المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابٌ فِيمَنْ غَلَبَ الْعَدُوُّ عَلَى مَالِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ] 9767 - عَنِ - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - جـ ٦

[نور الدين الهيثمي]

فهرس الكتاب

[بَابٌ فِيمَنْ غَلَبَ الْعَدُوُّ عَلَى مَالِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ]

9767 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ فِي الْفَيْءِ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَمَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ يُقْسَمَ، فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ يَاسِينُ الزَّيَّاتِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ نَحْوَ هَذَا فِي الْأَحْكَامِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَرْضِ]

9768 -

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: لَمَّا افْتَتَحْنَا، [بِغَيْرِ عَهْدٍ] مِصْرَ قَامَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو بْنَ الْعَاصِ، اقْسِمْهَا. فَقَالَ عَمْرٌو: لَا أُقْسِمُهُمَا. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ لَتَقْسِمَنَّهَا، كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، قَالَ عَمْرٌو: وَاللَّهِ لَا أُقْسِمُهَا حَتَّى أَكْتُبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَنْ أَقِرَّهَا حَتَّى يَغْزُوَ مِنْهَا حَبَلُ الْحَبَلَةِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ، وَابْنُ لَهِيعَةَ.

9769 -

وَعَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: لَئِنْ عِشْتُ إِلَى هَذَا الْعَامِ الْمُقْبِلِ، لَا يُفْتَحُ لِلنَّاسِ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا [بَيْنَهُمْ] كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9770 -

وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أُرِيدُ قَسْمَ سَوَادِ الْكُوفَةِ بَيْنَ مَنْ ظَهَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَعْدٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا قَدْ ظَهَرْنَا عَلَى أَلْيَنِ قَوْمٍ خَلَقَهُمُ اللَّهُ قُلُوبًا، وَأَسْخَاهُمْ أَنْفُسًا، وَأَعْظَمِهِمْ بَرَكَةً، وَأَنْدَاهُمْ يَدًا، إِنَّمَا أَيْدِيهِمْ طَعَامٌ، وَأَلْسِنَتُهُمْ سَلَامٌ، فَإِنْ رَأَيْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ لَا تُفَرِّقَهُمْ، وَلَا تَقْسِمَهُمْ، وَلَا يَصُدَّنَا عَنْ وَجْهِنَا الَّذِي فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا فِيهِ مَا فَتَحَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: " عِزُّ الْعَرَبِ فِي أَسِنَّةِ رِمَاحِهَا، وَسَنَابِكِ خَيْلِهَا» .

رَوَاهُ

ص: 2

الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَيَأْتِي إِقْطَاعُ الْأَرَاضِي بَعْدَ قَلِيلٍ.

[بَابُ تَدْوِينِ الْعَطَاءِ]

9771 -

عَنْ نَاشِرِ بْنِ سُمَيٍّ الْيَزَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجَابِيَةِ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَنِي خَازِنًا لِهَذَا الْمَالِ وَقَاسِمَهُ، ثُمَّ قَالَ: بَلِ اللَّهُ يَقْسِمُهُ، وَأَنَا بَادِئٌ بِأَهْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ.

فَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ آلَافٍ، إِلَّا جُوَيْرِيَّةَ وَصَفِيَّةَ وَمَيْمُونَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَنَا» ، فَعَدَلَ بَيْنَهُنَّ عُمَرُ.

ثُمَّ قَالَ: إِنِّي بَادِئٌ بِأَصْحَابِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ ; فَإِنَّا أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ، فَفَرَضَ لِأَهْلِ بَدْرٍ مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِمَنْ شَهِدَ أُحُدًا ثَلَاثَةَ آلَافٍ.

قَالَ: وَمَنْ أَسْرَعَ بِالْهِجْرَةِ، أَسْرَعَ بِهِ الْعَطَاءُ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِالْهِجْرَةِ، أَبْطَأَ بِهِ الْعَطَاءُ، فَلَا يَلُومَنَّ امْرُؤٌ إِلَّا مُنَاخَ رَاحِلَتِهِ.

وَإِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكُمْ مِنْ عَزْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، إِنِّي أَمَرْتُهُ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَالَ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَعْطَاهُ ذَا الْبَأْسِ، وَذَا الشَّرَفِ، وَذَا اللِّسَانِ، فَنَزَعْتُهُ، وَوَلَّيْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ.

فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصٍ: وَاللَّهِ، مَا أَعْذَرْتَ يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ، لَقَدْ نَزَعْتَ عَامِلًا اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَمَدْتَ سَيْفًا سَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعْتَ لِوَاءً نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[وَلَقَدْ قَطَعْتَ الرَّحِمَ] وَحَسَدْتَ ابْنَ الْعَمِّ.

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّكَ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ، حَدِيثُ السِّنِّ، مُعَصَّبٌ فِي ابْنِ عَمِّكَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9772 -

عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غَفْرَةَ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ، فَيَأْتِ فَلْيَأْخُذْ.

قَالَ: «فَجَاءَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: قَدْ وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِذَا جَاءَنِي مِنَ الْبَحْرَيْنِ مَالٌ، أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ". ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَلَأَ كَفَّيْهِ» ، فَقَالَ: خُذْ بِيَدَيْكَ. قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدَيْهِ، فَوَجَدَ خَمْسَمِائَةٍ، قَالَ: عُدْ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَعْطَاهُ مِثْلَهَا، ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ مَا بَقِيَ، فَأَصَابَ عَشَرَةَ الدَّرَاهِمِ - يَعْنِي: لِكُلِّ وَاحِدٍ -.

فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ جَاءَهُ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ، فَأَصَابَ كُلُّ إِنْسَانٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَفَضَلَ مِنَ الْمَالِ فَضْلٌ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَضَلَ مِنْ

ص: 3

هَذَا الْمَالِ فَضْلٌ، وَلَكُمْ خَدَمٌ يُعَالِجُونَ لَكُمْ، وَيَعْمَلُونَ لَكُمْ، إِنْ شِئْتُمْ رَضَخْنَا لَهُمْ، فَرَضَخَ لَهُمُ الْخَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ فَضَّلْتَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَالَ: أَجْرُ أُولَئِكَ عَلَى اللَّهِ، إِنَّمَا هَذِهِ مَعَايِشُ، الْأُسْوَةُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْأَثَرَةِ.

فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ، فَجَاءَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيٌ، وَلِي رَأْيٌ آخَرُ: لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ، فَفَضَّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، فَفَرَضَ لِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَمَنْ كَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ إِسْلَامِ أَهْلِ بَدْرٍ فَرَضَ لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لِكُلِّ امْرَأَةٍ، إِلَّا صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَّةَ، فَفَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سِتَّةَ آلَافٍ، فَأَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذْنَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا فُرِضَتْ لَهُنَّ بِالْهِجْرَةِ، فَقُلْنَ: مَا فُرِضَتْ لَهُنَّ بِالْهِجْرَةِ، إِنَّمَا فُرِضَتْ لَهُنَّ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَنَا مِثْلُ مَكَانِهِنَّ، فَأَبْصَرَ ذَلِكَ، فَجَعَلَهُنَّ سَوَاءً.

وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ; لِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفَرَضَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، فَأَلْحَقَهُمَا بِأَبِيهِمَا ; لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ، فَرَضْتَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَفَرَضْتَ لِي ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَمَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لَكَ، وَمَا كَانَ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِي؟! فَقَالَ: إِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبِيكَ، وَهُوَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكَ.

وَفَرَضَ لِأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: زِيدُوهُ أَلْفًا، أَوْ قَالَ: زِدْهُ أَلْفًا يَا غُلَامُ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لِأَيِّ شَيْءٍ تُزِيدُهُ عَلَيْنَا؟ مَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا كَانَ لِآبَائِنَا؟.

قَالَ: فَرَضْتُ لَهُ بِأَبِي سَلَمَةَ أَلْفَيْنِ، وَزِدْتُهُ بِأُمِّ سَلَمَةَ أَلْفًا، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ أُمٌّ مِثْلُ أُمِّ سَلَمَةَ، زِدْتُكَ أَلْفًا. وَفَرَضَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - يَعْنِي: عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - ثَمَانِمِائَةٍ، وَفَرَضَ لِلنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: جَاءَكَ ابْنُ عُثْمَانَ مِثْلُهُ، فَفَرَضْتَ لَهُ ثَمَانِمِائَةٍ، وَجَاءَكَ غُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَفَرَضْتَ لَهُ فِي أَلْفَيْنِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَقِيتُ أَبَا هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَسَأَلَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ قُتِلَ. فَسَلَّ سَيْفَهُ وَسَدَّدَ

ص: 4

زَنْدَهُ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قُتِلَ، فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَقَالَ: هَذَا يَرْعَى الْغَنَمَ، تُرِيدُونَ جَعْلَهُمَا سَوَاءً؟!.

فَعَمِلَ عُمَرُ عُمْرَهُ بِهَذَا حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّنَةُ الَّتِي حَجَّ فِيهَا، قَالَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ: لَوْ قَدْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَقَمْنَا فُلَانًا - يَعْنُونَ: طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ - قَالُوا: وَكَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً، فَأَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِمِنًى، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا الْمَجْلِسَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ غَوْغَاءُ النَّاسِ، وَهُمْ لَا يَحْمِلُونَ، فَأَمْهِلْ أَوْ أَخِّرْ حَتَّى نَأْتِيَ أَرْضَ الْهِجْرَةِ حَيْثُ أَصْحَابُكَ، وَدَارُ الْإِيمَانِ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَتُكَلِّمَ بِكَلَامِكَ - أَوْ فَتَتَكَلَّمَ - فَيَحْتَمِلُ كَلَامُكَ.

قَالَ: فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي مَقَالَةُ قَائِلِكُمْ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ، أَوْ قَدْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَقَمْنَا فُلَانًا، فَبَايَعْنَاهُ، وَكَانَتْ إِمْرَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً.

أَجَلْ وَاللَّهِ، لَقَدْ كَانَتْ فَلْتَةً، وَمِنْ أَيْنَ لَنَا مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ؟ نَمُدُّ أَعْنَاقَنَا إِلَيْهِ، كَمَا نَمُدُّ أَعْنَاقَنَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَأَى رَأْيًا، وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَ بِالسَّوِيَّةِ، وَرَأَيْتُ أَنَا أَنْ أُفَضِّلَ ; فَإِنْ أَعِشْ إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ فَسَأَرْجِعُ إِلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ، فَرَأْيُهُ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِي.

إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا، وَمَا أَرَى ذَلِكَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلِي، رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ، فَاسْتَعْبَرْتُ أَسْمَاءَ، فَقَالَتْ: يَقْتُلُكَ عَبْدٌ أَعْجَمِيٌّ، فَإِنْ أَهْلَكْ فَأَمْرُكُمْ إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، فَإِنْ عِشْتُ فَسَأَعْهَدُ عَهْدًا لَا تَهْلِكُوا.

أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ، قَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولُوا

ص: 5

كَتَبَ عُمَرُ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لِكَتَبْتُهُ، ثُمَّ قَرَأَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

نَظَرْتُ إِلَى الْعَمَّةِ وَابْنَةِ الْأَخِ، فَمَا جَعَلْتُهُمَا وَارِثَيْنِ وَلَا يَرِثَانِ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأَفْتَحُ لَكُمْ مِنْهُ طَرِيقًا تَعْرِفُونَهُ، وَإِنْ أَهْلَكْ فَاللَّهُ خَلِيفَتِي، وَتَخْتَارُونَ رَأْيَكُمْ. إِنِّي قَدْ دَوَّنْتُ الدِّيوَانَ، وَمَصَرْتُ الْأَمْصَارَ، وَإِنَّمَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ أَحَدَ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ يُؤَوِّلُ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ يَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْ صَاحِبِهِ، فَيُقَاتِلُ عَلَيْهِ.

تَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَاتَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ. قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ ضَعِيفٌ يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ.

9773 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانَا نَصِيبًا مِنْ خَيْبَرَ» ، وَأَعْطَانَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَكَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ، أَرْسَلَ إِلَيْنَا ثُمَّ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرُوا عَلَيَّ، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ مَكَانَ نَصِيبِكُمْ مِنْ خَيْبَرَ مَالًا؟ فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَقُلْنَا: نَعَمْ.

فَطُعِنَ عُمَرُ، وَلَمْ يُعْطِنَا شَيْئًا، فَأَخَذَهَا عُثْمَانُ فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَنَا، وَقَالَ: قَدْ كَانَ عُمَرُ أَخَذَهَا مِنْكُمْ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9774 -

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ دُرْجًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَعْرِفُوا قِيمَتَهُ، فَقَالَ: أَتَأْذَنُونَ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، لِحُبِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا؟ قَالُوا: نَعَمْ.

فَأَتَى بِهِ عَائِشَةَ، فَفَتَحَتْهُ، فَقِيلَ: هَذَا أَرْسَلَ بِهِ إِلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقَالَتْ: مَاذَا فُتِحَ عَلَى ابْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ اللَّهُمَّ لَا تُبْقِنِي لِعَطِيَّتِهِ قَابِلُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي الْكَبِيرِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9775 -

وَعَنْ مَخْلَدٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ شَهِدُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا، فَكَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِمْ أَلْفًا لِكُلِّ رَجُلٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ.

9776 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَرَضَ لِلنِّسَاءِ الْمُهَاجِرَاتِ فِي أَلْفِ أَلْفٍ، مِنْهُنَّ: أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ فِيمَا أَظُنُّ.

9777 -

وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَفْرِضُ لِأَحَدٍ لَا يَبْلُغُ الْحُلُمَ إِلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَكَانَ لَا يَفْرِضُ لِمَوْلُودٍ حَتَّى يُفْطَمَ، فَبَيْنَا هُوَ يَطُوفُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِالْمُصَلَّى فَسَمِعَ بُكَاءَ صَبِيٍّ، فَقَالَ لِأُمِّهِ: أَرْضِعِيهِ.

ص: 6

فَقَالَتْ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَفْرِضُ لِمَوْلُودٍ حَتَّى يُفْطَمَ، وَإِنِّي فَطَمْتُهُ.

فَقَالَ عُمَرُ: كِدْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ، أَرْضِعِيهِ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَوْفَ يَفْرِضُ لَهُ، ثُمَّ فَرَضَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِلْمَوْلُودِ حِينَ يُولَدُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ الرَّضْخِ لِلنِّسَاءِ]

9778 -

عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ لِسَهْلَةَ بِنْتِ عَاصِمٍ، وَلِابْنَةٍ لَهَا وُلِدَتْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

9779 -

وَعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّةِ ; «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا بِخَيْبَرَ خَمْسِينَ وَسْقًا تَمْرًا، وَعِشْرِينَ وَسْقًا شَعِيرًا بِالْمَدِينَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ النَّفْلِ]

9780 -

عَنْ أَبِي مُوسَى، «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُنَفِّلُ فِي مَغَازِيهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9781 -

وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«نَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْلًا سِوَى نَصِيبٍ مِنَ الْخُمْسِ، فَأَصَابَنِي شَارِفٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَسْوَارِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9782 -

وَعَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: وَلَا تَحِلُّ غَنِيمَةٌ حَتَّى تُقْسَمَ، وَلَا نَفْلٌ حَتَّى يُقْسَمَ لِلنَّاسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ خَرَاجِ الْأَرْضِ]

9783 -

عَنْ مُعَاذٍ - يَعْنِي: ابْنَ جَبَلٍ - قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قُرًى عَرَبِيَّةٍ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ حَظَّ الْأَرْضِ.» قَالَ سُفْيَانُ: حَظُّ الْأَرْضِ: الثُّلُثُ وَالرُّبْعُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَا يُقْطَعُ مِنَ الْأَرَاضِي وَالْمِيَاهِ]

9784 -

عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُبْ لِي

ص: 7

بِكَذَا وَكَذَا لِأَرْضٍ مِنَ الشَّامِ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَلَا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ هَذَا؟ " فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَظْهَرَنَّ عَلَيْهَا. قَالَ: فَكَتَبَ لِي بِهَا -» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9785 -

وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: «اسْتَقْطَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْضًا بِالشَّامِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ، فَأَعْطَانِيهَا، فَفَتَحَهَا عُمَرُ فِي زَمَانِهِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي أَرْضًا مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، فَجَعَلَ عُمَرُ ثُلُثَهَا لِابْنِ السَّبِيلِ، وَثُلُثًا لِعُمَّارِيهَا، وَثُلُثًا لَنَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9786 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ; «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ الْمَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةَ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا، وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَدْ حَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ.

9787 -

وَعَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ ; «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهُ هَذِهِ الْقَطِيعَةَ، وَكَتَبَ لَهُ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ، أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، غَوْرِيَّهَا وَجَلْسِيَّهَا، عُشْبَةٌ وَذَاتُ النُّصُبِ، وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ إِنْ كَانَ صَادِقًا» . وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9788 -

وَعَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ ; «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ لَهُ الْعَقِيقَ [كُلَّهُ]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9789 -

وَعَنْ أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ ; «أَنَّهُمْ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ سِتَّةُ نَفَرٍ: أَوْسُ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ سَوَادَانَ بْنِ جُذَيْمَةَ بْنِ ذَرَّاعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدَّارِ، وَأَخُوهُ: تَمِيمُ بْنُ أَوْسٍ، وَيَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَبُو هِنْدٍ [ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخُوهُ الطَّيِّبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَفَاكِهَ بْنَ] النُّعْمَانِ، فَأَسْلَمُوا، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" سَلُوا حَيْثُ أَحْبَبْتُمْ ".

فَنَهَضُوا مِنْ عِنْدِهِ يَتَشَاوَرُونَ فِي مَوْضِعٍ يَسْأَلُونَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ تَمِيمٌ: أَرَى أَنْ نَسْأَلَهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَكَوْرَتَهَا، فَقَالَ أَبُو هِنْدٍ: أَرَأَيْتَ مَلِكَ الْعَجَمِ الْيَوْمَ، أَلَيْسَ هُوَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ قَالَ تَمِيمٌ: نَعَمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زِيَادُ بْنُ سَعِيدٍ (*)، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9790 -

وَعَنْ حُصَيْنِ بْنِ مُشَمِّتِ ; «أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَهُ بَيْعَةَ الْإِسْلَامِ، وَصَدَّقَ إِلَيْهِ صَدَقَةَ مَالِهِ، وَأَقْطَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِيَاهًا عِدَّةً بِالْمَرْوَثِ، وَإِسْنَادُ حِرَادٍ مِنْهَا أُصَيْهِبُ، وَمِنْهَا الْمَاعِزَةُ، وَمِنْهَا أَهْوَادٍ، وَمِنْهَا الْمِهَادُ، وَمِنْهَا السَّدِيرَةُ

(*) 21 - جاء في "المجمع"(6/ 8): زياد بن سعيد.

قلت: صوابه "سعيد بن زياد" كما في "الميزان"(2/ 138) حيث ساق حديث المجمع.

ص: 8

وَشَرَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حُصَيْنِ بْنِ مُشَمِّتٍ فِيمَا أَقْطَعَ لَهُ أَنْ لَا يَعْقِرَ مَرْعَاهُ، وَلَا يُبَاعَ مَاؤُهُ، وَلَا يَمْنَعَ فَضْلَهُ. فَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ حُصَيْنٍ شِعْرًا:

إِنَّ بِلَادِي لَمْ تَكُنْ أَمْلَاسًا

بِهِنَّ خَطُّ الْقَلَمِ الْأَنْقَاسَا

مِنَ النَّبِيِّ حَيْثُ أَعْطَى النَّاسَا

فَلَمْ يَدَعْ لَبْسًا وَلَا الْتِبَاسَا»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9791 -

وَعَنْ أَوْفَى بْنِ مَوَلَةَ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَقْطَعَنِي الْعَمِيمَ، وَشَرَطَ عَلَيَّ ابْنَ السَّبِيلِ أَوَّلَ رَيَّانٍ.

وَأَقْطَعَ سَاعِدَةَ - رَجُلًا مِنَّا - بِئْرًا بِالْفَلَاةِ، يُقَالُ لَهَا: الْجَعُوبِيَّةُ، وَهِيَ بِئْرٌ يُخَبَّأُ فِيهَا الْمَالُ، وَلَيْسَتْ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ.

وَأَقْطَعَ أُنَاسًا مُعَادَةَ الْعُرَى، وَهِيَ دُونَ الْيَمَامَةِ. وَكُنَّا أَتَيْنَاهُ جَمِيعًا، وَكَتَبَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا بِذَلِكَ فِي أَدِيمٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9792 -

وَعَنْ رُزَيْنِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا ظَهَرَ الْإِسْلَامُ، وَلَنَا بِئْرٌ بِالدَّنِينَةِ خِفْنَا أَنْ يَغْلِبَنَا عَلَيْهَا مَنْ حَوْلَنَا قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ قَالَ: فَكَتَبَ لَنَا كِتَابًا: " مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ لَهُمْ بِئْرَهُمْ، إِنْ كَانَ صَادِقًا ".

قَالَ: فَمَا قَاضَيْنَا فِيهِ إِلَى أَحَدٍ مِنْ قُضَاةِ الْمَدِينَةِ، إِلَّا قَضَوْا لَنَا بِهِ، وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكُونُ، وَزَعَمَ أَنَّهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ فَهْدُ بْنُ عَوْفٍ أَبُو رَبِيعَةَ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

9793 -

وَعَنْ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ جَدَّتِهِ - وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ -:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهَا بِئْرًا بِالْعَقِيقِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو السَّائِبِ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: مَجْهُولٌ.

9794 -

وَعَنْ عُتَيْرٍ الْعُذْرِيِّ «أَنَّهُ اسْتَقْطَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْضًا بِوَادِي الْقُرَى، فَهِيَ تُسَمَّى الْيَوْمَ بُوَيْرَةَ عُتَيْرٍ. قَالَ: وَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ نَزَلَ تَبُوكًا صَلَّى بِوَادِي الْقُرَى» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سُلَيْمُ بْنُ مُطَيْرٍ أَبُو حَاتَمٍ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

9795 -

وَعَنْ مُجَّاعَةَ قَالَ: «أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُجَّاعَةَ بْنَ مَرَارَةَ مِنْ بَنِي سُلْمَى أَرْضًا بِالْيَمَامَةِ، يُقَالُ لَهَا: الْعَوْزَةُ قَالَ: وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا: " مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُجَّاعَةَ بْنِ مَرَارَةَ مِنْ بَنِي سُلْمَى: إِنِّي أَعْطَيْتُكَ الْعَوْزَةَ، فَمَنْ خَالَفَنِي فِيهَا فَالنَّارَ ". وَكَتَبَ يَزِيدُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9796 -

وَعَنْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ ; «أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ حَبِيبِ بْنِ أَزْهَرَ أَخِي بَنِي خَبَّابٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ النِّسَاءَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَانْتَزَعَ بَنَاتَهَا مِنْهَا أَيُّوبُ بْنُ أَزْهَرَ عَمُّهُنَّ، فَخَرَجَتْ تَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ] فَبَكَتْ جُوَيْرِيَّةُ مِنْهُنَّ حُدَيْبَاءُ، قَدْ كَانَتْ أَخَذَتْهَا الْفُرْصَةُ، وَهِيَ أَصْغَرُهُنَّ، عَلَيْهَا سَبِيجٌ لَهَا مِنْ صُوفٍ، فَاحْتَمَلَتْهَا مَعَهَا،

ص: 9

فَبَيْنَمَا هُمَا يَرْتِكَانِ الْجَمَلَ انْتَفَجَتِ الْأَرْنَبُ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ الْقَضِيَّةُ: لَا وَاللَّهِ، لَا تَزَالُ كَعْبُكَ أَعْلَى مِنْ كَعْبِ أَيُّوبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبَدًا.

ثُمَّ سَنَحَ الثَّعْلَبُ فَسَمَّتْهُ أَسْمَاءُ غَيْرَ الثَّعْلَبِ - نَسِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ - ثُمَّ قَالَتْ مَا قَالَتْ فِي الْأَرْنَبِ، فَبَيْنَمَا هُمَا يَرْتِكَانِ إِذْ بَرَكَ الْجَمَلُ، وَأَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ الْقَضِيَّةُ: أَدْرَكْتُ وَاللَّهِ أَخَذَهُ أَيُّوبُ.

فَقُلْتُ: وَاضْطَرَبَ إِلَيْهَا، وَيْحَكِ مَا أَصْنَعُ؟ قَالَتْ: قَلِّبِي ثِيَابَكِ ظُهُورَهَا بُطُونَهَا، وَتَدَحْرَجِي ظَهْرَكِ لِبَطْنِكِ، وَقَلِّبِي أَحْلَاسَ جَمَلِكِ، ثُمَّ خَلَعَتْ سَبِيجَهَا فَقَلَبَتْهُ، وَتَدَحْرَجَتْ ظَهْرَهَا لِبَطْنِهَا، فَلَمَّا فَعَلْتُ مَا أَمَرَتْنِي بِهِ، انْتَفَضَ الْجَمَلُ ثُمَّ قَامَ فَتَفَاجَّ، وَقَالَ: فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ: أَعِيدِي عَلَيْكِ أَدَاتَكِ. فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَتْنِي بِهِ فَأَعَدْتُهَا.

ثُمَّ خَرَجْنَا نَرْتِكُ، فَإِذَا أَيُّوبُ يَسْعَى عَلَى أَثَرِنَا بِالسَّيْفِ صَلْتًا، فَوَأَلْنَا إِلَى حِوَاءٍ ضَخْمٍ، قَدْ أُرَاهُ حَتَّى أَلْقَى الْجَمَلَ إِلَى الْبَيْتِ الْأَوْسَطِ جَمَلٌ ذَلُولٌ، فَاقْتَحَمْتُ دَاخِلَهُ بِالْجَارِيَةِ، وَأَدْرَكَنِي بِالسَّيْفِ، فَأَصَابَتْ ظَبْيَتُهُ طَائِفَةً مِنْ قُرُونِ رَأْسِي، وَقَالَ: أَلْقِي إِلَيَّ بِنْتَ أَخِي يَا دَفَارُ. فَرَمَيْتُ بِهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَهَا عَلَى مَنْكَبِهِ فَذَهَبَ بِهَا، وَكُنْتُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَمَضَيْتُ إِلَى أُخْتٍ لِي نَاكِحٍ فِي بَنِي شَيْبَانَ أَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ.

فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهَا ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي تَحْسَبُ عَيْنَيَّ نَائِمَةً، جَاءَ زَوْجُهَا مِنَ الشَّامِ فَقَالَ: وَأَبِيكِ، لَقَدْ وَجَدْتُ لِقَيْلَةَ صَاحِبًا، صَاحِبُ صِدْقٍ، قَالَتْ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانَ الشَّيْبَانِيُّ، وَافِدُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَا صَبَاحٍ.

قَالَتْ أُخْتِي: الْوَيْلُ لِي لَا تُسْمِعْ [بِهَذَا] أُخْتِي، فَتَخْرُجَ مَعَ أَخِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ بَيْنَ سَمْعِ الْأَرْضِ وَبَصَرِهَا لَيْسَ مَعَهَا مِنْ قَوْمِهَا رَجُلٌ، فَقَالَ: لَا تَذْكُرِيهِ لَهَا، فَإِنِّي غَيْرُ ذَاكِرِهِ لَهَا. فَسَمِعَتْ مَا قَالَا، فَغَدَوْتُ فَشَدَدْتُ عَلَيَّ جَمَلِي فَوَجَدْتُهُ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَسَأَلْتُهُ الصُّحْبَةَ. فَقَالَ: نَعَمْ، وَكَرَامَةً، وَرِكَابُهُ مُنَاخَهُ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ صَاحِبَ صِدْقٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ.

وَقَدْ أُقِيمَتْ حِينَ شَقَّ الْفَجْرُ وَالنُّجُومُ شَابِكَةٌ فِي السَّمَاءِ، وَالرِّجَالُ لَا تَكَادُ تُعْرَفُ مِنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَصَفَفْتُ مَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ فَقَالَ لِي الرَّجُلُ الَّذِي يَلِينِي فِي الصَّفِّ: امْرَأَةٌ أَنْتِ أَمْ رَجُلٍ؟ فَقُلْتُ: لَا بَلِ امْرَأَةٌ. فَقَالَ: إِنَّكِ قَدْ كِدْتِ تَفْتِنِينِي، فَصَلِّي فِي صَفِّ النِّسَاءِ وَرَاءَكِ، وَإِذَا صَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ قَدْ حَدَثَ عِنْدَ الْحُجُرَاتِ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ حِينَ دَخَلْتُ، فَكُنْتُ فِيهِ حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ دَنَوْتُ.

فَإِذَا رَأَيْتُ رَجُلًا

ص: 10

ذَا رِوَاءٍ وَذَا بَشَرٍ طَمَحَ إِلَيْهِ بَصَرِي، لِأَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ النَّاسِ، حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَمَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " وَعَلَيْهِ أَسْمَالُ حِلْيَتَيْنِ قَدْ كَانَتَا بِزَعْفَرَانٍ، وَقَدْ نُفِّضَتَا، وَبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلٍ مَقْشُوٌّ غَيْرَ خُوصَتَيْنِ مِنْ أَعْلَاهُ، قَاعِدًا الْقُرْفُصَاءَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَخَشِّعَ فِي الْجِلْسَةِ، أَرْعَدْتُ مِنَ الْفَرْقِ، فَقَالَ لَهُ جَلِيسُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْعَدَتِ الْمِسْكِينَةُ.

فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ وَأَنَا عِنْدَ ظَهْرِهِ: " يَا مِسْكِينَةُ، عَلَيْكِ السَّكِينَةُ " فَلَمَّا قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي مَا كَانَ دَخَلَ فِي قَلْبِي مِنَ الرُّعْبِ، فَتَقَدَّمَ صَاحِبِي أَوَّلُ رَجُلٍ حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانَ فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَعَلَى قَوْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ بِالدَّهْنَاءِ لَا يُجَاوِزُهَا إِلَيْنَا مِنْهُمْ إِلَّا مُسَافِرٌ أَوْ مُجَاوِرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اكْتُبْ لَهُ بِالدَّهْنَاءِ يَا غُلَامُ ".

فَلَمَّا رَأَيْتُهُ شَخَصَ لِي، وَهِيَ وَطَنِي وَدَارِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يَسْلُكِ السَّوِيَّةَ مِنَ الْأَمْرِ إِذْ سَلَكَ، إِنَّمَا هَذِهِ الدَّهْنَاءُ عِنْدَ مَقِيلِ الْجَمَلِ، وَمَرْعَى الْغَنَمِ، وَنِسَاءُ بَنِي تَمِيمٍ وَأَبْنَاؤُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَقَالَ:" أَمْسِكْ يَا غُلَامُ، صَدَقَتِ الْمِسْكِينَةُ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ يَسَعُهُمَا الْمَاءُ وَالشَّجَرُ، وَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى الْفَتَّانِ ".

فَلَمَّا رَأَى حُرَيْثٌ أَنْ قَدْ حِيلَ دُونَ كِتَابِهِ، ضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ كَمَا قَالَ: حَتْفُهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلَافِهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ، مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَدَلِيلًا فِي الظَّلْمَاءِ، مِدْوَلًا لَدَى الرَّحْلِ، عَفِيفًا عَنِ الرَّفِيقَةِ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ لَا تَلُمْنِي عَلَى أَنْ أَسْأَلَ حَظِّي إِذْ سَأَلْتَ حَظَّكَ، قَالَ: وَمَا حَظُّكِ فِي الدَّهْنَاءِ لَا أَبَا لَكِ؟ قُلْتُ: مَقِيلُ جَمَلِي تَسْأَلُهُ لِجَمَلِ امْرَأَتِكَ. قَالَ: لَا جَرَمَ، أُشْهِدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي لَكِ أَخٌ وَصَاحِبٌ مَا حَيِيتُ، إِذَا ثَنَّيْتُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُ، قُلْتُ: إِذْ بَدَأْتُهَا فَلَنْ أُضَيِّعَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيُلَامُ ابْنُ هَذِهِ أَنْ يُفَصِّلَ الْخِطَّةَ، وَيَنْصُرَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ؟ ".

فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ، وَلَدْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَرَامًا، فَقَاتَلَ مَعَكَ يَوْمَ الرِّبْذَةِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِمِيرَتِي مِنْ خَيْبَرَ، فَأَصَابَتْهُ حُمَّاهَا فَمَاتَ، فَتَرَكَ عَلِيَّ النِّسَاءَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تَكُونِي مِسْكِينَةً لَجَرَرْنَاكِ عَلَى وَجْهِكِ - أَوْ لَجُرِرْتِ عَلَى وَجْهِكِ - شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ أَيُّ الْحَرْفَيْنِ حَدَّثَتْهُ الْمَرْأَتَانِ - أَتَغْلِبُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تُصَاحِبَ صُوَيْحِبَهُ فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا؟ فَإِذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ

ص: 11

اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: رَبِّ آسِنِّي لِمَا أَمْضَيْتَ، فَأَعِنِّي عَلَى مَا أَبْقَيْتَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَبْكِي فَيَسْتَعْبِرُ لَهُ صُوَيْحِبُهُ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لَا تُعَذِّبُوا مَوْتَاكُمْ ". ثُمَّ كَتَبَ لَهَا فِي قِطْعَةِ أَدِيمٍ أَحْمَرَ: " لِقَيْلَةَ وَالنِّسْوَةِ مِنْ بَنَاتِ قَيْلَةَ لَا يُظْلَمْنَ حَقًّا، وَلَا يُكْرَهْنَ عَلَى مُنْكِحٍ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمٍ لَهُنَّ نَصِيرٌ، أَحْسِنَّ وَلَا تُسِئْنَ».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ: فَسَّرَهُ لَنَا ابْنُ عَائِشَةَ، فَقَالَ: الْفُرْصَةُ: ذَاتُ الْحَدَبِ، وَالْفُرْصَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمِسْكِ، وَالْفُرْصَةُ: الدَّوْلَةُ، انْتَهِزْ فُرْصَتَكَ، أَيْ: دَوْلَتَكَ.

السَّبِيجُ: سَمَلُ كِسَاءٍ. الرَّتَكَانُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ. الِانْتِفَاجُ: السَّعْيُ. شَنَحَ: أَيْ وَلَّاكَ مَيَامِنَهُ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَجْعَلُ مَيَاسِرَهُ، وَهُمْ يَتَطَيَّرُونَ بِأَحَدِهِمَا وَيَتَفَاءَلُونَ بِالْآخَرِ. تَفَاجَّ: تَفَتَّحَ. فَوَأَلْنَا: أَيْ لَجَأْنَا إِلَى حِوَاءٍ. يَا دَفَارُ: يَا مُنْتِنَةُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي الدُّنْيَا: أُمُّ دَفْرٍ لِنَتِنِهَا. ثُمَّ سَدَّتْ عَنْهُ: اسْتَخْبَرَتْ عَنْهُ. الْمَقْشُوُّ: الْمَقْشُورُ. الْفَتَّانُ: الشَّيَاطِينُ وَأَحَدُهَا فَاتِنٌ.

" حَتْفُهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلَافِهَا ": مَثَلٌ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ فِي شَاةٍ بَحَثَتْ بِأَظْلَافِهَا فِي الْأَرْضِ، فَأَظْهَرَتْ مُدْيَةً، فَذُبِحَتْ بِهَا، فَصَارَ مَثَلًا.

الْقَضِيَّةُ: انْقِضَاءُ الْأُمُورِ. شَخَصَ: أَيِ ارْتَفَعَ بَصَرِي. فَكَسْرًا: مِنْ إِكْسَارِ مَا سَمِعَتْ. آسِنِّي: أَيِ اجْعَلْ لِي أُسْوَةً بِمَا تَعِظُنِي بِهِ، قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:

فَقُلْتُ لَهَا طُولَ الْأَسَى إِذْ سَأَلَتْنِي

وَلَوْعَةُ حُزْنٍ تَتْرُكُ الْوَجْهَ أَسْفَعَا.

أَسَفَعُ: أَيْ أَسْوَدُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجِزْيَةِ]

9797 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ الْمَجُوسِيُّ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَهُ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالْقَتْلِ، فَاخْتَارَ الْجِزْيَةَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ.

9798 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ الْمَجُوسُ لَهُمْ كِتَابٌ يَقْرَؤُونَهُ، وَعِلْمٌ يَدْرُسُونَهُ، فَزَنَى إِمَامُهُمْ، فَأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَيْسَ آدَمُ كَانَ يُزَوِّجُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ؟ فَلَمْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَرُفِعَ الْكِتَابُ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَنَا» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9799 -

وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَأَنَّ عُمَرَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ، وَأَخَذَهَا عُثْمَانُ مِنْ بَرْبَرَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ،

ص: 12

وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9800 -

وَعَنِ مُسْلِمِ بْنِ الْعَلَاءِ الْحَضَرْمِيِّ قَالَ: «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا عَهَدَ إِلَى الْعَلَاءِ حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ قَالَ: " وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ جَهِلَ الْفَرْضَ وَالسُّنَنَ، وَيَحِلُّ لَهُ مَا سِوَى ذَلِكَ ". وَكَتَبَ لِلْعَلَاءِ: " أَنْ سُنُّوا بِالْمَجُوسِ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9801 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَسْلَمَ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

[بَابُ الْقِتَالِ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

9802 -

عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُقَاتِلُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، إِلَّا عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَا يَنْقُضُ عَهْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

9803 -

عَنْ غُرْفَةَ بْنِ الْحَارِثِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَقَاتَلَ مَعَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ بِالْيَمَنِ فِي الرِّدَّةِ - أَنَّهُ مَرَّ بِنَصْرَانِيٍّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدِقُونَ، فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَذَكَرَ النَّصْرَانِيُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَتَنَاوَلَهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ أَعْطَيْنَاهُمُ الْعَهْدَ، فَقَالَ عَرَفَةُ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَكُونَ أَعْطَيْنَاهُمُ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ عَلَى أَنْ يُؤْذُونَا فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِنَّمَا أَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يُخَلَّى بَيْنَنَا وَبَيْنَ كَنَائِسِهِمْ، يَقُولُونَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُمْ، وَأَنْ لَا نُحَمِّلَهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، وَأَنْ نُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَحْكَامِهِمْ، إِلَّا أَنْ يَأْتُونَا فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَقَالَ عَمْرٌو: صَدَقْتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ اللَّيْثِ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9804 -

وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ; أَنَّهُ أَبْصَرَ نَصْرَانِيًّا يَسُوقُ بِامْرَأَةٍ، فَنَخَسَ بِهَا فَصُرِعَتْ، فَتَحَلَّلَهَا، فَضَرَبْتُهُ بِخَشَبَةٍ مَعِي فَشَجَجْتُهُ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، فَقُلْتُ: أَجِرْنِي مِنْ عَمْرٍو، وَخَشِيتُ عَجَلَتَهُ، فَأَتَى عَمْرًا فَأَخْبَرَهُ، فَجَمَعَ بَيْنَنَا، فَلَمْ يَزَلْ بِالنَّصْرَانِيِّ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ لَهُ بِخَشَبَةٍ فَنُحِتَتْ، ثُمَّ قَالَ: لِهَؤُلَاءِ عَهْدٌ، فَفُوا لَهُمْ بِعَهْدٍ مَا وَفَوْا لَكُمْ، فَإِذَا بَدَّلُوا فَلَا عَهْدَ لَهُمْ. وَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[كِتَابُ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ]

[بَابُ عُلُوِّ الْإِسْلَامِ عَلَى كُلِّ دِينٍ خَالَفَهُ وَظُهُورِهِ عَلَيْهِ]

‌25 - كِتَابُ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ

.

ص: 13

25 -

1 - (بَابُ عُلُوِّ الْإِسْلَامِ عَلَى كُلِّ دِينٍ خَالَفَهُ وَظُهُورِهِ عَلَيْهِ)

9805 -

عَنْ زِيَادِ بْنِ جَهْوَرٍ قَالَ: «وَرَدَ عَلَيَّ كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى زِيَادِ بْنِ جَهْوَرٍ سِلْمٌ أَنْتَ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَلْيُوضَعَنَّ كُلُّ دِينٍ دَانَ بِهِ النَّاسُ إِلَّا الْإِسْلَامَ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9806 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَظْهَرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الرُّومِ، وَيَظْهَرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى فَارِسَ، وَيَظْهَرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ.

9807 -

وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لِيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ يُعَزُّ عَزِيزٌ أَوْ يُذَلُّ ذَلِيلٌ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ ".

وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ: قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِيَ، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9808 -

وَعَنْ مِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ يُعَزُّ عَزِيزٌ أَوْ يُذَلُّ ذَلِيلٌ، إِمَّا يُعِزُّهُمْ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهِمْ، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهُمْ ". إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " إِمَّا يُعِزُّهُمْ فَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ» . وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ تَبْلِيغِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا أُرْسِلَ بِهِ وَصَبْرِهِ عَلَى ذَلِكَ]

9809 -

عَنْ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ يَأْتِينَا فِي أَفْنِيَتِنَا، وَفِي نَادِينَا، فَيُسْمِعُنَا مَا يُؤْذِينَا بِهِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَكُفَّهُ

ص: 14

عَنَّا فَافْعَلْ. فَقَالَ لِي: يَا عَقِيلُ، الْتَمَسْ لِي ابْنَ عَمِّكَ، فَأَخْرَجْتُهُ مِنْ كِبْسٍ مِنْ أَكْبَاسِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي مَعِي يَطْلُبُ الْفَيْءَ يَمْشِي فِيهِ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لِي لَمُطَاعًا، وَقَدْ جَاءَ قَوْمُكَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَأْتِيهِمْ فِي كَعْبَتِهِمْ، وَفِي نَادِيهِمْ تُسْمِعُهُمْ مَا يُؤْذِيهِمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَكُفَّ عَنْهُمْ. فَحَلَّقَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ:" وَاللَّهِ مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ مَا بُعِثْتُ بِهِ مِنْ أَنْ يُشْعِلَ أَحَدُكُمْ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ ".

فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَ ابْنُ أَخِي قَطُّ، ارْجِعُوا رَاشِدِينَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَنْ جَلْسٍ، مَكَانَ: كِبْسٍ. وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ يَسِيرٍ مِنْ أَوَّلِهِ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9810 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَافَّةً عَنِّي حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9811 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ تَحَيَّنُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا أَسْرَعَ مَا وَجَدْتُ فَقْدَكَ يَا عَمِّ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ شَخْصٍ لَقِيَ ابْنَ سَعِيدٍ الرَّازِيَّ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ، وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9812 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قُلْتُ لَهُ: «مَا أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا أَصَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَتْ تُظْهِرُ مِنْ عَدَاوَتِهِ؟. قَالَ: حَضَرْتُهُمْ، وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ فَذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ، سَفَّهَ أَحْلَامَنَا، وَشَتَمَ آبَاءَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَسَبَّ آلِهَتَنَا، لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ. أَوْ كَمَا قَالُوا.

قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ بِبَعْضِ مَا يَقُولُ قَالَ: فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. ثُمَّ مَضَى، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ مَضَى، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّالِثَةَ، فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَقَالَ:" أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ ". فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَصَاةً قَبْلَ ذَلِكَ، لَيَرْفَؤُهُ بِأَحْسَنَ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ،

ص: 15

انْصَرِفْ رَاشِدًا، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ جَهُولًا. فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ، وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا بَادَأَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَطَافُوا بِهِ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمْ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ، أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ ". قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ دُونَهُ، يَقُولُ: وَهُوَ يَبْكِي: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَأَشَدُّ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ.» قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ إِسْحَاقُ بِالسَّمَاعِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9813 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا أَرَادُوا قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يَوْمًا ائْتَمَرُوا بِهِ، وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَجَعَلَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ جَذَبَهُ حَتَّى وَجَبَ لِرُكْبَتَيْهِ، وَتَصَايَحَ النَّاسُ، وَظَنُّوا أَنَّهُ مَقْتُولٌ قَالَ: وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ يَشْتَدُّ حَتَّى أَخَذَ بِضَبْعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرَائِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ انْصَرَفُوا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ مَرَّ بِهِمْ، وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ إِلَّا بِالذَّبْحِ ". وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ مَا كُنْتَ جَهُولًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ مِنْهُمْ "» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9814 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ; «أَنَّهُمْ قَالُوا لَهَا: مَا أَشَدُّ مَا رَأَيْتِ الْمُشْرِكِينَ بَلَغُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ قَعَدُوا فِي الْمَسْجِدِ يَتَذَاكَرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا يَقُولُ فِي آلِهَتِهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامُوا إِلَيْهِ بِأَجْمَعِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالُوا: أَدْرِكْ صَاحِبَكَ! فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا، وَإِنَّ لَهُ لَغَدَائِرَ أَرْبَعًا، وَهُوَ يَقُولُ: وَيْلَكُمُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ فَلَهُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 16

- صلى الله عليه وسلم وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَرَجَعَ إِلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، فَجَعْلَ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ غَدَائِرِهِ إِلَّا جَاءَ مَعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ تَدْرُوسُ جَدُّ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9815 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَقَدْ ضَرَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ يُنَادِي: وَيْلَكُمُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ؟! فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: أَبُو بَكْرٍ الْمَجْنُونُ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَزَادَ: فَتَرَكُوهُ، وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ. وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9816 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنْتُ غُلَامًا يَافِعًا أَرْعَى غَنَمًا لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَقَدْ فَرَّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَا: " يَا غُلَامُ، هَلْ عِنْدَكَ مِنْ لَبَنٍ تَسْقِينَا؟ ". قُلْتُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ، وَلَسْتُ بِسَاقِيكُمَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9817 -

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: «جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ يَوْمًا، وَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ وَاسْتَمَعْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: طُوبَى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْتَ. فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا يَحْمِلُ الرَّجُلَ أَنْ يَتَمَنَّى مَحْضَرًا غَيَّبَهُ اللَّهُ عَنْهُ، لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ فِيهِ؟! وَاللَّهِ، لَقَدْ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْوَامٌ كَبَّهُمُ اللَّهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، لَمْ يُجِيبُوهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، أَلَا يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى، أَحَدُكُمُ أَنْ لَا تَعْرِفُوا إِلَّا رَبَّكُمْ مُصَدِّقِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ، فَقَدْ كُفِيتُمُ الْبَلَاءَ بِغَيْرِكُمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي فِطْرَةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ، لَمْ يَرَوْا أَنَّ دِينًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَرَى وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ أَخَاهُ كَافِرًا، وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى قُفْلَ قَلْبِهِ لِلْإِيمَانِ، لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: هَلَكَ مَنْ دَخْلَ النَّارَ، فَلَا تَقَرُّ عَيْنُهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ حَمِيمَهُ فِي النَّارِ، وَأَنَّهَا الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ فِي أَحَدِهَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَثَّقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9818 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَشَيْبَةُ، وَعُتْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَرَجُلَانِ آخَرَانِ كَانُوا سَبْعَةً، وَهُمْ فِي الْحِجْرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَلَمَّا سَجَدَ أَطَالَ السُّجُودَ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَأْتِي جَزُورَ

ص: 17

بَنِي فُلَانٍ، فَيَأْتِينَا بِفَرْثِهَا، فَيُلْقِيهِ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقَ أَشْقَاهُمْ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَتَى بِهِ، فَأَلْقَاهُ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ لَمْ يَهْتَمَّ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَأَنَا قَائِمٌ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لَيْسَ عِنْدِي مِنْعَةٌ تَمْنَعُنِي، فَأَنَا أَذْهَبُ إِذْ سَمِعَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَتْ حَتَّى أَلْقَتْ ذَلِكَ عَنْ عَاتِقِهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ قُرَيْشًا تَسُبُّهُمْ، فَلَمْ يُرْجِعُوا إِلَيْهَا شَيْئًا، وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ كَمَا كَانَ يَرْفَعُ عِنْدَ تَمَامِ السُّجُودِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، قَالَ:" اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ " ثَلَاثًا " عَلَيْكَ بِعُتْبَةَ، وَعُقْبَةَ، وَأَبِي جَهْلٍ، وَشَيْبَةَ ". ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَقِيَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ وَمَعَ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ سَوْطٌ يَتَخَصَّرُ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ وَجْهَهُ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " خَلِّ عَنِّي ". قَالَ: عَلِمَ اللَّهُ لَا أُخَلِّيَ عَنْكَ أَوْ تُخْبِرَنِي مَا شَأْنُكَ، فَلَقَدْ أَصَابَكَ شَيْءٌ؟ فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ غَيْرُ مُخَلٍّ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ، فَقَالَ:" إِنَّ أَبَا جَهْلٍ أَمَرَ فَطُرِحَ عَلَيَّ فَرْثٌ ". فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: هَلُمَّ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، فَدَخَلَا الْمَسْجِدَ، ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ إِلَى أَبِي جَهْلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَطُرِحَ عَلَيْهِ الْفَرْثُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَرَفَعَ السَّوْطَ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَهُ قَالَ: فَثَارَ الرِّجَالُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ قَالَ: وَصَاحَ أَبُو جَهْلٍ: وَيْحَكُمُ هِيَ لَهُ، إِنَّمَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُلْقِيَ بَيْنَنَا الْعَدَاوَةَ، وَيَنْجُوَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.

9819 -

وَفِي رِوَايَةٍ فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ، حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ» ". قُلْتُ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارِ قِصَّةِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ ابْنِ مَعِينٍ، وَغَيْرِهِ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.

9820 -

وَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ دَعَامَةَ قَالَ: «تَزَوَّجَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُتَيْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ، وَكَانَتْ رُقَيَّةُ عِنْدَ أَخِيهِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] قَالَ أَبُو لَهَبٍ لِابْنَيْهِ: عُتْبَةَ، وَعُتَيْبَةَ: رَأْسِي فِي رُءُوسِكُمَا حَرَامٌ، إِنْ لَمْ تُطَلِّقَا ابْنَتَيْ مُحَمَّدٍ. وَقَالَتْ أُمُّهُمَا بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ - وَهِيَ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ -: طَلِّقَاهُمَا يَا بَنِيَّ، فَإِنَّهُمَا صَبَأَتَا. فَطَلَّقَاهُمَا. وَلَمَّا طَلَّقَ عُتَيْبَةُ أُمَّ كُلْثُومٍ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ فَارَقَهَا، فَقَالَ: كَفَرْتُ بِدِينِكَ، أَوْ فَارَقْتُ ابْنَتَكَ، لَا تُحِبُّنِي وَلَا أُحِبُّكَ، ثُمَّ سَطَا

ص: 18

عَلَيْهِ فَشَقَّ قَمِيصَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ خَارِجٌ نَحْوَ الشَّامِ تَاجِرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْكَ كَلْبَهُ ". فَخَرَجَ فِي تَجْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، حَتَّى نَزَلُوا بِمَكَانٍ مِنَ الشَّامِ - يُقَالُ لَهُ: الزَّرْقَاءُ - لَيْلًا، فَأَطَافَ بِهِمُ الْأَسَدُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَجَعَلَ عُتَيْبَةُ يَقُولُ: وَيْلَ أُمِّي، هَذَا وَاللَّهِ آكِلِي كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، قَاتِلِي ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَعَدَا عَلَيْهِ الْأَسَدُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ، فَضَغَمَهُ ضَغْمَةً فَقَتَلَهُ.

قَالَ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ: فَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْأَسَدَ لَمَّا أَطَافَ بِهِمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ انْصَرَفَ، فَنَامُوا، وَجُعِلَ عُتَيْبَةُ وَسَطَهُمْ، فَأَقْبَلَ السَّبُعُ يَتَخَطَّاهُمْ حَتَّى أَخَذَ بِرَأْسِ عُتَيْبَةَ فَفَدَغَهُ، وَخَلَفَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رحمه الله بَعْدَ رُقَيَّةَ عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ هَكَذَا مُرْسَلًا، وَفِيهِ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9821 -

وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي حَتَّى أُرِيَكِ ابْنَ عَمِّكِ الَّذِي هَجَانِي "» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدِيثُهُ صَحِيحٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9822 -

وَعَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: مَرِضَ أَبِي مَرَضًا شَدِيدًا، فَقَالَ: لَئِنْ شَفَانِي اللَّهُ مِنْ وَجَعِي هَذَا، لَا يُعْبَدُ إِلَهُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ بِبَطْنِ مَكَّةَ أَبَدًا، قَالَ خَالِدٌ: فَهَلَكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى الْأُمَوِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ.

9823 -

وَعَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الطَّائِفِيِّ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ; حَدَّثَنَا جَدِّي عَنْ جَدِّهِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ جَدَّهُ أَبَا أُحَيْحَةَ كَانَ مَرِيضًا حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِي مَرَضِهِ: لَا تَرْفَعُونِي مِنْ مَضْجَعِي لَا يُعْبَدُ إِلَهِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ بِمَكَّةَ. فَقَالَ ابْنُهُ، وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِهِ: اللَّهُمَّ لَا تَرْفَعْهُ. قُلْتُ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي الْأَصْلِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

9824 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ: انْظُرُوا أَعْلَمَكُمْ بِالسِّحْرِ، وَالْكِهَانَةِ، وَالشِّعْرِ، فَلْيَأْتِ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا وَعَابَ دِينَنَا، فَلْيُكَلِّمْهُ وَلْيَنْظُرْ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، قَالُوا: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا غَيْرَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالُوا: أَنْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ. فَأَتَاهُ عُتْبَةُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنْكَ

ص: 19

قَدْ عَبَدُوا الْآلِهَةَ الَّتِي عِبْتَ، وَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْهُمْ، فَتَكَلَّمْ حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَكَ، أَمَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا سَخْطَةً أَشْأَمَ عَلَى قَوْمِكَ مِنْكَ، فَرَّقْتَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتْتَ أَمْرَنَا، وَعِبْتَ دِينَنَا، وَفَضَحْتَنَا فِي الْعَرَبِ حَتَّى طَارَ فِيهِمْ: أَنَّ فِي قُرَيْشٍ سَاحِرًا، وَأَنَّ فِي قُرَيْشٍ كَاهِنًا وَاللَّهِ، مَا نَنْتَظِرُ إِلَّا مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى، بِأَنْ يَقُومَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ بِالسُّيُوفِ، حَتَّى نَتَفَانَى أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْحَاجَةُ، جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَغْنَى قُرَيْشٍ رَجُلًا، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْبَاءَةُ، فَاخْتَرْ أَيَّ نِسَاءِ قُرَيْشٍ فَنُزَوِّجَكَ عَشْرًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَفَرَغْتَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " {حم - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: 1 - 2] " حَتَّى بَلَغَ: " {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13] " فَقَالَ عُتْبَةُ: حَسْبُكَ حَسْبُكَ، مَا عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ:" لَا ". فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ: مَا تَرَكْتُ شَيْئًا أَرَى أَنَّكُمْ تُكَلِّمُونَهُ بِهِ إِلَّا كَلَّمْتُهُ. قَالُوا: هَلْ أَجَابَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَالَّذِي نَصَبَهَا بَنِيَّةً، مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:{أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13]. قَالُوا: وَيْلَكَ، يُكَلِّمُكَ رَجُلٌ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَا تَدْرِي مَا قَالَ؟! قَالَ: لَا وَاللَّهِ، مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ غَيْرَ ذِكْرِ الصَّاعِقَةِ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْأَجْلَحُ الْكِنْدِيِّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفُهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9825 -

وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ: «بَلَغَ مُعَاوِيَةَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَشْتُمُ أَبَا سُفْيَانَ، فَقَالَ: بِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَا يَقُولُ فِي عَمِّهِ، لَكِنِّي لَا أَقُولُ فِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا خَيْرًا، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ امْرَأً صَالِحًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى بَادِيَةٍ لَهُ مُرْدِفًا هِنْدٌ، وَخَرَجْتُ أَسِيرُ أَمَامَهُمَا - وَأَنَا غُلَامٌ - عَلَى حِمَارَةٍ، إِذْ لَحِقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: انْزِلْ يَا مُعَاوِيَةُ، حَتَّى يَرْكَبَ مُحَمَّدٌ. فَنَزَلْتُ عَنِ الْحِمَارَةِ، فَرَكِبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَارَ أَمَامَهُمَا هُنَيْهَةً، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمَا، فَقَالَ: " يَا أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَيَا هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، وَاللَّهِ لَتَمُوتُنَّ، ثُمَّ لَتُبْعَثُنَّ، ثُمَّ لَيَدْخُلَنَّ الْمُحْسِنُ الْجَنَّةَ، وَالْمُسِيءُ النَّارَ، وَأَنَّ مَا أَقُولُ لَكُمْ حَقٌّ، وَإِنَّكُمْ أَوَّلُ مَنْ أُنْذِرْتُمْ ". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " {حم - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: 1 - 2] ". حَتَّى بَلَغَ: " {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] ". فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: أَفَرَغْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحِمَارَةِ، وَرَكِبْتُهَا، فَأَقْبَلَتْ هِنْدٌ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا السَّاحِرِ الْكَذَّابِ أَنْزَلْتَ ابْنِي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، وَلَا كَذَّابٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ. وَحُمَيْدُ بْنُ مُنْهِبٍ

ص: 20

لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9826 -

وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ الدُّئَلِيِّ قَالَ: «مَا أَسْمَعُكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَنَالُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ ; أَنَّ مَنْزِلَهُ كَانَ بَيْنَ مَنْزِلِ أَبِي لَهَبٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكَانَ يَنْقَلِبُ إِلَى بَيْتِهِ فَيَجِدُ الْأَرْحَامَ وَالدِّمَاءَ وَالْأَنْحَاتَ قَدْ نُصِبَتْ عَلَى بَابِهِ، فَيُنَحِّي ذَلِكَ بِسِنَةِ قَوْسِهِ، وَيَقُولُ: " بِئْسَ الْجِوَارُ هَذَا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الرَّافِقِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَتَأْتِي أَحَادِيثُ فِي تَأْيِيدِهِ عَلَى عَدُوِّهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

9827 -

وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى صَابِئٍ لَهُمْ. قَالَ: فَنَزَلْنَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ عز وجل، وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَهُمْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، وَيُؤْذُونَهُ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَانْصَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ، أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ قَدْ بَدَا نَحْرُهَا تَحْمِلُ قَدَحًا وَمَنْدِيلًا، فَتَنَاوَلَهُ مِنْهَا فَشَرِبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: " يَا بُنَيَّةُ، خَمِّرِي عَلَيْكِ نَحْرَكِ، وَلَا تَخَافِينَ عَلَى أَبِيكِ ". قُلْنَا: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9828 -

وَعَنْ مُنِيبٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا ". فَمِنْهُمْ مَنْ تَفَلَ فِي وَجْهِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَثَا عَلَيْهِ التُّرَابَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَبَّهُ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، فَأَقْبَلَتْ جَارِيَةٌ بِعُسٍّ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَقَالَ: " يَا بُنَيَّةُ، لَا تَخْشِي عَلَى أَبِيكِ غِيلَةً، وَلَا ذِلَّةً ". فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ جَارِيَةٌ، وَضِيئَةٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُنِيبُ بْنُ مُدْرِكٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9829 -

وَعَنْ مُدْرِكٍ قَالَ: «حَجَجْتُ مَعَ أَبِي فَلَمَّا نَزَلْنَا مِنًى، إِذَا نَحْنُ بِجَمَاعَةٍ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قَالَ: هَذَا الصَّابِئُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9830 -

وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةٍ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ يَتَخَلَّلُهَا، يَقُولُ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا ". قَالَ: وَأَبُو جَهْلٍ يَحْثِي عَلَيْهِ التُّرَابَ، وَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسِ لَا يَغْوِيَنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ لِتَتْرُكُوا آلِهَتَكُمْ، وَتَتْرُكُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى. قَالَ: وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: انْعَتْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَ بُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ مَرْبُوعٌ

ص: 21

كَثِيرُ اللَّحْمِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، أَبْيَضُ شَدِيدُ الْبَيَاضِ، سَابِغُ الشَّعْرِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9831 -

وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ - وَكَانَ جَاهِلِيًّا - قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَهُوَ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا ".

وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ وَضِيءُ الْوَجْهِ، أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ، يَقُولُ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ، يَتْبَعُهُ حَيْثُ ذَهَبَ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَذَكَرُوا لِي نَسَبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا لِي: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ».

9832 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفِرُّ مِنْهُ، وَهُوَ يَتْبَعُهُ» .

9833 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ جَاهِلِيًّا فَأَسْلَمَ.

9834 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «وَالنَّاسُ مُنْقَصِفُونَ عَلَيْهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَقُولُ شَيْئًا، وَهُوَ لَا يَسْكُتُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُهُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، وَالْأَوْسَطُ بِاخْتِصَارٍ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُ أَسَانِيدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ ثِقَاتُ الرِّجَالِ. وَتَأْتِي لَهُ طَرِيقٌ فِي عَرْضِهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ.

9835 -

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «إِنِّي بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ إِذْ مَرَّ رَجُلٌ شَابٌّ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ بُرْدٍ أَحْمَرَ، وَهُوَ يَقُولُ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا ". وَرَجُلٌ خَلْفَهُ قَدْ أَدْمَى عُرْقُوبَيْهِ وَسَاقَيْهِ، يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ كَذَّابٌ فَلَا تُطِيعُوهُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: غُلَامُ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَهَذَا عَمُّهُ عَبَدُ الْعُزَّى، فَلَمَّا هَاجَرَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَسْلَمَ النَّاسُ، ارْتَحَلْنَا مِنَ الرَّبْذَةِ يَوْمَئِذٍ مَعَنَا ظَعِينَةً لَنَا فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَدْنَى حِيطَانِهَا، لَبِسْنَا ثِيَابًا غَيْرَ ثِيَابِنَا، إِذَا رَجُلٌ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا: نَمِيرُ أَهْلَنَا، وَلَنَا جَمَلٌ أَحْمَرُ قَائِمٌ مَخْطُومٌ قَالَ: أَتَبِيعُونِي جَمَلَكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْنَا: بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَمَا اسْتَنْقَصَنَا مِمَّا قُلْنَا شَيْئًا، وَضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ، ثُمَّ أَدْبَرَ بِهِ، فَلَمَّا تَوَارَى عَنَّا بِالْحِيطَانِ قُلْنَا: وَاللَّهِ مَا صَنَعْنَا شَيْئًا بِعْنَا مَنْ لَا نَعْرِفُ قَالَ: تَقُولُ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ وَجْهَهُ شَقَّةُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَظْلِمُكُمْ، لَا يُحَيِّرُكُمْ وَأَنَا ضَامِنَةٌ لِجَمَلِكُمْ، فَأَتَى رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكُمْ، هَذَا تَمْرُكُمْ فَكُلُوا وَاشْبَعُوا وَاكْتَالُوا قَالَ: فَأَكَلَنْا وَشَبِعْنَا وَاكْتَلْنَا

ص: 22

وَاسْتَوْفَيْنَا ثُمَّ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَسَمِعْنَا مِنْ قَوْلِهِ:" تَصَدَّقُوا ; فَإِنَّ الصَّدَقَةَ خَيْرٌ لَكُمْ "».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ تَكْسِيرِهِ الْأَصْنَامَ]

9836 -

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «انْطَلَقْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اجْلِسْ ". وَصَعِدَ عَلَى مَنْكِبَيَّ، فَذَهَبْتُ لِأَنْهَضَ بِهِ، فَرَأَى مِنِّي ضَعْفًا، فَنَزَلَ وَجَلَسَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " اصْعَدْ عَلَى مَنْكِبَيَّ "، قَالَ: فَصَعَدْتُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ قَالَ: فَنَهَضَ بِي قَالَ: فَإِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي لَوْ شِئْتُ لَنِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ، حَتَّى صَعِدْتُ عَلَى الْبَيْتِ، وَعَلَيْهِ تِمْثَالُ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ، فَجَعَلْتُ أُزَاوِلُهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، حَتَّى اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اقْذِفْ بِهِ ". فَقَذَفَ بِهِ فَتَكَسَّرَ كَمَا تَتَكَسَّرُ الْقَوَارِيرُ، ثُمَّ نَزَلْتُ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَبِقُ، حَتَّى تَوَارَيْنَا بِالْبُيُوتِ ; خَشْيَةَ أَنْ يَلْقَانَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ» .

9837 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ عَلَى الْكَعْبَةِ، أَصْنَامٌ فَذَهَبْتُ أَحْمِلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ أَسْتَطِعْ، فَحَمَلَنِي فَجَعَلْتُ أَقْطَعُهَا، وَلَوْ شِئْتُ لَنِلْتُ السَّمَاءَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُهُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: حَتَّى اسْتَتَرْنَا بِالْبُيُوتِ، فَلَمْ يُوضَعْ عَلَيْهَا بَعْدُ - يَعْنِي مِنْ تِلْكَ الْأَصْنَامِ - وَرِجَالُ الْجَمِيعِ ثِقَاتٌ.

9838 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ ; «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَّ صَنَمًا، فَتَوَضَّأَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9839 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مَشَاهِدَهُمْ قَالَ: فَسَمِعَ مَلَكَيْنِ خَلْفَهُ، وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا حَتَّى نَقُومَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَقَالَ: كَيْفَ نَقُومُ خَلْفَهُ وَإِنَّمَا عَهْدُهُ بِاسْتِلَامِ الْأَصْنَامِ قَبْلُ؟ قَالَ: فَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْهَدُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مَشَاهِدَهُمْ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ الْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ]

9840 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ لَيْلَى، قَالَتْ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي إِسْلَامِنَا، فَلَمَّا تَهَيَّأْنَا لِلْخُرُوجِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَأَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

ص: 23

وَأَنَا عَلَى بَعِيرِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَوَجَّهَ، فَقَالَ: أَيْنَ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقُلْتُ: آذَيْتُمُونَا فِي دِينِنَا، فَنَذْهَبُ فِي أَرْضِ اللَّهِ لَا نُؤْذَى فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، فَقَالَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ. ثُمَّ ذَهَبَ فَجَاءَ زَوْجِي عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رِقَّةِ عُمَرَ، فَقَالَ: تَرْجِينَ أَنْ يُسْلِمَ؟! فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يُسْلِمُ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالسَّمَاعِ ; فَهُوَ صَحِيحٌ.

9841 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَنَحْنُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ رَجُلًا فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَجَعْفَرٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْفُطَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَأَبُو مُوسَى، فَأَتَوُا النَّجَاشِيَّ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ سَجَدَا لَهُ، ثُمَّ ابْتَدَرَاهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَا: إِنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عَمِّنَا نَزَلُوا أَرْضَكَ، وَرَغِبُوا عَنَّا وَعَنْ مِلَّتِنَا قَالَ: فَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَا: هُمْ فِي أَرْضِكَ فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، قَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ فَاتَّبَعُوهُ، فَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ، فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ لَا تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ؟ قَالَ: إِنَّا لَا نَسْجُدُ إِلَّا لِلَّهِ عز وجل قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْجُدَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلَّهِ عز وجل، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.

قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى قَالَ: مَا يَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ؟ قَالَ: يَقُولُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: هُوَ كَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا، وَلَمْ يَفْتَرِضْهَا وَلَدٌ. قَالَ: فَرَفَعَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ، وَاللَّهِ مَا يَزِيدُونَ عَلَى الَّذِي نَقُولُ فِيهِ مَا سِوَى هَذَا، مَرْحَبًا بِكُمْ، وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ الَّذِي نَجِدْهُ فِي الْإِنْجِيلِ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ، فَوَاللَّهِ لَوْ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لَأَتَيْتُهُ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ. وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ الْآخَرِينَ فَرُدَّتْ عَلَيْهِمَا.

ثُمَّ تَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَدْرَكَ بَدْرًا، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفَرَ لَهُ حِينَ بَلَغَهُ مَوْتُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ: فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ ضَعْفٌ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9842 -

«وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمِّيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ

ص: 24

الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُؤْذَى، وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ، وَأَنْ يَهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَعْجَبَ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا الْأَدَمُ، فَجَمَعُوا لَهُ أُدُمًا كَثِيرًا، وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً، وَبَعَثُوا بِذَلِكَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ -، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَأَمَّرُوهُمَا أَمْرَهُمْ، وَقَالُوا لَهُمَا: ادْفَعُوا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ، ثُمَّ قَدِّمُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ، ثُمَّ اسْأَلُوهُ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، قَالَتْ: فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ، وَخَيْرِ جَارٍ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطَرِيقٍ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ ثُمَّ قَالَا لِكُلِّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ: إِنَّهُ قَدْ ضَوَى إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ، وَجَاءُوا بَدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِيَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْنَا، وَلَا يُكَلِّمَهُمْ، فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُمَا: نَعَمْ. ثُمَّ قَرَّبُوا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمْ ثُمَّ كَلَّمَاهُ، فَقَالَا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ وَجَاءُوا بَدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ ; لِنَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَلَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ. وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلَامَهُمْ، فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَوْمُهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْبًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمْ، فَلْيَرُدَّاهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ. فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ، وَقَالَ: لَا هَا اللَّهِ، ايْمُ اللَّهِ، إِذًا لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَلَا أَكَادُ قَوْمًا جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلَادِي وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلَهُمْ عَمَّا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولَانِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا، وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي. قَالَتْ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلَّمَنَا وَمَا أَمَرَنَا

ص: 25

بِهِ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا جَاءُوهُ، وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ، سَأَلَهُمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي قَدْ فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ، وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ؟ قَالَتْ: وَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ عز وجل ; لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَإِقَامَ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ. - قَالَتْ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ - فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحِلَّ لَنَا، فَغَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا، وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا ; لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عز وجل، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنَ الْخَبَائِثِ، فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا، وَشَقُّوا عَلَيْنَا، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ. قَالَتْ: فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: فَاقْرَأْهُ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ: (كهيعص) قَالَتْ: فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ. انْطَلِقَا فَوَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أَكَادُ.

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا أَعِيبُهُمْ عِنْدَهُ بِمَا اسْتَأْصَلَ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ - وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا -: لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا. قَالَ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عليه السلام عَبْدٌ - قَالَتْ: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدُ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا. فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ؟!

ص: 26

قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا، وَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ، قَالُوا: نَقُولُ وَاللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ عز وجل وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم: " هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ ". قَالَ: فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ. فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ. فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللَّهِ، اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي - وَالسُّيُومُ: الْآمِنُونَ - مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ. مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دُبُرًا ذَهَبًا، وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ - وَالدُّبُرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْجَبَلُ - رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِمَا، فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، فَآخُذَ فِيهِ الرِّشْوَةَ، وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ، فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ. فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَعَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ - يَعْنِي: مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ - قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ ; تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ.

قَالَتْ: وَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ، قَالَتْ: فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يُحْضِرَ وَقِيعَةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَأْتِيَنَا؟ قَالَتْ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَنَا، قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا. قَالَتْ: فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلُوهَا فِي صَدْرِهِ فَسَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ، قَالَتْ: وَدَعَوْنَا اللَّهَ عز وجل لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُّوِهِ، وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ. وَاسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَبَشَةِ، فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِمَكَّةَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ إِسْحَاقَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ.

9843 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي رَأَيْتُ أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ فَاخْرُجُوا ". قَالَ: فَخَرَجَ حَاطِبٌ وَجَعْفَرٌ فِي الْبَحْرِ قِبَلَ النَّجَاشِيِّ. قَالَ: فَوُلِدْتُ أَنَا فِي تِلْكَ السَّفِينَةِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9844 -

وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «قَالَ جَعْفَرٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَرْضًا أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا لَا أَخَافُ أَحَدًا.

ص: 27

قَالَ: فَأُذِنَ لَهُ فِيهَا فَأَتَى النَّجَاشِيَّ، قَالَ عَمِيرٌ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ جَعْفَرًا وَأَصْحَابَهُ آمِنِينَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ حَسَدْتُهُ، قُلْتُ: لَا تَسْتَقْبِلَنَّ لِهَذَا وَأَصْحَابِهِ فَأَتَيْتُ النَّجَاشِيَّ، فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ، فَقُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِنَا ابْنَ عَمٍّ لِهَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّا وَاللَّهِ إِنْ لَمْ تُرِحْنَا مِنْهُ وَأَصْحَابِهِ لَا قَطَعْتُ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَبَدًا. فَقَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قُلْتُ: إِنَّهُ يَجِيءُ مَعَ رَسُولِكَ ; إِنَّهُ لَا يَجِيءُ مَعِي، فَأَرْسَلَ مَعِي رَسُولًا فَوَجَدْنَاهُ قَاعِدًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَدَعَاهُ فَجَاءَ فَلَمَّا أَتَيْتُ الْبَابَ، نَادَيْتُ: ائْذَنْ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَنَادَى خَلْفِي: ائْذَنْ لِحِزْبِ اللَّهِ عز وجل. فَسَمِعَ صَوْتَهُ، فَأَذِنَ لَهُ قَبْلِي، فَدَخَلَ وَدَخَلْتُ، وَإِذَا النَّجَاشِيُّ عَلَى السَّرِيرِ قَالَ: فَذَهَبْتُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَجَعَلْتُهُ خَلْفِي، وَجَعَلْتُ بَيْنَ كُلِّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: نَجِّرُوا - قَالَ عَمْرٌو: يَعْنِي تَكَلَّمُوا - قُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رَجُلًا ابْنُ عَمِّهِ بِأَرْضِنَا، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ وَأَصْحَابَهُ لَا أَقْطَعُ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَنَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَبَدًا، قَالَ جَعْفَرٌ: صَدَقَ ابْنُ عَمِّي وَأَنَا عَلَى دِينِهِ قَالَ: فَصَاحَ صِيَاحًا، وَقَالَ: أُوهٍ. حَتَّى قُلْتُ: مَا لِابْنِ الْحَبَشِيَّةِ لَا يَتَكَلَّمُ؟! وَقَالَ: أَنَامُوسٌ، كَنَامُوسِ مُوسَى؟ قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ: أَقُولُ هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ. قَالَ: فَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ: مَا أَخْطَأَ فِي أَمْرِهِ مِثْلَ هَذَا، فَوَاللَّهِ لَوْلَا مُلْكِي لَاتَّبَعْتُكُمْ، وَقَالَ لِي: مَا كُنْتُ أُبَالِي أَنْ لَا تَأْتِيَنِي أَنْتَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ أَبَدًا. أَنْتَ آمِنٌ بِأَرْضِي مَنْ ضَرَبَكَ قَتَلْتُهُ، وَمَنْ سَبَّكَ غَرَّمْتُهُ، وَقَالَ لِآذِنِهِ: مَتَى اسْتَأْذَنَكَ هَذَا فَائْذَنْ لَهُ إِلَّا أَنْ أَكُونَ عِنْدَ أَهْلِي، فَإِنْ أَتَى فَأْذَنْ لَهُ.

قَالَ: فَتَفَرَّقْنَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَاهُ مِنْ جَعْفَرٍ قَالَ: فَاسْتَقْبَلَنِي مِنْ طَرِيقٍ مَرَّةً، فَنَظَرْتُ خَلْفَهُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَقُلْتُ: أَتَعْلَمُ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟ قَالَ: فَقَدْ هَدَاكَ اللَّهُ فَاثْبُتْ، فَتَرَكَنِي وَذَهَبَ، فَأَتَيْتُ أَصْحَابِي فَكَأَنَّمَا شَهِدُوهُ مَعِي، فَأَخَذُوا قَطِيفَةً أَوْ ثَوْبًا فَجَعَلُوهُ عَلَيَّ حَتَّى غَمُّونِي بِهَا قَالَ: وَجَعَلْتُ أُخْرِجُ رَأْسِي مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ مَرَّةً وَمِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ مَرَّةً حَتَّى أَفْلَتَ، وَمَا عَلَيَّ قِشْرَةً، فَمَرَرْتُ عَلَى حَبَشِيَّةٍ، فَأَخَذْتُ قِنَاعَهَا، فَجَعَلْتُهُ عَلَى عَوْرَتِي، فَأَتَيْتُ جَعْفَرًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: أَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ لِي

ص: 28

مَا تَرَكَ عَلَيَّ قِشْرَةً فَأَتَيْتُ حَبَشِيَّةً، فَأَخَذْتُ قِنَاعَهَا، فَجَعَلْتُهُ عَلَى عَوْرَتِي، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَلِكِ، فَقَالَ جَعْفَرٌ لِآذِنِهِ: اسْتَأْذِنْ لِي. قَالَ: إِنَّهُ عِنْدَ أَهْلِهِ فَأَذِنَ لَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ عَمْرًا تَابَعَنِي عَلَى دِينِي قَالَ: كَلَّا، قُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ لِإِنْسَانٍ: اذْهَبْ مَعَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا تَقُلْ شَيْئًا إِلَّا كَتَبْتُهُ قَالَ: فَجَاءَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ وَجَعَلَ يَكْتُبُ حَتَّى كَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْقَدَحَ قَالَ: وَلَوْ شِئْتَ آخُذُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَى مَالِي فَعَلْتُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ.

وَصَدْرُ الْحَدِيثِ فِي أَوَّلِهِ لَهُ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ: ثُمَّ كُنْتُ بَعْدُ مِنَ الَّذِينَ أَقْبَلُوا فِي السُّفُنِ مُسْلِمِينَ». وَعُمَيْرُ بْنُ إِسْحَاقَ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ كَلَامٌ لَا يَضُرُّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَرَوَى أَبُو يَعْلَى بَعْضَهُ ثُمَّ قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

9845 -

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالُوا لَهُ وَنَحْنُ عِنْدُهُ: قَدْ بَعَثُوا إِلَيْكَ أُنَاسًا مِنْ سَفَلَتِنَا وَسُفَهَائِهِمْ فَادْفَعَهُمْ إِلَيْنَا قَالَ: لَا، حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا، وَقَالَ: مَا تَقُولُونَ؟ فَقُلْنَا: إِنَّ قَوْمَنَا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَآمَنَّا بِهِ وَصَدَّقْنَاهُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: عَبِيدٌ هُمْ لَكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَلَكُمْ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ فِي عِيسَى غَيْرَ مَا تَقُولُونَ قَالَ: إِنْ لَمْ يَقُولُوا فِي عِيسَى مِثْلَ مَا نَقُولُ، لَا أَدَعُهُمْ فِي أَرْضِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا فَكَانَتِ الدَّعْوَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدَّ عَلَيْنَا مِنَ الْأُولَى، فَقَالَ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟ فَقُلْنَا: يَقُولُ: " هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ ". قَالَ: فَأَرْسَلَ، فَقَالَ: ادْعُوا فُلَانًا الْقِسِّيسَ، وَفُلَانًا الرَّاهِبَ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟ قَالُوا: فَأَنْتَ أَعْلَمُنَا فَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: فَأَخَذَ النَّجَاشِيُّ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ مَا زَادَ عَلَى مَا قَالَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُؤْذِيكُمْ أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ آذَى أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ فَأَغْرِمُوهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ قَالَ: يَكْفِيَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا، فَأَضْعَفَهَا فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَظَهَرَ بِهَا، قُلْنَا لَهُ: إِنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَظَهَرَ بِهَا، وَهَاجَرَ قِبَلَ الَّذِينَ كُنَّا حَدَّثْنَاكَ عَنْهُمْ، وَقَدْ أَرَدْنَا الرَّحِيلَ إِلَيْهِ فَزَوِّدْنَا قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَزَوَّدَنَا وَأَعْطَانَا ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا صَنَعْتُ إِلَيْكُمْ، وَهَذَا رَسُولِي مَعَكَ

ص: 29

وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَقُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ جَعْفَرٌ: فَخَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاعْتَنَقَنِي، فَقَالَ:" مَا أَدْرِي أَنَا بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَفْرَحُ، أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ؟ ".

ثُمَّ جَلَسَ، فَقَامَ رَسُولُ النَّجَاشِيِّ، فَقَالَ: هُوَ ذَا جَعْفَرٌ فَسَلْهُ مَا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُنَا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَدْ فَعَلَ بِنَا، قَدْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، وَحَمَلَنَا وَزَوَّدَنَا، وَنَصَرَنَا، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَالَ: قُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَعَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلنَّجَاشِيِّ ". فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: آمِينَ. فَقَالَ جَعْفَرٌ: فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: انْطَلِقْ فَأَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا رَأَيْتَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.»

9846 -

«وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّجَاشِيَّ سَأَلَهُ: مَا دِينُكُمْ؟ قَالَ: بُعِثَ إِلَيْنَا رَسُولٌ نَعْرِفُ لِسَانَهُ وَصِدْقَهُ وَوَفَاءَهُ، فَدَعَانَا إِلَى أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَنَخْلَعَ مَا كَانَ يَعْبُدُ قَوْمُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ دُونِهِ يَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، فَدَعَانَا إِلَى مَا نَعْرِفُ، وَقَرَأَ عَلَيْنَا تَنْزِيلًا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا يُشْبِهُ غَيْرَهُ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ، وَعَرَفْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَفَارَقْنَا عِنْدَ ذَلِكَ قَوْمَنَا فَآذَوْنَا وَقَهَرُونَا، فَلَمَّا أَنْ بَلَغُوا مِنَّا مَا نَكْرَهُ، وَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى أَنْ نَمْتَنِعَ مِنْهُمْ خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي - يَقُولُ: آمِنُونَ - مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

9847 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، فَبَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَجَمَعَا لِلنَّجَاشِيِّ هَدِيَّةً، وَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ فَأَتَيَاهُ بِالْهَدِيَّةِ فَقَبِلَهَا وَسَجَدَا لَهُ ثُمَّ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَرْضِنَا رَغِبُوا عَنْ دِينِنَا وَهُمْ فِي أَرْضِكَ، فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: فِي أَرْضِي؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَبَعَثَ إِلَيْنَا، فَقَالَ لَنَا جَعْفَرٌ: لَا يَتَكَلَّمْ مِنْكُمْ أَحَدٌ، أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُمَارَةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَالْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ جُلُوسٌ سِمَاطِينَ، وَقَدْ قَالَ لَهُ عَمْرٌو وَعُمَارَةُ: إِنَّهُمْ

ص: 30

لَا يَسْجُدُونَ لَكَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا بَدَرَنَا مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ: اسْجُدُوا لِلْمَلِكِ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّا لَا نَسْجُدُ إِلَّا لِلَّهِ. قَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: وَمَا ذَاكَ؟ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا، وَهُوَ الرَّسُولُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى عليه السلام مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ.

فَأَعْجَبَ النَّجَاشِيَّ قَوْلُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرٌو قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ، إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي ابْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ: يَقُولُ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ: " هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَخْرَجَهُ مِنَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا بَشَرٌ، وَلَمْ يَفْتَرِضْهَا وَلَدٌ ". فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ فَرَفَعَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ، مَا يَزِيدُ هَؤُلَاءِ عَلَى مَا تَقُولُونَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ مَا يَزِنُ هَذِهِ، مَرْحَبًا بِكُمْ، وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى، وَلَوْلَا مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لَأَتَيْتُهُ حَتَّى أُقَبِّلَ نَعْلَيْهِ، امْكُثُوا فِي أَرْضِي مَا شِئْتُمْ. وَأَمَرَ لَنَا بِطَعَامٍ وَكُسْوَةٍ، وَقَالَ: رُدُّوا عَلَى هَذَيْنِ هَدِيَّتَهُمَا، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَجُلًا قَصِيرًا، وَكَانَ عُمَارَةُ رَجُلًا جَمِيلًا، وَكَانَا أَقْبَلَا إِلَى النَّجَاشِيِّ فَشَرِبُوا - يَعْنِي خَمْرًا - وَمَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ امْرَأَتُهُ فَلَمَّا شَرِبُوا مِنَ الْخَمْرِ، قَالَ عُمَارَةُ لِعَمْرٍو: مُرِ امْرَأَتَكَ فَلْتُقَبِّلْنِي، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَلَا تَسْتَحِي؟ فَأَخَذَ عُمَارَةُ عَمْرًا فَرَمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ، فَجَعَلَ عَمْرٌو يُنَاشِدُ عُمَارَةَ حَتَّى أَدْخَلَهُ السَّفِينَةَ، فَحَقَدَ عَمْرٌو عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ عَمْرٌو لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ خَلَفَكَ عُمَارَةَ فِي أَهْلِكَ. فَدَعَا النَّجَاشِيُّ عُمَارَةَ فَنَفَخَ فِي إِحْلِيلِهِ فَطَارَ مَعَ الْوَحْشِ. قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدُ مِنْهُ مِقْدَارَ سَطْرٍ مِنَ الْجَنَائِزِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9848 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى قَدِمَ بَعْدَ بَدْرٍ: شُرَحْبِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنَةَ، وَهِيَ أُمُّهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9849 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ زَمَنَ النَّجَاشِيِّ، وَكَانَ عُمَارَةُ رَجُلًا جَمِيلًا، وَكَانَ يَقْذِفُ عَمْرًا فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ يَعُومُ فَيَخْرُجُ، ثُمَّ يُلْقِيهِ أَيْضًا، فَيَعُومُ، فَحَقَدَ عَمْرٌو فِي نَفْسِهِ عَلَى عُمَارَةَ مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهِ، فَلَمَّا قَدِمَا دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالَا لَهُ: إِنَّ جَعْفَرًا وَأَصْحَابَهُ طَعَنُوا عَلَى آبَائِهِمْ، وَخَالَفُوهُمْ فِي دِينِهِمْ، وَهُمْ يُخَالِفُونَكَ، وَلَا يُحَيُّونَكَ كَمَا يُحَيِّكَ النَّاسُ، فَوَقَعُوا فِيهِمْ، فَبَعَثَ النَّجَاشِيُّ إِلَى

ص: 31

جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ لَا تُحَيُّونِي كَمَا تُحَيِّينِي النَّاسُ؟ قَالُوا: إِنَّ لَنَا رَبًّا لَا يَنْبَغِي أَنْ نَسْجُدَ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ سَجَدْنَا لِأَحَدٍ لَسَجَدْنَا لِنَبِيِّنَا قَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ كِتَابِكُمْ شَيْءٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَرَأَ جَعْفَرٌ سُورَةَ مَرْيَمَ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي عِيسَى؟ قَالَ: هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَقُولُونَ؟ فَسَكَتُوا، فَأَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا خَالَفُوا أَمْرَ عِيسَى هَذِهِ وَإِنْ أَنْكَرْتُكُمْ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ جَهَّزْتُكُمْ فَقَدِمْتُمْ عَلَى نَبِيِّكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَقَمْتُمْ عِنْدِي حَتَّى يَسْتَقِرَّ مَكَانًا، فَأَخَذَ عَمْرٌو يَعْمَلُ فِي عُمَارَةَ، فَلَطُفَ بِامْرَأَةِ النَّجَاشِيِّ فَأَخَذَ عِطْرًا مِنْ عِطْرِهَا، ثُمَّ قَالَ لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّ عُمَارَةَ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِكَ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ غَدًا وَعَلَيْهِ طِيبٌ مِنْ طِيبِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَا طَيَّبَهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْمَلِكِ، فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلَ فَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الطِّيبِ، فَعَرَفَ النَّجَاشِيُّ طِيبَهُ، فَأَمَرَ النَّجَاشِيُّ بِعُمَارَةَ فَنَفَخَ فِي إِحْلِيلِهِ، فَاسْتُطِيرَ حَتَّى لَحِقَ بِالصَّحَارَى، يَسْعَى فِيهَا مَعَ الْوَحْشِ، فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ أَهْلَهُ فَأَصَابُوهُ، فَسَقَوْهُ شَرْبَةً مِنْ سَوِيقٍ فَتَعْتَعَتْهُ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَتْهُ وَفَاةُ النَّجَاشِيِّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الثَّقَفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9850 -

«وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي تَسْمِيَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْمَرَّةَ الْأُولَى قَبْلَ خُرُوجِ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَسَهْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَدَتْ لَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ، وَمَعَهُ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ.

قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَهَبُوا الْمَرَّةَ الْأُولَى قَبْلَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم: 1] فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ: لَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ أَقْرَرْنَاهُ وَأَصْحَابَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَذْكُرُ أَحَدًا مِمَّنْ خَالَفَ دِينَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِمِثْلِ الَّذِي يَذْكُرُ بِهِ آلِهَتَنَا مِنَ الشَّرِّ وَالشَّتْمِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ الَّذِي يَذْكُرُ فِيهَا وَالنَّجْمِ، وَقَرَأَ:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19 - 20]

ص: 32

أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِيهَا عِنْدَ ذَلِكَ ذِكْرَ الطَّوَاغِيتِ، فَقَالَ: وَإِنَّهُنَّ مِنَ الْعَرَانِيقِ الْعُلَا، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُمْ لَتُرْتَجَى، وَذَلِكَ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ وَفِتْنَتِهِ، فَوَقَعَتْ هَاتَانِ الْكَلِمَتَانِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُشْرِكٍ، وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، وَاسْتَبْشَرُوا بِهَا، وَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ رَجَعَ إِلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ، وَدِينِ قَوْمِهِ.

فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرَ السُّورَةِ الَّتِي فِيهَا النَّجْمُ سَجَدَ، وَسَجَدَ مَعَهُ كُلُّ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَمُشْرِكٍ، غَيْرَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ كَانَ رَجُلًا كَبِيرًا فَرَفَعَ مِلْءَ كَفِّهِ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَعَجِبَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا مِنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي السُّجُودِ لِسُجُودِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَعَجِبُوا مِنْ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِ إِيمَانٍ وَلَا يَقِينٍ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ سَمِعُوا الَّذِي أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُشْرِكِينَ. وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنَّتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ لَمَّا سَمِعُوا الَّذِي أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثَهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَرَأَهَا فِي السَّجْدَةِ، فَسَجَدُوا لِتَعْظِيمِ آلِهَتِهِمْ، فَفَشَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي النَّاسِ وَأَظْهَرَهَا الشَّيْطَانُ حَتَّى بَلَغَتِ الْحَبَشَةُ، فَلَمَّا سَمِعَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا، وَصَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَلَغَهُمْ سُجُودُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَلَى التُّرَابِ عَلَى كَفِّهِ، أَقْبَلُوا سِرَاعًا فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَشَكَا إِلَيْهِ، فَأَمَرَهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَهَا تَبَرَّأَ مِنْهَا جِبْرِيلُ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَاتَيْنِ، مَا أَنْزَلَهُمَا رَبِّي، وَلَا أَمَرَنِي بِهِمَا رَبُّكَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَطَعْتُ الشَّيْطَانَ، وَتَكَلَّمْتُ بِكَلَامِهِ، وَشَرَكَنِي فِي أَمْرِ اللَّهِ. فَنَسَخَ اللَّهُ مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: 52]. {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [الحج: 53].

فَلَمَّا بَرَّأَهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ وَفِتْنَتِهِ انْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِضَلَالِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ، وَبَلَغَ الْمُسْلِمُونَ مِمَّنْ كَانَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَقَدْ شَارَفُوا مَكَّةَ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا الرُّجُوعَ مِنْ شِدَّةِ الْبَلَاءِ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَالْجُوعِ وَالْخَوْفِ وَخَافُوا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ فَيُبْطَشَ

ص: 33

بِهِمْ فَلَمْ يَدْخُلْ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِجِوَارٍ، فَأَجَارَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، فَلَمَّا أَبْصَرَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الَّذِي يَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَعُذِّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالنَّارِ وَبِالسِّيَاطِ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مُعَافًى لَا يَعْرِضُ لَهُ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ فَاسْتَحَبَّ الْبَلَاءَ عَلَى الْعَافِيَةِ، وَقَالَ: أَمَّا مَنْ كَانَ فِي عَهْدِ اللَّهِ وَذِمَّتِهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ الَّذِي اخْتَارَ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ دَخَلَ فِيهِ فَهُوَ خَائِفٌ مُبْتَلًى بِالشِّدَّةِ وَالْكَرْبِ، عَمِدَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ، أَجَرْتَنِي فَأَحْسَنْتَ جِوَارِي، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُخْرِجَنِي إِلَى عَشِيرَتِكَ، فَتَبْرَأَ مِنِّي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: ابْنَ أَخِي لَعَلَّ أَحَدًا آذَاكَ أَوْ شَتَمَكَ وَأَنْتَ فِي ذِمَّتِي، فَأَنْتَ تُرِيدُ مَنْ هُوَ أَمْنَعُ لَكَ مِنِّي، فَأَنَا أَكْفِيكَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا بِي ذَلِكَ، وَمَا اعْتَرَضَ لِي مِنْ أَحَدٍ، فَلَمَّا أَبَى عُثْمَانُ إِلَّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ الْوَلِيدُ أَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقُرَيْشٌ فِيهِ كَأَحْفَلِ مَا كَانُوا، وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الشَّاعِرُ يُنْشِدُهُمْ، فَأَخَذَ الْوَلِيدُ بِيَدِ عُثْمَانَ فَأَتَى بِهِ قُرَيْشًا، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي وَحَمَلَنِي عَلَى أَنْ أَنْزِلَ إِلَيْهِ عَنْ جِوَارِي، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي بَرِيءٌ فَجَلَسَا مَعَ الْقَوْمِ، وَأَخَذَ لَبِيدٌ يُنْشِدُهُمْ فَقَالَ:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ.

فَقَالَ عُثْمَانُ: صَدَقْتَ. ثُمَّ إِنْ لَبِيدًا أَنْشَدَهُمْ تَمَامَ الْبَيْتِ، فَقَالَ:

وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ.

فَقَالَ: كَذَبْتَ. فَسَكَتَ الْقَوْمُ وَلَمْ يَدْرُوا مَا أَرَادَ بِكَلِمَتِهِ، ثُمَّ أَعَادَهَا الثَّانِيَةَ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ، فَلَمَّا قَالَهَا قَالَ مِثْلَ كَلِمَتِهِ الْأُولَى وَالْأُخْرَى، صَدَقْتَ مَرَّةً وَكَذَبْتَ مَرَّةً، وَإِنَّمَا يُصَدِّقُهُ إِذَا ذَكَرَ كُلَّ شَيْءٍ يَفْنَى، وَإِذَا قَالَ: كُلُّ نَعِيمٍ ذَاهِبٌ كَذَّبَهُ عِنْدَ ذَلِكَ؛ إِنَّ نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يَزُولُ، نَزَعَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَطَمَ عَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، فَاخْضَرَّتْ مَكَانَهَا، فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَأَصْحَابُهُ: قَدْ كُنْتَ فِي ذِمَّةٍ مَانِعَةٍ مَمْنُوعَةٍ فَخَرَجْتَ مِنْهَا إِلَى هَذَا، فَكُنْتَ عَمَّا لَقِيتَ غَنِيًّا، ثُمَّ ضَحِكُوا، فَقَالَ عُثْمَانُ: بَلْ كُنْتُ إِلَى هَذَا الَّذِي لَقِيتُ مِنْكُمْ فَقِيرًا، وَعَيْنِي الَّتِي لَمْ تُلْطَمْ إِلَى مِثْلِ هَذَا الَّذِي لَقِيتُ، صَاحِبَتُهَا فَقِيرَةٌ لِي فِيمَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكُمْ أُسْوَةً، فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: إِنْ شِئْتَ أَجَرْتُكَ الثَّانِيَةَ. قَالَ: لَا أَرَبَ لِي فِي جِوَارِكَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ هَكَذَا مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ أَيْضًا.

[بَابُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِفِ وَعَرْضِهِ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ]

ص: 34

25 -

5 - (بَابُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِفِ، وَعَرْضِهِ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ)

9851 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِفِ مَاشِيًا عَلَى قَدَمَيْهِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُجِيبُوهُ، فَانْصَرَفَ فَأَتَى ظِلَّ شَجَرَةٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَنْتَ، أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُنِي؟ أَمْ إِلَى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إِنْ لَمْ تَكُنْ غَضْبَانَ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، أُعُوذُ بِوَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ أَوْ يَحِلَّ بِي سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ ثِقَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9852 -

«وَعَنْ رَقِيقَةَ قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْتَغِي النَّصْرَ بِالطَّائِفِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَمَرَتْ لَهُ بِشَرَابٍ مِنْ سَوِيقٍ، فَشَرِبَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَعْبُدِي طَاغِيَتَهُمْ، وَلَا تَصَلِّي إِلَيْهَا ". قُلْتُ: إِذًا يَقْتُلُونِي! قَالَ: " فَإِذَا قَالُوا لَكِ ذَلِكَ، فَقُولِي: رَبُّ هَذِهِ الطَّاغِيَةِ، فَإِذَا صَلَّيْتِ فَوَلِّيهَا ظَهْرَكِ ". ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِمْ، قَالَتْ بِنْتُ رَقِيقَةَ: فَأَخْبَرَنِي أَخَوَايَ سُفْيَانُ وَوَهَبُ ابْنَيْ قَيْسِ بْنِ أَبَانَ، قَالَا: لَمَّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ خَرَجْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا فَعَلَتْ أُمُّكُمَا؟ ". قُلْنَا: هَلَكَتْ عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَرَكْتَهَا قَالَ: " لَقَدْ أَسْلَمَتْ أُمُّكُمَا إِذًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

9853 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ نَفْسُهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ، فَيَقُولُ: " هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي عز وجل ". فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ، فَقَالَ: " مِمَّنْ أَنْتَ؟ ". فَقَالَ الرَّجُلُ: مِنْ هَمْدَانَ، فَقَالَ: " هَلْ عِنْدَ قَوْمِكَ مِنْ مَنْعَةٍ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَشِيَ أَنْ يَخْفِرَهُ قَوْمُهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: آتِيهِمْ أُخْبِرُهُمْ ثُمَّ آتِيكَ مِنْ قَابِلٍ قَالَ: " نَعَمْ ". فَانْطَلَقَ وَجَاءَ وَفْدُ الْأَنْصَارِ فِي رَجَبٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9854 -

«وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: إِنِّي لَمَعَ أَبِي، شَابٌّ، أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتْبَعُ الْقَبَائِلَ، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ أَحْمَرُ وَضِيءٌ ذُو جُمَّةٍ، يَقِفُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبِيلَةِ يَقُولُ: " يَا بَنِي فُلَانٍ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، آمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ

ص: 35

شَيْئًا، وَأَنْ تُصَدِّقُونِي وَتَمْنَعُونِي، حَتَّى أُنَفِّذَ عَنِ اللَّهِ مَا بَعَثَنِي بِهِ ". فَإِذَا فَرَغَ مِنْ مَقَالَتِهِ، قَالَ الْآخَرُ مِنْ خَلْفِهِ: يَا بَنِي فُلَانٍ، إِنَّ هَذَا يُرِيدُ مِنْكُمْ أَنْ تَسْلَخُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَحُلَفَاءَكُمْ مِنَ الْحَيِّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ أَقْيَشَ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، فَلَا تَسْمَعُوا لَهُ، وَلَا تَتَّبِعُوهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ».

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طُرُقٌ فِيمَا أُوذِيَ بِهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْضُهَا صَحِيحٌ.

9855 -

وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ نَافِعٍ مَكَّةَ وَمَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ، يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُمْ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: " هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ إِلَيْهِ؟ ". قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: " أَنَا رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي إِلَى الْعِبَادِ أَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا ". ثُمَّ ذَكَرَ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا: أَيْ قَوْمِ، هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ إِلَيْهِ قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ نَافِعٍ حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَ إِيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ، وَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا، قَالَ: فَصَمَتَ إِيَاسٌ، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ، وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ» ، قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلِّلُ اللَّهَ، وَيُكَبِّرُهُ، وَيَحْمَدُهُ، وَيُسَبِّحُهُ حَتَّى مَاتَ، فَمَا كَانُوا يَشُكُّونَ أَنَّ قَدْ مَاتَ مُسْلِمًا لَقَدْ كَانَ اسْتَشْعَرَ الْإِسْلَامَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ حِينَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا سَمِعَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ الْبَيْعَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ الَّتِي تُسَمَّى بَيْعَةَ النِّسَاءِ]

9856 -

عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: «بَايَعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِثْلِ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ النِّسَاءَ، مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلِمَ

ص: 36

يَأْتِ شَيْئًا مِنْهُنَّ ضَمِنَ لَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ مِنَّا وَقَدْ أَتَى شَيْئًا مِنْهُنَّ، وَقَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَهُوَ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ مَاتَ مِنَّا وَقَدْ أَتَى شَيْئًا مِنْهُنَّ، فَسَتَرَ عَلَيْهِ، فَعَلَى اللَّهِ حِسَابُهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَيْفُ بْنُ هَارُونَ، وَثَّقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9857 -

«وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ ; أَنَّ أَبَاهُ الْأَسْوَدَ حَضَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النَّاسَ، فَجَاءَهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالشَّهَادَةِ، فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَأَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9858 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «جَاءَتْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ رَقِيقَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: " أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقِي، وَلَا تَزْنِي، وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَكِ، وَلَا تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِيهِ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ، وَلَا تَنُوحِي، وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9859 -

«وَعَنْ قُطْبَةَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنَتِي الْحُويْصِلَةِ» .

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

9860 -

وَعَنْ كَدَنِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْيَمَنِ فَبَايَعْتُهُ، وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9861 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ عَلَيْهَا: (أَنْ لَا يُشْرِكْنَ وَلَا يَزْنِينَ) الْآيَةَ، قَالَتْ: فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا رَأَى مِنْهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعْنَا إِلَّا عَلَى هَذَا، قَالَتْ: فَنَعَمْ، إِذًا فَبَايَعَهَا بِالْآيَةِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ عُرْوَةَ. وَالْبَزَّارُ لَمْ يَشُكَّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9862 -

وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتُبَايِعَهُ، فَنَظَرَ إِلَى يَدَيْهَا، فَقَالَ: " اذْهَبِي فَغَيِّرِي يَدَيْكِ ". قَالَ: فَذَهَبَتْ فَغَيَّرَتْهُمَا بِحِنَّاءٍ، ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقِي، وَلَا تَزْنِي ". قَالَتْ: أَوَتَزْنِي الْحُرَّةُ؟ قَالَ: " لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُنَّ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ". قَالَتْ: وَهَلْ تَرَكَتْ لَنَا أَوْلَادًا نَقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: فَبَايَعَتْهُ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ، وَعَلَيْهَا سُوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ: مَا تَقَوُلُ فِي هَذَيْنِ السُّوَارَيْنِ؟ قَالَ: " جَمْرَتَيْنِ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُنَّ.

