الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المُقَدِّمَةُ
الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ العِلْمَ الشَّرْعِيَّ مِنْ أَجَلِّ القُرُبَاتِ، وَبِهِ تُنَالُ الرِّفْعَةُ فِي الدَّارَيْنِ، وَالظَّفَرُ بِالعِلْمِ بِحِفْظِ أُصُولِهِ، وَلِذَا قِيلَ
(1)
(1)
القائل: الوالد رحمه الله.
وَقَدِ اجْتَهَدَ العُلَمَاءُ رحمهم الله بِوَضْعِ مُتُونٍ فِي كُلِّ فَنٍّ تَسْهِيلاً لِضَبْطِ العِلْمِ وَاسْتِحْضَارِ مَسَائِلِهِ، وَبِحِفْظِهَا انْتَشَرَ عِلْمُهُمْ فِي الآفَاقِ، وَسَارَ طُلَّابُهُمْ فِي الدِّيَارِ، فَانْتَفَعَتْ بِهِمُ الأُمَّةُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ.
وَلِأَهَمِّيَّةِ الحِفْظِ لِطَالِبِ العِلْمِ؛ جَمَعْتُ لَهُ مُتُوناً مِنْ أَشْمَلِ المُتُونِ وَأَنْفَعِهَا، بَلَغَتْ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ (22) مَتْناً، قَسَّمْتُهَا إِلَى سِتَّةِ مُسْتَوَيَاتٍ، رَاعَيْتُ فِيهَا التَّدَرُّجَ فِي الحِفْظِ مَعَ تَنَوُّعِ الفُنُونِ.
وَقَدِ اعْتَمَدْتُ فِي تَحْقِيقِ نُصُوصِ مُتُونِ المُسْتَوَيَاتِ الخَمْسَةِ الأُولَى مِنْهَا عَلَى مِئَتَيْنِ وَثَلَاثِنَ (230) مَخْطُوطَةً، مُنْتَخَبَةً مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّ مِئَةِ (600) مَخْطُوطَةٍ، جَمَعْتُهَا مِنْ مَكْتَبَاتٍ وَخَزَائِنَ شَتَّى فِي العَالَمِ، وَأَثْبَتُّ وَصْفَ نُسَخِ كُلِّ مَتْنٍ فِي صَدْرِهِ.
كَمَا ضَبَطْتُ أَلْفَاظَهَا بِالشَّكْلِ، وَاعْتَنَيْتُ بِعَلَامَاتِ التَّرْقِيمِ، مُرَاعِياً مَعَانِيَ الأَلْفَاظِ فِيهَا.
وَسَمَّيْتُهَا: «مُتُونُ طَالِبِ العِلْمِ» يَحْتَاجُهَا الطَّالِبُ المُبْتَدِي، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الرَّاغِبُ المُنْتَهِي.
وَقَدْ جَرَّدْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنْ حَوَاشِي الفُرُوقِ بَيْنَ نُسَخِ المَخْطُوطَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِيَسْهُلَ عَلَى الطَّالِبِ الحِفْظُ، وَأَثْبَتُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى.
وَبَيَانُ هَذِهِ المُتُونِ وَمُسْتَوَيَاتِهَا مَا يَلِي:
* المُسْتَوَى التَّمْهِيدِيُّ: الأَذْكَارُ وَالآدَابُ.
* المُسْتَوَى الأَوَّلُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:
1 ـ الأُصُولُ الثَّلَاثَةُ وَأَدِلَّتُهَا.
2 ـ القَوَاعِدُ الأَرْبَعُ.
3 ـ نَوَاقِضُ الإِسْلَامِ.
4 ـ الأَرْبَعُونَ فِي مَبَانِي الإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِ الأَحْكَامِ (الأَرْبَعُونَ النَّوَوِيَّةُ).
* المُسْتَوَى الثَّانِي: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:
1 ـ تُحْفَةُ الأَطْفَالِ وَالغِلْمَانِ فِي تَجْوِيدِ القُرْآنِ.
2 ـ شُرُوطُ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانُهَا وَوَاجِبَاتُهَا.
3 ـ كِتَابُ التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى العَبِيدِ.
* المُسْتَوَى الثَّالِثُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:
1 ـ مَنْظُومَةُ البَيْقُونِيِّ.
2 ـ مَنْظُومَةُ أَبِي إِسْحَاقَ الإِلْبِيرِيِّ.
3 ـ المُقَدِّمَةُ الآجُرُّومِيَّةُ.
4 ـ العَقِيدَةُ الوَاسِطِيَّةُ.
* المُسْتَوَى الرَّابِعُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:
1 ـ الوَرَقَاتُ.
2 ـ عُنْوَانُ الحِكَمِ.
3 ـ بُغْيَةُ البَاحِثِ عَنْ جُمَلِ المَوَارِثِ (الرَّحْبِيَّةُ).
4 ـ العَقِيدَةُ الطَّحَاوِيَّةُ.
* المُسْتَوَى الخَامِسُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:
1 ـ بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ أَدِلَّةِ الأَحْكَامِ.
2 ـ زَادُ المُسْتَقْنِعِ فِي اخْتِصَارِ المُقْنِعِ.
3 ـ الخُلَاصَةُ فِي النَّحْوِ (أَلْفِيَّةُ ابْنِ مَالِكٍ).
* المُسْتَوَى السَّادِسُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:
1 ـ الجَامِعُ لِمَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ.
2 ـ أَفْرَادُ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
3 ـ الزَّوَائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ.
وَوَضَعْتُ بَعْدَ المُقَدِّمَةِ أَسْهَلَ طَرِيقَةٍ لِحِفْظِ المُتُونِ، وَمُرَاجَعَتِهَا، وَأَسْمَاءَ شُرُوحٍ مُقْتَرَحَةٍ لِمُتُونِ المُسْتَوَيَاتِ الخَمْسَةِ الأُولَى، وَأَسْمَاءَ كُتُبٍ مُقْتَرَحَةٍ لِلْقِرَاءَةِ مُرَتَّبَةً عَلَى تِلْكَ المُسْتَوَيَاتِ.
وَلِكِبَرِ حَجْمِ مُتُونِ «المُسْتَوَى الخَامِسِ» وَ «المُسْتَوَى السَّادِسِ» ؛ أَفْرَدْتُ كُلَّ مَتْنٍ فِيهِ عَلَى حِدَةٍ.
أَسْأَلُ اللَّهَ لِلْجَمِيعِ إِخْلَاصَ النِّيَّةِ، وَصَلَاحَ القَوْلِ وَالعَمَلِ، وَمُرَاقَبَتَهُ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَسْهَلُ طَرِيقَةِ لِحِفْظِ المُتُونِ
المُدَاوَمَةُ عَلَى حِفْظِ المُتُونِ، وَعَدَمُ الإِكْثَارِ مِنَ المَحْفُوظِ اليَوْمِيِّ، وَالتَّأَنِّي فِي الحِفْظِ: هُوَ نَهْجُ العُلَمَاءِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ رحمه الله:«إِنَّمَا جَمَعْنَا هَذَا العِلْمَ بِالحَدِيثِ وَالحَدِيثَيْنِ، وَالمَسْأَلَةِ وَالمَسْأَلَتَيْنِ» .
وَالمَتْنُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثاً عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَثْراً، أَوْ نَظْماً.
* وَمِقْدَارُ مَا تَحْفَظُ مِنَ المُتُونِ مَا يَلِي:
1 -
إِذَا كَانَ المَتْنُ المَحْفُوظُ مِنْ مُتُونِ الحَدِيثِ؛ فَاحْفَظْ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ.
2 -
وَإِذَا كَانَ نَثْراً؛ فَاحْفَظْ جُمْلَةً مُفِيدَةً مِنْهُ لَا تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْطُرٍ.
3 -
وَإِذَا كَانَ مَنْظُوماً؛ فَلَا تَزِدْ عَلَى حِفْظِ ثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ.
وَبِهَذَا المَقْدَارِ المُتَأَنِّي مَعَ التَّكْرَارِ يَرْسَخُ المَحْفُوظُ ـ بِإِذْنِ اللَّهِ ـ.
* وَطَرِيقَةُ حِفْظِ المُتُونِ مَا يَلِي:
1 -
كَرِّرِ المِقْدَارَ الَّذِي تُرِيدُ حِفْظَهُ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً، وَأَفْضَلُ وَقْتٍ لِلْحِفْظِ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ.
2 -
كَرِّرْ بَعْدَ العَصْرِ أَوْ بَعْدَ المَغْرِبِ مَا حَفِظْتَهُ فِي الفَجْرِ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً.
3 -
مِنَ الغَدِ وَقَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ فِي حِفْظِ المِقْدَارِ الجَدِيدِ؛ اقْرَأْ مَا حَفِظْتَهُ أَمْسِ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً.
4 -
ثُمَّ اقْرَأْ حِفْظاً مَا حَفِظْتَهُ مِنْ أَوَّلِ المَتْنِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَوْطِنِ الحِفْظِ الجَدِيدِ.
5 -
بَعْدَ ذَلِكَ ابْدَأْ فِي حِفْظِ الدَّرْسِ الجَدِيدِ بِالطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا.
6 -
كَرِّرْ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ يَوْمِيّاً حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنَ حِفْظِ المَتْنِ وَيَرْسَخَ المَحْفُوظُ.
وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ سِرْ فِي كُلِّ مَتْنٍ تَحْفَظُهُ، مَعَ ضَرُورَةِ مُدَاوَمَةِ مُدَارَسَةِ العِلْمِ حِفْظاً وَمُرَاجَعَةً وَقِرَاءَةً لِلْكُتُبِ، وَحُضُورِ دُرُوسِ العُلَمَاءِ وَمُلَازَمَتِهِمْ، وَالسُّؤَالِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ مَسَائِلِ العِلْمِ.
وَالحِفْظُ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّكْرَارِ، وَرُسُوخُ المَحْفُوظِ بِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ، وَهَذَا دَأْبُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ
الشِّيرَازِيُّ رحمه الله يُعِيدُ مِقْدَارَ الحِفْظِ «مِئَةَ مَرَّةٍ» ، وَإِلْكِيَا الهَرَّاسِيُّ رحمه الله يُعِيدُ مِقْدَارَ الحِفْظِ «سَبْعِينَ مَرَّةً» ، وَإِلَيْكَ هَذِهِ القِصَّةَ الَّتِي تُظْهِرُ لَكَ أَنَّ قِلَّةَ التَّكْرَارِ سَبَبُ سُرْعَةِ النِّسْيَانِ:
(1)
.
(1)
الحث على حفظ العلم ص 36.
أَسْهَلُ طَرِيقَةِ لِمُرَاجَعَةِ المُتُونِ
إِذَا حَفِظْتَ مُتُوناً مُتَنَوِّعَةً فِي فُنُونِ العِلْمِ، فَرَاجِعْهَا؛ لِتَكُونَ أَرْسَخَ فِي الحِفْظِ، وَأَظْهَرَ فِي الِاسْتِحْضَارِ، وَأَسْرَعَ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى إِتْقَانِ المَحْفُوظِ: قِرَاءَتُهُ عَلَى غَيْرِكَ حِفْظاً.
* وَطَرِيقَةُ مُرَاجَعَةِ المُتُونِ مَا يَلِي:
1 -
رَاجِعْ كُلَّ يَوْمٍ صَفْحَتَيْنِ، وَاقْرَأْهَا حِفْظاً «عِشْرِينَ مَرَّةً» .
2 -
وَفِي الغَدِ وَقَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ فِي المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ؛ اقْرَأْ حِفْظاً مَا رَاجَعْتَهُ أَمْسِ «خَمْسَ مَرَّاتٍ» .
3 -
ثُمَّ ابْدَأْ فِي المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ بِمِقْدَارِ صَفْحَتَيْنِ حِفْظاً «عِشْرِينَ مَرَّةً» ، وَهَكَذَا سِرْ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَى نِهَايَةِ المَتْنِ.
4 -
إِذَا انْتَهَيْتَ مِنْ مُرَاجَعَةِ المَتْنِ الأَوَّلِ؛ فَاقْرَأْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ خَمْسَ صَفَحَاتٍ حِفْظاً حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنْهُ.
5 -
إِذَا رَاجَعْتَ خَمْسَ صَفَحَاتٍ مِنَ المَتْنِ الأَوَّلِ؛ فَابْدَأْ فِي مُرَاجَعَةِ المَتْنِ الثَّانِي، كَمَا فَعَلْتَ فِي المَتْنِ الأَوَّلِ.
6 -
تَوَقَّفْ يَوْماً فِي الأُسْبُوعِ عَنِ المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ، وَاقْرَأْ حِفْظاً مَا رَاجَعْتَهُ فِي الأُسْبُوعِ.
7 -
إِذَا أَتْقَنْتَ المَحْفُوظَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ فَلَا يَمْضِ عَلَيْكَ شَهْرٌ إِلَّا وَقَدْ رَاجَعْتَهُ كُلَّهُ حِفْظاً.
* * *
شُرُوحَاتٌ مُقْتَرَحَةُ لِلْمُتُون
* المستوى الأوَّل:
1 ـ الأصول الثَّلاثة وأدلتها. شرح ثلاثة الأصول؛ لمحمد بن إبراهيم
2 ـ القواعد الأربع. شرح القواعد الأربع؛ لصالح الفوزان
3 ـ نواقض الاسلام. شرح نواقض الاسلام؛ لصالح الفوزان
4 ـ الأربعون النَّوويَّة. جامع العلوم والحكم؛ لابن رجب
* المستوى الثَّاني:
1 ـ تحفة الأطفال. فتح الأقفال شرح تحفة الأطفال؛ للجمزوري
2 ـ شروط الصَّلاة. شرح كتاب شروط الصلاة؛ لعبد العزيز ابن باز
3 ـ كتاب التَّوحيد. حاشية كتاب التوحيد؛ لابن قاسم
* المستوى الثَّالث:
1 ـ منظومة البيقوني. شرح منظومة البيقوني؛ لحسن المَشَّاط
2 ـ منظومة أبي إسحاق الالبيري.
3 ـ المقدِّمة الآجرُّوميَّة. شرح المقدِّمة الآجرُّوميَّة؛ لمحمد ابن عثيمين
4 ـ العقيدة الواسطيَّة. شرح العقيدة الواسطيَّة؛ لمحمد بن إبراهيم
* المستوى الرَّابع:
1 ـ الورقات. شرح الورقات؛ لعبد الله الفوزان
2 ـ عنوان الحِكَم.
3 ـ الرَّحبيَّة. حاشية الرَّحبيَّة؛ لابن قاسم
4 ـ العقيدة الطَّحاويَّة. شرح العقيدة الطَّحاويَّة؛ لابن أبي العز
* المستوى الخامس:
1 ـ بلوغ المرام. منحة العلاّم؛ لعبد الله الفوزان
2 ـ زاد المستقنع. حاشية الروض المربع؛ لابن قاسم
3 ـ ألفيَّة ابن مالك. شرح ابن عقيل
كُتُبٌ مُقْتَرَحَةٌ لِلْقِرَاءَةِ
المستوى الأوَّل:
1 -
التبيان في آداب حملة القرآن؛ للنووي.
2 -
الوابل الصيب من الكلم الطيب؛ لابن القيم.
