَيْرَهُ مِنَ الحُقُوقِ.

وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ، ثُمَّ أَبَانَهَا، فَوُجِدَتْ، ثُمَّ نَكَحَهَا فَوُجِدَتْ بَعْدَهُ: طَلَقَتْ، وَإِلَّا فَلَا.

* * *

ص: 319

‌كِتَابُ الطَّلاقِ

يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، وَيُكْرَهُ لِعَدَمِهَا، وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّرَرِ، وَيَجِبُ لِلإِيلَاءِ، وَيَحْرُمُ لِلْبِدْعَةِ.

وَيَصِحُّ مِنَ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ، وَمُمَيِّزٍ يَعْقِلُ.

وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ مَعْذُوراً: لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ، وَعَكْسُهُ الآثِمُ.

وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ ظُلْمًا بِإِيلَامٍ لَهُ، أَوْ لِوَلَدِهِ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ يَضُرُّهُ، أَوْ هَدَّدَهُ بِأَحَدِهَا قَادِرٌ يَظُنُّ إِيقَاعَهُ، فَطَلَّقَ تَبَعاً لِقَوْلِهِ: لَمْ يَقَعْ.

وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَمِنَ الغَضْبَانِ.

وَوَكِيلُهُ: كَهُوَ، يُطَلِّقُ وَاحِدَةً وَمَتَى شَاءَ؛ إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَقْتاً وَعَدَداً.

وَامْرَأَتُهُ: كَوَكِيلِهِ فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا.

* * *

ص: 320

‌فَصْلٌ

إِذَا طَلَّقَهَا مَرَّةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ، وَتَرَكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا: فَهُوَ سُنَّةٌ، وَتَحْرُمُ الثَّلَاثُ إِذًا.

وَإِنْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا، فِي حَيْضٍ، أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ: فَبِدْعَةٌ يَقَعُ، وَتُسَنُّ رَجْعَتُهَا.

وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ: لِصَغِيرةٍ، وَآيِسَةٍ، وَغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، وَمَنْ بَانَ حَمْلُهَا.

وَصَرِيحُهُ: لَفْظُ الطَّلَاقِ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ غَيْرَ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ، وَمُطَلِّقَةٌ - اسْمُ فَاعِلٍ -: فَيَقَعُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ، جَادٌّ وَهَازِلٌ.

فَإِنْ نَوَى بِطَالِقٍ: مِنْ وَثَاقٍ، أَوْ فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَرَادَ طَاهِراً فَغَلِطَ: لَمْ يُقْبَلْ حُكْماً.

وَلَوْ سُئِلَ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ: وَقَعَ، أَوْ أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ: لَا، وَأَرَادَ الكَذِبَ: فَلَا.

ص: 321

‌فَصْلٌ

وَكِنَايَاتُهُ الَظَّاهِرَةُ نَحْوُ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الحَرَجُ.

وَالخَفِيَّةُ نَحْوُ: اخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَاعْتَدِّي، وَاسْتَبْرِئِي، وَاعْتَزِلِي، وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَالحَقِي بِأَهْلِكِ، وَمَا أَشْبَهَهُ.

وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ - وَلَوْ ظَاهِرَةً -: طَلَاقٌ؛ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ؛ إِلَّا فِي حَالِ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ، أَوْ جَوَابِ سُؤَالِهَا.

فَلَوْ لَمْ يُرِدْهُ، أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ فِي هَذِهِ الأَحْوَالِ: لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا.

وَيَقَعُ مَعَ النِّيَّةِ بِالظَّاهِرَةِ: ثَلَاثٌ - وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً -، وَبِالخَفِيَّةِ: مَا نَوَاهُ.

* * *

ص: 322

‌فَصْلٌ

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي: فَهُوَ ظِهَارٌ - وَلَو نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ -.

وَكَذَلِكَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ.

وَإِنْ قَالَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ - أَعْنِي: بِهِ الطَّلَاقَ -: طَلَقَتْ ثَلَاثاً، وَإِنْ قَالَ: أَعْنِي بِهِ طَلَاقاً: فَوَاحِدَةٌ.

وَإِنْ قَالَ: كَالمَيْتَةِ وَالدَّمِ: وَقَعَ مَا نَوَاهُ - مِنْ طَلَاقٍ، وَظِهَارٍ، وَيَمِينٍ -، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا: فَظِهَارٌ.

وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ وَكَذَبَ: لَزِمَهُ حُكْمًا.

وَإِنْ قَالَ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ: مَلَكَتْ ثَلَاثًا- وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً - وَيَتَرَاخَى مَا لَمْ يَطَأْ، أَوْ يَفْسَخْ.

وَيَخْتَصُّ «اخْتَارِي نَفْسَكِ» : بِوَاحِدَةٍ، وَبِالمَجْلِسِ المُتَّصِلِ: مَا لَمْ يَزِدْهَا فِيهِمَا.

فَإِنْ رَدَّتْ، أَوْ وَطِئَ، أَوْ فَسَخَ: بَطَلَ خِيَارُهَا.

ص: 323

‌بَابُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلاقِ

يَمْلِكُ مَنْ كُلُّهُ حُرٌّ، أَوْ بَعْضُهُ: ثَلَاثًا، وَالعَبْدُ: اثْنَتَيْنِ حُرَّةً كَانَتْ زَوْجَتَاهُمَا، أَوْ أَمَةً.

فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ الطَّلَاقُ، أَوْ طَالِقٌ، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ يَلْزَمُنِي: وَقَعَ ثَلَاثٌ بِنِيَّتِهَا، وَإِلَّا وَاحِدَةٌ.

وَيَقَعُ بِلَفْظِ: كُلِّ الطَّلَاقِ، أَوْ أَكَثْرِهِ، أَوْ عَدَدِ الحَصَى، وَالرِّيحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: ثَلَاثٌ، وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً.

وَإِنْ طَلَّقَ عُضْواً، أَوْ جُزْءًا مُشَاعًا، أَوْ مُعَيَّنًا، أَوْ مُبْهَمًا، أَوْ قَالَ: نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ جُزْءًا مِنْ طَلْقَةٍ: طَلَقَتْ.

وَعَكْسُهُ: الرُّوحُ، وَالسِّنُّ، وَالشَّعْرُ، وَالظُّفُرُ، وَنَحْوُهَا.

وَإِذَا قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ: وَقَعَ العَدَدُ؛ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَأْكِيدًا يَصِحُّ، أَوْ إِفْهَامًا.

ص: 324

وَإِنْ كَرَّرَهُ بِبَلْ، أَوْ بِثُمَّ، أَوْ بِالفَاءِ، أَوْ قَالَ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ: وَقَعَ ثِنْتَانِ.

وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: بَانَتْ بِالأُولَى، وَلَمْ يَلْزَمْهُ مَا بَعْدَهَا.

وَالمُعَلَّقُ: كَالمُنَجَّزِ فِي هَذَا.

* * *

ص: 325

‌فَصْلٌ

وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَالمُطَلَّقَاتِ.

فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً: وَقَعَتْ وَاحِدَةً.

وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً: فَطَلْقَتَانِ.

وَإِنِ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ مِنْ عَدَدِ المُطَلَّقَاتِ: صَحَّ، دُونَ عَدَدِ الطَّلَقَاتِ.

وَإِنْ قَالَ: أَرْبَعَتُكُنَّ إِلَّا فُلَانَةً طَوَالِقٌ: صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ.

وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ لَمْ يَتَّصِلْ عَادَةً، فَلَوِ انْفَصَلَ وَأَمْكَنَ الكَلَامُ دُونَهُ: بَطَلَ، وَشَرْطُهُ النِّيَّةُ قَبْلَ كَمَالِ مَا اسْتَثْنَى مِنْهُ.

* * *

ص: 326

‌بَابُ الطَّلاقِ فِي المَاضِي وَالمُسْتَقْبَلِ

إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ، أَوْ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ - وَلَمْ يَنْوِ وُقُوعَهُ فِي الحَالِ -: لَمْ يَقَعْ.

وَإِنْ أَرَادَ بِطَلَاقٍ سَبَقَ مِنْهُ، أَوْ مِنْ زَيْدٍ، وَأَمْكَنَ: قُبِلَ.

فَإِنْ مَاتَ، أَوْ جُنَّ، أَوْ خَرِسَ قَبْلَ بَيَانِ مُرَادِهِ: لَمْ تَطْلُقْ.

وَإِنْ قَالَ: طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ، فَقَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّهِ: لَمْ تَطْلُقْ، وَبَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ تَطْلُقُ فِيهِ: يَقَعُ.

فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ اليَمِينِ بِيَوْمٍ، وَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَيَوْمَيْنِ: صَحَّ الخُلْعُ، وَبَطَلَ الطَّلَاقُ، وَعَكْسُهُمَا بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ.

وَإِنْ قَالَ: طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي: طَلَقَتْ فِي الحَالِ، وَعَكْسُهُ: مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ.

ص: 327

‌فَصْلٌ

وَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ طِرْتِ، أَوْ صَعِدْتِ السَّمَاءَ، أَوْ قَلَبْتِ الحَجَرَ ذَهَباً، وَنَحْوُهُ مِنَ المُسْتَحِيلِ: لَمْ تَطْلُقْ.

وَتَطْلُقُ فِي عَكْسِهِ فَوْراً وَهُوَ مِثْلُ: لَأَقْتُلَنَّ المَيِّتَ، أَوْ لأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، وَنَحْوِهِمَا.

وَأَنْتِ طَالِقٌ اليَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ: لَغْوٌ.

وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ، أَوِ اليَوْمِ: طَلَقَتْ فِي الحَالِ.

وَإِنْ قَالَ: فِي غَدٍ، أَوِ السَّبْتِ، أَوْ رَمَضَانَ: طَلَقَتْ فِي أَوَّلِهِ.

وَإِنْ قَالَ: أَرَدتُّ آخِرَ الكُلِّ: دُيِّنَ، وَقُبِلَ.

وَأَنْتِ طَالِقٌ إِلَى شَهْرٍ: طَلَقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ؛ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي الحَالِ: فَيَقَعُ.

وَطَالِقٌ إِلَى سَنَةٍ: تَطْلُقُ بِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً، فَإِنْ عَرَّفَهَا بِاللَّامِ: طَلَقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الحِجَّةِ.

ص: 328

‌بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ

لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ زَوْجٍ.

فَإِذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ: لَمْ تَطْلُقْ قَبْلَهُ، وَلَوْ قَالَ: عَجَّلْتُهُ.

وَإِنْ قَالَ: سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ، وَلَمْ أُرِدْهُ: وَقَعَ فِي الحَالِ.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدتُّ إِنْ قُمْتِ: لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا.

وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ: إِنْ، وَإِذَا، وَمَتَى، وَأَيٌّ، وَمَنْ، وَكُلَّمَا- وَهِيَ وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ -.

وَكُلُّهَا وَمَهْمَا بِلَا لَمْ أَوْ نِيَّةِ الفَوْرِ أَوْ قَرِينَتِهِ: لِلتَّرَاخِي، وَمَعَ لَمْ: لِلْفَوْرِ؛ إِلَّا إِنْ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ فَوْرٍ، أَوْ قَرِينَتِهِ.

فَإِذَا قَالَ: إِنْ قُمْتِ، أَوْ إِذَا، أَوْ مَتَى، أَوْ أَيَّ وَقْتٍ، أَوْ مَنْ قَامَتْ، أَوْ كُلَّمَا قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ: فَمَتَى وُجِدَ طَلَقَتْ.

ص: 329

وَإِنْ تَكَّرَرَ الشَّرْطُ: لَمْ يَتَكَرَّرِ الحِنْثُ؛ إِلَّا فِي كُلَّمَا.

وَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا، وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِفَوْرٍ، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا: طَلَقَتْ فِي آخِرِ حَيَاةِ أَوَّلِهِمَا مَوْتًا.

وَمَتَى لَمْ، أَوْ إِذَا لَمْ، أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ إِيقَاعُهُ فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْ: طَلَقَتْ.

وَكُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمَضَى مَا يُمْكِنُ إِيقُاعُ ثَلَاثٍ مُرَّتَبَةٍ فِيهِ، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا: طَلَقَتِ المَدْخُولُ بِهَا ثَلَاثاً، وَتَبِينُ غَيْرُهَا بِالأُولَى.

وَإِنْ قُمْتِ فَقَعَدتِّ، أَوْ ثُمَّ قَعَدتِّ، أَوْ إِنْ قَعَدتِّ إِذَا قُمْتِ، أَوْ إِنْ قَعَدتِّ إِنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ: لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ.

وَبِالوَاوِ: تَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا، وَبِأَوْ: بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا.

* * *

ص: 330

‌فَصْلٌ

إِذَا قَالَ: إِنْ حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ: طَلَقَتْ بِأَوَّلِ حَيْضٍ مُتَيَقَّنٍ.

وَفِي: إِذَا حِضْتِ حَيْضَةً: تَطْلُقُ بِأَوَّلِ الطُّهْرِ مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ.

وَفِي: إِذَا حِضْتِ نِصْفَ حَيْضَةٍ: تَطْلُقُ فِي نِصْفِ عَادَتِهَا.

* * *

ص: 331

‌فَصْلٌ

إِذَا عَلَّقَهُ بِالحَمْلِ، فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ: طَلَقَتْ مُنْذُ حَلَفَ.

وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلاً فَأَنْتِ طَالِقٌ: حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ فِي البَائِنِ، وَهِيَ عَكْسُ الأُولَى فِي الأَحْكَامِ.

وَإِنْ عَلَّقَ طَلْقَةً إِنْ كُنْتِ حَامِلاً بِذَكَرٍ، وَطَلْقَتَيْنِ بِأُنْثَى؛ فَوَلَدَتْهُمَا: طَلَقَتْ ثَلَاثًا.

وَإِنْ كَانَ مَكَانَهُ: إِنْ كَانَ حَمْلُكِ، أَوْ مَا فِي بَطْنِكِ: لَمْ تَطْلُقْ بِهِمَا.

* * *

ص: 332

‌فَصْلٌ

إِذَا عَلَّقَ طَلْقَةً عَلَى الوِلَادَةِ بِذَكَرٍ، وَطَلْقَتَيْنِ بِأُنْثَى؛ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى -حَيّاً، أَوْ مَيِّتاً - طَلَقَتْ بِالأَوَّلِ، وَبَانَتْ بِالثَّانِي، وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ.

وَإِنْ أَشْكَلَ كَيْفِيَّةُ وَضْعِهِمَا: فَوَاحِدَةً.

* * *

ص: 333

‌فَصْلٌ

إِذَا عَلَّقَهُ عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ عَلَّقَهُ عَلَى القِيَامِ، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى القِيَامِ ثُمَّ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ فَقَامَتْ: طَلَقَتْ طَلْقَتَيْنِ فِيهِمَا.

وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى قِيَامِهَا ثُمَّ عَلَى طَلَاقِهِ لَهَا؛ فَقَامَتْ: فَوَاحِدَةً.

وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ، أَوْ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَوُجِدَا: طَلَقَتْ فِي الأُولَى طَلْقَتَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا.

* * *

ص: 334

‌فَصْلٌ

إِذَا قَالَ: إِذَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ قُمْتِ: طَلَقَتْ فِي الحَالِ.

لَا إِنْ عَلَّقَهُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا حَلِفٌ.

وَإِنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى: طَلَقَتْ وَاحِدَةً، وَمَرَّتَيْنِ فَثِنْتَانِ، وَثَلَاثًا فَثَلَاثٌ.

* * *

ص: 335

‌فَصْلٌ

إِذَا قَالَ: إِنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقِي، أَوْ قَالَ: تَنَحَّيْ، أَوِ اسْكُتِي: طَلَقَتْ.

وَإِنْ بَدَأْتُكِ بِالكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ: انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، مَا لَمْ يَنْوِ عَدَمَ البَدَاءَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ.

* * *

ص: 336

‌فَصْلٌ

إِذَا قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي، أَوْ إِلَّا بِإِذْنِي، أَوْ حَتَّى آذَنَ لَكِ، أَوْ إِنْ خَرَجْتِ إِلَى غَيْرِ الحَمَّامِ بِغَيْرِ إِذْنِي؛ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ مَرَّةً بِإِذْنِهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ، أَوْ خَرَجَتْ تُرِيدُ الحَمَّامَ وَغَيْرَهُ، أَوْ عَدَلَتْ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ: طَلَقَتْ فِي الكُلِّ.

