المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المصطلحات الخاصة المستعملة بالزيادات والفرق بين نسخ التحقيق: 1 - [] - مستخرج أبي عوانة - ط الجامعة الإسلامية - جـ ١

[أبو عوانة]

فهرس الكتاب

المصطلحات الخاصة المستعملة بالزيادات والفرق بين نسخ التحقيق:

1 -

[] المعقوفتان: لوضع الزيادة من النسخ الأخرى، أو لما سقط من الأصل.

2 -

() الهلالان: للتنبيه على ورود الكلمة التي بداخلهما مصوَّبة، وذلك للتنبيه على إثبات المحقق لها على خلاف ما في الأصل، مع التنبيه في الحاشية على صورة ما في الأصل وعلى مستند التصويب.

3 -

(* *) الهلالان ذوا نجمين داخليَّين: أثبت بينهما الساقط من نسخة الأصل فقط، سواء كان كلمة أو أكثر، والذي استدركه الناسخ في الهامش.

4 -

* * النجمان: استعملا لتحديد أوَّل الكلام وآخره مما علق عليه المحقق، إذا زاد عن نحو الكلمتين، مثل كون الجملة سقطت من إحدى النسخ الخطية -غير الأصل-، وما أشبه ذلك.

5 -

<> القوسان المكسورتان: جعل بينهما ما أضافه المحقق إلى النص المنقول في الحواشي مما يقتضيه السياق حتمًا مما لم يقف عليه في مرجع، وقد يستعملهما لتفسير شيءٍ في النص فيصدِّر ذلك حينئذٍ بكلمة "يعني" أو "أي".

ص: 4

ربِّ أعن بلطفك يا كريم

أخبرنا الشَّيخ الإمَامُ الأجَلُّ أبو المحاسن مسعُود بن محمَّد بن غانم بن محمَّد الغانمي رحمه الله بقراءتِي عليه بهَرَاة

(1)

قال: أخبرنا الإِمام زينُ الإِسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن محمَّد بن طلحة القُشَيريُّ إجازةً، قال: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمَّد بن إسحاق بن الأزهر بن عبد الله الأزهري قراءةً عليه بنيسابور

(2)

، قال: أخبرنا أبو عَوانة يعقوبُ بن إسحاق بن إبراهيم بن يَزيد رحمه الله قراءةً عليه قال: الحمدُ لله قبل كلِّ مَقالٍ، وأَمام كلِّ رغبةٍ وَسؤالٍ، فإِنَّ يوسفَ بن سعيد بن مُسَلَّمٍ المِصِّيْصيَّ

(3)

، ومحمدَ بن إبراهيمَ

(1)

هَراة -بالفتح- من أمهات مدن خراسان، وتقع اليوم في أفغانستان.

انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (5/ 456)، بلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج (ص: 449).

(2)

نيسَابُور -بفتح أوله- أحد أمهات مدن خراسان، وكانت خراسان تقسَّم إلى أربعة أرباع هي: هَراة، ومرو، وبلخ، ونيسابور، وكان اسمها قديما: أبرشهر، وتقع اليوم في إيران. انظر: معجم البلدان 5/ 382، بلدان الخلافة الشرقية (ص: 424 - 429).

(3)

جده مُسَلَّم: بفتح الميم والسين، واللام المشدَّدة. تبصير المنتبه لابن حجر (4/ 1281). كثيرًا ما يورده المصنف بنسبته إلى جدِّه فيما سيأتِي.

والمِصِّيصي -بكسر الميم والصاد المهملة الثقيلة، ويقال أيضًا: بفتح الميم كسر الصاد بدون تشديد، والأول أصح- وهي نسبة إلى: المِصِّيصة، بلدة كبيرة على ساحل نهر جيحون بالشام، ما زالت قائمة الآن بسوريا، على حدودها مع تركيا، =

ص: 5

الطرسُوسيَّ

(1)

، وأبا العَباس الغَزِّيَّ

(2)

،

= قريبة من طرسوس.

انظر: الأنساب للسمعانِي (11/ 351)، معجم البلدان (5/ 169)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص: 814)، بلدان الخلافة الشرقية (ص: 162 - 163).

(1)

طَرَسُوس -بفتح الطاء والراء المهملتين، والواو بين السينين، الأولى مضمومة والثانية مكسورة-: بلدة بالشام، بين أنطاكية وحلب، وتقع اليوم في سوريا.

والمنتسب إليها هنا هو: محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي، أبو أمية الطرسوسي، بغدادي الأصل مشهور بكنيته، توفي سنة (273 هـ).

وثقه أبو داود السجستانِي، وأبو بكر الخلال، والسمعانِي، وابن يونس، ومسلمة بنُ القاسم، والذهبي في العبر، وابن ناصر الدين الدمشقي. وأثنى عليه ابن الجوزي، والنووي وغيرهما. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"كان من الثقات، دخل مصر فحدثهم من حفظه من غير كتاب بأشياء أخطأ فيها، فلا يعجبنِي الاحتجاج بخبره إلا بما حُدِّثتُ من كتابه"، وقال الحكم أبو عبد الله:"صدوق كثير الوهم"، وقال مسلمة بن قاسم:"أنكرت عليه أحاديث ولج فيها فتكلم الناس فيه".

أقول: ومثل هذا الكلام يكون في الصدوق، ولذا قال الحافظ:"صدوق صاحب حديث يهم".

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 137)، تاريخ بغداد (1/ 395)، الأنساب (8/ 231)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 258)، معجم البلدان (4/ 31)، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 77)، تهذيب الكمال للمزي (24/ 327)، ميزان الاعتدال (3/ 447)، والعبر (1/ 394)، وسير أعلام النبلاء (13/ 92)، تهذيب التهذيب (9/ 15) وتقريب التهذيب كلاهما لابن حجر (5700).

(2)

عبد الله بن محمَّد بن عمرو بن الجراح الأزدي، والغَزِّي بفتح الأول، نسبة إلى غَزَّة، =

ص: 6

والعباسَ بن محمَّد

(1)

حَدثونا، قالوا: حدثنا عبيد الله بن موسى

(2)

، قال: أخبَرنا الأوزاعي

(3)

، عن قرة بن عبد الرحمن بن حَيويل

(4)

، عن الزُّهري،

= بليدة من بلاد فلسطين على مرحلة من بيت المقدس، وما زالت تعرف هذا الاسم إلى اليوم.

انظر: (الأنساب)(9/ 146)، (معجم بلدان فلسطين) لمحمد شراب (ص: 567).

(1)

هو الدوري، أبو الفضل البغدادي، صاحب التاريخ عن ابن معين.

(2)

عبيد الله بن موسى بن أبي المختار (باذام) العبسي الكوفي، توفي سنة (213 هـ).

وثقه جماعة كابن معين، وأبي حاتم، والعجلي، وابن عدي، وغيرهم، ولكن رموه بالتشيع، وتركه الإمام أحمد لروايته أحاديث منكرة في التشيع.

وقال ابن سعد: "كان ثقة صدوقًا إن شاء الله تعالى، كثير الحديث، حسن الهيئة، وكان يتشيع، ويروي أحاديث في التشيع منكرة، وضعِّف بذلك عند كثير من الناس، وكان صاحب قرآن".

وقال الفسوي: "شيعي، وإن قال قائل: رافضي لم أنكر عليه، وهو منكر الحديث".

وقال الحافظ: "ثقة، كان يتشيع".

انظر: طبقات ابن سعد (6/ 400)، العلل للإمام أحمد -رواية المرُّوذي- (ص: 127، 174)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 334)، الثقات لابن حبان (7/ 152)، تهذيب الكمال للمزي (19/ 168)، تهذيب التهذيب (7/ 47)، والتقريب للحافظ ابن حجر (4345).

(3)

عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي - أبو عمرو.

(4)

قُرَّة بن عبد الرحمن بن حَيْوِيل (وفي بعض المصادر: حيوئيل) -بمهملة مفتوحة ثم تحتانية- على وزن جَبْرِيل، المعافري المصري، يقال اسمه: يحيى، توفي سنة (147 هـ).

ضعَّفه الإمام أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والدارقطني. وقال عنه =

ص: 7

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو زرعة: "الأحاديث التي يرويها مناكير"، وقال أبو داود:"في حديثه نكارة" وقال أبو زرعة الدمشقي: "ذِكره أحسن من حديثه".

ووثقه يعقوب الفسوي، وذكره ابن حبان في الثقات، وكذا ابن شاهين وقال:"ليس به بأس عندي"، ونقل ابن حجر في التهذيب عن ابن معين:"كان يتساهل في السماع وفي الحديث، وليس بكذاب"، وقال العجلي:"يكتب حديثه"، وقال ابن عدي:"لم أر في حديثه حديثًا منكرًا جدًّا فأذكره، وأرجو أنه لا بأس به". وذكره العقيلي، وابن الجوزي في الضعفاء.

وقال الأوزاعي: "ما أحد أعلم بالزهري من قرة بن عبد الرحمن بن حيويل".

ونسب ابن حبان هذا القول في الثقات إلى يزيد بن السمط، وأيٌّ كان صاحب القول فقد ردَّه أبو حاتم بقوله:"كيف يكون قرة بن عبد الرحمن أعلم بالزهري كل شيء روى عنه لا يكون ستين حديثًا، بل أتقن الناس في الزهريّ: مالك ومعمر والزبيدي ويونس وعقيل وابن عيينة، هؤلاء الستة أهل الحفظ والإتقان والضبط والمذاكرة، وبهم يعتبر حديث الزهريّ إذا خالف بعض أصحاب الزهريّ بعضًا في شيء يرويه".

وقال ابن أبي حاتم: "لم يكن الأوزاعي وقف على كتاب معمر عن الزهريّ، فإنه أكثرهم رواية عنه، ولا وقف على كتاب عقيل ويونس وإنما شاهد من قرَّة مكان يورده عليه فتصور صورة عنده أنه أعلمهم بالزهري، ويحتمل أنه كان عالمًا بأخلاق الزهريّ ولم يُرِد أنه كان عالمًا بحديث الزهريّ والله أعلم".

وعلَّق الحافظ ابن حجر في التهذيب بقوله: "يظهر أن مراد الأوزاعي أنه أعلم بحال الزهريّ من غيره، لا فيما يرجع إلى ضبط الحديث، وهذا هو اللائق والله أعلم".

وقال عنه في التقريب: "صدوق له مناكير"، وقد أخرج له مسلم في المتابعات.

فالظاهر أنه ضعيف، يصلح حديثه للمتابعات والشواهد إذا لم يخالف غيره. =

ص: 8

عَنْ أبي سلمةَ

(1)

، عن أبي هُريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كُلُّ أَمْرٍ ذِي بالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِالحَمْدِ فَهُوَ أَقْطَع"

(2)

.

= انظر: تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 266 - 267)، الضعفاء للعقيلي (3/ 485)، تقدمة الجرح والتعديل (1/ 204 - 205)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 131 - 132)، الثقات لابن حبان (7/ 342)، الكامل لابن عدي (6/ 2076)، سنن الدارقطنِي (1/ 229)، الثقات لابن شاهين (ص: 270 رقم 1110)، الضعفاء لابن الجوزي (3/ 17) تهذيب الكمال (23/ 581)، ميزان الاعتدال (3/ 388)، تهذيب التهذيب (8/ 323)، التقريب (5541).

(1)

بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ.

(2)

أخرجه: أبو داود في السنن -كتاب الأدب -باب الهدي في الكلام (4/ 261 - ح 4840) وابن ماجة في السنن -كتاب النكاح -باب خطبة النكاح (1/ 610 - ح 1894)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (السنن الكبرى 6/ 127) وأحمد في المسند (2/ 359)، وابن حبان في صحيحه (موارد الظمآن ص 152 رقم 578)، والدارقطنِي في سننه (1/ 229)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 208 - 209) وغيرهم من طرق عن: الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن بن حيويل، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا بألفاظ متقاربة، ولفظ ابن ماجه موافق للفظ المصنِّف، والحديث ضعيف.

تنبيهات:

أولًا: سبب تضعيف هذا الحديث هو: ضعف إسناده لما تقدَّم من حال قرة بن عبد الرحمن، ومخالفته للثقات من أصحاب الزهريّ الذين رووه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

قال أبو داود عقب إخراجه الحديث: "رواه يونس، وعقيل، وسعيد بن عبد العزيز عن =

ص: 9

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الزهريّ عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا".

وقال الدارقطني أيضًا عقب الحديث: "تفرَّد به قرَّة عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وأرسله غيره عن الزهريّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقرة ليس بقويٍّ في الحديث، ورواه صدقة، عن محمَّد بن سعيد، عن الزهريّ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصحُّ الحديث، وصدقة ومحمد بن سعيد ضعيفان، والمرسل هو الصواب".

ثانيًا: قول الدارقطني: "تفرد به قرَّة" لعله يقصد أن الراجح في الطرق عن الزهريّ أنَّ قرة تفرَّد به؛ لأن في ظاهر الأمر هناك متابعة لقرة عن الزهريّ، فقد تابعه: سعيد بن عبد العزيز، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه.

أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (السنن الكبرى 6/ 127 رقم 10329)، وسعيد بن عبد العزيز هو: ابن أبي يحيى التنوخي، فقيه أهل الشام ومفتيهم بعد الأوزاعي، كان الإمام أحمد وغيره يقرنه بالأوزاعي في ثقته وحفظه، وكان أبو مسهر يقدمه على الأوزاعي، وقال الحكم:"سعيد لأهل الشام كمالك بن أنس لأهل المدينة في التقدُّم والفضل والفقه والأمانة".

انظر: تهذيب الكمال (10/ 539 - 544).

فهذه متابعة قوية لقرَّة بن عبد الرحمن إن صحَّت، والراوي عن سعيد: الوليد بن مسلم، وهو مدلِّس وقد صرَح بالتحديث، ولكن سعيدًا اختلط قبل موته -كما قال أبو مسهر- ولم أجد أحدًا ميز الرواة عنه قبل الاختلاط أو بعده.

وانظر: الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 213).

ويبدو أنه قد اختلف عليه في الوصل والإرسال، فقد قال البيهقي:"أسنده قرَّة، ورواه يونس بن يزيد، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز عن الزهريّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا". السنن الكبرى (3/ 209).=

ص: 10

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فالظاهر أن الراجح عن سعيد هو رواية الإرسال، لذا قال الدارقطني: "تفرَّد به قرَّة

"، وعلى فرض صحَّة متابعة سعيد لقرَّة: فلا يقوى على مخالفة هذا الجمع من أصحاب الزهريّ الثقات، والله أعلم.

ثالثًا: ما تقدَّم في كلام الدارقطنِي وتضعيفه للحديث الذي روي من وجهٍ آخر عن الزهريّ عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه رضي الله عنه؛ فلم أجده من الطريق الذي ذكره، ولكن أخرجه الطبرانِي في الكبير (19/ 72) من طريق صدقة بن عبد الله، عن محمَّد بن الوليد الزُبيدي، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكعب بن مالك له من الأبناء: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، ومعبد، ومحمد كلهم رووا عن أبيهم -كما ذكر ذلك الحافظ في الإصابة (5/ 611) - فالله أعلم بالصواب أهو: عبد الله أم عبد الرحمن، ويحتمل أنَّ كليهما رويا الحديث عن أبيه والله أعلم.

ولا يضر هذا الاختلاف؛ لأن عبد الله وعبد الرحمن كليهما ثقة، فكيف ما دار دار على ثقة. ولكن ضعف الإسناد جاء من ضعف صدقة وهو: ابن عبد الله السمين، أبو معاوية أو أبو محمَّد الدمشقي قال الحافظ:"ضعيف". (التقريب 2913) وقد سبق قول الدارقطنِي فيه. والراوي عنه في إسناد الطبراني: عبد الله بن يزيد الدمشقي ضعيف أيضًا، قاله الحافظ. (التقريب 3714).

رابعًا: وهو مما يجدر ذكره هنا أنَّ السبكي رحمه الله تعالى ذهب إلى تصحيح حديث قرَّة في طبقات الشافعية الكبرى (1/ 6) بما يلي:

أ - بأنَّ الأوزاعي قال عنه: إنه أعلم الناس بالزهري، وقد مرَّ هذا القول في ترجمة قرَّة، وتوجيه ابن أبي حاتم والحافظ ابن حجر لكلام الأوزاعي.

ب - بأن له شاهدًا من حديث كعب بن مالك، وهو الذي رواه من طريق الطبرانِي، =

ص: 11

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد سبق أيضًا أن فيه ضعيفين، وأيضًا هو مخالفٌ لرواية الأثبات عن الزهريّ.

جـ - أنه قد رُوِي هذا الحديث عن الأوزاعي، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا بدون ذكر: قرة بن عبد الرحمن، ثم أخرج تلك الطرق بأسانيده وهي كالتالي:

1 -

حديث خارجة بن مصعب، عن الأوزاعي، عن الزهريّ به.

2 -

حديث مبشِّر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن الزهريّ به.

3 -

حديث محمَّد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهريّ به.

واستشهد أيضًا بمن تابع الأوزاعي من غير طريق قرة، عن الزهريّ؛ وهو: إسماعيل بن أبي زياد الشامي الذي رواه عن يونس بن يزيد، عن الزهريّ به.

وفي كلِّ ما أورده نظر، وإليك بيانه:

فالأول: فيه خارجة بن مصعب: "متروك كان يدلِّس عن الكذَّابين، ويقال: إنَّ ابن معين كذَّبه". قاله الحافظ في التقريب (1612).

والثانِي -وهو حديث مبشِّر بن إسماعيل- فيه: محمَّد بن صالح البصري قال الحافظ: "ما علمت حاله". اللسان (5/ 201) ويروي عن عبيد بن عبد الواحد بن شريك وهو ثقة، قد تغيَّر في آخره، ولم نعرف إن كان محمَّد بن صالح البصري روى عنه قبل التغيُّر أم بعده. انظر: اللسان (4/ 120).

وفيه أيضًا: أحمد بن محمَّد بن عمران، أبو الحسن النهشلي، المعروف بابن الجُنْدِي -نسبة إلى الجُنْد يعنِي: العسكر (الأنساب للسمعاني (3/ 321) -، قال الخطيب:"كان يضعَّف في روايته، ويُطعَن عليه في مذهبه"، وقال الأزهري:"ليس بشيء"، وقال العتيقي:"وكان يرمى بالتشيُّع، وكانت له أصول حسان".

قال الحافظ: "أورد ابن الجوزي في الموضوعات في فضل عليٍّ حديثًا بسندٍ رجاله ثقات إلا الجُنْدي فقال: هذا موضوع ولا يتعدَّى الجندي". =

ص: 12

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= انظر: تاريخ بغداد للخطيب (5/ 77 - 78)، الميزان للذهبي (1/ 147 - 148) لسان الميزان لابن حجر (1/ 288).

والثالث: حديث محمَّد بن كثير وهو: المصِّيصي قال عنه الشيخ الألبانِي: "محمَّد بن كثير المصِّيصي ضعيف لأنه كثير الغلط كما قال الحافظ". إرواء الغليل (1/ 30).

قلت: قال الحافظ: "صدوق كثير الغلط". التقريب (6251).

وأما شاهد إسماعيل بن أبي زياد فأسوأ حالًا من سابقه؛ لأنَّ إسماعيل بن أبي زياد هذا قال عنه الدارقطنِي: "متروك الحديث"، وقال الخليلي:"شيخ ضعيف ليس بالمشهور، كان يُعلِّم ولد المهدي، وشحن كتابه في التفسير بأحاديث مسندة يرويها عن شيوخه: محمود بن يزيد، ويونس الأيلي، لا يتابع عليها". لسان الميزان (1/ 406 - 407).

مما سبق يتبين: أنَّ الأسانيد التي ساقها لتقوية حديث قرة بن عبد الرحمن لا تصلح للمتابعة؛ إما لضعفها الشديد أو لمخالفتها لرواية الثقات -حيث رووه عن الزهريّ عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا- وقد رجَّح رواية الإرسال -كما سبق- من الحفاظ: أبو داود، والدارقطنِي، والبيهقي.

وقد ذكر الشيخ الألبانِي حفظه الله أمرًا آخر يؤيد ضعف هذا الحديث وهو: اضطراب الرواة في المتن فتارة يروى: أقطع، وتارة: أبتر، وتارة: أجذم، وتارة يذكر الحمد، وتارة يقول: بذكر الله. الإرواء (1/ 31).

وقد عزى السبكي في الطبقات (1/ 9) تصحيح هذا الحديث إلى الحاكم وابن حبان، فأما ابن حبان فقد أخرجه في صحيحه كما سبق، وأما الحكم فلم أجده في مستدركه بعد طول تفتيش، ونقل أيضًا تحسين ابن الصلاح له.

ص: 13

حدثنِي يزيد بن عبد الصمد الدمشقي

(1)

، وسعد بن محمَّد

(2)

قالا: حدثنا هشامُ بن عمَّار

(3)

، حدثنا عبد الحميد بن حبيب

(4)

، عَن الأوزاعي،

(1)

هو: يزيد بن محمَّد بن عبد الصمد القرشيّ، أبو القاسم الدمشقي.

(2)

سعد بن محمَّد البيروتي، أبو محمَّد.

(3)

هشام بن عمَّار بن نُصير -بنون مصغَّر- السُّلمي الدمشقي، الخطيب، صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقَّن فحديثه القديم أصحُّ، توفي سنة (245 هـ).

قلت: لم يميِّز صاحب (الكواكب النيرات) بين الرواة عنه قبل التغيُّر أو بعده، ولم يستدرك المحقِّق -د: عبد القيوم بن عبد رب النبي- أحدًا، ولم يتبين لي ذلك، وليس ذلك مهمًّا هنا؛ إذ الإسناد علَّته: ضعف قرة بن عبد الرحمن، ومخالفة الثقات من أصحاب الزهري له بروايته مرسلًا.

وذكر الحافظ ابن حجر في (هدي الساري): أن البخاري أخرج لهشام حديثين، تابعه فيهما غيره، وحديث المعازف المعلَّق، ثم قال:"هذا جميع ماله في كتابه مما تبين لي أنه احتج به".

انظر: هدي الساري لابن حجر (ص 471)، التقريب (7303)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 424 رقم 65).

(4)

ابن أبي العشرين الدمشقي، أبو سعيد الشامي، كاتب الأوزاعي، ولم يرو عن غيره.

قال ابن معين: "ليس به بأس"، ووثقه الإمام أحمد، وقال:"كان أبو مسهر يرضاه"، وقال هشام بن عمار الموصلي:"أوثق أصحاب الأوزاعي: عبد الحميد بن حبيب"، وقال العجلي:"لا بأس به"، وقال أبو زرعة:"ثقة، حديثه مستقيم، وهو من المعدودين في أصحاب الأوزاعي"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"ربما أخطأ"، ووثقه الدارقطني، وذكره ابن شاهين في الثقات.

وضعَّفه دُحيم الدمشقي، وقال البخاري:"ربما يخالف في حديثه"، وقال مرة أخرى: =

ص: 14

بإسنادِه مثلَه.

= "ليس بالقوي"، وقال أبو حاتم:"كان صاحب ديوان ولم يكن صاحب حديث"، وقال مرة:"ليس بذاك القوي"، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وقال ابن عدي:"تفرد عن الأوزاعي بغير حديث لا يرويه غيره، وهو ممن يكتب حديثه"، وقال أبو أحمد الحكم:"ليس بالمتين عندهم".

تنبيه:

نقل المزي عن أبي حاتم أنه قال عنه: "ثقة، كان صاحب ديوان، ولم يكن صاحب حديث"، وتبعه على ذلك الذهبي في الميزان" ثم ابن حجر في التهذيب، والظاهر أن العبارة بها سقطٌ أو خلل، فالسياق جاء عند ابن أبي حاتم في الجرح كما يلي: "سألت أبي عن ابن أبي العشرين ثقة هو؟ فقال: كان صاحب ديوان، ولم يكن صاحب حديث".

فلم يوثِّقه، وهذا متوافقٌ مع قوله الآخر الذي نقله المزِّيُّ عنه أيضًا:"ليس بذاك القوي".

وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق ربما أخطأ"، وأخرج له البخاري في الشواهد.

فمثله يحتاج إلى متابع، وقد تابعه في الإسناد الماضي: عبيد الله بن موسى، ولكن علة الحديث فيمن فوقه وهو: قرة بن حيويل كما سبق.

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 306) التاريخ الكبير للبخاري (6/ 45)، الثقات للعجلي (2/ 70)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 169)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 11)، الثقات لابن حبان (8/ 400)، الكامل لابن عدي (5/ 1959)، سؤالات الحكم للدارقطنِي (ص: 241)، تهذيب الكمال للمزي (16/ 420)، ميزان الاعتدال للذهبي (2/ 539)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 720)، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/ 102)، التقريب (3757).

ص: 15

وَسَمِعتُ بعضَ أصحابِنا

(1)

يَذكُر هذا التحميدَ، فقال: "الحمد لله الذي ابتدأ الخلق بنعمائهِ، وتغمَّدهم بحُسْن بلائه، فوقف

(2)

كل امرئٍ منهم في صِباهُ على طلب ما يحتاجُ إليهِ مِن غذائه، وسَخَّر له مَنْ يكْلؤهُ إلى وَقت استغنائهِ، ثم احتجَّ عَلى مَن بلغ منهُم بآلائه وأعذر إليهم بأنبيائه، فشرح صَدر من أحَبَّ هُداه من أوليائهِ وَطبعَ على قلبِ مَن لم يُرِدْ إرشادَه من أعدائه، الذي لم يزل

(3)

بصفاته وأسمائه، الذي لا يشتمل عليه زَمان، ولا يحيط به مكان، ثم خلق الأماكن وَالأزمان، {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}

(4)

، فقدَّرَها أحْسَنَ تَقديرٍ، وَاخترعَها عن غير نَظيرٍ، لم يرْفَعْها بِعَمَدٍ

(5)

، وَلم يستعِنْ عَليها بأحَدٍ، زَيَّنها للنَّاظرِين،

(1)

لم أقف على تعيينهم.

(2)

كذا في الأصل، وفي (م) كذلك غير أنها أصلحت في الهامش إلى "فوفَّق"، وفي (ط) ليست واضحة تمامًا ويشبه أن تكون موافقة للأصل، وكلتا الكلمتين مناسبة للسياق. والفعل "وقف" يأتي لازمًا وهو الأكثر، ومتعدّيًا كقوله تعالى:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات: 24].

(3)

في (م): "لم تزل"، وهو خطأ.

(4)

سورة فصلت- الآية (11).

(5)

العَمَدُ -بفتحتين-: جمع العمود كـ أعمدة، وعُمُد. القاموس المحيط- للفيروزآبادي (ص 384 - عمد). وقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} الرعد- الآية (2).

ص: 16

وجَعلَ فيها رُجُومًا للشياطين، فتبارَكَ الله أحْسنُ الخالقين، وتعَالى

(1)

عن أن يُطْلق في وصْفِه آراء المتكلِّفين، أو أن يُحَكّمَ في دينه أهواء المُقَلِّدين، فجَعَل القرآن إِمامًا للمتَّقينَ، وَهُدىً للمؤمنينَ، وَمَلْجأً للمتنازِعين، وحَاكِمًا بين المختلفين، وَدعا أولياءه المؤمنين إلى اتِّباع تنزيله، وَأمر عبادَه عند التنازُع في تأويله بالرجُوع إلى قوْلِ رَسولِه

(2)

صلى الله عليه وسلم، بذلك نَطَق محكمُ كتابهِ، إذ يقول جلَّ ثناؤه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}

(3)

.

أَحمدهُ حَمْدًا يَبْلُغُ رِضاه، ويَحْتَبِس

(4)

آلاه، ويُكافئ نَعماه، وَأَسْتعينُه على رعايةِ مَا اسْتحفظَنَا من وَدائعهِ، وَحفْظِ ما اسْتَودَعَنا مِن شرائعهِ، وأُؤمِن به إيمان مَن أَخْلَصَ عبَادتَه، واستشعَرَ طاعَتَه، وأتوكُّلُ عليهِ تَوكُّلَ مَنْ انقطَع إليهِ، ثقةً به، وَرغبةً فيما لدَيه.

(1)

سقطت الواو من (م).

(2)

لعل قلم الناسخ سبق إلى كتابتها هكذا: "رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثم أصلحها إلى ما أثبتُّه، وفي (ط) كما أثبت أيضًا، وهو المناسب للسياق.

(3)

سورة النساء- الآية (59).

(4)

أشار المصنِّف بهذا التعبير إلى دوام النعم بالحمد عليها، بتعبيره هذا. و "آلاه" سُهِّلت فيها الهمزة للسجع وأصلها "ألاءه"، ولعل "نَعماه" الآتية كذلك، فيكون أصلها "نعماءَه" أو "نُعماه" بالضم من النُّعمى.

ص: 17

وَأَشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وَحْدَه لا شريك له، شهادةَ مُعتَرفٍ له بالرُّبُوبية والتَّوحيد، مقرًا له بالعَظمة والتمجيد، خَائفًا مِن إنجاز ما قُدِّم إليه مِن الوعيد.

وَأشْهد أن محمَّدًا عَبدُه ورسولهُ، اصْطفاه لنفْسه وَليًّا، وارتضاه لخلقِهِ نبيًّا، فوجَده عَلى حفظ ما ضَمَّنَه قَويًّا، وَبأداء ما اسْتودَعَهُ مَلِيًّا، وَبالدُّعاء إلى ربهِ حَفيًّا، مُتوقِّفًا عندَ وُرودِ المشكلات، مُشَمِّرًا عند تجلِّي الشُّبُهات، لا يَرعوي

(1)

لمن عَذله، وَلا يلْوي على مَن خَذَله، وَلا يُطيعُ غيرَ من أرسَله، يَصدع بِالأمْر، ويُطفِئ نارَ الكفْر، لم تأخذْهُ في الله لومَةُ لائمٍ.

وَإنَّ فَرْض الله اتباعُ أمر رَسُولهِ، والتَّسليم لحُكمِهِ، فإن الله لم يَجْعَل لأحدٍ بعدَهُ إلَّا اتباعَه، وأنهُ لا يلزم قولٌ بكُل حالٍ إلا بكتابِ الله عز وجل

(2)

أو سنَّة رَسولهِ [صلى الله عليه وسلم]

(3)

، وَأنَّ ما

(4)

سواهما تَبَعٌ

(1)

لا يرعوي، أي: لا ينفكُّ، ولا ينزجر، وارْعَوى يَرْعَوِي، أي: كفَّ عن الأمور. لسان العرب (5/ 253).

والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم لا يترك أمر ربِّه ولا يكفُّ عن تبليغ رسالته لأجل لوم لائم، والعذل هو اللوم.

(2)

جملة الثناء على الله عز وجل ليست في (م).

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط).

(4)

في (ط): "من" بدل "ما".

ص: 18

لهما، وإنَّ فَرْض الله علينا وعلى مَنْ بَعدنا وقبلنا في

(1)

قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

حدثنا يونس بن عبد الأعلى

(2)

، قال: أخبرنا ابن وهب

(3)

، قال: أخبرنِي يونس بن يزيدَ، عن ابن شهابٍ قال: بلغَنَا عن رجالٍ من أهل العلم أنهم كانوا يَقولون: "الاعتِصَامُ بِالسُّنَّةِ نَجَاةٌ، والعِلْمُ يُقْبَض قَبْضًا سَرِيعًا، فَنَعْشُ

(4)

العِلْمِ ثَبَاتُ الدِّينِ والدُّنْيَا، وذَهابُ ذَلكَ كلِّهِ

(5)

في ذَهَابِ العِلْمِ"

(6)

.

(1)

حرف الجر (في) متعلِّقٌ بمحذوفٍ تقديره "منحصرٌ"، فالمعنى: أن فرض الله علينا منحصرٌ في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا واسطة لنا للتلقّي عن الله إلا عن طريقه.

(2)

ابن ميسرة الصدفي، أبو موسى المصري.

(3)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمَّد المصري.

(4)

النَّعْشُ: الارتفاع، والبقاء. القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص 784).

(5)

أي: الدين والدنيا.

(6)

سند المصنف صحيح إلى الزهريّ، وقد أخرج الأثرَ: عبد الله بن المبارك في الزهد (ص / 281 رقم 817)، والدارمي في السنن (1/ 58 رقم 96)، وأبو نعيم الأصبهانِي في حلية الأولياء (3/ 369)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1/ 95 رقم 137).

ص: 19

[كتاب الإيمان]

(1)

(1)

ما بين المعقوفتين ليس في نسخ الكتاب، والأحاديث التي تأتِي بعده كلُّها من أبواب الإيمان، والمصنف -رحمه الله تعالى- لم يضع عنوان الكتاب، وقد أضفتُه للفصل بين مقدمة المؤلِّف وبين الأحاديث التي استخرجها على مسلم أو زادها عليه.

علمًا بأن المصنفَ -رحمه الله تعالى- قد وضع عناوينَ الكتب الآتية بعد هذا الكتاب، مثل: كتاب الطهارة، الصلاة .... فلعله سهى عن وضعه هنا، فلهذا استدركتُه.

ص: 20

‌بَيَانُ إثبَاتِ القَدر وَشرائع الإيمان

ص: 20

1 -

حَدثنِي أَحمَدُ بن محمَّد بن أبي رجاء المِصِّيصِي

(1)

، حدثنا وكيع بن الجرَّاح بن مَلِيح، حدثنا كَهْمَس

(2)

، ح

وَحدثنا العباسُ بن محمَّد

(3)

، وَإبراهيم بن مرزُوق

(4)

، قالا: حدثنا عُثْمانُ بنُ عُمر

(5)

، أخبرنا كَهْمَس، عن عبد الله بن بُرَيدَة

(6)

، عن

⦗ص: 21⦘

يحيى بن يَعْمَر

(7)

قال: كان أوَّلَ من قال في القَدَر بالبصْرة مَعبد الجُهنِي

(8)

، فخرجتُ أنا وحُمَيد بن عبد الرحمن الحِمْيَرِي حاجَّين

(9)

فأتيْنا المدينةَ فقلنا: لو لقِينا رجلًا من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناهُ عن هذا الأمر الذي أحدثَهُ هؤلاء القوم، قال: فلقينا عبد الله بن عُمَر وهو خارجٌ منَ المسجدِ، فاكْتَنَفْتُهُ

(10)

أنا وَصاحبِي، فَظننْتُ أنَّ صاحبِي سَيَكِلُ الكَلامَ إليَّ، فَقلنا: يا أبا عبد الرحمن، إنَّ

⦗ص: 22⦘

قِبَلَنَا قومًا يقرؤون القرآن، ويتقفَّرون

(11)

العلم -يعنِي: يَطلُبُونَه ويَعُوْنَه- يَزعُمون

(12)

أنَّ الأمرَ أُنُفٌ

(13)

، وَأَنُّهُ لا قَدَر. فقال: كذبَ أُولئكَ، إذا لقيتَهم فأخبرهم أنِي مِنهم بريءٌ، وَهُم منِّي بُرآء، والذي نفْسُ ابنِ عُمرَ بيده لوْ أنَّ أحَدَهم أنفَقَ مثلَ أحُدٍ ذَهَبًا مَا قَبِلَه الله منه حَتى يُؤمِن بالقَدَرِ خَيْرِه وَشَرِّهِ.

ثم قال: حَدَّثنِي عُمَر بن الخَطَّابِ رضي الله عنه قال: كنُّا جُلوسًا عندَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فجاء رَجلٌ شَدِيدُ سوَادِ الشَّعر، شَدِيدُ بَياضِ الثِّيَابِ، لا يُرَى عليه أَثَر السَّفَرِ، ولا يَعرفُهُ منَّا أَحَدٌ، فجلس إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فأسْنَدَ ركبَتَه إلى رُكبَتَي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَوضَعَ يدَه على فَخِذِهِ، ثم قال: يا محمدُ

⦗ص: 23⦘

مَا الإِسلامُ؟ قالَ: "شهادَةُ أَن لا إلهَ إلا الله، وَأنِي رسولُ الله، وإقامُ الصَّلاةِ وَإيتاءُ الزكاةِ، وَحَجُّ البيتِ، وَصَوْمُ رَمَضان".

قال: صَدَقْتَ. قال

(14)

: فتعجَّبْنا يسأله وَيُصدِّقه! قال: يا محمَّدُ! فما الإيمان؟ قال: "أَن تُؤمن باللهِ، وَملائكتهِ، وكتبهِ، وَرُسُلِه، وَباليوم الآخِر، وبالقدر خيره وَشرِّه". قال: صَدَقْتَ. قالَ: فَتَعَجَّبْنا يسأله وَيُصَدِّقه! قالَ: فما الإحْسانُ؟ قال: "تَعبد الله كأنَّك تراهُ، فإن لم تكن تراهُ فإِنَّه يراك". قال: فمَتَى السَّاعَةُ؟ قال: "ما المسؤولُ عنها بأعلَمَ من السائلِ". قال: فما أَمَاراتها؟ -قال وكيعٌ: أشْراطُها- قال: "أن تَلِدَ الأَمَةُ ربها

(15)

، وَأن

⦗ص: 24⦘

ترى الحُفاة

(16)

العالَةَ رِعاءَ الشاء يتطاولون في البُنيان". قال: ثم قامَ

(17)

فلبثنا (ليَالي)

(18)

فَلَقِيَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعْد ثلاثةٍ

(19)

فقالَ: "أتدرِيْ مَن

⦗ص: 25⦘

الرَّجُل؟ "قال: قلت: الله ورسولهُ أعلم، قال: "ذاك جَبْرَئيل

(20)

جاء يُعلِّمكم مَعالمَ دينِكم"

(21)

.

زاد بَعضُهم على بعْضٍ الكلمةَ ونحوه، وحَديث عثمانَ أتمهُما.

(1)

أحمد بن محمَّد بن عبيد الله بن أبي رجاء الثَغْري -بالمثلثة بعدها معجمة ساكنة- أبو جعفر النجار الطرسوسي المصيصي. التقريب (97).

(2)

بسين مهملة قبلها ميم مفتوحة، ابن الحسن التميمي -أبو الحسن البصري. فتح الباري لابن حجر (1/ 141).

(3)

الدوري- صاحب ابن معين.

(4)

ابن دينار الأموي، أبو إسحاق البصري، نزيل مصر.

(5)

ابن فارس العبدي البصري، أصله من بخاري.

(6)

ابن الحُصَيب الأسلمي، أبو سهل المروزي، قاضيها، ثقة، إلا أن الإمام أحمد وإبراهيم =

⦗ص: 21⦘

= الحربي ضعَّفا حديثه عن أبيه. وحديثه عن أبيه مخرَّجٌ في الصحيحين. قال الحافظ ابن حجر في الهدي: "ليس له في البخاري من روايته عن أبيه سوى حديث واحد ووافقه مسلم على إخراجه". انظر: الإكمال- لابن ماكولا (3/ 158) التقريب (3227)، تهذيب التهذيب (5/ 140).

(7)

بفتح الميم أوله ياء تحتانية مفتوحة.

(8)

معبد الجهنِي البصري، قيل اسمه: معبد بن عبد الله بن عويمر، وقيل: ابن عبد الله بن عكيم، وقيل: ابن عبد الله بن عويم، وقيل: ابن خالد، وقال ابن أبي حاتم:"الصحيح أن لا ينسب وكان أول من تكلَّم في القدر بالبصرة". الجرح والتعديل (8/ 280).

قال الحافظ: "صدوق مبتدع، وهو أول من أظهر القدر بالبصرة، قتل سنة 80 هـ".

تقريب (6777)، وانظر: الميزان- للذهبي (4/ 141).

(9)

سقطت كلمة "حاجَّين" من (م)، وفي صحيح مسلم:"حاجَّين أو معتمرين".

(10)

أي: أحطنا به من جانبيه. النهاية- لابن الأثير (4/ 205).

وقد فسَّره في رواية مسلم: "أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله"، وكنفا الطائر: جناحاه، وفي هذا تنبيه على أدب الجماعة في مشيهم مع فاضلهم، وهو أنهم يكتنفونه ويحتفون به. قاله النووي في شرح مسلم (1/ 155).

(11)

قال النووي: هو بتقديم القاف على الفاء، ومعناه: يطلبونه ويتتبَّعونه، هذا هو المشهور، وقيل: معناه يجمعونه، ورواه بعض شيوخ المغاربة من طريق ابن ماهان:"يتفقَّرون" بتقديم الفاء، وهو صحيح أيضًا، معناه: يبحثون عن غامضه، ويستخرجون خفيَّه. انظر: شرح صحيح مسلم (1/ 155).

(12)

في (م): "ويزعمون" بزيادة الواو، ولفظ مسلم "وأنهم يزعمون".

(13)

قال أبو القاسم الأصبهانِي: "أي يستأنفه الخلق ابتداءً من غير أن يسبق به قدر

من الله"، وقال النووي: "أي مستأنفٌ لم يسبق به قدرٌ ولا علمٌ من الله تعالى، إنما يعلمه بعد وقوعه

وهذا القول قول غلاتهم، وليس قول جميع القدرية".

انظر: الحجة في بيان المحجة (1/ 414)، شرح صحيح مسلم (1/ 156).

وانظر: في نشأة مذاهب القدرية وأقوالهم؛ كتاب: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه للدكتور عبد الرحمن المحمود (ص: 107 - 137).

(14)

سقطت كلمة "قال" من (م).

(15)

في (ط): "ربَّتها"، وهو موافق لرواية مسلم. وورد بلفظ التذكير في حديث أبي هريرة المتفق عليه. وسيأتي تخريجه في ح (7).

والظاهر أن الراجح في هذا الحديث -أعنِي حديث كهمس- رواية التأنيث، فقد رواه عن كهمس عشرةٌ من الرواة بلفظ التأنيث، وتفرد عثمان بن عمر عن كهمس عند المصنِّف بلفظ التذكير، ورواية أخرى عند البغوي (شرح السنة 1/ 7) من طريق يزيد بن هارون عن كهمس بلفظ التذكير، مع العلم بأن الإمام أحمد (1/ 51) رواه عن يزيد بن هارون عن كهمس موافقًا للفظ الجماعة.

وهؤلاء الجماعة من أصحاب كهمس هم: معاذ بن معاذ العنبري عند مسلم وسيأتي تخريجه، النضر بن شميل عند النسائي (السنن 8/ 97)، وكيع بن الجراح عند الترمذي (السنن 5/ 6 ح 2610)، محمَّد بن جعفر ويزيد بن هارون عند الإمام أحمد (المسند =

⦗ص: 24⦘

= 1/ 51)، عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عند ابن بطة في الإبانة (2/ 640)، المعتمر بن سليمان عند محمَّد بن نصر المروزي (تعظيم قدر الصلاة 1/ 368)، عبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الرحمن بن حماد ويزيد ابن زريع عند ابن منده في (الإيمان 1/ 120، 124، 131).

وفي معنى: "أن تلد الأمة ربتها أو ربها" عدة أقوال، ينظر في ذلك: شرح السنة للبغوي (1/ 11)، شرح مسلم للنووي (1/ 159)، فتح الباري (1/ 149).

(16)

في (م): "الجفاة" بالجيم، وفي صحيح مسلم: الحفاة -بمهملة- كما في الأصل و (ط) كذلك هي في مصادر تخريج هذا الحديث، وورد الجمع بين هاتين الصفتين -أي: الحفاة الجفاة- في حديث أبي هريرة الذي أخرجه أحمد (المسند 2/ 426)، وورد كذلك في حديث أبي عامر الأشعري أيضًا أخرجه الإِمام أحمد (المسند 4/ 164).

(17)

في (ط): "ثم قال عمر"، بدل:"ثم قام"، وفي مسلم:"ثم انطلق".

(18)

في الأصل و (م): "لياليًّا"، وما أثبتُّه من (ط) لموافقته للآية في قوله تعالى:{سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [سبأ: 18]، ولأن اللفظ ممنوع من الصرف فلا ينوَّن. وفي صحيح مسلم:"فلبثت مليًّا".

ثم وجدت الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى عزاها إلى أبي عوانة باللفظ المثبت، فالحمد لله. انظر: فتح الباري (1/ 152).

(19)

أي: ثلاثة أيام، وفي (ط):"ثلاث". فالمراد: ثلاث ليالٍ أو ثلاثة أيام، وهذا ظاهره مخالفٌ لحديث أبي هريرة -الآتِي- أنه قال: "ثم أدبر الرجل، فقال صلى الله عليه وسلم: ردوا عليَّ الرجل، فأخذوا ليردُّوه فلم يروا شيئًا، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل

الخ".

وللجمع بين اللفظين قال النووي: "يحتمل أن عمر رضي الله عنه لم يحضر قول النبي لهم في =

⦗ص: 25⦘

= الحال؛ بل كان قد قام من المجلس، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم الحاضرين في الحال وأخبر عمر رضي الله عنه بعد ثلاثٍ إذ لم يكن حاضرًا وقت إخبار الباقين

والله أعلم". شرح النووي (1/ 160).

(20)

كذا في الأصل، وتحتمل صورتها كذلك في (م) أيضًا، وفي (ط):"جبريل" كما في مصادر التخريج. قال الحافظ: "فيها ثلاث عشرة لغة"، فجِبْريل بكسر الجيم وسكون الموحدة كسر الراء وسكون التحتانية بغير همز ثم لام خفيفة، وهي قراءة أبي عمرو ونافع ورواية عن عاصم، وبفتح الجيم والراء ثم همزة هي قراءة حمزة والكسائي، وهذا الأخير موافقٌ لما جاء في نسخة الأصل هنا. انظر: فتح الباري (6/ 354).

(21)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى .... (1/ 36 - ح 1) من طريق وكيع ومعاذ بن معاذ العنبري كلاهما عن كهمس.

فائدة الاستخراج:

1 -

رواه مسلم من طريق وكيع ومعاذ العنبري ولم يبين اختلاف لفظيهما في قوله: "فأخبرنِي عن أماراتها"، وبينه المصنِّف.

2 -

رواية المصنِّف فيها زيادة شرح وبيان للمجمل من رواية مسلم في قوله: "فلبِثنا مليًّا" فبينت رواية المصنِّف أنها ثلاثة أيام.

3 -

في إسناد مسلم: "ابن بريدة" لم يبين، ورواية المصنِّف بينته:"عبد الله بن بريدة".

ص: 20

2 -

حدثنا عمَّارُ بن رجاء

(1)

، حدثنا يزيدُ بن هارون، ح

⦗ص: 26⦘

وحدثنا سعيد بن مسعود

(2)

، حدثنا النَّضْرُ بن شميل، قالا: حدثنا كَهْمَس بن الحسن، عن عبد الله بن بُرَيدةَ، عن يحيى بن يعمر، بهذا الحديث، وَقال في آخرِه:"وَما أتانِي جبريل في صُورةٍ إلا عَرَفْتُه فيها إلا في صُورته هذه قال: وَتحُجَّ البيْتَ إن استطَعْتَ إليهِ سبيلًا"

(3)

.

(1)

التغلبي، أبو ياسر الأستراباذي، توفي سنة (267 هـ). =

⦗ص: 26⦘

= قال ابن أبي حاتم: "كان صدوقًا"، ووثقه أبو سعد الإدريسي، وابن الجوزي.

انظر: الجرح والتعديل (6/ 395)، المنتظم (12/ 215)، السير (13/ 35).

(2)

ابن عبد الرحمن المروزي، أبو عثمان، توفي سنة (271 هـ).

ذكره ابن حبان في الثقات، وترجم له الذهبي وقال:"أحد الثقات"، ولم ينقل فيه جرحًا ولا تعديلا، ولم أظفر بترجمته في غير هذين المصدرين، ولكن وصفه الذهبي بأنه صاحب النَّضر بن شُميل، وذلك في ترجمة المحبوِبي، راوي جامع الترمذي.

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 271)، السير (12/ 504) و (15/ 537).

(3)

أخرجه مسلم كما سبق من طريق كهمس بدون الزيادة المذكورة في آخر الحديث، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 51) من طريق يزيد بن هارون، والنسائي في السنن -كتاب الإيمان وشرائعه- باب نعت الإِسلام (8/ 97) من طريق النضر بن شميل كلاهما عن كهمس ولكن ليس عندهما هذه الزيادة التي عند المصنِّف.

وأخرجه بهذه الزيادة البغويُّ في شرح السنة (1/ 7) من طريق يزيد بن هارون عن كهمس، ووردت هذه الزيادة من طرق أخرى غير طريق كهمس، كما سيأتي التعليق على ما جاء في هذه الزيادة في الحديث الآتي إن شاء الله تعالى.

فائدة الاستخراج:

أخرجه مسلم كما سبق من طريق كهمس وليس عنده الزيادة في آخره، وهو قوله:"وما أتاني في صورة .... ".

ص: 25

3 -

حَدثَنا أبو أُميةَ الطرسوسي

(1)

، حدثنا أبو عَاصمٍ

(2)

، ح

وَحَدثنا محمَّد بن عَوْفٍ الحمصيُّ، حدثنا المقرئ

(3)

، كلاهما عن كَهْمَسٍ بإِسْنادِه نَحوَه

(4)

.

(1)

والحديث في مسند ابن عمر بتخريجه (ص: 41 ح 72).

(2)

الضحَّاك بن مخلد النبيل الشيبانِي.

(3)

عبد الله بن يزيد القرشيّ العدوي مولاهم المكي، أبو عبد الرحمن المقرئ.

(4)

أخرجه ابن منده في الإيمان (1/ 121) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن كهمس به، وذكر متنه كاملًا.

ص: 27

4 -

وَحدثنا محمَّد بن عبيد الله المَعْروفُ بابن المُنادِي

(1)

، حدثنا يُونس بن محمَّد

(2)

، حدثنا المُعْتَمِر

(3)

، عَن أبيهِ، عَن يحيى بن يَعمَر، عن ابن عمر، عن عُمَر

(4)

عن النَّبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديثهم، وَقال فيهِ: "بينما نحن جُلُوسٌ عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في أُناسٍ

(5)

، دخل رجلٌ ليس عليه سَحْنَاءُ

(6)

⦗ص: 28⦘

سَفَرٍ، وليْس من البلدِ، فَتَخَطَّى حتى وَرَّكَ

(7)

بين يدي رسول الله

(8)

صلى الله عليه وسلم كما يَجلِس أَحَدُنا في الصَّلاة، ثم وَضَع يَدَه على ركبتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم

(9)

فقال: يا محمدُ، ما الإِسلامُ؟ قال:"تشهَدُ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله، وَتقيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤتي الزكَاةَ، وَتَحُجَّ وتَعتمر، وتَغْتسل مِنَ الجنابةِ، وتُتم الوُضُوءَ، وَتَصُوم رمضانَ".

قال: فإن فعلتُ هذا فأنا مُسلم؟ قال: "نعم"، قال: صَدَقْتَ. قال: يا محمدُ، ما الإيمانُ؟ قال:"الإيمانُ أن تؤمِنَ باللهِ، وَمَلائكتهِ، وَكُتُبهِ، وَرُسله، وَتؤمن بالجنَّةِ والنَّار والميزان" وتؤمن بالبعْثِ بعَدَ الموتِ، وَتُؤمن بالقَدَرِ خَيرِه وَشَرِّه"، قَال: فإن فعلْتُ هذا فأنا مؤمن؟ قَال: "نعَمْ"، قال: صدقْتَ. وذكر الحديثَ

(10)

.

(1)

محمَّد بن عبيد الله بن يزيد البغدادي، أبو جعفر بن المنادي.

(2)

ابن مسلم البغدادي، أبو محمَّد المؤدِّب.

(3)

في (ط): "المعتمر بن سليمان". وهو: معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، أبو محمَّد البصري.

(4)

سقطت كلمة "عمر" من (م).

(5)

في (م): "في أناسٍ دخلوا دخل رجل".

(6)

السَّحْنَةُ والسَّحْنَاء بالمدِّ: بَشَرَةُ الوجه وهيأته وحاله.

انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 348)، والقاموس المحيط للفيروزآبادي (ص 1554).

(7)

ورَّك: مصدره وَرِكٌ وهو ما فوق الفخذ من العظم كالكتف فوق العضد، وورَّك أي وضع وركه على رجليه أو على الأرض وجلس عليها.

ووقع في (ط): "برك" وهو قريب المعنى من الأول، كذا علَّقه ناسخ الأصل على الهامش:"برك".

(8)

في (ط): "النبي".

(9)

ما بين النجمتين ساقط من (م).

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى

(1/ 38 - ح 4) من طريق حجاج بن الشاعر عن يونس بن محمَّد عن المعتمر به، ولم يسق متنه وأحال على ما قبله.

ووقع في لفظ هذا الحديث ألفاظٌ زائدة في أركان الإِسلام مثل: العمرة، والاغتسال =

⦗ص: 29⦘

= من الجنابة وإتمام الوضوء.

وأخرجه الدارقطنِي في السنن -كتاب الحج- باب المواقيت (2/ 282)، وابن منده في الإيمان (1/ 146)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 349) كلهم من طريق ابن المنادي، عن يونس بن محمَّد، عن المعتمر، هذه الألفاظ الزائدة.

وأخرجه ابن منده في الإيمان أيضًا (1/ 143)، وأبو القاسم الأصبهانِي في الحجة في بيان المحجة (1/ 410) كلاهما من طريق ابن المنادي عن يونس بن محمَّد عن المعتمر أيضًا، وليس فيه هذه الألفاظ، ثم قال ابن منده رحمه الله تعالى موضِّحًا: "هكذا حدَّث به يونس بن محمَّد المؤدب عن المعتمر بلفظين مختلفين، وفي كل واحد من الخبرين ألفاظٌ ليست في الآخر من الزيادات وعلى هذا روى عنه حجاج الشاعر كما رواه ابن المنادي، فأما الخبر الأول [أي: بدون ذكر الزيادات] فوافقه محمَّد بن أبي يعقوب الكرمانِي، وهو أحد الثقات ممن روى عنه محمَّد بن إسماعيل البخاري في الجامع واعتمده ووثقه.

وأما الخبر الثاني فرواه يوسف بن واضح الهاشمي البصري وغيره عن المعتمر بن سليمان من نحو رواية يونس بن محمَّد وذكر فيه الزيادات التي ذكرها يونس في الخبر الأخير".

فائدة الاستخراج:

لم يذكر الإِمام مسلم رحمه الله لفظ الحديث وإنما أحال فقط بقوله: "بنحو حديثهم"، والمصنِّف ذكر أكثر ألفاظه، وميَّز اللفظ المحال إليه عند مسلم.

تنبيهات:

أولًا: الإِمام مسلم رحمه الله تعالى أخرج الحديث وساق إسناده عن حجاج بن الشاعر عن يونس المؤدب ولم يسق متنه، ومما سبق من كلام ابن منده يتضح أن حجاج بن الشاعر رواه كما رواه ابن المنادي أي على الوجهين بذكر الزيادات وبدون ذكرها، ولم أقف على ما يدل على أي الوجهين هي رواية مسلم بذكر الزيادات أم =

⦗ص: 30⦘

= بدون ذكرها، وعليه فلا يمكن الجزم بأن الإمام مسلمًا أخرجه بهذه الزيادات أو بدونها، وأوردت هذا التنبيه لأن الدارقطنِي رحمه الله تعالى قال عقب سوق الحديث -الذي سبق تخريجه آنفًا-:"إسناد ثابت صحيح، أخرجه مسلم هذا الإسناد" فيفهم من صنيعه أن رواية مسلم أيضًا فيها هذه الزيادات، وكذلك صنع البيهقي بعد أن ساق الحديث بالزيادات المذكورة قال:"رواه مسلم في الصحيح عن حجاج بن الشاعر عن يونس بن محمَّد إلا أنه لم يسق متنه"، ولم يشيرا -أي الدارقطنِي والبيهقي- إلى الوجه الآخر الذي رواه به ححاج بن الشاعر- أي بدون ذكر الزيادات- كما أشار إليه ابن منده رحمه الله تعالى، ولا يمكن الجزم بأن رواية مسلم هي على أحد الوجهين دون الآخر إلا بدليل، والله أعلم.

ثانيًا: ذكر ابن منده أيضًا أن يونس بن محمَّد وافقه محمَّد بن أبي يعقوب الكرمانِي في رواية الحديث عن المعتمر بدون ذكر الزيادات، وهذه الرواية أخرجها هو -أي ابن منده- في كتاب الإيمان (1/ 145) من طريق الكرمانِي عن المعتمر به.

وأما بذكر الزيادات فقال إنه وافقه يوسف بن واضح الهاشمي وغيره، ورواية يوسف بن واضح أخرجها ابن خريمة في صحيحه (1/ 4)، وهو أول حديث في صحيحه، وأخرجها ابن حبان في صحيحه (1/ 198 ح 173)، وابن منده في الإيمان (1/ 147) كلاهما من طريق ابن خزيمة به.

ثالثًا: عرفنا من صنيع ابن خزيمة، وابن حبان -حيث أورداه في الصحيح-، ومن كلام الدارقطنِي، والبيهقي أنهم يذهبون إلى تصحيح الحديث بهذه الزيادات، غير أن ابن حبان علَّق قائلًا: تفرَّد سليمان التيمي بقوله: "تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء"، وقال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر اختلاف الحديث والاختلاف على ألفاظه بالزيادة والنقص: "أما الحج فقد ذُكر، لكن بعض الرواة إما ذهل عنه أو نسيه، والدليل على ذلك اختلافهم في ذكر بعض الأعمال دون بعض، ففي رواية كهمس =

⦗ص: 31⦘

= "وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا"

وذكر التيمي في روايته الجميعَ، وزاد بعد قوله الحج:"وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء"

فتبين ما قلناه أن بعض الرواة ضبط ما لم يضبط غيره". فتح الباري (1/ 146).

فكأنه يذهب إلى أن هذه الألفاظ كلها ثابتة، وقد أشكل عندي سكوت الإمام مسلم عنها، وإيراد أبي عوانة لها، ولو تأمَّلنا تلك الألفاظ لوجدنا أن بعضها تدخل في الأركان الخمسة للإسلام: فالاغتسال من الجنابة، وإتمام الوضوء من شروط الصلاة، والعمرة تقرن مع الحج في حج التمتع والقران، وذهب إلى وجوب العمرة أيضًا كثير من العلماء من أهل الأثر.

انظر: فتح الباري لابن حجر (3/ 698)، نيل الأوطار للشوكانِي (4/ 312 - 316) وأما الجنة والنار والميزان فداخلة في الإيمان بالبعث، والله أعلم.

رابعًا: هناك زيادة أيضًا في آخر الحديث لم يسقها المصنِّف، وقد ساقها ابن حبان، والدارقطني، وابن منده وهي قوله صلى الله عليه وسلم:"فوالذي نفسي بيده ما شُبِّه عليَّ منذ أتانِي قبل مرَّتي هذه، وما عرفته حتى ولَّى". وقد سبق في ح (2) بلفظ: "وما أتانِي جبريل في صورة إلا عرفته فيها إلا في صورته هذه"، وفي لفظ أبي أمية الطرسوسي:"ما جاء في مثل صورته اليوم قط". مسند عبد الله بن عمر لأبي أمية (ص / 41 ح 72) فهذا يدل على أن جبريل عليه السلام كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صور معروفة مثل ما جاء في بعض الروايات أنه كان يأتِي في صورة دِحية الكلبي- إلا هذه المرة، فإنه جاء بصورة لم يعرفه فيها النبي صلى الله عليه وسلم لأول وهلة، ثم عرفه بعد ما ولى.

قال الحافظ: "دلت الروايات التي ذكرناها على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما عرف أنه جبريل إلا في آخر الحال، وأن جبريل أتاه في صورة رجل حسن الهيئة لكنه غير معروف لديهم". فتح الباري (1/ 152).

ص: 27

5 -

حدثنا سُليمان بن الأشعث

(1)

، والمثنى بن بَحير

(2)

، قالا: حدثنا مُسَدَّد، حدثنا يحيى

(3)

، عن عُثمان بن غِياثٍ

(4)

، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيدَةَ، عن يحيى بن يَعْمَر، وَحُمَيد بن عبد الرحمن قالا: لَقِيْنَا عبد الله بن عمر، فذكرنا له القَدَرَ وَما يَقولون فيه

فَذَكر الحديثَ، نحو حديث كهمس قال: وسألَهُ رَجل من مُزَينَة -أو جُهَينَة- فقال: يا رسولَ الله فيما

(5)

⦗ص: 33⦘

يُعْمَل؟ أفي شيءٍ قد خلا -أو مَضى- أو شيء يُستَأْنَف الآنَ؟ قال: "في شيءٍ قد خَلا وَمَضى"، فقالَ الرجُل -أو بَعْض القَوْمَ-: فَفِيْمَ العَمَلُ؟ قالَ: "إنَّ أهلَ الجَنة يُيَسَّرُونَ لعَمَلِ أهلِ الجنَّة، وإنَّ أهلَ النَّار يُيَسرُونَ لعَمَلِ أهل النَّار"

(6)

.

(1)

أبو داود السِّجِسْتانِي، صاحب السُّنن. والحديث في سننه -كتاب السنة -باب في القدر (4/ 224 - ح 4696).

(2)

لم أظفر بترجمته في المصادر المتيسِّرة لي.

(3)

في (ط): "يحيى القطان"، وهو يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي البصري.

(4)

عثمان بن غياث الراسبيِ، أو: الزهرانِي البصري. التقريب (4508).

(5)

كذا في النسخ الثلاث، وعند الإمام أحمد، وأبي داود كذلك، وهو خلاف المعروف من قواعد النحو، قال ابن هشام:"يجب حذف ألف (ما) الاستفهامية إذا جُرَّت، وإبقاء الفتحة دليلًا عليها" واستدل بقوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات- الآية 43] وغيرها من الشواهد. وقال أيضًا: "وعلة حذف الألف الفرق بين الاستفهام والخبر"، ونقل عن الزمخشري أن إثبات الألف في الاستفهامية قليل وشاذ.

وأما رضي الدين الأستراباذي شارح الكافية فلم يقل بالوجوب وإنما عبَّر بقوله: "وقد تحذف ألف ما الاستفهامية في الأغلب عند انجرارها بحرف جرٍّ".

فالظاهر أنَّ هذه الألف متولدة من إشباع الفتح في الميم، وإبقاء الألف جائز ولكنه نادرٌ وقليل، وعليه قرأ أبي بن كعب وابنُ مسعود وعكرمةُ وعيسى قولَه تعالى:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] بإثبات الألف.

قال ابن جِنِّي عن هذه القراءة: "هذا أضعف اللغتين؛ أعنِي إثبات الألف في (ما) =

⦗ص: 33⦘

= الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر، وروينا عن قطرب لحسَّان:

على ما قام يشتمنِي لئيمٌ

كخنزيرٍ تمرَّغ في رماد".

وقد جاءت العبارة على الجادة في آخر الحديث.

انظر: المحتسب لابن جنِي (2/ 347)، المحرر الوجيز لابن عطية (16/ 206)، شرح كافية ابن الحاجب لرضي الدين محمَّد بن الحسن الأستراباذي (2/ 54)، مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري (ص / 393).

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى

(1/ 38 ح 3) من طريق يحيى بن سعيد القطان.

وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (1/ 27) عن يحيى القطان وساق متنه كاملًا.

فائدة الاستخراج:

لم يسق الإِمام مسلم متن الحديث وإنما قال: فاقتص الحديث بنحو حديثهم، عن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه شيءٌ من زيادة، وقد نقص منه شيئًا، وذكر المصنِّف هذه الزيادة التي أشار إليها مسلم.

ص: 32

6 -

حدثنا محمَّد بن يحيى النيسابوريُّ

(1)

، وأبو أُميَّة

(2)

،

⦗ص: 34⦘

ومُحمد بن حَيُّويه

(3)

قالوا: حدثنا سليمانُ بن حَرْب

(4)

ح

وحَدثنا يونس بن حَبيب

(5)

، حدثنا أبو داود

(6)

ح

وحَدثنا أحمَدُ بن شَيبَان الرملي

(7)

، حدثنا المُؤَمَّلُ بن

⦗ص: 35⦘

إسماعيل

(8)

، قالوا: حدثنا حمادُ بن زَيد، عن مَطَرٍ

⦗ص: 36⦘

الورَّاقِ

(9)

، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عن يحيى بن يَعْمَر، وحُمَيد بن عبد الرَّحْمَنِ قالا: لقينا عبد الله بن عُمر

وساق الحديثَ بنحو حديثِ كَهْمَسٍ، إلَّا أنَّه قال في حدِيثهِ: جاء رجلٌ هيئتُه هَيْئَةُ مُسَافرٍ، وثيابُه ثيابُ مُقِيمٍ،

⦗ص: 37⦘

فَقال: يا رسولَ الله، أدْنُو منك؟ قال:"ادْنُ"

(10)

.

(1)

في (ط): "الذهلي"، بدل:"النيسابوري". وهو: محمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري.

(2)

هو محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي الطرسوسي.

(3)

هو: محمَّد بن يحيى بن موسى الإسفرائينِي، توفي سنة (259 هـ). وقد ضبط ابنُ ناصر الدين (حَيُّويَه) في (التوضيح)(3/ 393)، فقال: بفتح أوله، وضم المثناة التحتية المشددة، وسكون الواو، وفتح المثناة التحتية، تليها هاء.

قال عنه الأمير ابن مأكولا: "أحد المكثرين في الرحلة، والتثبُّت، والسماع".

وقال الذهبي: "الحافظ المتقين، المعروف بحَيَّوَيه، كان أبو عوانة يقول: محمَّد بن يحيانا، ومحمد بن يحياكم، ينظِّرُه بالذهلي المذكور". وقال أيضًا: "الظاهر أن حَيَّوَيه لقبٌ لوالده" وقال في العبر: "وبه تخرَّج الحافظ أبو عوانة".

ولم أجد قولًا آخر فيه سوى ما سبق حكايته عن أبي عوانة وابن ماكولا، وما دام المصنِّف تخرَّج به وينظره بالذهلي فهذا يعنِي أنه عالمٌ به، ويوثّقه، والله أعلم.

انظر: الإكمال للأمير ابن ماكولا (2/ 360)، تذكرة الحفَّاظ (2/ 554)، العبر (1/ 373)، ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل (ص / 182) وثلاثتها للذهبي.

(4)

ابن بجيل الأزدي الواشحي -بمعجمة ثم مهملة- أبو أيوب البصري، قاضي مكة.

انظر: التقريب (2545).

(5)

العجلي، مولاهم أبو بشر الأصبهانِي، جامع المسند عن أبي داود الطيالسي.

(6)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود البصري، والحديث في مسنده (ص: 5).

(7)

الرملي نسبة إلى الرَّملة مدينة بفلسطين بالقرب من مدينة اللُّد، وما زالت تعرف بهذا الاسم.

انظر: معجم البلدان لياقوت (3/ 79)، معحم بلدان فلسطين لمحمد شراب (ص: 417).

⦗ص: 35⦘

= والمنتسب إليها هو: أبو عبد المؤمن، صاحب سفيان بن عيينة، توفي سنة (268 هـ).

قال ابن أبي حاتم: "كان صدوقًا"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان يخطئ" ووثقه الحكم، وقال صالح الطرابلسي:"ثقة مأمون، أخطأ في حديث واحد"، وقال الذهبي في الميزان:"صدوق، قيل: كان يخطئ، فالصدوق يخطئ". ورمز له بـ (صح) وهي إشارة تدلُّ على أن العمل على توثيق ذلك الرجل كما نقله الحافظُ عن الذهبِي في اللسان.

وقال الحافظ: "وقال العقيلي في الضعفاء: لم يكن ممن يفهم الحديث، وحدَّث بمناكير". ولم أجد ترجمة هذا الراوي في كتاب الضعفاء - للعقيلي في النسخة المطبوعة، والمخطوطة (نسخة الظاهرية العمرية) فلعله قال ذلك في ترجمة راوٍ آخر.

وخلاصة القول فيه أنه: صدوق يخطئ. والله أعلم.

تنبيه:

لم يذكره المزي في التهذيب ولا الحافظ في التقريب لأن صاحب الكمال لم يذكر من روى عنه من أصحاب الكتب الستة.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 55)، الثقات لابن حبان (8/ 40)، سير أعلام النبلاء (12/ 346)، والميزان للذهبي (1/ 103)، لسان الميزان (1/ 9) تهذيب التهذيب كلاهما لابن حجر (1/ 37).

(8)

في (ط): "مُؤَمَّل" بدون (ال) التعريف وهو: بوزن محمَّد، بهمزة، القرشيّ، العدوي مولاهم، أبو عبد الرحمن البصري، نزيل مكة توفي سنة (206 هـ). التقريب (7029).

وثقه ابن معين وإسحاق بن راهويه مطلقًا، ووثقه آخرون ووصفوه بالخطأ أو كثرة الخطأ مع توثيقهم له، منهم: أبو حاتم، وأبو داود، وابن حبان، وابن سعد، =

⦗ص: 36⦘

= ويعقوب بن سفيان الفسوي، والساجي، وابن قانع، والدارقطنِي وغيرهم.

وقال البخاري: "منكر الحديث"، وقال أبو زرعة:"في حديثه خطأ كثير".

قال الحافظ في التقريب: "صدوق، سيء الحفظ"، فهو ممن يتابع وقد توبع في هذا الإسناد. ترجمته في: طبقات ابن سعد (5/ 105)، الجرح والتعديل (8/ 374)، الثقات لابن حبان (9/ 187) تهذيب الكمال (29/ 176)، ميزان الاعتدال (4/ 228) تهذيب التهذيب (10/ 339).

(9)

مَطَر -بفتحتين- بن طَهْمَان الوراق، أبو رجاء السلمي مولاهم، الخراسانِي سكن البصرة، توفي سنة (125 هـ، وقيل سنة 129 هـ). التقريب (6699).

ضعفه يحيى بن سعيد، وأحمد بن حنبل، وابن معين في عطاء خاصة. وضعفه النسائي، وابن سعد، والدارقطني مطلقًا.

ووثقه أبو زرعة، وابن معين في رواية بقولهما:"صالح"، وكذا قال أبو حاتم فيما نقله المزي، ونقل الذهبي في الميزان عن أبي حاتم أنه قال:"ضعيف"؟! وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وقال العجلي مرة:"صدوق" ومرة: "لا بأس به"، وقال البزار:"لا بأس به"، وقال الساجي:"صدوق يهم".

قال الحافظ في التقريب: "صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف".

ترجمته في: الطبقات لابن سعد (7/ 254)، الجرح والتعديل (8/ 287)، الثقات لابن حبان (5/ 435)، تهذيب الكمال (28/ 51)، الميزان (4/ 126)، تهذيب التهذيب (10/ 153).

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى

(1/ 38 ح 2) من طرق، عن حماد بن زيد، به، ولم يسق متنه كاملًا أيضًا. وقد ساق متنه كاملًا أبو داود الطيالسي في مسنده (ص / 5).

فائدة الاستخراج:

ميَّز المصنِّف بعض ألفاظ حديث مطر الوراق هذا عن غيره، والإمام مسلم لم يميِّز ذلك وإنما أشار إليها إشارة بقوله:"وفيه بعض زيادة، ونقصان أحرف".

ص: 33

7 -

حَدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي

(1)

، حدثنا أبو أُسامة

(2)

، قال: وحَدثنِي

(3)

أبو حَيَّان

(4)

، عن أبي زُرْعَة بن عَمرو بن جَرِير، عَن أبي هُرَيرةَ قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوْمًا بارزًا للنَّاس فأتاه رَجُلٌ فقال: يا رسولَ الله، مَا الإيمان؟ قال:"أن تؤمن بالله، وَملائكتهِ، وكتابهِ، ولقائهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤمِنَ بالبَعْثِ" قال: يا رسول الله ما الإِسلام؟ قال: "الإِسلامُ أن تَعبد الله لا تُشْرِك به شيئًا وَتقيم الصلاةَ المكتوبةَ، وَتُؤدي الزكاةَ المفروضةَ، وَتَصُومَ رمضانَ".

⦗ص: 38⦘

قال: يا رسولَ الله، ما الإحسانُ؟ قال:"أن تَعبد الله كأنَّك تَراهُ، فإنَّك إن لا تَراهُ فإنَّه يراك".

قال: يا رسولَ الله، مَتى الساعَةُ؟ قال: "ما المسؤولُ عنها بأعْلَم من السائل، ولكن سَأُحَدِّثك عن أشراطِها، إذا ولدت الأَمَةُ رَبَّها فذاك من أشراطِها، وَإذا كان العُراةُ الحُفاةُ رُؤوسَ النَّاسِ فذاك من أَشْراطِهَا، وَإذَا تَطَاوَل رِعَاءُ البَهْمِ

(5)

في البُنْيانِ فذاك من أشراطِها، في خمسٍ لا يَعْلَمُهُن إلا الله" ثم تلا صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا في الْأَرْحَامِ} إلى قولهِ: {عَلِيمٌ خَبِيرٌ}

(6)

، قالَ: ثُم أدْبَرَ الرَّجُل، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"رُدُّوا عَليَّ الرجُلَ"، فَأخَذُوا ليَرُدُّوه، فلم يروا شَيئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا جبريل جَاء لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِيْنَهم"

(7)

.

(1)

أبو جعفر الكوفي، توفي سنة (269 هـ). ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 51)، وترجم له الذهبي في السير (12/ 508) وقال عنه:"المحدِّث الصدوق"، ولم أجده في غير ذلك.

(2)

حماد بن أسامة القرشي مولاهم، الكوفي.

(3)

كذا في جميع النسخ: "وحدثني"، فكأن وجود حرف العطف يشير إلى أن أبا أسامة سمع من أبي حيان حديثًا قبل هذا فعطف هذا عليه، ثم استغنى عن المعطوف عليه.

(4)

يحيى بن سعيد بن حيَّان -بمهملة وتحتانية- التيمي الكوفي. التقريب (7555).

(5)

البهم: بفتح الباء وإسكان الهاء، وهي الصغار من أولاد الغنم والضأن والمعز جميعًا.

شرح النووي على صحيح مسلم (1/ 163).

(6)

في (ط): "إلى قوله: إن الله عليم خبير". والآية من سورة لقمان- آية (34).