المستوى الثَّاني:
1 -
الكبائر؛ للذهبي.
2 -
الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لابن كثير.
المستوى الثَّالث:
1 -
الجواب الكافي؛ لابن القيم.
2 -
العبودية؛ لشيخ الإسلام.
المستوى الرَّابع:
1 -
حادي الأرواح؛ لابن القيم.
2 -
صيد الخاطر؛ لابن الجوزي.
المستوى الخامس:
1 -
تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير.
2 -
زاد المعاد؛ لابن القيم.
* * *
ثم بعد ذلك قراءة بقية كتب شيخ الاسلام وابن القيم
وابن كثير وابن رجب والذهبي وغيرهم من علماء السلف
الوَرَقَاتُ
لأَبِيْ المَعَالِي عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الجُوَيْنِيّ الشَّافِعِيّ
رحمه الله (ت 478 هـ)
* النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن
- نسخة خطِّية بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء - اليمن -، برقم (463)، تاريخ نسخها: 750 هـ.
- نسخة خطِّية بالمتحف البريطاني - بريطانيا - برقم (3/ 6532 (add ، تاريخ نسخها: 777 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة با يزيد عمومي - تركيا - برقم (18870/ 3)، تاريخ نسخها: 799 هـ.
- نسخة خطِّية بجامعة أمِّ القرى - السعودية - برقم (1432)، تاريخ نسخها: 837 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء - اليمن -، برقم (1703)، تاريخ نسخها: 845 هـ.
- نسخة خطِّية بالمكتبة الأزهرية - مصر - برقم (27814 [1068])، تاريخ نسخها: منتصف القرن التاسع تقديراً.
- نسخة خطِّية بمكتبة رئيس الكتاب ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (2611/ 6)، تاريخ نسخها: 879 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة توماس فيشر بجامعة تورنتو - كندا -، تاريخ نسخها: 885 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة مسجد أبي العبَّاس المرسي بالإسكندريَّة - مصر - برقم (3766 [405])، تاريخ نسخها: 970 هـ.
- نسخة خطِّية بالمكتبة الأزهرية - مصر - برقم (3568 [154])، تاريخ نسخها: 977 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة توماس فيشر بجامعة تورنتو - كندا -، ضمن شرح الورقات للمحلي، تاريخ نسخها: 978 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة الحرم المكِّيّ - السعودية - برقم (2262/ 5)، تاريخ نسخها: 1081 هـ.
- نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (818).
- نسخة خطِّية بمكتبة الفاتيكان - إيطاليا -، برقم (ف 2058)، منها صورة بمركز الملك فيصل - السعودية -
بسم الله الرحمن الرحيم
هَذِهِ «الوَرَقَاتُ» تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ فُصُولٍ مِنْ أُصُولِ الفِقْهِ، وَذَلِكَ لَفْظٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ جُزْأَيْنِ مُفْرَدَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أُصُولٌ، وَالآخَرُ: الفِقْهُ.
فَالأَصْلُ: مَا يُبْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
وَالفَرْعُ: مَا يُبْنَى عَلَى غَيْرِهِ.
وَالفِقْهُ: مَعْرِفَةُ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي طَرِيقُهَا الِاجْتِهَادُ.
وَالأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ سَبْعَةٌ: الوَاجِبُ، وَالمَنْدُوبُ، وَالمُبَاحُ، وَالمَحْظُورُ، وَالمَكْرُوهُ، وَالصَّحِيحُ، وَالبَاطِلُ.
فَالوَاجِبُ: مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ.
وَالمَنْدُوبُ: مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ.
وَالمُبَاحُ: مَا لَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ.
وَالمَحْظُورُ: مَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ.
وَالمَكْرُوهُ: مَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ.
وَالصَّحِيحُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النُّفُوذُ، وَيُعْتَدُّ بِهِ.
وَالبَاطِلُ: مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النُّفُوذُ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ.
وَالفِقْهُ: أَخَصُّ مِنَ العِلْمِ.
وَالعِلْمُ: مَعْرِفَةُ المَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ.
وَالجَهْلُ: تَصَوُّرُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ.
وَالعِلْمُ الضَّرُورِيُّ: مَا لَمْ يَقَعْ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ.
كَالعِلْمِ الوَاقِعِ بِإِحْدَى الحَوَاسِّ الخَمْسِ
ـ الَّتِي هِيَ: السَّمْعُ، وَالبَصَرُ، وَالشَّمُّ، وَالذَّوْقُ، وَاللَّمْسُ ـ.
وَبِالتَّوَاتُرِ.
وَالعِلْمُ المُكْتَسَبُ: مَا يَقَعُ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ.
وَالنَّظَرُ: هُوَ الفِكْرُ فِي حَالِ المَنْظُورِ فِيهِ.
وَالِاسْتِدْلَالُ: طَلَبُ الدَّلِيلِ.
وَالدَّلِيلُ: هُوَ المُرْشِدُ إِلَى المَطْلُوبِ.
وَالظَّنُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ مِنَ الآخَرِ.
وَالشَّكُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ، لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ.
* * *
فَصْلٌ
وَأُصُولُ الفِقْهِ: طُرُقُ الفِقْهِ عَلَى سَبِيلِ الإِجْمَالِ، وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا.
وَمَعْنَى قَوْلِنَا: «وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا» : تَرْتِيبُ الأَدِلَّةِ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ المُجْتَهِدِينَ.
* * *
فَصْلٌ
وَمِنْ أَبْوَابِ أُصُولِ الفِقْهِ:
أَقْسَامُ الكَلَامِ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ.
وَالعَامُّ وَالخَاصُّ، وَالمُجْمَلُ وَالمُبَيَّنُ.
وَالأَفْعَالُ، وَالنَّاسِخُ وَالمَنْسُوخُ.
وَالتَّعَارُضُ وَالإِجْمَاعُ.
وَالأَخْبَارُ، وَالقِيَاسُ.
وَالحَظْرُ وَالإِبَاحَةُ، وَتَرْتِيبُ الأَدِلَّةِ.
وَصِفَةُ المُفْتِي وَالمُسْتَفْتِي، وَأَحْكَامُ المُجْتَهِدِينَ.
* * *
فَصْلٌ
أَمَّا أَقْسَامُ الكَلَامِ: فَأَقَلُّ مَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُ الكَلَامُ: اسْمَانِ، أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ.
وَالكَلَامُ يَنْقَسِمُ إِلَى: أَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَخَبَرٍ وَاسْتِخْبَارٍ.
وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَنْقَسِمُ إِلَى: حَقِيقَةٍ، وَمَجَازٍ.
فَالحَقِيقَةُ: مَا بَقِيَ عَلَى مَوْضُوعِهِ.
وَقِيلَ: مَا اسْتُعْمِلَ فِيمَا اصْطُلِحَ عَلَيْهِ مِنَ المُخَاطَبَةِ.
وَالمَجَازُ: مَا تُجُوِّزَ بِهِ عَنْ مَوْضُوعِهِ.
وَالحَقِيقَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ: لُغَوِيَّةً، أَوْ شَرْعِيَّةً، أَوْ عُرْفِيَّةً.
وَالمَجَازُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ: بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ، أَوْ نَقْلٍ، أَوِ اسْتِعَارَةٍ.
فَالمَجَازُ بِالزِّيَادَةِ؛ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .
وَالمَجَازُ بِالنُّقْصَانِ؛ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} .
وَالمَجَازُ بِالنَّقْلِ؛ كَالغَائِطِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ.
وَالمَجَازُ بِالِاسْتِعَارَةِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ} .
* * *
فَصْلٌ
وَالأَمْرُ: اسْتِدْعَاءُ الفِعْلِ بِالقَوْلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ عَلَى سَبِيلِ الوُجُوبِ.
وَصِيغَتُهُ: افْعَلْ.
وَعِنْدَ الإِطْلَاقِ وَالتَّجَرُّدِ عَنِ القَرِينَةِ يُحْمَلُ عَلَى الوُجُوبِ، إِلَّا إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ المُرَادَ مِنْهُ النَّدْبُ أَوِ الإِبَاحَةُ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.
وَلَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ ـ عَلَى الصَّحِيحِ ـ إِلَّا إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ.
وَلَا يَقْتَضِي الفَوْرَ؛ لِأَنَّ الغَرَضَ مِنْهُ إِيجَادُ الفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِالزَّمَانِ الأَوَّلِ، دُونَ الزَّمَانِ الثَّانِي.
وَالأَمْرُ بِإِيجَادِ الفِعْلِ أَمْرٌ بِهِ، وَبِمَا لَا يَتِمُّ الفِعْلُ إِلَّا بِهِ ـ كَالأَمْرِ بِالصَّلَاةِ أَمْرٌ بِالطَّهَارَةِ المُؤَدِّيَةِ إِلَيْهَا ـ.
وَإِذَا فُعِلَ يَخْرُجُ المَأْمُورُ عَنْ عُهْدَةِ الأَمْرِ.
* * *
فَصْلٌ
الَّذِي يَدْخُلُ فِي الأَمْرِ، وَمَا لَا يَدْخُلُ:
يَدْخُلُ فِي خِطَابِ اللَّهِ المُؤْمِنُونَ ـ وَالسَّاهِي وَالصَّبِيُّ وَالمَجْنُونُ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي الخِطَابِ ـ.
وَالكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرَائِعِ، وَبِمَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ الإِسْلَامُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
ـ حِكَايَةً عَنِ الكُفَّارِ ـ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} .
* * *
فَصْلٌ
وَالأَمْرُ بِالشَّيْءِ: نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ.
وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ: أَمْرٌ بِضِدِّهِ.
وَهُوَ: اسْتِدْعَاءُ التَّرْكِ بِالقَوْلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ عَلَى سَبِيلِ الوُجُوبِ.
وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ المَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَتَرِدُ صِيغَةُ الأَمْرِ وَالمُرَادُ بِهَا: النَّدْبُ، أَوِ الإِبَاحَةُ، أَوِ التَّهْدِيدُ، أَوِ التَّسْوِيَةُ، أَوِ التَّكْوِينُ.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا العَامُّ: فَهُوَ مَا عَمَّ شَيْئَيْنِ فَصَاعِداً، مِنْ قَوْلِكَ: عَمَمْتُ زَيْداً وَعَمْراً بِالعَطَاءِ، وَعَمَمْتُ جَمِيعَ النَّاسِ بِالعَطَاءِ.
وَأَلْفَاظُهُ أَرْبَعَةٌ:
الِاسْمُ الوَاحِدُ المُعَرَّفُ بِالأَلِفِ وَاللَّامِ.
وَاسْمُ الجَمْعِ المُعَرَّفُ بِالأَلِفِ وَاللَّامِ.
وَالأَسْمَاءُ المُبْهَمَةُ ـ كَـ «مَنْ» فِيمَنْ يَعْقِلُ، وَ «مَا» فِيمَا لَا يَعْقِلُ، وَ «أَيٌّ» فِي الجَمِيعِ.
وَ «أَيْنَ» فِي المَكَانِ، وَ «مَتَى» فِي الزَّمَانِ.
وَ «مَا» فِي الِاسْتِفْهَامِ وَالجَزَاءِ وَغَيْرِهِ ـ.
وَ «لَا» فِي النَّكِرَاتِ؛ كَقَوْلِكَ: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ.
وَالعُمُومُ مِنْ صِفَاتِ النُّطْقِ، فَلَا تَجُوزُ دَعْوَى العُمُومِ فِي غَيْرِهِ ـ مِنَ الفِعْلِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ ـ.
* * *
فَصْلٌ
وَالخَاصُّ يُقَابِلُ العَامَّ.
وَالتَّخْصِيصُ: تَمْيِيزُ بَعْضِ الجُمْلَةِ بِالذِّكْرِ.
وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى: مُتَّصِلٍ، وَمُنْفَصِلٍ.
فَالمُتَّصِلُ: الِاسْتِثْنَاءُ، وَالشَّرْطُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالصِّفَةِ.
وَالِاسْتِثْنَاءُ: إِخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِي الكَلَامِ.
وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى مِنَ المُسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْءٌ.
وَمِنْ شَرْطِهِ: أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلاً بِالكَلَامِ.
وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ المُسْتَثْنَى عَلَى المُسْتَثْنَى مِنْهُ.
وَيَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الجِنْسِ وَمِنْ غَيْرِهِ.
وَالشَّرْطُ؛ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى المَشْرُوطِ.
وَالمُقَيَّدُ بِالصِّفَةِ؛ يُحْمَلُ عَلَيْهِ المُطْلَقُ؛ كَالرَّقَبَةِ قُيِّدَتْ بِالإِيمَانِ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ، وَأُطْلِقَتْ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ؛ فَيُحْمَلُ المُطْلَقُ عَلَى المُقَيَّدِ.
وَالمُنْفَصِلُ: وَهُوَ تَخْصِيصُ أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ بِالآخَرِ.
وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الكِتَابِ بِالكِتَابِ، وَالكِتَابِ بِالسُّنَّةِ.
وَالسُّنَّةِ بِالكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ.
وَالنُّطْقِ بِالقِيَاسِ ـ وَنَعْنِي بِالنُّطْقِ: قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
* * *
فَصْلٌ
وَالمُجْمَلُ: مَا يَفْتَقِرُ إِلَى البَيَانِ.
وَالبَيَانُ: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ إِلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي.
وَالمُبَيَّنُ: هُوَ النَّصُّ، وَالظَّاهِرُ، وَالعُمُومُ.
فَالنَّصُّ: مَا لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنىً وَاحِداً.
وَقِيلَ: مَا تَأْوِيلُهُ تَنْزِيلُهُ.
وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ مِنَصَّةِ العَرُوسِ، وَهِيَ الكُرْسِيُّ.
وَالظَّاهِرُ: مَا احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ مِنَ الآخَرِ.
وَيُؤَوَّلُ الظَّاهِرُ بِالدَّلِيلِ، وَيُسَمَّى: ظَاهِراً بِالدَّلِيلِ.
وَالعُمُومُ: ـ قَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ ـ.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا الأَفْعَالُ: فَفِعْلُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ لَا يَخْلُو:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ القُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ، أَوْ غَيْرِهَا.
فإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ القُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ: فَإِنْ دَلَّ دَلِيْلٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ: يُحْمَلُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ.
وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ لَا يَخْتَصُّ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة} ، فَيُحْمَلُ عَلَى الوُجُوبِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا.
وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُتَوَقَّفُ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ القُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ: يُحْمَلُ عَلَى الإِبَاحَةِ.
وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ عَلَى القَوْلِ هُوَ كَقَوْلِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ.
وَإِقْرَارُهُ عَلَى الفِعْلِ كَفِعْلِهِ.
وَمَا فُعِلَ فِي وَقْتِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ، وَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا فُعِلَ فِي مَجْلِسِهِ.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا النَّسْخُ فَمَعْنَاهُ: الإِزَالَةُ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ إِذَا أَزَالَتْهُ وَرَفَعَتْهُ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ النَّقْلُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَسَخْتُ مَا فِي هَذَا الكِتَابِ، أَيْ: نَقَلْتُهُ.
وَحَدُّهُ: الخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى رَفْعِ الحُكْمِ الثَّابِتِ بِالخِطَابِ المُتَقَدِّمِ، عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتاً، مَعَ تَرَاخِيهِ عَنْهُ.