ص: 37

9863 -

«وَعَنْ سَلْمَى بِنْتِ قَيْسٍ - وَكَانَتْ إِحْدَى خَالَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّتْ مَعَهُ الْقِبْلَتَيْنِ، وَكَانَتْ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ - قَالَتْ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْتُهُ فِي نِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا شَرَطَ عَلَيْنَا: أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيَهُ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلَا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ. قَالَ: " وَلَا تَغْشُشْنَ أَزْوَاجَكُنَّ ". قَالَتْ: فَبَايَعْنَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَقُلْتُ لِامْرَأَةٍ مِنْهُنَّ: ارْجِعِي فَسَلِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا غِشُّ أَزْوَاجِنَا؟ قَالَتْ: فَسَأَلْتُهُ قَالَ: " تَأْخُذُ مَالَهُ فَتُحَابِي بِهِ غَيْرَهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9864 -

وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ جَمَعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ، فَرَدَدْنَ السَّلَامَ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكُنَّ، فَقُلْنَ: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِرَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقْنَ، وَلَا تَزْنِينَ، وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ، وَلَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ، وَلَا تَعْصِينَ فِي مَعْرُوفٍ، قُلْنَ: نَعَمْ. فَمَدَّ عُمَرُ يَدَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَابِ وَمَدَدْنَ هُنَّ أَيْدِيَهُنَّ مِنْ دَاخِلٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، وَأَمَرَ أَنْ يَخْرُجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْحُيَّضُ وَالْعُتَّقُ، وَنُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَا جُمْعَةَ عَلَيْنَا، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْبُهْتَانِ، وَعَنْ قَوْلِهِ: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12] قَالَ: هِيَ النِّيَاحَةُ» . قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9865 -

«وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ، قَالَتْ: أَنَا مَعَ أُمِّي رَائِطَةَ بِنْتِ سُفْيَانَ الْخُزَاعِيَّةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النِّسْوَةَ، وَيَقُولُ: " أُبَايِعُكُنَّ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقْنَ، وَلَا تَزْنِينَ، وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ، وَلَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ، وَلَا تَعْصِينَ فِي مَعْرُوفٍ ". قُلْنَ: نَعَمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " قُلْنَ: نَعَمْ. فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ ". فَكُنْتُ أَقُولُ كَمَا يَقُلْنَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«أُبَايِعُكُنَّ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ ". وَقَالَ: " قُلْنَ: نَعَمْ، فِيمَا اسْتَطَعْنَهُ ". قُلْنَ: نَعَمْ، فِيمَا اسْتَطَعْنَا» . وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9866 -

«وَعَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ - وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِمْ - قَالَ يَعْقُوبُ: أَخْبَرَتْهُ: بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9867 -

«وَعَنْ عَزَّةَ بِنْتِ خَابِلٍ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَهَا عَلَى

ص: 38

أَنْ لَا تَزِنِينَ، وَلَا تَسْرِقِينَ، وَلَا تَئِدِينَ فَتُبْدِينَ أَوْ تُخْفِينَ، قُلْتُ: أَمَّا الْوَأْدُ الْمُبْدَى فَقَدْ عَرَفْتُهُ، وَأَمَّا الْوَأْدُ الْخَفِيُّ فَلَمْ أَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُخْبِرْنِي، وَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ إِفْسَادُ الْوَلَدِ، فَوَاللَّهِ لَا أُفْسِدُ لِي وَلَدًا أَبَدًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مَسْعُودٍ الْكَعْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهَا، وَلَمْ أَعْرِفْ مَسْعُودًا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9868 -

«وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ ذَهَبَ بِهَا وَبِأُخْتِهَا هِنْدٍ يُبَايِعَانِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا اشْتَرَطَ عَلَيْهِنَّ قَالَتْ هِنْدٌ: أَوَتَعْلَمُ فِي نِسَاءِ قَوْمِكَ مِنْ هَذِهِ الْهِنَةِ شَيْئًا؟ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ: بَايَعَتْهُ فَهَكَذَا يَشْتَرِطُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَوَثَّقَهُ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ.

9869 -

«وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: أَنَا مِنَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي أَخَذَ عَلَيْهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: وَكُنْتُ جَارِيَةً نَاهِدًا جَرِيئَةً عَلَى مَسْأَلَتِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُصَافِحَكَ فَقَالَ: " إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، وَلَكِنْ آخُذُ عَلَيْهِنَّ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ» ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9870 -

«وَعَنْ عَقِيلَةَ بِنْتِ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَتْ: جِئْتُ أَنَا وَأُمِّي قَرِيرَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْعِتْوَارِيَّةُ فِي نِسَاءٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ، فَبَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ضَارِبٌ عَلَيْهِ قُبَّةً بِالْأَبْطَحِ، فَأَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا الْآيَةَ كُلَّهَا فَلَمَّا أَقْرَرْنَا وَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا، لِنُبَايِعَهُ، قَالَ: " إِنِّي لَا أُمْسِكُ أَيْدِي النِّسَاءِ ". فَاسْتَغْفَرَ لَنَا وَكَانَتْ تِلْكَ بَيْعَتَنَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9871 -

وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَافِحُ النِّسَاءَ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَتَّابُ بْنُ حَرْبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9872 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ الْمَاءُ، فَإِذَا بَايَعَ النِّسَاءَ غَمَسْنَ أَيْدِيَهُنَّ فِي الْمَاءِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرَيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9873 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَمَّا بَايَعَ النِّسَاءَ: " لَا يَتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ". قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَاكَ تَشْتَرِطُ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَتَبَرَّجَ، وَأَنَّ فُلَانَةَ قَدْ أَسْعَدَتْنِي، وَقَدْ مَاتَ أَخُوهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبِي فَأَسْعِدِيهَا ثُمَّ تَعَالَيْ فَبَايِعِينِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9874 -

وَعَنْ

ص: 39

أَبِي نَصْرٍ قَالَ: «سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْتَحِنُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا أَتَتْهُ الْمَرْأَةُ لِتُسْلِمَ، أَحْلَفَهَا بِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ لِبُغْضِ زَوْجِهَا، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ لِاكْتِسَابِ دُنْيَا، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ إِلَّا حُبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَثَّقَهُ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُمَا.

[بَابُ بَيْعَةِ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ]

9875 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَايَعَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَهُمْ صِغَارٌ، وَلَمْ يَبْقُلُوا، وَلَمْ يَبْلُغُوا، وَلَمْ يُبَايِعْ صَغِيرًا إِلَّا مِنَّا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَفِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِ، نَحْوُ هَذَا.

[بَابُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ الْأَنْصَارِ، وَالْبَيْعَةِ عَلَى الْحَرْبِ]

9876 -

عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «لَمَّا حَضَرَ الْمَوْسِمُ، حَجَّ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، مِنْهُمْ: مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَذَكْوَانُ بْنُ عَبَدِ الْقَيْسِ. وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. وَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ نُبُوَّتِهِ وَكَرَامَتِهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ أَنْصَتُوا، وَاطْمَأَنَّتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى دَعْوَتِهِ، وَعَرَفُوا مَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِهِمْ إِيَّاهُ بِصِفَتِهِ، وَمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، فَصَدَّقُوهُ، وَآمَنُوا بِهِ، وَكَانُوا مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ مِنَ الدِّمَاءِ، وَنَحْنُ نُحِبُّ مَا أَرْشَدَ اللَّهُ بِهِ أَمْرَكَ، وَنَحْنُ - لِلَّهِ وَلَكَ - مُجْتَهِدُونَ، وَإِنَّا نُشِيرُ عَلَيْكَ بِمَا تَرَى، فَامْكُثْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى قَوْمِنَا فَنُخْبِرَهُمْ بِشَأْنِكَ، وَنَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَعَلَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بَيْنَنَا، وَيَجْمَعُ أَمْرَنَا، فَإِنَّا الْيَوْمَ مُتَبَاعِدُونَ مُتَبَاغِضُونَ، فَإِنْ تَقْدُمْ عَلَيْنَا الْيَوْمَ وَلَمْ نَصْطَلِحْ لَمْ يَكُنْ لَنَا جَمَاعَةٌ عَلَيْكَ، وَنَحْنُ نُوَاعِدُكَ الْمَوْسِمَ مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ. فَرَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي قَالُوا، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ يَدْعُوهُمْ

ص: 40

سِرًّا، وَأَخْبَرُوهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ، وَدَعَا عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ حَتَّى قَلَّ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا أَسْلَمَ فِيهَا نَاسٌ لَا مَحَالَةَ.

ثُمَّ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا مِنْ قِبَلِكَ يَدْعُو النَّاسَ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَدْنَى أَنْ يُتَّبَعَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَنَزَلَ فِي بَنِي غَنْمٍ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ سِرًّا وَيَفْشُو الْإِسْلَامُ وَيَكْثُرُ أَهْلُهُ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ مُسْتَخْفُونَ بِدُعَائِهِمْ، ثُمَّ إِنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ أَقْبَلَ هُوَ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ حَتَّى أَتَيَا بِئْرَ مِرِّي أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَجَلَسُوا هُنَالِكَ، وَبَعَثُوا إِلَى رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَتَوْهُمْ مُسْتَخْفِينَ، فَبَيْنَمَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُهُمْ وَيَقُصُّ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ أُخْبِرَ بِهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَأَتَاهُمْ فِي لَأْمَتِهِ وَمَعَهُ الرُّمْحُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: عَلَامَ يَأْتِينَا فِي دُورِنَا بِهَذَا الْوَحِيدِ الْفَرِيدِ الطَّرِيحِ الْغَرِيبِ يُسَفِّهُ ضُعَفَاءَنَا بِالْبَاطِلِ وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، لَا أَرَاكُمَا بَعْدَ هَذَا بِشَيْءٍ مِنْ جِوَارِنَا. فَرَجَعُوا ثُمَّ إِنَّهُمْ عَادُوا الثَّانِيَةَ بِبِئْرِ مُرَّى أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَأُخْبِرَ بِهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الثَّانِيَةَ، فَوَاعَدَهُمْ بِوَعِيدٍ دُونَ الْوَعِيدِ الْأَوَّلِ فَلَمَّا رَأَى أَسْعَدُ مِنْهُ لِينًا قَالَ: يَا ابْنَ خَالَةَ، اسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ سَمِعْتَ مِنْهُ مُنْكَرًا، فَارْدُدْهُ يَا هَذَا مِنْهُ، وَإِنْ سَمِعْتَ خَيْرًا، فَأَجِبِ اللَّهَ، فَقَالَ: مَاذَا يَقُولُ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ: {حم - وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ - إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 1 - 3] فَقَالَ سَعْدٌ: وَمَا أَسْمَعُ إِلَّا مَا أَعْرِفُ، فَرَجَعَ وَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يُظْهِرْ أَمْرَ الْإِسْلَامِ حَتَّى رَجَعَ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَدَعَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَظْهَرَ إِسْلَامَهُ، وَقَالَ فِيهِ: مَنْ شَكَّ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَلْيَأْتِنَا بِأَهْدَى مِنْهُ، نَأْخُذُ بِهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ أَمْرٌ لَتُحَزَّنَّ فِيهِ الرِّقَابُ، فَأَسْلَمَتْ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ عِنْدَ إِسْلَامِ سَعْدٍ وَدُعَائِهِ إِلَّا مَنْ لَا يُذْكَرُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ دُورٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَتْ بِأَسْرِهَا.

ثُمَّ إِنَّ بَنِي النَّجَّارِ أَخْرَجُوا مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَاشْتَدُّوا عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَانْتَقَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو وَيَهْدِي اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ حَتَّى قَلَّ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا أَسْلَمَ فِيهَا نَاسٌ لَا مَحَالَةَ، وَأَسْلَمَ أَشْرَافُهُمْ، وَأَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَكُسِّرَتْ أَصْنَامُهُمْ

ص: 41

فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ أَعَزَّ أَهْلِهَا، وَصَلَحَ أَمْرُهُمْ، وَرَجَعَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُدْعَى: الْمُقْرِئُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9877 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل إِظْهَارَ دِينِهِ، وَإِعْزَازَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْجَازَ وَعْدِهِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَوْسِمِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ النَّفَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُمْ فِيمَا يَزْعُمُونَ سِتَّةٌ فِيهِمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9878 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْعَقَبَةِ، وَقَدْ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوَافُوهُ سَبْعُونَ رَجُلًا الْعَامَ الْمُقْبِلَ أَقَمْنَا سَنَةً يَمْشِي أَحَدُنَا إِلَى صَاحِبِهِ بِالسَّمْعِ وَالرَّمْلِ وَالْمَطْعَمِ حَتَّى وَافَاهُ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا.» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ وَثَّقَهُ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ.

9879 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ قَبِيلَةً قَبِيلَةً فِي الْمَوْسِمِ مَا يَجِدُ أَحَدًا يُجِيبُهُ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِهَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ لَمَّا أَسْعَدَهُمُ اللَّهُ، وَسَاقَ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ فَآوَوْا وَنَصَرُوا، فَجَزَاهُمُ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِمْ خَيْرًا، وَاللَّهِ مَا وَفَّيْنَا لَهُمْ كَمَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَيْهِ، إِنَّا كُنَّا قُلْنَا لَهُمْ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، وَلَئِنْ بَقِيَتْ إِلَى رَأْسِ الْحَوْلِ لَا يَبْقَى لِي غُلَامٌ إِلَّا أَنْصَارِيٌّ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَحَسُنَ إِسْنَادُهُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ شَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9880 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى قَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ ; أَنْ يُؤْوُوهُ إِلَى قَوْمِهِمْ حَتَّى يُبَلِّغَ كَلَامَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ، وَلَهُمُ الْجَنَّةُ فَلَيْسَتْ قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ تَسْتَجِيبُ لَهُ حَتَّى أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ دِينِهِ، وَنَصْرَ نَبِيِّهِ، وَإِنْجَازَ مَا وَعَدَهُ، سَاقَهُ اللَّهُ إِلَى هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَجَعَلَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم دَارَ هِجْرَةٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَجَمَاعَةٌ، وَضِعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9881 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ، وَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَرَجْنَا فِي حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ صَلَّيْنَا، فُقِّهْنَا مَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا، وَخَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ الْبَرَاءُ لَنَا: يَا هَؤُلَاءِ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ - وَاللَّهِ - رَأْيًا، وَإِنِّي - وَاللَّهِ - مَا أَدْرِي تُوَافِقُونِي عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قُلْنَا لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ لَا أَدَعَ هَذِهِ الْبِنْيَةَ مِنِّي بِظَهْرٍ

ص: 42

- يَعْنِي الْكَعْبَةَ - وَأَنْ أُصَلِّيَ إِلَيْهَا قَالَ: فَقُلْنَا: وَاللَّهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الشَّامِ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ قَالَ: فَقُلْنَا: لَكِنَّا لَا نَفْعَلُ.

قَالَ: وَكُنَّا إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ أَخِي: وَقَدْ كُنَّا قَدْ عَتَبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَأَبَى إِلَّا الْإِقَامَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ: يا ابْنَ أَخِي، انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَسْأَلَهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ خِلَافِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ.

قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ، لَمْ نَرَهُ مِنْ قَبْلُ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: وَقَدْ كُنَّا نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ، كَانَ لَا يَزَالُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا قَالَ: فَادْخُلَا الْمَسْجِدَ فَهُوَ الرَّجُلُ الْجَالِسُ مَعَ الْعَبَّاسِ. قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ جَالِسٌ، فَسَلَّمْنَا ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ:" هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الشَّاعِرُ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، وَقَدْ هَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، فَجَعَلْتُ لَا أَجْعَلُ هَذِهِ الْبِنْيَةَ مِنِّي بِظَهْرٍ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَمَا تَرَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:" لَقَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا ". قَالَ: فَرَجَعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ قَالَ: وَأَهْلُهُ يُصَلُّونَ إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى مَاتَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا قَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ».

قَالَ: «وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ فَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَقَبَةَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الْحَجِّ، وَكَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَبُو جَابِرٍ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا، وَكُنَّا نَكْتُمُ مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمْرَنَا فَكَلَّمْنَاهُ فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا جَابِرٍ إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا، وَشَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِنَا، وَإِنَّا نَرْغَبُ بِكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ حَصَبًا لِلنَّارِ غَدًا، ثُمَّ دَعَوْتُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبَرْتُهُ بِمِيعَادِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَنَا الْعَقَبَةَ وَكَانَ نَقِيبًا.

قَالَ: فَنِمْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 43

نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ الْقَطَا حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا مَعَهُمُ امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ: نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمُّ عُمَارَةَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، وَأَسْمَاءُ ابْنَةُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلَمَةَ، وَهِيَ أُمُّ مَنِيعٍ. فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَنَا وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ إِلَّا أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ يَتَوَثَّقُ لَهُ فَلَمَّا جَلَسْنَا كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ - وَكَانَتِ الْعَرَبُ مِمَّا يُسَمُّونَ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ الْخَزْرَجَ أَوْسَهَا، وَخَزْرَجَهَا - إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا فِيهِ، وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ، وَمَنْعَةٍ فِي بَلَدِهِ. قَالَ: فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَخُذْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ مَا أَحْبَبْتَ.

فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَا، وَدَعَا إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ:" أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ ".

قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لِنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَزْرَنَا، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَحْنُ وَاللَّهِ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ.

قَالَ: فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ - وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا - وَهِيَ الْعُهُودُ - فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ، وَأَظْهَرَكَ اللَّهُ عز وجل أَنْ تَرْجِعَ وَتَدَعَنَا؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " بَلِ الدَّمَ الدَّمَ، وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ أَنْتُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْكُمْ، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ ".

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا مِنْكُمْ يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ ".

فَأَخْرَجُوا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ».

وَأَمَّا مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَنِي فِي حَدِيثُهُ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، ثُمَّ تَبَايَعَ الْقَوْمُ، فَلَمَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأْسِ الْعَقَبَةِ بِأَنْفَذِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ: يَا أَهْلَ الْجَبَاجِبِ - وَالْجَبَاجِبُ: الْمَنَازِلُ - هَلْ

ص: 44

لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاةُ مَعَهُ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟ قَالَ عَلِيُّ يَعْنِي: ابْنَ إسْحَاقَ: مَا يَقُولُ عَدُوُّ اللَّهِ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أَزْيَبَ، اسْمَعْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَمَا وَاللَّهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْفَعُوا إِلَيَّ رِحَالَكُمْ ". قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَمْ أُؤْمَرْ بِذَلِكَ ".

قَالَ: فَرَجَعْنَا فَنِمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جُلَّةُ قُرَيْشٍ حَتَّى جَاءُونَا في مَنَازِلِنَا، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا هَذَا ; تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَاللَّهِ إِنَّهُ مَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضُ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْكُمْ. قَالَ: فَنَبْعَثُ مِنْ هُنَالِكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِنَا يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ هَذَا مِنْ شَيْءٍ، وَمَا عَلِمْنَاهُ، وَقَدْ صَدَقُوا لَمْ يَعْلَمُوا مَا كَانَ مِنَّا.

قَالَ: فَبَعْضُنَا يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ. قَالَ: وَقَامَ الْقَوْمُ، وَفِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ جَدِيدَانِ قَالَ: فَقُلْتُ كَلِمَةً كَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْرِكُ الْقَوْمَ بِهَا فِيمَا قَالُوا: مَا تَسْتَطِيعُ يَا أَبَا جَابِرٍ وَأَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِنَا أَنْ تَتَّخِذَ نَعْلَيْنِ مِثْلَ نَعْلَيْ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: فَسَمِعَهَا الْحَارِثُ فَخَلَعَهُمَا، ثُمَّ رَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، قَالَ: وَاللَّهِ لَتَنْتَعِلَنَّهُمَا، قَالَ: يَقُولُ أَبُو جَابِرٍ: أَحْفَظْتَ - وَاللَّهِ - الْفَتَى ارْدُدْ عَلَيْهِ نَعْلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَرُدُّهُمَا، قَالَ: وَوَاللَّهِ صَالِحٌ، لَئِنْ صَدَقَ الْفَأْلُ لَأَسْلُبَنَّهُ».

فَهَذَا حَدِيثُ ابْنِ مَالِكٍ عَنِ الْعَقَبَةِ، وَمَا حَضَرَ مِنْهَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيثِهِ: «فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَقِيَنَا رَجُلٌ بِالْأَبْطَحِ فَقُلْنَا لَهُ: تَدُلُّنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِهِ إِذَا رَأَيْتُمَاهُ؟ وَقَالَ أَيْضًا: وَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَلَا الْقُرْآنَ، وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ ; فَأَجَبْنَاهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُ» .

وَقَالَ أَيْضًا: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَخْرِجُوا مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ". فَأَخْرَجَهُمْ فَكَانَ نَقِيبَ بَنِي النَّجَّارِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي سَلَمَةَ: الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ. وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي سَاعِدَةَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ

ص: 45

بْنُ عَمْرٍو.

وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي زُرَيْقٍ: رَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ. وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ.

وَنَقِيبُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التِّيهَانِ. وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ.

9882 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بِعُكَاظٍ وَمَجَنَّةٍ، وَفِي الْمَوْسِمِ بِمِنًى، يَقُولُ:" مَنْ يُؤْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ ".

حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، أَوْ مِنْ مُضَرِ كَذَا، قَالَ: قَالَ: فَيَأْتِيِهِ قَوْمُهُ، فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ، وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ، وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ مِنْ يَثْرِبَ فَآوَيْنَاهُ، وَصَدَّقْنَاهُ، فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ.

ثُمَّ ائْتَمَرُوا جَمِيعًا، فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ؟ فَرَحَلَ إِلَيْهِ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَّا حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ فَوَاعَدْنَا شِعْبَ الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمَعُوا عِنْدَهَا مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَا نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: " تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ والْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ تَقُولُوا لِلَّهِ لَا تَخَافُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ، وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمُ الْجَنَّةُ ".

قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ، فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ، أَمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَبِيئَةً، فَتُبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ، قَالُوا: أَمِطْ عَنَّا يَا أَسْعَدُ فَوَاللَّهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا، وَلَا نَسْلُبُهَا أَبَدًا قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ، فَبَايَعْنَاهُ فَأَخَذَ عَلَيْنَا، وَشَرَطَ، وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ».

قُلْتُ: رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْهُ طَرَفًا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَوَاللَّهِ لَا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَلَا نَسْتَقِيلُهَا. وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 46

9883 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: وَقَالَ: تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً.

9884 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ أَيْضًا: حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْحَلُ مِنْ مُضَرَ مِنَ الْيَمَنِ.

9885 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «كَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ حِبَالًا - وَالْحِبَالُ: الْحَلِفُ وَالْمَوَاثِيقُ - فَلَعَلَّنَا نَقْطَعُهَا ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى قَوْمِكَ، وَقَدْ قَطَعْنَا الْحِبَالَ وَحَارَبْنَا النَّاسَ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ وَقَالَ:" الدَّمَ الدَّمَ الْهَدْمَ الْهَدْمَ ".

فَلَمَّا رَضِيَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِمَا رَجَعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ أَقْبَلَ عَلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْهَدُ أَنَّهُ لَصَادِقٌ وَأَنَّهُ الْيَوْمَ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ وَبَيْنَ ظَهْرَيْ قَوْمِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنْ تُخْرِجُوهُ بَرَتْكُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ بِالْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَذَهَابِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ فَادْعُوهُ إِلَى أَرْضِكُمْ، فَإِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقًّا، وَإِنْ خِفْتُمْ خِذْلَانًا فَمِنَ الْآنَ، فَقَالُوا عِنْدَ ذَلِكَ: قَبِلْنَا عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ مَا أَعْطَانَا، وَقَدْ أَعْطَيْنَاكَ مِنْ أَنْفُسِنَا الَّذِي سَأَلْتَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَخَلِّ بَيْنَنَا يَا أَبَا الْهَيْثَمِ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْنُبَايِعْهُ فَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ ثُمَّ كُلُّهُمْ، وَصَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأَسِ الْجَبَلِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَذِهِ الْخَزْرَجُ وَالْأَوْسُ تُبَايِعُ مُحَمَّدًا عَلَى قِتَالِكُمْ فَفَزِعُوا عِنْدَ ذَلِكَ وَرَاعَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا يَرُعْكُمْ هَذَا الصَّوْتُ ; فَإِنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ لَيْسَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ مِمَّنْ تَخَافُونَ ". وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَرَخَ بِالشَّيْطَانِ: " يَا ابْنَ أَزَبَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَسَأَفْرَغُ لَكَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، هَكَذَا مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

9886 -

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: «وَعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْلِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ عُقْبَةُ: إِنِّي أَصْغَرُهُمْ سِنًّا، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَوْجِزُوا فِي الْخُطْبَةِ ; فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُفَّارَ قُرَيْشٍ ". فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَلْنَا لِرَبِّكَ وَسَلْنَا لِنَفْسِكَ، وَسَلْنَا لِأَصْحَابِكَ، وَأَخْبِرْنَا مَا لَنَا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى وَعَلَيْكَ؟ قَالَ: " أَمَّا الَّذِي أَسْأَلُ لِرَبِّي أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. وَأَمَّا الَّذِي أَسْأَلُ لِنَفْسِي: أَسْأَلُكُمْ أَنْ تُطِيعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ. وَأَسْأَلُكُمْ لِي وَلِأَصْحَابِي: أَنْ تُوَاسُونَا فِي ذَاتِ أَيْدِيكُمْ، وَأَنْ تَمْنَعُونَا مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ. فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَلَكُمْ - عَلَى اللَّهِ - الْجَنَّةُ وَعَلَيَّ ". قَالَ: فَمَدَدْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ

ص: 47

مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِنَحْوِ حَدِيثٍ مُرْسَلٍ يَأْتِي، وَفِيهِ مُجَالِدٌ أَيْضًا، وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ، وَذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا وَهُوَ.

9887 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ قَالَ: " لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلَا يُطِلْ ; فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا ; وَإِنْ يَعْلَمُوا بِكُمْ يَفْضَحُوكُمْ ". قَالَ قَائِلُهُمْ وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ، ثُمَّ سَلْ لِنَفْسِكَ وَلِأَصْحَابِكَ مَا شِئْتَ، ثُمَّ أَخْبِرْنَا مَا لَنَا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى اللَّهِ عز وجل وَعَلَيْكُمْ إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ: " أَسْأَلُ لِرَبِّي عز وجل أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي وَلِأَصْحَابِي أَنْ تُؤْوُونَا وَتَنْصُرُونَا وَتَمْنَعُونَا مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ ". قَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ: " لَكُمُ الْجَنَّةُ ". قَالُوا: فَلَكَ ذَلِكَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ هَكَذَا مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بَعْدَهُ سَنَدًا إِلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَقَالَ بِنَحْوِ هَذَا قَالَ: وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا، وَفِيهِ مُجَالِدٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

9888 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا سَمِعَ الشَّيْبُ وَلَا الشُّبَّانُ خُطْبَةً مِثْلَهَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9889 -

وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: «سَأَلْتُ جَابِرًا عَنِ الْعَقَبَةِ قَالَ: شَهِدَهَا سَبْعُونَ فَوَاثَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَبَّاسُ بْنُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ أَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَخَذْتُ وَأَعْطَيْتُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

9890 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمَّا لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم النُّقَبَاءُ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ لَهُمْ: " تُؤْوُونِي وَتَمْنَعُونِي ". قَالُوا: فَمَا لَنَا؟ قَالَ: " لَكُمُ الْجَنَّةُ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9891 -

وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ خَطَبَ مَقْدَمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّا نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا، وَأَوْلَادَنَا فَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " لَكُمُ الْجَنَّةُ ". قَالُوا: رَضِينَا» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9892 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «حَمَلَنِي خَالِي جَدُّ بْنُ قَيْسٍ فِي السَّبْعِينَ رَاكِبًا الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ الْأَنْصَارِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: " يَا عَمِّ، خُذْ عَلَى أَخْوَالِكَ ". فَقَالَ لَهُ السَّبْعُونَ: يَا مُحَمَّدُ، سَلْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ وَمَا شِئْتَ. فَقَالَ: " أَمَّا الَّذِي أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي فَتَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ

ص: 48

شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي أَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي فَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ ".

قَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ: " الْجَنَّةُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9893 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، قَالَ جَابِرٌ: وَأَخْرَجَنِي خَالَايَ، وَأَنَا لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْمِيَ بِحَجَرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9894 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ عَبَّاسٌ: «وَاللَّهِ أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَتَاهُ السَّبْعُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ الْعَقَبَةَ فَأَخَذَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ وَأَوَّلِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ أَحَدٌ عَلَانِيَةً» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ اللَّدُودِ الَّذِي رَوَتْهُ عَائِشَةُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9895 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ; «أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ تَدْرُونَ عَلَى مَا تُبَايِعُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم؟ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ أَنْ تُحَارِبُوا الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ، فَقَالُوا: نَحْنُ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَ، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْتَرِطْ، قَالَ: " تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ تَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَالسَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، وَأَنْ لَا تُنَازِعُوا الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

9896 -

وَعَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «جَاءَتِ الْأَنْصَارُ تُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَقَبَةِ فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ قُمْ يَا عَلِيُّ فَبَايِعْهُمْ ". فَقَالَ: عَلَامَ أُبَايِعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " عَلَى أَنْ يُطَاعَ اللَّهُ وَلَا يُعْصَى، وَعَلَى أَنْ تَمْنَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتَهُ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَذَرَارِيَّكُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

[بَابُ قَوْلِهِ بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ]

9897 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِيمَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ]

ص: 49

25 -

10 - (بَابٌ فِيمَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ)

9898 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ حَضَرَ الْعَقَبَةَ: مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَوْسُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَصْرَمَ، وَأَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَهُوَ بِبِلَادِهِ، وَكَانَ نَقِيبًا. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: بَشِيرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ النُّعْمَانِ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَذَكْوَانُ بْنُ عَبَدِ الْقَيْسِ بْنِ خَلْدَةَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحُبُلِيِّ: رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرٍو. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبٍ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ نَقِيبٌ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ وَهُوَ نَقِيبٌ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةِ بْنِ وَقْشٍ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ: ظَهِيرُ بْنُ رَافِعٍ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ. وَإِسْنَادُهَا إِلَى ابْنِ شِهَابٍ وَاحِدٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. رَوَاهَا كُلَّهَا الطَّبَرَانِيُّ.

9899 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَقَبَةِ: مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جُشَمٍ: الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورِ بْنِ صَخْرِ بْنِ خَنْسَاءَ وَهُوَ نَقِيبٌ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ: بَهِيرُ بْنُ الْهَيْثَمِ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ: ثَابِتُ بْنُ أَجْدَعَ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَخْلَدٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ: زَيْدُ بْنُ لَبِيدٍ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي زُهَيْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: سَهْلُ بْنُ عَتِيكٍ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةُ بْنُ الْحَارِثِ: ظَهِيرُ بْنُ رَافِعٍ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ: عَمْرُو بْنُ غَزِيَّةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ بَعْكَكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيلَةَ بْنِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي

ص: 50

الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَقَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَسِيرِ بْنِ عُسَيْرَةَ وَيُكَنَّى أَبَا مَسْعُودٍ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: كَعْبُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي الْقَيْنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَوَادَةَ ..

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بِسَنَدٍ وَاحِدٍ، وَفِي إِسْنَادِ عُرْوَةَ: ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَحَدِيثُهُ فِي حَدِّ الْحُسْنِ.

9900 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ; أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ كَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9901 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي الْحَجَّةِ الَّتِي بَايَعْنَا فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالْعَقَبَةِ وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي زُرَيْقٍ رَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ. وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي سَاعِدَةَ سَعْدُ بْنُ عِبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو.

رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُمَا وَاحِدٌ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

[بَابُ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ]

9902 -

عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «وَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْحَجِّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَصَفَرَ، ثُمَّ إِنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَمَكْرَهُمْ حِينَ ظَنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجٌ، وَعَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ مَأْوًى وَمِنْعَةً، وَبَلَغَهُمْ إِسْلَامُ الْأَنْصَارِ وَمَنْ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يَسْجِنُوهُ، أَوْ يَسْحَبُوهُ - شَكَّ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ - وَإِمَّا أَنْ يُخْرِجُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يُوثِقُوهُ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ عز وجل بِمَكْرِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30] وَبَلَغَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي أَتَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَارَ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ مُبَيِّتُوهُ إِذَا أَمْسَى عَلَى فِرَاشِهِ، وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْغَارِ بِثَوْرٍ، وَهُوَ الْغَارُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ، وَعَمَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَرَقَدَ عَلَى فِرَاشِهِ يُوَارِي عَنْهُ الْعُيُونَ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ يَخْتَلِفُونَ وَيَأْتَمِرُونَ أَنْ نُجَثَّمَ عَلَى صَاحِبِ الْفِرَاشِ فَيُوثِقَهُ؟ فَكَانَ ذَلِكَ حَدِيثَهُمْ حَتَّى أَصْبَحُوا، فَإِذَا عَلِيٌّ يَقُومُ عَنِ الْفِرَاشِ فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، فَعَلِمُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ، فَرَكِبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَهُ، وَبَعَثُوا إِلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ يَأْمُرُونَهُمْ

ص: 51

وَيَجْعَلُونَ لَهُمُ الْجَعْلَ الْعَظِيمَ، وَأَتَوْا عَلَى ثَوْرٍ الَّذِي فِيهِ الْغَارُ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى طَلَعُوا فَوْقَهُ، وَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْوَاتَهَمْ فَأَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْهَمِّ وَالْخَوْفِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ". وَدَعَا فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ سَكِينَةٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40] وَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ تَرُوحُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ بِمَكَّةَ، فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ أَمِينًا مُؤْتَمَنًا حَسَنَ الْإِسْلَامِ فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأُرَيْقِطِ كَانَ حَلِيفًا لِقُرَيْشٍ فِي بَنِي سَهْمٍ مِنْ بَنِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَذَلِكَ يَوْمَئِذِ الْعَدَوِيُّ مُشْرِكٌ، وَهُوَ هَادٍ بِالطَّرِيقِ فَخَبَّأَ بَأَظْهُرِنَا تِلْكَ اللَّيَالِيَ، وَكَانَ يَأْتِيهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حِينَ يُمْسِي بِكُلِّ خَبَرٍ يَكُونُ فِي مَكَّةَ، وَيُرِيحُ عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ الْغَنَمَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَيَحْلِبَانِ وَيَذْبَحَانِ ثُمَّ يَسْرَحُ بُكْرَةً، فَيُصْبِحُ فِي رُعْيَانِ النَّاسِ، وَلَا يَفْطِنُ لَهُ، حَتَّى إِذَا هَدَأَتْ عَنْهُمُ الْأَصْوَاتُ وَأَتَاهُمَا أَنْ قَدْ سَكَتَ عَنْهُمَا جَاءَا صَاحِبَهُمَا بِبَعِيرَيْهِمَا، وَقَدْ مَكَثَا فِي الْغَارِ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ ثُمَّ انْطَلَقَا وَانْطَلَقَا مَعَهُمَا بِعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ يَحْدِيهِمَا وَيَخْدِمُهُمَا وَيُعِينُهُمَا يُرْدِفُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَيُعْقِبُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ، وَغَيْرَ أَخِي بَنِي عَدِيٍّ يَهْدِيهِمُ الطَّرِيقَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ كَلَامٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

9903 -

«وَعَنْ مَارِيَةَ قَالَتْ: طَأْطَأْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَعِدَ حَائِطًا لَيْلَةَ فَرَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

9904 -

وَعَنْ أَبِي مُصْعَبٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَالْمُغَيَّرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُونَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ بَاتَ فِي الْغَارِ أَمَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى شَجَرَةً فَنَبَتَتْ فِي وَجْهِ الْغَارِ، فَسَتَرَتْ وَجْهَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ عَلَى وَجْهِ الْغَارِ. وَأَمَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ

ص: 52

فَوَقَفَتَا بِفَمِ الْغَارِ. وَأَتَى الْمُشْرِكُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ حَتَّى كَانُوا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا مَعَهُمْ قِسِيِّهِمْ وَعِصِيِّهِمْ، وَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَنَظَرَ فَرَأَى الْحَمَامَتَيْنِ، فَرَجَعَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَيْسَ فِي الْغَارِ شَيْءٌ رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ عَلَى فَمِ الْغَارِ، فَعَرَفْتُ أَنْ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَدْ دَرَأَ بِهِمَا عَنْهُ، فَسَمَّتَ عَلَيْهِمَا، وَفَرَضَ جَزَاءَهُمَا، وَاتَّخَذَ فِي حَرَمِ اللَّهِ تبارك وتعالى فَرْخَيْنِ، أَحْسَبُهُ قَالَ: فَأَصْلُ كُلِّ حَمَامٍ فِي الْحَرَمِ مِنْ فِرَاخِهِمَا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9905 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينَا بِمَكَّةَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنْ ذَلِكَ جَاءَنَا فِي الظَّهِيرَةِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي وَأُمِّي مَا جَاءَ بِهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا أَمْرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ؟ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالصَّحَابَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " الصَّحَابَةُ ". قَالَ: إِنَّ عِنْدِي رَاحِلَتَيْنِ قَدْ عَلَفْتُهُمَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا انْتِظَارًا لِهَذَا الْيَوْمِ فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَ:" بِثَمَنِهَا يَا أَبَا بَكْرٍ "، فَقَالَ: بِثَمَنِهَا بِأَبِي وَأُمِّي إِنْ شِئْتَ، قَالَتْ: فَهَيَّأْنَا لَهُمْ سُفْرَةً، ثُمَّ قَطَعَتْ نِطَاقَهَا فَرَبَطَتْهَا بِبَعْضِهِ، فَخَرَجَا فَمَكَثَا فِي الْغَارِ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الْغَارَ قَبْلَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ فِيهِ حَجَرًا إِلَّا أَدْخَلَ فِيهِ إِصْبَعَهُ ; مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَامَةٌ، وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ حِينَ فَقَدُوهُمَا فِي بِغَائِهِمَا، وَجَعَلُوا فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ نَاقَةٍ، وَخَرَجُوا يَطُوفُونَ فِي جِبَالِ مَكَّةَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي هُمَا فِيهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِرَجُلٍ [يَرَاهُ] مُوَاجِهٍ الْغَارَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَرَانَا، فَقَالَ:" كَلَّا إِنَّ مَلَائِكَةً تَسْتُرُنَا بِأَجْنِحَتِهَا ". فَجَلَسَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَبَالَ مُوَاجِهَ الْغَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْ كَانَ يَرَانَا مَا فَعَلَ هَذَا ". فَمَكَثَا ثَلَاثَ لَيَالٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ غَنَمًا لِأَبِي بَكْرٍ وَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَيُصْبِحُ مَعَ الرُّعَاةِ فِي مَرَاعِيهَا، وَيَرُوحُ مَعَهُمْ وَيُبْطِئُ فِي الْمَشْيِ حَتَّى إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ بِغَنَمِهِ إِلَيْهِمَا، فَتَظُنُّ الرُّعَاةُ أَنَّهُ

ص: 53

مَعَهُمْ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَظَلُّ بِمَكَّةَ يَتَطَلَّبُ الْأَخْبَارَ ثُمَّ يَأْتِيهِمَا إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ فَيُخْبِرُهُمَا، ثُمَّ يُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ يَتَطَلَّبُ الْأَخْبَارَ، ثُمَّ يَأْتِيهِمَا إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ فَيُخْبِرُهُمَا، ثُمَّ يُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، ثُمَّ خَرَجَا مِنَ الْغَارِ فَأَخَذَا عَلَى السَّاحِلِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسِيرُ أَمَامَهُ، فَإِذَا خَشِيَ أَنْ يُؤْتَى مِنْ خَلْفِهِ سَارَ خَلْفَهُ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ مَسِيرَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مَعْرُوفًا فِي النَّاسِ، فَإِذَا لَقِيَهُ لَاقٍ، فَيَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَيَقُولُ: هَادٍ يَهْدِينِي، يُرِيدُ الْهُدَى فِي الدِّينِ، وَيَحْسَبُ الْآخَرُ دَلِيلًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَبْيَاتِ قُدَيْدٍ وَكَانَ عَلَى طَرِيقِهِمَا [عَلَى السَّاحِلِ] جَاءَ إِنْسَانٌ إِلَى [مَجْلِسِ] بَنِي مُدْلِجٍ، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ رَاكِبَيْنِ نَحْوَ السَّاحِلِ، فَإِنِّي لَأَجِدُهُمَا لَصَاحِبَ قُرَيْشٍ الَّذِي تَبْغُونَ، فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ: ذَانِكَ رَاكِبَيْنِ مِمَّنْ بَعَثْنَا فِي طَلَبِةِ الْقَوْمَ، ثُمَّ دَعَا جَارِيَتَهُ فَسَارَّهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِهِ وَتَحُطَّ رُمْحَهُ وَلَا تَنْصِبَهُ حَتَّى يَأْتَيَهُ فِي قَرَارَهِ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يَجِيئَهَا، فَرَكَبَ فَرَسَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فِي آثَارِهِمَا، قَالَ سُرَاقَةُ: فَدَنَوْتُ مِنْهُمَا حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَكَضَتِ الْفَرَسُ فَوَقَعَتْ بِمِنْخَرَيْهَا، فَأَخْرَجْتُ قِدَاحِي مِنْ كِنَانَتِي، فَضَرَبْتُ بِهَا أَضُرُّهُ أَمْ لَا أَضُرُّهُ؟ فَخَرَجَ لَا تَضُرُّهُ، فَأَبَتْ نَفْسِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِنْهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِثْلُ مَا أَصَابَنِي نَادَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَرَى سَيَكُونُ لَكَ شَأْنٌ، فَقِفْ أُكَلِّمُكَ. فَوَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَمَانًا، فَأَمَرَ أَنْ يَكْتُبَ فَكَتَبَ لَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، وَأَخْرَجْتُهُ وَنَادَيْتُ: أَنَا سُرَاقَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَوْمُ وَفَاءٍ "، قَالَ سُرَاقَةُ: فَمَا شُبِّهَتْ سَاقُهُ فِي غَرْزِهِ إِلَّا بِجِمَارٍ. فَذَكَرْتُ شَيْئًا أَسْأَلُهُ عَنْهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ ذَا نَعَمٍ، وَإِنَّ الْحِيَاضَ تُمْلَأُ مِنَ الْمَاءِ، فَنَشْرَبُ فَيَفْضُلُ مِنَ الْمَاءِ فِي الْحِيَاضِ، فَيَرِدُ الْهَمَلُ، فَهَلْ لِي فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" نَعَمْ، فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ» ".

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ طَرَفًا مِنْ آخِرِهِ عَنْ سُرَاقَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9906 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى اسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَوْرَتِهِ يَبُولُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَرَانَا؟ قَالَ: " لَوْ رَآنَا لَمْ يَسْتَقْبِلْنَا بِعَوْرَتِهِ ". يَعْنِي وَهُوَ بِالْغَارِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ، وَهُوَ

ص: 54

مَتْرُوكٌ.

9907 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرَيْنِ، فَدَخَلَا فِي الْغَارِ فِإِذَا فِي الْغَارِ جُحْرٍ فَأَلْقَمَهُ أَبُو بَكْرٍ عَقِبَهُ حَتَّى أَصْبَحَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شَيْءٌ، فَأَقَامَا فِي الْغَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى نَزَلَا بِخَيْمَاتِ أُمِّ مَعْبَدٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ مَعْبَدٍ إِنِّي أَرَى وُجُوهًا حِسَانًا، وَإِنَّ الْحَيَّ أَقْوَى عَلَى كَرَامَتِكُمْ مِنِّي، فَلَمَّا أَمْسَوْا عِنْدَهَا بَعَثَتْ مَعَ ابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ بِشَفْرَةٍ وُشَاةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْدُدِ الشَّفْرَةَ وَهَاتِ لِي فَرَقًا " - يَعْنِي الْقَدَحَ - فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ لَا لَبَنَ فِيهَا وَلَا وَلَدَ قَالَ: " هَاتِ لِي فَرَقًا ". فَجَاءَتْهُ بِفَرَقٍ فَضَرَبَ ظَهْرَهَا فَاجْتَرَّتْ وَدَرَّتْ، فَحَلَبَ فَمَلَأَ الْقَدَحَ فَشَرِبَ وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أُمِّ مَعْبَدٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

9908 -

وَعَنْ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجْرٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: «مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِحِذْوَاتٍ بَيْنَ الْجُحْفَةِ وَهَرْشَا وَهُمَا عَلَى جَمَلٍ وَاحِدٍ، وَهُمَا مُتَوَجِّهَانِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَحَمَلَهُمَا عَلَى فَحْلِ إِبِلِهِ ابْنُ الرِّدَاءِ، فَبَعَثَ مَعَهُمَا غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: مَسْعُودٌ، فَقَالَ: اسْلُكْ بِهِمَا حَيْثُ تَعْلَمُ مِنْ مَحَارِمِ الطَّرِيقِ، وَلَا تُفَارِقْهُمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَاجَتَهُمَا مِنْكَ وَمِنْ جَمَلِكَ، فَسَلَكَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الزَّمْحَا، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الْكُويَةِ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْمُرَّةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِمَا مِنْ شُعْبَةٍ ذَاتِ كَشْطٍ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْمُدْلَجَةَ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْغَسَّانَةَ، ثُمَّ سَلَكَ ثَنِيَّةَ الْمُرَّةَ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا الْمَدِينَةَ، وَقَدْ قَضَيَا حَاجَتَهُمَا مِنْهُ وَمِنْ حَمْلِهِ، ثُمَّ رَجَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسْعُودًا إِلَى سَيِّدِهِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ مُغَفَّلًا لَا يَسِمِ الْإِبِلَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ أَوْسًا أَنْ يَسِمَهَا فِي أَعْنَاقِهَا قَيْدَ الْفَرَسِ» .

قَالَ صَخْرُ بْنُ مَالِكٍ: وَهُوَ وَاللَّهِ يَسِمُهَا الْيَوْمَ، وَقَيَّدَ الْفَرَسَ فِيمَا أَرَى حَلَقَ حَلَقَتَيْنِ، وَمَدَّ بَيْنَهُمَا مَدًّا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9909 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: «لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُهَاجَرِهِ، لَقِيَ رَكْبًا فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، سَلِ الْقَوْمَ مِمَّنْ هُمْ؟ ". قَالُوا: مِنْ أَسْلَمَ. قَالَ: " سَلِمْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ، سَلْهُمْ مِنْ أَيِّ أَسْلَمَ؟ ". قَالُوا: مِنْ بَنِي سَهْمٍ قَالَ: " ارْمِ سَهْمَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9910 -

وَعَنْ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمَا اللِّيثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ، مَرُّوا عَلَى

ص: 55

خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ وَكَانَتِ امْرَأَةً بَرْزَةً جَلْدَةً، تَحْتَبِي بِفَنَاءِ الْقُبَّةِ، وَتُسْقِي وَتُطْعِمُ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا، فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمَلِينَ مُسْنَتِينَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى شَاةٍ فِي كَسْرِ الْخَيْمَةِ، فَقَالَ:" مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ ". قَالَتْ: خَلَّفَهَا الْجُهْدُ عَنِ الْغَنَمِ قَالَ: " فَهَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ؟ ". قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلِبَهَا؟ ". قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، نَعَمْ، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلِبْهَا، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عز وجل، وَدَعَا اللَّهَ فِي شَأْنِهَا، فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ، فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رُوُوا، وَشَرِبَ آخِرُهُمْ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَرَاضُوا، ثُمَّ حَلَبَ فِيهَا ثَانِيًا بَعْدَ مَدَى حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا، ثُمَّ بَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا، مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ، وَلَا حَلُوبَةَ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ. قَالَتْ: رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجَ الْوَجْهِ،

ص: 56

حَسَنَ الْخُلُقِ لَمْ تُعِبْهُ ثَجْلَةٌ، وَلَمْ تَزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ، وَأَبْهَى مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْلَاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ فَصْلٌ لَا هَذْرَ وَلَا نَزْرَ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَنْحَدِرْنَ رَبْعٌ، لَا يَيْأَسُ مِنْ طُولٍ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحْفَوْنَ بِهِ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا أَمْرَهُ، مَحْقُودٌ مَحْسُودٌ لَا عَابِسٌ وَلَا مُفْنِدٌ.

قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ بِمَكَّةَ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:

جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ

رَفِيقَيْنِ قَلَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ.

هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ

لَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ

فَيَا لِقَصِيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ

بِهِ مِنْ فِعَالٍ لَا تُجَارَى وَسُؤْدَدِ

لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ

وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ

سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا

فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ

دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ

عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبَدِ

فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ

يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ

فَلَمَّا أَنْ سَمِعَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِذَلِكَ شَبَّ يُجِيبُ الْهَاتِفَ، وَهُوَ يَقُولُ.

لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ

وَقَدَّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وِيَغْتَدِي

تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَّلَتْ عُقُولُهُمْ

وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدِّدِ

هُدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ

وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَبْتَغِي الْحَقَّ يَرْشُدِ

ص: 57

وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا

عَمَايَتُهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِ؟

وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ

رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ.

نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ

وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ

وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ

فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ

لِيَهْنَ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ

بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ

لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ

وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ»

وَقَالَ لَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ مُكْرَمٍ: فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَهُوَ الطُّولُ. وَالصَّوَابُ: صَحَلٌ، وَهِيَ الْبَحَّةُ. وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ: لَا يَأَسَ مِنْ طُولٍ، وَالصَّوَابُ: لَا يَتَشَنَّى مِنْ طُولٍ.

وَقَالَ لَنَا عَنْ مَكْرُمٍ: لَا عَايِسٌ وَلَا مُفْنِدٍ يَعْنِي: لَا عَابِسٌ، وَلَا مُكَذِّبٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إِسْنَادِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْطٍ ذَكَرْتُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم.

9911 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: «لَمَّا انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ مُسْتَخْفِيَانِ نَزَلَا بِأَبِي مَعْبَدٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا شَاةٌ، وَإِنَّ شَاءَنَا لِحَوَامِلُ فَمَا بَقِيَ لَنَا لَبَنٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَبُهُ -: " فَمَا تِلْكَ الشَّاةُ؟ ". فَأَتَى بِهَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَكَةِ عَلَيْهَا ثُمَّ حَلَبَ عُسًّا فَسَقَاهُ ثُمَّ شَرِبُوا، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّكَ صَابِئٌ؟ قَالَ: " إِنَّهُمْ يَقُولُونَ ". قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، ثُمَّ قَالَ: أَتَّبِعُكَ؟ قَالَ: " لَا، حَتَّى تَسْمَعَ أَنَّا قَدْ ظَهَرْنَا ". فَاتَّبَعَهُ بَعْدُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9912 -

وَعَنْ فَائِدٍ مَوْلَى عَبَادِلَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، فَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى ابْنِ سَعْدٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ أَتَانَا ابْنُ سَعْدٍ، وَسَعْدٌ الَّذِي دَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَرِيقِ رَكُوبِهِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَخْبِرْنِي مَا حَدَّثَكَ أَبُوكَ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُمْ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَتْ

ص: 58

لِأَبِي بَكْرٍ عِنْدَنَا بِنْتٌ مُسْتَرْضَعَةٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ الِاخْتِصَارَ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: هَذَا الْغَائِرُ مِنْ رَكُوبِهِ، وَبِهِ لِصَّانِ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُمَا: الْمُهَانَانِ، فَإِنْ شِئْتَ أَخَذْنَا عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" خُذْ بِنَا عَلَيْهِمَا "، قَالَ سَعْدٌ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا إِذَا أَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: هَذَا الْيَمَانِيُّ، فَدَعَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَا ثُمَّ سَأَلَهُمَا عَنْ أَسْمَائِهِمَا، فَقَالَا: نَحْنُ الْمُهَانَانِ قَالَ: " بَلْ أَنْتُمَا الْمُكَرَّمَانِ ". وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَقْدَمَا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا ظَاهِرَ قُبَاءَ فَتَلَقَّى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَيْنَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ؟ ". فَقَالَ سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ: إِنَّهُ قَدْ أَصَابَ قَبْلِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرَهُ بِكَ؟ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا طَلَعَ عَلَى النَّخْلِ فَإِذَا الشَّرْبُ مَمْلُوءٌ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ:" يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا الْمَنْزِلُ رَأَيْتُنِي أَنْزِلُ إِلَى حِيَاضٍ كَحِيَاضِ بَنِي مُدْلِجٍ» ".

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ. وَابْنُ سَعْدٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9913 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ مَالَهُ كُلَّهُ، وَكَانَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَانْطَلَقَ بِهَا مَعَهُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ، قَالَتْ: قُلْتُ: كَلَّا يَا أَبَتِ، قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرًا، قَالَتْ: فَأَخَذْتُ أَحْجَارًا فَجَعَلْتُهَا فِي كُوَّةٍ فِي الْبَيْتِ كَانَ أَبِي يَجْعَلُ فِيهَا مَالَهُ، ثُمَّ جَعَلْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: ضَعْ يَا أَبَتِ يَدَكَ عَلَى هَذَا الْمَالِ، قَالَتْ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ إِنْ كَانَ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا لَقَدْ أَحْسَنَ، وَفِي هَذَا لَكُمْ بِلَاغٌ، قَالَتْ: وَلَا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أُسْكِنَ الشَّيْخَ بِذَلِكَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ.

9914 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ يَعْرِفُ فِي الطَّرِيقِ لِاخْتِلَافِهِ بِالشَّامِ فَكَانَ يَمُرُّ بِالْقَوْمِ، فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا يَهْدِينِي، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ بَعَثَ

ص: 59

إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ وَأَصْحَابِهِ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالُوا: ادْخُلَا آمِنِينَ مُطَاعِينَ، فَدَخَلَا» - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ -.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9915 -

وَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَرَأَيْتَ دَارَ هِجْرَتِكُمْ سَبْخَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيْ حَرَّةَ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ هَجَرَ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ يَثْرِبَ ".

قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْتُ قَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَهُ، وَصَدَّنِي فِتْيَانٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَعَلْتُ لَيْلَتِي تِلْكَ أَقُومُ وَلَا أَقْعُدُ، فَقَالُوا: قَدْ شَغَلَهُ اللَّهُ عَنْكُمْ بِبَطْنِهِ، وَلَمْ أَكُنْ شَاكِيًا، فَنَامُوا، فَخَرَجْتُ فَلَحِقَنِي مِنْهُمْ نَاسٌ بَعْدَ مَا سِرْتُ يُرِيدُونَ رَدِّي، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ أَوَاقَ مِنْ ذَهَبٍ وَحُلَّةً سِيَرَاءَ بِمَكَّةَ، وَتُخَلُّونَ سَبِيلِي وَتُوَثِّقُونَ لِي، فَفَعَلُوا فَتَبِعْتُهُمْ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْتُ: احْفِرُوا تَحْتَ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، فَإِنَّ تَحْتَهَا الْأَوَاقَ، وَاذْهَبُوا إِلَى فُلَانَةَ بِآيَةِ كَذَا وَكَذَا فَخُذُوا الْحُلَّتَيْنِ، وَخَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَاءً قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهَا فَلَمَّا رَآنِي قَالَ:" يَا أَبَا يَحْيَى، رَبِحَ الْبَيْعُ " ثَلَاثًا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سَبَقَنِي إِلَيْكَ أَحَدٌ، وَمَا أَخْبَرَكَ إِلَّا جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

قُلْتُ: وَلِصُهَيْبٍ حَدِيثٌ آخَرُ سَهَوْتُ عَنْهُ يَأْتِي فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ.

9916 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: هُوَ مَكَانُهُ، وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9917 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «كُنَّا قَدِ اسْتَبْطَأْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُدُومِ عَلَيْنَا، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَفِدُونَ إِلَى ظَهْرِ الْحَرَّةِ فَيَجْلِسُونَ حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ، فَإِذَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَحَمِيَتِ الشَّمْسُ رَجَعَتْ إِلَى مَنَازِلِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: كُنَّا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ أَوْفَى عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، هَذَا صَاحَبُكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ الْوَجْبَةَ فِي بَنَى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي فَإِذَا الْمُسْلِمُونَ قَدْ لَبِسُوا السِّلَاحَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ الْقَوْمِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ» .

ص: 60

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ.

9918 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: اجْتَمَعْنَا لِلْهِجْرَةِ أَوْعَدْتُ أَنَا وَعِيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ الْمَيْضَاةَ - مَيْضَاةَ بَنِي غِفَارٍ - فَوْقَ شُرَفٍ، وَقُلْنَا: أَيُّكُمْ لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا، فَقَدِ احْتُبِسَ، فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ، فَحُبِسَ عَنَّا هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَنْزِلَنَا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَخَرَجَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ إِلَى عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ ابْنُ عَمِّهِمَا وَأَخَاهُمَا لِأُمِّهِمَا حَتَّى قَدِمَا عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ فَكَلَّمَاهُ، فَقَالَا لَهُ: إِنَّ أُمَّكَ نَذَرَتْ أَنْ لَا تَمَسَّ رَأْسَهَا مُشْطٌ حَتَّى تَرَاكَ، فَرَقَّ لَهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَيَّاشُ، وَاللَّهِ إِنْ يَرُدَّكَ الْقَوْمُ إِلَّا عَنْ دِينِكَ، فَاحْذَرْهُمْ، فَوَاللَّهِ لَوْ قَدْ آذَى أُمَّكَ الْقَمْلُ لَامْتَشَطَتْ، وَلَوْ قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهَا حَرُّ مَكَّةَ - أَحْسَبُهُ قَالَ - لَامْتَشَطَتْ قَالَ: إِنَّ لِي هُنَاكَ مَالًا فَآخُذُهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا، فَلَكَ نِصْفُ مَالِي وَلَا تَذْهَبْ مَعَهُمَا، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمَا، فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا أَبَى عَلَيَّ: أَمَّا إِذْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ فَخُذْ نَاقَتِي هَذِهِ ; فَإِنَّهَا نَاقَةٌ ذَلُولٌ فَالْزَمْ ظَهْرَهَا، فَإِنْ رَابَكَ مِنَ الْقَوْمِ رَيْبٌ ; فَأَنِخْ عَلَيْهَا، فَخَرَجَ مَعَهُمَا عَلَيْهَا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَبْطَأْتُ بَعِيرِي هَذَا، أَفَلَا تَحْمِلُنِي عَلَى نَاقَتِكَ هَذِهِ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَنَاخَ وَأَنَاخَا لِيَتَحَوَّلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَوْا بِالْأَرْضِ عَدَّيَا عَلَيْهِ، فَأَوْثَقَاهُ ثُمَّ أَدْخَلَاهُ مَكَّةَ، وَفَتَنَاهُ فَافْتُتِنَ قَالَ: فَكُنَّا نَقُولُ: وَاللَّهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِمَّنِ افْتُتِنَ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، وَلَا يَقْبَلُ تَوْبَةَ قَوْمٍ عَرَفُوا اللَّهَ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْكُفْرِ ; لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِمْ، وَفِي قَوْلِنَا لَهُمْ، وَقَوْلِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55]، قَالَ عُمَرُ: فَكَتَبْتُهَا فِي صَحِيفَةٍ وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ، قَالَ هِشَامٌ: فَلَمْ أَزَلْ أَقْرَؤُهَا بِذِي طُوَى أَصْعَدُ بِهَا فِيهِ حَتَّى فَهِمْتُهَا قَالَ: فَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا، وَفِيمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا، وَيُقَالُ فِينَا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9919 -

وَعَنْ

ص: 61

عُرْوَةَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعِيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فِي أَصْحَابٍ لَهُمْ فَنَزَلُوا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَطَلَبَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَهُوَ أَخُوهُمَا لِأُمِّهِمَا فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَذَكَرَا لَهُ حُزْنَ أُمِّهِ، فَقَالَا: إِنَّهَا حَلَفَتْ أَنْ لَا يُظِلَّهَا بَيْتٌ، وَلَا يَمَسَّ رَأْسَهَا دُهْنٌ حَتَّى تَرَاكَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ نَطْلُبْكَ، فَنُذَكِّرْكَ اللَّهَ فِي أُمِّكَ، وَكَانَ بِهَا رَحِيمًا، وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْ حُبِّهَا إِيَّاهُ وَرِقِّهَا - يَعْنِي عَلَيْهِ - مَا كَانَ يُصَدِّقُهُمَا بِهِ، فَرَقَّ لَهَا لِمَا ذَكَرُوا لَهُ وَأَبَى أَنْ يَتْبَعَهُمَا حَتَّى عَقَدَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فَلَمَّا خَرَجَ مَعَهُمَا، أَوْثَقَاهُ فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ مُوَثَّقًا حَتَّى خَرَجَ مَعَ مَنْ خَرَجَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا لَهُ بِالْخَلَاصِ وَالْحِفْظِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9920 -

«وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ: لَيْسَ لِمَنِ افْتُتِنَ تَوْبَةٌ إِذَا تَرَكَ دِينَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَمَعْرِفَتِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55] فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي، ثُمَّ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، قَالَ هِشَامٌ: فَلَمَّا جَاءَتْنِي صَعَدْتُ بِهَا كَذَا أُصَوِّتُ بِهَا وَأَقُولُ فَلَا أَفْهَمُهَا، فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِينَا وَمَا كُنَّا نَقُولُ، فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي ثُمَّ لَحِقْتُ بِالْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ بِالْهِجْرَةِ، وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدِمُوا إِرْسَالًا، وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِجْرَةِ فَقَالَ: " لَا تَعْجَلْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَكَ صَاحِبًا ". فَطَمِعَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي نَفْسَهُ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ أَعَدَّ لِذَلِكَ رَاحِلَتَيْنِ يَعْلِفُهُمَا فِي دَارِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَشِيرٍ الدِّمَشْقِيِّ، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

9921 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَزْعُمُ أَنِّي هَاجَرْتُ قَبْلَ أَبِي، إِنَّمَا قَدَّمَنِي فِي ثِقَلِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9922 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبَاءٍ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ هَدْمِ أَخِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَيُقَالُ: بَلْ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، فَأَقَامَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ الْكُبْرَى فِي الْمَسْجِدِ بِبَطْنِ الْوَادِي» .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: «ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 62

- صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي أَيُّوبَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ مَسْجِدِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9923 -

وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9924 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَاسْتَنَاخَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ بَيْنَ دَارِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَدَارِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، فَأَتَاهُ النَّاسُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْمَنْزِلُ، فَانْبَعَثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ: " دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ ". ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ حَتَّى جَاءَتْ بِهِ مَوْضِعَ الْمِنْبَرِ فَاسْتَنَاخَتْ بِهِ ثُمَّ تَجَلْجَلَتْ، وَلِنَاسٍ ثَمَّ عَرِيشٌ كَانُوا يَرُشُّونَهُ وَيُعَمِّرُونَهُ وَيَتَبَرَّدُونَ فِيهِ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَآوَى إِلَى الظِّلِّ فَنَزَلَ فِيهِ فَأَتَاهُ أَبُو أَيُّوبَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْزِلِي أَقْرَبُ الْمَنَازِلِ إِلَيْهِ فَانْقُلْ رَحْلَكَ قَالَ: " نَعَمْ ". فَذَهَبَ بِرَحْلِهِ إِلَى الْمَنْزِلِ ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزِلْ عَلَيَّ، فَقَالَ: " إِنَّ الرَّجُلَ مَعَ رَحْلِهِ حَيْثُ كَانَ ". وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَرِيشِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ لَيْلَةً حَتَّى بَنَى الْمَسْجِدَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ صِدِّيقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ الذَّهَبِيُّ: لَيْسَ بِالْحُجَّةِ.

9925 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى حُبَيْبٍ، [وَيُقَالُ: خُبَيْبُ - ابْنُ يَسَافِ - أَخِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ] بِالسُّنْحِ. وَيُقَالُ: بَلْ نَزَلَ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9926 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ هَاجَرَ، وَكَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عَلَى الْهِجْرَةِ كَرِهَتِ امْرَأَتُهُ ذَلِكَ بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَجَعَلَتْ تُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى غَيْرِهِ، فَهَاجَرَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ مُكْتَتِمًا مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَثَبَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَبَاعَ دَارَهُ بِمَكَّةَ فَمَرَّ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ ابْنُ هِشَامٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ، وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبَدِ الْعُزَّى، وَفِيهَا أُهُبٌ مَعْطُونَةٌ، فَذَرَفَتْ عَيْنَا عُتْبَةَ، وَتَمَثَّلَ بِبَيْتٍ مِنْ شِعْرٍ:

وَكُلُّ دَارٍ وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهَا

يَوْمًا سَيُدْرِكُهَا النَّكْبَاءُ وَالْحُوبُ.

ص: 63

قَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَأَقْبَلَ عَلِيَّ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: هَذَا مَا أَدْخَلْتُمْ عَلَيْنَا فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ قَامَ أَبُو أَحْمَدَ يَنْشُدُ دَارَهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَامَ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ فَانْتَحَاهُ، فَسَكَتَ أَبُو أَحْمَدَ عَنْ نَشِيدِ دَارِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ يَقُولُ - وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ -:

حَبَّذَا مَكَّةَ مِنْ وَادِي

بِهَا أَمْشِي بِلَا هَادِي

بِهَا يَكْثُرُ عُوَّادِي

بِهَا تَرْكِزُ أَوْتَادِي»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9927 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قُدُومُنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ خَرَجْنَا مُتَوَصِّلِينَ مَعَ قُرَيْشٍ عَامَ الْأَحْزَابِ، وَأَنَا مَعَ أَخِي الْفَضْلِ، وَمَعَنَا غُلَامُنَا أَبُو رَافِعٍ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْعَرْجِ، فَضَلَّ لَنَا فِي الطَّرِيقِ رَكُوبَةٌ وَأَخَذْنَا فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ عَلَى الْجَثْجَاثَةِ حَتَّى خَرَجْنَا عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَنْدَقِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَأَخِي ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَكِلَاهُمَا لَمْ يُوَثَّقْ وَلَمْ يُضَعَّفْ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9928 -

«وَعَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَطَافُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلُوا عَلَى الْغَارِ وَأَدْبَرُوا قَالَ: وَاصُهَيْبَاهُ وَلَا صُهَيْبَ لِي، فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخُرُوجَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِلَى صُهَيْبٍ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَجَدَتْهُ يُصَلِّي ; فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ، فَقَالَ: " أَصَبْتَ ". وَخَرَجَا مِنْ لَيْلَتِهِمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَا خَرَجَ حَتَّى إِذَا أَتَى أُمَّ رُومَانَ زَوْجَةَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: أَلَا أَرَاكَ هَاهُنَا وَقَدْ خَرَجَ أَخَوَاكَ وَوَضَعْنَا لَكَ شَيْئًا مِنْ أَزْوَادِهِمَا؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى زَوْجَتِي أُمِّ عَمْرٍو، فَأَخَذَتْ سَيْفِي وَجُعْبَتِي وَقَوْسِي حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَأَجِدُهُ وَأَبَا بَكْرٍ جَالِسَيْنِ، فَلَمَّا رَآنِي أَبُو بَكْرٍ قَامَ إِلَيَّ فَبَشَّرَنِي بِالْآيَةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِيَّ وَأَخَذَ بِيَدِي، فَلُمْتُهُ بَعْضَ اللَّائِمَةِ فَاعْتَذَرَ، وَرَبَّحَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " رَبِحَ الْبَيْعُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

ص: 64

[بَابٌ فِيمَنِ اخْتَارَ الْهِجْرَةَ]

«9929 عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: خَيَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْهِجْرَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَاخْتَرْتُ الْهِجْرَةَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

[بَابُ عُلُوِّ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ عَادَاهُ]

9930 -

عَنْ زِيَادِ بْنِ جَهْوَرٍ قَالَ: وَرَدَ عَلَيَّ كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: " «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى زِيَادِ بْنِ جَهْوَرٍ، سَلِّمْ أَنْتَ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، إِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَلْيُوضَعَنَّ كُلُّ دِينٍ دَانَ بِهِ النَّاسُ إِلَّا الْإِسْلَامَ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

9931 -

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: قَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ: إِنَّكُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ بِمُحَمَّدٍ مَا فَعَلْتُمْ، فَكُونُوا أَكَفَّ النَّاسِ عَنْهُ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: بَلْ كُونُوا أَشَدَّ مَا كُنْتُمْ، فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ: وَاللَّهِ لَا يَزَالُ أَمْرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ظَاهِرًا فِيمَا نَادَاكُمْ أَوْ أَسَرَّ مِنْكُمْ.

قَالَ أَبُو يُوسُفَ: قُتِلَ الْحَارِثُ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ، وَقَدْ وُثِّقَ.

[بَابُ نَصْرِهِ بِالرِّيحِ وَالرُّعْبِ]

9932 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9933 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادَيْنِ رِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ.

9934 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي: بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَأُطْعِمْتُ الْمَغْنَمَ، وَلَمْ يُطْعَمَهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلِي» .

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهُوَ وَبَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ بِنَحْوِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9935 -

«وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا دُفِعْتُ إِلَيْهِ قَالَ: " أَمَا إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَنِي بِالسَّنَةِ

ص: 65

تُحْفِيكُمْ، وَبِالرُّعْبِ يَجْعَلُهُ فِي قُلُوبِكُمْ ". فَقَالَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا: أَمَا إِنِّي قَدْ حَلَفْتُ هَكَذَا وَهَكَذَا أَنْ لَا أُؤْمِنَ بِكَ وَلَا أَتَّبِعَكَ، فَمَا زَالَتِ السَّنَةُ تُحْفِينِي، وَمَا زَالَ الرُّعْبُ يَجْعَلُ فِي قَلْبِي قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ».

قُلْتُ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ غَيْرَ ذِكْرِ الرُّعْبِ وَالسَّنَةِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

9936 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَتِ الصَّبَا الشَّمَالَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ فَقَالَتْ: مُرِّي حَتَّى نَنْصُرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتِ الشَّمَالُ: إِنَّ الْحُرَّةَ لَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ. فَكَانَتِ الرِّيحُ الَّتِي نُصِرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبَا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ قَوْلِهِ بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ]

25 -

15 - (بَابُ قَوْلِهِ: بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ) تَقَدَّمَ.

[بَابُ الْغَزْوِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ]

9937 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ إِلَّا أَنْ يُغْزَى أَوْ يَغْزُوَا، فَإِذَا حَضَرَ ذَلِكَ أَقَامَ حَتَّى يَنْسَلِخَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي أَوَّلِ أَمِيرٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ]

9938 -

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ جَاءَتْ جُهَيْنَةُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدْ نَزَلْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَأَوْثِقْ لَنَا حَتَّى نَأْتِيَكَ تُؤَمِّنُنَا، فَأَوْثَقَ لَهُمْ فَأَسْلَمُوا.

قَالَ: فَبَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجَبٍ وَلَا نَكُونُ مِائَةً، وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ إِلَى جَنْبِ جُهَيْنَةَ، فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا كَثِيرًا فَلَجَأْنَا إِلَى جُهَيْنَةَ فَمَنَعُونَا، وَقَالُوا: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟ فَقُلْنَا: إِنَّا إِنَّمَا نُقَاتِلُ مَنْ أَخْرَجَنَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: مَا تَرَوْنَ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا: نَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنُخْبِرُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا بَلْ نُقِيمُ هَاهُنَا، وَقُلْتُ أَنَا فِي أُنَاسٍ مَعِي: لَا بَلْ نَأْتِي عِيرَ قُرَيْشٍ فَنَقْتَطِعُهَا، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ وَكَانَ الْفَيْءُ إِذْ ذَاكَ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ، وَانْطَلَقَ أَصْحَابُنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَامَ غَضْبَانَ مُحْمَرَّ الْوَجْهِ، فَقَالَ: " أَذَهَبْتُمْ مِنْ عِنْدِي جَمِيعًا وَجِئْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ، إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ، لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلًا لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ

ص: 66

أَصْبَرَكُمْ عَلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ ". فَبَعَثَ عَلَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ، فَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ ابْنُهُ عَنْهُ وِجَادَةً، وَوَصَلَهُ عَنْ غَيْرِ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَلَفْظُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: أَوَّلُ أَمِيرٍ عُقِدَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا.

وَفِيهِ الْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9939 -

وَعَنْ زِرٍّ قَالَ: أَوَّلُ رَايَةٍ رُفِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ رَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَأَوَّلُ مَالٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ، مَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ.

رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ إِسْنَادٌ حَسَنٌ.

[بَابُ سَرِيَّةِ حَمْزَةَ رضي الله عنه]

9940 -

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ مُنْصَرَفَهُ عَنْ حَمْزَةَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ نَزَلَ يَثْرِبَ، وَأَرْسَلَ طَلَائِعَهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَاحْذَرُوا أَنْ تَمُرُّوا طَرِيقَهُ وَأَنْ تُقَارِبُوهُ ; فَإِنَّهُ كَالْأَسَدِ الضَّارِي، إِنَّهُ حَنَقٌ عَلَيْكُمْ نَفَيْتُمُوهُ نَفْيَ الْقِرْدَانِ عَلَى الْمَنَاسِمِ، وَاللَّهِ إِنَّ لَهُ لَسُجْرَةً مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا رَأَيْتُ مَعَهُمُ الشَّيَاطِينَ، وَإِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ عَدَاوَةَ ابْنِي قَيْلَةَ، فَهُوَ عَدُوٌّ اسْتَعَانَ بِعَدُوٍّ.

فَقَالَ لَهُ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَصْدَقَ لِسَانًا، وَلَا أَصْدَقَ مَوْعِدًا مِنْ أَخِيكُمُ الَّذِي طَرَدْتُمْ، فَإِذْ فَعَلْتُمُ الَّذِي فَعَلْتُمْ، فَكُونُوا أَكَفَّ النَّاسِ عَنْهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ: كُونُوا أَشَدَّ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ ; فَإِنَّ ابْنِي قَيْلَةَ إِنْ ظَفِرُوا بِكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، وَإِنْ أَطَعْتُمُونِي أَلْحِقُوهُمْ خَبَرَ كِنَانَةَ أَوْ تُخْرِجُوا مُحَمَّدًا مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ فَيَكُونَ وَحِيدًا طَرِيدًا، وَأَمَّا ابْنَا قَيْلَةَ فَوَاللَّهِ مَا هُمَا وَأَهْلُ دَهْلِكَ فِي الْمَذَلَّةِ إِلَّا سَوَاءٌ، وَسَأَكْفِيكُمْ حَدَّهُمْ، وَقَالَ:

سَأَمْنَحُ جَانِبًا مِنِّي غَلِيظًا

عَلَى مَا كَانَ مِنْ قُرْبٍ وَبُعْدِ

رِجَالُ الْخَزْرَجِيَّةِ أَهْلُ ذُلٍّ

إِذَا مَا كَانَ هَزْلٌ بَعْدَ جَدِّ

ص: 67

فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْتُلَنَّهُمْ، وَلَأُصَلِّبَنَّهُمْ، وَلَأَهْدِيَنَّهُمْ وَهُمْ كَارِهُونَ، إِنِّي رَحْمَةٌ بَعَثَنِي اللَّهُ عز وجل، وَلَا يَتَوَفَّانِي حَتَّى يُظْهِرَ اللَّهُ دِينَهُ» ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وِجَادَةً مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابٍ بِالْمَدِينَةِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي غَزْوَةِ الْأَبْوَاءِ]

9941 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا الْأَبْوَاءَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالرَّوْحَاءِ نَزَلَ بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ فَصَلَّى ثُمَّ قَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ مَا اسْمُ هَذَا الْجَبَلِ؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " هَذَا خِمْتٌ هَذَا مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَبَارِكْ لِأَهْلِهِ ". وَقَالَ لِلرَّوْحَاءِ: " هَذِهِ سَجَاسِجُ وَادِي مِنْ أَوْدِيَةِ الْجَنَّةِ، لَقَدْ صَلَّى فِي هَذَا الْمَسْجِدِ قَبْلِي سَبْعُونَ نَبِيًّا، وَلَقَدْ مَرَّ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ عَبَاءَتَانِ قَطْوَانِيَّتَانِ عَلَى نَاقَةٍ وَرْقَاءَ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَاجِّينَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ بِهِ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ يَجْمَعُ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ حَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَيَأْتِي حَدِيثُ عَمَّارٍ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ رضي الله عنه.

[بَابُ غَزْوَةِ بَدْرٍ]

9942 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ كُلُّ ثَلَاثَةٍ عَلَى بَعِيرٍ، كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو لُبَابَةَ زَمِيلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَكَانَ إِذَا كَانَتْ عَقَبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: نَحْنُ نَمْشِي عَنْكَ، فَقَالَ: " مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي، وَلَا أَنَا أَغْنَى عَنِ الْأَجْرِ مِنْكُمَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ وَقَالَ: فَإِذَا كَانَتْ عَقَبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَا:

ص: 68

ارْكَبْ حَتَّى نَمْشِيَ عَنْكَ. وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9943 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ «كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ مِائَةُ نَاضِحٍ وَنَوَاضِحُ، وَكَانَ مَعَهُ فَرَسَانِ يَرْكَبُ أَحَدَهُمَا الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَيَتَرَوَّحُ الْآخَرَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ.

قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَعَقَّبُونَ فِي الطَّرِيقِ النَّوَاضِحَ.

قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ حَلِيفُ حَمْزَةَ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ يَتَعَقَّبُونَ نَاضِحًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9944 -

وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَاسْتَصْغَرَهُ حِينَ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ ثُمَّ أَجَازَهُ، قَالَ سَعْدٌ: فَيُقَالُ إِنَّهُ خَانَهُ سَيْفُهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيَّ -: قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9945 -

وَعَنْ رَفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «أَقْبَلْنَا يَوْمَ بَدْرٍ فَفَقَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَادَتِ الرِّفَاقُ بَعْضُهَا بَعْضًا: أَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَوَقَفُوا حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ؟ فَقَالَ: " إِنَّ أَبَا حَسَنٍ وَجَدَ مَغَصًا فِي بَطْنِهِ فَتَخَلَّفْتُ عَلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.

9946 -

وَعَنْ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَاكِبًا أَخَذَ صَخْرَةً مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، فَرَمَى بِهَا لِلرُّكْنِ فَتَعَلَّقَتِ الصَّخْرَةُ، فَمَا بَقِيَتْ دَارٌ مِنْ دُورِ قُرَيْشٍ إِلَّا دَخَلَتْهَا مِنْهَا كِسْرَةٌ غَيْرَ دُورِ بَنِي زُهْرَةَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا اكْتُمِيهَا وَلَا تَذْكُرِيهَا، فَخَرَجَ الْعَبَّاسُ فَلَقِيَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَذَكَرَهَا لَهُ فَذَكَرَهَا الْوَلِيدُ لِأَبِيهِ، فَفَشَا الْحَدِيثُ، قَالَ الْعَبَّاسُ: فَخَرَجْتُ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَأَبُو جَهْلٍ فِي رَهْطٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَحَدَّثُونَ بِرُؤْيَا عَاتِكَةَ، فَلَمَّا رَآنِي أَبُو جَهْلٍ قَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، إِذَا فَرَغْتَ مِنْ طَوَافِكَ فَأَقْبِلْ إِلَيْنَا، فَلَمَّا فَرَغْتُ أَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَمَا رَضِيتُمْ أَنْ يَتَنَبَّأَ رِجَالُكُمْ حَتَّى يَتَنَبَّأَ نِسَاؤُكُمْ، قَدْ زَعَمَتْ عَاتِكَةُ فِي رُؤْيَاهَا هَذِهِ أَنَّهُ قَالَ: انْفِرُوا فِي ثَلَاثٍ فَسَنَتَرَبَّصُ هَذِهِ الثَّلَاثَ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَسَيَكُونُ وَإِنْ يَمْضِ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ

ص: 69

كَتَبْنَا عَلَيْكُمْ كِتَابًا: أَنَّكُمْ أَكْذَبُ أَهْلِ بَيْتٍ فِي الْعَرَبِ، قَالَ الْعَبَّاسُ: فَوَاللَّهِ مَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنِّي جَحَدْتُ وَأَنْكَرْتُ أَنْ تَكُونَ رَأَتْ شَيْئًا.

قَالَ الْعَبَّاسُ: فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَتَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ: رَضِيتُمْ مِنْ هَذَا الْفَاسِقِ يَتَنَاوَلُ رِجَالَكُمْ ثُمَّ يَتَنَاوَلُ نِسَاءَكُمْ، وَأَنْتَ تَسْمَعُ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ نَكِيرٌ؟! وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَمْزَةُ مَا قَالَ مَا قَالَ. فَقُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ فَعَلَ، وَمَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِ نَكِيرُ شَيْءٍ، وَايْمُ اللَّهِ لِأَتَعَرَّضَنَّ لَهُ، فَإِنْ عَادَ لَأَكْفِيَنَّكُمْ.

قَالَ الْعَبَّاسُ: فَغَدَوْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ وَأَنَا مُغْضَبٌ عَلَى أَنَّهُ فَاتَنِي أَمْرٌ أُحِبُّ أَنْ أُدْرِكَ شَيْئًا مِنْهُ قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَمْشِي نَحْوَهُ، وَكَانَ رَجُلًا خَفِيفًا، حَدِيدَ الْوَجْهِ، حَدِيدَ اللِّسَانِ، حَدِيدَ الْبَصَرِ، إِذْ خَرَجَ نَحْوَ الْمَسْجِدِ يَسْتَنِدُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا لَهُ لَعَنَهُ اللَّهُ؟ أَكَلَ هَذَا فَرَقَّ مِنِّي أَنْ أُشَاتِمَهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ أَسْمَعْ سَمِعَ صَوْتَ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ، بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ يَصْرُخُ بِبَطْنِ مَكَّةَ الْوَادِي قَدْ جَدَعَ بَعِيرَهُ، وَحَوَّلَ رَحْلَهُ، وَشَقَّ قَمِيصَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ فِي أَصْحَابِهِ مَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَهَا الْغَوْثَ الْغَوْثَ، قَالَ الْعَبَّاسُ: فَشَغَلَنِي عَنْهُ وَشَغَلَهُ عَنِّي مَا جَاءَ مِنَ الْأَمْرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9947 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاكِنَةً مَعَ أَخِيهَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَرَأَتْ رُؤْيَا قُبَيْلَ بَدْرٍ فَفَزِعَتْ فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَخِيهَا عَبَّاسٍ مِنْ لَيْلَتِهَا حِينَ فَزِعَتْ وَاسْتَيْقَظَتْ مِنْ نَوْمِهَا فَقَالَتْ: قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا وَقَدْ خَشِيتَ مِنْهَا عَلَى قَوْمِكَ الْهَلَكَةَ.

قَالَ: وَمَا رَأَيْتِ؟ قَالَتْ: لَنْ أُحَدِّثَكَ حَتَّى تُعَاهِدَنِي أَنْ لَا تَذْكُرَهَا، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَسْمَعُوهَا آذَوْنَا فَأَسْمَعُونَا مَا لَا نُحِبُّ، فَعَاهَدَهَا عَبَّاسٌ، فَقَالَتْ: رَأَيْتُ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا آلَ غَدْرٍ، وَيَا آلَ فُجْرٍ، اخْرُجُوا مِنْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ.

ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَرَخَ فِي الْمَسْجِدِ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ، وَمَالَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَفَزِعَ النَّاسُ لَهُ أَشَدَّ الْفَزَعِ، ثُمَّ أَرَاهُ مَثُلَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَرَخَ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ: يَا آلَ غَدْرٍ، وَيَا آلَ فُجْرٍ، اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ حَتَّى أَسْمَعَ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، ثُمَّ عَمَدَ لِصَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فَنَزَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَقْبَلَتِ الصَّخْرَةُ لَهَا دَوِيٌّ حَتَّى إِذَا كَانَتْ عَلَى

ص: 70

أَصْلِ الْجَبَلِ ارْفَضَّتْ فَلَا أَعْلَمُ بِمَكَّةَ بَيْتًا وَلَا دَارًا إِلَّا قَدْ دَخَلَهَا فِرْقَةٌ مِنْ تِلْكَ الصَّخْرَةِ، فَلَقَدْ خَشِيتُ عَلَى قَوْمِكَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ شَرٌّ.

فَفَزِعَ مِنْهَا عَبَّاسٌ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَلَقِيَ مِنْ لَيْلَتِهِ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ خَلِيلًا لِلْعَبَّاسِ فَقَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَذْكُرَهَا لِأَحَدٍ، فَذَكَرَهَا الْوَلِيدُ لِأَبِيهِ، وَذَكَرَهَا عُتْبَةُ لِأَخِيهِ شَيْبَةَ، وَارْتَفَعَ حَدِيثُهَا حَتَّى بَلَغَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَاسْتَفَاضَتْ.

فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَا الْعَبَّاسُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَصْبَحَ فَوَجْدَ أَبَا جَهْلٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، وَزَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وَأَبَا الْبَخْتَرِيِّ فِي نَفَرٍ يَتَحَدَّثُونَ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى عَبَّاسٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ نَادَاهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، إِذَا قَضَيْتَ طَوَافَكَ فَائْتِنَا.

فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ أَتَى فَجَلَسَ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، مَا رُؤْيَا رَأَتْهَا عَاتِكَةُ؟ قَالَ: مَا رَأَتْ مِنْ شَيْءٍ قَالَ: بَلَى، أَمَا رَضِيتُمْ يَا بَنِي هَاشِمٍ بِكَذِبِ الرِّجَالِ حَتَّى جِئْتُمُونَا بِكَذِبِ النِّسَاءِ، إِنَّا كُنَّا وَأَنْتُمْ كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، فَاسْتَبَقْنَا الْمَجْدَ مُنْذُ حِينٍ فَلَمَّا حَاذَتِ الرَّكْبُ، قُلْتُمْ مِنَّا نَبِيٌّ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ تَقُولُوا: مِنَّا نَبِيَّةٌ، وَلَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ أَكْذَبَ رَجُلًا وَلَا أَكْذَبَ امْرَأَةً مِنْكُمْ، فَآذَوْهُ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ الْأَذَى.

وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: زَعَمَتْ عَاتِكَةُ أَنَّ الرَّاكِبَ قَالَ: اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فَلَوْ قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الثَّلَاثُ تَبَيَّنَ لِقُرَيْشٍ كَذِبُكُمْ، وَكَتَبْنَا سِجِلًّا ثُمَّ عَلَّقْنَاهُ بِالْكَعْبَةِ إِنَّكُمْ أَكْذَبُ بَيْتٍ فِي الْعَرَبِ رَجُلًا وَامْرَأَةً، أَمَا رَضِيتُمْ يَا بَنِي قُصَيٍّ أَنَّكُمْ ذَهَبْتُمْ بِالْحِجَابَةِ وَالنَّدْوَةِ وَالسِّقَايَةِ وَاللِّوَاءِ حَتَّى جِئْتُمُونَا زَعَمْتُمْ بِنَبِيٍّ مِنْكُمْ، فَآذَوْهُ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ الْأَذَى.

وَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: مَهْلًا يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ، هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ، فَإِنَّ الْكَذِبَ فِيكَ وَفِي أَهْلِ بَيْتِكَ، فَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، مَا كُنْتَ بِجَاهِلٍ وَلَا خَرِفٍ، وَنَالَ عَبَّاسٌ مِنْ عَاتِكَةَ أَذًى شَدِيدًا فِيمَا أَفْشَى مِنْ حَدِيثِهَا، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ لَيْلَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ اللَّيَالِي الَّتِي رَأَتْ فِيهَا عَاتِكَةُ الرُّؤْيَا، جَاءَهُمُ الرَّكْبُ الَّذِي بَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ، فَقَالَ: يَا آلَ غَدْرٍ، انْفِرُوا فَقَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ لِيَعْرِضُوا لِأَبِي سُفْيَانَ، فَأَحْرِزُوا عِيَرَكُمْ، فَفَزِعَتْ قُرَيْشٌ أَشَدَّ الْفَزَعِ، وَأَشْفَقُوا مِنْ قِبَلِ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، وَنَفَرُوا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

ص: 71

9948 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَتْ فِي صِدْقِ رُؤْيَاهَا وَتَكْذِيبِ قُرَيْشٍ لَهَا حِينَ أَوْقَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَدْرٍ:

أَلَمْ تَكُنِ الرُّؤْيَا بِحَقٍّ وَيَأْتِكُمْ

بِتَأْوِيلِهَا فُلٌّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبُ

رَأَى فَأَتَاكُمْ بِالْيَقِينِ الَّذِي رَأَى

بِعَيْنَيْهِ مَا يَفْرِي السُّيُوفُ الْقَوَاضِبُ

فَقُلْتُمْ وَلَمْ أَكْذِبْ كَذَبْتِ وَإِنَّمَا

يُكَذِّبُنِي بِالصِّدْقِ مَنْ هُوَ كَاذِبُ

وَمَا فَرَّ إِلَّا رَهْبَةَ الْمَوْتِ مِنْهُمْ

حَكِيمٌ وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ

أَفَرَّ صَبَاحُ الْقَوْمِ عَزْمٌ قُلُوبِهِمْ فَهُنَّ

هَوَاءٌ وَالْحُلُومُ عَوَازِبُ

مَرَوْا بِالسُّيُوفِ الْمُرْهَفَاتِ دِمَاءَكُمْ

كِفَاحًا كَمَا يُمْرِي السَّحَابَ الْخَبَائِبُ

فَكَيْفَ رَأَى يَوْمَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدًا

بَنُو عَمِّهِ وَالْحَرْبُ فِيهِ التَّجَارِبُ

أَلَمْ يُغْشِهِمْ ضَرْبًا يَحَارُ لِوَقْعِهِ الْـ

جَبَانُ وَتَبْدُو بِالنَّهَارِ الْكَوَاكِبُ

أَلَا يَأْتِي يَوْمَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدٌ

إِذَا عَضَّ مِنْ عَوْنِ الْحُرُوبِ الْغَوَارِبُ

كَمَا بَرَزَتْ أَسْيَافُهُ مِنْ مَلِيلَتِي

زَعَازِعَ وَرْدًا بَعْدَ إِذْ هِيَ صَالِبُ

حَلَفْتُ لَئِنْ عُدْتُمْ لَنَصْطِلَمْنَكُمْ

مُجَافًا تَرَدَّى حَافَّتَيْهَا الْمَقَانِبُ

كَأَنَّ ضِيَاءَ الشَّمْسِ لَمْعُ بُرُوقِهَا

لَهَا جَانِبَا نُورٍ شُعَاعٌ وَثَاقِبُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

9949 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «كَانَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ صَدِيقًا لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَ إِذَا قَدِمَ عُتْبَةُ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَإِذَا قَدِمَ سَعْدٌ مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى عُتْبَةَ، وَكَانَ عُتْبَةُ يُسَمِّيهِ أَخِي الْيَثْرِبِيَّ.

قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ قَدِمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مَكَّةَ كَمَا كَانَ يَقْدَمُ، فَنَزَلَ عَلَى عُتْبَةَ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ: أَمْهِلْ حَتَّى يَتَفَرَّقَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْ حَوْلِ الْبَيْتِ قَالَ: فَأَمْهَلَ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقْ مَعِي، فَلَمَّا أَتَى الْبَيْتَ تَلَقَّى أَبُو جَهْلٍ سَعْدًا، فَقَالَ: يَا سَعْدُ، آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ آمِنًا؟.

فَقَالَ

ص: 72

سَعْدٌ: لَئِنْ مَنَعْتَنِي لَأَقْطَعَنَّ عَلَيْكَ أَوْ لَأَمْنَعَنَّكَ تِجَارَتَكَ إِلَى مَوْضِعٍ - لِمَوْضِعٍ ذَكَرَهُ - قَالَ: وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، قَالَ عُتْبَةُ لِسَعْدٍ: أَتَرْفَعُ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: وَأَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ؟ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّهُ قَاتِلُكَ ".

قَالَ: فَفَضَّ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ، وَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَكْذِبُ قَالَ: فَطَافَ سَعْدٌ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَأَتَى عُتْبَةُ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ أَخِي الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا قَاتِلِي، وَأَنَّ مُحَمَّدًا لَا يَكْذِبُ. قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ بَدْرٍ، قَالَ: فَجَعَلَ أَبُو جَهْلٍ يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ» قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قُلْتُ: لِابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثٌ فِي الصَّحِيحِ فِي نُزُولِ سَعِدٍ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَهَذَا فِيهِ: إِنَّهُ نَزَلَ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9950 -

وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ: «إِنِّي أُخْبِرْتُ عَنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهَا مُقْبِلَةٌ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ نَخْرُجَ قَبْلَ هَذَا الْعِيرِ، لَعَلَّ اللَّهَ يُغْنِمْنَاهَا؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ. فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَلَمَّا سِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ لَنَا:" مَا تَرَوْنَ فِي الْقَوْمِ، فَإِنَّهُمْ أُخْبِرُوا بِمُخْرَجِكُمْ؟ ". فَقُلْنَا: لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ، وَلَكِنْ أَرَدْنَا الْعِيرَ، ثُمَّ قَالَ:" مَا تَرَوْنَ فِي الْقَوْمِ؟ ". فَقُلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو: إِذًا لَا نَقُولُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] قَالَ: فَتَمَنَّيْنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنَّا قُلْنَا كَمَا قَالَ الْمِقْدَادُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَنَا مَالٌ عَظِيمٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ - يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: 5] ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12] وَقَالَ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7]، وَالشَّوْكَةُ: الْقَوْمُ. وَغَيْرُ ذَاتِ الشَّوْكَةِ: الْعِيرُ. فَلَمَّا وَعَدَ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا الْقَوْمَ، وَإِمَّا الْعِيرَ طَابَتْ أَنْفُسُنَا، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ يَنْظُرُ مَا قَبْلَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ سَوَادًا وَلَا أَدْرِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هُمُ هُمُ، هَلُمُّوا أَنْ نَتَعَادَ ". فَإِذَا نَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَخْبَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 73

بِعِدَّتِنَا فَسَّرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ:" عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ ". ثُمَّ إِنَّا اجْتَمَعْنَا مَعَ الْقَوْمِ فَصَفَفْنَا، فَبَدَرَتْ مِنَّا بَادِرَةٌ أَمَامَ الصَّفِّ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَقَالَ:" مَعِي مَعِي ".

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ وَعْدَكَ ". فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشِيرَ عَلَيْكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نُشِيرَ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نَنْشُدَهُ وَعْدَهُ، فَقَالَ:" يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، لَأَنْشُدَنَّ اللَّهَ وَعْدَهُ ; فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ". فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَرَمَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ ; فَانْهَزَمُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] فَقَتَلْنَا وَأَسَرْنَا.

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَرَى أَنْ تَكُونَ لَكَ أَسْرَى، فَإِنَّمَا نَحْنُ دَاعُونَ مُؤَلِّفُونَ. فَقُلْنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ: إِنَّمَا يَحْمِلُ عُمَرُ عَلَى مَا قَالَ حَسَدٌ لَنَا. فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ:" ادْعُوَا لِي عُمَرَ ". فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَنْزَلَ عَلَيَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67]».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

9951 -

«وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي خَلَّادٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ عَلَى بَعِيرٍ لَنَا أَعْجَفَ حَتَّى إِذَا كُنَّا مَوْضِعَ الْبَرِيدِ الَّذِي خَلْفَ الرَّوْحَاءِ، بَرَكَ بِعِيرُنَا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَكَ عَلَيْنَا لَئِنْ أَدْنَيْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَنَنْحَرَنَّهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا لَكُمَا؟ ". فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ نَزَلَ عَلَيْنَا، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ ثُمَّ بَصَقَ فِي وُضُوئِهِ، وَأَمَرَنَا فَفَتَحْنَا لَهُ فَمَ الْبَعِيرِ، فَصَبَّ فِي جَوْفِ الْبِكْرِ مِنْ وُضُوئِهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِ الْبِكْرِ، ثُمَّ عَلَى عُنُقِهِ، ثُمَّ عَلَى حَارِكِهِ، ثُمَّ عَلَى سَنَامِهِ، ثُمَّ عَلَى عَجُزِهِ، ثُمَّ عَلَى ذَنْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ احْمِلْ رَافِعًا وَخَلَّادًا ". فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُمْنَا نَرْتَحِلُ فَارْتَحَلْنَا، فَأَدْرَكْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِ الْمَنْصَفِ وَبَكَرْنَا أَوَّلَ الرَّكْبِ، فَلَمَّا رَآنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ، فَمَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَدْرًا حَتَّى إِذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ نَزَلَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَنَحَرْنَاهُ، وَصَدَّقْنَا بِلَحْمِهِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِتَمَامِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِبَعْضِهِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9952 -

وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ:

ص: 74

" قُومُوا فَقَاتِلُوا ". فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى:{اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، وَلَكِنِ انْطَلِقْ أَنْتَ وَرَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ فَقَاتَلَا وَإِنَّا مَعَكُمْ نُقَاتِلُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9953 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَصَبْنَا مِنْ ثِمَارِهَا، فَاجْتَوَيْنَاهَا، فَأَصَابَنَا بِهَا وَعَكٌ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَبَّرُ عَنْ بَدْرٍ، فَلَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَقْبَلُوا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ - وَبَدْرٌ بِئْرٌ - فَسَبَقَنَا الْمُشْرِكُونَ إِلَيْهَا، فَوَجَدْنَا فِيهَا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَوْلًى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَمَّا الْقُرَشِيُّ فَانْفَلَتَ، وَأَمَّا مَوْلَى عُقْبَةَ، فَأَخَذْنَاهُ فَجَعَلْنَا نَقُولُ لَهُ: كَمِ الْقَوْمُ؟ فَيَقُولُ: هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ، شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ، فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" كَمِ الْقَوْمُ؟ ". فَقَالَ: هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ، شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ. فَجَهَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْبِرَهُ فَأَبَى، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ:" كَمْ يَنْحَرُونَ مِنَ الْجُزُرِ؟ ". قَالَ: عَشْرٌ لِكُلِّ يَوْمٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْقَوْمُ أَلْفٌ، كُلُّ جَزُورٍ لِمِائَةٍ وَنَيِّفِهَا ". ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَنَا طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ ; فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنَ الْمَطَرِ، وَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو رَبَّهُ وَيَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْفِئَةَ لَا تُعْبَدْ ". قَالَ: فَلَمَّا أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى: " الصَّلَاةَ عِبَادَ اللَّهِ ". فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَضَّ عَلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ جَمْعَ قُرَيْشٍ تَحْتَ هَذِهِ الضِّلْعِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الْجَبَلِ ". فَلَمَّا دَنَا الْقَوْمُ وَصَافَّنَاهُمْ إِذَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ يَسِيرُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا عَلِيُّ، نَادِ لِي حَمْزَةَ ". وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: " مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ؟ وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ؟ ".

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ

ص: 75

يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ يَأْمُرُ بِخَيْرٍ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ ". فَجَاءَ حَمْزَةُ فَقَالَ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ يَنْهَى عَنِ الْقِتَالِ وَيَقُولُ لَهُمْ: يَا قَوْمِ، إِنِّي أَرَى قَوْمًا مُسْتَمِيتِينَ لَا تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ، يَا قَوْمِ، اعْصِبُوهَا الْيَوْمَ بِرَأْسِي وَقُولُوا: جَبُنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ.

فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ؟ وَاللَّهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ لَأَعْضَضْتُهُ، قَدْ مَلَأَتْ رِئَتُكَ جَوْفَكَ رُعْبًا، فَقَالَ عُتْبَةُ: إِيَّايَ تَعْنِي يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ، سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَيُّنَا الْجَبَانُ؟ قَالَ: فَبَرَزَ عُتْبَةُ، وَأَخُوهُ شَيْبَةُ، وَابْنُهُ الْوَلِيدُ حَمِيَّةً، فَقَالُوا: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَخَرَجَ فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ سِتَّةٌ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" قُمْ يَا عَلِيُّ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ". فَقَتَلَ اللَّهُ شَيْبَةَ وَعُتْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَخَرَجَ عُبَيْدَةُ، فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ.

فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسِيرًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ مَا أَسَرَنِي، أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ مَا أَرَاهُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " اسْكُتْ فَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ ".

قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: فَأَسَرْنَا وَأَسَرْنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ الْعَبَّاسَ وَعَقِيلًا وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ».

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ طَرَفًا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حَارِثَةَ بْنِ مَضْرِبٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

9954 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ بَدْرًا، وَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، فَقَالَ:" إِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَهُوَ عِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، إِنْ يُطِيعُوهُ يَرْشُدُوا ".

وَهُوَ يَقُولُ: يَا قَوْمِ، أَطِيعُونِي فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ; فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ لَنْ يَزَالَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ يَنْظُرُ كُلُّ رَجُلٍ إِلَى قَاتِلِ أَخِيهِ وَقَاتِلِ أَبِيهِ، فَاجْعَلُوا جَنْبَهَا بِرَأْسِي وَارْجِعُوا، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ حِينَ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، إِنَّمَا مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ كَأَكْلَةِ جَزُورٍ لَوْ قَدِ الْتَقَيْنَا.

