المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابٌ مِنْهُ فِي طَاعَتِهِمْ] 14146 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - جـ ٩

[نور الدين الهيثمي]

فهرس الكتاب

[بَابٌ مِنْهُ فِي طَاعَتِهِمْ]

14146 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِوَلَدِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَهُ لَمَمًا، وَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ عِنْدَ طَعَامِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا طَعَامَنَا. فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَثَعَّ ثَعَّةً، فَخَرَجَ مِنْ فِيهِ مِثْلُ الْجَرْوِ الْأَسْوَدِ فَشُفِيَ» .

14147 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَثَعَّ ثَعَّةً يَعْنِي: سَعَلَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ فَرَقَدٌ السَّبَخِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُمَا.

14148 -

وَعَنِ الْوَازِعِ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْأَشَجَّ: الْمُنْذِرَ بْنَ ابْنِ عَاصِمٍ، أَوْ عَامِرَ بْنَ الْمُنْذِرِ، وَمَعَهُمْ رَجُلٌ مُصَابٌ، فَانْتَهَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَثَبُوا عَنْ رَوَاحِلِهِمْ، فَقَبَّلُوا يَدَهُ، ثُمَّ نَزَلَ الْأَشَجُّ فَعَقَلَ رَوَاحِلَهُمْ، وَأَخْرَجَ عَيْبَتَهُ فَفَتَحَهَا، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَشُجُّ، إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَتَخَلَّقُهُمَا، أَوْ جَبَلَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: " بَلْ جَبَلَكَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ". قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ الْوَازِعُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مَعِي خَالًا مُصَابًا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ: " أَيْنَ هُوَ؟ ائْتِنِي بِهِ ". قَالَ: فَصَنَعَتُ بِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ الْأَشَجُّ: أَلْبَسْتُهُ ثَوْبَيْهِ فَأَتَيْتُهُ، فَأَخَذَ طَائِفَةً مِنْ رِدَائِهِ فَرَفَعَهَا حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِظَهْرِهِ. قَالَ: " اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ ". فَوَلَّى وَجْهَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ رَجُلٍ صَحِيحٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ هِنْدُ بِنْتُ الْوَازِعِ وَلَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14149 -

«وَعَنْ أُمِّ أَبَانَ بِنْتِ الْوَازِعِ، عَنْ أَبِيهَا: إِنَّ جَدَّهَا الْوَازِعَ انْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقَ مَعَهُ بِابْنٍ لَهُ مَجْنُونٍ، أَوِ ابْنِ أُخْتٍ لَهُ. قَالَ جَدِّي: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ

ص: 2

اللَّهِ، إِنَّ مَعِي ابْنَ أَخٍ لِي - أَوِ ابْنَ أُخْتٍ لِي - مَجْنُونًا، آتِيكَ بِهِ فَتَدْعُو اللَّهَ عز وجل لَهُ. قَالَ:" ائْتِنِي بِهِ ". فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الرِّكَابِ، فَأَطْلَقْتُ عَنْهُ، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَأَلْبَسْتُهُ ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْنِ، وَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى انْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" ادْنُهِ مِنِّي، وَاجْعَلْ ظَهْرَهُ مِمَّا يَلِينِي ". قَالَ: فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ ظَهْرَهُ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ، وَيَقُولُ:" اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ! اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ! ". فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ نَظَرَ الصَّحِيحِ لَيْسَ نَظَرَهُ الْأَوَّلَ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَعَا لَهُ فَمَسَحَ وَجْهَهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْوَفْدِ أَحَدٌ بَعْدَ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُفَضَّلُ عَلَيْهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأُمُّ أَبَانٍ، لَمْ يَرْوِ عَنْهَا غَيْرُ مَطَرٍ.

14150 -

وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: «شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسْيَانَ الْقُرْآنِ، فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ، فَقَالَ: " يَا شَيْطَانُ، اخْرُجْ مِنْ صَدْرِ عُثْمَانَ ". فَمَا نَسِيتُ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدُ أَحْبَبْتُ أَنْ أَذْكُرَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قُلْتُ: وَفِي أَحَادِيثَ نَحْوُ هَذَا الْمَعْنَى، فِي أَثْنَائِهَا فِي مَوَاضِعِهَا.

[بَابٌ مِنْهُ]

14151 -

عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ الْأَزْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي: «أَنَّهَا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجَمْرَةَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَخَلْفَهُ إِنْسَانٌ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُصِيبُوهُ بِالْحِجَارَةِ، وَهُوَ يَقُولُ:" أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَمَيْتُمْ فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ ". ثُمَّ أَقْبَلَ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ لَهَا:" ائْتِينِي بِمَاءٍ ". فَأَتَتْهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ، فَتَفَلَ فِيهِ وَغَسَلَ فِيهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ دَعَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ:" اذْهَبِي فَاغْسِلِيهِ بِهِ وَاسْتَشْفِي اللَّهَ ".

فَقُلْتُ لَهَا: هَبِي لِي مِنْهُ قَلِيلًا لِابْنِي هَذَا، فَأَخَذْتُ مِنْهُ قَلِيلًا بِأَصَابِعِي، فَمَسَحْتُ بِهَا شَفَةَ ابْنِي، فَكَانَ مِنْ أَبَرِّ النَّاسِ، فَسَأَلَتُ الْمَرْأَةَ بَعْدُ: مَا فَعَلَ ابْنُهَا؟ قَالَتْ: بَرِئَ أَحْسَنَ الْبُرْءِ».

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ رَمْيَ الْحِجَارَةِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

[بَابُ أَدَبِ الْحَيَوَانَاتِ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم]

14152 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحْشٌ، فَإِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعِبَ وَاشْتَدَّ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا أَحَسَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَبَضَ

ص: 3

فَلَمْ يَتَرَمْرَمْ مَا دَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْتِ ; كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيَهُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالشَّجَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

14153 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ، وَأَنَّ الْأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نَسْتَنِي عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ عَلَيْنَا، وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: " قُومُوا ". فَقَامُوا، فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَتِهِ، فَمَشَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ، وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ. قَالَ: " لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ ". فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ. فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا بَهِيمَةٌ لَا يَعْقِلُ يَسْجُدُ لَكَ، وَنَحْنُ نَعْقِلُ ; فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ! قَالَ: " لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبِشْرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ; لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةٌ تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ حَفْصِ ابْنِ أَخِي أَنَسٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

14154 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ قَوْمٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَعِيرًا لَنَا قَطَّ فِي حَائِطٍ. فَجَاءَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " تَعَالَ ". فَجَاءَ مُطَأْطَأً رَأْسَهُ حَتَّى خَطَمَهُ وَأَعْطَاهُ أَصْحَابَهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّكَ نَبِيٌّ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي نَبِيٌّ، إِلَّا كَفَرَةَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

14155 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ لَهُ فَحْلَانِ فَاغْتَلَمَا، فَأَدْخَلَهُمَا حَائِطًا فَسَدَّ عَلَيْهِمَا الْبَابَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ مَعَ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ فِي حَاجَةٍ، وَإِنَّ فَحْلَيْنِ لِيَ اغْتَلَمَا، وَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا حَائِطًا وَسَدَدْتُ عَلَيْهِمَا الْبَابَ، فَأُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِي أَنْ يُسَخِّرَهُمَا اللَّهُ لِي. فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:" قُومُوا مَعَنَا ". فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى الْبَابَ فَقَالَ: " افْتَحْ ". فَأَشْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " افْتَحْ ". فَفَتَحَ الْبَابَ فَإِذَا أَحَدُ الْفَحْلَيْنِ

ص: 4

قَرِيبٌ مِنَ الْبَابِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَشُدُّ بِرَأْسِهِ وَأُمَكِّنُكَ مِنْهُ ". فَجَاءَ بِخِطَامٍ، فَشَدَّ رَأْسَهُ وَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، ثُمَّ مَشَى إِلَى أَقْصَى الْحَائِطِ إِلَى الْفَحْلِ الْآخَرِ، فَلَمَّا رَآهُ وَقَعَ لَهُ سَاجِدًا، فَقَالَ لِلرَّجُلِ:" ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَشُدُّ رَأْسَهُ ". فَشَدَّ رَأْسَهُ وَأَمْكَنَهُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: " اذْهَبْ فَإِنَّهُمَا لَا يَعْصِيَانِكَ ". فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ قَالُوا: هَذَانِ فَحْلَانِ لَا يَعْقِلَانِ سَجَدَا لَكَ ; أَفَلَا نَسْجُدُ لَكَ؟ قَالَ: " لَا آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، وَلَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا يَسْجُدُ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو عَزَّةَ الدَّبَّاغُ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَاسْمُهُ الْحَكَمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14156 -

وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا مَا رَآهَا أَحَدٌ قَبَلِي، وَلَا يَرَاهَا أَحَدٌ بَعْدِي: لَقَدْ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرَرْنَا بِامْرَأَةٍ جَالِسَةٍ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا صَبِيٌّ أَصَابَهُ بَلَاءٌ، وَأَصَابَنَا مِنْهُ بَلَاءٌ يُؤْخَذُ فِي الْيَوْمِ لَا أَدْرِي كَمْ مَرَّةً. قَالَ:" نَاوِلِينِيهِ ". فَحَمَلَتْهُ إِلَيْهِ، فَحَمَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاسِطَةِ الرَّحْلِ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ، وَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثًا، وَقَالَ:" بِسْمِ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، احْبِسْ عَدُوَّ اللَّهِ ". ثُمَّ نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، فَقَالَ:" الْقَيْنَا فِي الرَّجْعَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ فَأَخْبِرِينَا مَا فَعَلَ ". قَالَ: فَذَهَبْنَا وَرَجَعْنَا فَوَجَدْنَاهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مَعَهَا شِيَاهٌ ثَلَاثٌ، فَقَالَ:" مَا فَعَلَ صَبِيُّكِ؟ ". فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا حَسَسْنَا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى السَّاعَةِ، فَاجْتَرِرْ هَذِهِ الْغَنَمَ. قَالَ:" انْزِلْ فَخُذْ مِنْهَا وَاحِدَةً وَرُدَّ الْبَقِيَّةَ ". قَالَ: وَخَرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْجِنَانِ حَتَّى إِذَا بَرَزْنَا قَالَ: " انْظُرْ وَيْحَكَ هَلْ تَرَى شَيْئًا يُوَارِينِي؟ ". قُلْتُ: مَا أَرَى شَيْئًا يُوَارِيكَ إِلَّا شَجَرَةً مَا أَرَاهَا تُوَارِيكَ. قَالَ: " فَمَا بِقُرْبِهَا؟ ". قُلْتُ: شَجَرَةٌ مِثْلُهَا أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا. قَالَ: " اذْهَبْ إِلَيْهِمَا فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا بِإِذْنِ اللَّهِ ". قَالَ: فَاجْتَمَعَتَا فَبَرَزَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ قَالَ:" اذْهَبْ إِلَيْهِمَا فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا إِلَى مَكَانِهَا ". فَرَجَعَتْ. قَالَ: وَكُنْتُ عِنْدَهُ جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ جَاءَ جَمَلٌ يُخَبِّبُ حَتَّى ضَرَبَ بِجِرَانِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ:" وَيْحَكَ! انْظُرْ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟ إِنَّ لَهُ لَشَأْنًا ". فَخَرَجْتُ أَلْتَمِسُ صَاحِبَهُ، فَوَجَدْتُهُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَدَعَوْتُهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ:" مَا شَأْنُ جَمَلِكَ هَذَا؟ ". قَالَ: وَمَا شَأْنُهُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ مَا شَأْنُهُ؟ عَمِلْنَا عَلَيْهِ، وَنَضَحْنَا عَلَيْهِ، حَتَّى عَجَزَ عَنِ السِّقَايَةِ، فَأْتَمَرْنَا الْبَارِحَةَ أَنْ نَنْحَرَهُ وَنُقَسِّمَ لَحْمَهُ. قَالَ:" لَا تَفْعَلْ هَبْهُ لِي، أَوْ بِعْنِيهِ ". قَالَ: بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:

ص: 5

فَوَسَمَهُ بِمَيْسَمِ الصَّدَقَةِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ.

14157 -

وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ يَعْلَى قَالَ: إِنِّي مَا أَظُنُّ أَحَدًا رَأَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا دُونَ مَا رَأَيْتُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الْبَعِيرِ:" مَا لِبَعِيرِكَ يَشْكُوكَ ; زَعَمَ أَنَّكَ سَنَأْتَهُ حَتَّى كَبِرَ تُرِيدُ أَنْ تَنْحَرَهُ ". قَالَ: صَدَقْتَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ قَدْ أَرَدْتُ ذَلِكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَفْعَلُ.

14158 -

وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ سِرْنَا وَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَنَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَتْ شَجَرَةٌ تَشُقُّ الْأَرْضَ حَتَّى غَشِيَتْهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ ذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: " هِيَ شَجَرَةٌ اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا عز وجل أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهَا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادَيْنِ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، وَأَحَدُ إِسْنَادَيْ أَحْمَدَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14159 -

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِهِ: «فَمَرَّ عَلَيْهِ بَعِيرٌ مَادٌّ بِجِرَانِهِ يَرْغُو، فَقَالَ:" عَلَيَّ بِصَاحِبِ هَذَا ". فَجَاءَ فَقَالَ: " هَذَا يَقُولُ نَتَجْتُ عِنْدَهُمْ، فَاسْتَعْمَلُونِي حَتَّى إِذَا كَبِرْتُ أَرَادُوا أَنْ يَنْحَرُونِي ".

وَقَالَ فِيهَا: " مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا كَفَرَةَ - أَوْ فَسَقَةَ - الْجِنِّ وَالْإِنْسِ».

14160 -

وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ - قَالَ وَكِيعٌ مُرَّةَ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ وَلَمْ يَقُلْ لِي مُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا بِهِ لَمَمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ". قَالَ: فَبَرِئَ. قَالَ: فَأَهْدَتْ إِلَيْهِ كَبْشَيْنِ، وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَشَيْئًا مِنْ أَقِطٍ.

قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " خُذِ الْأَقِطَ وَالسَّمْنَ، وَأَحَدَ الْكَبْشَيْنِ، وَرُدَّ عَلَيْهَا الْآخَرَ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14161 -

وَبِسَنَدِهِ عَنْ مُرَّةَ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ: " ائْتِ تِلْكَ الْأَشَايَتَيْنِ، فَقُلْ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا ". فَأَتَيْتُهُمَا فَقُلْتُ لَهُمَا، فَوَثَبَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَاجْتَمَعَتَا، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَتَرَ بِهِمَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ وَثَبَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى مَكَانِهَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا.

14162 -

وَعَنْ يَعْلَى بْنِ سِيَابَةَ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، فَأَمَرَ وَدْيَتَيْنِ فَانْضَمَّتِ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ أَمَرَهُمَا فَرَجَعَتَا إِلَى مَنَابِتِهِمَا.

وَجَاءَ بَعِيرٌ يَضْرِبُ بِجِرَانِهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَجَرْجَرَ حَتَّى ابْتَلَّ مَا حَوْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ الْبَعِيرُ؟ إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يُرِيدُ نَحْرَهُ ". فَبَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَوَاهِبُهُ أَنْتَ لِي؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي مَالٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ. فَقَالَ:" اسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا ". فَقَالَ: لَا جَرَمَ، وَلَا أُكْرِمُ مَالًا لِي كَرَامَتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَتَى عَلَى قَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ فَقَالَ:" إِنَّهُ يُعَذَّبُ فِي غَيْرِ كَبِيرٍ ". فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ فَوُضِعَتْ عَلَى

ص: 6

قَبْرِهِ، وَقَالَ: " عَسَى أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ مَا دَامَتْ رَطْبَةً».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ أَتَى عَلَى قَبْرَيْنِ. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14163 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حَائِطًا، فَجَاءَ بَعِيرٌ فَسَجَدَ لَهُ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ. فَقَالَ: " لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ - وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ طَرَفًا مِنْ آخِرِهِ - وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14164 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ حَتَّى إِذَا دَفَعْنَا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ بَنِي النَّجَّارِ، إِذَا فِيهِ جَمَلٌ لَا يَدْخُلُ الْحَائِطَ أَحَدٌ إِلَّا شَدَّ عَلَيْهِ قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ فَدَعَا الْبَعِيرَ، فَجَاءَ وَاضِعًا مِشْفَرَهُ إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَاتُوا خِطَامًا ". فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

14165 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِحَرَّةِ وَاقِمٍ عَرَضَتِ امْرَأَةٌ بَدَوِيَّةٌ بِابْنٍ لَهَا، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا ابْنِي قَدْ غَلَبَنِي عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ:" أَدْنِيهِ مِنِّي ". فَأَدْنَتْهُ مِنْهُ قَالَ: " افْتَحِي فَمَهُ ". فَفَتَحَتْهُ، فَبَصَقَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:" اخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ ". قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ:" شَأْنَكِ بِابْنِكِ لَيْسَ عَلَيْهِ، فَلَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ ". ثُمَّ خَرَجْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا صَحْرَاءَ دَيْمُومَةَ، لَيْسَ فِيهَا شَجَرَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِجَابِرٍ:" يَا جَابِرُ، انْطَلِقْ فَانْظُرْ لِي مَكَانًا " - يَعْنِي لِلْوُضُوءِ - فَانْطَلَقْتُ فَلَمْ أَجِدْ إِلَّا شَجَرَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ، لَوْ إِنَّهُمَا اجْتَمَعَتَا سَتَرَتَاهُ. فَرَجَعَتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَجِدْ إِلَّا شَجَرَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ لَوْ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَتَا سَتَرَتَاكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" انْطَلِقْ إِلَيْهِمَا فَقُلْ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكَمَا: اجْتَمِعَا ". فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ لَهُمَا، فَاجْتَمَعَتَا حَتَّى كَأَنَّهُمَا فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ:" ائْتِهِمَا فَقُلْ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكَمَا: ارْجِعَا كُمَّا أَنْتُمَا ". فَرَجَعَتَا. فَنَزَلْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ بَنِي

ص: 7

مُحَارِبٍ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُحَارِبٍ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنِي سَيْفَكَ هَذَا، فَسَلَّهُ وَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ، فَهَزَّهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: " اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ ". فَارْتَعَدَتْ يَدُهُ حَتَّى سَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:" يَا غَوْرَثُ، مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ ". قَالَ: لَا أَحَدَ بِأَبِي أَنْتَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ اكْفِنَا غَوْرَثَ وَقَوْمَهُ ".

ثُمَّ أَقْبَلْنَا رَاجِعِينَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعُشِّ طَيْرٍ يَحْمِلُهُ، فِيهِ فِرَاخٌ، وَأَبَوَاهَا يَتْبَعَانِهِ وَيَقَعَانِ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ:" أَتَعْجَبُونَ بِفِعْلِ هَذَيْنِ الطَّيْرَيْنِ بِفِرَاخِهِمَا؟ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذَيْنِ الطَّيْرَيْنِ بِفِرَاخِهِمَا ". ثُمَّ أَقْبَلْنَا رَاجِعِينَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِحَرَّةِ وَاقِمٍ عَرَضَتْ لَنَا الْأَعْرَابِيَّةُ - الَّتِي جَاءَتْ بِابْنِهَا - بِوَطْبٍ مِنْ لَبَنٍ وَشَاةٍ، فَأَهْدَتْهُ لَهُ. فَقَالَ:" مَا فَعَلَ ابْنُكِ؟ هَلْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ؟ ". قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ. وَقَبِلَ هَدِيَّتَهَا.

وَأَقْبَلْنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَهْبِطٍ مِنَ الْحَرَّةِ أَقْبَلَ جَمَلٌ يُرْقِلُ فَقَالَ:" أَتَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا الْجَمَلُ؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " هَذَا جَمَلٌ جَاءَنِي يَسْتَعْدِينِي عَلَى سَيِّدِهِ ; يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُثُ عَلَيْهِ مُنْذُ سِنِينَ، حَتَّى إِذَا أَجْرَبَهُ وَأَعْجَفَهُ وَكَبِرَ سِنُّهُ أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهُ، اذْهَبْ يَا جَابِرُ إِلَى صَاحِبِهِ فَائْتِ بِهِ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَعْرِفُ صَاحِبَهُ. قَالَ:" إِنَّهُ سَيَدُلُّكَ عَلَيْهِ ". قَالَ: فَخَرَجَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُعَنِّقًا حَتَّى وَقَفَ بِي فِي مَجْلِسِ بَنِي خَطْمَةَ، فَقُلْتُ: أَيْنَ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ قَالُوا: هَذَا جَمَلُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَجِئْتُهُ، فَقُلْتُ: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " جَمَلُكَ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ، زَعَمَ أَنَّكَ حَرَثْتَ عَلَيْهِ زَمَانًا حَتَّى أَجَرَبْتَهُ، وَأَعْجَفَتْهُ وَكَبِرَ سِنُّهِ، أَرَدْتَ أَنْ تَنْحَرَهُ؟ ". فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " بِعْنِيهِ ". قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ سَيَّبَهُ فِي الشَّجَرِ حَتَّى نَصَبَ سَنَامًا، فَكَانَ إِذَا اعْتَلَّ عَلَى بَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ أَوِ الْأَنْصَارِ مِنْ نَوَاضِحِهِمْ شَيْءٌ أَعْطَاهُ ايَّاهُ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَانًا».

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ تُسَمَّى غَزْوَةَ الْأَعَاجِيبِ.

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَفِيهِ عَبْدُ الْحَكِيمِ

ص: 8

بْنِ سُفْيَانَ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ أَحَدٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14166 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ إِلَى مَكَّةَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْغَائِطِ أَبْعَدَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ. قَالَ: فَبَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَجَرَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ، فَقَالَ:" يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، اذْهَبْ إِلَى هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ، فَقُلْ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا لَهُ لِيَتَوَارَى بِكُمَا ". فَمَشَتِ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا. ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَيْنَا أَزِقَّةَ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ بَعِيرٌ يَشْتَدُّ حَتَّى سَجَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ؟ ". قَالُوا: فُلَانٌ، فَقَالَ:" ادْعُوهُ ". فَأَتَوْا بِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَشْكُوكَ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْبَعِيرُ كُنَّا نَسْنُو عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَرَدْنَا نَحْرَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" شَكَا ذَلِكَ، بِئْسَمَا جَازَيْتُمُوهُ ; اسْتَعْمَلْتُمُوهُ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى إِذَا أَرَقَّ عَظْمُهُ، وَرَقَّ جِلْدُهُ، أَرَدْتُمْ نَحْرَهُ؟ بِعْنِيهِ ". قَالَ: بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوُجِّهَ نَحْوَ الظَّهْرِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَجَدَ لَكَ هَذَا الْبَعِيرُ وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَسْجُدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، لَوْ سَجَدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ بِنَحْوِهِ، إِلَّا إِنَّهُ قَالَ: فِي غَزْوَةِ حُنَيْنَ. وَزَادَ فِيهِ: ثُمَّ أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ شَدِيدٌ. فَقَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، الْتَمِسْ لِي مَاءً ". فَأَتَيْتُهُ بِفَضْلِ مَاءٍ وَجَدْتُهُ فِي إِدَاوَةٍ، فَأَخَذَهُ فَصَبَّهُ فِي رَكْوَةٍ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِيهَا وَسَمَّى، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَتَحَادَرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَشَرِبَ النَّاسُ، وَتَوَضَّئُوا مَا شَاءُوا».

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَفِي إِسْنَادِ الْأَوْسَطِ: زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَقَدْ وُثِّقَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ حَدِيثُهُمْ حَسَنٌ، وَأَسَانِيدُ الطَّرِيقَيْنِ ضَعِيفَةٌ.

14167 -

وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَجَاءَ بَعِيرٌ فَسَجَدَ لَهُ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَجَدَ لَكَ الْبَهَائِمُ وَالشَّجَرُ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ. فَقَالَ: " اعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَأَكْرِمُوا أَخَاكُمْ» ".

قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

14168 -

وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَحْنُ بِبَعِيرٍ قَالَ: فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَا بِرَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا يَعْلَى، انْطَلِقْ إِلَى أَهْلِ هَذَا الْبَعِيرِ فَاشْتَرِهِ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَبِيعُوكَ فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِيكُمْ بِهِ ". قَالُوا: أَيْمُ اللَّهِ

ص: 9

لَقَدْ نَضَحْنَا عَلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَإِنْ كُنَّا لَنُرِيدُ أَنْ نَنْحَرَهُ بِالْغَدَاةِ، فَأَمَّا إِذَا أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّا لَا نَأْلُوهُ خَيْرًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14169 -

وَبِسَنَدِهِ عَنْ يَعْلَى قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ إِذَا نَحْنُ بِثَلَاثِ أَشَاءَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، فَقَالَ: " يَا يَعْلَى، اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْأَشَاءَاتِ فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُنَّ أَنْ تَجْتَمِعْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ ". فَمَشَيْنَ حَتَّى صِرْنَ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، فَاسْتَتَرَ بِهِنَّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: " يَا يَعْلَى، انْطَلِقْ إِلَيْهِنَّ فَأْمُرْهُنَّ أَنْ يَرْجِعْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ ". فَمَشَيْنَ حَتَّى رَجَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَوْقِفِهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14170 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرِنِي آيَةً. قَالَ: " اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَادْعُهَا ". فَذَهَبَ إِلَيْهَا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوكِ. فَمَالَتْ عَلَى كُلِّ جَانِبٍ مِنْهَا حَتَّى قُلِعَتْ عُرُوقُهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ حَتَّى جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْجِعَ، فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَأَسْلَمَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ حِبَّانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14171 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدَاوِي وَيُعَالِجُ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَقُولُ أَشْيَاءَ فَهَلْ لَكَ أَنْ أُدَاوِيَكَ؟ قَالَ: فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ لَهُ: " هَلْ لَكَ أَنْ أُدَاوِيَكَ؟ ". قَالَ: إِيهِ، وَعِنْدَهُ نَخْلٌ وَشَجَرٌ. قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِذْقًا مِنْهَا، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَسْجُدُ، وَيَرْفَعُ، وَيَسْجُدُ، وَيَرْفَعُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ ". فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُكَذِّبُكَ بِشَيْءٍ تَقُولُهُ بَعْدَهَا أَبَدًا. ثُمَّ قَالَ: " يَا عَامِرُ بْنَ صَعْصَعَةَ، وَاللَّهِ لَا أُكَذِّبُهُ بِشَيْءٍ يَقُولُهُ بَعْدَهَا أَبَدًا ". قَالَ: وَالْعِذْقُ: النَّخْلَةُ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ الشَّامِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ.

14172 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْحَجُونِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَرِنِي آيَةً الْيَوْمَ لَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا ". فَأَتَى فَقِيلَ: ادْعُ شَجَرَةً، فَأَقْبَلَتْ تَخُطُّ الْأَرْضَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهَا فَرَجَعَتْ. - قَالَ دَاوُدُ: إِلَى مَنْبَتِهَا. وَقَالَ عَفَّانُ: إِلَى مَوْضِعِهَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا مِنْ قَوْمِي» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُ أَبِي يَعْلَى حَسَنٌ.

14173 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «غَدَوْنَا يَوْمًا غَدَاةً مِنَ الْغَدَوَاتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 10

- حَتَّى كُنَّا فِي مَجْمَعِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَبَصُرْنَا بِأَعْرَابِيٍّ آخِذٍ بِخِطَامِ بَعِيرِهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ حَوْلُهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ ". قَالَ: وَرَغَا الْبَعِيرُ، وَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ حَرَسِيٌّ، فَقَالَ الْحَرَسِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْأَعْرَابِيُّ سَرَقَ الْبَعِيرَ. قَالَ: فَرَغَا الْبَعِيرُ سَاعَةً، وَحَنَّ فَأَنْصَتَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ رُغَاءَهُ وَحَنِينَهُ، فَلَمَّا هَدَأَ الْبَعِيرُ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحَرَسِيِّ فَقَالَ:" انْصَرِفْ عَنْهُ ; فَإِنَّ الْبَعِيرَ شَهِدَ عَلَيْكَ أَنَّكَ كَاذِبٌ ". فَانْصَرَفَ الْحَرَسِيُّ، وَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَعْرَابِيِّ فَقَالَ:" أَيُّ شَيْءٍ قُلْتَ حِينَ جِئْتَنِي؟ ". قَالَ: قُلْتُ - بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي -: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا تَبْقَى صَلَاةٌ، اللَّهُمَّ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا تَبْقَى بَرَكَةٌ، اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى سَلَامٌ، اللَّهُمَّ وَارْحَمْ مُحَمَّدًا حَتَّى لَا تَبْقَى رَحْمَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ - جَلَّ وَعَزَّ - أَبْدَأَهَا لِي وَالْبَعِيرُ يَنْطِقُ بِعُذْرِهِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ سَدُّوا الْأُفُقَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14174 -

«وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْحَارِثِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّلَبِ، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ خَلَأَتْ نَاقَتِي وَأَنَا أَضْرِبُهَا، فَقَالَ: " لَا تَضْرِبْهَا ". وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " حَلَّ "، فَقَامَتْ فَسَارَتْ مَعَ النَّاسِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي حَدِيثِ جَابِرِ فِي قِصَّةِ بَعِيرِهِ]

وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ الْحَارِثِ قَبْلَ هَذَا.

14175 -

«عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فَقَدْتُ جَمَلِي لَيْلَةً، فَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَشُدُّ لِعَائِشَةَ، فَقَالَ لِي:" مَا لَكَ يَا جَابِرُ؟ ". فَقُلْتُ: فَقَدْتُ جَمَلِي أَوْ ذَهَبَ جَمَلِي فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ. قَالَ: فَقَالَ لِي: " هَذَا جَمَلُكَ اذْهَبْ فَخُذْهُ ". قَالَ: فَذَهَبْتُ نَحْوَ مَا قَالَ لِي فَلَمْ أَجِدْهُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا وَجَدْتُهُ. قَالَ: فَقَالَ لِي: " هَذَا جَمَلُكَ اذْهَبْ فَخُذْهُ ". قَالَ: فَذَهَبْتُ نَحْوَ مَا قَالَ لِي فَلَمْ أَجِدْهُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُهُ. قَالَ: فَقَالَ لِي: " عَلَى رَسْلِكَ ". حَتَّى إِذَا فَرَغَ أَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْجَمَلَ، فَدَفَعَهُ إِلَيَّ فَقَالَ:" هَذَا جَمَلُكَ ". قَالَ: وَقَدْ سَارَ النَّاسُ قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ عَلَى جَمَلِي فِي عُقْبَتِي وَكَانَ جَمَلِي فِيهِ قِطَافٌ.

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا لَهْفَ أُمِّي أَنْ يَكُونَ لِي إِلَّا جَمَلٌ قَطُوفٌ. قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدِي يَسِيرُ. قَالَ: فَسَمِعَ مَا قُلْتُ. قَالَ: فَلَحِقَ بِي فَقَالَ: " مَا قُلْتَ يَا جَابِرُ قَبْلُ؟ قَالَ: فَنَسِيتُ مَا قُلْتُ. قَالَ: قُلْتُ: مَا قُلْتُ شَيْئًا يَا نَبِيَّ اللَّهِ. قَالَ: فَذَكَرْتُ مَا قُلْتُ. قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: لَهْفَ أُمِّي أَنْ يَكُونَ لِي إِلَّا جَمَلٌ قَطُوفٌ. قَالَ: فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَجُزَ الْجُمَلِ بِسَوْطٍ أَوْ بِسَوْطِي

ص: 11

قَالَ: فَانْطَلَقَ أَوْضَعَ أَوْ أَسْرَعَ جَمَلٍ رَكِبْتُهُ قَطُّ، هُوَ يُنَازِعُنِي خِطَامَهُ. قَالَ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ بَائِعِي جَمَلَكَ هَذَا؟ ". قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " بِكَمْ؟ ". قُلْتُ: بِأُوقِيَّةٍ. قَالَ: " بَخٍ بَخٍ كَمْ فِي أُوقِيَّةٍ مِنْ نَاضِحٍ وَنَاضِحٍ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بِالْمَدِينَةِ نَاضِحٌ أُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا مَكَانَهُ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ أَخَذْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ ". قَالَ: فَنَزَلْتُ عَنِ الرَّحْلِ إِلَى الْأَرْضِ. قَالَ: قَالَ: " مَا شَأْنُكَ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: جَمَلُكَ. قَالَ لِي: " ارْكَبْ جَمَلَكَ ". قَالَ: قُلْتُ: مَا هُوَ بِجَمَلِي وَلَكِنَّهُ جَمَلُكَ. - قَالَ: كُنَّا نُرَاجِعُهُ فِي الْأَمْرِ مَرَّتَيْنِ، فَإِذَا أَمَرَنَا الثَّالِثَةَ لَمْ نُرَاجِعْهُ -. قَالَ: فَرَكِبْتُ الْجَمَلَ حَتَّى أَتَيْتُ عَمَّتِي بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: وَقُلْتُ لَهَا: أَلَمْ تَرَيْ أَنِّي بِعْتُ نَاضِحَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُوقِيَّةٍ؟ قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهَا أَعْجَبَهَا ذَاكَ. قَالَ: وَكَانَ نَاضِحًا فَارِهًا. قَالَ: ثُمَّ أَخَذْتُ شَيْئًا مِنْ خَيْطٍ فَأَوْخَزْتُهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِخِطَامِهِ فَقُدْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقَاوِمًا رَجُلًا يُكَلِّمُهُ، قُلْتُ: دُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَمَلَكَ. فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا قَالَ:" زِنْ لِجَابِرٍ أُوقِيَّةً وَأَوْفِهِ ". فَانْطَلَقْتُ مَعَ بِلَالٍ فَوَزَنَ لِي أُوقِيَّةً، وَأَوْفَى لِيَ الْوَزْنَ. قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ يُحَدِّثُ ذَاكَ الرَّجُلَ، قُلْتُ: قَدْ وَزَنَ لِي أُوقِيَّةً وَأَوْفَانِي.

قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ ذَهَبْتُ إِلَى بَيْتِي وَلَا أَشْعُرُ، فَنَادَى:" أَيْنَ جَابِرٌ؟ ". قَالُوا: ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ. قَالَ: " أَدْرِكْهُ فَائْتِنِي بِهِ ". فَأَتَى رَسُولُهُ يَسْعَى قَالَ: يَا جَابِرُ، يَدْعُوكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَتَيْتُ قَالَ: " خُذْ جَمَلَكَ ". قَالَ: قُلْتُ: مَا هُوَ جَمَلِي إِنَّمَا هُوَ جَمَلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " خُذْ جَمَلَكَ ". قَالَ: قُلْتُ: مَا هُوَ جَمَلِي إِنَّمَا هُوَ جَمَلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،. قَالَ:" خُذْ جَمَلَكَ ". فَأَخَذْتُهُ، فَقَالَ:" لَعَمْرِي مَا نَفَعْنَاكَ لِتَنْزِلَ عَنْهُ ". قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى عَمَّتِي بِالنَّاضِحِ مَعِي وَالْأُوقِيَّةِ. فَقُلْتُ لَهَا: مَا تَرَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي أُوقِيَّةً، وَرَدَّ عَلَيَّ الْجَمَلَ».

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ نُبَيْحٍ الْعَنْزِيِّ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قَضَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ بِغَيْرِ قِصَّةِ الصَّحِيحِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ.

[بَابٌ فِي شَجَاعَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

14176 -

عَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَلَفْظُهُ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ «سُئِلَ عَنْ مَوْقِفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ: كَانَ أَشَدُّنَا يَوْمَ بَدْرٍ مَنْ حَاذَى بِرُكْبَتِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

ص: 12

14177 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ: بِالسَّخَاءِ، وَالشَّجَاعَةِ» ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابٌ فِي جُودِهِ صلى الله عليه وسلم]

14178 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ الْأَجْوَدِ الْأَجْوَدِ؟ اللَّهُ الْأَجْوَدُ الْأَجْوَدُ، وَأَنَا أَجْوَدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَجْوَدُهُمْ بَعْدِي رَجُلٌ عَلِمَ عِلْمًا فَنَشَرَ عِلْمَهُ؛ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَرَجُلٌ جَادَ بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14179 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: «أَنَّ أَبَا أَسِيدٍ كَانَ يَقُولُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْنَعُ شَيْئًا يُسْأَلُهُ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أَسِيدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14180 -

وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُئِلَ شَيْئًا فَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهُ قَالَ: " نَعَمْ ". وَإِذَا أَرَادَ أَلَّا يَفْعَلَ سَكَتَ، وَكَانَ لَا يَقُولُ لِشَيْءٍ: لَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي كِتَابِ الْأَدْعِيَةِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14181 -

«وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَسَأَلَهُ أَرْضًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَكَتَبَ لَهُ بِهَا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ لَهُمْ: أَسْلِمُوا فَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةَ مَنْ لَا يَخَافُ الْفَاقَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الْعُذْرِيُّ، وَقِيلَ فِيهِ: مَجْهُولٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14182 -

وَعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: «بَعَثَنِي مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ عَلَيْهِ أُجَرُ مَنْ قِثَّاءِ زُغْبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْقِثَّاءَ، وَكَانَتْ حِلْيَةٌ قَدْ قَدِمَتْ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَمَلَأَ يَدَهُ مِنْهَا فَأَعْطَانِيهَا.

14183 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَعْطَانِي مَلْءَ كَفِّي حَلْيًا أَوْ ذَهَبًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ وَزَادَ: فَقَالَ: " تَحَلَّيْ بِهَذَا ". وَإِسْنَادُهُمَا حَسَنٌ.

14184 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتَى صَاحِبَ بَزٍّ، فَاشْتَرَى مِنْهُ قَمِيصًا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، فَخَرَجَ وَهُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِي قَمِيصًا كَسَاكَ اللَّهُ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ. فَنَزَعَ الْقَمِيصَ فَكَسَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صَاحِبِ الْحَانُوتِ، فَاشْتَرَى مِنْهُ قَمِيصًا بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَبَقِيَ مَعَهُ دِرْهَمَانِ، فَإِذَا هُوَ بِجَارِيَةٍ فِي الطَّرِيقِ تَبْكِي، فَقَالَ:" مَا يُبْكِيكِ؟ ". قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَفَعَ لِي أَهْلِي دِرْهَمَيْنِ أَشْتَرِي بِهِمَا دَقِيقًا فَهَلَكَا، فَدَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا الدِّرْهَمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ، ثُمَّ وَلَّتْ وَهِيَ تَبْكِي. فَدَعَاهَا فَقَالَ:

ص: 13

" مَا يُبْكِيكِ وَقَدْ أَخَذْتِ الدِّرْهَمَيْنِ؟ ". فَقَالَتْ: أَخَافَ أَنْ يَضْرِبُونِي، فَمَشَى مَعَهَا إِلَى أَهْلِهَا، فَسَلَّمَ فَعَرَفُوا صَوْتَهُ، ثُمَّ عَادَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ عَادَ فَثَلَّثَ فَرَدُّوا. فَقَالَ:" أَسْمِعْتُمْ أَوَّلَ السَّلَامِ؟ ". فَقَالُوا: نَعَمْ، وَلَكِنْ أَحْبَبْنَا أَنْ تَزِيدَنَا مِنَ السَّلَامِ، فَمَا أَشْخَصَكَ بِأَبِينَا وَأُمِّنَا؟ قَالَ:" أَشْفَقَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ أَنْ تَضْرِبُوهَا ". قَالَ صَاحِبُهَا: هِيَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ ; لِمَمْشَاكَ مَعَهَا، فَبَشَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخَيْرِ وَبِالْجَنَّةِ، وَقَالَ: " لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ فِي الْعَشَرَةِ، كَسَا اللَّهُ نَبِيَّهُ قَمِيصًا وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَمِيصًا، وَأَعْتَقَ مِنْهَا رَقَبَةً، وَأَحْمَدُ اللَّهَ هُوَ الَّذِي رَزَقَنَا هَذَا بِقُدْرَتِهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابْلُتِّيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14185 -

«وَعَنْ أُمِّ سُنْبُلَةَ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِهَدِيَّةٍ، فَأَبَيْنَ أَزْوَاجُهُ أَنْ يَقْبَلْنَهَا، فَقُلْنَ: إِنَّا لَا نَأْخُذُ. فَأَمَرَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذْنَهَا، ثُمَّ أَقْطَعَهَا وَادِيًا فَاشْتَرَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ مِنْ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ قَيْظِيٍّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14186 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالْعَبَّاسُ، وَفَاطِمَةُ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَبُرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَكَثُرَتْ مَؤُونَتِي، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْمُرَ لِي بِكَذَا وَكَذَا وَسْقًا مِنْ طَعَامٍ فَافْعَلْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَفْعَلُ ذَلِكَ ". فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْمُرَ لِي كَمَا أَمَرْتَ لِعَمِّكَ فَافْعَلْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَفْعَلُ ذَلِكَ ". فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنْتَ أَعْطَيْتَنِي أَرْضًا كَانَتْ مَعِيشَتِي مِنْهَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ فَافْعَلْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَفْعَلُ ذَلِكَ» ".

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَبَقِيَّتُهُ رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَزَادَ:«فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُوَلِّيَنِي هَذَا الْحَقَّ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فِي كِتَابِهِ مِنْ هَذَا الْخُمُسِ فَاقْسِمْهُ فِي مَقَامِكَ كَيْ لَا يُنَازِعَنِي أَحَدٌ بَعْدَكَ فَافْعَلْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَفْعَلُ ذَلِكَ ". فَوَلَّانِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَسَّمْتُهُ فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ وَلَّانِيهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَسَّمْتُهُ» .

وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

14187 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ أَبِي، دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَتُحِبُّ الدَّرَاهِمَ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: " لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالٌ لَأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ". قَالَ: فَمَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَنِي، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَتَاهُ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ: خُذْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَبُهُ قَالَ: لَكَ - فَأَخَذْتُ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

ص: 14

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابٌ فِي حُسْنِ خُلُقِهِ وَحَيَائِهِ وَحُسْنِ مُعَاشَرَتِهِ]

14188 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، إِلَّا إِنَّهُ قَالَ:" «لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» ".

وَرِجَالُهُ كَذَلِكَ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ الْكَلُوذَانِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14189 -

وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ خُلُقًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَقَدْ رَكِبَ بِي مِنْ خَيْبَرَ عَلَى عَجُزِ نَاقَتِهِ لَيْلًا، فَجَعَلْتُ أَنْعَسُ، فَضَرَبَ رَأْسِي مُؤَخِّرَةُ الرَّحْلِ فَمَسَّنِي بِيَدِهِ، يَقُولُ: " يَا هَذِهِ مَهْلًا يَا بِنْتَ حُيَيٍّ مَهْلًا ". حَتَّى إِذَا جَاءَ الصَّهْبَاءَ قَالَ: " إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ يَا صَفِيَّةُ مِمَّا صَنَعْتُ بِقَوْمِكِ، إِنَّهُمْ قَالُوا لِي كَذَا، وَقَالُوا لِي كَذَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الرَّبِيعَ ابْنَ أَخِي صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14190 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْبِلُ بِوَجْهِهِ وَحَدِيثِهِ عَلَى شَرِّ الْقَوْمِ يَتَأَلَّفُهُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهِ وَحَدِيثِهِ عَلَيَّ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي خَيْرُ الْقَوْمِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا خَيْرٌ أَمْ أَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا خَيْرٌ أَمْ عُمَرُ؟ قَالَ: " عُمَرُ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا خَيْرٌ أَمْ عُثْمَانُ؟ قَالَ: " عُثْمَانُ ". فَلَمَّا سَأَلَتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَّ عَنِّي، فَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14191 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14192 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَرَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ رُكْبَتَهُ خَارِجًا عَنْ رُكْبَةِ جَلِيسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُصَافِحُهُ إِلَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ كَلَامِهِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُ الطَّبَرَانِيِّ حَسَنٌ.

14193 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ يَسْتَعِينُهُ فِي شَيْءٍ قَالَ عِكْرِمَةُ: أُرَاهُ فِي دَمٍ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ:" أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ ". قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا، وَلَا أَجْمَلْتَ. فَغَضِبَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ، وَهَمُّوا أَنْ يَقُومُوا إِلَيْهِ. فَأَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ: أَنْ كُفُّوا. فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبَلَغَ إِلَى مَنْزِلِهِ دَعَا الْأَعْرَابِيَّ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ:

ص: 15

" إِنَّكَ جِئْتَنَا، فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ ". فَزَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَقَالَ:" أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ ". فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرًا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكَ كُنْتَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ وَفِي نَفْسِ أَصْحَابِي عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَإِذَا جِئْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا قُلْتَ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْ صُدُورِهِمْ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ صَاحِبَكُمْ كَانَ جَاءَنَا، فَسَأَلَنَا فَأَعْطَيْنَاهُ، فَقَالَ مَا قَالَ، وَإِنَّا قَدْ دَعَوْنَاهُ فَأَعْطَيْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ أَكَذَاكَ؟ ". قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ فَشَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورًا، فَقَالَ صَاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي فَأَنَا أَرْفَقُ بِهَا وَأَعْلَمُ بِهَا، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهَا صَاحِبُ النَّاقَةِ فَأَخَذَ لَهَا مِنْ قُشَامِ الْأَرْضِ، وَدَعَاهَا حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَجَابَتْ، وَشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا وَاسْتَوَى عَلَيْهَا، وَلَوْ أَنِّي أَطَعْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ مَا قَالَ دَخَلَ النَّارَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14194 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَدَّعَ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِهِ فَلَا يَدَعُ يَدَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14195 -

«وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ: مَا أَقْبَحَ مَا صَنَعْتَ. وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ يُعْجِبُهُ: مَا أَحْسَنَ مَا صَنَعْتَ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ شَيْخِهِ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14196 -

«وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ مَا دَرَيْتُ شَيْئًا قَطُّ وَافَقَهُ، وَلَا شَيْئًا قَطُّ خَالَفَهُ، رَضِيَ مِنَ اللَّهِ بِمَا كَانَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ لَيَقُولُ: لَوْ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا يَقُولُ: " دَعُوهُ ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل ". وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا إِنِ انْتُهِكَتْ لِلَّهِ حُرْمَةٌ، فَانِ انْتُهِكَتْ لِلَّهِ حُرْمَةٌ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ غَضَبًا لِلَّهِ، وَمَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُخْطٌ لِلَّهِ، فَانْ كَانَ فِيهِ لِلَّهِ سُخْطٌ كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14197 -

«وَعَنْ مُهَاجِرٍ - مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ - قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِنِينَ فَلَمْ يَقُلْ لِشَيْءٍ صَنَعْتُ: لِمَ صَنَعْتَهُ؟ وَلَا لِشَيْءِ تَرَكْتُ: لِمَ تَرَكْتَهُ» ؟.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14198 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: «قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 16

يَدِي فَمَا تَرَكَ يَدِي حَتَّى تَرَكْتُ يَدَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14199 -

وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «دَخَلَ نَفَرٌ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا بِبَعْضِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَمَا أُحَدِّثُكُمْ؟ كُنْتُ جَارَهُ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَكَتَبْتُ الْوَحْيَ. وَكَانَ إِذَا ذَكَرْنَا الْآخِرَةَ ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِنْ ذَكَرْنَا الطَّعَامَ ذَكَرَهُ مَعَنَا. فَكُلُّ هَذَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14200 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَضْحَكِ النَّاسِ، وَأَطْيَبِهِمْ نَفْسًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَلْهَانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14201 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنِّي لَأَمْزَحُ وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا ".

قَالُوا: إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14202 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ الْوَحْيُ أَوْ وَعَظَ قُلْتَ: نَذِيرُ قَوْمٍ أَتَاهُمُ الْعَذَابُ، فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ رَأَيْتَ أَطْلَقَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَكْثَرَهُمْ ضَحِكًا، وَأَحْسَنَهُمْ بِشْرًا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14203 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُفُّ عَبْدَ اللَّهِ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ، وَكُثَيِّرًا بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَقُولُ: " مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ". قَالَ: فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ، فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ، فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْزَمُهُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14204 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَلْتَفِتُ إِذَا مَشَى، وَكَانَ رُبَّمَا تَعَلَّقَ رِدَاؤُهُ بِالشَّجَرَةِ أَوِ الشَّيْءِ فَلَا يَلْتَفِتُ حَتَّى يَرْفَعُوهُ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَمْزَحُونَ وَيَضْحَكُونَ، وَكَانُوا قَدْ أَمِنُوا الْتِفَاتَهُ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14205 -

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ عَذْرَاءَ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14206 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْمُقَدِّمِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ.

14207 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

ص: 17

وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ، وَمَا رُئِيَ عَوْرَتَهُ قَطُّ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ مِنْهُ]

14208 -

عَنْ حَرْبِ بْنِ سُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مَنْ بَلْعَدَوِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: «انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلْتُ عِنْدَ الْوَادِي، فَإِذَا رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا عَنْزٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا الْمُشْتَرِي يَقُولُ لِلْبَائِعِ:" أَحْسِنْ مُبَايَعَتِي ". قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا الْهَاشِمِيُّ الَّذِي قَدْ أَضَلَّ النَّاسَ، أَهْوَ هُوَ؟ قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ الْجِسْمِ، عَظِيمُ الْجَبْهَةِ، دَقِيقُ الْأَنْفِ، دَقِيقُ الْحَاجِبَيْنِ، وَإِذَا مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى سُرَّتِهِ مِثْلُ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، شَعْرٌ أَسْوَدُ، وَإِذَا هُوَ بَيْنَ طِمْرِينِ.

قَالَ: فَدَنَا مِنَّا فَقَالَ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ". فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ دَعَا الْمُشْتَرِيَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لَهُ يُحْسِنْ مُبَايَعَتِي. فَمَدَّ يَدَهُ وَقَالَ:" أَمْوَالَكُمْ تَمْلِكُونَ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَطْلُبُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ ظَلَمْتُهُ فِي مَالٍ، وَلَا فِي دَمٍ، وَلَا عِرْضٍ، إِلَّا بِحَقِّهِ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَهْلَ الْبَيْعِ، سَهْلَ الشِّرَاءِ، سَهْلَ الْأَخْذِ، سَهْلَ الْعَطَاءِ، سَهْلَ الْقَضَاءِ، سَهْلَ التَّقَاضِي ". ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَقُصَّنَّ هَذَا فَإِنَّهُ حَسَنُ الْقَوْلِ، فَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ بِجَمِيعِهِ فَقَالَ:" مَا تَشَاءُ؟ ". فَقُلْتُ: أَنْتَ الَّذِي أَضْلَلْتَ النَّاسَ، وَأَهْلَكْتَهُمْ، وَصَدَدْتَهُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ؟ قَالَ:" ذَاكَ اللَّهُ ". قَالَ: مَا تَدْعُو إِلَيْهِ؟ قَالَ: " أَدْعُو عِبَادَ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ ". قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَتُؤْمِنُ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَيَّ، وَتَكْفُرُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ". قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الزَّكَاةُ؟ قَالَ: " يَرُدُّ غَنِيُّنَا عَلَى فَقِيرِنَا ". قَالَ: قُلْتُ: نِعْمَ الشَّيْءُ تَدْعُو إِلَيْهِ.

قَالَ: فَلَقَدْ كَانَ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَتَنَفَّسُ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْهُ، فَمَا بَرِحَ حَتَّى كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَوَالِدِي، وَمِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَالَ: فَقُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُ. قَالَ: " قَدْ عَرَفْتَ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَتُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيَّ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرِدُ مَاءً عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَدْعُوهُمْ إِلَى مَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَتَّبِعُوكَ. قَالَ:" نَعَمْ فَادْعُهُمْ ". فَأَسْلَمَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَاءِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

[بَابٌ فِي تَوَاضُعِهِ صلى الله عليه وسلم]

14209 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ: أَفَمَلِكًا نَبِيًّا أَجْعَلُكَ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: بَلْ

ص: 18

عَبْدًا رَسُولًا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُ الْأَوَّلَيْنِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14210 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَةُ، لَوْ شِئْتُ لَسَارَتْ مَعِي جِبَالُ الذَّهَبِ، جَاءَنِي مَلَكٌ إِنَّ حُجْزَتَهُ لَتُسَاوِي الْكَعْبَةَ، فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ نَبِيًّا عَبْدًا، وَإِنْ شِئْتَ نَبِيًّا مَلِكًا؟ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ قَالَ: فَأَشَارَ إِلَيَّ: أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ قَالَ: فَقُلْتُ: نَبِيًّا عَبْدًا ".

قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا، يَقُولُ:" آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14211 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَقَدْ هَبَطَ عَلَيَّ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ مَا هَبَطَ عَلَى نَبِيٍّ قَبْلِي، وَلَا يَهْبِطُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدِي، وَهُوَ إِسْرَافِيلُ، وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَنَا رَسُولُ رَبِّكَ إِلَيْكَ، أَمَرَنِي أَنْ أُخَيِّرَكَ إِنْ شِئْتَ نَبِيًّا عَبْدًا، وَإِنْ شِئْتَ نَبِيًّا مَلِكًا؟ فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ عليه السلام فَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَيَّ: أَنْ تَوَاضَعْ ". فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: " لَوْ أَنِّي قُلْتُ: نَبِيًّا مَلِكًا ; لَسَارَتِ الْجِبَالُ مَعِي ذَهَبًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابْلُتِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14212 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام يُنَاجِيهِ، إِذِ انْشَقَّ أُفُقُ السَّمَاءِ، فَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ يَدْنُو مِنَ الْأَرْضِ وَيَتَمَايَلُ، فَإِذَا مَلَكٌ قَدْ مَثُلَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا مُحَمَّدُ، يَأْمُرُكَ رَبُّكَ أَنْ تَخْتَارَ بَيْنَ نَبِيٍّ عَبْدٍ أَوْ مَلِكٍ نَبِيٍّ؟ فَأَشَارَ جِبْرِيلُ إِلَيَّ بِيَدِهِ: أَنْ تَوَاضَعْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لِي نَاصِحٌ، فَقُلْتُ: عَبْدٌ نَبِيٌّ، فَعَرَجَ ذَلِكَ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، قَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا، فَرَأَيْتُ مِنْ حَالِكَ مَا شَغَلَنِي عَنِ الْمَسْأَلَةِ، فَمَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا إِسْرَافِيلُ خَلَقَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ صَافًّا قَدَمَيْهِ، لَا يَرْفَعُ طَرْفَهُ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّبِّ سَبْعُونَ نُورًا، مَا مِنْهَا نُورٌ يَكَادُ يَدْنُو مِنْهُ إِلَّا احْتَرَقَ، بَيْنَ يَدَيْهِ لَوْحٌ، فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِي شَيْءٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ فِي الْأَرْضِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ فَضَرَبَ جَبْهَتَهُ فَيَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِي أَمَرَنِي بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ مِيكَائِيلَ أَمَرَهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ مَلَكِ الْمَوْتِ أَمَرَهُ بِهِ. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ؟ قَالَ: عَلَى الرِّيحِ وَالْجُنُودِ. قُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مِيكَائِيلُ؟ قَالَ: عَلَى النَّبَاتِ وَالْقَطْرِ. قُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مَلَكُ الْمَوْتِ؟ قَالَ: عَلَى قَبْضِ الْأَنْفُسِ، وَمَا ظَنَنْتُهُ إِلَّا لِقِيَامِ السَّاعَةِ. وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنِّي إِلَّا خَوْفًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ، وَلَكِنَّهُ سَيِّئُ الْحِفْظِ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14213 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: «إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَلَكًا

ص: 19

مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَ الْمَلَكِ جِبْرِيلَ عليه السلام فَقَالَ الْمَلَكُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا أَوْ نَبِيًّا مَلِكًا؟ فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ عليه السلام كَالْمُسْتَشِيرِ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ: أَنْ تَوَاضَعْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " بَلْ نَبِيًّا عَبْدًا ". فَمَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ مُتَّكِئًا حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

14214 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14215 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أُوتِيتُ بِمَقَالِيدِ الدُّنْيَا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ مِنْ سُنْدُسٍ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14216 -

وَعَنْ أَبِي غَالِبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُمَامَةَ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: «كَانَ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَلَا يَأْنَفُ، وَلَا يَسْتَكْبِرُ أَنْ يَذْهَبَ مَعَ الْمِسْكِينِ وَالضَّعِيفِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14217 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْكَبُ حِمَارًا اسْمُهُ: عُفَيْرٌ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

14218 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارٌ اسْمُهُ: عُفَيْرٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14219 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُ الْحِمَارَ، وَيَلْبَسُ الصُّوفَ، وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ، وَيَأْتِي مُرَاعَاةَ الضَّيْفِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ.

14220 -

وَعَنْ جَرِيرٍ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَاسْتَقْبَلَتْهُ رِعْدَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَوِّنْ عَلَيْكَ ; فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14221 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي لَيَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنِصْفِ اللَّيْلِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ فَيُجِيبُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ.

14222 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَعْقِلُ الشَّاةَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14223 -

وَعَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14224 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: «أَنَّ رَجُلًا نَادَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِ: " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي الْكَبِيرِ عَنْ شَيْخِهِ جُبَارَةَ بْنِ

ص: 20

الْمُغَلِّسِ وَثَّقَهُ ابْنُ نُمَيْرٍ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14225 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْشِي فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَسَتَّرَ بِثَوْبٍ، فَلَمَّا رَأَى ظِلَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِمُلَاءَةٍ قَدْ سُتِرَ بِهَا، فَقَالَ لَهُ: " مَهْ! ". وَأَخَذَ الثَّوْبَ فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مَثَلُكُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14226 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ حَفْصُ بْنُ عُمَارَةَ الطَّاحِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14227 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «كَانَتِ امْرَأَةٌ تُرَافِثُ الرِّجَالَ، وَكَانَتْ بَذِيئَةً، فَمَرَّتْ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْكُلُ ثَرِيدًا عَلَى طِرْبَالٍ، فَقَالَتِ: انْظُرُوا إِلَيْهِ يَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ، وَيَأْكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَأَيُّ عَبْدٍ أَعْبَدُ مِنِّي؟ ". قَالَتْ: وَيَأْكُلُ وَلَا يُطْعِمُنِي. قَالَ: " فَكُلِي ". قَالَتْ: نَاوِلْنِي بِيَدِكَ. فَنَاوَلَهَا، فَقَالَتْ: أَطْعِمْنِي مِمَّا فِي فِيكَ. فَأَعْطَاهَا فَأَكَلَتْ، فَغَلَبَهَا الْحَيَاءُ فَلَمْ تُرَافِثْ أَحَدًا حَتَّى مَاتَتْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

14228 -

وَعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «أَحِبُّونَا بِحُبِّ الْإِسْلَامِ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تَرْفَعُونِي فَوْقَ حَقِّي ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَنِي عَبْدًا قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَنِي رَسُولًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14229 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: يُخْطِئُ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14230 -

وَعَنْ حَنْظَلَةَ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُهُ جَالِسًا مُتَرَبِّعًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14231 -

وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَشَى عَنْ زَمِيلٍ لَهُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14232 -

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ، فَانْقَطَعَ شِسْعُهُ، فَأَخَذْتُ نَعْلَهُ لِأُصْلِحَهَا، فَأَخَذَهَا مِنْ يَدِي، وَقَالَ: " إِنَّهَا أَثَرَةٌ ; وَلَا أَحِبُّ الْأَثَرَةَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14233 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ الْعَبَّاسُ: قُلْتُ: لَا أَدْرِي مَا بَقَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِينَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ عَرِيشًا يُظِلُّكَ؟ قَالَ: " لَا أَزَالُ بَيْنَ أَظْهُرِهُمْ يَطَئُونَ عَقِبِي، وَيُنَازِعُونَ رِدَائِي، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُرِيحُنِي مِنْهُمْ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 21

[بَابٌ فِيمَنْ خَدَمَهُ صلى الله عليه وسلم]

14234 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ عِشْرُونَ شَابًّا مِنَ الْأَنْصَارِ يَلْزَمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَوَائِجِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَمْرًا بَعَثَهُمْ فِيهِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14235 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «كَانَ لَا يُفَارِقُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمْسَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، مِنْ أَصْحَابِهِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14236 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «كُنَّا نَتَنَاوَبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ، أَوْ يُرْسِلُنَا فِي الْأَمْرِ فَيَكْثُرُ الْمُحْتَسِبُونَ وَأَصْحَابُ النُّوَبِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ النَّجْوَى؟! أَلَمْ أَنْهَكُمْ عَنِ النَّجْوَى» ؟! ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

14237 -

وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، أَوْ أَبَا ذَرٍّ قَالَ:«اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَبِيتَ عَلَى بَابِهِ يُوقِظُنِي لِحَاجَتِهِ، فَأَذِنَ لِي، فَبِتُّ لَيْلَةً» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَرَضِهِ وَوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ]

14238 -

«عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ، خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: " يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَلَّا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا، وَقَبْرِي ". فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا ; لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِيَ الْمُتَّقُونَ، مَنْ كَانُوا، وَحَيْثُ كَانُوا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادَيْنِ، وَقَالَ فِي أَحَدِهِمَا: عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ أَنَّ مُعَاذًا، وَقَالَ وَفِيهَا: قَالَ: " «لَا تَبْكِ يَا مُعَاذُ، الْبُكَاءُ - أَوْ إِنَّ الْبُكَاءَ - مِنَ الشَّيْطَانِ» ". وَرِجَالُ الْإِسْنَادَيْنِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.

14239 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ وَفْدِ الْجِنِّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَنَفَّسَ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: " نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي يَا ابْنَ مَسْعُودٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مِينَاءُ بْنُ أَبِي مِينَاءَ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14240 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ({إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي» . بِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَقَدِ اخْتَلَطَ.

14241 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ قَالَ: نُعِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسُهُ حِينَ نَزَلَتْ، فَأَخَذَ بِأَشَدِّ مَا كَانَ قَطُّ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 22

- صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ: " جَاءَ الْفَتْحُ، وَجَاءَ نَصْرُ اللَّهِ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ:" قَوْمٌ رَقِيقَةٌ أَفْئِدَتُهُمْ، لَيِّنَةٌ قُلُوبُهُمْ، الْإِيمَانُ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَزَادَ:" «وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ» ". وَأَحَدُ أَسَانِيدِهِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14242 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ". فَبَكَتْ، فَقَالَ لَهَا: " لَا تَبْكِي ; فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقٌ بِي ". فَضَحِكَتْ، فَرَآهَا بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: رَأَيْتُكِ بَكَيْتِ وَضَحِكْتِ؟! فَقَالَتْ: إِنَّهُ قَالَ لِي: " قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ". فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: " لَا تَبْكِي ; فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقٌ بِي ". فَضَحِكْتُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ،، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

14243 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَاكَ تُكْثِرُ أَنْ تَقُولَ: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ". فَقَالَ: " إِنِّي أُمِرْتُ بِأَمْرٍ ". فَقَرَأَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14244 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ: " هَذَا مَا وَعَدَنِي بِهِ رَبِّي ". ثُمَّ قَرَأَ: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) قَالَ: " فَإِذَا دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَظَهَرَ دِينُ اللَّهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، فَالنَّاسُ خَيْرٌ، وَنَحْنُ خَيْرٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14245 -

وَعَنْ عَائِشَةَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ قَالَ لِفَاطِمَةَ: " يَا بُنَيَّةُ احْنِي عَلَيَّ فَأَحْنَتْ عَلَيْهِ فَنَاجَاهَا سَاعَةً ثُمَّ انْكَشَفَتْ وَهِيَ تَبْكِي وَعَائِشَةُ حَاضِرَةٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ: احْنِي عَلَيَّ يَا بُنَيَّةُ فَأَحْنَتْ عَلَيْهِ فَنَاجَاهَا سَاعَةً ثُمَّ انْكَشَفَتْ عَنْهُ فَضَحِكَتْ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَيْ بُنَيَّةُ أَخْبِرِينِي مَاذَا نَاجَاكِ أَبُوكِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: نَاجَانِي عَلَى حَالِ سِرٍّ، ظَنَنْتِ أَنِّي أُخْبِرُ بِسِرِّهِ وَهُوَ حَيٌّ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ سِرًّا دُونَهَا، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ: يَا بُنَيَّةُ أَلَا تُخْبِرِينِي بِذَلِكَ الْخَبَرِ، قَالَتْ: أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ، نَاجَانِي فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَأَخْبَرَنِي " أَنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي بِالْقُرْآنِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ. وَأَخْبَرَنِي: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا عَاشَ نِصْفَ عُمُرِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ. وَأَخْبَرَنِي: أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَاشَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، وَلَا أُرَانِي إِلَّا ذَاهِبًا عَلَى رَأْسِ السِّتِّينَ ". فَأَبْكَانِي ذَلِكَ، فَقَالَ: " يَا بُنَيَّةُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ امْرَأَةٌ أَعْظَمُ رَزِيَّةً مِنْكِ، فَلَا تَكُونِي أَدْنَى مِنَ امْرَأَةٍ صَبْرًا» . قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَرَوَى الْبَزَّارُ بَعْضَهُ أَيْضًا، وَفِي رِجَالِهِ ضَعْفٌ.

[بَابٌ فِي رُؤْيَا الْعَبَّاسِ]

14246 -

عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ الْأَرْضَ تُنْزَعُ إِلَى السَّمَاءِ بِأَشْطَانٍ شِدَادٍ، فَقَصَصْتُ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " ذَاكَ

ص: 23

وَفَاةُ ابْنِ أَخِيكَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

[بَابُ تَخْيِيرِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ]

14247 -

«عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ - مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ: " يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ، فَانْطَلِقْ مَعِي ". فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ أَظْهُرِهُمْ قَالَ:" السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ، لِيُهْنِكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا نَجَّاكُمُ اللَّهُ مِنْهُ: أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطْعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا، الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى ". ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ:" يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ، وَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ، وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي عز وجل وَالْجَنَّةِ ". قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَخُذْ مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ. قَالَ:" لَا وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي، ثُمَّ الْجَنَّةَ ".

ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ، ثُمَّ انْصَرَفَ. فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل حِينَ أَصْبَحَ.

14248 -

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ قَالَ:" يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، أَسْرِجْ لِي دَابَّتِي ". قَالَ: فَرَكِبَ وَمَشَيْتُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَأَمْسَكْتُ الدَّابَّةَ». قُلْتُ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ الْإِسْنَادَ الْأَوَّلَ: عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ، وَالثَّانِي: عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ.

14249 -

وَعَنْ أَبِي وَاقَدٍ اللِّيثِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «خُيِّرَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ بَيْنَ الدُّنْيَا وَمُلْكِهَا وَنَعِيمِهَا وَبَيْنَ الْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ نَفْدِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَمْوَالِنَا وَأَنْفُسِنَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَا يَحْصُلُ لِأُمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اسْتِغْفَارِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ]

14250 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ، يُبَلِّغُونَ عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ ". قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " حَيَاتِي خَيْرٌ لَكَمْ تُحْدِثُونَ وَيُحَدَثُ لَكَمْ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكَمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ، فَمَا رَأَيْتُ مِنْ خَيْرٍ حَمَدَتُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكَمْ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي وَدَاعِهِ صلى الله عليه وسلم]

14251 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «نُعِيَ إِلَيْنَا حَبِيبُنَا وَنَبِيُّنَا، بِأَبِي هُوَ وَنَفْسِي لَهُ الْفِدَاءُ، قَبْلَ مَوْتِهِ بِسِتٍّ،

ص: 24

فَلَمَّا دَنَا الْفِرَاقُ، جَمَعَنَا فِي بَيْتِ أُمِّنَا عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ:" مَرْحَبًا بِكُمْ، وَحَيَّاكُمُ اللَّهُ، وَحَفِظَكُمُ اللَّهُ، آوَاكُمُ اللَّهُ، وَنَصَرَكُمُ اللَّهُ، هَدَاكُمُ اللَّهُ، رَزَقَكُمُ اللَّهُ، وَفَّقَكُمُ اللَّهُ، سَلَّمَكُمُ اللَّهُ، قَبِلَكُمُ اللَّهُ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأُوصِي اللَّهَ بِكُمْ، وَأَسْتَخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ، إِنِّي لَكَمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَلَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِي وَلَكُمْ: "{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]"، وَقَالَ: "{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 60]". ثُمَّ قَالَ: " قَدْ دَنَا الْأَجَلُ وَالْمُنْقَلَبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى، وَالْكَأْسِ الْأَوْفَى، وَالرَّفِيقِ الْأَعْلَى ". أَحْسَبُهُ قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُغَسِّلُكَ إِذًا؟ قَالَ:" رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي، الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى ". قُلْنَا: فَفِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ قَالَ: " فِي ثِيَابِي هَذِهِ - إِنْ شِئْتُمْ - أَوْ فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ، أَوْ فِي بَيَاضِ مِصْرَ ".

قَالَ: فَقُلْنَا: فَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ مِنَّا؟ فَبَكَيْنَا، وَبَكَى، وَقَالَ:" مَهْلًا، غَفَرَ اللَّهُ لَكَمْ، وَجَازَاكُمْ عَنْ نَبِيِّكِمْ خَيْرًا، إِذَا غَسَّلْتُمُونِي وَوَضَعْتُمُونِي عَلَى سَرِيرِي فِي بَيْتِي هَذَا عَلَى شَفِيرِ قَبْرِي فَاخْرُجُوا عَنِّي سَاعَةً ; فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ خَلِيلِي وَجَلِيسِي جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ مَعَ جُنُودِهِ، ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَجْمَعِهَا، ثُمَّ ادْخُلُوا عَلَيَّ فَوْجًا فَوْجًا، فَصَلُّوا عَلَيَّ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وَلَا تُؤْذُونِي بِبَاكِيَةٍ - أَحْسَبُهُ قَالَ: - وَلَا صَارِخَةٍ، وَلَا رَانَّةٍ، وَلْيَبْدَأْ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي، ثُمَّ أَنْتُمْ بَعْدُ، وَأَقْرِئُوا أَنْفُسَكُمْ مِنِّي السَّلَامَ، وَمَنْ غَابَ مِنْ إِخْوَانِي فَأَقْرِئُوهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَمَنْ دَخَلَ مَعَكُمْ فِي دِينِكُمْ بَعْدِي فَإِنِّي أُشْهِدُكُمُ أَنِّي أَقْرَأُ السَّلَامَ - أَحْسَبُهُ قَالَ: - عَلَيْهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ تَابَعَنِي عَلَى دِينِي، مِنْ يَوْمِي هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُدْخِلُكَ قَبْرَكَ مِنَّا؟ قَالَ: " رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي، مَعَ مَلَائِكَةٍ كَثِيرَةٍ يَرَوْنَكُمْ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَقَالَ: رُوِيَ هَذَا عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَالْأَسَانِيدُ عَنْ مُرَّةَ مُتَقَارِبَةٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا مِنْ مُرَّةَ، إِنَّمَا أُخْبِرَهُ عَنْ مُرَّةَ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ غَيْرَ مُرَّةَ، قُلْتُ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ الْأَحْمَسِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ. وَذَكَرَ فِي إِسْنَادِهِ ضُعَفَاءَ مِنْهُمْ: أَشْعَثُ بْنُ طَابَقٍ. قَالَ الْأَزْدِيُّ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابٌ]

14252 -

«عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ مَوْعُوكًا، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ قَالَ:" خُذْ بِيَدِي يَا فَضْلُ ". فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى انْتَهَى

ص: 25

إِلَى الْمِنْبَرِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" صِحْ فِي النَّاسِ ". فَصِحْتُ فِي النَّاسِ فَاجْتَمَعَ نَاسٌ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ ; فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ، أَلَا وَمَنْ كُنْتُ قَدْ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ، وَمَنْ كُنْتُ أَخَذْتُ لَهُ مَالًا فَهَذَا مَالِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ، لَا يَقُولَنَّ رَجُلٌ: إِنِّي أَخْشَى الشَّحْنَاءَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ طَبِيعَتِي وَلَا مِنْ شَأْنِي، أَلَا وَإِنَّ أَحَبَّكُمُ إِلَيَّ مَنَ أَخَذَ حَقًّا إِنْ كَانَ لَهُ، أَوْ حَلَّلَنِي، فَلَقِيتُ اللَّهَ وَأَنَا طَيِّبُ النَّفْسِ، أَلَا وَإِنِّي لَا أَرَى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنِّي حَتَّى أَقُومَ فِيكُمْ مِرَارًا ". ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَعَادَ لِمَقَالَتِهِ فِي الشَّحْنَاءِ أَوْ غَيْرِهَا، ثُمَّ قَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَرُدَّهُ، وَلَا يَقُلْ: فُضُوحُ الدُّنْيَا، أَلَا وَإِنَّ فُضُوحَ الدُّنْيَا أَيْسَرُ مِنْ فُضُوحِ الْآخِرَةِ ". فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي عِنْدَكَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ. قَالَ:" أَمَا إِنَّا لَا نُكَذِّبُ قَائِلًا، وَلَا نَسْتَحْلِفُهُ، فَبِمَ صَارَتْ لَكَ عِنْدِي؟ ". قَالَ: تَذْكُرُ يَوْمَ مَرَّ بِكَ مِسْكِينٌ فَأَمَرْتَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْهِ؟ فَقَالَ: " ادْفَعْهَا إِلَيْهِ يَا فَضْلُ ". ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ: عِنْدِي ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ غَلَلْتُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: " وَلِمَ غَلَلْتَهَا؟ ". قَالَ: كُنْتُ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا. قَالَ: " خُذْهَا يَا فَضْلُ ". ثُمَّ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ خَشِيَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا فَلْيَقُمْ أَدْعُ لَهُ ". فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَكَذَّابٌ، وَإِنِّي لَمُنَافِقٌ، وَإِنِّي لَنَؤُومٌ؟ قَالَ:" اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ صِدْقًا، وَإِيمَانًا، وَأَذْهِبْ عَنْهُ النَّوْمَ إِذَا أَرَادَ ". ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَكَذَّابٌ، وَإِنِّي لَمُنَافِقٌ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا وَقَدْ أَتَيْتُهُ! فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا هَذَا فَضَحْتَ نَفْسَكَ! قَالَ: " مَهْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فُضُوحُ الدُّنْيَا أَيْسَرُ مِنْ فُضُوحِ الْآخِرَةِ ". ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ صِدْقًا، وَإِيمَانًا، وَصَيِّرْ أَمْرَهُ إِلَى خَيْرٍ ".

فَكَلَّمَهُمْ عُمَرُ بِكَلِمَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " عُمَرُ مَعِي، وَأَنَا مَعَهُ، وَالْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ:«فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ جَبَانٌ، كَثِيرُ النَّوْمِ. قَالَ: فَدَعَا لَهُ. قَالَ الْفَضْلُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَشْجَعَنَا، وَأَقَلَّنَا نَوْمًا. قَالَ: ثُمَّ أَتَى بَيْتَ عَائِشَةَ، فَقَالَ لِلنِّسَاءِ مِثْلَ مَا قَالَ لِلرِّجَالِ، ثُمَّ قَالَ: " وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلْيَسْأَلْنَا نَدْعُ لَهُ ". قَالَ: فَأَوْمَأَتِ امْرَأَةٌ إِلَى لِسَانِهَا قَالَ: فَدَعَا لَهَا. قَالَ: فَلَرُبَّمَا قَالَتْ لِي: يَا عَائِشَةُ، أَحْسِنِي صَلَاتَكِ» .

وَفِي إِسْنَادِ أَبِي يَعْلَى عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَبِي يَعْلَى ثِقَاتٌ، وَفِي إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14253 -

وَعَنْ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قَوْلِهِ:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ - إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1 - 3]

ص: 26

قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَا جِبْرِيلُ، نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ ". قَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: الْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَبَكَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، ثُمَّ قَالَ:" أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكَمْ؟ ". قَالُوا: جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ خَيْرًا ; كُنْتَ لَنَا كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَكَالْأَخِ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ، أَدَّيْتَ رِسَالَاتِ اللَّهِ عز وجل وَأَبْلَغْتَنَا وَحْيَهُ، وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ. فَقَالَ لَهُمْ:" مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، أُنَاشِدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِحَقِّي عَلَيْكُمْ، مَنْ كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلِمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي " فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَنَاشَدَهُمُ الثَّانِيَةَ فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَنَاشَدَهُمُ الثَّالِثَةَ " مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِحَقِّي عَلَيْكُمْ، مَنْ كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلِمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ فِي الْقِيَامَةِ ". فَقَامَ مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يُقَالُ لَهُ: عُكَّاشَةُ، فَتَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي لَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنَا بِاللَّهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا كُنْتُ بِالَّذِي أَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا، كُنْتُ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْنَا وَنَصَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ فِي الِانْصِرَافِ، حَاذَتْ نَاقَتِي نَاقَتَكَ، فَنَزَلْتُ عَنِ النَّاقَةِ، وَدَنَوْتُ مِنْكَ لِأُقَبِّلَ فَخِذَكَ، فَرَفَعْتَ الْقَضِيبَ فَضَرَبْتَ خَاصِرَتِي، وَلَا أَدْرِي أَكَانَ عَمْدًا مِنْكَ أَمْ أَرَدْتَ ضَرْبَ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أُعِيذُكَ بِجَلَالِ اللَّهِ أَنْ يَتَعَمَّدَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالضَّرْبِ، يَا بِلَالُ انْطَلِقْ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ فَائْتِنِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ ". فَخَرَجَ بِلَالٌ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ، وَهُوَ يُنَادِي: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ. فَقَرَعَ الْبَابَ عَلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاوِلِينِي الْقَضِيبَ الْمَمْشُوقَ. فَقَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ: يَا بِلَالُ، وَمَا يَصْنَعُ أَبِي بِالْقَضِيبِ، وَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ حَجٍّ وَلَا يَوْمَ غَزَاةٍ؟ فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ، مَا أَغْفَلَكِ عَمَّا فِيهِ أَبُوكِ، رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوَدِّعُ النَّاسَ وَيُفَارِقُ الدُّنْيَا، وَيُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها: يَا بِلَالُ وَمَنْ ذَا الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ يَا بِلَالُ، إِذًا فَقُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ يَقْتَصَّ مِنْهُمَا، وَلَا يَدَعَانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَرَجَعَ بِلَالٌ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَدَفَعَ الْقَضِيبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَضِيبَ إِلَى عُكَّاشَةَ. فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما إِلَى ذَلِكَ قَامَا، وَقَالَا: يَا عُكَّاشَةُ، هَذَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ

ص: 27

فَاقْتَصَّ مِنَّا، وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ، وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ ; فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكُمَا وَمَقَامَكُمَا ". فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا عُكَّاشَةُ، أَنَا فِي الْحَيَاةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ تَضْرِبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي فَاقْتَصَّ مِنِّي بِيَدِكَ، وَاجْلِدْنِي مِائَةً، وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا عَلِيُّ، اقْعُدْ ; فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ لَكَ مَقَامَكَ وَنِيَّتَكَ ". وَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما فَقَالَا: يَا عُكَّاشَةُ، أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّا سِبْطَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقِصَاصُ مِنَّا كَالْقِصَاصِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي، لَا نَسِيَ اللَّهُ لَكَمَا هَذَا الْمَقَامَ ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا عُكَّاشَةُ، اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ضَرَبْتَنِي وَأَنَا حَاسِرٌ عَنْ بَطْنِي. فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ، وَقَالُوا: أَتُرَى عُكَّاشَةُ ضَارِبٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ إِلَى بَيَاضِ بَطْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ الْقَبَاطِيُّ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ أَكَبَّ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَ بَطْنَهُ وَهُوَ يَقُولُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَمَنْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ، وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ ". قَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنِّي فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّيْخِ ". فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ عُكَّاشَةَ، وَيَقُولُونَ: طُوبَاكَ! طُوبَاكَ ; نِلْتَ دَرَجَاتِ الْعُلَا، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَمَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ، فَكَانَ مَرَضُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَعُودُهُ النَّاسُ، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَبُعِثَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالْأَذَانِ، ثُمَّ وَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ أُقِيمُ الصَّلَاةَ؟. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَ بِلَالٍ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بِلَالُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. فَدَخَلَ بِلَالٌ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُقِيمُهَا، أَوْ أَسْتَأْذِنُ سَيِّدِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَخَرَجَ بِلَالٌ، فَقَامَ بِالْبَابِ وَنَادَى: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، الصَّلَاةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَ بِلَالٍ فَقَالَ:" ادْخُلْ يَا بِلَالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ، مُرْ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ ". فَخَرَجَ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ

ص: 28

رَأْسِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاغَوْثَاهُ بِاللَّهِ! وَانْقِطَاعَ رَجَاهُ، وَانْقِصَامَ ظَهَرَاهُ، لَيْتَنِي لَمْ تَلِدْنِي أُمِّي، وَإِذْ وَلَدَتْنِي لَمْ أَشْهَدْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْيَوْمَ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِيَ بِالنَّاسِ. فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا، فَلَمَّا رَأَى خُلُوَّ الْمَكَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَجِيجَ النَّاسِ، فَقَالَ:" مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ؟ ". قَالُوا: ضَجِيجُ الْمُسْلِمِينَ ; لِفَقْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ الْمَلِيحِ فَقَالَ:" يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَسَتُودِعُكُمُ اللَّهَ، أَنْتُمْ فِي رَجَاءِ اللَّهِ وَأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ. مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ، وَحِفْظِ طَاعَتِهِ مِنْ بَعْدِي ; فَإِنِّي مُفَارِقُ الدُّنْيَا. هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَآخَرُ يَوْمٍ مِنَ أَيَّامِ الدُّنْيَا ".

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ اشْتَدَّ بِهِ الْأَمْرُ، وَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ صلى الله عليه وسلم أَنِ اهْبِطْ إِلَى حَبِيبِي وَصَفِيِّي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَارْفُقْ بِهِ فِي قَبْضِ رُوحِهِ. فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفَ بِالْبَابِ شِبْهَ أَعْرَابِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلِفَ الْمَلَائِكَةِ، أَدْخُلُ؟ ". فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ: أَجِيبِي الرَّجُلَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: آجَرَكَ اللَّهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. فَنَادَى الثَّانِيَةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا فَاطِمَةُ أَجِيبِي الرَّجُلَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: آجَرَكَ اللَّهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ، أَدْخُلُ؟ فَلَا بُدَّ مِنَ الدُّخُولِ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَقَالَ:" يَا فَاطِمَةُ مَنْ بِالْبَابِ ". فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ رَجُلًا بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُ فِي الدُّخُولِ، فَأَجَبْنَاهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَنَادَى فِي الثَّالِثَةِ صَوْتًا اقْشَعَرَّ مِنْهُ جِلْدِي، وَارْتَعَدَتْ مِنْهُ فَرَائِصِي. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا فَاطِمَةُ أَتَدْرِينَ مَنْ بِالْبَابِ؟ هَذَا هَادِمُ اللَّذَّاتِ، وَمُفَرِّقُ الْجَمَاعَاتِ، هَذَا مُرَمِّلُ الْأَزْوَاجِ، وَمُوتِمُ الْأَوْلَادِ، وَهَذَا مُخَرِّبُ الدُّورِ، وَعَامِرُ الْقُبُورِ، هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ صلى الله عليه وسلم. ادْخُلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ". فَدَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " جِئْتَنِي زَائِرًا أَمْ قَابِضًا؟ ". قَالَ: جِئْتُكَ زَائِرًا وَقَابِضًا، وَأَمَرَنِي اللَّهُ عز وجل أَلَّا أَدْخُلَ عَلَيْكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ، وَلَا أَقْبِضَ رُوحَكَ إِلَّا

ص: 29

بِإِذْنِكَ، فَإِنْ أَذِنْتَ، وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي عز وجل. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، أَيْنَ خَلَّفْتَ حَبِيبِي جِبْرِيلَ؟ ". قَالَ: خَلَّفْتُهُ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَالْمَلَائِكَةُ يُعَزُّونَهُ فِيكَ. فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" هَذَا الرَّحِيلُ مِنَ الدُّنْيَا فَبَشِّرْنِي مَا لِي عِنْدَ اللَّهِ؟ ". قَالَ: أُبَشِّرُكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ أَنِّي تَرَكْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ، وَالْمَلَائِكَةُ قَدْ قَامُوا صُفُوفًا صُفُوفًا بِالتَّحِيَّةِ، وَالرَّيْحَانِ يُحَيُّونَ رُوحَكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ:" لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ، فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ ". قَالَ: أُبَشِّرُكَ أَنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ قَدْ فُتِحَتْ، وَأَنْهَارُهَا قَدِ اطَّرَدَتْ، وَأَشْجَارُهَا قَدْ تَدَلَّتْ، وَحُورُهَا قَدْ تَزَيَّنَتْ ; لِقُدُومِ رُوحِكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ:" لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ، فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ ". قَالَ: أَنْتَ أَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ ". قَالَ جِبْرِيلُ: يَا حَبِيبِي عَمَّ تَسْأَلُنِي؟ قَالَ: " أَسْأَلُكَ عَنْ غَمِّي وَهَمِّي، مَنْ لِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِصُوَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِحُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِأُمَّتِي الْمُصْطَفَاةِ مِنْ بَعْدِي؟ ". قَالَ: أَبْشِرْ يَا حَبِيبَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: قَدْ حُرِّمَتِ الْجَنَّةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: " الْآنَ طَابَتْ نَفْسِي، ادْنُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، فَانْتَهِ إِلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ ".

قَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أَنْتَ قُبِضْتَ فَمَنْ يُغَسِّلُكَ؟ وَفِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ وَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ؟ وَمَنْ يُدْخِلُكَ الْقَبْرَ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا عَلِيُّ، أَمَّا الْغُسْلُ فَاغْسِلْنِي أَنْتَ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْكَ الْمَاءَ، وَجِبْرِيلُ عليه السلام ثَالِثُكُمَا، فَإِذَا أَنْتُمْ فَرَغْتُمْ مِنْ غُسْلِي فَكَفِّنِي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ، وَجِبْرِيلُ عليه السلام يَأْتِينِي بِحَنُوطٍ مِنَ الْجَنَّةِ، فَإِذَا أَنْتُمْ وَضَعْتُمُونِي عَلَى السَّرِيرِ فَضَعُونِي فِي الْمَسْجِدِ وَاخْرُجُوا، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ الرَّبُّ عز وجل مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، ثُمَّ جِبْرِيلُ عليه السلام ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ عليهما السلام ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ زُمَرًا زُمَرًا، ثُمَّ ادْخُلُوا فَقُومُوا صُفُوفًا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيَّ أَحَدٌ ".

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: الْيَوْمَ الْفِرَاقُ، فَمَتَى أَلْقَاكَ؟ قَالَ:" يَا بُنَيَّةُ، تَلْقَيْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْحَوْضِ، وَأَنَا أَسْقِي مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ مِنْ أُمَّتِي ". قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " تَلْقَيْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ وَأَنَا أَشْفَعُ لِأُمَّتِي " قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " تَلْقَيْنِي عِنْدَ الصِّرَاطِ وَأَنَا أُنَادِي: رَبِّ سَلِّمْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ ". فَدَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ قَبْضَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ الرُّكْبَتَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَوْهِ ". فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ السُّرَّةَ نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَاكَرْبَاهُ ". فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: كَرْبِي لِكَرْبِكَ يَا أَبَتَاهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ الثَّنْدُؤَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 30

- صلى الله عليه وسلم: " يَا جِبْرِيلُ، مَا أَشَدَّ مَرَارَةَ الْمَوْتِ ". فَوَلَّى جِبْرِيلُ عليه السلام وَجْهَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا جِبْرِيلُ، كَرِهْتَ النَّظَرَ إِلَيَّ؟ ". فَقَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: يَا حَبِيبِي، وَمَنْ تُطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْكَ وَأَنْتَ تُعَالِجُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ؟ فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَغَسَّلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَجِبْرِيلُ عليه السلام مَعَهُمَا، فَكُفِّنَ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ، وَحُمِلَ عَلَى سَرِيرٍ، ثُمَّ أَدْخَلُوهُ الْمَسْجِدَ وَوَضَعُوهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَخَرَجَ النَّاسُ مِنْهُ. فَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الرَّبُّ تبارك وتعالى مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، ثُمَّ جِبْرِيلُ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ زُمَرًا زُمَرًا. قَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ سَمِعْنَا فِي الْمَسْجِدِ هَمْهَمَةً وَلَمْ نَرَ لَهُمْ شَخْصًا ; فَسَمِعْنَا هَاتِفًا يَهْتِفُ وَيَقُولُ: ادْخُلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلْنَا، وَقُمْنَا صُفُوفًا صُفُوفًا كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرْنَا بِتَكْبِيرِ جِبْرِيلَ عليه السلام وَصَلَّيْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَلَاةِ جِبْرِيلَ عليه السلام، مَا تَقَدَّمَ مِنَّا أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ الْقَبْرَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَدُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ قَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ: يَا أَبَا الْحَسَنِ: دَفَنْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها: كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمُ أَنْ تَحْثُوا التُّرَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَمَا كَانَ فِي صُدُورِكُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّحْمَةُ؟ أَمَا كَانَ مُعَلِّمَ الْخَيْرِ؟ قَالَ: بَلَى يَا فَاطِمَةُ، وَلَكِنْ أَمْرُ اللَّهِ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ. فَجَعَلَتْ تَبْكِي وَتَنْدُبُ، وَتَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ، الْآنَ انْقَطَعَ جِبْرِيلُ عليه السلام وَكَانَ جِبْرِيلُ يَأْتِينَا بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَهُوَ كَذَّابٌ وَضَّاعٌ.

14254 -

«وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي إِلَى عَائِشَةَ فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهَا، فَأَلْقَتْ إِلَيْنَا وِسَادَةً، وَجَذَبَتِ الْحِجَابَ إِلَيْهَا، فَسَأَلَهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ. ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ بِبَابِي رُبَّمَا يُلْقِي الْكَلِمَةَ يَنْفَعُ اللَّهُ بِهَا، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ مَرَّ أَيْضًا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. قُلْتُ: يَا جَارِيَةُ، ضَعِي لِي وِسَادَةً عَلَى الْبَابِ، وَعَصَبْتُ رَأْسِي، فَمَرَّ بِي فَقَالَ:" يَا عَائِشَةُ، مَا شَأْنُكِ؟ ". قُلْتُ: أَشْتَكِي رَأْسِي. قَالَ: " أَنَا وَارَأْسَاهُ ". فَذَهَبَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جِيءَ بِهِ مَحْمُولًا فِي كِسَاءٍ، فَدَخَلَ وَبَعَثَ إِلَى النِّسَاءِ فَقَالَ:" إِنِّي قَدِ اشْتَكَيْتُ، وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ، فَائْذَنَّ لِي فَلْأَكُنْ عِنْدَ عَائِشَةَ ". فَأَذِنَّ لَهُ، فَكُنْتُ أُوصِبُهُ وَلَمْ أُوصِبْ أَحَدًا قَبْلَهُ، فَبَيْنَمَا رَأْسُهُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مَنْكِبِي إِذْ مَالَ رَأْسُهُ نَحْوَ

ص: 31

رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْ رَأْسِي حَاجَةً، فَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ نُطْفَةٌ بَارِدَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَى ثُغْرَةِ نَحْرِي، فَاقْشَعَرَّ لَهَا جِلْدِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَسَجَّيْتُهُ ثَوْبًا، فَجَاءَ عُمَرُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَاسْتَأْذَنَا، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، وَجَذَبْتُ الْحِجَابَ، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَاغَشْيَاهُ! مَا أَشَدَّ غَشْيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْبَابِ قَالَ الْمُغِيرَةُ لِعُمَرَ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: كَذَبْتَ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ تَحُوسُكَ فِتْنَةٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَرَفَعَ الْحِجَابَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَابُنَيَّاهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ حَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ وَاصَفِّيَاهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، وَقَالَ: وَاخَلِيلَاهُ، مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَعُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَتَكَلَّمُ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] الْآيَةَ. مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ!!! مَا شَعَرْتُ أَنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ فَبَايِعُوهُ. فَبَايَعُوهُ».

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ، وَغَيْرِهِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَزَادَ: «فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَيْنَ؟ قُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ، فَدَنَا مِنْهُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: يَا غَشْيَاهُ! مَا أَكُونُ هَذَا الْغَشْيَ! ثُمَّ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَعَرَفَ الْمَوْتَ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ بَكَى فَقُلْتُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ انْقِطَاعُ الْوَحْيِ، وَدُخُولُ جِبْرِيلَ بَيْتِي، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صُدْغَيْهِ، وَوَضَعَ فَاهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، فَبَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ عَلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ غَطَّى وَجْهَهُ، وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: لَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا عُمَرُ، أَعْنَدَكَ عَهْدٌ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ ذَاقَ طَعْمَ الْمَوْتِ وَقَدْ

ص: 32

قَالَ لَهُمْ: " إِنِّي مَيِّتٌ وَإِنَّكُمْ مَيِّتُونَ ". فَضَجَّ النَّاسُ وَبَكَوْا بُكَاءً شَدِيدًا، ثُمَّ خَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَغَسَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا نَسِيتُ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ أَغْسِلْهُ إِلَّا قُلِبَ لِي حَتَّى أَرَى أَحَدًا، فَأَغْسِلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَرَى أَحَدًا حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهُ، ثُمَّ كَفَّنُوهُ بِبُرْدٍ يَمَانِيٍّ أَحْمَرَ وَرَيْطَتَيْنِ قَدْ نِيلَ مِنْهُمَا، ثُمَّ غُسِّلَ، ثُمَّ أُضْجِعَ عَلَى السَّرِيرِ، ثُمَّ أَذِنُوا لِلنَّاسِ ; فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَوْجًا فَوْجًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِمَامٍ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بِالْمَدِينَةِ - حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ - إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ.

ثُمَّ تَشَاجَرُوا فِي دَفْنِهِ أَيْنَ يُدْفَنُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عِنْدَ الْعُودِ الَّذِي كَانَ يُمْسِكُ بِيَدِهِ، وَتَحْتَ مِنْبَرِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الْبَقِيعِ ; حَيْثُ كَانَ يَدْفِنُ مَوْتَاهُ. فَقَالُوا: لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَدًا، إِذًا لَا يَزَالُ عَبْدُ أَحَدِكُمْ وَوَلِيدَتُهُ قَدْ غَضِبَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ فَيَلُوذُ بِقَبْرِهِ فَتَكُونُ سُنَّةً، فَاسْتَقَامَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يُدْفَنَ فِي بَيْتِهِ تَحْتَ فِرَاشِهِ حَيْثُ قَبْضُ رُوحِهُ.

فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ دُفِنَ مَعَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمَوْتَ أَوْصَى قَالَ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْمِلُونِي إِلَى بَابِ بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقُولُوا لَهَا: هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: أَدْخُلُ أَوْ أَخْرُجُ؟ قَالَ: فَسَكَتَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: أَدْخِلُوهُ فَادْفِنُوهُ، أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ. قَالَتْ: فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ أَخَذَتِ الْجِلْبَابَ فَتَجَلْبَبَتْ بِهِ. قَالَ: فَقِيلَ لَهَا: مَا لَكِ وَلِلْجِلْبَابِ؟ قَالَتْ: كَانَ هَذَا زَوْجِي، وَهَذَا أَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ تَجَلْبَبْتُ».

وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ، وَفِي إِسْنَادِ أَبِي يَعْلَى عُوَيْدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَتْرُوكٌ.

14255 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: «أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدِّهِ فَلَدُّوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: " مَا هَذَا؟ " فَقُلْنَا: هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَاهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ. قَالُوا: كُنَّا نَتَّهِمُ بِكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ،. قَالَ: " إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ عز وجل لِيَقْذِفَنِي بِهِ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ لَا يَلِدُّ إِلَّا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ". يَعْنِي الْعَبَّاسَ قَالَتْ: لَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ فِي كِتَابِ الْخِلَافَةِ.

14256 -

وَعَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا عِنْدَ مَوْتِهِ بِصَحِيفَةٍ لِيَكْتُبَ فِيهَا كِتَابًا لَا يَضِلُّونَ بَعْدَهُ أَبَدًا. قَالَ: فَخَالَفَ عَلَيْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى رَفَضَهَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ

ص: 33

ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ خِلَافٌ.

14257 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ادْعُوا لِي بِصَحِيفَةٍ وَدَوَاةٍ أَكْتُبْ لَكَمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّونَ بَعْدِي أَبَدًا ". فَكَرِهْنَا ذَلِكَ أَشَدَّ الْكَرَاهَةِ، ثُمَّ قَالَ: " ادْعُوا لِي بِصَحِيفَةٍ أَكْتُبْ لَكَمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا ". فَقَالَ النِّسْوَةُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَلَا يَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، إِذَا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَصَرْتُنَّ أَعْيُنَكُنَّ، وَإِذَا صَحَّ رَكِبْتُنَّ رَقَبَتَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " دَعُوهُنَّ ; فَإِنَّهُنَّ خَيْرٌ مِنْكُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيُّ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

14258 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «لَأَنْ أَحْلِفَ تِسْعًا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُتِلَ قَتْلًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ ; وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَهُ نَبِيًّا وَاتَّخَذَهُ شَهِيدًا.؟ قَالَ الْأَعْمَشُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْيَهُودَ سَمُّوهُ» وَأَبَا بَكْرٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14259 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14260 -

وَعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ - وَهِيَ أُمُّ وَلَدِ الْعَبَّاسِ أُخْتُ مَيْمُونَةَ - قَالَتْ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلْتُ أَبْكِي، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ؟ ". قَالَتْ: خِفْنَا عَلَيْكَ، وَلَا نَدْرِي مَا نَلْقَى مِنَ النَّاسِ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَنْتُمُ الْمُسْتَضْعَفُونَ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ.

14261 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «لَمَّا كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ، وَتَفْضِيلًا لَكَ، وَخَاصَّةً لَكَ، أَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ، يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا ". فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ هَبَطَ جِبْرِيلُ عليه السلام وَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام وَهَبَطَ مَعَهُمَا مَلَكٌ فِي الْهَوَاءِ يُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ، عَلَى سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ لَيْسَ فِيهِمْ مَلَكٌ إِلَّا عَلَى سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ، يُشَيِّعُهُمْ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ، وَتَفْضِيلًا لَكَ، وَخَاصَّةً لَكَ، أَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ، يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 34

" أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا ". قَالَ: فَاسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، وَمَا اسْتَأْذَنَ عَلَى آدَمِيٍّ قَبِلَكَ، وَلَا يَسْتَأْذِنُ عَلَى آدَمِيٍّ بَعْدَكَ.

فَقَالَ: " ائْذَنْ لَهُ ". فَأَذِنَ لَهُ جِبْرِيلُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُطِيعَكَ فِيمَا أَمَرْتَنِي بِهِ، إِنْ تَأْمُرْنِي أَنْ أَقْبِضَ نَفْسَكَ قَبَضْتُهَا، وَإِنْ كَرِهْتَ تَرَكْتُهَا؟ قَالَ:" وَتَفْعَلُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ أَنْ أُطِيعَكَ فِيمَا أَمَرْتَنِي بِهِ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام: إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدِ اشْتَاقَ إِلَى لِقَائِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ ". فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا آخِرُ وَطْأَتِي فِي الْأَرْضِ، إِنَّمَا كُنْتَ حَاجَتِي فِي الدُّنْيَا.

فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، جَاءَ آتٍ يَسْمَعُونَ حِسَّهُ وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَبِاللَّهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا ; فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، وَهُوَ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ.

14262 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ مِنَ اللَّحْمِ الَّذِي كَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ سَمَّتْهُ، فَانْقَطَعَ أَبْهَرُهُ مِنَ السُّمِّ عَلَى رَأْسِ السَّنَةِ. كَانَ يَقُولُ: " مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنْهُ حِسًّا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14263 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مِثْلُ لَيْلَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَةُ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ؟ ". فَأَقُولُ: لَا، حَتَّى أَذَّنَ بِلَالٌ بِالْفَجْرِ، ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا هَذَا؟ ". فَقُلْتُ: هَذَا بِلَالٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14264 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَهُوَ يَمُدُّ يَدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: " يَا جِبْرِيلُ، أَيْنَ أَنْتَ؟ ". ثُمَّ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، وَهُوَ يَقُولُ: " يَا جِبْرِيلُ اشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّي يُهَوِّنْ عَلَيَّ الْمَوْتَ ". فَذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَقَدْ سَمِعْتُ مَا لَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ مِنْ جِبْرِيلَ، وَهُوَ يَقُولُ: " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14265 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَاسْتَأْذَنَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ - فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: ارْجِعْ فَإِنَّا مَشَاغِيلُ عَنْكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " تَدْرِي مَنْ هَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ، ادْخُلْ رَاشِدًا ". فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ

ص: 35

السَّلَامَ. قَالَ: " أَيْنَ جِبْرِيلُ؟ ". قَالَ: لَيْسَ هُوَ قَرِيبٌ مِنِّي، الْآنَ يَأْتِي. فَخَرَجَ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْبَابِ: مَا أَخْرَجَكَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: الْتَمَسَكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا جَلَسَا قَالَ جِبْرِيلُ: سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، هَذَا وَدَاعٌ مِنِّي وَمِنْكَ.

فَبَلَغَنِي أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ قَبْلَهُ، وَلَا يُسَلِّمُ بَعْدَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14266 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثَقُلَ وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ إِذْ دَخَلَ عَلِيٌّ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: " ادْنُ مِنِّي، ادْنُ مِنِّي ". فَأَسْنَدَهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى تُوَفِّيَ، فَلَمَّا قُضِيَ قَامَ عَلِيٌّ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، وَجَاءَ الْعَبَّاسُ وَمَعَهُ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَامُوا عَلَى الْبَابِ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ يَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا، وَسَطَعَتْ رِيحٌ طَيِّبَةٌ لَمْ يَجِدُوا مَثَلَهَا، فَقَالَ: إِيهًا دَعْ حَنِينًا كَحَنِينِ الْمَرْأَةِ، وَأَقْبِلُوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَالَ عَلِيٌّ: أَدْخِلُوا عَلَيَّ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ. فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: نَشَدْنَاكُمْ بِاللَّهِ وَنَصِيبِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَدْخَلُوا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ يَحْمِلُ جَرَّةً بِإِحْدَى يَدَيْهِ، فَسَمِعُوا صَوْتًا فِي الْبَيْتِ: لَا تُجَرِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاغْسِلُوهُ كَمَا هُوَ فِي قَمِيصِهِ، فَغَسَلَهُ عَلِيٌّ يُدْخِلُ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْقَمِيصِ، وَالْفَضْلُ يُمْسِكُ الثَّوْبَ عَنْهُ، وَالْأَنْصَارِيُّ يَنْقُلُ الْمَاءَ، وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ خِرْقَةٌ يُدْخِلُ يَدَهُ تَحْتَ الْقَمِيصِ» .

قُلْتُ: رَوَى ابْنُ مَاجَةَ بَعْضَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ عَلَى ضَعْفِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14267 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «أَوْصَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَغْسِلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي " فَإِنَّهُ لَا يَرَى عَوْرَتِي أَحَدٌ إِلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ ". قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْعَبَّاسُ وَأُسَامَةُ، يُنَاوِلَانِي الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا، وَفِيهِمْ خِلَافٌ.

14268 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا تُقْبَضُ نَفْسُهُ، ثُمَّ يَرَى الثَّوَابَ، ثُمَّ تُرَدُّ إِلَيْهِ فَتُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ تُرَدَّ إِلَيْهِ إِلَى أَنْ يَلْحَقَ ".

فَكُنْتُ قَدْ حَفِظْتُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنِّي لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّى مَالَتْ عُنُقُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ قُضِيَ. قَالَتْ: فَعَرَفْتُ الَّذِي قَالَ. قَالَتْ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّى ارْتَفَعَ وَنَظَرَ، قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، فَقَالَ: مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فِي الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ.

14269 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " الرَّفِيقِ الْأَعْلَى الْأَسْعَدِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، إِلَّا أَنَّهَا قَالَتْ:«قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي. قَالَتْ: وَظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ. قَالَتْ: وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِالْأَنْبِيَاءِ، فَتَحَرَّكَ فَقُلْتُ: إِنْ خُيِّرْتَ الْيَوْمَ فَلَنْ تَخْتَارَنَا» .

وَأَحَدُ إِسْنَادَيْ أَحْمَدَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 36

14270 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا خَرَجَتْ نَفْسُهُ مَا شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِنْهَا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14271 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتْرًا، وَفَتَحَ بَابًا فِي مَرَضِهِ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ يُصَلُّونَ خَلَفَ أَبِي بَكْرٍ، فَسُرَّ بِذَلِكَ وَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ، إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ ". ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أُصِيبَ مِنْكُمْ بِمُصِيبَةٍ مِنْ بَعْدِي فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ مُصِيبَتِهِ الَّتِي تُصِيبُهُ ; فَإِنَّهُ لَنْ يُصَابَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي بِمِثْلِ مُصِيبَتِهِ بِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ - وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ - وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14272 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ، فَأَفَاقَ وَهِيَ تَمْسَحُ صَدْرَهُ، وَتَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ قَالَ: " لَا. وَلَكِنْ أَسْأَلُ اللَّهَ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى الْأَسْعَدَ، جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14273 -

عَنْ أَبِي عَسِيبٍ - أَوْ أَبِي عَسِيمٍ - قَالَ بَهْزٌ: «شَهِدَ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: ادْخُلُوا أَرْسَالًا أَرْسَالًا. قَالَ: فَكَانُوا يَدْخُلُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ الْبَابِ الْآخَرِ. قَالَ: فَلَمَّا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: قَدْ بَقِيَ مِنْ رِجْلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ يُصْلِحُوهُ قَالُوا: فَادْخُلْ فَأَصْلِحْهُ، فَدَخَلَ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فَغَمَسَ قَدَمَيْهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَهِيلُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ. فَأَهَالُوا عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغَ أَنْصَافَ سَاقَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَحْدَثُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14274 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي وَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ، فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14275 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَشَقَّ لَحَدَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ الَّذِي شَقَّ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ أَطْوَلَ مِنْ هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعَبَّاسِ، وَلَا الَّذِي شَقَّ لَحْدَهُ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ أَيُّوبَ بْنِ مَنْصُورٍ، وَقَدْ وَهِمْ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ لَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14276 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَبُو بَكْرٍ فِي نَاحِيَةٍ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ فَاهُ عَلَى جَبِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَيَقُولُ: بِأَبِي وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا. فَلَمَّا

ص: 37

خَرَجَ مَرَّ عُمَرُ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَقْتُلَ الْمُنَافِقِينَ. قَالَ: وَقَدْ كَانُوا اسْتَبْشَرُوا بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعُوا رُؤُوسِهِمْ، فَمَرَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ أَرْبِعْ عَلَى نَفْسِكَ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ، أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34]؟. قَالَ: وَأَتَى الْمِنْبَرَ، فَصَعِدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ إِلَهَكُمُ الَّذِي تَعْبُدُونَ فَإِنَّ إِلَهَكُمْ قَدْ مَاتَ، وَإِنْ كَانَ إِلَهُكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ فَإِنَّ إِلَهَكُمْ حَيٌّ لَا يَمُوتُ. ثُمَّ تَلَا:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] الْآيَةَ.

ثُمَّ نَزَلَ وَقَدِ اسْتَبْشَرَ الْمُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ، وَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ، وَأَخَذَ الْمُنَافِقُونَ الْكَآبَةَ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنَّمَا كَانَتْ عَلَى وُجُوهِنَا أَغْطِيَةٌ فَكُشِفَتْ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14277 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «سَيُعَزِّي النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ بَعْدِي تَعْزِيَةَ نَبِيٍّ ".

وَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: مَا هَذَا؟ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ بَعْضُنَا بَعْضًا يُعَزِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ، وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ.

14278 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: مَا عَدَا وَارَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي التُّرَابِ، فَأَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14279 -

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: رَأَيْتُ كَأَنَّ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حِجْرِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ دُفِنَ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ. فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: خَيْرُ أَقْمَارِكِ يَا عَائِشَةُ. وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْكَبِيرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَرْفُوعًا أَنَّهَا قَصَّتْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ أَوَّلَهُ بِهَذَا فِي بَابِ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

14280 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَرْثِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

لَهْفَ نَفْسِي وَبِتُّ كَالْمَسْلُوبِ

أَرْقُبُ اللَّيْلَ فِعْلَةَ الْمَحْرُوبِ

مِنْ هُمُومٍ وَحَسْرَةٍ أَرَّقَتْنِي

لَيْتَ أَنِّي سُقِيتُهَا بِشَعُوبِ

حِينَ قَالُوا إِنَّ الرَّسُولَ قَدْ أَمْسَى

وَافَقَتْهُ مَنِيَّةُ الْمَكْتُوبِ

حِينَ جِئْنَا لِآلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ

فَأَشَابَ الْقَذَالَ مِنِّي مَشِيبُ

حِيَنَ رَيْنَا بِيُوتَهُ مُوحِشَاتٍ

لَيْسَ فِيهِنَّ بَعْدُ عَيْشُ غَرِيبِ

ص: 38

فَعَرَانِي لِذَاكَ حُزْنٌ طَوِيلٌ

خَالَطَ الْقَلْبَ فَهْوَ كَالْمَرْعُوبِ.

وَقَالَتْ أَيْضًا:

أَلَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنْتَ رَخَاءَنَا

وَكُنْتَ بِنَا بَرًّا وَلَمْ تَكُ جَافِيَا

وَكَانَ بِنَا بَرًّا رَحِيمًا نَبِيُّنَا

لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ بَاكِيَا

لَعَمْرِي مَا أَبْكِي النَّبِيَّ لِمَوْتِهِ

وَلَكِنْ لِهَرْجٍ كَانَ بَعْدَكَ آتِيَا

كَأَنَّ عَلَى قَلْبِي لِفَقْدِ مُحَمَّدٍ

وَمِنْ حُبِّهِ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ الْمَكَاوِيَا

أَفَاطِمُ صَلَّى اللَّهُ رَبُّ مُحَمَّدٍ

عَلَى جَدَثٍ أَمْسَى بِيَثْرِبَ ثَاوِيَا

أَرَى حَسَنًا أَيْتَمْتَهُ وَتَرَكْتَهُ

يَبْكِي وَيَدْعُو جَدَّهُ الْيَوْمَ نَائِيَا

فِدًى لِرَسُولِ اللَّهِ أُمِّي وَخَالَتِي وَعَمِّي

وَنَفْسِي قَصْرُهُ وَعِيَالِيَا

صَبَرْتَ وَبَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ صَادِقًا

وَمِتَّ صَلِيبَ الدِّينِ أَبْلَجَ صَافِيَا

فَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْعَرْشِ أَبْقَاكَ بَيْنَنَا

سَعِدْنَا وَلَكِنْ أَمْرُهُ كَانَ مَاضِيَا

عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ السَّلَامُ تَحِيَّةً

وَأُدْخِلْتَ جَنَّاتٍ مِنَ الْعَدْنِ رَاضِيَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14281 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَتْ صَفِيَّةُ تَلْمَعُ بِرِدَائِهَا، وَهِيَ تَقُولُ:

قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ

لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْثُرِ الْخُطَبُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُدْرِكْ صَفِيَّةَ.

14282 -

وَعَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: إِنِّي لَأَذْكُرُ مَا قَالَهُ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

أَلَا لِيَ الْوَيْلُ عَلَى مُحَمَّدِ

قَدْ كُنْتُ فِي حَيَاتِهِ بِمَرْصَدِ

أَنَامُ لَيْلِي آمِنًا إِلَى الْغَدِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ بِشْرِ بْنِ آدَمَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

[بَابُ تَمَنِّي رُؤْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

14283 -

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَنَا: " إِنَّ أَحَدَكُمْ سَيُوشِكُ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ نَظْرَةً بِمَا لَهُ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ فِيمَا تَرَكَهُ صلى الله عليه وسلم]

14284 -

عَنْ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى عَلِيٍّ، فَقُلْنَا:

ص: 39

مَا تَقُولُ فِيمَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقُلْتُ: وَالَّذِي بِخَيْبَرَ؟ قَالَ: وَالَّذِي بِخَيْبَرَ. قُلْتُ: وَالَّذِي بِفَدَكٍ؟ قَالَ: وَالَّذِي بِفَدَكٍ. فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تُحِزُّوا رِقَابَنَا بِالْمَنَاشِيرِ فَلَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14285 -

وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ قَالَ: «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ تُوفِّيَ إِلَّا بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14286 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14287 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّا لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[كِتَابُ الْمَنَاقِبِ]

[بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه]

[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه]

(كِتَابُ الْمَنَاقِبِ)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمِنَ الرَّحِيمِ.

37 -

1 - 1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه.

14288 -

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ لُؤَيٍّ. شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأُمُّ أَبِي بَكْرٍ: أُمُّ الْخَيْرِ: سَلْمَى بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، وَأُمُّ أُمِّ الْخَيْرِ: دِلَافُ وَهِيَ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ النَّاقِدِ الْخُزَاعِيِّ.

وَجَدَّةُ أَبِي بَكْرٍ أُمُّ أَبِي قُحَافَةَ: أَمِينَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ حُرْثَانَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14289 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: " هَذَا عَتِيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ ". فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ: عَتِيقًا، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ اسْمُهُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

14290 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَفِي بَيْتِي ذَاتَ يَوْمٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِنَاءِ وَأَصْحَابُهُ، وَالسِّتْرُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ

ص: 40

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَتِيقٍ مِنَ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ اسْمَهُ الَّذِي سَمَّاهُ أَهْلُهُ: لَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ اسْمُ عَتِيقٍ» ".

قُلْتُ: بَعْضُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14291 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمَتْ أُمُّ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمُّ عُثْمَانَ، وَأُمُّ طَلْحَةَ، وَأُمُّ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأُمُّ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ: عَتِيقَ بْنَ عُثْمَانَ ; لِحُسْنِ وَجْهِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14292 -

وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ عَتِيقًا ; لِعَتَاقَةِ وَجْهِهِ، وَكَانَ اسْمُهُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14293 -

عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ اسْمِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: عَبْدُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: عَتِيقٌ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا قُحَافَةَ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةٌ، فَسَمَّى وَاحِدًا عَتِيقًا، وَمُعَيْتِقًا، وَمُعَتَّقًا ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ قَيْسُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ الْبُخَارِيُّ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

13294 -

وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعْرُوقَ الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَتِيقًا لِعَتَاقَةِ وَجْهِهِ، وَكَانَ اسْمُهُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ، وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ عَتِيقًا مِنَ النَّارِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ حَسَنٌ.

14295 -

وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَحْلِفُ: لَلَّهُ أَنْزَلَ اسْمَ أَبِي بَكْرٍ مِنَ السَّمَاءِ الصِّدِّيقَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14296 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَمَا مَرَرْتُ بِسَمَاءٍ إِلَّا وَجَدْتُ فِيهَا اسْمِي: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، مِنْ خَلْفِي» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14297 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، مَا مَرَرْتُ بِسَمَاءٍ إِلَّا وَجَدْتُ اسْمِي فِيهَا مَكْتُوبًا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14298 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: " إِنَّ قَوْمِي لَا يُصَدِّقُونِي ". فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: " يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ الصِّدِّيقُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.

14299 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهَ: " «إِنَّ قَوْمِي يَتَّهِمُونِي» ".

وَفِي أَحَدِ إِسْنَادَيْهِ أَبُو وَهْبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14300 -

وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ: " إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأُخْبِرَهُمْ ". فَكَذَّبُوهُ وَصَدَقَهُ أَبُو

ص: 41

بَكْرٍ ; فَسُمِّيَ يَوْمَئِذٍ: الصِّدِّيقَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابٌ]

14301 -

عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَرَأَيْتُ أَسْمَاءَ قَائِمَةً عَلَى رَأْسِهِ بَيْضَاءَ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ أَبْيَضَ نَحِيفًا، فَحَمَلَنِي وَأَبِي عَلَى فَرَسَيْنِ، ثُمَّ عُرِضْنَا عَلَيْهِ وَأَجَازَنَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14302 -

وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، وَكَأَنَّ لِحْيَتَهُ لَهَبُ الْعَرْفَجِ، عَلَى نَاقَةٍ لَهُ أَدَمًا أَبْيَضَ نَحِيفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَلَمْ أَعْرِفِ الرَّجُلَ الَّذِي مِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14303 -

وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا رَأَتْ رَجُلًا مَارًّا وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا، فَقِيلَ لَهَا: صِفِي لَنَا أَبَا بَكْرٍ. فَقَالَتْ: كَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ نَحِيفًا، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ، أَحْنًا لَا تَسْتَمْسِكُ إِزْرَتُهُ تَسْتَرْخِي عَنْ حِقْوَيْهِ، مَعْرُوقَ الْوَجْهِ، غَائِرَ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئَ الْجَبْهَةِ، عَارِيَ الْأَشَاجِعِ. هَذِهِ صِفَتُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَاقِدَيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي الْخِضَابِ.

14304 -

وَعَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَرَّ بِي أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ فَتَأَمَّلْتُهُمْ، فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ أَحْسَنَ هَيْئَةً مِنْ أَبِي بَكْرٍ ; قَدْ جَلَّلَ عَلَيْهِ كِسَاءً مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ.

قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَرَاهِيَةِ الْإِمَارَةِ فِي الْخِلَافَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ]

14305 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَبُو بَكْرٍ صَاحِبِي وَمُؤْنِسِي فِي الْغَارِ، سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ» ".

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14306 -

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «صُبُّوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ مِنْ آبَارٍ شَتَّى ; حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ فَأَعْهَدَ إِلَيْهِمْ ".

قَالَ: فَخَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ". فَلَمْ يُلَقَّنْهَا إِلَّا أَبُو بَكْرٍ، فَبَكَى. فَقَالَ: نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا، وَأُمَّهَاتِنَا، وَأَبْنَائِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" عَلَى رَسْلِكَ، أَفْضَلُ النَّاسِ عِنْدِي فِي الصُّحْبَةِ وَذَاتِ الْيَدِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، انْظُرُوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ فَسُدُّوهَا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَابِ أَبِي بَكْرٍ ; فَإِنِّي رَأَيْتُ عَلَيْهِ نُورًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، إِلَّا أَنَّهُ زَادَ: وَذَكَرَ قَتْلَى أُحُدٍ فَصَلَّى عَلَيْهِمْ

ص: 42

فَأَكْثَرَ. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14307 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ وَضَّاعٌ.

14308 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سُدُّوا عَنِّي كُلَّ بَابٍ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14309 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْبَقِيعِ. قُلْتُ: فَذَكَرَ حَدِيثَ مَرَضِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَتْ: فَصَبَنْنَا عَلَيْهِ حَتَّى طَفِقَ يَقُولُ: " حَسْبُكُمْ، حَسْبُكُمْ ". - قَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ - ثُمَّ خَرَجَ - كَمَا حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ بَشِيرٍ - عَاصِبًا رَأْسَهُ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ صَلَّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ فَأَكْثَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ". قَالَ: فَفَهِمَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَبَكَى، وَعَرَفَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ يُرِيدُ. قَالَ: " عَلَى رَسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، انْظُرُوا فِي الْمَسْجِدِ هَذِهِ الْأَبْوَابَ اللَّاصِقَةَ فَسُدُّوهَا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ ; فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَفْضَلَ عِنْدِي فِي الصُّحْبَةِ مِنْهُ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قُلْتُ: وَتَأْتِي أَحَادِيثُ تَتَضَمَّنُ سَدَّ الْأَبْوَابِ غَيْرِ بَابِهِ فِي أَحَادِيثَ تَأْتِي فِي مَوَاضِعِهَا. إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

[بَابٌ فِي إِسْلَامِهِ]

14310 -

عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ:

إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخٍ ثِقَةٍ

فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلَا

خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلُهَا

إِلَّا النَّبِيَّ وَأَوْفَاهَا لِمَا حَمَلَا

وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمَحْمُودُ مَشْهَدُهُ

وَأَوَّلُ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُّسُلَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14311 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ضَعِيفٍ.

14312 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ السَّعْدِيِّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

[بَابٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِهِ]

14313 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا الدَّرْدَاءِ يَمْشِي

ص: 43

بَيَنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: " يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، تَمْشِي قُدَّامَ رَجُلٍ لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ بَعْدَ النَّبِيِّينَ عَلَى رَجُلٍ أَفْضَلَ مِنْهُ؟ ". فَمَا رُئِيَ أَبُو الدَّرْدَاءِ بَعْدُ يَمْشِي إِلَّا خَلَفَ أَبِي بَكْرٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14314 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَمْشِي أَمَامَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: " لَا تَمْشِ أَمَامَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ; إِنَّ أَبَا بَكْرٍ خَيْرٌ مِمَّنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ بَقِيَّةٌ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14315 -

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَيْرُ النَّاسِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14316 -

وَعَنْ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، فَالْتَفَتَ الْتِفَاتَةً فَلَمْ يَرَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَبُو بَكْرٍ، أَبُو بَكْرٍ، إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ جِبْرِيلَ عليه السلام أَخْبَرَنِي آنِفًا: أَنَّ خَيْرَ أُمَّتِكَ بَعْدَكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14317 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَسْبَحُونَ فِي غَدِيرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لِيَسْبَحْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمُ إِلَى صَاحِبِهِ ". فَسَبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى صَاحِبِهِ، وَبَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، فَسَبَّحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَالَ: " أَنَا إِلَى صَاحِبِي، أَنَا إِلَى صَاحِبِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14318 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14319 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

14320 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَالَ مِنْ عُمَرَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أَخِي، فَغَضِبَ عُمَرُ، فَقَالَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ فَغَضِبَ عُمَرُ، فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَانْتَهَوْا إِلَيْهِ وَجَلَسُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَسْأَلُكَ أَخُوكَ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلَا تَفْعَلُ؟ ". فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا مِنْ مَرَّةٍ يَسْأَلُنِي إِلَّا وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ لَهُ، وَمَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ بَعْدَكَ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا مِنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُؤْذُونِي فِي صَاحِبِي فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل بَعَثَنِي بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ عز وجل سَمَّاهُ

ص: 44

صَاحِبًا، لَاتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةٌ لِلَّهِ، أَلَا فَسُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ إِلَّا خَوْخَةَ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14321 -

«وَعَنْ رَبِيعَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي أَرْضًا وَأَعْطَى أَبَا بَكْرٍ أَرْضًا، وَجَاءَتِ الدُّنْيَا فَاخْتَلَفْنَا فِي عِذْقِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ فِي حَدِّي، وَقُلْتُ أَنَا: هِيَ فِي حَدِّي. فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ كَلَامٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلِمَةً كَرِهْتُهَا وَنَدَمَ، فَقَالَ لِي: يَا رَبِيعَةُ، رُدَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا حَتَّى تَكُونَ قِصَاصًا، فَقُلْتُ: لَا أَفْعَلُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَتَفْعَلَنَّ أَوْ لَأَسْتَعْدِيَنَّ عَلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، وَرَفَضَ الْأَرْضَ، فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَانْطَلَقْتُ أَتْلُوهُ، فَجَاءَ أُنَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ فَقَالُوا: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فِي أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَكَ مَا قَالَ؟! قُلْتُ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَهُوَ ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِيَّاكُمْ لَا يَلْتَفِتُ فَيَرَاكُمْ تَنْصُرُونِي عَلَيْهِ فَيَغْضَبَ، فَيَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَغْضَبَ لِغَضَبِهِ، فَيَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِهِمَا ; فَتَهْلَكَ رَبِيعَةُ. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: ارْجِعُوا، فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَبِعْتُهُ وَحْدِي، وَجَعَلْتُ أَتْلُوهُ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ كَمَا كَانَ، فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ فَقَالَ: " يَا رَبِيعَةُ، مَا لَكَ وَلِلصِّدِّيقِ؟ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ كَذَا كَانَ كَذَا قَالَ لِي كَلِمَةً كَرِهْتُهَا، فَقَالَ لِي: قُلْ كَمَا قُلْتُ حَتَّى يَكُونَ قِصَاصًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَجَلْ،: فَلَا تَرُدَّنَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قُلْ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ". فَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ يَبْكِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ، وَفِيهِ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14322 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «عَهْدِي بِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ بِخَمْسِ لَيَالٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " لَمْ يَكُنْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَلَهُ خَلِيلٌ فِي أُمَّتِهِ، وَإِنَّ خَلِيلِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَلْهَانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14323 -

وَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذَتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ عز وجل» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14324 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَإِنَّ خَلِيلِي أَبُو بَكْرٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَلْهَانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14325 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا مِنْ أَحَدٍ أَمَنُّ عَلَيَّ فِي يَدِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ، وَأَخْرَجَنِي إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذَتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ إِخَاءٌ وَمَوَدَّةٌ إِلَى يَوْمِ

ص: 45

الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14326 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا مِنْ أَحَدٍ أَعْظَمُ عِنْدِي يَدًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ ; وَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَزَادُوا:" وَأَنْكَحَنِي ابْنَتَهُ ". وَفِيهِ أَرْطَأَةُ أَبُو حَاتِمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14327 -

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُسَرِّحَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَاسْتَشَارَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَاسْتَشَارَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَوْلَا أَنَّكَ اسْتَشَرْتَنَا مَا تَكَلَّمْنَا، فَقَالَ: " إِنِّي فِيمَا لَمْ يُوحَ إِلَيَّ كَأَحَدِكُمْ ". قَالَ: فَتَكَلَّمَ الْقَوْمُ فَتَكَلَّمَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِرَأْيِهِ، فَقَالَ: " مَا تَرَى يَا مُعَاذُ؟ ". فَقُلْتُ: أَرَى مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ فَوْقَ سَمَائِهِ أَنْ يُخْطِئَ أَبُو بَكْرٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَأَبُو الْعَطُوفِ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

14328 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: «اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ ; فَأَصَابَ أَبُو بَكْرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14329 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ دَخَلْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ، فَوَقَعَتْ فِي يَدِي [تُفَّاحَةٌ]، فَلَمَّا وَضَعْتُهَا فِي يَدَيَّ انْفَلَقَتْ عَنْ حَوْرَاءَ، عَيْنَاءَ، مُرْضِيَةٍ، أَشْفَارُ عَيْنَيْهَا كَمَقَادِيمِ أَجْنِحَةِ النُّسُورِ، قُلْتُ لَهَا: لِمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ الذَّهَبِيُّ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيِّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14330 -

وَعَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى خَلَفَ أَبِي بَكْرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ خِلَافٌ.

14331 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ لَا يَبْقَى فِي الْجَنَّةِ أَهْلُ دَارٍ وَلَا غُرْفَةٍ إِلَّا قَالُوا: مَرْحَبًا مَرْحَبًا، إِلَيْنَا إِلَيْنَا ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا ثَوَابُ هَذَا الرَّجُلِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَجَلْ أَنْتَ هُوَ يَا أَبَا بَكْرٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ السَّالِمِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14332 -

وَعَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: السَّبَّاقُ، يَذْكُرُونَ السَّبَّاقَ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا اسْتَبَقْنَا إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنَا إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْحَرَّانِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14333 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: «خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَخْبَرُونِي مَنْ أَشْجَعُ النَّاسِ؟ قَالُوا:

ص: 46

- أَوْ قَالَ: - قُلْنَا: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَمَا إِنِّي مَا بَارَزْتُ أَحَدًا إِلَّا انْتَصَفْتُ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَخْبَرُونِي بِأَشْجَعِ النَّاسِ. قَالُوا: لَا نَعْلَمُ، فَمَنْ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، إِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، جَعَلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرِيشًا، فَقُلْنَا: مَنْ يَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِئَلَّا يَهْوِيَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ فَوَاللَّهِ مَا دَنَا مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ شَاهِرًا بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَهْوِي إِلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا أَهْوَى إِلَيْهِ ; فَهَذَا أَشْجَعُ النَّاسِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ، فَهَذَا نَحَّاهُ وَهَذَا يُتَلْتِلُهُ، وَهُمْ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي جَعَلْتَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا؟ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَنَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ، يَضْرِبُ هَذَا، وَيُحَارُّ وَيُتَلْتِلُ هَذَا، وَهُوَ يَقُولُ: وَيْلَكُمُ! أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ؟ ثُمَّ رَفَعَ عَلِيٌّ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحَيَّتُهُ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ خَيْرٌ أَمْ أَبُو بَكْرٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونِي؟ فَوَاللَّهِ لَسَاعَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ مِثْلِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، ذَاكَ رَجُلٌ كَتَمَ إِيمَانَهُ، وَهَذَا رَجُلٌ أَعْلَنَ إِيمَانَهُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14334 -

وَعَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قِيلَ لَعَلِيٍّ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: «مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْتَخْلِفُ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ تبارك وتعالى بِالنَّاسِ خَيْرًا، فَسَيَجْمَعُهُمْ عَلَى خَيْرِهِمْ كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14335 -

وَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ صَفْوَانَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ سُجِّيَ بِثَوْبٍ فَارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ، وَدُهِشَ كَيَوْمِ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُسْرِعًا مُسْتَرْجِعًا، وَهُوَ يَقُولُ: الْيَوْمَ انْقَطَعَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا بَكْرٍ ; كُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَامًا، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ، وَأَعْظْمُهُمْ غَنَاءً، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْدَبَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَآمَنَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَأَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً، وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ، وَأَكْثَرَهُمْ سَوَابِقَ، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَشْبَهَهُمْ بِهِ هَدْيًا وَخُلُقًا وَسَمْتًا، وَأَوْثَقَهُمْ عِنْدَهُ، وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ مَنْزِلَةً ; فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَعَنْ رَسُولِهِ، وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ، خَيْرًا صَدَّقْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ ; فَسَمَّاكَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: صِدِّيقًا، فَقَالَ: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَصَدَّقَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، آسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا، وَقُمْتَ مَعَهُ حِينَ عَنْهُ قَعَدُوا، وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ

ص: 47

الصُّحْبَةِ، وَالْمُنَزِّلَ عَلَيْهِ السِّكِّينَةَ، رَفِيقَهُ فِي الْهِجْرَةِ وَمَوَاطِنِ الْكُرْبَةِ، خَلَفْتَهُ فِي أُمَّتِهِ بِأَحْسَنِ الْخِلَافَةِ حِينَ ارْتَدَتِ النَّاسُ فَقُمْتَ بِدِينِ اللَّهِ قِيَامًا لَمْ يَقُمْهُ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ قَطُّ، فَوَثَبْتَ حِينَ ضَعُفَ أَصْحَابُكَ، وَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِهِ بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ، فَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ إِذْ وَقَفُوا. كُنْتَ أَعْلَاهُمْ فَوْقًا، وَأَقَلَّهُمْ كَلَامًا، وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقًا، وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا، وَأَبْلَغَهُمْ قَوْلًا، وَكُنْتَ أَكْثَرَهُمْ رَأْيًا وَأَشْجَعَهُمْ قَلْبًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلًا، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ. كُنْتَ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا، وَكُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا ; إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالًا فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا، فَأَدْرَكْتَ آثَارَ مَا طَلَبُوا، وَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا. كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبًّا، وَلِلْمُسْلِمِينَ غَيْثًا وَخِصْبًا، فَطِرْتَ بِغِنَاهَا وَفُزْتَ بِحَيَاهَا، وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا، وَأَحْرَزْتَ سَوَابِقَهَا، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يُزَغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ. كُنْتَ كَالْجَبَلِ لَا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ وَلَا تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ. كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَمَّنَ النَّاسُ عَلَيْهِ بِصُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ. وَكَمَا قَالَ:" ضَعِيفًا فِي بَدَنِكَ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ» ". مُتَوَاضِعًا عَظِيمًا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، جَلِيلًا فِي الْأَرْضِ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلَا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلَا فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلَا عِنْدَكَ هَوَادَةٌ لِأَحَدٍ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ذَلِيلٌ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ الْحَقُّ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ، وَالرِّفْقُ قَوْلُكَ. فَأَقْلَعْتَ وَقَدْ نُهِجَ السَّبِيلُ، وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَقَوِيَ الْإِيمَانُ، وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، فَسَبَقْتَ وَاللَّهِ سَبْقًا بَعِيدًا، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ إِتْعَابًا شَدِيدًا. وَفُزْتَ بِالْجَنَّةِ، وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ - فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا لِلَّهِ أَمْرَهُ، فَلَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِكَ أَبَدًا. كُنْتَ لِلدِّينِ عُدَّةً وَكَهْفًا، وَلِلْمُسْلِمِينَ حِصْنًا وَفَيْئَةً وَأُنْسًا، وَعَلَى الْمُنَافِقِينَ غِلْظَةً وَغَيْظًا، فَأَلْحَقَكَ اللَّهُ بِنَبِيِّهِ، وَلَا حَرَمَنَا اللَّهُ أَجْرَكَ، وَلَا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ.

قَالَ: وَسَكَتَ النَّاسُ حَتَّى قَضَى كَلَامَهُ. ثُمَّ بَكَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهُمْ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ الْكُرْدِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14336 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَ عَائِشَةَ

ص: 48

أَنَّ نَاسًا يَنَالُونَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، فَبَعَثَتْ إِلَى أَزْفَلَةٍ مِنْهُمْ، فَسَدَلَتْ أَسْتَارَهَا، وَعَذَلَتْ وَقَرَّعَتْ، وَقَالَتْ: أَبِي وَمَا أَبِيهِ، أَبِي لَا تُعْطُوهُ الْأَيْدِي. هَيْهَاتَ وَاللَّهِ، ذَاكَ طَوْدٌ مَنِيفٌ، وَظِلٌّ مَدِيدٌ، أَنْجَحَ وَاللَّهِ إِذْ كَذَّبْتُمْ، وَسَبَقَ إِذْ وَنَيْتُمْ سَبْقَ الْجَوَادِ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ، فَتَى قُرَيْشٍ نَاشِئًا، وَكَهْفًا كَهْلًا. يَفُكُّ عَانِيَهَا، وَيَرِيشُ مُمْلِقَهَا، وَيَرْأَبُ رَوْعَهَا، وَيَلُمُّ شَعَثَهَا حَتَّى حَلِيَتْهُ قُلُوبُهَا، ثُمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ حَتَّى اتَّخَذَ بِفَنَائِهِ مَسْجِدًا يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَ الْمُبْطِلُونَ، وَكَانَ رحمه الله غَزِيرَ الدَّمْعَةِ، وَقِيدَ الْجَوَانِحِ، شَجِيَّ النَّشِيجِ، فَاصْفَقَّتْ إِلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَكْبَرَتْ ذَلِكَ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ ; فَحَنَتْ قِسِيَّهَا، وَفَوَّقَتْ سِهَامَهَا، وَامْتَثَلُوهُ غَرَضًا فَمَا فَلُّوا لَهُ شَبَاةً، وَلَا قَصَفُوا لَهُ قَنَاةً، وَمَرَّ عَلَى سِيسَائِهِ حَتَّى إِذَا ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ، وَأَلْقَى بَرْكَهُ، وَرَسَتْ أَوْتَادُهُ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَرْسَالًا وَأَشْتَاتًا ; اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل ضَرَبَ الشَّيْطَانُ رِوَاقَهُ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ، وَمَدَّ طُنُبَهُ، وَأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ ; فَاضْطَرَبَ حَبْلُ الْإِسْلَامِ، وَمَرَجَ عَهْدُهُ، وَمَاجَ أَهْلُهُ، وَعَادَ مَبْرَمُهُ أَنْكَاثًا، وَبَغَى الْغَوَائِلُ، وَظَنَّتِ الرِّجَالُ أَنْ قَدْ أَكْثَبَتْ أَطْمَاعُهُمْ، وَلَاتَ حِينَ [الَّتِي] يَرْجِعُونَ، وَإِنِّي وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا، فَرَفَعَ حَاشِيَتَهُ، وَجَمَعَ قَطْرَتَهُ، فَرَدَّ يُسْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غِرَّةٍ، وَلَمَّ شَعَثَهُ بِطَيِّهِ، وَأَقَامَ أَوَدَهُ بِثِقَافِهِ ; فَابْدَعَرَّ النِّفَاقُ بِوَطْأَتِهِ، وَانْتَاشَ الدِّينُ بِنَعْشِهِ. فَلَمَّا رَاحَ الْحَقُّ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَقَرَّ الرءُوسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أَهَبِهَا، حَضَرَتْ مَنِيَّتُهُ، فَسَدَ ثُلْمَتَهُ بِشَقِيقِهِ فِي الْمَرْحَمَةِ وَنَظِيرِهِ فِي السِّيرَةِ

ص: 49

وَالْمَعْدَلَةِ - ذَاكَ ابْنُ الْخَطَّابِ، لِلَّهِ أُمٌُّ حَمَلَتْ بِهِ وَدَرَّتْ عَلَيْهِ لَقَدْ أَوْحَدَتْ بِهِ ; فَفَتَحَ الْكَفَرَةَ وَذَيْخَهَا، وَشَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ، وَبَعَجَ الْأَرْضَ ; فَقَاءَتْ أُكُلَهَا، وَلَفِظَتْ خَبِيئَهَا تَرْأَمُهُ، وَيُصْدِفُ عَنْهَا وَتَصَدَّى لَهُ وَيَأْبَاهَا، ثُمَّ وَرِعَ فِيهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا كَمَا صَحِبَهَا، فَأَرُونِي مَاذَا تَقُولُونَ؟ وَأَيَّ يَوْمَيْ أَبِي تَنْقِمُونَ؟! أَيَوْمَ إِقَامَتِهِ إِذْ عَدَلَ فِيكُمْ، أَوْ يَوْمَ ظَعْنِهِ إِذْ نَظَرَ لَكَمْ؟ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ السَّدُوسِيُّ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ وَلَا ابْنَهُ.

14337 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، وَاشْرَأَبَّ النِّفَاقُ ; فَنَزَلَ بِأَبِي مَا لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ لَهَاضَهَا. قَالَتْ: فَمَا اخْتَلَفُوا فِي نُقْطَةٍ إِلَّا طَارَ أَبِي بِحَظِّهَا وَسِنَانِهَا. ثُمَّ ذَكَرَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ: كَانَ وَاللَّهِ أَحْوَذِيًّا نَسِيجَ وَحْدِهِ، قَدْ أَعَدَّ لِلْأُمُورِ أَقْرَانَهَا.

قَالَ الرِّيَاشِيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْبَارِعِ الَّذِي لَا يُشَبَّهُ بِهِ أَحَدٌ: نَسِيجُ وَحْدِهِ، وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ، وَيُقَالُ: جَلِيسُ وَحْدِهِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

جَاءَتْ بِهِ مُعْتَجِرًا بِبُرْدِهِ

سَفْوَاءَ تُرْدِي بِنَسِيجِ وَحْدِهِ

يَقْدَحُ قَيْسًا كُلَّهَا بِزَنْدِهِ

مَنْ يَلْقَهُ مِنْ بَطَلٍ يَسْرَنْدِهِ.

أَيْ يَعْلُوهُ قَالَ الرِّيَاشَيُّ: وَأَنْشَدَنِي الْأَصْمَعِيُّ:

مَا بَالُ هَذَا الْيَوْمِ يَغْرَنْدِينِي

أَدْفَعُهُ عَنِّي وَيَسْرَنْدِينِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ طُرُقٍ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا ثِقَاتٌ.

14338 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «اسْتَعْمَلَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ، ثُمَّ وَجَّهَ بِبَرَاءَةٍ مَعَ عَلِيٍّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَجَدْتَ عَلَيَّ فِي شَيْءٍ؟ قَالَ: " لَا، أَنْتَ صَاحِبِي فِي الْغَارِ وَعَلَى الْحَوْضِ» ".

قُلْتُ: رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا أَطْوَلَ مِنْهُ. وَفِي هَذَا زِيَادَةٌ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14339 -

«وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ - يَعْنِي الصِّدِّيقَ - قَالَ: جِئْتُ بِأَبِي قُحَافَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ حَتَّى آتِيَهُ؟ " قَالَ: بَلْ هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَأْتِيَكَ. قَالَ: " إِنَّا نَحْفَظُهُ لِأَيَادِي ابْنِهِ عِنْدَنَا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفِهْرِيُّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14340 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: أَعْتَقَ أَبُو بَكْرٍ سَبْعَةً مِمَّنْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ. مِنْهُمْ: بِلَالٌ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى عُرْوَةَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14341 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} [الليل: 19] {إِلَّا ابْتِغَاءَ

ص: 50

وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 20 - 21].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14342 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا نَفَعَنَا مَالُ أَحَدٍ مَا نَفَعَنَا مَالُ أَبِي بَكْرٍ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ.

14343 -

وَعَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ، وَفِيهَا: فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُكَذِّبُ نَفْسَهُ:

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرَيْبَةٍ

وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ

فَإِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الَّذِي قَدْ

زَعَمْتُمُ فَلَا حَمَلَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي

وَكَيْفَ؟ وَوِدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي

لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ

أَأَشْتُمُ خَيْرَ الناسِ بَعْلًا وَوَالِدًا وَنَفْسًا؟

لَقَدْ أُنْزِلْتُ شَرَّ الْمَنَازِلِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ حَوْثَرَةَ بْنِ أَشْرَسَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14344 -

وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: لَا يُعْلَمُ أَرْبَعَةٌ أَدْرَكُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبْنَاؤُهُمْ إِلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ: أَبُو قُحَافَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عَتِيقِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاسْمُ أَبِي عَتِيقٍ مُحَمَّدٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

[بَابٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْفَضْلِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ]

14345 -

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ فِي السَّمَاءِ مَلَكَيْنِ، أَحَدُهُمَا يَأْمُرُ بِالشِّدَّةِ، وَالْآخَرُ يَأْمُرُ بِاللِّينِ، وَكُلٌّ مُصِيبٌ: جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَنَبِيَّانِ: أَحَدُهُمَا: يَأْمُرُ بِالشِّدَّةِ، وَالْآخَرُ يَأْمُرُ بِاللِّينِ، وَكُلٌّ مُصِيبٌ ". وَذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ وَنُوحًا. " وَلِي صَاحِبَانِ: أَحَدُهُمَا يَأْمُرُ بِالشِّدَّةِ، وَالْآخَرُ يَأْمُرُ بِاللِّينِ، وَكُلٌّ مُصِيبٌ ". وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14346 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَيَّدَنِي بِأَرْبَعَةِ وُزَرَاءَ نُقَبَاءَ ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعُ؟ قَالَ:" اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ، وَاثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ". فَقُلْتُ: مَنِ الِاثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: " جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ ". قُلْنَا: مَنِ الِاثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحببٍ الثَّقَفِيُّ (*)، وَهُوَ كَذَّابٌ.