لَا إِنْ أَذِنَ فِيهِ كُلَّمَا شَاءَتْ، أَوْ قَالَ: إِلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ، ثُمَّ خَرَجَتْ.

* * *

ص: 337

‌فَصْلٌ

إِذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا بِإِنْ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الحُرُوفِ: لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ - وَلَوْ تَرَاخَى -.

فَإِنْ قَالَتْ: قَدْ شِئْتُ إِنْ شِئْتَ فَشَاءَ: لَمْ تَطْلُقْ.

وَإِنْ قَالَ: إِنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوكِ، أَوْ زَيْدٌ: لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَا، وَإِنْ شَاءَ أَحَدُهُمَا: فَلَا.

وَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: وَقَعَا.

وَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: طَلَقَتْ إِنْ دَخَلَتْ.

وَأَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ، أَوْ مَشِيئَتِهِ: طَلَقَتْ فِي الحَالِ.

فَإِنْ قَالَ: أَرَدتُّ الشَّرْطَ: قُبِلَ حُكْمًا.

وَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ رَأَيْتِ الهِلَالَ - إِنْ نَوَى رُؤْيَتَهَا -: لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَرَاهُ، وَإِلَّا طَلَقَتْ بَعْدَ الغُرُوبِ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا.

* * *

ص: 338

‌فَصْلٌ

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَاراً، أَوْ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا؛ فَأَدْخَلَ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ دَخَلَ طَاقَ البَابِ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْباً مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْباً فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ: لَمْ يَحْنَثْ.

وَإِنْ فَعَلَ المَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِياً، أَوْ جَاهِلاً: حَنِثَ فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ فَقَطْ.

وَإِنْ فَعَلَ بَعْضَهُ: لَمْ يَحْنَثْ؛ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ.

وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ: لَمْ يَبَرَّ؛ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهَ كُلَّهُ.

* * *

ص: 339

‌بَابُ التَّأْوِيلِ فِي الحَلِفِ

وَمَعْنَاهُ: أَنْ يُرِيدَ بِلَفْظِهِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ.

فَإِذَا حَلَفَ وَتَأَوَّلَ يَمِينَهُ: نَفَعَهُ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ظَالِماً.

فَإِنْ حَلَّفَهُ ظَالِمٌ: مَا لِزَيْدٍ عِنْدَكَ شَيْءٌ، وَلَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِمِكَانٍ؛ فَنَوَى غَيْرَهُ، أَوْ بِمَا الَّذِي.

أَوْ حَلَفَ: مَا زَيْدٌ هَهُنَا، وَنَوَى غَيْرَ مَكَانِهِ.

أَوْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ: لَا سَرَقْتِ مِنِّي شَيْئًا؛ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَتِهِ، وَلَمْ يَنْوِهَا.

لَمْ يَحْنَثْ فِي الكُلِّ.

* * *

ص: 340

‌بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ

مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ، أَوْ شَرْطِهِ: لَمْ يَلْزَمْهُ.

وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ: فَطَلْقَةٌ، وَتُبَاحُ لَهُ.

فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ: طَلَقَتِ الَمَنْوِيَّةُ، وَإِلَّا مَنْ قَرَعَتْ؛ كَمَنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا بَائِنًا وَأُنْسِيَهَا.

وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ المُطَلَّقَةَ غَيْرُ الَّتِي قَرَعَتْ: رُدَّتْ إِلَيهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، أَوْ تَكُنِ القُرْعَةُ بِحَاكِمٍ.

وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَفُلَانَةُ، وَجُهِلَ: لَمْ تَطْلُقَا.

وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ اسْمُهَمَا هِنْدٌ: إِحْدَاكُمَا، أَوْ هِنْدٌ طَالِقٌ: طَلَقَتِ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدتُّ الأَجْنَبِيَّةَ: لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا؛ إِلَّا بِقَرِينَةٍ.

وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ: طَلَقَتِ الزَّوْجَةُ، وَكَذَا عَكْسُهَا.

* * *

ص: 341

‌بَابُ الرَّجْعَةِ

مَنْ طَلَّقَ بِلَا عِوَضٍ، زَوْجَةً - مَدْخُولاً بِهَا أَوْ مَخْلُوّاً بِهَا - دُونَ مَا لَهُ مِنَ العَدَدِ: فَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهَا - وَلَوْ كَرِهَتْ - بِلَفْظِ: رَاجَعْتُ امْرَأَتِي وَنَحْوِهِ، لَا نَكَحْتُهَا وَنَحْوِهِ.

وَيُسَنُّ الإِشْهَادُ.

وَهِيَ: زَوْجَةٌ - لَهَا وَعَلَيْهَا حُكْمُ الزَّوْجَاتِ - لَكِنْ لَا قَسْمَ لَهَا.

وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ أَيْضاً: بِوَطْئِهَا.

وَلَا تَصِحُّ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ.

فَإِذَا طَهَرَتْ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ: فَلَهُ رَجْعَتُهَا.

وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ رَجْعَتِهَا: بَانَتْ، وَحَرُمَتْ قَبْلَ عَقْدٍ جَدِيدٍ.

وَمَنْ طَلَّقَ دُونَ مَا يَمْلِكُ، ثُمَّ رَاجَعَ، أَوْ تَزَوَّجَ: لَمْ يَمْلِكْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِي - وَطِئَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ أَوْ لَا -.

* * *

ص: 342

‌فَصْلٌ

وَإِنِ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهِ، أَوْ بِوَضْعِ الحَمْلِ المُمْكِنِ، وَأَنْكَرَهُ: فَقَوْلُهَا.

وَإِنِ ادَّعَتْهُ الحُرَّةُ بِالحَيْضِ فِي أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ: لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا.

وَإِنْ بَدَأَتْهُ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي، فَقَالَ: كُنْتُ رَاجَعْتُكِ، أَوْ بَدَأَهَا، فَأَنْكَرَتْهُ: فَقَوْلُهَا.

* * *

ص: 343

‌فَصْلٌ

إِذَا اسْتَوفَى مَا يَمْلِكُ مِنَ الطَّلَاقِ: حَرُمَتْ، حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ فِي قُبُلٍ - وَلَوْ مُرَاهِقاً -.

وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ - أَوْ قَدْرِهَا مَعَ جَبٍّ - فِي فَرْجِهَا، مَعَ انْتِشَارٍ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ.

وَلَا تَحِلُّ بِوَطْءِ دُبُرٍ، وَشُبْهَةٍ، وَمِلْكِ يَمِينٍ، وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَلَا فِي حَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَإِحْرَامٍ، وَصِيَامِ فَرْضٍ.

وَمَنِ ادَّعَتْ مُطَلَّقَتُهُ المُحَرَّمَةُ - وَقَدْ غَابَتْ - نِكَاحَ مَنْ أَحَلَّهَا وَانْقِضَاءَ عِدَّتِهَا مِنْهُ: فَلَهُ نِكَاحُهَا إِنْ صَدَّقَهَا، وَأَمْكَنَ.

* * *

ص: 344

‌كِتَابُ الإِيلَاءِ

وَهُوَ: حَلِفُ زَوْجٍ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ، عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي قُبُلِهَا، أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

وَيَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ، وَقِنٍّ، وَمُمَيِّزٍ، وَغَضْبَانَ، وَسَكْرَانَ، وَمَرِيضٍ مَرْجُوٍّ بُرْؤُهُ، وَمِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا.

لَا مِنْ مَجْنُونٍ، وَمُغْمىً عَلَيْهِ، وَعَاجِزٍ عَنْ وَطْءٍ؛ لِجَبٍّ كَامِلٍ أَوْ شَلَلٍ.

فَإِذَا قَالَ: وَاللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَبَدًا، أَوْ عَيَّنَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى، أَوْ يَخْرُجَ الدَّجَّالُ، أَوْ حَتَّى تَشْرَبِي الخَمْرَ، أَوْ تُسْقِطِي دَيْنَكِ، أَوْ تَهَبِي مَالَكِ، وَنَحْوَهُ: فَمُولٍ.

فَإِذَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَمِينِهِ - وَلَوْ قِنّاً - فَإِنْ وَطِئَ وَلَوْ بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ فِي الفَرْجِ: فَقَدْ فَاءَ، وَإِلاَّ أُمِرَ بِالطَّلَاقِ.

ص: 345

فَإِنْ أَبَى: طَلَّقَ حَاكِمٌ عَلَيْهِ وَاحِدَةً، أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ فَسَخَ.

وَإِنْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ، أَوْ دُونَ الفَرْجِ: فَمَا فَاءَ.

وَإِنِ ادَّعَى بَقَاءَ المُدَّةِ، أَوْ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ: صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ.

وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا، أَوِ ادَّعَتِ البَكَارَةَ، وَشَهِدَ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ عَدْلٌ: صُدِّقَتْ.

وَإِنْ تَرَكَ وَطْأَهَا إِضْرَارًا بِهَا، بِلَا يَمِينٍ، وَلَا عُذْرٍ: فَكَمُولٍ.

* * *

ص: 346

‌كِتَابُ الظِّهَارِ

وَهُوَ: مُحَرَّمٌ.

فَمَنْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ، أَوْ بَعْضَهَا بِبَعْضِ، أَوْ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ - مِنْ ظَهْرٍ، أَوْ بَطْنٍ، أَوْ عُضْوٍ آخَرَ لَا يَنْفَصِلُ - بِقَولِهِ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ، أَوْ مَعِي، أَوْ مِنِّي؛ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ كَيَدِ أُخْتِي، أَوْ وَجْهِ حَمَاتِي، وَنَحْوِهِ، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ كَالمَيْتَةِ وَالدَّمِ: فَهُوَ مُظَاهِرٌ.

وَإِنْ قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا: فَلَيْسَ بِظِهَارٍ، وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ.

وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ.

* * *

ص: 347

‌فَصْلٌ

وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُعَجَّلاً، وَمُعَلَّقاً بِشَرْطٍ - فَإِذَا وُجِدَ: صَارَ مُظَاهِراً - وَمُطْلَقاً وَمُؤَقَّتاً.

فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ: كَفَّرَ.

فَإِذَا فَرَغَ الوَقْتُ: زَالَ الظِّهَارُ.

وَيَحْرُمُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ: وَطْءٌ وَدَوَاعِيهِ مِنْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا.

وَلَا تَثْبُتُ الكَفَّارَةُ فِي الذِّمَّةِ إِلَّا بِالوَطْءِ - وَهُوَ العَوْدُ - وَيَلْزَمُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَهُ عِنْدَ العَزْمِ عَلَيْهِ.

وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِتَكْرِيرِهِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَلِظِهَارِهِ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَاتٍ: فَكَفَّارَاتٌ.

* * *

ص: 348

‌فَصْلٌ

كَفَّارَتُهُ: عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ: صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ: أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا.

وَلَا تَلْزَمُ الرَّقَبَةُ إِلَّا لِمَنْ مَلَكَهَا، أَوْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، فَاضِلًا عَنْ كِفَايَتِهِ دَائِماً وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ، وَعَمَّا يَحْتَاجُهُ - مِنْ مَسْكَنٍ، وَخَادِمٍ، وَمَرْكُوبٍ، وَعَرْضِ بِذْلَةٍ وَثِيَابِ تَجَمُّلٍ، وَمَالٍ يَقُومُ كَسْبُهُ بِمُؤْنَتِهِ، وَكُتُبِ عِلْمٍ، وَوَفَاءِ دَيْنٍ -.

وَلَا يُجْزِئُ فِي الكَفَّارَاتِ كُلِّهَا؛ إِلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ، سَلِيمَةٌ مِنْ عَيْبٍ يَضُرُّ بِالعَمَلِ ضَرَراً بَيِّناً - كَالعَمَى، وَشَلَلِ اليَدِ أَوِ الرِّجْلِ، أَوْ قَطْعِهَا، أَوْ أَقْطَعِ الإِصْبَعِ الوُسْطَى، أَوِ السَّبَّابَةِ، أَوِ الإِبْهَامِ، أَوِ الأَنْمُلَةِ مِنَ الإِبْهَامِ، أَوْ أَقْطَعِ الخِنْصَرِ وَالبِنْصَرِ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ -.

ص: 349

وَلَا يُجْزِئُ مَرِيضٌ مَأْيُوسٌ مِنْهُ وَنَحْوُهُ، وَلَا أُمُّ وَلَدٍ.

وَيُجْزِئُ المُدَبَّرُ، وَوَلَدُ الزِّنَا، وَالأَحْمَقُ، وَالمَرْهُونُ، وَالجَانِي، وَالأَمَةُ الحَامِلُ - وَلَوِ اسْتَثْنَي حَمْلُهَا -.

* * *

ص: 350

‌فَصْلٌ

يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ.

فَإِنْ تَخَلَّلَهُ رَمَضَانٌ، أَوْ فِطْرٌ يَجِبُ - كَعِيدٍ، وَأَيَّامِ تَشْرِيقٍ، وَحَيْضٍ، وَجُنُونٍ، وَمَرَضٍ مَخُوفٍ، وَنَحْوِهِ - أَوْ أَفْطَرَ نَاسِياً، أَوْ مُكْرَهاً، أَوْ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الفِطْرَ: لَمْ يَنْقَطِعْ.

وَيُجْزِئُ التَّكْفِيرُ بِمَا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ فَقَطْ.

وَلَا يُجْزِئُ مِنَ البُرِّ: أَقُلُّ مِنْ مُدٍّ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ: أَقَلُّ مِنْ مُدَّيْنِ - لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيهِمْ -.

وَإِنْ غَدَّى المَسَاكِينَ أَوْ عَشَّاهُمْ: لَمْ يُجْزِئْهُ.

وَتَجِبُ النِّيَّةُ فِي التَّكْفِيرِ - مِنْ صَوْمٍ وَغَيْرِهِ -.

وَإِنْ أَصَابَ المُظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً: انْقَطَعَ التَّتَابُعَ، وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَهَا لَيْلاً: لَمْ يَنْقَطِعْ.

ص: 351

‌كِتَابُ اللِّعَانِ

يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ.

وَمَنْ عَرَفَ العَرَبِيَّةَ: لَمْ يَصِحَّ لِعَانُهُ بِغَيْرِهَا، وَإِنْ جَهِلَهَا: فَبِلُغَتِهِ.

فَإِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا: فَلَهُ إِسْقَاطُ الحَدِّ بِاللِّعَانِ، فَيَقُولُ قَبْلَهَا - أَرْبَعَ مَرَّاتٍ:«أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ زَنَتْ زَوْجَتِي هَذِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيْهَا، وَمَعَ غَيْبَتِهَا يُسَمِّيهَا وَيَنْسُبُهَا» ، وَفِي الخَامِسَةِ:«وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ» .

ثُمَّ تَقُولُ هِيَ- أَرْبَعَ مَرَّاتٍ-: «أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ كَذَبَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا» ، ثُمَّ تَقُولُ فِي الخَامِسَةِ:«وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ» .

فَإِنْ بَدَأْتْ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ، أَوْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنَ الأَلْفَاظِ الخَمْسَةِ، أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا حَاكِمٌ، أَوْ نَائِبُهُ، أَوْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ «أَشْهَدُ» بِأُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالإِبْعَادِ، أَوِ الغَضَبِ بِالسُّخْطِ: لَمْ يَصِحَّ.

ص: 352

‌فَصْلٌ

وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ، أَوِ المَجْنُونَةَ: عُزِّرَ، وَلَا لِعَانَ.

وَمِنْ شَرْطِهِ: قَذْفُهَا بِالزِّنَا لَفْظاً؛ كَزَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِيَةُ، أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ، فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ.

فَإِنْ قَالَ: وُطِئْتِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ مُكْرَهَةً، أَوْ نَائِمَةً، أَوْ قَالَ: لَمْ تَزْنِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا الوَلَدُ مِنِّي، فَشَهِدَتِ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ: لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَلَا لِعَانَ.

وَمِنْ شَرْطِهِ: أَنْ تُكَذِّبَهُ الزَّوْجَةُ.

وَإِذَا تَمَّ: سَقَطَ عَنْهُ الحَدُّ وَالتَّعْزِيرُ، وَتَثْبُتُ الفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَحْرِيمٍ مُؤَبَّدٍ.

* * *

ص: 353

‌فَصْلٌ

مَنْ وَلَدَتْ زَوْجَتُهُ مَنْ أَمْكَنَ أَنَّهُ مِنْهُ: لَحِقَهُ، بِأَنْ تَلِدَهُ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ أَمْكَنَ وَطْؤُهُ، وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا، وَهُوَ مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ كَابْنِ عَشْرٍ.

وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ إِنْ شُكَّ فِيهِ.

وَمَنِ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الفَرْجِ أَوْ دُونَهُ، فَوَلَدَتْ لِنِصْفِ سَنَةٍ فَأَزْيَدَ: لَحِقَهُ وَلَدُهَا؛ إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ الاسْتِبْرَاءَ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ قَالَ: وَطِئْتُهَا دُونَ الفَرْجِ، أَوْ فِيهِ وَلَمْ أُنْزِلْ، أَوْ عَزَلْتُ: لَحِقَهُ.

وَإِنْ أَعْتَقَهَا، أَوْ بَاعَهَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِوَطْئِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ: لَحِقَهُ، وَالبَيْعُ بَاطِلٌ.

* * *

ص: 354

‌كِتَابُ العِدَدِ

تَلْزَمُ العِدَّةُ كُلَّ امْرَأَةٍ فَارَقَتْ زَوْجَهَا خَلَا بِهَا مُطَاوِعَةً، مَعَ عِلْمِهِ بِهَا، وَقُدْرَتِهِ عَلَى وَطْئِهَا، وَلَوْ مَعَ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدَيْهِمَا حِسًّا أَوْ شَرْعًا، أَوْ وَطِئَهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا، حَتَّى فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِيهِ خِلَافٌ.

وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً وِفَاقاً: لَمْ تَعْتَدَّ لِلْوَفَاةِ.

وَمَنْ فَارَقَهَا حَيّاً قَبْلَ وَطْءٍ وَخَلْوَةٍ، أَوْ بَعْدَهُمَا - وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ - أَوْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ الزَّوْجِ، أَوْ قَبَّلَهَا، أَوْ لَمَسَهَا بِلَا خَلْوَةٍ: فَلَا عِدَّةَ.

* * *

ص: 355

‌فَصْلٌ

وَالمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ:

الحَامِلُ: وَعِدَّتُهَا - مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ - إِلَى وَضْعِ كُلِّ الحَمْلِ بِمَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ.

فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ - لِصِغَرِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحاً -، أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ نَكَحَهَا، وَنَحْوِهِ، وَعَاشَ: لَمْ تَنْقَضِ بِهِ.

وَأَكْثَرُ مُدَّةِ الحَمْلِ: أَرْبَعُ سِنِينَ، وَأَقَلُّهَا: سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَغَالِبُهَا: تِسْعَةُ أَشْهُرٍ.

وَيُبَاحُ إلقَاءُ النُّطْفَةِ قَبْلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بِدَوَاءٍ مُبَاحٍ.

الثَّانِيَةُ: المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِلَا حَمْلٍ - قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ - لِلْحُرَّةِ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٌ، وَلِلْأَمَةِ: نِصْفُهَا.

فَإِنْ مَاتَ زَوْجُ رَجْعِيَّةٍ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ: سَقَطَتْ، وَابْتَدَأَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ مُنْذُ مَاتَ.

ص: 356

وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةِ مَنْ أَبَانَهَا فِي الصِّحَّةِ: لَمْ تَنْتَقِلْ.

وَتَعْتَدُّ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الأَطْوَلَ - مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَطَلَاقٍ - مَا لَمْ تَكُنْ أَمَةً، أَوْ ذِمِّيَّةً، أَوْ جَاءَتِ البَيْنُونَةُ مِنْهَا، فَلِطَلَاقٍ لَا غَيْرَ.

وَإِنْ طَلَّقَ بَعْضَ نِسَائِهِ - مُبْهَمَةً، أَوْ مُعَيَّنَةً -، ثُمَّ أُنْسِيَهَا، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ قُرْعَةٍ: اعْتَدَّ كُلٌّ مِنْهُنَّ، سِوَى حَامِلٍ الأَطْوَلَ مِنْهُمَا.

الثَّالِثَةُ: الحَائِلُ ذَاتُ الأَقْرَاءِ - وَهِيَ الحِيَضُ - المُفَارَقَةُ فِي الحَيَاةِ، عِدَّتُهَا: إِنْ كَانَتْ حُرَّةً: ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ كَامِلَةٍ، وَإِلَّا قُرْآنِ.

الرَّابِعَةُ: مَنْ فَارَقَهَا حَيًّا، وَلَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ إِيَاسٍ، فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَأَمَةٌ: شَهْرَانِ، وَمُبَعَّضَةٌ: بِالحِسَابِ.

الخَامِسَةُ: مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَدْرِ سَبَبَهُ، فَعِدَّتُهَا: سَنَةٌ - تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ، وَثَلَاثَةٌ لِلْعِدَّةِ - وَتَنْقُصُ الأَمَةُ شَهْراً.

ص: 357

وَعِدَّةُ مَنْ بَلَغَتْ وَلَمْ تَحِضْ، وَالمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ، وَالمُسْتَحَاضَةُ المُبْتَدَأَةُ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَالأَمَةُ: شَهْرَانِ.

وَإِنْ عَلِمْتَ مَا رَفَعَهُ - مِنْ مَرَضٍ، أَوْ رَضَاعٍ وَغَيْرِهِمَا -: فَلَا تَزَالُ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الحَيْضُ فَتَعْتَدَّ بِهِ، أَوْ تَبْلُغَ سِنَّ الإِيَاسِ: فَتَعْتَدَّ عِدَّتَهُ.

السَّادِسَةُ: امْرَأَةُ المَفْقُودِ: تَتَرَبَّصُ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ.

وَأَمَةٌ؛ كَحُرَّةٍ فِي التَّرَبُّصِ، وَفِي العِدَّةِ: نِصْفُ عِدَّةِ الحُرَّةِ.

وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِضَرْبِ المُدَّةِ، وَعِدَّةِ الوَفَاةِ.

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَقَدِمَ الأَوَّلُ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي: فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، وَبَعْدَهُ: لَهُ أَخْذُهَا زَوْجَةً بِالعَقْدِ الأَوَّلِ، وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقِ الثَّانِي، وَلَا يَطَأُ قَبْلَ فَرَاغِ عِدَّةِ الثَّانِي، وَلَهُ تَرْكُهَا مَعَهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَيَأْخُذُ قَدْرَ الصَّدَاقِ الَّذِي أَعْطَاهَا مِنَ الثَّانِي، وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ.

ص: 358

‌فَصْلٌ

وَمَنْ مَاتَ زَوْجُهَا الغَائِبُ، أَوْ طَلَّقَ: اعْتَدَّتْ مُنْذُ الفُرْقَةِ، وَإِنْ لَمْ تُحِدَّ.

وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ؛ كَمُطَلَّقَةٍ.

وَإِنْ وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَتَمَّتْ عِدَّةَ الأَوَّلِ، وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْهَا مُقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلثَّانِي، وَتَحِلُّ لَهُ بِعَقْدٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ العِدَّتَيْنِ.

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا: لَمْ تَنْقَطِعْ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا.

فَإِذَا فَارَقَهَا: بَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا مِنَ الأَوَّلِ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَتِ العِدَّةَ مِنَ الثَّانِي.

وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ أَحَدِهِمَا: انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ.

ص: 359

وَمَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّتَهُ البَائِنَ بِشُبْهَةٍ: اسْتَأْنَفَتِ العِدَّةَ بِوَطْئِهِ، وَدَخَلَتْ فِيهَا بقية الأُولَى.

وَإِنْ نَكَحَ مَنْ أَبَانَهَا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: بَنَتْ.

* * *

ص: 360

‌فَصْلٌ

يَلْزَمُ الإِحْدَادُ مُدَّةَ العِدَّةِ: كُلَّ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ - وَلَوْ ذِمِّيَّةً، أَوْ أَمَةً، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ -.

وَتُبَاحُ لِبَائِنٍ.

وَلَا يَجِبُ عَلَى رَجْعِيَّةٍ، وَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ.

وَالإِحْدَادُ: اجْتِنَابُ مَا يَدْعُو إِلَى جِمَاعِهَا، ويُرَغِّبُ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا - مِنَ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَالتَّحْسِينِ، وَالحِنَّاءِ، وَمَا صُبِغَ لِلزِّينَةِ، وَحُلِيٍّ، وَكُحْلٍ أَسْوَدَ -.

لَا تُوتِيَا وَنَحْوِهِ، وَلَا نِقَابَ وَأَبْيَضَ، وَلَوْ كَانَ حَسَناً.

* * *

ص: 361

‌فَصْلٌ

وَتَجِبُ عِدَّةُ الوَفَاةِ فِي المَنْزِلِ حَيْثُ وَجَبَتْ.

فَإِنْ تَحَوَّلَتْ خَوْفاً، أَوْ قَهْراً، أَوْ لِحَقٍّ: انْتَقَلَتْ حَيْثُ شَاءَتْ.

وَلَهَا الخُرُوجُ لِحَاجَتِهَا نَهَاراً، لَا لَيْلاً.

وَإِنْ تَرَكَتِ الإِحْدَادَ: أَثِمَتْ، وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ زَمَانِهَا.

* * *

ص: 362

‌بَابُ الاسْتِبْرَاءِ

مَنْ مَلَكَ أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا - مِنْ صَغِيرٍ، وَذَكَرٍ، وَضِدِّهِمَا -: حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَمُقَدِّمَاتُهُ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا.

وَاسْتِبْرَاءُ الحَامِلِ: بِوَضْعِهَا، وَمَنْ تَحِيضُ: بِحَيْضَةٍ، وَالآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ: بِمُضِيِّ شَهْرٍ.

* * *

ص: 363

‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.

وَالمُحَرِّمُ: خَمْسُ رَضَعَاتٍ فِي الحَوْلَيْنِ.

وَالسَّعُوطُ، وَالوَجُورُ، وَلَبَنُ المَيْتَةِ وَالمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَالمَشُوبُ: يُحَرِّمُ.

وَعَكْسُهُ: البَهِيمَةُ، وَغَيْرُ حُبْلَى، وَلَا مَوْطُوءَةٍ.

فَمَتَى أَرْضَعَتِ امْرَأَةٌ طِفْلاً: صَارَ وَلَدَهَا - فِي النِّكَاحِ، وَالنَّظَرِ، وَالخَلْوَةِ، وَالمَحْرَمِيَّةِ - وَوَلَدَ مَنْ نُسِبَ لَبَنُهَا إِلَيْهِ بِحَمْلٍ أَوْ وَطْءٍ.

وَمَحَارِمُهُ فِي النِّكَاحِ مَحَارِمُهُ، وَمَحَارِمُهَا مَحَارِمُهُ، دُونَ أَبَوَيْهِ وَأُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا.

فَتُبَاحُ المُرْضِعَةُ لِأَبِي المُرْتَضِعِ وَأَخِيهِ مِنَ النَّسَبِ، وَأُمُّهُ وَأُخْتُهُ مِنَ النَّسَبِ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ.

ص: 364

وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا فَأَرْضَعَتْ طِفْلَةً: حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ، وَفَسَخَتْ نِكَاحَهَا مِنْهُ؛ إِنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ.

وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ: فَلَا مَهْرَ لَهَا.

وَكَذَا إِنْ كَانَتْ طِفْلَةً دَبَّتْ فَرَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ.

وَبَعْدَ الدُّخُولِ: مَهْرُهَا بِحَالِهِ.

وَإِنْ أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا: فَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ المُسَمَّى قَبْلَهُ، وَجَمِيعُهُ بَعْدَهُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى المُفْسِدِ.

وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ أُخْتِي لِرَضَاعٍ: بَطَلَ النِّكَاحُ.

فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَصَدَّقَتْهُ: فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ أَكْذَبَتْهُ: فَلَهَا نِصْفُهُ، وَيَجِبُ كُلُّهُ بَعْدَهُ.

وَإِنْ قَالَتْ: هِيَ ذَلِكَ، وَأَكْذَبَهَا: فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا.

وَإِذَا شَكَّ فِي الرَّضَاعِ، أَوْ كَمَالِهِ، أَوْ شَكَّتِ المُرْضِعَةُ وَلَا بَيِّنَةَ: فَلَا تَحْرِيمَ.

* * *

ص: 365

‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

يَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ: قُوتاً وَكِسْوَةً، وَسُكْنَاهَا بِمَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهَا.

وَيَعْتَبِرُ الحَاكِمُ ذَلِكَ بِحَالِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ:

فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تَحْتَ المُوسِرِ: قَدْرَ كِفَايَتِهَا مِنْ أَرْفَعِ خُبْزِ البَلَدِ، وَأُدُمِهِ، وَلَحْمًا، عَادَةَ المُوسِرِينَ بِمَحَلِّهِمَا، وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا: مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَلِلنَّوْمِ: فِرَاشٌ، وَلِحَافٌ، وَإِزَارٌ، وَمِخَدَّةٌ، وَلِلْجُلُوسِ: حَصِيرٌ جَيِّدٌ، وَزِلِّيٌّ.

وَلِلْفَقِيرَةِ تَحْتَ الفَقِيرِ: مِنْ أَدْنَى خُبْزِ البَلَدِ، وَأُدُمٌ يُلَائِمُهُ، وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَتَجْلِسُ عَلَيْهِ.

وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ مَعَ المُتَوَسِّطِ، وَالغَنِيَّةِ مَعَ الفَقِيرِ وَعَكْسِهَا: مَا بَيْنَ ذَلِكَ عُرْفًا.

وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ نَظَافَةِ زَوْجَتِهِ دُونَ خَادِمِهَا، لَا دَوَاءٌ وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ.

ص: 366

‌فَصْلٌ

وَنَفَقَةُ المُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَكِسْوَتُهَا وَسُكْنَاهَا؛ كَالزَّوْجَةِ، وَلَا قَسْمَ لَهَا.

وَالبَائِنُ بِفَسْخٍ، أَوْ طَلَاقٍ: لَهَا ذَلِكَ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا.

وَالنَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ لَا لَهَا مِنْ أَجْلِهِ.

وَمَنْ حُبِسَتْ - وَلَوْ ظُلْمًا - أَوْ نَشَزَتْ، أَوْ تَطَوَّعَتْ بِلَا إِذْنِهِ - بِصَوْمٍ أَو حَجٍّ - أَوْ أَحْرَمَتْ بِنَذْرِ حَجٍّ أَوْ صَوْمٍ، أَوْ صَامَتْ عَنْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءِ رَمَضَانَ مَعَ سَعَةِ وَقْتِهِ، أَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا - وَلَوْ بِإِذْنِهِ -: سَقَطَتْ.

وَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى لِمُتَوَفَّى عَنْهَا.

وَلَهَا أَخْذُ نَفَقَةِ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ، وَلَيْسَ لَهَا قِيمَتُهَا، وَلَا عَلَيْهَا أَخْذُهَا، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى تَأْخِيرِهَا، أَوْ تَعْجِيلِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ قَلِيلَةً: جَازَ.

وَلَهَا الكِسْوَةُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فِي أَوَّلِهِ.

ص: 367

وَإِذَا غَابَ وَلَمْ يُنْفِقْ: لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ مَا مَضَى.

وَإِنْ أَنْفَقَتْ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ مَالِهِ؛ فَبَانَ مَيِّتًا: غَرَّمَهَا الوَارِثُ مَا أَنْفَقَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

* * *

ص: 368

‌فَصْلٌ

وَمَنْ تَسَلَّمَ زَوْجَتَهُ، أَوْ بَذَلَتْ نَفْسَهَا، وَمِثْلُهَا يُوطَأُ: وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا، وَلَوْ مَعَ صِغَرِ الزَّوْجِ وَمَرَضِهِ وَجَبِّهِ وَعُنَّتِهِ.

وَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الحَالَّ.

فَإِنْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا طَوْعًا ثُمَّ أَرَادَتِ المَنْعَ: لَمْ تَمْلِكْ.

وَإِذَا أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ القُوتِ، أَوِ الكِسْوَةِ، أَوْ بَعْضِهَا، أَوِ المَسْكَنِ- لَا فِي المَاضِي -: فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ.

فَإِنْ غَابَ وَلَمْ يَدَعْ لَهَا نَفَقَةً، وَتَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ وَاسْتِدَانَتُهَا عَلَيْهِ: فَلَهَا الفَسْخُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ.

* * *

ص: 369

‌بَابُ نَفَقَةِ الأَقَارِبِ وَالمَمَالِيكِ وَالبَهَائِمِ

تَجِبُ أَوْ تَتِمَّتُهَا: لِأَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا، وَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، حَتَّى ذَوِي الأَرْحَامِ مِنْهُمْ، حَجَبَهُ مُعْسِرٌ أَوْ لَا.