وَيَجُوزُ نَسْخُ الرَّسْمِ وَبَقَاءُ الحُكْمِ، وَنَسْخُ الحُكْمِ وَبَقَاءُ الرَّسْمِ.
وَيَجُوزُ النَّسْخُ إِلَى بَدَلٍ، وَإِلَى غَيْرِ بَدَلٍ، وَإِلَى مَا هُوَ أَغْلَظُ، وَإِلَى مَا هُوَ أَخَفُّ.
وَيَجُوزُ نَسْخُ الكِتَابِ بِالكِتَابِ، وَنَسْخُ السُّنَّةِ بِالكِتَابِ وَبِالسُّنَّةِ.
وَيَجُوزُ نَسْخُ المُتَوَاتِرِ بِالمُتَوَاتِرِ، وَنَسْخُ الآحَادِ بِالآحَادِ وَبِالمُتَوَاتِرِ.
وَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الكِتَابِ بِالسُّنَّةِ، وَلَا المُتَوَاتِرِ بِالآحَادِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يُنْسَخُ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
* * *
فَصْلٌ فِي التَّعَارُضِ
إِذَا تَعَارَضَ نُطْقَانِ، فَلَا يَخْلُو:
إِمَّا أَنْ يَكُونَا عَامَّيْنِ، أَوْ خَاصَّيْنِ.
أَوْ أَحَدُهُمَا عَامّاً وَالآخَرُ خَاصّاً.
أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامّاً مِنْ وَجْهٍ وَخَاصّاً مِنْ وَجْهٍ.
فَإِنْ كَانَا عَامَّيْنِ: فَإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ جُمِعَ.
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ يُتَوَقَّفُ فِيهِمَا إِنْ لَمْ يُعْلَمِ التَّارِيخُ.
فَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ: فَيُنْسَخُ المُتَقَدِّمُ بِالمُتَأَخِّرِ.
وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَا خَاصَّيْنِ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَامّاً وَالآخَرُ خَاصّاً: فَيُخَصُّ العَامُّ بِالخَاصِّ.
وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامّاً مِنْ وَجْهٍ وَخَاصّاً مِنْ وَجْهٍ: فَيُخَصُّ عُمُومُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِ الآخَرِ.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا الإِجْمَاعُ: فَهُوَ اتِّفَاقُ عُلَمَاءِ أَهْلِ العَصْرِ عَلَى حُكْمِ الحَادِثَةِ.
وَنَعْنِي بِـ «العُلَمَاءِ» : الفُقَهَاءَ.
وَنَعْنِي بِـ «الحَادِثَةِ» : الحَادِثَةَ الشَّرْعِيَّةَ.
وَإِجْمَاعُ هَذِهِ الأُمَّةِ حُجَّةٌ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» ، وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِعِصْمَةِ هَذِهِ الأُمَّةِ.
وَالإِجْمَاعُ حُجَّةٌ عَلَى العَصْرِ الثَّانِي، وَفِي أَيِّ عَصْرٍ كَانَ.
وَلَا يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ العَصْرِ عَلَى الصَّحِيحِ.
فَإِنْ قُلْنَا: انْقِرَاضُ العَصْرِ شَرْطٌ، فَيُعْتَبَرُ قَوْلُ مَنْ وُلِدَ فِي حَيَاتِهِمْ وَتَفَقَّهَ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ ذَلِكَ.
وَالإِجْمَاعُ يَصِحُّ: بِقَوْلِهِمْ وَفِعْلِهِمْ.
وَبِقَوْلِ البَعْضِ وَفِعْلِ البَعْضِ.
وَانْتِشَارِ ذَلِكَ وَسُكُوتِ البَاقِينَ عَنْهُ.
وَقَوْلُ الوَاحِدِ مِنَ الصَّحَابَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى القَوْلِ الجَدِيدِ.
وَفِي القَوْلِ القَدِيمِ: حُجَّةٌ.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا الأَخْبَارُ: فَالخَبَرُ مَا يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالكَذِبُ.
وَالخَبَرُ يَنْقَسِمُ إِلَى: آحَادٍ، وَمُتَوَاتِرٍ.
فَالمُتَوَاتِرُ: مَا يُوجِبُ العِلْمَ.
وَهُوَ: أَنْ يَرْوِيَ جَمَاعَةٌ، لَا يَقَعُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الكَذِبِ، مِنْ مِثْلِهِمْ، إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى المُخْبَرِ عَنْهُ، وَيَكُونُ فِي الأَصْلِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ أَوْ سَمَاعٍ ـ لَا عَنِ اجْتِهَادٍ وَإِخْبَارٍ ـ.
وَالآحَادُ: هُوَ الَّذِي يُوجِبُ العَمَلَ، وَلَا يُوجِبُ العِلْمَ.
وَيَنْقَسِمُ إِلَى: مُسْنَدٍ، وَمُرْسَلٍ.
فَالمُسْنَدُ: مَا اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ.
وَالمُرْسَلُ: مَا لَمْ يَتَّصِلْ إِسْنَادُهُ.
فَإِنْ كَانَ مِنْ مَرَاسِيلِ غَيْرِ الصَّحَابَةِ؛ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، إِلَّا مَرَاسِيلَ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ؛ فَإِنَّهَا فُتِّشَتْ فَوُجِدَتْ مَسَانِيدَ.
وَالعَنْعَنَةُ: تَدْخُلُ عَلَى الإِسْنَادِ.
وَإِذَا قَرَأَ الشَّيْخُ يَجُوزُ لِلرَّاوِي أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي، أَوْ أَخْبَرَنِي.
وَإِذَا قَرَأَ هُوَ عَلَى الشَّيْخِ فَيَقُولُ: أَخْبَرَنِي، وَلَا يَقُولُ: حَدَّثَنِي.
وَإِذَا أَجَازَهُ الشَّيْخُ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَيَقُولُ الرَّاوِي: أَجَازَنِي، أَوْ أَخْبَرَنِي إِجَازَةً.
فَصْلٌ
وَأَمَّا القِيَاسُ: فَهُوَ رَدُّ الفَرْعِ، إِلَى الأَصْلِ، فِي الحُكْمِ، بِعِلَّةٍ تَجْمَعُهُمَا.
وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِيَاسِ عِلَّةٍ، وَقِيَاسِ دَلَالَةٍ، وَقِيَاسِ شَبَهٍ.
فَقِيَاسُ العِلَّةِ: مَا كَانَتِ العِلَّةُ فِيهِ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ.
وَقِيَاسُ الدَّلَالَةِ: هُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِأَحَدِ النَّظِيرَيْنِ عَلَى الآخَرِ ـ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ العِلَّةُ دَالَّةً عَلَى الحُكْمِ، وَلَا تَكُونَ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ ـ.
وَقِيَاسُ الشَّبَهِ: هُوَ الفَرْعُ المُتَرَدِّدُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، فَيُلْحَقُ بِأَكْثَرِهِمَا شَبَهاً.
وَمِنْ شَرْطِ الفَرْعِ: أَنْ يَكُونَ مُنَاسِباً لِلْأَصْلِ.
وَمِنْ شَرْطِ الأَصْلِ: أَنْ يَكُونَ ثَابِتاً بِدَلِيلٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الخَصْمَيْنِ.
وَمِنْ شَرْطِ العِلَّةِ: أَنْ تَطَّرِدَ فِي مَعْلُولَاتِهَا، فَلَا تَنْتَقِضَ لَا لَفْظاً وَلَا مَعْنىً.
وَمِنْ شَرْطِ الحُكْمِ: أَنْ يَكُونَ مِثْلَ العِلَّةِ فِي النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ.
وَالعِلَّةُ: هِيَ الجَالِبَةُ لِلْحُكْمِ.
وَالحُكْمُ: هُوَ المَجْلُوبُ بِالعِلَّةِ.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا الحَظْرُ وَالإِبَاحَةُ:
فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ أَصْلَ الأَشْيَاءِ عَلَى الحَظْرِ إِلَّا مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ ـ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الإِبَاحَةِ؛ فَيُتَمَسَّكُ بِالأَصْلِ، وَهُوَ الحَظْرُ ـ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بِضِدِّهِ، وَهُوَ: أَنَّ الأَصْلَ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ إِلَّا مَا حَظَرَهُ الشَّرْعُ.
وَمَعْنَى اسْتِصْحَابِ الحَالِ: أَنْ يُسْتَصْحَبَ الأَصْلُ عِنْدَ عَدَمِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا الأَدِلَّةُ:
فَيُقَدَّمُ الجَلِيُّ مِنْهَا عَلَى الخَفِيِّ.
وَالمُوجِبُ لِلْعِلْمِ عَلَى المُوجِبِ لِلظَّنِّ.
وَالنُّطْقُ عَلَى القِيَاسِ.
وَالقِيَاسُ الجَلِيُّ عَلَى القِيَاسِ الخَفِيِّ.
فَإِنْ وُجِدَ فِي النُّطْقِ مَا يُغَيِّرُ الأَصْلَ، وَإِلَّا فَيُسْتَصْحَبُ الحَالُ.
فَصْلٌ
وَمِنْ شَرْطِ المُفْتِي: أَنْ يَكُونَ عَالِماً بِالفِقْهِ ـ أَصْلاً وَفَرْعاً، خِلَافاً وَمَذْهَباً ـ.
وَأَنْ يَكُونَ كَامِلَ الآلَةِ فِي الِاجْتِهَادِ، عَارِفاً بِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي اسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ ـ مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَتَفْسِيرِ الآيَاتِ الوَارِدَةِ فِي الأَحْكَامِ، وَالأَخْبَارِ الوَارِدَةِ فِيهَا ـ.
وَمِنْ شَرْطِ المُسْتَفْتِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّقْلِيدِ، فَيُقَلِّدَ المُفْتِيَ فِي الفَتْوَى.
وَلَيْسَ لِلْعَالِمِ أَنْ يُقَلِّدَ، وَقِيلَ: يُقَلِّدُ.
وَالتَّقْلِيدُ: قَبُولُ قَوْلِ القَائِلِ بِلَا حُجَّةٍ.
فَعَلَى هَذَا: قَبُولُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُسَمَّى تَقْلِيداً.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ التَّقْلِيدُ: قَبُولُ قَوْلِ القَائِلِ، وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَهُ.
فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بِالِاجْتِهادِ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى قَبُولُ قَوْلِهِ تَقْلِيداً.
* * *
فَصْلٌ
وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ: فَهُوَ بَذْلُ الوُسْعِ فِي بُلُوغِ الغَرَضِ.
وَالمُجْتَهِدُ ـ إِنْ كَانَ كَامِلَ الآلَةِ فِي الِاجْتِهَادِـ: إِنِ اجْتَهَدَ فِي الفُرُوعِ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنِ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الفُرُوعِ مُصِيبٌ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الأُصُولِ مُصِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى تَصْوِيبِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ ـ مِنَ النَّصَارَى، وَالمَجُوسِ، وَالكُفَّارِ، وَالمُلْحِدِينَ ـ.
وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ: لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الفُرُوعِ مُصِيباً؛ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمَنِ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ» .
وَوَجْهُ الدَّلِيلِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَّأَ المُجْتَهِدَ تَارَةً، وَصَوَّبَهُ أُخْرَى.
وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
* * *
تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ
عُنْوَانُ الحِكَمِ
لأَبِيْ الفَتْحِ عَلِيّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحُسَيْنِ البُسْتِيّ
رحمه الله (ت 400 هـ)
[عدد الأبيات: 59]
[البحر: البسيط]
*
النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن:
- نسخة خطِّية بمكتبة تشستربيتي - إيرلندا - برقم (5207)، تاريخ نسخها: 684 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة تشستربيتي - إيرلندا - برقم (4780)، تاريخ نسخها: 721 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة أسعد أفندي ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (3766/ 4)، تاريخ نسخها: 726 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبةِ الإسكوريال - إسبانيا - برقم (167)، تاريخُ نسخِها: 763 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة أسعد أفندي ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (2756)، تاريخ نسخها: 899 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة لاله لي ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (759/ 3)، تاريخ نسخها: 970 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة كوبريلي (فاضل أحمد) ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (1627)، تاريخ نسخها: 979 هـ.
- نسخة خطِّية بمركز الملك فيصل - السعودية - برقم (10236 - 1)، تاريخ نسخها: القرن العاشر الهجري.
- نسخة خطِّية بمكتبة سيروز ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (165/ 1)، ضمن شرح السرماري على المنظومة تاريخ نسخها: 1151 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة مجلس الشورى - إيران - برقم (14470)، تاريخُ نسخِها: 1288 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة الأزهرية - مصر - برقم (34697)، تاريخ نسخها: 1290 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة الملك عبد العزيز (مجموعة المكتبة المحمودية) - السعودية - برقم (2713).