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِمَعْنَاهُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14347 -

وَعَنْ أَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَيَّدَنِي بِكُمَا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ عَاصِمُ

(*) 61 - جاء في "المجمع"(9/ 51): محمد بن محبب.

قلت: صوابه "محمد بن مجيب "(بالجيم على وزن مطيع) كما في "تاريخ بغداد"(3/ 298) حيث ساق حديث المجمع في ترجمته. وانظر "التقريب"(2/ 204). وليس له رواية عند الستة وهو متروك أما محمد بن محبب بموحدتين فثقة كما في "التقريب"(2/ 204).

ص: 51

بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14348 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَيَّدَنِي بِكُمَا، وَلَوْلَا أَنَّكُمَا تَخْتَلِفَانِ عَلَيَّ مَا خَالَفْتُكُمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ كَاتِبُ مَالِكٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14349 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4] قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14350 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ خَاصَّةً مِنْ أُمَّتِهِ، وَإِنَّ خَاصَّتِي مِنْ أَصْحَابِي: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ حَمَّادٍ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14351 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبْعَثَ رَجُلًا فِي حَاجَةٍ قَدْ أَهَمَّتْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا يَمْنَعُكَ مِنْ هَذَيْنِ؟ فَقَالَ: " كَيْفَ أَبْعَثُ هَذَيْنِ وَهُمَا مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طَرِيقٌ فِي بَابِ مَنَاقِبِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

14352 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، وَمُعَاذٍ، وَأُبَيٍّ، وَسَالِمٍ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَهُمْ فِي الْأُمَمِ كَمَا بَعَثَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ الْحَوَارِيِّينَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ". فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا غِنًى عَنْهُمَا ; إِنَّمَا مَثَلُهُمَا مِنَ الدِّينِ كَمَثَلِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْ أَوَّلِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدٌ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قُلْتُ: وَلَهُ طَرِيقٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ضَعِيفَةٌ، تَأْتِي فِي فَضْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي أَوَّلِ الْمُجَلَّدِ الَّذِي يَلِي هَذَا.

14353 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَسَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، إِلَى الْأُمَمِ كَمَا بَعَثَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ الْحَوَارِيِّينَ ". فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَا تَبْعَثُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَإِنَّهُمَا أَبْلَغُ؟ قَالَ: " لَا غِنًى بِي عَنْهُمَا، إِنَّمَا مَنْزِلَتُهُمَا مِنَ الدِّينِ مَنْزِلَةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

14354 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ فِي النَّاسِ مُعَلِّمِينَ كَمَا بَعَثَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ الْحَوَارِيِّينَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ "

ص: 52

فَقِيلَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَلَا تَبْعَثُ بِهِمَا؟ قَالَ: " إِنَّهُمَا مِنَ الدِّينِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْأَيْلِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14355 -

وَعَنِ ابْنِ غَنْمٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: " لَوِ اجْتَمَعْتُمَا فِي مَشُورَةٍ مَا خَالَفْتُكُمَا» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ ابْنَ غَنْمٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

14356 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ; فَإِنَّهُمَا حَبْلُ اللَّهِ الْمَمْدُودُ، وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِمَا فَقَدْ تَمَسَّكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14357 -

وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ فِي بَيْتِهِ، فَقُلْتُ: يَا خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَهْلًا! وَيْحَكَ يَا أَبَا جُحَيْفَةَ! أَلَا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَيْحَكَ يَا أَبَا جُحَيْفَةَ! لَا يَجْتَمِعُ حُبِّي وَبُغْضُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14358 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنَّا نَجْلِسُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، مَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ رَحْمَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14359 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: " هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14360 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ شَيْخِهِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إِنَّهُ وُثِّقَ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14361 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بِمِثْلِ حَدِيثٍ مَتْنُهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَّا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قُلْتُ: وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14362 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: " هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14363 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: مَنْ فَضَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ أَزْرَى عَلَى

ص: 53

الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَازِمُ بْنُ جَبَلَةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14364 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ: مَا كَانَ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: كَمَنْزِلَتِهِمَا السَّاعَةَ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَشَيْخُ عَبْدِ اللَّهِ ثِقَةٌ.

14365 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، وَثَلَّثَ عُمَرُ، ثُمَّ خَبَطَتْنَا فِتْنَةٌ - أَوْ أَصَابَتْنَا فِتْنَةٌ - يَعْفُو اللَّهُ عَمَّنْ يَشَاءُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: ثُمَّ خَبَطَتْنَا فِتْنَةٌ، يُرِيدُ أَنْ يَتَوَاضَعَ بِذَلِكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

14366 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ: خَطَبَ رَجُلٌ يَوْمَ الْبَصْرَةِ حِينَ ظَهَرَ عَلِيٌّ، فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذَا الْخَطِيبُ الشَّحْشَحُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ.

14367 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَرَاهُمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ كَمَا تُرَى الْكَوَاكِبُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلٍ الْوَاسِطِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14368 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ عِلِّيِّينَ يُشْرِفُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14369 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَتْمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: " «إِذَا أَنَا مِتُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَمُوتَ فَمِتْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سَلْمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْخَوَّاصُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِغَفْلَتِهِ.

14370 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ يَجْلِسْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عُمَرُ فِي مَجْلِسِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عُثْمَانُ فِي مَجْلِسِ عُمَرَ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

14371 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ قَصْرًا لَهُ خَمْسُمِائَةُ بَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ خَمْسَةُ آلَافٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَنِيئًا لَكَ يَا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: أَوْ صَدِيقٌ.

ص: 54

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَنِيئًا لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ قَالَ: أَوْ شَهِيدٌ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: وَأَنَّى لَكَ الشَّهَادَةُ يَا عُمَرُ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الَّذِي أَخْرَجَنِي مِنْ مَكَّةَ إِلَى هِجْرَةِ الْمَدِينَةِ قَادِرٌ أَنْ يَسُوقَ إِلَيَّ الشَّهَادَةَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَسَاقَهَا اللَّهُ إِلَيْهِ عَلَى يَدِ شَرِّ خَلْقِهِ: عَبْدٍ مَمْلُوكٍ لِلْمُغِيرَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ شَرِيكٍ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَفِيهِ خِلَافٌ.

14372 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «أَنَّ أُحُدًا ارْتَجَّ وَعَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اثْبُتْ أُحُدُ ; فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صَدِيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14373 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ جَالِسًا عَلَى حِرَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اثْبُتْ حِرَاءُ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صَدِيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14374 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ أَبَا بَكْرٍ فَتَجِدَهُ فِي دَارِهِ جَالِسًا مُحْتَبِيًا، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ. ثُمَّ انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ الثَّنِيَّةَ فَتَلْقَى عُمَرَ فِيهَا عَلَى حِمَارٍ تَلُوحُ صَلْعَتُهُ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ. ثُمَّ انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ السُّوقَ فَتَلْقَى عُثْمَانَ فِيهَا يَبِيعُ وَيَبْتَاعُ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ بَعْدَ بَلَاءٍ شَدِيدٍ ". فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا مُحْتَبِيًا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: " أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ ". فَقَالَ: وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَقَامَ إِلَيْهِ.

ثُمَّ أَتَيْتُ الثَّنِيَّةَ فَإِذَا فِيهَا عُمَرُ عَلَى حِمَارٍ تَلُوحُ صَلْعَتُهُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: " أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ ". فَقَالَ: وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَانْطَلَقَ. ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ السُّوقَ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ فِيهَا يَبِيعُ وَيَبْتَاعُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: " أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ بَعْدَ بَلَاءٍ شَدِيدٍ ". فَقَالَ: وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَجِئْنَا جَمِيعًا حَتَّى أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَيْدًا أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ

ص: 55

وَيَقُولُ: " أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ بَعْدَ بَلَاءٍ شَدِيدٍ ". فَأَيُّ بَلَاءٍ يُصِيبُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا تَغَنَّيْتُ، وَلَا تَمَنَّيْتُ، وَلَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُكَ. فَقَالَ: " هُوَ ذَاكَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَزَادَ فِيهِ:" «إِنَّ اللَّهَ مُقَمِّصُكَ قَمِيصًا، فَإِذَا أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ» ". وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوُثِّقَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ تَضْعِيفُهُ.

14375 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَشٍّ مِنْ حِشَّانِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأْذَنَ، فَقَالَ: " قُمْ فَائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". فَقُمْتُ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَإِذَا هُوَ أَبُو بَكْرٍ فَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ حَتَّى جَلَسَ. ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأْذَنَ، فَقَالَ: " قُمْ فَائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". فَقُمْتُ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَإِذَا هُوَ عَمَرُ فَأَذِنْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ حَتَّى جَلَسَ. ثُمَّ جَاءَ خَفِيضُ الصَّوْتِ فَقَالَ: " قُمْ فَائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فِي بَلْوَى تُصِيبُهُ ". فَقُمْتُ فَأَذِنْتُ لَهُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ، فَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَبْرًا، حَتَّى جَلَسَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: " أَنْتَ مَعَ أَبِيكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَأَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ بِأَسَانِيدَ، وَبَعْضُ رِجَالِ الطَّبَرَانِيِّ وَأَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: وَيَأْتِي حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي أَوَاخِرَ مَنَاقِبِ عُمَرَ.

14376 -

وَعَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا، فَقَالَ: " أَمْسِكْ عَلَيَّ الْبَابَ ". فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، وَضُرِبَ الْبَابُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: " ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". قَالَ: فَأَذِنْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقُفَّةِ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ. ثُمَّ ضُرِبَ الْبَابُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عُمَرُ. قَالَ: " ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". قَالَ: فَأَذِنْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ» [قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا قَالَ: عُثْمَانُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عُثْمَانُ، قَالَ: " ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ مَعَهَا بَلَاءٌ " فَأَذِنْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ].

قُلْتُ: عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ

ص: 56

وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14377 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْأَسْوَافِ وَبِلَالٌ مَعَهُ، فَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ وَكَشَفَ عَنْ فَخِذَيْهِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: " يَا بِلَالُ، ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، وَكَشَفَ عَنْ فَخِذَيْهِ. ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: " ائْذَنْ لَهُ يَا بِلَالُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". فَدَخَلَ فَجَلَسَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، وَكَشَفَ عَنْ فَخِذَيْهِ. ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: " ائْذَنْ لَهُ يَا بِلَالُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ ". فَدَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ قُبَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، وَكَشَفَ عَنْ فَخِذَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ شَيْخِ الطَّبَرَانِيِّ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

14378 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرًا لِسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ - وَمَنْزِلُهُ بِالْأَسْوَافِ - فَبَسَطَتِ امْرَأَتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ صُورٍ مِنْ نَخْلٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَطْلُعُ الْآنَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ قَالَ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَطَلَعَ عُمَرُ. ثُمَّ قَالَ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَطَلَعَ عُثْمَانُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

14379 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ تَحْتِ هَذَا الصُّورِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". قَالَ: فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ، فَهَنَّأْنَاهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ لَبِثَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ قَالَ:" يَطْلُعُ مِنْ تَحْتِ هَذَا الصُّورِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَطَلَعَ عَمَرُ، فَهَنَّأْنَاهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ قَالَ:" يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ تَحْتِ هَذَا الصُّورِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا ". ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: فَطَلَعَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ -».

14380 -

وَفِي رِوَايَةٍ «: " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَلِيًّا» .

14381 -

وَفِي رِوَايَةٍ «: مَشَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَبَحَتْ لَهُ شَاةً» - فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ،

ص: 57

وَرِجَالُ أَحَدِ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ رِجَالٌ مُوَثَّقُونَ.

14382 -

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا حَائِطًا، ثُمَّ قَالَ: " يَدْخُلُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. ثُمَّ قَالَ: " يَدْخُلُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَدَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. ثُمَّ قَالَ: " يَدْخُلُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَلِيًّا "، فَدَخَلَ عَلِيٌّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14383 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ - أَوْ مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ شَكَّ عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ - مَا عَلَيْهَا وَرَقَةٌ إِلَّا مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ الْفَارُوقُ، وَعُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ الرَّقِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14384 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ، وَلِأَبِي بَكْرٍ: " مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ أَوْ يَكُونُ فِي الصَّفِّ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14385 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ: أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَيَسْمَعُ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا يُنْكِرُهُ، مَا نَعْلَمُ عُثْمَانَ جَاءَ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَلَا قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حِلِّهَا، وَلَكِنَّهُ هَذَا الْمَالُ إِنْ أَعْطَاكُمُوهُ رَضِيتُمْ، وَإِنْ أَعْطَى قُرَيْشًا سَخِطْتُمْ، إِنَّمَا تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا كَفَارِسَ وَالرُّومِ لَا يَتْرُكُونَ لَهُمْ أَمِيرًا إِلَّا قَتَلُوهُ» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْ أَوَّلِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ بِاخْتِصَارٍ، إِلَّا أَنَّهُ «قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، ثُمَّ اسْتَوَى النَّاسُ فَيَبْلُغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يُنْكِرُهُ عَلَيْنَا». وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِيهِمْ خِلَافٌ.

14386 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَ: " رَأَيْتُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ كَأَنِّي أُعْطِيتُ الْمَقَالِيدَ وَالْمَوَازِينَ. فَأَمَّا الْمَقَالِيدُ فَهَذِهِ الْمَفَاتِيحُ. وَأَمَّا الْمَوَازِينُ فَهَذِهِ الَّتِي يُوزَنُ بِهَا، فَوُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَوُزِنْتُ بِهِمْ فَرَجَحْتُ. ثُمَّ جِيءَ بِأَبِي بَكْرٍ، فَوُزِنَ بِهِمْ فَوَزَنَ. ثُمَّ جِيءَ بِعُمْرَ، فَوُزِنَ بِهِمْ فَوَزَنَ. ثُمَّ جِيءَ بِعُثْمَانَ، فَوُزِنَ بِهِمْ. ثُمَّ رُفِعَتْ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:" فَرَجَحَ بِهِمْ ". فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ: " «ثُمَّ جِيءَ بِعُثْمَانَ فَوُضِعَ فِي كِفَّةٍ

ص: 58

وَوُضِعَتْ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَرَجَحَ بِهِمْ، ثُمَّ رُفِعَتْ» "، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14387 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ فِيهَا خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيَّ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: بِلَالٌ. فَمَضَيْتُ، فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَذَرَارِيُّ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ أَرَ فِيهَا أَحَدًا أَقَلَّ مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ. قِيلَ لِي: أَمَّا الْأَغْنِيَاءُ ; فَهُمْ هَاهُنَا يُحَاسَبُونَ وَيُمَحَّصُونَ، وَأَمَّا النِّسَاءُ ; فَأَلْهَاهُنَّ الْأَحْمَرَانِ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ ". قَالَ: " ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ أَحَدِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، فَلَمَّا كُنْتُ عِنْدَ الْبَابِ أُتِيتُ بِكِفَّةٍ، فَوُضِعْتُ فِيهَا وَوُضِعَتْ أُمَّتِي، فَرَجَحْتُ بِهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِأَبِي بَكْرٍ فَوُضِعَ فِي كِفَّةٍ، وَجِيءَ بِجَمِيعِ أُمَّتِي فَوُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ جِيءَ بِعُمَرَ فَوُضِعَ فِي كِفَّةٍ، وَجِيءَ بِجَمِيعِ أُمَّتِي فَوُضِعُوا، فَرَجَحَ عُمَرُ. وَعُرِضَتْ عَلَيَّ أُمَّتِي رَجُلًا رَجُلًا، فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ، فَاسْتَبْطَأْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَجَاءَ بَعْدَ الْإِيَاسِ، فَقُلْتُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ [وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ]، مَا خَلَصْتُ إِلَيْكَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي لَا أَخْلُصُ إِلَيْكَ أَبَدًا إِلَّا بَعْدَ الْمُشِيبَاتِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ كَثْرَةِ مَالِي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ بِاخْتِصَارٍ، وَفِيهِمَا مُطَّرِحُ بْنُ زِيَادٍ وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَلْهَانِيُّ، وَكِلَاهُمَا مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ضَعْفِ هَذَا: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَحَدُ أَصْحَابِ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ، وَأَحَدُ الْعَشْرَةِ، وَهُمْ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

14388 -

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أُرِيتُ أَنِّي وُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَعَدَلْتُهَا، ثُمَّ وُضِعَ أَبُو بَكْرٍ فِي كِفَّةٍ وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَعَدَلَهَا، ثُمَّ وُضِعَ عُمَرُ فِي كِفَّةٍ وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَعَدَلَهَا، وَوُضِعَ عُثْمَانُ فِي كِفَّةٍ وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَعَدَلَهَا، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ وَاقَدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ: كَانَ صَدُوقًا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14389 -

وَعَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، ثُمَّ قَالَ: " وُزِنَ أَصْحَابِي اللَّيْلَةَ ; فَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ فَوَزَنَ، ثُمَّ وُزِنَ عُثْمَانُ فَوَزَنَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ وَضَعَّفَهُ فِي رِوَايَاتٍ.

14390 -

وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ: " وُزِنَ أَصْحَابِي اللَّيْلَةَ

ص: 59

فَوَزَنَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ وَزَنَ عُمَرُ، ثُمَّ وَزَنَ عُثْمَانُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَرَوَاهُ سَعْدَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي الْمُسَاوِرِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَرْفَجَةَ. قُلْتُ: وَفِي إِسْنَادِ هَذَا أَيْضًا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ضَعْفِهِ قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ.

14391 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

قُلْتُ: وَتَأْتِي أَحَادِيثُ فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ مَنَاقِبِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَ فَضْلِ الْعَشْرَةِ. إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

[بَابُ وَفَاةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه]

14392 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «تَذَاكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ مِيلَادَهُمَا عِنْدِي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْبَرَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، [وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ] لِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ الَّتِي عَاشَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ فَقَطْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14393 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ بِمَنْزِلَتِهِ.

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ قَوْلِهِ: وَأَبُو بَكْرٍ بِمَنْزِلَتِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14394 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَدُفِنَ لَيْلًا، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14395 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وَدُفِنَ لَيْلًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14396 -

وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُولُ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَبِهِ طَرَفٌ مِنَ السُّلِّ، وَوُلِّيَ سَنَتَيْنِ وَنِصْفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14397 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه]

[بَابُ نَسَبِهِ]

37 -

2 - 1 - بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

بَابُ نَسَبِهِ.

14398 -

عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبَدِ الْعُزَّى بْنِ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رُزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، يُكَنَّى: أَبَا حَفْصٍ، وَأُمُّهُ: حَنْتَمَةُ بِنْتُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو

ص: 60

بْنِ مَخْزُومٍ، وَأُمُّ حَنْتَمَةَ: الشِّفَاءُ بِنْتُ [عَبْدِ] قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هَصِيصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.

[بَابُ تَسْمِيَتِهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ]

14399 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي الشِّفَاءُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ - وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ - أَنَّ لَبِيدَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، قَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَأَتَيَا الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَا: يَا ابْنَ الْعَاصِ، اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: أَنْتُمَا وَاللَّهِ أَصَبْتُمَا اسْمَهُ ; فَهُوَ الْأَمِيرُ، وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ.

فَدَخَلَ عَمْرٌو عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَنْتَ الْأَمِيرُ، وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ. فَجَرَى الْكِتَابُ مِنْ يَوْمِئِذٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي صِفَتِهِ رضي الله عنه]

14400 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: رَكِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَرَسًا، فَرَكَضَهُ فَانْكَشَفَ فَخِذُهُ، فَرَأَى أَهْلُ نَجْرَانُ عَلَى فَخِذِهِ شَامَةً سَوْدَاءَ قَالُوا: هَذَا الَّذِي نَجِدُ فِي كِتَابِنَا: إِنَّهُ يُخْرِجُنَا مِنْ أَرْضِنَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14401 -

وَعَنْ زِرٍّ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، أَعْسَرُ أَيْسَرُ، ضَخْمٌ، إِذَا أَشْرَفَ عَلَى النَّاسِ كَأَنَّهُ عَلَى دَابَّةٍ، فَإِذَا هُوَ عُمَرُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14402 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ رَجُلًا ضَخْمًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ سَدُوسٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14403 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ أَصْلَعَ شَدِيدَ الصَّلَعِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْخِضَابِ بَعْضُ صِفَاتِهِ وَصِفَاتِ غَيْرِهِ.

[بَابٌ فِي إِسْلَامِهِ رضي الله عنه]

14404 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَوْ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ". فَجَعَلَ اللَّهُ دَعْوَةَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَبَنَى عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، وَهَدَمَ بِهِ الْأَوْثَانَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ بِاخْتِصَارٍ، وَقَالَ:" «أَيِّدِ الْإِسْلَامَ» ".

وَرِجَالُ الْكَبِيرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ مُجَالِدِ بْنِ

ص: 61

سَعِيدٍ، وَقَدْ وُثِّقَ.

14405 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «اللَّهُمَّ اشْدُدِ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14406 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَوْ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ ". فَأَصْبَحَ عُمَرُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، فَأَسْلَمَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14407 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «خَرَجْتُ أَبْغِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ. قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ. قَالَ: فَقَرَأَ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ - وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} [الحاقة: 40 - 41] قُلْتُ: كَاهِنٌ. قَالَ: {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ - تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الحاقة: 42 - 43] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. قَالَ: فَوَقَعَ الْإِسْلَامُ مِنْ قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ شُرَيْحَ بْنَ عُبَيْدٍ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ.

14408 -

وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ".

وَقَدْ ضَرَبَ أُخْتَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَهِيَ تَقْرَأُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَتَلَهَا، ثُمَّ قَامَ فِي السَّحَرِ، فَسَمِعَ صَوْتَهَا تَقْرَأُ:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِشِعْرٍ وَلَا هَمْهَمَةٍ، فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ بِلَالًا عَلَى الْبَابِ، فَدَفَعَ الْبَابَ، فَقَالَ بِلَالٌ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عُمَرُ بِالْبَابِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِعُمَرَ خَيْرًا يُدْخِلْهُ فِي الدِّينِ ". فَقَالَ لِبِلَالٍ: " افْتَحْ ". وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِضَبْعَيْهِ وَهَزَّهُ، وَقَالَ:" مَا الَّذِي تُرِيدُ؟ وَمَا الَّذِي جِئْتَ؟ ". فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اعْرِضْ عَلَيَّ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ. فَقَالَ: " تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ". فَأَسْلَمَ عُمَرُ مَكَانَهُ وَقَالَ: اخْرُجْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الرَّحَبِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14409 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَالَ الْقَوْمُ: انْتَصَفَ الْقَوْمُ مِنَّا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ النَّضْرُ بْنُ عُمَرَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14410 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: إِنْ كَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ لَفَتْحًا، وَهِجْرَتُهُ لَنَصْرًا، وَإِمَارَتُهُ رَحْمَةً،

ص: 62

وَاللَّهِ مَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نُصَلِّيَ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَسْلَمَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَاتَلَهُمْ حَتَّى دَعُونَا فَصَلَّيْنَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14411 -

وَفِيهِ رِوَايَةٌ: مَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ظَاهِرِينَ.

وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ الْقَاسِمَ لَمْ يُدْرِكْ جَدَّهُ ابْنَ مَسْعُودٍ.

14412 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْإِسْلَامِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14413 -

وَعَنْ أَسْلَمَ - مَوْلَى عُمَرَ - قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ أَوَّلَ إِسْلَامِي؟ قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ إِذْ رَآنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ. قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ دَخَلَ هَذَا الْأَمْرُ فِي مَنْزِلِكَ وَأَنْتَ تَقُولُ هَذَا؟ قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ أُخْتَكَ قَدْ ذَهَبَتْ إِلَيْهِ. قَالَ: فَرَجَعْتُ مُغْضِبًا حَتَّى قَرَعْتُ عَلَيْهَا الْبَابَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَسْلَمَ بَعْضُ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ ضَمَّ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْنِ إِلَى الرَّجُلِ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَانَ ضَمَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى زَوْجِ أُخْتِي. قَالَ: فَقَرَعْتُ الْبَابَ، فَقِيلَ لِي: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَقَدْ كَانُوا يَقْرَءُونَ كِتَابًا فِي أَيْدِيهِمْ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتِي قَامُوا حَتَّى اخْتَبَئُوا فِي مَكَانٍ وَتَرَكُوا الْكِتَابَ، فَلَمَّا فَتَحَتْ لِي أُخْتِي الْبَابَ قُلْتُ: أَيَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا صَبَوْتِ؟ قَالَ: وَأَرْفَعُ شَيْئًا فَأَضْرِبُ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا، فَبَكَتِ الْمَرْأَةُ، وَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اصْنَعْ مَا كُنْتَ صَانِعًا فَقَدْ أَسْلَمْتُ، فَذَهَبَتْ وَجَلَسَتْ عَلَى السَّرِيرِ، فَإِذَا بِصَحِيفَةٍ وَسَطَ الْبَابِ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الصَّحِيفَةُ هَاهُنَا؟ فَقَالَتْ لِي: دَعْنَا عَنْكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ; فَإِنَّكَ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَا تَتَطَهَّرُ، وَهَذَا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. فَمَا زِلْتُ بِهَا حَتَّى أَعْطَتْنِيهَا فَإِذَا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمِنَ الرَّحِيمِ قَالَ: فَلَمَّا قَرَأْتُ الرَّحْمِنَ الرَّحِيمَ تَذَكَّرْتُ مِنْ أَيْنَ اشْتُقَّ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَقَرَأْتُ:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحديد: 1] حَتَّى بَلَغَ: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] قَالَ: قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَخَرَجَ الْقَوْمُ مُتَبَادِرِينَ، فَكَبَّرُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالُوا لِي: أَبْشِرْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ: " «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ» ". وَإِنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 63

لَكَ. فَقُلْتُ: دُلُّونِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْنَ هُوَ؟. فَلَمَّا عَرَفُوا الصِّدْقَ، دَلُّونِي عَلَيْهِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. فَجِئْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ عَلِمُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَمَا اجْتَرَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لِي حَتَّى قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «افْتَحُوا لَهُ ; فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ» ". قَالَ: فَفُتِحَ لِي الْبَابُ، فَأَخَذَ رَجُلَانِ بِعَضُدِي حَتَّى دَنَوْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «أَرْسِلُوهُ» ". فَأَرْسَلُونِي فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، «فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ قَمِيصِي، ثُمَّ قَالَ: " أَسْلِمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ ". فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ» . قَالَ: فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ فِي طُرُقِ مَكَّةَ. وَقَدْ كَانُوا سَبْعِينَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ فَعَلِمُوا بِهِ النَّاسُ يَضْرِبُونَهُ وَيَضْرِبُهُمْ.

قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى رَجُلٍ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَخَرَجَ إِلَيَّ، قُلْتُ لَهُ: أَعَلِمْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: أَوَقَدْ فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ. قَالَ: وَدَخَلَ الْبَيْتَ فَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي. قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَى آخَرَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَنَادَيْتُهُ فَخَرَجَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعَلِمْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: وَفَعَلْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَدَخَلَ الْبَيْتَ، وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي. فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ. قَالَ: فَإِذَا أَنَا لَا أُضْرَبُ وَلَا يُقَالُ لِي شَيْءٌ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ إِسْلَامُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: إِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَائْتِ فُلَانًا فَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ: أَشْعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَكْتُمُ الشَّيْءَ، فَجِئْتُ إِلَيْهِ وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ، فَقُلْتُ لَهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ: أَشْعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: فَقَالَ: أَفَعَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَلَا إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَا. قَالَ: فَثَارَ إِلَيَّ أُولَئِكَ النَّاسُ، فَمَا زَالُوا يَضْرِبُونِي وَأَضْرِبُهُمْ حَتَّى أَتَى خَالِي، فَقِيلَ لَهُ: إَنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَا، فَقَامَ عَلَى الْحَجَرِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي فَلَا يَمَسُّهُ أَحَدٌ. قَالَ: فَانْكَشَفُوا عَنِّي، فَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ إِنَّ النَّاسَ يُضْرَبُونَ وَلَا أُضْرَبُ، وَلَا يُقَالُ لِي شَيْءٌ. فَلَمَّا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ جِئْتُ إِلَى خَالِي، فَقُلْتُ: اسْمَعْ، جِوَارُكَ عَلَيْكَ رَدٌّ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، فَأَبَيْتُ، فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ ..

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ

ص: 64

ضَعِيفٌ.

14414 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَالَ: مَنْ أَنَمُّ النَّاسِ؟ قَالُوا: فُلَانٌ قَالَ: فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَلَا تُخْبِرَنَّ أَحَدًا. قَالَ: فَخَرَجَ يَجُرُّ إِزَارَهُ وَطَرَفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَا قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ: كَذَبْتَ وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، فَقَامَ إِلَيْهِ خَلْقٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَاتَلَهُمْ وَقَاتَلُوهُ حَتَّى سَقَطَ، وَأَكَبُّوا عَلَيْهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَكَمْ وَالرَّجُلِ؟ أَتَرَوْنَ بَنِي عَدِيٍّ يُخَلُّونَ عَنْكُمْ وَعَنْ صَاحِبِكُمْ؟ تَقْتُلُونَ رَجُلًا اخْتَارَ لِنَفْسِهِ اتِّبَاعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ فَكَشَفَ الْقَوْمُ عَنْهُ قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي: مِنَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: الْعَاصُ بْنُ وَائِلِ السَّهْمِيُّ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ.

14415 -

«وَعَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَدَعُ مَجْلِسًا جَلَسْتُهُ فِي الْكُفْرِ إِلَّا أَعْلَنْتُ فِيهِ الْإِسْلَامَ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، وَفِيهِ بُطُونُ قُرَيْشٍ مُتَحَلِّقَةٌ فَجَعَلَ يُعْلِنُ الْإِسْلَامَ، وَيَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَثَارَ الْمُشْرِكُونَ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ وَيَضْرِبُهُمْ، فَلَمَّا تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ خَلَّصَهُ رَجُلٌ، فَقُلْتُ لِعُمَرَ: مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي خَلَّصَكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: ذَاكَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14416 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدِ انْتَصَفَ الْقَوْمُ مِنَّا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 64])

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَفِيهِ النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14417 -

«عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ صَدْرَ عُمَرَ بِيَدِهِ حِينَ أَسْلَمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ أَخْرِجْ مَا فِي صَدْرِ عُمَرَ مِنْ غِلٍّ، وَأَبْدِلْهُ إِيمَانًا» ". يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ شِدَّتِهِ رضي الله عنه فِي اللَّهِ وَكَرَاهِيَتِهِ لِلْبَاطِلِ]

14418 -

عَنْ عُمَرَ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ فَقَالَ: يَا كَعْبُ، كَيْفَ تَجِدُ نَعْتِي؟ قَالَ: أَجِدُ نَعْتَكَ قَرْنًا مِنْ حَدِيدٍ قَالَ: وَمَا قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ؟ قَالَ: أَمِيرٌ شَدِيدٌ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِكَ خَلِيفَةٌ تَقْتُلُهُ فِئَةٌ

ص: 65

ظَالِمَةٌ. ثُمَّ قَالَ: مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ يَكُونُ الْبَلَاءُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14419 -

«وَعَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَمَدْتُ رَبِّي تبارك وتعالى بِمَحَامِدَ وَمَدْحٍ، وَإِيَّاكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّ رَبَّكَ تبارك وتعالى يُحِبُّ الْمَدْحَ، هَاتِ مَا امْتَدَحْتَ بِهِ رَبَّكَ تبارك وتعالى ". قَالَ: فَجَعَلْتُ أُنْشِدُهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأْذَنَ، آدَمُ، طِوَالٌ، أَصْلَعُ، أَيْسَرُ أَعْسَرُ، فَاسْتَنْصَتَنِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَصَفَ لَنَا أَبُو سَلَمَةَ كَيْفَ اسْتَنْصَتَهُ لَهُ قَالَ: كَمَا يَصْنَعُ الْهِرُّ - فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَتَكَلَّمَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ أَخَذْتُ أُنْشِدُهُ أَيْضًا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدُ فَاسْتَنْصَتَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَصَفَهُ أَيْضًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنِ الَّذِي تَسْتَنْصِتُنِي لَهُ؟ فَقَالَ: " هَذَا رَجُلٌ لَا يُحِبُّ الْبَاطِلَ، هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: فَدَخَلَ رَجُلٌ طِوَالٌ أَقْنَى، فَقَالَ لِيَ:" اسْكُتْ ".

14420 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ أَيْضًا: حَتَّى دَخَلَ رَجُلٌ بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ. وَزَادَ: فَقِيلَ لِي: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ بَعْدُ أَنَّهُ كَانَ يَهُونُ عَلَيْهِ لَوْ سَمِعَنِي أَنْ لَا يُكَلِّمَنِي حَتَّى يَأْخُذَ بِرِجْلِي فَيَسْحَبَنِي إِلَى الْبَقِيعِ.

وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

[بَابُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ]

14421 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ الْجَهْمِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14422 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ، يَقُولُ بِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمُقْرِئُ الْعَكَّاوِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14423 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ - كَاتِبِ اللَّيْثِ - وَقَدْ وُثِّقَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

14424 -

وَعَنْ بِلَالٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَقَدِ اخْتَلَطَ.

14425 -

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» ".

ص: 66

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضُعَفَاءُ، سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ وَغَيْرُهُ.

14426 -

وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَا كَانَ نَبِيٌّ إِلَّا فِي أُمَّتِهِ مُعَلِّمٌ أَوْ مُعَلِّمَانِ، وَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ; إِنَّ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ.

14427 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بِعُمَرَ، مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14428 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14429 -

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْزِلُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا وَرَدَ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مِنْ مُوَافَقَتِهِ لِلْقُرْآنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ]

14430 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: فَضَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ: بِذِكْرِ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ ; أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68]. وَبِذِكْرِ الْحِجَابِ ; أَمَرَ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَقَالَتْ لَهُ زَيْنَبُ: وَإِنَّكَ عَلَيْنَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ فِي بُيُوتِنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]. وَبِدَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «اللَّهُمَّ أَيِّدِ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ» ". وَبِرَأْيِهِ فِي أَبِي بَكْرٍ كَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو نَهْشَلٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14431 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ قَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَيْ بُنَيَّ، اطْلُبْ لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِهِ، فَكَفِّنِّي فِيهِ، وَمُرْهُ يُصَلِّي عَلَيَّ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ شَرَفَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَإِنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ أَطْلُبَ إِلَيْكَ ثَوْبًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ، وَأَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَ اللَّهِ وَنِفَاقَهُ، وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصْلِيَ عَلَيْهِ. قَالَ: " وَأَيْنَ؟ ". قَالَ: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَإِنِّي سَأَزِيدُهُ ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]. وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6]» .

«قَالَ: وَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 67

فَأَطَالَ الْجُلُوسُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا لِكَيْ يَتْبَعَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَدَخَلَ عُمَرُ فَرَأَى الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَقْعَدِهِ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ آذَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فَفَطِنَ الرَّجُلُ فَقَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ قُمْتُ ثَلَاثًا لِكَيْ تَتْبَعَنِي فَلَمْ تَفْعَلْ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ حِجَابًا ; فَإِنَّ نِسَاءَكَ لَسْنَ كَسَائِرِ النِّسَاءِ، وَهُوَ أَطْهَرُ لِقُلُوبِهِنَّ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] الْآيَةَ. فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ».

«قَالَ: وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْأُسَارَى، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَحْيِي قَوْمَكَ وَخُذْ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ، فَاسْتَعِنْ بِهِ. وَقَالَ عُمَرُ: اقْتُلْهُمْ، فَقَالَ: " لَوِ اجْتَمَعْتُمَا مَا عَصَيْنَاكُمَا ". فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [الأنفال: 67].» «قَالَ: وَنَزَلَتْ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ - ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون: 12 - 13] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَقَالَ عُمَرُ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. فَأُنْزِلَتْ: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَقَالَ:" لَوِ اجْتَمَعْتُمَا مَا عَصَيْتُكُمَا ". وَفِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَهُوَ لَيِّنٌ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14432 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا عُمَرُ، أَتَانِي جِبْرِيلُ آنِفًا، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، حَدِّثْنِي بِفَضَائِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَوْ حَدَّثْتُكَ بِفَضَائِلِ عُمَرَ مَا لَبِثَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ - أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا - مَا نَفِدَتْ فَضَائِلُ عُمَرَ، وَإِنَّ عُمَرَ لَحَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ أَبِي بَكْرٍ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَنْزِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

[بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ]

14433 -

عَنْ عِصْمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14434 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَوْ كَانَ اللَّهُ بَاعِثًا رَسُولًا بَعْدِي لَبَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ بَشِيرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 68

[بَابٌ فِي غَضَبِهِ وَرِضَاهُ]

14435 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: أَقْرِئْ عُمَرَ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّ رِضَاهُ حُكْمٌ، وَإِنَّ غَضَبَهُ عِزٌّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي عِلْمِهِ]

14436 -

عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ أَنَّ عِلْمَ عُمَرَ وُضِعَ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَوُضِعَ عِلْمُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ ; لَرَجَحَ عِلْمُهُ بِعِلْمِهِمْ ..

قَالَ وَكِيعٌ: قَالَ الْأَعْمَشُ: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟!! فَوَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: إِنِّي لَأَحْسَبُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ ذَهَبَ يَوْمَ ذَهَبَ عُمَرُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ هَذَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14437 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ أَنِّي أُعْطِيتُ عُسًّا مَمْلُوءًا لَبَنًا، فَشَرِبْتُ حَتَّى تَمَلَّأْتُ، حَتَّى رَأَيْتُهُ يَجْرِي فِي عُرُوقِي بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ، فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَأَعْطَيْتُهَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ". فَأَوَّلُوهَا قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا عِلْمٌ أَعْطَاكَهُ اللَّهُ فَمَلَأَكَ مِنْهُ، فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَأَعْطَيْتَهَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. فَقَالَ: " أَصَبْتُمْ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14438 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ أَعْلَمَنَا بِاللَّهِ، وَأَقْرَأَنَا لِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَفْقَهَنَا فِي دِينِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي وَفَاةِ عُمَرَ.

[بَابُ مَنْزِلَةِ عُمَرَ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم]

14439 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ أَبْغَضَ عُمَرَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَحَبَّ عُمَرَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَإِنَّ اللَّهَ بَاهَى بِالنَّاسِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَامَّةً، وَبَاهَى بِعُمَرَ خَاصَّةً. وَإِنَّهُ لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا كَانَ فِي أُمَّتِهِ مُحَدَّثٌ، وَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَهُوَ عُمَرُ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ مُحَدَّثٌ؟ قَالَ:" تَتَكَلَّمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى لِسَانِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو سَعْدٍ خَادِمُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14440 -

وَعَنْ

ص: 69

أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «أَنَّ اللَّهَ عز وجل بَاهَى مَلَائِكَتَهُ بِعَبِيدِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَامَّةً، وَبَاهَى بِعُمَرَ خَاصَّةً» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَاصُّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ.

14441 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَتَبَسَّمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: " يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مِمَّا تَبَسَّمْتُ إِلَيْكَ؟ ". قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل بَاهَى بِأَهْلِ عَرَفَةَ عَامَّةً، وَبَاهَى بِكَ خَاصَّةً» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ.

[بَابُ خَوْفِ الشَّيْطَانِ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه]

14442 -

عَنْ سُدَيْسَةَ مَوْلَاةِ حَفْصَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ مُنْذُ أَسْلَمَ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ فِي تَرْجَمَةِ سُدَيْسَةَ، مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْهَا، وَلَا نَعْلَمُ الْأَوْزَاعِيَّ سَمِعَ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ.

وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَطِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سُدَيْسَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْفَضْلِ بْنِ مُوَفَّقٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14443 -

وَعَنْ سُدَيْسَةَ - مَوْلَاةِ حَفْصَةَ - عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَقَدْ نَذَرْتُ أَنْ أَزْفِنَ بِالدُّفِّ إِنْ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ: فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذِ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَانْطَلَقْتُ بِالدُّفِّ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ فَغَطَّيْتُهُ بِكِسَاءٍ، فَقُلْتُ: أَيْ نَبِيَّ اللَّهِ، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُهَابَ قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَلْقَى عُمَرَ مُنْذُ أَسْلَمَ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.

[بَابُ صَرْعِهِ الشَّيْطَانَ]

37 -

2 - 12 - 2 - بَابُ صَرْعِهِ لِلشَّيْطَانَ.

14444 -

عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَقِيَ الشَّيْطَانُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَارَعَهُ، فَتَعَرَهُ الْمُسْلِمُ، وَأَزَمَ بِإِبْهَامِهِ، فَقَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ آيَةً لَا يَسْمَعُهَا أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا وَلَّى، فَأَرْسَلَهُ، فَأَبَى أَنْ يُعَلِّمَهُ، فَصَارَعَهُ، فَتَعَرَهُ الْمُسْلِمُ، وَأَزَمَّ بِإِبْهَامِهِ [فَقَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمُكَ آيَةً لَا يَسْمَعُهَا أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا وَلَّى، فَأَرْسَلَهُ، فَأَبَى أَنْ يُعَلِّمَهُ، فَعَادَ فَصَرَعَهُ فَتَعَرَهُ الْمُسْلِمُ وَأَزَمَّ بِإِبْهَامِهِ]، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِهَا، فَأَبَى أَنْ يُعْلِمَهُ. فَلَمَّا عَاوَدَهُ الثَّالِثَةَ قَالَ: الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] إِلَى آخِرِهَا، فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ إِلَّا عُمَرَ.

14445 -

وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنَ الْجِنِّ فَصَارَعَهُ، فَصَرَعَهُ الْإِنْسِيُّ،

ص: 70

فَقَالَ لَهُ الْجِنِّيُّ: عَاوِدْنِي، فَعَاوَدَهُ فَصَرَعَهُ الْإِنْسِيُّ، فَقَالَ لَهُ الْإِنْسِيُّ: إِنِّي لَأَرَاكَ ضَئِيلًا شَحِيبًا، كَأَنَّ ذُرَيِّعَتَيْكَ ذُرَيِّعَتَا كَلْبٍ قَالَ: فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ مَعَاشِرَ الْجِنِّ - أَوْ أَنْتَ مِنْهُمْ كَذَلِكَ - قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِنِّي مِنْهُمْ لَضَلِيعٌ، وَلَكِنْ عَاوِدْنِي الثَّالِثَةَ فَإِنْ صَرَعْتَنِي عَلَّمْتُكَ شَيْئًا يَنْفَعُكَ، فَعَاوَدَهُ فَصَرَعَهُ، فَقَالَ: هَاتِ عَلِّمْنِي قَالَ: هَلْ تَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَقْرَأَهَا فِي بَيْتٍ إِلَّا خَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ ; لَهُ خَبَجٌ كَخَبَجِ الْحِمَارِ، لَا يَدْخُلُهُ حَتَّى يُصْبِحَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَعَبَسَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: مَنْ يَكُونُ هُوَ إِلَّا عُمَرَ رضي الله عنه.

رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَكِنَّهُ أَدْرَكَهُ. وَرُوَاةُ الطَّرِيقِ الْأُولَى فِيهِمُ الْمَسْعُودِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ اخْتَلَطَ فَبَانَ لَنَا صِحَّةُ رِوَايَةِ الْمَسْعُودِيِّ بِرِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ قُوَّتِهِ فِي وِلَايَتِهِ]

14446 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي رَأَيْتُنِي الْبَارِحَةَ عَلَى قَلِيبٍ أَنْزِعُ، فَجِئْتَ أَنْتَ فَنَزَعْتَ وَأَنْتَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، وَضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، وَقَدْ وُثِّقَ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14447 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «بَيْنَا أَنَا أَنْزِعُ اللَّيْلَةَ إِذْ وَرَدَتْ عَلَيَّ غَنَمٌ سُودٌ وَعُفْرٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبِينَ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَمَلَأَ الْحِيَاضَ

ص: 71

وَأَرْوَى الْوَارِدَةَ ; فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا أَحْسَنَ نَزْعًا مِنْ عُمَرَ، فَأَوَّلْتُ السُّودَ: الْعَرَبَ، وَالْعُفْرَ: الْعَجَمَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14448 -

وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عُمَرَ قَطُّ إِلَّا وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ مَلَكٌ يُسَدِّدُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ فِي وَفَاةِ عُمَرَ.

[بَابُ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ]

14449 -

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا أُمَّهْ، قَدْ خِفْتُ أَنْ يُهْلِكَنِي مَالِي، أَنَا أَكْثَرُ قُرَيْشٍ مَالًا قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، فَانْفِقْ ; فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ ". فَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَلَقِيَ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا عُمَرُ فَقَالَ: بِاللَّهِ، مِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَتْ: لَا. وَلَا أُبَرِّئُ أَحَدًا بَعْدَكَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ حُضُورِهِ لِتَنْزِيلِ الْقُرْآنِ]

14450 -

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا يَوْمًا: " إِنِّي قَدْ قِيلَ لِي: اقْرَأْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ". فَدَعَاهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إِذَا نَزَلَ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَفِي إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، وَإِسْنَادُ الْبَزَّارِ ضَعِيفٌ.

[بَابُ أَمَانِ النَّاسِ مِنَ الْفِتَنِ فِي حَيَاتِهِ]

14451 -

«عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَدْرَكَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَعُثْمَانُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، عَلَى ثَنِيَّةِ الْأُثَايَةِ مِنَ الْعَرْجِ، فَقَطَعَتْ رَاحِلَتُهُ رَاحِلَةَ عُثْمَانَ، وَقَدْ مَضَتْ رَاحِلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَامَ الرَّكْبِ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ: أَوْجَعْتَنِي يَا غَلْقَ الْفِتْنَةِ، فَلَمَّا اسْتَسْهَلَتِ الرَّوَاحِلُ دَنَا مِنْهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَا السَّائِبِ، مَا هَذَا الِاسْمُ الَّذِي سَمَّيْتَنِيهِ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا أَنَا سَمَّيْتُكَهُ، سَمَّاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا هُوَ أَمَامَ الرَّكْبِ يَقْدُمُ الْقَوْمَ، مَرَرْتُ يَوْمًا وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هَذَا غَلْقُ الْفِتْنَةِ ". وَأَشَارَ بِيَدِهِ " لَا يَزَالُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْفِتْنَةِ بَابٌ شَدِيدُ الْغَلْقِ مَا عَاشَ هَذَا بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، وَيَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ ضَعِيفٌ.

14452 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ: «أَنَّهُ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَغَمَزَهَا، وَكَانَ

ص: 72

عُمَرُ رَجُلًا شَدِيدًا، فَقَالَ: أَرْسِلْ يَدِي يَا قُفْلَ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا قُفْلُ الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: جِئْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَجَلَسْتَ فِي آخِرِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تُصِيبُكُمْ فِتْنَةٌ مَا دَامَ هَذَا فِيكُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، وَلَكِنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي ذَرٍّ فِيمَا أَظُنُّ.

[بَابُ عِبَادَتِهِ رضي الله عنه]

14453 -

عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا نَكَحْتُهَا حِينَ نَكَحْتُهَا رَغْبَةً فِي مَالٍ وَلَا وَلَدٍ، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ تُخْبِرَنِي عَنْ لَيْلِ عُمَرَ رضي الله عنه فَسَأَلَهَا: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ عُمَرَ بِاللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي الْعَتَمَةَ، ثُمَّ يَأْمُرُنَا أَنْ نَضَعَ عِنْدَ رَأْسِهِ تَوْرًا مِنْ مَاءٍ نُغَطِّيهِ، وَيَتَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَضَعُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ يَذْكُرُ اللَّهَ مَا شَاءَ أَنْ يَذْكُرَ، ثُمَّ يَتَعَارَّ مِرَارًا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى السَّاعَةِ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا لِصَلَاتِهِ. فَقَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي بِنْتُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. فَقَالَ: ثِقَةٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ بِشَارَتِهِ بِالشَّهَادَةِ وَالْجَنَّةِ]

14454 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ فِي حَائِطٍ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: " ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَقَالَ: " ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ وَالشَّهَادَةِ ". ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَقَالَ: " ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ وَبِالشَّهَادَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ صَحِيحَةٌ فِيمَا وَرَدَ مِنَ الْفَضْلِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرِهِمَا.

14455 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا أَبْيَضَ، فَقَالَ: " أَجَدِيدٌ ثَوْبُكَ أَمْ غَسِيلٌ؟ ". قَالَ: فَلَا أَدْرِي مَا رَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا، وَيَرْزُقُكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ بِاخْتِصَارِ قُرَّةِ الْعَيْنِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ:" «وَيَرْزُقُكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ". قَالَ: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ

ص: 73

اللَّهِ».

وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14456 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَبْيَضُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عُمَرُ أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ هَذَا أَمْ غَسِيلٌ؟ ". فَقَالَ: غَسِيلٌ. فَقَالَ: " الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا، وَيُعْطِيكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14457 -

وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ ". قَالَ: " قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ - وَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ لِي - قَالَ: لِعُمَرَ ". قَالَ: " ثُمَّ سَرَتْ سَاعَةٌ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ خَيْرٍ مِنَ الْقَصْرِ الْأَوَّلِ ". قَالَ: " قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ - وَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ لِي - قَالَ: لِعُمَرَ، وَإِنَّ فِيهِ لَمِنَ الْحُورِ الْعِينِ - يَا أَبَا حَفْصٍ - وَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَدْخُلَهُ إِلَّا غَيْرَتُكَ ". قَالَ: فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَالَ: أَمَّا عَلَيْكَ فَلَمْ أَكُنْ أَغَارُ».

14458 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " «فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ.

14459 -

وَزَادَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:" عُمَرُ غَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنَّا ".

وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَزِيَادَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهَا عَنْ شَيْخِهِ مِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهَا وُثِّقُوا.

14460 -

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: «إِنْ كَانَ عُمَرُ لَمِنْ أِهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَا رَأَى فِي يَقَظَتِهِ أَوْ نَوْمِهُ فَهُوَ حَقٌّ، وَإِنَّهُ قَالَ: " بَيْنَا أَنَا فِي الْجَنَّةِ إِذْ رَأَيْتُ فِيهَا دَارًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ عُمَرُ سِرَاجُ أَهْلِ الْجَنَّةِ]

14461 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «عُمَرُ سِرَاجُ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ وَفَاةِ عُمَرَ رضي الله عنه]

14462 -

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام: لِيَبْكِ الْإِسْلَامُ عَلَى مَوْتِ عُمَرَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَذَّابٌ.

14463 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ طَعَنَهُ طَعْنَتَيْنِ، فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّ لَهُ ذَنْبًا فِي النَّاسِ لَا يَعْلَمُهُ، فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يُحِبُّهُ وَيُدْنِيهِ وَيَسْمَعُ مِنْهُ، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ نَعْلَمَ عَنْ مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ هَذَا؟ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِمَلَأٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَهُمْ يَبْكُونَ، فَرَجَعَ إِلَى

ص: 74

عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا مَرَرْتُ عَلَى مَلَأٍ إِلَّا وَهُمْ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ فَقَدُوا الْيَوْمَ أَبْكَارَ أَوْلَادِهِمْ، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَنِي؟ فَقَالَ: أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيُّ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُ الْبِشْرَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَبْتَلِنِي أَحَدٌ يُحَاجُّنِي يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، أَمَا أَنِّي قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمُ أَنْ تَجْلِبُوا إِلَيْنَا مِنَ الْعُلُوجِ أَحَدًا فَعَصَيْتُمُونِي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا إِلَيَّ إِخْوَانِي قَالُوا: وَمَنْ؟ قَالَ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي، فَلَمَّا جَاءُوا، قُلْتُ: هَؤُلَاءِ قَدْ حَضَرُوا قَالَ: نَعَمْ. نَظَرْتُ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدْتُكُمْ أَيُّهَا السِّتَّةُ رُءُوسَ النَّاسِ وَقَادَتَهِمْ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا فِيكُمْ، مَا اسْتَقَمْتُمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُ النَّاسِ، وَإِنْ يَكُنِ اخْتِلَافٌ يَكُنْ فِيكُمْ. فَلَمَّا سَمِعْتُهُ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ وَالشِّقَاقَ وَإِنْ يَكُنْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ كَائِنٌ ; لِأَنَّهُ قَلَّمَا قَالَ شَيْئًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، ثُمَّ نَزَفَهُ الدَّمُ فَهَمَسُوا بَيْنَهُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيٌّ بَعْدُ، وَلَا يَكُونُ خَلِيفَتَانِ يَنْظُرُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ، فَقَالَ: احْمِلُونِي، فَحَمَلْنَاهُ، فَقَالَ: تَشَاوَرُوا ثَلَاثًا، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ قَالُوا: مَنْ نُشَاوِرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: شَاوِرُوا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، وَسَرَاةَ مَنْ هُنَا مِنَ الْأَجْنَادِ، ثُمَّ دَعَا بِشَرْبَةٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ فَخَرَجَ بَيَاضُ اللَّبَنِ مِنَ الْجُرْحَيْنِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ: الْآنَ لَوْ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا كُلَّهَا لَافْتَدَيْتُ بِهَا مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ، وَمَا ذَاكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَنْ أَكُونَ رَأَيْتُ إِلَّا خَيْرًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَإِنْ قُلْتُ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، أَلَيْسَ قَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِزَّ اللَّهُ بِكَ الدِّينَ وَالْمُسْلِمِينَ إِذْ يَخَافُونَ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا أَسْلَمْتَ كَانَ إِسْلَامُكَ عِزًّا، وَظَهَرَ بِكَ الْإِسْلَامُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، وَهَاجَرْتَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَانَتْ هِجْرَتُكَ فَتْحًا، ثُمَّ لَمْ تَغِبْ عَنْ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ يَوْمِ كَذَا وَيَوْمِ كَذَا، ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، فَوَازَرْتَ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبْتَ بِمَنْ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ أَدْبَرَ حَتَّى دَخَلَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا، ثُمَّ قُبِضَ الْخَلِيفَةُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ وُلِّيتَ بِخَيْرِ مَا وُلِّيَ النَّاسُ، مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الْأَمْصَارَ، وَجَبَى بِكَ الْأَمْوَالَ، وَنَفَى بِكَ الْعَدُوَّ، وَأَدْخَلَ اللَّهُ بِكَ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ تَوْسِعَتِهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَتَوْسِعَتِهِمْ فِي أَرْزَاقِهِمْ،

ص: 75

ثُمَّ خَتَمَ لَكَ بِالشَّهَادَةِ ; فَهَنِيئًا لَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمَغْرُورَ مَنْ تَغُرُّونَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَتَشْهَدُ لِي يَا عَبْدَ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَلْصِقْ خَدِّي بِالْأَرْضِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَوَضَعْتُهُ مِنْ فَخِذِي عَلَى سَاقِي، فَقَالَ: أَلْصِقْ خَدِّي بِالْأَرْضِ، فَتَرَكَ لِحْيَتَهُ وَخَدَّهُ حَتَّى وَقَعَ بِالْأَرْضِ، فَقَالَ: وَيْلَكَ وَوَيْلَ أُمِّكَ يَا عُمَرُ! إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ يَا عُمَرُ. ثُمَّ قُبِضَ رحمه الله فَلَمَّا قُبِضَ أَرْسَلُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: لَا آتِيكُمُ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ مُشَاوَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَسَرَاةِ مَنْ هُنَا مِنَ الْأَجْنَادِ ..

قَالَ الْحَسَنُ: وَذُكِرَ لَهُ فِعْلُ عُمَرَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَخَشْيَتُهُ مِنْ رَبِّهِ، فَقَالَ: هَكَذَا الْمُؤْمِنُ جَمَعَ إِحْسَانًا وَشَفَقَةً، وَالْمُنَافِقُ جَمَعَ إِسَاءَةً وَغِرَّةً، وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ فِيمَا مَضَى وَلَا فِيمَا بَقِيَ عَبْدًا ازْدَادَ إِحْسَانًا إِلَّا ازْدَادَ مَخَافَةً وَشَفَقَةً مِنْهُ، وَلَا وَجَدْتُ فِيمَا مَضَى وَلَا فِيمَا بَقِيَ عَبْدًا ازْدَادَ إِسَاءَةً إِلَّا ازْدَادَ غِرَّةً ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14464 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَكَانَ يَصْنَعُ الْأَرْحَاءَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَسْتَغِلُّهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَلَقِيَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ أَثْقَلَ عَلَيَّ غَلَّتِي، فَكَلِّمْهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَحْسِنْ إِلَى مَوْلَاكَ، وَمِنْ نِيَّةِ عُمَرَ أَنْ يَلْقَى الْمُغِيرَةَ فَيُكَلِّمَهُ فَيُخَفِّفَ. فَغَضِبَ الْعَبْدُ وَقَالَ: وَسِعَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَدْلُهُ غَيْرِي، فَأَضْمَرَ عَلَى قَتْلِهِ، فَاصْطَنَعَ خِنْجَرًا لَهُ رَأْسَانِ وَشَحَذَهُ وَسَمَّهُ، ثُمَّ أَتَى بِهِ الْهُرْمُزَانَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى هَذَا؟ قَالَ: أَرَى أَنَّكَ لَا تَضْرِبُ بِهِ أَحَدًا إِلَّا قَتَلْتَهُ قَالَ: فَتَحَيَّنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَجَاءَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى قَامَ وَرَاءَ عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَكَلَّمَ يَقُولُ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ كَمَا كَانَ يَقُولُ قَالَ: فَلَمَّا كَبَّرَ وَجَأَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي كَتِفِهِ وَوَجَأَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، فَسَقَطَ عُمَرُ وَطَعَنَ بِخِنْجَرِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَهَلَكَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَفَرَقَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ، وَجَعَلَ [عُمَرُ] يَذْهَبُ [بِهِ] إِلَى مَنْزِلِهِ، وَضَاجَ النَّاسُ حَتَّى كَادَتْ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، فَنَادَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ. قَالَ: وَفَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَتَقَدَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ تَوَجَّهُوا [إِلَى عُمَرَ]، فَدَعَا بِشَرَابٍ لِيَنْظُرَ مَا قَدْرُ جُرْحِهِ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ. فَلَمْ يَدْرِ أَنَبِيذٌ هُوَ أَمْ دَمٌ، فَدَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالُوا: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: إِنْ يَكُنِ الْقَتْلُ بَأْسِي فَقَدْ قُتِلْتُ، فَجَعَلَ النَّاسُ

ص: 76

يُثْنُونَ عَلَيْهِ، يَقُولُونَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ; كُنْتَ وَكُنْتَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ وَيَجِيءُ قَوْمٌ آخَرُونَ فَيُثْنُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللَّهِ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، وَإِنَّ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[قَدْ] سَلِمَتْ لِي. فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ [وَكَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ _ وَكَانَ خَلِيطُهُ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَتَكَلَّمَ _ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ] فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تَخْرُجُ مِنْهَا كَفَافًا، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَحِبْتَهُ خَيْرَ مَا صَحِبَهُ صَاحِبٌ كُنْتَ لَهُ، وَكُنْتَ لَهُ، وَكُنْتَ لَهُ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وُلِّيتَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ، فَوُلِّيتَهَا بِخَيْرِ مَا وَلِيَهَا وَالٍ، كُنْتَ تَفْعَلُ وَكُنْتَ تَفْعَلُ، فَكَانَ عُمَرُ يَسْتَرِيحُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَرِّرْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ، فَكَرَّرَ عَلَيْهِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللَّهِ عَلَى مَا يَقُولُونَ، لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ الْيَوْمَ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ، قَدْ جَعَلْتُهَا شُورَى فِي سِتَّةٍ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَعَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَعَهُمْ مُشِيرًا [وَلَيْسَ مِنْهُمْ]، وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثًا، وَأَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ..

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14465 -

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ يَوْمَ قُتِلَ عُمَرُ: الْيَوْمَ وَهِيَ الْإِسْلَامُ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14466 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَتَى عَبْدَ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - رَجُلَانِ وَأَنَا عِنْدُهُ، فَقَالَا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ؟ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ أَبَا حَكِيمٍ أَقْرَأَنِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَقَرَأَ الْآخَرُ، فَقَالَ: مَنْ أَقْرَأَكَهَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: اقْرَأْ كَمَا أَقْرَأَكَ عُمَرُ، ثُمَّ بَكَى عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى رَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَحَدَّرَ فِي الْحَصَى، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ حِصْنًا حَصِينًا عَلَى الْإِسْلَامِ، يَدْخُلُ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَإِنَّ الْحِصْنَ أَصْبَحَ قَدِ انْثَلَمَ ; فَالنَّاسُ يَخْرُجُونَ مِنْهُ وَلَا يَدْخُلُونَ ..

14467 -

وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَظُنُّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ حُزْنٌ يَوْمَ أُصِيبَ عُمَرُ إِلَّا أَهْلَ بَيْتِ سُوءٍ ; إِنَّ عَمَرَ كَانَ أَعْلَمَنَا بِاللَّهِ، وَأَقْرَأَنَا لِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَفْقَهَنَا فِي دِينِ اللَّهِ، اقْرَأْهَا فَوَاللَّهِ (كَمَا أَقْرَأَكَهَا عُمَرُ، فَوَاللَّهِ لَهِيَ) أَبْيَنُ مِنْ طَرِيقِ السَّيْلَحِينِ.

14468 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ - يَعْنِي عُمَرَ - إِذَا سَلَكَ طَرِيقًا وَجَدْنَاهُ سَهْلًا، فَإِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بِعُمَرَ، كَانَ فَضْلٌ مَا بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَاللَّهِ

ص: 77

لَوَدِدْتُ أَنِّي أَخْدِمُ مِثْلَهُ حَتَّى أَمُوتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14469 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا قَالَ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بِعُمَرَ، إِنَّ إِسْلَامَ عُمَرَ كَانَ نَصْرًا، وَإِنَّ إِمَارَتَهُ كَانَتْ فَتْحًا، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدًا إِلَّا وَجَدَ فَقْدَ عُمَرَ حَتَّى الْعِضَاةِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ الشَّيْطَانُ يَفْرَقُ مِنْهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا فَيَرُدَّ عَلَيْهِ عُمَرُ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ كَلْبًا يُحِبُّ عُمَرَ لَأَحْبَبْتُهُ.

14470 -

وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَدْ أَحْبَبْتُ عُمَرَ حَتَّى لَقَدْ خِفْتُ اللَّهَ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ خَادِمًا لِعُمَرَ حَتَّى أَمُوتَ.

14471 -

وَفِي رِوَايَةٍ: لَوْ أَنَّ عُمَرَ أَحَبَّ كَلْبًا كَانَ أَحَبَّ الْكِلَابِ إِلَيَّ.

14472 -

وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَدْ خَشِيتُ اللَّهَ فِي حُبِّي عُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَفِي بَعْضِهَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَبَعْضُهَا مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ، وَرِجَالُهَا ثِقَاتٌ.

14473 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: ذَاكَ الْأَوَّاهُ عِنْدَ كُلِّ خَيْرٍ يُبْتَغَى. قَالَ: تُوُفِّيَ عُمَرُ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بِعُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14474 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَقَاهُ لَبَنًا، فَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: اعْهَدْ عَهْدَكَ فَلَا أُرَاكَ تُمْسِي، فَقَالَ: صَدَقْتَنِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14475 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: شَهِدْتُ مَوْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَئِذٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14476 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُمَرُ مَحَا الزُّبَيْرُ اسْمَهُ مِنَ الدِّيوَانِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14477 -

وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: وُلِّيَ عُمَرُ عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14478 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14479 -

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قُتِلَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَسِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14480 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: مَاتَ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى رَأْسِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ.

14481 -

وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ قُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ

ص: 78

ثِقَاتٌ.

14482 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تُوُفِّيَ عُمَرُ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، وَقَالَ: أَسْرَعَ إِلَيَّ الشَّيْبُ مِنْ قَبْلِ أَخْوَالِي بَنِي الْمُغِيرَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14483 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: دُفِنَ عُمَرُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14484 -

وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ مَصْدَرَ الْحَاجِّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14485 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ عُمَرُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ.

14486 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: يُقَالُ: قُتِلَ عُمَرُ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَالثَّبْتُ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14487 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَقُتِلَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَأَقَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الطَّعْنَةِ، وَمَاتَ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ، وَوَلِيَ غَسْلَهَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَفَّنَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ، وَدُفِنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَطُعِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِتِسْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ، وَكَانَ سِنُّهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ فِيمَا سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَذْكُرُ: أَنَّهُ بَلَغَ سِنَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: لِتِسْعٍ وَخَمْسِينَ. [وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، وَخَمْسٍ وَخَمْسِينَ] وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14488 -

وَعَنْ مَعْرُوفِ بْنِ أَبِي مَعْرُوفٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ سَمِعْتُ صَوْتًا: لِيَبْكِ عَلَى الْإِسْلَامِ مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَقَدْ أَوْشَكُوا هَلْكَى وَمَا قَدِمَ الْعَهْدُ وَأَدْبَرَتِ الدُّنْيَا وَأَدْبَرَ خَيْرُهَا وَقَدْ مَلَّهَا مَنْ كَانَ يُوقِنُ بِالْوَعْدِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه]

[بَابُ نَسَبِهِ]

37 -

3 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه)

37 -

3 - 1 - بَابُ نَسَبِهِ.

14489 -

قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. يُكَنَّى: أَبَا عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَأُمُّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ [أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَأُمُّ أَرْوَى]: أُمُّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأُمُّ أُمِّ حَكِيمٍ [فَاطِمَةُ]: بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ

ص: 79

بْنِ مَخْزُومٍ، وَهِيَ جَدَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[مِنْ أَبِيهِ].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ صِفَتِهِ رضي الله عنه]

14490 -

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُثْمَانَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا لَحْمٌ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَرُقَيَّةُ جَالِسَةٌ، فَمَا رَأَيْتُ اثْنَيْنِ أَحْسَنَ مِنْهُمَا، فَجَعَلْتُ مَرَّةً أَنْظُرُ إِلَى رُقَيَّةَ وَمَرَّةً أَنْظُرُ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا رَجَعْتُ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَدَخَلْتَ عَلَيْهِمَا؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَهَلْ رَأَيْتَ زَوْجًا أَحْسَنَ مِنْهُمَا؟ ". قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جَعَلْتُ مَرَّةً أَنْظُرُ إِلَى رُقَيَّةَ وَمَرَّةً أَنْظُرُ إِلَى عُثْمَانَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَالَ: كَانَ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ [آيَةِ] الْحِجَابِ،، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14491 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَزْمٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَمَا رَأَيْتُ قَطُّ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14492 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ عَدَنِيٌّ غَلِيظٌ، ثَمَنُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ أَوْ خَمْسَةٌ، وَرَيْطَةٌ كُوفِيَّةٌ مُمَشَّقَةٌ، ضَرْبُ اللَّحْمِ، طَوِيلُ اللِّحْيَةِ، حَسَنُ الْوَجْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14493 -

وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا، وَكَانَ أَجْمَلَ النَّاسِ، وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَصْفَرَانِ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، حَتَّى يَأْتِيَ الْمِنْبَرَ فَيَجْلِسَ عَلَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14494 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ الْقَارِئِ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14495 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَصْفَرَ اللِّحْيَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14496 -

وَعَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرُ أُمِّ مُوسَى وَهِيَ ثِقَةٌ.

14497 -

وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا أَنَا بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مُتَّكِئٌ عَلَى رِدَائِهِ، فَأَتَاهُ سَقَّاءَانِ يَخْتَصِمَانِ إِلَيْهِ، فَقَضَى بَيْنَهُمَا. ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، بِوَجْهِهِ نُكْتَاتُ جُدَرِيٍّ، وَإِذَا شَعْرُهُ قَدْ كَسَا ذِرَاعَيْهِ ..

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَفِيهِ أَبُو الْمِقْدَامِ: هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ هِجْرَتِهِ رضي الله عنه]

14498 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «خَرَجَ عُثْمَانُ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَعَهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ

ص: 80

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاحْتَبَسَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَبَرُهُمْ، فَكَانَ يَخْرُجُ يَتَوَكَّفُ عَنْهُمُ الْخَبَرَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ عُثْمَانَ لَأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللَّهِ بِأَهْلِهِ بَعْدَ لُوطٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الْبُرْجُمِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14499 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا كَانَ بَيْنَ عُثْمَانَ وَرُقَيَّةَ وَلُوطٍ مِنْ مُهَاجِرٍ ". يَعْنِي أَنَّهُمَا أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ الْعُثْمَانِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي خُلُقِهِ رضي الله عنه]

14500 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ وَهِيَ تَغْسِلُ رَأْسَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: " يَا بُنَيَّةُ، أَحْسِنِي إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ; فَإِنَّهُ أَشْبَهُ أَصْحَابِي بِي خُلُقًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14501 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةِ عُثْمَانَ - وَفِي يَدِهَا مُشْطٌ، فَقَالَتْ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آنِفًا رَجَلْتُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: " كَيْفَ تَجِدِينَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ ". قُلْتُ: بِخَيْرٍ. قَالَ: " فَأَكْرِمِيهِ ; فَإِنَّهُ مِنْ أَشْبَهِ أَصْحَابِي بِي خُلُقًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَرْوِي عَنِ الْمُطَّلِبِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي حَيَائِهِ رضي الله عنه]

14502 -

عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَارَتُهُ تَضْرِبُ بِالدُّفِّ، فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ وَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَأَمْسَكَتْ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَجِيلَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَلَمْ يُسَمِّ الرَّجُلَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14503 -

عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَيْئَتِهِ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَيْئَتِهِ، وَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَذِنَ لَهُمْ، وَجَاءَ عَلِيٌّ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَيْئَتِهِ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَاسْتَأْذَنَ، فَتَجَلَّلَ ثَوْبَهُ فَأَذِنَ لَهُ،

ص: 81

فَتَحَدَّثُوا سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجُوا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ، وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، وَأَنْتَ عَلَى هَيْئَتِكَ لَمْ تُحَرِّكْ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ تَجَلَّلْتَ ثَوْبَكَ؟ قَالَ:" أَلَا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ»! ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14504 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ وَرَاءَهُ إِذِ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَدَخَلَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَحَدَّثُ كَاشِفًا عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَمَدَّ ثَوْبَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: " اسْتَأْخِرِي عَنِّي ". فَتَحَدَّثُوا سَاعَةً ثُمَّ خَرَجُوا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَخَلَ عَلَيْكَ أَصْحَابُكَ فَلَمْ تُصْلِحْ ثَوْبَكَ، وَلَمْ تُؤَخِّرْنِي عَنْكَ، حَتَّى دَخَلَ عُثْمَانُ؟ قَالَ: " أَلَا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَحْيِي مِنْ عُثْمَانَ كَمَا تَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ دَخَلَ وَأَنْتِ قَرِيبَةٌ مِنِّي لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَلَمْ يَتَحَدَّثْ حَتَّى يَخْرُجَ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14505 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتٍ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فَطَرَحَهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَفَخِذَاهُ خَارِجَتَانِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَأَذِنَ لَهُ. فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَامَ مُسْرِعًا حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى عَائِشَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ الْقَوْمُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَلَمْ تُغَيَّرْ عَنْ حَالِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ قُمْتَ؟! فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، أَلَا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ ; إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَحْيِي مِنْ عُثْمَانَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَفِيهِ النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14506 -

وَعَنْ بَدْرِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: «وَقَفَ عَلَيْنَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَوْمَ الدَّارِ، فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟ قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَرَّ بِي عُثْمَانُ وَعِنْدِي مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ: شَهِيدٌ يَقْتُلُهُ قَوْمُهُ، إِنَّا لَنَسْتَحْيِي مِنْهُ» .

قَالَ بَدْرٌ: فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ عِصَابَةً مِنَ النَّاسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَسَاوِسِيُّ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

14507 -

وَعَنِ الْحَسَنِ وَذَكَرَ عُثْمَانَ وَشِدَّةَ حَيَائِهِ قَالَ: إِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَمَا يَضَعُ عَنْهُ الثَّوْبَ لِيُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ص: 82

[بَابُ تَزْوِيجِهِ رضي الله عنه]

14508 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ اللَّهَ عز وجل أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أُزَوِّجَ كَرِيمَتِي مِنْ عُثْمَانَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُمَيْرُ بْنُ عِمْرَانَ الْحَنَفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ.

14509 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرِ ابْنَتِهِ الثَّانِيَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: " أَلَا أَبَا أَيِّمٍ؟ أَلَا أَخَا أَيِّمٍ يُزَوَّجُهَا عُثْمَانَ؟ فَلَوْ كُنَّ عَشْرًا لَزَوَّجْتُهُنَّ عُثْمَانَ، وَمَا زَوَّجْتُهُ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ السَّمَاءِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَهُوَ لَيِّنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14510 -

عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ الْأُخْرَى: " لَوْ أَنَّ عِنْدِي عَشْرًا لَزَوَّجْتُكَهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ ; فَإِنِّي عَنْكَ رَاضٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَابِيُّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ إِذَا رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَرَوَى هَذَا عَمَّنْ لَمْ أَعْرِفُهُ.

14511 -

وَعَنْ عِصْمَةَ قَالَ: «لَمَّا مَاتَتْ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي تَحْتَ عُثْمَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " زَوِّجُوا عُثْمَانَ، لَوْ كَانَتْ عِنْدِي ثَالِثَةٌ لَزَوَّجْتُهُ، وَمَا زَوَّجْتُهُ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ -» عز وجل ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14512 -

وَعَنْ أُمِّ عَيَّاشٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَا زَوَّجْتُ عُثْمَانَ أُمَّ كُلْثُومٍ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ السَّمَاءِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الشَّوَاهِدِ.

14513 -

وَعَنْهَا قَالَتْ: وَلَدَتْ رُقَيَّةُ لِعُثْمَانَ غُلَامًا، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ، وَكَنَّى عُثْمَانَ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِ الَّذِي قَبِلَهُ. قُلْتُ: وَيَأْتِي حَدِيثُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا فِي تَزْوِيجِهِ بَعْدُ.

[بَابٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

14514 -

عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: لَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: مَا لِي أَرَاكَ قَدْ جَفَوْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ؟ قَالَ [لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: أَبْلِغْهُ عَنِّي أَنِّي لَمْ أَفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنِ - قَالَ عَاصِمٌ: يَوْمَ أُحُدٍ - وَلَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ بَدْرٍ، وَلَمْ أَتْرُكْ سُنَّةَ عُمَرَ. قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَخَبَّرَ ذَلِكَ عُثْمَانَ. قَالَ: فَقَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي لَمْ أَفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنِ فَكَيْفَ يُعَيِّرُنِي

ص: 83

بِذَنْبٍ قَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ بَدْرٍ ; فَإِنِّي كُنْتُ أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَتْ، وَقَدْ ضَرَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمٍ، وَمَنْ ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمٍ فَقَدْ شَهِدَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي لَمْ أَتْرُكْ سُنَّةَ عُمَرَ ; فَإِنِّي لَا أُطِيقُهَا أَنَا وَلَا هُوَ فَائْتِهِ فَحَدِّثْهُ بِذَلِكَ ..

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَالْبَزَّارُ بِطُولِهِ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14515 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «أَقِمْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنِّي أَوْ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ ". فَخَلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَتَمَّ عِدَّتَهُمْ بِكَ ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَقَدْ وُثِّقَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14516 -

وَعَنْ عُرْوَةَ «قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَلَّفَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى امْرَأَتِهِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ مِعَزَّةً وَجِعَةً، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ قَالَ: وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ،؟ قَالَ: " وَأَجْرُكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ.

14517 -

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ عُثْمَانَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَبَايَعَ أَصْحَابَهُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، بَايَعَ لِعُثْمَانَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ آمِنًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ مَكَثَ كَذَا وَكَذَا مَا طَافَ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَطُوفَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14518 -

«وَعَنْ عُثْمَانَ قَالَ: خَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَدْرٍ، وَضَرَبَ لِي بِسَهْمٍ.

وَقَالَ عُثْمَانُ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ: فَضَرَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، وَشِمَالُ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ يَمِينِي».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14519 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: «رَفَعَ عُثْمَانُ صَوْتَهُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ لَهُ: لِأَيِّ شَيْءٍ تَرْفَعُ صَوْتَكَ عَلَيَّ وَقَدْ شَهِدْتُ بَدْرًا وَلَمْ تَشْهَدْ، وَبَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ تُبَايِعْ، وَفَرَرْتَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ أَفِرَّ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّكَ شَهِدْتَ بَدْرًا وَلَمْ أَشْهَدْ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَّفَنِي عَلَى ابْنَتِهِ، وَضَرَبَ لِي بِسَهْمٍ، وَأَعْطَانِي أَجْرِي. وَأَمَّا

ص: 84

قَوْلُكَ: بَايَعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ أُبَايِعْ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ عَلِمْتَ ذَلِكَ، فَلَمَّا احْتَبَسْتُ ضَرَبَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَقَالَ:" هَذِهِ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ". فَشِمَالُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ مِنْ يَمِينِي. وَأَمَّا قَوْلُكَ: فَرَرْتَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ أَفِرَّ، فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155] فَلِمَ تُعَيِّرُنِي بِذَنْبٍ قَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طَرِيقٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ.

[بَابُ إِعَانَتِهِ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَغَيْرِهِ]

14520 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى لَحْمًا فَقَالَ: " مَنْ بَعَثَ بِهَذَا؟ ". قُلْتُ: عُثْمَانُ. قَالَتْ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14521 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: «أَنَّهُ شَهِدَ ذَلِكَ حِينَ أَعْطَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا جَهَّزَ بِهِ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، وَجَاءَ بِسَبْعِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ ذَهَبٍ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14522 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِدَنَانِيرَ، فَأَلْقَاهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَلِّبُهَا وَيَقُولُ: " مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا فَعَلَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ صَالِحٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14523 -

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ جَهْدٌ حَتَّى رَأَيْتُ الْكَآبَةَ فِي وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْفَرَحَ فِي وُجُوهِ الْمُنَافِقِينَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " وَاللَّهِ لَا تَغِيبُ الشَّمْسُ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِرِزْقٍ ". فَعَلِمَ عُثْمَانُ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيَصْدُقَانِ، فَاشْتَرَى عُثْمَانُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رَاحِلَةً بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الطَّعَامِ، فَوَجَّهَ إِلَى النَّبِيِّ مِنْهَا بِتِسْعَةٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَا هَذَا؟ ". قَالَ: أَهْدَى إِلَيْكَ عُثْمَانُ، فَعُرِفَ الْفَرَحُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْكَآبَةُ فِي وُجُوهِ الْمُنَافِقِينَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ دُعَاءً مَا سَمِعْتُهُ دَعَا لِأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ عُثْمَانَ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِعُثْمَانَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ رُؤْيَا رَآهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما وَتَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ص: 85

[بَابُ مَا عَمِلَ مِنَ الْخَيْرِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

14524 -

عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الَّتِي زِيدَتْ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ صَاحِبُهَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَكَ بِهَا بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ ". فَقَالَ: لَا. فَجَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ لَهُ: لَكَ بِهَا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْتَرِ مِنِّي الْبُقْعَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنَ الْأَنْصَارِيِّ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: فَإِنِّي اشْتَرَيْتُهَا بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَبِنَةً، ثُمَّ دَعَا أَبَا بَكْرٍ فَوَضَعَ لَبِنَةً، ثُمَّ دَعَا عُمَرَ فَوَضَعَ لَبِنَةً، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَوَضَعَ لَبِنَةً، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: " ضَعُوا ". فَوَضَعُوا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زِيَادُ بْنُ أَبِي الْمَلِيحِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِيمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ]

14525 -

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: لَقَدِ اخْتَبَأْتُ عِنْدَ رَبِّي عَشْرًا: إِنِّي لَرَابِعُ أَرْبَعَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَا تَغَنَّيْتُ، وَلَا تَمَنَّيْتُ، وَلَا وَضَعْتُ يَمِينِي عَلَى فَرْجِي مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا مَرَّتْ عَلَيَّ جُمْعَةٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَّا وَأَنَا أَعْتِقُ فِيهَا رَقَبَةً إِلَّا أَلَّا يَكُونَ عِنْدِي فَأَعْتِقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِمَامِ: وَقَدْ وُثِّقَ.

[بَابُ كِتَابَتِهِ الْوَحْيَ]

14526 -

عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْيَشْكُرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أُمِّي تُحَدِّثُ أَنَّ أُمَّهَا «انْطَلَقَتْ إِلَى الْبَيْتِ حَاجَّةً، وَالْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ لَهُ بَابَانِ قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَيْتُ طَوَافِي دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَعْضَ بَنِيكِ بَعَثَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ، وَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي عُثْمَانَ فَمَا تَقُولِينَ فِيهِ؟ فَقَالَتْ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَهُ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَهُ - لَا أَحْسَبُهَا إِلَّا قَالَتْ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسْنِدٌ فَخِذَهُ إِلَى عُثْمَانَ، وَإِنِّي لَأَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ الْوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ زَوَّجَهُ ابْنَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى، وَإِنَّهُ لَيَقُولُ: " اكْتُبْ عُثَيْمُ ". قَالَتْ: مَا كَانَ اللَّهُ عز وجل لِيُنْزِلَ عَبْدًا مِنْ نَبِيِّهِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إِلَّا عَبْدًا كَرِيمًا عَلَيْهِ» .

14527 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَهُوَ مَسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَيَّ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ ثُمَامَةَ الْحِنْطِيِّ

ص: 86

إِنَّ أَخَاهَا الْمُخَارِقَ بْنَ ثُمَامَةَ الْحِنْطِيَّ قَالَ لَهَا: «ادْخُلِي عَلَى عَائِشَةَ فَأَقْرِئِيهَا مِنِّي السَّلَامَ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنَّ بَعْضَ بَنِيكِ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، قَلَّتْ: وَيَسْأَلُكِ أَنْ تُحَدِّثِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِيهِ عِنْدَنَا حِينَ قُتِلَ. قَالَتْ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَنَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجِبْرِيلُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ قَائِظَةٍ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ ثَقْلَةٌ، يَقُولُ اللَّهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ -: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5]» فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَأُمُّ كُلْثُومٍ لَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مُوَالَاتِهِ رضي الله عنه]

14528 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتٍ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِيهِمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لِيَنْهَضْ كُلُّ رَجُلٍ إِلَى كُفْئِهِ ". وَنَهَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُثْمَانَ فَاعْتَنَقَهُ، وَقَالَ: " أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَوَلِيِّي فِي الْآخِرَةِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

14529 -

وَعَنْ عُبَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ حِينَ حُوصِرَ، فَقَالَ: هَاهُنَا طَلْحَةُ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ رحمه الله: نَعَمْ قَالَ اسْتَقِمْ. فَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِيَدِ جَلِيسِهِ ". فَأَخَذْتَ بِيَدِ فُلَانٍ، وَأَخَذَ فُلَانٌ بِيَدِ فُلَانٍ، حَتَّى أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ بِيَدِ صَاحِبِهِ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي وَقَالَ: " هَذَا جَلِيسِي فِي الدُّنْيَا وَوَلِيِّي فِي الْآخِرَةِ ". فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، قِيلَ فِيهِ: كَذَّابٌ، وَقِيلَ فِيهِ: مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

[بَابٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِهِ وَبِشَارَتِهِ بِالْجَنَّةِ]

14530 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَافَحَهُ، فَلَمْ يَنْزِعِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنْ يَدِ الرَّجُلِ حَتَّى انْتَزَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَاءَ عُثْمَانُ قَالَ: " امْرُؤٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ

ص: 87

فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14531 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «عُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14532 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوْجُ فَاطِمَةَ خَيْرٌ مِنْ زَوْجِي. فَأَسْكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: " زَوْجُكِ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَزِيدُكِ لَوْ قَدْ دَخَلْتِ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتِ مَنْزِلَهُ، لَمْ تَرَيْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي يَعْلُوهُ فِي مَنْزِلِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِيهِمْ خِلَافٌ.

14533 -

وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي، أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: لَا. وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ [وَالْيَقِينُ] مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا. قَالَ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، فَكُنْتُ فِيمَنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ هَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتُ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ، وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عز وجل.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ أَفْضَلِيَّتِهِ رضي الله عنه]

14534 -

عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ وَلَمْ نَأْلُ.

14535 -

وَفِي رِوَايَةٍ: مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلَاهَا ذَا فُوقٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَوَفَاتِهِ رضي الله عنه]

37 -

3 - 15 - بَابٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وَوَفَاتِهِ رضي الله عنه.

14536 -

«عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ دَوْمَةٍ وَعِنْدَهُ كَاتِبٌ يُمْلِي عَلَيْهِ، فَقَالَ:" أَلَا أَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ؟ ". قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي، وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ مَرَّةً: فَأَكَبَّ يُمْلِي عَلَيْهِ - ثُمَّ قَالَ: " أَنَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ؟ ". قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، وَأَكَبَّ عَلَى كَاتِبِهِ يُمْلِي عَلَيْهِ. قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِي الْكِتَابِ عُمَرُ، فَعَرَفْتُ أَنَّ عُمَرَ لَا يُكْتَبُ إِلَّا فِي خَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ:" أَنَكْتُبُكَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " يَا ابْنَ حَوَالَةَ، كَيْفَ

ص: 88

نَفْعَلُ فِي فِتَنٍ تَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ كَأَنَّهَا صَيَاصِيِّ بَقَرٍ؟ ". قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ، [قَالَ: وَكَيْفَ تَفْعَلُ فِي أُخْرَى تَخْرُجُ بَعْدَهَا كَأَنَّ الْأُولَى فِيهَا انْتِفَاخَةُ أَرْنَبٍ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، مَا خَارَ اللُّهُ لِي وَرَسُولُهُ]. قَالَ: " اتَّبِعُوا هَذَا ". وَرَجُلٌ مُقَفٍّ حِينَئِذٍ، فَانْطَلَقْتُ فَسَعَيْتُ فَأَخَذْتُ بِمَنْكِبِهِ، فَأَقْبَلْتُ بِوَجْهِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: هَذَا؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ» رضي الله عنه.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14537 -

«وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ مُعَسْكِرِينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَقَامَ مُرَّةُ بْنُ كَعْبٍ الْبَهْزِيُّ فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ لَوْلَا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قُمْتُ هَذَا الْمَقَامَ. فَلَمَّا سَمِعَ مُعَاوِيَةُ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْلَسَ النَّاسَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُلُوسٌ إِذْ مَرَّ بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مُتَرَجِّلًا مُعْدِقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَتَخْرُجَنَّ فِتْنَةٌ مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْ - أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ - هَذَا، وَمَنِ اتَّبَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى ". فَقُمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِمَنْكِبَيْ عُثْمَانَ حَتَّى بَيَّنْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: هَذَا؟ قَالَ: " نَعَمْ هَذَا، وَمَنِ اتَّبَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى ".

فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ مِنْ عِنْدِ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَصَاحِبُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي حَاضِرٌ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ لِي فِي الْجَيْشِ مُصَدِّقًا لَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ».

قُلْتُ: حَدِيثُ مُرَّةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا.

14538 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ. عُمَرُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ. عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، قُتِلَ مَظْلُومًا، أُوتِيَ كِفْلَيْنِ مِنَ الْأَجْرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14539 -

«وَعَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهَا كَانَتْ قَاعِدَةً وَعَائِشَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَدِدْتُ أَنَّ مَعِي بَعْضَ أَصْحَابِي نَتَحَدَّثُ ". فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أُرْسِلُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَتَحَدَّثُ مَعَكَ؟ قَالَ: " لَا ". قَالَتْ حَفْصَةُ: أُرْسِلُ إِلَى عُمَرَ يَتَحَدَّثُ مَعَكَ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنْ أُرْسِلُ إِلَى عُثْمَانَ ".

فَجَاءَ عُثْمَانُ فَدَخَلَ، فَقَامَتَا فَأَرْخَتَا السِّتْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ: " إِنَّكَ مَقْتُولٌ مُسْتَشْهَدٌ، فَاصْبِرْ صَبَّرَكَ اللَّهُ، وَلَا تَخْلَعَنَّ قَمِيصًا

ص: 89

قَمَّصَكَهُ اللَّهُ عز وجل ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى تَلْقَى اللَّهَ، وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ". قَالَ عُثْمَانُ: إِنْ دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِي بِالصَّبْرِ، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ صَبِّرْهُ ". فَخَرَجَ عُثْمَانُ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" صَبَّرَكَ اللَّهُ ; فَإِنَّكَ سَوْفَ تُسْتَشْهَدُ وَتَمُوتُ وَأَنْتَ صَائِمٌ، وَتُفْطِرُ مَعِي» ".

14540 -

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، حَدَّثَتْهُ مِثْلَ ذَلِكَ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَاللَّفْظُ لَهُ، وَفِي إِسْنَادِ أَبِي يَعْلَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14541 -

«وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجِسْرِيِّ قَالَ: دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ، فَقَالَتْ لِي: هَذِهِ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَنْشُدُكِ اللَّهَ أَنْ تُصَدِّقِينِي بِكَذِبٍ، أَوْ تُكَذِّبِينِي بِصِدْقٍ [قُلْتِهِ]: تَعْلَمِينَ أَنِّي كُنْتُ أَنَا وَأَنْتِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَكِ: أَتَرَيْنَهُ قَدْ قُبِضَ؟ قُلْتِ: لَا أَدْرِي، ثُمَّ أَفَاقَ قَالَ:" افْتَحُوا لَهُ الْبَابَ ". ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَكِ: أَتَرَيْنَهُ قَدْ قُبِضَ؟ قُلْتِ: لَا أَدْرِي، ثُمَّ أَفَاقَ قَالَ:" افْتَحُوا لَهُ الْبَابَ " فَقُلْتُ لَكِ: أَبِي أَوْ أَبُوكِ؟ قُلْتِ: لَا أَدْرِي، فَفَتَحْنَا لَهُ الْبَابَ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" ادْنُهْ ". فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي أَنَا وَأَنْتِ مَا هُوَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:" أَفَهِمْتَ مَا قُلْتُ لَكَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: " ادْنُهْ ". فَأَكَبَّ عَلَيْهِ أُخْرَى مِثْلَهَا، فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:" أَفَهِمَتْ مَا قُلْتُ لَكَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " ادْنُهْ ". فَأَكَبَّ عَلَيْهِ إِكْبَابًا شَدِيدًا فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:" أَفَهِمْتَ مَا قُلْتُ لَكَ؟ ". قَالَ: [نَعَمْ] سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي. فَقَالَ لَهُ:" اخْرُجْ ". قَالَ: فَقَالَتْ حَفْصَةُ: اللَّهُمَّ نَعَمْ - أَوْ قَالَتْ: اللَّهُمَّ صِدْقٌ» -.

قُلْتُ: لِعَائِشَةَ وَحْدَهَا حَدِيثٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

رَوَاهُ كُلُّهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ، وَزَادَ: فَقَالَ: " «يَا عُثْمَانُ، عَسَى أَنْ يُقَمِّصَكَ اللَّهُ قَمِيصًا، فَانْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ ". ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَقَالَ لَهَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْنَ كُنْتِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَتْ: نَسِيتُهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ حَتَّى قُتِلَ الرَّجُلُ».

14542 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا: «فَمَا فَجَأَنِي إِلَّا وَعُثْمَانُ جَاثٍ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَائِلًا: أَظُلْمًا وَعُدْوَانًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَحَسِبْتُ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِقَتْلِهِ» . وَأَحَدُ إِسْنَادَيِ الطَّبَرَانِيِّ حَسَنٌ.

14543 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: «أَنَّ رَجُلًا بِالْكُوفَةِ شَهِدَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قُتِلَ شَهِيدًا، فَأَخَذَتْهُ الزَّبَانِيَةُ، فَرَفَعُوهُ إِلَى أَعْلَى، وَقَالُوا: لَوْلَا أَنْ تَنْهَانَا أَوْ نُهِينَا أَلَّا نَقْتُلَ أَحَدًا لَقَتَلْنَاهُ، زَعَمَ إِنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قُتِلَ شَهِيدًا. فَقَالَ

ص: 90

الرَّجُلُ لِعَلِيٍّ: وَأَنْتَ تَشْهَدُ أَنَّهُ شَهِيدٌ!! أَتَذْكُرُ أَنِّي أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، وَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، وَأَتَيْتُ عُمَرَ فَسَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، وَأَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهُ أَنْ يُبَارِكَ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" كَيْفَ لَا يُبَارِكُ لَكَ وَأَعْطَاكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ، وَأَعْطَاكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ، وَأَعْطَاكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ»؟! ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14544 -

«وَعَنْ أَسْلَمَ - مَوْلَى عُمَرَ - قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ يَوْمَ حُوصِرَ فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ، وَلَوْ أُلْقِيَ حَجَرٌ لَمْ يَقَعْ إِلَّا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ، فَرَأَيْتُ عُثْمَانَ أَشْرَفَ مِنَ الْخَوْخَةِ الَّتِي [تَلِي] مَقَامَ جِبْرِيلَ عليه السلام فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَبِيُّكُمْ طَلْحَةُ؟ فَسَكَتُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ فَسَكَتُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَلَا أَرَاكَ هَاهُنَا، مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّكَ [تَكُونُ] فِي جَمَاعَةِ قَوْمٍ يَسْمَعُونَ نِدَائِي آخِرَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ ثُمَّ لَا تُجِيبُنِي!! أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا طَلْحَةُ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرِي وَغَيْرَكَ قَالَ [: نَعَمْ، فَقَالَ] لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا طَلْحَةُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ رَفِيقٌ مِنْ أُمَّتِهِ [مَعَهُ] فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ عُثْمَانَ هَذَا " - يَعْنِينِي - " رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ ". قَالَ طَلْحَةُ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ» .

قُلْتُ: رَوَى النَّسَائِيُّ بَعْضَهُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو يَعْلَى فِي الْكَبِيرِ، وَالْبَزَّارُ، وَفِي إِسْنَادِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْبَزَّارِ: أَبُو عُبَادَةَ الزُّرَقِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَأَسْقَطَهُ أَبُو يَعْلَى مِنَ السَّنَدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14545 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَ: خَرَجَتِ الصَّعْبَةُ بِنْتُ الْحَضْرَمِيِّ، فَسَمِعْنَاهَا تَقُولُ لِابْنِهَا طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدِ اشْتَدَّ حَصْرُهُ فَلَوْ كَلَّمْتَ فِيهِ حَتَّى يُرَفَّهَ عَنْهُ. قَالَ: وَطَلْحَةُ يَغْسِلُ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ فَلَمْ يُجِبْهَا، فَأَدْخَلَتْ يَدَيْهَا فِي كُمِّ دِرْعِهَا، فَأَخْرَجَتْ ثَدْيَيْهَا فَقَالَتْ: أَسْأَلُكَ بِمَا حَمَلْتُكَ وَأَرْضَعْتُكَ إِلَّا فَعَلْتَ، فَقَامَ وَلَوَى شِقَّيَ شَعْرِ رَأْسِهِ حَتَّى عَقَدَهُ وَهُوَ مَغْسُولٌ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى عَلِيًّا وَهُوَ جَالِسٌ فِي جَنْبِ دَارِهِ، فَقَالَ طَلْحَةُ وَمَعَهُ أُمُّهُ وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ: لَوْ رَفَّهْتَ النَّاسَ عَنْ هَذَا فَقَدِ اشْتَدَّ حَصْرُهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ مِنْ هَذَا شَيْئًا يَكْرَهُهُ.

ص: 91

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14546 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: أَنَّهُ قَالَ حِينَ هَاجَ النَّاسُ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ: أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَقْتُلُوا هَذَا الشَّيْخَ وَاسْتَعْتِبُوهُ ; فَإِنَّهُ لَنْ تَقْتُلَ أُمَّةٌ نَبِيَّهَا فَيَصْلُحَ أَمْرُهُمْ حَتَّى يُهْرَاقَ دِمَاءُ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْهُمْ، وَلَنْ تَقْتُلَ أُمَّةٌ خَلِيفَتَهَا فَيَصْلُحَ أَمْرُهُمْ حَتَّى يُهْرَاقَ دِمَاءُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْهُمْ. فَلَمْ يَنْظُرُوا فِيمَا قَالَ وَقَتَلُوهُ، فَجَلَسَ لِعَلِيٍّ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: أُرِيدُ أَرْضَ الْعِرَاقِ قَالَ: لَا تَأْتِ الْعِرَاقَ وَعَلَيْكَ بِمِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَوَثَبَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَهَمُّوا بِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ. فَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِابْنِ مَعْقِلٍ: هَذِهِ رَأَسُ الْأَرْبَعِينَ، وَسَيَكُونُ عَلَى رَأْسِهَا صُلْحٌ، وَلَنْ تَقْتُلَ أُمَّةٌ نَبِيَّهَا إِلَّا قُتِلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَلَنْ تَقْتُلَ أُمَّةٌ خَلِيفَتَهَا إِلَّا قُتِلَ بِهِ أَرْبَعُونَ أَلْفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14547 -

وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ مِمَّا يَلِي السَّرِيرَ أَنْ يُوَسِّعَا لَهُ، فَأَوْسَعَا لَهُ فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لِلَّهِ أَبُوكَ! أَتَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ عَنْ جَدِّكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ؟ قَالَ: فَأَيُّ حَدِيثٍ - رَحِمَكَ اللَّهُ - قُرْبَ حَدِيثٍ قَالَ: حَدِيثُ الْمِصْرِيِّينَ حِينَ حَصَرُوا عُثْمَانَ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ.

أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، فَانْطَلَقَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَوَسَّعُوا لَهُ حَتَّى دَخَلَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، مَا جَاءَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ؟ قَالَ: قَدْ جِئْتُ لِأَثْبُتَ حَتَّى أَسْتَشْهِدَ أَوْ يَفْتَحَ اللَّهُ لَكَ، وَلَا أَرَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ إِلَّا قَاتِلُوكَ ; فَإِنْ يَقْتُلُوكَ فَذَاكَ خَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ. فَقَالَ عُثْمَانُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَمَا خَرَجْتَ إِلَيْهِمْ، خَيْرٌ يَسُوقُهُ اللَّهُ بِكَ، وَشَرٌّ يَدْفَعُهُ بِكَ اللَّهُ. فَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ اجْتَمَعُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ بِبَعْضِ مَا يُسَرُّونَ بِهِ، فَقَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بَشِيرًا وَنَذِيرًا ; يُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَهُ وَيُنْذِرُ بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ، وَأَظْهَرَ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ اخْتَارَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ. ثُمَّ اخْتَارَ لَهُ الْمَسَاكِنَ ; فَاخْتَارَ لَهُ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَهَا دَارَ الْهِجْرَةِ وَجَعَلَهَا دَارَ الْإِيمَانِ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حَافِّينَ بِالْمَدِينَةِ مُذْ قَدِمَهَا رَسُولُ اللَّهِ

ص: 92

- صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَوْمِ، وَمَا زَالَ سَيْفُ اللَّهِ مَغْمُودًا عَنْكُمْ مُذْ قَدِمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَوْمِ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ ; فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي بِهُدَى اللَّهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ بَعْدَ الْبَيَانِ وَالْحُجَّةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ نَبِيٌّ فِيمَا مَضَى إِلَّا قُتِلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ، وَلَا قُتِلَ خَلِيفَةٌ قَطُّ إِلَّا قُتِلَ بِهِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ، فَلَا تَعْجَلُوا عَلَى هَذَا الشَّيْخِ بِقَتْلٍ ; فَوَاللَّهِ لَا يَقْتُلُهُ رَجُلٌ مِنْكُمْ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَدُهُ مَقْطُوعَةٌ مَشْلُولَةٌ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلَدٍ عَلَى وَالِدٍ حَقٌّ إِلَّا وَلِهَذَا الشَّيْخِ عَلَيْكُمْ مِثْلُهُ.

قَالَ: فَقَالُوا: كَذَبَتِ الْيَهُودُ، كَذَبَتِ الْيَهُودُ. فَقَالَ: كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ وَأَنْتُمْ آثِمُونَ مَا أَنَا بِيَهُودِيٍّ، وَإِنِّي لَأَحَدُ الْمُسْلِمِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ:{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43]، وَقَدْ أَنْزَلَ الْآيَةَ الْأُخْرَى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: 10]. قَالَ: فَقَامُوا، فَدَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ فَذَبَحُوهُ كَمَا يُذْبَحُ الْحِلَّانُ.

قَالَ شُعَيْبٌ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: مَا الْحِلَّانُ؟ قَالَ: الْحَمَلُ.

قَالَ: وَقَدْ قَالَ عُثْمَانُ لِكَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ: يَا كَثِيرُ، أَنَا وَاللَّهِ مَقْتُولٌ غَدًا قَالَ: بَلْ يُعْلِي اللَّهُ كَعْبَكَ، وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ. قَالَ: ثُمَّ أَعَادَهَا الثَّالِثَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ لِي:" يَا عُثْمَانُ، أَنْتَ عِنْدَنَا غَدًا، وَأَنْتَ مَقْتُولٌ غَدًا ". فَأَنَا وَاللَّهُ مَقْتُولٌ قَالَ: فَقُتِلَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى الْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مِصْرَ، يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ، قَتَلْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ; أَمَا وَاللَّهِ لَا يَزَالُ عَهْدٌ مَنْكُوثٌ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ، وَمَالٌ مَقْسُومٌ لَا سُقِيتُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14548 -

وَعَنْ كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ -: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي رَمَيْتُ عُثْمَانَ بِسَهْمٍ أَخْطَأَهُ، أَحْسَبُهُ قَالَ: - أُرِيدُ قَتْلَهُ وَأَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عِمْرَانُ بْنُ عُمَيْرٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14549 -

وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَأَنْقَطِعَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ شَرَكْتُ فِي دَمِ عُثْمَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14550 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَدْرَكْتُ عُثْمَانَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ أَرْهَقْتُ الْحُلُمَ، فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَخْطُبُ وَشَهِدَتْهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا

ص: 93

النَّاسُ، مَا تَنْقِمُونَ عَلَيَّ؟ قَالَ: وَمَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَهُمْ يُقَسِّمُونَ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا، يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اغْدُوا عَلَى أَعْطِيَاتِكُمْ، فَيَغْدُونَ فَيَأْخُذُونَهَا وَافِرَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اغْدُوا عَلَى كِسْوَتِكُمْ، فَيُجَاءُ بِالْحُلَلِ، فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ.

قَالَ الْحَسَنُ: وَالْعَدُوُّ مَنْفِيٌّ، وَالْعَطِيَّاتُ دَارَّةٌ، وَذَاتُ الْبَيْنِ حَسَنٌ، وَالْخَيْرُ كَثِيرٌ، مَا عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ يَخَافُ مُؤْمِنًا، مَنْ لَقِيَ مِنَ [أَيِّ] الْأَحْيَاءِ فَهُوَ أَخُوهُ وَمَوَدَّتُهُ وَنُصْرَتُهُ، وَالْفِتْنَةُ إِنْ سَلَّ عَلَيْهِ سَيْفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14551 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَيَّافُ عُثْمَانَ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: ارْجِعِ ابْنَ أَخِي فَلَسْتَ بِقَاتِلِي قَالَ: كَيْفَ عَلِمْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أُتِيَ بِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَابِعَكَ فَحَنَّكَكَ وَدَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: ارْجِعِ ابْنَ أَخِي فَلَسْتَ بِقَاتِلِي. قَالَ: وَمِمَّا تَدْرِي ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أُتِيَ بِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَابِعِكَ فَحَنَّكَكَ وَدَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَنْتَ قَاتِلِي، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ يَا نَعْثَلُ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أُتِيَ بِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَابِعِكَ لِيُحَنِّكَكَ وَيَدْعُوَ لَكَ بِالْبَرَكَةِ فَخَرِيتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَوَثَبَ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ: إِنْ تَفْعَلْ كَانَ يَعِزُّ عَلَى أَبِيكَ قَالَ أَنْ تَسُوءَهُ، فَوَجَأَهُ فِي نَحْرِهِ بِمَشَاقِصَ كَانَتْ فِي يَدِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَيَّافُ عُثْمَانَ وَلَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14552 -

وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ الرَّجُلُ يَدَ عُثْمَانَ قَالَ: إِنَّهَا لَأَوَّلُ يَدٍ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14553 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ عَامَّةَ الرَّكْبِ الَّذِينَ سَارُوا إِلَى عُثْمَانَ جُنُّوا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14554 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ حِينَ أَطَافُوا بِهِ: تُرِيدُونَ قَتْلَهُ؟ إِنْ تَقْتُلُوهُ أَوْ تَتْرُكُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ يَجْمَعُ فِيهَا الْقُرْآنَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14555 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَقِيَ مَسْرُوقٌ الْأَشْتَرَ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ لِلْأَشْتَرِ: قَتَلْتُمْ عُثْمَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتُمُوهُ صَوَّامًا قَوَّامًا قَالَ: فَانْطَلَقَ الْأَشْتَرُ فَأَخْبَرَ عَمَّارًا، فَأَتَى عَمَّارٌ مَسْرُوقًا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَجْلِدَنَّ عَمَّارًا، وَلَيُسَيِّرَنَّ أَبَا ذَرٍّ، وَلَيَحْمِيَنَّ الْحِمَى، وَتَقُولَ: قَتَلْتُمُوهُ صَوَّامًا قَوَّامًا؟ فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ: فَوَاللَّهِ مَا فَعَلْتُمْ وَاحِدَةً مِنْ شَيْئَيْنِ: مَا عَاقَبْتُمْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَمَا صَبَرْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.

ص: 94

قَالَ: فَلَكَأَنَّمَا أَلْقَمَهُ حَجَرًا.

قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ مَسْرُوقٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَفْرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِنَفْلَتِهِ.

14556 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: لَا مَدِينَةَ بَعْدَ عُثْمَانَ، وَلَا رَخَاءَ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ.

«وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي بِإِسْلَامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَأَسْلَمَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14557 -

وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ: لَا يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ، قُلْتُ: بَلَى وَتُفْقَأُ فِيهَا عُيُونٌ كَثِيرَةٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14558 -

وَعَنْ مَالِكٍ - يَعْنِي ابْنَ أَنَسٍ - قَالَ: قُتِلَ عُثْمَانُ، فَأَقَامَ مَطْرُوحًا عَلَى كُنَاسَةِ بَنِي فُلَانٍ ثَلَاثًا، وَأَتَاهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ: جَدِّي مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ، مَعَهُمْ مِصْبَاحٌ فِي حِقٍّ فَحَمَلُوهُ عَلَى بَابٍ، وَإِنَّ رَأْسَهُ تَقُولُ عَلَى الْبَابِ: طَقْ طَقْ، حَتَّى أَتَوْا بِهِ الْبَقِيعَ فَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ أَوْ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى - شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - ثُمَّ أَرَادُوا دَفْنَهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَازِنٍ فَقَالَ: لَئِنْ دَفَنْتُمُوهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ لَأُخْبِرَنَّ النَّاسَ غَدًا، فَحَمَلُوهُ حَتَّى أَتَوْا بِهِ حُشَّ كَوْكَبٍ، فَلَمَّا دَلَّوْهُ فِي قَبْرِهِ صَاحَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ: اسْكُتِي، فَوَاللَّهِ لَئِنْ عُدْتِ لَأَضْرِبَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنُكِ، فَلَمَّا دَفَنُوهُ وَسَوَّوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ قَالَ لَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ: صِيحِي مَا بَدَا لَكِ أَنْ تَصِيحِي.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ عُثْمَانُ قَبْلَ ذَلِكَ يَمُرُّ بِحُشِّ كَوْكَبٍ، فَيَقُولُ: لَيُدْفَنَنَّ هَاهُنَا رَجُلٌ صَالِحٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ: الْحُشُّ: الْبُسْتَانُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14559 -

وَعَنْ سَهْمِ بْنِ حُبَيْشٍ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ عُثْمَانَ - قَالَ: فَلَمَّا أَمْسَيْنَا قُلْتُ: لَئِنْ تَرَكْتُمْ صَاحِبَكُمْ حَتَّى يُصْبِحَ مَثَّلُوا بِهِ، فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَمْكَنَّا لَهُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ حَمَلْنَاهُ، وَغَشِيَنَا سَوَادٌ مِنْ خَلْفِنَا فَهِبْنَاهُمْ حَتَّى كِدْنَا أَنْ نَتَفَرَّقَ عَنْهُ، فَنَادَى مُنَادٍ: لَا رَوْعَ عَلَيْكُمْ، اثْبُتُوا فَإِنَّا جِئْنَا نَشْهَدُهُ مَعَكُمْ.

وَكَانَ ابْنُ حُبَيْشٍ يَقُولُ: هُمْ وَاللَّهِ الْمَلَائِكَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14560 -

«وَعَنْ فُلْفُلَةَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ مُتَعَلِّقًا بِالْعَرْشِ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ آخِذًا بِحَقْوَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ

ص: 95

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأَيْتُ عُمَرَ آخِذًا بِحَقْوَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ آخِذًا بِحَقْوَيْ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ الدَّمَ يَنْصَبُّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ. فَحَدَّثَ الْحَسَنَ بِهَذَا [الْحَدِيثِ] وَعِنْدَهُ قَوْمٌ مِنَ الشِّيعَةِ، فَقَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ عَلِيًّا؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَرَاهُ آخِذًا بِحَقْوَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَلِيٍّ، وَلَكِنَّهَا رُؤْيَا رَأَيْتُهَا، فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي رُؤْيَا رَآهَا، وَقَدْ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ جَهْدٌ حَتَّى رَأَيْتُ الْكَآبَةَ فِي وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْفَرَحَ فِي وُجُوهِ الْمُنَافِقِينَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" وَاللَّهِ لَا تَغِيبُ الشَّمْسُ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِرِزْقٍ ". فَعَلِمَ عُثْمَانُ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيَصْدُقَانِ، فَاشْتَرَى عُثْمَانُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رَاحِلَةً بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الطَّعَامِ، فَوَجَّهَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا بِتِسْعَةٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَا هَذَا؟ ". قَالُوا: أَهْدَى إِلَيْكَ عُثْمَانُ قَالَ: فَعُرِفَ الْفَرَحُ فِي وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَآبَةُ فِي وُجُوهِ الْمُنَافِقِينَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، يَدْعُو لِعُثْمَانَ دُعَاءً مَا سَمِعْتُهُ دَعَا لِأَحَدٍ قَبْلَهُ:" اللَّهُمَّ أَعْطِ عُثْمَانَ اللَّهُمَّ افْعَلْ لِعُثْمَانَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14561 -

وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَجَبًا فِي مَنَامِي، رَأَيْتُ الرَّبَّ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عِنْدَ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَكَانَ نُبْذَةً، فَقَالَ: رَبِّ سَلْ عِبَادَكَ فِيمَا قَتَلُونِي؟ قَالَ: فَانْثَقَبَ مِنَ السَّمَاءِ مِيزَابَانِ مِنْ دَمٍ فِي الْأَرْضِ. قَالَ: فَقِيلَ لِعَلِيٍّ: أَلَا تَرَى مَا يُحَدِّثُ بِهِ الْحَسَنُ؟ قَالَ: يُحَدِّثُ بِمَا رَأَى.

14562 -

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ: لَا أُقَاتِلُ بَعْدَ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا - فَذَكَرَ نَحْوَهُ - إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى عُمَرَ، وَرَأَيْتُ دِمَاءً دُونَهُمْ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قِيلَ: دِمَاءُ عُثْمَانَ يَطْلُبُ اللَّهَ بِهِ.

رَوَاهُ كُلَّهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادَيْنِ، وَفِي أَحَدِهِمَا مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَفِي الْآخَرِ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14563 -

وَعَنْ مُسْلِمٍ أَبِي سَعِيدٍ - مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَعْتَقَ عِشْرِينَ عَبْدًا مَمْلُوكًا، وَدَعَا بِسَرَاوِيلَ فَشَدَّهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَلْبَسْهَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَارِحَةَ فِي الْمَنَامِ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ [وَإِنَّهُمْ] قَالُوا لِيَ: اصْبِرْ، فَإِنَّكَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا الْقَابِلَةَ.

ص: 96

ثُمَّ دَعَا بِمُصْحَفٍ فَنَشَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُتِلَ، وَهُوَ بَيْنُ يَدَيْهِ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو يَعْلَى فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لِهَذَا طُرُقٌ فِي الْفِتَنِ.

14564 -

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: صَلَّى الزُّبَيْرُ عَلَى عُثْمَانَ وَدَفَنَهُ، وَكَانَ أَوْصَى إِلَيْهِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنْ قَتَادَةَ لَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ.

14565 -

وَعَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَطْلُبُوا بِدَمِ عُثْمَانَ لَرُجِمُوا بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْكَبِيرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14566 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَعَنْ يَسَارِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، إِذْ جَاءَ غُرَابُ بْنُ فُلَانٍ الصُّدَائِيُّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ؟ فَبَدَرُهُ الرَّجُلَانِ، فَقَالَا: تَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ وَنَافَقَ؟! فَقَالَ الرَّجُلُ لَهُمَا: لَسْتُ لَكُمَا أَسْأَلُ، وَلَا إِلَيْكُمَا جِئْتُ. فَقَالَ لَهُ: لَسْتُ أَقُولُ مَا قَالَا. فَقَالَا لَهُ جَمِيعًا: فَلِمَ قَتَلْنَاهُ إِذًا؟ قَالَ: وَلِيَ عَلَيْكُمْ فَأَسَأَءَ الْوِلَايَةَ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ، وَجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ بَشِيرٍ، وَلَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.

14567 -

وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ طَلْقَ بْنَ خُشَافٍ يَقُولُ: وَفَدْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لِنَنْظُرَ فِيمَا قُتِلَ عُثْمَانُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَرَرْنَا بِبَعْضِ آلِ عَلِيٍّ، وَبَعْضِ آلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَبَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا، فَرَدَّتِ السَّلَامَ وَقَالَتْ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَتْ: وَمِنْ أَيِّ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؟ قُلْتُ: مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَقَالَتْ: وَمِنْ أَيِّ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ؟ فَقُلْتُ: مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَقَالَتْ: مِنْ آلِ فُلَانٍ؟ فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فِيمَا قُتِلَ عُثْمَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: قُتِلَ وَاللَّهِ مَظْلُومًا، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَهُ، أَقَادَ اللَّهُ مِنِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ بِهِ، وَسَاقَ اللَّهُ إِلَى أَعْيَنَ بْنِ تَيْمٍ هَوَانًا فِي بَيْتِهِ، وَأَرَاقَ اللَّهُ دِمَاءَ بَنِي بُدَيْلٍ عَلَى ضَلَالِهِ، وَسَاقَ اللَّهُ إِلَى الْأَشْتَرِ سَهْمًا مِنْ سِهَامِهِ.

فَوَاللَّهِ مَا مِنَ الْقَوْمِ رَجُلٌ إِلَّا أَصَابَتْهُ دَعْوَتُهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ طَلْقٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14568 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أُخِذَ الْفَاسِقُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي شِعْبٍ مِنْ شِعَابِ مِصْرَ، فَأُدْخِلَ فِي جَوْفِ حِمَارٍ فَأُحْرِقَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14569 -

وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ: اجْتَمَعْنَا فِي دَارِ مَخْرَمَةَ - بَعْدَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ - نُرِيدُ الْبَيْعَةَ، فَقَالَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ: إِنَّا مَنْ بَايَعْنَا مِنْكُمْ فَإِنَّا

ص: 97

لَا نَحُولُ دُونَ قَصَاصٍ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَمَّا مِنْ دَمِ عُثْمَانَ فَلَا، فَقَالَ أَبُو جَهْمٍ: اللَّهَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ!! اللَّهَ لَتُقَادَنَّ مِنْ جَلَدَاتٍ جُلِدْتَهَا وَلَا يُقَادُ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ؟ قَالَ: فَانْصَرَفْنَا يَوْمَئِذٍ عَلَى غَيْرِ بَيْعَةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا.

14570 -

وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ رُودِيٍّ قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ وَاللَّهُ لَئِنْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ إِلَّا مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ لَا أَدْخُلُهَا، وَلَئِنْ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ لَا أَدْخُلُهَا. قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ قِيلَ لَهُ: تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةٍ فَرَّقْتَ بِهَا عَنْكَ أَصْحَابَكَ، فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَتَلَ عُثْمَانَ وَأَنَا مَعَهُ ..

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: كَلِمَةٌ قُرَشِيَّةٌ لَهَا وَجْهَانِ.

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: كَأَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ قَتَلَهُ وَأَنَا مَعَهُ مَقْتُولٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُجَالِدٌ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى تَضْعِيفِهِ، وَعُمَيْرٌ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14571 -

وَبِسَنَدِهِ قَالَ: خَطَبَهُمْ عَلِيٌّ فَقَطَعُوا عَلَيْهِ خُطْبَتَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا وَهَنْتُ يَوْمَ قَتْلِ عُثْمَانَ، وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا ; مَثَلَ ثَلَاثَةِ أَثْوَارٍ وَأَسَدًا اجْتَمَعُوا فِي أَجَمَةٍ: أَسْوَدُ وَأَحْمَرُ وَأَبْيَضُ، وَكَانَ الْأَسَدُ إِذَا أَرَادَ وَاحِدًا مِنْهُمُ اجْتَمَعْنَ عَلَيْهِ، فَامْتَنَعْنَ مِنْهُ، فَقَالَ الْأَسَدُ لِلْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ: إِنَّمَا يَفْضَحُنَا فِي أَجَمَتِنَا هَذِهِ وَيَشْهَرُنَا هَذَا الْأَبْيَضُ، فَدَعَانِي حَتَّى آكُلَهُ، فَلَوْنِي عَلَى لَوْنِكُمَا وَلَوْنُكُمَا عَلَى لَوْنِي، فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَتَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَسْوَدِ: إِنَّمَا يَفْضَحُنَا وَيَشْهَرُنَا فِي أَجَمَتِنَا هَذَا الْأَحْمَرُ، فَدَعْنِي حَتَّى آكُلَهُ فَلَوْنِي عَلَى لَوْنِكَ وَلَوْنُكَ عَلَى لَوْنِي، فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ لِلْأَسْوَدِ: إِنِّي آكُلُكَ قَالَ: دَعْنِي أُصَوِّتْ ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّمَا أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الْأَبْيَضُ، أَلَا إِنَّمَا أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الْأَبْيَضُ، أَلَا إِنَّمَا أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الْأَبْيَضُ. أَلَا إِنَّمَا وَهَنْتُ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ.

14572 -

وَعَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ جَرِيرٌ، وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَحَنْظَلَةُ الْكَاتِبُ، إِلَى قَرْقِيسْيَا، وَقَالُوا: لَا نُقِيمُ فِي بَلْدَةٍ يُشْتَمُ فِيهَا عُثْمَانُ رضي الله عنه.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ مُغِيَرَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الصَّحَابَةِ.

14573 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: كَانَتِ الشُّورَى، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَقُتِلَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ [تَمَامَ] سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَسِنُّهُ ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، وَكَانَتْ وِلَايَةُ عُثْمَانَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ

ص: 98

سَنَةً ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14574 -

وَعَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَتَادَةَ ثِقَاتٌ.

14575 -

وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: كَانَتْ خِلَافَةُ عُثْمَانَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14576 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَوْمَهُ صَائِمًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14577 -

وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ كَانَ عَلَى صَنْعَاءَ، فَلَمَّا جَاءَهُ قَتْلُ عُثْمَانَ، خَطَبَ فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا أَفَاقَ وَاسْتَفَاقَ قَالَ: الْيَوْمَ انْتُزِعَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَصَارَتْ مُلْكًا وَجَبْرِيَّةً، مَنْ أَخَذَ شَيْئًا غَلَبَ عَلَيْهِ.

14578 -

وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَدِيٍّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14579 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أَنْشَدَنِي أَبُو خَلِيفَةَ، فَقَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ التُّوزِيُّ قَالَ أَبُو خَلِيفَةَ: وَسَأَلْتُ الرِّيَاشِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ:

وَتَرَكْتُمُ غَزْوَ الدُّرُوبِ وَجِئْتُمُ

لِقِتَالِ قَوْمٍ عِنْدَ قَبْرِ مُحَمَّدِ فَلَبِئْسَ هَدْيُ الصَّالِحِينَ هَدَيْتُمُ

وَلَبِئْسَ فِعْلُ الْعَابِدِ الْمُجْتَهِدِ.

14580 -

وَأَنْشَدَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: أَنْشَدَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرِّيَاشِيُّ لِلَيْلَى الْأَخْيَلِيَّةِ:

أَبَعْدَ عُثْمَانَ تَرْجُو الْخَيْرَ أُمَّتُهُ

قَدْ كَانَ أَفْضَلَ مَنْ يَمْشِي عَلَى سَاقِ خَلِيفَةُ اللَّهِ أَعْطَاهُمْ وَخَوَّلَهُمْ

مَا كَانَ مِنْ ذَهَبٍ حُلْوٍ وَأَوْرَاقِ فَلَا تُكَذِّبْ بِوَعْدِ اللَّهِ وَاتَّقِهِ

وَلَا تَكُونَنْ عَلَى شَيْءٍ بِإِشْفَاقِ وَلَا تَقُولَنْ لِشَيْءٍ سَوْفَ أَفْعَلُهُ

قَدْ قَدَّرَ اللَّهُ مَا كَانَ امْرُؤٌ لَاقِ.

[بَابٌ فِيمَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ رضي الله عنه]

14581 -

عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: «قَتَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ صَبْرًا، ثُمَّ قَالَ: " لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ صَبْرًا إِلَّا رَجُلًا قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَاقْتُلُوهُ فَإِنْ لَا تَفْعَلُوا تُقْتَلُوا قَتْلَ الشَّاةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَقَالَا: لَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِي إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ أَبُو خَيْثَمَةَ مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ، وَفِي إِسْنَادِ الْبَزَّارِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

[بَابُ نَسَبِهِ]

ص: 99

37 -

4 - (بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه)

37 -

4 - 1 - بَابُ نَسَبِهِ.

14582 -

«عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " النَّاسُ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى، وَأَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ وَمَنِ اخْتُلِفَ فِيهِ.

14583 -

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، يُكَنَّى: أَبَا الْحَسَنِ، شَهِدَ بَدْرًا.

14584 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: بَلَّغَنِي بَنُو هَاشِمٍ: أَنَّ أَبَا طَالِبٍ اسْمُهُ: عَبْدُ مَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ اسْمُهُ: شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ اسْمُهُ: عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَقُصَيٌّ اسْمُهُ: زَيْدٌ.

14585 -

وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أُمُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا أَوَّلُ هَاشِمِيَّةٍ وَلَدَتْ لِهَاشِمِيٍّ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، وَمَاتَتْ وَدَفَنَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُمُّهَا: فَاطِمَةُ بِنْتُ هَرِمِ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ صَحِيحٌ.

[بَابُ صِفَتِهِ رضي الله عنه]

14586 -

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَنَا غُلَامٌ، فَلَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ قَالَ لِي أَبِي: قُمْ أَيْ عَمْرُو فَانْظُرْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَقُمْتُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا هُوَ أَبْيَضُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى نَزَلَ عَنْهُ. قُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: هَلْ قَنَتَ؟ قَالَ: لَا.

14587 -

وَفِي رِوَايَةٍ: لَمْ أَرَهُ خَضَّبَ لِحْيَتَهُ، ضَخْمُ الرَّأْسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14588 -

وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا إِسْحَاقَ: أَنْتَ أَكْبَرُ مِنَ الشَّعْبِيِّ؟ قَالَ: الشَّعْبِيُّ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ.

قَالَ: وَرَأَى أَبُو إِسْحَاقَ عَلِيًّا، وَكَانَ يَصِفُهُ لَنَا: عَظِيمَ الْبَطْنِ، أَجْلَحَ.

قَالَ شُعْبَةُ: وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ أَكْبَرَ مِنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، وَلَمْ يُدْرِكْ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَلِيًّا وَلَمْ يَرَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14589 -

وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا سَمْتًا أَصْلَعَ الشَّعْرِ، كَأَنَّ بِجَانِبِهِ إِهَابَ شَاةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 100

14590 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا عَلَى الْمِنْبَرِ، أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ، قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ.

زَادَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِهِ: عَلَى رَأْسِهِ زُغَيْبَاتٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14591 -

عَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: يُقَالُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ آدَمَ، رَبْعَةً، مُسَمَّنًا، ضَخْمَ الْمَنْكِبَيْنِ، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، أَصْلَعَ، عَظِيمَ الْبَطْنِ، غَلِيظَ الْعَيْنَيْنِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى الْوَاقِدِيِّ ثِقَاتٌ.

14592 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: ذُكِرَ لِأَبِي مَسْعُودٍ قَوْلُ عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى رَأْسِهِ كَالطَّسْتِ، وَإِنَّمَا حَوْلَهُ كَالْخِفَافِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي كُنْيَتِهِ رضي الله عنه]

14593 -

عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ رضي الله عنه نَائِمٌ فِي التُّرَابِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَحَقَّ أَسْمَائِكَ أَبُو تُرَابٍ، أَنْتِ أَبُو تُرَابٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14594 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَنَّى عَلِيًّا رضي الله عنه بِأَبِي تُرَابٍ فَكَانَتْ مِنْ أَحَبِّ كُنَاهُ إِلَيْهِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ يَأْتِي فِي وَفَاتِهِ وَقَاتِلِهِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

[بَابُ إِسْلَامِهِ رضي الله عنه]

14595 -

«عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ:" هَلْ لَكَ فِي فَاطِمَةَ تَعُودُهَا؟ ". فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَيَّ فَقَالَ:" أَمَا إِنَّهُ سَيَحْمِلُ ثِقْلَهَا غَيْرُكَ وَيَكُونُ أَجْرُهَا لَكَ ". قَالَ: فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيَّ شَيْءٌ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ عليها السلام، فَقَالَ:" كَيْفَ تَجِدُكِ؟ ". فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدِ اشْتَدَّ حُزْنِي، وَاشْتَدَّتْ فَاقَتِي، وَطَالَ سَقَمِي.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: قَالَ: " أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُزَوِّجَكِ أَقْدَمَ أُمَّتِي سِلْمًا، وَأَكْثَرَهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا»؟ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14596 -

وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: «أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ

ص: 101

قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: زَوَّجْتَنِيهِ أُعَيْمِشَ، عَظِيمَ الْبَطْنِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ زَوَّجْتُكِهِ وَإِنَّهُ لَأَوَّلُ أَصْحَابِي سِلْمًا، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمُهُمْ حِلْمًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

14597 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ وَسَلْمَانَ قَالَا: «أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: " إِنَّ هَذَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَهَذَا أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، وَهَذَا فَارُوقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهَذَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّالِمِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، وَقَالَ فِيهِ:" «أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي» ". وَقَالَ فِيهِ: " «وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الْكُفَّارِ» ".

وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14598 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " السُّبَّقُ ثَلَاثَةٌ: السَّابِقُ إِلَى مُوسَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَالسَّابِقُ إِلَى عِيسَى صَاحِبُ يَاسِينَ، وَالسَّابِقُ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه» - ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْأَشْقَرُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ حَدِيثُهُمْ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ.

14599 -

وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وُرُودًا عَلَى نَبِيِّهَا صلى الله عليه وسلم أَوَّلُهَا إِسْلَامًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14600 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14601 -

وَعَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا عليه السلام يَضْحَكُ عَلَى الْمِنْبَرِ، لَمْ أَرَهُ ضَحِكَ ضَحِكًا أَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: ذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِي طَالِبٍ، ظَهَرَ عَلَيْنَا أَبُو طَالِبٍ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نُصَلِّي بِبَطْنِ نَخْلَةَ، فَقَالَ: مَاذَا تَصْنَعَانِ يَا ابْنَ أَخِي؟ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: مَا بِالَّذِي تَصْنَعَانِ بَأْسٌ [أَوْ بِالَّذِي تَقُولَانِ بَأْسٌ]، وَلَكِنْ [وَاللَّهِ] لَا تَعْلُونِيَ اسْتِي أَبَدًا، فَضَحِكَ تَعَجُّبًا لِقَوْلِ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا أَعْتَرِفُ [أَنَّ] عَبْدًا [لَكَ] مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَبَدَكَ قَبْلِي غَيْرَ نَبِيِّكَ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - لَقَدْ صَلَّيْتُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ سَبْعًا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ، وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14602 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَأَسْلَمْتُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُسْلِمُ بْنُ كَيْسَانَ الْمُلَائِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

14603 -

وَعَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14604 -

وَعَنْ عُرْوَةَ

ص: 102

بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14605 -

وَعَنْ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ وَقَالَ: كُنْتُ امْرَأً تَاجِرًا، فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، فَأَتَيْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَبْتَاعَ مِنْهُ بَعْضَ التِّجَارَةِ، وَكَانَ امْرَأً تَاجِرًا قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعِنْدَهُ بِمِنًى إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خِبَاءٍ قَرِيبٍ مِنْهُ إِذْ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا رَآهَا مَالَتْ [يَعْنِي]- قَامَ يُصَلِّي -. ثُمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ الَّذِي خَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْهُ، فَقَامَتْ خَلْفَهُ تُصَلِّي، ثُمَّ خَرَجَ غُلَامٌ حِينَ نَاهَزَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ، فَقَامَ مَعَهُ يُصَلِّي قَالَ: فَقُلْتُ لِلْعَبَّاسِ: يَا عَبَّاسُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ ابْنُ أَخِي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ ابْنَةُ خُوَيْلِدٍ. قَالَ: فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الْفَتَى؟ قَالَ: هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُصَلِّي، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ عَلَى أَمْرِهِ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَابْنُ عَمِّهِ هَذَا الْفَتَى، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ.

قَالَ: فَكَانَ عَفِيفٌ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ - يَقُولُ - وَأَسْلَمَ بَعْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ -: لَوْ كَانَ اللَّهُ رَزَقَنِي الْإِسْلَامَ يَوْمَئِذٍ فَأَكُونُ ثَانِيًا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

قُلْتُ: وَيَأْتِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ خَدِيجَةَ.

14606 -

«وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَصَلَّتْ خَدِيجَةُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، وَصَلَّى عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، فَمَكَثَ عَلِيٌّ يُصَلِّي مُسْتَخْفِيًا سَبْعَ سِنِينَ وَأَشْهُرًا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحُمَيْدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14607 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ وَقَدْ وُثِّقَ.

14608 -

«وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ. قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه» -.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14609 -

«وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: نُبِّئَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَأَسْلَمَ عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ]

14610 -

عَنْ رَبَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: «جَاءَ رَهْطٌ إِلَى عَلِيٍّ بِالرَّحْبَةِ قَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا، فَقَالَ:

ص: 103

كَيْفَ أَكُونُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ؟ قَالُوا: سَمِعَنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ ".

قَالَ رَبَاحٌ: فَلَمَّا مَضَوْا تَبِعْتُهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالُوا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» .

وَهَذَا أَبُو أَيُّوبَ بَيْنَنَا، فَحَسِرَ أَبُو أَيُّوبَ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ".

وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

14611 -

«وَعَنْ عَمْرٍو ذِي مُرٍّ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَا: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، فَقَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَأَعِنْ مَنْ أَعَانَهُ» ".

قُلْتُ: لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ". فَقَطْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَحْمَدُ عَنْ زَيْدٍ وَحْدَهُ بِاخْتِصَارٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِهِ: نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ: خُمٌّ، فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّاهَا بِهَجِيرٍ قَالَ: فَخَطَبَ وَظَلَّلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَجَرَةٍ مِنَ الشَّمْسِ، فَقَالَ:" «أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ - أَوْ أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ - أَنِّي أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟ ". قَالُوا: بَلَى». فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14612 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «جَمَعَ عَلِيٌّ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَنْشُدُ بِاللَّهِ كُلَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا قَالَ لَمَا قَامَ، فَقَامَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ مِنَ النَّاسِ.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَقَامَ نَاسٌ كَثِيرٌ فَشَهِدُوا حِينَ أَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ:" أَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ ". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ".

قَالَ: فَخَرَجْتُ كَأَنَّ فِي نَفْسِي شَيْئًا، فَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ كَذَا وَكَذَا قَالَ: فَمَا تُنْكِرُ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14613 -

«وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: نَشَدَ عَلِيٌّ عليه السلام النَّاسَ، فَقَامَ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَهِدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14614 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ ذِي مُرٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالُوا: «سَمِعْنَا

ص: 104

عَلِيًّا يَقُولُ: نَشَدْتُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ لَمَا قَامَ، فَقَامَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَشَهِدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ ". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ، وَأَبْغِضْ مَنْ يُبْغِضُهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14615 -

«وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا فِي الرَّحْبَةِ يُنَاشِدُ النَّاسَ: أَنْشُدُ اللَّهَ مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِيَّ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ". لَمَا قَامَ فَشَهِدَ.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِيًّا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَحَدِهِمْ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: " أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَزْوَاجِي أُمَّهَاتُهُمْ؟ ". قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ.

14616 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشَّجَرَاتِ فَقُمَّ مَا تَحْتَهَا وَرُشَّ، ثُمَّ خَطَبَنَا، فَوَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ السَّاعَةِ إِلَّا قَدْ أَخْبَرَنَا بِهِ يَوْمَئِذٍ. ثُمَّ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟ ". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا قَالَ: " فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ ". يَعْنِي عَلِيًّا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَبَسَطَهَا، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ".

قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْهُ: " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ". فَقَطْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَبِيبُ بْنُ خَلَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ أَتَمَّ مِنْهُ، وَفِيهِ مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ.

14617 -

وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «دَخَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ الْمَسْجِدَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيْهِ شَابٌّ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ "؟. قَالَ: فَقَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ،

ص: 105

وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي أَحَدِ إِسْنَادَيِ الْبَزَّارِ رَجُلٌ غَيْرُ مُسَمًّى، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ فِي الْآخَرِ، وَفِي إِسْنَادِ أَبِي يَعْلَى دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14618 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسَلِّمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14619 -

«وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: نَشَدَ عَلِيٌّ النَّاسَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ "؟ فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِيًّا، فَشَهِدُوا بِذَلِكَ، وَكُنْتُ فِيمَنْ كَتَمَ فَذَهَبَ بَصَرِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ خَالِيًا مِنْ ذَهَابِ الْبَصَرِ وَالْكِتْمَانِ وَدُعَاءِ عَلِيٍّ.

14620 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ: وَكَانَ عَلِيٌّ دَعَا عَلَى مَنْ كَتَمَ.

وَرِجَالُ الْأَوْسَطِ ثِقَاتٌ.

14621 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا.

14622 -

«وَعَنْ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: " اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَأَعِنْ مَنْ أَعَانَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا.

14623 -

«وَعَنْ جَرِيرٍ قَالَ: شَهِدْنَا الْمَوْسِمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَلَغْنَا مَكَانًا يُقَالُ لَهُ: غَدِيرُ خُمٍّ، فَنَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعْنَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَنَا فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، بِمَ تَشْهَدُونَ ". قَالُوا: نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: " ثُمَّ مَهْ؟ ". قَالُوا: وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ: " فَمَنْ وَلِيُّكُمْ؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَانَا قَالَ: " مَنْ وَلِيُّكُمْ؟ ". ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى عَضُدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَأَقَامَهُ، فَنَزَعَ عَضُدُهُ فَأَخَذَ بِذِرَاعَيْهِ، فَقَالَ: " مَنْ يَكُنِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحَبَّهُ مِنَ النَّاسِ فَكُنْ لَهُ حَبِيبًا، وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَكُنْ لَهُ مُبْغِضًا، اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَجِدُ أَحَدًا أَسَتَوْدِعُهُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الْعَبْدَيْنِ الصَّالِحَيْنِ غَيْرَكَ ; فَاقْضِ لَهُ بِالْحُسْنَى» .

قَالَ بِشْرٌ: قُلْتُ: مَنْ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ الصَّالِحَيْنِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَهُوَ لَيِّنٌ، وَمَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ أَيْضًا.

14624 -

«وَعَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَنْشُدُ النَّاسَ، فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا مُسْلِمًا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا قَالَ لَمَا قَامَ. فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِيًّا فَشَهِدُوا» .

ص: 106

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14625 -

«وَعَنْ نَذِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ يَوْمَ الْجَمَلِ لِطَلْحَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا طَلْحَةُ، سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ "؟. قَالَ: بَلَى، فَذَكَرَ وَانْصَرَفَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَنَذِيرٌ تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنُهُ.

14626 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: " أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ مَنْ كُنْتُ وَلَيُّهُ فَإِنَّ عَلِيًّا وَلَيُّهُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14627 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالَ:«نَشَدَ عَلِيٌّ عليه السلام النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ: مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ إِلَّا قَامَ. قَالَ: فَقَامَ مِنْ قِبَلِ سَعِيدٍ سِتَّةٌ، وَمِنْ قِبَلِ زَيْدٍ سَبْعَةٌ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ لِعَلِيٍّ: " أَلَيْسَ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ؟ ". قَالُوا: بَلَى قَالَ: " اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ".

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ أَتَمَّ مِنْهُ، وَقَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، لَا عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ كَمَا هُنَا، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ سَقَطَتْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَإِسْنَادُهُمَا حَسَنٌ.

14628 -

وَعَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

قَالَ: وَزَادَ الرَّاوُونَ بَعْدُ: " «وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14629 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «اسْتَشْهَدَ عَلِيٌّ رضي الله عنه النَّاسَ، فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ عز وجل رَجُلًا سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ". قَالَ: فَقَامَ سِتَّةَ عَشَرَ، فَشَهِدُوا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَشِيرَ بْنَ سَلْمَانَ، فَإِنْ كَانَ هُوَ فَهُوَ ثِقَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14630 -

«وَعَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا فِي الرَّحْبَةِ وَهُوَ يَنْشُدُ النَّاسُ: مَنْ شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ وَهُوَ يَقُولُ مَا قَالَ؟ فَقَامَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ [رَجُلًا]، فَشَهِدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14631 -

«وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عُمَارَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ - وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عَلِيٍّ -: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ

ص: 107

عَادَاهُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَحُمَيْدٌ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14632 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14633 -

«عَنْ عُمَيْرَةَ بِنْ سَعْدٍ قَالَتْ: شَهِدْتُ عَلِيًّا عَلَى الْمِنْبَرِ نَاشَدَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[يَوْمَ غَدِيرِ خَمٍّ] يَقُولُ مَا قَالَ فَيَشْهَدُ؟ فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ وَفِي إِسْنَادِهِ لِينٌ.

14634 -

«وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ عَلِيًّا جَمَعَ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ "؟. فَقَامَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14635 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي إِسْنَادِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ.

14636 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِيهِمْ خِلَافٌ.

14637 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِذًا بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ: " هَذَا وَلِيِّي وَأَنَا وَلِيُّهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْمُعَلَّى بْنُ عِرْفَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14638 -

«وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِرِيَّةٍ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا عَلِيًّا، فَلَمَّا جِئْنَا قَالَ: " كَيْفَ رَأَيْتُمْ صَاحِبَكُمْ؟ ". فَإِمَّا شَكْوَتُهُ وَإِمَّا شَكَاهُ غَيْرِي قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَكُنْتُ رَجُلًا مِكْبَابًا، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ يَقُولُ: " مَنْ كُنْتُ وَلِيُّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ ". فَقُلْتُ: لَا أَسُوءُكَ فِيهِ أَبَدًا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14639 -

وَعَنْ زِيَادِ بْنِ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - وَرُبَّمَا لَمْ يَذْكُرْ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - «قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي، وَيَمُوتَ مَمَاتِي، وَيَسْكُنَ جَنَّةَ الْخُلْدِ الَّذِي وَعَدَنِي رَبِّي عز وجل غَرَسَ قُضْبَانَهَا بِيَدِهِ ; فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ; فَإِنَّهُ لَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ هُدًى، وَلَنْ يُدْخِلَكُمْ فِي ضَلَالَةٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14640 -

عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُوصِي مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي بِوِلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

ص: 108

طَالِبٍ، مَنْ تَوَلَّاهُ فَقَدْ تَوَلَّانِي، وَمَنْ تَوَلَّانِي فَقَدْ تَوَلَّى اللَّهَ عز وجل وَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ تَعَالَى، وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ عز وجل».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحْسَنُهَا فِيهِ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ وَقَدْ وُثِّقُوا.

14641 -

«وَعَنْ وَهْبِ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: صَحِبْتُ عَلِيًّا [مِنَ الْمَدِينَةِ] إِلَى مَكَّةَ فَرَأَيْتُ مِنْهُ بَعْضَ مَا أَكْرَهُ، فَقُلْتُ: لَئِنْ رَجَعْتُ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَدِمْتُ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: رَأَيْتُ مِنْ عَلِيٍّ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: " لَا تَقُلْ هَذَا ; فَهُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِكُمْ بَعْدِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ دُكَيْنٌ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

[بَابُ مَنْزِلَتِهِ رضي الله عنه]

14642 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: " خَلَّفْتُكَ فِي أَهْلِي ". قَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تَقُولَ الْعَرَبُ: خَذَلَ ابْنَ عَمِّهِ وَتَخَلَّفَ عَنْهُ. قَالَ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ".

وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14643 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ، وَهِيَ ثِقَةٌ.

14644 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إِسْنَادِ أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَالَ: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14645 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ» ".

وَرِجَالُ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي بَلْجٍ الْكَبِيرِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14646 -

وَعَنْ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ

ص: 109

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14647 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي وَلَا وِرَاثَةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِي إِسْنَادِ الْكَبِيرِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي الْأَوْسَطِ عَبْدُ الْغَفُورِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14648 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ غَزْوًا، فَدَعَا جَعْفَرًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: لَا أَتَخَلَّفُ بَعْدَكَ أَبَدًا، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَانِي، فَعَزَمَ عَلَيَّ لَمَا تَخَلَّفْتُ قَبْلَ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَبَكَيْتُ قَالَ:" مَا يُبْكِيكَ؟ ". قُلْتُ: يُبْكِينِي خِصَالٌ غَيْرَ وَاحِدَةٍ، تَقُولُ قُرَيْشٌ غَدًا: مَا أَسْرَعَ مَا تَخَلَّفَ عَنِ ابْنِ عَمِّهِ وَخَذَلَهُ.