(7)

الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان -باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان، (صحيح البخاري مع الفتح 1/ 140 ح 50)، ومسلم في كتاب الإيمان - باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله صلى الله عليه وسلم

(1/ 39 ح 5) كلاهما من طريق ابن عُلَية، عن أبي حيَّان يحيى بن سعيد بن حيَّان، به. ووقع في الأصل ونسخة (م) ترتيب هذا الحديث وما بعده من أحاديث أبي هريرة بعد حديث جرير بن عبد الله البجلي الآتي في آخر هذا الباب برقم (11) وقد كتب =

⦗ص: 39⦘

= على هامش نسخة (م) أن هذا الحديث -حديث جرير- من زوائده على مسلم، فلذا أخَّرته إلى أخر الباب، ولأنَّ حديث فضلك الرازي وما بعده متابعات للحديث الذي قبله، فوضعه بعده أولى، وقد جاء في نسخة (ط) على هذا النحو من الترتيب المتناسق.

ص: 37

8 -

حَدثنا الفَضْلُ بن العَباس أبو بكر فَضْلَكْ الرازي

(1)

، حدثنا محمَّد بنُ مَرو

(2)

حدثنا جَرير

(3)

، عن أبي حَيَّان، عن أبي زُرْعَةَ

(4)

، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يومًا بارزًا للناسِ، إذْ أَتَاهُ رَجلٌ

(5)

فقال: يا رسولَ الله، مَا الإيمانُ؟

فذكر مثلَه بطوُلهِ

(6)

.

(1)

فَضْلَك لقبٌ له، قال الخطيب:"كان ثقة ثبتًا حافظًا"، وكذا قال ابن الجوزي، وقال الذهبي:"الإمام الحافظ المحقِّق". تاريخ بغداد للخطيب (12/ 369)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 239) السير للذهبيِ (12/ 630)، نزهة الألباب لابن حجر (2/ 71).

(2)

ابن بكر الرَّازي، المعروف بزُنيج -بزاي ونون وجيم- مصغَّر. التقريب (6180).

(3)

ابن عبد الحميد به. قُرْط الضَّبي، أبو عبد الله الكوفي، نزيل الريِّ وقاضيها.

(4)

ابن عمرو بن جرير البجلي.

(5)

في (ط): "رجلٌ يمشي".

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير -باب: إن الله عنده علم الساعة (الفتح 8/ 373 ح 4777) من طريق جرير، عن أبي حيان، به.

وأخرجه مسلم -كما تقدم- من طريق ابن عليه عن أبي حيَّان، به.

ص: 39

9 -

ز- حدثَنا فضلك الرازي، حدثنا أبو جَعفر محمَّد بن مِهْرَان، حدثنا جَريرٌ، عن أبي فَرْوة

(1)

، عَن أبي زُرْعَةَ، عن أبي هُرَيرة، وأبي ذرٍ قالا:

⦗ص: 40⦘

كان النبِي صلى الله عليه وسلم يجلسُ بين ظَهْرَانَي أصحابِهِ، فيجيء الغَرِيبُ لا يَدْرِي أَيُّهُم هو حَتى يَسأل سُؤَالَه

(2)

، [فكان النبِي صلى الله عليه وسلم يجلسُ على دُكانٍ

(3)

من طِينٍ، وَيَجلسُون بِجانِبهِ

وَذكر الحديثَ]

(4)

.

(1)

عروة بن الحارث الهَمْدَانِي، الكوفي، أبو فروة الأكبر.

(2)

سقطت كلمة "سؤاله" من (ط).

(3)

الدُّكَّان: هي الدَّكَّة المبنية للجلوس عليها. النهاية لابن الأثير (2/ 128).

(4)

العبارة التي بين المعقوفتين جاءت في (ط) كالتالي: "فطلبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبنوا له دكانًا من طين، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس عليه ويجلسوا بجانبه، وذكر الحديث بطوله" كذا.

والحديث لم يخرجه الإِمام مسلم من حديث أبي هريرة وأبي ذرٍ معًا، فهذا من زوائد أبي عوانة على صحيح مسلم.

وقد أخرجه من حديث أبي هريرة وأبي ذر معًا: البخاري في كتابه "خلق أفعال العباد"(ص: 60 ح 189)، وأبو داود في السنن -كتاب السنة -باب في القدر (4/ 225 ح 4698)، والنسائي في السنن -كتاب الإيمان -باب في صفة الإِسلام والإيمان (8/ 101)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 385) كلهم من طرق، عن جرير، عن أبي فروة، به.

فائدة الاستخراج:

زاد أبو عوانة هذا الحديث في الباب على الأصل المخرَّج عليه -صحيح مسلم- وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 39

10 -

حدثنا محمَّد بن بحر

(1)

، حدثنا علي بن

⦗ص: 41⦘

عبد الله

(2)

، حدثنا جَرير، عن أبي فَرْوةَ، عن أبي زُرْعةَ، عن أبي هُريرةَ، بنحوِه

(3)

.

(1)

لم يتبين لي من هو! وفي تاريخ بغداد للخطيب (2/ 105): محمَّد بن بحر بن مطر، أبو بكر البزار، وليس في ترجمته أنَّ أبا عوانة روى عنه، أو أنه روى عن علي بن المدينِي، ولكن من شيوخه -كما ذكر هناك- معمر بن مخلد السروجي، توفي سنة (231 هـ). وهو قريب الوفاة من ابن المدينِي (ت 234 هـ) وكذلك من تلاميذه =

⦗ص: 41⦘

= أبو جعفر الطحاوي (ت 321 هـ)، وأحمد بن محمَّد المنكدري (ت 314 هـ) وهما من طبقة أبي عوانة فلعله هو!؟ ولم يذكر في ترجمته أي جرح أو تعديل.

(2)

ابن المدينِي، أبو الحسن البصري.

(3)

هذا الحديث سقط من (ط).

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله

(1/ 40 ح 7) من طريق عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، به، وساق متنه كاملًا.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(1/ 314) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن أبي فروة، عن أبي زرعة، به.

فائدة الاستخراج:

فائدة إسنادية: أن جريرًا له في هذا الحديث شيخان أحدهما عند مسلم والآخر عند المصنّف.

ص: 40

11 -

ز- حدثنا يوسف بن سعيد بن مُسَلَّم

(1)

، حدثنا خالد بن يزيد

(2)

، حدثنا

⦗ص: 42⦘

إسماعيلُ بن أبي خالد

(3)

، عن قيْس بن أبي حازم، عَن جَرير بن عبد الله قال: جاء جبريل

(4)

إلى النبِي صلى الله عليه وسلم في صورة رجلٍ، فقال: يا مُحمد، ما الإيمانُ؟ قال:"أن تؤمن باللهِ، وَملائكته، وكتبهِ، ورسلهِ، والقدر خيره وشرِّه"، قال: صدقتَ. قال: فتعجبنا من تصديقهِ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

قال: فأخبرني ما الإسلامُ؟ قال: "الإِسلامُ أن تقيمَ الصلاةَ، وَتُؤتَي الزكاة وتَحُجَّ البيتَ، وتصومَ رمضانَ". قال: صدقتَ.

قال: فأخبرني ما الإحسانُ؟ قال: "الإحسانُ أن تَعبد الله كأنك تراهُ، فإن لم تكن تراهُ فإنه

(5)

يراك"، قال: صدقْتَ.

⦗ص: 43⦘

قال: فأخبرني مَتى الساعَةُ؟ قال: "ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل، وَلكن لَها علامَاتٌ وَأمارات: إذا رأيتَ رِعاءَ البَهْمِ يتطاولون في البنيانِ في خمسٍ مِن الغَيبِ لا يَعلمُهُنَّ إلا الله"، ثم تلا هذه الآية:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا في الْأَرْحَامِ}

(6)

.

قال: ثم وَلَّى الرجلُ، فقالَ النبِي صلى الله عليه وسلم:"عَليَّ بهِ"، فَطُلِب، فلم يوجَد، فقال:"هذا جبريل أتاكم يُعَلِّمُكُم مَعَالمَ دينكمْ، مَا أتَانِي في هَيئةٍ إلَّا عَرَفْتُه إِلَّا هَذه"

(7)

.

(1)

في (ط): "يوسف بن مسلم"، وهو: يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي الحافظ.

(2)

خالد بن يزيد بن خالد بن عبد الله بن أسد القسري البجلي الدمشقي، جده أمير العراق المشهور.

ضعَّفه أبو حاتم، والعقيلي، وابن عدي، وساق حديثه هذا من جملة منكيره وقال: "لا يرويه عن إسماعيل بن أبي خالد غير خالد بن يزيد القسري .... ثم قال: وأحاديثه كلها لا يتابع عليها لا إسنادًا ولا متنًا

وهو عندي ضعيف إلا أن أحاديثه =

⦗ص: 42⦘

= إفرادات، ومع ضعفه كان يكتب حديثه". وقال الذهبي:"كان صاحب حديث ومعرفة، وليس بالمتقن، ينفرد بالمنكير".

فعلى هذا فهو ضعيف الحديث.

انظر: الجرح والتعديل (3/ 359)، الضعفاء للعقيلي (2/ 15)، الكامل لابن عدي (3/ 885 - 888)، السير للذهبي (9/ 410)، تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (5/ 117).

(3)

واسم أبي خالد: هرمز -وقيل: سعد، وقيل: كثير- الأحمسي البجلي مولاهم، أبو عبد الله الكوفي. تهذيب الكمال للمزي (3/ 69).

(4)

في (ط): "رجل" بدل "جبريل"، وفوقه تخريجة إلى الهامش للتصويب، ولكن الهامش مبتور في هذه النسخة؛ لعدم دقة التصوير، والصواب ما في الأصل و (م) ويقتضيه السياق.

(5)

في نسخة (م) كتب أولًا: "فإنه"، ثم كتب فوقه:"فهو"، كالتصويب، وفي (ط) أيضًا: =

⦗ص: 43⦘

= "فهو"، وما أثبت من الأصل.

(6)

سورة لقمان- الآية (34).

(7)

هذا الحديث -كما سبق- كتب على هامش نسخة (م) أنه من زوائد المؤلف على مسلم، ولكنه في الترتيب وقع في الأصل و (م) قبل حديث الفضل بن عباس (رقم 8) ثم بعده متابعات الحديث المذكور، وجعلته في آخر الباب -تبعًا لنسخة (ط) - لأنه من الزوائد، والمعروف من منهج المصنِّف أنه يورد الزوائد في أواخر الأبواب غالبًا، ثم إن إقحام هذا الحديث بين حديث الفضل بن عباس وبين متابعاته لم يظهر لي فيه وجهٌ، ولعلَّ الخطأ من الناسخ، والله أعلم.

ومتن الحديث معروف من حديث أبي هريرة وابن عمر -كما سبق- وغيرهما، وأما من حديث جرير بن عبد الله: فقد أخرجه الآجري في "الشريعة"(ص: 189)، وأبو الشيخ الأصبهانِي في "طبقات المحدثين"(4/ 259) كلاهما من طريق يوسف بن سعيد بن مسلَّم المصيصي، عن خالد بن يزيد، به، وأخرجه أبو القاسم القشيري في "الرسالة" (ص: 87) من طريق المصنِّف أبي عوانة به. =

⦗ص: 44⦘

= ولا يثبت بهذا الإسناد؛ لتفرد خالد بن يزيد به، وهو ضعيف ينفرد بالمنكير، وهذا من مناكيره، كما أشار إليه ابن عدي. قال الحافظ ابن حجر:"وعن جرير البجلي أخرجه أبو عوانة في صحيحه، وفي إسناده خالد بن يزيد وهو القسري ولا يصلح للصحيح". الفتح (1/ 142).

فائدة الاستخراج:

زيادة المصنِّف هذا الحديث على أحاديث الباب من فوائد الاستخراج.

تنبيه:

وقع في آخر العبارة في مطبوعة الفتح: "العمري" بدل: "القسري" وهو خطأ.

ص: 41

‌بَيَانُ صفَةِ الإسْلام وَشَرَائِعِهِ، وَعدَدِ الصَّلَوَاتِ المَفْرُوضةِ

(1)

(1)

في (ط): "بيان صفة الصلاة وفرائضه، وعدد الصلوات المفروضة" وهو خطأ.

ص: 45

12 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن أَحمد

(1)

، عن ابن وَهْب

(2)

ح

وَحدثنَا أبو الأزهر

(3)

، حدثنا إسحاق بن عيسى

(4)

، كلاهما عن مالك بن أنس

(5)

ح

وحدَّثَنا سُليمانُ بن الأشعث

(6)

، حدثنا سليمانُ بن داوُدَ

(7)

، حدثنا إسماعيلُ بن جَعْفَرٍ

(8)

، كلاهما عن أبي سُهَيْلٍ

(9)

، عَن أبيهِ، قال: سمعْتُ طلحةَ بن عبيد الله يَقول: جَاء رجلٌ من أهل نجد

(10)

، ثائرُ الرأس، يُسمَع

⦗ص: 46⦘

دويُّ صوْتهِ

(11)

، ولا يُفْقَه ما يقول، حَتى دَنا، فإذا هُوَ يسْأل عن الإِسلام

(12)

، فقال:"خَمْسُ صلوَاتٍ فيِ يَوْمَ وَلَيْلَةٍ"، قال: هَل عَلَيَّ غيرُها؟ قال: "لا، إِلاَّ أن تَطَوَّع"

(13)

، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وَصيامُ شهر رمضانَ"، قال: هَل عَلَي غيرُه؟ قالَ: "لا، إلَّا أَنْ تَطَوع".

قال: وَذكر له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: عَلَي غَيرُها؟ قال: "لا، إلَّا أن تَطوَّع"، قال: فأدبر الرَّجُل وَقال: واللهِ لا أزيدُ على هَذا ولا أنقُص منه، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أفلحَ إن صدقَ"

(14)

.

⦗ص: 47⦘

وهذا لفظ حَديث مالك، وقال إسماعيلُ بن جَعفَر في حَديثه

(15)

: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني ماذا فَرَض الله عَلَيَّ من الصلاة؟، قال:"الصَّلوات الخمس إلَّا أن تَطوَّع شَيئًا"، قال: فأخبرني ماذَا فرض الله علي من الزكَاة؟، قال: فأخبره رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإِسلام، قال: وَالذي هُوَ أكرمَكَ، لا أتَطَوَّع شيئًا ولا أنقُص مما فرض الله عَلَيَّ شَيئًا، قال:"أَفلح وَأبيهِ إن صدَقَ، أو دخل الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدق"

(16)

.

(1)

ابن وردان العسقلانِي، أبو يحيى البلخي، ووقع في (ط) بزيادة نسبته:"العسقلانِي".

(2)

عبد الله بن وهب المصري.

(3)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(4)

ابن نجيح البغدادي -أبو يعقوب ابن الطباع.

(5)

إمام دار الهجرة، وقد أخرج الحديث في الموطأ -كتاب قصر الصلاة في السفر -باب جامع الترغيب في الصلاة (1/ 175 ح 94).

(6)

أبو داود السجستانِي، والحديث في سننه كتاب الصلاة -باب -باب الصلاة من الإِسلام، (1/ 106 ح 392).

(7)

العتكي - أبو الربيع الزهرانِي.

(8)

ابن أبي كثير الأنصاري الزرقي- أبو إسحاق القاريء.

(9)

نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدنِي.

(10)

ذكر الحافظ ابن حجر أنَّ ابن بطَّال وآخرين جزموا بأنَّ هذا الرجل هو: ضمام بن =

⦗ص: 46⦘

= ثعلبة وافد بني سعد بن بكر، وردَّ ذلك القرطبي، ولم يرجِّح الحافظ أحد القولين. الفتح (1/ 131).

(11)

الدَّويُّ: صوت مرتفعٌ متكرر ولا يفهم. نقله الحافظ عن الخطابي (فتح الباري 1/ 131).

(12)

في الأصل و (م): "فإذا هو يسأل عن الإِسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ولكن على الأصل علامة حذف (لا - إلى) على عبارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أثبتها، وفي الصحيحين كذلك، أي: بدون العبارة المحذوفة من الأصل، وفي (ط):"رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإِسلام".

(13)

روي على وجهين: بتشديد الطاء وتخفيفها، والظاهر أن رواية المصنِّف بالتخفيف؛ لوجود الشدة على الواو فقط في جميع المواضع عنده.

(14)

أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان -باب الزكاة من الإيمان (الفتح 1/ 131 ح 46).

ومسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الصلوات التي هي أحد أكان الإِسلام (1/ 40 ح 8) كلاهما من طريق مالك، به.

(15)

أخرجه البخاري في كتاب الصوم -باب وجوب صوم رمضان (الفتح 4/ 123 ح 1891) وفي كتاب الحيل -باب في الزكاة (الفتح 12/ 346 ح 6956)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإِسلام (1/ 40 ح 9) كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، به، وليست عند البخاري:"أفلح وأبيه" بل فيه: "أفلح إن صدق" وكذلك أخرجه النسائي في السنن -كتاب الصيام -باب وجوب الصيام (4/ 120) من طريق إسماعيل بن جعفر، وليست عنده هذه اللفظة، بخلاف ما عند مسلم وأبي داود -كما سبق- من طريق أبي الربيع الزهرانِي، فعندهما هذه اللفظة.

فائدة الاستخراج:

لم يسق الإِمام مسلم جميع لفظ إسماعيل بن جعفر وإنما اقتصر على لفظٍ واحد منه، وسياق المصنِّف له كاملًا من فوائد الاستخراج.

(16)

قال ابن عبد البر: "أفلح وأبيه إن صدق" هذه اللفظة غير محفوظة في هذا الحديث من حديث مَن يُحتجُّ به، وقد روى هذا الحديث مالكٌ وغيره عن أبي سهيل، لم يقولوا ذلك فيه، وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه:"أفلح والله إن صدق" =

⦗ص: 48⦘

= أو "دخل الجنة والله إن صدق"، وهذا أولى من رواية من روى "وأبيه" لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح". التمهيد (14/ 366).

ومحصَّل كلام ابن عبد البر ترجيح رواية مالك على رواية إسماعيل، وهذا إن كانت اللفظة المنكرة التي يُشير إليها ابن عبد البر من قِبَل إسماعيل، ولقد ذكر ابن عبد البر الاختلافَ على إسماعيل فيها، ورواية البخاري والنسائي للحديث من طريق إسماعيل بدون هذه اللفظة تشعر بأن إسماعيل ضبطها بدونها، ومن وجوه الترجيح عند أهل العلم تقديم ما أخرجه البخاري عند التعارض على ما أخرجه مسلم، كيف وقد انضمَ إليه النسائي، مع أنه -أي: النسائي- لم ينبِّه إلى خلافٍ في ذلك، ومن عادته أحيانًا العناية بالاختلاف، حيث أنه يترجم لذلك أبو أبا فيقول مثلًا عند اختلاف الروايات: باب الاختلاف على فلان، وذكر الاختلاف على فلان، ونحو ذلك، انظر مثلًا: السنن (1/ 217) و (2/ 84)، و (2/ 119)، وعلى فرض ثبوتها يقال: إنها كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة حقيقة الحلف، والنهي وارد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به. قاله النووي وعقَّب: وهذا هو المرضي. (شرح صحيح مسلم 1/ 168).

أو يقال: إن هذا كان قبل الأمر بالنهي عن الحلف بغير الله، ثم نسخ ونهي عن الحلف بغير الله ومال إلى هذا القول صاحب تيسير العزيز الحميد (ص 592).

وفي توجيه هذه اللفظة أقوال أُخَر.

ص: 45

13 -

حدثنا أبو عمر

(1)

عبد الحميد بن محمَّد الحرَّانِي، حدثنا مخلد بنُ يزيدَ

(2)

، ح

⦗ص: 49⦘

وحدثنا محمَّد بن عوف الحمصيُّ، والصَّغانِي

(3)

قالا: حدثنا عبيد الله بنُ موسى ح

وحدثَنا عبد الله بن محمدٍ المقرئ

(4)

ببغداد، حدثنا روح بن عُبادةَ، كلهُم قالوا: حدثنا حَنظلة بن أبي سفيان، سمعت عكرمة بن خالد يُحدث طاوسًا

(5)

، أن رجلًا قال لعبد الله بن عمر: ألا تَغزو؟ فقال عبد الله بن عمر: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "بُنِي الإِسلام على خمسٍ، شهَادَةِ أن لا إلهَ إلَّا الله، وإقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزكَاة، وَصيام شهرِ رمضان، وَحجِّ البيْتِ"

(6)

.

(1)

على هامش (ط) كتب: "ظ: أبو عمرو"، كأنها إشارة إلى نسخة وردت فيها الكلمة هكذا.

(2)

القرشي الحرانِي، ووقع في (م):"محمَّد بن يزيد" وهو خطأ.

(3)

وهي نسبة إلى: صاغانيان معرَّبة عن جغانيان، وهي بلاد مجتمعة وراء نهر جيحون، والنسبة إليها: صغانِي وصاغانِي، والمصنِّف يذكره تارة بهذه النسبة وتارة بالأخرى، وهو: محمَّد بن إسحاق بن جعفر - أبو بكر البغدادي. الأنساب (8/ 68).

والصاغانِي نسبة أيضًا إلى صغان معرَّبة عن جغان وهي غير الأولى، وهذه قرية من قرى مرو. الأنساب (8/ 9)، ومحمد بن إسحاق يُنسب إلى الأولى، وهي مدينة "سر آسيا" الحديثة على ما ذكر صاحب "بلدان الخلافة الشرقية" (ص: 483).

(4)

عبد الله بن محمَّد بن إسماعيل بن لاحق البزاز، أبو محمَّد المقرئ، ترجم له الخطيب وقال:"كان ثقة"، ولم أجد له ترجمة في غير هذا المصدر. تاريخ بغداد (10/ 84).

(5)

هو: ابن كيسان اليمانِي، أبو عبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب: دعاؤكم إيمانكم (الفتح 1/ 64 ح 8)، من طريق عبيد الله بن موسى عن حنظلة به، ولكن عنده تقديم الحج على الصيام. وأخرجه في التفسير -باب؛ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (الفتح =

⦗ص: 50⦘

= 8/ 32 ح 4514) من طريق نافع عن ابن عمر، بتقديم الصيام على الزكاة والحج.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب أركان الإِسلام ودعائمه العظام (1/ 45 ح 22) من طريق ابن نمير عن حنظلة بن أبي سفيان، به، وفيه تقدم الصوم على الحج.

ص: 48

14 -

حدثَنا الربيعُ بن سليمان

(1)

، وبَحر

(2)

بن نصرٍ الخَوْلانِي، قالا: حدثنا أسَدُ بن موسى

(3)

، عن يحيى بن زكريا -هو ابن أبي زائدةَ

(4)

- ح

وحَدثَنا فضلك الرازي

(5)

، حدثنا سهل بن عُثمان

(6)

، حدثنا ابن

⦗ص: 51⦘

أبي زائدةَ، حَدثنِي سعد بن طارق أبو مالك الأشجعي، حَدثنِي سعد بن عُبيدَة السُّلَمي، عَن ابن عُمر، قال: "بُنِي الإسلام عَلى خمْسٍ: أن تَعبد الله وَتَكفر بما دُونَه

(7)

، وإقامِ الصلاة، وإيتاء الزكاة، [وحج البيت]

(8)

، وَصيام رمضان"، [فقال رجُلٌ

(9)

: تَعبد الله، وتَكْفُر بِمَا دُوْنَه، وَإقام الصَّلاة، وَإيتاء الزكاة، وصِيَام رَمَضَان، وحج البيت]

(10)

فقال: لا، اجْعَلْ صيامَ رمضان آخِرهنَّ، كما سمعْتُ مِن فِيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وَهَذا لفظُ بحر والربيع

(11)

، وَأما حَديث سهل فإنّما هُوَ عن ابن عُمَر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "بُنِي الإِسلام على خمْسٍ

"، ثم ذكر مِثْلَه إلى قوْلِهِ:

⦗ص: 52⦘

"وصَوْم رمضان"

(12)

.

(1)

ابن عبد الجبار المرادى مولاهم المصري، صاحب الشافعي وراوي الأمهات، صرَّح بنسبته في ح (747).

(2)

في (ط): "يحيى"، وهو خطأ.

(3)

ابن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي، لقبه: أسد السنَّة.

(4)

في (ط): "يحيى بن زكريا بن أبي زائدة"، وهو الهَمْدَاني، أبو سعيد الكوفي.

(5)

الفضل بن عباس الرازي، أبو بكر.

(6)

سهل بن عثمان بن فارس الكندي - أبو مسعود العسكري، توفي (235 هـ).

قال أبو حاتم الرازي: "صدوق"، وقال عبدان:"له غرائب كثيرة"، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي:"ثقة، صاحب غرائب"، وقال الحافظ ابن حجر:"أحد الحفاظ، له غرائب"، وقد تابعه هنا ثقتان عن ابن أبي زائدة؛ فليس هذا الحديث من غرائبه، وقد رواه مسلم بإسناده عن سهل بن عثمان هذا، وهو موضع الالتقاء مع أبي عوانة.

انظر: الجرح والتعديل (4/ 203)، الثقات (8/ 292)، تهذيب الكمال (12/ 197) الكاشف (1/ 470)، التقريب (2664).

(7)

في صحيح مسلم بالبناء للمحهول: "أن يُعبد اللهُ، ويُكَفر بما دونه".

(8)

ما بين المعقوفتين سقط من النسخ كلها، وقد استدركه ناسخ (ط) فعلَّقه على الهامش، وهو ثابتٌ في صحيح مسلم، وأخرجه الخطيب في "الكفاية"(ص / 210) من طريق الربيع بن سليمان، وفيها هذه العبارة، ويؤيد وجودَه ورودُه في المحاورة الآتية.

(9)

هذا الرجل هو: يزيد بن بشر السكسكي كما بينته روايةُ الخطيب البغدادي التي أخرجها في "الكفاية"(ص / 210) من طريق المعتمر بن سليمان، عن يزيد بن بشر السكسكي وفيها:"قال يزيد بن بشر: فقلت وأنا مستفهمٌ .... الخ الحديث".

وانظر: "الأنباء المحكمة" للخطيب أيضًا (ص: 337).

(10)

ما بين القوسين سقط من الأصل و (م)، واستدركتُه من (ط)، والسياق بدونه مبتور، حيث ختم بمحاورة.

(11)

لم أجد من أخرجه من طريق بحر بن نصر، وأما من طريق الربيع فقد أخرجه الخطيب كما سبق.

(12)

أي أن سهل بن عثمان لم يذكر قصة الرجل الذي أعاد الحديث على ابن عمر، فأعاده عليه.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أركان الإِسلام ودعائمه العظام (1/ 45 ح 20) من طريق سهل بن عثمان، عن ابن أبي زائدة، بتقديم الحج على الصوم، وليس عنده أيضًا ذكر القصة. وأخرجه أيضًا (ح 19) من طريق أبي خالد الأحمر عن أبي مالك الأشجعي، وفيه تقديم الصوم على الحج.

فائدة الاستخراج:

المحاورة بين الرجل وبين ابن عمر ليست عند مسلم، وإيراد المصنِّف لها من فوائد الاستخراج.

ص: 50

15 -

حدثنا أبو عبد الله السَّخْتِيَانِي

(1)

بجُرجان سنةَ خمسينَ وَمئتين، حدثنا أحمد بن يونس

(2)

، حدثنا عاصمُ بن محمدٍ

(3)

، حَدثنِي واقد بن محمَّد

(4)

، عن أبيهِ، عَن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُنِي الإِسلام

⦗ص: 53⦘

على خمْسٍ: شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأَن محمدًا رسولُ الله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة وَحَج البيتِ، وصَوم رَمضان"

(5)

.

(1)

السَّخْتِيَانِي: نسبة إلى عمل السَّخْتيان وبيعها، وهي الجلود الضأنية ليست بأدم.

الأنساب (7/ 53).

وأبو عبد الله هو: إسحاق بن إبراهيم السختيانِي الجرجانِي، صرَّح المصنِّف باسمه في موضع آخر وهو في كتاب المناقب، ح (10441).

ترجم له السهمي في (تاريخ جرجان) له، ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أجد له ترجمة في موضعٍ آخر. انظر: تاريخ جرجان للسهمي (ص: 155).

(2)

أحمد بن عبد الله بن يونس التميميّ اليربوعي.

(3)

عاصم بن محمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وشيخه واقد -هنا- هو أخوه.

(4)

وقع في صحيح مسلم "عاصم بن محمَّد، عن أبيه" بدون ذكر "واقد"، وقد أخرجه =

⦗ص: 53⦘

= البيهقي في السنن الكبرى (4/ 81) من طريق أحمد بن يونس، عن عاصم بن محمَّد، عن أبيه -بدون ذكر واقد- أيضًا، وأخرجه -كذلك بإسقاط واقدٍ من الإسناد-: الإمامُ أحمد في المسند (2/ 120)، وابن خزيمة في الصحيح (4/ 128)، ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (1/ 420)، والآجري في الشريعة (ص / 106) وغيرهم من طرق عن عاصم بن محمَّد، عن أبيه، به.

وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 159 - 160 رقم 309)، وابن منده في الإيمان (1/ 302) كلهم من طريق أحمد بن يونس، عن عاصم، عن واقد، عن أبيه، به.

فهذا ظاهره أنه كان عند أحمد بن يونس، عن عاصم على الوجهين، فيكون عاصمٌ سمعه من أخيه عن أبيه، ثم علا فسمعه من أبيه مباشرة، فكان يحدِّث به على الوجهين.

أو يكون عاصم شكَّ في سماعه من أبيه فثبته فيه أخوه واقد، فرواه عنه عن أبيه، والله أعلم.

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أركان الإِسلام ودعائمه العظام (1/ 45 ح 21) من طريق عاصم بن محمَّد عن أبيه، به.

تتمة البحث حول اختلاف الروايات في تقديم الحج وتأخيره عن الصيام:

قال الحافظ ابن حجر (رحمه الله تعالى) -عند حديث حنظلة بن أبي سفيان الذي رواه البخاري من طريق عبيد الله بن موسى-: "وقع هنا تقديم الحج على الصوم، وعليه بنى البخاري ترتيبه، لكن وقع في مسلم من رواية سعد بن عبيدة عن ابن عمر رضي الله عنه بتقديم الصوم على الحج، قال: فقال رجل: "الحج، وصوم رمضان"، فقال ابن عمر: "لا، صيام رمضان، والحج، هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم". ففي هذا إشعار بأن رواية حنظلة التي في البخاري مروية بالمعنى، إما لأنه لم يسمع رد ابن عمر رضي الله عنه =

⦗ص: 54⦘

= على الرجل؛ لتعدد المجلس، أو حضر ذلك ثم نسيه، ويَبعُد ما جوّزه بعضهم أن يكون ابن عمر رضي الله عنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم على الوجهين، ونسى أحدهما عند رده على الرجل. ووجْهُ بُعدِه أن تطرق النسيان إلى الراوي عن الصحابي أولى من تطرقه إلى الصحابي. كيف وفي رواية مسلم من طريق حنظلة بتقديم الصوم على الحج! ولأبي عوانة -من وجه آخر- عن حنظلة أنه جعل صوم رمضان قبل. فتنويعه قال على أنه روي بالمعنى. ويؤيّده ما وقع عند البخاري في "التفسير" بتقديم الصيام على الزكاة. أفيقال: إن الصحابي سمعه على ثلاثة أوجه؟! هذا مستبعد، والله أعلم". فتح الباري (1/ 65 - 66).

أقول: وهو قول حسن، فهذا الحديث له عن ابن عمر رضي الله عنه أحد عشر طريقًا، اختلف فيه الرواة عن ابن عمر رضي الله عنه، ثم عمّن دونه -بتقديم الصوم على الحج تارة، وتأخيره عنه تارة أخرى-، على التفصيل التالي:

الطريق الأولى عن ابن عمر رضي الله عنه: طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر رضي الله عنه به، وله عن حنظلة سبع طرق:

الأولى: طريق عبيد الله بن موسى عن حنظلة: وقد اختلف عليه فيه، فأخرجه البخاري عنه -كما سبق تخريجه-، وابن منده في "الإيمان"(1/ 84) من طريق ابن أبي غرزة عن حنظلة به، بتقديم الحج على الصوم.

وأخرجه المصنف عن محمَّد بن عوف الحمصي، والصاغاني، وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء"(1/ 80) من طريق إبراهيم بن أبي شيبة، كلهم: عن عبيد الله بن موسى، عن حنظلة به، بتقديم الصوم على الحج.

الثانية: طريق وكيع عن حنظلة: وقد اختلف عليه أيضًا؛ فأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(1/ 188) من طريق إسحاق بن راهويه، عن وكيع، عن حنظلة؛ بتقديم الصوم. =

⦗ص: 55⦘

= وأخرجه الآجري في "الشريعة"(ص: 106) من طريق إسماعيل، عن وكيع؛ بتقديم الحج.

الثالثة: طريق إسحاق بن سليمان الرازي عن حنظلة: وقد اختلف عليه أيضًا؛ فأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام عنه في "الناسخ والمنسوخ"(ص: 203)، وابن منده في "الإيمان"(1/ 301) من طريق حامد بن أبي حامد، عن إسحاق بن سليمان الرازى، عن حنظلة؛ بتقديم الصوم على الحج.

وأخرجه محمَّد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(1/ 420) من طريق الحسن بن عيسى، عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن حنظلة؛ بتقديم الحج على الصوم.

الرابعة: طريق عبد الله بن نمير عن حنظلة: ولم يختلف عليه، فأخرجه الإمام أحمد عنه في "المسند"(2/ 143)، ومسلم -كما سبق تخريجه- من طريق محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن حنظلة؛ بتقديم الصوم.

الخامسة: طريق روح بن عبادة عن حنظلة: ولم يختلف عليه، فأخرجه المصنف من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 159) من طريق محمَّد بن يحيى، كلاهما: عن روح عن حنظلة؛ بتقديم الصوم.

السادسة: طريق المعافى بن عمران عن حنظلة: أخرجه النسائي في "سننه"(8/ 107)، والحسن بن سفيان الفسوي في "الأربعين" (ص: 47)، كلاهما: من طريق محمَّد بن عمار، عن المعافى، عن حنظلة؛ بتقديم الحج على الصوم.

السابعة: طريق مخلد بن يزيد عن حنظلة: أخرجه المصنف من طريقه بتقديم الصوم على الحج.

كان هذا فيما يخص طريق حنظلة بن أبي سفيان، وأغلب الروايات عنه بتقديم الصوم على الحج، فيقرب بذلك قول الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- من أن رواية =

⦗ص: 56⦘

= حنظلة التي فيها تقديم الحج على الصوم مروية بالمعنى.

ولكن هل يعني هذا أن تقديم الصوم على الحج هي الراجحة في حديث ابن عمر رضي الله عنه هذا؟! لا يمكن الجزم بذلك؛ لأن أغلب الروايات الأخرى -غير طريق حنظلة عن عكرمة- فيها تقديم الحج على الصوم، وها هي الطرق التي وقفت عليها:

فالحديث رواه عن ابن عمر رضي الله عنه أحد عشر راويا، منهم عكرمة بن خالد؛ رواه عنه حنظلة، وسبق بيان طرقه، وهذه بيان الطرق الأخرى عن ابن عمر رضي الله عنه:

الطريق الثانية: طريق سعد بن عبيدة السلمي عن ابن عمر رضي الله عنه.

رواه عن سعد بن عبيدة أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي، وقد اختلف عليه.

فأخرجه مسلم -كما سبق تخريجه- من طريق أبي خالد الأحمر سليمان بن حيان، عن سعد بن طارق، عن سعد بن عبيدة؛ بتقديم الصوم على الحج.

وأخرجه مسلم أيضًا -كما سبق تخريجه- والمصنف، وابن منده في "الإيمان"(1/ 186)، والخطيب في "الكفاية" (ص: 210)، كلهم من طرق عن سهل بن عثمان، عن يحيى بن زكريا، عن سعد بن طارق الأشجعي، عن سعد بن عبيدة؛ بتقديم الحج على الصوم.

وأخرجه المصنف، والخطيب في "الكفاية" (ص: 210)، من طريق أسد بن موسى، عن يحيى بن زكريا، عن سعد بن طارق؛ بتقديم الحج أيضًا.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3/ 204) من طريق عثمان بن ساج، عن سعد ابن طارق به؛ بتقديم الحج أيضًا.

فجميع الطرق هنا عن سعد بن طارق فيها تقديم الحج، وخالفهم أبو خالد الأحمر عن سعد -كما في رواية مسلم- فقدم الصوم على الحج!.

الطريق الثالثة: طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنه.

وقد اختلف عليه أيضًا، فأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(2/ 283) من طريق =

⦗ص: 57⦘

= عبد العزيز بن عبيد الله، عن سالم به؛ بتقديم الحج على الصوم.

وأخرجه أيضًا في "المعجم الكبير"(12/ 309) من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم به؛ بتقديم الصوم على الحج.

الطريق الرابعة: طريق حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر رضي الله عنه.

رواه سفيان بن عيينة، عن سُعير بن الخِمْس، وعن عبدة بن أبي لبابة، واختلف على سفيان فيه؛ فأخرجه ابن أبي عمر العدني في "الإيمان" (ص: 84) -ومن طريقه الترمذي في "السنن"(515)، والآجري في "الشريعة" (ص: 106) - عن ابن عيينة، عن سُعير بن الخِمْس، عن حبيب به؛ بتقديم الصوم على الحج.

وتابع ابنَ عيينة عن سُعير بن الخِمْس في تقديم الصوم: الحميدي في "المسند"(2/ 308).

وأخرجته بيبي الهرثمية في "جزئها"(ص: 62)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(2/ 942) من طريق محمد بن ميمون، عن ابن عيينة، عن سُعير ومسعر به؛ بتقديم الحج.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(6/ 230) من طريق إبراهيم بن محمَّد الشافعي، عن ابن عيينة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن حبيب به، بتقديم الحج أيضًا.

الطريق الخامسة: طريق نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه.

علقه البخاري في "صحيحه" - مع الفتح (8/ 32، ح: 4514)، ووصله في موضع آخر (الفتح 8/ 160، ح: 4650) من طريق بكير بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه به؛ بتقديم الصيام على الزكاة والحج، غير أنه لم يذكر لفظ الحديث في الموضع الذي وصله.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(6/ 325) من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن، عن خصيف، عن نافع به؛ بتقديم الحج على الصوم. =

⦗ص: 58⦘

= الطريق السادسة: طريق محمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنه.

وله عن محمَّد بن زيد ثلاث طرق:

الأولى: طريق عمر بن محمَّد بن زيد، عن أبيه محمَّد بن زيد، عن ابن عمر رضي الله عنه:

أخرجها أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(4/ 82) من طريق شعبة، عن عمر بن محمَّد بن زيد، عن أبيه به؛ بتقدم الصوم على الحج.

الثانية: طريق عاصم بن محمَّد، عن أخيه واقد بن محمَّد، عن أبيه محمَّد بن زيد، عن ابن عمر رضي الله عنه: أخرجها المصنف، وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 160)، وابن منده في "الإيمان"(1/ 302) كلهم من طرق عن أحمد بن يونس، عن عاصم بن محمَّد، عن أخيه واقد، عن أبيه محمَّد بن زيد، عن ابن عمر رضي الله عنه؛ بتقدم الحج على الصوم.

الثالثة: طريق عاصم بن محمَّد، عن أبيه محمَّد بن زيد، عن ابن عمر رضي الله عنه.

وقد اختلف عليه فيه: فأخرجه مسلم -كما سبق تخريجه- من طريق معاذ بن معاذ، وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 120)، وابن خزيمة في "الصحيح" من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، وأخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(1/ 420) من طريق شعبة، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 81) من طريق أحمد بن يونس، أربعتهم: عن عاصم بن محمَّد، عن أبيه محمَّد بن زيد به، بتقديم الحج على الصوم.

وأخرجه الآجري في "الشريعة"(ص: 106) من طريق شبابة بن سوار، عن عاصم، عن أبيه به؛ بتقدم الصوم على الحج.

ورواه عن عاصم أيضًا بشر بن المفضل، واختلف عليه فيه؛ فأخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(1/ 418) من طريق حميد بن مسعدة، عن بشر، عن عاصم، عن أبيه به؛ بتقديم الصوم على الحج.

وأخرجه ابن خزيمة في "الصحيح"(4/ 128) من طريق أحمد بن المقدام العجلي، عن =

⦗ص: 59⦘

= بشر، عن عاصم بن محمَّد، عن أبيه به، بتقديم الحج على الصوم.

وأما ما ورد من رواية عاصم بن محمَّد، عن أخيه واقد، عن أبيه محمَّد بن زيد، ثم روايته عن أبيه بإسقاط أخيه كما سبق بيان طرقه، ومنها طريق أحمد بن يونس الذي رواه عن عاصم على الوجهين، مرة بذكر واقد، ومرة بإسقاطه فهذا ظاهره أنه كان عند أحمد بن يونس عن عاصم على الوجهين، ويكون عاصم سمعه من أخيه واقد عن أبيه، ثم علا فسمعه من أبيه مباشرة، فكان يحدث به على الوجهين، أو يكون عاصم شك في سماعه من أبيه فثبته فيه أخوه واقد، فرواه عنه عن أبيه.

وأما غير أحمد بن يونس من الرواة فكلٌّ كان يحدث به على الوجه الذي سمعه من عاصم، ولم يختلف على أحد منهم فيه. والله أعلم.

الطريق السابعة: طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن عمر رضي الله عنه.

أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان"(ص: 261)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 62) كلاهما من طريق الحارث العكلي، عن أبي وائل، عن ابن عمر رضي الله عنه به؛ بتقديم الصوم على الحج.

الطريق الثامنة: طريق سلمة بن كهيل، عن ابن عمر رضي الله عنه.

أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(ص: 261) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل، عن ابن عمر رضي الله عنه به؛ بتقديم الحج على الصوم.

الطريق التاسعة: طريق يزيد بن بشر السكسكي، عن ابن عمر رضي الله عنه.

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 26) من طريق سالم بن أبي الجعد، عن يزيد بن بشر، عن ابن عمر رضي الله عنه به؛ بتقديم الحج أيضًا.

الطريق العاشرة: طريق ميمون بن مهران، عن ابن عمر رضي الله عنه.

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ"(ص: 202) من طريق أبي المليح الرقي، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر رضي الله عنه به؛ أيضًا بتقديم الحج على الصوم. =

⦗ص: 60⦘

= الطريق الحادية عشرة: طريق أبي سويد العبدي، عن ابن عمر رضي الله عنه.

أخرجه الإِمام أحمد في "المسند"(2/ 93) من طريق بركة بن بن يعلى، عن أبي سويد العبدي، عن ابن عمر رضي الله عنه به؛ أيضًا بتقديم الحج على الصوم.

هذه هي مجمل الطرق التي وقفت عليها لهذا الحديث، وأغلبها فيها تقديم الحج على الصوم، ولعلها هي الراجحة كما ذهب إليه البخاري -رحمه الله تعالى- حين بنى ترتيب كتب الصحيح على هذا الحديث، كما نبه عليه الحافظ.

وللحديث شاهد من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه؛ أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 363 - 364) بإسنادين ضعيفين؛ أحدهما فيه جابر الجعفي، والثاني فيه داود ابن يزيد الأودي.

ولكن يعضده ما أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 326)، و"المعجم الصغير"(2/ 8)، وحسن إسناده الشيخ الألباني في "الإرواء"(3/ 250)، وفيه تقديم الحج على الصوم.

وأما ما ذهب إليه النووي -رحمه الله تعالى- من احتمال صحة الوجهين عن ابن عمر رضي الله عنه؛ فقد استبعده الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- كما سبق ذلك في كلامه في مطلع البحث. والله أعلم.

ص: 52

‌بَيَانُ صفةِ الإيمان والإسلام

(1)

، وأنَّه أداء الفرائض، واجتناب المحارم

(1)

في (م) تقديم الإِسلام على الإيمان.

ص: 61

16 -

حَدثنا العباس بن محمَّد، وَأبو أُميَّةَ قالا: حدثنا شَبَابَةُ بن سوَّار

(1)

، حدثنا شُعبَةُ، عَنْ أبي جمرة

(2)

قال: كنْتُ أُترجم

(3)

بينَ ابن عباس وَبين الناس، وكان يُقعدنِي مَعَهُ

(4)

على سريره، وَكان عَلَيَّ يَمينٌ

⦗ص: 62⦘

أن لا أسأَله عن النبيذِ، فأمرَتْنِي امرأةٌ أَنْ أسْألَه عنه، فَلم أسْأله فَسُئل عنه؛ فَنَهى عنه، قلتُ: إنِي أنبذُ نبيْذًا لي في جَرٍّ، حُلوًا، إذا شَرِبْتُه يُقرقِرُ بَطنِي منهُ

(5)

؟ فقال: لا تشرَبْهُ؛ وإن كان أحلى مِن العَسَل. قلتُ: فإن عبد القيسِ تَنبذ لها نبيْذًا شَديدًا

(6)

في مَزادٍ؟ قال: إن خشيْتَ شِدَّتَه فاكسِرهُ بالماء.

ثم حَدَّث أَنَّ وفدَ عبد القيس قدِمُوا على النبِي صلى الله عليه وسلم، فَقال:"ممن القومُ؟ " قالوا: رَبيعة. قال: "مرحبًا بوفدٍ

(7)

غير الخزايا ولا الندامى"، قالوا: يا رسول الله إن بيننا وبينك هذا الحيّ من كفار مُضَر، وبيننا وبينك شقَّةٌ بَعيدة، وإنَّا لا نَصل إليك إلا في شهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بأمْرٍ فَصْلٍ ندخُل به الجَنَّة، وَنُخبر

(8)

مَنْ وَرَاءنا.

فأمرهم رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بأربعٍ، وَنهاهم عن أربعٍ: أمرهم بالإيمان باللهِ وحْدَه، ثم قال:"أتدرون ما الإيمانُ باللهِ؟ "، قالوا: الله وَرَسوله أعلم. قال: "شهادَةُ أن لا إلهَ إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله"

(9)

، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، وَصيَام رمضانَ، وأن تُعطوا من المغنم

⦗ص: 63⦘

الخُمْسَ"، وَنهاهم عن أربعٍ: عَن الدباء، والحَنْتَم، والنَّقِير

(10)

، والمُزَفَّت، ورُبما قال: المُقَيَّر

(11)

.

ثم قال: احفَظُوهنَّ، وبلِّغوهنَّ مَنْ وَرَاءكم"

(12)

.

(1)

سَوَّار -بالتشديد- المدائنِي، مولى بنِي فزارة، جعله علي بن المديني في أول طبقات أصحاب شعبة. سؤالات السلمي للدارقطنِي (ص 226).

(2)

نصر بن عمران الضُّبَعِي البصري. قال ابن الصلاح: "وليس في الصحيحين بهذه الكنية أحدٌ سوى نصر هذا". صيانة صحيح مسلم (ص 149).

(3)

ترجم كلامه: إذا فسَّره بلسان آخر. الصحاح -للجوهري (5/ 1928)، والنهاية لابن الأثير (1/ 186).

قال ابن الصلاح: "فيه أنه كان يتكلم بالفارسية، فكان يُترجِم لابن عباس، عن من يتكلَّم بها. وعندي أنَّ معناه: أنه كان يبلِّغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس إما لزحام منع من سماعه فأسمعهم، وإما لاختصار منع من فهمه فأفهمهم، أو نحو ذلك. وإطلاقه ذكر الناس يشعر بهذا، ويبعد أن يكون المراد به الفرس خاصة، وليست الترجمة مخصوصة بتفسير لغة أخرى". صيانة صحيح مسلم (ص 153).

وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم (1/ 186): "الظاهر أنه يفهمهم عنه، ويفهمه عنهم والله أعلم".

(4)

لفظة "معه" ليست في (ط).

(5)

في (ط): "تقرقر منه بطني".

(6)

في (ط): "تنبذ نبيذًا لها شديدًا".

(7)

في (ط): "بالوفد"، ورواية مسلم "بالقوم أو بالوفد".

(8)

في (ط): "ونخبر به" وهي موافقة لرواية مسلم.

(9)

سقطت عبارة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من (ط).

(10)

هذه الكلمة "النقير" مطموسة في (م).

(11)

سقطت من (م) عبارة: "وربما قال: المقير"، والشك من شعبة كما في صحيح البخاري وسيأتي تخريجه. والمزفَّت والمقيَّر بمعنى واحد، وهو المطلي بالزفت أو القار، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر قال:"المزفَّت هو المقيَّر". (كتاب الأشربة -باب النهي عن الانتباذ في المزفت 1/ 1583 رقم 57). وفسَّر هناك أيضًا الدبَّاء: "هي القرعة، والحنتم: هي الجرَّة، والنقير: هي النخلة تنسح نسحًا وتنقر نقرا".

انظر: صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 152).

(12)

أخرجه البخاري أيضًا في مواضع من صحيحه، منها: كتاب الإيمان -باب أداء الخمس من الإيمان (الفتح 1/ 157 ح 53)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بالايمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين

(1/ 47 ح 24) كلاهما من طريق شعبة به.

فائدة الاستخراج:

1 -

زاد أبو عوانة في هذا الحديث على مسلم في قصة أبي جمرة مع ابن عباس من قوله: "وكان يقعدنِي معه على سريره

" إلى قول ابن عباس: "إن خشيت شدَّته فاكسره بالماء".

2 -

جاء في رواية مسلم: "مرحبًا بالقوم -أو بالوفد-" على الشك، ورواية المصنِّف بدون شك "بوفد" أو "بالوفد" على النسخة الأخرى.

ص: 61

17 -

حدثنا إبراهيم بن مرْزوقٍ البصري، حدثنا روْح بن عُبادة،

⦗ص: 64⦘

حدثنا سعيد -يَعْنِي: ابن أبي عَرُوبة

(1)

-، عن قتادَة

(2)

، عن

⦗ص: 65⦘

أبي نَضْرَةَ

(3)

، عَن أبي سَعيدٍ الخدري قال: وَحَدثني مَن لقي الوفدَ الذين قدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد القيس، فيهم

(4)

الأشج

وَذكر الحديثَ بمَعناهُ، وَقال فيهِ: "آمُركم بأربعٍ: اعبدُوا الله لا تُشركوا

(5)

به شَيئًا، وأقيمُوا الصَّلاةَ".

وقَالَ فيهِ: قالُوا: يا رسولَ الله! وَما يُدريك ما النَّقيرُ؟ قالَ: "جِذعٌ تنْقُرونه، ثم تطرَحُون فيه من القُطَيْعَاء

(6)

، ثم تَصبُّون فيه ماءً حَتى إذا

⦗ص: 66⦘

سكن غليانُه شربتُمُوه، حَتى إِن أَحَدكم لَيَضْرِبُ ابنَ عَمِّهِ بالسَّيف، وَفي القوم مَن أصابَتْه جراحَةٌ". قَال

(7)

: فَجعلتُ أَخْبَؤُهَا حَياءً مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. قالوا

(8)

: فَفِيم نَشْرَبُ

(9)

؟ قَال: "عليكم بهذه الأسقيَةِ الأَدَم التي يُلاثُ

(10)

على أَفواهِها". قالوا: يا رسول الله إِنَّ أرْضَنَا كثيْرَةُ الجِرْذَانِ

(11)

، وإنها لا تبقى فيها الأسقيَة الأَدَم

(12)

وأنها تأكُلُها الجِرْذَانُ، فقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وإن أكَلَتْهَا"، مرَّتين

(13)

.

(1)

واسم أبي عروبة: مِهران اليشكري مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة، لكنه موصوف بالتدليس، وقد جعله الحافظ في المرتبة الثانية من المدلسين، من أثبت الناس في قتادة، وقد اختلط وطالت مدة اختلاطه عشر سنين قبل موته، قال الإمام أحمد:"كان يحيى بن سعيد [أي: القطان] يوقت في من سمع منه قبل الهزيمة فسماعه صالح، والهزيمة كانت سنة خمسٍ وأربعين ومائة، وهذه هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن الذي خرج على أبي جعفر المنصور"، وروح بن عبادة الراوي عنه هنا ممن سمع منه قبل الاختلاط كما نقل الآجري عن أبي داود قوله:"سماعه قبل الهزيمة"، ونقل ابن رجب عن السهمي قوله أن روحًا حديثه عن ابن أبي عروبة صالح.

وكذا نقل الحافظ ابن حجر في التهذيب عن روح أنه قال: "سمعت عن سعيد قبل الاختلاط" ثم ذهب في هدي الساري إلى أن روحًا ممن سمع من سعيد بعد الاختلاط؟! ولا يقاوم هذا ما سبق نقله عن روحٍ نفسه، وعن أبي داود، والسهمي، والله أعلم.

والحديث متفقٌ عليه من حديث ابن عباس كما سبق في الذي قبله.

انظر: العلل للإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (2/ 355)، سؤالات الآجري لأبي داود (ص: 224 رقم 264)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 744)، تعريف أهل التقديس (ص: 63 رقم 50)، وتهذيب التهذيب (3/ 262)، وهدي الساري (ص: 426)، والتقريب لابن حجر (2365)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 190 - 210).

(2)

ابن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، مشهور بالتدليس، جعله الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين، ولكن رواية شعبة عنه آمنة من التدليس فإنه قال:"كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة"، وقال الحافظ =

⦗ص: 65⦘

= ابن حجر: "وهي قاعدة حسنة، تقبل أحاديث هؤلاء إذا كان عن شعبة ولو عنعنوها".

انظر: تعريف أهل التقديس (ص 102 رقم 92)، والنكت على ابن الصلاح كلاهما لابن حجر (2/ 630 - 631).

(3)

المنذر بن مالك بن قطعة العَوَقي العبدي البصري، وجده: قُطَعَة ضبطه الحافظ: بضم القاف وفتح المهملة، وضبطه ابن ماكولا، والنووي: بكسر القاف، وسكون الطاء، والله أعلم.

انظر: الإكمال لابن مأكولا (7/ 120)، شرح صحيح مسلم للنووي (1/ 190)، التقريب (6890).

(4)

في (ط): "وفيهم".

(5)

في (ط): "ولا تشركوا به شيئًا".

(6)

على وزن الغُبيراء، قال ابن الأثير:"هو نوع من التمر، وقيل: هو البسر قبل أن يُدرك"، وقال ابن الصلاح -وتبعه النووي-:"نوع من التمر صغار، يقال له: الشهريز بالشين المعجمة والمهملة وبضمهما كسرهما".

انظر: النهاية لابن الأثير (4/ 84)، شرح مسلم للنووي (1/ 191).

(7)

القائل هو الرجل الذي عُبِّر عنه بالاسم الموصول "مَن" في قول الراوي: "وفي القوم من أصابته جراحة"، واسمه: جهم كما ذكره النووي في شرح مسلم (1/ 191).

(8)

في (ط): "قالوا"، وفي صحيح مسلم:"فقلت" والقائل هو: الأشج بن عبد القيس.

(9)

في (م): "ففيم يُشرب".

(10)

الأَدَم: -بفتح الهمزة والدال- جمع أَديم وهو: الجلد الذي تم دباغه.

ويُلاث: بضم المثناة من تحت، وتخفيف اللام، وآخره شاء مثلثة أي: يُلفُّ الخيط على أفواهها. شرح مسلم للنووي (1/ 192).

(11)

الجرذان -بضم الجيم وكسرها-: جمع جُرَذ، قال الأزهري:"هو ضربٌ من الفأر".

وقال ابن الأثير: "هو الذكر الكبير من الفأر".

انظر: الصحاح للجوهري (2/ 561)، والنهاية لابن الأثير (1/ 258).

(12)

في (ط): "أسقية الأدم".

(13)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين (1/ 49 ح 27) من طريق ابن أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة به.

فائدة الاستخراج:

1 -

رواية مسلم من طريق ابن أبي عدي، عن ابن أبي عروبة، وهو ممن سمع من ابن =

⦗ص: 67⦘

= أبي عروبة بعد الاختلاط، ورواية المصنِّف من طريق روح بن عبادة وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط.

2 -

ذكر مسلم بعض لفظ الحديث وأحال باقيه على ما قبله، ورواية المصنِّف فيه تمييز المتن المحال به على المحال عليه. وانظر: الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 190 - 210).

ص: 63

18 -

حدثنا محمدُ بن إسماعيل الصائغ

(1)

، حدثنا سعيد بن منصُور

(2)

، حدثنا إسماعيل بن إبرَاهيم

(3)

، عَن ابن أبي عروبةَ، وزادَ فيه: قالَ: وقالَ نبِي الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيسِ

(4)

: "إنَّ فيك لَخَصْلَتَين يُحِبُّهُمُا الله: الحِلْم والأناة"

(5)

.

(1)

محمَّد بن إسماعيل بن سالم الصائغ الكبير، أبو جعفر البغدادي.

(2)

ابن شعبة الخراسانِي، أبو عثمان، صاحب السنن.

(3)

ابن مقسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن عُليَّة. وهو ممن روى عن ابن أبي عروبة قبل الاختلاط كما في شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 745).

(4)

اختلف في اسمه فقيل: المنذر بن الحارث، وقيل: المنذر بن عامر، وقيل: عبد الله بن عوف، وقيل: عائذ بن المنذر، وقال النووي:"والصحيح والمشهور الذي عليه الأكثرون هو: المنذر بن عائذ العَصَري -بفتح العين والصاد المهملتين-". شرح مسلم (1/ 189).

(5)

الأناة: التثبُّت والتأنِي. صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (156).

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين (1/ 48 ح 26) من طريق يحيى بن أيوب عن ابن عُليَّة، به.

فائدة الاستخراج:

1 -

متابعة سعيد بن منصور ليحيى بن أيوب، عن إسماعيل، كما هي رواية مسلم، وفيها تقوية لصحّة الزيادة الواردة عند مسلم. =

⦗ص: 68⦘

= 2 - فيها قرينة في تقوية الزيادة التي ذكرها المصنف، وقد أشار إليها المصنّف أيضًا في حديث ابن عباس الآتي.

ص: 67

19 -

حدثنا محمَّد بن صالح كِيْلَجَة

(1)

، وأيوب بن إسحاق بن سافري

(2)

، قالا: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب

(3)

، قال: حدثنا بشر بن

⦗ص: 69⦘

المُفَضَّل

(4)

، حدثنا قُرَّة

(5)

، عن أبي حمرة

(6)

، عن ابن عباس قال: قال النبِي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: إنَّ فيك خَصْلَتَان

(7)

يُحِبُّهُا الله: الحِلْم والأَنَاة"

(8)

.

(1)

محمَّد بن صالح بن عبد الرحمن البغدادي، أبو بكر الأنماطي، لقبه: كِيْلَجَة -بكسر الكاف وسكون الياء وفتح اللام والجيم- ضبطه محمَّد طاهر الهندي في المغنِي.

وذكر الخطيب في ترجمته أن بعض الرواة عنه كان يسميه: "أحمد" كمحمد بن مخلد الدوري وأبي بكر بن أبي حامد، ثم قال:"وهو محمدٌ بلا شك".

وكِيْلجة: اسم لمكيالٍ معروف لأهل العراق.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (4/ 203، 5/ 358)، تهذيب الكمال (25/ 379)، التقريب (5962)، المصباح المنير للفيومي (ص: 537)، المغني في ضبط أسماء الرجال لمحمد طاهر الفتنِي الهندي (ص: 214).

(2)

أيوب بن إسحاق بن إبراهيم بن سَافِري -بفتح السين المهملة، كسر الفاء بينهما ألف، وفي آخرها راء- أبو سليمان البغدادي، نزيل الرملة.

قال السمعانِي: "هذه النسبة إلى سافري وهو اسم وليس بنسبة". الأنساب (7/ 10) قال أبو حاتم: "كان صدوقًا"، وذكر ابن يونس قولين في تاريخ وفاته، أولهما: سنة (259 هـ)، والثانِي: سنة (260 هـ)، وحدَّد مع الثانِي اليوم والشهر فقال:"لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر"، واكتفى الذهبي بالقول الأخير، فلعله هو الراجح.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 241)، تاريخ بغداد للخطيب (7/ 9 - 10)، السير للذهبيِ (12/ 265).

(3)

الحَجَبيِ، أبو محمَّد البصري.

(4)

ابن لاحق الرّقاشي البصري، والرَّقَاشي: بفتح الراء والقاف نسبة إلى امرأة يقال لها: رقاش، كثر أولادها حتى صاروا قبيلة، وهي من قيس عيلان. الأنساب للسمعانِي (6/ 146).

(5)

قرة بن خالد السدوسي البصري.

(6)

نصر بن عمران الضُّبَعِي.

(7)

كذا في الأصل و (م)، وعليها في الأصل ضبة هكذا (صـ)، والجادة:"خصلتين" كما جاءت في (ط) ومصادر تخريج الحديث.

وما جاء في الأصل و "م" لغة فصيحةٌ أيضًا، فهي على لغة بعض العرب -وهم بنو الحارث وبنو الهُجَيم وبنو العنبر- التي تُلزِم المثنى وما جرى مجراه الألف على كل حال. وعلى هذا خُرِّج قوله تعالى:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] في أحد الأوجه.

ويمكن أن يقال: إنَّ "إن" مخففة فهي غير عاملة، ولكن -كما ذكر ابن عقيل- في حال إهمال "إن" المخففة يلزم الخبرَ لامٌ تسمى اللام الفارقة، مثل: إن زيدٌ لقائم، حتى لا تلتبس بإن النافية. انظر: شرح التسهيل لابن مالك (1/ 62)، تفسير النكت والعيون للماوردي (3/ 410 - 411)، شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك (1/ 378).

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الإِسلام (1/ 48 رقم 25) من طريق معاذ العنبري وعلى الجهضمي كلاهما عن قرة بن خالد به بزيادة في أوله: "أنهاكم عما يُنبذ في الدباء والنقير .... ".

فائدة الاستخراج:

1 -

متابعة بشر عن قرة هنا عند مسلم في إثبات الزيادة التي ذكرها المصنّف في حديث ابن عباس، متابعة حديث ابن عباس لحديث أبي سعيد السابق في تلك الزيادة.

ص: 68

‌بَيَانُ إِيْجاب محاربَةِ المشرِكينَ حَتى يُظْهرُوا القوْلَ بِلا إِلَهَ إِلَّا الله، وأداء ما يَجبُ عليهمْ مِن الفَرَائضٍ، وَالدليل على أن التصديق لا ينفَعُهم في الظِاهرِ حَتى يُقِرُوا بِلِسانِهم

ص: 70

20 -

حَدثنا محمَّدُ بن يحيى، حدثنا ابن أبي مريم

(1)

، حدثنا الليْثُ

(2)

، عن عُقَيل

(3)

، عَن الزُّهري، عن عبيد الله بن عبد الله

(4)

، عن أبي هُرَيْرة، قال:"لما تُوفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَاسْتُخْلِفَ أبو بَكرٍ بعدَه؛ وكفَر مَن كَفَرَ مِن العَرَب، قال عمر: يا أبا بكر، كيْفَ تُقَاتل الناسَ وقد قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْت أن أقاتِل النَّاسَ حَتى يقولوا لا إلهَ إلا الله، فَمنْ قال: لا إله إلا الله عصَم منِي مالَهُ ونَفسَهُ إلا بحقّهِ، وَحسَابُه على الله"؟ قال أبو بكرٍ رضي الله عنه

(5)

: واللهِ لأقاتلن مَنْ فَرَّق بين الصلاةِ وَالزكاةِ؛ فإنّ الزكاةَ حَقُّ المالِ، وَاللهِ لو مَنَعُوني عِقَالًا

(6)

-كانوا يؤدّونها

⦗ص: 71⦘

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلْتُهم على مَنعِها. قال عُمر رضي الله عنه

(7)

: فَواللهِ ما هُوَ إلا أن رأيتُ الله قد شرحَ صدرَ أبي بكرٍ للقتال، فَعَرفْتُ أنه الحَقُّ"

(8)

.

(1)

سعيد بن الحكم بن محمَّد بن سالم، المعروف بـ: ابن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري.

(3)

عُقَيل -بالضم- ابن خالد بن عَقِيل -بالفتح- الأموي مولاهم، أبو خالد الأيلي -بفتح الهمزة، بعدها تحتانية ساكنة. التقريب (4665).

(4)

ابن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، ووقع في (م):"عبيد الله" فقط.

(5)

ليست في (ط) لفظة الترضي.

(6)

ورواية مسلم بتذكير العقال فقال فيه: "كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه".

قال ابن الأثير: "العقال: الحبل الذي يعقل به البعير الذي كان يؤخذ في الصدقة؛ لأن =

⦗ص: 71⦘

= على صاحبها التسليم وإنما يقع القبض بالرباط". ورجحه النووي وقال: "هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره". النهاية لابن الأثير (3/ 280)، شرح مسلم للنووي (1/ 209).

(7)

سقطت من (ط) جملة الترضي.

(8)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها: كتاب استتابة المرتدين -باب قتل من أبى قبولَ الفرائض (الفتح 12/ 288 ح 6924) من طريق يحيى بن بكير، وفي كتاب الاعتصام -باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الفتح 13/ 264 رقم 7284) من طريق قتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث، به، وعقَّب في الموضع الأخير:"قال ابن بكير وعبد الله عن الليث: عناقًا، وهو أصح". وسيأتي التعليق على اللفظين.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله

(1/ 51 ح 32) من طريق قتيبة، عن الليث، به.

ص: 70

21 -

حدثنا محمَّد بن يحيى، وأبو أمية، وَالصَومَعيُّ

(1)

قالوا: حدثنا أبو اليمان

(2)

قال

(3)

: حدثنا شعَيب

(4)

، عَن الزهريّ، بإسْنَادِهِ مثله، إلا أنه

⦗ص: 72⦘

قال: عَنَاقًا

(5)

.

(1)

محمَّد بن أبي خالد الصومعي. كذا ذكره المصنِّف في موضعٍ آخر، وذكره مرة فقال: أبو بكر ابن أبي خالد الطبري الصومعي. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "يغرب"، وذكره المزِّيُّ تمييزًا، وذكر أبا عوانة ممن روى عنه وقال الحافظ:"صدوق، يُغرب".

انظر: الثقات (9/ 141)، تهذيب الكمال (25/ 157)، التقريب (5854).

(2)

الحكم بن نافع البهرانِي.

(3)

في الأصل و (م): "قالا" ولعله سبق قلم، والمثبت من (ط).

(4)

ابن أبي حمزة دينار الأموي مولاهم، أبو بشر الحمصي.

(5)

العناق: الأنثى من ولد المعز (شرح مسلم للنووي 1/ 207) ولم يخرج مسلم هذه الرواية، وأخرجها البخاري في صحيحه كتاب الزكاة -باب أخذ العناق من الصدقة (الفتح 3/ 308 ح، 1400)، ورجَّح في كتاب الاعتصام -كما سبق تخريجه في الحديث السابق- أنَّ رواية من روى "عناقا" أصح، وجمع النووي بين الروايتين بأن حمله على أنه كرر الكلام مرتين فقال مرة: عقالا، وفي الأخرى: عناقا. شرح مسلم (1/ 207).

فائدة الاستخراج:

اقتصر مسلم على روايةٍ للحديث، وذكر المصنِّف روايةً أخرى فيها لفظٌ هو أرجح من لفظ رواية صاحب الأصل.

ص: 71

22 -

حدثنا أبو العَبَّاس عبد الله بن محمد بن عَمرو بن الجراح الأزدي، حدثنا محمد بن يوسف الفريابِي

(1)

، حدثنا سفيان

(2)

، عن أبي الزُّبَير

(3)

، عن جَابر، قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أن أقَاتِلَ النَّاس

⦗ص: 73⦘

حَتى يقولوا لا إلهَ إلا الله، فإذا قالوا: لا إلهَ إلا الله فقد عصَمُوا مِنِي دماءهم وأَمْوَالهم، وحسَابُهم على الله، ثم قَرأ:{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23)} الآية"

(4)

.

(1)

محمد بن يوسف بن واقد الضبِي مولاهم الفِرْيَأبي-، نسبةً إلى فِرياب: بليدة بنواحي بلخ. الأنساب للسمعانِي (9/ 290).

(2)

هو: الثوري كما في الإسناد الآتِي.

(3)

محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم المكي، توفي سنة (126 أو 128 هـ).

قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري: "مشهور، وثقه الجمهور، وضعفه بعضهم لكثرة التدليس وغيره"، وقال في التقريب: "صدوقٌ يدلِّس"، وجعله في المرتبة الثالثة من المدلسين وقال: "مشهورٌ بالتدليس".

فعلى هذا يقبل من حديثه ما صرَّح فيه بالسماع، أو كان من رواية الليث عنه ولو معنعنًا، ولكن يستثنى من ذلك صحيحا البخاري ومسلم فيحمل ما فيهما من أحاديث المدلسين على السماع؛ لتلقي الأمة لأحاديثهما بالقبول، ومع هذا فروايته =

⦗ص: 73⦘

= التي هنا -عند المصنف وعند الإمام مسلم- بالعنعنة قد صرح بالسماع فيها من جابر في مسند الإمام أحمد (3/ 295).

انظر: هدي الساري (ص: 464) وتعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس (ص 108)، وتهذيب التهذيب (9/ 380)، والتقريب لابن حجر (6291).

(4)

الآيتان من سورة الغاشية - (22 - 23)، والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان- باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (1/ 52 ح 35) من طريق وكيع وعبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن الثوري، به، وفيه:"ثم قرأ {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22] ".

فائدة الاستخراج:

بيان اختلاف ألفاظ الرواة في الحديث في ذكرهم للآية في آخر الحديث كما يظهر من الأحاديث الآتية.

ص: 72

23 -

حَدثَنا العباس بن محمد، حدثنا روح بن عُبادة، حدثنا سُفيان الثوري بإسْنادِه، مثله، فذكر إلى قَوْلِه:{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}

(1)

.

(1)

أخرجه مسلم من طريق وكيع وابن مهدي كلاهما عن الثوري كما تقدم في الذي قبله.

ص: 73

24 -

حدثنا محمد بن إسحاق البكائي

(1)

، حدثنا قَبِيصة

(2)

، حدثنا

⦗ص: 74⦘

سفيان بإسْنادِهِ إلى قَوْلِهِ: ثم قرأ: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}

(3)

.

(1)

البَكَّائي -بفتح الموحدة، وتشديد الكاف، وبعد الألف همزة- نسبة إلى: البَّكاء وهو ربيعة بن عمرو العامري. تبصير المنتبه لابن حجر (1/ 168)، التقريب (5722).

(2)

السُّوَائي: بضم السين، وفتح الواو بعدها الألف، وفي آخرها الياء آخر الحروف، نسبة =

⦗ص: 74⦘

= إلى أحد أجداده وهو: سُوَاءة بن عامر.

وقَبيصة هو: ابن عقبة بن محمد بن سفيان السُّوَائي، أبو عامر الكوفي، ت:(215 هـ). ثقة إلا أنَّ بعض الأئمة ضعفه في سفيان الثوري خاصة لكونه صغيرًا حين السماع منه، ولكونه كان كثير الغلط في حديثه عن الثوري.

وممن ضعفه في سفيان: ابن معين والإمام أحمد.

ويَرد على سبب تضعيفه قوله هو عن نفسه: "جالست الثوري -وأنا ابن ست عشرة سنة- ثلاث سنين" وقول ابن نمير: "لو حدثنا قبيصة عن النخعي لقبلنا"، وقول أبي حاتم:"لم أر أحدًا من المحدثين يأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيِّره سوى قبيصة بن عقبة، وعلي بن الجعد وأبي نعيم في الثوري".

لذا قال الذهبي: "الرجل ثقة، وما كان في سفيان كابن مهدي وكيع، وقد احتجَّ به الجماعة في سفيان وغيره، وكان من العابدين"، وقال أيضًا:"قد قفز قبيصة القنطرة، واحتجوا به، فأرِني الحديث المنكر الذى يُنقَم به على قبيصة".

وقال الحافظ: "صدوق، ربما خالف". وروى له الجماعة حديثه عن سفيان، وأخرج البخاري له أحاديث عن سفيان وافقه عليها غيره.

انظر: طبقات ابن سعد (6/ 403)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 126)، تاريخ بغداد للخطيب (12/ 473)، الأنساب للسمعانِي (7/ 182)، تهذيب الكمال للمزي (23/ 81 - 88)، سير أعلام النبلاء للذهبِي (10/ 130)، هدي الساري لابن حجر، (ص 458)، التقريب (5513)، الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم للشيخ صالح الرفاعي (ص: 90).

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان من طريق وكيع وعبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن سفيان به -كما تقدم.

ص: 73

25 -

حدثنا أبو دَاود السِّجِسْتَانِي

(1)

، وَأبو المثنى

(2)

قالا: حدثنا أبو غَسَّان المِسْمَعِي

(3)

، حدثنا عبد الملكِ بن الصَبَّاح

(4)

، ح

وَحَدثنا عَلُّويه الكَرَابيسي

(5)

بثلاثة أبواب، حدثنا إبراهيمُ بن

⦗ص: 76⦘

عرْعرة

(6)

حَدثنِي حَرمي

(7)

، قالا: حدثنا شعبَةُ

(8)

، عن وَاقد بن محمد

(9)

، عن أبيهِ، عَن ابن عُمَرَ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أن أقاتِلَ النَّاس حتى يَقولُوا

(10)

: لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسُولُ الله، وَيُقيموا الصلاةَ، ويؤتوا الزكاةَ، فإذا فَعَلُوا ذلك عصمُوا منِي دماءهم وَأموالهم، وَحِسابُهم على الله"

(11)

.

(1)

في (ط): "السجزي"، وهو سليمان بن الأشعث صاحب السنن، والحديث لم أجده في سننه من حديث ابن عمر، فلعلَّه في رواية أخرى غير المطبوعة.

والسِّجِستانِي: بكسر السين المهملة والجيم، وسكون السين الأخرى بعدها تاء منقوطة بنقطتين من فوق، نسبة إلى سِجِسْتان، وهي إحدى البلاد المعروفة بكابل.

انظر: الأنساب للسمعانِي (7/ 43 و 45).

(2)

معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري البصري، توفي سنة (288 هـ).

وثقه الخطيب البغدادي، وقال الذهبيِ:"ثقة، متقن".

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (13/ 136)، سير أعلام النبلاء للذهبِي (13/ 527).

(3)

المِسْمَعي: بكسر الميم، وسكون السين المهملة، فميم مفتوحة، نسبة إلى المسامعة: محلة بالبصرة. الأنساب (11: 318)، وهو: مالك بن عبد الواحد البصري.

(4)

المِسْمَعي، أبو محمد البصري.