فَقَالَ عُتْبَةَ: سَتَعْلَمُ مَنِ الْجَبَانُ الْمُفْسِدُ لِقَوْمِهِ، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى قَوْمًا يَضْرِبُونَكُمْ ضَرْبًا أَمَا تَرَوْنَ كَأَنَّ رُءُوسَهُمُ الْأَفَاعِي، وَكَأَنَّ وُجُوهَهُمُ السُّيُوفُ، ثُمَّ دَعَا أَخَاهُ وَابْنَهُ فَخَرَجَ يَمْشِي بَيْنَهُمَا، وَدَعَا بِالْمُبَارَزَةِ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9955 -

«وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:

ص: 76

كُنْتُ عَلَى قَلِيبٍ يَوْمَ بَدْرٍ أَمِيحُ وَأَمْتَحُ مِنْهُ، فَجَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ شَدِيدَةٌ، فَلَمْ أَرَ رِيحًا أَشَدَّ مِنْهَا إِلَّا الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَكَانَتِ الْأُولَى مِيكَائِيلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالثَّانِيَةُ إِسْرَافِيلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالثَّالِثَةُ جِبْرِيلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَكُنْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْكَفَّارَ حَمَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَرَسِهِ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ عَلَيْهِ حَمَلَ بِي فَصِرْتُ عَلَى عُنُقِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَثَبَّتَنِي عَلَيْهِ، فَطَعَنْتُ بِرُمْحِي حَتَّى بَلَغَ الدَّمُ إِبِطِي».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9956 -

وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: لَمَّا رَأَى إِبْلِيسُ مَا تَفْعَلُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمُشْرِكِينَ أَشْفَقَ أَنْ يَخْلُصَ الْقَتْلُ إِلَيْهِ، فَتَشَبَّثَ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَوَكَزَ فِي صَدْرِ الْحَارِثِ فَأَلْقَاهُ ثُمَّ خَرَجَ هَارِبًا حَتَّى أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَظْرَتَكَ إِيَّايَ، وَخَافَ أَنْ يَخْلُصَ الْقَتْلُ إِلَيْهِ.

فَأَقْبَلَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ، لَا يَهْزِمَنَّكُمْ خِذْلَانُ سُرَاقَةَ إِيَّاكُمْ ; فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى مِيعَادٍ مِنْ مُحَمَّدٍ، لَا يَهُولَنَّكُمْ قَتْلُ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ ; فَإِنَّهُمْ قَدْ عَجَّلُوا، فَوَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا نَرْجِعُ حَتَّى نُقْرِنَهُمْ بِالْحِبَالِ.

فَلَا أَلْقَيَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْهُمْ، وَلَكِنْ خُذُوهُمْ أَخْذًا حَتَّى تُعَرِّفُوهُمْ سُوءَ صَنِيعِهِمْ مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ إِيَّاكُمْ، وَرَغْبَتِهِمْ عَنِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى. ثُمَّ قَالَ أَبُو جَهْلٍ مُتَمَثِّلًا:

مَا تَنْقِمُ الْحَرْبُ الشَّمُوسُ مِنِّي

بَازِلٌ عَامَيْنِ حَدِيثٌ سِنِّي

لِمِثْلِ هَذَا وَلَدَتْنِي أُمِّي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9957 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 77

قَالَ: أَخَذَتْهُمْ رِيحٌ عَقِيمٌ يَوْمَ بَدْرٍ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

9958 -

«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ بِمَكَّةَ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ جَمْعٍ؟ وَذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَانْهَزَمَتْ قُرَيْشٌ نَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آثَارِهِمْ مُصْلِتًا بِالسَّيْفِ، يَقُولُ:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] وَكَانَتْ يَوْمَ بَدْرٍ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهِمْ: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ} [المؤمنون: 64] الْآيَةَ. وَأَنْزَلَ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] الْآيَةَ. وَرَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَسِعَتْهُمُ الرَّمْيَةُ، وَمَلَأَتْ أَعْيُنَهُمْ وَأَفْوَاهَهُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُقْبِلُ وَهُوَ يَقْذِي عَيْنَيْهِ وَفَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِبْلِيسَ: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 48].

وَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَنَاسٌ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ: غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} [الأنفال: 49]».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9959 -

«وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] قُلْتُ: أَيُّ جَمْعٍ هَذَا؟ فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِيَدِهِ السَّيْفُ مُصْلِتًا، وَهُوَ يَقُولُ: " {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45]» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

9960 -

«وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُطِيعُوهُ كَانَ لَهُ مِنْكُمْ ذَبْحٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" وَأَنَا أَقُولُ ذَلِكَ، وَأَنْتَ مِنْ ذَلِكَ الذَّبْحِ ". فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ مَقْتُولًا، قَالَ:" اللَّهُمَّ قَدْ أَنْجَزْتَ لِي مَا وَعَدْتَنِي ".

فَوَجَّهَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ قِبَلَ أَبِي جَهْلٍ، فَقِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: أَنْتَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: بَلِ اللَّهُ قَتَلَهُ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَنْتَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: لَوْ شَاءَ لَجَعَلَكَ فِي كَفِّهِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتُهُ وَجَرَّدْتُهُ.

قَالَ: فَمَا عَلَامَتُهُ؟ قَالَ: شَامَةٌ سَوْدَاءُ بِبَطْنِ فَخِذِهِ الْيَمِينِ، فَعَرَفَ أَبُو سَلَمَةَ النَّعْتَ، وَقَالَ: جَرَّدْتَهُ وَلَمْ تُجَرِّدْ قُرَشِيًّا غَيْرَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9961 -

«وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدْ ضُرِبَتْ

ص: 78

رِجْلُهُ وَهُوَ صَرِيعٌ، وَهُوَ يَذُبُّ النَّاسَ عَنْهُ بِسَيْفٍ لَهُ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَقَالَ: هَلْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي غَيْرَ طَائِلٍ، فَأَصَبْتُ يَدَهُ فَبُدِرَ سَيْفُهُ فَأَخَذْتُهُ فَضَرَبْتُهُ حَتَّى قَتَلْتُهُ.

قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا أَفَلَ مِنَ الْأَرْضِ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ:" اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ؟ ". فَرَدَّدَهَا ثَلَاثًا قَالَ: فَقُلْتُ: اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. قَالَ: فَخَرَجَ يَمْشِي مَعِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، هَذَا كَانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ ".

9962 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " هَذَا فِرْعَوْنُ أُمَّتِي ".

9963 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَنَفَّلَنِي سَلَبَهُ».

رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9964 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دُفِعْتُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَقَدْ أُقْعِدَ، فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ فَضَرَبْتُ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: رُوَيْعُنَا بِمَكَّةَ، فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَتَلْتُ أَبَا جَهْلٍ، فَقَالَ عَقِيلٌ - وَهُوَ أَسِيرٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كَذَبْتَ مَا قَتَلْتَهُ. قَالَ: قُلْتُ بَلْ أَنْتَ الْكَذَّابُ الْآثِمُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ قَتَلْتُهُ قَالَ: فَمَا عَلَامَتُهُ؟ قَالَ: بِفَخِذِهِ حَلْقَةٌ كَحَلْقَةِ الْحَجَلِ الْمُحَلَّقِ. قَالَ: صَدَقْتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9965 -

«وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَبَا جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ صَرِيعًا فَقُلْتُ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ قَالَ: وَبِمَا أَخْزَانِي اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ وَمَعِي سَيْفٌ لِي فَجَعَلْتُ أَضْرِبُهُ وَلَا يَحْتَكُّ فِيهِ شَيْءٌ، وَمَعَهُ سَيْفٌ لَهُ جَيِّدٌ، فَضَرَبْتُ يَدَهُ فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذْتُهُ.

ثُمَّ كَشَفْتُ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ فَضَرَبْتُ عُنُقَهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:" اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ؟ ". قُلْتُ: اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ قَالَ: " انْطَلِقْ فَاسْتَثْبِتْ ". فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا أَسْعَى مِثْلَ الطَّائِرِ، ثُمَّ جِئْتُ وَأَنَا أَسْعَى مِثْلَ الطَّائِرِ أَضْحَكُ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" انْطَلِقْ فَأَرَنِي ". فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَأَرَيْتُهُ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " هَذَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ.

9966 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ: فَكَبَّرَ وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصْرَ عَبْدَهُ ".

9967 -

وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " وَأَعَزَّ دِينَهُ».

9968 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَمَرَنِي

ص: 79

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَعُورَ آبَارَهَا. يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9969 -

وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَرَدَ بَدْرًا أَوْمَأَ بِيَدِهِ فَقَالَ: " هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ ". فَوَاللَّهِ مَا أَمَاطَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مَصْرَعِهِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

9970 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ: " مَنْ ضَرَبَ أَبَاكَ؟ ". قَالَ: الَّذِي قَطَعَ رِجْلَهُ، فَقَضَى سَلَبَهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9971 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ: مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَقَتَلَ أَبَا جَهْلٍ فَقَطَعَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ يَدَهُ، ثُمَّ عَاشَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ. وَيَأْتِي فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا بِتَمَامِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

9972 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «لَمَّا جِيءَ بِأَبِي جَهْلٍ يُجَرُّ إِلَى الْقَلِيبِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَيًّا لَعَلِمَ أَنَّ أَسْيَافَنَا قَدِ الْتَبَسَتْ بِالْأَنَامِلِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ حَيَّانُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ فِيهِ: وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ:

كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ إِنْ جَدَّ مَا أَرَى

لَتَلْتَبِسَنَّ أَسْيَافُنَا بِالْأَنَامِلِ

وَيَنْهَضُ قَوْمٌ فِي الدُّرُوعِ إِلَيْكُمُ

نُهُوضَ الرَّوَايَا فِي طَرِيقٍ حَلَاحِلِ

قَالَ ابْنُ مَنَاذِرَ: هُمَا سَوَاءٌ يَقُولُونَ: حُلَاحِلُ وَجُلَاجِلُ.

9973 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا سَائِرٌ بِجَنَبَاتِ بَدْرٍ إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ حُفْرَةٍ فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ فَنَادَانِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ اسْقِنِي، يَا عَبْدَ اللَّهِ اسْقِنِي، يَا عَبْدَ اللَّهِ اسْقِنِي، فَلَا أَدْرِي عَرَفَ اسْمِي أَوْ دَعَانِي بِدَعَايَةِ الْعَرَبِ؟ وَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْحَفِيرِ فِي يَدِهِ سَوْطٌ، فَنَادَانِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْقِهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ فَعَادَ إِلَى حُفْرَتِهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْرِعًا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي:" أَوَقَدْ رَأَيْتَهُ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " ذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ، وَذَاكَ عَذَابُهُ إِلَى يَوْمِ

ص: 80

الْقِيَامَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

9974 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: هَوْذَةُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَا هَوْذَةُ، هَلْ شَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَيَّ لَا لِي قَالَ: فَكَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ قُمُدٌّ قُمْدُودٌ، مِثْلُ الصَّفَاةِ وَالْجُلْمُودِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ صَفُّوا لَنَا صَفًّا طَوِيلًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سُيُوفِهِمْ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ مِنْ خِلَالِ السَّحَابِ، فَمَا اسْتَفَقْتُ حَتَّى غَشِيَتْنَا غَادِيَةُ الْقَوْمِ فِي أَوَائِلِهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَيْثًا عَبْقَرِيًّا يَقْرِي الْغُرَبَاءَ وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ يَأْكُلُوا التَّمْرَ بِبَطْنِ مَكَّةَ، يَتْبَعُهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي صَدْرِهِ رِيشَةٌ بَيْضَاءُ قَدْ أُعْلِمَ بِهَا كَأَنَّهُ جَمَلٌ يُحَطِّمُ بِنَاءً فَرَغْتُ عَنْهُمَا وَأَحَالَا عَلَى حَنْظَلَةَ - يَعْنِي أَخَا مُعَاوِيَةَ - فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَلَا كُفْرَانَ لِلَّهِ زَلَّةً، فَلَيْتَ شِعْرِي مَتَى أَرَحْتَ يَا هَوْذَةُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَرَحْتُ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْهَضَبَاتِ مِنْ أَرْبَدَ، فَقُلْتُ: لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ حَنْظَلَةُ؟ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَنْتَ بِذِكْرِكَ حَنْظَلَةَ كَذِكْرِ الْغَنِيِّ أَخَاهُ الْفَقِيرَ لَا يَكَادُ يَذْكُرُهُ إِلَّا وَاسِنًا أَوْ مُتَوَاسِنًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَحْمَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9975 -

وَعَنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ بَدْرٍ مُعَلَّمًا بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: مَنْ رَجُلٌ أُعْلِمَ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ؟ فَقِيلَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

9976 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ لِي أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ: يَا عَبْدَ الْإِلَهِ مَنِ الرَّجُلُ الْمُعَلَّمُ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فِي صَدْرِهِ يَوْمَ بَدْرٍ؟ قُلْتُ: ذَاكَ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاكَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: ذَاكَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ ..

رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقَيْنِ فِي إِحْدَاهُمَا شَيْخُهُ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْكَرَابِيسِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالْأُخْرَى ضَعِيفَةٌ.

9977 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَخْرَجَهُ إِلَى بَدْرٍ: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي بَدْرًا، وَأَنْ يُغْنِمَنِي عَسْكَرُهُمْ، وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ غَنَائِمِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ غَنَائِمِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ".

فَلَمَّا تَوَاقَفُوا قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ الرُّعْبَ، فَلَمَّا اقْتَتَلُوا هَزَمَهُمُ اللَّهُ، فَاتَّبَعَهُمْ سُرْعَانُ النَّاسِ فَقَتَلُوا

ص: 81

سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ عَطِيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9978 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا سَمِعْنَا مُنَاشِدًا يَنْشُدُ حَقًّا لَهُ أَشَدَّ مُنَاشَدَةً مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ مَا وَعَدْتَنِي، إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدْ ". ثُمَّ الْتَفَتُّ كَأَنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ، فَقَالَ: " كَأَنِّي إِلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ عَشِيَّةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ.

9979 -

«وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ تَجَمَّعَ النَّاسُ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى قِطْعَةٍ مِنْ دِرْعِهِ قَدِ انْقَطَعَتْ مِنْ تَحْتِ إِبِطِهِ فَأَطْعَنُهُ بِالسَّيْفِ طَعْنَةً، وَرُمِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ بِسَهْمٍ فَفُقِئَتْ عَيْنِي، وَبَصَقَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لِي فِيهَا فَمَا آذَانِي شَيْءٌ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9980 -

«وَعَنْ عَلَيٍّ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ: " مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ أَوْ يَكُونُ فِي الصَّفِّ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9981 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ: " مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ - أَوْ يَكُونُ فِي الصَّفِّ» - ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِنَحْوِهِ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى.

9982 -

«وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَعَنْتُ أَنَا وَحَمْزَةُ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، أَظُنُّهُ قَالَ: فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَشْقَرُ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ.

9983 -

وَعَنْ عَامِرٍ - يَعْنِي الشَّعْبِيَّ - قَالَ: «قِيلَ لِسَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ -: مَتَى أَصَبْتَ الدَّعْوَةَ؟ قَالَ: يَوْمَ بَدْرٍ كَنْتُ أَرْمِي بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَضَعُ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ أَقُولُ: اللَّهُمَّ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ، وَافْعَلْ بِهِمْ وَافْعَلْ، فَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ» .

قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ طَرَفًا مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَقَدْ وُثِّقَ عَلَى ضَعْفِهِ.

9984 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: كَانَ سَعْدٌ يُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ قِتَالَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا مُتَّصِلٌ وَالْآخَرُ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

9985 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ سِيمَا

ص: 82

الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ عَمَائِمُ بِيضٌ قَدْ أَرْسَلُوهَا إِلَى ظُهُورِهِمْ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَمَائِمُ حُمْرٌ، وَلَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ إِلَّا يَوْمَ بَدْرٍ، إِنَّمَا كَانُوا يَكُونُونَ عَدَدًا وَمَدَدًا لَا يَضْرِبُونَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمَّارُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ ضَعَّفَهُ الْأَزْدِيُّ.

9986 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَتْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إِمْدَادًا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخَيْلِ إِلَّا فَرَسَانِ: أَحَدُهُمَا لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَالْآخَرُ لِأَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9987 -

«وَعَنِ الْبَهِيِّ قَالَ: كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسَانِ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى فَرَسٍ مِنَ الْمَيْمَنَةِ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَلَى فَرَسٍ عَلَى الْمَيْسَرَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ.

9988 -

وَعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى سِيمَا الزُّبَيْرِ عَلَيْهَا عَمَائِمُ صُفْرٌ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9989 -

وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ فِي الظِّلِّ، وَأَصْحَابُهُ فِي الشَّمْسِ يُقَاتِلُونَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: أَنْتَ فِي الظِّلِّ وَالْمُسْلِمُونَ فِي الشَّمْسِ يُقَاتِلُونَ، فَقَامَ فَتَحَوَّلَ إِلَى الشَّمْسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

9990 -

«وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ الْحَارِثِيَّ جَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ بِثَلَاثَةِ رُءُوسٍ يَحْمِلُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ظَفِرَتْ يَمِينُكَ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا اثْنَانِ فَأَنَا قَتَلْتُهُمَا، وَأَمَّا الْآخَرُ فَرَأَيْتُ رَجُلًا أَبْيَضَ جَمِيلًا حَسَنَ الْوَجْهِ ضَرَبَ رَأْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ذَاكَ فُلَانُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

9991 -

وَعَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمَازِنِيِّ - وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا - قَالَ: إِنِّي لَأَتْبَعُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِأَضْرِبَهُ، إِذْ وَقَعَ رَأْسُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَهُ غَيْرِي.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ.

9992 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ إِذْ تَبَسَّمَ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَبَسَّمْتَ؟ قَالَ: " مَرَّ بِي مِيكَائِيلُ وَعَلَى جَنَاحِهِ أَثَرُ غُبَارٍ وَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ، فَضَحِكَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمْتُ إِلَيْهِ» .

ص: 83

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

9993 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: قَالَ أَبِي: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيُشِيرُ بِسَيْفِهِ إِلَى رَأْسِ الْمُشْرِكِ، فَيَقَعُ رَأْسُهُ عَنْ جَسَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: رَوَى مَنَاكِيرَ.

9994 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو أُسَيْدٍ: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ الْآنَ بِبَدْرٍ، ثُمَّ أَطْلَقَ اللَّهُ لِي بَصَرِي، لَأُرِيَنَّكَ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ غَيْرَ شَكٍّ وَلَا تَمَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ لِغَفْلَةٍ فِيهِ.

9995 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى سِيمَا الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مُتَعَجِّرٌ بِعِمَامَةٍ صَفْرَاءَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي اللِّبَاسِ نَحْوَ هَذَا.

9996 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: لَقَدْ قُلِّلُوا فِي أَعْيُنِنَا يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قُلْتُ لِصَاحِبِي الَّذِي إِلَى جَانِبِي: كَمْ تَرَاهُمْ؟ أَتَرَاهُمْ سَبْعِينَ؟ قَالَ: أَرَاهُمْ مِائَةً حَتَّى أَخَذْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا فَسَأَلْنَاهُ قَالَ: كُنَّا أَلْفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

9997 -

«وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: سَمِعْنَا صَوْتًا وَقَعَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ كَأَنَّهُ صَوْتُ حَصَاةٍ فِي طِسْتٍ، وَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتِلْكَ الْحَصَاةِ فَانْهَزَمْنَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

9998 -

وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ كَفًّا مِنَ الْحَصَى، فَاسْتَقْبَلَنَا بِهِ فَرَمَى بِهَا، وَقَالَ: " شَاهَتِ الْوُجُوهُ " فَانْهَزَمْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

9999 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَعَلِيٍّ: " نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ حَصًى ". فَنَاوَلَهُ، فَرَمَى بِهِ وُجُوهَ الْقَوْمِ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا امْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَنَزَلَتْ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] الْآيَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 84

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَسْرَى]

10000 -

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: " مَنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأْسِرُوهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ; فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا كُرْهًا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

10001 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ وَغَيْرِهِ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْعَبَّاسِ قَدْ أَسَرَهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ هَذَا أَسَرَنِي، أَسَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنْزِعُ مِنْ هَيْئَتِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ: " قَدْ آزَرَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10002 -

«وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ: جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ شَرًّا، أَتُقَاتِلُ ابْنَ أَخِيكَ مَعَ عَدُوِّهِ؟ قَالَ: مَا فَعَلَ؟ وَهَلْ أَصَابَهُ الْقَتْلُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعَزُّ لَهُ وَأَنْصَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: مَا يُرِيدُ إِلَيَّ؟ قُلْتُ: إِسَارًا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِكَ. قَالَ: لَيْسَتْ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ، فَأَسَرْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10003 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ كَيْفَ أَسَرَكَ أَبُو الْيُسْرِ، وَلَوْ شِئْتَ لَجَعَلْتَهُ فِي كَفِّكَ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، لَا تَقُلْ ذَاكَ لَقَدْ لَقِيتُنِي وَهُوَ أَعْظَمُ فِي عَيْنِي مِنَ الْخَنْدَمَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

10004 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أُسِرَ الْعَبَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ قَمِيصٌ يَقْدِرُ عَلَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

10005 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ الْمُجَذَّرُ بْنُ زِيَادٍ لِأَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِكَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10006 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو الْيُسْرِ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَحَدُ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" كَيْفَ أَسَرْتَهُ يَا أَبَا الْيُسْرِ؟ ". قَالَ: لَقَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ وَلَا قَبْلُ هَيْئَتُهُ كَذَا هَيْئَتُهُ كَذَا قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ ". وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: يَا عَبَّاسُ، افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ، وَحَلِيفَكَ عُتْبَةَ بْنَ جَحْدَمٍ، أَحَدَ

ص: 85

بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ ". قَالَ: فَإِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُونِي قَالَ: " اللَّهُ أَعْلَمُ بِشَأْنِكَ، إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقًّا فَاللَّهُ يَجْزِيكَ بِذَلِكَ، فَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا ; فَافْدِ نَفْسَكَ ". وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَ مَعَهُ عِشْرِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْسِبْهَا لِي مِنْ فِدَائِي قَالَ: " لَا ذَلِكَ شَيْءٌ أَعْطَانَا اللَّهُ مِنْكَ ". قَالَ: فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ قَالَ: " فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي وَضَعْتَهُ بِمَكَّةَ حِينَ خَرَجْتَ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ وَلَيْسَ مَعَكُمَا غَيْرَكُمَا أَحَدٌ؟ فَقُلْتُ: إِنْ أَصَبْتُ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِلْفَضْلِ كَذَا، وَلِقُثَمَ كَذَا، وَلِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا ". قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَلِمَ بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرِي وَغَيْرُهَا، وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10007 -

«وَعَنْ أَبِي عَزِيزِ بْنِ عُمَيْرٍ أَخِي مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا ". وَكُنْتُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا غَدَاءَهُمْ وَعَشَاءَهُمْ أَكَلُوا التَّمْرَ، وَأَطْعَمُونِي الْبُرَّ لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

10008 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْأَسْرَى؟ ". قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ.

قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْرَجُوكَ وَكَذَّبُوكَ، قَرِّبْهُمْ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْظُرْ وَادٍ كَثِيرَ الْحَطَبِ فَأَدْخِلْهُمْ فِيهِ ثُمَّ أَضْرِمْهُ عَلَيْهِمْ نَارًا.

قَالَ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعْتَ رَحِمَكَ. قَالَ: فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ. وَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ.

قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَيَشْدُدْ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَمَثَلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم قَالَ:

ص: 86

وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلَا يَنْقَلِبَنَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ ".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ قَالَ: فَسَكَتَ. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفَ أَنْ يَقَعَ عَلَيَّ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى قَالَ: " إِلَّا سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] إِلَى قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67]». قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْهُ طَرَفًا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ.

10009 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْدَاءُ اللَّهِ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ وَقَاتَلُوكَ، وَأَنْتَ بَوَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ.

10010 -

وَفِي رِوَايَةٍ: يَسْتَنْقِذُهُمْ بِكَ اللَّهُ مِنَ النَّارِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِتْرَتُكَ وَأَهْلُكَ وَقَوْمُكَ تَجَاوَزْ عَنْهُمْ يَسْتَنْقِذْهُمُ اللَّهُ بِكَ مِنَ النَّارِ.

وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا، وَفِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَلَكِنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ.

10011 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ قَتَلْتَهُمْ دَخَلُوا النَّارَ وَإِنْ أَخَذْتَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ كَانُوا لَنَا عَضُدًا، وَقَالَ عُمَرُ: أَرَى أَنْ تَعْرِضَهُمْ ثُمَّ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ، وَقَادَةُ الْكَفْرِ، وَاللَّهِ مَا رَضَوْا أَنْ أَخْرَجُونَا حَتَّى كَانُوا أَوَّلَ الْعَرَبِ غَزَانَا. وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ، وَفِيهَا مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10012 -

«وَعَنْ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ قَالَ: اسْتَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمْكَنَكُمْ مِنْهُمْ ". قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمْكَنَكُمْ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا هُمْ إِخْوَانُكُمْ بِالْأَمْسِ ". قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِلنَّاسِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عليه السلام، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ تَرَى أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَأَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ. قَالَ: فَذَهَبَ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ مِنَ الْغَمِّ، قَالَ: فَعَفَا عَنْهُمْ، وَقَبِلَ الْفِدَاءَ قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: 68] الْآيَةَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَهُوَ كَثِيرُ الْغَلَطِ وَالْخَطَأِ، لَا يَرْجِعُ إِذَا قِيلَ لَهُ الصَّوَابُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10013 -

وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «قَالَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ غُلَامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ

ص: 87

وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ دَخَلَنَا فَأَسْلَمْتُ، وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ قَدْ أَسْلَمَ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَهَابُ قَوْمَهُ، وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ - لَعَنَهُ اللَّهُ - قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، وَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُونَ لَمْ يَتَخَلَّفْ رَجُلٌ إِلَّا بَعَثَ مَكَانُهُ رَجُلًا، فَلَمَّا جَاءَنَا الْخَبَرُ كَبَتَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ، وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا قُوَّةً».

قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَمِنْ هُنَا فِي كِتَابِ يَعْقُوبَ مُرْسَلٌ، لَيْسَ فِيهِ إِسْنَادٌ، وَقَالَ فِيهِ:«أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ فِي الْأُسَارَى أَبُو وَدَاعَةَ بْنُ صُبَيْرَةَ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لَهُ بِمَكَّةَ ابْنًا كَيِّسًا تَاجِرًا ذَا مَالٍ، لَكَأَنَّكُمْ بِهِ قَدْ جَاءَ فِي فِدَاءِ أَبِيهِ ". وَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ: لَا تَعْجَلُوا فِي فِدَاءِ أَسْرَاكُمْ لَا يَتَأَرَّبُ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ. فَقَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ: صَدَقْتُمْ فَافْعَلُوا، وَانْسَلَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَخَذَ أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَانْطَلَقَ بِهِ، وَقَدِمَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الْأَخْيَثِ فِي فِدَاءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَكَانَ الَّذِي أَسَرَهُ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ أَخُو بَنِي مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ هَكَذَا بِاخْتِصَارٍ، وَبَعْضُهُ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُ غَيْرِ الْمُرْسَلِ ثِقَاتٌ.

10014 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ، وَكُنْتُ قَدْ أَسْلَمْتُ، وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ، وَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ، وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ مَخَافَةَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، وَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصِ بْنَ هِشَامٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَالَ لَهُ: اكْفِنِي مِنْ هَذَا الْغَزْوِ وَأَتْرُكُ لَكَ مَا عَلَيْكَ فَفَعَلَ، فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ، وَكَبَتَ اللَّهُ أَبَا لَهَبٍ، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا أَنَحَتُ هَذِهِ الْأَقْدَاحَ فِي حُجْرَةِ زَمْزَمَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَجَالِسٌ أَنْحِتُ أَقْدَاحِي فِي الْحُجْرَةِ وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ إِذَا الْفَاسِقُ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ أَرَاهُ قَالَ: حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ طُنُبِ الْحُجْرَةِ فَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي، فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، [فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخِي، فَجَاء أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَهُ، فَجَاءَ النَّاسُ فَقَامُوا عَلَيْهِمَا فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ، وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَاهُمْ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقْتُلُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَيَأْسِرُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَايْمُ اللَّهِ مَا لُمْتُ النَّاسَ قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بَلَقٍ لَا وَاللَّهِ لَا تَلْبَقُ شَيْئًا، وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ قَالَ: فَرَفَعْتُ طُنُبَ الْحُجْرَةِ، فَقُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلَائِكَةُ، فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَلَطَمَ وَجْهِي، وَثَاوَرْتُهُ فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِي الْأَرْضَ حَتَّى نَزَلَ عَلَيَّ، وَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ

ص: 88

فَاحْتَجَرَتْ، وَأَخَذَتْ عَمُودًا مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ فَضَرَبَتْهُ بِهِ فَفَلَقَتْ فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، اسْتَضْعَفْتَهُ أَنْ رَأَيْتَ سَيِّدَهُ غَائِبًا عَنْهُ، فَقَامَ ذَلِيلًا فَوَاللَّهِ مَا عَاشَ إِلَّا سَبْعَ لَيَالٍ حَتَّى ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْعَدَسَةِ فَقَتَلَتْهُ، فَتَرَكَهُ ابْنَاهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا يَدْفِنَاهُ حَتَّى أَنْتَنَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِابْنَيْهِ: أَلَا تَسْتَحْيِيَانِ أَنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ؟ فَقَالَا: إِنَّا نَخْشَى هَذِهِ الْقُرْحَةَ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّقِي الْعَدَسَةَ كَمَا يُتَّقَى الطَّاعُونُ، فَقَالَ رَجُلٌ: انْطَلِقَا فَأَنَا مَعَكُمَا قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا غَسَّلَاهُ إِلَّا قَذْفًا بِالْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، ثُمَّ احْتَمَلُوهُ فَقَذَفُوهُ فِي أَعْلَى مَكَّةَ إِلَى جِدَارٍ، وَقَذَفُوا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِي إِسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10015 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: أَسَرْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَدِمَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ لِفِدَائِهِ فَوَهَبْتُ لَهُ حَقِّي وَأَخَذَ الزُّبَيْرُ حَقَّهُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10016 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَقْتُلَنَّ الْيَوْمَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ صَبْرًا ". قَالَ: فَنَادَى عُقْبَةُ - بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَالِي أُقْتَلُ مِنْ بَيْنِكُمْ صَبْرًا قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " بِكُفْرِكَ بِاللَّهِ، وَافْتِرَائِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ ..

10017 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَارَى بَدْرٍ، وَكَانَ فِدَاءُ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَقُتِلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ قَبْلَ الْفِدَاءِ، قَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَتَلَهُ صَبْرًا قَالَ: مَنْ لِلصِّبْيَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " النَّارُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10018 -

وَعَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ أَبِي مُعَيْطٍ: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - وَكَانَ غَيْرَ كَذَّابٍ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِعُنُقِ أَبِيكَ أَنْ تُضْرَبَ صَبْرًا، ثُمَّ مَرَّ بِهِ فَقَالَ: مَنْ لِلصِّبْيَةِ بَعْدِي؟ قَالَ: " لَهُمُ النَّارُ ". حَسْبُكَ مَا رَضِيَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10019 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَةَ صَبْرًا، قَتَلَ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَقَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ، وَقَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ.»

ص: 89

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادِ بْنِ نُمَيْرٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10020 -

«وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءَ أُسَارَى بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10021 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ نَاحَتْ قَتْلَاهَا ثُمَّ نَدِمَتْ، وَقَالُوا: لَا تَنُوحُوا عَلَيْهِمْ فَيَبْلُغَ ذَلِكَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ ; فَيَشْمَتُوا بِكُمْ، وَكَانَ فِي الْأَسْرَى: أَبُو وَدَاعَةَ بْنُ صُبَيْرَةَ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لَهُ بِمَكَّةَ ابْنًا تَاجِرًا كَيِّسًا ذَا مَالٍ، كَأَنَّكُمْ قَدْ جَاءَكُمْ فِي فِدَاءِ أَبِيهِ ". فَلَمَّا قَالَتْ قُرَيْشٌ فِي الْفِدَاءِ مَا قَالَتْ، قَالَ الْمُطَّلِبُ: صَدَقْتُمْ، وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَيَتَأَرَّبَنَّ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ انْسَلَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَفَدَى أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِيمَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ]

10022 -

عَنْ شَقِيقٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي الْجَنَّةِ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ.

قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ: يَا عِبَادِي مَاذَا تَشْتَهُونَ؟ فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا هَلْ فَوْقَ هَذَا شَيْءٌ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: عِبَادِي مَاذَا تَشْتَهُونَ؟ فَيَقُولُونَ فِي الرَّابِعَةِ: تُرَدُّ أَرْوَاحُنَا فِي أَجْسَادِنَا فَنُقْتَلُ كَمَا قُتِلْنَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

وَيَأْتِي تَسْمِيَةُ مَنْ سُمِّيَ مِنْهُمْ فِي بَابِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَتَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ.

[بَابٌ فِيمَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ]

10023 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ بِأُولَئِكَ الرَّهْطِ فَأُلْقُوا فِي الطُّوَى عُتْبَةُ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابُهُ، وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: " جَزَى اللَّهُ شَرًّا مِنْ قَوْمِ نَبِيٍّ مَا كَانَ أَسْوَأَ الطَّرْدِ، وَأَشَدَّ التَّكْذِيبِ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: " مَا أَنْتُمْ بِأَفْهَمَ لِقَوْلِي مِنْهُمْ، أَوْ لَهُمْ أَفْهَمُ لِقَوْلِي مِنْكُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، وَلَكِنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا.

10024 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقَتْلَى أَنْ يُطْرَحُوا فِي الْقَلِيبِ، وَطُرِحُوا فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلَأَهَا، فَذَهَبُوا لِيُحَرِّكُوهُ فَتَزَايَلَ فَتَرَكُوهُ، وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مَا غَيَّبَهُ مِنَ التُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ، فَلَمَّا أَلْقَاهُمْ فِي الْقَلِيبِ وَقَفَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ

ص: 90

هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا، فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا؟ ". قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُكَلِّمُ قَوْمًا مَوْتَى؟» فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10025 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَأُلْقُوا فِي طُوًى مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ.

قَالَ: وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ. قَالَ: فَلَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ أَقَامَ ثَلَاثَ لَيَالٍ حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشَدَّتْ بِرَحْلِهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ.

قَالَ: فَمَا نَرَاهُ يَنْطَلِقُ إِلَّا لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ. قَالَ: حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الطُّوَى قَالَ: فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: " يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانِ، أَسَرَّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ ". قَالَ عُمَرُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ».

قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى سَمِعُوا كَلَامَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَتَقْمِئَةً. قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10026 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ، وَقَالَ:" جَزَاكُمُ اللَّهُ عَنِّي مِنْ عِصَابَةٍ شَرًّا، قَدْ خُنْتُمُونِي أَمِينًا، وَكَذَّبْتُمُونِي صَادِقًا ".

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ: " إِنَّ هَذَا كَانَ أَعْتَى عَلَى اللَّهِ مِنْ فِرْعَوْنَ، إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا أَيْقَنَ الْهَلَاكَ وَحَّدَ اللَّهَ، وَإِنَّ هَذَا لَمَّا أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ دَعَا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ الْوَرَّاقُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10027 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ فَقَالَ: " يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا، فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا".

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَسْمَعُونَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: " مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمُ الْيَوْمَ لَا يُجِيبُونَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10028 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ فَقَالَ: " يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ يَسْمَعُونَ؟ قَالَ: " يَسْمَعُونَ كَمَا تَسْمَعُونَ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُجِيبُونَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِيدَانَ مَجْهُولٌ.

[بَابٌ]

10029 -

«عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَصَبْتُ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفَ بَنِي عَابِدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ

ص: 91

فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرُدُّوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ، أَقْبَلْتُ بِهِ حَتَّى أَلْقَيْتُهُ فِي النَّفْلِ.

قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْنَعُ شَيْئًا يَسْأَلُهُ». قَالَ: فَعَرَفَهُ الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

10030 -

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ أَيْضًا مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ: أَصَبْتُ سَيْفَ بَنِي عَابِدٍ الْمَخْزُومِيِّينَ الْمَرْزُبَانِ يَوْمَ بَدْرٍ.

رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10031 -

وَعَنِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: " رُدُّوا مَا كَانَ مَعَكُمْ مِنَ الْأَنْفَالِ ". فَرَفَعَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ سَيْفَ بَنِي الْعَابِدِ الْمَرْزُبَانِ فَعَرَفَهُ الْأَرْقَمُ، فَقَالَ: هَبْهُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10032 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَى النَّاسُ فَهَزَمَ اللَّهُ عز وجل الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ يَحُوزُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غُرَّةً، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا ; فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ.

وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا ; نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ.

وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا ; نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، وَاشْتُغِلْنَا بِهِ.

فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَوَاقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَغَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ نَفَلَ الرُّبْعَ، وَإِذَا أَقْبَلَ رَاجِعًا وَكُلُّ النَّاسِ نَفَلَ الثُّلُثَ، وَكَانَ يَكْرَهُ الْأَنْفَالَ وَيَقُولُ: " لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ». قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يَنْفُلُ فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبْعَ، وَفِي الْقُفُولِ الثُّلُثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِيمَنْ حَمَلَ لِوَاءَ يَوْمِ بَدْرٍ]

10033 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِوَاءُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

ص: 92

طَالِبٍ، وَلِوَاءُ الْأَنْصَارِ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنهما.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ وَعِدَّةُ مَنْ شَهِدَهَا]

10034 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ أَهْلَ بَدْرٍ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ سِتًّا وَسَبْعِينَ، وَكَانَتْ هَزِيمَةُ أَهْلِ بَدْرٍ لِسَبْعَ عَشَرَةَ مَضَيْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشْرَ. وَقَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ مِائَتَيْنِ وَسِتًّا وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ لِوَاءُ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ عَلِيٍّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ كَذَلِكَ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10035 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10036 -

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَدْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ صَبِيحَةُ بَدْرٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِسَبْعَ عَشَرَةَ مِنْ رَمَضَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10037 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ يَوْمَ جَالُوتَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10038 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: كَانَ عِدَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَمِائَةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10039 -

وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هُمْ - يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ - هَلُمُّوا أَنْ نَتَعَادَّ ". فَإِذَا نَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَخْبَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَهُ ذَلِكَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ: " عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ.

10040 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِشْرُونَ رَجُلًا مِنَ الْمَوَالِي، رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[قَدْ حَضَرَ بَدْرًا جَمَاعَةٌ]

فَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِهِ بِإِسْنَادِهِ وَأَذْكُرُهُ هُنَا بِغَيْرِ سَنَدٍ، وَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ:

1 -

فَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي مَنَاقِبِهِ.

2 -

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي مَنَاقِبِهِ.

3 -

عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ وَأَجْرِهِ.

4 -

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي مَنَاقِبِهِ.

5 -

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَنَاقِبِهِ.

6 -

سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ.

7 -

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي مَنَاقِبِهِ.

8 -

الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي مَنَاقِبِهِ.

9 -

طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ.

10 -

أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي مَنَاقِبِهِ.

11 -

حَمْزَةُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَاقِبِهِ.

وَمَنْ سَمَّاهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ

ص: 93

شَهِدَ بَدْرًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَيْهِ.

12 -

مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: أَوْسُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ لَا عَقِبَ لَهُ.

13 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَوْلِيٍّ.

14 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْأَوْسِ: أُنَيْسُ بْنُ قَتَادَةَ.

15 -

وَأُنَيْسَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

16 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: أَسْوَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمٍ.

17 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: أَسْعَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْفَاكِهَةِ بْنِ زَيْدِ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَجْلَانَ.

18 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ: الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ.

19 -

وَبِلَالُ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَبِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ.

20 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ: بَسْيَسٌ الْجُهَنِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ.

21 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ: بُجَيْرُ بْنُ أَبِي بُجَيْرٍ حَلِيفٌ لَهُمْ.

22 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: تَمِيمُ بْنُ يَغَارَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ،

23 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: تَمِيمٌ مَوْلَى خَرَاشِ بْنِ الصِّمَّةَ.

24 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ: ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ.

25 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: [ثَابِتُ بْنُ خَالِدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ خَنْسَاءَ.

27 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَرَامٍ: ثَابِتُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَرَامٍ.

28 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحُبُلِيِّ: ثَابِتُ بْنُ رَبِيعَةَ.

29 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: ثَابِتُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيٍّ.

30 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ: ثَابِتُ بْنُ حَسَّانَ بْنِ عَمْرٍو لَا عَقِبَ لَهُ.

31 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ: ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ.

32 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَرَامٍ: ثَعْلَبَةُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْجَذْعُ.

33 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: ثَعْلَبَةُ بْنُ عَثْمَةَ.

34 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: جَابِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ إِيَاسٍ.

35 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: جَابِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبَدِ الْأَشْهَلِ لَا عَقِبَ لَهُ.

36 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَدِيٍّ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابِ بْنِ نُعْمَانَ بْنِ سِنَانٍ.

37 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَوْفٍ: جَبْرُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ حَبَشِيَّةَ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ - ابْنُ هَيْشَةَ.

38 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: حَارِثَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرِ

ص: 94

بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ.

39 -

وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى: حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ حَلِيفٌ لَهُمْ.

40 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَدِيٍّ: حَارِثَةُ بْنُ الْحِمْيَرِ حَلِيفٌ لَهُمْ.

41 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كَعْبٍ.

42 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ.

43 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ. وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ

44 -

مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ بَنِي زُرَيْقٍ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ شَهِدَ بَدْرًا

45 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَبْذُولٍ: الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ كُسِرَ بِالرَّوْحَاءِ فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ.

46 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: الْحَارِثُ بْنُ خَزَمَةَ بْنِ عَدِيٍّ حَلِيفٌ لَهُمْ مَنْ بَنِي سَالَمٍ.

47 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ: الْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ.

48 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: حُرَيْثُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّبِّ.

49 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبٍ مَنْ بَنِي النَّجَّارِ.

50 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: رَافِعُ بْنُ سَهْلٍ وَيُقَالُ: ابْنُ يَزِيدَ.

51 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: رَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سَوَّادٍ.

52 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ: رَافِعُ بْنُ عَنْجَدَةَ.

53 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ: أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.

54 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَجْلَانَ.

55 -

وَمِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: رَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي أَسَدٍ.

56 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ: رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.

57 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بِلْحَبْلِيٍّ: رَبِيعُ بْنُ إِيَاسٍ.

58 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ: رِبْعِيُّ بْنُ أَبِي رِبْعِيٍّ.

59 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ: رُخَيْلَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ خَلْدَةَ.

60 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ.

61 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ: زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ.

62 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ.

63 -

وَمِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ.

64 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ:

ص: 95

زَيْدُ بْنُ الْمُزَيِّنِ.

65 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ مِنْ بِلْحَبْلِيٍّ: زَيْدُ بْنُ وَدِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ.

66 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ: زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ شَهِدَ الْعَقَبَةَ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

67 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ: زِيَادُ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ.

68 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ.

69 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ.

70 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ السَّلَمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ.

71 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ.

72 -

وَمَنْ بَنِي عَامِرٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ: سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ.

73 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: سَعْدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَلْدَةَ بْنِ مَخْلَدٍ.

74 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ: سَعْدُ بْنُ النُّعْمَانِ.

75 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ: سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ.

76 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَوَّادِ بْنِ غَنْمٍ: سَهْلُ بْنُ قَيْسِ بْنِ أَبِي كَعْبِ بْنِ أَبِي الْقَيْنِ.

77 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ: سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ.

78 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: سُهَيْلُ بْنُ رَافِعِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَكَانَ لَهُ وَلِأَخِيهِ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِرْبَدًا.

79 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: سُهَيْلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ لَا عَقِبَ لَهُ.

80 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ.

81 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ.

82 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ.

83 -

وَمِمَّنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، قَتَلَهُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَطَعَ رِجْلَهُ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ.

84 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ: عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي شَهِدَهَا وَلَمْ يُقْتَلْ بِهَا.

85 -

وَمِمَّنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ: عُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

86 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ.

87 -

وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجِدِّ بْنِ الْعَجْلَانِ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

88 -

وَشَهِدَهَا مِنَ الْأَنْصَارِ

ص: 96

ثُمَّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَتْبَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَجْلَانَ.

89 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي ظَفَرٍ: قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ.

90 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.

91 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ.

قُلْتُ: وَأَسَانِيدُ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، إِسْنَادٌ وَاحِدٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَمَنْ سَمَّاهُمْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَذْكُرُهُمْ، وَفِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَقَدْ ضُعِّفَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ بِاعْتِبَارِ الشَّوَاهِدِ، وَغَالِبُ مَنْ سَمَّاهُ الزُّهْرِيُّ سَمَّاهُ عُرْوَةُ، وَمِنْ هُنَا سَمَّاهُمْ عُرْوَةُ

92 -

فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي أَصْرَمَ بْنِ فِهْرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ أَخُو عُبَادَةَ.

93 -

وَمِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَشَهِدَ بَدْرًا: أَوْسُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ، لَا عَقِبَ لَهُ.

94 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي قَرَبُوسَ بْنِ غَنْمِ بْنِ سَالِمٍ: أُمَيَّةُ بْنُ لَوْذَانَ بْنِ سَالِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ هَزَّالِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَرَبُوسَ بْنِ غَنْمٍ.

95 -

وَأُنَيْسَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

96 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقْظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ: الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ، وَاسْمُ ابْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ عَبْدُ مَنَافٍ، وَيُكَنَّى أَبَا خِنْدِفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومِ.

97 -

وَبِلَالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ.

98 -

وَمِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَدِيٍّ: بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

99 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

100 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ: بَشِيرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ جُلَاسٍ.

101 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي طَرِيفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: بَسْبَسٌ الْجُهَنِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ.

102 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي خَلْدَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: تَمِيمُ بْنُ يَعَارَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ.

103 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: تَمِيمٌ مَوْلَى بَنِي غَنْمِ بْنِ السَّلَمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ.

104 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: تَمِيمٌ مَوْلَى خَرَاشِ بْنِ الصِّمَّةَ.

105 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: تَمِيمٌ مَوْلَى خِرَاشِ بْنِ الصِّمَّةَ.

106 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ: ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْعَجْلَانِ.

107 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ: أَوْسُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرٍو.

108 -

وَشَهِدَ بَدْرًا،

ص: 97

ثَابِتُ بْنُ عُمَرَ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَوَّادِ بْنِ عِصْمَةَ أَوْ عُصَيَّةَ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ أَشْجَعَ.

109 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُحَصَّنِ بْنِ عُبَيْدٍ.

110 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ: ثَعْلَبَةُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْجَذِعُ.

111 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: ثَعْلَبَةُ بْنُ عَتْمَةَ.

112 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: جُبَيْرُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ زُرَيْقٍ.

113 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ: جَابِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبَدِ الْأَشْهَلِ، لَا عَقِبَ لَهُ.

114 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابِ بْنِ نُعْمَانَ بْنِ سِنَانٍ.

115 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: جَابِرُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ حَبَشِيَّةَ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ابْنُ هَيْشَةَ.

116 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَابِسِ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمٍ.

117 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ.

118 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ: حَارِثَةُ بْنُ الْحِمْيَرِ، حَلِيفٌ لَهُمْ، مِنْ أَشْجَعَ بْنِ دَهْمَانَ.

119 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: الْحَارِثُ بْنُ سَوَّادٍ.

120 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: الْحَارِثُ بْنُ سُرَاقَةَ.

121 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: الْحَارِثُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ.

122 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَخْلَدٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ أَبُو خَالِدٍ.

123 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَبْذُولٍ: الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَامِرٍ.

124 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: الْحَارِثُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ.

125 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: الْحَارِثُ بْنُ خَزْمَةَ بْنِ أَبِي غَنْمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

126 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: حُرَيْثُ بْنُ زَيْدٍ.

127 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ بْنِ خَلْدَةَ وَكَانَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

128 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زَعْوَرِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ بْنِ يَزِيدَ: رَافِعُ بْنُ يَزِيدَ.

129 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: رَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنُ لَوْذَانَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَنَاةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَصْبِ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ.

130 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: رَافِعُ بْنُ جَعْدَبَةَ.

131 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: رَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سَوَّادِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ.

وَعَنْ عُرْوَةَ أَيْضًا:

132 -

أَنَّ بَشِيرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.

133 -

وَالْحَارِثَ بْنَ حَاطِبٍ خَرَجَا مَعَ رَسُولِ

ص: 98

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ فَرَجَعَهُمَا.

134 -

وَأَمَرَ أَبَا لُبَابَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبَ لَهُمَا بِسَهْمَيْنِ مَعَ أَصْحَابِ بَدْرٍ.

135 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَجْلَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ زُرَيْقٍ، وَهُوَ نَقِيبٌ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

136 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: رَبِيعَةُ بْنُ أَكْتَمَ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ.

137 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ: رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

138 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي لَوْذَانَ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفِ ابْنِ الْخَزْرَجِ: رَبِيعُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ غَنْمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ غَنْمٍ.

139 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شُرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ يَزِيدَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ الْكَلْبِيُّ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرَسُولُهُ.

140 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ: زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ.

141 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَهُمْ بَنُو جَدِيلَةَ: أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ نَقِيبٌ - قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: سَهْلُ بْنُ زَيْدٍ بَدَلُ: زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ.

142 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ: زَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

143 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جَزَرَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَهُوَ بَنُو الْحُبَلِيِّ: زَيْدُ بْنُ الْمَرْسِ.

144 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَهُمْ بَنُو الْحُبَلِيِّ: زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ جَزِيِّ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

145 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْعَجْلَانِ.

146 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقِ بْنِ عَبْدِ حَارِثَةَ: زِيَادُ بْنُ لَبِيدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سِنَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ بَيَاضَةَ.

147 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ.

148 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَهُوَ نَقِيبٌ وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

149 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ.

150 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَعْدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ بْنِ كَعْبٍ.

ص: 99

151 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ: سَعْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ.

152 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَوَّادِ بْنِ كَعْبٍ - وَاسْمُ كَعْبٍ: ظُفَرُ: سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ.

153 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: سَعْدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ قَيْسٍ.

154 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: سَعْدٌ مَوْلَى حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ.

155 -

وَسَعْدٌ مَوْلَى حَوْلِيٍّ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ مَذْحِجٍ.

156 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ: سَهْلُ بْنُ عَدِيٍّ.

157 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ: سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ.

158 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

159 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَوْفٍ: سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ.

160 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ بْنِ أَوْسِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ،.

161 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُشَمٍ: نَهِيكُ بْنُ نُعْمَانَ بْنِ خَنْسَاءَ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

162 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ: عُثْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سَوَادَةَ.

163 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ.

164 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرَخْسَ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ الْبُرَكِ وَهُوَ بَدْرِيٌّ.

165 -

وَشَهِدَهَا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ وَهُوَ نَقِيبٌ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

166 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَالِمِ بْنِ غَانِمِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَهُوَ الْحُبَلِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولٍ.

167 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ الْبَلَوِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ.

168 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْعَجْلَانِ.

169 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جَزَرَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْفُطَةَ.

170 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَدْرَةَ بْنِ عَوْفٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ.

171 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْأَبْجَرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَايِدِ بْنِ الْأَبْجَرِ.

172 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي لَوْذَانَ بْنِ

ص: 100

غَنْمٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَزْمَةَ بْنِ أَصْرَمَ حَلِيفٌ لَهُمْ.

173 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ ثُمَّ مِنْ بَنِي خَنْسَاءَ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ عُبَيْدٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَدِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ صَخْرِ بْنِ خَنْسَاءَ.

174 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحِمْيَرِ الْأَشْجَعِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ أَشْجَعَ.

175 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي خَنْسَاءَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ نُعْمَانَ بْنِ شَيْبَانَ.

176 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حِبَاسِ بْنِ سَنَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ بْنِ صَخْرِ بْنِ جُذَامِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمٍ.

177 -

وَاسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مِنْ قُرَيْشٍ: عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ؛ قَتَلَهُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؛ قَطَعَ رِجْلَهُ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ.

178 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ: أَبُو عُبَيْسِ بْنُ جَبْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ جُشَمِ بْنِ حَارِثَةَ.

179 -

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ: عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ.

180 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: عِمَارَةُ بْنُ حَزْمِ بْنِ زَيْدٍ.

181 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي خَنْسَاءَ بْنِ مُدْرِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنٍ: عُمَيْرٌ وَيُكَنَّى عُمَيْرٌ أَبَا دَاوُدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ مُدْرِكٍ.

182 -

وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ: عُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

183 -

وَشَهِدَ بَدْرًا، بْنُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مَازِنِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصْفَةَ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ مِنْ مُضَرَ، حَلِيفُ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

184 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَالِمٍ: عَتْبَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَجْلَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ غَانِمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ.

185 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ: فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

186 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ: زَيْدُ بْنُ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولٍ.

187 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَوَّادِ بْنِ كَعْبٍ - وَاسْمُ كَعْبٍ: ظُفَرُ -: قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ.

188 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ حَلِيفُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمَاتَ أَبُو مَرْثَدٍ سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً.

189 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زَعْوَرَاءَ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مُجَدَّعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ.

190 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، وَهُوَ نَقِيبٌ، وَقَدْ

ص: 101

شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ بِالْعَقَبَةِ.

191 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ أَدِي بْنِ سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أَسَدِ بْنِ شَارِدَةَ بْنِ تَزِيدَ بْنِ جُشَمٍ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

192 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو.

192 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ.

194 -

وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نَيَّارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَلِيٍّ، وَهُوَ بَدْرِيٌّ.

قُلْتُ: وَإِسْنَادُ عُرْوَةَ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ إِذَا تُوبِعَ وَقَدْ تُوبِعَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ فِي تَرَاجِمَ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بَدْرًا، وَالْإِسْنَادُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا:

195 -

مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ: الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، كُسِرَ بِالرَّوْحَاءِ فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ.

196 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، تُوُفِّيَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ مَعَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ.

197 -

وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ الْبُرَكِ - وَاسْمُ الْبُرَكِ: امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ - ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ.

198 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَبِيبِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حَارِثَةَ: رَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّى.

199 -

وَأَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ؛ كَانَ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ فَرَجَعَهُ وَأَمَّرَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ مَعَ أَهْلِ بَدْرٍ.

200 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْخَزْرَجِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَجْلَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ عَبْدُ حَارِثَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَصَبِ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

201 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ.

202 -

وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ.

203 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ النَّجَّارِ بْنِ كَعْبِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ السَّلَمِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ.

204 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ: سَهْلُ بْنُ حُنَيْفِ بْنِ وَاهِبِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ

ص: 102

مُجَدَّعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَمْرٌو الَّذِي يُقَالُ لَهُ: بَحْزَجُ بْنُ خُنَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ.

205 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشِ بْنِ رَعِيَّةَ بْنِ زَعْوَرَا بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ.

206 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمُرَ بْنِ صَبْرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ.

207 -

وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ: عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ؛ قَتَلَهُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَطَعَ رِجْلَهُ فَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ.

وَأَعَادَهُ بِسَنَدِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَتَلَهُ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ؛ قَطَعَ رِجْلَهُ فَمَاتَ بِالصَّهْبَاءِ.

208 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ: أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ جُشَمِ بْنِ مُجَدَّعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ.

209 -

وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ: عُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصِ بْنِ أَهْيَبَ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ.

210 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ: عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ بْنِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ.

211 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ: عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَلَمْ يَنْسُبْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ حَلِيفٌ لِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

212 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنِ بْنِ حَرْثَانَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.

213 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: أَبُو أُسَيْدٍ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْبَدِّيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ حَارَثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ.

214 -

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَقْيَسَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ أُدَيٍّ؛ شَهِدَ بَدْرًا وَالْعَقَبَةَ، وَإِنَّمَا ادَّعَتْهُ بَنُو سَلَمَةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَخَا سُهَيْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجِدِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ صَخْرِ بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ لِأُمِّهِ.

215 -

وَشَهِدَ بَدْرًا: مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَفَاعَةَ بْنِ سَوَّارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَعَفْرَاءُ أُمُّهُ، وَهِيَ أُمُّ عَوْفٍ وَمُعَوَّذٍ كُلُّهُمْ شَهِدَ بَدْرًا، وَعَفْرَاءُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.

216 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْخَزْرَجِ: مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ

ص: 103

بْنِ سَلَمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَسَدِ بْنِ شَارِدَةَ وَيُقَالُ: سَادِرَةُ بْنُ تَزِيدَ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ، شَهِدَ بَدْرًا، وَقَتَلَ أَبَا جَهْلٍ ; فَقَطَعَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ يَدَهُ، ثُمَّ عَاشَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ.

217 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ: أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَاسْمُهُ مَسْعُودُ بْنُ أَصْرَمَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.

218 -

وَشَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ: النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دَعْلِ بْنِ فَهْمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ.

وَمِمَّنْ سَمَّاهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ وِجَادَةً عَنْ كِتَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَهُمْ:

219 -

ثَعْلَبَةُ بْنُ قَيْظِيِّ بْنِ صَخْرِ بْنِ سَلَمَةَ بَدْرِيٌّ.

220 -

وَجَبْرُ بْنُ أَنَسٍ بَدْرِيٌّ مَنْ بَنِي زُرَيْقٍ.

221 -

وَجَبَلَةُ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ بَدْرِيٌّ.

222 -

وَالْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ بَدْرِيٌّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

223 -

وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ رَجَعَ مِنَ الرَّوْحَاءِ.

224 -

وَحُصَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ بَدْرِيٌّ شَهِدَ مَعَهُ كُلَّ مَشَاهِدِهِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَفِي إِسْنَادِهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

225 -

وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ بَدْرِيٌّ مِنْ بَنِي حَارِثٍ، رَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمًا. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

226 -

وَخَلِيفَةُ بْنُ عَدِيٍّ مَنْ بَنِي بَيَاضَةَ بَدْرِيٌّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

227 -

وَرِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ بَدْرِيٌّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ؛ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

228 -

وَرِبْعِيُّ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، بَدْرَيٌّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

229 -

وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، بَدْرَيٌّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

230 -

وَزَيْدُ بْنُ خَارِجَةَ، مِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ، بَدْرِيٌّ، كَانَ يَنْزِلُ الْمَدِينَةِ، تُوفِّي فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ.

وَمِمَّنْ سَمَّاهُمُ الطَّبَرَانِيُّ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ: أَوْسٌ، وَيُقَالُ: سُلَيْمٌ أَبُو كَبْشَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دَوْسِ قَالِطٍ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا. وَالْحَكَمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ شَهِيدًا.

231 -

وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَضَبِ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَبُو عُبَادَةَ الزُّرَقِيُّ بَدْرِيٌّ، وَيُقَالُ: عُبَادَةُ، وَالصَّحِيحُ: أَبُو عُبَادَةَ.

232 -

وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ جَنْدَلَةَ بْنِ جُذَيْمَةَ، وَيُقَالُ:] خُزَيْمَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ أَوْسِ بْنِ مَنَاةَ بْنِ نَمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ وَهْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارٍ - ذَكَرَ هَذِهِ النِّسْبَةَ هِشَامٌ الْكَلْبِيُّ - حَلِيفُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَدْعَانَ التَّيْمِيُّ، وَكَانَتْ الرُّومُ سَبْتَهُ مِنَ الْمَوْصِلِ وَهُوَ صَغِيرٌ يُكَنَّى: أَبَا يَحْيَى، وَأُمُّ صُهَيْبٍ سَلْمَى بِنْتُ الْحَارِثِ.

233 -

وَعُثْمَانُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هَصِيصِ بْنِ كَعْبٍ يُكَنَّى: أَبَا السَّائِبِ، وَكَانَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ، وَقَدِمَ مَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَشَهِدَ بَدْرًا.

234 -

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ

ص: 104

الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ.

235 -

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هَصِيصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، لَمْ يَذْكُرْهُ عُرْوَةُ فِي أَهْلِ بَدْرٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ، وَرَوَى فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عُبَادَةُ الزُّرَقِيُّ، وَيُقَالُ: أَبُو عُبَادَةَ، فَمَنْ قَالَ: أَبُو عُبَادَةَ، قَالَ: اسْمُهُ سَعِيدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ.

10041 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: شَهِدَ أَخِي ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدٍ بَدْرًا، وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يَعْقُبْ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسٍ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10042 -

وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي خَلَّادٌ إِلَى بَدْرٍ عَلَى بَعِيرٍ لَنَا أَعْجَفَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ طَرِيقُ الْبَزَّارِ فِي أَوَائِلِ غَزْوَةِ بَدْرٍ.

10043 -

وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ: شَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالْعَقَبَةَ مَعَ أَبِي، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10044 -

وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ: شَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالْعَقَبَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ وَهُوَ ثَبْتٌ.

10045 -

وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: وَفِيهَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، وَكَانَ عَلَى خُمُسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بِالْمَدِينَةِ؛ يَعْنِي سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى الْوَاقِدِيِّ ثِقَاتٌ.

10046 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: وَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ بَنِي عَدِيٍّ، وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10047 -

وَعَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا مِنْ نُقَبَاءِ لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10048 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَمْرٍو وَكَانَ بَدْرِيًّا، أُحُدِيًّا، عَقَبِيًّا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرَزْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10049 -

«وَعَنْ أُنَيْسَةَ بِنْتِ عَدِيٍّ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةُ - وَكَانَ بَدْرِيًّا - قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ أَحْبَبْتُ أَنْ أَنْقُلَهُ فَآنَسُ بِقُرْبِهِ، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَدَلَتْهُ بِالْمُجَذَّرِ بْنِ زِيَادٍ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ فِي عَبَاءَةٍ، فَمَرَّ بِهِمَا فَعَجِبَ لَهُمَا النَّاسُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" سَوِّي بَيْنَهُمَا عَمَلَهُمَا " وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ ثَقِيلًا جَسِيمًا، وَكَانَ الْمُجَذَّرُ قَلِيلَ اللَّحْمِ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ:

ص: 105

أَنَا الَّذِي يُقَالُ أَصْلِي مِنْ بَلِي

أَطْعَنُ بِالصَّعْدَةِ حَتَّى تَنْثَنِي

وَلَا يَرَى مُجَذَّرًا يَفْرِي فَرِي»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10050 -

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَعَنْهَا، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قُلْتُ: وَهُوَ ثِقَةٌ، قَالَ: وَشَهِدَ بَدْرًا أَبُوهَا - يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - وَعَمُّهَا زَيْدٌ وَأَخْوَالُهَا: عُثْمَانُ وَقَدَامَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَظْعُونٍ - وَابْنُ خَالِهَا السَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ.

10051 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي حَسَنٍ، وَكَانَ بَدْرِيًّا عَقَبِيًّا ذَكَرَ حَدِيثًا ذَكَرْتُهُ فِي الْحُدُودِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10052 -

وَعَنْ مَخْلَدٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّ ثَلَاثَ أَعْبُدٍ لِبَنِي غِفَارٍ شَهِدُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ؛ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ]

10053 -

عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ مَوْلُودًا وُلِدَ فِي فِقْهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ أَهْلِ الدِّينِ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَيَجْتَنِبُ مَعَاصِيَ اللَّهِ كُلَّهَا إِلَى أَنْ يُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، أَوْ يُرَدَّ إِلَى أَنْ [لَا] يَعْلَمَ بَعْدَ عَلَمٍ شَيْئًا، لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُكُمْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ". وَقَالَ: " إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا لَفُضَلَاءُ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ» ".

قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ فِي فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ غَيْرُ هَذَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مِقْلَاصٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10054 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ عَمِيَ فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اخْطُطْ لِي فِي دَارِي مَسْجِدًا لِأُصَلِّيَ فِيهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَتَغَيَّبَ رَجُلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ "، فَذَكَرَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَلَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» .

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ بَعْضَهُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

10055 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ

ص: 106

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ» "، رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

قُلْتُ: وَتَأْتِي أَحَادِيثُ فِي فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ هَذَا النَّحْوِ فِي مَنَاقِبِ حَاطِبٍ وَغَيْرِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

10056 -

وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَاضَلَنَا» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ نَفْسِهِ، وَهُنَا مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رِفَاعَةَ، وَيَحْيَى لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ]

(بَابٌ فِيمَا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأُحُدٍ)

10057 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُنْحَرُ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ الدِّرْعَ الْحَصِينَةَ الْمَدِينَةُ، وَأَنَّ الْبَقَرَ نَفَرٌ، وَاللَّهُ خَيْرٌ "، قَالَ: فَقَالَ أَصْحَابُهُ: " لَوْ أَنَّا أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِيهَا قَاتَلْنَاهُمْ "، فَقَالُوا: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا دُخِلَ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَيْفَ يُدْخَلُ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْإِسْلَامِ؟! فَقَالَ:" شَأْنُكُمْ إِذًا "، فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ قَالَ: فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: رَدَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْيَهُ، فَجَاءُوا فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، شَأْنُكَ إِذًا، فَقَالَ:" إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ» "، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10058 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ سَيْفِيَ ذَا الْفَقَارِ انْكَسَرَ، وَهِيَ مُصِيبَةٌ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، وَهِيَ مُصِيبَةٌ، وَرَأَيْتُ عَلَيَّ دِرْعِي وَهِيَ مَدِينَتُكُمْ، لَا يَصِلُونَ إِلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَلَهُ طَرِيقٌ فِي التَّعْبِيرِ رَوَاهَا الْبَزَّارُ أَبَيْنُ مِنْ هَذِهِ.

10059 -

وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «رَأَيْتُ كَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، وَكَأَنَّ ضَبَّةَ سَيْفِيَ انْكَسَرَتْ، فَأَوَّلْتُ أَنِّي أَقْتُلُ كَبْشَ الْقَوْمِ، وَأَوَّلْتُ ضَبَّةَ

ص: 107

سَيْفِي قَتْلَ رَجُلٍ مِنْ عِتْرَتِي ". فَقُتِلَ حَمْزَةُ، وَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلْحَةَ، وَكَانَ صَاحِبَ اللِّوَاءِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالْبَزَّارُ وَأَحْمَدُ وَلَمْ يُكْمِلْهُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَقَدْ جَاءَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ كَمَا تَرَاهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِيمَنِ اسْتُصْغِرَ يَوْمَ أُحُدٍ]

10060 -

«عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَدَّهُ وَاسْتَصْغَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عَمِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ رَامٍ فَأَخْرِجْهُ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فِي صَدْرِهِ أَوْ نَحْرِهِ فَأَتَى عَمُّهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي أُصِيبَ بِسَهْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ تَدَعْهُ فِيهِ فَيَمُوتُ مَاتَ شَهِيدًا» ".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ: وَحَدَّثَتْنِي امْرَأَتُهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَرَاهُ يَغْتَسِلُ فَيَتَحَرَّكُ فِي صَدْرِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَلَهُ طَرِيقٌ أَتَمُّ مِنْ هَذِهِ فِي مَنَاقِبِهِ.

10061 -

«وَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ قَالَ: اسْتَصْغَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ رَامٍ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فِي لَبَّتِهِ، فَجَاءَ بِهِ عَمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي أَصَابَهُ سَهْمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُخْرِجَهُ أَخْرَجْنَاهُ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَدَعَهُ فَإِنَّهُ إِنْ مَاتَ وَهُوَ فِيهِ مَاتَ شَهِيدًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10062 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ قَالَ: «اسْتَصْغَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاسًا يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ جَارِيةَ - يَعْنِي نَفْسَهُ - وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعُثْمَانِيُّ، ولَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10063 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ جَارِيةَ قَالَ: «اسْتَصْغَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَاسًا يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمٍ.»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10064 -

«وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: عُرِضْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَصْغَرَنَا، وَشَهِدْنَا أُحُدًا» ، قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ خَلَا قَوْلَهُ: وَشَهِدْنَا أُحُدًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ مِنْهُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ]

10065 -

عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمٍ - يُقَالُ لَهُ: مُعَاذٌ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10066 -

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10067 -

وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 108

10068 -

وَعَنْ أَيُّوبَ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَيْنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10069 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: «عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ:" مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟ " فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ، فَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَخَرَجَ وَاتَّبَعْتُهُ، فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا أَفْرَاهُ وَهَتَكَهُ، حَتَّى أَتَى نِسْوَةً فِي سَفْحِ الْجَبَلِ وَمَعَهُنَّ هِنْدٌ وَهِيَ تَقُولُ.

نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ

نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ

وَالْمِسْكُ فِي الْمَفَارِقْ

إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ

أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقْ

فِرَاقَ غَيْرِ وَامِقْ

قَالَ: فَحَمَلْتُ عَلَيْهَا فَنَادَتْ بِالصَّحْرَاءِ فَلَمْ يُجِبْهَا أَحَدٌ فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا، فَقُلْتُ لَهُ: كُلَّ صَنِيعِكَ رَأَيْتُهُ فَأَعْجَبَنِي غَيْرَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلِ الْمَرْأَةَ، قَالَ: فَإِنَّهَا نَادَتْ فَلَمْ يُجِبْهَا أَحَدٌ ; فَكَرِهْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِسَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً لَا نَاصِرَ لَهَا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10070 -

وَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ: " مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟ "، فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: " اقْعُدْ "، فَقَعَدَ ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ: " مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟ "، فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ، فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ وَرَفَعَ عَلَى عَيْنَيْهِ عِصَابَةً حَمْرَاءَ تَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ عَنْ عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَرِ، ثُمَّ مَشَى بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّيْفِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10071 -

وَعَنْ خَالِدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ سِمَاكِ بْنِ خَرَشَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ أَبَا دُجَانَةَ يَوْمَ أُحُدٍ أَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُخْتَالٌ فِي مِشْيَتِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ: " إِنَّهَا مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10072 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النِّسَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ كُنَّ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ يُجْهِزْنَ عَلَى قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ فَلَوْ حَلَفْتُ يَوْمَئِذٍ رَجَوْتُ أَنْ أَبَرَّ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: 152] فَلَمَّا خَالَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَصَوْا مَا أَمَرَ بِهِ، أُفْرِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِسْعَةٍ: سَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَرَجُلَانِ

ص: 109

مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ عَاشِرُهُمْ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ:" رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا رَدَّهُمْ عَنَّا "، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَاتَلَ سَاعَةً حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ أَيْضًا قَالَ:" يَرْحَمُ اللَّهُ رَجُلًا رَدَّهُمْ عَنَّا "، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَا حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ:" مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا "، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ " فَقَالُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا عُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُولُوا: " اللَّهُ مَوْلَانَا وَالْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ "، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، يَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا، وَيَوْمٌ نُسَاءُ، وَيَوْمٌ نُسَرُّ، حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةَ، وَفُلَانٌ بِفُلَانٍ، وَفُلَانٌ بِفُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا سَوَاءً، أَمَّا قَتْلَانَا فَأَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ، وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ "، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ كَانَتْ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ ; فَإِنْ كَانَتْ لَعَنْ غَيْرِ مَلَأٍ مِنَّا، مَا أَمَرْتُ وَلَا نَهَيْتُ، وَلَا أَحْبَبْتُ وَلَا كَرِهْتُ، وَلَا سَاءَنِي وَلَا سَرَّنِي، قَالَ: فَنَظَرُوا، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَأَخَذَتْ هِنْدٌ كَبِدَهُ، فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَأْكُلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَكَلَتْ مِنْهَا شَيْئًا؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ:" مَا كَانَ اللَّهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ "، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَرُفِعَ الْأَنْصَارِيُّ وَتُرِكَ حَمْزَةُ ثُمَّ جِيءَ بِآخَرٍ فَوَضَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ وَتَرَكَ حَمْزَةَ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلَاةً»، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ؛ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

10073 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا نَصَرَ اللَّهُ عز وجل فِي مَوْطِنٍ كَمَا نَصَرَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ: فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ عز وجل؛ إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسُّ: الْقَتْلُ، {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} [آل عمران: 152] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152]، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ قَالَ:" احْمُوا ظُهُورَنَا، فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قُتِلْنَا مَقْتَلَ فَلَا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا غَنِمْنَا فَلَا تُشْرِكُونَا "، فَلَمَّا غَنِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَاخُوا عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ، أَكَبَّ الرُّمَاةُ جَمِيعًا فَدَخَلُوا فِي الْعَسْكَرِ يَنْهَبُونَ، وَقَدِ الْتَفَّتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُمْ هَكَذَا - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ - وَانْتَشَوْا، فَلَمَّا أَخَلَّ الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخَلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، دَخَلَتِ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالْتَبَسُوا، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاجِبَانِ أَوَّلَ النَّهَارِ حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ

ص: 110

الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ - أَوْ تِسْعَةٌ - وَرِجَالُ الْمُسْلِمِينَ حَوْلَهُ وَلَمْ يَبْلُغُوا حَيْثُ يَقُولُ النَّاسُ: الْغَارُ إِنَّمَا كَانَ تَحْتَ الْمِهْرَاسِ، وَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَلَمْ يُشَكَّ فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ، فَمَا زِلْنَا كَذَلِكَ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ حَتَّى إِذَا طَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ السَّعْدَيْنِ نَعْرِفُهُ بِتَكَفُّئِهِ إِذَا مَشَى، قَالَ: وَفَرِحْنَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْنَا مَا أَصَابَنَا، قَالَ: فَرَقِيَ نَحْوَنَا وَهُوَ يَقُولُ: " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَوْا وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ". وَيَقُولُ مَرَّةً أُخْرَى: " اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا " حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا فَمَكَثَ سَاعَةً، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصِيحُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ: اعْلُ هُبَلُ مَرَّتَيْنِ، يَعْنِي آلِهَتَهُ، أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُجِيبُهُ؟ قَالَ:" بَلَى "، قَالَ: فَلَمَّا قَالَ: اعْلُ هُبَلُ، قَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ قَدْ أَنْعَمْتُ عَنْهَا أَوْ فَعَالِ عَنْهَا، فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَهَا أَنَا ذَا عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، الْأَيَّامُ دُوَلٌ، وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءً؛ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونِ ذَلِكَ لَقَدْ خِبْنَا إِذًا وَخَسِرْنَا، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي قَتْلَاكُمْ مَثْلًا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ سَرَّاتِنَا، قَالَ: ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَلَمْ نَكْرَهْهُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَقَدْ وُثِّقَ عَلَى ضَعْفِهِ.

10074 -

وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَيْ خَالِ، أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ بَدْرٍ؟ قَالَ: اقْرَأْ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ تَجِدُ قِصَّتَنَا: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران: 121] إِلَى قَوْلِهِ:

ص: 111

{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: 122]، قَالَ: هُمُ الَّذِينَ طَلَبُوا الْأَمَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِلَى قَوْلِهِ:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: 143] قَالَ: فَهُوَ يَتَمَنَّى لِقَاءَ الْمُؤْمِنِينَ، إِلَى قَوْلِهِ:{إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152].

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10075 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَمَّا انْجَلَى النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ نَظَرْتُ فِي الْقَتْلَى فَلَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ لِيَفِرَّ، وَلَا أَرَاهُ فِي الْقَتْلَى، وَلَكِنْ أَرَى اللَّهَ غَضِبَ عَلَيْنَا بِمَا صَنَعْنَا فَرَفَعَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَمَا لِي خَيْرٌ مِنْ أَنْ أُقَاتِلَ حَتَّى أُقْتَلَ، فَكَسَرْتُ جَفْنَ سَيْفِي ثُمَّ حَمَلْتُ عَلَى الْقَوْمِ فَرَجَوْا لِي، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعَقِيلِيُّ، وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10076 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: «لَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: كُنْ طَلْحَةَ، فَلَمَّا نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِإِنْسَانٍ خَلْفِي كَأَنَّهُ طَائِرٌ، فَلَمْ أَشْعُرْ أَنْ أَدْرَكَنِي، فَإِذَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَإِذَا طَلْحَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ صَرِيعًا، قَالَ: " دُونَكُمْ أَخُوكُمْ فَقَدْ أَوْجَبَ "، فَتَرَكْنَاهُ وَأَقْبَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا قَدْ أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِهِ سَهْمَانِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْزِعَهُمَا فَمَا زَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَسْأَلُنِي وَيَطْلُبُ إِلَيَّ حَتَّى تَرَكْتُهُ يَنْزِعُ أَحَدَ السَّهْمَيْنِ، وَأَزَّمَ عَلَيْهِ بِأَسْنَانِهِ فَقَلَعَهُ، وَابْتَدَرَتْ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُسَكِّنِّي وَيَطْلُبُ إِلَيَّ أَنْ أَدَعَهُ يَنْزِعُ الْآخَرَ، فَوَضَعَ ثَنِيَّتَهُ عَلَى السَّهْمِ وَأَزَّمَ عَلَيْهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ تَحَوَّلَ فَنَزَعَهُ، وَابْتَدَرَتْ ثَنِيَّتُهُ أَوْ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ، قَالَ: فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَهْتَمَ الثَّنَايَا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10077 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَصِرْنَا إِلَى الشِّعْبِ، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَشَارَ إِلَيَّ بِيَدِهِ أَنِ اسْكُتْ، ثُمَّ أَلْبَسَنِي لَأْمَتَهُ وَلَبِسَ لَأْمَتِي، فَلَقَدْ ضُرِبْتُ حَتَّى جُرِحْتُ عِشْرِينَ جِرَاحَةً - أَوْ قَالَ: بِضْعَةً وَعِشْرِينَ جُرْحًا - كُلُّ مَنْ يَضْرِبَنِي يَحْسَبُنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ» وَسَلَّمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ الْأَوْسَطِ ثِقَاتٌ.

10078 -

وَعَنْ سَعْدٍ

ص: 112

قَالَ: «لَمَّا جَالَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَوْلَةَ يَوْمَ أُحُدٍ قُلْتُ: أَدُومُ فَإِمَّا أَنْ أَسْتَشْهِدَ، وَإِمَّا أَنْ أَنْجُوَ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مُخَمَّرٍ وَجْهُهُ مَا أَدْرِي مَنْ هُوَ، فَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ يَجِيئُونَ نَحْوَهُ، إِذْ قُلْتُ: قَدْ رَكِبُوهُ، فَمَلَأَ يَدَهُ مِنَ الْحَصَى ثُمَّ رَمَى بِهِ فِي وُجُوهِهِمْ، فَمَضَوْا عَلَى أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَى حَتَّى حَارُوا وَصَارُوا بِإِزَاءِ الْجَبَلِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا وَمَا أَدْرِي مَنْ هُوَ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ الْمِقْدَادُ، فَبَيْنَا أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ الْمِقْدَادَ عَنْهُ إِذْ قَالَ لِي الْمِقْدَادُ: يَا سَعْدُ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوكَ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ هُوَ؟ فَأَشَارَ لِي الْمِقْدَادُ إِلَيْهِ، فَقُمْتُ وَلَكَأَنَّمَا لَمْ يُصِبْنِي شَيْءٌ مِنَ الْأَذَى، فَقَالَ:" أَيْنَ كُنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ يَا سَعْدُ؟ " وَأَجْلَسَنِي أَمَامَهُ فَجَلَسْتُ أَرْمِي وَأَقُولُ: اللَّهُمَّ سَهْمًا أَرْمِي بِهِ عَدُوَّكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ، اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَتَهُ، إِيهًا سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي "، فَمَا مِنْ سَهْمٍ أَرْمِي بِهِ إِلَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَتَهُ، وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ، إِيهًا سَعْدُ "، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْ كِنَانَتِي نَثَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِنَانَتَهُ، فَنَاوَلَنِي سَهْمًا لَيْسَ فِيهِ رِيشٌ، فَكَانَ أَشَدَّ مِنْ غَيْرِهِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّ الْأَسْهُمَ الَّتِي رَمَى بِهَا سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ أَلْفُ سَهْمٍ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10079 -

وَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: «أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْسٌ، فَدَفَعَهَا إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَرَمَيْتُ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْدَقَّتْ سِنَّتُهَا، وَلَمْ أَزَلْ عَلَى مَقَامِي نُصْبَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلْقَى السِّهَامَ بِوَجْهِي، كُلَّمَا مَالَ سَهْمٌ مِنْهَا إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَيَّلْتُ رَأْسِي لِأَقِيَ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَا رَمْيٍ أَرْمِيهِ، فَكَانَ آخِرُهَا سَهْمًا بَدَرَتْ مِنْهَا حَدَقَتِي بِكَفِّي، فَسَعَيْتُ بِهَا فِي كَفِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَفِّي دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنَّ قَتَادَةَ قَدْ أَوْجَهَ نَبِيَّكَ بِوَجْهِهِ، فَاجْعَلْهَا أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا "، فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ، وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10080 -

وَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: «كُنْتُ نُصْبَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ أَقِي وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَجْهِي، وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ مُوقِيًا لِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِهِ حَتَّى امْتَلَأَ ظَهْرُهُ سِهَامًا، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ» ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ

ص: 113

لَمْ أَعْرِفْهُ.

10081 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ؛ أَحَدُهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قُلْتُ لِأَبِي: فَأَيْنَ كَانَ عَلِيٌّ؟ قَالَ: بِيَدِهِ لِوَاءُ الْمُهَاجِرِينَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيِي بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10082 -

وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ: «سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ فِي الشِّعْبِ: " هَلْ رَأَيْتَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُهُ عَلَى جَرِّ الْجَبَلِ وَعَلَيْهِ عَسْكَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَهَوَيْتُ فَرَأَيْتُكَ فَعَدَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُقَاتِلُ مَعَهُ "، قَالَ الْحَارِثُ: فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَجِدُهُ بَيْنَ نَفَرٍ سَبْعَةٍ صَرْعَى، فَقُلْتُ لَهُ: ظَفِرَتْ يَمِينُكَ! أَكُلَّ هَؤُلَاءِ قَتَلْتَ؟! قَالَ: أَمَّا هَذَا لِأَرْطَاةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، وَهَذَا فَأَنَا قَتَلْتُهُمَا، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَتَلَهُمْ مَنْ لَمْ أَرَهُ، قُلْتُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10083 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: «أُصِيبَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُ مَالِكُ بْنُ سِنَانٍ فَمَصَّ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ازْدَرَدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ خَالَطَ دَمِي دَمَهُ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

10084 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: رَأَيْتُ هِنْدَ ابْنَةَ عُتْبَةَ كَاشِفَةً عَنْ سَاقِهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَذَمٍ فِي سَاقِهَا، وَهِيَ تُحَرِّضُ النَّاسَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10085 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «لَمَّا قَتَلَ عَلِيٌّ أَصْحَابَ الْأَلْوِيَةِ، قَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ لَهِيَ الْمُوَاسَاةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ " قَالَ جِبْرِيلُ: وَأَنَا مِنْكُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

10086 -

وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْخَنْدَقِ جَعَلَ نِسَاءَهُ فِي أُطُمٍ يُقَالُ لَهُ: فَارِعٌ، وَجَعَلَ مَعَهُنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَكَانَ حَسَّانُ يَطَّلِعُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا شَدَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ اشْتَدَّ مَعَهُ فِي الْحِصْنِ، وَإِذَا رَجَعَ رَجَعَ وَرَاءَهُ، قَالَتْ: فَجَاءَ أُنَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ فَبَقِيَ أَحَدُهُمْ فِي الْحِصْنِ حَتَّى أَطَلَّ عَلَيْنَا فَقُلْتُ لِحَسَّانَ: قُمْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ، فَقَالَ: مَا ذَاكَ فِيَّ، وَلَوْ كَانَ فِيَّ لَكُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَتْ صَفِيَّةُ رَأْسَهُ حَتَّى قَطَعَتْهُ، فَلَمَّا قَطَعَتْهُ قَالَتْ: يَا حَسَّانُ، قُمْ

ص: 114

إِلَى رَأْسِهِ فَارْمِ بِهِ إِلَيْهِمْ وَهُمْ مِنْ أَسْفَلِ الْحِصْنِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ فِيَّ، قَالَتْ: فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: قَدْ وَاللَّهِ عَلِمْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ أَهْلَهُ خُلُوفًا لَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ، وَتَفَرَّقُوا فَذَهَبُوا، قَالَتْ: وَمَرَّ قِبَلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، كَأَنَّهُ كَانَ مُقْرِنًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَقُولُ:

مَهْلًا قَلِيلًا تُدْرِكُ الْهَيْجَا جَمَلْ

لَا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ عُرْوَةَ بِنْتِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهَا، وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10087 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ خَاضَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ خَيْضَةً، وَقَالُوا: قُتِلَ مُحَمَّدٌ حَتَّى كَثُرَتِ الصَّوَارِخُ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مُحْرِمَةً، فَاسْتُقْبِلَتْ بِأَبِيهَا وَابْنِهَا وَزَوْجِهَا وَأَخِيهَا لَا أَدْرِي أَيَّهُمُ اسْتُقْبِلَتْ بِهِ أَوَّلًا، فَلَمَّا مَرَّتْ عَلَى أَحَدِهِمْ، قَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُوكِ أَخُوكِ زَوْجُكِ ابْنُكِ، تَقُولُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ يَقُولُونَ: أَمَامَكَ حَتَّى دُفِعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَتْ بِنَاحِيَةِ ثَوْبِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أُبَالِي إِذْ سَلِمْتَ مِنْ عَطَبٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10088 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «اجْتَمَعْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ - حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى فَصَرَخَ صَارِخٌ: قَدْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَبَكَيْنَ نِسْوَةٌ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: لَا تُعَجِّلْنَ بِالْبُكَاءِ حَتَّى أَنْظُرَ، فَخَرَجَتْ تَمْشِي لَيْسَ لَهَا هَمٌّ سِوَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسُؤَالٍ عَنْهُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ صَفْوَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ.

10089 -

وَعَنْ عُقْبَةَ مَوْلَى جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ قَالَ: «شَهِدْتُ أُحُدًا مَعَ مَوَالِي، فَضَرَبْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا قَتَلْتُهُ، قُلْتُ: خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الرَّجُلُ الْفَارِسِيُّ، فَلَمَّا بَلَغَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَلَا قُلْتَ خُذْهَا وَأَنَا الْغُلَامُ الْأَنْصَارِيُّ؟ فَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10090 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «فَلَمَّا كَانَ عَامُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ، وَهُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلِي، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165]

ص: 115

بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي آخِرِ حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ فِي مَسْنَدِهِ الْكَبِيرِ.

10091 -

«وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمَ أُحُدٍ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا أَتَى فُلَانٌ، أَتَاهُ رَجُلٌ لَقَدْ فَرَّ النَّاسُ، وَمَا فَرَّ، وَمَا تَرَكَ لِلْمُشْرِكِينَ شَاذَةً وَلَا فَاذَةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ قَالَ: " وَمَنْ هُوَ؟ " فَنُسِبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَسَبُهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، ثُمَّ وُصِفَ لَهُ بِصِفَتِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ حَتَّى طَلَعَ الرَّجُلُ بِعَيْنِهِ، فَقَالَ: ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي أَخْبَرْنَاكَ عَنْهُ، فَقَالَ: " هَذَا "، فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: " إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ "، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟! فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا قَوْمِ، انْظُرُونِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَمُوتُ إِلَّا مِثْلَ الَّذِي أَصْبَحَ عَلَيْهِ، وَلَأَكُونَنَّ صَاحِبَهُ مِنْ بَيْنِكُمْ، ثُمَّ رَاحَ عَلَى حِدَةٍ فِي الْعَدْوِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَشُدُّ مَعَهُ إِذَا شَدَّ وَيَرْجِعُ مَعَهُ إِذَا رَجَعَ، فَيَنْظُرُ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ حَتَّى أَصَابَهُ جُرْحٌ أَذْلَقَهُ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ قَائِمَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ وَضَعَ ذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ، وَخَرَجَ الرَّجُلُ يَعْدُو يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " وَذَاكَ مَاذَا؟! "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ الَّذِي ذُكِرَ لَكَ فَقُلْتَ: " إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقُلْتُ: يَا قَوْمِ، انْظُرُونِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَمُوتُ مِثْلَ الَّذِي أَصْبَحَ عَلَيْهِ، وَلَأَكُونَنَّ صَاحِبَهُ مِنْ بَيْنِكُمْ، فَجَعَلْتُ أَشُدُّ مَعَهُ أَوْ أَشُدُّ وَأَرْجِعُ مَعَهُ إِذَا رَجَعَ ; أَنْظُرُ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ، حَتَّى أَصَابَهُ جُرْحٌ أَذْلَقَهُ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ قَائِمَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ، وَوَضَعَ ذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ ظَهْرِهِ، فَهُوَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَضْطَرِبُ بَيْنَ أَضْغَاثِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ - فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ - وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ - حَتَّى يَبْدُوَ لِلنَّاسِ - وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10092 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الَعْاصِ قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ جَاءَنِي

ص: 116

كِتَابُكَ بِذِكْرِ مَا جَمَعَتِ الرُّومُ مِنَ الْجُمُوعِ، وَإِنَّا لَمْ يَنْصُرْنَا اللَّهُ مَعَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَثْرَةِ عُدَدٍ، وَلَا بِكَثْرَةِ جُنُودٍ، فَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا مَعَنَا إِلَّا فُرَيْسَاتٌ، وَإِنْ نَحْنُ إِلَّا نَتَعَاقَبُ الْإِبِلَ، وَكُنَّا يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا مَعَنَا إِلَّا فَرَسٌ وَاحِدٌ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُهُ، وَلَقَدْ كَانَ يَظْهَرُنَا، وَيُعِينُنَا عَلَى مَنْ يُخَالِفُنَا.

وَاعْلَمْ - يَا عَمْرُو - إِنَّ أَطْوَعَ النَّاسِ لِلَّهِ: أَشَدُّهُمْ بُغْضًا لِلْمَعَاصِي، فَأَطِعِ اللَّهَ وَأْمُرْ أَصْحَابَكَ بِطَاعَتِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الشَّاذَكُونِيُّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ.

10093 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عمران: 154] قَالَ: أُلْقِيَ عَلَيْنَا النَّوْمُ يَوْمَ أُحُدٍ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10094 -

وَعَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ حَضَرَ أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ أَصَابَتْهُ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ فِي رِجْلِهِ، فَلَمْ يَزَلْ مِنْهَا ضَالِعًا حَتَّى مَاتَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10095 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنَّا نَنْقُلُ الْمَاءَ فِي جُلُودِ الْإِبِلِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ شُجَّ فِي وَجْهِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو الْحَوَارِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

10096 -

«وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَمِئَةَ بِحَجَرٍ يَوْمَ أُحُدٍ فَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ، وَكَسَرَ رُبَاعِيَّتَهُ، وَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ قَمِئَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ: " مَا لَكَ أَقْمَأَكَ اللَّهُ؟ " فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ تَيْسَ جَبَلٍ فَلَمْ يَزَلْ يَنْطَحُهُ حَتَّى قَطَّعَهُ قِطْعَةً قِطْعَةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10097 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعَدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10098 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ هَشَّمُوا الْبَيْضَةَ عَلَى رَأْسِ نَبِيِّهِمْ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

ص: 117

[بَابُ مَقْتَلِ حَمْزَةَ رضي الله عنه]

10099 -

«عَنِ الزُّبَيْرِ - يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ - أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ تَسْعَى حَتَّى كَادَتْ أَنْ تُشْرِفَ عَلَى الْقَتْلَى، قَالَ: فَكَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرَاهُمْ، فَقَالَ: " الْمَرْأَةَ الْمَرْأَةَ "، قَالَ الزُّبَيْرُ: فَتَوَسَّمْتُ أَنَّهَا أُمِّي صَفِيَّةُ قَالَ: فَخَرَجْتُ أَسْعَى إِلَيْهَا، قَالَ: فَأَدْرَكْتُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى الْقَتْلَى، قَالَ: فَلَدَمَتْ فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَلْدَةً، قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي لَا أَرْضَ لَكَ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَزَمَ عَلَيْكِ، قَالَ: فَوَقَفَتْ وَأَخْرَجَتْ ثَوْبَيْنِ مَعَهَا، فَقَالَتْ: هَذَانِ ثَوْبَانِ جِئْتُ بِهِمَا لِأَخِي حَمْزَةَ فَقَدْ بَلَغَنِي مَقْتَلُهُ فَكَفِّنُوهُ فِيهِمَا، قَالَ: فَجِئْنَا بِالثَّوْبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ، فَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَتِيلٌ، فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِحَمْزَةَ قَالَ: فَوَجَدْنَا غَضَاضَةً وَحَيَاءً أَنْ يُكَفَّنَ حَمْزَةُ فِي ثَوْبَيْنِ وَالْأَنْصَارِيُّ لَا كَفَنَ لَهُ، فَقُلْنَا: لِحَمْزَةَ ثَوْبٌ، وَلِلْأَنْصَارِيِّ ثَوْبٌ، فَقَدَّرْنَاهُمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ مِنَ الْآخَرِ، فَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَكَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي طَارَ لَهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ وُثِّقَ.

10100 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ تَسْأَلُ مَا صَنَعَ، فَلَقِيَتْ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَتْ: يَا عَلِيُّ، وَيَا زُبَيْرُ، مَا فَعَلَ حَمْزَةُ؟ فَأَوْهَمَاهَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ، قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " إِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا "، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ بُطُونِ السِّبَاعِ، وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ "، ثُمَّ أَتَى بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، فَيُوضَعُ سَبْعَةٌ وَحَمْزَةُ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ مَكَانَهُ، ثُمَّ دَعَا بِتِسْعَةٍ فَكَبَّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ، وَابْنُ مَاجَهْ قِصَّةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَقَطْ، وَفِي إِسْنَادِ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10101 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتْلُ حَمْزَةَ بَكَى فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ شَهِقَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ عَلَى ضَعْفِهِ.

10102 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا جَرَّدَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 118

- صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ بَكَى، فَلَمَّا رَأَى مِثَالَهُ شَهِقَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمُفَضَّلُ بْنُ صَدَقَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10103 -

«وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ رَأَى مَقْتَلَ حَمْزَةَ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَعَزَّكَ اللَّهُ، أَنَا رَأَيْتُ مَقْتَلَهُ، فَانْطَلَقَ فَوَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ فَرَآهُ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَوَقَفَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَتْلَى، وَقَالَ: " أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ لُفُّوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مَجْرُوحٌ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ جُرْحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُدْمِي لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ، قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا، وَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْدِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10104 -

«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ اسْتُشْهِدَ فَنَظَرَ إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى مَنْظَرٍ أَوْجَعَ لِلْقَلْبِ مِنْهُ، أَوْ أَوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ، وَنَظَرَ إِلَيْهِ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: " رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ لَوَصُولًا لِلرَّحِمِ، فَعُولًا لِلْخَيْرَاتِ، وَاللَّهِ لَوْلَا حُزْنٌ مِنْ بَعْدِكَ عَلَيْكَ، لَسَرَّنِي أَنْ أَتْرُكَكَ حَتَّى يَحْشُرَكَ اللَّهُ مِنْ بُطُونِ السِّبَاعِ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - أَمَا وَاللَّهِ، عَلَى ذَلِكَ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ كَمِثْلَتِكَ "، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ السُّورَةِ، وَقَرَأَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَكَفَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمْسَكَ عَنْ ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ الْمُزني (*) وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10105 -

«وَعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعَدِيِّ قَالَ: أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَجَعَلُوا يَجُرُّونَ النَّمِرَةَ عَلَى وَجْهِهِ فَتَنْكَشِفُ قَدَمَاهُ، وَيَجُرُّونَهَا عَلَى قَدَمَيْهِ فَيَنْكَشِفُ وَجْهُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اجْعَلُوهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَاجْعَلُوا عَلَى قَدَمَيْهِ مِنْ هَذَا الشَّجَرِ "، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ، فَإِذَا أَصْحَابُهُ يَبْكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَخْرُجُونَ إِلَى الْأَرْيَافِ فَيُصِيبُونَ بِهَا مَطْعَمًا وَمَسْكَنًا وَمَرْكَبًا - أَوْ قَالَ: مَرَاكِبَ - فَيَكْتُبُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا، فَإِنَّكُمْ بِأَرْضِ حِجَازٍ جَدْوَبَةٍ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10106 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ يَدْفِنُهُ، فَلُفَّ فِي نَمِرَةٍ فَبَدَتْ قَدَمَاهُ،

(*) 28 - جاء في "المجمع"(6/ 119): صالح بن بشير المزني.

قلت: صوابه "صالح بن بشير المري" كما جاء في "المجمع (8/ 621) وغيره. والمري بضم الميم وتشديد الراء كما في "التقريب" (1/ 358) وغيره.

ص: 119

حِينَ خَمَّرُوا رَأْسَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَرْمَلِ فَجُعِلَ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَقَالَ:" لَوْلَا أَنْ يَحْزَنَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، لَتَرَكْنَا حَمْزَةَ بِالْعَرَاءِ لِعَافِيَةِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10107 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَمْزَةَ نَظَرَ إِلَى مَا بِهِ، فَقَالَ:" لَوْلَا أَنْ يَحْزَنَ نِسَاؤُنَا مَا غَيَّبْتُهُ، وَلَتَرَكْتُهُ حَتَّى يَكُونَ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ، يَبْعَثُهُ اللَّهُ مِمَّا هُنَالِكَ "، قَالَ: وَأَحْزَنَهُ مَا رَأَى بِهِ، فَقَالَ:" لَئِنْ ظَفِرْتُ بِهِمْ لَأُمَثِّلَنَّ بِثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ "، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي ذَلِكَ:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] إِلَى قَوْلِهِ: {يَمْكُرُونَ} [النحل: 127]

ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَهُيِّئَ إِلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ كَبَّرَ عَلَيْهِ تِسْعًا، ثُمَّ جَمَعَ إِلَيْهِ الشُّهَدَاءَ، كُلَّمَا أُتِيَ بِشَهِيدٍ وُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى الشُّهَدَاءِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ صَلَاةً، ثُمَّ قَامَ عَلَى أَصْحَابِهِ حَتَّى وَارَوْهُمْ، وَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَفَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَجَاوَزَ وَتَرَكَ الْمِثْلَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ رَاشِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10108 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقُتِلَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَجَاءَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِثَوْبَيْنِ لِيُكَفَّنَ فِيهِمَا حَمْزَةُ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْأَنْصَارِيِّ كَفَنٌ فَأَسْهَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ، ثُمَّ كُفِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَوْبٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10109 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُحُدٍ سَمِعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ، فَقَالَ: " لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بِوَاكِيَ لَهُ "، فَبَلَغَ ذَلِكَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فَبَكَيْنَ حَمْزَةَ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُنَّ يَبْكِينَ فَقَالَ: " يَا وَيْحَهُنَّ، مَا زِلْنَ يَبْكِينَ مُنْذُ الْيَوْمِ فَلْيَبْكِينَ، وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادَيْنِ، رِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10110 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُحُدٍ بَكَتْ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ عَلَى شُهَدَائِهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بِوَاكِيَ لَهُ "، فَرَجَعَتِ الْأَنْصَارُ، فَقَالُوا لِنِسَائِهِمْ: لَا تَبْكِينَ أَحَدًا حَتَّى تَنْدِبْنَ حَمْزَةَ، قَالَ: فَذَاكَ فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ لَا يَبْكِينَ مَيِّتًا إِلَّا بَدَأْنَ بِحَمْزَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ

ص: 120

مُطِيعٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10111 -

وَعَنْ وَحْشِيٍّ قَالَ: «لَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قَتْلِ حَمْزَةَ تَفَلَ فِي وَجْهِي ثَلَاثَ تَفَلَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: " لَا تُرِينِي وَجْهَكِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ؛ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ: يُخْطِئُ، وَالنَّسَائِيُّ.

10112 -

وَعَنْ وَحْشِيٍّ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: " وَحْشِيٌّ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " قَتَلَتْ حَمْزَةَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَهُ بِيَدِي وَلَمْ يُهِنِّي بِيَدِهِ، قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: أَتُحِبُّهُ وَهُوَ قَاتِلُ حَمْزَةَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَتَفَلَ فِي الْأَرْضِ ثَلَاثَةً، وَدَفَعَ فِي صَدْرِي ثَلَاثَةً، وَقَالَ: " وَحْشِيٌّ، اخْرُجْ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَاتَلْتَ لِتَصُدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. قُلْتُ: وَلَهُ طَرِيقٌ أَتَمُّ مِنْ هَذِهِ فِي مَنَاقِبِ وَحْشِيٍّ.

[بَابٌ مِنْهُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ]

10113 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا انْصَرَفَ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُشْرِكُونَ عَنْ أُحُدٍ، وَبَلَغُوا الرَّوْحَاءَ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا مُحَمَّدًا قَتَلْتُمْ، وَلَا الْكَوَاعِبَ أَرْدَفْتُمْ، شَرٌّ مَا صَنَعْتُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَدَبَ النَّاسَ فَانْتَدَبُوا حَتَّى بَلَغُوا حَمْرَاءَ الْأَسَدِ أَوْ بِئْرَ بَنِي عَيْنَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [آل عمران: 172]، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَوْعِدُكَ مَوْسِمُ بَدْرٍ حَيْثُ قَتَلْتُمْ أَصْحَابَنَا، فَأَمَّا الْجَبَانُ فَرَجَعَ، وَأَمَّا الشُّجَاعُ فَأَخَذَ أُهْبَةَ الْقِتَالِ وَالتِّجَارَةِ، فَأَتَوْهُ فَلَمْ يَجِدُوا بِهِ أَحَدًا، وَتَسَوَّفُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174]»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْجَوَّازِ وَهُوَ ثِقَةٌ.

[بَابٌ فِي دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِأُحُدٍ]

10114 -

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ - وَقَالَ الْفَزَارِيُّ مَرَّةً: عَنِ ابْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ غَيْرُ الْفَزَارِيِّ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ - قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي "، فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا

ص: 121

مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبْعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعِيلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ مِنَّا، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ، وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللَّهُمَّ قَاتِلْ كَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْخَلْقِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَالَ:" «اللَّهُمَّ قَاتِلْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» ".

وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِيمَنْ خُسِفَ بِهِ مِنَ الْكُفَّارِ يَوْمَ أُحُدٍ]

10115 -

عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْحَقِّ فَاخْسِفْ بِي، قَالَ: فَخُسِفَ بِهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِيمَنْ أَحْسَنَ الْقِتَالَ يَوْمَ أُحُدٍ]

10116 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «دَخَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى فَاطِمَةَ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا - يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ:

أَفَاطِمُ هَاكَ السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمِ

فَلَسْتُ بِرِعْدِيدٍ وَلَا بِلَئِيمِ

لَعَمْرِي لَقَدْ أَبْلَيْتُ فِي نَصْرِ أَحْمَدَ

وَمَرْضَاةِ رَبٍّ بِالْعِبَادِ عَلِيمِ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ فَقَدْ أَحْسَنَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَابْنُ الصِّمَّةِ "، وَذَكَرَ آخَرَ فَنَسِيَهُ مُعَلَّى، فَقَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَأَبِيكَ الْمُوَاسَاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا جِبْرِيلُ، إِنَّهُ مِنِّي "، فَقَالَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم: وَأَنَا مِنْكُمَا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِيهِ مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

10117 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: أَمْسِكِي سَيَفِي هَذَا فَقَدْ أَحْسَنْتُ بِهِ الضَّرْبَ الْيَوْمَ،

ص: 122

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ، فَقَدْ أَحْسَنَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَيُّوبُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ الْأَزْدِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

10118 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى فَاطِمَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ:

خُذِي هَذَا السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمٍ

، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَئِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ لَقَدْ أَحْسَنَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِيمَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ]

10119 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ: " أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي غُودِرْتُ مَعَ أَصْحَابِي بِجِصِّ الْجَبَلِ» - يَعْنِي سَفْحَ الْجَبَلِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ.

10120 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ حِينَ رَجَعَ مِنْ أُحُدٍ، فَوَقَفَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: " أَشْهَدُ أَنَّكُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَزُورُوهُمْ وَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَّا رَدُّوا عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10121 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: أُصِيبَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10122 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10123 -

قُلْتُ: وَقَدْ سَمَّى ابْنُ شِهَابٍ جَمَاعَةً اسْتُشْهِدُوا يَوْمَ أُحُدٍ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَأَذْكُرُ مَنْ بَقِيَ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

1 -

فَمِنْهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: أَوْسُ بْنُ الْأَرْقَمِ.

2 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: أُنَيْسُ بْنُ قَتَادَةَ.

3 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ: إِيَاسُ بْنُ أَوْسٍ.

4 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَالِكٍ.

5 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ.

6 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ: الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ رَافِعٍ.

7 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ.

8 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَوَّادٍ: رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرٍو.

9 -

وَمِنَ

ص: 123

الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ: سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ.

10 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: سَعْدُ بْنُ سُوِيدٍ.

11 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَوَّادٍ: سَعْدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ أَبِي كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ.

12 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ.

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِيمَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٌ جَمَاعَةً، مِنْهُمْ مَنْ تَقَدَّمَ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَأَذْكُرُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ.

13 -

مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: أَوْسُ بْنُ الْمُنْذِرِ.

14 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو: إِيَاسُ بْنُ أَوْسٍ.

15 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ خَالِدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَارِثَةَ.

16 -

وَقُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَتَلَهُ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ.

17 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ رَافِعٍ.

18 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ.

19 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: رِفَاعَةُ بْنُ أَوْسِ بْنِ زَعْوَرَا بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ.

20 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ عَوْفٍ: رَبِيعَةُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ.

21 -

وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ: رَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ حَلِيفُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ.

22 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ.

23 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ: سَلِيطُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ.

24 -

وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَيَأْتِي حَدِيثُ سَعْدٍ فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ فِي مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

25 -

وَمِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ.

26 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ.

[بَابُ تَارِيخِ وَقْعَةِ أُحُدٍ]

10124 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَأَصْبَحَ بِالشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ، فَالْتَقَوْا يَوْمَ السَّبْتِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ص: 124

[بَابُ غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ]

10125 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ كَلَّ أَصْحَابُهُ، وَهُوَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ وَضَعْتُمْ أَسْلِحَتَكُمْ وَمَا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ بَعْدُ أَوْزَارَهَا، فَكَفَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ غَسْلِهِ، فَأَتَوُا النَّضِيرَ، فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نُعَيْمُ بْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: يُخْطِئُ.

[بَابُ غَزْوَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ]

10126 -

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ; «أَنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَرَاجَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَارْتَفَعَ صَوْتُهُ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَائِمٌ بِسَيْفِهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا عَامِرُ، غُضَّ مِنْ صَوْتِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ؟ فَقَالَ ثَابِتٌ: أَمَا وَالَّذِي أَكْرَمَهُ لَوْلَا أَنْ يَكْرَهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَضَرَبْتُ بِهَذَا السَّيْفِ رَأْسَكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرٌ وَهُوَ جَالِسٌ، وَثَابِتٌ قَائِمٌ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا ثَابِتُ، لَئِنْ عَرَضْتَ نَفْسَكَ لِي لَتُوَلِّيَنَّ عَنِّي، فَقَالَ ثَابِتٌ: أَمَا وَاللَّهِ، يَا عَامِرُ لَئِنْ عَرَضْتَ نَفْسَكَ لِلِسَانِي لَتَكْرَهَنَّ حَيَاتِي، فَعَطَسَ ابْنُ أَخٍ لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، فَشَمَّتَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَطَسَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَلَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ، فَلَمْ يُشَمِّتْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَامِرٌ: شَمَّتَ هَذَا الصَّبِيَّ وَتَرَكَنِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ "، قَالَ: وَمَحْلُوفِهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَكْفِينِيكَ اللَّهُ وَابْنَا قَيْلَةَ "، ثُمَّ خَرَجَ عَامِرٌ فَجَمَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ثَلَاثَةُ أَبْطُنٍ، هُمُ الَّذِينَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عَلَيْهِمْ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ:" اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ، وَرِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ "، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّ عَامِرًا جَمَعَ لَهُ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةً فِيهِمْ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، وَسَائِرُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَمِيرُهُمُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، فَمَضَوْا حَتَّى نَزَلُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، فَأَقْبَلَ حَتَّى هَجَمَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ كُلَّهُمْ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ كَانَ فِي الرِّكَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قَتَلُوا، خَيْرَ أَصْحَابِهِ

ص: 125

فَقَالَ: " قَدْ قُتِلَ أَصْحَابُكُمْ مِنْ وَرَائِكُمْ " فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرًا " فَكَفَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ بِفِنَائِهِ، فَرَمَاهُ اللَّهُ بِالذَّبْحَةِ فِي حَلْقِهِ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ سَلُولٍ، فَأَقْبَلَ يَنْزُو وَهُوَ يَقُولُ: يَا آلَ عَامِرٍ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْجَمَلِ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ تَرْغَبُ أَنْ تَمُوتَ فِي بَيْتِهَا، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فِي بَيْتِهَا، وَكَانَ أَرْبَدُ بْنُ قَيْسٍ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَاحْتَرَقَ فَمَاتَ، فَرَجَعَ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10127 -

وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا بَعَثَ حَرَامًا أَخَا أُمِّ سُلَيْمٍ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا، قُتِلُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ هُوَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اخْتَرْ مِنِّي ثَلَاثَ خِصَالٍ: يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ، وَيَكُونُ لِي أَهْلُ الْوَبَرِ، أَوْ أَكُونُ خَلِيفَةً مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِغَطَفَانَ أَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ.

قَالَ: فَطَعَنَ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ قَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، ائْتُونِي بِفَرَسِي، فَأُتِيَ بِهِ فَرَكِبَهُ فَمَاتَ وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ وَرَجُلَانِ مَعَهُ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَرَجُلٌ أَعْرَجُ، فَقَالَ لَهُمْ: كُونُوا قَرِيبًا مِنِّي حَتَّى آتِيَهُمْ، فَإِنْ أَمَّنُونِي وَإِلَّا كُنْتُ قَرِيبًا مِنْكُمْ، فَإِنْ قَتَلُونِي أَعْلَمْتُمْ أَصْحَابَكُمْ، قَالَ: فَأَتَاهُمْ حَرَامٌ، فَقَالَ: أَتُؤَمِّنُونِي أُبَلِّغْكُمْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ، وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ لَهُمْ مِنْ خَلْفِهِمْ فَطَعَنَهُ، حَتَّى أَنْفَذَهُ بِالرُّمْحِ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَقَتَلُوهُمْ كُلَّهُمْ غَيْرَ الْأَعْرَجِ، كَانَ فِي رَأْسِ جَبَلٍ»، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

10128 -

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ هَمَّامٌ: فَأَرَاهُ ذَكَرَ مَعَ الْأَعْرَجِ آخَرَ عَلَى الْجَبَلِ، قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10129 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «جَاءَ مُلَاعِبُ الْأَسِنَّةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَدِيَّةٍ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ ".

قَالَ: فَابْعَثْ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ مَنْ شِئْتَ فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِقَوْمٍ فِيهِمُ: الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْمُعْتَقُ لِيَمُوتَ أَوْ أُعْتِقَ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ بَنِي عَامِرٍ

ص: 126

فَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ، وَأَبَوْا أَنْ يَخْفِرُوا مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ.

فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَأَطَاعُوهُ، فَأَتْبَعَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10130 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ ; «أَنَّ عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ الَّذِي يُدْعَى مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْإِسْلَامَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ ".

فَقَالَ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ: ابْعَثْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ رُسُلِكَ مَنْ شِئْتَ فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا فِيهِمُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعَدِيُّ - وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: أُعْتِقَ لِيَمُوتَ - عَيْنًا فِي أَهْلِ نَجْدٍ، فَسَمِعَ بِهِمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَنَفَرُوا مَعَهُ فَقَتَلَهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، أَخَذَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَأَرْسَلَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِهِمْ، وَكَانَ فِيهِمْ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ.

فَزَعَمَ لِي عُرْوَةُ: أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُوجَدْ جَسَدُهُ حِينَ دَفَنُوهُ، يَقُولُ عُرْوَةُ: كَانُوا يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ هِيَ دَفَنَتْهُ، فَقَالَ حَسَّانُ يُعَرِّضُ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ:

بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ

وَأَنْتُمْ مِنْ ذَوَائِبِ أَهْلِ نَجْدِ

تَهَكُّمُ عَامِرٍ بِأَبِي بَرَاءٍ

لِيَخْفِرَهُ وَمَا خَطَأٌ كَعَمْدِ

فَطَعَنَ رَبِيعَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ فِي خَفْرَتِهِ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ فِي فَخِذِهِ طَعْنَةً فَقَدَّهُ»، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10131 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «ثُمَّ غَزْوَةُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ إِلَى بِئْرِ مَعُونَةَ، وَبَعَثَ مَعَهُمُ الْمُطَّلِبَ السُّلَمِيَّ لِيَدُلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَبَعَثَ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ يَسْتَمِدُّونَهُ، فَأَمَدُّوهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقُتِلَ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ، فَإِنَّهُمْ أَسَرُوهُ فَاسْتَحْيَوْهُ حَتَّى قَدِمُوا بِهِ مَكَّةَ، فَهُوَ دَفَنَ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ، وَعَرَضَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ الصَّلْتِ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ: أَنْ يُؤَمِّنُوهُ فَأَبَى، فَقَتَلُوهُ، فَذُكِرَ لَنَا: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ حِينَ أَحَاطَ بِهِمُ الْعَدُوُّ: اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَجِدُ مَنْ يُبَلِّغُ عَنَّا رَسُولَكَ غَيْرَكَ، اللَّهُمَّ فَاقْرَأْ مِنَّا عليه السلام، وَأَخْبِرْهُ خَبَرَنَا» .

رَوَاهُ

ص: 127

الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ إِذَا تُوبِعَ عَلَيْهِ.

10132 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أُحُدٍ بَقِيَّةَ شَوَّالٍ وَذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ، وَوَلَّى تِلْكَ الْحِجَّةُ وَالْمُحَرَّمُ، ثُمَّ بَعَثَ أَصْحَابَهُ بِئْرَ مَعُونَةَ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ أُحُدٍ، فَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِمْ كَمَا حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: قَدِمَ أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ مُلَاعِبُ الْأَسِنَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يُسْلِمْ، وَلَمْ يَبْعُدْ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَوْ بَعَثْتَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكَ، رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي أَخْشَى أَهْلَ نَجْدٍ، فَقَالَ أَبُو بَرَاءٍ: أَنَا لَهُمْ جَارٌ، فَابْعَثْهُمْ فَلْيَدْعُوا النَّاسَ إِلَى أَمْرِكَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ الْمُعْتَقَ لِيَمُوتَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ خِيَارِهِمْ، مِنْهُمُ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَعُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ، وَنَافِعُ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَرِجَالٌ مُسَمَّوْنَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، وَهِيَ بِئْرُ أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ، وَحَرَّةُ بَنِي سُلَيْمٍ، كِلَا الْبَلَدَيْنِ مِنْهَا قَرِيبٌ، وَهِيَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَقْرَبُ، فَلَمَّا نَزَلُوا بَعَثُوا حَرَامَ بْنَ مِلْحَانَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَلَمَّا أَتَاهُمْ لَمْ يَنْظُرْ فِي كِتَابِهِ حَتَّى غَدَا عَلَى الرَّجُلِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ اسْتَصْرَخَ بَنِي عَامِرٍ فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوهُ إِلَى مَا دَعَاهُمْ، وَقَالُوا: لَنْ نَخْفِرَ أَبَا بَرَاءٍ، وَقَدْ عَقَدَ لَهُمْ عَقْدًا وَجِوَارًا، فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ قَبَائِلَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَصِيَّةَ وَرَعْلًا وَذَكْوَانَ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، فَخَرَجُوا حَتَّى غَشَوُا الْقَوْمَ، فَأَحَاطُوا بِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ أَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، إِلَّا كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ أَخَا بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوهُ وَبِهِ رَمَقٌ، فَارْتَثَّ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى، فَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَكَانَ فِي السَّرْحِ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَلَمْ يُنْبِئْهُمَا بِمُصَابِ إِخْوَانِهِمَا، إِلَّا الطَّيْرُ تَحُومُ عَلَى الْعَسْكَرِ، فَقَالَا: وَاللَّهِ إِنَّ لِهَذَا الطَّيْرِ لَشَأْنًا، فَأَقْبَلَا لِيَنْظُرَا فَإِذَا الْقَوْمُ فِي

ص: 128

دِمَائِهِمْ وَإِذَا الْخَيْلُ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ وَاقِفَةٌ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُخْبِرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: لَكِنِّي مَا كُنْتُ لِأَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَا كُنْتُ لِتَجْتَزِيَ عَنْهُ الرِّجَالُ، فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ، وَأَخَذُوا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَسِيرًا، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَجَزَّ نَاصِيَتَهُ، وَأَعْتَقَهُ عَنْ رَقَبَةٍ زَعَمَ أَنَّهَا عَلَى أُمِّهِ، فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ مِنْ صَدْرِ قُبَاءَ أَتَاهُ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، نَزَلَا فِي ظِلٍّ هُوَ فِيهِ، وَكَانَ لِلْعَامِرِيِّينَ عَقْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجِوَارٌ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، وَقَدْ سَأَلَهُمَا حِينَ نَزَلَ: مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَأَمْهَلَهُمَا حَتَّى نَامَا، فَغَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ بِهِمَا ثَأْرَهُ مِنْ بَنِي عَامِرٍ ; لِمَا أَصَابُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ لَأُدِينَّهُمَا "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا مُتَخَوِّفًا "، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَرَاءٍ فَشَقَّ عَلَيْهِ إِخْفَارُ عَامِرٍ إِيَّاهُ، وَمَا أُصِيبَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبَبِهِ وَجِوَارِهِ، فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُحَرِّضُ ابْنَ أَبِي بَرَاءٍ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ:

بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ

وَأَنْتُمْ مِنْ ذَوَائِبِ أَهْلِ نَجْدِ

تَهَكُّمُ عَامِرٍ بِأَبِي بَرَاءٍ

لِيَخْفِرَهُ وَمَا خَطَأٌ كَعَمْدِ

أَلَا أَبْلِغْ رَبِيعَةَ ذَا الْمَسَاعِي

بِمَا أَحْدَثْتَ فِي الْحُدْثَانِ بَعَدِي

أَبُوكَ أَبُو الْحُرُوبِ أَبُو بَرَاءٍ

وَخَالُكَ مَاجِدٌ حَكَمُ بْنُ سَعْدِ.

فَحَمَلَ رَبِيعَةُ بْنُ عَامِرٍ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَطَعَنَهُ بِالرُّمْحِ، فَوَقَعَ فِي فَخِذِهِ فَأَشْوَاهُ، وَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ، فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، فَإِنْ أَمُتْ فَدَمِي لِعَمِّي لَا يُتْبَعُ بِهِ، وَإِنْ أَعِشْ فَسَأَرَى رَأْيِي فِيمَا أَتَى إِلَيَّ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ.

ص: 129

[بَابٌ فِيمَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ]

10133 -

عَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوْسُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ الْمَخْزُومِيُّ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَسَهْلُ بْنُ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَقَبٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ: عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ.

وَفِي إِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ إِذَا تُوبِعَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10134 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ: الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ.

وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10135 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ: نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ.

10136 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالشَّهَادَاتِ، فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ، فَاشْهَدُوا لِسَرِيَّةٍ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُصِيبُوا، فَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ: أَنْ أَبْلِغُوا عَنَّا قَوْمَنَا: أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَقَدِ اخْتَلَطَ.

[بَابُ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَقُرَيْظَةَ]

10137 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ ; «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَّ الْخَنْدَقَ مِنْ أَحْمَرِ السَّبْخَتَيْنِ طَرَفَ بَنِي حَارِثَةَ عَامَ حِزْبِ الْأَحْزَابِ حَتَّى بَلَغَ الْمَذَاحِجَ، فَقَطَعَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَاحْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فِي سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَكَانَ رَجُلًا قَوِيًّا، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: سَلْمَانُ مِنَّا، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: مِنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10138 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنَ الْخَنْدَقِ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَضَعَ ثَوْبَهُ - ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، فَقَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ " فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ:" اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا "، ثُمَّ قَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ " وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ

ص: 130

الْحَجَرِ، فَقَالَ:" اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا "، ثُمَّ قَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ " وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مَيْمُونُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10139 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخَنْدَقِ فَخَنْدَقَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا وَجَدْنَا صَفَاةً لَا نَسْتَطِيعُ حَفْرَهَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا أَتَى أَخَذَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ بِهِ ضَرْبَةً وَكَبَّرَ، فَسَمِعْتُ هَزَّةً لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهَا قَطُّ، فَقَالَ: " فُتِحَتْ فَارِسُ "، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى وَكَبَّرَ، فَسَمِعْتُ هَزَّةً لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهَا قَطُّ، فَقَالَ: " فُتِحَتِ الرُّومُ "، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى وَكَبَّرَ، فَسَمِعْتُ هَزَّةً لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهَا قَطُّ، فَقَالَ: " جَاءَ اللَّهُ بِحِمْيَرَ أَعْوَانًا وَأَنْصَارًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10140 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «احْتَفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَنْدَقَ وَأَصْحَابُهُ قَدْ شَدُّوا الْحِجَارَةَ عَلَى بُطُونِهِمْ مِنَ الْجُوعِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" هَلْ دُلِلْتُمْ عَلَى أَحَدٍ يُطْعِمُنَا أَكَلَةً؟ "، قَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ، قَالَ:" أَمَّا لَا فَتَقَدَّمْ، فَدُلَّنَا عَلَيْهِ "، فَانْطَلَقُوا إِلَى رَجُلٍ فَإِذَا هُوَ فِي الْخَنْدَقِ يُعَالِجُ نَصِيبَهُ مِنْهُ، فَأَرْسَلَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ جِئْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَتَانَا، فَجَاءَ الرَّجُلُ يَسْعَى فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي وَلَهُ مَعْزَةٌ وَمَعَهَا جَدْيُهَا، فَوَثَبَ إِلَيْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" الْجَدْيُ مِنْ وَرَائِنَا " فَذَبَحَ الْجَدْيَ، وَعَمَدَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى طَحِينَةٍ لَهَا فَعَجَنَتْهَا وَخَبَزَتْ وَأَدْرَكَتِ الْقِدْرَ وَثَرَدَتْ قَصْعَتَهَا، فَقَرَّبَتْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِصْبَعَهُ فِيهَا، فَقَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهَا، اطَّعِمُوا "، فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى صَدَرُوا، وَلَمْ يَأْكُلُوا مِنْهَا إِلَّا ثُلُثَهَا وَبَقِيَ ثُلُثَاهَا، فَسَرَحَ أُولَئِكَ الْعَشَرَةُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ: أَنِ اذْهَبُوا وَسَرِّحُوا إِلَيْنَا نُغَدِّيكُمْ، فَذَهَبُوا وَجَاءَ أُولَئِكَ الْعَشْرَةُ مَكَانَهُ فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَامَ وَدَعَا لِرَبَّةِ الْبَيْتِ وَشَمَتَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ مَشَوْا إِلَى الْخَنْدَقِ، فَقَالَ:" اذْهَبُوا بِنَا إِلَى سَلْمَانَ "، وَإِذَا صَخْرَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ قَدْ ضَعُفَ عَنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ

ص: 131

" دَعُونِي فَأَكُونَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَهَا "، فَقَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ " فَضَرَبَهَا فَوَقَعَتْ فِلْقَةُ ثُلُثِهَا، فَقَالَ:" اللَّهُ أَكْبَرُ، قُصُورُ الرُّومِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ "، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى فَوَقَعَتْ فِلْقَةٌ، فَقَالَ:" اللَّهُ أَكْبَرُ قُصُورُ فَارِسَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ "، فَقَالَ عِنْدَهَا الْمُنَافِقُونَ: نَحْنُ بِخَنْدَقٍ عَلَى أَنْفُسِنَا] وَهُوَ يَعِدُنَا قُصُورَ فَارِسَ وَالرُّومِ»، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَنُعَيْمٍ الْعَنْبَرِيِّ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.

10141 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ الْحَارِثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: نَاصِفْنَا تَمْرَ الْمَدِينَةِ، وَإِلَّا مَلَأْتُهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا، فَقَالَ:" حَتَّى أَسْتَأْمِرَ السُّعُودَ: سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَسَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ " يَعْنِي: يُشَاوِرُهُمَا، فَقَالَا: لَا وَاللَّهِ، مَا أُعْطِينَا الدَّنِيَّةَ مِنْ أَنْفُسِنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ؟! فَرَجَعَ إِلَى الْحَارِثِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: غَدَرْتَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَقَالَ حَسَّانُ:

يَا حَارِ مَنْ يَغْدِرْ بِذِمَّةِ جَارِهِ

مِنْكُمْ فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَغْدِرْ

إِنْ تَغْدِرُوا فَالْغَدْرُ مِنْ عَادَاتِكُمْ

وَاللُّؤْمُ يَنْبُتُ فِي أُصُولِ السَّخْبَرِ

وَأَمَانَةُ النَّهْدِيِّ حِينَ لَقِيتُهَا

مِثْلُ الزُّجَاجَةِ صَدْعُهَا لَا يُجْبَرُ

قَالَ: فَقَالَ الْحَارِثُ: كُفَّ عَنَّا يَا مُحَمَّدُ لِسَانَ حَسَّانَ، فَلَوْ مُزِجَ بِهِ مَاءُ الْبَحْرِ لَمُزِجَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ.

وَلَفْظُهُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ الْحَارِثُ الْغَطَفَانِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، شَاطِرْنَا تَمْرَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:" حَتَّى أَسْتَأْمِرَ السُّعُودَ "، فَبَعَثَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَسَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ:" إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّ الْحَارِثَ سَأَلَكُمْ تُشَاطِرُوهُ تَمْرَ الْمَدِينَةِ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْفَعُوهُ عَامَكُمْ هَذَا فِي أَمْرِكُمْ بَعْدُ؟ ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوحِيَ مِنَ السَّمَاءِ فَالتَّسُلَيْمُ لِأَمْرِ اللَّهِ، أَوْ عَنْ رَأْيِكَ وَهَوَاكَ؟ فَرَأْيُنَا نَتَّبِعُ هَوَاكَ وَرَأْيَكَ؟ فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ الْإِبْقَاءَ عَلَيْنَا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتَنَا وَإِيَّاهُمْ عَلَى سَوَاءٍ، مَا يَنَالُونَ مِنَّا تَمْرَةً إِلَّا شِرَاءً أَوْ قِرًى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هُوَ ذَا، تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُونَ؟ "، قَالُوا: غَدَرْتَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُ:

ص: 132

يَا حَارِ مَنْ يَغْدِرْ بِذِمَّةِ جَارِهِ

مِنْكُمْ فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَغْدِرُ

وَأَمَانَةُ الْمُرِّيِّ حِينَ لَقِيتُهَا

كَسْرُ الزُّجَاجَةِ صَدْعُهَا لَا يُجْبَرُ

إِنْ تَغْدِرُوا فَالْغَدْرُ مِنْ عَادَاتِكُمْ

وَاللُّؤْمُ يَنْبُتُ فِي أُصُولِ السَّخْبَرِ».

وَرِجَالُ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِيهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10142 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: "

وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلَا صُمْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10143 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «مَا نَسِيتُ قَوْلَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يُعَاطِيهِمُ اللَّبَنَ قَدِ اغْبَرَّ شَعْرُ صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "

اللَّهُمَّ إِنِ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَهْ

فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى.

10144 -

وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «لَمْ يَكُنْ حِصْنٌ أَحْصَنَ مِنْ حِصْنِ بَنِي حَارِثَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالذَّرَارِيَ فِيهِ، وَقَالَ: إِنْ أَلَمَّ بِكُنَّ أَحَدٌ فَالْمَعْنَ بِالسَّيْفِ ".

فَجَاءَهُنَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ يُقَالُ لَهُ: نَجْدَانُ، أَحَدُ بَنِي حَشَّاشٍ عَلَى فَرَسٍ حَتَّى كَانَ فِي أَصْلِ الْحِصْنِ، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ لِلنِّسَاءِ: انْزِلْنَ إِلَيَّ خَيْرٌ لَكُنَّ، فَحَرَّكْنَ السَّيْفَ فَأَبْصَرَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَابْتَدَرَ الْحِصْنَ قَوْمٌ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ، يُقَالُ لَهُ: ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ، فَقَالَ: يَا نَجْدَانُ، ابْرُزْ فَبَرَزَ إِلَيْهِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَرَسَهُ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10145 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْخَنْدَقِ، فَجَعَلَ نِسَاءَهُ وَعَمَّتَهُ صَفِيَّةَ فِي أُطُمٍ يُقَالُ لَهُ: فَارِعٌ، وَجَعَلَ مَعَهُمْ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ، فَرَقِيَ يَهُودِيٌّ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى عَمَّتِهِ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: يَا حَسَّانُ، قُمْ إِلَيْهِ حَتَّى تَقْتُلَهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ فِيَّ، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ فِيَّ لَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ صَفِيَّةُ: فَارْبُطِ السَّيْفَ عَلَى ذِرَاعِي قَالَ: ثُمَّ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ حَتَّى قَتَلَتْهُ وَقَطَعَتْ رَأْسَهُ، فَقَالَتْ لَهُ: خُذِ الرَّأْسَ فَارْمِ بِهِ عَلَى الْيَهُودِ قَالَ: مَا ذَاكَ فِيَّ، فَأَخَذَتْ هِيَ الرَّأْسَ فَرَمَتْ

ص: 133

بِهِ عَلَى الْيَهُودِ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ أَهْلَهُ خُلُوفًا لَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ، فَتَفَرَّقُوا وَذَهَبُوا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَرَّ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَهُوَ يَقُولُ:

مَهْلًا قَلِيلًا يُدْرِكُ الْهَيْجَا جَمَلْ

لَا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ

قَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَجْمَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ دِرْعٌ مُقَلَّصَةٌ، وَقَدْ تَزَوَّجَ فَبَنَى بِأَهْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَثَرُ زَعْفَرَانَ.

قَالَ: وَكَانَ حَسَّانُ إِذَا شَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكُفَّارِ يَفْتَحُ الْأُطُمَ، وَإِذَا كَرُّوا رَجَعَ مَعَهُمْ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ، وَقَالَ: فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ لِصَفِيَّةَ بِسَهْمٍ كَمَا كَانَ يَضْرِبُ لِلرِّجَالِ. وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ صَفِيَّةَ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ.

10146 -

وَعَنْ عُرْوَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَدْخَلَ نِسَاءَهُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ أُطُمًا مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَجُلًا جَبَانًا ; فَأَدْخَلَهُ مَعَ النِّسَاءِ، فَأَغْلَقَ الْبَابَ، فَجَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَعَدَ عَلَى بَابِ الْأُطُمِ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: انْزِلْ يَا حَسَّانُ إِلَى هَذَا الْعِلْجِ فَاقْتُلْهُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَجْعَلَ نَفْسِي خَطَرًا لِهَذَا الْعِلْجِ، فَأْتَزَرَتْ بِكِسَاءٍ وَأَخَذَتْ فِهْرًا، فَنَزَلَتْ إِلَيْهِ فَقَطَعَتْ رَأْسَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى عُرْوَةَ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَلَكِنَّهُ مُرْسَلٌ.

10147 -

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَى أَخِي عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ فَرَسَهُ خَنْدَقًا، فَضَرَبَ الْفَرَسَ، فَدَقَّ جِدَارُ الْخَنْدَقِ سَاقَهُ، فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَرَسِهِ، فَمَسَحَ سَاقَهُ فَمَا نَزَلَ عَنْهَا حَتَّى بَرَأَ.

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:

فَأَنْزَاهَا عَلَيَّ فَهْيَ تَهْوِي

هَوَى الدَّلْوِ مُتَرَّعَةً بِسُدْلِ

صُفُوفَ الْخَنْدَقَيْنِ فَأَهْرَقَتْهُ

هَوِيَّةَ مُظْلِمِ الْحَالَيْنِ عَمْلِ

فَعَصَّبَ رِجْلَهُ فَمَشَى عَلَيْهَا

سُمُوَّ الصَّقْرِ صَادَفَ يَوْمَ طَلِّ

فَقَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى عَلَيْهِ

مَلِيكُ النَّاسِ: هَذَا خَيْرُ فِعْلِ

لَعًا لَكَ فَاسْتَمَرَّ بِهَا سَوِيًّا

وَكَانَتْ بَعْدَ ذَاكَ أَصَحَّ رِجْلِ».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ: يُقَالُ إِذَا عَثَرَتِ النَّاقَةُ: لَعًا لَكِ؛ أَيِ: ارْتَفِعِي وَاسْتَعْلِي، قَالَ الْأَعْشَى:

بِذَاتِ لَوْثٍ عَقَرْنَاهُ إِذَا عَثَرَتْ

فَالنَّعْشُ أَدْنَى لَهَا مِنْ أَنْ يُقَالَ لَعَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ،

ص: 134

وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

10148 -

وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ; «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَلِيطًا، وَسُفْيَانَ بْنَ عَوْفٍ الْأَسْلَمِيَّ طَلِيعَةَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ، فَخَرَجَا حَتَّى إِذَا كَانَا بِالْبَيْدَاءِ الْتَفَّتْ عَلَيْهِمْ خَيْلٌ لِأَبِي سُفْيَانَ، فَقَاتَلَا حَتَّى قُتِلَا، فَأُتِيَ بِهِمَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، فَهُمَا الشَّهِيدَانِ الْقَرِيبَانِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10149 -

وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: «أَيْنَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي يَوْمَ الْأَحْزَابِ؟ قَالَ: كَانَ يُصَلِّي فِي بَطْنِ الشِّعْبِ عِنْدَ خَرِبَةٍ هُنَاكَ، وَلَقَدْ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِانْصِرَافِ لِلنَّاسِ، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَدْعُوَهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10150 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «بَعَثَنِي خَالِي عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ لِأَبِيهِ بِلِحَافٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنْتُهُ وَهُوَ بِالْخَنْدَقِ، فَأَذِنَ لِي وَقَالَ:" مَنْ لَقِيتَ فَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا ".

وَكَانَ ذَلِكَ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ، فَخَرَجْتُ وَلَقِيتُ النَّاسَ فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا، قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ مَا عَطَفَ عَلِيَّ مِنْهُمُ اثْنَانِ أَوْ وَاحِدٌ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10151 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «خَفِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ إِلَّا عَلَى سِتَّةِ نَفَرٍ: أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَلِيٌّ، وَسَعْدُ، وَمِنَ الْأَنْصَارِ: أَبُو دُجَانَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10152 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْخَنْدَقِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَاهَدُ ثَغْرَةً مِنَ الْجَبَلِ يَخَافُ مِنْهَا، فَيَأْتِي فَيَضْطَجِعُ فِي حِجْرِي ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَسَمَّعُ، فَسَمِعَ حِسَّ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ الْحَدِيدُ، فَانْسَلَّ فِي الْجَبَلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ هَذَا؟ ".

قَالَ: أَنَا سَعْدٌ، جِئْتُكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ فِي تِلْكَ الثَّغْرَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِي حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا أَنْسَاهَا لِسَعْدٍ». قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10153 -

وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ وَرَجُلٌ يَتَتَرَّسُ، جَعَلَ يَقُولُ بِالتُّرْسِ هَكَذَا، فَوَضَعَهُ فَوْقَ أَنْفِهِ، ثُمَّ يَقُولُ هَكَذَا، يُسْفِلُهُ بَعْدُ، قَالَ: فَأَهْوَيْتُ إِلَى كِنَانَتِي فَأَخْرَجْتُ مِنْهَا سَهْمًا مُدْمًى، فَوَضَعْتُهُ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، فَلَمَّا قَالَ هَكَذَا - يُسْفِلُ التُّرْسَ - رَمَيْتُ فَمَا نَسِيتُ

ص: 135

وَقْعَ الْقَدَحِ عَلَى كَذَا وَكَذَا مِنَ التُّرْسِ قَالَ: وَسَقَطَ فَقَالَ بِرِجْلِهِ هَكَذَا، فَضَحِكَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَبُهُ قَالَ: حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ - قَالَ: قُلْتُ: لِمَ فَعَلَ؟ قَالَ: لِفِعْلِ الرَّجُلِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مَعَهُ تُرْسَانِ، وَكَانَ سَعْدٌ رَامِيًا، فَكَانَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا بِالتُّرْسَيْنِ يُغَطِّي جَبْهَتَهُ، فَنَزَعَ لَهُ سَعْدٌ بِسَهْمٍ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ رَمَاهُ، فَلَمْ يُخْطِ هَذِهِ مِنْهُ - يَعْنِي: جَبْهَتَهُ -.

وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10154 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ «أَنَّ النَّاسَ تَفَرَّقُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا جَاثِمٌ مِنَ النَّوْمِ، فَقَالَ:" يَا ابْنَ الْيَمَانِ، قُمْ فَانْطَلِقْ إِلَى عَسْكَرِ الْأَحْزَابِ فَانْظُرْ إِلَى حَالِهِمْ ".

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا قُمْتُ لَكَ إِلَّا حَيَاءً مِنَ الْبَرْدِ قَالَ:" انْطَلِقْ يَا ابْنَ الْيَمَانِ، فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْ بَرْدٍ وَلَا حَرٍّ حَتَّى تَرْجِعَ لِي ".

فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عَسْكَرَهُمْ فَوَجَدْتُ أَبَا سُفْيَانَ يُوقِدُ النَّارَ فِي عُصْبَةٍ حَوْلَهُ، وَقَدْ تَفَرَّقَ الْأَحْزَابُ عَنْهُ، فَجِئْتُ حَتَّى أَجْلِسَ فِيهِمْ، فَحَسَّ أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِيهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَقَالَ: لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِيَدِ جَلِيسِهِ قَالَ: فَضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى الَّذِي عَنْ يَمِينِي فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، ثُمَّ ضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى الَّذِي عَنْ يَسَارِي فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَلَبِثْتُ فِيهِمْ هُنَيْهَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ فَدَنَوْتُ حَتَّى أَرْسَلَ عَلِيَّ مِنَ الثَّوْبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ لِيُدْفِئَنِي.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: " يَا ابْنَ الْيَمَانِ، اقْعُدْ؛ مَا خَبَرُ النَّاسِ؟ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا فِي عُصْبَةٍ يُوقِدُ النَّارَ، وَقَدْ صَبَّ اللَّهُ تبارك وتعالى عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَرْدِ مِثْلَ الَّذِي صَبَّ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْجُو مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَفِي الصَّحِيحِ لِحُذَيْفَةَ حَدِيثٌ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

10155 -

«وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ، فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الْأَرْضِ مِنْ وَرَائِي - يَعْنِي: حِسَّ الْأَرْضِ - قَالَتْ: فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ.

قَالَتْ: فَجَلَسْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ، فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ،

ص: 136

قَالَتْ: وَكَانَ سَعْدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ قَالَتْ: فَمَرَّ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ.

لَبِثَ قَلِيلًا يُدْرِكُ الْهَيْجَا جَمَلْ

مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ

قَالَتْ: [فَقُمْتُ] فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا فِيهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ - يَعْنِي: الْمِغْفَرَ - فَقَالَ عُمَرُ: مَا جَاءَ بِكِ، لَعَمْرِي [وَاللَّهِ] إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ، وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُونَ بَلَاءً أَوْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ؟ قَالَتْ: فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ لِي سَاعَتَئِذٍ فَدَخَلْتُ فِيهَا!.

قَالَ: فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبِغَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ، إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَوِ الْفِرَارُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟!.

قَالَتْ: وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ فَدَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ [قَالَتْ: وَكَانُوا حُلَفَاؤُهُ وَمَوَاليِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَتْ: فَرَقَى كَلِمَهُ، وَبَعَثَ اللَّهُ عز وجل الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَكَفَى اللَّهُ عز وجل الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا، فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِتِهَامَةَ، وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ وَمَنْ مَعَهُ بِنَجْدٍ، وَرَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي] صَيَاصِيهِمْ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ.

قَالَتْ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام وَإِنَّ عَلَى ثَنَايَاهُ لَتَقْعُ الْغُبَارِ، فَقَالَ: لَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ! لَا وَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ بَعْدُ السِّلَاحَ، اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ.

قَالَ: فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَأْمَتَهُ وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ أَنْ يَخْرُجُوا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ، وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:" مَنْ مَرَّ بِكُمْ؟ ". فَقَالُوا: مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، وَكَانَ دَحْيَةٌ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ [وَسِنُّهُ] وَوَجْهُهُ جِبْرِيلَ عليه السلام.

قَالَتْ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ، وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ، قِيلَ لَهُمُ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ، فَقَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ)[فَنَزَلُوا] وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأُتِيَ بِهِ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ قَدْ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ، وَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَمْرٍو حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَايَةِ، وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ. فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ شَيْئًا، وَلَا يَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُورِهِمُ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: قَدْ أَنَا لِي أَنْ

ص: 137

لَا يَأْخُذَنِي فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ.

قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمَّا طَلَعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ ". قَالَ عُمَرُ: سَيِّدُنَا اللَّهُ. قَالَ: " أَنْزِلُوهُ ". فَأَنْزَلُوهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" احْكُمْ فِيهِمْ ". قَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ عز وجل وَحُكْمِ رَسُولِهِ ".

قَالَ: ثُمَّ دَعَا سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا، وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ.

قَالَتْ: فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَكَانَ قَدْ بَرَأَ إِلَّا مِثْلَ الْخُرْصِ. قَالَتْ: وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.

قَالَتْ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَعْرِفُ بُكَاءَ عُمَرَ مِنْ بُكَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي، وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ.

قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقُلْتُ: أَيْ أُمَّهْ فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنُهُ لَا تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ».

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10156 -

وَعَنْ عُرْوَةَ - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ - «أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمْيَةً فَقَطَعَتِ الْأَكْحَلَ مِنْ عَضُدِهِ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ رَمَاهُ حِبَّانُ بْنُ قَيْسٍ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ أَحَدُ بَنِي الْعَرِقَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: رَمَاهُ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيُّ.

فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: رَبِّ اشْفِنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَبْلَ الْمَمَاتِ، فَرَقَأَ الْكَلْمُ بَعْدَ مَا انْفَجَرَ.

قَالَ: وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى سَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حَكَمًا يَنْزِلُونَ عَلَى حُكْمِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اخْتَارُوا مِنْ أَصْحَابِي مَنْ أَرَدْتُمْ، فَلْيَسْتَمِعْ لِقَوْلِهِ ". فَاخْتَارُوا سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَرَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ، وَسَلَّمُوا.

وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَسْلِحَتِهِمْ فَجُعِلَتْ فِي بَيْتٍ، وَأَمَرَ بِهِمْ فَكُتِّفُوا وَأُوثِقُوا فَجُعِلُوا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَقْبَلَ عَلَى حِمَارِ أَعْرَابِيٍّ، يَزْعُمُونَ أَنَّ وَطَاءَ بَرْدَعَتِهِ مِنْ لِيفٍ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَجَعَلَ يَمْشِي مَعَهُ

ص: 138

يُعَظِّمُ حَقَّ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَيُذَكِّرُ حِلْفَهُمْ، وَالَّذِي أَبْلَوْهُ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَإِنَّهُمُ اخْتَارُوكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ رَجَاءَ عَفْوِكَ وَتَحَنُّنِكَ عَلَيْهِمْ، فَاسْتَبْقِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَكَ جَمَالٌ وَعَدَدٌ، فَأَكْثَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَلَمْ يُحِرْ إِلَيْهِ سَعْدٌ شَيْئًا حَتَّى دَنَوْا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَلَا تُرْجِعُ إِلَيَّ شَيْئًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَيُفَارِقُهُ الرَّجُلُ، فَأَتَى إِلَى قَوْمِهِ قَدْ يَئِسَ مِنْ أَنْ يَسْتَبْقِيهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِالَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ، وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ سَعْدٌ.

وَنَفَذَ سَعْدٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا سَعْدُ، احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ". فَقَالَ سَعْدٌ: أَحْكُمُ فِيهِمْ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَيُقَسَّمَ سَبْيُهُمْ، وَتُؤْخَذَ أَمْوَالُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" حَكَمَ فِيهِمْ سَعْدٌ بِحُكْمِ اللَّهِ ".

وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأُخْرِجُوا رُسُلًا رُسُلًا فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ.

وَأَخْرَجَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَلْ أَخْزَاكَ اللَّهُ؟ " قَالَ: قَدْ ظَهَرْتَ عَلَيَّ وَمَا أَلُومُ نَفْسِي فِيكَ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُخْرِجَ إِلَى أَحْجَارِ الزَّيْتِ الَّتِي بِالسُّوقِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، كُلُّ ذَلِكَ بِعَيْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.

وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ بَرِئَ كَلْمُ سَعْدٍ وَتَحَجَّرَ بِالثَّرَى، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَوْمٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنْ قَدْ وُضِعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ قِتَالٌ فَأَبْقِنِي أُقَاتِلْهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَافْجُرْ هَذَا الْمَكَانَ وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهِ، فَفَجَّرَهُ اللَّهُ تبارك وتعالى، وَأَنَّهُ الرَّاقِدُ بَيْنَ ظَهْرَيِ اللَّيْلِ فَمَا دَرَوْا بِهِ حَتَّى مَاتَ، وَمَا رَقَأَ الْكَلْمُ حَتَّى مَاتَ».

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ عَنْ عَائِشَةَ مُتَّصِلَ الْإِسْنَادِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10157 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ; «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ وَقَدْ جَمَعُوا لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَغْزُوكُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَلَكِنْ تَغْزُوهُمْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10158 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَتَتِ الصَّبَا الشَّمَالُ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ، فَقَالَ: مُرِّي حَتَّى نَنْصُرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتِ الشَّمَالُ: إِنَّ الْحُرَّةَ لَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ، فَكَانَتِ الرِّيحُ الَّتِي نُصِرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 139

الصَّبَا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10159 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَمَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ فَقُطِعَ أَكْحَلُهُ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَعَفَّرَ وَانْتَقَضَ، فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ لَا تَنْزِعْ نَفْسِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10160 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: «لَمَّا حَكَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَجَدَتِ الْأَوْسُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كُلِّ دَارٍ مِنْ دُورِ الْأَوْسِ بِأَسِيرَيْنِ أَسِيرَيْنِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي حَارِثَةَ بِأَسِيرَيْنِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ذُؤَيْبُ بْنُ عِمَامَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10161 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ " - وَلَمْ يُصَلِّهَا يَوْمَئِذٍ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ - " مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ نَارًا، أَوْ قُلُوبَهُمْ نَارًا، أَوْ بُيُوتَهُمْ نَارًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10162 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «مَرَّ أَبُو سُفْيَانَ وَمُعَاوِيَةُ خَلْفَهُ - وَكَانَ رَجُلًا مُسْتَمِدًّا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِصَاحِبِ الْأَسْنِمَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10163 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَلَبِ الْأَحْزَابِ فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ، وَضَعَ لَأْمَتَهُ وَاغْتَسَلَ وَاسْتَجْمَرَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10164 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ مِنْ طَلَبِ الْأَحْزَابِ، رَجَعَ فَنَزَعَ لَأْمَتَهُ وَاغْتَسَلَ وَاسْتَجْمَرَ.

زَادَ دُحَيْمٌ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: عَذِيرُكَ مِنْ مُحَارِبٍ، أَلَا أَرَاكَ قَدْ وَضَعْتَ اللَّأْمَةَ وَمَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ ".

فَوَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا، فَعَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَلَّا يُصَلُّوا الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَبِسُوا السِّلَاحَ وَخَرَجُوا فَلَمْ يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ.

وَاخْتَصَمَ النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلُّوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُرِدْ أَنْ تَتْرُكُوا الصَّلَاةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَزَمَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نُصَلِّيَ حَتَّى نَأْتِيَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَإِنَّمَا نَحْنُ فِي عَزِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ عَلَيْنَا إِثْمٌ.

فَصَلَّتْ طَائِفَةٌ الْعَصْرَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَطَائِفَةٌ لَمْ يُصَلُّوا حَتَّى نَزَلُوا بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّوْهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، فَلَمْ يُعَنِّفْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاحِدَةً مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مَرْزُوقِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ وَهُوَ ثِقَةٌ.

10165 -

وَعَنْ

ص: 140

عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ صَوْتَ رَجُلٍ فَوَثَبَ وَثْبَةً شَدِيدَةً، وَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَاتَّبَعْتُهُ فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ مُعْتَمٌّ مُرْخٍ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: وَثَبْتَ وَثْبَةً وَخَرَجْتَ فَإِذَا هُوَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: " وَرَأَيْتِهِ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " ذَاكَ جِبْرِيلُ عليه السلام أَمَرَنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ مِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10166 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حِمَارٍ عَرِيٍّ يُقَالُ لَهُ: يَعْفُورُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10167 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حِمَارٍ، وَمَعَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ عَلَيْهَا قَطِيفَةٌ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ خَمْلُهَا اللُّؤْلُؤُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَنْزِلُ عَنْهَا حَتَّى تُفْتَحَ لَكَ، وَلَأَرُضْهَا كَمَا تُرَضُ الْبَيْضَةُ عَلَى الصَّفْوَانِ.

فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فُتِحَتْ عَلَيْهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10168 -

وَعَنِ أَسْلَمَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «جَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَسْرَى قُرَيْظَةَ، فَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ الْغُلَامِ، فَإِنْ رَأَيْتُهُ قَدْ أَنْبَتَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ لَمْ أَرَهُ قَدْ أَنْبَتَ جَعَلْتُهُ فِي مَغَانِمِ الْمُسْلِمِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10169 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا أَعْمَى فَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الزُّبَيْرَ مَنَّ عَلِيَّ يَوْمَ بُعَاثٍ فَأَعْتَقَنِي، فَهَبْهُ لِي أَجْزِهِ، فَقَالَ:" هُوَ لَكَ ".

فَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ؛ أَنْتَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: إِنِّي أَمُنَّ عَلَيْكَ كَمَا مَنَنْتَ عَلِيَّ يَوْمَ بُعَاثٍ قَالَ: هَلْ تَنْفَعُنِي؟ أَيْنَ أَهْلِي؟ فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَبْ لِي أَهْلَهُ قَالَ: فَوَهَبَ لَهُ أَهْلَهُ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَدَّ لَهُ أَهْلَهُ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا يَنْفَعُنِي أَنْ نَعِيشَ أَجْسَادًا؟ أَيْنَ الْمَالُ؟ فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَبْ لِي مَالَهُ قَالَ: " وَلَكَ مَالُهُ ". قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَدَّ عَلَيْكَ مَالَكَ وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِكَ خَيْرًا.

قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا فَعَلَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ سَيِّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِ؟ قَالَ: قَدْ قُتِلَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا فَعَلَ زَيْدُ بْنُ رُوطَا حَامِيَةُ الْيَهُودِ؟ قَالَ: قَدْ قُتِلَ، قَالَ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بُنُ أَشْطَا الَّذِي بَطَلَ عَذَارَى الْحَيِّ تَنْغَمِزُ مِنْ حَشْيِهِ؟ قَالَ: قَدْ قُتِلَ قَالَ: مَا فَعَلَ الْمُحَمَّسَانِ؟

ص: 141

قَالَ: هُمَا كَأَمْسِ الذَّاهِبِ قَالَ: فَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ لِقَاءِ الْأَحِبَّةِ إِلَّا كَإِفْرَاغِ الدَّلْوِ، أَسْأَلُكَ بِيَدِي عِنْدَكَ إِلَّا أَلْحَقْتَنِي بِالْقَوْمِ قَالَ: فَقَتَلَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِيمَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ]

10170 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَسُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ عَمْرٍو. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: ثَعْلَبَةُ بْنُ عَنَمَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَالْقَرِينَانِ.

[بَابُ تَارِيخِ الْخَنْدَقِ]

10171 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَتِ الْخَنْدَقُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ، وَفِيهَا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَهِيَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ]

10172 -

عَنْ سِنَانِ بْنِ وَبْرَةَ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ - غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ - فَكَانَ شِعَارُهُمْ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَإِسْنَادُ الْكَبِيرِ حَسَنٌ.

10173 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بِبَعْضِ حَدِيثِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، قَالَ: «بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ يَجْمَعُونَ لَهُ، قَائِدُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ أَبُو جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَيْهِمْ حَتَّى لَقِيَهُمْ عَلَى مَاءٍ لَهُمْ، يُقَالُ لَهُ: الْمُرَيْسِيعِ مِنْ نَاحِيَةِ قَدِيدٍ إِلَى السَّاحِلِ، فَتَزَاحَفَ النَّاسُ وَاقْتَتَلُوا، فَهَزَمَ اللَّهُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي ضِرَارٍ أَبَا جُوَيْرِيَةَ، وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، وَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابَ مِنْهُمْ سَبْيًا كَثِيرًا قَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ فِيمَا أَصَابَ يَوْمَئِذٍ مِنَ النِّسَاءِ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدَةُ قَوْمِهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10174 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي شَعْبَانَ سَنَةِ سِتٍّ، وَخَرَجَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ بِعَائِشَةَ مَعَهُ، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَخَرَجَ

ص: 142

سَهْمُهَا، وَفِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ قَالَ فِيهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل بَرَاءَتَهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10175 -

وَعَنْ شَبَّابٍ الْعُصْفُرِيِّ قَالَ: «سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ قَالَ فِيهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، وَنَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الْآيَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ مُوسَى بْنِ زَكَرِيَّا التَّسْتُرِيِّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ]

10176 -

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «غَدَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ عَلَى لِقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَاقَهَا، قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ بِقَوْسِي وَنَبْلِي - وَكُنْتُ أَرْمِي الصَّيْدَ - حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ نَظَرْتُ فَإِذَا هُمْ يَطْرُدُونَهَا، فَغَدَوْتُ فِي الْخَيْلِ فِي سِلْعٍ، ثُمَّ صِحْتُ: يَا صَبَاحَاهُ.

فَانْتَهَى صِيَاحِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصِيحَ فِي النَّاسِ: الْفَزَعَ الْفَزَعَ، وَخَرَجْتُ أَرْمِيهِمْ، وَأَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ رَأَيْتُ خَيْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَخَلَّلُ الشَّجَرَ فَأَلْحَقَتْهُمْ ثَمَانِيَةُ فُرْسَانٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَحِقَهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، فَطَعَنَ رَجُلًا مَنْ بَنِي فَزَارَةَ يُقَالُ لَهُ: سَعْدٌ، فَنَزَعَ بُرْدَهُ، فَجَلَّلَهُ إِيَّاهَا، ثُمَّ مَضَى فِي إِثْرِ الْعَدُوِّ مَعَ الْفُرْسَانِ.

فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ فَزِعَ النَّاسُ وَهُمْ يَقُولُونَ: أَبُو قَتَادَةَ مَقْتُولٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَيْسَ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَلَكِنَّهُ قَتِيلُ أَبِي قَتَادَةَ، خَلُّوا عَنْهُ وَعَنْ سَلَبِهِ "، وَقَالَ:" أَمْعِنُوا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ ". فَأَمْعَنُوا فَاسْتَنْقَذُوا مَا اسْتَنْقَذُوا مِنَ اللِّقَاحِ، وَذَهَبُوا بِمَا بَقِيَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: وَفِي الْحَدِيثِ وَكَانَ يُسَمِّيهِمْ - الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ اللِّقَاحِ -: عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، وَالْمِقْدَادُ [بْنُ عَمْرٍو] وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأَسْوَدِ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَمَحْرِزُ بْنُ نَضْلَةَ الْأَسَدِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، قِيلَ: لَمْ يُقْتَلْ مِنَ الْقَوْمِ غَيْرُهُ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيُّ وَهُوَ أَمِيرُ الْقَوْمِ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ الْأَشْهَلِيُّ، وَظُهَيْرُ بْنُ عَمْرٍو الْحَارِثِيُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، وَمُعَاذُ بْنُ مَاعِصٍ الزُّرَقِيُّ.

وَكَانَ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ أَحَدَ النَّفَرِ الْخَمْسَةِ قَالَ: أَقْبَلْتُ عَلَى فَرَسٍ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا عَيَّاشٍ، لَوْ أَعْطَيْتَ هَذَا الْفَرَسَ مَنْ هُوَ أَفَرَسُ مِنْكَ " قَالَ: قُلْتُ: أَنَا أَفْرَسُ الْعَرَبِ، فَمَا جَرَى الْفَرَسُ خَمْسِينَ ذِرَاعًا طَرَحَنِي، وَكَسَرَ رِجْلِي، فَقُلْتُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَحَمَلْتُ عَلَى

ص: 143

فَرَسِي ابْنَ عَمِّي مُعَاذَ بْنَ مَاعِصٍ الزُّرَقِيَّ».

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةِ الْقَضَاءِ]

10177 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بَعَسَفَانَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ عُيُونَ الْمُشْرِكِينَ الْآنَ عَلَى ضَجْنَانَ، فَأَيُّكُمْ يَعْرِفُ طَرِيقَ ذَاتِ الْحَنْظَلِ؟ ".

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَمْسَى: " هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَنْزِلُ فَيَسْعَى بَيْنَ يَدَيِ الرِّكَابِ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَزَلْتُ، فَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ تَنْكُبُهُ، وَالشَّجَرُ يَتَعَلَّقُ بِثِيَابِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ارْكَبْ " ثُمَّ نَزَلَ آخَرُ، فَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ [تَنْكُبُهُ] وَالشَّجَرُ يَتَعَلَّقُ بِثِيَابِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ارْكَبْ ".

ثُمَّ وَقَعْنَا عَلَى الطَّرِيقِ حَتَّى سِرْنَا فِي ثَنِيَّةٍ، يُقَالُ لَهَا: الْحَنْظَلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا مَثَلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إِلَّا كَمَثَلِ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ { .. ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ .. } [البقرة: 58] لَا يَجُوزُ أَحَدٌ اللَّيْلَةَ هَذِهِ الثَّنِيَّةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ ".

فَجَعَلَ النَّاسُ يُسْرِعُونَ وَيَجُوزُونَ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ جَازَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ فِي آخِرِ الْقَوْمِ قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ يُرْكِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى تَلَاحَقْنَا قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَزَلْنَا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10178 -

وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ نَاجِيَةَ أَوْ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: «لَمَّا كُنَّا بِالْغَمِيمِ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ قُرَيْشٍ ; أَنَّهَا بَعَثَتْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَرِيدَةِ خَيْلٍ تَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْقَاهُمْ، وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا.

فَقَالَ: " مَنْ رَجُلٌ يَعْدِلُنَا عَنِ الطَّرِيقِ؟ " فَقُلْتُ: أَنَا بِأَبِي أَنْتَ، فَأَخَذْتُ بِهِمْ فِي طَرِيقٍ قَدْ كَانَ بِهَا حَزْنُ فَدَافِدَ وَعُقَابٍ، فَاسْتَوَتْ بِنَا الْأَرْضُ حَتَّى أَنْزَلَهُ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ نَزَحٌ.

فَأَلْقَى سَهْمًا أَوْ سَهْمَيْنِ مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ بَصَقَ فِيهَا، ثُمَّ دَعَا فَفَارَتْ عُيُونًا حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَوْ نَقُولُ: لَوْ شِئْنَا لَاغْتَرَفْنَا بِأَيْدِينَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10179 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 144

إِسْحَاقَ «أَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي الْقَلِيبِ بِسَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَازِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَاثِلَةَ بْنِ سَهْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ سَلَامَانَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ، وَهُوَ سَائِقُ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10180 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: " لَا تُوقِدُوا نَارًا بِلَيْلٍ "، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: " أَوْقِدُوا وَاصْطَنِعُوا، فَإِنَّهُ لَا يُدْرِكُ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ صَاعَكُمْ وَلَا مُدَّكُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10181 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الشَّجَرَةِ، وَيَوْمَ الْهَدْيِ مَعْكُوفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ، وَأَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا يَحْمِلُكَ عَلَى أَنْ تُدْخِلَ هَؤُلَاءِ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ كَارِهُونَ؟ قَالَ: " هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنْكَ وَمِنْ أَجْدَادِكَ، يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رضي الله عنهم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10182 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ وَكَانَ يَقَعُ مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ عليه السلام:" اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ". فَأَخَذَ سُهَيْلٌ بِيَدِهِ، فَقَالَ: مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ، اكْتُبْ فِي قَضِيَّتِنَا مَا نَعْرِفُ، فَقَالَ:" اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ " فَكَتَبَ ".

هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَهْلَ مَكَّةَ " فَأَمْسَكَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو بِيَدِهِ فَقَالَ: لَقَدْ ظَلَمْنَاكَ إِنْ كُنْتَ رَسُولَهُ، اكْتُبْ فِي قَضِيَّتِنَا مَا نَعْرِفُ قَالَ: " اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ " فَكَتَبَ.

فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ خَرَجَ عَلَيْنَا ثَلَاثُونَ شَابًّا عَلَيْهِمُ السِّلَاحُ، فَثَارُوا فِي وُجُوهِنَا فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ فَقُمْنَا إِلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَلْ جِئْتُمْ فِي عَهْدِ أَحَدٍ؟ أَوْ هَلْ جَعَلَ لَكُمْ [أَحَدٌ] أَمَانًا؟ "، قَالُوا: لَا، فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الفتح: 24]».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10183 -

وَعَنْ عُمَرَ - يَعْنِي ابْنَ الْخَطَّابِ - أَنَّهُ قَالَ: «اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ - فَذَكَرَ الْحُدَيْبِيَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ

ص: 145

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْتُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ:" اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فَقَالُوا: لَوْ نَرَى ذَلِكَ صَدَّقْنَا، وَلَكِنِ اكْتُبْ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ قَالَ: فَرَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَيْتُ، حَتَّى قَالَ لِي:: يَا عُمَرُ، تَرَانِي قَدْ رَضِيتُ وَتَأْبَى؟ " قَالَ: فَرَضِيتُ».

قُلْتُ: حَدِيثُ عُمَرَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10184 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ، فَقَامَ أَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُبَايِعُكَ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ قَالَ: " وَمَا فِي نَفْسِكَ؟ " قَالَ: أَضْرِبُ بِسَيْفِي بَيْنَ يَدَيْكَ حَتَّى يُظْهِرَكَ اللَّهُ أَوْ أُقْتَلَ، فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَ النَّاسَ عَلَى بَيْعَةِ أَبِي سِنَانٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10185 -

وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: «قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَشَهِدْتَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَمَا كَانَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: قَمِيصٌ مِنْ قُطْنٍ، وَجُبَّةٌ مَحْشُوَّةٌ، وَرِدَاءٌ، وَسَيْفٌ، وَرَأَيْتُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقْرِنٍ الْمُزَنِيَّ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ، وَقَدْ رَفَعَ أَغْصَانَ الشَّجَرَةِ عَنْ رَأْسِهِ يُبَايِعُونَهُ» .

قُلْتُ: لِابْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ فِي الْحُدَيْبِيَةِ غَيْرُ هَذَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10186 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: إِنِّي لَمِنْ أَحَدِ الرَّهْطِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92] قَالَ: إِنِّي لَآخُذُ بِبَعْضِ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ تَحْتَهَا أُظِلُّهُ، قَالَ: فَبَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ إِلَّا أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ أَنَسٍ قَالَ: عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ.

10187 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ أَخْبَرَهُ عُثْمَانُ أَنَّ سُهَيْلًا أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ هَذَا الْعَامَ، وَيُخَلُّوهَا قَابِلًا ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " سُهَيْلٌ سَهُلَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُؤَمِّلُ بْنُ وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ، تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10188 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ سِنِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10189 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمْرَةَ الْقَضَاءِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: " اكْشِفُوا عَنِ الْمَنَاكِبِ، وَاسْعَوْا فِي الطَّوَافِ " لِيَرَى الْمُشْرِكِينَ جَلْدَهُمْ وَقُوَّتَهُمْ، وَكَانَ يَكِيدُهُمْ لِكُلِّ مَا اسْتَطَاعَ، فَانْكَفَأَ

ص: 146

أَهْلُ مَكَّةَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَنْظُرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَرْتَجِزُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَشِّحًا بِالسَّيْفِ، يَقُولُ.

خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ

أَنَا الشَّهِيدُ أَنَّهُ رَسُولُهُ

قَدْ نَزَّلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ

فِي صُحُفٍ تُتْلَى عَلَى رَسُولِهِ

فَالْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ

كَمَا ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ

وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ

وَتَغَيَّبَ رِجَالٌ مِنْ أَشْرَافِ الْمُشْرِكِينَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْظًا وَحَنَقًا وَنَفَاسَةً وَحَسَدًا، خَرَجُوا إِلَى نَوَاحِي مَكَّةَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُسُكَهُ وَأَقَامَ ثَلَاثًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ]

10190 -

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الطُّفَيْلِ إِلَى خَيْبَرَ يَسْتَمِدُّ لَهُ قَوْمَهُ فَقَالَ: " يَا عَمْرُو، انْطَلِقْ فَاسْتَمِدَّ لَنَا قَوْمَكَ "، قَالَ عَمْرٌو: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْسَلْتَنِي وَقَدْ نَشَبَ الْقِتَالُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَلْهَانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10191 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَجَهَّزُوا إِلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا - يَعْنِي: خَيْبَرَ - فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل فَاتِحُهَا عَلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَا يَخُرُجَنَّ مَعِي مُصَعِّبٌ وَلَا مُضَعِّفٌ ".

فَانْطَلَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى أُمِّهِ، فَقَالَ: جَهِّزِينِي فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَنَا بِالْجِهَازِ لِلْغَزْوِ، قَالَتْ: تَنْطَلِقُ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَدْخُلُ [الْمَرْفَقَ] إِلَّا وَأَنْتَ مَعِي، قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَتَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْرَجَتْ ثَدْيَهَا فَنَاشَدَتْهُ بِمَا رَضَعَ مِنْ لَبَنِهَا، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِرًّا، فَقَالَ:" انْطَلِقِي قَدْ كُفِيتِ ".

فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى إِعْرَاضَكَ عَنِّي لَا أَرَى ذَلِكَ إِلَّا لِشَيْءٍ بَلَغَكَ، قَالَ:" أَنْتَ الَّذِي نَاشَدَتْكَ أُمُّكَ، وَأَخْرَجَتْ ثَدْيَهَا تُنَاشِدُكَ بِمَا رَضَعْتَ مِنْ لَبَنِهَا، أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ إِذَا كَانَ عِنْدَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! بَلْ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِذَا بَرَّهُمَا وَأَدَّى حَقَّهُمَا ".

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَقَدْ مَكَثَتْ بَعْدَ هَذَا سِنِينَ مَا أَغْزُو حَتَّى مَاتَتْ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ فَسَارَ مَعَهُ فَتًى مَنْ بَنَى عَامِرٍ عَلَى بِكْرٍ لَهُ

ص: 147

صَعْبٍ، فَجَعَلَ يَسِيرُ فِي نَاحِيَةِ الطَّرِيقِ وَالنَّاسِ، فَوَقَعَ بَعِيرُهُ فِي حُفَيْرَةٍ فَصَاحَ: يَا آلَ عَامِرٍ، فَارْتَعَصَ هُوَ وَبَعِيرُهُ، فَجَاءَ قَوْمُهُ فَاحْتَمَلُوهُ.

وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى خَيْبَرَ فَنَزَلَ عَلَيْهَا، فَدَعَا الطُّفَيْلَ بْنَ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّ، فَقَالَ:" انْطَلِقْ إِلَى قَوْمِكَ وَاسْتَمِدَّهُمْ عَلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل سَيَفْتَحُهَا عَلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ". فَقَالَ الطُّفَيْلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُبْعِدُنِي مِنْكَ! فَوَاللَّهِ لَأَنْ أَمُوتَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مِنْكَ قَرِيبٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْحَيَاةِ وَأَنَا مِنْكَ بَعِيدٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّهُ لَا بُدَّ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ فَانْطَلِقْ ".

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَعَلِّي لَا أَلْقَاكَ فَزَوِّدْنِي شَيْئًا أَعِيشُ بِهِ، قَالَ:" أَتَمْلِكُ لِسَانَكَ؟ ". قَالَ: فَمَا أَمَلِكُ إِذَا لَمْ أَمْلِكْ لِسَانِي؟! قَالَ: " أَتَمْلِكُ يَدَكَ؟ ". قَالَ: فَمَا أَمَلِكُ إِذَا لَمْ أَمْلِكْ يَدِي؟! قَالَ: " فَلَا تَقُلْ بِلِسَانِكَ إِلَّا مَعْرُوفًا، وَلَا تَبْسُطْ يَدَكَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ ".

قَالَ ابْنُ أَبِي كَرِيمَةَ: وَوَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ بِخَطِّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَفْشِ السَّلَامَ، وَابْذُلِ الطَّعَامَ، وَاسْتَحْيِ اللَّهَ كَمَا تَسْتَحِي رَجُلًا مِنْ رَهْطِكَ ذِي هَيْبَةٍ، وَلْيَحْسُنْ خُلُقُكَ، وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ، إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10192 -

وَعَنْ حُسَيْلِ بْنِ خَارِجَةَ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: «قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي جَلْبٍ أَبِيعُهُ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَجْعَلُ لَكَ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى أَنْ تَدُلَّ أَصْحَابِي عَلَى طَرِيقِ خَيْبَرَ " فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَفَتَحَهَا، جِئْتُ فَأَعْطَانِي الْعِشْرِينَ ثُمَّ أَسْلَمْتُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10193 -

وَعَنْ [نَصْرِ بْنِ] دَهْرٍ الْأَسْلَمِيِّ «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي مَسِيرِهِ إِلَى خَيْبَرَ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَهُوَ عَمُّ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ، وَكَانَ اسْمَ الْأَكْوَعِ سِنَانٌ:" انْزِلْ يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ فَخُذْ لَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ ".

قَالَ: فَنَزَلَ يَرْتَجِزُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

إِنَّا إِذَا قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا

وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَرْحَمُكَ اللَّهُ "، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ

ص: 148

وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ، فَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ شَهِيدًا.» وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

10194 -

وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: «صَبَّحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَقَدْ أَخَذُوا مَسَاحِيَهُمْ [وَمَكَاتِلِهِمْ] وَغَدَوْا إِلَى حُرُوثِهِمْ [وَأَرَضِيهِمْ]، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ الْجَيْشُ نَكَصُوا مُدْبِرِينَ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطُّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10195 -

وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: «كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[فَلَوْ قُلْتُ: إِنَّ رُكْبَتِي تَمَسُّ رُكْبَتَهُ] فَسَكَتَ عَنْهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ السَّحَرِ، وَذَهَبَ ذُو الضَّرْعِ إِلَى ضَرْعِهِ، وَذُو الزَّرْعِ إِلَى زَرْعِهِ، أَغَارَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10196 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَيْبَرَ وَهُمْ غَادُونَ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10197 -

«وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ عَشِيَّةً إِذْ أَقْبَلَتْ غَنَمٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ يُرِيدُ حِصْنَهُمْ وَنَحْنُ مُحَاصِرُوهُمْ، إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ رَجُلٌ يُطْعِمُنَا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ؟ "، قَالَ أَبُو الْيُسْرِ: قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " فَافْعَلْ ".

قَالَ: فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ مِثْلَ الظَّلِيمِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا قَالَ:" اللَّهُمَّ أَمْتِعْنَا بِهِ "، قَالَ: فَأَدْرَكْتُ الْغَنَمَ وَقَدْ دَخَلَ أَوَائِلُهَا الْحِصْنَ، فَأَخَذْتُ شَاتَيْنِ مِنْ آخِرِهَا، فَاحْتَضَنْتُهُمَا تَحْتَ يَدِي ثُمَّ أَقْبَلْتُ بِهِمَا أَشْتَدُّ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعِي شَيْءٌ حَتَّى أَلْقَيْتُهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَبَحُوهُمَا وَأَكَلُوهُمَا.

فَكَانَ أَبُو الْيُسْرِ مِنْ آخَرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلَاكًا، وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى ثُمَّ قَالَ: أُمْتِعُوا بِي - لَعَمْرِي - حَتَّى كُنْتُ آخِرَهُمْ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ بَعْضِ رِجَالِ بَنِي سَلَمَةَ عَنْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10198 -

«وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ عَمَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُ، وَجَرَحَ نَفْسَهُ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: قَتَلْتُ نَفْسِي، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " لَهُ أَجْرَانِ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10199 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «خَرَجَ مَرْحَبُ الْيَهُودِيُّ مِنْ حِصْنِهِمْ قَدْ جَمَعَ سِلَاحَهُ يَرْتَجِزُ، وَيَقُولُ:

ص: 149

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ

إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلْهَبُ

[وَأَحْجَمَتْ عَنْ صَوْلَةِ الْمُجَرِّبِ]

كَأَنَّ حِمَايَ الْحِمَى لَا يُقْرَبُ

وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لِهَذَا؟ ". فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ، قَتَلُوا أَخِي بِالْأَمْسِ، قَالَ:" فَقُمْ إِلَيْهِ، اللَّهُمَّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ ".

فَلَمَّا دَنَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحَبِهِ دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ غَمَرَتْهُ مِنْ شَجَرِ الْعَشْرِ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَلُوذُ بِهَا مِنْ صَاحِبِهِ، كُلَّمَا لَاذَ بِهَا مِنْهُ اقْتَطَعَ بِسَيْفِهِ مَا دُونَهُ، حَتَّى بَرَزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَصَارَتْ بَيْنَهُمَا كَالرَّجُلِ الْقَائِمِ مَا فِيهَا مِنْ فَنَنٍ - حَمَلَ مَرْحَبٌ عَلَى مُحَمَّدٍ فَضَرَبَهُ فَاتَّقَاهُ بِالدَّرَقَةِ، فَوَقَعَ سَيْفُهُ فِيهَا، فَعَصَّبَ بِهِ فَأَمْسَكَهُ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَتَّى قَتَلَهُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

10200 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَضْرَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللِّوَاءَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَنَهَضَ [مَعَهُ] مَنْ نَهَضَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَقُوا أَهْلَ خَيْبَرَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ".

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ دَعَا عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ، فَتَفِلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَأَعْطَاهُ اللِّوَاءَ، وَنَهَضَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَقُوا أَهْلَ خَيْبَرَ، وَكَانَ مَرْحَبٌ يَرْتَجِزُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَيَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ

إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلْهَبُ

قَالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ عَلَى هَامَتِهِ حَتَّى عَضَّ السَّيْفُ مِنْهَا بِأَضْرَاسَهُ، وَسَمِعَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ صَوْتَ ضَرْبَتِهِ، وَمَا تَتَامَّ آخِرُ النَّاسِ مَعَ عَلِيٍّ حَتَّى فُتِحَ لَهُ وَلَهُمْ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَيْمُونُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10201 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «حَاصَرْنَا خَيْبَرَ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنَ الْغَدِ عُمَرُ فَخَرَجَ فَرَجَعَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، وَأَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ شِدَّةٌ وَجُهْدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي دَافِعُ اللِّوَاءِ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحِبُّ

ص: 150

اللَّهَ وَرَسُولَهُ، لَا يَرْجِعُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ ".

وَبِتْنَا طَيِّبَةً أَنْفُسُنَا أَنَّ الْفَتْحَ غَدًا، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ قَامَ قَائِمًا فَدَعَا بِاللِّوَاءِ وَالنَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ، فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ، فَتَفِلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ، وَفُتِحَ لَهُ». قَالَ بُرَيْدَةُ: وَأَنَا فِيمَنْ تَطَاوَلَ لَهَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10202 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الرَّايَةَ فَهَزَّهَا، ثُمَّ قَالَ:" مَنْ يَأْخُذُهَا بِحَقِّهَا؟ " فَجَاءَ فُلَانٌ، فَقَالَ:[أَنَا، قَالَ]" أَمِطْ " ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ:" أَمِطْ " ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَأُعْطِيَنَّهَا رَجُلًا لَا يَفِرُّ، هَاكَ يَا عَلِيُّ ".

فَانْطَلَقَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ وَفَدْكَ، وَجَاءَ بِعَجْوَتِهِمَا وَقَدِيدِهِمَا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10203 -

وَعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: «أَتَيْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا أَتَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عُمَرَ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ هَزَمُوا عُمَرَ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَ:" لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ ".

قَالَ: فَتَطَاوَلَ النَّاسُ لَهَا وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمْ قَالَ: فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً، فَقَالَ:" أَيْنَ عَلِيٌّ؟ ". فَقَالُوا: هُوَ أَرْمَدُ، قَالَ:" ادْعُوهُ لِي " فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَتَحَ عَيْنِي، ثُمَّ تَفِلَ فِيهَا، ثُمَّ أَعْطَانِيَ اللِّوَاءَ.

قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا فِيهِمْ مَرْحَبٌ يَرْتَجِزُ حَتَّى الْتَقَيْنَا، فَهَزَمَهُ اللَّهُ وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَتَحَصَّنُوا وَأُغْلِقَ الْبَابُ، فَأَتَيْنَا الْبَابَ فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى فَتَحَهُ اللَّهُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ لِينٌ.

10204 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا فَجَبُنَ، فَجَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، قُتِلَ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا تُبْتَلُونَ بِهِ مِنْهُمْ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّنَا وَرَبُّهُمْ، وَنَوَاصِينَا وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِكَ، وَإِنَّمَا تَقْتُلُهُمْ أَنْتَ، ثُمَّ الْزَمُوا الْأَرْضَ جُلُوسًا، فَإِذَا غَشَوْكُمْ فَانْهَضُوا وَكَبِّرُوا ".

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَأَبْعَثَنَّ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبَّانَهِ، لَا يُوَلِّي الدُّبُرَ " فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ بَعَثَ عَلِيًّا وَهُوَ أَرْمَدُ شَدِيدُ الرَّمَدِ، فَقَالَ:" سِرْ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمِي، قَالَ: فَتَفِلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: عَلَى مَا أُقَاتِلُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " عَلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ

ص: 151

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ حَقَنُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ صَالِحٌ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ. قُلْتُ: وَبَقِيَّةُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَأْتِي فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ رضي الله عنه.

10205 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَمَّا قَتَلْتُ مَرْحَبًا جِئْتُ بِرَأْسِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ قَابُوسٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا، وَفِيهِمْ ضَعْفٌ.

10206 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَايَتِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مَنْ يَهُودَ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ، فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ حِينَ فَرَغَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ مَعِي سَبْعَةٌ أَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

10207 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - وَكَانَتْ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ - قَالَتْ: سَمِعْتُ وَقْعَ السَّيْفِ فِي أَسْنَانِ مَرْحَبٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10208 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ.

قَالَ: فَأُتِيَ بِالرَّبِيعِ وَكِنَانَةَ ابْنَيْ أَبِي الْحَقِيقِ، وَأَحَدُهُمَا عَرُوسٌ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَلَمَّا أَتَى بِهِمَا، قَالَ:" أَيْنَ آنِيَتُكُمَا الَّتِي كَانَتْ تُسْتَعَارُ بِالْمَدِينَةِ؟ " قَالَ: أَخْرَجْتَنَا وَأَجْلَيْتَنَا فَأَنْفَقْنَاهَا، قَالَ:" انْظُرَا مَا تَقُولَانِ فَإِنَّكُمَا إِنْ كَتَمْتَانِي اسْتَحْلَلْتُ بِذَلِكَ دِمَاءَكُمَا وَذُرِّيَّتَكُمَا ".

قَالَ: فَدَعَا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: " اذْهَبْ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَانْظُرْ نَخِيلَةً فِي رَأْسِهَا رُقْعَةٌ، فَانْزِعْ تِلْكَ الرُّقْعَةَ، وَاسْتَخْرِجْ تِلْكَ الْآنِيَةَ فَأْتِ بِهَا " فَانْطَلَقَ حَتَّى جَاءَ بِهَا، فَقَدَّمَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا.

وَبَعَثَ إِلَى ذُرِّيَّتِهِمَا فَأُتِيَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَهِيَ عَرُوسٌ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقَ بِلَالٌ فَمَرَّ بِهَا عَلَى زَوْجِهَا وَأَخِيهِ وَهُمَا قَتِيلَانِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا أَرَدْتَ يَا بِلَالُ إِلَى جَارِيَةٍ [بِكْرٍ] تَمُرُّ بِهَا عَلَى قَتِيلَيْنِ تُرِيهَا إِيَّاهُمَا [أَمَا لَكَ رَحْمَةٌ] " قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَحْرِقَ جَوْفَهَا.

قَالَ: وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَاتَ مَعَهَا، وَجَاءَ أَبُو أَيُّوبَ بِسَيْفِهِ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ

ص: 152

الْفُسْطَاطِ، فَقَالَ: إِنْ سَمِعْتُ وَاعِيَةً أَوْ رَابَنِي شَيْءٌ كُنْتُ قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِقَامَةِ بِلَالٍ، قَالَ:" مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: أَنَا أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ:" مَا شَأْنُكَ هَذِهِ السَّاعَةَ هَهُنَا؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَخَلَتْ بِجَارِيَةٍ [بِكْرٍ] وَقَدْ قَتَلْتَ زَوْجَهَا وَأَخَاهُ، فَأَشْفَقْتُ عَلَيْكَ، قُلْتُ: أَكُونُ قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَبَا أَيُّوبَ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَأَكْثَرَ النَّاسُ فِيهَا فَقَائِلٌ [يَقُولُ]: سُرِّيَّتُهُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الرَّحِيلِ قَالُوا: انْظُرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ سُرِّيَّتُهُ، فَأَخْرَجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَجَبَهَا، فَوَضَعَ لَهَا رُكْبَتَهُ، وَوَضَعَتْ رُكْبَتَهَا عَلَى فَخِذِهِ وَرَكِبَتْ.

وَقَدْ كَانَ عَرَضَ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يَتَّخِذَهَا سُرِّيَّةً أَوْ يُعْتِقَهَا وَيَنْكِحَهَا، قَالَتْ: لَا بَلْ أَعْتِقْنِي وَانْكِحْنِي، فَفَعَلَ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10209 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عز وجل خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، أَهْدَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْيَهُودِيَّةُ - وَهِيَ بِنْتُ أَخِي مَرْحَبٍ - شَاةً مَصْلِيَّةً، وَسَمَّتْهُ فِيهَا، وَأَكْثَرَتْ فِي الْكَتِفِ وَالذِّرَاعِ ; حَيْثُ أُخْبِرَتْ أَنَّهُمَا أَحَبُّ أَعْضَاءِ الشَّاةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ الْمَعْرُورِ أَخُو بَنَى سَلَمَةَ، قُدِّمَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنَاوَلَ الْكَتِفَ وَالذِّرَاعَ وَانْتَهَشَ مِنْهَا، وَتَنَاوَلَ بِشْرٌ عَظْمًا آخَرَ فَانْتَهَشَ مِنْهُ، فَلَمَّا أَرْغَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْغَمَ بِشْرٌ مَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ ; فَإِنَّ كَتِفَ الشَّاةِ تُخْبِرُنِي أَنِّي قَدْ بَغَيْتُ فِيهَا ".

فَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَقَدْ وَجَدْتُ ذَلِكَ فِي أَكْلَتِي الَّتِي أَكَلْتُ، وَإِنْ مْنَعْنِي أَنْ أَلْفِظَهَا إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُنَغِّصَ طَعَامَكَ، فَلَمَّا أَكَلْتَ مَا فِي فِيكَ لَمْ أَرْغَبْ بِنَفْسِي عَنْ نَفْسِكَ، وَرَجَوْتُ أَنْ لَا تَكُونَ رَغِمْتَهَا وَفِيهَا بَغْيٌ.

فَلَمْ يَقُمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى عَادَ لَوْنُهُ كَالطَّيَالِسَةِ وَمَاطَلَهُ وَجَعُهُ حَتَّى كَانَ لَا يَتَحَوَّلُ إِلَّا مَا حُوِّلَ، وَبَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ حَتَّى كَانَ وَجَعُهُ

ص: 153

الَّذِي مَاتَ فِيهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

10210 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالًا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلًا، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُمْ، فَأَنَا فِي حِلٍّ إِنْ أَنَا نِلْتُ مِنْكَ أَوْ قُلْتُ شَيْئًا؟ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ.

فَأَتَى امْرَأَتَهُ حِينَ قَدِمَ، فَقَالَ: اجْمَعِي لِي مَا كَانَ عِنْدَكِ ; فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ; فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ.

قَالَ: وَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَانْقَمَعَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا، قَالَ: وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَقِرَ وَجَعَلَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ.

قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ، عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: قُثَمٌ، فَاسْتَلْقَى فَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: حِبِّي قُثَمْ شَبِيهُ ذِي الْأَنْفِ الْأَشَمْ نَبِيِّ ذِي النِّعَمْ بِرَغْمٍ مِنْ رَغَمْ. قَالَ ثَابِتٌ، [عَنِ الْحَجَّاجِ] عَنْ أَنَسٍ: ثُمَّ أَرْسَلَ غُلَامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ، فَقَالَ: وَيْلَكَ مَاذَا جِئْتَ بِهِ؟ وَمَاذَا تَقُولُ؟ فَمَا وَعَدَ اللَّهُ عز وجل خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ لِغُلَامِهِ: اقْرَأْ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ لِيُخَلِّ لِي [فِي] بَعْضَ بُيُوتِهِ لِآتِيَهُ، فَإِنَّ الْخَبَرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ، فَجَاءَ غُلَامُهُ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الدَّارِ، قَالَ: أَبْشِرْ أَبَا الْفَضْلِ قَالَ: فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرِحًا حَتَّى قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ الْحَجَّاجُ فَأَعْتَقَهُ، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ، وَخَيَّرَهَا أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ، أَوْ تَلْحَقَ بِأَهْلِهَا، فَاخْتَارَتْ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ، وَلَكِنِّي جِئْتُ لِمَالٍ كَانَ لِي هَهُنَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَهُ فَأَذْهَبَ بِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ، فَأَخْفِ عَنِّي ثَلَاثًا ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ.

قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا مِنْ حُلِيٍّ أَوْ مَتَاعٍ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ ذَهَبَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَتْ: لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ.

قَالَ: أَجَلْ لَا يُخْزِنِي اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلَّا مَا أَحْبَبْنَا، فَتَحَ اللَّهُ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ،

ص: 154

وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَكِ حَاجَةٌ فِي زَوْجِكِ فَالْحَقِي بِهِ، قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا، قَالَ: فَإِنِّي صَادِقٌ، وَالْأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكِ، ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ: لَا يُصِيبُكَ إِلَّا خَيْرٌ يَا أَبَا الْفَضْلِ.

قَالَ: لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْرٌ بِحَمْدِ اللَّهِ تبارك وتعالى، قَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ أَنَّ خَيْبَرَ فَتَحَهَا اللَّهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَنْهُ ثَلَاثًا، وَإِنَّمَا جَاءَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ، وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ هَهُنَا ثُمَّ يَذْهَبَ.

قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ الْكَآبَةَ الَّتِي كَانَتْ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ وَمَنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَوُا الْعَبَّاسَ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ وَرَدَّ [اللَّهُ - يَعْنِي] مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ أَوْ غَيْظٍ أَوْ حُزْنٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10211 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: وَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ: ثَقِفُ بْنُ عَمْرٍو حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: مَسْعُودُ بْنُ سَعْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: أَبُو الصَّيَاحِ أَوْ أَبُو ضَيَاحٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

10212 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ «فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ: أَخُوكَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ، وَمَنْ بَنِي زُرَيْقٍ: مَسْعُودُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10213 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «مَا شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَغْنَمًا قَطُّ إِلَّا قَسَمَ لِي، إِلَّا خَيْبَرَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً.

وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو مُوسَى جَاءَا بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10214 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ سُوِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، فَلَمَّا بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُ أَكْبَرُ، جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعُقْبَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَقَالَ: رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَلَمْ يَجْرَحْهُ، قُلْتُ: وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ]

ص: 155

25 -

29 - (بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ)

10215 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَعْثًا إِلَى مُؤْتَةَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدًا، فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10216 -

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ فَارِسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشَ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: " عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيُّ ".

فَوَثَبَ جَعْفَرٌ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنْتُ أَرْهَبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلَيَّ زَيْدًا، قَالَ:" امْضِهِ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ ".

فَانْطَلَقُوا فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى بِالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" نَابَ خَيْرٌ، أَوْ بَاتَ خَيْرٌ، أَوْ ثَابَ خَيْرٌ - شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي؟ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا فَلَقَوُا الْعَدُوَّ، فَأُصِيبَ زَيْدٌ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ "، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ النَّاسُ.

" ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ، أَشْهَدُ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ.

ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ "، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِصْبَعَهُ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ فَانْصُرْهُ ".

فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ خَالِدٌ: سَيْفَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ:" انْفِرُوا فَأَمِدُّوا إِخْوَانَكُمْ [وَلَا يَتَخَلَّفْنَ أَحَدٌ] "، قَالَ: فَنَفَرَ النَّاسُ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ مُشَاةً وَرُكْبَانًا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ خَالِدِ بْنِ سَمِيرٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10217 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَى زَيْدٍ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10218 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ: " فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ فَإِنْ قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ".

فَأَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ؟.

وَأَتَى خَبَرُهُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: " إِنَّ إِخْوَانَكُمْ

ص: 156

لَقَوُا الْعَدُوَّ، وَإِنَّ زَيْدًا أَخَذَ الرَّايَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ.

ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ " [فَأَمْهَلَ].

ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ:" لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدِ الْيَوْمِ، ادْعُوا لِي ابْنَيْ أَخِي " قَالَ: فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّنَا أَفْرُخٌ، قَالَ:" ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ "، فَجِيءَ بِالْحَلَّاقِ فَحَلَقَ رُؤُوسَنَا، ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي ".

ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَشَالَهُمَا فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ ". قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: فَجَاءَتْ أُمُّنَا فَذَكَرَتْ يُتْمَنَا [وَجَعَلَتْ تَفْرَحُ]، فَقَالَ:" الْعَيْلَةَ تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»؟! ".

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بَعْضَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10219 -

وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَنَا دَفَعْتُ الرَّايَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَأُصِيبَ فَدَفَعْتُهَا إِلَى ثَابِتِ بْنِ أَقْرَمَ الْأَنْصَارِيِّ فَدَفَعَهَا إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقَالَ لَهُ: لِمَ تَدْفَعُهَا إِلَيَّ؟ قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِالْقِتَالِ مِنِّي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10220 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا إِلَى مُؤْتَةَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ لَهُمْ:" إِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ عَلَى النَّاسِ ".

فَتَجَهَّزَ النَّاسُ ثُمَّ تَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَلَمَّا حَضَرَ خُرُوجُهُمْ وَدَّعَ النَّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمُوا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا وُدِّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ مَعَ مَنْ وُدِّعَ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا بِي حُبُّ الدُّنْيَا وَصَبَابَةٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ يَذْكُرُ فِيهَا النَّارَ:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ لِي بِالصَّدْرِ بَعْدَ الْوُرُودِ؟!؟.

فَقَالَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ وَدَفَعَ عَنْكُمْ، وَرَدَّكُمْ إِلَيْنَا صَالِحِينَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ:

لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً وَضَرْبَةَ

ذَاتِ فَزْعٍ تَقْذِفُ الزَّبِدَا

أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً

بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الْأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا

حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي

أَرْشَدَهُ اللَّهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشِدَا

ص: 157

ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ تَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوَدِّعُهُ فَقَالَ: يُثَبِّتُ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حُسْنٍ تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً فِرَاسَةً خَالَفَتْهُمْ فِي الَّذِي نَظَرُوا أَنْتَ الرَّسُولُ فَمَنْ يُحْرَمْ نَوَافِلَهُ وَالْوَجْهَ مِنْهُ فَقَدْ أَزْرَى بِهِ الْقَدْرُ.

ثُمَّ خَرَجَ الْقَوْمُ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُشَيِّعُهُمْ حَتَّى إِذَا وَدَّعَهُمْ وَانْصَرَفَ عَنْهُمْ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: خَلْفَ السَّلَامِ عَلَى امْرِئٍ وَدَّعْتُهُ فِي النَّخْلِ غَيْرَ مُوَدَّعٍ وَكَلَيْلِ ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى نَزَلُوا مَعَانَ مَنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَبَلَغَهُمْ أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ فِي مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ، وَقَدِ اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الْمُسْتَعْرِبَةُ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ وَبَلْقِينَ وَبَهْرَامَ وَبَلِيٍّ فِي مِائَةِ أَلْفٍ، عَلَيْهِمْ رَجُلٌ يَلِي أَخْذَ رَايَتِهِمْ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ زَانَةَ.

فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ قَامُوا بِمَعَانَ لَيْلَتَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَقَالُوا: نَكْتُبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُخْبِرُهُ بِعَدَدِ عَدُوِّنَا، فَإِمَّا أَنْ يَمُدَّنَا، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرِهِ فَنَمْضِيَ لَهُ.

فَشَجَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ النَّاسَ وَقَالَ: يَا قَوْمِ، وَاللَّهِ إِنَّ الَّذِي تَكْرَهُونَ لَلَّذِي خَرَجْتُمْ لَهُ تَطْلُبُونَ الشَّهَادَةَ، وَمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدٍ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا كَثْرَةٍ، إِنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهِ، فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الْحُسْنَيْنِ: إِمَّا ظُهُورٌ، وَإِمَّا شَهَادَةٌ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي مَقَامِهِمْ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ كَمَا حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فِي حِجْرِهِ، فَخَرَجَ فِي سَفْرَتِهِ تِلْكَ مُرْدِفِي عَلَى حَقِيبَةِ رَاحِلَتِهِ، وَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَسْبُرُ لَيْلَةً إِذْ سَمِعْتُهُ يَتَمَثَّلُ بِبَيْتِهِ هَذَا: إِذَا أَدَّيْتَنِي وَحَمَلْتَ رَحْلِي مَسِيرَةَ أَرْبَعٍ بَعْدَ الْحَسَاءِ فَلَمَّا سَمِعْتُهُ مِنْهُ بَكَيْتُ، فَخَفَقَنِي بِالدُّرَّةِ وَقَالَ: مَا عَلَيْكَ يَا لُكَعُ أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ الشَّهَادَةَ، وَتَرْجِعَ مِنْ شُعْبَتِيَ الرَّحْلُ.

وَمَضَى النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِتُخُومِ الْبَلْقَاءِ لَقِيَتْهُمْ جُمُوعُ هِرَقْلَ مِنَ الرُّومِ وَالْعَرَبِ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ يُقَالُ لَهَا: مَشَارِقُ، ثُمَّ دَنَا الْمُسْلِمُونَ، وَانْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: مُؤْتَةُ، فَالْتَقَى

ص: 158

النَّاسُ عِنْدَهَا.

وَتَعَبَّأَ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ: قُطْبَةُ بْنُ قَتَادَةَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِمْ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: عُبَادَةُ بْنُ مَالِكٍ، ثُمَّ الْتَقَى النَّاسُ وَاقْتَتَلُوا، فَقَاتَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِرَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَاطَ فِي رِمَاحِ الْقَوْمِ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا أَلْجَمَهُ الْقِتَالُ، اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا، فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ.

وَكَانَ جَعْفَرٌ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَقَرَ فِي الْإِسْلَامِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى عُرْوَةَ.

10221 -

وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِيَ الَّذِي أَرْضَعَنِي - وَكَانَ أَحَدَ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ - قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ، ثُمَّ عَقَرَهَا، ثُمَّ قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ.

فَلَمَّا قُتِلَ جَعْفَرٌ أَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الرَّايَةَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ بِهَا وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ فَجَعَلَ يَسْتَنْزِلُ نَفْسَهُ، وَتَرَدَّدَ بَعْضَ التَّرَدُّدِ ثُمَّ قَالَ:

أَقْسَمْتُ يَا نَفْسِي لَتَنْزِلِنَّهْ

طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ

مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ

إِنْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا الرَّنَّهْ

لَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ

هَلْ أَنْتِ إِلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ:

يَا نَفْسُ إِنْ لَا تُقْتَلِي فَمُوتِي

هَذَا حِمَامُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ

وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لَقِيتِ

إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ

ثُمَّ نَزَلَ فَلَمَّا نَزَلَ أَتَاهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ بِعَظْمٍ مِنْ لَحْمٍ، فَقَالَ: اشْدُدْ بِهَذَا صُلْبَكَ ; فَإِنَّكَ قَدْ لَقِيتَ فِي أَيَّامِكَ هَذِهِ مَا قَدْ لَقِيتَ، فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ فَانْتَهَشَ مِنْهُ نَهْشَةً ثُمَّ سَمِعَ الْحُطَمَةَ فِي نَاحِيَةِ النَّاسِ، فَقَالَ: وَأَنْتَ فِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

فَأَخَذَ الرَّايَةَ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ أَحَدُ بَلْعَجْلَانَ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اصْطَلِحُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ، قَالُوا: أَنْتَ، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ.

فَاصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَلَمَّا أَخَذَ الرَّايَةَ دَافَعَ الْقَوْمَ ثُمَّ انْحَازَ حَتَّى انْصَرَفَ فَلَمَّا أُصِيبُوا، قَالَ

ص: 159

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا ".

ثُمَّ صَمَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الْأَنْصَارِ، وَظَنُّوا أَنَّهُ كَانَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بَعْضُ مَا يَكْرَهُونَهُ قَالَ:" ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا ".

ثُمَّ قَالَ: " لَقَدْ رُفِعُوا إِلَيَّ فِي الْجَنَّةِ - فِيمَا يَرَى النَّائِمُ - عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَأَيْتُ فِي سَرِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ ازْوِرَارًا عَنْ سَرِيرَيْ صَاحِبَيْهِ، فَقُلْتُ: بِمَ هَذَا؟ فَقِيلَ لِي: مَضَيَا، وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَعْضَ التَّرَدُّدِ وَمَضَى» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10222 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا إِلَى مُؤْتَةَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُهُمْ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ أَمِيرُهُمْ.

فَانْطَلَقُوا حَتَّى لَقَوُا ابْنَ أَبِي سَبْرَةَ الْغَسَّانِيَّ بِمُؤْتَةَ، وَبِهَا جُمُوعٌ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَالرُّومِ وَبِهَا تَنُوخُ وَبَهْرَامُ، فَأَغْلَقَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ دُونَ الْمُسْلِمِينَ الْحِصْنَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ خَرَجُوا.

فَالْتَقَوْا عَلَى زَرْعٍ أَخْضَرَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَأَخَذَ اللِّوَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَقُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَهُ جَعْفَرٌ فَقُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَهُ ابْنُ رَوَاحَةَ فَقُتِلَ، ثُمَّ اصْطَلَحَ النَّاسُ بَعْدَ أُمَرَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَهَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ، وَأَظْهَرَ الْمُسْلِمِينَ.

وَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جُمَادَى الْأُولَى».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10223 -

وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُوا لِي فِي الْجَنَّةِ فِي خَيْمَةٍ مِنْ دُرَّةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى سَرِيرٍ، فَرَأَيْتُ زَيْدًا وَابْنَ رَوَاحَةَ أَعْنَاقَهُمَا صُدُودًا ". قَالَ: " فَسَأَلْتُ " أَوْ " قَالَ لِي: إِنَّهُمَا حِينَ غَشِيَهُمَا الْمَوْتُ كَأَنَّهُمَا أَعْرَضَا أَوْ كَأَنَّهُمَا صَدَّا بِوُجُوهِهِمَا، وَأَمَّا جَعْفَرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ» ".

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَذَاكَ حِينَ يَقُولُ ابْنُ رَوَاحَةَ:

أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ

بِطَاعَةٍ مِنْكِ أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ

فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ

قَالَ جَعْفَرٌ: مَا أَطْيَبَ رِيحَ الْجَنَّةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

10224 -

وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ قَالَ: «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ، فَقَالَ: بَعَثْتَنِي فِي كَذَا وَكَذَا، فَأَتَيْتُ مُؤْتَةَ فَلَمَّا صُفَّ الْقَوْمُ وَرَكِبَ جَعْفَرٌ فَرَسَهُ، وَلَبِسَ دِرْعَهُ، وَأَخَذَ اللِّوَاءَ فَمَشَى

ص: 160

حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ ثُمَّ نَادَى: مَنْ يُبَلِّغُ هَذِهِ صَاحِبَهَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا، فَبَعَثَ بِهَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَضَرَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ، فَتَحَدَّرَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُمُوعًا، فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُكَلِّمْنَا، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يُكَلِّمْنَا، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَدْخُلُ وَلَا يُكَلِّمُنَا.

وَكَانَ إِذَا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا فِي الْفَجْرِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهَا، وَأَنَا وَأَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ جُلُوسٌ، فَجَلَسَ بَيْنَنَا فَقَالَ:" أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا، دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ جَعْفَرًا ذَا جَنَاحَيْنِ مُضَرَّجَيْنِ بِالدِّمَاءِ، وَزَيْدٌ مُقَابِلَهُ، وَابْنُ رَوَاحَةَ مَعَهُمْ كَأَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُمْ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، إِنَّ جَعْفَرًا حِينَ تَقَدَّمَ فَرَأَى الْقَتْلَ لَمْ يَصْرِفْ وَجْهَهُ، وَزَيْدٌ كَذَلِكَ، وَابْنُ رَوَاحَةَ صَرَفَ وَجْهَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ثَابِتُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو حَمْزَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10225 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: «لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ دَبَغْتُ أَرْبَعِينَ مَنِيئَةً، وَعَجَنْتُ عَجْنِي، وَغَسَّلْتُ بَنِيَّ وَدَهَنْتُهُمْ وَنَظَّفْتُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ائْتِنِي بِبَنِي جَعْفَرٍ ".

قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِهِمْ فَشَمَّهُمْ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا يُبْكِيكَ أَبَلَغَكَ عَنْ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ شَيْءٌ؟ قَالَ:" نَعَمْ، أُصِيبُوا هَذَا الْيَوْمَ ". قَالَتْ: فَقُمْتُ أَصِيحُ وَاجْتَمَعَ إِلَيَّ النِّسَاءُ.

وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ:" لَا تُغْفِلُوا آلَ جَعْفَرٍ مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا، فَإِنَّهُمْ قَدْ شُغِلُوا بِأَمْرِ صَاحِبِهِمْ» ".

قُلْتُ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بَعْضَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ امْرَأَتَانِ لَمْ أَجِدْ مَنْ وَثَّقَهُمَا وَلَا جَرَّحَهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10226 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ: الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ يَسَافِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ غَنْمٍ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ غَنْمٍ، وَسُرَاقَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ خَنْسَاءَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

[بَابُ غَزْوَةِ الْفَتْحِ]

10227 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ فِيمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ بَنِي كَعْبٍ غَضَبًا لَمْ أَرَهُ غَضِبَهُ مُنْذُ زَمَانٍ، وَقَالَ:" لَا نَصَرَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ ". قَالَتْ: وَقَالَ لِي: " قُولِي لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ يَتَجَهَّزَا لِهَذَا الْغَزْوِ ".

قَالَ: فَجَاءَا إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَا: أَيْنَ يُرِيدُ

ص: 161

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَقَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِيمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ بَنِي كَعْبٍ غَضَبًا لَمْ أَرَهُ غَضِبَهُ مُنْذُ زَمَانٍ مِنَ الدَّهْرِ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهَا، وَقَدْ وَثَّقَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10228 -

«وَعَنْ ذِي الْجَوْشَنِ الضَّبَابِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ [لِي] يُقَالُ لَهَا: الْقَرْحَاءُ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ جِئْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ لِتَتَّخِذَهُ، قَالَ:" لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ أَقِيضُكَ بِهَا الْمُخْتَارَةَ مِنْ دُرُوعِ بَدْرٍ فَعَلْتُ ".

قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَقِيضَهُ الْيَوْمَ بِغُرَّةٍ، قَالَ:" لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ " ثُمَّ قَالَ: " يَا ذَا الْجَوْشَنِ أَلَا تُسْلِمُ فَتَكُونَ مِنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ؟ " فَقُلْتُ: لَا، قَالَ:" لِمَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: رَأَيْتُ قَوْمَكَ قَدْ وَلِعُوا بِكَ، قَالَ:" كَيْفَ بَلَغَكَ عَنْ مَصَارِعِهِمْ بِبَدْرٍ؟ "، قُلْتُ: قَدْ بَلَغَنِي، قَالَ:" فَأَنَّا نَهْدِي لَكَ "، قُلْتُ: إِنْ تَغْلِبْ عَلَى الْكَعْبَةِ وَتَقْطُنْهَا، قَالَ:" لَعَلَّكَ إِنْ عِشْتَ تَرَى ذَلِكَ ".

ثُمَّ قَالَ: " يَا فُلَانُ، خُذْ حَقِيبَةَ الرَّجُلِ فَزَوِّدْهُ مِنَ الْعَجْوَةِ " فَلَمَّا أَدْبَرْتُ، قَالَ:" أَمَا إِنَّهُ مِنْ خَيْرِ فُرْسَانِ بَنِي عَامِرٍ " قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي بِأَهْلِي بِالْغَوْرِ إِذْ أَقْبَلَ رَاكِبٌ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ النَّاسُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ قَدْ غَلَبَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْكَعْبَةِ وَقَطَنَهَا، قُلْتُ: هَبِلَتْنِي أُمِّي، وَلَوْ أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ أَسْأَلُهُ الْحِيرَةَ لَأَقْطَعَنِيهَا».

10229 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟ " قَالَ: رَأَيْتُ قَوْمَكَ قَدْ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ وَقَاتَلُوكَ، فَأَنْظُرُ مَاذَا تَصْنَعُ، فَإِنْ ظَهَرْتَ عَلَيْهِمْ آمَنْتُ بِكَ وَاتَّبَعْتُكَ، وَإِنْ ظَهَرُوا عَلَيْكَ لَمْ أَتَّبِعْكَ» .

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَهُ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَأَبُوهُ، وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10230 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ قَائِلَ خُزَاعَةَ قَالَ:

اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا

حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا

انْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا اعْتَدَى

وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

10231 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، أَرْسَلَ إِلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ مَكَّةَ فِيهِمْ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَفَشَا فِي النَّاسِ أَنَّهُ يُرِيدُ حُنَيْنًا.

قَالَ: فَكَتَبَ حَاطِبٌ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُكُمْ.

قَالَ: فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبَا

ص: 162

مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَلَيْسَ مَعَنَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهُ فَرَسٌ، فَقَالَ:" ائْتُوا رَوْضَةَ الْخَاخِ ; فَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بِهَا امْرَأَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذْهُ مِنْهَا ".

قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى رَأَيْنَاهَا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا لَهَا: هَاتِي الْكِتَابَ. فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. قَالَ: فَوَضَعْنَا مَتَاعَهَا فَفَتَّشْنَاهَا فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَتَاعِهَا، فَقَالَ أَبُو مَرْثَدٍ: فَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا كِتَابٌ، فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا كَذَبْنَا، فَقُلْنَا لَهَا: لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لَنُعَرِّيَنَّكِ. فَقَالَتْ: أَمَا تَتَّقُونَ اللَّهَ، أَمَا أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ؟! فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّهُ أَوْ لَنُعَرِّيَنَّكِ».

قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ حُجْزَتِهَا. وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: مِنْ قُبُلِهَا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10232 -

«وَعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَاتَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَةٍ، فَقَامَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي مُتَوَضَّئِهِ: " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ " ثَلَاثًا " نُصِرْتَ نُصِرْتَ " ثَلَاثًا.

فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُكَ تَقُولُ فِي مُتَوَضَّئِكَ:" لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ " ثَلَاثًا " نُصِرْتَ نُصِرْتَ " ثَلَاثًا كَأَنَّكَ تُكَلِّمُ إِنْسَانًا، وَهَلْ كَانَ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ:" هَذَا رَاجِزُ بَنِي كَعْبٍ يَسْتَصْرِخُنِي، وَيَزْعُمُ أَنَّ قُرَيْشًا أَعَانَتْ عَلَيْهِمْ بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ ".

ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تُجَهِّزَهُ وَلَا تُعْلِمَ أَحَدًا، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ، مَا هَذَا الْجِهَازُ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، فَقَالَ: مَا هَذَا بِزَمَانِ غَزْوَةِ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَأَيْنَ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا عِلْمَ لِي، قَالَتْ: فَأَقَمْنَا ثَلَاثًا، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ بِالنَّاسِ، فَسَمِعْتُ الرَّاجِزَ يُنْشِدُ:

يَا رَبِّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا

حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا

إِنَّا وَلَدْنَاكَ فَكُنْتَ وَلَدَا

ثُمَّ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا

إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا

وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا

وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتَ تَدْعُو أَحَدَا

فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا أَيَّدَا

وَادْعُوَا عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا

فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا

[أَبْيَضَ مِثْلَ الْبَدْرِ يُنْحِي صُعُدَا]

إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا

ص: 163

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ " ثَلَاثًا " نُصِرْتَ نُصِرْتَ " ثَلَاثًا، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ نَظَرَ إِلَى سَحَابٍ مُنْتَصِبٍ، فَقَالَ:" إِنَّ هَذَا السَّحَابَ لَيَنْصَبُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ".

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ عَمْرٍو، أَخُو بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَنَصْرُ بَنِي عَدِيٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" [تَرِبَ نَحْرُكَ] وَهَلْ عَدِيٌّ إِلَّا كَعْبٌ، وَكَعْبٌ إِلَّا عَدِيٌّ؟ ". فَاسْتُشْهِدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِمْ خَبَرَنَا حَتَّى نَأْخُذَهُمْ بَغْتَةً ".

ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِمَرٍّ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ خَرَجُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَرٍّ، فَنَظَرَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى النِّيرَانِ فَقَالَ: يَا بُدَيْلُ، هَذِهِ نَارُ بَنِي كَعْبٍ أَهْلِكَ. فَقَالَ: جَاشَتْهَا إِلَيْكَ الْحَرْبُ.

فَأَخَذَتْهُمْ مُزَيْنَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ - وَكَانَتْ عَلَيْهِمُ الْحِرَاسَةُ - فَسَأَلُوا أَنْ يَذْهَبُوا بِهِمْ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَذَهَبُوا بِهِمْ فَسَأَلَهُ أَبُو سُفْيَانَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. فَخَرَجَ بِهِمْ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يُؤَمِّنَ لَهُ مَنْ أَمَّنَ، فَقَالَ:" قَدْ أَمَّنْتُ مَنْ أَمَّنْتَ مَا خَلَا أَبَا سُفْيَانَ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَحْجُرْ عَلَيَّ. فَقَالَ:" مَنْ أَمَّنْتَ فَهُوَ آمِنٌ ".

فَذَهَبَ بِهِمُ الْعَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ، فَقَالَ:" أَسَفِرُوا ".

وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، وَابْتَدَرَ الْمُسْلِمُونَ وَضَوْءَهُ يَنْتَضِحُونَهُ فِي وُجُوهِهِمْ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ عَظِيمًا، فَقَالَ: لَيْسَ بِمُلْكٍ وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ، وَفِي ذَلِكَ يَرْغَبُونَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10233 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسَفَرِهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا رُهْمٍ كُلْثُومَ بْنَ الْحُصَيْنِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ خَلَفٍ الْغِفَارِيَّ، وَخَرَجَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْكَدِيدِ -[مَاءٌ] بَيْنَ عُسْفَانَ وَأَمْجٍ - أَفْطَرَ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ فِي الصِّيَامِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ.

10234 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا رُهْمٍ كُلْثُومَ بْنَ الْحُصَيْنِ الْغِفَارِيَّ، وَخَرَجَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ - مَاءٍ

ص: 164

بَيْنَ عُسْفَانَ وَأَمْجٍ - أَفْطَرَ.

ثُمَّ مَضَى حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْفٍ مِنْ مُزَيْنَةَ وَسُلَيْمٍ، وَفِي كُلِّ الْقَبَائِلِ عُدَدٌ وَإِسْلَامٌ، وَأَوْعَبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.

فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظَّهْرَانِ، وَقَدْ عَمِيَتِ الْأَخْبَارُ عَلَى قُرَيْشٍ فَلَمْ يَأْتِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرٌ، وَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ فَاعِلٌ، خَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَتَجَسَّسُونَ وَيَنْظُرُونَ هَلْ يَجِدُونَ خَبَرًا أَوْ يَسْمَعُونَ بِهِ؟.

وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَدْ لَقِيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، وَالْتَمَسَا الدُّخُولَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فِيهِمَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ عَمِّكَ، وَابْنُ عَمَّتِكَ وَصِهْرُكَ، قَالَ:" لَا حَاجَةَ لِي بِهِمَا، أَمَّا ابْنُ عَمِّي فَهَتَكَ عِرْضِي بِمَكَّةَ، وَأَمَّا ابْنُ عَمَّتِي وَصِهْرِي فَهُوَ الَّذِي قَالَ لِي بِمَكَّةَ مَا قَالَ ".

فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَمَعَ أَبِي سُفْيَانَ بُنَيٌّ لَهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتَأْذَنُنَّ لِي أَوْ لَآخُذَنَّ بِيَدِ بُنَيِّ هَذَا ثُمَّ لَنَذْهَبَنَّ بِالْأَرْضِ حَتَّى نَمُوتَ عَطَشًا وَجُوعًا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهُمَا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا فَأَسْلَمَا.

فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، قَالَ الْعَبَّاسُ: وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَنْوَةً قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلَاكُ قُرَيْشٍ [إِلَى] آخِرَ الدَّهْرِ.

قَالَ: فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْضَاءِ، فَخَرَجْتُ عَلَيْهَا حَتَّى جِئْتُ الْأَرَاكَ، فَقُلْتُ لَعَلِّي أَلْقَى بَعْضَ الْحَطَّابَةِ أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ أَوْ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَسْتَأْمِنُوهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا [عَلَيْهِمْ] عَنْوَةً.

قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسِيرُ عَلَيْهَا وَأَلْتَمِسُ مَا خَرَجْتُ لَهُ، إِذْ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ، وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ، وَأَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ نِيرَانًا وَلَا عَسْكَرًا. قَالَ: يَقُولُ بُدَيْلٌ: هَذِهِ وَاللَّهِ نِيرَانُ خُزَاعَةَ حَشَتْهَا الْحَرْبُ. قَالَ: يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ: خُزَاعَةُ وَاللَّهِ أَذَلُّ وَأَلْأَمُ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيرَانَهَا وَعَسْكَرَهَا. قَالَ: فَعَرَفْتُ صَوْتَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ

ص: 165

فَعَرَفَ صَوْتِي، فَقَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ فَقُلْتُ: وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ!.

قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: لَئِنْ ظَفِرَ بِكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَارْكَبْ مَعِي هَذِهِ الْبَغْلَةَ حَتَّى آتِيَ بِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْتَأْمِنُهُ لَكَ.

قَالَ: فَرَكِبَ خَلْفِي، وَرَجَعَ صَاحِبَاهُ، وَحَرَّكْتُ بِهِ فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِنَارٍ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَإِذَا رَأَوْا بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ.

حَتَّى مَرَرْتُ بِنَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ وَقَامَ إِلَيَّ، فَلَمَّا رَأَى أَبَا سُفْيَانَ عَلَى عَجُزِ الْبَغْلَةِ قَالَ: أَبُو سُفْيَانَ عَدُوُّ اللَّهِ؟! الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْكَ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَهْدٍ، ثُمَّ خَرَجَ يَشْتَدُّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَكَضَتِ الْبَغْلَةُ فَسَبَقْتُهُ بِمَا تَسْبِقُ الدَّابَّةُ الرَّجُلَ الْبَطِيءَ، فَاقْتَحَمْتُ عَنِ الْبَغْلَةِ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَهْدٍ فَدَعْنِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجَرْتُهُ، ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ] فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا يُنَاجِيهِ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ دُونِي. قَالَ: فَلَمَّا أَكْثَرَ عُمَرُ فِي شَأْنِهِ قُلْتُ: مَهْلًا يَا عُمَرُ، أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ رِجَالِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا قُلْتَ هَذَا، وَلَكِنَّكَ عَرَفْتَ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَالَ: مَهْلًا يَا عَبَّاسُ، وَاللَّهِ لَإِسْلَامُكَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلَامِ أَبِي لَوْ أَسْلَمَ، وَمَا بِي إِلَّا أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبْ بِهِ إِلَى رَحْلِكَ يَا عَبَّاسُ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَأْتِنِي بِهِ ". فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَحْلِي فَبَاتَ عِنْدِي فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَوْتُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ ". قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا أَكْرَمَكَ وَأَحْلَمَكَ وَأَوْصَلَكَ [وَاللَّهِ]، لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ غَيْرٌ لَقَدْ أَغْنَى عَنِّي شَيْئًا.

قَالَ: " وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ". قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا أَحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ، هَذِهِ وَاللَّهِ كَانَ فِي النَّفْسِ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى الْآنَ.

قَالَ الْعَبَّاسُ: وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَسْلِمْ وَاشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ، قَالَ: فَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَأَسْلَمَ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ [رَجَلٌ] يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا، قَالَ: " نَعَمْ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ

ص: 166

الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ ".

فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَنْصَرِفَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا عَبَّاسُ، احْبِسْهُ بِمَضِيقِ الْوَادِيَ عِنْدَ حَطَمِ الْجَبَلِ حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ فَيَرَاهَا ". قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهِ حَتَّى حَبَسْتُهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَحْبِسَهُ.

قَالَ: وَمَرَّتْ بِهِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا فَكُلَّمَا مَرَّتْ قَبِيلَةٌ قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا عَبَّاسُ؟ فَيَقُولُ: بَنِي سُلَيْمٍ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلِسُلَيْمٍ. قَالَ: ثُمَّ تَمُرُّ الْقَبِيلَةُ فَيَقُولُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: مُزَيْنَةُ. فَيَقُولُ: مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ. حَتَّى تَعَدَّتِ الْقَبَائِلُ - يَعْنِي جَاوَزَتْ - لَا تَمُرُّ قَبِيلَةٌ إِلَّا قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ بَنُو فُلَانٍ فَيَقُولُ: مَا لِي وَلِبَنِي فُلَانٍ.

حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَضْرَاءِ [كَتِيبَةٍ] فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لَا يُرَى مِنْهُمْ سِوَى الْحَدَقِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَنْ هَؤُلَاءِ يَا عَبَّاسُ؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ قَالَ: مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ قِبَلٌ وَلَا طَاقَةٌ، وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْغَدَاةَ عَظِيمًا. قُلْتُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ إِنَّهَا النُّبُوَّةُ. قَالَ: فَنِعْمَ إِذًا. قُلْتُ: النَّجَاءُ إِلَى قَوْمِكَ.

قَالَ: فَخَرَجَ حَتَّى [إِذَا] جَاءَهُمْ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا [مَعْشَرَ] قُرَيْشُ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ بِمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، فَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَأَخَذَتْ بِشَارِبِهِ فَقَالَتْ: اقْتُلُوا الدَّسَمَ الْأَحْمَسَ، فَبِئْسَ طَلِيعَةُ قَوْمٍ، قَالَ: وَيْحَكُمْ لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ بِمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، قَالُوا: وَيْحَكَ وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ؟ قَالَ: وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ. فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10235 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةً مِنَ النَّاسِ: عَبْدُ الْعُزَّى بْنَ خَطَلٍ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَسَارَّةُ امْرَأَةٌ.

فَأَمَّا عَبْدُ الْعُزَّى فَإِنَّهُ قُتِلَ وَهُوَ آخِذٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. قَالَ: وَنَذَرَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ إِذَا رَآهُ، وَكَانَ أَخَا عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَأَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَشْفِعُ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ الْأَنْصَارِيُّ اشْتَمَلَ عَلَى السَّيْفِ ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِهِ، فَوَجَدَهُ فِي حَلْقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَابَ

ص: 167

قَتْلَهُ.

فَجَعَلَ يَتَرَدَّدُ وَيَكْرَهُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي حَلْقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَسَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَنْصَارِيِّ:" قَدِ انْتَظَرْتُكَ أَنْ تُوفِيَ بِنَذْرِكَ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِبْتُكَ أَفَلَا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ؟ قَالَ:" إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ ".

وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ أَخٌ قُتِلَ خَطَأً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ لِيَأْخُذَ لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ الْعَقْلَ، فَلَمَّا جَمَعَ لَهُ الْعَقْلَ وَرَجَعَ نَامَ الْفِهْرِيُّ، فَوَثَبَ مَقِيسٌ فَأَخَذَ حَجَرًا فَجَلَدَ بِهِ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَهُوَ يَقُولُ:

شَفَى النَّفْسَ مَنْ قَدْ مَاتَ بِالْقَاعِ مُسْنَدَا

يَضَرِّجُ ثَوْبَيْهِ دِمَاءُ الْأَجَادِعِ

وَكَانَتْ هُمُومُ النَّفْسِ مِنْ قَبْلِ قَتْلِهِ

تَهِيجُ فَتُنْسِينِي وَطْأَةَ الْمَضَاجِعِ

حَلَلْتُ بِهِ ثَأْرِي وَأَدْرَكْتُ مُؤْرَبِي

وَكُنْتُ إِلَى الْأَوْثَانِ أَوَّلَ رَاجِعِ.

وَأَمَّا سَارَّةُ فَإِنَّهَا كَانَتْ مَوْلَاةً لِقُرَيْشٍ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةَ فَأَعْطَاهَا شَيْئًا، ثُمَّ أَتَاهَا رَجُلٌ فَدَفَعَ إِلَيْهَا كِتَابًا لِأَهْلِ مَكَّةَ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِمْ; لِيُحْفَظَ فِي عِيَالِهِ - وَكَانَ لَهُ بِهَا عِيَالٌ - فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ بِذَلِكَ، فَبَعَثَ فِي أَثَرِهَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَحِقَاهَا فَفَتَّشَاهَا فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، فَأَقْبَلَا رَاجِعَيْنِ.

فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: وَاللَّهِ مَا كَذَّبْنَا وَلَا كُذِّبْنَا، ارْجِعْ بِنَا إِلَيْهَا، فَرَجَعَا إِلَيْهَا فَسَلَّا سَيْفَيْهِمَا فَقَالَا: وَاللَّهِ لَنُذِيقَنَّكِ الْمَوْتَ أَوْ لَتَدْفَعِنَّ إِلَيْنَا الْكِتَابَ، فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ: أَدْفَعُهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَنْ لَا تَرُدَّانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَا مِنْهَا، فَحَلَّتْ عِقَاصَهَا فَأَخْرَجَتْ كِتَابًا مِنْ قُرُونِهَا فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِمَا.

فَرَجَعَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَاهُ إِلَيْهِ، فَبَعَثَ إِلَى الرَّجُلِ فَقَالَ:" مَا هَذَا الْكِتَابُ؟ " قَالَ: أُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ أَحَدٌ مَعَكَ إِلَّا لَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ فِي عِيَالِهِ، فَكَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ لِيَكُونُوا فِي عِيَالِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1]. إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10236 -

وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: " اقْتُلُوهُمْ وَلَوْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ،

ص: 168

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ".

فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا - وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ - فَقَتَلَهُ.

وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ مِنَ السُّوقِ فِي السُّوقِ. وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ لِأَهْلِ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِي فِي الْبَحْرِ إِلَّا الْإِخْلَاصُ، مَا يُنَجِّينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا، إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ آتِي مُحَمَّدًا فَأَضَعُ يَدِي فِي يَدِهِ فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، قَالَ: فَجَاءَ فَأَسْلَمَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِاخْتِصَارٍ - رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ وَزَادَ: فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ; فَإِنَّهُ أَحْنَى عَلَيْهِ عُثْمَانُ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ بِأَصَابِعِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ:" أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَنْظُرُ إِذْ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ:" فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» ". وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

قُلْتُ: وَيَأْتِي حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَعَ أَحَادِيثَ نَحْوِ هَذَا.

10237 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ - يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ أُعْطِيَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لِوَاءَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَدَخَلَ الزُّبَيْرُ مَكَّةَ بِلِوَاءَيْنِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

10238 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، اسْتَشْرَفَهُ النَّاسُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى رَحْلِهِ تَخَشُّعًا» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10239 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنَّا بِسَرِفَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَرِيبٌ مِنْكُمْ فَاحْذَرُوهُ "، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " [أَسْلِمْ] يَا أَبَا سُفْيَانَ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمِي قَوْمِي. قَالَ: " قَوْمُكَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ " قَالَ: اجْعَلْ لِي شَيْئًا. قَالَ: " مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10240 -

وَعَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ فِي الْأَرَاكِ ".

ص: 169

فَدَخَلْنَا فَأَخَذْنَاهُ فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَحْوُونَهُ بِجُفُونِ سُيُوفِهِمْ حَتَّى جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: " وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ; فَأَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ".

وَكَانَ الْعَبَّاسُ لَهُ صَدِيقًا، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ يُحِبُّ الصَّوْتَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي بِمَكَّةَ:" مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ".

ثُمَّ بَعَثَ مَعَهُ الْعَبَّاسَ حَتَّى جَلَسَا عَلَى عَقَبَةِ الثَّنِيَّةِ فَأَقْبَلَتْ بَنُو سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذِهِ بَنُو سُلَيْمٍ، فَقَالَ: وَمَا أَنَا وَسُلَيْمٌ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَنْصَارِ.

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَقَدْ رَأَيْتُ مُلْكَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُلْكِ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّمَا هِيَ النُّبُوَّةُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَرْبُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّحَّانُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

10241 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَسْلَمَ، وَغِفَارٍ، وَجُهَيْنَةَ، وَبَنِي سُلَيْمٍ، وَقَادُوا الْخُيُولَ حَتَّى نَزَلُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِمْ قُرَيْشٌ، وَبَعَثُوا بِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: خُذْ لَنَا مِنْهُ جِوَارًا أَوْ آذِنُوهُ بِالْحَرْبِ.

فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ فَلَقِيَا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ فَاسْتَصْحَبَاهُ حَتَّى إِذَا كَانَا بِالْأَرَاكِ مِنْ مَكَّةَ - وَذَلِكَ عِشَاءً - رَأَوُا الْفَسَاطِيطَ وَالْعَسْكَرَ، وَسَمِعُوا صَهِيلَ الْخَيْلِ فَرَاعَهُمْ ذَلِكَ وَفَزِعُوا مِنْهُ.

وَقَالُوا: هَؤُلَاءِ بَنُو كَعْبٍ حَاشَتْهُمُ الْحَرْبُ، فَقَالَ بُدَيْلٌ: هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ مَنْ بَنِي كَعْبٍ مَا بَلَغَ تَأْلِيبُهَا هَذَا، أَفَتَنْتَجِعُ هَوَازِنُ أَرْضَنَا؟ وَاللَّهِ مَا نَعْرِفُ هَذَا أَيْضًا، إِنَّ هَذَا لِمِثْلُ حَاجِّ النَّاسِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَيْلًا تَقْبِضُ الْعُيُونَ، وَخُزَاعَةُ عَلَى الطَّرِيقِ لَا يَتْرُكُونَ أَحَدًا يَمْضِي.

فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَتْهُمُ الْخَيْلُ تَحْتَ اللَّيْلِ، وَأَتَوْا بِهِمْ خَائِفِينَ الْقَتْلَ، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ فَوَجَأَهُ فِي عُنُقِهِ، وَالْتَزَمَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا بِهِ لِيُدْخِلُوهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَافَ الْقَتْلَ. وَكَانَ

ص: 170

الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَالِصَةً لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَلَا تَأْمُرُوا لِي إِلَى عَبَّاسٍ؟ فَأَتَاهُ عَبَّاسٌ فَدَفَعَ عَنْهُ، وَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ، وَمَشَى فِي الْقَوْمِ مَكَانَهُ، فَرَكِبَ بِهِ عَبَّاسٌ تَحْتَ اللَّيْلِ فَسَارَ بِهِ فِي عَسْكَرِ الْقَوْمِ حَتَّى أَبْصَرُوهُ أَجْمَعُ.

وَقَدْ كَانَ عُمَرُ قَدْ قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ حِينَ وَجَأَ عُنُقَهُ: وَاللَّهِ لَا تَدْنُو مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمُوتَ.

فَاسْتَغَاثَ بِعَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنِّي مَقْتُولٌ. فَمَنَعَهُ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَنْتَهِبُوهُ، فَلَمَّا رَأَى كَثْرَةَ النَّاسِ وَطَاعَتَهُمْ قَالَ: لَمْ أَرَ كَاللَّيْلَةِ جَمْعًا لِقَوْمٍ. فَخَلَّصَهُ الْعَبَّاسُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: إِنَّكَ مَقْتُولٌ إِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَتَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَجَعَلَ يُرِيدُ يَقُولُ الَّذِي يَأْمُرُهُ الْعَبَّاسُ فَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانُهُ، فَبَاتَ مَعَ عَبَّاسٍ.

وَأَمَّا حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَا، وَجَعَلَ يَسْتَخْبِرُهُمَا عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

فَلَمَّا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ - صَلَاةِ الصُّبْحِ - تَحَسَّسَ الْقَوْمَ، فَفَزِعَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَاذَا تُرِيدُونَ؟ قَالَ: هُمُ الْمُسْلِمُونَ يَتَيَسَّرُونَ لِحُضُورِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. فَخَرَجَ بِهِ عَبَّاسٌ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ قَالَ: يَا عَبَّاسُ، أَمَا يَأْمُرُهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا فَعَلَوْهُ؟ فَقَالَ عَبَّاسٌ: لَوْ نَهَاهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَأَطَاعُوهُ.

قَالَ عَبَّاسٌ: فَكَلِّمْهُ فِي قَوْمِكَ هَلْ عِنْدَهُ مِنْ عَفْوٍ عَنْهُمْ؟ فَأَتَى الْعَبَّاسُ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى أَدْخَلَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي قَدِ اسْتَنْصَرْتُ إِلَهِي، وَاسْتَنْصَرْتَ إِلَهَكَ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُكَ إِلَّا قَدْ ظَهَرْتَ عَلَيَّ، فَلَوْ كَانَ إِلَهِي مُحِقًّا وَإِلَهُكَ مُبْطِلًا لَظَهَرْتُ عَلَيْكَ. فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي آتِيَ قَوْمَكَ فَأُنْذِرَهُمْ مَا نَزَلَ وَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ عَبَّاسٌ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ بَيِّنْ لِي مِنْ ذَلِكَ أَمَانًا يَطْمَئِنُّونَ إِلَيْهِ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " تَقُولُ لَهُمْ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَوَضَعَ سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ".

فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ عَمِّنَا، وَأُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ مَعِي فَلَوِ اخْتَصَصْتَهُ بِمَعْرُوفٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ". فَجَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ يَسْتَفْقِهُهُ، وَدَارُ أَبِي سُفْيَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ

ص: 171

" وَمَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ ". وَدَارُ حَكِيمٍ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ.

وَحَمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبَّاسًا عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي كَانَ أَهْدَاهَا إِلَيْهِ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَانْطَلَقَ عَبَّاسٌ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ أَرْدَفَهُ. فَلَمَّا سَارَ عَبَّاسٌ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَثَرِهِ، فَقَالَ:" أَدْرِكُوا عَبَّاسًا فَرُدُّوهُ عَلَيَّ ".

وَحَدَّثَهُمْ بِالَّذِي خَافَ عَلَيْهِ فَأَدْرَكَهُ الرَّسُولُ فَكَرِهَ عَبَّاسٌ الرُّجُوعَ وَقَالَ: أَيَرْهَبُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَ أَبُو سُفْيَانَ رَاغِبًا فِي قِلَّةِ النَّاسِ فَيَكْفُرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ؟، فَقَالَ: احْبِسْهُ. فَحَبَسَهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَغَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ، فَقَالَ عَبَّاسٌ: إِنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ، وَلَكِنَّ لِي إِلَيْكَ بَعْضَ الْحَاجَةِ، قَالَ: وَمَا هِيَ أَقْضِيهَا لَكَ؟ قَالَ: تُفَادِهَا حِينَ يَقْدَمُ عَلَيْكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَوَقَفَ عَبَّاسٌ بِالْمَضِيقِ دُونَ الْأَرَاكِ مِنْ مَرٍّ، وَقَدْ وَعَى أَبُو سُفْيَانَ مِنْهُ حَدِيثَهُ، ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَيْلَ بَعْضَهَا عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ، وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَيْلَ شَطْرَيْنِ فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ، وَرَدِفَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْجَيْشِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ وَقُضَاعَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: رَسُولُ اللَّهِ هَذَا يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي كَتِيبَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ:" الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْحُرُمَةُ ".

ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَتِيبَةِ الْإِيمَانِ: الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ وُجُوهًا كَثِيرَةً لَا يَعْرِفُهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكْثَرْتَ - أَوِ: اخْتَرْتَ - هَذِهِ الْوُجُوهَ عَلَى قَوْمِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَقَوْمُكَ، إِنَّ هَؤُلَاءِ صَدَّقُونِي إِذْ كَذَّبْتُمُونِي وَنَصَرُونِي إِذْ أَخْرَجْتُمُونِي".

وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: هَذِهِ كَتِيبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ هَذِهِ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ، هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، قَالَ: امْضِ يَا عَبَّاسُ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ جُنُودًا قَطُّ وَلَا جَمَاعَةً.

فَسَارَ الزُّبَيْرُ فِي النَّاسِ حَتَّى وَقَفَ بِالْحَجُونِ، وَانْدَفَعَ خَالِدٌ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ فَلَقِيَهُ أَوْبَاشُ بَنِي بَكْرٍ فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عز وجل، وَقَتَلُوا بِالْحَزْوَرَةِ حَتَّى دَخَلُوا

ص: 172

الدُّورَ، وَارْتَفَعَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى الْخَيْلِ عَلَى الْخَنْدَمَةِ، وَاتَّبَعَهُ الْمُسْلِمُونَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ وَنَادَى مُنَادٍ:" مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَإِنَّهُ آمِنٌ ".

وَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بِمَكَّةَ: أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَكَفَّهُمُ اللَّهُ عز وجل عَنْ عَبَّاسٍ. وَأَقْبَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَأَخَذَتْ بِلِحْيَةِ أَبِي سُفْيَانَ ثُمَّ نَادَتْ: يَا آلَ غَالِبٍ اقْتُلُوا هَذَا الشَّيْخَ الْأَحْمَقَ. قَالَ: فَأَرْسِلِي لِحْيَتِي، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنْ أَنْتِ لَمْ تُسْلِمِي لَتُضْرَبَنَّ عُنُقُكِ، وَيْلَكِ جَاءَ بِالْحَقِّ فَادْخُلِي أَرِيكَتَكِ - أَحْسَبُهُ قَالَ: - وَاسْكُتِي».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10242 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ - وَكَانَ يُسَمَّى الصَّرْمَ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: " أَرْبَعَةٌ لَا أُؤَمِّنُهُمْ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ: الْحُوَيْرِثُ بْنُ نُفَيْلٍ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ، وَهِلَالُ بْنُ خَطَلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ".

فَأَمَّا الْحُوَيْرِثُ فَقَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَقَتَلَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ لَحَّاءٌ، وَأَمَّا هِلَالُ بْنُ خَطَلٍ فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَأَسْتَأْمَنَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ. وَقَيْنَتَيْنِ كَانَتَا لِمَقِيسٍ تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُتِلَتْ إِحْدَاهُمَا، وَأَقْبَلَتِ الْأُخْرَى فَأَسْلَمَتْ».

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ طَرَفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ نَحْوَ هَذَا قَبْلُ بِوَرَقَتَيْنِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.

10243 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: «لَمَّا وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِي طُوًى، قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لِابْنَةٍ لَهُ مِنْ أَصْغَرِ وَلَدِهِ: أَيْ بُنَيَّةُ أَظْهِرِينِي عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ. قَالَ: وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ. قَالَتْ: فَأَشْرَفْتُ بِهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى سَوَادًا مُجْتَمِعًا قَالَ: تِلْكَ الْخَيْلُ.

قَالَتْ: وَأَرَى رَجُلًا يَسْعَى بَيْنَ ذَلِكَ السَّوَادِ مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، قَالَ: يَا بُنَيَّةُ، ذَلِكَ الْوَازِعُ - يَعْنِي الَّذِي يَأْمُرُ الْخَيْلَ وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهَا - قَالَتْ: قَدْ وَاللَّهِ انْتَشَرَ السَّوَادُ، قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ دَفَعَتِ الْخَيْلُ، أَسْرِعِي بِي إِلَى بَيْتِي. وَانْحَطَّتْ بِهِ، وَتَلَقَّاهُ الْخَيْلُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى بَيْتِهِ، وَفِي عُنُقِ الْجَارِيَةِ طَوْقٌ مِنْ وَرِقٍ فَتَلَقَّاهَا رَجُلٌ فَاقْتَلَعَهُ مِنْهَا.

قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ أَتَى أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ يَقُودُهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ؟ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَمْشِيَ

ص: 173

إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ:" أَسْلِمْ " فَأَسْلَمَ، وَدَخَلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأْسُهُ كَأَنَّهَا ثَغَامَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" غَيِّرُوا هَذَا مِنْ شَعْرِهِ ".

ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِيَدِ أُخْتِهِ، فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ طَوْقَ أُخْتِي، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: يَا أُخَيَّةُ، احْتَسِبِي طَوْقَكِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ: فَوَاللَّهِ إِنَّ الْأَمَانَةَ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَقَلِيلَةٌ. وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ. وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَسْمَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مِثْلَهُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10244 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُودُهُ - شَيْخٌ أَعْمَى - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَلَا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى نَأْتِيَهُ؟ " قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يُؤْجِرَهُ اللَّهُ.

لَأَنَا كُنْتُ بِإِسْلَامِ أَبِي طَالِبٍ أَشَدَّ فَرَحًا مِنِّي بِإِسْلَامِ أَبِي، أَلْتَمِسُ بِذَلِكَ قُرَّةَ عَيْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقْتَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10245 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «وَفَرَّ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهِلٍ عَامِدًا إِلَى الْيَمَنِ، وَأَقْبَلَتْ أُمُّ الْحَكَمِ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمَةٌ، وَهِيَ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِ زَوْجِهَا، فَأَذِنَ لَهَا وَأَمَّنَهُ.

فَخَرَجَتْ بِعَبْدٍ لَهَا رُومِيٍّ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَلَمْ تَزَلْ تُمَنِّيهِ وَتُقَرِّبُ لَهُ حَتَّى أَدْلَتْ عَلَى أُنَاسٍ مِنْ عَكٍّ فَاسْتَعَانَتْهُمْ عَلَيْهِ فَأَوْثَقُوهُ، فَأَدْرَكَتْ زَوْجَهَا بِبَعْضِ تِهَامَةَ، وَقَدْ كَانَ رَكِبَ سَفِينَةً فَلَمَّا جَلَسَ فِيهَا نَادَى بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَدْعُوَ هَا هُنَا أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ مُخْلِصًا. فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ فِي الْبَحْرِ إِنَّهُ لَفِي الْبَرِّ وَحْدَهُ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ إِلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم.

فَرَجَعَ عِكْرِمَةُ مَعَ امْرَأَتِهِ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَهُ، وَقَبِلَ مِنْهُ. وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ حِينَ هَزَمَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَتِهِ فَارًّا، فَلَامَتْهُ وَعَجَّزَتْهُ وَعَيَّرَتْهُ بِالْفِرَارِ، فَقَالَ:

وَأَنْتِ لَوْ رَأَيْتِنَا بِالْخَنْدَمَهْ

إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ

وَلَحِقَتْنَا بِالسُّيُوفِ الْمُسْلِمَهْ

يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ

لَمْ تَنْطِقِي فِي اللَّوْمِ أَدْنَى كَلِمَهْ»

ص: 174

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10246 -

وَعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: «أَخَذْتُ بِيَدِ أَبِي سُفْيَانَ فَجِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ السَّمَاعَ فَأَعْطِهِ شَيْئًا، فَقَالَ:" مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ".

ثُمَّ قَامَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَقْعَدْتُهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَجَعَلَ يَمُرُّ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَوْكَبَةً كَوْكَبَةً يَقُولُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: هَؤُلَاءِ مُزَيْنَةُ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ، مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، ثُمَّ تَمُرُّ الْكَوْكَبَةُ فَيَقُولُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: هَؤُلَاءِ جُهَيْنَةُ، حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُهَاجِرِينَ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ مُقْبِلِينَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: لَقَدْ أُوتِيَ ابْنُ أَخِيكَ مُلْكًا عَظِيمًا. قَالَ: وَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا».

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ.

10247 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ كَانَ قَيْسٌ فِي مُقَدِّمَتِهِ فَكَلَّمَ سَعْدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَصْرِفَهُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى شَيْءٍ فَصَرَفَهُ عَنْ ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10248 -

وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " النَّاسُ آمِنُونَ كُلُّهُمْ غَيْرَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ خَطَلٍ» ". فَقُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّشِيطِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10249 -

وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَتَلْتُ عَبْدَ الْعُزَّى بْنَ خَطَلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِسِتْرِ الْكَعْبَةِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

10250 -

وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ يَوْمَ الْفَتْحِ، أَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتِ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ، وَقَالَ: " لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ بَعْدَ هَذَا صَبْرًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10251 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ جَائِعًا فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَصْهَارًا لِي قَدْ لَجَأُوا إِلَيَّ، وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَعْلَمَ بِهِمْ فَيَقْتُلَهُمْ، فَاجْعَلْ مَنْ دَخَلَ دَارَ أُمِّ هَانِئٍ آمِنًا حَتَّى يَسْمَعُوا كَلَامَ اللَّهِ.

فَأَمَّنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " قَدْ

ص: 175

أَجَرْنَا مَنْ أَجَارَتْ أُمُّ هَانِئٍ ".

وَقَالَ: " هَلْ عِنْدَكِ مِنْ طَعَامٍ نَأْكُلُهُ؟ " فَقَالَتْ: لَيْسَ عِنْدِي إِلَّا كِسَرٌ يَابِسَةٌ، وَإِنِّي لَأَسْتَحِي أَنْ أُقَدِّمَهَا إِلَيْكَ. فَقَالَ:" هَلُمِّي بِهِنَّ ". فَكَسَّرَهُنَّ فِي مَاءٍ وَجَاءَتْ بِمِلْحٍ. فَقَالَ: " هَلْ مِنْ إِدَامٍ؟ ". فَقَالَتْ: مَا عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ. فَقَالَ: " هَلُمِّيهِ فَصُبِّيهِ عَلَى الطَّعَامِ ".

فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: " نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ، يَا أُمَّ هَانِئٍ لَا يُقْفَرُ بَيْتٌ فِيهِ خَلٌّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

10252 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ قَاعِدًا، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِالسَّيْفِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ وَهْبٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10253 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ وَجَدَ بِهَا ثَلَاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ صَنَمًا، فَأَشَارَ بِعَصَاهُ إِلَى كُلِّ صَنَمٍ مِنْهَا، وَقَالَ: " جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ". فَيَسْقُطُ الصَّنَمُ وَلَمْ يَمَسَّهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: يُخَالِفُ وَيُخْطِئُ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10254 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، وَقَدْ شَدَّ لَهُمْ إِبْلِيسُ أَقْدَامَهُمْ بِالرَّصَاصِ، فَجَاءَ وَمَعَهُ قَضِيبُهُ فَجَعَلَ يَهْوِي بِهِ إِلَى كُلِّ صَنَمٍ مِنْهَا فَيَخِرُّ لِوَجْهِهِ، وَيَقُولُ: " جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ". حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا كُلِّهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ.

10255 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةٍ، وَكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى، فَأَتَاهَا خَالِدٌ وَكَانَتْ عَلَى ثَلَاثِ سَمُرَاتٍ، فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ، وَهَدَمَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ:" ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا ".

فَرَجَعَ خَالِدٌ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ السَّدَنَةُ وَهُمْ حَجَبَتُهَا أَمْعَنُوا فِي الْجِبَلِ، يَقُولُونَ: يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ، فَأَتَاهُ خَالِدٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا تَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا، فَغَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ:" تِلْكَ الْعُزَّى» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10256 -

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مَرَّ عَلَى اللَّاتِ، فَقَالَ:

كُفْرَانَكِ لَا سُبْحَانَكِ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

10257 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ

ص: 176

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعُثْمَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ: " ائْتِنِي بِمِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ ". فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَنْتَظِرُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ، وَيَقُولُ:" مَا يَحْبِسُهُ؟ ". فَسَعَى إِلَيْهِ رَجُلٌ وَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عِنْدَهَا الْمِفْتَاحُ - حَسِبَتْ أَنَّهُ قَالَ: أُمُّ عُثْمَانَ - تَقُولُ: إِنْ أَخَذَهُ مِنْكُمْ لَمْ يُعْطِيكُمُوهُ أَبَدًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا عُثْمَانُ حَتَّى أَعْطَتْهُ الْمِفْتَاحَ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفَتَحَ الْبَابَ، ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ خَرَجَ وَالنَّاسُ مَعَهُ فَجَلَسَ عِنْدَ السِّقَايَةِ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَئِنْ كُنَّا أُوتِينَا النُّبُوَّةَ وَأُعْطِينَا السِّقَايَةَ وَأُعْطِينَا الْحِجَابَةَ، مَا قَوْمٌ بِأَعْظَمَ نَصِيبًا مِنَّا. فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ مَقَالَتَهُ ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَقَالَ:" غَيِّبُوهُ ".

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ - أَحْسَبُهُ قَالَ: - عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ حِينَ كَلَّمَهُ فِي الْمِفْتَاحِ: " إِنَّمَا أُعْطِيكُمْ مَا تُرْزَءُونَ، وَلَمْ أُعْطِكُمْ مَا تَرْزُءُونَ ". يَقُولُ: أُعْطِيكُمُ السِّقَايَةَ لِأَنَّكُمْ تَغْرَمُونَ فِيهَا، وَلَمْ أُعْطِكُمُ الْبَيْتَ. أَيْ إِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ هَدِيَّتِهِ»، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10258 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ: كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ.

10259 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أَوْ حُنَيْنٍ أَلْفٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَكِلَاهُمَا ثِقَةٌ.

10260 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ أَلْفٌ وَتِسْعُمِائَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَأَلْفٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَتِسْعُمِائَةٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَنَيِّفٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَنَيِّفٌ مِنْ أَسْلَمَ.»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو شَيْبَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10261 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْفَتْحُ فِي ثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10262 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" كُفُّوا السِّلَاحَ إِلَّا خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ "، فَأَذِنَ لَهُمْ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ قَالَ:" كُفُّوا السِّلَاحَ "، فَلَقِيَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرٍ مِنْ غَدٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَتَلَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ، وَرَأَيْتُهُ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ: " إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ،

ص: 177

أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ "، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنْ فُلَانًا ابْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا دَعْوَةَ فِي الْإِسْلَامِ، ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْأَثْلَبُ ". قَالُوا: وَمَا الْأَثْلَبُ؟ قَالَ: " الْحَجَرُ ".

قَالَ: وَقَالَ: " لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ ". قَالَ: " وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَفِي السُّنَنِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10263 -

وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ يَوْمَ الْفَتْحِ: " إِنَّ هَذَا الْعَامَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ، قَدِ اجْتَمَعَ حَجُّ الْمُسْلِمِينَ، وَحَجُّ الْمُشْرِكِينَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، وَاجْتَمَعَ حَجُّ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ مُنْذُ خُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَلَا يَجْتَمِعُ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ]

10264 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «قَالَ غُلَامٌ مِنَّا مِنَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ حُنَيْنٍ: لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ. فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَا عَدُوَّنَا فَانْهَزَمَ الْقَوْمُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالْعَبَّاسُ عَمُّهُ آخِذٌ بِغَرْزِهَا. وَكُنَّا فِي وَادٍ دَهْسٍ، فَارْتَفَعَ النَّقْعُ فَمَا مِنَّا أَحَدٌ يُبْصِرُ كَفَّهُ، إِذَا شَخْصٌ أَقْبَلَ فَقَالَ:" إِلَيْكَ مَنْ أَنْتَ؟ " قَالَ: أَنَا أَبُو بَكْرٍ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَبِهِ بِضْعُ عَشْرَةَ ضَرْبَةٍ.

ثُمَّ إِذَا شَخْصٌ قَدْ أَقْبَلَ، فَقَالَ:" إِلَيْكَ مَنْ أَنْتَ؟ " قَالَ: أَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَبِهِ بِضْعُ عَشْرَةَ ضَرْبَةٍ.

وَإِذَا شَخْصٌ قَدْ أَقْبَلَ وَبِهِ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ ضَرْبَةً، فَقَالَ:" إِلَيْكَ مَنْ أَنْتَ؟ ". قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي.

ثُمَّ إِذَا شَخْصٌ قَدْ أَقْبَلَ وَبِهِ بِضْعُ عَشْرَةَ ضَرْبَةً، فَقَالَ:" إِلَيْكَ مَنْ أَنْتَ؟ " فَقَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي.

ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَلَا رَجُلٌ صَيِّتٌ يَنْطَلِقُ فَيُنَادِي فِي الْقَوْمِ؟ ". فَانْطَلَقَ رَجُلٌ فَصَاحَ فَمَا

ص: 178

هُوَ إِلَّا أَنْ وَقَعَ صَوْتُهُ فِي أَسْمَاعِهِمْ فَأَقْبَلُوا رَاجِعِينَ، فَحَمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، وَانْحَازَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ عَلَى جُبَيْلٍ - أَوْ قَالَ: عَلَى أَكَمَةٍ - فِي زُهَاءِ سِتِّمِائَةٍ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: أَرَى وَاللَّهِ كَتِيبَةً قَدْ أَقْبَلَتْ، فَقَالَ: حِلُّوهُمْ لِي، فَقَالُوا: سِيمَاهُمْ كَذَا، حِلْيَتُهُمْ كَذَا. قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ، قُضَاعَةُ مُنْطَلِقَةٌ فِي آثَارِ الْقَوْمِ.

فَقَالُوا: نَرَى وَاللَّهِ كَتِيبَةً خَشْنَاءَ قَدْ أَقْبَلَتْ. قَالَ: حِلُّوهُمْ لِي. قَالُوا: سِيمَاهُمْ كَذَا، حِلْيَتُهُمْ كَذَا. قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ هَذِهِ سُلَيْمٌ.

ثُمَّ قَالُوا: نَرَى فَارِسًا قَدْ أَقْبَلَ، قَالَ: وَيْلَكُمُ، وَحْدَهُ؟ قَالُوا: وَحْدَهُ. قَالَ: حِلُّوهُ لِي، قَالُوا: مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، قَالَ دُرَيْدٌ: ذَاكَ وَاللَّهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَهُوَ وَاللَّهِ قَاتِلُكُمْ، وَمُخْرِجُكُمْ مِنْ مَكَانِكُمْ هَذَا، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: عَلَامَ هَؤُلَاءِ هَاهُنَا؟ فَمَضَى وَمَنِ اتَّبَعَهُ فَقَتَلَ بِهَا ثَلَاثَ مِائَةٍ وَحَزَّ رَأْسَ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ، فَجَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِكَثْرَةِ غَلَطِهِ وَتَمَادِيهِ فِيهِ، وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10265 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمَّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ قَالَ: انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أَجْوَفَ حَطُوطٍ إِنَّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا، قَالَ: وَفِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ قَدْ كَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ، وَفِي أَجْنَابِهِ، وَمَضَائِقِهِ، قَدْ أَجْمَعُوا وَتَهَيَّئُوا وَأَعَدُّوا.

قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا وَنَحْنُ مُنْحَطُّونَ إِلَّا الْكَتَائِبُ قَدْ شَدَّتْ عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَانْهَزَمَ النَّاسُ رَاجِعِينَ فَانْشَمَرُوا لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.

وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ الْيَمِينِ، ثُمَّ قَالَ: " إِلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ، إِلَّا أَنَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ غَيْرَ كَثِيرٍ.

وَفِي مَنْ ثَبَتَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، عليهما السلام، وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَابْنُهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عليهما السلام.

قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ، فِي يَدِهِ رَايَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ لَهُ طَوِيلٍ أَمَامَ النَّاسِ وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ، فَإِذَا أَدْرَكَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، فَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَاتَّبَعُوهُ».

10266 -

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

ص: 179

جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«بَيْنَمَا ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ هَوَازِنَ صَاحِبُ الرَّايَةِ عَلَى جَمَلِهِ ذَلِكَ يَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ، إِذْ هَوَى لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُرِيدَانِهِ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ عَلِيٌّ مِنْ خَلْفِهِ فَيَضْرِبُ عُرْقُوبَيِ الْجَمَلِ فَيُوقَعُ عَلَى عَجُزِهِ، وَوَثَبَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى الرَّجُلِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَطَنَّ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ فَانْعَجَفَ عَنْ رَحْلِهِ، وَاجْتَلَدَ النَّاسُ، فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ [مِنْ هَزِيمَتِهِمْ] حَتَّى [وَجَدُوا] الْأَسَارَى مُكَتَّفِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى وَزَادَ:«وَصَرَخَ حِينَ كَانَتِ الْهَزِيمَةُ كَلَدَةً، وَكَانَ أَخَا صَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ، فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: اسْكُتْ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ» .

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ فِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10267 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَالَ: فَوَلَّى [عَنْهُ] النَّاسُ، وَثَبَتَ مَعَهُ ثَمَانُونَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

فَنَكَصْنَا عَلَى أَقْدَامِنَا نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ قَدَمًا، وَلَمْ نُوَلِّهِمُ الدُّبُرَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ يَمْضِي قُدُمًا، فَحَادَتْ بِهِ بَغْلَتُهُ فَمَالَ عَنِ السَّرْجِ، فَقُلْتُ [لَهُ]: ارْتَفِعْ رَفَعَكَ اللَّهُ، فَقَالَ:" نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ تُرَابٍ ". فَضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ فَامْتَلَأَتْ أَعْيُنُهُمْ تُرَابًا، [ثُمَّ] قَالَ:" أَيْنَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ؟ " قُلْتُ: هُمْ أُولَاءِ، قَالَ:" اهْتِفْ بِهِمْ " فَهَتَفَ بِهِمْ فَجَاءُوا وَسُيُوفُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهَا الشُّهُبُ، وَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ أَدْبَارَهُمْ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10268 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنَادَى:" يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ". ثُمَّ اسْتَحَرَّ النِّدَاءُ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَلَمَّا سَمِعُوا النِّدَاءَ أَقْبَلُوا، فَوَاللَّهِ مَا شَبَّهْتُهُمْ إِلَّا [إِلَى] الْإِبِلَ تَحِنُّ إِلَى أَوْلَادِهَا، فَلَمَّا الْتَقَوُا الْتَحَمَ الْقِتَالُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ ". وَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَبْيَضَ فَرَمَى بِهِ، وَقَالَ:" هُزِمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ".

وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ النَّاسِ قِتَالًا بَيْنَ يَدَيْهِ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ،

ص: 180

وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عِمْرَانَ بْنِ دَاوَرَ وَهُوَ أَبُو الْعَوَّامِ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.

10269 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: زَيْدٌ، وَهُوَ آخِذٌ بِعِنَانِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشَّهْبَاءِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" وَيْحَكَ ادْعُ النَّاسَ ". فَنَادَى زَيْدٌ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوكُمْ. فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ، فَقَالَ:" ادْعُ الْأَنْصَارَ ". فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوكُمْ. فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ، فَقَالَ:" وَيْحَكَ خُصَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ ". فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوكُمْ. فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ، فَقَالَ:" وَيْحَكَ خُصَّ الْمُهَاجِرِينَ ; فَإِنَّ لِي فِي أَعْنَاقِهِمْ بَيْعَةً ".

قَالَ: فَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْهُمْ أَلْفٌ قَدْ طَرَحُوا الْجُفُونَ حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَشَوْا قُدُمًا حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10270 -

وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: " جُزُّوهُمْ جَزًّا ". وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْحَلْقِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10271 -

وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ بَدَلٍ قَالَ: «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ أَجْمَعُونَ إِلَّا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ، فَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وُجُوهَنَا بِقَبْضَةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَانْهَزَمْنَا، فَمَا يُخَيَّلُ لِي أَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ وَلَا حَجَرٍ إِلَّا وَهُوَ فِي آثَارِنَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10272 -

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلَالِ الشَّجَرِ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ لَبِسْتُ لَأْمَتِي، وَرَكِبْتُ فَرَسِي، فَأَتَيْتُهُ فِي فُسْطَاطِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:" وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ". فَقُلْتُ: حَانَ الرَّوَاحُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " فَنَادِ بِلَالًا "، فَثَارَ بِلَالٌ مِنْ تَحْتِ شَجَرَةٍ كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَأَنَا فِدَاؤُكَ، فَقَالَ:" أَسْرِجْ لِي فَرَسِي "[فَأَخْرَجَ] سَرْجًا دَفَّتَاهُ مِنْ لِيفٍ، لَيْسَ فِيهِ أَشَرٌ وَلَا بَطَرٌ ".

فَأَسْرَجَ لَهُ ثُمَّ رَكِبَ وَمَضَيْنَا عَشِيَّتَنَا وَلَيْلَتَنَا، فَلَمَّا تَشَامَّتِ الْخَيْلَانِ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا عِبَادَ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ". وَاقْتَحَمَ عَنْ فَرَسِهِ فَنَزَلَ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى.

قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ ضَرَبَ

ص: 181

وُجُوهَهُمْ، وَقَالَ:" شَاهَتِ الْوُجُوهُ ". فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ.

قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَبْنَاؤُهُمْ أَنَّ آبَاءَهُمْ، قَالُوا: فَمَا بَقِيَ مِنَّا يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا امْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ تُرَابًا، وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ كَإِمْرَارِ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ».

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ إِلَى قَوْلِهِ: " لَيْسَ فِيهِ أَشَرٌ وَلَا بَطَرٌ ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

10273 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ، فَرَمَى بِهِ وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ.

10274 -

وَعَنْ يَاسِرٍ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ يُحَدِّثُ، قَالَ:

«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ أَنْ يَقِفَ هُوَ وَقَوْمُهُ جُهَيْنَةُ بْنُ زَيْدٍ يَوْمَ هَوَازِنَ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا مَعْشَرَ جُهَيْنَةَ، كُونُوا بِأَعْقَابِ بَنِي سُلَيْمٍ فَإِنْ جَاشُوا فَضَعُوا السِّلَاحَ بِأَقْفِيَتِهِمْ وَشِعَارِهِمْ ".

فَجَاشَتْ يَوْمَئِذٍ قَبِيلَةٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو عَصِيَّةَ ; لِأَنَّهُمْ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَتَلَتْهُمْ جُهَيْنَةُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جُهَيْنَةَ، فَتَقَدَّمَتْ إِلَى هَوَازِنَ وَصَرَفَ سُلَيْمًا عَنْ مَوْقِفِهِمْ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ يَوْمَئِذٍ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَقَتَلَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ يَوْمَئِذٍ ابْنَ ذِي الْبُرْدَيْنِ الْهِلَالِيَّ، وَكَانَ لِجُهَيْنَةَ فِيهِمْ بَلَاءٌ حَسَنٌ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10275 -

وَعَنْ عِيَاضٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى هَوَازِنَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَقَتَلَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِثْلَ مَا قَتَلَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَفًّا مِنْ بَطْحَاءَ فَرَمَاهُ فِي وُجُوهِنَا فَهَزَمَنَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10276 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ: " أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ".»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10277 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: " الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ " ثُمَّ قَالَ: " هُزِمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10279 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ السُّوَائِيِّ ; «أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ انْكِشَافَةٍ انْكَشَفَهَا الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَتَبِعَتْهُمُ الْكُفَّارُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْضَةً مِنَ الْأَرْضِ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ وَقَالَ:" ارْجِعُوا شَاهَتِ الْوُجُوهُ ".

فَمَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ يَلْقَى أَخَاهُ إِلَّا وَهُوَ يَشْكُو الْقَذَى

ص: 182

وَيَمْسَحُ عَيْنَيْهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10280 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ السُّوَائِيِّ - «وَكَانَ شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ أَسْلَمَ - قَالَ: سَأَلْنَاهُ عَنِ الرُّعْبِ الَّذِي أَلْقَاهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَيْفَ كَانَ؟ فَأَخَذَ حَصَاةً فَرَمَى بِهَا طَسْتًا فَطَنَّ، قَالَ: كُنَّا نَجِدُ فِي أَجْوَافِنَا مِثْلَ هَذَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10280 -

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: «رَأَيْتُ يَوْمَ حُنَيْنٍ شَيْئًا أَسْوَدَ مِثْلَ الْبِجَادِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَلَمَّا دُفِعَ إِلَى الْأَرْضِ فَشَا [فِي الْأَرْضِ] ذَرًّا وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا عَبَّادُ بْنُ آدَمَ، وَلَمْ يُوَثِّقْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ.

10281 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ حَصًى " فَنَاوَلْتُهُ فَرَمَى بِهِ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، فَمَا بَقِيَ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ إِلَّا مُلِئَتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحَصَى، فَنَزَلَتْ:(وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى)» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10282 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ فَرَمَى بِهِ وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَيْفٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10283 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ يُقَالُ لَهَا: دُلْدُلٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" دُلْدُلُ اسْدِي ". فَأَلْزَقَتْ بَطْنَهَا بِالْأَرْضِ حَتَّى أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِفْنَةً مِنْ تُرَابٍ، فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ:" حم، لَا يُنْصِرُونَ ".

فَانْهَزَمَ الْقَوْمُ وَمَا رَمَيْنَاهُمْ بِسَهْمٍ، وَلَا طَعَنَّاهُمْ بِرُمْحٍ، وَلَا ضَرَبْنَا بِسَيْفٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10284 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي الْإِسْلَامُ، وَلَا مَعْرِفَةٌ بِهِ، وَلَكِنِّي أَنِفْتُ أَنْ تَظْهَرَ هَوَازِنُ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَى خَيْلًا بُلْقًا قَالَ:" يَا شَيْبَةُ، إِنَّهُ لَا يَرَاهَا إِلَّا كَافِرٌ ".

فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ " ثُمَّ ضَرَبَهَا ثَانِيَةً ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ " فَوَاللَّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ مِنَ الثَّالِثَةِ مِنْ صَدْرِي حَتَّى مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ.

قَالَ: فَالْتَقَى النَّاسُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَةٍ أَوْ بَغْلَةٍ، وَعُمَرُ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِثَغْرِ دَابَّتِهِ، فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، فَنَادَى الْعَبَّاسُ بِصَوْتٍ لَهُ جَهْرٌ

ص: 183

فَقَالَ: أَيْنَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ؟ أَيْنَ أَصْحَابُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ؟ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ قُدُمًا: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ".

فَعَطَفَ الْمُسْلِمُونَ فَاصْطَلَمُوا بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ " قَالَ: وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10285 -

وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ: «لَمَّا غَزَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، تَذَكَّرْتُ أَبِي وَعَمِّيَ قَتَلَهُمَا عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي فِي مُحَمَّدٍ، [فَجِئْتُهُ] فَإِذَا الْعَبَّاسُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ، فَكَشَفَ عَنْهَا الْعَجَاجَ، فَقُلْتُ: عَمُّهُ لَنْ يَخْذُلَهُ.

فَجِئْتُهُ عَنْ يَسَارِهِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ: ابْنُ عَمِّهِ لَنْ يَخْذُلَهُ، فَجِئْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ فَدَنَوْتُ وَدَنَوْتُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ أَسُورَ سَوْرَةً بِالسَّيْفِ، رُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ كَأَنَّهُ الْبَرْقُ فَخِفْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَنَكَصْتُ الْقَهْقَرَى، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" تَعَالَ يَا شَيْبُ ".

فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى صَدْرِي فَاسْتَخْرَجَ اللَّهُ الشَّيْطَانَ مِنْ قَلْبِي فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ بَصَرِي وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمِنْ كَذَا، فَقَالَ لَهُ:" يَا شَيْبُ، قَاتِلِ الْكُفَّارَ ".

ثُمَّ قَالَ: " يَا عَبَّاسُ، اصْرُخْ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَبِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا ". فَمَا شَبَّهْتُ عَطْفَةَ الْأَنْصَارِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْبَقَرَ عَلَى أَوْلَادِهَا حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ حَرَجَةٌ.

قَالَ: فَلَرِمَاحُ الْأَنْصَارِ كَانَتْ عِنْدِي أَخْوَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رِمَاحِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ:" يَا عَبَّاسُ، نَاوِلْنِي مِنَ الْبَطْحَاءِ ". فَأَفْقَهَ اللَّهُ الْبَغْلَةَ كَلَامَهُ فَاخْتَفَضَتْ بِهِ حَتَّى كَادَ بَطْنُهَا يَمَسُّ الْأَرْضَ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحَصْبَاءِ فَنَفَخَ فِي وُجُوهِهِمْ وَقَالَ: " شَاهَتِ الْوُجُوهُ حم، لَا يُنْصَرُونَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10286 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْجُمَحِيِّ قَالَ: مَالِكُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ وَاثِلَةَ بْنِ دَهْمَانَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ.

قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: «وَكَانَ عَوْفٌ رَئِيسًا مِقْدَامًا كَانَ أَوَّلُ ذِكْرِهِ وَمَا شُهِرَ مِنْ بَلَائِهِ يَوْمَ الْفِجَارِ مَعَ قَوْمِهِ كَثُرَ صَنِيعُهُ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ عَلَى هَوَازِنَ حِينَ لَقِيَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَاقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ،

ص: 184

فَخَالَفَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ فَلَجَّ وَأَبَى، فَصَارُوا إِلَى أَمْرِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوا رَأْيَهُ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ رَئِيسَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى هَزِيمَةَ أَصْحَابِهِ قَصَدَ نَحْوَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ شَدِيدَ الْإِقْدَامِ، لِيُصِيبَهُ زَعْمٌ، فَوَافَاهُ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ، فَقَاتَلَهُ وَحَمَلَ فَرَسَهُ مِحَاجًا فَلَمْ يُقْدِمْ، ثُمَّ أَرَادَهُ وَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُقْدِمْ، فَقَالَ.

أَقْدِمْ مَحَاجُ إِنَّهُ يَوْمٌ نُكُرْ

مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ يَحْمِي وَيَكِرْ

وَيَطْعَنُ الطَّعْنَةَ تَفْرِي وَتُهِرْ

لَهَا مِنَ الْبَطْنِ نَجِيعٌ مُنْهَمِرْ

وَثَعْلَبُ الْعَامِلَ فِيهَا مُنْكَسِرْ

إِذَا اجْرَأَلَّتْ زُمَرٌ بَعْدَ زُمَرْ

ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ الْقَادِسِيَّةَ فَقَالَ:

أَقْدِمْ مَحَاجِ إِنَّهَا الْأَسَاوِرَهْ

وَلَا يَهُولَنَّكَ رَجُلٌ نَادِرَهْ

ثُمَّ انْهَزَمَ مِنْ حُنَيْنٍ فَصَارَ إِلَى الطَّائِفِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْ أَتَانِي لَأَمَّنْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ مِائَةً ". فَجَاءَ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، وَوَجَّهَهُ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الطَّائِفِ.

وَكَتَبَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما يَسْتَمِدُّهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: تَسْتَمِدُّنِي وَأَنْتَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَمَعَكَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: حَنْظَلَةُ الْكَاتِبُ.

قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ قَوْمِهِ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي يَتَأَلَّفُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ آخُذَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَجْرًا، فَأَنَا أَرُدُّهَا قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يُعْطِكَهَا إِلَّا وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا لَكَ حَقٌّ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ خَيَّاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْجُمَحِيِّ، وَكِلَاهُمَا ثِقَةٌ.

10287 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ «أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَانَ يَحْثِي فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10288 -

وَعَنِ امْرَأَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ رَافِعًا رُمِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ أَوْ يَوْمَ حُنَيْنٍ - أَنَا أَشُكُّ - بِسَهْمٍ فِي ثُنْدُوَتِهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزَعِ السَّهْمَ، قَالَ: " يَا رَافِعُ، إِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ وَالْقُطْبَةَ جَمِيعًا، وَإِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ وَتَرَكْتُ الْقُطْبَةَ، وَشَهِدْتُ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّكَ شَهِيدٌ؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزَعِ السَّهْمَ وَدَعِ الْقُطْبَةَ، قَالَ: فَنَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّهْمَ وَتَرَكَ الْقُطْبَةَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَامْرَأَةُ رَافِعٍ لَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ

ص: 185

ثِقَاتٌ.

10289 -

وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَوْذِيِّ [عَنْ أَبِيهِ] قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ - يَعْنِي ابْنَ الْمُحَبَّقِ - فَقَالَ: وُلِدْتُ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَبُشِّرَ بِي أَبِي، فَقَالُوا: وُلِدَ لَكَ غُلَامٌ، فَقَالَ: سَهْمٌ أَرْمِي بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَ مِمَّا بَشَّرْتُمُونِي بِهِ، وَسَمَّانِي سِنَانًا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَحَبِيبٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ.

10290 -

وَعَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ، قَالَ:«قَاتَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْصُرْنَا اللَّهُ وَلَمْ يُظْهِرْنَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي غَنَائِمِ هَوَازِنَ وَسَبْيِهِمْ]

10291 -

عَنْ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَحْبِسَ السَّبَايَا وَالْأَمْوَالَ بِالْجِعْرَانَةِ حَتَّى يَقْدَمَ فَحُبِسَتْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ بُدَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يُسَمِّ ابْنَ بُدَيْلٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10292 -

وَعَنْ أَبِي جَرْوَلٍ زُهَيْرِ بْنِ صُرَدَ قَالَ: «لَمَّا أَسَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ يَوْمَ هَوَازِنَ، وَذَهَبَ يُفَرِّقُ السَّبْيَ وَالشَّاءَ أَتَيْتُهُ، فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ:

امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ

فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَنْتَظِرُ

امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ

مُشَتَّتٌ شَمْلُهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ

أَبْقَتْ لَنَا الدَّهْرَ هُتَّافًا عَلَى حَزَنٍ

عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغَمْرُ

إِنْ لَمْ تُدَارِكْهُمُ رَحْمَاءُ تَنْشُرُهَا

يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ

امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا

إِذْ فُوكَ يَمْلَأُهُ مِنْ مَخْضِهَا الدُّرَرُ

إِذْ كُنْتَ طِفْلًا صَغِيرًا كُنْتَ تَرْضَعُهَا

وَإِذْ يُزَيِّنُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ

لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ

وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهْرُ

إِنَّا لَنَشْكُرُ لِلنَّعْمَاءِ إِذْ كُفِرَتْ

وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخَرُ

فَأَلْبِسِ الْعَفْوَ مَنْ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهُ

مِنْ أُمَّهَاتِكَ إِنَّ الْعَفْوَ مُشْتَهِرُ

يَا خَيْرَ مَنْ مَرِحَتْ كُمْتُ الْجِيَادِ بِهِ

عِنْدَ الْهَيَاجِ إِذَا مَا اسْتَوْقَدَ الشَّرَرُ

إِنَّا نُؤَمِّلُ عَفْوًا مِنْكَ تَلْبَسُهُ

هَادِي الْبَرِيَّةِ إِذْ يَعْفُو وَيَنْتَصِرُ

فَاعْفُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا أَنْتَ رَاهِبُهُ

يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ يُهْدِي لَكَ الظَّفَرُ

فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الشِّعْرَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ ". وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: مَا كَانَ لَنَا

ص: 186

فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10293 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ وَفْدَ هَوَازِنَ لَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ، وَقَدْ أَسْلَمُوا قَالُوا: إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ.

وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يُقَالُ لَهُ: زُهَيْرٌ، وَيُكَنَّى بِأَبِي صُرَدَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نِسَاؤُنَا عَمَّاتُكَ وَخَالَاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللَّاتِي كَفَلْنَكَ، وَلَوْ أَنَّا لَحِقَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثُمَّ نَزَلَ بِنَا مِنْهُ مِثْلُ الَّذِي أَنْزَلْتَ بِنَا لَرَجَوْنَا عَطْفَهُ وَعَائِدَتَهُ عَلَيْنَا، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ.

ثُمَّ أَنْشَدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِعْرًا قَالَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ قَرَابَتَهُ، وَمَا كَفَلُوا مِنْهُ فَقَالَ:

امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ

فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَنْتَظِرُ

امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ

مُفَرَّقٌ شَمْلُهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ

أَبْقَتْ لَنَا الدَّهْرَ هُتَّافًا عَلَى حَزَنٍ

عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغِمْرُ

إِنْ لَمْ تُدَارِكْهُمُ رَحْمَاءُ تَنْشُرُهَا

يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ

امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا

إِذْ فُوكَ تَمْنَؤُهُ مِنْ مَخْضِهَا دُرَرُ

إِذْ كُنْتَ طِفْلًا صَغِيرًا كُنْتَ تَرْضَعُهَا

وَإِذْ يُزَيِّنُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ

لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ

وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهْرُ.

قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَلَكِنَّهُ ثِقَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10294 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[يَوْمَ حُنَيْنٍ] وَجَاءَتْهُ وُفُودُ هَوَازِنَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ فَمُنَّ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ; فَإِنَّهُ [قَدْ] نَزَلَ بِنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَقَالَ:" اخْتَارُوا بَيْنَ نِسَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَنْسَابِكُمْ ". قَالُوا: خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحْسَابِنَا وَأَمْوَالِنَا، نَخْتَارُ أَبْنَاءَنَا، فَقَالَ:" مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، فَإِذَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ فَقُولُوا: إِنَّا [نَسْتَشْفِعُ] بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبِالْمُسْلِمِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نِسَائِنَا وَأَبْنَائِنَا ".

قَالَ: فَفَعَلُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ "، وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي فَزَارَةَ فَلَا، وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا، وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا، فَقَالَ الْحَيَّانِ: كَذَبْتَ!! بَلْ

ص: 187

هُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ [رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، رُدُّوا عَلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَمَنْ تَمَسَّكَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَلَهُ عَلَيْنَا سِتَّةُ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ مَا يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا ".

ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَتَعَلَّقَ بِهِ النَّاسُ يَقُولُونَ: اقْسِمْ عَلَيْنَا فَيْئَنَا بَيْنَنَا حَتَّى أَلْجَئُوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطَفَتْ رِدَاءَهُ، فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ بِعَدَدِ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمً لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَلْقُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذُوبًا ".

ثُمَّ دَنَا مِنْ بَعِيرٍ فَأَخَذَ وَبَرَةً مِنْ سَنَامِهِ فَجَعَلَهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ثُمَّ رَفَعَهَا، فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ وَلَا هَذِهِ، إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخَمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فَرُدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمَخِيطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ يَكُونُ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَارًا وَنَارًا وَشَنَارًا ".

فَقَامَ رَجُلٌ مَعَهُ كُبَّةٌ مِنْ شَعْرٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَذْتُ هَذِهِ أُصْلِحُ بِهَا بَرْدَعَةَ بَعِيرٍ لِي دَبِرَ. فَقَالَ: " أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكَ ". فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا إِذَا بَلَغَتْ مَا أَرَى فَلَا أَرَبَ لِي بِهَا. وَنَبَذَهَا».

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُ أَحَدِ إِسْنَادَيْهِ ثِقَاتٌ.

10295 -

«وَعَنْ عَطِيَّةَ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَبْيِ هَوَازِنَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَشِيرَتُكَ وَأَصْلُكَ، وَكُلُّ الْمُرْضِعِينَ دُونَكَ، وَلِهَذَا الْيَوْمِ اخْتَبَأْنَاكَ، وَهُنَّ أُمَّهَاتُكَ وَأَخَوَاتُكَ وَخَالَاتُكَ.

فَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ إِلَّا رَجُلَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اذْهَبُوا فَخَيِّرُوهُمَا "، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنِّي أَتْرُكُهُ. وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَتْرُكُهُ.

فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ أَخِسَّ سَهْمَهُ ". فَكَانَ يَمُرُّ بِالْجَارِيَةِ الْبِكْرِ وَالْغُلَامِ فَيَدَعُهُ حَتَّى مَرَّ بِعَجُوزٍ قَالَ: فَإِنِّي آخُذُ هَذِهِ فَإِنَّهَا أُمُّ حَيٍّ، وَيَسْتَفْدُونَهَا مِنِّي بِمَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، فَكَبَّرَ عَطِيَّةُ وَقَالَ: خُذْهَا.

ثُمَّ قَالَ لِلرَّسُولِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا فُوهَا بِبَارِدٍ، وَلَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدٍ، وَلَا وَافِدُهَا بِوَاجِدٍ، عَجُوزٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَقْرَاءُ سَبِيَّةٌ مَا لَهَا أَحَدٌ، فَلَمَّا رَآهَا لَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ تَرَكَهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إِسْنَادِهِ الزُّبَيْرُ وَالِدُ النُّعْمَانِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصَّنْعَانِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10296 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ، يُكَنَّى أَبَا خَالِدٍ وَأُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ

ص: 188

أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ بَعِيرٍ مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ.

10297 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَسْمًا عَلَى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، فَوَجَدَتِ الْأَنْصَارُ فِي أَنْفُسِهَا، فَقَالُوا: قَسَمَ فِيهِمْ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَذْهَبُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَكُمْ؟ ". قَالُوا: بَلَى» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ الطَّهْرَانِيِّ: كَانَ ثِقَةً.

10298 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِوَفْدِ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ: " مَاذَا فَعَلَ مَالِكٌ؟ ". قَالَ: هُوَ بِالطَّائِفِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَخْبِرُوا مَالِكًا أَنَّهُ إِنْ يَأْتِنِي مُسْلِمًا رَدَدْتُ إِلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، وَأَعْطَيْتُهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ". فَأُتِيَ مَالِكٌ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّائِفِ، وَكَانَ مَالِكٌ خَافَ ثَقِيفًا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَيَحْبِسُوهُ، فَأَمَرَ بِرَاحِلَةٍ لَهُ فَهُيِّئَتْ، وَأَمَرَ بِفَرَسٍ لَهُ فَأُتِيَ بِهِ مِنَ الطَّائِفِ، فَخَرَجَ لَيْلًا فَجَلَسَ عَلَى فَرَسِهِ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَدْرَكَهُ بِالْجِعْرَانَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، وَأَعْطَاهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10299 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَسِّمُ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ وَجِبْرِيلُ إِلَى جَنْبِهِ، فَجَاءَ مَلَكٌ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِجِبْرِيلَ: " تَعْرِفُهُ؟ "، فَقَالَ: هُوَ مَلَكٌ وَمَا كُلُّ مَلَائِكَةِ رَبِّكَ أَعْرِفُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَزَادَ: فَخَشِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُونَ شَيْطَانًا.

وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَرُمِيَ بِالْكَذِبِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ فِي غَنَائِمِ حُنَيْنٍ.

[بَابٌ فِي مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ]

10300 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: أَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10301 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ فِي مَنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ.

قُلْتُ: هَذَا مَكْتُوبٌ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَيْسَ هُوَ فِي السَّمَاعِ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10302 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَهُوَ أَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ أَخُو بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَهُوَ أَخُو أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِأُمِّهِ.

10303 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: وَقُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى: زَيْدُ بْنُ رَبِيعَةَ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى: زَيْدُ بْنُ زَمْعَةَ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ:

ص: 189

هَكَذَا قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ وَهْمٌ. قُلْتُ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَزِيدُ كَمَا سَيَأْتِي عَنِ الزُّهْرِيِّ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ: سُرَاقَةُ بْنُ الْحُبَابِ.

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

10304 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ: مُرَّةُ بْنُ سُرَاقَةَ بْنِ الْحُبَابِ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ.

وَاسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أَسَدٍ: يَزِيدُ بْنُ زَمْعَةَ.

وَرِجَالُهُمَا إِلَى الزُّهْرِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10305 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي أَسَدٍ: يَزِيدُ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ جَمَحَ بِهِ فَرَسٌ - يُقَالُ لَهُ: الْجَنَاحُ - فَقَتَلَهُ.

وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَنْصَارِ: سُرَاقَةُ بْنُ الْحُبَابِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. وَإِسْنَادُهُمَا إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

[بَابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ]

10306 -

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِصْنَ الطَّائِفِ، تَدَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَكَرَةٍ، فَقَالَ: " كَيْفَ تَدَلَّيْتَ؟ " فَقُلْتُ: تَدَلَّيْتُ بِبَكَرَةٍ، قَالَ: " أَنْتَ أَبُو بَكَرَةٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو الْمِنْهَالِ الْبَكْرَاوِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10307 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّائِفِ مِنَ الْأَنْصَارِ: ثَابِتُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَثَعْلَبَةُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْجَذْعُ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ: رُقَيْمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ.

رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10308 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّائِفِ مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَالِمٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي حَرَامٍ: ثَعْلَبَةُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْجَذْعُ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ: رُقَيْمُ بْنُ ثَابِتٍ أَوْ ثَابِتُ بْنُ ثَعْلَبَةَ.

رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إِسْنَادِهِمَا ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

10309 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّائِفِ: جُلَيْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ نَاشِبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْأَوْسِ: رُقَيْمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ثَوْبَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ: سَعِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي. رَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهَا ثِقَاتٌ.

10310 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ أَخُو أُمِّ سَلَمَةَ لِأَبِيهَا، أُمُّهُ: عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 190

- صلى الله عليه وسلم أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّائِفِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم.

[بَابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ]

10311 -

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ:

«أَنَّهُ شَهِدَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه أَيَّامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ وَالْقُوَّةِ وَالتَّأَسِّي وَكَانَتْ نَصَارَى الْعَرَبِ كَتَبَتْ إِلَى هِرَقْلَ: إِنَّ هَذَا الَّذِي خَرَجَ يَنْتَحِلُ النُّبُوَّةَ قَدْ هَلَكَ وَأَصَابَتْهُ سِنُونُ فَهَلَكَتْ أَمْوَالُهُمْ، فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَلْحَقَ دِينَكَ فَالْآنَ، فَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يُقَالُ لَهُ: الضِّنَادُ، وَجَهَّزَ مَعَهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ فِي الْعَرَبِ، وَكَانَ يَجْلِسُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيَدْعُو وَيَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ فَلَنْ تُعْبَدَ فِي الْأَرْضِ " فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ قُوَّةٌ.

وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَدْ جَهَّزَ عِيرًا إِلَى الشَّامِ يُرِيدُ أَنْ يَمْتَارَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ مِائَتَا بَعِيرٍ بِأَقْتَابِهَا وَأَحْلَاسِهَا وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرَ النَّاسُ [ثُمَّ قَامَ مَقَامًا آخَرَ، وَأَمَرَ بِالصَّدَقَةِ، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَاتَا مِائَتَانِ وَمَائَتَا أُوقِيَّةٍ،، فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ] وَأَتَى عُثْمَانُ بِالْإِبِلِ وَأَتَى بِالصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" لَا يَضُرُّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10312 -

وَعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ [وَكُنْتُ] عَلَى خِدْمَتِهِ ذَلِكَ السَّفَرَ، فَنَظَرْتُ إِلَى نِحْيِ السَّمْنِ قَدْ قَلَّ مَا فِيهِ، وَهَيَّأْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَوَضَعْتُ السَّمْنَ فِي الشَّمْسِ وَنِمْتُ، فَانْتَبَهْتُ بِخَرِيرِ النِّحْيِ، فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ بِيَدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَآنِي: " لَوْ تَرَكْتَهُ لَسَالَ وَادِيًا سَمْنًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ إِحْدَاهُمَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَرِجَالُهُمَا وُثِّقُوا.

10313 -

وَعَنْ أَبِي رُهْمٍ قَالَ: «كُنَّا فِي مَسِيرٍ وَإِلَى جَنْبِي رَجُلٌ أَزْحَمُهُ بِاللَّيْلِ وَلَا أَعْرِفُهُ، فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ هَذَا؟ " قُلْتُ: أَبُو رُهْمٍ، قَالَ:" مَا فَعَلَ النَّفَرُ الطِّوَالُ الْجِعَادُ الْأُدْمُ مِنْ بَنِي غِفَارٍ؟ هَلْ مَعَنَا مِنْهُمْ فِي الْمَسِيرِ أَحَدٌ؟ " قُلْتُ: لَا. قَالَ: " فَمَا فَعَلَ النَّفَرُ الْأُدْمُ الْقِصَارُ الْخُنَّسُ مِنْ أَسْلَمَ؟ هَلْ مَعَنَا مِنْهُمْ فِي الْمَسِيرِ أَحَدٌ؟ ". قُلْتُ: لَا. قَالَ: " فَمَا فَعَلَ النَّفَرُ الْحُمْرُ الثِّطَاطُ؟ هَلْ مَعَنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي الْمَسِيرِ؟ ". قُلْتُ: لَا. قَالَ: " مَا مِنْ أَهْلِي أَحَدٌ أَعَزُّ عَلَيَّ مُخَلَّفًا مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ وَأَسْلَمَ وَغِفَارٍ، فَمَا يَمْنَعُ أَحَدَهُمْ إِذَا تَخَلَّفَ أَنْ يَفْقِرَ الْبَعِيرَ مِنْ إِبِلِهِ، فَيَكُونَ لَهُ مِثْلُ

ص: 191

أَجْرِ الْخَارِجِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادَيْنِ، وَفِيهِ ابْنُ أَخِي أَبِي رُهْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحَدِ الْإِسْنَادَيْنِ ثِقَاتٌ.

10314 -

وَعَنْ أَبِي رُهْمٍ الْغِفَارِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ - قَالَ:

«غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَبُوكَ، فَلَمَّا فَصَلَ سَرَى لَيْلَةً فَسِرْتُ قَرِيبًا مِنْهُ، وَأُلْقِيَ عَلَيَّ النُّعَاسُ فَطَفِقْتُ أَسْتَيْقِظُ وَقَدْ دَنَتْ رَاحِلَتِي مِنْ رَاحِلَتِهِ فَيُفْزِعُنِي دُنُوُّهَا ; خَشْيَةَ أَنْ أُصِيبَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، فَأُؤَخِّرَ رَاحِلَتِي حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي نِصْفَ اللَّيْلِ، فَرَكِبَتْ رَاحِلَتِي رَاحِلَتَهُ، وَرِجْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَرْزِ فَأَصَابَتْ رِجْلَهُ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِقَوْلِهِ: " حِسَّ ". فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: " سَلْ ". فَطَفِقَ يَسْأَلُنِي عَنْ بَنِي غِفَارٍ فَأُخْبِرُهُ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُنِي: " مَا فَعَلَ النَّفَرُ الْحُمْرُ الطِّوَالُ الثِّطَاطُ أَوِ الْقِصَارُ - عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَشُكُّ - الَّذِينَ لَهُمْ نَعَمٌ بِشَظِيَّةِ شَرْخٍ؟ ". فَذَكَرْتُهُمْ فِي بَنِي غِفَارٍ فَلَمْ أَذْكُرْهُمْ حَتَّى ذَكَرْتُ رَهْطًا مِنْ أَسْلَمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَمْنَعُ أَحَدَ أُولَئِكَ حِينَ تَخَلَّفَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِهِ امْرَأً نَشِيطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَعَزَّ أَهْلِي عَلَيَّ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنِّيَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارٌ» .

10315 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " مَا فَعَلَ النَّفَرُ الْقِصَارُ السُّودُ الْجِعَادُ؟ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُولَئِكَ خُلَفَاءُ فِينَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ: " سِرْ " بَدَلَ: " سَلْ ". وَقَالَ: " مَا فَعَلَ النَّفَرُ السُّوَادُ الْجِعَادُ الْقِصَارُ الَّذِينَ لَهُمْ نَعَمٌ بِشَبَكَةِ شَرْخٍ؟ ". قَالَ: فَتَذَكَّرْتُهُمْ فِي بَنِي غِفَارٍ فَلَمْ أَذْكُرْهُمْ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّهُمْ رَهْطٌ مِنْ أَسْلَمَ وَقَدْ تَخَلَّفُوا.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «مَا مَنَعَ أَحَدَ أُولَئِكَ حِينَ تَخَلَّفَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى إِبِلِهِ امْرَأً نَشِيطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّ أَعَزَّ أَهْلِي عَلَيَّ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنِّي الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالْأَنْصَارُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارٌ» .

فِي إِسْنَادِهِمَا ابْنُ أَخِي أَبِي رُهْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

10316 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ قَالَ: «تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلْتُ حَائِطًا فَرَأَيْتُ عَرِيشًا قَدْ رُشَّ بِالْمَاءِ، وَرَأَيْتُ زَوْجَتِي فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِالْإِنْصَافِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّمُومِ وَالْحَمِيمِ، وَأَنَا فِي الظِّلِّ وَالنَّعِيمِ، فَقُمْتُ إِلَى نَاضِحٍ فَاحْتَقَبْتُهُ، وَإِلَى تَمَرَاتٍ فَتَزَوَّدْتُهَا، فَنَادَتْ زَوْجَتِي إِلَيَّ: أَيْنَ يَا أَبَا خُثَيْمَةَ؟ فَخَرَجْتُ أُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَقِيَنِي عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ رَجُلٌ جَرِيءٌ وَإِنِّي أَعْرِفُ، جِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي امْرُؤٌ مُذْنِبٌ، فَتَخَلَّفْ عَنِّي حَتَّى أَخْلُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم.

فَتَخَلَّفَ عَنِّي عُمَيْرٌ،

ص: 192

فَلَمَّا طَلَعْتُ عَلَى الْعَسْكَرِ فَرَآنِي النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" كُنْ أَبَا خُثَيْمَةَ " فَجِئْتُ فَقُلْتُ: كِدْتُ أَهْلَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا وَدَعَا لِي».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10317 -

وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا غَزْوَةَ تَبُوكَ فَجَهِدَ الظَّهْرُ جَهْدًا شَدِيدًا، فَشَكَوْا إِلَيْهِ ذَلِكَ، قَالَ: وَرَآهُمْ رِجَالًا لَا يُرَوِّحُونَ ظَهْرَهُمْ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَضِيقٍ يَمُرُّ النَّاسُ فِيهِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ فَنَفَخَ فِيهَا نَفْخَةً، وَقَالَ:" اللَّهُمَّ احْمِلْ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِكَ، فَإِنَّكَ تَحْمِلُ عَلَى الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ".

قَالَ: فَاسْتَمَرَّتْ فَمَا دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ إِلَّا وَهِيَ تُنَازِعُنَا أَزِمَّتَهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابِلُتِّيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10318 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا مَرَّ بِالْجُلَيْحَةِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ، قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: الْمَبْرَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الظِّلُّ وَالْمَاءُ، وَكَانَ فِيهَا دَوْمٌ وَمَاءٌ، فَقَالَ: " إِنَّهَا أَرْضُ زَرْعٍ وَتَبْرُدُ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ " - يَعْنِي نَاقَتَهُ - فَأَقْبَلَتْ حَتَّى بَرَكَتْ تَحْتَ الدَّوْمَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي مَسْجِدِ ذِي الْمَرْوَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

10319 -

وَعَنْ عُبَادَةَ - يَعْنِي ابْنَ الصَّامِتِ - قَالَ: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ، قَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ.

10320 -

وَعَنْ أَبِي الشُّمُوسِ الْبَلَوِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَصْحَابَهُ يَوْمَ الْحِجْرِ عَنْ بِئْرِهِمْ، فَأَلْقَى ذُو الْعَجِينِ عَجِينَهُ، وَذُو الْحَيْسِ حَيْسَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: يُخْطِئُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ.

10321 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحِجْرِ، وَاسْتَقَى النَّاسُ مِنْ بِئْرِهِمْ، ثُمَّ رَاحَ مِنْهَا فَلَمَّا اسْتَقَرَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا، وَلَا يَتَوَضَّئُوا مِنْهَا، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عُجِنَ مِنْ مَائِهَا أَنْ يُعْلَفَ، فَفَعَلَ النَّاسُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَشِيرٍ الدِّمَشْقِيُّ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

10323 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَوْا عَلَى وَادٍ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّكُمْ بِوَادٍ مَلْعُونٍ ; فَأَسْرِعُوا ". فَرَكِبَ فَرَسَهُ فَدَفَعَ وَدَفَعَ النَّاسُ، ثُمَّ قَالَ:" مَنِ اعْتَجَنَ عَجِينَهُ، أَوْ مَنْ كَانَ طَبَخَ قِدْرًا فَلْيَكُبَّهَا ". ثُمَّ سِرْنَا ثُمَّ قَالَ: " يَا أَيُّهَا

ص: 193

النَّاسُ، إِنَّهُ لَيْسَ الْيَوْمَ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ فَيَعْبَأُ اللَّهُ بِهَا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ صَخْرٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

10324 -

وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَاهُمْ يَوْمَ وَرَدَ ثَمُودَ عَنْ رَكِيَّةٍ عِنْدَ جَانِبِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهَا أَحَدٌ أَوْ يَسْتَقِيَ، وَنَهَانَا أَنْ نَتَوَلَّجَ بُيُوتَهُمْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10325 -

وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ قَالَ: «لَمَّا كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ تَسَارَعَ النَّاسُ إِلَى أَرْضِ الْحِجْرِ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى النَّاسَ: " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُمْسِكٌ بَعِيرَهِ، وَهُوَ يَقُولُ:

" مَا يَدْخُلُونَ عَلَى قَوْمٍ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؟ " فَنَادَاهُ رَجُلٌ: نَعْجَبُ مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَفَلَا أُنْبِئُكُمْ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ؟ رَجُلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ يُنْبِئُكُمْ بِمَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ، فَاسْتَقِيمُوا وَسَدِّدُوا، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَعْبَأُ بِعَذَابِكُمْ شَيْئًا، وَسَيَأْتِي قَوْمٌ لَا يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِشَيْءٍ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

10326 -

وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا تَسْأَلُوا عَنِ الْآيَاتِ - أَوْ: لَا تَسْأَلُوا نَبِيَّكُمُ الْآيَاتِ - فَإِنَّ قَوْمَ صَالِحٍ سَأَلُوا نَبِيَّهُمْ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ آيَةً فَبَعَثَ اللَّهُ تبارك وتعالى لَهُمُ النَّاقَةَ، فَكَانَتْ تَرِدُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ فَتَشْرَبُ مَاءَهُمْ يَوْمَ وِرْدِهَا، وَتَصْدُرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ، فَقِيلَ لَهُمْ: (تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)، أَوْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْعَذَابَ يَأْتِيكُمْ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. ثُمَّ جَاءَتْهُمُ الصَّيْحَةُ فَأَهْلَكَ اللَّهُ مَنْ تَحْتَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلًا كَانَ فِي حَرَمِ اللَّهِ فَمَنَعَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: " أَبُو رِغَالٍ ". قِيلَ: وَمَنْ أَبُو رِغَالٍ؟ قَالَ: " جَدُّ ثَقِيفٍ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي سُورَةِ هُودٍ، وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10327 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: حَدِّثْنَا عَنْ شَأْنِ الْعُسْرَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ شَدِيدٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا يَذْهَبُ يَلْتَمِسُ الْخَلَاءَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ تَنْقَطِعُ، وَحَتَّى إِنِ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبَهُ، وَيَضَعَهُ عَلَى بَطْنِهِ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ

ص: 194

خَيْرًا فَادْعُ اللَّهَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَتُحِبُّ ذَلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ فَلَمْ يَرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ السَّمَاءُ: فَأَظَلَّتْ ثُمَّ سَكَبَتْ، فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ، ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ.

10328 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَبَلَغَهُ أَنَّ فِي الْمَاءِ قِلَّةً [الَّذِي يَرُدُّهُ]، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: " أَنْ لَا يَسْبِقَنِي فِي الْمَاءِ أَحَدٌ ". فَأَتَى الْمَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ قَوْمٌ فَلَعَنَهُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10329 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِذٌ الْعَقَبَةَ فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُودُهُ عَمَّارٌ، وَيَسُوقُهُ حُذَيْفَةُ إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ حَتَّى غَشَوْا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقْبَلَ عَمَّارٌ يَضْرِبُ وَجُوهُ الرَّوَاحِلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُذَيْفَةَ:" قَدْ قَدْ ". حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ وَرَجَعَ عَمَّارٌ. فَقَالَ: " يَا عَمَّارُ، هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ؟ " قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ، وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ، قَالَ:" هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا؟ " قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:" أَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَطْرَحُوهُ ".

قَالَ: فَسَارَّ عَمَّارٌ رضي الله عنه رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ مَا كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ.

فَعَذَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ ثَلَاثَةً، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَشْهَدُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَاقِينَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ.

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وَذَكَرَ أَبُو الطُّفَيْلِ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلنَّاسِ، وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ فِي الْمَاءِ قِلَّةً، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا فَنَادَى: لَا يَرِدُ الْمَاءَ أَحَدٌ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَرَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ رَهْطًا قَدْ وَرَدُوهُ قَبْلَهُ، فَلَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ]

[بَابُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ]

25 -

34 - (بَابُ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ)

25 -

34 - 1 - (بَابُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ)

10330 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ «أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ كَانَ يَهْجُو النَّبِيَّ

ص: 195

- صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ خَمْسَةَ نَفَرٍ، فَأَتَوْهُ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ فِي الْعَوَالِي، فَلَمَّا رَآهُمْ ذُعِرَ مِنْهُمْ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جِئْنَا إِلَيْكَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُحَدِّثْنِي بِحَاجَتِهِ، فَدَنَا مِنْهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالُوا: جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرُعًا لَنَا، قَالَ: وَوَاللَّهِ إِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ جَهِدْتُمْ مُنْذُ نَزَلَ هَذَا الرَّجُلُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، أَوْ قَالَ: بِكُمْ. فَوَاعَدُوهُ أَنْ يَأْتُوهُ بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: فَجَاءُوهُ، فَقَامَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا جَاءَكَ هَؤُلَاءِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ لِشَيْءٍ مِمَّا تُحِبُّ، قَالَ: إِنَّهُمْ قَدْ حَدَّثُونِي بِحَاجَتِهِمْ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمُ اعْتَنَقَهُ أَبُو عَبْسٍ، وَعَلَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالسَّيْفِ، وَطَعَنَهُ فِي خَاصِرَتِهِ فَقَتَلُوهُ.

فَلَمَّا أَصْبَحَتِ الْيَهُودُ غَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَّرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يَهْجُوهُ فِي أَشْعَارِهِ، وَمَا كَانَ يُؤْذِيهِ، ثُمَّ دَعَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَابًا». قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ الْكِتَابُ مَعَ عَلِيٍّ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10331 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَشَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ وَجَّهَهُمْ، وَقَالَ: " انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ ". يَعْنِي النَّفَرَ الَّذِينَ وَجَّهَهُمْ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَجَّهَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابَهُ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ لِيَقْتُلُوهُ، وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ: ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَيْتِهِ. وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10332 -

وَعَنْ عُبَادَةَ - يَعْنِي ابْنَ الصَّامِتِ - قَالَ: «كَانَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عِنْدَ أَبِي وَدَاعَةَ بِمَكَّةَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَهَجَاهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ قُرَيْشًا هِجَاءُ حَسَّانَ أَبَا وَدَاعَةَ أَخْرَجُوا كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَبَا عَبْسِ بْنَ جَبْرٍ، وَأَبَا نَائِلَةَ، فَقَتَلُوا كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ بِشَرْجِ الْعُجُولِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10333 -

وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ بَعَثَ الْحَارِثَ بْنَ أَوْسِ بْنِ النُّعْمَانِ أَخِي بَنِي حَارِثَةَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، فَلَمَّا ضَرَبَ ابْنَ الْأَشْرَفِ أَصَابَ رِجْلَ الْحَارِثِ ذُبَابُ السَّيْفِ فَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

[بَابُ قَتْلِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ]

ص: 196

25 -

34 - 2 - (بَابُ قَتْلِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ)

10334 -

«عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا قَتَادَةَ، وَحَلِيفًا لَهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لِنَقْتُلَهُ، فَخَرَجْنَا فَجِئْنَا خَيْبَرَ لَيْلًا، فَتَتَبَّعْنَا أَبْوَابَهُمْ فَغَلَّقْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ خَارِجٍ، ثُمَّ جَمَعْنَا الْمَفَاتِيحَ فَأَرْمَيْنَاهَا، فَصَعِدَ الْقَوْمُ فِي النَّخْلِ. وَدَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ فِي دَرَجَةِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عَبْدَ اللَّهِ، أَنَّى لَكَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ؟ قُومِي فَافْتَحِي ; فَإِنَّ الْكَرِيمَ لَا يَرُدُّ عَنْ بَابِهِ هَذِهِ [السَّاعَةَ]، فَقَامَتْ، فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ: دُونَكَ، فَأَشْهَرَ عَلَيْهِمُ السَّيْفَ، فَذَهَبَتِ امْرَأَتُهُ لِتَصِيحَ فَأَشْهَرَ عَلَيْهَا، وَأَذْكُرُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَأَكُفَّ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَى شِدَّةِ بَيَاضِهِ فِي ظُلْمَةِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَآنِي أَخَذَ وِسَادَةً فَاسْتَتَرَ بِهَا، فَذَهَبْتُ أَرْفَعُ السَّيْفَ لِأَضْرِبَهُ فَلَمْ أَسْتَطِعْ مِنْ قِصَرِ الْبَيْتِ، فَوَخَزْتُهُ وَخْزًا. ثُمَّ خَرَجْتُ، فَقَالَ صَاحِبِي: فَعَلْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَدَخَلَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجْنَا فَانْحَدَرْنَا مِنَ الدَّرَجَةِ، فَوَقَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ فِي الدَّرَجَةِ، فَقَالَ: وَارِجْلَاهُ، كُسِرَتْ رِجْلِي، فَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ بِرِجْلِكَ بَأْسٌ، وَوَضَعْتُ قَوْسِي وَاحْتَمَلْتُهُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ قَصِيرًا ضَئِيلًا، فَأَنْزَلْتُهُ فَإِذَا رِجْلُهُ لَا بَأْسَ بِهَا، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى لَحِقْنَا أَصْحَابَنَا، وَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ: يَا بَيَاتَاهُ، فَثُورَ أَهْلُ خَيْبَرَ.

ثُمَّ ذَكَرْتُ مَوْضِعَ قَوْسِي فِي الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ فَلَآخُذَنَّ قَوْسِي، فَقَالَ أَصْحَابِي: قَدْ تَثُورُ أَهْلُ خَيْبَرَ بِقَتْلِهِ، فَقُلْتُ: لَا أَرْجِعُ أَنَا حَتَّى آخُذَ قَوْسِي، فَرَجَعْتُ فَإِذَا أَهْلُ خَيْبَرَ قَدْ تَثَوَّرُوا، وَإِذَا مَا لَهُمْ كَلَامٌ إِلَّا مَنْ قَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَجَعَلْتُ لَا أَنْظُرُ فِي وَجْهِ إِنْسَانٍ وَلَا يَنْظُرُ فِي وَجْهِي إِلَّا قُلْتُ مِثْلَ مَا يَقُولُ مَنْ قَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ، حَتَّى جِئْتُ الدَّرَجَةَ فَصَعِدْتُ مَعَ النَّاسِ فَأَخَذْتُ قَوْسِي فَلَحِقْتُ أَصْحَابِي. فَكُنَّا نَسِيرُ اللَّيْلَ وَنَكْمُنُ النَّهَارَ، فَإِذَا كَمَنَّا النَّهَارَ أَقْعَدْنَا نَاطُورًا يَنْظُرُ لَنَا، حَتَّى إِذَا اقْتَرَبْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكُنْتُ بِالْبَيْدَاءِ كُنْتُ أَنَا نَاطِرَهُمْ ثُمَّ إِنِّي أَلَحْتُ لَهُمْ بِثَوْبِي فَانْحَدَرُوا فَخَرَجُوا جَمْزًا، وَانْحَدَرْتُ فِي آثَارِهِمْ فَأَدْرَكْتُهُمْ حَتَّى بَلَغْنَا الْمَدِينَةَ، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ رَأَيْتُ مَا أَدْرَكَكُمْ مِنَ الْعَنَاءِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَحْمِلَكُمُ الْفَزَعُ.

ص: 197

فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبَ النَّاسَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَفْلَحَتِ الْوُجُوهُ ". فَقُلْنَا: أَفْلَحَ وَجْهُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:" قَتَلْتُمُوهُ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّيْفِ الَّذِي قُتِلَ بِهِ، فَقَالَ:" هَذَا طَعَامُهُ فِي ضِبَابِ السَّيْفِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10335 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لِيَقْتُلُوهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، [وَ] حَلِيفٌ لَهُمْ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ.