وَتُبْكِينِي خَصْلَةٌ أُخْرَى: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَتَعَرَّضَ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ; لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120] فَكُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَتَعَرَّضَ لِلْأَجْرِ. وَتُبْكِينِي خَصْلَةٌ أُخْرَى: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَتَعَرَّضَ لِفَضْلِ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَّا قَوْلُكَ: تَقُولُ قُرَيْشٌ: مَا أَسْرَعَ مَا تَخَلَّفَ عَنِ ابْنِ عَمِّهِ وَخَذَلَهُ ; فَإِنَّ لَكَ بِي أُسْوَةً، قَدْ قَالُوا: سَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَكَذَّابٌ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: أَتَعَرَّضُ لِلْأَجْرِ مِنَ اللَّهِ ; أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَأَمَّا قَوْلُكَ: أَتَعَرَّضُ لِفَضْلِ اللَّهِ ; فَهَذَانِ بَهَارَانِ مِنْ فُلْفُلٍ جَاءَنَا مِنَ الْيَمَنِ، فَبِعْهُ وَاسْتَمْتِعْ بِهِ أَنْتَ وَفَاطِمَةُ حَتَّى يَأْتِيَكُمَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14649 -

«عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: وَجِعْتُ وَجَعًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَقَامَنِي فِي مَكَانِهِ، وَقَامَ يُصَلِّي وَأَلْقَى عَلَيَّ طَرَفَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: " قَدْ بَرِئْتَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ. مَا سَأَلْتُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ، وَلَا سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل شَيْئًا إِلَّا أَعْطَانِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ قِيلَ لِي: لَا نَبِيَّ بَعْدَكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنِ اخْتُلِفَ فِيهِمْ.

14650 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خَلَّفْتُكَ أَنْ تَكُونَ خَلِيفَتِي ". قَالَ: أَتَخَلَّفُ عَنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14651 -

وَعَنْ جَابِرٍ - يَعْنِي ابْنِ سَمُرَةَ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ".» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ،

ص: 110

وَفِيهِ نَاصِحٌ الْحَائِكُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14652 -

«وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14653 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ: " إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ أُقِيمَ أَوْ تُقِيمَ ". فَخَلَّفَهُ. فَقَالَ نَاسٌ: مَا خَلَّفَهُ إِلَّا شَيْءٌ كَرِهَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَتَضَاحَكَ ثُمَّ قَالَ: " يَا عَلِيُّ، أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا: مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14654 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ: " هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَحْمُهُ لَحْمِي وَدَمُهُ دَمِي، فَهُوَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُرَنِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ مِنْهُ فِي مَنْزِلَتِهِ وَمُؤَاخَاتِهِ]

14655 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَلَمْ يُؤَاخِ بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، خَرَجَ عَلِيٌّ مُغْضَبًا حَتَّى أَتَى جَدْوَلًا فَتَوَسَّدَ ذِرَاعَهُ، فَسَفَّتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ، فَطَلَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَجَدَهُ فَوَكَزَهُ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ لَهُ: " قُمْ فَمَا صَلَحْتَ أَنْ تَكُونَ إِلَّا أَبَا تُرَابٍ، أَغَضِبْتَ عَلَيَّ حِينِ آخَيْتُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَمْ أُؤَاخِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ؟! أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ. أَلَا مَنْ أَحَبَّكَ حُفَّ بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَمَنْ أَبْغَضَكَ أَمَاتَهُ اللَّهُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَحُوسِبَ بِعَمَلِهِ فِي الْإِسْلَامِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَامِدُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14656 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ أَخُو رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ الْخَلْقُ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَشْعَثُ ابْنُ عَمِّ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

وَيَأْتِي حَدِيثُ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي مَنَاقِبِ جَمَاعَةٍ

ص: 111

مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم.

14657 -

«عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ النَّاسِ، وَآخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنه» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ عَوْنٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14658 -

«عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ: " أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ ; حَيَاتُكَ مَعِي، وَمَوْتُكَ مَعِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14659 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا زَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا فَاطِمَةَ قَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوَّجَتْنِي مِنْ رَجُلٍ فَقِيرٍ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا تَرْضَيْنَ يَا فَاطِمَةُ أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَبَاكِ وَالْآخَرُ زَوْجَكِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: إِبْرَاهِيمُ هَذَا لَا يُعْرَفُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَرَوَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ ضَعِيفٍ.

14660 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِلَّا عَلَى أَمِيرِهَا وَشَرِيفِهَا، وَلَقَدْ عَاتَبَ اللَّهُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ مَكَانٍ، وَمَا ذَكَرَ عَلِيًّا إِلَّا بِخَيْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عِيسَى بْنُ رَاشِدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14661 -

وَعَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ أُمَّهُ وَخَالَتَهُ دَخَلَتَا عَلَى عَائِشَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَتَا: فَأَخْبِرِينَا عَنْ عَلِيٍّ قَالَتْ: عَنْ أَيٍّ شَيْءٍ تَسْأَلَنَّ؟ عَنْ رَجُلٍ وُضِعَ [يَدَهُ] مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْضِعًا، فَسَالَتْ نَفْسُهُ فِي يَدِهِ فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ؟ وَاخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ مَكَانٌ قَبَضَ فِيهِ نَبِيَّهُ. قَالَتَا: فَلِمَ خَرَجْتِ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: أَمْرٌ قُضِيَ، وَوَدِدْتُ أَنْ أَفْدِيَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ، وَأُمُّ جُمَيْعٍ وَخَالَتُهُ لَمْ أَعْرِفْهُمَا.

14662 -

«عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ أَنْ كَانَ عَلِيٌّ لَأَقْرَبَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: عُدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً بَعْدِ غَدَاةٍ يَقُولُ: " جَاءَ عَلِيٌّ؟ ". مِرَارًا. قَالَتْ: وَأَظُنُّهُ كَانَ بَعَثَهُ فِي حَاجَةٍ. قَالَتْ: فَجَاءَ بَعْدُ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ حَاجَّةً، فَخَرَجْنَا مِنَ الْبَيْتِ، فَقَعَدْنَا عِنْدَ الْبَيْتِ وَكُنْتُ مِنْ أَدْنَاهُمْ إِلَى الْبَابِ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَجَعَلَ يُسَارُّهُ وَيُنَاجِيهِ، ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَكَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ بِهِ عَهْدًا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُبِضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أُمِّ مُوسَى، وَهِيَ ثِقَةٌ.

[بَابٌ فِيمَا أَوْصَى بِهِ رضي الله عنه]

14663 -

«عَنْ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حُضِرَ قَالَتْ صَفِيَّةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ

ص: 112

نِسَائِكَ أَهْلٌ تَلْجَأُ إِلَيْهِمْ وَإِنَّكَ أَجْلَبْتَ أَهْلِي، فَإِنْ حَدَثَ حَدَثٌ فَإِلَى مَنْ؟ قَالَ:" إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14664 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَى عَلِيٍّ سَبْعِينَ عَهْدًا لَمْ يَعْهَدْهَا إِلَى غَيْرِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14665 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا. قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ: " مَنْ يَضْمَنُ عَنِّي دَيْنِي وَمَوَاعِيدِي، وَيَكُونُ مَعِي فِي الْجَنَّةِ، وَيَكُونُ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي؟ ". فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ يُسِمِّهِ شَرِيكٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ كُنْتَ بَحْرًا مَنْ يَقُومُ بِهَذَا؟ قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ فِي عَلَامَةِ النُّبُوَّةِ فِي آيَتِهِ فِي الطَّعَامِ.

14666 -

«عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: " اضْمَنْ عَنِّي دَيْنِي وَمَوَاعِيدِي ". قَالَ: لَا أُطِيقُ ذَلِكَ، فَوَقَعَ بِهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: فَعَلَ اللَّهُ بِكَ مِنْ شَيْخٍ، بِدْعُوكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنَهُ وَمَوَاعِيدَهُ. فَقَالَ: دَعْنِي عَنْكَ فَإِنَّ ابْنَ أَخِي يُبَارِي الرِّيحَ. فَدَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: " اضْمَنْ عَنِّي دَيْنِي وَمَوَاعِيدِي ". فَقَالَ: نَعَمْ، هِيَ عَلَيَّ. فَضَمِنَهَا عَنْهُ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَالٌ قَالَ: هَذَا مَالُ اللَّهِ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَحَقُّ مَا قَضَى عَنْ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم. فَدَعَا النَّاسَ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ مَوْعُودٌ فَلْيَأْخُذْ، وَكَانَ فِيمَنْ جَاءَ جَابِرٌ، فَقَالَ: قَدْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا جَاءَنَا مَالٌ حَثْوَنَا لَكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ". فَقَالَ لَهُ: خُذْ كَمَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ عِدَةُ جَابِرٍ بِنَحْوِهَا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14667 -

وَعَنْ أَنَسٍ، «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" عَلِيٌّ يَقْضِي دَيْنِي» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14668 -

«وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيًّا فَمَنْ وَصِيُّكَ؟ فَسَكَتَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ رَآنِي فَقَالَ:" يَا سَلْمَانُ ". فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: " تَعْلَمُ مَنْ وَصِيُّ مُوسَى؟ ". قَالَ: نَعَمْ، يُوشَعُ بْنُ نُونٍ. قَالَ:" لِمَ؟ ". قُلْتُ: لِأَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَهُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ: " فَإِنَّ وَصِيِّي، وَمَوْضِعَ سِرِّي، وَخَيْرَ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِي، وَيُنْجِزُ عِدَتِي،

ص: 113

وَيَقْضِي دَيْنِي: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ: [قَوْلُهُ]: " «وَصِيِّي "[يَعْنِي] أَنَّهُ أَوْصَاهُ بِأَهْلِهِ لَا بِالْخِلَافَةِ». وَقَوْلُهُ: " «وَخَيْرُ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِي [يَعْنِي] مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ صلى الله عليه وسلم» . وَفِي إِسْنَادِهِ نَاصِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابٌ فِي عِلْمِهِ رضي الله عنه]

14669 -

قَدْ تَقَدَّمَ فِي إِسْلَامِهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ: " أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَ أُمَّتِي سِلْمًا، وَأَكْثَرَهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا» ؟ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِرِجَالٍ وُثِّقُوا.

14670 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِهِ مِنْ بَابِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ فَتْحِ بَابِهِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ]

14671 -

«عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كَانَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْوَابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: فَقَالَ يَوْمًا: " سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ ". قَالَ: فَتَكَلَّمَ أُنَاسٌ فِي ذَلِكَ.

قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَمَرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ، فَقَالَ فِيهِ قَائِلُكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا سَدَدْتُ شَيْئًا وَلَا فَتَحْتُهُ وَلَكِنِّي أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14672 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّقِيمِ الْكِنَانِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ زَمَنَ الْجَمَلِ، فَلَقِينَا سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ بِهَا، فَقَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَرَكَ بَابَ عَلِيٍّ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَزَادَ:«قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَدَدْتَ أَبْوَابَنَا كُلَّهَا إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ قَالَ: " مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَدَّهَا» . وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ حَسَنٌ.

14673 -

«وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، فَقَالَ:" إِنَّ مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَظْهَرَ مَسْجِدُهُ بِهَارُونَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَظْهَرَ مَسْجِدِي بِكَ وَبِذُرِّيَّتِكَ ". ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: " أَنْ سُدَّ بَابِكَ ". فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: سَمْعٌ وَطَاعَةٌ، فَسَدَّ بَابَهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْعَبَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا أَنَا

ص: 114

سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَفَتَحْتُ بَابَ عَلِيٍّ، وَلَكِنَّ اللَّهَ فَتَحَ بَابَ عَلِيٍّ، وَسَدَّ أَبْوَابَكُمْ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14674 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " انْطَلِقْ، فَمُرْهُمْ فَلْيَسُدُّوا أَبْوَابَهُمْ ". فَانْطَلَقْتُ، فَقُلْتُ لَهُمْ فَفَعَلُوا إِلَّا حَمْزَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ فَعَلُوا إِلَّا حَمْزَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قُلْ لِحَمْزَةَ فَلْيُحَوِّلْ بَابَهُ ". فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تُحَوِّلَ بَابَكَ. فَحَوَّلَهُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَقَالَ: " ارْجِعْ إِلَى بَيْتِكَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ ضُعَفَاءُ وَقَدْ وُثِّقُوا.

14675 -

وَعَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْعَرَارِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، فَقَالَ: أَمَّا عَلِيٌّ ; فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ، انْظُرُوا إِلَى مَنْزِلِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; فَإِنَّهُ سَدَّ أَبْوَابَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَقَرَّ بَابَهُ، وَأَمَّا عُثْمَانُ ; فَإِنَّهُ أَذْنَبَ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ذَنْبًا عَظِيمًا فَعَفَا اللَّهُ عَنْهُ، وَأَذْنَبَ فِيكُمْ ذَنْبًا دُونَ ذَلِكَ فَقَتَلْتُمُوهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14676 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَدِّ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ رضي الله عنه. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْرَ مَا أَدْخُلُ أَنَا وَحْدِي وَأَخْرُجُ قَالَ: " مَا أَمَرْتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ". فَسَدَّهَا كُلَّهَا غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ. قَالَ: وَرُبَّمَا مَرَّ وَهُوَ جُنُبٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نَاصِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14677 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَخْرَجَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ وَتَرَكَ عَلِيًّا قَالَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا أَنَا أَخْرَجْتُكُمْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي، وَلَا أَنَا تَرَكْتُهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَخْرَجَكُمْ وَتَرَكَهُ، إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مَأْمُورٌ مَا أُمِرْتُ بِهِ فَعَلْتُ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ اخْتُلِفَ فِيهِمْ.

14678 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مُرْسَلًا قَالَ:«كَانَ قَوْمٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلِيٌّ خَرَجُوا، فَمَا خَرَجُوا تَلَاوَمُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنَا فَارْجِعُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَاللَّهِ مَا أَدْخَلْتُهُ وَأَخْرَجْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَدْخَلَهُ وَأَخْرَجَكُمْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا يَحِلُّ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ]

14679 -

عَنْ خَارِجَةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْنِبَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَخَارِجَةُ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ رضي الله عنه]

ص: 115

37 -

4 - 11 - بَابٌ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ رضي الله عنه.

14680 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ صَالِحٌ جَزَرَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14681 -

وَعَنْهُ قَالَ: «قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعِينَ سُورَةً، وَخَتَمْتُ الْقُرْآنَ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ خَلَا مِنْ قَوْلِهِ: وَخَتَمْتُ إِلَى آخِرِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14682 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ سَيِّدُ الْعَرَبِ؟ ". قَالُوا: أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَعَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ خَاقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَهْتَمِ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ.

[بَابُ مُرَاعَاتِهِ رضي الله عنه]

14683 -

«عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَضِبَ لَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يُكَلِّمَهُ إِلَّا عَلِيٌّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَسَقَطَ مِنْهُ التَّابِعِيُّ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْأَشْقَرُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

[بَابُ إِجَابَةِ دُعَائِهِ رضي الله عنه]

14684 -

عَنْ زَاذَانَ: أَنَّ عَلِيًّا حَدَّثَ بِحَدِيثٍ فَكَذَّبَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَدْعُو عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا قَالَ: ادْعُ، فَدَعَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَمَّارٌ الْحَضْرَمِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ تَزْوِيجِهِ بِفَاطِمَةَ رضي الله عنها]

يَأْتِي فِي فَضْلِ فَاطِمَةَ.

[بَابُ بِشَارَتِهِ بِالْجَنَّةِ]

14685 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ تَحْتِ هَذَا الصُّورِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". قَالَ: فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ، فَهَنَّأْنَاهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 116

ثُمَّ لَبِثَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ قَالَ:" يَطْلُعُ مِنْ تَحْتِ هَذَا الصُّورِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَطَلَعَ عُمَرُ، فَهَنَّأْنَاهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ قَالَ:" يَطْلُعُ مِنْ تَحْتِ هَذَا الصُّورِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا ". ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: فَطَلَعَ عَلِيٌّ.»

14686 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَلِيًّا ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14687 -

«عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلَّمَ وَصَعِدَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ.

14688 -

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:«أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ أَصْحَابِكَ ثَلَاثَةً، فَأَحِبَّهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ. قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ. وَعِنْدَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَرَجَا أَنْ يَكُونَ لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ قَالَ: فَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ فَهَابَهُ، فَخَرَجَ فَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آنِفًا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ. فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ، فَهِبَتُهُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[فَتَسْأَلَهُ]؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَسْأَلَهُ فَلَا أَكُونَ مِنْهُمْ، وَيَسُبُّنِي قَوْمِي. ثُمَّ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلٍ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: فَلَقِيَ عَلِيًّا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: نَعَمْ. إِنْ كُنْتُ مِنْهُمْ أَحْمَدُ اللَّهَ، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ فَحَمِدْتُ اللَّهَ. فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَنِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَكَ آنِفًا، وَأَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاكَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَمَنْ هُمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَنْتَ مِنْهُمْ يَا عَلِيُّ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَيَشْهَدُ مَعَكَ مَشَاهِدَ بَيِّنٌ فَضْلُهَا عَظِيمٌ خَيْرُهَا، وَسَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَهُوَ نَاصِحٌ فَاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ النَّضْرُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14689 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يُحِبُّ ثَلَاثَةً مِنْ أَصْحَابِكَ يَا مُحَمَّدُ. ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ. قَالَ أَنَسٌ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهِبْتُهُ، فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي كُنْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ، فَلَعَلَّكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ. ثُمَّ لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقُلْتُ لَهُ كَمَا قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَسْأَلُهُ، إِنْ

ص: 117

كُنْتُ مِنْهُمْ حَمِدْتُ اللَّهَ تبارك وتعالى وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ حَمِدْتُ اللَّهَ تبارك وتعالى فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَنِي: أَنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم أَتَاكَ، فَقَالَ: إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَإِنْ كُنْتُ مِنْهُمْ حَمِدْتُ اللَّهَ تبارك وتعالى وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ حَمِدْتُ اللَّهَ عز وجل. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَنْتَ مِنْهُمْ أَنْتَ مِنْهُمْ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ،، وَسَيَشْهَدُ مَشَاهِدَ بَيِّنٌ فَضْلُهَا، عَظِيمٌ أَجْرُهَا، وَسَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَاتَّخِذْهُ صَاحِبًا» ".

قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْهُ طَرَفًا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ النَّضْرُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14690 -

«وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِذٌ بِيَدِي وَنَحْنُ نَمْشِي فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ إِذْ أَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! فَقَالَ: " إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنَ مِنْهَا ". ثُمَّ مَرَرْنَا بِأُخْرَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! قَالَ: " لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ". حَتَّى مَرَرْنَا بِسَبْعِ حَدَائِقَ، كُلُّ ذَلِكَ أَقُولُ: مَا أَحْسَنَهَا، وَيَقُولُ: " لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ". فَلَمَّا خَلَا لِيَ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِيًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: " ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا يُبْدُونَهَا لَكَ إِلَّا مِنْ بَعْدِي ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟ قَالَ: " فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14691 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ فِي حِشَانِ الْمَدِينَةِ، فَمَرَّا بِحَدِيقَةٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْحَدِيقَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: " حَدِيقَتُكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا ". ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِهِ [وَلِحْيَتِهِ]، ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَلَا بُكَاؤُهُ، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: " ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ قَوْمٍ لَا يُبْدُونَهَا لَكَ حَتَّى يَفْقِدُونِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، وَمِنْدَلٌ أَيْضًا فِيهِ ضَعْفٌ.

14692 -

«عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ قَالَ: هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ قَالَ لِي: " يَا عَمْرُو، هَلْ أُرِيكَ دَابَّةَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ الطَّعَامَ، وَتَشْرَبُ الشَّرَابَ، وَتَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: بَلَى بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. قَالَ: " هَذَا دَابَّةُ الْجَنَّةِ ". وَأَشَارَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ.

14693 -

«وَعَنْ سَلْمَى - امْرَأَةِ أَبِي رَافِعٍ - أَنَّهَا قَالَتْ: إِنِّي لَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 118

بِالْأَسْوَاقِ، فَقَالَ:" لَيَطْلُعَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". إِذْ سَمِعْتُ الْخَشَفَةَ فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّافِعِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

[بَابُ النَّظَرِ إِلَيْهِ رضي الله عنه]

14694 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " النَّظَرُ إِلَى عَلِيٍّ عِبَادَةٌ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ بَدَيْلٍ الْيَامِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14695 -

«وَعَنْ طُلَيْقِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ يَحِدُّ النَّظَرَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " النَّظَرُ إِلَى عَلِيٍّ عِبَادَةٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ جَامِعٌ فِي مَنَاقِبِهِ رضي الله عنه]

14696 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ - يَعْنِي الْأَوْدِيَّ - قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ تِسْعَةُ رَهْطٍ، فَقَالُوا لَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِمَّا تَقُومُ مَعَنَا وَإِمَّا أَنْ يُخَلُّونَا هَؤُلَاءِ. قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلْ أَقْوَمُ مَعَكُمْ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَحِيحٌ قَبْلَ أَنْ يَعْمَى.

قَالَ: فَانْتَبَذُوا فَتَحَدَّثُوا، فَلَا أَدْرِي مَا قَالُوا. قَالَ: فَجَاءَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ وَيَقُولُ: أُفٍّ وَيَتُفُّ! وَقَعُوا فِي رَجُلٍ [لَهُ عَشْرَ، وَقَعُوا فِي رَجُلٍ] قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا لَا يُخْزِيهِ اللَّهُ أَبَدًا، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ". فَاسْتَشْرَفَ لَهَا مَنِ اسْتَشْرَفَ قَالَ: " أَيْنَ عَلِيٌّ؟ ". قَالُوا: فِي الرَّحْلِ يَطْحَنُ قَالَ: " وَمَا كَانَ أَحَدُكُمْ لِيَطْحَنَ ". قَالَ: فَجَاءَ وَهُوَ أَرْمَدُ لَا يَكَادُ يُبْصِرُ قَالَ: فَنَفَثَ فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ هَزَّ الرَّايَةَ ثَلَاثًا فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ قَالَ: فَجَاءَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَ: فَبَعَثَ فُلَانًا بِسُورَةِ التَّوْبَةِ، فَبَعَثَ عَلِيًّا خَلْفَهُ فَأَخَذَهَا مِنْهُ قَالَ:" «لَا يَذْهَبُ بِهَا إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» ". قَالَ: وَقَالَ لِبَنِي عَمِّهِ: " «أَيُّكُمْ يُوَالِينِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ ". فَأَبَوْا، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أُوَالِيكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ». [فَقَالَ: " أَنْتَ وَلِييِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ "] قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ خَدِيجَةَ. قَالَ: «وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ رضي الله عنهم وَقَالَ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]» ". قَالَ: وَشَرَى عَلِيٌّ

ص: 119

نَفْسَهُ، لَبِسَ ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ نَائِمٌ. قَالَ: وَأَبُو بَكْرٍ يَحْسَبُ أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ انْطَلَقَ نَحْوَ بِئْرِ مَيْمُونَةَ فَأَدْرِكْهُ، فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ.

قَالَ: وَجَعَلَ عَلِيٌّ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ، كَمَا كَانَ يُرْمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَضَوَّرُ قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ فِي الثَّوْبِ لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ كَشَفَ رَأْسَهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ لَلَئِيمٌ، كَانَ صَاحِبُكَ نَرْمِيهِ لَا يَتَضَوَّرُ وَأَنْتَ تَتَضَوَّرُ، وَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ. قَالَ: وَخَرَجَ بِالنَّاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَخْرُجُ مَعَكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا ". فَبَكَى عَلِيٌّ، فَقَالَ لَهُ:" «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ، إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَّا وَأَنْتَ خَلِيفَتِي» ". وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي» ". قَالَ: وَسَدَّ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ قَالَ: فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، جَنْبٌا، وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرَهُ. قَالَ: وَقَالَ: " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ". قَالَ: وَأَخْبَرَنَا اللَّهُ [عز وجل فِي الْقُرْآنِ] أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ، عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، هَلْ حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَخِطَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ؟ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ حِينَ قَالَ: ائْذَنْ لِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ: " وَكُنْتَ فَاعِلًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي بَلْجٍ الْفَزَارِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَفِيهِ لِينٌ.

14697 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ لِعَلِيٍّ ثَمَانِي عَشْرَةَ مَنْقَبَةً مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14698 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرُ النَّاسِ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، وَلَقَدْ أُوتِيَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَأَنْ يَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ: زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ، وَوَلَدَتْ لَهُ، وَسَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14699 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ، لَأَنْ يَكُونَ لِي خَصْلَةٌ مِنْهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْطَى حُمْرَ النَّعَمِ. قِيلَ: وَمَا هِيَ

ص: 120

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: تَزْوِيجُهُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسُكْنَاهُ الْمَسْجِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحِلُّ فِيهِ مَا يَحِلُّ لَهُ، وَالرَّايَةُ يَوْمَ خَيْبَرَ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14700 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي: أَنَّهُ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَقَائِدُ الْغِرِّ الْمُحَجَّلِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ عِيسَى بْنُ سَوَادَةَ النَّخَعِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

قُلْتُ: وَتَأْتِي أَحَادِيثُ جَامِعَةٌ فِي بَابِ مَنْ يُحِبُّهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ.

14701 -

وَعَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي بَابَ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَيَقُولُ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى، وَهُوَ كَذَّابٌ.

14702 -

وَعَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ فِي سَاقِ الْعَرْشِ مَكْتُوبًا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٍّ وَنَصَرْتُهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14703 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ لِعَلِيٍّ: " اللَّهُ زَيَّنَكَ بِزِينَةٍ لَمْ يُزَيِّنِ الْعِبَادَ بِزِينَةٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا، وَهِيَ زِينَةُ الْأَبْرَارِ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، جَعَلَكَ لَا تَمْلِكُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا، وَجَعَلَهَا لَا تَنَالُ مِنْكَ شَيْئًا، وَوَهَبَ لَكَ حُبَّ الْمَسَاكِينِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14704 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ظِلٍّ بِالْمَدِينَةِ وَنَحْنُ نَطْلُبُ عَلِيًّا إِذِ انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطٍ، فَنَظَرْنَا إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْأَرْضِ وَقَدِ اغْبَرَّ، فَقَالَ: " لَا أَلُومُ النَّاسَ يُكَنُّونَكَ أَبَا تُرَابٍ ". فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلِيًّا تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: " أَلَا أُرْضِيكَ يَا عَلِيُّ؟ ". قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ،. قَالَ: " أَنْتَ أَخِي وَوَزِيرِي تَقْضِي دَيْنِي، وَتُنْجِزُ مَوْعُودِي، وَتُبْرِئُ ذِمَّتِي، فَمَنْ أَحَبَّكَ فِي حَيَاةٍ مِنِّي فَقَدْ قَضَى نَحْبَهُ، وَمَنْ أَحَبَّكَ فِي حَيَاةٍ مِنْكَ بَعْدِي خَتَمَ اللَّهُ لَهُ بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ وَأَمَّنَهُ يَوْمَ الْفَزَعِ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُبْغِضُكَ يَا عَلِيُّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً يُحَاسِبُهُ اللَّهُ بِمَا عَمِلَ فِي الْإِسْلَامِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14705 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «طَلَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَنِي فِي جَدْوَلٍ نَائِمًا، فَقَالَ: " قُمْ مَا أَلُومُ النَّاسَ

ص: 121

يُسَمُّونَكَ أَبَا تُرَابٍ ". قَالَ: فَرَآنِي كَأَنِّي وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: " وَاللَّهِ لَأُرْضِيَنَّكَ، أَنْتَ أَخِي وَأَبُو وَلَدِي، تُقَاتِلُ عَنْ سُنَّتِي، وَتُبَرِّئُ ذِمَّتِي، مَنْ مَاتَ فِي عَهْدِي فَهُوَ كَنْزُ اللَّهِ، وَمَنْ مَاتَ فِي عَهْدِكَ فَقَدْ قَضَى نَحْبَهُ، وَمَنْ مَاتَ يُحِبُّكَ بَعْدَ مَوْتِكَ خَتَمَ اللَّهُ بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ أَوْ غَرَبَتْ، وَمَنْ مَاتَ يُبْغِضُكَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَحُوسِبَ بِمَا عَمِلَ فِي الْإِسْلَامِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ زَكَرِيَّا الْأَصْبَهَانِيُّ (*)، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ اكْتِحَالِهِ بِرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكِفَايَتِهِ الرَّمَدَ وَالْحَرَّ وَالْبَرْدَ]

14706 -

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا رَمَدْتُ وَلَا صَدَّعْتُ مُنْذُ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجْهِي، وَتَفَلَ فِي عَيْنِي، يَوْمَ خَيْبَرَ حِينَ أَعْطَانِي الرَّايَةَ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَأَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أُمِّ مُوسَى، وَحَدِيثُهَا مُسْتَقِيمٌ.

14707 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الشِّتَاءِ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا فِي الشِّتَاءِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الصَّيْفِ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءِ مَشْرَبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى، بَيْتِهِ، فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتَاهُ، أَمَا رَأَيْتَ مَا صَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ خَرَجَ عَلَيْنَا فِي الشِّتَاءِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الصَّيْفِ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا فِي الصَّيْفِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الشِّتَاءِ؟ فَقَالَ أَبُو لَيْلَى: مَا فَطِنْتُ، فَأَخَذَ بِيَدِ ابْنِهِ فَأَتَى عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ الَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعَثَنِي وَأَنَا أَرْمَدُ فَبَزَقَ فِي عَيْنِي، ثُمَّ قَالَ: " افْتَحْ عَيْنَيْكَ ". فَفَتَحْتُهُمَا فَمَا اشْتَكَيْتُهُمَا حَتَّى السَّاعَةَ، وَدَعَا لِي فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ» ". فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا حَتَّى يَوْمِي هَذَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14708 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَهُ: عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: لَقِينَا عَلِيًّا وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ فِي الشِّتَاءِ، فَقُلْنَا: لَا تَغْتَرُّ بِأَرْضِنَا هَذِهِ فَإِنَّ أَرْضَنَا هَذِهِ مُقِرَّةٌ لَيْسَتْ مِثْلَ أَرْضِكَ. قَالَ: فَإِنِّي كُنْتُ مَقْرُورًا، فَلَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ قُلْتُ: إِنِّي أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِي، فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا وَلَا رَمَدَتْ عَيْنَايَ.

14709 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَحَّلَ عَيْنَ عَلِيٍّ بِرِيقِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمُعَلَّى بْنُ عِرْفَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابٌ فِيمَا بُشِّرَ بِهِ رضي الله عنه]

14710 -

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَجَعْتُ مِنْ جِنَازَةٍ قَوْلًا

(*) 20 - جاء في المجمع (9/ 122): زكريا الأصبهاني.

قلت: لعل الصواب "زكريا الصهباني " بضم المهملة وسكون الهاء وبعدها موحدة كما في "المغني"(ص 47) وهو زكريا بن عبد الله بن يزيد الصهباني انظر: "ميزان الإعتدال"(2/ 73) و"الجرح والتعديل"(3/ 598). ويوجد في "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم (1/ 424): زكريا بن يحي بن كثير الأصبهاني سكن مكة حدث عن ابن المقري ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. والله أعلم بحقيقة المراد.

ص: 122

مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ الدُّنْيَا جَمِيعًا.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ أَبُو حَرِيزٍ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِي وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِيمَا بَلَغَتْ صَدَقَةُ مَالِهِ رضي الله عنه]

14711 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي لَأَرْبِطُ الْحَجَرُ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَإِنَّ صَدَقَةَ مَالِي لَتَبْلُغُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ.

14712 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَإِنَّ صَدَقَتِي الْيَوْمَ لَأَرْبَعُونَ أَلْفًا.

رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُ الرِّوَايَتَيْنِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَلَكِنِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ مِنْ عَلِيٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابٌ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ]

14713 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَتَلُوا أَخِي قَالَ: " لَأَدْفَعَنَّ الرَّايَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولِهِ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولِهِ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَيُمَكِّنُكَ مِنْ قَاتِلِ أَخِيكَ ". فَاسْتَشْرَفَ لِذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ فَعَقَدَ لَهُ اللِّوَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْمَدُ كَمَا تَرَى - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ رَمَدٌ - فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ فَمَا رَمَدَتْ بَعْدَ يَوْمِهِ فَمَضَى» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14714 -

وَعَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: حَدِّثْنِي عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: " «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ".

فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَحْتَضِنُهَا، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَرْمَدَ مِنْ دُخَانِ الْحِصْنِ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَلَا وَاللَّهِ مَا تَنَامَتِ الْخَيْلُ حَتَّى فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

14715 -

وَعَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ". فَدَعَا عَلِيًّا فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ

ص: 123

ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14716 -

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولَهُ ". فَأَعْطَاهَا عَلِيًّا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَفِي أَحْسَنِهَا مُعْتَمِرُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14717 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ - أَحْسَبُهُ قَالَ: أَبَا بَكْرٍ - فَرَجَعَ مُنْهَزِمًا وَمَنْ مَعَهُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ بَعْثَ عُمَرَ فَرَجَعَ مُنْهَزِمًا يُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ، وَيُجَبِّنُهُ أَصْحَابُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًّا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ".

فَثَارَ النَّاسُ فَقَالَ: " أَيْنَ عَلِيٌّ؟ ". فَإِذَا هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ فَهَزَّهَا فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ.

14718 -

عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ - وَكَانَ يَسْمُرُ مَعَهُ -: إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَنْكَرُوا مِنْكَ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْحَرِّ فِي الثَّوْبِ الْمَحْشُوِّ، وَفِي الشِّتَاءِ فِي الْمُلَاءَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ؟! فَقَالَ عَلِيٌّ: أَوَلَمْ تَكُنْ مَعَنَا؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: «فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا أَبَا بَكْرٍ فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً ثُمَّ بَعَثَهُ، فَسَارَ بِالنَّاسِ فَانْهَزَمَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ وَرَجَعَ، فَدَعَا عُمَرَ فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً فَسَارَ، ثُمَّ رَجَعَ مُنْهَزِمًا بِالنَّاسِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ لَيْسَ بِفَرَّارٍ ". فَأَرْسَلَ فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا لَا أُبْصِرُ شَيْئًا، فَتَفَلَ فِي عَيْنِي فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اكْفِهِ أَلَمَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ» ". فَمَا آذَانِي حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ بَعْدُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي شَجَاعَتِهِ وَحَمْلِهِ اللِّوَاءَ رضي الله عنه]

14719 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ فَهَزَّهَا، ثُمَّ قَالَ:" مَنْ يَأْخُذُهَا بِحَقِّهَا؟ ". فَجَاءَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ:" أَمِطْ ". ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ:" أَمِطْ ". ثُمَّ قَامَ آخَرُ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ:" أَمِطْ ".

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَأُعْطِيَنَّهَا رَجُلًا لَا يَفِرُّ، هَاكَ يَا عَلِيُّ ". فَقَبَضَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَدَكَ وَخَيْبَرَ، وَجَاءَ بِعَجْوَتِهَا وَقَدِيدِهَا».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِصْمَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ يُخْطِئُ.

14720 -

وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ

ص: 124

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَبْعَثُ عَلِيًّا مَبْعَثًا إِلَّا أَعْطَاهُ الرَّايَةَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14721 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابٌ فِي مَنْ يُحِبُّهُ أَيْضًا وَيَبْغَضُهُ أَوْ يَسُبُّهُ]

14722 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] قَالَ: مَحَبَّةٌ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ وَقَدْ وُثِّقَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا وَلَكِنَّ الضَّحَّاكَ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ.

14723 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنْتُ أَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدَّمَ فَرْخًا مَشْوِيًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ، يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الْفَرْخِ ". فَجَاءَ عَلِيٌّ وَدَقَّ الْبَابَ، فَقَالَ أَنَسٌ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عَلِيٌّ، فَقُلْتُ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَاجَةٍ فَانْصَرَفَ، ثُمَّ تَنَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ، يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الْفَرْخِ ". فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَدَقَّ الْبَابَ دَقًّا شَدِيدًا، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا أَنَسُ مَنْ هَذَا؟ ". قُلْتُ: عَلِيٌّ. قَالَ: " أَدْخِلْهُ ". فَدَخَلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَنِي بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الْفَرْخِ ". فَقَالَ عَلِيٌّ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتُ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَرُدُّنِي أَنَسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَنَسُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ ". قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ تُدْرِكَ الدَّعْوَةُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يُلَامُ الرَّجُلُ عَلَى حُبِّ قَوْمِهِ» ".

14724 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ وَقَدْ أُتِيَ بِطَائِرٍ» .

14725 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «أَهْدَتْ أُمُّ أَيْمَنَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَائِرًا بَيْنَ رَغِيفَيْنِ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ ". فَجَاءَتْهُ بِالطَّائِرِ» .

قُلْتُ: عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَذِنَ لَهُ» .

وَفِي إِسْنَادِ الْكَبِيرِ حَمَّادُ بْنُ الْمُخْتَارِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَفِي أَحَدِ أَسَانِيدِ الْأَوْسَطِ أَحْمَدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ أَبِي طَيْبَةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

ص: 125

14726 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَطْيَارٌ، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ - صَفِيَّةَ أَوْ غَيْرِهَا - فَأَتَتْهُ بِهِنَّ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا ". فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَنَسُ، انْظُرْ مَنْ عَلَى الْبَابِ ". فَنَظَرْتُ فَإِذَا عَلِيٌّ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَاجَةٍ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " انْظُرْ مَنْ عَلَى الْبَابِ؟ ". فَإِذَا عَلِيٌّ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَدَخَلَ يَمْشِي وَأَنَا خَلْفَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ حَبَسَكَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ ". فَقَالَ: هَذَا آخِرَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ يَرُدُّنِي أَنَسٌ يَزْعُمُ أَنَّكَ عَلَى حَاجَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُ دُعَاءَكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُحِبُّ قَوْمَهُ، إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُحِبُّ قَوْمَهُ ". قَالَهَا ثَلَاثًا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَلْمَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14727 -

وَعَنْ سَفِينَةَ - وَكَانَ خَادِمًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَوَائِرُ فَصَنَعْتُ لَهُ بَعْضَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَيْتُهُ بِهِ، فَقَالَ: " مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ ". فَقُلْتُ: مِنَ الَّتِي أَتَيْتُ بِهِ أَمْسَ، فَقَالَ: " أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَدَّخِرَنَّ لِغَدٍ طَعَامًا، لِكُلِّ يَوْمٍ رِزْقُهُ؟ ". ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ أَدْخِلْ عَلَيَّ أَحَبَّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّيْرِ ". فَدَخَلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: " اللَّهُمَّ وَإِلَيَّ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14728 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِطَيْرٍ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ ". فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ وَإِلَيَّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ شَيْخٌ يَرْوِي عَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ قِرْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

14729 -

وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «لَمَّا سَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ جَعَلَ عَلِيًّا عَلَى مُقَدِّمَتِهِ، فَقَالَ: " مَنْ دَخَلَ النَّخْلَ فَهُوَ آمِنٌ ". فَلَمَّا تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَادَى بِهَا عَلِيٌّ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ عليه السلام يَضْحَكُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا يُضْحِكُكَ؟ ". قَالَ: إِنِّي أُحِبُّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " إِنَّ جِبْرِيلَ يَقُولُ: إِنِّي أُحِبُّكَ ". فَقَالَ: وَبَلَغْتُ أَنْ يُحِبَّنِي جِبْرِيلُ؟ قَالَ: " نَعَمْ. وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ جِبْرِيلَ. اللَّهُ تبارك وتعالى» - ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14730 -

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ وَهِيَ

ص: 126

تَقُولُ: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. قَالَ: فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ فَأَهْوَى إِلَيْهَا، فَقَالَ: يَا بِنْتَ فُلَانَةَ، لَا أَسْمَعُكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ غَيْرَ ذِكْرِ مَحَبَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

[بَابٌ مِنْهُ جَامِعٌ فِيمَنْ يُحِبُّهُ وَمَنْ يُبْغِضُهُ]

14731 -

عَنْ بُرَيْدَةَ - يَعْنِي ابْنَ الْحُصَيْبِ - قَالَ: أَبْغَضْتُ عَلِيًّا بُغْضًا لَمْ أُبْغِضْهُ أَحَدًا قَطُّ قَالَ: وَأَحْبَبْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أُحِبَّهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيًّا رضي الله عنه.

قَالَ: فَبُعِثَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى جَيْشٍ، فَصَحِبْتُهُ مَا صَحِبْتُهُ إِلَّا بِبُغْضِهِ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ: فَأَصَبْنَا سَبَايَا فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ابْعَثْ إِلَيْنَا مَنْ يُخَمِّسُهُ. قَالَ: فَبَعَثَ [إِلَيْنَا] عَلِيًّا رضي الله عنه وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ هِيَ أَفْضَلُ السَّبْيِ قَالَ: فَخَمَّسَ وَقَسَّمَ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْوَصِيفَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي السَّبْيِ فَإِنِّي قَسَّمْتُ وَخَمَّسْتُ، فَصَارَتْ فِي الْخُمْسِ، ثُمَّ صَارَتْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ فَوَقَعْتُ بِهَا. قَالَ: فَكَتَبَ الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: ابْعَثْنِي مُصَدِّقًا قَالَ: فَجَعَلْتُ أَقْرَأُ الْكِتَابَ، وَأَقُولُ: صَدَقَ قَالَ: فَأَمْسَكَ يَدِي وَالْكِتَابَ، وَقَالَ:" أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ ". قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " فَلَا تُبْغِضُهُ، وَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبًّا، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ لَنَصِيبُ آلِ عَلِيٍّ فِي الْخُمْسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ ". قَالَ: فَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ بُرَيْدَةَ -: فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَبِي بُرَيْدَةَ.

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ، وَفِيهِ لِينٌ.

14732 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ، عَلَى أَحَدِهِمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَعَلَى الْآخَرِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَقَالَ:" إِذَا الْتَقَيْتُمْ فَعَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ، وَإِنِ افْتَرَقْتُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى جُنْدِهِ ". قَالَ: فَلَقِينَا بَنِي زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَاقْتَتَلْنَا، فَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَقَتَلْنَا الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَيْنَا الذُّرِّيَّةَ، فَاصْطَفَى عَلِيٌّ امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ لِنَفْسِهِ. قَالَ بُرَيْدَةُ: فَكَتَبَ مَعِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعْتُ الْكِتَابَ فَقُرِئَ

ص: 127

عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا مَكَانُ الْعَائِذِ، بَعَثْتَنِي مَعَ رَجُلٍ وَأَمَرْتَنِي أَنْ أُطِيعَهُ فَفَعَلْتُ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «لَا تَقَعْ فِي عَلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَفِيهِ الْأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14733 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا أَمِيرًا عَلَى الْيَمَنِ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْجَبَلِ، فَقَالَ:" إِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَعَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ ". فَالْتَقَوْا وَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ مَا لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهُ، وَأَخَذَ عَلِيٌّ جَارِيَةً مِنَ الْخُمْسِ، فَدَعَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بُرَيْدَةَ، فَقَالَ: اغْتَنِمْهَا فَأَخْبِرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا صَنَعَ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلِهِ، وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى بَابِهِ فَقَالُوا: مَا الْخَبَرُ يَا بُرَيْدَةَ؟ فَقُلْتُ: خَيْرًا، فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَقَالُوا: مَا أَقْدَمَكَ؟ قُلْتُ: جَارِيَةٌ أَخَذَهَا عَلِيٌّ مِنَ الْخُمْسِ، فَجِئْتُ لِأُخْبِرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: فَأَخْبِرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ عَيْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ الْكَلَامَ فَخَرَجَ مُغْضَبًا، فَقَالَ:" «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَنْتَقِصُونَ عَلِيًّا؟ مَنْ تَنَقَّصَ عَلِيًّا فَقَدْ تَنَقَّصَنِي، وَمَنْ فَارَقَ عَلِيًّا فَقَدْ فَارَقَنِي؛ إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، خُلِقَ مِنْ طِينَتِي، وَخُلِقْتُ مِنْ طِينَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ ذَرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. يَا بُرَيْدَةُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِعَلِيٍّ أَكْثَرَ مِنَ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَخَذَ، وَأَنَّهُ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي؟ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالصُّحْبَةِ إِلَّا بَسَطْتَ يَدَكَ فَبَايَعَتْنِي عَلَى الْإِسْلَامِ جَدِيدًا. قَالَ: فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى بَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، وَحُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

14734 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحْدَهُ، وَجَمَعَهُمَا فَقَالَ:" إِذَا اجْتَمَعْتُمَا فَعَلَيْكُمْ عَلِيٌّ ". قَالَ: فَأَخَذَا يَمِينًا وَيَسَارًا، فَدَخَلَ عَلِيٌّ، وَأَبْعَدَ وَأَصَابَ سَبْيًا، وَأَخَذَ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ. قَالَ بُرَيْدَةُ: وَكُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بُغْضًا لِعَلِيٍّ قَالَ: فَأَتَى رَجُلٌ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَخَذَ جَارِيَةً مِنَ الْخُمْسِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟! ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، ثُمَّ تَتَابَعَتِ الْأَخْبَارُ عَلَى ذَلِكَ، فَدَعَانِي خَالِدٌ، فَقَالَ: يَا بُرَيْدَةُ، قَدْ عَرَفْتَ الَّذِي صَنَعَ، فَانْطَلِقْ بِكِتَابِي هَذَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَتَبَ إِلَيْهِ فَانْطَلَقْتُ بِكِتَابِهِ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ الْكِتَابَ بِشِمَالِهِ

ص: 128

وَكَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ، إِذَا تَكَلَّمْتُ طَأْطَأْتُ رَأْسِي حَتَّى أَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِي، فَطَأْطَأْتُ رَأْسِي فَتَكَلَّمْتُ، فَوَقَعْتُ فِي عَلِيٍّ حَتَّى فَرَغْتُ، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ غَضَبًا لَمْ أَرَهُ غَضِبَ مِثْلَهُ إِلَّا يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ:" «يَا بُرَيْدَةُ، أَحِبَّ عَلِيًّا فَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا أُمِرَ بِهِ» ". فَقُمْتُ وَمَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ضُعَفَاءُ وَثَّقَهُمُ ابْنُ حِبَّانَ.

14735 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: اشْتَكَى عَلِيًّا النَّاسُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِينَا خَطِيبًا، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" «أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَشْكُوا عَلِيًّا؛ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَخْشَنُ فِي ذَاتِ اللَّهِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14736 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ - قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام إِلَى الْيَمَنِ، فَجَفَانِي فِي سَفَرِي ذَلِكَ، حَتَّى وَجَدْتُ فِي نَفْسِي عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَظْهَرْتُ شِكَايَتَهُ فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى سَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ذَاتَ غَدَاةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا رَآنِي أَمَدَّ لِي عَيْنَيْهِ - يَقُولُ: حَدَّدَ إِلَيَّ النَّظَرَ - حَتَّى إِذَا جَلَسْتُ قَالَ: " «يَا عَمْرُو، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَيْتَنِي ". قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " بَلَى، مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَالْبَزَّارُ أَخْصَرَ مِنْهُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

14737 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا أَمِيرًا عَلَى الْيَمَنِ وَخَرَجَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ: عَمْرُو بْنُ شَاسٍ الْأَسْلَمِيُّ، فَرَجَعَ وَهُوَ يَذُمُّ عَلِيًّا وَيَشْكُوهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " اخْسَأْ يَا عَمْرُو، هَلْ رَأَيْتَ مِنْ عَلِيٍّ جَوْرًا فِي حُكْمِهِ أَوْ أَثَرَةً فِي قَسْمِهِ؟ ". قَالَ: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: " فَعَلَامَ تَقُولُ الَّذِي بَلَغَنِي؟ ". قَالَ: بُغْضَهُ، لَا أَمْلِكُ. قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: " مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ، وَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ تَعَالَى» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ رِجَالٌ وُثِّقُوا عَلَى ضَعْفِهِمْ.

14738 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «كُنْتُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ أَنَا وَرَجُلَيْنِ مَعِي، فَنِلْنَا مِنْ عَلِيٍّ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضْبَانَ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، فَتَعَوَّذْتُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِهِ، فَقَالَ: " مَا لَكَمَ وَمَا لِي؟ مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مَحْمُودِ بْنِ خِدَاشٍ وَقَنَانٍ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.

14739 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ

ص: 129

بْنِ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ أَنَّهُ أَتَى سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَعْرِضُونَ عَلَيَّ سَبَّ عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ، فَهَلْ سَبَبْتَهُ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسُ سَعْدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي عَلِيٍّ شَيْئًا لَوْ وُضِعَ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِي مَا سَبَبْتُهُ أَبَدًا.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14740 -

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لِي: أَيُسَبُّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيكُمْ؟ قُلْتُ: مَعَاذَ اللَّهِ، أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ سَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ سَبَّنِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14741 -

وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ قَالَ: قَالَتْ لِي أُمُّ سَلَمَةَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَيُسَبُّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيكُمْ؟ قُلْتُ: أَنَّى يُسَبُّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: أَلَيْسَ يُسَبُّ عَلِيٌّ وَمَنْ يُحِبُّهُ؟ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14742 -

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بَعْدَهُ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مِثْلَهُ.

14743 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا تَسُبُّوا عَلِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَمْسُوسٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سُفْيَانُ بْنُ بِشْرٍ أَوْ بَشِيرٍ مُتَأَخِّرٌ لَيْسَ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

14744 -

وَعَنْ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَقَدْ سَبَّ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ عَلِيًّا سَبًّا قَبِيحًا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُعَاوِيَةُ [يَعْنِي]: بْنَ حُدَيْجٍ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ. قَالَ [نَعَمْ؛ قَالَ]: إِذَا رَأَيْتَهُ فَائْتِنِي بِهِ. قَالَ: فَرَآهُ عِنْدَ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، فَأَرَاهُ إِيَّاهُ قَالَ: أَنْتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ؟ فَسَكَتَ فَلَمْ يُجِبْهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ السَّابُّ عَلِيًّا عِنْدَ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ؟ أَمَا لَئِنْ وَرَدْتَ عَلَيْهِ الْحَوْضَ - وَمَا أُرَاكَ تَرِدُهُ - لَتَجِدَنَّهُ مُشَمِّرًا حَاسِرًا عَنْ ذِرَاعَيْهِ، يَذُودُ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ عَنْ حَوْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[كَمَا تُذَادُ غَرِيبَةُ الْإِبِلِ عَنْ صَاحِبِهَا] قَوْلُ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

14745 -

وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ - مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ - قَالَ: حَجَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَحَجَّ مَعَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ - وَكَانَ مِنْ أَسَبِّ النَّاسِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - فَمَرَّ فِي الْمَدِينَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ جَالِسٌ - فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ:

ص: 130

وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ - مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ - وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ، وَالْآخَرُ ضَعِيفٌ.

14746 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نُجَيٍّ: أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ يَوْمَ الْبَصِيرِ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَقَالَ: ابْيَضِّي وَاصْفَرِّي وَغُرِّي غَيْرِي غُرِّي أَهْلَ الشَّامِ غَدًا إِذَا ظَهَرُوا عَلَيْكِ، فَشَقَّ قَوْلُهُ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ: إِنَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَا عَلِيُّ، إِنَّكَ سَتَقْدَمُ عَلَى اللَّهِ وَشِيعَتُكَ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ، وَيَقْدَمُ عَلَيْكَ عَدُوُّكَ غِضَابًا مُقْمَحِينَ» ". ثُمَّ جَمَعَ عَلِيٌّ يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ يُرِيهِمُ الْإِقْمَاحَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14747 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " «مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ عز وجل» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَرْبِ بْنِ الْحَسَنِ الطَّحَّانِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ.

14748 -

وَبِسَنَدِهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَلِيًّا مَبْعَثًا، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَجِبْرِيلُ عَنْكَ رَاضُونَ» ".

14749 -

وَبِسَنَدِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " «أَنْتَ وَشِيعَتُكَ تَرِدُونَ عَلَى الْحَوْضِ رُوَاةً مَرْوِيِّينَ، مُبْيَضَّةٌ وُجُوهُكُمْ، وَإِنَّ عَدُوَّكَ يَرِدُونَ عَلَى الْحَوْضِ ظِمَاءً مُقْمَحِينَ» ".

14750 -

وَبِسَنَدِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " «أَمَا تَرْضَى أَنَّكَ أَخِي وَأَنَا أَخُوكَ» ".

14751 -

وَبِسَنَدِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ أَوَّلَ أَرْبَعَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: أَنَا، وَأَنْتَ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَذَرَارِينَا خَلْفَ ظُهُورِنَا، وَأَزْوَاجُنَا خَلْفَ ذَرَارِينَا، وَشِيعَتُنَا عَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلِنَا» ".

14752 -

وَبِسَنَدِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي بِمَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ الْيَوْمَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَخَذَ التُّرَابَ مِنْ أَثَرِ قَدَمَيْكَ يَطْلُبُ بِهِ الْبَرَكَةَ» ".

14753 -

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا أَنَسُ، انْطَلِقْ فَادْعُ لِي سَيِّدَ الْعَرَبِ ". - يَعْنِي عَلِيًّا - فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَلَسْتَ سَيِّدَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَعَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ ". فَلَمَّا جَاءَ، أَرْسَلَ رَسُولُ

ص: 131

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْأَنْصَارِ فَأَتَوْهُ، فَقَالَ لَهُمْ:" يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا؟ ". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " هَذَا عَلِيٌّ فَأَحِبُّوهُ بِحُبِّي، وَأَكْرِمُوهُ بِكَرَامَتِي؛ فَإِنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي بِالَّذِي قُلْتُ لَكُمْ عَنِ اللَّهِ عز وجل» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الضبي (*)، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14754 -

وَعَنْ سَلْمَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " «مُحِبُّكَ مُحِبِّي، وَمُبْغِضُكَ مُبْغِضِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ الطَّوِيلُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْأَزْدِيُّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ.

14755 -

وَعَنْ أَبِي مَرْيَمَ الثَّقَفِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ: " «يَا عَلِيُّ، طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّكَ وَصَدَقَ فِيكَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَكَذَبَ فِيكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14756 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: " «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى زَيَّنَكَ بِزِينَةٍ لَمْ يُزَيِّنِ الْعِبَادَ بِزِينَةٍ مِثْلِهَا، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَبَّبَ إِلَيْكَ الْمَسَاكِينَ وَالدُّنُوَّ مِنْهُمْ، وَجَعَلَكَ لَهُمْ إِمَامًا تَرْضَى بِهِمْ، وَجَعَلَهُمْ لَكَ أَتْبَاعًا يَرْضَوْنَ بِكَ، فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّكَ وَصَدَّقَ عَلَيْكَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَكَذَبَ عَلَيْكَ. فَأَمَّا مَنْ أَحَبَّكَ وَصَدَّقَ عَلَيْكَ فَهُمْ جِيرَانُكَ فِي دَارِكَ، وَرُفَقَاؤُكَ فِي جَنَّتِكَ، وَأَمَّا مَنْ أَبْغَضَكَ وَكَذَبَ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ يُوقِفَهُمْ مَوَاقِفَ الْكَذَّابِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14757 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14758 -

وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَاهَى بِكُمْ، وَغَفَرَ لَكُمْ عَامَّةً وَلِعَلِيٍّ خَاصَّةً، وَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ غَيْرَ مُحَابٍ لِقَرَابَتِي، هَذَا جِبْرِيلُ يُخْبِرُنِي أَنَّ السَّعِيدَ حَقَّ السَّعِيدِ مَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14759 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَعْرِفُ مُنَافِقِينَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي

(*) 2 - جاء في "المجمع "(9/ 132): إسحاق بِن إبراهيم الضَّبي.

قلت: صوابه إبراهيم بن إسحاق الضّبي، كما جاء في "مجمع الزوائد"(2/ 57) و (8/ 72) وانظر "لسان الميزان " لابن حجر (1/ 30).

ص: 132

الْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ مُنَافِقِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ. بِأَسَانِيدَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.

14760 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: " لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكُ إِلَّا مُنَافِقٌ، مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللَّهِ، وَبَغِيضِي بَغِيضُ اللَّهِ، وَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الْأَزْهَرِ: أَحْمَدَ بْنِ الْأَزْهَرِ النَّيْسَابُورِيَّ: أَنَّ مَعْمَرًا كَانَ لَهُ ابْنُ أَخٍ رَافِضِيٌّ فَأَدْخَلَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كُتُبِهِ، وَكَانَ مَعْمَرٌ مَهِيبًا لَا يُرَاجَعُ وَسَمِعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

14761 -

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: " «لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ، حَرَقَ أَحْمَدُ حَدِيثَهُ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ هِشَامٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِيمَنْ يُفْرِطُ فِي مَحَبَّتِهِ وَبُغْضِهِ]

14762 -

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " «إِنَّ فِيكَ مَثَلًا مِنْ عِيسَى، أَبْغَضَتْهُ الْيَهُودُ حَتَّى بَهَتُوا أُمَّهُ، وَأَحَبَّتْهُ النَّصَارَى حَتَّى أَنْزَلُوهُ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي لَيْسَ بِهِ» ".

أَلَا وَإِنَّهُ يَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يُقَرِّظُنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ، وَمُبْغِضٌ: يَحْمِلُهُ شَنَآنِي عَلَى أَنْ يَبْهَتَنِي، أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِنَبِيٍّ، وَلَا يُوحَى إِلَيَّ؛ وَلَكِنِّي أَعْمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مَا اسْتَطَعْتُ، فَمَا أَمَرْتُكُمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَحَقٌّ عَلَيْكُمْ طَاعَتِي فِيمَا أَحْبَبْتُمْ وَكَرِهْتُمْ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَأَبُو يَعْلَى أَتَمَّ مِنْهُ، وَفِي إِسْنَادِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي يَعْلَى الْحَكْمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي إِسْنَادِ الْبَزَّارِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي قِتَالِهِ وَمَنْ يُقَاتِلُهُ]

14763 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ نِسَائِهِ قَالَ: فَقُمْنَا مَعَهُ فَانْقَطَعَتْ نَعْلُهُ، فَتَخَلَّفَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ يَخْصِفُهَا، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَضَيْنَا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ يَنْتَظِرُهُ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ: " إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ ". فَاسْتَشْرَفْنَا وَفِينَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ: " لَا. وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ ". قَالَ: فَجِئْنَا نُبَشِّرُهُ قَالَ: فَكَأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ،

ص: 133

وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14764 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَإِذَا حَيَّةٌ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهَا فَأُوقِظَهُ، فَاضْطَجَعْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَّةِ، فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ كَانَ بِي دُونَهُ، فَاسْتَيْقَظَ، وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 55] الْآيَةَ. قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ ". فَرَآنِي إِلَى جَانِبِهِ قَالَ: " مَا أَضْجَعَكَ هَهُنَا؟ ". قُلْتُ: لِمَكَانِ هَذِهِ الْحَيَّةِ قَالَ: " قُمْ إِلَيْهَا فَاقْتُلْهَا ". فَقَتَلْتُهَا، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: " يَا أَبَا رَافِعٍ، سَيَكُونُ بَعْدِي قَوْمٌ يُقَاتِلُونَ عَلِيًّا، حَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى جِهَادُهُمْ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ جِهَادَهُمْ بِيَدِهِ فَبِلِسَانِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَبِقَلْبِهِ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَيَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفُرَاتِ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14765 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] وَاللَّهِ لَا نَنْقَلِبُ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهِ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لَأُقَاتِلَنَّ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخُوهُ وَوَلِيُّهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَوَارِثُهُ، فَمَنْ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14766 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ انْصَرَفَ إِلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرَهَا سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ فَلَمْ يَفْتَتِحْهَا، ثُمَّ أَوْغَلَ رَوْحَةً أَوْ غَدْوَةً، ثُمَّ نَزَلَ، ثُمَّ هَجَرَ، فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأُوصِيكُمْ بِعِتْرَتِي خَيْرًا، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَلَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا مِنِّي أَوْ لِنَفْسِي فَلَيَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَ مُقَاتِلِيهِمْ وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَّهُمْ ".

قَالَ: فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ، وَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ: " هَذَا هُوَ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ طَلْحَةُ بْنُ جَبْرٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ وَضَعَّفَهُ الْجُوزَجَانِيُّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه]

14767 -

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «عَلِيٌّ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَ عَلِيٍّ لَا يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14768 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: كَانَ عَلِيٌّ عَلَى

ص: 134

الْحَقِّ مَنِ اتَّبَعَهُ اتَّبَعَ الْحَقَّ، وَمَنْ تَرَكَهُ تَرَكَ الْحَقَّ، عَهْدٌ مَعْهُودٌ قَبْلَ يَوْمِهِ هَذَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَالِكُ بْنُ جَعُونَةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ أَحَدِ الْإِسْنَادَيْنِ ثِقَاتٌ.

14769 -

وَعَنْ جُرَيِّ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ - وَهِيَ مِنْ بَنِي هِلَالٍ - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَتْ: مِنْ أَيِّ الْعِرَاقِ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَتْ: مِنْ أَيِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ؟ قُلْتُ: مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَتْ: مَرْحَبًا قُرْبًا عَلَى قُرْبٍ، وَرُحْبًا عَلَى رُحْبٍ، فَمَجِيءُ مَا جَاءَ بِكَ؟ قُلْتُ: كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ [وَالزُّبَيْرِ] الَّذِي كَانَ، فَأَقْبَلْتُ فَبَايَعْتُ عَلِيًّا. قَالَتْ: فَالْحَقْ بِهِ فَوَاللَّهِ مَا ضَلَّ وَلَا ضُلَّ بِهِ. حَتَّى قَالَتْهَا ثَلَاثًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ جُرَيِّ بْنِ سَمُرَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14770 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا لِي أَرَاكَ تَسْتَحِيلُ النَّاسَ اسْتِحَالَةَ الرَّجُلِ إِبِلَهُ؟ أَبِعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ، وَلَا ضَلَلْتُ وَلَا ضُلَّ بِي، بَلْ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: 61].

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14771 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " «يَا عَلِيُّ، مَنْ فَارَقَنِي فَارَقَ اللَّهَ، وَمَنْ فَارَقَكَ يَا عَلِيُّ فَارَقَنِي» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ حَالَتِهِ فِي الْآخِرَةِ]

14772 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا عَلِيُّ، مَعَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَصًا مِنْ عِصِيِّ الْجَنَّةِ، تَذُودُ بِهَا الْمُنَافِقِينَ عَنْ حَوْضِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ وَزَيْدٌ الْعَمِّيُّ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقَدْ وُثِّقَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمَا ثِقَاتٌ.

14773 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِجَارَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَنَا أَذُودُ عَنْ حَوْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ الْقَصِيرَتَيْنِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ كَمَا تَذُودُ السُّقَاةُ غَرِيبَةَ الْإِبِلِ عَنْ حِيَاضِهِمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14774 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَلَا تَرْضَى يَا عَلِيُّ إِذَا جَمَعَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً قَدْ قَطَعَ أَعْنَاقَهُمُ الْعَطَشُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى إِبْرَاهِيمُ فَيُكْسَى ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، ثُمَّ يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يُفَجَّرُ مَثْعَبٌ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى حَوْضِي، وَحَوْضِي أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ

ص: 135

بُصَرَى وَصَنْعَاءَ، فِيهِ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ قِدْحَانٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَأَشْرَبُ وَأَتَوَضَّأُ وَأُكْسَى ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، ثُمَّ أَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ تُدْعَى فَتَشْرَبُ، وَتَتَوَضَّأُ، وَتُكْسَى ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، فَتَقُومُ مَعِي وَلَا أُدْعَى إِلَى خَيْرٍ إِلَّا دُعِيتَ لَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عِمْرَانُ بْنُ مِيثَمٍ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

[بَابُ وَفَاتِهِ رضي الله عنه]

14775 -

عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: «كُنْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ رَفِيقَيْنِ فِي غَزْوَةِ [ذَاتِ] الْعَشِيرَةِ، فَلَمَّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقَامَ بِهَا، رَأَيْنَا بِهَا نَاسًا مَنْ بَنِي مُدْلِجٍ يَعْمَلُونَ فِي عَيْنٍ لَهُمْ [فِي نَخْلٍ]، فَقَالَ [لِي] عَلِيٌّ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، هَلْ لَكَ أَنْ أَتِيَ هَؤُلَاءِ فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُونَ؟ فَجِئْنَاهُمْ فَنَظَرْنَا إِلَى عَمَلِهِمْ سَاعَةً، ثُمَّ غَشِيَنَا النَّوْمُ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ فَاضْطَجَعْنَا فِي صُورٍ مِنْ نَخْلٍ فِي دَقْعَاءَ مِنَ التُّرَابِ فَنِمْنَا، وَاللَّهِ مَا أَهَبَّنَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُنَا بِرِجْلِهِ، وَقَدْ تَتَرَّبْنَا مِنْ تِلْكَ الدَّقْعَاءِ، فَيَوْمَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " أَبَا تُرَابٍ ". لِمَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ. ثُمَّ قَالَ: " أَلَّا أُحَدِّثُكُمَا بِأَشْقَى النَّاسِ رَجُلَيْنِ؟ ". قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضْرِبُكَ يَا عَلِيُّ هَذِهِ - يَعْنِي قَرْنَهُ - حَتَّى يَبُلَّ مِنْهُ هَذِهِ - يَعْنِي لِحْيَتَهُ -» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ الْجَمِيعِ مُوَثَّقُونَ إِلَّا أَنَّ التَّابِعِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمَّارٍ.

14776 -

وَعَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: " «مَنْ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ؟ ". قَالَ: الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " صَدَقْتَ ". قَالَ: " فَمَنْ أَشْقَى الْآخِرِينَ؟ ". قَالَ: لَا عِلْمَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " الَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى هَذِهِ ". وَأَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَافُوخِهِ، فَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَقُولُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ: وَدِدْتُ أَنَّهُ قَدِ انْبَعَثَ أَشْقَاكُمْ يُخَضِّبُ هَذِهِ - يَعْنِي لِحْيَتَهُ - مِنْ هَذِهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14777 -

وَعَنْ جَابِرٍ - يَعْنِي ابْنَ سَمُرَةَ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " «مَنْ أَشْقَى ثَمُودَ؟ ". قَالَ: مَنْ عَقَرَ النَّاقَةَ قَالَ: " فَمَنْ أَشْقَى هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ ". قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ: " قَاتِلُكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نَاصِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14778 -

وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: " «إِنَّكَ امْرُؤٌ مُسْتَخْلَفٌ، وَإِنَّكَ مَقْتُولٌ، وَهَذِهِ مَخْضُوبَةٌ مِنْ هَذِهِ ". - يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ نَاصِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14779 -

وَعَنْ فَضَالَةَ

ص: 136

بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي عَائِدًا لِعَلِيٍّ وَكَانَ مَرِيضًا، فَقَالَ لَهُ أَبِي: مَا يُقِيمُكَ بِهَذَا الْمَنْزِلِ لَوْ هَلَكْتَ بِهِ لَمْ يَلِكَ إِلَّا أَعْرَابُ جُهَيْنَةَ، فَلَوْ دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ كُنْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ، فَإِنْ أَصَابَكَ مَا تَخَافُ أَوْ نَخَافُ عَلَيْكَ وَلِيَكَ أَصْحَابُكَ. وَكَانَ أَبُو فَضَالَةَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنِّي لَسْتُ مَيِّتًا مِنْ مَرَضِي هَذَا - أَوْ مِنْ وَجَعِي هَذَا - إِنَّهُ «عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنِّي لَا أَمُوتُ حَتَّى - أَحْسَبَهُ - قَالَ: أُضْرَبُ أَوْ تُخَضَّبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ» - يَعْنِي ضَارِبَهُ - فَقُتِلَ أَبُو فَضَالَةَ مَعَهُ بِصِفِّينَ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.

14780 -

وَعَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ: «أَنَّهُ عَادَ عَلِيًّا فِي شَكْوَى اشْتَكَاهَا، فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ تَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ فِي شَكْوَاكَ هَذِهِ. فَقَالَ: وَلَكِنِّي وَاللَّهِ مَا تَخَوَّفْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْهُ؛ لِأَنِّي سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّكَ سَتُضْرَبُ ضَرْبَةً هُنَا، وَضَرْبَةً هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى صُدْغِهِ - فَيَسِيلُ دَمُهَا حَتَّى يُخَضِّبَ لِحْيَتَكَ، وَيَكُونَ صَاحِبُهَا أَشْقَاهَا كَمَا كَانَ عَاقِرُ النَّاقَةِ أَشْقَى ثَمُودَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14781 -

وَعَنْ أَبِي سِنَانٍ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ الدِّيلِيِّ قَالَ: «مَرِضَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مَرَضًا شَدِيدًا حَتَّى أَدْنَفَ، وَخِفْنَا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ بَرَأَ وَنَقِهَ، فَقُلْنَا: هَنِيئًا لَكَ أَبَا الْحَسَنِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَاكَ، قَدْ كُنَّا تَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ. قَالَ: لَكِنِّي لَمْ أَخَفْ عَلَى نَفْسِي، أَخْبَرَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صلى الله عليه وسلم أَنِّي لَا أَمُوتُ حَتَّى أُضْرَبَ عَلَى هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ - فَتُخَضَّبَ هَذِهِ مِنْهَا بِدَمٍ، وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَ: " يَقْتُلُكَ أَشْقَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، كَمَا عَقَرَ نَاقَةَ اللَّهِ أَشْقَى بَنِي فُلَانٍ مِنْ ثَمُودَ ". قَالَ: فَنَسَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى فَخِذِهِ الدُّنْيَا دُونَ ثَمُودَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14782 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُبَيْعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا عليه السلام يَقُولُ: لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَمَا يَنْتَظِرُ بِيَ الْأَشْقَى؟ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبِرْنَا بِهِ نُبِيرُ عِتْرَتَهُ قَالَ: إِذًا تَقْتُلُونَ بِي غَيْرَ قَاتِلِي. قَالُوا: فَاسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا قَالَ: لَا وَلَكِنْ أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَكَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ تَرَكْتَنِي فِيهِمْ مَا بَدَا لَكَ، ثُمَّ قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ وَأَنْتَ فِيهِمْ؛ فَإِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُبَيْعٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

14783 -

وَعَنْ ثَعْلَبَةَ: أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِي.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ وَقَدْ وُثِّقَ وَضُعِّفَ.

14784 -

وَعَنْ عَائِشَةَ

ص: 137

قَالَتْ: رَأَيْتُ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الْتَزَمَ عَلِيًّا وَقَبَّلَهُ وَيَقُولُ: "‌

‌ بِأَبِ

ي الْوَحِيدُ الشَّهِيدُ!! بِأَبِي الْوَحِيدُ الشَّهِيدُ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14785 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لِعَلِيٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ: " تُبَرِّئُ ذِمَّتِي وَتُقْتَلُ عَلَى سُنَّتِي» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ وَقَدْ وُثِّقُوا.

14786 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَقَدْ وَضَعْتُ قَدَمِي فِي الْغَرْزِ، فَقَالَ لِي: لَا تَقْدَمِ الْعِرَاقَ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُصِيبَكَ بِهَا ذُبَابُ السَّيْفِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَمَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ مُحَارِبًا يُخْبِرُ بِذَا عَنْ نَفْسِهِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ.

14787 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ كُنْتَ قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ أُخِّرْتُ عَنِ الشَّهَادَةِ: " إِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ ". قَالَ: " كَيْفَ خَبَرُكَ إِذَا خُضِّبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ؟ ". وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَا إِذْ بَيَّنْتَ لِي مَا بَيَّنْتَ فَلَيْسَ ذَاكَ فِي مَوَاطِنِ الصَّبْرِ، وَلَكِنْ هُوَ فِي مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالْكَرَامَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَيْسَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14788 -

وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ - يَعْنِي الْحَنَفِيَّ - عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِي فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْأَوْلَادِ وَاللَّدَدِ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي:" لَا تَبْكِ يَا عَلِيُّ وَالْتَفَتَ ". فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَجُلَانِ يَتَصَعَّدَانِ، وَإِذَا جَلَامِيدُ يُرْضَخُ بِهَا رُءُوسُهُمَا حَتَّى تُفْضَخَ، ثُمَّ يَرْجِعُ - أَوْ قَالَ: يَعُودُ -. قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَى عَلِيٍّ كَمَا كُنْتُ أَغْدُو عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْخَرَّازِينَ لَقِيتُ النَّاسَ، فَقَالُوا لِي: قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى هَكَذَا، وَلَعَلَّ الرَّائِيَ هُوَ أَبُو صَالِحٍ رَآهُ لِعَلِيٍّ، وَأَنَّ اللَّذَيْنِ رَآهُمَا ابْنُ مُلْجَمٍ الْقَاتِلُ وَرَفِيقُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

37 -

4 - 26 - 2 - (بَابٌ)

14789 -

عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: دَعَاهُمْ عَلِيٌّ إِلَى الْبَيْعَةِ فَجَاءَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ، وَقَدْ كَانَ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: مَا يَحْبِسُ أَشْقَاهَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَتَمَثَّلَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ:

اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلَمَوْ

تِ فَإِنَّ الْمَوْتَ آتِيكَ

وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ بِوَادِيكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14790 -

وَعَنْ

ص: 138

عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ عَلِيًّا وَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، أَتَاهُ الْعُوَّادُ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: كُلُّ امْرِئٍ مُلَاقٍ مَا يَفِرُّ مِنْهُ، وَالْأَجْلُ مَسَاقُ النَّفْسِ، وَالْهَرَبُ مِنْ آفَاتِهِ، كَمِ اطَّرَدْتُ الْأَنَامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الْأَمْرِ، فَأَبَى اللَّهُ عز وجل إِلَّا خَفَاءَهُ، هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ. أَمَّا وَصِيَّتِي إِيَّاكُمْ فَاللَّهُ عز وجل لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم لَا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ، أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ، وَخَلَاكُمْ ذَمُّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا، وَأُحَمِّلُ كُلَّ امْرِئٍ مَجْهُودَهُ، وَخُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ بِرَبٍّ رَحِيمٍ، وَدِينٍ قَوِيمٍ، وَإِمَامٍ عَلِيمٍ، كُنَّا فِي رِيَاحٍ وَذُرْيِ أَغْصَانٍ، وَتَحْتَ ظِلِّ غَمَامَةٍ اضْمَحَلَّ مَرْكَزُهَا فَيَحُطُّهَا عَلُوٌّ خَاوَرَكُمْ تَدَنِّي أَيَّامِنَا تِبَاعًا، ثُمَّ هَوَاءً فَسَتَعْقُبُونَ مِنْ بَعْدِهِ جُثَّةً خَوَاءً سَاكِنَةً بَعْدَ حَرَكَةٍ كَاظِمَةً، بَعْدَ نُطُوقِ أَنَّهُ أَبْلَغُ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنْ نُطْقِ الْبَلِيغِ، وَدَاعِيكُمْ دَاعٍ مُرْصَدٌ لِلتَّلَاقِ، غَدًا تَرَوْنَ أَيَّامِي، وَيُكْشَفُ عَنْ سَرَائِرِي، لَنْ يُحَابِيَنِي اللَّهُ عز وجل إِلَّا أَنْ أَتَزَلَّفَهُ بِتَقْوًى فَيَغْفِرَ عَنْ فَرْطِ مَوْعُودٍ، عَلَيْكُمُ السَّلَامُ يَوْمَ اللِّزَامِ إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ أَفْنَى فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي، الْعَفْوُ لِي فَدِيَةٌ وَلَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا عَفَا اللَّهُ عَنَّا وَعَنْكُمْ " أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ". ثُمَّ قَالَ:

عِشْ مَا بَدَا لَكَ قَصْرُكَ الْمَوْتُ

لَا مَرْحَلٌ عَنْهُ وَلَا فَوْتُ

بَيْنَا غِنَى بَيْتٍ وَبَهْجَتِهِ

زَالَ الْغِنَى وَتَقَوَّضَ الْبَيْتُ

يَا لَيْتَ شِعْرِي مَا يُرَادُ بِنَا

وَلَعَلَّ مَا تُجْدِي لَنَا لَيْتُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ هِشَامٌ الْكَلْبِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14791 -

وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُلْجَمٍ - لَعَنَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابَهُ -: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجَمٍ، وَالْبُرَكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُمَرَ بْنَ بَكْرٍ التَّمِيمِيَّ، اجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ فَذَكَرُوا أَمْرَ النَّاسِ وَعَابُوا عَلَيْهِمْ عَمَلَ وُلَاتِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرُوا أَهْلَ النَّهْرَوَانِ فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَصْنَعُ بِالْبَقَاءِ بَعْدَهُمْ شَيْئًا؟ إِخْوَانُنَا الَّذِينَ كَانُوا دُعَاةَ النَّاسِ لِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ، الَّذِينَ كَانُوا لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَلَوْ شَرَيْنَا أَنْفُسَنَا فَأَتَيْنَا أَئِمَّةَ الضَّلَالَةِ فَالْتَمَسْنَا قَتْلَهُمْ فَأَرَحْنَا مِنْهُمُ الْبِلَادَ، وَثَأَرْنَا بِهِمْ إِخْوَانَنَا. قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ - وَكَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ -: أَنَا أَكْفِيكُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.

وَقَالَ الْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَا أَكْفِيكُمْ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ.

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ:

ص: 139

أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ.

فَتَعَاهَدُوا وَتَوَاثَقُوا بِاللَّهِ أَنْ لَا يَنْكُصَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ، فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ فَسَمُّوهَا، اتَّعَدُوا لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْ يَثِبَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ.

وَأَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ الَّذِي يَطْلُبُ، فَأَمَّا ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ فَأَتَى أَصْحَابَهُ بِالْكُوفَةِ، وَكَاتَمَهُمْ أَمْرَهُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُظْهِرُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ، وَأَنَّهُ لَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ وَقَدْ قَتَلَ عَلِيٌّ مِنْهُمْ عِدَّةً يَوْمَ النَّهْرِ، فَذَكَرُوا قَتْلَاهُمْ فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ.

قَالَ: وَلَقِيَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ يُقَالُ لَهَا: قَطَامِ بِنْتُ الشِّحْنَةِ، وَقَدْ قَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ النَّهْرِ، وَكَانَتْ فَائِقَةَ الْجَمَالِ، فَلَمَّا رَآهَا الْتَبَسَتْ بِعَقْلِهِ وَنَسِيَ حَاجَتَهُ الَّتِي جَاءَ لَهَا فَخَطَبَهَا، فَقَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ حَتَّى تَشْفِيَنِي قَالَ: وَمَا تَشَائِينَ؟ قَالَتْ: ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَعَبْدٌ وَقَيْنَةٌ، وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: هُوَ مَهْرٌ لَكِ، فَأَمَّا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَمَا أَرَاكِ ذَكَرْتِيهِ وَأَنْتِ تُرِيدِينَهُ. قَالَتْ: بَلَى، فَالْتَمِسْ غُرَّتَهُ فَإِنْ أَصَبْتَهُ شَفَيْتَ نَفْسَكَ وَنَفْسِي، وَنَفَعَكَ مَعِي الْعَيْشُ، وَإِنْ قُتِلْتَ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ عز وجل خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَزِبْرِجِ أَهْلِهَا. فَقَالَ: مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلَّا قَتْلُ عَلِيٍّ. قَالَتْ: فَإِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَأَخْبِرْنِي حَتَّى أَطْلُبَ لَكَ مَنْ يَشُدُّ ظَهْرَكَ وَيُسَاعِدُكَ عَلَى أَمْرِكَ، فَبَعَثَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهَا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ يُقَالُ لَهُ: وَرْدَانُ، فَكَلَّمَتْهُ فَأَجَابَهَا، وَأَتَى ابْنُ مُلْجَمٍ رَجُلًا مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ: شَبِيبُ بْنُ نَجْدَةَ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي شَرَفِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَتْلُ عَلِيٍّ قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؛ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِدًّا، كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ؟ قَالَ: أَكْمُنُ لَهُ فِي السَّحَرِ فَإِذَا خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الْغَدَاةِ شَدَدْنَا عَلَيْهِ فَقَتَلْنَاهُ، فَإِنْ نَجَوْنَا شَفَيْنَا أَنْفُسَنَا وَأَدْرَكْنَا ثَأْرَنَا، وَإِنْ قُتِلْنَا فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَزِبْرِجِ أَهْلِهَا. قَالَ: وَيْحَكَ! لَوْ كَانَ غَيْرَ عَلِيٍّ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ، قَدْ عَرَفْتَ بَلَاءَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَسَابِقَتَهُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا أَجِدُنِي أَشْرَحُ لِقَتْلِهِ.

قَالَ: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ الْعُبَّادَ الْمُصَلِّينَ؟ قَالَ: نَعَمْ نَقْتُلُهُ بِمَا قَتَلَ مِنْ إِخْوَانِنَا، فَأَجَابَهُ فَجَاءُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى قَطَامِ وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ مُعْتَكِفَةً فِيهِ، فَقَالُوا لَهَا: قَدِ اجْتَمَعَ رَأْيُنَا عَلَى قَتْلِ عَلِيٍّ. قَالَ: فَإِذَا

ص: 140

أَرَدْتُمْ ذَلِكَ فَأْتُونِي، فَقَالَ: هَذِهِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَاعَدْتُ فِيهَا صَاحِبَيَّ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا صَاحِبَهُ، فَدَعَتْ لَهُمْ بِالْحَرِيرِ فَعَصَّبَتْهُمْ، وَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ، وَجَلَسُوا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ، فَخَرَجَ [عَلِيٌّ رضي الله عنه] لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، فَشَدَّ عَلَيْهِ شَبِيبٌ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ السَّيْفُ بِعَضَادَتَيِ الْبَابِ أَوْ بِالطَّاقِ فَشَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ مُلْجَمٍ فَضَرَبَهُ عَلَى قَرْنِهِ وَهَرَبَ، حَتَّى وَرَدَ أَنَّ حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَدَخَلَ رَجُلٌ مَنْ بَنِي أُمِّهِ وَهُوَ يَنْزِعُ السَّيْفَ وَالْحَدِيدَ عَنْ صَدْرِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا السَّيْفُ وَالْحَدِيدُ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ، فَذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَجَاءَ بِسَيْفِهِ فَضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ، وَخَرَجَ شَبِيبٌ نَحْوَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، فَشَدَّ عَلَيْهِ النَّاسُ إِلَّا أَنَّ رَجُلًا [مِنْ حَضْرَمَوْتَ] يُقَالُ لَهُ: عُوَيْمِرٌ ضَرَبَ رِجْلَهُ بِالسَّيْفِ، فَصَرَعَهُ وَجَثَمَ عَلَيْهِ الْحَضْرَمِيُّ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ أَقْبَلُوا فِي طَلَبِهِ وَسَيْفُ شَبِيبٍ فِي يَدِهِ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَتَرَكَهُ فَنَجَا بِنَفْسِهِ، وَنَجَا شَبِيبٌ فِي غِمَارِ النَّاسِ. وَخَرَجَ ابْنُ مُلْجَمٍ، فَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ [أَهْلِ] هَمَذَانَ يُكَنَّى: أَبَا أُدُمَا، فَضَرَبَ رِجْلَهُ فَصَرَعَهُ، وَتَأَخَّرَ عَلِيٌّ، وَدَفَعَ فِي ظَهْرِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ، وَشَدَّ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.

وَذَكَرُوا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حُنَيْفٍ قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُصَلِّي تِلْكَ اللَّيْلَةَ [الَّتِي ضُرِبَ فِيهَا عَلِيٌّ] فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ قَرِيبًا مِنَ السُّدَّةِ فِي رِجَالٍ كَثِيرَةٍ مَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ مَا فِيهِمْ إِلَّا قِيَامٌ وَرُكُوعٌ وَسُجُودٌ، مَا يَسْأَمُونَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ، إِذْ خَرَجَ عَلِيٌّ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَجَعَلَ يُنَادِي: أَيُّهَا النَّاسُ، الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، فَمَا أَدْرِي أَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ، أَوْ نَظَرْتُ إِلَى بَرِيقِ السَّيْفِ، وَسَمِعْتُ: الْحُكْمُ لِلَّهِ لَا لَكَ يَا عَلِيُّ وَلَا لِأَصْحَابِكَ. فَرَأَيْتُ سَيْفًا، وَرَأَيْتُ نَاسًا، وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَا يَفُوتُكُمُ الرَّجُلُ. وَشَدَّ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أُخِذَ ابْنُ مُلْجَمٍ، فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ، فَدَخَلْتُ فِيمَنْ دَخَلَ مِنَ النَّاسِ، فَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، إِنْ هَلَكْتُ فَاقْتُلُوهُ كَمَا قَتَلَنِي، وَإِنْ بَقِيتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي.

وَلَمَّا أُدْخِلَ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلَى عَلِيٍّ قَالَ لَهُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَلَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكَ؟ أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: شَحَذْتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ شَرَّ خَلْقِهِ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا أُرَاكَ إِلَّا مَقْتُولًا بِهِ، وَمَا أُرَاكَ إِلَّا مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ عز وجل.

وَكَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ مَكْتُوفًا بَيْنَ يَدَيِ الْحَسَنِ إِذْ نَادَتْهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ وَهِيَ تَبْكِي: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، [إِنَّهُ] لَا بَأْسَ عَلَى أَبِي، وَاللَّهُ عز وجل مُخْزِيكَ. قَالَ: فَعَلَامَ تَبْكِينَ، وَاللَّهِ لَقَدِ اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ، وَسَمَمْتُهُ بِأَلْفٍ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ

ص: 141

الضَّرْبَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ مِصْرَ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ سَاعَةً، وَهَذَا أَبُوكِ بَاقِيًا حَتَّى الْآنَ. فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ: إِنْ بَقِيتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي، وَلَئِنْ هَلَكْتُ مِنْ ضَرْبَتِي هَذِهِ فَاضْرِبْهُ ضَرْبَةً وَلَا تُمَثِّلْ بِهِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ وَلَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ» .

وَذُكِرَ أَنَّ جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ دَخَلَ عَلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُ بِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ فَقَدْنَاكَ وَلَا نَفْقِدُكَ فَنُبَايِعُ الْحَسَنَ؟ قَالَ: مَا آمُرُكُمْ وَلَا أَنْهَاكُمْ، أَنْتُمْ أَبْصَرُ. فَلَمَّا قُبِضَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بَعَثَ الْحَسَنُ إِلَى ابْنِ مُلْجَمٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ: هَلْ لَكَ فِي خَصْلَةٍ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا إِلَّا وَفَيْتُ بِهِ، إِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا أَنْ أَقْتُلَ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُمَا، فَإِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَكَ اللَّهُ عَلَى إِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ أَنْ آتِيَكَ حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِكَ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: لَا وَاللَّهِ أَوْ تُعَايِنُ النَّارَ، فَقَدَّمَهُ فَقَتَلَهُ، فَأَخَذَهُ النَّاسُ فَأَدْرَجُوهُ فِي بَوَارٍ، ثُمَّ أَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ.

وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ تَقُولُونَ: قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا لَا يُقْتَلْ بِي إِلَّا قَاتِلِي.

وَأُمًّا الْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَعَدَ لِمُعَاوِيَةَ، فَخَرَجَ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ، وَأَدْبَرَ مُعَاوِيَةُ هَارِبًا، فَوَقَعَ السَّيْفُ فِي إِلْيَتِهِ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي خَبَرًا أُبَشِّرُكَ بِهِ، فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ أَنَافِعِي ذَلِكَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِنَّ أَخًا لِي قَتَلَ عَلِيًّا [فِي هَذِهِ] اللَّيْلَةَ. قَالَ: فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ. قَالَ: بَلَى؛ إِنَّ عَلِيًّا يَخْرُجُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ يَحْرُسُهُ، فَأَمَرَ بِهِ مُعَاوِيَةُ فَقُتِلَ، فَبَعَثَ إِلَى السَّاعِدِيِّ - وَكَانَ طَبِيبًا - فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ ضَرْبَتَكَ مَسْمُومَةٌ فَاخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ؛ إِمَّا أَنْ أَحْمِيَ حَدِيدَةً فَأَضَعُهَا فِي مَوْضِعِ السَّيْفِ، وَإِمَّا أَنْ أَسْقِيَكَ شَرْبَةً تَقْطَعُ مِنْكَ الْوَلَدَ وَتَبْرَأُ مِنْهَا؛ فَإِنَّ ضَرْبَتَكَ مَسْمُومَةٌ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَمَّا النَّارُ: فَلَا صَبْرَ لِي عَلَيْهَا، وَأَمَّا انْقِطَاعُ الْوَلَدِ: فَإِنَّ فِي يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ وَوَلَدُهُمَا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي. فَسَقَاهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الشَّرْبَةَ فَبَرَأَ، فَلَمْ يُولَدْ لَهُ بَعْدُ. فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَقْصُورَاتِ وَقِيَامِ الشُّرْطِ عَلَى رَأْسِهِ.

وَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: أَيْ بَنِيَّ، أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ، وَ [إِقَامَ] الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَحَلِّهَا، وَحُسْنِ الْوُضُوءِ؛ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ إِلَّا بِطَهُورٍ. وَأُوصِيكُمْ بِغَفْرِ الذَّنْبِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَالْحِلْمِ عَنِ الْجَاهِلِ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ، وَالتَّثَبُّتِ فِي الْأَمْرِ، وَتَعَاهُدِ الْقُرْآنِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ.

قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: هَلْ

ص: 142

حَفِظْتَ مَا أَوْصَيْتُ بِهِ أَخَوَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: إِنِّي أُوصِيكَ بِمِثْلِهِ، وَأُوصِيكَ بِتَوْقِيرِ أَخَوَيْكَ لِعِظَمِ حَقِّهِمَا عَلَيْكَ، وَتَزْيِينِ أَمْرِهِمَا، وَلَا تَقْطَعْ أَمْرًا دُونَهُمَا.

ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: أُوصِيكُمَا بِهِ؛ فَإِنَّهُ شَقِيقُكُمَا وَابْنُ أَبِيكُمَا، وَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُحِبُّهُ.

ثُمَّ أَوْصَى فَكَانَتْ وَصِيَّتُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَوْصَى أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. ثُمَّ إِنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ أُوصِيكُمَا يَا حَسَنُ وَيَا حُسَيْنُ، وَيَا جَمِيعَ أَهْلِي وَوَلَدِي، وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي: بِتَقْوَى اللَّهِ رَبِّكُمْ، {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ صَلَاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ أَعْظَمُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ» ".

وَانْظُرُوا إِلَى ذَوِي أَرْحَامِكُمْ، فَصِلُوهُمْ يُهَوِّنِ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحِسَابَ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الْأَيْتَامِ لَا يَضِيعُنَّ بِحَضْرَتِكُمْ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَأَشْرَكُوهُمْ فِي مَعَايِشِكُمْ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ لَا يَسْبِقَنَّكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ لَا يَخْلُوَنَّ مَا بَقِيتُمْ؛ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي ذِمَّةِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فَلَا تُظْلَمَنَّ بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ» ".

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ أَوْصَى بِهِمْ.

وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الضَّعِيفَيْنِ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [فِإِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ: " أُوصِيكُمْ بِالضَّعِيفَيْنِ؛ النِّسَاءَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "].

الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ لَا تَخَافُنَّ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ؛ اللَّهُ يَكْفِيكُمْ مَنْ أَرَادَكُمْ وَبَغَى عَلَيْكُمْ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ.

وَلَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ فَيُوَلَّى أَمْرَكُمْ شِرَارُكُمْ، ثُمَّ تَدْعُونَ وَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ.

عَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَادُلِ، إِيَّاكُمْ وَالتَّقَاطُعَ وَالتَّدَابُرَ وَالتَّفَرُّقَ " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ".

حَفِظَكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ، وَحَفِظَ فِيكُمْ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم.

أَسَتُودِعُكُمُ اللَّهَ، وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ.

ثُمَّ لَمْ يُنْطِقْ إِلَّا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى قُبِضَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ، وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ

ص: 143

جَعْفَرٍ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَوَلِيَ الْحَسَنُ عَمَلَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.

وَكَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ عَلِيًّا قَعَدَ فِي بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ إِذْ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ أَبْجَرَ بْنِ جَابِرٍ الْعِجْلِيِّ أَبِي حَجَّارٍ - وَكَانَ نَصْرَانِيًّا - وَالنَّصَارَى حَوْلَهُ وَنَاسٌ مَعَ حَجَّارٍ بِمَنْزِلَتِهِ يَمْشُونَ بِجَانِبِ إِمَامِهِمْ: شَقِيقِ بْنِ ثَوْرٍ السُّلَمِيِّ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأُخْبِرَ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

لَئِنْ كَانَ حَجَّارُ بْنُ أَبْجَرَ مُسْلِمًا

لَقَدْ بُوعِدَتْ مِنْهُ جِنَازَةُ أَبْجَرِ

وَإِنْ كَانَ حَجَّارُ بْنُ أَبْجَرَ كَافِرًا

فَمَا مِثْلُ هَذَا مِنْ كَفُورٍ بِمُنْكَرِ

أَتَرْضَوْنَ هَذَا إِنَّ قِسًّا وَمُسْلِمًا

جَمِيعًا لَدَى نَعْشٍ فَيَا قُبْحَ مَنْظَرِ.

وَقَالَ ابْنُ [أَبِي] عَيَّاشٍ الْمُرَادِيُّ:

وَلَمْ أَرَ مَهْرًا سَاقَهُ ذُو سَمَاحَةٍ

كَمَهْرِ قَطَامٍ بَيِّنًا غَيْرَ مُعْجَمِ

ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَعَبْدٌ وَقَيْنَةٌ

وَضَرْبُ عَلِيٍّ بِالْحُسَامِ الْمُصَمِّمِ

وَلَا مَهْرَ أَغْلَى مِنْ عَلِيٍّ وَإِنْ غَلَا

وَلَا قَتْلَ إِلَّا دُونَ قَتْلِ ابْنِ مُلْجَمٍ.

وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:

أَلَا أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ

فَلَا قَرَّتْ عُيُونُ الشامِتِينَا

أَفِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَجَعْتُمُونَا

بِخَيْرِ الناسِ طُرًّا أَجْمَعِينَا

قَتَلْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا

وَحَلَّسَهَا وَمَنْ رَكِبَ السَّفِينَا

وَمَنْ لَبِسَ النِّعَالَ وَمَنْ حَذَاهَا

وَمَنْ قَرَأَ الْمَثَانِيَ وَالْمِئِينَا

لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ حِينَ كَانَتْ

بِأَنَّكَ خَيْرُهَا حَسَبًا وَدِينَا.

وَأُمَّا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ فَقَعَدَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي ضُرِبَ فِيهَا مُعَاوِيَةُ، فَلَمْ يَخْرُجْ [كَانَ] وَاشْتَكَى فِيهَا بَطْنَهُ، فَأَمَرَ خَارِجَةَ بْنَ حَبِيبٍ - وَكَانَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ - وَكَانَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فَخَرَجَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ [فَأُخِذَ]، وَأُدْخِلَ عَلَى عَمْرٍو، فَلَمَّا رَآهُمْ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ بِالْإِمْرَةِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ: مَنْ قَتَلْتُ؟ قَالُوا: خَارِجَةَ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا فَاسِقُ مَا ضَمِدْتُ

ص: 144

غَيْرَكَ. قَالَ عَمْرٌو: أَرَدْتَنِي وَاللَّهُ أَرَادَ خَارِجَةَ، وَقَدَّمَهُ وَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ:

وَقْتُكَ وَأَسْبَابُ الْأُمُورِ كَثِيرَةٌ مَنِيَّةُ شَيْخٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ

فَيَا عَمْرُو مَهْلًا إِنَّمَا أَنْتَ عَمُّهُ وَصَاحِبُهُ دُونَ الرِّجَالِ الْأَقَارِبِ

نَجَوْتَ وَقَدْ بَلَّ الْمُرَادِيُّ سَيْفَهُ مِنَ ابْنِ أَبِي شَيْخِ الْأَبَاطِحِ طَالِبِ

وَيَضْرِبُنِي بِالسَّيْفِ آخَرُ مِثْلُهُ فَكَانَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ ضَرْبَةُ لَازِبِ

وَأَنْتَ تُنَاغِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِمِصْرِكَ بِيضًا كَالظِّبَاءِ الشَّوَارِبِ.

وَكَانَ الَّذِي ذَهَبَ بِنَعْيِهِ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ، وَكَانَ الْحَسَنُ قَدْ بَعَثَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نَزَلَ بِإِيلَيَاءَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، وَخَرَجَ الْحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ فِي الْقُصُورِ الْبِيضِ فِي الْمَدَائِنِ، وَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نَزَلَ مَسْكَنَ.

وَكَانَ عَلَى الْمَدَائِنِ عَمُّ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: سَعْدُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ -: هَلْ لَكَ فِي الْغِنَى وَالشَّرَفِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تُوثِقُ الْحَسَنَ وَتَسْتَأْمِرُ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ أَأَثِبُ عَلَى ابْنِ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُوثِقُهُ؟ [بِئْسَ الرَّجُلُ أَنْتَ]. فَلَمَّا رَأَى الْحَسَنُ تَفَرُّقَ النَّاسِ عَنْهُ، بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَطْلُبُ الصُّلْحَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَمُرَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَقَدِمَا عَلَى الْحَسَنِ بِالْمَدَائِنِ فَأَعْطَيَاهُ مَا أَرَادَ، وَصَالَحَاهُ، ثُمَّ قَامَ الْحَسَنُ فِي النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، إِنَّمَا يَسْتَخِي بِنَفْسِي عَنْكُمْ ثَلَاثٌ: قَتْلُكُمْ أَبِي، وَطَعْنُكُمْ إِيَّايَ، وَانْتِهَابِكُمْ مَتَاعِي. وَدَخَلَ فِي طَاعَةِ مُعَاوِيَةَ، وَدَخَلَ الْكُوفَةَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14792 -

عَنْ أَبِي يَحْيَى قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلِيًّا عليه السلام الضَّرْبَةَ قَالَ: افْعَلُوا بِهِ كَمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَفْعَلَ بِرَجُلٍ أَرَادَ قَتْلَهُ، فَقَالَ:" اقْتُلُوهُ، ثُمَّ حَرِّقُوهُ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي مَوْلِدِهِ وَوَفَاتِهِ]

14793 -

وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، عِذَارَ عَامٍ وَاحِدٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

14794 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: تُوُفِّيَ عَلِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.

[رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ] وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14795 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمٍ الْجُمُعَةِ يَوْمَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ

ص: 145

رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14796 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: قُتِلَ عَلِيٌّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ خَمْسَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14797 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: قُتِلَ عَلِيٌّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

[بَابُ خُطْبَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما]

14798 -

عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: خَطَبَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا رضي الله عنه خَاتَمَ الْأَوْصِيَاءِ، وَوَصِيَّ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَمِينَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ، ثُمَّ قَالَ:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَقَدْ فَارَقَكُمْ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ، وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ، لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهِ الرَّايَةَ، فَيُقَاتِلُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، فَمَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ قَبَضَهُ اللَّهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا وَصِيُّ مُوسَى، وَعُرِجَ بِرُوحِهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيهَا بِرُوحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَفِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِيهَا الْفُرْقَانَ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، وَمَا فِي بَيْتِ مَالِهِ إِلَّا سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ، أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا لِأُمِّ كُلْثُومٍ.

ثُمَّ قَالَ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ قَوْلُ يُوسُفَ:{وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38]

ثُمَّ أَخَذَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْبَشِيرِ، أَنَا ابْنُ النَّذِيرِ، وَأَنَا ابْنُ النَّبِيِّ، أَنَا ابْنُ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ، وَأَنَا ابْنُ السَّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَأَنَا ابْنُ الَّذِي أُرْسِلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ افْتَرَضَ اللَّهُ عز وجل مَوَدَّتَهُمْ وَوِلَايَتَهُمْ؛ فَقَالَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23])

14799 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَفِيهَا قُتِلَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَتَى مُوسَى.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ.

وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَيُعْطِيهِ الرَّايَةَ، فَإِذَا حُمَّ الْوَغَى فَقَاتَلَ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَالَ: وَكَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ، وَبَعْضُ طُرُقِ الْبَزَّارِ، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ، حِسَانٌ.

ص: 146

[بَابُ مَنَاقِبِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه]

[بَابُ نَسَبِهِ]

37 -

5 - 1 - بَابُ نَسَبِهِ.

14800 -

عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ.

وَأُمُّهُ: الصَّعْبَةُ بِنْتُ الْحَضْرَمِيِّ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: الْحَضْرَمِيُّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِبِلَادِ حَضْرَمَوْتَ، قَتَلَ بِهَا: عَمْرَو بْنَ نَاهِضٍ الْحِمْيَرِيَّ، ثُمَّ هَرَبَ إِلَى مَكَّةَ فَحَالَفَ حَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ.

وَاسْمُ الْحَضْرَمِيِّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَكْبَرَ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَرِيفِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ إِيَادِ بْنِ الصَّدِفِ بْنِ حَضْرَمَوْتَ بْنِ قَحْطَانَ مِنْ كِنْدَةَ.

وَالصَّعْبَةُ: أُخْتُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَأُمُّهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابُ صِفَتِهِ رضي الله عنه]

14801 -

عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبْيَضَ يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ مَرْبُوعًا، هُوَ إِلَى الْقِصَرِ أَقْرَبُ، رَحْبَ الصَّدْرِ، عَرِيضَ الْمَنْكِبَيْنِ، إِذَا الْتَقَتِ الْتَفَّتْ جَمِيعًا، ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14802 -

وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ آدَمَ كَثِيرَ الشِّعْرِ، لَيْسَ بِالْجَعْدِ وَلَا بِالسَّبْطِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، دَقِيقَ الْعِرْنَيْنِ، إِذَا مَشَى أَسْرَعَ، وَكَانَ لَا يُغَيِّرُ شَيْبَةَ، قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى الْوَاقِدِيِّ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي كَرَمِهِ وَمَا سُمِّيَ بِهِ رضي الله عنه]

14803 -

عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَعْطَى الْجَزِيلَ مِنَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.

قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ أَهْلُهُ يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ الْفَيَّاضُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14804 -

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: «سَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ: " طَلْحَةَ الْخَيْرِ ". وَفِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ذِي الْعَشِيرَةِ: " طَلْحَةَ الْفَيَّاضَ ". وَيَوْمَ حُنَيْنَ: " طَلْحَةَ الْجُودِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ: بِالسِّينِ وَالشِّينِ جَمِيعًا، فَالسِّينُ مِنَ الْعُسْرَةِ

ص: 147

وَبِالشِّينِ مَوْضِعٌ. وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّلْحِيُّ وُثِّقَ وَضُعِّفَ.

14805 -

وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ: أَنَّ طَلْحَةً نَحَرَ جَزُورًا، وَحَفَرَ بِئْرًا، يَوْمَ ذِي قَرَدٍ، فَأَطْعَمَهُمْ وَسَقَاهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا طَلْحَةُ الْفَيَّاضُ ". فَسُمِّيَ: طَلْحَةَ الْفَيَّاضَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، وَقَدْ وُثِّقَ عَلَى ضَعْفِهِ.

14806 -

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «ابْتَاعَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بِئْرًا بِنَاحِيَةِ الْجَبَلِ، فَنَحَرَ جَزُورًا، فَأَطْعَمَ النَّاسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ يَا طَلْحَةُ الْفَيَّاضُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

14807 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُكَنَّى: أَبَا مُحَمَّدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14808 -

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَدَّتِهِ سُعْدَى قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا طَلْحَةُ فَرَأَيْتُ مِنْهُ ثِقَلًا، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكَ؟ لَعَلَّهُ رَابَكَ مِنَّا شَيْءٌ فَغَيَّبَكَ؟ قَالَ: لَا، وَلَنِعْمَ حَلِيلَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْتِ، وَلَكِنِ اجْتَمَعَ عِنْدِي مَالٌ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ. قَالَتْ: وَمَا يَغُمُّكَ مِنْهُ، ادْعُ قَوْمَكَ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ: يَا غُلَامُ، عَلَيَّ قَوْمِي، فَسَأَلْتُ الْخَازِنَ: كَمْ قَسَّمَ؟ قَالَ: أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14809 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَتْ غَلَّةُ طَلْحَةَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفًا وَافِيًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

[بَابٌ جَامِعٌ فِي مَنَاقِبِهِ رضي الله عنه]

14810 -

عَنْ عُرْوَةَ «قَالَ: طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، وَكَانَ بِالشَّامِ، فَقَدِمَ وَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَهْمِهِ فَضَرَبَ لَهُ سَهْمَهُ قَالَ: وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَأَجْرُكَ ". يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ.

14811 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «تَذَاكَرْنَا يَوْمَ أُحُدٍ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا فَرَغَ وَانْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ وَمَا مَعِي إِلَّا جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِي وَطَلْحَةُ عَنْ يَسَارِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْقَعْقَاعُ بْنُ زَكَرِيَّا الطَّلْحِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14812 -

وَعَنْ عَائِشَةَ - أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - قَالَتْ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَفِي بَيْتٍ ذَاتَ يَوْمٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ فِي الْفِنَاءِ، وَالسِّتْرُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، إِذْ أَقْبَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِي عَلَى [ظَهْرِ] الْأَرْضِ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14813 -

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ

ص: 148

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَآنِي قَالَ: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّلْحِيُّ وَقَدْ وُثِّقَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14814 -

وَبِسَنَدِهِ قَالَ: «كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ، جَعَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ظَهْرِي حَتَّى اسْتَقَلَّ وَصَارَ عَلَى الصَّخْرَةِ، وَاسْتَتَرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَوَّمَأَ بِيَدِهِ إِلَى وَرَاءِ ظَهْرِي: " هَذَا جِبْرِيلُ عليه السلام أَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَا يَرَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي هَوْلٍ إِلَّا أَنْقَذَكَ مِنْهُ» .

14815 -

وَبِسَنَدِهِ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَصَابَنِي السَّهْمُ، قُلْتُ: حَسْ. فَقَالَ: " لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ لَطَارَتْ بِكَ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ» .

14816 -

وَبِسَنَدِهِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَآنِي قَالَ: " سَلَفِي فِي الدُّنْيَا، وَسَلَفِي فِي الْآخِرَةِ» .

14817 -

وَبِسَنَدِهِ قَالَ: «كَانَتْ رَاحِلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَطِيئَةً إِلَيَّ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَ: " ذَاكَ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ". فَأَتَانِي فَأَعْلَمَنِي فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، فَعَادَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْلَمَهُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَتَانِي فَأَعْلَمَنِي فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، فَعَادَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَجَعَ إِلَيَّ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا بَعَثَهُ إِلَّا، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَكَادُ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا فَعَلَهُ. فَقُلْتُ: لَأَنْ أَلِيَ بَشْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلِيَ رَحْلَتَهُ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَفَرًا فَأَرَادَ أَنْ يُرَحِّلَ لَهُ، فَأَتَانِي فَقَالَ: أَيُّ الرَّاحِلَتَيْنِ كَانَتْ أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: الطَّائِفِيَّةُ، فَرَحَّلَهَا لَهُ ثُمَّ قَرَّبَهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا سَارَتْ بِهِ انْكَبَّتْ. فَقَالَ: " مَنْ رَحَّلَ هَذِهِ؟ ". قَالُوا: فُلَانٌ قَالَ: " رُدُّوهَا إِلَى طَلْحَةَ ". فَرُدَّتْ إِلَيَّ. قَالَ طَلْحَةُ: وَاللَّهِ مَا غَشَشْتُ أَحَدًا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَهُ لِكَيْ تَرْجِعَ إِلَيَّ رَاحِلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

14818 -

وَعَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ الْهَمَذَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِذْ جَاءَهُ ابْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ أَخِي إِلَى هَهُنَا، فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَبُوكَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] الْآيَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْحَارِثُ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14819 -

وَعَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ.

14820 -

وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ قَالَ: قُتِلَ طَلْحَةُ وَهُوَ

ص: 149

ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِالْبَصْرَةِ فِي نَاحِيَةِ ثَقِيفٍ.

وَفِي إِسْنَادِهِمَا الْوَاقِدِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14821 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: قُتِلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَخَمْسُونَ سَنَةً [أَوْ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً]، وَالزُّبَيْرُ أَسَنُّ مِنْهُ وَكَانَ يُكَنَّى: أَبَا مُحَمَّدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ يَحْيَى هَكَذَا.

14822 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ حِينَ رَمَى طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِي عَيْنِ رُكْبَتِهِ، فَمَا زَالَ يَسْبَحُ إِلَى أَنْ مَاتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14823 -

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ: أَنَّ عَلِيًّا انْتَهَى إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ مَاتَ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَأَجْلَسَهُ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَهُوَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِعِشْرِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14824 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ لِابْنِهِ حَسَنٍ: يَا حَسَنُ، وَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه]

14825 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، يُكَنَّى: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أُمُّهُ: صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

14826 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: كَانَ الزُّبَيْرُ يُكَنَّى: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14827 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ الزُّبَيْرُ أَبْيَضَ، طَوِيلًا، مُحَفَّفًا، خَفِيفَ الْعَارِضِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ.

14828 -

وَعَنْ عُرْوَةَ: فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ [بَا خُوَيْلِدِ] بْنِ أَسَدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14829 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ طَوِيلًا تَخُطُّ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ إِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ، أَشْعَرَ، وَرُبَّمَا أَخَذَتْ بِشَعْرِ كَتِفَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو غَزِيَّةَ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوَثَّقَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

14830 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ سَلَّ سَيْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ.

وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14831 -

«وَعَنْ شَيْخٍ قَدِمَ مِنَ الْمَوْصِلِ قَالَ: صَحِبْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَأَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ بِأَرْضٍ قَفْرٍ، فَقَالَ: اسْتُرْنِي، فَسَتَرْتُهُ فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ إِلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ مُجَدَّعًا بِالسُّيُوفِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ بِكَ أَثَارًا مَا رَأَيْتُهَا بِأَحَدٍ قَطُّ! قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا مِنْهَا جِرَاحَةٌ إِلَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ،

ص: 150

وَالشَّيْخُ الْمَوْصِلِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14832 -

وَعَنْ مُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ عَهِدْتُ عَهْدًا، أَوْ تَرَكْتُ تَرِكَةً، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَجْعَلَهَا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ؛ فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14833 -

وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَهَاجَرَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ عَمُّ الزُّبَيْرِ يُعَلِّقُ الزُّبَيْرَ فِي حَصِيرٍ، وَيُدَخِّنُ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَهُوَ يَقُولُ: ارْجِعْ إِلَى الْكُفْرِ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا أَكْفُرُ أَبَدًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

14834 -

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ، وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُتِلَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَهُوَ مِنَ الْبَصْرَةِ عَلَى نَحْوِ بَرِيدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ.

14835 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَالزُّبَيْرُ حِوَارِيِّي، وَابْنُ عَمَّتِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ الْمُتَّصِلُ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14836 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: الْتَقَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلزُّبَيْرِ: إِنْ لَمْ تُقَاتِلْ مَعَنَا فَلَا تُعِنْ عَلَيْنَا. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَتُحِبُّ أَنْ أَرْجِعَ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَيْفَ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَأَنْتَ ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَابْنُ خَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَوْلُهُ: حَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: خُلْصَانَُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَسِلْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِأَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ زَوْجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ زَوْجُ الزُّبَيْرِ.

وَقَوْلُهُ: سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ الزُّبَيْرَ أَوَّلُ مَنْ سَلَّ سَيْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَقَوْلُهُ: ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُمُّهُ صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَوْلُهُ: ابْنُ خَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ وَالزُّبَيْرُ مِنْ رَهْطِهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ.

14837 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيِّي الزُّبَيْرُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14838 -

وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَقُولُ: يَا ابْنَ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنْ كُنْتُ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ وَإِلَّا فَلَا؟!.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14839 -

وَعَنِ

ص: 151

الزُّبَيْرِ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ - أَوْ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ - فَذَهَبْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ فِي لِحَافٍ، فَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ ثَوْبٍ أَوْ طَرَفَ الثَّوْبِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14840 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ الزُّبَيْرَ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: اجْلِسْ؛ فَقَدْ جَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14841 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: «دَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِوَلَدِي وَلِوَلَدِ وَلَدِي، فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لِأُخْتٍ لِي كَانَتْ أَسَنَّ مِنِّي: يَا بُنَيَّةُ - يَعْنِي: إِنَّكِ مِمَّنْ أَصَابَتْهُ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14842 -

وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَخْيَارُ قُتِلُوا قَتْلًا، ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا فَقَالَ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ: أَقْبَلَ عَلَى الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ الزُّبَيْرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ، فَكَفَّ عَنْهُ الزُّبَيْرُ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قَاتَلَهُ اللَّهُ يُذَكِّرُ بِاللَّهِ ثُمَّ يَنْسَاهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14843 -

عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: قُتِلَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَوْمَ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى - لَا أَدْرِي الْأُولَى أَوِ الْآخِرَةُ - سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ.

وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عُرْوَةُ: أَنَّ الزُّبَيْرَ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَهُوَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ، وَإِنْ كَانَ أَقَامَ عَشْرَ سِنِينَ، فَالزُّبَيْرُ ابْنُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14844 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: قُتِلَ الزُّبَيْرُ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَقُتِلَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

14845 -

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ، وَقُتِلَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14846 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: فَقَالَ حَسَّانٌ:

أَقَامَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ

حَوَارِيُّهُ وَالْقَوْلُ بِالْفِعْلِ يُعْدَلُ

هُوَ الْفَارِسُ الْمَشْهُورُ وَالْبَطَلُ الَّذِي

يَصُولُ إِذَا مَا كَانَ يَوْمٌ مُحَجَّلُ

إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ حَشَّهَا

بِأَبْيَضَ سَبَّاقٍ إِلَى الْمَوْتِ يَرْمُلُ

وَإِنِ امْرُؤٌ كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمُّهُ

وَمِنْ أَسَدٍ فِي بَيْتِهَا لَمُؤَمَّلُ

ص: 152

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ، وَيَأْتِي فِي الشِّعْرِ، وَأَبْوَابِهِ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ.

[بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه]

[بَابٌ فِي سِنِّهِ وَصِفَتِهِ رضي الله عنه]

37 -

7 - بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه.

37 -

7 - 1 - بَابٌ فِي سِنِّهِ وَصِفَتِهِ رضي الله عنه.

14847 -

عَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - «أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَنَا؟ قَالَ: " سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ [بُو زُهْرَةَ]، مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا، وَرِجَالُ الْمُسْنَدِ وُثِّقُوا.

14848 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: أُمُّ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: حَمْنَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَأُمُّهَا: بِنْتُ أَبِي سَرْحِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جُذَيْمَةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14849 -

وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: كَانَ أَبِي رَجُلًا قَصِيرًا، دَحْدَاحًا، غَلِيظًا ذَا هَامَةٍ، شَثْنَ الْأَصَابِعِ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14850 -

وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ جَعْدَ الشَّعْرِ، أَشْعَرَ الْجَسَدِ، طَوِيلًا أَفْطَسَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ إِجَابَةِ دَعْوَتِهِ رضي الله عنه]

14851 -

عَنْ عَامِرٍ - يَعْنِي الشَّعْبِيَّ - قَالَ: «قِيلَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: مَتَى أَصَبْتَ الدَّعْوَةَ؟ قَالَ: يَوْمَ بَدْرٍ، كُنْتُ أَرْمِي بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَضَعُ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ أَقُولُ: اللَّهُمَّ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ، وَافْعَلْ بِهِمْ وَافْعَلْ. فَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ: أَنَّ السِّهَامَ الَّتِي رَمَى بِهَا يَوْمَئِذٍ أَلْفُ سَهْمٍ.

14852 -

وَعَنْهُ قَالَ: «سَمِعَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَدْعُو، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَهُ إِذَا دَعَاكَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَيَأْتِي حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

14853 -

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ - يُقَالُ لَهَا: زِيرَا - وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ حَرِيرٌ، فَكَشَفَتْهَا الرِّيحُ، فَشَدَّ عَلَيْهَا عُمَرُ بِالدِّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ

ص: 153

لِيَمْنَعَهُ فَتَنَاوَلَهُ بِالدِّرَّةِ، فَذَهَبَ سَعْدٌ يَدْعُو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ عُمَرُ الدِّرَّةَ، وَقَالَ: اقْتَصَّ. فَعَفَا عَنْ عُمَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14854 -

وَعَنْ قَيْسٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ - قَالَ: كَانَ لِابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سَعْدٍ مَالٌ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَدِّ الْمَالَ الَّذِي قِبَلَكَ، فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ [إِنِّي] لَأُرَاكَ لَاقٍ مِنِّي شَرًّا، هَلْ أَنْتَ إِلَّا ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدٌ مِنْ [بَنِي] هُذَيْلٍ؟ فَقَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنِّي لَابْنُ مَسْعُودٍ وَإِنَّكَ لَابْنُ حَمْنَةَ، فَقَالَ لَهُمَا هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ: إِنَّكُمَا صَاحِبَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْكُمَا، فَطَرَحَ سَعْدٌ عُودًا كَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: قُلْ قَوْلًا وَلَا تَلْعَنْ، فَسَكَتَ. ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ:[أَمَا وَاللَّهِ] لَوْلَا اتِّقَاءُ اللَّهِ؛ لَدَعَوْتُ عَلَيْكَ دَعْوَةً مَا تُخْطِئُكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ.

14855 -

عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: بَيْنَمَا سَعْدٌ يَمْشِي إِذْ مَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَشْتُمُ عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: إِنَّكَ تَشْتُمُ أَقْوَامًا قَدْ سَبَقَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا سَبَقَ، وَاللَّهِ لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمِهِمْ أَوْ لَأَدْعُوَنَّ اللَّهَ عز وجل عَلَيْكَ. قَالَ: يُخَوِّفُنِي كَأَنَّهُ نَبِيٌّ!! فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ يَشْتُمُ أَقْوَامًا قَدْ سَبَقَ لَهُمْ مِنْكَ مَا سَبَقَ فَاجْعَلْهُ الْيَوْمَ نَكَالًا. فَجَاءَتْ بُخْتِيَّةٌ، فَأَفْرَجَ النَّاسُ لَهَا فَتَخَبَّطَتْهُ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ يَتَّبِعُونَ سَعْدًا يَقُولُونَ: اسْتَجَابَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14856 -

وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ: قَالَ ابْنُ عَمٍّ لَنَا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نَصْرَهُ

وَسَعْدٌ بِبَابِ الْقَادِسِيَّةِ مُعْصَمُ

فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ

وَنِسْوَةُ سَعْدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أَيِّمُ.

فَبَلَغَ سَعْدًا قَوْلُهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ [اقْطَعْ] عَنِّي لِسَانَهُ وَيَدَهُ، فَجَاءَتْ نُشَّابَةٌ فَأَصَابَتْ فَاهُ فَخَرِسَ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْقِتَالِ، فَقَالَ سَعْدٌ: احْمِلُونِي عَلَى بَابٍ، فَخُرِجَ بِهِ مَحْمُولًا، ثُمَّ كُشِفَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَفِيهِ قُرُوحٌ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِعُذْرِهِ فَعَذَرُوهُ، وَكَانَ سَعْدٌ لَا يَحِينُ.

14857 -

وَفِي رِوَايَةٍ: يُقَاتِلُ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ نَصْرَهُ. وَقَالَ: وَقُطِعَتْ يَدُهُ وَقُتِلَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ؛ رِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ.

[بَابٌ جَامِعٌ فِي مَنَاقِبِهِ رضي الله عنه]

14858 -

عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَتَخْبِرُ لَهُ خَبَرَ قَوْمٍ، فَذَهَبْتُ وَأَنَا أَسْعَى حَتَّى

ص: 154

صِرْتُ إِلَى الْقَوْمِ، ثُمَّ جِئْتُ وَأَنَا أَمْشِي عَلَى هَيْئَتِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَنِي، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:" ذَهَبْتَ شَدِيدًا، ثُمَّ جِئْتَ عَلَى هَيْئَتِكَ؟ ". - أَوْ كَمَا قَالَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَسْعَى، فَيَظُنَّ بِيَ الْقَوْمُ أَنِّي قَدْ فَرَقْتُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ سَعْدًا لَمُجَرِّبٌ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14859 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَمَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمٍ؛ رَمَى بِهِ سَعْدٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14860 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: سَعْدٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ عَمْرٍو الْحَنَفِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14861 -

وَعَنْ سَعْدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " سَعْدُ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ". قَالَ: فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَنْبَيْهِ، فَوَقَعَ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَسَدِ بْنِ مُوسَى وَهُوَ ثِقَةٌ.

14862 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ:

كَانَ سَعْدٌ يَوْمَ بَدْرٍ يُقَاتِلُ قِتَالَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ الصَّيْرَفِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14863 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " فَدَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14864 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " فَدَخَلَ سَعْدٌ، قَالَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَدْخُلُ سَعْدٌ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الرَّقَاشِيُّ، وَقَدْ ضُعِّفَ.

14865 -

«وَعَنْ سَعْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ سُقْ إِلَى هَذَا الطَّعَامِ عَبْدًا يُحِبُّهُ وَيُحِبُّكَ ". قَالَ: فَطَلَعَ - يَعْنِي نَفْسَهُ» -.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا.

14866 -

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: " دُونَكَ لُحُومَ الْقَوْمِ " فَكَانَ سَعْدٌ يَضَعُ سَهْمُهُ فِي كَبَدِ قَوْسِهِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ سَهْمُكَ، وَفِي سَبِيلِكَ اللَّهُمَّ انْصُرْ رَسُولَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ ثِقَةٌ، وَقَدِ اعْتَضَدَ حَدِيثُهُ بِالْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَا فِي بَابِ إِجَابَةِ دُعَائِهِ.

14867 -

«وَعَنِ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَخَذَتْنِي وَحْشَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَا لَكِ؟ " فَقُلْتُ: إِنِّي فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَأَخَافُ عَلَيْكَ. فَقَالَ: " كَلَّا؛ إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَبْعَثُ لَنَا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَكْلَؤُنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا " قَالَتْ: فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ رَأَيْتُ سَوَادًا قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللًَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَذَا؟ " فَقَالَ: أَنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، جِئْتُ أَكْلَؤُكَ بَقِيَّةَ لَيْلَتِكَ هَذِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ فَنَامَ» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: أَبُو جَعْفَرٍ الْأَشْجَعِيُّ: لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14868 -

وَعَنْ سَعْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا وَمَا لِي غَيْرُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَكْثَرَ اللَّهُ لِي مِنَ اللِّحَى بَعْدُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَقَالَ: وَقَوْلُهُ " وَمَا لِي غَيْرُ شَعْرَةٍ " يَعْنِي: مَا لِي إِلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ " ثُمَّ أَكْثَرَ اللَّهُ لِي مِنَ اللِّحَى " يَعْنِي: مِنَ الْوَلَدِ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14869 -

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ آخِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَفَاةً رضي الله عنه.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14870 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تُوُفِيَّ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ، وَمَاتَ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ مَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ الْوَالِيَ عَلَيْهَا، وَأَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14871 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ حِجَّتِهِ الْأُولَى، وَهُو ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ.

14872 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ سَعْدٌ وَمَرْوَانُ وَالِي الْمَدِينَةِ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14873 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: مَاتَ سَعْدٌ بِالْعَقِيقِ فِي قَصْرِهِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

37 -

8 -‌

‌ بَابُ مَنَاقِبِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه

14874 -

عَنْ شَبَّابٍ الْعُصْفُرِيِّ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، يُكْنَى: أَبَا الْأَعْوَرِ، وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ نَعْجَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ مِنْ خُزَاعَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

14875 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ آدَمَ، طُوَالًا، أَشْقَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرَوَى عَنِ الْوَاقِدِيِّ مِثْلَهُ.

14876 -

وَعَنِ عُرْوَةَ قَالَ: «سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بَعْدَمَا رَجِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَدْرٍ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، قَالَ: وَأَجْرِي - يَا رَسُولَ اللَّهِ - زَعَمُوا؟ قَالَ: " وَأَجْرُكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلُهُ.

14877 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «عَشَرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حَامِدِ بْنِ يَحْيَى الْبَلْخِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ فِي مَنَاقِبِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

14878 -

وَعَنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بِالْمَدِينَةِ لِيُبَلِّغَ لِابْنِهِ يَزِيدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: مَا يُجِيبُكَ حَتَّى يَجِيئَنِي سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَيُبَايِعَ، فَإِنَّهُ أَنْبَلُ أَهْلِ الْبَلَدِ فَإِذَا بَايَعَ بَايَعَ النَّاسُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلِكِنَّهُ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14879 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ:

تُوُفِّيَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَسِنُّهُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، وَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ، وَمَاتَ بِالْعَقِيقِ، وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَيُكْنَى أَبَا الْأَعْوَرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ طَرَفٌ مِنْهُ.

14880 -

وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدٍ قَالَتْ: غَسَّلَ سَعْدٌ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ بِالْعَقِيقِ، ثُمَّ حَمَلُوهُ فَجَاءُوا بِهِ، فَجَاءَ سَعْدٌ يَمْشِي حَتَّى إِذَا حَاذَى بِدَارِهِ، دَخَلَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَغْتَسِلْ مِنْ غَسْلِ سَعِيدٍ إِنَّمَا اغْتَسَلْتُ مِنَ الْحَرِّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

14881 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ غَسَّلَ سَعِيدًا بِالسُّجْرَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

37 -

9 -‌

‌ بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه

-

14882 -

عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ [عَبْدِ] الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14883 -

وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ: «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ الْكَعْبَةِ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14884 -

«وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ اسْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ عَمْرٍو، فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14885 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ، يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ، شَهِدَ بَدْرًا.

وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14886 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ.

14887 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ سَاقِطَ الثَّنِيَّتَيْنِ، أَهْتَمَ، أَعْسَرَ، أَعْرَجَ، وَكَانَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَهُتِمَ وَجُرِحَ عِشْرِينَ جِرَاحَةً أَوْ أَكْثَرَ، أَصَابَهُ بَعْضُهَا فِي رِجْلِهِ فَعَرِجَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14888 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِدَّيْنِ، فَكُنْتُ مِنْ أَوَّلِ النَّاسِ إِسْلَامًا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

14889 -

«وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِنَّكَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ، لَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا زَحْفًا، فَأَقْرِضِ اللَّهَ يُطْلِقْ قَدَمَيْكَ " فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا الَّذِي أُقْرِضُ أَوْ أُخْرِجُ؟ وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَلْيُضِفِ الضَّيْفَ، وَلْيُطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَلْيُعْطِ السَّائِلَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِي عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا هُوَ فِيهِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَلَا يَثْبُتُ فِي دُخُولِهِ زَحْفًا حَدِيثٌ.

14890 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أَغْنِيَاءِ أُمَّتِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنْ يَدْخُلَهَا إِلَا حَبْوًا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ: أَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

14891 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا هِيَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا الْمَسَاكِينُ، فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ حَبْوًا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ قُلْتُ: إِبِلِي الَّتِي أَنْتَظِرُهَا بِالشَّامِ وَأَحْمَالُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَدْخُلَهَا مَعَهُمْ مَاشِيًا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ.

14892 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «بَيْنَمَا عَائِشَةُ فِي بَيْتِهَا إِذْ سَمِعَتْ صَوْتًا فِي الْمَدِينَةِ فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: عِيرٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَدِمَتْ مِنْ الشَّامِ تَحْمِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَكَانَتْ سَبْعَ مِائَةِ بَعِيرٍ فَارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ مِنْ الصَّوْتِ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " قَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ - عَبْوًا "، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتُ لَأَدْخُلَنَّهَا قَائِمًا، فَجَعَلَهَا بِأَقْتَابِهَا وَأَحْمَالِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: عِمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَدْ شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ وَشَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ وَصَلَّى خَلْفَهُ.

14893 -

وَعَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهَا: " مَنْ يَخْطُبُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ؟ " قَالَتْ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: " أَنْكِحُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَإِنَّهُ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ خِيَارِهِمْ مَنْ كَانَ مِثْلَهُ» .

14894 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: " «فَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَإِنَّهُ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَخِيَارُهُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى: يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، وَكِلَاهُمَا وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالثَّانِيَةُ: ضَعِيفَةٌ.

14895 -

وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ بَاعَ كَرْمًا مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَمَرَ عُثْمَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَأَعْطَى الثَّمَنَ، فَقَسَّمَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَيْنَ بَنِي زُهْرَةَ وَبَيْنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم.

قَالَ الْمِسْوَرُ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ قُلْتُ: بَعَثَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلَّا الصَّابِرُونَ، سَقَى اللَّهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14896 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «خِيَارُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِي مِنْ بَعْدِي.

قَالَ: فَأَوْصَى لَهُنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِكَذَا، فَبِيعَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14897 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يَعْطِفَنَّ عَلَيْكُمْ إِلَّا الصَّابِرُونَ، الصَّادِقُونَ ".

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَبِعْتُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ شَيْئًا - قَدْ سَمَّاهُ - بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَسَّمَهُ بَيْنَهُنَّ - يَعْنِي: بَيْنَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَحِمَهُنَّ اللَّهُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14898 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ: " إِنَّ الَّذِي يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي لَهُوَ الصَّادِقُ الْبَارُّ، اللَّهُمَّ اسْقِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14899 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «شَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا خَالِدُ لِمَ تُؤْذِي رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، لَوْأَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ؟ " قَالَ: يَقَعُونَ فِيَّ فَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ، قَالَ: " لَا تُؤْذُوا خَالِدًا فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ صَبَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

14900 -

وَعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: تَصَدَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِشَطْرِ مَالِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، تَمَّ حَمَلَ عَلَى خَمْسِ مِائَةِ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِ مِائَةِ رَاحِلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَانَ عَامَّةُ مَالِهِ فِي التِّجَارَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14901 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: «أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، فَأَدْرَكَهُمْ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَتَقَدَّمَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ خَلْفَهُ رَكْعَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ:" أَصَبْتُمْ أَوْ أَحْسَنْتُمْ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَلَفْظُهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَأَرَادَ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ مَكَانَكَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَلَاةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ».

وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14902 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا قُبِضَ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14903 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: أَقْطَعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعُمَرَ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا، فَذَهَبَ الزُّبَيْرُ رحمه الله إِلَى آلِ عُمَرَ فَاشْتَرَى نَصِيبَهُ مِنْهُمْ، فَأَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ زَعَمَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعُهُ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنِّي اشْتَرَيْتُ نَصِيبَ آلِ عُمَرَ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ جَائِزُ الشَّهَادَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ.

14904 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَقُولُ: أَذَهَبَ ابْنُ عَوْفٍ، فَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا، وَاسْتَقْتَ رِفْقَهَا؟!

14905 -

وَفِي رِوَايَةٍ: أَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَدْ ذَهَبْتَ بِتَطْنِيتِكَ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهَا بِشَيْءٍ.

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ أَسَدِ بْنِ مُوسَى وَهُوَ ثِقَةٌ.

14906 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بَعْدَ الْفِيلِ بِعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَسِنُّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.

37 -

10 -‌

‌ بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه

14907 -

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ ضُبَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، لَمْ يُعَقِّبْ.

وَأُمُّ أَبِي عُبَيْدَةَ: أُمُّ غَنْمٍ بِنْتِ جَابِرِ بْنِ عُدَيِّ بْنِ الْعَدَّاءِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عُمَيْرَةَ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ بَعْضَ ذَلِكَ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

14908 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: شَهِدَ بَدْرًا مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14909 -

وَعَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: جَعَلَ أَبُو أَبِي عُبَيْدَةَ يَتَصَدَّى لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَجَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَحِيدُ عَنْهُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ قَصَدَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَتَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَذِهِ الْآيَةَ:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14910 -

وَعَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: «قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَنْتَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا كُنْتُ لِأَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَؤُمَّنَا فَأَمَّنَا حَتَّى مَاتَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا عُبَيْدَةَ وَلَا عُمَرَ.

14911 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ قَالَ: وَأَرَادَا أَنْ يُلَاعِنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تُلَاعِنَنَّ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّاهُ لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا أَبَدًا.

قَالَ: فَأَتَيَاهُ فَقَالَا: لَا نُلَاعِنُكَ، وَلَكِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَ فَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا حَقَّ أَمِينٍ، حَقَّ أَمِينٍ ": قَالَ: فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. فَلَمَّا قَامَ قَالَ: " هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ».

قُلْتُ: عِنْدَ ابْنِ مَاجَةَ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَكَذَلِكَ رِجَالُ أَحْمَدَ غَيْرَ خَلَفِ بْنِ الْوَلِيدِ وَهُوَ ثِقَةٌ.

14912 -

وَعَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: «لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَرْغَ حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيدًا.

قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ شِدَّةَ الْوَبَاءِ بِالشَّامِ، فَقُلْتُ: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللَّهُ: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لِكُلِّ نَبِيٍّ أَمِينٌ وَأَمِينِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ " فَأَنْكَرَ الْقَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عُلْيَا قُرَيْشٍ؟ يَعْنِي: بَنِيِ فِهْرٍ.

ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ اسْتَخْلَفْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الْعُلَمَاءِ نَبْذَةً».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، رَاشِدٌ وَشُرَيْحٌ لَمْ يُدْرِكَا عُمَرَ.

14913 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» "

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ.

14914 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» "

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14915 -

وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14916 -

وَعَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي يَدِهِ مَخْصَرَةٌ أَوْ قَضِيبٌ أَوْ عُودٌ فَأَوْمَى بِيَدِهِ إِلَى خَاصِرَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَقَالَ: " إِنَّ هَذِهِ لَخَاصِرَةٌ أَوْ خُوَيْصِرَةٌ مُؤْمِنَةٌ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14917 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَشَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَيُقَالُ: صَلَّى عَلَيْهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا.

37 -

11 -‌

‌ بَابٌ فِي فَضْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمَا رضي الله عنهما

.

14918 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَرْفَقُ أُمَّتِي لِأُمَّتِي عُمَرُ، وَأَصْدَقُ أُمَّتِي حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَى أُمَّتِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ بِرَثْوَةٍ، وَأَقْرَأُ أُمَّتِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأُوتِيَ عُوَيْمِرُ عِبَادَةً " - يَعْنِي: أَبَا الدَّرْدَاءِ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14919 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " «أَرْأَفُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي الْإِسْلَامِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ، وَأَقْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى: وَفِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14920 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِرَاءَ، فَتَزَلْزَلَ الْجَبَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اثْبُتْ حِرَاءُ مَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ " وَعَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدٌ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ: النَّضْرُ بْنُ عُمَرَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14921 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «نَاشَدَ عُثْمَانُ النَّاسَ يَوْمًا فَقَالَ: تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَارْتَجَزَ الْجَبَلُ وَعَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اثْبُتْ أُحُدُ مَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ» "؟ قُلْتُ: حَدِيثُ عُثْمَانَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ فِيهِ: صَعِدَ حِرَاءَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14922 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُمْ عَلَى جَبَلِ حِرَاءَ، إِذْ تَحَرَّكَ بِهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اسْكُنْ حِرَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي مَنَاقِبِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ عِنْدِي وَحَدِيثُ عُثْمَانَ.

14923 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزِي قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ هَكَذَا، وَفِيهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الضَّرِيرُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14924 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَمَرَ الشُّورَى، دَخَلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ ابْنَتُهُ فَقَالَتْ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ فِي الشُّورَى لَيْسَ هُمْ رِضًا، قَالَ: أَسْنِدُونِي، فَأَسْنَدُوهُ وَهُوَ لِمَا بِهِ، فَقَالَ: مَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا فِي عُثْمَانَ؟ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَوْمَ يَمُوتُ عُثْمَانُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ " قُلْتُ: لِعُثْمَانَ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: " بَلْ لِعُثْمَانَ خَاصَّةً ".

قَالَ: مَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؟ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاعَ جُوعًا شَدِيدًا فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِرَغِيفَيْنِ بَيْنَهُمَا إِهَالَةٌ، فَوَضَعَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" كَفَاكَ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاكَ، فَأَمَّا الْآخِرَةُ فَأَنَا لَهَا ضَامِنٌ ".

مَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا فِي طَلْحَةَ؟ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ رَحْلُهُ فِي لَيْلَةٍ مَرَّةً فَقَالَ: " مَنْ يُسَوِّي رَحْلِي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ " فَابْتَدَى طَلْحَةُ الرَّحْلَ، فَسَوَّاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَكَ الْجَنَّةُ عَلَيَّ يَاطَلْحَةُ غَدًا ".

مَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا فِي الزُّبَيْرِ؟! فَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ نَامَ فَلَمْ يَزَلْ يَذُبُّ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَمْ تَزَلْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ " فَقَالَ: لَمْ أَزَلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَقَالَ:" هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: عَلَيَّ أَنْ أَذُبَّ عَنْ وَجْهِكَ شَرَرَ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

مَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا فِي عَلِيٍّ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَا عَلِيُّ يَدُكَ مَعَ يَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَدْخُلُ حَيْثُ أَدْخُلُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْخُرَاسَانِيُّ تَكَلَّمَ فِيهِ الذَّهَبِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَنْسِبْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14925 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَجَعَلَ يَقُولُ: " أَيْنَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ؟ " فَلَمْ يَزَلْ يَتَفَقَّدُهُمْ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ حَتَّى اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ، فَقَالَ:" إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ فَاحْفَظُوهُ وَعُوهُ، وَحَدِّثُوا بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ خَلْقِهِ خَلْقًا " ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75]" خَلْقًا يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، وَإِنِّي مُصْطَفٍ مِنْكُمْ مَنْ أُحِبُّ أَنْ أَصْطَفِيَهُ وَمُؤَاخٍِ بَيْنَكُمْ كَمَا آخَى اللَّهُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ، قُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ " فَقَامَ حَتَّى جَثَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: " إِنَّ لَكَ عِنْدِي يَدًا، اللَّهُ يَجْزِيكَ بِهَا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُكَ خَلِيلًا فَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ قَمِيصِي مِنْ جَسَدِي " وَحَرَّكَ قَمِيصَهُ بِيَدِهِ.

ثُمَّ قَالَ: " ادْنُ يَا عُمَرُ " فَدَنَا عُمَرُ فَقَالَ: " قَدْ كُنْتَ شَدِيدَ الشَّغَبِ عَلَيْنَا أَبَا حَفْصٍ فَدَعَوْتُ اللَّهَ يُعِزُّ الدِّينَ بِكَ أَوْ بِأَبِي جَهْلٍ فَفَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِكَ، فَكُنْتَ أَحَبَّهُمَا إِلَيَّ فَأَنْتَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ " ثُمَّ تَنَحَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ.

ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي يَا عُثْمَانُ " فَلَمْ يَزَلْ يَدْنُ مِنْهُ حَتَّى أَلْصَقَ رُكْبَتَيْهِ بِرُكْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عُثْمَانَ فَإِذَا إِزَارُهُ مَحْلُولَةً، فَزَرَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: اجْمَعْ عِطْفَيْ رِدَائِكَ عَلَى حَقْوِكَ فَإِنَّ لَكَ شَأْنًا فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، أَنْتَ مِمَّنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَأَوْدَاجُكَ تَشْخَبُ دَمًا، فَأَقُولُ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ؟ فَتَقُولُ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَذَلِكَ كَلَامُ جِبْرِيلَ رضي الله عنه، إِذْ هَتَفَ مِنْ السَّمَاءِ: أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ خَاذِلٍ ".

ثُمَّ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَقَالَ: ادْنُ يَا أَمِينَ اللَّهِ، وَالْأَمِينُ فِي السَّمَاءِ يُسَلِّطُكَ اللَّهُ عَلَى مَالِكَ بِالْحَقِّ، أَمَا إِنَّ لَكَ عِنْدِي دَعْوَةً وَقَدْ أَخَّرْتُهَا " قَالَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:" قَدْ حَمَّلْتَنِي يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمَانَةً، أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَكَ " وَجَعَلَ يُحَرِّكُ يَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى وَآخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ.

ثُمَّ دَخَلَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَقَالَ: " ادْنُ مِنِّي " فَدَنَوَا مِنْهُ، فَقَالَ:" أَنْتُمَا حَوَارِيِّيْ كَحَوَارِيِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام " ثُمَّ آخَى بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ دَعَا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَقَالَ: " يَا عَمَّارُ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ " ثُمَّ آخَى بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ دَعَا عُوَيْمِرَ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ فَقَالَ: " يَا سَلْمَانُ أَنْتَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَقَدْ أَتَاكَ اللَّهُ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الْآخِرَ وَالْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَالْكِتَابَ الْآخِرَ " ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُرْشِدُكَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ؟ قَالَ: بَلَى بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنْ تَنْقُدْهُمْ يَنْقُدُوكَ، وَإِنْ تَتْرُكْهُمْ لَا يَتْرُكُوكَ، وَإِنْ تَهْرَبْ مِنْهُمْ يُدْرِكُوكَ، فَأَقْرِضْهُمْ عِرْضَكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ " فَآخَى بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ نَظَرَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " أَبْشِرُوا وَأَقِرُّوا عَيْنًا فَأَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَأَنْتُمْ فِي أَعْلَى الْغُرَفِ.

ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَهْدِي مِنَ الضَّلَالَةِ ". فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ رُوحِي، وَانْقَطَعَ ظَهْرِي حِينَ رَأَيْتُكَ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ مَعَ أَصْحَابِكَ غَيْرِي، فَإِنْ كَانَ مِنْ سُخْطٍ عَلَيَّ فَلَكَ الْعُتْبَى وَالْكَرَامَةُ، فَقَالَ:" وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَخَّرْتُكَ إِلَّا لِنَفْسِي فَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَوَارِثِي " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا إِرْثِي مِنْكَ؟ قَالَ:" مَا أَوْرَثَتِ الْأَنْبِيَاءُ " قَالَ: وَمَا أَوْرَثَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَكَ؟ قَالَ: " كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ، فَأَنْتَ مَعِي فِي قَصْرِي فِي الْجَنَّةِ - مَعَ فَاطِمَةَ - ابْنَتِي، وَأَنْتَ أَخِي وَرَفِيقِي " ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47]، " الْأَخِلَّاءُ فِي اللَّهِ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي عُثْمَانَ: " أَمِيرٌ عَلَى كُلِّ مَخْذُولٍ "، وَقَالَ فِي أَبِي الدَّرْدَاءِ:" أَلَا أَرْشُوكَ " بَدَلَ " أُرْشِدُكَ " وَقَالَ فِيهِ: " فَأَقْرِضْهُمْ عِرْضَكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَزَاءَ أَمَامَكَ "، وَفِي إِسْنَادِهِمَا مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14926 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعَ مَا كَانُوا فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ مَنَازِلَكُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَقُرْبَ مَنَازِلِكُمْ ".