(5)

علي بن إسماعيل بن الحكم، أبو الحسن البزَّاز، المعروف بـ "علُّويه"، توفي سنة (271 هـ)، وثقه الخطيب، ولم أجد فيه قولًا آخر، وقد صرَّح المصنِّف باسمه في ح (509)، ونُسب هنا كرابيسيًّا، ولم أجد من نسبه كذلك، والكرابيس جمع: كِرباس وهو ثوب من القطن الأبيض، والمترجم له يُنسب بزَّازًا، وهو نسبة إلى بيع البز، وهو الثياب، والكرابيس نوع من هذه الثياب.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (11/ 343)، الأنساب للسمعانِي (2/ 186)، تاريخ الإسلام للذهبِي (حوادث سنة 261 - 280 / ص: 400)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص: 735)، نزهة الألباب لابن حجر (2/ 35).

(6)

إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البِرِنْد السامي البصري.

(7)

حرمي بن عمارة بن أبي حفصة العتكي، أبو روح البصري.

(8)

سقطت من (م) عبارة: "حدثنا شعبة".

(9)

ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

(10)

في حاشية الأصل: "حتى يشهدوا

".

(11)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم (الفتح 1/ 94 ح 25) من طريق عبد الله بن محمد المسندي، عن حرميٍّ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله

(1/ 53 ح 36)، من طريق أبي غسان المِسمعي به.

ص: 75

26 -

حدثنا محمد بن عبد الملك الواسطيُّ، والحسنُ بن مُكْرَم

(1)

،

⦗ص: 77⦘

قالا: حدثنا يزيدُ بن هارُون، أخبرنا أبو مالك الأشجعيُّ

(2)

، عن أبيهِ، أنَّه سمع رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَنْ وَحَّدَ الله، وكفَرَ بما يُعبد من دونه حَرُمَ مالهُ وَدَمُه وَحِسَابُه على الله"

(3)

.

(1)

الحسن بن مُكْرَم بن حسان البزاز، أبو علي البغدادي، توفي سنة (274 هـ).

وثقه الخطيب، وابن الجوزي، والذهبِي، وابن كثير، وغيرهم.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (7/ 432)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 262)، سير أعلام النبلاء للذهبيِ (13/ 192)، البداية والنهاية لابن كثير (11/ 57).

(2)

سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي الكوفي.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله (1/ 53 ح 38) من طريق زهير بن حرب عن يزيد بن هارون به.

فائدة الاستخراج:

1 -

ذكر مسلم طرفًا من المتن، وأحال الباقي على ما قبله، وذكر المصنِّف له كاملًا من فوائد الاستخراج.

2 -

نسب المصنِّف أبا مالك، وهو عند مسلم غير منسوب.

ص: 76

27 -

حدثَنَا العبَّاسُ بن محمد، حدثنا أميةُ بن بِسْطام

(1)

، حدثنا يزيد بن زُرَيع

(2)

، حدثنا رَوْحُ بن القاسم

(3)

، عن العَلاء بن عبد الرحمن بن يَعقوبَ

(4)

، عن أبيهِ،

⦗ص: 78⦘

عَن أبي هُرَيرةَ أنّ

(5)

رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقاتل النُّاسَ حتى يَشهدوا أن لا إله إلا الله، ويُؤمنوا بِي وبما جئتُ بهِ، فإذا فَعَلُوا ذلك

(6)

عصَمُوا منِي دماءهُم وَأموالَهُم إلا بِحَقِّها، وَحِسَابُهُم على الله"

(7)

.

(1)

ابن المنتشر العيشي- بالياء التحتانية والشين المعجمة- أبو بكر البصري. تقريب (552)، وهو ابن عم شيخه يزيد بن زريع. تهذيب الكمال (3/ 329).

(2)

زريع -بتقديم الزاي، مصغَّر- العيشي، أبو معاوية البصري. التقريب (7713).

(3)

التميمي العنبري، أبو غياث البصري.

(4)

العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي -بضم المهملة، وفتح الراء، بعدها قاف- مولاهم، أبو شبل المدنِي، توفي سنة بضع وثلاثين ومائة.

وثقه الإمام أحمد، وأبو حاتم، وقال مرة:"روى عنه الثقات، وأنا أنكر من حديثه أشياء" ووثقه النسائي، والترمذي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، والعجلي، وذكره ابن =

⦗ص: 78⦘

= حبان في الثقات، وقال في "مشاهير علماء الأمصار":"كان متقنًا، ربما وهم"؛ وضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وابن عدي ثم قال:"وللعلاء نسخ عن أبيه، عن أبي هريرة يرويها عنه الثقات، وما أرى بحديثه بأسًا"، وقال الخليلي:"مدينِي، مختلف فيه لأنه يتفرد بأحاديث لا بتابع عليها"، وذكره العقيلي، وابن الجوزي في جملة الضعفاء.

وقال الذهبِي: "لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، ولكن يتجنب ما أنكر عليه"، وقال في الميزان:"صدوق مشهور". وقال الحافظ: "صدوق، ربما وهم".

انظر: الطبقات لابن سعد (الجزء المتمم لتابعي أهل المدينة ص: 330)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 357 - 358)، المعرفة والتاريخ للفسوي (1/ 349) السنن للترمذي (1/ 74)، ترتيب ثقات العجلي للهيثمي (2/ 150)، الضعفاء للعقيلي (3/ 314)، الثقات لابن حبان (5/ 247) ومشاهير علماء الأمصار له (ص: 80)، الكامل لابن عدى (5/ 1860)، الإرشاد للخليلي (1/ 218)، الضعفاء لابن الجوزى (2/ 187)، تهذيب الكمال للمزي (22/ 523)، السير للذهبِي (6/ 186)، والميزان له (3/ 102) التقريب (5247).

(5)

في (ط): "عن".

(6)

لفظة "ذلك" سقطت من (ط).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله (1/ 52 ح 34) عن أمية بن بسطامٍ به، ولفظه: "أمرت أن أقاتل الناس

".

فائدة الاستخراج:

ذكر مسلم رَوحًا مهملًا، وبينه المصنِّف في روايته.

ص: 77

28 -

حدثنا الصَّغانِي، حدثنا ابن أبي مريم

(1)

، حدثنا عبد العزيز الدراورْدي

(2)

، عن العلاء،

⦗ص: 80⦘

بمثله

(3)

.

(1)

سعيد بن الحكم بن أبى مريم الجمحى مولاهم- أبو محمد المصري.

(2)

الدراوردي: بفتح الدال المهملة والراء والواو، وسكون الراء الأخرى وكسر الدال الأخرى، نسبة إلى: دارابجرد، مدينة بفارس، تسمى اليوم بالاسم نفسه، والنسبة إليها: داربجردي فاستثقلوا أن يقولوا: داربجردي فقالوا: دراوردي. هذا قول ابن حبان، وقال أحمد بن صالح:"كان الدراوردي من أهل أصبهان، نزل المدينة، وكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل: أندراور، فلقبه أهل المدينة الدراوردي"، وأندراور فارسية معناها: ادخل، والمنتسب إليها هنا هو: عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوري، أبو محمد المدنِي، توفي سنة 186 أو 187 هـ.

وثقه الأئمة غير أنهم وصفوه بالخطأ إذا حدَّث من كتب الناس، وأنه يقلب أحاديث عبد الله بن عمر يجعلها عن عبيد الله بن عمر.

قال الإمام أحمد: "كان معروفًا بالطلب، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها عن عبيد الله بن عمر".

قال الحافظ في "هدي الساري": "روى له البخاري حديثين قرنه فيهما بعبد العزيز بن أبي حازم وغيره، وأحاديث يسيرة أفرده لكنه أوردها بصيغة التعليق في المتابعات"، وقال في التقريب:"صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ قال النسائي: حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر".

وليس هذا من حديثه عن عبيد الله بن عمر، وقد تابعه أيضًا روح بن القاسم.

انظر: الجرح والتعديل (5/ 395 - 396)، الأنساب للسمعانِي (5/ 295)، تهذيب الكمال (18/ 187)، هدي الساري لابن حجر (ص: 441)، التقريب (4119)، بلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج (ص: 284).

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله

(1/ 52 ح 34) عن أحمد بن عبدة الضبِي، عن عبد العزيز الدراوردي به.

فائدة الاستخراج:

ذكر الإمام مسلم هذا الحديث من رواية الدراوردي، ومن رواية روح، كلاهما عن العلاء، وعزا لفظ الحديث إلى حديث أمية، وسكت عن لفظ الدراوردي.

ورواية المصنِّف له من حديث الدراوردي، ثم قوله في الحديث: بمثله، فيه بيان لفظ الدراوردي، وأنه مثله.

ص: 79

29 -

وحَدثَنا البِرْتي

(1)

، حدثنا القَعْنَبِيّ

(2)

، حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن العلاء بمثله، لم

(3)

يذكر: "أموالهم"

(4)

.

(1)

بكسر الباء الموحدة، وسكون الراء، وفي آخرها التاء المنقوطة من فوقها باثنتين، هذه النسبة إلى: بِرْت وهي مدينة بنواحي بغداد. الأنساب (2/ 127). والمنسوب إليه هنا هو القاضي: أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر، أبو العباس البغدادي البرتي.

(2)

عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري.

(3)

في (ط): "ولم" بزيادة الواو.

(4)

أخرجه مسلم من طريق الدراوردي كما تقدم في الذي قبله.

ص: 80

30 -

حَدثَنا موسَى بن إسْحاق القَوَّاس الكوفي

(1)

، حدثنا حَفصُ بن

⦗ص: 81⦘

غِياثٍ

(2)

حدثنا الأعمَشُ، عَنْ أبي سُفيانَ

(3)

، عن جَابرٍ، وعن

⦗ص: 82⦘

أبي صالح

(4)

، عَن أبي هُرَيرَةَ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أن أقاتِل الناسَ حتى يقولوا: لا إِلهَ إلا الله، فإذا قالُوا ذلك عَصَمُوا منِي دماءهم، وأمَوالهم إلا بحقها، وَحِسَابُهُم على الله"

(5)

.

(1)

ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" وقال: "كتبت عنه، ومحله الصدق"، ولم أجد له ترجمة في المصادر الأخرى التي توفرت لي.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 135).

(2)

ابن طلق النخعي، أبو عمر الكوفي.

(3)

طلحة بن نافع الواسطي، أبو سفيان الإسكاف، نزيل مكة، توفي سنة 124 هـ.

اختلف الأئمة في توثيقه وتضعيفه، وأكثر الأئمة على تقديم أبي الزبير عليه في جابر، وكلاهما موصوفٌ بالتدليس (جعلهما الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة) غير أنَّ هذا اختلف في سماعه من جابر أصلًا. قال شعبة وسفيان بن عيينة:"إن أحاديثه عن جابر صحيفة".

قال ابن رجب الحنبلي: "ومرادهما أنه كتاب أخذه فرواه عن جابر ولم يسمعه". ثم عقب ابن رجب بعد كلام له فقال: "أثبت البخاري سماع أبي سفيان من جابر وقال في تاريخه: قال لنا مسدد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان: جاورت جابرًا بمكة ستة أشهر. قال -أي: البخاري-: وقال علي: سمعت عبد الرحمن قال: قال لي هشيم عن أبي العلاء قال: قال لي أبو سفيان: كنت أحفظ، وكان سليمان اليشكري يكتب، يعنِي عن جابر".

وقد جعل الحافظ ابن رجب هذين النصين اللذين نقلهما عن البخاري في تاريخه دليلًا على سماع أبي سفيان من جابر، وكأن العلائي قبله مال إلى ذلك أيضًا.

وقد صرَّح الإمام مسلم بذلك فقال: "أبو سفيان طلحة بن نافع القرشي المكي سمع جابرًا وابن عباس". وقال الحافظ فيه: "صدوق".

انظر: العلل للإمام أحمد رواية عبد الله (2/ 592)، التاريخ الكبير للبخاري (4/ 346)، الكنى والأسماء للإمام مسلم (1/ 386) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 475)، جامع التحصيل للعلائي (ص: 202)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 852)، العقد الثمين للفاسي (5/ 72)، تعريف أهل التقديس (ص: 88، 108)، التقريب (3035).

(4)

ذكوان السمَّان الزيَّات المدني، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفانِي.

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله

(1/ 52 ح 35) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حفص بن غياث به.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم سوى طرفٍ من المتن وأحال باقيه على ما قبله، وذكره المصنِّف كاملًا.

ص: 80

31 -

حدثنا ابن الجُنَيد الدقاق بغداديٌّ

(1)

، حدثنا الوليد بن القاسم

(2)

،

⦗ص: 84⦘

حدثنا يزيد بن كيْسانَ

(3)

، عن أبي حازم

(4)

، عَن أبي هُرَيرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله إلا أنه لم يقل:"بحقِّها"

(5)

.

(1)

كلمة: "بغدادي" سقطت من (ط)، والمذكور بغدادي وهو: محمد بن أحمد بن الجنيد الدقَّاق، أبو جعفر البغدادي، توفي سنة 266 أو 267 هـ.

وثقه ابن أبي حاتم، والخطيب، وذكره ابن حبان في الثقات.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (7/ 183)، الثقات لابن حبان (9/ 140)، تاريخ بغداد (1/ 285).

(2)

الوليد بن القاسم بن الوليد الهَمْدَانِي، الخَبْذَعي الكوفي، توفي سنة (203 هـ).

قال السمعانِي: "الخبذعي: بكسر الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة، وفتح الذال المعجمة، والعين المهملة هذه النسبة إلى بطن من هِمْدَان، وهو: خبذع بن مالك بن ذي بارق، قاله ابن ماكولا". الأنساب (5/ 38). كذا نقل السمعانِي عن ابن ماكولا ضبطه، والذي في الإكمال موضعان، الأول (2/ 192) قال:"الخبذعي بفتح الخاء المعجمة، والباء المعحمة بواحدة والذال المعجمة". وفي الموضع الآخر (3/ 124) =

⦗ص: 83⦘

= قال: "بكسر الخاء والذال المعجمتين، وبينهما باء معجمة بواحدة".

قال ابن ناصر الدين الدمشقي: "اضطرب فيه كلام الأمير

، وقيده ابن السمعانِي بكسر الخاء وفتح الذال، ووجدته بفتحهما في جمهرة ابن الكلبي". توضيع المشتبه (2/ 467).

ورجَّح الشيخ عبد الرحمن المعلمي فتحهما في تعليقه على الإكمال لابن ماكولا.

والوليد هذا ممن اختلف في شأنه فقد ضعفه ابن معين، وتبعه ابن شاهين، وقال ابن حبان:"كان ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات فخرج عن حد الاحتحاج به إذا انفرد وأرجو أن من اعتبر به فيما وافق الثقات لم (يخرَّج) في فعله ذلك". وذكره في الثقات أيضًا كما سيأتي.

ووثقه الإمام أحمد، ويعلى بن عبيد الطنافسي -وقد جاوره خمسين عامًا-، وقال ابن عدي:"إذا روى عن ثقة وروى عنه ثقة فإنه لا بأس به". وقال أبو جعفر بن الجنيد -الراوي عنه هنا-: قال أحمد: "وقد كتبنا عنه أحاديث حسانًا عن يزيد بن كيسان فكتبوه عنه، قال أبو جعفر: فكتبناها عنه". والأظهر أن هذا الحديث منها لأنه هنا رواه عن يزيد، والراوي عنه أبو جعفر ناقل القصة عن الإمام أحمد.

وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الذهبِي في العبر، والمجرد في أسماء رجال ابن ماجه، وذكره في الديوان، والمغنِي ناقلًا قول ابن حبان في جرحه.

فالظاهر أنه كما قال الحافظ: "صدوق يخطئ". وأحاديثه من طريق الإمام أحمد، وابن الجنيد عنه، عن يزيد بن كيسان حسانٌ كما قال الإمام أحمد، والله أعلم.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 13)، الثقات (9/ 224)، والمجروحين لابن حبان (3/ 80)، الكامل لابن عدي (7/ 2544)، أسماء الضعفاء والمتروكين لابن شاهين (ص: 188 رقم 664)، العبر (1/ 268)، والمجرَّد (ص: 192 رقم 1557)، وديوان الضعفاء (ص: 427)، والمغني في الضعفاء (2/ 724) للذهبِي، التقريب (7447).

(3)

اليشكري، أبو إسماعيل، ويقال: أبو مُنين الكوفي، وهو صدوق يخطئ، لكن روايته حسنة لأنها من طريق الوليد بن القاسم كما سبق في الحاشية السابقة.

(4)

سلمان الأشجعي الكوفي، مولى عزَّة الأشجعية.

(5)

لم يخرجه مسلم عن أبى هريرة من هذا الطريق، وقد أخرجه الإمام أحمد من طريق محمد بن عبيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عنه به. (المسند 2/ 527).

ص: 82

32 -

حَدثنا العَباس بن محمد، وإسحاق بن سَيَّار النَّصيبِي

(1)

، وأبو جَعفر بن الجُنَيد الدقَّاقُ، ومحمد بن أبي خالد الصَومعي

(2)

قالوا: حدثنا أبو عاصم

(3)

، حدثنا زكريا بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله بن صَيفي، حَدثنِي أبو مَعبد

(4)

مولى ابن عباس، عن ابن عباس، أن النبِي صلى الله عليه وسلم بَعث

⦗ص: 85⦘

مُعاذًا إلى اليَمَنِ قال: "إنَّك تأتي قومًا أهل كتابٍ

(5)

، فإذا جئتَهم فادعُهم إلى أن يَشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هُم أطاعُوا لك بذلك، فاقْبَل منهم، وأخبِرْهم أنَّ الله فرض عَلَيْهم خَمْس صلَوَاتٍ في كل يَومٍ وليلةٍ، فإن هم أطاعُوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فَرض عليهم صدقةً في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم فَتُرَد على فُقرائهم، فإِن أطاعُوا لك بذلك؛ فإيَّاك وَكرائم أموَالهم

(6)

، وإيَّاك وَدعوة المظلوم فإنه ليس لها دون الله حجاب"

(7)

.

وقال عَباس بن محمد: "بينها وَبَين الله حِجَاب".

(1)

النَّصيبيِ: بفتح النون، كسر الصاد المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخرها الباء الموحدة، نسبة إلى نصيبين: بلدة عند آمد وميَّافارقين من ناحية ديار بكر، على جانب دجلة الغرِبي. والمنسوب إليها هنا هو: إسحاق بن سيَّار بن محمد بن مسلم النصيبِي، أبو يعقوب، توفي سنة (273 هـ)، قال عنه ابن أبي حاتم:"كان صدوقًا ثقة"، وقال الذهبِي:"الإمام، الحافظ، الثبت".

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 223)، الأنساب للسمعانِي (12/ 96)، سير أعلام النبلاء للذهبيِ (13/ 194)، بلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج (ص: 124).

(2)

انظر: ح (21).

(3)

الضحاك بن مخلد الشيبانِي النبيل.

(4)

اسمه: نافذ، وهو من أصدق موالي ابن عباس رضي الله عنه. تهذيب الكمال (29/ 268).

(5)

في (م) و (ط): "قومًا أهل الكتاب"، وفي صحيح مسلم:"قومًا من أهل الكتاب"، وفي لفظ آخر:"تقدم على قوم أهل كتابٍ".

(6)

كرائم الأموال واحدتها كريمة، أي نفائسها التي تتعلق بها نفس مالكها ويختصها لها، حيث هي جامعة للكمال الممكن في حقِّها. النهاية لابن الأثير (4/ 167).

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الزكاة -باب وجوب الزكاة- (الفتح 3/ 307 ح 1395) عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (1/ 51 ح 30) عن عبد بن حميد، عن أبي عاصم، عن زكريا بن إسحاق به.

فائدة الاستخراج:

1 -

ذكر مسلم طرفًا من المتن، وأحال الباقي على ما قبله، وذكر المصنِّف متنه كاملًا.

2 -

بين المصنِّف أنَّ أبا معبد: مولى ابن عباس، وعند مسلم جاء مهملًا.

ص: 84

33 -

حَدثَنا علي بن حَرْبٍ

(1)

، حدثنا يحيى بن اليمانِ

(2)

، عَن زكريا بن إسحاق، بإسْنادهِ: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَعَث مُعاذًا إلى اليَمَنِ فَقال: "إيَّاك وَكرائم أموَالِهم"

(3)

.

فيه دَليل على أنَّ من وَجَب عليه الزكاةُ فهوَ غَنِي.

(1)

علي بن حرب بن محمد بن حرب بن حيَّان الطائي، أبو الحسن الموصلي.

(2)

يحيى بن يمان العجلي، أبو زكريا الكوفي، توفي سنة (189 هـ).

اختلف فيه، وأكثر أقوال الأئمة على أنه صدوق، يخطئ ويهم كثيرًا وخاصة في آخر عمره.

قال الذهبي في الكاشف: "صدوق، فُلِج فساء حفظه"، وقال في السير:"حديثه من قبيل الحسن". وذكره في الديوان، وفي المغني وقال:"صدوق مشهور".

وقال الحافظ: "صدوق عابد، يخطئ كثيرًا، وقد تغيَّر".

ولم يذكر ابن الكيال من روى عنه قبل التغيُّر أو بعده، وقد تابعه عدد من الثقات كما في تخريج الحديث، وكما سبق في الإسناد الماضي وتخريجه.

انظر: ترجمته في تاريخ بغداد للخطيب (14/ 120)، وتهذيب الكمال للمزي (32/ 55) السير (8/ 357)، ديوان الضعفاء (ص: 440)، والمغنِي (2/ 746)، والكاشف للذهبِي (2/ 379)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 436)، التقريب (7679).

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (1/ 50 ح 29 - 30) من طريق وكيع، وبشر بن السري كلاهما عن زكريا بن إسحاق.

ص: 86

‌بَيَانُ أَنَّ

(1)

أعمالَ الخَيْرَاتِ كُلُها من الإيمان، وَالدليل على أن الإيمانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ

(2)

(1)

سقطت من (ط) حرف: "أن".

(2)

لم ترد في (ط) جملة: "يزيد وينقص"، وفي (م) فوقها علامة تضبيب.

ص: 87

34 -

حَدثنا عَباسُ الدوريُّ

(1)

، وأبو زرْعة الرازيُّ

(2)

قالا: حدثنا قتيبة بن سَعيد، حدثنا بَكر بن مُضَرٍ

(3)

، عن عُمَارَةَ بن غَزِيَّة

(4)

، عن أبي صَالح

(5)

، عَن أبي هُرَيرَةَ، عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال:"الإيمانُ أربعةٌ وستون بابًا، أرفعُها قولُ: لا إله إلا الله، وأدْناها إِمَاطَةُ الأذى عن الطريق"

(6)

.

(1)

بالدال والراء المهملتين، نسبة إلى الدُّور وهي: مواضع، ونسبة إلى حرفة بيع الدور والدلالة فيها.

أما المواضع: فمحلة بنيسابور، وقرية بآخر ببغداد بالجانب الشرقي.

وعباس الدُّوري منسوبٌ إلى هذا الأخير.

انظر: الأنساب للسمعانِي (5/ 356 - 360).

(2)

عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد القرشي المخزومي الحافظ الإمام المشهور.

(3)

ابن محمد بن حكيم المصري.

(4)

ابن الحارث بن عمرو الأنصاري المازِني المدنِي.

(5)

ذكوان السمَّان المدنِي.

(6)

لم يخرجه مسلم من حديث عمارة بن غزية عن أبي صالح، وقد أخرجه الترمذي في سننه -كتاب الإيمان- باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه (5/ 10 ح 2614) من طريق قتيبة بن سعيد به. =

⦗ص: 88⦘

= ولفظ الحديث هنا عند المصنّف فيه تعيين العدد: "أربعة وستون"، وقد أعلّه ابن حجر، وتبعه الشيخ الألباني؛ لمخالفته للفظ الصحيحين:"بضعٌ وستون" أو "بضع وسبعون". انظر: الفتح (1/ 67)، السلسلة الصحيحة (4/ 371 - 372).

ص: 87

35 -

حَدثنا أبو جَعْفَرٍ الدارمي

(1)

، حدثنا بِشْر بن عُمَر

(2)

، حدثنا سليمانُ بن بلال

(3)

، عن عبد الله بن دينارٍ

(4)

، عَن أبي صَالح، عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان بضعٌ وستون شعْبةً، أو بِضْعٌ وسَبْعون شُعبةً

(5)

، أَعْظَمُها شهادَةُ أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذَى عن الطريقِ، وَالحَياء شعبةٌ من الإيمان"

(6)

.

(1)

الدارمي: بفتح الدال المهملة، كسر الراء، نسبة إلى بنِي دارم من بنِي تميم.

وأبو جعفر هو: أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي السرخسي النيسابوري.

انظر: الأنساب للسمعانِي (5/ 250).

(2)

بشر بن عمر بن الحكم بن عقبة الزهرانِي، أبو محمد البصري، ووقع في المطبوع من فتح الباري (1/ 67) -خطأً-:"بشر بن عمرو".

(3)

التيمي مولاهم المدنِي.

(4)

العدوي مولاهم، أبو عبد الرحمن المدنِي.

(5)

في رواية البخاري من حديث أبي عامر العقدي عن سليمان بن بلال به: "بضع وستون شعبة" بدون الشك، ورواية:"بضع وسبعون" من نفس الطريق عند مسلم بدون شكٍ أيضًا، وسيأتي تخريجه.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان -باب أمور الإيمان (الفتح 1/ 67 ح 9)، ومسلم في كتاب الايمان -باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها (1/ 63 ح 57) كلاهما من طريق أبي عامر العقدي، عن سليمان بن بلال، عن =

⦗ص: 89⦘

= عبد الله بن دينار عنه به.

ولفظ البخاري: "بضع وستون"، ولفظ مسلم:"بضع وسبعون" كلاهما بدون شك، وأخرجه النسائي من هذا الطريق موافقًا للفظ مسلم (السنن -كتاب الإيمان -باب ذكر شعب الإيمان 8/ 110)، ومال الحافظ ابن حجر في الفتح إلى ترجيح رواية البخاري، ونقل عن ابن الصلاح ترجيحه لذلك أيضًا.

وخالفهما الشيخ الألبانِي فرجَّح رواية مسلم "بضع وسبعون"، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/ 369 - 372 رقم 1769) والله تعالى أعلم.

فائدة الاستخراج:

قوله في الحديث: "أعظمها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق" ليس في رواية مسلم، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 88

36 -

حَدثَنا الدارمي

(1)

، وأبو أمية قالا: حدثنا أبو نعيم

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، عن عبد الله بن دينار بِمثلِهِ، ولم يذكر شُعَبَهُ فقط

(4)

.

(1)

أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي.

(2)

الفضل بن دكين الكوفي التيمي مولاهم المُلائي الأحول، سماه ابن عبد البر، ودُكين لقب والد أبي نعيم الفضل، واسمه عمرو بن حماد بن زهير القرشي.

انظر: التمهيد لابن عبد البر (9/ 234 - 235)، كشف النقاب لابن الجوزي (1/ 95).

(3)

الثوري، نسبه ابن منده في الإيمان (1/ 297)، وابن عبد البر في التمهيد.

(4)

كذا في جميع النسخ: "سفيان عن عبد الله بن دينار"، ليس بين سفيان وعبد الله أحد، وقد رواه البخاري في الأدب المفرد (ص: 131)، والنسائي في السنن -كتاب الإيمان -باب ذكر شعب الإيمان (8/ 110)، والترمذى في الجامع -كتاب الإيمان -باب ما جاء في استكمال الإيمان .. (5/ 10 ح 2614)، وابن ماجه في السنن -المقدمة -باب في الإيمان (1/ 22 ح 57)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 234 - 235)، =

⦗ص: 90⦘

= وغيرهم كلهم من طرق عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن عبد الله بن دينار فعندهم بين سفيان وعبد الله بن دينار: سهيل بن أبي صالح، ولم أجد من تابع أبا عوانة على إسقاط سهيلٍ من الإسناد، فلعل سقوط "سُهَيل" في أصل مسند أبي عوانة عن سهوٍ أو نحوه، والأظهر أنه سقط من إسناد أبي عوانة سهوًا بدليل أنه ساق الإسناد الذي بعده، فقال فيه:"عن سهيلٍ بمثله"، فكأنه أراد أن يورد وجهًا آخر من الاختلاف في اللفظ عن سُهيل، والله أعلم.

وقد رواه ابن عبد البر من طريق أبى نعيم -كما عند المصنِّف- ولكن بذكر سهيل بن أبي صالح بين سفيان وعبد الله.

ويقويِّه أيضًا: أنَّ ابن منده قال في كتاب الإيمان (1/ 295) بعد أن روى الحديث: "هذا حديث مجمعُ على صحَّته من حديث أبي عامر، وروى هذا الحديث عن عبد الله بن دينار: ابنه عبد الرحمن، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، ومحمد بن عجلان، وسهيل بن أبي صالح". ثم سرد رواياتهم بأسانيده.

فلو كان رواه سفيان أيضًا عن عبد الله بن دينار لذكره؛ حيث أن سفيان من المشاهير.

ويؤيِّد هذا أيضًا: أن الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى ذكر رواة هذا الحديث عن عبد الله بن دينار، ولم يذكر منهم سفيان، ثم ذكر عن العقيلي قوله: "أصحاب عبد الله بن دينار على ثلاث طبقات: أثبات كمالك وشعبة وسفيان، ومشايخ: كسُهَيل وابن الهاد وابن عجلان

" قال: "وفي روايتهم عن عبد الله بن دينار اضطراب

"، وقال: "إن هذا الحديث لم يتابع هؤلاء المشايخ عليه أحدٌ من الأثبات عن عبد الله بن دينار، ولا تابع عبد الله بن دينار عن أبي صالح عليه أحد"، ثم عقَّب قائلًا: "قد رواه عن عبد الله بن دينار: سليمان بن بلال، وهو ثقة ثبت، قد خُرِّج حديثه في الصحيحين، وأما الاختلاف في لفظ الحديث: فالأظهر أنه من الرواة

". =

⦗ص: 91⦘

= ولو كان الحديث معروفًا عندهم عن سفيان عن عبد الله بن دينار، لذكروه، والله تعالى أعلم.

انظر: فتح الباري لابن رجب الحنبلي (1/ 30 - 32).

ص: 89

37 -

حدثنا محمود بن خِدَاش

(1)

، حدثنا جرير

(2)

، وإسحاق بن شاهين، حدثنا خالدُ بن عبد الله

(3)

، عَن سُهَيلٍ

(4)

بمثلهِ: "ستٌ وَسبْعونَ،

⦗ص: 93⦘

أو سَبْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا

" بمثله

(5)

.

وَرَواهُ خالد وَجَرير، عَن سُهيلٍ، فَقَالا:"سِتٌّ وَسبْعُونَ بابًا، أو سَبعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا"

(6)

.

(1)

كذا في الأصل، وعليها ضبة، وفي (ط):"ورواه محمود بن خداش، عن جرير .... " الخ، معلَّقًا بدون ذكر التحديث؛ وفي (ط) أيضًا جاء هذا النص متأخرًا عن النص الذي بعده، وهو "ورواه خالد، وجرير، عن سهيل

".

ومحمود بن خِدَاش -بكسر المعجمة ثم مهملة خفيفة وآخره معجمة- هو: الطالقانِي، أبو محمد، نزيل بغداد. التقريب (6511).

(2)

ابن عبد الحميد بن قُرْط -بضم القاف، وسكون الراء بعدها طاءٌ مهملة- الضبِي الكوفي نزيل الري. التقريب (916).

(3)

ابن عبد الرحمن بن يزيد الطحان الواسطي، المزني مولاهم.

(4)

ابن أبي صالح ذكوان السمان المدنِي، أبو يزيد، توفي في خلافة أبي جعفر المنصور، وهو غير سهيل بن ذكوان الواسطي- المتهم بالكذب، والمعروف بابن السندي.

وسهيل بن أبي صالح قال عنه ابن عيينة: "كنا نَعدُّ سهيلًا ثبتًا في الحديث"، ووثقه ابن سعد، وقال الإمام أحمد:"ليس به بأس"، وقال مرة:"ما أصلح حديثه"، ووثقه العجلي، وسئل أبو زرعة الرازي عن العلاء بن عبد الرحمن سهيل فقال:"سهيلٌ أشبه وأشهر وأبوه أشهر قليلًا" وقال النسائي: "ليس به بأس" وانتقد البخاريَّ لعدم إخراج حديثه مع إخراجه لأبي اليمان، ويحيى بن بكير ونحوهما، وذكره ابن حبان وقال:"كان يخطئ".

وقال ابن عدي: "سهيلٌ عندي مقبول الأخبار، ثبثٌ، لا بأس به"، وعلَّل ذلك بأنه =

⦗ص: 92⦘

= روى عن أبيه، وعن جماعة عن أبيه، فكان يميِّز كلَّ ذلك إذا روى، وهذا دليل على تثبُّته وثقته.

وقال أبو الفتح الأزدي: "صدوقٌ، إلا أنه أصابه بِرسامٌ في آخر عمره فذهب بعض حديثه".

وذكره ابن شاهين في الثقات وقال: "من المتَّقين، وإنما توقِّي في غلط حديثه ممن يأخذ عنه".

كذا في المطبوع من الثقات، ولعلَّ الصواب:"من المتقنين".

وقال الحكم: "سهيلٌ أحد أركان الحديث، وقد أكثر مسلمٌ الرواية عنه في الأصول والشواهد، إلا أنَّ غالبها في الشواهد، وقد روى عنه مالك، وهو الحكم في شيوخ أهل المدينة، الناقد لهم، قيل في حديثه بالعراق أنه نسي الكثير منه، وساء حفظه في آخر عمره".

أما ابن معين فقد اختلفت الروايات عنه فمرة وثَّقه، ومرة قال فيه:"صويلحٌ، وفيه لينٌ"، وسئل مرة عنه وعن العلاء بن عبد الرحمن وغيرهما فقال:"حديثهم قريبٌ من السواء، وليس حديثهم بالحجج"، وضعَّفه مرة، ومرة قال:"ليس بذاك"، وقال مرة أخرى:"لم يزل أهل الحديث يتَّقون حديثه"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه ولا يحتج به".

وذكره ابن الجوزي في الضعفاء وصحَّح رواية التوثيق عن ابن معين فيه.

وذكره الذهبِي في التذكرة في عداد الحفاظ، وذكره في المغنِي وقال:"ثقةٌ، تغيَّر حفظه"، وقال في الميزان:"أحد العلماء الأثبات، وغيره أقوى منه".

وقال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ، تغيَّر حفظه بأخرة".

لم يذكر ابن الكيَّال من روى عنه قبل التغيُّر وبعده، وسبب تغيُّره موت أخيه عباد فوجد عليه وجدًا شديدًا فنسي كثيرًا من حديثه، وكان ذلك بالعراق على ما ذكروا.

وقد توبع هنا في هذا الحديث. =

⦗ص: 93⦘

= انظر: الطبقات لابن سعد (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم، ص: 345)، تاريخ الدوري (2/ 243)، العلل للإمام أحمد رواية المروذي (ص: 80)، الثقات للعجلي (1/ 440)، سنن الترمذي (2/ 400 ح 523)، الضعفاء للعقيلي (2/ 155)، الجرح والتعديل لابن أبي حام (4/ 246)، الثقات لابن حبان (6/ 417)، الكامل لابن عدي (3/ 1285)، الثقات لابن شاهين (ص: 158)، الضعفاء لابن الجوزي (2/ 30)، تهذيب الكمال للمزي (12/ 223)، تذكرة الحفاظ (1/ 137)، والمغنِي (1/ 289)، وسير أعلام النبلاء (5/ 458)، وميزان الاعتدال للذهبِي (2/ 243)، شرح علل الترمذي لابن رجب (1/ 407 - 409)، تهذيب التهذيب لابن حجر (4/ 238)، التقريب (2675)، الكواكب النيرات لابن الكيال (241).

(5)

لم أجده بهذا الإسناد -أي: جرير عن خالد عن سهيل-، وعند مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان عدد شعب الإيمان

(1/ 63 ح 58)، وابن ماجه (السنن- المقدمة -باب في الإيمان 1/ 22 رقم 57) وغيرهما من طريق جرير، عن سهيل مباشرة بدون الواسطة بينهما -وهو خالد بن عبد الله-، كما نبَّه عليه أبو عوانة رحمه الله بعده مباشرة.

والحديث عند الآجري في الشريعة (ص: 110) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحمانِي، عن خالد بن عبد الله الواسطي، عن سهيل به.

(6)

وصله مسلم من طريق جرير، والآجري من طريق خالد الواسطي كلاهما عن سهيل، كما تقدم في تخريج الذي قبله.

ص: 91

38 -

حدَّثنا محمَّد بن يحيى، حدثنا مُسْلِمُ

(1)

، حدثنا أَبَانٌ

(2)

، ح

وحَدثنا محمَّد بن عَلي بن دَاود -ابن أُخْتِ غَزَالٍ-

(3)

، وَالصائغُ

(4)

بمكة قالا: حدثنا عَفَّان

(5)

، ح

وحدثنَا ابنُ شيخ ابن عَمِيرة

(6)

، حدثنا يحيى بن إسحاق السَّالحينِي

(7)

،

⦗ص: 95⦘

قالا

(8)

: حدثنا أَبَان، عن يحيى

(9)

، عن زيدٍ

(10)

،

⦗ص: 96⦘

عن أبي سَلَّام

(11)

، عن أبي مَالكٍ الأشْعَرِي قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الطُّهُور شَطْرُ الإيمان"

(12)

.

(1)

في (م): "سالم"، وهو خطأ، وهو: مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري، كان يحفظ حديث أبان يهذُّه هذًّا. تهذيب الكمال (27/ 491).

(2)

ابن يزيد العطار، أبو يزيد البصري.

(3)

في (ط): "ابن أخت عراك"، وكذا جاء في تذكرة الحفاظ للذهبِي (2/ 659) وهو خطأ، لأن هذا الراوي يعرف بابن أخت غزال.

انظر: ترجمته في: تاريخ بغداد (3/ 59)، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/ 307)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 196).

(4)

محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ الكبير - أبو جعفر البغدادي، نزيل مكة.

(5)

ابن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار البصري.

(6)

بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عَمِيرة الأسدي، أبو علي البغدادي، توفي سنة (288 هـ).

وثقه الدارقطنِي، والخطيب، وقال أبو بكر الخلال:"شيخ جليل مشهور، قديم السماع"، وقال أيضًا:"كان أحمد بن حنبل يكرمه، وكتب له إلى الحميدي إلى مكة".

وقال الذهبِي: "الإمام، الحافظ، الثقة، المعمَّر".

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (7/ 86)، والسير للذهبِي (13/ 352).

(7)

بفتح السين المهملة واللام، كسر الحاء، نسبة إلى سالحين، ويقال لها: سيلحين أيضًا، =

⦗ص: 95⦘

= هذه قرية صغيرة على طريق الأنبار، قريبة من تل عقرقوف، وزاد المزي في هذه النسبة وجهًا ثالثًا في النسبة إليها هو: السَّيلحوني، وذكر أن هذه القرية بالقرب من بغداد.

والمنسوب إليها هنا هو: يحيى بن إسحاق البجلي، أبو زكريا.

انظر: الأنساب للسمعانِي (7/ 11)، تهذيب الكمال للمزي (31/ 195).

(8)

في (ط): "قالوا" وهو خطأ.

(9)

ابن أبي كثير الطائي مولاهم، أبو نصر اليمامي، توفي سنة (129، وقيل: 132 هـ).

أحد الذين يدور عليهم أسانيد أهل البصرة كما قال ابن المدينِي، وقد اتفقوا على توثيقه وجلالته وإمامته، ووصفه ابن معين، والعقيلي، وابن حبان، وقارنه الذهبي بالزهري، وروايته عن زيد بن سلام منقطعة؛ لأنها من كتابٍ وقع له"، وهو قول ابن معين.

وسيأتي في تخريج الحديث إثبات بعض الأئمة سماعه من زيد بن سلام.

وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة، ثبت، لكنه يدلس ويرسل"، وأدرجه في المرتبة الثانية من المدلسين، وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلَّة تدليسهم بالنسبة إلى ما رووا، أو كانوا لا يدلِّسون إلا عن ثقة.

انظر: سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 324)، تاريخ الدوري (2/ 652)، العلل لعلي بن المديني (ص: 37)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي (2/ 466)، الضعفاء للعقيلي (4/ 423)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 141)، تهذيب الكمال للمزي (31/ 504)، ميزان الاعتدال للذهبِي (4/ 402)، تعريف أهل التقديس لابن حجر (ص: 76)، التقريب (7632).

(10)

زيد بن سلَّام بن أبي سلَّام ممطور الحبشي. سلَّام -في الموضعين- بمهملة مفتوحة، ثم لام مشددة، فميم. وهي الجادة وأما سلام بالتخفيف فمعدودون ذكرهم =

⦗ص: 96⦘

= أصحاب المشتبه.

انظر: الإكمال لابن ماكولا (4/ 402 - 410)، توضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي (5/ 217)، تبصير المنتبه لابن حجر (2/ 702).

(11)

في (م): "عن زيد بن أبي سلام" كذا، وهو خطأ من حيث حلول "ابن" في موضع "عن"، ولأنه لم يرد بعدها "عن أبي سلام".

وأبو سلَّام هو: ممطور الحَبَشي -بفتح الحاء المهملة، والباء المعجمة بواحدة-، ينسب إلى حَبَش بطن من حمير، وليس إلى الحبشة.

انظر: الإكمال -لابن مكولا (3/ 241)، وتهذيب الكمال (28/ 486).

(12)

أخرجه مسلم في كتاب الطهارة -باب فضل الوضوء (1/ 203 ح 1) ولفظه أتمَّ، ولم أجده في كتاب الإيمان عند مسلم، وقد أخرج المصنِّف الحديث مرة أخرى مطوَّلًا في كتاب الطهارة -باب الترغيب في الوضوء وثواب إسباغه وسيأتي برقم (669 - 670).

وفي هذا الإسناد كلامٌ للنقاد أوجزه كما يلي:

أولًا: أُعِلَّ بالانقطاع بين يحيى بن أبي كثير وزيد بن سلَّام، قال ابن معين:"لم يلق يحيى بن أبي كثير زيد بن سلَّام، وقد وفد معاوية بن سلَّام عليهم فلم يسمع يحيى بن أبي كثير (منه شيئًا) أخذ كتابه عن أخيه ولم يسمعه؛ فدلَّسه عنه".

ولكن ردَّ هذا الإمام أحمد بن حنبل وأثبت سماعه منه فقال في رواية الأثرم عنه: "قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: يحيى بن أبي كثير سمع من زيد بن سلَّام؟ فقال: ما أشبهه، قلت له: إنهم يقولون سمعها من معاوية بن سلَّام؟ فقال: لو سمعها من معاوية لذكر معاوية، هو يبين في أبي سلام يقول: حدَّث أبو سلَّام، ويقول: عن زيد، أما =

⦗ص: 97⦘

= أبو سلَّام فلم يسمع منه. ثم أثنى على يحيى بن أبي كثير".

وكذلك أثبت سماعه من زيد: أبو حاتم الرازي كما حكاه عنه ابنه في "المراسيل".

قال الحافظ ابن رجب: "اختلف في سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلَّام؛ فأنكره يحيى بن معين وأثبته الإمام أحمد". وقد ذكر ابن رجب -بعد هذا- تصريحه بالسماع الذي في رواية مسلم، وعلى هذا تنتفي هذه العلَّة.

انظر: تاريخ الدوري عن ابن معين (2/ 652)، المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 187)، تهذيب الكمال للمزي (10/ 78)، جامع العلوم والحكم لابن رجب (2/ 5).

ثانيًا: أعله أبو الفضل بن عمار الشهيد، والدارقطنِي -ووافقهما ابن القطان، والعلائي، وابن رجب، والشيخ الألبانِي، والشيخ ربيع المدخلي- بالانقطاع بين أبي سلَّام وأبي مالك ورجَّحا أن بينهما: عبد الرحمن بن غَنْم -كما في الرواية الثانية عند أبي عوانة.

قال أبو الفضل بن عمار: "بين أبي سلَّام وبين أبي مالك في إسناد هذا الحديث: عبد الرحمن بن غَنْم الأشعري، رواه معاوية عن أخيه زيد (يعنِي: الرواية التالية للمصنِّف) ومعاوية كان أعلم بحديث أخيه زيد بن سلَّام من يحيى بن أبي كثير".

قال العلائي: "رجَّح بعضهم قول الدارقطني بأن أبا مالك الأشعري توفي في طاعون عمواس سنة ثمانِي عشرة، وقد قالوا في رواية أبي سلَّام عن علي وحذيفة وأبي ذر أنها مرسلة، فروايته عن أبي مالك أولى بالإرسال".

وذهب الإمام النووي إلى احتمال أن يكون الحديث عند أبي سلَّام من الوجهين جميعًا فرواه مرَّة هكذا ومرة هكذا.

وهذا الاحتمال ردَّه العلائي، وابن حجر، والشيخ ربيع من الناحية التاريخية لتقدُّم وفاة أبي مالك الأشعري وتأخُّر طبقة أبي سلَّام، وعلى هذا يكون الراجح -والله أعلم- هو إثبات عبد الرحمن بن غنم بينهما، والظاهر أن إخراج أبي عوانة =

⦗ص: 98⦘

= للحديث من الوجهين هو للكلام في رواية أبي سلام عن أبي مالك، والله أعلم.

وأما عن إخراج مسلم لهذا الإسناد فقد قال الشيخ ربيع: "كأن دافعه لذلك ظنه أن أبا سلَّام قد عاصر أبا مالك الأشعري فحكم بصحته بناء على مذهبه في الاكتفاء بمطلق المعاصرة بين الراوي وشيخه مع إمكان اللقاء".

ثم وقفت مؤخَّرًا على بحثٍ قيِّم للشيخ مشهور حسن سلمان في تعليقه لكتاب "الطهور" لأبي عبيد القاسم بن سلام خالف فيه هؤلاء الذين أعلُّوا الحديث بالانقطاع، وذهب فيه إلى تصويب الإمام مسلم، وأن الحديث موصولٌ غير منقطع، وأنَّ المؤاخذة تقع على منتقديه باعتبار أنَّ أبا مالك الأشعري الواقع في هذا الإسناد ليس هو الذي توفي قديمًا في طاعون عمواس ولم يدركه أبو سلَّام، بل هو: الحارث الأشعري، ويكنى أيضًا أبو مالك.

واستند في ذلك إلى أنَّ جماعة من الأئمة منهم: البخاري، ومسلم، وابن أبي حاتم، والذهبِي، وابن حجر وغيرهم فرَّقوا بين أبي مالك الأشعري المتوفى في طاعون عمواس المعروف بكنيته، والمختلف في اسمه -قيل: كعب بن مالك، وقيل: عبيد، وعمرو، وبين أبي مالك الحارث بن الحارث الأشعري المعروف باسمه أشهر من كنيته.

واستند أيضًا إلى أنَّ الطبرانِي، وابن منده وضعا هذا الحديث في ترجمة الحارث الأشعري، وقد ذكر الحافظ ابن حجر -في النكت الظراف- إسنادًا من طريق هدبة بن خالد، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام أن الحارث الأشعري حدَّثه

، فصرَّح باسمه: الحارث، وهو غير أبي مالك المتوفى في طاعون عمواس.

وقد أجاب الحافظ ابن حجر -في الموضع السابق- عن إدخال معاوية بن سلام: عبد الرحمن بن غنم بين أبي سلام وبين أبي مالك باحتمال أن يكون الحديث عند أبي سلام بإسنادين، أحدهما: عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك، والثانِي: عن =

⦗ص: 99⦘

= الحارث بن الحارث الأشعري.

وهو كلامٌ وجيهٌ ودقيق، ينفي دعوى الانقطاع في إسناد مسلم، والله أعلم.

انظر: تحقيق الشيخ مشهور حسن سلمان لكتاب "الطهور" لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص: 123 - 128)، علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم بن الححاج لابن عمار الشهيد (ص: 45)، التتبُّع للدارقطنِي (ص: 159 - 160 رقم 34) الوهم والإيهام لابن القطان (مخطوط 1/ل 87)، شرح مسلم للنووي (3/ 100)، جامع التحصيل للعلائي (ص: 137)، جامع العلوم والحكم لابن رجب (2/ 6)، النكت الظراف لابن حجر (المطبوع بحاشية تحفة الأشراف 9/ 282)، تخريج أحاديث مشكلة الفقر للشيخ الألبانِي (ص: 35 - 36)، وبين الإمامين مسلم والدارقطنِي للشيخ ربيع المدخلي (ص: 59 - 66 الحديث التاسع).

ص: 94

39 -

حدثنا الصَاغانِي، حدثنا هشامُ بن عمّار

(1)

، حدثنا محمد بن

⦗ص: 100⦘

شُعَيبٍ

(2)

أخبَرِني معاويَةُ بن سلَّام

(3)

، عن زيدٍ، عن أبي سَلَّامٍ، عن عبد الرحْمَن بن غَنْمٍ

(4)

، أن أبا مالك الأشعريَّ حَدَّثهُ أَن رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال، بمثلِهِ

(5)

.

(1)

هشام بن عمار بن نُصير بن ميسرة السُّلَمي، أبو الوليد الدمشقي، توفي سنة (245 هـ).

وثقه ابن معين، والنسائي، والدارقطني، والعجلي وغيرهم، وتكلَّم فيه أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وأبو داود، وغيرهم بسبب أخذه على التحديث أجرًا، وقبوله التلقين عند كبره، وزاد أبو حاتم:"صدوق". قال الذهبِي: "صدوق، مكثر، له ما ينكر". ورمز له بـ "صح".

وقال الحافظ في "الهدي": "لم يخرج له البخاري في صحيحه سوى حديثين أحدهما في البيوع والثانِي في مناقب أبي بكر، وعلَّق عنه في الأشربة حديثًا في تحريم المعازف، وهذا جميع ماله في كتابه مما تبين لي أنه احتجَّ به والله أعلم". باختصار.

وقال في "التقريب": "صدوق، مقرئ، كبر فصار يتلقَّن فحديثه القديم أصح".

وقد تابعه عن محمد بن شعيب ثقتان: عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وعيسى بن =

⦗ص: 100⦘

= مساور كما سيأتي في التخريج.

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 397 رقم 519)، العلل للإمام أحمد رواية المرُّذي (ص: 140 رقم 247)، ترتيب ثقات العجلي للهيثمي (2/ 333 رقم 1908)، الجرح والتعديل (9/ 67)، سؤالات الحكم للدارقطنِي (ص: 281 رقم 507)، تهذيب الكمال للمزي (30/ 247)، الميزان للذهبِي (4/ 302)، هدي الساري (ص: 471)، والتقريب لابن حجر (7303).

(2)

في (م) كانت هذه العبارة هكذا: "أخبرنا هشام بن عمار بن شعيب"، وهو خطأ.

ومحمد بن شعيب هو: ابن شابور الأموي مولاهم الدمشقي.

(3)

معاوية بن سلَّام -بالتشديد- بن أبي سلَّام، أبو سلَّام الدمشقي. التقريب (6761).

(4)

غَنْم -بفتح المعجمة وسكون النون- الأشعري. التقريب (3978).

(5)

أخرجه النسائي في سننه -كتاب الزكاة- باب وجوب الزكاة (5/ 5) من طريق عيسى بن مساور عن محمد بن شعيب به.

وأخرجه ابن ماجه في سننه -كتاب الطهارة- باب الوضوء شطر الإيمان (1/ 102 ح 280) وابن حبان في صحيحه (2/ 103 ح 841)، والطبرانِي في المعجم الكبير (3/ 322) كلهم من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم: دُحيم، عن محمد بن شعيب به.

فائدة الاستخراج:

أخرجه مسلم من وجهٍ انتُقِد عليه فيه، وإخراج المصنِّف له من هذا الوجه السالم من الانتقاد من فوائد الاستخراج.

ص: 99

40 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن مالك

(1)

، ح

وحَدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابنُ وَهب

(2)

، أخبرِني مالك، عن ابن شهابٍ الزهري، ح

وحَدثنا السُّلَمي

(3)

، والدَّبَرِيُّ

(4)

قالا:

⦗ص: 102⦘

حدثنا عبد الرزاق

(5)

، أخبرنا مَعْمَر، عن الزهري،

⦗ص: 103⦘

عن سالم

(6)

، عن أبِيهِ، أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجلٍ [من الأنصار]

(7)

وهو يَعِظُ أَخَاهُ في الحياء، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُ فَإِنَّ الحَياءَ مِن الإيمان"

(8)

.

(1)

ابن أنس بن أبي عامر الأصبحي. والحديث في الموطأ (كتاب حسن الخلق -باب ما جاء في الحياء 2/ 905 ح 10).

(2)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمد المصري.

(3)

أحمد بن يوسف بن خالد الأزدي، أبو الحسن النيسابوري لقبه حمدان. والسُّلَمي: بضم السين المهملة، وفتح اللام نسبة إلى: سُلَيم قبيلة من العرب مشهورة، والمذكور هنا من الأزد، وكانت أمُّه سُلَميَّة فغلبت النسبة عليه، ذكره ابن الصلاح في النسب التي ظاهرها على خلاف باطنها.

انظر: الأنساب للسمعانِي (7/ 11)، علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 635) وسير أعلام النبلاء للذهبي (12/ 384)، وتهذيب الكمال للمزي (1/ 525).

(4)

بفتح الدال المهملة، والباء المنقوطة من تحت، والراء المهملة بعدها، نسبة إلى: الدَّبَر قرية من قرى صنعاء. الأنساب للسمعانِي (5/ 271).

وهو: إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أبو يعقوب الدَّبَري، توفي سنة (285 هـ).

ذكره ابن عدي وقال: "استصغر في عبد الرزاق"، وقال الحاكم في سؤالاته للدارقطنِي:"وسألته عن إسحاق الدَّبري؟ فقال: صدوق ما رأيت فيه خلافًا، وإنما قيل: لم يكن من رجال هذا الشأن. قلت: ويُدْخَل في الصحيح؟ قال: إي والله".

وقال مسلمة: "كان لا بأس به"، وقال الحافظ ابن حجر: "وكان العقيلي يصحِّح =

⦗ص: 102⦘

= روايته وأدخله في الصحيح الذي ألَّفه".

وقال ابن الصلاح في معرض كلامه عن عبد الرزاق: "ذكر أحمد بن حنبل أنه عمي في آخر عمره فكان يلقَّن فيتلقَّن، فسماع من سمع منه بعدما عمي لا شيء"، وقال النسائي:"فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة". ثم قال -ابن الصلاح-: "وقد وجدت فيما روي عن الطبرانِي، عن إسحاق الدبري، عن عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدًّا فأحلت أمرها على ذلك، فإن سماع الدبري منه متأخر جدًّا، قال إبراهيم الحربِي: مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين".

وعقَّب الحافظ ابن حجر قائلًا: "والمناكير التي تقع في حديث عبد الرزاق فلا يلحق الدبري منه تبعة إلا أنه صحَّف أو حرَّف، وإنما الكلام في الأحاديث التي عنده في غير التصانيف فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه في حالة الاختلاط والله أعلم".

ورمز له الذهبي "صح" وقال: "ما كان الرجل صاحب حديث، وإنما أسمعه أبوه واعتنى به".

وقد تابعه في هذا الإسناد أحمد بن يوسف السلمي وهو ممن سمع من عبد الرزاق قبل اختلاطه كما ذكره ابن الكيال وغيره، إضافة إلى ذلك فالحديث موجودٌ في مصنَّف عبد الرزاق -كما سيأتي- وقد سبق كلام الحافظ أن المناكير في حديثه في غير التصانيف، والله أعلم.

انظر: الكامل لابن عدي (15/ 338)، سؤالات الحكم للدارقطنِي (ص: 105 رقم 62) علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 663)، الميزان للذهبِي (1/ 181)، لسان الميزان لابن حجر (1/ 350)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 279).

(5)

في (ط) جاء سياق الإسناد على صورة أخرى من التحويل، هكذا: "حدثنا السلمي قال حدثنا عبد الرزاق ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر

" الخ. =

⦗ص: 103⦘

= وعبد الرزاق هو: ابن همام بن نافع الحميري مولاهم الصنعانِي، والحديث في كتاب الجامع لمعمر بن راشد الذي رواه عنه عبد الرزاق وطبع في آخر المصنف له (المصنَّف -كتاب الجامع- باب الحياء والفحش- 11/ 142 رقم 20146).

(6)

سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي.

(7)

الزيادة من (ط)، وهي مثبتة في رواية مسلم.

(8)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب الحياء من الإيمان (الفتح 1/ 93 ح 24) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها

(1/ 63 ح 59) من طريق عبد بن حميد عن عبد الرزاق به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم لفظ الحديث على ما قبله، وذكر المصنِّف لفظه.

ص: 101

41 -

حدثنا أبو المثنى

(1)

، حدثنا القَعْنَبِي

(2)

، حدثنا ابن عُيَيْنَة، عَن الزهري، عَن سَالمٍ، عن أبيهِ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رجُلًا يَعِظُ أخَاهُ في الحياء، فقال: "دَعْهُ

(3)

الحياء من الإيمان"

(4)

.

(1)

معاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري البصري.

(2)

عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبِي.

(3)

في (ط): "فإن الحياء من الإيمان".

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها

=

⦗ص: 104⦘

= (1/ 63 ح 59) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب كلهم عن ابن عيينة به.

فائدة الاستخراج:

قوله في الحديث: "دعه" ليست في روية مسلم.

ص: 103

42 -

حَدثنا عيْسى بن جَعفر الوَرَّاقُ

(1)

، حدثنا شَبَابَةُ

(2)

، ح

وحَدثنا يونُس بن حَبيب، حدثنا أبو دَاود

(3)

، ح

وحَدثنا أبو قلابة

(4)

، حدثنا

⦗ص: 105⦘

بشر بن عمر

(5)

، ح

وحَدثنا

(6)

محمد بن إسمْاعيلَ المكي

(7)

، حدثنا عَفَّان

(8)

، قالوا: حدثنا شُعْبَةُ، عن قتادة

(9)

، عَن أبي السَّوَّار العدَوي

(10)

، عن عمْران بن حُصَين،

⦗ص: 106⦘

أَنَّ النبِي صلى الله عليه وسلم قال: "الحياء لا يأتي إلا بخير".

قال بُشَير بن كَعْبٍ

(11)

: إن في الحكمةِ أنّ مِن الحياء وَقارٌ، ومِن الحياء ضَعْفٌ

(12)

، قال عمْرانُ: أُحَدِّثُكَ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتُحَدِّثُنِي عن الصحيفةِ؟

(13)

.

⦗ص: 107⦘

زادَ عفَّانُ: لا أحَدِّثك حَديثًا أبدًا.

(1)

البغدادي، أبو موسى الصفدي، (272 هـ) ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن المنادي:" كان من أفاضل الناس وشجعان المجاهدين، مع ورع، وعقل، ومعرفة وحديث كثير عال وصدق وفضل" ووثقه الذهبي في "تاريخ الإسلام".

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 496)، تاريخ بغداد (11/ 168)، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/ 247)، سير أعلام النبلاء (13/ 144)، وتاريخ الإسلام للذهبي (20/ 410) حوادث سنة 261 - 280.

(2)

بن سوَّار المدائنِي، مولى بنِي فزارة.

(3)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود البصري، والحديث في مسنده (ص 114).

(4)

الرَّقاشي -بفتح الراء، وتخفيف القاف، ثم معجمة- عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد البصري، توفي سنة (276 هـ). التقريب (4210).

وثقه أبو داود، وقال الدارقطنِي:"صدوق، كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، لا يحتج بما ينفرد به"، ووصفه ابن جرير الطبري بالحفظ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان يحفظ أكثر حديثه". ووثقه مسلمة وقال: "يحفظ حديث شعبة كما يحفظ السورة".

وذكر ابن خزيمة أنه اختلط لما خرج إلى بغداد، ونقل الذهبيِ عن الدارقطنِي أيضًا قوله:"كثير الوهم لا يحتج به"، وقال في الكاشف:"صدوق، يخطئ". وقال الحافظ: =

⦗ص: 105⦘

= "صدوق يخطئ، تغير حفظه لما سكن بغداد".

قال الآبناسي: "من سمع منه بالبصرة قبل أن يخرج إلى بغداد فسماعه صحيح، ومن سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط، أو مشكوكٌ فيه"، ولم أجد أحدًا ذكر المصنِّف فيمن روى عنه قبل الاختلاط أو بعده، وأبو قلابة لم ينفرد هنا بالحديث؛ إضافة إلى كون هذا الحديث من حديث شعبة وقد كان يحفظه كما يحفظ السورة كما سبق نقله عن مسلمة.

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 319)، سؤالات الحكم للدارقطنِي (131 ح 150)، تاريخ بعداد للخطيب (10/ 426)، الميزان (2/ 663)، والكاشف (1/ 669) للذهبِي، تهذيب التهذيب (6/ 327)، والتقريب لابن حجر (4210)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 304).

(5)

ابن الحكم الزهرانِي، أبو محمد البصري.

(6)

سقطت الواو من (م).

(7)

الصائغ الكبير، أبو جعفر البغدادي، نزيل مكة.

(8)

ابن مسلم الصفَّار الباهلي.

(9)

ابن دعامة السدوسي، ثقة، مدلس -كما سبق في ح (17) - وهذا من رواية شعبة عنه، إضافة إلى أنه قد صرَّح بالتحديث في مسند أبي داود الطيالسي، وسبق تخريجه منه.

(10)

البصري، قيل اسمه: حسان بن حُريث، وقيل: حُريث بن حسان، وقيل: حُريف بالفاء، وقيل: منقذ، وقيل: حُجير بن الربيع العدوي. تهذيب الكمال (33/ 392). =

⦗ص: 106⦘

= فتبين من هذا أنه مختلفٌ في اسمه، والذي في الكنى للإمام مسلم، والكنى للنسائي -كما في تهذيب التهذيب لابن حجر- والمقتنى للذهبِي أن اسمه: حسان بن حُريث، بخلاف الروايتين الآتيتين -وإسنادهما صحيح- أن اسمه: حُجَير بن الربيع وسيأتي الكلام فيه، ولم أقف على ما يشهد لبقية الأقوال.

انظر: الكنى والأسماء للإمام مسلم (1/ 410)، المقتنى في سرد الكنى للذهبِي (1/ 299) تهذيب التهذيب لابن حجر (12/ 110).

(11)

بُشَير -مصغَّر- بن كعب بن أبي الحميري العدوي، أبو أيوب البصري، من بنِي عدي بن عبد مناة بن أدّ "ثقة مخضرم" انظر: التقريب (729)، تهذيب الكمال (4/ 184).

(12)

كذا بالرفع -وقار وضعف- في جميع النسخ، ورواية الصحيحين بالنصب، والله أعلم.

(13)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب الحياء (الفتح 10/ 537 ح 6117)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها

(1/ 64 ح 60) كلاهما من طريق شعبة بن الحجاج عن قتادة به، ولعل المراد بالصحيفة المذكورة الإشارة إلى أن ذلك مأخوذ من أهل الكتاب.

قال الحافظ: "وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه لبُشير بن كعب هذا قصة مع ابن عباس تُشعِر بأنه كان يتساهل في الأخذ عن كل من لقيه". فتح الباري (10/ 539) فائدة الاستخراج:

1 -

نسب المصنِّف أبا السَّوَّار، وجاء في رواية مسلم مهملًا. =

⦗ص: 107⦘

= 2 - زيادة عفان في آخر الحديث ليست في رواية مسلم.

ص: 104

43 -

حدثنا عيْسى بن أحمَدَ البَلخي

(1)

، أخبرنا النَّضْر بن شُمَيل، أخبرنا أبو نَعَامَة العَدَويُّ

(2)

، قال: سمعتُ حُجَيرَ بن الرَّبيع العَدَوي

(3)

قال:

⦗ص: 108⦘

قالَ (* لي *)

(4)

عمْرانُ بن الحُصَينِ: "انطلِق إلى قومك فإن أجمعَ ما يكونون عندَ العصْرِ؛ فقُم قائمًا وَقل: أرْسَلنِي عمْرانُ بن حُصَين

(5)

صاحبُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقْرأ عليكم السلام ورحمَة الله، ويَحلف لكم باللهِ الذي لا إله إلا

(6)

هو لأَن أكون عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا

(7)

، أرْعَى أعْنُزًا حَضَنيَّاتٍ

(8)

في رأس جَبلٍ، أحَبُ إليَّ من أَن أَرْميَ في واحدٍ من

⦗ص: 109⦘

الفريقينِ بسهْمٍ أخْطأ أو أصَابَ

(9)

، قال: وسَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحياء خَيرٌ كُلُّه".

قال بُشَير بن كعبٍ: منهُ ضَعْفٌ، وَمنه وَقارٌ لله. فقال: يا حُجَير مَنْ هَذا؟ قلتُ: بُشَير بن كعب، وَلَيْس به بَأسٌ، منَّا

(10)

. قال: أتسْمَعُنِي أُحدِّثه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَيزعُمُ أنه ضَعْف

(11)

؟! لا أحدِّثكم حَديثًا اليوم

(12)

.

(1)

عيسى بن أحمد بن وردان العسقلانِي، أبو يحيى البلخي.

(2)

عمرو بن عيسى بن سُويد بن هُبيرة البصري، وثقه الجمهور، وقال الإمام أحمد:"ثقة إلا أنه اختلط قبل موته". وقال ابن حجر: صدوق اختلط. ولم يذكر صاحب الكواكب النيرات ولا غيره من روى عنه قبل الاختلاط أو بعده، وقد توبع.

انظر: الجرح والتعديل (6/ 251)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 357)، التقريب (5989).

(3)

حُجَير: بالتصغير، يقال: إنه أبو السَّوَّار العدوي. كذا قال المزي وتبعه ابن حجر في التهذيب وتقريبه، وقال في الفتح:"اسمه حُريث على الصحيح".

وذهب الإمام مسلم إلى أنَّ اسمه: حسان بن حريث العدوي.

انظر: الكنى والأسماء للإمام مسلم (1/ 410)، تهذيب الكمال للمزي (5/ 477)، تهذيب التهذيب (2/ 199)، وفتح الباري لابن حجر (10/ 538)، التقريب (1147).

وصرَّح باسمه: حُجير في الرواية التالية، رقم 44. قال الحافظ المزي ما ملخَّصه: "اختلف على أبي نعامة العدوي في هذا الحديث فرواه النضر بن شميل، ويزيد بن الربيع عنه عن حجير بن الربيع، ورواه روح بن عبادة ويوسف بن يعقوب الضبعي وقتادة وخالد بن رباح الهذلي، وقرة بن خالد السدوسي عنه عن أبي السوَّار العدوي، =

⦗ص: 108⦘

= ورواه أبو عاصم النبيل، وروح بن عبادة، ومكي بن إبراهيم عنه قال: حدثنا أبو السوَّار واسمه حُجير بن الربيع".

فالظاهر -مما هنا ومما في كلام المزي- أن كنية هذا الراوي أبو السوَّار، واسمه: حُجَير بن الربيع ويفهم هذا من تصرُّف أبي عوانة رحمه الله تعالى حيث أورده في السند الأول (ح: 42) بالكنية وفي السند الثانِي (ح: 43) بالاسم، وفي السند الثالث (ح: 44) بالكنية مفسَّرة بالاسم.

وعليه فالاختلاف غير مؤثرٍ لأن مآل هذه الأقوال ترجع إلى ذات واحدة.

(4)

سقطت من (م) و (ك).

(5)

في (م): "الحصين" بزيادة "أل" التعريف، وفي (ط) بدون "أل" في الموضعين.

(6)

سقطت من (م) أداة الاستثناء: "إلا".

(7)

مجدَّعًا أي: مقطَّع الأعضاء. النهاية لابن الأثير (1/ 247).

(8)

قال في النهاية: "الحضنيات: منسوبة إلى حَضَن -بالتحريك-، وهو جبل بأعالي نجد"، وقال ابن منظور:"الأعنز الحَضَنية: ضربٌ شديد السواد، وضربٌ شديد الحمرة، قال الليث: كأنها نُسبت إلى حَضَن، وهو جبل بِقُّلَّةِ نجدٍ، معروف".

انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 401)، لسان العرب (3/ 221).

(9)

يشير رضي الله عنه إلى الفتنة التي حدثت بين الصحابة، وفي ترجمته في الإصابة (4/ 706) أنه كان قد اعتزل الفتنة فلم يقاتل فيها.

(10)

قال النووي: "معناه: ليس هو ممن يتهم بنفاقٍ أو زندقةٍ أو بدعةٍ أو غيرها مما يخالف به أهل الاستقامة والله أعلم". شرح مسلم (2/ 8)، ومِنَّا: أي من قبيلتنا بنِي عدي، من حِمير.

(11)

هذا الاستفهام إنكاري؛ كما توضحه الروايات الأخرى.

(12)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها (1/ 64 ح 61).

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم لفظ الحديث على ما قبله ولم يذكره، وذكره المصنِّف.

ص: 107

44 -

حَدثنا أبو أَمَيَّة، حدثنا أبو عاصم

(1)

، ورَوْح

(2)

، ومكي

(3)

،

⦗ص: 110⦘

قالوا: حدثنا أبو نَعَامة، ح

وحَدثنا عَباسُ، حدثنا روح، قال

(4)

: حدثنا أبو نَعامة، حدثنا أبو السَّوَّار -واسْمُهُ حُجَير بن الرَبيع العدويُّ- قال: سمعت عمْران بن حُصَين قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَعنِي

(5)

يقول: "الحياء خيرٌ كلّهُ".

قال: فَقال رجل

(6)

: إنَّ في الحكمَةِ مكتوبٌ: إِنّ مِنْهُ وَقارٌ، وَمنه ضَعْفٌ، فَقالَ: لا أُرِيكُم

(7)

أُحَدِّثكم عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَتُحَدِّثوني عَن الصُّحُفِ؟! لا أحدِّثكم اليومَ بحديثٍ

(8)

.

⦗ص: 111⦘

وَهذا لَفظُ أبي أُمَيَّة.

(1)

الضحاك بن مخلد النبيل. تهذيب الكمال (5/ 480).

(2)

ابن عبادة بن العلاء القيسي، أبو محمد البصري.

(3)

ابن إبراهيم بن بشير التميمي، أبو السكن البلخي.

(4)

في الأصل و (م): "قالوا"، والمثبت من (ط).

(5)

كذا في الأصل، وليست كلمة "يعني" في (م) و (ط).

(6)

هو: بُشير بن كعب كما في الحديث الذي قبله.

(7)

أي: لا أرى لكم هذا الرأي، ولا أُشير عليكم بأن تحدِّثوني عن الصحف حينما أحدِّثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال بعض المفسِّرين في قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى

} [سورة غافر- الآية 29] أي: ما أُشير عليكم إلا بما أرى لنفسي.

انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبِي (15/ 310)، تفسير ابن كثير (4/ 85).

(8)

لم أجده هكذا -ببيان اسم أبي السوَّار- عند غير أبي عوانة، وإسناده صحيح كما تقدم في الحديث الذي قبله، وعزاه المزي إلى أبي عوانة وحده والله أعلم.

انظر: تهذيب الكمال (5/ 480).

فائدة الاستخراج:

رواية المصنِّف هذه أفادت أنَّ أبا السوار هو حجير بن الربيع العدوي، وقد جاء عند مسلم في إسنادين أحدهما بكنيته، والآخر باسمه، وكان الإمام مسلمًا كان يرى أنهما اثنان لأنه ذهب إلى أن أبا السوَّار اسمه حسان بن حريث العدوي كما سبق الكلام =

⦗ص: 111⦘

= عليه قريبًا في ح (43).

ص: 109

45 -

حدثنا أبو عبيد الله الورَّاق

(1)

، وإبراهيم بن مرزوق

(2)

، وأبو الأزهر

(3)

قالوا: حدثنا أبو عَامر العَقَدي

(4)

، حدثنا عبد العزيز بن محمد

(5)

، ح

وحَدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم

(6)

، حَدثنِي أبو زرْعة -يَعْني: وَهْبَ الله، وهو: ابن راشد

(7)

⦗ص: 112⦘

حدثنا حَيوةُ

(8)

كلاهما

(9)

عَنْ يَزيدَ بن الهادِ

(10)

، عن محمد بن إبراهِيمَ

(11)

، عن عامر بن سعدٍ

(12)

، عن العَباس بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاقَ طَعمَ الإيمان من رضيَ باللهِ ربًّا، وَبالإسْلامِ دينًا، وبمحمد رسُولًا"

(13)

.

(1)

حماد بن الحسن بن عنبسة النهشلي البصري.

(2)

ابن دينار الأموي، أبو جعفر البصري، نزيل مصر.

(3)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(4)

العَقَدي -بفتح العين المهملة والقاف، وفي آخرها الدال المهملة- نسبة إلى بطن من بَجِيلة، قاله السمعانِي، ونسب إلى الخليل بن أحمد "صاحب العين" أنه قال: نسبة إلى بطنٍ من قيس، ورجَّحه الزبيدي. والمنسوب إليه هنا هو: عبد الملك بن عمرو القيسي البصري.

انظر الأنساب للسمعانِي (9/ 15)، تاج العروس للزبيدي (2/ 427).

(5)

الدراوردي، فيه كلام يسير، قد مضت ترجمته في الحديث (28) وقد توبع هنا أيضًا.

(6)

ابن أَعْيَن المصري، أبو عبد الله الفقيه.

(7)

في (ط) جاءت العبارة هكذا: "يعنِي: وهب الله بن راشد".

وهو: وهب الله بن راشد المؤذن الحَجْري المصري، توفي سنة (211 هـ).

والحَجْري: بفتح الحاء المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها الراء، نسبة إلى ثلاث قبائل اسم كل واحدة "حَجْر": حَجْر رُعين، وحَجْر حمير، وحَجْر الأزد، وهذا من حَجْر رُعين. الأنساب للسمعانِي (4/ 66) مختصرًا. =

⦗ص: 112⦘

= قال أبو حاتم: "محله الصدق"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"يخطئ"، وقال الذهبِي:"غمزه ابن أبي مريم"، عقَّب الحافظ بقوله:"لعله يريد بذلك ما رواه ابن يونس عن غيلان، عن أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال: نهانِي عمي عن الكتابة عن أبي زرعة المؤذن". ولعل النهي لكونه كان يخطئ كما ذكر ابن حبان، وهو متابعٌ هنا، تابعه العقدي عن الدراوردي عن يزيد بن الهاد، وهو يرويه عن حيوة عن يزيد بن الهاد، فهي متابعة قاصرة.

انظر: الجرح والتعديل (9/ 27)، الثقات لابن حبان (9/ 228)، لسان الميزان لابن حجر (6/ 235).