وَأَنَّهُمْ قَدِمُوا خَيْبَرَ لَيْلًا، فَعَمَدْنَا إِلَى أَبْوَابِهِمْ نُغْلِقُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ خَارِجٍ، قَالَتِ امْرَأَةُ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ: إِنَّ هَذَا لَصَوْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ قَالَ: افْتَحِي، فَفَتَحَتْ فَدَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: دُونَكَ، فَذَهَبْتُ لِأَضْرِبَهَا بِالسَّيْفِ فَأَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فَأَكُفُّ عَنْهَا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ وَلَيْسَ بِالْجُهَنِيِّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ]

10336 -

عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ بَعَثَ رَهْطًا، وَبَعَثَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَنْطَلِقَ بَكَى صَبَابَةً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسَ، فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ مَكَانَهُ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْكِتَابَ حَتَّى يَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ: " لَا تُكْرِهَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ عَلَى الْمَسِيرِ مَعَكَ ". فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ اسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: سَمْعٌ وَطَاعَةٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَخَبَّرَهُمُ الْخَبَرَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ، فَرَجَعَ رَجُلَانِ وَمَضَى بَقِيَّتُهُمْ، فَلَقَوُا ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَتَلُوهُ. وَلَمْ يَدْرُوا أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَجَبٍ أَوْ جُمَادَى، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ: قَتَلْتُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217] الْآيَةَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَصَابُوا وِزْرًا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَجْرٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10337 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217]

ص: 198

قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ فُلَانٍ فِي سَرِيَّةٍ فَلَقُوا عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بِبَطْنِ نَخْلَةَ. قَالَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْبَقَّالُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي يَوْمِ الرَّجِيعِ]

10338 -

عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ:«قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أُحُدٍ نَفَرٌ مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فِينَا إِسْلَامًا فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ يُفَقِّهُونَا فِي الدِّينِ، وَيُقْرِئُونَا الْقُرْآنَ، وَيُعَلِّمُونَا شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ سِتَّةً: مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، حَلِيفَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» . قَالَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ.

قَالَ: وَأَمَّا مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي الْأَقْلَحِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَقْبَلُ عَهْدًا مِنْ مُشْرِكٍ وَلَا عَقْدًا أَبَدًا، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10339 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «كَانَ مِنْ شَأْنِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَزَيْدِ بْنِ الدِّثِنَةِ الْأَنْصَارِيِّ مَنْ بَنِي بَيَاضَةَ ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُمْ عُيُونًا بِمَكَّةَ ; لِيُخْبِرُوهُ خَبَرَ قُرَيْشٍ. فَسَلَكُوا عَلَى النَّجْدِيَّةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالرَّجِيعِ مِنْ نَجْدٍ، اعْتَرَضَتْ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ مِنْ هُذَيْلٍ، فَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ فَضَارَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ، وَأَمَّا خُبَيْبٌ وَزَيْدُ بْنُ الدِّثِنَةِ فَأَصْعَدَا فِي الْجَبَلِ فَلَمْ يَسْتَطِعْهُمَا الْقَوْمُ حَتَّى جَعَلُوا لَهُمُ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ، فَنَزَلَا إِلَيْهِمْ فَأَوْثَقُوهُمَا رِبَاطًا، ثُمَّ أَقْبَلُوا بِهِمَا إِلَى مَكَّةَ فَبَاعُوهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ.

فَأَمَّا خُبَيْبٌ فَاشْتَرَاهُ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَشَرَكَهُ فِي ابْتِيَاعِهِ أَبُو إِهَابِ بْنُ عَزِيزِ بْنِ قَيْسِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَدْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَارِمٍ، وَكَانَ قَيْسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ أَخَا عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ لِأُمِّهِ، أُمُّهُمَا بِنْتُ نَهْشَلٍ التَّمِيمِيَّةُ. [وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَالْأَخْنَسُ بْنُ شَرْنُونَ بْنِ عِلَاجِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيُّ] وَعُبَيْدَةُ بْنُ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ، وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ بْنِ هَمَّامِ بْنِ حَنْظَلَةَ مِنْ بَنِي دَارِمٍ وَبَنُو الْحَضْرَمِيِّ، وَسَعْيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ، فَدَفَعُوهُ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَسَجَنَهُ عِنْدَهُ فِي دَارِهِ، فَمَكَثَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ.

وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ آلِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ

ص: 199

تَفْتَحُ عَنْهُ وَتُطْعِمُهُ، فَقَالَ لَهَا: إِذَا أَرَادَ الْقَوْمُ قَتْلِي فَآذِنِينِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَرَادُوا قَتْلَهُ أَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ: ابْغِينِي حَدِيدَةً أَسْتَدِفُّ بِهَا - يَعْنِي أَحْلِقُ عَانَتِي - فَدَخَلَ ابْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تُنْجِدُهُ وَالْمُوسَى فِي يَدِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِ الْغُلَامِ فَقَالَ: هَلْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْكُمْ؟ فَقَالَتْ: مَا هَذَا ظَنِّي بِكَ. ثُمَّ نَاوَلَهَا الْمُوسَى وَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ مَازِحًا.

وَخَرَجَ بِهِ الْقَوْمُ الَّذِينَ شَرِكُوا فِيهِ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِخَشَبَةٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالتَّنْعِيمِ نَصَبُوا تِلْكَ الْخَشَبَةَ فَصَلَبُوهُ عَلَيْهَا، وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَهُ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ صَغِيرًا وَكَانَ مَعَ الْقَوْمِ، وَإِنَّمَا قَتَلُوهُ بِالْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ، وَكَانَ قُتِلَ يَوْمِ بَدْرٍ كَافِرًا. وَقَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ عِنْدَ قَتْلِهِ: أَطْلِقُونِي مِنَ الرِّبَاطِ حَتَّى أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ. فَأَطْلَقُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ بِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ لَطَوَّلْتُهُمَا، وَلِذَلِكَ خَفَّفْتُهُمَا.

وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَنْظُرُ إِلَّا فِي وَجْهِ عَدُوٍّ، اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَجِدُ رَسُولًا إِلَى رَسُولِكَ فَبَلِّغْهُ عَنِّي السَّلَامَ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ.

وَقَالَ خُبَيْبٌ وَهُمْ يَرْفَعُونَهُ عَلَى الْخَشَبَةِ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا.

وَقَتَلَ خُبَيْبًا أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا وَضَعُوا فِيهِ السِّلَاحَ وَهُوَ مَصْلُوبٌ نَادَوْهُ وَنَاشَدُوهُ: أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا مَكَانَكَ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ الْعَظِيمِ، مَا أُحِبُّ أَنْ يَفْدِيَنِي بِشَوْكَةٍ يُشَاكُهَا فِي قَدَمِهِ. فَضَحِكُوا، وَقَالَ خُبَيْبٌ حِينَ رَفَعُوهُ إِلَى الْخَشَبَةِ:

لَقَدْ جَمَعَ الْأَحْزَابُ حَوْلِي وَأَلَّبُوا

قَبَائِلَهُمْ وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَعِ

وَقَدْ جَمَعُوا أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَقُرِّبْتُ

مِنْ جِذْعٍ طَوِيلٍ مُمَنَّعِ

إِلَى اللَّهِ أَشْكُو غُرْبَتِي ثُمَّ كُرْبَتِي

وَمَا أَرْصَدَ الْأَحْزَابُ لِي عِنْدَ مَصْرَعِي

فَذَا الْعَرْشِ صَبِّرْنِي عَلَى مَا يُرَادُ بِي

فَقَدْ بَضَعُوا لَحْمِي وَقَدْ بَانَ مَطْمَعِي

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ

يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

لَعَمْرِي مَا أَحْفُلُ إِذَا مُتُّ مُسْلِمًا

عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ لِلَّهِ مَضْجَعِي.

وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ فَاشْتَرَاهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَتَلَهُ بِأَبِيهِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، قَتَلَهُ نِيطَاسُ مَوْلَى بَنِي جُمَحَ، وَقُتِلَا بِالتَّنْعِيمِ، فَدَفَنَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ خُبَيْبًا، وَقَالَ حَسَّانُ فِي شَأْنِ خُبَيْبٍ:

ص: 200

وَلَيْتَ خُبَيْبًا لَمْ يَخُنْهُ ذِمَامُهُ

وَلَيْتَ خُبَيْبًا كَانَ بِالْقَوْمِ عَالِمَا

شِرَاكُ زُهَيْرِ بْنِ الْأَغَرِّ وَجَامِعٍ

وَكَانَا قَدِيمًا يَرْكَبَانِ الْمَحَارِمَا

أَجَرْتُمْ فَلَمَّا أَنْ أَجَرْتُمْ غَدَرْتُمْ

وَكُنْتُمْ بِأَكْنَافِ الرَّجِيعِ لَهَازِمَا»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10340 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الرَّجِيعِ: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10341 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، حَلِيفَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى حَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، فَقُتِلَ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ» .

[بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ]

10342 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ مُنَابِذًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا وَلَّوْا غَيْرَ بَعِيدٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، عَلَامَ تَبْعَثُ جَيْشَيْنِ كَيِّسَيْنِ قَدْ كَادَا يَتَفَانَيَانِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَدْرَكَهُمُ الْإِسْلَامُ وَهُمْ عَلَى بَقِيَّةٍ مِنْهَا، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَدِّهِمْ حَتَّى وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" يَا مُزَيْنَةُ، حَيِّ جُهَيْنَةَ، يَا جُهَيْنَةُ، حَيِّ مُزَيْنَةَ ". فَعَقَدَ لِعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَلَى الْجَيْشَيْنِ عَلَى جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ، ثُمَّ قَالَ:" سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ". فَسَارُوا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي أَصْحَابِهِ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ:

مَنْ عَاذِلِي أَوْ نَاصِرِي

بِالْمَشْرَفِيَّةِ مِنْ جُهَيْنَةْ

أَلْفٌ يَقُودُهُمُ ابْنُ مُرَّةَ

ذُو الْكَتَائِبِ الْحَيْنَةْ

هُمُوا ذَهَبُوا بِالسِّلَا

حِ وَأَطْمَعُوا فِينَا مُزَيْنَةْ»

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ: يَاسِرُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَسِنَانُ بْنُ يَسَارِ بْنِ سُوَيْدٍ أَخُوهُ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ هُوَ ابْنُ يَسَارِ بْنِ سُوَيْدٍ.

قُلْتُ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي الْأَصْلِ الَّذِي كَتَبْتُهُ مِنْهُ، وَلَا أَدْرِي مَا مَعْنَاهُ.

[بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى ابْنِ الْمُلَوَّحِ]

ص: 201

25 -

34 - 6 - (بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى ابْنِ الْمُلَوَّحِ)

10343 -

عَنْ جُنْدَبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَالِبَ بْنَ أَبْحَرَ الْكَلْبِيَّ كَلْبَ لَيْثٍ إِلَى بَنِي الْمُلَوَّحِ بِالْكَدِيدِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ فَكُنْتُ فِي سَرِيَّتِهِ، فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ ابْنُ الْبَرْصَاءِ اللِّيثِيُّ فَأَخَذْنَاهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسْلِمَ، فَقَالَ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ لِتُسْلِمَ فَلَنْ يَضُرَّكَ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ. قَالَ: فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا ثُمَّ خَلَّفَ عَلَيْهِ رَجُلًا أَسْوَدَ كَانَ مَعَنَا، قَالَ: امْكُثْ مَعَهُ حَتَّى نَمُرَّ عَلَيْكَ، فَإِنْ نَازَعَكَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ.

قَالَ: ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَطْنَ الْكَدِيدِ فَنَزَلْنَاهُ عَشِيَّةً بَعْدَ الْعَصْرِ، فَبَعَثَنِي أَصْحَابِي رَبِيئَةً، فَعَمَدْتُ إِلَى تَلٍّ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ، فَخَرَجَ [رَجُلٌ مِنْهُمْ فَنَظَرَ] فَرَآنِي مُنْبَطِحًا عَلَى التَّلِّ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاللَّهِ لَأَرَى عَلَى هَذَا التَّلِّ سَوَادًا مَا رَأَيْتُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَانْظُرِي لَا تَكُونُ الْكِلَابُ اجْتَرَّتْ بَعْضَ أَوْعِيَتِكِ، قَالَ: فَنَظَرَتْ، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، مَا أَفْقِدُ شَيْئًا.

قَالَ: فَنَاوِلِينِي قَوْسًا وَسَهْمَيْنِ مِنْ نَبْلِي، قَالَ: فَنَاوَلَتْهُ فَرَمَانِي بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِي جَنْبِي، قَالَ: فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، ثُمَّ رَمَانِي بِآخَرَ فَوَضَعَهُ فِي رَأْسِ مَنْكِبِي فَنَزَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاللَّهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ زَائِلَةً لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي سَهْمَيَّ فَخُذِيهِمَا لَا يَمْضُغُهُمَا عَلَيَّ الْكِلَابُ. قَالَ: وَأَمْهَلْنَاهُمْ حَتَّى رَاحَتْ رَائِحَتُهُمْ حَتَّى إِذَا احْتَلَبُوا وَغَطَّوْا أَوْ سَكَنُوا، وَذَهَبَتْ عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا مِنْهُمْ، وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ فَوَجَّهْنَاهَا قَافِلِينَ.

وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ إِلَى قَوْمِهِمْ مُعَوِّيًا، وَخَرَجْنَا سِرَاعًا حَتَّى نَمُرَّ بِالْحَارِثِ بْنِ الْبَرْصَاءِ وَصَاحِبِهِ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ مَعَنَا، وَأَتَانَا صَرِيخُ النَّاسِ فَجَاءَ بِمَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلَّا بَطْنُ الْوَادِي، أَقْبَلَ سَيْلٌ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعَثَهُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا وَلَا حَالًا فَجَاءَ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وُقُوفًا

ص: 202

يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَقْدَمَ وَنَحْنُ نُجَوِّزُهَا سِرَاعًا حَتَّى أَسْنَدْنَاهَا فِي الْمَشْلَلِ ثُمَّ حَدَرْنَاهَا عَنَّا، فَأَعْجَزْنَا الْقَوْمَ بِمَا فِي أَيْدِينَا».

قُلْتُ: عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ طَرَفٌ مِنْ أَوَّلِهِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالسَّمَاعِ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ.

[بَابُ قَتْلِ خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ]

10344 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: «دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيَّ يَجْمَعُ لِيَ النَّاسَ لِيَغْزُوَنِي فَائْتِهِ فَاقْتُلْهُ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْعَتْهُ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ، قَالَ:" إِذَا رَأَيْتَهُ وَجَدْتَ لَهُ قُشَعْرِيرَةً ".

قَالَ: فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا سَيْفِي حَتَّى وَقَعْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِعُرَنَةَ مَعَ ظُعُنٍ يَرْتَادُ لَهُنَّ مَنْزِلًا، وَحِينَ كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ مَا وَصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْقُشَعْرِيرَةِ، فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُحَاوَلَةٌ ; فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أُومِئُ بِرَأْسِيَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ سَمِعَ بِكَ وَبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجَاءَكَ فِي ذَلِكَ، قَالَ: أَجَلْ أَنَا فِي ذَلِكَ. قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلْتُهُ ثُمَّ خَرَجْتُ وَتَرَكْتُ ظَعَائِنَهُ مُكِبَّاتٍ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَآنِي قَالَ:" أَفْلَحَ الْوَجْهُ ". قَالَ: قُلْتُ: قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " صَدَقْتَ ".

قَالَ: ثُمَّ قَامَ مَعِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ بِي بَيْتَهُ، فَأَعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ:" أَمْسِكْ هَذِهِ عِنْدَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ ". قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْعَصَا؟ قُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسِكَهَا، قَالُوا: أَوَلَا تَرْجِعُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ أَعْطَيْتَنِي هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ:" آيَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ الْمُتَخَصِّرُونَ يَوْمَئِذٍ ". قَالَ: فَقَرَنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِسَيْفِهِ فَلَمْ تَزَلْ مَعَهُ حَتَّى إِذَا مَاتَ أَمَرَ بِهَا فَضُمَّتْ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ ثُمَّ دُفِنَا جَمِيعًا».

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10345 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لِي مِنْ خَالِدِ بْنِ نُبَيْحٍ؟ " رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ

ص: 203

بِعُرَنَةَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْعَتْهُ لِي، قَالَ:" لَوْ رَأَيْتَهُ هِبْتَهُ ". قُلْتُ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ مَا هِبْتُ شَيْئًا قَطُّ، فَخَرَجْتُ حَتَّى لَقِيتُهُ بِحِيَالِ عُرَنَةَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، فَلَقِيتُهُ فَرُعِبْتُ مِنْهُ فَعَرَفْتُ حِينَ رُعِبْتُ مِنْهُ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: بَاغٍ حَاجَةً، فَهَلْ مِنْ مَبِيتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَالْحَقْ بِي، قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِهِ فَصَلَّيْتُ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَأَشْفَقْتُ أَنْ يَرَانِيَ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ غَشِيتُ الْجَبَلَ وَكَمَنْتُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ النَّاسُ خَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِخْصَرَةً، فَقَالَ: تَخَصَّرْ بِهَذِهِ حَتَّى تَلْقَانِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَقَلُّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْمُتَخَصِّرُونَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ أَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ عَلَى بَطْنِهِ وَكُفِّنَ عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ مَعَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10346 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لِسُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ؟ يَهْجُونِي وَيَشْتُمُنِي، وَيُؤْذِينِي ". فَقُلْتُ: أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْعَثْنِي لَهُ. فَبَعَثَهُ لَهُ.

فَلَمَّا أَتَاهُ لَيْلًا دَخَلَ دَارَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ سُفْيَانُ؟ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِ مَطْلَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ سُفْيَانَ، فَمُرُوهُ فَلْيَطَّلِعْ عَلَيَّ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تَهْبِطَ إِلَيَّ فَإِنَّ عِنْدِي دِرْعًا أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَهَا قَالَ: فَأَيْنَ هِيَ؟ قَالَ: هَذِهِ، فَاهْبِطْ إِلَيَّ بِقِبَائِكَ، فَاخْرُجْ مَعِي أُرِيكُهَا، فَخَرَجَ مَعَهُ فَسَلَّ سَيْفَهُ فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ. ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ قَدْ قَتَلَهُ، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَصًا يَتَخَصَّرُ بِهَا، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا فَقَالَ:" تَخَصَّرْ بِهَذِهِ ; فَإِنَّ الْمُتَخَصِّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَلِيلٌ ". فَلَمْ تَزَلْ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ فَدُفِنَتْ مَعَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10347 -

وَعَنْ عُبَادَةَ - يَعْنِي ابْنَ الصَّامِتِ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَا رَجُلٌ يَكْفِينِي سُفْيَانَ الْهُذَلِيَّ؟ فَإِنَّهُ قَدْ هَجَانِي ". فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: " بِعُرَنَةَ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُ لِي، قَالَ: " إِذَا رَأَيْتَهُ فَرَقْتَ مِنْهُ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا فَرَقْتُ شَيْئًا مُنْذُ أَسْلَمْتُ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَسْعَى عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى قَتَلَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ.

[بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى رِعْيَةَ السُّحَيْمِيِّ]

ص: 204

25 -

34 - 8 - (بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى رِعْيَةَ السُّحَيْمِيِّ)

10348 -

عَنِ الشَّعْبِيِّ «عَنْ رِعْيَةَ السُّحَيْمِيِّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَدِيمٍ أَحْمَرَ، فَأَخَذَ كِتَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَقَعَ بِهِ دَلْوَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَلَمْ يَدَعُوا لَهُ سَارِحَةً وَلَا رَائِحَةً، وَلَا أَهْلًا وَلَا مَالًا إِلَّا أَخَذُوهُ. وَانْفَلَتَ عُرْيَانًا عَلَى فَرَسٍ لَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ سُتْرَةٌ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى ابْنَتِهِ وَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ فِي بَنِي هِلَالٍ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ، وَأَسْلَمَ أَهْلُهَا، وَكَانَ مَجْلِسُ الْقَوْمِ بِفِنَاءِ بَيْتِهَا فَدَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ وَرَاءِ الْبَيْتِ.

فَلَمَّا رَأَتْهُ أَلْقَتْ عَلَيْهِ [ثَوْبًا]، قَالَتْ: مَا لَكَ؟ قَالَ: كُلُّ الشَّرِّ قَدْ نَزَلَ بِأَبِيكِ، مَا تُرِكَ لَهُ سَارِحَةٌ وَلَا رَائِحَةٌ، وَلَا أَهْلٌ وَلَا مَالٌ [إِلَّا وَقَدْ أُخِذَ]، قَالَتْ: دُعِيتَ إِلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ: أَيْنَ بَعْلُكِ؟ قَالَتْ: فِي الْإِبِلِ، قَالَ: فَأَتَاهُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: كُلُّ الشَّرِّ قَدْ نَزَلَ بِهِ، مَا تُرِكَ لَهُ رَائِحَةٌ وَلَا سَارِحَةٌ، وَلَا أَهْلٌ وَلَا مَالٌ إِلَّا أُخِذَ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا أُبَادِرُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ مَالِي وَأَهْلِي، قَالَ: خُذْ رَاحِلَتِي بِرَحْلِهَا، قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا.

قَالَ: فَأَخَذَ قَعُودَ الرَّاعِي، وَزَوَّدَهُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ إِذَا غَطَّى وَجْهَهُ خَرَجَتِ اسْتُهُ، وَإِذَا غَطَّى اسْتَهُ خَرَجَ وَجْهُهُ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يُعْرَفَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَدِينَةِ فَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ بِحِذَائِهِ حَيْثُ يُقِيلُ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، قَالَ: فَبَسَطَهَا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهَا قَبَضَهَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا وَيَفْعَلُهُ. فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ، قَالَ:" مَنْ أَنْتَ؟ ". قَالَ: أَنَا رِعَيْةُ السُّحَيْمِيُّ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَضُدَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ ثُمَّ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا رِعْيَةُ السُّحَيْمِيُّ الَّذِي كَتَبْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذَ كِتَابِي فَرَقَعَ بِهِ دَلْوَهُ " فَأَخَذَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْلِي وَمَالِي. قَالَ:" أَمَّا مَالُكَ فَقَدْ قُسِمَ، وَأَمَّا أَهْلُكَ فَمَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ ".

فَإِذَا ابْنُهُ قَدْ عَرَفَ الرَّاحِلَةَ وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَهَا فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا ابْنِي، فَقَالَ:" يَا بِلَالُ، اخْرُجْ مَعَهُ فَسَلْهُ: أَبُوكَ هَذَا؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ، فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ ". فَخَرَجَ إِلَيْهِ، قَالَ: أَبُوكَ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا اسْتَعْبَرَ لِصَاحِبِهِ، قَالَ:" ذَاكَ جَفَاءُ الْأَعْرَابِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادَيْنِ، أَحَدُهُمَا رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَهُوَ هَذَا، وَالْآخَرُ مُرْسَلٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ،

ص: 205

وَلَمْ يَقُلْ عَنْ رِعْيَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ.

10349 -

وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رِعْيَةَ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَرَقَعَ بِهِ دَلْوَهُ، فَمَرَّتْ بِهِ سَرِيَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَاقُوا إِبِلًا لَهُ، فَأَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَّا مَا أَدْرَكْتَ مِنْ مَالِكَ بِعَيْنِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ رِعْيَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ قَبْلَ هَذَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ سَرِيَّةِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ]

10350 -

عَنْ عَامِرٍ - يَعْنِي الشَّعْبِيَّ - «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشَ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَاسْتَعْمَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، وَاسْتَعْمَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى الْأَعْرَابِ فَقَالَ لَهُمَا:" تَطَاوَعَا ".

قَالَ: وَكَانُوا يُؤْمَرُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى بَكْرٍ، فَانْطَلَقَ عَمْرٌو فَأَغَارَ عَلَى قُضَاعَةَ ; لِأَنَّ بَكْرًا أَخْوَالُهُ، فَانْطَلَقَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَكَ عَلَيْنَا، وَإِنَّ ابْنَ فُلَانٍ قَدِ ارْتَبَعَ أَمْرَ الْقَوْمِ وَلَيْسَ لَكَ مَعَهُ أَمْرٌ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا أَنْ نَتَطَاوَعَ، فَأَنَا أُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ عَصَاهُ عَمْرٌو».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى نَجْدٍ]

10351 -

«عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعِينُهُ فِي صَدَاقِهَا، فَقَالَ:" كَمْ أَصْدَقْتَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ:" لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَ الدَّرَاهِمَ مِنْ وَادِيكُمْ هَذَا مَا زِدْتُمْ، مَا عِنْدِي مَا أُعْطِيكَ ". فَمَكَثْتُ ثُمَّ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَنِي فِي سَرِيَّةٍ، فَبَعَثَنَا نَحْوَ نَجْدٍ، فَقَالَ:" اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ لَعَلَّكَ أَنْ تُصِيبَ شَيْئًا فَأُنْفِلَكَهُ ".

قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا الْحَاضِرَ مُمْسِينَ، قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبَتْ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ بَعَثَنَا أَمِيرُنَا رَجُلَيْنِ رَجُلَيْنِ، قَالَ: فَأَحَطْنَا بِالْعَسْكَرِ، وَقَالَ: إِذَا كَبَّرْتُ وَحَمَلْتُ فَكَبِّرُوا وَاحْمِلُوا، وَقَالَ حِينَ بَعَثَنَا رَجُلَيْنِ رَجُلَيْنِ: لَا تَفْتَرِقَا، وَلَا أَسْأَلَنَّ وَاحِدًا مِنْكُمَا عَنْ خَبَرِ صَاحِبِهِ فَلَا أَجِدُ عِنْدَهُ، وَلَا تُمْعِنُوا فِي الطَّلَبِ.

قَالَ: فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَحْمِلَ سَمِعْتُ

ص: 206

رَجُلًا مِنَ الْحَاضِرِ صَرَخَ يَا خَضْرَةُ، قَالَ: فَتَفَاءَلْتُ بِأَنَّا سَنُصِيبُ مِنْهُمْ خُضْرَةً، قَالَ: فَلَمَّا أَعْتَمْنَا كَبَّرَ أَمِيرُنَا وَكَبَّرْنَا وَحَمَلْنَا، قَالَ: فَمَرَّ بِي رَجُلٌ فِي يَدِهِ السَّيْفُ وَاتَّبَعْتُهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي صَاحِبِي: إِنَّ أَمِيرَنَا قَدْ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا تُمْعِنُوا فِي الطَّلَبِ فَارْجِعْ، فَلَمَّا أَبَيْتُ إِلَّا أَتْبَعُهُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ إِلَيْهِ وَلَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّكَ أَبَيْتَ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَتْبَعَنَّهُ، فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُ رَمَيْتُهُ بِسَهْمٍ عَلَى جُرَيْدَاءِ مَتْنِهِ فَوَقَعَ، فَقَالَ: ادْنُ يَا مُسْلِمُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَلَمَّا رَآنِي لَا أَدْنُو إِلَيْهِ، وَضَرَبْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَأَثْخَنْتُهُ، رَمَانِي بِالسَّيْفِ فَأَخْطَأَنِي، فَأَخَذْتُ السَّيْفَ فَقَتَلْتُهُ بِهِ، وَاحْتَزَزْتُ بِهِ رَأْسَهُ، وَشَدَدْنَا فَأَخَذْنَا نَعَمًا كَثِيرَةً وَغَنَمًا، قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفْنَا.

قَالَ: فَأَصْبَحْتُ فَإِذَا بَعِيرِي مَقْطُورٌ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ شَابَّةٌ، قَالَ: فَجَعَلَتْ تَلْتَفِتُ خَلْفَهَا فَتُكْثِرُ، فَقُلْتُ لَهَا: إِلَى أَيْنَ تَلْتَفِتِينَ؟ قَالَتْ: إِلَى رَجُلٍ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ حَيًّا خَالَطَكُمْ، قَالَ: قُلْتُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ صَاحِبِيَ الَّذِي قَتَلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ قَتَلْتُهُ وَهَذَا سَيْفُهُ وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِقَتَبِ الْبَعِيرِ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ، قَالَ: وَغِمْدُ السَّيْفِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَلَّقٌ بِقَتَبِ بَعِيرِهَا فَلَمَّا قُلْتُ لَهَا ذَلِكَ قَالَتْ: فَدُونَكَ هَذَا الْغِمْدُ فَشِمْهُ فِيهِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، قَالَ: فَأَخَذْتُهُ فَشِمْتُهُ فِيهِ قَطِيفَةً فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ بَكَتْ. قَالَ: فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي مِنْ تِلْكَ النَّعَمِ الَّتِي قَدِمْنَا بِهَا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى بِلَادِ طَيِّءٍ]

10352 -

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. أَوْ قَالَ: رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا بِعَقْرَبٍ، فَأَخَذُوا عَمَّتِي وَنَاسًا. قَالَ: فَلَمَّا أَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: فَصَفُّوا لَهُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَأَى الْوَافِدُ، وَانْقَطَعَ الْوَالِدُ، وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ مَا بِي خِدْمَةٌ، فَمُنَّ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ.

قَالَ: " وَمَنْ وَافِدُكِ؟ ". قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: " الَّذِي فَرَّ مِنَ اللَّهِ عز وجل وَمِنْ رَسُولِهِ ". قَالَتْ: فَمَنَّ عَلَيَّ، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ - تَرَى أَنَّهُ عَلِيٌّ - قَالَ: سَلِيهِ حِمْلَانًا، فَسَأَلَتْهُ، فَأَمَرَ لَهَا. [فَقَالَتْ: فَأَتَتْنِي] فَقَالَتْ: لَقَدْ فَعَلْتَ فَعْلَةً مَا كَانَ أَبُوكَ يَفْعَلُهَا، قَالَتْ: ائْتِهِ رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ

ص: 207

وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا عِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَصِبْيَانٌ - أَوْ صَبِيٌّ - فَذَكَرَ قُرْبَهُمْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ كِسْرَى وَلَا قَيْصَرَ. فَقَالَ لَهُ:" يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، مَا أَفَرَّكَ؟ أَنْ تَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ فَهَلْ مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ؟ مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَهَلْ شَيْءٌ هُوَ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ عز وجل؟ ". فَأَسْلَمْتُ، فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ اسْتَبْشَرَ. وَقَالَ:" إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ، وَإِنَّ الضَّالِّينَ النَّصَارَى ".

ثُمَّ سَأَلُوهُ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ فَلَكُمْ أَنْ تَرْضَخُوا مِنَ الْفَضْلِ، أَرْضَخَ امْرِؤٌ بِصَاعٍ بِبَعْضِ صَاعٍ، بِقَبْضَةٍ بِبَعْضِ قَبْضَةٍ ". قَالَ شُعْبَةُ: وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنَّهُ قَالَ: " بِتَمْرَةٍ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. وَأَنَّ أَحَدَكُمْ لَاقَى اللَّهَ عز وجل فَقَائِلٌ مَا أَقُولُ: [أَلَمْ أَجْعَلْكَ سَمِيعًا بَصِيًرا]؟ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا فَمَاذَا قَدَّمْتَ؟ فَيَنْظُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَجِدُ شَيْئًا [فَمَا] يَتَّقِي النَّارَ إِلَّا بِوَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ; فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ لَيِّنَةٍ، إِنِّي لَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَاقَةَ، لَيَنْصُرَنَّكُمُ اللَّهُ، أَوْ لَيُعْطِيَنَّكُمُ اللَّهُ، أَوْ لَيَفْتَحَنَّ لَكُمْ حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَيَثْرِبَ أَوْ أَكْثَرَ مَا تَخَافُ السَّرَقَ عَلَى ظَعِينِهَا» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عِمَادِ بْنِ حُبَيْشٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ لِعَدِيٍّ حَدِيثٌ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا فِي الْمَنِّ عَلَى الْأَسِيرِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.

[بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى جُفَيْنَةَ]

10353 -

عَنْ جُفَيْنَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَرَقَعَ بِهِ دَلْوَهُ، فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ: عَمَدْتَ إِلَى كِتَابِ سَيِّدِ الْعَرَبِ فَرَقَعْتَ بِهِ دَلْوَكَ، فَهَرَبَ وَأُخِذَ كُلُّ قَلِيلٍ مَعَهُ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ مُسْلِمًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " انْظُرْ مَا وَجَدْتَ مِنْ مَتَاعِكَ قَبْلَ قِسْمَةِ السِّهَامِ فَخُذْهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى ضَاحِيَةِ مُضَرَ]

10354 -

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَعْثًا إِلَى ضَاحِيَةِ مُضَرَ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ نَزَلُوا فِي أَرْضٍ صَحْرَاءَ، فَأَصْبَحُوا فَإِذَا هُمْ بِرَجُلٍ فِي قُبَّةٍ بِفِنَائِهِ غَنَمٌ فَجَاءُوهُ حَتَّى

ص: 208

وَقَفُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: أَجْزِرْنَا فَأَجْزَرَهُمْ شَاةً، فَطَبَخُوا مِنْهَا ثُمَّ أُخْرَى فَسَخِطُوهَا، فَقَالَ: مَا بَقِيَ فِي غَنَمِي مِنْ شَاةِ لَحْمٍ إِلَّا شَاةٌ مَاخِضٌ أَوْ فَحْلٌ، فَسَطَوْا فَأَخَذُوا مِنْهَا شَاةً. فَلَمَّا أَظْهَرُوا وَاحْتَرَقُوا وَهُمْ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ لَا ظِلَّ مَعَهُمْ، قَالُوا: غَنَمُهُ فِي مِظَلَّتِهِ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَحَقُّ بِالظِّلِّ مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ، فَجَاءُوا فَقَالُوا: أَخْرِجْ عَنَّا غَنَمَكَ نَسْتَظِلُّ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَتَى تُخْرِجُونَهَا تَهْلِكُ فَتَطْرَحْ أَوْلَادَهَا، وَإِنِّي قَدْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقَدْ صَلَّيْتُ وَزَكَّيْتُ، فَأَخْرَجُوا غَنَمَهُ فَلَمْ تَلْبَثْ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ حَتَّى تَنَاغَرَتْ فَطَرَحَتْ أَوْلَادَهَا.

فَانْطَلَقَ سَرِيعًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَضَبًا شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ:" اجْلِسْ حَتَّى يَرْجِعَ الْقَوْمُ ". فَلَمَّا رَجَعُوا جَمَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَتَوَاتَرُوا عَلَى: كَذَبَ كَذَبَ، فَسُرِّيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا رَأَى الْأَعْرَابِيُّ ذَلِكَ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَيَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَلَعَلَّ اللَّهَ يُخْبِرُكَ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَادِقٌ، فَدَعَاهُمْ رَجُلًا رَجُلًا يُنَاشِدُ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِنَشْدِهِ، فَلَمْ يَنْشُدْ رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَّا قَالَ كَمَا قَالَ الْأَعْرَابِيُّ.

فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا يَحْمِلُكُمْ أَنْ تَتَابَعُوا فِي الْكَذِبِ كَمَا يَتَتَابَعُ الْفَرَاشُ فِي النَّارِ، الْكَذِبُ يُكْتَبُ عَلَى ابْنِ آدَمَ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ: رَجُلٌ كَذَبَ عَلَى امْرَأَتِهِ لِتَرْضَى عَنْهُ، وَرَجُلٌ يَكْذِبُ فِي خُدْعَةِ الْحَرْبِ، وَرَجُلٌ يَكْذِبُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا» ".

قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ طَرَفًا مِنْ آخِرِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَقَدْ وُثِّقَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي سَرَايَاهُ]

10355 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً فَغَنِمُوا وَفِيهِمْ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ مِنْهُمْ، عَشِقْتُ مِنْهُمُ امْرَأَةً فَلَحِقْتُهَا، فَدَعُونِي أَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ اصْنَعُوا بِي مَا بَدَا لَكُمْ. فَأَتَى امْرَأَةً طَوِيلَةً أَدْمَاءَ فَقَالَ لَهَا: أَسْلِمِي حُبَيْشُ قَبْلَ نَفَادِ الْعَيْشِ.

أَرَأَيْتِ لَوْ تَبِعْتُكُمْ فَلَحِقْتُكُمْ

بِحَلْبَةٍ أَوْ أَلْفَيْتُكُمْ بِالْخَوَانِقْ

أَمَا كَانَ حَقًّا أَنْ يَنُولَ عَاشِقٌ

تَكَلَّفَ إِدْلَاجَ السَّرَى وَالْوَدَائِقْ

قَالَتْ: نَعَمْ فَدَيْتُكَ.

فَقَدَّمُوهُ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ فَشَهِقَتْ

ص: 209

شَهْقَةً أَوْ شَهْقَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَحِيمٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

10356 -

وَعَنْ عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ جَيْشًا أَوْ سَرِيَّةً يَقُولُ لَهُمْ: " إِذَا رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا أَوْ سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا ". فَبَعَثَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ وَأَمَرَنَا بِذَلِكَ، فَخَرَجْنَا نَسِيرُ بِأَرْضِ تِهَامَةَ، فَأَدْرَكْنَا رَجُلًا يَسُوقُ ظَعَائِنَ فَعَرَضْنَا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَقُلْنَا: أَمُسْلِمٌ أَنْتَ؟، فَقَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَإِذَا هُوَ لَا يَعْرِفُهُ، قَالَ: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَمَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ؟ قُلْنَا: نَقْتُلُكَ.

قَالَ: هَلْ أَنْتُمْ مُنْظِرِيَّ حَتَّى أُدْرِكَ الظَّعَائِنَ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَنَحْنُ مُدْرِكُوهُ، فَخَرَجَ فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي هَوْدَجِهَا، فَقَالَ: أَسْلِمِي حُبَيْشُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْعَيْشِ. فَقَالَتْ: أُسْلِمُ عَشْرًا وَتِسْعًا تَتْرَى. ثُمَّ قَالَ:

أَتَذْكُرُ إِذْ طَالَبْتُكُمْ فَوَجَدْتُكُمْ

بِحَلْبَةٍ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ

فَلَمْ يَكُ حَقًّا أَنْ يَنُولَ عَاشِقٌ

تَكَلَّفَ إِدْلَاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ

فَلَا ذَنْبَ لِي إِذْ قُلْتُ إِذْ أَهْلُنَا مَعًا

أَثِيبِي بِوِدٍّ قَبْلَ إِحْدَى الْمَضَائِقِ

أَثِيبِي بِوِدٍّ قَبْلَ أَنْ يُشْحِطَ النَّوَى

وَيَنْأَى الْأَمِيرُ بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ

ثُمَّ أَتَانَا فَقَالَ: شَأْنُكُمْ. فَقَدَّمْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَنَزَلَتِ الْأُخْرَى مِنْ هَوْدَجِهَا فَجَثَتْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ».

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ طَرَفًا مِنْ أَوَّلِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُمَا حَسَنٌ.

10357 -

وَعَنْ عُرْوَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ الْعُمْرَةِ مِنْ نَجْدٍ، أَمِيرُهُمْ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ فَأُصِيبَ بِهَا ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10358 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَهُزِمْنَا، فَاتَّبَعَ سَعْدٌ رَاكِبًا مِنْهُمْ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَرَأَى سَاقَهُ خَارِجَةً مِنَ الْغَرْزِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَرَأَيْتُ الدَّمَ يَسِيلُ كَأَنَّهُ شِرَاكٌ فَأَنَاخَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10359 -

وَعَنْ خَبَّابٍ قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَأَصَابَنَا الْعَطَشُ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ، فَتَنَوَّخَتْ نَاقَةٌ لِبَعْضِنَا وَإِذَا بَيْنَ رِجْلَيْهَا مِثْلُ السِّقَاءِ فَشَرِبْنَا مِنْ لَبَنِهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَقَدْ وُثِّقَ.

10360 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْيَمَنِ،

ص: 210

وَاسْتَعْمَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ - عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَاسْتَعْمَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْأَعْرَابِ، قَالَ:" وَإِنْ كَانَ قِتَالٌ فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى جَمَاعَةِ النَّاسِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو شَيْبَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي يَوْمِ ذِي قَارٍ]

10361 -

عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «قَدِمَتْ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ مَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ:" ائْتِهِمْ فَاعْرِضْ عَلَيْهِمْ ". فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: بَنُو ذُهَلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: لَسْتُ إِيَّاكُمْ أُرِيدُ، أَنْتُمُ الْأَذْنَابُ، فَقَامَ إِلَيْهِ دَغْفَلٌ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَمِنْ بَنِي هَاشِمٍ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَمِنْ بَنِي أُمَيَّةَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَأَنْتُمْ مِنَ الْأَذْنَابِ.

ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِمْ ثَانِيَةً فَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: بَنُو ذُهَلِ بْنِ شَيْبَانَ، قَالَ: فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، قَالُوا: حَتَّى يَجِيءَ شَيْخُنَا فُلَانٌ - قَالَ خَلَّادٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: الْمُثَنَّى بْنُ خَارِجَةَ - فَلَمَّا جَاءَ شَيْخُهُمْ عَرَضَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْفُرْسِ حَرْبًا، فَإِذَا فَرَغْنَا مِمَّا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عُدْنَا فَنَظَرْنَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ غَلَبْتُمُوهُمْ أَتَتِّبِعُنَا عَلَى أَمْرِنَا؟ قَالَ: لَا نَشْتَرِطُ لَكَ هَذَا عَلَيْنَا، وَلَكِنْ إِذَا فَرَغْنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عُدْنَا فَنَظَرْنَا فِي مَا تَقُولُ.

فَلَمَّا الْتَقَوْا يَوْمَ ذِي قَارٍ هُمْ وَالْفُرْسُ، قَالَ شَيْخُهُمْ: مَا اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَى اللَّهِ؟ قَالُوا: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: هُوَ شِعَارُكُمْ. فَنُصِرُوا عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" بِي نُصِرُوا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ خَلَّادِ بْنِ عِيسَى، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10362 -

وَعَنْ بَشِيرِ بْنِ يَزِيدَ الضُّبَعِيِّ - وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذِي قَارٍ: " هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الشَّاذَكُونِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي قِتَالِ فَارِسَ وَالرُّومِ وَعَدَاوَتِهِمْ]

10363 -

عَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَظْهَرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الرُّومِ، وَيَظْهَرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى فَارِسَ، وَيَظْهَرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

10364 -

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْا إِلَيْهِ الْفَقْرَ وَالْعُرْيَ وَقِلَّةَ الشَّيْءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

ص: 211

" أَبْشِرُوا فَوَاللَّهِ لَأَنَا لِكَثْرَةِ الشَّيْءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ قِلَّتِهِ، وَاللَّهِ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِيكُمْ حَتَّى يُفْتَحَ لَكُمْ جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ الْمِائَةَ فَيَسْخَطُهَا ".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ: وَمَتَى نَسْتَطِيعُ الشَّامَ مَعَ الرُّومِ ذَاتِ الْقُرُونِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَيَفْتَحُهَا لَكُمْ، وَيَسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا حَتَّى تَظَلَّ الْعِصَابَةُ مِنْهَا الْبِيضَ قُمُصُهُمْ، الْمُحَلَّقَةُ أَقْفَاؤُهُمْ، قِيَامًا عَلَى الرُّوَيْجِلِ الْأُسَيْوِدِ مِنْكُمْ، مَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ فَعَلُوهُ، وَإِنَّ بِهَا الْيَوْمَ رِجَالًا لَأَنْتُمْ أَحْقَرُ فِي أَعْيُنِهِمْ مِنَ الْقِرْدَانِ فِي أَعْجَازِ الْإِبِلِ» ".

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، رِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ.

10365 -

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَزَّاحٍ قَدِيمًا لَهُ صُحْبَةٌ، يَقُولُ «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يُوشِكُ أَنْ يُؤَمَّرَ عَلَيْهِمُ الرُّوَيْجِلُ فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ قَوْمٌ، مُحَلَّقَةٌ أَقْفِيَتُهُمْ، بِيضٌ قُمُصُهُمْ، فَكَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ حَضَرُوا ".

فَشَاءَ رَبُّكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَزَّاحٍ وَلِيَ بَعْضَ الْمُدُنِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الدَّهَاقِينِ مُحَلَّقَةٌ أَقْفِيَتُهُمْ، بَيْضٌ قُمُصُهُمْ، فَكَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ حَضَرُوا، فَيَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10366 -

وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " تَمَثَّلَتْ لِيَ الْحِيرَةُ كَأَنْيَابِ الْكِلَابِ، وَإِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا ".

فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ لِي بِنْتَ بُقَيْلَةَ، فَقَالَ:" هِيَ لَكَ ". فَأَعْطَوْهُ إِيَّاهَا فَجَاءَ أَخُوهَا، فَقَالَ: أَتَبِيعُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاحْتَكِمْ مَا شِئْتَ. قَالَ: بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا بِأَلْفٍ. قَالُوا لَهُ: لَوْ قُلْتَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا. قَالَ: وَهَلْ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ؟!».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَلَهُ طَرِيقٌ مِنْ حَدِيثِ صَاحِبِ الْقِصَّةِ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ.

10367 -

وَعَنِ الْمُسْتَوْرِدِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقُلْتُ لَهُ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكُمُ الرُّومُ، وَإِنَّمَا هَلَكَتُهُمْ مَعَ السَّاعَةِ ". فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَلَمْ أَزْجُرْكَ عَنْ مِثْلِ هَذَا؟!» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10368 -

وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ خَثْعَمٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَوَقَفَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَانِي اللَّيْلَةَ الْكَنْزَيْنِ: كَنْزَ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَأَمَدَّنِي بِالْمُلُوكِ مُلُوكِ حِمْيَرَ الْأَحْمَرَيْنِ، وَلَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ، يَأْتُونَ يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِ اللَّهِ، وَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " قَالَهَا ثَلَاثًا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ

ص: 212

وَفِيهِ أَبُو هَمَّامٍ الشَّعْبَانِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10369 -

وَعَنْ عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ وَعَلَيْنَا خَمْسَةُ أُمَرَاءَ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَابْنُ حَسَنَةَ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعِيَاضٌ - وَلَيْسَ عِيَاضٌ هَذَا الَّذِي حَدَّثَ سِمَاكًا -.

قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا كَانَ عَلَيْكُمْ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ: إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ، وَاسْتَمْدَدْنَاهُ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا: إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي، وَإِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا، وَأَحْضَرُ جُنْدًا:[اللَّهُ عز وجل]، فَاسْتَنْصِرُوهُ ; فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَقَاتِلُوهُمْ وَلَا تُرَاجِعُونِي.

قَالَ: فَقَاتَلْنَاهُمْ فَقَتَلْنَاهُمْ وَهَزَمْنَاهُمْ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ. قَالَ: وَأَصَبْنَا أَمْوَالًا فَتَشَاوَرْنَا، فَأَشَارَ عَلَيْنَا عِيَاضٌ أَنْ نُعْطِيَ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشَرَةً.

قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ يُرَاهِنِّي؟ فَقَالَ شَابٌّ: أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ؟ قَالَ: فَسَبَقَهُ فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ، وَهُوَ خَلْفَهُ عَلَى فَرَسٍ عَرِيٍّ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10370 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أُمَرَاءَ عَلَى الشَّامِ، فَأَمَّرَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى جُنْدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا بَكْرٍ.

10371 -

وَعَنْ خُبَيْبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ أُصِيبُوا يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، فَدَعَا الْحَارِثُ بِشَرَابٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عِكْرِمَةُ، فَقَالَ: ادْفَعُوهُ إِلَى عِكْرِمَةَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: ادْفَعُوهُ إِلَى عَيَّاشٍ، فَمَا وَصَلَ إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا، وَمَا ذَاقُوهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَخُبَيْبٌ لَمْ يُدْرِكِ الْيَرْمُوكَ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10372 -

وَعَنْ مُهَاجِرِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ ابْنَةَ عَمِّ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَتَلَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً مِنَ الرُّومِ بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10373 -

وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - رَجُلًا يَقُولُ: أَيْنَ الزَّاهِدُونَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبُونَ فِي الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أُولَئِكَ ذَهَبُوا، أَصْحَابُ الْجَابِيَةِ. اشْتَرَطَ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا

ص: 213

يَرْجِعُوا حَتَّى يُقْتَلُوا، فَحَلَقُوا رُءُوسَهُمْ فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَقُتِلُوا، إِلَّا مُخْبِرًا عَنْهُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ كَثِيرُ الْخَطَأِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ قُتِلَ بِالشَّامِ]

10374 -

عَنْ عُرْوَةَ فِي مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ بِأَجْنَادِينَ:

مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ مَنَافٍ: أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ هُصَيْصٍ: تَمِيمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، وَجُنْدَبُ بْنُ حَمَمَةَ الدَّوْسِيُّ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ: عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: حَجَّاجُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: الْحَارِثُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ قَيْسٍ.

وَمِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ: نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ..

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إِسْنَادِ عُرْوَةَ: ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10375 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ:

مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: تَمِيمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ قَيْسٍ، وَجُنْدُبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَمْحَمَةَ الدَّوْسِيُّ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ.

مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: حَجَّاجُ بْنُ الْحَارِثِ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: الْحَارِثُ بْنُ أَبِي قَارِبٍ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ.

رَوَاهُ كُلَّهُ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10376 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ:

مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: حَجَّاجُ بْنُ الْحَارِثِ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ: الْحَارِثُ بْنُ الْحَارِثِ.

رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

10377 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ.

[بَابٌ فِي وَقْعَةِ الْقَادِسِيَّةِ وَنَهَاوَنْدَ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

10377 -

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ [عَنْ أَبِيهِ قُرَّةَ] قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْقَادِسِيَّةِ بَعَثَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى صَاحِبِ فَارِسَ، فَقَالَ: ابْعَثُوا مَعِي عَشَرَةً فَشَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ جَحْفَةً، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَوْهُ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: أَلْقُوا إِلَيَّ بُرْنُسًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْعِلْجُ: إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ، قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي حَمَلَكُمْ عَلَى الْجِيئَةِ إِلَيْنَا، أَنْتُمْ قَوْمٌ لَا تَجِدُونَ فِي بِلَادِكُمْ مِنَ الطَّعَامِ مَا تَشْبَعُونَ مِنْهُ، فَخُذُوا نُعْطِيكُمْ مِنَ الطَّعَامِ حَاجَتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ مَجُوسٌ، وَإِنَّا نَكْرَهُ قَتْلَكُمْ، وَإِنَّكُمْ تُنَجِّسُونَ عَلَيْنَا أَرْضَنَا. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ جَاءَ بِنَا، وَلَكِنَّا

ص: 214

كُنَّا قَوْمًا نَعْبُدُ الْحِجَارَةَ وَالْأَوْثَانَ فَإِذَا رَأَيْنَا حَجَرًا أَحْسَنَ مِنْ حَجَرٍ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا غَيْرَهُ، وَلَا نَعْرِفُ رَبًّا، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِنَا، فَدَعَانَا إِلَى الْإِسْلَامِ، فَاتَّبَعْنَاهُ، وَلَمْ نَجِئْ لِطَعَامٍ، وَأَمَرَنَا بِقِتَالِ عَدُوِّنَا مِمَّنْ تَرَكَ الْإِسْلَامَ، وَلَمْ نَجِئْ لِطَعَامٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا نَقْتُلُ مُقَاتِلَتَكُمْ، وَنَسْبِي ذَرَارِيَّكُمْ.

فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الطَّعَامِ، فَإِنَّا كُنَّا لَعَمْرِي مَا نَجِدُ مِنَ الطَّعَامِ مَا نَشْبَعُ مِنْهُ، وَرُبَّمَا لَمْ نَجِدْ رِيًّا مِنَ الْمَاءِ أَحْيَانًا، فَجِئْنَا إِلَى أَرْضِكُمْ هَذِهِ، فَوَجَدْنَا طَعَامًا كَثِيرًا، فَلَا وَاللَّهِ لَا نَبْرَحُهَا حَتَّى تَكُونَ لَنَا أَوْ لَكُمْ. قَالَ الْعِلْجُ بِالْفَارِسِيَّةِ: صَدَقَ، وَأَنْتَ تُفْقَأُ عَيْنُكَ غَدًا - بِالْفَارِسِيَّةِ - فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ مِنَ الْغَدِ. أَصَابَتْهُ نُشَّابَةٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10378 -

وَعَنْ أَبِي الصَّلْتِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ رضي الله عنه وَنَحْنُ مَعَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: فَإِذَا لَقِيتُمُ الْعَدُوَّ فَلَا تَفِرُّوا، وَإِذَا غَنِمْتُمْ فَلَا تَغُلُّوا.

فَلَمَّا لَقِينَا الْعَدُوَّ، قَالَ النُّعْمَانُ: أَمْهِلُوا الْقَوْمَ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَصْعَدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْتَنْصِرَ، فَقَاتَلَهُمْ، فَانْقَضَّ النُّعْمَانُ، فَقَالَ: سَجُّونِي ثَوْبًا، وَأَقْبِلُوا عَلَى عَدُوِّكُمْ، وَلَا أَهُولَنَّكُمْ. قَالَ: فَأَقْبَلْنَا عَلَيْهِمْ فَفَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا، وَأَتَى عُمَرَ الْخَبَرُ أَنَّهُ أُصِيبَ النُّعْمَانُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَرِجَالٌ لَا نَعْرِفُهُمْ. قَالَ: وَلَكِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُهُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

10379 -

وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ شَاوَرَ الْهُرْمُزَانَ فِي أَصْبَهَانَ وَفَارِسَ وَأَذْرَبِيجَانَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَصْبَهَانُ الرَّأْسُ، وَفَارِسُ وَأَذْرَبِيجَانُ الْجَنَاحَانِ، فَإِنْ قَطَعْتَ أَحَدَ الْجَنَاحَيْنِ ثَارَ الرَّأْسُ بِالْجَنَاحِ الْآخَرِ، وَإِنْ قَطَعْتَ الرَّأْسَ وَقَعَ الْجَنَاحَانِ فَابْدَأْ بِالرَّأْسِ.

فَدَخَلَ عُمَرُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ يُصَلِّي فَانْتَظَرَهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْتَعْمِلُكَ، فَقَالَ: أَمَّا جَابِيًا فَلَا، وَأَمَا غَازِيًا فَنَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّكَ غَازٍ.

فَسَرَّحَهُمْ وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَمُدُّوهُ وَيَلْحَقُوا بِهِ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَالْأَشْعَثُ، وَعَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَأَتَاهُمُ النُّعْمَانُ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ نَهْرٌ.

فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رَسُولًا، وَمَلِكُهُمْ ذُو الْجَنَاحَيْنِ فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ أَجْلِسُ لَهُ فِي هَيْئَةِ الْحَرْبِ أَوْ فِي هَيْئَةِ الْمَلِكِ وَبَهْجَتِهِ؟ فَقَالُوا: اقْعُدْ لَهُ فِي هَيْئَةِ الْمَلِكِ وَبَهْجَتِهِ. فَجَلَسَ لَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْمَلِكِ وَبَهْجَتِهِ عَلَى سَرِيرٍ

ص: 215

وَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ، وَحَوْلَهُ سِمَاطَانِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الدِّيبَاجِ وَالْقِرَطَةُ وَالْأَسْوِرَةُ، فَأَخَذَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَضَعُ بَصَرَهُ، وَبِيَدِهِ الرُّمْحُ وَالتُّرْسُ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ عَلَى سِمَاطَيْنِ عَلَى بِسَاطٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَطْعَنُهُ بِرُمْحِهِ يَخْرِقُهُ لِكَيْ يَتَطَيَّرُونَ. فَقَالَ لَهُ ذُو الْجَنَاحَيْنِ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَصَابَكُمْ جُوعٌ شَدِيدٌ، فَإِذَا شِئْتُمْ مِرْنَاكُمْ، وَرَجَعْتُمْ إِلَى بِلَادِكُمْ؟ فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا كُنَّا مَعْشَرَ الْعَرَبِ نَأْكُلُ الْجِيَفَ وَالْمَيْتَةِ، وَكَانَ النَّاسُ يَطَئُونَا وَلَا نَطَؤُهُمْ، فَابْتَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا فِي شَرَفٍ مِنَّا، أَوْسَطَنَا حَسَبًا، وَأَصْدَقَنَا حَدِيثًا، وَإِنَّهُ وَعَدَنَا أَنَّا هَاهُنَا سَيُفْتَحُ عَلَيْنَا، فَقَدْ وَجَدْنَا جَمِيعَ مَا وَعَدَنَا حَقًّا، وَإِنِّي أَرَى هُنَا بِزَّةً وَهَيْئَةً مَا أَرَى أَنَّ مَنْ بَعْدِي بِذَاهِبِينَ حَتَّى يَأْخُذُوهُ.

قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: لَوْ جَمَعْتَ جَرَامِيزَكَ، فَوَثَبْتُ وَثْبَةً فَجَلَسْتُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَزَجَرُوهُ وَوَطِئُوهُ، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ أَنَا اسْتَحْمَقْتُ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُفْعَلُ بِالرُّسُلِ، وَلَا نَفْعَلُ هَذَا بِرُسُلِكُمْ إِذَا أَتَوْنَا.

فَقَالَ: إِنْ شِئْتُمْ قَطَعْنَا إِلَيْكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ قَطَعْتُمْ إِلَيْنَا؟ فَقُلْتُ: بَلْ نَقْطَعُ إِلَيْكُمْ، فَقَطَعْنَا إِلَيْهِمْ فَصَافَفْنَاهُمْ، فَسَلْسَلُوا كُلَّ سَبْعَةٍ فِي سِلْسِلَةٍ، وَكُلَّ خَمْسَةٍ فِي سِلْسِلَةٍ ; لِئَلَّا يَفِرُّوا.

قَالَ: فَرَامُونَا حَتَّى أَسْرَعُوا فِينَا، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِلنُّعْمَانِ: إِنَّ الْقَوْمَ أَسْرَعُوا فِينَا فَاحْمِلْ، قَالَ: إِنَّكَ ذُو مَنَاقِبَ، وَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا لَمْ نُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ.

فَقَالَ النُّعْمَانُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اهْتَزُّوا، فَأَمَّا الْهِزَّةُ الْأُولَى فَلْيَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ فِي سِلَاحِهِ وَشِسْعِهِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنِّي حَامِلٌ فَاحْمِلُوا، وَإِنْ قُتِلَ أَحَدٌ فَلَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ قُتِلْتُ فَلَا تَلْوُوا عَلَيَّ، وَإِنِّي دَاعِي اللَّهَ بِدَعْوَتِي فَعَزَمْتُ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ مِنْكُمْ لَمَّا أَمَّنَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقِ النُّعْمَانَ الْيَوْمَ شَهَادَةً بِنَصْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَافْتَحْ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّنَ الْقَوْمُ.

وَهَزَّ لِوَاءَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ حَمَلَ، وَكَانَ أَوَّلَ صَرِيعٍ، فَمَرَرْتُ بِهِ فَذَكَرْتُ عَزْمَتَهُ فَلَمْ أَلْوِ عَلَيْهِ، وَأَعْلَمْتُ مَكَانَهُ، فَكَانَ إِذَا قَتَلْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ شُغِلَ عَنَّا أَصْحَابُهُ يَجُرُّونَهُ، وَوَقَعَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ مِنْ بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

فَأَتَيْتُ مَكَانَ النُّعْمَانِ وَبِهِ رَمَقٌ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: الْحَمْدُ

ص: 216

لِلَّهِ، اكْتُبُوا بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، وَفَاضَتْ نَفْسُهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: فَأَتَيْنَا أُمَّ وَلَدِهِ، فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكِ عَهْدًا؟ قَالَتْ: لَا، إِلَّا سَفَطًا فِيهِ كِتَابٌ، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: إِنْ قُتِلَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ، وَإِنْ قُتِلَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ، وَإِنْ قُتِلَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ.

قَالَ حَمَّادٌ: فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ، فَسَأَلَ عَنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، قَالَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ قُلْتُ: قُتِلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَآخَرُونَ لَا نَعْرِفُهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: وَأَنَا لَا أَعْلَمُهُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عز وجل يَعْلَمُهُمْ.

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى قَوْلِهِ: فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ. رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجِسْرِ]

10380 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْجِسْرِ سَنَةَ خَمْسَ عَشَرَةَ.

مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: أَسْعَدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ لَوْذَانَ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: ثَابِتُ بْنُ عَتِيكٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُحْصَنٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ: الْحَارِثُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ مَالِكٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مُظَاهِرٍ.

رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10381 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِيمَنْ قُتِلَ يَوْمَ جِسْرِ الْمَدَائِنِ:

مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زَعْوَرَاءَ: أَوْسُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ عَامِرٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ: ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُحْصَنٍ، وَثَابِتُ بْنُ عَتِيكٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: زَيْدُ بْنُ سُرَاقَةَ بْنِ كَعْبٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زَعْوَرَاءَ: سَعْدُ بْنُ سَلَامَةَ.

رَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10382 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجِسْرِ:

مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ثُمَّ مِنْ بَنِي زَعْوَرَاءَ: أَوْسُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ عَامِرٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: ثَابِتُ بْنُ عَتِيكٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ: الْحَارِثُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مُظَاهِرٍ.

رَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ص: 217

[بَابُ وَقْعَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ]

10383 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:

خَرَجَ جَيْشٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَا أَمِيرُهُمْ، حَتَّى نَزَلْنَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَقَالَ صَاحِبُهَا: أَخْرِجُوا إِلَيَّ رَجُلًا مِنْكُمْ أُكَلِّمُهُ وَيُكَلِّمُنِي، فَقُلْتُ: لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ غَيْرِي، فَخَرَجْتُ وَمَعِي تَرْجُمَانٌ، وَمَعَهُ تُرْجُمَانٌ، حَتَّى وُضِعَ لَهُ مِنْبَرَانِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟. فَقُلْنَا: نَحْنُ الْعَرَبُ، وَنَحْنُ أَهْلُ الشَّوْكِ وَالْقَرَظِ، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ اللَّهِ، كُنَّا أَضْيَقَ النَّاسِ أَرْضًا، وَأَشَدَّهُ عَيْشًا، نَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَيُغِيرُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، بَشَرِّ عَيْشٍ عَاشَ بِهِ النَّاسُ، حَتَّى خَرَجَ فِينَا رَجُلٌ لَيْسَ بِأَعْظَمِنَا يَوْمَئِذٍ شَرَفًا، وَلَا أَكْثَرِنَا مَالًا، فَقَالَ:" أَنَا رَسُولُ اللَّهِ "، يَأْمُرُنَا بِمَا لَا نَعْرِفُ، وَيَنْهَانَا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا، فَشَنِفْنَا لَهُ، وَكَذَّبْنَاهُ، وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ، حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ غَيْرِنَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نُصَدِّقُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَّبِعُكَ، وَنُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَخَرَجْنَا إِلَيْهِ فَقَاتَلْنَاهُ فَقَتَلَنَا، وَظَهَرَ عَلَيْنَا وَغَلَبَنَا، وَتَنَاوَلَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ يَعْلَمُ مَنْ وَرَائِي مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا جَاءَكُمْ حَتَّى يُشْرِكَكُمْ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ. فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَكُمْ قَدْ صَدَقَ، قَدْ جَاءَتْنَا رُسُلُنَا بِمِثْلِ الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ رَسُولُكُمْ، فَكُنَّا عَلَيْهِ، حَتَّى ظَهَرَ فِينَا مُلُوكٌ، فَجَعَلُوا يَعْمَلُونَ فِينَا بِأَهْوَائِهِمْ، وَيَتْرُكُونَ أَمْرَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنْ أَنْتُمْ أَخَذْتُمْ بِأَمْرِ نَبِيِّكُمْ، لَمْ يُقَاتِلْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبْتُمُوهُ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا ظَهَرْتُمْ عَلَيْهِ. فَإِذَا فَعَلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَا، وَتَرَكْتُمْ أَمْرَ الْأَنْبِيَاءِ، وَعَمِلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي عَمِلُوا بِأَهْوَائِهِمْ، خُلِّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَلَمْ تَكُونُوا أَكْثَرَ مِنَّا عَدَدًا، وَلَا أَشَدَّ مِنَّا قُوَّةً. قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَمَا كَلَّمْتُ رَجُلًا أَذْكَى مِنْهُ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ فَتْحِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَرُومِيَّةَ]

10384 -

عَنْ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«لَتَفْتَحُنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ".

قَالَ: فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكَ، فَحَدَّثْتُهُ فَغَزَا

ص: 218

الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10385 -

وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ:

«كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَسُئِلَ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا: الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ قَالَ: فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حِلَقٌ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا "، يَعْنِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي قَبِيلٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10386 -

وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسِ لِلْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَعْجِزُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ، إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ.

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ طَرَفًا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10387 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ رَابِطَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِبُولَانَ، يَا عَلِيُّ "، قَالَ الْمُزَنِيُّ: يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " اعْلَمْ أَنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ، وَيُقَاتِلُهُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ رَوْقَةُ الْمُسْلِمِينَ أَهْلُ الْحِجَازِ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَرُومِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيَهُدُّوا حِصْنَهُمَا، وَيُصِيبُوا مَالًا عَظِيمًا لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهُ قَطُّ، حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالتِّرْسَةِ. ثُمَّ يَصْرُخُ صَارِخٌ: يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، قَدْ خَرَجَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فِي بِلَادِكُمْ وَذَرَارِيِّكُمْ، فَيَنْقَبِضُ النَّاسُ عَنِ الْمَالِ، فَمِنْهُمُ الْآخِذُ، وَمِنْهُمُ التَّارِكُ، فَالْآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ، ثُمَّ يَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الصَّارِخُ؟ وَلَا يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ، فَيَقُولُونَ: ابْعَثُوا طَلِيعَةً إِلَى لُدٍّ، فَإِنْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ خَرَجَ فَسَيَأْتِيكُمْ بِعِلْمِهِ، فَيَأْتُونَ فَيُبْصِرُونَ وَلَا يَرَوْنَ شَيْئًا، وَيَرَوْنَ النَّاسَ سَاكِتِينَ، فَيَقُولُونَ: مَا صَرَخَ الصَّارِخُ إِلَّا إِلَيْنَا، فَاعْتَزِمُوا ثُمَّ ارْشُدُوا، فَنَخْرُجُ بِأَجْمَعِنَا إِلَى لُدٍّ، فَإِنْ يَكُنْ بِهَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ نُقَاتِلْهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ، وَإِنْ يَكُنِ الْأُخْرَى فَإِنَّهَا بِلَادُكُمْ، وَعَشَائِرُكُمْ وَعَسَاكِرُكُمْ رَجَعْتُمْ إِلَيْهَا» .

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ

ص: 219

بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ.

[بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ]

10388 -

عَنْ عَامِرٍ - يَعْنِي الشَّعْبِيَّ - قَالَ:

لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ النَّاسِ، قَالَ قَوْمٌ: نُصَلِّي وَلَا نُؤْتِي الزَّكَاةَ، فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي بَكْرٍ: اقْبَلْ مِنْهُمْ، قَالَ: لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا لَقَاتَلْتُهُمْ، فَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَقَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ بِأَلْفٍ مِنْ طَيِّئٍ حَتَّى أَتَى الْيَمَامَةَ.

قَالَ: فَكَانَ بَنُو عَامِرٍ قَدْ قَتَلُوا عُمَّالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ أَنِ اقْتُلْ بَنِي عَامِرٍ، وَأَحْرِقْهُمْ بِالنَّارِ، فَفَعَلَ حَتَّى صَاحَتِ النِّسَاءُ. ثُمَّ مَضَى حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَاءِ، خَرَجُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ كَفَّ عَنْهُمْ. فَأَمَرَهُ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى يَنْزِلَ الْحِيرَةَ، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا نَزَلَ الْحِيرَةَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ فَارِسَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ لَا أَبْرَحَ حَتَّى أُفَزِّعَهُمْ، فَأَغَارَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سُورَا فَقَتَلَ وَسَبَى، ثُمَّ أَغَارَ عَلَى عَيْنِ التَّمْرِ فَقَتَلَ وَسَبَى، ثُمَّ مَضَى إِلَى الشَّامِ.

قَالَ عَامِرٌ: فَأَخْرَجَ إِلَى ابْنِ بُقَيْلَةَ كِتَابَ خَالِدٍ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى مَرَازِبَةِ فَارِسَ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ بِالْحَمْدِ الَّذِي فَصَلَ حَزْمَكُمْ، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَكُمْ، وَوَهَّنَ بَأْسَكُمْ، وَسَلَبَ مُلْكَكُمْ، فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا فَاعْتَقِدُوا مِنِّي الذِّمَّةَ، وَأَدُّوا إِلَيَّ الْجِزْيَةَ، وَابْعَثُوا إِلَيَّ بِالرَّهْنِ، وَإِلَّا فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَأَلْقَاكُمْ بِقَوْمٍ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ كَحُبِّكُمُ الْحَيَاةَ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَفِيهِ مُجَالِدٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

10389 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:

لَمَّا فَرَغَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْيَمَامَةِ بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَانَ الْعَلَاءُ هُوَ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ، فَأَسْلَمَ الْمُنْذِرُ، فَأَقَامَ الْعَلَاءُ بِهَا أَمِيرًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَارْتَدَّتْ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ فِي مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ

ص: 220

إِلَّا الْجَارُودَ بْنَ عَمْرٍو ; فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ قَوْمِهِ.

وَاجْتَمَعَتْ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ وَارْتَدَتْ، وَقَالُوا: تَرُدُّ الْمُلْكَ فِي آلِ الْمُنْذِرِ، فَكَلَّمُوا الْمُنْذِرَ بْنَ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَكَانَ يُسَمَّى الْغَرُورَ، وَكَانَ يَقُولُ بَعْدُ حِينَ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ النَّاسُ وَعَلَيْهِمُ السَّيْفُ: لَسْتُ بِالْغَرُورِ وَلَكِنِّيَ الْمَغْرُورُ.

فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ رَبِيعَةُ بِالْبَحْرَيْنِ، سَارَ إِلَيْهِمُ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَمَدَّهُ بِثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ الْحَنَفِيِ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ قَوْمُهُ، فَلَمَّا أَمَرَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ بِثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ، سَارَ مَعَهُ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي سُحَيْمٍ حَتَّى خَاضَ إِلَى رَبِيعَةَ الْبَحْرَ، فَسَارَتْ رَبِيعَةُ إِلَيْهِمْ فَحَصَرُوهُمْ وَهُمْ بِجُوَاثَا - حِصْنٍ بِالْبَحْرَيْنِ - حَتَّى إِذَا كَادَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَهْلِكُوا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَدَقٍ الْعَامِرِيُّ فِي ذَلِكَ حِينَ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ:

أَلَا بَلِّغْ أَبَا بَكْرٍ رَسُولًا

وَفِتْيَانَ الْمَدِينَةِ أَجَمْعِينَا

فَهَلْ لَكَ فِي شَبَابٍ مِنْكَ أَمْسَوْا

جَمِيعًا فِي جُوَاثَا مُحْصِرِينَا

تَوَكَّلْنَا عَلَى الرَّحْمَنِ إِنَّا

وَجَدْنَا النَّصْرَ لِلْمُتَوَكِّلِينَا

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَدَقٍ: دَعُونِي أَهْبِطْ مِنَ الْحِصْنِ وَأَنَا آتِيكُمْ بِالْخَبَرِ، وَكَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَدَقٍ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، وَنَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ، وَأَخَذُوهُ، وَقَالُوا: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَانْتَسَبَ، وَجَعَلَ يُنَادِي: يَا أَبْجَرَاهُ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ، فَجَاءَ أَبْجَرُ وَعَرَفَهُ، وَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ هَلَكْتُ مِنَ الْجُوعِ. فَحَمَلَهُ وَسَقَاهُ، وَقَالَ: احْمِلْنِي وَخَلِّ سَبِيلِي، فَانْطَلَقَ وَحَمَلَهُ عَلَى بَغْلٍ، وَقَالَ: انْطَلِقْ لِشَأْنِكَ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَدَقٍ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْقَوْمَ سُكَارَى لَا غَنَاءَ عِنْدَهُمْ، فَبَيَّتَهُمُ الْعَلَاءُ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ،، فَقَتَلُوهُمْ قَتْلًا شَدِيدًا وَانْهَزَمُوا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ.

10390 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ:

وَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فِي جَيْشٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ قِبَلَ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، وَكَانُوا قَدْ مَنَعُوا الْجِزْيَةَ الَّتِي سَلَّمُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذِ افْتَتَحَهَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ إِلَيْهِمْ حِينَ مَنَعُوا حَقَّ اللَّهِ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ الْبَحْرُ حَتَّى مَشَوْا فِيهِ بِأَرْجُلِهِمْ، فَقَطَعُوا كَذَلِكَ بِمَكَانٍ كَانَتْ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهِيَ تَجْرِي فِيهِ الْيَوْمَ، وَقَاتَلَهُمْ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَسَلَّمُوا وَامْتَنَعُوا مِنْ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ أَمْوَالِهِمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10391 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ - يَعْنِي الْجُمَحِيِّ - قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ تَوَلَّى قَتْلَ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ وَيُعَرِّضُ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ:

ص: 221

نِعْمَ الْقَتِيلُ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَتْ

حَيْثُ الْعِضَاةُ قَتِيلُكَ ابْنُ الْأَزْوَرِ

وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ حِينَ لَقِيتَهُ

وَلَنِعْمَ مَأْوَى الطَّارِقِ الْمُتَنَوِّرِ

سَمْحٌ بِأَطْرَافِ الْقِدَاحِ إِذَا انْتَشَى

حُلْوٌ حَلَالُ الْمَالِ غَيْرُ غَدْوَرِ

لَا يَلْبَسُ الْفَحْشَاءَ تَحْتَ ثِيَابِهِ

صَعْبٌ مَقَادَتُهُ عَفِيفُ الْمِئْزَرِ

أَدَعَوْتَهُ بِاللَّهِ ثُمَّ قَتَلْتَهُ

لَوْ هُوَ دَعَاكَ بِذِمَّةٍ لَمْ يَغْدِرِ

نِعْمَ الْفَوَارِسُ يَوْمَ حَلَّتْ غَادَرَتْ

فُرْسَانُ فِهْرٍ فِي الْغُبَارِ الْأَكْدَرِ.

وَيُرْوَى: فِي الْكَدُورِ الْأَكْدَرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10392 -

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ:

جَاءَ أَهْلُ الرِّدَّةِ مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ، فَقَالَ: عَلَى أَنْ نَنْزِعَ مِنْكُمُ الْحَلَقَةَ وَالْكُرَاعَ، وَتُتْرَكُونَ تَبِيعُونَ أَذْنَابَ الْبَقَرِ حَتَّى يُرِيَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ رَأْيًا يَعْذُرُونَكُمْ بِهِ، وَتَشْهَدُونَ أَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ وَقَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَتَدُونَ قَتْلَانَا، وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَوْلُ كَمَا قُلْتَ، غَيْرَ أَنَّ قَتْلَانَا قُتِلُوا فِي ذِمَّةِ اللَّهِ لَا دِيَةَ لَهُمْ.

قُلْتُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10393 -

وَعَنْ خُرَيْمِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«هَذِهِ الْحِيرَةُ الْبَيْضَاءُ قَدْ رُفِعَتْ لِي، وَهَذِهِ الشَّيْمَاءُ بِنْتُ بُقَيْلَةَ الْأَزْدِيَّةُ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةٌ بِخِمَارٍ أَسْوَدَ ".

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ نَحْنُ دَخَلْنَا الْحِيرَةَ، وَوَجَدْنَاهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَهِيَ لِي؟ قَالَ: " هِيَ لَكَ».

ثُمَّ ارْتَدَتِ الْعَرَبُ فَلَمْ يَرْتَدَّ أَحَدٌ مِنْ طَيِّءٍ، فَكُنَّا نُقَاتِلُ قَيْسًا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمِنْهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَكُنَّا نُقَاتِلُ طُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الْفَقْعَسِيَّ، فَامْتَدَحَنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانَ فِيمَا قَالَ:

جَزَى اللَّهُ عَنَّا طَيِّئًا فِي دِيَارِهَا

بِمُعْتَرَكِ الْأَبْطَالِ خَيْرَ جَزَاءِ

هُمْ أَهْلُ رَايَاتِ السَّمَاحَةِ وَالنَّدَى

إِذَا مَا الصِّبَا أَلَوَتْ بِكُلِّ خِبَاءِ

هُمْ ضَرَبُوا قَيْسًا عَلَى الدِّينِ بَعْدَمَا

أَجَابُوا مُنَادِيَ ظُلْمَةٍ وَعَمَاءِ.

ثُمَّ سَارَ خَالِدٌ إِلَى مُسَيْلِمَةَ، فَسِرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ أَقْبَلْنَا

ص: 222

إِلَى نَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ فَرَأَيْنَا هُرْمُزَ بِكَاظِمَةَ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْدَى لِلْعَرَبِ مِنْ هُرْمُزَ.

قَالَ أَبُو السَّكَنِ: وَبِهِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَكْفَرُ مِنْ هُرْمُزَ.

فَبَرَزَ لَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ لَهُ هُرْمُزُ، فَقَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ، فَبَلَغَتْ قَلَنْسُوَتُهُ مِائَةَ أَلْفٍ. ثُمَّ سِرْنَا عَلَى طَرِيقِ الطَّرْفِ حَتَّى دَخَلْنَا الْحِيرَةَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَلَقَّانَا فِيهَا الشَّيْمَاءُ بِنْتُ بُقَيْلَةَ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ بِخِمَارٍ أَسْوَدَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَعَلَّقْتُ بِهَا، وَقُلْتُ: هَذِهِ وَهَبَهَا لِي رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. فَدَعَانِي خَالِدٌ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَسَلَّمَهَا إِلَيَّ، وَنَزَلَ إِلَيْنَا أَخُوهَا عَبْدُ الْمَسِيحِ، فَقَالَ لِي: بِعْنِيهَا؟ فَقُلْتُ: لَا أَنْقُصُهَا وَاللَّهِ مِنْ عَشْرِ مِائَةٍ شَيْئًا، فَدَفَعَ إِلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقِيلَ لِي: لَوْ قُلْتَ مِائَةَ أَلْفٍ لَدَفَعَهَا إِلَيْكَ، فَقُلْتُ: مَا أَحْسَبُ أَنَّ مَالًا أَكْثَرُ مِنْ عَشْرِ مِائَةٍ.

وَبَلَغَنِي فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي بَابِ قِتَالِ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ.

10394 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ:

لَقِيَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: حِمَارُ الْيَمَامَةِ، وَالرَّجُلُ طُوَالٌ فِي يَدِهِ سَيْفٌ أَبْيَضُ.

قَالَ: وَكَانَ الْبَرَاءُ قَصِيرًا، فَضَرَبَ الْبَرَاءُ رِجْلَيْهِ بِالسَّيْفِ، فَكَأَنَّمَا أَخْطَأَهُ، فَوَقَعَ عَلَى قَفَاهُ، قَالَ: فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ، فَأَغْمَدْتُ سَيْفِي، فَمَا ضَرَبْتُ بِهِ إِلَّا ضَرْبَةً وَاحِدَةً حَتَّى انْقَطَعَ، فَأَلْقَيْتُهُ وَأَخَذْتُ سَيْفِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ لَمْ يُدْرِكِ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ.

وَيَأْتِي حَدِيثُ الرِّجَالِ بْنِ عُنْقُوَةَ فِي إِخْبَارِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[بَابٌ فِي مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ]

10395 -

عَنْ عُرْوَةَ فِي مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ:

مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: أُسَيْدُ بْنُ يَرْبُوعٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: بَشِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ: ثَابِتُ بْنُ خَالِدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ خَالِدِ بْنِ خَنْسَاءَ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ: جُبَيْرُ بْنُ مَالِكٍ وَهُوَ ابْنُ بُحَيْنَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جَحْجَبَى: جَزْءُ بْنُ مَالِكِ بْنِ حُزَيْرٍ. وَمِنْ

ص: 223

قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: حَكِيمُ بْنُ حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذٍ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: رَبِيعَةُ بْنُ خَرَشَةَ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ: رَبَاحُ مَوْلَى جَحْجَبَى.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ: زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَزَيْدُ بْنُ رُقَيْشٍ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: سَعْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَبْدُودٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: سَعْدُ بْنُ حِبَّانَ، حَلِيفٌ لَهُمْ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جَحْجَبَى: سَعِيدُ بْنُ رَبِيعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَالِكٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْأَشْهَلِ: سَهْلُ بْنُ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، وَهُوَ أَبُو دُجَانَةَ.

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10396 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ:

مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: أُسَيْدُ بْنُ يَرْبُوعٍ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: أَسْعَدُ بْنُ سَلَامَةَ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: ثَابِتُ بْنُ خَالِدِ بْنِ النُّعْمَانِ ..

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: جَزْءُ بْنُ مَالِكٍ وَرَبَاحٌ مَوْلَى جَحْجَبَى.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: رَبِيعَةُ بْنُ خَرَشَةَ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ: زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ.

وَمِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ: زَيْدُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: سَعْدُ بْنُ حَمَّارٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ.

وَمِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَعِيدُ بْنُ رَبِيعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَالِكٍ.

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10397 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ:

مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ وَهُوَ أَبُو دُجَانَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10398 -

وَعَنْ شَبَّابٍ قَالَ:

اسْتُشْهِدْ عِمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

ص: 224

[كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ]

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَوَارِجِ]

26 -

1 - 1 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَوَارِجِ)

10399 -

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ:

«أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ سَاجِدٍ وَهُوَ يَنْطَلِقُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَضَى الصَّلَاةَ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

" مَنْ يَقْتُلُ هَذَا؟ ". فَقَامَ رَجُلٌ، فَحَسَرَ عَنْ يَدَيْهِ، فَاخْتَرَطَ سَيْفَهَ وَهَزَّهُ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، كَيْفَ أَقْتُلُ رَجُلًا سَاجِدًا يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟!.

ثُمَّ قَالَ: " مَنْ يَقْتُلُ هَذَا؟ " فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا، فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ وَاخْتَرَطَ سَيْفَهُ، فَهَزَّهُ حَتَّى أُرْعِدَتْ يَدُهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ أَقْتُلُ رَجُلًا سَاجِدًا يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَتَلْتُمُوهُ لَكَانَ أَوَّلَ فِتْنَةٍ وَآخِرَهَا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ شَافٍ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10400 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:

«أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِوَادِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا رَجُلٌ مُتَخَشِّعٌ، حَسَنُ الْهَيْئَةِ، يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ ". قَالَ: فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا رَآهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَرِهَ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: " اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ ". فَذَهَبَ عُمَرُ، فَرَآهُ عَلَى الْحَالِ الَّذِي رَآهُ أَبُو بَكْرٍ، فَرَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي مُتَخَشِّعًا فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ.

قَالَ: " يَا عَلِيُّ اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ "، فَذَهَبَ عَلِيٌّ فَلَمْ يَرَهُ، فَرَجَعَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَرَهُ.

قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ فِي فَوْقِهِ، فَاقْتُلُوهُمْ، هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ

ص: 225

ثِقَاتٌ.

10401 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:

«كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا رَجَعَ وَحَطَّ عَنْ رَاحِلَتِهِ عَمَدَ إِلَى مَسْجِدِ الرَّسُولِ، فَجَعَلَ يُصَلِّي فِيهِ، فَيُطِيلُ الصَّلَاةَ حَتَّى جَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرَوْنَ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَيْهِمْ. فَمَرَّ يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ ذَاكَ الرَّجُلُ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا جَاءَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلًا، قَالَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَفْعَةً مِنَ الشَّيْطَانِ ". فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى الْمَجْلِسِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَقُلْتَ فِي نَفْسِكَ حِينَ وَقَفْتَ عَلَى الْمَجْلِسِ: لَيْسَ فِي الْقَوْمِ خَيْرٌ مِنِّي؟ ". قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَى نَاحِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَخَطَّ خَطًّا بِرِجْلِهِ، ثُمَّ صَفَّ كَعْبَيْهِ فَقَامَ يُصَلِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى هَذَا فَيَقْتُلُهُ؟ ". فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَقَتَلْتَ الرَّجُلَ؟ " فَقَالَ: وَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَهِبْتُهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى هَذَا فَيَقْتُلُهُ؟ " فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا، وَأَخَذَ السَّيْفَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي فَرَجَعَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ:" أَقَتَلْتَ الرَّجُلَ؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَهِبْتُهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى هَذَا فَيَقْتُلُهُ؟ ". قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ لَهُ إِنْ أَدْرَكْتَهُ ". فَذَهَبَ عَلِيٌّ فَلَمْ يَجِدْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَقَتَلْتَ الرَّجُلَ؟ ". قَالَ: لَمْ أَدْرِ أَيْنَ سَلَكَ مِنَ الْأَرْضِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ هَذَا أَوَّلُ قَرْنٍ خَرَجَ فِي أُمَّتِي ".

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ قَتَلْتَهُ - أَوْ قَتَلَهُ - مَا اخْتَلَفَ فِي أُمَّتِي اثْنَانِ، إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ - يَعْنِي أُمَّتَهُ - سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً ". قُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَنْ تِلْكَ الْفِرْقَةُ؟ قَالَ:" الْجَمَاعَةُ» ".

قَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: فَقُلْتُ لِأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، فَأَيْنَ الْجَمَاعَةُ؟ قَالَ: مَعَ أُمَرَائِكُمْ مَعَ أُمَرَائِكُمْ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى. وَيَزِيدُ الرِّقَاشِيُّ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَفِيهِ تَوْثِيقٌ لَيِّنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَقَدْ صَحَّ قَبْلَهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ.

10402 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:

«كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يُعْجِبُنَا تَعَبُّدُهُ وَاجْتِهَادُهُ، فَذَكَرْنَاهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاسْمِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَوَصَفْنَاهُ بِصِفَتِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَذْكُرُهُ إِذْ طَلَعَ الرَّجُلُ، قُلْنَا: هَا هُوَ ذَا. قَالَ: " إِنَّكُمْ لَتُخْبِرُونِي عَنْ رَجُلٍ إِنَّ عَلَى وَجْهِهِ سَفْعَةً مِنَ الشَّيْطَانِ ".

فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُسَلِّمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ، هَلْ قُلْتَ حِينَ وَقَفْتَ عَلَى الْمَجْلِسِ:

ص: 226

مَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنِّي؟ " قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ دَخَلَ يُصَلِّي.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ؟ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَقْتُلُ رَجُلًا يُصَلِّي، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ؟ فَخَرَجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:" مَا فَعَلْتَ؟ ". قَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ وَهُوَ يُصَلِّي، وَقَدْ نَهَيْتَ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ.

قَالَ عُمَرُ: أَنَا، فَدَخَلَ فَوَجَدَهُ وَاضِعًا وَجْهَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنِّي. فَخَرَجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَهْ؟ " قَالَ: وَجَدْتُهُ وَاضِعًا وَجْهَهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ.

فَقَالَ: " مَنْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ؟ ". فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا. فَقَالَ: " أَنْتَ إِنْ أَدْرَكْتَهُ ". قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ قَدْ خَرَجَ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" مَهْ ". قَالَ: مَا وَجَدْتُهُ.

قَالَ: " لَوْ قُتِلَ مَا اخْتَلَفَ فِي أُمَّتِي رَجُلَانِ، كَانَ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ» ".

قَالَ مُوسَى: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ: هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ عَلِيٌّ، ذُو الثِّدْيَةِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا عَلَى ضَعْفٍ فِي بَعْضِهِمْ.

وَلَهُ طَرِيقٌ أَطْوَلُ مِنْ هَذِهِ الْفِتَنِ.

10403 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ:

«مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَقَالُوا فِيهِ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ:" مَنْ يَقْتُلُهُ؟ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَذَهَبَ فَوَجَدَهُ قَدْ خَطَّ عَلَى نَفْسِهِ خُطَّةً وَهُوَ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمَّا رَآهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ رَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يَقْتُلُهُ؟ ". فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا، فَذَهَبَ فَرَآهُ فِي خَطِّهِ قَائِمًا يُصَلِّي، فَرَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَهُ - أَوْ: مَنْ يَقْتُلُهُ -؟ " فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَنْتَ، وَلَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ ". فَانْطَلَقَ فَرَآهُ قَدْ ذَهَبَ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10404 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ:

«أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِدَنَانِيرَ، فَجَعَلَ يَقْبِضُ قَبْضَةً قَبْضَةً، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ، كَأَنَّهُ يُؤَامِرُ أَحَدًا مَنْ يُعْطِي - قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: يُؤَامِرُ أَحَدًا ثُمَّ يُعْطِي - وَرَجُلٌ أَسْوَدُ مَطْمُومٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، فَقَالَ: مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " مَنْ يَعْدِلُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي؟ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ؟ قَالَ: " لَا ". ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " هَذَا وَأَصْحَابُهُ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يَتَعَلَّقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَقَدِ اخْتَلَطَ.

10405 -

«وَعَنْ مِقْسَمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ:

خَرَجْتُ أَنَا وَتَلِيدُ بْنُ كِلَابٍ اللَّيْثِيُّ حَتَّى أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ

ص: 227

يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مُعَلِّقًا نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ، فَقُلْنَا لَهُ: هَلْ حَضَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَلَّمَهُ التَّمِيمِيُّ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، فَوَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُعْطِي النَّاسَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ رَأَيْتُ مَا صَنَعْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَجَلْ، فَكَيْفَ رَأَيْتَ؟ ". قَالَ: لَمْ أَرَكَ عَدَلْتَ. قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: " وَيْحَكَ، إِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَدْلُ عِنْدِي، فَعِنْدَ مَنْ يَكُونُ؟ ". فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رحمه الله: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ؟ قَالَ: " لَا، دَعُوهُ، فَإِنَّ لَهُ شِيعَةً يَتَعَمَّقُونَ فِي الدِّينِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهُ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا يَجِدُ شَيْئًا، ثُمَّ فِي الْقَدَحِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ فِي الْفَوْقِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ سِوَى الْفَرْثِ وَالدَّمِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

10406 -

وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ:

لَمَّا جَاءَتْنَا بَيْعَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَدِمْتُ الشَّامَ فَأُخْبِرْتُ بِمَقَامٍ يَقُومُهُ نَوْفٌ فَجِئْتُهُ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَاشْتَدَّ النَّاسُ، عَلَيْهِ خَمِيصَةٌ، فَإِذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَلَمَّا رَآهُ نَوْفٌ أَمْسَكَ عَنِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ، كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ ". حَتَّى عَدَّهَا زِيَادَةً عَلَى عَشْرِ مَرَّاتٍ: " كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ مِنْهُمْ قُطِعَ، حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ فِي بَقِيَّتِهِمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ. وَشَهَرٌ ثِقَةٌ، وَفِيهِ كَلَامٌ لَا يَضُرُّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10407 -

«وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ قَالَ:

كَانَ صَاحِبٌ لِي يُحَدِّثُنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي شَأْنِ الْخَوَارِجِ، فَحَجَجْتُ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقُلْتُ: إِنَّكَ بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عِنْدَكَ عِلْمًا، إِنَّ نَاسًا يَطْعَنُونَ عَلَى أُمَرَائِهِمْ، وَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِمْ بِالضَّلَالَةِ، قَالَ: عَلَى أُولَئِكَ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسِقَايَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَجَعَلَ يُقَسِّمُهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَئِنْ كَانَ اللَّهُ أَمَرَكَ بِالْعَدْلِ، فَلَمْ تَعْدِلْ. فَقَالَ:" وَيْلَكَ، فَمَنْ يَعْدِلُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي؟ ". فَلَمَّا أَدْبَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" إِنَّ فِي أُمَّتِي أَشْبَاهَ هَذَا، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، فَإِنْ خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، ثُمَّ إِنْ خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ " قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10408 -

وَعَنْ شَرِيكِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ:

«كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ أَلْقَى رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُنِي عَنِ الْخَوَارِجِ، فَلَقِيتُ أَبَا بَرْزَةَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقُلْتُ:

ص: 228

يَا أَبَا بَرْزَةَ، حَدِّثْنَا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ فِي الْخَوَارِجِ. قَالَ: أُحَدِّثُكَ بِمَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَرَأَتْ عَيْنَايَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدَنَانِيرَ يُقَسِّمُهَا، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ أَسْوَدُ، مَطْمُومُ الشَّعْرِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، فَتَعَرَّضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَأَتَاهُ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ مُنْذُ الْيَوْمِ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: " وَاللَّهِ لَا تَجِدُونَ بَعْدِي أَحَدًا أَعْدَلَ عَلَيْكُمْ مِنِّي " قَالَهَا ثَلَاثًا.

ثُمَّ قَالَ: " يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ رِجَالٌ - كَانَ هَذَا مِنْهُمْ - هَدْيُهُمْ هَكَذَا، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ ". وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ " سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ، لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ " قَالَهَا ثَلَاثًا " شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ " قَالَهَا ثَلَاثًا».

وَقَالَ حَمَّادٌ: " لَا يَرْجِعُونَ فِيهِ ".

10409 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الدَّجَّالِ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَالْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10410 -

«وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ - وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ -:

" إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَتَعَبَّدُونَ فَيَدْأَبُونَ حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ النَّاسُ، وَتُعْجِبَهُمْ أَنْفُسُهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ. وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10411 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يُسِيئُونَ الْأَعْمَالَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ". قَالَ يَزِيدُ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: " يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ عَمَلَهُ مَعَ عَمَلِهِمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، فَطُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ، وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ، كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قَطَعَهُ اللَّهُ عز وجل ".

فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرُ، وَأَنَا أَسْمَعُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ أَبُو جَنَابٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10412 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«سَيَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْقُرْآنَ كَشُرْبِهِمُ اللَّبَنَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10413 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَحَدُ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ أَثِبَاتٌ.

10414 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا» .

ص: 229

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَكَذَلِكَ رِجَالُ أَحَدِ إِسْنَادَيِ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

10415 -

وَعَنْ عِصْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10416 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«إِنَّهُ كَائِنٌ فِيكُمْ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعٌ ". حَتَّى ذَكَرَ عِشْرِينَ مَرَّةً وَزِيَادَةً: " حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ يَخْرُجُ مَعَ الدَّجَّالِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10417 -

وَعَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا قُطِعَ قَرْنٌ نَشَأَ قَرْنٌ حَتَّى يَكُونَ مَعَ بَقِيَّتِهِمُ الدَّجَّالُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

10418 -

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ:

«لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مَجْزُوزُ الرَّأْسِ - أَوْ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ - قَالَ: مَا عَدَلْتَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ أَنَا؟ ".

قَالَ: فَغَفَلَ عَنِ الرَّجُلِ، فَذَهَبَ، فَقَالَ:" أَيْنَ الرَّجُلُ؟ ". فَطُلِبَ فَلَمْ يُدْرَكْ، فَقَالَ: " إِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي قَوْمٌ سِيمَاهُمْ سِيمَا هَذَا، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ فِي قِدْحِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، يَنْظُرُ فِي رِصَافِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، يَنْظُرُ فِي فَوْقِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10419 -

وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ: إِنَّ الصُّرَيْمَ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ بِالْبِدَارِ - قَرْيَةٍ بِالْبَصْرَةِ - وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ وَجَارِيَتُهُ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَسْأَلُهُ عَنْ حَالِنَا وَأَمْرِنَا وَمَخْرَجِنَا؟ فَقَالُوا: بَلَى. فَانْصَرَفُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: أَلَا تُخْبِرُنَا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِينَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: أَمَّا فِيكُمْ بِأَعْيَانِكُمْ فَلَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" «يَكُونُ بَعْدِي قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ عَلَى فَوْقِهِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ، وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ، شَرُّ قَتْلَى أَظَلَّتْهُمُ السَّمَاءُ وَأَقَلَّتْهُمُ الْأَرْضُ، كِلَابُ النَّارِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْكَلَاعِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَيَأْتِي لَهُ حَدِيثٌ فِي الْفِتَنِ.

10420 -

وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: هَلْ سَمِعْتَ فِي الْخَوَارِجِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ وَالِدِي أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

" «أَلَا إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ أَشِدَّاءُ أَحِدَّاءُ، ذَلِقَةٌ أَلْسِنَتُهُمْ بِالْقُرْآنِ، لَا يَتَجَاوَزُ تَرَاقِيَهُمْ، أَلَا إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ، إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ

ص: 230

فَأَنِيمُوهُمْ، فَالْمَأْجُورُ قَاتِلُهُمْ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالطَّبَرَانِيُّ رَوَاهُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ.

10421 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ:

«لَمَّا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ هَوَازِنَ، قَامَ رَجُلٌ قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَقُومُ فَأَقْتُلُ هَذَا الْمُنَافِقَ؟ قَالَ: " مَعَاذَ اللَّهِ، أَتَتَسَامَعُ الْأُمَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

10422 -

وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُلَيْلٍ السَّلِيحِيُّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا قَرِيبًا مِنَ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَاسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ، فَخَطَبَ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَانَ مَنْ أَقْرَأِ النَّاسِ. فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" «لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ رِجَالٌ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

10423 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«تَكُونُ خَلَفٌ بَعْدَ السِّتِّينَ أَضَاعُوا الصَّلَوَاتِ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، ثُمَّ يَكُونُ خَلَفٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةٌ: مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ وَفَاجِرٌ» .

قَالَ بَشِيرٌ: فَقُلْتُ لِلْوَلِيدِ: مَا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ؟ قَالَ: الْمُنَافِقُ كَافِرٌ بِهِ، وَالْفَاجِرُ يَتَأَكَّلُ بِهِ، وَالْمُؤْمِنُ يُؤْمِنُ بِهِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ كَذَلِكَ.

10424 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيهِمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، قِتَالُهُمْ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: " قِتَالُهُمْ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10425 -

وَعَنْ صَفْوَانِ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: لَا يَغُرَّنَّكَ هَؤُلَاءِ، إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ الْيَوْمَ، وَيَتَجَالَدُونَ بِالسُّيُوفِ غَدًا، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِنَفَرٍ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَلْيَكُونُوا شُيُوخًا. فَأَتَيْتُهُ بِنَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ، وَأَتَيْتُهُ بِمِرْدَاسِ بْنِ بِلَالٍ، وَبِنَفَرٍ مَعَهُمَا، سِتَّةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلْنَا عَلَى جُنْدَبٍ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" «مَثَلُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ وَيَنْسَى نَفْسَهُ كَمَثَلِ الْمِصْبَاحِ الَّذِي يُضِيءُ لِلنَّاسِ وَيَحْرِقُ نَفْسَهُ، وَمَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا مَاتَ بَطْنُهُ، فَلَا يُدْخِلْ بَطْنَهُ إِلَّا طَيِّبًا، وَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دَمٍ فَلْيَفْعَلْ» ".

10426 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَتَكَلَّمَ الْقَوْمُ، فَذَكَرُوا الْأَمْرَ

ص: 231

بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ سَاكِتٌ يَسْمَعُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ قَوْمًا أَحَقَّ بِالنَّجَاةِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ فِي إِحْدَاهُمَا: لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَفِي الْأُخْرَى عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكَلْبِيُّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمَا ثِقَاتٌ.

10427 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«يُوشِكُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ قَوْمٌ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَشْرَبُونَهُ كَشُرْبِهِمُ الْمَاءَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ". ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى حَلْقِهِ، فَقَالَ: " لَا يُجَاوِزُ هَاهُنَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10428 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«لَيَقْرَأَنَّ الْقُرْآنَ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10429 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ قَالَ:

أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: مَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟ قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ، قَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللَّهُ الْأَزَارِقَةَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " كِلَابُ النَّارِ» ". قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَوِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا؟ قَالَ: بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا.

قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، وَيَفْعَلُ؟ فَتَنَاوَلَ بِيَدِي فَغَمَزَهَا غَمْزَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ جُمْهَانَ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَائْتِهِ فِي بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وَإِلَّا فَدَعْهُ، فَلَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ.

قُلْتُ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْهُ: " الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّارِ ". فَقَطْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَحْمَدُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَحْمَدَ فِي كَيْفِيَّةِ النُّصْحِ لِلْأَئِمَةِ فِي الْخِلَافَةِ بِأَسَانِيدَ،، وَأَحَدُهَا حَسَنٌ.

10430 -

وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا:

" يُوشِكُ أَنْ يَجِيءَ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ، وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ ".

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ:" إِنَّهُمْ سَيَخْرُجُونَ بِأَرْضِ قَوْمِكَ يَا يَمَامِيُّ يُقَاتِلُونَ بَيْنَ الْأَنْهَارِ ". قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا بِهَا مِنْ أَنْهَارٍ. قَالَ: " إِنَّهَا سَتَكُونُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا.

10431 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" لَأَقْتُلَنَّ الْعَمَالِقَةَ فِي كَتِيبَةٍ ". فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم: وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ محمد بْنُ مسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ (*)، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(*) 62 - جاء في "المجمع"(6/ 232): محمد بن مسلمة (بميمين) بن كهيل.

قلت: لعل صوابه "محمد بن سلمة"(بسين) كما في مصادر ترجمته. وانظر"الميزان"(3/ 568) و"الجرح والتعديل"(7/ 276) وغيرهما. ولقد وقع في "اللسان"(5/ 183) اسم جده جهل.

ص: 232

[بَابٌ مِنْهُ فِي الْخَوَارِجِ]

10432 -

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118]. قَالَ: " هُمُ الْخَوَارِجُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10433 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«إِذَا خَرَجَ عَلَيْكُمْ خَارِجٌ، وَأَنْتُمْ مَعَ رَجُلٍ جَمِيعًا، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَيُفَرِّقَ جَمْعَهُمْ، فَاقْتُلُوهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10434 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: لَا أُحَدِّثُكُمْ إِلَّا بِمَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، لَظَنَنْتُ أَنْ لَا أُحَدِّثَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «إِذَا كُنْتُمْ عَلَى جَمَاعَةٍ فَجَاءَ مَنْ يُفَرِّقُ جَمَاعَتَكُمْ، وَيَشُقُّ عَصَاكُمْ، فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: الْعَبَّاسُ بْنُ عَوْسَجَةَ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

10435 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«اقْتُلُوا الْفَذَّ مَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُتَيَّمٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10436 -

وَعَنْ أَبِي غَالِبٍ قَالَ:

«كُنْتُ بِدِمَشْقَ زَمَنَ عَبْدِ الْمَلِكِ،، فَأُتِيَ بِرُءُوسِ الْخَوَارِجِ فَنُصِبَتْ عَلَى أَعْوَادٍ، فَجِئْتُ لِأَنْظُرَ هَلْ فِيهَا أَحَدٌ أَعْرِفُهُ؟ فَإِذَا أَبُو أُمَامَةَ عِنْدَهَا، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْأَعْوَادِ، فَقَالَ: " كِلَابُ النَّارِ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، وَمَنْ قَتَلُوهُ خَيْرُ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ» " قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اسْتَبْكَى، قُلْتُ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: كَانُوا عَلَى دِينِنَا، ثُمَّ ذَكَرْتُ مَا هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ غَدًا.