ثُمَّ إِنْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا أَعْرِفُ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَاسْمَ أُمِّهِ لَا يَأْتِي بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا قَالُوا: مَرْحَبًا مَرْحَبًا "، فَقَالَ سَلْمَانُ: إِنَّ هَذَا لَمُرْتَفِعٌ شَأْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: " هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ ".

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: " يَا عُمَرُ لَقَدْ رَأَيْتُ فِي الْجَنَّةِ قَصْرًا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ اللُّؤْلُؤُ أَبْيَضُ، مُشَيَّدٌ بِالْيَاقُوتِ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لِي، فَذَهَبْتُ لِأَدْخُلَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَمَا مَنَعَنِي مِنْ دُخُولِهِ إِلَّا غَيْرَتُكَ يَا أَبَا حَفْصٍ " فَبَكَى عُمْرُ وَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟!.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: " يَا عُثْمَانُ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقًا فِي الْجَنَّةِ وَأَنْتَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ ".

ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ ثُمَّ قَالَ: " يَا عَلِيُّ أَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُقَابِلَ مَنْزِلِي؟ ".

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فَقَالَ: " يَا طَلْحَةُ وَيَا زُبَيْرُ، إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَأَنْتُمَا حَوَارِيِّ ".

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: لَقَدْ بُطِّىءَ بِكَ عَنِّي مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ هَلَكْتَ وَعَرِقْتَ عَرَقًا شَدِيدًا فَقُلْتُ: مَا بَطَّأَ بِكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ كَثْرَةِ مَالِي، مَا زِلْتُ مَوْقُوفًا مُحَاسَبًا، أُسْأَلُ عَنْ مَالِي: مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ؟ وَفِيمَا أَنْفَقْتَهُ؟ فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ مِائَةُ رَاحِلَةٍ جَاءَتْنِي اللَّيْلَةَ مِنْ تِجَارَةِ مِصْرَ، أُشْهِدَكُ أَنَّهَا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَيْتَامِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ يُخَفِّفُ عَنِّي ذَلِكَ الْيَوْمَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ: عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَوَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14927 -

وَعَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «السُّبَّاقُ أَرْبَعَةٌ: أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ فَارِسَ، وَبِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ، وَصُهَيْبُ سَابِقُ الرُّومِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14928 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَصُهَيْبُ سَابِقُ الرُّومِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَبِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ فَارِسَ إِلَى الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: أَيُّوبُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الصُّورِيُّ شَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ بَقِيَّةَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ.

14929 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْجُمَحِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: وَيَا عُمَرُ فَقَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُؤَاخِيَ بَيْنَكُمَا بِوَحْيٍ أُنْزِلَ عَلَيَّ مِنَ السَّمَاءِ فَأَنْتُمَا أَخَوَانِ فِي الدُّنْيَا وَأَخَوَانِ فِي الْجَنَّةِ، فَلْيُسَلِّمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلْيُصَافِحْهُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِ عُمَرَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " يَكُونُ قَبْلَهُ وَيَمُوتُ قَبْلَهُ ".

وَقَالَ: " يَا زُبَيْرُ، يَا طَلْحَةُ تَعَالَا، أُمِرْتُ أَنْ أُؤَاخِيَ بَيْنَكُمَا فَأَنْتُمَا أَخَوَانِ فِي الدُّنْيَا وَأَخَوَانِ فِي الْجَنَّةِ، فَلْيُسَلِّمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ " فَفَعَلَا.

ثُمَّ قَالَ: " يَا عَلِيُّ تَعَالَ، يَا عَمَّارُ تَعَالَ، أُمِرْتُ أَنْ أُؤَاخِيَ بَيْنَكُمَا فَأَنْتُمَا أَخَوَانِ فِي اللَّهِ أَخَوَانِ فِي الْجَنَّةِ، فَلْيُسَلِّمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ " فَفَعَلَا.

ثُمَّ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَا.

ثُمَّ قَالَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ وَلِسَلْمَانَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَا.

ثُمَّ قَالَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَلِصُهَيْبٍ مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَا.

ثُمَّ لِأَبِي ذَرٍّ وَلِبِلَالٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَا.

ثُمَّ قَالَ: " يَا أُسَامَةُ، يَا أَبَا هِنْدٍ تَعَالَا " - حَجَّامًا كَانَ يَحْجِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ دَمَهُ فَقَالَا: " فَقَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ.

وَلِأَبِي أَيُّوبَ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَا، قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14930 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْحَمُ أُمَّتِي لِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَرْفَقُ أُمَّتِي لِأُمَّتِي عُمَرُ، وَأَصْدَقُ أُمَّتِي حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَى أُمَّتِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَامَ الْعُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ، وَأَقْرَأُ أُمَّتِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْقَهُهَا زَيْدُ بْنُ ثَاَبِتٍ، وَقَدْ أُوتِيَ عُوَيْمِرُ عِبَادَةً، يَعْنِي: أَبَا الدَّرْدَاءِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ وُثِّقَ.

14931 -

وَعَنْ عَلِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا إِنَّ الْجَنَّةَ اشْتَاقَتْ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ أَصْحَابِي، فَأَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُحِبَّهُمْ ". فَانْتَدَبَ صُهَيْبٌ الرُّومِيُّ، وَبِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ حَتَّى نُحِبَّهُمْ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَمَّارُ، عَرَّفَكَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ فَأَحَدُهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ، وَالثَّالِثُ: سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَالرَّابِعُ: أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا ابْنَ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ.

14932 -

عَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ مِنْ أَصْحَابِكَ أَرْبَعَةٌ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُحِبَّهُمْ ". قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: سَمِّهِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " أَمَا إِنَّ عَلِيًّا مِنْهُمْ ". حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدَاةُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، النَّفَرُ الَّذِينَ أَخْبَرَكَ اللَّهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ؟ قَالَ:" عَلِيٌّ، وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ النُّورِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 155

كَذَّبَهُ شُعْبَةُ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

14933 -

وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ قَدْ أَحْسَنْتَ الثَّنَاءَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ عَنْ أَرْبَعَةٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ". ثُمَّ قَالَ: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَهُمْ إِلَى الْأُمَمِ كَمَا بَعَثَ عِيسَى الْحَوَارِيِّينَ ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَبْعَثُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: " إِنَّهُ لَا غِنًى بِي عَنْهُمَا، إِنَّهُمَا مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَمَّادُ بْنُ عُمَرَ (*) النَّصِيبِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14934 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَعْتَدُّ عَلَيْهِمْ فَضْلًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا ابْنَ إِسْحَاقَ عَنْعَنَهُ.

14935 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَدِمَ بِابْنَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنَا آخُذُهَا، وَأَنَا أَحَقُّ بِهَا، بِنْتُ عَمِّي وَعِنْدِي خَالَتُهَا، وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ. فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلْ أَنَا أَحَقُّ بِهَا مِنْكُمَا ; بِنْتُ عَمِّي، وَعِنْدِي بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أَحَقُّ بِهَا. وَأَنَا أَرْفَعُ صَوْتِي أُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّتِي قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ. فَقَالَ زَيْدٌ: بَلْ أَنَا أَحَقُّ بِهَا، خَرَجْتُ إِلَيْهَا وَسَافَرْتُ، وَجِئْتُ بِهَا. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا شَأْنُكُمْ؟ ". فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مِثْلَ قَوْلِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " سَأَقْضِي بَيْنَكُمْ فَلِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ ". قُلْتُ: نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي رَفْعِنَا أَصْوَاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِزَيْدٍ: " أَمَّا أَنْتَ فَمَوْلَايَ وَمَوْلَاهَا ". قَالَ: قَدْ رَضِيتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. " وَأَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَأَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَأَنْتَ مِنْ شَجَرَتِي الَّتِي خُلِقْتُ مِنْهَا ". قَالَ: قَدْ رَضِيتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. " وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَصَفِيِّي وَأَمِينِي ". قَالَ: رَضِيتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. " وَأَمَّا الْجَارِيَةُ ; فَأَقْضِي بِهَا لِجَعْفَرٍ تَكُونُ مَعَ خَالَتِهَا، وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ ". قَالَ: قَدْ سَلَّمْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

14936 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ، نُجَبَاءَ، وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَسَلْمَانُ، وَبِلَالٌ» ".

قُلْتُ: عَزَاهُ فِي الْأَطْرَافِ لِبَعْضِ رِوَايَاتِ التِّرْمِذِيِّ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي نُسْخَتِي.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَحْمَدُ

(*) 14 - جاء في "المجمع "(9/ 156): حماد بن عُمر.

قلت: صوابه "حماد بن عَمْرو" وذكره على الصواب في "المجمع"(9/ 317) وانظر "ميزان الإعتدال"(1/ 598) و" اللسان"(2/ 350) وغيرهما.

ص: 156

وَزَادَ: " وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ". وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَذَكَرَ فِيهِمْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ:" مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ ". وَفِيهِ كَثِيرٌ النَّوَّاءُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14937 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:«لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَسُؤْنِي قَطُّ، فَاعْرِفُوا ذَلِكَ لَهُ. يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ رَاضٍ، فَاعْرِفُوا ذَلِكَ لَهُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ، احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي، وَأَصْهَارِي، وَأَخْتَانِي، لَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ بِمَظْلِمَةٍ مِنْهُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ، ارْفَعُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَقُولُوا فِيهِ خَيْرًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14938 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، أَصْبَحُ قُرَيْشٍ وُجُوهًا، وَأَحْسَنُهَا أَخْلَاقًا، وَأَثْبَتُهَا جَنَانًا، إِنْ حَدَّثُوكَ لَمْ يَكْذِبُوكَ، وَإِنْ حَدَّثْتَهُمْ لَمْ يُكَذِّبُوكَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14939 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «خَلَوْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَيُّ أَصْحَابِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ حَتَّى أُحِبَّ مَنْ تُحِبُّ كَمَا أُحِبُّ؟ قَالَ: " اكْتُمْ عَلَيَّ يَا عُبَادَةُ حَيَاتِي ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عَلِيٌّ ". ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ إِلَّا الزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذٌ، وَأَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَأَنْتَ يَا عُبَادَةُ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَابْنُ عَفَّانَ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ مِنَ الْمَوَالِي: سَلْمَانُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، هَؤُلَاءِ خَاصَّتِي، وَكُلُّ أَصْحَابِي عَلَيَّ كَرِيمٌ، إِلَيَّ حَبِيبٌ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا ".

قَالَ: قُلْتُ: لَمْ تَذْكُرْ حَمْزَةَ وَلَا جَعْفَرًا؟ فَقَالَ عُبَادَةُ إِنَّهُمَا: كَانَا أُصِيبَا يَوْمَ سَأَلْتُ إِنَّمَا كَانَ بِأَخِرَةٍ، أَوْ كَمَا قَالَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ رَوَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، ذَكَرَهُ فِي الْمِيزَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كَلَامًا لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ لَهُ حَدِيثًا فِي الْفَضَائِلِ بَاطِلٌ، وَلَمْ أَدْرِ مَا بُطْلَانُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

14940 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: قَرَأَ الْقُرْآنَ وَوَقَفَ عِنْدَ مُتَشَابِهِهِ، وَأَحَلَّ حَلَالَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ. وَسُئِلَ عَنْ عَمَّارٍ، فَقَالَ: مُؤْمِنٌ نَسِيٌّ، إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ، وَقَدْ حُشِيَ مَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى كَعْبِهِ إِيمَانًا. وَسُئِلَ عَنْ حُذَيْفَةَ،

ص: 157

فَقَالَ: كَانَ أَعْلَمَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُنَافِقِينَ سَأَلَ عَنْهُمْ فَأُخْبَرَ بِهِمْ.

قَالُوا: فَحَدِّثْنَا: عَنْ سَلْمَانَ؟ قَالَ: أَدْرَكَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ، وَالْعِلْمَ الْآخِرَ، بَحْرٌ لَا يُنْزَحُ، مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ.

قَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ؟ قَالَ: وَعَنْ عِلْمًا ضَيَّعَهُ النَّاسُ.

قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: أَيُّهَا أَرَدْتُمْ؟ كُنْتُ إِذَا سَكَتُّ ابْتُدِيتُ، وَإِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ، وَإِنَّ بَيْنَ الذَّقْنَيْنِ لَعِلْمًا جَمًّا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14941 -

وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَرْدَانَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: كُنَّا ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ عَلِيٍّ فَوَافَقَ النَّاسُ مِنْ طِيبِ نَفْسٍ وَمِزَاجٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ. قَالَ: عَنْ أَيِّ أَصْحَابِي؟ قَالَ: عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُلُّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابِي فَعَنْ أَيِّهِمْ تَسْأَلُونَ؟ قَالُوا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَلِمَ السُّنَّةَ وَكَفَى بِذَلِكَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: " وَكَفَى بِذَلِكَ "، كَفَى الْقِرَاءَةُ الْقُرْآنَ، وَعِلْمُ السُّنَّةِ، أَوْ كَفَى بِعَبْدِ اللَّهِ؟! قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ؟ قَالَ: كَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ فَيُعْطِي وَيَمْنَعُ وَكَانَ حَرِيصًا شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ، حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ، بَحْرٌ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلَأَ.

فَقُلْنَا حَدِّثْنَا عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ؟ قَالَ: عَلِمَ أَسْمَاءَ الْمُنَافِقِينَ، وَسَأَلَ عَنْ الْمُعْضِلَاتِ حَتَّى عَقَلَ عَنْهَا، تَجِدُوهُ بِهَا عَالِمًا.

قَالَ: فَحَدِّثْنَا عَنْ سَلْمَانَ. قَالَ: مَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ امْرُؤٌ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَدْرَكَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الْآخِرَ. وَقَرَأَ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَالْكِتَابَ الْآخِرَ بَحْرًا لَا سَرَفَ. قُلْنَا: حَدِّثْنَا عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. قَالَ: امْرُؤٌ خُلِطَ الْإِيمَانُ بِلَحْمِهِ، وَدَمِهِ، وَشَعْرِهِ، وَبَشَرِهِ، حَيْثُ زَالَ زَالَ مَعَهُ، لَا يَنْبَغِي لِلنَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا. قُلْنَا: فَحَدِّثْنَا عَنْ نَفْسِكَ! قَالَ: مَهْلًا نَهَى اللَّهُ عَنِ التَّزْكِيَةِ. قَالَ لَهُ رَجُلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]. قَالَ: فَإِنِّي أُحَدِّثُ بِنِعْمَةِ رَبِّي، كُنْتُ وَاللَّهِ إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ، وَإِذَا سَكَتُّ ابْتُدِئْتُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَفِي أَحْسَنِهِمَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14942 -

وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَقَدْ عَلَّقَتْ عِنْدَهُ بُطُونُ قُرَيْشٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ مُقْبِلًا قَالَ: يَا سَعِيدُ، وَاللَّهِ لَأُلْقِيَنَّ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مَسَائِلَ يَعْيَا بِجَوَابِهَا. فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: لَيْسَ مِثْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَعْيَا بِمَسَائِلِكَ.

فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ ; كَانَ وَاللَّهِ لِلْقُرْآنِ تَالِيًا، وَعَنِ الْمَيْلِ نَائِيًا وَعَنِ الْفَحْشَاءِ سَاهِيًا، وَعَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِيًا، وَبِدِينِهِ عَارِفًا، وَمِنَ اللَّهِ خَائِفًا، وَبِاللَّيْلِ قَائِمًا، وَبِالنَّهَارِ صَائِمًا، وَمِنْ دُنْيَاهُ سَالِمًا، وَعَلَى عَدْلِ الْبَرِيَّةِ عَازِمًا، وَبِالْمَعْرُوفِ آمِرًا، وَإِلَيْهِ صَائِرًا، وَفِي الْأَحْوَالِ شَاكِرًا، وَلِلَّهِ فِي الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ ذَاكِرًا، وَلِنَفْسِهِ بِالصَّالِحِ قَاهِرًا. فَاقَ أَصْحَابَهُ وَرَعًا، وَكَفَافًا، وَزُهْدًا، وَعَفَافًا، وَبِرًّا، وَحِيَاطَةً، وَزَهَادَةً، وَكَفَاءَةً، فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ ثَلَبَهُ اللَّعَائِنَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا تَقُولُ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَفْصٍ ; كَانَ وَاللَّهِ حَلِيفَ الْإِسْلَامِ، وَمَأْوَى الْأَيْتَامِ، وَمَحَلَّ الْإِيمَانِ، وَمَلَاذَ الضُّعَفَاءِ، وَمَعْقِلَ الْحُنَفَاءِ. لِلْخَلْقِ حِصْنًا، وَلِلْبَأْسِ عَوْنًا. قَامَ بِحَقِّ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ الدِّينَ وَفَتَحَ الدِّيَارَ، وَذُكِرَ اللَّهُ فِي الْأَقْطَارِ وَالْمَنَاهِلِ وَعَلَى التِّلَالِ، وَفِي الضَّوَاحِي وَالْبِقَاعِ. وَعِنْدَ الْخَنَا وَقُورًا، وَفِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ شَكُورًا، وَلِلَّهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ ذَكُورًا، فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ يُبْغِضُهُ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الْحَسْرَةِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؟ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَمْرٍو ; كَانَ وَاللَّهِ أَكْرَمَ الْحَفَدَةِ، وَأَوْصَلَ الْبَرَرَةِ، وَأَصْبَرَ الْغُزَاةِ. هَجَّادًا

ص: 158

بِالْأَسْحَارِ، كَثِيرَ الدُّمُوعِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ، دَائِمَ الْفِكْرِ فِيمَا يَعْنِيهِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، نَاهِضًا إِلَى كُلِّ مَكْرُمَةٍ، يَسْعَى إِلَى كُلِّ مَنْجَبَةٍ، فَرَّارًا مِنْ كُلِّ مُوبِقَةٍ. وَصَاحِبَ الْجَيْشِ وَالْبِئْرِ، وَخَتَنَ الْمُصْطَفَى عَلَى ابْنَتَيْهِ، فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ سَبَّهُ النَّدَامَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا تَقُولُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ ; كَانَ وَاللَّهِ عَلَمَ الْهُدَى، وَكَهْفَ التُّقَى، وَمَحَلَّ الْحِجَا، وَطَوْدَ النُّهَى، وَنُورَ السُّرَى فِي ظُلَمِ الدُّجَى. دَاعِيًا إِلَى الْمَحَجَّةِ الْعُظْمَى، عَالِمًا بِمَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى، وَقَائِمًا بِالتَّأْوِيلِ وَالذِّكْرَى، مُتَعَلِّقًا بِأَسْبَابِ الْهُدَى، وَتَارِكًا لِلْجَوْرِ وَالْأَذَى، وَحَائِدًا عَنْ طُرُقَاتِ الرَّدَى، وَخَيْرَ مَنْ آمَنَ وَاتَّقَى، وَسَيِّدَ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَى، وَأَفْضَلَ مَنْ حَجَّ وَسَعَى، وَأَسْمَحَ مَنْ عَدَلَ وَسَوَّى، وَأَخْطَبَ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَّا الْأَنْبِيَاءَ وَالنَّبِيَّ الْمُصْطَفَى. وَصَاحِبَ الْقِبْلَتَيْنِ، فَهَلْ يُوَازِيهِ مُوَحِّدٌ؟ وَزَوْجُ خَيْرُ النِّسَاءِ، وَأَبُو السِّبْطَيْنِ، لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ، وَلَا تَرَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاللِّقَاءِ. مَنْ لَعَنَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْعِبَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ; كَانَا وَاللَّهِ عَفِيفَيْنِ، بَرَّيْنِ، مُسْلِمَيْنِ، طَاهِرَيْنِ، مُتَطَهِّرَيْنِ، شَهِيدَيْنِ، عَالِمَيْنِ، زَلَّا زَلَّةً وَاللَّهُ غَافِرٌ لَهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالنُّصْرَةِ الْقَدِيمَةِ، وَالصُّحْبَةِ الْقَدِيمَةِ، وَالْأَفْعَالِ الْجَمِيلَةِ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا تَقُولُ فِي الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْفَضْلِ، كَانَ وَاللَّهِ صِنْوَ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُرَّةَ عَيْنِ صَفِيِّ اللَّهِ، كَهْفَ الْأَقْوَامِ، وَسَيِّدَ الْأَعْمَامِ، قَدْ عَلَا، بَصِرًا بِالْأُمُورِ، وَنَظَرًا بِالْعَوَاقِبِ، قَدْ زَانَهُ عِلْمٌ قَدْ تَلَاشَتِ الْأَحْسَابُ عِنْدَ ذِكْرِ فَضِيلَتِهِ، وَتَبَاعَدَتِ الْأَنْسَابُ عِنْدَ فَخْرِ عَشِيرَتِهِ، وَلِمَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ سَاسَهُ أَكْرَمُ مَنْ دَبَّ وَهَبَّ عَبْدُ الْمُطَّلَبِ، أَفْخَرُ مَنْ مَشَى مِنْ قُرَيْشٍ وَرَكِبَ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَلِمَ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا؟ قَالَ: بِدَابَّةٍ تَكُونُ فِي الْبَحْرِ هِيَ أَعْظَمُ دَوَابِّ الْبَحْرِ خَطَرًا، لَا تَظْفَرُ بِشَيْءٍ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ إِلَّا أَكَلَتْهُ، فَسُمِّيَتْ قُرَيْشٌ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ الْعَرَبِ فِعَالًا. قَالَ: هَلْ تَرْوِي فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ فَأَنْشَدَ قَوْلَ الْجُمَحِيِّ:

وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ الْبَحْرَ

بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا

تَأْكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَلَا تَتْ

رُكُ فِيهَا لِذِي جَنَاحَيْنِ رِيشَا

هَكَذَا كَانَ فِي الْكِتَابِ حَيٌّ قُرَيْشٍ

يَأْكُلُ الْبِلَادَ أَكْلًا حَشِيشَا

ص: 159

وَلَهُمْ آخِرَ الزَّمَانِ نَبِيٌّ

يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْخُمُوشَا

تَمْلَأُ الْأَرْضَ خَيْلُهُ وَرِجَالٌ

يَحْشُرُونَ الْمَطِيَّ حَشْرًا كَمِيشَا.

قَالَ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَشْهَدُ أَنَّكَ لِسَانُ أَهْلِ بَيْتِكَ. فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: مَا كَلَّمْتُهُ قَطُّ إِلَّا وَجَدْتُهُ مُسْتَعِدًّا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14943 -

وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: شَامَمْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ إِلَى: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.

ثُمَّ شَامَمْتُ السِّتَّةَ، فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْقَاسِمِ بْنِ مَعِينٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14944 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: كَانَ الْعُلَمَاءَ بَعْدَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ. وَكَانَ الْعُلَمَاءَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. وَكَانَ بَعْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عُمَرَ: عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي فَضْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَغَيْرُهُمَا رضي الله عنهم قَبْلَ مَنَاقِبِ عُمَرَ، وَبَعْدَ مَنَاقِبَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما.

14945 -

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَمَا عَلْمُ أَبِي سَعِيدٍ وَأَنَسٍ بِأَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا كَانَا غُلَامَيْنِ صَغِيرَيْنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، إِلَّا أَنَّ هِشَامًا لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ رضي الله عنهم]

14946 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ عَمِيَ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اخْطُطْ لِي فِي دَارِي مَسْجِدًا لِأُصَلِّيَ فِيهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ، فَتَغَيَّبَ رَجُلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ ". فَذَكَرَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ ". قَالُوا: نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَلَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ; فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

14947 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ جَازَ الْعَقَبَةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ.

14948 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ

ص: 160

الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: " لَا تُوقِدُوا نَارًا بِلَيْلٍ ". فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: " أَوْقِدُوا وَاصْطَنِعُوا ; فَإِنَّهُ لَنْ يُدْرِكَ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ مُدَّكُمْ وَلَا صَاعَكُمْ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

14949 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ خِدَاشِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14950 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: وَيَأْتِي بَابٌ فِي فَضْلِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي أَوَاخِرِ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم.

[بَابُ فَضْلِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

14951 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَتْ سُرِّيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمُّ إِبْرَاهِيمَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهَا، وَكَانَ قِبْطِيٌّ يَأْوِي إِلَيْهَا، وَيَأْتِيهَا بِالْمَاءِ وَالْحَطَبِ، فَقَالَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ: عِلْجٌ يَأْوِي إِلَى عِلْجَةٍ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ، فَانْطَلَقَ فَوَجَدَهُ عَلَى نَخْلَةٍ، فَلَمَّا رَأَى الْقِبْطِيُّ السَّيْفَ مَعَ عَلِيٍّ وَقَعَ، فَأَلْقَى الْكِسَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ، فَاقْتَحَمَ فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِذَا أَمَرْتَ أَحَدَنَا بِأَمْرٍ ثُمَّ رَأَيْتَ غَيْرَ ذَلِكَ، أَيُرَاجِعُكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى مِنْ أَمْرِ الْقِبْطِيِّ. قَالَ: فَوَلَدَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ إِبْرَاهِيمَ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فِي شَكٍّ حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ، فَاطْمَأَنَّ إِلَى ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14952 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ إِبْرَاهِيمَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ أُمِّ وَلَدِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا نَسِيبًا لَهَا كَانَ قَدِمَ مَعَهَا مِنْ مِصْرَ، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ إِبْرَاهِيمَ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، وَإِنَّهُ رَضِيَ لِمَكَانِهِ مِنْ أُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجُبَّ نَفْسَهُ، فَقَطَعَ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ حَتَّى لَمْ يُبْقِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِبْرَاهِيمَ، فَوَجَدَ قَرِيبَهَا عِنْدَهَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَمَا يَقَعُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، فَرَجَعَ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ، فَلَقِيَ عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ قَرِيبِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، فَأَخَذَ السَّيْفَ، وَأَقْبَلَ يَسْعَى حَتَّى دَخَلَ عَلَى

ص: 161

مَارِيَةَ، فَوَجَدَ قَرِيبَهَا ذَلِكَ عِنْدَهَا، فَأَهْوَى إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ لِيَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُ كَشَفَ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عُمَرُ، إِنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم أَتَانِي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ بَرَّأَهَا وَقَرِيبَهَا مِمَّا وَقَعَ فِي نَفْسِي، وَبَشَّرَنِي أَنَّ فِي بَطْنِهَا غُلَامًا مِنِّي، وَأَنَّهُ أَشْبَهُ الْخَلْقِ بِي، وَأَمَرَنِي أَنْ أُسَمِّيَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَنَّانِي بِأَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَلَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُحَوِّلَ كُنْيَتِيَ الَّتِي عُرِفْتُ بِهَا لَتَكَنَّيْتُ بِأَبِي إِبْرَاهِيمَ، كَمَا كَنَّانِي جِبْرِيلُ عليه السلام».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14953 -

وَعَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قُلْتُ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، لَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14954 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ قَالَ فِي ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ: " إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْهُ، وَلَا يَرْوِي عَنْهُ شُعْبَةُ كَذِبًا، وَقَدْ صَحَّ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ.

14955 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَقِيلَ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: نَعَمْ، مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صلى الله عليه وسلم.

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ ذِكْرِ الشَّبَهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ عُبَيْدِ بْنِ جُنَادٍ الْحَلَبِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

14956 -

«وَعَنْ سِيرِينَ قَالَتْ: حَضَرْتُ مَوْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنْتُ كُلَّمَا صِحْتُ وَأُخْتِي صَاحَ النِّسَاءُ وَلَا يَنْهَانَا، فَلَمَّا مَاتَ نَهَانَا عَنِ الصِّيَاحِ، وَحَمَلَهُ إِلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، وَالْعَبَّاسُ إِلَى جَنْبِهِ، وَنَزَلَ فِي الْقَبْرِ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَنَا أَبْكِي عِنْدَ قَبْرِهِ، فَمَا نَهَانِي، وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهَا لَا تَنْكَسِفُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ". وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فُرْجَةً فِي الْقَبْرِ، فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُسَدَّ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَنْفَعُهُ؟ فَقَالَ: " أَمَا إِنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ، وَلَكِنْ يَقَرُّ بِعَيْنِ الْحَيِّ ". وَمَاتَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا الْوَاقِدِيُّ، وَفِي الْآخَرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَكِلَاهُمَا مَتْرُوكٌ.

[بَابُ فِي فَضْلِ أَهْلِ الْبَيْتِ رضي الله عنهم]

14957 -

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ

ص: 162

- عز وجل حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَوْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ - وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

14958 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي خَلَّفْتُ فِيكُمُ اثْنَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا أَبَدًا: كِتَابَ اللَّهِ وَنَسَبِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطِّلْحِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14959 -

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي مَقْبُوضٌ، وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ - يَعْنِي كِتَابَ اللَّهِ وَأَهْلَ بَيْتِي - وَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا، وَإِنَّهُ لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْتَغَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا تُبْتَغَى الضَّالَّةُ فَلَا تُوجَدُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْحَارِثُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14960 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، انْصَرَفَ إِلَى الطَّائِفِ، حَاصَرَهَا سَبْعَ عَشْرَةَ - أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ - ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أُوصِيكُمْ بِعِتْرَتِي خَيْرًا، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُقِيمُنَّ الصَّلَاةَ، وَلَتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ، أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا مِنِّي - أَوْ كَنَفْسِي - يَضْرِبُ أَعْنَاقَكُمْ ". ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: " هَذَا» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ طَلْحَةُ بْنُ جَبْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14961 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اخْلُفُونِي فِي أَهْلِ بَيْتِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14962 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ: كِتَابُ اللَّهِ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي إِسْنَادِهِ رِجَالٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ.

14963 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجُحْفَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" إِنِّي لَا أَجِدُ لِنَبِيٍّ إِلَّا نِصْفَ عُمُرِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ ". قَالُوا: نَصَحْتَ قَالَ: " أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ؟ ". قَالُوا: نَشْهَدُ، قَالَ: فَرَفَعَ يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَنَا أَشْهَدُ مَعَكُمْ ". ثُمَّ قَالَ: " أَلَا تَسْمَعُونَ؟ ". قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: " فَإِنِّي فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ، وَأَنْتُمْ وَارِدُونَ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ عَرْضَهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَبُصْرَى، فِيهِ أَقْدَاحٌ عَدَدَ النُّجُومِ مِنْ فِضَّةٍ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِي الثَّقَلَيْنِ ". فَنَادَى مُنَادٍ: وَمَا

ص: 163

الثَّقَلَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " كِتَابُ اللَّهِ، طَرَفٌ بِيَدِ اللَّهِ عز وجل وَطَرَفٌ بِأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ لَا تَضِلُّوا، وَالْآخَرُ عَشِيرَتِي، وَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ نَبَّأَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَسَأَلْتُ ذَلِكَ لَهُمَا رَبِّي، فَلَا تَقَدَّمُوهُمَا فَتَهْلَكُوا، وَلَا تَقْصِرُوا عَنْهُمَا فَتَهْلَكُوا، وَلَا تَعْلَمُوهُمَا فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ ". ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَالَ: " مَنْ كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ».

14964 -

وَفِي رِوَايَةٍ أَخْصَرَ مِنْ هَذِهِ: " «فِيهِ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ مِنْ قِدْحَانِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» ".

وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: " «الْأَكْبَرُ: كِتَابُ اللَّهِ، وَالْأَصْغَرُ: عِتْرَتِي» ".

14965 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَنَزَلَ غَدِيرَ خُمٍّ، أَمَرَ بِدَوْحَاتٍ فَقُمِّمْنَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ:" كَأَنِّي قَدْ دُعِيتُ فَأَجَبْتُ ".

وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَقُلْتُ لِزَيْدٍ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: مَا كَانَ فِي الدَّوْحَاتِ أَحَدٌ إِلَّا رَآهُ بِعَيْنَيْهِ، وَسَمِعَهُ بِأُذُنَيْهِ صلى الله عليه وسلم» -.

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْهُ:" «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» ".

وَفِي سَنَدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي: حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14966 -

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: «لَمَّا صَدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، نَهَى أَصْحَابَهُ عَنْ سَمُرَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَنْزِلُوا تَحْتَهُنَّ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِنَّ، فَقُمَّ مَا تَحْتَهُنَّ مِنَ الشَّوْكِ، وَعَمَدَ إِلَيْهِنَّ فَصَلَّى عِنْدَهُنَّ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أَنَّهُ لَمْ يُعَمَّرْ نَبِيٌّ إِلَّا نِصْفَ عُمُرِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَإِنِّي لَأَظُنُّ يُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ، وَإِنِّي مَسْئُولٌ وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ، فَمَاذَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ ". قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَجَهَدْتَ، وَنَصَحْتَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. قَالَ:" أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ جَنَّتَهُ حَقٌّ، وَنَارَهُ حَقٌّ، وَأَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ؟ ". قَالُوا: بَلَى، نَشْهَدُ بِذَلِكَ. قَالَ:" اللَّهُمَّ اشْهَدْ ". ثُمَّ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ مَوْلَايَ، وَأَنَا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَا أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ ". - يَعْنِي عَلِيًّا رضي الله عنه " اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ". ثُمَّ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي فَرَطٌ وَأَنْتُمْ وَارِدُونَ عَلَى الْحَوْضِ، حَوْضٌ أَعْرَضُ مَا بَيْنَ بُصْرَى إِلَى صَنْعَاءَ، فِيهِ عَدَدُ النُّجُومِ قِدْحَانُ مِنْ فِضَّةٍ، وَإِنِّي سَائِلُكُمْ حِينَ تَرِدُونَ عَلَيَّ عَنِ الثَّقَلَيْنِ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي

ص: 164

فِيهِمَا الثَّقَلُ الْأَكْبَرُ: كِتَابُ اللَّهِ عز وجل سَبَبٌ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ عز وجل وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، لَا تَضِلُّوا وَلَا تُبَدِّلُوا. وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، فَإِنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أَنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحَدِ الْإِسْنَادَيْنِ ثِقَاتٌ.

14967 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَكَاتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، فَإِذَا فَاطِمَةُ رضي الله عنها عِنْدَ رَأْسِهِ. قَالَ: فَبَكَتْ حَتَّى ارْتَفَعَ صَوْتُهَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرْفَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: " حَبِيبَتِي فَاطِمَةُ، مَا الَّذِي يُبْكِيكِ؟ ". فَقَالَتْ: أَخْشَى الضَّيْعَةَ بَعْدَكَ، فَقَالَ: " يَا حَبِيبَتِي، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً، فَاخْتَارَ مِنْهَا أَبَاكِ، فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلَاعَةً، فَاخْتَارَ مِنْهَا بَعْلَكِ، وَأَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أُنْكِحَكِ إِيَّاهُ يَا فَاطِمَةُ، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَعْطَانَا اللَّهُ سَبْعَ خِصَالٍ لَمْ تُعْطَ لِأَحَدٍ قَبْلَنَا، وَلَا تُعْطَى أَحَدًا بَعْدَنَا: أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَأَكْرَمُ النَّبِيِّينَ عَلَى اللَّهِ، وَأَحَبُّ الْمَخْلُوقِينَ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَأَنَا أَبُوكِ، وَوَصِيِّي خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ عَمُّكِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَمُّ بَعْلِكِ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَانِ أَخْضَرَانِ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيكِ وَأَخُو بَعْلِكِ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ خَيْرٌ مِنْهُمَا. يَا فَاطِمَةُ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجًا وَمَرَجًا، وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَأَغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا كَبِيرَ يَرْحَمُ صَغِيرًا، وَلَا صَغِيرَ يُوَقِّرُ كَبِيرًا، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عز وجل عِنْدَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَنْ يَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلَالَةِ، وَقُلُوبًا غُلْفًا، يَقُومُ بِالدِّينِ آخِرَ الزَّمَانِ كَمَا قُمْتُ بِهِ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ، وَيَمْلَأُ الدُّنْيَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا. يَا فَاطِمَةُ، لَا تَحْزَنِي وَلَا تَبْكِي ; فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل أَرْحَمُ بِكِ، وَأَرْأَفُ عَلَيْكِ مِنِّي، وَذَلِكَ لِمَكَانِكِ مِنْ قَلْبِي، وَزَوَّجَكِ اللَّهُ زَوْجًا وَهُوَ أَشْرَفُ أَهْلِ بَيْتِكِ حَسَبًا، وَأَكْرَمُهُمْ مَنْصِبًا، وَأَرْحَمُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ، وَأَعْدَلُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَأَبْصَرُهُمْ بِالْقَضِيَّةِ، وَقَدْ سَأَلْتُ رَبِّي عز وجل أَنْ تَكُونِي أَوَّلَ مَنْ يَلْحَقُنِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِي» .

قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: «فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ

ص: 165

- صلى الله عليه وسلم لَمْ تَبْقَ فَاطِمَةُ رضي الله عنها بَعْدَهُ إِلَّا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْمًا، حَتَّى أَلْحَقَهَا اللَّهُ عز وجل بِهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْهَيْثَمُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

14968 -

عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ: " نَبِيُّنَا خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ أَبُوكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ، وَهُوَ عَمُّ أَبِيكِ حَمْزَةُ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَانِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيكِ جَعْفَرٌ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ: الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنِ، وَهُمَا ابْنَاكِ، وَمِنَّا الْمَهْدِيُّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

14969 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي يَوْمًا، إِذْ قَالَتِ الْخَادِمُ: إِنَّ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ بِالسُّدَّةِ.

قَالَتْ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قُومِي، فَتَنَحَّيْ لِي عَنْ أَهْلِ بَيْتِي ". قَالَتْ: فَقُمْتُ فَتَنَحَّيْتُ فِي الْبَيْتِ قَرِيبًا، فَدَخَلَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَمَعَهُمَا ابْنَاهُمَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُمَا صَبِيَّانِ صَغِيرَانِ، فَأَخَذَ الصَّبِيَّيْنِ، فَوَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ فَقَبَّلَهُمَا، وَاعْتَنَقَ عَلِيًّا بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَفَاطِمَةَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى، فَقَبَّلَ فَاطِمَةَ وَقَبَّلَ عَلِيًّا، فَأَغْدَقَ عَلَيْهِمْ خَمِيصَةً سَوْدَاءَ، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ إِلَيْكَ لَا إِلَى النَّارِ، أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي ". قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " وَأَنْتِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ.

14970 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ: " ائْتِنِي بِزَوْجِكِ وَابْنَيْكِ ". فَجَاءَتْ بِهِمْ، فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِسَاءً كَانَ تَحْتِي خَيْبَرِيًّا أَصَبْنَاهُ مِنْ خَيْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ آلُ مُحَمَّدٍ عليه السلام فَاجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا جَعَلْتَهَا عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارِ الصَّلَاةِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرِّفَاعِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14971 -

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَرِّكَةً الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، فِي يَدِهَا بُرْمَةٌ لِلْحَسَنِ فِيهَا سَخِينٌ، حَتَّى أَتَتْ بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قُدَّامَهُ قَالَ لَهَا: " أَيْنَ أَبُو حَسَنٍ؟ ". قَالَتْ: فِي الْبَيْتِ، فَدَعَاهُ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَأْكُلُونَ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَمَا سَامَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا أَكَلَ طَعَامًا قَطُّ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ إِلَّا سَامَنِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ - تَعْنِي سَامَنِي: دَعَانِي إِلَيْهِ - فَلَمَّا فَرَغَ، الْتَفَّ عَلَيْهِمْ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ عَادِ مَنْ عَادَاهُمْ، وَوَالِ مَنْ وَالَاهُمْ» .

رَوَاهُ أَبُو

ص: 166

يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

14972 -

وَعَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ، فَذَكَرُوا عَلِيًّا رضي الله عنه فَلَمَّا قَامُوا قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَتَيْتُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَسْأَلُهَا عَنْ عَلِيٍّ، قَالَتْ: تَوَجَّهَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ، حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، أَخَذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدٍ، حَتَّى دَخَلَ فَأَدْنَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ، وَأَجْلَسَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذٍ، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ أَوْ كِسَاءَهُ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ، وَزَادَ:" «إِلَيْكَ لَا إِلَى النَّارِ» ". وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، سَيِّئُ الْحِفْظِ، رَجُلٌ صَالِحٌ فِي نَفْسِهِ.

14973 -

وَعَنْ أَبِي عَمَّارٍ أَيْضًا قَالَ: «إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، إِذْ ذَكَرُوا عَلِيًّا فَشَتَمُوهُ، فَلَمَّا قَامُوا قَالَ: اجْلِسْ أُخْبِرْكَ عَنِ الَّذِي شَتَمُوا؛ إِنِّي عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ رضي الله عنهم فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ كِسَاءً لَهُ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا؟ قَالَ: " وَأَنْتَ ". قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوْثَقُ عَمَلِي فِي نَفْسِي» .

14974 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّهَا لَأَرْجَى مَا أَرْجُو» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ السِّيَاقِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ كُلْثُومِ بْنِ زِيَادٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

14975 -

وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: «خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ عَلِيًّا، فَقِيلَ لِي: هُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّمْتُ إِلَيْهِمْ، فَأَجِدُهُمْ فِي حَظِيرَةٍ مِنْ قَصَبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ قَدْ جَمَعَهُمْ تَحْتَ ثَوْبٍ، قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنَّكَ جَعَلْتَ صَلَوَاتِكَ، وَرَحْمَتَكَ، وَمَغْفِرَتَكَ، وَرِضْوَانَكَ، عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الرَّحَبِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14976 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خَمْسَةٍ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]: فِيَّ، وَفِي عَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ، وَحَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ بَكْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبَّانٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14977 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، فَعَدَّهُمْ فِي يَدِهِ، فَقَالَ: خَمْسَةٌ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ» .

وَقَالَ أَبُو

ص: 167

سَعِيدٍ: فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14978 -

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَ فِيهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ، وَمَنْ قَاتَلَنَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَمَنْ قَاتَلَ مَعَ الدَّجَّالِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِي إِسْنَادِ الْبَزَّارِ: الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَفْرِيُّ، وَفِي إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاهِرٍ، وَهُمَا مَتْرُوكَانِ.

14979 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ ; مَنْ رَكِبَ فِيهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

14980 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ ; مَنْ رَكِبَهَا سَلِمَ، وَمَنْ تَرَكَهَا غَرِقَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ لَيِّنٌ.

14981 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُمْ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ ; مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُمْ مَثَلُ بَابِ حِطَّةٍ فِي إِسْرَائِيلَ ; مَنْ دَخْلَهُ غُفِرَ لَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14982 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ قَرَابَتُكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ؟ قَالَ: عَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَابْنَاهُمَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ، وَقَدْ وُثِّقُوا.

14983 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ لِلَّهِ عز وجل حُرُمَاتٍ ثَلَاثًا، مَنْ حَفِظَهُنَّ حَفِظَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْهُنَّ لَمْ يَحْفَظِ اللَّهُ لَهُ شَيْئًا: حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ، وَحُرْمَتِي، وَحُرْمَةُ رَحِمِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14984 -

«وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، فَحَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَحَمَلَ حَسَنًا مِنْ شِقٍّ، وَحُسَيْنًا مِنْ شِقٍّ، وَفَاطِمَةُ فِي حِجْرِهِ، فَقَالَ: " رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14985 -

وَعَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي بَابَ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَيَقُولُ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى، وَهُوَ

ص: 168

ضَعِيفٌ.

14986 -

وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَتَى بَابَ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: " الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: 33]» . الْآيَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسَلِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

14987 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى بَابِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَرْبَعِينَ صَبَاحًا بَعْدَمَا دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14988 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ بَسَطَ شَمْلَةً، فَجَلَسَ عَلَيْهَا هُوَ وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، ثُمَّ أَخَذَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمَجَامِعِهِ فَعَقَدَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْهُمْ كَمَا أَنَا عَنْهُمْ رَاضٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عُبَيْدِ بْنِ طُفَيْلٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، كُنْيَتُهُ: أَبُو سِيدَانَ.

14989 -

«وَعَنْ صُبَيْحٍ قَالَ: كُنْتُ بِبَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ عَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، فَجَلَسُوا نَاحِيَةً، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا، فَقَالَ: " إِنَّكُمْ عَلَى خَيْرٍ ". وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ خَيْبَرِيٌّ، فَجَلَّلَهُمْ بِهِ، وَقَالَ: " أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

14990 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَفَاطِمَةَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فَقَالَ: " أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

14991 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى الْمَنَامَةِ، فَاسْتَسْقَى الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى شَاةٍ لَنَا بَكِيءٌ، فَحَلَبَهَا فَدَرَّتْ، فَجَاءَ الْحَسَنُ فَنَحَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: كَأَنَّهُ أَحَبُّهُمَا إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنَّهُ اسْتَسْقَى قَبْلَهُ ". ثُمَّ قَالَ: " إِنِّي وَإِيَّاكِ وَهَذَيْنِ وَهَذَا الرَّاقِدَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، نِيَامٌ فِي لِحَافٍ - أَوْ فِي شِعَارٍ - فَاسْتَسْقَى الْحَسَنُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِنَاءٍ لَنَا، فَصَبَّ فِي الْقَدَحِ، فَجَاءَ بِهِ، فَوَثَبَ الْحُسَيْنُ، فَقَالَ بِيَدِهِ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: كَأَنَّهُ أَحَبُّهُمَا إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " إِنَّهُ اسْتَسْقَى

ص: 169

قَبْلَهُ، وَإِنِّي وَإِيَّاكِ، وَهَذَيْنِ، وَهَذَا الرَّاقِدَ، فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«فَقَامَ إِلَى قِرْبَةٍ لَنَا، فَجَعَلَ يُمَصِّرُهَا فِي الْقَدَحِ، وَقَالَ: " إِنَّهُمَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ» .

وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ، وَفِي إِسْنَادِ أَحْمَدَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

14992 -

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «قُلْنَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: حَدِّثْنَا بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأَيْتَ مِنْهُ، وَلَا تُحَدِّثْنَا عَنْ غَيْرِكَ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ عَوْرَةٌ» .

14993 -

وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ» ".

14994 -

وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «شِرَارُ أُمَّتِيَ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي النَّعِيمِ وَغُذُّوا بِهِ ; يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ أَلْوَانًا، يَتَشَدَّقُونَ فِي الْكَلَامِ» ".

14995 -

وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «يَا بَنِي هَاشِمٍ، إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ اللَّهَ لَكُمْ أَنْ يَجْعَلَكُمْ نُجَبَاءَ رُحَمَاءَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّكُمْ، وَيُؤَمِّنَ خَائِفَكُمْ، وَيُشْبِعَ جَائِعَكُمْ» ".

14996 -

«وَرَأَيْتُ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِثَّاءً، وَفِي شِمَالِهِ رَطَبَاتٍ، وَهُوَ يَأْكُلُ مِنْ ذَا مَرَّةٍ، وَمِنْ ذَا مَرَّةٍ» .

14997 -

«وَأُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةً وَأَرْغِفَةً، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَأْكُلُونَ» .

14998 -

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " «عَلَيْكُمْ بِلَحْمِ الظَّهْرِ ; فَإِنَّهُ مِنْ أَطْيَبِهِ» ".

14999 -

«وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]» .

15000 -

وَكَانَ مَهْرُ فَاطِمَةَ بِدْنَ حَدِيدٍ.

15001 -

وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ، فَلَمَّا رَأَوْنِي سَكَتُوا ; وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ يُبْغِضُونَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَوَقَدْ فَعَلُوهَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّكُمْ، أَيَرْجُونَ أَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِي، وَلَا يَرْجُوهَا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ!» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ أَكْلُ الْقِثَّاءِ بِالرُّطَبِ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْهُ:" «أَطْيَبُ اللَّحْمِ لَحْمُ الظَّهْرِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَصْرَمُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15002 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّكُمْ بِحُبِّي» ".

رَوَاهَا فِي الصَّغِيرِ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ.

15003 -

وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: «أَقَامَ رِجَالٌ خُطَبَاءَ يَسُبُّونَ عَلِيًّا، حَتَّى كَانَ آخِرُهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أُنَيْسٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى

ص: 170

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنِّي لَأَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ ".

وَايْمُ اللَّهِ! مَا أَحَدٌ أَوْصَلُ لِرَحِمِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَيَرْجُوهَا غَيْرَهُ وَيُقَصِّرُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15004 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَعَلِيٌّ نَائِمٌ، وَهِيَ مُضْطَجِعَةٌ، وَابْنَاهُمَا إِلَى جَنْبِهِمَا، فَاسْتَسْقَى الْحَسَنُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى لِقْحَةٍ لَهُمْ، فَحَلَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى بِهِ، فَاسْتَيْقَظَ الْحُسَيْنُ، فَجَعَلَ يُعَالِجُ أَنْ يَشْرَبَ قَبْلَهُ حَتَّى بَكَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَخَاكَ اسْتَسْقَى قَبْلَكَ ". فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: كَأَنَّ الْحَسَنَ آثَرُ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: " مَا هُوَ بِآثَرَ عِنْدِي مِنْهُ، وَإِنَّهُمَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنِّي وَإِيَّاكِ، وَهَمَا، وَهَذَا النَّائِمَ لَفِي مَكَانٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

15005 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، فَحَدَّثَتْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَفَاطِمَةُ، فَجَعَلَ الْحَسَنَ مِنْ شِقٍّ وَالْحُسَيْنَ مِنْ شِقٍّ، وَفَاطِمَةُ فِي حِجْرِهِ، وَقَالَ: " رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ". وَأَنَا وَأُمُّ سَلَمَةَ جَالِسَتَيْنِ، فَبَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ؟ ". فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَصَصْتَ هَؤُلَاءِ، وَتَرَكْتَنِي أَنَا وَابْنَتِي. فَقَالَ: " أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارٍ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ لَيِّنٌ.

15006 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: أَنْ يُثَبِّتَ قَائِمَكُمْ، وَيُعَلِّمَ جَاهِلَكُمْ، وَيَهْدِيَ ضَالَّكُمْ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَجْعَلَكُمْ نُجَدَاءَ نَجْدَاءَ رُحَمَاءَ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا صَفَنَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَصَلَّى وَصَامَ، ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ مُبْغِضٌ لِآلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ النَّارَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْغَلَّابِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَهَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ إِذَا رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ، فَإِنَّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْمَجَاهِيلِ بَعْضَ الْمَنَاكِيرِ. قُلْتُ: رَوَى هَذَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ

ص: 171

حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ.

15007 -

وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْزَمُوا مَوَدَّتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ; فَإِنَّهُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ عز وجل وَهُوَ يَوَدُّنَا دَخَلَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْفَعُ عَبْدًا عَمَلُهُ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ حَقِّنَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَغَيْرُهُ.

15008 -

«وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةَ بْنِ خَدِيجٍ، إِيَّاكَ وَبُغْضَنَا ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يُبْغِضُنَا وَلَا يَحْسُدُنَا أَحَدٌ إِلَّا ذِيدَ عَنِ الْحَوْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِيَاطٍ مِنْ نَارٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْوَاقِفِيُّ (*)، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15009 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَبْغَضَنَا - أَهْلَ الْبَيْتِ - حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَهُودِيًّا ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: " وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، احْتَجَرَ بِذَلِكَ مِنْ سَفْكِ دَمِهِ، وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ. مُثِّلَ لِي أُمَّتِي فِي الطِّينِ، فَمَرَّ بِي أَصْحَابُ الرَّايَاتِ فَاسْتَغْفَرْتُ لَعَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15010 -

وَعَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حِينَ قُتِلَ عَلِيٌّ اسْتُخْلِفَ، فَبَيْنَا هُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِذْ وَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَطَعَنَهُ بِخِنْجَرٍ فِي وَرِكِهِ، فَتَمَرَّضَ مِنْهَا أَشْهُرًا، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، اتَّقُوا اللَّهَ فِينَا ; فَإِنَّا أُمَرَاؤُكُمْ وَضِيفَانُكُمْ، وَنَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. فَمَا زَالَ يَوْمَئِذٍ يَتَكَلَّمُ حَتَّى مَا تَرَى فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَاكِيًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15011 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «بُغْضُ بَنِي هَاشِمٍ وَالْأَنْصَارِ كُفْرٌ، وَبُغْضُ الْعَرَبِ نِفَاقٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15012 -

وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: أَنْزِلُوا آلَ مُحَمَّدٍ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَبِمَنْزِلَةِ الْعَيْنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ ; فَإِنَّ الْجَسَدَ لَا يَهْتَدِي إِلَّا بِالرَّأْسِ، وَإِنَّ الرَّأْسَ لَا يَهْتَدِي إِلَّا بِالْعَيْنَيْنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15013 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ ذُرِّيَّةَ كُلِّ نَبِيٍّ فِي صُلْبِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ ذَرِّيَّتِي فِي صُلْبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه» - ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15014 -

وَعَنْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «كُلُّ

(*) 32 - جاء في "المجمع"(9/ 172): عبد الله بن عمر الواقفي.

قلت: صوابه "عبد الله بن عمر الواقعي" بالعين وهكذا في "المشتبه " للذهبي (ص 544).

ص: 172

بَنِي أُمٍّ يَنْتَمُونَ إِلَى عُصْبَةٍ إِلَّا وَلَدَ فَاطِمَةَ ; فَأَنَا وَلِيُّهُمْ، وَأَنَا عُصْبَتُهُمْ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ شَيْبَةُ بْنُ نَعَامَةَ وَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.

15015 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ الْعَبَّاسُ يَعُودُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ، فَرَفَعَهُ فَأَجْلَسَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " رَفَعَكَ اللَّهُ يَا عَمِّ ". فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: هَذَا عَلِيٌّ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: " يَدْخُلُ ". فَدَخَلَ وَمَعَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: هَؤُلَاءِ وَلَدُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " وَهُمْ وَلَدُكَ يَا عَمِّ ". قَالَ: أَتُحِبُّهُمَا؟ قَالَ: " أَحَبَّكَ اللَّهُ كَمَا أَحْبَبْتُهُمَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْحَجَرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15016 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَنَا أَمْ فَاطِمَةُ؟ قَالَ: " فَاطِمَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَعَزُّ مِنْهَا، وَكَأَنِّي بِكَ وَأَنْتَ عَلَى حَوْضِي تَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ، وَإِنَّ عَلَيْهِ الْأَبَارِيقَ مِثْلُ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَإِنِّي وَأَنْتَ، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَفَاطِمَةَ، وَعَقِيلًا، وَجَعْفَرًا، فِي الْجَنَّةِ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، أَنْتَ مَعِي وَشِيعَتُكَ فِي الْجَنَّةِ ". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) لَا يَنْظُرُ أَحَدٌ فِي قَفَا صَاحِبِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سَلْمَى بْنُ عُقْبَةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15017 -

وَعَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ صَنَعَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَدًا فَلَمْ يُكَافِئْهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا فَعَلَيَّ مُكَافَأَتُهُ غَدًا إِذَا لَقِيَنِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ".

15018 -

وَعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا لِأَهْلِهِ، فَذَكَرَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَغَيْرَهُمَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، مَا لَمْ تَقُمْ عَلَى بَابِ سُدَّةٍ، أَوْ تَأْتِ أَمِيرًا تَسْأَلُهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15019 -

وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ «سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِلنَّاسِ حِينَ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَلِيٍّ: أَلَا تُهَنِّئُونِي! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

15020 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15021 -

وَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ «أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ خَطَبَ إِلَى الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ابْنَتَهُ فَزَوَّجَهُ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ

ص: 173

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَبْدَسِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

15022 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَنَا وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي قُبَّةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَيَّانُ الطَّائِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ.

15023 -

وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَنَا وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ مُجْتَمِعُونَ، وَمَنْ أَحَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَأْكُلُ وَنَشْرَبُ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ الْعِبَادِ ".

فَبَلَغَ ذَلِكَ رَجُلًا مِنَ النَّاسِ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَأَخْبَرَهُ بِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ بِالْعَرْضِ وَالْحِسَابِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ كَانَ لِصَاحِبِ يَاسِينَ بِذَلِكَ حِينَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ سَاعَتِهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15024 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَعَلِيٍّ رضي الله عنه: " «إِنَّ أَوَّلَ أَرْبَعَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: أَنَا، وَأَنْتَ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَذَرَارِيُّنَا خَلْفَ ظُهُورِنَا، وَأَزْوَاجُنَا خَلْفَ ذَرَارِيِّنَا، وَشِيعَتُنَا عَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلِنَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15025 -

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «النُّجُومُ جُعِلَتْ أَمَانًا لِأَهْلِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي أَمَانٌ لِأُمَّتِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15026 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] قَالَ: نَحْنُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15027 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي مِنْ بَعْدِي ".

قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: النَّاسُ يَقُولُونَ: " لِأَهْلِهِ ". وَقَالَ هَذَا: " لِأَهْلِي».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه]

15028 -

عَنْ سَوْدَةَ بِنْتِ مُسَرَّحٍ قَالَتْ: «كُنْتُ فِيمَنْ حَضَرَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها حِينَ ضَرَبَهَا الْمَخَاضُ فِي نِسْوَةٍ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" كَيْفَ هِيَ؟ ". قُلْتُ: إِنَّهَا لَمَجْهُودَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:" إِذَا هِيَ وَضَعَتْ فَلَا تَسْبِقُنِّي فِيهِ بِشَيْءٌ ". قَالَ: فَوَضَعَتْ، فَسَّرُوهُ وَلَفُّوهُ فِي خِرْقَةٍ صَفْرَاءَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" مَا فَعَلْتِ؟ ". فَقُلْتُ: قَدْ وَضَعَتْ غُلَامًا، وَسَرَرْتُهُ وَلَفَفْتُهُ فِي خِرْقَةٍ. فَقَالَ:" عَصَيْتِنِي؟ ". قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم! قَالَ: " فَائْتِنِي

ص: 174

بِهِ ". فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَأَلْقَى عَنْهُ الْخِرْقَةَ الصَّفْرَاءَ، وَلَفَّهُ فِي خِرْقَةٍ بَيْضَاءَ، وَتَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِيهِ، وَأَلْبَأْهُ بِرِيقِهِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: " مَا سَمَّيْتَهُ يَا عَلِيُّ؟ ". قَالَ: سَمَّيْتُهُ جَعْفَرًا. قَالَ: " لَا. وَلَكِنْ حَسَنٌ وَبَعْدَهُ حُسَيْنٌ، وَأَنْتَ أَبُو حَسَنٍ».

15029 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " «وَأَنْتَ أَبُو حَسَنِ الْخَيْرِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا عُرْوَةُ بْنُ فَيْرُوزٍ، وَعُمَرُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15030 -

«وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: خَطَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ، قَالَ: فَبَاعَ عَلِيٌّ رضي الله عنه دِرْعًا لَهُ، وَبَعْضَ مَا بَاعَ مِنْ مَتَاعِهِ، فَبَلَغَ أَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَيْهِ فِي الطِّيبِ، وَثُلُثًا فِي الثِّيَابِ، وَمَجَّ فِي جَرَّةٍ مِنْ مَاءٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَغْتَسِلُوا بِهِ. قَالَ: وَأَمَرَهَا أَنْ لَا تَسْبِقَهُ بِرِضَاعِ وَلَدِهَا. قَالَ: فَسَبَقَتْهُ بِرِضَاعِ الْحُسَيْنِ، وَأَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ فِي فِيهِ شَيْئًا لَا نَدْرِي مَا هُوَ، فَكَانَ أَعْلَمَ الرَّجُلَيْنِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15031 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ عليه السلام عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى عُنُقِهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفْعًا رَفِيقًا ; لِئَلَّا يُصْرَعَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ بِالْحَسَنِ شَيْئًا مَا رَأَيْنَاكَ صَنْعَتَهُ بِأَحَدٍ؟ قَالَ: " إِنَّهُ رَيْحَانَتِي مِنَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ» .

15032 -

وَفِي رِوَايَةٍ: يَثِبُ عَلَى ظَهْرِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ وَقَدْ وُثِّقَ.

15033 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «جَاءَ حَسَنٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سَاجِدٌ، فَرَكِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ حَتَّى قَامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَقَامَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَلَمَّا قَامَ أَرْسَلَهُ، فَذَهَبَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِي رِجَالِهِ خِلَافٌ.

15034 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا حَتَّى جَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَصَعِدَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَمَا أَنْزَلَهُ حَتَّى كَانَ هُوَ الَّذِي نَزَلَ، وَإِنْ كَانَ لِيُفَرِّجُ لَهُ رِجْلَيْهِ، فَيَدْخُلُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ، وَيَخْرُجُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ الْآخَرِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15035 -

وَعَنِ الْبَهِيِّ قَالَ: «قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَخْبِرْنِي بِأَقْرَبِ النَّاسِ شَبَهًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ شَبَهًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ

ص: 175

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، كَانَ يَجِيءُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ فَيَقَعُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَلَا يَقُومُ حَتَّى يَتَنَحَّى، وَيَجِيءُ فَيَدْخُلُ تَحْتَ بَطْنِهِ، فَيُفَرِّجُ لَهُ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15036 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها تَنْقُرُ الْحَسَنَ وَتَقُولُ: بُنَيَّ شَبِيهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِشَبِيهِ عَلِيٍّ عليه السلام.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَفِيهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَهُوَ لَيِّنٌ.

15037 -

وَعَنْ كُلَيْبِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: ذُكِرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُشْبِهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ كُلَيْبًا لَا أَعْرِفُ لَهُ سَمَاعًا مِنَ الصَّحَابَةِ.

15038 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ رَأْسِهِ إِلَى نَحْرِهِ: الْحَسَنُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

15039 -

وَعَنْ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: «بَيْنَمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَخْطُبُ بَعْدَمَا قُتِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنهما إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَزَدِ آدَمُ طُوَالٌ، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعَهُ فِي حَبْوَتِهِ يَقُولُ: " مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّهُ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبُ ". وَلَوْلَا عَزِيمَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا حَدَّثْتُكُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15040 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «سَمِعَتْ أُذُنَايَ هَاتَانِ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ هَاتَانِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ آخِذٌ بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا حَسَنًا - أَوْ حُسَيْنًا - وَقَدَمَاهُ عَلَى قَدَمَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ:" حُزُقَّةٌ حُزُقَّةْ تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةْ ".

فَيَرْقَى الْغُلَامُ، فَيَضَعُ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:" افْتَحْ فَاكَ ". ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ مَنْ أَحَبَّهُ فَإِنِّي أُحِبُّهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو مُزَرِّدٍ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ وَثَّقَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15041 -

وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْخُذُ حَسَنًا فَيَضُمُّهُ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا ابْنِي ; فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْكَنَّاتِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

15042 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ نُفَيْلٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَضَنَ حَسَنًا، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ ; فَأَحِبَّهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ يَزِيدَ بْنِ يُحَنَّسَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15043 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ ; فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُ الْكَبِيرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15044 -

وَعَنْ رَجَاءِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «كُنْتُ جَالِسًا بِالْمَدِينَةِ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي حَلْقَةٍ

ص: 176

فِيهَا أَبُو سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَمَرَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَوْمُ، وَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، ثُمَّ اتَّبَعَهُ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَحَبُّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ مُنْذُ لَيَالِ صِفِّينَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَلَا تَنْطَلِقُ إِلَيْهِ فَتَعْتَذِرَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَامَ فَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَدَخَلَ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: حَدِّثْنَا بِالَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ حَيْثُ مَرَّ الْحَسَنُ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَنَا أُحَدِّثُكُمْ: إِنَّهُ أَحَبُّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: إِذْ عَلِمْتَ أَنِّي أَحَبُّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ فَلِمَ قَاتَلْتَنَا، أَوْ كَثَّرْتَ يَوْمَ صِفِّينَ؟! قَالَ: أَمَا إِنِّي وَاللَّهِ مَا كَثَّرْتُ سَوَادًا، وَلَا ضَرَبْتُ مَعَهُمْ بِسَيْفٍ، وَلَكِنِّي حَضَرْتُ مَعَ أَبِي أَوْ كَلِمَةٍ نَحْوِهَا. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى. وَلَكِنِّي كُنْتُ أَسْرُدُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَانِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ. قَالَ:" صُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ ; فَإِنِّي أَنَا أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ ". قَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَطِعْ أَبَاكَ ". فَخَرَجَ يَوْمَ صِفِّينَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

قُلْتُ: وَتَأْتِي لَهُ طَرِيقٌ فِي فَضْلِ الْحُسَيْنِ أَيْضًا.

15045 -

وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ لَقِيَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: اكْشِفْ عَنْ بَطْنِكَ حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ مِنْهُ، فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ فَقَبَّلَهُ» .

15046 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى سُرَّتِهِ.

وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15047 -

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمُصُّ لِسَانَهُ، أَوْ قَالَ: شَفَتَهُ - يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ - وَإِنَّهُ لَنْ يُعَذَّبَ لِسَانٌ أَوْ شَفَتَانِ مَصَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15048 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ قَالَ: «قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ لِمُعَاوِيَةَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَيِيٌّ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَا تَقُولَا ذَلِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَفَلَ فِي فِيهِ، وَمَنْ تَفَلَ فِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ بِعَيِّيٍّ. فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: أَمَّا أَنْتَ يَا عَمْرُو فَتَنَازَعَ فِيكَ رَجُلَانِ، فَانْظُرْ أَيُّهُمَا أَبَاكَ؟ وَأَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا الْأَعْوَرِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ

ص: 177

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ رِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعَمْرَو بْنَ سُفْيَانَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ السِّيرَافِيِّ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15049 -

عَنِ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما فَسَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَوْمُ وَمَضَى، وَمَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ لَا يَعْلَمُ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُسَلِّمُ، فَلَحِقَهُ فَقَالَ: وَعَلَيْكَ يَا سَيِّدِي، فَقِيلَ لَهُ: تَقُولُ يَا سَيِّدِي؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّهُ سَيِّدٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15050 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: " إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَيُصْلِحَنَّ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15051 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَأَظُنُّهُ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ قَالَ: " «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ". - يَعْنِي الْحَسَنَ - قَالَ: وَكَانَ يُشْبِهُهُ. أَوْ نَحْوَ هَذَا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15052 -

وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْحَسَنُ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15053 -

وَعَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ: أَخْرِجُونِي إِلَى الصَّحْرَاءِ ; لَعَلِّي أَتَفَكَّرُ أَنْظُرُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ - يَعْنِي الْآيَاتِ - فَلَمَّا أُخْرِجَ بِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ ; فَإِنَّهَا أَعَزُّ الْأَنْفُسِ عَلَيَّ، وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ أَنَّهُ احْتَسَبَ نَفْسَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ رَقَبَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْحَسَنِ فِيمَا أَعْلَمُ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَنْسٍ فِيمَا قِيلَ.

15054 -

وَعَنْ شُرَحْبِيلَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأُخْرِجَ بِسَرِيرِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْفِنَهُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَخَافَ أَنْ يَمْنَعَهُ بَنُو أُمَيَّةَ، فَلَمَّا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ قَامَتْ بَنُو أُمَيَّةَ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنْ مَنَعُونِي فَادْفِنُونِي مَعَ أُمِّي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15055 -

وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ يَقُولُ لِقَائِدِهِ: إِذَا أَدْخَلْتَنِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَدِّدْنِي لِفِرَاشِهِ، ثُمَّ أَرْسِلْ يَدِي؛ لَا يَشْمَتُ بِي مُعَاوِيَةُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِبَعْضِ جُلَسَائِهِ: لَيَغْتَمَّنَّ، فَلَمَّا جَلَسَ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، آجَرَكَ اللَّهُ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ؟! قَالَ: أَمَاتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَهُ بِصَالِحِ سَلَفِهِ، أَمَا

ص: 178

وَاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَا تَسُدُّ حُفْرَتَهُ، وَلَا تَأْكُلُ رِزْقَهُ، وَلَا تَخْلُدُ بَعْدَهُ، وَلَقَدْ رُزِئْنَا بِأَعْظَمَ فَقْدًا مِنْهُ؛ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا خَذَلَنَا اللَّهُ بَعْدَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَقَدْ وُثِّقَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15056 -

وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: هَلَكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ. قَالَ: هَكَذَا قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَخُولِفَ.

15057 -

وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: وَفِيهَا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.

15058 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ.

15059 -

وَعَنْهُ قَالَ: تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ عَشْرُ سِنِينَ.

15060 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ ..

15061 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَكَانَ مَوْتُهُ بِالْمَدِينَةِ، وَسِنُّهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ وَأَرْبَعُونَ، وَيُكَنَّى: أَبَا مُحَمَّدٍ.

15062 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَيُكَنَّى: أَبَا مُحَمَّدٍ.

قُلْتُ: وَأَسَانِيدُ وَفَاتِهِ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ إِلَى قَائِلِهَا.

[بَابٌ فِيمَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما مِنَ الْفَضْلِ]

15063 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليهما السلام هَذَا عَلَى عَاتِقِهِ، وَهَذَا عَلَى عَاتِقِهِ، يَلْثِمُ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُحِبُّهُمَا؟ قَالَ: " مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ.

15064 -

وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: «أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَضُمُّ إِلَيْهِ حَسَنًا وَحُسَيْنًا، يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15065 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَمْنَعُوهُمَا أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ دَعُوهُمَا، فَإِذَا قَضَى الصَّلَاةَ وَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ، وَقَالَ: " مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَقَالَ: فَإِذَا قَضَى

ص: 179

الصَّلَاةَ ضَمَّهُمَا إِلَيْهِ. وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15066 -

وَعَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

15067 -

وَعَنْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: " إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا - أَوْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا» - ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: يَهِمُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15068 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15069 -

وَعَنْهُ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: " مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّهُمَا» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِيهِمْ خِلَافٌ.

15070 -

وَعَنْهُ قَالَ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ، فَسَلَّمَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْقَ بِأَبِيكَ عَيْنَ بَقَّةٍ ". وَأَخَذَ بِإِصْبَعَيْهِ فَرَقَى عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ خَرَجَ الْآخَرُ مِنْ بُقْعَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْقَ بِأَبِيكَ أَنْتَ عَيْنُ الْبَقَّةِ ". وَأَخَذَ بِإِصْبَعَيْهِ، فَاسْتَوَى عَلَى عَاتِقِهِ الْآخَرِ. وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَقْفِيَتِهِمَا، حَتَّى وَضَعَ أَفْوَاهَهُمَا عَلَى فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا، فَأَحِبَّهُمَا، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15071 -

«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا: أَنَّ مَرْوَانَ أَتَاهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ مَرْوَانُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: مَا وَجَدْتُ عَلَيْكَ فِي شَيْءٍ مُنْذُ اصْطَحَبْنَا إِلَّا فِي حُبِّكَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، قَالَ: فَتَحَفَّزَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَجَلَسَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ لَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَهُمَا يَبْكِيَانِ، وَهَمَا مَعَ أُمِّهِمَا، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَتَاهُمَا، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" مَا شَأْنُ ابْنَيَّ؟ ". فَقَالَتْ: الْعَطَشُ، قَالَ: فَأَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى شَنَّةٍ يَبْتَغِي فِيهَا مَاءً، وَكَانَ الْمَاءُ يَوْمَئِذٍ أَغْدَارًا، وَالنَّاسُ يُرِيدُونَ الْمَاءَ، فَنَادَى:" هَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَهُ مَاءٌ؟ ". فَلَمْ يُبْقِ أَحَدٌ إِلَّا أَخْلَفَ بِيَدِهِ إِلَى كَلَامِهِ يَبْتَغِي الْمَاءَ فِي شَنَّةٍ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطْرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" نَاوِلِينِي أَحَدَهُمَا ". فَنَاوَلَتْهُ إِيَّاهُ مِنْ تَحْتِ الْخِدْرِ، فَرَأَيْتُ بَيَاضَ ذِرَاعَيْهَا حِينَ نَاوَلَتْهُ، فَأَخَذَهُ، فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَضْغُو مَا يَسْكُتُ، فَأَدْلَعَ لِسَانَهُ، فَجَعَلَ يَمُصُّهُ حَتَّى هَدَأَ أَوْ سَكَنَ، فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ بُكَاءً، وَالْآخَرُ يَبْكِي كَمَا هُوَ مَا يَسْكُتُ، ثُمَّ قَالَ:

ص: 180

" نَاوِلِينِي الْآخَرَ ". فَنَاوَلَتْهُ إِيَّاهُ، فَفَعَلَ بِهِ كَذَلِكَ، فَسَكَتَا فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُمَا صَوْتًا، ثُمَّ قَالَ:" سِيرُوا ". فَصَدَعْنَا يَمِينًا وَشِمَالًا عَنِ الظَّعَائِنِ، حَتَّى لَقِينَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَأَنَا لَا أُحِبُّ هَذَيْنِ وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»؟.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15072 -

«وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ مَنْ أَحَبَّهُمَا أَحْبَبْتُهُ، وَمَنْ أَحْبَبْتُهُ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ أَدْخَلَهُ جَنَّاتِ نَعِيمٍ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا أَوْ بَغَى عَلَيْهِمَا أَبْغَضْتُهُ، وَمَنْ أَبْغَضْتُهُ أَبْغَضَهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ أَدْخَلَهُ جَهَنَّمَ، وَلَهُ عَذَابٌ مُقِيمٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15073 -

«وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما يَلْعَبَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ - أَوْ فِي حِجْرِهِ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّهُمَا؟ فَقَالَ: " وَكَيْفَ لَا أُحِبُّهُمَا وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا أَشُمُّهُمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عَنْبَسَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15074 -

«وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى بَطْنِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّهُمَا؟ فَقَالَ: " وَمَا لِي لَا أُحِبُّهُمَا وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15075 -

«وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّهُ، الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَانِ مِنَ الْأَسْبَاطِ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارِ ذِكْرِ الْحَسَنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15076 -

«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ أَخَذَهُمَا مِنْ خَلْفِهِ أَخْذًا رَفِيقًا، وَيَضَعُهُمَا عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا عَادَ عَادَا، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ أَقْعَدَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ. قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرُدُّهُمَا؟ فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ، فَقَالَ لَهُمَا: " الْحَقَا بِأُمِّكُمَا ". قَالَ: فَمَكَثَ ضَوْؤُهَا حَتَّى دَخَلَا عَلَى أُمِّهِمَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَقَالَ: فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ. وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

15077 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ، فَيَجِيءُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَيَرْكَبُ ظَهْرَهُ، فَيُطِيلُ السُّجُودَ، فَيُقَالُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَطَلْتَ السُّجُودَ! فَيَقُولُ: " ارْتَحَلَنِيَ ابْنِي ; فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15078 -

وَعَنْ عُمَرَ - يَعْنِي ابْنَ الْخَطَّابِ - قَالَ: «رَأَيْتُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عَلَى عَاتِقِي

ص: 181

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: نِعْمَ الْفَرَسُ تَحْتَكُمَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَنِعْمَ الْفَارِسَانِ هُمَا» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

15079 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَعَلَى ظَهْرِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما وَهُوَ يَقُولُ: " نِعْمَ الْجَمَلُ جَمَلُكُمَا، وَنِعْمَ الْعِدْلَانِ أَنْتُمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَسْرُوحٌ أَبُو شِهَابٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15080 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَجَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - أَوْ أَحَدُهُمَا - فَرَكِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ بِيَدِهِ فَأَمْسَكَهُ أَوْ أَمْسَكَهُمَا، قَالَ: " نِعْمَ الْمَطِيَّةُ مَطِيَّتُكُمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15081 -

وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: «كُنَّا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ ضَلَّ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ قَالَ: وَذَاكَ رَأْدُ النَّهَارِ - يَقُولُ: ارْتِفَاعُ النَّهَارِ - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " قُومُوا فَاطْلُبُوا ابْنِي ". وَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ تُجَاهَ وَجْهِهِ، وَأَخَذْتُ نَحْوَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَتَى سَفْحَ جَبَلٍ، وَإِذَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما مُلْتَزِقٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَإِذَا شُجَاعٌ قَائِمٌ عَلَى ذَنَبِهِ، يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ شَرَرُ النَّارِ، فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَالْتَفَتَ مُخَاطِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْسَابَ فَدَخَلَ بَعْضَ الْأَحْجَارِ، ثُمَّ أَتَاهُمَا فَأَفْرَقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ وُجُوهَهُمَا، وَقَالَ: " بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتُمَا، مَا أَكْرَمَكُمَا عَلَى اللَّهِ! ". ثُمَّ حَمَلَ أَحَدَهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، وَالْآخِرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، فَقُلْتُ: طُوبَاكُمَا! نِعْمَ الْمَطِيَّةُ مَطِيَّتُكُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَنِعْمَ الرَّاكِبَانِ هُمَا، وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ رُشْدٍ الْهِلَالِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15082 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَفِيهَا الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15083 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ رضي الله عنها: " وَاللَّهِ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَلَدَ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرِي، وَإِنَّ ابْنَيْكِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِلَّا ابْنَيِ الْخَالَةِ: يَحْيَى، وَعِيسَى» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

15084 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ أَبُو سُمَيْرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

ص: 182

15085 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ مَلَكًا مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يَكُنْ زَارَنِي، فَاسْتَأْذَنَ اللَّهَ فِي زِيَارَتِي، فَبَشَّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَرْوَانُ الذُّهْلِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15086 -

«وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُ عِنْدَهُ شَخْصًا، فَقَالَ لِي: " يَا حُذَيْفَةُ هَلْ رَأَيْتَ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " هَذَا مَلَكٌ لَمْ يَهْبِطْ مُنْذُ بُعِثْتُ، أَتَانِي اللَّيْلَةَ يُبَشِّرُنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو عُمَرَ الْأَشْجَعِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ - أَوْ أَبُو عَمْرَةَ - وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15087 -

وَعَنْ حَذِيقَةَ أَيْضًا قَالَ: «رَأَيْنَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السُّرُورَ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْنَا فِي وَجْهِكَ تَبَاشِيرَ السُّرُورِ، فَقَالَ: " كَيْفَ لَا أُسَرُّ وَقَدْ أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَبَشَّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا أَفْضَلُ مِنْهُمَا» ؟! ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ أَبُو الْأَسْوَدِ الْهَاشِمِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا. وَفِي عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ خِلَافٌ.

15088 -

وَعَنْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15089 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عِمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ وَمَالِكُ بْنُ الْحَسَنِ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقَدْ وُثِّقَا.

15090 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15091 -

وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ زِيَادٌ الْجَصَّاصُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ

ص: 183

حِبَّانَ، وَقَالَ: رُبَّمَا يَهِمُ.

15092 -

وَعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15093 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ - يَعْنِي ابْنَ عَازِبٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15094 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «فَخَرَتِ الْجَنَّةُ عَلَى النَّارِ ; فَقَالَتْ: أَنَا خَيْرٌ مِنْكِ، فَقَالَتِ النَّارُ: بَلْ أَنَا خَيْرٌ مِنْكِ، فَقَالَتْ لَهَا الْجَنَّةُ اسْتِفْهَامًا: وَمِمَّهْ؟ قَالَتْ: لِأَنَّ فِيَّ الْجَبَابِرَةُ، وَنَمْرُوذُ، وَفِرْعَوْنُ، فَأُسْكِتَتْ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَا: لَا تَخْضَعِينَ، لَأُزَيِّنَنَّ رُكْنَيْكِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَمَاسَتْ كَمَا تَمِيسُ الْعَرُوسُ فِي خِدْرِهَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبَّادُ بْنُ صُهَيْبٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15095 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ شَنْفَا الْعَرْشِ، وَلَيْسَا بِمُعَلَّقَيْنِ» .

15096 -

وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِذَا اسْتَقَرَّ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ قَالَتِ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ، وَعَدْتَنِي أَنْ تُزَيِّنَنِي بِرُكْنَيْنِ مِنْ أَرْكَانِكَ، قَالَ: أَلَمْ أُزَيِّنْكِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ؟» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15097 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ، أَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ حَتَّى رَكِبَا عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا سَلَّمَ وَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَقْبَلَ الْحَسَنُ، فَحَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، وَالْحُسَيْنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ جَدًّا وَجِدَّةً؟ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ عَمًّا وَعَمَّةً؟ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ خَالًا وَخَالَةً؟ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ أَبًا وَأُمًّا؟ [هُمَا] الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ.

جَدُّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَّتُهُمَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَأُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُوهُمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَعَمُّهُمَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَعَمَّتُهُمَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، وَخَالُهُمَا الْقَاسِمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَالَاتُهُمَا زَيْنَبُ، وَرُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ بَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. جَدُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَأُمُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَعَمُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَعَمَّتُهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَخَالَاتُهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَحَبَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِمَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15098 -

«وَعَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا أَتَتْ

ص: 184

بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَكْوَاهُ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَانِ ابْنَاكَ ; فَوَرِّثْهُمَا شَيْئًا. فَقَالَ:" أَمَّا حَسَنٌ فَلَهُ هَيْبَتِي وَسُؤْدُدِي، وَأَمَّا حُسَيْنٌ فَلَهُ جَرَاءَتِي وُجُودِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15099 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَقَالَتْ: هَذَانِ ابْنَاكَ ; فَوَرِّثْهُمَا شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا: " أَمَّا حَسَنٌ فَلَهُ ثَبَاتِي وَسُؤْدُدِي، وَأَمَّا حُسَيْنٌ فَإِنَّ لَهُ حَزَامَتَيْ وُجُودِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15100 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ يَقُولُ: عَلَيَّ رَقَبَةٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، يَقُولُ: " عَلَيْكَ بِحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15101 -

«عَنْ أَبِي شَدَّادٍ قَالَ: كُنْتُ أُلَاعِبُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ بِالْمَدَاحِي، فَإِذَا مَادَحَّانِي رَكِبَانِي، وَإِذَا مَا دَحْتُهُمَا قَالَا: تَرْكَبُ بَضْعَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ؟!.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَأَبُو شَدَّادٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَفِي أَحَدِ الْإِسْنَادَيْنِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام]

15102 -

عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَأَى الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُكَ عَلَى يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَضَّبْتَهُمَا دَمًا حِينَ أَتَى بِكَ حِينَ وُلِدْتَ فَسُرِرْتُ، فَلَفَّكَ فِي خِرْقَةٍ، وَلَقَدْ تَفَلَ فِي فِيكَ، وَلَقَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَلَقَدْ كَانَتْ فَاطِمَةُ سَبَقَتْهُ بِسُرَّةِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: " لَا تَسْبِقِينِي بِهَذَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15103 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ الْحِزَامِيِّ قَالَ: كَانَ جَسَدُ الْحُسَيْنِ شِبْهَ جَسَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ نَحْوَ هَذَا.

15104 -

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِلَّا طُهْرًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ.

15105 -

وَعَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 185

- صلى الله عليه وسلم لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ: " مَنْ أَحَبَّ هَذَا فَقَدَ أَحَبَّنِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15106 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، فَقَالَ: أَذْهَبُ إِلَى أُمِّي، فَقُلْتُ: أَذْهَبُ مَعَهُ؟ فَجَاءَتْ بَرْقَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَمَشَى فِي ضَوْئِهَا حَتَّى بَلَغَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15107 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «جَاءَ الْحُسَيْنُ يَشْتَدُّ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَالْتَزَمَ عُنُقَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ بِهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَلَمْ يَزَلْ مُمْسِكَهَا حَتَّى رَكَعَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِمْ.

15108 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَّجَ مَا بَيْنَ فَخِذَيِ الْحُسَيْنِ، وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15109 -

وَعَنْ رَجَاءِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ مَرَّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَوْمُ السَّلَامَ، وَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، ثُمَّ رَفَعَ ابْنُ عَمْرٍو صَوْتَهُ بَعْدَمَا سَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: هُوَ هَذَا الْمُقَفِّي، وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ كَلِمَةً وَلَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً مُنْذُ لَيَالِي صِفِّينَ، وَوَاللَّهِ لَأَنْ يَرْضَى عَنِّي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ أَحَدٍ. فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ: أَلَا تَغْدُو إِلَيْهِ؟ قَالَ: بَلَى، فَتَوَاعَدُوا أَنْ يَغْدُوَا إِلَيْهِ، وَغَدَوْتُ مَعَهُمَا، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَذِنَ فَدَخَلْنَا إِلَّا ابْنَ عَمْرٍو، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ الْحُسَيْنُ، فَدَخَلَ، فَلَمَّا رَآهُ زَحَلَ لَهُ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى جَنْبِ الْحُسَيْنِ فَمَدَّهُ الْحُسَيْنُ إِلَيْهِ، فَقَامَ ابْنُ عَمْرٍو فَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ خَلَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَأَزْحَلَ لَهُ، فَجَلَسَ بَيْنَهُمَا، فَقَصَّ أَبُو سَعِيدٍ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: أَكَذَاكَ يَا ابْنَ عَمْرٍو؟ أَتَعْلَمُ أَنِّي أَحَبُّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، إِنَّكَ لَأَحَبُّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ قَاتَلَتَنِي وَأَبِي يَوْمَ صِفِّينَ؟ وَاللَّهِ لَأَبِي خَيْرٌ مِنِّي. قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّ عَمْرًا شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنْ عَبْدَ اللَّهِ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" صَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَأَطِعْ عَمْرًا ". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ، أَقْسَمَ عَلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَثَّرْتُ لَهُمْ سَوَادًا، وَلَا اخْتَرَطْتُ لَهُمْ سَيْفًا، وَلَا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ، وَلَا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ. فَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا طَاعَةَ

ص: 186

لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: كَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، وَفِيهِ لِينٌ، وَهُوَ حَافِظٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْبَزَّارِ فِي تَرْجَمَةِ الْحَسَنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15110 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: " «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ".

فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، وَقِيلَ: ابْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15111 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ مَلَكَ الْقَطْرِ اسْتَأْذَنَ [رَبَّهُ] أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: " امْلُكِي عَلَيْنَا الْبَابَ لَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا أَحَدٌ ". قَالَ: وَجَاءَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لِيَدْخُلَ فَمَنَعَتْهُ، فَوَثَبَ فَدَخَلَ، فَجَعَلَ يَقْعُدُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى مِنْكَبِهِ، وَعَلَى عَاتِقِهِ، قَالَ: فَقَالَ الْمَلَكُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: [أَمَا] إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ. فَضَرَبَ بِيَدِهِ، فَجَاءَ بِطِينَةٍ حَمْرَاءَ، فَأَخَذَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ فَصَرَّتْهَا فِي خِمَارِهَا» . قَالَ ثَابِتٌ: بَلَغَنَا أَنَّهَا كَرْبَلَاءُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَفِيهَا عِمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15112 -

«وَعَنْ نُجَيٍّ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَكَانَ صَاحِبَ مُطْهَرَتِهِ، فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ، فَنَادَى عَلِيٌّ: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، وَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَغْضَبَكَ أَحَدٌ؟ مَا شَأْنُ عَيْنَيْكَ تَفِيضَانِ؟ قَالَ: " بَلْ قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ عليه السلام قَبْلُ، فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ ". قَالَ: فَقَالَ: " هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَدَّ يَدَهُ، فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ، فَأَعْطَانِيهَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ نُجَيٌّ بِهَذَا.

15113 -

«وَعَنْ عَائِشَةَ أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِإِحْدَاهُمَا: " لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، قَالَ: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا ". قَالَ: فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15114 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، فَنَزَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُنْكَبٌّ، وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ

ص: 187

فَقَالَ جِبْرِيلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتُحِبُّهُ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: " يَا جِبْرِيلُ، وَمَا لِي لَا أُحِبُّ ابْنِي! ". قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ مِنْ بَعْدِكَ، فَمَدَّ جِبْرِيلُ عليه السلام يَدَهُ، فَأَتَاهُ بِتُرْبَةٍ بَيْضَاءَ، فَقَالَ: فِي هَذِهِ الْأَرْضِ يُقْتَلُ ابْنُكَ هَذَا، وَاسْمُهَا الطَّفُّ، فَلَمَّا ذَهَبَ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْتَزَمَهُ فِي يَدِهِ يَبْكِي، فَقَالَ:" يَا عَائِشَةُ، إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ ابْنِي حُسَيْنًا مَقْتُولٌ فِي أَرْضِ الطَّفِّ، وَأَنَّ أُمَّتِي سَتُفْتَنُ بَعْدِي ". ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عَلِيٌّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَأَبُو ذَرٍّ رضي الله عنهم وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالُوا: مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: " أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام: أَنَّ ابْنِي الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بَعْدِي بِأَرْضِ الطَّفِّ، وَجَاءَنِي بِهَذِهِ التُّرْبَةِ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهَا مَضْجَعَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَأَوَّلُهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْلَسَ حُسَيْنًا عَلَى فَخِذِهِ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ. وَفِي إِسْنَادِ الْكَبِيرِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِي إِسْنَادِ الْأَوْسَطِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15115 -

وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ نَائِمًا عِنْدَهَا، وَحُسَيْنٌ يَحْبُو فِي الْبَيْتِ، فَغَفَلَتْ عَنْهُ، فَحَبَا حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَعِدَ عَلَى بَطْنِهِ، فَوَضَعَ ذَكَرِهِ فِي سُرَّتِهِ فَبَالَ، قُلْتُ: فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَحَطَطْتُهُ عَنْ بَطْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " دَعِي ابْنِي ". فَلَمَّا قَضَى بِوَلَهُ، أَخَذَ كُوزًا مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ، وَقَالَ: " إِنَّهُ يُصَبُّ مِنَ الْغُلَامِ، وَيُغْسَلُ مِنَ الْجَارِيَةِ ". قَالَتْ: ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَاحْتَضَنَهُ، فَكَانَ إِذَا رَكَعَ وَسَجَدَ وَضَعَهُ، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهُ، فَلَمَّا جَلَسَ جَعَلَ يَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ الْيَوْمَ شَيْئًا مَا رَأَيْتُكَ تَصْنَعُهُ؟ قَالَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ ابْنِي يُقْتَلُ، قُلْتُ: فَأَرِنِي إِذًا، فَأَتَانِي بِتُرْبَةٍ حَمْرَاءَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَفِيهِمَا مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15116 -

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَيْتِي قَالَ: " لَا يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدٌ ". فَانْتَظَرْتُ فَدَخَلَ الْحُسَيْنُ، فَسَمِعْتُ نَشِيجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْكِي، فَاطَّلَعْتُ فَإِذَا حُسَيْنٌ فِي حِجْرِهِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ حِينَ دَخَلَ، فَقَالَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ

ص: 188

السَّلَامُ - كَانَ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ: أَتُحِبُّهُ؟ قُلْتُ: أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَنَعَمْ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلَ هَذَا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: كَرْبَلَاءُ، فَتَنَاوَلَ جِبْرِيلُ مِنْ تُرْبَتِهَا ". فَأَرَاهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أُحِيطُ بِحُسَيْنٍ حِينَ قُتِلَ قَالَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا: كَرْبَلَاءُ، فَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ; كَرْبٌ وَبَلَاءٌ».

15117 -

وَفِي رِوَايَةٍ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; أَرْضُ كَرْبٍ وَبَلَاءٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا ثِقَاتٌ.

15118 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنْ أَمَتَّكَ تَقْتُلُ ابْنَكَ هَذَا مِنْ بَعْدِكَ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْحُسَيْنِ، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ هَذِهِ التُّرْبَةُ ". فَشَمَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " وَيْحٌ، وَكُرَبٌ، وَبَلَاءٌ ". قَالَتْ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِذَا تَحَوَّلَتْ هَذِهِ التُّرْبَةُ دَمًا، فَاعْلَمِي أَنَّ ابْنِي قَدْ قُتِلَ ". قَالَ: فَجَعَلَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ فِي قَارُورَةٍ، ثُمَّ جَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ وَتَقُولُ: إِنَّ يَوْمًا تَحَوَّلِينَ فِيهِ دَمًا لَيَوْمٌ عَظِيمٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ النُّكْرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15119 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنِسَائِهِ: " لَا تُبَكُّوا هَذَا الصَّبِيَّ ". يَعْنِي حُسَيْنًا قَالَ: وَكَانَ يَوْمَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّاخِلَ، وَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: " لَا تَدَعِي أَحَدًا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ ". فَجَاءَ الْحُسَيْنُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْتِ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ، فَأَخَذَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَاحْتَضَنَتْهُ، وَجَعَلَتْ تُنَاغِيهِ وَتُسَكِّتُهُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ فِي الْبُكَاءِ خَلَّتْ عَنْهُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَمَّتَكَ سَتَقْتُلُ ابْنَكَ هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَقْتُلُونَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ بِي؟ ". قَالَ: نَعَمْ يَقْتُلُونَهُ، فَتَنَاوَلَ جِبْرِيلُ تُرْبَةً فَقَالَ: بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ احْتَضَنَ حُسَيْنًا، كَاسِفَ الْبَالِ مَغْمُومًا، فَظَنَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهُ غَضِبَ مِنْ دُخُولِ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ، إِنَّكَ قُلْتَ لَنَا: " لَا تُبَكُّوا هَذَا الصَّبِيَّ ". وَأَمَرْتَنِي أَنْ لَا أَدَعَ أَحَدًا يَدْخُلُ عَلَيْكَ، فَجَاءَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَقَالَ: " إِنَّ أُمَّتِي يَقْتُلُونَ هَذَا ". وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَكَانَا أَجْرَأَ الْقَوْمِ عَلَيْهِ، فَقَالَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَهُمْ مُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَهَذِهِ تُرْبَتُهُ ". وَأَرَاهُمْ إِيَّاهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

15120 -

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ

ص: 189

جَبَلٍ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ، فَقَالَ: " أَنَا مُحَمَّدٌ، أُوتِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلَامِ وَخَوَاتِمَهُ، فَأَطِيعُونِي مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَإِذَا ذُهِبَ بِي فَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، أَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، أَتَتْكُمُ الْمَوْتَةُ، أَتَتْكُمْ بِالرُّوحِ وَالرَّاحَةِ، كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ. أَتَتْكُمْ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، كُلَّمَا ذَهَبَ رَسْلٌ جَاءَ رَسْلٌ، تَنَاسَخَتِ النُّبُوَّةُ ; فَصَارَتْ مُلْكًا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَخَرَجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلَهَا، أَمْسِكْ يَا مُعَاذُ وَأَحْصِ ". قَالَ: فَلَمَّا بَلَغْتُ خَمْسًا قَالَ: " يَزِيدُ، لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي يَزِيدَ ". ثُمَّ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ قَالَ: " نُعِيَ إِلَيَّ حُسَيْنٌ، وَأُتِيتُ بِتُرْبَتِهِ، وَأُخْبِرْتُ بِقَاتِلِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقْتُلُوهُ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ قَوْمٍ لَا يَمْنَعُوهُ إِلَّا خَالَفَ اللَّهُ بَيْنَ صُدُورِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ شِرَارَهُمْ، وَأَلْبَسَهُمْ شِيَعًا ". قَالَ: " وَاهًا لِفِرَاخِ آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ خَلِيفَةٍ يُسْتَخْلَفُ مُتْرَفًا، يَقْتُلُ خَلَفِي وَخَلَفَ الْخَلَفِ، أَمْسِكْ يَا مُعَاذُ ". فَلَمَّا بَلَغْتُ عَشْرَةً قَالَ: " الْوَلِيدُ اسْمُ فِرْعَوْنَ، هَادِمُ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ يُسِلُّ اللَّهُ سَيْفَهُ، فَلَا غِمَادَ لَهُ، وَاخْتَلَفَ فَكَانُوا هَكَذَا ". فَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ: " بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ مَوْقَتٌ سَرِيعٌ - وَقَتْلٌ ذَرِيعٌ - فَفِيهِ هَلَاكُهُمْ، وَيَلِي عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ كَذَّابٌ.

15121 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْقَطْرِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: " لَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا أَحَدٌ ". فَجَاءَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما فَدَخَلَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: هُوَ الْحُسَيْنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " دَعِيهِ ". فَجَعَلَ يَعْلُو رَقَبَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَعْبَثُ بِهِ، وَالْمَلَكُ يَنْظُرُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: " إِي وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّهُ ". قَالَ: أَمَا إِنَّ أَمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ. فَقَالَ بِيَدِهِ فَتَنَاوَلَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، فَأَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ التُّرَابَ فَصَرَّتْهُ فِي خِمَارِهَا، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ التُّرَابَ مِنْ كَرْبَلَاءَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15122 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يُقْتَلُ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ مِنْ مُهَاجَرِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ طَرِيفٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15123 -

وَبِإِسْنَادِهِ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يُقْتَلُ الْحُسَيْنُ حِينَ يَعْلُوهُ الْقَتِيرُ» ".

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: الْقَتِيرُ: الشَّيْبُ.

15124 -

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَيُقْتَلَنَّ الْحُسَيْنُ، [قَتْلًا] وَإِنِّي لَأَعْرِفُ التُّرْبَةَ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا، قَرِيبًا مِنَ النَّهْرَيْنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15125 -

وَعَنْ شَيْبَانَ بْنِ مُخَرَّمٍ

ص: 190

- وَكَانَ عُثْمَانِيًّا - قَالَ: إِنِّي لَمَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه إِذْ أَتَى كَرْبَلَاءَ، فَقَالَ: يُقْتَلُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ شَهِيدٌ لَيْسَ مِثْلُهُ شُهَدَاءُ إِلَّا شُهَدَاءَ بَدْرٍ، فَقُلْتُ: بَعْضُ كِذْبَاتِهِ، وَثَمَّ رِجْلُ حِمَارٍ مَيِّتٍ، فَقُلْتُ لِغُلَامِي: خُذْ رِجْلَ هَذَا الْحِمَارِ، فَأَوْتِدْهَا فِي مَقْعَدِهِ، وَغَيِّبْهَا، فَضَرَبَ الظَّهْرَ ضَرْبَةً، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ انْطَلَقْتُ وَمَعِي أَصْحَابِي، فَإِذَا جُثَّةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى رِجْلِ ذَلِكَ الْحِمَارِ، وَإِذَا أَصْحَابُهُ رُبَضَةٌ حَوْلَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15126 -

وَعَنْ أَبِي هَرْثَمَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه بِنَهْرِ كَرْبَلَاءَ، فَمَرَّ بِشَجَرَةٍ تَحْتَهَا بَعْرُ غِزْلَانٍ، فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْضَةً فَشَمَّهَا، ثُمَّ قَالَ: يُحْشَرُ مِنْ هَذَا الظَّهْرِ سَبْعُونَ أَلْفًا، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15127 -

وَعَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ قَالَ: صَحِبْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه حَتَّى أَتَى الْكُوفَةَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ بِذُرِّيَّةِ نَبِيِّكُمْ بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ؟ قَالُوا: إِذًا نُبْلِي اللَّهَ فِيهِمْ بَلَاءً حَسَنًا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَيَنْزِلَنَّ بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ وَلَتَخْرُجُنَّ إِلَيْهِمْ فَلْتَقْتُلُنَّهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلُ يَقُولُ:

هُمْ أَوْرَدُوهُ بِالْغُرُورِ وَعَرَّدُوا

أَحَبُّوا نَجَاهُ لَا نَجَاةَ وَلَا عُذْرَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ وَهْبٍ مُتَأَخِّرٌ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15128 -

وَعَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ نَجِيَّةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ خَاصَّةِ نَفْسِي وَأَهْلِ بَيْتِي؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: أَمَّا حَسَنٌ، فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ وَخِوَانٍ، وَفَتًى مِنَ الْفِتْيَانِ، وَلَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ فِي الْحَرْبِ حِبَالَةُ عُصْفُورٍ. وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَصَاحِبُ لَهْوٍ، وَظِلٍّ، وَبَاطِلٍ، وَلَا يَغُرَنَّكُمُ ابْنَا عَبَّاسٍ. وَأَمَّا أَنَا وَحُسَيْنٌ، فَأَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنَّا، وَاللَّهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُدَالَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ بِصَلَاحِهِمْ فِي أَرْضِهِمْ، وَفَسَادِكُمْ فِي أَرْضِكُمْ، وَبِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ وَخِيَانَتِكُمْ، وَبِطَوَاعِيَّتِهِمْ إِمَامَهُمْ، وَمَعْصِيَتِكُمْ لَهُ، وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، تَطُولُ دَوْلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَدَعُونَ لِلَّهِ مُحَرَّمًا إِلَّا اسْتَحَلُّوهُ، وَلَا يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ، وَحَتَّى يَكُونَ أَحَدُكُمْ تَابِعًا لَهُمْ، وَحَتَّى تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ كَنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ ; إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ، وَإِذَا غَابَ سَبَّهُ، وَحَتَّى يَكُونَ أَعْظَمُكُمْ فِيهَا غَنَاءً أَحْسَنَكُمْ بِاللَّهِ ظَنًّا، فَإِنْ أَتَاكُمُ اللَّهُ بِالْعَافِيَةِ فَاقْبَلُوا، فَإِنِ ابْتُلِيتُمْ فَاصْبِرُوا ; فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15129 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ الْحُسَيْنُ جَالِسًا

ص: 191

فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم: أَتُحِبُّهُ؟ فَقَالَ: " وَكَيْفَ لَا أُحِبُّهُ وَهُوَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي؟ ". فَقَالَ: أَمَّا إِنَّ أَمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، أَلَا أُرِيكَ مِنْ مَوْضِعِ قَبْرِهِ؟ فَقَبَضَ قَبْضَةً، فَإِذَا تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15130 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «لَمَّا أَرَادَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى أَرْضِ [الْعِرَاقِ]، أَرَادَ أَنْ يَلْقَى ابْنَ عُمَرَ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ فِي أَرْضٍ لَهُ، فَأَتَاهُ لِيُوَدِّعَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ الْعِرَاقَ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ أَكُونَ مَلِكًا نَبِيًّا أَوْ نَبِيًّا عَبْدًا، فَقِيلَ لِي: تَوَاضَعْ، فَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا ".

وَإِنَّكَ بَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا نَخْرُجُ. قَالَ: فَأَبَى، فَوَدَّعَهُ وَقَالَ: أَسَتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ مَقْتُولٍ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ.

15131 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَنِي حُسَيْنٌ فِي الْخُرُوجِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يُزْرِيَ ذَلِكَ بِي أَوْ بِكَ لَشَبَّكْتُ بِيَدَيَّ فِي رَأْسِكَ، فَكَانَ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ أَنْ قَالَ: لَأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُسْتَحَلَّ بِي حَرَمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: فَذَلِكَ الَّذِي سَلَّى بِنَفْسِي عَنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15132 -

وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ، أَنَّهُ سَأَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما: أَعَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرِكَ هَذَا شَيْئًا؟ قَالَ: لَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15133 -

وَعَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ قَالَ: «لَمَّا أُحِيطَ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قِيلَ: كَرْبَلَاءُ. قَالَ: صَدَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهَا أَرْضُ كَرْبٍ وَبَلَاءٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

15134 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: قَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ قَبْلَ قَتْلِهِ بِيَوْمٍ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ لَهُمْ مَلِكٌ. قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

15135 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِالْحُسَيْنِ، وَأَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ، وَقَامَ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ نَزَلَ مَا تَرَوْنَ مِنَ الْأَمْرِ، وَإِنَّ الدُّنْيَا تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا وَانْشَمَرَ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صَبَابَةُ الْإِنَاءِ إِلَّا خَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ، أَلَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَالْبَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ؟ لِيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ ; فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، وَالْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَمًا. وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ إِحْدَى

ص: 192

وَسِتِّينَ، بِالطَّفِّ بِكَرْبَلَاءَ، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ، وَهُوَ صَابِغٌ بِالسَّوَادِ، وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هَذَا هُوَ ابْنُ زُبَالَةَ، مَتْرُوكٌ وَلَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ.

15136 -

وَعَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: رَمَى رَجُلٌ الْحُسَيْنَ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَشَلَّ شِدْقَيْهِ، فَقَالَ: لَا أَرْوَاكَ اللَّهُ، فَشَرِبَ حَتَّى تَفَطَّرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

15137 -

وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْكُوفَةِ سَاخِطًا لِوِلَايَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ - وَهُوَ وَالِيهِ عَلَى الْعِرَاقِ - أَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ حُسَيْنًا قَدْ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ الْأَزْمَانِ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ الْبِلَادِ، وَابْتُلِيتَ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْعُمَّالِ، وَعِنْدَهَا تُعْتَقُ أَوْ تَعُودُ عَبْدًا كَمَا يُعْتَبَدُ الْعَبِيدُ. فَقَتَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْحُصَيْنِ بْنِ حِمَامٍ الْمُرِّيِّ:

نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَحِبَّةٍ

إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الضَّحَّاكَ لَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ.

15138 -

وَعَنِ ابْنِ وَائِلٍ - أَوْ وَائِلِ بْنِ عَلْقَمَةَ - أَنَّهُ شَهِدَ مَا هُنَاكَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَفَيَكِمُ حُسَيْنٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ. قَالَ: أَبْشِرْ بِرَبٍّ رَحِيمٍ، وَشَفِيعٍ مُطَاعٍ. قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا ابْنُ جُوَيْرَةَ - أَوْ حُوَيْزَةَ -. قَالَ: اللَّهُمَّ حُزَّهُ إِلَى النَّارِ، فَنَفَرَتْ بِهِ الدَّابَّةُ فَتَعَلَّقَتْ رِجْلُهُ فِي الرِّكَابِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْهُ إِلَّا رَجْلُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ اخْتَلَطَ.

15139 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ حِينَ أَحَسَّ بِالْقَتْلِ: ائْتُونِي ثَوْبًا لَا يَرْغَبُ فِيهِ أَحَدٌ أَجْعَلْهُ تَحْتَ ثِيَابِي لَا أُجَرَّدُ. فَقِيلَ لَهُ: تُبَّانٌ. فَقَالَ: لَا، ذَاكَ لِبَاسُ مَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الذِّلَّةُ، فَأَخَذَ ثَوْبًا فَحَرَقَهُ، فَجَعَلَهُ تَحْتَ ثِيَابِهِ، فَلَمَّا أَنْ قُتِلَ جَرَّدُوهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

15140 -

وَعَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ قَالَ: مَرَّ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ، فَقَالَ: يُقْتَلُ مِنْ وَلَدِ هَذَا الرَّجُلِ رَجُلٌ فِي عِصَابَةٍ، لَا يَجِفُّ عَرَقُ خُيُولِهِمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَمَرَّ حَسَنٌ، فَقَالُوا: هَذَا يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ قَالَ: لَا. فَمَرَّ حُسَيْنٌ، فَقَالُوا: هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ عَمَّارًا لَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ.

15141 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ

ص: 193

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ بِنِصْفِ النَّهَارِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، مَعَهُ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ يَلْتَقِطُهُ، أَوْ يَتَتَبَّعُ فِيهَا شَيْئًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَتَبَّعُهُ مُنْذُ الْيَوْمِ [قَالَ عَمَّارٌ: فَحَفِظْنَا وَذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدْنَاهُ قُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ].

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15142 -

وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ عَرْفَطَةَ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما فَقَالَ لَنَا خَالِدٌ: هَذَا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[يَقُولُ]: " إِنَّكُمْ سَتُبْتَلَوْنَ فِي أَهْلِ بَيْتِي مِنْ بَعْدِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عُمَارَةَ، وَعُمَارَةُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

15143 -

وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «لَمَّا أُصِيبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَامَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَفَعَلْتُمُوهَا؟ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهُمَا وَصَالَحَ الْمُؤْمِنِينَ ". فَقِيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: ذَاكَ شَيْخٌ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بَزِيعٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15144 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: وُلِدَ الْحُسَيْنُ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، قَتَلَهُ سِنَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ خَوْلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيُّ مِنْ حِمْيَرَ، وَحَزَّ رَأْسَهُ وَأَتَى بِهِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَقَالَ سِنَانٌ:

أَوْقِرْ رِكَابِي فِضَّةً وَذَهَبَا

أَنَا قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمًّا وَأَبَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15145 -

وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ حِينَ جَاءَ نَعْيُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ لَعَنَتْ أَهْلَ الْعِرَاقِ، وَقَالَتْ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ عز وجل غَرُّوهُ وَذَلُّوهُ ; لَعَنَهُمُ اللَّهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.

15146 -

وَعَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَدَخَلَ سِنَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ - قَاتِلُ الْحُسَيْنِ - فَإِذَا شَيْخٌ آدَمُ فِيهِ حِنَّاءُ، طَوِيلُ الْأَنْفِ، فِي وَجْهِهِ بَرَشٌ، فَأُوقِفَ بِحِيَالِ الْحَجَّاجِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: أَنْتَ قَتَلْتَ الْحُسَيْنَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَكَيْفَ صَنَعْتَ بِهِ؟ قَالَ: دَعَمْتُهُ بِالرُّمْحِ، وَهَبَرْتُهُ بِالسَّيْفِ هَبْرًا. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: أَمَا إِنَّكُمَا لَنْ تَجْتَمِعَا فِي دَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ

ص: 194

ثِقَاتٌ.

15147 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ - يَعْنِي النَّخَعِيَّ - قَالَ: لَوْ كُنْتُ فِيمَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ، ثُمَّ غُفِرَ لِي، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ - اسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَمُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْظُرَ فِي وَجْهِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15148 -

وَعَنِ اللَّيْثِ - يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ - قَالَ: أَبَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْ يَسْتَأْسِرَ، فَقَاتَلُوهُ فَقَتَلُوهُ، وَقَتَلُوا بَنِيهِ وَأَصْحَابَهُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: الطَّفُّ، وَانْطَلَقَ بِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ، وَسُكَيْنَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَعَلِيٌّ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ قَدْ بَلَغَ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ بِسُكَيْنَةَ، فَجَعَلَهَا خَلْفَ سَرِيرِهِ لِئَلَّا تَرَى رَأْسَ أَبِيهَا وَذَوِي قَرَابَتِهَا، وَعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فِي غُلٍّ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَضَرَبَ عَلَى ثَنْيَتَيِ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ:

نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَحِبَّةٍ

إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا.

فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]. فَثَقُلَ عَلَى يَزِيدَ أَنْ يَتَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ، وَتَلَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل. فَقَالَ يَزِيدُ: بَلْ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ. فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ رَآنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَغْلُولِينَ لَأَحَبَّ أَنْ يُخَلِّيَنَا مِنَ الْغُلِّ. فَقَالَ: صَدَقْتَ، فَخَلُّوهُمْ مِنَ الْغُلِّ. فَقَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بُعْدٍ لَأَحَبَّ أَنْ يُقَرِّبَنَا. قَالَ: صَدَقْتَ، فَقَرِّبُوهُمْ. فَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ وَسُكَيْنَةُ يَتَطَاوَلَانِ لِتَرَيَا رَأْسَ أَبِيهِمَا، وَجَعَلَ يَزِيدُ يَتَطَاوَلُ فِي مَجْلِسِهِ لِيَسْتُرَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَجُهِّزُوا، وَأَصْلَحَ إِلَيْهِمْ، وَأُخْرِجُوا إِلَى الْمَدِينَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15149 -

«وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: لَمَّا أُتِيَ ابْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه فَجَعَلَ يَنْقُرُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ فِي عَيْنِهِ وَأَنْفِهِ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: ارْفَعِ الْقَضِيبَ قَالَ، لَهُ: لِمَ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ فَمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْضِعِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15150 -

«وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا أُتِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ، جَعَلَ يَنْكُتُ بِالْقَضِيبِ ثَنَايَاهُ يَقُولُ: لَقَدْ كَانَ - أَحْسَبُهُ قَالَ - جَمِيلًا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُسَوِّءَنَّكَ، إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْثِمُ حَيْثُ يَقَعُ قَضِيبُكَ. قَالَ: فَانْقَبَضَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا.

15151 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ رِجَالًا مِنَ

ص: 195

السَّمَاءِ نَزَلُوا، مَعَهُمْ حِرَابٌ يَتَتَبَّعُونَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، فَمَا لَبِثْتُ أَنْ نَزَلَ الْمُخْتَارُ فَقَتَلَهُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15152 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ أَوَّلَ رَأْسٍ حُمِلَ فِي الْإِسْلَامِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15153 -

وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَإِذَا رَأَسُ الْحُسَيْنِ قُدَّامَهُ عَلَى تُرْسٍ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْتُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَإِذَا بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ عَلَى تُرْسٍ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْتُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِذَا رَأَسُ الْمُخْتَارِ عَلَى تُرْسٍ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْتُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَإِذَا رَأَسُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى تُرْسٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: مَا كَانَ لِهَؤُلَاءِ عَمَلٌ إِلَّا الرُّءُوسُ. وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

15154 -

وَعَنْ ذُوَيْدٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ انْتُهِبَتْ جَزُورٌ مِنْ عَسْكَرِهِ، فَلَمَّا طُبِخَتْ إِذَا هِيَ دَمٌ، فَأَكْفَئُوهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15155 -

وَعَنْ حُمَيْدٍ الطَّحَّانِ قَالَ: كُنْتُ فِي خُزَاعَةَ، فَجَاءُوا بِشَيْءٍ مِنْ تَرِكَةِ الْحُسَيْنِ، فَقِيلَ لَهُمْ: نَنْحَرُ أَوْ نَبِيعُ فَنُقَسِّمُ. قَالَ: انْحَرُوا، فَجَلَسْتُ عَلَى جَفْنَةٍ، فَلَمَّا جَلَسْتُ فَارَتْ نَارًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15156 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ بَعْجَةَ قَالَ: أَوَّلُ ذُلٍّ دَخَلَ عَلَى الْعَرَبِ قَتْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَادِّعَاءَ زِيَادٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15157 -

وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: لَا تَسُبُّوا عَلِيًّا وَلَا أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ ; فَإِنَّ جَارًا لَنَا مِنْ بَلْهُجَيْمٍ قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى هَذَا الْفَاسِقِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَتَلَهُ اللَّهُ؟ فَرَمَاهُ اللَّهُ بِكَوْكَبَيْنِ فِي عَيْنَيْهِ ; فَطَمَسَ اللَّهُ بَصَرَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15158 -

وَعَنْ حَاجِبِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْقَصْرَ خَلْفَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ، فَاضْطَرَمَ فِي وَجْهِهِ نَارًا، فَقَالَ هَكَذَا بِكُمِّهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: هَلْ رَأَيْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَكْتُمَ ذَلِكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَحَاجِبُ عُبَيْدِ اللَّهِ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15159 -

وَعَنِ الزَّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ: أَيُّ وَاحِدٍ أَنْتَ إِنْ أَعْلَمْتَنِي، أَيُّ عَلَامَةٍ كَانَتْ يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ. فَقَالَ: قُلْتُ: لَمْ تُرْفَعْ حَصَاةٌ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهَا دَمٌ عَبِيطٍ، فَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنِّي وَإِيَّاكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَقَرِينَانِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15160 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا رُفِعَ بِالشَّامِ حَجَرٌ يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَّا عَنْ دَمٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15161 -

وَعَنْ أُمِّ حَكِيمٍ قَالَتْ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَّةٌ، فَمَكَثَتِ السَّمَاءُ أَيَّامًا مِثْلَ الْعَلَقَةِ.

ص: 196

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى أُمِّ حَكِيمٍ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15162 -

وَعَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ، قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ؟ قَالَ: إِنَّ الْكَذَّابَ مُنَافِقٌ، إِنَّ السَّمَاءَ احْمَرَّتْ حِينَ قُتِلَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15163 -

وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ كَسْفَةً حَتَّى بَدَتِ الْكَوَاكِبُ نِصْفَ النَّهَارِ، حَتَّى ظَنَّنَا أَنَّهَا هِيَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15164 -

وَعَنْ عِيسَى بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ، مَكَثْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِذَا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ نَظَرْنَا إِلَى السَّمَاءِ عَلَى أَطْرَافِ الْحِيطَانِ كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ. وَنَظَرْنَا إِلَى الْكَوَاكِبِ يَضْرِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15165 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ تَكُنْ فِي السَّمَاءِ حُمْرَةٌ حَتَّى قُتِلَ الْحُسَيْنُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15166 -

وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ أَبِي قَالَتْ: شَهِدَ رَجُلَانِ مِنَ الْجُعْفِيِّينَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَطَالَ ذَكَرُهُ حَتَّى كَانَ يَلُفُّهُ. وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَسْتَقْبِلُ الرَّاوِيَةَ بِفِيهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِهَا. قَالَ سُفْيَانُ: رَأَيْتُ وَلَدَ أَحَدِهِمَا كَانَ بِهِ خَبَلٌ، وَكَأَنَّهُ مَجْنُونٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى جَدِّهِ سُفْيَانَ ثِقَاتٌ

15167 -

وَبِسَنَدِهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْوَرْسَ الَّذِي أُخِذَ مِنْ عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ صَارَ مِثْلَ الرَّمَادِ.

15168 -

وَعَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: خَرَى رَجُلٌ [مِنْ بَنِي أَسَدٍ] عَلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ، فَأَصَابَ أَهْلَ ذَلِكَ الْبَيْتِ خَبَلٌ، وَجُنُونٌ، وَجُذَامٌ، وَبَرَصٌ، وَفَقْرٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15169 -

وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ فِي رَجَبٍ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْهُ، وَاسْتُخْلِفَ يَزِيدُ سَنَةَ سِتِّينَ، وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَقُتِلَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأُمُّهُ أُمُّ الْبَنِينَ: عَامِرِيَّةٌ وَجَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُمُّهُ لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودٍ: نَهْشَلِيَّةٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْأَكْبَرُ، وَأُمُّهُ لَيْلَى: ثَقَفِيَّةٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَأُمُّهُ: الرَّبَابُ بِنْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ: كَلْبِيَّةٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحُسَيْنِ لِأُمِّ وَلَدٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْحُسَيْنِ لِأُمِّ وَلَدٍ، وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسُلَيْمَانُ مَوْلَى الْحُسَيْنِ. وَقُتِلُ الْحُسَيْنُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ

ص: 197

وَخَمْسِينَ سَنَةً رضي الله عنهم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِيهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15170 -

وَعَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كُنَّا إِذَا ذَكَرْنَا حُسَيْنًا وَمَنْ قُتِلَ مَعَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: قُتِلَ مَعَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ [شَابًّا]، كُلُّهُمِ ارْتَكَضَ فِي رَحِمِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها وَعَنْهُمْ -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15171 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15172 -

وَعَنِ الْحَسَنِ - يَعْنِي الْبَصْرِيَّ - قَالَ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَاللَّهِ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ بَيْتٍ يُشْبِهُونَهُمْ. قَالَ سُفْيَانُ: وَمَنْ يَشُكُّ فِي هَذَا؟.

15173 -

عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15174 -

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ كَذَلِكَ، وَمَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

15175 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ، فَبَاعَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ عَيْنَ كَذَا وَعَيْنَ كَذَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15176 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: لَمَّا أُدْخِلَ ثَقَلُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَوُضِعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، بَكَى يَزِيدُ، وَقَالَ:

نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَحِبَّةٍ

إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا.

أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَكَ مَا قَتَلْتُكَ أَبَدًا. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: لَيْسَ هَكَذَا. قَالَ يَزِيدُ: كَيْفَ يَا ابْنَ أُمِّ؟ قَالَ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]. وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمِّ الْحَكَمِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - يَعْنِي ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ -:

لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أَدْنَى قَرَابَةً

مِنِ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ الْوَغْلِ

سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَى

وَبِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لَهَا نَسْلُ.

فَرَفَعَ يَزِيدُ يَدَهُ، فَضَرَبَ صَدْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ: اسْكُتْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ

ص: 198

بْنُ الْحَسَنِ هُوَ ابْنُ زُبَالَةَ، ضَعِيفٌ.

15177 -

وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْتَزُّوا رَأَسَهُ، وَقَعَدُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةٍ يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ، يَتَحَيَّوْنَ بِالرَّأْسِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ حَائِطٍ، فَكَتَبَ بِسَطْرِ دَمٍ:

أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا

شَفَاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الْحِسَابِ.

فَهَرَبُوا وَتَرَكُوا الرَّأْسَ، ثُمَّ رَجَعُوا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15178 -

وَعَنْ إِمَامٍ لِبَنِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ قَالَ: غَزَوْنَا الرُّومَ، فَنَزَلُوا فِي كَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِهِمْ، قَرَأُوا فِي حَجَرٍ مَكْتُوبٍ:

أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا

شَفَاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الْحِسَابِ.

فَسَأَلْنَاهُمْ: مُنْذُ كَمْ بُنِيَتْ هَذِهِ الْكَنِيسَةُ؟ قَالُوا: قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيُّكُمْ بِثَلَاثِ مِائَةِ سَنَةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15179 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ الْجِنَّ تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15180 -

وَعَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ الْجِنَّ تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15181 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ نَوْحَ الْجِنِّ مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا اللَّيْلَةَ، وَمَا أَرَى ابْنِي إِلَّا قُبِضَ - تَعْنِي الْحُسَيْنَ رضي الله عنه فَقَالَتْ لِجَارِيَتِهَا: اخْرُجِي اسْأَلِي، فَأُخْبِرَتْ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ، وَإِذَا جِنِّيَّةٌ تَنُوحُ:

أَلَا يَا عَيْنُ فَاحْتَفِلِي بِجَهْدِ

وَمَنْ يَبْكِي عَلَى الشُّهَدَاءِ بَعْدِي

عَلَى رَهْطٍ تَقُودُهُمُ الْمَنَايَا

إِلَى مُتَجَبِّرٍ فِي مُلْكِ عَبْدِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15182 -

وَعَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَصَّاصُونَ قَالُوا: كُنَّا إِذَا خَرَجْنَا إِلَى الْجَبَّانِ بِاللَّيْلِ عِنْدَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ سَمِعْنَا الْجِنَّ يَنُوحُونَ عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ:

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ

فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ

أَبَوَاهُ مِنْ عُلْيَا قُرَيْ

شٍ جَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَأَبُو جَنَابٍ مُدَلِّسٌ.

15183 -

وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْجَهْمِيِّ - مِنْ وَلَدِ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ - أَنَّهُ كَانَ يُنْشِدُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ، وَقَالَ هَذَا الشِّعْرَ لِزَيْنَبَ بِنْتِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:

ص: 199

مَاذَا تَقُولُونَ إِنْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ

مَاذَا فَعَلْتُمْ وَأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ

بِعِتْرَتِي وَبِأَنْصَارِي وَذُرِّيَتِي

مِنْهُمْ أُسَارَى وَقَتْلَى ضُرِّجُوا بِدَمِ

مَا كَانَ هَذَا جَزَائِي إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ

أَنْ تَخْلُفُونِي بِسُوءٍ فِي ذَوِي رَحِمِي.

فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ: نَقُولُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ.

15184 -

وَرَوَاهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَجْوَدَ مِنْهُ، وَزَادَ فِيهِ: فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:

أَقُولُ وَزَادَنِي حَنَقًا وَغَيْظًا

أَزَالَ اللَّهُ مُلْكَ بَنِي زِيَادِ

وَأَبْعَدَهُمْ كَمَا بَعُدُوا وَخَانُوا

كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ وَقَوْمُ عَادِ

وَلَا رَجَعَتْ رَكَائِبُهُمْ إِلَيْهِمْ

إِذَا قَفَّتْ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِي.

15185 -

وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ أَوْسَعَ لَهُ النَّاسُ، وَالْفَرَزْدَقُ بْنُ غَالِبٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ:[أَبَا] فِرَاسُ، مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ الْبَطْحَاءُ وَطْأَتُهُ

وَالْبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالْحِلُّ وَالْحَرَمُ

هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهِمُ

هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ الْعَلَمُ

يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانُ رَاحَتِهِ

وَرُكْنُ الْحَطِيمِ لَدَيْهِ حِينَ يَسْتَلِمُ

إِذَا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا

إِلَى مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الْكَرَمُ

يُفْضِي حَيَاءً وَيُفْضِي مِنْ مَهَابَتِهِ

فَلَا يُكَلَّمُ إِلَّا حِينَ يَبْتَسِمُ

فِي كَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقُ

بِكَفِّ أَرْوَعَ فِي عِرْنِينِهِ شَمَمُ

مُشْتَقَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ نَبْعَتُهُ

طَابَتْ عَنَاصِرُهُ وَالْخِيَمُ وَالشِّيَمُ

لَا يَسْتَطِيعُ جَوَادٌ بُعْدَ غَايَتِهِمْ

وَلَا يُدَانِيهِمُ قَوْمٌ وَإِنْ كَرِمُوا

أَيُّ الْعَشَائِرِ لَيْسَتْ فِي رِقَابِهِمُ

لِأَوَّلِيَّةِ هَذَا أَوَّلُهُ نَعَمُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15186 -

وَعَنْ سَفِيانٍ قَالَ: قَلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ؟ قَالَ: أَسُودُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، إِلَّا شَعَرَاتٍ هَاهُنَا فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ، فَلَا أَدْرِي أَخَضَبَ وَتَرَكَ ذَلِكَ الْمَكَانَ تَشَبُّهًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَمْ يَكُنْ شَابَ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَرَأَيْتُ حَسَنًا وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَسَجَدَ بَيْنَ الْإِمَامِ

ص: 200

وَبَيْنَ بَعْضِ النَّاسِ، فَقِيلَ لَهُ: اجْلِسْ، فَقَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15187 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَجَّ الْحُسَيْنُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ.

15188 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ، فَمَرَّ عَلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ، فَسَمِعَ حُسَيْنًا يَبْكِي، فَقَالَ: " أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ بُكَاءَهُ يُؤْذِينِي» ؟ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الطَّوِيلِ فِي الْإِخْبَارِ بِقَتْلِهِ النَّهْيَ عَنْ بُكَائِهِ رضي الله عنه. وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ بَيْعَتِهِ فِي الْبَيْعَةِ.

[بَابُ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها]

15189 -

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَفَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَائِهِمْ إِلَّا مَا كَانَ لِمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ» ".

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ ذِكْرِ فَاطِمَةَ وَمَرْيَمَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15190 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: فَاطِمَةُ، وَخَدِيجَةُ، ثُمَّ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:" وَآسِيَةُ ". وَرِجَالُ الْكَبِيرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15191 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ مَلَكًا مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يَكُنْ زَارَنِي، فَاسْتَأْذَنَ اللَّهَ فِي زِيَارَتِي، فَبَشَّرَنِي - أَوْ أَخْبَرَنِي - أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أُمَّتِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الذُّهْلِيِّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

15192 -

وَعَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ -: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ: " أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَابْنَاكِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ؟ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15193 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ فَاطِمَةَ غَيْرَ أَبِيهَا. قَالَتْ: وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَلْهَا فَإِنَّهَا لَا تَكْذِبُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَبُو يَعْلَى، إِلَّا أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَصْدَقُ مِنْ فَاطِمَةَ. وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15194 -

وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، وَهِيَ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ أَحَبَّ

ص: 201

إِلَيْكَ مِنِّي وَمِنْ أَبِي - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا -. فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، [فَدَخَلَ] فَأَهْوَى إِلَيْهَا، فَقَالَ: يَا بِنْتَ فُلَانَةَ، لَا أَسْمَعُكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -. قُلْتُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ غَيْرَ ذِكْرِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15195 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَهُمَا يَضْحَكَانِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَكَتَا، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَا لَكَمَا، كُنْتُمَا تَضْحَكَانِ فَلَمَّا رَأَيْتُمَانِي سَكَتُّمَا؟ ". فَبَادَرَتْ فَاطِمَةُ، فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ هَذَا: أَنَا أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ، فَقُلْتُ: بَلْ أَنَا أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " يَا بُنَيَّةُ، لَكِ رِقَّةُ الْوَلَدِ، وَعَلِيٌّ أَعِزُّ عَلَيَّ مِنْكِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15196 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ أَحَبُ إِلَيْكَ، أَنَا أَمْ فَاطِمَةُ؟ قَالَ: " فَاطِمَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهَا» ". قُلْتُ: فَذَكَرَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.

15197 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ فَاطِمَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا مَا كُنْتَ تَفْعَلُهُ مِنْ قَبْلُ، قَالَ لِي: " يَا حُمَيْرَاءُ، إِنَّهُ لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَوَقَفْتُ عَلَى شَجَرَةٍ مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ، لَمْ أَرَ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً هِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا حُسْنًا، وَلَا أَبْيَضُ مِنْهَا وَرَقَةً، وَلَا أَطْيَبُ مِنْهَا ثَمَرَةً، فَتَنَاوَلْتُ ثَمَرَةً مِنْ ثَمَرَتِهَا فَأَكَلْتُهَا، فَصَارَتْ نُطْفَةً فِي صُلْبِي، فَلَمَّا هَبَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ، فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ، فَإِذَا أَنَا اشْتَقْتُ إِلَى رَائِحَةِ الْجَنَّةِ شَمَمْتُ رِيحَ فَاطِمَةَ. يَا حُمَيْرَاءُ، إِنَّ فَاطِمَةَ لَيْسَتْ كَنِسَاءِ الْآدَمِيِّينَ، وَلَا تَعْتَلُّ كَمَا يَعْتَلُّونَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: كَانَ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ، وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَتْرُوكٌ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الْمِيزَانِ.

15198 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ رضي الله عنها: " إِنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلَا وَلَدِكِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15199 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ فَاطِمَةَ حَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل أَدْخَلَهَا بِإِحْصَانِ فَرْجِهَا وَذُرِّيَّتَهَا الْجَنَّةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ عَتَّابٍ، وَقِيلَ: ابْنُ غِيَاثٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15200 -

«وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَيُّ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ؟ فَسَكَتُوا فَلَمَّا رَجَعَتْ قُلْتُ لِفَاطِمَةَ: أَيُّ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلنِّسَاءِ؟ " قَالَتْ: لَا يَرَاهُنَّ

ص: 202

الرِّجَالُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي رضي الله عنها».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15201 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ كُنْتَ تَزَوَّجْهَا فَرُدَّ عَلَيْنَا ابْنَتَنَا ". إِلَى هَاهُنَا يَنْتَهِي حَدِيثُ خَالِدٍ [الْحَذَّاءِ] وَفِي الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ: قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ تَحْتَ رَجُلٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ وَاخْتَصَرَهُ فِي الْكَبِيرِ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ أَيْضًا، وَفِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ تَمَّامٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15202 -

«وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: خَطَبَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَبَلَغَ ذَلِكَ فَاطِمَةَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أَسْمَاءَ مُتَزَوِّجَةٌ عَلِيًّا، فَقَالَ لَهَا: " مَا كَانَ لَهَا أَنْ تُؤْذِيَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِمَا مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15203 -

وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنَّ حَسَنَ بْنَ حَسَنٍ بَعَثَ إِلَى الْمِسْوَرِ يَخْطُبُ ابْنَةً لَهُ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ يُوَافِينِي فِي وَقْتٍ ذَكَرَهُ، فَلَقِيَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ الْمِسْوَرُ، وَقَالَ: مَا مِنْ سَبَبٍ، وَلَا نَسَبٍ، وَلَا صِهْرٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَسَبِكُمْ وَصِهْرِكُمْ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" فَاطِمَةُ شِجْنَةٌ مِنِّي ; يَبْسُطُنِي مَا يَبْسُطُهَا، وَيَقْبِضُنِي مَا يَقْبِضُهَا، وَإِنَّهُ تَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَنْسَابُ إِلَّا نَسَبِي وَسَبَبِي ". وَتَحْتُكَ ابْنَتَهَا، فَلَوْ زَوَّجْتُكَ قَبَضَهَا ذَلِكَ، فَذَهَبَ عَاذِرًا لَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أُمُّ بَكْرٍ بِنْتُ الْمِسْوَرِ، وَلَمْ يُجَرِّحْهَا أَحَدٌ وَلَمْ يُوَثِّقْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15204 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «[لِفَاطِمَةَ رضي الله عنها] إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ، وَيَرْضَى لِرِضَاكِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15205 -

«وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ، فَقَامَتْ بِحِذَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُقَابِلَهُ، فَقَالَ:" ادْنِي يَا فَاطِمَةُ ". فَدَنَتْ دَنْوَةً، ثُمَّ قَالَ:" ادْنِي يَا فَاطِمَةُ ". فَدَنَتْ دَنْوَةً، ثُمَّ قَالَ:" ادْنِي يَا فَاطِمَةُ ". فَدَنَتْ دَنْوَةً حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ عِمْرَانُ: فَرَأَيْتُ صُفْرَةً قَدْ ظَهَرَتْ عَلَى وَجْهِهَا، وَذَهَبَ الدَّمُ، فَبَسَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ تَرَائِبِهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ:" اللَّهُمَّ مُشْبِعَ الْجَوْعَةِ، وَقَاضِي الْحَاجَةِ، وَرَافِعَ الْوَضَعَةِ، لَا تُجِعْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ". فَرَأَيْتُ صُفْرَةَ الْجُوعِ قَدْ ذَهَبَتْ عَنْ وَجْهِهَا

ص: 203

وَظَهَرَ الدَّمُ، ثُمَّ سَأَلْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: مَا جُعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا عِمْرَانَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُتْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

[بَابٌ مِنْهُ فِي فَضْلِهَا وَتَزْوِيجِهَا بِعَلِيٍّ رضي الله عنهما]

15206 -

عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ - وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ - قَالَ: «خَطَبَ عَلِيٌّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ، فَقَالَ: " هِيَ لَكَ يَا عَلِيُّ لَسْتُ بِدَجَّالٍ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " لَسْتُ بِدَجَّالٍ ". يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ وَعَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أُخْلِفُ الْوَعْدَ. وَحُجْرٌ لَا يُعْلَمُ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ حُجْرًا لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

15207 -

وَعَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ أَيْضًا - وَكَانَ قَدْ أَكَلَ الدَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه الْجَمَلَ وَصِفِّينَ - فَقَالَ:«خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما فَاطِمَةَ رضي الله عنها فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هِيَ لَكَ يَا عَلِيُّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15208 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15209 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ الشَّهَادَةَ لِلْحَدِيثِ فَلَمْ أُرْزَقْهَا: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ يَقُولُ وَنَحْنُ نَسِيرُ مَعَهُ: " إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ فَفَعَلْتُ قَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَنَى جَنَّةً مِنْ لُؤْلُؤَةِ قَصَبٍ، بَيْنَ كُلِّ قَصَبَةٍ إِلَى قَصَبَةٍ لُؤْلُؤَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ مُشَذَّرَةٍ بِالذَّهَبِ، وَجَعَلَ سُقُوفَهَا زَبَرْجَدًا أَخْضَرَ، وَجَعَلَ فِيهَا طَاقَاتٍ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُكَلَّلَةٍ بِالْيَوَاقِيتِ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهَا غُرَفًا: لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ دُرٍّ، وَلَبِنَةٌ مِنْ يَاقُوتٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا عُيُونًا تَنْبُعُ فِي نَوَاحِيهَا، وَحُفَّتْ بِالْأَنْهَارِ، وَجَعَلَ عَلَى الْأَنْهَارِ قِبَابًا مِنْ دُرٍّ قَدْ شُعِّبَتْ بِسَلَاسِلِ الذَّهَبِ، وَحُفَّتْ بِأَنْوَاعِ الشَّجَرِ، وَبُنِيَ فِي كُلِّ غُصْنٍ قُبَّةً، وَجَعَلَ فِي كُلِّ قُبَّةٍ أَرِيكَةً مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، غِشَاؤُهَا السُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ، وَفَرَشَ أَرْضَهَا بِالزَّعْفَرَانِ، وَفَتَقَ بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ، وَجَعَلَ فِي كُلِّ قُبَّةٍ حَوْرَاءَ، وَالْقُبَّةُ لَهَا مِائَةُ بَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ حَارِسَانِ وَشَجَرَتَانِ، فِي كُلِّ قُبَّةٍ مِفْرَشٌ وَكِتَابٌ، مَكْتُوبٌ حَوْلَ

ص: 204

الْقِبَابِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: لِمَنْ بَنَى اللَّهُ هَذِهِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: بَنَاهَا لِفَاطِمَةَ ابْنَتَكَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، سِوَى جِنَانِهِمَا تُحْفَةٌ أَتْحَفَهُمَا، وَأَقَرَّ عَيْنَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ النُّورِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمِسْمَعِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15210 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «جَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ مُنَاصَحَتِي وَقِدَمِي فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنِّي، وَأَنِّي. قَالَ:" وَمَا ذَاكَ؟ ". قَالَ: تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ - فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: خَطَبْتُ فَاطِمَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرَضَ عَنِّي قَالَ: مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَطْلُبَ مِثْلَ الَّذِي طَلَبْتَ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ مُنَاصَحَتِي وَقِدَمِي فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنِّي، وَأَنِّي. قَالَ:" وَمَا ذَاكَ؟ ". قَالَ: تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ؟ فَأَعْرَضَ، فَرَجَعَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ يَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ فِيهَا، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى عَلِيٍّ حَتَّى نَأْمُرَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِثْلَ الَّذِي طَلَبْنَا، قَالَ عَلِيٌّ: فَأَتَيَانِي وَأَنَا فِي سَبِيلٍ، فَقَالَا: بِنْتُ عَمِّكَ تُخْطَبُ، فَنَبَّهَانِي لِأَمْرٍ، فَقُمْتُ أَجُرُّ رِدَائِي طَرَفًا عَلَى عَاتِقِي وَطَرَفًا آخَرَ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ قِدَمِي فِي الْإِسْلَامِ وَمُنَاصَحَتِي، وَأَنِّي، وَأَنِّي. قَالَ:" وَمَا ذَاكَ يَا عَلِيُّ؟ ". قُلْتُ: تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ؟ قَالَ: " وَمَا عِنْدَكَ؟ ". قُلْتُ: فَرَسِي وَبَدَنِي - يَعْنِي: دِرْعِي - قَالَ: " أَمَّا فَرَسُكَ فَلَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ، وَأَمَّا بَدَنُكَ فَبِعْهَا ". فَبِعْتُهَا بِأَرْبَعِ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهَا فِي حِجْرِهِ، فَقَبَضَ مِنْهَا قَبْضَةً، فَقَالَ:" يَا بِلَالُ، ابْغِنَا بِهَا طِيبًا ". وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُجَهِّزُوهَا، فَجَعَلَ لَهَا سَرِيرًا مُشَرَّطًا بِالشَّرِيطِ، وَوِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَمَلَأَ الْبَيْتَ كَثِيبًا - يَعْنِي رَمْلًا - وَقَالَ:" إِذَا أَتَتْكَ فَلَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى آتِيَكَ ". فَجَاءَتْ مَعَ أُمِّ أَيْمَنَ، فَقَعَدَتْ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ وَأَنَا فِي جَانِبٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" أَهَاهُنَا أَخِي؟ ". فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: أَخُوكَ وَقَدْ زَوَّجْتَهُ ابْنَتَكَ؟! فَقَالَ لِفَاطِمَةَ: " ائْتِينِي بِمَاءٍ ". فَقَامَتْ إِلَى قَعْبٍ فِي الْبَيْتِ فَجَعَلَتْ فِيهِ مَاءً فَأَتَتْهُ بِهِ، فَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا:" قُومِي ". فَنَضَحَ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى رَأْسِهَا، ثُمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ".

[ثُمَّ قَالَ: أَدْبِرِي، فَأَدْبَرَتْ فَنَضَحَ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُعِيذُهَا وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ]، ثُمَّ قَالَ:" ائْتِينِي بِمَاءٍ ". فَعَلِمْتُ الَّذِي يُرِيدُهُ، فَمَلَأَتُ الْقَعْبَ مَاءً فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُ بِفِيهِ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِي وَبَيْنَ يَدَيَّ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُعِيذُهُ

ص: 205

بِكَ وَذُرِّيَّتَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ". ثُمَّ قَالَ: " ادْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ بِاسْمِ اللَّهِ وَالْبِرْكَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15211 -

وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَتَى أَبَا بَكْرٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا يُزَوِّجُنِي، قَالَ: إِذَا لَمْ يُزَوِّجْكَ فَمَنْ يُزَوِّجُ ; وَإِنَّكَ مِنْ أَكْرَمِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَأَقْدَمِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِذَا رَأَيْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طِيبَ نَفْسٍ وَإِقْبَالًا عَلَيْكِ فَاذْكُرِي لَهُ أَنِّي ذَكَرْتُ فَاطِمَةَ ; فَلَعَلَّ اللَّهَ عز وجل أَنْ يُيَسِّرَهَا لِي. قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَتْ مِنْهُ طِيبَ نَفْسٍ وَإِقْبَالًا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ ذَكَرَ فَاطِمَةَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَذْكُرَهَا. قَالَ:" حَتَّى يَنْزِلَ الْقَضَاءُ ". قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَذْكُرْ لَهُ الَّذِي ذَكَرْتَ. فَلَقِيَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ: يَا حَفْصَةُ إِذَا رَأَيْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِقْبَالًا - يَعْنِي عَلَيْكِ - فَاذْكُرِينِي لَهُ وَاذْكُرِي فَاطِمَةَ ; لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَهَا لِي. قَالَ: فَلَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ، فَرَأَتْ طِيبَ نَفْسٍ وَرَأَتْ مِنْهُ إِقْبَالًا، فَذَكَرَتْ لَهُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها فَقَالَ:" حَتَّى يَنْزِلَ الْقَضَاءُ ". فَلَقِيَ عُمَرُ حَفْصَةَ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَتَاهُ، وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ ذَكَرْتُ لَهُ شَيْئًا. فَانْطَلَقَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ مِنْ فَاطِمَةَ؟ فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ لَا يُزَوِّجَنِي قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُزَوِّجْكَ فَمَنْ يُزَوِّجُ ; وَأَنْتَ أَقْرَبُ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ؟ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلَ عَائِشَةَ وَلَا مِثْلَ حَفْصَةَ، قَالَ: فَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ فَاطِمَةَ قَالَ: " فَافْعَلْ ". قَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا دِرْعِي الْحُطَمِيَّةُ. قَالَ: " فَاجْمَعْ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ وَائْتِنِي بِهِ ". قَالَ: فَأَتَى بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً أَرْبَعُ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَوَّجَهُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها فَقَبَضَ ثَلَاثَ قَبَضَاتٍ، فَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّ أَيْمُنَ، فَقَالَ:" اجْعَلِي مِنْهَا قَبْضَةً فِي الطِّيبِ ". أَحْسَبُهُ قَالَ: " وَالْبَاقِي فِيمَا يُصْلِحُ الْمَرْأَةَ مِنَ الْمَتَاعِ ".