(8)

ابن شُريح بن صفوان التُّجَيبِي، أبو زرعة المصري الفقيه.

(9)

في (ط): "جميعًا".

(10)

يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدنِي.

(11)

ابن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدنِي.

(12)

في (ط): "عباس بن سعد"، وتصويب في الهامش هكذا:"ص عامر بن سعد".

وهو: عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدنِي.

(13)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا (1/ 62 ح 56) من طريق ابن أبي عمر العدنِي، وبشر بن الحكم كلاهما عن الدراوردي به. =

⦗ص: 113⦘

= فائدة الاستخراج:

قرن المصنِّف إسناد حيوة بن شريح مع إسناد الدراوردي -وهو متكلَّمٌ فيه- ورواية مسلم من طريق الدراوردي وحده.

ص: 111

46 -

حدثنا أيوبُ بن إسْحاق بن سافري، وَموسى بن سَعيد الدَّنْداني

(1)

قالا: حدثنا أحمد بن حَنبل

(2)

، حدثنا الشافعيُّ، حدثنا عبد العزيز بن محمد بإسْنَاده مثلَه

(3)

.

قال أبو عامر العَقَديُّ في حديثهِ أنه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقول بمثلِهِ.

(1)

الدَّنْدَانِي: بمهملتين مفتوحتين، ونونين الأولى ساكنة، أبو بكر الطرسوسي. ضبطه السمعانِي ولم يذكر النسبة إلى أين؟! وكذا في اللباب لابن الأثير، وتحريره للسيوطي، وذكر الشيخ المعلمي في حاشية الأنساب نقلًا عن ابن منده أنَّ الدندانِي لقب وليس نسبة، وذكره ابن الجوزي في الألقاب، والله أعلم. وثَّقه النسائي، وقال الذهبي وابن حجر:"صدوق".

انظر: الأنساب للسمعانِي (5/ 346)، كشف النقاب لابن الجوزي (1/ 196)، اللباب لابن الأثير (1/ 510)، تهذيب الكمال (29/ 70)، الكاشف للذهبِي (2/ 304)، لب اللباب للسيوطي (1/ 324)، التقريب (6967).

(2)

وهو في المسند (1/ 208).

(3)

أخرجه ابن منده في الإيمان (1/ 249 - 250) من طريق الحميدي، وبشر بن عمر العبدي، وابن أبي عمر العدنِي ثلاثتهم عن الدراوردي، عن يزيد بن الهاد به.

وأخرجه أيضًا من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد به.

ص: 113

47 -

حدثنا محمد بن يحيى

(1)

،

⦗ص: 114⦘

حدثنا وَهبُ بن جَرير

(2)

، حدثنا شعبةُ، ح

وَحَدثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حجاج

(3)

، حَدثنِي شعبَةُ، قال سمعتُ قتادَةَ يُحَدَّث عن أنس بن مالك

(4)

قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وَجد طعمَ الإيمان: يُحب المرْءَ لا يُحبه إلا لله

(5)

، ومَن كان الله ورسولهُ أحبَّ إليه ممَّا سواهما، ومَن كان أن يُلقَى في النار أحَبَّ إليه مِن أن

(6)

يرْجع إلى الكفر بعدَ إِذْ أنقَذَهُ الله منه"

(7)

.

(1)

يروي عن وهب بن جرير اثنان محمد بن يحيى، الأول: الذهلي، والآخر: محمد بن =

⦗ص: 114⦘

= يحيى بن عبد الكريم الأزدي، أبو عبد الله بن أبي حاتم البصري. وذكر المزي أبا عوانة في الرواة عن الذهلي ولم يذكره في الآخر ولا يستلزم ذلك أنه لم يرو عنه، ولم يتبين لي من هو المراد، وفيما وقفت عليه: روايات المصنِّف عن الذهلي، وعلى كلٍّ هما ثقتان.

(2)

ابن حازم بن زيد الأزدي.

(3)

حجاج بن محمد المصِّيصي، أبو محمد الأعور، توفي سنة (206 هـ).

ثقة اختلط في آخر عمره، وذكر الحافظ ابن حجر -في ترجمة سنيد المصِّيصي- عن أبي بكر الخلال أن الإمام أحمد كان يرى أن أحاديث الناس عن حجَّاج صحاحٌ إلا ما روى سُنيد. ومع هذا فقد تابعه وهب بن جرير عن شعبة هنا، وتابعه غندر عند مسلم.

انظر: تهذيب الكمال (5/ 456)، تهذيب التهذيب (4/ 221).

(4)

في (ط): "عن أنس" فقط.

(5)

في (م): "إلا الله"، وهو خطأ.

(6)

في (م): "من لا"، وهو خطأ.

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب من كره أن يعود في الكفر

(الفتح 1/ 91 ح 21) من طريق سليمان بن حرب عن شعبة به. =

⦗ص: 115⦘

= وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان (1/ 66 ح 68) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به مع اختلاف يسير مع ألفاظ المصنِّف.

ص: 113

48 -

حَدثنا أبو جَعفر الدارمي

(1)

، حدثنا سليمانُ بن حَرب

(2)

، ح

وحَدثنا جَعفر الصائغُ

(3)

، حدثنا عَفَّان

(4)

، قالا: حدثنا حماد

(5)

، ح

وحَدثنا الرَّبيعُ بن سليمان، حدثنا أسد بن موسى

(6)

، حدثنا حمَاد، عن ثابتٍ

(7)

، عَن أنسٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وَجَد حلاوةَ الإيمان: مَنْ كان الله وَرسُولُهُ أحبَّ إليهِ ممَّا

⦗ص: 116⦘

سواهما، وَمَنْ أحب عبدًا لا يُحبه إلا لله

(8)

، وَمَنْ أَنْ يُلْقَى في النار أحبُّ إليه من أن يَعُودَ يهوديًّا أو نصْرانيًّا". قال أسد:"من أن يرجع إلى الشرك"

(9)

.

(1)

أحمد بن سعيد بن صخر السرخسي.

(2)

ابن بَجيل الأزدي الواشحي، أبو أيوب البصري، قاضي مكة.

(3)

جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، أبو محمد البغدادي، والصائغ -بفتح الصاد المهملة كسر الياء المثناة من تحتها وفي آخرها غين معجمة- نسبة إلى الصياغة.

انظر اللباب (2/ 232).

(4)

ابن مسلم بن عبد الله الصفَّار الباهلي. قال المزي: "عفَّان لا يروي عن حماد بن زيد إلا وينسبه وقد يروي عن حماد بن سلمة فلا ينسبه". تهذيب الكمال (7/ 269).

(5)

ابن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة، أثبت الناس في ثابت. تهذيب الكمال (7/ 262).

(6)

الأموي، الملقَّب بأسد السنَّة.

(7)

ابن أسلم البنانِي، أبو محمد البصري، من أثبت الناس في أنس، صحبه أربعين عامًا.

تهذيب الكمال (4/ 348).

(8)

في (م): "إلا الله" وهو سهو.

(9)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان (1/ 67 ح 68) من طريق النضر بن شميل عن حماد، ولفظه كلفظ عفان وسليمان بن حرب.

فائدة الاستخراج:

ذكر مسلم بعض لفظ الحديث، وأحال باقيه على ما قبله، وذكر المصنِّف لفظ الحديث كاملًا.

ص: 115

49 -

حَدثنا أبو داود الحرَّانِي

(1)

، حدثنا علي بن عبد الله

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، حدثنا هشام بن عروة

(4)

قال: سمعتُ أبي يخبر عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: "قلتُ: يا رسُولَ الله، قل لي في الإسلام قوْلًا لا أسْأل أحدًا عنه بَعدُ

(5)

، قال: قل: آمنتُ بالله، ثم اسْتَقم"

(6)

.

(1)

سليمان بن سيف بن يحيى بن درهم الطائي مولاهم الحرانِي الحافظ.

(2)

هو الإمام علي بن المدينِي.

(3)

ابن عيينة.

(4)

ابن الزبير بن العوام الأسدي.

(5)

سقطت من (م) كلمة: "بعد"، وفي (ط):"بعدك" وهو لفظ مسلم.

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب جامع أوصاف الإيمان (1/ 65 ح 62) من طريق ابن نمير، وجرير، وأبي أسامة كلهم عن هشام بن عروة به. =

⦗ص: 117⦘

= فائدة الاستخراج:

لم أجده من حديث ابن عيينة عن هشام بن عروة إلا عند أبي عوانة، وابن عيينة أشهر الرواة عن هشام، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 116

50 -

حدثَنا أحمَدُ بن الفَضل العسْقلانِي

(1)

، حدثنا آدَمُ

(2)

ح

وحَدثنا أبو أُمَيةَ، حدثنا يحيى بن إسْحاق السَّالحينِي، ح

وَحَدثنِي عمر بن حَفصٍ السَّدوسي

(3)

، حدثنا عاصم

(4)

، قالوا:

⦗ص: 119⦘

حدثنا الليثُ بن سَعد، حدثنا يزيدُ بن أبي حَبيب

(5)

، عن أبي الخير

(6)

، عَن

⦗ص: 120⦘

عبد الله بن عَمرو: "أنَّ رجُلًا

(7)

سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خَيْرٌ؟ قال: تُطعم الطَّعامَ، وَتَقرأ السلامَ عَلَى مَنْ عَرفْتَ وَمَن لا تعرفُ"

(8)

.

(1)

في (ط) زيادة: "بها"، أي: حدَّثهم بعسقلان، وأحمد بن الفضل هذا ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا وقال:"كتبنا عنه"، وقال ابن حزم:"مجهول".

وأما عسقلان -بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم قاف وآخره نون- فهي مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر بين غزة وبيت جِبرين، ويقال لها: عروس الشام.

وعسقلان أيضًا: قرية من قرى بلخ أو محلة من محالها. ولم يتبين لي أيهما المقصود في الإسناد، ولعل النسبة إلى الأولى لأن شيخه يُنسب إلى عسقلان الشام كما قال السمعانِي، والله أعلم.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 67)، الأنساب للسمعانِي (8/ 449)، معجم البلدان لياقوت (4/ 137 - 138)، لسان الميزان لابن حجر (1/ 247).

(2)

آدم بن أبي إياس (عبد الرحمن) بن محمد الخراسانِي المروزي، أبو الحسن العسقلانِي.

(3)

أبو بكر، ذكره ابن حبان في الثقات، وترجم له الخطيب وقال:"كان ثقة"، وذكره الذهبِي في السير عرضًا في ترجمة صالح جزرة فيمن مات سنة (293 هـ).

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 447)، تاريخ بغداد للخطيب (11/ 216)، سير أعلام النبلاء للذهبِي (14/ 32).

(4)

ابن علي ابن عاصم بن صهيب الواسطي القرشي التيمي مولاهم، توفي سنة (221 هـ) من شيوخ الإمام البخاري في الصحيح، فقد أخرج له قليلًا. =

⦗ص: 118⦘

= قال عنه ابن سعد: "كان ثقة، وليس بالمعروف بالحديث، ويكثر الخطأ فيما حدَّث"، وقال ابن معين مرة:"أصبح عاصم بن علي سيِّد الناس".

وقال ابن نمير: "يصدق، وليس بصاحب حديث، ولولا ما قام به ما كُتِب عنه حرف واحد".

وقال الإمام أحمد: "حديثه حديث مقارب حديث أهل الصدق، ما أقل الخطأ فيه"، وقال أيضًا:"قد عرض عليَّ حديثه، فرأيت حديثًا صحيحًا"، وقال مرة:"صحيح الحديث، قليل الغلط ما كان أصح حديثه، وكان إن شاء الله صدوقًا"، وقال المرُّوذي:"سألته عن عاصم بن علي فقلت إن يحيى بن معين قال: كلُّ عاصم في الدنيا ضعيف فقال: ما أعلم منه إلا خيرًا، كان حديثه صحيحًا، حديث شعبة والمسعودي ما كان أصحها".

ووثقه العجلي، وابن قانع، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات.

وذكر له ابن عدي ثلاثة أحاديث ثم قال: "لا أعرف له شيئًا منكرًا في رواياته إلا هذه الأحاديث التي ذكرتها، وقد حدثنا عنه جماعة فلم أر بحديثه بأسًا إلا فيما ذكرت، وقد ضعفه ابن معين، وصدَّقه أحمد بن حنبل"، وقال الدارقطنِي:"صدوق".

وقد ضعفه ابن معين مرة، وقال مرة:"ليس بشيء"، ومرة قال:"كذاب ابن كذاب" ووهَّى الحافظ ابن حجر هذه الرواية في التهذيب، وعن الغلأبي قال:"سألت ابن معين عن عاصم بن علي فذَمَّه واتهمه"، وعن الحسين بن فهم قال:"ثلاثة أبيات كانت عند ابن معين من أشرّ قوم المحبَّر بن قحذم وولده، وعلي بن عاصم وولده، وآل أبي أويس كلهم كانوا عنده ضعافًا جدًّا".

وذكر الحافظ ابن رجب هذا قاعدةً عند ابن معين ثم قال: "عاصم كان ابن معين يذمُّه، ومرة قال: كذاب بن كذاب، وكان أحمد يوثقه ويقول: هو صحيح الحديث، قليل الغلط، وقال أيضًا: هو أصح حديثًا من أبيه".

وضعفه النسائي أيضًا، وذكره العقيلي، وابن شاهين، وابن الجوزي في الضعفاء =

⦗ص: 119⦘

= معتمدين على تضعيف ابن معين له.

وأما الذهبِي فقد صدَّقه في معظم كتبه، ورمز له "صح" في الميزان، ووثقه في تذكرة الحفاظ، وديوان الضعفاء، وقال في الكاشف:"ثقة مكثر، لكن ضعفه ابن معين، وأورد له ابن عدي أحاديث منكرة".

وقال الحافظ ابن حجر: "صدقٌ، ربما وهم"، وقال ابن العماد الحنبلي:"ثقة حجة".

ولعل قول الحافظ ابن حجر فيه هو أعدل الأقوال، فابن معين والنسائي متشدِّدان، ولم يضعفه غيرهما، ومن ذكره في الضعفاء فقد تبع فيه ابن معين، والله أعلم.

وقد روى عنه من الأئمة: الإمام أحمد، والبخاري، والدارمي، وأبو حاتم وغيرهم.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 316)، سؤالات ابن الجنيد (ص: 383)، معرفة الرجال لابن محرز (2/ 226)، العلل رواية المرُّوذي (ص: 129)، الجامع في العلل ومعرفة الرجال (1/ 193)، سؤالات أبي داود للآجري (ص: 322)، الثقات للعجلي (2/ 9) الضعفاء للعقيلي (3/ 337)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 348)، الثقات لابن حبان (7/ 257)، الكامل لابن عدي (5/ 1875)، سؤالات الحكم للدارقطنِي (ص: 255)، الضعفاء والمتروكين لابن شاهين (ص: 148)، الضعفاء لابن الجوزي (2/ 10)، تاريخ بغداد للخطيب (12/ 247)، تهذيب الكمال للمزي (13/ 508)، السير (9/ 262)، وتذكرة الحفاظ (1/ 397)، والكاشف (1/ 520)، والمغنِي في الضعفاء (1/ 321)، وديوان الضعفاء (ص: 203)، والميزان للذهبِي (2/ 354) شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 880 - 882)، تهذيب التهذيب (5/ 46)، وهدي الساري (ص: 432)، والتقريب لابن حجر (3067)، شذرات الذهب لابن العماد (2/ 48).

(5)

أبو رجاء المصري، واسم أبي حبيب: سويد.

(6)

مرثد بن عبد الله اليَزَنِي.

(7)

قال الحافظ: "لم أعرف اسمه، وقيل: إنه أبو ذر، وفي صحيح ابن حبان أنه هانِي بن يزيد والد شريح سأل عن معنى ذلك فأجيب بنحو ذلك". الفتح (1/ 72).

(8)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب إطعام الطعام من الإسلام (الفتح 1/ 71 ح 12)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (1/ 65 ح 63) كلاهما من طريق الليث بن سعد به. ولفظ مسلم:"ومن لم تعرف".

فائدة الاستخراج:

نسب المصنِّف "الليث" إلى أبيه، وورد عند مسلم مهملًا.

ص: 117

51 -

حدثنا يُوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حَجاج

(1)

، ح

وحَدثنا علي بن حرْب، حدثنا مكي

(2)

، ح

وحدثنا ابن الجُنَيد

(3)

، حدثنا أبو عَاصمٍ

(4)

كلهُم عن ابن جُريج

(5)

،

⦗ص: 121⦘

أخبَرنِي أبو الزُّبَير

(6)

، أنَّه سمِعَ جابر بن عبد الله يقول: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضل المسلمين إسْلامًا مَن سلِمَ المسلمون من لسانه وَيدِهِ"

(7)

.

وهذا لفظ حجاج.

(1)

ابن محمد المصِّيصي الأعور.

(2)

ابن إبراهيم بن بشير بن فرقد التميمي الحنظلي، أبو السكن البلخي.

(3)

محمد بن أحمد بن الجنيد الدقاق البغدادي، أبو جعفر.

(4)

الضحَّاك بن مخلد النبيل.

(5)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكي، توفي سنة (149 هـ أو بعدها).

أحد الذين تدور عليهم أسانيد أهل مكة كما ذكره ابن المدينِي، ثقة، مكثر، غير أنه موصوفٌ بالتدليس، قال الإمام أحمد:"إذا قال ابن جريج: قال فلان، وقال فلان، وأخبرت؛ جاء بمنكير وإذا قال: أخبرنِي، وسمعت فحسبك به"، ونحوه قال يحيى بن =

⦗ص: 121⦘

= سعيد القطان.

وقال الدارقطنِي: "يُتجنَّب تدليسه؛ فإنه وحش التدليس لا يدلِّس إلاَّ فيما سمعه من مجروح مثل: إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة".

وجعله الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة في المدلسين، وقال: "مشهور بالعلم والثبت، كثير الحديث، وصفه النسائي وغيره بالتدليس

". وقد صرَّح هنا بالإخبار.

انظر: سؤالات الحكم للدارقطنِي (ص: 174)، تاريخ بغداد للخطيب (10/ 400)، تهذيب الكمال للمزي (18/ 338)، تعريف أهل التقديس لابن حجر (ص: 95).

(6)

محمد بن مسلم بن تدرس المكي.

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (1/ 65 ح 65) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد عن ابن جريج به، ولفظه:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

فائدة الاستخراج:

وقع في رواية المصنِّف زيادة شرحٍ في الحديث قيَّدت رواية مسلم وهو قوله: "أفضل المسلمين إسلامًا

".

ص: 120

52 -

حدثنا إسماعيل القاضي

(1)

، حدثنا محمد بن كثير

(2)

، ح

⦗ص: 122⦘

وحَدثنا وَحْشِي [يعنِي: محمد بن محمد بن مصعب الصوري]

(3)

، حدثنا مؤَمَّل

(4)

، قالا: حدثنا سُفيان

(5)

، عن الأَعمش، عَن أبي سفيانَ

(6)

، عن جَابر

(7)

: "قيل: يا رسول الله أيُّ الإسلام أَفضَلُ؟ قال: أن يسلم المسلمون من لسانِك وَيدِك"

(8)

.

(1)

إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري.

(2)

العبدي، أبو عبد الله البصري، توفي سنة (223 هـ).=

⦗ص: 122⦘

= وثقه الإمام أحمد، وأبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان تقيًّا فاضلًا يخضب"، قال الحافظ:"وقال مسلمة بن قاسم: لا بأس به".

وضعفه ابن معين فقال: "كان في حديثه ألفاظ -كأنه ضعَّفه-، لم يكن يستأهل أن يكتب عنه"، وضعفه ابن قانع.

وقال الذهبيِ: "الرجل ممن طفر القنطرة، وما علمنا له شيئًا منكرًا يُليَّن به".

وقال الحافظ: "ثقة لم يصب من ضعفه"، وقال في الهدي:"روى عنه البخاري ثلاثة أحاديث قد توبع عليها". وقد توبع على حديثه هنا.

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 357)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 70)، الثقات لابن حبان (9/ 77)، سير أعلام النبلاء للذهبي (10/ 384)، تهذيب التهذيب (9/ 361) [وقع في المطبوع من التهذيب:"سليمان بن القاسم" وهو خطأ]، والتقريب (6272)، وهدي الساري لابن حجر (ص: 464).

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط).

ووحشي لقب له كما في كشف النقاب لابن الجوزي (2/ 448).

(4)

ابن إسماعيل القرشي العدوي مولاهم، أبو عبد الرحمن البصري.

(5)

هو الثوري، نسبه البغوي.

(6)

طلحة بن نافع القرشي مولاهم المكي.

(7)

في (ط) زيادة: "قال".

(8)

لم يخرجه مسلم من طريق أبي سفيان عن جابر، وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند =

⦗ص: 123⦘

= (3/ 372) والبغوي في شرح السنة (1/ 30)، والطبرانِي في المعجم الصغير (1/ 253) وغيرهم من طريق الأعمش عن أبي سفيان به.

ص: 121

53 -

حدثنا العُطاردي

(1)

،

⦗ص: 125⦘

حدثنا ابن فُضَيل

(2)

، عَن الأَعمَش، عَن أبي سُفيانَ، عَن جَابر قال: "جاء رجلٌ فقال: يا رسولَ الله أي الإسلامِ أفضَل؟ قالَ: من سَلم المسلمونَ من لسانهِ وَيَده

(3)

.

(1)

أحمد بن عبد الجبار بن محمد الكوفي، أبو عمر العُطاردي -بضم العين، وفتح الطاء، كسر الراء والدال المهملات -نسبة إلى بعض أجداد المنتسب إليه. الأنساب للسمعانِي، (8/ 476).

ضعفه أبو حاتم، والحاكم، وغيرهما، وقال مطيَّن:"كان يكذب".

وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الدارقطنِي، ومسلمة بن القاسم، والخطيب وغيرهم.

وليس تضعيف من ضعفه لأجل نكارة حديثه، وإنما لأنه روى عن القدماء الذين يُشتبه في أنه لم يلقهم. قال ابن حبان:"ربما خالف، ولم أر في حديثه شيئًا يجب أن يعدل به عن سبيل العدول إلى سَنَن المجروحين".

وقال ابن عدي: "رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه، ولا يعرف له حديثٌ منكر، وإنما ضعَّفه أنه لم يلق من يحدّث عنهم". ونحوه قال أبو يعلى الخليلي.

ولم يثبت أنه روى عمر، لم يلقهم، وإنما اعتنى به أبوه فأسمعه من القدماء أمثال: يونس بن بكير وحفص بن غياث، وأبي بكر بن عيَّاش ونحوهم وهو صغير، وكان سماعه في كتب أبيه.

قال الدارقطنِي: "اختلف فيه شيوخنا، ولم يكن من أصحاب الحديث، وكان سماعه في كتب أبيه".

وقال أبو كريب: "سمع معنا مع أبيه مغازي يونس بن بكير"، وقال الحكم:"سمعت القاضي محمد بن صالح يذكر عن شيوخه أنهم لم يشكوا في صدق أحمد بن عبد الجبار".

⦗ص: 124⦘

= وقال الخطيب: "كان أبو كريب من الشيوخ الكبار الصادقين الأبرار، وأبو عبيدة السري بن يحيى شيخ جليل أيضًا ثقة من طبقة العطاردي، وقد شهد له أحدهما بالسماع، والآخر بالعدالة، وذلك يفيد حسن حاله، وجواز روايته، إذ لم يثبت لغيرهما قولٌ يوجب إسقاط حديثه، واطِّراح خبره، فأما قول الحضرمي في العطاردي أنه كان يكذب فهو قولٌ مجملٌ يحتاج إلى كشفٍ وبيان فإن كان أراد به وضع الحديث فذلك معدومٌ في حديث العطاردي، وإن عنى أنه روى عمر، لم يدركه فذلك باطلٌ أيضًا؛ لأن أبا كريب شهد له أنه سمع معه من يونس بن بكير، وثبت أيضًا سماعه من أبي بكر بن عياش، فلا يستنكر له السماع من حفص بن غياث وابن فضيل، وكيع، وأبي معاوية؛ لأن أبا بكر بن عيَّاش تقدمهم جميعًا في الموت، وكان والده من كبار أصحاب الحديث فيجوز أن يكون بكَّر به، وقد روى العطاردي عن أبيه عن يونس بن بكير أوراقًا من مغازي ابن إسحاق، ويشبه أن يكون فاته سماعها من يونس فسمعها من أبيه عنه، وهذا يدل على تحريه للصدق، وتثبته في الرواية والله أعلم".

ونحو هذا الكلام قال الذهبي في السير، وهو كلامٌ في غاية التفصيل والدقة، ويبدو أن الحافظ ابن حجر رحمه الله رجَّح جانب أقوال المضعفين مع اقتناعه بسماعه للسيرة مع أبي كريب من يونس بن بكير فلذا قال في التقريب:"ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح".

والظاهر أن تفصيل الخطيب أقرب للصواب، فأقل الأحوال أن يكون حسن الحديث، وقد قرَّر ابن عدي وابن حبان أنهما لم يجدا له حديثًا منكرًا، والله أعلم.

وأما الحديث فقد جاء من طريق أخرى كما سبق في الحديث الذي قبله.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 62)، الثقات لابن حبان (8/ 45)، الكامل لابن عدي (1/ 194)، سؤالات السهمي للدارقطنِي (ص: 157)، سؤالات الحكم =

⦗ص: 125⦘

= للدارقطنِي (ص: 86)، الإرشاد للخليلي (2/ 580)، تاريخ بغداد للخطيب (4/ 263) تهذيب الكمال للمزي (1/ 380)، السير للذهبي (13/ 57)، التقريب (64).

(2)

محمد بن فُضَيل بن غزوان الضبي الكوفي.

(3)

أخرجه الإمام أحمد وغيره -كما تقدم في الذي قبله- من طريق الأعمش به.

ص: 123

54 -

حَدثَنا محمد بن يحيى، حدثنا إسْماعيلُ بن أبي أُوَيس

(1)

، حَدثنِي

⦗ص: 126⦘

أخي

(2)

، عن سليمان بن بلال، عَن عَمرو بن أبِي

⦗ص: 127⦘

عمرو

(3)

،

⦗ص: 128⦘

عَن المَقبُري

(4)

، ح

⦗ص: 129⦘

وحَدثنِي أبِي

(5)

، حدَّثنا علي بن حُجْر

(6)

، حدثنا إسْماعيل بن

⦗ص: 130⦘

جعفر

(7)

، عن عمرو بن أبي عَمرو، عن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبي هُرَيرة أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم انصَرَف من الصُّبح يومًا فأتى النساء في المسجدِ فوقَف عليهنَّ، فقال: "يا معشَرَ

(8)

النساء ما رأيتُ من نواقصِ عُقولٍ قَطُّ ودينٍ أَذهبَ بقلوب ذَوي الألبابِ منكنَّ، وَإنِي قد رأيتُ أنَّكنَّ أكثر أهل النار يومَ القيامةِ، فتقرَّبن إلى الله بما استطعتُنَّ"

(9)

.

(1)

إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، أبو عبد الله المدنِي، توفي سنة (226 هـ).

مختلف فيه، فقد ضعفه ابن معين -في أكثر الروايات عنه-، والنسائي، وغيرهما.

ووثقه الإمام أحمد، وابن معين في رواية الدارمي، وقال أبو حاتم:"محله الصدق، وكان مغفلًا".

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطنِي:"لا أختاره في الصحيح".

قال الذهبيِ: "لولا أن الشيخين احتجا به لزحزح حديثه عن درجة الصحيح إلى درجة الحسن، هذا الذي عندي فيه". وقال أيضًا: "الرجل قد وثب إلى ذاك البر، واعتمده صاحبا الصحيحين ولا ريب أنه صاحب أفراد ومناكير تنغمر في سعة ما روى؛ فإنه من أوعية العلم".

وقال الحافظ ابن حجر في هدي الساري: "احتج به الشيخان إلا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين، وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري

". =

⦗ص: 126⦘

= وقال أيضًا: "وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به ويعرض عما سواه، وهو مشعرٌ بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه لأنه كتبه من أصوله، وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا إن شاركه فيه غيره فيعتبر فيه" وقال في التقريب: "صدوقٌ، أخطأ في أحاديث من حفظه".

والحديث رواه غيره كما في الإسناد الآخر، وكما سيأتي في التخريج.

انظر: معرفة الرجال رواية ابن محرز (1/ 65)، تاريخ الدارمي عن ابن معين (ص: 239) الجرح والتعديل (2/ 181)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 51)، الثقات لابن حبان (8/ 99)، الكامل لابن عدى (1/ 317)، سير أعلام النبلاء (1/ 392)، والميزان للذهبي (1/ 223)، هدي الساري (ص: 410) والتقريب لابن حجر (460).

(2)

عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، توفي سنة (202 هـ).

وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"يتفرد"، وقال الدارقطنِي:"حجة"، وسئل عنه أبو داود فقدَّمه على أخيه إسماعيل تقديمًا شديدًا.

وضعفه النسائي، وقال الأزدي:"كان يضع الحديث" فتعقبه الذهبيِ في الميزان بقوله: "وهذه منه زلَّةٌ قبيحة"، ورمز له "صح"، وقال ابن حجر:"كأنه ظن أنه آخر غير هذا، وقد بالغ أبو عمر بن عبد البر في الردِّ على الأزدي فقال: هذا رجم بالظن الفاسد، كذبٌ محض إلخ كلامه، قلت: احتج به الجماعة إلا ابن ماجه". ووثقه الذهبيِ، وابن حجر.

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 312)، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (6/ 15)، الثقات لابن حبان (8/ 398)، تهذيب الكمال للمزي (16/ 444)، ميزان الاعتدال =

⦗ص: 127⦘

= (2/ 538)، الكاشف للذهبي (1/ 616)، تهذيب التهذيب (6/ 108)، هدي الساري (ص: 437)، والتقريب لابن حجر (3767).

(3)

عمرو بن ميسرة، أبو عثمان المدنِي، مولى المطلب بن عبد الله القرشي. وثقه ابن معين -في رواية- وأنكر عليه حديثه عن عكرمة، ووثقه الإمام أحمد، والبخاري -وقال:"روى عن عكرمة مناكير"-، ووثقه أبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وابن عدي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"ربما أخطأ، يعتبر حديثه من رواية الثقات عنه"، ووثقه العجلي، وابن رجب وغيرهم.

وضعفه ابن معين -في أكثر الروايات-، وأبو داود، والنسائي، والجوزجانِي، وابن القطان، وغيرهم. وأكثر من ضعَّفه لأجل روايته عن عكرمة حديث:"من أتى البهيمة فاقتلوه".

وقد وثقه الذهبِي في أكثر كتبه وقال: "حديثه صالح حسن، منحط عن الدرجة العليا من الصحيح".

وقد أخرج له الشيخان في الأصول، وقد ذكر الحافظ في هدي الساري أن البخاري لم يخرج له من روايته عن عكرمة شيئًا، بل أخرج له من روايته عن أنس، ومن روايته عن سعيد بن جبير، ومن روايته عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. وقال في التقريب:"ثقة، ربما وهم".

ويستثنى من هذا التوثيق روايته عن عكرمة فإنه يتوقف فيها حتى يوجد له متابع، والله أعلم.

انظر: تاريخ الدوري (2/ 450)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (2/ 52)، أحوال الرجال للجوزجانِي (ص: 212)، ترتيب ثقات العجلي (2/ 181)، الجرح والتعديل (6/ 253)، علل الترمذي الكبير (2/ 622)، الكامل لابن عدي (5/ 1768)، =

⦗ص: 128⦘

= الثقات لابن حبان (5/ 185)، تهذيب الكمال للمزي (22/ 170)، الميزان للذهبيِ (3/ 281)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 797)، هدي الساري لابن حجر (ص: 453)، التقريب (5083).

(4)

المَقْبُري: بفتح الميم، وسكون القاف، وضم الباء الموحدة، وفي آخرها راء مهملة، نسبة إلى مقبرة كان يسكن بالقرب منها.

ووقع في (ط)"سعيد المقبري" بدل "المقبري" -وسيأتي الكلام عليه في التخريج-، وفيه أيضًا في هذا الموضع:"قال أبو عوانة: كذا وقع عندي سليمان بن بلال عن سعيد"، ولكن عليه علامة حذف (لا - إلى).

وسعيد هذا هو: ابن أبي سعيد كيسان المقبري، أبو سعد المدنِي، توفي في حدود سنة (120 هـ)، وثقه جمهور الأئمة، غير أنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وصفه بذلك الواقدي، ويعقوب بن شيبة، وابن حبان، وقال شعبة:"حدثنا سعيد المقبري بعد أن كبر".

وأثبت الناس فيه: ابن أبي ذئب، والليث بن سعد.

قال الحافظ ابن حجر: "أكثر ما أخرج له البخاري من رواية هذين عنه، وأخرج له أيضًا من رواية مالك، وإسماعيل بن أمية، وعبيد الله بن عمر العمري وغيرهم من الكبار، وروى له الباقون لكن لم يخرجوا من حديث شعبة عنه شيئًا".

وذكره الشيخ عبد القيوم البستوي في ملحقه على "الكواكب النيرات".

وأنكر الذهبي اختلاطه فقال في الميزان: "ثقة، حجة، شاخ، ووقع في الهرم، ولم يختلط"، وقال أيضًا:"ما أحسب أن أحدًا أخذ عنه في الاختلاط فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل فلم يحمل عنه وحدث عنه مالك والليث"، ورمز له "صح".

ويرد عليه ما سبق نقله عن شعبة، وما سبق من كلام الحافظ من أن أصحاب الكتب =

⦗ص: 129⦘

= الستة لم يخرجوا له من حديث شعبة عنه. ووثقه الحافظ ابن حجر.

ولم أجد أحدًا ذكر عمرو بن أبي عمرو ممن سمع من سعيد قبل الاختلاط، ولكن أخرج البخاري حديثه عن سعيد كما سبق نقله -قريبًا- من كلام الحافظ في ترجمة عمرو بن أبي عمرو.

انظر: الأنساب للسمعانِي (11/ 436)، تهذيب الكمال للمزي (10/ 466)، الميزان للذهبي (2/ 139)، وهدي الساري لابن حجر (ص: 425)، التقريب (2321)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 466).

(5)

إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفرائينِي، والد المصنِّف رحمه الله تعالى، لم أجد من ترجم له، ولكن قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" في ترجمة إسحاق بن أبي عمران موسى بن عمران الإسفرائينِي: "هو والد الحافظ أبو [كذا] عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد فيما أرى، أظنُّ الحكم وهم في تسمية أبيه: موسى بن عمران

"، وردَّ هذا السبكي وغيره، ثم كأنَّ الذهبي رحمه الله تعالى رجع عن ذلك فقال في "السير" في ترجمة ابن أبي عمران: "كان من الأئمة الأثبات، وتخيَّل إليَّ أنه والد أبي عوانة، لكن والد أبي عوانة اسمه: إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفرائينِي يروي عن إسحاق بن راهويه، وابن حُجر، وأبي مروان العثمانِي، أكثر عنه ولده في صحيحه، ثمَّ إنِي لم أظفر لأبي عوانة بروايةٍ عن إسحاق بن أبي عمران، ولا ذكر الحكم لوالد أبي عوانة ترجمةً في تاريخه، فلهذا جوَّزت في البديهة أنهما واحد، وكلاهما من طبقة واحدة".

انظر: تاريخ الإسلام (حوادث سنة 281 - 290 /ص: 120)، وسير أعلام النبلاء للذهبيِ (13/ 458)، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2/ 258).

(6)

ابن إياس بن مقاتل السعدي، أبو الحسن، وحُجْر: بضم الحاء المهملة، وسكون الجيم. التقريب (4700).

(7)

ابن أبي كثير الأنصاري الزُّرقي مولاهم، أبو إسحاق المدنِي.

(8)

في (م): "معاشر".

(9)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان نقصان الإيمان بنقصان الطاعات (1/ 87 ح 132) من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة، وعلي بن حُجر كلهم عن إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو عن المقبري به، ولم يبين من هو المقبري في روايته أهو سعيد؟ أم أبوه أبو سعيد؟ وقد روى عمرو عنهما، ورواية إسماعيل بن جعفر هنا: عن أبي سعيد المقبري.

قال الحافظ المزِّي في تحفة الأشراف (9/ 484): "قال أبو مسعود: هو أبو سعيد المقبري، وقال ابن الفلكي: رواه إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري".

وعقَّب عليه الحافظ ابن حجر في النكت الظراف (المطبوع بحاشية التحفة): "الرواية التي أشار إليها -أي ابن الفلكي- أخرجها أبو عوانة في صحيحه المستخرج على صحيح مسلم عن محمد بن يحيى، عن إسماعيل بن أبي أويس المذكور، وكذا أخرجها من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو، وصرَّح بأنه سعيد المقبري، فبطل ما قال أبو مسعود، ثم وجدته في الإيمان لابن منده من طريق أيوب بن سافري عن أبي بكر بن أبي أويس كذلك". [وقع في المطبوع من "النكت": "مسافري" وهو خطأ].=

⦗ص: 131⦘

= كذا قال الحافظ: "وصرَّح بأنه سعيد المقبري"، وفي نسخ أبي عوانة التي بين أيدينا:"عن أبي سعيد المقبري" كما قال الحافظ أبو مسعود، وكذا قال الحافظان أبو عليّ الجيانِي والدارقطنِي بأن رواية إسماعيل بن جعفر إنما فيها عن أبي سعيد المقبري، وخالفه سليمان بن بلال فقال: سعيد المقبري، عن أبي هريرة. انظر: شرح مسلم للنووي (2/ 69).

قال ابن الصلاح: "رواه أبو نعيم الأصبهانِي في كتابه المخرَّج على كتاب مسلم من وجوهٍ مرضية عن إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، هكذا مبينًا، لكن رويناه في مسند أبي عوانة المخرَّج على صحيح مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن أبي سعيد، ومن طريق سليمان بن بلال، عن سعيد كما سبق عن الدارقطنِي، فالاعتماد عليه إذًا، والله أعلم". صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 255).

وقد أخرجه النسائي في السنن الكبرى -كتاب عشرة النساء (5/ 400)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 106)، وابن منده في الإيمان (2/ 681)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 323) كلهم من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن عمرو، عن أبي سعيد المقبري.

وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 373) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، كما نقل ابن الصلاح عن أبي نعيم روايته كذلك.

ولعل مرجع هذا الاختلاف إلى كون عمرو بن أبي عمرو سمع الحديث من سعيد، وكذلك سمعه من أبي سعيد، فكان يرويه مرة عن سعيد، ومرة عن أبي سعيد، أو يكون إسماعيل بن جعفر اضطرب فيه فلم يضبطه، وضبطه سليمان بن بلال، وقد رجَّح الدارقطنِي روايته فيما نقله ابن الصلاح عنه في صيانة صحيح مسلم (ص: 255)، والله أعلم.

وأما قول الحافظ بأنه وجده في كتاب الإيمان لابن منده من طريق أبي بكر بن =

⦗ص: 132⦘

= أبي أويس كذلك -أي: عن سعيد المقبري-، فالذي رأيته في المطبوع من كتاب الإيمان لابن منده (2/ 683) عن المقبري مبهمًا، فالاعتماد إذًا على رواية أبي عوانة، وعلى قول الحفاظ أبي عليٍّ، وأبي مسعودٍ، والدارقطنِي، والله أعلم.

فائدة الاستخراج:

1 -

لم يسق مسلم لفظ الحديث، بل أحال به على حديث ابن عمر، وسياق المصنِّف للفظ حديث أبي هريرة من فوائد الاستخراج.

2 -

وقع عند مسلم: "المقبري" مهملًا في طريق عمرو بن أبي عمرو، وبينه المصنِّف في روايته بأنه الأب وليس الابن وفيه فصل الخلاف السابق.

ص: 125

55 -

حدثنا محمد بن إسحاق الصاغانِي، ومَهديُّ بن الحارث

(1)

، قالا: حدثنا ابن أبي مريم

(2)

، أخبرنا يحيى بن أيوبَ

(3)

، أنّ

⦗ص: 134⦘

ابن الهادِ

(4)

حَدَّثه، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عُمَر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: "يا معشرَ

(5)

النِّساءِ، تصدَّقن وأكثرن

(6)

الاستغفارَ، فإنِي أُراكنَّ أكثر أهل النار"، فقالت امرأةٌ جَزْلَةٌ

(7)

: وَلم ذاك يا رسول الله؟ قال: "بكثرتكنَّ اللَّعنَ، وكُفركنَّ العشِيرَ، ما رأيتُ من ناقصات عَقلٍ ودينٍ أغلبَ لذي لُبٍّ منكن"، فقالت: ما نُقصان

(8)

العقل والدين

⦗ص: 135⦘

يا رسول الله؟

قال: "أما نُقصان العَقلِ فإن شهادةَ الرجل تعدل

(9)

شهادة المرأتين، فهذا نقصان العَقلِ، وأما نُقصانُ الدين فإن المرأةَ تحيض فتمكثُ أيامًا لا تُصلي ولا تَصُوم فهذا نقصان الدين"

(10)

.

(1)

لم أجد له ترجمة.

(2)

سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي المصري.

(3)

الغافقي، أبو العباس المصري، توفي سنة (168 أو 169 هـ)، وقيل غير ذلك.

وثقه ابن معين، وقال البخاري:"صدوق" -ونقل ابن حجر عنه أنه قال: "ثقة"-، ووثقه العجلي، وقال أبو داود:"صالح"، ووثقه يعقوب بن سفيان، وإبراهيم الحربي، وقال النسائي مرة:"ليس به بأس"، وقال الساجي:"صدوق يهم"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال في "مشاهير علماء الأمصار":"من ثقات أهل مصر، يغرب".

وذكر له ابن عدي جملة من مناكيره ثم قال: "ولا أرى في حديثه -إذا روى عنه ثقة، أو يروي هو عن ثقة- حديثًا منكرًا فأذكره، وهو عندي صدوق لا بأس به".

وقال أبو أحمد الحاكم: "إذا حدث من حفظه يخطئ، وما حدث من كتاب فليس به بأس".

ووثقه الدارقطنِي مرة، ومرة قال:"في حديثه بعض اضطراب"، وذكره ابن شاهين في الثقات وقال:"ليس به بأس". =

⦗ص: 133⦘

= وكذبه مالك لما حدَّثه ابن أبي مريم بحديثين من أحاديث يحيى بن أيوب فقال: "كذب".

وقال ابن سعد: "كان منكر الحديث"، وقال الإمام أحمد:"سيء الحفظ"، وقال أحمد بن صالح المصري:"له أشياء يخالف فيها"، وقال أبو حاتم:"محله الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به"، وقال النسائي مرة، والدولابِي:"ليس بذاك القوي"، وذكره العقيلي، وابن الجوزي في الضعفاء، وقال الإسماعيلي:"لا يحتج به"، وضعفه ابن حزم مرة، وقال مرة أخرى:"شهد عليه مالك بالكذب، وهو ساقطٌ البتّة"، وقال ابن القطان الفاسي:"هو ممن علمت حاله، وأنه لا يحتج به".

وقال الذهبيِ في "السير": "له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، ويُنقُّون حديثه، وهو حسن الحديث

احتج به الأئمة الستة في كتبهم، لكن أخرج له البخاري مقرونًا بغيره"، وقال في الكاشف: "صالح الحديث"، وذكره فيمن تكلم فيه وهو موثق وقال: "صدوق".

وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري": "استشهد به البخاري في عدة أحاديث من روايته عن حميد الطويل، ما له عنده غيرها سوى حديث عن يزيد بن أبي حبيب في صفة الصلاة بمتابعة الليث وغيره، واحتج به الباقون"، وقال في التقريب:"صدوقٌ ربما أخطأ".

فمثل هذا الاختلاف فيه يوجب التوقف في حديثه، والحكم عليها بحسب القرائن، والله أعلم.

وقد تابعه نافع بن يزيد في الإسناد الآتي، والليث بن سعد عند مسلم.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 516)، تاريخ الدارمي (ص: 196)، معرفة الرجال رواية ابن محرز (1/ 98) و (2/ 137)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (الطبعة التركية بتحقيق: طلعت قوج، وإسماعيل جراح أوغلي 2/ 131 - 132)، الثقات للعجلي (2/ 347)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2/ 445)، الضعفاء والمتروكين =

⦗ص: 134⦘

= للنسائي (ص: 249)، الضعفاء للعقيلي (4/ 391)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 127)، الثقات لابن حبان (7/ 600)، ومشاهير علماء الأمصار له أيضًا (ص: 190)، الكامل في الضعفاء لابن عدي (7/ 2671)، السنن للدارقطني (1/ 68) و (2/ 171 - 172)، الثقات لابن شاهين (ص: 354)، المحلى لابن حزم (7/ 37، 440)، ترتيب علل الترمذي الكبير لأبي طالب القاضي (1/ 350)، الضعفاء لابن الجوزي (3/ 191)، تهذيب الكمال للمزي (31/ 233)، سير أعلام النبلاء (8/ 5)، والكاشف (2/ 362)، وميزان الاعتدال (4/ 362)، ومن تكلم فيه وهو موثق للذهبي (مخطوط- ص: 27) تهذيب التهذيب (1/ 164)، وهدي الساري (ص: 473)، والتقريب لابن حجر (7511).

(4)

يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني.

(5)

في (م): "معاشر".

(6)

في (ط): "وأكثرن من الاستغفار"، وفي (م) في هذا الموضع:"و" زائدة خطأً.

(7)

جَزْلَة -بفتح الجيم وإسكان الزاي- أي ذات عقلٍ ورأي، قال ابن دريد:"الجزالة: العقل والوقار". وقال ابن الأثير: "أي تامَّة الخَلْق، ويجوز أن تكون ذاتَ كلامٍ جزْلٍ: أي قوي شديد". انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 270)، شرح مسلم للنووي (2/ 66).

(8)

في (ط): بزيادة واو.

(9)

سقط من (م) قوله: "شهادة الرجل تعدل".

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله (1/ 86 ح 132) من طريق الليث وبكر بن مضر عن ابن الهاد به، وألفاظه متقاربة مع ألفاظ المصنِّف.

فائدة الاستخراج:

جاء التعبير عن نقصان الدين عند مسلم كالتالي: "وتمكث الأيام ما تصلِّي، وتفطر في رمضان"، وفي لفظ المصنِّف بيان سبب عدم صلاتها وصيامها فهو زيادة شرحٍ في الحديث، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 132

56 -

حَدثنا الصاغانِي أيضًا، حدثنا أبو الأسْود

(1)

، حدثنا نافعُ بن يزيد

(2)

، عَن ابن الهادِ

(3)

، بإسْنادِه نحوَه

(4)

.

(1)

النَّضر بن عبد الجبار بن نَضِير المُرادي، أبو الأسود المصري.

(2)

الكَلاعي، أبو يزيد المصري.

(3)

وقع في (ط): "نافع، عن يزيد بن الهاد" وهما خطآن.

(4)

أخرجه مسلم -في الموضع السابق- من طريق بكر بن مضر، عن ابن الهاد وقال: مِثلَه.

ص: 135

57 -

حَدثنا بشْر بن موسى

(1)

، حدثنا الحميدي

(2)

، حدثنا

⦗ص: 136⦘

عبد العزيز بن محمد

(3)

، عن سُهَيل

(4)

، عَن أبيهِ، عَن أبي هُرَيرة: أنّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم خطبَ الناس فَوَعظهم، ثم قال: "يا معشَرَ

(5)

النساءِ تصدقن، فإنَّكن أكثر أهل النار". فَقالَت امرَأةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ: لِمَ

(6)

ذاك يا رسُولَ الله؟ قال: "لكثرةِ لَعنكُنَّ وكُفْركُنَّ العَشير"

(7)

. قال: "وما رأيتُ

(8)

مِن ناقصاتِ عَقلٍ ودين أَغْلَبَ لأولي الألباب

(9)

منكُنَّ"، فقالت امرأة منهُنَّ: يا رسولَ الله وَما نقصَان عقولِنا ودينِنا؟ قال: "شهادةُ امْرأتين منكن شَهَادةُ رجل، وَنقصَانُ دينكُنَّ الحيضَةُ، تَمكثُ إحداكنَّ الثلاثَ وَالأربع

(10)

لا تُصلي"

(11)

.

(1)

ابن صالح البغدادي، أبو علي، يعرف أيضًا بـ: ابن شيخ ابن عميرة.

ومسند الحميدي المطبوع هو من روايته.

(2)

عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي، أبو بكر الحميدي المكي، ولم أجد الحديث في =

⦗ص: 136⦘

= مسنده مع أنه من رواية بشر بن موسى!

(3)

الدراوردي.

(4)

ابن أبي صالح ذكوان السمان المدنِي.

(5)

في (م): "معاشر".

(6)

في (م): بزيادة واو.

(7)

في (ط): "العشيرة"، كتب فوقها: صح، والعَشير هو المعاشر، يريد به الزوج لأنها تعاشره ويعاشرها. والعشيرة تطلق على الرجال خاصة دون النساء.

انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 240)، لسان العرب لابن منظور (9/ 220).

(8)

في (م): بدون الواو، وسقطت من (ط) كلمة:"قال".

(9)

في (ط) زيادة: "ذوي الرأي".

(10)

أي: الليالي.

(11)

لم يخرجه مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح، وقد أخرجه الترمذي في السنن -كتاب الإيمان -باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه (5/ 10 =

⦗ص: 137⦘

= ح 2613)، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 101 ح 1000) كلاهما من طريق الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح به.

ص: 135

58 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا مُسْلِمٌ

(1)

، حدثنا شعبَةُ، ح

وحدثَنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(2)

، حدثنا شعبَةُ، عن عبد الله بن عبد الله بن جَبْر

(3)

، سمعَ أنسَ بن مالكٍ يَقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "في الأنصارِ آيةُ المؤمن، وآيةُ المنافق، لا يُحِبُّهم إلا مؤمن، ولا يُبْغِضهُم إلا مُنافِق"

(4)

.

⦗ص: 138⦘

وهذا لفظ أبي داود.

(1)

ابن إبراهيم الأزدي الفراهيدي مولاهم أبو عمرو البصري.

(2)

سليمان بن داود بن الجارود البصري. والحديث في مسنده (ص 281 ح 2101) غير أنَّ فيه: بتكرار كلمة الأنصار، ولعله خطأ مطبعي، أو لعلّها من قول أنس، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال -في الأنصار-: "في الأنصار آية المؤمن

".

(3)

ابن عَتيك الأنصاري.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب علامة الإيمان حب الأنصار -الفتح (1/ 80 ح 17) من طريق أبي داود الطيالسي، وأخرجه في مناقب الأنصار- باب حب الأنصار من الإيمان- الفتح (7/ 141 ح 3784) من طريق مسلم بن إبراهيم كلاهما عن شعبة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن حب الأنصار وعليٍّ رضي الله عنهم من الإيمان وعلاماته (1/ 85 ح 128) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وخالد بن الحارث كلاهما عن شعبة به، ولفظه:"آية المنافق بغض الأنصار، وآية المؤمن حب الأنصار".

فائدة الإستخراج:

في رواية المصنِّف ألفاظ زائدة.

ص: 137

59 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد

(1)

، حدثنا شعبَةُ، ح

وحدثنا الصَّاغانِي، حدثنا هاشم بن القاسم

(2)

، حدثنا شُعبة، عن عدي بن ثابتٍ

(3)

قال: سمعتُ البراء بن عازب يقول: سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "الأنصارُ لا يُحِبُّهم إلا مؤمن، ولا يُبْغِضُهُم إلا مُنافِق، وَمَن أحَبَّهم أحَبَّهُ الله وَمَنْ أبغضَهُم أبغضه الله"

(4)

.

وهذا لَفْظُ هاشمٍ.

(1)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري.

(2)

الليثي، أبو النضر البغدادي، مشهور بكنيته، ولقبه: قيصر. التقريب (7256).

(3)

الأنصاري الكوفي، ثقة كان يتشيَّع.

انظر: تاريخ الدوري (2/ 397)، المعرفة والتاريخ للفسوي (3/ 132)، تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (ص: 254 رقم 1016).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب مناقب الأنصار- باب حب الأنصار من الإيمان (الفتح 7/ 141 ح 3783) من طريق حجاج بن منهال عن شعبة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن حب الأنصار وعليٍّ رضي الله عنهم من الإيمان وعلاماته (1/ 85 ح 129) من طريق معاذ بن معاذ العنبري عن شعبة به.

ص: 138

60 -

حَدثَنا يُونس بن حَبيب، حدثنا أبو دَاودَ

(1)

، حدثنا شُعْبَةُ، عن الأعْمش، عَن أبي صَالح

(2)

، عَن أبي سَعيد الخُدري أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

⦗ص: 139⦘

"لا يُبغِض الأنصارَ رَجُلٌ يؤمنُ باللهِ وَاليَوم الآخرِ"

(3)

.

(1)

هو الطيالسي، والحديث في مسنده، (ص: 290 رقم 2182).

(2)

ذكوان السمان المدنِي.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن حب الأنصار وعليٍّ رضي الله عنهم من الإيمان وعلاماته (1/ 86 ح 130) من طريق جرير وأبي أسامة كلاهما عن الأعمش عن أبي صالح به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 45) من طريق محمد بن جعفر وهاشم بن القاسم كلاهما عن شعبة، عن الأعمش به.

ص: 138

61 -

حَدثنا مُوسى بن إسْحاق القَواس، حدثنا يحيى بن عيسى الرملي

(1)

، ح

وَحدثنَا ابنُ الخليل المخَرِّمي

(2)

بِسُرَّ مَنْ رَأَى

(3)

، حدثنا مُحاضر

(4)

، ح

⦗ص: 140⦘

وحدثَنا الحسن بن عفَّان

(5)

، وعَباس بن محمد قالا: حدثنا أبو يحيى الحِمَّاني

(6)

، جمَيعُهُم عَن الأعمش، عَن عَدي بن ثابتٍ، عن زر بن

⦗ص: 141⦘

حُبَيش

(7)

، قال: سمعتُ علي بن أبي طالب رضي الله عنه يَقُول: "والذي فَلَقَ الحبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَة، إِنه لعَهْدُ النَّبِي الأُمي [صلى الله عليه وسلم]

(8)

إِليَّ أنه لا يُحِبنِي إلا مُؤمنٌ، ولا يُبغِضُنِي إلا مُنَافِق"

(9)

.

(1)

يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التميمي النهشلي، أبو زكريا الكوفي الفاخوري، سكن الرملة فنسب إليها.

(2)

المخرِّمي: بضم الميم، وفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة، نسبة إلى المُخَرِّم محلة ببغداد مشهورة.

ووقع في (ط): "أبو الخليل" خطأً.

وهو: محمد بن الخليل المخرِّمي، أبو جعفر البغدادي، توفي سنة (269 هـ). ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الخطيب، وابن حجر.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 136)، تاريخ بغداد للخطيب (5/ 250)، الأنساب للسمعانِي (11/ 179)، تهذيب الكمال للمزي (25/ 168)، التقريب (5864).

(3)

في (ط): "بسُرَّ مَرَّا، وهي لغة من جملة لغات فيها، وهي بلدة على دجلة فوق بغداد، خفَّف الناس اسمها فأصبحت: سامرَّاء، وهي كذلك الآن.

انظر: الأنساب للسمعانِي (7/ 14)، معجم البلدان لياقوت (3/ 195).

(4)

ابن المُوَرِّع الهمْدانِي، أبو المُوَرِّع الكوفي. =

⦗ص: 140⦘

= اختلف فيه، فوثقه ابن سعد، وأبو زرعة والنسائي، وابن قانع، ومسلمة بن القاسم، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الإمام أحمد:"سمعت منه أحاديث، لم يكن من أصحاب الحديث كان مغفلًا جدًّا". وقال أبو حاتم: "ليس بالمتين، يكتب حديثه"، وقال ابن عدي:"قد روى عن الأعمش أحاديث صالحة مستقيمة، ولم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا فأذكره، إذا روى عنه ثقة".

لذا قال الذهبيِ في الكاشف: "صدوق، مغفل"، وقال الحافظ ابن حجر:"صدوق، له أوهام". ولا يضر هذا الكلام اليسير فيه لأنه متابعٌ هنا، ولأن روايته هنا عن الأعمش وقد مضى كلام ابن عدي في هذا.

وفي (ط) هذا الإسناد متقدم -في الترتيب- على الإسناد الذي قبله.

انظر: طبقات ابن سعد (6/ 398)، الجرح والتعديل (8/ 437)، الثقات لابن حبان (7/ 513)، الكامل لابن عدي (6/ 2434)، الكاشف للذهبي (2/ 243)، تهذيب التهذيب (10/ 46)، التقريب (6493).

(5)

هو: الحسن بن علي بن عفان العامري، أبو محمد الكوفي.

(6)

عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمَّانِي الكوفي، وأبوه عبد الرحمن لقبه: بَشْمِين.

وعبد الحميد هذا مختلف فيه، وثقه ابن معين في أغلب الروايات عنه، وضعفه في رواية ابن أبي مريم، وقال في رواية البرقي:"ثقة ضعيف العقل"، وكذا الإمام أحمد والنسائي وثقاه مرة ومرةً ضعفاه، ووثقه ابن قانع، وابن شاهين -ونقل توثيقه عن أحمد بن صالح-، وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عدي:"هو ممن يكتب حديثه".

وضعفه ابن سعد، والعجلي، وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: "رأيتهم يستثقلون =

⦗ص: 141⦘

= أبا يحيى الحمانِي ويتحفظون من حديثه"، ورماه أبو داود والعجلي بالأرجاء.

وقال الحافظ: "صدوق، يخطئ، ورمي بالإرجاء". وعلى هذا فإن حديثه يصلح في المتابعات على أقل الأحوال إن لم يكن في درجة الحسن، وقد توبع هنا في روايته، والحمد لله.

انظر: طبقات ابن سعد (6/ 399)، تاريخ الدوري (2/ 343)، معرفة الرجال رواية ابن محرز (2/ 52)، تاريخ الدارمي (ص: 186)، العلل للإمام أحمد رواية المرُّوذي (ص: 196)، سؤالات الآجري لأبي داود (ص: 177)، المعرفة والتاريخ للفسوي (3/ 82)، الثقات لابن حبان (7/ 121)، الكامل لابن عدي (15/ 1958)، الثقات لابن شاهين (ص: 232)، تهذيب التهذيب (6/ 110)، التقريب (3771).

(7)

ابن خباشة الأسدي.

(8)

سقطت كلمة: "الأمي" من (م)، وعبارة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من (ط).

(9)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن حب الأنصار وعليٍّ رضي الله عنهم من الإيمان (1/ 86 - ح 131) من طريق وكيع وأبي معاوية عن الأعمش به، ولفظه: "أن لا يحبنِي إلا

".

وأخرجه الترمذي في السنن -كتاب المناقب- باب 21 (5/ 643 - ح 3736) من طريق عيسى بن عثمان، عن يحيى بن عيسى الرملي به.

ص: 139

62 -

حَدثنا يوسفُ بن مُسَلَّم، وأبو زرْعة

(1)

، قالا: حدثنا

⦗ص: 142⦘

عبيد الله بن موسى

(2)

، أخبرنا الأَعمشُ بمثلِهِ، إلا أنَّه قال:"لا يُحِبُّنِي إلّا مؤمنٌ، ولا يُبغضنِي إلا مُنَافِق"

(3)

.

(1)

كذا في الأصل و (م)، وعلى عبارة الأصل علامة تضبيب وتعليق في الهامش نصه: =

⦗ص: 142⦘

= "قال: في الأصل: وأبو بكر بن أبي زرعة، وهو وهم، ومن نسخةٍ: وأبو بكر الرازي، والله أعلم"، وفي (ط):"أبو بكر الرازي" بدل: "وأبو زرعة"، ولعله الصواب.

أما أبو زرعة فهو: عبيد الله بن عبد الكريم الرازي خال ابن أبي حاتم الرازى" وأما أبو بكر الرازي فهو: محمد بن زياد بن معروف، نزيل جرجان، توفي سنة (257) -وقد صرَّح المصنِّف باسمه في ح (291) و (642) -.

ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الحديث"، وترجم له السهمي في تاريخ جرجان، وذكره الذهبي في تاريخ الإسلام ولم يحك فيه جرحًا أَو تعديلًا.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 120)، تاريخ جرجان للسهمي (ص: 381)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 251 - 260 / ص: 289).

(2)

ابن باذام العبسي.

(3)

لم أجده من طريق عبيد الله بن موسى، عن الأعمش. وانظر تخريج الحديث السابق.

ص: 141

63 -

حدثنا أبو داودَ الحرانِي، ومحمد بن حَيُّويه

(1)

، قالا: حدثنا سليمان بن حَرْب

(2)

، حدثنا حمَادُ بن زيد، حدثنا مَعبد بن هلال العَنَزي

(3)

، قال: اجتمعنا -ناسٌ من أهل البصرة-، فانطلقنا إلى أنس بن

⦗ص: 143⦘

مالك، وذَهَبْنَا مَعَنا بثابتٍ البُنانِي

(4)

إلى أنس بن مالك يسألُهُ

(5)

عَن حَديث الشَّفاعة، فأتيناه وهوَ في قَصْرِه يُصَلِّي الضُّحى، فاستأذَنَّا عليه، فأذِن لنا، فدخَلنا عليهِ، فأَقْعَد مَعَهُ ثابتًا

(6)

على فراشهِ، قال: وقلنا لثابتٍ: لا تَسْألْه عن شيءٍ أوَّل من حَديث الشَّفَاعَة، فَقالَ لَهُ: يا أبا حَمْزَةَ هؤلاء إخوانك يسْألونك عَن حَديث الشَّفَاعة. فقال أنسٌ: حَدثنَا مُحمد صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يَومُ القِيامَةِ مَاجَ

(7)

الناسُ بَعْضُهم في بَعْضٍ، فَيأتُون آدَم فَيَقُولُونَ: اشفَعْ لذريَّتك، فَيقُول: لَسْتُ لَها ولكن عليكمْ بإبراهيمَ فإِنَّهُ خَليلُ الله، فَيَأتُونَ إبراهيمَ فيقول: لسْتُ لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليمُ الله، فيقول: لسْتُ لها، ولكن عليكم بعيسى فإنه رُوحُ الله وكَلِمَتُه، فيُؤتى عيسى فيقول: لسْتُ لها، وَلكن عليكم بمحمد [صلى الله عليه وسلم]

(8)

، فأُوتَى فأَقُول: أنا لَها، فأنطلِقُ، فاسْتأذنُ على ربي فيُؤذن لِي، فأقُومُ بين يديه، فأحمَدُه بمحامد يُلهمنيها الله، ثم أخرُّ له ساجدًا فيُقَال لي: يا محمدُ ارفَعْ رأْسك، وَقل يُسْمَع لك، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَع

⦗ص: 144⦘

تُشَفَّع.

فأقول: يا رَبِّ، أُمَّتي، أُمَّتي، فيُقَال: انطلِقْ فَمن كان في قلبهِ مثقالُ حَبةٍ من بُرَّة، أو شَعيرةٍ من إيمانٍ فَأَخرِجْه منهَا. فأنطلقُ، فأفعلُ، ثم أرجعُ إلى ربي فأحمَدُهُ بتلك المحامد، ثم أخِرُّ له ساجدًا، فيُقَالُ لي: يا محمد ارفعْ رأسك، وقُلْ يُسمَعْ لك، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: أُمَّتي، أُمَّتي. فَيُقالُ لِي: انطَلِقْ فمَن كان في قلبهِ مثقالُ حَبةٍ من خَرْدلٍ مِن إيمانٍ فَأَخرجْهُ منها، فانطلقُ فأفعَلُ، ثم أعودُ إلى رَبِي فأحْمَدُه بتِلك المحامد، ثم أخِرُّ له ساجدًا، فيُقال لِي

(9)

: يا محمد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمعُ لك، وَسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّع، فأقول: يا ربِّ، أُمَّتي، أُمَّتي، فَيُقال لِي: انطلق فمن كان في قلبهِ أدْنَى أدْنَى أدْنَى من مثقال حبَّةٍ من خَرْدَلٍ من إيمانٍ

(10)

فأَخْرِجْهُ من النَّار، فأَنْطَلِقُ فأَفْعَلُ".

قالَ: فلما خَرجْنا من عندِ أنسٍ قلتُ لبعْضِ أصحَابنا: لو مَرَرْنا بالحسَن

(11)

-وهوَ يَومئذٍ في منزل أبي خَليفة

(12)

- فحدَّثناه بما حدَّثَنَا به

⦗ص: 145⦘

أنسُ بن مالكٍ، *فانطلقنا*

(13)

فاسْتَأذَنَّا عليْهِ، فأذِنَ لنا، فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أنس بن مالك، وَذكر الحديثَ

(14)

.

(1)

هو: محمد بن يحيى بن موسى الإسفرائيني.

(2)

الأزدي الواشحي، قاضي مكة.

(3)

العَنَزي: بفتح العين المهملة، والنون، كسر الزاي، نسبة إلى عَنَزَة حيٌّ من ربيعة، وهو: عنزة بن أسد بن ربيعة، وفي الأزد أيضًا عَنَزَة، وهو ابن عمرو بن حباب الحميرى، وفي خزاعة أيضًا عَنَزَة بن عمرو بن أفصى بن حارثة، ومعبد بن هلال منسوبٌ -فيما =

⦗ص: 143⦘

= يظهر من صنيع السمعانِي- إلى عَنَزة خزاعة، والله أعلم.

انظر: الأنساب للسمعانِي (9/ 76).

(4)

في (ط): "وذهبنا ومعنا ثابت البناني".

(5)

في (ط): "يسأله لنا".

(6)

وفي (ط): "فأقعد ثابتًا معه".

(7)

ماج الناس: أي اختلطوا. فتح الباري لابن حجر (13/ 484).

(8)

ما بين المعقوفتين من (ط).

(9)

سقطت من (ط) كلمة: "لي".

(10)

وفي (ط): "الإيمان".

(11)

هو: الحسن بن أبي الحسن البصري.

(12)

هو: حجاج بن عتاب العبدي والد عمر بن أبي خليفة. قاله الحافظ في الفتح (13/ 484) وذكر الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي في كتابه "المتوارين الذين اختفوا خوفًا من الحجاج" الحسن البصري وأنه اختفى في منزل أبي خليفة حتى مات =

⦗ص: 145⦘

= الحجاج. (ص 44 - 46).

(13)

قوله: "فانطلقنا" ليس في (م).

(14)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التوحيد- باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم (الفتح 13/ 484 ح 7510) من طريق سليمان بن حرب عن حماد به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (1/ 182 ح 326) من طريق أبي الرَّبيع الزهرانِي وسعيد بن منصور كلاهما عن حماد بن زيد به.

وعند الشيخين تتمة قصة الحسن مع هؤلاء النفر وزيادته عليهم في الحديث الذي سمعه من أنس قبلهم بعشرين عامًا فقال: "قد حدثنا به قبل عشرين سنة، وهو يومئذٍ جميع، ولقد ترك الشيخ شيئًا ما أدري أنسي الشيخ، أو كره أن يحدِّثكم فتتكلوا

" ثم ذكر لهم ما تركه أنس من الحديث وهو: "ثم أرجع إلى رِبي في الرابعة

" وفي آخرها يقول الله عز وجل: "وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأُخرجنَّ منها من قال: لا إله إلا الله".

ص: 142

64 -

وحَدثنَا أبو دَاود الحَرانِي أيضًا، حدثنا عارم

(1)

، حدثنا حمَادُ بن زيد، عن مَعبد بن هلالٍ العَنزي قَال: أتيْنا أنَس بن مالك، وَذهَبْنا بثابتٍ مَعَنا تَشَفَّعْنا بهِ، قال

(2)

ثابتٌ: يا أبا حمزةَ

(3)

إن إخوانك جاؤوك يَسْألونك

⦗ص: 146⦘

عن حَديث محمد [صلى الله عليه وسلم]

(4)

في الشفاعة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(5)

(1)

محمد بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، و"عارم" لقبٌ له.

(2)

في (ط): "فقال".

(3)

من هذا الموضع تبدأ نسخة: خدا بخش، وإليها الإشارة بحرف (ك)، والقسم المطبوع من الكتاب يبدأ من بعد هذا الحديث -أي من بداية الباب الآتي-، حيث اعتمد =

⦗ص: 146⦘

= الطابعون في إخراج الكتاب على هذه النسخة -نسخة خدا بخش-.

(4)

الصلاة على النبيِ صلى الله عليه وسلم من (ط) وحدها.

(5)

في (ط) عند هذا الموضع على هامش الورقة كتابة بطول الورقة قدرها أربعة أسطر، ليست واضحة فلم أتمكَّن من قراءتها، والظاهر أنها سماعات، أو بلاغ قراءة، والله أعلم.

ص: 145

‌بَيَانُ الأَعمَالِ وَالفَرَائضِ التي إِذَا أدَّاها بالقول وَالعَمل دَخل الجنَّة، وَالدليلُ على أَنَّهُ لا ينفعُه الإقرارُ حتى يسْتيقنَ به

(1)

قلبُه، وَيُريدَ بهِ وَجْهَ الله عز وجل بما يحرُم بهِ على النَّار

(1)

كذا الأصل، وفي (ط) و (ك) بدون كلمة "به" وفي (م) كما في الأصل ولكن هناك ضربٌ على كلمة "به".

ص: 147

65 -

حَدثنا أَحمَدُ بن شَيبان الرمليُّ

(1)

، والفَضْلُ بن عبد الجبار المروزيُّ

(2)

قالا: حدثنا عبد الملك بن إبْراهيمَ الجُدِّي

(3)

، ح

وحَدثَنا سليمان بن سيْفٍ [الحراني]

(4)

، حدثنا عَمرو بن

⦗ص: 148⦘

عاصم

(5)

، ح

وَحدثنا جَعفر بن محمد الصائغ، حدثنا عَفَّانُ

(6)

، ح

وَحَدثنا محمد بن حَيُّويه

(7)

، حدثنا أبو سلمةَ

(8)

، قالوا: حدثنا سليمان بن المغيْرة

(9)

، حدثنا ثابتٌ

(10)

، عَن أنس بن مالك قال: "كنا قد

(11)

نُهينا في القرآن أن نَسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَن شَيءٍ، فكان يُعجبنا أن يَجيءَ الرجلُ العَاقل من أهل البادية فيسْأَله، ونحن نسْمع، وكانوا أجرأَ على ذلك منَّا.

قال: فجاء رجلٌ من أهل الباديةِ

(12)

فقال: يا محمَّدُ أتانا رسوْلُك فزعَم لنا أنك تزعمُ

(13)

أن الله أرْسَلك. قال: "صَدَق". قال: فَمن خَلق

⦗ص: 149⦘

السَّماء؟ قالَ: "الله". قال: فَمنْ خلقَ الأرضَ؟ قال: "الله". قال: فَمنْ نَصَب هذه الجبالَ؟ قال: "الله". قال: فبالذي خَلَقَ السماء، وَخَلق الأرْض وَنَصَب فيها هَذهِ الجبالَ، وَجَعل فيْهَا المنافِعَ آلله أرسلَكَ؟ قَال:"نَعَم". قال: فزعَم

(14)

رسُولُكَ أَنَّ علينا خَمْس صَلَواتٍ في يومِنا وَليلتِنا. قال: "صَدقَ". قال: فبالذي أرْسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نَعَمْ". *قَال: وَزعم رَسوُلك أنَّ علينا زكاةَ

(15)

أموالنا. قال: "صَدَقَ"

(16)

. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نَعَم"

(17)

.

⦗ص: 150⦘

قَال: وَزعم رَسُولُك أنَّ علينا صومَ شهرٍ في سَنَتِنَا. قال: "صَدَق".

قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعَم". قال: وَزعم رَسُولُك أنَّ علينا حجَّ البيْتِ مَن اسْتطاع إليهِ سبيلًا. قال: "صَدق". قال: فبالذي أرْسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: "نعم". قَال: ثم وَلَّى الرجلُ، ثمّ قال: وَالذي بعثك بالحقِّ لا أزدادُ عليهنَّ شيئًا، ولا أنتقصُ منهنَّ شيئًا.

ثُمَّ ولَّى، فقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لَئِن صَدَق لَيَدْخُلَنَّ الجنَّةَ"

(18)

.

⦗ص: 152⦘

معنى حديثهم واحد، كلهم قالوا: "قد كنا

(19)

نهينا في القرآن".

(1)

في (م): "شيبان بن أحمد الرملي" وهو خطأ، وانظر ترجمته في ح (6).

(2)

المَرْوَزي: بفتح الميم والواو بينهما الراء سكنة، وفي آخرها الزاي، نسبة إلى مدينة مرو، وكانت تسمى مرو الشهجان، أشهر مدن خراسان، والنسبة إليها: مَرْوَزي على غير القياس، وتسمى اليوم: مَرِي، وجغرافيًّا تتبع الآن جمهورية تركمنستان الإسلامية إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقًا.

والفضل بن عبد الجبار هذا لم أقف له على ترجمة عند غير ابن حبان الذي ذكره في الثقات.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 8)، والأنساب للسمعاني (11/ 260)، معجم البلدان لياقوت (5/ 132).

(3)

في (ط): "عبد الملك عن إبراهيم الجدي" وهو خطأ. وهو: أبو عبد الله القرشي المكي، مولى بني عبد الدار، والجُدِّي -بضم الجيم وتشديد الدال المكسورة- نسبة إلى جدة البلدة المعروفة بساحل مكة. انظر: الأنساب للسمعاني (3/ 207).

(4)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(5)

ابن عبيد الله بن الوازع الكِلأبي القيسي، أبو عثمان البصري.

(6)

ابن مسلم الصفَّار.

(7)

محمد بن يحيى بن موسى الإسفرائيني.

(8)

هو: موسى بن إسماعيل المِنقري مولاهم، أبو سلمة التبوذكي. وانظر: الفتح (1/ 184).

(9)

القيسي، أبو سعيد البصري. من أثبت أصحاب ثابت البناني. "تهذيب الكمال"(12/ 72).

(10)

ابن أسلم البناني.

(11)

في (ط) و (ك): "كنا نهينا".

(12)

هذا الرجل هو: ضمام بن ثعلبة السعدي، وافد بني سعد بن بكر، جاء ذكره صريحًا في رواية البخاري، وانظر: الإصابة للحافظ ابن حجر (3/ 486).