قُلْتُ أَشَيْئًا تَقُولُهُ بِرَأْيِكَ أَمْ شَيْئًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: إِنِّي لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِلَى السَّبْعِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ، أَمَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ فِي آلِ عِمْرَانَ:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ:{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107].

ثُمَّ قَالَ: اخْتَلَفَ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، سَبْعُونَ فِرْقَةً فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاخْتَلَفَ النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، إِحْدَى وَسَبْعُونَ فِرْقَةً فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَتَخْتَلِفُ

ص: 233

هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ. فَقُلْنَا: انْعَتْهُمْ لَنَا، قَالَ: السَّوَادُ الْأَعْظَمُ.

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10437 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْفَرَزْدَقِ فِي السِّجْنِ، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: لَا أَنْجَاهُ اللَّهُ مِنْ يَدَيْ مَالِكِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ إِنْ لَمْ أَكُنِ انْطَلَقْتُ أَمْشِي بِمَكَّةَ، فَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَسَأَلْتُهُمَا، فَقُلْتُ: إِنِّي مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، وَإِنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ عَلَيْنَا يَقْتُلُونَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَأْمَنُ مَنْ سِوَاهُمْ. فَقَالَا لِي - وَإِلَّا لَا أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْ مَالِكِ بْنِ الْمُنْذِرِ -: سَمِعْنَا خَلِيلَنَا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" «مَنْ قَتَلَهُمْ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ - أَوْ شَهِيدِينَ - وَمَنْ قَتَلُوهُ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي ذِي الثُّدَيَّةِ وَأَهْلِ النَّهْرَوَانِ]

10438 -

عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ - يَعْنِي ذَا الثُّدَيَّةِ - الَّذِي يُوجَدُ مَعَ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ - فَقَالَ: " «شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ، يَحْتَدِرُهُ رَجُلٌ مِنْ بُجَيْلَةَ، يُقَالُ لَهُ: الْأَشْهَبُ أَوِ ابْنُ الْأَشْهَبِ، عَلَامَةٌ فِي قَوْمٍ ظَلَمَةٍ» ". قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ حِينَ حَدَّثَ: جَاءَ بِهِ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ بُجَيْلَةَ. فَقَالَ: أَرَاهُ مَنْ دُهْنٍ. يُقَالُ لَهُ: الْأَشْهَبُ أَوِ ابْنُ الْأَشْهَبِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَأَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10439 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُقَسِّمُ، قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ:

" «عَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ يَدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، كَالْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ فِيهَا شَعَرَاتٌ، كَأَنَّهَا سَبَلَةُ سَبُعٍ» ".

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَحَضَرْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَحَضَرْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ قَتَلَهُمْ بِنَهْرَوَانَ.

قَالَ: فَالْتَمَسَهُ عَلِيٌّ فَلَمْ يَجِدْهُ.

قَالَ: ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْتَ جِدَارٍ عَلَى هَذَا النَّعْتِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: أَيُّكُمْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَحْنُ نَعْرِفُهُ، هَذَا حَرْقُوسُ، وَأُمُّهُ هَاهُنَا. قَالَ: فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى أُمِّهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَتْ: مَا أَدْرِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالرَّبَذَةِ فَغَشِيَنِي شَيْءٌ كَهَيْئَةِ الظُّلْمَةِ، فَحَمَلْتُ مِنْهُ فَوَلَدْتُ هَذَا.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مُطَوَّلًا، وَفِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.

10440 -

وَعَنْ يَزِيدَ

ص: 234

بْنِ أَبِي صَالِحٍ «أَنَّ أَبَا الْوَضِيءِ عَبَّادًا حَدَّثَهُ، قَالَ: كُنَّا عَامِدِينَ إِلَى الْكُوفَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمُخْدَجِ، قَالَ عَلِيٌّ: فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ، ثَلَاثًا، فَقَالَ عَلِيٌّ:

أَمَا إِنَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَنِي بِثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ مِنَ الْجِنِّ، هَذَا أَكْبَرُهُمْ، وَالثَّانِي لَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَالثَّالِثُ فِيهِ ضَعْفٌ».

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10441 -

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: مَا لَكَ لَا تَخْرُجُ مَعَ عَلِيٍّ؟ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا قَالَ فِيهِ؟ قَالَ:

" «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» " قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ: إِي وَاللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْتُهُ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ الْعُزْلَةَ حَتَّى أَجِدَ سَيْفًا يَقْطَعُ الْكَافِرَ، وَيَنْبُو عَنِ الْمُؤْمِنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، وَذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

10442 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ:

«أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10443 -

وَعَنْ مُحَنَّفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ:

أَتَيْنَا أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ يَعْلِفُ خَيْلًا لَهُ بِصَعْنَبَى، فَقِلْنَا عِنْدَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جِئْتَ تُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ؟. قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي بِقِتَالِ ثَلَاثَةٍ: النَّاكِثِينَ، وَالْقَاسِطِينَ، وَالْمَارِقِينَ» ، فَقَدْ قَاتَلْتُ النَّاكِثِينَ، وَقَاتَلْتُ الْقَاسِطِينَ، وَأَنَا مُقَاتِلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَارِقِينَ بِالسَّعَفَاتِ بِالطُّرُقَاتِ بِالنَّهْرَوَانَاتِ، وَمَا أَدْرِي أَيْنَ هُمْ؟.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10444 -

وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِئِ: أَنَّهُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ؟ حَدِّثْنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: وَمَا لِي لَا أَصْدُقُكِ، قَالَتْ: فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ. قَالَ: فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ، وَحَكَمَ الْحَكَمَانِ، خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ، فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: حَرُورَاءُ - مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ - وَإِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ كَسَاكَهُ اللَّهُ، اسْمٌ سَمَّاكَ اللَّهُ بِهِ، ثُمَّ انْطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ، فَلَا حُكْمَ

ص: 235

إِلَّا لِلَّهِ. فَلَمَّا بَلَغَ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ، وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا مَنْ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا امْتَلَأَتِ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ دَعَا بِمُصْحَفِ إِمَامٍ عَظِيمٍ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَصُكَّهُ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ، حَدِّثِ النَّاسَ. فَنَادَاهُ النَّاسُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ، يَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْنَا مِنْهُ، فَمَا تُرِيدُ؟. قَالَ: أَصْحَابُكُمْ أُولَاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ ":{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]. فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ حُرْمَةً أَوْ ذِمَّةً مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنِّي لَمَّا كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ كَتَبْتُ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ «جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ". قَالَ: لَا تَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ:" وَكَيْفَ نَكْتُبُ؟ " قَالَ سُهَيْلٌ: اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَاكْتُبْ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْكَ، فَكَتَبَ:" هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُرَيْشًا» ". يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21].

فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا تَوَسَّطْنَا عَسْكَرَهُمْ، قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: يَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ، هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فَلْيَعْرِفْهُ، فَأَنَا أَعْرِفُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، هَذَا مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ:" قَوْمٌ خَصِمُونَ ". فَرُدُّوهُ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَا تُوَاضِعُوهُ كِتَابَ اللَّهِ.

قَالَ: فَقَامَ خُطَبَاؤُهُمْ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ الْكِتَابَ، فَإِنْ جَاءَ بِالْحَقِّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ، وَإِنْ جَاءَ بِبَاطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِبَاطِلٍ، وَلَنَرُدَّنَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ، فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ الْكِتَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ كُلُّهُمْ تَائِبٌ، فِيهِمُ ابْنُ الْكَوَّاءِ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلِيٌّ عَلَى الْكُوفَةَ. فَبَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى بَقِيَّتِهِمْ، قَالَ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِنَا وَأَمْرِ النَّاسِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ: أَنْ لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا، أَوْ تَقْطَعُوا سَبِيلًا، أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمُ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ.

فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ شَدَّادٍ، فَقَدْ قَتَلَهُمْ؟ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَاسْتَحَلُّوا الذِّمَّةَ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ؟ قَالَ:

ص: 236

وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كَانَ.

قَالَتْ: فَمَا شَيْءٌ بَلَغَنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَحَدَّثُونَهُ يَقُولُونَ: ذَا الثُّدَيَّةِ؟ مَرَّتَيْنِ. قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ، وَقُمْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلَى فَدَعَا النَّاسَ، فَقَالَ: أَتَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ جَاءَ يَقُولُ: رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي. وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِثَبْتٍ يُعْرَفُ إِلَّا ذَاكَ. قَالَتْ: فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَتْ: فَهَلْ رَأَيْتَهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا، قَالَتْ: أَجَلْ، صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يَرْحَمُ اللَّهُ عَلِيًّا، إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلَّا قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُونَ فِي الْحَدِيثِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10445 -

وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ:

سَأَلْتُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ. قَالَ: قُلْتُ: فِيمَ فَارَقُوهُ؟ وَفِيمَ اسْتَحَلُّوهُ؟ وَفِيمَ دَعَاهُمْ؟ وَبِمَ اسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي أَهْلِ الشَّامِ بِصِفِّينَ، اعْتَصَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِجَبَلٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَرْسِلْ إِلَيْهِ بِالْمُصْحَفِ فَلَا وَاللَّهِ لَا نَرُدُّهُ عَلَيْكَ. قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ يَحْمِلُهُ يُنَادِي: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 23]

الْآيَةَ. قَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، أَنَا أَوْلَى بِهِ مِنْكُمْ.

فَجَاءَتِ الْخَوَارِجُ، وَكُنَّا نُسَمِّيهِمْ يَوْمَئِذٍ الْقُرَّاءَ، وَجَاءُوا بِأَسْيَافِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا نَمْشِي إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟. فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، «لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا قَاتَلْنَا، وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ:" بَلَى ". قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: " بَلَى ". قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ:" يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي أَبَدًا ".

فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا.

قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى مُحَمَّدٍ بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ، فَأَقْرَأَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ:" نَعَمْ ".

ص: 237

قَالَ: فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ، وَرَجَعَ النَّاسُ»، ثُمَّ إِنَّهُمْ خَرَجُوا بِحَرُورَاءَ - أُولَئِكَ الْعِصَابَةُ مِنَ الْخَوَارِجِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا - فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ يَنْشُدُهُمُ اللَّهَ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ. فَأَتَاهُمْ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَأَنْشَدَهُمْ، وَقَالَ: عَلَامَ تُقَاتِلُونَ خَلِيفَتَكُمْ؟ قَالُوا: مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ. قَالَ: فَلَا تُعَجِّلُوا ضَلَالَةَ الْعَامِ مَخَافَةَ فِتْنَةِ عَامٍ قَابِلٍ. فَرَجَعُوا وَقَالُوا: نَسِيرُ عَلَى مَا جِئْنَا، فَإِنْ قَبِلَ عَلِيٌّ الْقَضِيَّةَ قَاتَلْنَا عَلَى مَا قَاتَلْنَا يَوْمَ صِفِّينَ، وَإِنْ نَقَضَهَا قَاتَلْنَا مَعَهُ. فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا النَّهْرَوَانِ. فَافْتَرَقَتْ مِنْهُمْ فِرْقَةٌ، فَجَعَلُوا يَهْدُونَ النَّاسَ لَيْلًا، قَالَ أَصْحَابُهُمْ: وَيْلَكُمْ مَا عَلَى هَذَا فَارَقْنَا عَلِيًّا، فَبَلَغَ عَلِيًّا أَمْرُهُمْ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ، نَسِيرُ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ أَمْ نَرْجِعُ إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خُلِّفُوا إِلَى ذَرَارِيِّكُمْ؟ قَالُوا: بَلْ نَرْجِعُ فَذَكَرَ أَمْرَهُمْ، فَحَدَّثَ عَنْهُمْ بِمَا قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" إِنَّ فَرِقَةً تَخْرُجُ عِنْدَ اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ، تَقْتُلُهُمْ أَقْرَبُ الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ، عَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ ".

فَسَارُوا حَتَّى الْتَقَوْا بِالنَّهْرَوَانِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَجَعَلَتْ خَيْلُ عَلِيٍّ لَا تَقِفُ لَهُمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ لِي فَوَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أَجْزِيكُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ لِلَّهِ، فَلَا يَكُونَنَّ هَذَا فِعَالَكُمْ، فَحَمَلَ النَّاسُ حَمْلَةً وَاحِدَةً، فَانْجَلَتِ الْخَيْلُ عَنْهُمْ وَهُمْ مُنْكَبُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ.

فَقَامَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: اطْلُبُوا الرَّجُلَ الَّذِي فِيهِمْ، فَطَلَبَ النَّاسُ الرَّجُلَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: غَرَّنَا ابْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ إِخْوَانِنَا حَتَّى قَتَلْنَاهُمْ. قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: فَدَعَا بِدَابَّتِهِ فَرَكِبَهَا فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى وَهْدَةً فِيهَا قَتْلَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَجَعَلَ يَجُرُّ بِأَرْجُلِهِمْ حَتَّى وَجَدَ الرَّجُلَ تَحْتَهُمْ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: اللَّهُ أَكْبَرُ. وَفَرِحَ، وَفَرِحَ النَّاسُ وَرَجَعُوا. وَقَالَ عَلِيٌّ: لَا أَغْزُو الْعَامَ. وَرَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَقُتِلَ رحمه الله، وَاسْتُخْلِفَ الْحَسَنُ، وَسَارَ سِيرَةَ أَبِيهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى مُعَاوِيَةَ.

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10446 -

وَعَنْ كُلَيْبِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَلِيٍّ، وَهُوَ فِي بَعْضِ أَمْرِ النَّاسِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابُ السَّفَرِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَشَغَلَ عَلِيًّا مَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، فَقَالَ كُلَيْبٌ: قُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا - قَالَ: لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ - فَمَرَرْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:

ص: 238

مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا قِبَلَكُمْ يُقَالُ لَهُمْ: الْحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: فِي مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ حَرُورَاءُ؟ قَالَ: قَالَ: فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْحَرُورِيَّةَ. فَقَالَتْ: طُوبَى لِمَنْ شَهِدَ هَلَكَتَهُمْ. قَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شَاءَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ لَأَخْبَرَكُمْ خَبَرَهُمْ.

فَمِنْ ثَمَّ جِئْتُ أَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَفَرَغَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: أَيْنَ الْمُسْتَأْذِنُ؟ فَقَامَ عَلَيْهِ فَقَصَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَصَّ عَلَيَّ، قَالَ: فَأَهَلَّ عَلِيٌّ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا عَائِشَةُ، قَالَ: فَقَالَ لِي:

" يَا عَلِيُّ، كَيْفَ أَنْتَ وَقَوْمٌ يَخْرُجُونَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا ". وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ: " وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ - أَوْ تَرَاقِيَهُمْ - يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ، كَأَنَّ يَدَهُ ثَدْيُ حَبَشِيَّةٍ» ".

ثُمَّ قَالَ: أَنْشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَحَدَّثَكُمْ أَنَّهُ فِيهِمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَذَهَبْتُمْ فَالْتَمَسْتُمُوهُ حَتَّى جِئْتُمْ بِهِ تَسْحَبُونَهُ كَمَا نَعَتَ لَكُمْ؟ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَرِجَالُهُ، رِجَالٌ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ.

10447 -

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتِ الْخَوَارِجَ، وَسَأَلَتْ مَنْ قَتَلَهُمْ - يَعْنِي أَصْحَابَ النَّهْرِ - فَقَالُوا: عَلِيٌّ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" «يَقْتُلُهُمْ خِيَارُ أُمَّتِي، وَهُمْ شِرَارُ أُمَّتِي» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَقَدِ اخْتَلَطَ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ قِصَّةٌ.

10448 -

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ قَتَلَ ذَا الثُّدَيَّةِ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" «يَخْرُجُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، عَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

10449 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ:

«لَقَدْ عَلِمَ أُولُو الْعِلْمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ. فَسَأَلُوهَا أَنَّ أَصْحَابَ ذِي الثُّدَيَّةِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ.

10450 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اعْتَزَلَتِ الْحَرُورِيَّةُ وَكَانُوا عَلَى حِدَتِهِمْ، قُلْتُ لِعَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَبْرِدْ عَنِ الصَّلَاةِ لَعَلِّي آتِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، فَأُكَلِّمُهُمْ، قَالَ: إِنِّي أَتَخَوَّفُهُمْ عَلَيْكَ. قُلْتُ: كَلَّا إِنَّ شَاءَ اللَّهُ، فَلَبِسْتُ أَحْسَنَ مَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْيَمَانِيَّةِ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ قَائِلُونَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ،

ص: 239

فَدَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ أَرَ قَوْمًا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ، أَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا ثِفَنُ الْإِبِلِ، وَوُجُوهُهُمْ مُعْلَنَةٌ مِنْ آثَارِ السُّجُودِ، فَدَخَلْتُ فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ أَصْحَابِ رِسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، نَزَلَ الْوَحْيُ وَهُمْ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُحَدِّثُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنُحَدِّثَنَّهُ.

قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرُونِي مَا تَنْقِمُونَ عَلَى ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَتَنِهِ، وَأَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ؟ قَالُوا: نَنْقِمُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالُوا: أَوَّلُهُنَّ أَنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57].

قُلْتُ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ، لَئِنْ كَانُوا كُفَّارًا لَقَدْ حَلَّتْ أَمْوَالُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ دِمَاؤُهُمْ.

قَالَ: قُلْتُ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: وَمَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ أَمِيرُ الْكَافِرِينَ.

قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَرَأْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الْمُحْكَمِ، وَحَدَّثْتُكُمْ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم مَا لَا تُنْكِرُونَ أَتَرْجِعُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95]. إِلَى قَوْلِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]، وَقَالَ فِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35]. أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، أَفَحُكْمُ الرِّجَالِ فِي دِمَائِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ أَحَقُّ أَمْ فِي أَرْنَبٍ ثَمَنُهَا رُبُعُ دِرْهَمٍ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ. قَالَ: أَخَرَجَتْ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ قَتَلَ وَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ، أَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ؟ أَمْ تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا تَسْتَحِلُّونَ مِنْ غَيْرِهَا؟ فَقَدْ كَفَرْتُمْ. وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأُمِّكُمْ فَقَدْ كَفَرْتُمْ، وَخَرَجْتُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ ; إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَأَنْتُمْ تَتَرَدَّدُونَ بَيْنَ ضَلَالَتَيْنِ، فَاخْتَارُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، أَخَرَجَتْ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ; «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَقَالَ:" اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: " وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ يَا عَلِيُّ: مُحَمَّدُ

ص: 240

بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ، أَخَرَجَتْ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

فَرَجَعَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَبَقِيَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَقُتِلُوا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بِبَعْضِهِ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10451 -

وَعَنْ جُنْدَبٍ قَالَ:

لَمَّا فَارَقَتِ الْخَوَارِجُ عَلِيًّا خَرَجَ فِي طَلَبِهِمْ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى عَسْكَرِ الْقَوْمِ، وَإِذَا لَهُمْ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَإِذَا فِيهِمْ أَصْحَابُ الثَّفِنَاتِ، وَأَصْحَابُ الْبَرَانِسِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شِدَّةٌ، فَتَنَحَّيْتُ فَرَكَزْتُ رُمْحِي، وَنَزَلْتُ عَنْ فَرَسِي، وَوَضَعْتُ بُرْنُسِي، فَنَثَرْتُ عَلَيْهِ دِرْعِي، وَأَخَذْتُ بِمِقْوَدِ فَرَسِي، فَقُمْتُ أُصَلِّي إِلَى رُمْحِي، وَأَنَا أَقُولُ فِي صَلَاتِي: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَكَ طَاعَةً فَأْذَنْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً فَأَرِنِي بَرَاءَتَكَ. قَالَ: فَإِنَّا كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا حَاذَانِي، قَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ، تَعَوَّذْ بِاللَّهِ يَا جُنْدَبُ مِنْ شَرِّ الشَّكِّ، فَجِئْتُ أَسْعَى إِلَيْهِ، وَنَزَلَ فَقَامَ يُصَلِّي، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى بِرْذَوْنٍ يَقْرُبُ بِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ فِي الْقَوْمِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَدْ قَطَعُوا النَّهْرَ. قَالَ: مَا قَطَعُوهُ؟ قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ أَرْفَعُ مِنْهُ فِي الْجَرْيِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا تَشَاءُ؟ قَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ فِي الْقَوْمِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَدْ قَطَعُوا النَّهْرَ، فَذَهَبُوا، قُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ عَلِيٌّ: مَا قَطَعُوهُ.

ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَحْضِرُ بِفَرَسِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا تَشَاءُ؟ قَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ فِي الْقَوْمِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَدْ قَطَعُوا النَّهْرَ، قَالَ: مَا قَطَعُوهُ وَلَا يَقْطَعُوهُ، وَلَيُقْتَلُنَّ دُونَهُ، عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

قُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قُمْتُ فَأَمْسَكْتُ لَهُ بِالرِّكَابِ، فَرَكِبَ فَرَسَهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى دِرْعِي فَلَبِسْتُهَا، وَإِلَى قَوْسِي فَعَلَّقْتُهَا، وَخَرَجْتُ أُسَايِرُهُ. فَقَالَ لِي: يَا جُنْدَبُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَأَبْعَثُ إِلَيْهِمْ رَجُلًا يَقْرَأُ الْمُصْحَفَ، يَدْعُو إِلَى كِتَابِ اللَّهِ رَبِّهِمْ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ، فَلَا يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ حَتَّى يَرْشُقُوهُ بِالنَّبْلِ، يَا جُنْدَبُ، أَمَا إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ مِنَّا عَشَرَةٌ، وَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ عَشَرَةٌ.

فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ وَهُمْ فِي مُعَسْكَرِهِمُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ لَمْ يَبْرَحُوا، فَنَادَى عَلِيٌّ فِي أَصْحَابِهِ فَصَفَّهُمْ، ثُمَّ أَتَى الصَّفَّ مِنْ رَأْسِهِ ذَا إِلَى رَأْسِهِ ذَا مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا الْمُصْحَفَ، فَيَمْشِي بِهِ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ رَبِّهِمْ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ، وَهُوَ مَقْتُولٌ وَلَهُ

ص: 241

الْجَنَّةُ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَّا شَابٌّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ حَدَاثَةَ سِنِّهِ، قَالَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَى مَوْقِفِكَ.

ثُمَّ نَادَى الثَّانِيَةَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ إِلَّا ذَلِكَ الشَّابُّ.

ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ إِلَّا ذَلِكَ الشَّابُّ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: خُذْ، فَأَخَذَ الْمُصْحَفَ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا إِنَّكَ مَقْتُولٌ، وَلَسْتَ مُقْبِلًا عَلَيْنَا بِوَجْهِكَ حَتَّى يَرْشُقُوكَ بِالنَّبْلِ.

فَخَرَجَ الشَّابُّ بِالْمُصْحَفِ إِلَى الْقَوْمِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ حَيْثُ يَسْمَعُونَ قَامُوا وَنَشَّبُوا الْفَتَى قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ، قَالَ: فَرَمَاهُ إِنْسَانٌ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَعَدَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: دُونَكُمُ الْقَوْمُ، قَالَ جُنْدَبٌ: فَقَتَلْتُ بِكَفِّي هَذِهِ بَعْدَ مَا دَخَلَنِي مَا كَانَ دَخَلَنِي ثَمَانِيَةً، قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ، وَمَا قُتِلَ مِنَّا عَشَرَةٌ، وَلَا نَجَا مِنْهُمْ عَشَرَةٌ كَمَا قَالَ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي السابِعَةِ، عَنْ جُنْدَبٍ، وَلَمْ أَعْرِفْ أَبَا السَّابِعَةِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10452 -

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ مَوْلَى عَلِيٍّ قَالَ:

شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَى النَّهْرِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمْ، قَالَ: اطْلُبُوا الْمُخْدَجَ، فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، وَأَمَرَ أَنْ يُوضَعَ عَلَى كُلِّ قَتِيلٍ قَصَبَةٌ، فَوَجَدُوهُ فِي وَهْدَةٍ فِي مُنْتَقَعِ مَاءٍ، رَجُلٌ أَسْوَدُ مُنْتِنُ الرِّيحِ، فِي مَوْضِعِ يَدِهِ كَهَيْئَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَسَمِعَ أَحَدَ ابْنَيْهِ - إِمَّا الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ - يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرَاحَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذِهِ الْعِصَابَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِلَّا ثَلَاثَةٌ، لَكَانَ أَحَدُهُمْ عَلَى رَأْيِ هَؤُلَاءِ، إِنَّهُمْ لَفِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ، وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10453 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«يَخْرُجُ أُنَاسٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُقْتَلُونَ بِجَبَلِ لُبْنَانَ أَوْ بِجَبَلِ الْخَلِيلِ» .

قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: فَقُتِلَ ابْنُ عُدَيْسٍ بِجَبَلِ لُبْنَانَ أَوْ بِجَبَلِ الْخَلِيلِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ، وَهُوَ مُقَارِبُ الْحَالِ، وَقَدْ ضُعِّفَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ حَدِيثُهُمْ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ.

[بَابُ الْحُكْمِ فِي الْبُغَاةِ وَالْخَوَارِجِ وَقِتَالِهِمْ]

10454 -

عَنْ كَثِيرِ بْنِ نَمِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ عَشِيَّةَ جُمُعَةٍ وَعَلِيٌّ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَامُوا فِي نَوَاحِي الْمَسْجِدِ يَحْكُمُونَ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، ثُمَّ قَالَ: كَلِمَةُ حَقٍّ يُبْتَغَى بِهَا بَاطِلٌ، حُكْمَ اللَّهِ أَنْتَظِرُ فِيكُمْ، أَحْكُمُ فِيكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقْسِمُ بَيْنَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ،

ص: 242

وَلَا نَمْنَعُكُمْ مِنْ هَذَا الْمَسْجِدِ أَنْ تُصَلُّوا فِيهِ مَا كَانَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَ أَيْدِينَا، وَلَا نُقَاتِلُكُمْ حَتَّى تُقَاتِلُونَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10455 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، هَلْ تَدْرِي كَيْفَ حُكْمُ اللَّهِ فِي مَنْ بَغَى مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ ". قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " لَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهَا، وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهَا، وَلَا يُطْلَبُ هَارِبُهَا، وَلَا يُطْلَبُ فَيْؤُهَا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قُلْتُ: وَفِيهِ كَوْثَرُ بْنُ حَكِيمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ حُبِّ الْخَوَارِجِ وَالرُّكُونِ إِلَيْهِمْ]

10456 -

عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ «أَنَّ رَجُلًا وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِبَشَرَةِ جَبْهَتِهِ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، فَنَبَتَتْ شَعْرَةٌ فِي جَبْهَتِهِ كَهْلَبَةُ الْفَرَسِ» . وَشَبَّ الْغُلَامُ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ الْخَوَارِجِ أَحَبَّهُمْ ; فَسَقَطَتِ الشَّعْرَةُ عَنْ جَبْهَتِهِ، فَأَخَذَهُ أَبُوهُ فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ، قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَوَعَظْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ فِيمَا نَقُولُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى بَرَكَةِ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَقَعَتْ عَنْ جَبْهَتِكَ؟ فَمَا زِلْنَا بِهِ حَتَّى رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِمْ، فَرَدَّ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ الشَّعْرَةَ بَعْدُ فِي جَبْهَتِهِ وَتَابَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10457 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الْحَسَنِ وَجَارِيَةٌ تَحُتُّ شَيْئًا مِنْ حِنَّاءٍ عَنْ أَظَافِرِهِ فَجَاءَتْهُ أَضْبَارَةٌ مِنْ كُتُبٍ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، هَاتِي الْمِخْضَبَ، فَصَبَّ فِيهِ مَاءً، وَأَلْقَى الْكُتُبَ فِي الْمَاءِ، فَلَمْ يَفْتَحْ مِنْهَا شَيْئًا وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مِمَّنْ هَذِهِ الْكُتُبُ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ قَوْمٍ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى حَقٍّ، وَلَا يَقْصُرُونَ عَنْ بَاطِلٍ، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَخْشَاهُمْ عَلَى نَفْسِي، وَلَكِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَشَارَ إِلَى الْحُسَيْنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

ص: 243

[بَابُ الْقِتَالِ عَلَى التَّأْوِيلِ]

10458 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

«فِيكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

قُلْتُ: وَلَهُ طَرِيقٌ أَطْوَلُ مِنْ هَذِهِ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ أَحَادِيثُ فِي مَنْ يُقَاتِلُهُ.

[بَابُ الْعَصَبِيَّةِ]

10459 -

«عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنَّ الْعَصَبِيَّةَ أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، غَيْرَ قَوْلِهِ:«أَمِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ؟ قَالَ: " لَا» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الشَّامِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.

[بَابٌ فِي مَنْ قُتِلَ دُونَ حَقِّهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ]

10460 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10461 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«نِعْمَ الْمَنِيَّةُ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ دُونَ حَقِّهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةً، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَفْصٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَعْدٍ.

10462 -

وَعَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10463 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَالْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُ الطَّبَرَانِيِّ جَيِّدٌ.

10464 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ، قِيلَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

10465 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ عَبَّادِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَرْزَمِيِّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10466 -

وَعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«الْمَقْتُولُ دُونَ مَالِهِ شَهِيدٌ "» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ

ص: 244

وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10467 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ عَنْهُمَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَحْدَهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10468 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«الْمَقْتُولُ دُونَ مَالِهِ شَهِيدٌ، وَالْمَقْتُولُ دُونَ أَهْلِهِ شَهِيدٌ، وَالْمَقْتُولُ دُونَ نَفْسِهِ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جُوَيْبِرٌ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10469 -

وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ ظَلَمَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ، وَابْنُ عَدِيٍّ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10470 -

وَعَنْ قُهَيْدِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْغِفَارِيِّ:

«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ سَائِلٌ: إِنْ عَدَا عَلَيَّ عَادٍ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: فَإِنْ أَبَى؟ فَأَمَرَهُ بِقِتَالِهِ، قَالَ: فَكَيْفَ بِنَا؟ قَالَ: " إِنْ قَتَلَكَ فَأَنْتَ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ قَتَلْتَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُمْ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ دَخَلَ دَارًا بِغَيْرِ إِذْنٍ]

10471 -

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«الدَّارُ حَرَمٌ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْكَ حَرَمَكَ فَاقْتُلْهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ السُّلَمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 245

[كِتَابُ الْحُدُودِ وَالدِّيَاتِ]

[بَابُ السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]

بسم الله الرحمن الرحيم

27 -

1 - (بَابُ السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ)

10472 -

عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا فِي الدُّنْيَا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ نَجَّى مَكْرُوبًا، فَكَّ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللَّهُ عز وجل فِي حَاجَتِهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي الْمَعْنَى فِي الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ.

10473 -

وَعَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ السَّكُونِيِّ:

أَنَّ آتِيًا أَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ لِي جَارًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَأْتِي الْقَبِيحَ، فَأَنْهِ أَمْرَهُ إِلَى السُّلْطَانِ؟ فَقَالَ: لَقَدْ قَتَلْتُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَا يَسُرُّنِي أَنْ قَتَلْتُ مِثْلَهُمْ وَأَنِّي كَشَفْتُ قِنَاعَ مُسْلِمٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10474 -

وَعَنْ لَقِيطِ بْنِ أَرْطَاةَ السُّكُونِيِّ:

أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لَهُ: إِنَّ لَنَا جَارًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَأْتِي الْقَبِيحَ، فَأَرْفَعُ أَمْرَهُ إِلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: لَقَدْ قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أُحِبُّ أَنِّي قَتَلْتُ مِثْلَهُمْ، وَأَنِّي كَشَفْتُ قِنَاعَ مُسْلِمٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10475 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " «يَا أَيُّهَا النَّاسُ،، يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَخْلُصِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ " - حَتَّى أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ فِي خُدُورِهِنَّ - " لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ ; فَإِنَّهُ مِنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَخْرِقَهَا عَلَيْهِ فِي بَطْنِ بَيْتِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ شَيْبَةَ الطَّائِفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10476 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «لَا يَرَى مُؤْمِنٌ مِنْ أَخِيهِ عَوْرَةً، فَيَسْتُرُهَا عَلَيْهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ» ".

وَفِي رِوَايَةٍ: " إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ بِنَحْوِهِ، وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ.

10477 -

وَعَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ سَتَرَ حُرْمَةً مُؤْمِنَةً سَتَرَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10478 -

وَعَنْ جَابِرِ

ص: 246

بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ سَتَرَ عَوْرَةً، فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ وَهُوَ أَخَفُّ ضَعْفًا مِنْ طَلْحَةَ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10479 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ رَأَى مِنْ أَخِيهِ رَتْقَةً فِي دِينِهِ فَسَتَرَهُ عَلَيْهَا، كَانَتْ لَهُ حَسَنَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو صَالِحٍ الْخُوزِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10480 -

وَعَنْ شِهَابٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«مَنْ سَتَرَ عَلَى مُؤْمِنٍ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَيِّتًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الذَّيَّالِ عَنْ أَبِي سِنَانٍ الْمَدَنِيِّ وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10481 -

وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: خَرَجَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ مُسْتَفْتِيًا فَلْيَجْلِسْ عَلَى ثَفِيَّةٍ، وَمَنْ جَاءَ مِنْكُمْ مُخَاصِمًا فَلْيُكْرِمْ خَصْمَهُ حَتَّى نَقْضِيَ بَيْنَهُمَا، وَمَنْ جَاءَ مِنْكُمْ يُطْلِعُنَا عَلَى عَوْرَةٍ سَتَرَهَا اللَّهُ، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، وَلْيَسْتُرْهَا إِلَى مَنْ يَمْلِكُ مَغْفِرَتَهَا، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ مَغْفِرَتَهَا، أُقِيمُ عَلَيْهِ حَدًّا وَبِأَبْعَارِهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10482 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مُتَحَنِّطًا، فَلَمَّا رَآهُ وَوَجَدَ رِيحَ الْحَنُوطِ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذَا، قَالَ: فَجَاءَهُ، فَذَكَرَ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، قَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ، وَاسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُعْتِقَهَا فَافْعَلْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَلَكِنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَا يُقَالُ لِمَنْ أَصَابَ ذَنْبًا]

10483 -

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:

إِذَا رَأَيْتُمْ أَخَاكُمْ قَارَفَ ذَنْبًا فَلَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ، تَقُولُونَ: اللَّهُمَّ أَخْزِهِ، اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، وَلَكِنْ سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِنَّا كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كُنَّا لَا نَقُولُ فِي أَحَدٍ شَيْئًا حَتَّى نَعْلَمَ عَلَامَ يَمُوتُ، فَإِنْ خُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَصَابَ خَيْرًا، وَإِنْ خُتِمَ لَهُ بِشَرٍّ خِفْنَا عَلَيْهِ عَمَلَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ.

10484 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ أَيْضًا: وَلَكِنِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ

ص: 247

يَتُوبَ عَلَيْهِ وَيَرْحَمَهُ.

10485 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«لَا تَسُبُّوهُ ". يَعْنِي مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ التَّلْقِينِ فِي الْحَدِّ]

10486 -

عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «أُتِيَ بِرَجُلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا قَدْ سَرَقَ جُلَّ بَعِيرٍ - أَوْ جُلَّ دَابَّةٍ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا أَخَالُهُ فَعَلَ ". ثُمَّ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا سَرَقَ، فَقَالَ: " مَا أَخَالُهُ فَعَلَ ". حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ شَهَادَاتٍ. قَالَ: " اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ ثُمَّ ائْتُونِي بِهِ ". فَذَهَبُوا بِهِ فَقَطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " وَيْحَكَ تُبْ إِلَى اللَّهِ ". فَقَالَ: تُبْتُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10487 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنْ شَرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ أَتَتْ عَلِيًّا، فَقَالَتْ: إِنِّي زَنَيْتُ. فَقَالَ: لَعَلَّكِ غَيْرَى؟ لَعَلَّكِ رَأَيْتِ فِي مَنَامِكِ؟ لَعَلَّكِ اسْتُكْرِهْتِ؟ كُلُّ ذَلِكَ تَقُولُ: لَا.

10488 -

وَفِي رِوَايَةٍ: لَعَلَّ زَوْجَكِ أَتَاكِ؟.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ دَرْءِ الْحَدِّ]

10489 -

عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ -:

ادْرَءُوا الْحَدَّ وَالْقَتْلَ عَنْ عِبَادِ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ، وَلَكِنَّ الْقَاسِمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

[بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ]

10490 -

«عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ زِيَادٍ، فَأَتَى رَجُلٌ فَشَهِدَ فَغَيَّرَ شَهَادَتَهُ، فَقَالَ: لَأَقْطَعَنَّ لِسَانَكَ، فَقَالَ لَهُ يَعْلَى: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" قَالَ اللَّهُ: لَا تُمَثِّلُوا بِعِبَادِي» ".

قَالَ: فَتَرَكَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «لَا تُمَثِّلُوا بِعِبَادِ اللَّهِ» ".

وَفِي إِسْنَادِهِمَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

10491 -

وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:

«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُثْلَةِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ. وَفِي الطَّبَرَانِيِّ: «عَنِ الْمُغِيرَةِ ابْنِ بِنْتِ الْمُغِيرَةِ قَالَ:

مَرَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بِالْحِيرَةِ، فَإِذَا قَوْمٌ قَدْ نَصَبُوا ثَعْلَبًا يَرْمُونَهُ غَرَضًا

ص: 248

فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ».

فَإِنْ كَانَ الْمُغِيرَةَ ابْنَ بِنْتِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيَّ، فَهُوَ ثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، فَلَمْ أَعْرِفْهُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ.

10492 -

وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَائِذِ بْنِ قُرْطٍ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «لَا تُمَثِّلُوا بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِيهِ الرُّوحُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10493 -

وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُلْجِمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابَهُ. قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي وَفَاةِ عَلِيٍّ وَقَتْلِهِ إِلَى أَنْ قَالَ:

«فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحُسَيْنِ: إِنْ بَقِيتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي، وَإِنْ هَلَكْتُ مِنْ ضَرْبَتِي هَذِهِ، فَاضْرِبْهُ ضَرْبَةً وَلَا تُمَثِّلْ بِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ وَلَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ» . وَهُوَ بِتَمَامِهِ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ، رضي الله عنه.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

10494 -

وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ:

«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10495 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" «مَنْ مَثَّلَ بِأَخِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَالْأَصَمُّ بْنُ هُرْمُزَ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10496 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ:

«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْقُرَشِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10497 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

10498 -

وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ:«جَاءَتْ أَسْمَاءُ مَعَ جَوَارٍ لَهَا، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهَا، فَقَالَتْ: أَيْنَ الْحَجَّاجُ؟ فَقُلْنَا: لَيْسَ هَاهُنَا، فَقَالَتْ: مُرُوهُ فَلْيَأْمُرْ لَنَا بِهَذِهِ الْعِظَامِ ; فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ» - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10499 -

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:

«خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10500 -

وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُرَاهُ ابْنَ عُمَرَ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" «مَنْ مَثَّلَ بِذِي رُوحٍ ثُمَّ لَمْ يَتُبْ، مَثَّلَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ

ص: 249

عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ خِصَاءِ الْآدَمِيِّينَ]

10501 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ:

«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْصَى أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُزَاعِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ]

10502 -

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ - مَثَلُهُ مَثَلُ حَدِيثٍ قَبْلَهُ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

" «وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10503 -

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" «تُجُوِّزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَكَلَّمُ بِهِ أَوْ تَعْمَلُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمَسْعُودِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10504 -

وَعَنْ ثَوْبَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي ثَلَاثَةً: الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الرَّحْبِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10505 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:

اكْفُلُوا لِي بِالْعَمْدِ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالْخَطَأِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10506 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

مِثْلُهُ.

قُلْتُ: مِثْلُ حَدِيثٍ قَبْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ كَلَامٌ لَا يَضُرُّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ]

10507 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «إِنِّي لَسْتُ أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمُ الْعَمْدَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ بَقِيَّةُ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

[بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ]

10508 -

«عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: كُنْتُ آتِي أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَأَكْتُبُ عِنْدَهَا، فَأَخَذْتُ قَمْلَةً (أَوْ بُرْغُوثًا) فَأَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ، قَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ، لَا تَفْعَلْ ; فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ

ص: 250

يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

" لَا يُعَذَّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَقَالَ:

" «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» ".

وَفِيهِ سَعِيدٌ الْبَرَّادُ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

وَيَأْتِي حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي تَحْرِيقِ الْقَاتِلِ بَعْدَ قَتْلِهِ.

[بَابٌ فِي مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ]

10509 -

عَنْ بِشْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَكَانَ شَيْخًا قَدِيمًا - قَالَ: كُنَّا مَعَ طَاوُسٍ عِنْدَ الْمَقَامِ، فَسَمِعْنَا ضَوْضَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: قَوْمٌ أَخَذَهُمُ ابْنُ هِشَامٍ فِي سَبَبٍ فَطَوَّفَهُمْ.

فَسَمِعْتُ طَاوُسًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" «مَا مِنْ أَحَدٍ يُحْدِثُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ حَدَثًا لَمْ يَكُنْ، فَيَمُوتُ حَتَّى يُصِيبَهُ ذَلِكَ» ".

فَأَنَا رَأَيْتُ ابْنَ هِشَامٍ حِينَ عُزِلَ وَوُلِّيَ عُمَّالُ الْوَلِيدِ فَطَوَّفُوهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ سَلَمَةَ بْنِ سِيسٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

[بَابُ رَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ ثَلَاثَةٍ]

10510 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَالْمَعْتُوهِ حَتَّى يُفِيقَ، وَالصَّبِيِّ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يَحْتَلِمَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10511 -

وَعَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوَلَانِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَثَوْبَانُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

" «رُفِعَ الْقَلَمُ فِي الْحَدِّ عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ الْهَالِكِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10512 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ حَدِّ الْبُلُوغِ لِإِيجَابِ الْحَدِّ]

10513 -

عَنْ أَسْلَمَ بْنِ بَجْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«أَنَّهُ جَعَلَهُ عَلَى أُسَارَى قُرَيْظَةَ، فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ الْغُلَامِ، فَإِذَا رَآهُ قَدْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ ضَرَبَ عُنُقَهُ، وَأَخَذَ مَنْ لَمْ يُنْبِتْ

ص: 251

فَجَعَلَهُ فِي مَغَانِمِ الْمُسْلِمِينَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابٌ فِي الْحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ]

10514 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

«فَجَرَتْ خَادِمٌ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ حُدَّهَا ". قَالَ: فَتَرَكَهَا حَتَّى وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ ضَرَبَهَا خَمْسِينَ، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ، فَقَالَ: " أَصَبْتَ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10515 -

وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ امْرَأَةً اعْتَرَفَتْ مِنَ الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَهِيَ حُبْلَى، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" ارْجِعِي حَتَّى تَضَعِي ".

ثُمَّ جَاءَتْ وَقَدْ وَضَعَتْهُ، قَالَ:" أَرَضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ ".

ثُمَّ جَاءَتْ فَرُجِمَتْ، فَذَكَرُوهَا، فَقَالَ:" لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَنَسٍ، وَقَدْ رَآهُ.

[بَابُ الْحَدِّ يَجِبُ عَلَى الضَّعِيفِ]

10516 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ:

«أَنَّ مُقْعَدًا ذَكَرَ مِنْهُ زَمَانَةً كَانَ عِنْدَ دَارِ أُمِّ سَعْدٍ، فَظَهَرَ بِامْرَأَةٍ حَمْلٌ، فَسُئِلَتْ، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْهُ، فَسُئِلَ عَنْهُ، فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجْلَدَ بِأَثْكَالِ عِذْقِ النَّخْلِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10517 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:

«أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ زَنَى، فَسَأَلَهُ، فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُرِّدَ، فَإِذَا هُوَ حَمْشُ الْخَلْقِ، فَقَعَدَ فَقَالَ: " مَا يُبْقِي الضَّرْبُ مِنْ هَذَا شَيْئًا ". فَدَعَا بِأُثْكُولٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، فَضَرَبَهُ بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10518 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ:

«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَيْخٍ أَحْبَنَ مُصْفَرٌّ، قَدْ ظَهَرَتْ عُرُوقُهُ، قَدْ زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِضِغْثٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ]

10519 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، حَرُمَ دَمُهُ إِلَّا بِثَلَاثٍ: التَّارِكُ دِينَهُ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا ظُلْمًا» ".

رَوَاهُ

ص: 252

الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ.

10520 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «لَا يَحِلُّ دَمُ الْمُؤْمِنِ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالْمُرْتَدُّ عَنِ الْإِيمَانِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: رَدِيءُ الْحِفْظِ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ نَحْوِ هَذَا.

[بَابٌ فِي مَنْ جَرَّدَ ظَهْرَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ]

10521 -

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

" «مَنْ جَرَّدَ ظَهْرَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

10522 -

وَعَنْ عِصْمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" «ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى إِلَّا بِحَقِّهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي التَّجْرِيدِ]

10523 -

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَحِلُّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ التَّجْرِيدُ وَلَا مَدٌّ وَلَا صَفْرٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ، وَفِيهِ جُوَيْبِرٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ أَخَافَ مُسْلِمًا]

10524 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ نَظَرَ إِلَى مُسْلِمٍ نَظْرَةً يُخِيفُهُ فِيهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَخَافَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِقَالٍ، ضَعَّفَهُ أَبُو عَرُوبَةَ.

10525 -

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ; «أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ نَعْلَيْ رَجُلٍ فَغَيَّبَهَا وَهُوَ يَمْزَحُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُرَوِّعُوا الْمُسْلِمَ، فَإِنَّ رَوْعَةَ الْمُسْلِمِ ظُلْمٌ عَظِيمٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10526 -

وَعَنْ أَبِي حَسَنٍ - وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا - قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ رَجُلٌ وَنَسِيَ نَعْلَيْهِ، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَوَضَعَهُمَا تَحْتَهُ، فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَقَالَ: نَعْلَيَّ.

فَقَالَ الْقَوْمُ: مَا رَأَيْنَاهُمَا، فَقَالَ: هُوَ ذِهْ؟ فَقَالَ: " فَكَيْفَ بِرَوْعَةِ الْمُؤْمِنِ؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا صَنَعْتُهُ لَاعِبًا! فَقَالَ:" فَكَيْفَ بِرَوْعَةِ الْمُؤْمِنِ؟ ". مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 253

10527 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ أَخَافَ مُؤْمِنًا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُؤَمِّنَهُ مِنْ أَفْزَاعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الْوِصَابِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10528 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَوْ مُؤْمِنٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10529 -

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ فَخَفَقَ رَجُلٌ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَانْتَبَهَ الرَّجُلُ فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْكَبِيرِ ثِقَاتٌ.

10530 -

وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ قَرْنٌ، فَأَخَذَهَا بَعْضُ الْقَوْمِ، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الْقَرْنُ، فَكَأَنَّ بَعْضَ الْقَوْمِ ضَحِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُرَوِّعَنَّ مُسْلِمًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْعَبْدِيَّ فَهُوَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَكِّيَّ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ اجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ]

10531 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَمَا تَغَارُ؟ قَالَ: " وَاللَّهِ إِنِّي لَأَغَارُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ غَيْرَتِهِ نَهَى عَنِ الْفَوَاحِشِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ مُوَاقَعَةِ الْحُدُودِ]

10532 -

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «أَنَا آخِذٌ بِحُجُزِكُمْ أَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَجَهَنَّمَ، إِيَّاكُمْ وَالْحُدُودَ، إِيَّاكُمْ وَجَهَنَّمَ، إِيَّاكُمْ وَالْحُدُودَ، إِيَّاكُمْ وَجَهَنَّمَ، إِيَّاكُمْ وَالْحُدُودَ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَإِذَا أَنَا مُتُّ تَرَكْتُكُمْ، وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَمَنْ وَرَدَ أَفْلَحَ» ". قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ الضَّعْفُ.

[بَابُ ذَمِّ الزِّنَا]

10533 -

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِيَّاكُمْ وَالزِّنَا، فَإِنَّ فِيهِ أَرْبَعَ

ص: 254

خِصَالٍ: يُذْهِبُ الْبَهَاءَ عَنِ الْوَجْهِ، وَيَقْطَعُ الرِّزْقَ، وَيُسْخِطُ الرَّحْمَنَ، وَالْخُلُودُ فِي النَّارِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10534 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ الزُّنَاةَ يَأْتُونَ تَشْتَعِلُ وُجُوهُهُمْ نَارًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10535 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «يَا نَعَايَا الْعَرَبِ، يَا نَعَايَا الْعَرَبِ، إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الزِّنَا، وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ رِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10536 -

وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْإِمَامُ الْكَذَّابُ، وَالْعَائِلُ الْمَزْهُوُّ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10537 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا ظُلِمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ كَانَتِ الدَّوْلَةُ دَوْلَةَ الْعَدُوِّ، وَإِذَا كَثُرَ الزِّنَا كَثُرَ السَّبَا، وَإِذَا كَثُرَ اللُّوطِيَّةُ رَفَعَ اللَّهُ عز وجل يَدَهُ عَنِ الْخَلْقِ فَلَا يُبَالِي فِي أَيِّ وَادٍ هَلَكُوا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10538 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الشَّيْخِ الزَّانِي، وَلَا الْعَجُوزِ الزَّانِيَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10539 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى الْأُشَيْمِطِ الزَّانِي، وَلَا الْعَائِلِ الْمَزْهُوِّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10540 -

وَعَنْ نَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِسْكِينٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَلَا شَيْخٌ زَانٍ، وَلَا مَنَّانٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِعَمَلِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَتَابِعِيهِ الصَّبَاحُ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10541 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ: أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ لَتَلْعَنُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ، وَإِنَّ فُرُوجَ الزُّنَاةِ لَيُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ نَتَنُ رِيحِهَا.

10542 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بِنَحْوِهِ.

رَوَاهُمَا الْبَزَّارُ، وَفِي إِسْنَادَيْهِمَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 255

[بَابُ زِنَا الْجَوَارِحِ]

10543 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْفَرْجُ يَزْنِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى وَزَادَ:" «وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ» ". وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ.

10544 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

10545 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ: حَدَّثَنِي جَدِّي، سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَجَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10546 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَأَبُوهُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ أَمِيرٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، كَأَنَّهَا صَلَاةُ مُسَافِرٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَرَأَيْتَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ أَمْ شَيْءٌ تَنَفَّلْتَهُ؟ قَالَ: إِنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ، وَإِنَّهَا صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَخْطَأْتُ مِنْهَا إِلَّا شَيْئًا سَهَوْتُ عَنْهُ. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ» .

ثُمَّ غَدَوْا مِنَ الْغَدِ فَقَالُوا: نَرْكَبُ فَنَنْظُرُ وَنَعْتَبِرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَكِبُوا جَمِيعًا فَإِذَا هُمْ بِدِيَارٍ قَفْرٍ، قَدْ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَرَضُوا وَبَقِيَتْ خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، فَقَالُوا: أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ؟ قَالَ: مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا، هَؤُلَاءِ أَهْلُ دِيَارٍ أَهْلَكَهُمُ الْبَغْيُ وَالْحَسَدُ، إِنَّ الْحَسَدَ يُطْفِئُ نُورَ الْحَسَنَاتِ، وَالْبَغْيَ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ. وَالْعَيْنُ تَزْنِي وَالْكَفُّ وَالْقَدَمُ وَالْيَدُ وَاللِّسَانُ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

10547 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41]، فَذَكَرَ ابْنَيْ صُورِيَا حِينَ أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمَا:" «بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ، وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، أَنْتُمْ أَعْلَمُ؟ ".

قَالَا: قَدْ نَحَلَنَا قَوْمُنَا ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يُنَاشِدُنَا بِمِثْلِ هَذِهِ، قَالَ:" تَجِدُونَ النَّظَرَ زَنْيَةً، وَالِاعْتِنَاقَ زَنْيَةً، وَالْقُبَلَ زَنْيَةً .... » " فَذَكَرَهُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10548 -

وَعَنْ وَاثِلَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «السِّحَاقُ بَيْنَ النِّسَاءِ زِنًا بَيْنَهُنَّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَلَفْظُهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «سِحَاقُ النِّسَاءِ بَيْنَهُنَّ زِنًا» ". وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ص: 256

[بَابٌ فِي أَوْلَادِ الزِّنَا]

10549 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «هُوَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ إِذَا عَمِلَ بِعَمَلِ أَبَوَيْهِ» ". يَعْنِي وَلَدَ الزِّنَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10550 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ إِذَا عَمِلَ بِعَمَلِ أَبَوَيْهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَمَنْدَلٌ وُثِّقَ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10551 -

وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا، فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا، فَأَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ:" «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ، مُتَمَاسِكٌ أَمْرُهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ» .... ". وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ لَبِيبَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاحِ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ.

10552 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا وَلَدُ زَنْيَةٍ» ". قُلْتُ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ غَيْرَ قَوْلِهِ: وَلَا وَلَدُ زَنْيَةٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابَانُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10553 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الزِّنَا الْجَنَّةَ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ نَسْلِهِ إِلَى سَبْعَةِ آبَاءٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10554 -

وَعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «وَلَدُ الزِّنَا لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ إِثْمِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ ". ثُمَّ قَرَأَ: " {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

10555 -

وَعَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْقُرَشِيِّ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، إِنَّ أَهْلَ الطَّفِّ لَا يُؤَدُّونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، فَقَالَ: وَمَا كَانَ؟ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُ الْأَمِيرَ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِ شُرَطَتِهِ فَقَالَ: ابْعَثْ

ص: 257

إِلَى عَبْدِ الْقَيْسِ فَسَلْ عَنْ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيهِمْ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ، فَقَالَ: وَجَدْتُهُ يُغْمَزُ فِي حَسَبِهِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَبْغِي عَلَى النَّاسِ، إِلَّا وَلَدُ بَغْيٍ، وَإِلَّا مَنْ فِيهِ عِرْقٌ مِنْهُ» ".

وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: " لَا يَسْعَى " بَدَلَ: " لَا يَبْغِي ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَأَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ حُرْمَةِ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ]

10556 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «سَعْدٌ غَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ".

قَالَ رَجُلٌ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَغَارُ اللَّهُ؟ قَالَ: " عَلَى رَجُلٍ مُجَاهِدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُخَالَفُ إِلَى أَهْلِهِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ - فِي التَّفْسِيرِ فِي سُورَةِ النُّورِ - وَفِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10557 -

وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَنِسَاءَ الْغُزَاةِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10558 -

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " «مَنْ قَعَدَ عَلَى فِرَاشِ مُغَيَّبَةٍ قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ ثُعْبَانًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10559 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: " «مَثَلُ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى فِرَاشِ الْمُغَيَّبَةِ مَثَلُ الَّذِي نَهَشَهُ أَسْوَدُ مِنْ أَسَاوِدِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي الْحَدِّ يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيُشْفَعُ فِيهِ]

10560 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَتَعَافَى النَّاسُ بَيْنَهُمْ فِي الْحُدُودِ مَا لَمْ تُرْفَعْ إِلَى الْحُكَّامِ، فَإِذَا رُفِعَتْ إِلَى الْحُكَّامِ، حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10561 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ أَنَّ خَالَتَهُ أُخْتَ مَسْعُودِ ابْنِ الْعَجْمَاءِ حَدَّثَتْهُ: «أَنَّ أَبَاهَا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ قَطِيفَةً: نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَأَنْ تُطَهَّرَ خَيْرٌ لَهَا ". فَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا، وَهِيَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَوْ مَنْ بَنِي أَسَدٍ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْهَا عَنْ أَبِيهَا، وَهَذَا عَنْهَا نَفْسِهَا

ص: 258

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10562 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، قَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمِ اللَّهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ الْمَاصِرِ إِلَّا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ الرَّازِيُّ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ، فَقَالُوا: عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قُلْتُ: وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

10563 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيَ الزُّبَيْرُ سَارِقًا فَشَفَعَ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ: حَتَّى نُبَلِّغَهُ الْإِمَامَ، فَقَالَ:" «إِذَا بُلِّغَ الْإِمَامُ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ» ". كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ، وَفِيهِ أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَوَثَّقَهُ الْحَاكِمُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ضَعِيفٌ.

10564 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي مُلْكِهِ» ". وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَحْكَامِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِيهِ رَجَاءُ بْنُ صُبْحٍ صَاحِبُ السَّقْطِ، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

10565 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10566 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «أَيُّمَا رَجُلٍ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ» ". وَهُوَ بِتَمَامِهِ فِي الْأَحْكَامِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10567 -

وَعَنْ أَبِي مَطَرٍ قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِرَجُلٍ فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدْ سَرَقَ جَمَلًا، فَقَالَ: مَا أَرَاكَ سَرَقْتَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ لَكَ؟ قَالَ: بَلَى قَدْ سَرَقْتُ، قَالَ: اذْهَبْ بِهِ يَا قُنْبُرُ، فَشُدَّ أَصَابِعَهُ، وَأَوْقِدِ النَّارَ وَادْعُ الْجَزَّارَ يَقْطَعْهُ، ثُمَّ انْتَظِرْ حَتَّى أَجِيءَ لَكَ، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ: سَرَقْتَ؟ قَالَ: لَا. فَتَرَكَهُ.

قَالُوا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِمَ تَرَكْتَهُ، وَقَدْ أَقَرَّ لَكَ؟ قَالَ: أَخَذْتُهُ بِقَوْلِهِ وَأَتْرُكُهُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ، ثُمَّ بَكَى فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِمَ تَبْكِي؟ قَالَ:" فَكَيْفَ لَا أَبْكِي، وَأُمَّتِي تُقْطَعُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ".

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا عَفَوْتَ عَنْهُ؟ قَالَ:

ص: 259

" ذَاكَ سُلْطَانُ سُوءٍ الَّذِي يَعْفُو عَنِ الْحُدُودِ، وَلَكِنْ تَعَافَوْا بَيْنَكُمْ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى. وَأَبُو مَطَرٍ لَمْ أَعْرِفْهُ وَلَكِنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ.

[بَابٌ فِي مَنْ سَبَّ نَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ]

10568 -

عَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ سَبَّ الْأَنْبِيَاءَ قُتِلَ، وَمَنْ سَبَّ أَصْحَابِي جُلِدَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيِّ رَمَاهُ النَّسَائِيُّ بِالْكَذِبِ.

10569 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ أَنَّ عَرَفَةَ بْنَ الْحَارِثِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَقَاتَلَ مَعَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ بِالْيَمَنِ فِي الرِّدَّةِ - مَرَّ بِهِ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدَقُونُ فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَذَكَرَ النَّصْرَانِيُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَتَنَاوَلَهُ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: قَدْ أَعْطَيْنَاهُمُ الْعَهْدَ.

فَقَالَ عَرَفَةُ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَكُونَ الْعُهُودُ وَالْمَوَاثِيقُ عَلَى أَنْ يُؤْذُونَا فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِنَّمَا أَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى أَنْ يُخَلَّى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كَنَائِسِهِمْ، فَيَقُولُونَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُمْ، وَأَنْ لَا نُحَمِّلَهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، وَأَنْ نُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَيُخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَحْكَامِهِمْ إِلَّا أَنْ يَأْتُونَا فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: صَدَقْتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَقَدْ وُثِّقَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10570 -

«وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ أُخْتٌ فَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم آذَتْهُ فِيهِ، وَشَتَمَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ مُشْرِكَةً، فَاشْتَمَلَ لَهَا يَوْمًا عَلَى السَّيْفِ ثُمَّ أَتَاهَا فَوَضَعَهُ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا.

فَقَامَ بَنُوهَا فَصَاحُوا، وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا مَنْ قَتَلَهَا، أَفَتُقْتَلُ أُمُّنَا؟ وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَهُمْ آبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ مُشْرِكُونَ، فَلَمَّا خَافَ عُمَيْرٌ أَنْ يَقْتُلُوا غَيْرَ قَاتِلِهَا، ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ:" أَقَتَلْتَ أُخْتَكَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:" وَلِمَ؟ " قَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ تُؤْذِينِي فِيكَ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَنِيهَا فَسَأَلَهُمْ فَسَمَّوْا غَيْرَ قَاتِلِهَا، فَأَخْبَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ وَأَهْدَرَ دَمَهَا قَالُوا سَمْعًا وَطَاعَةً».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ تَابِعِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا ثِقَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَهَلْ يُسْتَتَابُ وَكَمْ يُسْتَتَابُ]

10571 -

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ أَبْغَضَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

ص: 260

لَمَنْ آمَنَ ثُمَّ كَفَرَ» " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُمْ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10572 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

10573 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10573 -

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَةَ عَبْدٍ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10574 -

وَعَنْ عِصْمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10575 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: " «إِنَّ هَذِهِ الْقَرْيَةَ - يَعْنِي الْمَدِينَةَ - لَا يَصْلُحُ فِيهَا قِبْلَتَانِ فَأَيُّمَا نَصْرَانِيٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ تَنَصَّرَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10576 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُعَلِّمَا النَّاسَ الْقُرْآنَ. قَالَ: فَجَاءَ مُعَاذٌ إِلَى أَبِي مُوسَى يَزُورُهُ فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ مُوَثَّقٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا أَخِي، أَوَبُعِثْنَا نُعَذِّبُ النَّاسَ، إِنَّمَا بُعِثْنَا نُعَلِّمُهُمْ دِينَهُمْ، وَنَأْمُرُهُمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ كَفَرَ.

فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَحْرِقَهُ بِالنَّارِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّ لَنَا عِنْدَهُ بَقِيَّةً، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ أَبَدًا، قَالَ: فَأُتِيَ بِحَطَبٍ فَأَلْهَبَ فِيهِ النَّارَ وَكَتَّفَهُ وَطَرَحَهُ.

قُلْتُ: لَهُمَا فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10577 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ فَسَمِعْتُهُمْ يَقْرَؤُونَ شَيْئًا لَمْ يُنَزِّلْهُ اللَّهُ: الطَّاحِنَاتُ طَحْنًا، الْخَابِزَاتُ خَبْزًا، وَالْعَاجِنَاتُ عَجْنًا، اللَّاقِمَاتُ لَقْمًا. قَالَ: فَقَدَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ ابْنَ النَّوَّاحَةِ إِمَامَهُمْ، فَقَتَلَهُ وَاسْتَكْثَرَ الْبَقِيَّةَ، فَقَالَ: لَا أَجْزَرَهُمُ الْيَوْمَ الشَّيْطَانُ، سَيِّرُوهُمْ إِلَى الشَّامِ حَتَّى يَرْزُقَهُمُ اللَّهُ تَوْبَةً أَوْ يُفْنِيَهُمُ الطَّاعُونُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10578 -

وَعَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: أَتَى عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنْ هَاهُنَا أُنَاسًا يَقْرَؤُونَ قِرَاءَةَ مُسَيْلِمَةَ، فَرَدَّهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَقَدْ تَرَكْتُهُمُ الْآنَ فِي دَارٍ، وَإِنَّ ذَلِكَ الْمُصْحَفَ لَعِنْدَهُمْ.

فَأَمَرَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ فَسَارَ بِالنَّاسِ

ص: 261

مَعَهُ، فَقَالَ: ائْتِ بِهِمْ. فَلَمَّا أَتَى بِهِمْ، قَالَ: مَا هَذَا؟ بَعْدَمَا اسْتَفَاضَ الْإِسْلَامُ؟ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ هُوَ الْكَذَّابُ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: فَاسْتَتَابَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّامِ، وَإِنَّهُمْ لَقَرِيبٌ مِنْ ثَمَانِينَ رَجُلًا.

وَأَبَى ابْنُ النَّوَّاحَةِ أَنْ يَتُوبَ، فَأَمَرَ بِهِ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ فَأَخْرَجَهُ إِلَى السُّوقِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يَأْخُذَ رَأْسَهُ فَيُلْقِيَهُ فِي حِجْرِ أُمِّهِ.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: فَلَقِيتُ شَيْخًا مِنْهُمْ كَبِيرًا بَعْدَ ذَلِكَ بِالشَّامِ، فَقَالَ لِي: رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ، وَاللَّهِ لَوْ قَتَلَنَا يَوْمَئِذٍ لَدَخَلْنَا النَّارَ كُلُّنَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَجَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ.

10579 -

وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ عَلِيًّا بَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا بِالْبَصْرَةِ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ فَأَمَالَ عَلَيْهِمُ الطَّعَامَ جُمْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَبَوْا، فَحَفَرَ عَلَيْهِمْ حَفِيرَةً ثُمَّ قَامَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: لَأَمْلَأَنَّكِ شَحْمًا وَلَحْمًا، ثُمَّ أُتِيَ بِهِمْ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ وَأَلْقَاهُمْ فِي الْحَفِيرَةِ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمُ الْحَطَبَ فَأَحْرَقَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.

قَالَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ اتَّبَعْتُهُ، فَقُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّ حَوْلِي قَوْمًا جُهَّالًا، وَلَكِنِّي إِذَا سَمِعْتَنِي أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10580 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «ارْتَدَّ نَبْهَانُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ أَمْكِنِّي مِنْ نَبْهَانَ فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ أَسْوَدُ ".

فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِنَبْهَانَ قَدْ أُخِذَ، فَجُعِلَ فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ أَسْوَدُ، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّيْفَ بِيَمِينِهِ، وَالْحَبْلَ بِشِمَالِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَطْتَ عَنْكَ؟ قَالَ: فَدْفَعَ السَّيْفَ إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ:" اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ ".

فَانْطَلَقَ بِهِ، فَضَحِكَ نَبْهَانُ، فَقَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَخَلَّى عَنْهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ شَيْخَ الطَّبَرَانِيِّ لَمْ أَرَهُ فِي الْمِيزَانِ وَلَا غَيْرِهِ.

10581 -

وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَتَابَ رَجُلًا ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى

ص: 262

ضَعْفِهِ بِالْكَذِبِ.

10582 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ خَالَفَ دِينُهُ، دِينَ الْإِسْلَامِ، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ ".

وَقَالَ: " إِنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ; فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ شَيْئًا فَيُقَامَ عَلَيْهِ حَدُّهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10583 -

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى الْيَمَنِ: " «أَيُّمَا رَجُلٍ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَادْعُهُ، فَإِنْ تَابَ فَاقْبَلْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ. وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ ارْتَدَّتْ عَنِ الْإِسْلَامِ فَادْعُهَا، فَإِنْ تَابَتْ فَاقْبَلْ مِنْهَا، وَإِنْ أَبَتْ فَاسْتَتِبْهَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، قَالَ مَكْحُولٌ: عَنِ ابْنٍ لِأَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10584 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ: مَا لِمَنِ افْتَتَنَ تَوْبَةٌ إِذَا تَرَكَ دِينَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَمَعْرِفَتِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْهِجْرَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

[بَابُ الْإِحْصَانِ]

10585 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْإِحْصَانُ إِحْصَانَانِ: إِحْصَانُ عَفَافٍ، وَإِحْصَانُ نِكَاحٍ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ]

10586 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَوْمٌ مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً، وَحَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ بِحَقِّهِ أَزْكَى مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِيهِ زُرَيْقُ بْنُ السَّخْتِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

[بَابُ نُزُولِ الْحُدُودِ وَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ]

10587 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15]. قَالَ: كُنَّ يُحْبَسْنَ فِي الْبُيُوتِ فَإِذَا مَاتَتْ مَاتَتْ، وَإِنْ عَاشَتْ عَاشَتْ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي النُّورِ:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]. وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْحُدُودِ فَمَنْ عَمِلَ شَيْئًا جُلِدَ وَأُرْسِلَ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 263

سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَيَأْتِي حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي سُورَةِ النُّورِ.

10588 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رحمه الله قَالَ: «نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، وَنَحْنُ حَوْلَهُ، وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ أَعْرَضَ عَنَّا، وَأَعْرَضْنَا عَنْهُ، وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ، وَكُرِبَ لِذَلِكَ.

فَلَمَّا رُفِعَ عَنْهُ الْوَحْيُ، قَالَ:" خُذُوا عَنِّي ". قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ الرَّجْمُ».

قَالَ الْحَسَنُ: فَلَا أَدْرِي أَمِنَ الْحَدِيثِ هُوَ أَمْ لَا؟ قَالَ: " فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُمَا وُجِدَا فِي لِحَافٍ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى جِمَاعٍ خَالَطَهَا بِهِ، جُلِدُوا مِائَةً وَجُزَّتْ رُؤُوسُهُمَا ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10589 -

وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَ.

10590 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَمْرُهُمَا سُنَّةٌ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10591 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ - وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ أَخَذَهُ كَهَيْئَةِ السُّبَاتِ - فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْيُ اسْتَوَى جَالِسًا، فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ ".

فَقَالَ أُنَاسٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: يَا أَبَا ثَابِتٍ، قَدْ نَزَلَتِ الْحُدُودُ، أَرَأَيْتَكَ لَوْ أَنَّكَ وَجَدْتَ مَعَ امْرَأَتِكَ رَجُلًا كَيْفَ كُنْتَ صَانِعًا؟ قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَسْكُنَا.

فَأَنَا أَذْهَبُ فَأَجْمَعُ أَرْبَعَةً فَإِلَى ذَلِكَ قَدْ قَضَى الْخَائِبُ حَاجَتَهُ، فَأَنْطَلِقُ ثُمَّ أَجِيءُ فَأَقُولُ رَأَيْتُ فُلَانًا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَيَجْلِدُونِي وَلَا يَقْبَلُونَ لِي شَهَادَةً أَبَدًا، فَضَحِكَ الْقَوْمُ.

وَاجْتَمَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى أَبِي ثَابِتٍ؟ قُلْنَا لَهُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا ". ثُمَّ قَالَ: " لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَتَابَعَ فِيهِ السَّكْرَانُ وَالْغَيْرَانُ ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ أَشَدُّ النَّاسِ غَيْرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 264

" هُوَ شَدِيدُ الْغَيْرَةِ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْرَةً مِنِّي، وَلِذَلِكَ جَعَلَ الْحُدُودَ» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْ أَوَّلِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَأُنْكِرَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ فَقَطْ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَيَأْتِي حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سُورَةِ النُّورِ.

10592 -

وَعَنْ الْعَجْمَاءِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَاجْلِدُوهُمَا الْبَتَّةَ بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10593 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - فِي الْبِكْرِ يَزْنِي بِالْبِكْرِ يُجْلَدَانِ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَيُنْفَيَانِ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

[بَابُ هَلْ تُكَفِّرُ الْحُدُودُ الذُّنُوبَ أَمْ لَا]

10594 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا أَدْرِي الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ أَمْ لَا»؟ ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادَيْنِ، رِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ.

10595 -

وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «أَيُّمَا عَبْدٍ أَصَابَ شَيْئًا مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهُ، كَفَّرَ عَنْهُ ذَلِكَ الذَّنْبَ".

10596 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا، وَأُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ الذَّنْبِ، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَهُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10597 -

وَرَوَاهُ مَوْقُوفًا أَيْضًا.

10598 -

وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ مُعَمَّرٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «رُجِمَتِ امْرَأَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّاسُ: حَبِطَ عَمَلُهَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هُوَ كَفَّارَةُ ذُنُوبِهَا، وَتُحْشَرُ عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10599 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَا عُوقِبَ رَجُلٌ عَلَى ذَنْبٍ إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ كَفَارَّةً لِمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ يَاسِينُ الزَّيَّاتُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10600 -

«وَعَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ إِذْ بَصُرْتُ بِامْرَأَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ غَيْرَهَا، حَتَّى حَاذَتْنِي، ثُمَّ أَتْبَعْتُهَا بَصَرِي حَتَّى حَاذَيْتُ الْحَائِطَ، فَالْتَفَتُّ فَأَصَابَ وَجْهِيَ الْحَائِطُ فَأَدْمَانِي.

فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ فِي الدُّنْيَا، وَرَبُّنَا تبارك وتعالى أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعَاقِبَ عَلَى ذَنْبٍ مَرَّتَيْنِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ

ص: 265

وَفِيهِ هِشَامُ بْنُ لَاحِقٍ تَرَكَ أَحْمَدُ حَدِيثَهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: قَوَّاهُ النَّسَائِيُّ. وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ فِي مَوَاضِعِهَا.

[بَابُ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ بِالْقَتْلِ]

10601 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «قَتْلُ الرَّجُلِ صَبْرًا كَفَّارَةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10602 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «قَتْلُ الصَّبْرِ لَا يَمُرُّ بِذَنْبٍ إِلَّا مَحَاهُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10603 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الَّذِي يُصِيبُ الْحُدُودَ ثُمَّ يُقْتَلُ عَمْدًا قَالَ: إِذَا جَاءَ الْقَتْلُ مُحِيَ كُلُّ شَيْءٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10604 -

وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ زِيَادٌ يَتْبَعُ شِيعَةَ عَلِيٍّ فَيَقْتُلُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ تَفَرَّدْ بِمَوْتِهِ ; فَإِنَّ الْقَتْلَ كَفَّارَةٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ اعْتِرَافِ الزَّانِي، وَرَجْمِ الْمُحْصَنِ]

10605 -

عَنْ أَبِي بَكْرٍ - يَعْنِي الصِّدِّيقَ - قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا، فَجَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ مَرَّةً فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَ فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ الثَّانِيَةَ فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَ فَاعْتَرَفَ الثَّالِثَةَ فَرَدَّهُ.

فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ الرَّابِعَةَ رَجَمَكَ، قَالَ: فَاعْتَرَفَ الرَّابِعَةَ فَحَبَسَهُ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ، قَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَ: فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ مَاعِزًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ.

وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَفِي أَسَانِيدِهِمْ كُلِّهَا جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجَعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10606 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ الْآخَرَ زَنَى فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ ثَلَّثَ ثُمَّ رَبَّعَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ مَرَّةً فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا، فَرَدَّدَهُ أَرْبَعًا، ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَرَنَا فَحَفَرْنَا لَهُ حَفِيرَةً لَيْسَتْ بِالطَّوِيلَةِ فَرُجِمَ.

فَارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَئِيبًا حَزِينًا، فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي:" يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلَمْ تَرَ إِلَى صَاحِبِكُمْ، قَدْ غُفِرَ لَهُ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10607 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ

ص: 266

بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ يَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى اقْتَرَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقِمْ عَلَيَّ الْحَدَّ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اجْلِسْ " فَجَلَسَ ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: " اجْلِسْ " فَجَلَسَ ثُمَّ قَامَ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ: " وَمَا حَدُّكَ؟ ". قَالَ: أَتَيْتُ امْرَأَةً حَرَامًا.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْعَبَّاسُ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ:" انْطَلِقُوا بِهِ فَاجْلِدُوهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ ".

وَلَمْ يَكُنِ اللَّيْثِيُّ تَزَوَّجَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَجْلِدُ الَّتِي خَبَثَ بِهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" ائْتُونِي بِهِ مَجْلُودًا ". فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ صَاحِبَتُكَ؟ ". قَالَ: فُلَانَةٌ - امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ - فَأُتِيَ بِهَا فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: كَذَبَ وَاللَّهِ، مَا أَعْرِفُهُ، وَإِنِّي مِمَّا قَالَ لَبَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ عَلَى مَا أَقُولُ مِنَ الشَّاهِدِينَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ شَهِدَ عَلَى أَنَّكَ خَبَثْتَ بِهَا، فَإِنَّهَا تُنْكِرُ فَإِنْ كَانَ لَكَ شُهَدَاءُ جَلَدْتُهَا حَدًّا وَإِلَّا جَلَدْنَاكَ حَدَّ الْفِرْيَةِ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي مَنْ يَشْهَدُ. فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ».

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ فَيَّاضٍ، وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10608 -

عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «وَأَمَرَ بِرَجْمِ رَجُلٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10609 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِذَا اعْتَرَفَ الرَّجُلُ بِالزِّنَا، فَأَضَرَبَهُ الرَّجْمُ، فَهَرَبَ تُرِكَ» ".

قُلْتُ: لَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيَّ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: " «فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حُمَيْدٍ الْكِنْدِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ.

10610 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:" قُومُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَارْجُمُوهُ ".

فَسُئِلَ عَنْهُ فَوُجِدَ صَحِيحًا فَرُجِمَ، فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ حَاضِرَهُمْ، وَتَلَقَّاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْيِ جَمَلٍ فَضَرَبَهُ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 267

- صلى الله عليه وسلم: إِلَى النَّارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" كَلَّا إِنَّهُ قَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَقُبِلَ مِنْهُمْ» ".

قُلْتُ: لِسَمُرَةَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ صَفْوَانَ بْنِ الْمُغَلِّسِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10611 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «شَهِدْتُ مَاعِزًا حِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهِ فَعَدَا، فَاتَّبَعَهُ النَّاسُ يَرْجُمُونَهُ حَتَّى لَقِيَهُ عُمَرُ بِالْجَبَّانَةِ، فَضَرَبَهُ بَلَحِي بَعِيرٍ فَقَتَلَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَهُوَ كَذَّابٌ.

10612 -

وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: «رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10613 -

«وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فِي بَطْنِي حَدَثًا، فَأَقِمْ عَلَيَّ الْحَدَّ، فَقَالَ:" إِنَّا لَا نَقْتُلُ مَا فِي بَطْنِكِ " فَانْطَلَقَتْ فَلَمَّا وَضَعَتْ جَاءَتْ، فَقَالَتْ: قَدْ وَضَعْتُ، فَقَالَ:" اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ ". فَلَمَّا فَطَمَتْهُ جَاءَتْ فَقَالَتْ: قَدْ فَطَمْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:" انْطَلِقِي فَاكْفُلِيهِ ". فَانْطَلَقَتْ فَجَاءَتْ هِيَ وَأُخْتُهَا تَمْشِيَانِ، فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ صَبْرِهَا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهَا.

ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ: " انْطَلِقْ فَإِذَا وُضِعَتْ فِي حُفْرَتِهَا، فَقُمْ بَيْنَ يَدَيْهَا حَتَّى تَكُونَ نُصْبَ عَيْنَيْهَا، فَأَسِرَّ إِلَيْهَا ". وَأَمَرَ رَجُلًا، فَقَالَ:" انْطَلِقْ إِلَى حَجَرٍ عَظِيمٍ فَأْتِهَا مِنْ خَلْفِهَا فَارْمِهَا فَاشْدَخْهَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10614 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إِنَّهَا قَدْ زَنَتْ، وَكَانَتْ حَامِلًا، فَقَالَ: " انْطَلِقِي حَتَّى تَضَعِي حَمْلَكِ ". وَلَوْ لَمْ تَرْجِعْ لَمْ يُرْسِلْ إِلَيْهَا، فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا ثُمَّ أَتَتْهُ، فَقَالَ: " انْطَلِقِي حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَكِ ". فَأَتَتْهُ، وَلَوْ لَمْ تَأْتِهِ لَمْ يُرْسِلْ إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ بَعْدَ مَا فَطَمَتْهُ فَرَجَمَهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10615 -

وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا، وَكَانَتْ حَامِلًا، فَأَخَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَضَعَتْ، ثُمَّ أَمَرَ فَسُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهَا، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ وَرَجَمْتَهَا؟! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا سَبْعُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَقُبِلَ مِنْهُمْ، هَلْ وَجَدَتْ أَفْضَلَ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا» ؟ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ، ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي:

ص: 268

لَا أَعْلَمُهُ ذُمَّ فِي الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10616 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ امْرَأَةً، فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْفِرَ لَهَا، فَحَفَرْتُ لَهَا إِلَى سُرَّتِي» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجَعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مِنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ]

10617 -

عَنْ صَالِحِ بْنِ رَاشِدٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِرَجُلٍ اغْتَصَبَ أُخْتَهُ نَفْسَهَا، فَقَالَ: احْبِسُوهُ وَاسْأَلُوا مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُطَرِّفٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ تَخَطَّى الْحُرْمَتَيْنِ الِاثْنَتَيْنِ، فَخُطُّوا وَسَطَهُ بِالسَّيْفِ» ".

قَالَ: وَكَتَبُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ بِمِثْلِ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُطَرِّفٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رِفْدَةُ بْنُ قُضَاعَةَ، وَثَّقَهُ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10618 -

وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ عَنْ عَمِّهِ، وَعَنْهُ عَنْ خَالِهِ، وَعَنْهُ عَنْ فَوَارِسَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي الْجَهْمِ وَهُوَ ثِقَةٌ. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَقَالَ:«يَضْرِبُ عُنُقَهُ وَيَأْتِي بِرَأْسِهِ» .

10619 -

وَعَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: «أَتَوْا قُبَّةً فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا رَجُلًا فَقَتَلُوهُ، قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَجُلٌ دَخَلَ بِأُمِّ امْرَأَتِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَتَلُوهُ» . هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10620 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ الْكُوفِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ.

10621 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الرَّحَّالِينَ. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِيسَى لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ أَتَى جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ]

10622 -

عَنْ مَعْبَدٍ وَعُبَيْدٍ ابْنَيْ عِمْرَانَ بْنِ ذُهْلٍ قَالَا: أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: إِنِّي زَنَيْتُ، قَالَ: إِذًا نَرْجُمُكَ إِنْ كُنْتَ أُحْصِنْتَ، قَالُوا: إِنَّمَا أَتَى جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ

ص: 269

عَبْدُ اللَّهِ: إِنْ كُنْتَ اسْتَكْرَهْتَهَا فَأَعْتِقْهَا، وَأَعْطِ امْرَأَتَكَ جَارِيَةً مَكَانَهَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَكْرَهْتُهَا وَضَرَبْتُهَا، فَلَمْ يَرْجُمْهُ، وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ دُونَ الْحَدِّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعُبَيْدٌ وَمَعْبَدٌ لَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10623 -

وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لَا يَرَى عَلَيْهِ حَدًّا وَلَا عَقْرًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ ..

[بَابٌ فِي الْمَمْلُوكِ يَزْنِي]

10624 -

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ، فَإِذَا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ، فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ.

10625 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ جَارِيَةً لَهُ زَنَتْ، فَقَالَ: اجْلِدْهَا خَمْسِينَ، قَالَ: لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ، قَالَ: إِسْلَامُهَا إِحْصَانُهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُودٍ.

[بَابٌ فِي مَنْ دَرَأَ الْحَدَّ عَنِ امْرَأَةٍ اسْتُكْرِهَتْ]

10626 -

عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَرَأَ الْحَدَّ عَنِ امْرَأَةٍ اسْتُكْرِهَتْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10627 -

وَعَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْبِكْرِ تُسْتَكْرَهُ عَلَى نَفْسِهَا، أَنَّ لِلْبِكْرِ مِثْلَ صَدَاقِ إِحْدَى نِسَائِهَا، وَلِلثَّيِّبِ مِثْلَ صَدَاقِ مِثْلِهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى عَبْدِ الْكَرِيمِ.

10628 -

وَعَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَنَّ عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ قَالَا فِي الْأَمَةِ تُسْتَكْرَهُ: إِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَعُشْرُ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَنِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ وُجِدَ مَعَ أَجْنَبِيَّةٍ فِي لِحَافٍ]

10629 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِرَجُلٍ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ فِي لِحَافٍ فَضَرَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَأَقَامَهُمَا لِلنَّاسِ.

فَذَهَبَ أَهْلُ الْمَرْأَةِ وَأَهْلُ الرَّجُلِ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ، قَالَ: أَوَرَأَيْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، فَقَالُوا: أَتَيْنَاهُ نَسْتَأْذِنُهُ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 270

[بَابُ رَجْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

10630 -

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا وَجَدَ الْيَهُودِيُّ مَسَّ الْحِجَارَةِ، قَامَ عَلَى صَاحِبَتِهِ فَحَنَى عَلَيْهَا ; يَقِيهَا مَسَّ الْحِجَارَةِ حَتَّى قُتِلَا جَمِيعًا، فَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْقِيقِ الزِّنَا مِنْهُمَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أُحْصِنَا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِالرَّجْمِ فَرَجَمَهُمَا فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ» . وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالسَّمَاعِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ.

10631 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَهْطًا أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاؤُوا مَعَهُمْ بِامْرَأَةٍ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، مَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ فِي الزِّنَا؟، فَقَالَ:" اذْهَبُوا فَائْتُونِي بِرَجُلَيْنِ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ". فَذَهَبُوا فَأَتَوْهُ بِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا شَابٌّ فَصِيحٌ وَالْآخَرُ شَيْخٌ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ حَتَّى يَرْفَعَهُمَا بِعِصَابَةٍ.

فَقَالَ: " أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، لَمَا أَخْبَرْتُمُونَا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى فِي الزَّانِي؟ ". فَقَالَا: نَشَدْتَنَا بِعَظِيمٍ، وَإِنَّا نُخْبِرُكَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى مُوسَى فِي الزَّانِي الرَّجْمَ، وَإِنَّا كُنَّا قَوْمًا شَببَةً وَكَانَ نِسَاؤُنَا حَسَنَةً وُجُوهُهُنَّ، وَإِنَّ ذَلِكَ كَثُرَ فِينَا فَلَمْ نَقُمْ لَهُ، فَصِرْنَا نَجْلِدُ وَالتَّعْيِيرُ، فَقَالَ: " اذْهَبُوا بِصَاحِبَتِكُمْ فَإِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَارْجُمُوهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَلَهُ طَرِيقٌ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ.

10632 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ «أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا، وَقَدْ أُحْصِنَا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ: فَكُنْتُ فِي مَنْ رَجَمَهُمَا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَقَالَ فِيهِ: لَا يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10633 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «جَاءَتِ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ فِيكُمْ ". فَأَتَوْهُ بِابْنَيْ صُورِيَا، فَقَالَ:" أَنْتُمَا أَعْلَمُ مَنْ وَرَاءَكُمَا؟ ". فَقَالَا: كَذَلِكَ يَزْعُمُونَ.

فَنَاشَدَهُمَا بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى: " كَيْفَ تَجِدُونَ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي تَوْرَاةِ اللَّهِ تَعَالَى؟ ". قَالَا: نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ: إِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتٍ فَهِيَ رِيبَةٌ، فِيهَا عُقُوبَةٌ، وَإِذَا وُجِدَ فِي ثَوْبِهَا أَوْ عَلَى بَطْنِهَا فَهِيَ رِيبَةٌ فِيهَا عُقُوبَةٌ. فَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَيْهِ

ص: 271

مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رَجَمُوهُ، فَقَالَ:" مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَرْجُمُوهُمَا؟ ". فَقَالَا: ذَهَبَ سُلْطَانُنَا فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا فَأَمَرَ بِرَجْمِهِمَا».

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، وَقَدْ صَحَّحَهَا ابْنُ عَدِيٍّ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي اللِّوَاطِ]

10634 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ، وَزَيْدَ بْنَ حَسَنٍ يَذْكُرُونَ «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ فَجَرَ بِغُلَامٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَعْرُوفِ النِّسَبِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَيْحَكُمْ أَيْنَ الشُّهُودُ؟ أُحْصِنَ؟ قَالُوا: تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَعْدُ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِعُثْمَانَ رضي الله عنهما: لَوْ دَخَلَ بِهَا لَحَلَّ عَلَيْهِ الرَّجْمُ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِأَهْلِهِ فَاجْلِدْهُ الْحَدَّ.

فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الَّذِي ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ، فَأَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَجُلِدَ مِائَةً».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجَعْفِيُّ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

10635 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: الرَّاكِبُ وَالْمَرْكُوبُ، وَالرَّاكِبَةُ وَالْمَرْكُوبَةُ، وَالْإِمَامُ الْجَائِرُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَدَنِيُّ الْحَارِثِيُّ (*) وَهُوَ كَذَّابٌ.

10636 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ سَبْعَةً مِنْ خَلْقِهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ " - وَرَدَّدَ اللَّعْنَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثًا، وَلَعَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَعْنَةً تَكْفِيهِ - فَقَالَ: " مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ. مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنَ الْبَهَائِمِ، مَلْعُونٌ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ، مَلْعُونٌ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ حُدُودَ الْأَرْضِ، مَلْعُونٌ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحْرِزُ بْنُ هَارُونَ، وَيُقَالُ: مُحَرِّرٌ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10637 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «أَرْبَعَةٌ يُصْبِحُونَ فِي غَضَبِ اللَّهِ، وَيُمْسُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ ". قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " الْمُتَشَبِّهُونَ مِنَ

(*) 43 - جاء في "المجمع"(6/ 272): عمر بن راشد المدني الحارثي.

قلت: صوابه "عمر بن راشد المدني الجاري"(بالجيم والراء غير منقوطة بعدها ياء النسب) كما في "التهذيب"(7/ 446) وانظر "اللباب"(1/ 251) و"معجم البلدان"(2/ 93) و"الجرح والتعديل"(6/ 108).

ص: 272

الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتُ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ، وَالَّذِي يَأْتِي الرِّجَالَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ هَذَا.

[بَابٌ فِي الْمُخَنَّثِينَ]

10638 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ مُخَنَّثًا أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَخْضُوبَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، فَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَخْفِقُونَهُ بِنِعَالِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " احْذَرُوا هَذَا وَأَصْحَابَهُ عَلَى نِسَائِكُمْ " فَقَالُوا: أَفَلَا نَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " لَا، إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْخَصِيبُ بْنُ جَحْدَرٍ وَهُوَ كَذَّابٌ. قُلْتُ: وَفِي كِتَابِ الْأَدَبِ أَحَادِيثُ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

10639 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُخَنَّثِينَ، وَقَالَ: " أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10640 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَعَنَ عَشَرَةً: الْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ، وَالسَّالِخَةَ وَجْهَهَا، وَالْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَشَاهِدَهُ، وَمَانِعَ الصَّدَقَةِ، وَالرَّجُلَ الْمُتَشَبِّهَ بِالنِّسَاءِ، وَالْمَرْأَةَ الْمُتَشَبِّهَةَ بِالرِّجَالِ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ: الْمُتَشَبِّهِينَ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ، وَالسَّالِخَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ أَتَى بَهِيمَةً]

10641 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّرِقَةِ وَمَا لَا قَطْعَ فِيهِ]

10642 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا قَطْعَ فِيمَا دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَنَصْرُ بْنُ بَابٍ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا كَانَ بِهِ بَأْسٌ.

10643 -

وَعَنْ عِرَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بِالْمَوْسِمِ يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي مِجَنٍّ، وَالْبَعِيرُ أَفْضَلُ مِنَ الْمِجَنِّ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10644 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ وَقَدْ

ص: 273

وُثِّقَ.

10645 -

وَعَنْ زَحْرِ بْنِ رَبِيعَةَ ; أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخْبَرَهُ ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْقَطْعُ فِي دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الشَّاذَكُونِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10646 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

10647 -

وَعَنْ أُمِّ أَيْمَنَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إِلَّا فِي جَحْفَةٍ ". وَقُوِّمَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10648 -

وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ غَيْرَ قَوْلِهِ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو وَاقِدٍ الصَّغِيرُ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ.

10649 -

وَعَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي بَيْضَةٍ مِنْ حَدِيدٍ قِيمَتُهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10650 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ جَارِيَةً سَرَقَتْ زُكْرَةً مِنْ خَمْرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَبْلُغْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَلَمْ يَقْطَعْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَقَالَ: كَانَ هَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِيهِ أَبُو حَوْمَلٍ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: لَا يُعْرَفُ.

10651 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا قَطْعَ فِي مَاشِيَةٍ إِلَّا مَا وَرَاءَ الزِّرْبِ، وَلَا فِي تَمْرٍ إِلَّا مَا آوَى الْجَرِينُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10652 -

وَعَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ ;أَنَّ ابْنَ مُقَرِّنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ سَنَةً؟ فَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الْآيَةَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]. كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَنَمْ عَلَى فِرَاشِكَ، قَالَ: إِنِّي مُوسِرٌ؟ قَالَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً.

قَالَ: عَبْدِي سَرَقَ قِبَاءً مِنْ عِنْدِي؟ قَالَ: مَالُكَ سَرَقَ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ - أَيْ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ - قَالَ: أَمَتِي زَنَتْ؟ قَالَ: اجْلِدْهَا، قَالَ: إِنَّهَا لَمْ تُحْصَنْ؟ قَالَ: إِسْلَامُهَا إِحْصَانُهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ هَذَا وَغَيْرِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10653 -

وَعَنْ الْقَاسِمِ قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِجَارِيَةٍ سَرَقَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ، فَلَمْ يَقْطَعْهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 274

بْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ، وَلَكِنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10654 -

وَعَنْ الْقَاسِمِ أَيْضًا، قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - وَقَدْ بَنَى سَعْدٌ الْقَصْرَ، وَاتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي أَصْحَابِ النَّمِرِ، فَكَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ، فَلَمَّا وَلِيَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْتَ الْمَالِ، نَقِبَ بَيْتُ الْمَالِ، فَأَخَذَ الرَّجُلَ.

فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ لَا تَقْطَعَهُ، وَانْقُلِ الْمَسْجِدَ، وَاجْعَلْ بَيْتَ الْمَالِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَنْ يُصَلِّي، فَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَخَطَّ هَذِهِ الْخُطَّةَ، وَكَانَ الْقَصْرُ الَّذِي بَنَى سَعْدٌ شَاذَرْوَانَ، كَانَ الْإِمَامُ يَقُومُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَنُقِضَ حَتَّى اسْتَوَى مَقَامُ الْإِمَامِ مَعَ النَّاسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْقَاسِمُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10655 -

وَعَنْ عِصْمَةَ قَالَ: «سَرَقَ مَمْلُوكٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ وَقَدْ سَرَقَ فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ وَقَدْ سَرَقَ، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ الرَّابِعَةَ وَقَدْ سَرَقَ فَعَفَا عَنْهُ.

ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ الْخَامِسَةَ وَقَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ السَّادِسَةَ وَقَدْ سَرَقَ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ السَّابِعَةَ وَقَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ رُفِعَ إِلَيْهِ الثَّامِنَةَ وَقَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَرْبَعٌ بِأَرْبَعٍ "».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10656 -

وَعَنْ أَبِي مَاجِدٍ - يَعْنِي الْحَنَفِيَّ - قَالَ: «كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنِّي أَذْكُرُ أَوَّلَ رَجُلٍ قَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقَطَعَ يَدَهُ.

فَكَأَنَّمَا أَسِفَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّكَ كَرِهْتَ قَطْعَهُ؟ قَالَ:" وَمَا يَمْنَعُنِي؟ لَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ، إِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ حَدٌّ أَنْ يُقِيمَهُ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ.

10657 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ أَيْضًا قَالَ: «فَكَأَنَّمَا أَسِفَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» - يَقُولُ: ذُرَّ عَلَيْهِ رَمَادٌ.

10658 -

وَفِي رِوَايَةٍ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ مَسْعُودٍ بِابْنِ أَخٍ لَهُ، فَقَالَ: هَذَا ابْنُ أَخِي، وَقَدْ سَرَقَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَقَدْ عَلِمْتُ أَوَّلَ حَدٍّ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ: امْرَأَةٌ سَرَقَتْ، فَقُطِعَتْ يَدُهَا،

فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارِ الْمَرْأَةِ، وَأَبُو مَاجِدٍ الْحَنَفِيُّ ضَعِيفٌ.

10659 -

وَعَنْ أَبِي مَاجِدٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ بِابْنِ أَخٍ لَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ سَكْرَانَ، فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ هَذَا سَكْرَانَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: تَرْتِرُوهُ

ص: 275

مَزْمِزُوهُ وَاسْتَنْكِهُوهُ. قَالَ: فَتَرْتَرُوهُ وَمَزْمَزُوهُ وَاسْتَنْكَهُوهُ، فَوُجِدَ مِنْهُ رِيحُ الشَّرَابِ، فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى السِّجْنِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنَ الْغَدِ، ثُمَّ أَمَرَ بِسَوْطٍ فَدُقَّتْ ثَمَرَتُهُ حَتَّى أَحْنَتْ لَهُ مُخْفَقَةً ثُمَّ قَالَ لِلْجَلَّادِ: اجْلِدْهُ وَأَرْجِعْ يَدَكَ وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ.

فَضَرَبَهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ أَوْجَعَهُ، وَجَعَلَهُ فِي قَبَاءٍ وَسَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ، ثُمَّ قَالَ: بِئْسَ وَاللَّهِ وَالِي الْيَتِيمِ، مَا أَدَّبْتَ فَأَحْسَنْتَ الْأَدَبَ، وَلَا سَتَرْتَ الْخِزْيَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ ابْنُ أَخِي أَجِدُ لَهُ مِنَ اللَّوْعَةِ مَا أَجِدُ لِوَلَدِي!! فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ يُحِبُّ الْعَفْوَ، وَلَا يَنْبَغِي لِوَالٍ أَنْ يُؤْتَى بِحَدٍّ إِلَّا أَقَامَهُ.

ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُطِعَ مِنَ الْأَنْصَارِ - أَوْ: فِي الْأَنْصَارِ - فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا سَرَقَ». - فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ. وَأَبُو مَاجِدٍ ضَعِيفٌ.

10660 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ بِهَا الَّذِينَ سَرَقَتْهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ سَرَقَتْنَا، قَالَ قَوْمُهَا: فَنَحْنُ نَفْدِيهَا - يَعْنِي أَهْلَهَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اقْطَعُوا يَدَهَا ".

فَقَالُوا: نَحْنُ نَفْدِيهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، قَالَ " اقْطَعُوا يَدَهَا " فَقُطِعَتْ يَدُهَا الْيُمْنَى، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، أَنْتِ الْيَوْمَ مِنْ خَطِيئَتِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكِ أُمُّكِ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: 39]»، إِلَى آخَرِ الْآيَةِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10661 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ، وَوَضَعَ خَمِيصَةً لَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَأَتَى سَارِقٌ فَسَرَقَهَا، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ، فَقَالَ صَفْوَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ لَهُ. قَالَ: " فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10662 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَارِقٍ قَالُوا: سَرَقَ. قَالَ: " مَا إِخَالُهُ سَرَقَ ". قَالَ: بَلَى قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:" اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ، ثُمَّ احْسِمُوهُ، ثُمَّ ائْتُونِي بِهِ ".

فَذُهِبَ بِهِ فَقُطِعَ ثُمَّ حُسِمَ ثُمَّ جِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " تُبْ إِلَى اللَّهِ ". فَقَالَ: تُبْتُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ:" تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ. أَوِ: اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبَانٍ الْقُرَشِيِّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 276

[بَابٌ فِي مَنْ يَسْرِقُ بَعْدَ قَطْعِ رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ]

10663 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ - أَوِ الْحَارِثِ - قَالَ: ذَكَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: طَالَمَا حَرَصَ عَلَى الْإِمَارَةِ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلِصٍّ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ سَرَقَ، فَقَالَ: " اقْطَعُوهُ» .

ثُمَّ جِيءَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئًا إِلَّا مَا قَضَى فِيكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بِكَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ أَنَا فِيهِمْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمِّرُونِي عَلَيْكُمْ. فَأَمَّرْنَاهُ عَلَيْنَا فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ فَقَتَلْنَاهُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْ لِيُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ سَمَاعًا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخِلْسَةِ وَالنُّهْبَةِ]

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْجِهَادِ.

10664 -

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ «سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ الْخِلْسَةِ وَالنُّهْبَةِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ

10665 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ: " وَالْمُثْلَةِ " بَدَلَ: " النُّهْبَةِ ". وَفِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ]

10666 -

عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ أَوْسٍ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ - وَيُقَالُ: مُخْبِرٌ - وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10667 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فِي الْخَمْرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْخَمْرِ: " إِنْ شَرِبَهَا فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10668 -

وَعَنْ جَرِيرٍ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِاللَّهِ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10669 -

وَعَنْ الشَّرِيدِ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -

ص: 277

يَقُولُ: " إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمُ الْخَمْرَ فَاضْرِبُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10670 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ» ".

قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: ائْتُونِي بِرَجُلٍ شَرِبَ الْخَمْرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَرِجَالُ هَذِهِ الطَّرِيقِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10671 -

وَعَنْ غُضَيْفٍ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ - قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا شَرِبَ الرَّجُلُ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10672 -

وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ ; «أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ وَالسُّنَنَ وَالْفَرَائِضَ، ثُمَّ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا شَرَابًا نَصْنَعُهُ مِنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ، قَالَ: فَقَالَ: " الْغُبَيْرَاءُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:" لَا تَطْعَمُوهُ ".

ثُمَّ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَنْطَلِقُوا سَأَلُوهُ عَنْهُ، فَقَالَ:" الْغُبَيْرَاءُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:" لَا تَطْعَمُوهُ ". قَالُوا: فَإِنَّهُمْ لَا يَدَعُونَهُ، قَالَ: " مَنْ لَمْ يَتْرُكْهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

10673 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَكْرَانَ فَجَلَدَهُ الْحَدَّ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ النَّجْرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10674 -

وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَزَادَ: ثُمَّ قَالَ: " «مَا شَرَابُكَ؟ ". قَالَ: زَبِيبٌ وَتَمْرٌ».

10675 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ; «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ ".

قَالَ: فَأُتِيَ بِالنُّعَيْمَانِ قَدْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ، فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ نَاسِخًا لِلْقَتْلِ». قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ قَوْلِهِ: فَكَانَ نَاسِخًا لِلْقَتْلِ، وَتَسْمِيَةِ النُّعَيْمَانِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ.