ص: 206

فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنَ الْجِهَازِ وَأَدْخَلَتْهُمْ بَيْتًا قَالَ: " يَا عَلِيُّ، لَا تُحْدِثَنَّ إِلَى أَهْلِكَ شَيْئًا حَتَّى آتِيَكَ ". فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا فَاطِمَةُ مُتَقَنِّعَةٌ، وَعَلِيٌّ قَاعِدٌ، وَأُمُّ أَيْمَنَ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ:" يَا أُمَّ أَيْمَنَ، ائْتِنِي بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ ". فَأَتَتْهُ بِقَعْبٍ فِيهِ مَاءٌ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ مَجَّ فِيهِ، ثُمَّ نَاوَلَهُ فَاطِمَةَ فَشَرِبَتْ، وَأَخَذَ مِنْهُ فَضَرَبَ جَبِينَهَا وَبَيْنَ كَتِفَيْهَا وَصَدْرِهَا، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ:" يَا عَلِيُّ اشْرَبْ ". ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ فَضَرَبَ بِهِ جَبِينَهُ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا ". فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُمُّ أَيْمَنَ، وَقَالَ:" يَا عَلِيُّ أَهْلَكَ "

15212 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَاطِمَةَ رضي الله عنها إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15213 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتْ فَاطِمَةُ تُذْكَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ إِلَّا صَدَّ عَنْهُ، حَتَّى يَئِسُوا مِنْهَا، فَلَقِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلِيًّا، فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْبِسُهَا إِلَّا عَلَيْكَ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: فَلِمَ تَرَى ذَلِكَ؟ [فَوَاللَّهِ] مَا أَنَا بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ دُنْيَا يَلْتَمِسُ مَا عِنْدِي، وَقَدْ عَلِمَ مَا لِي صَفْرَاءُ وَلَا بَيْضَاءُ، وَمَا أَنَا بِالْكَافِرِ الَّذِي يَتَرَفَّقُ بِهَا عَنْ دِينِهِ! - يَعْنِي يَتَأَلَّفُهُ بِهَا - إِنِّي لَأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ! فَقَالَ سَعْدٌ: إِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتُفَرِّجَنَّهَا عَنِّي ; فَإِنَّ لِي فِي ذَلِكَ فَرَجًا. قَالَ: أَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ: جِئْتُ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. [قَالَ: فَانْطَلَقَ وَهُوَ ثَقِيلٌ حَصِرٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً يَا عَلِيُّ " فَقَالَ: أَجَلْ جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ] فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَرْحَبًا ". كَلِمَةٌ ضَعِيفَةٌ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى سَعْدٍ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَيَّ أَنْ رَحَّبَ بِي كَلِمَةً ضَعِيفَةً. فَقَالَ سَعْدٌ: أَنْكَحَكَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، إِنَّهُ لَا خَلْفٌ، وَلَا كَذِبٌ عِنْدَهُ، أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّهُ غَدًا، فَلَتَقُولَنَّ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَتَى تُبْنِينِي؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ أَشُدُّ عَلَيَّ مِنَ الْأُولَى، أَوَّلًا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَاجَتِي؟ قَالَ: قُلْ كَمَا أَمَرْتُكَ، فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى تُبْنِينِي؟ قَالَ:" اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ". ثُمَّ دَعَا بِلَالًا، فَقَالَ:" يَا بِلَالُ، إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ سُنَّةِ أُمَّتِي الطَّعَامُ عِنْدَ النِّكَاحِ، فَائِتِ الْغَنَمَ، فَخُذْ شَاةً وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ، وَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً أَجْمَعُ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَآذِنِّي ". فَانْطَلَقَ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، ثُمَّ أَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَطَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَأْسِهَا، وَقَالَ: " أَدْخِلِ النَّاسَ عَلَيَّ

ص: 207

زَفَّةً زَفَّةً، وَلَا يُغَادِرْنَ زَفَّةً إِلَى غَيْرِهَا ". - يَعْنِي إِذَا فَرَغَتْ زَفَّةٌ فَلَا يَعُودُونَ ثَانِيَةً -. فَجَعَلَ النَّاسُ يَرِدُونَ، كُلَّمَا فَرَغَتْ زَفَّةٌ وَرَدَتْ أُخْرَى، حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ. ثُمَّ عَمَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا فَضَلَ مِنْهَا، فَتَفَلَ فِيهِ وَبَارَكَ، وَقَالَ: " يَا بِلَالُ، احْمِلْهَا إِلَى أُمَّهَاتِكَ، وَقُلْ لَهُنَّ: كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ ". ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: " إِنِّي زَوَّجْتُ بِنْتِي ابْنَ عَمِّي، وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي، وَأَنَا دَافِعُهَا إِلَيْهِ فَدُونَكُنَّ ". فَقُمْنَ النِّسَاءُ فَغَلَّفْنَهَا مِنْ طِيبِهِنَّ، وَأَلْبَسْنَهَا مِنْ ثِيَابِهِنَّ، وَحَلَّيْنَهَا مِنْ حُلِيِّهِنَّ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ النِّسَاءُ ذَهَبْنَ، وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتْرٌ، وَتَخَلَّفَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ رضي الله عنها فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " عَلَى رِسْلِكِ، مَنْ أَنْتِ؟ ". قَالَتْ: أَنَا الَّتِي أَحْرُسُ ابْنَتَكَ، إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ بِنَائِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ [تَكُونُ] قَرِيبَةٍ مِنْهَا، إِنْ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ أَوْ أَرَادَتْ أَمْرًا أَفْضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْهَا. قَالَ:" فَإِنِّي أَسَالُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ وَمِنْ خَلْفِكِ، وَعَنْ يَمِينِكِ وَعَنْ شِمَالِكِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ". ثُمَّ صَرَخَ بِفَاطِمَةَ فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم[حَصَرَتْ] بَكَتْ، فَخَشِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا أَنَّ عَلِيًّا لَا مَالَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَا يُبْكِيكِ؟ مَا أَلَوْتُكِ فِي نَفْسِي، وَقَدْ أَصَبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلِي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَعِيدًا فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لِمَنِ الصَّالِحِينَ ". فَلَانَ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَسْمَاءُ، ائْتِينِي بِالْمِخْضَبِ [فَامْلَئِيهِ مَاءً] ". فَأَتَتْ أَسْمَاءُ بِالْمِخْضَبِ، فَمَجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَمَسَحَ فِي وَجْهِهِ وَقَدَمَيْهِ، ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا، وَكَفًّا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، ثُمَّ رَشَّ جِلْدَهُ وَجِلْدَهَا، ثُمَّ الْتَزَمَهَا، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ إِنَّهَا مِنِّي وَإِنِّي مِنْهَا، اللَّهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي فَطَهِّرْهُمَا ". ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا، فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ بِهَا، ثُمَّ دَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا:" قُومَا إِلَى بَيْتِكُمَا، جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا [وَبَارَكَ] فِي سِرِّكُمَا، وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا ". ثُمَّ قَامَ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُمَا بِيَدِهِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَأَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ رضي الله عنها أَنَّهَا رَمَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً، لَا يُشْرِكُهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدًا حَتَّى تَوَارَى فِي حُجْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم».

رَوَاهُ

ص: 208

الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15214 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «قَالَ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: عِنْدَكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[فَسَلَّمَ عَلَيْهِ] فَقَالَ:" مَا حَاجَةُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ:" مَرْحَبًا وَأَهْلًا ". لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا. فَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ مِنَ الْأَنْصَارِ يَنْتَظِرُونَهُ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لِي:" مَرْحَبًا وَأَهْلًا ". قَالُوا: يَكْفِيكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَاهُمَا، أَعْطَاكَ الْأَهْلَ وَالْمَرْحَبَ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَمَا زَوَّجَهُ قَالَ:" يَا عَلِيُّ، إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَرُوسِ مِنْ وَلِيمَةٍ ". قَالَ سَعْدٌ: عِنْدِي كَبْشٌ، وَجَمَعَ لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ أَصْوُعًا مِنْ ذُرَةٍ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْبِنَاءِ قَالَ:" لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَلْقَانِي ". فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ أَفْرَغَهُ عَلَيَّ فَقَالَ:" اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِمَا، وَبَارِكْ لَهُمَا فِي بِنَائِهِمَا ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: لَوْ خَطَبْتَ فَاطِمَةَ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: " اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِمَا، وَبَارِكْ لَهُمَا فِي شِيلَهِمَا» ". وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ سَلِيطٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

15215 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَضَرْنَا عُرْسَ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَفَاطِمَةَ رضي الله عنها فَمَا رَأَيْنَا عُرْسًا كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ ; حَشَوْنَا الْفِرَاشَ - يَعْنِي اللِّيفَ - وَأَتَيْنَا بِتَمْرٍ وَزَبِيبٍ فَأَكَلْنَا، وَكَانَ فِرَاشُهَا لَيْلَةَ عُرْسِهَا إِهَابَ كَبْشٍ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15216 -

«وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: لَمَّا أُهْدِيَتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، لَمْ نَجِدْ فِي بَيْتِهِ إِلَّا رَمْلًا مَبْسُوطًا، وَوِسَادَةً حَشْوُهَا لِيفٌ، وَجَرَّةً، وَكُوزًا، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:[إِلَى عَلِيٍّ]" لَا تُحْدِثَنَّ حَدَثًا - أَوْ قَالَ: لَا تَقْرَبَنَّ أَهْلَكَ - حَتَّى آتِيَكَ ". فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَثَمَّ أَخِي؟ ". فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ - وَهِيَ أُمُّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَتْ حَبَشِيَّةً، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَخُوكَ وَزَوَّجْتَهُ ابْنَتَكَ؟ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَآخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَنَفْسِهِ. قَالَ:" إِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ يَا أُمَّ أَيْمَنَ ".

قَالَتْ: فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَ عَلِيٍّ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ تَعْثُرُ فِي مِرْطِهَا مِنَ الْحَيَاءِ، فَنَضَحَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ

ص: 209

يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا:" أَمَا إِنِّي لَمْ آلُكِ أَنْ أَنَكَحْتَكِ أَحَبَّ أَهْلِي إِلَيَّ ". ثُمَّ رَأَى سَوَادًا مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ - أَوْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ - فَقَالَ: " مَنْ هَذَا؟ ". قَالَتْ: أَسْمَاءُ، قَالَ:" أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:" جِئْتُ كَرَامَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[مَعَ ابْنَتِهِ]؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ، إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ يُبْنَى بِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَكُونُ قَرِيبًا مِنْهَا، إِنْ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ أَفْضَتْ ذَلِكَ إِلَيْهَا. قَالَتْ: فَدَعَا لِي بِدُعَاءٍ إِنَّهُ لَأَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: " دُونَكَ أَهْلَكَ ". ثُمَّ خَرَجَ فَوَلَّى، فَمَا زَالَ يَدْعُو لَهُمَا حَتَّى تَوَارَى فِي حُجَرِهِ».

15217 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَيْضًا قَالَتْ: كُنْتُ فِي زِفَافِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَصْبَحَتْ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ الْبَابَ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ أُمُّ أَيْمَنَ فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ، فَقَالَ لَهَا:" يَا أُمَّ أَيْمَنَ، ادْعِي لِي أَخِي ". فَقَالَتْ: أَخُوكَ هُوَ -[أَيْ كَلِمَةٌ يَمَانِيَّةٌ]-

وَتُنْكِحُهُ ابْنَتَكَ؟ قَالَ: " يَا أُمَّ أَيْمَنَ، ادْعِي لِي ". فَسَمِعَ النِّسَاءُ صَوْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَحَشْحَشْنَ، فَجَلَسَ فِي نَاحِيَةٍ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ نَضَحَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ:" ادْعُوا لِي فَاطِمَةَ ". فَجَاءَتْ وَهِيَ عَرِقَةٌ، أَوْ حِزِقَةٌ مِنَ الْحَيَاءِ، فَقَالَ:" اسْكُتِي ; فَقَدَ أَنَكَحْتُكِ أَحَبَّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ» ". فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15218 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «لَمَّا جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنهما بَعَثَ مَعَهَا بِخَمِيلٍ - قَالَ عَطَاءٌ: مَا الْخَمِيلُ؟ قَالَ: قَطِيفَةٌ - وَوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِذْخِرٍ، وَقِرْبَةٍ. كَانَا يَتَفَرَّشَانِ الْخَمِيلَ، وَيَلْتَحِفَانِ بِنِصْفِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

15219 -

«وَعَنْ أُمِّ أَيْمَنَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَهْلِهِ حَتَّى يَجِيئَهُ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ» .

قُلْتُ: رَوَى هَذَا فِي تَرْجَمَةِ أُمِّ أَيْمَنَ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مَا يُنَاسِبُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15220 -

وَعَنْ أُمِّ سَلْمَى قَالَتْ: اشْتَكَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَكْوَاهَا الَّتِي قُبِضَتْ فِيهَا، فَكُنْتُ أُمَرِّضُهَا، فَأَصْبَحَتْ يَوْمًا كَأَمْثَلِ مَا رَأَيْنَاهَا فِي شَكْوَاهَا تِلْكَ، قَالَتْ: وَخَرَجَ عَلِيٌّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّهْ، اسْكُبِي لِي غُسْلًا، فَسَكَبْتُ لَهَا غُسْلًا فَاغْتَسَلَتْ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُهَا تَغْتَسِلُ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أُمَّهْ

ص: 210

أَعْطِينِي ثِيَابِيَ الْجُدُدَ، فَأَعْطَيْتُهَا فَلَبِسَتْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أُمَّهْ، قَدِّمِي لِي فِرَاشِي وَسَطَ الْبَيْتِ، فَفَعَلْتُ، وَاضْطَجَعَتْ، وَاسْتَقْبَلَتِ الْقِبْلَةَ، وَجَعَلَتْ يَدَهَا تَحْتَ خَدِّهَا، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أُمَّهْ، إِنِّي مَقْبُوضَةٌ الْآنَ وَقَدْ تَطَهَّرْتُ، فَلَا يَكْشِفْنِي أَحَدٌ. فَقُبِضَتْ مَكَانَهَا، قَالَتْ: فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَخْبَرْتُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15221 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها لَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ أَمَرَتْ عَلِيًّا رضي الله عنه فَوَضَعَ لَهَا غُسْلًا، فَاغْتَسَلَتْ وَتَطَهَّرَتْ، وَدَعَتْ بِثِيَابِ أَكْفَانِهَا، فَأُتِيَتْ بِثِيَابٍ غِلَاظٍ خُشْنٍ وَلَبِسَتْهَا، وَمَسَّتْ مِنْ حَنُوطٍ، ثُمَّ أَمَرَتْ عَلِيًّا أَنْ لَا تُكْشَفَ إِذَا قُبِضَتْ، وَأَنْ تُدْرَجَ كَمَا هِيَ فِي ثِيَابِهَا، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ عَلِمْتَ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَكَتَبَ فِي أَطْرَافِ أَكْفَانِهِ: يَشْهَدُ كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ لَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ فَالْإِسْنَادُ مُنْقَطِعٌ.

15222 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقٍ قَالَ: تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ، وَكَانَ مَوْلِدُهَا وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْكَعْبَةَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعِ سِنِينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَأَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ، ثُمَّ هَاجَرَ فَأَقَامَ عَشْرًا، ثُمَّ عَاشَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ [مِنَ الْهِجْرَةِ].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

15223 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بِنْتُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15224 -

وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ لِي غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَتْ فَاطِمَةُ أَصْغَرَ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحَبَّهُنَّ إِلَيْهِ. وَزَعَمَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ رُقَيَّةَ أَصْغَرَ مِنْ فَاطِمَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ جُرَيْجٍ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15225 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ " فُسْتُقَةَ " قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُكَنَّى: أُمُّ أَبِيهَا.

قَالَ: كَانَتْ أَصْغَرَ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَدِيجَةِ. وَقِيلَ: كَانَتْ تَوْأَمَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فِي الطَّبَرَانِيِّ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ.

15226 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَدَفَنَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَيْلًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحَدِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15227 -

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ - قَالَ:

ص: 211

مَكَثَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَمَا رُئِيَتْ ضَاحِكَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنَّهُمْ قَدِ امْتَرَوْا فِي طَرَفِ نَابِهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15228 -

وَعَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ، غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَتَمُرُّ وَعَلَيْهَا رَيْطَتَانِ خَضْرَاوَانِ [أَوْ حَمْرَاوَانِ]» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَحْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها]

15229 -

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ لِي غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْبَرَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ جُرَيْجٍ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15230 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: فَوُلِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَاسِمُ، وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ، ثُمَّ زَيْنَبُ، وَكَانَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَلِيًّا وَأُمَامَةَ، وَكَانَ عَلِيٌّ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي غَاضِرَ، فَافْتَصَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَوْهُ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «مَنْ شَارَكَنِي فِي شَيْءٍ فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ، وَأَيُّمَا كَافِرٌ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي شَيْءٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ» ".

قَالَ الزُّبَيْرُ: وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيُّ قَالَ: تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ ابْنُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ نَاهَزَ الْحُلُمَ، «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْدَفَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مَتْرُوكٌ.

15231 -

وَعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ خَرَجَتِ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ مِنْ مَكَّةَ مَعَ كِنَانَةَ - أَوِ ابْنِ كِنَانَةَ - فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَلَمْ يَزَلْ يَطْعَنُ بَعِيرَهَا بِرُمْحِهِ حَتَّى صَرَعَهَا، وَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، فَتَحَمَّلَتْ، وَاشْتَجَرَ فِيهَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو أُمَيَّةَ، فَقَالَ بَنُو أُمَيَّةَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهِمْ أَبِي الْعَاصِ، وَكَانَتْ عِنْدَ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَتْ تَقُولُ [لِهَا هِنْدُ]: هَذَا فِي سَبَبِ أَبِيكِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ:" أَلَا تَنْطَلِقُ فَتَجِيءَ بِزَيْنَبَ؟ ". قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:" فَخُذْ خَاتَمِي فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ ". فَانْطَلَقَ زَيْدٌ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَلَطَّفُ فَلَقِيَ رَاعِيًا، فَقَالَ: لِمَنْ تَرْعَى؟ فَقَالَ: لِأَبِي الْعَاصِ، فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ

ص: 212

الْغَنَمُ؟ فَقَالَ: لِزَيْنَبَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَسَارَ مَعَهُ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا تُعْطِيهَا إِيَّاهُ وَلَا تَذْكُرُهُ لِأَحَدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ الْخَاتَمَ، فَعَرَفَتْهُ، فَقَالَتْ: مَنْ أَعْطَاكَ هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ، قَالَتْ: فَأَيْنَ تَرَكْتَهُ؟ قَالَ: بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَسَكَتَتْ حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَتْهُ قَالَ لَهَا: ارْكَبِي بَيْنَ يَدَيَّ عَلَى بَعِيرِهِ. قَالَتْ: لَا، وَلَكِنِ ارْكَبْ أَنْتَ بَيْنَ يَدَيَّ، فَرَكِبَ وَرَكِبَتْ وَرَاءَهُ، حَتَّى أَتَتْ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" هِيَ خَيْرُ بَنَاتِي، أُصِيبَتْ فِيَّ ".

فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ، فَانْطَلَقَ إِلَى عُرْوَةَ، فَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ تَنْتَقِصُ حَقَّ فَاطِمَةَ؟! فَقَالَ عُرْوَةُ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنِّي أَنْتَقِصُ فَاطِمَةَ حَقًّا هُوَ لَهَا، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ إِنِّي لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَبَدًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بَعْضَهُ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15232 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَأْذَنَتْ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ زَوْجَهَا حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرًا أَنْ تَذْهَبَ إِلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْعَاصِ لَحِقَهَا بِالْمَدِينَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا: أَنْ خُذِي لِي مِنْ أَبِيكِ أَمَانًا، فَأَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ الصُّبْحَ، فَقَالَتْ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا زَيْنَبُ، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَا عِلْمَ لِي بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُهُ الْآنَ، وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15233 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «كَانَ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوْجَ ابْنَتِهِ، وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ مِنْ رِجَالِ مَكَّةَ الْمَعْدُودِينَ مَالًا وَأَمَانَةً، وَكَانَ لِهَالَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ [وَكَانَتْ] خَدِيجَةُ خَالَتُهُ، فَسَأَلَتْ خَدِيجَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْنَبَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُخَالِفُهَا، وَكَانَ قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَعُدُّهُ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا، فَلَمَّا أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِالنُّبُوَّةِ، وَآمَنَتْ بِهِ خَدِيجَةُ وَبَنَاتُهُ، وَصَدَّقْنَهُ وَشَهِدْنَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ وَدِنَّ بِدِينِهِ، وَثَبَتَ أَبُو الْعَاصِ عَلَى شِرْكِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ زَوَّجَ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي لَهَبٍ إِحْدَى ابْنَتَيْهِ: رُقَيَّةَ أَوْ أُمَّ كُلْثُومٍ، فَلَمَّا بَادَئَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيْشًا بِأَمْرِ اللَّهِ

ص: 213

وَبَادَوْهُ، قَالَ:" إِنَّكُمْ قَدْ فَرَّغْتُمْ مُحَمَّدًا مِنْ هَمِّهِ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ بَنَاتِهِ فَاشْغَلُوهُ بِهِنَّ ". فَمَشَوْا إِلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالُوا: فَارِقْ صَاحِبَتَكَ، وَنَحْنُ نُزَوِّجُكَ أَيَّ امْرَأَةٍ شِئْتَ. فَقَالَ: لَا هَاءَ اللَّهِ، إِذًا لَا أُفَارِقُ صَاحِبَتِي، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِامْرَأَتِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُثْنِي عَلَيْهِ فِي صِهْرِهِ خَيْرًا - فِيمَا بَلَغَنِي -. فَمَشَوْا إِلَى الْفَاسِقِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَقَالُوا: طَلِّقِ امْرَأَتَكَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، وَنَحْنُ نُزَوِّجُكَ أَيَّ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: إِنْ زَوَّجْتُمُونِي بِنْتَ أَبَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ [أَوْ بِنْتَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَارَقْتُهَا] فَزَوَّجَهُ بِنْتَ سَعِيدِ [بْنِ الْعَاصِ]. فَفَارَقَهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَدُوُّ اللَّهِ دَخَلَ بِهَا، فَأَخْرَجَهَا اللَّهُ مِنْ يَدِهِ ; كَرَامَةً لَهَا وَهَوَانًا لَهُ، وَخَلَفَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحِلُّ بِمَكَّةَ وَلَا يُحْرِمُ مَغْلُوبًا عَلَى أَمْرِهِ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى إِسْلَامِهَا وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ، حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهِيَ مُقِيمَةٌ مَعَهُ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا سَارَتْ قُرَيْشٌ إِلَى بَدْرٍ سَارَ مَعَهُمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ، فَأُصِيبَ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

15234 -

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ [لَهَا] كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: " إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا مَالَهَا فَافْعَلُوا ". فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَطْلَقُوهُ وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا. قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ، وَوَعَدَهُ ذَلِكَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ، إِذْ كَانَ فِيمَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِي إِطْلَاقِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيُعْلَمُ، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ إِلَى مَكَّةَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: " كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ، فَتَصْحَبَانِهَا، فَتَأْتِيَانِي بِهَا [فَخَرَجَا مَكَانَهُمَا وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ أَوْ شِبْهِهِ] ". فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ بِأَبِيهَا، فَخَرَجَتْ جَهْرَةً» .

15235 -

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «حُدِّثْتُ عَنْ زَيْنَبَ أَنَّهَا قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا أَتَجَهَّزُ بِمَكَّةَ لِلُّحُوقِ بِأَبِي

ص: 214

لَقِيَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقَالَتْ: يَا بِنْتَ عَمِّي، إِنْ كَانَتْ لَكِ حَاجَةً بِمَتَاعٍ مِمَّا يَرْفُقُ بِكِ فِي سَفَرِكِ، أَوْ مَا تَبْلُغِينَ بِهِ إِلَى أَبِيكِ [فَإِنَّ عِنْدِي فِي حَاجَتِكِ]، فَلَا تَضْطَنِّي مِنْهُ ; فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَ النِّسَاءِ مَا [يَدْخُلُ] بَيْنَ الرِّجَالِ. قَالَتْ: وَوَاللَّهِ مَا أَرَاهَا قَالَتْ ذَلِكَ إِلَّا لِتَفْعَلَ، وَلَكِنِّي خِفْتُهَا، فَأَنْكَرْتُ أَنْ أَكُونَ أُرِيدُ ذَلِكَ، فَتَجَهَّزْتُ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ جِهَازِي قَدَّمَ إِلَيَّ حَمَوَيَّ كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ أَخُو زَوْجِي بَعِيرًا فَرَكِبْتُهُ، وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يَقُودُ بِهَا، وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا، وَتَحَدَّثَتْ بِذَلِكَ رِجَالُ قُرَيْشٍ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا حَتَّى أَدْرَكُوهَا بِذِي طُوًى، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَنَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ الزُّهْرِيُّ، فَرَوَّعَهَا هَبَّارٌ [بِقَيْنَةِ بَنِي أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الَّذِي بِإِفْرِيقِيَّةَ] فَرَوَّعَهَا هَبَّارٌ [بِالرُّمْحِ] وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا، وَكَانَتْ حَامِلًا - فِيمَا يَزْعُمُونَ - فَلَمَّا وَقَعَتْ أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، فَنَزَلَ حَمُوهَا وَنَثَرَ كِنَانَتُهُ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنِّي رَجُلٌ إِلَّا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا، فَتَكَرْكَرَ النَّاسُ عَنْهُ، وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فِي جُلَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، كُفَّ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ، فَكَفَّ، وَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ، خَرَجْتَ بِامْرَأَةٍ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ نَهَارًا، وَقَدْ عَلِمْتَ مُصِيبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا، وَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ إِذَا خَرَجَتْ إِلَيْهِ ابْنَتُهُ عَلَانِيَةً مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانِينَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ذُلٍّ أَصَابَنَا عَنْ مُصِيبَتِنَا الَّتِي كَانَتْ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَّا ضَعْفٌ وَوَهْنٌ، وَإِنَّهُ لَعَمْرِي مَا لَنَا فِي حَبْسِهَا عَنْ أَبِيهَا حَاجَةً، وَلَكِنْ أَرْجِعِ الْمَرْأَةَ حَتَّى إِذَا هَدَأَ الصَّوْتُ وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّا قَدْ رَدَدْنَاهَا، فَسَلِّهَا سِرًّا وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا. قَالَ: فَفَعَلَ، وَأَقَامَتْ لَيَالِيَ حَتَّى إِذَا هَدَأَ النَّاسُ، خَرَجَ بِهَا لَيْلًا فَأَسْلَمَهَا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَصَاحِبِهِ، فَقَدِمَا بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقَامَ أَبُو الْعَاصِ بِمَكَّةَ، وَكَانَتْ زَيْنَبُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ فَرَّقَ الْإِسْلَامُ بَيْنَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ قُبَيْلَ الْفَتْحِ خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ، وَكَانَ رَجُلًا مَأْمُونًا بِأَمْوَالٍ لَهُ، وَأَمْوَالٍ لِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَبَضَعُوهَا مَعَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ أَقْبَلَ قَافِلًا، فَلَقِيَتْهُ سَرِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ، وَأَعْجَزَهُمْ هَارِبًا، فَلَمَّا قَدِمَتِ السَّرِيَّةُ بِمَا أَصَابُوا مِنْ مَالِهِ أَقْبَلَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ تَحْتَ اللَّيْلِ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَجَارَهَا فَأَجَارَتْهُ، وَجَاءَ فِي طَلَبِ مَالِهِ.

فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ - كَمَا

ص: 215

حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ - فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ، خَرَجَتْ زَيْنَبُ مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ، وَقَالَتْ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ. فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَاةِ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:" أَيُّهَا النَّاسُ، أَسْمِعْتُمْ؟ ". قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: " أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَلِمْتُ بِشَيْءٍ كَانَ حَتَّى سَمِعْتُهُ، إِنَّهُ لَيُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ ". ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ، فَقَالَ:" يَا بُنَيَّةُ، أَكْرِمِي مَثْوَاهُ، وَلَا يَخْلُصُ إِلَيْكِ، فَإِنَّكِ لَا تَحِلِّينَ لَهُ» ".

15236 -

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى السَّرِيَّةِ الَّذِينَ أَصَابُوا مَالَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ: " إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَّا قَدْ عَلِمْتُمْ [وَقَدْ]، أَصَبْتُمْ لَهُ مَالًا، فَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَرُدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ؛ فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَهُوَ فَيْءُ اللَّهِ الَّذِي أَفَاءَهُ عَلَيْكُمْ ; فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرُدُّهُ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ مَالَهُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِي الرَّجُلُ بِالشَّنَّةِ وَالْإِدَاوَةِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَأْتِي بِالشِّظَاظِ، حَتَّى إِذَا رَدُّوا عَلَيْهِ مَالَهُ بِأَسْرِهِ لَا يَفْقِدُ مِنْهُ شَيْئًا احْتَمَلَ إِلَى مَكَّةَ، فَرَدَّ إِلَى كُلِّ ذِي مَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَالَهُ مِمَّنْ كَانَ أَبْضَعَ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَقِيَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ عِنْدِي مَالٌ لَمْ يَأْخُذْهُ؟ قَالُوا: لَا، وَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ; فَقَدْ وَجَدْنَاكَ عَفِيفًا كَرِيمًا، قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي مِنَ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُ إِلَّا تُخَوُّفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ آكُلَ أَمْوَالَكُمْ، فَأَمَّا إِذْ أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكُمْ وَفَرَغْتُ مِنْهَا أَسْلَمْتُ. وَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

15237 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّ رَجُلًا أَقْبَلَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَحِقَهُ رَجُلَانِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَاتَلَاهُ حَتَّى غَلَبَاهُ عَلَيْهَا، فَدَفَعَاهَا فَوَقَعَتْ عَلَى صَخْرَةٍ، فَأَسْقَطَتْ وَهُرِيقَتْ دَمًا، فَذَهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَتْهُ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِنَّ، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مُهَاجِرَةً، فَلَمْ تَزَلْ وَجِعَةً حَتَّى مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَجَعِ، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا شَهِيدَةٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ]

15238 -

عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ قَالَ: «كَانَتْ رُقَيَّةُ عِنْدَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] سَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُتْبَةَ طَلَاقَ رُقَيَّةَ، وَسَأَلَتْهُ

ص: 216

رُقَيَّةُ ذَلِكَ، فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه رُقَيَّةَ، وَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ ; فَالْإِسْنَادُ حَسَنٌ.

15239 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: «وَكَانَتْ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَفَارَقَهَا، فَتَزَوَّجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رُقَيَّةَ بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى، وَقَدِمَتْ مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ عَلَيْهَا بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ سُهْمَانِ أَهْلِ بَدْرٍ. قَالَ: وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَأَجْرُكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ بَعْضَهُ، وَرِجَالُهُمَا إِلَى قَائِلِهِمَا ثِقَاتٌ.

15240 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَتْ رُقَيَّةُ يَوْمَ جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبُشْرَى بَدْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15241 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ عُثْمَانُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ.

15242 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: «وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ الَّذِي أَكَلَهُ الْأَسَدُ فَفَارَقَهَا، وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ رُقَيَّةُ عِنْدَ عُثْمَانَ زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ كُلْثُومٍ، فَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئًا، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كَانَ لِي عَشْرٌ لَزَوَّجْتَكَهُنَّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ قِصَّةُ طَلَاقِ عُتَيْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ إِيَّاهَا فِي الْمَغَازِي فِيمَا لَقِيَ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ، وَبَعْضُهَا فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ رضي الله عنه.

[بَابٌ فِي أَوْلَادِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

15243 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ خَدِيجَةَ وَلَدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةً: عَبْدَ اللَّهِ، وَالْقَاسِمَ، وَزَيْنَبَ، وَرُقَيَّةَ، وَأُمَّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةَ، وَوَلَدَتْ لَهُ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ إِبْرَاهِيمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15244 -

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: وُلِدَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقَاسِمُ، وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ، ثُمَّ زَيْنَبُ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الطَّيِّبُ، وَيُقَالُ لَهُ: الطَّاهِرُ، وُلِدَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، وَمَاتَ صَغِيرًا، ثُمَّ أُمُّ كُلْثُومٍ، ثُمَّ فَاطِمَةُ، ثُمَّ رُقَيَّةُ. هَكَذَا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ. مَاتَ الْقَاسِمُ بِمَكَّةَ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ مِنَ الْفَضْلِ لِمَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَغَيْرِهِمَا]

15245 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الصَّخْرَةُ صَخْرَةُ

ص: 217

بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى نَخْلَةٍ، وَالنَّخْلَةُ عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، وَتَحْتَ النَّخْلَةِ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، يُنْظِمَانِ سُمُوطَ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الرُّعَيْنِيُّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ مُنْكَرَاتِهِ.

15246 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَائِشَةَ: " أَشْعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِي فِي الْجَنَّةِ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، وَكَلْثَمَ أُخْتَ مُوسَى، وَامْرَأَةَ فِرْعَوْنَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ السَّمْتِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15247 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ زَوَّجَنِي فِي الْجَنَّةِ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، وَامْرَأَةَ فِرْعَوْنَ، وَأُخْتَ مُوسَى» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15248 -

وَعَنْ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَدِيجَةَ رضي الله عنها فِي مَرَضِهَا الَّذِي تُوُفِّيَتْ فِيهِ، فَقَالَ لَهَا: " بِالْكُرْهِ مِنِّي مَا الَّذِي أَرَى مِنْكِ يَا خَدِيجَةُ، وَقَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ فِي الْكُرْهِ خَيْرًا كَثِيرًا، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل زَوَّجَنِي مَعَكِ فِي الْجَنَّةِ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، وَامْرَأَةَ فِرْعَوْنَ، وَكَلْثَمَ أُخْتَ مُوسَى؟ ". قَالَتْ: وَقَدْ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَقَالَتْ: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَبَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا: " «كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ» ". فِي مَوَاضِعِهَا مُفَرَّقَةٌ فِي فَضْلِ آدَمَ، وَفَاطِمَةَ، وَخَدِيجَةَ.

15249 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ فِرْعَوْنَ أَوْتَدَ لِزَوْجَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ فِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا، فَكَانَ إِذَا تَفَرَّقُوا عَنْهَا أَظَلَّتْهَا الْمَلَائِكَةُ، فَقَالَتْ:{رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11]. فَكَشَفَ لَهَا عَنْ بَيْتِهَا فِي الْجَنَّةِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ فَضْلِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ زَوْجَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

15250 -

عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: وَأُمُّ بَنِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَنَاتِهِ غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ - وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: الطَّاهِرَةُ - بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَأُمُّهَا: فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَهُوَ الْأَصَمُّ بْنُ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ

ص: 218

بْنِ لُؤَيٍّ، وَأُمُّهَا هَالَةُ بِنْتُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَأُمُّهَا: الْعَرِقَةُ، وَاسْمُهَا قِلَابَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هَصِيصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَحِبَّانُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ - أَخُو هَالَةَ لِأَبِيهَا وَأَمِّهَا - هُوَ الَّذِي رَمَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رحمه الله يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ» ". فَأَصَابَ أَكْحَلْ سَعْدٍ - رَحِمَ اللَّهُ سَعْدًا - فَمَاتَ شَهِيدًا.

وَكَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ عَتِيقِ بْنِ عَائِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدَ بْنَ عَتِيقٍ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا أَبُو هَالَةَ مَالِكُ بْنُ نَبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ وَقْدَانَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدًا وَهَالَةَ، فَهِنْدُ بْنُ عَتِيقِ بْنِ عَايِدٍ، وَهِنْدُ وَهَالَةُ ابْنَا أَبِي هَالَةَ مَالِكِ بْنِ نَبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ، إِخْوَةُ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ مِنْ أُمِّهِمْ.

15251 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ بِمَكَّةَ، وَهِيَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ، وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَتْ لِسَبْعِ سِنِينَ مَضَيْنَ مِنْ مَبْعَثِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15252 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيِّ «أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَسَدٍ زَوَّجَ خَدِيجَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْكَعْبَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعُمَرُ هَذَا مَتْرُوكٌ.

15253 -

وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: «نَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً» . وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15254 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ أَسَدٍ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَخْطُبُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، هَذَا الْفَحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنْفُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15255 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهِيَ عِنْدَهُ، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَآمَنَ بِهِ، وَتُوُفِّيَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ» .

ص: 219

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ زُبَالَةَ أَيْضًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15256 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ عَلِيٌّ، وَمِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي رِجَالِهِ ضَعْفٌ، وَوَثَّقَهُمُ ابْنُ حِبَّانَ.

15257 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: خَدِيجَةُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِيهِمْ ضَعْفٌ.

15258 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ عَلِيٌّ، وَأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15259 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15260 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَهِيَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، إِلَّا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَإِنَّهُ مِنْ سُرِّيَّتِهِ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ.

15261 -

وَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ قَالَ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ غَيْرَهَا، وَلَمْ يَلِدْ لَهُ مِنَ الْمَهَايِرِ غَيْرُهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ نَحْوَهُ بِاخْتِصَارٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15262 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «لَمْ يَتَزَوَّجْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15263 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15264 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِيمَا يَحْسَبُ حَمَّادٌ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ خَدِيجَةَ وَكَانَ أَبُوهَا يَرْغَبُ عَنْ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَصَنَعَتْ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَتْ أَبَاهَا وَنَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَطَعِمُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَخْطُبُنِي، فَزَوِّجْنِي إِيَّاهُ. فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، فَخَلَّفَتْهُ وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالْآبَاءِ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ سُكْرُهُ نَظَرَ فَإِذَا هُوَ مُخَلَّقٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةً، فَقَالَ: مَا شَأْنِي؟! مَا هَذَا؟! قَالَتْ: زَوَّجْتَنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَنَا أُزَوِّجُ يَتِيمَ أَبِي طَالِبٍ؟ لَا لَعَمْرِي. قَالَتْ خَدِيجَةُ: أَلَا تَسْتَحْيِي؟ تُرِيدُ أَنْ تُسَفِّهَ نَفْسَكَ عِنْدَ قُرَيْشٍ؟ تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّكَ كُنْتَ سَكْرَانَ؟! فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رَضِيَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15265 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ «كَانَ إِذَا سَمِعَ

ص: 220

مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ مِنْ تَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ، يَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِتَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا: كُنْتُ مِنْ إِخْوَانِهِ، فَكُنْتُ لَهُ خِدْنًا وَإِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنِّي خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى أُخْتِ خَدِيجَةَ، وَهِيَ جَالِسَةٌ عَلَى أَدَمٍ لَهَا، فَنَادَتْنِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهَا، وَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَمَا لِصَاحِبِكَ فِي تَزْوِيجِ خَدِيجَةَ حَاجَةٌ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:" بَلَى لَعَمْرِي ". فَرَجَعْتُ إِلَيْهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: اغْدُ عَلَيْنَا إِذَا أَصْبَحْتَ غَدًا، فَغَدَوْنَا عَلَيْهِمْ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ ذَبَحُوا بَقَرَةً، وَأَلْبَسُوا أَبَا خَدِيجَةَ حُلَّةً، وَضَرَبُوا عَلَيْهِ قُبَّةً، فَكَلَّمْتُ أَخَاهَا، فَكَلَّمَ أَبَاهَا، وَأَخْبَرْتُهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَكَانِهِ، وَأَنَّهُ سَأَلَ أَنْ يُزَوِّجَهُ خَدِيجَةَ، فَزَوَّجَهُ، فَصَنَعُوا مِنَ الْبَقَرَةِ طَعَامًا فَأَكَلْنَا مِنْهُ، وَنَامَ أَبُوهَا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْحُلَّةُ، وَهَذِهِ الْقُبَّةُ، وَهَذَا الطَّعَامُ؟! قَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ الَّتِي كَلَّمَتْ عَمَّارًا: هَذِهِ الْحُلَّةُ كَسَاكَهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خَتَنُكَ، وَهَذِهِ بَقَرَةٌ أَهْدَاهَا لَكَ فَذَبَحْنَاهَا حِينَ زَوَّجْتَهُ خَدِيجَةَ، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهُ، وَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ الْحِجْرَ، وَجَاءَتْ بَنُو هَاشِمٍ حِينَ جَاءُوا، فَقَالَ: أَيْنَ صَاحِبُكُمُ الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنِّي زَوَّجْتُهُ؟ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: إِنْ كُنْتُ زَوَّجْتُهُ وَإِلَّا فَقَدْ زَوَّجْتُهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15266 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - أَوْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْعَى غَنَمًا فَاسْتَعْلَى الْغَنَمُ، فَكَانَ فِي الْإِبِلِ هُوَ وَشَرِيكٌ لَهُ، فَأَكْرَيَا أُخْتَ خَدِيجَةَ، فَلَمَّا قَضَوُا السَّفَرَ بَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهَا شَيْءٌ، فَجَعَلَ شَرِيكُهُمْ يَأْتِيهَا فَيْتَقَاضَاهُمْ، وَيَقُولُ لِمُحَمَّدٍ: انْطَلَقَ، فَيَقُولُ:" اذْهَبْ أَنْتَ ; فَإِنِّي أَسْتَحِي ". فَقَالَتْ مَرَّةً وَأَتَاهُمْ: فَأَيْنَ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: قَدْ قُلْتُ لَهُ، فَزَعَمَ أَنَّهُ يَسْتَحِي، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشَدَّ حَيَاءً، وَلَا أَعَفَّ، وَلَا وَلَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ أُخْتِهَا خَدِيجَةَ، فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: ائْتِ أَبِي فَاخْطُبْنِي، قَالَ:" أَبُوكِ رَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ، وَهُوَ لَا يَفْعَلُ ". قَالَتْ: انْطَلِقْ فَالْقَهُ فَكَلِّمْهُ فَأَنَا أَكْفِيكَ، وَائْتِ عِنْدَ سُكْرِهِ، فَفَعَلَ، فَأَتَاهُ فَزَوَّجَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَلَسَ فِي الْمَجْلِسِ، فَقِيلَ لَهُ: أَحْسَنْتَ زَوَّجْتَ مُحَمَّدًا، فَقَالَ: أَوَقَدْ فَعَلْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَامَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ مُحَمَّدًا قَالَتْ: بَلَى، فَلَا تُسَفِّهَنَّ رَأْيَكَ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا

ص: 221

كَذَا، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رَضِيَ، ثُمَّ بَعَثَتْ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِوَقِيَّتَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، وَقَالَتْ: اشْتَرِ حُلَّةً وَاهْدِهَا لِي، وَكَبْشًا، وَكَذَا وَكَذَا، فَفَعَلَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ شَيْخَهُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى الصُّوفِيَّ ثِقَةٌ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ فِيهِ: قَالَتْ: "وَأْتِهِ غَيْرَ مُكْرَهٍ". بَدَلَ: "سُكْرُهُ". وَقَالَتْ فِي الْحُلَّةِ: "فَأَهْدِهَا إِلَيْهِ". بَدَلَ: "إِلَيَّ".

15267 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «أَوَّلُ شَيْءٍ عَلِمْتُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمْتُ مَكَّةَ فِي عُمُومَةٍ لِي، فَأُرْشِدْنَا عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي زَمْزَمَ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا أَبْيَضُ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَطْرَافِ أُذُنَيْهِ، أَشَمُّ، أَقْنَى الْأَنْفِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، كَأَنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، يَمْشِي عَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَمَرَدُ، حَسَنُ الْوَجْهِ، مُرَاهِقٌ أَوْ مُحْتَلِمٌ، تَقْفُوهُمُ امْرَأَةٌ قَدْ سَتَرَتْ مَحَاسِنَهَا، حَتَّى قَصَدَ نَحْوَ الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ اسْتَلَمَهُ الْغُلَامُ وَاسْتَلَمَتِ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَالْغُلَامُ وَالْمَرْأَةُ يَطُوفُونَ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ، وَقَامَ الْغُلَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ، وَقَامَتِ الْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا، وَرَفَعَتْ يَدَيْهَا وَكَبَّرَتْ، وَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَقَنَتَ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الْغُلَامُ وَالْمَرْأَةُ مَعَهُ، يَصْنَعَانِ مِثْلَ مَا يَصْنَعُ يَتْبَعَانِهِ.

قَالَ: فَرَأَيْنَا شَيْئًا لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ بِمَكَّةَ، فَأَنْكَرْنَا، فَأَقْبَلْنَا عَلَى الْعَبَّاسِ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا الْفَضْلِ، إِنَّ هَذَا الدِّينَ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ فِيكُمْ، أَشَيْءٌ حَدَثَ؟ قَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ، أَمَا تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: هَذَا ابْنُ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْغُلَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْمَرْأَةُ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى هَذَا الدِّينِ إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا: يَحْيَى بْنُ حَاتِمٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَالْآخَرُ: بِشْرُ بْنُ مِهْرَانَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ

ص: 222

هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15268 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ خُطُوطٍ، فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ ". فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ ابْنَةُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15269 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «بِحَسْبِكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ أَرْبَعٌ: فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15270 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَقَدْ فُضِّلَتْ خَدِيجَةُ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي كَمَا فُضِّلَتْ مَرْيَمُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ أَبُو يَزِيدَ الْحِمْيَرِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15271 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ خَدِيجَةُ، ثُمَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15272 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أُمِرْتُ أَنْ أُبَشِّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّعَ بِالسَّمَاعِ.

15273 -

«وَعَنْ فَاطِمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ أَمُّنَا خَدِيجَةُ؟ قَالَ: " فِي بَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا لَغْوَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ، بَيْنَ مَرْيَمَ وَآسِيَةَ ". قَالَتْ: مِنْ هَذَا الْقَصَبُ؟ قَالَ: " لَا. بَلْ مِنَ الْقَصَبِ الْمَنْظُومِ بِالدُّرِّ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُهَاجِرِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْهَا، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَلَا أَظُنْهُ سَمِعَ مِنْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15274 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ خَدِيجَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضَ وَالْأَحْكَامَ؟ قَالَ: " أَبْصَرْتُهَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، فِي بَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا لَغْوَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ ".

وَسُئِلَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ نَفَعْتُهُ؟ قَالَ: " أَخْرَجْتُهُ مِنْ جَهَنَّمَ إِلَى ضَحْضَاحٍ مِنْهَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُجَالِدِ

ص: 223

بْنِ سَعِيدٍ، وَقَدْ وُثِّقَ وَخَاصَّةً فِي أَحَادِيثِ جَابِرٍ.

15275 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَا:«بَشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» . قُلْتُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهَيْرِيِّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15276 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ رِئَابٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِخَدِيجَةَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَانِي، فَقَالَ: بَشِّرْ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15277 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ مَعَ خَدِيجَةَ، إِذْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ خَدِيجَةَ السَّلَامَ، وَبَشِّرْهَا فِي الْجَنَّةِ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا أَذًى فِيهِ وَلَا نَصَبَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15278 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «قَالَ لِي جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم: بَشِّرْ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ ". يَعْنِي قَصَبَ اللُّؤْلُؤِ». قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

15279 -

وَعَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ خَدِيجَةَ، وَقَدْ أَخْلَفَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَ مِنْ عَجُوزٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، وَقَدْ هَلَكَتْ فِي دَهْرٍ؟! فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضَبًا مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ رَزَقَهَا مِنِّي مَا لَمْ يَرْزُقْ أَحَدًا مِنْكُنَّ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنِّي، وَاللَّهِ لَا تَسْمَعُنِي أَذْكُرُ خَدِيجَةَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ» .

15280 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ لَمْ يَكُنْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا وَالِاسْتِغْفَارِ، قَالَ: " وَرُزِقَتْ مِنِّي الْوَلَدَ إِذْ حُرِمْتُنَّهُ مِنِّي ". فَغَدَا عَلَيَّ بِهَا وَرَاحَ شَهْرًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَسَانِيدُهُ حَسَنَةٌ.

15281 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَتْ: فَغِرْتُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ! قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا. قَالَ: " أَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا؟! قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِيَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ أَوْلَادَهَا وَحَرَمَنِي أَوْلَادَ النَّاسِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15282 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَتْ خَدِيجَةُ،

ص: 224

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا جِبْرِيلُ، هَذِهِ خَدِيجَةُ ". فَقَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: أَقْرِئْهَا مِنَ اللَّهِ السَّلَامَ وَمِنِّي».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15283 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِحِرَاءٍ، فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ جَاءَتْ بِحَيْسٍ فِي غَرْزَتِهَا، فَقُلْ لَهَا: إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ، فَلَمَّا جَاءَتْ قَالَ لَهَا: " إِنَّ جِبْرِيلَ أَعْلَمَنِي بِكِ وَبِالْحَيْسِ الَّذِي فِي غَرْزَتِكِ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ، فَقَالَ: اللَّهُ يُقْرِئُهَا السَّلَامُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15284 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ مِنْ عِنَبِ الْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

[بَابٌ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها]

[بَابٌ فِي تَزْوِيجِهَا]

(37 - 23 - بَابٌ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها)

37 -

23 - 1 - بَابٌ فِي تَزْوِيجِهَا.

15285 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَالَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ الْأَوْقَصِ - امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَذَلِكَ بِمَكَّةَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَزَوَّجُ؟ قَالَ: " مَنْ؟ ". قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا؟ قَالَ: " فَمَنِ الْبِكْرُ؟ ". قَالَتْ: ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْكَ: عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: " فَمَنِ الثَّيِّبُ؟ ". قَالَتْ: سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، آمَنَتْ بِكَ، وَاتَّبَعَتْكَ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. قَالَ: " فَاذْهَبِي فَاذْكُرِيهَا عَلَيَّ ". فَجَاءَتْ، فَدَخَلَتْ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ فَوَجَدَتْ أُمَّ رُومَانَ أُمَّ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّ رُومَانَ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَةَ. قَالَتْ: وَدِدْتُ، انْتَظِرِي أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ آتٍ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ! أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: هَلْ تَصْلُحُ لَهُ؟ إِنَّمَا هِيَ بِنْتُ أَخِيهِ! فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَقُولِي لَهُ: أَنْتَ أَخِي فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنَا أَخُوكَ، وَابْنَتُكَ تَصْلُحُ لِي ". فَأَتَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: ادْعِي لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَجَاءَ فَأَنْكَحَهُ [وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

15786 -

وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَا: «لَمَّا هَلَكَتْ خَدِيجَةُ، جَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ - امْرَأَةُ

ص: 225

عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَزَوَّجُ؟ قَالَ:" مَنْ؟ ". قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا؟ قَالَ:" فَمَنِ الْبِكْرُ؟ ". قَالَتْ: بِنْتُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ عَلَيْكَ: عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: " وَمَنِ الثَّيِّبُ؟ ". قَالَتْ: سَوْدَةُ ابْنَةُ زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ وَاتَّبَعَتْكَ عَلَى مَا تَقُولُ. قَالَ:" اذْهَبِي فَاذْكُرِيهَا عَلَيَّ ". فَأَتَتْ أُمَّ رُومَانَ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّ رُومَانَ مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ! قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَةَ. قَالَتْ: انْتَظِرِي أَبَا بَكْرٍ حَتَّى يَأْتِيَ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ! قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُ عَائِشَةَ. قَالَ: وَهَلْ تَصْلُحُ لَهُ؟ إِنَّمَا هِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ! فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ:" ارْجِعِي، فَقُولِي لَهُ: أَنَا أَخُوكَ وَأَنْتَ أَخِي فِي الْإِسْلَامِ، وَابْنَتُكَ تَصْلُحُ لِي ". فَرَجَعَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: انْتَظِرِي، وَخَرَجَ. قَالَتْ أُمُّ رُومَانَ: إِنَّ مُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ كَانَ قَدْ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، فَوَاللَّهِ مَا وَعَدَ وَعْدًا قَطُّ فَأَخْلَفَهُ لِأَبِي بَكْرٍ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ، أَقُولُ: هَذِهِ تَقُولُ إِنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ عِدَتِهِ الَّتِي وَعَدَ، فَقَالَ لِخَوْلَةَ: ادْعِي لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَتْهُ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، وَعَائِشَةُ رضي الله عنها يَوْمَئِذٍ بَنْتُ سِتِّ سِنِينَ.

ثُمَّ خَرَجَتْ فَدَخَلَتْ عَلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، فَقَالَتْ: مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ! قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُكِ عَلَيْهِ قَالَتْ: وَدِدْتُ، ادْخُلِي عَلَى أَبِي فَاذْكُرِي ذَلِكَ لَهُ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَدْرَكَتْهُ السِّنُّ، قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ الْحَجِّ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَحَيَّتْهُ بِتَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ: خَوْلَةُ ابْنَةُ حَكِيمٍ. قَالَ: فَمَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْطُبُ عَلَيْهِ سَوْدَةَ، فَقَالَ: كُفْؤٌ كَرِيمٌ، فَمَاذَا تَقُولُ صَاحِبَتُكِ؟ قَالَتْ: تُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: ادْعِيهَا فَدَعَتْهَا لِي فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ، إِنَّ هَذِهِ تَزْعُمُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَرْسَلَ يَخْطُبُكِ وَهُوَ كُفْؤٌ كَرِيمٌ، أَتُحِبِّنِي أَنْ أُزَوِّجَكِ بِهِ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: ادْعِيهِ لِي، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ. فَجَاءَ أَخُوهَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ مِنَ الْحَجِّ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي رَأْسِهِ التُّرَابَ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ: لَعَمْرِي إِنِّي لَسَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثِي فِي رَأْسِي التُّرَابَ أَنْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةَ ابْنَةَ زَمْعَةَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِالسُّنْحِ. قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ بَيْتَنَا [وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَنِسَاءٌ]، فَجَاءَتْ بِي أُمِّي وَأَنَا فِي أُرْجُوحَةٍ تُرَجَّحُ بِي بَيْنَ عِذْقَيْنِ، فَأَنْزَلَتْنِي مِنَ الْأُرْجُوحَةِ وَلِي

ص: 226

جُمَيْمَةٌ، فَفَرَقَتْهَا وَمَسَحَتْ وَجْهِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ تَقُودُنِي حَتَّى وَقَفَتْ عِنْدَ الْبَابِ، وَإِنِّي لَأَنْهَجُ حَتَّى سَكَنَ مِنْ نَفَسِي، ثُمَّ دَخَلَتْ بِي فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ فِي بَيْتِنَا، وَعِنْدَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَجْلَسَتْنِي فِي حُجْرَةٍ، ثُمَّ قَالَتْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُكَ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِمْ، وَبَارَكَ لَهُمْ فِيكَ. فَوَثَبَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَخَرَجُوا، وَبَنَى بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِنَا، مَا نُحِرَتْ عَلَيَّ جَزُورٌ وَلَا ذُبِحَتْ عَلَيَّ شَاةٌ، حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِجَفْنَةٍ، كَانَ يُرْسِلُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَارَ إِلَى نِسَائِهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ». قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، بَعْضُهُ صَرَّحَ فِيهِ بِالِاتِّصَالِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَكْثَرُهُ مُرْسَلٌ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15287 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِصُورَتِي، فَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ. وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ عَلَى حَوْفٍ، فَلَمَّا تَزَوَّجَنِي أَوْقَعَ اللَّهُ عَلَيَّ الْحَيَاءَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَفِيهِ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ.

15288 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ، اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى [خُشِيَ عَلَيْهِ] حَتَّى تَزَوَّجَ عَائِشَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15289 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَّفَنَا وَخَلَّفَ بَنَاتِهِ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِالْمَدِينَةِ، بَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ، وَأَعْطَاهُمَا بَعِيرَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَخَذَهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ؛ يَشْتَرِيَانِ بِهَا مَا يَحْتَاجَانِ إِلَيْهِ مِنَ الظَّهْرِ، وَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْأُرَيْقِطِ الدِّئَلِيَّ بِبَعِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ أَهْلَهُ أُمَّ رُومَانَ، وَأُمَّ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَا، وَأَخِي، وَأَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ امْرَأَةَ الزُّبَيْرِ، فَخَرَجُوا مُصْطَحِبِينَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى قَدِيدٍ، اشْتَرَى زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِتِلْكَ الْخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثَلَاثَةَ أَبْعِرَةٍ، ثُمَّ دَخَلُوا مَكَّةَ جَمِيعًا، فَصَادَفُوا طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يُرِيدُ الْهِجْرَةَ، فَخَرَجْنَا جَمِيعًا، وَخَرَجَ زَيْدٌ، وَأَبُو رَافِعٍ بِفَاطِمَةَ، وَأُمِّ كُلْثُومٍ، وَسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، وَحَمَلَ زَيْدٌ أُمَّ أَيْمَنَ وَوَلَدَهَا أَيْمَنَ وَأُسَامَةَ، وَاصْطَحَبَنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْضِ مِنْ نَمِرٍ نَفَرَ بَعِيرِي، وَأَنَا فِي مِحَفَّةٍ مَعِي فِيهَا أُمِّي، فَجَعَلَتْ تَقُولُ: وَابِنْتَاهُ وَاعَرُوسَتَاهُ. حَتَّى إِذَا أُدْرِكَ بَعِيرُنَا

ص: 227

وَقَدْ هَبَطَ مِنَ الثَّنِيَّةِ ثَنِيَّةِ هَبْشَا، فَسَلَّمَ اللَّهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ فِي عِيَالِ أَبِي بَكْرٍ، وَنَزَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ يَبْنِي الْمَسْجِدَ، وَأَبْيَاتُنَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَأَنْزَلَ فِيهَا أَهْلَهُ، فَمَكَثْنَا أَيَّامًا، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَبْنِيَ بِأَهْلِكَ؟ قَالَ:" الصَّدَاقُ ". فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْنَا، وَبَنَى بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي هَذَا الَّذِي أَنَا فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَدُفِنَ فِيهِ، وَأَدْخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ أَحَدَ تِلْكَ الْبُيُوتِ، وَكَانَ يَكُونُ عِنْدَهَا، [وَكَاَنَ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِيَّايَ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْجَوَارِي، فَمَا حَدَّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَنِي حَتَّى أَخَذَتْنِي أُمِّي، فَحَبَسَتْنِي فِي الْبَيْتِ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنِّي تَزَوَّجْتُهُ، فَمَا سَأَلْتُهَا حَتَّى كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَخْبَرَتْنِي]». وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15290 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدِمْنَا مُهَاجِرِينَ، فَسَلَكْنَا فِي ثَنِيَّةٍ صَعْبَةٍ، فَنَفَرَ بِي جَمَلٌ كُنْتُ عَلَيْهِ نُفُورًا مُنْكَرًا، فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ أُمِّي: يَا عَرِبْسَةُ، فَرَكِبَتْ فِي رَأْسِهِ، فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَلْقِي خِطَامَهُ، فَأَلْقَيْتُهُ، فَقَامَ يَسْتَدِيرُ كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ قَائِمٌ تَحْتَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15291 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كُنَّا بِالْحَدِّ انْصَرَفْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ، فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ وَأَنَا أَسْمَعُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " وَاعَرُوسَاهُ ". قَالَتْ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعَلَى ذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ أَنْ أَلْقِي الْخِطَامَ، فَأَلْقَيْتُهُ، فَأَعْلَقَهُ [وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْ ذَلِكَ السَّحَرِ] اللَّهُ عز وجل بِيَدِهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ أَبُو شَدَّادٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15292 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اجْتَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي أَهْلِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ كِتَابِ الضَّحَايَا أَحَادِيثُ فِي جَلَائِهَا.

15293 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ فِي شَوَّالٍ، وَأَعْرَسَ بِهَا فِي شَوَّالٍ بِالْمَدِينَةِ، عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتُوُفِّيَتْ عَائِشَةُ بِالْمَدِينَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الْوِتْرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَدُفِنَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15294 -

وَعَنْ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسْطَ الْبَقِيعِ، وَالْإِمَامُ يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَدَخَلَ فِي قَبْرِ عَائِشَةَ عَبْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ ابْنَا مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَمَاتَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي رَمَضَانَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ، وَدُفِنَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 228

[بَابُ حَدِيثِ الْإِفْكِ]

15295 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَتْ عَلَيَّ أُمُّ مِسْطَحٍ، فَخَرَجْتُ لِحَاجَةٍ لِي إِلَى حُشٍّ، فَوَطِئَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ عَلَى عَظْمٍ أَوْ شَوْكَةٍ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، قُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ تَسُبِّينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكِ مِنَ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، أَتَدْرِينَ مَا قَدْ طَارَ عَلَيْكِ؟ فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، فَقَالَتْ: مَتَى عَهْدُكِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي أَزْوَاجِهِ مَا أَحَبَّ، وَيُرْجِي مَنْ أَحَبَّ مِنْهُنَّ؟ قَالَتْ: إِنَّهُ طَارَ عَلَيْكِ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَرْتُ مَغْشِيَّةً عَلَيَّ، فَبَلَغَ أُمَّ رُومَانَ أُمِّي، فَلَمَّا بَلَغَهَا أَنَّ عَائِشَةَ بَلَغَهَا الْأَمْرُ، أَتَتْنِي فَحَمَلَتْنِي، فَذَهَبَتْ بِي إِلَى بَيْتِهَا، فَبَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ بَلَغَهَا الْخَبَرُ، فَجَاءَ إِلَيْهَا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَجَلَسَ عِنْدَهَا، وَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَسَّعَ التَّوْبَةَ ". فَازْدَدْتُ شَرًّا إِلَى مَا بِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَنْظُرَنَّ بِهَذِهِ الَّتِي قَدْ خَانَتْكَ وَفَضَحَتْنِي؟ قَالَتْ: فَازْدَدْتُ شَرًّا إِلَى شَرٍّ. قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ مَا تَرَى فِي عَائِشَةَ؟ ". قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " لَتُخْبِرَنِّي مَا تَرَى فِي عَائِشَةَ؟ ". قَالَ: قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ النِّسَاءَ، وَلَكِنْ أَرْسِلْ إِلَى بَرِيرَةَ خَادِمِهَا فَسَلْهَا، فَعَسَى أَنْ تَكُونَ قَدِ اطَّلَعَتْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى بَرِيرَةَ، فَجَاءَتْ، فَقَالَ: " أَتَشْهَدِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " فَإِنْ سَأَلْتُكِ عَنْ شَيْءٍ فَلَا تَكْتُمِينِي ". قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا شَيْءٌ تَسْأَلُنِي عَنْهُ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِهِ، وَلَا أَكْتُمُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ شَيْئًا. قَالَ: " قَدْ كُنْتِ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَهَلْ رَأَيْتِ مِنْهَا شَيْئًا تَكْرَهِينَهُ ". قَالَتْ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالنُّبُوَّةِ ; مَا رَأَيْتُ مِنْهَا مُنْذُ كُنْتُ عِنْدَهَا إِلَّا خَلَّةً. قَالَ: " مَا هِيَ؟ ". قَالَتْ: عَجَنْتُ عَجِينًا لِي، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: احْفَظِي الْعَجِينَ حَتَّى أَقْتَبِسَ نَارًا فَأَخْتَبِزَ، فَقَامَتْ تُصَلِّي فَغَفَلَتْ عَنِ الْعَجِينِ، فَجَاءَتِ الشَّاةُ فَأَكَلَتْهُ. فَأَرْسَلَ إِلَى أُسَامَةَ، فَقَالَ: " يَا أُسَامَةُ، مَا تَرَى فِي عَائِشَةَ؟ ". قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " لَتُخْبِرَنِّي مَا تَرَى فِيهَا؟ ". قَالَ: إِنِّي أَرَى أَنْ تَسْكُتَ عَنْهَا حَتَّى يُحْدِثَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِيهَا. قَالَتْ: فَمَا كَانَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا نَزَلَ جَعَلْنَا نَرَى فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، ثُمَّ أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ; قَدْ أَتَاكِ اللَّهُ بِعُذْرِكِ ". فَقُلْتُ: بِغَيْرِ حَمْدِكَ وَحَمْدِ صَاحِبِكَ. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمْتُ» .

ص: 229

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ خَصِيفٌ، وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15296 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَصَابَ عَائِشَةَ الْقُرْعَةُ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ انْطَلَقَتْ عَائِشَةُ لِحَاجَةٍ، فَانْحَلَّتْ قِلَادَتُهَا، فَذَهَبَتْ فِي طَلَبِهَا، وَكَانَ مِسْطَحٌ يَتِيمًا لِأَبِي بَكْرٍ وَفِي عِيَالِهِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ عَائِشَةُ لَمْ تَرَ الْعَسْكَرَ.

قَالَ: وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ يَتَخَلَّفُ عَنِ النَّاسِ، فَيُصِبُ الْقَدَحَ، وَالْجِرَابَ، وَالْإِدَاوَةَ - أَحْسَبُهُ قَالَ: فَيَحْمِلُهُ - قَالَ: فَنَظَرَ فَإِذَا عَائِشَةُ فَغَطَّى - أَحْسَبُهُ قَالَ: وَجْهَهُ عَنْهَا - ثُمَّ أَدْنَى بَعِيرَهُ مِنْهَا، قَالَ: فَانْتَهَى إِلَى الْعَسْكَرِ، فَقَالُوا قَوْلًا وَقَالُوا فِيهِ. قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ حَتَّى انْتَهَى، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجِيءُ، فَيَقُومُ عَلَى الْبَابِ، فَيَقُولُ:" كَيْفَ تِيكُمْ؟ ". حَتَّى جَاءَ يَوْمًا فَقَالَ: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ; فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكِ ". فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِكَ. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ عَشْرَ آيَاتٍ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11]. قَالَ: فَحَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِسْطَحًا، وَحَمْنَةَ، وَحَسَّانَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15297 -

وَعَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «قُلْتُ - يَعْنِي لِعَائِشَةَ -: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - أَوْ يَا أُمَّتَاهُ - أَلَا تُحَدِّثِينِي كَيْفَ كَانَ - يَعْنِي أَمْرَ الْإِفْكِ -؟ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَخُوضُ الْمَطَرَ بِمَكَّةَ، وَمَا عِنْدِي مَا يَرْغَبُ فِيهِ الرِّجَالُ، وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَزَوَّجَنِي أَلْقَى اللَّهُ عَلَيَّ الْحَيَاءَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَاجَرَ وَأَنَا مَعَهُ، فَاحْتُمِلْتُ إِلَيْهِ، وَقَدْ جَاءَنِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسِيرًا، فَخَرَجَ بِي مَعَهُ، وَكُنْتُ خَفِيفَةً فِي حُدَّاجَةٍ لِي عَلَيْهَا سُتُورٌ، ارْتَحَلُوا جَلَسْتُ عَلَيْهَا، وَاحْتَمَلُوهَا وَأَنَا فِيهَا فَشَدُّوهَا عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، فَنَزَلُوا مَنْزِلًا وَخَرَجْتُ لِحَاجَتِي، فَرَجَعْتُ وَقَدْ نَادَوْا بِالرَّحِيلِ، فَنَزَلْتُ فِي الْحِدَاجَةِ وَقَدْ رَأَوْنِي حِينَ حَرَّكْتُ السُّتُورَ، فَلَمَّا جَلَسْتُ فِيهَا ضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى صَدْرِي، فَإِذَا أَنَا قَدْ نَسِيتُ قِلَادَةً كَانَتْ مَعِي مِنْ جَزْعٍ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعَةً أَطْلُبُهَا، فَرَجَعْتُ فَإِذَا الْقَوْمُ قَدْ سَارُوا، فَإِذَا أَنَا لَا أَرَى إِلَّا الْغُبَارَ مِنْ بَعِيدٍ، فَإِذَا هُمْ قَدْ وَضَعُوا الْحِدَاجَةَ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، لَا يَرَوْنَ إِلَّا أَنِّي فِيهَا لِمَا رَأَوْا مِنْ خِفَّتِي، فَإِذَا رَجُلٌ آخِذٌ بِرَأْسِ بَعِيرِهِ، فَقُلْتُ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ، أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، قُلْتُ: أَدْرِ عَنِّي وَجْهَكَ، وَضَعْ

ص: 230

رِجْلَكَ عَلَى ذِرَاعِ بَعِيرِكَ. قَالَ: أَفْعَلُ وَنِعْمَةُ عَيْنٍ وَكَرَامَةٌ. قَالَتْ: فَأَدْرَكْتُ النَّاسَ حِينَ نَزَلُوا، فَذَهَبَ فَوَضَعَنِي عِنْدَ الْحِدَاجَةِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ النَّاسُ وَأَنَا لَا أَشْعُرُ، قَالَتْ: وَأَنْكَرْتُ لُطْفَ أَبَوَيَّ، وَأَنْكَرْتُ لُطْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَعْلَمُ مَا قَدْ كَانَ قِيلَ، حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ خَادِمِي أَوْ رَبِيبَتِي، فَقَالَتْ كَذَا قَالَتْ، وَقَالَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: مَا أَغْفَلَكِ! فَأَخَذَتْنِي حُمَّى نَافِضٍ، فَأَخَذَتْ أُمِّي كُلَّ ثَوْبٍ كَانَ فِي الْبَيْتِ فَأَلْقَتْهُ عَلَيَّ. فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ:" مَا تَرَوْنَ؟ ". فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَكْثَرَ النِّسَاءَ، وَتَقْدِرُ عَلَى الْبَدَلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَنْزِلُ عَلَيْكَ الْوَحْيُ، وَأَمْرُنَا لِأَمْرِكَ تَبَعٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاللَّهِ لَيُبَيِّنَنَّهُ اللَّهُ لَكَ فَلَا تَعْجَلْ.

قَالَتْ: وَقَدْ صَارَ وَجْهُ أَبِي كَأَنَّهُ صُبَّ عَلَيْهِ زِرْنِيخٌ. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى مَا بِي، فَقَالَ:" مَا لِهَذِهِ؟ ". قَالَتْ أُمِّي: مَا لِهَذِهِ مِمَّا قُلْتُمْ وَقِيلَ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. قَالَتْ: فَزَادَنِي ذَلِكَ عَلَى مَا عِنْدِي. قَالَتْ: وَأَتَانِي، فَقَالَ:" اتَّقِي اللَّهَ يَا عَائِشَةُ، وَإِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ". قَالَتْ: وَطَلَبْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: غَيْرَ أَنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86]. قَالَتْ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَصْحَابِهِ، وَوَجْهُهُ كَأَنَّمَا ذِيبَ عَلَيْهِ الزِّرْنِيخُ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ [الْوَحْيُ]، وَكَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ لَمْ يَطُوفْ، فَعَرِفَ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، وَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهِهِ، وَهُوَ يَتَهَلَّلُ وَيُسْفِرُ، فَلَمَّا قَضَى الْوَحْيُ قَالَ:" أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَ ابْنَتِكَ وَبَرَاءَتَهَا، فَانْطَلِقْ إِلَيْهَا فَبَشِّرْهَا ". قَالَتْ: وَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا نَزَلَ فِيَّ. قَالَتْ: وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ مُسْرِعًا يَكَادُ أَنْ يَنْكَبَّ قَالَتْ: فَقُلْتُ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِ صَاحِبِكَ الَّذِي جِئْتَ مِنْ عِنْدِهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِي، فَأَخَذَ بِكَفِّي، فَانْتَزَعْتُ يَدِي مِنْهُ، فَضَرَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: أَتَنْزَعِينَ كَفَّكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ تَفْعَلِينَ هَذَا؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: فَهَذَا كَانَ أَمْرِي».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ، فِيهِ ضَعْفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

ص: 231

15298 -

وَعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَخَرَجَ سَهْمُ عَائِشَةَ فِي غَزْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ جُوَيْرِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، قَلِيلَةَ اللَّحْمِ خَفِيفَةً، وَكَانَتْ تَلْزَمُ خِدْرَهَا، فَإِذَا أَرَادَ النَّاسُ الرَّحِيلَ، ذَهَبَتْ، فَتَوَضَأَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَدَخَلَتْ مِحَفَّتَهَا، فَيُرَحَّلُ بِعِيرُهَا، ثُمَّ تُحْمَلُ مِحَفَّتُهَا فَتُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَالَ فِيهَا الْمُنَافِقُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنِ اشْتَرَكَ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ: إِنَّهَا خَرَجَتْ تَتَوَضَّأُ حِينَ دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَانْسَلَّ مِنْ عُنُقِهَا عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ، فَارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ، وَهِيَ فِي بُغَاءِ الْعِقْدِ، وَلَمْ تَعْلَمْ بِرَحِيلِهِمْ، فَشَدُّوا عَلَى بَعِيرِهَا الْمِحَفَّةَ، وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا فِيهَا كَمَا كَانَتْ تَكُونُ، فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَنْزِلِهَا، فَلَمْ تَجِدْ فِي الْعَسْكَرِ أَحَدًا، فَغَلَبَتْهَا عَيْنَاهَا.

وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ - صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخَلَّفَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَنِ الْعَسْكَرِ حَتَّى أَصْبَحَ. قَالَتْ: فَمَرَّ بِي فَرَآنِي فَاسْتَرْجَعَ، وَأَعْظَمَ مَكَانِي حِينَ رَآنِي وَحْدِي، وَقَدْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُنِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ. قَالَتْ: فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي، فَسَتَرْتُ وَجْهِي عَنْهُ بِجِلْبَابِي، وَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِي، فَقَرَّبَ بَعِيرَهُ فَوَطِئَ عَلَى ذِرَاعِهِ، فَوَلَّانِي قَفَاهُ حَتَّى رَكِبْتُ، وَسَوَّيْتُ ثِيَابِي، ثُمَّ بَعَثَهُ، فَأَقْبَلَ يَسِيرُ بِي حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ نِصْفَ النَّهَارِ أَوْ نَحْوَهُ، فَهُنَالِكَ قَالَ فِيَّ وَفِيهِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ، وَأَنَا لَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مِمَّا يَخُوضُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَمْرِي، وَكُنْتُ تِلْكَ اللَّيَالِي شَاكِيَةً. وَكَانَ أَوَّلُ مَا أَنْكَرْتُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَعُودُنِي قَبْلَ ذَلِكَ إِذَا مَرِضْتُ، وَكَانَ تِلْكَ اللَّيَالِي لَا يُدْخُلُ عَلَيَّ وَلَا يَعُودُنِي، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ، وَهُوَ مَارٌّ:" كَيْفَ تِيكُمْ؟ ". فَيَسْأَلُ عَنِّي أَهْلَ الْبَيْتِ. فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَمْرِي غَمَّهُ ذَلِكَ، وَقَدْ شَكَوْتُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَى أُمِّي مَا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجَفْوَةِ فَقَالَتْ لِي: يَا بُنَيَّةُ، اصْبِرِي فَوَاللَّهِ لَقَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ يُحِبُّهَا زَوْجُهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا رَمَيْنَهَا. قَالَتْ: فَوَجَدْتُ حِسًّا تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ صُبْحِهَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي أَمْرِي، وَكُنَّا ذَلِكَ الزَّمَانَ لَيْسَ لَنَا كُنُفٌ نَذْهَبُ فِيهَا، إِنَّمَا كُنَّا نَذْهَبُ كَمَا يَذْهَبُ الْعَرَبُ لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، فَقُلْتُ لِأُمِّ مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ: خُذِي الْإِدَاوَةَ

ص: 232

فَامْلَئِيهَا مَاءً فَاذْهَبِي بِهَا إِلَى الْمَنَاصِعِ، وَكَانَتْ هِيَ وَابْنُهَا مِسْطَحٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ قَرَابَةٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، فَكَانَا يَكُونَانِ عِنْدَهُ وَمَعَ أَهْلِهِ.

فَأَخَذَتِ الْإِدَاوَةَ وَخَرَجَتْ نَحْوَ الْمَنَاصِعِ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ. قَالَتْ: ثُمَّ مَشَيْنَا فَعَثَرَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ لِصَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبِ بَدْرٍ، فَقَالَتْ: إِنَّكَ لَغَافِلَةٌ عَمَّا فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِكِ، فَقُلْتُ: أَجَلْ، فَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ مِسْطَحًا وَفُلَانًا وَفُلَانَةَ فِيمَنِ اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ؛ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْكِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ ; يَرْمُونَكِ بِهِ.

قَالَتْ: فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ مِنَ الْغَائِطِ، فَرَجَعْتُ عُودِي عَلَى يَدَيَّ [إِلَى بَيْتِي].

فَلَمَّا أَصْبَحْنَا مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَأَخْبَرَهُمَا بِمَا قِيلَ فِيَّ، وَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، فَقَالَ أُسَامَةُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَى أَهْلِكَ سُوءًا، وَقَالَ عَلِيٌّ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ النِّسَاءَ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ الْخَبَرَ فَتَوَعَّدِ الْجَارِيَةَ - يَعْنِي بَرِيرَةَ - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّ:" فَشَأْنُكَ بِالْخَادِمِ ". فَسَأَلَهَا عَلِيٌّ عَنِّي، فَلَمْ تُخْبِرْهُ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا بِخَيْرٍ؛ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ سُوءًا، إِلَّا أَنَّهَا جُوَيْرِيَّةٌ تُصْبِحُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَدْخُلُ الشَّاةُ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُ مِنَ الْعَجِينِ.

قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ مَا قَالَتْ - بَرِيرَةُ لِعَلِيٍّ إِلَى النَّاسِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ قَالَ:" يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ لِي مِنْ رَجُلٍ يُؤْذُونَنِي فِي أَهْلِي؟ فَمَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي سُوءًا، وَيَرْمُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوءًا، وَلَا خَرَجْتُ مَخْرَجًا إِلَّا خَرَجَ مَعِيَ فِيهِ ".

قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ مِنَ الْأَوْسِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَوْسِ كَفَيْنَاكَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فِيهِ بِأَمْرِكَ. وَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْخَزْرَجَيُّ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ، وَاللَّهِ وَهَذَا الْبَاطِلُ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْأَشْهَلِيُّ، وَرِجَالٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَاسْتَبُّوا وَتَنَازَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَعْظُمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمْ. فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْتِي، وَبَعَثَ إِلَى أَبَوَيَّ فَأَتَيَاهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي:" يَا عَائِشَةُ، إِنَّمَا أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، فَإِنْ كُنْتِ أَخْطَأْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِيهِ ". فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

ص: 233

وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي لَا أَفْعَلُ، هُوَ نَبِيُّ اللَّهِ وَالْوَحْيُ يَأْتِيهِ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لِي كَمَا قَالَ أَبِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَقْرَرْتُ عَلَى نَفْسِي بِبَاطِلٍ لَتُصَدِّقُنَّنِي، وَلَئِنْ بَرَّأْتُ نَفْسِي - وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ - لَتُكَذِّبُنَّنِي، فَمَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ حِينَ يَقُولُ:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]. وَنَسِيتُ اسْمَ يَعْقُوبَ لِمَا بِي مِنَ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ وَاحْتِرَاقِ الْجَوْفِ، فَتَغَشَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ مِنَ الْوَحْيِ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ؛ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل بَرَاءَتَكِ ". فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو لِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ بَرَاءَتِي أَنْ يَرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِي رُؤْيَا، فَيُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا عِنْدَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ لِي أَبَوَايَ عِنْدَ ذَلِكَ: قُومِي فَقَبِّلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِكُمْ.

قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ وَأُمِّهِ، فَلَمَّا رَمَانِي حَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يَنْفَعَهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا. قَالَ: فَلَمَّا تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] ". بَكَى أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَأَعَادَ النَّفَقَةَ عَلَى مِسْطَحٍ وَأُمِّهِ.

قَالَتْ: وَقَعَدَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً، فَقَالَ صَفْوَانُ لِحَسَّانَ حِينَ ضَرَبَهُ:

تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ عَنْكَ فَإِنَّنِي

غُلَامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ

وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حِمَايَ وَأَنْتَقِمْ

مِنَ الْبَاهِتِ الرَّامِي الْبُرَاةِ الطَّوَاهِرِ.

ثُمَّ صَاحَ حَسَّانُ فَاسْتَغَاثَ النَّاسَ عَلَى صَفْوَانَ، فَلَمَّا جَاءَ النَّاسُ فَرَّ صَفْوَانُ، فَجَاءَ حَسَّانُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَعْدَاهُ عَلَى صَفْوَانَ فِي ضَرْبَتِهِ إِيَّاهُ، فَسَأَلْتُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَهَبَ لَهُ ضَرْبَةَ صَفْوَانَ إِيَّاهُ، فَوَهَبَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَاضَهُ [مِنْهَا] النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَائِطًا مِنْ نَخْلٍ عَظِيمٍ وَجَارِيَةً رُومِيَّةً - وَيُقَالُ قِبْطِيَّةً - تُدْعَى سِيرِينَ. فَوَلَدَتْ لِحَسَّانَ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الشَّاعِرَ. قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ بَاعَ حَسَّانُ ذَلِكَ الْحَائِطَ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي وِلَايَتِهِ بِمَالٍ عَظِيمٍ.

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَبَلَغَنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]- أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ أَحَدُ

ص: 234

بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقِيلَ فِي أَصْحَابِ الْإِفْكِ الْأَشْعَارُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِسْطَحٍ فِي رَمْيِهِ عَائِشَةَ، فَكَانَ يُدْعَى عَوْفًا:

يَا عَوْفُ وَيْحَكَ هَلَّا قُلْتَ عَارِفَةً

مِنَ الْكَلَامِ وَلَمْ تَبْغِي بِهِ طَمَعَا

فَأَدْرَكَتْكَ حُمَيَّا مَعْشَرٍ أُنُفٍ

فَلَمْ يَكُنْ قَاطِعًا يَا عَوْفُ مَنْ قَطَعَا

هَلَّا حَرِبْتَ مِنَ الْأَقْوَامِ إِذْ حَسَدُوا

فَلَا تَقُولُ وَإِنْ عَادَيْتَهُمْ قَذَعَا

لَمَّا رَمَيْتَ حَصَانًا غَيْرَ مُقْرِفَةٍ

أَمِينَةَ الْجَيْبِ لَمْ نَعْلَمْ لَهَا خَضَعَا

فِيمَنْ رَمَاهَا وَكُنْتُمْ مَعْشَرًا أُفُكًا

فِي سَيِّئِ الْقَوْلِ مِنْ لَفْظِ الْخَنَا شَرَعَا

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرًا فِي بَرَاءَتِهَا

وَبَيْنَ عَوْفٍ وَبَيْنَ اللَّهِ مَا صَنَعَا

فَإِنْ أَعِشْ أَجْزِ عَوْفًا فِي مَقَالَتِهِ

سُوءَ الْجَزَاءِ بِمَا أَلْفَيْتُهُ تَبَعَا.

وَقَالَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ مِنَ الشِّعْرِ:

تَشْهَدُ الْأَوْسُ كُلُّهَا وَفَتَاهَا

بِحِقْدٍ وَذَلِكَ مُعْلُومُ

نِسَاءُ الْخَزْرَجِيِّينَ يَشْهَدْنَ

وَالْخُمَاسِيُّ مِنْ نَسْلِهَا وَالْعَظِيمُ

أَنَّ بِنْتَ الصِّدِّيقِ كَانَتْ حَصَانًا

عَفَّةَ الْجَيْبِ دِينُهَا مُسْتَقِيمُ

تَتَّقِي اللَّهَ فِي الْمَغِيبِ عَلَيْهَا

نِعْمَةُ اللَّهِ سِرُّهَا مَا يَرِيمُ

خَيْرُ هَدْيِ النِّسَاءِ حَالًا وَنَفْسًا

وَأَبًا لِلْعُلَا نَمَاهَا كَرِيمُ

لِلْمَوَالِي إِذَا رَمُوهَا بِإِفْكٍ

أَخَذَتْهُمْ مَقَامِعٌ وَجَحِيمُ

لَيْتَ مَنْ كَانَ قَدْ قَفَاهَا بِسُوءٍ

فِي حُطَامٍ حَتَّى يَبُولَ اللَّئِيمُ

وَعَوَانٍ مِنَ الْحُرُوبِ تَلَظَّى

ثَغْسًا قُوتُهَا عَقَارٌ صَرِيمُ

لَيْتَ سَعْدًا وَمَنْ رَمَاهَا بِسُوءٍ

فِي كَظَاظٍ حَتَّى يَتُوبَ الظَّلُومُ.

وَقَالَ حَسَّانُ وَهُوَ يُبَرِّئُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِيمَا قِيلَ فِيهَا، وَيَعْتَذِرُ إِلَيْهَا:

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ

وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ

خَلِيلَةُ خَيْرِ النَّاسِ دِينًا وَمَنْصِبًا

نَبِيِّ الْهُدَى وَالْمَكْرُمَاتِ الْفَوَاضِلِ

عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ

كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهَا غَيْرُ زَائِلِ

مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيَمَهَا

وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلٍّ سُوءٍ وَبَاطِلِ

فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ جَاءَ عَنِّي قُلْتُهُ

فَلَا رَفَعَتْ صَوْتِي إِلَىَّ أَنَامِلِي

وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِطٍ

بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قَوْلُ امْرِئٍ غَيْرِ هَائِلِ

وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي

لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ

لَهُ رَتْبٌ عَالٍ عَلَى النَّاسِ فَضْلُهَا

تَقَاصَرَ عَنْهَا سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ.

ص: 235

قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وَحَدَّثَنِي [أَبِي] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالَّذِينِ رَمَوْا عَائِشَةَ ; فَجُلِدُوا الْحَدَّ [جَمِيعًا] ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الشِّعْرِ حِينَ جُلِدُوا:

لَقَدْ ذَاقَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ أَهْلَهُ

وَحَمْنَةُ إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَحُ

تَعَاطَوْا بِرَجْمِ الْغَيْبِ زَوْجَ نَبِيِّهِمْ

وَسَخْطَةَ ذِي الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فَأَنْزَحُوا

فَآذَوْا رَسُولَ اللَّهِ فِيهَا وَعَمَّمُوا

مَخَازِيَ سُوءٍ حَلَّلُوهَا وَفُضِّحُوا».

قُلْتُ: حَدِيثُ الْإِفْكِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ غَيْرِ هَذَا، وَبِغَيْرِ سِيَاقِهِ أَيْضًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّ بَعْضَ هَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الصَّحِيحِ.

15299 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَافَرَ سَافَرَ بِبَعْضِ نِسَائِهِ، وَيَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ، فَسَافَرَ بِعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها وَكَانَ لَهَا هَوْدَجٌ، وَكَانَ الْهَوْدَجُ يَحْمِلُونَهُ وَيَضَعُونَهُ، فَعَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، وَخَرَجَتْ عَائِشَةُ لِلْحَاجَةِ فَتَبَاعَدَتْ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ قَدِ ارْتَحَلُوا، وَجَاءَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْهَوْدَجَ، فَحَمَلُوهُ وَلَا يَحْسَبُونَ إِلَّا أَنَّهَا فِيهِ، فَسَارُوا، وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ فَوَجَدَتْهُمْ قَدِ ارْتَحَلُوا، فَجَلَسَتْ مَكَانَهَا فَاسْتَيْقَظَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ، وَكَانَ لَا يَقَرَبُ النِّسَاءَ، فَتَقَرَّبَ مِنْهَا، وَكَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ لَهُ، فَلَمَّا رَآهَا حَمَلَهَا وَقَدْ كَانَ يَرَاهَا قَبْلَ الْحِجَابِ، وَجَعَلَ يَقُودُ بِهَا الْبَعِيرَ حَتَّى أَتَوُا النَّاسَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ [عَائِشَةُ، وَأَكْثَرُوا الْقَوْلَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَشَقَّ عَلَيْهِ حَتَّى اعْتَزَلَهَا، وَاسْتَشَارَ فِيهَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَغَيْرَهُ]. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْهَا، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُحْدِثَ لَكَ فِيهَا، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: النِّسَاءُ كَثِيرٌ، فَحَمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا، وَخَرَجَتْ عَائِشَةُ لَيْلَةً تَمْشِي فِي نِسَاءٍ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتِ! تَقُولِينَ هَذَا لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: إِنَّكَ لَا تَدْرِينَ مَا يَقُولُونَ، وَأَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ، فَسَقَطَتْ عَائِشَةُ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ بَعْدَهَا فِي سُورَةِ النُّورِ:{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] حَتَّى بَلَغَ {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22]، إِلَى قَوْلِهِ:{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُعْطِي مِسْطَحًا وَيَبِرُّهُ وَيَصِلُهُ، وَكَانَ مِمَّنْ أَكْثَرَ عَلَى عَائِشَةَ، فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَلَّا يُعْطِيَهُ شَيْئًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَهَا وَيُبَشِّرَهَا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخْبَرَهَا بِعُذْرِهَا، وَبِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ. فَقَالَتْ: لَا

ص: 236

بِحَمْدِكَ، وَلَا بِحَمْدِ صَاحِبِكَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15300 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ أَثْلَاثًا، فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ خَرَجَ بِهِنَّ مَعَهُ، فَكُنَّ يَخْرُجْنَ يَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، فَلَمَّا غَزَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ، فَأَصَابَتِ الْقَرْعَةُ عَائِشَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، فَخَرَجَ بِهِمَا مَعَهُ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَالَ رَحْلُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَبْرَكُوا بَعِيرَهَا لِيُصْلِحُوا رَحْلَهَا. وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُرِيدُ قَضَاءَ حَاجَةٍ، فَلَمَّا أَبْرَكُوا إِبِلَهُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِلَى مَا يُصْلِحُوا رَحْلَ أُمِّ سَلَمَةَ أَقْضِي حَاجَتِي.

قَالَتْ: فَنَزَلْتُ مِنَ الْهَوْدَجِ فَأَخَذْتُ مَا فِي السَّطْلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا بِنُزُولِي، فَأَتَيْتُ حَوْبَهُ، فَانْقَطَعَتْ قِلَادَتِي، فَاحْتَسَبْتُ فِي رَجْعِهَا وَنِظَامِهَا، وَبَعَثَ الْقَوْمُ إِبِلَهُمْ وَمَضَوْا، وَظَنُّوا أَنِّي فِي الْهَوْدَجِ لَمْ أَنْزِلْ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَتْ: فَاتَّبَعْتُهُمْ حَتَّى أَعْيَيْتُ، فَقُدِّرَ فِي نَفْسِي أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونِي وَيَرْجِعُونَ فِي طَلَبِي.

قَالَتْ: فَنِمْتُ عَلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَمَرَّ بِي صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ، وَكَانَ رَفِيقَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى السَّاقَةِ فَجَعَلَهُ، فَكَانَ إِذَا رَحَلَ النَّاسُ قَامَ يُصَلِّي، ثُمَّ اتَّبَعَهُمْ، فَمَا سَقَطَ مِنْهُمْ مِنْ شَيْءٍ حَمَلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ أَصْحَابَهُ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا مَرَّ بِي ظَنَّ أَنِّي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا نَئُومًا قُمْ ; فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ مَضَوْا. قَالَتْ: قُلْتُ: إِنِّي لَسْتُ رَجُلًا، أَنَا عَائِشَةُ. فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ أَنَاخَ بَعِيرَهُ فَعَقَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ وَلَّى عَنِّي، فَقَالَ: يَا أُمَّهْ، قَوْمِي فَارْكَبِي، فَإِذَا رَكِبْتِ فَآذِنِينِي. قَالَتْ: فَرَكِبْتُ، فَجَاءَ حَتَّى حَلَّ الْعِقَالَ، ثُمَّ بَعَثَ جَمَلَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا كَلَّمَهَا كَلَامًا حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: فَجَرَ بِهَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ. وَشَاعَ ذَلِكَ فِي الْعَسْكَرِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا قَالُوا حَتَّى رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَشَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ الْمُنَافِقُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَدِينَةِ، وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ أُمُّ مِسْطَحٍ، فَرَأَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْمَذْهَبَ، فَحَمَلَتْ مَعِيَ السَّطْلَ وَفِيهِ مَاءٌ، فَوَقَعَ السَّطْلُ مِنْهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تُتَعِّسِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَهُوَ ابْنُكِ؟! فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ مِسْطَحٍ: إِنَّكِ سَالَ بِكِ السَّيْلُ وَأَنْتِ لَا تَدْرِينَ، فَأَخْبَرَتْهَا بِالْخَبَرِ.

قَالَتْ: فَلَمَّا أَخْبَرَتْنِي أَخَذَتْنِي الْحُمَّى، وَتَقَلَّصَ مَا كَانَ بِي، وَلَمْ أُبْعِدِ الْمَذْهَبَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكُنْتُ أَرَى مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -

ص: 237

جَفْوَةً وَلَمْ أَدِرْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ [هِيَ]، حَتَّى حَدَّثَتْنِي أُمُّ مِسْطَحٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّ جَفْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مِسْطَحٍ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى أَهْلِي؟ قَالَ:" اذْهَبِي ". فَخَرَجَتْ عَائِشَةُ حَتَّى أَتَتْ أَبَاهَا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: أَخْرَجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْتِهِ. قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُؤْوِيكِ أَنَا؟ وَاللَّهِ لَا أُؤْوِيكِ حَتَّى يَأْمُرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُؤْوِيَهَا. قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ مَا قِيلَ لَنَا هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَطُّ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا الْإِسْلَامُ؟ فَبَكَتْ عَائِشَةُ وَأُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَكَى مَعَهُمْ أَهْلُ الدَّارِ.

وَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يَعْذُرُنِي مِمَّنْ يُؤْذِينِي؟ ". فَقَامَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَسَلَّ سَيْفَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أُعِيذُكَ مِنْهُ، إِنْ يَكُنْ مِنَ الْأَوْسِ أَتَيْتُكَ بِرَأْسِهِ، وَإِنْ يَكُنْ مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا بِأَمْرِكَ فِيهِ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، إِنَّمَا طَلَبْتَنَا بِذُحُولٍ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ هَذَا: يَا لِلْأَوْسِ، وَقَالَ هَذَا: يَا لِلْخَزْرَجِ. فَاضْطَرَبُوا بِالنِّعَالِ وَالْحِجَارَةِ، وَتَلَاطَمُوا، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَقَالَ: فَفِيمَ الْكَلَامُ؟ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِأَمْرِهِ، فَنَفَذَ عَنْ رَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمَ، وَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَصَعِدَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ فَاحْتَضَنَهُ. فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ أَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عليه السلام فَنَزَلَ:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: 9]. إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ، فَصَاحَ النَّاسُ: رَضِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَتَلَازَمُوا وَتَصَالَحُوُا.

وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمِنْبَرِ، وَانْتَظَرَ الْوَحْيَ فِي عَائِشَةَ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ، وَأُسَامَةَ، وَبَرِيرَةَ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَشِيرَ فِي أَهْلِهِ لَمْ [يَعُدْ] عَلِيًّا وَأُسَامَةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ زِيدٍ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ:" مَا تَقُولُ فِي عَائِشَةَ فَقَدْ أَهَمَّنِي مَا قَالَ النَّاسُ فِيهَا؟ ". فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ نَالَ النَّاسُ، وَقَدْ أُحِلَّ لَكَ طَلَاقُهَا. وَقَالَ لِأُسَامَةَ:" مَا تَقُولُ أَنْتَ بِهَا؟ ". قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا يَحِلُّ لَنَا أَنَّ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ لِبَرِيرَةَ:" مَا تَقُولِينَ يَا بَرِيرَةُ؟ ". قَالَتْ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ

ص: 238

مَاعَلِمْتُ عَلَى أَهْلِكَ إِلَّا خَيْرًا، إِلَّا أَنَّهَا امْرَأَةٌ نَئُومٌ، تَنَامُ حَتَّى تَجِيءَ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلَ عَجِينَهَا، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا حَتَّى لَيُخْبِرَنَّكَ اللَّهُ.

فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا:" يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ فَعَلْتِ هَذَا الْأَمْرَ فَقُولِي حَتَّى أَسْتَغْفِرَ اللَّهَ لَكِ ". فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ أَبَدًا، إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُهُ فَلَا غَفَرَهُ اللَّهُ لِي، وَمَا أَجِدُ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ إِلَّا مِثْلَ أَبِي يُوسُفَ - وَذَهَبَ اسْمُ يَعْقُوبَ مِنَ الْأَسَفِ -:{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86]

فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُنَا إِذْ نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام بِالْوَحْيِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَعْشَةٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَائِشَةَ: قُومِي فَاحْتَضِنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا أَدْنُو مِنْهُ. فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَاحْتَضَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَبْتَسِمُ، فَقَالَ:" يَا عَائِشَةُ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكِ ". فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِكَ. فَتَلَا عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةَ النُّورِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ خَبَرُهَا وَعَذَرُهَا وَبَرَاءَتُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" قَوْمِي إِلَى الْبَيْتِ ". فَقَامَتْ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَجَمَعَ النَّاسَ، ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل مِنَ الْبَرَاءَةِ لِعَائِشَةَ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ الْمُنَافِقِ، فَجِيءَ بِهِ فَضَرَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَدَّيْنِ، وَبَعَثَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَضُرِبُوا ضَرْبًا وَجِيعًا وَوُجِئَ فِي رِقَابِهِمْ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّمَا ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَدَّيْنِ ; لِأَنَّهُ مَنْ قَذَفَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَيْهِ حَدَّانِ. فَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْكَ وَأَنْتَ ابْنُ خَالَتِي، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا قُلْتَ فِي عَائِشَةَ؟ أَمَّا حَسَّانُ فَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَيْسَ مِنْ قَوْمِي، وَأَمَّا حَمْنَةُ فَامْرَأَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا عَقْلَ لَهَا، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَمُنَافِقٌ، وَأَنْتَ فِي عِيَالِي مُنْذُ مَاتَ أَبُوكَ وَأَنْتَ ابْنُ أَرْبَعِ حِجَجٍ، وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْكَ وَأَكْسُوكَ حَتَّى بَلَغْتَ، مَا قَطَعْتُ عَنْكَ نَفَقَةً إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَرَجُلٌ لَا وَصَلْتُكَ بِدَرَاهِمَ أَبَدًا، وَلَا عَطَفْتُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ أَبَدًا، ثُمَّ طَرَدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22]. الْآيَةَ، فَلَمَّا قَالَ:{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22]

ص: 239

بَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: أَمَّا قَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ [بِأَمْرِي] فِيكَ ; لَأُضَاعِفَنَّ لَكَ النَّفَقَةَ، وَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَغْفِرَ لَكَ، وَكَانَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ مُنَافِقَةٌ مَعَهُ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ:(الْخَبِيثَاتُ)، يَعْنِي امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ. (لِلْخَبِيثَيْنِ) يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ. {وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النور: 26]؛ عَبْدُ اللَّهِ لِامْرَأَتِهِ. {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} [النور: 26]، يَعْنِي عَائِشَةَ وَأَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {[(وَالطَّيِّبُونَ) يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (لِلطَّيِّبَاتِ) يَعْنِي لِعَائِشَةَ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ} [النور: 26]. إِلَى آخَرِ الْآيَاتِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15301 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا رُمِيتُ بِمَا رُمِيتُ بِهِ أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَ نَفْسِي فِي قَلِيبٍ.

رَوَاهُ [الْبَزَّارُ] الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15302 -

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ عُذْرُهَا قَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهَا، فَقَالَتْ: أَلَا عَذَرْتَنِي؟ فَقَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِنْ قُلْتُ مَا لَا أَعْلَمُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15303 -

وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: افْتَخَرْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ وَزَيْنَبُ، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَنَا الَّتِي زَوَّجَنِي اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَنَا الَّتِي نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ حِينَ حَمَلَنِي صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ، فَقَالَتْ لَهَا زَيْنَبُ: أَيُّ شَيْءٍ قُلْتِ حِينَ رَكِبْتِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. قَالَتْ: قُلْتِ كَلِمَةَ الْمُؤْمِنِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمُعَلَّى بْنُ عِرْفَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15304 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: افْتَخَرَتْ عَائِشَةُ وَزَيْنَبُ، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَنَا الَّتِي زَوَّجَنِي اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَنَا الَّتِي نَزَلَ عُذْرِي حِينَ حَمَلَنِي صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ، فَقَالَتْ لَهَا زَيْنَبُ: أَيُّ شَيْءٍ قُلْتِ حِينَ رَكِبْتِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. قَالَتْ: قُلْتِ كَلِمَةَ الْمُؤْمِنِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمُعَلَّى بْنُ عِرْفَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15305 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ شَتَمُوا عَائِشَةَ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، فَيَسْتَوْهِبُ رَبِّي الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ، فَأَسْتَأْمِرُكِ يَا عَائِشَةُ ". فَسَمِعَتْ عَائِشَةُ الْكَلَامَ فَبَكَتْ وَهِيَ فِي الْبَيْتِ، وَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا، لَسُرُورُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سُرُورِي، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَاحِكًا، وَقَالَ:" ابْنَةُ أَبِيهَا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ طُرُقٌ.

[بَابٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ]

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ طُرُقُهُ فِي النِّكَاحِ فِي بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ، وَبَقِيَتْ هَذِهِ

ص: 240

الطَّرِيقُ.

13506 -

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَا عَائِشَةُ، كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ إِلَّا أَنَّ أَبَا زَرْعٍ طَلَّقَ، وَأَنَا لَا أُطَلِّقُ» ".

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: " إِلَّا أَنَّ أَبَا زَرْعٍ طَلَّقَ، وَأَنَا لَا أُطَلِّقُ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سَعِيدٍ الْمُسَاحِقِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زُبَالَةَ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ فِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ طُرُقِهِ فِي النِّكَاحِ.

[بَابٌ جَامِعٌ فِيمَا بَقِيَ مِنْ فَضْلِهَا رضي الله عنها]

15307 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَقَدْ أُعْطِيتُ تِسْعًا مَا أُعْطِيَتْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ: لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم بِصُورَتِي فِي رَاحَتِهِ، حَتَّى أُمِرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بِكْرًا، وَمَا تَزَوَّجَ بِكْرًا غَيْرِي، وَلَقَدْ قُبِضَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِي، وَلَقَدْ قَبَرْتُهُ فِي بَيْتِي، وَلَقَدْ حَفَّتِ الْمَلَائِكَةُ بَيْتِي، وَإِنْ كَانَ الْوَحْيُ لَيَنْزِلُ وَهُوَ فِي أَهْلِهِ فَيَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَحْيُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَإِنِّي مَعَهُ فِي لِحَافِهِ، وَإِنِّي لَابْنَةُ خَلِيفَتِهِ وَصَدِيقِهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَلَقَدْ خُلِّفْتُ طَيِّبَةً وَعِنْدَ طَيِّبٍ، وَلَقَدْ وُعِدْتُ مَغْفِرَةً وَرِزْقًا كَرِيمًا» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ بَعْضُهُ، وَفِي إِسْنَادِهِ أَبِي يَعْلَى مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15308 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خِلَالٌ فِيَّ سَبْعٌ لَمْ تَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا آتَى اللَّهُ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، وَاللَّهِ مَا أَقُولُ هَذَا فَخْرًا عَلَى أَحَدٍ مِنْ صَوَاحِبِي.

فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ: وَمَا هُنَّ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: نَزَلَ الْمَلَكُ بِصُورَتِي، وَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسَبْعِ سِنِينَ، وَأُهْدِيتُ إِلَيْهِ لِتِسْعِ سِنِينَ، وَتَزَوَّجَنِي بِكْرًا وَلَمْ يُشْرِكْهُ فِيَّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ الْوَحْيُ يَأْتِيهِ وَأَنَا وَهُوَ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ.

قَالَتْ: وَكُنْتُ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَبِنْتَ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ فِيَّ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَقَدْ كَادَتِ الْأُمَّةُ تَهْلَكُ فِيَّ، وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرِي، وَقُبِضَ فِي بَيْتِي، وَلَمْ يَلِهِ أَحَدٌ غَيْرِي وَقَوِيَ الْمَلَكُ». قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحَدِ أَسَانِيدِ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15309 -

وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ:" وَلِمَ؟ " قُلْتُ: لِأُحِبَّ مَا تُحِبَّ، قَالَ:" عَائِشَةُ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15310 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ:«قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَيُّ النِّسَاءِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: عَائِشَةُ، قُلْتُ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَتْ: أَبُوهَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15311 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:" مَا يُبْكِيكِ؟ ". قُلْتُ: سَبَّتْنِي فَاطِمَةُ، فَدَعَا فَاطِمَةَ، فَقَالَ:" يَا فَاطِمَةُ، سَبَبْتِ عَائِشَةَ؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " أَلَيْسَ تُحِبِّينَ مَنْ أُحِبُّ؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " وَتُبْغِضِينَ مَنْ أُبْغِضَ؟ ". قَالَتْ: بَلَى قَالَ: " فَإِنِّي أُحِبُّ عَائِشَةَ ; فَأَحِبِّيهَا ". قَالَتْ فَاطِمَةُ:

ص: 241

لَا أَقُولُ لِعَائِشَةَ شَيْئًا يُؤْذِيهَا أَبَدًا».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَفِيهِ مُجَالِدٌ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15312 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أُعْطِيتُ سَبْعًا لَمْ يُعْطَهَا نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ نَفْسًا، وَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ أَبًا، وَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرِي، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ وَأَنَا مَعَهُ فِي لِحَافٍ، وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ بِغَيْرِي، وَكَانَ لِي يَوْمَانِ وَلَيْلَتَانِ وَلِنِسَائِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» .

قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: مَتْنٌ ضُعِّفَ.

15313 -

«وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَوْمَ مَاتَتْ عَائِشَةُ: الْيَوْمَ مَاتَ أَحَبُّ شَخْصٍ كَانَ فِي الدُّنْيَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ قَالَتْ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مَا خَلَا أَبَاهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ: مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15314 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ قَالَ: «بَعَثَ زِيَادٌ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ وَفَضَّلَ عَائِشَةَ. فَجَعَلَ الرَّسُولُ يَعْتَذِرُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: يَعْتَذِرُ إِلَيْنَا زِيَادٌ! فَقَدْ كَانَ يُفَضِّلُهَا مَنْ كَانَ أَعْظَمُ عَلَيْنَا تَفْضِيلًا مِنْ زِيَادٍ؛ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15315 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ: إِنِّي أُفَكِّرُ فِي أَمْرِكِ فَأَعْجَبُ! أَجِدُكِ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُهَا؟ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ. وَأَجِدُكِ عَالِمَةً بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَنْسَابِهَا وَأَشْعَارِهَا فَقُلْتُ: وَمَا يَمْنَعُهَا ; وَأَبُوهَا عَلَّامَةُ قُرَيْشٍ؟ وَلَكِنْ أَعْجَبُ أَنِّي وَجَدْتُكِ عَالِمَةً بِالطِّبِّ، فَمِنْ أَيْنَ؟ فَأَخَذَتْ بِيَدِي، فَقَالَتْ: يَا عُرَيَّةُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثُرَتْ أَسْقَامُهُ، فَكَانَتْ أَطِبَّاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يَبْعَثُونَ لَهُ، فَتَعَلَّمْتُ ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا لَهُ فَمِنْ ثَمَّ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ يَقُولُ لِعَائِشَةَ

فَظَاهِرُهُ الِانْقِطَاعُ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، فَهُوَ مُتَّصِلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15316 -

وَعَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَتْ عَائِشَةُ تُحْسِنُ الْفَرَائِضَ؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مَشْيَخَةَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهَا عَنِ الْفَرَائِضِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15317 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَعْلَمَ بِطِبٍّ، وَلَا بِفِقْهٍ، وَلَا بِشِعْرٍ

ص: 242

مِنْ عَائِشَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ.

15318 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَوْ جُمِعَ عِلْمُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِيهِنَّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَكْثَرَ مِنْ عِلْمِهِنَّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15319 -

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ خَطِيبًا قَطُّ أَبْلَغَ وَلَا أَفْصَحَ وَلَا أَفْطَنَ مِنْ عَائِشَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15320 -

وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ خُطْبَتُهَا فِي مَنَاقِبِ أَبِيهَا.

15321 -

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا هِبْتُ الْكَلَامَ عِنْدَ أَحَدٍ هَيْبَتِي عِنْدَ عَائِشَةَ، وَمَا سَمِعْتُ كَلَامَهَا إِلَّا ذَكَرْتُ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ [الْكَلْبِيُّ]، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15322 -

وَعَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: كُلُّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَائِشَةَ، قُلْتُ لَهُ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدَ خَالَفْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; هِيَ كَانَتْ أَحَبَّهُنَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15323 -

وَعَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: فِي الْبَيْتِ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ مَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ يَقُولُ: " يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ عليه السلام يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15324 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ.

15325 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ عَائِشَةَ تُفَضَّلُ عَلَى النِّسَاءِ كَمَا يُفَضَّلُ الثَّرِيدُ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15326 -

وَعَنْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15327 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طِيبَ نَفْسٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ، وَمَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ ".

فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟ ". فَقَالَتْ: وَمَا لِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ؟ فَقَالَ: " وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدَعْوَتِي لِأُمَّتِي

ص: 243

فِي كُلِّ صَلَاةٍ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيَّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15328 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [أَنَّهُ] قَالَ [لَهَا]: "

إِنَّمَا سُمِّيتِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ لِتَسْعَدِي، وَإِنَّهُ لَاسْمُكِ قَبْلَ أَنْ تُولَدِي ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

[بَابُ فَضْلِ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهَا]

15329 -

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: فَوَلَدُ عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأُخْتَهُ لِأَبِيهِ، وَأُمِّهِ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ رضي الله عنها زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَكْبَرُ، وَأُمُّهُمْ: زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ، كَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ، وَكَانَتْ قَبْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَشَهِدَ بَدْرًا أَبُوهَا، وَعَمُّهَا: زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَخْوَالُهَا: عُثْمَانُ، وَقُدَامَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ خَالِهَا: السَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15330 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «دَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَكِ! إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَكِ وَرَاجَعَكِ مِنْ أَجْلِي، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ طَلَّقَكِ لَا كَلَّمْتُكِ كَلِمَةً أَبَدًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15331 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَوَضَعَ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: مَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ بَعْدَهَا، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُرَاجِعَ حَفْصَةَ رَحْمَةً لِعُمَرَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15332 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: «لَمَّا طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: رَاجِعْ حَفْصَةَ ; فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ ; وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُطَلِّقَ حَفْصَةَ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: لَا تُطَلِّقْهَا ; فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ» . وَفِي إِسْنَادِ بِهِمَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15333 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «طَلَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ، فَاغْتَمَّ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا خَالُهَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَأَخُوهُ قُدَامَةُ، فَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَهَا وَهُمْ مُغْتَمُّونَ إِذْ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ: " يَا حَفْصَةُ، أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام آنِفًا، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: رَاجِعْ حَفْصَةَ ; فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ ; وَهِيَ زَوْجَتُكَ

ص: 244

فِي الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15334 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً، فَأَتَاهَا خَالَاهَا عُثْمَانُ وَقُدَامَةُ ابْنَا مَظْعُونٍ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا طَلَّقَنِي عَنْ شِبَعٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ فَتَجَلْبَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: رَاجِعْ حَفْصَةَ ; فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ ; وَإِنَّهَا زَوَّجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15335 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ عَامَ فُتِحَتْ إِفْرِيقِيَّةُ، وَمَاتَتْ وَمَرْوَانُ عَلَى الْمَدِينَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15336 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ إِفْرِيقِيَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَالْأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَالثَّانِيَةُ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَالثَّالِثَةُ سَنَةَ خَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابُ فَضْلِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها]

15337 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَاسْمُهَا: هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ.

حَدَّثَنَا بِهَذِهِ النِّسْبَةِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثْنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ، فَوَلَدَتْ لَهُ سَلَمَةَ وَعُمَرَ وَزَيْنَبَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْهَا، فَخَلَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

15338 -

«وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أَتَاهَا فَلَفَّ رِدَاءَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، وَاتَّكَأَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " هَلْ لَكَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ ". قَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ شَدِيدَةُ الْغَيْرَةِ، وَأَخَافُ أَنْ يَبْدُوَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي مَا يَكْرَهُ. فَانْصَرَفَ ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ: " هَلْ لَكِ يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ إِنْ كَانَ بِكِ الزِّيَادَةُ فِي صَدَاقِكِ زِدْنَا؟ ". فَعَادَتْ لِقَوْلِهَا. فَقَالَتْ أُمُّ عَبْدٍ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، تَدْرِينَ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ نِسَاءُ قُرَيْشٍ؟ يَقُلْنَ: إِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّمَا رَدَّتْ مُحَمَّدًا ; لِأَنَّهَا تُرِيدُ شَابًّا مِنْ قُرَيْشٍ أَحْدَثَ مِنْهُ سِنًّا، وَأَكْثَرَ مِنْهُ مَالًا! قَالَ: فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَزَوَّجَهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَضْلِ أَهْلِ الْبَيْتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: " «إِنَّكِ عَلَى خَيْرِهِ» ".

15339 -

وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ هَلَكَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، هَلَكَتْ

ص: 245

فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، وَآخِرُ مَنْ هَلَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

15340 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، فَجَاءَ أَخُوهَا مِنَ الْحَجِّ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَجَعَلَ يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَالَ: إِنِّي لَسَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثُو عَلَى رَأْسِي التُّرَابَ أَنْ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ أَحْمَدَ لَهُ فِي مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رضي الله عنها.

15341 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «ثُمَّ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15342 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: «أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِرَاقَ سَوْدَةَ، فَدَعَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لِيُشْهِدَهُمَا عَلَى طَلَاقِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي رَغْبَةٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأُحْشَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَزْوَاجِكَ، فَيَكُونَ لِي مِنَ الثَّوَابِ مَا لَهُنَّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15343 -

وَعَنِ الْهَيْثَمِ - أَوْ أَبِي الْهَيْثَمِ - «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ سَوْدَةَ تَطْلِيقَةً، فَجَلَسَتْ فِي طَرِيقِهِ، فَلَمَّا مَرَّ سَأَلَتْهُ الرَّجْعَةَ، وَأَنْ تَهَبَ قَسْمَهَا مِنْهُ لِأَيِّ أَزْوَاجِهِ شَاءَ ; رَجَاءَ أَنْ تُبْعَثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَوْجَتَهُ، فَرَاجَعَهَا وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها]

(زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)

15344 -

«عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: خَطَبَنِي عِدَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَرْسَلْتُ أُخْتِي حَمْنَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْتَشِيرُهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيْنَ هِيَ مِمَّنْ يُعَلِّمُهَا كِتَابَ رَبِّهَا وَسُنَّةَ نَبِيِّهَا؟ ". قَالَتْ: وَمَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،؟ قَالَ:" زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ". قَالَ: فَغَضِبَتْ حَمْنَةُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُزَوِّجُ بِنْتَ عَمِّكَ مَوْلَاكَ؟ قَالَتْ: وَجَاءَتْنِي فَأَعْلَمَتْنِي، فَغَضِبْتُ أَشَدَّ مِنْ غَضَبِهَا، وَقُلْتُ أَشَدَّ مِنْ قَوْلِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]. قَالَتْ: فَأَرْسَلْتُ

ص: 246

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأُطِيعُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَفْعَلُ مَا رَأَيْتَ، فَزَوَّجَنِي زَيْدًا، وَكُنْتُ أَرَنِي [عَلَيْهِ]، فَشَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَاتَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عُدْتُ فَأَخَذْتُهُ بِلِسَانِي، [فَشَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أُطَلِّقُهَا. قَالَتْ: فَطَلَّقَنِي، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي، لَمْ أَعْلَمْ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَخَلَ عَلَيَّ وَأَنَا مَكْشُوفَةُ الشَّعْرِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِلَا خِطْبَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ؟ فَقَالَ:" اللَّهُ الْمُزَوِّجُ، وَجِبْرِيلُ الشَّاهِدُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَفِيهِ تَوْثِيقٌ لَيِّنٌ.

15345 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «ثُمَّ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ شَيْخِهِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15346 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ [بْنِ أَسَدِ] بْنِ خُزَيْمَةَ. وَأَمُّهَا: أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَهِيَ أَوَّلُ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَتْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15347 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: هَاجَرَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ مِنْ نِسَائِهِمْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَنِسْوَةٌ. فَذَكَرَهُنَّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

15348 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ [بَيْتَ] زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَتْ لَهُ زَيْنَبُ وَلَا خِمَارَ عَلَيْهَا، فَأَلْقَتْ كُمَّ دِرْعِهَا عَلَى رَأْسِهَا، فَسَأَلَهَا عَنْ زَيْدٍ، فَقَالَتْ: ذَهَبَ قَرِيبًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَهُ هَمْهَمَةٌ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَاتَّبَعْتُهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " تَبَارَكَ مُصَرِّفُ الْقُلُوبِ ". فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى تَغَيَّبَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَبَعْضُهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ كَمَا تَرَاهُ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ.

15349 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «بَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. فَذَكَرَ حَدِيثَ الْوَلِيمَةِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّ زَيْنَبَ لَجَالِسَةٌ فِي جَنْبِ الْبَيْتِ.

قَالَ: وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ أُعْطِيَتْ جَمَالًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَدِيدَ الْحَيَاءِ». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15350 -

وَعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلَهُ وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِذَا هُوَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ تُصَلِّي، وَهِيَ فِي صَلَاتِهَا تَدْعُو، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى

ص: 247

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّهَا لَأَوَّاهَةٌ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابُلُتِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15351 -

وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تِسْعُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ يَوْمًا: " خَيْرُكُنَّ أَطْوَلُكُنَّ يَدًا ". فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَضَعُ يَدَهَا عَلَى الْجِدَارِ، فَقَالَ: " لَسْتُ أَعْنِي هَذَا، وَلَكِنْ أَصْنَعُكُنَّ يَدَيْنِ» ".

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ ; لِأَنَّهُ يَعْتَضِدُ بِمَا يَأْتِي.

15352 -

وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَالَ: " أَوَّلُكُنَّ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَطْوَلُكُنَّ يَدًا ". فَجَعَلْنَا نُقَدِّرُ أَذْرُعَنَا أَيَّتُنَا أَطْوَلُ يَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَسْتُ ذَاكَ أَعْنِي إِنَّمَا أَعْنِي أَصْنَعُكُنَّ يَدًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15353 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَزَى أَنَّ عُمَرَ كَبَّرَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يُدْخِلُ هَذِهِ قَبْرَهَا؟ فَقُلْنَ: مَنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَسْرَعُكُنَّ بِي لُحُوقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدًا» ". فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ بِأَيْدِيهِنَّ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ صَنَّاعًا تُعِينُ بِمَا تَصْنَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15354 -

وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنهما.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15355 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَنَةَ عِشْرِينَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ.

15356 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ عَلَى زَيْنَبَ، وَكَانَتْ أَوَّلَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَوْتًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُدْخِلَهَا قَبْرَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يُدْخِلُهَا قَبْرَهَا؟ فَقُلْنَ: مَنْ كَانَ يَرَاهَا فِي حَيَاتِهَا فَلْيُدْخِلْهَا قَبْرَهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَنَاقِبِ زَيْنَبَ بِنْتِ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةِ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

15357 -

عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ وَهِيَ أُمُّ الْمَسَاكِينِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ إِطْعَامِهَا الْمَسَاكِينَ، وَهِيَ مِنْ بَنِي [هِلَالِ بْنِ] عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَتُوُفِّيَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ [لَمْ تَلْبَثْ مَعَهُ إِلَّا يَسِيرًا]» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15358 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةَ أُمَّ الْمَسَاكِينِ، كَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْحُصَيْنِ - أَوْ عِنْدَ الطُّفَيْلِ بْنِ الْحَارِثِ - مَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ، أَوَّلُ نِسَائِهِ مَوْتًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

ص: 248

[بَابُ مَنَاقِبِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهَا]

15359 -

عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُؤَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَهِيَ الَّتِي «وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15360 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «كُنْتُ فِي بَعْثٍ مَرَّةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبْ فَأْتِنِي بِمَيْمُونَةَ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي فِي الْبَعْثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَيْسَ تُحِبُّ مَا أُحِبُّ؟ ". فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: " فَاذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَا ". فَذَهَبْتُ فَجِئْتُهُ بِهَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15361 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15362 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: «ثَقُلَتْ مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، وَلَيْسَ عِنْدَهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي أَخِيهَا، فَقَالَتْ: أَخْرِجُونِي مِنْ مَكَّةَ، فَإِنِّي لَا أَمُوتُ بِهَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَنِي أَنِّي لَا أَمُوتُ بِمَكَّةَ. قَالَ: فَحَمَلُوهَا حَتَّى أَتَوْا بِهَا سَرِفَ، إِلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَهَا فِي مَوْضِعِ الْقُبَّةِ. قَالَ: فَمَاتَتْ، فَلَمَّا وَضَعْنَاهَا فِي لَحْدِهَا أَخَذْتُ رِدَائِي، فَوَضَعْتُهُ تَحْتَ خَدِّهَا فِي اللَّحْدِ، فَأَخَذَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَمَى بِهِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15363 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: رَأَيْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، فَقَالَ: أَرَاهَا تَبْتَذِلُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عُقْبَةَ بْنِ وَهْبٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15364 -

وَعَنْ مَيْمُونَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ ". - يَعْنِي مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، وَأُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ، وَسَلْمَى امْرَأَةَ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15365 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: مَاتَتْ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحَرَّةِ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها]

15366 -

عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ

ص: 249

بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ. وَاسْمُ أُمِّ حَبِيبَةَ: رَمَلَةُ. وَأَنْكَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رُقَيَّةَ رضي الله عنها عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ أُمُّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ، وَصَفِيَّةُ عَمَّةُ عُثْمَانَ أُخْتُ عَفَّانَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. وَقَدِمَ بِأُمِّ حَبِيبَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهَا]

15367 -

عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي هَدَمَ فِيهَا مَنَاةَ، غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15368 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَائِذِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ - وَاسْمُ الْمُصْطَلِقِ خُزَيْمَةُ - يَوْمَ وَاقَعَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15369 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «كَانَتْ جُوَيْرِيَةُ مِلْكَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْتَقَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَأَعْتَقَ كُلَّ أَسِيرٍ مَنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15370 -

وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «قَالَتْ جُوَيْرِيَةُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَفْخَرْنَ عَلَيَّ، وَيَقُلْنَ: لَمْ يَتَزَوَّجْكِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَوَلَمْ أُعْظِمْ صَدَاقَكِ؟ أَلَمْ أُعْتِقْ أَرْبَعِينَ مِنْ قَوْمِكِ؟» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15371 -

وَعَنْ شَبَابٍ الْعُصْفُرِيِّ قَالَ: مَاتَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ.

[بَابُ مَنَاقِبِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهَا]

15372 -

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَصَفِيَّةُ عَرُوسٌ فِي مَجَاسِدِهَا، فَرَأَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّ الشَّمْسَ وَقَعَتْ عَلَى صَدْرِهَا، فَقَصَّتْهَا عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَمَنَّيْنَ إِلَّا هَذَا الْمَلِكَ الَّذِي نَزَلَ بِنَا. فَافْتَتَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 250

فَضَرَبَ عُنُقَ زَوْجِهَا صَبْرًا، وَتَعَرَّضَ لَهَا مَنْ هُنَالِكَ مِنْ فِتْيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَلْقَى لَهُمْ تَمْرًا عَلَى سَفِيفٍ، وَقَالَ:" كُلُوا وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.

15373 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ بِعَيْنَيْ صَفِيَّةَ خُضْرَةٌ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَا هَذِهِ الْخُضْرَةُ بِعَيْنَيْكِ؟ ". قَالَتْ: قُلْتُ لِزَوْجِي: إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَلَطَمَنِي وَقَالَ: أَتُرِيدِينَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: أَتُرِيدِينَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ وَمَا كَانَ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ أَبِي وَزَوْجِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ، وَقَالَ: " يَا صَفِيَّةُ، إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ الْعَرَبَ، وَفَعَلَ وَفَعَلَ ". حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15374 -

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمَّا دَخَلَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ رضي الله عنها عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فُسْطَاطَهُ، حَضَرَ نَاسٌ وَحَضَرْتُ مَعَهُمْ لِيَكُونَ لِي فِيهَا قِسْمٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " قُومُوا عَنْ أُمِّكُمْ ". فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَشَاءِ حَضَرْنَا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا فِي طَرَفِ رِدَائِهِ نَحْوُ مُدٍّ وَنِصْفٍ مِنْ تَمْرِ عَجْوَةٍ، فَقَالَ: " كُلُوا مِنْ وَلِيمَةِ أُمِّكُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15375 -

«وَعَنْ رَزِينَةَ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَذِرَاعُهَا فِي يَدِهِ، فَلَمَّا رَأَتِ السَّبْيَ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَرْسَلَ ذِرَاعَهَا مِنْ يَدِهِ، وَأَعْتَقَهَا، وَخَطَبَهَا، وَتَزَوَّجَهَا، وَأَمْهَرَهَا زُرْبَيَّةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيلَةَ بِنْتِ الْكُمَيْتِ، عَنْ أُمِّهَا أَمِينَةَ، عَنْ أَمَةِ اللَّهِ بِنْتِ رَزِينَةَ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثُ لَمْ أَعْرِفْهُنَّ. وَبَقِيَّةُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15376 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، وَكَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15377 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ. رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15378 -

وَعَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَفِيَّةَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْجَارِيَةِ؟ ". قَالُوا: نَقُولُ: إِنَّكَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا وَأَحَقُّهُمْ. قَالَ: " فَإِنِّي أَعْتَقْتُهَا وَاسْتَنْكَحْتُهَا، وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا مَهْرَهَا ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،

ص: 251

الْوَلِيمَةُ. قَالَ: " الْوَلِيمَةُ حَقٌّ، وَالثَّانِيَةُ مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثَةُ فَخْرٌ وَحَرَجٌ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وَثَّقَهُمُ ابْنُ حِبَّانَ.

15379 -

«وَعَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَكْرَهُ إِلَيَّ مِنْهُ، فَقَالَ: " إِنَّ قَوْمَكِ صَنَعُوا كَذَا وَكَذَا ". قَالَتْ: فَمَا قُمْتُ مِنْ مَقْعَدِي وَمِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ» .

15380 -

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ قَطُّ أَحْسَنَ خُلُقًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَدْ رَأَيْتُهُ رَكِبَ بِي مِنْ خَيْبَرَ عَلَى عَجْزِ نَاقَتِهِ لَيْلًا، فَجَعَلْتُ أَنْعَسُ، فَيَضْرِبُ رَأْسِي مُؤَخِّرَةُ الرَّحْلِ، فَيَمَسُّ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: " يَا هَذِهِ مَهْلًا، يَا بِنْتَ حُيَيٍّ ". حَتَّى إِذَا جَاءَ الصَّهْبَاءُ قَالَ: " أَمَا إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكِ يَا صَفِيَّةُ مِمَّا صَنَعْتُ بِقَوْمِكِ، إِنَّهُمْ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ الطَّرِيقِ الْأُولَى رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ لَمْ يُدْرِكْ صَفِيَّةَ، وَفِي رِجَالِ هَذِهِ رَبِيعُ ابْنُ أَخِي صَفِيَّةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابٌ فِي زَوْجَاتِهِ وَسَرَارِيِّهِ صلى الله عليه وسلم]

15381 -

عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. اجْتَمَعْنَ عِنْدَهُ تِسْعَةً [بَعْدَ خَدِيجَةَ]، وَالْكِنْدِيَّةُ مِنْ بَنِي الْجَوْنِ، وَالْعَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ كِلَابٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ، وَامْرَأَةٌ مَنْ بَنِي هِلَالٍ.

15382 -

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: «لَمَّا أَنْ دَخَلَتِ الْكِنْدِيَّةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. قَالَ: " عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15383 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15384 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عَتِيقِ بْنِ عَائِذٍ الْمَخْزُومِيِّ. ثُمَّ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا. ثُمَّ تَزَوَّجَ بِالْمَدِينَةِ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ.

ثُمَّ تَزَوَّجَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ

ص: 252

الْأَسَدِيِّ - أَسَدُ خُزَيْمَةَ. ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّ حَرَامٍ. ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ وَكَانَ اسْمُهَا هِنْدُ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. ثُمَّ تَزَوَّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ. ثُمَّ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ. وَسَبَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، مِنْ خُزَاعَةَ فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي هَدَمَ فِيهَا مَنَاةَ، غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ. وَسَبَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، وَكَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَاسْتَسَرَّ رَيْحَانَةَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَحِقَتْ بِأَهْلِهَا، وَاحْتَجَبَتْ وَكَانَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا.، وَطَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْغَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ، وَفَارَقَ أُخْتَ بَنِي عَمْرِو بْنِ كِلَابٍ. وَفَارَقَ أُخْتَ بَنِي الْجَوْنِ الْكِنْدِيَّةَ ; مِنْ أَجْلِ بَيَاضٍ كَانَ بِهَا. وَتُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ. وَبَلَغَنَا أَنَّ الْغَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَ اللَّهُ نِسَاءَهُ، وَنَكَحَتِ ابْنِ عَمٍّ لَهَا مِنْ قَوْمِهَا، وَوَلَدَتْ فِيهِمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَخْمِيمِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَقَدْ رَوَاهُ مَرَّةً بِاخْتِصَارٍ مَوْقُوفًا عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15385 -

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، مِنْهُنَّ سِتٌّ مِنْ قُرَيْشٍ وَوَاحِدَةٌ مِنْ نِسَاءِ الْقُرَيْطِ، وَسَبْعٌ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ، وَوَاحِدَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْهُنَّ غَيْرَهَا، فَأَوَّلُ مَنْ تَزَوَّجَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ عَتِيقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ عَتِيقٍ أَبُو هَالَةَ هِنْدُ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ نَبَّاشِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ صُرَدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ جَرَاوَةَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَيْمٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدُ بْنُ هِنْدٍ.

قَالَ زُهَيْرٌ: قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: فَمَرَّ هِنْدُ بِالْبَصْرَةِ مُجْتَازًا، فَهَلَكَ بِهَا، فَلَمْ يَقُمْ سُوقٌ وَلَا كَلَأٌ يَوْمَئِذٍ، فَتَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُمَا، فَوَلَدَتْ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ مَنَافٍ، وَوَلَدَتْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ غُلَامَيْنِ وَأَرْبَعَ بَنَاتٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15386 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: «اجْتَمَعَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تِسْعُ نِسْوَةٍ مَعَ صَفِيَّةَ بَعْدَ خَدِيجَةَ، مَاتَ عَنْهُنَّ كُلِّهِنَّ.

قَالَ: وَزَادُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ امْرَأَتَيْنِ سِوَى التِّسْعِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، كِلْتَاهُمَا جَمَعَ، وَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا تُدْعَى أُمَّ الْمَسَاكِينِ، وَكَانَتْ

ص: 253

خَيْرَ نِسَائِهِ لِلْمَسَاكِينِ، وَنَكَحَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي الْجَوْنِ، فَلَمَّا جَاءَتْهُ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا وَنَكَحَ امْرَأَةً مِنْ كِنْدَةَ وَلَمْ يُجَامِعْهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَهُمَا، وَضَرَبَ زَوْجَهَا.

فَقَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ ; إِنْ كُنْتُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَاضْرِبْ عَلَيَّ الْحِجَابَ، وَأَعْطِنِي مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُنَّ. قَالَ: أَمَّا هُنَالِكَ فَلَا، قَالَتْ: فَدَعْنِي أَنْكِحْ. قَالَ: لَا وَلَا نِعْمَةَ، وَلَا أُطَمِعُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَزِيَادَةُ عُثْمَانَ مُعْضِلَةٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15387 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: «شِرَافُ بِنْتُ خَلِيفَةَ بْنِ فَرْوَةَ الْكَلْبِيَّةُ، أُخْتُ دَحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ، تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا» .

15388 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ، فَبَعَثَ عَائِشَةَ تَنْظُرُ إِلَيْهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15389 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: «قُتَيْلَةُ بِنْتُ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّةُ - أُخْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ - تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى فَارَقَهَا» .

15390 -

«وَعَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ الْأَوْقَصِ أَنَّهَا كَانَتْ مِنَ اللَّائِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَرَوَاهُ أَيْضًا مُرْسَلًا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ خَوْلَةَ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

15391 -

«عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِلَادَةٌ مِنْ جَزْعٍ مُلَمَّعَةٌ بِالذَّهَبِ، وَنِسَاؤُهُ مُجْتَمِعَاتٌ فِي بَيْتٍ كُلُّهُنَّ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ جَارِيَةٌ تَلْعَبُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ بِالتُّرَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَيْفَ تَرَيْنَ هَذِهِ؟ ". فَنَظَرْنَا إِلَيْهَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ قَطُّ، وَلَا أَعْجَبَ. فَقَالَ: " ارْدُدْنَهَا إِلَيَّ ". فَلَمَّا أَخَذَهَا قَالَ: " وَاللَّهِ لَأَضَعَنَّهَا فِي رَقَبَةِ أَحَبِّ أَهْلِ الْبَيْتِ إِلَيَّ ". قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَظْلَمَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَضَعَهَا فِي رَقَبَةِ غَيْرِي مِنْهُنَّ، وَلَا أَرَاهُنَّ إِلَّا أَصَابَهُنَّ مِثْلَ الَّذِي أَصَابَنِي، وَوَجَمْنَا جَمِيعًا سُكُوتًا، فَأَقْبَلَ بِهَا حَتَّى وَضَعَهَا فِي رَقَبَةِ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَبَّاسِ، فَسُرِّيَ عَنَّا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَأَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ، وَأَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى حَسَنٌ.

15392 -

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: وَأَوْصَى أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بِابْنَتِهِ أُمَامَةَ إِلَى الزُّبَيْرِ وَبِتَرِكَتِهِ، فَزَوَّجَهَا الزُّبَيْرُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ وَفَاةِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها وَقُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ.

ص: 254

عِنْدَهُ وَلَمْ تَلِدْ لَهُ. فَقَالَتْ أُمُّ الْهَيْثَمِ النَّخَعِيَّةُ:

أَشَابَ ذُؤَابَتِي وَأَذَلَّ رُكْنِي

أُمَامَةُ يَوْمَ فَارَقَتِ الْقَرِينَا

يَطِيفُ بِهِ لِحَاجَتِهَا إِلَيْهِ

فَلَمَّا اسْتَأْنَسَتْ رَفَعَتْ رَنِينَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

15393 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَتْ أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ أُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَنْهَا قَالَ لَهَا: لَا تَزَوَّجِي، فَإِنْ أَرَدْتِ الزَّوَاجَ فَلَا تَخْرُجِي مِنْ رَأْيِ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ، فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَتْ إِلَى الْمُغِيرَةِ تَسْتَأْمِرُهُ، فَقَالَ لَهَا: أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ، فَاجْعَلِي أَمْرَكِ إِلَيَّ، فَفَعَلَتْ فَدَعَا رِجَالًا فَتَزَوَّجَهَا، فَهَلَكَتْ أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عِنْدَ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَلَمْ تَلِدْ لَهُ، فَلَيْسَ لِزَيْنَبَ عَقِبٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ صَفِيَّةَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهَا]

15394 -

عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قَالَ: كَانَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا تُغَطِّي رَأْسَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا مِنْ عَشَرَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخُوهَا، وَجَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ ابْنَا أَبِي طَالِبٍ ابْنَا أَخِيهَا، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ابْنُهَا، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ابْنُ ابْنَةِ أَخِيهَا، أَمُّهُ أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزٍ، وَأُمُّهَا الْبَيْضَاءُ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَأَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ ابْنَا أُخْتِهَا بَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأُمِّ طُلَيْبِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ: أَرْوَى بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَبِي أَحْمَدَ الْأَعْمَى الشَّاعِرِ اسْمُهُ عَبْدُ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبْرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ وَرْدَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. تُوُفِّيَتْ صَفِيَّةُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ قَتْلِهَا الْيَهُودِيَّ فِي قُرَيْظَةَ وَغَزْوَةِ أُحُدٍ أَيْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَائِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهَا]

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا أَذْكُرُهُ وَأَكْثَرُ مِنْهُ فِي أَوَائِلِ غَزْوَةِ بَدْرٍ.

15395 -

عَنْ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَاكِبًا أَخَذَ صَخْرَةً مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ فَرَمَى بِهَا لِلرُّكْنِ، فَتَفَلَّقَتِ الصَّخْرَةُ، فَمَا بَقِيَتْ دَارٌ مِنْ دُوْرِ قُرَيْشٍ إِلَّا دَخَلَتْهَا مِنْهَا كَسْرَةً غَيْرَ دُوْرِ بَنِي زُهْرَةَ. قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مُرْسَلًا، وَهُوَ حَسَنُ الْإِسْنَادِ.

15396 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ مِنْ قُرَيْشٍ:

ص: 255

أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ فِي صِدْقِ رُؤْيَاهَا وَتَكْذِيبِ قُرَيْشٍ لَهَا حِينَ أَوْقَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَدْرٍ:

أَلَمْ تَكُنِ الرُّؤْيَا بِحَقٍّ وَيَأْتِكُمْ

بِتَأْوِيلِهَا فَلٌّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبُ

رَأَى فَأَتَاكُمْ بِالْيَقِينِ الَّذِي رَأَى

بِعَيْنَيْهِ مَا يَفْرِي السُّيُوفُ الْقَوَاضِبُ

فَقُلْتُمْ وَلَمْ أَكْذِبْ كَذَبْتِ وَإِنَّمَا

يُكَذِّبُنِي بِالصِّدْقِ مَنْ هُوَ كَاذِبُ

[وَمَا فَرَّ إِلَّا رَهْبَةَ الْمَوْتِ مِنْهُمْ

حَكِيمٌ وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ]

أَفِرُّ صَبَاحَ الْقَوْمِ عَزْمٌ قُلُوبُهُمْ

فَهُنَّ هَوَاءٌ وَالْحُلُومُ عَوَازِبُ

مَرَوْا بِالسُّيُوفِ الْمُرْهِفَاتِ دِمَاءَكُمْ

كِفَاحًا كَمَا يَمْرِي السَّحَايِبُ جَانِبُ

فَكَيْفَ رَأَى يَوْمَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدًا

بَنُو عَمِّهِ وَالْحَرْبُ فِيهِ التَّجَارِبُ

أَلَمْ يُغْشِهِمْ ضَرْبًا يَحَارُ لِوَقْعِهِ الْ

جَبَانُ وَتَبْدُو بِالنَّهَارِ الْكَوَاكِبُ

أَلَا بِأَبِي يَوْمَ اللِّقَاءِ مُحَمَّدًا

إِذَا عَضَّ مِنْ عَوْنِ الْحُرُوبِ الْغَوَارِبُ

كَمَا بَرَزَتْ أَسْيَافُهُ مِنْ مَلِيكَتِي

زُعَازِعُ وَرْدًا بَعْدَ إِذْ هِيَ صَالِبُ

حَلَفْتُ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيَصْطَلِمَنَّكُمْ

بِجَأْوَاءَ يَرْدَى حَافِيَتُهَا الْمَقَانِبُ

كَأَنَّ ضِيَاءَ الشَّمْسِ لَمْعُ بُرُوقِهَا

لَهَا جَانِبَا نُورٍ شُعَاعٌ وَثَاقِبُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَدِيثُ رِجَالِهِ حَسَنٌ وَلَكِنَّ الْإِسْنَادَ مُنْقَطِعٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ أُمِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنها]

15397 -

عَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَكْفِيهِ الدَّاخِلَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ تَكْفِيهِ الْخَارِجَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15398 -

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا قَالَ: قُلْتُ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ: اكْفِي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِقَايَةَ الْمَاءِ وَالذَّهَابَ فِي الْحَاجَةِ، وَتَكْفِيكِ خِدْمَةَ الدَّاخِلِ الطَّحْنَ وَالْعَجْنَ. وَرِجَالُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15399 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ أُمُّ عَلِيٍّ رضي الله عنهما دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهَا، فَقَالَ:" رَحِمَكِ اللَّهُ يَا أُمِّي، كُنْتِ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي، تَجُوعِينَ وَتُشْبِعِينِي، وَتَعْرَيْنَ وَتَكْسِينِي، وَتَمْنَعِينَ نَفْسَكِ طَيِّبًا وَتُطْعِمِينِي، تُرِيدِينَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ". ثُمَّ أَمَرَ أَنْ تُغَسَّلَ ثَلَاثًا، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءَ الَّذِي فِيهِ الْكَافُورُ سَكَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، ثُمَّ خَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ فَأَلْبَسُهَا إِيَّاهُ، وَكَفَّنَهَا بِبُرْدٍ فَوْقَهُ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ

ص: 256

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَأَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَغُلَامًا أَسْوَدَ يَحْفِرُونَ، فَحَفَرُوا قَبْرَهَا، فَلَمَّا بَلَغُوا اللَّحْدَ حَفْرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَأَخْرَجَ تُرَابَهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاضْطَجَعَ فِيهِ، فَقَالَ:" اللَّهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ، وَلَقِّنْهَا حُجَّتَهَا، وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي ; فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ". وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَأَدْخَلُوهَا اللَّحْدَ هُوَ، وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ رضي الله عنهم».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ رَوْحُ بْنُ صَلَاحٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15400 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ أُمُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ خَلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ وَأَلْبَسَهَا إِيَّاهُ، وَاضْطَجَعَ فِي قَبْرِهَا، فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهَا التُّرَابُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَصْنَعْهُ بِأَحَدٍ! فَقَالَ: " أَلْبَسْتُهَا قَمِيصِي ; لِتَلْبَسَ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ، وَاضْطَّجَعْتُ مَعَهَا فِي قَبْرِهَا ; خُفِّفَ عَنْهَا مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ؛ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيَّ صَنِيعًا بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها]

15401 -

«عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَتْ مُتَبَرِّجَةً قَدْ بَدَا قُرْطَاهَا، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اعْمَلِي، فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَا يُغْنِي عَنْكِ شَيْئًا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ شَفَاعَتِي لَا تَنَالُ أَهْلَ بَيْتِي! وَإِنَّ شَفَاعَتِي تَنَالُ حَاءَ وَحَكَمَ ". - وَحَاءَ وَحَكَمَ قَبِيلَتَانِ -» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ رضي الله عنها]

15402 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالُوا: «قَدِمَتْ دُرَّةُ بِنْتُ أَبِي لَهَبٍ مُهَاجِرَةً، فَنَزَلَتْ دَارَ رَافِعِ بْنِ الْمُعَلَّى الزُّرَقِيِّ، فَقَالَ لَهَا نِسْوَةٌ جَالِسِينَ إِلَيْهَا مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: أَنْتِ بِنْتُ أَبِي لَهَبٍ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ - مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: 1 - 2] يَعْنِي: مَا يُغْنِي عَنْكِ مُهَاجَرُكِ؟ فَأَتَتْ دُرَّةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَتْ

ص: 257

إِلَيْهِ مَا قُلْنَ لَهَا، فَسَكَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:" اجْلِسِي ". ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الظَّهْرَ، وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ سَاعَةً، وَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، مَالِي أُوذَى فِي أَهْلِي، فَوَاللَّهِ إِنَّ شَفَاعَتِي لَتَنَالُ حَيَّ حَاءَ وَحَكَمٍ، وَصُدَا، وَسَلْهَبَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَشِيرٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15403 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي الْحُسَيْنٍ قَالَ: «كَانَتْ دُرَّةُ بِنْتُ أَبِي لَهَبٍ عِنْدَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ عُقْبَةَ، وَالْوَلِيدَ، وَأَبَا مُسْلِمٍ، ثُمَّ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي أَبَوَيْهَا، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَلَدَ الْكُفَّارُ غَيْرِي؟! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَمَا ذَاكَ؟ ". قَالَتْ: قَدْ آذَانِي أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي أَبَوَيَّ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا صَلَّيْتِ الظُّهْرَ فَصَلِّي حَيْثُ أَرَى ". فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظَّهْرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، أَلْكُمْ نَسَبٌ وَلَيْسَ لِي نَسَبٌ؟ ". فَوَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: أَغْضَبَ اللَّهَ مَنْ أَغْضَبَكَ، فَقَالَ: " هَذِهِ بِنْتُ عَمِّي، فَلَا يَقُلْ لَهَا أَحَدٌ إِلَّا خَيْرًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ هُوَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15404 -

«وَعَنْ دُرَّةَ ابْنَةِ أَبِي لَهَبٍ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" ائْتُونِي بِوَضُوءٍ ". قَالَتْ: فَابْتَدَرْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ الْكُوزَ، فَبَدَرْتُهَا فَأَخَذْتُهُ أَنَا، فَتَوَضَّأَ فَرَفَعَ إِلَيَّ عَيْنَهُ أَوْ بَصَرَهُ قَالَ:" أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكِ ".

