المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الرسالة الرابعة والثلاثون مسألة الوقف في مرض الموت - مسألة الوقف في مرض الموت - ضمن «آثار المعلمي» - جـ ١٨

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

الرسالة الرابعة والثلاثون

مسألة الوقف في مرض الموت

ص: 527

[في «تحفة المحتاج»

(1)

: (فرع) يقع لكثيرين أنهم يقفون أموالهم في صحتهم على ذكور أولادهم قاصدين بذلك] حرمان

(2)

إناثهم، وقد تكرر من غير واحدٍ الإفتاء ببطلان الوقف حينئذٍ، وفيه نظر ظاهر، بل الوجه الصحة

إلخ.

وفي الحاشية

(3)

: «قوله (في صحتهم) أي أما في حال المرض فلا يصح إلا بإجازة الإناث، لأن التبرع في مرض الموت على بعض الورثة يتوقف على رضا الباقين. قوله: (وقد تكرر من غير واحد) عبارة «النهاية» : والأوجه الصحة، وإن نُقِل عن بعضهم القولُ ببطلانه».

وفي القليوبي

(4)

عند قول المتن (ولوارث): «تنبيه، شملت الوصية للوارث ما لو كانت بعين ولو مثلية، ولو قدر حصته، لكن مع تمييز حصة كلٍّ منهم، وكالوصية في اعتبار الإجازة إبراؤه والهبة له والوقف عليه. نعم لو وقف عليه ما يخرج من الثلث على قدر نصيبه لم يحتج إلى إجازة، وليس له إبطاله، كما لو كان له دار قدر ثلث ماله، فوقف ثلثيها على ابنه وثلثها على ابنته، ولا وارث غيرهما

» إلخ.

وفي حاشية الشيخ عميرة

(5)

: «(فرع) لو وقف ما يخرج من ثلثه على ورثته بقدر أنصبائهم في مرض الموت صحَّ، من غير احتياج إلى الإجازة.

(1)

(6/ 247).

(2)

لم نجد ما قبله في المسودات. وما بين المعكوفتين من المصدر المذكور.

(3)

«حاشية الشرواني» في الموضع السابق.

(4)

«شرح المحلي على منهاج الطالبين مع حاشيتي القليوبي وعميرة» (3/ 159 - 160).

(5)

المصدر السابق (3/ 159).

ص: 529

ذكره الزركشي

» إلخ.

وفي حاشية عميرة

(1)

في الوقف عند قول المتن: (شرطنا القبول أم لا): «(فرع) وقف على ابنه دارًا هي قدر ثلث ماله، وكان ذلك في مرض موته، فهو وصية، ولا ترتد بردِّ الولد، ويحتاج إلى إجازة. كذا في الزركشي نقلًا عن الشيخين» .

وفي حاشية الشرقاوي على «شرح التحرير»

(2)

عند قول المتن في الوصايا: (ولوارث إن أجاز باقي الورثة المطلقين التصرف، حتى لو أوصى لكلٍّ من بنيه بعين بقدر نصيبه صحت). وفي الشرح: بشرط الإجازة لاختلاف الأغراض في الأعيان ومنافعها. قال الشرقاوي: قوله «إن أجاز» كالوصية للوارث إبراؤه من الدين وهبته والوقف عليه. نعم لو وقف عليهم ما يخرج من الثلث على قدر نصيبهم نفذ من غير إجازة، فليس لهم نقضه، ولابدّ لصحة الإجازة من معرفة قدر المجاز فيه أو عينه. أفاده محمد رملي.

وفي «التحرير»

(3)

في باب الوقف: التبرع وصية وهبة وعتق وإباحة ووقف

إلخ.

فكل هذه النقول قاضية بما أجيب به، ولم تكن إطالة النقل عبثًا، إلّا لما رأيته في «حاشية القليوبي

(4)

على المحلي» في باب الوقف عند قول المتن:

(1)

المصدر السابق (3/ 102).

(2)

(2/ 77).

(3)

(2/ 173).

(4)

(3/ 101).

ص: 530

(وأن الوقف على معين يشترط قبوله، ولو ردّ بطل حقه) ما نصُّه: قوله «يشترط فيه قبوله» هو المعتمد، ومنه ولد الواقف، كوقفتُ على ولدي فلان. نعم، لو وقف في مرض موته على ورثته الحائزين ثلث ماله بعدد حصصهم، أو على أحد ورثته عينًا قدر ثلث ماله نفذَ قهرًا عليهم، ولا يرتدُّ بردّهم فيهما، فإن زاد على الثلث توقف على إجازتهم كالوصية.

فأما الصورة الأولى فهي موافقة للنقول السابقة، وأما الثانية فمشكل، وقد نقلها عنه الشرقاوي في «حواشي التحرير»

(1)

، فقال عند قول المتن في الحَجْر (وحجر مرض في الثلثين مع غير الورثة إذا تصرّف فيهما بلا عوض، وفي كل المال مع الورثة): قوله «وفي كل المال» أي كلّ جزء منه ولو دون الثلث مع الوارث، وهذا في غير الوقف، أما هو كأن وقفَ شيئًا يخرج من الثلث على بعض الورثة، فلا يحتاج إلى إجازة بقيتهم، بخلاف الوصية. والفرق أن الملك في الأول لله تعالى، وفي الثانية للموصى له. وكالوصية الإبراء، فيتوقف على إجازة بقية الورثة. أفاده القليوبي. وذكر البرماوي على الغزّي أن الوقف كغيره، فراجع ذلك.