وَكُلُّ مَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ، لَا بِرَحِمٍ سِوَى عَمُودَيْ نَسَبِهِ - سَوَاءٌ وَرِثَهُ الآخَرُ كَأَخٍ، أَوْ لَا كَعَمَّةٍ، وعَتِيقٍ - بِمَعْرُوفٍ، مَعَ فَقْرِ مَنْ تَجِبُ لَهُ، وَعَجْزِهِ عَنْ تَكَسُّبٍ، إِذَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى، مِنْ حَاصِلٍ أَوْ مُتَحَصِّلٍ، لَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ، وَثَمَنِ مُلْكٍ وَآلَةِ صَنْعَةٍ.

وَمَنْ لَهُ وَارِثٌ - غَيْرُ أَبٍ -: فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ إِرْثِهِمْ؛ فَعَلَى الأُمِّ الثُّلُثُ، وَالثُّلُثَانِ عَلَى الجَدِّ، وَعَلَى الجَدَّةِ: السُّدُسُ، وَالبَاقِي عَلَى الأَخِ.

وَالأَبُ يَنْفَرِدُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ.

وَمَنْ لَهُ ابْنٌ فَقِيرٌ، وَأَخٌ مُوسِرٌ: فَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا.

ص: 370

وَمَنْ أُمُّهُ فَقِيرَةٌ، وَجَدَّتُهُ مُوسِرَةٌ: فَنَفَقَتُهُ عَلَى الجَدَّةِ.

وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ زَيْدٍ: فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ؛ كَظِئْرٍ لِحَوْلَيْنِ.

وَلَا نَفَقَةَ مَعَ اخْتِلَافِ دِينٍ؛ إِلَّا بِالوَلَاءِ.

وَعَلَى الأَبِ: أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ، وَيُؤَدِّيَ الأُجْرَةَ، وَلَا يَمْنَعُ أُمَّهُ إِرْضَاعَهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا؛ إِلَّا لِضَرُورَةٍ؛ كَخَوْفِ تَلَفِهِ.

وَلَهَا طَلَبُ أُجْرَةِ المِثْلِ، وَلَوْ أَرْضَعَهُ غَيْرُهَا مَجَّانًا، بَائِنًا كَانَتْ أَوْ تَحْتَهُ.

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ آخَرَ: فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إِرْضَاعِ وَلَدِ الأَوَّلِ، مَا لَمْ يُضْطَرَّ إِلَيْهَا.

* * *

ص: 371

‌فَصْلٌ

وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ - طَعَاماً، وَكِسَوْةً، وَسُكْنَى-، وَأَنْ لَا يُكَلِّفَهُ مُشِقّاً كَثِيراً.

وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى المُخَارَجَةِ: جَازَ.

وَيُرِيحُهُ وَقْتَ القَائِلَةِ، وَالنَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَيُرْكِبُهُ فِي السَّفَرِ عُقْبَةً.

وَإِنْ طَلَبَ نِكَاحًا: زَوَّجَهُ، أَوْ بَاعَهُ.

وَإِنْ طَلَبَتْهُ الأَمَةُ: وَطِئَهَا، أَوْ زَوَّجَهَا، أَوْ بَاعَهَا.

* * *

ص: 372

‌فَصْلٌ

وَعَلَيْهِ عَلَفُ بَهَائِمِهِ، وَسَقْيُهَا وَمَا يُصْلِحُهَا، وَألَّا يُحَمِّلَهَا مَا تَعْجَزُ عَنْهُ، وَلَا يَحْلِبُ مِنْ لَبَنِهَا مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا.

فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهَا: أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهَا، أَوْ إِجَارَتِهَا، أَوْ ذَبْحِهَا إِنْ أُكِلَتْ.

* * *

ص: 373

‌بَابُ الحَضَانَةِ

تَجِبُ: لِحِفْظِ صَغِيرٍ، وَمَعْتُوهٍ، وَمَجْنُونٍ.

وَالأَحَقُّ بِهَا: أُمٌّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا القُرْبَى فَالقُرْبَى.

ثُمَّ أَبٌ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ جَدٌّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ.

ثُمَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأُمٍّ، ثُمَّ لِأَبٍ.

ثُمَّ خَالَةٌ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأُمٍّ، ثُمَّ لِأَبٍ.

ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ، ثُمَّ خَالَاتُ أُمِّهِ، ثُمَّ خَالَاتُ أَبِيهِ، ثُمَّ عَمَّاتُ أَبِيهِ.

ثُمَّ بَنَاتُ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِ أَبِيهِ وَبَنَاتُ عَمَّاتِ أَبِيهِ.

ثُمَّ لِبَاقِي العَصَبَةِ الأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ، فَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى: فَمِنْ مَحَارِمِهَا.

ثُمَّ لِذَوِي أَرْحَامِهِ، ثُمَّ لِلْحَاكِمِ.

ص: 374

وَإِنِ امْتَنَعَ مَنْ لَهُ الحَضَانَةُ، أَوْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ: انْتَقَلَتْ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ.

وَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَلَا لِفَاسِقٍ، وَلَا كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلَا لِمُزَوَّجَةٍ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَحْضُونٍ مِنْ حِينِ عَقْدٍ، فَإِنْ زَالَ المَانِعُ: رَجَعَ إِلَى حَقِّهِ.

وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَراً طَوِيلاً إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ لِيَسْكُنَهُ، وَهُوَ وَطَرِيقُهُ آمِنَانِ: فَحَضَانَتُهُ لِأَبِيهِ.

وَإِنْ بَعُدَ السَّفَرُ لِحَاجَةٍ، أَوْ قَرُبَ لَهَا، أَوْ لِلسُّكْنَى: فَلِأُمِّهِ.

* * *

ص: 375

‌فَصْلٌ

وَإِذَا بَلَغَ الغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا: خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، فَكَانَ مَعَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا، وَلَا يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ.

وَأَبُو الأُنْثَى أَحَقُّ بِهَا بَعْدَ السَّبْعِ.

وَيَكُونُ الذَّكَرُ بَعْدَ رُشْدِهِ حَيْثُ شَاءَ.

وَالأُنْثَى عِنْدَ أَبِيهَا حَتَّى يَتَسَلَّمَهَا زَوْجُهَا.

* * *

ص: 376

‌كِتَابُ الجِنَايَاتِ

وَهِيَ: عَمْدٌ يَخْتَصُّ القَوَدُ بِهِ بِشَرْطِ القَصْدِ، وَشِبْهُ عَمْدٍ، وَخَطَأٌ.

فَالعَمْدُ: أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيّاً، مَعْصُوماً، فَيَقْتُلَهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ.

مِثْلُ: أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ مَوْرٌ فِي البَدَنِ.

أَوْ يَضْرِبَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطاً، أَوْ يُلْقِيَهُ مِنْ شَاهِقٍ.

أَوْ فِي نَارٍ أَوْ مَاءٍ يُغْرِقُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا.

أَوْ يَخْنُقَهُ.

أَوْ يَحْبِسَهُ وَيَمْنَعَهُ الطَّعَامَ أَوِ الشَّرَابَ؛ فَيَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يَمُوتُ فِيهَا غَالِباً.

أَوْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ.

أَوْ سُمٍّ.

أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ ثُمَّ رَجَعُوا وَقَالُوا: عَمَدْنَا قَتْلَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

ص: 377

وَشِبْهُ العَمْدِ: أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً، لَا تَقْتُلُ غَالِباً، وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا؛ كَمَنْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ مَقْتَلِهِ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصاً صَغِيرَةٍ، أَوْ لَكَزَهُ، وَنَحْوِهِ.

وَالخَطَأُ: أَنْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ؛ مِثْلُ: أَنْ يَرْمِيَ صَيْداً، أَوْ غَرَضاً، أَوْ شَخْصاً؛ فَيُصِيبَ آدَمِيّاً لَمْ يَقْصِدْهُ، وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ.

* * *

ص: 378

‌فَصْلٌ

تُقْتَلُ الجَمَاعَةُ بِالوَاحِدِ، وَإِنْ سَقَطَ القَوَدُ: أَدَّوْا دِيَةً وَاحِدَةً.

وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ مُكَافِئِهِ فَقَتَلَهُ: فَالقَتْلُ، أَوِ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا.

وَإِنْ أَمَرَ بِالقَتْلِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، أَوْ مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ، أَوْ أَمْرَ بِهِ السُّلْطَانُ ظُلْمًا مَنْ لَا يَعْرِفُ ظُلْمَهُ فِيهِ؛ فَقَتَلَ: فَالقَوَدُ، أَوِ الدِّيَةُ عَلَى الآمِرِ.

وَإِنْ قَتَلَ المَأْمُورُ المُكَلَّفُ عَالِماً تَحْرِيمَ القَتْلِ: فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الآمِرِ.

وَإِنِ اشْتَرَكَ فِيهِ اثْنَانِ: لَا يَجِبُ القَوَدُ عَلَى أَحَدِهِمَا مُفْرَداً لِأُبُوَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا: فَالقَوَدُ عَلَى الشَّرِيكِ.

فَإِنْ عَدَلَ إِلَى طَلَبِ المَالِ: لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ.

* * *

ص: 379

‌بَابُ شُرُوطِ القِصَاصِ

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

عِصْمَةُ المَقْتُولِ؛ فَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا: لَمْ يَضْمَنْهُ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ.

الثَّانِي: التَّكْلِيفُ؛ فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ.

الثَّالِثُ: المُكَافَأَةُ بِأَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الدِّينِ وَالحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ.

فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ، وَعَكْسُهُ: يُقْتَلُ، وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالأُنْثَى، وَالأُنْثَى بِالذَّكَرِ.

الرَّابِعُ: عَدَمُ الوِلَادَةِ؛ فَلَا يُقْتَلُ أَحَدُ الأَبَوَيْنِ وَإِنْ عَلَا بِالوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ، وَيُقْتَلُ الوَلَدُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا.

* * *

ص: 380

‌بَابُ اسْتِيفَاءِ القِصَاصِ

يُشْتَرَطُ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: كَوْنُ مُسْتَحِقِّهِ مُكَلَّفاً؛ فَإِنْ كَانَ صَبِيّاً أَوْ مَجْنُوناً: لَمْ يُسْتَوْفَ، وَحُبِسَ الجَانِي إِلَى البُلُوغِ وَالإِفَاقَةِ.

الثَّانِي: اتِّفَاقُ الأَوْلِيَاءِ المُشْتَرِكِينَ فِيهِ عَلَى اسْتِيفَائِهِ، وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ.

وَإِنْ كَانَ مَنْ بَقِيَ غَائِبًا، أَوْ صَبِيًا، أَوْ مَجْنُونًا: انْتُظِرَ القُدُومُ وَالبُلُوغُ وَالعَقْلُ.

الثَّالِثُ: أَنْ يُؤْمَنَ الِاسْتِيفَاءُ أَنْ يَتَعَدَّى الجَانِي.

فَإِذَا وَجَبَ عَلَى حَامِلٍ، أَوْ حَائِلٍ فَحَمَلَتْ: لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ الوَلَدَ وَتُسْقِيَهُ اللِّبَأَ، ثُمَّ إِنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُهُ، وَإِلَّا تُرِكَتْ حَتَّى تَفْطِمَهُ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِي الطَّرَفِ حَتَّى تَضَعَ.

وَالحَدُّ فِي ذَلِكَ؛ كَالقِصَاصِ.

* * *

ص: 381

‌فَصْلٌ

وَلَا يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ؛ إِلَّا بِحَضْرَةِ سُلْطَانٍ، أَوْ نَائِبِهِ، وَآلَةٍ مَاضِيَةٍ.

وَلَا يُسْتَوفَى فِي النَّفْسِ؛ إِلَّا بِضَرْبِ العُنُقِ بِسَيْفٍ، وَلَوْ كَانَ الجَانِي قَتَلَهُ بِغَيْرِهِ.

* * *

ص: 382

‌بَابُ العَفْوِ عَنِ القِصَاصِ

يَجِبُ بِالعَمْدِ: القَوَدُ، أَوِ الدِّيَةُ؛ فَيُخَيَّرُ الوَلِيُّ بَيْنَهُمَا، وَعَفْوُهُ مَجَّاناً أَفْضَلُ.

فَإِنِ اخْتَارَ القَوَدَ، أَوْ عَفَا عَنِ الدِّيَةِ فَقَطْ: فَلَهُ أَخْذُهَا، وَالصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا.

وَإِنِ اخْتَارَهَا، أَوْ عَفَا مُطْلَقًا، أَوْ هَلَكَ الجَانِي: فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا.

وَإِذَا قَطَعَ إِصْبَعًا عَمْدًا؛ فَعَفَا عَنْهَا، ثُمَّ سَرَتْ إِلَى الكَفِّ أَوِ النَّفْسِ - وَكَانَ العَفْوُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ -: فَهَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ العَفْوُ عَلَى مَالٍ: فَلَهُ تَمَامُ الدِّيَةِ.

وَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَقْتَصُّ، ثُمَّ عَفَا؛ فَاقْتَصَّ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا.

وَإِنْ وَجَبَ لِرَقِيقٍ قَوَدٌ، أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ: فَطَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ: فَلِسَيِّدِهِ.

ص: 383

‌بَابُ مَا يُوجِبُ القِصَاصَ

فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

مَنْ أُقِيدَ بِأَحَدٍ فِي النَّفْسِ: أُقِيدَ بِهِ فِي الطَّرَفِ وَالجِرَاحِ، وَمَنْ لَا فَلَا.

وَلَا يَجِبُ؛ إِلَّا بِمَا يُوجِبُ القَوَدَ فِي النَّفْسِ.

وَهُوَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الطَّرَفِ؛ فَتُؤْخَذُ العَيْنُ، وَالأَنْفُ، وَالأُذُنُ، وَالسِّنُّ، وَالجَفْنُ، وَالشَّفَةُ، وَاليَدُ، وَالرِّجْلُ، وَالإِصْبَعُ، وَالكَفُّ، وَالمِرْفَقُ، وَالذَّكَرُ، وَالخِصْيَةُ، وَالأَلْيَةُ، وَالشُّفْرُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ.

وَلِلْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ شُرُوطٌ:

الأَوَّلُ: الأَمْنُ مِنَ الحَيْفِ، بِأَنْ يَكُونَ القَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ، أَوْ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ؛ كَمارِنِ الأَنْفِ - وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ -.

ص: 384

الثَّانِي: المُمَاثَلَةُ فِي الِاسْمِ وَالمَوْضِعِ - فَلَا تُؤْخَذُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ، وَلَا يَسَارٌ بِيَمِينٍ، وَلَا خِنْصِرٌ بِبِنْصِرٍ، وَلَا أَصْلِيٌّ بِزَائِدٍ، وَلَا عَكْسُهُ - وَلَوْ تَرَاضَيَا لَمْ يَجُزْ.

الثَّالِثُ: اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالكَمَالِ - فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ، وَلَا كَامِلَةُ الأَصَابِعِ بِنَاقِصَةٍ، وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ - وَيُؤْخَذُ عَكْسُهُ، وَلَا أَرْشَ.

* * *

ص: 385

‌فَصْلٌ

النَّوعُ الثَّانِي: الجِرَاحُ؛ فَيُقْتَصُّ فِي كُلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِي إِلَى عَظْمٍ - كَالمُوضِحَةِ، وَجُرْحِ العَضُدِ، وَالسَّاقِ، والسَّاعِدِ، وَالفَخِذِ، وَالقَدَمِ -.

وَلَا يُقْتَصُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشِّجَاجِ، وَالجُرُوحِ، غَيْرَ كَسْرِ سِنٍّ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ المُوضِحَةِ - كَالهَاشِمَةِ، وَالمُنَقِّلَةِ، وَالمَأْمُومَةِ -: فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً، وَلَهُ أَرْشُ الزَّائِدِ.

وَإِذَا قَطَعَ جَمَاعَةٌ طَرَفًا، أَوْ جَرَحُوا جُرْحًا يُوجِبُ القَوَدَ: فَعَلَيْهِمُ القَوَدُ.

وَسِرَايَةُ الجِنَايَةِ: مَضْمُونَةٌ فِي النَّفْسِ فَمَا دُونَهَا؛ بِقَوَدٍ، أَوْ دِيَةٍ؛ وَسِرَايَةُ القَوَدِ: مَهْدُورَةٌ.

وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ عُضْوٍ وَجُرْحٍ قَبْلَ بُرْئِهِ؛ كَمَا لَا تُطْلَبُ لَهُ دِيَةٌ.

* * *

ص: 386

‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

كُلُّ مَنْ أَتْلَفَ إِنْسَانًا بِمُبَاشَرَةٍ، أَوْ سَبَبٍ: لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ.

فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا مَحْضًا: فَفِي مَالِ الجَانِي حَالَّةً.

وَشِبْهُ العَمْدِ، وَالخَطَأُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ.

وَإِنْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا؛ فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ، أَوْ مَاتَ بِمَرَضٍ، أَوْ غَلَّ حُرًّا مُكَلَّفًا وَقَيَّدَهُ فَمَاتَ بِالصَّاعِقَةِ أَوِ الحَيَّةِ: وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِيهِمَا.

* * *

ص: 387

‌فَصْلٌ

وَإِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ، أَوْ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهُ، أَوْ مُعَلِّمٌ صِبْيَتَهُ، وَلَمْ يُسْرِفْ: لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ.

وَلَوْ كَانَ التَّأْدِيبُ لِحَامِلٍ فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا: ضَمِنَهُ المُؤَدِّبُ.

وَإِنْ طَلَبَ السُّلْطَانُ امْرَأَةً لِكَشْفِ حَقِّ اللَّهِ، أَوِ اسْتَعْدَى عَلَيْهَا رَجُلٌ بِالشُّرَطِ فِي دَعْوَى لَهُ فَأَسْقَطَتْ: ضَمِنَهُ السُّلْطَانُ وَالمُسْتَعْدِي، وَلَوْ مَاتَتْ فَزَعًا: لَمْ يَضْمَنَا.

وَمَنْ أَمَرَ مُكَلَّفًا أَنْ يَنْزِلَ بِئْرًا، أَوْ يَصْعَدَ شَجَرَةً؛ فَهَلَكَ بِهِ: لَمْ يَضْمَنْهُ - وَلَوْ أَنَّ الآمِرَ سُلْطَانٌ - كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ.

* * *

ص: 388

‌بَابُ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ

دِيَةُ الحُرِّ المُسْلِمِ: مِئَةُ بَعِيرٍ، أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَبًا، أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِضَّةً، أَوْ مِئَتَا بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفَا شَاةٍ.

فَهَذِهِ أُصُولُ الدِّيَةِ، فَأَيُّهَا أَحْضَرَ مَنْ تَلْزَمُهُ: لَزِمَ الوَلِيَّ قَبُولُهُ.

فَفِي قَتْلِ العَمْدِ، وَشِبْهِهِ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً.

وَفِي الخَطَأِ: تَجِبُ أَخْمَاسًا: ثَمَانُونَ مِنَ الأَرْبَعَةِ المَذْكُورَةِ، وَعِشْرُونَ مِنْ بَنِي مَخَاضٍ.

وَلَا تُعْتَبَرُ القِيمَةُ فِي ذَلِكَ؛ بَلِ السَّلَامَةُ.

وَدِيَةُ الكِتَابِيِّ: نِصْفُ دِيَةِ المُسْلِمِ.

وَدِيَةُ المَجُوسِيِّ وَالوَثَنِيِّ: ثَمَانُ مِئَةِ دِرْهَمٍ.

وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى النِّصْفِ؛ كَالمُسْلِمِينَ.

ص: 389

وَدِيَةُ الرَّقِيقِ: قِيمَتُهُ، وَفِي جِرَاحِهِ: مَا نَقَصَهُ بَعْدَ البُرْءِ.

وَيَجِبُ فِي الجَنِينِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى: عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ غُرَّةً، وَعُشْرُ قِيمَتِهَا إِنْ كَانَ مَمْلُوكًا، وَتُقَدَّرُ الحُرَّةُ أَمَةً.

وَإِنْ جَنَى رَقِيقٌ خَطأً، أَوْ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ قَوَدٌ، وَاخْتِيرَ فِيهِ المَالُ، أَوْ أَتْلَفَ مَالًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ: تَعَلَّقَ ذَلِكَ بِرَقَبَتِهِ؛ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ: أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ، أَوْ يُسَلِّمَهُ إِلَى وَلِيِّ الجِنَايَةِ فَيَمْلِكَهُ، أَوْ يَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ ثَمَنَهُ.

* * *

ص: 390

‌بَابُ دِيَاتِ الأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا

مَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الإِنْسَانِ مِنْهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ - كَالأَنْفِ، وَاللِّسَانِ، وَالذَّكَرِ -: فَفِيهِ دِيَةُ النَّفْسِ.

وَمَا فِيهِ مِنْهُ شَيْئَانِ - كَالعَيْنَيْنِ، وَالأُذُنَيْنِ، وَالشَّفَتَيْنِ، وَاللَّحْيَيْنِ، وَثَدْيَيِ المَرْأَةِ، وثُنْدُؤَتَيِ الرَّجُلِ، وَاليَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَالأَلْيَتَيْنِ، وَالأُنْثَيَيْنِ، وَإِسْكَتَيِ المَرْأَةِ-: فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي أَحَدِهِمَا: نِصْفُهَا.

وَفِي الْمَنْخِرَيْنِ: ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَفِي الحَاجِزِ بَيْنَهُمَا: ثُلُثُهَا.

وَفِي الأَجْفَانِ الأَرْبَعَةِ: الدِّيَةُ، وَفِي كُلِّ جَفْنٍ: رُبْعُهَا.

وَفِي أَصَابِعَ اليَدَيْنِ: الدِّيَةُ - كَأَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ - وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ: عُشْرُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّ أَنْمُلَةٍ: ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَالإِبْهَامُ: مَفْصِلَانِ، وَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ: نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ - كَدِيَةِ السِّنِّ -.

ص: 391

‌فَصْلٌ

وَفِي كُلِّ حَاسَّةٍ: دِيَةٌ كَامِلَةٌ - وَهِيَ: السَّمْعُ، وَالبَصَرُ، وَالشَّمُّ، وَالذَّوْقُ، وَكَذَا فِي الكَلَامِ وَالعَقْلِ، وَمَنْفَعَةِ المَشْيِ وَالأَكْلِ وَالنِّكَاحِ، وَعَدَمِ اسْتِمْسَاكِ البَوْلِ أَوِ الغَائِطِ -.

وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّعُورِ الأَرْبَعَةِ: الدِّيَةُ - وَهِيَ: شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالحَاجِبَيْنِ وَأَهْدَابِ العَيْنَيْنِ - فَإِنْ عَادَ فَنَبَتَ: سَقَطَ مُوجَبُهُ.

وَفِي عَيْنِ الأَعْوَرِ: الدِّيَةُ كَامِلَةً.

وَإِنْ قَلَعَ الأَعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ المُمَاثِلَةَ لِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ عَمْدًا: فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا قِصَاصَ.

وَفِي قَطْعِ يَدِ الأَقْطَعِ: نِصْفُ الدِّيَةِ؛ كَغَيْرِهِ.

* * *

ص: 392

‌بَابُ الشِّجَاجِ وَكَسْرِ العِظَامِ

الشَّجَّةُ: الجُرْحُ فِي الرَّأْسِ وَالوَجْهِ خَاصَّةً.

وَهِيَ عَشْرٌ:

الحَارِصَةُ: الَّتِي تَحْرِصُ الجِلْدَ - أَيْ: تَشُقُّهُ قَلِيلاً، وَلَا تُدْمِيهِ -.

ثُمَّ البَازِلَةُ - وَهِيَ الدَّامِيَةِ وَالدَّامِعَةُ - وَهِيَ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ -.

ثُمَّ البَاضِعَةُ؛ وَهِيَ: الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ.

ثُمَّ المُتَلَاحِمَةُ؛ وَهِيَ: الغَائِصَةُ فِي اللَّحْمِ.

ثُمَّ السِّمْحَاقُ؛ وَهِيَ: مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ العَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ.

فَهَذِهِ الخَمْسُ: لَا مُقَدَّرَ فِيهَا؛ بَلْ حُكُومَةٌ.

وَفِي المُوضِحَةِ وَهِيَ: مَا تُوضِحُ العَظْمَ وَتُبْرِزُهُ: خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ.

ص: 393

ثُمَّ الهَاشِمَةُ وَهِيَ: الَّتِي تُوَضِحُ العَظْمَ وَتَهْشِمُهُ، وَفِيهَا: عَشْرَةُ أَبْعِرَةٍ.

ثُمَّ المُنَقِّلَةُ وَهِيَ: مَا تُوضِحُ وَتَهْشِمُ، وَتَنْقُلُ عِظَامَهَا، وَفِيهَا: خَمْسَ عَشْرَةً مِنَ الإِبِلِ.

وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ المَأْمُومَةِ، وَالدَّامِغَةِ: ثُلُثُ الدِّيَةِ.

وَفِي الجَائِفَةِ: ثُلُثُ الدِّيَةِ - وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إِلَى بَاطِنِ الجَوْفِ -.

وَفِي الضِّلَعِ، وَكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّرْقُوَتَيْنِ: بَعِيرٌ.

وَفِي كَسْرِ الذِّرَاعِ - وَهُوَ: السَّاعِدُ الجَامِعُ لِعَظْمَيِ الزَّنْدِ وَالعَضُدِ - وَالفَخِذِ، وَالسَّاقِ، إِذَا جَبَرَ ذَلِكَ مُسْتَقِيماً: بَعِيرَانِ.

وَمَا عَدَا ذَلِكَ - مِنَ الجِرَاحِ، وَكَسْرِ العِظَامِ -: فَفِيهِ حُكُومَةٌ.

وَالحُكُومَةُ: أَنْ يُقَوَّمَ المَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ، ثُمَّ يُقَوَّمُ وَهِيَ بِهِ قَدْ بَرَأَتْ، فَمَا نَقَصَ مِنَ القِيمَةِ: فَلَهُ

ص: 394

مِثْلُ نِسْبَتِهِ مِنَ الدِّيَةِ، كَأَنَّ قِيمَتَهُ عَبْداً سَلِيماً: سِتُّونَ، وَقِيمَتَهُ بِالجِنَايَةِ: خَمْسُونَ، فَفِيهِ: سُدُسُ دِيَتِهِ؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الحُكُومَةُ فِي مَحَلٍّ لَهُ مُقَدَّرٌ فَلَا يُبْلَغُ بِهَا المُقَدَّرَ.

ص: 395

‌بَابُ العَاقِلَةِ وَمَا تَحْمِلُهُ

عَاقِلَةُ الإِنْسَانِ: عَصَبَاتُهُ كُلُّهُمْ مِنَ النَّسَبِ وَالوَلَاءِ - قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ، حَاضِرُهُمْ وَغَائِبُهُمْ، حَتَّى عَمُودَيْ نَسَبِهِ -.

وَلَا عَقْلَ عَلَى رَقِيقٍ، وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ، وَلَا فَقِيرٍ وَلَا أُنْثَى، وَلَا مُخَالِفٍ لِدِينِ الجَانِي.

وَلَا تَحْمِلُ العَاقِلَةُ عَمْداً مَحْضاً، وَلَا عَبْداً، وَلَا صُلْحاً، وَلَا اعْتِرَافاً لَمْ تُصَدِّقْهُ بِهِ، وَلَا مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ التَّامَّةِ.

* * *

ص: 396

‌فَصْلٌ

مَنْ قَتَلَ نَفْساً، مُحَرَّمَةً خَطأً مُبَاشَرَةً، أَوْ تَسَبُّباً بِغَيْرِ حَقٍّ: فَعَلَيْهِ الكَفَّارَةُ.

* * *

ص: 397

‌بَابُ القَسَامَةِ

وَهِيَ: أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ.

مِنْ شَرْطِهَا: اللَّوْثُ، وَهُوَ العَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ؛ كَالقَبَائِلِ الَّتِي يَطْلَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِالثَّأْرِ.

فَمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ القَتْلُ مِنْ غَيْرِ لَوْثٍ: حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَبَرِئَ.

وَيُبْدَأُ بِأَيْمَانِ الرِّجَالِ مِنْ وَرَثَةِ الدَّمِ، فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا.

فَإِنْ نَكَلَ الوَرَثَةُ، أَوْ كَانُوا نِسَاءً: حَلَفَ المُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِيناً، وَبَرِئَ.

* * *

ص: 398

‌كِتَابُ الحُدُودِ

لَا يَجِبُ الحَدُّ؛ إِلَّا عَلَى بَالِغٍ، عَاقِلٍ، مُلْتَزِمٍ، عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ.

فَيُقِيمُهُ الإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ.

وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ فِي الحَدِّ قَائِمًا، بِسَوْطٍ لَا جَدِيدٍ وَلَا خَلَقٍ، وَلَا يُمَدُّ، وَلَا يُرْبَطُ، وَلَا يُجَرَّدُ، بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ قَمِيصَانِ.

وَلَا يُبَالَغُ بِضَرْبِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الجِلْدَ.

وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَى بَدَنِهِ، وَيُتَّقَى الرَّأْسُ وَالوَجْهُ وَالفَرْجُ وَالمَقَاتِلُ.

وَالمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِيهِ؛ إِلَّا أَنَّهَا تُضْرَبُ جَالِسَةً، وَتُشَدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، وَتُمْسَكُ يَدَاهَا؛ لِئَلَّا تَنْكَشِفَ.

وَأَشَدُّ الجَلْدِ: جَلْدُ الزِّنَا، ثُمَّ القَذْفِ، ثُمَّ الشُّرْبِ، ثُمَّ التَّعْزِيرِ.

ص: 399

وَمَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ: فَالحَقُّ قَتَلَهُ.

وَلَا يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ فِي الزِّنَا.

* * *

ص: 400

‌بَابُ حَدِّ الزِّنَا

إِذَا زَنَى المُحْصَنُ: رُجِمَ حَتَّى يَمُوتَ.

وَالمُحْصَنُ: مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ المُسْلِمَةَ، أَوِ الذِّمِّيَّةَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُمَا بَالِغَانِ عَاقِلَانِ حُرَّانِ، فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا فِي أَحَدِهِمَا: فَلَا إِحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَإِذَا زَنَى الحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ: جُلِدَ مِئَةَ جَلْدَةٍ، وَغُرِّبَ عَامًا وَلَوِ امْرَأَةً.

وَالرَّقِيقُ: خَمْسِينَ جَلْدَةً، وَلَا يُغَرَّبُ.

وَحَدُّ لُوطِيٍّ؛ كَزَانٍ.

وَلَا يَجِبُ الحَدُّ؛ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ الأَصْلِيَّةِ كُلِّهَا، فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ أَصْلِيَّيْنِ، حَرَاماً مَحْضاً.

الثَّانِي: انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ؛ فَلَا يُحَدُّ بِوَطْءِ أَمَةٍ لَهُ فِيهَا شِرْكٌ، أَوْ لِوَلَدِهِ، أَوْ وَطْءِ امْرَأَةٍ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ سُرِّيَّتَهُ،

ص: 401

أَوْ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ، أَوْ نِكَاحٍ أَوْ مُلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَنَحْوِهِ، أَوْ أُكْرِهَتِ المَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا.

الثَّالِثُ: ثُبُوتُ الزِّنَا، وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَينِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقِرَّ بِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ، وَيُصَرِّحَ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الوَطْءِ، وَلَا يَنْزِعَ عَنْ إِقْرَارِهِ حَتَّى يَتِمَّ عَلَيْهِ الحَدُّ.

الثَّانِي: أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ بِزِنًا وَاحِدٍ، يَصِفُونَهُ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِيهِ، سَوَاءٌ أَتَوْا الحَاكِمَ جُمْلَةً أَوْ مُتَفَرِّقِينَ.

وَإِنْ حَمَلَتِ امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ: لَمْ تُحَدَّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.

* * *

ص: 402

‌بَابُ القَذْفِ

إِذَا قَذَفَ المُكَلَّفُ بِالزِّنَا مُحْصَناً: جُلِدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً إِنْ كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا: أَرْبَعِينَ، وَالمُعْتَقُ بَعْضُهُ: بِحِسَابِهِ.

وَقَذْفُ غَيْرِ المُحْصَنِ: يُوجِبُ التَّعْزِيرَ، وَهُوَ حَقٌّ لِلْمَقْذُوفِ.

وَالمُحْصَنُ هُنَا: الحَرُّ المُسْلِمُ، العَاقِلُ، العَفِيفُ، المُلْتَزِمُ، الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ.