- نسخة خطِّية بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء - اليمن - برقم (2257).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 ـ زِيَادَةُ المَرْءِ فِي دُنْيَاهُ نُقْصَانُ
…
وَرِبْحُهُ غَيْرَ مَحْضِ الخَيْرِ خُسْرَانُ
2 ـ وَكُلُّ وِجْدَانِ حَظٍّ لَا ثَبَاتَ لَهُ
…
فَإِنَّ مَعْنَاهُ فِي التَّحْقِيقِ فِقْدَانُ
3 ـ يَا عَامِراً لِخَرَابِ الدَّهْرِ مُجْتَهِداً
…
بِاللَّهِ هَلْ لِخَرَابِ العُمْرِ عُمْرَانُ
4 ـ وَيَا حَرِيصاً عَلَى الأَمْوَالِ تَجْمَعُهَا
…
أُنْسِيتَ أَنَّ سُرُورَ المَالِ أَحْزَانُ
5 ـ زَعِ الفُؤَادَ عَنِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا
…
فَصَفْوُهَا كَدَرٌ وَالوَصْلُ هِجْرَانُ
6 ـ وَأَرْعِ سَمْعَكَ أَمْثَالاً أُفَصِّلُهَا
…
كَمَا يُفَصَّلُ يَاقُوتٌ وَمَرْجَانُ
7 ـ أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَعْبِدْ قُلُوبَهُمُ
…
فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإِنْسَانَ إِحْسَانُ
8 ـ وَإِنْ أَسَاءَ مُسِيءٌ فَلْيَكُنْ لَكَ فِي
…
عُرُوضِ زَلَّتِهِ صَفْحٌ وَغُفْرَانُ
9 ـ وَكُنْ عَلَى الدَّهْرِ مِعْوَاناً لِذِي أَمَلٍ
…
يَرْجُو نَدَاكَ فَإِنَّ الحُرَّ مِعْوَانُ
10 ـ وَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِحَبْلِ اللَّهِ مُعْتَصِماً
…
فَإِنَّهُ الرُّكْنُ إِنْ خَانَتْكَ أَرْكَانُ
11 ـ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُحْمَدْ فِي عَوَاقِبِهِ
…
وَيَكْفِهِ شَرَّ مَنْ عَزُّوا وَمَنْ هَانُوا
12 ـ مَنِ اسْتَعَانَ بِغَيْرِ اللَّهِ فِي طَلَبٍ
…
فَإِنَّ نَاصِرَهُ عَجْزٌ وَخِذْلَانُ
13 ـ مَنْ كَانَ لِلْخَيْرِ مَنَّاعاً فَلَيْسَ لَهُ
…
عَلَى الحَقِيقَةِ إِخْوَانٌ وَأَخْدَانُ
14 ـ مَنْ جَادَ بِالمَالِ مَالَ النَّاسُ قَاطِبَةً
…
إِلَيْهِ وَالمَالُ لِلْإِنْسَانِ فَتَّانُ
15 ـ مَنْ سَالَمَ النَّاسَ يَسْلَمْ مِنْ غَوَائِلِهِمْ
…
وَعَاشَ وَهْوَ قَرِيرُ العَيْنِ جَذْلَانُ
16 ـ مَنْ كَانَ لِلْعَقْلِ سُلْطَانٌ عَلَيْهِ غَدَا
…
وَمَا عَلَى نَفْسِهِ لِلْحِرْصِ سُلْطَانُ
17 ـ مَنْ مَدَّ طَرْفاً لِفَرْطِ الجَهْلِ نَحْوَ هَوًى
…
أَغْضَى عَلَى الحَقِّ يَوْماً وَهْوَ خَزْيَانُ
18 ـ مَنْ عَاشَرَ النَّاسَ لَاقَى مِنْهُمُ نَصَباً
…
لِأَنَّ سُوسَهُمُ بَغْيٌ وَعُدْوَانُ
19 ـ وَمَنْ يُفَتِّشْ عَنِ الإِخْوَانِ يَقْلِهِمُ
…
فَجُلُّ إِخْوَانِ هَذَا الدَّهْرِ خَوَّانُ
20 ـ مَنِ اسْتَشَارَ صُرُوفَ الدَّهْرِ قَامَ لَهُ
…
عَلَى حَقِيقَةِ طَبْعِ الدَّهْرِ بُرْهَانُ
21 ـ مَنْ يَزْرَعِ الشَّرَّ يَحْصُدْ فِي عَوَاقِبِهِ
…
نَدَامَةً وَلِحَصْدِ الزَّرْعِ إِبَّانُ
22 ـ مَنِ اسْتَنَامَ إِلَى الأَشْرَارِ نَامَ وَفِي
…
قَمِيصِهِ مِنْهُمُ صِلٌّ وَثُعْبَانُ
23 ـ كُنْ رَيِّقَ البِشْرِ إِنَّ الحُرَّ هِمَّتُهُ
…
صَحِيفَةٌ وَعَلَيْهَا البِشْرُ عُنْوَانُ
24 ـ وَرَافِقِ الرِّفْقَ فِي كُلِّ الأُمُورِ فَلَمْ
…
يَنْدَمْ رَفِيقٌ وَلَمْ يَذْمُمْهُ إِنْسَانُ
25 ـ وَلَا يَغُرَّنْكَ حَظٌّ جَرَّهُ خَرَقٌ
…
فَالخُرْقُ هَدْمٌ وَرِفْقُ المَرْءِ بُنْيَانُ
26 ـ أَحْسِنْ إِذَا كَانَ إِمْكَانٌ وَمَقْدُرَةٌ
…
فَلَنْ يَدُومَ عَلَى الإِحْسَانِ إِمْكَانُ
27 ـ فَالرَّوْضُ يَزْدَانُ بِالأَنْوَارِ فَاغِمَةً
…
وَالحُرُّ بِالفَضْلِ وَالإِحْسَانِ يَزْدَانُ
28 ـ صُنْ حُرَّ وَجْهِكَ لَا تَهْتِكْ غِلَالَتَهُ
…
فَكُلُّ حُرٍّ لِحُرِّ الوَجْهِ صَوَّانُ
29 ـ فَإِنْ لَقِيتَ عَدُوّاً فَالْقَهُ أَبَداً
…
وَالوَجْهُ بِالبِشْرِ وَالإِشْرَاقِ غَضَّانُ
30 ـ دَعِ التَّكَاسُلَ فِي الخَيْرَاتِ تَطْلُبُهَا
…
فَلَيْسَ يَسْعَدُ بِالخَيْرَاتِ كَسْلَانُ
31 ـ لَا ظِلَّ لِلْمَرْءِ يَعْرَى مِنْ تُقىً وَنُهىً
…
وَإِنْ أَظَلَّتْهُ أَوْرَاقٌ وَأَفْنَانُ
32 ـ وَالنَّاسُ أَعْوَانُ مَنْ وَالَتْهُ دَوْلَتُهُ
…
وَهُمْ عَلَيْهِ إِذَا عَادَتْهُ أَعْوَانُ
33 ـ «سَحْبَانُ» مِنْ غَيْرِ مَالٍ «بَاقِلٌ» حَصِرٌ
…
وَ «بَاقِلٌ» فِي ثَرَاءِ المَالِ «سَحْبَانُ»
34 ـ لَا تُودِعِ السِّرَّ وَشَّاءً بِهِ مَذِلاً
…
فَمَا رَعَى غَنَماً فِي الدَّوِّ سِرْحَانُ
35 ـ لَا تَحْسَبِ النَّاسَ طَبْعاً وَاحِداً فَلَهُمْ
…
غَرَائِزٌ لَسْتَ تُحْصِيهَا وَأَلْوَانُ
36 ـ مَا كُلُّ مَاءٍ كَصَدَّاءٍ لِوَارِدِهِ
…
نَعَمْ وَلَا كُلُّ نَبْتٍ فَهْوَ سَعْدَانُ
37 ـ لَا تَخْدِشَنَّ بِمَطْلٍ وَجْهَ عَارِفَةٍ
…
فَالْبِرُّ يَخْدِشُهُ مَطْلٌ وَلَيَّانُ
38 ـ لَا تَسْتَشِرْ غَيْرَ نَدْبٍ حَازِمٍ يَقِظٍ
…
قَدِ اسْتَوَى فِيهِ إِسْرَارٌ وَإِعْلَانُ
39 ـ فَلِلتَّدَابِيرِ فُرْسَانٌ إِذَا رَكَضُوا
…
فِيهَا أَبَرُّوا كَمَا لِلْحَرْبِ فُرْسَانُ
40 ـ وَلِلْأُمُورِ مَوَاقِيتٌ مُقَدَّرَةٌ
…
وَكُلُّ أَمْرٍ لَهُ حَدٌّ وَمِيزَانُ
41 ـ فَلَا تَكُنْ عَجِلاً فِي الأَمْرِ تَطْلُبُهُ
…
فَلَيْسَ يُحْمَدُ قَبْلَ النُّضْجِ بُحْرَانُ
42 ـ كَفَى مِنَ العَيْشِ مَا قَدْ سَدَّ مِنْ عَوَزٍ
…
فَفِيهِ لِلْحُرِّ قُنْيَانٌ وَغُنْيَانُ
43 ـ وَذُو القَنَاعَةِ رَاضٍ مِنْ مَعِيشَتِهِ
…
وَصَاحِبُ الحِرْصِ إِنْ أَثْرَى فَغَضْبَانُ
44 ـ حَسْبُ الفَتَى عَقْلُهُ خِلّاً يُعَاشِرُهُ
…
إِذَا تَحَامَاهُ إِخْوَانٌ وَخُلَّانُ
45 ـ هُمَا رَضِيعَا لِبَانٍ: حِكْمَةٌ وَتُقىً
…
وَسَاكِنَا وَطَنٍ: مَالٌ وَطُغْيَانُ
46 ـ إِذَا نَبَا بِكَرِيمٍ مَوْطِنٌ فَلَهُ
…
وَرَاءَهُ فِي بَسِيطِ الأَرْضِ أَوْطَانُ
47 ـ يَا ظَالِماً فَرِحاً بِالعِزِّ سَاعَدَهُ
…
إِنْ كُنْتَ فِي سِنَةٍ فَالدَّهْرُ يَقْظَانُ
48 ـ مَا اسْتَمْرَأَ الظُّلْمَ لَوْ أَنْصَفْتَ آكِلُهُ
…
وَهَلْ يَلَذُّ مَذَاقَ المَرْءِ خُطْبَانُ
49 ـ يَا أَيُّهَا العَالِمُ المَرْضِيُّ سِيرَتُهُ
…
أَبْشِرْ فَأَنْتَ بِغَيْرِ المَاءِ رَيَّانُ
50 ـ وَيَا أَخَا الجَهْلِ لَوْ أَصْبَحْتَ فِي لُجَجٍ
…
فَأَنْتَ مَا بَيْنَهَا لَا شَكَّ ظَمْآنُ
51 ـ لَا تَحْسَبَنَّ سُرُوراً دَائِماً أَبَداً
…
مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانُ
52 ـ يَا رَافِلاً فِي الشَّبَابِ الوَحْفِ مُنْتَشِياً
…
مِنْ كَأْسِهِ هَلْ أَصَابَ الرُّشْدَ نَشْوَانُ
53 ـ لَا تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ رَائِقٍ خَضِلٍ
…
فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْلَ الشِّيبِ شُبَّانُ
54 ـ وَيَا أَخَا الشَّيْبِ لَوْ نَاصَحْتَ نَفْسَكَ لَمْ
…
يَكُنْ لِمِثْلِكَ فِي الإِسْرَافِ إِمْعَانُ
55 ـ هَبِ الشَّبِيبَةَ تُبْدِي عُذْرَ صَاحِبِهَا
…
مَا عُذْرُ أَشْيَبَ يَسْتَهْوِيهِ شَيْطَانُ
56 ـ كُلُّ الذُّنُوبِ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُهَا
…
إِنْ شَيَّعَ المَرْءَ إِخْلَاصٌ وَإِيمَانُ
57 ـ وَكُلُّ كَسْرٍ فَإِنَّ الدِّينَ يَجْبُرُهُ
…
وَمَا لِكَسْرِ قَنَاةِ الدِّينِ جُبْرَانُ
58 ـ خُذْهَا سَوَائِرَ أَمْثَالٍ مُهَذَّبَةٍ
…
فِيهَا لِمَنْ يَبْتَغِي التِّبْيَانَ تِبْيَانُ
59 ـ مَا ضَرَّ حَسَّانَهَا ـ وَالطَّبْعُ صَائِغُهَا ـ
…
إِنْ لَمْ يَصُغْهَا قَرِيعُ الشِّعْرِ «حَسَّانُ»
* * *
تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ
بُغْيَةُ البَاحِثِ عَنْ جُمَلِ المَوَارِثِ
(الرَّحْبِيَّةُ)
لأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ الرَّحْبِيّ الشَّافِعِيّ
(ابنِ المُتَقَّنَةِ)
رحمه الله (ت 577 هـ)
[عدد الأبيات: 176]
[البحر: الرّجز]
* النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن:
- نسخة خطِّية بمكتبة تشستربيتي - إيرلندا - برقم (3854/ 10)، تاريخ نسخها: القرن الثامن الهجري تقديراً.
- نسخة خطِّية بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء - اليمن - برقم (1403)، تاريخ نسخها: القرن الثامن الهجري تقديراً.
- نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (1175)، تاريخ نسخها: 851 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة رئيس الكتاب ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (2611/ 4)، تاريخ نسخها: 879 هـ.
- نسخة خطِّية بالمكتبة الوطنية ببرلين - ألمانيا - برقم (4692)، تاريخ نسخها: 934 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة الإسكوريال - إسبانيا - برقم (102/ 4)، تاريخ نسخها: 993 هـ.
- نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (2409)، تاريخ نسخها: 1068 هـ.
- نسخة خطِّية بمكتبة ميرزا ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (133)، تاريخ نسخها: 1069 هـ.
- نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (6168/ 1)، تاريخ نسخها: 1131 هـ.
- نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (7440)، تاريخ نسخها: كتبت في القرن الثالث عشر الهجري تقديراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ أَسْتَعِينُ
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مُحَمَّدُ ابْنُ الْحُسَيْنِ الرَّحْبِيُّ ـ المَعْرُوفُ بِابْنِ المُتَقَّنَةِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ـ.