قَالَتْ: فَأُتِيَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: مَا أَنَا فَعَلْتُهُ إِنَّمَا قِيلَ لِي.

قَالَتْ: وَكَانَ يَسْأَلُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: " أَفْقَهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ، وَأَوْصَلُهُمْ لِرَحِمِهِ». وَذَكَرَ شَرِيكٌ شَيْئَيْنِ آخَرَيْنِ فَلَمْ أَحْفَظْهُمَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي أُمِّ أَيْمَنَ أُمِّ أُسَامَةَ رضي الله عنها]

15405 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أُمُّ أَيْمَنَ أُمُّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لِأُخْتِ خَدِيجَةَ فَوَهَبَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَحَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَيُقَالُ: اسْمُهَا بَرَكَةُ.

15406 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُمُّ أَيْمَنَ هِيَ: أُمُّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15407 -

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، «عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَشْكَابٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15408 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ أُمُّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مِنَ

ص: 258

الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ وَصِيفَةً لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَتْ تَحْضُنُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَغِيرٌ، فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَنْكَحَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ» [هَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَرَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا عَاشَتْ بَعْدَ وَفَاةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15409 -

وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ يَوْمَ قُتِلَ عَنِ الْيَوْمَ وَهَى الْإِسْلَامُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابٌ فِي خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ رضي الله عنها]

15410 -

عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا، فَأَرْجَأَهَا فِيمَنْ أَرْجَأَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابٌ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ رَبِيبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها]

15411 -

«عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَتْ أُمِّي إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ تَقُولُ: اذْهَبِي فَادْخُلِي، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ فَنَضَحَ فِي وَجْهِي بِالْمَاءِ، وَقَالَ:" ارْجِعِي ".

قَالَ الْعَطَّافُ: قَالَتْ أُمِّي: فَرَأَيْتُ وَجْهَ زَيْنَبَ وَهِيَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ مَا نَقَصَ مِنْ وَجْهِهَا شَيْءٌ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأُمُّ عَطَّافٍ لَمْ أَعْرِفْهَا.

‌[بَابٌ فِي حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ رضي الله عنها

-]

15412 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَاسْمُ أَبِي ذُؤَيْبٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَيَّانَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، وَهِيَ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي أَرْضَعَتْهُ وَفَصَلَتْهُ.

15413 -

عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «كُنْتُ غُلَامًا أَحْمِلُ عُضْوَ الْبَعِيرِ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَسِّمُ لَحْمًا بِالْجِعْرَانَةِ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ» .

قُلْتُ: عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ رَضَاعِهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ.

[بَابٌ فِي أُمِّ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ وَغَيْرِهَا رضي الله عنهن]

15414 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمَتْ أُمُّ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمُّ عُثْمَانَ، وَأُمُّ طَلْحَةَ، وَأُمُّ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأُمُّ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ خَازِمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15415 -

وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أُمُّ أَبِي بَكْرٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ الْخَيْرِ بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ،

ص: 259

وَهَلَكَ أَبُو بَكْرٍ فَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ جَمِيعًا، وَكَانَا [قَدْ] أَسْلَمَا، وَمَاتَتْ أُمُّ أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ أَبِيهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

[بَابٌ فِي أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها]

15416 -

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ " فُسْتُقَةُ ": مَاتَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ [سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ] بَعْدَ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بِلَيَالٍ، وَكَانَتْ أُخْتَ عَائِشَةَ لِأَبِيهَا، وَأُمُّ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسْعَدَ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حِسْلٍ.

وَكَانَتْ لِأَسْمَاءَ يَوْمَ مَاتَتْ مِائَةُ سَنَةٍ، وُلِدَتْ قَبْلَ التَّارِيخِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً [وَقَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً]. وَوُلِدَتْ أَسْمَاءُ لِأَبِي بَكْرٍ وَسِنُّهُ إِحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً.

15417 -

وَعَنْ يَعْلَى بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَكَّةَ بَعْدَمَا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، طَوِيلَةٌ، مَكْفُوفَةُ الْبَصَرِ، فَقَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا آنَ لِهَذَا الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ؟.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَأَخَوَاتِهَا رضي الله عنهن]

15418 -

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ: جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ، فَوَلَدَتْ لَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَعَوْنَ بْنَ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15419 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْأَخَوَاتُ الْمُؤْمِنَاتُ ": مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُمُّ الْفَضْلِ امْرَأَةُ الْعَبَّاسِ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ امْرَأَةُ جَعْفَرٍ، وَامْرَأَةُ حَمْزَةَ وَهِيَ أُخْتُهُنَّ لِأُمِّهِنَّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ فِي مَنَاقِبِهَا.

[بَابُ مَنَاقِبِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها]

15420 -

عَنْ مُهَاجِرٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ بِنْتَ عَمِّ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَتَلَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً مِنَ الرُّومِ بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَنَاقِبِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَوَلَدِهَا عَبْدِ اللَّهِ وَوَالِدِهِ رضي الله عنهم]

ص: 260

37 -

48 - (بَابُ مَنَاقِبِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَوَلَدِهَا عَبْدِ اللَّهِ وَوَالِدِهِ رضي الله عنهم)

15421 -

عَنِ [النَّضْرِ بْنِ] أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى أَبِي أَنَسٍ، فَقَالَتْ: جِئْتُ الْيَوْمَ بِمَا تَكْرَهُ، فَقَالَ: لَا تَزَالِينَ تَجِيئِينَ بِمَا أَكْرَهُ مِنْ عِنْدِ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ. قَالَتْ: كَانَ أَعْرَابِيًّا اصْطَفَاهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ وَجَعَلَهُ نَبِيًّا.

قَالَ: مَا الَّذِي جِئْتِ بِهِ؟ قَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكِ. فَمَاتَ مُشْرِكًا.

وَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ. قَالَتْ: لَمْ أَكُنْ أَتَزَوَّجُكَ وَأَنْتَ مُشْرِكٌ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا هَذَا دَهْرُكِ، قَالَتْ: فَمَا دَهْرِي؟ قَالَ: دَهْرُكِ فِي الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ، قَالَتْ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ فَقَدْ رَضِيتُ بِالْإِسْلَامِ مِنْكَ، قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا؟ قَالَتْ: يَا أَنَسُ، قُمْ فَانْطَلِقْ مَعَ عَمِّكَ.

فَقَامَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَاتِقِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ كَلَامَنَا، فَقَالَ:" هَذَا أَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ عِزَّةُ الْإِسْلَامِ ". فَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَزَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِسْلَامِ. فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا، ثُمَّ إِنَّ الْغُلَامَ دَرَجَ وَأُعْجِبَ بِهِ أَبُوهُ فَقَبَضَهُ اللَّهُ تبارك وتعالى فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ قَالَتْ: خَيْرُ مَا كَانَ، فَقَالَتْ: أَلَا تَتَغَدَّى؟ قَدْ أَخَّرْتَ غَدَاءَكَ الْيَوْمَ قَالَتْ: فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ غَدَاءَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، عَارِيَةٌ اسْتَعَارَهَا قَوْمٌ وَكَانَتِ الْعَارِيَةُ عِنْدَهُمْ مَا قَضَى اللَّهُ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعَارِيَةِ أَرْسَلُوا إِلَى عَارِيَتِهِمْ فَقَبَضُوهَا، أَلْهُمْ أَنْ يَجْزَعُوا؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَتْ: هَا هُوَ ذَا فِي الْمَخْدَعِ، فَدَخَلَ فَكَشَفَ عَنْهُ وَاسْتَرْجَعَ، فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَهُ بِقَوْلِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ:" وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَقَدْ قَذَفَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي رَحِمِهَا ذَكَرًا؛ لِصَبْرِهَا عَلَى وَلَدِهَا ".

قَالَ: فَوَضَعَتْهُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اذْهَبْ يَا أَنَسُ إِلَى أُمِّكَ فَقُلْ لَهَا: إِذَا قَطَعْتِ سِرَارَ ابْنَكِ فَلَا تُذِيقِيهِ شَيْئًا حَتَّى تُرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ ".

قَالَ: فَوَضَعْتُهُ عَلَى ذِرَاعِي حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" ائْتِنِي بِثَلَاثِ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ ". قَالَ: فَجِئْتُ بِهِنَّ، فَقَذَفَ نَوَاهُنَّ، ثُمَّ قَذَفَهُ فِي فِيهِ فَلَاكَهُ، ثُمَّ فَتَحَ فَا الْغُلَامِ فَجَعَلَهُ فِي فِيهِ، فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ، فَقَالَ:" أَنْصَارِيٌّ يُحِبُّ التَّمْرَ ". فَقَالَ: " اذْهَبْ إِلَى أُمِّكِ فَقُلْ: بَارَكَ اللَّهُ لَكِ فِيهِ وَجَعَلَهُ بَرًّا تَقِيًّا».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15422 -

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَزَّارِ أَيْضًا: قَالَتْ لَهُ: أَتَزَوَّجُكَ وَأَنْتَ تَعْبُدُ خَشَبَةً يَجُرُّهَا عَبْدِي فَلَانٌ. قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

ص: 261

15423 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَرَادَ أَبُو طَلْحَةَ أَنْ يُطَلِّقَ أُمَّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ طَلَاقَ أُمِّ سُلَيْمٍ لَحُوبٌ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابٌ فِي حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها]

15424 -

عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ قَالَ: رَأَيْتُ بِعَيْنِي حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ يَوْمَ أُحُدٍ تَسْقِي الْعَطْشَى، وَتُدَاوِي الْجَرْحَى.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15425 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: هَاجَرَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ مِنْ نِسَائِهِمْ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نِسْوَةٍ ذَكَرَهُنَّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي أُمِّ عَيَّاشٍ رضي الله عنها]

15426 -

«عَنْ أُمِّ عِيَاشٍ وَكَانَتْ خَادِمًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِهَا مَعَ ابْنَتِهِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابُ سَلْمَى أُمِّ الْمُنْذِرِ رضي الله عنها]

15427 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: أُمُّ الْمُنْذِرِ الَّتِي رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْمُهَا سَلْمَى بِنْتُ قَيْسٍ، وَصَلَّتِ الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابٌ فِي أُمِّ أَيُّوبَ رضي الله عنها

-]

15428 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا أَيُّوبَ، إِنَّ طَلَاقَ أُمِّ أَيُّوبَ كَانَ حُوبًا» . قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: الْحُوبُ: الْإِثْمُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابٌ فِي خَضِرَةَ رضي الله عنها

-]

15429 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: كَانَتْ خَادِمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهَا: خُضَيْرَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابٌ فِي رَوْضَةَ رضي الله عنها

-]

15430 -

«عَنْ رَوْضَةَ قَالَتْ: كُنْتُ وَصِيفَةً لِامْرَأَةٍ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ

ص: 262

مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَتْ لِي مَوْلَاتِي: يَا رَوْضَةُ، قُومِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، فَإِذَا مَرَّ هَذَا الرَّجُلُ فَأَعْلِمِينِي، فَقُمْتُ فَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ، فَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. قَالَ شَيْبَةُ: وَأَظُنُّهُ مَسَحَ [يَدَهُ] عَلَى رَأْسِي.

فَقُلْتُ لِمَوْلَاتِي: هُوَ ذَا قَدْ جَاءَ الرَّجُلُ، فَخَرَجَتْ مَوْلَاتِي وَمَنْ كَانَ مَعَهَا فِي الدَّارِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمُوا».

قَالَ عَبْدُ الْجَلِيلِ: وَحَدَّثَنِي شَيْبَةُ قَالَ: كَانَتْ رَوْضَةُ مَعِي فِي الدَّارِ فِي بَنِي سُلَيْمٍ، إِذَا اشْتَرَى الْجِيرَانُ مَمْلُوكًا أَوْ خَادِمًا، أَوْ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا قَالُوا لَهَا: يَا رَوْضَةُ، ضَعِي يَدَكِ عَلَيْهِ، فَكَانَتْ كُلُّ شَيْءٍ تَمَسُّهُ فِيهِ الْبَرَكَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابٌ فِي عَاتِكَةَ بِنْتِ زَيْدٍ رضي الله عنها

-]

15431 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدٍ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ.

‌[بَابٌ فِي أُمِّ مَعْبَدٍ رضي الله عنها

-]

15432 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أُمُّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةُ اسْمُهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ ضَبِيسٍ الْكَعْبِيَّةُ الْخُزَاعِيَّةُ.

15433 -

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَرَامٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أُمَّ مَعْبَدٍ كَانَتْ تَجْرِي عَلَيْهَا كِسْوَةٌ، وَشَيْءٌ مِنْ غَلَّةِ الْيَمَنِ، وَقَطِرَانٌ لِإِبِلِهَا، فَمَرَّ عُثْمَانُ، فَقَالَتْ: أَيْنَ كِسْوَتِي؟ وَأَيْنَ غَلَّةُ الْيَمَنِ الَّتِي كَانَتْ تَأْتِينِي؟ قَالَ: هِيَ لَكِ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ عِنْدَنَا، وَاتَّبَعَتْهُ حَتَّى أَعْطَاهَا إِيَّاهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ حَرَامٍ، وَأَبُوهُ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّتُهَا فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، وَلَهَا طَرِيقٌ آخَرُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم.

‌[بَابٌ فِي أُمِّ حَرَامٍ رضي الله عنها

-]

15434 -

عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ قَالَ: قَبْرُ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ بِقُبْرُسَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا قَبْرُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابٌ فِي فَاطِمَةَ بِنْتِ الْخَطَّابِ رضي الله عنها

-]

15435 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلٍ، تُكَنَّى أُمَّ جَمِيلٍ، أُخْتُ عُمَرَ قَدِيمَةُ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَتْ قَبْلَ عُمَرَ، وَكَانَتِ امْرَأَةَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنهما.

‌[بَابٌ فِي أُمِّ خَالِدٍ بِنْتُ الْأَسْوَدِ رضي الله عنها

-]

ص: 263

37 -

59 - (بَابٌ فِي أُمِّ خَالِدٍ بِنْتُ الْأَسْوَدِ رضي الله عنها)

15436 -

«عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَنْ هَذِهِ؟ ". فَقَالُوا: بَنَتُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ". - يَعْنِي الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ -» .

15437 -

وَفِي رِوَايَةٍ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَنْ هَذِهِ؟ ". فَقَالُوا: بَعْضُ خَالَاتِكَ، فَقَالَ: " إِنَّ خَالَاتِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ لَغَرَائِبُ، مَنْ هَذِهِ؟ ". قَالُوا: أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَقَالَ: " سُبْحَانَ الَّذِي يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ» .

رَوَاهُ كُلَّهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَإِسْنَادُ الثَّانِي حَسَنٌ.

‌[بَابٌ فِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عُمَرَ رضي الله عنها

-]

15438 -

«عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ عُمَرَ كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

‌[بَابٌ فِي سَلَّامَةَ بِنْتِ الْحُرِّ رضي الله عنها

-]

15439 -

«عَنْ سَلَّامَةَ بِنْتِ الْحُرِّ قَالَتْ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ وَأَنَا أَرْعَى، فَقَالَ: " يَا سَلَّامَةُ، بِمَا تَشْهَدِينَ؟ ". قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أُمُّ دَاوُدَ الْوَابِشِيَّةُ وَلَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابٌ فِي سَمْرَاءَ رضي الله عنها

-]

15440 -

عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَمْرَاءَ بِنْتَ نَهِيكٍ - وَكَانَتْ قَدْ أَدْرَكَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا دُرُوعٌ غَلِيظَةٌ، وَجُمَّارٌ غَلِيظَةٌ، بِيَدِهَا سَوْطٌ تُؤَدِّبُ النَّاسَ، وَتَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابٌ فِي هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ رضي الله عنها

-]

15441 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أُمُّ مُعَاوِيَةَ.

15442 -

وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَهَبٍّ الطَّائِيِّ قَالَ: كَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ عِنْدَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ، وَكَانَ الْفَاكِهُ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ لِلضِّيَافَةِ يَغْشَاهُ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، فَخَلَّى ذَلِكَ الْبَيْتَ يَوْمًا، وَاضْطَجَعَ الْفَاكِهُ وَهِنْدُ وَقْتَ الْقَائِلَةِ، ثُمَّ خَرَجَ الْفَاكِهُ فِي بَعْضِ

ص: 264

حَاجَاتِهِ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَغْشَاهُ، فَوَلَجَ الْبَيْتَ، فَلَمَّا رَأَى الْمَرْأَةَ وَلَّى هَارِبًا، فَأَبْصَرَهُ الْفَاكِهُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَقْبَلَ إِلَى هِنْدٍ فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي كَانَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ عِنْدِي أَحَدٌ وَمَا انْتَبَهْتُ حَتَّى أَنْبَهْتَنِي. قَالَ: الْحَقِي بِأَبِيكِ، وَتَكَلَّمَ فِيهَا النَّاسُ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: يَا بُنَيَّةُ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِيكِ فَنَبِّئِينِي نَبَأَكِ، فَإِنْ يَكُنِ الرَّجُلُ عَلَيْكِ صَادِقًا دَسَسْتُ لَهُ مَنْ يَقْتُلُهُ ; فَيَنْقَطِعُ عَنْكِ الْفَاكِهُ، وَإِنْ يَكْ كَاذِبًا حَاكَمْتُهُ إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ، فَحَلَفَتْ لَهُ بِمَا كَانُوا يَحْلِفُونَ بِهِ أَنَّهُ لَكَاذِبٌ عَلَيْهَا. فَقَالَ لِلْفَاكِهِ: يَا هَذَا، إِنَّكَ رَمَيْتَ ابْنَتِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، فَحَاكِمْنِي إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ.

فَخَرَجَ عُتْبَةُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَخَرَجَ الْفَاكِهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَخَرَجَتْ مَعَهُمْ هِنْدٌ فِي نِسْوَةٍ مَعَهَا. فَلَمَّا شَارَفُوا الْبِلَادَ قَالُوا: نَرِدُ عَلَى الْكَاهِنِ فَتَنَكَّرَ حَالُ هِنْدٍ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهَا، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: إِنِّي أَرَى مَا بِكِ مِنْ تَنَكُّرِ الْحَالِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَكْرُوهٍ عِنْدَكِ، أَفَلَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ النَّاسُ مَسِيرَنَا؟ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ يَا أَبَتَاهُ، مَا ذَاكَ لِمَكْرُوهٍ، وَلَكِنْ أَعْرِفُ أَنَّكُمْ تَأْتُونَ بَشَرًا يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَلَا آمَنُ أَنْ يَسِمَنِي بِسِمَةٍ تَكُونُ عَلَيَّ سُبَّةً فِي الْعَرَبِ.

فَقَالَ: إِنِّي أَخْتَبِرُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمْرِكِ. فَصَفَّرَ بِفَرَسِهِ حَتَّى أَدْلَى، ثُمَّ أَخَذَ حَبَّةً مِنْ بُرٍّ فَأَدْخَلَهَا فِي إِحْلِيلِهِ وَأَوْكَأَ عَلَيْهَا بِسَيْرٍ، فَلَمَّا صَبَّحُوا الْكَاهِنَ أَكْرَمَهُمْ وَنَحَرَ لَهُمْ، فَلَمَّا تَغَدَّوْا قَالَ لَهُ عُتْبَةُ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكَ فِي أَمْرٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئًا أَخْتَبِرُكَ بِهِ، فَانْظُرْ مَا هُوَ. قَالَ: تَمْرَةٌ فِي كَمَرَةٍ. قَالَ: أُرِيدُ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا. قَالَ: حَبَّةٌ مِنْ بُرٍّ فِي إِحْلِيلِ مُهْرٍ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَانْظُرْ فِي أَمْرِ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ. فَجَعَلَ يَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ وَيَضْرِبُ كَتِفَهَا، وَقَالَ: قُومِي غَيْرَ وَحْشَاءَ وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَتَلِدَنَّ غُلَامًا يُقَالُ لَهُ: مُعَاوِيَةُ، فَقَامَ إِلَيْهَا الْفَاكِهُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، فَنَثَرَتْ يَدَهَا مِنْ يَدِهِ وَقَالَتْ: إِلَيْكَ، فَوَاللَّهِ لَأَحْرِصَنَّ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِكَ. فَتَزَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَانَ فَجَاءَتْ بِمُعَاوِيَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ.

[بَابٌ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النِّسَاءِ رضي الله عنهم]

15443 -

عَنْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ قَالَتْ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّيْتُ مَعَهُ بَعْضَ

ص: 265

الصَّلَاةِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قُمْتُ وَنَظَرَ إِلَيَّ - وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً - فَقَالَ:" إِنْ كَانَ ابْنُ هَذِهِ لَيُقَاتِلُ مِنْ وَرَاءِ الْحَاجِزِ ". قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَكَذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ مَاتَ. قَالَتْ: اكْتُبْ لِي كِتَابًا. قَالَتْ: وَمَعِي ثَلَاثُ بَنَاتٍ، فَكَتَبَ: " مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِقَيْلَةَ وَالنِّسْوَةِ الثَّلَاثِ، لَا يُظْلَمْنَ حَقًّا، وَلَا يُسْتَكْرَهْنَ عَلَى نِكَاحٍ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمٍ لِي وَلَهُنَّ نَاصِرٌ، وَأَحْسِنَّ وَلَا تُسِئْنَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15444 -

«وَعَنْ جَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَرْبُوعِيِّ قَالَتْ: ذَهَبَ بِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا وَرَدَتْ عَلَى أَبِي الْإِبِلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِبِنْتِي هَذِهِ بِالْبَرَكَةِ. قَالَتْ: فَأَجْلَسَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15445 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: التَّوْأَمَةُ بِنْتُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ. لَهَا ذِكْرٌ وَلَا حَدِيثَ لَهَا.

15446 -

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [عَبْدِ] الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ: صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، وَهِيَ بِنْتُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15447 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَمِيمَةُ بِنْتُ وَهْبٍ، وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا رَفَاعَةُ - بِنْتُ سَمُوأَلٍ، لَهَا ذِكْرٌ وَلَا حَدِيثَ لَهَا.

15448 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: شُرَحْبِيلُ ابْنُ حَسَنَةَ إِنَّمَا حَسَنَةُ أُمُّهُ، وَكَانَتْ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15449 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ذَقِرَةُ أُمُّ وَلَدِ أُذَيْنَةَ، يُقَالُ: لَهَا صُحْبَةٌ.

15450 -

وَقَالَ: رَائِطَةُ بِنْتُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ السَّهْمِيُّ: أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

15451 -

وَقَالَ: سَفَّانَةُ بِنْتُ حَاتِمٍ أُخْتُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ.

15452 -

وَقَالَ: السَّوْدَاءُ بِنْتُ خَلَفِ بْنِ ضِرَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ زَرَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.

15453 -

وَقَالَ: شَيْمَاءُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رَفَاعَةَ، أُخْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرَّضَاعَةِ.

15454 -

وَقَالَ: لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ هُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ.

قُلْتُ: حَدِيثُهَا فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ.

15455 -

وَقَالَ: أُمُّ أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّةُ.

15456 -

وَقَالَ: أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ قُدَيْدٍ الْهُذَلِيَّةُ: أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَرَضَ لَهَا عُمَرُ فِي أَخْذِ النِّسَاءِ مِنَ الْغَنِيمَةِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ حَمْزَةَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهُ]

15457 -

عَنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: تَزَوَّجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ هَالَةَ بِنْتَ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ وَصَفِيَّةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 266

15458 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15459 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15460 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ إِسْلَامُ حَمْزَةَ رضي الله عنه حَمِيَّةً [وَكَانَ رَجُلًا رَامِيًا]، وَكَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ فَيَصْطَادُ، فَإِذَا رَجَعَ مَرَّ بِمَجْلِسِ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا يَجْلِسُونَ عِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَيَمُرُّ بِهِمْ فَيَقُولُ: رَمَيْتُ كَذَا وَكَذَا، وَصَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَأَقْبَلَ مِنْ رَمْيِهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، مَاذَا لَقِيَ ابْنُ أَخِيكَ مِنْ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، شَتَمَهُ، وَتَنَاوَلَهُ، وَفَعَلَ [بِهِ] وَفَعَلَ، فَقَالَ: هَلْ رَآهُ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: إِي وَاللَّهِ، لَقَدْ رَآهُ نَاسٌ، فَأَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ عِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ وَأَبُو جَهْلٍ فِيهِمْ، فَاتَّكَأَ عَلَى قَوْسِهِ، وَقَالَ: رَمَيْتَ كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ بِالْقَوْسِ، فَضَرَبَ بِهَا بَيْنَ أُذُنَيْ أَبِي جَهْلٍ فَدَقَّ سَنَتَهَا، ثُمَّ قَالَ: خُذْهَا بِالْقَوْسِ، وَأُخْرَى بِالسَّيْفِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.

قَالُوا: يَا أَبَا عِمَارَةَ، إِنَّهُ سَبَّ آلِهَتَنَا، وَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنْهُ مَا أَقْرَرْنَاكَ وَذَاكَ، وَمَا كُنْتَ يَا أَبَا عِمَارَةَ فَاحِشًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15461 -

وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ، أَنَّ أَبَا جَهْلٍ اعْتَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّفَا فَآذَاهُ، وَكَانَ حَمْزَةُ رضي الله عنه صَاحِبَ قَنْصٍ وَصَيْدٍ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ فِي قَنْصِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ - وَكَانَتْ قَدْ رَأَتْ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا عِمَارَةَ، لَوْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ - تَعْنِي أَبَا جَهْلٍ - بِابْنِ أَخِيكَ! فَغَضِبَ حَمْزَةُ، وَمَضَى كَمَا هُوَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، وَهُوَ مُعَلِّقٌ قَوْسَهُ فِي عُنُقِهِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ أَبَا جَهْلٍ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قُرَيْشٍ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى عَلَا رَأْسَهُ بِقَوْسِهِ فَشَجَّهُ، فَقَامَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى حَمْزَةَ يُمْسِكُونَهُ عَنْهُ، فَقَالَ حَمْزَةُ: دِينِي دِينُ مُحَمَّدٍ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ لَا أَنْثَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَامْنَعُونِي مِنْ ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.

فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَزَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ، وَثَبَتَ لَهُمْ بَعْضُ أَمْرِهِمْ، وَهَابَتْ قُرَيْشٌ، وَعَلِمُوا أَنَّ حَمْزَةَ رضي الله عنه سَيَمْنَعُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15462 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:

ص: 267

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ: حَمْزَةُ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَيَحْيَى وَأَبُوهُ لَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15463 -

وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «كَانَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللَّهِ، وَأَسَدُ رَسُولِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15464 -

وَعَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15465 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ حَكِيمُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ الْأَزْدِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15466 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَبَّاسِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ جُمِعَ مَعَهُ مِنْ وَلَدِهِ]

15467 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يُكَنَّى أَبَا الْفَضْلِ، وَأُمُّهُ: نَتِيلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللَّاتِ بْنِ نَمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ أَفْصَى بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

15468 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلْعَبَّاسِ: أَسْلِمْ ; فَوَاللَّهِ لَأَنْ تُسْلِمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُسْلِمَ الْخَطَّابُ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلِمْ يَكُنْ لَكَ سَبْقُكَ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15469 -

«وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ بَشَّرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِإِسْلَامِ الْعَبَّاسِ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15470 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ: " هَذَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفًّا، وَأَوْصَلُهَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَأَبُو يَعْلَى إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبَقِيعِ الْخَيْلِ، فَأَقْبَلَ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُجَهِّزُ جَيْشًا، فَنَظَرَ إِلَى الْعَبَّاسِ فَقَالَ. وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15471 -

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ:

ص: 268

«اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِجْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: " يَا عَمِّ، أَقِمْ مَكَانَكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَخْتِمُ بِكَ الْهِجْرَةَ كَمَا خَتَمَ بِيَ النُّبُوَّةَ» .

رَوَاهُ أَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو مُصْعَبٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15472 -

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ أَسْلَمَ، وَأَقَامَ عَلَى سِقَايَتِهِ وَلَمْ يُهَاجِرْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15473 -

وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «احْفَظُونِي فِي الْعَبَّاسِ ; فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ آبَائِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15474 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «اسْتَوْصُوا بِعَمِّي الْعَبَّاسِ خَيْرًا ; فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ آبَائِي ; فَإِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15475 -

وَعَنْ عِصْمَةَ قَالَ: «دَخَلَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَنَظَرَ إِلَى الْكَرَاهِيَةِ فِي وُجُوهِهِمْ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ أَرَى الْكَرَاهِيَةَ فِي وُجُوهِ النَّاسِ؟! فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ النَّاسِ، لَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَلَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَتَّى تُحِبُّوا عَبَّاسًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15476 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزَاةٍ لَهُ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَوُضِعَ لَهُ مَاءٌ يَتَبَرَّدُ بِهِ، فَجَاءَ الْعَبَّاسُ فَوَلَّاهُ ظَهْرَهُ، وَسَتَرَهُ بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " مَنْ هَذَا؟ ". قَالُوا: عَمُّكَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى طَلَعَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْكِسَاءِ قَالَ: " سَتَرَكَ اللَّهُ يَا عَمِّ وَذُرِّيَّتَكَ مِنَ النَّارِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو مُصْعَبٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15477 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ: «أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ". ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْعَبَّاسِ، وَأَبْنَاءِ الْعَبَّاسِ، وَأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْعَبَّاسِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاتِمٍ الْمُرَادِيِّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15478 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْغَسِيلِ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بِالْعَبَّاسِ وَقَالَ: " يَا عَمِّ، اتْبَعْنِي بِبَنِيكَ ". فَانْطَلَقَ بِسِتَّةٍ مِنْ بَنِيهِ: الْفَضْلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقُثَمُ، وَمَعْبَدٌ، فَأَدْخَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْتًا وَغَطَّاهُمْ بِشَمْلَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ مُخَطَّطَةٍ بِحُمْرَةٍ، وَقَالَ:" اللَّهُمَّ أَهْلُ بَيْتِي وَعِتْرَتِي، فَاسْتُرْهُمْ مِنَ النَّارِ كَمَا سَتَرْتُهُمْ بِهَذِهِ الشَّمْلَةِ ".

قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْبَيْتِ مُدَرٌ وَلَا بَابٌ إِلَّا

ص: 269

أَمَّنَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15479 -

وَعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: " لَا تَرْمِ مَنْزِلَكَ وَبُنُوكَ غَدًا حَتَّى آتِيَكُمْ ; فَإِنَّ لِي فِيكُمْ حَاجَةً ". فَانْتَظَرُوهُ حَتَّى بَعْدَمَا أَضْحَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ". قَالُوا: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. قَالَ: " كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ؟ ". قَالُوا: بِخَيْرٍ، نَحْمَدُ اللَّهَ. قَالَ: " تُقَارَبُوا بِزَحْفِ بَعْضِكُمْ إِلَى بَعْضٍ ". حَتَّى إِذَا أَمْكَنُوهُ اشْتَمَلَ عَلَيْهِمْ بِمُلَاءَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: " يَا رَبِّ، هَذَا عَمِّي وَصِنْوُ أَبِي وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَاسْتُرْهُمْ مِنَ النَّارِ كَسِتْرِي إِيَّاهُمْ بِمُلَاءَتِي هَذِهِ ". فَأَمَّنَتْ أُسْكُفَّةُ الْبَابِ وَحَوَائِطُ الْبَيْتِ، فَقَالَتْ: آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ» .

قُلْتُ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بَعْضَهُ فِي الْأَدَبِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15480 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ مَجْلِسٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَقُومُ عَنْهُ إِلَّا لِلْعَبَّاسِ، فَكَانَ يُسِرُّ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ الْعَبَّاسُ يَوْمًا فَزَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا لَكَ؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَمُّكَ قَدْ أَقْبَلَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَقْبَلُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُبْتَسِمًا، فَقَالَ:" هَذَا الْعَبَّاسُ قَدْ أَقْبَلَ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، وَسَيَلْبَسُ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ السَّوَادَ، وَيَمْلِكُ مِنْهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ".

فَلَمَّا جَاءَ الْعَبَّاسُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِأَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ:" مَا قُلْتُ إِلَّا خَيْرًا ". قَالَ: صَدَقْتَ بِأَبِي وَأُمِّي، وَلَا تَقُولُ إِلَّا خَيْرًا قَالَ: " قُلْتُ: قَدْ أَقْبَلَ الْعَبَّاسُ عَمِّي وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ، وَسَيَلْبَسُ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ السَّوَادَ، وَيَمْلِكُ مِنْهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15481 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " عَلَى مَنْ نَزَلْتَ يَا أَبَا وَهْبٍ؟ ". قَالَ: نَزَلْتُ عَلَى الْعَبَّاسِ. قَالَ: " عَلَى أَشَدِّ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ حُبًّا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15482 -

وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: قِيلَ لِلْعَبَّاسِ: أَيُّمَا أَكْبَرُ، أَنْتَ أَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: هَذَا أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَسَنُّ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ; وُلِدَ قَبْلَ الْفِيلِ بِثَلَاثِ سِنِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15483 -

وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: هَلَكَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، لِتِسْعِ سِنِينَ مَضَتْ مِنْ إِمَارَةِ عُثْمَانَ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: هَلَكَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ رضي الله عنهما.

15484 -

وَبَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَفَّ بَصَرُهُ، وَكَفَّ بَصَرُ الْعَبَّاسِ،

ص: 270

وَكَفَّ بَصَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ.

15485 -

وَبَلَغَنِي أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ لَهُ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٌ سِوَى الْإِنَاثِ، فَمِنْ وَلَدِهِ: الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَقُثَمُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمَعْبَدٌ، وَأُمُّ حَبِيبٍ. وَأُمُّ وَلَدِ الْعَبَّاسِ هَؤُلَاءِ: أُمُّ الْفَضْلِ الصُّغْرَى، وَاسْمُهَا: لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ قَيْسِ غِيلَانَ، وَكَانَتْ قَدِيمَةَ الْإِسْلَامِ، أَسَلَمَتْ بِمَكَّةَ، وَفِي أُمِّ الْفَضْلِ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

مَا وَلَدَتْ نَجِيبَةٌ مِنْ فَحْلِ

بِجَبَلٍ نَعْلَمُهُ أَوْ سَهْلِ

كَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الْفَضْلِ

أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلِ

عَمُّ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى ذِي الْفَضْلِ

وَخَاتَمِ الرُّسُلِ وَخَيْرِ الرُّسْلِ.

وَالْحَارِثُ بْنُ الْعَبَّاسِ أُمُّهُ: حُجَيْلَةُ بِنْتُ جُنْدُبِ بْنِ رَبِيعَةَ، مِنْ وَلَدِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ.

وَأُمُّهُ بِنْتُ الْعَبَّاسِ، تَزَوَّجَهَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ.

وَصَفِيَّةُ هِيَ أُخْتُ الْحَارِثِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: لَا، بَلْ أُمُّهَا غَيْرُ أُمِّ الْحَارِثِ.

وَكَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَوْنُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَرُوحٌ، وَتَمَّامُ بْنُ الْعَبَّاسِ - وَكَانَ أَصْغَرَ وَلَدِ أَبِيهِ - يُقَالُ: إِنَّ تَمَّامًا أَخُو كَثِيرٍ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَفِي تَمَّامٍ يَقُولُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:

تَمُّوا بِتَمَامٍ فَصَارُوا عَشَرَةْ

يَا رَبُّ فَاجْعَلْهُمْ كِرَامًا بَرَرَةْ

اجْعَلْهُمْ ذِكْرَى وَأَنْمِ الثَّمَرَةْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ مَتْرُوكٌ.

15486 -

وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: هَلَكَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَبْلَ أَبِيهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ.

وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَوْتِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: اسْتُشْهِدَ بِالشَّامِ يَوْمَ أَجْنَادِينَ، وَقِيلَ: يَوْمَ مَرْجِ الصُّفَّرِ، وَكَانَ الْيَوْمَانِ جَمِيعًا سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَيُقَالُ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَيُقَالُ: مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسٍ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْهَيْثَمُ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

-]

15487 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ رضي الله عنه يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ.

15488 -

وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: «قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَقَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: " مَا أَدْرِي أَنَا بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَسَرُّ أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي

ص: 271

الثَّلَاثَةِ، وَفِي رِجَالِ الْكَبِيرِ أَنَسُ بْنُ سَلْمٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15489 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «لَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتْحَ خَيْبَرَ، قِيلَ لَهُ: قَدْ قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَنَا أَشَدُّ فَرَحًا بِقُدُومِ جَعْفَرٍ، أَوْ فَتْحِ خَيْبَرَ ". فَأَتَاهُ فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ» .

قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْهُ "أَنَّهُ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ" فَقَطْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15490 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ عَانَقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15491 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ تَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نَظَرَ جَعْفَرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَجَلَ إِعْظَامًا مِنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: " يَا حَبِيبِي أَشْبَهَ النَّاسِ بِخَلْقِي وَخُلُقِي، وَخُلِقْتَ مِنَ الطِّينَةِ الَّتِي خُلِقْتُ مِنْهَا» ، قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْخِلَافَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَكِّيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّعَيْنِيُّ، وَهَذَا مِنْ مَنَاكِيرِهِ.

15492 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجَعْفَرٍ: " أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15493 -

وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجَعْفَرٍ: " خَلْقُكَ كَخَلْقِي، وَأَشْبَهَ خَلْقَكَ خَلْقِي، فَأَنْتَ مِنِّي، وَأَنْتَ يَا عَلِيُّ فَمِنِّي وَأَبُو وَلَدِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَقَّالٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15494 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَرَّ مَعَ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم وَمِيكَائِيلَ، لَهُ جَنَاحَانِ عَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْ يَدَيْهِ - فَسَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَنِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُهُ حَيْثُ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ جَعْفَرٌ الطَّيَّارَ فِي الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15495 -

وَبِسَنَدِهِ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ قَرِيبَةٌ مِنْهُ إِذْ رَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَسْمَاءُ هَذَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا - مَرُّوا فَسَلَّمُوا عَلَيْنَا، فَرَدَدْتُ عليهم السلام، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَأُصِبْتُ فِي جَسَدِي مِنْ مَقَادِيمِي ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، ثُمَّ أَخَذْتُ اللِّوَاءَ بِيَدِيَ الْيُمْنَى فَقُطِعَتْ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِي الْيُسْرَى فَقُطِعَتْ، فَعَوَّضَنِي اللَّهُ مِنْ يَدَيَّ جَنَاحَيْنِ أَطِيرُ بِهِمَا مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِي الْجَنَّةِ، أَنْزِلُ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُ، وَآكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا

ص: 272

مَا شِئْتُ ". فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: هَنِيئًا لِجَعْفَرٍ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يُصَدِّقَنِي النَّاسُ، فَاصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَأَخْبِرِ النَّاسَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، لَهُ جَنَاحَانِ عَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْ يَدَيْهِ، يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ". فَأَخْبَرَ كَيْفَ كَانَ أَمْرُهُمْ حِينَ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ، فَاسْتَبَانَ لِلنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ جَعْفَرًا لَقِيَهُمْ، فَسُمِّيَ جَعْفَرَ الطَّيَّارَ فِي الْجَنَّةِ».

15496 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَلَكًا يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ ذَا جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ مَقْصُوصَةً قَوَادِمُهُ بِالدِّمَاءِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ وَأَحَدُهُمَا حَسَنٌ.

15497 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، فَوَضَعَ عَبْدَ اللَّهِ، وَمُحَمَّدًا ابْنَيْ جَعْفَرٍ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ اسْتَشْهَدَ جَعْفَرًا، وَأَنَّ لَهُ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْجَنَّةِ ". ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي وَلَدِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15498 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «هَنِيئًا لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، أَبُوكَ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15499 -

وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: «أُرِيَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ، فَرَأَى جَعْفَرًا مَلَكًا ذَا جَنَاحَيْنِ مُضَرَّجَيْنِ بِالدِّمَاءِ، وَزَيْدٌ مُقَابِلُهُ عَلَى السَّرِيرِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: وَيَأْتِي حَدِيثٌ فِي فَضْلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَفِيهِ فَضْلُ جَعْفَرٍ وَعَلِيٍّ.

15500 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ جَعْفَرًا قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ بِالْبَلْقَاءِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15501 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلِيٌّ أَصْلِي، وَجَعْفَرٌ فَرْعِي - أَوْ جَعْفَرٌ أَصْلِي وَعَلِيٌّ فَرْعِي -» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

-]

15502 -

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: " يَا أَبَا يَزِيدَ، إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ: حُبًّا لِقَرَابَتِكَ، وَحُبًّا لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عَمِّي إِيَّاكَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15503 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَقَدْ حَضَرَ فَتْحَ خَيْبَرَ، وَقَسَمَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

-]

ص: 273

37 -

68 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه)

15504 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: الْمُغِيرَةُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّرِيقِ، وَكَانَ مِمَّنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِينَ.

15505 -

وَعَنْ أَبِي حَبَّةَ الْبَدْرِيِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ لَا يَنْظُرُ فِي نَاحِيَةٍ إِلَّا رَأَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ يُقَاتِلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ خَيْرُ أَهْلِي - أَوْ مِنْ خَيْرِ أَهْلِي -» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ فَضْلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهُ

-]

15506 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شُرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ عَوْفِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ زَيْدِ اللَّهِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ وَبَرَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قُضَاعَةَ.

وَيُقَالُ: إِنَّ أُمَّ زَيْدٍ: سُعَادُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ طَيِّئٍ.

15507 -

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: «وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَصِيفًا، فَاسْتَوْهَبَتْهُ مِنْهُ عَمَّتُهُ: خَدِيجَةُ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَهَبَهُ لَهَا فَوَهَبَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَقَدِمَ أَبُوهُ وَهُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ مَعِي، وَإِنْ شِئْتَ فَانْطَلِقْ مَعَ أَبِيكَ؟ ". قَالَ: لَا. بَلْ أُقِيمُ عِنْدَكِ، فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ فَصَدَّقَهُ، وَأَسْلَمَ وَصَلَّى مَعَهُ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]. قَالَ: أَنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15508 -

وَبِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بَعْدَ عَلِيٍّ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ.

15509 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15510 -

وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «اجْتَمَعَ جَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا أَحَبُّكُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَبُّكُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ زَيْدٌ: أَنَا أَحَبُّكُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَسْأَلَهُ.

قَالَ أُسَامَةُ: فَجَاءُوا يَسْتَأْذِنُونَهُ، فَقَالَ:" اخْرُجْ فَانْظُرْ مِنْ هَؤُلَاءِ؟ ". فَقُلْتُ: هَذَا جَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ، مَا أَقُولُ أَبِي قَالَ:" ائْذَنْ لَهُمْ ".

ص: 274

فَدَخَلُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ:" فَاطِمَةُ ". قَالُوا: نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ قَالَ: " أَمَّا أَنْتَ يَا جَعْفَرُ فَأَشْبَهَ خَلْقُكَ خَلْقِي، وَأَشْبَهُ خُلُقُكَ خُلُقِي، وَأَنْتَ مِنِّي وَشَجَرَتِي. وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَخَتَنِي وَأَبُو وَلَدِي، وَأَنَا مِنْكَ وَأَنْتَ مِنِّي. وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَمَوْلَايَ وَمِنِّي، وَأَحَبُّ الْقَوْمِ إِلَيَّ». قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15511 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا أُصِيبَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ جِيءَ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَأُوقِفُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُخِّرَ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: " أُلَاقِي مِنْكَ الْيَوْمَ مَا لَقِيتُ مِنْكَ أَمْسِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، عَنْ شَيْخِهِ عُمَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15512 -

«وَعَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آخَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ الْأَزْدِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

‌[بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما

-]

15513 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالشِّعْبِ أَتَى أَبِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَرَى أُمَّ الْفَضْلِ إِلَّا قَدِ اعْتَمَلَتْ عَلَى جَمَلٍ قَالَ: " لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَقَرَّ أَعْيُنَنَا بِغُلَامٍ ". فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا فِي خِرْقِي، فَحَنَّكَنِي. قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا حُنِّكَ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ غَيْرَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُتَّصِلًا، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا وَفِيهِمْ ضَعْفٌ، وَرَوَاهُ مُخْتَصَرًا بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ.

15514 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ قَالَتْ: «بَيْنَا أَنَا مَارَّةٌ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحِجْرِ، فَقَالَ:" يَا أُمَّ الْفَضْلِ ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " إِنَّكِ حَامِلٌ بِغُلَامٍ ". قُلْتُ: كَيْفَ وَقَدْ تَحَالَفَتْ قُرَيْشٌ لَا يُوَلِّدُونَ النِّسَاءَ؟ قَالَ: " هُوَ مَا أَقُولُ لَكِ، فَإِذَا وَضَعْتِيهِ فَائْتِينِي بِهِ ". فَلَمَّا وَضَعْتُهُ، أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَأَلَّبَاهُ بِرِيقِهِ. قَالَ:" اذْهَبِي بِهِ، فَلْتَجِدِنَّهُ كَيِّسًا ". قَالَ: فَأَتَيْتُ الْعَبَّاسَ فَأَخْبَرْتُهُ فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ رَجُلًا جَمِيلًا مَدِيدَ الْقَامَةِ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَامَ إِلَيْهِ، فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَقْعَدَهُ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ:" هَذَا عَمِّي، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُبَاهِ بِعَمِّهِ ". فَقَالَ الْعَبَّاسُ: بَعْضَ الْقَوْلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " وَلِمَ لَا أَقُولُ وَأَنْتَ عَمِّي وَبَقِيَّةُ آبَائِي؟! وَالْعَمُّ

ص: 275

وَالِدٌ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابٌ جَامِعٌ فِيمَا جَاءَ فِي عِلْمِهِ، وَمَا سُئِلَ عَنْهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ]

15515 -

«عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي أَوْ عَلَى مِنْكَبِي - شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: " وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَلَهُ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَالطَّبَرَانِيِّ:" اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ ".

وَلِأَحْمَدَ طَرِيقَانِ رِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15516 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ أَنْتَ ". وَدَعَا لِي جِبْرِيلُ عليه السلام مَرَّتَيْنِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15517 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَعْطِ الْحِكْمَةَ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ فَوَجَدَ عَبْدُ اللَّهِ بَرْدَهَا فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ احْشُ جَوْفَهُ عِلْمًا وَحِلْمًا ". فَلَمْ يَسْتَوْحِشْ فِي نَفْسِهِ إِلَى مَسْأَلَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15518 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ، فَكَانَ كَالْمُعْرِضِ عَنْ أَبِي، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ أَبِي: أَيْ بُنَيَّ، أَلَمْ تَرَ إِلَى ابْنِ عَمِّكِ كَالْمُعْرِضِ عَنِّي؟ فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ، إِنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ. قَالَ: فَرُحْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبِي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَكَ رَجُلٌ يُنَاجِيكَ، فَهَلْ كَانَ عِنْدَكَ أَحَدٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَهَلْ رَأَيْتَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " فَإِنَّ ذَلِكَ جِبْرِيلُ عليه السلام هُوَ الَّذِي شَغَلَنِي عَنْكَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15519 -

«وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، وَهُوَ يُنَاجِي دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ، وَهُوَ جِبْرِيلُ عليه السلام وَأَنَا لَا أَعْلَمُ، فَلَمْ أُسَلِّمْ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ:" هَذَا ابْنُ عَمِّي، هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ ". قَالَ: مَا أَشَدَّ وَضْحَ ثِيَابِهِ، أَمَا إِنَّ ذُرِّيَّتُهُ سَتُسَوِّدُ بَعْدَهُ، لَوْ سَلَّمَ عَلَيْنَا رَدَدْنَا عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَجَعْتُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُسَلِّمَ؟ ". قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي رَأَيْتُكَ تَنَاجِي دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ، فَكَرِهْتُ أَنْ تَنْقَطِعَ عَلَيْكُمَا مُنَاجَاتُكُمَا. قَالَ:" وَقَدْ رَأَيْتَ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " أَمَا إِنَّهُ سَيَذْهَبُ بَصَرُكَ، وَيُرَدُّ عَلَيْكَ فِي مَوْتِكَ ".

قَالَ عِكْرِمَةُ: فَلَمَّا قُبِضَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ،

ص: 276

جَاءَ طَائِرٌ شَدِيدُ الْوَهَجِ، فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ، فَأَرَادُوا نَشْرَ أَكْفَانَهُ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَا تَصْنَعُونَ؟ هَذِهِ بُشْرَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي قَالَ لَهُ، فَلَمَّا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ، تُلُقِّيَ بِكَلِمَةٍ سَمِعَهَا مَنْ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ - ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً - فَادْخُلِي فِي عِبَادِي - وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27 - 30]».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15520 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَعَثَ الْعَبَّاسُ بِعَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ رَجُلًا فَرَجَعَ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَقَالَ: " رَأَيْتَهُ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " ذَاكَ جِبْرِيلُ، أَمَا إِنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَذْهَبَ بَصَرُهُ، وَيُؤْتَى عِلْمًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15521 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ لِرَجُلٍ: هَلُمَّ فَلْنَتَعَلَّمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُمْ كَثِيرٌ، فَقَالَ: الْعَجَبُ وَاللَّهِ لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مَنْ تَرَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! فَرَكِبْتُ ذَلِكَ، وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، وَتَتَبُّعِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كُنْتُ لَآتِي الرَّجُلَ فِي الْحَدِيثِ يَبْلُغُنِي أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجِدُهُ قَائِلًا، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِ دَارِهِ تَسْقِي الرِّيَاحُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيَّ، فَإِذَا رَآنِي قَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَكَ؟. قُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ، فَيَقُولُ: هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ، فَأَقُولُ: أَنَا كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ آتِيَكَ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَرَانِي، فَذَهَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيَّ، فَيَقُولُ: أَنْتَ كُنْتَ أَعْلَمَ مِنِّي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15522 -

وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: جَالَسْتُ سَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ شَيْخًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحَدٌ مِنْهُمْ خَالَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَيَلْتَقِيَانِ إِلَّا قَالَ: الْقَوْلُ كَمَا قُلْتَ، أَوْ قَالَ: صَدَقْتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15523 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ، فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَنْزِلَةٍ. قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ، إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَئُولًا، وَقَلْبًا عَقُولًا، كَانَ يَقُومُ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا - أَحْسَبُهُ قَالَ: عَشِيَّةَ عَرَفَةَ - فَيَقْرَأُ (سُورَةَ الْبَقَرَةِ) وَسُورَةَ (آلَ عِمْرَانَ) ثُمَّ يُفَسِّرُهُمَا آيَةً آيَةً، وَكَانَ مَثَجَّةً نَجْدًا غَرْبًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ ضَعِيفٌ.

15524 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ هِرَقْلَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ بَقِيَ فِيهِمْ مِنَ النُّبُوَّةِ فَيُجِيبُونِي عَمَّا أَسْأَلُهُمْ عَنْهُ،

ص: 277

وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَجَرَّةِ، وَعَنِ الْقَوْسِ، وَعَنِ الْبُقْعَةِ الَّتِي لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً وَاحِدَةً.

قَالَ: فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَةَ الْكِتَابُ وَالرَّسُولُ قَالَ: إِنَّ هَذَا شَيْءٌ مَا كُنْتُ أُرَاهُ أُسْأَلُ عَنْهُ إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَطَوَى مُعَاوِيَةُ الْكِتَابَ - كِتَابَ هِرَقْلَ - فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْقَوْسَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْمَجَرَّةَ بَابُ السَّمَاءِ الَّذِي تَنْشَقُّ مِنْهُ، وَأَمَّا الْبُقْعَةُ الَّتِي لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ: فَالْبَحْرُ الَّذِي أُفْرِجَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15525 -

وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ: خَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ، وَنَجْدَةُ بْنُ عُوَيْمِرٍ، فِي نَفَرٍ مِنْ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ يُنَقِّرُونَ عَنِ الْعِلْمِ وَيَطْلُبُونَهُ، حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَإِذَا هُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَاعِدًا قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ لَهُ أَحْمَرُ وَقَمِيصٌ، فَإِذَا نَاسٌ قِيَامٌ يَسْأَلُونَهُ عَنِ التَّفْسِيرِ، يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: هُوَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ لَهُ نَافِعٌ: مَا أَجْرَأَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى مَا تُخْبِرُ بِهِ مُنْذُ الْيَوْمِ! فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَعَدِمَتْكَ، أَلَا أُخْبِرُكَ مَنْ هُوَ أَجْرَأُ مِنِّي؟ قَالَ: مَنْ هُوَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: رَجُلٌ تَكَلَّمَ بِمَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، أَوْ رَجُلٌ كَتَمَ عِلْمًا عِنْدَهُ. قَالَ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنِّي أَتَيْتُكَ لِأَسْأَلَكَ. قَالَ: هَاتِ يَا ابْنَ الْأَزْرَقِ فَسَلْ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرحمن: 35]. مَا الشُّوَاظُ؟ قَالَ: اللَّهَبُ الَّذِي لَا دُخَانَ فِيهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

أَلَا مَنْ مُبْلِغٍ حَسَّانَ عَنِّي

مُغَلْغَلَةً تَذُبُّ إِلَى عُكَاظِ

أَلَيْسَ أَبُوكَ قَيْنًا كَانَ فِينَا

إِلَى الْقَيْنَاتِ فَسْلًا فِي الْحِفَاظِ

يَمَانِيًّا يَظَلُّ يُشِبُّ كِيرًا

وَيَنْفُخُ دَائِبًا لَهَبَ الشُّوَاظِ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: {وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35]. قَالَ: الدُّخَانُ الَّذِي لَا لَهَبَ فِيهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ نَابِغَةَ بَنِي ذُبْيَانَ يَقُولُ:

يُضِيءُ كَضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِيطِ

لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ نُحَاسًا.

يَعْنِي دُخَانًا. قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان: 2]. قَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ، إِذَا اجْتَمَعَا فِي الرَّحِمِ كَانَ مَشِيجًا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ

ص: 278

قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ وَهُوَ يَقُولُ:

كَأَنَّ النَّصْلَ وَالْقَوْقِينَ مِنْهُ

خِلَالَ الرِّيشِ سِيطَ بِهِ مَشِيجُ

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: 29]. مَا السَّاقُ بِالسَّاقِ؟ قَالَ: الْحَرْبُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

أَخُو الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا

وَإِنْ شَمَّرَتِ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72]. مَا الْبَنِينُ وَالْحِفْدَةُ؟ قَالَ: أَمَّا بُنُوكَ فَإِنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَكَ، وَأَمَّا حَفَدَتُكَ فَإِنَّهُمْ خَدَمُكَ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

حَفْدُ الْوَلَائِدِ حَوْلَهُنَّ وَأُلْقِيَتْ

بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةُ الْأَحْمَالِ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 153][مَنِ الْمُسَحَّرُونَ]؟ قَالَ: مِنَ الْمَخْلُوقِينَ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ وَهُوَ يَقُولُ:

فَإِنْ تَسْأَلِينَا مِمَّ نَحْنُ فَإِنَّنَا

عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ

. قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الذاريات: 40]. مَا الْمُلِيمُ؟ قَالَ: الْمُذْنِبُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَهُوَ يَقُولُ:

بِعِيدٌ مِنَ الْآفَاتِ لَسْتَ لَهَا بِأَهْلٍ

وَلَكِنَّ الْمُسِيءَ هُوَ الْمُلِيمُ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]، مَا الْفَلَقُ؟ قَالَ: هُوَ الصُّبْحُ قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ لَبِيَدِ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَقُولُ:

الْفَارِجُ الْهَمِّ مَبْذُولٌ عَسَاكِرُهُ

مَا يُفَرِّجُ ضَوْءَ الظُّلْمَةِ الْفَلَقُ

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:

ص: 279

{لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23]. مَا الْأَسَاةُ؟ قَالَ: لَا تَحْزَنُوا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ لَبِيَدِ بْنِ رَبِيعَةَ:

قَلِيلُ الْأَسَى فِيمَا أَتَى الدَّهْرَ دُونَهُ

كَرِيمُ الثَّنَا حُلْوُ الشَّمَائِلِ مُعْجَبُ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14]. مَا يَحُورُ؟ قَالَ: يَرْجِعُ. قَالَ: هَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ:

وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا كَشِهَابٍ وَضَوْئُهُ

يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44]. مَا الْآنُ؟ قَالَ: الَّذِي انْتَهَى حَرُّهُ قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:

فَإِنْ يَقْبِضْ عَلَيْكَ أَبُو قُبَيْسٍ

تَحُطُّ بِكَ الْمُنْيَةُ فِي هَوَانِ

وَتُخْضِبُ لِحْيَةً غَدَرَتْ وَخَانَتْ

بِأَحْمَرَ مِنْ نَجِيعِ الْجَوْفِ آنِ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20]. مَا الصَّرِيمُ؟ قَالَ: اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:

لَا تَزْجُرُوا مُكْفَهِرًّا لَا كَفَاءَ لَهُ

كَاللَّيْلِ يَخْلِطُ أَصْرَامًا بِأَصْرَامِ

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78]. مَا غَسَقُ اللَّيْلِ؟ قَالَ: إِذَا أَظْلَمَ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ بِقَوْلِ النَّابِغَةِ:

كَأَنَّمَا جَدَّ مَا قَالُوا وَمَا وَعَدُوا

آلٌ تَضَمَّنَهُ مِنْ دَامِسٍ غَسَقِ

قَالَ أَبُو خَلِيفَةَ: الْآلُ: الشَّرَابُ. قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85]. مَا الْمُقِيتُ؟ قَالَ: قَادِرٌ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ بِقَوْلِ النَّابِغَةَ:

وَذِي ضِغْنٍ كَفَفْتُ الضِّغْنَ عَنْهُ

وَإِنِّي فِي مَسَاءَتِهِ مُقِيتُ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17]؟ قَالَ: إِقْبَالُ

ص: 280

سَوَادِهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

عَسْعَسَ حَتَّى لَوْ يَشَاءُ أَدْنَى

كَأَنَّ لَهُ مِنْ ضَوْءِ نُورِهِ قَبَسُ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]. قَالَ: الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وَإِنِّي زَعِيمٌ إِنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكًا

بِسَيْرٍ تَرَى مِنْهُ الْغُرَانِقَ أَزْوَرَا.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَفُومِهَا} [البقرة: 61]. مَا الْفُومُ؟ قَالَ: الْحِنْطَةُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ.

:

قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي كَأَغْنَى وَافِدٍ

قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَنْ زِرَاعَةِ فُومِ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَالْأَزْلَامُ} [المائدة: 90]. مَا الْأَزْلَامُ؟ قَالَ: الْقِدَاحُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْحُطَيْئَةِ:

لَا يَزْجُرُ الطَّيْرَ إِنْ مَرَّتْ بِهِ سُنُحًا

وَلَا يُقَامُ لَهُ قَدْحٌ بِأَزْلَامِ.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقعة: 9]؟ قَالَ: أَصْحَابُ الشِّمَالِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى حَيْثُ يَقُولُ:

نَزَلَ الشَّيْبُ بِالشِّمَالِ قَرِيبًا

وَالْمُرُورَاتُ دَانِيًا وَحَقِيرًا

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]؟ قَالَ: اخْتَلَطَ مَاؤُهَا بِمَاءِ الْأَرْضِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:

لَقَدْ عَرَفَتْ رَبِيعَةُ فِي جُذَامٍ

وَكَعْبٌ خَالَهَا وَابْنَا ضِرَارِ

لَقَدْ نَازَعْتُمُ حَسَبًا قَدِيمًا

وَقَدْ سَجَرَتْ بِحَارُهُمُ بِحَارِى.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7]. مَا الْحُبُكُ؟ قَالَ:

ص: 281

الطَّرَائِقُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:

مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ

رِيحُ الشَّمَالِ لِضَاحٍ مَا بِهِ حُبُكُ

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً} [الجن: 3]؟ قَالَ: ارْتَفَعَتْ عَظَمَةُ رَبِّنَا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ:

إِلَى مَلِكٍ يَضْرِبُ الدَّارِعِينَ

لَمْ يُنْقِصِ الشَّيْبُ مِنْهُ قُبَالَا

أَيَرْفَعُ جَدِّكَ أنِّي امْرُؤٌ

سَقَتْنِي الْأَعَادِي سِجَالًا سِجَالَا.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} [يوسف: 85]؟ قَالَ: الْحَرَضُ: الْبَالِي. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ:

أَمِنْ ذِكْرِ لَيْلَى إِنْ نَأَتْ غُرْبَةٌ بِهَا

أُعَدُّ حَرِيضًا لِلْكَرَى مُحَرِّمَا.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 61]؟ قَالَ: لَاهُونَ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ هَزِيلَةَ بِنْتِ بَكْرٍ وَهِيَ تَبْكِي عَادًا:

نَعَيْتُ عَادًا لِصَمَا

وَأَتَى سَعْدٌ شَرِيدَا

قِيلَ قُمْ فَانْظُرْ إِلَيْهِمْ

ثُمَّ دَعْ عَنْكَ السُّمُودَا.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِذَا اتَّسَقَ} [الانشقاق: 18]. مَا اتِّسَاقُهُ؟ قَالَ: إِذَا اجْتَمَعَ قَالَ: فَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ:

إِنَّ لَنَا قَلَائِصًا نَفَائِقَا

مُسْتَوْسِقَاتٌ لَوْ تَجِدْنَ سَائِقَا.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: الْأَحَدُ الصَّمَدُ، أَمَّا الْأَحَدُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الصَّمَدُ؟ قَالَ: الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا. قَالَ: فَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ بِقَوْلِ الْأَسْدِيَةِ:

أَلَا بَكَّرَ النَّاعِي بِخَبَرِ بَنِي أَسَدْ

بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ

ص: 282

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]. مَا الْأَثَامُ؟ قَالَ: الْجَزَاءُ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ بِشْرِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الْأَسَدِيِّ:

وَإِنَّ مَقَامَنَا يَدْعُو عَلَيْهِمْ

بِأَبْطُحِ ذِي الْمَجَازِ لَهُ أَثَامُ

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]؟ قَالَ: السَّاكِتُ قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ الْعَبْسِيِّ:

فَإِنْ تَكْ كَاظِمًا بِمُصَابِ شَاسٍ

فَإِنِّي الْيَوْمَ مُنْطَلِقُ اللِّسَانِ

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98]. مَا رِكْزًا؟ قَالَ: صَوْتًا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ خِرَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ:

فَإِنْ سَمِعْتُمْ بَخِيلٍ هَابِطٍ شَرَفًا

أَوْ بَطْنِ قُفٍّ فَأَخْفَوُا الرِّكْزَ وَاكْتَتِمُوا.

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152]؟ قَالَ: إِذْ تَقْتُلُونَهُمْ بِإِذْنِهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ عُتْبَةَ اللَّيْثِيِّ:

نَحُسُّهُمْ بِالْبِيضِ حَتَّى كَأَنَّمَا

نُفَلِّقُ مِنْهُمْ بِالْجَمَاجِمِ حَنْظَلَا

قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1]. هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ يُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، طَلَاقًا بَائِنًا ثَلَاثًا، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَعْشَى بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ حِينَ أَخَذَهُ أَخْتَانُهُ غَيْرَةً، فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدْ أَضْرَرْتَ بِصَاحِبَتِنَا، وَإِنَّا نُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنْ لَا نَضَعَ الْعَصَا عَنْكَ أَوْ تُطَلِّقَهَا، فَلَمَّا رَأَى الْجِدَّ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ فَاعِلُونَ بِهِ شَرًّا قَالَ:

أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَهْ

كَذَاكَ أُمُورُ النَّاسِ غَادٍ وَطَارِقَهْ

فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَتُبِيتَنَّ لَهَا الطَّلَاقَ، أَوْ لَا نَضَعُ الْعَصَا عَنْكَ، فَقَالَ:

فَبِينِي حَصَانَ الْفَرْجِ غَيْرَ دَمِيمَةٍ

وَمَامُوقَةً مِنَّا كَمَا أَنْتَ وَامِقَهْ

فَقَالُوا: وَاللَّهُ لَنُبِينَنَّ لَهَا الطَّلَاقَ أَوْ لَا نَضَعُ الْعَصَا عَنْكَ، فَقَالَ:

فَبِينِي فَإِنَّ الْبَيْنَ خَيْرٌ مِنَ الْعَصَا

وَأَنْ لَا تَزَالَ فَوْقَ رَأْسِكِ بَارِقَهْ

ص: 283

فَأَبَانَهَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جُوَيْبِرٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15526 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَجَرَّنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ، فَلَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَلَاتِهِ خَنِسْتُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: " مَا شَأْنُكَ أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْنِسُ؟ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَيَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِحِذَائِكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَأَعْجَبَهُ، فَدَعَا لِي أَنْ يَزِيدَنِي اللَّهُ عِلْمًا وَفِقْهًا» . قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15527 -

وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: «شَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَذْكُرُ حِينَ اسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ جَاءَ مَنْ سَفَرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنِي أَنَا وَغُلَامًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَتَرَكَكَ» . قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَهَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15528 -

وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ لَتَشْتُمُنِي وَأَنَا فِيَّ ثَلَاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لَآتِي عَلَى الْآيَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَعْدِلُ فِي حُكْمِهِ فَأَفْرَحُ، وَلَعَلِّي لَا أُقَاضَى إِلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ قَدْ أَصَابَ الْبَلَدَ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَفْرَحُ وَمَا لِي بِهِ سَائِمَةٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15529 -

وَعَنْ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: بَدَتْ لَنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَاجَةٌ إِلَى الْوَالِي، وَكَانَ الَّذِي طَلَبْنَا إِلَيْهِ أَمْرًا صَعْبًا، فَمَشَيْنَا إِلَيْهِ بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ، فَكَلَّمُوهُ وَذَكَرُوا لَهُ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَا، فَذَكَرَ لَهُمْ صُعُوبَةَ الْأَمْرِ، فَعَذَرَهُ الْقَوْمُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللَّهِ مَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، وَإِذَا الْقَوْمُ أَنْدِيَةٌ. قَالَ حَسَّانُ: فَضَحِكْتُ وَأَنَا أَسْمَعُهُمْ، إِنَّهُ وَاللَّهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا، إِنَّهَا وَاللَّهِ صَبَابَةُ النُّبُوَّةِ، وَوِرَاثَةُ أَحْمَدَ صلى الله عليه وسلم وَيَهْدِيهِ أَعْرَاقُهُ، وَانْتِزَاعُ شِبْهِ طِبَاعِهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجْمِلْ يَا حَسَّانُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَدَقُوا، فَأَحْمَلَ فَأَنْشَأَ حَسَّانُ يَمْدَحُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَقَالَ:

إِذَا مَا ابْنُ عَبَّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ

رَأَيْتَ لَهُ فِي كُلِّ مُجَمَعَةٍ فَضْلَا

إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ

بِمُلْتَقِطَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَضْلَا

كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ

لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جَدًّا وَلَا هَزْلَا

ص: 284

سَمَوْتَ إِلَى الْعُلْيَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ

فَنِلْتَ ذُرَاهَا لَا دَنِيًّا وَلَا وَغِلَا

خُلِقْتَ حَلِيفًا لِلْمُرُوءَةِ وَالنَّدَى بَلِيغًا

وَلَمْ تُخْلَقْ كَهَامًا وَلَا خَبَلَا

فَقَالَ الْوَالِي: وَاللَّهِ مَا أَرَادَ بِالْكَهَامِ الْخَبَلَ غَيْرِي، وَاللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15530 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قَالَ: وُلِدْتُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَنَحْنُ فِي الشِّعْبِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

15531 -

وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَلَهُ جُمَّةٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15532 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدُ اللَّهِ طَوِيلًا مُشْرَبًا حُمْرَةَ صُفْرَةٍ وَسِيمًا صَبِيحَ الْوَجْهِ لَهُ صَغِيرَتَانِ.

15533 -

وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ أَيَّامَ مِنَى طَوِيلُ الشَّعْرِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ فِيهِ بَعْضُ الْإِسْبَالِ، وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ أَصْفَرُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15534 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدْ خُتِنْتُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15535 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَشَهِدْنَا جِنَازَتَهُ، فَجَاءَ طَائِرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خِلْقَتِهِ حَتَّى دَخَلَ فِي نَعْشِهِ، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، لَمْ يُدْرَ مَنْ تَلَاهَا:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ - ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً - فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27 - 29].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15536 -

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَامِينَ، عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ، يُقَالُ لَهُ: الْغُرْنُوقُ.

[بَابٌ مِنْهُ فِيهِ وَفِي إِخْوَتِهِ رضي الله عنهم]

15537 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُفُّ عَبْدَ اللَّهِ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ، وَكَثِيرًا بَنِي الْعَبَّاسِ، وَيَقُولُ: " مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ". فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ، فَيَلْتَزِمُهُمْ وَيُقَبِّلُهُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابٌ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنه وَغَيْرِهِ]

15538 -

«عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُمَا بَايَعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمَا ابْنَا سَبْعِ سِنِينَ، فَلَمَّا رَآهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَبَسَّمَ وَبَسَطَ يَدَهُ، فَبَايَعَهُمَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15539 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَقُثَمَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيْ عَبَّاسٍ وَنَحْنُ صِبْيَانٌ

ص: 285

نَلْعَبُ، إِذْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" ارْفَعُوا هَذَا إِلَيَّ ". فَحَمَلَنِي أَمَامَهُ، وَقَالَ لِقُثَمَ:" ارْفَعُوا هَذَا إِلَيَّ ". فَحَمَلَهُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَحَبَّ إِلَى عَبَّاسٍ مِنْ قُثَمَ فَمَا اسْتَحْيَا مِنْ عَمِّهِ أَنْ حَمَلَ قُثَمَ وَتَرْكَهُ. قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا، كُلَّمَا مَسَحَ قَالَ:" اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي وَلَدِهِ ".

قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ: مَا فَعَلَ قُثَمُ؟ قَالَ: اسْتُشْهِدَ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ قَالَ: أَجَلْ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15540 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَبِيعُ بَيْعَ الْغِلْمَانِ - أَوِ الصِّبْيَانِ - قَالَ: " اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِي بَيْعِهِ ". أَوْ قَالَ: " فِي صَفْقَتِهِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15541 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: وَفِيهَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْمَدِينَةِ، وَيُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ. - يَعْنِي سَنَةَ ثَمَانِينَ -.

‌[بَابٌ فِي أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حِبِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه

-]

15542 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَمَّا اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ النَّاسُ فِيهِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ بَلَغَنِي مَا قُلْتُمْ فِي أُسَامَةَ، وَلَقَدْ قُلْتُمْ ذَلِكَ فِي أَبِيهِ قَبْلَهُ، وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ بِالْإِمَارَةِ، وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ بِالْإِمَارَةِ، وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ بِالْإِمَارَةِ، وَإِنَّهُ أَتَى حِبُّ النَّاسِ إِلَيَّ» .

قَالَ: مَنِ اسْتَثْنَى فَاطِمَةَ وَغَيْرَهَا.

15543 -

«وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ كُلِّهِمْ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: حَاشَا فَاطِمَةَ» . قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15544 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُبْغِضَ أُسَامَةَ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ "» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15545 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ قَالَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: «كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15546 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُدْعَى بِالْأَمِيرِ حَتَّى مَاتَ، يَقُولُونَ: بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لَمْ يَنْزِعْهُ حَتَّى مَاتَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

-]

15547 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شَمْخِ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ صَاهِلَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ الْهُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ

ص: 286

بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

15548 -

وَفِي رِوَايَةٍ: ابْنُ مَخْزُومِ بْنِ كَاهِلِ بْنِ حَارِثِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ، حُلَفَاءِ بَنِي زُهْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ الْأَوَّلِ ثِقَاتٌ.

15549 -

وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ رِشْدِينَ الْمِصْرِيِّ قَالَ: أَمْلَى عَلِيَّ مُوسَى بْنُ عَوْنٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ كَاهِلِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ صَاهِلَةَ بْنِ كَاهِلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عَوْنٍ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15550 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَسَادِسُ سِتَّةٍ مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرَنَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15551 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جِئْتُ مِنَ الْكُوفَةِ وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلًا يُمْلِي الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ. قَالَ: فَغَضِبَ عُمَرُ، وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَمَا زَالَ عُمَرُ يُطْفِئُ وَيُسَرِّي عَنْهُ الْغَضَبَ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: وَيْحَكَ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ لِأَمْرٍ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَنَحْنُ نَمْشِي مَعَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ، فَلَمَّا كِدْنَا نَعْرِفُ الرَّجُلَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ". قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ يَدْعُو، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " سَلْ تُعْطَهُ ". قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَعُودَنَّ إِلَيْهِ فَلَأُبَشِّرَنَّهُ. قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُبَشِّرَهُ، فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي فَبَشَّرَهُ، فَلَا وَاللَّهِ مَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ» .

15552 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَتَى عُمَرُ عَبْدَ اللَّهِ لِيُبَشِّرَهُ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ خَارِجًا، فَقَالَ: إِنْ فَعَلْتَ إِنَّكَ لَسَبَّاقٌ بِالْخَيْرِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ قَيْسِ بْنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15553 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ -: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وَهُوَ عَلَى ضَعْفِهِ حَسَنُ

ص: 287

الْحَدِيثَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ فُرَاتِ بْنِ مَحْبُوبٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15554 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: " سَلْ تُعْطَهُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15555 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَرِيضًا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا:" غَضًّا " بَدَلَ: " غَرِيضًا ".، وَفِيهِ جَرِيرُ بْنُ عبد الله الْبَجَلِيُّ (*)، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15556 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ.

15557 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: «بَيْنَمَا ابْنُ مَسْعُودٍ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَدْعُو، مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا حَاذَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ دُعَاءَهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: " مَنْ هَذَا؟ سَلْ تُعْطَهُ ". فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: الدُّعَاءُ الَّذِي كُنْتَ تَدْعُو بِهِ؟ فَقَالَ: حَمِدْتُ اللَّهَ وَمَجَّدْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَعْدُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حُقٌّ، وَكِتَابُكَ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَرُسُلُكَ حَقٌّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15558 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَدْعُو، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما، فَلَمَّا حَاذَى ِبهِ سَمِعَ دُعَاءَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَلْ تُعْطَهُ" فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الدُّعَاءُ الَّذِي دَعَوْتَ بِهِ مَا هُوَ؟ قَالَ: حَمِدْتُ اللَّهَ وَمَجَّدْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَعْدُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حُقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَرُسُلُكَ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَسَعِيدِ بْنِ الرَّبِيعِ السَّمَّانِ وَهُمَا ثِقَتَانِ.

15559 -

وَعَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ كَانَتْ آخِيرًا: قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ قِرَاءَةُ زَيْدٍ؟ قَالَ: قُلْنَا: قِرَاءَةُ زَيْدٍ قَالَ: «لَا إِلَّا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ عليه السلام كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ» ، وَكَانَ آخِرُ الْقِرَاءَةِ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ. قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15560 -

«وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعِينَ سُورَةً، وَخَتَمْتُ الْقُرْآنَ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه» -. قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: وَخَتَمْتُ الْقُرْآنَ إِلَى آخِرِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ سَالِمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15561 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَ مَسْعُودٍ فَصَعِدَ شَجَرَةً، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ صَعِدَ فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَا تَضْحَكُونَ؟ لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ،

(*) 9 - جاء في "المجمع"(9/ 288): جرير بن عبد الله البجلي.

قلت: صوابه "جرير بن أيوب البَجَلي" انظر "تعجيل المنفعة"(ص 69). وأما جرير بن أيوب البجلي فصحابي جليل شهير رضي الله عنه.

ص: 288

وَرِجَالُهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أُمِّ مُوسَى وَهِيَ ثِقَةٌ.

15562 -

«وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مِمَّ تَضْحَكُونَ؟ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ. فَقَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَفِي بَعْضِهَا:«لَسَاقَا ابْنِ مَسْعُودٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ» . وَفِي بَعْضِهَا: «بَيْنَا هُوَ يَمْشِي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ هَمَزَهُ أَصْحَابُهُ أَوْ بَعْضُهُمْ» .

وَأَمْثَلُ طُرُقِهَا فِيهِ: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ عَلَى ضَعْفِهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15563 -

وَعَنْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَقَى شَجَرَةً يَجْتَنِي مِنْهَا سِوَاكًا، فَوَضَعَ رِجْلَيْهِ عَلَيْهَا، فَضَحِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15564 -

وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَنَاسٌ مَعَهُ إِلَى كَبَاثٍ، فَصَعِدَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَجَرَةً لِيَجْتَنِيَ مِنْهَا، فَنَظَرُوا إِلَى سَاقَيْهِ فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَتِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَضْحَكُونَ؟ ". قَالُوا: مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَاللَّهِ إِنَّهُمَا لَأَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ ". ثُمَّ ذَهَبَ كُلُّ إِنْسَانٍ فَاجْتَنَى فَحْلًا يَأْكُلُهُ، وَجَاءَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِجِنَائِهِ قَدْ جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ، فَوَضْعَهُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

هَذَا جِنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ

وَكُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهِ

فَأَكَلَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15565 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، فَلَقِيتُهُ بِمَاءٍ، فَقَالَ: " مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ ". فَقُلْتُ: مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ! فَقَالَ: " قَدْ أَحْسَنْتَ، أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ ". ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَبَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

15566 -

«وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا كَذَبْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَّا كَذِبَةً وَاحِدَةً، كُنْتُ أَرْحَلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الطَّائِفِ فَسَأَلَنِي: أَيُّ الرِّحْلَةِ أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: الطَّائِفِيَّةُ الْمُنْكَبَّةُ، وَكَانَ يَكْرَهُهَا. فَلَمَّا أُتِيَ بِهَا قَالَ: " مَنْ رَحَلَ هَذِهِ؟ ". قَالُوا: رَحَّالُكَ قَالَ: " مُرُوا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ أَنْ يَرْحَلَ» . فَأُعِيدَتْ إِلَيَّ الرِّحْلَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

ص: 289

15567 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ:" يَا أَبَا بَكْرٍ، قُمْ فَاخْطُبْ ". فَقَصَّرَ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ: " يَا عُمَرُ، قُمْ فَاخْطُبْ ". فَقَامَ فَقَصَّرَ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدُونَ أَبِي بَكْرٍ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ: " يَا فُلَانُ، قُمْ فَاخْطُبْ ". فَشَفَقَ الْقَوْلَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اسْكُتْ أَوِ اجْلِسْ ; فَإِنَّ التَّشْقِيقَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الْبَيَانَ مِنَ السِّحْرِ ".

وَقَالَ: " يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، قُمْ فَاخْطُبْ ". فَقَامَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل رَبُّنَا، وَإِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُنَا، وَإِنَّ الْقُرْآنَ إِمَامُنَا، وَإِنَّ الْبَيْتَ قِبْلَتُنَا، وَإِنَّ هَذَا نَبِيُّنَا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَضِينَا مَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا وَرَسُولُهُ، وَكَرِهْنَا مَا كَرِهَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا وَرَسُولُهُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَصَابَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، أَصَابَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَصَدَقَ، وَرَضِيتُ بِمَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى لِي وَلِأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» وَكَرِهْتُ مَا كَرِهَ اللَّهُ تَعَالَى لِي وَلِأُمَّتِي وَابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15568 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَضِيتُ لِأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَكَرِهْتُ لِأُمَّتِي مَا كَرِهَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارِ الْكَرَاهَةِ، وَرَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ. وَفِي إِسْنَادِ الْبَزَّارِ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15569 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15570 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «أَرَأَيْتَ رَجُلًا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحِبُّهُ، أَلَيْسَ رَجُلًا صَالِحًا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحِبُّكَ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَكَ قَالَ: قَدِ اسْتَعْمَلَنِي فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي حُبًّا كَانَ لِي مِنْهُ أَوِ اسْتِعَانَةً بِي؟ وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ بِرَجُلَيْنِ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمَا رَاضٍ» . وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ. قُلْتُ: وَلَهُ طُرُقٌ فِي تَرْجَمَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

15571 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ:

ص: 290

إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ عُمَرَ إِذْ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ يَكَادُ الْجُلُوسُ يُوَازُونَهُ مِنْ قِصَرِهِ، فَضَحِكَ عُمَرُ حِينَ رَآهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ عُمَرَ وَيُضَاحِكُهُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَلَّى فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى، فَقَالَ: كُنَيْفٌ مُلِئَ فِقْهًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15572 -

وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: قَدْ بَعَثْتُ عَمَّارًا أَمِيرًا، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَزِيرًا ; وَهُمَا مِنَ النُّجَبَاءِ، مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَاقْتَدُوا بِهِمَا وَاسْمَعُوا مِنْ قَوْلِهِمَا، وَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى نَفْسِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حَارِثَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15573 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ نَظِيفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15574 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَيُكَنَّى: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابٌ فِي أَخِيهِ عُتْبَةَ رضي الله عنه

-]

15575 -

عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَقْدَمَ هِجْرَةً مِنْ أَخِيهِ عُتْبَةَ، وَلَكِنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15576 -

وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: تُوُفِّيَ عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15577 -

وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

‌[بَابُ فَضْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ رضي الله عنهم

-]

15578 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ أَهْلَ بَيْتِ إِسْلَامٍ كُلُّهُمْ.

15579 -

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرِ بْنِ عَبْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَذْحِجٍ، شَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا. وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَ أُمِّهِ سُمَيَّةُ بِنْتُ سَلَمِ بْنِ لَخْمٍ. يُكَنَّى: أَبَا الْيَقْظَانِ، قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما يَوْمَ صِفِّينَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِيهِ ثِقَاتٌ.

15580 -

وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: هَاجَرَ أَبُو سَلَمَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَكَانَ حَلِيفًا لَهُمْ.

رَوَاهُ

ص: 291

الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15581 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ: أَرَأَيْتَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ كَانَ حَلِيفًا لَكُمْ؟ قَالَ: بَلْ مَوْلَانَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَعَطَّافٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

15582 -

وَعَنْ أَبِي كَعْبٍ الْحَارِثِيِّ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَجَاءَ رَجُلٌ آدَمُ، أَصْلَعُ، فِي مَقْدِمِ رَأْسِهِ شَعَرَاتٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زِيَادُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ الذَّهَبِيُّ: مَجْهُولٌ.

15583 -

وَعَنْ كُلَيْبِ بْنِ مَنْفَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارًا بِالْكُنَاسَةِ أَسْوَدَ جَعْدًا وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15584 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَوْمَ صِفِّينَ آدَمَ طِوَالًا بِيَدِهِ الْحَرْبَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15585 -

وَعَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَعِنْدَهُ خَيَّاطٌ يَقْطَعُ بُرْدًا عَلَى قَطِيفَةِ ثَعَالِبَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15586 -

«وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: يَا أَجْدَعُ. وَكَانَتْ أُذُنُهُ جُدِعَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: خَيْرَ أُذُنَيْ سَبَبْتَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ شَيْخِهِ: الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15587 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَقِيَ عَلِيٌّ رَجُلَيْنِ قَدْ خَرَجَا مِنَ الْحَمَّامِ مُتَدَهِّنَيْنِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمَا؟ قَالَا: مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: كَذَبْتُمَا، أَنْتُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ؟ إِنَّمَا الْمُهَاجِرُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15588 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، كَانَا لَا يُحِبَّانِ أَنْ يُعْصَ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَا يُخَالِفَا الْحَقَّ قَيْدَ شَعَرَةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ الصَّلْتِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15589 -

وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: «دَعَا عُثْمَانُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكُمْ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَصْدُقُونِي، نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْثِرُ قُرَيْشًا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَيُؤْثِرُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ بِيَدِي مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ أُعْطِيَتْهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى يَدْخُلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

فَبَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ،

ص: 292

فَقَالَ عُثْمَانُ: أَلَا أُحَدِّثُكُمَا عَنْهُ - يَعْنِي عَمَّارًا -؟ أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِذًا بِيَدِي نَتَمَشَّى بِالْبَطْحَاءِ، حَتَّى أَتَى عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَلَيْهِ يُعَذَّبُونَ، فَقَالَ أَبُو عَمَّارٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الدَّهْرُ هَكَذَا؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اصْبِرْ ". ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِآلِ يَاسِرٍ، وَقَدْ فَعَلْتَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15590 -

وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِأَبِي عَمَّارٍ وَأُمِّ عَمَّارٍ وَعَمَّارٍ: " اصْبِرُوا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15591 -

وَعَنْ عَمَّارٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " «اصْبِرُوا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15592 -

وَعَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَبِأَهْلِهِ يُعَذَّبُونَ فِي اللَّهِ عز وجل فَقَالَ: " أَبْشِرُوا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمُقَوِّمِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15593 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُضْطَجِعًا فِي حِجْرِ عَمَّارٍ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ: مَاذَا يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ آنِفًا لِهَذَا - يَعْنِي عَمَّارًا -؟ قَالَ: فَأَدْخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِهِ حَتَّى أَحَاطَ بِظَهْرِهِ، وَقَالَ: " إِنَّهُمْ لَيَحْرُزُونَ أَدِيمًا طَيِّبًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَقَدْ وُثِّقَ وَضُعِّفَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15594 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «كَانَ عَمَّارُ يَقُولُ: قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، أَرْسَلَنِي إِلَى بِئْرِ بَدْرٍ، فَلَقِيتُ الشَّيْطَانَ فِي صُورَةِ الْإِنْسِ، فَصَارَعَنِي فَصَرَعْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَدُقُّهُ بِفِهْرٍ مَعِي أَوْ حَجَرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " عَمَّارٌ لَقِيَ الشَّيْطَانَ عِنْدَ الْبِئْرِ فَقَاتَلَهُ ". فَمَا عَدَا أَنْ رَجَعْتُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: " ذَاكَ الشَّيْطَانُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ شَيْخِهِ: يَعْقُوبِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَخْرَمِيِّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَالْحَكَمُ بْنُ عَطِيَّةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15595 -

«وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَمَّارٍ كَلَامٌ، فَأَغْلَظْتُ لَهُ فِي الْقَوْلِ، فَانْطَلَقَ عَمَّارٌ يَشْكُونِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ خَالِدٌ وَهُوَ يَشْكُوهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: فَجَعَلَ يَغْلُظُ لَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ إِلَّا غِلْظَةً، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاكِتٌ، فَبَكَى عَمَّارٌ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَرَاهُ؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ فَقَالَ:" مَنْ عَادَى عَمَّارًا عَادَاهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أَبْغَضَهُ اللَّهُ ".

قَالَ خَالِدٌ: فَخَرَجْتُ فَمَا كَانَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رِضَا عَمَّارٍ، فَلَقِيتُهُ فَرْضِيَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15596 -

«وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَخْوَفَ عِنْدِي عَلَى أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ مِنْ شَأْنِ

ص: 293

عَمَّارٍ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ وَمَا هُوَ؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَأَصَبْتُهُمْ وَفِيهِمْ أَهْلُ بَيْتِ مُسْلِمِينَ، فَكَلَّمَنِي عَمَّارٌ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَرْسِلْهُمْ، فَقُلْتُ: لَا حَتَّى آتِيَ بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; فَإِنْ شَاءَ أَرْسَلَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهِمْ مَا أَرَادَ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَأْذَنَ عَمَّارٌ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى خَالِدٍ فَعَلَ وَفَعَلَ، فَقَالَ خَالِدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا مَجْلِسُكَ مَا سَبَّنِي ابْنُ سُمَيَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" اخْرُجْ يَا عَمَّارُ ". فَخَرَجَ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا نَصَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَالِدٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَلَا أَجَبْتَ الرَّجُلَ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مَنَعَنِي مِنْهُ إِلَّا مَحْقَرَتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ يَحْقِرْ عَمَّارًا يَحْقِرْهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسُبَّ عَمَّارًا يَسُبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَنْتَقِصْ عَمَّارًا يَنْتَقِصْهُ اللَّهُ ". فَخَرَجْتُ فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى اسْتَغْفَرَ لِي. وَفِي رِوَايَةٍ: " مَنْ يُعَادِ عَمَّارًا يُعَادِهِ اللَّهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا بِأَسَانِيدَ، مِنْهَا مَا وَافَقَ أَحْمَدَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُرْسَلٌ.

15598 -

وَفِي الْأَوْسَطِ مِنْهُ: «مَنْ سَبَّ عَمَّارًا سَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أَبْغَضَهُ اللَّهُ» . فَقَطْ. وَفِي إِسْنَادِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

15599 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: مَا كُنَّا نَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّ رَجُلًا فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ النَّارَ.

قِيلَ: قَدْ كَانَ يَسْتَعْمِلُكَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ رَجُلًا قَالُوا: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ: «ذَاكَ قَتِيلُكُمْ يَوْمَ صِفِّينَ قَالَ: [قَدْ] وَاللَّهِ قَتَلْنَاهُ» .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ بِمَحَبَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمَّارٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15600 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَمْ مِنْ ذِي طِمْرَ بْنِ لَا ثَوْبَ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، مِنْهُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عِيسَى بْنُ قِرْطَاسٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15601 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَقْسَمَ يَوْمَ أُحُدٌ فَهُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، وَأَقْسَمَ يَوْمَ الْجَمَلِ فَغَلَبُوا أَهْلَ الْبَصْرَةِ، وَقِيلَ لَهُ يَوْمَ صِفِّينَ: لَوْ أَقْسَمْتَ! فَقَالَ: لَوْ ضَرَبُونَا بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى نَبْلُغَ سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ، فَلَمْ يُقْسِمْ، فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: أَقْسَمْتُ يَا جِبْرِيلُ وَيَا مِيكَالُ:

ص: 294

لَا يَغْلِبَنَّا مَعْشَرٌ ضُلَّالٌ إِنَّا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ جُهَّالٌ.

حَتَّى خَرَقَ صَفَّ الْمُشْرِكِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15602 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ابْنُ سُمَيَّةَ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَقْرَانٌ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ الْأَرْشَدَ مِنْهُمَا

حَتَّى خَرَقَ صَفَّ الْمُشْرِكِينَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15602 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ابْنُ سُمَيَّةَ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ الْأَرْشَدَ مِنْهُمَا»

15603 -

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «دَمُ عَمَّارٍ وَلَحْمُهُ حَرَامٌ عَلَى النَّارِ أَنْ تَطْعَمَهُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ لَا يَضُرُّ.

15604 -

«وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ مَا خَلَا عَمَّارًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مُلِئَ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ "» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15605 -

وَعَنْ بِلَالِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه أُتِيَ حُذَيْفَةُ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قُتِلَ هَذَا الرَّجُلُ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا يَقُولُ؟ قَالَ: أَسْنِدُونِي، فَأَسْنَدُوهُ إِلَى صَدْرِ رَجُلٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَبُو الْيَقْظَانِ عَلَى الْفِطْرَةِ، لَا يَدَعُهَا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَمَسَّهُ الْهَرَمُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15606 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَاهْتَدَوْا بِهَدْيِ عَمَّارِ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» . قُلْتُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْهُ: «اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما» . فَقَطْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابٌ فِي فَضْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَوَفَاتِهِ رضي الله عنه

-]

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ مِنْهَا فِي الْفِتَنِ فِيمَا كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم.

15607 -

عَنْ مَوْلَاةٍ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَتِ: «اشْتَكَى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ شَكْوَى ثَقُلَ مِنْهَا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ وَنَحْنُ نَبْكِي حَوْلَهُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ؟ أَتَحْسَبُونَ أَنِّي مُتُّ عَلَى فِرَاشِي؟ أَخْبَرَنِي حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تَقْتُلُنِي الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، وَأَنَّ آخِرَ زَادِي مَذْقَةً مِنْ لَبَنٍ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَنِي أَنِّي أُقْتَلُ بَيْنَ صِفِّينَ» .

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَمَوْلَاةُ عَمَّارٍ لَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15608 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ وَهُوَ يُنَادِي: إِنِّي لَقِيتُ الْجَبَّارَ

ص: 295

وَتَزَوَّجْتُ الْحُورَ الْعِينَ، الْيَوْمَ نَلْقَى الْأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ، عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ: " آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا ضَيَاحٌ مِنْ لَبَنٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَحْمَدُ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

15609 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِاللَّبَنِ ضَحِكَ.

15610 -

وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِعَمَّارٍ: تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضَرَارُ بْنُ صُرَدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15611 -

وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15612 -

وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ بْنِ عَمْرِو، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْعَرْدِ: أَنَّهُمَا «سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَمَّارٍ: " تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَسْعُودُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ الذَّهَبِيُّ: مَجْهُولٌ، قُلْتُ: وَالزُّهْرِيُّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الْيُسْرِ.

15613 -

«وَعَنِ ابْنَةِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ - وَكَانَتْ تُمَرِّضُ عَمَّارًا - قَالَتْ: جَاءَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَمَّارٍ يَعُودُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مَنِيَّتَهُ بِأَيْدِينَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنَةُ هُشَامٍ وَالرَّاوِي عَنْهَا لَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15614 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «كُنَّا نَنْقُلُ اللَّبِنَ لِلْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لِبِنَتَيْنِ لِبِنَتَيْنِ، فَيَنْفُضُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَتِفِهِ التُّرَابَ وَقَالَ: " وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ! تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15615 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَيْضًا قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَجَعَلْنَا نَنْقُلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لِبِنَتَيْنِ لِبِنَتَيْنِ قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15616 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْنِي الْمَسْجِدَ، فَإِذَا نَقَلَ النَّاسُ حَجَرًا نَقَلَ عَمَّارٌ حَجَرَيْنِ، فَإِذَا نَقَلُوا لَبِنَةً نَقَلَ لِبِنْتَيْنِ.» قَالَ: فَذَكَرَهُ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15617 -

وَعَنْ حَبَّةَ قَالَ: «اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ". وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِيهِ مُسْلِمٌ الْمُلَائِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15618 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، يَقُولُونَ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَمَّارٍ: " تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ: فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَا تَزَالُ دَاحِضًا فِي بَوْلِكَ، نَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ.

ص: 296

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَكَذَلِكَ أَحَدُ أَسَانِيدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

15619 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَخْتَصِمَانِ فِي دَمِ عَمَّارٍ وَسَلَبِهِ، فَقَالَ عَمْرٌو: خَلِّيَا عَنْهُ ; فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَاتِلُ عَمَّارٍ وَسَالِبُهُ فِي النَّارِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَدْ صَرَّحَ لَيْثٌ بِالتَّحْدِيثِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15620 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَاتِلُ عَمَّارٍ وَسَالِبُهُ فِي النَّارِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُسْلِمٌ الْمِلَائِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15621 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ: «أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ كَانَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ لِعَمَّارٍ: " إِنَّكَ حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنَّكَ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَتَقْتُلَنَّكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ". قَالَ: بَلَى قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَزَالُ تَدْحَضُ فِي بَوْلِكَ، نَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتْلَهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15622 -

وَعَنْ هَنِيٍّ - مَوْلَى عَمْرٍو - قَالَ: «كُنْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِصِفِّينَ، فَنَظَرْتُ يَوْمَئِذٍ فِي الْقَتْلَى فَإِذَا أَنَا بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مَقْتُولًا، فَذَهَبْنَا إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقُلْتُ: مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَمَّارٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَمَّارٍ: " تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ". فَقُلْتُ: هَذَا عَمَّارٌ قَدْ قَتَلْتُمُوهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَقَالَ: انْطَلِقْ فَأَرِنِيهِ، فَذَهَبْتُ فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ قَالَ: إِنَّمَا قَتَلَهُ أَصْحَابُهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُطَوَّلًا، وَرَوَاهُ مُخْتَصَرًا، وَرِجَالُ الْمُخْتَصَرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ زِيَادٍ مَوْلَى عَمْرٍو وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

15623 -

وَعَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، وَمَيْسَرَةَ:«أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَوْمَ صِفِّينَ كَانَ يُقَاتِلُ فَلَا يَقْتُلُ، فَيَجِيءُ إِلَى عَلِيٍّ فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَوْمُ كَذَا وَكَذَا هَذَا، فَيَقُولُ: أَذْهِبْ عَنْكَ. قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ هَذِهِ آخِرَ شَرْبَةٍ أَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَامَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بِأَسَانِيدَ، وَفِي بَعْضِهَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَقَدْ تَغَيَّرَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ وَبَقِيَّةُ الْأَسَانِيدِ ضَعِيفَةٌ.

15624 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[يَقُولُ] وَضَرَبَ جَنْبَ عَمَّارٍ قَالَ: " إِنَّكَ لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَقْتُلَكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ النَّاكِبَةُ عَنِ الْحَقِّ، يَكُونُ آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةَ لَبَنٍ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُسْلِمُ بْنُ كَيْسَانَ الْأَعْوَرُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15625 -

وَعَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ دَعَا غُلَامًا لَهُ بِشَرَابٍ،

ص: 297

فَأَتَاهُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، الْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ آخِرَ شَيْءٍ أَزُودُهُ مِنَ الدُّنْيَا ضَيْحَةُ لَبَنٍ. ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ هَزَمُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَى حَقٍّ وَأَنَّهُمْ عَلَى بَاطِلٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15626 -

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: «ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي خَاصِرَتِي، فَقَالَ: " خَاصِرَةٌ مُؤْمِنَةٌ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، آخِرُ زَادِكَ ضَيَاحٌ مِنْ لَبَنٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15627 -

وَعَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: كُنْتُ بِوَاسِطِ الْقَصَبِ عِنْدَ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ الْقُرَشِيِّ، فِي مَنْزِلِ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ قَاتِلَ عَمَّارٍ بِالْبَابِ أَفَتَأْذُنُونَ لَهُ فَيَدْخُلَ؟ فَكَرِهَ بَعْضُ [الْقَوْمِ]، وَقَالَ بَعْضٌ: أَدْخِلُوهُ، [فَدَخَلَ]، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ لَهُ فَقَالَ:«لَقَدْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَنْفَعُ أَهْلِي فَأَرُدُّ عَلَيْهِمُ الْغَنَمَ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَبَا الْغَادِيَةِ، كَيْفَ كَانَ أَمْرُ عَمَّارٍ؟ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ عَمَّارًا مِنْ خِيَارِنَا حَتَّى سَمِعْتُهُ يَوْمًا فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ يَقَعُ فِي عُثْمَانَ، فَلَوْ خَلُصْتُ إِلَيْهِ لَوَطِئْتُهُ بِرِجْلِي، فَمَا صَلَّيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ صَلَاةً إِلَّا قُلْتُ: اللَّهُمَّ لَقِّنِي عَمَّارًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ صِفِّينَ اسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ يَسُوقُ الْكَتِيبَةَ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَهُوَ ضَرْبَتَيْنِ، فَبَدَرْتُهُ فَضَرَبْتُهُ فَكَبَا لِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَتَلْتُهُ ..

15628 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: أَدْخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ لَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ طِوَالٌ، ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ، كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

قُلْتُ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَتَّى قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ أَقْبَلَ يَمْشِي أَوَّلَ الْكَتِيبَةِ رَاجِلًا حَتَّى كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ طَعَنَ رَجُلًا فِي رُكْبَتِهِ بِالرُّمْحِ فَصَرَعَهُ، فَانْكَفَأَ الْمِغْفَرُ عَنْهُ، فَاضْرِبْهُ فَإِذَا رَأَسُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ.

قَالَ: يَقُولُ لَهُ مَوْلًى لَنَا: أَيُّ يَدٍ كَفَتَاهُ، فَلَمْ أَرَ رَجُلًا أَبْيَنَ ضَلَالَةً مِنْهُ.

رَوَاهُ [كُلَّهُ] الطَّبَرَانِيُّ، [وَعَبْدُ اللَّهِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَحَدِ إِسْنَادَيِ الطَّبَرَانِيِّ] رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ أَحَادِيثُ، وَبَعْضُ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ رضي الله عنه

-]

15629 -

عَنْ كُرْدُوسٍ: أَنَّ خَبَّابًا أَسْلَمَ سَادِسَ سِتَّةٍ كَانَ سُدُسَ الْإِسْلَامِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ إِلَى كُرْدُوسٍ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَكُرْدُوسٌ ثِقَةٌ.

15630 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ

ص: 298

كَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ مَوْلَى زُهْرَةَ، يُكْنَى: عَبْدَ اللَّهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ مُنْصَرَفَ عَلِيٍّ رضي الله عنه مَنْ صِفِّينَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ قُبِرَ فِي الْكُوفَةِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ إِسْلَامُ خَبَّابٍ بِمَكَّةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15631 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا: خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ جُزَيْمَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15632 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهَبٍ قَالَ: سِرْنَا مَعَهُ - يَعْنِي مَعَ عَلِيٍّ - حِينَ رَجَعَ مِنْ صِفِّينَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَابِ الْكُوفَةِ إِذْ نَحْنُ بِقُبُورِ سَبْعَةٍ عَنْ أَيْمَانِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا هَذِهِ الْقُبُورُ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ تُوُفِّيَ بَعْدَ مَخْرَجِكَ إِلَى صِفِّينَ، وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي ظَهْرِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ فِي أَقْبِيَتِهِمْ وَعَلَى أَبْوَابِ دُورِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا خَبَّابًا أَوْصَى بِالظَّهْرِ دَفَنَ النَّاسُ، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: رَحِمَ اللَّهُ خَبَّابًا ; لَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِبًا، وَهَاجَرَ طَائِعًا، وَعَاشَ مُجَاهِدًا، وَابْتُلِيَ فِي جِسْمِهِ أَحْوَالًا، وَلَنْ يُضَيِّعَ اللَّهُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، ثُمَّ دَنَا مِنَ الْقُبُورِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ فَارِطٌ، وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ عَمَّا قَلِيلٍ لَاحِقٌ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ وَتَجَاوَزْ عَنَّا وَعَنْهُمْ، طُوبَى لِمَنْ أَرَادَ الْمَعَادَ، وَعَمِلَ لِلْحُسْنَى، وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَنِ اللَّهِ عز وجل.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

‌[بَابُ فَضْلِ بِلَالٍ الْمُؤَذِّنِ رضي الله عنه

-]

15633 -

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا حِسٌّ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِلَالٌ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15634 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيْ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الْخَشْفَةُ؟ قَالَ: بِلَالٌ يَمْشِي أَمَامَكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، وَأَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ فِيمَا اجْتَمَعَ مِنَ الْفَضْلِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَغَيْرِهِمَا، وَرِجَالُ الصَّغِيرِ ثِقَاتٌ.

15635 -

وَعَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا أُسْرِيَ بِي فِي الْجَنَّةِ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الْخَشْخَشَةُ؟ قَالَ: هَذَا بِلَالٌ» .

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْتَ أُمَّ بِلَالٍ وَلَدَتْنِي، وَأَبُو بِلَالٍ، وَأَنَا مِثْلُ بِلَالٍ.

ص: 299

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15636 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نِعْمَ الْمَرْءُ بِلَالٌ، وَهُوَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَالْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ حُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15637 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَسَمِعَ وَجْسًا، فَقَالَ: " يَا جِبْرِيلُ، مِنْ هَذَا؟ ". قَالَ: هَذَا بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنَّاسِ حِينَ جَاءَ: " قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ، رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ قَابُوسٍ وَقَدْ وُثِّقَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.

15638 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَشَّرْتُ بِلَالًا، فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، بِمَا تُبَشِّرُنِي؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَجِيءُ بِلَالٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نَاقَةٍ، رِجْلُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَزِمَامُهَا مَنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ، مَعَهُ لِوَاءٌ يَتْبَعُهُ الْمُؤَذِّنُونَ، فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ حَتَّى إِنَّهُ لَيَدْخُلُ مَنْ أَذَّنَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تبارك وتعالى» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15639 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَثَلُ بِلَالٍ مَثَلُ النَّحْلَةِ ; غَدَتْ تَأْكُلُ مِنَ الْحُلْوِ وَالْمُرِّ، ثُمَّ هُوَ حُلْوٌ كُلُّهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15640 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ بِلَالٌ - مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ - وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَرِبُ أَبِي بَكْرٍ بِدِمَشْقَ فِي الطَّاعُونِ، وَدُفَنَ عِنْدَ بَابِ الصَّغِيرِ، وَيُكْنَى: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: يُكْنَى أَبَا عَمْرٍو فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَهُوَ مِنْ مُولَدِي السَّوَادِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ فَضْلِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رضي الله عنه

-]

15641 -

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ - فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ -: سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15642 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَيْتُ عَلَى سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَهُوَ مُحْتَبٍ بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ، فَأَخَذْتُ سَيْفِي فَاحْتَبَيْتُ بِحَمَائِلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَّا كَانَ مَفْزَعُكُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ ". قَالَ: " أَلَا فَعَلْتُمْ كَمَا فَعَلَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ الْمُؤْمِنَانِ؟» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15643 -

وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَهُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15644 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ.

رَوَاهُ

ص: 300

الطَّبَرَانِيُّ هَكَذَا فِي تَرْجَمَةِ سَالِمٍ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ فَضْلِ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ رضي الله عنه

-]

15645 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، هَاجَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ بَدْرِيٌّ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ.

15646 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «كَلَّمَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ بِشَيْءٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَهْلًا يَا طَلْحَةُ، إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا كَمَا شَهِدْتَهُ، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِمَوَالِيهِمْ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ مُصْعَبُ بْنُ مُصْعَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ فَضْلِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه

-]

15647 -

قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ بَنِي عَدِيٍّ، وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15648 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: مَنْ نَسَبَهُ إِلَى عِتْرِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ كَعَّبِ بْنِ عُمَيْرَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ عَدْنَانَ، وَيُقَالُ: طَاهِرُ بْنُ رَبِيعَةَ مِنْ الْيَمَنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15649 -

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: ابْنُ رَبِيعَةَ مِنْ الْيَمَنِ، وَيَقُولُ مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْيَمَنِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُكَّةَ بْنِ مَذْحِجٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15650 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15651 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ حِينَ نَشَبَ النَّاسُ فِي الْفِتْنَةِ، فَأُرِيَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: قُمْ فَسَلِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكَ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي أَعَاذَ مِنْهَا صَالِحَ عِبَادِهِ، فَقَامَ فَصَلَّى فَاشْتَكَى فَمَا خَرَجَ إِلَّا جِنَازَتُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ فَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه

-]

15652 -

«عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: أَلَا تَدْعُو اللَّهَ؟ فَخَلَوْا فِي نَاحِيَةٍ، فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِذَا لَقِيتُ الْعَدُوَّ فَلَقِّنِي رَجُلًا شَدِيدًا بَأْسُهُ، شَدِيدًا حَرْدُهُ، أُقَاتِلُهُ وَيُقَاتِلُنِي فِيكَ، ثُمَّ ارْزُقْنِي الظَّفَرَ عَلَيْهِ حَتَّى أَقْتُلَهُ وَآخُذَ سَلْبَهُ. فَأَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي رَجُلًا شَدِيدًا حَرْدُهُ، شَدِيدًا بَأْسُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِيَ وَأُذُنِيَ، فَإِذَا لَقِيتُكَ غَدًا قُلْتَ: مَنْ جَدَعَ أَنْفَكَ وَأُذُنَكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم فَتَقُولُ: صَدَقْتَ قَالَ سَعْدٌ: يَا بُنَيَّ، كَانَتْ دَعْوَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ خَيْرًا مِنْ دَعْوَتِي، لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ، وَإِنَّ أَنْفَهُ وَأُذُنَهُ لَمُعَلَّقَانِ

ص: 301

فِي خَيْطٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ فَضْلِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رضي الله عنه

-]

15653 -

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ لَمَّا قُبِرَ قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ: طِبْ أَبَا السَّائِبِ نَفْسًا ; إِنَّكَ فِي الْجَنَّةِ. فَسَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَنْ هَذِهِ؟ ". قَالَتْ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: " وَمَا يُدْرِيكِ؟ ". قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ! قَالَ: " أَجَلْ، مَا رَأَيْنَا إِلَّا خَيْرًا، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15654 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ قَالَتِ امْرَأَتُهُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَظْرَةَ غَضْبَانَ، وَقَالَ: " وَمَا يُدْرِيكِ؟ ". قَالَتْ: فَارِسُكَ وَصَاحِبُكَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ". فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِعُثْمَانَ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ، فَلَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْحَقِي بِسَلَفِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15655 -

وَعَنِ الْأُسُودِ بْنِ سَرِيعٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَشْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْحِقْ بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ: عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15656 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا مَاتَ مَيِّتٌ قَالَ: " قَدِّمُوهُ عَلَى فَرَطِنَا، نِعْمَ الْفَرَطُ لِأُمَّتَيْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ، وَإِسْنَادُ الْكَبِيرِ ضَعِيفٌ، وَفِي إِسْنَادِ الْأَوْسَطِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15657 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْحَقِي بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ: عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15658 -

وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ مَظْعُونٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى خَدِّهِ بَعْدَمَا مَاتَ، وَلَا نَعْلَمُ قَبَّلَ أَحَدًا غَيْرَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَفَّانَ الْحَاطِبِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15659 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ يَوْمَ مَاتَ، فَأَحْنَى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ يُوصِيهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَوْا فِي عَيْنَيْهِ أَثَرَ الْبُكَاءِ. ثُمَّ أَحَنَى عَلَيْهِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَوْهُ يَبْكِي. ثُمَّ أَحَنَى عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَهُ شَهِيقٌ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَبَكَى الْقَوْمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَهْ، إِنَّمَا

ص: 302

هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ ; فَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ". ثُمَّ قَالَ: " أَذْهِبْ عَنْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَلَقَدْ خَرَجْتَ وَلَمْ تَتَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مِقْلَاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ إِسْلَامِهِ فِي التَّفْسِيرِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ.

‌[بَابُ فَضْلِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ رضي الله عنه

-]

15660 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَذْكُرُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ غَزْوَهُمْ، فَدُلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا الْكِتَابُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَأَخَذَ كِتَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا. فَقَالَ: " يَا حَاطِبُ، أَفَعَلْتَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ، أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا نِفَاقًا، قَدْ عَلِمْتُ: أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرُ رَسُولِهِ وَمُتِمُّ لَهُ أَمْرَهُ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَكَانَتْ وَالِدَتِي مَعَهُمْ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَهَا عِنْدَهُمْ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا؟ فَقَالَ: " تَقْتُلُ رَجُلًا مَنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَأَحْمَدُ أَتَمُّ مِنْهُ، وَقَالَ فِيهِ: غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ عَزِيزًا بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ. وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15661 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ كَتَبْتَ هَذَا الْكِتَابِ؟ ". قَالَ: نَعَمْ، أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَغَيَّرَ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِي، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا وَلَهُ جَذَمٌ وَأَهْلُ بَيْتٍ يَمْنَعُونَ لَهُ أَهْلَهُ، وَكَتَبْتُ كِتَابًا رَجَوْتُ أَنْ يَمْنَعَ اللَّهُ بِذَلِكَ أَهْلِيَ، فَقَالَ عُمَرُ رحمه الله: ائْذَنْ لِي فِيهِ قَالَ: " أَوَ كُنْتَ قَاتِلَهُ؟ ". قَالَ: نَعَمْ: أَنْ أَذِنْتَ لِي قَالَ: " وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ قَدِ اطَّلَعَ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ "» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15662 -

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ كِتَابًا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ عز وجل نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ فِي أَثَرِ الْكِتَابِ، فَأَدْرَكَا الْمَرْأَةَ عَلَى بَعِيرٍ، فَاسْتَخْرَجَاهُ مِنْ قُرُونِهَا، فَأَتَيَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُرِئَ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ فَقَالَ:" يَا حَاطِبُ، أَنْتَ كَتَبْتَ هَذَا [الْكِتَابَ]؟ ". قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَنَاصِحٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلَكِنِّي كُنْتُ غَرِيبًا فِي أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَهْلِي بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَخَشِيتُ عَلَيْهِمْ، فَكَتَبْتُ كِتَابًا لَا يَضُرُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ شَيْئًا، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَنْفَعَةً لِأَهْلِي، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْكِنِّي مِنْ حَاطِبٍ ; فَإِنَّهُ قَدْ

ص: 303

كَفَرَ فَأَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي الْكَبِيرِ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15663 -

«وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ أَنَّهُ حَدَّثَ: أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ كِتَابًا وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ: " انْطَلِقَا حَتَّى تُدْرِكَا امْرَأَةً مَعَهَا كِتَابٌ، وَائْتِيَانِي بِهِ ". فَانْطَلَقَا حَتَّى لَقِيَاهَا، فَقَالَا: أَعْطِينَا الْكِتَابَ الَّذِي مَعَكِ، وَأَخْبَرَاهَا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُنْصَرِفَيْنِ حَتَّى يَنْزِعَا كُلَّ ثَوْبٍ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَلَسْتُمَا رَجُلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ؟ قَالَا: بَلَى، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا: أَنَّ مَعَكِ كِتَابًا، فَلَمَّا أَيْقَنَتْ أَنَّهَا غَيْرُ مُنْفَلِتَةٍ مِنْهُمَا حَلَّتِ الْكِتَابَ مِنْ رَأْسِهَا فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِمَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاطِبًا حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَقَالَ: " أَتَعْرِفَ هَذَا الْكِتَابَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ ". قَالَ: هُنَاكَ وَلَدِي وَقَرَابَتِي، وَكُنْتُ امْرَأً غَرِيبًا فِيكُمْ مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، فَقَالَ عُمَرُ: ائْذَنْ لِي فِي قَتْلِ حَاطِبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَإِنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنِّي غَافِرٌ لَكُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15664 -

وَعَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ قَالَتْ: «جَاءَ غُلَامُ حَاطِبٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ حَاطِبٌ الْجَنَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَذَبْتَ ; قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ» .

قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ غَيْرُ هَذَا فِي الصَّحِيحِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ فَضْلِ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيِّ رضي الله عنه

-]

15665 -

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ بِالْمَوْسِمِ، فَمَرَّتْ عَلَيَّ أُمَّتِي فَأُرِيتُهُمْ، فَأَعْجَبَنِي كَثْرَتُهُمْ قَدْ مَلَئُوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ قَالَ: أَرَضِيتَ يَا مُحَمَّدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ; هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ". فَقَامَ عُكَّاشَةُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ: " سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ "» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى

ص: 304

كَذَلِكَ وَرِجَلُهُمَا فِي الْمُطَوَّلِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَيَأْتِي الْمُطَوَّلُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ فِيمَنْ يَدْخُلُهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ.

‌[بَابٌ فِي أَيْمَنَ رضي الله عنه

-]

15666 -

عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: «كَانَ أَيْمَنُ عَلَى مَطْهَرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَثَعْلَبَةُ يُعَاطِيهِ حَاجَتَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ زَكَرِيَّا، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15667 -

وَبِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ سَعْدٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ أَيْمَنَ وَهُوَ فَارٌّ مِنَ الْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَرَاهِيَةَ. قَالَ سَعْدٌ: مَا رَأَيْتُ خُطْبَةً أَبْعَدَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، ثُمَّ إِنَّهُمُ احْتَضَرُوا الْقِتَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ سَعْدٌ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَيْمَنَ أَعَنَتَ الْقَوْمَ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَيْمَنَ: لَقَدْ حُدِّثْتُ أَنَّكَ [لَا] تَقُومُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ جُبْنًا، فَقَالَ: إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَقُومَ مَقَامًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّكَ لِخَلِيقٌ أَنْ تَفْعَلَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ.

‌[بَابُ فَضْلِ صُهَيْبٍ وَغَيْرِهِ رضي الله عنه

-]

15668 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السُّبَّاقُ أَرْبَعَةٌ: أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ، وَبِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عُمَارَةِ بْنِ زَاذَانَ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَفِيهِ خِلَافٌ.

15669 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَبِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ إِلَى الْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15670 -

وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السُّبَّاقُ أَرْبَعَةٌ: أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَبِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ فَائِدٌ الْعَطَّارُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ طُرُقٍ فِي فَضْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

15671 -

«وَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15672 -

وَعَنْ عِكْرِمَةَ - مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ -: أَنْ صُهَيْبًا افْتَدَى مِنْ أَهْلِهِ بِنِصْفِ مَالِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مُهَاجِرًا فَأَدْرَكُوهُ بِالطَّرِيقِ، فَخَرَجَ عَمَّا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15673 -

وَعَنْ صُهَيْبٍ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مَرَّ بِأَسِيرٍ لَهُ يَسْتَأْمِنُ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصُهَيْبٌ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ

ص: 305

فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: أَسِيرٌ لِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَسْتَأْمِنُ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ صُهَيْبٌ: لَقَدْ كَانَ فِي عُنُقِ هَذَا مَوْضِعٌ لِلسَّيْفِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" فَلَعَلَّكَ آذَيْتَهُ؟ ". فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، فَقَالَ: " لَوْ آذَيْتَهُ لَآذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15674 -

وَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: «لَمْ يَشْهَدْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَشْهَدًا قَطُّ إِلَّا كُنْتُ حَاضِرَهُ، وَلَا غَزَا غَزْوَةً قَطُّ أَوَّلَ الْأَمْرِ وَآخِرَهُ إِلَّا كُنْتُ فِيهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، وَلَمْ يُبَايِعْ بَيْعَةً قَطُّ إِلَّا كُنْتُ حَاضِرَهَا، وَلَمْ يُسَيِّرْ سَرِيَّةً قَطُّ إِلَّا كُنْتُ حَاضِرَهَا، وَمَا خَافُوا أَمَامَهُمْ قَطُّ إِلَّا كُنْتُ أَمَامَهُمْ، وَلَا مَا وَرَاءَهُمْ إِلَّا كُنْتُ وَرَاءَهُمْ، وَمَا جَعَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَ الْعَدُوِّ قَطُّ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15675 -

وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ رضي الله عنه أَمَرَ صُهَيْبًا - مَوْلَى بَنِي جُدْعَانَ -: أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ فَضْلِ الْمِقْدَادِ رضي الله عنه

-]

15676 -

عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ أَبُو عَمْرٍو.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15677 -

(وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ثُمَامَةَ بْنِ مَطْرُودِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ [بْنِ زُهَيْرِ] بْنِ ثَوْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ هَزْلِ بْنِ قَابِسِ بْنِ رُوَيْمِ بْنِ الْقَيْنِ بْنِ الْهُونِ بْنِ بَهْزِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَافِّ بْنِ قُضَاعَةَ. وَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَى الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ; لِأَنَّهُ تَبَنَّاهُ وَحَالَفَهُ. وَكَانَ أَبْطَنَ آدَمَ، يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، أَقْنَى، طَوِيلَ الْأَنْفِ. مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه) ..

15678 -

وَعَنْ عُثْمَانَ، وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: مِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَمْرِو بَدْرِيٌّ، يُكْنَى أَبَا مَعْبَدٍ، وَقِيلَ: أَبَا عَمْرٍو حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ] وَهُوَ مُهَاجِرِيٌّ أَوَّلِيٌّ بَدْرِيٌّ رحمه الله.

15679 -

وَعَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: «رَأَيْتُ الْمِقْدَادَ رضي الله عنه وَكَانَ ضَخْمًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15680 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «كَانَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ مِنْ كِنْدَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15681 -

وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ صَهْبَانَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ صَاحِبًا لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ بَهْزٍ فَأَصَابَ فِيهِمْ دَمًا، فَهَرَبَ إِلَى كِنْدَةَ فَحَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَصَابَ فِيهِمْ دَمًا فَهَرَبَ إِلَى مَكَّةَ، فَحَالَفَ الْأَسْوَدَ بْنَ

ص: 306

عَبْدِ يَغُوثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ حَسَنٌ.

15682 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى أَرْبَعَةٍ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ ذِكْرِ الْمِقْدَادِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ وَعِمْرَانُ بْنُ وَهْبٍ اخْتُلِفَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15683 -

وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " [يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ] دَعُونِي ". فَانْطَلَقَ بِالْهَدْيِ فَنَحَرَهُ - أَوْ كَمَا قَالَ - فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَكُونُ كَالْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ قَالُوا لِمُوسَى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَنَحَرَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ بَدَنَةً» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15684 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ بِالْجَرْفِ، وَحَمَلَهُ الرِّجَالُ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى رِقَابِهِمْ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه وَيُكْنَى أَبَا مَعْبَدٍ، وَسِنُّهُ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ رضي الله عنه

-]

تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ: أَنَّهُ فِيمَنْ شَهِدَهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

15685 -

عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ يُكْنَى: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَبُو غَزْوَانَ، وَكَانَ طَوِيلًا جَمِيلًا، مَاتَ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْبَصْرَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَدُفِنَ فِي بَعْضِ الْمِيَاهِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15686 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ بِطَرِيقِ الْبَصْرَةِ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَسِنُّهُ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَهُوَ الَّذِي مَصَّرَ الْبَصْرَةَ، وَاخْتَطَّ بِهَا الْمَنَازِلَ، وَبَنَى مَسْجِدَهَا، وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ الْأُبُلَّةَ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ الْبَصْرَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَّاهُ إِيَّاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه

-]

ص: 307

37 -

89 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه)

15687 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ، ثُمَّ الْأَشْهَلِيُّ، بَدْرِيٌّ أُحَدِيٌّ، يُكْنَى أَبَا عَمْرٍو، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَسَانِيدِهِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ.

15688 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا سَيِّدُكُمْ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15689 -

وَعَنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: ثَلَاثٌ أَنَا عَمَّا سِوَاهُنَّ ضَعِيفٌ: مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا إِلَّا عَلِمْتُ أَنَّهُ حَقٌّ، وَلَا صَلَّيْتُ صَلَاةً فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِغَيْرِهَا حَتَّى أَنْفَتِلَ عَنْهَا، وَلَا تَبِعْتُ جِنَازَةً، فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِغَيْرِ مَا إِيَّاهُ قَائِلُهُ وَيُقَالُ لَهَا.

15690 -

وَفِي رِوَايَةٍ: وَلَا حَضَرْتُ مَيِّتًا إِلَّا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِمَا يَقُولُ وَيُقَالُ لَهُ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلًا، وَالْآخَرُ عَنِ الْمَاجِشُونِ مُنْقَطِعًا، وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15691 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ نَزَلَ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مَا وَطِئُوا الْأَرْضَ قَبْلَهَا ".

وَقَالَ حِينَ دُفِنَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ! لَوِ انْفَلَتَ أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لَانْفَلَتَ مِنْهَا سَعَدٌ "».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15692 -

وَعَنْ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «:" اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ "».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15693 -

«وَعَنْ رُمَيْثَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أُقَبِّلَ الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ قُرْبِي مِنْهُ لَقَبَّلْتُ - وَهُوَ يَقُولُ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَوْمَ مَاتَ: " اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ شَيْخِهِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15694 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدِمْنَا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَتُلُقِّينَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَانَ غِلْمَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ تَلَقَّوْا أَهْلِيهِمْ، فَلَقُوا أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ فَنَعَوْا لَهُ امْرَأَتَهُ فَتَقَنَّعَ وَجَعَلَ يَبْكِي، فَقُلْتُ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكَ مِنَ السَّابِقَةِ وَالْقِدَمِ مَا لَكَ، تَبْكِي عَلَى امْرَأَةٍ؟ فَكَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ وَقَالَ: صَدَقْتِ لَعَمْرِي حَقِّي: أَنْ لَا أَبْكِي عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ. قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: مَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: " لَقَدِ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِوَفَاةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ". قَالَتْ: وَهُوَ يَسِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

هَكَذَا

ص: 308

رَوَاهُ أَحْمَدُ.

15695 -

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ نَزَلَ ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الصِّبْيَانُ فَيُخْبِرُونَهُمْ عَنْ أَهْلِيهِمْ، فَأُخْبِرَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ بِمَوْتِ امْرَأَتِهِ فَبَكَى، فَقِيلَ لَهُ: أَتَبْكِي؟ فَقَالَ: وَمَا لِي لَا أَبْكِي وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ الْعَرْشَ اهْتَزَّتْ أَعْوَادُهُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» . وَأَسَانِيدُهَا كُلُّهَا حَسَنَةٌ.

15696 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ قَالَتْ: «لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لِيَرْقَأْ دَمْعُكِ، وَيَذْهَبْ حُزْنُكِ ; فَإِنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ لَهُ، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ» .

رَوَاهُ [أَحْمَدُ] الطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ قَالَتْ: «لَمَّا أُخْرِجَ بِجِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لِيَرْقَأْ دَمْعُكِ، وَيَذْهَبْ حُزْنُكِ» . وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15697 -

وَعَنْ مُعَيْقِيبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: يَغْرُبُ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15698 -

وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَاصٍ - قَالَ: «مَرَّتْ جِنَازَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدِ اهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَوُثِّقَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارُ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15699 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَبَكَى عُمَرُ رضي الله عنهما حَتَّى عُرِفَ بُكَاءُ أَبِي بَكْرٍ، مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ، وَبُكَاءُ عُمَرَ مِنْ بُكَاءِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْكِي؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15700 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَدُمُوعُهُ تُحَادِرُ عَلَى لِحْيَتِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَهْلٌ أَبُو حُرَيْزٍ ضَعِيفٌ.

15701 -

وَعَنْ عُطَارِدٍ: أَنَّهُ «أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوْبُ دِيبَاجٍ كَسَاهُ إِيَّاهُ كِسْرَى، فَدَخَلَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ مِنَ السَّمَاءِ؟ فَقَالَ: " وَمَا تَعْجَبُونَ مِنْ ذَا؟ لَمِنْدِيلٌ مِنْ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا ". ثُمَّ قَالَ: " يَا غُلَامُ، اذْهَبْ بِهِ إِلَى أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ وَقُلْ لَهُ يَبْعَثُ إِلَيَّ بِالْخَمِيصَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

ص: 309

عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15702 -

وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنْ أُكَيْدِرَ الدَّوْمَةِ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جُبَّةَ سُنْدُسٍ، فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ: " أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذِهِ! فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا ". ثُمَّ أَهْدَاهَا إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَكْرَهُهَا وَأَلْبَسُهَا! قَالَ: " يَا عُمَرُ، إِنَّمَا أَرْسَلْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتَبْعَثَهَا وَجْهًا فَتُصِيبَ بِهَا مَالًا» . وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ. قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ بَعَثَهَا إِلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15703 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَعْتَدُّ عَلَيْهِمْ فَضْلًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا: أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

[بَابُ فَضْلِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ رضي الله عنه]

15704 -

عَنْ أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ: أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فَأَلْقَى لَهَا ثَوْبًا حَتَّى جَلَسَتْ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ بِنْتُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَمِنْكَ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ قُبِضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ] وَبَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه]

15705 -

قَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ: أَنَّهُ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَهُوَ نَقِيبٌ بَدْرِيٌّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ.

15706 -

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ مَنْ أَفَاضِلِ النَّاسِ، وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ أَكُونُ فِيمَا أَكُونُ عَلَى حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ ثَلَاثَةٍ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَا شَكَكْتُ فِي ذَلِكَ حِينَ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَحِينَ أَسْمَعُهُ يَقْرَأُ، وَإِذَا سَمِعْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِذَا شَهِدْتُ جِنَازَةً، وَمَا شَهِدْتُ جِنَازَةً قَطُّ فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِسِوَى مَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهَا، وَمَا هِيَ صَائِرَةٌ إِلَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا. وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثٌ فِي فَضْلِهِ فِي آخِرِ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.

15707 -

(وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ - وَيُكْنَى: أَبَا يَحْيَى - سَنَةَ عِشْرِينَ، وَحَمَلَهُ عُمَرُ بَيْنَ أَعْوَادِ السَّرِيرِ حَتَّى وَضَعَهُ بِالْبَقِيعِ

ص: 310

وَصَلَّى عَلَيْهِ رضي الله عنه)

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرُوِيَ عَنِ الْوَاقِدِيِّ بَعْضُهُ، وَإِسْنَادُهُمَا مُنْقَطِعٌ.

‌[بَابُ فَضْلِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه

-]

قَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا.

15708 -

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا فَبَصَقَ عَنْ يَمِينِهِ - أَوْ أَرَادَ: أَنْ يَبْصُقَ عَنْ يَمِينِهِ - فَقَالَ: مَا بَصَقْتُ عَنْ يَمِينِي مُنْذُ أَسْلَمْتُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15709 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ مُعَاذًا كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ، حَنِيفًا مُسْلِمًا، وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ: لَمْ أَنْسَ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْأُمَّةُ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ. قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الْقَانِتُ؟ قَالُوا: لَا قَالَ: الْمُطِيعُ لِلَّهِ عز وجل.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حَجَّاجِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15710 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15711 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ إِمَامُ الْعُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَزْهَرَ الْأَنْصَارِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15712 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكَ يَقُولُ: مَاتَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَقَائِلٌ يَقُولُ: ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مُعَاذٌ إِمَامُ الْعُلَمَاءِ بِرِتْوَةٍ» ". قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: الرِّتْوَةُ: الْمَنْزِلَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ.

15713 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانَ عَشْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

15714 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قُبِضَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15715 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَالَّذِي يَرْفَعُ فِي نَسَبِهِ يَقُولُ: اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه

-]

15716 -

قُلْتُ: قَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ: أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا.

15717 -

عَنْ أَبِي حَبَّةَ الْبَدْرِيِّ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ

ص: 311

{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: 1] إِلَى آخِرِهَا قَالَ جِبْرِيلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَيٍّ:": إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ هَذِهِ السُّورَةَ ". قَالَ: إِنِّي قَدْ ذُكِرْتُ ثَمَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: فَبَكَى أُبَيٌّ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15718 -

وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنِّي أُمِرْتُ: أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ". فَقَالَ: بِاللَّهِ آمَنْتُ، وَعَلَى يَدَيْكَ أَسْلَمْتُ، وَمِنْكَ تَعَلَّمْتُ قَالَ: فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَوْلَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَذُكِرْتُ هُنَاكَ؟ قَالَ:" نَعَمْ بِاسْمِكَ وَنَسَبِكَ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى ". قَالَ: فَاقْرَأْ إِذًا يَا رَسُولَ اللَّهِ».

15719 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: إِنِّي عَرَضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ، فَقَالَ:" «أَمَرَنِي جِبْرِيلُ: أَنَّ أَعْرِضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ» ".

15720 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ أُبَيٌّ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ: أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ» . قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى وُثِّقُوا.

15721 -

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَضْلِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ» ".

15722 -

وَعَنْ عَامِرِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَكَانَ جَارِيَةُ بْنُ مَجْمَعٍ قَدْ قَرَأَهُ إِلَّا سُورَةً أَوْ سُورَتَيْنِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15723 -

وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ الْقَضَاءِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةً: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأُبَيٌّ وَزَيْدٌ، وَأَبُو مُوسَى» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15724 -

وَعَنْ عُتَيٍّ السَّعْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ مَا خَضَّبَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15725 -

وَعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: كَانَتْ فِي أُبَيٍّ بَشَاشَةُ شَرَابِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ كُنَاسَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ.

15726 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ [وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه] وَقَائِلٌ يَقُولُ: سَنَةَ ثَلَاثِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ.

15727 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه يُكَنَّى أَبَا الْمُنْذِرِ بِالْمَدِينَةِ سَنَة ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ مِنِ ابْنِ نُمَيْرٍ.

[بَابُ فَضْلِ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه]

15728 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ أَشُدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ فِئَةٍ» ".

15729 -

وَفِي رِوَايَةٍ: " «لَصَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15730 -

وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَرَأَ سُورَةَ بَرَاءَةَ، فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] فَقَالَ: أَلَّا أَرَى رَبِّي يَسْتَنْفِرُنِي [شَابًّا وَشَيْخًا جَهَّزُونِي، فَقَالَ لَهُ بَنُوهُ: قَدْ غَزَوْتَ مَعَ

ص: 312

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قُبِضَ، وَغَزَوْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ، وَغَزَوْتُ مَعَ عُمَرَ فَنَحْنُ نَغْزُوا عَنْكَ. فَقَالَ: جَهِّزُونِي، فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَمَاتَ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ جَزِيرَةً يَدْفِنُونَهُ فِيهَا إِلَّا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15731 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ غَازِيًا فِي الْبَحْرِ، فَمَاتَ فِي السَّفِينَةِ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ مَكَانًا يَدْفِنُونَهُ فِيهِ، فَانْتَظَرُوا بِهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ حَتَّى وَجَدُوا لَهُ بَعْدَ سَبْعٍ مَكَانًا يَدْفِنُونَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا هُوَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15732 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو طَلْحَةَ: زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنهما وَسِنُّهُ سَبْعُونَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ.

15733 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ،، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا طَلْحَةَ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ مِنِ ابْنِ نُمَيْرٍ.

‌[بَابُ فَضْلِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه

-]

15734 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَهُوَ الَّذِي مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَعَ جِبْرِيلَ عِنْدَ الْمَقَاعِدِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15735 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ - فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا -: حَارِثَةُ بْنُ نُعْمَانِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غُنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

15736 -

وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، كَذَاكُمُ الْبِرُّ، كَذَاكُمُ الْبِرُّ» "[وَكَانَ بَرًّا بِأُمِّهِ].

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15737 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: «أَنَّ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ جِبْرِيلُ جَالِسٌ فِي الْمَقَاعِدِ، فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَجَزْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ وَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ مَعِي؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " إِنَّهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15738 -

وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُنَاجِي جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم فَزَعَمَ أَبُو سَلَمَةَ أَنَّهُ تَجَنَّبَ أَنْ يَدْنُوَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخَوُّفًا أَنْ يَسْمَعَ

ص: 313

حَدِيثَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُسَلِّمَ إِذْ مَرَرْتَ بِي الْبَارِحَةَ»؟ ". قَالَ: رَأَيْتُكَ تُنَاجِي رَجُلًا فَخَشِيتُ أَنْ تَكْرَهَ أَنْ أَدْنُوَ مِنْكُمَا قَالَ: " «فَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ»؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: " «جِبْرِيلُ عليه السلام وَلَوْ سَلَّمْتَ لَرَدَّ السَّلَامَ» ". وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ غَيْرِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15739 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّ حَارِثَةَ بْنَ النُّعْمَانِ قَالَ: «مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ جِبْرِيلُ فِي جَالِسٌ الْمَقَاعِدِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَجَزْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ وَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ مَعِي؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " إِنَّهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15740 -

وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُنَاجِي جِبْرِيلَ عليه السلام فَزَعَمَ أَبُو سَلَمَةَ أَنَّهُ تَجَنَّبَ أَنْ يَدْنُوَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخَوُّفًا أَنْ يَسْمَعَ حَدِيثَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُسَلِّمَ إِذْ مَرَرْتَ بِيَ الْبَارِحَةَ» ". فَقَالَ: رَأَيْتُكَ تَنَاجِي رَجُلًا ; فَخَشِيتُ أَنْ تَكْرَهَ أَنْ أَدْنُوَ مِنْكُمَا قَالَ: " «فَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلِ؟» ". قَالَ: لَا. قَالَ: " «جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ سَلَّمْتَ لَرَدَّ السَّلَامَ» ". وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ غَيْرِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15741 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَرَّ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِيهِ، فَمَرَّ وَلَمْ يُسَلِّمْ، فَقَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: مَا مَنْعُهُ أَنْ يُسَلِّمَ؟ إِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مِنَ الثَّمَانِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَمَا الثَّمَانُونَ؟ ". قَالَ: يَفِرُّ النَّاسُ عَنْكَ غَيْرَ ثَمَانِينَ فَيَصْبِرُونَ مَعَكَ، رِزْقُهُمْ وَرِزْقُ أَوْلَادِهِمْ عَلَى اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ. فَلَمَّا رَجَعَ حَارِثَةُ سَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا سَلَّمْتَ حِينَ مَرَرْتَ؟ ". قَالَ: رَأَيْتُ مَعَكَ إِنْسَانًا فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ حَدِيثَكَ. قَالَ: " وَرَأَيْتُهُ؟ ". قَالَ: " ذَاكَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَالَ ". فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، رِجَالُهُ كُلُّهُمْ وُثِّقُوا وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

‌[بَابٌ فِي عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ رضي الله عنه

-]

15742 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَنْ سَيِّدُكُمْ؟ ". قَالُوا: جَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَإِنَّا لَنَبْخَلُهُ. قَالَ:" لَيْسَ سَيِّدَكُمْ، وَلَكِنَّ سَيِّدَكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَكَانَ سَخِيًّا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ أَبُو شَيْبَةَ: إِبْرَاهِيمُ

ص: 314

بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15743 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ؟ ". قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى أَنَّا نَبْخَلُهُ. قَالَ: بَلْ سَيِّدُكُمُ الْجَعْدُ الْأَبْيَضُ: عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ» "قَالَ: وَكَانَ بْنُ الْجَمُوحِ يُولِمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ إِذَا تَزَوَّجَ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَثَّقَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ.

15744 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَيِّدُكُمُ «يَا بَنِي سَلَمَةَ؟ ". قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى أَنَّا نَبْخَلُهُ قَالَ: " وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ! بَلْ سَيِّدَكُمْ الْجَعْدُ القَطِطُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ شَيْخِ الطَّبَرَانِيِّ.

15745 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا بَنِي سَلَمَةَ، مَنْ سَيِّدُكُمُ الْيَوْمَ؟ ". قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ وَلَكِنَّا نَبْخَلُهُ قَالَ: " وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ! وَلَكِنَّ سَيِّدَكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْمَكِّيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ نَحْوَ هَذَا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي الْبُخْلِ وَالسَّخَاءِ.

15746 -

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّهُ حَضَرَ ذَلِكَ قَالَ: «أَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أُقْتَلَ، أَمْشِي بِرِجْلِي هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ - وَكَانَتْ رِجْلُهُ عَرْجَاءَ -؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ ". فَقَتَلُوا يَوْمَ أُحُدٍ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ وَمَوْلًى لَهُمْ، فَمَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَمْشِي بِرِجْلِهِ هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ ". فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِمَا وَبِمَوْلَاهُمَا فَجُعِلُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ نَصْرٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ رضي الله عنه

-]

15747 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي عُبَيْدٍ؟ ". قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ الْقَيْسِ، عَلَى أَنَّ فِيهِ بُخْلًا. قَالَ: " فَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ؟! بَلْ سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15748 -

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ؟ ". قَالُوا: جَدُّ بْنُ قَيْسٍ، عَلَى أَنَّا نَزِنُهُ بِالْبُخْلِ، فَقَالَ:" وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ؟! ". قَالُوا: فَمَنْ سَيِّدُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ شَيْخَيِ الطَّبَرَانِيِّ وَلَمْ أَرَ مِنْ ضَعْفِهِمَا.

15749 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِيمَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَهُوَ [الَّذِي] أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشَّاةِ الَّتِي سُمَّ فِيهَا يَوْمَ خَيْبَرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ

ص: 315

مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. قُلْتُ: وَلَهُ طُرُقٌ ذَكَرْتُهَا فِي مَوَاضِعِهَا.

‌[بَابٌ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ رضي الله عنه

-]

15750 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «رَحِمَ اللَّهُ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، كَانَ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ أَنَاخَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15751 -

وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ: " اجْلِسُوا ". فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اجْلِسُوا ". فَجَلَسَ فِي بَنِي غُنْمٍ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَاكَ ابْنُ رَوَاحَةَ جَالِسٌ فِي بَنِي غُنْمٍ ; سَمِعَكَ وَأَنْتَ تَقُولُ لِلنَّاسِ: " اجْلِسُوا ". فَجَلَسَ فِي مَكَانِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَجْمَعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي الْيُسْرِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه

-]

15752 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ: أَبُو الْيُسْرِ: كَعْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غُنْمِ بْنِ [سَوَادُ بْنُ غُنْمِ بْنِ] كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

15753 -

وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ: كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ عَشِيَّةً، إِذْ أَقْبَلَتْ غَنَمٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ تُرِيدُ حِصْنَهُمْ وَنَحْنُ مُحَاصِرُوهُمْ، إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «مَنْ [رَجُلٍ] يُطْعِمُنَا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ»؟ ". قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " «فَافْعَلْ» ". قَالَ: فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ مِثْلَ الظَّلِيمِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا قَالَ:" «اللَّهُمَّ أَمْتِعْنَا بِهِ» ". قَالَ: فَأَدْرَكْتُ الْغَنَمَ وَقَدْ دَخَلَ أَوَائِلُهَا الْحِصْنَ، فَأَخَذْتُ شَاتَيْنِ مِنْ أُخْرَاهَا فَاحْتَضَنْتُهُمَا تَحْتَ يَدَيَّ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ بِهِمَا أَشْتَدُّ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعِي شَيْءٌ، حَتَّى أَلْقَيْتُهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَبَحُوهُمَا وَأَكَلُوهُمَا.