أقول: ما ذكره القليوبي رحمه الله ونقله الشرقاوي مشكل، على أنه ليس في حاشيته على المحلي إلّا ما نقلتُه، اللهم إلَّا أن يكون في موضع آخر. وسواء كان المفرق هو الناقل أو المنقول عنه فالفرق غير معتبر، لأننا نقول أولًا: إن في ملك الموقوف خلافًا، الثالث في المذهب أنه للموقف عليه، وهو مذهب الإمام أحمد كما صرحوا به. سلَّمنا أن الملك لله تعالى كما هو

(1)

(2/ 185).

ص: 531

الأظهر، فذلك الملك ليس إلا في الرقبة، وأما المنافع فهي للموقوف عليه قطعًا، والمنافع هي المقصودة، فإنما تُقصَد العين لأجل منافعها.

على أن في «التحفة»

(1)

عقب قول المتن (ولوارث) في الوصايا: أنه لو علَّق عتق عبده بخدمة بعض أولاده فإنه يحتاج للإجازة، لأن المنفعة المصروفة للمخدوم من جملة التركة.

فعبارة القليوبي تفيد أن الوقف مطلقًا بنصّه من الثلث، لأنه تبرع لغير الوارث وإن كان عليه نظر إلى أن الأظهر أن الملك في الرقبة لله تعالى، لكن ضعف ذلك ظاهر، إذ شرط العين الموقوفة دوام الانتفاع ولو بالنسبة، ولا تقصد العين إلا للمنفعة، فأيّ فائدة في رقبتها مسلوبة المنفعة؟

ثم رأيت في حاشية الشيخ عميرة

(2)

عند ذكر الوصية بالمنافع أبدًا على قول المتن (وأنه يبقى ملك الرقبة للوارث) ما لفظه: قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ما زلتُ أستشكل ملك الرقبة دون المنفعة، وأقول: ما الذي يستفيده ويحصل له من ملكها؟ حتى رأيتُ قائلًا في النوم يقول: لو ظهر في الأرض معدن ملكه مالك الرقبة دون المنفعة.

وفي «المنهاج»

(3)

في الوصية بالمنافع: وإن أبّد فالأصح أنه يصحّ بيعه للموصى له دون غيره، وأنه تعتبر قيمة العبد كلها من الثلث إن أوصى بمنفعته أبدًا.

(1)

«تحفة المحتاج» (7/ 15).

(2)

(3/ 172).

(3)

مع شرحه «تحفة المحتاج» (7/ 66 - 68).

ص: 532

وفي «التحفة»

(1)

وغيرها التعليل بأن الموصي حالَ بين الوارث وبين المنفعة، ويتعذر تقويم المنفعة للجهالة. قال في «التحفة»:«فيتعيَّن تقويم الرقبة مع منفعتها، فإن احتملها الثلث لزمت الوصية في الجميع، وإلا ففيما يحتمله، فلو ساوى العبد بمنافعه مئةً وبدونها عشرةً، اعتبرت المئة كلها من الثلث، فإن وفى بها فواضح، وإلّا كأن لم يفِ إلا بنصفها صار نصف المنفعة للوارث، والذي يتجه في كيفية استيفائها أنهما يتهايآنها»

(2)

.

فالمنفعة هي المقصودة، وأما العين فليست إلّا آلةً لها ووسيلةً إليها، فهاهم أقاموا المنفعة مقامها مع الرقبة، حتى قوَّموها بقيمة الرقبة والمنفعة، ولم ينظروا إلى الرقبة إذ لا فائدة فيها. فلتُعتبر في الوقف المنفعة لا الرقبة. وإذا رأيت مسألة «التحفة» في تعليق عتق العبد بخدمة بعض الأولاد، وأن ذلك يحتاج إلى الإجازة= علمتَ أن هذا أولى وأحرى.

والمقصود من الوقف ليس هو حبس الرقبة عن أن يتصرف فيها، وإنما المقصود هو الصدقة الجارية كما توضِّحه نصوصهم، وبه فسَّروا الحديث، ولا يخفى أن الصدقة الجارية إنما تحصل بالمنفعة، وحبس العين وسيلة لها. ولو سلَّمنا صحة الفرق فكيف نصنع بما تقتضيه النقول السابقة، ولاسيَّما ما ذكره الشيخ عميرة عن الزركشي عن الشيخين بقوله «فرع» .

وقد أطنبنا في الكلام لاقتضاء المقام، فإن مثل ذلك الإمام يتمسك بعبارته الخاص والعام، وهذا معروض على نظر سادتنا العلماء الأعلام، وعليهم الاهتمام وتوضيح المقام، والسلام.

(1)

مع شرحه «تحفة المحتاج» (7/ 68).

(2)

التهايؤ: قسمة المنافع على التعاقب بصفة وقتية.

ص: 533