هَذِهِ قَصِيدَةٌ فِي الفَرَائِضِ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ المُطَّلِبِيِّ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ فِي الجَنَّةِ آمِينَ ـ نَظَمْتُهَا فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ عِلْمِ المَوَارِيثِ؛ رَغْبَةً فِي تَسْهِيلِهِ، وَتَيْسِيرِهِ لِمُلْتَمِسِهِ، رَاجِياً مِنَ اللَّهِ الكَرِيمِ المَعُونَةَ، وَحُسْنَ المَثُوبَةِ، وَنَفْعَ الطَّالِبِ، وَهُوَ سبحانه وتعالى عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ وَرَجَائِهِ، قَالَ:
1 ـ أَوَّلُ مَا نَسْتَفْتِحُ المَقَالَا
…
بِذِكْرِ حَمْدِ رَبِّنَا تَعَالَى
2 ـ فَالحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَا
…
حَمْداً بِهِ يَجْلُو عَنِ القَلْبِ العَمَى
3 ـ ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدُ وَالسَّلَامُ
…
عَلَى نَبِيٍّ دِينُهُ الإِسْلَامُ
4 ـ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ رُسْلِ رَبِّهِ
…
وَآلِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَصَحْبِهِ
5 ـ وَنَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا الإِعَانَهْ
…
فِيمَا تَوَخَّيْنَا مِنَ الإِبَانَهْ
6 ـ عَنْ مَذْهَبِ الإِمَامِ زَيْدِ الفَرَضِي
…
إِذْ كَانَ ذَاكَ مِنْ أَهَمِّ الغَرَضِ
7 ـ عِلْماً بِأَنَّ العِلْمَ خَيْرُ مَا سُعِي
…
فِيهِ وَأَوْلَى مَا لَهُ العَبْدُ دُعِي
8 ـ وَأَنَّ هَذَا العِلْمَ مَخْصُوصٌ بِمَا
…
قَدْ شَاعَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ العُلَمَا
9 ـ بِأَنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُفْقَدُ
…
فِي الأَرْضِ حَتَّى لَا يَكَادُ يُوجَدُ
10 ـ وَأَنَّ زَيْداً خُصَّ لَا مَحَالَهْ
…
بِمَا حَبَاهُ خَاتَمُ الرِّسَالَهْ
11 ـ مِنْ قَوْلِهِ فِي فَضْلِهِ مُنَبِّهَا
…
أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ وَنَاهِيكَ بِهَا
12 ـ فَكَانَ أَوْلَى بِاتِّبَاعِ التَّابِعِي
…
لَا سِيَّمَا وَقَدْ نَحَاهُ الشَّافِعِي
13 ـ فَهَاكَ فِيهِ القَوْلَ عَنْ إِيجَازِ
…
مُبَرَّأً عَنْ وَصْمَةِ الأَلْغَازِ
* * *
بَابُ أَسْبَابِ المِيرَاثِ
14 ـ أَسْبَابُ مِيرَاثِ الوَرَى ثَلَاثَهْ
…
كُلٌّ يُفِيدُ رَبَّهُ الوِرَاثَهْ
15 ـ وَهْيَ نِكَاحٌ وَوَلَاءٌ وَنَسَبْ
…
مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيثِ سَبَبْ
* * *
بَابُ مَوَانِعِ الإِرْثِ
16 ـ وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنَ المِيرَاثِ
…
وَاحِدَةٌ مِنْ عِلَلٍ ثَلَاثِ
17 ـ رِقٌّ وَقَتْلٌ وَاخْتِلَافُ دِينِ
…
فَافْهَمْ فَلَيْسَ الشَّكُّ كَاليَقِينِ
* * *
بَابُ الوَارِثِينَ مِنَ الرِّجَالِ
18 ـ وَالوَارِثُونَ فِي الرِّجَالِ عَشَرَهْ
…
أَسْمَاؤُهُمْ مَعْرُوفَةٌ مُشْتَهِرَهْ
19 ـ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ مَهْمَا نَزَلَا
…
وَالأَبُ وَالجَدُّ لَهُ وَإِنْ عَلَا
20 ـ وَالأَخُ مِنْ أَيِّ الجِهَاتِ كَانَا
…
قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ القُرْآنَا
21 ـ وَابْنُ الأَخِ المُدْلِي إِلَيْهِ بِالأَبِ
…
فَاسْمَعْ مَقَالاً لَيْسَ بِالمُكَذَّبِ
22 ـ وَالعَمُّ وَابْنُ العَمِّ مِنْ أَبِيهِ
…
فَاشْكُرْ لِذِي الإِيجَازِ وَالتَّنْبِيهِ
23 ـ وَالزَّوْجُ وَالمُعْتِقُ ذُو الوَلَاءِ
…
فَجُمْلَةُ الذُّكُورِ هَؤُلَاءِ
بَابُ الوَارِثَاتِ مِنَ النِّسَاءِ
24 ـ وَالوَارِثَاتُ فِي النِّسَاءِ سَبْعُ
…
لَمْ يُعْطِ أُنْثَى غَيْرَهُنَّ الشَّرْعُ
25 ـ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌّ مُشْفِقَهْ
…
وَزَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَمُعْتِقَهْ
26 ـ وَالأُخْتُ مِنْ أَيِّ الجِهَاتِ كَانَتْ
…
فَهَذِهِ عِدَّتُهُنَّ بَانَتْ
* * *
بَابُ الفُرُوضِ المُقَدَّرَةِ
27 ـ وَاعْلَمْ بِأَنَّ الإِرْثَ نَوْعَانِ هُمَا
…
فَرْضٌ وَتَعْصِيبٌ عَلَى مَا قُسِمَا
28 ـ فَالفَرْضُ فِي نَصِّ الكِتَابِ سِتَّهْ
…
لَا فَرْضَ فِي الإِرْثِ سِوَاهَا البَتَّهْ
29 ـ نِصْفٌ وَرُبْعٌ ثُمَّ نِصْفُ الرُّبْعِ
…
وَالثُّلْثُ وَالسُّدْسُ بِنَصِّ الشَّرْعِ
30 ـ وَالثُّلُثَانِ وَهُمَا التَّمَامُ
…
فَاحْفَظْ فَكُلُّ حَافِظٍ إِمَامُ
* * *
بَابُ النِّصْفِ
31 ـ فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ
…
الزَّوْجُ وَالأُنْثَى مِنَ الأَوْلَادِ
32 ـ وَبِنْتُ الِابْنِ عِنْدَ فَقْدِ البِنْتِ
…
وَالأُخْتُ فِي مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِي
33 ـ وَبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتِي مِنَ الأَبِ
…
عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ
* * *
بَابُ الرُّبُعِ
34 ـ وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ
…
مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مَنْ قَدْ مَنَعَهْ
35 ـ وَهْوَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَا
…
مَعْ عَدَمِ الأَوْلَادِ فِيمَا قُدِّرَا
36 ـ وَذِكْرُ أَوْلَادِ البَنِينَ يُعْتَمَدْ
…
حَيْثُ اعْتَمَدْنَا القَوْلَ فِي ذِكْرِ الوَلَدْ
* * *
بَابُ الثُّمُنِ
37 ـ وَالثُّمْنُ لِلزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَاتِ
…
مَعَ البَنِينَ أَوْ مَعَ البَنَاتِ
38 ـ أَوْ مَعَ أَوْلَادِ البَنِينَ فَاعْلَمِ
…
وَلَا تَظُنَّ الجَمْعَ شَرْطاً فَافْهَمِ
* * *
بَابُ الثُّلُثَيْنِ
39 ـ وَالثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ جَمْعَا
…
مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فَسَمْعَا
40 ـ وَهْوَ كَذَاكَ لِبَنَاتِ الِابْنِ
…
فَافْهَمْ مَقَالِي فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ
41 ـ وَهْوَ لِلُاخْتَيْنِ فَمَا يَزِيدُ
…
قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ وَالعَبِيدُ
42 ـ هَذَا إِذَا كُنَّ لِأُمٍّ وَأَبِ
…
أَوْ لِأَبٍ فَاعْمَلْ بِهَذَا تُصِبِ
* * *
بَابُ الثُّلُثِ
43 ـ وَالثُّلْثُ فَرْضُ الأُمِّ حَيْثُ لَا وَلَدْ
…
وَلَا مِنَ الإِخْوَةِ جَمْعٌ ذُو عَدَدْ
44 ـ كَاثْنَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ
…
حُكْمُ الذُّكُورِ فِيهِ كَالإِنَاثِ
45 ـ وَلَا ابْنُ إِبْنٍ مَعَهَا أَوْ بِنْتُهُ
…
فَفَرْضُهَا الثُّلْثُ كَمَا بَيَّنْتُهُ
46 ـ وَإِنْ يَكُنْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبُ
…
فَثُلُثُ البَاقِي لَهَا مُرَتَّبُ
47 ـ وَهَكَذَا مَعْ زَوْجَةٍ فَصَاعِدَا
…
فَلَا تَكُنْ عَنِ العُلُومِ قَاعِدَا
48 ـ وَهُوَ لِاثْنَيْنِ أَوِ اثْنَتَيْنِ
…
مِنْ وَلَدِ الأُمِّ بِغَيْرِ مَيْنِ
49 ـ وَهَكَذَا إِنْ كَثُرُوا أَوْ زَادُوا
…
فَمَا لَهُمْ فِيمَا سِوَاهُ زَادُ
50 ـ وَيَسْتَوِي الإِنَاثُ وَالذُّكُورُ
…
فِيهِ كَمَا قَدْ أَوْضَحَ المَسْطُورُ
* * *
بَابُ السُّدُسِ
51 ـ وَالسُّدْسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ مِنَ العَدَدْ
…
أَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ بِنْتِ ابْنٍ وَجَدْ
52 ـ وَالأُخْتِ بِنْتِ الأَبِ ثُمَّ الجَدَّهْ
…
وَوَلَدُ الأُمِّ تَمَامُ العِدَّهْ
53 ـ فَالأَبُ يَسْتَحِقُّهُ مَعَ الوَلَدْ
…
وَهَكَذَا الأُمُّ بِتَنْزِيلِ الصَّمَدْ
54 ـ وَهَكَذَا مَعْ وَلَدِ الإِبْنِ الَّذِي
…
مَا زَالَ يَقْفُو إِثْرَهُ وَيَحْتَذِي
55 ـ وَهْوَ لَهَا أَيْضاً مَعَ الإِثْنَيْنِ
…
مِنْ إِخْوَةِ المَيْتِ فَقِسْ هَذَيْنِ
56 ـ وَالجَدُّ مِثْلُ الأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ
…
فِي حَوْزِ مَا يُصِيبُهُ وَمَدِّهِ
57 ـ إِلَّا إِذَا كَانَ هُنَاكَ إِخْوَهْ
…
لِكَوْنِهِمْ فِي القُرْبِ وَهْوَ أُسْوَهْ
58 ـ أَوْ أَبَوَانِ مَعْهُمَا زَوْجٌ وَرِثْ
…
فَالأُمُّ لِلثُّلْثِ مَعَ الجَدِّ تَرِثْ
59 ـ وَهَكَذَا لَيْسَ شَبِيهاً بِالأَبِ
…
فِي زَوْجَةِ المَيْتِ وَأُمٍّ وَأَبِ
60 ـ وَحُكْمُهُ وَحُكْمُهُمْ سَيَاتِي
…
مُكَمَّلَ البَيَانِ فِي الحَالَاتِ
61 ـ وَبِنْتُ الِابْنِ تَأْخُذُ السُّدْسَ إِذَا
…
كَانَتْ مَعَ البِنْتِ مِثَالاً يُحْتَذَى
62 ـ وَهَكَذَا الأُخْتُ مَعَ الأُخْتِ الَّتِي
…
بِالأَبَوَيْنِ يَا أُخَيَّ أَدْلَتِ
63 ـ وَالسُّدْسُ فَرْضُ جَدَّةٍ فِي النَّسَبِ
…
وَاحِدَةً كَانَتْ لِأُمٍّ أَوْ أَبِ
64 ـ وَوَلَدُ الأُمِّ يَنَالُ السُّدْسَا
…
وَالشَّرْطُ فِي إِفْرَادِهِ لَا يُنْسَى
* * *
بَابُ مِيرَاثِ الجَدَّاتِ
65 ـ وَإِنْ تَسَاوَى نَسَبُ الجَدَّاتِ
…
وَكُنَّ كُلُّهُنَّ وَارِثَاتِ
66 ـ فَالسُّدْسُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ
…
فِي القِسْمَةِ العَادِلَةِ الشَّرْعِيَّةِ
67 ـ وَإِنْ تَكُنْ قُرْبَى لِأُمٍّ حَجَبَتْ
…
أُمَّ أَبٍ بُعْدَى وَسُدْساً سَلَبَتْ
68 ـ وَإِنْ تَكُنْ بِالعَكْسِ فَالقَوْلَانِ
…
فِي كُتْبِ أَهْلِ العِلْمِ مَنْصُوصَانِ
69 ـ لَا تَسْقُطُ البُعْدَى عَلَى الصَّحِيحِ
…
وَاتَّفَقَ الجُلُّ عَلَى التَّصْحِيحِ
70 ـ وَكُلُّ مَنْ أَدْلَتْ بِغَيْرِ وَارِثِ
…
فَمَا لَهَا حَظٌّ مِنَ المَوَارِثِ
71 ـ وَتَسْقُطُ البُعْدَى بِذَاتِ القُرْبِ
…
فِي المَذْهَبِ الأَوْلَى فَقُلْ لِي حَسْبِي
72 ـ وَقَدْ تَنَاهَتْ قِسْمَةُ الفُرُوضِ
…
مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ وَلَا غُمُوضِ
* * *
بَابُ التَّعْصِيبِ
73 ـ وَحُقَّ أَنْ نَشْرَعَ فِي التَّعْصِيبِ
…
بِكُلِّ قَوْلٍ مُوجَزٍ مُصِيبِ
74 ـ فَكُلُّ مَنْ أَحْرَزَ كُلَّ المَالِ
…
مِنَ القَرَابَاتِ أَوِ المَوَالِي
75 ـ أَوْ كَانَ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ الفَرْضِ لَهْ
…
فَهْوَ أَخُو العُصُوبَةِ المُفَضَّلَهْ
76 ـ كَالأَبِ وَالجَدِّ وَجَدِّ الجَدِّ
…
وَالِابْنِ عِنْدَ قُرْبِهِ وَالبُعْدِ
77 ـ وَالأَخِ وَابْنِ الأَخِ وَالأَعْمَامِ
…
وَالسَّيِّدِ المُعْتِقِ ذِي الإِنْعَامِ
78 ـ وَهَكَذَا بَنُوهُمُ جَمِيعَا
…
فَكُنْ لِمَا أَذْكُرُهُ سَمِيعَا
79 ـ وَمَا لِذِي البُعْدَى مَعَ القَرِيبِ
…
فِي الإِرْثِ مِنْ حَظٍّ وَلَا نَصِيبِ
80 ـ وَالأَخُ وَالعَمُّ لِأُمٍّ وَأَبِ
…
أَوْلَى مِنَ المُدْلِي بِشَطْرِ النَّسَبِ
81 ـ وَالِابْنُ وَالأَخُ مَعَ الإِنَاثِ
…
يُعَصِّبَانِهِنَّ فِي المِيرَاثِ
82 ـ وَالأَخَوَاتُ إِنْ يَكُنْ بَنَاتُ
…
فَهُنَّ مَعْهُنَّ مُعَصَّبَاتُ
83 ـ وَلَيْسَ فِي النِّسَاءِ طُرّاً عَصَبَهْ
…
إِلَّا الَّتِي مَنَّتْ بِعِتْقِ الرَّقَبَهْ
* * *
بَابُ الحَجْبِ
84 ـ وَالجَدُّ مَحْجُوبٌ عَنِ المِيرَاثِ
…
بِالأَبِ فِي أَحْوَالِهِ الثَّلَاثِ
85 ـ وَهَكَذَا ابْنُ الِابْنِ بِالإِبْنِ فَلَا
…
تَبْغِ عَنِ الحُكْمِ الصَّحِيحِ مَعْدِلَا
86 ـ وَتَسْقُطُ الجَدَّاتُ مِنْ كُلِّ جِهَهْ
…
بِالأُمِّ فَافْهَمْهُ وَقِسْ مَا أَشْبَهَهْ