فَكَانَ أَبُو الْيُسْرِ مِنْ آخَرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلَاكًا، فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: أُمْتِعُوا بِي لَعَمْرِي حَتَّى كُنْتُ آخِرَهُمْ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ بَعْضِ رِجَالِ بَنِي سَلَمَةَ عَنْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15754 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو الْيُسْرِ: كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15755 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو الْيُسْرِ: كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ بِالْمَدِينَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه

-]

ص: 316

37 -

100 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه)

15756 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَمَرَ أَبِي بِحَرِيرَةٍ فَصَنَعْتُ، ثُمَّ أَمَرَنِي فَحَمَلْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي:" «مَا هَذَا يَا جَابِرُ، أَلَحَمٌ ذَا؟» ". قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِحَرِيرَةٍ فَصَنَعْتُهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَحَمَلْتُهَا. قَالَ:" ضَعْهَا ". فَأَتَيْتُ أَبِي، فَقَالَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: قَالَ لِي: " «مَا هَذَا يَا جَابِرُ؟ أَلَحْمٌ؟» ". قَالَ أَبِي: أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَحْسَبُ - يَشْتَهِي اللَّحْمَ. فَقَامَ إِلَى دَاجِنٍ فَذَبَحَهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَشُوِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَتَيْتُ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «جَزَاكُمُ اللَّهُ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ خَيْرًا، وَلَا سِيَّمَا آلَ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15757 -

وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِجَابِرٍ: " «أَلَا أُبَشِّرُكَ يَا جَابِرُ؟ ". قَالَ: [بَلَى] يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالْخَيْرِ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ فَأَقْعَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: تَمَنَّ عَلَيَّ مَا شِئْتَ أُعْطِيكَهُ قَالَ: يَا رَبِّ، مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، أَتَمَنَّى عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقَاتِلَ مَعَ نَبِيِّكَ فَأُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ: قَدْ سَلَفَ مِنِّي إِنَّكَ إِلَيْهَا لَا تَرْجِعُ» ". قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ الْفَيْضِ بْنِ وَثِيقٍ، عَنْ أَبِي عُبَادَةَ الزُّرَقِيِّ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ.

15758 -

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتُشْهِدَ أَبِي وَعَمِّي وَعَلَى أَبِي دَيْنٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " «يَا جَابِرُ، أَلَا أُبَشِّرُكَ بِبِشَارَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى أَحْيَا أَبَاكَ وَعَمَّكَ فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا، وَسَأَلَا رَبَّهُمَا أَنْ يَرُدَّهُمَا إِلَى الدُّنْيَا، فَقَالَ: أَبَعْدَ مَا قَضَيْتُ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ؟!» . قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ خَالِيًا عَنْ ذِكْرِ عَمِّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُوَ كَذَّابٌ.

‌[بَابٌ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ رضي الله عنه

-]

15759 -

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، قَامَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَلَّ عَلَى أَبِيهِ السَّيْفَ وَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَلَّا أُغْمِدَهُ حَتَّى تَقُولَ: مُحَمَّدٌ الْأَعَزُّ

ص: 317

وَأَنَا الْأَذَلُّ قَالَ: وَيْلَكَ! مُحَمَّدٌ الْأَعَزُّ وَأَنَا الْأَذَلُّ! فَبَلَغَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْجَبَهُ وَشَكَرَهَا لَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15760 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: أَنَّهُ «اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْتُلَ أَبَاهُ قَالَ: " لَا تَقْتُلْ أَبَاكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ.

15761 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَهُوَ فِي ظِلِّ أُطُمٍ، فَقَالَ: غَبَّرَ عَلَيْنَا ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، فَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَئِنْ شِئْتَ لَأَتَيْتُكَ بِرَأْسِهِ، فَقَالَ: " لَا. وَلَكِنْ بِرَّ أَبَاكَ، وَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه

-]

15762 -

عَنْ شُبَابٍ قَالَ: عُمَارَةُ بْنُ حَزْمِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَأُمُّهُ أُمُّ إِخْوَتِهِ عَمْرٍو وَمَعْمَرٍ، بَنُو حَزْمٍ: خَالِدَةُ بِنْتُ أَنَسِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ وَهْبِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ سَاعِدَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15763 -

وَعَنْ شُبَابٍ أَيْضًا قَالَ: شَهِدَ عُمَارَةُ بْنُ حَزَمٍ الْعَقَبَةَ، وَبَدْرًا، وَأُحُدًا، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15764 -

وَعَنْ عُرْوَةَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ: عِمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15765 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: عُمَارَةُ بْنُ حَزْمِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ غُنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ وُثِّقُوا، وَنَسَبُهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ.

‌[بَابٌ فِي قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه

-]

15766 -

عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي ظُفَرَ: قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَوَادِ بْنِ كَعْبِ - وَكَعْبٌ ظُفَرُ - بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَوْسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

15767 -

وَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: «خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي مُظْلِمَةً، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدْتُ مَعَهُ الصَّلَاةَ وَآنَسْتُهُ بِنَفْسِي. فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ بَرَقَتِ السَّمَاءُ،

ص: 318

فَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا قَتَادَةُ مَا هَاجَ عَلَيْكَ؟ ". قُلْتُ: أَرَدْتُ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْ أُؤْنِسَكَ قَالَ: " خُذْ هَذَا الْعُرْجُونَ فَتَخَصَّرْ بِهِ ; فَإِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ أَضَاءَ لَكَ عَشْرًا أَمَامَكَ وَعَشْرًا خَلْفَكَ ". ثُمَّ قَالَ لِي: " إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ رَأَيْتَ مِثْلَ الْحَجَرِ الْأَخْشَنِ فِي أَسْتَارِ بَيْتِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ شَيْطَانٌ. قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَأَضَاءَ لِي، ثُمَّ ضَرَبْتُ مِثْلَ الْحَجَرِ الْأَخْشَنِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْتِي».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِي الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ.

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا، وَرِجَالُ أَحْمَدَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15768 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ - وَيُكْنَى أَبَا عُثْمَانَ - فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَسِنُّهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَزْمَةَ، وَيُقَالُ: خَزْمَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه

-]

15769 -

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ: أَنَّهُ حَرَسَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ بَدْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «اللَّهُمَّ احْفَظْ أَبَا قَتَادَةَ كَمَا حَفِظَ نَبِيَّكَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15770 -

وَبِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «أَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى لَقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَكِبْتُ فَأَدْرَكْتُهُمْ، فَظَفَرْتُ بِهِمْ وَقَتَلْتُ مَسْعَدَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآنِي: " أَفْلَحَ الْوَجْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ". - ثَلَاثًا - وَنَفَّلَنِي سَلْبَ مَسْعَدَةَ» .

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ رضي الله عنه

-]

15771 -

عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ حَيْثُ حَضَرَ، فَمَرَّ الرَّجُلُ فِي أَقْصَى الدَّارِ قَالَ: فَأَبْصَرْتُهُ فِي وَجْهِ قَتَادَةَ.

قَالَ: وَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ كَأَنَّ عَلَى وَجْهِهِ الدِّهَانَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ وَجْهَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه

-]

15772 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مِنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، وَكَانَ حَلِيفًا فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

15773 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ

ص: 319

بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَسِنُّهُ سَبْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15774 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابٌ فِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه

-]

15775 -

«عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: " يَا أَبَا الْوَلِيدِ» . وَهُوَ، بَدْرِيٌّ، عَقَبِيٌّ، أُحُدِيٌّ، شَجَرِيٌّ نَقِيبٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15776 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَالَكُمْ لَا تَلْقَوْنِي مَعَ إِخْوَانِكُمْ مِنْ قُرَيْشٍ؟ قَالَ عُبَادَةُ: الْحَاجَةُ. قَالَ: فَهَلَّا النَّوَاضِحُ. قَالُوا: أَنْضَيْنَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15777 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ فِهْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غُنْمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15778 -

وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: كَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، يَسْكُنَانِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15779 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: وَمَاتَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بِالشَّامِ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ بِالرَّمْلَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

-]

15780 -

عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى فَرَسًا مِنْ سَوَاءِ بْنِ الْحَارِثِ فَجَحَدَهُ، فَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا حَمَلَكَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَعَنَا حَاضِرًا ". فَقَالَ: صِدْقُكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَعَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَقُولُ إِلَّا حَقًّا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.

15781 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَخُزَيْمَةُ - الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ عَمِّهِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ رَأَى فِي النَّوْمِ أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ، فَاضْطَجَعَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَجَدَ عَلَى

ص: 320

جَبْهَتِهِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ شَيْخِهِ: عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ الزُّبَيْرِيِّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طُرُقٌ فِي التَّعْبِيرِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رضي الله عنه

-]

15782 -

عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ هَلَكْتُ قَالَ: " لِمَ؟ " قُلْتُ: نَهَى اللَّهُ الْمَرْءَ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ، وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الْحَمْدَ. وَنَهَى اللَّهُ عَنِ الْخُيَلَاءِ، وَأَجِدُنِي أُحِبُ الْجَمَالَ. وَنَهَى أَنْ نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا فَوْقَ صَوْتِكَ، وَأَنَا امْرُؤٌ جَهِيرُ الصَّوْتِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ حَمِيدًا، وَتُقْتَلَ شَهِيدًا، وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ ". قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَاشَ حَمِيدًا، وَقُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ مُطَوَّلًا هَكَذَا وَمُخْتَصَرًا، وَرِجَالُ الْمُخْتَصَرِ ثِقَاتٌ، وَفِي رِجَالِ الْمُطَوَّلِ شَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ الْحَضْرَمِيُّ، ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِيهِ فِي الثِّقَاتِ هُوَ وَأَخُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ، وَيَعْتَضِدُ بِثِقَةِ رِجَالِ الْمُخْتَصَرِ، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنْ ثَابِتًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ إِسْمَاعِيلَ، وَهُوَ ثِقَةٌ تَابِعِيٌّ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ.

15783 -

وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] قَعَدَ ثَابِتٌ فِي الطَّرِيقِ يَبْكِي، فَمَرَّ بِهِ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا ثَابِتُ؟ قَالَ: أَنَا رَفِيعُ الصَّوْتِ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا بُنَيَّ، أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ حَمِيدًا، وَتُقْتَلَ شَهِيدًا، وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ " قَالَ: رَضِيَتُ بِبُشْرَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا أَرْفَعُ صَوْتِي أَبَدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} [الحجرات: 3]» . الْآيَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَلَكِنَّ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15784 -

وَعَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَمَّنْ يُحَدِّثُنِي عَنْ حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَأَرْشَدُونِي إِلَى ابْنَتِهِ، فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «لَمَّا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] "، اشْتَدَّ عَلَى ثَابِتٍ، وَأَغْلَقَ بَابَهُ عَلَيْهِ وَطَفِقَ يَبْكِي، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ

ص: 321

فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَبُرَ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ أُحِبُّ الْجَمَالَ وَأَنْ أَسُودَ قَوْمِي، فَقَالَ:" إِنَّكَ لَسْتَ مِنْهُمْ، بَلْ تَعِيشُ بِخَيْرٍ، وَتَمُوتُ بِخَيْرٍ، وَيُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ ".

قَالَ: فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [الحجرات: 2] فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأُخْبِرُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَبُرَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ جَهِيرُ الصَّوْتِ، وَأَنَّهُ يَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ حَبِطَ عَمَلُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " بَلْ تَعِيشُ حَمِيدًا، وَتُقْتَلُ شَهِيدًا، وَيُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ».

فَلَمَّا اسْتَنْفَرَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الْمُسْلِمِينَ إِلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَالْيَمَامَةِ، وَمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، سَارَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِيمَنْ سَارَ، فَلَمَّا لَقُوا مُسَيْلِمَةَ وَبَنِي حَنِيفَةَ هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ ثَابِتٌ وَسَالِمٌ - مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ -: مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَا لِأَنْفُسِهِمَا حُفْرَةً فَدَخَلَا فِيهَا، فَقَاتَلَا حَتَّى قُتِلَا.

قَالَ: وَأُرِيَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَابِتَ بْنِ قَيْسٍ فِي مَنَامِهِ، فَقَالَ: إِنِّي لَمَّا قُتِلْتُ بِالْأَمْسِ مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَانْتَزَعَ مِنِّي دِرْعًا نَفِيسَةً، وَمَنْزِلُهُ فِي أَقْصَى الْعَسْكَرِ، وَعِنْدَ مَنْزِلِهِ فُرْسٌ يَسْتَنُّ فِي طُولِهِ، وَقَدْ أَكْفَأَ عَلَى الدِّرْعِ بُرْمَةً، وَجَعَلَ فَوْقَ الْبُرْمَةِ رَجُلًا، فَأْتِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَلْيَبْعَثْ إِلَى دِرْعِي فَلْيَأْخُذْهَا، فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْلِمْهُ: أَنَّ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ كَذَا وَكَذَا، وَفُلَانٌ مِنْ رَقِيقِي عَتِيقٌ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَقُولَ هَذَا حُلْمٌ تُضَيِّعَهُ.

قَالَ: فَأَتَى خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَوَجَّهَ إِلَى الدِّرْعِ فَوَجَدَهَا كَمَا ذَكَرَ، وَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْفَذَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَصِيَّتَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا جَازَتْ وَصِيَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَّا ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَبِنْتُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ لَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بِنْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ صَحَابِيَّةٌ ; فَإِنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15785 -

وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ جَاءَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَقَدْ نُشِرَ أَكْفَانُهُ وَتَحَنَّطَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ، وَأَعْتَذِرُ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ. فَقُتِلَ، وَكَانَتْ لَهُ دِرْعٌ فَسُرِقَتْ، فَرَآهُ رَجُلٌ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، فَقَالَ: إِنَّ دِرْعِي فِي قِدْرٍ تَحْتَ الْكَانُونِ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وَوَصَّاهُ بِوَصَايَا، فَطَلَبُوا الدِّرْعَ فَوَجَدُوهَا وَأَنْفَذُوا الْوَصَايَا.

قُلْتُ: هُوَ فِي

ص: 322

الصَّحِيحِ غَيْرَ قِصَّةِ الدِّرْعِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15786 -

وَعَنْ عُرْوَةَ: فِي تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه

-]

15787 -

عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَسَقَطَتْ عَلَى لِحْيَتِهِ رِيشَةٌ، فَابْتَدَرَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ فَأَخَذَهَا، [مِنْ لِحْيَتِهِ] فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " نَزَعَ اللَّهُ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ نَائِلُ بْنُ نُجَيْحٍ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ.

15788 -

وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: «نَزَلَ عَلَيَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ» . قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ هَيَاجُ بْنُ بِسْطَامٍ التَّمِيمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15789 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَلَيْهِ حِينَ هَاجَرَ، غَزَا أَرْضَ الرُّومِ، فَمَرَّ عَلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما فَجَفَاهُ، فَانْطَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ غَزْوَتِهِ فَجَفَاهُ وَلَمْ يَرْفَعْ لَهُ رَأْسًا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْبَأَنِي أَنَّا سَنَرَى بَعْدَهُ أَثَرَةً قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَبِمَ أَمَرَكُمْ؟ قَالَ: أَمَرَنَا أَنْ نَصْبِرَ قَالَ: اصْبِرُوا إِذًا. فَأَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ وَقَدْ أَمَّرَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ رضي الله عنهما فَقَالَ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ لَكَ عَنْ مَسْكَنِي كَمَا خَرَجْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ أَهْلَهُ فَخَرَجُوا، وَأَعْطَاهُ كُلَّ شَيْءٍ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الدَّارَ، فَلَمَّا كَانَ انْطِلَاقُهُ قَالَ: حَاجَتُكَ؟ قَالَ: حَاجَتِي عَطَائِي وَثَمَانِيَةُ أَعْبُدٍ يَعْمَلُونَ فِي أَرْضِي، وَكَانَ عَطَاؤُهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، فَأَضْعَفَهَا لَهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَأَعْطَاهُ عِشْرِينَ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ عَبْدًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15790 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قَدِمَ أَبُو أَيُّوبَ عَلَى مُعَاوِيَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - فَشَكَا لَهُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادَيْنِ. وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي الدَّحْدَاحِ رضي الله عنه

-]

15791 -

عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِفُلَانٍ نَخْلَةً وَأَنَا أُقِيمُ حَائِطِي بِهَا [فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي حَتَّى أُقِيمَ حَائِطِي بِهَا]

ص: 323

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَعْطِهِ إِيَّاهَا بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ ". فَأَبَى، فَأَتَاهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ، فَقَالَ: بِعْنِي نَخْلَتِكَ بِحَائِطِي، قَالَ [فَفَعَلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُ النَّخْلَةَ بِحَائِطِي قَالَ]: فَاجْعَلْهَا لَهُ فَقَدَ أَعْطَيْتُكَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَمْ مِنْ عِذْقٍ رَدَّاحٍ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ "[فِي الْجَنَّةِ]. قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا. قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ، اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ ; فَإِنِّي قَدْ بِعْتُهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَتْ: رَبِحَ الْبَيْعُ - أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا -».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15792 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ قَالَ:" نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ ". قَالَ: أَرِنَا يَدَكَ قَالَ: فَنَاوَلَهُ يَدَهُ قَالَ: قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي - وَحَائِطُهُ فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ - فَجَاءَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ وَأُمُّ الدَّحْدَاحِ فِيهِ وَعِيَالُهَا، فَنَادَى: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ قَالَتْ: لَبَّيْكَ قَالَ: اخْرُجِي فَقَدْ أَقْرَضْتُهُ رَبِّي.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15793 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى أَبِي الدَّحْدَاحِ يَسْتَقْرِضُهُ، فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَعَثَ إِلَيَّ يَسْتَقْرِضُنِي؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّ مَالِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَمْ مِنْ عِذْقٍ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ» .

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه]

15794 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ دَخَلَ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يَقُولُ الشِّعْرَ، فَقَالَ لَهُ: أَخِي، أَمَا عَلَّمَكَ اللَّهُ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ الْبَرَاءُ: أَتَخْشَى أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي؟ وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَدًا بَلَاءَ اللَّهِ إِيَّايَ، فَقَدْ قَتَلْتُ مِائَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنْهُمْ مَنْ تَفَرَّدْتُ بِقَتْلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَارَكْتُ فِيهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِيُّ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ.

15795 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «اسْتَلْقَى الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى ظَهْرِهِ ثُمَّ تَرَنَّمَ، فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ: اذْكُرِ اللَّهَ أَيْ أُخَيَّ! فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ: أَيْ أَنَسٌ، أَتُرَانِي أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي وَقَدْ قَتَلْتُ مِائَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُبَارَزَةً سِوَى مَنْ شَارَكْتُ فِي قَتْلِهِ؟!» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15796 -

وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَخُوهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ حِصْنٍ مِنْ حُصُونِ الْعَدُوِّ

ص: 324

وَالْعَدُوُّ يُلْقُونَ كَلَالِيبَ فِي سَلَاسِلَ مُحَمَّاةٍ، فَتَعْلَقُ بِالْإِنْسَانِ فَيَرْفَعُونَهُ إِلَيْهِمْ، فَعَلَقَ بَعْضُ تِلْكَ الْكَلَالِيبِ بِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَرَفَعُوهُ حَتَّى أَقَلُّوهُ مِنَ الْأَرْضِ، فَأَتَى أَخُوهُ الْبَرَاءُ، فَقِيلَ لَهُ: أَدْرِكْ أَخَاكَ، وَهُوَ يُقَاتِلُ النَّاسَ، فَأَقْبَلَ يَسْعَى حَتَّى نَزَا فِي الْجِدَارِ، ثُمَّ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى السِّلْسِلَةِ وَهِيَ تُدَارُ، فَمَا بَرِحَ يَجُرُّهُمْ وَيَدَاهُ تُدَخِّنَانِ حَتَّى قَطَعَ الْحَبْلَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى يَدَيْهِ فَإِذَا عِظَامُهُ تَلُوحُ قَدْ ذَهَبَ مَا عَلَيْهَا مِنَ اللَّحْمِ، أَنْجَى اللَّهُ عز وجل أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه بِذَاكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

-]

15797 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَنَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي حَمْزَةَ» . قُلْتُ: رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ كَنَّانِي بِبَقْلَةَ كُنْتُ أَجْتَنِيهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15798 -

«وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ لِي ذُؤَابَةٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمُدُّهَا وَيَأْخُذُ بِهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

15799 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُوَيْدِمُكَ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْحَكَمُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15800 -

وَعَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ أَنَسًا يُخْبَرُ بِمَكَانِي، فَأَدْخُلُ عَلَيْهِ، فَآخُذُ بِيَدَيْهِ فَأُقَبِّلْهُمَا وَأَقُولُ: بِأَبِي هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ اللَّتَيْنِ مَسَّتَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُقَبِّلُ عَيْنَيْهِ وَأَقُولُ: بِأَبِي هَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15801 -

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: ذَهَبَ الْيَوْمَ نِصْفُ الْعِلْمِ، فَقِيلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا أَبَا الْمُغِيرَةِ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِذَا خَالَفَنَا فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا لَهُ: تَعَالَ إِلَى مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15802 -

وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ: مَتَى مَاتَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؟ قَالَ: سَنَةَ تِسْعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15803 -

وَعَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ: مَاتَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه

-]

15804 -

عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «خَيَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْهِجْرَةِ

ص: 325

وَالنُّصْرَةِ، فَاخْتَرْتُ الْهِجْرَةَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَوَلَدِهِ يُوسُفَ رضي الله عنهما]

15805 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِيهِ:«أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ قَالَ لِأَحْبَارِ يَهُودَ: إِنِّي أُحْدِثُ بِمَسْجِدِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَهْدًا، فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِمَكَّةَ، فَوَافَاهُمْ وَقَدِ انْصَرَفُوا مِنَ الْحَجِّ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، فَقَامَ مَعَ النَّاسِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " ادْنُ ". فَدَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ: " أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، أَمَا تَجِدُنِي فِي التَّوْرَاةِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ ". فَقُلْتُ لَهُ: انْعَتْ لَنَا رَبَّنَا قَالَ: فَجَاءَ جِبْرِيلُ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ ابْنُ سَلَامٍ إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَتَمَ إِسْلَامَهُ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[قَدِمَ الْمَدِينَةَ] وَأَنَا عَلَى نَخْلَةٍ أَجُزُّهَا، فَسَمِعْتُ رَجَّةً فِي الْمَدِينَةِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَدِمَ. قَالَ: فَأَلْقَيْتُ نَفْسِي مِنْ أَعْلَى النَّخْلَةِ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَحْضُرُ حَتَّى أَتَيْتَهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَقَالَتْ أُمِّي: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عليه السلام مَا كَانَ كَذَلِكَ تُلْقِي نَفْسَكَ مِنْ أَعْلَى النَّخْلَةِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَنَا أَشَدُّ فَرَحًا بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مُوسَى إِذْ بُعِثَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15806 -

وَعَنْ سَعْدٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ -: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقَصْعَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا، فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَجِيءُ رَجُلٌ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْكُلُ هَذِهِ الْفَضْلَةَ؟ ". قَالَ سَعْدٌ: وَكُنْتُ تَرَكْتُ أَخِي عُمَيْرًا يَتَوَضَّأُ قَالَ قَالَ: فَقُلْتُ: هُوَ عُمَيْرٌ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَأَكَلَهَا» . قُلْتُ: لَهُ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ هَذَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15807 -

وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: «أَجْلَسَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي

ص: 326

وَسَمَّانِي: " يُوسُفَ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ إِسْنَادَيْنِ مِنْهَا ثِقَاتٌ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ وَقَالَ:«وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ» .

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

-]

15808 -

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ تَرَكْتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ تَشَبَّثَ مِنْهَا بِشَيْءٍ غَيْرِي» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي ذَرٍّ فِيمَا أَحْسَبُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ.

15809 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي الَّذِي يَخْلُفُنِي عَلَى الْعَهْدِ الَّذِي فَارَقَنِي عَلَيْهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15810 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي أَبِي ذَرٍّ: هُوَ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ سُفْيَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ غِفَارِ بْنِ مُلَيْلِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ مُضَرَ بْنِ نَزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ.

15811 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: اسْمُ أَبِي ذَرٍّ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ، وَيُقَالُ: اسْمُ أَبِي ذَرٍّ بُرَيْرٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15812 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ: " يَا بُرَيْرُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي حَدِيثٍ اخْتَصَرْنَاهُ وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15813 -

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبُعَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُسْلِمْ قَبْلِي إِلَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ رضي الله عنهما.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15814 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أُنَيْسٌ، وَكَانَ شَاعِرًا، فَتَنَافَرَ هُوَ وَشَاعِرٌ آخَرُ، فَقَالَ أُنَيْسٌ: أَنَا أَشْعَرُ مِنْكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَشْعَرُ، فَقَالَ أُنَيْسٌ: فَبِمَنْ تَرْضَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا؟ قَالَ: أَرْضَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا كَاهِنُ مَكَّةَ. قَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَا إِلَى مَكَّةَ فَاجْتَمَعَا عِنْدَ الْكَاهِنِ، فَأَنْشَدَهُ هَذَا كَلَامَهُ وَهَذَا كَلَامَهُ، فَقَالَ لِأُنَيْسٍ: قَضَيْتَ لِنَفْسِكَ، فَكَأَنَّهُ فَضَّلَ شِعْرَ أُنَيْسٍ. فَقَالَ أَخِي: بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَهُوَ عَلَى دِينِكَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: وَمَا كَانَ دِينُكَ؟ قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ. فَقُلْتُ: أَيَّ شَيْءٍ كُنْتَ تَعْبُدُ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ، كُنْتُ أُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَسْقُطَ كَأَنِّي خَفَاءٌ حَتَّى يُوقِظَنِي حَرُّ الشَّمْسِ. فَقِيلَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ تُوَجِّهُ وَجْهَكَ؟ قَالَ: حَيْثُ وَجَّهَنِي رَبِّي.

قَالَ

ص: 327

لِي أُنَيْسٌ: وَقَدْ شَنَئُوهُ - يَعْنِي كَرِهُوهُ -.

قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَجِئْتُ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ، فَكُنْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَيَوْمًا، أَخْرُجُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً، فَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعٍ وَقَدْ تَعَكَّنَ بَطْنِي، فَجَعَلْتِ امْرَأَتَانِ تَدْعُوَانِ لَيْلَةً آلِهَتَهُمَا، وَتَقُولُ إِحْدَاهُمَا: يَا أَسَافُ، هَبْ لِي غُلَامًا، وَتَقُولُ الْأُخْرَى: يَا نَائِلَةُ، هَبْ لِي كَذَا وَكَذَا. فَقُلْتُ: هُنَّ بِهِنَّ فَوَلَّتَا وَجَعَلَتَا تَقُولَانِ: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، إِذْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ يَمْشِي وَرَاءَهُ، فَقَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَلَامٍ قَبَّحَ مَا قَالَتَا. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:" «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» ". - ثَلَاثًا - ثُمَّ قَالَ لِي: " «مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَهُنَا؟» ". قُلْتُ: مُنْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً. قَالَ: " «فَمِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَأْكُلُ»؟ ". قُلْتُ: كُنْتُ آتِي زَمْزَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ نِصْفَ اللَّيْلِ فَأَشْرَبُ مِنْهَا شَرْبَةً، فَمَا وُجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعٍ وَلَقَدْ تَعَكَّنَ بَطْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «إِنَّهَا طُعْمٌ وَشُرْبٌ، وَهِيَ مُبَارَكَةٌ» " - قَالَهَا ثَلَاثًا -. ثُمَّ سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مِمَّنْ أَنْتَ؟» ". فَقُلْتُ: مِنْ غِفَارَ قَالَ: وَكَانَتْ غِفَارُ يَقْطَعُونَ عَلَى الْحَاجِّ، فَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَقَبَّضَ عَنِّي، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ:" «انْطَلِقْ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ يَا أَبَا بَكْرٍ» ". فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَرَّبَ لَنَا زَبِيبًا، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، وَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَنِي الْإِسْلَامَ، وَقَرَأْتُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُظْهِرَ دِينِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ ". قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْهُ، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ» ". قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ قُتِلْتُ، فَسَكَتَ عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُرَيْشٌ حِلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَتَنَفَّضَتِ الْحِلَقُ، فَقَامُوا إِلَيَّ فَضَرَبُونِي حَتَّى تَرَكُونِي كَأَنِّي [نُصُبٌ] أَحْمَرُ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُونِي، فَقُمْتُ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[فَرَأَى مَا بِي مِنَ الْحَالِ، فَقَالَ: "«أَلَمْ أَنْهَكَ؟» ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَاجَةٌ كَانَتْ فِي نَفْسِي فَقَضَيْتُهَا، فَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ لِي: "«الْحَقْ بِقَوْمِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورِي فَائْتِنِي» ". فَجِئْتُ وَقَدْ أَبْطَأْتُ عَلَيْهِمْ، فَلَقِيتُ أُنَيْسًا فَبَكَى وَقَالَ: يَا أَخِي، مَا كُنْتُ أَرَاكَ إِلَّا قَدْ قُتِلْتَ لِمَا أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، مَا صَنَعْتَ؟ أَلَقِيتَ

ص: 328

صَاحِبَكَ الَّذِي طَلَبْتَ؟ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَأَسْلَمَ مَكَانَهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ أُمِّي فَلَمَّا رَأَتْنِي بَكَتْ وَقَالَتْ:[يَا بُنَيَّ]، أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا حَتَّى تَخَوَّفْتُ أَنْ قَدْ قُتِلْتَ، مَا فَعَلْتَ؟ أَلَقِيتَ صَاحِبَكَ الَّذِي طَلَبْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَتْ: فَمَا صَنَعَ أُنَيْسٌ؟ قُلْتُ: أَسْلَمَ، فَقَالَتْ: وَمَا بِي عَنْكُمَا رَغْبَةٌ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَأَقَمْتُ فِي قَوْمِي، فَأَسْلَمَ مِنْهُمْ نَاسٌ كَثِيرٌ، حَتَّى بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ. قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ.

15815 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدِهِ أَيْضًا: فَاحْتَمَلْتُ أُمِّي وَأُخْتِي حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ، فَقَالَ أَخِي: إِنِّي مُدَافِعٌ رَجُلًا عَلَى الْمَاءِ بِشِعْرٍ - وَكَانَ امْرَأً شَاعِرًا - فَقُلْتُ: لَا تَفْعَلْ، فَخَرَجَ بِهِ اللَّجَاجُ حَتَّى دَافَعَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ صِرْمَتُهُ إِلَى صِرْمَتِهِ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَدُرَيْدٌ يَوْمَئِذٍ أَشْعَرُ مِنْ أَخِي، فَتَقَاضَيَا إِلَى خَنْسَاءَ، فَقَضَتْ لِأَخِي عَلَى دُرَيْدٍ وَذَلِكَ أَنْ دُرَيْدًا خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا، فَقَالَتْ: شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، فَحَقَدَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَضَمَمْنَا صِرْمَتَهُ إِلَى صِرْمَتَنَا، فَكَانَتْ لَنَا هَجْمَةٌ.

ثُمَّ أَتَيْتُ مَكَّةَ فَابْتَدَأَتُ بِالصَّفَا، فَإِذَا عَلَيْهِ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بِهَا صَابِئًا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ شَاعِرًا، أَوْ سَاحِرًا، فَقُلْتُ: أَيْنَ الَّذِي يَزْعُمُونَ؟ فَقَالُوا: هُوَ ذَاكَ حَيْثُ تَرَى، فَانْقَلَبْتُ إِلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا جُزْتُ عَنْهُمْ قِيسَ حَجَرٍ حَتَّى أَكَبُّوا عَلَيَّ كُلَّ حَجَرٍ وَعَظْمٍ وَمَدَرٍ فَضَرَجُونِي بِدَمِي، فَأَتَيْتُ الْبَيْتَ فَدَخَلْتُ بَيْنَ السُّتُورِ وَالْبِنَاءَ، وَصُمْتُ فِيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ إِلَّا مَاءَ زَمْزَمَ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ قَمْرَاءُ إِضْحِيَانَ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ خُزَاعَةَ فَطَافَتَا بِالْبَيْتِ.

قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا فِي الصَّحِيحِ. وَفِي الطَّرِيقِ الْأُولَى أَبُو الطَّاهِرِ يَرْوِي عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ وَلَمْ أَعْرِفْ أَبَا الطَّاهِرِ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15816 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ، مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَقَدْ وُثِّقَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15817 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ:، أَنَّهُ زَارَ أَبَا الدَّرْدَاءِ بِحِمْصَ، فَمَكَثَ عِنْدَهُ لَيَالِي، فَأَمَرَ بِحِمَارِهِ فَأُوكِفَ لَهُ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَا أَرَانِي إِلَّا مُتَّبِعَكَ، فَأَمَرَ بِحِمَارِهِ فَأُسْرِجَ، فَسَارَا عَلَى حِمَارَيْهِمَا فَلَقِيَا رَجُلًا شَهِدَ

ص: 329

الْجُمُعَةَ بِالْأَمْسِ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بِالْجَابِيَةِ، فَعَرَفَهُمَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَعْرِفَاهُ، فَأَخْبَرَهُمَا خَبَرَ النَّاسِ.

ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ قَالَ: وَخَبَرٌ آخَرُ كَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَكُمَاهُ أَرَاكُمَا تَكْرَهَانِهِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: فَلَعَلَّ أَبَا ذَرٍّ نُفِيَ! قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، فَاسْتَرْجَعَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَصَاحِبُهُ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ مَرَّاتٍ. ثُمَّ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: ارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ كَمَا قِيلَ لِأَصْحَابِ النَّاقَةِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَذَّبُوا أَبَا ذَرٍّ فَإِنِّي لَا أُكَذِّبُهُ، اللَّهُمَّ إِنِ اتَّهَمُوهُ فَإِنِّي لَا أَتَّهِمُهُ، اللَّهُمَّ وَإِنِ اسْتَغْشَوْهُ فَإِنِّي لَا أَسْتَغْشِهِ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتَمِنُهُ حِينَ لَا يَأْتَمِنُ أَحَدًا، وَيُسِرُّ إِلَيْهِ حِينَ لَا يُسِرُّ لِأَحَدٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَطَعَ يَمِينِي مَا أَبْغَضْتُهُ بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" «مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ، مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ وَزَادَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَى بِرِّهِ وَصِدْقِهِ وَجِدِّهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ» ". وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ وُثِّقُوا وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15818 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «وَاللَّهِ أَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُدْنِي أَبَا ذَرٍّ إِذَا حَضَرَ، وَيَفْتَقِدُهُ إِذَا غَابَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

15819 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ أَبَا ذَرٍّ لِيُبَارِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فِي عِبَادَتِهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِبْرَاهِيمُ مَعَ ضَعْفِهِ لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ.

15820 -

وَبِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَبِيهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم خَلْقًا وَخُلُقًا - فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه» - ".

15821 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا أَبَا ذَرٍّ، رَأَيْتُ كَأَنِّي وَزَنْتُ بِأَرْبَعِينَ أَنْتَ فِيهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15822 -

وَعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: «أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ أَصْحَابِكَ ثَلَاثَةً فَأَحِبَّهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ النَّضْرُ بَنُ حُمَيْدٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15823 -

وَعَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ قَالَ: " «الْجَنَّةُ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: عَلِيٌّ، وَعَمَّارٌ - أَحْسَبُهُ قَالَ: - وَأَبُو ذَرٍّ» ". قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ ذِكْرِ أَبِي ذَرٍّ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15824 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِمَّا صَبَّهُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ عليهما السلام فِي صَدْرِهِ إِلَّا صَبَّهُ فِي صَدْرِي. وَمَا تَرَكْتُ

ص: 330

شَيْئًا مِمَّا صَبَّهُ فِي صَدْرِي إِلَّا صَبَبْتُهُ فِي صَدْرِ مَالِكِ بْنِ ضَمْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15825 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خِرَاشٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فِي ظُلَّةٍ سَوْدَاءَ وَمَعَهُ امْرَأَةٌ شَحْمَاءُ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى قِطْعَةِ جَوَالِقَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ لَا يَبْقَى لَكَ وَلَدٌ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَأْخُذُهُمْ فِي الْفَنَاءِ وَيَدَّخِرُهُمْ فِي دَارِ الْبَقَاءِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوِ اتَّخَذْتَ امْرَأَةً غَيْرَ هَذِهِ، فَقَالَ: لَأَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَضَعُنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ امْرَأَةٍ تَرْفَعُنِي قَالُوا لَهُ: لَوِ اتَّخَذْتَ بِسَاطًا أَلْيَنَ مِنْ هَذَا! فَقَالَ: اللَّهُمَّ غُفْرًا ; خُذْ مِمَّا خَوَّلْتَ مَا بَدَا لَكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15826 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: بَلَغَ الْحَارِثَ - رَجُلٌ كَانَ بِالشَّامِ مِنْ قُرَيْشٍ - أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ بِهِ عَوَزٌ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِثَلَاثِ مِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ: مَا وَجَدَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنِّي! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ فَقَدْ أَلْحَفَ» ". وَلِأَبِي ذَرٍّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَأَرْبَعُونَ شَاةً وَمَاهِنَانِ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: يَعْنِي خَادِمَيْنِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15827 -

وَعَنْ أَبِي شُعْبَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ نَفَقَةً، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: عِنْدَنَا أَعْنُزُ نَحْلِبُهَا، وَحُمُرٌ تَنْقِلُنَا، وَمُحَرَّرَةٌ تَخْدِمُنَا، وَفَضْلُ عَبَاءَةٍ عَنْ كِسْوَتِنَا، إِنِّي لَأَخَافُ أَنْ أُحَاسَبَ عَلَى الْفَضْلِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو شُعْبَةَ الْبَكْرِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15828 -

وَعَنْ أَبِي الْأُسُودِ الدِّيَلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْتُ لِأَبِي ذَرٍّ شَبِيهًا.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ.

15829 -

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ - يَعْنِي: ابْنَ الْأَشْتَرِ - أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ، فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: أَبْكِي أَنَّهُ لَا يَدَ لِي بِنَفْسِكَ وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُ لَكَ كَفَنًا قَالَ: لَا تَبْكِي ; فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ [ذَاتَ يَوْمٍ وَأَنَا فِى عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ]: " «لِيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ". قَالَ: فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَاتَ فِي جَمَاعَةٍ وَقَرْيَةٍ، لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرِي، وَقَدْ أَصْبَحْتُ بِالْفَلَاةِ أَمُوتُ، فَرَاقِبِي الطَّرِيقَ فَإِنَّكِ سَوْفَ تَرَيْنَ مَا أَقُولُ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ قَالَتْ: وَأَنَّى ذَلِكَ وَقَدِ انْقَطَعَ الْحَاجُّ قَالَ: رَاقِبِي الطَّرِيقَ. قَالَ: فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا هِيَ بِالْقَوْمِ تَخُبُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهَا، فَقَالُوا: مَا لَكِ؟ فَقَالَتِ: امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تُكَفِّنُوهُ وَتُؤْجَرُونَ فِيهِ قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: أَبُو ذَرٍّ، فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَوَضَعُوا سِيَاطَهُمْ

ص: 331

فِي نِحْوَرِهَا يَبْتَدِرُونَهُ، فَقَالَ: أَبْشِرُوا فَأَنْتُمُ النَّفَرُ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيكُمْ مَا قَالَ [سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا مِنِ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ هَلَكَ بَيْنَهُمَا وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَاحْتَسَبَا وَصَبَرَا، فَيَرَيَانِ النَّارَ أَبَدًا] ثُمَّ [قَدْ] أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ حَيْثُ تَرَوْنَ، وَلَوْ أَنَّ لِي ثَوْبًا مِنْ أَثْوَابِي يَسَعُ لَأُكَفَّنَ فِيهِ، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ [أَنْ] لَا يُكَفِّنِّي رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ عَرِيفًا، أَوْ أَمِيرًا، أَوْ بَرِيدًا ; فَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ نَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ: أَنَا صَاحِبُكَ، ثَوْبَانِ فِي عِبْيَتِي مِنْ غَزَلِ أُمِّي وَأَحَدُ ثَوْبَيْ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيَّ قَالَ: أَنْتَ صَاحِبِي [فَكَفِّنِّي].

رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقَتَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذِهِ، وَالْأُخْرَى مُخْتَصَرَةٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ عَنْ أُمِّ ذَرٍّ، وَرِجَالُ الطَّرِيقِ الْأُولَى رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ بِاخْتِصَارٍ.

15830 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَقْبَلَ فِي رَكْبِ عَمَّارٍ، فَمَرَّ بِجِنَازَةِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَنَزَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَوَارَوْهُ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ دَخَلَ مِصْرَ وَاخْتَطَّ بِهَا دَارًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا ذَرٍّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ.

15831 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ مِمَّنْ شَهِدَ الْفَتْحَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

15832 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ. وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه

-]

15833 -

عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا: جَيٌّ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتٍ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، وَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا لَا أَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً. قَالَ: فَكَانَتْ لِأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَ: فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، (إِنِّي) قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانِي هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ (ثُمَّ قَالَ لِي: لَا تَحْتَبِسْ عَلَيَّ، فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَلَيَّ كُنْتَ أَحَمُّ عَلَيَّ مِنْ ضَيْعَتِي وَشَغَلْتَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِي) فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصِلُّونَ، وَكُنْتُ لَا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ بِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَاذَا يَصْنَعُونَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَتْنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ، وَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي

ص: 332

طَلَبِي وَقَدْ شَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ قَالَ: فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ أَيْنَ كُنْتَ؟ أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ؟! قُلْتُ: يَا أَبَتِي مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَعِجْنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. قَالَ: أَيْ بُنَيَّ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ: قُلْتُ: كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَخَيْرٌ مِنْ دِينِنَا قَالَ: فَخَافَنِي، فَجَعَلَ فِي رِجْلِي قَيْدًا، ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ.

قَالَ: وَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى، وَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى، فَأَخْبَرُونِي، قَالَ: فَقُلْتُ: إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ. قَالَ: فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ (أَخْبِرُونِي بِهِمْ، فَـ) أَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى (قَدِمْتُ) الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: الْأَسْقُفُ فِي الْكَنِيسَةِ. قَالَ: فَجِئْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي كَنِيسَتِكَ، أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ. قَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ. قَالَ: فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ; يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا، فَإِذَا جَمَعُوا مِنْهَا شَيْئًا اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلَالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ. قَالَ: وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ، ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سُوءٍ ; يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا، فَإِذَا جَمَعْتُمْ لَهُ مِنْهَا أَشْيَاءَ جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا قَالُوا: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ قُلْتُ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ قَالُوا: فَدَلَّنَا عَلَيْهِ قَالَ: فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ، فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَدْفِنُهُ أَبَدًا قَالَ: فَصَلَبُوهُ، ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ.

قَالَ: يَقُولُ سَلْمَانُ: قَلَّمَا رَأَيْتُ رَجُلًا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَلَا أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَلَا أَرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا أَدْأَبُ لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْهُ. قَالَ: فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مِنْ قَبْلِهِ، فَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ، وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ أَحَدًا قَبْلَكَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلٌ بِالْمَوْصِلِ، وَهُوَ فُلَانٌ، فَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ فَالْحَقْ بِهِ.

قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنَّ فُلَانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِ، قَالَ: أَقِمْ عِنْدِي فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ، (عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ) فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنَّ فُلَانًا أَوْصَانِي إِلَيْكَ، وَقَدْ أَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ وَمَا تَأْمُرُنِي؟

ص: 333

قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلًا بِنَصِيبِينِ (وَهُوَ فُلَانٌ، فَالْحَقْ بِهِ، قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نَصِيبِينَ). فَجِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي قَالَ: أَقِمْ عِنْدِي، (فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ) فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ: يَا فُلَانُ، إِنَّ فُلَانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ إِلَّا رَجُلًا بِعَمُّورِيَّةَ ; فَإِنَّهُ عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ ; فَإِنَّهُ عَلَى مِثْلِ أَمْرِنَا.

قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى أَمْرِ أَصْحَابِهِ وَهَدْيِهِمْ، وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى صَارَتْ لِي بُقَيْرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ. قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ عز وجل. قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلَانٍ وَإِنَّهُ أَوْصَى بِي إِلَى فُلَانٍ، وَأَوْصَى إِلَى فُلَانٍ وَأَوْصَى إِلَى فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ وَأَوْصَانِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: فَإِنَّنِي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنْ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، مُهَاجَرُهُ إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلَامَاتٌ لَا تَخْفَى: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ فَافْعَلْ.

قَالَ: ثُمَّ مَاتَ وَغُيِّبَ، فَمَكَثْتُ بِعَمُورِيَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْ تُجَّارٌ، فَقُلْتُ لَهُمْ: تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بُقَيْرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذَا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَأَعْطَيْتُمُوهَا فَحَمَلُونِي حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مَنْ يُهُودَ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ، وَرَأَيْتُ النَّخْلَ، وَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي وَلَمْ يَحِقُّ فِي نَفْسِي، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَابْتَاعَنِي مِنْهُ فَحَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي، فَأَقَمْتُ بِهَا، وَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَأَقَامَ بِمَكَّةَ، لَا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ، وَسَيِّدِي جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: فُلَانٌ، قَاتَلَ اللَّهُ بَنِيَ قَيْلَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُمُ الْآنَ مُجْتَمِعُونَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَخَذَتْنِي

ص: 334

الْعُرَوَاءُ حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي. قَالَ: وَنَزَلْتُ عَنِ النَّخْلَةِ، وَجَعَلْتُ أَقُولُ لِابْنِ عَمِّهِ (ذَلِكَ): مَاذَا تَقُولُ؟ مَاذَا تَقُولُ؟ فَغَضِبَ سَيِّدِي، فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ. قَالَ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْنِيَهُ عَمَّا قَالَ. وَكَانَ عِنْدِي شَيْءٌ قَدْ جَمَعْتُهُ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِقُبَاءَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذُو حَاجَةٍ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ، فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:" كُلُوا ". وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ وَاحِدَةٌ. ثُمَّ انْصَرَفْتُ، عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ جِئْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُكَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا، قَالَ: فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ. قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ اثْنَتَانِ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ وَقَدْ تَبِعَ جِنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَدْبَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ قَدْ وُصِفَ لِي. قَالَ: فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ وَعَرَفْتُهُ، فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «(تَحَوَّلَ)» ". فَتَحَوَّلْتُ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي - كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ - فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ.

وَشَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرٌ وَأُحُدٌ.

قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ» ". فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْعَفِيرِ، وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:" «أَعِينُوا أَخَاكُمْ» ". فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ، الرَّجُلُ بِثَلَاثِينَ وَدِيَّةً، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ وَدِيَّةً، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ وَدِيَّةً، وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ، يُعِينُ الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَتْ إِلَيَّ ثَلَاثُمِائَةِ وَدِيَّةٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَعَفِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَائْتِنِي فَأَكُونَ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدِي» ". قَالَ: فَعَفَّرْتُ لَهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي إِلَيْهَا، فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ إِلَيْهِ الْوَدِيَّ وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، فَوَالَّذِي

ص: 335

نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ بَيْضَةِ دَجَاجَةٍ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ، فَقَالَ:" مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ؟ ". قَالَ: فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ:" خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ ". قَالَ: قُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ؟ قَالَ: " خُذْهَا ; فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ ". قَالَ: فَأَخَذْتُهَا، فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهَمْ وَعَتَقْتُ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَنْدَقَ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ.

15834 -

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: لَمَّا قُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِنَ الَّذِي عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَلَّبَهَا عَلَى لِسَانِهِ، ثُمَّ قَالَ:" «خُذْهَا فَأَوْفِهِمْ مِنْهَا [فَأَخَذْتُهَا فَأَوْفَيْتُهُمْ مِنْهَا] حَقَّهُمْ كُلَّهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ كُلَّهُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ بِأَسَانِيدَ، وَإِسْنَادُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ رِجَالُهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ. وَرِجَالُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ انْفَرَدَ بِهَا أَحْمَدُ، وَرِجَالُهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ.

15835 -

وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَبْنَاءِ أَسَاوِرَةِ فَارِسٍ قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ تَرْفَعُنِي أَرْضٌ وَتَخْفِضُنِي أُخْرَى، حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْأَعْرَابِ فَاسْتَعْبَدُونِي فَبَاعُونِي، حَتَّى اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ، فَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْعَيْشُ عَزِيزًا، فَقُلْتُ لَهَا: هَبِي لِي يَوْمًا، قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ، فَصَنَعْتُ طَعَامًا، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" مَا هَذَا؟ ". قُلْتُ: صَدَقَةٌ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:" كُلُوا ". وَلَمْ يَأْكُلْ، فَقُلْتُ: هَذِهِ مِنْ عَلَامَاتِهِ.

ثُمَّ مَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ، فَقُلْتُ لِمَوْلَاتِي: هَبِي لِي يَوْمًا، قَالَتْ: نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَصَنَعْتُ طَعَامًا، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" مَا هَذَا؟ ". فَقُلْتُ: هَدِيَّةٌ، فَوَضَعَ يَدَهُ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:" خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ ".

وَقُمْتُ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، فَإِذَا خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ:" وَمَا ذَاكَ؟ ". فَحَدَّثْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَنَّكَ نَبِيٌّ قَالَ: «لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ» .

15836 -

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «جَاءَ سَلْمَانُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِمَائِدَةٍ عَلَيْهَا رُطَبٌ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟ ". قَالَ:

ص: 336

صَدَقَةٌ عَلَيْكَ وَعَلَى أَصْحَابِكَ قَالَ: " ارْفَعْهَا ; فَإِنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ". فَرَفَعَهَا، وَجَاءَهُ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَحْمِلُهُ فَقَالَ:" مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟ ". قَالَ: " " فَقَالَ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:" انْشِطُوا ". قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى الْخَاتَمِ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ، وَكَانَ لِلْيَهُودِ فَاشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وَعَلَى أَنْ يَغْرِسَ نَخْلًا يَعْمَلُ فِيهَا سَلْمَانُ حَتَّى تُطْعِمَ قَالَ: فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّخْلَ إِلَّا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَحَمَلَتِ النَّخْلُ مِنْ عَامِهَا وَلَمْ تَحْمَلِ النَّخْلَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ غَرَسَ هَذِهِ؟ ". قَالَ عُمَرُ: أَنَا غَرَسْتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَنَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ غَرَسَهَا، فَحَمَلَتْ مِنْ عَامِهَا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15837 -

وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ جَيٍّ، وَكَانَ أَهْلُ قَرْيَتِي يَعْبُدُونَ الْخَيْلَ الْبُلْقِ، وَكُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، فَقِيلَ لِي: إِنَّ الدِّينَ الَّذِي تَطْلُبُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَغْرِبِ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَوْصِلَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْضَلِ رَجُلٍ فِيهَا فَدُلِلْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي صَوْمَعَةٍ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ جَيٍّ، وَإِنِّي جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ، وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ فَضُمَّنِي إِلَيْكَ أَخْدُمَكَ وَأَصْحَبَكَ، وَتُعَلِّمُنِي شَيْئًا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. قَالَ: نَعَمْ، فَصَحِبْتُهُ فَأَجْرَى عَلَيَّ مِثْلَ مَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَالْحُبُوبِ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِيهِ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يُبْكِينِي أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي أَطْلُبُ الْعِلْمَ فَرَزَقَنِي اللَّهُ عز وجل صُحْبَتَكَ، فَعَلَّمْتَنِي وَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي، فَنَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ فَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ؟ قَالَ: لِي أَخٌ بِالْجَزِيرَةِ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ عَلَى الْحَقِّ، فَأْتِهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي أَوْصَيْتُ بِكَ إِلَيْهِ، وَأُوصِيكَ بِصُحْبَتِهِ. قَالَ: فَلَمَّا أَنْ قُبِضَ الرَّجُلُ، خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الرَّجُلَ الَّذِي وَصَفَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالْخَبَرِ، وَأَقْرَأْتُهُ السَّلَامَ مِنْ صَاحِبِهِ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ هَلَكَ، وَأَمَرَنِي بِصُحْبَتِهِ، فَضَمَّنِي إِلَيْهِ وَأَجْرَى عَلَيَّ كَمَا كَانَ يُجْرِي عَلَيَّ مِنَ الْأَجْرِ، فَصَحِبْتُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتَ، فَلَمَّا أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ جَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ: خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي أَطْلُبُ الْخَيْرَ، فَرَزَقَنِي اللَّهُ صُحْبَةَ فُلَانٍ فَأَحْسَنَ صُحْبَتِي وَعَلَّمَنِي، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ أَوْصَى بِي إِلَيْكَ، فَضَمَمْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي وَعَلَّمْتَنِي، وَقَدْ نَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ فَلَا أَدْرِي أَيْنَ

ص: 337

أَتَوَجَّهُ؟ قَالَ: إِنَّ خَالِي عَلَى قُرْبِ الرُّومِيِّ، فَهُوَ عَلَى الْحَقِّ، فَأْتِهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَاصْحَبْهُ ; فَإِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، فَلَمَّا قُبِضَ الرَّجُلُ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وَبِوَصِيَّةِ الْآخَرِ قَبْلَهُ قَالَ: فَضَمَّنِي إِلَيْهِ وَأَجْرَى عَلَيَّ كَمَا كَانَ يُجْرِي عَلَيَّ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ جَلَسْتُ أَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَصَصْتُ قِصَّتِي، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ رَزَقَنِي صُحْبَتَكَ، فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي، وَقَدْ نَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ وَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَتَوَجَّهُ؟ قَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُهُ عَلَى دِينِ عِيسَى عليه السلام فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنَّ هَذَا أَوَانٌ يَخْرُجُ فِيهِ نَبِيٌّ أَوْ قَدْ خَرَجَ بِتِهَامَةَ، فَأْتِ عَلَى الطَّرِيقِ لَا يَمُرُّ بِكَ أَحَدٌ إِلَّا سَأَلْتَهُ عَنْهُ، فَإِذَا بَلَغَكَ أَنَّهُ خَرَجَ فَأْتِهِ ; فَإِنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى عليه السلام وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ، وَأَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ.

قَالَ: وَكَانَ لَا يَمُرُّ بِي أَحَدٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَمَرَّ بِي نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَسَأَلْتُهُمْ، فَقَالُوا: نَعَمْ قَدْ ظَهَرَ فِينَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ لَكَمَ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا لِبَعْضِكُمْ عَلَى أَنْ تَحْمِلُونِي عَقِبَةً، وَتُطْعِمُونِي مِنَ الْخُبْزِ كِسَرًا؟ فَإِذَا بَلَغْتُمْ إِلَى بِلَادِكُمْ ; فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَ بَاعَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَسْتَعْبِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَنَا، فَصِرْتُ عَبْدًا لَهُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَجَعَلَنِي فِي بُسْتَانٍ لَهُ مَعَ حُبْشَانٍ كَانُوا فِيهِ، فَخَرَجْتُ وَسَأَلْتُ، فَلَقِيتُ امْرَأَةً مِنْ بِلَادِي، فَسَأَلْتُهَا فَإِذَا أَهْلُ بَيْتِهَا قَدْ أَسْلَمُوا، وَقَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ فِي الْحِجْرِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، إِذْ صَاحَ عُصْفُورٌ بِمَكَّةَ، حَتَّى إِذَا أَضَاءَ لَهُمُ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا. فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْبُسْتَانِ، فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ لَيْلَتِي، فَقَالَ لِي الْحُبْشَانُ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: أَشْتَكِي بَطْنِي، فَقَالَ: وَإِنَّمَا صَنَعْتَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَفْقِدُونِي إِذَا ذَهَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي أَخْبَرَتْنِي الْمَرْأَةُ الَّتِي يَجْلِسُ فِيهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ، خَرَجْتُ أَمْشِي حَتَّى رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ مُحْتَبٍ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ، فَأَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أُرِيدُ، فَأَرْسَلَ حَبْوَتَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْمُقْبِلَةُ لَقَطْتُ تَمْرًا جَيِّدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" مَا هَذَا؟ ". قُلْتُ: هَدِيَّةٌ، فَأَكَلَ مِنْهَا وَقَالَ لِلْقَوْمِ:" كُلُوا ". قَالَ: قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ:" «اذْهَبْ فَاشْتَرِ نَفْسَكَ» ". فَانْطَلَقْتُ إِلَى صَاحِبَيْ فَقُلْتُ: يَعْنِي نَفْسِي، فَقَالَ: نَعَمْ عَلَى أَنْ تُنْبِتَ لِي مِائَةَ نَخْلَةٍ، فَإِذَا أَنْبَتَّ جِئْتَنِي

ص: 338

بِوَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اشْتَرِ نَفْسَكَ بِالَّذِي سَأَلَكَ، وَائْتِنِي بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ الَّتِي كُنْتَ تَسْقِي مِنْهَا ذَلِكَ النَّخْلَ ". قَالَ: فَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ سَقَيْتُهَا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ غَرَسْتُ مِائَةَ نَخْلَةٍ فَمَا مِنْهَا نَخْلَةٌ إِلَّا نَبَتَتْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ: أَنَّ النَّخْلَ قَدْ نَبَتَ، فَأَعْطَانِي قِطْعَةً مِنْ ذَهَبٍ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا فَوَضَعْتُهَا فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَوَضَعَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ نَوَاةً، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا اسْتَقَلَّتْ الْقِطْعَةُ مِنَ الذَّهَبِ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ: وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَعْتَقَنِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ التَّمِيمِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: رُبَّمَا أُغْرِبَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15838 -

وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ حَيِّ، مَدِينَةِ أَصْبَهَانَ، فَبَيْنَا أَنَا إِذْ أَلْقَى اللَّهُ عز وجل فِي قَلْبِي مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْطَلَقْتُ إِلَى، رَجُلً لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُ النَّاسَ يَتَحَرَّجُ، فَسَأَلْتُهُ: أَيُّ الدِّينِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ؟ أَتُرِيدُ دِينًا غَيْرَ دِينِكَ؟ قُلْتُ: لَا وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ وَأَيَّ دِينٍ أَفْضَلُ؟. قَالَ: مَا أَعْلَمُ عَلَى هَذَا غَيْرَ رَاهِبٍ بِالْمَوْصِلِ.

قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَسَكَنْتُ عِنْدَهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ قُتِّرَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، فَكَانَ يَصُومُ النَّهَارِ وَيَقُومُ اللَّيْلِ، فَكُنْتُ أَعْبُدُ كَعِبَادَتِهِ، فَلَبِثْتُ عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ، فَعَلَيْكَ بِرَاهِبٍ مِنْ وَرَاءِ الْجَزِيرَةِ، فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ. قَالَ: فَجِئْتُهُ فَأَقْرَأْتُهُ السَّلَامَ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ أَيْضًا ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ تَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ غَيْرَ رَاهِبٍ بِعَمُورِيَّةَ شَيْخٍ كَبِيرٍ، وَمَا أَدْرِي تَلْحَقُهُ أَمْ لَا؟ فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَكُنْتُ عِنْدَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ: أَيْنَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ إِنْ أَدْرَكْتَ زَمَانًا تَسْمَعُ بِرَجُلٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم وَمَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَدْرَكَنِي إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فَافْعَلْ ; فَإِنَّهُ الدِّينُ، وَأَمَارَةُ ذَلِكَ: أَنَّ قَوْمُهُ يَقُولُونَ: سَاحِرٌ مَجْنُونٌ كَاهِنٌ، وَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَإِنَّ عِنْدَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ. فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ أَتَى رَكْبٌ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَنَحْنُ قَوْمٌ تُجَّارٌ نَعِيشُ بِتِجَارَتِنَا، وَلَكِنَّهُ قَدْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ

ص: 339

- صلى الله عليه وسلم فَقَدِمَ عَلَيْنَا وَقَوْمُهُ يُقَاتِلُونَهُ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَحُولَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِجَارَتِنَا، وَلَكِنَّهُ قَدْ مَلَكَ الْمَدِينَةَ. فَقُلْتُ: مَا يَقُولُونَ فِيهِ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: سَاحِرٌ، مَجْنُونٌ، كَاهِنٌ، فَقُلْتُ: هَذِهِ الْأَمَارَةُ، دُلُّونِي عَلَى صَاحِبِكُمْ. فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: تَحْمِلُنِي إِلَى الْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ: مَا تُعْطِينِي؟ فَقُلْتُ: مَا أَجِدُ شَيْئًا أُعْطِيكَ غَيْرَ أَنِّي لَكَ عَبْدٌ، فَحَمَلَنِي، فَلَمَّا قَدِمْتُ جَعَلَنِي فِي نَخْلِهِ، فَكُنْتُ أَسْقِي كَمَا يَسْقِي الْبَعِيرُ، حَتَّى دَبِرَ ظَهْرِي وَصَدْرِي مِنْ ذَلِكَ، وَلَا أَجِدُ أَحَدًا يَفْقَهُ كَلَامِي، حَتَّى جَاءَتْ عَجُوزٌ فَارِسِيَّةٌ تَسْتَقِي فَكَلَّمْتُهَا فَفَقُهَتْ كَلَامِي، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَ؟ دُلِّينِي عَلَيْهِ. قَالَتْ: سَيَمُرُّ عَلَيْكَ بُكْرَةً إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَخَرَجْتُ فَجَمَعْتُ تَمْرًا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جِئْتُ، ثُمَّ قَرَّبْتُ إِلَيْهِ التَّمْرَ، فَقَالَ:" مَا هَذَا أَصَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ؟ ". فَأَشَرْتُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ، فَقَالَ:" انْطَلِقْ إِلَى هَؤُلَاءِ ". وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ، فَأَكَلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ، فَقُلْتُ: هَذِهِ الْأَمَارَةُ.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جِئْتُ بِتَمْرٍ، فَقَالَ:" مَا هَذَا؟ ". فَقُلْتُ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ، فَأَكَلَ وَدَعَا أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا، ثُمَّ رَآنِي أَتَعَرَّضُ لِأَرَى الْخَاتَمَ، فَعَرَفَ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ فَأَخَذْتُ أُقَبِّلُهُ وَأَلْتَزِمُهُ، فَقَالَ:" مَا شَأْنُكَ؟ ". فَسَأَلَنِي، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي فَقَالَ:" «اشْتَرَطْتَ لَهُمْ أَنَّكَ عَبْدٌ، فَاشْتَرِ نَفْسَكَ مِنْهُمْ» ". فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ يُحْيِيَ لَهُمْ ثَلَاثَ مِائَةِ نَخْلَةٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةِ ذَهَبٍ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اغْرِسْ ". فَغَرَسَ " ثُمَّ انْطَلِقْ فَأَلْقِ الدَّلْوَ عَلَى الْبِئْرِ، ثُمَّ لَا تَرْفَعُهُ حَتَّى يَرْتَفِعَ ; فَإِنَّهُ إِذَا امْتَلَأَ ارْتَفَعَ، ثُمَّ رُشَّ فِي أُصُولِهَا ". فَفَعَلَ، فَنَبَتَ النَّخْلُ أَسْرَعَ النَّبَاتِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ، إِنَّ لِهَذَا الْعَبْدِ لَشَأْنًا، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تِبْرًا، فَإِذَا فِيهِ أَرْبَعُونَ أُوقِيَّةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

15839 -

وَعَنْ سَلَامَةَ الْعِجْلِيِّ قَالَ: جَاءَ ابْنُ أُخْتٍ لِي مِنَ الْبَادِيَةِ - يُقَالُ لَهُ: قُدَامَةُ، فَقَالَ لِي ابْنُ أُخْتِي: أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى سَلْمَانَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ فَوَجَدْنَاهُ بِالْمَدَائِنِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا، فَوَجَدْنَاهُ عَلَى سَرِيرٍ يَسِفُّ حَوْضًا، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَذَا ابْنُ أُخْتٍ لِي قَدِمَ عَلَيَّ مِنَ الْبَادِيَةِ فَأَحَبَّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَلَتُ: يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّكَ قَالَ: أَحَبَّهُ اللَّهُ. قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا وَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَلَا تُحَدِّثْنَا عَنْ أَصْلِكَ وَمِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَمَّا أَصْلِي وَمِمَّنْ أَنَا فَأَنَا مِنْ رَامَهُرْمُزَ، كُنَّا قَوْمًا مَجُوسًا، فَأَتَى رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا فَيَنْزِلُ فِينَا، وَاتَّخَذَ فِينَا دَيْرًا، وَكُنْتُ فِي كُتَّابِ الْفَارِسِيَّةِ، وَكَانَ لَا يَزَالُ غُلَامٌ مَعِي فِي الْكُتَّابِ

ص: 340

يَجِيءُ مَضْرُوبًا يَبْكِي وَقَدْ ضَرَبَهُ أَبَوَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: يَضْرِبُنِي أَبَوَايَ، قَالَ: وَلِمَ يَضْرِبَاكَ؟ قَالَ: آتِي صَاحِبَ هَذَا الدَّيْرَ فَإِذَا عَلِمَا ذَلِكَ ضَرَبَانِي، وَأَنْتَ لَوْ أَتَيْتَهُ لَسَمِعْتَ مِنْهُ حَدِيثًا عَجَبًا، قُلْتُ: اذْهَبْ بِي مَعَكَ، فَأَتَيْنَاهُ فَحَدَّثَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ خَلْقِ وَعَنْ بَدْءِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَعَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. قَالَ: فَحَدَّثَنَا حَدِيثًا عَجَبًا قَالَ: وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ مَعَهُ. قَالَ: فَفَطِنَ لَنَا غِلْمَانٌ مِنَ الْكُتَّابِ، فَجَعَلُوا يَجِيئُونَ مَعَنَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَتَوْهُ، فَقَالُوا لَهُ: يَا هَذَا إِنَّكَ قَدْ جَاوَرْتَنَا فَلَمْ نَرَ مِنْ جِوَارِكَ إِلَّا الْحُسْنَ، وَإِنَّا نَرَى غِلْمَانَنَا يَخْتَلِفُونَ إِلَيْكَ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تَفْتِنَهُمْ عَلَيْنَا، اخْرُجْ عَنَّا، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ لِذَلِكَ الْغُلَامِ الَّذِي يَأْتِيهِ: اذْهَبْ مَعِي قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، قَدْ عَلِمْتُ شِدَّةَ أَبَوَيْ عَلَيَّ. قُلْتُ: لَكِنِّي أَخْرُجُ مَعَكَ. وَكُنْتُ يَتِيمًا لَا أَبَ لِي. فَخَرَجْتُ مَعَهُ فَأَخَذْنَا جَبَلَ رَامَهُرْمُزَ، فَجَعَلْنَا نَمْشِي وَنَتَوَكَّلُ، وَنَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ حَتَّى قَدِمْنَا الْجَزِيرَةَ، فَقَدِمْنَا نَصِيبِينَ، فَقَالَ لِي صَاحِبِي: يَا سَلْمَانُ، إِنَّ قَوْمًا هَاهُنَا هُمْ عُبَّادُ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاهُمْ. قَالَ: فَجِئْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَقَدِ اجْتَمَعُوا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ صَاحِبِي فَحَيَّوْهُ وَبَشُّوا لَهُ، وَقَالُوا: أَيْنَ كَانَتْ غَيْبَتُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ فِي إِخْوَانٍ لِي مِنْ قِبَلِ فَارِسٍ، فَتَحَدَّثْنَا مَا تَحَدَّثْنَا، ثُمَّ قَالَ لِي صَاحِبِي: قُمْ يَا سَلْمَانُ انْطَلِقْ، فَقُلْتُ: لَا دَعْنِي مَعَ هَؤُلَاءِ. قَالَ: قُلْتُ إِنَّكَ لَا تُطِيقُ مَا يُطِيقُ هَؤُلَاءِ، يَصُومُونَ مِنَ الْأَحَدِ إِلَى الْأَحَدِ، وَلَا يَنَامُونَ هَذَا اللَّيْلَ. وَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ تَرَكَ الْمُلْكَ وَدَخَلَ فِي الْعِبَادَةِ، فَكُنْتُ فِيهِمْ حَتَّى إِذَا أَمْسَيْنَا فَجَعَلُوا يَذْهَبُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى غَارِهِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، قَالَ: فَلَمَّا أَمْسَيْنَا، قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ: مَا هَذَا الْغُلَامُ؟ يُضَيِّعُوهُ لِيَأْخُذْهُ رَجُلٌ مِنْكُمْ. قَالُوا: خُذْهُ أَنْتَ، قَالُ لِي: هَلُمَّ يَا سَلْمَانُ فَذَهَبَ بِي مَعَهُ حَتَّى أَتَى غَارَهُ الَّذِي يَكُونُ، فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ هَذَا خُبْزٌ وَهَذَا أَدَمٌ، فَكُلْ إِذَا غَرَثْتَ، وَصُمْ إِذَا نَشِطَتْ، وَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ، وَنَمْ إِذَا كَسِلْتَ، ثُمَّ قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي إِلَّا ذَاكَ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ، فَأَخَذَنِي الْغَمُّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ لَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ حَتَّى كَانَ الْأَحَدُ، فَانْصَرَفَ إِلَيَّ، فَذَهَبْنَا إِلَى مَكَانِهِمُ الَّذِي كَانُوا يَجْتَمِعُونَ. قَالَ: وَهُمْ يَجْتَمِعُونَ كُلَّ أَحَدٍ، يُفْطِرُونَ فِيهِ، فَيَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى مِثْلِهِ. قَالَ: فَرَجَعْنَا إِلَى مَنْزِلِنَا فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ لِي أَوَّلَ مَرَّةٍ: هَذَا خُبْزٌ وَأَدَمٌ، فَكُلْ مِنْهُ إِذَا غَرَثْتَ، وَصُمْ إِذَا نَشِطَتْ، وَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ، وَنَمْ إِذَا كَسِلْتَ. ثُمَّ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيَّ وَلَمْ يُكَلِّمْنِي إِلَى الْأَحَدِ الْآخَرِ، فَأَخَذَنِي غَمٌّ وَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِالْفِرَارِ، ثُمَّ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ فَقُلْتُ: أَصْبِرُ أَحَدَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَلَمَّا كَانَ الْأَحَدُ رَجَعْنَا إِلَيْهِمْ، فَأَفْطِرُوا وَاجْتَمَعُوا فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي أُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَقَالُوا لَهُ: وَمَا

ص: 341

تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا عَهْدَ لِي بِهِ. قَالُوا: إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَحْدُثَ بِهِ حَدَثٌ فَيَلِيَكَ غَيْرُنَا وَكُنَّا نُحِبُّ أَنْ نَلِيَكَ. قَالَ: لَا عَهْدَ لِي بِهِ، فَلَمَّا سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ ذَاكَ فَرِحْتُ، قُلْتُ: نُسَافِرُ نَلْقَى النَّاسَ، فَذَهَبَ عَنِّي الْغَمُّ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ. فَخَرَجْنَا أَنَا وَهُوَ، وَكَانَ يَصُومُ مِنَ الْأَحَدِ إِلَى الْأَحَدِ، وَيُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَيَمْشِي النَّهَارَ، فَإِذَا نَزَلْنَا قَامَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَعَلَى الْبَابِ رَجُلٌ مُقْعَدٌ يَسْأَلُ النَّاسَ قَالَ: أَعْطِنِي، قَالَ: مَا مَعِي شَيْءٌ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ،، فَلَمَّا رَآهُ أَهْلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَشُّوا إِلَيْهِ وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: غُلَامِي هَذَا، فَاسْتَوْصُوا بِهِ، فَانْطَلَقُوا بِي فَأَطْعَمُونِي خُبْزًا وَلَحْمًا، وَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَنْصَرِفْ إِلَيَّ حَتَّى كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ الْآخَرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ لِي: يَا سَلْمَانُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَضَعَ رَأْسِي، فَإِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَيْقِظْنِي، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَبَلَغَ الظِّلُّ الَّذِي قَالَ فَلَمْ أُوقِظْهُ ; مَأْوَاةً لَهُ، مِمَّا رَأَيْتُ مِنِ اجْتِهَادِهِ وَنَصَبِهِ، فَاسْتَيْقَظَ مَذْعُورًا، فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، أَلَمْ أَكُنْ قُلْتُ لَكَ: إِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَيْقَظَنِي؟ قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنْ إِنَّمَا مَنَعَنِي مَأْوَاهُ لَكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ دَأْبِكَ قَالَ: وَيْحَكَ يَا سَلْمَانُ! إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَفُوتَنِي شَيْءٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ أَعْمَلْ مِنْهُ لِلَّهِ خَيْرًا، ثُمَْ قَالَ لِي: يَا سَلْمَانُ اعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ دِينِنَا الْيَوْمَ النَّصْرَانِيَّةُ، قُلْتُ: وَيَكُونُ بَعْدَ الْيَوْمِ دِينٌ أَفْضَلُ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ؟ - كَلِمَةٌ أُلْقِيَتْ عَلَى لِسَانِي - قَالَ: نَعَمْ، يُوشِكُ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيٌّ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِذَا أَدْرَكْتَهُ فَاتَّبِعْهُ وَصَدِّقْهُ، قُلْتُ: وَإِنْ أَمَرَنِي أَنْ أَدَعَ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ ; فَإِنَّهُ نَبِيٌّ اللَّهِ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِحَقٍّ، وَلَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْتُهُ ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَقَعَ فِي النَّارِ لَوَقَعْتُهَا. ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَمَرَرْنَا عَلَى ذَلِكَ الْمِقْعَدِ، فَقَالَ لَهُ: دَخَلْتَ فَلَمْ تُعْطِنِي وَهَذَا تَخْرُجُ فَأَعْطِنِي، فَالْتَفَتَ فَلَمْ يَرَ حَوْلَهُ أَحَدًا قَالَ: فَأَعْطِنِي يَدَكَ، قَالَ: فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، فَقَالَ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَقَامَ صَحِيحًا سَوِيًّا، فَتَوَجَّهَ نَحْوَ بَيْتِهِ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي تَعَجُّبًا مِمَّا رَأَيْتُ، وَخَرَجَ صَاحِبِي وَأَسْرَعَ الْمَشْيَ وَاتَّبَعْتُهُ، وَتَلَقَّانِي رُفْقَةٌ مِنْ كَلْبٍ أَعْرَابٌ، فَسَبَوْنِي فَحَمَلُونِي عَلَى بَعِيرٍ وَشَدُّونِي وِثَاقًا، فَتَدَاوَلَنِي الْبَيَّاعُ حَتَّى سَقَطْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاشْتَرَانِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَجَعَلَنِي فِي حَائِطٍ لَهُ مِنْ نَخْلٍ، فَكُنْتُ فِيهِ. قَالَ: وَمِنْ ثَمَّ تَعَلَّمْتُ عَمَلَ الْخُوصِ ; أَشْتَرِي خُوصًا بِدِرْهَمٍ وَأَعْمَلُهُ فَأَبِيعُهُ بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَرُدُّ دِرْهَمًا إِلَى الْخُوصِ، وَأَسْتَنْفِقُ دِرْهَمًا أُحِبُّ أَنْ آكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِي، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا. فَبَلَغَنَا وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل أَرْسَلَهُ، فَمَكَثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَمْكُثَ، فَهَاجَرَ إِلَيْنَا، وَقَدِمَ عَلَيْنَا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ وَجَرِّبَنَّهُ، فَذَهَبْتُ إِلَى السُّوقِ فَاشْتَرَيْتُ لَحْمَ جَزُورٍ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ طَبَخْتُهُ، فَجَعَلْتُ

ص: 342

قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ فَاحْتَمَلْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُهُ بِهَا عَلَى عَاتِقِي حَتَّى وَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" «مَا هَذِهِ؟ صَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ؟» ". قُلْتُ: بَلْ صَدَقَةٌ. قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ» ". وَأَمْسَكَ وَلَمْ يَأْكُلْ. فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ اشْتَرَيْتُ أَيْضًا بِدِرْهَمٍ لَحْمَ جَزُورٍ، فَأَضَعُ مِثْلَهَا وَاحْتَمَلْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُهُ بِهَا فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" «مَا هَذِهِ؟ هَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ» ". قُلْتُ: لَا، بَلْ هَدِيَّةٌ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:" «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ» ". وَأَكَلَ مَعَهُمْ، قُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ، فَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ ذَاتَ [يَوْمٍ]: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ قَوْمٍ النَّصَارَى؟ قَالَ:" لَا خَيْرَ فِيهِمْ " وَكُنْتُ أُحِبُّهُمْ حُبًّا شَدِيدًا؛ لِمَا رَأَيْتُ مِنِ اجْتِهَادِهِمْ، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ قَوْمٍ النَّصَارَى؟ قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ وَلَا فِيمَنْ يُحِبُّهُمْ. قُلْتُ فِي نَفْسِي: فَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّهُمْ، قَالَ: وَذَلِكَ وَاللَّهِ حِينَ بَعَثَ السَّرَايَا وَجَرَّدَ السَّيْفَ، فَسَرِيَّةٌ تَدْخُلُ وَسَرِيَّةٌ تَخْرُجُ، وَالسَّيْفُ يَقْطُرُ، فَقُلْتُ: تَحَدَّثُ الْآنَ إِنِّي أُحِبُّهُمْ فَيَبْعَثُ إِلَيَّ فَيَضْرِبُ عُنُقِي، فَقَعَدْتُ فِي الْبَيْتِ، فَجَاءَنِي الرَّسُولُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، أَجِبْ، قُلْتُ: مَنْ؟ قَالَ: رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: وَاللَّهِ هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ، قُلْتُ: نَعَمْ، اذْهَبْ حَتَّى أَلْحَقَكَ قَالَ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَجِيءَ، وَأَنَا أُحَدِّثُ نَفْسِي أَنْ لَوْ ذَهَبَ أَنْ أَفِرَّ. فَانْطَلَقَ بِي، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ وَقَالَ لِي:" «يَا سَلْمَانُ، أَبْشِرْ فَقَدْ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ» ". ثُمَّ تَلَا عَلَيَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} [القصص: 52]. {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ - وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 54 - 55]. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوْ أَدْرَكْتُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَقَعَ فِي النَّارِ لَوَقَعْتُهَا، إِنَّهُ نَبِيٌّ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وَلَا يَأْمُرُ إِلَّا بِحَقٍّ.)

15840 -

وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82] حَتَّى بَلَغَ: {تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة: 83]. فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " «يَا سَلْمَانُ، إِنَّ أَصْحَابَكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ سَلَامَةَ الْعِجْلِيِّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

15841 -

وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: أَتَانِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ يُسَلِّمُ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ قَطَوَانِيَّةٌ مُرْتَدِيًا بِهَا، فَطَرَحْتُ وِسَادَةً فَلَمْ يُرِدْهَا، وَلَفَّ عَبَاءَتَهُ فَجَلَسَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: بِحَسْبِكِ مَا بَلَغَكِ الْمَحَلُّ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ سَاعَةً، وَكَبَّرَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ صَاحِبُكِ - يَعْنِي أَبَا الدَّرْدَاءِ -؟ قُلْتُ: هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَا جَمِيعًا وَقَدِ اشْتَرَى أَبُو الدَّرْدَاءِ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ فَهُوَ فِي يَدِهِ مُعَلِّقَهُ، فَقَالَ: يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ

ص: 343

اخْبِزِي وَاطْبُخِي، فَفَعَلْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا سَلْمَانَ بِالطَّعَامِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كُلْ مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ; فَإِنِّي صَائِمٌ قَالَ سَلْمَانُ: لَا آكُلُ حَتَّى تَأْكُلَ، فَأَفْطَرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَكَلَ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ ذَهَبَ لِيَقُومَ، أَجْلَسَهُ سَلْمَانُ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَتَنْهَانِي عَنْ عِبَادَةِ رَبِّي؟! فَقَالَ سَلْمَانُ: إِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ نَصِيبًا، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ نَصِيبًا. وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ نَصِيبًا، فَمَنَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ قَامَا فَرَكَعَا رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَوْتَرَا، ثُمَّ خَرَجَا إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَذَكَرَا أَمْرَهُمَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" «مَا لِسَلْمَانَ ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ؟ لَقَدْ أُشْبِعَ مِنَ الْعِلْمِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ جَبَلَةَ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15842 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: " رَأَيْتُ مَلَكًا عَرَجَ بِعَمَلِ سَلْمَانَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ النُّورِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْمَعِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15843 -

وَعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ثَلَاثَةٌ تَشْتَاقُ إِلَيْهِمُ الْحُورُ الْعِينُ: عَلِيٌّ، وَعَمَّارٌ، وَسَلْمَانُ» . قُلْتُ: لَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: " «أَنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ، وَقَدْ حَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ.

15844 -

وَعَنْ بُقَيْرَةَ امْرَأَةِ سَلْمَانَ قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَ سَلْمَانَ الْمَوْتُ دَعَانِي وَهُوَ فِي عِلْيَةٍ لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، فَقَالَ: افْتَحِي يَا بُقَيْرَةُ هَذِهِ الْأَبْوَابَ، فَأَرَى الْيَوْمَ رُوَّادًا لَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ يَدْخُلُونَ عَلَيَّ. ثُمَّ دَعَا بِمِسْكٍ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَدِيفِيهِ فِي تَوْرٍ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ قَالَ: انْضَحِي حَوْلَ فِرَاشِي، ثُمَّ انْزِلِي فَامْكُثِي فَسَوْفَ تُظْلِمِينَ قُرْبَتِي عَلَى فِرَاشِي، فَاطَّلَعَتْ فَإِذَا هُوَ قَدْ أُخِذَ رُوحُهُ مَكَانَهُ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ نَحْوَ هَذَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْجَزْلِ عَنْ بُقَيْرَةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ رضي الله عنه]

تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي فِي سَرِيَّةٍ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

[بَابٌ فِي أَبِي الْهَيْثَمِ رضي الله عنه]

15845 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَبُو الْهَيْثَمِ، وَهُوَ نَقِيبٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ شُهُودِهِ بَدْرًا فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ.

15846 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَاسْمُهُ مَالِكٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه]

ص: 344

37 -

120 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه)

15847 -

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ إِحْدَى عَشْرَ سَنَةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15848 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «أَجَازَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَكَسَانِي قِبْطِيَّةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15849 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ - يَعْنِي ابْنَ عَفَّانَ -: ادْعُوَا لِي زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ.

15850 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ: أَيُّ النَّاسِ أَكْتَبُ؟ قَالُوا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15851 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَبَّرَ عَلَى أُمِّهِ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى بِدَابَّتِهِ فَأَخَذَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالرِّكَابِ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: دَعْهُ أَوْ ذَرْهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا نَفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ الْكُبَرَاءِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ رُزَيْنٍ الرُّمَّانِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15852 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَ مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: الْيَوْمَ مَاتَ حَبْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ خَلَفًا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ كَلَامٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.

15853 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَسِنُّهُ سِتٌّ وَخَمْسُونَ ; وَمِنَ النَّاسِ يَقُولُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجَازَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْخَنْدَقُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه

-]

15854 -

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ مَنْزِلَةُ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلَةَ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ مِنَ الْأَمِيرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15855 -

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فِي مُقَدِّمَتِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، فَكُلِّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي قَيْسٍ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ بِهِ ; مَخَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى شَيْءٍ، فَصَرَفَهُ عَنْ ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه

-]

15856 -

عَنِ امْرَأَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: «أَنَّ رَافِعًا رُمِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ أَوْ

ص: 345

يَوْمَ خَيْبَرَ - شَكَّ عَمْرٌو - بِسَهْمٍ فِي ثَنْدُوَتِهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزِعِ السَّهْمَ، فَقَالَ:" يَا رَافِعُ، إِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ وَالْقُطْبَةَ جَمِيعًا، وَإِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ وَتَرَكْتُ الْقُطْبَةَ وَشَهِدَتُ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّكَ شَهِيدٌ ". قَالَ: فَنَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّهْمَ وَتَرَكَ الْقُطْبَةَ، فَعَاشَ بِهَا حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، فَانْتَفَضَ بِهِ الْجُرْحُ فَمَاتَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَأُتِيَ ابْنُ عُمَرَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَاتَ رَافِعٌ، فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ مِثْلَ رَافِعٍ لَا يُخْرَجُ بِهِ حَتَّى يُؤَذَّنَ مِنْ حَوْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى، فَلَمَّا خَرَجْنَا بِجِنَازَتِهِ نُصَلِّي عَلَيْهِ جَاءَ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى رَأْسِ الْقَبْرِ». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَامْرَأَةُ رَافِعٍ إِنْ كَانَتْ صَحَابِيَّةً وَإِلَّا فَإِنِّي لَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15857 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بِالْمَدِينَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15858 -

وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: وَفِيهَا مَاتَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، وَحَضَرَ ابْنُ عُمَرَ رحمه الله جِنَازَتَهُ - يَعْنِي سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ -. وَكَانَ لِرَافِعٍ يَوْمَ مَاتَ سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15859 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ فِي أَوَّلِهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما]

15860 -

عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَصُرَ بِي وَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ عُمَرَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15861 -

وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ رحمه الله الْفَتْحَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ، وَمَعَهُ فَرَسٌ حَرُونٌ وَرُمْحٌ ثَقِيلٌ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ يَخْتَلِي لِفَرَسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ مُجَاهِدًا أَرْسَلَهُ.

15862 -

وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّفَاوِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بَكَى.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْحَاقُ الطَّفَاوِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15863 -

وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلَاةً، ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَافِعُ، أَسَحَرْنَا؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيُعَاوِدُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَافِعُ، أَسَحَرْنَا؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ،

ص: 346

فَيَقْعُدُ فَيَسْتَغْفِرُ وَيَدْعُو حَتَّى يُصْبِحَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15864 -

وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لِيَقْسِمُ فِي الْمَجْلِسِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَأْتِي عَلَيْهِ شَهْرٌ مَا يَأْكُلُ فِيهِ مُزْعَةَ لَحْمٍ. قَالَ بُرْدٌ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: هَلْ كَانَ يَأْكُلُ اللَّحْمَ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا صَامَ أَوْ سَافَرَ فَإِنَّهُ أَكْثَرُ طَعَامِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15865 -

وَعَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَكَى، فَاشْتُرِيَ لَهُ عُنْقُودُ عِنَبٍ بِدِرْهَمٍ، فَجَاءَ مِسْكِينٌ، فَقَالَ: أَعْطُوهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ خَالَفَ إِنْسَانٌ فَاشْتَرَاهُ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَيْهِ، فَجَاءَ الْمِسْكِينُ يَسْأَلُ، فَقَالَ: أَعْطَوْهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ خَالَفَ إِنْسَانٌ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى مُنِعَ، وَلَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ الْعُنْقُودِ مَا ذَاقَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15866 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِرَاعِي غَنَمٍ، فَقَالَ: يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ، هَلْ مِنْ جَزْرَةٍ؟ قَالَ الرَّاعِي: مَا لَيْسَ هَاهُنَا رَبُّهَا. قَالَ: تَقُولُ أَكَلَهَا الذِّئْبُ، فَرَفَعَ الرَّاعِي رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَنَا وَاللَّهِ أَحَقُّ أَنْ أَقُولَ: فَأَيْنَ اللَّهُ. فَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ الرَّاعِيَ، وَاشْتَرَى الْغَنَمَ، فَأَعْتَقَهُ وَأَعْطَاهُ الْغَنَمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْحَاطِبِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15867 -

وَعَنِ الْمُطْعَمِ بْنِ مِقْدَامٍ الصَّنْعَانِيِّ قَالَ: كَتَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَطْلُبُ، وَإِنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَصْلُحُ لِعَيِيٍّ، وَلَا بَخِيلٍ، وَلَا غَيُورٍ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الْخِلَافَةِ أَنِّي أَطْلُبُهَا، فَمَا طَلَبْتُهَا، وَمَا هِيَ مِنْ بَالِي. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مَنْ أَمْرِ الْعَيِيِّ وَالْبُخْلِ وَالْغَيْرَةِ، فَإِنَّ مَنْ جَمَعَ كِتَابَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِعَيِيٍّ، وَمَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَيْسَ بِبَخِيلٍ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْغَيْرَةِ، فَإِنَّ أَحَقَّ مَا غِرْتُ فِيهِ وَلَدِي أَنْ يُشْرِكَنِي فِيهِ غَيْرِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ؛ الْمُطْعَمُ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.

15869 -

وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: أَقَامَ ابْنُ عُمَرَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتِّينَ سَنَةً تَفِدُ عَلَيْهِ وُفُودُ النَّاسِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ.

15869 -

وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: يَمْنَعُنِي مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَيَّ دَمَ أَخِي الْمُسْلِمِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو الْأَشْهَبِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15870 -

وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ يَمْشِي إِذْ

ص: 347

مَرَّ بِهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مَعَهُ رُمْحٌ، فَوَضَعَ زُجَّ الرُّمْحِ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مِنْ قَدَمِ ابْنِ عُمَرَ، فَحَمَلَ الشَّيْخُ، فَأَدْخَلَ فَوَرِمَتْ سَاقُهُ، فَأَتَاهُ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَنْ أَصَابَكَ بِهَذَا حَتَّى آخُذَ لَكَ مِنْهُ؟ قَالَ: اللَّهُ، لَيَأْخُذَنَّ مِنْهُ اللَّهُ، لَيَأْخُذَنَّ مِنْهُ. قَالَ: مَا بَالُ حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ يُحْمَلُ فِيهِ السِّلَاحُ؟!! قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ هَذَا ثِقَاتٌ.

15871 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْحَجِّ، وَدُفِنَ بِالْمُحَصَّبِ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ: بِفَخٍّ، وَسِنُّهُ حِينَ أَجَازَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَكَانَ الْخَنْدَقُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ، فَسِنُّهُ يَوْمَ تُوُفِّيَ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15872 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: سِنُّ ابْنِ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15873 -

وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَدُفِنَ بِفَخٍّ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه

-]

15874 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، يُكْنَى: أَبَا سُلَيْمَانَ، وَهُوَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنَ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، وَأُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزَنِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُويَبْةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَيْفًا مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ.

15875 -

وَعَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَقَدَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15876 -

وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: «اسْتَعْمَلَ عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الشَّامِ، وَعَزَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ. قَالَ: فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: بُعِثَ عَلَيْكُمْ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ". فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " خَالِدٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ، وَنِعْمَ فَتَى

ص: 348

الْعَشِيرَةِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَرٍ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا عُبَيْدَةَ وَلَا عُمَرَ.

15877 -

وَعَنْ نَاشِرَةَ بْنِ سُمَيٍّ الْيَزَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَوْمَ الْجَابِيَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَإِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكُمْ مِنْ عَزْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَإِنِّي أَمَرْتُهُ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَالَ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَعْطَاهُ ذَا الْبَأْسِ، وَذَا الشَّرَفِ، وَذَا اللِّسَانِ ; فَعَزَلْتُهُ وَوَلَّيْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجِرَّاحِ. قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: وَاللَّهِ مَا أَعْذَرْتَ يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ ; لَقَدْ نَزَعْتَ عَامِلًا اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَمَدْتَ سَيْفًا سَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعْتَ لِوَاءً نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَقَدْ قَطَعْتَ الرَّحِمَ، وَحَسَدْتَ ابْنَ الْعَمِّ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّكَ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ، حَدِيثُ السِّنِّ، مُعَصَّبٌ فِي ابْنِ عَمِّكَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15878 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا خَالِدُ، لَا تُؤْذِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ ". فَقَالَ: يَقَعُونَ فِيَّ فَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ! فَقَالَ: " لَا تُؤْذُوا خَالِدًا ; فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ صَبَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

15879 -

وَعَنْ قَيْسٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ - قَالَ: «أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تَسُبُّوا خَالِدًا ; فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَلَمْ يُسَمِّ الصَّحَابِيَّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15880 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «نَعَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ مُؤْتَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: " ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15881 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَعَى أَهْلَ مُؤْتَةَ قَالَ: " ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَهُوَ إِمَامٌ ثَبْتٌ.

15882 -

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ: «أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَدَ قُلُنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، فَقَالَ: اطْلُبُوهَا، فَلَمْ يَجِدُوهَا، فَقَالَ: اطْلُبُوهَا، فَوَجَدُوهَا فَإِذَا هِيَ قُلُنْسُوَةٌ خَلَقَةٌ، فَقَالَ خَالِدٌ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَابْتَدَرَ النَّاسُ جَوَانِبَ شَعَرِهِ فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ، فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ الْقُلُنْسُوَةِ، فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِيَ مَعِي إِلَّا رُزِقْتُ النُّصْرَةَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَجَعْفَرٌ سَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلَا أَدْرِي سَمِعَ مِنْ خَالِدٍ أَمْ لَا.

ص: 349

15883 -

«وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: مَا عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِي وَبِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَحَدًا مُنْذُ أَسْلَمْنَا فِي حَرْبِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15884 -

وَعَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ: نَزَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحِيرَةَ عَلَى أَمِيرِ بَنِي الْمَرَازِبَةِ، فَقَالُوا لَهُ: احْذَرِ السُّمَّ، لَا تَسْقِيكَهُ الْأَعَاجِمُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ اقْتَحَمَهُ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. فَلَمْ يَضُرَّهُ شَيْئًا.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ، وَأَحَدُ إِسْنَادَيِ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا السَّفَرِ وَأَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى لَمْ يَسْمَعَا مِنْ خَالِدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15885 -

وَعَنْ قَيْسٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ - قَالَ: قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: مَا لَيْلَةٌ تُهْدَى إِلَى بَيْتِي فِيهَا عَرُوسٌ، أَنَا لَهَا مُحِبٌّ وَأُبَشَّرُ فِيهَا بِغُلَامٍ بِأَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ الْجَلِيدِ فِي سِرِيَّةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أُصَبِّحُ بِهَا الْعَدُوَّ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15886 -

وَعَنْ قَيْسٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ - قَالَ: قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: لَقَدْ مَنَعَنِي كَثِيرًا مِنَ الْقِرَاءَةِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15887 -

وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الْوَفَاةُ قَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْقَتْلَ فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي إِلَّا أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي، وَمَا مِنْ عَمَلِي أَرْجَى مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَا مُتَتَرِّسٌ بِهَا. ثُمَّ قَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ، فَانْظُرُوا سِلَاحِي وَفَرَسِي فَاجْعَلُوهُ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15888 -

وَعَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: دَخَلُوا عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَعُودُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لَفِي السِّبَاقِ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ أَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15889 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ نَحْوَ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه

-]

15890 -

عَنْ رَاشِدٍ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ قَالَ: «لَمَّا انْصَرَفْنَا مِنَ الْأَحْزَابِ عَنِ الْخَنْدَقِ، جَمَعْتُ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا يَرَوْنَ مَكَانِي وَيَسْمَعُونَ مِنِّي، فَقُلْتُ لَهُمْ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى أَمْرَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَعْلُو الْأُمُورَ عُلُوًّا كَبِيرًا مُنْكَرًا، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَمْرًا فَمَا تَرَوْنَ فِيهِ؟ قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ أَنْ نَلْحَقَ بِالنَّجَاشِيِّ فَنَكُونَ عِنْدَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى قَوْمِنَا كُنَّا

ص: 350

عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، فَإِنَّا أَنْ نَكُونَ تَحْتَ يَدَيْهِ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نَكُونَ تَحْتَ يَدَيْ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ ظَهَرَ قَوْمُنَا فَنَحْنُ مَنْ قَدْ عُرِفُوا، فَلَنْ يَأْتِيَنَا مِنْهُمْ إِلَّا خَيْرٌ. قَالُوا: إِنَّ هَذَا الرَّأْيُ. قَالَ: قُلْتُ لَهُمْ: فَاجْمَعُوا لِي مَا يُهْدَى، وَكَانَ أَحَبُّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ مِنْ أَرْضِنَا الْأَدَمَ، فَجَمَعْنَا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَعِنْدَهَ إِذْ جَاءَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمَرِيُّ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ فِي شَأْنِ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهِ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: هَذَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ لَوْ قَدْ دَخَلْتُ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَسَأَلْتُهُ إِيَّاهُ فَأَعْطَانِيهِ، فَضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي قَدْ أَجْزَأْتُ عَنْهَا حِينَ قَتَلْتُ رَسُولَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَجَدْتُ لَهُ كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِصَدِيقِي، أَهْدَيْتَ لِي مِنْ بِلَادِكَ شَيْئًا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَيُّهَا الْمَلِكُ ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ لَقَدْ أَهْدَيْتُ لَكَ أُدْمًا كَثِيرًا، ثُمَّ قَدَّمْتُهُ إِلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ وَاشْتَهَاهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا خَرَجَ مِنْ عِنْدِكَ وَهُوَ رَسُولُ رَجُلٍ عَدُوٍّ لَنَا، فَأَعْطِنِيهِ فَأَقْتُلَهُ ; فَإِنَّهُ قَدْ أَصَابَ مِنْ أَشْرَافِنَا وَخِيَارِنَا.

قَالَ: فَغَضِبَ، وَمَدَّ يَدَهُ وَضَرَبَ بِهَا أَنْفَهُ ضَرْبَةً ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ كَسَرَهُ، فَلَوِ انْشَقَّتْ لِيَ الْأَرْضُ لَدَخَلْتُ فِيهَا فَرَقًا مِنْهُ. ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَاللَّهِ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَكْرَهُ هَذَا مَا سَأَلْتُهُ. قَالَ: تَسْأَلُنِي أَنْ أُعْطِيَكَ رَسُولَ رَجُلٍ يَأْتِيهِ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى لِتَقْتُلَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، أَكَذَاكَ هُوَ؟ قَالَ: وَيْحَكَ يَا عَمْرُو! أَطِعْنِي وَاتَّبِعْهُ; فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَعَلَى الْحَقِّ، وَلَيَظْهَرَنَّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ كَمَا ظَهَرَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ. قَالَ: فَتُبَايِعُنِي لَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَسَطَ يَدَهُ، وَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ. ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي وَقَدْ حَالَ رَأْيِي عَمَّا كُنْتُ عَلَيْهِ، وَكَتَمْتُ أَصْحَابِي إِسْلَامِي، ثُمَّ خَرَجْتُ عَامِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَقِيتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَكَانَ قُبَيْلَ الْفَتْحِ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقَامَ الْمَيْسَمُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ نَبِيٌّ، اذْهَبْ فَأَسْلِمْ، فَحَتَّى مَتَى؟ قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا جِئْتُ إِلَّا لِأُسْلِمَ قَالَ: فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَقَدَّمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَسْلَمَ وَبَايَعَ، ثُمَّ دَنَوْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَلَا أَذْكُرُ مَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا عَمْرُو، بَايِعْ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَإِنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا ". قَالَ: فَبَايَعْتُهُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ».

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ كَانَ مَعَهُمَا أَسْلَمَ حِينَ أَسْلَمَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ فِيهِ إِلَى أُذُنِي، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15891 -

وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ رَمْثَةَ

ص: 351

«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَنَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" يَرْحَمُ اللَّهُ عَمْرًا ". فَتَذَاكَرْنَا كُلَّ مَنِ اسْمُهُ عَمْرٌو. فَنَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَرْحَمُ اللَّهُ عَمْرًا ". قَالَ: ثُمَّ نَعَسَ الثَّالِثَةَ، فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ:" يَرْحَمُ اللَّهُ عَمْرًا ". فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ عَمْرٌو هَذَا؟ قَالَ:" عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ". قُلْنَا: وَمَا شَأْنُهُ؟ قَالَ: " كُنْتُ إِذَا نَدَيْتُ النَّاسَ إِلَى الصَّدَقَةَ جَاءَ فَأَجْزَلَ مِنْهَا، فَأَقُولُ: يَا عَمْرُو، أَنَّى لَكَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَصَدَقَ عَمْرٌو إِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا كَثِيرًا ".

قَالَ زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: لَأَلْزَمَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا كَثِيرًا».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ زُهَيْرٌ: فَلَمَّا كَانَتِ الْفِتْنَةُ قُلْتُ: أَتَّبِعُ هَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ. وَرِجَالُ أَحْمَدَ وَأَحَدُ إِسْنَادَيِ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

15892 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ إِسْلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. قُلْتُ: إِسْلَامُهُمْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَعْرُوفٍ، وَأَمَّا إِسْلَامُ خَالِدٍ وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ فَلَمْ أَجِدْهُ إِلَّا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ قَوْلِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15893 -

وَعَنْ رَافِعِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ الطَّائِيِّ قَالَ: «لَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ اسْتُعْمِلَ رَسُولُ اللَّهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى جَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ» . قَالَ الْحَدِيثُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15894 -

وَعَنْ طَلْحَةَ - يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَا عَمْرُو، إِنَّكَ لَذُو رَأْيٍ سَدِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارِ قَوْلِهِ:" فِي الْإِسْلَامِ ". وَفِي إِسْنَادِ الْكَبِيرِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَإِسْنَادُ الْبَزَّارِ فِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15895 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي الْجَنَّةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، بِاخْتِصَارِ قَوْلِهِ " وَعَمْرٌو فِي الْجَنَّةِ وَأَحْمَدُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ: " عَمْرٌو وَهِشَامٌ ". وَرِجَالُ الْكَبِيرِ وَأَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

15896 -

وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ حِينَ شَيَّعَ عَمْرًا: أَوَ تَزِيدُ النَّاسَ نَارًا، أَلَا تَرَى إِلَى مَا يَصْنَعُ هَذَا بِالنَّاسِ؟!، فَقَالَ: دَعْهُ ; فَإِنَّمَا وَلَّاهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعِلْمِهِ بِالْحَرْبِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْمُنْذِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15897 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:

ص: 352

«بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ ثُمَّ ائْتِنِي ". قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ، ثُمَّ طَأْطَأَ فَقَالَ: " إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ فَيُسَلِّمُكَ اللَّهُ وَيُغْنِمُكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ مِنَ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَسْلَمْتُ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: " يَا عَمْرُو، نَعِمَّا بِالْمَالِ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: هَكَذَا فِي النُّسْخَةِ: " نَعِمَّا ". بِنَصْبِ النُّونِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بِكَسْرِ النُّونِ وَالْعَيْنِ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَقَالَ فِيهِ:«وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَأَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " نَعَمْ وَنَعِمَّا بِالْمَالِ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ» . وَرِجَالُ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15898 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْحِجْرِ مَعَ النَّاسِ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ قِيلَ: قَدِمَ اللَّيْلَةَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ: فَمَا أَكْثَرْنَا أَنْ دَخَلَ عَلَيْنَا فَمَدَدْنَا إِلَيْهِ أَبْصَارَنَا، فَطَافَ، ثُمَّ صَلَّى فِي الْحِجْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: أَقَرَصْتُمُونِي؟ قُلْنَا: مَا ذَكَرْنَاكَ إِلَّا بِخَيْرٍ، ذَكَرْنَاكَ وَهِشَامَ بْنَ الْعَاصِ فَقُلْنَا: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا، وَقَالَ بَعْضُنَا: هِشَامٌ. قَالَ: أَنَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَسْلَمْنَا وَأَحْبَبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَاصَحْنَاهُ، ثُمَّ ذَكَرَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، فَقَالَ: أَخَذْتُ بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ، ثُمَّ اغْتَسَلْتُ وَتَحَنَّطْتُ، ثُمَّ تَكَفَّنْتُ، فَعَرَضْنَا أَنْفُسَنَا عَلَى اللَّهِ عز وجل فَقَبِلَهُ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي. - يَقُولُهَا ثَلَاثًا -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15899 -

وَعَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ: جَزِعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عِنْدَ الْمَوْتِ جَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا هَذَا الْجَزَعُ؟ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُدْنِيكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ؟! قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، كَانَ ذَلِكَ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَحُبًّا كَانَ ذَلِكَ أَمْ تَأَلُّفًا يَتَأَلَّفُنِي؟، وَلَكِنْ أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ فَارَقَ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: ابْنُ سُمَيَّةَ، وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، فَلَمَّا حَزَبَهُ الْأَمْرُ جَعَلَ يَدَهُ مَوْضِعَ الْغِلَالِ مِنْ ذَقْنِهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَمَرْتَنَا فَتَرَكْنَا، وَنَهَيْتَنَا فَرَكِبْنَا، وَلَا يَسَعُنَا إِلَّا مُغْفِرَتُكَ. وَكَانَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ حَتَّى مَاتَ. قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15900 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ عَمْرٌو بِمِصْرَ يَوْمَ الْفِطْرِ سَنَةَ

ص: 353

اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

15901 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَيُكْنَى: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِمِصْرَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَدُفِنَ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَسِنُّهُ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَمْرٍو أَيْضًا وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم]

15902 -

عَنْ طَلْحَةَ - يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ - قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ؟ أَلَا إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ، وَنِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ» . قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15903 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " نِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ.

15904 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «كُنْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ فَقَالَ: " هَلْ تَدْرِي مَنْ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ؟ ". قُلْتُ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " جِبْرِيلُ عليه السلام ". قُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا جِبْرِيلُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ قَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا حَسَنٌ.

15905 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَخَيْرٌ أَعْلَمُهُ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِثْلَيْهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; لِأَنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَهُمُّنَا الْآخِرَةُ، وَلَا تَهُمُّنَا الدُّنْيَا، وَإِنَّا الْيَوْمَ قَدْ مَالَتْ بِنَا الدُّنْيَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15906 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15907 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - وَيُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ بِمِصْرَ، وَدُفِنَ فِي دَارِهِ - سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. وَقَائِلٌ يَقُولُ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً، أَوِ اثْنَتَانِ وَتِسْعُونَ سَنَةً - شَكَّ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ - فِي السَّبْعِينَ أَوِ التِّسْعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه

-]

15908 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنه وَأُمُّهُ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ جَابِرِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَأُمُّهَا بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ سَعِيدِ بْنِ سَهْمٍ ..

15909 -

عَنْ

ص: 354

إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ بِالْأَبْطَحِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَأَنَّهُ ثَلْجٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15910 -

وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ طَوِيلًا، أَبْيَضَ، أَجْلَحَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ صَفْوَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15911 -

وَعَنْ أَسْلَمَ - مَوْلَى عُمَرَ - قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ وَهُوَ أَبْيَضُ النَّاسِ وَأَجْمَلُهُمْ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15912 -

وَعَنْ بَكَّارِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا وَلَدَتْ قُرَشِيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خَيْرًا لَهَا فِي دُنْيَاهَا مِنِّي. فَقَالَ مَعْدُ بْنُ يَزِيدَ: مَا وَلَدَتْ قُرَشِيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خَيْرًا لَهَا فِي دِينِهَا مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَمَا وَلَدَتْ قُرَشِيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ شَرًّا لَهَا فِي دُنْيَاهَا مِنْكَ. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ عَوَّدْتَهَا عَادَةً كَأَنِّي بِهِمْ قَدْ طَلَبُوهَا مِنْ غَيْرِكَ، فَكَأَنِّي بِهِمْ صَرْعَى فِي الطَّرِيقِ. قَالَ: وَيْحَكَ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأَكْتُمُهَا نَفْسَيْ كَذَا وَكَذَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ ضَعِيفٌ.

15913 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ مِنَ الشَّامِ يُرِيدُ مَكَّةَ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ: الْأَبْوَاءُ، فَاطَّلَعَ فِي بِئْرِ عَادِيَةٍ فَأَصَابَتْهُ لِقْوَةٌ، فَأَجَدَّ السَّيْرَ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ، وَأَتَاهُ الْحَاجِبُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، النَّاسُ بِالْبَابِ مَا أَفْقِدُ وَجْهًا. قَالَ: فَابْسُطْ لِي إِذًا. قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِعِمَامَةٍ فَلَفَّ بِهَا رَأَسَهُ وَشِقَّ وَجْهَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنْ أُعَافَى فَقَدْ عُوفِيَ الصَّالِحُونَ قَبْلِي، إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَرِضَ مِنِّي عُضْوٌ فَمَا أُحْصِيَ صَحِيحِي، وَإِنْ كَانَ وَجَدَ عَلَيَّ بَعْضُ خَاصَّتِكُمْ فَقَدْ كُنْتُ حَدَبًا عَلَى عَامَّتِكُمْ، وَمَا لِي أَنْ أَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَانِي، فَرَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا دَعَا لِي بِالْعَافِيَةِ. وَارْتَجَّتِ الْأَصْوَاتُ بِالدُّعَاءِ فَاسْتَبْكَى، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَمِيَر الْمُؤْمِنِينَ؟! قَالَ: رَاجَعْتُ مَا كُنْتَ عَنْهُ عَزُوفًا، فَقَالَ: كَبُرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَكَثُرَتِ الدُّمُوعُ فِي عَيْنِي، وَرُمِيتُ فِي أَحْسَنِي وَمَا يَبْدُو مِنِّي، وَلَوْلَا هَوًى مِنِّي فِي يَزِيدَ أَبْصَرَتُ قَصْدِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15914 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَخَذَ الْإِدَاوَةَ بَعْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَكَى أَبُو هُرَيْرَةَ، فَبَيْنَا هُوَ يُوَضِّئُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ:" يَا مُعَاوِيَةُ، إِنْ وُلِّيتَ أَمْرًا فَاتَّقِ اللَّهَ وَاعْدِلْ ". قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَظُنُّ أَنِّي مُبْتَلًى بِعَمَلٍ لِقَوْلِ رَسُولِ

ص: 355

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ابْتُلِيتُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فَوَصَلَهُ فَقَالَ فِيهِ: عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَوَضَّؤُوا ". قَالَ: فَلَمَّا تَوَضَّؤُوا نَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: " يَا مُعَاوِيَةُ، إِنْ وُلِّيتَ أَمْرًا فَاتَّقِ اللَّهَ وَاعْدِلْ» . وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ، وَقَالَ فِي الْأَوْسَطِ:" فَاقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ ". بِاخْتِصَارٍ. وَرِجَالُ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15915 -

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُمِّ حَبِيبَةَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَقَّ الْبَابَ دَاقٌّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " انْظُرُوا مَنْ هَذَا ". قَالُوا: مُعَاوِيَةُ قَالَ: " ائْذَنُوا ". وَدَخَلَ وَعَلَى أُذُنِهِ قَلَمٌ يَخُطُّ بِهِ، فَقَالَ: " مَا هَذَا الْقَلَمُ عَلَى أُذُنِكَ يَا مُعَاوِيَةُ؟ ". قَالَ: قَلَمٌ أَعْدَدْتُهُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَقَالَ: " جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّكَ خَيْرًا، وَاللَّهِ مَا اسْتَكْتَبْتُكَ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عز وجل وَمَا أَفْعَلُ مِنْ صَغِيرَةٍ وَلَا كَبِيرَةٍ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عز وجل كَيْفَ بِكَ لَوْ قَمَصَكَ اللَّهُ قَمِيصًا - يَعْنِي الْخِلَافَةَ -؟ ". فَقَامَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ مُقَمِّصٌ أَخِي قَمِيصًا؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَلَكِنَّ فِيهِ هَنَّاتٍ، وَهَنَّاتٍ، وَهَنَّاتٍ ". فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَادْعُ اللَّهَ لَهُ. فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهْدِهِ بِالْهُدَى، وَجَنِّبْهُ الرَّدَى، وَاغْفِرْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ السَّرِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15916 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَأْذَنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي أَمْرٍ، فَقَالَ: " أَشِيرُوا عَلَيَّ ". فَقَالَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ: " أَشِيرُوا عَلَيَّ ". فَقَالَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ: " ادْعُوَا لِي مُعَاوِيَةَ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: أَمَا كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مَا يَنْفُذُونَ أَمْرَهُمْ حَتَّى بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى غُلَامٍ مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْشٍ؟!، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: " أَحْضِرُوهُ أَمْرَكُمْ - أَوْ أَشْهِدُوهُ أَمْرَكُمْ - ; فَإِنَّهُ قَوِيٌّ أَمِينٌ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارِ اعْتِرَاضِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ، وَشَيْخُ الْبَزَّارِ ثِقَةٌ، وَشَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ لَمْ يُوَثِّقْهُ إِلَّا الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، وَلَيْسَ فِيهِ جَرْحٌ مُفَسَّرٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

15917 -

وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَأَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْحَارِثُ بْنُ زِيَادٍ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ وَثَّقَهُ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15918 -

وَعَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَمَكِّنْ لَهُ فِي الْبِلَادِ ".

15919 -

وَفِي رِوَايَةٍ أَيْضًا: " وَقِهِ سُوءَ الْعَذَابِ».

ص: 356

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، وَجَبَلَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مَسْلَمَةَ فَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا وَفِيهِمْ خِلَافٌ.

15920 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمِيرِكُمْ هَذَا - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَذْحِجِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15921 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِي رِجَالِهِ خِلَافٌ.

15922 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اسْتَوْصِ مُعَاوِيَةَ ; فَإِنَّهُ أَمِينٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَنِعْمَ الْأَمِينُ هُوَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ فِطْرٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ فِيهِ لِينٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15923 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ وَرَأْسُ مُعَاوِيَةَ فِي حِجْرِهَا وَهِيَ تُقَبِّلُهُ، فَقَالَ لَهَا: " أَتُحِبِّينَهُ؟ ". فَقَالَتْ: وَمَا لِي لَا أُحِبُّ أَخِي! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُحِبَّانِهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15924 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15925 -

وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِلًا فِي كَنِيسَةٍ بِأَرِيحَا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَسْجِدٌ يُصَلَّى فِيهِ قَالَ: فَانْتَبَهَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ نَوْمَتِهِ، فَإِذَا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ أَسَدٌ يَمْشِي إِلَيْهِ، فَقَامَ فَزِعًا إِلَى سِلَاحِهِ، فَقَالَ لَهُ الْأَسَدُ: صَهٍ ; إِنَّمَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكَ بِرِسَالَةٍ لِتُبَلِّغَهَا، قُلْتُ: مَنْ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لِتُعْلِمَ مُعَاوِيَةَ الرَّحَّالَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قُلْتُ: مَنْ مُعَاوِيَةُ؟ قَالَ: ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَقَدِ اخْتَلَطَ.

15926 -

وَعَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: لَوْ رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ لَقُلْتُمْ: هَذَا الْمَهْدِيُّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15927 -

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: قَتْلَايَ وَقَتْلَى مُعَاوِيَةَ فِي الْجَنَّةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

15928 -

وَعَنْ ثَابِتٍ - مَوْلَى أَبِي سُفْيَانَ - قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَرْضَ الرُّومِ فَوَقَعَ ثِلْبٌ فِي رَحْلِهِ، فَنَادَى: يَا عِبَادَ اللَّهِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ مُعَاوِيَةُ، فَنَزَلَ وَنَزَلَ النَّاسُ وَقَالُوا: نَكْفِي الْأَمِيرَ، فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يُغِيثُ جِبْرِيلُ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ الثَّانِي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سَعِيدُ

ص: 357

بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الزُّبَيْدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15929 -

وَعَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ مُعَاوِيَةَ مَا كَانَ أَشَدَّ حُبَّهُ لِلْعَرَبِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى مُجَاهِدٍ.

15930 -

وَعَنْ قَيْسٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ - قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِأَخِيهِ: ارْتَدِفْ، فَأَبَى، فَقَالَ: بِئْسَ مَا أُدِّبْتَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: دَعْ أَخَاكَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15931 -

وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ سَنَةَ سِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15932 -

وَعَنِ اللَّيْثِ - يَعْنِي: ابْنَ سَعْدٍ - قَالَ: تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ وَسَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه

-]

15933 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ حَلِيفُ آلِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، كَانَ إِسْلَامُهُ بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى قَدِمَ زَمَنَ خَيْبَرَ، وَقِيلَ: مَاتَ أَبُو مُوسَى سَنَةَ خَمْسِينَ، وَدُفِنَ بِالتُّوتَةِ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ الْكُوفَةِ.

15934 -

وَعَنْ شُبَابٍ الْعُصْفُرِيِّ قَالَ: وَلِيَ أَبُو مُوسَى الْكُوفَةَ وَلَهُ بِهَا أَهْلٌ وَدَارٌ حَضْرَةُ الْجَامِعِ، مَاتَ أَبُو مُوسَى سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. وَنَسَبُهُ قَالَ: أَبُو مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ، هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنِ بْنِ حَرْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ وَائِلِ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ جَمَاهِرِ بْنِ الْأَشْعَرِ بْنِ أَدَدِ بْنِ عُرَيْبِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سِنَانِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَغُوثَ بْنِ قَحْطَانَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15935 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ: مَاتَ أَبُو مُوسَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15936 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: «قَدِمَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَكْبَرِ أَهْلِ السَّفِينَةِ وَأَصْغَرِهِمْ، وَكَانَ أَبُو عَامِرٍ يَقُولُ: أَنَا أَكْبَرُ أَهْلِ السَّفِينَةِ وَابْنِي أَصْغَرُهُمْ» .

قَالَ سَعِيدٌ: وَكَانَ فِيهَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَبُو مَالِكٍ، وَأَبُو مُوسَى، وَكَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ، خَرَجُوا بِالْأَبْوَاءِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15937 -

وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «كَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيِّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ، فَجَعَلَهُمْ فِي سَفِينَتَيْنِ، فَقَدِمَ بِهِمْ خَيْبَرَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُنْقَطِعَ الْإِسْنَادِ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

15938 -

وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «خَرَجَ بُرَيْدَةُ عِشَاءً فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا صَوْتُ رَجُلٍ يَقْرَأُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" تُرَاهُ يُرَائِي؟ ". فَأُسْكِتَ بُرَيْدَةُ فَإِذَا بِرَجُلٍ يَدْعُو فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَالذَّي نَفْسِي بِيَدِهِ " أَوْ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ". قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْقَابِلَةِ خَرَجَ بُرَيْدَةُ عِشَاءً وَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ

ص: 358

الْمَسْجِدَ فَإِذَا صَوْتُ الرَّجُلِ يَقْرَأُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" تُرَاهُ يُرَائِي؟ ". فَقَالَ بُرَيْدَةُ: أَتَقُولُ هُوَ مُرَاءٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا بَلْ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ لَا، بَلْ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ ". فَإِذَا الْأَشْعَرِيُّ يَقْرَأُ بِصَوْتٍ لَهُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْأَشْعَرِيَّ - أَوْ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ - أُعْطِي مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ ". فَقُلْتُ: أَلَا أُخْبِرُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " بَلَى فَأَخْبِرْهُ ". فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ لِي صَدِيقٌ ; أَخْبَرْتَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي الصَّحِيحِ مِنْهُ:«أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» ". وَهُنَا: " مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ ". وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15939 -

«وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي حَتَّى صَعِدَ أُحُدًا، وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: " وَيْحَ أُمِّهَا قَرْيَةٌ! يَدَعُهَا أَهْلُهَا أَعْمَرَ مَا تَكُونُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْ أَنِقَابِهَا مَلَكًا مُصْلِتًا. ثُمَّ انْحَدَرَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بَرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي وَيَقْرَأُ، فَقَالَ: " تُرَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ؟، إِنَّهُ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُبَشِّرُهُ؟ قَالَ: " احْذَرْ لَا تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَهُ ". ثُمَّ انْحَدَرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَجَدْنَا بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيَّ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلٌ يُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَكَانَ بُرَيْدَةُ صَاحِبَ مُزَاحَاتٍ، فَقَالَ: يَا مِحْجَنُ، أَلَا تُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي سَكِيَّةَ؟! فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَرَجَعَ، فَلَمَّا أَتَى بَيْتَهُ قَالَ: " خَيْرُ دِينِنَا أَيْسَرُهُ، خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ رَجَاءِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

15940 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَقَدْ أُعْطِيَ أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ» .

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " «مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» ". وَهُنَا: " «مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

15941 -

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ يَقْرَأُ، فَقَالَ: " لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

15942 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى أَبِي مُوسَى ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَبُو مُوسَى يَقْرَأُ، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةُ، فَقَامَا يَسْتَمِعَانِ لِقِرَاءَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمَا مَضَيَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ لَقِيَ أَبُو مُوسَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا مُوسَى، مَرَرْتُ بِكَ الْبَارِحَةَ وَمَعِي عَائِشَةُ وَأَنْتَ تَقْرَأُ فِي بَيْتِكَ،

ص: 359

فَقُمْنَا فَاسْتَمَعْنَا لِقِرَاءَتِكَ ". فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِكَ لَحَبَّرْتُ لَكَ تَحْبِيرًا». قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ غَيْرَ خَالِدِ بْنِ نَافِعٍ الْأَشْعَرِيِّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ.

15943 -

«وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَعَدَ أَبُو مُوسَى فِي بَيْتِهِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَأَنْشَأَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ. قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَعْجَبَكَ مِنْ أَبِي مُوسَى، قَعَدَ فِي بَيْتٍ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ فَأَنْشَأَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَتَسْطِيعُ أَنْ تُقْعِدَنِي حَيْثُ لَا يَرَانِي أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَقْعَدَهُ الرَّجُلُ حَيْثُ لَا يَرَاهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَسَمِعَ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: " إِنَّهُ يَقْرَأُ عَلَى مِزْمَارٍ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15944 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا مُوسَى يَقْرَأُ فَقَالَ: " كَأَنَّ صَوْتَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا وَفِيهِمْ خِلَافٌ.

15945 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ: " لَقَدْ أُوتِيَ أَخُوكُمْ مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15946 -

(وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ فِي وَصِيَّتِهِ أَنْ لَا يُقَرَّ لِي عَامِلٌ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَأَقِرُّوا الْأَشْعَرِيَّ أَرْبَعَ سِنِينَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ إِلَّا أَنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه)

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه

-]

15947 -

عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُنَبِّهٍ، يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أُمُّهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَلِيَ الْبَصْرَةَ نَحْوَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ وَلِيَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ خَمْسِينَ. وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُدَيْبِيَةُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ وُثِّقُوا.

15948 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ سَنَةَ خَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

15949 -

وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ حَفَرَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَلَحَدْنَا لَحْدًا. قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقَبْرَ طَرَحْتُ الْفَأْسَ، ثُمَّ قُلْتُ: الْفَأْسَ الْفَأْسَ، ثُمَّ نَزَلْتُ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى اللَّحْدِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُجَالِدٌ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15950 -

وَعَنِ ابْنِ مَرْحَبٍ قَالَ: نَزَلَ فِي قَبْرِ

ص: 360

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يُدْعَى أَحْدَثَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ: أَخَذْتُ خَاتَمِي فَأَلْقَيْتُهُ وَقُلْتُ: إِنَّ خَاتَمِي سَقَطَ مِنْ يَدِي ; لِأَمَسَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكُونَ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

15951 -

وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فَعُرِضَ عَلَيْهِ فَرَسٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: احْمِلْنِي عَلَى هَذَا، فَقَالَ: لَأَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِ غُلَامًا قَدْ رَكِبَ الْخَيْلَ عَلَى عُزْلَتِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْمِلَكَ عَلَيْهِ، فَغَضِبَ الرَّجُلُ وَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْكَ وَمِنْ أَبِيكَ فَارِسًا، فَغَضِبْتُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ فَسَحَبْتُهُ عَلَى أَنْفِهِ، فَكَأَنَّمَا كَانَ عَلَى أَنْفِهِ عَزْلَاءُ مَزَادَةٌ، فَأَرَادَتِ الْأَنْصَارُ أَنْ يَسْتَقْيِدُوا مِنِّي، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنِّي مُقَيِّدُهُمْ مِنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَلَأَنْ أُخْرِجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ أَقْرَبُ مِنْ أَنْ أُقِيدَهُمْ مِنْ وَزَعَةِ اللَّهِ الَّذِينَ يَزَعُونَ عِبَادَ اللَّهِ. قُلْتُ: هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ لَمْ أَعْرِفْ مَعْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

-]

15952 -

«عَنْ قَيْسٍ الْمَدَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلَ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَبَيْنَا أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَفُلَانٌ فِي الْمَسْجِدِ نَدْعُو وَنَذْكُرُ رَبَّنَا عز وجل إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا، فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: " عُودُوا لِلَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ ". فَقَالَ زَيْدٌ: فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي قَبْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِنَا، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي سَائِلُكَ بِمِثْلِ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ، وَأَسْأَلُكُ عِلْمًا لَا يُنْسَى. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " آمِينَ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ عِلْمًا لَا يُنْسَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " سَبَقَكُمَا بِهَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَيْسٌ هَذَا كَانَ قَاصَّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15953 -

«وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ جَرِيئًا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَشْيَاءَ لَا يَسْأَلُهُ عَنْهَا غَيْرُهُ» . قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي الْمُسْنَدِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

15954 -

وَعَنْ أَبِي

ص: 361

الشَّعْثَاءِ سُلَيْمٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَوَجَدْتُ أَبَا أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ: تُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّهُ قَدْ سَمِعَ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقَيْنِ فِي إِحْدَاهُمَا سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْجَحْدَرِيُّ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهَا ثِقَاتٌ.

15955 -

«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ قَرَّتْ عَيْنِي وَطَابَتْ نَفْسِي، وَإِذَا لَمْ أَرَكَ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا» -.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي مَيْمُونَةَ الْفَارِسِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15956 -

«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ابْسُطْ ثَوْبَكَ ". فَبَسَطْتُهُ، فَحَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَّةَ النَّهَارِ، ثُمَّ تَفِلَ فِي ثَوْبِي، ثُمَّ ضَمَمْتُ ثَوْبِي إِلَى بَطْنِي فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ» . قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: كَانَ مَالِكٌ يَرْضَاهُ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُنْدَعِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

15957 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي كَثِيرٍ رضي الله عنه

-]

37 -

130 - ‌

‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي مَالِكٍ رضي الله عنه

-)

15958 -

عَنْ أَبِي مَالِكٍ عُبَيْدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَهُ -: " دَعَا لَهُ " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عُبَيْدِ أَبِي مَالِكٍ، وَاجْعَلْهُ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عُرِفَ بِالْأُصَيْرِمِ رضي الله عنه

-]

15959 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «حَدِّثُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ، سَأَلُوهُ: مَنْ هُوَ؟ فَيَقُولُ: أُصَيْرِمُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ. قَالَ الْحُصَيْنُ: فَقُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: كَيْفَ كَانَ شَأْنُ الْأُصَيْرِمِ؟ قَالَ: كَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ بَدَا لَهُ الْإِسْلَامُ فَأَسْلَمَ، فَأَخَذَ سَيْفَهُ فَغَدَا حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ، فَدَخَلَ فِي عَرْضِ النَّاسِ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ. فَبَيْنَا رِجَالُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَلْتَمِسُونَ قَتْلَاهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ إِذَا هُمْ بِهِ قَالُوا: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَلْأُصَيْرِمُ، وَمَا جَاءَ بِهِ، لَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لَمُنْكِرٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ! فَسَأَلُوهُ: مَا جَاءَ بِهِ؟ فَقَالُوا: مَا جَاءَ بِكَ يَا عَمْرُو؟! أَحَدَثًا عَلَى قَوْمِكَ، أَوْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: بَلْ رَغْبَةً

ص: 362

فِي الْإِسْلَامِ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ أَخَذْتُ سَيْفِي فَغَدَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَاتَلْتُ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ، فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه

-]

15960 -

«عَنْ سَلَمَةَ - يَعْنِي ابْنَ الْأَكْوَعِ - قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا، وَمَسَحَ رَأْسِي مِرَارًا، وَاسْتَغْفَرَ لِي وَلِذُرِّيَّتِي عَدَدَ مَا بِيَدَيَّ مِنَ الْأَصَابِعِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَكِيمَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15961 -

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ فُرْسَانِنَا أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي أُسَيْدٍ رضي الله عنه

-]

15962 -

«عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ غَزْوَةً، غَزْوَةً بَعْدَ غَزْوَةٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15963 -

وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أُصِيبَ بَصَرُهُ قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَتَّعَنِي بِبَصَرِي فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَرَادَ الْفِتْنَةَ فِي عِبَادِهِ كَفَّ بَصَرِي عَنْهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15964 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَسِنُّهُ تِسْعُونَ سَنَةً.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه

-]

15965 -

عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: وَفَدْتُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى الْوِفَادَةِ لُقِيُّ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، وَغَزَوْتُ مَعَهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ رضي الله عنه

-]

15966 -

عَنْ سَعْدٍ - مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ - قَالَ: «شَكَا رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَفْوَانَ

ص: 363

بْنَ الْمُعَطَّلِ، وَكَانَ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَفْوَانُ هَجَانِي، فَقَالَ:" دَعُوا صَفْوَانَ ; فَإِنَّ صَفْوَانَ خَبِيثُ اللِّسَانِ طَيِّبُ الْقَلْبِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَامِرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا» ".

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي صَفْوَانَ بْنِ قُدَامَةَ رضي الله عنه

-]

15967 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ قُدَامَةَ قَالَ: «هَاجَرَ أَبِي صَفْوَانُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَمَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ يَدَهُ فَمَسَحَ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: إِنِّي أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . فَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ قَدَامَةَ حَيْثُ أَتَى دَارَ الْهِجْرَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ دَعَا قَوْمَهُ وَبَنِي أَخِيهِ لِيَخْرُجُوا مَعَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ وَتَرَكَهُمْ، وَخَرَجَ مَعَهُ بِابْنَيْهِ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: عَبْدَ الْعُزَّى، وَعَبْدَ نُهْمٍ، فَغَيَّرَ أَسْمَاءَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ فِي ذَلِكَ ابْنُ أَخِيهِ نَصْرُ بْنُ فَلَانِ بْنِ قُدَامَةَ فِي خُرُوجِ صَفْوَانَ وَوَحْشَتِهِمْ لِفِرَاقِهِ:

تَحَمَّلَ صَفْوَانُ وَأَصْبَحَ غَادِيًا

بِأَبْنَائِهِ عَمْدًا وَخَلَّى الْمَوَالِيَا

فَأَصْبَحْتُ مُخْتَارًا لِرَمْلٍ مُعَبَّدٍ

وَأَصْبَحَ صَفْوَانُ بِيَثْرِبَ ثَاوِيًا

طِلَابَ الَّذِي يَبْقَى وَآثَرَ غَيْرَهُ

فَشَتَّانَ مَا يَفْنَى وَمَا كَانَ بَاقِيَا

بِإِتْيَانِهِ دَارَ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ

مُجِيبًا لَهُ إِذْ جَاءَ بِالْحَقِّ هَادِيَا

فَيَا لَيْتَنِي يَوْمَ الْحُدَبَّا اتَّبَعْتُهُمْ

قَضَى اللَّهُ فِي الْأَشْيَاءِ مَا كَانَ قَاضِيَا.

فَأَجَابَهُ صَفْوَانُ فَقَالَ:

مِنْ مُبَلِّغٍ نَصْرًا رِسَالَةَ عَاتِبٍ

بِأَنَّكَ بِالتَّقْصِيرِ أَصْبَحْتَ رَاضِيَا

مُقِيمًا عَلَى أَرْكَانِ هِدْلِقَ لِلْهَوَى

وَأَنَّكَ مَغْرُورٌ تَمَنَّى الْأَمَانِيَا

فَسَامَ قُسَيْمَاتِ الْأُمُورِ وَعَادَهَا

قَضَى اللَّهُ فِي الْأَشْيَاءِ مَا كَانَ قَاضِيَا.

وَأَقَامَ صَفْوَانُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ بِهَا، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي مَوْتِ أَبِيهِ صَفْوَانَ:

ص: 364

وَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ الَّذِي سَبَقَتْ لَهُ

عِنْدَ النَّبِيِّ سَوَابِقُ الْإِسْلَامِ

صَلَّى الْإِلَهُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ

وَثَنَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بِسَلَامِ

وَالْخَلْقُ كُلُّهُمُ بِمِثْلِ صَلَاتِهِمْ

مَنْ فِي السَّمَاءِ وَأَرْضُهُ الْأَيَّامِ.

وَأَقَامَ صَفْوَانُ بِالْمَدِينَةِ خِلَافَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بَعَثَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ صَفْوَانَ فِي جَيْشٍ مَدَدًا لِلْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ مَيْمُونٍ وَكَانَ قَدَرِيًّا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي طَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه

-]

15968 -

عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ: «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ابْسُطْ - يَعْنِي يَدَكَ - أُبَايِعْكَ. قَالَ: " وَإِنْ أَمَرْتُكَ بِقَطِيعَةِ وَالِدَيْكَ؟ ". قُلْتُ: لَا. ثُمَّ عُدْتُ لَهُ فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ قَالَ: " عَلَامَ ". قُلْتُ: عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ: " وَإِنْ أَمَرْتُكَ بِقَطِيعَةِ وَالِدَيْكَ؟ ". قُلْتُ: لَا.

ثُمَّ عُدْتُ الثَّالِثَةَ، وَكَانَتْ لَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ مِنْ أَبَرِّ النَّاسِ بِهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا طَلْحَةُ، إِنَّهُ لَيْسَ فِي دِينِنَا قَطِيعَةُ الرَّحِمِ، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي دِينِكَ رِيبَةٌ ". فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. ثُمَّ مَرِضَ فَعَادَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَا أَظُنُّ طَلْحَةَ إِلَّا مَقْبُوضًا مِنْ لَيْلَتِهِ، فَإِنْ أَفَاقَ فَأَرْسِلُوا إِلَيَّ ". فَأَفَاقَ طَلْحَةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَ: مَا عَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: بَلَى، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ قَالَ: فَقَالَ: لَا تُرْسِلُوا إِلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ فَتَلْسَعَهُ دَابَّةٌ أَوْ يُصِيبُهُ شَيْءٌ، وَلَكِنْ إِذَا فُقِدْتُ فَأَقْرِءُوهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُولُوا لَهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لِي. فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ سَأَلَ عَنْهُ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَوْتِهِ وَبِمَا قَالَ قَالَ: فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ الْقَهُ يَضْحَكُ إِلَيْكَ وَأَنْتَ تَضْحَكُ إِلَيْهِ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَعَبَدُ رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

15969 -

وَعَنْ حُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ: «أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ لَمَّا لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ فَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا. فَعَجِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ وَهُوَ غُلَامٌ، فَقَالَ:" اذْهَبْ فَاقْتُلْ أَبَاكَ ".

قَالَ: فَخَرَجَ مُوَلِّيًا لِيَفْعَلَ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ:" أَقْبِلْ ; فَإِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ ".

فَمَرِضَ طَلْحَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ فِي الْمَسَاءِ فِي غَيْمٍ وَبَرْدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِأَهْلِهِ:" إِنِّي لَا أَرَى طَلْحَةَ إِلَّا حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ، فَآذِنُونِي حَتَّى أَشْهَدَهُ وَأُصَلِّيَ عَلَيْهِ ". وَأَعْجَلُوا فَلَمْ يَبْلُغِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ

ص: 365

حَتَّى تُوُفِّيَ، وَجَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ، وَكَانَ فِيمَا قَالَ طَلْحَةُ: ادْفِنُونِي وَأَلْحِقُونِي بِرَبِّي تبارك وتعالى وَلَا تَدْعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ مِنَ الْيَهُودَ، وَلَا يُصَابُ فِي سَبَبِي. فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَصْبَحَ، فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ وَصَفَّ النَّاسَ مَعَهُ، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ الْقَ طَلْحَةَ تَضْحَكُ إِلَيْهِ وَيَضْحَكُ إِلَيْكَ». قُلْتُ: عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ طَرَفٌ مِنْ آخِرِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ حَسَنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَفِينَةَ رضي الله عنه

-]

15970 -

«عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ أَنَّهُ: لَقِيَ سَفِينَةَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ثَمَانِ لَيَالٍ أَسْأَلُهُ عَنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مَا أَنَا بِمُخْبِرِكَ! سَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَفِينَةَ. قُلْتُ: وَلِمَ سَمَّاكَ سَفِينَةَ؟ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ مَتَاعُهُمْ، فَقَالَ لِي: " ابْسُطْ كِسَاءَكَ ". فَبَسَطْتُهُ، فَجَعَلُوا فِيهِ مَتَاعَهُمْ ثُمَّ حَمَلُوهُ عَلَيَّ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " احْمِلْ؛ فَإِنَّمَا أَنْتِ سَفِينَةٌ ". فَلَوْ حَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ وِقْرَ بَعِيرٍ أَوْ بَعِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ مَا ثَقُلَ عَلَيَّ إِلَّا أَنْ يَحْفُوا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

15971 -

وَعَنْ عِمْرَانَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ مَوْلًى لِأُمِّ سَلَمَةَ قَالَ:«كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى وَادٍ. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَعْبُرُ النَّاسَ أَوْ أَحْمِلُهُمْ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَا كُنْتَ الْيَوْمَ إِلَّا سَفِينَةً، أَوْ مَا أَنْتَ إِلَّا سَفِينَةٌ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ.

15972 -

وَعَنْ سَفِينَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْبَحْرِ، فَانْكَسَرَتْ سَفِينَتُنَا فَلَمْ نَعْرِفِ الطَّرِيقَ، فَإِذَا أَنَا بِالْأَسَدِ قَدْ عَرَضَ لَنَا، فَتَأَخَّرَ أَصْحَابِي فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: أَنَا سَفِينَةُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَضْلَلْنَا الطَّرِيقَ، فَمَشَى بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى أَوْقَفَنَا عَلَى الطَّرِيقِ، ثُمَّ تَنَحَّى وَدَفَعَنِي كَأَنَّهُ يُرِينِي الطَّرِيقَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوَدِّعُنَا.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَانْكَسَرَتْ سَفِينَتِي الَّتِي كُنْتُ فِيهَا، فَرَكِبْتُ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِهَا فَطَرَحَنِي اللَّوْحُ فِي أَجَمَةٍ فِيهَا الْأَسَدُ، فَأَقْبَلَ إِلَيَّ يُرِيدُنِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَنَا سَفِينَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَأَقْبَلَ إِلَيَّ فَدَفَعَنِي بِمِنْكَبِهِ. وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ.

15973 -

وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَنْ سَفِينَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 366

قَالَ نَحْوَهُ. وَلَا أَدْرِي مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟!، وَرِجَالُهُمَا وُثِّقُوا.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه

-]

15974 -

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا أُلْقِيَنَّ مَا نُوزِعْتُ أَحَدًا مِنْكُمْ عِنْدَ الْحَوْضِ، فَأَقُولُ: هَذَا مِنْ أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ ". قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: " لَسْتَ مِنْهُمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ.

15975 -

«وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: " إِنَّ قَوْمًا مِنْ أُمَّتِي سَيَكْفُرُونَ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ "؟. قَالَ: " أَجَلْ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَلَسْتَ مِنْهُمْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15976 -

وَعَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: «قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كُنْتُ تَاجِرًا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ بَيْنَ التِّجَارَةِ وَالْعِبَادَةِ، فَلَمْ يَسْتَقِمْ، فَتَرَكْتُ التِّجَارَةَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْعِبَادَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي جُلَيْبِيبٍ رضي الله عنه

-]

15977 -

«عَنْ أَبِي بَزْرَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنْ: جُلَيْبِيبًا كَانَ امْرَأً يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ يَمُرُّ بِهِنَّ وَيُلَاعِبُهُنَّ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: لَا تُدْخِلَنَّ عَلَيْكُمْ جُلَيْبِيبًا؛ إِنْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ. قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ: هَلْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: " زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ ". قَالَ: نَعَمْ وَكَرَامَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنِعْمَةَ عَيْنٍ قَالَ: " إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي ". قَالَ: فَلِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " لِجُلَيْبِيبٍ ". قَالَ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ] أُشَاوِرُ أُمَّهَا. [فَأَتَى أُمَّهَا] فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ ابْنَتَكِ قَالَتْ: نَعَمْ وَنِعْمَةَ عَيْنٍ. قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ، إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ. قَالَتْ: أَلِجُلَيْبِيبٍ إِنِيهْ أَلِجُلَيْبِيبٍ إِنِيهْ، لَا لَعَمْرُ اللَّهِ لَا نُزَوِّجُهُ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا قَالَتِ الْجَارِيَةُ: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمْ؟ فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا، فَقَالَتْ: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ؟!، ادْفَعُونِي إِلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي. فَانْطَلَقَ أَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: شَأْنُكَ بِهَا فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ لَهُ قَالَ: فَلَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عز وجل قَالَ: " هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ ".

ص: 367

قَالُوا: لَا. قَالَ: " لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا ". قَالَ: " فَاطْلُبُوهُ ". فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَا هُوَ ذَا إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ". - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا -.

ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَاعِدَيْهِ، وَحُفِرَ لَهُ مَا لَهُ سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ غَسَّلَهُ.

قَالَ ثَابِتٌ: فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقُ مِنْهَا».

وَحَدَّثَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثَابِتًا قَالَ: «هَلْ تَعْلَمُ مَا دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: " اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا ".

قَالَ: فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقُ مِنْهَا».

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ خَالِيًا عَنِ الْخِطْبَةِ وَالتَّزْوِيجِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15978 -

«وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جُلَيْبِيبٍ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهَا قَالَ: أَسْتَأْمِرُ أُمَّهَا قَالَ: " فَنَعَمْ إِذًا ". قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لَا هَا اللَّهِ إِذًا، مَا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا فُلَانًا وَفُلَانًا؟ قَالَ: وَالْجَارِيَةُ فِي خِدْرِهَا تَسْمَعُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ؟ إِنْ كَانَ رَضِيَ لَكُمْ فَأَنْكِحُوهُ. قَالَ: فَكَأَنَّهَا جَلَّتْ عَنْ أَبْوَيْهَا، وَقَالَا: صَدَقَتْ، فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ رَضِيتَهُ فَقَدْ رَضِينَاهُ، فَقَالَ: " إِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ ". فَزَوَّجَهَا، ثُمَّ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَرَكَبَ جُلَيْبِيبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَمِنْ أَنْفَقِ أَيِّمٍ بِالْمَدِينَةِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَكَأَنَّمَا حَلَّتْ عَنْ أَبَوَيْهَا عِقَالًا. وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي زَاهِرِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه

-]

15979 -

«عَنْ أَنَسٍ أَنَّ: رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرًا، وَكَانَ يُهْدِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْهَدِيَّةَ فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ ".

وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ، وَكَانَ [رَجُلًا] دَمِيمًا، فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي مِنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟ ". فَقَالَ:

ص: 368

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَكِنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ ". أَوْ قَالَ: " [لَكِنْ] عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15980 -

«وَعَنْ سَالِمٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْجَعْدِ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَشْجَعَ - يُقَالُ لَهُ: أَزْهَرُ بْنُ حَرَامٍ الْأَشْجَعِيُّ - رَجُلٌ بَدَوِيٌّ وَكَانَ لَا يَزَالُ يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِطُرْفَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ يَبِيعُ سِلْعَةً لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَتَاهُ - يَعْنِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ - فَاحْتَضَنَهُ مِنْ وَرَاءِ كَتِفِهِ، فَالْتَفَتَ فَأَبْصَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلَ كَفَّهُ، فَقَالَ: " مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟ ". قَالَ: إِذًا تَجِدُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ كَاسِدًا قَالَ: " لَكِنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ رَبِيحٌ ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لِكُلِّ حَاضِرٍ بَادِيَةٌ، وَبَادِيَةُ آلِ مُحَمَّدٍ زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ ذِي الْبِجَادَيْنِ رضي الله عنه

-]

15981 -

«عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْبِجَادَيْنِ: " إِنَّهُ أَوَّاهٌ ". وَذَلِكَ أَنَّهُ كَثِيرُ الذِّكْرِ لِلَّهِ عز وجل فِي الْقُرْآنِ، وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي الدُّعَاءِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُمَا حَسَنٌ.

15982 -

«وَعَنِ ابْنِ الْأَدْرَعِ قَالَ: كُنْتُ أَحْرُسُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ قَالَ: فَرَآنِي فَأَخَذَ بِيَدِي، فَانْطَلَقْنَا فَمَرَرْنَا عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " عَسَى أَنْ يَكُونَ مُرَائِيًا ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُصَلِّي يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ؟ [قَالَ: فَرَفَضَ يَدِي ثُمَّ] قَالَ: " إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا هَذَا الْأَمْرَ بِالْمُغَالَبَةِ ". ثُمَّ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا أَحْرُسُهُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَرَرْنَا عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: عَسَى أَنْ يَكُونَ مُرَائِيًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " كَلَّا؛ إِنَّهُ أَوَّابٌ ". [قَالَ:] فَنَظَرْتُ، فَإِذَا [هُوَ] عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

15983 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - قَالَ: «وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ ذِي الْبِجَادَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا - وَهُوَ يَقُولُ: " نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمَا ". حَتَّى وَسَّدَهُ فِي لَحْدِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَمْسَيْتُ عَنْهُ رَاضِيًا فَارْضَ عَنْهُ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ شَيْخِهِ: عَبَّادِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَرْزَمِيِّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

ص: 369

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي ضِمَامٍ رضي الله عنه

-]

15984 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ ضُمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَلَا أَرْقِيكَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ". قَالَ ضُمَامٌ: لَقَدْ قَرَأْتُ الْكُتُبَ، وَالتَّوْرَاةَ، وَالْإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ! أَعِدْهُنَّ عَلَيَّ، فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَسْلَمَ» .

قُلْتُ: حَدِيثُ ضُمَادٍ - بِالدَّالِ - فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَحَدِيثُ ضُمَامٍ بِالْمِيمِ لَمْ أَجِدْهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَذَكَرَهُ بِالْمِيمِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي نُعَيْمٍ النَّحَّامِ رضي الله عنه

-]

15985 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَهُوَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّحَّامَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «سَمِعْتُ نَحْمَةً فِي الْجَنَّةِ» ". وَالنَّحْمُ: الصَّوْتُ.

15986 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: وَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ، وَقُتِلَ بِأَجْنَادِينَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ رضي الله عنه

-]

15987 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهَبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَأُمُّهُ عَمْرَةُ بِنْتُ الْأَرْقَمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. كَانَ قَدْ عَمِيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ. وَكَانَ كَاتِبًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم.

15989 -

وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كِتَابُ رَجُلٌ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ: " أَجِبْ عَنِّي ". فَكَتَبَ جَوَابَهُ ثُمَّ قَرَأَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ ". فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ كَانَ يُشَاوِرُهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُعْضَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه

-]

15990 -

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: «قَدِمْتُ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ حِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَبِسْنَا حُلَلَنَا بِبَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: مَنْ يُمْسِكُ لَنَا رَوَاحِلَنَا؟ فَكُلُّ الْقَوْمِ أَحَبَّ الدُّخُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَرِهَ

ص: 370

التَّخَلُّفَ عَنْهُ، قَالَ عُثْمَانُ: وَكُنْتُ أَصْغَرَهُمْ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمْ أَمْسَكْتُ لَكُمْ عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمْ عَهْدَ اللَّهِ لَتُمْسِكُنَّ لِي إِذَا خَرَجْتُمْ قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجُوا، فَقَالُوا: انْطَلَقَ بِنَا، قُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالُوا: إِلَى أَهْلِكَ، فَقُلْتُ: خَرَجْتُ مِنْ أَهْلِي حَتَّى إِذَا حَلَلْتُ بِبَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْجِعُ وَلَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ وَقَدْ أَعْطَيْتُمُونِي مَا قَدْ عَلِمْتُمْ [مِنَ الْعَهْدِ]؟ قَالُوا: فَاعْجَلْ لَنَا؛ فَإِنَّا قَدْ كَفَيْنَاكَ الْمَسْأَلَةَ فَلَمْ نَدَعْ شَيْئًا إِلَّا سَأَلْنَاهُ، فَدَخَلْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُفَقِّهَنِي فِي الدِّينِ وَيُعَلِّمَنِي قَالَ:" مَاذَا قُلْتَ؟ ". فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْقَوْلَ، فَقَالَ:" لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، اذْهَبْ فَأَنْتَ أَمِيرٌ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ تَقْدُمُ عَلَيْهِ مَنْ قَوْمِكَ» ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَيَّادٍ وَقَدْ وُثِّقَ.

15991 -

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مُخْتَصَرَةٍ قَالَ فِيهَا: «فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ مُصْحَفًا كَانَ عِنْدَهُ فَأَعْطَانِيهِ» .

15992 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَمَعَهُ كِتَابٌ قَالَ: " لَأُعْطِيَنَّ هَذَا الْكِتَابَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قُمْ يَا عُثْمَانُ بْنَ أَبِي الْعَاصِ» ". فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْلَى أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

15993 -

وَعَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ قَدْ أَخْلَاهُ لِلْحَدِيثِ، فَمُرَّ عَلَيْهِ بِكَبْشٍ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَقَالَ: بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مَعِي اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا اشْتَرَيْتُ بِهَا كَبْشًا، فَضَحَّيْتُ وَأَطْعَمْتُ عِيَالِي، فَلَمَّا قُمْتُ اتَّبَعَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ بِصُرَّةٍ فِيهَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا، فَمَا رَأَيْتُ دَرَاهِمَ قَطُّ كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا، أَعْطَانِي وَهُوَ لَهَا مُحْتَسِبٌ وَأَنَا إِلَيْهَا مُحْتَاجٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه]

15994 -

عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ قَالَ: بَيْنَمَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ يُكَلِّمُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَكَانَ عَامِلًا، فَأَغْضَبُهُ فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَبْضَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ فَرَجَمَهُ بِهَا، فَأَصَابَ حَجْرٌ مِنْهَا جَبِينَهُ فَشَجَّهُ، فَسَالَ الدَّمُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَكَأَنَّهُ نَدِمَ فَقَالَ: امْسَحِ الدَّمَ عَنْ لِحْيَتِكَ، فَقَالَ: لَا يَهُولَنَّكَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ لَمَا انْتَهَكْتُ مِمَّنْ وَلَّيْتَنِي أَمْرَهُ أَشَدُّ مِمَّا انْتَهَكْتَ مِنِّي. قَالَ: فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَ عُمَرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَزَادَهُ خَيْرًا.

رَوَاهُ

ص: 371

الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي جَرِيرٍ رضي الله عنه

-]

15995 -

«عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: لَمَّا دَنَوْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ أَنَخْتُ رَاحِلَتِي، ثُمَّ حَلَلْتُ عَيْبَتِي، ثُمَّ لَبِسْتُ حُلَّتِي، ثُمَّ دَخَلْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَرَمَانِي النَّاسُ بِالْحَدَقِ، فَقُلْتُ لِجَلِيسِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، ذَكَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ ذَكَرَكَ [آنِفًا] بِأَحْسَنِ ذِكْرٍ، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ إِذْ عَرَضَ لَهُ فِي خُطْبَتِهِ وَقَالَ:" يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ - أَوْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ - رَجُلٌ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، أَلَا إِنَّ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةَ مَلَكٍ ".

قَالَ جَرِيرٌ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا أَبْلَانِي».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِاخْتِصَارٍ عَنْهُمَا، رِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شِبْلٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

15996 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَطْلَعُ عَلَيْكُمْ خَيْرُ ذِي يَمَنٍ، عَلَيْهِ مَسْحَةُ مَلَكٍ ". فَطَلَعَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

15997 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا يَوْمًا قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَكْثَرُهُمْ مِنَ الْيَمَنِ، إِذْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذِهِ الثَّنِيَّةِ خَيْرُ ذِي يَمَنٍ ". فَبَقِيَ الْقَوْمُ كُلُّ رَجُلٍ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَإِذَا هُمْ بِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ طَلَعَ مِنَ الثَّنِيَّةِ، فَجَاءَ حَتَّى سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَصْحَابِهِ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ بِأَجْمَعِهِمُ السَّلَامَ، ثُمَّ بَسَطَ عَرْضَ رِدَائِهِ وَقَالَ لَهُ: " عَلَى هَذَا يَا جَرِيرُ فَاقْعُدْ ". فَقَعَدَ مَعَهُمْ مَلِيًّا ثُمَّ قَامَ فَانْصَرَفَ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ رَأَيْنَا الْيَوْمَ مِنْكَ مَنْظَرًا لِجَرِيرٍ مَا رَأَيْنَاهُ لِأَحَدٍ قَالَ: " نَعَمْ؛ هَذَا كِرِيمُ قَوْمِهِ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

15998 -

وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَأْتِيكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ خَيْرُ ذِي يَمَنٍ، عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةُ مَلَكٍ ". قَالَ: فَمَا مِنَ الْقَوْمِ رَجُلٌ إِلَّا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَاكِبٌ، فَانْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَبَايَعَهُ وَهَاجَرَ. قَالَ:" مَنْ أَنْتَ؟ ". قَالَ: أَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَنْبِهِ، وَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَصَدْرِهِ وَبَطْنِهِ، حَتَّى انْحَنَى جَرِيرٌ حَيَاءً أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ تَحْتَ إِزَارِهِ وَهُوَ يَدْعُو لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَلِذُرِّيَّتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ

ص: 372

وَظَهْرَهُ وَهُوَ يَدْعُو لَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَرِيرُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

15999 -

وَعَنْ جَرِيرٍ قَالَ: «إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَبَايَعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَرَطَ عَلَيَّ: " وَالنُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ". فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا» .

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ: فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ: " وَالنُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِطُرُقٍ، وَرِجَالُ بَعْضِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16000 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «جَرِيرٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ ". قَالَهَا ثَلَاثًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا، وَسُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ لَمْ أَجِدْ مَنْ وَثَّقَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

16001 -

«- وَعَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كَانَتْ إِذَا قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوُفُودُ دَعَانِي، فَبَاهَاهُمْ بِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو الْأُمَوِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

16002 -

وَعَنِ ابْنٍ لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ نَعْلُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ طُولُهَا ذِرَاعٌ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16003 -

وَعَنْ سُلَيْمٍ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: كُنْتُ رَفَّاءً عَلَى بَابِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يَخْرُجُ فَيَرْكَبُ بَغْلَةً لَهُ وَيَحْمِلُ غُلَامَهُ خَلْفَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَسُلَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَلْبِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه

-]

16004 -

عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي مُلْكٍ عَظِيمٍ وَطَاعَةٍ، فَرَفَضْتُهُ وَخَرَجْتُ رَاغِبًا فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَدْ بَشَّرَهُمْ بِقُدُومِي، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرَهُ وَأَقْعَدَنِي مَعَهُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّينَ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: " أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قَدْ أَتَاكُمْ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ، رَاغِبًا فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ وَفِي دِينِهِ، بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ بَلَغَنَا ظُهُورُكَ، وَنَحْنُ فِي مُلْكٍ عَظِيمٍ وَطَاعَةٍ عَظِيمَةٍ، فَأَتَيْتُكَ رَاغِبًا فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَفِي دِينِهِ. قَالَ: " صَدَقْتَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

16005 -

وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ جَاءَكُمْ لَمْ يَجِئْكُمْ رَغْبَةً وَلَا رَهْبَةً، جَاءَكُمْ حُبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ". وَبَسَطَ لَهُ رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَأَصْعَدَهُ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:" ارْفُقُوا بِهِ؛ فَإِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْمُلْكِ ". فَقَالَ:

ص: 373

إِنَّ أَهْلِي غَلَبُونِي عَلَى الَّذِي لِي قَالَ: " أَنَا أُعْطِيكَهُ وَأُعْطِيكَ ضِعْفَهُ ".

فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا وَائِلُ بْنَ حُجْرٍ، إِذَا صَلَّيْتَ فَاجْعَلْ يَدَيْكَ حِذَاءَ أُذُنَيْكَ، وَالْمَرْأَةُ تَجْعَلُ يَدَيْهَا حِذَاءَ ثَدْيَيْهَا».

قُلْتُ: لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ عَمَّتِهَا: أُمِّ يَحْيَى بِنْتِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَلَمْ أَعْرِفْهَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

16006 -

وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «لَمَّا بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجْتُ وَافِدًا عَنْ قَوْمِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ أَصْحَابَهُ قَبْلَ لِقَائِهِ، فَقَالُوا: بَشَّرَنَا بِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدَمَ عَلَيْنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ:" قَدْ جَاءَكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ ". ثُمَّ لَقِيتُهُ عليه السلام فَرَحَّبَ بِي، وَأَدْنَى مَجْلِسِي وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ فَأَجْلَسَنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا فِي النَّاسِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمِنْبَرَ وَأَطْلَعَنِي مَعَهُ وَأَنَا دُونَهُ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَتَاكُمْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ مِنْ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ، طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ، بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا حَجَرُ وَفِي وَلَدِكَ ". ثُمَّ نَزَلَ وَأَنْزَلَنِي مَنْزِلًا شَاسِعًا عَنِ الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يُبَوِّئَنِي إِيَّاهُ، فَخَرَجْتُ وَخَرَجَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ: يَا وَائِلُ، إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَصَابَتْ بَطْنَ قَدَمِي فَأَرْدِفْنِي خَلْفَكَ، فَقُلْتُ: مَا أَضِنُّ عَلَيْكَ بِهَذِهِ النَّاقَةِ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ قَالَ: فَأَلْقِ إِلَيَّ حِذَاءَكَ أَتَوَقَّى بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ، قُلْتُ: مَا أَضِنُّ عَلَيْكَ بِهَاتَيْنِ الْجِلْدَتَيْنِ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِمَّنْ يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمُلُوكِ وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ. فَلَمَّا أَرَدْتُ الرُّجُوعَ إِلَى قَوْمِي أَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكُتُبٍ ثَلَاثَةٍ: مِنْهَا كِتَابٌ لِي خَالِصٌ يُفَضِّلُنِي فِيهِ عَلَى قَوْمِي، وَكِتَابٌ لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي بِأَمْوَالِنَا هُنَاكَ، وَكِتَابٌ لِي وَلِقَوْمِي.

وَفِي كِتَابِي الْخَالِصِ: " بِسْمِ اللَّهِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، إِنَّ وَائِلًا يُسْتَسْقَى وَيُتَرَفَّلُ عَلَى الْأَقْيَالِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ حَضْرَمَوْتَ ".

وَفِي كِتَابِيِ الَّذِي لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لِأَبْنَاءِ مَعْشَرٍ وَأَبْنَاءِ ضَمَعَاجٍ أَقْيَالِ شَنُوءَةَ، بِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مَنْ مُلُوكٍ وَمَزَاهِرَ وَعُمْرَانُ بَحْرٍ وَمِلْحٍ وَمَحْجَرٍ، وَمَا كَانَ لَهُمْ مَنْ مَالٍ اتَّرَثُوهُ [وَمَاءٍ يَنَابَعَتْ] وَمَا كَانَ لَهُمْ

ص: 374

فِيهَا مِنْ مَالٍ بِحَضْرَمَوْتَ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلِهَا، مِنِّي الذِّمَّةُ وَالْجِوَارُ، اللَّهُ لَهُمْ جَارٌ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ أَنْصَارٌ ".

وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي لِي وَلِقَوْمِي: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَالْأَقْوَالِ الْعَيَاهِلَةِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، بِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مِنَ الصِّرْمَةِ التِّيعَةِ وَلِصَاحِبِهَا الْثِّيمَةُ، لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ، وَلَا شِغَارَ وَلَا وِرَاطَ فِي الْإِسْلَامِ. لِكُلِّ عَشْرَةٍ مِنَ السَّرَايَا مَا يَحْمِلُ الْقِرَابُ مِنَ التَّمْرِ، مَنْ أَحْيَا فَقَدْ أَرْبَى، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ".

فَلَمَّا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ، فَقَالَ لَهُ: ضَمَمْتُ إِلَيْكَ النَّاحِيَةَ فَاخْرُجْ بِجَيْشِكَ، فَإِذَا خَلَّفْتَ أَفْوَاهَ الشَّامِ فَضَعْ سَيْفَكَ، فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ ادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي، وَإِنْ أَصَبْتَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ حَيًّا فَائْتِنِي بِهِ، فَفَعَلَ وَأَصَابَ وَائِلًا حَيًّا فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُتَلَقَّى، وَأَذِنَ لَهُ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَسَرِيرِي هَذَا أَفْضَلُ أَمْ ظَهْرُ نَاقَتِكَ؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَكُفْرٍ، وَكَانَتْ تِلْكَ سِيرَةَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَسَتَرَ الْإِسْلَامُ مَا فَعَلْتُ. قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِنَا وَقَدْ اتَّخَذَكَ عُثْمَانُ ثِقَةً وَصِهْرًا؟ قُلْتُ: إِنَّكَ قَاتَلْتَ رَجُلًا هُوَ أَحَقُّ بِعُثْمَانَ مِنْكَ قَالَ: وَكَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِعُثْمَانَ مِنِّي وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى عُثْمَانَ فِي النَّسَبِ؟ قُلْتُ: إِنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؛ فَالْأَخُ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ: أَوَلَسْنَا مُهَاجِرِينَ؟ قُلْتُ: أَوَلَسْنَا قَدِ اعْتَزَلْنَاكُمَا جَمِيعًا؟ وَحُجَّةٌ أُخْرَى: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَقَدْ حَضَرَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، فَقَالَ:" أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ". فَشَدَّدَ أَمْرَهَا وَعَجَّلَهُ وَقَبَّحَهُ، فَقُلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْفِتَنُ؟ قَالَ:" يَا وَائِلُ، إِذَا اخْتَلَفَ سَيْفَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَاعْتَزِلْهُمَا ". فَقَالَ: أَصْبَحْتَ شِيعِيًّا؟ فَقُلْتُ: لَا، وَلَكِنِّي أَصْبَحْتُ نَاصِحًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ سَمِعْتُ ذَا وَعَلِمْتُهُ مَا أَقْدَمْتُكَ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ؟ انْتَهَى بِسَيْفِهِ إِلَى صَخْرَةٍ فَضَرَبَهُ حَتَّى انْكَسَرَ، فَقَالَ: أُولَئِكَ قَوْمٌ يَحْمِلُونَ [عَلَيْنَا]. قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 375

- صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ "؟.

فَقَالَ: اخْتَرْ أَيَّ الْبِلَادِ شِئْتَ؛ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِرَاجِعٍ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، فَقُلْتُ: عَشِيرَتِي بِالشَّامِ وَأَهْلُ بَيْتِي بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشِيرَتِكَ، فَقُلْتُ: مَا رَجَعْتُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ سُرُورًا بِهَا، وَمَا يَنْبَغِي لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هَاجَرَ مِنْهُ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ قَالَ: وَمَا عِلَّتُكَ؟ قُلْتُ: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتَنِ، فَحَيْثُ اخْتَلَفْتُمِ اعْتَزَلْنَاكُمْ، وَحَيْثُ اجْتَمَعْتُمْ جِئْنَاكُمْ، فَهَذِهِ الْعِلَّةُ.

فَقَالَ: إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ فَسِرْ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: مَا أَلِي بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَحَدٍ أَمَا رَأَيْتَ أَبَا بَكْرٍ أَرَادَنِي فَأَبَيْتُ؟ وَأَرَادَنِي عُمَرُ فَأَبَيْتُ، وَأَرَادَنِي عُثْمَانُ فَأَبَيْتُ، وَلَمْ أَتْرُكْ بَيْعَتَهُمْ.

[قَدْ] جَاءَنِي كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ ارْتَدَّ أَهْلُ نَاحِيَتِنَا، فَقُمْتُ فِيهِمْ حَتَّى رَدَّهُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ، فَقَالَ: سِرْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ، وَسِرْ بِوَائِلٍ فَأَكْرِمْهُ وَاقْضِ حَوَائِجَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَسَأْتَ بِي الظَّنَّ؛ تَأْمُرُنِي بِإِكْرَامِ مَنْ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْرَمَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَنْتَ؟ فَسُرَّ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ مِنْهُ، فَقَدِمْتُ مَعَهُ الْكُوفَةِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرٍ: الْوِرَاطُ: الْقِمَارُ. وَالْأَقْوَالُ: الْمُلُوكُ. وَالْعَيَاهِلُ: الْعُظَمَاءُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ رضي الله عنه

-]

16007 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرِينِ تَبِعْتُهُ، فَرَأَيْتُ مِنْهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَا أَدْرِي أَيَّتُهُنَّ أَعْجَبُ. انْتَهَيْنَا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: سَمُّوا اللَّهَ وَتَقَحَّمُوا، فَسَمَّيْنَا وَتَقَحَّمْنَا فَعَبَرْنَا، فَمَا بَلَّ الْمَاءُ أَسَافِلَ خِفَافِ إِبِلِنَا. فَلَمَّا قَفَلْنَا صِرْنَا مَعَهُ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا فَإِذَا سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، ثُمَّ أَرْخَتْ عَزَالِيهَا فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا، فَمَاتَ فَدَفَنَّاهُ فِي الرَّمْلِ، فَلَمَّا صِرْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ قُلْنَا: يَجِيءُ سَبْعٌ فَيَأْكُلُهُ، فَرَجَعْنَا فَلَمْ نَرَهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْمَرٍ الْهَرَوَيُّ وَالِدُ إِسْمَاعِيلَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُ فِي الْبَحْرِينِ، وَحَصْرُهُمْ إِيَّاهُ وَنَصْرُهُ عَلَيْهِمْ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ.

ص: 376

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه

-]

16008 -

«عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ أَتَانِي [فِي هَؤُلَاءِ] النَّتْنَى لَشَفَّعْتُهُ ". يَعْنِي: الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ، فَأَسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ جُبَيْرٌ» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: فَأَسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ جُبَيْرٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَوْبَانَ رضي الله عنه

-]

16009 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ثَوْبَانُ رضي الله عنه يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: هُوَ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ مَوْلَى آلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَيُقَالُ: أَصَابَهُ سِبَاءٌ فَاشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْتَقَهُ، كَانَ يَسْكُنُ حِمْصَ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي هَالَةَ رضي الله عنه

-]

16010 -

«عَنْ هَالَةَ أَنَّهُ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاقِدٌ، فَاسْتَيْقَظَ، فَضَامَّ هَالَةَ إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ: " هَالَةُ هَالَةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَقَالَ: كَأَنَّهُ سُرَّ بِهِ لِقَرَابَتِهِ مِنْ خَدِيجَةَ رضي الله عنها. وَفِي إِسْنَادِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

-]

16011 -

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: " اهْجُ الْمُشْرِكِينَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُؤَيِّدُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: كَانَ رَدِيءَ الْحِفْظِ.

16012 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَدْ جَاءَ حَسَّانُ اللَّعِينُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هُوَ بِلَعِينٍ؛ لَقَدْ جَاهَدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلِسَانِهِ وَنَفْسِهِ.

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ وُثِّقَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي هِنْدٍ الْحَجَّامِ رضي الله عنه

-]

16013 -

عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ أَبَا هِنْدٍ - مَوْلَى بَنِي بَيَاضَةَ - كَانَ حَجَّامًا، حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ صَوَّرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي هِنْدٍ ". وَقَالَ: " أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ إِسْحَاقَ الطَّبَرَانِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

ص: 377

[بَابُ مَا جَاءَ فِي مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه]

16014 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ، فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ بِضِيَاءٍ وَشُعَاعٍ وَنُورٍ لَمْ نَرَهَا طَلَعَتْ فِيمَا مَضَى بِمِثْلِهِ، فَأَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا جِبْرِيلُ، مَا لِي أَرَى الشَّمْسَ الْيَوْمَ طَلَعَتْ بِضِيَاءٍ وَنُورٍ وَشُعَاعٍ لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ فِيمَا مَضَى؟ ". قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيُّ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْمَ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَالَ: " وَفِيمَ ذَلِكَ؟ ". قَالَ: كَانَ يُكْثِرُ قِرَاءَةَ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَفِي مَمْشَاهُ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ، فَهَلْ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ أَقْبِضَ لَكَ الْأَرْضَ فَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَصَلَّى عَلَيْهِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ زَيْدَلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ رضي الله عنه

-]

16015 -

عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَانَ يَأْتِينِي جِبْرِيلُ عَلَى صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ". قَالَ أَنَسٌ: وَدِحْيَةُ كَانَ رَجُلًا جَسِيمًا أَبْيَضَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعِرْبَاضِ، وَعُتْبَةَ رضي الله عنهما]

16016 -

عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ عُتْبَةُ يَقُولُ: عِرْبَاضٌ خَيْرٌ مِنِّي، وَعِرْبَاضٌ يَقُولُ: عُتْبَةُ خَيْرٌ مِنِّي؛ سَبَقَنِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَنَةٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي زَيْدٍ: عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ رضي الله عنه

-]

16017 -

«عَنْ أَبِي زَيْدٍ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

16018 -

«وَعَنْ أَبِي زَيْدٍ قَالَ: قَاتَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً» .

قَالَ شُعْبَةُ: وَهُوَ جَدُّ عَزْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ تَمِيمِ بْنِ حُوَيْصٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

16019 -

وَعَنْ أَبِي زَيْدٍ: عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَكَانَتْ فِيهِ شَعْرَةٌ فَأَخَذْتُهَا، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ ".

قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ لَيْسَ فِي لِحْيَتِهِ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

16020 -

«وَعَنْ أَبِي زَيْدِ بْنِ أَخْطَبَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " جَمَّلَكَ اللَّهُ ". وَكَانَ رَجُلًا جَمِيلًا حَسَنَ الشَّمَطِ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ

ص: 378

عَنْ شَيْخِهِ: الْحَجَّاجِ بْنِ نُصَيْرٍ، وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي ضَمْرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه

-]

16021 -

«عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ حُلَّتَانِ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: " يَا ضَمْرَةُ، أَتُرَى ثَوْبَيْكَ هَذَيْنِ مُدْخِلَيْكَ الْجَنَّةَ؟ ". فَقَالَ: لَئِنِ اسْتَغْفَرْتَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَقْعُدُ حَتَّى أَنْزِعَهُمَا عَنِّي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِضَمْرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ ". فَانْطَلَقَ سَرِيعًا حَتَّى نَزْعَهُمَا عَنْهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُ.

16022 -

وَعَنْهُ: «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُمَّ حَرِّمْ دَمَ ابْنِ ثَعْلَبَةَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارِ ".

قَالَ: فَكُنْتُ أَحْمِلُ فِي عُرْضِ الْقَوْمِ فَيَتَرَاءَى لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُمْ، فَقَالُوا: يَا ابْنَ ثَعْلَبَةَ، إِنَّكَ لَتُغَرَّرُ وَتَحْمِلُ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَرَاءَى لِي خَلْفَهُمْ، فَأَحْمِلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَقِفَ عِنْدَهُ، ثُمَّ يَتَرَاءَى لِي أَصْحَابِي فَأَحْمِلُ حَتَّى أَكُونَ مَعَ أَصْحَابِي. قَالَ: فَعُمِّرَ زَمَانًا طَوِيلًا مِنْ دَهْرِهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه

-]

16023 -

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَذَا وَكَذَا.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ رضي الله عنه

-]

16024 -

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ زَوْجُ بِنْتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَابْنُ خَالَتِهَا، أَمُّهُ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ أُخْتُ خَدِيجَةَ لِأَبِيهَا، وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ، وَهُوَ الْأَصَمُّ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ هَرِمِ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَيُقَالُ: اسْمُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ مُهَشَّمٌ، وَكَانَ يُسَمَّى: جَرْوَ الْبَطْحَاءِ.

وَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: اسْمُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ: لُقَيْطٌ.

قَالَ الزُّبَيْرُ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْمُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ: الْقَاسِمُ، وَذَلِكَ الثَّبْتُ فِي اسْمِهِ.

وَتُوُفِّيَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

ص: 379

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْوَةَ بْنِ نَعَامَةَ وَيُقَالُ ابْنُ عَامِرٍ الْجُذَامِيُّ رضي الله عنه

-]

16025 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ فَرْوَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُذَامِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِسْلَامِهِ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَانَ فَرْوَةُ عَامِلًا لِقَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِعُمَانَ وَمَا حَوْلَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ الرُّومَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ حَبَسُوهُ، فَقَالَ فِي مَحْبَسِهِ:

طَرَقَتْ سُلَيْمَى مُوهِنًا أَصْحَابِي

وَالرُّومُ بَيْنَ النَّاسِ وَالَقَرَوَانِي

صَدَّ الْخَيَالُ وَسَاءَنِي مَا قَدْ أَرَى

فَهَمَمْتُ أَنْ أُعْفِي وَقَدْ أَبْكَانِي

فَلَا تُكْحِلَنَّ الْعَيْنَ بَعْدِي إِثْمِدًا

سَلْمَى وَلَا بَرِّينَ لِلْإِيمانِ

وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَبَا كُبَيْشَةَ أَنَّنِي

وَسَطَ الْأَعِزَّةِ لَا يُحِسُّ لِسَانِي

وَلَئِنْ هَلَكْتُ لَيُفْقَدَنَّ أَخَاكُمُ

وَلَئِنْ أَصَبْتُ لَيُعْرَفَنَّ مَكَانِي

وَلَقَدْ عُرِفْتُ بِكُلِّ مَا جَمَعَ الْفَتَى

مِنْ رَأْيِهِ وَبِنَجْدَةٍ وَبَيَانِ.

فَلَمَّا جَمَعُوا لَهُ وَصَلَبُوهُ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: عَفْرَاءُ بِفِلَسْطِينَ، فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى خَشَبَةٍ قَالَ:

أَلَا هَلْ أَتَى سَلْمَى بِأَنَّ حَلِيلَهَا

عَلَى مَاءِ عَفْرَا فَوْقَ إِحْدَى الرَّوَاحِلِ

بِحَدَّافَةٍ لَمْ يَضْرِبِ الْفَحْلُ أُمَّهَا

مُشَذِّيَةً أَطْرَافُهَا بِالْمَنَاجِلِ.

وَقَالَ:

بَلِّغْ سَرَاةَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّنِي

سِلْمٌ لِرَبِّي أَعْظُمِي وَبَنَانِي

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الرِّبْعِيِّ، ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ رضي الله عنه

-]

16026 -

«عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَكَرِهْتَ يَوْمَيْكُمْ وَيَوْمَيْ هَمْدَانَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَاءُ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ. قَالَ: " أَمَا إِنَّهُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى مِنْكُمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:" خَيْرٌ لِمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ ". وَفِيهِ مُجَالِدٌ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَقَدْ ضُعِّفَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ رضي الله عنه

-]

16027 -

عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " إِنَّ مِنْكُمْ رِجَالًا لَا أُعْطِيهِمْ شَيْئًا، أَكِلُهُمْ إِلَى إِيمَانِهِمْ مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ» .

ص: 380

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

16028 -

وَعَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ طَالِبٍ -: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنِّي لَأُعْطِي قَوْمًا أَتَأَلَّفُهُمْ، وَأَكِلُ قَوْمًا إِلَى مَا عِنْدَهُمْ - أَوْ إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ - مِنْهُمْ: فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابٌ فِي عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه

-]

16029 -

عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ مِنْ بَنِي غَاضِرَةَ مِنْ خُزَاعَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

16030 -

وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ نُهْمِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ حُمَمَةَ بْنِ غَاضِرَةَ بْنِ حَبَشِيَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خُزَاعَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

16031 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ثِنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ: وَيُكَنَّى عِمْرَانُ: أَبَا نُجَيْدٍ، أَسْلَمَ قَدِيمًا هُوَ وَأَبُوهُ، وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَوَاتٍ. وَلَمْ يَزَلْ فِي بِلَادِ قَوْمِهِ وَيَنْزِلُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَثِيرًا، إِلَى أَنْ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَنَزَلَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا، وَلَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ وَلَدٍ.

وَخَالِدُ بْنُ طُلَيْقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ.

وَيُقَالُ: إِنَّ حُصَيْنًا مَاتَ مُسْلِمًا، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَسْلَمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

16032 -

وَعَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا بِشَيْخٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ مُسْتَنِدًا إِلَى أُسْطُوَانَةٍ، حَوْلَهُ حَلْقَةٌ يُحَدِّثُهُمْ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16033 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: مَا قَدِمَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُفَضِّلُهُ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16034 -

وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: مَا قَدِمَ الْبَصْرَةَ مِثْلُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِنْ كَانَ هُوَ ابْنَ عُيَيْنَةَ فَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ.

16035 -

وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ وَبِهَا أَبُو نُجَيْدٍ: عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعَثَهُ يُفَقِّهُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16036 -

وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ: أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: مَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُمَرُ بْنُ سَهْلٍ الْمَازِنِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: رُبَّمَا خَالَفَ، وَضَعَّفَهُ الْعُقَيْلِيُّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ

ص: 381

رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16037 -

وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ - مَوْلَى عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ -: أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ قُتِلَ لَهُ أَخٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَ بِهِ سَبْعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَطَاءٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

16038 -

وَعَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالِ قَالَ: مَاتَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنهما]

16039 -

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ «عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً» .

16040 -

«وَقَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه]

16041 -

عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ عَامِلًا عَلَى حِمْصَ، فَمَكَثَ حَوْلًا لَا يَأْتِيهِ. فَقَالَ عُمَرُ لِكَاتِبِهِ: اكْتُبْ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، فَوَاللَّهِ مَا أَرَاهُ إِلَّا [قَدْ] خَانَنَا، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ، وَأَقْبِلْ بِمَا جِئْتَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حِينَ تَنْظُرُ فِي كِتَابِي هَذَا، فَأَخْذَ عُمَيْرٌ جِرَابَهُ فَجَعَلَ فِيهِ زَادَهُ وَقَصْعَتَهُ، وَعَلَّقَ إِدَاوَتَهُ وَأَخَذَ عَنَزَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي مِنْ حِمْصَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.

قَالَ: فَقَدِمَ وَقَدْ شَحُبَ لَوْنُهُ، وَاغْبَرَّ وَجْهُهُ، وَطَالَتْ شَعْرَتُهُ، فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ عُمَيْرُ: مَا تَرَى مِنْ شَأْنِي؟ أَلَسْتَ تَرَانِي صَحِيحَ الْبَدَنِ، طَاهِرَ الدَّمِ، مَعِي الدُّنْيَا أَجُرُّهَا بِقُرُونِهَا! قَالَ: وَمَا مَعَكَ؟ قَالَ: فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِمَالٍ، فَقَالَ: مَعِي جِرَابِي أَجْعَلُ فِيهِ زَادِي، وَقَصْعَتِي آكُلُ فِيهَا وَأَغْسِلُ فِيهَا رَأْسِي وَثِيَابِي، وَإِدَاوَتِي أَحْمِلُ فِيهَا وَضُوئِي وَشَرَابِي وَعَنَزَتِي أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأُجَاهِدُ بِهَا عَدُوِّي إِنْ عَارَضَنِي، فَوَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا إِلَّا تَبَعٌ لِمَتَاعِي. قَالَ: فَجِئْتَ تَمْشِي؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَمَا كَانَ لَكَ أَحَدٌ يَتَبَرَّعُ لَكَ بِدَابَّةٍ تَرْكَبُهَا؟! قَالَ: مَا فَعَلُوا وَمَا سَأَلْتُهُمْ ذَلِكَ قَالَ: بِئْسَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرُ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ، فَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ عَنِ الْغِيبَةِ، وَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ. قَالَ: فَأَيْنَ مَا

ص: 382

بَعَثْتُكَ لَهُ وَأَيَّ شَيْءٍ صَنَعْتَ؟ قَالَ: وَمَا سُؤَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ عُمْرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! فَقَالَ عُمَيْرُ: أَمَا لَوْ لَمْ أَخْشَ أَنْ أَغُمَّكَ مَا أَخْبَرْتُكَ، بَعَثْتَنِي حَتَّى أَتَيْتُ الْبَلَدَ، فَجَمَعْتُ صُلَحَاءَ أَهْلِهَا فَوَلَّيْتُهُمْ جِبَايَةَ فَيْئِهِمْ، حَتَّى إِذَا جَمَعُوهُ وَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ، وَلَوْ نَالَكَ مِنْهُ شَيْءٌ لَأَتَيْتُكَ بِهِ قَالَ: فَمَا جِئْتَنَا بِشَيْءٍ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: جَدِّدُوا لِعُمَيْرٍ عَهْدًا. قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَسَيِّئٌ لَا عَمِلْتُ لَكَ وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدَكَ، وَاللَّهِ مَا سَلِمْتُ بَلْ لَمْ أَسْلَمْ وَلَوْ قُلْتُ لِنَصْرَانِيٍّ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، فَهَذَا مَا عَرَّضْتَنِي لَهُ يَا عُمَرُ، وَإِنَّ أَشْقَى أَيَّامِي يَوْمًا خَلَفْتُ مَعَكَ يَا عُمَرُ، فَاسْتَأْذَنَهُ فَأَذِنَ لَهُ، فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ.

قَالَ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَمْيَالٌ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ انْصَرَفَ عُمَيْرٌ: مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ خَانَنَا، فَبَعَثَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى تَنْزِلَ بِهِ كَأَنْ ضَيْفٌ [فَإِنْ رَأَيْتَ أَثَرَ شَيْءٍ فَأَقْبِلْ]، وَإِنْ رَأَيْتَ حَالًا شَدِيدَةً فَادْفَعْ هَذِهِ الْمِائَةَ الدِّينَارِ. فَانْطَلَقَ الْحَارِثُ، فَإِذَا بِعُمَيْرٍ جَالِسٌ يُفَلِّي قَمِيصَهُ إِلَى جَنْبِ الْحَائِطِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: انْزِلْ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَنَزَلَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: صَالِحًا. قَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: صَالِحِينَ قَالَ: أَلَيْسَ يُقِيمُونَ الْحُدُودَ؟ قَالَ: بَلَى؛ لَقَدْ ضَرَبَ ابْنًا لَهُ أَتَى فَاحِشَةً فَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ، فَقَالَ عُمَيْرُ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ عُمَرَ؛ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا شَدِيدًا حُبُّهُ لَكَ.

قَالَ: فَنَزَلَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَيْسَ لَهُمْ إِلَّا قُرْصَةٌ مِنْ شَعِيرٍ كَانُوا يَخُصُّونَهُ بِهَا وَيَطْوُونَ حَتَّى أَتَاهُمُ الْجَهْدُ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: يَا هَذَا، إِنَّكَ قَدْ أَجَعْتَنَا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَتَحَوَّلَ عَنَّا فَافْعَلْ قَالَ: فَأَخْرَجَ الدَّنَانِيرَ فَوَضَعَهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَعِنْ بِهَا، فَصَاحَ قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، رُدَّهَا، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهَا وَإِلَّا فَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا، فَقَالَ عُمَيْرٌ: وَاللَّهِ مَا لِي شَيْءٌ أَجْعَلُهَا فِيهِ، فَشَقَّتِ امْرَأَتُهُ أَسْفَلَ دِرْعِهَا فَأَعْطَتْهُ خِرْقَةً فَجَعَلَهَا فِيهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَبْنَاءِ الشُّهَدَاءِ وَالْفُقَرَاءِ. ثُمَّ رَجَعَ وَالرَّسُولُ يَظُنُّ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ: أَقْرِئْ مِنِّي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامَ.

فَرَجَعَ الْحَارِثُ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَالًا شَدِيدَةً. قَالَ: فَمَا صَنَعَ بِالدَّنَانِيرِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.

قَالَ: وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَلَا تَضَعْهُ مِنْ يَدِكَ حَتَّى تُقْبِلَ، فَأَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا صَنَعْتَ بِالدَّنَانِيرِ؟ قَالَ: صَنَعْتُ مَا صَنَعْتُ، وَمَا سُؤَالُكَ عَنْهَا؟ قَالَ: أَنْشُدُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي بِمَا صَنَعْتَ بِهَا قَالَ: قَدَّمْتُهَا لِنَفْسِي، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ. فَأَمَرَ لَهُ عُمَرُ بِوَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ وَثَوْبَيْنِ، فَقَالَ: أَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ؛ قَدْ تَرَكْتُ فِي الْمَنْزِلِ

ص: 383

صَاعَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ إِلَى أَنْ آكُلَ ذَلِكَ، قَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالرِّزْقِ، فَلَمْ يَأْخُذِ الطَّعَامَ. وَأَمَّا الثَّوْبَانِ: فَقَالَ: إِنَّ فُلَانَةً عَارِيَةٌ. فَأَخَذَهُمَا وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ هَلَكَ رحمه الله فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَشَقَّ عَلَيْهِ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ. فَخَرَجَ يَمْشِي وَمَعَهُ الْمَشَّاءُونَ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لِيَتَمَنَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أُمْنِيَّتَهُ.

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي مَالًا؛ فَأُعْتِقُ لِوَجْهِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ آخَرُ: وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي مَالًا؛ فَأَعْتِقُ لِوَجْهِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ آخَرُ: وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي مَالًا؛ فَأُنْفِقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَالَ آخَرُ: وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي قُوَّةً؛ فَأَمْتَحَ بِدَلْوٍ مَاءَ زَمْزَمَ لِحَاجِّ بَيْتِ اللَّهِ. فَقَالَ عُمَرُ: وَدِدْتُ أَنَّ لِي رَجُلًا مِثْلَ عُمَيْرٍ، وَدِدْتُ أَنَّ لِي رِجَالًا مِثْلَ عُمَيْرٍ؛ أَسْتَعِينُ بِهِمْ فِي أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إبراهيم بْنِ عَنْتَرَةَ (*)، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه

-]

16042 -

عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِئِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: عَاشَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، سِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ وَسِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ إِذَا اسْتَغْلَظَ فِي الْيَمِينِ قَالَ: لَا وَالَّذِي أَنْعَمَ عَلَى حَكِيمٍ أَنْ يَكُونَ قَتِيلًا يَوْمَ بَدْرٍ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا، فَلَا يَفْعَلُهُ [وَيُكَنَّى أَبَا خَالِدٍ].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى قَائِلِهِ ثِقَاتٌ.

16043 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ بَلَغَنِي: أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ حَضَرَ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، وَمِائَةُ بَدَنَةٍ، وَمِائَةُ بَقَرَةٍ، وَمِائَةُ شَاةٍ، فَقَالَ: هَذَا كُلُّهُ لِلَّهِ، فَأَعْتَقَ الرِّقَابَ وَأَمَرَ بِذَلِكَ فَنُحِرَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

16044 -

وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَنَّهُ بَاعَ دَارًا لَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما بِسِتِّينَ أَلْفًا، فَقَالُوا: غَبَنَكَ وَاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَخَذْتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بِزِقِّ خَمْرٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنَّهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسَاكِينِ وَالرِّقَابِ، فَأَيُّنَا الْمَغْبُونُ؟.

16045 -

وَفِي رِوَايَةٍ: بِمِائَةِ أَلْفٍ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا حَسَنٌ.

16046 -

وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ سَمِعْنَا بِهِ كَانَ أَكْثَرَ حَمْلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ.

قَالَ: لَقَدْ قَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ الْمَدِينَةَ يَسْأَلَانِ مَنْ يَحْمِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَدُلَّا عَلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، فَأَتَيَاهُ فِي أَهْلِهِ، فَسَأَلَهُمَا مَا يُرِيدَانِ فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ لَهُمَا: لَا تَعْجَلَا حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكُمَا، وَكَانَ حَكِيمٌ يَلْبَسُ ثِيَابًا يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ كَأَنَّهَا الشِّبَاكُ، ثَمَنُهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَيَأْخُذُ عَصًا فِي يَدِهِ وَيَخْرُجُ وَمَعَهُ غُلَامَانِ لَهُ، وَكُلَّمَا مَرَّ بِكُنَاسَةٍ

(*) 39 - جاء في "مجمع الزوائد"(9/ 384): عبد الملك بن إبراهيم بن عنترة.

قلت: صوابه "عبد الملك بن هارون بن عنترة" كما في "مجمع الطبراني الكبير"(17/ 51) وله ترجمة في "الميزان"(2/ 666) وأما الأول فلم أجد له ترجمة مع شديد بحثٍ.

ص: 384

- أَوْ قُمَامَةٍ - فَرَأَى فِيهَا خِرْقَةً تَصْلُحُ فِي جِهَازِ الْإِبِلِ الَّتِي يَحْمِلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَخَذَهَا بِطَرَفِ عَصَاهُ فَنَفَضَهَا، ثُمَّ قَالَ لِغُلَامَيْهِ: أَمْسِكَا فَاسْتَعِينَا فِي جِهَازِكُمَا، فَقَالَ الْأَعْرَابِيَّانِ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يَصْنَعُ ذَلِكَ: وَيْحَكَ! انْجُ بِنَا؛ فَوَاللَّهِ مَا عِنْدَ هَذَا إِلَّا لُقَطُ الْقَشْعِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: وَيْحَكَ! لَا تَعْجَلْ حَتَّى نَنْظُرَ، فَخَرَجَ بِهِمَا إِلَى السُّوقِ فَنَظَرَ إِلَى نَاقَتَيْنِ جَلِيلَتَيْنِ سَمِينَتَيْنِ خَلِفَتَيْنِ، فَابْتَاعَهُمَا وَابْتَاعَ جِهَازَهُمَا، ثُمَّ قَالَ لِغُلَامَيْهِ: رُمَّا بِهَذِهِ الْخِرَقِ مَا يَنْبَغِي لَهُ الْمَرَمَّةُ مِنْ جِهَازِكُمَا، ثُمَّ أَوْقَرَهُمَا طَعَامًا وَبُرًّا وَوَدَكًا، ثُمَّ أَعْطَاهُمَا نَفَقَةً، ثُمَّ أَعْطَاهُمَا النَّاقَتَيْنِ.

قَالَ: يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ لَاقِطِ قَشْعٍ خَيْرًا مِنَ الْيَوْمِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ رضي الله عنه

-]

16047 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، أُمُّهُ: أُمُّ مُجَالِدٍ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هِلَالٍ. أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ، وَاسْتُشْهِدَ [يَوْمَ الْيَرْمُوكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما وَقِيلَ: اسْتُشْهِدَ] يَوْمَ أَجْنَادِينَ.

16048 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: عِكْرَمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، لَيْسَ لَهُ عَقِبٌ، وَكَانَ خَرَجَ هَارِبًا يَوْمَ الْفَتْحِ حَتَّى اسْتَأْمَنَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ هِشَامٍ، فَأَمَّنَهُ. أَدْرَكَتْهُ بِالْيَمَنِ فَرَدَّتْهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَامَ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقَهُ، وَقَالَ:«مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

16049 -

وَعَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ إِذَا اجْتَهَدَ فِي الْيَمِينِ قَالَ: وَالَّذِي نَجَّانِي يَوْمَ بَدْرٍ.

وَكَانَ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ، فَيَضَعُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: كَلَامُ رَبِّي. كَلَامُ رَبِّي.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16050 -

«وَعَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ جِئْتُهُ: " مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ، مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَدَعُ نَفَقَةً عَلَيْكَ إِلَّا أَنْفَقْتُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قُلْتُ: عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ. فَقَطْ مَرَّةً وَاحِدَةً» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِكْرِمَةَ.

16051 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ لِأَبِي جَهْلٍ عُنُقًا فِي الْجَنَّةِ ". فَلَمَّا أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ قَالَ: " هُوَ هَذَا "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَقَدْ وُثِّقَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

ص: 385

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

-]

16052 -

عَنْ عُرْوَةَ - يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ - قَالَ: «لَمَّا أَنْشَأَ النَّاسُ الْحَجَّ سَنَةَ تِسْعٍ، قَدِمَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمًا، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوكَ ". قَالَ: لَوْ وَجَدُونِي نَائِمًا أَيْقَظُونِي، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ مُسْلِمًا، فَرَجَعَ عِشَاءً، فَجَاءَ ثَقِيفٌ يُحْيُونَهُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَاتَّهَمُوهُ وَأَغْضَبُوهُ، وَأَسْمَعُوهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَحْتَسِبُ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا أَسْحَرُوا وَاطَّلَعَ الْفَجْرُ قَامَ عُرْوَةُ عَلَى غُرْفَةٍ فِي دَارِهِ فَأَذَّنَ لِلصَّلَاةِ وَتَشَهَّدَ فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ عُرْوَةَ مِثْلُ صَاحِبِ يَاسِينَ؛ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ، وَكِلَاهُمَا مُرْسَلٌ، وَإِسْنَادُهُمَا حَسَنٌ.

16053 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ إِلَى الطَّائِفِ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا أَشْبَهَ هَذَا بِصَاحِبِ يَاسِينَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْفَضْلِ (*)، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

16054 -

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: «أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِقَوْمِهِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ: أَيْ قَوْمِ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْمُلُوكَ وَكَلَّمْتُهُمْ، فَابْعَثُونِي إِلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمَهُ، فَأَتَاهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَجَعَلَ عُرْوَةُ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيَتَنَاوَلُ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ شَاكٍ فِي السِّلَاحِ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ: كُفَّ يَدَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تَصِلَ إِلَيْكَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ: أَنْتَ هُوَ وَاللَّهِ، إِنِّي لَفِي غَدْرَتِكَ، مَا أُخْرِجْتُ مِنْهَا بَعْدُ. فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْمُلُوكَ وَكَلَّمْتُهُمْ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَطُّ وَمَا هُوَ بِمَلِكٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْهَدْيَ مَعْكُوفًا يَأْكُلُ وَبَرَهُ، وَمَا أَرَاكُمْ إِلَّا سَيُصِيبُكُمْ قَارِعَةٌ. فَانْصَرَفَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَصَعِدَ سُورَ الطَّائِفِ فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ صَاحِبِ يَاسِينَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مُرْسَلًا، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي أُمَامَةَ وَاسْمُهُ صَدَى بْنُ عَجْلَانَ رضي الله عنه

-]

16055 -

«عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمِي أَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَأَتَيْتُهُمْ وَقَدْ سَقَوْا إِبِلَهُمْ وَحَلَبُوهَا وَشَرِبُوا، فَلَمَّا

(*) 73 - جاء في "المجمع"(9/ 386): أبو عبيدة بن الفضل.

قلت: صوابه "أبو عبيدة بن الفضيل" وانظر "اللسان"(7/ 79). و"الميزان"(4/ 549) و"المجمع"(10/ 205).

ص: 386

رَأَوْنِي قَالُوا: مَرْحَبًا بِالصُّدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ قَالُوا: بَلَغَنَا أَنَّكَ صَبَوْتَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَبَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكُمْ أَعْرِضُ عَلَيْكُمُ الْإِسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ. فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءُوا بِقَصْعَةِ دَمٍ، فَوَضَعُوهَا وَاجْتَمَعُوا حَوْلَهَا فَأَكَلُوا بِهَا قَالُوا: هَلُمَّ يَا صُدَيُّ، قُلْتُ: وَيْحَكُمُ! إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ مَنْ يُحَرِّمُ هَذَا عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ؛ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالُوا: وَمَا قَالَ؟ قُلْتُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنْ {تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ} [المائدة: 3]، فَجَعَلْتُ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَأْبَوْنَ، قُلْتُ لَهُمْ: وَيْحَكُمُ ائْتُونِي بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنِّي شَدِيدُ الْعَطَشِ قَالَ: وَعَلَيَّ عِمَامَةٌ قَالُوا: لَا، وَلَكِنْ نَدَعُكَ تَمُوتُ عَطَشًا قَالَ: فَاعْتَمَمْتُ وَضَرَبْتُ بِرَأْسِي فِي الْعِمَامَةِ، وَنِمْتُ فِي الرَّمْضَاءِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي بِقَدَحِ زُجَاجٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَفِيهِ شَرَابٌ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَلَذَّ مِنْهُ، فَأَمْكَنَنِي مِنْهَا فَشَرِبْتُهَا، فَحَيْثُ فَرَغْتُ مِنْ شَرَابِي اسْتَيْقَظْتُ، وَلَا وَاللَّهِ مَا عَطِشْتُ وَلَا عَرَفْتُ عَطَشًا بَعْدَ تِيكَ الشَّرْبَةِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ بَشِيرُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

16056 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَاهِلَةَ، فَأَتَيْتُهُمْ وَهُمْ عَلَى الطَّعَامِ، فَرَحَّبُوا بِي وَأَكْرَمُونِي، وَقَالُوا: تَعَالَ فَكُلْ، فَقُلْتُ: إِنِّي جِئْتُ لِأَنْهَاكُمْ عَنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَأَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَيْتُكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِهِ، فَكَذَّبُونِي وَزَبَرُونِي، [فَانْطَلَقْتُ] وَأَنَا جَائِعٌ ظَمْآنُ قَدْ بَرَانِي جَهْدٌ شَدِيدٌ، فَنِمْتُ فَأُتِيتُ فِي مَنَامِي بِشَرْبَةِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ وَرُوِيتُ وَعَظُمَ بَطْنِي، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَتَاكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِكُمْ وَسَرَاتِكُمْ فَرَدَدْتُمُوهُ!، اذْهَبُوا إِلَيْهِ وَأَطْعِمُوهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا يَشْتَهِي، فَأَتَوْنِي بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَقُلْتُ: لَا حَاجَةَ [لِي] فِي طَعَامِكُمْ وَشَرَابِكُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي، فَانْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا، فَنَظَرُوا فَآمَنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

16057 -

وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَرَيْتُهُمْ بَطْنِي، فَأَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، وَإِسْنَادُ الْأُولَى حَسَنٌ؛ فِيهَا أَبُو غَالِبٍ وَقَدْ وُثِّقَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَشَجِّ وَرُفْقَتِهِ رضي الله عنهم

-]

16058 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «قَالَ الْأَشَجُّ بْنُ عَصَرٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ عز وجل ". قُلْتُ: مَا هُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ ". قُلْتُ: أَقَدِيمًا كَانَا [فِي] أَمْ حَدِيثًا؟ قَالَ: " [بَلْ] قَدِيمًا ". قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ،

ص: 387

وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ أَبِي بَكْرَةَ لَمْ يُدْرِكِ الْأَشَجَّ.

16059 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: " إِنَّكَ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ نُعَيْمِ بْنِ يَعْقُوبَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقٍ حَسَنَةِ الْإِسْنَادِ.

16060 -

وَعَنْ مَزْبَدَةَ جَدِّ هُودٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ إِذْ قَالَ: " يَطْلَعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَكْبٌ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ ". فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَتَوَجَّهَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَلَقِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَاكِبًا، فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ، وَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: قَوْمٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: فَمَا أَقْدَمَكُمْ لِهَذِهِ الْبِلَادِ؟ التِّجَارَةُ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَتَبِيعُونَ سُيُوفَكُمْ هَذِهِ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَلَعَلَّكُمْ إِنَّمَا قَدِمْتُمْ فِي طَلَبِ هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالُوا: أَجَلْ، فَمَشَى مَعَهُمْ يُحَدِّثُهُمْ حَتَّى نَظَرَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هَذَا صَاحِبُكُمُ الَّذِي تَطْلُبُونَ ". فَرَمَى الْقَوْمُ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ رَوَاحِلِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ سَعَى سَعْيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ هَرْوَلَ هَرْوَلَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ مَشَى حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذُوا بِيَدِهِ يُقَبِّلُونَهَا وَقَعَدُوا إِلَيْهِ، وَبَقِيَ الْأَشَجُّ - وَهُوَ أَصْغَرُ الْقَوْمِ - فَأَنَاخَ الْإِبِلَ وَعَقَلَهَا وَجَمَعَ [مَتَاعَ] الْقَوْمِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي عَلَى تُؤَدَةٍ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَبَّلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ". قَالَ: وَمَا هُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " الْأَنَاةُ، وَالتُّؤَدَةُ ". قَالَ: أَجَبْلًا جُبِلْتُ عَلَيْهِ أَوْ تَخَلُّقًا مِنِّي؟ قَالَ: " بَلْ جَبْلٌ ". قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَأَقْبَلَ الْقَوْمُ قِبَلَ تَمَرَاتٍ لَهُمْ يَأْكُلُونَهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَمِّي لَهُمْ هَذَا كَذَا وَهَذَا كَذَا قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَحْنُ بِأَعْلَمَ بِأَسْمَائِهَا مِنْكَ قَالَ: " أَجَلْ ". فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: أَطْعِمْنَا مِنْ بَقِيَّةِ الَّذِي بَقِيَ مِنْ نَوْطِكَ، فَقَامَ فَأَتَاهُ بِالْبَرْنِيِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا الْبَرْنِيُّ أَمَا إِنَّهُ مِنْ خَيْرِ تَمَرَاتِكُمْ، إِنَّمَا هُوَ دَوَاءٌ لَا دَاءَ فِيهِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

16061 -

«وَعَنِ الزَّارِعِ: أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ مَعَهُ بِأَخِيهِ لِأُمِّهِ - يُقَالُ لَهُ: مَطَرُ بْنُ هِلَالِ بْنِ عَنَزَةَ - وَخَرَجَ بِابْنِ أَخٍ لَهُ مَجْنُونٍ، وَمَعَهُمُ الْأَشَجُّ - وَكَانَ اسْمُهُ الْمُنْذِرَ بْنَ عَائِذٍ - فَقَالَ الْمُنْذِرُ: يَا زَارِعُ، خَرَجْتَ مَعَنَا بِرَجُلٍ مَجْنُونٍ وَفَتًى شَابٍّ، لَيْسَ

ص: 388

مِنَّا وَافِدِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ الزَّارِعُ: أَمَّا الْمُصَابُ؛ فَآتِي بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو لَهُ عَسَى أَنْ يُعَافِيَهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الْفَتَى الْعَنَزِيُّ؛ فَإِنَّهُ أَخِي لِأُمِّي وَأَرْجُو أَنْ يَدْعُوَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِدَعْوَةٍ، تُصِيبُهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

فَمَا عَدَا أَنْ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْنَا: هَذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا تَمَالَكْنَا أَنْ وَثَبْنَا عَنْ رَوَاحِلِنَا، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ سِرَاعًا، فَأَخَذْنَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ نُقَبِّلُهُمَا، وَأَنَاخَ الْمُنْذِرُ رَاحِلَتَهُ فَعَقَلَهَا، وَذَاكَ بِعَيْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَوَاحِلِنَا فَأَنَاخَهَا رَاحِلَةً رَاحِلَةً، فَعَقَلَهَا كُلَّهَا، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى عَيْبَتِهِ فَفَتَحَهَا فَوَضَعَ عَنْهَا ثِيَابَ السَّفَرِ، ثُمَّ أَتَى يَمْشِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا أَشَجُّ، إِنْ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ". قَالَ: وَمَا هُمَا بِأَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: " الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ ". قَالَ: فَأَنَا تَخَلَّقْتُ بِهِمَا أَمِ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: " بَلِ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا ". قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ.

قَالَ الزَّارِعُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي جِئْتُ بِابْنِ أَخٍ لِي مُصَابٍ؛ لِتَدْعُوَ اللَّهَ لَهُ وَهُوَ فِي الرِّكَابِ قَالَ:" فَأْتِ بِهِ ". قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعَ الْأَشَجُّ، فَأَخَذْتُ عَيْبَتِي فَأَخْرَجْتُ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْنِ، وَأَلْقَيْتُ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ وَأَلْبَسْتُهُمَا إِيَّاهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ الْمَجْنُونِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اجْعَلْ ظَهْرَهُ مِنْ قِبَلِي ". فَأَقَمْتُهُ فَجَعَلْتُ ظَهْرَهُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَجْهَهُ مِنْ قِبَلِي، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ جَرَّهُ بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ فَرَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِثَوْبِهِ ظَهْرَهُ، وَقَالَ:" اخْرُجْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ". فَالْتَفَتَ وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ الصَّحِيحِ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَعَا لَهُ وَمَسَحَ وَجْهَهُ. قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْمَسْحَةُ فِي وَجْهِهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، كَأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهُ عَذْرَاءَ شَبَابًا، وَمَا كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يَفْضُلُ عَلَيْهِ بَعْدَ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ دَعَا لَنَا عَبْدَ الْقَيْسِ، فَقَالَ:" خَيْرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، رَحِمَ اللَّهُ عَبَدَ الْقَيْسِ إِذْ أَسْلَمُوا غَيْرَ خَزَايَا إِذْ أَبَى بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يُسْلِمُوا ". قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَنَا حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ.

قَالَ الزَّارِعُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مَعَنَا ابْنَ أُخْتٍ لَنَا لَيْسَ مِنَّا قَالَ:" ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ ". فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ، فَقَالَ الْأَشَجُّ: إِنَّكَ كُنْتَ يَا زَارِعُ أَمْثَلَ مِنِّي رَأْيًا فِيهِمَا، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ جَهْمُ بْنُ قُثَمَ، كَانَ قَدْ شَرِبَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْبَحْرَيْنِ مَعَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ فَضَرَبَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِي سَاقِهِ، فَقَالَ بَعْضُ

ص: 389

الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي إِنَّ أَرْضَنَا ثَقِيلَةٌ وَخِمَةٌ، وَإِنَّا نَشْرَبُ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ عَلَى طَعَامِنَا، فَقَالَ: لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَشْرَبَ الْإِنَاءَ ثُمَّ يَزْدَادَ إِلَيْهَا أُخْرَى حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ الشَّرَابَ فَيَقُومَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ فَيَضْرِبَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ ". فَجَعَلَ يُغَطِّي جَهْمُ بْنُ قُثَمَ سَاقَهُ.

قَالَ: فَنَهَاهُمْ عَنِ الدِّبَاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ».

قُلْتُ: عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ طَرَفٌ مِنْهُ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الزَّارِعِ رَوَى لَهَا أَبُو دَاوُدَ. وَسُكِتَ عَلَى حَدِيثِهَا، فَهُوَ حَسَنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

16062 -

وَعَنْ نَافِعٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ: «وَفَدَ الْمُنْذِرُ بْنُ سَاوَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى أَتَى مَدِينَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ الْمُنْذِرِ أُنَاسٌ، وَأَنَا غُلَيْمٌ لَا أَعْقِلُ أَمْسِكُ جِمَالَهُمْ.

قَالَ: فَذَهَبُوا بِسِلَاحِهِمْ فَسَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَ الْمُنْذِرُ سِلَاحَهُ، وَوَضَعَ ثِيَابًا كَانَتْ مَعَهُ وَمَسَحَ لِحْيَتَهُ بِدُهْنٍ، فَأَتَى نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَ الْجِمَالِ، أَنْظُرُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ الْمُنْذِرُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " رَأَيْتُ مِنْكَ مَا لَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِكَ ". قُلْتُ: وَمَا رَأَيْتَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَضَعْتَ سِلَاحَكَ، وَلَبِسْتَ ثِيَابَكَ، وَتَدَهَّنْتَ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَشَيْءٌ جُبِلْتُ عَلَيْهِ أَمْ شَيْءٌ أُحْدِثُهُ؟ قَالَ:" لَا، بَلْ شَيْءٌ جُبِلْتَ عَلَيْهِ ". فَسَلَّمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَسْلَمَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ طَوْعًا، وَأَسْلَمَ النَّاسُ كَرْهًا، فَبَارَكَ اللَّهُ فِي عَبْدِ الْقَيْسِ ".

قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ، وَلَكِنِّي لَمْ أَعْقِلْ.

وَمَاتَ نَافِعٌ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًا وَلَا تَوْثِيقًا. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ رضي الله عنه

-]

16063 -

«عَنْ ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: امْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قُلْتُ:

تَرَكْتُ الْقِدَاحَ وَعَزْفَ الْقِيَانِ

وَالْخَمْرَ تَصْلِيَةً وَابْتِهَالًا

وَكَرِّي الْمُحَبَّرَ فِي غَمْرَةٍ

وَحَمْلِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِتَالَا

فَيَا رَبِّ لَا أُغْبَنَنْ بَيْعَتِي

فَقَدْ بِعْتُ أَهْلِي وَمَالِي بِدَالَا.».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَحَمْلِي عَلَى الْمُشْرِكِينَ، بَدَلَ: الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا غُبِنَتْ صَفْقَتُكَ يَا ضِرَارُ» .

وَقَالَ فِي الْإِسْنَادِ: مُحَمَّدُ

ص: 390

بْنُ سَعِيدٍ الْبَاهِلِيُّ، وَالضَّعِيفُ قُرَشِيٌّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَثْرَمُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي ثِقَاتِ ابْنِ حِبَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زِيَادٍ، وَلَمْ يَقُلِ الْأَثْرَمُ، فَإِنْ كَانَ هُوَ فَقَدْ وُثِّقَ وَإِلَّا فَهُوَ الضَّعِيفُ، وَفِي الْآخَرِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

‌[بَابٌ فِي نُبَيْشَةَ رضي الله عنه

-]

37 -

174 - (بَابٌ فِي نُبَيْشَةِ الْخَيْرِ رضي الله عنه

16064 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: هُوَ نُبَيْشَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيُّ، يَقُولُ: نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ، وَهُوَ نُبَيْشَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ عَتَّابِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حُصَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ وَاثِلَةَ.

16065 -

عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ - وَهِيَ أُمُّ وَلَدِ سُفْيَانَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ الْهُذَلِيِّ - قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيْنَا نُبَيْشَةُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ: " نُبَيْشَةَ الْخَيْرِ ". دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أُسَارَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِمَّا أَنْ تَمُنَّ عَلَيْهِمْ، وَإِمَّا أَنْ تُفَادِيَهُمْ، فَقَالَ: " أَمَرْتَ بِخَيْرٍ، أَنْتَ نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابٌ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه

-]

16066 -

عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ: «أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَانَ مَحْبُوسًا بِمَكَّةَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ بَاعَ مَالًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: الْمَنَا بِنَاقَةْ بِالطَّائِفِ، وَقَالَ:

وَإِنْ أُهَاجِرْ وَأَبِعْ بِنَاقَةٍ

ثُمَّ اشْتَرِ مِنْهَا حِلًى وَنَاقَةْ

ثُمَّ ارْمِهِمْ بِنَفْسِكَ الْمُشْتَاقَةْ.

فَوَجَدَ غَفْلَةً مِنَ الْقَوْمِ، فَخَرَجَ هُوَ وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، مُشَاةً يَخَافُونَ الطَّلَبَ، فَسَعَوْا حَتَّى تَعِبُوا، وَقَصَّرَ الْوَلِيدُ فَقَالَ:

يَا قَدَمَيَّ أَلْحِقَانِي بِالْقَوْمِ

لَا تَعِدَانِي كَسَلًا بَعْدَ الْيَوْمِ.

فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْأَجْرَاسِ نُكِبَ، فَقَالَ:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ.

فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جُزْتُ وَأَنَا

ص: 391

مَيِّتٌ، فَكَفِّنِّي فِي قَمِيصِكَ، وَاجْعَلْهُ مِمَّا يَلِي جِلْدِي. فَتُوُفِّيَ، فَكَفَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَمِيصِهِ، وَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَبَيْنَ يَدَيْهَا صَبِيٌّ وَهِيَ تَقُولُ:

يَا عَيْنُ ابْكِ] الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ [أَبَا الْوَلِيدِ] بْنِ الْمُغِيرَهْ

إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَبَا الْوَلِيدِ بْنَ الْمُغِيرَهْ

قَدْ كَانَ غَيْثًا فِي السِّنِينَ وَجَعْفَرًا غَدَقًا وَمِيرَهْ ..

فَقَالَ: " إِنْ كِدْتُمْ تَتَّخِذُونَ الْوَلِيدَ حَنَانًا ". فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه

-]

16067 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَمِيمُ بْنُ أَوْسٍ الدَّارِيُّ، وَيُقَالُ: ابْنُ قَيْسٍ، يُكَنَّى أَبَا رُقَيَّةَ، وَهُوَ [عَمُّ] تَمِيمِ بْنِ [أَوْسِ بْنِ] خَارِجَةَ بْنِ سَوَادِ بْنِ جُذَيْمَةَ بْنِ دِرَاعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدَّارِ بْنِ لَخْمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ لِمَازَةَ بْنِ لَخْمٍ ..

16068 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْرَجَ فِي الْمَسْجِدِ: تَمِيمٌ الدَّارِيُّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى الْمُزْنِيِّ رضي الله عنه

-]

16069 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ - يَعْنِي الْبَيْكَنْدِيَّ - قَالَ: وَاسْمُ أَبِي سُلْمَى: رَبِيعَةُ بْنُ رِيَاحِ بْنِ قُرْظِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَازِنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ هَدْمَةَ بْنِ لَاطِي بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مُزَيْنَةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

16070 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، مُنْصَرَفَهُ مِنَ الطَّائِفِ، كَتَبَ بُجَيْرُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى إِلَى أَخِيهِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى يُخْبِرُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ رَجُلًا بِمَكَّةَ مِمَّنْ كَانَ يَهْجُوهُ وَيُؤْذِيهِ، وَأَنَّهُ بَقِيَ مِنْ شُعَرَاءِ قُرَيْشٍ ابْنُ الزِّبَعْرَى، وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ قَدْ هَرَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ فِي نَفْسِكَ حَاجَةٌ فَفِرَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُ أَحَدًا جَاءَهُ تَائِبًا، وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَانْجُ وَلَا نَجَا لَكَ، وَقَدْ كَانَ كَعْبٌ قَالَ أَبْيَاتًا نَالَ فِيهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا بَلَغَ كَعْبًا الْكِتَابُ ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَأَشْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَرْجَفَ بِهِ مَنْ كَانَ حَاضِرُهُ مِنْ عَدُوِّهِ [قَالُوا: هُوَ مَقْتُولٌ]، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ مِنْ شَيْءٍ بُدًّا قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَمْتَدِحُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِكْرِ خَوْفِهِ وَإِرْجَافِ الْوُشَاةِ بِهِ.

ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ عَلَى رَجُلٍ كَانَتْ

ص: 392

بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ - كَمَا ذُكِرَ لِي - فَغَدَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ أَشَارَ لَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُمْ إِلَيْهِ فَاسْتَأْمِنْهُ، فَذُكِرَ لِي أَنَّهُ قَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَعَّبَ بْنَ زُهَيْرٍ جَاءَ لِيَسْتَأْمِنَ مِنْكَ تَائِبًا مُسْلِمًا؛ فَهَلْ أَنْتَ قَابِلٌ مِنْهُ إِنْ أَنَا جِئْتُكَ بِهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" نَعَمْ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: وَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي وَعَدُوَّ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" دَعْهُ عَنْكَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ تَائِبًا نَازِعًا ". فَغَضِبَ عَلَى هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ لِمَا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُهُمْ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَقَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي قَالَهَا حِينَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مِمَّا قَالَ [فِيهَا]:

تَمْشِي الْوُشَاةُ بِجَنْبَيْهَا وَقَوْلُهُمُ

إِنَّكَ يَا ابْنَ أَبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ

وَقَالَ كُلُّ صَدِيقٍ كُنْتُ آمُلُهُ

لَا أُلْفِيَنَّكَ إِنِّي عَنْكَ مَشْغُولٌُ

فَقُلْتُ: خَلُّوا سَبِيلِي لَا أَبَا لَكُمْ

فَكُلُّ مَا قَدَّرَ الرَّحْمَنُ مَفْعُولُ

كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ

يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ

أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنِي

وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ

مَهْلًا هَدَاكَ الَّذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ الْ

فُرْقَانِ فِيهَا مَوَاعِيظُ وَتَفْصِيلُ

لَا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ

أُذْنِبْ وَإِنْ كَثُرَتْ فِي الْأَقَاوِيلُ

إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ

مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ

فِي عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ

بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا: زُولُوا

زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفٌ

عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَا مَيْلٌ مَغَازِيلُ

يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ

ضَرْبٌ إِذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ

شُمُّ الْعَرَانِينَ أَبْطَالٌ لَبُوسُهُمُ

مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ

بِيضٌ سَوَابِغُ قَدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ

كَأَنَّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ

لَيْسُوا مَفَارِيحَ إِنْ نَالَتْ رِمَاحُهُمُ

قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا وَإِنْ نِيلُوا

لَا يَقَعُ الطَّعْنُ إِلَّا فِي نُحُورِهِمُ

وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ.

ص: 393

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: فَلَمَّا قَالَ: السُّودُ التَّنَابِيلُ. وَإِنَّمَا أَرَادَ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؛ لِمَا كَانَ صَاحِبُهُمْ صَنَعَ وَخَصَّ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِدْحَتِهِ، غَضِبَتْ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ، فَبَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ أَخَذَ يَمْدَحُ الْأَنْصَارَ، وَيَذْكُرُ بَلَاءَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَوْضِعَهُمْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

مَنْ سَرَّهُ كَرَمُ الْحَيَاةِ فَلَا يَزَلْ

فِي مِقْنَبٍ مِنْ صَالِحِي الْأَنْصَارِ

الْبَاذِلِينَ نُفُوسَهُمْ لِنَبِيِّهِمْ

يَوْمَ الْهِيَاجِ وَفِتْنَةِ الْحَارِ

وَالضَّارِبِينَ النَّاسَ عَنْ أَحِيَاضِهِمْ

بِالْمِشْرَفِيِّ وَبِالْقَنَا الْخَطَّارِ

وَالنَّاظِرِينَ بِأَعْيُنٍ مُحْمَرَّةٍ

كَالْجَمْرِ غَيْرَ كَلَيْلَةِ الْأَبْصَارِ

يَتَطَهَّرُونَ كَأَنَّهُ نُسُكٌ لَهُمْ

بِدِمَاءِ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْكُفَّارِ

لَوْ يَعْلَمُ الْأَقْوَامُ عِلْمَيْ كُلَّهُ

فِيهِمْ لَصَدَّقَنِي الَّذِينَ أُمَارِي.».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه

-]

16071 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَا شومة بْنُ جُرْثُومٍ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ؛ فَقِيلَ لَاسرُ بْنُ حِمْيَرَ، وَقِيلَ: لَاشَرُ بْنُ جَاهِمٍ، وَقِيلَ: جُرْهُمُ، وَقِيلَ: غُرْنُوفُ بْنُ نَاسِمٍ، وَيُقَالَ: نَاشِرٌ وَيُقَالُ: نَاشِبُ بْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ: خُرَيْمُ بْنُ نَاشِبٍ ..

16072 -

«- عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِمَا يَحِلُّ لِي مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيَّ قَالَ: فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ وَصَوَّبَ، ثُمَّ قَالَ: " نُوَيْبِتَةٌ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُوَيْبِتَةُ خَيْرٍ أَوْ نُوَيْبِتَةُ شَرٍّ؟ قَالَ: " بَلْ نُوَيْبِتَةُ خَيْرٍ» . قُلْتُ: ....

.. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

16073 -

وَعَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالِ قَالَ: مَاتَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابٌ فِي رَبِيعَةَ الْعَنْسِيِّ رضي الله عنه

-]

16074 -

عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ رَوَاءٍ الْعَنْسِيَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهُ يَتَعَشَّى، فَدَعَاهُ إِلَى الْعَشَاءِ فَأَكَلَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟ ". قَالَ رَبِيعَةُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا

ص: 394

عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: " أَرَاغِبًا أَمْ رَاهِبًا ". قَالَ رَبِيعَةُ: أَمَّا الرَّغْبَةُ فَوَاللَّهِ مَا هِيَ فِي يَدِكَ، وَأَمَّا الرَّهْبَةُ فَوَاللَّهِ إِنَّا بِبِلَادٍ لَا تَبْلُغُنَا جُيُوشُكَ وَلَا خُيُولُكَ، وَلَكِنِّي خُوِّفْتُ فَخِفْتُ، وَقِيلَ لِي: آمِنْ فَآمَنْتُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " رُبَّ خَطِيبٍ مِنْ عَنْسَ ". فَأَقَامَ يَخْتَلِفُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَهُ فَوَدَّعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنْ أَحْسَسْتَ حِسًّا فَوَائِلْ إِلَى أَدْنَى قَرْيَةٍ ". فَأَحَسَّ حِسًّا فَوَائِلَ إِلَى قَرْيَةٍ فَمَاتَ بِهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ.

[بَابٌ فِي أَبِي قِرْصَافَةَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ رضي الله عنهم]

16075 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَيْدَرَةُ بْنُ خَيْشَنَةَ: أَبُو قِرْصَافَةَ اللَّيْثِيُّ، مَوْلَى بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ.

16076 -

«عَنْ أَبِي قِرْصَافَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِي أَنِّي كُنْتُ يَتِيمًا بَيْنَ أُمِّي وَخَالَتِي، وَكَانَ أَكْثَرُ مَيْلِي إِلَى خَالَتِي، وَكُنْتُ أَرْعَى شُوَيْهَاتٍ لِي، فَكَانَتْ خَالَتِي كَثِيرًا مَا تَقُولُ لِي: يَا بُنَيَّ، لَا تَمُرَّ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ - تَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَيُغْوِيَكَ وَيُضِلَّكَ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ حَتَّى آتِيَ الْمَرْعَى، وَأَتْرُكَ شُوَيْهَاتِي وَآتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَا أَزَالُ أَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ أُرَوِّحُ غَنَمِي ضُمَّرًا يَابِسَاتِ الضُّرُوعِ. وَقَالَتْ لِي خَالَتِي: مَا لِغَنَمِكَ يَابِسَاتِ الضُّرُوعِ؟ قُلْتُ: مَا أَدْرِي.

ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ الْيَوْمَ الثَّانِيَ، فَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَاجِرُوا وَتَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّ الْهِجْرَةَ لَا تَنْقَطِعُ مَا دَامَ الْجِهَادُ ". ثُمَّ إِنِّي رُحْتُ بِغَنَمِي كَمَا رُحْتُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ.

ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ أَسْمَعُ مِنْهُ حَتَّى أَسْلَمْتُ وَبَايَعْتُهُ وَصَافَحْتُهُ، وَشَكَوْتُ إِلَيْهِ أَمْرَ خَالَتِي وَأَمْرَ غَنَمِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" جِئْنِي بِالشِّيَاهِ ". فَجِئْتُهُ بِهِنَّ، فَمَسَحَ ظُهُورَهُنَّ وَضُرُوعَهُنَّ، وَدَعَا فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فَامْتَلَأْنَ شَحْمًا وَلَبَنًا، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى خَالَتِي بِهِنَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَكَذَا فَارْعَ، قُلْتُ: يَا خَالَةُ، مَا رَعَيْتُ إِلَّا حَيْثُ أَرْعَى كُلَّ يَوْمٍ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكِ بِقِصَّتِي، وَأَخْبَرْتُهَا بِالْقِصَّةِ وَإِتْيَانِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرْتُهَا بِسِيرَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، فَقَالَتْ [لِي] أُمِّي وَخَالَتِي: اذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُمِّي وَخَالَتِي فَأَسْلَمْنَ، وَبَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[وَمَا] صَافَحَهُنَّ.

فَهَذَا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ إِسْلَامِ أَبِي قِرْصَافَةَ، وَهِجْرَتِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَكَانَ أَبُو قِرْصَافَةَ

ص: 395

يَسْكُنُ أَرْضَ تِهَامَةَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

16077 -

وَعَنْ عَزَّةَ بِنْتِ عِيَاضِ بْنِ أَبِي قِرْصَافَةَ قَالَ: «أَسَرَتِ الرُّومُ ابْنًا لِأَبِي قِرْصَافَةَ، فَكَانَ أَبُو قِرْصَافَةَ إِذَا حَضَرَ وَقْتُ كُلِّ صَلَاةٍ صَعِدَ سُورَ عَسْقَلَانَ، وَنَادَى: يَا فُلَانُ الصَّلَاةَ، فَيَسْمَعُهُ وَهُوَ فِي بَلَدِ الرُّومِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي شُرَيْحٍ رضي الله عنه

-]

16078 -

عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالِ قَالَ: أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ: كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ: خُوَيْلِدُ بْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ: عَمْرُو بْنُ خُوَيْلِدٍ ..

16079 -

عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: مَنْ رَآنِي أُلَاحِي خَتَنًا لِي، أَفْرَشَنِي كَرِيمَتَهُ، وَأَفْرَشْتُهُ كَرِيمَتِي؛ فَأَنَا يَوْمَئِذٍ مَجْنُونٌ؛ فَاكْوُوا رَأْسِي. وَمَنْ رَأَى لِأَبِي شُرَيْحٍ جَدْيًا أَوْ لَبَنًا يُبَاعُ؛ فَهُوَ نَهْبٌ. وَمَنْ رَآنِي أُحَادُّ جَارًا فِي لَبِنَةٍ؛ فَأَنَا مَجْنُونٌ؛ فَاكْوُوا رَأْسِي.

قَالَ: فَاخْتَبَرَهُ جَارٌ لَهُ - يُقَالُ لَهُ: عَرْفَجَةُ - فَأَخَذَ مِنْ دَارِهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّهُ أَخَذَ مِنْ دَارِكَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ قَالَ: هُوَ أَعْلَمُ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ جَارُهُ بَعْدُ، وَرَجَعَ إِلَى حَقِّهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

16080 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو شُرَيْحٍ - وَاسْمُهُ خُوَيْلِدٌ - سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ بِالْمَدِينَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

16081 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ: كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي بُرْدَةَ وَاسْمُهُ هَانِئٌ رضي الله عنه

-]

16082 -

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: هَانِئُ بْنُ نِيَارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كِلَابِ بْنِ دَهْمَانَ بْنِ غُنْمِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ هُمَيْمِ بْنِ كَاهِلِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ بِلَى بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَافِّ بْنِ قُضَاعَةَ: أَبُو بُرْدَةَ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ، عَقَبِيٌّ، بَدْرِيٌّ [وَهُوَ خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ] ..

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ رضي الله عنه

-]

16083 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عَاصِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجَدِّ بْنِ عَجْلَانَ بْنِ ضُبَيْعَةَ، وَهُوَ مِنْ بِلَى، حَلِيفٌ لِبَنِي عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ [بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ] بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم[إلِى بَدْرٍ فَرَدَّهُ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ] مَعَ أَصْحَابِ بَدْرٍ.

وَيُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْعَالِيَةِ.

وَيُقَالُ:

ص: 396

عَاشَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةَ سَنَةٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي قَيْسِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ رضي الله عنه

-]

16084 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ: قَيْسُ بْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ، وَاسْمُ أَبِي صَعْصَعَةَ: عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غُنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ ثِقَاتٌ.

16085 -

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: قَيْسُ بْنُ صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَقَبِيٌّ، بَدْرِيٌّ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي مَالِكٍ وَاسْمُهُ هَانِئٌ رضي الله عنه

-]

16086 -

عَنْ هَانِئٍ أَبِي مَالِكٍ: «أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْيَمَنِ، فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَأَنْزَلَهُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمَّا جَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ الْجَيْشَ إِلَى الشَّامِ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَرْجِعْ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الْعَلَائِيَّ قَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ [يَزِيدَ بْنَ] عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَدِّهِ أَبِي مَالِكٍ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي عَقِيلٍ رضي الله عنه

-]

16087 -

عَنْ أَبِي عَقِيلٍ الْبُدَيْلِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، وَسَقَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرْبَةَ سَوِيقٍ، شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهَا، وَشَرِبْتُ آخِرَهَا، فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَلَّتَهَا عَلَى فُؤَادِي إِذَا ظَمِئْتُ، وَبَرْدَهَا إِذَا أَضْحَيْتُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي مَرْيَمَ رضي الله عنه

-]

16088 -

«عَنْ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَيَّ، وَرَمَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْجَنْدَلِ، فَأَعْجَبَهُ، وَدَعَا لِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي خَيْرَةَ رضي الله عنه

-]

16089 -

«عَنْ أَبِي خَيْرَةَ قَالَ: كَانَتْ لِي إِبِلٌ أَحْمِلُ عَلَيْهَا، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَشَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ - أَوْ قَالَ: حُنَيْنًا - وَكُنَّا نَحْمِلُ لَهُ الْمَاءَ عَلَى إِبِلِنَا، وَكَانَتْ لِي بِالْمَدِينَةِ تِجَارَةٌ، فَدَعَا لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَكَةِ، وَدَعَا لِوَلَدِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

ص: 397

‌[بَابٌ فِي أَبِي نُحَيْلَةَ رضي الله عنه

-]

16090 -

«عَنْ أَبِي نُحَيْلَةَ - رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ رُمِيَ بِسَهْمٍ، فَقِيلَ لَهُ: انْزِعْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْقِصْ مِنَ الْوَجَعِ وَلَا تُنْقِصْ مِنَ الْأَجْرِ، فَقِيلَ لَهُ: ادْعُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَاجْعَلْ أُمِّي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ رضي الله عنه]

16091 -

عَنْ بَشِيرٍ قَالَ: «كُنْتُ أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِذًا بِيَدِي، فَقَالَ لِي: " يَا ابْنَ الْخَصَاصِيَةِ، مَا أَصْبَحْتَ تَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى؟ أَصْبَحْتَ تُمَاشِي رَسُولَهُ - أَحْسَبُهُ قَالَ: - آخِذًا بِيَدِهِ ". قَالَ: قُلْتُ: مَا أَصْبَحْتُ أَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا؛ قَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ تبارك وتعالى كُلَّ خَيْرٍ» . قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كُلَّ خَيْرٍ صَنَعَ اللَّهُ لِي. وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي عَطِيَّةَ رضي الله عنه

-]

16092 -

عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْبَكْرِيِّ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: «انْطَلَقَ بِي أَهْلِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي.

قَالَ: فَرَأَيْتُ أَبَا عَطِيَّةَ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَتْ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةُ سَنَةٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ رضي الله عنه

-]

14093 -

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ تَسْبِقُهُ بَعْضُ أَعْضَائِهِ إِلَى الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي جُمْعَةَ حُمَيْدِ بْنِ سَبْعٍ رضي الله عنه

-]

16094 -

عَنْ أَبِي جُمْعَةِ: جُنْبَذِ بْنِ سَبْعٍ قَالَ: «قَاتَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ النَّهَارِ كَافِرًا، وَقَاتَلْتُ مَعَهُ آخِرَ النَّهَارِ مُسْلِمًا، وَكُنَّا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ وَسَبْعَ نِسْوَةٍ، وَفِينَا نَزَلَتْ: " {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} [الفتح: 25] " الْآيَةَ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي بُرَيْدَةَ رضي الله عنه

-]

16095 -

عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَكَانَ كُلَّمَا بَقِيَ شَيْءٌ حَمَلَهُ عَلَيَّ، وَسَمَّانِي الزَّامِلَةَ» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

ص: 398

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مَاعِزٍ رضي الله عنه

-]

16096 -

عَنْ أَبِي الْفِيلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا مَاعِزًا "» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ رضي الله عنه

-]

16097 -

عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ أَبِي - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ -: أَيُّ شَيْءٍ تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّهُ أَخَذَنِي وَأَنَا خُمَاسِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ، فَأَجْلَسَنِي فِي حِجْرِهِ، وَغَسَلَ رَأْسِي بِيَدِهِ، وَدَعَا لِي وَلِذُرِّيَّتِي مِنْ بَعْدِي بِالْبَرَكَةِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَقَالَ فِيهِ: وَمَسَحَ رَأْسِي، بَدَلَ: غَسَلَ. وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ رضي الله عنه

-]

16098 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «ذَهَبَ بِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، فَمَا أَنْسَى وَضْعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِي حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا، فَدَعَا لِي وَبَارَكَ عَلَيَّ، فَرَأَيْتُهُ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْرُقَ رَأْسَهُ مِنْ كِبَرِهِ، وَكَانَ يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابٌ فِي أَبِي مُصْعَبٍ رضي الله عنه

-]

16099 -

عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: «كَانَ غُلَامٌ بِالْمَدِينَةِ يُكَنَّى أَبَا مُصْعَبٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ يَدَيْهِ سُنْبُلٌ، فَفَرَكَ سُنْبُلَةً، ثُمَّ نَفَخَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيْهِ فَأَكَلَهَا، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ تُعَيِّرُ مَنْ يَأْكُلُ فَرِيكَةَ السُّنْبُلِ، فَلَمَّا دَفَعَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ لَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: ثُمَّ قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ: " مَنْ عَلَّمَكَ هَذَا؟ ". قُلْتُ: لَا أَحَدَ قَالَ: " أَفْعَلُ ". فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي قَالَ: " أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ". فَأَتَيْتُ أُمِّي فَسَأَلَتْنِي، فَقُلْتُ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى بِسُنْبُلٍ، فَفَرَكَ مِنْهُ سُنْبُلَةً بِيَدَيْهِ الْمُبَارَكَتَيْنِ، ثُمَّ نَفَخَهُ بِرِيقِهِ الْمُبَارَكِ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيَّ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّهُ، فَقَالَتْ: أَحْسَنْتَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَدَعَا لِي» .

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَأَوَّلُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ قَالَ: قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ طَالُوتَ بْنِ عَبَّادٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

ص: 399

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه

-]

16100 -

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الطَّائِفِ تَدَلَّيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَكْرَةَ، فَقَالَ: " أَنْتَ أَبُو بَكْرَةَ» ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ أَبُو الْمِنْهَالِ الْبَكْرَاوِيُّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حُمَمَةَ رضي الله عنه

-]

16101 -

عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ: «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُقَالُ لَهُ: حُمَمَةُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ غَازِيًا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ حُمَمَةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَكَ، فَإِنْ كَانَ حُمَمَةُ صَادِقًا فَاعْزِمْ لَهُ بِصِدْقِهِ، وَإِنْ كَانَ كَارِهًا فَأَعْزِمْ لَهُ وَإِنْ كَرِهَ، اللَّهُمَّ لَا يَرْجِعُ حُمَمَةُ مِنْ سَفَرِهِ هَذَا، فَأَخَذَهُ الْمَوْتُ - قَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: الْبَطْنُ - فَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ. قَالَ: فَقَامَ أَبُو مُوسَى، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَاللَّهِ مَا سَمِعْنَا فِيمَا سَمِعْنَا مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم وَمَا بَلَغَ عِلْمُنَا إِلَّا أَنَّ حُمَمَةَ شَهِيدٌ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَفِيهِ خِلَافٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَوْفِ بْنِ الْقَعْقَاعِ رضي الله عنه

-]

16102 -

عَنْ عَوْفِ بْنِ الْقَعْقَاعِ قَالَ: «وَفَدَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ غُلَيْمٌ، وَأَمَرَ لِكُلِّ رَجُلٍ بِبُرْدَيْنِ وَأَمَرَ لِي بِبُرْدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَحَدَ بُرْدَيْهِ - يَعْنِي فَاشْتَرَيْتُهُ - فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي بُرْدَيْنِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: " مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذِهِ؟ ". قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ قَالَ: " أَنْتَ كُنْتَ أَحَقَّ مِنْهُ؛ إِذْ ضَيَّعَ مَا أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي لَقِيطِ بْنِ أَرْطَاةَ رضي الله عنه

-]

16103 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ قَالَ: قَالَ لَقِيطُ بْنُ أَرْطَاةَ السُّكُونِيُّ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرِجْلَايَ مُعْوَجَّتَانِ لَا تَمَسَّانِ الْأَرْضَ، فَدَعَا لِي، فَمَشَيْتُ عَلَى الْأَرْضِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ نَصْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ جُنَادَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي قُرَّةَ بْنِ هُبَيْرَةَ رضي الله عنه

-]

16104 -

«عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي قُشَيْرٍ يُقَالُ لَهُ: قُرَّةُ بْنُ هُبَيْرَةَ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ لَنَا أَرْبَابٌ وَرَبَّاتٌ نَعْبُدُهُنَّ مِنْ دُونِ اللَّهِ عز وجل فَدَعَوْنَاهُنَّ فَلَمْ يُجِبْنَ،

ص: 400

وَسَأَلْنَاهُنَّ فَلَمْ يُعْطِينَ، فَجِئْنَاكَ فَهَدَانَا اللَّهُ بِكَ، فَنَحْنُ نَعْبُدُ اللَّهَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ رُزِقَ لُبًّا ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْبِسْنِي ثَوْبَيْنِ مِنْ ثِيَابِكَ قَدْ لَبِسْتَهُمَا. فَكَسَاهُ، فَلَمَّا كَانَ بِالْمَوْقِفِ مِنْ عَرَفَاتٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَعِدْ عَلَيَّ مَقَالَتَكَ ". فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ رُزِقَ لُبًّا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ رضي الله عنه

-]

16105 -

عَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ خِبَائِي، فَإِذَا نِسْوَةٌ يَتَحَدَّثْنَ، فَأَعْجَبَنِي، فَرَجَعْتُ فَاسْتَخْرَجْتُ عَيْبَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا حُلَّةً فَلَبِسْتُهَا، وَجِئْتُ فَجَلَسْتُ مَعَهُنَّ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ". فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هِبْتُهُ وَاخْتَلَطْتُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَمَلٌ لِي شَرَدَ وَأَنَا أَبْتَغِي لَهُ قَيْدًا، فَمَضَى وَاتَّبَعْتُهُ، فَأَلْقَى إِلَيَّ رِدَاءَهُ وَدَخَلَ الْأَرَاكَ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ مَتْنِهِ فِي خُضْرَةِ الْأَرَاكِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ وَتَوَضَّأَ، وَأَقْبَلَ وَالْمَاءُ يَسِيلُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ: " أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا فَعَلَ شِرَادُ جَمَلِكَ؟ ". ثُمَّ ارْتَحَلْنَا، فَجَعَلَ لَا يَلْحَقُنِي فِي الْمَسِيرِ إِلَّا قَالَ: " السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا فَعَلَ شِرَادُ ذَلِكَ الْجَمَلِ؟ ". فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَعَجَّلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاجْتَنَبْتُ الْمَسْجِدَ وَمُجَالَسَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ تَحَيَّنْتُ سَاعَةَ خَلْوَةِ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقُمْتُ أَصَلِّي، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ، فَجَاءَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَطَوَّلْتُ رَجَاءَ أَنْ يَذْهَبَ وَيَدَعَنِي، فَقَالَ: " طَوِّلْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا شِئْتَ أَنْ تُطَوِّلَ فَلَسْتُ قَائِمًا حَتَّى تَنْصَرِفَ ". فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ لَأَعْتَذِرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَأُبَرِّئَنَّ صَدْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا انْصَرَفْتُ قَالَ: " السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ جَمَلِكَ؟ ". فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا شَرَدَ ذَلِكَ الْجَمَلُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، فَقَالَ: " رَحِمَكَ اللَّهُ " - ثَلَاثًا - ثُمَّ لَمْ يَعُدْ لِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ الْجَرَّاحِ بْنِ مَخْلَدٍ وَهُوَ ثِقَةٌ.

ص: 401

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه

-]

16106 -

عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو السَّهْمِيِّ: «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ - وَكَانَ الْحَارِثُ رَجُلًا جَسِيمًا - فَنَزَلَ إِلَيْهِ، فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى حَاذَى وَجْهَهُ بِرُكْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَهْوَى نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ وَجْهَ الْحَارِثِ، فَمَا زَالَتْ نَضِرَةٌ عَلَى وَجْهِ الْحَارِثِ حَتَّى هَلَكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّلِبِّ رضي الله عنه

-]

16107 -

عَنِ التَّلِبِّ: «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم[فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي] فَقَالَ: " إِذَا أَذِنَ - أَوْ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ - ". قَالَ: فَغَيَّرَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ دَعَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلتَّلِبِّ وَارْحَمْهُ " - ثَلَاثًا -» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَمِلْقَامُ بْنُ التَّلِبِّ رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ وُثِّقُوا.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَرْمَلَةَ رضي الله عنه

-]

16108 -

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «أَنَّ رَجُلًا - يُقَالُ لَهُ: حَرْمَلَةُ - أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْإِيمَانُ هَهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - وَالنِّفَاقُ هَهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى قَلْبِهِ - وَلَا أَذْكُرُ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ لِسَانًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا شَاكِرًا، وَارْزُقْهُ حُبِّي وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّنِي، وَصَيِّرْ أَمْرَهُ إِلَى خَيْرٍ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه

-]

16109 -

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ يُسَمَّى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَارِئَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: وَيَأْتِي حَدِيثٌ فِي فَضْلِهِ فِي فَضْلِ الْأَنْصَارِ فِيمَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَامِرِ بْنِ لَقِيطٍ رضي الله عنه

-]

16110 -

عَنْ عَامِرِ بْنِ لَقِيطٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُبَشِّرُهُ بِإِسْلَامِ قَوْمِي وَطَاعَتِهِمْ وَافِدًا إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ قَالَ:" أَنْتَ الْوَافِدُ الْمَيْمُونُ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ".

قَالَ: وَمَسَحَ نَاصِيَتِي، ثُمَّ صَافَحَنِي وَصَبَّحَهُ قَوْمِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَبَى اللَّهُ لِبَنِي عَامِرٍ إِلَّا خَيْرًا، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ جَدَّ قُرَيْشٍ نَازَعَ لَهَا لَكَانَتِ الْخِلَافَةُ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَلَكِنَّ جَدَّ قُرَيْشٍ يُزَاحِمَ لَهَا ".

فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ قَالَ: " هَلْ أَطْعَمْتُمْ ضَيْفَكُمْ شَيْئًا؟ ". قَالَتْ عَائِشَةُ:

ص: 402

وَضَعْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْئًا مِنْ تَمْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا غَيْرُهُ قَالَ: وَرَاحَتِ الْغَنَمُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ فَتَكَرَّهْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَا لَكِ؟ ذَبَحْنَاهَا لِأَنْفُسِنَا، إِنَّ غَنَمَنَا إِذَا زَادَتْ عَلَى الْمِائَةِ شَاةٍ ذَبَحْنَاهَا لِأَنْفُسِنَا "».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْلَى بْنُ الْأَشْدَقِ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ رضي الله عنه

-]

16111 -

عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: حَاتِمُ طَيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أَخْزَمَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

16112 -

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ الْكُوفَةَ، فَأَتَيْتُهُ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنُّبُوَّةِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنِ الْعَرَبِ كَانَ أَشَدَّ لَهُ بُغْضًا، وَلَا أَشَدَّ كَرَاهِيَةً لَهُ مِنِّي، حَتَّى خَرَجْتُ فَلَحِقْتُ بِالرُّومِ؛ فَتَنَصَّرْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَنِي مَا يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ، وَمَا قَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنَ النَّاسِ، ارْتَحَلْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَوَقَفْتُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ صُهَيْبٌ وَبِلَالٌ وَسَلْمَانُ، فَقَالَ: " يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ". فَقُلْتُ: أَخٍ أَخٍ فَأَنَخْتُ، فَجَلَسْتُ وَأَلْزَقْتُ رُكْبَتِي بِرُكْبَتِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: " تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْتِيَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ ". - وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ كُوفَةُ - " حَتَّى تَطُوفَ بِهَذِهِ الْكَعْبَةِ بِغَيْرِ خَفِيرٍ، يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَحْمِلَ جِرَابَ الْمَالِ، فَتَطُوفَ بِهِ فَلَا تَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ، فَتَضْرِبُ بِهِ الْأَرْضَ فَتَقُولُ: لَيْتَكَ لَمْ تَكُنْ، لَيْتَكَ كُنْتَ تُرَابًا» ".

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ طَرَفٌ مِنْهُ يَسِيرٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

16113 -

وَعَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالِ قَالَ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ يُكَنَّى أَبَا طَرِيفٍ، تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ زَمَنَ الْمُخْتَارِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ رضي الله عنه

-]

16114 -

عَنْ حَسَّانَ - مَوْلَى مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ - وَكَانَ مَالِكٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَوَضَّأُ، وَكَانَ فِي سَاقِهِ عِرْقٌ مَكْتُوبٌ " لِلَّهِ "، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ تَنْظُرُ؟ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ كَاتِبٌ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَحَسَّانُ، وَأَبُو سَلَمَةَ الرَّاوِي عَنْهُ

ص: 403

لَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيِّ رضي الله عنه

-]

16115 -

عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: «قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآنِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَفِي إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْجَصَّاصُ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: يُخْطِئُ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ. وَإِسْنَادُ الْبَزَّارِ فِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ مُطَيَّبٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

16116 -

«وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، فَاغْتَسَلَ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَدَخَلَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَامَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ سَأَلَنِي قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُنَّ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ» .

قُلْتُ: اغْتِسَالُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عِيَاضِ بْنِ تَمِيمٍ رضي الله عنه

-]

16117 -

عَنِ الْوَاقِدَيِّ قَالَ: عِيَاضُ بْنُ تَمِيمِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي شَدَّادِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ ضَبَّةَ بْنِ الْحَارِثِ [بْنِ فِهْرٍ].

أَسْلَمَ عِيَاضٌ قَدِيمًا قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَشَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ، وَكَانَ بِالشَّامِ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، فَلَمَّا حَضَرَتْ أَبَا عُبَيْدَةَ الْوَفَاةُ وَلَّى أَبُو عُبَيْدَةَ عِيَاضَ بْنَ تَمِيمٍ عَمَلَهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، فَأَقَرَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.

وَكَانَ عِيَاضٌ رَجُلًا صَالِحًا سَمْحًا، مَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَمَا لَهُ مَالٌ، وَلَا عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَحَدٍ، تُوُفِّيَ بِالشَّامِ سَنَةَ عِشْرِينَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ إِلَى الْوَاقِدِيِّ حَسَنٌ.

16118 -

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَاسْتَخْلَفَ ابْنَ عَمِّهِ: عِيَاضَ بْنَ تَمِيمٍ الْفِهْرِيَّ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه

-]

16119 -

«عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، فَقَالَ:" يَعِيشُ هَذَا الْغُلَامُ قَرْنًا ". فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ.

وَكَانَ فِي وَجْهِهِ ثُؤْلُولٌ، فَقَالَ:" لَا يَمُوتُ حَتَّى يَذْهَبَ الثُّؤْلُولُ مِنْ وَجْهِهِ ". فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى ذَهَبَ الثُّؤْلُولُ مِنْ وَجْهِهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارِ الثُّؤْلُولِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لِيُدْرِكَنَّ قَرْنًا» ".

وَرِجَالُ أَحَدِ

ص: 404

إِسْنَادَيِ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الْحَضْرَمِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

16120 -

وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: «أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ شَامَةً فِي قَرْنِهِ، وَقَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَيْهَا، وَقَالَ: " لَيُدْرِكَنَّ قَرْنًا ". وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُرَجِّلُ رَأْسَهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.

16121 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: «لَمَّا بَعَثَتْنِي أُمِّي بِقُطَفٍ، تَنَاوَلْتُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جِئْتُ بِهِ مَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: " أَيَا غُدَرُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْحِيرَانِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رضي الله عنه

-]

16122 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: «ذَهَبَتْ أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالرِّزْقِ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى.

16123 -

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ أَيْضًا: ذَهَبَتْ بِي أُمِّي أَوْ أَبِي. وَرَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى وَبَعْضِ أَسَانِيدِ الطَّبَرَانِيِّ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16124 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: كُنْتُ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ يَوْمَ بَدْرٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.

16125 -

وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: مَاتَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ ..

16126 -

قَالَ أَبُو مُوسَى: وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلِعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً.

قَالَ: وَيُكَنَّى عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ: أَبَا سَعِيدٍ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه

-]

16127 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّالَّةِ، فَأَسْلَمْتُ، فَمَسَحَ رَأْسِي.

قَالَ: فَأَتَتْ عَلَى عَمْرٍو مِائَةُ سَنَةٍ، وَمَا شَابَ مَوْضِعُ يَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ رَأْسِهِ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه

-]

16128 -

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِرْبَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَبْعَثُنَا وَلَا لَنَا زَادٌ، وَلَا لَنَا طَعَامٌ، وَلَا عِلْمَ لَنَا بِالطَّرِيقِ! فَقَالَ: " إِنَّكُمْ سَتَمُرُّونَ بِرَجُلٍ صَبِيحِ الْوَجْهِ، يُطْعِمُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَيَسْقِيكُمْ مِنَ الشَّرَابِ، وَيَدُلُّكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، وَهُوَ

ص: 405

مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". فَلَمَّا نَزَلَ الْقَوْمُ عَلَيَّ جَمَلٍ يُشِرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ قَالُوا: أَبْشِرْ بِبُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ; فَإِنَّا نَعْرِفُ فِيكَ نَعْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَخْبَرُونِي بِمَا قَالَ لَهُمْ، فَأَطْعَمْتُهُمْ وَسَقَيْتُهُمْ وَزَوَّدْتُهُمْ، وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى دَلَلْتُهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي وَأَوْصَيْتُهُمْ بِإِبِلِي، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: مَا الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ؟ فَقَالَ: " أَدْعُو إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ". فَقُلْتُ: إِذَا أَجَبْنَاكَ إِلَى هَذَا فَنَحْنُ آمِنُونَ عَلَى أَهْلِنَا وَدِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَأَعْلَمْتُهُمْ بِإِسْلَامِي، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ لِي:" يَا عَمْرُو، هَلْ لَكَ أَنْ أُرِيَكَ آيَةَ الْجَنَّةِ، يَأْكُلُ الطَّعَامَ، وَيَشْرَبُ الشَّرَابَ، وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ؟ ". قُلْتُ: بَلَى، بِأَبِي أَنْتَ. قَالَ:" هَذَا وَقَوْمُهُ ". وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَقَالَ لِي: " يَا عَمْرُو، هَلْ لَكَ أَنْ أُرِيَكَ آيَةَ النَّارِ، يَأْكُلُ الطَّعَامَ، وَيَشْرَبُ الشَّرَابَ، وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ؟ ". قُلْتُ: بَلَى، بِأَبِي أَنْتَ. قَالَ:" هَذَا وَقَوْمُهُ آيَةُ النَّارِ ". وَأَشَارَ إِلَى رَجُلٍ.

فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفَرَرْتُ مِنْ آيَةِ النَّارِ إِلَى آيَةِ الْجَنَّةِ، وَيَرَى بَنِي أُمَيَّةَ قَاتِلِي بَعْدَ هَذَا؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ فِي حَجَرٍ فِي جَوْفِ حَجَرٍ لَاسْتَخْرَجَنِي بَنُو أُمَيَّةَ حَتَّى يَقْتُلُونِي. حَدَّثَنِي بِهِ حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَأْسِي أَوَّلُ رَأْسٍ يُحْتَزُّ فِي الْإِسْلَامِ، وَيُنْقَلُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَسْعُودِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

16129 -

«وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ: أَنَّهُ سَقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " اللَّهُمَّ مَتِّعْهُ بِشَبَابِهِ ". فَمَرَّتْ بِهِ ثَمَانُونَ لَمْ نَرَ لَهُ شَعْرَةً بَيْضَاءَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ رضي الله عنه

-]

16130 -

«عَنْ فَيْرُوزَ: أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا وَكَانَ فِيمَنْ أَسْلَمَ، فَبَعَثُوا وَفْدَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَيْعَتِهِمْ وَإِسْلَامِهِمْ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ، وَجِئْنَا مِنْ حَيْثُ عَلِمْتَ، وَأَسْلَمْنَا، فَمَنْ وَلِيُّنَا؟ قَالَ: " اللَّهُ وَرَسُولُهُ ". قَالُوا: حَسْبُنَا، رَضِينَا» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ

ص: 406

غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَيْرُوزَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي قُرَّةَ الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه

-]

16131 -

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِي» ..

16132 -

وَفِي رِوَايَةٍ: سَمِعْتُ أَبِي وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ رَأَسَهُ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ.

16133 -

وَفِي رِوَايَةٍ: قُلْنَا: أَصَحِبَهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِهِ قَدْ حَلَبَ وَصَرَّ.

رَوَاهُ كُلَّهُ أَحْمَدُ بِأَسَانِيدَ، وَالْبَزَّارُ بِبَعْضِهِ، وَأَحَدُ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَهُوَ ثِقَةٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه

-]

16134 -

عَنْ زِيَادَةَ، عَنْ جَدِّهِ مَسْعُودٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ مُطَاعًا، وَقَالَ لَهُ: " يَا مُطَاعُ، أَنْتَ مُطَاعٌ فِي قَوْمِكَ ". وَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَقَالَ لَهُ: " يَا مُطَاعُ، امْضِ إِلَى أَصْحَابِكَ، فَمَنْ دَخَلَ تَحْتَ رَايَتِي هَذِهِ فَقَدْ أَمِنَ مِنَ الْعَذَابِ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي خَالِ أَبِي السَّوَّارِ رضي الله عنه

-.]

16135 -

عَنْ أَبِي السَّوَّارِ، عَنْ خَالِهِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُنَاسٌ يَتْبَعُونَهُ قَالَ: فَاتَّبَعْتُهُ مَعَهُمْ قَالَ: فَفَجَئَنِي الْقَوْمُ يَسْعَوْنَ قَالَ: وَأَبْقَى الْقَوْمَ. قَالَ: فَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَنِي ضَرْبَةً إِمَّا بِعَسِيبٍ، أَوْ قَضِيبٍ، أَوْ سِوَاكٍ، أَوْ شَيْءٍ كَانَ مَعَهُ.

قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَوْجَعَنِي. قَالَ: فَبِتُّ بِلَيْلَةٍ، أَوْ قَالَ: قُلْتُ: مَا ضَرَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا لِشَيْءٍ عَلِمَهُ اللَّهُ فِيَّ. قَالَ: وَحَدَّثَتْنِي نَفْسِي أَنْ آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَصْبَحْتُ.

قَالَ: وَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام قَالَ: إِنَّكَ رَاعٍ ; فَلَا تَكْسِرْ قَرْنَ رَعِيَّتَكَ.

فَلَمَّا صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ - أَوْ قَالَ: أَصْبَحْنَا - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ إِنَّ نَاسًا يَتْبَعُونِي، وَإِنِّي لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتْبَعُونِي. اللَّهُمَّ فَمَنْ ضَرَبْتُ أَوْ سَبَبْتُ فَاجْعَلْهَا لَهُ كَفَّارَةً وَأَجْرًا». - أَوْ قَالَ: - " مَغْفِرَةً وَرَحْمَةً " - أَوْ كَمَا قَالَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رضي الله عنه

-]

16136 -

عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَزَوْتُ فِي

ص: 407

خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِضْعًا وَأَرْبَعِينَ - أَوْ بِضْعًا وَثَلَاثِينَ - مِنْ بَيْنِ غَزْوَةٍ وَسَرِيَّةٍ».

16137 -

وَفِي رِوَايَةٍ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ - أَوْ ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ - مِنْ غَزْوَةٍ إِلَى سَرِيَّةٍ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه

-]

16138 -

عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: «أَنَّهُ عَقَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي دَلْوٍ كَانَ فِي دَارِهِمْ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ رضي الله عنه

-]

16139 -

عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا لَهُ، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ، وَبَارِكْ عَلَى عَلِيٍّ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَنْظَلَةَ بْنِ حِذْيَمٍ رضي الله عنه

-]

16140 -

عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ حِذْيَمٍ قَالَ: «وَفَدْتُ مَعَ جَدِّي حِذْيَمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بَنِينَ ذَوِي لِحًى وَغَيْرَهُمْ، وَهَذَا أَصْغَرُهُمْ، فَأَدْنَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: " بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ". قَالَ الذَّيَّالُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْوَارِمِ وَجْهُهُ، أَوِ الشَّاةِ الْوَارِمِ ضَرْعُهَا فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ عَلَى مَوْضِعِ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَمْسَحُهُ فَيَذْهَبُ الْوَرَمُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ، وَأَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ رضي الله عنه

-]

16141 -

عَنِ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: «وَفَدَ أَبِي وَأَنَا مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي وَلِابْنِي قَالَ: فَمَسَحَ رَأْسِي، وَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرَيْمٍ رضي الله عنه

-]

16142 -

عَنْ خُرَيْمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ الْفَتَى خُرَيْمٌ» .

قُلْتُ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي اللِّبَاسِ فِي الْإِزَارِ.

ص: 408

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ رضي الله عنه

-]

16143 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «كُنْتُ شَرِيكًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ قُلْتُ: أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: " كُنْتَ شَرِيكًا لِي، فَنِعْمَ الشَّرِيكُ أَنْتَ; كُنْتَ لَا تُمَارِي وَلَا تُدَارِي» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

16144 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَايِعَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: " نَعَمْ، أَلَمْ تَكُنْ شَرِيكًا لِي فَوَجَدْتُكَ خَيْرَ شَرِيكٍ ; لَا تُدَارِي وَلَا تُمَارِي ".»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه

-]

16145 -

عَنْ عَطَاءٍ - مَوْلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ - قَالَ: «رَأَيْتُ مَوْلَايَ: السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ لِحْيَتُهُ بَيْضَاءُ، وَرَأْسُهُ أَسْوَدُ، فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، مَا لِرَأْسِكَ لَا يَبْيَضُّ؟ قَالَ: لَا يَبْيَضُّ رَأْسِي أَبَدًا ; وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَضَى وَأَنَا غُلَامٌ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَسَلَّمَ وَأَنَا فِيهِمْ فَرَدَدْتُ عليه السلام مِنْ بَيْنِ الْغِلْمَانِ، فَدَعَانِي فَقَالَ لِي: " مَا اسْمُكَ؟ ". فَقُلْتُ: السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ النَّمِرِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي وَقَالَ: " بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ". فَلَا يَبْيَضُّ مَوْضِعُ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَدًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَبِيرِ:«كَانَ وَسَطُ رَأْسِ السَّائِبِ أَسْوَدَ وَبَقِيَّتُهُ أَبْيَضَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ رَأْسِكَ هَذَا قَطُّ! هَذَا أَسْوَدُ، وَهَذَا أَبْيَضُ! قَالَ: أَفَلَا أُخْبِرُكَ يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: إِنِّي كُنْتُ مَعَ صِبْيَانٍ نَلْعَبُ، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَعَرَّضْتُ لَهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " وَعَلَيْكَ، مَنْ أَنْتَ؟ ". قُلْتُ: أَنَا السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَخُو النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ، فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ". قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ لَا يَبْيَضُّ أَبَدًا، وَلَا يَزَالُ هَكَذَا أَبَدًا» .

وَرِجَالُ الْكَبِيرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَطَاءٍ مَوْلَى السَّائِبِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَرِجَالُ الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مَدْلُوكٍ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه

-]

16146 -

عَنْ أُمَيَّةَ بِنْتِ أَبِي الشَّعْثَاءِ وَقُطْبَةَ مَوْلَاتِهَا: أَنَّهُمَا رَأَتَا مَدْلُوكًا أَبَا سُفْيَانَ، فَسَمِعَتَاهُ يَقُولُ:«أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَعَ مَوْلَايَ فَأَسْلَمْتُ. قَالَتْ أُمَيَّةُ: فَرَأَيْتُ مَا مَسَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَسْوَدَ، وَقَدِ ابْيَضَّ مَا سِوَى ذَلِكَ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

ص: 409

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَرْمَلَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه

-]

16147 -

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ حَرْمَلَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْإِيمَانُ هَهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ، وَالنِّفَاقُ هَهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ، وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا، فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَرْمَلَةُ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِطَرَفِ لِسَانِ حَرْمَلَةَ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ لِسَانًا صَادِقًا، وَقَلْبًا شَاكِرًا، وَارْزُقْهُ حُبِّي وَحَبَّ مَنْ يُحِبُّنِي، وَصَيِّرْ أَمْرَهُ إِلَى الْخَيْرِ ". فَقَالَ حَرْمَلَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لِي إِخْوَانًا مُنَافِقِينَ كُنْتُ فِيهِمْ رَأْسًا، أَلَا أَدُلَّكَ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ جَاءَنَا كَمَا جِئْتَنَا اسْتَغْفَرْنَا لَهُ كَمَا اسْتَغْفَرْنَا لَكَ، وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى ذَنْبِهِ فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِ، وَلَا نَخْرِقُ عَلَى أَحَدٍ سِتْرًا» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه

-]

16148 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: صَلَّى الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ بِالنَّاسِ فِي سَفَرٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، فَمَرَّتْ حَمِيرٌ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ، فَأَعَادَ بِهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَالُوا: أَرَادَ أَنْ يَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ الْوَلِيدُ [بْنَ عُقْبَةَ] ; إِذْ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الصَّلَاةَ أَرْبَعًا.

قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ، فَلَحِقْتُ الْحَكَمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَوَقَفَ حَتَّى تَلَاحَقَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: إِنِّي أَعَدْتُ بِكُمُ الصَّلَاةَ مِنْ أَجْلِ الْحَمِيرِ الَّتِي مَرَّتْ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، فَضَرَبْتُمُونِي مَثَلًا لِابْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُحْسِنَ سِيرَتَكُمْ، وَيُحْسِنَ بَلَاغَكُمْ، وَأَنْ يَنْصُرَكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ، وَأَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَمَضَوْا، فَلَمْ يَرَوْا فِي وَجْهِهِمْ ذَلِكَ إِلَّا مَا يُسِرُّونَ بِهِ، فَلَمَّا أَنْ فَرَغُوا مَاتَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه

-]

16149 -

عَنْ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ رَقَبَةً لِأُمِّ سَلَمَةَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا أَنْتَ ظِئْرِي ". فَمَكَثَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: " مَا فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ - أَوِ الْجُوَيْرِيَةُ -؟ ". قُلْتُ: صَالِحَةٌ عِنْدَ أُمِّهَا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ خَلَّادِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

ص: 410

[بَابُ مَا جَاءَ فِي شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه]

16150 -

عَنْ شَدَّادٍ: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ:" مَا لَكَ يَا شَدَّادُ؟ ". قَالَ: ضَاقَتْ بِيَ الدُّنْيَا. قَالَ: " لَيْسَ عَلَيْكَ [إِنَّ] الشَّامُ تُفْتَحُ، وَيُفْتَحُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، فَتَكُونُ أَنْتَ وَوَلَدُكَ أَئِمَّةً فِيهِمْ ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رضي الله عنه

-]

16151 -

عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ: إِنَّكَ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفُقَهَائِهِمْ، فَإِذَا صَلَّيْتَ وَدَخَلْتَ فُسْطَاطِي فَقُمْ فِي النَّاسِ، فَحَدِّثْهُمْ بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ فِي مَوَاضِعِهِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَارُودِ رضي الله عنه

-]

16152 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ أَهْلُ الْبَحْرَيْنِ وَقَدِمَ الْجَارُودُ وَافِدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرِحَ بِهِ فَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زَرْبِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه

-]

16153 -

عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «أَسْرَبْنَا وَنَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ دُحْمُسَةٍ، فَأَضَاءَتْ أَصَابِعِي حَتَّى جَمَعُوا عَلَيْهَا ظَهَرَهُمْ، وَمَا سَقَطَ مِنْ مَتَاعِهِمْ، وَإِنَّ أَصَابِعِي لَتُنِيرُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَفِي كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ خِلَافٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي رِفَاعَةَ رضي الله عنه

-]

16154 -

عَنْ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ قَالَ: أُصِيبَ أَبُو رِفَاعَةَ وَأَنَا فِي غَزَاةٍ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ أَبَا رِفَاعَةَ عَلَى نَاقَةٍ سَرِيعَةٍ وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ قَطُوفٍ، وَأَنَا عَلَى أَثَرِهِ فَيُعْرِجُهَا حَتَّى أَقُولَ الْآنَ أُسْمِعُهُ الصَّوْتَ، ثُمَّ يُسَرِّحُهَا فَتَنْطَلِقُ وَأَتْبَعُهُ. فَأَوَّلْتُ رُؤْيَايَ: أَنَّهُ طَرِيقُ أَبِي رِفَاعَةَ آخُذُهُ وَأَنَا أَكَدُّ الْعَمَلَ بَعْدَهُ [كَدًّا].

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ رضي الله عنه

-]

16155 -

عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ: «أَنَّهُ كَانَ بِوَجْهِهِ حَزَازَةٌ - يَعْنِي الْقُوَبَاءَ - فَالْتَقَمَتْ أَنْفَهُ، فَدَعَاهُ

ص: 411

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمْ يَمْضِ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَفِي أَنْفِهِ أَثَرٌ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَثَّقَهُمُ ابْنُ حِبَّانَ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه

-]

16156 -

عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «أَصَابَتْنِي رَمْيَةٌ وَأَنَا أُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ فِي وَجْهِي، فَلَمَّا سَالَتِ الدِّمَاءُ عَلَى وَجْهِي وَصَدْرِي تَنَاوَلَ صلى الله عليه وسلم بِيدَي فَسَلَتَ الدَّمُ عَنْ وَجْهِي وَصَدْرِي إِلَى ثَنْدُوَتَيْ؛ ثُمَّ دَعَا لِي. قَالَ حَشْرَجُ: فَكَانَ عَائِذٌ يُخْبِرُنَا بِذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ، فَلَمَّا هَلَكَ وَغَسَّلْنَاهُ، نَظَرْنَا إِلَى مَا كَانَ يَصِلُ لَنَا مِنْ [أَمْرِ] أَثَرِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي مَسَّهَا مَا كَانَ يَقُولُ لَنَا مِنْ صَدْرِهِ، فَإِذَا غُرَّةٌ سَائِلَةٌ كَغُرَّةِ الْفَرَسِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَائِذِ بْنِ سَعِيدٍ الْجِسْرِيِّ رضي الله عنه

-]

16157 -

عَنْ عَائِذِ بْنِ سَعِيدٍ الْجِسْرِيِّ قَالَ: «وَفَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ، امْسَحْ وَجْهِي وَادْعُ لِي بِالْبَرَكَةِ، فَمَسَحَ وَجْهِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، فَقَالَتْ أُمُّ الْبَنِينَ - وَهِيَ امْرَأَتُهُ -: مَا رَأَيْتُهُ مُنْتَبِهًا مِنْ نَوْمٍ قَطُّ إِلَّا كَانَ عَلَى وَجْهِهِ مُدَّهَنٌ، وَإِنْ كَانَ لَيَجْتَزِئُ بِالتَّمَرَاتِ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَقَدْ وُثِّقَ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ رضي الله عنه

-]

37 -

242 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي رَبَاحِ الْأَسَدِيِّ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ رضي الله عنه)

16158 -

عَنْ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ثَلَاثَةٍ مِنَّا بَعِيرًا، يَرْكَبُهُ اثْنَانِ وَيَسُوقُهُ وَاحِدٌ فِي الصَّحَارَى، وَيَفُوزُ فِي الْحِيَالِ، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَمْشِي، فَقَالَ لِي: " أَرَاكَ يَا رَبَاحُ مَاشِيًا ". فَقُلْتُ: إِنَّمَا نَزَلْتُ السَّاعَةَ وَهَذَانِ صَاحِبَايَ وَقَدْ رَكِبَا، بِصَاحِبِي فَأَنَاخَا بِعِيرَهُمَا وَنَزَلَا عَنْهُ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ قَالَا: ارْكَبْ صَدْرَ هَذَا الْبَعِيرِ، فَلَا تَزَالُ عَلَيْهِ حَتَّى تَرْجِعَ، وَنَعْتَقِبُ أَنَا وَصَاحِبِي، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ لَكُمَا رَفِيقًا صَالِحًا ; فَأَحْسِنَا صُحْبَتَهُ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقِيلَ فِيهِ: صَدُوقٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

ص: 412

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه

-]

16159 -

عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: «كَانَ بِي بَرَصٌ، فَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَرَأْتُ مِنْهُ» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه

-]

16160 -

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا بَعَثَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الشَّامِ خَرَجَ يَمْشِي مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ: إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْزِلُ؟ قَالَ: مَا أَنَا بِرَاكِبٍ وَلَا أَنْتَ بِنَازِلٍ ; إِنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَرِجَالُهُ إِلَى يَحْيَى ثِقَاتٌ.

16161 -

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بِالشَّامِ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَكَانَ اسْتَخْلَفَ مُعَاوِيَةَ، فَأَقَرَّهُ عُمَرُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي يَاسِرٍ وَابْنِهِ مُسْرِعٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه

-]

16162 -

عَنْ يَاسِرِ بْنِ سُوَيْدٍ الْجُهَنِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَّهَهُ فِي خَيْلٍ أَوْ سَرِيَّةٍ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ، فَوَلَدَتْ لَهُ مَوْلُودًا، فَحَمَلَتْهُ أُمُّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ وُلِدَ هَذَا الْمَوْلُودُ وَأَبَوْهُ فِي الْخَيْلِ فَسَمِّهِ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ كَثِّرْ رِجَالَهُمْ، وَأَقِلَّ آيَامَاهُمْ، وَلَا تُحْوِجْهُمْ، وَلَا تُرِ أَحْدَاثَهُمْ خَصَاصَةً ". فَقَالَ: " سَمِّهِ مُسْرِعًا؛ فَقَدْ أَسْرَعَ فِي الْإِسْلَامِ، فَهُوَ مُسْرِعُ بْنُ يَاسِرٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَسَّانَ بْنِ شَدَّادٍ رضي الله عنه

-]

16163 -

عَنْ حَسَّانَ بْنِ شَدَّادٍ: «أَنَّ أُمَّهُ وَفَدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي وَفَدْتُ إِلَيْكَ ; لِتَدْعُوَ لِبُنَيَّ هَذَا أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ بَرَكَةً، وَأَنْ يَجْعَلَهُ طَيِّبًا كَثِيرًا، فَتَوَضَّأَ مِنْ فَضْلِ وُضُوئِهِ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهَا فِيهِ، وَاجْعَلْهُ كَثِيرًا طَيِّبًا» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي حَشْرَجٍ رضي الله عنه

-]

16164 -

عَنْ إِسْحَاقَ أَبِي الْحَارِثِ قَالَ: «رَأَيْتُ حَشْرَجَ رَجُلًا أَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ فِي

ص: 413

حِجْرِهِ، وَمَسَحَ رَأَسَهُ، وَدَعَا لَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو الْحَارِثِ قِيلَ فِيهِ: إِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَعِيدِ بْنِ تَمِيمٍ وَابْنِهِ رضي الله عنه

-]

16165 -

عَنْ سَعِيدٍ - يَعْنِي ابْنَ تَمِيمٍ - قَالَ: «قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَيْنَ بَنُوكَ؟ ". قُلْتُ: هَا هُمْ أُولَاءِ. قَالَ: " فَائْتِنِي بِهِمْ ". قَالَ: فَأَتَيْتُ أَهْلِي فَأَلْبَسْتُهُمْ قُمُصًا بَيْضَاءَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِمْ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُعِيذُهُمْ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالضَّلَالَةِ، وَالْفَقْرِ، الَّذِي يُصِيبُ بَنِي آدَمَ "» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه

-]

16166 -

عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ: أَيُّ النَّاسِ أَفْصَحُ؟ قَالُوا: سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ..

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ رضي الله عنه

-]

16167 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ أَسْلَمَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْطَلِقَ إِلَى حَائِطِ أَبِي طَلْحَةَ فَيَغْتَسِلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ حَسُنَ إِسْلَامُ صَاحِبِكُمْ "» .

قُلْتُ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ غَيْرَ قَوْلِهِ: " قَدْ حَسُنَ إِسْلَامُ صَاحِبِكُمْ ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه

-]

16168 -

عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لَهُ كِتَابًا بِالْوَصَاةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ [وَخَتَمَ عَلَيْهِ]» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه

-]

16169 -

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَدْيِ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَقَدِ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

ص: 414

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ رضي الله عنه

-]

16170 -

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: وُلِدْتُ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ.

16171 -

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَتْ بِي أُمِّي مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حِينَ مَاتَ أَبِي حَاطِبٌ، فَجَاءَتْ أُمِّي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَصَابَ إِحْدَى يَدَيْ حَرِيقٌ مِنْ نَارٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، ابْنُ أَخِيكَ، وَقَدْ أَصَابَهُ هَذَا الْحَرْقُ مِنَ النَّارِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ: فَلَا أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا أَدْرِي أَنَفَثَ أَمْ مَسَحَ عَلَى رَأْسِي، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ وَفِي ذَرِّيَّتِي» .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه

-]

16172 -

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ - يَعْنِي الْبَيْكَنْدِيَّ -: إِنَّمَا نَعُدُّ الشَّرَفَ مَا كَانَ قُبَيْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاتَّصَلَ فِي الْإِسْلَامِ فَبَيَّتَ الْيُمْنُ الَّذِي فِي الصِّفَةِ عِبْدَ الْعِزِّ فِي كِنْدَةِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، وَفَارِسِهَا مِنْ زُبَيْدٍ: عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، وَشَاعِرِهَا: امْرِئِ الْقَيْسِ مِنْ كِنْدَةَ، لَا يُخْتَلَفُ فِي هَذَا.

قُلْتُ: مَا أَدْرِي مَعْنَاهُ.

16173 -

وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ لِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ كِنْدَةَ دَيْنٌ، وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ بِالْأَسْحَارِ، فَأَدْرَكَتْنِي صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي مَسْجِدِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَضَعَ قُدَّامَ كُلِّ إِنْسَانٍ حُلَّةً وَنَعْلًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، قُلْتُ: إِنِّي لَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ [قَالَ: وَإِنْ كُنْتَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ]، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قَدِمَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ مَكَّةَ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو إِسْرَائِيلَ الْمُلَائِيُّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16174 -

وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ بِالْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، أُشِيرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَطْلَقَ وَثَاقَهُ، وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ، فَاخْتَرَطَ سَيْفُهُ وَدَخَلَ سُوقَ الْإِبِلِ، فَجَعَلَ لَا يَرَى جَمَلًا وَلَا نَاقَةً إِلَّا عَرْقَبَهُ، وَصَاحَ النَّاسُ: كَفَرَ الْأَشْعَثُ، فَلَمَّا فَرَغَ طَرَحَ سَيْفَهُ، وَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ، وَلَكِنْ زَوَّجَنِي هَذَا الرَّجُلُ أُخْتَهُ، وَلَوْ كُنَّا فِي بِلَادِنَا كَانَتْ لَنَا وَلِيمَةٌ غَيْرُ هَذِهِ، يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، انْحَرُوا وَكُلُوا، وَيَا أَهْلَ الْإِبِلِ، تَعَالَوْا خُذُوا شِرَاءَهَا.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

ص: 415

[بَابُ مَا جَاءَ فِي وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ]

16175 -

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا وَرَقَةَ ; فَإِنِّي رَأَيْتُ لَهُ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ ".

رَوَاهُ الْبَزَّارُ مُتَّصِلًا وَمُرْسَلًا، وَزَادَ فِي الْمُرْسَلِ: كَانَ بَيْنَ أَخِي وَرَقَةَ وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ، فَوَقَعَ الرَّجُلُ فِي وَرَقَةَ لِيُغْضِبَهُ.» وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ الْمُسْنَدِ وَالْمُرْسَلِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16176 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَقَالَ: " يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ ".»

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ]

37 -

245 - 2 - (بَابُ مَا جَاءَ فِي وَرَقَةِ بْنِ نَوْفَلٍ وَغَيْرِهِ.)

16177 -

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ تَنْفَعُهُ نُبُوَّتُكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ، أَخْرَجْتُهُ مِنْ غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ إِلَى ضَحْضَاحٍ مِنْهَا ".

وَسُئِلَ عَنْ خَدِيجَةَ - لِأَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ الْفَرَائِضِ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ - فَقَالَ: " أَبْصَرْتُهَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، فِي بَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ ".

وَسُئِلَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَقَالَ:" أَبْصَرْتُهُ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ سُنْدُسٌ ".

وَسُئِلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فَقَالَ: " يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيسَى عليه السلام».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُجَالِدٌ، وَهَذَا مِمَّا مُدِحَ مِنْ حَدِيثِ مُجَالِدٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

16178 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيَقُولُ: دِينِي دِينُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِلَهِي إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ يُصَلِّي وَيَسْجُدُ؟ قَالَ:" ذَاكَ أُمَّةٌ وَحْدَهُ، يُحْشَرُ بَيْنِي وَبَيْنَ يَدَيْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ".

وَسُئِلَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَقُولُ: إِلَهِي إِلَهُ زَيْدٍ، وَدِينِي دِينُ زَيْدٍ، وَكَانَ يَتَوَجَّهُ وَيَقُولُ:

رَشَّدْتَ فَأَنْعَمْتَ ابْنَ عَمْرٍو فَإِنَّمَا

تَجَنَّبْتَ تَنُّورًا مِنَ النَّارِ حَامِيًا

بِدِينِكَ دِينًا لَيْسَ دِينٌ كَمِثْلِهِ

وَتَرَكِكَ جِنَانَ الْجِبَالِ كَمَا هِيَا.

قَالَ: " رَأَيْتُهُ يَمْشِي فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ سُنْدُسٍ ".

وَسُئِلَ عَنْ خَدِيجَةَ رضي الله عنها فَقَالَ: " رَأَيْتُهَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا تَعَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُجَالِدٍ وَقَدْ وُثِّقَ، وَهَذَا مِنْ جِيِّدِ حَدِيثِهِ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ.

ص: 416

[بَابُ مَا جَاءَ فِي زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ]

16179 -

عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «خَرَجَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَزَيْدُ بْنُ عَمْرٍو يَطْلُبَانِ الدِّينَ، حَتَّى مَرَّا بِالشَّامِ، فَأَمَّا وَرَقَةُ فَتَنَصَّرَ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الْمَوْصِلَ، فَإِذَا هُوَ بِرَاهِبٍ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ صَاحِبُ الرَّاحِلَةِ؟ قَالَ: مِنْ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا تَطْلُبُ؟ قَالَ: الدِّينَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، وَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا. قَالَ: أَمَا إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ سَيَظْهَرُ بِأَرْضِكَ، فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَقُولُ:

لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا

تَعَبُّدًا وَرِقًّا

الْبِرَّ أَبْغِي لَا الْحَالْ

وَهَلْ مُهَاجِرٌ كَمَا قَالْ

عُذْتُ بِمَا عَاذَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ [وَهُوَ قَائِمٌ، وَأَنْفَي لَكَ اللَّهُمَّ عَانَ، رَاغِمْ بِهَا تَجَشَّمَنِي، فَإِنِّي جَاشِمٌ].

ثُمَّ يَنْحَنِي فَيَسْجُدُ لِلْكَعْبَةِ.

قَالَ: فَمَرَّ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَهُمَا يَأْكُلَانِ مِنْ سُفْرَةٍ [لَهُمَا]، فَدَعَيَاهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، لَا آكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ قَالَ: فَمَا رُئِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ حَتَّى بُعِثَ.

قَالَ: وَجَاءَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَيْدًا كَانَ كَمَا رَأَيْتَ أَوْ كَمَا بَلَغَكَ، فَاسْتَغْفِرْ لَهُ. قَالَ: " نَعَمْ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ; فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ عَنْهُ، وَفِيهِ الْمَسْعُودِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

16180 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ هُوَ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَمَرَّ بِهِمَا زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فَدَعَوَاهُ إِلَى سُفْرَةٍ لَهُمَا، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنِّي لَا آكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ.

قَالَ: فَمَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ يَأْكُلُ شَيْئًا مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ.

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ وَبَلَغَكَ، وَلَوْ أَدْرَكَكَ آمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ ; فَاسْتَغْفِرْ لَهُ، قَالَ:" نَعَمْ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ; فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ» ".

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ الْمَسْعُودِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

16181 -

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: " يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ» .

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

16182 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا حَارًّا مِنْ أَيَّامِ مَكَّةَ وَهُوَ مُرْدِفِي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الْأَنْصَابِ، وَقَدْ ذَبَحْنَا لَهُ شَاةً فَأَنْضَجْنَاهَا. قَالَ: فَلَقِيَهُ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فَحَيَّا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِتَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا زَيْدُ، مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ؟ ". قَالَ: وَاللَّهِ

ص: 417

يَا مُحَمَّدُ ذَلِكَ لِغَيْرِ نَائِلَةٍ لِي مِنْهُمْ، وَلَكِنِّي خَرَجْتُ أَبْتَغِي هَذَا الدِّينَ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى أَحْبَارِ فَدَكٍ، وَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ. قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَبْتَغِي، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى أَحْبَارِ الشَّامِ، فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ، قَلَّتُ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَبْتَغِي، فَقَالَ شَيْخٌ مِنْهُمْ: إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْ دِينٍ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَعْبُدُ اللَّهَ بِهِ إِلَّا شَيْخًا بِالْحِيرَةِ. قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِ اللَّهِ مَنْ أَهْلِ الشَّوْكِ وَالْقَرْظِ، فَقَالَ: إِنَّ الدِّينَ الَّذِي تُطْلُبُ قَدْ ظَهَرَ بِبِلَادِكَ، قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ قَدْ ظَهَرَ نَجْمُهُ، وَجَمِيعُ مَنْ رَأَيْتَهُمْ فِي ضَلَالٍ، فَلَمْ أُحِسَّ بِشَيْءٍ بَعْدُ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: وَقَرَّبَ إِلَيْهِ السُّفْرَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: " شَاةٌ ذَبَحْنَاهَا لِنُصُبٍ مِنَ الْأَنْصَابِ ". فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِآكُلَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

قَالَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ [قَالَ: وَتَفَرَّقْنَا] فَطَافَ بِهِ وَأَنَا مَعَهُ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ صَنَمَانِ مِنْ نُحَاسٍ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ: يَسَافُ، وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ: نَائِلَةُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا تَمَسَّحُوا بِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَمْسَحْهُمَا ; فَإِنَّهُمَا رِجْسٌ ". فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَأَمَسَّنَّهُمَا حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَسْتُهُمَا " يَا زَيْدُ، أَلَمْ تُنْهَ؟ " وَمَاتَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، وَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ».

رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي خَرَجْتُ لَهُ، فَقَالَ: كُلُّ مَنْ رَأَيْتَ فِي ضَلَالٍ، وَإِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَقَدْ خَرَجَ فِي أَرْضِكَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ خَارِجٌ، فَارْجِعْ فَصَدِّقْهُ وَآمِنْ بِهِ.

وَقَالَ أَيْضًا: فَقَالَ زَيْدٌ: إِنِّي لَا آكُلُ شَيْئًا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ.

وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى، وَالْبَزَّارِ، وَأَحَدُ أَسَانِيدِ الطَّبَرَانِيِّ، رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

16183 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: كَانَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَيَلْزَقُ ظَهْرَهُ إِلَى صَفْحَتِهَا، وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا [أَجِدُ] عَلَى الْأَرْضِ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي [وَكَانَ تَرَكَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، وَأَكْلَ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ]، وَكَانَ يَفْدِي الْمَوْءُودَةَ أَنْ تُقْتَلَ، وَقَالَ عَمْرُو [بْنُ زَيْدِ] بْنِ نُفَيْلٍ:

عُزِلَتِ الْجِنُّ وَالْجَنَانُ عَنِّي

كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْجَلِدُ الصَّبُورُ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ]

16184 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَيُّكُمْ يَعْرِفُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟ ". فَقَالُوا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَعْرِفُهُ قَالَ: " فَمَا فَعَلَ؟ ". قَالُوا: هَلَكَ قَالَ: " مَا أَنْسَاهُ بِعُكَاظٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اجْتَمِعُوا وَاسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ

ص: 418

آتٍ آتٍ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ لَا تَغُورُ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا حَقًّا، لَئِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ رِضًا لَيَكُونَنَّ بَعْدَهُ سَخَطٌ، إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ فَلَا يَرْجِعُونَ، أَرَضَوْا بِالْمُقَامِ فَأَقَامُوا؟ أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟ ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَفِيكُمُ مَنْ يَرْوِي شِعْرَهُ؟. ". فَأَنْشَدَهُ بَعْضُهُمْ:

فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ

مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ

لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا

لِلْمَوْتِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرْ

وَرَأَيْتُ قَوْمِي نَحْوَهَا

يَسْعَى الْأَصَاغِرُ وَالْأَكَابِرْ

لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيْكَ

وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ

أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ

حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ كَذَّابٌ.

‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّجَاشِيِّ رضي الله عنه

-]

16185 -

عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ» .

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.

16186 -

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «لَمَّا أَتَيْنَا النَّجَاشِيَّ فَأَرَدْنَا الْخُرُوجَ مِنْ عِنْدِهِ، حَمَلَنَا وَزَوَّدَنَا وَأَعْطَانَا، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرُوا صَاحِبَكُمْ بِمَا صَنَعْتُ بِكُمْ، وَهَذِهِ رُسُلِي مَعَكُمْ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرُ لِي.

قَالَ جَعْفَرٌ: فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَنَقَنِي، وَقَالَ:" مَا أَدْرِي أَنَا بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَفْرَحُ، أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ ". ثُمَّ جَلَسَ، فَقَامَ رَسُولُ النَّجَاشِيِّ فَقَالَ: هَذَا جَعْفَرٌ فَسَلْهُ عَمَّا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُنَا، فَقَالَ جَعْفَرٌ: قَدْ فَعَلَ بِنَا، وَحَمَلَنَا، وَزَوَّدَنَا، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَالَ لَنَا: قُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرُ لِي، فَدَعَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلنَّجَاشِيِّ ". فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: آمِينَ قَالَ: فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: انْطَلِقْ فَأَبْلِغْ صَاحِبَكَ مَا رَأَيْتَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم».

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَثَّقَهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ وَضَعَّفَهُمَا جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

16187 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: " {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة: 83] ". قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ بَحْرٍ الْعُقَيْلِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

16188 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

ص: 419

" اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ ". فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَسْتَغْفِرَ لَهُ وَقَدْ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَنَزَلَتْ:" {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 199] " الْآيَةَ».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادَيْنِ، أَحَدُهُمَا قَالَ فِيهِ:" صَلُّوا عَلَيْهِ ".

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الْجَنَائِزِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ، وَرِجَالُهَا ثِقَاتٌ، وَفِي هَذِهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي الْجَنَائِزِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

ص: 420