(13)

قال ابن الصلاح: "قوله: "إنك تزعم"، مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم له دالٌّ على أن =

⦗ص: 149⦘

= "زعم" ليس مخصوصًا بالكذب، وبما ليس بمحقَّق، بل قد يجيء بمعنى:"قال"، مستعملًا في الحق المحقَّق وفي غيره، وقد نقل مصداق ذلك أبو عمر الزاهد -أي: المعروف بغلام ثعلب- في شرحه للفصيح عن شيخه أبي العباس ثعلب عن العلماء باللغة من الكوفيين والبصريين، قال أبو العباس: ومنه قول الفقهاء: زعم مالك، زعم الشافعي، قال: معناه كله: قال، والله أعلم".

صيانة صحيح مسلم، لابن الصلاح (ص: 143).

(14)

في (ط) و (ك): "وزعم".

(15)

في (ط) و (ك): "زكاة في أموالنا".

(16)

في (م): "صدقك".

(17)

ما بين النجمين عليها علامة حذف (لا- إلى) في نسختي (ط) و (ك)، وذكر محقِّقوا القسم المطبوع -من مسند أبي عوانة- أن في هامش نسخة (ك) ما نصه:"سقط من أصل ابن الصغاني". ولم أستطع قراءة هذا النص في هذه النسخة (ك) لعدم وضوح المصورة.

ولعلَّ الصواب: "ابن السمعاني" كما هو مثبت في مواضع أخر من هذه النسخة.

(18)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب العلم- باب ما جاء في العلم- (الفتح 1/ 179 ح 63) من طريق شريك بن أبي نمر، عن أنس بن مالك موصولًا.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب السؤال عن أركان الإسلام (1/ 41 ح 10) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت به.

وعلَّقه البخاري عن موسى التبوذكي، وعلي بن عبد الحميد عن سليمان بن المغيرة فقال:"ورواه موسى وعلي بن عبد الحميد عن سليمان عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا".

أمّا رواية موسى فعزاها الحافظ ابن حجر في "تعليق التعليق" إلى أبي عوانة وأسندها من طريقه، وأسندها أيضًا من طريق ابن منده، وأما رواية علي بن عبد الحميد فأسندها من طريق الدارمي، وعزاها أيضًا إلى الترمذي وقد أخرجها الترمذي من طريق البخاري كما سيأتي.

وقال الحافظ في الفتح: "وقع في النسخة البغدادية -التي صححها العلامة أبو محمد بن الصغاني اللغوي بعد أن سمعها من أصحاب أبي الوقت وقابلها على عدة نسخ، وجعل لها علامات -عقب قوله: رواه موسى وعلي بن عبد الحميد عن سليمان بن المغيرة عن ثابت ما نصه: "حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا سليمان بن =

⦗ص: 151⦘

= المغيرة حدثنا ثابت عن أنس" وساق الحديث بتمامه.

وقال الصغاني في الهامش: "هذا الحديث ساقط من النسخ كلها إلا في النسخة التي قرئت على الفربري صاحب البخارى وعليها خطه"، -يعني: بالساقط هنا: هذا الإسناد الموصول-.

قلت (والكلام للحافظ): "وكذا سقطت في جميع النسخ التي وقفت عليها والله تعالى أعلم بالصواب". وعلى هذا يكون أبو عوانة قد التقى مع البخاري في شيخه موسى بن إسماعيل التبوذكي، وذلك لأن الحافظ قال أيضًا:"وإنما علقه البخاري لأنه لم يحتجَّ بشيخه -أي: شيخ موسى- سليمان بن المغيرة، وقد خولف في وصله فرواه حماد بن سلمة عن ثابتٍ مرسلاُ، ورجحها الدارقطني، وزعم أنها علة تمنع من تصحيح الحديث، وليس كذلك بل هي دالة على أنَّ لحديث شريك أصلًا".

وههنا مسألة أخرى وهي: اختلاف حماد بن سلمة وسليمان بن المغيرة في الوصل والإرسال عن ثابت، وكلاهما من أثبت أصحاب ثابت، وقد اختلف السلف فيمن يقدَّم منهما على الآخر، فذهب علي بن المديني، وابن معين، والإمام أحمد، والدارقطني وغيرهم إلى تقديم حماد.

ونقل الإمام مسلم في كتاب "التمييز" إجماع أهل المعرفة على تقديم حماد بن سلمة في ثابت.

وذهب أبو حاتم الرازي إلى تقدم سليمان بن المغيرة.

وقد رجَّح الدارقطني الإرسال -كما نقله الحافظ- لكونه يرى أنَّ حمادًا أثبت الناس في ثابت، إلا أنَّ الأولى ما اعتمده البخاري من وصله حيث رواه من طريق شريك مسندًا، ومرسل حماد يعضده ولا يعلّه، كما نبَّه عليه الحافظ، والله أعلم.

انظر: التمييز للإمام مسلم (ص: 217 المطبوع مع كتاب منهج النقد عند المحدثين للدكتور محمد مصطفى الأعظمي)، العلل لابن أبي حاتم (2/ 66 رقم 1687)، =

⦗ص: 152⦘

= شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 690)، تغليق التعليق (2/ 68 - 69)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 184 - 185).

فائدة الاستخراج:

قول أنس: "وكانوا أجرأَ على ذلك منَّا" ليست في رواية مسلم، فهي زيادة في رواية المصنِّف توضِّح سبب إعجابهم بمجئ الرجل من أهل البادية وسؤاله الرسول صلى الله عليه وسلم.

(19)

في (ط) و (ك): بدون "كنا".

ص: 147

66 -

حدثنا جَعفر الصائغ

(1)

، حدثنا علي بن عبد الحميدِ

(2)

، وَسَعيد بن سليمان

(3)

قالا: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: "كنّا نُهينا أن نَبتدِيء النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكان يُعجِبُنا

"، فذكر مَعْناه

(4)

.

(1)

جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ البغدادي.

(2)

ابن مصعب المَعْنيُّ، أبو الحسن الكوفي، والمَعْنيُّ -بفتح الميم وسكون العين المهملة وفي آخرها نون- نسبة إلى مَعْنِ بن مالك من الأزد. الأنساب للسمعاني (11/ 408).

(3)

الضبيِّ، أبو عثمان الواسطي البزَّاز، يلقَّب بسعدويه.

(4)

أخرجه مسلم كما تقدم من طريق سليمان بن المغيرة، وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب الزكاة-باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك (3/ 5 ح 619) عن البخاري عن علي بن عبد الحميد عن سليمان بن المغيرة به. وأخرجه الدارمي في سننه -كتاب الطهارة- باب فرض الوضوء والصلاة (1/ 171 ح 650) عن علي بن عبد الحميد عن سليمان بن المغيرة به.

ص: 152

67 -

حَدثنَا عبد الرحمن بن منصور البصري

(1)

، حدثنا يحيى بن

⦗ص: 153⦘

سعيد القطان، ح

وَحَدثنا حمَدانُ بن علي

(2)

،

⦗ص: 154⦘

حدثنا أبو نُعيم

(3)

، ح

وحدثنا الحسن بن عَفَّان، حدثنا أبو أُسامةَ

(4)

، وعبيد الله بن مُوسىَ

(5)

، ح

وحَدثنا أبو البختري

(6)

، حدثنا أبو أُسَامَةَ كلهُم قالوا: حَدثنا عَمرو بن عُثمان

(7)

، قال: سمعتُ موسى بن طلحة، حَدثَني أبو أيوب

⦗ص: 155⦘

الأنصاريُّ أنّ أعْرابيًّا

(8)

عَرض لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهوَ في مسيرٍ، فأخذَ بِخِطام ناقتِهِ، فقالَ: يا رسول الله -أو يا محمدُ-

(9)

، أَخبرْني ما يُقَرِّبني من الجَنَّة، وَيُباعدني من النَّار. قال:"تعبد الله، ولا تُشرك بهِ شَيئًا، وَتُقيم الصَّلاةَ، وَتُؤْتي الزكاةَ، وتصلُ الرحمَ"

(10)

.

⦗ص: 156⦘

مَعنى حَديثهم واحد، قال أبو نُعيم، وَأبو أُسامةَ:"عَمرو بن عُثمان بن عبد الله بن مَوْهَب"، وَقالَ أبو أسامةَ أيضًا؟ "مَولى آل طلحةَ".

(1)

في (ط) و (ك): "عبد الرحمن بن محمد بن منصور البصري"، وهو: الحارثي، أبو سعيد، =

⦗ص: 153⦘

= لقبه: كُرْبُزَان -بضم الكاف ثم راء ساكنة ثم موحَّدة مضمومة ثم زاي-، توفي 271 هـ. كذا ضبطه الذهبي، وضُبِط -خطأً- بالحركة بفتح الباء الموحدة في "تبصير المنتبه"(3/ 1215)، و "نزهة الألباب"(2/ 11) كلاهما لابن حجر.

وسيأتي في سند ح (143) و (587) بالقاف في أوله بدل الكاف، ولعل هذا راجعٌ إلى اختلاف النطق بهذا الحرف لأنه أعجميٌّ، ولعله في أصله بين هذين الحرفين، والله أعلم.

قال عنه أبو حاتم: "شيخ"، وقال ابنه:"كتبت عنه مع أبي، وتكلموا فيه".

وقال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وقال ابن عدي:"حدَّث بأشياء لا يتابعه أحدٌ عليه"، وقال الذهبي:"فيه لين".

ووثقه مسلمة بن القاسم، وذكره ابن حبان في الثقات، وكان موسى بن هارون يرضاه وكان حسن الرأي فيه.

فمثل هذا يكتب حديثه للاعتبار، وقد تابعه هنا في التحويلات المقرونة -متابعة قاصرة- ثلاثة.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي (5/ 283)، الثقات لابن حبان (8/ 383)، الكامل لابن عدي (4/ 1627)، سؤالات الحكم للدارقطني (ص: 129)، سير أعلام النبلاء (13/ 138)، والعبر للذهبي (1/ 391)، لسان الميزان لابن حجر (3/ 431).

(2)

هو: محمد بن علي بن عبد الله بن مهران البغدادي، أبو جعفر الورَّاق، توفي سنة (272 هـ). وحمدان لقبه، وهو من نبلاء أصحاب أحمد، وثقه الدارقطني، والخطيب، وأثنى عليه ابن المنادي.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (3/ 61)، تذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 590)، طبقات =

⦗ص: 154⦘

= الحنابلة لابن أبي يعلى (308).

(3)

الفضل بن دُكَين التيمي مولاهم الكوفي.

(4)

حماد بن أسامة القرشي.

(5)

ابن باذام العبسي، انظر ترجمته في حديث "كل أمر ذي بال" الذي في مقدمة المؤلف.

(6)

عبد الله بن محمد بن شاكر البغدادي، أبو البختري العنبري، توفي (270 هـ).

وثقه الدارقطني، وقال أبو حاتم:"شيخ"، وقال ابنه:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 366) وقال:"مستقيم الحديث"، ووثقه الذهبي.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 162)، تاريخ بغداد للخطيب (10/ 82)، سير أعلام النبلاء للذهبي (13/ 33).

(7)

ابن عبد الله بن مَوْهَب القرشي التيمي، أبو سعيد الكوفي.

سماه شعبة -في رواية البخاري ومسلم من طريقه-: "محمد بن عثمان"، فعقَّب البخاري رحمه الله قائلًا:"أخشى أن يكون محمد غير محفوظ، إنما هو عمرو".

وجزم بأنه عمرو بن عثمان في "التاريخ الكبير".

وقال الحافظ: "قال مسلم في "شيوخ شعبة"، والدارقطني في "العلل" وآخرون: المحفوظ عمرو بن عثمان". =

⦗ص: 155⦘

= وقال النووي: "هكذا في جميع الأصول في الطريق الأول عمرو بن عثمان، وفي الثاني -أي طريق شعبة- محمد بن عثمان، واتفقوا على أن الثاني وهم وغلطٌ من شعبة، وأن صوابه عمرو بن عثمان كما في الطريق الأول".

انظر: التاريخ الكبير للبخاري (6/ 354)، شرح النووي على مسلم (1/ 172)، فتح الباري لابن حجر (3/ 311 - 312).

(8)

اختلفوا في هذا الرجل فقيل: ابن المنتفق، وقيل: صخر بن القعقاع، وقال ابن قتيبة: هو أبو أيوب الأنصاري نفسه، وهذا غريب لكونه يقول عن نفسه: "أن أعرابيًّا

".

وانظر: فتح الباري لابن حجر (3/ 310).

(9)

سقطت من (م): "أو يا محمد".

(10)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الزكاة- باب وجوب الزكاة (الفتح 3/ 307 ح 1396)، وفي كتاب الأدب -باب فضل صلة الرحم (الفتح 10/ 428 ح 5982، 5983) من طريق شعبة عن ابن عثمان به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان الذى يدخل به الجنة (1/ 42 ح 12) من طريق ابن نمير عن عمرو بن عثمان به.

وأخرجه من طريق شعبة أيضًا حيث سمى ابن عثمان محمدًا، وقد سبق ما فيه.

فائدة الاستخراج:

1 -

في لفظ مسلم: "فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها"، وجاءت اللفظة هنا بدون شك.=

⦗ص: 156⦘

= 2 - أتمَّ المصنِّف -عقب الحديث- نسب عمرو بن عثمان وبيَّن أنه مولى آل طلحة.

ص: 152

68 -

حدثنا محمد بن إسْحاق الصَّغاني، حدثنا عَفَّانُ بن مسْلم، حدثنا وُهَيب بن خالد

(1)

، عَنْ يحيى بن سَعيد

(2)

، عن أبي زرْعة [وهو: ابن عمرو بن جرير]

(3)

عَن أبي هُرَيرة: أنَّ أعْرابيًّا جاء إلى النبي

(4)

صلى الله عليه وسلم فَقال: يا رسُولَ الله دُلَّني على عَملٍ إذا أنا عملتُه دخلتُ الجنَّة، قال:"تعبد الله لا تُشرك به شيئًا، وَتُقيم الصلاةَ، وتؤتي الزكاةَ المفروضةَ، وَتصُوم رمضانُ"

(5)

(6)

.

(1)

ابن عجلان الباهلي مولاهم، أبو بكر البصري.

(2)

ابن قيس الأنصاري، أبو سعيد المدني القاضي.

(3)

الزيادة من (ط) و (ك).

(4)

في (ط) و (ك): "رسول الله".

(5)

في (ط) و (ك) في هذا الموضع ما نصه: "الحديث" ثم تتمة الحديث كما عند مسلم ولكن عليه علامة حذف في كلتا النسختين.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الزكاة -باب وجوب الزكاة (الفتح 3/ 308 ح 1397)، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة (1/ 44 ح 15) كلاهما من طريق عفان بن مسلم عن وهيب.

فائدة الاستخراج:

في إسناد المصنف بيان المهمل في إسناد مسلم في: عفان ووهيب وأبي زرعة، وهذا =

⦗ص: 157⦘

= من فوائد الاستخراج.

ص: 156

69 -

حدثنا علي بن إشكاب

(1)

، وَعلي بن حرب قالا: حدثنا أبو مُعاويَةَ

(2)

، عن الأعمش، عَن أبي سفيان

(3)

، عن جَابر قال: جاء النعمانُ بن قوْقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيتَ إن صلّيتُ المكتوبات وأحللتُ الحلالَ، وَحَرَّمتُ الحرامَ وَلم أَزِدْ على ذلك أَأدخل الجنُّةَ؟ قال:"نَعم"

(4)

.

(1)

هو: علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحر العامري، أبو الحسن بن إشكاب البغدادي، وإشكاب لقبٌ لوالده الحسين. تهذيب الكمال (20/ 379).

(2)

محمد بن خازم -بمعجمتين- الضرير الكوفي، أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، توفي سنة (195 هـ). التقريب (5841).

فهو ثقة في الأعمش، ويضطرب في حديث غيره، قال الإمام أحمد:"أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظًا جيدًا".

وقال ابن نمير: "كان أبو معاوية لا يضبط شيئًا من حديثه ضبطه لحديث الأعمش، كان يضطرب في غيره اضطرابا شديدًا".

وقال ابن خراش: "هو في الأعمش ثقة، وفي غيره فيه اضطراب".

وقد وُصِف أيضًا بالتدليس، ورمي بالإرجاء، وجعله الحافظ في المرتبة الثانية من المدلِّسين، وحديثه هنا عن الأعمش.

انظر: العلل للإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله، (1/ 378 رقم 726)، تاريخ بغداد (5/ 248)، تعريف أهل التقديس لابن حجر (ص 73 رقم 61).

(3)

طلحة بن نافع القرشي مولاهم الإسكاف المكي.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة (1/ 44 =

⦗ص: 158⦘

= ح 16) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به.

فائدة الاستخراج:

قوله: "ولم أزد على ذلك" ليس عند مسلم.

ص: 157

70 -

أخبرَنا محمد بن عَوف الحمصيُّ، وَأبو أُميَّةَ، وَعَلي بن حرْب قالوا: حدثنا عبيد الله بن مُوسى، أخبرنا شَيبانُ

(1)

، عن الأعمش، عَن أبي صالح

(2)

وَأبي سفيانَ، عن جَابرٍ قال: قال النعمان بن قوْقل: يا رسول الله أرأيتَ إن صلَّيتُ المكتوبات، وَأحللتُ الحَلالَ، وحرَّمتُ الحرامَ

(3)

، ولم أزِدْ عَلى ذلك شيئًا أأدخُل الجنَّةَ؟ قال:"نَعم"

(4)

.

(1)

ابن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي، أبو معاوية البصري المؤدِّب.

(2)

ذكوان السمان المدني.

(3)

في (ط)، و (ك):"وحرمت الحرام، وأحللت الحلال".

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة (1/ 44 ح 17) من طريق عبيد الله بن موسى به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم لفظه على ما قبله، وساقه المصنِّف كاملًا.

وهذا الحديث كان ترتيبه في الأصل و (م) بعد حديث عمرو بن عبسة الآتي بعده، واتبعتُ فيما أثبته ترتيب نسختي (ط) و (ك) لمناسبتها لسياق الأحاديث، والله أعلم.

ص: 158

71 -

حَدثَنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليدِ

(1)

، حدثنا عكرمةُ بن عمار

(2)

، حدثنا شَدَّادُ بن عبد الله

⦗ص: 160⦘

أبو عَمار

(3)

، -وكان قد أدرك نفرًا من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال أبو أُمامةَ

(4)

: يا عَمرو بن عَبَسَةَ بأي شَيءٍ تَدَّعي أنَّك رُبْعَ الإسلام؟ فقال: إنِّي كنتُ أرَى الناس على ضَلالةٍ، ولا أرى الأوثان بشيء، ثم سمعتُ

(5)

عن رجلٍ

(6)

يُخبر أَخبارًا بمكة، ويُحدِّث أحاديثَ، فركبتُ راحلتي حَتى أَقْدُمَ مكَّة، فإذا أَنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيًا، وإذا قومُهُ عليه جُرآء

(7)

، فتلَطَّفتُ فدَخلْتُ عَليه، فَقلتُ: ما أنت؟ قال: "أنا نَبِّي"، قلت: وما نَبِّي؟ قال: "رسولُ الله". فَقلتُ: الله أرْسلك؟ قال: "نَعم". قلتُ: بأيِّ شيءٍ؟ قال: "بأن يُوحَّد الله لا يشرك به شَيئًا، وكسْر الأوثان وَصِلةِ الأرْحام"، فقلتُ: وَمن مَعك؟ قَالَ: "حُرٌ وعبد"، وَإذا مَعَهُ بلال وَأبو بكر. الحديثَ

(8)

.

(1)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري.

(2)

العجلي، أبو عمار اليمامي، توفي سنة (159 هـ). =

⦗ص: 159⦘

= وثقه الأئمة، إلا أنهم تكلَّموا في روايته عن يحيى بن أبي كثير وضعَّفوه فيها.

ومن هؤلاء: يحيى بن سعيد القطان، وابن المديني، والإمام أحمد، والبخاري، وأبو داود، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان، وأبو أحمد الحكم وغيرهم.

وفي رواية للإمام أحمد قال: "مضطرب عن غير إياس بن سلمة، وكأن حديثه عن إياس بن سلمة صالح"، ونقل العقيلي عنه أنه قال:"أتقن حديث إياس بن سلمة"، وهذا خلاف ما جاء عن إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الذي قال:"ثقة، كثير الغلط، ينفرد عن إياس بن سلمة بأشياء لا يشاركه فيها أحد".

فأغلب الأئمة على توثيقه مستثنين من ذلك أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير، والخلاف بين الإمام أحمد وإسحاق بن أحمد بن خلف البخارى في روايته عن إياس بن سلمة.

وقال الذهبي في الكاشف: "ثقة، إلا في يحيى بن أبي كثير فمضطرب".

وقال ابن حجر: "صدوقٌ، يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب".

وقد وُصف أيضًا بالتدليس، وصفه بذلك أبو حاتم، والدارقطني، وجعله الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين.

وقد صرَّح هنا بالتحديث، إضافة إلى أنها ليست عن يحيى بن أبي كثير.

انظر: تاريخ الدوري (2/ 414)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (ص: 133)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (1/ 380) و (2/ 494)، و (3/ 116)، الثقات للعجلي (2/ 144)، سؤالات الآجري لأبي داود (ص: 264)، الضعفاء للعقيلي (3/ 378)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 10)، الثقات لابن حبان (5/ 233)، الكامل لابن عدي (5/ 1910)، سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 57)، الثقات لابن شاهين (ص: 254)، تاريخ بغداد للخطيب (12/ 259)، تهذيب الكمال للمزي (20/ 256)، =

⦗ص: 160⦘

= الكاشف (2/ 33)، وذكر من تكلم فيه وهو موثَّق للذهبي (ص: 148)، تهذيب التهذيب (7/ 226)، تعريف أهل التقديس لابن حجر (ص: 98)، التقريب (4672).

(3)

الدمشقي، مولى معاوية بن أبي سفيان.

(4)

صُدَيُّ -بالتصغير- بن عجلان الباهلي، صحابي مشهور. التقريب (2923).

(5)

في الأصل: "سمعته" وعليها ضبة.

(6)

في (ط): "برجل يخبر

".

(7)

في الأصل و (م) ضُبِط هكذا: "جَرِءيٌ"، وما أثبت من النسخ الأخرى، قال النووي:"بالجيم المضمومة جمع جَريء -بالهمز- من الجراءة وهي الأقدام والتسلط". شرح مسلم للنووي (6/ 115).

(8)

أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها -باب إسلام عمرو بن عَبَسَة =

⦗ص: 161⦘

= (1/ 569 ح 294) -كذا تسمية الباب في نسخة فؤاد عبد الباقي، وفي شرح النووي: باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها- من طريق عكرمة بن عمار عن شداد بن عبد الله ويحيى بن أبي كثير كلاهما عن أبي أمامة به مطولًا.

فائدة الاستخراج:

لم يخرجه مسلم في كتاب الإيمان، وإخراج المصنِّف للحديث في كتاب الإيمان دليل على تعيين مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل.

ص: 158

72 -

حدثنا الرَّبيع بن سليمان

(1)

، وَمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم

(2)

وعيسَى بن أحمَد العسْقلاني قالوا: حدثنا بشر بن بكر

(3)

، حدثنا ابن جَابر -يَعني: عبد الرحمن بن يزيدَ بن جَابر

(4)

-، ح

وَأخبرَني العَباسُ بن الوليد

(5)

، أخبَرني أبي، عَن ابن جابر أيضًا، ح

(6)

وأخبرني العَباسُ بن الوليدِ، عن أبيه، عَن الأوزاعي،

⦗ص: 162⦘

كلاهما

(7)

عن عميْر بن هانئ

(8)

قال: حَدثني جُنَادة بن أبي أُمَيةَ

(9)

، حَدثني عُبادة بن الصامتِ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال: أشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عَبدُه ورسوله، وأن عيسى عبد الله، وَابنُ أمتهِ كلمتُهُ أَلقاها إلى مريمَ، وروحٌ منه، وأنَّ الجنَّةَ حقٌ، وَأنَّ النُّار حَقٌ، أدخلة الله من أيِّ أبواب الجنَّةِ الثمانيةِ شاء"

(10)

.

وَفي حَديث الأوزاعي: "أدخلهُ الله الجنُّة على ما كان من عَملٍ"

(11)

.

(1)

المرادي المصري، أبو محمد المؤذن.

(2)

ابن أعين المصري الفقيه.

(3)

التِّنِّيسي، أبو عبد الله البجلي.

(4)

في (ط) و (ك): "حدثنا ابن جابر يعني عبد الرحمن"، وهو: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة الشامي الداراني.

(5)

ابن مَزْيَد -بفتح الميم وسكون الزاي وفتح المثناة التحتانية- العُذْرِي -بضم المهملة وسكون المعجمة- البيروتي. التقريب (3192).

وأبوه الوليد بن مَزْيَد من أثبت الناس في الأوزاعي، كما في تهذيب الكمال، (31/ 84).

(6)

هذا الإسناد الأخير ساقط من (ط) و (ك).

(7)

في (ط) و (ك): "كليهما ".

(8)

العَنْسي، أبو الوليد الدمشقي الداراني.

(9)

الأزدي الزهراني، أبو عبد الله الشامي.

(10)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأنبياء- باب قوله تعالى {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا في دِينِكُمْ

} (الفتح 6/ 546 ح 3435).

ومسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 57 ح 46) كلاهما من طريق الوليد بن مسلم عن ابن جابر به.

فائدة الاستخراج:

أخرجه مسلم من طريق الوليد بن مسلم وهو مدلس، جعله ابن حجر في المرتبة الرابعة من المدلسين، ووُصف بأنه يدلس تدليس التسوية -كما سيأتي في ح (73) - وجاءت رواية مسلم بالعنعنة، وقد أخرجه المصنِّف من غير طريقه هنا.

(11)

أخرجه البخاري -كما تقدم في الموضع السابق- من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي به، ومسلم -في الموضع السابق- من طريق مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي، به.

ص: 161

73 -

حَدثنا يزيدُ بن سنان

(1)

، حدثنا دُحَيم

(2)

، حدثنا الوَليدُ بن مُسْلِمٍ

(3)

، ح

⦗ص: 164⦘

وَحَدثنا أبو داود الحراني، حدثنا مُؤَمَّل بن الفَضل

(4)

، حدثنا مسكين بن بُكَير

(5)

كلاهما عن الأوزاعي بمثلِهِ

(6)

.

(1)

ابن يزيد بن الذَّيَّال القرشي الأموي، أبو خالد القزاز.

(2)

عبد الرحمن بن عمرو بن ميمون القرشي، أبو سعيد الدمشقي، لقبه دُحَيم.

(3)

القرشي، أبو العباس الدمشقي، توفي سنة (195 هـ).

ثقة، لكنه يدلس تدليس التسوية فيسقط الضعفاء من شيوخ الأوزاعي وغيره ليسوي الإسناد، فقيل له في ذلك فقال:"أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء".

قال الدارقطني: "يروي عن الأوزاعي أحاديث الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي مثل: نافع، وعطاء، والزهري، فيُسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي عن عطاء

".

ورمز له الذهبي في الميزان "صح"، وقال:"إذا قال الوليد: عن ابن جريج، أو عن الأوزاعي فليس بمعتمد؛ لأنه يدلس، فإذا قال: حدثنا فهو حجة".

وقد جعله الحافظ في المرتبة الرابعة من مراتب المدلِّسين، وقال في التقريب:"ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية".

وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بأنه قد صرَّح بالسماع في هذا الحديث عند الإسماعيلي إضافة إلى كونه متابعٌ في الإسناد.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 470)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2/ 420)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 16)، الثقات لابن حبان (9/ 222)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني (ص: 415)، تهذيب الكمال للمزي (31/ 86)، ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 347)، فتح الباري (6/ 547)، وتعريف أهل التقديس (ص 134)، والتقريب لابن حجر (7456).

(4)

أبو سعيد الجزري.

(5)

الحرَّاني، أبو عبد الرحمن الحذَّاء.

قال الحافظ: "صدوق يخطئ، وكان صاحب حديث"، ومن ذكر خطأه إنما قيَّده في حديثه عن شعبة وهذه ليست منها، ورمز له الذهبي "صح" إشارة إلى أن العمل على تصحيح حديثه.

انظر: تاريخ الدارمي (ص: 205)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 329)، تهذيب الكمال للمزي (27/ 483)، الميزان للذهبي (4/ 101)، التقريب (6615).

(6)

أخرجه الشيخان كما تقدم.

فائدة الاستخراج:

أخرجه مسلم من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي وفيه ما تقدم، وقرن المصنِّف مع الوليد -للكلام الذي فيه-: مسكين بن بكير، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 163

74 -

حَدثَنا محمدُ بن حَيويه

(1)

، حدثنا علي بن عبد الله [حدثنا بشر بن المفضَّل

(2)

، حدثنا خالد الحذَّاء

(3)

، عن الوليد أبي بشر

(4)

]

(5)

، ح

⦗ص: 165⦘

وحَدثنا مَهديُّ

(6)

، حدثنا يحيى بن يحي

(7)

، وَمُسَدَّد قَالُوا: أخبرنا بشْر بن المُفَضَّل، حدثنا خَالد الحذَّاءُ، عَن الوليدِ أبي بشرٍ، ح

(8)

وحَدثنا الصَّغاني، حدثنا المُعلى بن مَنْصُور

(9)

، حدثنا إسْماعيل -يَعني: ابن عُلَيَّة-

(10)

، عن خَالدٍ، عن الوليد بن مُسْلم، سمعت حُمْرانَ

(11)

، عن عُثمانَ رضي الله عنه[يقول]

(12)

: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُول: "مَن ماتَ

(13)

وهوَ يَعلم أَن لا إله إلا الله دَخل الجنَّةَ"

(14)

.

(1)

محمد بن يحيى بن موسى الإسفرائيني.

(2)

ابن لاحق الرَّقاشي مولاهم، أبو إسماعيل البصري.

(3)

خالد بن مِهران الحذَّاء البصري.

(4)

الوليد بن مسلم بن شهاب العنبري، أبو بشر البصري.

(5)

هو: ابن المديني، وما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(6)

في (ك): "مهدي بن الحارث" ولم أظفر بترجمته.

(7)

ابن بكر بن عبد الرحمن التميمي الحنظلي أبو زكريا النيسابوري، وفي (م):"يحي" فقط.

(8)

سقط هذا الإسناد من (ط) من عند قوله: "وحدثنا مهدي" إلى هذا الموضع.

(9)

الرازي، أبو يعلى، نزيل بغداد.

(10)

في (ط) و (ك): "إسماعيل بن علية".

(11)

ابن أبان بن خالد النَّمَري المدني.

(12)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(13)

في (م): "من بات"، وهو خطأ.

(14)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 55 ح 43) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب كلاهما عن إسماعيل بن علية. وأخرجه أيضًا عن المقدمي، عن بشر بن المفضل كلاهما عن خالد الحذاء به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف في روايته أن إسماعيل هو: ابن علية، وهذا من فوائد الاستخراج، وفي رواية مسلم: إسماعيل ابن إبراهيم، والاشتباه في أنه ابن علية أو غيره وارد.

ص: 164

75 -

حدثنا الصَّغاني، حدثنا عقبةُ بن مُكْرَم

(1)

، حدثنا محمد بن جَعفر

(2)

حدثنا شعبةُ، عن خالدٍ، عن أبي بشْرٍ العنبري

(3)

، عن حُمْرانَ، عَن عُثمانَ [رضي الله عنه]

(4)

عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، بمثلِه

(5)

(6)

.

(1)

بضم الميم، وسكون الكاف وفتح الراء، العَمِّي -بفتح المهملة وتشديد الميم-، أبو عبد الملك البصري. التقريب (4651).

(2)

الهذلي مولاهم، أبو عبد الله البصري، المعروف بغُنْدَر، وكان ربيب شعبة.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (25/ 5).

(3)

هو الوليد بن مسلم بن شهاب الماضي في الإسناد السابق.

والعَنْبَري: بفتح العين المهملة، وسكون النون، وفتح الباء الموحدة، وفي آخرها راء، نسبة إلى بني العنبر، وقد يخفَف فيقال: بلعنبر، وهم جماعة من بني تميم.

الأنساب للسمعاني (9/ 67).

(4)

ما بين المعقوفتين من (م).

(5)

سقطت كلمة "بمثله" من (م).

(6)

لم يخرجه مسلم من طريق شعبة عن خالد، وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 65)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص 317 ح 1121، 1122)، وأبو نعيم الأصبهاني في الحلية (7/ 174) كلهم من طرق عن شعبة عن خالد به.

وأخرجه النسائي أيضًا في عمل اليوم والليلة (ص 318 ح 1123) من طريق عبد الله بن حمران عن شعبة، عن بيان بن بشر قال: سمعت حمران .... به.

ثم عقَّب -أي النسائي- بقوله: "حديث عبد الله بن حمُران خطأ، والصواب حديث غندر" يعني: حديث غندر عن شعبة عن خالد عن الوليد أبي بشر.

ص: 166

76 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الصمدِ بن عبد الوارث

(1)

،

⦗ص: 167⦘

عن شُعبَةَ، عن خالدٍ الحذَّاء، عن أبي بشرٍ العنْبَري، عَن حُمْران، عن عُثمانَ رضي الله عنه

(2)

، أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن مَاتَ وهو يَعلمُ أن الله حق دَخل الجنَّةَ".

وقال مرةً

(3)

: "من ماتَ وهو يعلمُ أَن لا إله إلا الله دخل الجنَّةَ"

(4)

.

(1)

ابن سعيد العنبري مولاهم، أبو سعيد البصري.

(2)

لفظة الترضي على الصحابي سقطت من النسخ الأخرى.

(3)

في (ط): "ومن مات وهو يعلم" بدون لفظة: "وقال مرة".

(4)

أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء (7/ 174) من طريق محمد بن المثنى عن عبد الصمد بن عبد الوارث باللفظ الثاني. والظاهر أن التردد من عبد الصمد، ولعله كان يحدِّث به على الوجهين بدليل أن محمد بن المثنى رواه عنه باللفظ الثاني.

وهذا الحديث متأخر في الترتيب -في الأصل ونسخة (م) - حيث جاء بعد الحديث (78) الآتي، وقد راعيت ترتيب نسختي (ط) و (ك) لمناسبته للسياق، حيث إنه من متابعات الأحاديث التي قبله.

ص: 166

77 -

حَدثنا مُسلم

(1)

، حدثنا سهل بن عُثمانَ

(2)

، وأبو كُريب

(3)

، قالا: حدثنا أبو مُعاوية، حدثنا الأعمَشُ، عَن أبي صالح، عن أبي هُرَيرةَ، أو عَن أبي سَعيدٍ -الشك من الأعمش- قال: لما كان يومُ غزوة تبوك أصابَ النَّاسَ مجاعةٌ

(4)

، فأتَوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله، لَو أَذِنْتَ

⦗ص: 168⦘

لنا فنحرْنا نواضِحَنا

(5)

فأكلنا وَادَّهنَّا. فقال: "افْعَلُوا". فجاء عمرُ رضي الله عنه فقال: يا رسولَ الله، إِنَّك إن فَعَلْتَ قلَّ الظَّهْرُ، ولكن ادعهم بِفَضل أزوادهمْ، ثم ادْع الله

(6)

لهم عليها بالبركة لعلَّ الله أن يجعَل في ذلك.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَعم"

(7)

.

(1)

ابن الحجاج القُشيري، أبو الحسين النيسابوري، صاحب الصحيح.

(2)

ابن فارس الكِنْدي، أبو مسعود العسكري.

(3)

محمد بن العلاء بن كُرَيب. سمَّاه في صحيح مسلم.

(4)

في (ط) و (ك) زيادة في هذا الموضع نصه: "فأمر النبي صلى الله عليه وسلم" ولعله سبق قلم.

(5)

النواضح: جمع ناضح، وهي الإبل التي يُسْتقى عليها. النهاية لابن الأثير (5/ 69).

(6)

في (ط) و (ك) زيادة: "عز وجل".

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 56 ح 45) مطوَّلًا بزيادة في آخره كما سيأتي في الحديث الذي بعده.

وإيراد المصنف الحديث من طريق مسلم لعله لعدم وجوده عنده من غير طريقه بهذا الإسناد، أعني من طريق أبي معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، وكأن ذلك لأن أبا معاوية من أثبت أصحاب الأعمش، لازمه عشرين عامًا. تهذيب الكمال (25/ 131).

قال السخاوي -في معرض كلامه عن مناهج المستخرجين-: "وربما عزَّ على الحافظ وجود بعض الأحاديث فيتركه أصلًا، أو يعلقه عن بعض رواته، أو يورده من جهة مصنِّف الأصل". فتح المغيث للسخاوي (1/ 44).

وقد انتقد الدارقطني هذا الإسناد على مسلم فقال: "أخرجه من حديث الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، واختلف فيه على الأعمش، وقيل: عن أبي صالح، عن جابر، وكان الأعمش يشك فيه".

وأجاب ابن الصلاح عن ذلك بقوله: "أما شك الأعمش فهو غير قادح في متن الحديث، فإنه شك في عين الصحأبي الراوي له، وذلك غير قادح؛ لأن الصحابة كلهم عدول، والله أعلم". =

⦗ص: 169⦘

= وبنحو هذا أجاب النووي، وصوَّبه الشيخ ربيع المدخلي وقال:"لا وجه لاستدراك الدارقطني على مسلم بتردد الأعمش بين راويين من الصحابة أيهما روى الحديث".

انظر: التتبع للدارقطني (ص: 142)، صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 178)، شرح مسلم للنووي (1/ 222)، بين الإمامين مسلم والدارقطني (ص: 14).

ص: 167

78 -

حَدثنا عباس [بن محمد]

(1)

الدوري، حدثنا علي بن بحر [بن بَرِّي] القطان

(2)

، حدثنا قتادة بن الفُضَيل بن عبد الله بن قتادة

(3)

، سمعتُ الأعمَشَ يُحدِّث عن أبي صالح، عن أبي هُرَيرة قال: خَرجْنا معَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَزوةٍ فنزلنا منزلًا، فقال بعضُ القوم: يا رسول الله، لَو ذَبَحْنا بَعض الظَّهر فأَصبنا منه فيَرى المشركون حُسْنَ حَالِنا. فقَال:"ما شئتُمْ". فجاء عمرُ بن الخَطاب رضي الله عنه فقال: لا، ولكن اجمَعْ زادَنا

(4)

فادْعُ عَليه. فجمع رَسول الله صلى الله عليه وسلم زادَنا، فجَعَل

⦗ص: 170⦘

الرَّجُل يَجيء بالشيء من السويق، وَبالشيء من التَّمر. قال: فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"عليكم بأوعيتكم". قال: فمَلَؤُوهَا، وفَضَل فَضْلٌ كثير

(5)

. قال: فلما رأى ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا عبد الله، وَأنا رسولُهُ مَن جَاء بهما يومَ القيامَة لم يُحجَبْ عن الجنّة"

(6)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(3)

الحَرَشي -بمهملتين مفتوحتين ثم معجمة-، أبو حميد الرُّهاوي، توفي سنة (200 هـ).

قال عنه أبو حاتم: "شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات، وكذا ابن شاهين في ثقاته وقال:"كان ثقة"، وقال الذهبي:"وُثِّق"، وقال الحافظ:"مقبول". وقد تابعه أبو معاوية كما في الإسناد السابق وكما عند مسلم وسيأتي تخريجه.

انظر: الجرح والتعديل (7/ 135)، الثقات لابن حبان (7/ 341)، الثقات لابن شاهين (ص 267 رقم 1092)، الكاشف للذهبي (2/ 134 رقم 4552)، التقريب (5519).

(4)

في (ط) و (ك): "أزوادنا".

(5)

في (ط) و (ك): "فضلًا كثيرًا".

(6)

لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.

فائدة الاستخراج:

أخرجه مسلم من وجهٍ فيه شك الأعمش في صحأبي الحديث كما تقدم في الذي قبله، وأخرج المصنِّف بهذا الإسناد بدون شك، وبه يترجَّح أحد الوجهين في إسناد مسلم.

ص: 169

79 -

حدثنا محمد بن صالح -كِيْلَجَة-، حدثنا محمدُ بن زنبور

(1)

، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم

(2)

،

⦗ص: 172⦘

عن سُهيل

(3)

، عَن الأعمش، عَن أبي صالح، عن أبي هُرَيرَة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كنا مَعَه، فَنَفِدَتْ

(4)

أزوادُنا، فأردنا أن ننحَر بعْضَ ظَهرنا

(5)

" وَذكر الحديثَ

(6)

.

(1)

هو: محمد بن جعفر بن أبي الأزهر المكي، أبو صالح، وزنبور لقبٌ لوالده جعفر.

وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"ربما أخطأ".

وضعفه ابن خزيمة، وقال أبو أحمد الحكم:"ليس بالمتين"، وقال مسلمة بن القاسم:"تُكلِّم فيه لأنه روى عن الحارث بن عمير مناكير لا أصول لها، وهو ثقة". وهذا تفصيل حسن.

وقال الذهبي: "شيخ مشهور"، وقال الحافظ:"صدوق له أوهام".

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 116)، تهذيب الكمال للمزي (25/ 214)، الميزان للذهبي (3/ 550)، تهذيب التهذيب لابن حجر (9/ 143)، التقريب (5886).

(2)

هو: عبد العزيز بن سلمة بن دينار المخزومي مولاهم المدني الفقيه، توفي سنة (182 هـ).

وثقه الأئمة ابن معين، والعجلي، وأبو حاتم، وابن نمير، والنسائي، وذكره ابن حبان، =

⦗ص: 171⦘

= وابن شاهين في الثقات، وقال:"ليس به بأس"، وأخرج له أصحاب الكتب الستة.

وقال الفلاس: "ما رأيت عبد الرحمن بن مهدي حدَّث عن ابن أبي حازم بحديث"، وقال ابن المديني:"كان حاتم بن إسماعيل يطعن عليه في أحاديث رواها عن أبيه، قال لي حاتم: نهيته عنها فلم ينته"، وفي رواية لابن معين -نقلها الذهبي في "المغني"- قال:"ليس بثقة في أبيه"، وقال الإمام أحمد:"لم يكن يُعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه فإنهم يقولون: إنه سمعها، ويقال أن سليمان بن بلال أوصى إليه فوقعت كتب سليمان إليه ولم يسمعها، وقد روى عن أقوام لم يعرف أنه سمع منهم"، وفي سؤالات أبي داود له قال:"أرجو أنه لا بأس به. قيل له: هو أحب إليك أو الدراوردي؟ قال: لا بل هو أحب إليَّ، والدراوردي أعرف منه" ثم قال أحمد: "يقال: له بليَّة أخرى أيضًا -يعني ابن أبي حازم- لم يكن بكثير الحديث، فلما مات سليمان بن بلال أوصى إليه فدُفعت كتبه إليه، فأخرج أحاديث كثيرة للناس"، وذكره العقيلي في الضعفاء. وقد أخرج له البخاري من حديثه عن أبيه كما سيأتي في ح (210).

وليَّنه ابن سيد الناس، وقال الذهبي:"أحد الثقات"، ورمز له في الميزان "صح".

وقال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ، فقيهٌ"، وقال في هدي الساري:"احتجَّ به الجماعة".

وقد توبع كما سبق في التخريج السابق، وروايته هذه أخرجها البخاري كما سيأتي.

انظر: سؤالات عثمان بن أبي شيبة لابن المديني (ص: 130)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 221)، الثقات للعجلي (2/ 96)، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 429) الضعفاء للعقيلي (3/ 10)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 382)، الثقات لابن حبان (7/ 117)، الثقات لابن شاهين (ص: 235)، تهذيب الكمال للمزي (18/ 120)، ميزان الاعتدال للذهبي (2/ 626)، المغني له أيضًا (2/ 397)، هدي الساري (ص: 441)، وتهذيب التهذيب لابن حجر =

⦗ص: 172⦘

= (6/ 293)، والتقريب (4088).

(3)

ابن أبي صالح ذكوان السمان المدني.

(4)

نَفِدَتْ: بالدال المهملة أي: فنيت. الصحاح للجوهري (2/ 544).

(5)

في (ط) و (ك): "ظهورنا".

(6)

أخرجه من هذا الطريق النسائي في الكبرى -كتاب السير- باب جمع زاد الناس إذا فني زادهم (5/ 246 ح 8796) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا مصعب بن عبد الله قال: حدثنا عبد العزيز، عن سهيل، عن الأعمش به.

وقد أهمل النسائي عبد العزيز، وذكر المزي في تحفة الأشراف (9/ 4182) أنه الدراوردي، وبيَّن إسناد أبي عوانة أنه ابن أبي حازم، وكلاهما يروي عن سهيل، فالظاهر أن المزِّيَّ وهم فيما ذكره، والله أعلم.

فائدة الاستخراج:

أخرجه مسلم من وجهٍ فيه شك الأعمش في صحأبي الحديث كما تقدم، وأخرج المصنِّف بهذا الإسناد -والذي قبله- بدون شك، وبه يترجَّح أحد الوجهين في إسناد مسلم.

ص: 170

80 -

حدثَنا ابن ناجية

(1)

،

⦗ص: 173⦘

وقاسم المُطَرِّز

(2)

، والمَعْمَريُّ

(3)

، قالوا: حدثنا أبو بَكر

(4)

بن أبي النَّضْر، حدثنا أبو النَّضْر

(5)

، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعيُّ

(6)

، عن مالك بن مِغْوَل

(7)

، ح

وَحدثنا ابن أبي الدُّمَيك

(8)

، حدثنا سُليمان بن الفَضل

⦗ص: 174⦘

الزَّيديُّ

(9)

، حدثنا الأشجعيُّ، عن مالك بن مغولٍ، ح

وَحَدثني محمد بن عبيد بن عُتبة الكوفي، حدثنا الوليد بن حمَاد اللؤلؤي

(10)

-وكان من البَكَّائين، ثِقَةٌ فَقِيْهٌ، لا يُفْتي بالرأي- قَال: حدثنا الحسن بن زياد

(11)

، حدثنا مالك بن مِغْوَل، ح

⦗ص: 175⦘

وَحَدثنا المَعْمَرِيُّ، أو إبراهيم الحربيُّ

(12)

قال: حدثنا مَسْرُوق بن المَززُبان

(13)

قال:

⦗ص: 176⦘

حدثنا أبي

(14)

، عن مالك بن مِغْوَلٍ كلهم قالوا: عن طلحةَ بن مُصَرِّفٍ

(15)

، عَن أبي صالحٍ، عن أبي هُرَيرَة قَال: كُنَّا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(16)

في مسيرٍ فَنفِدَتْ أزوادُ القَوْمَ. قال: حتى هَمَّ بنَحْرِ بعض جِمَالِهِم

(17)

، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسولَ الله، لو جمعْتَ ما بقيَ مِنْ أزوادِ القوم فَدَعوْتَ الله عليها. فَفَعَلَ، فجاء ذو البُرِّ ببُرِّه، وَذُو التَّمْرِ بتمرِهِ وَذُو النَّواةِ بِنَوَاهُ

(18)

. قلتُ: وَما كانوا يَصنعونَ بالنَّوى؟ قال: يَمُصُّوْنَهُ، فَيَشْرَبُونَ عليْه الماء. فَدَعَا عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى ملأ القوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ، قال: فقال عند ذلكَ: "أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأنِّي رسولُ الله، لا يلقَى بهما عبد غيْرَ شاكٍ فيهما إلا دخل الجنَّة"

(19)

.

⦗ص: 177⦘

هذا لفظ حديث أبي النضْر، وحَديثُ اللؤلؤي:"أن ينحَرَ بعض إبلِنا" قال طلحةُ: "وَذُو النَّواةِ بنَواهُ

" بمثلِهِ، ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لقي الله غيرَ شاكٍّ فيه، وَلا في رسُولِهِ لم يُحْجَبْ عن الجَنَّة"

(20)

.

(1)

في (م): "أبو ناجية" وهو خطأ، وهو: عبد الله بن محمد بن ناجية بن نَجَبَة البربري، أبو محمد البغدادي. ولم أجد في ترجمته من نصَّ على أنه روى عن أبي بكر بن أبي النضر، ولا أنَّ أبا عوانة روى عنه، ولكن قال الذهبي:"سمع من سويد بن سعيد، وعبد الواحد بن غياث، وأبي بكر بن أبي شيبة وطبقتهم". وهؤلاء كلهم في طبقة أبي بكر بن أبي النضر، وليس في الطبقة أو قريبًا منه من يعرف بابن ناجية سواه، والله أعلم. =

⦗ص: 173⦘

= انظر: تاريخ بغداد (10/ 104)، سير أعلام النبلاء (14/ 164).

(2)

القاسم بن زكريا بن يحيى البغدادي، أبو بكر المقرئ.

(3)

هو: الحسن بن علي بن شَبيب المعمري: بفتح الميمين، وسكون العين بينهما نسبة إلى: مَعمر، واشتهر بهذه النسبة لأنه عُنِيَ بجمع حديث معمر بن راشد، وقيل غير ذلك. انظر: الأنساب للسمعاني (11/ 405 - 406).

وثقه جماعة، وتكلم فيه موسى بن هارون لأحاديث غرائب رواها وانفرد بها، وروى الحاكم عن الدارقطني أنه رجع عنها وترك روايتها.

انظر: سؤالات الحكم للدارقطني (ص: 109 - 111 رقم 78)، سير أعلام النبلاء (13/ 510 - 514)، لسان الميزان لابن حجر (2/ 221).

(4)

في (م): "أبا بكر" وهو خطأ، واسمه كنيته، وهو: أبو بكر بن النضر بن أبي النضر هاشم بن القاسم، وينسب إلى جدِّه غالبًا. تهذيب الكمال (33/ 151).

(5)

هاشم بن القاسم الليثي، أبو النضر البغدادي، لقبه قيصر.

(6)

ويقال أيضًا: عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي، أبو عبد الرحمن الكوفي.

(7)

مِغْوَل -بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو-، أبو عبد الله الكوفي. التقريب (6451).

(8)

محمد بن طاهر بن خالد بن أبي الدُّمَيك، أبو العباس، توفي سنة (305 هـ).

وثقه الخطيب البغدادي والسمعاني.

انظر: تاريخ بغداد (5/ 377)، الأنساب (5/ 342).

(9)

ذكره السمعاني في الأنساب وكناه: أبو الفضل. وقال ابن عدي: "ليس بمستقيم الحديث

قد رأيت له غير حديث منكر". فهو إذًا ضعيف الحديث، وقد توبع.

ونقل الحافظ في اللسان عن ابن منده قوله عنه: "كان ببغداد، حدَّث عن عبيد الله الأشجعي" كذا في مخطوطة اللسان، ووقع في المطبوعة:"حدَّث عنه عبيد الله الأشجعي" وهو خطأ لأن الأشجعي شيخه كما في إسناد أبي عوانة.

انظر: الكامل في الضعفاء (3/ 1139)، الأنساب (6/ 341)، لسان الميزان لابن حجر (3/ 100)، والمخطوط (2/ ل 22/ ب).

(10)

ذكره ابن حبان في الثقات، ونقل الحافظ ابن حجر عن أبي إسحاق الثعلبي أنه قال عنه:"لا يدرى من هو"، وقد وثقه المصنِّف هنا وهو ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل، ولم أجد له ترجمة في موضع آخر.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 226)، لسان الميزان لابن حجر (6/ 221)، ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل للذهبي (ص: 130).

(11)

الأنصاري مولاهم اللؤلؤي، أبو محمد الكوفي، توفي سنة (204 هـ).

وأكثر الأئمة على تضعيفه، منهم: ابن معين، وابن المديني، والإمام أحمد، وأبو حاتم، والنسائي والدارقطني، وغيرهم. ورماه بعضهم بالكذب كابن معين أيضًا في رواية، وابن نمير، وأبو داود وأبو ثور، ويعقوب ابن سفيان الفسوي، والعقيلي، والساجي.

وتفرَّد بتوثيقه مسلمة بن القاسم، ولا ينتهض لمقابلة هولاء الأئمة.

انظر: تاريخ الدوري عن ابن معين (2/ 114)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 89 رقم =

⦗ص: 175⦘

= 158)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 15)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني (ص: 192 رقم 187) تاريخ بغداد للخطيب (7/ 315 - 317)، ميزان الاعتدال (1/ 491) وسير أعلام النبلاء (9/ 543) كلاهما للذهبي، لسان الميزان لابن حجر (2/ 208).

وقال الحافظ -مستنكرًا- بعد أن ساق أقوال المضعِّفين له: "ومع ذلك كلِّه أخرج له أبو عوانة في مستخرجه والحكم في مستدركه". اللسان (2/ 209).

أقول: كأن الحافظ يشير بهذا -إضافةً إلى استغرابه- إلى طرفٍ من توثيقه عند أبي عوانة والحكم، حيث الأول يستخرج على الصحيح، والثاني يستدرك عليه، وإن كان هذا في الحقيقة لا يفيد توثيقًا من ناحيتين:

أ- أنه في موضعٍ قبل الالتقاء بسند الصحيح وقد قال الحافظ فيما نقله عنه السيوطي: "إن المستخرج لم يلتزم الصحة فيما بينه وبين الراوي الذي يلتقي فيه مع صاحب الأصل، بل جلُّ قصده العلو، ولذلك يحتاج الإسناد فيما بين المُسْتخرِج وبين نقطة الالتقاء إلى نقد". تدريب الراوي للسيوطي (1/ 115).

ب- احتمال كونه في المتابعات التي يُحتمل فيها ما لا يُحتمل في غيرها. والله أعلم.

(12)

إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البغدادي، أبو إسحاق الحربي، صاحب التصانيف.

(13)

المَرْزُبَان -بسكون الراء وضم الزاي بعدها موحدة- ابن مسروق الكِنْدي، أبو سعيد الكوفي.

قال عنه أبو حاتم: "ليس بقوي، يكتب حديثه"، وقال صالح جزرة:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي:"صدوق معروف"، وقال الحافظ:"صدوق له أوهام".

انظر: الجرح والتعديل (8/ 397)، الثقات لابن حبان (9/ 206)، ميزان الاعتدال =

⦗ص: 176⦘

= للذهبي (4/ 98)، تهذيب التهذيب (10/ 103)، التقريب (6603).

(14)

لم أجد له ترجمة سوى أن ابن أبي حاتم ذكره، ولم يحك فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 442)، الثقات لابن حبان (9/ 200).

(15)

ابن عمرو بن كعب اليامي الكوفي، وفي (م):"مصروف" بدل: مصرِّف، وهو سبق قلم.

(16)

في (ط) و (ك): "النبي صلى الله عليه وسلم".

(17)

وفي (م): "أجمالهم"، وكلتا الصيغتين مستعملتان في جمع الجمل.

انظر: القاموس المحيط (ص 1265).

(18)

في (ط) و (ك): "وذو النوى بالنواة".

(19)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 55 ح 44) من طريق أبي بكر بن أبي النَّضر عن أبيه، غير أنه قال =

⦗ص: 177⦘

= فيه: "حمائلهم" بدل "جمالهم". قال النووي: "روي بالحاء وبالجيم"، وكلاهما صحيح بمعنى، فالحمائل الأبل التي تحمل، وبالجيم جمع جمل.

وهذا الإسناد أيضًا انتقده الدارقطني على مسلم فقال: "وأخرج مسلم حديث الأشجعي، عن مالك بن مغول، عن طلحة، عن أبي هريرة: "كنا في سفر فنفذت أزواد القوم

"، قال: تابعه مسروق، عن أبيه، عن مالك، وخالفهما أبو أسامة وغيره رووه عن مالك، عن طلحة، عن أبي صالح مرسلًا".

وردَّ ذلك أبو مسعود الدمشقي فقال: "الأشجعي ثقة مجوِّد، فإذا جوَّد ما قصَّر فيه غيره حُكِم له به، ومع ذلك، فالحديث له أصلٌ ثابتٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية الأعمش له مسندًا، وبرواية يزيد بن أبي عبيد، وإياس بن سلمة بن الأكوع، عن سلمة".

وكذا ردَّه الشيخ ربيع المدخلي، ثم قال:"اعتراض الدارقطني في غاية الضعف فلا يلتفت إليه في ميدان النقد الصحيح".

انظر: التتبع للدارقطني (ص: 141 - 142)، صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 178)، شرح مسلم للنووي (1/ 223)، بين الإمامين مسلم والدراقطني للشيخ ربيع المدخلي (ص: 12).

(20)

لم أجد من أخرجه من طريق اللؤلؤي، وقد سبق -قبل حديثين- بهذا اللفظ من طريق قتادة بن الفضيل، عن الأعمش.

ص: 172

81 -

حَدثنا أحمد بن يوسف السُّلَمي، حدثنا النَّضر بن محمد

(1)

،

⦗ص: 178⦘

حدثنا عكرمة بن عَمار، حدثني أبو كثير

(2)

، حَدثني أبو هُرَيرَةَ قال: كُنَّا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم

(3)

[إذ]

(4)

افتقدناه فلم ندْرِ أين هو، وَخشينا أن يُقْتَطَعَ دوننا، قال: فَقُمْنَا وقمْتُ في أوَّلِ الناس أتَّبعُ أثرَه وأسألُ عنه، حتى آتي حائطًا

(5)

هُو فيهِ، فَجَعَلْتُ ابتغي طريقًا إليه ولا أجدُ، وأبتغي ثُلْمَةً

(6)

فلا أجدُه، وأتَّبع الماء إلى الحائط من بئرٍ وراءه -يَعني جدول- قال: فحفَزْتُ مثلَ ما يحفز الثَّعْلَبُ

(7)

، حتى دخلتُ عليه،

⦗ص: 179⦘

قال: "أبو هريرة؟ "، فقلتُ

(8)

: نَعَم يا نبي الله، قال:"ما جاء بك؟ "، [قلت]

(9)

: تَخَوَّفْنَا عليك أن تُقْتَطَعَ، وَلم نَدْرِ أين أنتَ، وهذا أبو بكرٍ وعُمر والنَّاسُ على أَثَري

(10)

.

قال: فَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ، فقالَ: "اِذهَبْ بِنَعْلَيَّ هذين

(11)

، فَمَنْ لقيْتَ مِنْ وَرَاء الحائط يَشهدُ أَنْ لا إِلهَ إلَّا الله، وأن محمدًا عَبدُه ورَسُولُه، مُسْتَيقِنًا بِها قَلبُه، فبشِّره بالجنَّة".

قال: فَخَرَجْتُ بالنُّعْلين فكان أوَّل مَنْ لَقِيَني عمرُ بن الخَطاب رضي الله عنه فقال: ما هاتان النَّعْلانِ؟ فقلتُ: أعْطَانيهما رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَني بكذا وكذا، قال: فَلَكَمَ صَدْري؛ فقَعَدْتُ عَلى اسْتي، وَقال: ارجعْ،

⦗ص: 180⦘

فَرَجَعْتُ إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر، وجَاء عُمَرُ، فقالَ:"يا عمرُ فَعَلْتَ كَذا وَكَذا؟ "، قال: نَعَم يا نبيَّ الله. قال: "لِمَه؟ "، قال: بأبي أنتَ وأُمِّي يَتَّكِلُ النَّاس، ولكن اتركهم فَيَعْمَلُونَ. قال:"فَنَعَمْ إِذًا"

(12)

.

[قال أبو عوانة]

(13)

يُقالُ: إن هذا لأصحاب رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الموقنين، ولم يَعُمَّ بهِ، وَإنما قالَ: مَنْ لَقيتَ مِن وَرَاء الحائط، فلم يلق إلا عُمر، وعمرُ

(14)

قد بشَّرَهُ النبي صلى الله عليه وسلم بالجنَّة.

(1)

ابن موسى الجُرَشي -بالجيم المضمومة والشين معجمة- اليمامي، أبو محمد. التقريب =

⦗ص: 178⦘

= (7148).

(2)

السُّحَيمي -بمهملتين، مصغَّر- الغُبَري -بضم المعجمة وفتح الموحدة- اليمامي، الأعمى، قيل: هو يزيد بن عبد الرحمن، وقيل: يزيد بن عبد الله بن أُذَينة، أو ابن غُفَيلة -بمعجمة وفاء مصغَّرًا-. التقريب (8324).

(3)

في (ط) و (ك): "نبي الله صلى الله عليه وسلم".

(4)

في الأصل -وعليها ضبة- و (م): "إذا" وهو خطأ، وما أثبت من (ط)، و (ك).

(5)

الحائط هو: البستان إن كان عليه جدار يحيط به. النهاية لابن الأثير (1/ 462).

(6)

الثُّلْمَةُ: الخلل في الحائط وغيره. الصحاح للجوهري (5/ 1881).

(7)

كذا في الأصل: "فحفزت كما يحفز الثعلب" بالزاي في الموضعين، وفي النسخ الأخرى بالراء المهملة، وفي صحيح مسلم:"فاحتفزت كما يحتفز الثعلب" بالزاي أيضًا.

قال النووي: "قد روي على الوجهين، روي بالزاي، وروي بالراء، قال القاضي عياض: رواه عامة شيوخنا بالراء عن العبدري وغيره، قال: وسمعنا عن الأسدي عن أبي الليث الشاشي عن عبد الغافر الفارسي عن الجلودي بالزاي، وهو الصواب ومعناه: تضاممت ليسعني المدخل.

وكذا قال الشيخ أبو عمرو -أي: ابن الصلاح- أنه بالزاي في الأصل الذي بخط =

⦗ص: 179⦘

= أبي عامر العبدري، وفي الأصل المأخوذ عن الجلودي، وأنها رواية الأكثرين، وأن رواية الزاي أقرب من حيث المعنى، ويدلُّ عليه تشبيهه بفعل الثعلب وهو تضامه في المضايق. وأما صاحب التحرير فأنكر الزاي وخطَّأ رواتها، واختار الراء، وليس اختياره بمختار". شرح صحيح مسلم للنووي (1/ 236).

(8)

في (ط): "قلت".

(9)

في الأصل و (م): "قال"، وما أثبت من (ط) و (ك).

(10)

فيه لغتان فصيحتان مشهورتان: بكسر الهمزة وإسكان الثاء، وبفتحهما. قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم (1/ 239).

(11)

كذا في جميع النسخ بتذكير الإشارة إلى النعلين، وفي صحيح مسلم بتأنيثها، وستتكرر بتأنيث الإشارة هنا. وذكر ابن الأثير أن النَّعل مؤنَّثة، ولكن توصف بالمذكَّر لأن تأنيثها غير حقيقي.

انظر: النهاية في غريب الحديث (5/ 83).

(12)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 59 ح 52) من طريق عكرمة بن عمار به، مع اختلاف في بعض ألفاظه.

فائدة الاستخراج:

عقَّب المصنِّف -بعد الحديث- بما أفاده الحديث من فقهٍ، وهذا من فوائد الاستخراج.

(13)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)

(14)

سقطت لفظة: "وعمر" الثانية من (ط) و (ك).

ص: 177

82 -

حدثنا محمد بن عُزَيزٍ الأيْلي

(1)

، حَدثني سَلامَة بن

⦗ص: 182⦘

رَوْح

(2)

، ح

⦗ص: 183⦘

وَحَدثنا أبو يوسف الفارسيُّ

(3)

، حدثنا ابن بُكير

(4)

، حدثني

⦗ص: 184⦘

الليْث

(5)

، كلاهما عن عُقَيل

(6)

، ح

وَحَدثنا أبو أُميةَ، حدثنا سليمان بن داودَ

(7)

الهاشميُّ، حدثنا إبراهيم بن سعدٍ

(8)

، كِلاهما عن ابن شهابٍ

(9)

، قال: أخبَرني محمود بن الرَّبيع الأنصاريُّ أنه عَقَل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعَقَل مجَّةً مجَّها من دَلوٍ من بئرٍ كانَتْ في دارِهم في وجههِ، فزعَمَ محمودٌ أنَّ عِتْبَان بن مالكٍ -وكان ممن شَهد

(10)

بدْرًا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَقول: جئتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ

(11)

: إِنِّي قد أنكرْتُ من بَصَري، وإن السَّيْلَ يأتي فَيَحول بيني وبين مسجدِ قومي، ويَشُق عَليَّ اجتِيَازُه، فإنْ رأيتَ أن تأتيَ فتُصَلِّيَ في بيْتي مكانًا

(12)

أتخذُهُ مُصَلىً فافْعَلْ.

⦗ص: 185⦘

فقال: "أَفْعَلُ". فَغَدا عَلَيَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه بَعْدَمَا اشتَدَّ النَّهارُ، فاسْتأذَنَ، فأذِنْتُ له، فلم يجلس حتى قال:"أين تحبُّ أن أصَلِيَ من بَيْتِكَ؟ "، فَأَشَرْتُ لَه إلى المكَان الذي أُحب أن أُصَليَ فيه، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فكَبَّر، وصَفَفْنَا خلفه، فصَلَّى

(13)

لنا ركعتين، ثم احتبسْتُهُ على خَزيرٍ

(14)

يُصْنَعُ لهم، وَسَمع به رجالٌ من أهل الدار فثابُوا

(15)

حتى كثُر الرجالُ في البيتِ، فقال رجلٌ: فأين مالك بن الأخنس أو ابن الدُّخْشُم

(16)

-شك إبْراهيمُ بن سَعدٍ، وأما عُقَيل فقال:

⦗ص: 186⦘

مالك بن دخشم- فَقال: ذلك رَجلٌ مُنَافِقٌ لا يُحبُّ الله ورسُولَه.

فَقَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَمَا يُدريك؟ "، فقال: أما نحن فَوَالله مَا نَرى وُدَّه ولا حَدِيثَه إلَّا للمُنافقين. فَقَال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أما تراه قال مَرَّةً وَاحدة: لا إله إلا الله يبتغي بها وجْهَ الله تبارك وتعالى

(17)

والدارَ الآخرةَ؟ "، فقال: الله ورسُولُه أعلم. قال: "فإن الله حَرَّم عَلى النَّارِ أن تأكُلَ من قال: لا إله إلا الله، يبتغي

(18)

بها وجْهَ الله".

قال ابن شهابٍ: "أدركنا الفُقَهاء وهُم يرون أن ذلك كان من قولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل

(19)

أن يُنْزلَ مُوجباتُ الفرائض في القرآن، ولكن الله قد أنزل على أهل هذه الكلمة التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاة بها فرائض في كتبه، نحن نخشى أن يكونَ الأمرُ قد صار إليهنَّ، فَمن استَطاعَ ألَّا يَغْتزَّ فلا يَغْتَرّ"

(20)

.

⦗ص: 188⦘

قال محمود بن الرَّبيع: "فَخَرَجْنا في غزوة

(21)

معَ يزيد بن مُعاوية ومَعَنَا أبو أيوبَ الأنصاري فحدَّثتُهُ هذا الحديثَ فقال: ما أدري رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هَذا. فَكَبُرَ ذلك عليَّ، فرجعْتُ، فأَتَيتُ عِتبانَ بن مالك وهوَ في مسجدِ قومه يَؤمُّهم، وَقد ذَهَبَ بصرُه، فسلمْتُ عليه، وتَعَرَّفْتُ إليه، فَعَرَفَني، ثمَّ سألْتُهُ عن هذا الحديث، فَحدَّثني بِهِ كما حَدَّثني أَوَّلَ مَرَّةٍ"

(22)

.

⦗ص: 189⦘

وهذا لفظُ إبراهيم بن سعدٍ، وهوَ أتَمُّهما حديثًا، وأما عُقَيلٌ فقال: مَالك بن الدُّخشن

(23)

بلا شكٍ، وَانتَهَى حديثُهُ إلى قولهِ:"يبتغي بذلك وجْهَ الله".

(1)

الأيلي: بفتح الألف، وسكون الياء المثناة التحتانية، وفي آخرها لام، نسبة إلى: أيلة بلدة على ساحل القلزم -أي: البحر الأحمر- مما يلي ديار مصر، وتعرف اليوم باسم "العَقَبَة" وهي ميناء المملكة الأردنية الهاشمية حاليًا.

ومحمد بن عُزَيز -بمهملة وزايين، مصغَّر- بن عبد الله العقيلي، ت سنة (267 هـ).

وثقه ابن أبي حاتم، والعقيلي، ومسلمة بن القاسم، وسعيد بن عثمان بن السكن، =

⦗ص: 181⦘

= وذكره ابن حبان في الثقات، وتردَّد فيه النسائي فقال مرةً:"لا بأس به"، ومرة قال:"صويلح"، وقال مرة:"ضعيفٌ ليس بثقة".

وقال أبو أحمد الحاكم: "فيه نظر"، وكان أحمد بن صالح المصري سئ الرأي فيه.

وقال الذهبي: "صدوقٌ إن شاء الله"، وقال الحافظ ابن حجر:"فيه ضعفٌ، وتكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة"!؟ كذا في "التقريب" وفي "تهذيب الكمال" و "تهذيب التهذيب" أن سلامة ابن عمه، ولعله الصواب، والله أعلم.

والظاهر أن قول الذهبي فيه أرجح من قول الحافظ ابن حجر، والله أعلم.

ولعل في كلام الحافظ ما يشير إلى سبب تضعيفه وهو روايته عن ابن عمه ما لم يسمع منه، وهذا -إن ثبت- من نوع الإرسال الخفي لكونه معاصرًا له، وهو غير قادحٍ في عدالة من يتعاطاه.

والذي تكلَّم في سماعه من سلامة هو: يعقوب بن سفيان الفسوي قال: "دخلت أيلة فسألت عن كتب سلامة بن روح وحديثه من محمد بن عُزَيز، وجهدت به كل الجهد، فزعم أنه لم يسمع من سلامة شيئًا وليس عنده من كُتُب سلامة، ثمَّ حدَّث بعد ذلك بما ظهر عنه من حديثه".

وفي إسناد المصنِّف قول محمد بن عُزَيز: "حدثني سلامة" فهذا يعارضه ما سبق من نفي يعقوب بن سفيان لسماعه من سلامة، وقد ورد في أسانيد أخرى كثيرة عند المصنِّف في ح (339)، وح (424)، كما عند ابن عدي في "الكامل"(3/ 1160)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 452)، والمزي في "تهذيب الكمال"(26/ 116) يصرِّح فيه بالسماع من سلامة، فالله أعلم بالصواب، ومع هذا فقد توبع في حديثه هذا هنا.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 52)، الثقات لابن حبان (9/ 137)، أسماء الضعفاء والكذابين لابن شاهين (ص 170 رقم 587)، الأنساب للسمعاني =

⦗ص: 182⦘

= (1/ 404)، تهذيب الكمال للمزي (26/ 115)، ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 647)، تهذيب التهذيب (9/ 297)، التقريب (6139)، معجم المعالم الجغرافية لعاتق البلادي (ص: 35).

(2)

بن خالد بن عقيل القرشي الأموي، أبو روح العقيلي، توفي سنة (197 هـ).

ضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وابن قانع.

وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الحديث"، وقال مسلمة بن القاسم:"لا بأس به" وتكلموا في سماعه من عمه عُقيل وقالوا: إن حديثه عن عُقيل من الكُتب، ولم يسمعها منه.

قال أحمد بن صالح المصرى: "سألت عنبسة بن خالد بن يزيد ابن أخي يونس بن يزيد عن سلامة فقال: لم يكن له من السنِّ ما يسمع من عُقيل. قال: وسألت بأيلة، فأخبرني رجلٌ من ثقاتهم أنه لم يسمع من عُقَيل، وحديثه عن كتب عُقيل".

وقال محمد بن مسلم بن وارة: "قال لي إسحاق بن إسماعيل -يعني الأيلي- ما سمعتُ سلامة قال قط: "حدثنا عُقيل". إنما كان يقول: "قال عقيل". فقلت: ما حالُ سلامة؟ قال: الكتب التي تروى عن عُقيلٍ صحاح". وكذا نفى سماعه من عُقيل: الدمياطي فيما نقله سبط ابن العجمي في حاشيته على الكاشف للذهبي (1/ 475).

وأثبت البخاري رحمه الله تعالى سماعه منه فقال: "سمع عُقيلًا"، والمثبت مقدم على النافي لأن معه زيادة علم خفيت على النافي، ولعلَّه من أجل ذلك ساقه الحافظ ابن حجر بصيغة التمريض فقال:"صدوق، له أوهام، وقيل: لم يسمع من عمه، وإنما يحدِّث من كتبه".

ومع ثبوت سماعه من عُقيلٍ فالظاهر أنه ممن يحتاج إلى متابعٍ لتضعيف أبي حاتم، =

⦗ص: 183⦘

= وأبي زرعة، وابن قانع له، وقد تابعه هنا الليث بن سعد وهو ثقة، والحمد لله.

انظر: التاريخ الكبير للبخاري (4/ 195)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 301)، الثقات لابن حبان (8/ 300)، تهذيب الكمال للمزي (12/ 304)، تهذيب التهذيب لابن حجر (4/ 263)، التقريب (2713).

(3)

يعقوب بن سفيان الفسوي، صاحب المعرفة والتاريخ.

(4)

في (م): "أبو بكير"، وهو خطأ، وهو: يحيى بن عبد الله بن بُكَير المخزومي مولاهم المصري وقد يُنسب إلى جده، توفي سنة 231 هـ. التقريب (7579).

قال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتجُّ به، كان ممن يفهم هذا الشأن"، وضعفه النسائي.

ووثقه ابن معين في حديثه عن الليث، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الدارقطني، والخليلي والساجي، وابن قانع، وابن ناصر الدين الدمشقي، والذهبي، وأُخرج له في الصحيحين. وذكر الحافظ أن البخاري ينتقي من حديث شيوخه، وهنا روايته عن الليث، وقد وثقه في الليث خاصة ابن معين -كما سبق-، وابن عدي وغيرهما.

وتُكُلِّم في روايته الموطأ عن مالك؛ لأنه سمعه بعرض حبيب بن أبي حبيب وهو شرُّ عرضٍ كما قال ابن معين.

وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة في الليث، وتكلَّموا في سماعه من مالك".

انظر: تاريخ ابن مرثد الطبراني عن ابن معين (ص: 49)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 165)، الضعفاء للنسائي (ص 248)، الثقات لابن حبان (9/ 262)، الإرشاد للخليلي (1/ 262)، ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 391)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 830)، هدي الساري (ص: 475)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (11/ 207)، التقريب (7580)، شذرات الذهب لابن العماد (2/ 71).

(5)

ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري.

(6)

بضم أوله: ابن خالد بن عَقِيل -بالفتح- الأيلي، أبو خالد الأموي مولاهم، في الطبقة الأولى من طبقات أصحاب الزهري. شرح العلل لابن رجب (2/ 613)، التقريب (4665).

(7)

ابن علي بن عبد الله بن عباس القرشي، أبو أيوب.

(8)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي.