87 ـ وَتَسْقُطُ الإِخْوَةُ بِالبَنِينَا
…
وَبِالأَبِ الأَدْنَى كَمَا رُوِينَا
88 ـ أَوْ بِبَنِي البَنِينَ كَيْفَ كَانُوا
…
سِيَّانِ فِيهِ الجَمْعُ وَالوُحْدَانُ
89 ـ وَيَفْضُلُ ابْنُ الأُمِّ بِالإِسْقَاطِ
…
بِالجَدِّ فَافْهَمْهُ عَلَى احْتِيَاطِ
90 ـ وَبِالبَنَاتِ وَبَنَاتِ الإِبْنِ
…
جَمْعاً وَوُحْدَاناً فَقُلْ لِي زِدْنِي
91 ـ ثُمَّ بَنَاتُ الِابْنِ يَسْقُطْنَ مَتَى
…
حَازَ البَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ يَا فَتَى
92 ـ إِلَّا إِذَا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ
…
مِنْ وَلَدِ الِابْنِ عَلَى مَا ذَكَرُوا
93 ـ وَمِثْلُهُنَّ الأَخَوَاتُ اللَّاتِي
…
يُدْلِينَ بِالقُرْبِ مِنَ الجِهَاتِ
94 ـ إِذَا أَخَذْنَ فَرْضَهُنَّ وَافِيَا
…
أَسْقَطْنَ أَوْلَادَ الأَبِ البَوَاكِيَا
95 ـ وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ لَهُنَّ حَاضِرَا
…
عَصَّبَهُنَّ بَاطِناً وَظَاهِرَا
96 ـ وَلَيْسَ إِبْنُ الأَخِ بِالمُعَصِّبِ
…
مَنْ مِثْلُهُ أَوْ فَوْقَهُ فِي النَّسَبِ
* * *
بَابُ المُشَرَّكَةِ
97 ـ وَإِنْ تَجِدْ زَوْجاً وَأُمّاً وَرِثَا
…
وَإِخْوَةً لِلْأُمِّ حَازُوا الثُّلُثَا
98 ـ وَإِخْوَةً أَيْضاً لِأُمٍّ وَأَبِ
…
وَاسْتُغْرِقَ المَالُ بِفَرْضِ النُّصُبِ
99 ـ فَاجْعَلْهُمُ كُلَّهُمُ لِأُمِّ
…
وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ حَجَراً فِي اليَمِّ
100 ـ وَاقْسِمْ عَلَى الإِخْوَةِ ثُلْثَ التَّرِكَهْ
…
فَهَذِهِ المَسْأَلَةُ المُشَرَّكَهْ
* * *
بَابُ الجَدِّ وَالإِخْوَةِ
101 ـ وَنَبْتَدِي الآنَ بِمَا أَرَدْنَا
…
فِي الجَدِّ وَالإِخْوَةِ إِذْ وَعَدْنَا
102 ـ فَأَلْقِ نَحْوَ مَا أَقُولُ السَّمْعَا
…
وَاجْمَعْ حَوَاشِي الكَلِمَاتِ جَمْعَا
103 ـ وَاعْلَمْ بِأَنَّ الجَدَّ ذُو أَحْوَالِ
…
أُنْبِيكَ عَنْهُنَّ عَلَى التَّوَالِي
104 ـ يُقَاسِمُ الإِخْوَةَ فِيهِنَّ إِذَا
…
لَمْ يَعُدِ القَسْمُ عَلَيْهِ بِالأَذَى
105 ـ فَتَارَةً يَأْخُذُ ثُلْثاً كَامِلَا
…
إِنْ كَانَ بِالقِسْمَةِ عَنْهُ نَازِلَا
106 ـ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُو سِهَامِ
…
فَاقْنَعْ بِإِيضَاحِي عَنِ اسْتِفْهَامِ
107 ـ وَتَارَةً يَأْخُذُ ثُلْثَ البَاقِي
…
بَعْدَ ذَوِي الفُرُوضِ وَالأَرْزَاقِ
108 ـ هَذَا إِذَا مَا كَانَتِ المُقَاسَمَهْ
…
تَنْقُصُهُ عَنْ ذَاكَ بِالمُزَاحَمَهْ
109 ـ وَتَارَةً يَأْخُذُ سُدْسَ المَالِ
…
وَلَيْسَ عَنْهُ نَازِلاً بِحَالِ
110 ـ وَهْوَ مَعَ الإِنَاثِ عِنْدَ القَسْمِ
…
مِثْلُ أَخٍ فِي سَهْمِهِ وَالحُكْمِ
111 ـ إِلَّا مَعَ الأُمِّ فَلَا يَحْجُبُهَا
…
بَلْ ثُلُثُ المَالِ لَهَا يَصْحَبُهَا
112 ـ وَاحْسُبْ بَنِي الأَبِ لَدَى الأَعْدَادِ
…
وَارْفُضْ بَنِي الأُمِّ مَعَ الأَجْدَادِ
113 ـ وَاحْكُمْ عَلَى الإِخْوَةِ بَعْدَ العَدِّ
…
حُكْمَكَ فِيهِمْ عِنْدَ فَقْدِ الجَدِّ
114 ـ وَاسْقِطْ بَنِي الإِخْوَةِ بِالأَجْدَادِ
…
حُكْماً بِعَدْلٍ ظَاهِرِ الإِرْشَادِ
* * *
بَابُ الأَكْدَرِيَّةِ
115 ـ وَالأُخْتُ لَا فَرْضَ مَعَ الجَدِّ لَهَا
…
فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةٍ كَمَّلَهَا
116 ـ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَهُمَا تَمَامُهَا
…
فَاعْلَمْ فَخَيْرُ أُمَّةٍ عَلَّامُهَا
117 ـ تُعْرَفُ يَا صَاحِ بِـ «الَاكْدَرِيَّهْ»
…
وَهْيَ بِأَنْ تَعْرِفَهَا حَرِيَّهْ
118 ـ فَيُفْرَضُ النِّصْفُ لَهَا وَالسُّدْسُ لَهْ
…
حَتَّى تَعُولَ بِالفُرُوضِ المُجْمَلَهْ
119 ـ ثُمَّ يَعُودَانِ إِلَى المُقَاسَمَهْ
…
كَمَا مَضَى فَاحْفَظْهُ وَاشْكُرْ نَاظِمَهْ
* * *
بَابُ الحِسَابِ
120 ـ وَإِنْ تُرِدْ مَعْرِفَةَ الحِسَابِ
…
لِتَنْتَهِي فِيهِ إِلَى الصَّوَابِ
121 ـ وَتَعْرِفَ القِسْمَةَ وَالتَّفْصِيلَا
…
وَتَعْلَمَ التَّصْحِيحَ وَالتَّأْصِيلَا
122 ـ فَاسْتَخْرِجِ الأُصُولَ فِي المَسَائِلِ
…
وَلَا تَكُنْ عَنْ حِفْظِهَا بِذَاهِلِ
123 ـ فَإِنَّهُنَّ سَبْعَةٌ أُصُولُ
…
ثَلَاثَةٌ مِنْهُنَّ قَدْ تَعُولُ
124 ـ وَبَعْدَهَا أَرْبَعَةٌ تَمَامُ
…
لَا عَوْلَ يَعْرُوهَا وَلَا انْثِلَامُ
125 ـ فَالسُّدْسُ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ يُرَى
…
وَالثُّلْثُ وَالرُّبْعُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَا
126 ـ وَالثُّمْنُ إِنْ ضُمَّ إِلَيْهِ السُّدْسُ
…
فَأَصْلُهُ الصَّادِقُ فِيهِ الحَدْسُ
127 ـ أَرْبَعَةٌ يَتْبَعُهَا عِشْرُونَا
…
يَعْرِفُهَا الحُسَّابُ أَجْمَعُونَا
128 ـ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الأُصُولُ
…
إِنْ كَثُرَتْ فُرُوضُهَا تَعُولُ
129 ـ فَتَبْلُغُ السِّتَّةُ عِقْدَ العَشَرَهْ
…
فِي صُورَةٍ مَعْرُوفَةٍ مُشْتَهِرَهْ
130 ـ وَتَلْحَقُ الَّتِي تَلِيهَا فِي الأَثَرْ
…
بِالعَوْلِ إِفْرَاداً إِلَى سَبْعَ عَشَرْ
131 ـ وَالعَدَدُ الثَّالِثُ قَدْ يَعُولُ
…
بِثُمْنِهِ فَاعْمَلْ بِمَا أَقُولُ
132 ـ وَالنِّصْفُ وَالبَاقِي أَوِ النِّصْفَانِ
…
أَصْلُهُمَا فِي حُكْمِهِمْ إِثْنَانِ
133 ـ وَالثُّلْثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ يَكُونُ
…
وَالرُّبْعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ مَسْنُونُ
134 ـ وَالثُّمْنُ إِنْ كَانَ فَمِنْ ثَمَانِيَهْ
…
فَهَذِهِ هِيَ الأُصُولُ الثَّانِيَهْ
135 ـ لَا يَدْخُلُ العَوْلُ عَلَيْهَا فَاعْلَمِ
…
ثُمَّ اسْلُكِ التَّصْحِيحَ فِيهَا وَاقْسِمِ
* * *
بَابُ تَصْحِيحِ المَسَائِلِ
136 ـ وَإِنْ تَكُنْ مِنْ أَصْلِهَا تَصِحُّ
…
فَتَرْكُ تَطْوِيلِ الحِسَابِ رِبْحُ
137 ـ فَأَعْطِ كُلّاً سَهْمَهُ مِنْ أَصْلِهَا
…
مُكَمَّلاً أَوْ عَائِلاً مِنْ عَوْلِهَا
138 ـ وَإِنْ تَرَ السِّهَامَ لَيْسَتْ تَنْقَسِمْ
…
عَلَى ذَوِي المِيرَاثِ فَاتْبَعْ مَا رُسِمْ
139 ـ وَاطْلُبْ طَرِيقَ الِاخْتِصَارِ فِي العَمَلْ
…
بِالوَفْقِ وَالضَّرْبِ يُجَانِبْكَ الزَّلَلْ
140 ـ وَارْدُدْ إِلَى الوَفْقِ الَّذِي يُوَافِقُ
…
وَاضْرِبْهُ فِي الأَصْلِ فَأَنْتَ الحَاذِقُ
141 ـ إِنْ كَانَ جِنْساً وَاحِداً أَوْ أَكْثَرَا
…
فَاحْفَظْ وَدَعْ عَنْكَ الجِدَالَ وَالمِرَا
142 ـ وَإِنْ تَرَ الكَسْرَ عَلَى أَجْنَاسِ
…
فَإِنَّهَا فِي الحُكْمِ عِنْدَ النَّاسِ
143 ـ تُحْصَرُ فِي أَرْبَعَةٍ أَقْسَامِ
…
يَعْرِفُهَا المَاهِرُ فِي الأَحْكَامِ
144 ـ مُمَاثِلٌ مِنْ بَعْدِهِ مُنَاسِبُ
…
وَبَعْدَهُ مُوَافِقٌ مُصَاحِبُ
145 ـ وَالرَّابِعُ المُبَايِنُ المُخَالِفُ
…
يُنْبِيكَ عَنْ تَفْصِيلِهِنَّ العَارِفُ
146 ـ فَخُذْ مِنَ المُمَاثِلَيْنِ وَاحِدَا
…
وَخُذْ مِنَ المُنَاسِبَيْنِ الزَّائِدَا
147 ـ وَاضْرِبْ جَمِيعَ الوَفْقِ فِي المُوَافِقِ
…
وَاسْلُكْ بِذَاكَ أَنْهَجَ الطَّرَائِقِ
148 ـ وَخُذْ جَمِيعَ العَدَدِ المُبَايِنِ
…
وَاضْرِبْهُ فِي الثَّانِي وَلَا تُدَاهِنِ
149 ـ فَذَاكَ جُزْءُ السَّهْمِ فَاحْفَظَنْهُ
…
وَاحْذَرْ هُدِيتَ أَنْ تَضِلَّ عَنْهُ
150 ـ وَاضْرِبْهُ فِي الأَصْلِ الَّذِي تَأَصَّلَا
…
وَأَحْصِ مَا انْضَمَّ وَمَا تَحَصَّلَا
151 ـ وَاقْسِمْهُ فَالقَسْمُ إِذاً صَحِيحُ
…
يَعْرِفُهُ الأَعْجَمُ وَالفَصِيحُ
152 ـ فَهَذِهِ مِنَ الحِسَابِ جُمَلُ
…
يَأْتِي عَلَى مِثَالِهِنَّ العَمَلُ
153 ـ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ وَلَا اعْتِسَافِ
…
فَاقْنَعْ بِمَا بُيِّنَ فَهْوَ كَافِ
بَابُ المُنَاسَخَةِ
154 ـ وَإِنْ يَمُتْ آخَرُ قَبْلَ القِسْمَهْ
…
فَصَحِّحِ الحِسَابَ وَاعْرِفْ سَهْمَهْ
155 ـ وَاجْعَلْ لَهُ مَسْأَلَةً أُخْرَى كَمَا
…
قَدْ بُيِّنَ التَّفْصِيلُ فِيمَا قُدِّمَا
156 ـ وَإِنْ تَكُنْ لَيْسَتْ عَلَيْهَا تَنْقَسِمْ
…
فَارْجِعْ إِلَى الوَفْقِ بِهَذَا قَدْ حُكِمْ
157 ـ وَانْظُرْ فَإِنْ وَافَقَتِ السِّهَامَا
…
فَخُذْ هُدِيتَ وَفْقَهَا تَمَامَا
158 ـ وَاضْرِبْهُ أَوْ جَمِيعَهَا فِي السَّابِقَهْ
…
إِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَهْ
159 ـ وَكُلُّ سَهْم فِي جَمِيعِ الثَّانِيَهْ
…
يُضْرَبُ أَوْ فِي وَفْقِهَا عَلَانِيَهْ
160 ـ وَأَسْهُمُ الأُخْرَى فَفِي السِّهَامِ
…
تُضْرَبُ أَوْ فِي وَفْقِهَا تَمَامِ
161 ـ فَهَذِهِ طَرِيقَةُ المُنَاسَخَهْ
…
فَارْقَ بِهَا رُتْبَةَ فَضْلٍ شَامِخَهْ
* * *
بَابُ الخُنْثَى المُشْكِلِ، وَالمَفْقُودِ، وَالحَمْلِ
162 ـ وَإِنْ يَكُنْ فِي مُسْتَحِقِّ المَالِ
…
خُنْثَى صَحِيحٌ بَيِّنُ الإِشْكَالِ
163 ـ فَاقْسِمْ عَلَى الأَقَلِّ وَاليَقِينِ
…
تَحْظَ بِحَقِّ القِسْمَةِ المُبِينِ
164 ـ وَاحْكُمْ عَلَى المَفْقُودِ حُكْمَ الخُنْثَى
…
إِنْ ذَكَراً يَكُونُ هُوْ أَوْ أُنْثَى
165 ـ وَهَكَذَا حُكْمُ ذَوَاتِ الحَمْلِ
…
يُبْنَى عَلَى اليَقِينِ وَالأَقَلِّ
* * *
بَابُ الهَدْمَى، وَالغَرْقَى، وَنَحْوِهِمْ
166 ـ وَإِنْ يَمُتْ قَوْمٌ بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقْ
…
أَوْ حَادِثٍ عَمَّ الجَمِيعَ كَالحَرَقْ
167 ـ وَلَمْ يَكُنْ يُعْلَمُ حَالُ السَّابِقِ
…
فَلَا تُوَرِّثْ زَاهِقاً مِنْ زَاهِقِ
168 ـ وَعُدَّهُمْ كَأَنَّهُمْ أَجَانِبُ
…
فَهَكَذَا القَوْلُ السَّدِيدُ الصَّائِبُ
* * *
[خَاتِمَةٌ]
169 ـ وَقَدْ أَتَى القَوْلُ عَلَى مَا شِئْنَا
…
مِنْ قِسْمَةِ المِيرَاثِ إِذْ بَيَّنَّا
170 ـ عَلَى طَرِيقِ الرَّمْزِ وَالإِشَارَةِ
…
مُلَخَّصاً بِأَوْجَزِ العِبَارَةِ
171 ـ فَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى التَّمَامِ
…
حَمْداً كَثِيراً تَمَّ فِي الدَّوَامِ
172 ـ وَنَسْأَلُ العَفْوَ عَنِ التَّقْصِيرِ
…
وَخَيْرَ مَا نَأْمُلُ فِي المَصِيرِ
173 ـ وَغَفْرَ مَا كَانَ مِنَ الذُّنُوبِ
…
وَسَتْرَ مَا شَانَ مِنَ العُيُوبِ
174 ـ وَأَفْضَلَ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ
…
عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى الكَرِيمِ
175 ـ مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ العَاقِبِ
…
وَآلِهِ الغُرِّ ذَوِي المَنَاقِبِ
176 ـ وَصَحْبِهِ الأَمَاجِدِ الأَبْرَارِ
…
الصَّفْوَةِ الأَكَابِرِ الأَخْيَارِ
* * *
بَابُ الرَّدِّ
(1)
إِنْ أَبْقَتِ الفُرُوضُ بَعْضَ التَّرِكَهْ
…
وَلَيْسَ ثَمَّ عَاصِبٌ قَدْ مَلَكَهْ
فَرُدَّهُ لِمَنْ سِوَى الزَّوْجَيْنِ
…
مِنْ كُلِّ ذِي فَرْضٍ بِغَيْرِ مَيْنِ
وَأَعْطِهِمْ مِنْ عَدَدِ السِّهَامِ
…
مِنْ أَصْلِ سِتَّةٍ عَلَى الدَّوَامِ
إِنْ تَخْتَلِفْ أَجْنَاسُهُمْ وَإِلَّا
…
فَأَصْلُهُمْ مِنْ رُوسِهِمْ تَجَلَّى
(1)
النَّاظمُ الرَّحبيُّ رحمه الله شافعيُّ المذهبِ، ولهذا لم يتعرَّضْ للرَّدِّ ولا لميراثِ ذوي الأَرحامِ؛ فنظمها الشيخُ عبداللهِ بن صالح الخُليفِيُّ، النَّجديُّ، الحنبليُّ، المتوفَّى عامَ 1381 هـ.