10676 -

وَعَنْ أَزْهَرَ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَارِبٍ وَهُوَ بِخَيْبَرَ فَحَثَا فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ، وَبِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ حَتَّى قَالَ لَهُمْ: " ارْفَعُوا " فَرَفَعُوا، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتِلْكَ سُنَّتُهُ» .

ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ جَلَدَ عُمَرُ أَرْبَعِينَ صَدْرًا

ص: 278

مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ جَلَدَ ثَمَانِينَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ جَلَدَ عُثْمَانُ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ جَلَدَ مُعَاوِيَةُ ثَمَانِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ السَّرْحِ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ خَالِي، عَنْ عُقَيْلٍ. وَخَالُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَالِمٍ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10677 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ شَرِبَ بَصْقَةَ خَمْرٍ فَاجْلِدُوهُ ثَمَانِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حُمَيْدُ بْنُ كُرَيْبٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

10678 -

عَنْ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَهُوَ خَبِيثٌ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ.

10679 -

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: جَلَدَ عَلِيٌّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ الْحَدَّ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَأَبُو جَعْفَرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ.

[بَابُ الِاسْتِنْكَاهِ]

10680 -

عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّهُ ثُمَّ قَالَ: " اسْتَنْكِهُوهُ " فَاسْتَنْكَهُوهُ ثُمَّ رُجِمَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10681 -

وَعَنْ أَبِي مَاجِدٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِابْنِ أَخٍ لَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ سَكْرَانَ، فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ هَذَا سَكْرَانَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: تَرْتِرُوهُ، مَزْمِزُوهُ، واسْتَنْكِهُوهُ.

فَتُرْتِرَ وَمُزْمِزَ وَاسْتُنْكِهَ، فَوُجِدَ مِنْهُ رِيحُ الشَّرَابِ، فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى السِّجْنِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنَ الْغَدِ، ثُمَّ أَمَرَ بِسَوْطٍ فَدُقَّتْ ثَمَرَتُهُ حَتَّى آضَتْ لَهُ مُخَفَّفَةً ثُمَّ قَالَ لِلْجَلَّادِ: اجْلِدْ وَأَرْجِعْ يَدَكَ، وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ، فَضَرَبَهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ أَوْجَعَهُ، وَجَعَلَهُ فِي قَبَاءٍ وَسَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ .... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو مَاجِدٍ ضَعِيفٌ.

[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ]

10682 -

عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ قَذْفَ الْمُحْصَنَةِ يَهْدِمُ عَمَلَ مِائَةِ سَنَةٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ يُحَسَّنُ حَدِيثُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10683 -

وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ: " يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عُذْرَكِ " قَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِكَ.

فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِ عَائِشَةَ فَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَضَرَبَهُ حَدَّيْنِ، وَبَعَثَ

ص: 279

إِلَى مِسْطَحٍ وَحَمْنَةَ فَضَرَبَهُمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ.

10684 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَدَهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ. وَفِي مَنَاقِبِ عَائِشَةَ حَدِيثٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي جَلْدِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

10685 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَلَدِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنَّهُ يَرِثُ أُمَّهُ، وَتَرِثُهُ أُمُّهُ، وَمَنْ قَفَاهَا بِهِ جُلِدَ ثَمَانِينَ، وَمَنْ دَعَاهُ وَلَدَ الزِّنَا جُلِدَ ثَمَانِينَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، فَإِنْ كَانَ هَذَا تَصْرِيحًا بِالسَّمَاعِ فَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَإِلَّا فَهِيَ عَنْعَنَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10686 -

وَعَنْ الْقَاسِمِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ -: لَا حَدَّ إِلَّا فِي اثْنَيْنِ: أَنْ تُقْذَفَ مُحْصَنَةٌ، أَوْ يُنْفَى رَجُلٌ مِنْ أَبِيهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْقَاسِمُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَكِنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ.

10687 -

وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: شَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ، وَنَافِعٌ، وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ; أَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَيْهِ كَمَا نَظَرُوا إِلَى الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، فَجَاءَ زِيَادٌ، فَقَالَ عُمَرُ: جَاءَ رَجُلٌ لَا يَشْهَدُ إِلَّا بِحَقٍّ، فَقَالَ: رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَبِيحًا وَابْتِهَارًا. قَالَ: فَجَلَدَهُمْ عُمَرُ الْحَدَّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي مَنْ قَذَفَ ذِمِّيًّا]

10688 -

عَنْ وَاثِلَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ قَذَفَ ذِمِّيًّا حُدَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِيَاطٍ مِنْ نَارٍ» ". فَقُلْتُ لِمَكْحُولٍ: مَا أَشَدَّ مَا يُقَالُ لَهُ؟ قَالَ: يُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ الْكَافِرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّاحِرِ]

10689 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ جَارِيَةً لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَحَرَتْهَا فَاعْتَرَفَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، فَأَمَرَتْ حَفْصَةُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فَقَتَلَهَا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عُثْمَانُ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّهَا سَحَرَتْهَا وَاعْتَرَفَتْ بِهِ، فَكَأَنَّ عُثْمَانَ أَنْكَرَ عَلَيْهَا مَا فَعَلَتْ دُونَ السُّلْطَانِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الْمَدَنِيِّينَ وَهِيَ

ص: 280

ضَعِيفَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10690 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَقَدَ لَهُ عَقْدًا فَجَعَلَهُ فِي بِئْرِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَاهُ مَلَكَانِ يَعُودَانِهِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَتَدْرِي مَا وَجَعُهُ؟ قَالَ: فُلَانٌ يَدْخُلُ عَلَيْهِ عَقَدَ لَهُ عَقْدًا، فَأَلْقَاهُ فِي بِئْرِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَلَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ لَوَجَدَ الْمَاءَ أَصْفَرَ.

قَالَ: فَبَعَثَ رَجُلًا فَأَخَذَ الْعَقْدَ فَحَلَّهُ فَبَرِئَ، فَكَانَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَمْ يُعَاتِبْهُ».

10691 -

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ سَحَرَكَ، عَقَدَ لَكَ عَقْدًا. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا فَاسْتَخْرَجَهَا، فَجَعَلَ كُلَّمَا حَلَّ عُقْدَةً وَجَدَ لِذَلِكَ خِفَّةً» . فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

قُلْتُ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ عَائِشَةَ مَعَ جَارِيَتِهَا فِي الطِّبِّ.

[بَابٌ فِي مَنْ جَلَدَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ]

10692 -

عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ جَلَدَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَضَّاضُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُثْمَانَ خَالُ مِسْعَرٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ التَّعْزِيرِ بِالْكَلَامِ]

10693 -

عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ، وَمَعَنَا شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ لِي صَفْوَانُ: أَطْعِمْنِي هَذَا التَّمْرَ، فَقَالَ: إِنَّهُ تَمْرٌ قَلِيلٌ، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يُدْعَوْا بِهِ فَإِذَا نَزَلُوا أَكَلْتَ مَعَهُمْ، فَقَالَ: أَطْعِمْنِي فَقَدْ أَهْلَكَنِيَ الْجُوعُ، وَذَلِكَ مَا بَلَغَ مِنْهُ، فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

فَعَرَفْتُ الرَّاحِلَةَ الَّتِي عَلَيْهَا التَّمْرُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" قُولُوا لِصَفْوَانَ فَلْيَذْهَبْ ". فَلَمْ يَبِتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ يَطُوفُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى عَلِيًّا رضي الله عنه فَقَالَ: أَيْنَ أَذْهَبُ إِلَى الْكُفْرِ؟! فَأَتَى عَلِيٌّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ:" قُولُوا لِصَفْوَانَ فَلْيَلْحَقْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ص: 281

[بَابُ لَا تَعْزِيرَ عَلَى أَهْلِ الْمُرُوءَةِ وَالْكِرَامِ وَنَحْوِهِمَا]

10694 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «تَجَاوَزُوا لِلسَّخِيِّ عَنْ ذَنْبِهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَأْخُذُ بِيَدِهِ عِنْدَ عَثْرَتِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الدَّارِسِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10695 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ زَلَّاتِهِمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الرِّفَاعِيِّ وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10696 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «تَجَافُوا عَنْ عُقُوبَةِ ذَوِي الْمُرُوءَةِ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ".

قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهُوَ بِتَمَامِهِ فِي بَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ مَرْوَانَ الْفِهْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10697 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «تَجَافُوا عَنْ ذَنْبِ السَّخِيِّ ; فَإِنَّ اللَّهَ آخِذٌ بِيَدِهِ كُلَّمَا عَثَرَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10698 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَنَا الشَّاهِدُ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَعْثُرَ عَاقِلٌ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ لَا يَعْثُرَ إِلَّا رَفَعَهُ ثُمَّ لَا يَعْثُرَ إِلَّا رَفَعَهُ حَتَّى يَجْعَلَ مَصِيرَهُ إِلَى الْجَنَّةِ ".» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

10699 -

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «أَقِيلُوا الْكِرَامَ عَثَرَاتِهِمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ]

10700 -

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِتَدْلِيسِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ.

ص: 282

[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

[بَابٌ الْمُسْلِمُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ]

28 -

1 - (بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ)

10701 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَخُونُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ إِلَّا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَلَمْ أَجِدْ لِأَبِي الزِّنَادِ ابْنًا اسْمُهُ الْقَاسِمُ، وَإِنَّمَا اسْمُهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِجَرِيرَةِ غَيْرِهِ]

10702 -

عَنْ سُلَيْمِ بْنِ أَسْوَدَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ النَّاسَ يَقُولُ: " يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ فَأَدْنَاكَ ".

قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ الَّذِينَ أَصَابُوا فُلَانًا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10703 -

وَعَنْ رَجُلٍ كَانَ قَدِيمًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ «كَانَ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ رَجُلًا يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ ; أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُبْ لِي كِتَابًا أَنْ لَا أُؤْخَذَ بِجَرِيرَةِ غَيْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ ذَلِكَ لَكَ وَلِكُلِّ مُسْلِمٍ "» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10704 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " «لَا تَرْتَدُّوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ، وَلَا بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10705 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، وَلَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ، وَلَا بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10706 -

وَعَنْ حُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ ; «أَنَّ أَبَاهُ مَالِكًا، وَعَمَّيْهِ عُبَيْدًا وَقَيْسًا بَنِي الْخَشْخَاشِ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْا

ص: 283

إِلَيْهِ إِغَارَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَمِّهِمْ عَلَى النَّاسِ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَالِكٍ وَعُبَيْدٍ ; أَنَّكُمْ آمِنُونَ مُسْلِمُونَ بِأَمَانٍ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، لَا تُؤْخَذُونَ بِجَرِيرَةِ غَيْرِكُمْ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْكُمْ إِلَّا أَيْدِيكُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي حُرْمَةِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ]

10707 -

عَنْ أَبِي غَادِيَةَ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ، أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» ".

10708 -

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: بِيَمِينِكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، وَخَطَبَنَا يَوْمَ الْعَقَبَةِ» .... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي الْفِتَنِ، وَتَقَدَّمَتْ لَهُ طُرُقٌ فِي الْخُطَبِ فِي الْحَجِّ، وَطُرُقٌ فِي الْفِتَنِ.

[بَابٌ فِي مَنْ حَضَرَ قَتْلَ مَظْلُومٍ أَوْ عُقُوبَتَهُ]

10709 -

عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا يَشْهَدَنَّ أَحَدُكُمْ قَتِيلًا ; لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قُتِلَ مَظْلُومًا فَتُصِيبُهُ السُّخْطَةُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " «فَعَسَى أَنْ يُقْتَلَ مَظْلُومًا ; فَتَنْزِلَ السُّخْطَةُ عَلَيْهِمْ، فَتُصِيبَهُ مَعَهُمْ» ". وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10710 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ مَوْقِفًا يُقْتَلُ فِيهِ رَجُلٌ ظُلْمًا، فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ ; حَيْثُ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ، وَلَا يَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ مَوْقِفًا يُضْرَبُ فِيهِ رَجُلٌ ظُلْمًا ; فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ حِينَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَسَدُ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ الْأَزْدِيُّ: مَجْهُولٌ، وَمِنْدَلٌ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ أَمِنَهُ أَحَدٌ عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ]

10711 -

عَنْ رِفَاعَةَ الْقِتْبَانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ فَأَلْقَى إِلَيَّ وِسَادَةً، وَقَالَ: لَوْلَا أَخِي

ص: 284

جِبْرِيلُ قَامَ عَنْ هَذِهِ لَأَلْقَيْتُهَا لَكَ. قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِنًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ، أَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ» ". قُلْتُ: رَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ: «مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ ; فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10712 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ كَثِيرَةٍ، وَأَحَدُهَا رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10713 -

عَنْ رِفَاعَةَ أَنَّ صَاحِبًا لَهُ قَالَ: لَوِ انْطَلَقْنَا إِلَى الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ ; فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى نَصْرِ أَهْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقْنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَهْوِي إِلَيْهِ فِي الْخَوَرْنَقِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقَالَ: أَلَا أُرِيكُمْ سَيْفًا، فَدَعَا بِسَيْفٍ فِي عِلَاقٍ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَسْرَاجٍ، وَانْتَضَى السَّيْفَ فَجَرَى الْخَاتَمُ إِلَى أَدْنَاهُ ثُمَّ رَجَعَ الْخَاتَمُ إِلَى قَائِمِ السَّيْفِ، فَأَخَذَهُ فَجَعَلَهُ فِي إِصْبَعِهِ،

فَقُلْتُ: سَاحِرٌ وَاللَّهِ، فَأَهْوَيْتُ إِلَى قَائِمِ السَّيْفِ فَذَكَرْتُ كَلِمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِذَا أَمَّنَكَ الرَّجُلُ فَلَا تَقْتُلْهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ وَهُوَ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ رِفَاعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْحَارِثِيُّ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ أَبِي عُكَّاشَةَ، عَنْ رِفَاعَةَ، فَوَهِمَ فِي إِسْنَادِهِ، وَهُوَ هَذَا الْآتِي.

10714 -

وَعَنْ أَبِي عُكَّاشَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْبَجَلِيَّ دَخَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ: انْصَرَفَ عَنِّي جِبْرِيلُ آنِفًا، قَالَ رِفَاعَةُ: فَذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَفَاعَةُ بْنُ صُرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَلَا يَقْتُلْهُ» ".

قَالَ رِفَاعَةُ: وَقَدْ كُنْتُ أَمَّنْتُهُ عَلَى دَمِهِ، فَلَوْلَا ذَلِكَ لَحَزَزْتُ رَأْسَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَحَكَمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ بِالْوَهْمِ فِيهِ.

10715 -

وَعَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِ وَلَيِّهِ]

10716 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ

ص: 285

لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، وَمَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَضْعِيفِهِ، وَقَدْ حَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ لَهُ حَدِيثًا.

[بَابٌ فِي مَنْ قَاتَلَ لِعَصَبِيَّةٍ]

10717 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ يُقَاتِلُ عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً، فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

[بَابُ قَتْلِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ]

10718 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّةٍ رَمْيًا يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا أَوْ سَوْطٍ، عَقْلُهُ عَقْلُ خَطَأٍ، وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ، مَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ حَمْزَةُ النَّصِيبِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10719 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْعَمْدُ قَوَدٌ، وَالْخَطَأُ دِيَةٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10720 -

وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ الْعَمْدَ السِّلَاحُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ وَالصَّحَابَةِ، وَلَكِنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10721 -

وَبِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ الْحَجَرُ وَالْعَصَا.

10722 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ; أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: شِبْهُ الْعَمْدِ الْحَجَرُ وَالْعَصَا وَالسَّوْطُ وَالدَّفْعَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عَمَدْتَهُ بِهِ، فَفِيهِ التَّغْلِيظُ فِي الدِّيَةِ، وَالْخَطَأُ أَنْ يَرْمِيَ شَيْئًا فَيُخْطِئَ بِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10723 -

وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: «اخْتَلَفَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَتَلُوهُ، وَلَا يَعْرِفُونَهُ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدِيَهُ، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ ثِقَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 286

[بَابُ الْقَوْمِ يَزْدَحِمُونَ فَيَقَعُ بَعْضُهُمْ فَيَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ]

10724 -

«عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى قَوْمٍ قَدْ بَنَوْا زُبْيَةً لِلْأَسَدِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ يَتَدَافَعُونَ إِذْ سَقَطَ رَجُلٌ، فَتَعَلَّقَ بِآخَرَ، ثُمَّ تَعَلَّقَ بِآخَرَ حَتَّى صَارُوا فِيهَا أَرْبَعَةً، فَجَرَحَهُمُ الْأَسَدُ، فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ، وَمَاتُوا مِنْ جِرَاحَتِهِمْ كُلُّهُمْ.

فَقَامَ أَوْلِيَاءُ الْأَوَّلِ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْآَخَرِ، فَأَخْرَجُوا السِّلَاحَ لِيَقْتُلُوهُ، فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ عليه السلام عَلَى تَفِيئَةِ ذَلِكَ، فَقَالَ: تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ، إِنِّي أَقْضِي بَيْنَكُمْ قَضَاءً إِنْ رَضِيتُمْ فَهُوَ الْقَضَاءُ، وَإِلَّا حَجَرَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى تَأْتُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَكُمْ، فَمَنْ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ.

اجْمَعُوا لِي مِنْ قَبَائِلِ الَّذِينَ حَفَرُوا الْبِئْرَ، رُبُعَ الدِّيَةِ، وَثُلُثَ الدِّيَةِ، وَنِصْفَ الدِّيَةِ، وَالدِّيَةَ كَامِلَةً، فَلِلْأَوَّلِ الرُّبُعُ لِأَنَّهُ هَلَكَ مِنْ فَوْقِهِ، وَالثَّانِي ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَالثَّالِثِ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَأَبَوْا أَنْ يَرْضَوْا.

فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ:" أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ ". وَاحْتَبَى، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنَّ عَلِيًّا قَضَى فِينَا فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

10725 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَلِلرَّابِعِ الدِّيَةُ كَامِلَةً».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ حَنَشٌ وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10726 -

وَعَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ «أَنَّهُمُ احْتَفَرُوا بِئْرًا بِالْيَمَنِ فَسَقَطَ فِيهَا الْأَسَدُ، فَأَصْبَحُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَقَعَ رَجُلٌ فِي الْبِئْرِ فَتَعَلَّقَ بِرَجُلٍ فَتَعَلَّقَ الْآخَرُ بِآخَرَ فَتَعَلَّقَ الْآخَرُ بِآخَرَ حَتَّى كَانُوا أَرْبَعَةً فَسَقَطُوا فِي الْبِئْرِ جَمِيعًا فَجَرَحَهُمُ الْأَسَدُ، فَتَنَاوَلَهُ رَجُلٌ بِرُمْحِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ لِلْأَوَّلِ: أَنْتَ قَتَلْتَ أَصْحَابَنَا وَعَلَيْكَ دِيَتُهُمْ، فَأَتَى أَصْحَابُهُ فَكَادُوا يَقْتَتِلُونَ، فَقَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: سَأَقْضِي بَيْنَكُمْ بِقَضَاءٍ فَمَنْ رَضِيَ مِنْكُمْ جَازَ عَلَيْهِ رِضَاهُ، وَمَنْ سَخِطَ مِنْكُمْ فَلَا حَقَّ لَهُ حَتَّى تَأْتُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقْضِيَ بَيْنَكُمْ، قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَاجْمَعُوا مِمَّنْ حَفَرَ الْبِئْرَ مِنَ النَّاسِ رُبُعَ دِيَةٍ وَثُلُثَ دِيَةٍ وَدِيَةً تَامَّةً. لِلْأَوَّلِ رُبُعُ دِيَةٍ لِأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ ثَلَاثَةٌ. وَلِلثَّانِي ثُلُثُ دِيَةٍ لِأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ اثْنَانِ. وَلِلثَّالِثِ نِصْفُ دِيَةٍ لِأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ وَاحِدٌ. وَلِلْآخِرِ الدِّيَةُ التَّامَّةُ. فَإِنْ رَضِيتُمْ فَهَذَا بَيْنَكُمْ قَضَاءٌ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَوْا فَلَا حَقَّ لَكُمْ حَتَّى تَأْتُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَامَ الْمُقْبِلَ فَقَصُّوا عَلَيْهِ، فَقَالَ:" أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ". وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ عَلِيًّا قَضَى بَيْنَنَا، فَقَالَ:" كَيْفَ قَضَى بَيْنَكُمْ؟ ". فَقَصُّوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: " هُوَ

ص: 287

مَا قَضَى بَيْنَكُمْ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: لَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قُلْتُ: وَلَمْ يَقُلْ عَنْ عَلِيٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَوَدِ وَالْقِصَاصِ، وَمَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ]

10727 -

عَنْ مِرْدَاسِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: «رَمَى رَجُلٌ أَخًا لَهُ فَقَتَلَهُ فَفَرَّ، فَوَجَدْنَاهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقَادَنَا مِنْهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ السُّحَيْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10728 -

وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُقَادَ الْعَبْدُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10729 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ جَارِيَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدِي اتَّهَمَنِي، فَأَقْعَدَنِي عَلَى النَّارِ حَتَّى احْتَرَقَ فَرْجِي فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: هَلْ رَأَى ذَلِكَ عَلَيْكِ؟ قَالَتْ: لَا. قَالَ: فَاعْتَرَفْتِ لَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: لَا. قَالَ عُمَرُ: عَلَيَّ بِهِ.

فَلَمَّا أَتَى عُمَرَ الرَّجُلُ، قَالَ: أَتُعَذِّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اتَّهَمْتُهَا فِي نَفْسِهَا، قَالَ: رَأَيْتَ ذَلِكَ عَلَيْهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَاعْتَرَفَتْ لَكَ بِهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ «أَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَا يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكِهِ، وَلَا وَلَدٌ مِنْ وَالِدِهِ» " لَأَقَدْتُهَا مِنْكَ. فَبَرَّزَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ ثُمَّ قَالَ: اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَأَنْتِ مُوَلَاةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، «أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ حُرِّقَ بِالنَّارِ أَوْ مُثِّلَ بِهِ، فَهُوَ حُرٌّ، وَهُوَ مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ".

قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ عِيسَى الْقُرَشِيُّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، وَذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًا وَبَيَّضَ لَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

10730 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّ زِنْبَاعًا أَبَا رَوْحٍ وَجَدَ مَعَ غُلَامٍ لَهُ جَارِيَةً لَهُ، فَجَدَعَ أَنْفَهُ وَجَبَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ؟ ". قَالَ: زِنْبَاعٌ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ ". فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبْدِ: " اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَوْلَى مَنْ أَنَا؟ فَقَالَ:" مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ " فَأَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ».

فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: نَعَمْ، تَجْرِي عَلَيْكَ النَّفَقَةَ وَعَلَى عَيَالِكَ، فَأَجْرَاهَا عَلَيْهِ حَتَّى قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ جَاءَهُ، فَقَالَ: وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: مِصْرَ

ص: 288

فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى صَاحِبِ مِصْرَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْضًا يَأْكُلُهَا.

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طَرِيقٌ فِي الْعِتْقِ.

10731 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «رَغَّبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجِهَادِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ حَتَّى غَمُّوهُ، وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَرِيدَةٌ قَدْ نُزِعَ سِلَاهَا، وَبَقِيَتْ سِلَاءَةٌ لَمْ يَفْطِنْ بِهَا، فَقَالَ:" أَخِّرُوا عَنِّي - هَكَذَا - فَقَدْ غَمَمْتُمُونِي ".

فَأَصَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَطْنَ رَجُلٍ فَأَدْمَى الرَّجُلَ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا فِعْلُ نَبِيِّكَ، فَكَيْفَ بِالنَّاسِ؟ فَسَمِعَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانَ هُوَ أَصَابَكَ لَيُعْطِيَنَّكَ الْحَقَّ، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ لَأُرْغِمَنَّكَ بِعَمَاءٍ مِنْكَ حَتَّى تُحْدِثَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: انْطَلِقْ بِسَلَامٍ، فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَنْطَلِقَ مَعَكَ، قَالَ: مَا أَنَا بِوَادِعِكَ.

فَانْطَلَقَ بِهِ عُمَرُ حَتَّى أَتَى بِهِ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّكَ أَصَبْتَهُ، وَأَدْمَيْتَ بَطْنَهُ، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَحَقًّا أَنَا أَصَبْتُهُ؟ ". قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ:" هَلْ رَأَى ذَلِكَ أَحَدٌ؟ ". قَالَ: قَدْ كَانَ هَاهُنَا نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ".

" اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ بِشِهَادَةِ رَجُلٍ رَأَى ذَلِكَ إِلَّا أَخْبَرَنِي " فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ دَمَيْتَهُ وَلَمْ تُرْدِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" خُذْ لِمَا أَصَبْتُكَ مَالًا وَانْطَلِقْ ". قَالَ: لَا. قَالَ: " فَهَبْ لِي ذَلِكَ ". قَالَ: لَا أَفْعَلُ، قَالَ:" فَتُرِيدُ مَاذَا؟ " قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَسَتَقِيدَ مِنْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" نَعَمْ ".

فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: اخْرُجْ مِنْ وَسَطِ هَؤُلَاءِ، فَخَرَجَ مِنْ وَسَطِهِمْ، وَأَمْكَنَ الرَّجُلَ مِنَ الْجَرِيدَةِ ; لِيَسْتَقِيدَ مِنْهُ، فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، فَجَاءَ عُمَرُ لِيُمْسِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ:" أَرِحْنَا عَثَرْتَ بِنَعْلِكَ وَانْكَسَرَتْ أَسْنَانُكَ ".

فَلَمَّا دَنَا الرَّجُلُ لِيَطْعَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْقَى الْجَرِيدَةَ، وَقَبَّلَ سُرَّتَهُ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا أَرَدْتُ لِكَيْمَا نَقْمَعُ الْجَبَّارِينَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: لَأَنْتَ أَوْثَقُ عَمَلًا مِنِّي».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقَّرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10732 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: «طَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا فِي بَطْنِهِ إِمَّا بِقَضِيبٍ وَإِمَّا بِسِوَاكٍ، فَقَالَ: أَوْجَعْتَنِي فَأَقِدْنِي، فَأَعْطَاهُ الْعُودَ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ: " اسْتَقِدْ ". فَقَبَّلَ بَطْنَهُ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ أَعْفُو لَعَلَّكَ أَنْ تَشْفَعَ لِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10733 -

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَطَمَ ابْنُ عَمِّ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

ص: 289

رَجُلًا مِنَّا، فَخَاصَمَهُ عَمُّهُ إِلَى خَالِدٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَجْعَلْ لِوُجُوهِكُمْ فَضْلًا عَلَى وُجُوهِنَا إِلَّا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ، صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: اقْتَصَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ لِابْنِ أَخِيهِ: الْطِمْ، فَلَمَّا رَفَعَ يَدَهُ، قَالَ: دَعْهَا لِلَّهِ عز وجل.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ الْقَسَامَةِ، وَالْقَتِيلِ يَكُونُ بِأَرْضِ قَوْمٍ]

10734 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «وُجِدَ قَتِيلٌ أَوْ مَيِّتٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَرَعَ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ أَيُّهُمَا كَانَ أَقْرَبَ فَوُجِدَ أَقْرَبَ إِلَى أَحَدِهِمَا بِشِبْرٍ، قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى شِبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ أَقْرَبَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10735 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «كَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الدَّمِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فُقِدَ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَجَاءَتِ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا: إِنَّ صَاحِبَنَا يَتَشَخَّطُ فِي دَمِهِ.

فَقَالَ: " تَعْرِفُونَ قَاتِلَهُ؟ ". قَالُوا: لَا، إِلَّا أَنَّ قَتَلَتْهُ يَهُودُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اخْتَارُوا مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا فَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ، ثُمَّ خُذُوا مِنْهُمُ الدِّيَةَ ". فَفَعَلُوا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَامِينَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10736 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حِجَازًا بَيْنَ النَّاسِ، فَكَانَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ أَثِمَ فِيهَا، أُرِيَ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ يُنَكِّلُ بِهَا عَنِ الْجَرْأَةِ عَلَى الْمَحَارِمِ، فَكَانُوا يَتَوَرَّعُونَ عَنْ أَيْمَانِ الصَّبْرِ وَيَخَافُونَهَا.

فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْقَسَامَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ هُمْ أَهْيَبَ لَهَا، لِمَا عَلَّمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقَسَامَةِ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو حَارِثَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ يَهُودَ قَتَلَتْ مُحَيِّصَةَ، فَأَنْكَرَتِ الْيَهُودُ.

فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْيَهُودَ لِقَسَامَتِهِمْ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ ادَّعَوُا الدَّمَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْلِفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا خَمْسِينَ رَجُلًا كَبِيرًا مَنْ قَتَلَهُ. فَنَكَلَتْ يَهُودُ عَنِ الْأَيْمَانِ.

فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي حَارِثَةَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا خَمْسِينَ رَجُلًا أَنَّ يَهُودَ قَتَلَتْهُ غِيلَةً، وَيَسْتَحِقُّونَ بِذَلِكَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الَّذِي قَتَلَ صَاحِبَهُمْ، فَنَكَلَتْ بَنُو حَارِثَةَ عَنِ الْأَيْمَانِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ

ص: 290

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِعَقْلِهِ عَلَى يَهُودَ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَفِي دِيَارِهِمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10737 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَتِ الْقَسَامَةُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتَكُونَ أَكَفَّ لِلنَّاسِ عَنِ الدِّمَاءِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الزَّبِيدِيُّ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ وَأَغْرَبَ، وَشَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ مُوسَى بْنُ عِيسَى الزَّبِيدِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10738 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَافِدٍ ; «أَنَّ الْيَمِينَ فِي الدَّمِ قَدْ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَارِيَةَ الْعَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ قَتَلَ بِالسُّمِّ]

10739 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَصْلِيَّةً، فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ:" أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ الشَّاةُ أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ ". فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ مِنْهَا.

فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا: " مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ " قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ، إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ، وَإِنْ كُنْتَ مَلَكًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ. فَأَمَرَ بِهَا فَقُتِلَتْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قُلْتُ: لِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَغَيْرِهَا.

[بَابُ لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ]

10740 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو مُعَاذٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ (*)، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10741 -

وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْقَوَدُ بِالسَّيْفِ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ خَطَأٌ» ".

قُلْتُ: رَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ: " «لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» فَقَطْ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ حُسْنِ الْقَتْلِ]

10742 -

عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

(*) 75 - جاء في "المجمع"(6/ 291): أبو معاذ سليم بن أرقم.

قلت: صوابه "أبو معاذ سليمان بن أرقم" كما في "الميزان"(4/ 574) والتهذيب (4/ 168) وانظر "المجمع"(5/ 92) و (4/ 286) وغير ذلك.

ص: 291

[بَابُ الْخَطَأِ فِي الْقِصَاصِ]

10743 -

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسْتَقَادُ مِنْهُ ثُمَّ يَمُوتُ، قَالَ: تُقْتَصُّ مِنْهُ دِيَتُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ يُطْرَحُ مِنْهُ دِيَةُ جُرْحِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَقْلِ

.]

10744 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «دِرْهَمٌ أُعْطِيهِ فِي عَقْلٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةٍ فِي غَيْرِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ الذَّهَبِيُّ: فِيهِ جَهَالَةٌ.

‌[بَابٌ فِي مَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ حَدِّهِ فَأَصَابَ بِهِ شَيْئًا

.]

10745 -

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ حَدِّهِ، فَأَصَابَ بِهِ إِنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: مَجْهُولٌ.

‌[بَابُ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

.]

10746 -

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ الْهُذَلِيُّ مُتَوَارِيًا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ وَظَهَرَ النِّدَاءُ ظَهَرَ الْهُذَلِيُّ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ فَذَبَحَهُ كَمَا تُذْبَحُ الشَّاةُ.

فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَقَتَلْتَهُ قَبْلَ النِّدَاءِ أَوْ بَعْدَ النِّدَاءِ؟ ". فَقَالَ: بَعْدَ النِّدَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ لَقَتَلْتُهُ، فَأَخْرِجُوا عَقْلَهُ ". فَأَخْرَجُوا عَقْلَهُ، وَكَانَ أَوَّلَ عَقْلٍ فِي الْإِسْلَامِ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ وَثَّقَهُمُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

10747 -

وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ غَيْرَ قَوْلِهِ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ أَبِي الْجَنُوبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10748 -

«وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ وَجَدْتُ فِي قَائِمِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابَيْنِ: " إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عُتُوًّا مَنْ ضَرَبَ غَيْرَ ضَارِبِهِ، وَرَجُلٌ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَرَجُلٌ تَوَلَّى غَيْرَ أَهْلِ نِعْمَتِهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ".

وَفِي الْأَجْرِِ الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ

ص: 292

أَدْنَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ لَيَالٍ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مَالِكِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ.

‌[بَابُ وَضْعِ دِمَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ

.]

10749 -

عَنْ أَبَانِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ خَطَبَ، فَقَالَ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَضَعَ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَإِسْنَادُ الْبَزَّارِ ضَعِيفٌ، وَشَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْمُبَارَكِ لَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابٌ فِي الْقَتِيلِ يُوجَدُ فِي الْفَلَاةِ

.]

10750 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا يُتْرَكُ مُفَرَّجٌ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى يُضَمَّ إِلَى قَبِيلَةٍ» ". قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: وَلَا يُتْرَكُ مُفَرَّجٌ فِي الْإِسْلَامِ. قِيلَ: هُوَ الْقَتِيلُ يُوجَدُ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ لَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَرْيَةٍ ; فَإِنَّهُ يُودَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يُطَلُّ دَمُهُ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ حَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابٌ فِي مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا أَوْ أَخَفَرَ ذِمَّةً

.]

10751 -

عَنْ رَجُلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «سَيَكُونُ قَوْمٌ لَهُمْ عَهْدٌ، فَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْهُمْ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ تِسْعِينَ عَامًا» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10752 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ غَيْرَ قَوْلِهِ: " «خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» ".

10753 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " «مِائَةِ عَامٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَّافُ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10754 -

وَعَنْ جُنْدَبٍ قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ يَخْفِرُ ذِمَّتِي كُنْتُ خَصْمَهُ، وَمَنْ خَاصَمْتُهُ خَصَمْتُهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ص: 293

10755 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا عَدْوَى، وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَ، وَلَا يُتِمُّ شَهْرَانِ، وَمَنْ أَخْفَرَ بِذِمَّةٍ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ، وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

10756 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً بِغَيْرِ حَقِّهَا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُعَلِّلِ بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

‌[بَابٌ فِي الْمُحَارِبِينَ

.]

10757 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ أُنَاسًا أَغَارُوا عَلَى إِبِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَاقُوهَا، وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِنًا. فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي آثَارِهِمْ، فَأُخِذُوا فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10758 -

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ: يَسَارٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ يُحْسِنُ الصَّلَاةَ فَأَعْتَقَهُ وَبَعَثَهُ فِي لِقَاحٍ لَهُ بِالْحَرَّةِ، فَكَانَ بِهَا فَأَظْهَرَ قَوْمٌ الْإِسْلَامَ مِنْ عُرَيْنَةَ مِنَ الْيَمَنِ، وَجَاؤُوا وَهُمْ مَرْضَى مَوْعُوكُونَ قَدْ عَظُمَتْ بُطُونُهُمْ.

فَبَعَثَ بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَسَارٍ وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ حَتَّى انْطَوَتْ بُطُونُهُمْ، ثُمَّ عَدَوْا عَلَى يَسَارٍ فَذَبَحُوهُ، وَجَعَلُوا الشَّوْكَ فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ طَرَدُوا الْإِبِلَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي آثَارِهِمْ خَيْلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَمِيرُهُمْ كُرْزُ بْنُ مَالِكٍ الْفِهْرِيُّ، فَلَحِقَهُمْ فَجَاءَ بِهِمْ إِلَيْهِ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10759 -

وَعَنْ جَرِيرٍ «أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُقْطَعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَأَنْ تُسْمَلَ أَعْيُنُهُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابٌ فِي مَنْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَهَا فَسَقَطَتْ ثَنِيَّةُ الْعَاضِّ

.]

10760 -

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْتَزَعَ

ص: 294

ثَنِيَّتَهُ، فَأَهْدَرَهَا النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ حَكَمَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيِّ بِالْوَهْمِ، وَقَدْ خَالَفَهُ أَصْحَابُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَرَوَوْهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

‌[بَابٌ فِي مَنْ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ، فَفَقَأَ إِحْدَى عَيْنَيْ غَيْرِهِ

.]

10761 -

عَنْ عِصْمَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ، فَقَالَ: " مَنْ ضَرَبَكَ؟ "، فَقَالَ: أَعْوَرُ بَنِي فُلَانٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجَاءَ، فَقَالَ: " أَنْتَ فَقَأْتَ عَيْنَ هَذَا؟ ". قَالَ: نَعَمْ، فَقَضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالدِّيَةِ، وَقَالَ: " لَا نَفْقَأُ عَيْنَهُ فَنَدَعُهُ غَيْرَ بَصِيرٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابٌ فِي مَنْ كَشَفَ سِتْرَ بَيْتِ غَيْرِهِ، فَنَظَرَ إِلَى أَهْلِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَفَقَؤُوا عَيْنَهُ

.]

10762 -

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَيُّمَا رَجُلٍ كَشَفَ سِتْرًا فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فَقَدْ أَتَى حَدًّا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَقَأَ عَيْنَهُ لَهُدِرَتْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى بَابٍ لَا سِتْرَ لَهُ، فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ فَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ» ".

قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ ابْنِ لَهِيعَةَ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10763 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنِ اطَّلَعَ مِنْ سُتْرَةٍ إِلَى قَوْمٍ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهُوَ هَدَرٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا حَكِيمُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، وَفِي الْأُخْرَى: لَيْثُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، وَكِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجِرَاحَاتِ

.]

10764 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجُلٍ طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِي رِجْلِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقِدْنِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَعْجَلْ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُكَ " فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ يَسْتَقِيدَ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، فَعَرِجَ الْمُسْتَقِيدُ، وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِيدُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 295

فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرِجْتُ وَبَرَأَ صَاحِبِي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَلَمْ آمُرْكَ أَنْ لَا تَسْتَقِيدَ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُكَ فَعَصَيْتَنِي، فَأَبْعَدَكَ اللَّهُ وَبَطَلَ جُرْحُكَ ".

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ الرَّجُلَ الَّذِي عَرِجَ مَنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ أَنْ لَا يَسْتَقِيدَ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ جِرَاحَتِهِ، فَإِذَا بَرِأَتْ جِرَاحَتُهُ اسْتَقَادَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10765 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «رُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ طَعَنَ رَجُلًا عَلَى فَخِذِهِ بِقَرْنٍ فَقَالَ الَّذِي طُعِنَتْ فَخِذُهُ: أَقِدْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " دَاوِهَا وَاسْتَأْنِ بِهَا حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى مَا تَصِيرُ ".

فَقَالَ: أَقِدْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَقِدْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَبِسَتْ رِجْلُ الَّذِي اسْتَقَادَ، وَبَرِئَ الَّذِي يَسْتَقِيدُ مِنْهُ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهَا».

10766 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ: " «دَاوِهَا " وَأَجِّلْهُ سَنَةً».

10767 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ رَجُلًا جُرِحَ فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَقَادَ مِنَ الْجَارِحِ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْرُوحُ» .

رَوَى الْأَوَّلَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَمِنْ قَوْلِي، وَفِي رِوَايَةٍ رَوَاهُ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِمْرَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10768 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «تَرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مُتَوَافِزُونَ، وَمَا مِنَّا أَحَدٌ فَتَّشَ عَنْ جَائِفَةٍ أَوْ مُنَقِّلَةٍ إِلَّا عَمْرُو بْنُ عُمَيْرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْبَقَّالُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ. قُلْتُ: وَتَأْتِي أَحَادِيثُ فِي الْجِرَاحَاتِ فِي الدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

‌[بَابُ الدِّيَاتِ فِي الْأَعْضَاءِ وَغَيْرِهَا

.]

10769 -

عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «فِي الْأَنْفِ إِذَا اسْتَوْعَبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ، وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ عَشْرٌ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10770 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي دِيَةِ الْعُظْمَى الْمُغَلَّظَةِ بِثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَعِشْرِينَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَعِشْرِينَ بَنِي لَبُونٍ ذُكُورٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ،

ص: 296

وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُبَادَةَ.

10771 -

وَعَنْ عُبَادَةَ قَالَ: «وَقَضَى - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي دِيَةِ الْكُبْرَى الْمُغَلَّظَةِ ثَلَاثِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً. وَقَضَى فِي الدِّيَةِ الصُّغْرَى ثَلَاثِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَعِشْرِينَ ابْنَةَ مَخَاضٍ، وَعِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُورٍ» .

ثُمَّ غَلَتِ الْإِبِلُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَانَتِ الدَّرَاهِمُ، فَقَوَّمَ عُمَرُ رضي الله عنه إِبِلَ الدِّيَةِ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ حِسَابُ أُوقِيَّةٍ لِكُلِّ بَعِيرٍ. ثُمَّ غَلَتِ الْإِبِلُ وَهَانَتِ الْوَرِقُ فَزَادَ عُمَرُ أَلْفَيْنِ حِسَابَ أُوقِيَّتَيْنِ لِكُلِّ بَعِيرٍ. ثُمَّ غَلَتِ الْإِبِلُ وَهَانَتِ الدَّرَاهِمُ فَأَتَمَّهَا عُمَرُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا حِسَابَ ثَلَاثِ أَوَاقٍ لِكُلِّ بَعِيرٍ.

قَالَ: فَزَادَ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَثُلُثًا آخَرَ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ. قَالَ: فَتَمَّتِ دِيَةُ الْحَرَمَيْنِ عِشْرِينَ أَلْفًا. قَالَ: فَكَانَ يُقَالُ: يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مِنْ مَاشِيَتِهِمْ وَلَا يُكَلَّفُونَ الْوَرِقَ، وَلَا الذَّهَبَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ قَوْمٍ مَا لَهُمْ فِي الْعَدْلُ فِي أَمْوَالِهِمْ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي زِيَادَاتِهِ عَلَى أَبِيهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ فِي الْأَحْكَامِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ.

10772 -

وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ:«كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ: أَرْبَعَةُ أَسْنَانٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ» .

حَتَّى كَانَ عُمَرُ وَمَصَّرَ الْأَمْصَارَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُونَ الْإِبِلَ، فَتُقَوَّمُ الْإِبِلُ أُوقِيَّةً أُوقِيَّةً أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. ثُمَّ غَلَتِ الْإِبِلُ فَقَالَ عُمَرُ: قَوِّمُوا الْإِبِلَ أُوقِيَّةً وَنِصْفًا، فَكَانَتْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ.

ثُمَّ غَلَتِ الْإِبِلُ فَقَالَ عُمَرُ: قَوِّمُوا الْإِبِلَ فَقُوِّمَتْ ثَلَاثَ أَوَاقٍ، فَكَانَتِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَجَعَلَ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الضَّأْنِ أَلْفَ ضَائِنَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَعِزِ أَلْفَيْ مَاعِزَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ.

10773 -

وَعَنْ الشِّفَاءِ أُمِّ سُلَيْمَانَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ عَلَى

ص: 297

الْمَغَانِمِ، فَأَصَابَ رَجُلًا بِقَوْسِهِ فَشَجَّهُ مُنَقِّلَةً، فَقَضَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10774 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «لَمْ يَقْضِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا ثَلَاثَ قَضِيَّاتٍ فِي الْآمَّةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالْمُوضِحَةِ: فِي الْآمَّةِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسًا.

وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ رُبُعُ ثَمَنِهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10775 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَصَابِعِ عَشْرًا عَشْرًا، وَفِي الْيَدِ بِخَمْسِينَ فَرِيضَةً. قُلْتُ: لَهُ فِي الصَّحِيحِ " الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ " فَقَطْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10776 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الْعَيْنَانِ سَوَاءٌ، وَالْأَصَابِعُ سَوَاءٌ، وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ، وَالْيَدَانِ سَوَاءٌ، وَالرِّجْلَانِ سَوَاءٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ.

10777 -

وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كُلُّ زَوْجَيْنِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ فَفِيهِ الدِّيَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10778 -

وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَقِيتُ عُمَرَ وَهُوَ بِالْمَوْسِمِ فَنَادَيْتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْفُسْطَاطِ: أَلَا إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْجُرْمِيَّ، وَابْنَ أُخْتٍ لَنَا عَانٍ فِي بَنِي فُلَانٍ، وَقَدْ عَرَضْنَا عَلَيْهِ فَرِيضَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَرَفَعَ عُمَرُ جَانِبَ الْفُسْطَاطِ، وَقَالَ: أَتَعْرِفُ صَاحِبَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، هُوَ ذَاكَ. قَالَ: انْطَلِقَا بِهِ حَتَّى تُنَفِّذَ قَضِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: وَكُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ الْقَضِيَّةَ أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10779 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: شِبْهُ الْعَمْدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10780 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: فِي الْخَطَأِ عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ.

10781 -

وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ

ص: 298

فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ: هُمَا سَوَاءٌ إِلَى خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: النِّصْفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ.

10782 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «دِيَةُ الذِّمِّيِّ دِيَةُ الْمُسْلِمِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو كُرْزٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهَذَا أَنْكَرُ حَدِيثٍ رَوَاهُ.

10783 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ دِيَةَ الْمُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10784 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دِيَةُ الْمُعَاهَدِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ. وَقَالَهُ عَلِيٌّ أَيْضًا. وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَا مِنْ عَلِيٍّ.

10785 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دِيَةِ الْجَنِينِ إِذَا كَانَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، فَقَضَى بِذَلِكَ فِي امْرَأَةِ حَمَلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيِّ.

وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10786 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ «شَهِدَ قَضَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فَجَاءَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ، فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ، فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا، فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةِ عَبْدٍ، وَأَنْ تُقْتَلَ» .

قُلْتُ: حَدِيثُ حَمَلٍ فِي السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ مِنْ طَرِيقٍ حَمَلٍ نَفْسِهِ، وَأَخْرَجَتْهُ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ شَهِدَ قَضَاءَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10787 -

وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ قَتَلَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى .... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَتْ حُبْلَى، قَالَتْ عَاقِلَةُ الْمَقْتُولَةِ: إِنَّهَا كَانَتْ حُبْلَى، وَأَلْقَتْ جَنِينًا.

قَالَ: فَخَافَ عَاقِلَةُ الْمَقْتُولَةِ أَنْ يُضَمِّنَهُمْ، قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا شَرِبَ، وَلَا أَكَلَ وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَسَجْعُ الْجَاهِلِيَّةِ؟! ". فَقَضَى فِي الْجَنِينِ غُرَّةَ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذِهِ الطَّرِيقُ أَحَادِيثُهَا صَالِحَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَدْ ضَعَّفَ مُجَالِدًا جَمَاعَةٌ، وَالْحَدِيثُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ دُونَ ذِكْرِ: سَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ.

10788 -

وَعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ فِينَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ

ص: 299

لَهُ امْرَأَتَانِ: إِحْدَاهُمَا هُذَلِيَّةٌ، وَالْأُخْرَى عَامِرِيَّةٌ، فَضَرَبَتِ الْهُذَلِيَّةُ بَطْنَ الْعَامِرِيَّةِ بِعَمُودِ خِبَاءٍ أَوْ فُسْطَاطٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَانْطَلَقَ بِالضَّارِبَةِ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا أَخٌ لَهَا، يُقَالُ لَهُ: عِمْرَانُ بْنُ عُوَيْمِرٍ، فَلَمَّا قَصُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِصَّةَ، قَالَ:" دُوهُ ".

فَقَالَ عِمْرَانُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَنَدِي مَا لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ، وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ، مِثْلُ هَذَا يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" دَعْنِي مِنْ رَجَزِ الْأَعْرَابِ، فِيهِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، أَوْ خَمْسُمِائَةٍ، أَوْ فَرَسٌ، أَوْ عِشْرُونَ وَمِائَةُ شَاةٍ ".

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَهَا ابْنَيْنِ هُمَا سَادَةُ الْحَيِّ، وَهُمْ أَحَقُّ أَنْ يَعْقِلُوا عَنْ أُمِّهِمْ، قَالَ:" أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَعْقِلَ عَنْ أُخْتِكَ مِنْ وَلَدِهَا ". قَالَ: مَا لِي شَيْءٌ أَعْقِلُ فِيهِ؟ قَالَ: " يَا حَمَلَ بْنَ مَالِكٍ ". وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى صَدَقَاتٍ لِهُذَيْلٍ وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ وَأَبُو الْجَنِينِ الْمَقْتُولِ: " اقْبِضْ مِنْ تَحْتِ يَدِكَ مِنْ صَدَقَاتِ هُذَيْلٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ شَاةٍ ". فَفَعَلَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَفِيهِ الْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10789 -

وَعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَتْ فِينَا امْرَأَتَانِ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودٍ فَقَتَلَتْهَا، وَقَتَلَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَرْأَةِ بِالْعَقْلِ، وَفِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ بِفَرَسٍ، أَوْ بَعِيرَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ، أَوْ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْغَنَمِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْقَاتِلَةِ: كَيْفَ نَعْقِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ، وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَسَجَّاعَةٌ أَنْتَ؟ ".

وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مِيرَاثَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10790 -

وَعَنْ عُوَيْمِرٍ قَالَ: «كَانَتْ أُخْتِي مُلَيْكَةُ وَامْرَأَةٌ مِنَّا يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ تَحْتَ حَمَلِ بْنِ النَّابِغَةِ، فَضَرَبَتْ أُمُّ عَفِيفٍ مُلَيْكَةَ بِمِسْطَحِ بَيْتِهَا، وَهِيَ حَامِلٌ فَقَتَلَتْهَا وَذَا بَطْنِهَا.

فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا بِالدِّيَةِ، وَفِي جَنِينِهَا بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدٍ، فَقَالَ أَخُوهَا الْعَلَاءُ بْنُ مَسْرُوحٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَغْرَمُ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ هَذَا يُطَلُّ؟.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ»؟ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مَسْمُولٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 300

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَاقِلَةِ

.]

10791 -

عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «كَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عَقُولَةً، ثُمَّ كَتَبَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَتَوَلَّى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ:«عَقْلُ الْأَخِ دُونَ الْوَلَدِ» .

10792 -

وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ بَنِي أُنْثَى فَإِنَّ عَصَبَتَهُمْ لِأَبِيهِمْ، مَا خَلَا بَنِي فَاطِمَةَ ; فَإِنِّي أَنَا عَصَبَتُهُمْ، وَأَنَا أَبُوهُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ مِهْرَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَلَهُ طَرِيقٌ فِي الْمَنَاقِبِ، وَحَدِيثٌ آخَرُ فِي الْفَرَائِضِ.

10793 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَجْعَلُوا عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ قَوْلِ مُعْتَرِفٍ شَيْئًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ

.]

10794 -

عَنْ عَائِذِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: «قَالَ سَمِيرُ بْنُ زُهَيْرٍ الْجِسْرِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَخِي سَلَمَةَ بْنَ زُهَيْرٍ خَرَجَ يُهَاجِرُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَقِيَهُ رِعَاءُ رِكَابِكَ مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَقَتَلُوهُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَقَدْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ دَمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: وَجَدْنَاهُ يَسُوقُ رِكَابَكَ، فَأَرَدْنَا أَخْذَهُ فَامْتَنَعَ مِنَّا، فَقَتَلْنَاهُ، فَلَا أَدْرِي: هَلْ حَلَّفَهُمْ أَوْ صَدَّقَهُمْ؟.

غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ سَأَلَهُ عَنْ إِسْلَامِ أَخِيهِ فَلَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً، فَعَقَلَ لَهُ حُرْمَةَ الشَّهْرِ خَمْسِينَ مِنَ الْإِبِلِ. قَالَ: فَبَقِيَّةُ الْإِبِلِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ نَعَمٍ وَأَعْظَمُهُ بَرَكَةً».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْجَانِي وَالْقَاتِلِ

.]

10795 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ إِيمَانٍ دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، وَزُوِّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ كَمْ شَاءَ: مَنْ أَدَّى دَيْنًا خَفِيًّا، وَعَفَا عَنْ قَاتِلِهِ، وَقَرَأَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ".

فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ: أَوْ إِحْدَاهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَوْ إِحْدَاهُنَّ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي

ص: 301

الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ نَبْهَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10796 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ يَعْنِي أَمَانَةً خَفِيَّةً شَهِيَّةً، فَأَدَّاهَا مَخَافَةَ اللَّهِ، أَوْ رَجُلٌ عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ، أَوْ رَجُلٌ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10797 -

وَعَنْ ابْنِ الصَّامِتِ - يَعْنِي عُبَادَةَ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَدَّقَ مِنْ جَسَدِهِ بِشَيْءٍ، كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِ» .

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ:«مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ أُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ» . وَرِجَالُ الْمُسْنَدِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10798 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُجْرَحُ فِي نَفْسِهِ جِرَاحَةً، فَيَتَصَدَّقُ بِهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ مِثْلَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10799 -

وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أُصِيبَ فِي جَسَدِهِ بِشَيْءٍ فَتَرَكَهُ لِلَّهِ عز وجل، كَانَ كَفَّارَةً لَهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مُجَالِدٌ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

10800 -

وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «هَشَّمَ رَجُلٌ فَمَ رَجُلٍ عَلَى عَهْدِ مُعَاوِيَةَ، فَأُعْطِيَ دِيَتَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ حَتَّى أُعْطِيَ ثَلَاثًا.

فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ تَصَدَّقَ بِدَمٍ أَوْ دُونَهُ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ تَصَدَّقَ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيَانَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

10801 -

«وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ أَخَاهُ قَيْسَ بْنَ مَعْبَدٍ وَجَارِيَةَ بْنَ ظَفَرٍ اقْتَتَلَا فِي مَرْعًى كَانَ بَيْنَهُمَا، فَضَرَبَهُ جَارِيَةُ ضَرْبَةً، وَضَرَبَهُ قَيْسٌ ضَرْبَةً، فَأَبَتَّ يَدَهُ فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا.

قَالَ يَزِيدُ: فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَبْ لِي يَدَهُ تَأْتِيكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْضَاءَ سَلِيمَةً ". فَأَبَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" ادْعُهُ " ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا يَزِيدُ هَبْ لِي عَقْلَهَا ".

قَالَ: قُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي الدِّيَةَ، وَقَالَ:" بَارَكَ اللَّهُ لَكَ ". وَقَالَ لِجَارِيَةَ بْنِ ظَفَرٍ: " خُذْهَا ". فَأَخَذَهَا يَزِيدُ فَكُنَّا نَعْرِفُ الْبَرَكَةَ فِينَا بِدَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

ص: 302

‌[بَابُ إِذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ

.]

10802 -

عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا، فَجَاءَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، وَقَدْ عَفَا أَحَدُهُمْ، فَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: مَا تَقُولُ؟ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَرَى أَنَّهُ قَدْ أُحْرِزَ مِنَ الْقَتْلِ، قَالَ: فَضَرَبَ عَلَى كَتِفِهِ، وَقَالَ: كَنِيفٌ مُلِئَ عِلْمًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنْ قَتَادَةَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ وَلَا ابْنَ مَسْعُودٍ.

‌[بَابٌ فِيمَا هُوَ جُبَارٌ

.]

10803 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السَّائِبَةُ جُبَارٌ، وَالْجُبُّ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:" السَّائِمَةُ " مَكَانَ: " السَّائِبَةُ ". وَنَقَلَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ خَلَفٍ وَلَمْ يَرْوِهَا، وَفِيهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَقَدِ اخْتَلَطَ.

[كِتَابُ التَّفْسِيرِ]

[بَابُ كَيْفَ يُفَسَّرُ الْقُرْآنُ]

‌29 - كِتَابُ التَّفْسِيرِ

.

29 -

1 - بَابُ كَيْفَ يُفَسَّرُ الْقُرْآنُ.

10804 -

عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُفَسِّرُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ، إِلَّا آيَاتٍ بِعَدَدٍ، عَلَّمَهُ إِيَّاهُنَّ جِبْرِيلُ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يَتَحَرَّرِ اسْمُهُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. أَمَّا الْبَزَّارُ، فَقَالَ: عَنْ حَفْصٍ أَظُنُّهُ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: عَنْ فُلَانِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ.

10805 -

وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ: خَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ، وَنَجْدَةُ بْنُ عُوَيْمِرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ رُؤُوسِ الْخَوَارِجِ يَنْقُرُونَ عَنِ الْعِلْمِ وَيَطْلُبُونَهُ حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَإِذَا هُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَاعِدًا قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ لَهُ أَحْمَرُ وَقَمِيصٌ.

فَإِذَا أُنَاسٌ قِيَامٌ يَسْأَلُونَهُ عَنِ التَّفْسِيرِ، يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: هُوَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ:

ص: 303

مَا أَجْرَأَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى مَا تُخْبِرُ بِهِ مُنْذُ الْيَوْمِ! فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا نَافِعُ وَعَدِمَتْكَ، أَلَا أُخْبِرُكَ مَنْ هُوَ أَجْرَأُ مِنِّي؟ قَالَ: مَنْ هُوَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: رَجُلٌ تَكَلَّمَ بِمَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، أَوْ كَتَمَ عِلْمًا عِنْدَهُ.

قَالَ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَيْتُكَ لِأَسْأَلَكَ، قَالَ: هَاتِ يَا ابْنَ الْأَزْرَقِ فَسَلْ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 35]، مَا الشُّوَاظُ؟ قَالَ: اللَّهَبُ الَّذِي لَا دُخَانَ فِيهِ.

قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

أَلَا مِنْ مُبْلِغٍ حَسَّانَ عَنِّي

مُغَلْغَلَةً تَدِبُّ إِلَى عُكَاظٍ

أَلَيْسَ أَبُوكَ قَيْنًا كَانَ فِينَا

إِلَى الْفَتَيَاتِ فَسْلًا فِي الْحِفَاظِ

يَمَانِيًّا يَظَلُّ يَشِبُّ كِيرًا

وَيَنْفُخُ دَائِبًا لَهَبَ الشُّوَاظِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ:{وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35]، مَا النُّحَاسُ؟ قَالَ: الدُّخَانُ الَّذِي لَا لَهَبَ فِيهِ، قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ نَابِغَةَ بَنِي ذُبْيَانَ يَقُولُ:

يُضِيءُ كَضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِيـ ـطِ

لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ نُحَاسًا.

يَعْنِي: دُخَانًا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ:{أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان: 2]، قَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي الرَّحِمِ كَانَا مَشْجًا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ وَهُوَ يَقُولُ:

كَأَنَّ النَّصْلَ وَالْفَوْقَيْنِ فِيهِ

خِلَافُ الرِّيشِ سِيطَ بِهِ مَشِيجُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: 29]، مَا السَّاقُ بِالسَّاقِ؟ قَالَ: الْحَرْبُ. قَالَ: هَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ.

أَخُو الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا

وَإِنْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72]، وَمَا الْبَنُونَ وَالْحَفَدَةُ؟

ص: 304

قَالَ: أَمَّا بُنُوكَ فَإِنَّهُمْ يَغَاطُونَكَ، وَأَمَّا حَفَدَتُكَ فَإِنَّهُمْ خَدَمُكَ، قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

حَفَدَ الْوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأَلْقَيَتْ

بِأَكُفِّهِنَّ أَزَمَّةَ الْأَحْمَالِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 153]، قَالَ: مِنَ الْمَخْلُوقِينَ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ وَهُوَ يَقُولُ:

فَإِنْ تَسْأَلِينَا مِمَّ نَحْنُ فَإِنَّنَا

عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{فَنَبَذْنَاهُ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الذاريات: 40]، مَا الْمُلِيمُ؟ قَالَ: الْمُذْنِبُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَهُوَ يَقُولُ:

مِنَ الْآفَاتِ لَسْتُ لَهَا بِأَهْلٍ

وَلَكِنَّ الْمُسِيءَ هُوَ الْمُلِيمُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]، مَا الْفَلَقُ؟ قَالَ: ضَوْءُ الصُّبْحِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَقُولُ:

الْفَارِجُ الْهَمِّ مَبْذُولٌ عَسَاكِرُهُ

كَمَا يُفَرِّجُ ضَوْءَ الظُّلْمَةِ الْفَلَقُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23]، مَا الْأَسَاةُ؟ قَالَ: لَا تَحْزَنُوا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ:

قَلِيلُ الْأَسَى فِيمَا أَتَى الدَّهْرُ دُونَهُ

كَرِيمُ الثَّنَا حُلْوُ الشَّمَائِلِ مُعْجَبُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14]، مَا يَحُورُ؟ قَالَ: يَرْجِعُ. قَالَ: هَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ:

وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا كَالشِّهَابِ وَضَوْئِهِ

يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ.

ص: 305

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44]، مَا الْآنُ؟ قَالَ: الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:

فَإِنْ يَقْبِضْ عَلَيْكَ أَبُو قُبَيْسٍ

تَحُطَّ بِكَ الْمَنِيَّةُ فِي هَوَانِ

وَتَخْضِبُ لِحْيَةً غَدَرَتْ وَخَانَتْ

بِأَحْمَرَ مِنْ نَجِيعِ الْجَوْفِ آنِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20]، مَا الصَّرِيمُ؟ قَالَ: اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:

لَا تَزْجُرُوا مُكْفَهِرًّا لَا كَفَاءَ لَهُ

كَاللَّيْلِ يَخْلِطُ أَصْرَامًا بِأَصْرَامِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78]، مَا غَسَقُ اللَّيْلِ؟ قَالَ: إِذَا أَظْلَمَ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ النَّابِغَةَ وَهُوَ يَقُولُ:

كَأَنَّمَا جَدُّ مَا قَالُوا وَمَا وَعَدُوا

آلٌ تَضَمَّنَهُ مِنْ دَامِسٍ غَسَقِ

قَالَ أَبُو خَلِيفَةَ: الْآلُ: السَّرَابُ [وَالصَّوَابُ، كَأَنَّمَا جُلَّ مَا قَالُوا وَمَا وَعَدُوا].

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85]، مَا الْمُقِيتُ؟ قَالَ: قَادِرٌ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وَذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ الضِّغْنَ عَنْهُ

وَإِنِّي فِي مُسَاءَتِهِ مُقِيتُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17]، فَقَالَ: إِقْبَالُ سَوَادِهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

عَسْعَسَ حَتَّى لَوْ يُشَا كَا

نَ لَهُ مِنْ ضَوْئِهِ قَبَسُ.

ص: 306

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]، قَالَ: الزَّعِيمُ: الْكَفِيلُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وَإِنِّي زَعِيمٌ إِنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكًا

بِسَيْرٍ تَرَى مِنْهُ الْفَرَانِقَ أَزْوَرَا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَفُومِهَا} [البقرة: 61]، مَا الْفُومُ؟ قَالَ: الْحِنْطَةُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ:

قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي كَأَغْنَى وَافِدٍ

قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَنْ زِرَاعَةِ فُومِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَالْأَزْلَامُ} [المائدة: 90]، مَا الْأَزْلَامُ؟ قَالَ: الْقِدَاحُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْحُطَيْئَةِ:

لَا يَزْجُرُ الطَّيْرَ إِنْ مَرَّتْ بِهِ سُنْحًا

وَلَا يُقَامُ لَهُ قَدَحٌ بِأَزْلَامِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقعة: 9]، قَالَ: أَصْحَابُ الشِّمَالِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى حَيْثُ يَقُولُ:

نَزَلَ الشَّيْبُ بِالشِّمَالِ قَرِيبًا

وَالْمُرُورَاتِ دَانِيًا وَحَقِيرَا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]. قَالَ: اخْتَلَطَ مَاؤُهَا بِمَاءِ الْأَرْضِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:

لَقَدْ عَرَفَتْ رَبِيعَةُ فِي جُذَامٍ

وَكَعْبٌ خَالُهَا وَابْنَا ضِرَارِ

لَقَدْ نَازَعْتُهُمْ حَسَبًا قَدِيمًا

وَقَدْ سَجَرَتْ بِحَارُهُمْ بِحَارِي.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7]، مَا الْحُبُكُ؟ قَالَ: الطَّرَائِقُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ

ص: 307

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:

مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ

رِيحُ الشَّمَالِ لِضَاحِي مَا بِهِ حُبُكُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3]. قَالَ: ارْتَفَعَتْ عَظَمَةُ رَبِّنَا، قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ:

إِلَى مَلِكٍ يَضْرِبُ الدَّارِعِينَ

لَمْ يَنْقُصِ الشَّيْبُ مِنْهُ قُبَالًا

أَتَرْفَعُ جَدَّكَ إِنِّي امْرُؤٌ

سَقَتْنِي الْأَعَادِي سِجَالًا سِجَالَا.

قَالَ: صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} [يوسف: 85]. قَالَ: الْحَرَضُ: الْبَالِي. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ:

أَمِنْ ذِكْرِ لَيْلَى إِنْ نَأَتْ غُرْبَةٌ بِهَا

أَعُدْ حَرِيضًا لِلْكِرَاءِ مُحَرَّمِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 61]. قَالَ: لَاهُونَ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ هُزَيْلَةَ بِنْتِ بَكْرٍ تَبْكِي عَادًا:

بُعِثَتْ عَادٌ لَقِيمًا

وَأَتَى سَعْدٌ شَرِيدَا

قِيلَ قُمْ فَانْظُرْ إِلَيْهِمْ

ثُمَّ دَعْ عَنْكَ السُّمُودَا.

قَالَ: صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِذَا اتَّسَقَ} [الانشقاق: 18]، مَا اتِّسَاقُهُ؟ قَالَ: إِذَا اجْتَمَعَ. قَالَ: فَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ:

إِنَّ لَنَا قَلَائِصًا نَقَائِقَا

مُسْتَوْسِقَاتٍ لَوْ تَجِدْنَ سَائِقَا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2]، أَمَّا الْأَحَدُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الصَّمَدُ؟ قَالَ: الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، قَالَ: فَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ

ص: 308

أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ بِقَوْلِ الْأَسَدِيَّةِ:

أَلَا بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدِ

بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، مَا الْأَثَامُ؟ قَالَ: جَزَاءٌ. قَالَ: فَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ بِشْرِ بْنِ أَبِي خَازِمٍ الْأَسَدِيِّ:

وَإِنَّ مَقَامَنَا يَدْعُو عَلَيْهِمْ

بِأَبْطَحِ ذِي الْمَجَازِ لَهُ أَثَامُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]. قَالَ: السَّاكِتُ. قَالَ: فَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ الْعَبْسِيِّ:

فَإِنْ يَكُ كَاظِمًا بِمُصَابِ شَاسِ

فَإِنِّي الْيَوْمَ مُنْطَلِقُ اللِّسَانِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98]، مَا الرِّكْزُ؟ قَالَ: صَوْتًا. قَالَ: فَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ خِرَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ:

فَإِنْ سَمِعْتُمْ بَخِيلٍ هَابِطٍ شَرَفًا

أَوْ بَطْنِ قَوٍّ فَأَخْفُوا الرِّكْزَ وَاكْتَتِمُوا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152]. قَالَ: إِذْ تَقْتُلُونَهُمْ بِإِذْنِهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ عُتْبَةَ اللَّيْثِيِّ:

نَحُسُّهُمُ بِالْبَيْضِ حَتَّى كَأَنَّنَا

نُفَلِّقُ مِنْهُمْ بِالْجَمَاجِمِ حَنْظَلَا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1]، هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ يُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، طَلَاقًا بَائِنًا ثَلَاثًا، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، حِينَ أَخَذَهُ أُخْتَانُهُ غَيْرَةً، فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدْ أَضْرَرْتَ بِصَاحِبَتِنَا، وَإِنَّا نُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنْ لَا نَضَعَ الْعَصَا عَنْكَ أَوْ تُطَلِّقَهَا، فَلَمَّا رَأَى الْجِدَّ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ فَاعِلُونَ بِهِ شَرًّا، قَالَ:

أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَهْ

كَذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ غَادٍ وَطَارِقَهْ

ص: 309

[فَقَالُوا: وَاللَّهِ لِتُبِينُ لَهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَا نَضَعُ الْعَصَا عَنْكَ، فَقَالَ: فَبِينِي حَصَانَ الْفَرْجِ غَيْرَ ذَمِيمَةً وَمَا مُوقَةٌ مِنَّا كَمَا أَنْتِ وَامِقَهْ]

فَقَالُوا: وَاللَّهِ لِتُبِينَنَّ لَهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَا نَضَعُ الْعَصَا عَنْكَ، فَقَالَ:

فَبِينِي فَإِنَّ الْبَيْنَ خَيْرٌ مِنَ الْعَصَا

وَأَنْ لَا تَزَالِي فَوْقَ رَأْسِكِ طَارِقَهْ.

فَأَبَانَهَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جُوَيْبِرٌ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَفَاتِحَةِ الْكِتَابِ]

10806 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَعْرِفُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ حَتَّى تَنْزِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِذَا نَزَلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلِمَ أَنَّ السُّورَةَ قَدْ خُتِمَتْ، وَاسْتُقْبِلَتْ وَابْتُدِئَتْ سُورَةٌ أُخْرَى» .

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ: «لَا يَعْرِفُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ حَتَّى تَنْزِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَطْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ فِي الصَّلَاةِ.

10807 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَهَرَاقَ الْمَاءَ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَأَنَا خَلْفَهُ حَتَّى دَخَلَ رَحْلَهُ، وَدَخَلْتُ أَنَا فِي الْمَسْجِدِ فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا، فَخَرَجَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَطَهَّرَ، فَقَالَ: " عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِأَخْيَرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ؟ ". قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " اقْرَأْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " حَتَّى خَتَمَهَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10808 -

وَعَنْ أَبِي زَيْدٍ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ فِجَاجِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَتَهَجَّدُ وَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَمَعَ حَتَّى خَتَمَهَا، قَالَ: " مَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهَا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10809 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى، وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بُلْقِينَ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: " هَؤُلَاءِ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ " وَأَشَارَ إِلَى الْيَهُودِ. فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: " الضَّالُّونَ " يَعْنِي

ص: 310

النَّصَارَى.

وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: اسْتُشْهِدَ مَوْلَاكَ - أَوْ غُلَامُكَ - فُلَانٌ، قَالَ: " بَلْ يُجَرُّ إِلَى النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا».

10810 -

وَفِي رِوَايَةٍ بِسَنَدِهِ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بُلْقِينَ، فَقَالَ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ؟ فَأَشَارَ إِلَى الْيَهُودِ» ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُ الْجَمِيعِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10811 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - «أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ - بِالْأَلِفِ - غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، خَفْضٍ» ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَيَّاضُ بْنُ غَزْوَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَجَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

10812 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] قَالَ: هِيَ أُمُّ الْكِتَابِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْبَقَّالُ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

10813 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ إِبْلِيسَ رَنَّ حِينَ أُنْزِلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَأُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ شَبِيهَ الْمَرْفُوعِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10814 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي تَشْبِيكِ رَأْسِهِ خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ، وَتَرَكَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10815 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ]

10816 -

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْبَقَرَةُ سَنَامُ الْقُرْآنِ وَذُرْوَتُهُ، نَزَلَ مَعَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ثَمَانُونَ مَلَكًا، وَاسْتُخْرِجَتْ:" {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] " مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَوُصِلَتْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ.

وَ " يس " قَلْبُ الْقُرْآنِ لَا يَقْرَؤُهَا أَحَدٌ يُرِيدُ اللَّهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ، فَاقْرَؤُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ».

قُلْتُ: فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْهُ طَرَفٌ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَسْقَطَ الْمُبْهَمَ.

10817 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلَةً، لَمْ يَدْخُلْهُ الشَّيْطَانُ

ص: 311

ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ نَهَارًا لَمْ يَدْخُلْهُ الشَّيْطَانُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10818 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10819 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «أُعْطِيتُ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10820 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأِ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ; فَإِنِّي أُعْطِيتُهُمَا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ» .

10821 -

وَفِي رِوَايَةٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: " «اقْرَؤُوا الْآيَتَيْنِ» .... ". فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: يُخْطِئُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَدْ تَابَعَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ.

10822 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «آيَتَيْنِ أُوتِيتُهُمَا مِنْ كَنْزٍ مِنْ بَيْتٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، وَلَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبَلِي " - يَعْنِي الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ -» .

10823 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ بَيْتٍ» .

رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10824 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ آخِرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَدْ أَكْثَرَ وَأَطَابَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمَسْعُودِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

10825 -

وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَأَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، لَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10826 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: تَرَدَّدُوا فِي الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] " إِلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بِهَا مُحَمَّدًا، صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ الْحَاسِبُ الْمُهْرِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10827 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا أَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ

ص: 312

عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ يَتَغَنَّى، وَيَدَعُ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ - وَهُوَ مُدَلِّسٌ - وَمَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ أَيْضًا.

10828 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَلَّمُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَجِيئَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ - أَوْ: كَأَنَّهُمَا غَيَابَتَانِ، أَوْ: كَأَنَّهُمَا فَرْقَانِ - مِنْ طَيْرٍ صَوَافٍّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، تَعَلَّمُوا الْبَقَرَةَ ; فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ هِلَالٍ الْبَارِقِيُّ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُخَلَّدٍ اللَّيْثِيُّ، لَمْ أَعْرِفْهُمَا.

10829 -

وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ. وَفِيهِ مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

10830 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى يَتَغَنَّى، وَيَدَعُ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ كَصَيِّبٍ} [البقرة: 19].

10831 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19] قَالَ: الصَّيِّبُ: الْمَطَرُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ أَبُو جَنَابٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30].

10832 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ آدَمَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَى الْأَرْضِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30]. قَالُوا: رَبَّنَا نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ.

قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِلْمَلَائِكَةِ: هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى نَهْبِطَ بِهِمَا إِلَى الْأَرْضِ، فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلَانِ، قَالُوا: رَبَّنَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ، فَأُهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ، وَمُثِّلَتْ لَهُمَا الزُّهْرَةُ امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ.

فَجَاآهَا فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الْإِشْرَاكِ، قَالَا: لَا وَاللَّهِ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ أَبَدًا، فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلُهُ فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَقْتُلَا هَذَا الصَّبِيَّ، فَقَالَا: لَا وَاللَّهِ لَا نَقْتُلُهُ أَبَدًا، فَذَهَبَتْ.

ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ خَمْرٍ تَحْمِلُهُ فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَشْرَبَا هَذَا الْخَمْرَ، فَشَرِبَا فَسَكِرَا، فَوَقَعَا عَلَيْهَا، وَقَتَلَا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أَبَيْتُمَاهُ عَلَيَّ إِلَّا فَعَلْتُمَاهُ

ص: 313

حِينَ سَكِرْتُمَا. فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58].

10833 -

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] قَالَ: قَالُوا: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ، فِيهَا شَعِيرَةٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: 59] " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67].

10834 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ أَخَذُوا أَدْنَى بَقَرَةٍ لَأَجْزَأَتْهُمْ. أَوْ: لَأَجْزَأَتْ عَنْهُمْ» رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} [البقرة: 94].

10835 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ، فَقِيلَ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: مَا أَرَاهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا، وَلَوْ أَنَّ الْيَهُودَ تَمَنَّوُا الْمَوْتَ لَمَاتُوا» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80].

10836 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ يَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ: هَذِهِ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا نُعَذَّبُ لِكُلِّ سَنَةٍ يَوْمًا فِي النَّارِ، وَإِنَّمَا هِيَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80]، إِلَى قَوْلِهِ: فِيهَا خَالِدُونَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: 97].

10837 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ، لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ. قَالَ:" سَلُونِي عَمَّ شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ، وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَى بَنِيهِ، لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُبَايِعُنِّي ". قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ.

قَالَ: أَرْبَعُ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهَا: أَخْبِرْنَا أَيَّ طَعَامٍ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟ وَأَخْبَرْنَا كَيْفَ مَاءُ الرَّجُلِ مِنْ مَاءِ الْمَرْأَةِ؟ وَكَيْفَ الْأُنْثَى مِنْهُ وَالذَّكَرُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ؟ وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟.

فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ عَهْدَ اللَّهِ: " لَئِنْ أَخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنِّي " فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، قَالَ: " فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ مَرِضَ مَرَضًا [شَدِيدًا] فَطَالَ سَقَمُهُ، فَنَذَرَ نَذْرًا لَئِنْ عَافَاهُ

ص: 314

اللَّهُ مِنْ سَقَمِهِ لِيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ، وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانُ الْإِبِلِ، وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُهَا؟ " فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ اشْهَدْ ".

وَقَالَ: " أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ، وَأَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، إِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ؟ ". قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ:" اللَّهُمَّ اشْهَدْ ".

قَالَ: " فَأُشْهِدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ هَذَا تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ؟ " قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ:" اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ ".

قَالُوا: أَنْتَ الْآنَ حَدَّثْتَنَا فَحَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ. قَالَ:" فَإِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ ". قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ، لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سِوَاهُ لَاتَّبَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ، قَالَ:" فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُصَدِّقُوا؟ " قَالُوا: هُوَ عَدُوُّنَا.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ - مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ - وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ - أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ - وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 97 - 101]. فَعِنْدَ ذَلِكَ بَاؤُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106].

10838 -

«عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَرَأَ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ سُورَةً أَقْرَأَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَا يَقْرَآنِ بِهَا، فَقَامَا يَقْرَآنِ ذَاتَ لَيْلَةٍ يُصَلِّيَانِ فَلَمْ يَقْدِرَا مِنْهَا عَلَى حَرْفٍ، فَأَصْبَحَا غَادِيَيْنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهَا مِمَّا نُسِخَ - أَوْ نُسِّيَ - فَالْهُوا عَنْهَا» .

فَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْرَؤُهَا: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106]. بِضَمِّ النُّونِ خَفِيفَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى:

ص: 315

{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 126].

10839 -

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ احْتَجَرَهَا دُونَ النَّاسِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:(وَمَنْ كَفَرَ) أَيْضًا فَأَنَا أَرْزُقُهُمْ كَمَا أَرْزُقُ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْلُقُ خَلْقًا لَا أَرْزُقُهُمْ، أُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.

ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143].

10840 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]. قَالَ: " عَدْلًا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125].

10841 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى؟ فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144].

10842 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] قَالَ: نَحْوَ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَرِجَالُ إِحْدَاهُمَا ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177].

10843 -

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنْ تُؤْتِيَهُ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَأْمُلُ الْعَيْشَ، وَتَخْشَى الْفَقْرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178].

10844 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا قُتِلَ مِنْهُمُ الْقَتِيلُ عَمْدًا لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ إِلَّا الْقَوَدُ، وَأُحِلَّ الدِّيَةُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، فَأُمِرَ هَذَا أَنْ يَتَّبِعَ بِمَعْرُوفٍ، وَأُمِرَ هَذَا أَنْ يُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ، ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].

10845 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وَقَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ رَسْلًا فِي الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156].

10846 -

عَنِ ابْنِ

ص: 316

عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: «{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 156]. قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل أَنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا سَلَّمَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَجَعَ، فَاسْتَرْجَعَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، كُتِبَ لَهُ ثَلَاثُ خِصَالٍ مِنَ الْخَيْرِ: الصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ، وَالرَّحْمَةُ، وَتَحْقِيقُ سَبِيلِ الْهُدَى.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اسْتَرْجَعَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَهُ، وَأَحْسَنَ عُقْبَاهُ، وَجَعَلَ لَهُ خَلَفًا يَرْضَاهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 187].

10847 -

«عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ إِذَا صَامَ الرَّجُلُ فَأَمْسَى فَنَامَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنَ الْغَدِ.

فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ سَمَرَ عِنْدَهُ، فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ، فَأَرَادَهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي نِمْتُ، فَقَالَ: مَا نِمْتِ. ثُمَّ وَقَعَ بِهَا، وَصَنَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ، فَغَدَا عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187]».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَقَدْ ضُعِّفَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].

10848 -

عَنْ أَبِي جَبِيرَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ يَتَصَدَّقُونَ، وَيُعْطُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ فَأَمْسَكُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَزَادَ: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]. وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10849 -

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَقُولُ: لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِي! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا {تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ} [البقرة: 197].

10850 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ «فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ".

{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197]، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: التَّلْبِيَةُ وَالْإِحْرَامُ. (لَا رَفَثَ) قَالَ: غَشْيَانُ النِّسَاءِ. وَلَا فُسُوقَ: السِّبَابُ. وَلَا جِدَالَ: الْمِرَاءُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ

ص: 317

وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10851 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فِي قَوْلِهِ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] قَالَ: " شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حُصَيْنُ بْنُ مُخَارِقٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

10852 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فِي قَوْلِهِ تبارك وتعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] قَالَ: " الرَّفَثُ: الْإِعْرَابُ وَالتَّعَرُّضُ لِلنِّسَاءِ بِالْجِمَاعِ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: جِدَالُ الرَّجُلِ صَاحِبَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَيْشٍ، وَكِلَاهُمَا فِيهِ لِينٌ وَقَدْ وُثِّقَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10853 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا رَفَثَ قَالَ: الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ. {وَلَا فُسُوقَ} [البقرة: 197] قَالَ: الْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي. {وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] قَالَ: الْمِرَاءُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ خُصَيْفٌ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].

10854 -

عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَتَوَكَّلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الزَّادِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ عز وجل أَنْ يَتَزَوَّدُوا، فَقَالَ:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْبَقَّالُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة: 203].

10855 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] قَالَ: مَغْفُورًا لَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: 207].

10856 -

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: 207] قَالَ: نَزَلَتْ فِي صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالَّذِي أَدْرَكَ صُهَيْبًا بِطَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَنَفَرُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى ابْنِ جُرَيْجٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213].

10857 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213] قَالَ: عَلَى الْإِسْلَامِ كُلُّهُمْ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي عَلَى الْكُفْرِ كُلُّهُمْ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10858 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ، قَالَ: فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ، قَالَ:

ص: 318

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213].

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217].

تَقَدَّمَ حَدِيثُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ فِي أَبْوَابِ الْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: 219].

10859 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] قَالَ: الْفَضْلُ عَلَى الْعِيَالِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] وَقَوْلُهُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223].

10860 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّمَا أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] رُخْصَةً فِي إِتْيَانِ الدُّبُرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ وَهُوَ حَافِظٌ، وَقَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10861 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «أَبَعَرَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أَبْعَرَ فُلَانٌ امْرَأَتَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ شَيْخِهِ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ الْبَقَّالِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَذَّابٌ.

10862 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10863 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. فَقَالَ: " وَمَا أَهْلَكَكَ؟ ". قَالَ: حَوَّلْتُ رَحْلِيَ الْبَارِحَةَ.

فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا، قَالَ: فَأُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الْحَيْضَةَ وَالدُّبُرَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10864 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] فِي أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ائْتِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا كَانَ فِي الْفَرْجِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَحَادِيثُ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

10865 -

وَعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 319

«فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فَقَالُوا: إِنَّ الْيَهُودَ قَالُوا: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ.

وَكَانَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَا يَدَعْنَ أَزْوَاجَهُنَّ يَأْتُونَهُنَّ مِنْ أَدْبَارِهِنَّ، فَجَاؤُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ عَنْ إِتْيَانِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] حَتَّى الْأَطْهَارِ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] الِاغْتِسَالَ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 222] إِنَّمَا الْحَرْثُ مِنْ حَيْثُ الْوَلَدُ».

قُلْتُ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ - بِاخْتِصَارٍ - رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقُرْدُوَانِيُّ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237].

10866 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «{الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237]: الزَّوْجُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].

10867 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَدَّثَ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ فِي عَهْدِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَاسْتَكْتَبَتْنِي حَفْصَةُ مُصْحَفًا، وَقَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَا تَكْتُبْهَا حَتَّى تَأْتِيَنِي بِهَا فَأُمْلِهَا عَلَيْكَ كَمَا حَفِظْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: فَلَمَّا بَلَغْتُهَا جِئْتُهَا بِالْوَرَقَةِ الَّتِي أَكْتُبُهَا فِيهَا، فَقَالَتْ: اكْتُبْ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

10868 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ حَرْفٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُذْكَرُ فِيهِ الْقُنُوتُ فَهُوَ الطَّاعَةُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، فِي إِسْنَادِ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ يُحَسَّنُ حَدِيثُهُ، وَفِي رِجَالِ الْأَوْسَطِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10869 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ، يَجِيءُ خَادِمُ الرَّجُلِ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيُكَلِّمُهُ بَحَاجَتِهِ، فَنُهُوا عَنِ الْكَلَامِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى:

ص: 320

{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245].

10870 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ قَالَ:" نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ ". قَالَ: فَإِنِّي أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطًا فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ.

ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ، وَفِيهِ أُمُّ الدَّحْدَاحِ فِي عِيَالِهَا فَنَادَاهَا: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ، قَالَتْ: لَبَّيْكَ، قَالَ: اخْرُجِي ; فَإِنِّي قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطًا فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 248].

10871 -

عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «السَّكِينَةُ رِيحٌ حَجُوجٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255].

10872 -

عَنْ أُبَيٍّ - يَعْنِي ابْنَ كَعْبٍ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ: «أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تبارك وتعالى أَعْظَمُ؟ ". قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَرَدَّدَهَا مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ أُبَيٌّ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ. فَقَالَ: " لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ لَهَا لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ، وَتُقَدِّسُ الْمَلِكَ عِنْدَ سَاقِ الْعَرْشِ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10873 -

وَعَنْ أَبِي السَّلِيلِ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ النَّاسَ حَتَّى يُكْثِرَ، فَيَصْعَدُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ فَيُحَدِّثُ النَّاسَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ ". قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ. أَوْ قَالَ مَوْضِعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرَدَهَا بَيْنَ كَتِفَيَّ. قَالَ: " يَهْنِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10874 -

وَعَنِ الْأَسْقَعِ الْبَكْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَهُمْ فِي صُفَّةِ الْمُهَاجِرِينَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَيُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] ". حَتَّى انْقَضَتِ الْآيَةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

10875 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «بَلَغَنِي أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخَذَ الشَّيْطَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ أَخَذْتَ الشَّيْطَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. قَالَ: نَعَمْ، ضَمَّ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَمْرَ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلْتُهُ فِي غُرْفَةٍ لِي، فَكُنْتُ أَجِدُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ نُقْصَانًا، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: " هُوَ عَمَلُ

ص: 321

الشَّيْطَانِ فَارْصُدْهُ ".

قَالَ: فَرَصَدْتُهُ لَيْلًا، فَلَمَّا ذَهَبَ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ، أَقْبَلَ عَلَى صُورَةِ الْفِيلِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ دَخَلَ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهِ، فَدَنَا مِنَ التَّمْرِ فَجَعَلَ يَلْتَقِمُهُ، فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَتَوَسَّطْتُهُ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَثَبْتَ إِلَى تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذْتَهُ، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ، لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَفْضَحُكَ. فَعَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ.

فَغَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ ". فَقُلْتُ: عَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ. قَالَ: " إِنَّهُ عَائِدٌ فَارْصُدْهُ ". فَرَصَدْتُهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَصَنَعْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ.

ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُخْبِرَهُ، فَإِذَا مُنَادِيهِ يُنَادِي:" أَيْنَ مُعَاذٌ؟ ". فَقَالَ لِي: " يَا مُعَاذُ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ ". فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لِي: " إِنَّهُ عَائِدٌ فَارْصُدْهُ ".

فَرَصَدْتُهُ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَصَنَعْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، عَاهَدْتَنِي مَرَّتَيْنِ وَهَذِهِ الثَّالِثَةُ، لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَفْضَحُكَ.

فَقَالَ: إِنِّي شَيْطَانٌ ذُو عِيَالٍ، وَمَا أَتَيْتُكَ إِلَّا مِنْ نَصِيبِينَ، وَلَوْ أَصَبْتُ شَيْئًا دُونَهُ مَا أَتَيْتُكَ، وَلَقَدْ كُنَّا فِي مَدِينَتِكُمْ هَذِهِ حَتَّى بُعِثَ صَاحِبُكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَتَانِ أَنْفَرَتْنَا مِنْهَا، فَوَقَعْنَا بِنَصِيبِينَ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي بَيْتٍ إِلَّا لَمْ يَلِجْ فِيهِ الشَّيْطَانُ ثَلَاثًا، فَإِنْ خَلَّيْتَ سَبِيلِي عَلَّمْتُكَهُمَا، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَخَاتِمَةُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: آمَنَ الرَّسُولُ، إِلَى آخِرِهَا.

فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُخْبِرَهُ، فَإِذَا مُنَادِيهِ يُنَادِي:" أَيْنَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ؟ ". فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي:" مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ ". قُلْتُ: عَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَ الْخَبِيثُ وَهُوَ كَذُوبٌ ". قَالَ: فَكُنْتُ أَقْرَؤُهُمَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا أَجِدُ فِيهِ نُقْصَانًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ وَهُوَ صَدُوقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَ الذَّهَبِيُّ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

10876 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ الْخَزْرَجِيِّ - «وَلَهُ بِئْرٌ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ بُضَاعَةَ قَدْ بَصَقَ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ يُبَشَّرُ بِهَا وَيُتَيَمَّنُ بِهَا - قَالَ: فَلَمَّا قَطَعَ أَبُو أُسِيدٍ تَمْرَ حَائِطِهِ جَعَلَهُ فِي غُرْفَةٍ، فَكَانَتِ الْغُولُ تُخَالِفُهُ إِلَى

ص: 322

مَشْرُبَتِهِ فَتَسْرِقُ تَمْرَهُ وَتُفْسِدُهُ عَلَيْهِ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " تِلْكَ الْغُولُ يَا أَبَا أُسَيْدٍ، فَاسْتَمِعْ عَلَيْهَا، فَإِذَا سَمِعْتَ اقْتِحَامَهَا فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَتِ الْغُولُ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ، أَعْفِنِي أَنْ تُكَلِّفَنِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُعْطِيكَ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ أَنْ لَا أُخَالِفَكَ إِلَى بَيْتِكَ، وَلَا أَسْرِقَ تَمْرَكَ، وَأَدُلَّكَ عَلَى آيَةٍ تَقْرَؤُهَا فِي بَيْتِكَ فَلَا تُخَالَفُ إِلَى أَهْلِكَ، وَتَقْرَؤُهَا عَلَى إِنَائِكَ فَلَا نَكْشِفُ غِطَاءَهُ. فَأَعْطَتْهُ الْمَوْثِقَ الَّذِي رَضِيَ بِهِ مِنْهَا، فَقَالَتْ: الْآيَةُ الَّتِي أَدُلُّكَ عَلَيْهَا هِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ. ثُمَّ حَكَّتْ اسْتَهَا تَضْرِطُ.

فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ حَيْثُ وَلَّتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَتْ وَهَى كَذُوبٌ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا كُلُّهُمْ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

10877 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جَلَسَ مَسْرُوقٌ وَشُتَيْرُ بْنُ شَكَلٍ فِي مَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَرَآهُمَا النَّاسُ فَتَحَوَّلُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ شُتَيْرٌ لِمَسْرُوقٍ: إِنَّمَا تَحَوَّلَ هَؤُلَاءِ إِلَيْنَا لِنُحَدِّثَهُمْ، فَإِمَّا أَنْ تُحَدِّثَ وَأُصَدِّقَكَ، وَإِمَّا أَنَّ أُحَدِّثَ وَتُصَدِّقَنِي، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: حَدِّثْ وَأُصَدِّقُكَ، فَقَالَ شُتَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنْ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَقَالَ مَسْرُوقٌ: صَدَقْتَ.

قُلْتُ: وَهُوَ بِتَمَامِهِ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10878 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قَالَ: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا يُقَدِّرُ قَدْرَ عَرْشِهِ إِلَّا اللَّهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 257].

10879 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] قَالَ: هُمْ قَوْمٌ كَانُوا كَفَرُوا بِعِيسَى وَآمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257] هُمْ قَوْمٌ آمَنُوا بِعِيسَى فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ كَفَرُوا بِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259].

10880 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]، قَالَ: لَمْ يَتَغَيَّرْ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ} [البقرة: 266].

10881 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: 266] قَالَ: الْإِعْصَارُ: الرِّيحُ الشَّدِيدُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

قَوْلُهُ تَعَالَى:

ص: 323

{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} [البقرة: 272].

10882 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا أَنْ يَرْضَخُوا لِأَنْسَابِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسَأَلُوا فَرُخِّصَ لَهُمْ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 272]، إِلَى قَوْلِهِ:{وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [البقرة: 274].

10883 -

عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [البقرة: 274] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نَفَقَاتِ الْخَيْلِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفَانِ.

10884 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [البقرة: 274] قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَأَنْفَقَ بِاللَّيْلِ وَاحِدًا، وَبِالنَّهَارِ وَاحِدًا، وَفِي السِّرِّ وَاحِدًا، وَفِي الْعَلَانِيَةِ وَاحِدًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281].

10885 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]: أَنَّهَا آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، رِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285].

10886 -

عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَقُولُ: أُعْطِيتُ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ طُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ.

[بَابُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ]

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7].

10887 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَوَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالُوا:«سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ؟ قَالَ: " هُوَ مَنْ بَرَّتْ يَمِينُهُ وَصَدَقَ لِسَانُهُ، وَعَفَّ فَرْجُهُ وَبَطْنُهُ، فَذَاكَ الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ ضَعِيفٌ.

ص: 324

قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8].

10888 -

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُكْثِرُ فِي دُعَائِهِ أَنْ يَقُولَ: " اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ".

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ الْقُلُوبَ لَتَتَقَلَّبُ؟ قَالَ:" نَعَمْ، مَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مِنْ بَشَرٍ مِنْ بَنِي آدَمَ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عز وجل، فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ ".

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تُعَلِّمُنِي دَعْوَةً أَدْعُو بِهَا لِنَفْسِي؟ قَالَ: " بَلَى، قُولِي: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِيِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي، وَأَجِرْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ مَا أَحْيَيْتَنَا».

قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ. وَتَأْتِي بَقِيَّةُ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْقَدَرِ وَالْأَدْعِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18].

10889 -

عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18] " وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ يَا رَبُّ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: «{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18] إِلَى قَوْلِهِ: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. قَالَ: " وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» . وَفِي أَسَانِيدِهِمَا مَجَاهِيلُ.

10890 -

وَعَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ قَالَ: «أَتَيْتُ الْكُوفَةَ فِي تِجَارَةٍ فَنَزَلْتُ قَرِيبًا مِنَ الْأَعْمَشِ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أَرَدْتُ أَنْ أَنْحَدِرَ قَامَ فَتَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ فَمَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18 - 19]، قَالَ الْأَعْمَشُ: وَأَنَا أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ اللَّهُ، وَأَسْتَوْدِعُ اللَّهَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَهِيَ عِنْدَ اللَّهِ وَدِيعَةٌ، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] قَالَهَا مِرَارًا، قُلْتُ: لَقَدْ سَمِعَ فِيهَا شَيْئًا، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ فَوَدَّعْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنِّي سَمِعْتُكَ تُرَدِّدُ هَذِهِ الْآيَةَ، قَالَ: أَوَمَا بَلَغَكَ مَا فِيهَا؟ قُلْتُ: أَنَا عِنْدَكَ مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ تُحَدِّثْنِي، قَالَ: وَاللَّهِ لَا حَدَّثْتُكَ بِهَا سَنَةً، قَالَ: فَأَقَمْتُ سَنَةً، فَكَتَبْتُ عَلَى بَابِهِ، فَلَمَّا مَضَتِ السَّنَةُ قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، قَدْ مَضَتِ السَّنَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ

ص: 325

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يُجَاءُ بِصَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: عَبْدِي عَهِدَ إِلَيَّ وَأَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى الْعَهْدَ، أَدْخِلُوا عَبْدِيَ الْجَنَّةَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83].

10891 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83] " أَمَّا مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ فَالْمَلَائِكَةُ، وَأَمَّا مَنْ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا كَرْهًا فَمَنْ أُتِيَ بِهِ مِنْ سَبَايَا الْأُمَمِ فِي السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ، يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَصِّنٍ الْعُكَّاشِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92].

10892 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرَتْنِي هَذِهِ الْآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، فَذَكَرْتُ مَا أَعْطَانِي اللَّهُ عز وجل فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ مُرْجَانَةَ، جَارِيَةٍ لِي رُومِيَّةٍ. فَقَالَ: هِيَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَلَوْ أَنِّي أَعُودُ فِي شَيْءٍ جَعَلْتُهُ لِلَّهِ لَنَكَحْتُهَا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].

10893 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]. قَالَ: أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ، وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، رِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالْآخَرُ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103].

10894 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103] قَالَ: الْقُرْآنُ.

10895 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: حَبْلُ اللَّهِ: الْجَمَاعَةُ. وَرِجَالُ الْأَوَّلِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالثَّانِي مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ.

10896 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ هَذَا الصِّرَاطَ مُحْتَضَرٌ تَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ، يَقُولُونَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ، هَذَا الطَّرِيقُ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ، قَالَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ} [آل عمران: 101].

10897 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} [آل عمران: 101] قَالَ: كَانَ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ يَتَحَدَّثُونَ إِذَا ذَكَرُوا أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَغَضِبُوا حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ، فَأَخَذُوا السِّلَاحَ، وَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَنَزَلَتْ:{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} [آل عمران: 101] إِلَى قَوْلِهِ:

ص: 326

{فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي اللَّيْثِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110].

10898 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]، قَالَ: هُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113].

10899 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَأَسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودَ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَرَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ، قَالَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ أَهْلُ الْكُفْرِ: مَا آمَنَ بِمُحَمَّدٍ وَلَا تَبِعَهُ إِلَّا شِرَارُنَا، وَلَوْ كَانُوا مِنْ خِيَارِنَا مَا تَرَكُوا دِينَ آبَائِهِمْ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [آل عمران: 113]، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:{مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 114].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118].

10900 -

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «فِي قَوْلِهِ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118]، قَالَ: هُمُ الْخَوَارِجُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125].

10901 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فِي قَوْلِهِ: {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125]، قَالَ: " مُعَلَّمِينَ، وَكَانَتْ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ عَمَائِمَ سُودًا، وَيَوْمَ أُحُدٍ عَمَائِمَ حُمْرًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133].

10902 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133]؟ قَالَ: فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَالَ: " أَرَأَيْتَ اللَّيْلَ قَدْ كَانَ ثُمَّ لَيْسَ شَيْءٌ ". فَأَيْنَ النَّهَارُ؟ قَالَ: " حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ". قَالَ: " فَكَذَلِكَ النَّارُ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} [آل عمران: 146].

10903 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146]، قَالَ: أُلُوفٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} [آل عمران: 152].

10904 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى

ص: 327

أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى نَزَلَتْ فِينَا يَوْمَ أُحُدٍ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ - تَقَدَّمَ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ - وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً} [آل عمران: 154].

10905 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عمران: 154] قَالَ: أُلْقِيَ عَلَيْنَا النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

10906 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: النُّعَاسُ أَمَنَةً - عِنْدَ الْقِتَالِ - مِنَ اللَّهِ عز وجل، وَالنُّعَاسُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ وَثَّقَهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161].

10907 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161]. قَالَ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَتَّهِمَهُ أَصْحَابُهُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

10908 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا فَرُدَّتْ رَايَتُهُ، ثُمَّ بَعَثَ فَرُدَّتْ، ثُمَّ بَعَثَ فَرُدَّتْ بِغُلُولِ رَأْسِ غَزَالٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169].

10909 -

عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169]، إِلَى يُرْزَقُونَ، قَالَ: أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ كَطَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ.

فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ مِنْ شَيْءٍ فَأَزِيدُكُمُوهُ؟ قَالُوا: رَبَّنَا أَلَسْنَا نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ قَالَ: ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَيْهِمُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ مِنْ شَيْءٍ فَأَزِيدُكُمُوهُ؟ قَالُوا: رَبَّنَا أَلَسْنَا نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ قَالَ: ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَيْهِمُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ مِنْ شَيْءٍ فَأَزِيدُكُمُوهُ؟ قَالُوا: تُعِيدُ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا فَنُقَاتِلَ فِي سَبِيلِكَ فَنُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى. قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَلَهُ أَسَانِيدُ أُخَرُ ضَعِيفَةٌ.

10910 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ حَمْزَةُ وَأَصْحَابُهُ بِأُحُدٍ قَالُوا: لَيْتَ مَنْ خَلْفَنَا عَلِمُوا مَا أَعْطَانَا اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ، لِيَكُونَ أَجْرَأَ لَهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: أَنَا أُعْلِمُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

ص: 328

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] الْآيَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} [آل عمران: 180]

10911 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180] قَالَ: يُطَوَّقُ شُجَاعًا أَقْرَعَ بِفِيهِ زَبِيبَتَانِ، يَنْقُرُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلَكَ؟! فَيَقُولُ: أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بِهِ.

10912 -

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَنْقُرُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: أَنَا مَالُكَ الَّذِي كُنْتَ تَبْخَلُ بِهِ، {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180].

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 164].

10913 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَتْ قُرَيْشٌ الْيَهُودَ، فَقَالُوا: بِمَا جَاءَكُمْ مُوسَى، صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: عَصَاهُ وَيَدُهُ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ.

وَأَتَوُا النَّصَارَى فَقَالُوا: كَيْفَ كَانَ عِيسَى، صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: كَانَ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى.

فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا، [فَدَعَا رَبَّهُ] فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]. " فَلْيَتَفَكَّرُوا فِيهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} [آل عمران: 191].

10914 -

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]، قَالَ: إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَقَاعِدًا وَإِلَّا فَمُضْطَجِعًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ جُوَيْبِرٌ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

ص: 329