(9)

في (ط) و (ك): "كليهما عن ابن شهاب أنه قال".

(10)

في (م): "يشهد"، وهو خطأ.

(11)

في (م): "فقال".

(12)

أي: "في مكانٍ أتخذه مصلى" ولفظ مسلم "فتخط لي مسجدًا"، فلعلَّ ما ههنا على تضمين قوله:"فتصلِّي" معنى "فتخطَّ"، والله أعلم.

(13)

سقطت كلمة: "فصلى" من (م).

(14)

الخَزِيرة: لحمٌ يُقَطَّع صغارًا ويُصبُّ عليه ماءٌ كثيرٌ، فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق.

النهاية لابن الأثير (2/ 28).

(15)

ثابوا أي: اجتمعوا. شرح صحيح مسلم للنووي (5/ 160).

(16)

ابن دُخْشُم: بضم الدال المهملة وإسكان الخاء وضم الشين المعجمة وبعدها ميم، وقيل: دخشن بالنون، وقيل بتصغيرهما، وقيل غير ذلك.

وهو من الأنصار، لم يختلف في شهوده بدرًا وما بعدها من المشاهد، قال ابن عبد البر:"لا يصح عنه النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع من اتهامه".

وقال النووي: "وقد نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على إيمانه باطنًا وبراءته من النفاق بقوله صلى الله عليه وسلم في رواية البخاري رحمه الله: "ألا تراه قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله تعالى" فهذه شهادة له من النبي فيه بأنه قالها مصدقًا به معتقدًا صدقها متقربًا بها إلى الله تعالى، وشهد له في شهادته لأهل بدرٍ بما هو معروف".

انظر: الاستيعاب (3/ 1350)، شرح النووي على صحيح مسلم (1/ 243).

أقول: رواية البخاري التي أشار إليها النووي أخرجها في صحيحه -كتاب التهجد- =

⦗ص: 186⦘

= باب صلاة النوافل جماعة (الفتح 3/ 72 ح 1185).

(17)

سقطت صيغتا الثناء على الله عز وجل من (ط) و (ك).

(18)

في (م): "ابتغي".

(19)

في (ط) و (ك): "قبل" بدون حرف الجر.

(20)

قول الزهري هذا وتفسيره لم يورده مسلم من هذا الطريق، بل أورده من طريق معمر -وهي الرواية الآتية عند المصنِّف- في نهاية الحديث مختصرًا. وقد أخرج الآجري في "الشريعة" بابٌ في المرجئة وسوء مذاهبهم عند العلماء (ص: 144) بسنده عن الضحاك بن مزاحمٍ أنهم ذكروا عنده حديث "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة" =

⦗ص: 187⦘

= فقال: هذا قبل أن تحدَّ الحدود، وتنزل الفرائض".

ثم فسَّره الآجري رحمه الله فقال: "اعلموا -رحمنا الله تعالى وإياكم- أن الله عز وجل بعث نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، ليقروا بتوحيده، فيقولوا: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" فكان من قال هذا موقنًا من قلبه، ناطقًا بلسانه أجزأه، ومن مات على هذا فإلى الجنة، فلما آمنوا بذلك، وأخلصها توحيدهم، فرض عليهم الصلاة بمكة، فصدقوا بذلك، وآمنوا، وصلَّوا، ثم فرض عليهم الهجرة، فهاجروا وفارقوا الأهل والأوطان، ثم فرض عليهم بالمدينة الصيام، فآمنوا وصدقوا وصاموا شهر رمضان، ثم فرض عليهم الزكاة، فآمنوا وصدقوا وأدوا ذلك كما أُمِروا، ثم فرض عليهم الجهاد، فجاهدوا البعيد والقريب، وصبروا وصدقوا، ثم فرض عليهم الحجَّ، فحجوا وآمنوا به، فلما آمنوا بهذه الفرائض، وعملوا بها تصديقًا بقلوبهم، وقلًا بالسنتهم، وعملًا بجوارحهم، قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وقال عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران: 85] .... " إلى أن قال: "ثمَّ بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرائع الإسلام، حالًا بعد حالٍ، وسنذكرها إن شاء الله تعالى، وهذا رحمكم الله تعالى طريق المسلمين، فإن احتجَّ محتجٌّ بالأحاديث التي رويت "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة"، قيل له: هذه كانت قبل نزول الفرائض، على ما تقدم دكرنا له، وهذا قول علماء المسلمين، ممن نعتهم الله عز وجل بالعلم، وكانوا أئمة يقتدى بهم، سوى المرجئة الذين خرجوا عن جملة ما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان، وقول الأئمة الذين لا يُسْتوحَشُ من ذكرهم في كلِّ بلد". كتاب الشريعة (ص: 101 - 102).

ثم ساق رحمه الله تعالى بإسناده إلى ابن عباس، وإلى ابن عيينة من أقوالهم ما يؤيِّد به قوله، حتى لا يتمسَّك بهذه الأحاديث المرجئة ونحوهم ممن يقول أن الإيمان قول فقط، ويَدَعُونَ العمل، وهذا ما خشي منه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال - =

⦗ص: 188⦘

= كما في الحديث السابق برقم (81) -: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله يتَّكلُ الناس ولكن اتركهم فيعملون".

(21)

في (ط) و (ك): "غزاة"، والمقصود بها الغزوة التي مات فيها حين خرج مع يزيد كما جاء في مصنَّف عبد الرزاق (5/ 278) من طريق محمود بن الرَّبيع أن أبا أيوب الأنصاري غزا مع يزيد بن معاوية الغزوة التي مات فيها. وذكر الحافظ ابن حجر أن ذلك كان سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين وخمسين، وهو أكثر. الإصابه (2/ 235).

(22)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها ما يلتقى بالأسانيد التي هنا وهي: في كتاب التهجد -باب صلاة النوافل جماعة (الفتح 3/ 72 ح 1185) من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري به. وفي كتاب الأطعمة -باب الخَرِيزَة (الفتح 9/ 453 ح 5401) من طريق يحيى بن بكير عن الليث به. وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة -باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر (1/ 455 ح 263) من طريق يونس عن الزهري به.

فائدة الاستخراج:

تفسير الزهري أورده المصنِّف بأطول مما عند صاحب الأصل.

(23)

سبق أن عُقَيلًا كان يقول: "دخشم" بالميم، وهذا وجهٌ آخر كان يذكر به والد مالك وهو "دخشن" فيحتمل أن عُقَيلًا نفسه كان يأتي به على الوجهين، وقد سبق أن ضبط "دخشم" بأكثر من وجه، ويحتمل احتمالًا آخر وهو أن يكون الاختلاف ممن رواه عن عُقَيل فإنه جاء عنه من طريقين: طريق سلامة بن روح، وطريق الليث، ولم أقف على تعيين لفظ أحدهما عن الآخر بالنظر في الطرق الأخرى للحديث.

ص: 180

83 -

حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصَّنعانيُّ

(1)

، حدثنا عبد الرزاق

(2)

، أخبرنا معمرٌ، عن الزهري، حَدثني محمودُ بن الرَّبيع، عن عِتبان بن مالك قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إني أنكرتُ بَصَري، وإن السيول تَحُول بيني وبين مسجدِ قومي، ولَوَدِدْتُ أنَّك جئتَ فصَليتَ في بيتي مكانًا أتخذُه مُصلىً. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَفْعَلُ إن شاء الله". قال: فمرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أبي بكرٍ رضي الله عنه فاسْتَتْبَعَهُ؛ فانطَلَقَ معَهُ، فاسْتَأْذَنَ فَدَخَلَ، فقال وَهوَ قائمٌ: "أين تريد أن أُصَلِّي

(3)

؟ "، قال: فأَشرتُ له حيْثُ أريد

" وذكر الحديث.

⦗ص: 190⦘

وَقال فيه: "فقال رجلٌ: أين مالك بن الدُّخْشُن؟ ".

وقال فيه أيضًا: "قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فَلَن يُوافيَ عبد يومَ القيامةِ يقول: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهَ الله إلا حَرُم على النَّار"

(4)

.

(1)

في (ط) و (ك): "الدبري" بدل "الصنعاني"، وهو: إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري راوية عبد الرزاق. انظر: ح (40).

(2)

المصنَّف (1/ 502 ح 1929) كتاب الصلاة -باب الرخصة لمن سمع النداء.

(3)

في (م): "تصلي".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأذان- باب من لم ير ردَّ السلام على الإمام (الفتح 2/ 376 ح 839) من طريق معمر عن الزهري به.

وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة -باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر (1/ 456 ح 264) من طريق عبد الرزاق عن معمر به.

فائدة الاستخراج:

ذكر مسلم طرفًا من الحديث وأحال بالباقي على ما قبله، وذكر المصنِّف أكثره، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 189

84 -

حدثنا أبو أُمَيَّة، حدثنا عَفَّان

(1)

، حدثنا حمَّاد بن سلمة، أخبرنا ثابتٌ، عَن أنس بن مالك، عن محمود بن الرَّبيع، أنَّ عتبان بن مالكٍ كان أعمَى

(2)

فقَال: يا رسول الله تَعالَ فَصلِّ لي

(3)

في داري حتى أتَّخذ مُصَلَّاك مسجدًا. فجاء، فاجتمعَ إليه قومُه، وَتَغَيَّب مالكُ بن دُخشم

(4)

، فوقعُوا فيه، فقالوا: هو منافق. فقال: "أليس يَشهدُ أن لا إله إلا الله، وَأني رَسُول الله؟ "، قالُوا: بلى يَا رسول الله وَما في قَلْبِهِ. فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا يَشهدُ أحدٌ أن لا إله

⦗ص: 191⦘

إلا الله، وأني رسول الله، فتَطعمُه النَّار"

(5)

.

قال حمَاد: ولا أعلمهُ إلا قال: "لَقي عتبانَ فحدَّثه"

(6)

.

(1)

ابن مسلم الصفَّار.

(2)

في (ط) و (ك): "كان قد عمى".

(3)

في (ط) و (ك): "فخطَّ لي"، ولفظ مسلم:"فخط لي مسجدًا".

(4)

في (ط) و (ك): "الدخشم".

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 62 ح 55) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: حدثني عِتبان به.

(6)

قول حماد: "ولا أعلمه

" يعنى به أنسًا، وهذا التذييل يوضحه التذييل على الحديث الآتي والذي يفيد أن أنسًا سمعه أولًا من محمود، ثم علا فيه فسمعه من عِتبان مباشرة.

ص: 190

85 -

حدثنا الصاغاني، وجَعْفَر الصائغُ

(1)

قالا: حدثنا عليُّ بن عبد الحميد

(2)

، حدثنا سليمانُ بن المغيْرة، عن ثابتٍ، عَن أنسٍ، حدثني محمود بن الرَّبيع، عن عِتبان بن مالك

وذكر الحديثَ.

قال أنسٌ: "فلقيْتُ عِتبانَ فَحَدَّثني بهذا الحديث، فأعجَبَني فكتبتُه"

(3)

.

(1)

جعفر بن محمد بن شكر البغدادي.

(2)

ابن مصعب المَعْنِي الكوفي.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 61 ح 54) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت به، وفيه:"فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني: اكتبه، فكتبه".

ص: 191

86 -

حدثنا أبو داودَ الحرَّاني، حدثنا عَمرو بن عاصم

(1)

، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، بمثلِهِ

(2)

.

(1)

ابن عبيد الله بن الوازع الكِلأبي القيسي.

(2)

سقط هذا الإسناد من (ط).

ص: 191

87 -

حَدثنا أبو داودَ الحرَّاني، حدثنا يعقوبُ بن إبراهيم بن سعد

(1)

، حدثنا أبي، عَن صَالح

(2)

، ح

وَحدثنا أبو الجَمَاهِر الحمصي

(3)

، وأبو أُمَيَّة قالا: حدثنا أبو اليمان

(4)

، ح

وَحدثنا عمران بن بكارٍ الكَلَاعيُّ

(5)

الحمصي، حدثنا بشر بن شعيب

(6)

، كلاهما عن شُعَيب بن أبي حمزَةَ، كلاهما

(7)

عَن الزهري، قال:

⦗ص: 193⦘

حَدثني سعيدُ بن المسيَّب

(8)

، عن أبيهِ قال: لما حضَرَتْ أبا طالبٍ الوفاةُ جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عندَهُ أبا جهل، وَعبد الله بن أبي أَميَّةَ بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالبٍ: "يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمة نُحاجُّ

(9)

لك بها عندَ الله"، قال أبو جَهل وَعبد الله بن أبي أُمَيَّةَ: يا أبا طالب أترْغَبُ عن ملَّةِ عبد المطَّلبِ؟ فلم يَزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُعْرِضًا عليه، وَيُعيدانه بتلك المقالة حَتى قال أبو طَالب آخِر ما كلَّمهم به: على ملَّةِ عبد المطلبِ

(10)

، وَأَبَى أن يقُولَ: لا إله إلا الله، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)}

(11)

، وَأَنزَل الله في أبي طالبٍ قولَ الله

(12)

: {إنَّكَ

⦗ص: 194⦘

لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} "

(13)

.

حَدِيثُهُم المعْنَى واحد، وَهَذا لفظ شُعيبٍ

(14)

.

(1)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(2)

ابن كيسان المدني.

(3)

محمد بن عبد الرحمن الحضرمي الحمصي. قال عنه ابن أبي حاتم: "كتبت عنه، وهو صدوق"، وذكره المزي في الرواة عن أبي اليمان، ولم أجد له ترجمة في موضع آخر.

انظر: الجرح والتعديل (7/ 327)، تهذيب الكمال (7/ 148).

(4)

الحكم بن نافع البَهْراني.

(5)

الكَلَاعِي: بفتح الكاف، وفي آخرها العين المهملة، نسبة إلى قبيلة يُقال لها: كَلاع، نزلت الشام، وأكثرهم نزل حمص.

وعمران بن بكَّار هو: ابن راشد، أبو موسى المؤذِّن البرَّاد.

انظر: الأنساب للسمعاني (10/ 514).

(6)

ابن أبي حمزة القرشي مولاهم، أبو القاسم الحمصي، توفي سنة (213 هـ). التقريب (688).

ثقة، لكن تَكلَّم أبو زرعة في سماعه من أبيه، وقد روى الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة قوله في مرض موته:"هذه كتبي قد صححتها، من أراد أن يأخذها فليأخذها، ومن أراد أن يسمعها من ابني فليسمعها، فإنه قد سمعها مني".

فهذا دليل صريح على سماعه من أبيه.

انظر: الجرح والتعديل (2/ 359)، تهذيب الكمال (4/ 128).

(7)

أي: صالح بن كيسان، وشعيب.

(8)

ضبطت في الأصل في مواضع كثيرة "المسيَّب" بفتح الياء، قال ابن الصلاح:"المشهور في "المسيَّب" فتح الياء منه، ووجدت أبا عامر العبدري قد ضبطه بخطِّه بفتح الياء وبكسرها معًا"، ثم نقل عن ابن المديني أن أهل العراق يفتحون ياءه، وأهل المدينة يكسرونها، ثم قال: قال الصدفي: "وذكُر لنا أن سعيدًا كان يكره أن تفتح الياء من اسم أبيه".

انظر: صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 170).

(9)

في (ط) و (ك): "أحاجُّ"، وهي موافقة لرواية البخاري التي رواها عن أبي اليمان هذا الإسناد إلى آخره، ولفظ مسلم:"أشهد لك بها"، وسيأتي تخريجهما.

(10)

في (ط) و (ك): "وهو على ملة عبد المطلب".

(11)

سورة برآءة- الآية (113).

(12)

في (ك): "قوله عز وجل"، وفي (ط) السياق بدون هذه العبارة.

(13)

سورة القصص- الآية (56).

(14)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها: في كتاب الجنائز -باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله (الفتح 3/ 263 ح 1360) من طريق يعقوب بن إبراهيم عن أبيه به.

وأخرجه في: كتاب التفسير -باب إنك لا تهدي من أحببت (الفتح 8/ 365 ح 4772) من طريق أبي اليمان عن شعيب به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع

(1/ 54 ح 40) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه به.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم لفظ حديث إبراهيم بن سعد، عن الزهري وإنما أحال به على اللفظ السابق عنده، وهو حديث يونس، عن الزهري الذى لم يخرجه المصنِّف من طريقه، وسياق المصنّف للفظ إبراهيم بن سعد، عن الزهري من فوائد الاستخراج.

ص: 192

88 -

حَدثنا عليُّ بن المبارك الصَّنعانيُّ

(1)

، حدثنا زَيدُ بن المبارك

(2)

، حدثنا محمد بن ثور

(3)

، عن مَعمرٍ، عن الزهري، عن سعيد بن المسَيَّب، عَن

⦗ص: 195⦘

أَبيهِ

بِمثله

(4)

.

(1)

هو: علي بن محمد بن عبد الله بن المبارك الصنعاني، ابن أخت زيد بن المبارك. قاله المزِّى في ترجمة زيد بن المبارك، وذكره الذهبي في تاريخ الإسلام، ولم أجد فيه قولًا من حيث الجرح والتعديل. انظر: تهذيب الكمال للمزي (10/ 105)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 281 - 290/ ج 21/ 230).

(2)

الصنعاني اليماني، ووقع في (م):"يزيد" وهو خطأ.

(3)

الصنعاني، أبو عبد الله العابد.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه كتاب مناقب الأنصار -باب في قصة أبي طالب (الفتح 7/ 233 ح 3884)، وفي كتاب التفسير -باب ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين (الفتح 8/ 192 ح 4675).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع

(1/ 54 ح 40) كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر به.

ص: 194

89 -

حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصُور أبو سَعيدٍ البصريُّ، حدثنا يحيى بن سعيد. القَطان، ح

وَحَدثنا ابن الجنيد الدقاق

(1)

، حدثنا الوليد بن القاسم

(2)

، ح

وَحَدثنا أبو داودَ الحرَّاني، حدثنا محمد بن عبيد

(3)

، قالوا: حدثنا يَزيدُ بن كَيسانَ

(4)

، عن أبي حازم

(5)

، عَن أبي هريرةَ قال: لما حَضَرَتْ أبا طالبٍ الوفاةُ قال لَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: يا عم، قل: لا إله إلا الله أشهدُ لَكَ بها يومَ القيامة، قال: لولا أن تُعَيِّرني قريش لأقررْتُ عينك بها.

قال: فنزلت {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} إلى قوله: {وَهُوَ أَعْلَمُ

⦗ص: 196⦘

بِالْمُهْتَدِينَ (56)} "

(6)

.

مَعْنى حديثهم وَاحد، وَبَعْضُهم لم يذكرْ أبا طالب، إنما قال: قال

(7)

لعمِّه.

(1)

محمد بن أحمد بن الجُنَيد البغدادي، أبو جعفر الدقَّاق، ووقع في (م):"أبو الجنيد" وهو خطأ.

(2)

ابن الوليد الهَمْدَاني الخَبْذَعي الكوفي.

(3)

ابن أبي أمية الطنافِسي الأحدب الكوفي.

(4)

اليشكري، أبو إسماعيل، ويقال: أبو مُنَين الكوفي.

(5)

سليمان الأشجعي الكوفي، مولى عزَّة الأشجعية.

(6)

الآية من سورة القصص- الآية (56).

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على صحة إيمان من حضره الموت، ما لم يشرع في النزع

(1/ 55 ح 42) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن يزيد بن كيسان به.

فائدة الاستخراج:

قول المصنِّف في نهاية الحديث: "وبعضهم لم يذكر أبا طالب وإنما قال: قال لعمه" لعله يعني بها رواية مسلم فإنه ليس فيها تعين عمه بالاسم، ورواية المصنِّف بيَّنته.

(7)

في (م): "قل" وهو خطأ، وفي (ط) و (ك):"وإنما" بزيادة الواو.

ص: 195

90 -

حَدثنا محمد بن كثير الحرَّاني

(1)

، حدثنا مؤمَّل بن الفَضل، حدثنا مَروانُ بن مُعاوية

(2)

، حدثنا يَزيد بإسنادِه مثلَه

(3)

.

⦗ص: 197⦘

زاد ابنُ كثير: "يَعني: أبا طالبٍ".

(1)

هو: محمد ين يحيى بن محمد بن كثير الكَلْبي، أبو عبد الله، لقبه لؤلؤ.

(2)

ابن الحارث بن أسماء الفزاري، أبو عبد الله الكوفي.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع (1/ 55 ح 41) من طريق محمد بن عباد وابن أبي عمر كلاهما عن مروان به.

فائدة الاستخراج:

جاء مروان في رواية مسلم مهملًا، وقيَّده هنا بابن معاوية، ولم تبين رواية مسلم عم الرسول صلى الله عليه وسلم بالاسم وبيَّنتها رواية المصنِّف.

ص: 196

91 -

حَدثنا الرَّبيع بن سُليمان

(1)

، حدثنا شُعيب بن الليثِ

(2)

، ح

وَحَدثنا يُوسف بن مُسَلَّم حدثنا دَاودُ بن مَنْصُورٍ

(3)

، قَالا: حدثنا الليث بن سَعْد، عَن ابن عَجْلان

(4)

، عَن محمد بن يحيى بن

⦗ص: 199⦘

حَبَّان

(5)

، عن ابن مُحيْريز

(6)

عن الصُّنَابِحي

(7)

قال: دَخَلتُ على عُبَادةَ بن الصامت وهو في الموت فبكيتُ فقال: مالك تبكي؟ فو الله لو اسْتُشهدت لأشهدَنَّ لك، وَلئن شُفِّعْتُ لأَشْفَعَنَّ لك، وَلئن اسْتَطَعْتُ لأنفعنَّك. ثم قال: واللهِ مَا مِن حَدِيثٍ سمعتُهُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خَيرٌ إلَّا حَدَّثتكموه إلا حديثًا واحدًا، وَسَوْفَ أُحَدِّثكموه اليومَ وقد أُحِيْطَ بنفسي

(8)

، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: "مَن شهِد أن لا إلهَ

⦗ص: 200⦘

إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله حَرَّمَ الله

(9)

عَلَيه النَّار"

(10)

.

(1)

ابن عبد الجبار المرادي مولاهم المصري.

(2)

ابن سعد الفهمي مولاهم المصري، أبو عبد الملك.

(3)

النسائي، أبو سليمان الثغري، قاضي المصيصة، توفي سنة (123 هـ).

قال عنه أبو حاتم: "صدوق"، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات.

وسئل عنه الإمام أحمد فقال: "أعرفه، فقيل: كيف هو؟ قال: لا أدري، وكرهه". وقال العقيلي: "يخالف في حديثه".

ووثقه الذهبي في المغني والديوان، وقال:"خولف في بعض حديثه فلا بأس".

وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق يهم، كرهه أحمد للقضاء".

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 426) السنن الكبرى للنسائي (5/ 453)، الضعفاء للعقيلي (2/ 36)، الثقات لابن حبان (8/ 234)، تاريخ بغداد (8/ 362)، المغني في الضعفاء (1/ 221)، الديوان، كلاهما للذهبي (ص: 128 رقم 1340)، التقريب (1815).

(4)

محمد بن عجلان القرشي، أبو عبد الله المدني، توفي سنة (148 هـ).

وثقه ابن عيينة، وابن معين، والإمام أحمد، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، والنسائي.

وتكلَّم في حديثه عن سعيد المقبري: يحيى بن سعيد القطان، والإمام أحمد وغيرهما، قال القطان:"سمعت ابن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه، عن أبي هريرة، وعن رجل، عن أبي هريرة، فاختلطت عليَّ فجعلتها عن أبي هريرة". =

⦗ص: 198⦘

= وقال الإمام أحمد: "ابن عجلان لم يقف على حديث سعيد المقبري ما كان عن أبيه، عن أبي هريرة، فتركها فكان يقول: سعيد المقبري، عن أبي هريرة. ترك أباه".

ومن أجل هذا ذكره البخاري، والعقيلي في الضعفاء.

وتكلَّم يحيى القطان في حديثه عن نافع أيضًا فقال: "كان ابن عجلان مضطربًا في حديث نافع".

وبالنسبة لروايته عن سعيد المقبري فقد دافع عنه ابن حبان فقال: "قد سمع سعيد المقبري من أبي هريرة، وسمع عن أبيه، عن أبي هريرة، فلما اختلطت على ابن عجلان صحيفته، ولم يميِّز بينهما اختلط فيها، وجعلها كلها عن أبي هريرة، وليس هذا مما [يوهن] الإنسان به؛ لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، فما قال ابن عجلان: عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة فذاك مما حمل عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال عن سعيد، عن أبي هريرة فبعضها متصل صحيح، وبعضها منقطع لأنه أسقط أباه منها، فلا يجب الاحتحاج -عند الاحتياط- إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة

".

وقال الإمام أحمد، والدارقطني:"أصحُّ الناس روايةً عن ابن عجلان: الليث بن سعد"، لكونه أخذ عنه قديمًا قبل أن تختلط عليه صحيفته. وقال الذهبي في الميزان:"إمام، صدوق، مشهور" وقال في السير: "حديثه إن لم يكن في رتبة الصحيح، فلا ينحط عن رتبة الحسن".

وقال ابن حجر: "صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة".

ويقبل من ذلك من كان من رواية الليث عنه، أو ما كان عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وما رواه عن سعيد عن أبي هريرة -ولم تكن من رواية الليث عنه- فينظر فيه، والله أعلم. =

⦗ص: 199⦘

= وهذا ليس من حديثه عن المقبري، إضافة إلى أنه من رواية الليث عنه.

انظر: الطبقات لابن سعد (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم / ص: 356)، تاريخ الدوري (2/ 530)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (1/ 350) و (3/ 218، 286)، التاريخ الكبير للبخاري (1/ 196)، الثقات للعجلي (2/ 248)، الضعفاء للعقيلي (4/ 118)، الجرح والتعديل (8/ 49)، الثقات لابن حبان (7/ 386)، العلل للدارقطني (8/ 153)، تهذيب الكمال للمزي (26/ 101)، الميزان (3/ 644)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (6/ 317)، تهذيب التهذيب لابن حجر (9/ 294)، التقريب (6136).

(5)

بفتح المهملة وتشديد الموحدة، ابن منقذ بن عمرو بن مالك الأنصاري المازني المدني.

(6)

عبد الله بن مُحَيريز -بمهملة وراء آخره زاي، مصغر- ابن جنادة بن وهب الجمحي -بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة- المكي. التقريب (3604).

(7)

عبد الرحمن بن عُسَيلة -بمهملتين، مصغر- المرادي، أبو عبد الله. التقريب (3952) والصُّنَابِحي: بضم الصاد وفتح النون وبعد الألف باء موحدة مكسورة، ثم حاء، نسبة إلى صنابح بن زاهر بن عامر، من مراد. انظر: اللباب لابن الأثير (2/ 247).

(8)

معناه: قربت من الموت، وأيست من النجاة والحياة. شرح مسلم للنووي (1/ 229).

(9)

في (م): "حرم عليه النار".

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 57 ح 47) من طريق الليث عن ابن عجلان به.

فائدة الاستخراج:

لفظ مسلم: "عن الصنابحي، عن عبادة بن الصامت أنه قال: دخلت عليه وهو في الموت

" أي: ظاهر العبارة أن الداخل والباكي هو عبادة، وقد بيَّنت رواية المصنف أنه الصُّنَابحي، وهذا من فوائد الاستخراج.

قال النووي رحمه الله: "هذا كثير يقع مثله، وفيه صنعة حسنة، وتقديره: عن الصنابحي أنه حدَّث عن عبادة بحديث قال فيه: دخلت عليه

". شرح صحيح مسلم (1/ 228).

ص: 197

92 -

حَدثنا محمد بن كثير

(1)

، حدثنا أبو المعافى

(2)

، حدثنا محمد بن سلمة

(3)

، عَن أبي عبد الرحيم

(4)

، عن زَيدٍ

(5)

، عن ابن عَجلان بإسنادِهِ مثله

(6)

.

(1)

في (ط) و (ك) زيادة نسبته: "الحراني" وقد سبق قريبًا التعريف به.

(2)

محمد بن وهب بن عمر بن أبي كريمة الحراني.

(3)

ابن عبد الله الباهلي مولاهم، أبو عبد الله الحراني، وهو راوية أبي عبد الرحيم، وابن أخته.

(4)

خالد بن أبي يزيد -ويقال: ابن يزيد- الأموي مولاهم الحراني، وفي هامش (ط):"أبي عبد الرحمن" وفوقه (ص) ولعل المراد به التصويب، والصواب: أبو عبد الرحيم.

(5)

ابن أبي أُنَيسة الجزري، أبو أُسامة الرُّهاوي.

(6)

لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.

ص: 200

93 -

حَدثَنا يونُسُ بن حَبيب الأصبهاني، حدثنا أبو داود

(1)

،

⦗ص: 201⦘

حدثنا شعبَةُ، وسَلَّام

(2)

، عن أبي إسحاق

(3)

، عن عَمرو بن ميمون الأَوْدِي

(4)

، عن مُعاذ بن جَبلٍ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال له: "تدري ما حَقُّ الله عَلى العباد؟ قال: الله وَرَسُولُهُ أعلم. قال: حَقُّ الله على العباد أن يعبُدوه ولا يشركوا بهِ

(5)

شيئًا، وحقُّهُم عَلى الله إذا فَعَلوا ذلك ألا يُعذِّبَهم"

(6)

.

(1)

سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده (ص: 77).

(2)

بالتشديد: ابن سُليم الحنفي مولاهم، أبو الأحوص الكوفي.

(3)

عمرو بن عبد الله بن عبيد الهَمْدَاني، أبو إسحاق السَّبيعي الكوفي، مدلس مشهور جعله الحافظ في الطبقة الثالثة من المدلسين، وقد اختلط أيضًا بأخرة، والراوي عنه هنا شعبة -وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط- وقد قال:"كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش وأبي إسحاق وقتادة"، وقال الحافظ:"وهذه قاعدة حسنة، تقبل أحاديث هؤلاء إذا كان عن شعبة ولو عنعنوها".

انظر: تعريف أهل التقديس لابن حجر (ص: 101 رقم 91)، معرفة السنن والآثار للبيهقي (1/ 152)، هدي الساري (ص: 453)، والنكت لابن حجر (2/ 631).

(4)

الأَوْدِي -بفتح الألف وسكون الواو وفي آخرها الدال المهملة- نسبة إلى أَود بن صعب بن سعد العشيرة من مذحج. الأنساب (1/ 382).

(5)

في (ط): "تعبدوه ولا تشركوا به" بالتاء، وفي (ك) النقط غير واضحة أهي بالتاء أم بالياء.

(6)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها في: كتاب الجهاد -باب اسم الفرس والحمار (الفتح 6/ 69 ح 2856) من طريق يحيى بن آدم عن أبي الأحوص به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 58 ح 49) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي الأحوص سلَّام بن سُليم، عن أبي إسحاق به. =

⦗ص: 202⦘

= وزادا في آخره: "يا رسول الله أفلا أبشِّر الناس؟ قال: لا تبشِّرهم فيتَّكلوا".

ونبَّه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أن أبا الأحوص في رواية البخاري غير أبي الأحوص الذي في رواية مسلم حيث يقول عن رواية البخارى: "وأبو الأحوص شيخ يحيى بن آدم فيه كنتُ أظنُّ أنَّه سلَّام بالتشديد وهو ابن سُليم، وعلى ذلك يدل كلام المزي، لكن أخرج هذا الحديث النسائي عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي عن يحيى بن آدم-شيخ شيخ البخاري فيه- فقال:(عن عمار بن زريق، عن أبي إسحاق)، والبخاري أخرجه ليحيى بن آدم، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، وكنية عمار بن زريق: أبو الأحوص فهو هو، ولم أر من نبَّه على ذلك.

وقد أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبو داود عن هناد بن السري كلاهما عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق، وأبو الأحوص هذا هو سلَّام بن سُليم فإنَّ أبا بكر وهنادًا أدركاه ولم يدركا عمارًا، والله أعلم". فتح الباري (6/ 70).

وأشار إلى هذا أيضًا في النكت الظراف. انظر: تحفة الأشراف (8/ 411).

تنبيه:

وقع في المطبوعة من الفتح: "المخزومي" بدل: "المخرَّمي" وهو خطأ، والتصويب من "النكت" وغيرها.

أقول: قد صرَّح في رواية مسلم والمصنف أنه سلَّام، ورواية النسائي التي أشار إليها الحافظ في كلامه- أخرجها في السنن الكبرى -كتاب العلم- باب الاختصاص بالعلم قومًا دون قوم (3/ 443 ح 5877).

فائدة الاستخراج:

زاد المصنِّف نسبة عمرو بن ميمون: الأودي.

ص: 200

94 -

حدثنا أحمد بن محمد البِرْتي، حدثنا أبو حذيفة

(1)

، حدثنا

⦗ص: 204⦘

إبراهيمُ بن طَهْمَان

(2)

، عن الشيباني

(3)

، عن أبي حَصِين

(4)

، ح

وحَدثنا محمد بن عَقِيل

(5)

، حدثنا حَفصُ بن

⦗ص: 205⦘

عبد الله

(6)

، أخبرني إبراهيم بن طهمان، عن سليمانَ

(7)

، عن أبي حَصِين، ح

وحَدثنا محمد بن يحيى، حدثنا الفريابي

(8)

، ح

وحَدثنا الصاغانيُّ، أخبرنا قَبِيصةُ

(9)

، عن سفيانَ

(10)

، ح

وَحَدثَنَا أَسِيدُ بن عاصمٍ

(11)

، حدثنا محمد بن بُكَير

(12)

، حدثنا خَلفُ بن خليفةَ

(13)

، عن أبي حَصين، عَن الأسود بن هلالٍ، عن

⦗ص: 206⦘

مُعاذ بن جَبل قال: كنتُ رِدفَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا مُعاذ تَدْري

".

فذكرَ مثله: "لا يُعذبهم أو

(14)

لا يُدخلهُم النَّار"

(15)

.

(1)

موسى بن مسعود النهدي البصري، توفي سنة (220 هـ). =

⦗ص: 203⦘

= مختلفٌ فيه، فوثقه ابن سعد، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان يخطئ".

وضعفه الفلاس بقوله: "لا يحدِّث عنه من يبصر الحديث"، وضعفه أيضًا محمد بن بشار بندار، والترمذي، والساجي، وابن خزيمة، وابن قانع، وأبو أحمد الحكم، والدارقطني، وأبو عبد الله الحاكم، وابن حزم.

وأثنى عليه الإمام أحمد بقوله: "هو من أهل الصدق"، وحدَّث عنه، وضعفه في روايته عن الثوري، وضعفه في الثورى أيضًا ابن معين وزاد:"لم يكن من أهل الكذب".

وقال أبو داود: "كان قبيصة، وأبو عامر، وأبو حذيفة لا يحفظون، ثم حفظوا بعد".

وقال أبو حاتم: "صدوق معروف بالثوري، لكن كان يصحِّف، روى عن سفيان بضعة عشر ألف حديث في بعضها شيء".

وقال الذهبي: "صدوق يصحِّف"، وقال مرة:"صدوق إن شاء الله يهم"، وقال أخرى:"صدوق مشهور من مشيخة البخاري".

وقال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ سيئ الحفظ، وكان يصحِّف، وحديثه عند البخاري في المتابعات".

فمثل هذا يحتاج إلى متابعة، وقد تابعه هنا: حفص بن عبد الله عن ابن طهمان -كما سيأتي- وهو صدوق.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 304)، معرفة الرجال رواية ابن محرز (1/ 78)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 351)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (1/ 386)، الثقات للعجلي (2/ 305)، سؤالات الآجري (ص: 299 رقم 437) جامع الترمذى (5/ 78 ح 2735)، الجرح والتعديل (8/ 163)، الثقات لابن حبان (9/ 160)، سؤالات السلمي للدارقطني (ص: 10 رقم 323)، سؤالات الحاكم للدارقطني (ص 274 رقم 485) المحلى لابن حزم (1/ 127)، سير أعلام النبلاء (10/ 139)، والكاشف (2/ 308)، والمغني في الضعفاء (2/ 687). والميزان للذهبي (4/ 221)، تهذيب =

⦗ص: 204⦘

= التهذيب (10/ 331)، وهدي الساري (ص: 469)، والتقريب لابن حجر (7010).

(2)

ابن شعبة الخراساني، أبو سعيد الهروي، توفي سنة (163 هـ).

وثقه الجمهور كابن المبارك، وإسحاق بن راهوية، وابن معين، والإمام أحمد، وأبو حاتم، وأبو داود، وابن حبان وغيرهم. وتُكلِّم فيه للإرجاء، ولم يتكلَّم أحدٌ في ضعفه في الحديث، بل الجمهور على توثيقه، سوى محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وابن حزم. قال الحافظ ابن حجر:"لم يثبت غلوه في الإرجاء، ولا كان داعية إليه، بل ذكر الحاكم أنه رجع عنه".

وأما تضعيف ابن عمار فمردود بقول صالح بن محمد جزرة الحافظ جزرة: "من أين يعرف ابن عمار حديث إبراهيم". ثم ذكر أن ما وقع في حديث إبراهيم من الغلط -والذي بسببه ضعفه ابن عمار- هو من غير إبراهيم. وأما تضعيف ابن حزم له فقال الحافظ ابن حجر: "وأفرط ابن حزم فأطلق القول بتضعيفه وهو مردود عليه".

وقال الذهبي: "ثقة من علماء خراسان، لا عبرة بقول مضعِّفه".

وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة يُغرب، وتكلم فيه للإرجاء، ويقال: رجع عنه".

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (6/ 105)، تهذيب الكمال للمزي (2/ 108)، الميزان للذهبي (1/ 38)، تهذيب التهذيب (1/ 117)، وهدي الساري (ص: 407)، والتقريب لابن حجر (189).

(3)

سليمان بن أبي سليمان -واسمه فيروز- الشيباني الكوفي، مولى بني شيبان.

(4)

عثمان بن عاصم بن حُصَين -مصغَّر- الأسدي الكوفي، أبو حَصِين -بفتح الحاء المهملة-. التقريب، (4484).

(5)

عَقِيل -بفتح أوله- بن خويلد بن معاوية الخزاعي النيسابوري، توفي سنة (257 هـ). =

⦗ص: 205⦘

= قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق، حدَّث من حفظه بأحاديث فأخطأ في بعضها". التقريب (6146)، وهو متابعٌ هنا فلا ضير.

(6)

ابن راشد السُّلمي النيسابوري، كان كاتبًا لإبراهيم بن طهمان. الجرح والتعديل (3/ 175).

(7)

هو: الشيباني السابق في الإسناد الماضي.

(8)

محمد بن يوسف بن واقد الضبي مولاهم.

(9)

ابن عقبة السُّوَائي، استصغر في سفيان.

(10)

هو الثوري.

(11)

أَسِيد -بفتح الهمزة كسر السين وتخفيف الياء- بن عاصم الثقفي مولاهم، أبو الحسين الأصبهاني، توفي سنة 270 هـ. الإكمال لابن ماكولا (1/ 53 - 56) قال ابن أبي حاتم:"سمعنا منه، وهو ثقة رضي".

انظر: الجرح والتعديل (2/ 318)، وطبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ (3/ 19)، سير أعلام النبلاء (12/ 378).

(12)

في (ك) و (ط): "محمد بن كثير" وهو خطأ، وهو: محمد بن بُكير بن واصل الحضرمي البغدادي.

(13)

ابن صاعد بن بهرام الأشجعي مولاهم.

(14)

كذا في الأصل، وفي النسخ الأخرى:"و" بدل "أو".

(15)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التوحيد -باب ماجاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (الفتح 13/ 359 ح 7373).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 59 ح 50) كلاهما من طريق شعبة عن الأشعث بن سُليم وأبي حَصين كلاهما عن الأسود بن هلال به. وقوله: "ولا يدخلهم النار" ليس عند الشيخين.

ص: 202

95 -

حَدثنا عباس الدوري، حدثنا حُسيْن الجُعفي

(1)

، عن زائدةَ

(2)

، عن أبي حَصين بإسْنادِه نحوه

(3)

.

(1)

حسين بن علي بن الوليد الجعفي مولاهم.

(2)

ابن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي.

(3)

في (ط) و (ك): "مثله" بدل "نحوه"، وفي الأصل و (م) كما أثبتُّ، غير أنه كُتِب فوق عبارة الأصل:"مثله".

وقد أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 59 ح 51) من طريق القاسم بن زكريا عن حسين الجعفي به، وقال بعد ذكر طرف الحديث:"نحو حديثهم". فهذا يؤيِّد العبارة التي أثبتُّها، والله أعلم.

ص: 206

96 -

حدثنا يعقوبُ بن سفيان الفارسي، حدثنا عَمرو بن عاصم

(1)

، حدثنا هَمام

(2)

، أخبرنا قَتَادةُ، عن أنسٍ، أنَّ مُعاذ بن جَبل قال:

⦗ص: 207⦘

كنتُ رديفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بَيني وبَينهُ إلا آخرةُ الرَّحْل

(3)

، فقال لِي:"يا مُعاذ"، قلتُ: لبَّيك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَسعديك. قال: ثم سار ساعةً، ثم قالَ لي:"يا مُعاذ"، حتى فَعَل ذلك ثلاثَ مرَّات، ثم قالَ لِي:"هل تدْري ما حَقُّ الله على العبادِ؟ "، قلتُ: الله ورسولُه أعلم. قال: "فإن حَق الله على العبادِ أن يعبُدوه ولا يشْركوا بهِ شيئًا، ثم سار ساعةً، ثم قال: يا مُعاذ، قلتُ: لبيك وسعديك يا رسول الله، قال: هل تدري ما حَقُّ العبادِ عَلى الله إذا فعَلُوا ذلك؟ قلتُ: الله ورسولُهُ أعلم، قال: فإن حق العبادِ على الله أن لا يُعذِّبَهم"

(4)

.

(1)

ابن عبيد الله بن الوازع الكِلأبي القيسي.

(2)

ابن يحيى ين دينار العَوْذِي البصري. =

⦗ص: 207⦘

= انظر: التقريب (7319).

(3)

آخرة -بالمد وكسر المعجمة بعدها راء- هي: العود الذي يجعل خلف الراكب يستند إليه. والرَّحل -بفتح الراء وسكون الحاء المهملة- هو للبعير كالسَّرْج للفرس.

انظر: فتح الباري لابن حجر (11/ 346).

(4)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب اللباس- باب إرداف الرجل خلف الرجل (الفتح 10/ 412 ح 5967) من طريق هدبة بن خالد، وفي كتاب الاستئذان - باب من أجاب بلبيك وسعديك (الفتح 11/ 63 ح 6267) من طريق موسى بن إسماعيل كلاهما عن همام به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا (1/ 58 ح 48) من طريق هدَّاب -وهو هدبة- بن خالد الأزدي عن همامٍ به.

ص: 206

97 -

حَدثنا علي بن حَرب، حدثنا وكيع، وأبو مُعاويةَ

(1)

، عن

⦗ص: 208⦘

الأعمش عَن إبراهيم

(2)

، عن علقمة

(3)

، عَن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ماتَ لا يُشرك باللهِ شيئًا دخل الجنَّة". وقلتُ أنا: "مَن ماتَ يُشرك بالله شَيئًا دَخَل النَّار"

(4)

.

⦗ص: 212⦘

هذا لفظُ أبي مُعاوية.

(1)

محمد بن خازم الضرير.

(2)

ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي.

(3)

ابن قيس بن مالك النخعي الكوفي.

(4)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها في: كتاب الجنائز -بابٌ في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله (الفتح 3/ 133 ح 1238).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات مشركًا دخل النار (1/ 94 ح 150) كلاهما من طريق الأعمش حدثنا شقيق عن عبد الله بن مسعود به.

ولفظهما: "قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات يُشرك بالله شيئًا دخل النار" وقلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة". أى جعل عبارة الوعيد هي المرفوعة، وعبارة الوعد موقوفة، بخلاف رواية المصنِّف هنا!

قال النووي رحمه الله تعالى عن لفظ مسلم: "هكذا وقع في أصولنا من صحيح مسلم، وكذا هو في صحيح البخاري، وكذا ذكره القاضي عياض رحمه الله في روايته لصحيح مسلم، ووجد في بعض الأصول المعتمدة من صحيح مسلم عكس هذا "قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، قلت أنا: ومن مات يُشرك بالله شيئًا دخل النار". وهكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن صحيح مسلم، وقد صحَّ اللفظان من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المذكور -أي: الذي سيأتي بعد هذا الحديث- فأما اقتصار ابن مسعود رضي الله عنه على رفع إحدى اللفظتين وضمه الأخرى إليها من كلام نفسه فقال القاضي عياض وغيره: "سببه أنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم إلا إحداهما وضم إليها الأخرى لما علمه من =

⦗ص: 209⦘

= كتاب الله تعالى ووحيه، أو أخذه من مقتضى ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ". وهذا الذي قاله هؤلاء فيه نقص من حيث إنَّ اللفظتين قد صحَّ رفعهما من حديث ابن مسعود كما ذكرناه، فالجيِّد أن يقال: سمع ابن مسعودٍ اللفظتين من النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه في وقتٍ حفظ إحداهما وتيقَّنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ الأخرى، فرفع المحفوظة وضم الأخرى إليها، وفي وقت آخر حفظ الأخرى ولم يحفظ الأولى مرفوعة، فرفع المحفوظة وضم الأخرى إليها، فهذا جمعٌ ظاهرٌ بين روايتي ابن مسعود، وفيه موافقة لرواية غيره في رفع اللفظتين، والله أعلم". شرح صحيح مسلم للنووي (2/ 96 - 97).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "لم تختلف الروايات في الصحيحين في أن المرفوع الوعيد والموقوف الوعد، وزعم الحميدي في "الجمع" وتبعه مغلطاي في "شرحه"، ومن أخذ عنه أن في رواية مسلم من طريق وكيع وابن نمير بالعكس بلفظ: "من مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة، وقلت أنا: من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار" وكأن سبب الوهم في ذلك ما وقع عند أبي عوانة والإسماعيلي من طريق وكيع بالعكس، لكن بيَّن الإسماعيلي أن المحفوظ عن وكيع كما في البخاري قال: وإنما المحفوظ أن الذي قلبه أبو عوانة وحده، وبذلك جزم ابن خزيمة في صحيحه والصواب رواية الجماعة، وكذلك أخرجه أحمد من طريق عاصم، وابن خزيمة من طريق سيار، وابن حبان من طريق المغيرة كلهم عن شقيق، وهذا هو الذي يقتضيه النظر؛ لأن جانب الوعيد ثابت في القرآن، وجاءت السنة على وفقه فلا يحتاج إلى استنباط، بخلاف جانب الوعد فإنه محل البحث إذ لا يصح حمله على ظاهره كما تقدم، وكأن ابن مسعود لم يبلغه حديث جابر الذي أخرجه مسلم بلفظ: "قيل: يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يشرك به شيئًا دخل النار".

تنبيه:

وقع في "الفتح"المطبوع أن الذي قلبه "أبو عوانة" وحده، وأشار المحقق في الحاشية =

⦗ص: 210⦘

= إلى أنه في نسخة "أبو معاوية" بدل "أبي عوانة" وهو الصواب، ويؤيِّده أنه هو الذي جزم به ابن خزيمة في التوحيد (2/ 85 ح 565).

ثم نقل الحافظ جمع النووي بين الروايتين وقال معقِّبًا: "وهذ الذى قاله محتمل بلا شك، لكن فيه بعد مع اتحاد مخرج الحديث، فلو تعدد مخرجه إلى ابن مسعود لكان احتمالًا قريبًا مع أنه يُستغرب من انفراد راوٍ بذلك دون رفقته وشيخهم ومن فوقه، فنسبة السهو إلى شخصٍ ليس بمعصوم أولى من هذا التعسف". فتح الباري (3/ 134).

على هذا فالإمام النووي رحمه الله تعالى يرى أن اللفظين مرفوعان إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود، والحافظ ابن حجر يرى أن أبا عوانة -أو أبا معاوية- قد سها فقلب المرفوع موقوفًا، والموقوف مرفوعًا، وأن الصواب لفظ الصحيحين.

فالنووي رحمه الله تعالى بنى جمعه بين الروايتين على لفظ اللفظ الآخر في بعض النسخ المعتمدة من صحيح مسلم كما ذكره الحميدي، وعلى رواية أبي عوانة

فَيَرِدُ على جمعه أن ما ذكره الحميدى ناشئ عن وهم -كما سبق نقله عن الحافظ ابن حجر- فلا يتَّجه ذلك الجمع.

والحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- رجَّح لفظ الصحيحين لأن الإسماعيلي بيَّن أن المحفوظ عن وكيع كما في رواية البخاري، فيكون على هذا: الذي قلب الحديث هو أبو معاوية -وليس أبو عوانة- قرين وكيع في الرواية عن الأعمش.

ويؤيد هذا أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى رواه من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بلفظ أبي عوانة "المسند"(1/ 382)، ورواه من طريق ابن نمير عن الأعمش به بلفظ الصحيحين (المسند: 1/ 425)، وقد سبق النقل عن الإسماعيلي أن المحفوظ عن وكيع كما في رواية البخاري، فيبقى على هذا أبو معاوية متفردًا بهذه المخالفة، ويؤيده أيضًا أن أبا عوانة كأنه أشار إلى هذه المخالفة بقوله في =

⦗ص: 211⦘

= نهاية الحديث: "هذا لفظ أبي معاوية".

ثم وجدت ابن منده أخرجه في كتاب "الإيمان"(1/ 213) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بلفظ الصحيحين؟! فإن صحَّ هذا فيُحمل على أن أبا معاوية كان يرويه مرة على الوجه الصحيح ومرة يقلبه، والله أعلم، وقد سبق -في ح (69) أن أبا معاوية كان يضطرب، ولكن في غير حديث الأعمش، فلعله اضطرب هذه المرة في حديث الأعمش، والله أعلم ..

بقيت نقطة لم أجد أحدًا أشار إليها، وهي اختلاف مخرج الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه، ففي جميع مصادر التخريج:"الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود"، وإلى اتحاد مخرج الحديث أشار الحافظ ابن حجر في كلامه -السابق نقله- الذي تعقَّب به جمع النووي حيث قال: "لكن فيه بعدٌ مع اتحاد مخرج الحديث، فلو تعدد مخرجه إلى ابن مسعود لكان احتمالًا قريبًا مع أنه يُستغرب من انفراد راوٍ من الرواة

" إلخ كلامه، وإسناد المصنِّف: "الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله"، ولم أجده بهذا الإسناد في أي موضع آخر، ولم يشير إليه النووي أو الحميدي أو غيرهما، وأظنُّ -والعلم عند الله تعالى- أن في إسناد أبي عوانة خطأ، وأن الصواب: "وكيع وأبي معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود" لكن رواه وكيع بلفظ الصحيحين، وأخطأ فيه أبو معاوية حيث جعل المرفوع موقوفًا والموقوف مرفوعًا.

وأما من حيث جعل الإسناد: "الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود"، وقد أخرجه الإمام أحمد عن أبي معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله كما سبق فيحتمل أن يكون خطأ من بعض الرواة دون الأعمش أو يكون لأبي معاوية في هذا الحديث طريقان أحدهما طريق الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله، والآخر طريق الأعمش عن شقيق عن عبد الله، ولكن أستبعد هذا الاحتمال الأخير لأني لم أجد أحدًا أخرجه بهذا الإسناد الذي ذكره المصنِّف، والله أعلم. =

⦗ص: 212⦘

= فائدة الاستخراج:

بالمقارنة مع رواية مسلم: رواية المصنِّف بيَّنت أن هناك اختلافًا بين رواة الحديث في رفع بعضه ووقف بعضه.

ص: 207

98 -

حدثَنا علي بن حرب، حدثنا أبو مُعاوية، ومحمد بن الفُضَيل

(1)

قالا: حدثنا الأَعْمشُ، ح

(2)

وحدثنا سختويه بن مازيار -أبو علي مَولى بني هاشم

(3)

-، حدثنا مالك بن سُعَير

(4)

، عَن الأعمش، عن

⦗ص: 213⦘

أبي سُفيانَ

(5)

، عن جَابر قال:"جَاء أعْرَابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ما الموجبتَان؟ قال: مَن ماتَ لا يُشرك بالله شَيئًا دخل الجنَّة، ومَن ماتَ يُشْركُ بالله شيئًا دَخل النار"

(6)

.

(1)

ابن غزوان الضبيِّ الكوفي.

(2)

ليس في (ط) و (ك) علامة تحويل، أو حرف عطف (الواو)، بل صورته أنه متصل بالإسناد الذي بعده، وهو خطأ.

(3)

النيسابوري، توفي سنة (255 هـ).

ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الأمر في الحديث" -ووقع فيه: "ابن ماريا"، ولعله خطأٌ مطبعي-، وقال عنه الحكم:"محدِّثٌ، كبيرٌ سنُّه، مفيد، صدوق". وقال الذهبي: "كان مجوسيًّا فأسلم على يد المأمون وهو شاب، وحمع الكثير، وعُني بالعلم، وحجَّ وسمع بالحجاز، والعراق، وخراسان"، وقال أيضًا:"له غرائب". ولم أجد له ترجمة في موضع آخر.

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 307)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 251 - 260 / ج 19/ 149).

(4)

مالك بن سُعَير -بالتصغير آخره راء- بن الخِمْس -بكسر المعجمة وسكون الميم بعدها مهملة- التميمي الكوفي. التقريب (6440)، تهذيب الكمال (27/ 145) =

⦗ص: 213⦘

= قال البخاري: "مقارب الحديث"، وقال أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والدارقطني:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات.

وضعفه أبو داود، وقال الأزدي:"عنده مناكير". وقال الذهبي: "صدوق معروف"، وقال الحافظ ابن حجر:"لا بأس به". وقد تابعه أبو معاوية وابن فضيل هنا، ولله الحمد.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 110)، الثقات لابن حبان (7/ 462)، سؤالات الحاكم للدارقطني (ص: 279)، ترتيب علل الترمذي الكبير لأبي طالب القاضي (2/ 804)، تهذيب الكمال للمزي (27/ 146)، الميزان للذهبي (3/ 426)، تهذيب التهذيب (10/ 15)، والتقريب لابن حجر (4460).

(5)

طلحة بن نافع الإسكاف الواسطي.

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب من مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشركًا دخل النار (1/ 94 ح 151) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به.

ص: 212

99 -

حدثَنا عباس الدوري، حدثنا عبد العزيز بن السَّري

(1)

، حدثنا بشر بن منصور

(2)

، حدثنا سفيانُ

(3)

، عن الأعمش، عن أبي سُفيانَ، عن جَابر، عَن النبي صلى الله عليه وسلم * مثلَه.

⦗ص: 214⦘

وعن سُفيانَ، عن أبي الزُّبير

(4)

، عن جَابر، عَن النبي صلى الله عليه وسلم

(5)

بمثله

(6)

.

(1)

الناقد، قال ابن حجر:"مقبول"، ولم أظفر فيه بأي قولٍ آخر. التقريب (4097).

(2)

السَّلِيمي -بفتح المهملة وبعد اللام تحتانية- أبو محمد الأزدي البصري.

(3)

هو: الثوري.

(4)

محمد بن مسلم بن تدرس المكي.

(5)

ما بين النجمين سقط من (م) و (ط)، وألحقه ناسخ (ط) على الهامش.

(6)

لم أجده من طريق سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان، ولا من طريق سفيان عن أبى الزبير.

ص: 213

100 -

حَدثنَا

(1)

يزيدُ بن سنان، حدثنا أبو عامر العَقدي

(2)

، ح

وحَدثنا أبو الأزهر

(3)

، حدثنا يحيى بن أبي الحجَّاج

(4)

، قالا

(5)

: حدثنا قُرَّة بن خالدٍ، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن لقي الله لا يُشرك به شيئًا

(6)

دخل الجنَّةَ، وَمَن لقيَه يُشرك بهِ

⦗ص: 215⦘

دَخل النَّار"

(7)

.

(1)

في (م): "وحدثنا".

(2)

عبد الملك بن عمرو القيسي البصري.

(3)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(4)

هو: يحيى بن عبد الله بن الأهتم الأهتمي، أبو أيوب المصري.

ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وذكره العقيلي في جملة الضعفاء.

وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ"، وقال ابن عدي:"لا أرى بحديثه بأسًا".

وقال الحافظ: "ليِّن الحديث". وقد تابعه أبو عامر العقدي وهو ثقة.

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 294 رقم 88)، الضعفاء للعقيلي (4/ 397) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 139)، الثقات لابن حبان (9/ 255)، الكامل لابن عدي (7/ 2677) تهذيب الكمال للمزي (31/ 265)، التقريب (7527).

(5)

في (ط) و (ك): "قال" بالإفراد.

(6)

سقطت لفظة: "شيئًا"من (ط) و (ك).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشركًا دخل النار (1/ 94 ح 152) من طريق أبي عامر العقدي عن قرة به.

فائدة الاستخراج:

وقع "قرة بن خالد" عند مسلم مهملًا، وبيَّنه المصنف بأنه: ابن خالد.

ص: 214

101 -

حَدثنا الدَّنْدَانيُّ واسمُهُ موسى

(1)

، حدثنا مُسْلم بن إبراهيم

(2)

، حدثنا هشامُ الدَسْتُوَائي

(3)

، عن أبي الزُّبير، عن جَابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن لقي الله لا يُشرك به شيئًا

(4)

أدخلَه الله

(5)

الجنَّة، وَمن لقيه يُشرك به أدخَلَهُ النَّار"

(6)

.

(1)

هو: موسى بن سعيد بن النعمان الطرسوسي.

(2)

الأزدي الفراهيدي.

(3)

الدَّسْتُوائي: بفتح الدال وسكون السين المهملتين، وضم التاء ثالث الحروف، وفتح الواو، وفي آخره ألف، نسبة إلى دَسْتُوَا بلدة من بلاد الأهواز، ونسبة إلى ثياب تجلَب منها.

وضبطه الحافظ في التقريب بفتح التاء! وهشام يُنسب إلى بيع الثياب التي تُجلَب منها، وهو: ابن أبي عبد الله سَنْبَر -بمهملة ثم نون ثم موحدة، وزن جعفر- أبو بكر البصري.

انظر: الأنساب للسمعاني (5/ 310)، التقريب (7299).

(4)

سقطت لفظة: "شيئًا" من (م).

(5)

سقط لفظ الجلالة من (ط) و (ك).

(6)

أخرجه مسلم في الإيمان -باب من مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشركًا دخل النار (1/ 94 ح 152) من طريق هشام الدستوائي عن أبي الزبير به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظ الحديث على ما قبله، وذكر المصنِّف اللفظ.

ص: 215

102 -

حدثَنا أبو المثنى معاذ بن المثَنى، حدثنا أبي، حدثنا شعبةُ، عن وَاصلٍ الأحدب

(1)

، سمعَ المعرورَ بن سويدٍ، سمع أبا ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثل ذلك، يعني مثل

(2)

: "جَاء جبريل عليه السلام يُبَشرني أنَّ مَن مات من أمَّتي لا يُشرِك بالله شيئًا دخل الجنَّةَ"

(3)

.

(1)

واصل بن حيَّان الأحدب الأسدي الكوفي.

(2)

في (ط) و (ك): "مثل ما".

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الجنائز- بابٌ في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله (الفتح 3/ 132 ح 1237) من طريق مهدي بن ميمون عن واصل الأحدب به.

وأخرجه في كتاب التوحيد -باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله للملائكة (الفتح 13/ 469 ح 7487) من طريق شعبة عن واصلٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشركًا دخل النار (1/ 94 ح 153) من طريق شعبة به. ولفظهما: "أتاني جبريل عليه السلام" وفي آخره: "قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق".

ص: 216

103 -

حَدثنا إسحاق بن سيَّار النَّصيبي، حدثنا أبو معمر

(1)

، حدثنا عبد الوارث

(2)

، حدثنا حُسين المُعَلِّم

(3)

، عن ابن بُريدة

(4)

، أنَّ

⦗ص: 217⦘

يحيى بن يَعْمَر حدَّثه، أنَّ أبا الأسود الدِّيلي

(5)

حدَّثه، أنَّ أبا ذرّ حدَّثه قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وهوَ نائم، وَعليه ثوبٌ أبيض، ثم أتيتُه فإذا هو نَائمٌ، ثم أتيته وَقد اسْتيقظَ فجلسْتُ إليه، فَقال:"ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم ماتَ عَلى ذلك إلا دَخل الجنَّةَ"، قلتُ: وإن زنى، وإن سَرق؟ قال:"وإن زنى، وإن سَرق"، قلت: وإن زنى، وإن سَرق؟ قال:"وإن زنى، وإن سرقَ"، قلت: وإن زنى وإن سَرق؟ قال: "وإن زنى، وإن سرقَ -ثلاثًا- على رغم أنف أبي ذر".

فخرجَ وهو يجُرُّ إزارهُ ويَقول

(6)

: "على رغم أنف أبي ذر".

فكان أبو ذر يُحدِّث بهِ ويَقُول

(7)

: على رغم أنف أبي ذر

(8)

.

(1)

عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المُقْعَد التميمي العنبري، وهو راوية عبد الوارث.

تهذيب الكمال (15/ 353).

(2)

ابن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري.

(3)

ابن ذكوان العوذي -بفتح المهملة وسكون الواو بعدها معجمة- البصري. التقريب (1320).

(4)

عبد الله بن بُريدة بن الحُصيب الأسلمي.

(5)

الدِّيلي: بكسر المهملة وسكون التحتانية، ويقال: الدُّؤَلي -بالضم بعدها همزة مفتوحة- البصري، واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان، وقيل غير ذلك. التقريب:(7940).

(6)

في (ط) و (ك): "وهو يقول".

(7)

في (ط) و (ك): "وهو يقول".

(8)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب اللباس- باب الثياب البيض (الفتح 10/ 294 ح 5827) من طريق أبي معمر به، وعلَّق عليه البخاري قائلًا:"هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا الله غُفِرَ له".

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشركًا دخل النار (1/ 95 ح 154) من طريق عبد الوارث به.

ص: 216

‌بَيَانُ المَعاصِي التي يخرج صاحبها من الإيمان عندَ فعلها

(1)

، والمعاصي التي يكون بها مُنَافقًا

(2)

، وإن صلَّى وَصَامَ وأقَرَّ بالإسلام

(1)

ليس المراد أنه يخرج من الإيمان مطلقًا بحيث ينقله من الملّة بارتكاب هذه المعاصي، بل يخرج -حالَ تلبّسه بهذه المعاصي- من دائرة الإيمان ويبقى في دائرة الإسلام ما لم يستحلّ هذا الذنب؛ وقد اتفق أهل السنّة والجماعة على أنّ مرتكب الكبائر لا يكفر كفرًا ينقل عن الملّة بالكلّيّة ما لم يستحل ذلك الذنب.

انظر: شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العزّ، تحقيق التركي والأرنؤوط، (2/ 439 - 448).

(2)

المقصود به النفاقُ العملي الذي لا يخرجه من الملة؛ فمرتكب هذه المعاصي الواردة في أحاديث الباب يكون بها منافقًا عمليًّا لا يخرج به من الملة، والمخرج من الملة هو النفاق الاعتقادي، وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر.

ص: 218

104 -

أخبرنَا العباس بن الوليد بن مَزْيَد العُذْرِي، قَال: أخبَرني أبي، قال: حَدثني الأوزاعيُّ، قال: حَدثني الزهريُّ، قال: حَدثني أبو سلمة

(1)

، وَابن المسيَّب

(2)

، وأبو بكر بن عبد الرحمَن

(3)

، عن أبي هُريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال

(4)

: "لا يَزني الزاني وهوَ حين يزني مُؤمن، ولا يسرق السارق وهوَ حين يَسرق مُؤمن، ولا يشربُ الخمر وهو حين يَشرَبُها

⦗ص: 219⦘

مؤمن، ولا ينهَبُ

(5)

نُهبةً ذاتَ شَرفٍ يرفَعُ المؤمنونَ إليْهِ فيها أبصارَهم وهو حين ينهبُهَا

(6)

مُؤمن"

(7)

.

(1)

ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(2)

سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي.

(3)

ابن الحارث بن هشام المخزومي المدني، قيل: اسمه محمد، وقيل: المغيرة، وقيل: أبو بكر، كنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: اسمه كنيته. التقريب (7976).

(4)

سقطت من (ط) و (ك) كلمة: "قال".

(5)

في (ط) و (ك): "ينتهب"، وهي رواية مسلم.

(6)

في (ط) و (ك): "ينتهبها".

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأشربة- باب قول الله تعالى: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام

(الفتح 10/ 33 ح 5578) من طريق يونس عن الزهري به، ولم يذكر فيه: أبا بكر بن عبد الرحمن، وأخرجه في كتاب المظالم -باب النهي بغير إذن صاحبه (الفتح 5/ 143 ح 2475) من طريق عقيل عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن به، وكذلك أخرجه من هذا الطريق في كتاب الحدود -باب الزنا وشرب الخمر (الفتح 12/ 59 ح 6772).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي، ونفيه عن المتلبس بالمعصية (1/ 76 ح 100) من طريق يونس عن الزهري به، وأخرجه من طريق الأوزاعي عن الزهري به برقم (102).

ص: 218

105 -

حدثنا أحمد بن يوسفَ السُّلميُّ، حدثنا عبد الرزاق

(1)

، أخبرنا معمر، عن همام بن مُنَبهٍ

(2)

، عن أبي هُريرة، عَن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، وَزاد: "ولا يَغُلُّ

(3)

أحدُكم حين يَغُلُّ وهو مؤمن،

⦗ص: 220⦘

فإيَّاكم إيَّاكم"

(4)

.

(1)

المصنِّف (7/ 416 ح 13684).

(2)

ابن كامل الصنعاني، أبو عتبة.

(3)

قال النووي: "بفتح الياء، وضم الغبن، وتشديد اللام ورفعها، وهو من الغُلول وهو الخيانة".

وقال ابن الأثير: "الغُلُول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة، وكلُّ من =

⦗ص: 220⦘

= خان في شيءٍ خفيةً فقد غَلَّ".

انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 380)، شرح مسلم للنووي (2/ 45).

(4)

في (ط) و (ك): "فإياكم وإياكم".

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية (1/ 77 ح 103) من طريق عبد الرزاق به.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم لفظ الحديث، ونبَّه المصنِّف إلى الزيادة التي وقعت فيه من هذا الطريق، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 219

106 -

حدثنا محمد بن إسحاق الصَّاغاني، أخبرنا الحسن بن موسَى الأشيَبُ

(1)

، ح

وحَدثنا محمد بن كثير الحراني

(2)

، حدثنا آدم بن أبي إياس

(3)

قالا: حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن ذكوان، عَن أبي هُرَيرَة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حَديث الزهري، وَزاد في آخِره:"والتوبة معروضة [بعد] "

(4)

.

(1)

أبو علي البغدادي القاضي.

(2)

هو: محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الكلبي، لقبه لؤلؤ.

(3)

واسم أبي إياس: عبد الرحمن بن محمد الخراساني.

(4)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهي رواية البخاري ومسلم أيضًا من هذا الطريق، فقد أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الحدود- باب إثم الزناة (الفتح 12/ 116 ح 6810) من طريق آدم بن أبي إياس عن شعبة به. =

⦗ص: 221⦘

= وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي، ونفيه عن المتلبس بالمعصية (1/ 77 ح 104) من طريق شعبة به، وأوردا الحديث بكامله.

فائدة الاستخراج:

جاء في رواية مسلم ذكر الأعمش: "سليمان" مهملًا، وبيَّنت رواية المصنِّف أنه الأعمش، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 220

107 -

حَدثنا أبو أُميَّةَ، حدثنا عبيد الله بن موسى

(1)

، أخبرنا سفيانُ

(2)

عَن الأعمش، عن عبد الله بن مرَّة

(3)

، عن مَسْروق

(4)

، عن عبد الله بن عَمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أربعٌ من كنَّ فيه كان منافِقًا خالصًا، ومَن كان فيه خَصلة منهنَّ كانَتْ فيه خَصلة من نفاقٍ حتى يدعَها: إذا حَدَّث كذبَ، وإذا وعَدَ أخْلفَ، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر"

(5)

.

(1)

في (م): "أبو عبيد الله بن موسى" وهو خطأ، وهو: عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي مولاهم.

(2)

هو: الثوري كما بيَّنه الحافظ في الفتح (1/ 113).

(3)

الهَمْدَاني الخارفي -بمعجمة وراء وفاء- الكوفي.

وقد سقط ذكر مرتبته من مطبوعة "التقريب" بتحقيق محمد عوامة، وفي المخطوط -نسخة الحسيني (ل 70 ب) - قال:"ثقة"، وقد وثقه الجمهور.

انظر: تهذيب التهذيب (6/ 24).

(4)

ابن الأجدع بن مالك الهَمْدَاني الكوفي.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب علامة المنافق (الفتح 1/ 111 ح 34) من طريق سفيان عن الأعمش به. وقد أخرجه من طريق شعبة عن الأعمش =

⦗ص: 222⦘

= في كتاب المظالم -باب إذا خاصم فجر (الفتح 5/ 128 ح 2459)، وأخرجه أيضًا من طريق جرير عن الأعمش في كتاب الجزية -باب إثم من عاهد ثم غدر (الفتح 6/ 322 ح 3178).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان خصال المنافق (1/ 78 ح 106) من طريق سفيان عن الأعمش به.

ص: 221

108 -

حَدثَنا الحسن بن عفان، حدثنا ابن نُمَير

(1)

عن الأعمش بإسنادِه نحوَه

(2)

.

(1)

في (م): "أبو نمير" وهو خطأ، وهو: عبد الله بن نمير -بنون، مصغر- الهَمْدَاني الكوفي. التقريب (3668).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان خصال المنافق (1/ 78 ح 106) من طريق ابن نمير عن الأعمش به.

ص: 222

109 -

حدثنا فَضْلَك الرازي

(1)

، حدثنا قتيبة

(2)

، حدثنا إسماعيل بن جَعفر

(3)

، أخبرني أبو سُهَيل نافعُ بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه، عَن أبي هُرَيرَة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"آية النفاق ثلاث إذا حَدَّث كذبَ، وإذا وعَدَ أخلف، وإذا اؤتُمن خان"

(4)

.

(1)

الفضل بن عباس، أبو بكر الرازي.

(2)

ابن سعيد بن جميل الثقفي البغلاني، أبو رجاء.

(3)

ابن أبي كثير الأنصاري الزُّرقي مولاهم.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان -باب علامة النفاق (الفتح 1/ 11 ح 33) من طريق إسماعيل بن جعفر به. وأخرجه أيضًا في كتاب الشهادات -باب من أمر بإنجاز الوعد (الفتح 5/ 341 ح 2682) عن قتيبة بن سعيد عن إسماعيل بن جعفر به.=

⦗ص: 223⦘

= وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان خصال النفاق (1/ 78 ح 107) عن قتيبة بن سعيد ويحيى بن أيوب كلاهما عن إسماعيل بن جعفر به.

ص: 222

110 -

حَدثَنا أبو الأزهر

(1)

، ومحمد بن حَيويه

(2)

، وأبو الأحوص

(3)

قاضي عُكْبَرا، قالوا: حدثنا عارم

(4)

، ح

وحدثنا أبو أُميَّة، حدثنا الحسن بن موسى

(5)

قالا: حدثنا حماد بن سلمةَ، عَن داودَ بن أبي هند

(6)

، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيرة قال:

⦗ص: 224⦘

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ في المنافِق وإن صام وصلَّى وَذكر أنه مؤمن، إذا حَدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان"

(7)

.

(1)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(2)

هو: محمد بن يحيى بن موسى الإسفرائيني.

(3)

محمد بن الهيثم بن حماد بن واقد الثقفي مولاهم، أبو الأحوص البغدادي ثم العُكْبَري -بفتح الموحدة- قاضيها، كنيته أبو عبد الله، ويعرف بأبي الأحوص قاضى عُكبَرا. وعُكْبَرا -بضم أوله، وسكون ثانيه، وفتح الباء الموحدة، وقد يمد ويقصر-، وهو اسم بليدة من نواحي دُجَيل، قرب صَريفين وأوانا، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ، والنسبة إليها: عُكْبَري، وعُكْبَراوي.

ويبدو أنها في الوقت الحاضر عبارة عن أطلال كما عبَّر صاحب كتاب "بلدان الخلافة الشرقية" وقال أيضًا: "على نحو عشرة فراسخ من بغداد، وكانت تكتنفها البساتين التي يقصدها أصحاب اللهو والطرب".

انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 160)، تهذيب الكمال للمزي (26/ 571)، التقريب (6367)، بلدان الخلافة الشرقية (ص 72).

(4)

محمد بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، وقد اختلط بأخرة (انظر: ح 64)، وتابعه -فيما يلي- الحسن بن موسى، وأبو نصر التمار، وعبد الأعلى بن حماد.

(5)

الأشيب البغدادي القاضي.

(6)

واسم أبي هند: دينار بن عُذَافر القشيري مولاهم البصري.

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان خصال النفاق (1/ 79 ح 110) من طريق حماد بن سلمة به.

فائدة الاستخراج:

ذكر مسلم طرفًا من الحديث وهو قوله: "وإن زعم أنه مسلم"، وأحال بباقيه إلى ما قبله، وإيراد المصنِّف له كاملًا من فوائد الاستخراج.

ص: 223

111 -

حَدثنا محمد بن هارون الفلاس

(1)

، حدثنا عبد الأعلى بن حماد

(2)

، حدثنا حماد بن سلمة بمثله.

(1)

الفلاس: نسبة إلى بيع الفلوس، ومن كان صيرفيًّا. الأنساب (9/ 354 - 355)، وهو: أبو جعفر المُخرَّمي، لقبه: شِيطا، توفي سنة (265 هـ).

وثقه ابن أبي حاتم، والدارقطني، وأثنى عليه ابن الجوزي.

انظر: الجرح والتعديل (8/ 118)، تاريخ بغداد (3/ 354)، المنتظم (12/ 206).

(2)

ابن نصر الباهلي مولاهم، أبو يحيى البصري المعروف بالنَّرْسي -بفتح النون وسكون الراء وبالمهملة-، ونرس لقبٌ لجده نصر، لقَّبته النَّبَط بذلك لأن ألسنتهم لم تكن تنطق به.