وَاجْعَلْ لَهُمْ مَعْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ
…
عَلَى انْفِرَادٍ ذَا وَذَا أَصْلَيْنِ
وَاسْتَعْمِلَنَّ الضَّرْبَ وَالتَّصْحِيحَ إِنْ
…
تَحْتَاجُهُ كَمَا عَهِدْتَ مِنْ سَنَنْ
* * *
بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الأَرْحَامِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ ذُوْ فَرْضٍ اوْ مُعَصِّبُ
…
فَاخْصُصْ ذَوِي الأَرْحَامِ حُكْماً أَوْجَبُوا
نَزِّلْهُمُ مَكَانَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ
…
إِرْثاً وَحَجْباً هَكَذَا قَالُوا بِهِ
كَبِنْتِ بِنْتٍ حَجَبَتْ بِنْتَ ابْنِ أُمْ
…
وَعَمَّةٍ قَدْ حَجَبَتْ بِنْتاً لِعَمْ
لَكِنَّمَا الذُّكُورُ فِي الْمِيرَاثِ
…
عِنْدَ اسْتِوَاءِ الجِنْسِ كَالإِنَاثِ
فَاقْبَلْ هُدِيتَ مِنِّي هَذَا النَّظْمَا
…
وَاحْفَظْ وَقُلْ يَا رَبِّ زِدْنِي عِلْمَا
تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ
العَقِيْدَةُ الطَّحَاوِيَّةُ
لأَبِيْ جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيّ الحَنَفِيّ
رحمه الله (ت 321 هـ)
* النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن:
- نسخةٌ خطِّيةٌ بالمكتبة الأزهرية - مصر -، برقم (42296)، عليها سماع بتاريخ 29/ 8/611 هـ - ويظهر أن النسخة أقدم من هذا التاريخ -.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة المدرسة القادرية العامة ببغداد - العراق -، برقم (536)، تاريخُ نسخِها: 730 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة الأسد (الظاهرية) - سوريا، برقم (8344 ت)، تاريخُ نسخِها: 732 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة غيديك أحمد باشا الثَّاني العامة بأفيون قرة حصار - تركيا -، برقم (17517)، تاريخُ نسخِها: 736 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بالمكتبة الوطنيَّة بمانيسا - تركيا -، برقم (2962)، تاريخُ نسخِها: 736 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة سيروز ضمن المكتبة السليمانية - تركيا -، برقم (1394)، وفي آخرها إجازة للناسخ بتاريخ: 13/ 12/742 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة بَرْتوف باشا ضمن المكتبة السليمانية - تركيا -، برقم (650)، تاريخُ نسخِها: 753 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بدار الكتب البلديَّة بالإسكندريَّة - مصر -، برقم (1986 د)، تاريخُ نسخِها: 783 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة قره زاده محمد ضمن المكتبة السليمانية - تركيا -، برقم (553/ 1)، تاريخُ نسخِها: 800 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة الحرم المكي - السُّعوديَّة -، برقم (1427/ 4)، لم يذكر تاريخ النسخ للمخطوطة، عليها خط محمد بن خليل بن محمد البصروي (من علماء القرن التاسع) عام 842 هـ.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة كوبري لي (فاضل أحمد) ضمن المكتبة السليمانية - تركيا -، برقم (848)،.
- نسخةٌ خطِّيةٌ بمكتبة الأسد (الظَّاهريَّة) - سوريا -، برقم (18576 ت).
- نسخةٌ خطِّيةٌ بالمكتبة الأزهريَّة - مصر -، برقم ([234] 5512).
بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ رحمه الله:
هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ
عَلَى مَذْهَبِ فُقَهَاءِ المِلَّةِ:
- أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ الكُوفِيِّ.
وَأَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيِّ.
وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ـ.
وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ لِرَبِّ العَالَمِينَ.
نَقُولُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ، مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ:
إِنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ مِثْلُهُ، وَلَا شَيْءَ يُعْجِزُهُ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ.
قَدِيمٌ بِلَا ابْتِدَاءٍ
(1)
، دَائِمٌ بِلَا انْتِهَاءٍ
(2)
.
لَا يَفْنَى وَلَا يَبِيدُ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ.
لَا تَبْلُغُهُ الأَوْهَامُ، وَلَا تُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ، وَلَا يُشْبِهُ الأَنَامَ.
خَالِقٌ بِلَا حَاجَةٍ، رَازِقٌ بِلَا مُؤْنَةٍ، مُمِيتٌ بِلَا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلَا مَشَقَّةٍ.
(1)
«قَدِيمٌ بِلَا ابْتِدَاءٍ» هَذَا اللَّفْظُ لَمْ يَرِدْ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ الحُسْنَى، وَيُغْنِي عَنْهُ اسْمُهُ سُبْحَانَهُ:«الأَوَّلُ» ، كَمَا قَالَ عز وجل:{هُوَ الأَوَّلُ} .
(2)
«الدَّائِمُ» لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَيُغْنِي عَنْهُ اسْمُهُ سُبْحَانَهُ:«الآخِرُ» .
مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيماً قَبْلَ خَلْقِهِ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَاتِهِ.
وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيّاً، كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيّاً.
لَيْسَ مُنْذُ خَلَقَ الخَلْقَ اسْتَفَادَ اسْمَ الخَالِقِ، وَلَا بِإِحْدَاثِهِ البَرِيَّةَ اسْتَفَادَ اسْمَ البَارِي. لَهُ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ وَلَا مَرْبُوبَ، وَمَعْنَى الخَالِقِ وَلَا مَخْلُوقَ.
وَكَمَا أَنَّهُ مُحْيِي المَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هَذَا الِاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ، كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَائِهِمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ فَقِيرٌ، وَكُلُّ أَمْرٍ عَلَيْهِ يَسِيرٌ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
خَلَقَ الخَلْقَ بِعِلْمِهِ، وَقَدَّرَ لَهُمْ أَقْدَاراً، وَضَرَبَ لَهُمْ آجَالاً، لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِم قَبْلَ أَنْ خَلَقَهُمْ، وَعَلِمَ مَا هُمْ عَامِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.
وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَمَشِيئَتُهُ تَنْفُذُ، لَا مَشِيئَةَ لِلْعِبَادِ إِلَّا مَا شَاءَ لَهُمْ، فَمَا شَاءَ لَهُمْ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيَعْصِمُ وَيُعَافِي فَضْلاً، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَخْذُلُ وَيَبْتَلِي عَدْلاً.
وَكُلُّهُمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي مَشِيئَتِهِ بَيْنَ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ، لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا غَالِبَ لِأَمْرِهِ، آمَنَّا بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَيْقَنَّا أَنَّ كُلّاً مِنْ عِنْدِهِ.
وَإِنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم عَبْدُهُ المُصْطَفَى، وَنَبِيُّهُ المُجْتَبَى، وَرَسُولُهُ المُرْتَضَى.
وَإِنَّهُ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِمَامُ الأَتْقِيَاءِ، وَكُلُّ دَعْوَةِ نُبُوَّةٍ بَعْدَ نُبُوَّتِهِ فَغَيٌّ وَهَوىً، وَهُوَ المَبْعُوثُ إِلَى عَامَّةِ الجِنِّ وَكَافَّةِ الوَرَى بِالحَقِّ وَالهُدَى.
وَإِنَّ القُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، مِنْهُ بَدَأَ بِلَا كَيْفِيَّةٍ قَوْلاً، وَأَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ وَحْياً، وَصَدَّقَهُ المُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ حَقّاً.
وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى بِالحَقِيقَةِ، وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ كَكَلَامِ البَرِيَّةِ، فَمَنْ سَمِعَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَلَامُ البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وَقَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَابَهُ، وَأَوْعَدَهُ عَذَابَهُ، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى:{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} ، فَلَمَّا أَوْعَدَ اللَّهُ سَقَرَ لِمَنْ قَالَ:{إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} ؛ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَوْلُ خَالِقِ البَشَرِ، وَلَا يُشْبِهُ قَوْلَ البَشَرِ.
وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَعْنىً مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، فَمَنْ أَبْصَرَ هَذَا اعْتَبَرَ، وَعَنْ مِثْلِ قَوْلِ الكُفَّارِ انْزَجَرَ، وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ لَيْسَ كَالبَشَرِ.
وَالرُّؤْيَةُ حَقٌّ لِأَهْلِ الجَنَّةِ بِغَيْرِ إِحَاطَةٍ وَلَا كَيْفِيَّةٍ، كَمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ رَبِّنَا:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، وَتَفْسِيرُهُ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلِمَهُ.
وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا أَرَادَ، لَا نَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ بِآرَائِنَا، وَلَا مُتَوَهِّمِينَ بِأَهْوَائِنَا، فَإِنَّهُ مَا يَسْلَمُ فِي دِينِهِ إِلَّا مَنْ سَلَّمَ لِلَّهِ عز وجل وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ.
وَلَا يَثْبُتُ قَدَمُ الإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التَّسْلِيمِ وَالاِسْتِسْلَامِ، فَمَنْ رَامَ عِلْمَ مَا حُظِرَ عَنْهُ عِلْمُهُ، وَلَمْ يَقْنَعْ بِالتَّسْلِيمِ فَهْمُهُ؛ حَجَبَهُ مَرَامُهُ عَنْ خَالِصِ التَّوْحِيدِ، وَصَافِي المَعْرِفَةِ، وَصَحِيحِ الإِيمَانِ، فَيَتَذَبْذَبُ بَيْنَ الكُفْرِ وَالإِيمَانِ، وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَالإِقْرَارِ وَالإِنْكَارِ، مُوَسْوِساً تَائِهاً، شَاكّاً زَائِغاً، لَا مُؤْمِناً مُصَدِّقاً، وَلَا جَاحِداً مُكَذِّباً.
وَلَا يَصِحُّ الإِيمَانُ بِالرُّؤْيةِ لِأَهْلِ دَارِ السَّلَامِ لِمَنِ اعْتَبَرَهَا مِنْهُمْ بِوَهْمٍ، أَوْ تَأَوَّلَهَا بِفَهْمٍ؛ إِذْ كَانَ تَأْوِيلُ الرُّؤْيَةِ وَتَأْوِيلُ كُلِّ مَعْنىً يُضَافُ إِلَى الرُّبُوبِيَّةِ: تَرْكَ التَّأْوِيلِ وَلُزُومَ التَّسْلِيمِ، وَعَلَيْهِ دِينُ المُرْسَلِينَ.
وَمَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْيَ وَالتَّشْبِيهَ زَلَّ، وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ، فَإِنَّ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلَا مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الفَرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ أَحَدٌ مِنَ البَرِيَّةِ.
تَعَالَى عَنِ الحُدُودِ وَالغَايَاتِ، وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ، لَا تَحْوِيهِ الجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ المُبْتَدَعَاتِ
(1)
.
(1)
هَذَا مِنَ الأَلْفَاظِ المُجْمَلَةِ الَّتِي لَمْ يَرِدْ بِهَا الشَّرْعُ، وَلَعَلَّ المُؤَلِّفَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ:«الحُدُودِ» أَيِ: الَّتِي يَعْلَمُهَا البَشَرُ.
«وَالغَايَاتِ» : تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَنْ مُشَابَهَةِ المَخْلُوقَاتِ فِي حِكْمَتِهِ.
«وَالأَرْكَانِ وَالأَعضَاءِ وَالأَدَوَاتِ» : تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْ مُشَابَهَةِ المَخْلُوقَاتِ فِي صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ.
وَ «لَا تَحْوِيهِ الجِهَاتُ السِّتُّ» : أَيِ: السِّتُّ المَخْلُوقَةُ، وَلَيْسَ المُرَادُ: نَفْيَ عُلُوِّ اللَّهِ وَاسْتِوَاءِهِ.
وَالمِعْرَاجُ حَقٌّ، وَقَدْ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعُرِجَ بِشَخْصِهِ فِي اليَقَظَةِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ إِلَى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنَ العُلَا، وَأَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا شَاءَ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا أَوْحَى.
وَالحَوْضُ الَّذِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ غِيَاثاً لِأُمَّتِهِ حَقٌّ.
وَالشَّفَاعَةُ الَّتي ادَّخَرَهَا لَهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُوِيَ فِي الأَخْبَارِ.
وَالمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ آدَمَ عليه السلام وَذُرِّيَّتِهِ حَقٌّ.
وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ فِيمَا لَمْ يَزَلْ عَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ وَعَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَلَا يُزَادُ فِي ذَلِكَ العَدَدِ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ أَفْعَالَهُمْ فِيمَا عَلِمَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ.
وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَالأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ.
وَأَصْلُ القَدَرِ: سِرُّ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ.
وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الخِذْلَانِ، وَسُلَّمُ الحِرْمَانِ، وَدَرَجَةُ الطُّغْيَانِ.
فَالحَذَرَ كُلَّ الحَذَرِ مِنْ ذَلِكَ نَظَراً وَفِكْراً وَوَسْوَسَةً، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَوَى عِلْمَ القَدَرِ عَنْ أَنَامِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ} ، فَمَنْ سَأَلَ: لِمَ فَعَلَ؟ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ كَانَ مِنَ الكَافِرِينَ.
فَهَذَا جُمْلَةُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ هُوَ مُنَوَّرٌ قَلْبُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ؛ لِأَنَّ العِلْمَ عِلْمَانِ: عِلْمٌ فِي الخَلْقِ مَوْجُودٌ، وَعِلْمٌ فِي الخَلْقِ مَفْقُودٌ
(1)
، فَإِنْكَارُ العِلْمِ المَوْجُودِ كُفْرٌ، وَادِّعَاءُ العِلْمِ المَفْقُودِ كُفْرٌ.
وَلَا يَصِحُّ الإِيمَانُ إِلَّا بِقَبُولِ العِلْمِ المَوْجُودِ، وَتَرْكِ طَلَبِ العِلْمِ المَفْقُودِ.
(1)
مُرَادُهُ رحمه الله بِـ «العِلْمِ المَفْقُودِ» : عِلْمُ الغَيْبِ.
وَنُؤْمِنُ بِاللَّوْحِ وَالقَلَمِ، وَجَمِيعُ مَا فِيهِ قَدْ رُقِمَ، فَلَوِ اجْتَمَعَ الخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى شَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ أَنَّهُ كَائِنٌ لِيَجْعَلُوهُ غَيْرَ كَائِنٍ: لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ.
وَلَوِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى شَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ كَائِنٍ لِيَجْعَلُوهُ كَائِناً: لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ.