وَصَرِيحُ القَذْفِ: يَا زَانِي، يَا لُوطِيُّ، وَنَحْوُهُ.

وَكِنَايَتُهُ: يَا قَحْبَةُ، يَا فَاجِرَةُ، يَا خَبِيثَةُ، فَضَحْتِ زَوْجَكِ، أَوْ نَكَّسْتِ رَأْسَهُ، أَوْ جَعَلْتِ لَهُ قُرُونًا وَنَحْوَهُ، إِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ القَذْفِ: قُبِلَ.

وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلَدٍ، أَوْ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمُ الزِّنَا عَادَةً: عُزِّرَ.

وَيَسْقُطُ حَدُّ القَذْفِ بِالعَفْوِ، وَلَا يُسْتَوْفَى بِدُونِ الطَّلَبِ.

ص: 403

‌بَابُ حَدِّ المُسْكِرِ

كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ؛ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ.

وَهُوَ: خَمْرٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ.

وَلَا يُبَاحُ شُرْبُهُ لِلَذَّةٍ، وَلَا لِتَدَاوٍ، وَلَا عَطَشٍ، وَلَا غَيْرِهِ؛ إِلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا، وَلَمْ يَحْضُرْهُ غَيْرُهُ.

وَإِذَا شَرِبَهُ المُسْلِمُ مُخْتَارًا، عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ: فَعَلَيْهِ الحَدُّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً: مَعَ الحُرِّيَّةِ، وَأَرْبَعُونَ: مَعَ الرِّقِّ.

* * *

ص: 404

‌بَابُ التَّعْزِيرِ

وَهُوَ: التَّأْدِيبُ.

وَهُوَ وَاجِبٌ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ - كاسْتِمْتَاعٍ لَا حَدَّ فِيهِ، وَسَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا، وَجِنَايَةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا، وَإِتْيَانِ المَرْأَةِ المَرْأَةَ، وَالقَذْفِ بِغَيْرِ الزِّنَا، وَنَحْوِهِ -.

وَلَا يُزَادُ فِي التَّعْزِيرِ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ.

وَمَنِ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ: عُزِّرَ.

* * *

ص: 405

‌بَابُ القَطْعِ فِي السَّرِقَةِ

إِذَا أَخَذَ المُلْتَزِمُ نِصَابًا، مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، مِنْ مَالِ مَعْصُومٍ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ: قُطِعَ.

فَلَا قَطْعَ عَلَى مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ، وَلَا غَاصِبٌ، وَلَا خَائِنٌ فِي وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

وَيُقْطَعُ الطَّرَّارُ - الَّذِي يَبُطُّ الجَيْبَ أَوْ غَيْرَهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ -.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ المَسْرُوقُ مَالاً مُحْتَرَماً - فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ، وَلَا مُحَرَّمٍ كَالخَمْرِ -.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نِصَاباً - وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ رُبُعُ دِينَارٍ - أَوْ عَرْضٌ قِيمَتُهُ كَأَحَدِهِمَا.

وَإِذَا نَقَصَتْ قِيمَةُ المَسْرُوقِ، أَوْ مَلَكَهَا السَّارِقُ: لَمْ يَسْقُطِ القَطْعُ.

ص: 406

وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَقْتَ إخْرَاجِهَا مِنَ الحِرْزِ - فَلَوْ ذَبَحَ فِيهِ كَبْشًا، أَوْ شَقَّ فِيهِ ثَوْبًا؛ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ نِصَابٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ، أَوْ أَتْلَفَ فِيهِ المَالَ: لَمْ يُقْطَعْ -.

وَأَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الحِرْزِ - فَإِنْ سَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ: فَلَا قَطْعَ -.

وَحِرْزُ المَالِ: مَا العَادَةُ حِفْظُهُ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَمْوَالِ وَالبُلْدَانِ، وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَجَوْرِهِ، وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ.

فَحِرْزُ الأَمْوَالِ وَالجَوَاهِرِ وَالقُمَاشِ: فِي الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ وَالعُمْرَانِ وَرَاءَ الأَبْوَابِ وَالأَغْلَاقِ الوَثِيقَةِ.

وَحِرْزُ البَقْلِ، وَقُدُورِ البَاقِلَّاءِ، وَنَحْوِهِمَا: وَرَاءَ الشَّرائِجِ، إِذَا كَانَ فِي السُّوقِ حَارِسٌ.

وَحِرْزُ الحَطَبِ وَالخَشَبِ: الحَظَائِرُ.

وَحِرْزُ المَوَاشِي: الصِّيَرُ، وَحِرْزُهَا فِي المَرْعَى: بِالرَّاعِي وَنَظَرُهُ إِلَيْهَا غَالِبًا.

ص: 407

وَأَنْ تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ - فَلَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا، وَلَا مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفُلَ، وَالأَبُ وَالأُمُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ -.

وَيُقْطَعُ الأَخُ وَكُلُّ قَرِيبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قَرِيبِهِ.

وَلَا يُقْطَعُ أَحَدٌ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الآخَرِ، وَلَوْ كَانَ مُحْرَزًا عَنْهُ.

وَإِذَا سَرَقَ عَبْدٌ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، أَوْ سَيِّدٌ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ، أَوْ حُرٌّ مُسْلِمٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ، أَوْ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ، أَوْ فَقِيرٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ عَلَى الفُقَرَاءِ، أَوْ شَخْصٌ مِنْ مَالٍ فِيهِ شَرِكَةٌ لَهُ أَوْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ: لَمْ يُقْطَعْ.

وَلَا يُقْطَعُ: إِلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، أَوْ إِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ، وَلَا يَنْزِعُ عَنْ إِقْرَارِهِ حَتَّى يُقْطَعَ.

وَأَنْ يُطَالِبَ المَسْرُوقُ مِنْهُ بِمَالِهِ.

ص: 408

وَإِذَا وَجَبَ القَطْعُ: قُطِعَتْ يَدُهُ اليُمْنَى، مِنْ مَفْصِلِ الكَفِّ، وَحُسِمَتْ.

وَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ - ثَمَرًا كَانَ أَوْ كَثَرًا، أَوْ غَيْرَهُمَا-: أُضْعِفَتْ عَلَيْهِ القِيمَةُ، وَلَا قَطْعَ.

* * *

ص: 409

‌بَابُ حَدِّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ

وَهُمُ: الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِالسِّلَاحِ - فِي الصَّحْرَاءِ أَوِ البُنْيَانِ - فَيَغْصِبُونَهُمُ المَالَ مُجَاهَرَةً، لَا سَرِقَةً.

فَمَنْ مِنْهُمْ قَتَلَ مُكَافِئًا، أَوْ غَيْرَهُ - كَالوَلَدِ، وَالعَبْدِ، وَالَذِّمِّيِّ -، وَأَخَذَ المَالَ: قُتِلَ، ثُمَّ صُلِبَ حَتَّى يُشْتَهَرَ.

وَإِنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذِ المَالَ: قُتِلَ حَتْمًا، وَلَمْ يُصْلَبْ.

وَإِنْ جَنَوْا بِمَا يُوجِبُ قَوَدًا فِي الطَّرَفِ: تَحَتَّمَ اسْتِيفَاؤُهُ.

وَإِنْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ المَالِ قَدْرَ مَا يُقْطَعُ بِأَخْذِهِ السَّارِقُ وَلَمْ يَقْتُلُوا: قُطِعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ يَدُهُ اليُمْنَى وَرِجْلُهُ اليُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ، وَحُسِمَتَا، ثُمَّ خُلِّيَ.

فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا نَفْسًا، وَلَا مَالاً يَبْلُغُ نِصَابَ السَّرِقَةِ: نُفُوا - بِأَنْ يُشَرَّدُوا فَلَا يُتْرَكُونَ يَأْوُونَ إِلَى بَلَدٍ -.

ص: 410

وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ: سَقَطَ عَنْهُ مَا كَانَ لِلَّهِ - مِنْ نَفْيٍ، وَقَطْعٍ وَصَلْبٍ، وَتَحَتُّمِ قَتْلٍ - وَأُخِذَ بِمَا لِلْآدَمِيِّينَ - مِنْ نَفْسٍ، وَطَرَفٍ، وَمَالٍ - إِلَّا أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْهَا.

وَمَنْ صَالَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حُرْمَتِهِ، أَوْ مَالِهِ، آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ: فَلَهُ الدَّفْعُ عَنْ ذَلِكَ بِأَسْهَلِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ دَفْعُهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِالقَتْلِ: فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ.

وَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ وَحُرْمَتِهِ دُونَ مَالِهِ.

وَمَنْ دَخَلَ مَنْزِلَ رَجُلٍ مُتَلَصِّصًا: فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ.

* * *

ص: 411

‌بَابُ قِتَالِ أَهْلِ البَغْيِ

إِذَا خَرَجَ قَومٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَمَنَعَةٌ عَلَى الإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ: فَهُمْ بُغَاةٌ.

وَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاسِلَهُمْ فَيَسْأَلَهُمْ مَا يَنْقِمُونَ مِنْهُ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةً: أَزَالَهَا، وَإِنِ ادَّعَوْا شُبْهَةً: كَشَفَهَا، فَإِنْ فَاءُوا؛ وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ.

وَإِنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ، أَوْ رِئَاسَةٍ: فَهُمَا ظَالِمَتَانِ، وَتَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَا أَتْلَفَتِ الأُخْرَى.

* * *

ص: 412

‌بَابُ حُكْمِ المُرْتَدِّ

وَهُوَ: الَّذِي يَكْفُرُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ.

فَمَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، أَوْ جَحَدَ رُبُوبِيَّتَهُ، أَوْ وَحْدَانِيَّتَهُ، أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، أَوِ اتَّخَذَ لِلَّهِ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا، أَوْ جَحَدَ بَعْضَ كُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ، أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ: فَقَدْ كَفَرَ.

وَمَنْ جَحَدَ تَحْرِيمَ الزِّنَا، أَوْ شَيْئًا مِنَ المُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ المُجْمَعِ عَلَيْهَا بِجَهْلٍ: عُرِّفَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ: كَفَرَ.

* * *

ص: 413

‌فصلٌ

فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلَامِ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ - رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ -: دُعِيَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ: قُتِلَ بالسَّيْفِ.

وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ سَبَّ اللهَ أَوْ رَسُولَهُ، وَلَا مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُه؛ بَلْ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ.

وَتَوْبَةُ المُرْتَدِّ، وَكُلِّ كَافِرٍ: إِسْلَامُهُ - بِأَنْ يَشْهَدَ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ -.

ومَنْ كَانَ كُفْرُهُ بِجَحْدِ فَرْضٍ ونَحْوِهِ؛ فَتَوْبَتُهُ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ: إِقْرَارُهُ بِالمَجْحُودِ بِهِ، أَوْ قَوْلُهُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخالِفُ الإِسْلَامَ.

* * *

ص: 414

‌كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

الأَصْلُ فِيهَا: الحِلُّ؛ فَيُبَاحُ كُلُّ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ - مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ وَغَيْرِهِمَا -.

وَلَا يَحِلُّ نَجِسٌ - كَالمَيْتَةِ وَالدَّمِ - وَلَا مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ - كَالسُّمِّ وَنَحْوِهِ -.

وَحَيَوَانَاتُ البَرِّ: مُبَاحَةٌ.

إِلَّا الحُمُرَ الإِنْسِيَّةَ.

وَمَا لَهُ نَابٌ يَفْرِسُ بِهِ غَيْرَ الضَّبُعِ - كَالأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، وَالفِيلِ، وَالفَهْدِ، وَالكَلْبِ، وَالخِنْزِيرِ، وَابْنِ آوَى، وَابْنِ عِرْسٍ، وَالسِّنَّوْرِ، وَالنِّمْسِ، وَالقِرْدِ، وَالدُّبِّ -.

وَمَا لَهُ مِخْلَبٌ مِنَ الطَّيْرِ يَصِيدُ بِهِ - كَالعُقَابِ، وَالبَازِيِّ، وَالصَّقْرِ، وَالشَّاهِينِ، وَالبَاشَقِ، وَالحِدَأَةِ، وَالبُومَةِ -.

ص: 415

وَمَا يَأْكُلُ الجِيَفَ - كَالنَّسْرِ، وَالرَّخَمِ، وَاللَّقْلَقِ، وَالعَقْعَقِ، وَالغُرَابِ الأَبْقَعِ، وَالغُدَافِ وَهُوَ أَسْوَدُ صَغِيرٌ أَغْبَرُ، وَالغُرَابِ الأَسْوَدِ الكَبِيرِ -.

وَمَا يُسْتَخْبَثُ - كَالقُنْفُذِ، وَالنَّيْصِ، وَالفَأْرَةِ، وَالحَيَّةِ، وَالحَشَرَاتِ كُلِّهَا، وَالوَطْوَاطِ -.

وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ - كَالبَغْلِ، والسِّمْعِ -.

* * *

ص: 416

‌فَصْلٌ

وَمَا عَدَا ذَلِكَ: فَحَلَالٌ - كَالخَيْلِ، وَبَهِيمَةِ الأَنْعَامِ، وَالدَّجَاجِ، وَالوَحْشِيِّ مِنَ الحُمُرِ، وَالبَقَرِ، وَالظِّبَاءِ، وَالنَّعَامَةِ وَالأَرْنَبِ، وَسَائِرِ الوَحْشِ -.

ويُبَاحُ حَيَوَانُ البَحْرِ كُلُّهُ؛ إِلَّا الضِّفْدَعَ، وَالتِّمْسَاحَ، وَالحَيَّةَ.

وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى مُحَرَّمٍ غَيْرِ السُّمِّ: حَلَّ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ.

وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى نَفْعِ مَالِ الغَيْرِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِدَفْعِ بَرْدٍ أَوِ اسْتِقَاءِ مَاءٍ وَنَحْوِهِ: وَجَبَ بَذْلُهُ لَهُ مَجَّانًا.

وَمَنْ مَرَّ بِثَمَرِ بُسْتَانٍ فِي شَجَرِهِ، أَوْ مُتَسَاقِطٍ عَنْهُ، وَلَا حَائِطَ عَلَيْهِ وَلَا نَاظِرَ: فَلَهُ الأَكْلُ مِنْهُ مَجَّاناً مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ.

وَتَجِبُ ضِيَافَةُ المُسْلِمِ المُجْتَازِ بِهِ فِي القُرَى: يَوْماً وَلَيْلَةً.

* * *

ص: 417

‌بَابُ الذَّكَاةِ

لَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنَ الحَيَوَانِ المَقْدُورِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ؛ إِلاَّ الجَرَادَ وَالسَّمَكَ، وَكُلَّ مَا لَا يَعِيشُ إِلَّا فِي المَاءِ.

وَيُشْتَرَطُ لِلذَّكَاةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ:

أَهْلِيَّةِ المُذَكِّي: بِأَنْ يَكُونَ عَاقِلاً مُسْلِماً، أَوْ كِتَابِيّاً - وَلَوْ مُرَاهِقاً، أَوِ امْرَأَةً، أَوْ أَقْلَفَ، أَوْ أَعْمَى -.

وَلَا تُبَاحُ ذَكَاةُ سَكْرَانَ، وَمَجْنُونٍ، وَوَثَنِيٍّ، وَمَجُوسِيٍّ، وَمُرْتَدٍّ.

الثَّانِي: الآلَةُ؛ فَتُبَاحُ الذَّكَاةُ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ وَلَوْ كَانَ مَغْصُوباً - مِنْ حَدِيدٍ، وَحَجَرٍ، وَقَصَبٍ، وَغَيْرِهِ - إِلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ.

الثَّالِثُ: قَطْعُ الحُلْقُومِ وَالمَرِيءِ؛ فَإِنْ أَبَانَ الرَّأْسَ بِالذَّبْحِ: لَمْ يَحْرُمِ المَذْبُوحُ.

ص: 418

وَذَكَاةُ مَا عُجِزَ عَنْهُ- مِنَ الصَّيْدِ، وَالنَّعَمِ المُتَوَحِّشَةِ، وَالوَاقِعَةِ فِي بِئْرٍ، وَنَحْوِهَا-: بِجَرْحِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ فِي بَدَنِهِ؛ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ فِي المَاءِ وَنَحْوِهِ: فَلَا يُبَاحُ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ: بِسْمِ اللَّهِ - لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا - فَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا: أُبِيحَتْ، لَا عَمْدًا.

وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْبَحَ بِآلَةٍ كَالَّةٍ، وَأَنْ يَحُدَّهَا وَالحَيَوَانُ يُبْصِرُهُ، وَأَنْ يُوَجِّهَهُ إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ، وَأَنْ يَكْسِرَ عُنُقَهُ، أَوْ يَسْلَخَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْرُدَ.

* * *

ص: 419

‌بَابُ الصَّيْدِ

لَا يَحِلُّ الصَّيْدُ المَقْتُولُ فِي الِاصْطِيَادِ؛ إِلَّا بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ.

الثَّانِي: الآلَةُ، وَهِيَ نَوْعَانِ:

مُحَدَّدٌ: يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي آلَةِ الذَّبْحِ، وَأَنْ يَجْرَحَ. فَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ: لَمْ يُبَحْ.

وَمَا لَيْسَ بِمُحَدَّدٍ - كَالبُنْدُقِ، وَالعَصَا، وَالشَّبَكَةِ، وَالفَخِّ -: لَا يَحِلُّ مَا قُتِلَ بِهِ.

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الجَارِحَةُ، فَيُبَاحُ مَا قَتَلَتْهُ إِذَا كَانَتْ مُعَلَّمَةً.

الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الآلَةِ قَاصِدًا، فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الكَلْبُ، أَوْ غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ: لَمْ يُبَحْ؛ إِلاَّ أَنْ يَزْجُرَهُ فَيَزِيدَ فِي عَدْوِهِ فِي طَلَبِهِ: فَيَحِلُّ.

ص: 420

الرَّابِعُ: التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ أَوِ الجَارِحَةِ؛ فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْداً أَوْ سَهْواً: لَمْ يُبَحْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ مَعَهَا:«اللَّهُ أَكْبَرُ» - كَالذَّكَاةِ -.

* * *

ص: 421

‌كِتَابُ الأَيْمَانِ

اليَمِينُ الَّتِي تَجِبُ بِهَا الكَفَّارَةُ إِذَا حَنِثَ، هِيَ: اليَمِينُ بِاللَّهِ، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، أَوْ بِالقُرْآنِ، أَوْ بِالمُصْحَفِ.

وَالحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ: مُحَرَّمٌ، وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ.

وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:

الأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ اليَمِينُ مُنْعَقِدَةً، وَهِيَ الَّتِي قُصِدَ عَقْدُهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ.

فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ، كَاذِبًا، عَالِمًا: فَهِيَ الغَمُوسُ.

وَلَغْوُ اليَمِينِ: - الَّذِي يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ - كَقَوْلِهِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، وَكَذَا يَمِينٌ عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ.

فَلَا كَفَّارَةَ فِي الجَمِيعِ.

ص: 422

الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَارًا، فَإِنْ حَلَفَ مُكْرَهًا: لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ.

الثَّالِثُ: الحِنْثُ فِي يَمِينِهِ، بِأَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، أَوْ يَتْرُكَ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ مُخْتَارًا ذَاكِرًا.

فَإِنْ فَعَلَهُ مُكْرَهًا، أَوْ نَاسِيًا: فَلَا كَفَّارَةَ.

وَمَنْ قَالَ فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ: «إِنْ شَاءَ اللَّهُ» : لَمْ يَحْنَثْ.

وَيُسَنُّ الحِنْثُ فِي اليَمِينِ إِذَا كَانَ خَيْرًا.

وَمَنْ حَرَّمَ حَلَالاً - سِوَى الزَّوْجَةِ - مِنْ أَمَةٍ، أَوْ طَعَامٍ، أَوْ لِبَاسٍ، أَوْ غَيْرِهِ: لَمْ يَحْرُمْ، وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ.

* * *

ص: 423

‌فَصْلٌ

يُخَيَّرُ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ: بَيْنَ إِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ، أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ.

وَمَنْ لَزِمَتْهُ أَيْمَانٌ قَبْلَ التَّكْفِيرِ مُوجَبُهَا وَاحِدٌ: فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَإِنِ اخْتَلَفَ مُوجَبُهَا - كَظِهَارٍ، وَيَمِينٍ بِاللَّهِ -: لَزِمَاهُ وَلَمْ يَتَدَاخَلَا.

* * *

ص: 424

‌بَابُ جَامِعِ الأَيْمَانِ

يُرْجَعُ فِي الأَيْمَانِ إِلَى نِيَّةِ الحَالِفِ إِذَا احْتَمَلَهَا اللَّفْظُ، فَإِنْ عُدِمَتِ النِّيَّةُ: رُجِعَ إِلَى سَبَبِ اليَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا، فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ: رُجِعَ إِلَى التَّعْيِينِ.

فَإِذَا حَلَفَ: لَا لَبِسْتُ هَذَا القَمِيصَ؛ فَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ أَوْ رِدَاءً أَوْ عِمَامَةً، وَلَبِسَهُ.

أَوْ: لَا كَلَّمْتُ هَذَا الصَّبِيَّ؛ فَصَارَ شَيْخًا؛ أَوْ زَوْجَةَ فُلَانٍ هَذِهِ أَوْ صَدِيقَهُ فُلَانًا، أَوْ مَمْلُوكَهُ سَعِيدًا: فَزَالَتِ الزَّوْجِيَّةُ وَالْمِلْكُ وَالصَّدَاقَةُ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ.

أَوْ: لَا أَكَلْتُ لَحْمَ هَذَا الحَمَل فَصَارَ كَبْشًا، أَوْ هَذَا الرُّطَبَ فَصَارَ تَمْراً، أَوْ دِبْساً أَوْ خَلّاً، أَوْ هَذَا اللَّبَنَ فَصَارَ جُبْناً، أَوْ كَشْكاً وَنَحْوَهُ، ثُمَّ أَكَلَ.

حَنِثَ فِي الكُلِّ؛ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ.

ص: 425

‌فَصْلٌ

فَإِنْ عَدِمَ ذَلِكَ: رَجَعَ إِلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: شَرْعِيٌّ، وَحَقِيقيٌّ، وَعُرْفِيٌّ.

فَالشَّرْعِيُّ: مَا لَهُ مَوْضُوعٌ فِي الشَّرْعِ وَمَوْضُوعٌ فِي اللُّغَةِ.

فَالمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إِلَى المَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ الصَّحِيحِ.

فَإِذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ، أَوْ لَا يَنْكِحُ؛ فَعَقَدَ عَقْدًا فَاسِدًا: لَمْ يَحْنَثْ.

وَإِنْ قَيَّدَ يَمِينَهُ بِمَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ - كَأَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ الخَمْرَ، أَوِ الحُرَّ-: حَنِثَ بِصُورَةِ العَقْدِ.

وَالحَقِيقِيُّ: فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ؛ فَأَكَلَ شَحْمًا، أَوْ مُخًّا، أَوْ كَبِدًا، وَنَحْوَهُ: لَمْ يَحْنَثْ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أُدْماً: حَنِثَ بِأَكْلِ البَيْضِ وَالتَّمْرِ وَالمِلْحِ وَالزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ وَكُلِّ مَا يُصْطَبَغُ بِهِ.

ص: 426

وَلَا يَلْبَسُ شَيْئاً؛ فَلَبِسَ ثَوْباً، أَوْ دِرْعاً، أَوْ جَوْشَناً، أَوْ نَعْلاً: حَنِثَ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إِنْسَاناً: حَنِثَ بِكَلَامِ كُلِّ إِنْسَانٍ؛ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئاً فَوَكَّلَ مَنْ يَفْعَلُهُ: حَنِثَ؛ إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ.

وَالعُرْفِيُّ: مَا اشْتَهَرَ مَجَازُهُ فَغَلَبَ الحَقِيقَةَ - كَالرَّاوِيَةِ، وَالغَائِطِ، وَنَحْوِهِمَا - فَتَتَعَلَّقُ اليَمِينُ بِالعُرْفِ.

فَإِذَا حَلَفَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ، أَوْ وَطْءِ دَارٍ: تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِجِمَاعِهَا، وَبِدُخُولِ الدَّارِ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئاً؛ فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكاً فِي غَيْرِهِ؛ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْناً؛ فَأَكَلَ خَبِيصاً فِيهِ سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فِيهِ طَعْمُهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ بَيْضاً؛ فَأَكَلَ نَاطِفاً: لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُ شَيْءٍ مِنَ المَحْلُوفِ عَلَيْهِ: حَنِثَ.

* * *

ص: 427

‌فَصْلٌ

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا - كَكَلَامِ زَيْدٍ، وَدُخُولِ دَارٍ، وَنَحْوِهِ - فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا: لَمْ يَحْنَثْ.

وَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَقْصِدُ مَنْعَهُ - كَالزَّوْجَةِ، وَالوَلَدِ - أَلَّا يَفْعَلَ شَيْئًا؛ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلاً: حَنِثَ فِي الطَّلَاقِ وَالعَتَاقِ فَقَطْ.

وَعَلَى مَنْ لَا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ - مِنْ سُلْطَانٍ وَغَيْرِهِ - فَفَعَلَهُ: حَنِثَ مُطْلَقًا.

وَإِنْ فَعَلَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ قَصَدَ مَنْعَهُ بَعْضَ مَا حَلَفَ عَلَى كُلِّهِ: لَمْ يَحْنَثْ، مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.

* * *

ص: 428

‌بَابُ النَّذْرِ

لَا يَصِحُّ؛ إِلاَّ مِنْ بَالِغٍ، عَاقِلٍ، وَلَوْ كَافِراً.

وَالصَّحِيحُ مِنْهُ: خَمْسَةُ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: المُطْلَقُ - مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا-: فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

الثَّانِي: نَذْرُ اللِّجَاجِ وَالغَضَبِ - وَهُوَ: تَعْلِيقُ نَذْرٍ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ المَنْعَ مِنْهُ، أَوِ الحَمْلَ عَلَيْهِ، أَوِ التَّصْدِيقَ، أَوِ التَّكْذِيبَ-: فَيُخَيَّرُ بَيْنَ: فِعْلِهِ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ.

الثَّالِثُ: نَذْرُ المُبَاحِ - كَلُبْسِ ثَوْبِهِ، وَرُكُوبِ دَابَّتِهِ -: فَحُكْمُهُ كَالثَّانِي.

وَإِنْ نَذَرَ مَكْرُوهاً - مِنْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ -: اسْتُحِبَّ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَهُ.

الرَّابِعُ: نَذْرُ المَعْصِيَةِ - كَشُرْبِ الخَمْرِ، وَصَوْمِ يَوْمِ الحَيْضِ وَالنَّحْرِ -: فَلَا يَجُوزُ الوَفَاءُ بِهِ، وَيُكَفِّرُ.

ص: 429

الخَامِسُ: نَذْرُ التَّبَرُّرِ مُطْلَقًا، أَوْ مُعَلَّقًا - كَفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالحَجِّ وَنَحْوِهِ، كَقَوْلِهِ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، أَوْ سَلَّمَ مَالِيَ الغَائِبَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا - فَوُجِدَ الشَّرْطُ: لَزِمَهُ الوَفَاءُ بِهِ؛ إِلَّا إِذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ، أَوْ بِمُسَمّىً مِنْهُ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ الكُلِّ، فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ قَدْرُ الثُّلُثِ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا: يَلْزَمُهُ المُسَمَّى.

وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ: لَزِمَهُ التَّتَابُعُ.

وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً: لَمْ يَلْزَمْهُ؛ إِلاَّ بِشَرْطٍ، أَوْ نِيَّةٍ.

* * *

ص: 430

‌كِتَابُ القَضَاءِ

وَهُوَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ.

يَلْزَمُ الإِمَامَ أَنْ يَنْصِبَ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ قَاضِيًا.

وَيَخْتَارُ أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُهُ عِلْماً، وَوَرَعاً، وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأَنْ يَتَحَرَّى العَدْلَ وَيَجْتَهِدَ فِي إِقَامَتِهِ، فَيَقُولُ: وَلَّيْتُكَ الحُكْمَ، أَوْ قَلَّدتُّكَ وَنَحْوَهُ، وَيُكَاتِبُهُ فِي البُعْدِ.

وَتُفِيدُ وِلَايَةُ الحُكْمِ العَامَّةُ: الفَصْلَ بَيْنَ الخُصُومِ، وَأَخْذَ الحَقِّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالنَّظَرَ فِي أَمْوَالِ غَيْرِ المُرْشِدِينَ، وَالحَجْرَ عَلَى مَنْ يَسْتَوْجِبُهُ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَالنَّظَرَ فِي وُقُوفِ عَمَلِهِ لِيَعْمَلَ بِشَرْطِهَا، وَتَنْفِيذَ الوَصَايَا، وَتَزْوِيجَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا، وَإِقَامَةَ الحُدُودِ، وَإِمَامَةَ الجُمُعَةِ وَالعِيدِ، وَالنَّظَرَ فِي مَصَالِحِ عَمَلِهِ بِكَفِّ الأَذَى عَنِ الطُّرُقَاتِ وَأَفْنِيَتِهَا وَنَحْوِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ العَمَلِ، وأَنْ يُوَلَّى خَاصّاً فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا.

ص: 431

وَيُشْتَرَطُ فِي القَاضِي عَشْرُ صِفَاتٍ: كَوْنُهُ بَالِغاً، عَاقِلاً، ذَكَراً، حُرّاً، مُسْلِماً عَدْلاً، سَمِيعاً، بَصِيراً، مُتَكَلِّماً، مُجْتَهِداً وَلَوْ فِي مَذْهَبِهِ.

وَإِذَا حَكَّمَ اثْنَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلاً يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ: نَفَذَ حُكْمُهُ فِي المَالِ، وَالحُدُودِ، وَاللِّعَانِ، وَغَيْرِهَا.

* * *

ص: 432

‌بَابُ أَدَبِ القَاضِي

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوِيّاً مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ، لَيِّناً مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ، حَلِيماً ذَا أَنَاةٍ وَفِطْنَةٍ.

وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فِي وَسَطِ البَلَدِ فَسِيحاً.

وَيَعْدِلُ بَيْنَ الخَصْمَيْنِ فِي لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ، وَدُخُولِهِمَا عَلَيْهِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءُ المَذَاهِبِ، وَيُشَاوِرَهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ.

وَيَحْرُمُ القَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانٌ كَثِيراً، أَوْ حَاقِنٌ، أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ، أَوْ عَطَشٍ، أَوْ هَمٍّ، أَوْ مَلَلٍ، أَوْ كَسَلٍ، أَوْ نُعَاسٍ، أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ، أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ، وَإِنْ خَالَفَ فَأَصَابَ الحَقَّ: نَفَذَ.

وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً، وَكَذَا هَدِيَّةً؛ إِلاَّ مِمَّنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ، إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ حُكُومَةٌ.

ص: 433

وَيُسْتَحَبُّ أَلَّا يَحْكُمَ؛ إِلاَّ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ.

وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ.

وَمَنِ ادَّعَى عَلَى غَيْرِ بَرْزَةٍ: لَمْ تَحْضُرْ، وَأُمِرَتْ بِالتَّوْكِيلِ.

وَإِنْ لَزِمَهَا يَمِينٌ: أَرْسَلَ مَنْ يُحَلِّفُهَا، وَكَذَا المَرِيضُ.

* * *

ص: 434

‌بَابُ طَرِيقِ الحُكْمِ وَصِفَتِهِ

إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ خَصْمَانِ قَالَ: أَيُّكُمَا المُدَّعِي، فَإِنْ سَكَتَ حَتَّى يُبْدَأَ: جَازَ.

فَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى: قَدَّمَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ: حَكَمَ لَهُ عَلَيْهِ.

وَإِنْ أَنْكَرَ قَالَ لِلْمُدَّعِي: إِنْ كَانَ لَكَ بَيِّنَةٌ؛ فَأَحْضِرْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنْ أَحْضَرَهَا: سَمِعَهَا وَحَكَمَ بِهَا، وَلَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ.

وَإِنْ قَالَ المُدَّعِي: مَا لِي بَيِّنَةٌ: أَعْلَمَهُ الحَاكِمُ أَنَّ لَهُ اليَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ، فَإِنْ سَأَلَهُ إِحْلَافَهُ أَحْلَفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ - وَلَا يَعْتَدُّ بِيَمِينِهِ قَبْلَ مَسْأَلَةِ المُدَّعِي -.

وَإِنْ نَكَلَ: قُضِيَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: إِنْ حَلَفْتَ، وَإِلاَّ قَضَيْتُ عَلَيْكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ: قُضِيَ عَلَيْهِ.

فَإِنْ حَلَفَ المُنْكِرُ، ثُمَّ أَحْضَرَ المُدَّعِي بَيِّنَتَهُ: حَكَمَ بِهَا، وَلَمْ تَكُنِ اليَمِينُ مُزِيلَةً لِلْحَقِّ.