قال عنه الحافظ: "لا بأس به"، وأرى أن يقال عنه: ثقة، فقد وثقه ابن معين، وأبو حاتم وابن قانع، والدارقطني، ومسلمة بن القاسم، والخليلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وأقل ما قيل فيه:"ليس به بأس" قاله النسائي وهو من المتشددين، وقال ابن خراش:"صدوق".

انظر: تهذيب الكمال للمزي (14/ 259)، تهذيب التهذيب لابن حجر (6/ 85 - 86) التقريب (3730).

ص: 224

112 -

وحَدثَنا محمد بن هارون [أيضًا]

(1)

، حدثنا أبو نصر التمَّار

(2)

، حدثنا حماد بن سلمة بمثلهِ

(3)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

عبد الملك بن عبد العزيز القُشَيري النسائي.

(3)

أخرجه مسلم -كما تقدم- من طريق عبد الأعلى بن حماد وأبي نصر التمار به.

ص: 225

113 -

حَدثنا محمد بن يحيى، حدثنا يحيى بن صالح [هو: الوُحَاظي]

(1)

، حدثنا

⦗ص: 226⦘

سليمان [بن بلال]

(2)

، عن العلاء [بن عبد الرحمن]

(3)

، عن أبيه، عَن أبي هُريرة أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"علاماتُ المنافِقِ إذا حَدَّث كذَبَ، وإذا وَعد أخلفَ، وإذا ائتُمن خان"

(4)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهو بضم الواو وفتح الحاء المهملة ثم الظاء المعجمة نسبة إلى وُحاظة بطن من حمير، توفي سنة (222 هـ).

وثقه أبو اليمان، وابن معين، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وقال الساجي:"هو من أهل الصدق والأمانة"، وقال أبو عوانة الإسفراييني:"حسن الحديث، لكنه صاحب رأي"، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه ابن عدي، والسمعاني، والخليلي.

وضعفه الإمام أحمد، وإسحاق بن منصور لرأيه في التجهم، كذا العقيلي، وقال أبو أحمد الحكم:"ليس بالحافظ عندهم".

ووثقه الذهبي في أكثر كتبه فقال: "ثقة في نفسه، تكلم فيه لرأيه"، وقال:"وثقه جماعة، وقد تكلم فيه لأجل بدعته"، وقال أيضًا:"غمزه بعض الأئمة لبدعة فيه، لا لعدم إتقان".

لذا قال الحافظ: "صدوق، من أهل الرأي".

أما نسبته إلى البدعة فلقوله: "لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث" -يعني هذه التي في الرؤية- فقال الإمام أحمد: "كأنه يرى رأي جهم"، وانظر تعليق الذهبي عليه في السير. =

⦗ص: 226⦘

= وقد اتفق الشيخان على إخراج حديثه، فهو "صدوق" إن شاء الله، والله أعلم.

انظر: تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 462)، الجرح والتعديل (9/ 158) الضعفاء للعقيلي (4/ 408)، الثقات لابن حبان (9/ 260)، الأنساب للسمعاني (2/ 224) الإرشاد للخليلي (1/ 267)، تهذيب الكمال للمزي (31/ 279)، سير أعلام النبلاء (10/ 455)، وتذكرة الحفاظ (1/ 408)، ومعرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد ثلاثتها للذهبي (ص: 187 رقم 367)، تهذيب التهذيب (11/ 201)، التقريب (7568).

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهو: سليمان بن بلال التيمي القرشي المدني.

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك) وهو: الحُرَقي مولاهم المدني.

(4)

هذا الحديث رقم (113) ترتيبه في نسختي (ط) و (ك) قبل حديث أبي الأزهر السابق برقم (110).

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان خصال المنافق (1/ 78 ح 108، 109) من طريقين عن العلاء بن عبد الرحمن به، ولفظه: "من علامات المنافق ثلاثة

".

ص: 225

‌بَيانُ المعَاصِي التي إذاَ قالَها الرَّجُل وَعملها كان كفرًا وفسقًا، واستوجَب بها النَّار

(1)

(1)

المقصود بالكفر الوارد في أحاديث الباب هو الكفر العملي الذي لا يخرج صاحبه من الملة.

وانظر: التعليق السابق على تبويب ح (104).

ص: 227

114 -

حَدثنا إبراهيمُ الحربي، حدثنا أبو الأشعثِ

(1)

، حدثنا عبد الأعلى

(2)

، عن عبيد الله

(3)

، عَن نافعٍ، عن ابن عمر، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ كَفُّر أخاه فَقد باء به أحَدُهما"

(4)

.

(1)

لم أتمكن من معرفته.

(2)

ابن عبد الأعلى البصري.

(3)

ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العُمري المدني.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حال من قال لأخيه المسلم: يا كافر (1/ 79 ح 111) من طريق عبيد الله بن عمر به، ولفظه: "إذا كفر الرجل أخاه

".

ص: 227

115 -

حدثنا فَضْلَك الرازي

(1)

، حدثنا [عبد الرحمن] بن عمر

(2)

⦗ص: 228⦘

رُسْتة، حدثنا سفيان

(3)

، عَن أيوبَ

(4)

، عن نافعٍ، عن ابن عُمَر قال: قَال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذا كفَّر الرجل أخاه فقد باء بهِ أحدُهما"

(5)

.

(1)

هو: الفضل بن عباس الرازي.

(2)

في جميع النسخ: "عثمان بن عمر: " وهو خطأ، وصوابه:"عبد الرحمن" كما أثبتُّ، وهو الملقَّب برُسْتَة -بضم الراء وسكون المهملة وفتح المثناة-.

وهو: عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير الزهري، أبو الحسن الأصبهاني، وهو ثقة له غرائب كما قال الحافظ، ولم أجد في المحدِّثين من يلقَّب برُسْتة غيره.=

⦗ص: 228⦘

= انظر: كشف النقاب عن الألقاب لابن الجوزي (1/ 228)، نزهة الألباب (1/ 326)، والتقريب لابن حجر (3962).

(3)

هو: ابن عيينة، صرَّح به في الإسناد الآتي.

(4)

ابن أبي تميمة كيسان السَّختياني.

(5)

أخرجه الحميدي في مسنده (1/ 306 ح 698) من طريق سفيان عن أيوب به.

ص: 227

116 -

حدثَنا عبد الرحمن بن بشر

(1)

، حدثنا سفيان بن عُيينَة، عن أيوبَ، عن نافع، عَن ابن عُمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم[به]

(2)

: "مَنْ كَفَّر أخاه فَقد باء بهِ أحدُهما"

(3)

.

(1)

ابن الحكم بن حبيب العَبْدي، أبو محمد النيسابوري.

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(3)

أخرجه الحميدي من هذا الطريق كما تقدم في الذي قبله.

ص: 228

117 -

حدثنا علي بن حرب، حدثنا ابن فُضَيل

(1)

، حَدثني أبي، عن نافع، عن ابن عُمر، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل قال لأخيهِ: يا كافرُ، فإن كان كما قال، وَإلا باء أحدهما بالكفر"

(2)

.

(1)

محمد بن الفُضيل بن غزوان الضبي مولاهم الكوفي.

(2)

أخرجه ابن منده في كتاب الإيمان (2/ 641 ح 597) من طريق ابن فضيل، وجرير.

وأخرجه أبو داود في سننه -كتاب السنة- باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (4/ 221 ح 4687) من طريق جرير كلاهما عن فضيل بن غزوان به.

ص: 228

118 -

حَدثنا ابن أبي غَرَزَة

(1)

، حدثنا يَعلى

(2)

، وَعبيد الله

(3)

، عن فُضيل بن غزوان

(4)

، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل كفَّر أخاه، فإن كان كما قال وإلا فقد باء بالكفر"

(5)

.

(1)

أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غَرَزَة -بفتح الغين المعجمة، والراء، بعدها الزاي-، أبو عمرو الغِفاري الكوفي، ذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان متقنًا"، وقال ابن ناصر الدين:"كان ثقة" وأثنى عليه الذهبي بقوله: "الإمام الحافظ الصدوق".

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 44)، الأنساب للسمعاني (9/ 134)، سير أعلام النبلاء للذهبي (3/ 239)، شذرات الذهب لابن العماد (2/ 169).

(2)

ابن عبيد بن أبي أمية الأيادى مولاهم، أبو يوسف الطنافسي الكوفي، ثقة وفي حديثه عن الثوري كلام، وهذا ليس منه. انظر: التقريب (7844).

(3)

ابن موسى بن باذام العبسي الكوفي.

(4)

في (م): "وعبيد الله بن فضيل بن غزوان" وهو سبق قلم، وغَزْوَان -بفتح المعجمة وسكون الزاي-. التقريب (5434).

(5)

في (م): "باء با الكفر"، وهو سبق قلم.

والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 23) من طريق يعلى بن عبيد عن فُضيل بن غزوان به، ولفظه:"أيما رجلٍ كفَّر رجلًا".

وأخرجه أيضًا من طريق وكيع عن فُضيل به. المسند (2/ 60).

ص: 229

119 -

حَدثنا يونس [بن عبد الأعلى]

(1)

، أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا

(2)

أخبره، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عُمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

⦗ص: 230⦘

"أيُّما رجل قال

(3)

لأخيه: كافر، فقد باء به أحَدُهما"

(4)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

الموطأ -كتاب الكلام- باب ما يكره من الكلام (2/ 984 رقم 1)، ولفظه: "من =

⦗ص: 230⦘

= قال لأخيه: يا كافر

".

(3)

في (ط) و (ك): "إذا قال رجل".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال (الفتح 10/ 531 ح 6104) من طريق إسماعيل عن مالك به، وقال فيه:"يا كافر".

وأخرجه الترمذي في السنن -كتاب الإيمان- باب ما جاء فيمن رمى أخاه بكفر (5/ 22 ح 2637) من طريق قتيبة عن مالك به، ووافقه المصنِّف في لفظه.

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 113) من طريق إسحاق عن مالك به.

ص: 229

120 -

حَدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم

(1)

، حدثنا أبي، عَن الليث بن سَعد، ح

وحَدثنا أبو إبراهيم الزهري

(2)

، وأبو الزِّنْبَاع

(3)

قالا: حدثنا يحيى بن

⦗ص: 231⦘

بُكير

(4)

حَدثني الليثُ، عن عبيد الله بن أبي جَعفر

(5)

، عن أبي الأسود

(6)

، عن بُكير بن الأشج

(7)

، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنْ قال رجل لأخيه

(8)

: يا كافرُ، وجَبَ الكفرُ على أحدهما"

(9)

.

(1)

ابن أعين الفقيه المصري.

(2)

سقطت أداة الكنية من (ط). وهو: أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري البغدادي، توفي سنة (273 هـ).

كان الإمام أحمد يُجِلُّه ويكرمه، وقال الخطيب البغدادي:"كان مذكورًا بالعلم والفضل، موصوفًا بالصلاح والزهد، من أهل بيتٍ كلهم علماء ومحدِّثون"، وأثنى عليه أبو عوانة -المصنَف-، ووثقه ابن صاعد، وقال الذهبي:"إنما احترمه الإمام أحمد لشرفه ونسبه، ولتقواه وفضله، فمن جمع العمل والعلم، فناهيك به".

انظر: تاريخ بغداد (4/ 182)، سير أعلام النبلاء (13/ 117).

(3)

رَوْح بن الفرج القطان، أبو الزّنْبَاع -بكسر الزاي وسكون النون بعدها موحدة- =

⦗ص: 231⦘

= المصري. التقريب (1967).

(4)

يحيى بن عبد الله بن بُكير القرشي المخزومي.

(5)

المصري، أبو بكر الفقيه، قيل اسم أبيه: يسار بتحتانية ومهملة. التقريب (4281).

(6)

محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي الأسدي، أبو الأسود المدني، يعرف بيتيم عروة.

(7)

هو: بُكَير بن عبد الله بن الأشج القرشي مولاهم، أبو يوسف المدني، نزيل مصر.

(8)

في (ط): "إن الرجل إذا قال لأخيه".

(9)

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 41 ح 111) من طريق أحمد بن يحيى، عن يحيى بن بكير به، وقال:"لم يروه عن بُكير إلا أبو الأسود، ولا عن أبي الأسود إلا عبيد الله بن أبي جعفر، تفرَّد به الليث".

وأخرجه أيضًا في الأوسط (8/ 312 ح 8732) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث به، وقال:"لم يروه عن عبيد الله بن أبي جعفر إلا الليث" وسيأتي الكلام فيه.

ص: 230

121 -

حَدثني أبي

(1)

، حدثنا علي بن حُجْر

(2)

، ح

وحدثنا يوسفُ القاضي

(3)

، حدثنا

⦗ص: 232⦘

أبو الرَّبيع

(4)

، قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر

(5)

، ح

وَحَدثنا محمد [بن عبد الله] بن عبد الحكم

(6)

، حدثنا وهبُ الله

(7)

، حدثنا حيوة

(8)

، عن يزيد بن الهاد

(9)

كلاهما عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرئ قال لأخيه: كافر، فقد باء بها أحدُهما إن كان كما قال، وإلا رجعَتْ عليه"

(10)

.

(1)

إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفراييني.

(2)

ابن إياس السعدي المروزي.

(3)

يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري الأصل، أبو محمد القاضي البغدادي، وهو الذي قتل الحلَّاج.

وثقه طلحة بن محمد بن جعفر، والخطيب البغدادي، والذهبي، وابن كثير، وابن ناصر =

⦗ص: 232⦘

= الدين الدمشقي.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (14/ 310)، سير أعلام النبلاء للذهبي (14/ 85)، البداية والنهاية لابن كثير (11/ 119)، شذرات الذهب لابن العماد (2/ 227).

(4)

سليمان بن داود العتكي الزهراني البصري.

(5)

ابن أبي كثير الأنصاري الزُّرقي.

(6)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهو: ابن أعين المصري الفقيه.

(7)

ابن راشد المؤذِّن الحَجْري.

(8)

ابن شُرَيح بن صفوان التُّجيبي، أبو زرعة المصري الفقيه.

(9)

يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني.

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حال من قال لأخيه المسلم: يا كافر (1/ 79 ح 111) من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار به.

وأما طريق وهب الله عن حيوة بن شُريح عن يزيد بن الهاد فلم أجد من أخرجه بهذه الصورة، ولكن أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 56 ح 1236) من طريق وهب الله بن راشد، عن حيوة بن شُرَيح، عن أبي الأسود، عن بُكير بن الأشج، عن نافع، عن ابن عمر به

وقال عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن حيوة إلا وهب الله".

وقد رواه وهب الله عن حيوة بوجهٍ آخر -كما ترى عند المصنِّف- فإما أن يكون =

⦗ص: 233⦘

= أحد الطريقين أرجح، ويكون وهب الله بن راشد قد أخطأ في الثاني -وقد وُصِف بأنه يخطئ كما سبق في ترجمته (ح: 45) -، وإما أن يكون هذا الحديث عند وهب الله من طريقين: طريق الطبراني وطريق أبي عوانة، والعلم عند الله تعالى.

ص: 231

122 -

حدثَنا إبراهيم بن مرزوق

(1)

البَصري، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث

(2)

، حدثنا أبي، عن حسين المُعَلِّم، عن ابن بُريدة

(3)

، عن يحيى بن يَعْمَر، عن أبي الأسْود

(4)

، عن أبي ذر قال: سمعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم

(5)

يقول: "لا يرمي رجلٌ رجلًا بالكفر إلا ارتدَّتْ عليه

(6)

إن لم يكن صاحبه كذلك"

(7)

.

(1)

ابن دينار الأموي، أبو إسحاق.

(2)

ابن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم البصري.

(3)

في (م): "أبي بريدة"، وهو خطأ، وهو عبد الله بن بُريدة بن الحُصَيب.

(4)

الدِّيلي أو الدُّؤلي، واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان.

(5)

في (ط) و (ك): "رسول الله صلى الله عليه وسلم".

(6)

سقطت من (ط) و (ك) لفظة: "عليه".

(7)

سيأتي تخريجه في الذي بعده.

ص: 233

123 -

حدثنا عثمان بن خُرَّزاذ

(1)

، أخبرنا أبو معمر

(2)

، ح

⦗ص: 234⦘

وحَدثنا صالح الرازي

(3)

، حدثنا محمد بن عمر

(4)

، قالا: حدثنا عبد الوارث، حدثنا حُسين المعلِّم، عن عبد الله بن بُريدةَ، أخبرني يحيى بن يَعْمَر، أنَّ أبا الأسود

(5)

حَدَّثه عن أبي ذر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(6)

يقول: "مَن ادَّعى إلى غير أبيه فليس منَّا، ومَن ادَّعى ما ليس له فليس منَّا، ومَن رمَى رجلًا بالكفر، أو رماه بالفسق وليس كذلك ارتدَّتْ عليه"

(7)

.

(1)

عثمان بن عبد الله بن محمد بن خُرَّزاذ -بضمّ المعجمة وتشديد الراء بعدها زاي- البصري الأنطاكي. التقريب، (4490).

(2)

في (م): "أبو نعيم"، وعليه ضرب بالقلم، والصواب المثبت وهو: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المِنْقَري مولاهم، أبو مَعْمَر المُقْعَد البصري.

(3)

هو: صالح بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، أبو الفضل الرازي، توفي سنة (283 هـ).

وثقه الدارقطني، والخطيب. تاريخ بغداد (9/ 320).

(4)

ابن حفص القَصَبي، وثقه ابن معين في رواية، وقال في رواية الدوري:"صدوق"، ولم أجد فيه قولًا آخر. انظر: تاريخ بغداد (3/ 21)، تاريخ الدوري (2/ 532).

(5)

في (م): "أخبرنا أبو الأسود".

(6)

في (ط) و (ك): "النبي صلى الله عليه وسلم".

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المناقب- بابٌ (5)(الفتح 6/ 623 ح 3508) من طريق أبي معمر عن عبد الوارث به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حال من رغب عن أبيه وهو يعلم (1/ 79 ح 112) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث به.

وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان (2/ 639 ح 593) من طريق صالح بن محمد الرازي عن محمد بن عمر القصبي به.

فائدة الاستخراج:

1 -

عبد الله بن بريدة وقع عند مسلم: "ابن بريدة" مهملًا، وبيَّنه المصنِّف.

2 -

لفظ الشيخين: "ليس من رجلٍ ادَّعى لغير أبيه

"، ولفظ المصنِّف أعم وهذا =

⦗ص: 235⦘

= من فوائد الاستخراج. قال الحافظ: "التعبير بالرجل للغالب وإلا فالمرأة كذلك حكمها".

ص: 233

124 -

حَدثنا العباس

(1)

التُرْقُفي، ويوسف بن مُسَلَّم

(2)

قالا: حدثنا المقرئ

(3)

، حدثنا حيوة

(4)

، ح

وحَدثنا أبو إسماعيل [الترمذي]

(5)

، حدثنا ابن أبي مريم

(6)

، حدثنا نافع بن يزيدَ

(7)

ح

وحَدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عَمرو بن الحارث

(8)

،

⦗ص: 236⦘

حدثنا أصبَغُ بن الفرج

(9)

، أخبَرَني ابن وَهب، عن عَمرو بن الحارث

(10)

، كلهم عن جَعْفر بن ربيعة

(11)

، عن عِرَاكِ بن مالك

(12)

، أنه سمع أبا هُريرةَ يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترغَبُوا عن آبائكم

(13)

، فَمَنْ رغِبَ عن أبيهِ فهوَ كفر"

(14)

.

⦗ص: 237⦘

قال يوسفُ: "فإنه كافر"، وقال نافعُ بن يزيد:"فقد كفر"

(15)

.

(1)

ابن عبد الله بن أبي عيسى الواسطي البكسائى، أبو الفضل التُّرْقُفي -بضم التاء ثالث الحروف وسكون الراء وضم القاف وفي آخرها فاء- نسبة إلى تُرْقُف. قال السمعاني:"وظني أنها من أعمال واسط". الأنساب للسمعاني (3/ 41). وقد نُسب واسطيًّا أيضًا وهذا مما يقوي ظنَّه.

(2)

في (ط) و (ك): "يوسف بن سعيد بن مسلَّم"، وهو: المصيصي، ونسب هنا إلى جدِّه.

(3)

عبد الله بن يزيد القرشي العدوي مولاهم، أبو عبد الرحمن المكي.

(4)

ابن شُريح بن صفوان المصري، أبو زرعة الفقيه.

(5)

محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَمي الترمذي.

وما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهي كما يبدو في هامش (م) لأن هناك تخريجًا إلى الهامش، ولكن الكتابة ليست واضحة.

(6)

سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم البصري.

(7)

الكَلاعي، أبو يزيد المصري.

(8)

أبو الفضل المصري، توفي سنة (263 هـ).

قال ابن أبي حاتم: "سمعت منه بمصر، ومحله الصدق"، وذكره ابن يونس في علماء =

⦗ص: 236⦘

= مصر فيما نقله عنه العيني في مغاني الأخيار (مخطوط /ص 249 /نسخة دار الكتب المصرية) وقال: "أحد مشايخ الطحاوي الذين روى عنهم"، وذكره ابن زبر في تاريخ مولد العلماء ووفياتهم.

ولم أجد له ترجمة في غير ذلك.

انظر: الجرح والتعديل (4/ 408)، تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (2/ 577).

(9)

ابن سعيد الأموي مولاهم المصري، ورَّاق عبد الله بن وهب. تهذيب الكمال (3/ 304).

(10)

ابن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، أبو أمية المصري.

(11)

ابن شُرَحْبيل بن حَسَنَة الكِنْدي، أبو شُرَحْبيل المصرى.

(12)

عِرَاك -بكسر المهملة، وتخفيف الراء وآخره كاف- الغِفاري المدني. الفتح (12/ 55).

(13)

رغب عن أبيه أي: ترك الانتساب إليه وجحده، يقال: رغبت عن الشيء: تركته وكرهته. شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 52).

(14)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب الفرائض- باب من ادَّعى إلى غير أبيه (الفتح 12/ 55 ح 6768) من طريق أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب به.

وأخرجه مسلم في كتاب الايمان -باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم (1/ 80 ح 113) من طريق هارون بن سعيد عن ابن وهب به.

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 526) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ. =

⦗ص: 237⦘

= وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان (2/ 638 ح 591) من طريق ابن أبي مريم، عن نافع بن يزيد به.

فائدة الاستخراج:

"عمرو بن الحارث" وقع في رواية مسلم مهملًا، وبيَّنه المصنِّف في روايته.

(15)

كذا في الأصل، كتب فوق كلمة "فقد":"فهو" وفي (ط) و (ك): "فهو كفر".

ص: 235

125 -

حَدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد

(1)

، حدثنا شعبةُ، عن زُبيد

(2)

، سمعَ أبا وائل

(3)

، عن عبد الله بن مسعود قال:"سبابُ المسلم فسوقٌ، وقتاله كفرٌ".

قال زُبيد: فقلتُ لأبي وائلٍ

(4)

: أنتَ سمعتَ عبد الله يُحدِّثه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم

(5)

.

(1)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك.

(2)

ابن الحارث بن عبد الكريم اليامي، ويقال: الإيامي أيضًا -بكسر الألف وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها- الكوفي. الأنساب للسمعاني (1/ 395).

(3)

سقطت أداة الكنية من (م)، وأبو وائل هو: شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي.

(4)

في (ط) و (ك): "قلت" بدون ذكر أبي وائل.

(5)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب الإيمان- باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر (الفتح 1/ 135 ح 48) عن محمد بن عرعرة عن شعبة به، وفي أوله:"سألت أبا وائل عن المرجئة فقال: حدثني عبد الله" وذكر الحديث، وليس في آخره سؤال زُبيد لأبي وائل حول السماع. وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (1/ 81 ح 116) من طريق سفيان =

⦗ص: 238⦘

= ومحمد بن طلحة وشعبة به، وقال عقب الحديث:"وليس في حديث شعبة قولُ زُبَيدٍ لأبي وائل".

أقول: الراوي عن شعبة عند مسلم هو: محمد بن جعفر غندر، ولم يذكر سؤال زبيد لأبي وائل كما أشار مسلم رحمه الله، وعند المصنِّف الراوي عن شعبة أبو الوليد الطيالسي، وقد اختلف النقاد في تقديم أحدهما على الآخر في شعبة، والأكثر على تقديم غندر، والله أعلم.

ولعل الراجح هو ثبوت هذا القول من رواية شعبة فقد تابع أبا الوليد في ذكر هذا القول من رواية شعبة كلٌّ من: يحيى وعفان كما أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 385، 411)، ولعلَّ غندرًا اختصر ذكر هذه الجملة، أو غفل عنها، فقد ذكرت عنه رحمه الله غفلة.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 50)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 703 - 705).

فائدة الاستخراج:

نفى مسلم سؤال زبيد لأبي وائل من حديث شعبة، وأثبته المصنِّف من طريقه.

ص: 237

126 -

حدثنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

، ح

وحَدثنا يحيى بن عياش

(2)

، حدثنا بشرُ بن عمر

(3)

، قالا

(4)

: حدثنا

⦗ص: 239⦘

شُعْبَةُ، أخبَرني الأعمشُ، ومَنصُور

(5)

، عن أبي وَائلٍ، عن عبد الله، عَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبابُ المؤمن فسقٌ

(6)

، وقتاله كفرٌ"

(7)

.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 33 ح 248).

(2)

ابن عيسى القطان، أبو زكريا البغدادي. ذكره الخطيب في تاريخه (14/ 219) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، ولم أجد له ترجمة في موضعٍ آخر.

(3)

ابن الحكم الزهراني البصري.

(4)

في (ط) و (ك): "قال".

(5)

ابن المعتمر بن عبد الله السُّلَمي، أبو عتاب الكوفي.

(6)

في (ط) و (ك): "فسوق".

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب ما ينهى عن السباب واللعن (الفتح 10/ 479 ح 6044) من طريق شعبة عن منصور به. وأخرجه في كتاب الفتن -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارًا

" (الفتح 13/ 29 ح 7076) من طريق الأعمش به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"(1/ 81 ح 117) من طريق شعبة عن الأعمش ومنصور.

فائدة الاستخراج:

1 -

أحال مسلم لفظ الحديث على ما قبله، وذكر المصنِّف اللفظ.

2 -

بيان أن كلا اللفظين للحديث مرويٌّ عن ابن مسعود: سباب المسلم، والمؤمن.

ص: 238

127 -

حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا روح

(1)

، ح

وَحدثنا أبو العباس الغَزِّي

(2)

، حدثنا الفِريابي

(3)

قالا

(4)

: حدثنا سفيان الثوري، عن زُبَيد الإيامي، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعُود أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"سِبابُ المؤمن فسقٌ، وقِتالُة كُفرٌ".

⦗ص: 240⦘

قال زُبيد: قلتُ لأبي وَائل: أنتَ سمعته

(5)

من ابن مسعُودٍ؟ قال: نعم

(6)

.

(1)

ابن عُبادة بن العلاء القيسي، أبو محمد البصري.

(2)

عبد الله بن محمد بن عمرو الجراح الأزدي.

(3)

محمد بن يوسف بن واقد.

(4)

في (ط): "قال".

(5)

في (ط) و (ك): "سمعت".

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"(1/ 81 ح 116) من طريق سفيان به.

ص: 239

128 -

حدثنا الصومعيُّ

(1)

، حدثنا أحمد بن حمُيد

(2)

بالكوفة، حدثنا يحيى بن أبي زائدة

(3)

، عن الأعمش، عن أبي وَائل، عن عبد الله قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "سبابُ المسلم فسوق، وقتالهُ كفر"

(4)

.

(1)

محمد بن أبي خالد الطبري، أبو بكر.

(2)

الكوفي، أبو الحسن الطُّرَيثيثي، ختن عبيد الله بن موسى، والطُرَيثيثي -بضم المهملة، وفتح الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وبعدها الثاء المثلثة بين اليائين، وفي آخرها مثلثة أخرى، نسبة إلى "طُرَيثيث" ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، وتسمى اليوم: ترشيز، وتقع شمال غربي قوهستان، وقوهستان تتبع اليوم إيران.

انظر: الأنساب للسمعاني (8/ 238)، بلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج (ص: 394).

(3)

هو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة.

(4)

في (ط) و (ك) هذا الحديث متأخر في الترتيب -عما في الأصل- بعد حديث الحسن بن عفان الآتي برقم (133). والحديث أخرجه الشيخان -كما تقدم- من طريق الأعمش.

ص: 240

129 -

حدثَنا يونس بن حَبيب، وعَمار بن رجاء

(1)

قالا: حدثنا

⦗ص: 241⦘

أبو دَاودَ

(2)

حَدثني شعبَةُ، عن علي بن مُدْرِكٍ

(3)

قال: سمعتُ أبا زرعة بن عَمرو بن جَرير

(4)

، يُحَدِّث عَن جَرير بن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا جَرير اسْتنصتِ الناسَ -في حجةِ الوَداع- ثم قال: لا ترجعوا بعدي كفارًا

(5)

يَضربُ بعضكم رقابَ بَعضٍ"

(6)

.

(1)

التغلبي، أبو رجاء الأستراباذي.

(2)

الطيالسي، والحديث في مسنده (ص: 92).

(3)

النخعي ثم الوَهْبِيلي، أبو مدرِك الكوفي.

(4)

في (م): "أبا زرعة، عن عمرو بن جرير"، وهو خطأ.

(5)

في (م): "كفار" بالرفع، ولعله سبق قلم.

(6)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها: كتاب العلم -باب الإنصات للعلماء (الفتح 1/ 262 ح 121)، وكتاب المغازي -باب حجة الوداع (الفتح 7/ 711 ح 4405) وغيرها من طرق عن شعبة عن علي بن مدرك به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارًا

" (1/ 81 ح 118) من طريق محمد بن جعفر ومعاذ كلاهما عن شعبة به.

ص: 240

130 -

حدثنا أبو قلابة

(1)

، حدثنا بشر بن عُمر

(2)

، ويعقوبُ بن إسحاق الحضرميُّ

(3)

قالا: حدثنا شعبَةُ، ح

وحدثنا الصاغاني، حدثنا سليمان بن حرب

(4)

، عن شُعبةَ، عن علي بن مُدركٍ بمثلهِ

(5)

.

(1)

عبد الملك بن محمد الرَّقاشي البصري.

(2)

ابن الحكم الزهراني البصري.

(3)

مولاهم، أبو محمد البصري المقرئ النحوي.

(4)

الأزدي الواشحي البصري.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الفتن -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي =

⦗ص: 242⦘

= كفارا

" (الفتح 13/ 29 ح 7080) عن سليمان بن حرب عن شعبة به.

ص: 241

131 -

حدثنا محمد بن يحيى، وأبو قلابة قالا: حدثنا أبو الوليد

(1)

، ح

وحَدثنا جَعفر

(2)

، حدثنا عَفانُ

(3)

، ح

وحَدثنا إسْماعيل القاضي

(4)

، حدثنا سُليمان بن حرْب، قالوا: حدثنا شعبةُ عن واقد بن محمد بن زيد

(5)

، سمع أباه، عَن ابن عُمر قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بَعْدي كفَّارًا يضربُ بعضكم رقابَ بعضٍ"

(6)

.

(1)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري.

(2)

في الرواة عن عفان جعفران كلاهما من شيوخ أبي عوانة، أحدهما: جعفر بن محمد بن شكر الصائغ، والثاني: جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي، ولم يتبيَّن لي أيهما المقصود في الإسناد، ولا يضر ذلك إن شاء الله؛ فهما ثقتان، وانظر: تهذيب الكمال للمزي (5/ 103/ 105)، والسير للذهبي (13/ 346).

(3)

ابن مسلم الصفَّار.

(4)

هو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري.

(5)

ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الديات- باب قول الله تعالى: ومن أحياها

(الفتح 12/ 198 ح 6868) من طريق أبي الوليد الطيالسي عن شعبة به.

وأخرجه في كتاب الأدب من صحيحه -باب ما جاء في قول الرجل: "ويلك"(الفتح 10/ 568 ح 6166) من طريق خالد بن الحارث عن شعبة به، وأخرجه في كتاب الفتن -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارًا

(الفتح 13/ 29 ح 7077) من طريق حجاج بن المنهال عن شعبة به. =

⦗ص: 243⦘

= وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض (1/ 83 ح 119، 120) من طريق عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة به، ومن طريق محمد بن جعفر عن شعبة به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 104) من طريق عفان بن مسلم الصفَّار عن شعبة به.

ص: 242

132 -

أخبرني العَباسُ بن الوليد بن مزيدَ العُذري، أخبرني أبي، حدثنا عمر بن محمد

(1)

، حَدثني أبي محمد بن زيد، عن عبد الله [بن عمر]

(2)

قال: كنا نتحدَّث بحجَّة الوَداع، ولا ندري أنه الوَداعُ مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا كان حجة الوَداع حَمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح

وذكر الحديث.

ثم قالَ: "وَيلكم، أو ويحكم؟ انظروا لا ترجعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضكم رقابَ بعضٍ"

(3)

.

(1)

ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي.

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(3)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب المغازي -باب حجة الوداع (الفتح 7/ 709 ح 4403).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض (1/ 82 ح 120) كلاهما من طريق عبد الله بن وهب عن عمر بن محمد به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظ الحديث على ما قبله، وميَّز المصنِّف لفظ هذه الرواية.

ص: 243

133 -

حدثنا الحسن بن عفان العامري

(1)

، حدثنا عبد الله بن نُمَير

(2)

، عن الأعمش، عَن أبي صَالح، عن أبي هُريرة، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "اثنتان في الناس وَهُما بهم كفر: الطعْنُ في النسَب، والنياحَة على الميتِ

(3)

"

(4)

.

(1)

سقط نسبه من (ط) و (ك). وهو: الحسن بن علي بن عفان العامري الكوفي.

(2)

الهَمْداني الكوفي.

(3)

الطعن في النسب أي: عيبه، كأن يقال: هذا ليس ابن فلان مع ثبوت نسبه.

والنياحة على الميت أي: رفع الصوت بالندب، وتعداد فضائل الميت مما فيه تسخُّطٌ على أقدار الله وهو منافٍ للصبر المأمور به.

انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص: 428).

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة (1/ 82 ح 121)، من طريق أبي معاوية وابن نمير ومحمد بن عبيد كلهم عن الأعمش به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 496) من طريق ابن نمير أيضًا.

ص: 244

134 -

أخبرنا يونس بن عبد الأعلى

(1)

، أخبرنا ابن وهب، أنَّ مالكًا

(2)

حدَّثه، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَة، عن زيد بن خالد الجهني قال: صلَّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصُّبح بالحُدَيْبِية

(3)

⦗ص: 245⦘

في إثر

(4)

سَماءٍ

(5)

كانَتْ من الليل، فَلما انْصرف أَقبَلَ على الناس فقال:"هل تدرون مَاذَا قال رَبُّكم؟ "، قَالُوا: الله وَرَسولُه أعلَمُ. قال: فَقَال: "أَصْبَحَ من عبادي مُؤمنٌ بي وكافرٌ، فأمَا مَن قال: مُطرنا بفضل الله ورحمتِه، فذلك مؤمن بي كافر

(6)

بالكوكبِ، وَأما مَنْ قال مُطِرْنا بنَوْءِ

(7)

كذا وكذا

(8)

، فذلك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب"

(9)

.

(1)

ابن ميسرة الصدفي المصري.

(2)

الموطأ -كتاب الاستسقاء- باب الاستمطار بالنجوم (1/ 192 ح 4).

(3)

بضم الأول، وبتشديد يائها الثانية وتخفيفها، لغتان مشهورتان، قال النووي:"والتخفيف هو الصحيح المشهور المختار". =

⦗ص: 245⦘

= وتقع الآن على مسافة 22 كيلو مترًا غرب مكة، على طريق جدة، ولا يزال يعرف بهذا الاسم. شرح مسلم للنووي (2/ 60)، المعالم الأثيرة لمحمد شُرَّاب (ص: 97).

(4)

بكسر الهمزة وإسكان الثاء، وبفتحهما جميعًا، لغتان مشهورتان. قاله النووي، وذكر الحافظ ابن حجر أن المشهور كسر الهمزة وإسكان المثلثة.

انظر: شرح النووي لصحيح مسلم (2/ 60)، فتح الباري لابن حجر (2/ 607).

(5)

يعني: المطر. انظر: صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 246).

(6)

في (م): "وكافر".

(7)

النوء واحدة الأنواء وهي: ثمان وعشرون منزلة، ينزل فيها القمر كلَّ ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: 39]، ويسقط في الغَرْب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق، فتنقضي جميعها مع انقضاء السَّنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبونه إليها، فيقولون: مُطرنا بنوء كذا، وإنما سُمِّي نوءًا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق، ينوء نوءًا، أي: نَهض وطلع.

انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (5/ 122).

(8)

في (ط) و (ك): "كذا" مكررة ثلاث مرات.

(9)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه، فأخرجه من طريق مالك عن صالح بن كيسان في =

⦗ص: 246⦘

= كتاب الأذان -باب يستقبل الإمام الناس إذا سلَّم (الفتح 2/ 388 ح 846)، وفي كتاب الاستسقاء -باب قول الله تعالى:{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 82](الفتح 2/ 606 ح 1038).

وأخرجه من طريق سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان في كتاب المغازي -باب غزوة الحديبية (الفتح 7/ 503 ح 4147). وأخرجه من طريق ابن عيينة عن صالح، وسيأتي.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كفر من قال: مطرنا بالنوء (1/ 83 ح 125) من طريق يحيى بن يحيى عن مالك عن صالح بن كيسان به.

قال الحافظ ابن حجر ما ملخَّصه: "يحتمل أن يكون المراد بالكفر هنا كفر الشرك بقرينة مقابلته للإيمان، ويحتمل أن يكون المراد به كفر النعمة، ويرشد إليه رواية سفيان -أي: الآتية برقم 135 - وقال في آخره: "وكفر بي" أو قال: "كفر بنعمتي"، وحديث ابن عباس -أي: الآتي برقم 136 - وفيه: "أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر". وعلى الأول حمله كثيرٌ من أهل العلم، وأعلى ما وقفت عليه من ذلك كلام الشافعي قال: "من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان عليه بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه مطر نوء كذا فذلك كفرٌ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن النوء وقتٌ، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئًا، ومن قال مُطرنا بنوء كذا على معنى مُطرنا في وقت كذا فلا يكون كفرًا، وغيره من الكلام أحبُّ إليَّ منه" يعنى حسمًا للمادة".

ثم نقل عن ابن قتيبة قوله: "إن اعتقد قائل ذلك أن للنوء صنعًا في ذلك فكفره كفر تشريك، وإن اعتقد أن ذلك من قبيل التجربة فليس بشرك لكن يجوز إطلاق الكفر عليه وإرادة كفر النعمة لأنه لم يقع في شيءٍ من طرق الحديث بين الكفر والشرك واسطة، فيحمل فيه على المعنيين لتناول الأمرين، والله أعلم". فتح الباري (2/ 608). =

⦗ص: 247⦘

= وذهب الشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب فتح المجيد -ونقله عن ابن مفلح وغيره- إلى تحريم نسبة المطر إلى النجم ولو على طريق المجاز، وإن اعتقد أن المؤثر هو الله وحده، ولكنه أجرى العادة بوجود المطر عند سقوط ذلك النجم، وذهب إلى أنه يكون شركًا أصغر. فتح المجيد (ص: 374).

ولعله أولى لكي يحتاط المرء فلا ينسب شيئًا من أفعال الله سبحانه وتعالى ونعمه إلى شيءٍ من مخلوقاته، والله أعلم.

ص: 244

135 -

حدثنا أبو داودَ الحراني، حدثنا علي بن المديني، حدثنا سفيان

(1)

قال: صالح بن كيسانَ حَدَّثني [سمع]

(2)

عبيد الله بن عبد الله يحدِّث، عن زيد بن خالد [الجهني]

(3)

قال: مُطر الناسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَات ليلة، فلما أصبحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألم تَسْمَعُوا ما قال رَبُّكُم الليلةَ؟ قال: مَا أنعمتُ على عبادي من نعمةٍ إلا أصبحَ فريقٌ منكم

(4)

بها كافرين، فأما

(5)

مَن آمن بي وحَمدني على سقياي، فذلكَ الذي آمن بي كفر بالكوكبِ، وَأما الذي قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا، فذاك الذي آمن بالكوكب وَكفر بي، أو كَفر نعمتي"

(6)

.

(1)

هو: ابن عيينة كما قال الحافظ ابن حجر (الفتح 13/ 478).

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(4)

في (ط) و (ك): "منهم".

(5)

في (م): "وأما".

(6)

لم يخرجه مسلم من طريق ابن عيينة، وقد أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب =

⦗ص: 248⦘

= التوحيد -باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 115](الفتح 13/ 474 ح 7503)، والنسائي في سننه -كتاب الاستسقاء- باب كراهية الاستمطار بالكوكب (3/ 164) كلاهما من طريق ابن عيينة عن صالح به.

ص: 247

136 -

حدثنا حمدان السُّلَمي

(1)

، حدثنا النَّضْر بن محمد

(2)

، حدثنا عكرمةُ بن عمَّار

(3)

، حدثنا أبو زُمَيل

(4)

، حَدثني ابنُ عَباس قال: مُطِر الناسُ عَلى عَهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أصبَحَ من الناس منهم شَاكرٌ، (*ومنهم*) كافرٌ، قال

(5)

بعضُهم: هَذه رحمةٌ وضَعَهَا الله، وقال بَعْضُهم: لَقَد

(6)

صَدقَ نَوءُ كذا وكذا". قال: وَنَزَلَتْ هذه الآية:

⦗ص: 249⦘

{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} حتى بلغ {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}

(7)

"

(8)

.

(1)

هو: أحمد بن يوسف بن خالد الأزدي، وحمدان لقبه ..

(2)

ابن موسى الجُرَشي اليمامي.

(3)

العجلي اليمامي.

(4)

بالزاي، مصغَّر، سَماك بن الوليد الحنفي اليمامي ثم الكوفي.

قال الحافظ: "ليس به بأس"، ولو قيل عنه:"ثقة" لكان جديرًا به، فقد وثقه ابن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عبد البر:"أجمعوا على أنه ثقة".

وقال أبو حاتم: "صدوق، لا بأس به"، وقال النسائي:"ليس به بأس".

انظر: الجرح والتعديل (4/ 280)، الثقات لابن حبان (4/ 340)، تهذيب الكمال للمزي (12/ 127)، تهذيب التهذيب لابن حجر (4/ 213)، التقريب (2628).

(5)

في (م): "قالوا" وهو خطأ.

(6)

سقطت من (ط) لفظة: "لقد".

(7)

الآيات من (75) إلى (82) من سورة الواقعة.

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كفر من قال: مُطرنا بالنوء (1/ 84 ح 127) من طريق عباس العنبري عن النضر بن محمد به.

ص: 248

137 -

حَدثَنا محمد بن عيسى المدائني

(1)

، حدثنا الحَسنُ بن قتيبة

(2)

، حدثنا عكرمةُ بن عمَّار بمكة عندَ

⦗ص: 250⦘

ثنيَّة المدينة

(3)

، عَن سماكٍ الحنفي قال: سمَعتُ ابنَ عباس فذكرَ مثله

(4)

.

(1)

هو: محمد بن عيسى بن حيان المدائني، أبو عبد الله المقرئ، توفي سنة (274 هـ).

ضعفه الدارقطني، واللالكائي، وقال الحكم:"متروك"، وقال أبو أحمد الحكم:"حدَّث عن مشايخه بما لا يتابع عليه، وسمعت من يحكي أنه كان مغفلًا لم يكن يدري ما الحديث".

ووثقه البرقاني، وقال مرة:"لا بأس به"، وكذا قال اللالكائي مرة:"صالح ليس يدفع عن السماع، لكن كان الغالب عليه إقراء القرآن". فعلى هذا يتوقف في روايته إذا لم يتابع عليه.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 143)، تاريخ بغداد للخطيب (2/ 398)، السير للذهبي (13/ 21)، لسان الميزان لابن حجر (5/ 333).

(2)

الخزاعي المدائني الخياط، ضعفه أبو حاتم، وأبو الفتح الأزدي، وقال الدارقطني:"متروك الحديث"، وقال العُقيلي:"كثير الوهم".

وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "كان يخطئ ويخالف"، وقال ابن عدي:"أرجو أن لا بأس به" وعقب عليه الذهبي: "بل هو هالك". فهو إذًا ضعيف لا تقوم به حجة، وقد صحَّ الحديث من غير طريقه والحمد لله. =

⦗ص: 250⦘

= انظر: الجرح والتعديل (3/ 33)، الضعفاء للعقيلي (1/ 241)، الثقات لابن حبان (8/ 168)، الكامل في الضعفاء لابن عدي (2/ 739)، ميزان الاعتدال للذهبي (1/ 518).

(3)

لم أجد ثنية بهذا الاسم في المصادر، وفي مكة عدة ثنايا منها، والظاهر -والله أعلم- أن المقصود هو: ثنيَّة البيضاء؛ لأنها هي الثنيَّة التي ينحدر منها الطريق الآتي من المدينة إلى وادي فخَّ بمكة، قال ياقوت الحموي:"هي عقبة قرب مكة تهبطك إلى فخٍّ وأنت مقبلٌ من المدينة تريد مكة". ووادي فخّ هو: وادي الزاهر الذي يقع بين التنعيم والمسجد الحرام، وعلى قرارتها اليوم مسجد عائشة، ومنه يعتمر الناس، ويسمى المكان "العمرة" و "التنعيم" قال عاتق البلادي:"ولا يعرف اليوم باسم البيضاء".

انظر: معجم البلدان لياقوت (2/ 99)، معجم المعالم الجغرافية لعاتق البلادي (ص: 55)، المعالم الأثيرة لمحمد شُرَّاب (ص: 68 و 213).

(4)

لم أجد من أخرجه من طريق الحسن بن قُتيبة، وقد سبق تخريجه عند مسلم من طريق النضر بن محمد، عن عكرمة بن عمار به.

ص: 249

138 -

حَدثنا أحمدُ بن عِصام [الأصبهاني]

(1)

، ويونس بن حَبيب،

⦗ص: 251⦘

وأبو عبيد الله العَسْكري

(2)

قالوا: حدثنا أبو داود

(3)

، حدثنا شُعْبَةُ، عن منْصور بن عبد الرحمن الغُدَاني

(4)

، سمع الشعبيَّ

(5)

، عن جَرير بن عبد الله البَجَلي، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "العبد الآبِقُ

(6)

لا تُقْبَلُ له صلاةٌ حتى يرجع إلى مَواليه"

(7)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهو أحمد بن عصام بن عبد المجيد بن كثير الأصبهاني، أبو يحيى الأنصاري، توفي سنة (272 هـ).

قال ابن أبي حاتم: "كتبنا عنه، وهو ثقة صدوق"، وقال أبو الشيخ الأصبهاني:"كان مقبول القول، أحد الثقات"، وقال الذهبي:"ما علمت فيه لينًا".

انظر: الجرح والتعديل (2/ 66)، طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ (3/ 40)، السير للذهبي (13/ 41).

(2)

لم أتمكَّن من معرفته.

(3)

الطيالسي، والحديث في مسنده (ص: 93 ح 673).

(4)

البصري الأشلّ، والغُدَاني: بضم الغين المعجمة، وفتح الدال المهملة المخففة وفي آخرها النون، نسبة إلى غُدَانة من تميم. الأنساب للسمعاني (9/ 126).

وثقه ابن معين، والإمام أحمد وقال:"يخالف في أحاديث"، ووثقه أبو داود، ويعقوب الفسوي، وقال النسائي:"ليس به بأس" وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات.

وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يُحتج به".

وقال الحافظ: "صدوقٌ يهم". فحديثه حسنٌ إن شاء الله إذا لم يخالف.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (78/ 174)، سؤالات الآجري (ص: 272)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (3/ 234)، الثقات لابن حبان (7/ 475)، الثقات لابن شاهين (ص: 300 رقم 1262)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 540)، التقريب لابن حجر (6905).

(5)

عامر بن شراحيل.

(6)

الآبق: الهارب، وأَبَق العبد يأبِق ويأبِق إباقًا إذا هرب. قال النووي:"أبق بفتح الباء كسرها لغتان مشهورتان، والفتح أفصح، وبه جاء القرآن: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} "[الصافات: 140]. شرح مسلم للنووي (2/ 59)، النهاية لابن الأثير (1/ 15).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تسمية العبد الآبق كافرًا (1/ 83 ح 122) من =

⦗ص: 252⦘

= طريق منصور بن عبد الرحمن الغداني به.

وأخرجه الإمام أحمد من طريقه أيضًا، المسند (4/ 365).

فائدة الاستخراج:

1 -

نسب المصنِّف منصور بن عبد الرحمن، وهو في مسلم غير منسوب.

2 -

لفظ مسلم للحديث الذي فيه: "أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم"، وروايات المصنف -الآتية- فيها تقييد لذلك اللفظ "فلحق بالعدوّ"، "إلى الشرك".

ص: 250

139 -

حَدثنا عباسٌ الدوري، وَالمَعْمَريُّ الصَّنعاني

(1)

قالا: حدثنا أبو الوليد

(2)

، حدثنا شعبة، عن منصُورٍ الأشَلَّ بمثلهِ

(3)

.

(1)

لم أتمكن من معرفته، والوصول إلى ترجمته، وقد سبق في ح (80) أن المصنِّف روى عن المعمري بدون نسبته صنعانيًّا، ويمكن أن يكون هو لأن طبقة شيوخه قريبةٌ من طبقة أبي الوليد الطيالسي شيخه هنا، غير أن ذاك لم يُنسب صنعانيًّا، والله أعلم.

(2)

سقطت أداة الكنية من (م)، وهو: الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم.

(3)

أخرجه مسلم من طريق منصور كما تقدم، ولم أجده من طريق أبي الوليد عن شعبة.

ص: 252

140 -

حَدثنا الصَّغاني، وَأبو أمية قالا: حدثنا مكي

(1)

، حدثنا داود -يعني ابن يزيد الأَوْديّ

(2)

-، عَنْ

⦗ص: 253⦘

عَامرٍ

(3)

، عن جَريرٍ البجلي

(4)

، عَن النّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِذا أبق العبدُ، فلحق بالعدو، فمات فهو كافرٌ "

(5)

.

(1)

ابن إبراهيم بن بشير التميمي، أبو السكن البلخي.

(2)

في (ط) و (ك): "داود بن يزيد الأَوْدِي" والأودي: بفتح الهمزة، وسكون الواو، ثم دالٌ مهملة، نسبة إلى أود بن صعب من مذحج. الأنساب للسمعاني (1/ 382).

وهو: داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأَودي، أبو يزيد الكوفي الأعرج، توفي سنة (151 هـ).

ضعفه ابن معين، والإمام أحمد، وأبو داود -وقال في سؤالات الآجري:"متروك"- وضعفه أبو حاتم، والنسائي، وذكره ابن حبان في المجروحين، وضعفه الأزدي، =

⦗ص: 253⦘

= وأبو أحمد الحاكم، والدارقطني -وقال في سؤالات البرقاني:"متروك"-، وضعفه الحافظ ابن حجر.

وقال العجلي: "يكتب حديثه، وليس بالقوي، وقد روى عنه شعبة"، وقال الساجي:"صدوق يهم، وقد روى عنه شعبة"، وقال ابن عدي:"ولم أر في أحاديثه منكرًا يجاوز الحد إذا روى عنه ثقة، وداود وإن كان ليس بقوي في الحديث فإنه يكتب حديثه ويقبل إذا روى عنه ثقة". فالظاهر مما تقدم أنه ضعيف، وقد صحَّ الحديث من غير طريقه، ولله الحمد.

انظر: تاريخ الدارمي عن ابن معين (ص: 108)، تاريخ الدوري (2/ 154 - 155)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 427)، الثقات للعجلي (1/ 342)، سؤالات الآجري لأبي داود (ص 179 رقم 182)، الضعفاء للعقيلي (2/ 40)، المجروحين لابن حبان (1/ 289)، الكامل لابن عدي (3/ 948)، سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 28) تهذيب الكمال للمزي (8/ 467) تهذيب التهذيب لابن حجر (3/ 183) التقريب (1818).

(3)

ابن شراحيل الشعبي.

(4)

ليست في (ط) و (ك) ذكر نسبه: البجلي.

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تسمية العبد الآبق كافرًا (1/ 83 ح 123) من طريق حفص بن غياث عن داود الأودي به.

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 364) من طريق مكي بن إبراهيم عن داود به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف: داود بن يزيد الأودي، وورد في مسلم مهملًا.

ص: 252

141 -

حدثنا أبو زكريا الأعرج

(1)

، حدثنا قتيبة

(2)

، حدثنا حُميد بن عبد الرحمن

(3)

، عن أبيه، عن أبي إسحاق السَّبيعي

(4)

، عن الشعبي، عن جرير، سَمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا أَبق العبد إلى الشرك فقد حَلَّ دمُهُ"

(5)

.

(1)

هو: يحيى بن زكريا بن يحيى النيسابوري، لقبه حيويه.

(2)

ابن سعيد بن جميل الثقفي البغلاني.

(3)

ابن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي الكوفي.

(4)

عمرو بن عبد الله بن عبيد الهَمْدَاني. مدلس مشهور من الطبقة الثالثة من المدلسين، وقد اختلط أيضًا بأخرة. انظر: ح (93)، وقد توبع هنا عن الشعبي والحمد لله.

انظر: تعريف أهل التقديس لابن حجر (ص: 101).

(5)

لم يخرجه مسلم من طريق أبي إسحاق، وقد أخرجه أبو داود في سننه -كتاب الحدود -باب الحكم فيمن ارتد (4/ 128 رقم 4360)، والنسائي في سننه -كتاب تحريم الدم -باب العبد يأبق إلى أرض الشرك (7/ 102) كلاهما من طريق قتيبة عن حميد بن عبد الرحمن به.

ص: 254

142 -

حدثَنا علي بن حرب، أخبرنا وكيع، عن سفيان

(1)

، عَن حَبيب بن أبي ثابتٍ

(2)

، عن المغيرة

(3)

، عن جَريرٍ قالَ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

⦗ص: 255⦘

"إذا أبقَ العبد فقد بَرِئَتْ منهُ الذِّمَّة"

(4)

.

(1)

هو الثوري، كما يتضح من ترجمته وترجمة حبيب بن أبي ثابت.

(2)

واسم أبي ثابت: قيس بن دينار، ويقال قيس بن هند، ويقال: هند، الأسدي أبو يحيى الكوفي، ثقة قد وُصِف بالتدليس، وجعله الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين، ولم أجد طريقًا صرَّح فيه بالسماع، وللحديث طرقٌ كما مرَّ.

انظر: تعريف أهل التقديس (ص: 84).

(3)

ابن شُبَيل -بالتصغير- أو شِبل بن عوف البجلي الأحمسي، أبو الطفيل الكوفي.

(4)

لم يخرجه مسلمٌ من طريق المغيرة بن شُبيل عن جرير، وإنما أخرجه من طريق آخر، وهو طريق جرير عن المغيرة بن مقسم الضبي عن الشعبي عن جرير. كتاب الإيمان -باب تسمية العبد الآبق كافرًا (1/ 83 ح 124).

وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 357) من طريق سفيان عن حبيب بن أبي ثابت به.

وأخرجه (4/ 362) عن وكيع عن سفيان به.

ص: 254

‌بَابُ

(1)

بيَانُ المَعَاصي التي إذا قَالهاَ العَبْدُ، أو عَمِلَهَا لم يَدْخُل الجَنَّةَ بِمعْصيَتِهِ

(2)

(1)

كلمة "باب" ليست في (ط) و (ك)، وفي (م) عليها ضربٌ بالقلم.

(2)

أي: يستحق بهذه الأعمال هذا الوعيد المترتب على ذلك الذنب كما وردت به النصوص، ولا يعني ذلك أنه يخلد في النار مع الكافرين؛ بل قد تدركه رحمة الله عز وجل أو تكون له أعمال أخرى من الإيمان تخرجه من النار وتدخله، والله أعلم.

ص: 256

143 -

حَدثَنا قُرْبُزَان وهو: عبد الرحمن بن محمد بن منصور

(1)

، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدثنا سفيان

(2)

، عن عاصم

(3)

قال: سمَعتُ أبا عثمان

(4)

يحدِّث عن سعدٍ، وَأبي بكرة أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَن ادَّعَى إلى غيرِ أَبيهِ وهوَ يعلمُ أَنَّهُ غَيرُ أبيهِ فالجنَّةُ عَلَيه حرام"

(5)

.

(1)

في (ط) و (ك): "عبد الرحمن بن محمد بن منصور كربزان".

(2)

هو الثوري كما بيَّنه عبد الرزاق في روايته، وسيأتي تخريجه.

(3)

ابن سليمان الأحول البصري، أبو عبد الرحمن.

(4)

النَّهدي، عبد الرحمن بن ملّ -بلام ثقيلة، والميم مثلثة-، مشهور بكنيته. التقريب (4017).

(5)

لم يخرجه مسلم من طريق الثوري عن عاصم، وقد أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (9/ 51 ح 16314) من طريق الثوري عن عاصم به، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 174).

ص: 256

144 -

حَدثنا محمد بن إسْحاق الصاغاني، ومحمد بن عيسى

⦗ص: 257⦘

العَطار الأبرَصُ

(1)

، قالا: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء

(2)

، أخبَرني شعْبَةُ،

⦗ص: 258⦘

عَن عاصمٍ أن أبا عثمان قال: إنَّ سعدًا -وكان أوّلَ من رمى بسهمٍ في سبيل الله-، وَأبا بكرة -وكان أوّلَ من نزل من قصر الطائف

(3)

مُسْلِمًا-

⦗ص: 259⦘

قالا: سمعنا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن ادَّعَى إلى

(4)

غير أبيهِ، وهو يعلمُ أنه غَيرُ أبيهِ فالجنَّة عليه حرام"

(5)

.

(1)

هو: محمد بن عيسى بن أبي موسى العطار الأبرص أبو جعفر البغدادي، الأفواهي.

(2)

الخَفَّاف العجلي مولاهم، أبو نصر، توفي سنة (204 هـ).

والخفَّاف نسبة إلى حرفة عمل الخِفاف التي تُلبس. الأنساب للسمعاني (5/ 155).

وثقه ابن معين، وابن نمير، والنسائي -في رواية-، والحسن بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"لا بأس به"، ووثقه الدارقطني، وابن شاهين، والسمعاني.

وكان يحيى القطان حسن الرأي فيه، ويعرفه معرفة قديمة، وقال ابن سعد:"لزم ابن أبي عروبة، وعرف بصحبته، كتب كتبه، وكان كثير الحديث، معروفًا، صدوقًا إن شاء الله".

وقال عثمان بن أبي شيبة: "ليس بكذاب، ولكن ليس هو ممن يتكل عليه"،، وقال الإمام أحمد:"ضعيف الحديث، مضطرب" وصحح حديثه عن هشام الدستوائي، وقال:"كان من أعلم الناس بحديث سعيد أبي عروبة".

وقال البخاري: "ليس بالقوي عندهم، وهو محتمل"، وقال أيضًا:"يكتب حديثه، قيل: يحتج به؟ قال: أرجو، إلا أنه كان يدلِّس عن ثورٍ وأقوام أحاديث مناكير".

وذكره أبو زرعة في الضعفاء، وقال:"روى عن ثور بن يزيد حديثين ليسا من حديث ثور"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه، محله الصدق، وليس عندهم بقوي الحديث".

وقال البزار: "ليس بقوي، وقد احتمل أهل العلم حديثه"، وقال صالح جزرة: "أنكروا على الخفاف حديثًا رواه لثور بن يزيد

في فضل العباس، وما أنكروا عليه غيره، وكان ابن معين يقول: هذا موضوع، وعبد الوهاب لم يقل فيه:"حدثنا ثور ولعله دلَّسه فيه، وهو ثقة".

وضعفه النسائي في رواية، وقال الساجي:"صدوق، ليس بالقوي عندهم".=

⦗ص: 258⦘

= وقال ابن ناصر الدين الدمشقي: "فيه لين".

وقال الذهبي: "صدوق"، وقال:"حديثه في درجة الحسن"، وقال أيضًا عقب ذكره في ديوان الضعفاء:"حسن الحديث، ضعفه أحمد".

وقال ابن حجر: "صدوق ربما أخطأ، أنكروا عليه حديثًا في العباس يقال: دلَّسه عن ثور"، وذكره في المرتبة الثالثة من المدلسين.

فخلاصة القول أنه حسن الحديث -كما قال الذهبي- بشرط تصريحه بالسماع لكونه موصوفًا بالتدليس، وقد صرَّح بالتحديث في هذا الحديث، وتوبع على روايته أيضًا.

انظر: الطبقات لابن سعد (7/ 333)، تاريخ الدوري (2/ 379)، العلل، رواية عبد الله بن أحمد (2/ 255)، العلل رواية المروذي (ص: 201)، الضعفاء الصغير للبخاري (ص: 156)، أبو زرعة وجهوده في السنة (2/ 636)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 163) الضعفاء للعقيلي (3/ 77)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 72)، الثقات لابن حبان (7/ 133)، الكامل لابن عدي (5/ 1934)، الثقات لابن شاهين (ص: 242)، تاريخ بغداد للخطيب (11/ 22)، الأنساب للسمعاني (5/ 157)، تهذيب الكمال للمزي (18/ 509)، ديوان الضعفاء (ص: 263 رقم 2677)، سير أعلام النبلاء (9/ 454) الميزان ثلاثتها للذهبي (2/ 681)، تعريف أهل التقديس (ص: 96)، وتهذيب التهذيب (6/ 395)، والتقريب لابن حجر (4262)، شذرات الذهب لابن العماد (2/ 13).

(3)

الطائف مدينة غنيَّة عن التعريف، تبعد عن مكة 99 كيلو مترًا شرق مكة مع ميل قليل إلى الجنوب، وترتفع عن سطح البحر 1630 مترًا. المعالم الأثيرة لمحمد شُرَّاب (ص: 170).

قال ياقوت: "وسميت طائفًا بحائطها المبني حولها المحدق بها". =

⦗ص: 259⦘

= ولم أجد أحدًا عرَّف بقصر الطائف الوارد في الحديث، والظاهر أن المقصود به هو الطائف نفسه بحائطه المبني عليه؛ ففي معجم البلدان قال:"القصر: هو البناء المشيَّد العالي المشرف، مشتق من الحبس والمنع". وهو حائط الطائف، والله أعلم.

انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 10 - 13، 402).

(4)

في (م): "على"، وهو خطأ.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المغازي- باب غزوة الطائف (الفتح 7/ 642 ح 4326) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به. ولم يخرجه مسلم من طريق شعبة.

ص: 256

145 -

حَدثنا أبو داود الحراني، والصَغاني قالا: حدثنا سعيد بن عامر

(1)

، حدثنا شعبةُ، عن عاصمٍ الأحول، عَن أبي عثمان النهدي، عن سعدٍ وَأبي بَكرةَ أنَهما حَدَّثَا

(2)

، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن ادَّعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنَّةُ عليه حرام"

(3)

.

(1)

الضُّبَعي -بضم المعجمة وفتح الموحدة- أبو محمد البصري. التقريب (2338).

(2)

في (ك): "حدَّثاه".

(3)

هذا الحديث ساقط من (ط).

وقد أخرجه البخاري من طريق غندر عن شعبة كما تقدم.

ص: 259

146 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا وَهبُ بن جَرير

(1)

، حدثنا شعبَة بمثله

(2)

.

(1)

ابن حازم الأزدي، أبو العباس البصري.

(2)

أخرجه البخاري كما تقدم من طريق غندر عن شعبة به.

ص: 259

147 -

حدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو معاوية

(1)

، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عُثْمان، عن أبي بكرة [قال]

(2)

: سمعَتْ أذناي، وَوَعَاه قلبي [من] رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(3)

قال: "مَن ادَّعى إلى غير أبيه، وهو يَعلم أنه غير أبيه؛ فالجنَّة عليه حرام"

(4)

.

(1)

محمد بن خازم الضرير، يضطرب في غير حديث الأعمش، وقد تابعه هنا عدد من الثقات.

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وتبدو وكأنها أريد استدراكها في هامش (م) ففيها تخريج إلى الهامش ولكن ما كتب هناك غير واضح.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم (1/ 80 ح 115) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وأبي معاوية كلاهما عن عاصم الأحول به، وقرن مع أبي بكرة: سعدًا في الإسناد، والمصنِّف فصل حديث كل واحدٍ منهما على حده فأورد حديث سعد بعده.

وأخرجه ابن ماجه في سننه -كتاب الحدود- باب من ادعى إلى غير أبيه (2/ 870 ح 2610) من طريق علي بن محمد عن أبي معاوية، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي بكرة وسعد -قرنهما- به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف عاصمًا بأنه الأحول، وورد عند مسلم مهملًا.

ص: 260

148 -

حدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو معاوية، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عُثْمان النهدي، قال: سمعتُ سعدًا يقول: سَمعَت

⦗ص: 261⦘

أذناي، وَوعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(1)

.

(1)

انظر تخريجه في الذي قبله، وهذا الحديث متقدم في الترتيب عن الحديث الذي قبله في الأصل، واتَّبعت ترتيب ما في النسخ الأخرى لمناسبته للسياق من حيث إحالته على سابق له، وقد تقدم أنه عند مسلم وابن ماجه قرنا فيه بين أبي بكرة وسعد.

ص: 260

149 -

حدَّثَنا عبد الكريم بن الهيثم الدَّيْرعَاقولي

(1)

، حدثنا محمد بن عيسى بن الطَّبَّاع

(2)

، حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّة

(3)

-ثم لقيتُ عاصمَ الأحول

(4)

بمكة- فحدَّثني عن أبي عثمان

⦗ص: 262⦘

النهدي

(5)

، عن سعد قال: سمَع

(6)

أذناي، وَوَعاه قلبي من محمد صلى الله عليه وسلم[أنه قال:"من ادَّعى إلى غير أبيه فالجنَّة عليه حرام" ثم لقيت أبا بكرة فذكرت ذلك له فقال: وأنا سمع أذناي، ووعاه قلبي من محمد صلى الله عليه وسلم]

(7)

.

(1)

سقطت نسبته "الديرعاقولي" من (م)، وهي: بفتح الدال المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وبعدها الراء، ثم العين المهملة، وفيها قاف بعد الألف.

نسبة إلى قرية كبيرة على عشرة فراسخ أو خسة عشر فرسخًا من بغداد. وما تزال تُعرف بهذا الاسم إلى الآن.

والراوي هو: عبد الكريم بن الهيثم بن زياد الديرعاقولي ثم البغدادي، أبو يحيى القطان.

وثقه أحمد بن كامل القاضي، والخطيب، وابن أبي يعلى، وابن الجوزي.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (11/ 78)، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/ 216)، الأنساب للسمعاني (5/ 395)، المنتظم لابن الجوزى (12/ 301)، سير أعلام النبلاء للذهبي (13/ 335)، بلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج (ص: 54).

(2)

هو: محمد بن عيسى بن نَجِيح البغدادي، أبو جعفر -ووقع في تهذيب الكمال (26/ 258):"أبو حفص" ولعله خطأ مطبعي-، توفي سنة (224 هـ).

ثقة، وُصِف بالتدليس، وجعله الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين، وقد صرَّح بالتحديث هنا انظر: تعريف أهل التقديس (ص: 107).

(3)

في (م): "إسماعيل علية" سقطت "ابن".

(4)

وقع هنا اختصار في سياق الإسناد دلت عليه رواية الإمام أحمد، وكأن الذي وقع =

⦗ص: 262⦘

= اختصاره هنا تقديره: "عن عاصم الأحول"، فابن الطباع حدَّث به أولًا عن ابن عُليَّة، عن عاصم، عن أبي عثمان، ثم علا فيه فحدَّث به عن عاصم، عن أبي عثمان.

(5)

سقطت من (ط) و (ك) نسبته: النهدي.

(6)

كذا في الأصل، وفي النسخ الأخرى:"سمعت" ولعلها الصواب.

(7)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 88 ح 3683) من طريق محمد بن عيسى بن الطبَّاع، عن ابن عُلية، عن خالد الحذاء به، وقال:"لم يرو هذا الحديث عن خالد عن عاصم إلا ابن عُليَّة، تفرَّد به محمد بن عيسى الطبَّاع".

أقول: رواية الصحيحيِن -كما سيأتي- من طريق خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي مباشرة، ليس بينهما عاصم.

وأخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الفرائض- باب من ادعى إلى غير أبيه (الفتح 12/ 54 رقم 6766) من طريق خالد الحذاء عن أبي عثمان به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حال من رغب عن أبيه وهو يعلم (1/ 80 ح 114) من طريق عمرو الناقد عن هُشيم عن خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 174) من طريق ابن عُليَّة، عن عاصم -مباشرة-، عن أبي عثمان به. والراجح أن الصواب في رواية خالد الحذاء أنها عن أبي عثمان النهدي مباشرة بدون ذكر عاصم الأحول كما هي رواية الصحيحين، =

⦗ص: 263⦘

= والظاهر في رواية ابن عُليَّة أنها عن عاصم الأحول مباشرة بدون ذكر خالد الحذاء، كما جاء في رواية الإمام أحمد، وفي أحد السياقين المقرونين هنا، والله أعلم.

ص: 261

150 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا ابن أبي مريم

(1)

، أخبرنا محمد بن جَعفر

(2)

، ح

قال [محمد بن يحيى]

(3)

: وحَدثنا إبراهيم بن حمزة

(4)

، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم

(5)

، كلاهما عن العلاء

(6)

، عن أبيه، عَن أبي هُريرةَ، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخلُ الجنَّةَ من لا يأمَنُ جارُه بَوائقه

(7)

"

(8)

.

(1)

سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

ابن أبي كثير الأنصاري الزُّرَقي مولاهم المدني.

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(4)

ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير الزبيري المدني.

(5)

تُكلِّم فيما حدث به عن أبيه، وهذا ليس منه، وقد توبع أيضًا، وانظر: ح (79).

(6)

ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم.

(7)

البوائق جمع بائقة وهي: الغائلة والداهية والفتك.

وفي معنى: "لا يدخل الجنة" جوابان يجريان في كلِّ ما أشبه هذه النصوص، أحدهما: أنه محمولٌ على من يستحلُّ الإيذاء مع علمه بتحريمه فهذا كافرٌ لا يدخلها أصلًا.

والثاني: معناه جزاؤه أن لا يدخلها وقت دخول الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم، بل يؤخر ثم قد يجازى، وقد يعفى عنه فيدخلها أوّلًا. قاله النووي في شرحه على مسلم (2/ 17).

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان إيذاء الجار (1/ 68 ح 73) من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء به. =

⦗ص: 264⦘

= وعلَّقه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه (الفتح 10/ 457 ح 6016) من طريق ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة

وأسنده في الموضع نفسه من طريق ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي شُريح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه في الأدب المفرد (ص: 37) من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.

ص: 263

151 -

حدثنا الحسن بن عفَّان، حدثنا عبد الله بن نُمَير

(1)

، ح

وحَدثَنا إبراهيم بن عبد الله

(2)

، حدثنا وكيع، ح

وحدثنا أبو عمر الكوفي

(3)

، حدثنا أبو مُعاوية

(4)

، قالوا

(5)

حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هُرَيرةَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَالذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنَّةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تَحابُّوا

(6)

،

⦗ص: 265⦘

ألا أدُلُّكم على أَمرٍ إذا فَعَلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السلامَ بينَكم"

(7)

.

(1)

الهَمْدَاني الكوفي.

(2)

هو: إبراهيم بن عبد الله بن عمر بن أبي الخيبري العبسي مولاهم القصار الكوفي.

آخر من روى عن وكيع، توفي سنة (279 ص)، صرَّح به البغوي في روايته للحديث.

وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي:"صدوق، جائز الحديث"، ولم أظفر بقول آخر فيه.

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 88)، شرح السنة (12/ 258)، سير أعلام النبلاء للذهبي (13/ 43).

(3)

أحمد بن عبد الجبار العطاردي الكوفي.

(4)

محمد بن خازم الضرير الكوفي.

(5)

في (م): "قالا" وهو خطأ.

(6)

ولفظ مسلم: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا

"، فالشطر الأول =

⦗ص: 265⦘

= جاء على اللغة المشهورة، وأما الشطر الثاني فقال النووي:"هكذا في جميع الأصول والروايات: ولا تؤمنوا بحذف النون من آخره، وهي لغة معروفة صحيحة". شرح مسلم للنووي (2/ 36).

وبقول النووي يوجّه لفظ أبي عوانة للحديث.

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون (1/ 74 ح 93) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع وأبي معاوية به.

وأخرجه الترمذي في السنن -كتاب الاستئذان- باب ما جاء في إفشاء السلام (5/ 52 ح 3688) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به.

وأخرجه ابن ماجه في السنن -كتاب الأدب- باب إفشاء السلام (2/ 1217 ح 3692) من طريق ابن أبي شيبة عن أبي معاوية وابن نمير به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 391) من طريق شريك عن الأعمش به، ومن طريق ابن نمير عن الأعمش به في الموضع نفسه. وأخرجه (2/ 477) من طريق وكيع عن الأعمش به.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 477)، والبغوي في شرح السنة (12/ 258) كلاهما من طريق إبراهيم بن عبد الله بن عمر -شيخ المصنِّف- عن وكيع به.

فائدة الاستخراج:

قسم النبي صلى الله عليه وسلم في أول الحديث ليست في رواية مسلم.

ص: 264

152 -

حدثنا محمد بن كَثير الحراني

(1)

، حدثنا النُّفَيلي

(2)

،

⦗ص: 266⦘

ومحمد بن موسى

(3)

، وابن أبي شُعَيب

(4)

، ح

وحَدثنا أبو داود الحراني، وأبو أميَّةَ قالا: حدثنا النُّفَيلي كلهُم قالوا: حدثنا زهير

(5)

، عَن الأعمش بمثله

(6)

.

(1)

هو: محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الكلبي، أبو عبد الله الحراني، لؤلؤ.

(2)

عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل -بنون وفاء، مصغَّر- النفيلي الحرَّاني. التقريب (3594).

(3)

ابن أَعْيَن الجَزَري، أبو يحيى الحرَّاني، توفي سنة (223 هـ).

ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الذهبي، وقال الحافظ:"صدوق".

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 83)، الثقات لابن حبان (9/ 64)، الكاشف للذهبي (2/ 225)، التقريب لابن حجر (6334).

(4)

هو: أحمد بن عبد الله بن مسلم، أبو الحسن بن أبي شعيب الحراني القرشي مولاهم.