جَفَّ القَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَا أَخْطَأَ العَبْدَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَمَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ.
وَعَلَى العَبْدِ: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَبَقَ عِلْمُهُ فِي كُلِّ كَائِنٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَقَدَّرَ ذَلِكَ بِمَشِيئَتِهِ تَقْدِيراً مُحْكَماً مُبْرَماً، لَيْسَ فيه نَاقِضٌ وَلَا مُعَقِّبٌ، وَلَا مُزِيلٌ وَلَا مُغَيِّرٌ وَلَا مُحَوِّلٌ، وَلَا زَائِدٌ وَلَا نَاقِصٌ مِنْ خَلْقِهِ فِي سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ، وَذَلِكَ مِنْ عَقْدِ الإِيمَانِ وَأُصُولِ المَعْرِفَةِ، وَالِاعْتِرَافِ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} .
فَوَيْلٌ لِمَنْ صَارَ لِلَّهِ فِي القَدَرِ خَصِيماً، وَأَحْضَرَ لِلنَّظَرِ فِيهِ قَلْباً سَقِيماً، لَقَدِ التَمَسَ بِوَهْمِهِ فِي فَحْصِ الغَيْبِ سِرّاً كَتِيماً، وَعَادَ بِمَا قَالَ أَفَّاكاً أَثِيماً.
وَالعَرْشُ وَالكُرْسِيُّ حَقٌّ، كَمَا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَهُوَ جل جلاله مُسْتَغْنٍ عَنِ العَرْشِ وَمَا دُونَهُ، مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ، وَقَدْ أَعْجَزَ عَنِ الإِحَاطَةِ خَلْقَهُ.
وَنَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَكَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيماً؛ إِيمَاناً وَتَصْدِيقاً وَتَسْلِيماً.
وَنُؤْمِنُ بِالمَلَائِكَةِ، وَالنَّبِيِّينَ، وَالكُتُبِ المُنْزَلَةِ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الحَقِّ المُبِينِ.
وَنُسَمِّي أَهْلَ قِبْلَتِنَا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ، مَا دَامُوا بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَرِفِينَ، وَلَهُ بِكُلِّ مَا قَالَ وَأَخْبَرَ مُصَدِّقِينَ.
وَلَا نَخُوضُ فِي اللَّهِ.
وَلَا نُمَارِي فِي الدِّينِ.
وَلَا نُجَادِلُ فِي القُرْآنِ، وَنَعْلَمُ أَنَّهُ كَلَامُ رَبِّ العَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، فَعَلَّمَهُ سَيِّدَ المُرْسَلِينَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم.
وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ المَخْلُوقِينَ، وَلَا نَقُولُ بِخَلْقِهِ.
وَلَا نُخَالِفُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ.
وَلَا نُكَفِّرُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ
(1)
مَا لَمْ يَسْتَحِلُّهُ.
وَلَا نَقُولُ: لَا يَضُرُّ مَعَ الإِيمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ.
وَنَرْجُو لِلمُحْسِنِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وَلَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نَشْهَدُ لَهُمْ بِالجَنَّةِ.
وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهِمْ، وَنَخَافُ عَلَيْهِمْ، وَلَا نُقَنِّطُهُمْ.
وَالأَمْنُ وَالإِيَاسُ يَنْقُلَانِ عَنِ المِلَّةِ، وَسَبِيلُ الحَقِّ بَيْنَهُمَا لِأَهْلِ القِبْلَةِ.
(1)
مِنَ الكَبَائِرِ فَمَا دُونَهَا.
وَلَا نُخْرِجُ العَبْدَ مِنَ الإِيمَانِ إِلَّا بِجُحُودِ مَا أَدْخَلَهُ فِيهِ
(1)
.
وَالإِيمَانُ: هُوَ الإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالجَنَانِ
(2)
.
وَإِنَّ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي القُرْآنِ، وَجَمِيعَ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشَّرْعِ وَالبَيَانِ، كُلُّهُ حَقٌّ.
وَالإِيمَانُ وَاحِدٌ، وَأَهْلُهُ فِي أَصْلِهِ
(1)
هَذَا الحَصْرُ فِيهِ نَظَرٌ، فَالعَبْدُ يَخْرُجُ مِنَ الإِسْلَامِ بِجُحُودِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَيَخْرُجُ أَيْضاً مِنَ الإِسْلَامِ بِغَيْرِ جُحُودِ الشَّهَادَتَيْنِ - كَالِاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ -.
(2)
الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ: أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ، وَعَمَلٌ، وَاعْتِقَادٌ، يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالمَعْصِية، وَإِخْرَاجُ العَمَلِ مِنَ الإِيمَانِ قَوْلُ المُرْجِئَةِ.
سَوَاءٌ
(1)
، وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَهُمْ بِالتَّقْوَى، وَمُخَالَفَةِ الهَوَى.
وَالمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ الرَّحْمَنِ، وَأَكْرَمُهُمْ: أَطْوَعُهُمْ وَأَتْبَعُهُمْ لِلْقُرْآنِ.
وَإِنَّ الإِيمَانَ هُوَ: الإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، وَنُصَدِّقُهُمْ كُلَّهُمْ عَلَى مَا جَاؤُوا بِهِ.
(1)
لَيْسَ أَهْلُهُ فِيهِ سَوَاءٌ، بَلْ هُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِيهِ تَفَاوُتاً عَظِيماً، فَلَيْسَ إِيمَانُ الرُّسُلِ كَإِيمَانِ غَيْرِهِمْ، وَلَيْسَ إِيمَانُ المُؤْمِنِينَ كَإِيمَانِ الفَاسِقِينَ.
وَأَهْلُ الكَبَائِرِ؛ فِي النَّارِ لَا يُخَلَّدُونَ إِذَا مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا تَائِبِينَ، بَعْدَ أَنْ لَقُوا اللَّهَ عز وجل عَارِفِينَ.
وَهُمْ فِي مَشِيئَتِهِ وَحُكْمِهِ:
إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ بِفَضْلِهِ، كَمَا ذَكَرَ عز وجل فِي كِتَابِهِ:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} .
وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ فِي النَّارِ بِعَدْلِهِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا بِرَحْمَتِهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ.
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْلَى أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ فِي الدَّارَيْنِ كَأَهْلِ نُكْرَتِهِ، الَّذِينَ خَابُوا مِنْ هِدَايَتِهِ، وَلَمْ يَنَالُوا مِنْ وَلَايَتِهِ.
اللَّهُمَّ ـ يَا وَلِيَّ الإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ ـ مَسِّكْنَا بِالإِسْلَامِ حَتَّى نَلْقَاكَ بِهِ.
وَنَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ، وَعَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ.
وَلَا نُنْزِلُ أَحَداً مِنْهُمْ جَنَّةً وَلَا نَاراً.
وَلَا نَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِكُفْرٍ وَلَا بِشِرْكٍ وَلَا بِنِفَاقٍ، مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَنَذَرُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَا نَرَى السَّيْفَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ إِلَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّيْفُ.
وَلَا نَرَى الخُرُوجَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَوُلَاةِ أُمُورِنَا وَإِنْ جَارُوا، وَلَا نَدْعُوا عَلَيْهِمْ، وَلَا نَنْزِعُ يَداً مِنْ طَاعَتِهِمْ.
وَنَرَى طَاعَتَهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عز وجل فَرِيضَةً، مَا لَمْ يَأْمُرُونَا بِمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُوا لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَالمُعَافَاةِ.
وَنَتَّبِعُ السُّنَّةَ وَالجَمَاعَةَ، وَنَجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالخِلَافَ وَالفُرْقَةَ.
وَنُحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ وَالأَمَانَةِ، وَنُبْغِضُ أَهْلَ الجَوْرِ وَالخِيَانَةِ.
وَنَقُولُ: اللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَا اشْتَبَهَ عَلَيْنَا عِلْمُهُ.
وَنَرَى المَسْحَ عَلَى الخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، كَمَا جَاءَ فِي الأَثَرِ.
وَالحَجُّ وَالجِهَادُ فَرْضَانِ مَاضِيَانِ مَعَ أُولِي الأَمْرِ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ ـ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ ـ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، لَا يُبْطِلُهُمَا شَيْءٌ وَلَا يَنْقُضُهُمَا.
وَنُؤْمِنُ بِالكِرَامِ الكَاتِبِينَ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَهُمْ عَلَيْنَا حَافِظِينَ.
وَنُؤْمِنُ بِمَلَكِ المَوْتِ، المُوَكَّلِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ العَالَمِينَ.
وَبِعَذَابِ القَبْرِ لِمَنْ كَانَ لَهُ أَهْلاً، وَسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ لِلْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيِّهِ، عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ ـ.
وَالقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.
وَنُؤْمِنُ بِالبَعْثِ وَجَزَاءِ الأَعْمَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالعَرْضِ وَالحِسَابِ، وَقِرَاءَةِ الكِتَابِ، وَالثَّوَابِ وَالعِقَابِ، وَالصِّرَاطِ وَالمِيزَانِ.
وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ، لَا تَفْنَيَانِ أَبَداً وَلَا تَبِيدَانِ.
وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ الخَلْقِ، وَخَلَقَ لَهُمَا أَهْلاً، فَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ لِلْجَنَّةِ فَضْلاً مِنْهُ، وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ لِلنَّارِ عَدْلاً مِنْهُ.
وَكُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، وَصَائِرٌ إِلَى مَا خُلِقَ لَهُ، وَالخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقَدَّرَانِ عَلَى العِبَادِ.
وَالِاسْتِطَاعَةُ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: الِاسْتِطَاعَةُ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الفِعْلُ ـ مِنْ نَحْوِ التَّوْفِيقِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ المَخْلُوقُ بِهِ ـ: فَهِيَ مَعَ الفِعْلِ.
وَأَمَّا الِاسْتِطَاعَةُ التي مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالوُسْعِ، وَالتَّمَكُّنِ وَسَلَامَةِ الآلَاتِ: فَهِيَ قَبْلَ الفِعْلِ، وَبِهَا يَتَعَلَّقُ الخِطَابُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} .
وَأَفْعَالُ العِبَادِ: خَلْقُ اللَّهِ، وَكَسْبٌ مِنَ العِبَادِ، وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ اللَّهُ إِلَّا مَا يُطِيقُونَ، وَلَا يُطِيقُونَ إِلَّا مَا كَلَّفَهُمْ بِهِ
(1)
، وَهُوَ تَفْسِيرُ:
(1)
المُكَلَّفُونَ يُطِيقُونَ أَكْثَرَ مِمَّا كَلَّفَهُمْ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَلَكِنَّهُ عز وجل لَطَفَ بِعِبَادِهِ وَيَسَّرَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ حَرَجاً، فَضْلاً مِنْهُ وَإِحْسَاناً.
«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» ، نَقُولُ: لَا حِيلَةَ لِأَحَدٍ، وَلَا حَرَكَةَ لِأَحَدٍ، وَلَا تَحَوُّلَ لِأَحَدٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ إِلَّا بِمَعُونَةِ اللَّهِ.
وَلَا قُوَّةَ لِأَحَدٍ عَلَى إِقَامَةِ طَاعَةِ اللَّهِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهَا؛ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ.
وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، فَغَلَبَتْ مَشِيئَتُهُ المَشِيئَاتِ كُلَّهَا، وَغَلَبَ قَضَاؤُهُ الحِيَلَ كُلَّهَا، يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ أَبَداً {لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ} .
وَفِي دُعَاءِ الأَحْيَاءِ وَصَدَقَاتِهِمْ: مَنْفَعَةٌ لِلْأَمْوَاتِ.
وَاللَّهُ يَسْتَجِيبُ الدَّعَوَاتِ، وَيَقْضِي الحَاجَاتِ، وَيَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَا يَمْلِكُهُ شَيْءٌ.
وَلَا غِنَى عَنِ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنِ اسْتَغْنَى عَنِ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ؛ فَقَدْ كَفَرَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الحَيْنِ.
وَاللَّهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى، لَا كَأَحَدٍ مِنَ الوَرَى.
وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا نُفْرِطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ.
وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ.
وَحُبُّهُمْ: دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ.
وَبُغْضُهُمْ: كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.
وَنُثْبِتُ الخِلَافَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوَّلاً لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه تَفْضِيلاً لَهُ، وَتَقْدِيماً عَلَى جَمِيعِ الأُمَّةِ ـ، ثُمَّ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، ثُمَّ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، ثُمَّ لِعَليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَهُمُ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالأَئِمَّةُ المَهْدِيُّونَ ـ.
وَإِنَّ العَشَرَةَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، نَشْهَدُ لَهُمْ بِالجَنَّةِ عَلَى مَا شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلُهُ الحَقُّ ـ.
وَهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَسَعِيدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ ـ وَهُوَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.
وَمَنْ أَحْسَنَ القَوْلَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّاتِهِ؛ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ.
وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ والتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الخَبَرِ وَالأَثَرِ، وَأَهْلِ الفِقْهِ وَالنَّظَرِ، لَا يُذْكَرُونَ إِلَّا بِالجَمِيلِ، وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فَهُوَ عَلَى غَيْرِ السَّبِيلِ.
وَلَا نُفَضِّلُ أَحَداً مِنَ الأَوْلِيَاءِ عَلَى أحَدِ الأَنْبِيَاءِ، وَنَقُولُ: نَبِيٌّ وَاحِدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ.
وَنُؤْمِنُ بِمَا جَاءَ مِنْ كَرَامَاتِهِمْ، وَصَحَّ عَنِ الثِّقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ.
وَنُؤْمِنُ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ _ج مِنَ السَّمَاءِ.
وَنُؤْمِنُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ دَابَّةِ الأَرْضِ مِنْ مَوْضِعِهَا.
وَلَا نُصَدِّقُ كَاهِناً، وَلَا عَرَّافاً، وَلَا مَنْ يَدَّعِي شَيْئاً بِخِلَافِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ.
وَنَرَى الجَمَاعَةَ حَقّاً وَصَوَاباً، وَالفُرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً.
وَدِينُ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ الإِسْلَام، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} .
وَهُوَ بَيْنَ الغُلُوِّ وَالتَّقْصِيرِ، وَبَيْنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ.
وَبَيْنَ الجَبْرِ وَالقَدَرِ، وَبَيْنَ الأَمْنِ وَاليَأْسِ.
فَهَذَا دِينُنَا وَاعْتِقَادُنَا ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَنَحْنُ بُرَأَئُ إِلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَبَيَّنَّاهُ.
وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الإِيمَانِ، وَيَخْتِمَ لَنَا بِهِ، وَيَعْصِمَنَا مِنَ الأَهْوَاءِ المُخْتَلِفَةِ، وَالآرَاءِ المُتَفَرِّقَةِ، وَالمَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ ـ مِثْلِ: المُشَبِّهَةِ، وَالجَهْمِيَّةِ، وَالجَبْرِيَّةِ وَالقَدَرِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ ـ مِنَ الَّذِينَ خَالَفُوا الجَمَاعَةَ، وَحَالَفُوا الضَّلَالَةَ.
وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُرَأَئُ، وَهُمْ عِنْدَنَا ضُلَّالٌ أَرْدِيَاءُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ المَرْجِعُ وَالمَآبُ.
* * *
تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