ص: 435

‌فَصْلٌ

وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إِلَّا مُحَرَّرَةً، مَعْلُومَةَ المُدَّعَى بِهِ؛ إِلَّا مَا نُصَحِّحُهُ مَجْهُولاً - كَالوَصِيَّةِ، وَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ مَهْرًا وَنَحْوَهُ -.

وَإِنِ ادَّعَى عَقْدَ نِكَاحٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ غَيْرَهُمَا: فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِهِ.

وَإِنِ ادَّعَتِ امْرَأَةٌ نِكَاحَ رَجُلٍ لِطَلَبِ نَفَقَةٍ، أَوْ مَهْرٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا: سُمِعَتْ دَعْوَاهَا، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ سِوَى النِّكَاحِ: لَمْ تُقْبَلْ.

وَإِنِ ادَّعَى الإِرْثَ: ذَكَرَ سَبَبَهُ.

وَتُعْتَبَرُ عَدَالَةُ البَيِّنَةِ ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَمَنْ جُهِلَتْ عَدَالَتُهُ: سَأَلَ عَنْهُ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُ: عَمِلَ بِهَا.

وَإِنْ جَرَحَ الخَصْمُ الشُّهُودَ: كُلِّفَ البَيِّنَةَ بِهِ، وَأُنْظِرَ لَهُ ثَلَاثًا إِنْ طَلَبَهُ، وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ:

ص: 436

حَكَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَهِلَ حَالَ البَيِّنَةِ: طَلَبَ مِنَ المُدَّعِي تَزْكِيَتَهُمْ، وَيَكْفِي فِيهَا عَدْلَانِ يَشْهَدَانِ بِعَدَالَتِهِ.

وَلَا يُقْبَلُ فِي التَّرْجَمَةِ وَالتَّزْكِيَةِ وَالجَرْحِ وَالتَّعْرِيفِ وَالرِّسَالَةِ؛ إِلَّا قَوْلُ عَدْلَيْنِ.

وَيَحْكُمُ عَلَى الغَائِبِ إِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الحَقُّ.

وَإِنِ ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ فِي البَلَدِ، غَائِبٍ عَنْ مَجْلِسِ الحُكْمِ، وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ: لَمْ تُسْمَعِ الدَّعْوَى، وَلَا البَيِّنَةُ.

* * *

ص: 437

‌بَابُ كِتَابِ القَاضِي إِلَى القَاضِي

يُقْبَلُ كِتَابُ القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي كُلِّ حَقٍّ حَتَّى القَذْفِ، لَا فِي حُدُودِ اللَّهِ - كَحَدِّ الزِّنَا، وَنَحْوِهِ -.

وَيُقْبَلُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لَيُنَفِّذَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ.

وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ القَصْرِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ كِتَابُهُ مِنْ قُضَاةِ المُسْلِمِينَ.

وَلَا يُقْبَلُ؛ إِلاَّ أَنْ يُشْهِدَ بِهِ القَاضِي الكَاتِبُ شَاهِدَيْنِ يُحْضِرُهُمَا فَيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ يَقُولَ:«اشْهَدَا أَنَّ هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلًانٍ» ، وَيَدْفَعَهُ إِلَيْهِمَا.

* * *

ص: 438

‌بَابُ القِسْمَةِ

لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الأَمْلَاكِ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ إِلَّا بِضَرَرٍ، أَوْ رَدِّ عِوَضٍ؛ إِلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ - كَالدُّورِ الصِّغَارِ، وَالحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ الصَّغِيرَيْنِ، وَالأَرْضِ الَّتِي لَا تَتَعَدَّلُ بِأَجْزَاءٍ وَلَا قِيمَةٍ لِبِنَاءٍ أَوْ بِئْرٍ فِي بَعْضِهَا -: فَهَذِهِ القِسْمَةُ فِي حُكْمِ البَيْعِ، لَا يُجْبَرُ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ قِسْمَتِهَا.

وَأَمَّا مَا لَا ضَرَرَ، وَلَا رَدَّ عِوَضٍ فِي قِسْمَتِهِ - كَالقَرْيَةِ، وَالبُسْتَانِ، وَالدَّارِ الكَبِيرَةِ، وَالأَرْضِ، وَالدَّكَاكِينِ الوَاسِعَةِ، وَالمَكِيلِ وَالمَوْزُونِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ كَالأَدْهَانِ، وَالأَلْبَانِ، وَنَحْوِهَا - إِذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ قِسْمَتَهَا: أُجْبِرَ الآخَرُ عَلَيْهَا.

وَهَذِهِ القِسْمَةُ إِفْرَازٌ لَا بَيَعٌ.

وَيَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَتَقَاسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ، وبِقَاسِمٍ يَنْصِبُونَهُ، أَوْ يَسْأَلُوا الحَاكِمَ نَصْبَهُ، وَأُجْرَتُهُ عَلَى قَدْرِ الأَمْلَاكِ، فَإِذَا اقْتَسَمُوا وَاقْتَرَعُوا: لَزِمَتِ القِسْمَةُ، وَكَيْفَ اقْتَرَعُوا: جَازَ.

ص: 439

‌بَابُ الدَّعَاوَى وَالبَيِّنَاتِ

المُدَّعِي: مَنْ إِذَا سَكَتَ: تُرِكَ، وَالمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَنْ إِذَا سَكَتَ: لَمْ يُتْرَكْ.

وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالإِنْكَارُ؛ إِلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ.

وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْناً بِيَدِ أَحَدِهِمَا: فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَحْلِفُ.

فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ: قُضِيَ لِلْخَارِجِ بِبَيِّنَتِهِ، وَلَغَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ.

* * *

ص: 440

‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا مَنْ يَكْفِي: تَعَيَّنَ عَلَيْهِ.

وَأَدَاؤُهَا: فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا، مَتَى دُعِيَ إِلَيْهِ وَقَدَرَ بِلَا ضَرَرٍ فِي بَدَنِهِ، أَوْ عِرْضِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ أَهْلِهِ، وَكَذَا فِي التَّحَمُّلِ.

وَلَا يَحِلُّ كِتْمَانُهَا، وَلَا أَنْ يَشْهَدَ إِلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ، أَوْ سَمَاعٍ، أَوِ اسْتِفَاضَةٍ، فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ بِدُونِهَا - كَنَسَبٍ، وَمَوْتٍ، وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ، وَنِكَاحٍ، وَوَقْفٍ، وَنَحْوِهَا -.

وَمَنْ شَهِدَ بِنِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنَ العُقُودِ: فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِهِ.

وَإِنْ شَهِدَ بِرَضَاعٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ شُرْبٍ، أَوْ قَذْفٍ: فَإِنَّهُ يَصِفُهُ.

ص: 441

وَيَصِفُ الزِّنَا بِذِكْرِ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ وَالمَزْنِيِّ بِهَا.

وَيَذْكُرُ مَا يُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ وَيَخْتَلِفُ بِهِ فِي الكُلِّ.

* * *

ص: 442

‌فَصْلٌ

شُرُوطُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ: سِتَّةٌ:

البُلُوغُ: فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ.

الثَّانِي: العَقْلُ: فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَجْنُونٍ، وَلَا مَعْتُوهٍ، وَتُقْبَلُ مِمَّنْ يُخْنَقُ أَحْيَاناً فِي حَالِ إِفَاقَتِهِ.

الثَّالِثُ: الكَلَامُ: فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الأَخْرَسِ، وَلَوْ فُهِمَتْ إِشَارَتُهُ؛ إِلَّا إِذَا أَدَّاهَا بِخَطِّهِ.

الرَّابِعُ: الإِسْلَامُ.

الخَامِسُ: الحِفْظُ.

السَّادِسُ: العَدَالَةُ، وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ:

الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ: أَدَاءُ الفَرَائِضِ بِسُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ، وَاجْتِنَابُ المَحَارِمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ.

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ.

الثَّانِي: اسْتِعْمَالُ المُرُوءَةِ، وَهُوَ فِعْلُ مَا يُجَمِّلُهُ وَيَزِينُهُ، وَاجْتِنَابُ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ.

ص: 443

وَمَتَى زَالَتِ المَوَانِعُ؛ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ، وَعَقَلَ المَجْنُونُ، وَأَسْلَمَ الكَافِرُ، وَتَابَ الفَاسِقُ: قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ.

* * *

ص: 444

‌بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ وَعَدَدِ الشُّهُودِ

لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَمُودَيِ النَّسَبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَلَا شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَينِ لِصَاحِبِهِ، وَتُقْبَلُ عَلَيْهِمْ.

وَلَا مَنْ يَجُرُّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعاً، أَوْ يَدْفَعُ عَنْهَا ضَرَراً.

وَلَا عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ - كَمَنْ شَهِدَ عَلَى مَنْ قَدْ قَذَفَهُ، أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ -، وَمَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ شَخْصٍ، أَوْ غَمَّهُ فَرَحُهُ: فَهُوَ عُدُوُّهُ.

* * *

ص: 445

‌فَصْلٌ

وَلَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا وَالإِقْرَارِ بِهِ؛ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ، وَيَكْفِي عَلَى مَنْ أَتَى بَهِيمَةً: رَجُلَانِ.

وَيُقْبَلُ فِي بَقِيَّةِ الحُدُودِ، وَالقِصَاصِ، وَمَا لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ المَالُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِباً - كَنِكَاحٍ، وَطَلَاقٍ، وَرَجْعَةٍ، وَخُلْعٍ، وَنَسَبٍ، وَوَلَاءٍ، وَإِيصَاءٍ إِلَيْهِ -: رَجُلَانِ.

وَيُقْبَلُ فِي المَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ - كَالبَيْعِ، وَالأَجَلِ، وَالخِيَارِ فِيهِ، وَنَحْوِهِ-: رَجُلَانِ، وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَرَجُلٌ وَيَمِينُ المُدَّعِي.

وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ - كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ، وَالبَكَارَةِ، وَالثُّيُوبَةِ، وَالحَيْضِ، وَالوِلَادَةِ، وَالرَّضَاعِ، وَالاسْتِهْلَالِ، وَنَحْوِهِ -: يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ عَدْلٍ، وَالرَّجُلُ فِيهِ كَالمَرْأَةِ.

ص: 446

وَمَنْ أَتَى بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فِيمَا يُوجِبُ القَوَدَ: لَمْ يَثْبُتْ بِهِ قَوَدٌ، وَلَا مَالٌ.

وَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ فِي سَرِقَةٍ: ثَبَتَ المَالُ، دُونَ القَطْعِ.

وَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ رَجُلٌ فِي خُلْعٍ: ثَبَتَ لَهُ العِوَضُ، وَثَبَتَتِ البَيْنُونَةُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ.

* * *

ص: 447

‌فَصْلٌ

وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ إِلَّا فِي حَقٍّ يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ القَاضِي إِلَى القَاضِي، وَلَا يَحْكُمُ بِهَا؛ إِلاَّ أَنْ تَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ الأَصْلِ بِمَوْتٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْبَةٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ.

وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ؛ إِلاَّ أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الأَصْلِ، فَيَقُولُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا، أَوْ يَسْمَعُهُ يُقِرُّ بِهَا عِنْدَ الحَاكِمِ، أَوْ يَعْزُوهَا إِلَى سَبَبٍ - مِنْ قَرْضٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ نَحْوِهِ -.

وَإِذَا رَجَعَ شُهُودُ المَالِ بَعْدَ الحُكْمِ: لَمْ يُنْقَضْ، وَيَلْزَمُهُمُ الضَّمَانُ، دُونَ مَنْ زَكَّاهُمْ.

وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ: غَرِمَ المَالَ كُلَّهُ.

* * *

ص: 448

‌بَابُ اليَمِينِ فِي الدَّعَاوَى

لَا يُسْتَحْلَفُ فِي العِبَادَاتِ، وَلَا فِي حُدُودِ اللَّهِ.

وَيُسْتَحْلَفُ المُنْكِرُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ؛ إِلَّا النِّكَاحَ، وَالطَّلَاقَ، وَالرَّجْعَةَ، وَالإِيلَاءَ، وَأَصْلَ الرِّقِّ، وَالوَلَاءَ، وَالاسْتِيلَادَ، وَالنَّسَبَ، وَالقَوَدَ، وَالقَذْفَ.

وَاليَمِينُ المَشْرُوعَةُ: اليَمِينُ بِاللَّهِ، وَلَا تُغَلَّظُ؛ إِلاَّ فِيمَا لَهُ خَطَرٌ.

* * *

ص: 449

‌كِتَابُ الإِقْرَارِ

يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ، مُخْتَارٍ، غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ.

وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ مَالٍ؛ فَبَاعَ مِلْكَهُ لِذَلِكَ: صَحَّ.

وَمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ، فَكَإِقْرَارِهِ فِي صِحَّتِهِ؛ إِلَّا فِي إِقْرَارِهِ بِالمَالِ لِوَارِثٍ: فَلَا يُقْبَلُ.

وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِالصَّدَاقِ: فَلَهَا مَهْرُ المِثْلِ بِالزَّوْجِيَّةِ، لَا بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ: لَمْ يَسْقُطْ إِرْثُهَا.

وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ؛ فَصَارَ عِنْدَ المَوْتِ أَجْنَبِيًّا: لَمْ يَلْزَمْ إِقْرَارُهُ، لَا أَنَّهُ بَاطِلٌ.

وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ، أَوْ أَعْطَاهُ: صَحَّ، وَإِنْ صَارَ عِنْدَ المَوْتِ وَارِثًا.

ص: 450

وَإِنْ أَقَرَّتِ امْرَأَةٌ عَلَى نَفْسِهَا بِنِكَاحٍ، وَلَمْ يَدَّعِهِ اثْنَانِ: قُبِلَ، وَإِنْ أَقَرَّ وَلِيُّهَا المُجْبِرُ بِالنِّكَاحِ، أَوِ الَّذِي أَذِنَتْ لَهُ: صَحَّ.

وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ ابْنُهُ: ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مَيِّتاً وَرِثَهُ.

وَإِذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ؛ فَصَدَّقَهُ: صَحَّ.

* * *

ص: 451

‌فَصْلٌ

إِذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُسْقِطُهُ - مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي، وَنَحْوُهُ -: لَزِمَهُ الأَلْفُ.

وَإِنْ قَالَ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْتُهُ: فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِسَبَبِ الحَقِّ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِئَةٌ، ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الكَلَامُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: زُيُوفاً، أَوْ مُؤَجَّلَةً: لَزِمَهُ مِئَةٌ جَيِّدَةٌ حَالَّةٌ.

وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ؛ فَأَنْكَرَ المُقَرُّ لَهُ الأَجَلَ: فَقَوْلُ المُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ.

وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ وَأَقْبَضَ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ، أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَنْكَرَ القَبْضَ، وَلَمْ يَجْحَدِ الإِقْرَارَ، وَسَأَلَ إِحْلَافَ خَصْمِهِ: فَلَهُ ذَلِكَ.

ص: 452

وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِغَيْرِهِ: لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَنْفَسِخِ البَيْعُ وَلَا غَيْرُهُ، وَلَزِمَتْهُ غَرَامَتُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ.

وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِلْكِي، ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً: قُبِلَتْ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ أَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَ مِلْكِهِ: لَمْ يُقْبَلْ.

* * *

ص: 453

‌فَصْلٌ

إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا، قِيلَ لَهُ: فَسِّرْهُ.

فَإِنْ أَبَى: حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ

فَإِنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أَوْ أَقَلِّ مَالٍ: قُبِلَ.

وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَيْتَةٍ، أَوْ خَمْرٍ، أَوْ قِشْرِ جَوْزَةٍ: لَمْ يُقْبَلْ، وَيُقْبَلُ بِكَلْبٍ يُبَاحُ نَفْعُهُ، أَوْ حَدِّ قَذْفٍ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ألْفٌ: رُجِعَ فِي تَفْسِيرِ جِنْسِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِجِنْسٍ، أَوْ أَجْنَاسٍ: قُبِلَ مِنْهُ.

وَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ: لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ.

وَإِنْ قَالَ: مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ: لَزِمَهُ تِسْعَةٌ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ، أَوْ دِينَارٌ: لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا، وَيُعَيِّنُهُ.

ص: 454

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، وَنَحْوُهُ: فَهُوَ مُقِرٌّ بِالأَوَّلِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

* * *

تم بحمد الله

ص: 455