(5)

ابن معاوية بن حُدَيج الجعفي، أبو خيثمة الكوفي. ثقة متقن، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بعد الاختلاط، وليس هذا من حديثه عن أبي إسحاق.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (9/ 424)، التقريب (2051).

(6)

أخرجه أبو داود في سننه -كتاب الأدب- بابٌ في إفشاء السلام (4/ 350 ح 5193) من طريق أحمد بن أبي شعيب عن زهير به.

ص: 265

153 -

حَدثنا إسحاق بن سَيَّار النَّصيبي، ويَعقوبُ بن سفيان الفارسي، وإبراهيم بن مرزوق البصري، وأبو بكر الرازي

(1)

، وأبو داود الحراني، قالوا: حدثنا يحيى بن حماد

(2)

، حدثنا شعبةُ، عن أبان بن تَغْلِبَ

(3)

،

⦗ص: 267⦘

عن فُضيل بن عَمرو الفُقَيمي

(4)

، عن إبراهيمَ النخعي

(5)

، عن علقمة بن قيس

(6)

، عن عبد الله بن مسعُود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النارَ مثقالُ ذرَّة من إيمانٍ، ولا يدخل الجنَّةَ مثقالُ ذرَّة من كِبْرٍ". قال رجل

(7)

: يا رسولَ الله إن الرجُلَ يُحب أن يكون ثوبُه حسنًا، ونعله

⦗ص: 268⦘

حسنًا، قال: "إن الله جَميل يُحب الجمال، الكبر بَطَر الحقِّ، وغَمْصُ

(8)

الناس"

(9)

.

(1)

محمد بن زياد بن معروف الرازي.

(2)

ابن أبي زياد الشيباني مولاهم البصري.

(3)

تَغْلِب -بفتح المثناة، وسكون المعجمة، كسر اللام- الكوفي القارئ، توفي سنة (141 هـ). شيعيٌّ جلد، وثقه الأئمة أحمد، وابن معين، وأبو حاتم وغيرهم. =

⦗ص: 267⦘

= وقال الذهبي: "شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه، وعليه بدعته"، وقال الحافظ ابن حجر:"ثقة، تُكُلِّم فيه للتشيُّع".

انظر: تهذيب الكمال للمزي (2/ 6)، ميزان الاعتدال (1/ 5)، التقريب (136).

(4)

الفُقَيمي -بضم الفاء، وفتح القاف، وسكون الياء تحتها نقطتان، وفي آخرها ميم- نسبة إلى فُقَيم بطن من تميم. اللباب لابن الأثير (2/ 437).

(5)

إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي.

(6)

ابن مالك النخعي الكوفي.

(7)

قيل في اسم هذا الرجل ستة أقوال: قيل هو: أبو ريحان القرشي واسمه شمعون، ذكره ابن الأعرابي وقيل اسمه: ربيعة بن عامر، قاله علي بن المديني، وقيل اسمه: سواد بن عمرو الأنصاري، قاله ابن السكن، وقيل اسمه: معاذ بن جبل، ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب "التواضع والخمول"، وقيل اسمه: مالك بن مرارة الرهاوي ذكره أبو عبيد في غريب الحديث، واقتصر عليه القاضي عياض في شرحه لمسلم، وقيل اسمه: عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره معمر في جامعه، وقيل: خُرَيم بن فاتك الأسدي، كل ما سبق ذكره ابن بشكوال بأسانيده، ولا يمتنع أن يكون السائل أكثر من شخص بعد سماعهم الحديث من رسول صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

انظر: غوامض الأسماء المبهمة لابن بشكوال (1/ 276 - 282)، شرح صحيح مسلم للنووي (2/ 92).

(8)

كذا في جميع النسخ، وكُتب فوق عبارة الأصل بخط مغاير:"غمط"، وهو لفظ مسلم.

قال النووي: "هو بفتح الغين المعجمة، وإسكان الميم وبالطاء المهملة، هكذا هو في نسخ صحيح مسلم رحمه الله، قال القاضي عياض رحمه الله: "لم نرو هذا الحديث عن جميع شيوخنا هنا وفي البخاري إلا بالطاء، وبالطاء ذكره أبو داود في مصنفه، وذكره أبو عيسى الترمذي وغيره غمص بالصاد"، وهما بمعنى واحد، ومعناه احتقارهم، يقال في الفعل منه: غمطه بفتح الميم يغمطه بكسرها، وغمطه بكسر الميم يغمطه بفتحها، وأما بطر الحق فهو: دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبُّرًا". شرح مسلم للنووي (2/ 90).

قلت: كذا قال القاضي عياض أنها بالطاء (غمط) في البخاري أيضًا، ولم أجد الحديث أصلًا في البخاري، فالله أعلم بمقصده.

(9)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم الكبر وبيانه (1/ 93 ح 147، 149) من طريق يحيى بن حماد عن شعبة به، ومن طريق أبي داود عن شعبة به، ولفظه: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة

".

وأخرجه أبو داود في سننه -كتاب اللباس- باب ما جاء في الكبر (4/ 59 ح 4091)، وابن ماجه في سننه -المقدمة- باب في الإيمان (1/ 22 ح 59)، كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن إبراهيم به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 451) من طريق الحجاج بن أرطاة عن فضيل به.

فائدة الاستخراج:

1 -

بيَّنت رواية المصنِّف فضيل الفقيمي بأنه: ابن عمرو، وعلقمة بأنه: ابن قيس وجاء في مسلم الأول بدون ذكر اسم أبيه، والآخر مهملًا.

2 -

قوله: "لا يدخل الجنة مثقال ذرة من إيمان" ليست عند مسلم.

ص: 266

154 -

حدثنا ابن أبي رجاء

(1)

، حدثنا وكيع، ح

وَحدثنا أبو أمية، حدثنا يَعلى

(2)

كلاهما

(3)

قالا: حَدثنا الأعمَشُ، عن إبراهيمَ

(4)

، عن همام

(5)

قال: كنتُ جالسًا عندَ حُذَيفَة [فمرَّ رجلٌ]

(6)

فقالوا: هَذا يرفعُ الحديثَ إلى السلطان، فَقال حُذيفة: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَدخل الجنَّة قَتَّات"

(7)

.

قال الأعمش: والقَتَّاتُ: النمَّام. وهذا لفظ يعلى، وهوَ أتمهما حَديثًا.

(1)

هو: أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي رجاء المصيصي.

(2)

ابن عبيد الطنَافِسي.

(3)

كلمة: "كلاهما" ليست في (ط) و (ك).

(4)

ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي.

(5)

ابن الحارث النخعي الكوفي.

(6)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، ولم أقف على تعيين هذا الرجل، وكذا قال الحافظ في الفتح (10/ 488).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم النميمة (1/ 101 ح 170) من طريق أبي معاوية ووكيع وعلي بن مسهر كلهم عن الأعمش به.

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/ 402) من طريق وكيع عن الأعمش به.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 166) من طريق يعلي بن عبيد -شيخ شيخ المصنِّف- عن الأعمش به.

فائدة الاستخراج:

بيان الغريب في قوله: "قتات" ليست عند مسلم.

ص: 269

155 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى

(1)

، ومحمد بن عيسى المدائني

(2)

، قالا: حدثنا سفيان بن عُيينة، عن منصور

(3)

، ح

وحدثنا يُونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(4)

، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيمَ، عن همام بن الحارث

(5)

، قال: قيل لحُذيفَة في رجلٍ: إن هذا يُبلِّغ الأُمراء، فقال حُذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنَّةَ قتُّاتٌ"

(6)

.

⦗ص: 271⦘

وهَذا لفظُ حديث أبي داود

(7)

وهوَ أتمهما حديثًا.

(1)

ابن ميسرة الصدفي المصري.

(2)

أبو عبد الله المقرئ، ضعيف، انظر ح:(137)، وقد تابعه يونس وهو ثقة.

(3)

ابن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي.

(4)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 56 ح 421).

(5)

في (م): "همام بن الحارث" أيضًا، وقد ضُرِب على "الحارث" بالقلم كتب فوقه:"منبه"، وفي (ط) و (ك):"همام بن منبه"، وهو خطأ، والصواب المثبت، وقد جاء مصرَّحًا به عند مسلم وأحمد وأبي داود الطيالسي، ولا يُعرَف لهمام بن منبه رواية عن حُذَيفة.

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم النميمة (1/ 101 ح 169) من طريق جرير عن منصور به.

وأخرجه الترمذى في سننه -كتاب البر والصلة- باب ما جاء في النمام 4/ 375 ح 2026 من طريق ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة به.

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/ 389) من طريق عبد الرزاق عن ابن عيينة به.

وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (11/ 237)، والبغوي في شرح السنة (13/ 147) كلاهما من طريق محمد بن عيسى المدائني -شيخ المصنِّف هنا- عن ابن عيينة به.

(7)

في (م): "وهذا لفظ جديد أخبرنا داود" وهو تصحيف.

ص: 270

156 -

حدثَنا الحسن بن عفَّان، حدثنا أبو داودَ الحفَري

(1)

، ح

وحَدثنا أبو أُميَّةَ، حدثنا أبو نُعيم

(2)

، وَقَبيصة

(3)

، كلهُم عن سفيان

(4)

، عن منصور بإسناده نحوه

(5)

.

(1)

الحَفَرِي -بفتح الحاء والفاء، نسبة إلى محلة بالكوفة يقال لها الحفر-، وهو: عمر بن سعد بن عبيد الكوفي. انظر: الأنساب للسمعاني (4/ 173)، تهذيب الكمال (21/ 360).

(2)

الفضل بن دُكَين التيمي مولاهم الكوفي.

(3)

ابن عقبة بن محمد السُّوَائي الكوفي، استصغر في الثوري، وقد توبع هنا. انظر: ح (24).

(4)

هو: الثوري.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب ما يكره من النميمة (الفتح 10/ 487 ح 6056) من طريق أبي نعيم عن سفيان الثوري عن منصور به.

ص: 271

157 -

حدثني أبي [رحمه الله]

(1)

، حدثنا علي بن حُجْر

(2)

، حدثنا إسماعيل بن جَعفر

(3)

، ح

وحَدثنا عمار [بن رجاء]

(4)

، حدثنا حَبَّانُ

(5)

، حدثنا أبو جَعْفر

⦗ص: 272⦘

المديِني

(6)

، كلاهما عن العلاء بن عبد الرحمن

(7)

، عن مَعبد بن كعب *

(8)

السَّلَمي

(9)

، عن أخيه

⦗ص: 273⦘

عبد الله بن كعب

(10)

، عن أبي أُمامةَ

(11)

، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن اقتطَع

⦗ص: 274⦘

حَقَّ امرئ مسلم بيمينهِ فقد أوجَب الله له النَّار، وحرَّم عليه الجنَّةَ. فقال له رجلٌ: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسولَ الله؟ قال: وإن كان قضيبًا من أراكٍ

(12)

"

(13)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

ابن إياس السعدي.

(3)

ابن أبي كثير الأنصاري الزُّرَقي.

(4)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهو: التغلبي، أبو ياسر الأستراباذي.

(5)

بفتح المهملة، وبالموحدة، ابن هلال الباهلي، أبو حبيب البصري. التقريب (1069).

(6)

هو: عبد الله بن جعفر بن نَجِيح، والد الإمام علي بن المديني، توفي سنة (178 هـ).

متفقٌ على ضعفه، ضعفه يزيد بن هارون، وابنه علي بن المديني، وابن معين، والفلاس، وذكره البخاري في الضعفاء، وضعفه الجوزجاني، وأبو حاتم، والنسائي، والعقيلي، وابن حبان، والدارقطني وغيرهم.

وقال الذهبي: "متفقٌ على ضعفه"، وقال مرة:"واهٍ".

وقال الحافظ ابن حجر: "ضعيف".

وله أحاديث غير محفوظة كما قال ابن عدي، ولكن قد تابعه هنا عن العلاء: إسماعيل بن جعفر، وهو ثقة، وتابعه أيضًا مالك في الموطأ وسيأتي تخريجه.

انظر: الضعفاء الصغير للبخاري (ص: 130)، أحوال الرجال للجوزجاني (ص: 186)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 23)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 148)، المجروحين لابن حبان (2/ 14 - 15)، الكامل لابن عدي (4/ 1497)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني (ص: 260)، تهذيب الكمال للمزي (14/ 379) سير أعلام النبلاء (7/ 330) والميزان للذهبي (2/ 401)، تهذيب التهذيب (5/ 156) والتقريب لابن حجر (3255)، شذرات الذهب لابن العماد (1/ 288).

(7)

ابن يعقوب الحُرَقي مولاهم المدني.

(8)

من هنا سقط في نسخة (ط) إلى أثناء ح (225)، وسيأتي التنبيه على نهاية السقط في موضعه إن شاء الله تعالى.

(9)

في (ك): "الأسلمي" وهو خطأ، والسَّلَمي -بفتح السين واللام- نسبة إلى بني سَلَمَة، حي من الأنصار، والراوي هو: مَعبد بن كعب بن مالك السَّلَمي، أبوه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الذين خُلِّفوا في غزوة تبوك. =

⦗ص: 273⦘

= وأما معبد فقد وثقه العجلي، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ ابن حجر:"مقبول".

ووثقه الإمام أحمد على العموم بقوله: "آل كعب بن مالك كلهم ثقات، كل من روي عنه الحديث"، قال الحافظ ابن رجب:"يعني كل من روي عنه الحديث من أولاد كعب بن مالك وذريته فهو ثقة"، وقد أخرج له الشيخان، وهو من التابعين، ولم يتكلَّم فيه أحدٌ بتجريح أو نحوه، فهو صدوق، حسن الحديث إن شاء الله تعالى.

قال الحاكم -فيما نقله الذهبي عنه في ترجمة فليح بن سليمان- وهو ممن أخرج له الشيخان، وضعفه جماعة-:"اتفاق الشيخين عليه يقوي أمره"، وقال عنه ابن حجر في التقريب:"صدوق، كثير الخطأ"، وقال عن معبد هذا:"مقبول"، وهو غالبًا يقول ذلك فيمن لم يوثقه إلا ابن حبان ونحوه من المتساهلين، وقال عن أخيه محمد بن كعب:"ثقة" كما في التقريب (6258) وهو ممن لم يذكره أحدٌ بالتوثيق ولا حتى ابن حبان!

ومعبد هذا وثقه العجلي، وابن حبان كما سبق، وقد قال الحافظ ابن حجر في ترجمة البراء بن ناجية في "التهذيب":"قد عرفه العجلي، وابن حبان فيكفيه"، ثم قال عن البراء هذا في التقريب:"ثقة"، وقال عن: عاصم بن عاصم الثقفي: "صدوق" وهو ممن وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات فقط.

انظر: الثقات للعجلي (2/ 286)، الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم، (8/ 279)، الثقات لابن حبان (5/ 432)، الأنساب للسمعاني (7/ 114)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 876)، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/ 390) و (8/ 263) و (10/ 302) التقريب (650) و (5443) و (6781).

(10)

ابن مالك السَّلَمي الأنصاري.

(11)

هو: إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي، وليس صُدَي بن عجلان كما يتبادر إلى =

⦗ص: 274⦘

= الذهن، وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 260) من طريق محمد بن إسحاق وقال فيه:"عن أبي أمامة بن سهل"، ثم عقَّب عبد الله بن أحمد قائلًا:"هذا أبو أمامة الحارثي وليس هو أبو أمامة الباهلي". وكذا صرَّح بنسبه: "الحارثي" ابن ماجه في سننه -كتاب الأحكام -باب من حلف على يمين فاجرة (2/ 779 ح 2324)، والدارمي في سننه -كتاب البيوع- باب فيمن اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه (2/ 345 ح 2604).

وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث: "من اقتطع مال امرئ

" في ترجمة أبي أمامة بن سهل الأنصاري في الإصابة (7/ 19) ثم قال: "أخرجه مسلم والبغوي من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن معبد عن أخيه فقال: عن أبي أمامة بن ثعلبة، وهو المحفوظ".

وأخرج الطبراني الحديث من طرق في مسند إياس بن ثعلبة أيضًا. المعجم الكبير (1/ 273 - 275)، وكذا ذكر المزي الحديث في مسند أبي أمامة إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي.

انظر: تحفة الأشراف للمزي (2/ 7)، وشرح مسلم للنووي (2/ 160).

(12)

الأراك: شجر السِّواك، يُستاك بفروعه، وتُتَّخذ المساويك من فروعه وعروقه، وأجوده عند الناس العروق. انظر: لسان العرب لابن منظور (1/ 122).

(13)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (1/ 122 ح 218) من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة، وعلي بن حجر كلهم عن =

⦗ص: 275⦘

= إسماعيل بن جعفر به. وأخرجه أيضًا في الموضع السابق (ح 219) من طريق الوليد بن كثير عن محمد بن كعب عن عبد الله بن كعب به.

وأخرجه مالك في الموطأ -كتاب الأقضية- باب ما جاء في الحنث على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (2/ 727 ح 11) من طريق العلاء بن عبد الرحمن به.

فائدة الاستخراج:

لفظ مسلم: "وإن قضيبًا من أراك" وخرَّجه النووي على أن قضيبًا منصوب على أنه خبر كان المحذوفة، أو أنه مفعول لفعل محذوف تقديره: وإن اقتطع قضيبًا، ولفظ المصنِّف يويد الوجه الأول، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 271

158 -

حدثنا يزيد بن سِنَان البصري، حدثنا مُعاذ بن هشام

(1)

،

⦗ص: 276⦘

حدثنا أبي، عَن قتادة

(2)

، عن أبي المَلِيح

(3)

، أن عبيد الله بن زياد

(4)

عَادَ مَعْقِل بن يَسَار في مرضهِ، فقال له مَعْقِل: إنِّي مُحدِّثك بحديثٍ

(5)

لوْلا أني في الموت لم أُحَدِّثك بهِ، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن أميرٍ يلي أَمر المسلمين ثُم لا يجهد لهم وَيَنصَحُ إلا لم يَدْخُلْ معَهم الجنَّةَ

(6)

"

(7)

.

⦗ص: 277⦘

في هَذا الحديث دَليلٌ على أن العاصي يسْتوجِبُ بِعِصيانه النارَ، إلا أَن يلقى اللهَ وهو تائبٌ؛ فإن لم يَفعل فهوَ في مشيئةِ الله إن شاء غَفر له، وَإن شاء عَذَّبه

(8)

.

(1)

ابن أبي عبد الله -واسمه سَنْبَر- الدَّسْتَوَائي البصري، توفي سنة (200 هـ).

رماه الحميدي بالقدر، وتردد قول ابن معين فيه، ورواية الدوري عنه:"صدوق، ليس بحجة" وتكلَّم فيه غيره، كالإمام أحمد، وأبي داود وغيرهما، وهو كلام يسير لا يوجب ردَّ حديثه، لذا قال ابن عدي:"أرجو أنه صدوق"، ووثقه ابن قانع، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره الذهبي في كتابه "الرواة الثقات المتكلَّم فيهم بما لا يوجب ردَّهم"، وقال عنه مرة:"صدوق"

وقال الحافظ: "صدوق، ربما وهم"، وقال في هدي الساري: "من أصحاب الحديث الحذَّاق وثقه ابن معين، واعتمده ابن المديني

وتكلَّم فيه الحميدي من أجل القدر، لم يكثر له البخاري واحتج به الباقون".

انظر: تاريخ الدوري عن ابن معين (2/ 572)، تاريخ ابن محرز عن ابن معين (1/ 118) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 250)، سؤالات الآجري لأبي داود (ص: 263 رقم 360)، الثقات لابن حبان (9/ 176)، الكامل لابن عدي (6/ 2427)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 139)، الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردَّهم (ص: 164 رقم 73)، الميزان (4/ 133)، المغني في الضعفاء =

⦗ص: 276⦘

= (2/ 665) ثلاثتها للذهبي، تهذيب التهذيب (10/ 179) والتقريب (6742) وهدي الساري (ص: 466) لابن حجر.

(2)

ابن دعامة السدوسي، موصوف بالتدليس من المرتبة الثالثة، انظر: ح (17)، لم أجد تصريحه بالسماع، ولكن للحديث طرقٌ عند الشيخين سيأتي تخريجها.

(3)

أبو المَلِيح بن أسامة الهذلي، ثقة، مختلفٌ في اسمه، قيل اسمه: عامر، وقيل: زيد، وقيل غير ذلك. التقريب (8390).

(4)

ابن أبيه، كان أميرًا على العراق من قِبَل معاوية، ولي البصرة سنة (55 هـ)، ولم يكن مرضي السيرة، سيرته سيئة مشهورة في كتب التاريخ، وهو الذى قاتل الحسين رضي الله عنه حتى قُتِل، وبعث برأسه إلى يزيد بن معاوية، قال الذهبي:"كان جميل الصورة، قبيح السريرة"، وقال:"الشيعي لا يطيب عيشه حتى يلعن هذا ودونه، ونحن نبغضهم في الله، ونبرأ منهم ولا نلعنهم، وأمرهم إلى الله".

انظر: السير للذهبي (3/ 545 - 549).

(5)

في (ك): "حديثًا".

(6)

قال الحافظ في قوله "لم يدخل معهم": "وهو يؤيد أن المراد أنه لا يدخل الجنَّة في وقت دون وقت". الفتح (13/ 137)، ولعله يعني أنه لا يدخل الجنة مع أوائل الداخلين.

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار (1/ 126 =

⦗ص: 277⦘

= ح 229) من طريق أبي غسان المسمعي ومحمد بن المثنى وإسحاق بن إبراهيم كلهم عن معاذ بن هشام به.

وأخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأحكام- باب من استُرعي رعية فلم ينصح (الفتح 3/ 136 - 137 ح 7150، 7151)، ومسلم أيضًا في الموضع السابق (ح 227، 228) كلاهما من طرق عن الحسن البصري عن معقل بن يسار به.

وأخرجه مسلم أيضًا في كتاب الإمارة -باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر (3/ 1461 ح 22)، وأحمد في المسند (5/ 25) كلاهما من طريق سوادة بن أبي الأسود عن معقل بن يسار به.

فائدة الاستخراج:

تعليق المصنِّف عقب الحديث على ما يستفاد من الحديث من فوائد الاستخراج.

(8)

هذا التعليق من المصنِّف -رحمه الله تعالى يبيِّن- فيه عقيدة السَّلف وطريقتهم في فهم هذه الأحاديث ونظائرها مما ورد فيها تحريم الجنة أو وجوب النار لمن وقع في بعض المعاصي أو الكبائر -ما لم يكن مستحلًا لها- دون الشرك والكفر الصريح بأنه إذا لم يتب فهو في مشيئة الله إن شاء عذَّبه وإن شاء عفا عنه. مع كون وجوب النار له لا على التأييد.

وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (16/ 19).

ص: 275

‌بَيَانُ نَفي الإيمانِ عنِ الذي يُحرَمُ هذه الأخلاق المُبَيَّنة

(1)

في هذا البابِ، وَإيجاب النَّهي عن المنكرِ، وَنَفي الإيمان عن مَن لا يُنْكِرُهُ بقلبِهِ

(2)

(1)

في (ك): "المثبتة" بدل "المبيَّنة".

(2)

انظر التعليق السابق على تبويب الحديث (104).

ص: 278

159 -

حدثنا يوسف بن سعيد بن مُسَلَّم، حدثنا الحجاجُ

(1)

، ح

وحدثَنا الصغانيُّ، أخبرنا أبو النَّضر

(2)

، قالا: حدثنا شُعْبَةُ، قال: سمعتُ قتادَة

(3)

، يُحَدِّث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤمِنُ عبد حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من ولدِهِ وَوَالده وَالنَّاس أجمعين"

(4)

.

(1)

ابن محمد المصِّيصي الأعور.

(2)

هاشم بن القاسم الليثي البغدادي.

(3)

ابن دعامة السدوسي.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان (الفتح 1/ 75 ح 15) عن شيخه آدم عن شعبة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين

(1/ 67 ح 70) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به، ولفظه:"لا يؤمن أحدكم".

ص: 278

160 -

حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حجاج، حدثَني شعْبَةُ، ح

⦗ص: 279⦘

وَحَدثنا الصَّغاني، حدثنا أبو النَّضر، ح

وحَدثنا أبو أُميَّة، حدثنا روح

(1)

، قالوا

(2)

: حدثنا شعبَةُ، عن قتادةَ، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمِنُ أَحَدكُمُ حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفسِهِ"

(3)

.

(1)

ابن عُبادة بن العلاء القيسي.

(2)

في (ك): "قالا"، وإسناد الفعل إلى واو الجماعة باعتبار إضافة حجاج إلى أبي النضر، وروح، وهو الأولى، والتثنية باعتبار أن حجاجًا ذكر صيغة تحديثه عن شعبة في السياق الأول فأغنى عن إعادته.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه (الفتح 1/ 73 ح 13) من طريق يحيى القطان عن شعبة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير (1/ 67 ح 71) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به.

فائدة الاستخراج:

لفظ مسلم جاء على الشك: "حتى يحب لأخيه -أو قال لجاره- ما يحب لنفسه"، ورواية المصنِّف بدون شك مما يقوي أحد الوجهين.

ص: 278

161 -

حدثنا العباس بن محمد، والصغاني، وأبو أُميَّة قالوا: حدثنا رَوْحُ بن عُبادة، حدثنا حُسَين المُعَلِّم، عن قتادة، عن أنس بن مالك أَنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال:"وَالذي نفسِي بيدهِ لا يؤمن عبد حَتى يُحِبَّ لأخيهِ ما يُحِبُّ لنفسهِ من الخير"

(1)

.

(1)

أخرجه البخاري في الموضع السابق، ومسلم أيضًا (ح 72) كلاهما من طريق يحيى القطان عن حسين المعلم به، ولفظ مسلم فيه زيادة "أو قال لجاره" كالسابق، وذكر =

⦗ص: 280⦘

= الحافظ ابن حجر أن هذه الزيادة هي في حديث حسين المعلم دون شعبة، وقد سبق في التخريج السابق أنها جاءت عند مسلم من طريق شعبة على الشك أيضًا.

وقد أخرجه ابن منده في الإيمان (1/ 441) من طريق القطان عن حسين بهذه الزيادة، والله أعلم. الفتح (1/ 73). ويلاحظ أن عند المصنِّف زيادة:"من الخير" في آخر الحديث ليست عند الشيخين، وأخرجها بهذه الزيادة: النسائي في السنن -كتاب الإيمان وشرائعه- باب علامة الإيمان (8/ 115) من طريق أبي أسامة القرشي عن حسين المعلم به.

فائدة الاستخراج:

1 -

جاءت رواية مسلم على الشك في أحد الألفاظ، ورواية المصنِّف بدون شك.

2 -

زاد المصنّف في لفظ الحديث: "من الخير" وهي تقيد عموم الحديث.

ص: 279

162 -

حَدثنا إبراهيم بن مرْزوق

(1)

، حدثنا حَبَّان

(2)

، حدثنا همام

(3)

، حدثنا قتادة، حدثنا أنسٌ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قَال:"لا يؤمن عبد حَتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِهِ"

(4)

.

(1)

ابن دينار البصري الأموي.

(2)

بفتح أوله: ابن هلال الباهلي، أبو حبيب البصري.

(3)

ابن يحيى بن دينار العَوْذي.

(4)

أخرجه ابن منده في الإيمان (1/ 442) من طريق هدبة بن خالدٍ عن همامٍ به.

ص: 280

163 -

حَدثنا السُّلَميُّ، حدثنا عبد الرزاق

(1)

، أخبرنا معمر، ح

وحَدثنا يونس [بن عبد الأعلى]

(2)

، أخبرنا ابن وَهبٍ، أخبرني

⦗ص: 281⦘

يونس

(3)

، ح

وحَدثنا أبو داود الحراني، حدثنا يعقوبٌ بن إبراهيم بن سعد

(4)

، حدثنا أبي، كلّهم عن ابن شهابٍ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عَن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الاخِر فليَقُل خيرًا أو ليصمُت، ومن كان يؤمن بالله وَاليوم الآخر فليُكرم جارَهُ، وَمن كان يؤمن باللهِ وَاليوم الآخِر فليُكرم ضَيفَه"

(5)

.

(1)

ابن همام الصنعاني، والحديث في المصنَّف له (11/ 7) غير أنه قال:"فلا يؤذينَّ جاره".

(2)

ما بين المعقوفتين من (ك)، وهو: الصدفي المصري.

(3)

ابن يزيد الأيلي.

(4)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه

(الفتح 10/ 548 ح 6138) من طريق هشام عن معمر عن ابن شهابٍ، به.

وأخرجه في كتاب الرقاق من صحيحه -باب حفظ اللسان (الفتح 11/ 314 ح 6475) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن شهابٍ به، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الحث على إكرام الجار والضيف. (1/ 68 ح 74) من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهابٍ به.

ص: 280

164 -

حدثنا شُعَيبُ بن عَمرو الدمشقيُّ

(1)

، وزكريا بن يحيى بن أسد البغداديُّ

(2)

، قالا: حدثنا سفيان بن عُيينة، عن عَمرو بن

⦗ص: 282⦘

دينار

(3)

، سمع نافعَ بن جُبير

(4)

، يخبر عن أبي شُرَيحٍ الخزاعي

(5)

أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فليُحْسِن إلى جارِهِ، و

(6)

مَن كان يؤمن باللهِ واليوم الآخر فليُكْرِم ضَيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فليقل خيرًا أو ليسْكُت"

(7)

.

(1)

أبو محمد الضُّبَعي، ترجم له ابن عساكر في التاريخ، والذهبي في السير، وذكرا أنه روى عن ابن عيينة، وأن أبا عوانة روى عنه، ولم يذكرا فيه أي جرحٍ أو تعديل، ولم أجد له ترجمة في موضعٍ آخر، وقد توبع هنا.

انظر: السير للذهبي (12/ 304)، تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (6/ 325).

(2)

أبو يحيى المروزي، نزيل بغداد، لقبه:"زكرويه"، توفي سنة (270 هـ). =

⦗ص: 282⦘

= قال الدارقطني: "لا بأس به"، وقال الذهبي:"صدوق".

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (8/ 460)، ميزان الاعتدال (2/ 80)، والسير للذهبي (12/ 347).

(3)

المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم.

(4)

ابن مُطعم بن عدي النوفلي القرشي، أبو محمد.

(5)

في (م): "ابن شريح" وهو خطأ، وقد اختلفوا في اسمه فقيل: عبد الرحمن بن عمرو، وقيل خويلد بن عمرو، وقيل: هانئ، وقيل كعب. التقريب (8158).

(6)

سقطت الواو من (م).

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (الفتح 10/ 460 ح 6019) من طريق سعيد المقبري عن أبي شريحٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الحث على إكرام الجار والضيف

(1/ 69 ح 77) عن زهير بن حرب وابن نمير كلاهما عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار به.

فائدة الاستخراج:

بيَّنت رواية المصنِّف عمروًا بأنه ابن دينار، وجاء عند مسلم مهملًا.

ص: 281

165 -

حدثنا الصَّغاني، ومحمد بن الخليل [المُخَرِّمي]

(1)

، وَهاني بن

⦗ص: 283⦘

أحمد الرَّقِّي

(2)

، قالوا: حدثنا أبو الجَوَّاب

(3)

، حدثنا عمار بن رُزَيق

(4)

، ح

وحَدَّثنا فضلك الرازي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيبة

(5)

، وهنادُ بن السَّري

(6)

قالا: حدثنا أبو الأحوص

(7)

كلاهما، عَن أبي حَصِينٍ

(8)

، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُرَيرَةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن كان يؤمن بالله وَاليوم الآخِر فليَقُل خيرًا أو ليسْكت، وَمن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر

(9)

فلا يُؤذي

(10)

جَارَه"

(11)

.

⦗ص: 284⦘

وَهَذا

(12)

لفظُ الصَّغاني، وهاني، عن أبي الجوَّابِ، وَكذلك حَديْثُ أبي الأحوص مثْلَهُ.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ك)، ومحمد بن الخليل هو: ابن عيسى البغدادي الفلاس، أبو جعفر.

(2)

بفتح الراء، وفي آخرها القاف المشددة، نسبة إلى الرَّقَّة، بلدة على طرف الفرات.

وهاني بن أحمد الرَّقي ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد له ترجمة في موضع آخر.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 248)، الأنساب للسمعاني (6/ 151).

(3)

هو: أحوص بن جوَّاب الضَّبِّيُّ، أبو الجوَّاب الكوفي. تهذيب الكمال (2/ 288).

(4)

الضَّبِّي التميمي، أبو الأحوص الكوفي.

(5)

عبد الله بن محمد بن إبراهيم العبسي مولاهم الكوفي، والحديث لم أجده في مصنَّفه.

(6)

ابن مصعب التميمي، أبو السَّري الكوفي.

(7)

هو: سلَّام بن سُليم الحنفي مولاهم الكوفي.

(8)

بفتح أوله، عثمان بن عاصم بن حُصَين -مصغَّرًا- الأسدي الكوفي.

(9)

في الأصل هنا زيادة عبارة: "فليُكرم ضيفَه، ومن كان يؤمن باللهِ وَاليوم الآخر" ومضروب عليها بعلامة الحذف (لا- إلى).

(10)

كذا في الأصل و (م) وصحيح مسلم: بإثبات الياء، وفي (ك) بحذفها، قال النووي:"كذا وقع في الأصول "يؤذي" بالياء في آخره، وروِّينا في غير مسلم "فلا يؤذ" بحذفها، وهما صحيحان فحذفها للنهى، وإثباتها على أنه خبرٌ يراد به النهي فيكون أبلغ، ومنه قوله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] على قراءة من رفع ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبيع أحدكم على بيع أخيه" ونظائره كثيرة" شرح صحيح مسلم (2/ 20).

(11)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب-باب من كان يؤمن بالله واليوم =

⦗ص: 284⦘

= الآخر فلا يؤذ جاره (الفتح 10/ 460 ح 6018) عن قتيبة عن أبي الأحوص عن أبي حصين به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الحث على إكرام الجار والضيف

(1/ 68 ح 75) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي الأحوص به.

(12)

في (ك): "هذا" بدون الواو.

ص: 282

166 -

حَدثنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن عَمرو الأزديُّ، حدثنا الفريابي

(1)

، حدثنا سفيان

(2)

، ح

وحَدثنا أبو أُميةَ، حدثنا عبيد الله بن موسى

(3)

، أخبرنا شُعْبَةُ كلاهما، عن قيس بن مُسْلمٍ

(4)

، عن طارق بن شهابٍ

(5)

قال: أوَّل مَن قدَّم الخُطبَةَ قبل الصلاةِ -يعني في يوم عيدٍ- مروانُ بن الحكم

(6)

، فقام رجلٌ فقال: خالفْتَ السُّنَّة يا مرْوانُ. فقال: قد تُرِكَ ما هُنَاكَ. فقال

⦗ص: 285⦘

أبو سَعيد: أَما هذا فَقَد قَضَى ما عليه، سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأى أحدٌ منكرًا فليُغَيِّرهُ بيدِهِ، فِإن لم يسْتطع

(7)

فبلسانِه، فإن لم يستطِعْ فبقلبِهِ، وذاك أضعَفُ الإيمان"

(8)

.

هَذا

(9)

لَفظُ الفريابي، وَحَديثُ شعبَةَ ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثلِهِ.

(1)

محمد بن يوسف.

(2)

هو: الثوري.

(3)

ابن باذام العبسي.

(4)

الجَدَلي العَدْوَاني، أبو عمرو الكوفي.

(5)

ابن عبد شمس البجلي الأحمسي، مختلفٌ في صحبته، وقال أبو داود:"رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئًا". تهذيب الكمال (13/ 341).

(6)

ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي المدني.

(7)

في (م): "تستطع" وهو خطأ.

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص

(1/ 69 ح 78) من طريق سفيان، وشعبة كلاهما عن قيس بن مسلم به.

فائدة الاستخراج:

رواية المصنِّف بيَّنت مروان بأنه: ابن الحكم، وهو عند مسلم مهمل.

(9)

سقطت من (ك) كلمة "هذا".

ص: 284

167 -

حدثنا الصاغاني، حدثنا سعيد بن أبي مريم

(1)

، حدثنا عبد العزيز بن محمد

(2)

، حدثنا الحارث بن فضَيل الخَطْمِي

(3)

، عن جَعفر بن

⦗ص: 286⦘

عبد الله بن الحكم

(4)

، عن عبد الرحمن بن مِسْوَر

(5)

بن مَخرمة

(6)

، عن أبي رافعٍ

(7)

مَولى النبي صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن مسْعُودٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما كان مِن نبي إلا ولَهُ حَوَارِيُّونَ يَهْدُون بهَدْيِهِ، ويَسْتَنُّونَ بسنَّتِهِ، ثم يكون مِنْ بعْدهم خُلوفٌ

(8)

يقولون ما لا يفعَلُون، وَيَعملونَ مَا يُنْكِرُونَ، مَنْ

(9)

⦗ص: 287⦘

جَاهدَهم بيدِهِ فهوَ مؤمنٌ، وَمَنْ جَاهدهم بلسانهِ فَهوَ مؤمنٌ، وَمن جاهدهم بقلبهِ فَهوَ مؤمنٌ، ليسَ وراء ذلك من الإيمان مثقالُ حبةٍ من خرْدلٍ"

(10)

.

(1)

في (ك): "ابن أبي مريم"، وهو: سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

سقطت من (م) كلمة "ابن" سهوًا، وهو: الدَّرَاوَرْدِي.

(3)

بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة وفي آخرها الميم، نسبة إلى بطن من الأنصار يقال له: خَطْمة بن جشم.

والحارث هذا وثقه: ابن معين، والنسائي وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الذهبي، وابن حجر. وقال عنه الإمام أحمد:"ليس بمحمود الحديث"، ولعله صدوقٌ إن شاء الله تعالى، وسيأتي الكلام على قول الإمام أحمد فيه في تخريج ح (169).

انظر: تاريخ الدارمي (ص: 165)، مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (ص: 307)، =

⦗ص: 286⦘

= الجرح والتعديل (3/ 86) الثقات لابن حبان (6/ 175)، الأنساب للسمعاني (5/ 149)، تهذيب الكمال (5/ 272)، الكاشف للذهبي (1/ 304)، التقريب (1042).

(4)

الأنصاري الأوسي المدني.

(5)

في (م): "ميسور" وهو خطأ.

(6)

ابن نوفل القرشي الزهري، توفي سنة (90 هـ).

قال ابن سعد: "كان قليل الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر:"مقبول"، وقال السخاوي:"ثقة".

فهو ثقة أو صدوق إن شاء الله تعالى.

انظر: طبقات ابن سعد (الجزء المتمم لتابعي أهل المدينة، ص: 114)، الثقات لابن حبان، (5/ 101)، الكاشف للذهبي (1/ 644)، التقريب (4005)، التحفة اللطيفة للسخاوي (2/ 154).

(7)

القِبْطيُّ، مختلفٌ في اسمه فقيل: إبراهيم، وقيل: أسلم، وقيل غير ذلك.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (33/ 301).

(8)

قال النووي: "بضم الخاء، وهو جمع خلْفٍ بإسكان اللام، وهو الخالف بِشَرٍّ، وأما بفتح اللام فهو الخالف بخير، هذا هو الأشهر". شرح صحيح مسلم (2/ 28).

(9)

في (ك): "فمن".

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص (1/ 69 - 70/ 80) من طريق أبي بكر بن إسحاق عن ابن أبي مريم به.

وأخرجه المزِّيُّ في تهذيب الكمال (17/ 403) من طريق المصنِّف به.

وعلَّقه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 347 - 348) عن ابن أبي مريم عن عبد العزيز بن محمد به، غير أنه لم يذكر ابن مسعود، وإنما جعله من حديث أبي رافعٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلَّقه عن عبد الله بن جعفر المخرمي عن الحارث بن فضيل عن عبد الرحمن بن المسور عن أبي رافعٍ عن ابن مسعودٍ به، وسيأتي بقية الكلام عليه إن شاء الله تعالى في تخريج: ح (169).

فائدة الاستخراج:

ذكر مسلم طرف الحديث وأحال بباقيه على ما قبله، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال عليه، وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 285

168 -

حدثنا أبو أُميَّة، أخبرنا يعقوبُ بن محمد

(1)

، حدثنا

⦗ص: 288⦘

إسحاق بن جَعفر بن محمد

(2)

،

⦗ص: 289⦘

ثنا عبد الله بن جَعفر

(3)

، عن الحارث بن فُضَيل بمثلهِ

(4)

.

(1)

ابن عيسى الزهري القرشي، أبو يوسف المدني، توفي سنة (213 هـ).

متكلَّمٌ فيه قال ابن سعد: "كان كثير العلم والسماع للحديث، وكان حافظًا للحديث".

وقال ابن معين: "ما حدَّثكم عن شيوخه الثقات فاكتبوه، وما لم يعرف من شيوخه فدعوه"، وقال أيضًا:"أحاديثه تشبه أحاديث الواقدي -يعني تركوا حديثه"، وقال: =

⦗ص: 288⦘

= "صدوقٌ، ولكن لا يبالي عمن حدَّث".

وكان ابن المديني يتكلَّم فيه، وقال الإمام أحمد:"ليس بشيء"، وضعفه أبو زرعة الرازي، وقال أبو حاتم:"هو على يَدَيْ عَدلٍ" -وهي كناية عن الجرح الشديد، وتقال للهالك كما حققه الحافظ ابن حجر ونقله السخاوي في فتح المغيث (2/ 129) -.

وقال الساجي: "منكر الحديث"، وقال العقيلي:"في حديثه وهمٌ كثير"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"مدني ليس بالمعروف، وأحاديثه لا يتابع عليها" -وتعقَّبه الذهبي بقوله: "سبب عدم معرفة ابن عدي له أنه ما لحق أصحابه، ولا نشط لكتابة حديثه عن أصحاب أصحابه، وإلا فالرجل مشهورٌ مكثرٌ"-. وقال البغوي: "في حديثه لين".

وقال الذهبي: "ما هو بحجة"، وقال ابن حجر:"صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء" وقال في الهدي: "ضعيف". وقال ابن العماد: "ضعيفٌ، يكتب حديثه".

فخلاصة الأمر، أن حديثه في درجة الضعيف المعتبر.

انظر: الطبقات لابن سعد (5/ 441)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (3/ 397)، سؤالات البرذعي لأبي زرعة (ص: 449)، الجرح والتعديل (9/ 215)، الضعفاء للعقيلي (4/ 445)، الثقات لابن حبان (9/ 284)، الكامل لابن عدي (7/ 2606)، سؤالات السجزي للحكم (ص: 120)، تاريخ بغداد للخطيب (14/ 27)، هدي الساري (ص: 477)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (11/ 346)، التقريب (7834)، شذرات الذهب لابن العماد (2/ 29).

(2)

قوله: "ابن محمد" سقط من (ك)، وهو: ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي العلوي الهاشمي المدني. =

⦗ص: 289⦘

= قال ابن معين: "ما أراه إلَّا كان صدوقًا"، وقال البخاري:"وكان أوثق من أخيه محمد، وأقدم سنًّا"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"كان يخطئ"، وقال الذهبي:"مقبول" وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق".

انظر: تاريخ الدارمي عن ابن معين (ص: 73)، التاريخ الأوسط للبخاري (2/ 267)، الثقات لابن حبان (8/ 111)، الكاشف للذهبي (1/ 235)، التقريب (347).

(3)

ابن عبد الرحمن بن المِسْوَر بن مخرمة المَخْرَمي -بفتح الميم، وسكون الخاء المنقوطة، وفتح الراء المهملة المخففة- نسبة إلى المسور بن مخرمة النوفلي القرشي، توفي سنة (170 هـ).

وثقه الجماعة مثل: أحمد بن حنبل، وابن معين، والبخاري، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم.

وقال ابن حبان: "كان كثير الوهم في الأخبار حتى يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات فإذا سمعها مَن الحديث صناعته شهد أنها مقلوبة فاستحقَّ الترك"، وتعقَّبه الذهبي بقوله:"كيف يترك وقد احتجَّ مثل الجماعة به، سوى البخاري، ووثقه مثل أحمد".

وقال في المغني: "ثقة، وهَّاه ابن حبان فقط"، ورمز له في الميزان "صح"، وقال الحافظ:"ليس به بأس".

انظر: المجروحين لابن حبان (2/ 27)، الأنساب للسمعاني (11/ 178)، ترتيب علل الترمذي الكبير لأبي طالب القاضي (1/ 437) -ووقع فيه:"المخزومي" بدل "المخرمي" وهو خطأ- تهذيب الكمال للمزي (14/ 372)، سير أعلام النبلاء للذهبي (7/ 329)، المغني في الضعفاء للذهبي (2/ 334)، الميزان (2/ 403)، التقريب (3252).

(4)

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير من هذا الطريق معلَّقًا كما سبق في تخريج الذي قبله.

ص: 287

169 -

حَدثَنا أبو داود الحرانيُّ، حدثنا يَعقوبُ بن إبْراهيم بن سَعد

(1)

، حدثنا أبي، عن صالح بن كيْسان، عن الحارث -يَعني: ابن فُضَيل-، عَن جَعفر بن عبد الله بن الحكم

(2)

، عن عبد الرحمن بن المسْور [يعني: ابن مخرمة]

(3)

، عَن أبي رافع، عن عبد الله بن مسْعُودٍ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَا من نبي بعَثَهُ الله في أمتهِ قبلي إلَّا كان له من أمتهِ حَواريُّون وأصحاب، يأخُذُونَ بِسُنَّته، ويهتدون بأمْرِهِ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوفٌ؛ يقولون ما لا يفعَلُون، ويفعَلُونَ ما لا يؤمرُون، فَمَنْ جاهدَهم بيَدِهِ فهوَ مؤمنٌ، وَمن جاهدَهم بلسانه فهوَ مؤمنٌ، وَمن جاهدهم بقلبهِ فهوَ مؤمنٌ، ليْس من

(4)

وراء ذلك من الإيمان حبةُ خرْدلٍ".

قال أبو رَافع: فحدَّثته عبد الله بن عمر فأنكره عَليَّ، فقدم ابن مسْعود فنزل بفنائهِ

(5)

، فاسْتَتْبَعَني إليهِ عبد الله بن عُمر يَعوده، فأنطلق

[*]

مَعَهُ، فلما

⦗ص: 291⦘

جلَسْنَا سألتُ ابنَ مَسْعودٍ عن هذا الحديثِ فحدَّثنيه كما حَدَّثتُه ابنَ عُمَر

(6)

.

(1)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(2)

ابن رافع بن سنان الأنصاري الأوسي المدني.

(3)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(4)

سقط من (م) حرف: "من" ويبدو أنها ألحقت بالهامش، فهناك تخريج في هذا الموضع إلى الهامش، ولكنه غير واضح بسبب التصوير.

(5)

كذا في نسخ أبي عوانة الثلاثة، وفي صحيح مسلم:"فنزل بقناة".

لكن قال ابن الصلاح: "في كتاب أبي عوانة الإسفراييني المخرَّج عليه -وهي رواية أكثر رواة الكتاب-يعني: صحيح مسلم-، وفي رواية أبي الفتح السمرقندي الشاشي -أي: لصحيح مسلم-: "بقناة" بالقاف، وكذا رواه الحُميدي في "الجمع =

⦗ص: 291⦘

= بين الصحيحين"، وكذا في أصل الحافظ أبي عامر العبدري بخطِّه -وهو برواية السمرقندي-، وفي أصل الحافظ أبي القاسم العسكري -أي: من صحيح مسلم-، وكان هذا منه أولًا على رواية السمرقندي، ثم غيَّر ذلك فيهما وجعل "بفنائه". و "قناة" بالقاف؛ وهو الأشبه، وقد ذهب القاضي أبو الفضل اليحصبي إلى أن الأول وإن كان رواية الجمهور فهو خطأ وتصحيف، وإنما هو: "قناة" وهو اسم وادٍ من أودية المدينة عليه حرث ومالٌ من أموالها، والله أعلم".

وقال النووي: "هكذا هو في بعض الأصول المحققة "بقناة" بالقاف المفتوحة وآخره تاء التأنيث وهو غير مصروف للعلمية والتأنيث، وهكذا ذكره أبو عبد الله الحميدي في "الجمع بين الصحيحين"، ووقع في أكثر الأصول ولمعظم رواة كتاب مسلم "بفنائه" بالفاء المكسورة وبالمد وآخره هاء الضمير قبلها همزة والفناء ما بين أيدي المنازل والدور". أقول: ما نسبه ابن الصلاح إلى كتاب أبي عوانة تخالفها نسخ أبي عوانة التي بين أيدينا، فلعل ابن الصلاح وقف على نسخة أخرى غير التي بأيدينا، والتي فيها:"بفنائه" كما سبق، وكلا الوجهين محتملٌ، ولم أقف على شيءٍ يؤيد قول القاضي عياض من أنَّ "بفنائه" تصحيفٌ.

وأما قناة: فاسم وادٍ في المدينة، يمرُّ بين المدينة وأُحُد، فإذا التقى مع بطحان وعقيق المدينة تكوَّن وادي إضم، وهذه الأودية الثلاثة تكتنف المدينة من جميع نواحيها، ويذهب إضم إلى البحر الأحمر جنوب مدينة الوجه.

انظر: معجم البلدان لياقوت (4/ 455)، صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 207) شرح صحيح مسلم للنووي (2/ 29)، المعالم الأثيرة لمحمد شُرَّاب (ص: 338).

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص (1/ 69 - 70 ح 80) من طرقٍ عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد به.

وزاد مسلمٌ في آخره: "قال صالح: وقد تُحُدِّث بنحو ذلك عن أبي رافع"، كأنه يشير =

⦗ص: 292⦘

= إلى رواية أبي رافعٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بهذا الحديث والتي لم يذكر فيه ابن مسعود، أخرجها البخاري في التاريخ الكبير معلقةً -كما سبق-.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 458) عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه به، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 90) من طريق يحيى بن عبد الحميد عن إبراهيم بن سعد به.

وقد سئل الإمام أحمد عن حديث ابن مسعود هذا فقال: "الحارث بن فُضيل ليس بمحمود الحديث، وهذا الكلام لا يشبه كلام ابن مسعود

"، وقد أخرجه في مسنده كما سبق تخريجه منه. ونقل النووي عن أبي علي الجياني عن الإمام أحمد أنه قال: "هذا الحديث غير محفوظ".

لكن قال ابن الصلاح رحمه الله: "قد روى عن الحارث هذا جماعة من الثقات، ولم نجد له ذكرًا في كتب الضعفاء، وفي كتاب ابن أبي حاتم عن يحيى بن معين أنه "ثقة"، ثم إن الحارث لم ينفرد به، بل تُوبع عليه على ما أشعر به كلام صالح بن كيسان المذكور، وذكر الإمام الدارقطني في كتاب "العلل" أن هذا الحديث قد روي من وجوهٍ أُخر منها: عن أبي واقد الليثي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم".

أقول: كلام ابن الصلاح رحمه الله بأن الحارث قد توبع على روايته عن ابن مسعود -كما هو ظاهر كلامه الذي اعتمد فيه كلام صالح بن كيسان- فيه نظرٌ، لأن الحديث المروي عن أبي رافعٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم هو من طريق الحارث بن فضيلٍ أيضًا -كما سبق تخريجه من التاريخ الكبير-، ولم أقف للحارث على متابع. وأما قوله بأن الدارقطني قال: إن الحديث روي من وجوهٍ أُخر منها: عن أبي واقد الليثي عن ابن مسعود، فليس كذلك لأن الدارقطني رحمه الله تعالى ذكر وجهًا واحدًا فيه اختلاف من حيث إسقاط أبي واقدٍ -راويه عن ابن مسعود- من الإسناد وذكره، وأن إثباته أصح من إسقاطه. وذكر أيضًا طريق أبي رافع عن ابن مسعود الذي جاء هنا، =

⦗ص: 293⦘

= ولم أجده من طريق أبي واقدٍ عن ابن مسعود.

فائدة الاستخراج:

رواية المصنِّف فيها بيان: الحارث بن فضيل؛ الذي جاء عند مسلم مهملًا.

انظر: مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (ص: 307)، العلل للدارقطني (5/ 341 - 342)، صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 209)، شرح مسلم للنووى (2/ 28).

_________

[*] قال أحمد بسيوني: كذا في المطبوعة ونسخة فيض الله (1/ ق 28/ ب) ونسخة دار الكتب المصري (1/ ق 23/ أ): فأنطلق، وفي صحيح مسلم (50): فانطلقت.

ص: 290

170 -

حدثنا أبو جَعفر الدارمي

(1)

، حدثنا أبو نعيم [وقبيصة]

(2)

، ح

وحدثنا الغَزِّيُّ

(3)

، حدثنا الفريابي

(4)

، كلاهما عن سُفيان

(5)

، ح

وحدثَنا الدارمي

(6)

، حدثنا حَبَّان بن هلالٍ

(7)

، حدثنا وُهَيب

(8)

، عن

⦗ص: 294⦘

سُهيل

(9)

، *ح

وحدثنا الغَزِّي قال: حدثنا الفريابي، عن سفيان، عن سُهيل *

(10)

بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيدَ الليثي، عن تميمٍ الدَّاري قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الدين النصيحةُ" -ثلاثَ مرَّاتٍ-. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: "للهِ، ولرسولِهِ، ولأئمةِ المسلمين، وَعَامَّتِهِم"

(11)

.

(1)

أحمد بن سعيد بن صخر السرخسي.

(2)

ما بين المعقوفتين من (ك)، وهو: ابن عقبة السُّوَائي الكوفي، وأبو نعيم هو الفضل بن دُكين التيمي مولاهم.

(3)

عبد الله بن محمد بن عمرو بن الجراح الأزدي، أبو العباس.

(4)

محمد بن يوسف بن واقد.

(5)

هو: الثوري هنا كما بينه البيهقي في الكبرى (8/ 163)، وفي الحديث الآتي هو: ابن عيينة، وكلاهما روى الحديث عن سهيل، كما سيأتي بيانه في التخريج.

وفي (ك) هذا الإسناد جاء متأخرًا عن الإسناد الذي بعده، وهو حديث الدارمي عن حَبَّان.

(6)

هو أحمد بن سعيد.

(7)

حبان -بفتح أوله وثانيه مع التشديد- البصري. التقريب (1069).

(8)

ابن خالد بن عجلان الباهلي.

(9)

ابن أبي صالح ذكوان السمان المدني.

(10)

ما بين النجمين سقط من (م).

(11)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الدين النصيحة (1/ 75 ح 96) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري به.

وأخرجه من طريق أبي نعيم عن سفيان الثوري عن سهيل به: الطبراني في الكبير (2/ 52).

وأخرجه من طريق الفريابي عن سفيان الثوري عن سهيل به: البخاري في التاريخ الأوسط (2/ 34)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 163).

وللحديث طرقٌ أخرى عن الثوري منها: وكيع عنه، أخرجه في الزهد (2/ 621)، ومن طريقه أحمد في المسند (4/ 102).

وبشر بن منصور عن الثوري، أخرجه من طريقه ابن أبي عاصم في السنة (2/ 505 ح 1092)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 531).

وأخرجه من طريق وهيب بن خالد عن سهيل به: الطبراني في الكبير (2/ 52)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 194).

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بمتن الحديث ولم يذكره، وميَّزه المصنِّف.

ص: 293

171 -

حَدثنا علي بن المبارك

(1)

،

⦗ص: 295⦘

حدثنا زيد [بن]

[*]

المبارك

(2)

، ح

وحدثَنا ابنُ عَمِيرة

(3)

، حدثنا الحُميدي

(4)

، قالا

(5)

: حدثنا سفيان، ح

وَحدثنَا الربيع بن سليمان

(6)

، حدثنا الشافعيُّ

(7)

، عن ابن عُيينة، عن سُهَيل عن عَطاء بن يزيد بإسْنادِهِ مثلَه

(8)

.

(1)

هو: علي بن محمد بن عبد الله بن المبارك الصنعاني.

(2)

الصنعاني اليماني.

(3)

بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عَمِيرة الأسدي البغدادي.

(4)

عبد الله بن الزبير، والحديث في مسنده (2/ 369).

(5)

في (ك): "قال".

(6)

ابن عبد الجبار المرادي مولاهم المصري.

(7)

والحديث في كتابه "الرسالة"(ص: 51)، وفي مسنده (ص: 233) عن ابن عيينة به.

(8)

لم أجد من أخرجه من طريق زيد بن المبارك عن ابن عيينة، وأما من طريق الحميدي فقد أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط (2/ 32)، وهو في مسند الحميدي كما سبق تخريجه منه.

وأخرجه من طريق الربيع بن سليمان عن الشافعي: البغوي في شرح السنة (13/ 93)، والبيهقي في الاعتقاد (ص: 144)، وفي معرفة السنن والآثار (1/ 217).

_________

[*] قال أحمد بسيوني: ما بين المعقوفين سقط من المطبوعة، وهو خطأ طباعي، وهو على الصواب في طبعة دار المعرفة (102)، وانظر: حاشية محققي الكتاب.

ص: 294

172 -

حَدثنا وحشي بن عَمرو بن الرَّبيع

(1)

، حدثنا أبي، ح

وَحدثنا ابن عبد الحكم

(2)

، حدثنا أبي، ح

وحدثنا ابن أبي مسرَّة

(3)

،

⦗ص: 296⦘

حدثنا المُقْرِئ

(4)

، كلهُم عن الليْثِ، عن يحيى بن سعيد

(5)

، عن سُهَيلٍ بإسْنادِهِ مثلَه إلا أنَّه قال:"النَّصيحة" مرَّةً واحدة

(6)

.

(1)

ابن طارق بن قُرَّة الهلالي، لم أجد له ترجمة، أما أبوه فأحد الثقات من رجال التهذيب.

(2)

محمد بن عبد الله بن العبد الحكم بن أعين المصري الفقيه.

(3)

عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مسرَّة المكي، أبو يحيى مفتي مكة، توفي سنة =

⦗ص: 296⦘

= (279 هـ). قال قال أبي حاتم: "كتبت عنه بمكة، ومحله الصدق"، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد فيه كلامًا غير ذلك. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 6)، الثقات لابن حبان (8/ 369)، العقد الثمين للفاسي (5/ 99)، العبر للذهبي (1/ 403).

(4)

عبد الله بن يزيد القرشي مولاهم، أبو عبد الرحمن المقرئ المكي.

(5)

ابن قيس الأنصاري المدني.

(6)

أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (7/ 49) من طريق محمد بن رمحٍ، وأخرجه الطبراني في الكبير (2/ 52)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 687) كلاهما من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث به.

وفي جميع المصادر الآنفة الذكر "الدين النصيحة" ثلاث مرات، فلعله في طرق أبي عوانة جاء ذكرها مرة واحدة، ولم أجد من أخرجه من هذه الطرق التي ذكرها أبو عوانة.

ص: 295

173 -

حدثنا محمد بن إسحاق البكائيُّ الكوفي، وعلي بن حرب، وأبو أميةَ قالوا

(1)

: حدثنا يعلى

(2)

، ح

وحَدثنا يَزداد بن عمر بن رزين الهمذاني

(3)

، حدثنا يزيد بن هارون، ح

⦗ص: 297⦘

وحَدثنا أبو البَخْتَرِي

(4)

، حدثنا أبو أسامة

(5)

، قالوا: حدثنا إسمْاعيلُ بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عَن جَرير قال: بَايَعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصَّلاة، وَإيتاء الزكاةِ، والنُّصح لكل مُسْلِمٍ

(6)

.

وقال بعضُهم: "لكلِّ مؤمن"

(7)

.

(1)

في (م): "قالا" وهو خطأ.

(2)

ابن عبيد بن أبي أمية الطنافسي.

(3)

ذكره ابن أبي حاتم وقال: "كتبت عنه بهمذان، وكان صدوقًا"، وذكر ابن الجوزي في الألقاب أنَّ اسمه: محمد، وذكره الحافظ ابن حجر في الألقاب أيضًا وسماه: أحمد بن عمر، فالله أعلم بالصواب، -ووقع عندهما:"الهمداني" بالدال المهملة، وهو خطأ =

⦗ص: 297⦘

= والصواب المثبت كما في الجرح والتعديل- ولم أجد له ترجمة في موضعٍ آخر.

انظر: الجرح والتعديل (9/ 310)، كشف النقاب لابن الجوزي (2/ 462)، نزهة الألباب لابن حجر (2/ 246).

(4)

عبد الله بن محمد بن شكر البغدادي العنبري.

(5)

حماد بن أسامة القرشي.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (الفتح 1/ 166 ح 57) من طريق يحيى القطان عن إسماعيل بن أبي خالد به. وأخرجه أيضًا في كتاب الزكاه -باب البيعة على إيتاء الزكاه (الفتح 3/ 314 ح 1401) من طريق عبد الله بن نمير عن إسماعيل به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الدين النصيحة (1/ 75 ح 97) من طريق أبي أسامة القرشي وابن نمير كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد به.

وأخرجه الدارمي في سننه -كتاب البيوع- باب في النصيحة (2/ 322 ح 2540)، وابن منده في الإيمان (1/ 384) من طريق يعلى بن عبيد به.

ولم أجد من أخرجه من طريق يزيد بن هارون.

فائدة الاستخراج:

1 -

بيَّن المصنِّف: قيس بن أبي حازم الذي جاء عند مسلم مهملًا.

2 -

ذكر المصنِّف عقب الحديث اختلاف بعض الرواة في لفظة من الحديث.

(7)

لعل هذه اللفظة في طريق يزيد بن هارون، فهي ليست في جميع المصادر السابقة.

ص: 296

174 -

حدثنا علي بن حَرب، وزكريا بن يحيى بن أسَد

(1)

، وَعبد السلام بن أبي فروة النَّصيبي

(2)

، قالوا: حدثنا سفيان بن عُيينة، عن زياد بن عِلاقَة

(3)

، سمعَ

(4)

جَريرًا يقول: "بَايَعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النُّصحِ لكلِّ مُسْلمٍ، فأنا لكم ناصحٌ"

(5)

.

(1)

المروزي، نزيل بغداد.

(2)

هو: عبد السلام بن عبيد بن أبي فروة النصيبي.

قال ابن حبان: "يسرق الحديث، ويلزق بالثقات الأشياء التي رواها غيرهم من الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال"، وقال الأزدي:"لا يكتب حديثه"، وقال الدارقطني:"ليس بشيء"، وقال الذهبي:"صاحب ابن عيينة، تأخر بمدينة نصيبين، ورحل إليه الحافظ أبو عوانة وروى عنه في صحيحه".

ويلاحظ أن المصنِّف قرنه بشيخيه: علي بن حرب، وزكريا بن أسد فالاعتماد عليهما.

انظر: المجروحين لابن حبان (2/ 152)، ميزان الاعتدال للذهبي (6172)، لسان الميزان لابن حجر (4/ 15).

(3)

عِلاقة: بكسر المهملة، وبالقاف، بن مالك الثعلبي، أبو مالك الكوفي. التقريب (2092).

(4)

في (ك): "سمعت جريرًا".

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب البيوع- باب هل يبيع حاضر لبادٍ بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه (الفتح 4/ 433 ح 2157) عن علي بن المديني عن ابن عيينة به. وأخرجه في كتاب الإيمان -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة

(الفتح 1/ 168 ح 58) من طريق أبي عوانة الوضاح عن زياد بن علاقة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الدين النصيحة (1/ 75 ح 98) عن =

⦗ص: 299⦘

= ابن أبي شيبة وابن نمير وزهير بن حرب كلهم عن ابن عيينة به.

وأخرجه البغوي في شرح السنة (13/ 91) من طريق المصنِّف عن شيوخه الثلاثة به، وأخرجه أيضًا (13/ 92) من طريق أبي العباس الأصم عن زكريا بن يحيى بن أسد -وحده- عن ابن عيينة به.

فائدة الاستخراج:

قول جرير في آخر الحديث: "وأنا لكم ناصح" ليس عند مسلم.

ص: 298

175 -

حدثنا إسْحاق بن سيَّار

(1)

، حدثنا عبيد الله

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

عن زياد بن علاقة قالَ: سَمِعْتُ جَريْرًا يُحَدِّث حين مات المغيرةُ بن شُعبَةَ، خطبَ النَّاسَ فقال: "أُوصيكم بِتَقوى الله وحدَه لا شريك له، والسَّكينةِ، والوقار، فإني بايعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه على الإسلام، وَاشترَطَ عَلَيَّ النُّصْحَ لكلِّ مُسْلِمٍ، فوربِّ الكعبةِ إني لكم ناصحٌ أجمعينَ، ثم

(4)

اسْتَغْفَرَ، وَنَزَل"

(5)

.

(1)

ابن محمد بن مسلم النَّصيبي.

(2)

ابن موسى بن باذام العبسي.

(3)

في الأصل: "شيبان" وضبَّب عليها الناسخ، كتب في الهامش: سفيان، وفي (ط) و (ك) سفيان وهو الصواب.

(4)

في (ك): "واستغفر".

(5)

لم أجده من هذا الطريق، ولم يتبيَّن لي من هو سفيان في هذا الإسناد، لأن عبيد الله قد روى عن السفيانين، والثوري أيضًا قد روى هذا الحديث عن زياد بن علاقة، أخرجه من طريقه البخاري في صحيحه -كتاب الشروط- باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة (الفتح 5/ 369 ح 2714).

ص: 299

176 -

حدثنا أحمد بن موسى المعَدَّل

(1)

، حدثنا زكريا بن عدي

(2)

، حدثنا إسماعيل بن زكريا

(3)

، حدثنا داود بن

⦗ص: 301⦘

أبي هند

(4)

، عَن الشعبي، عن جَرير بن عبد الله قال:"بَايعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاةِ والنُّصْح لكلِّ مُسْلِمٍ". -قالَ الشَّعْبيُّ: وَكانَ

(5)

جَرير رَجُلًا فَطِنًا- "فقلتُ: يا رسولَ الله فيما استطعْتُ! قال: فيما استطعْت". فكانَتْ رخصةً

(6)

.

(1)

بضم الميم، وفتح العين، والدال المشدَّدتين المهملتين، وفي آخرها اللام، هذا اسم لمن عُدِّل وزُكِّي وقبلت شهادته عند القضاة وغيرهم. وشيخ المصنِّف هنا لم أعرفه، وذكر المزي في تلاميذ زكريا بن عدي: أحمد بن موسى الشطوي البزاز، ويبدو أنه ليس هو، فالمصنِّف روى عنهما في إسنادين متتابعين (كما في المطبوعة من مسند أبي عوانة 5/ 407 - 408) وفرق بينهما بنسبة كلّ منهما، والله أعلم.

انظر: الأنساب للسمعاني (11/ 396)، تهذيب الكمال للمزي (9/ 366).

(2)

ابن الصلت التيمي، أبو يحيى الكوفي، نزيل بغداد.

(3)

ابن مُرَّة الخُلْقاني الأسدي مولاهم، أبو زياد الكوفي، توفي سنة (174 هـ) وقيل قبلها.

(ووقع في التقريب -النسخة المطبوعة والمخطوطة أيضًا- ذكر وفاته سنة: 194 هـ، وهو خطأ والتصويب من تاريخ بغداد وغيره من المصادر المذكورة في آخر الترجمة) اختلف فيه قول ابن معين وأحمد بن حنبل، فقوَّياه مرة، وضعَّفاه أخرى، ووثقه أبو داود، وقال أبو حاتم:"صالح"، وقال ابن خراش:"صدوق"، وقال النسائي:"أرجو أن لا يكون به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"ولإسماعيل من الحديث صدر صالح، وهو حسن الحديث، يكتب حديثه".

ورمى أيضًا ببدعة التشيع، فقد روى العقيلي بإسناده عنه أنه قال:"الذي نادى من جانب الطور عبده علي بن أبي طالب"، وقال:"هو الأول والآخر: علي".

فتعقبه الذهبي قائلًا: "هذا السند مظلم، ولم يصح عن الخُلْقاني هذا الكلام، فإن هذا من كلام زنديق"، وقال في الكاشف:"صدوق"، وفي الميزان:"صدوق شيعي"، ووثقه في "من تكلم فيه وهو موثق"، وقال الحافظ:"صدوق، يخطئ قليلا"، وتابعه ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند، وللحديث طرقٌ أخرى عن الشعبي كما سيأتي في التخريج.=

⦗ص: 301⦘

= انظر: تاريخ الدوري عن ابن معين (2/ 34)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 170) الضعفاء للعقيلي (1/ 78)، الكامل لابن عدي (1/ 311)، الثقات لابن حبان (6/ 44) تاريخ بغداد للخطيب (6/ 215)، تهذيب الكمال للمزي (3/ 92)، السير (8/ 475) ومعرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص: 68)، والكاشف (1/ 246)، والميزان للذهبي (1/ 228)، التقريب (445).

(4)

واسم أبي هند: دينار بن عُذَافر القشيري مولاهم البصري.

(5)

في (ك): "فكان".

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأحكام- باب كيف يبايع الإمام الناس (الفتح 13/ 205 ح 7204)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الدين النصيحة (1/ 75 ح 99) كلاهما من طريق هشيم عن سيارٍ عن الشعبي به. وأخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 361) من طريق محمد بن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن الشعبي به.

وأخرجه الحميدي في مسنده (2/ 350) عن ابن عيينة، عن مجالد بن سعيد عن الشعبي به، وهذه متابعة قاصرة لزكريا كالتي في الصحيحين.

فائدة الاستخراج:

لفظ مسلم "بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة- فلقنني: فيما استطعت- والنصح لكل مسلم"، وعند المصنِّف ألفاظٌ زائدة: لأقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وزيادة الشعبي في آخر الحديث، ويظهر أن قوله:"فكانت رخصة" هو من قول الشعبي أيضًا، والله أعلم.

ص: 300

‌بَيَانُ الأَعْمَالِ التي يَسْتَوجِبُ صَاحِبُهاَ عَذَابَ الله وَغَضبَهُ، والدَّلِيلُ عَلَى أَنَّه لا يَنْفَعُهُ مَعها عَمَلٌ إِذا لَقِيَ الله بِهَا

ص: 302

177 -

حَدثنا ابن أبي رَجاء

(1)

، حدثنا وكيع بن الجَرَّاح، عَن الأعمش، عن أبي وَائلٍ

(2)

، عَن عبد الله قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ على يَمِينِ صَبْرٍ

(3)

لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ -وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ- لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ".

فَدَخَلَ الأشْعَثُ بن قَيسٍ فَقال: ما يُحَدِّثكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: كَذَا وَكَذَا. قال: صَدَقَ، فِيَّ نَزَلَتْ، خَاصَمْتُ رَجُلًا

(4)

إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في أَرْضٍ لَنَا، قال:"بَيِّنَتُكَ". قلتُ: لَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ. قال: "فَيَمِيْنُهُ". قلتُ: إِذًا يَحْلِف.

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عندَ ذلك: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْر

(5)

⦗ص: 303⦘

لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ -وَهُوَ فِيها فَاجِرٌ- لَقِيَ الله وَهُو عَليهِ غَضْبَانٌ، فَنَزَلَتْ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)}

(6)

"

(7)

.

(1)

أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي رجاء الثَغْري المصيصي.

(2)

شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي.

(3)

قال النووي: "هي بإضافة يمين إلى صبر، ويمين الصبر هي التي يحبس الحالف نفسه عليها (أو يُلزم بها عند حكم ونحوه)

وهو فيها فاجر أي: متعمد الكذب، وتسمى اليمين الغَموس". شرح صحيح مسلم (2/ 121، 160).

(4)

وهذا الرجل هو ابن عمه كما بينته رواية البخاري، واسمه: معدان -أو جرير- بن الأسود بن معد يكرب الكندي، ويلقب بالجَفشيش.

انظر: فتح الباري (5/ 41 و 11/ 569)، الإصابة لابن حجر (1/ 491).

(5)

في (م) و (ك): "يمينٍ صبرًا".

(6)

سورة آل عمران- الآية (77).

(7)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه، منها: في كتاب الشرب والمساقاة -باب الخصومة في البئر، والقضاء فيها (5/ 41 ح 2356) من طريق أبي حمزة السكري عن الأعمش به، وفي كتاب الخصومات -باب كلام الخصوم بعضهم في بعض (الفتح 5/ 88 ح 3416) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به، وفي كتاب الشهادات- باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين

(الفتح 5/ 336 ح 2673) من طريق عبد الواحد بن زياد عن الأعمش به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (1/ 122 ح 220) من طريق ابن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم وابن نمير كلهم عن وكيع به.

وأخرجه أيضًا من طريق ابن نمير عن أبي معاوية عن الأعمش به (ح 220).

فائدة الاستخراج:

جاء وكيع عند مسلم مهملًا، وبيَّنه المصنِّف بأنه: ابن الجراح.

ص: 302

178 -

حَدثنا الحسن بن عَفَّان، حدثنا ابن نُمَيرٍ

(1)

، عن الأعمشِ، عن شقيقٍ قال: قال عبد الله: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمينِ صَبْرٍ

(2)

لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ -وَهُوَ فِيْهَا فَاجِرٌ- لَقِيَ الله وَهُوَ

⦗ص: 304⦘

عَلَيْهِ غَضْبَانٌ"

(3)

.

(1)

عبد الله بن نمير الهَمْدَاني.

(2)

في (م): "يمينٍ صبرًا".

(3)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 178) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب عن الحسن بن عفان عن ابن نمير به.

ص: 303

179 -

حَدثنَا أبو داودَ الحرَّاني، حدثنا وَهبُ بن جَرير

(1)

، ح

وَحدثَنا أبو قِلابَة

(2)

، حدثنا أبو زيد الهرَوِيُّ

(3)

كِلاهُمَا عن شُعْبَةَ، عن الأعمش بِإِسْنَادِهِ نَحْوَه

(4)

.

(1)

ابن حازم بن زيد الأزدي، ووقع في (م):"أبو وهب بن جرير" ولعله سبق قلم.

(2)

عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي البصري.

(3)

في (م): "أبو يزيد" وهو خطأ، وهو: سعيد بن الربيع الحَرَشي العامري البصري، والهروي بفتح الهاء والراء المهملة، نسبة إلى بلدة هَراة، إحدى بلاد خراسان، وأبو زيد المنسوب إليها ليس منها، وإنما قيل له: هَرَويٌّ؛ لأنه كان يبيع الثياب الهروية.

انظر: الأنساب للسمعاني (12/ 324 - 325)، تهذيب الكمال (10/ 429).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الشهادات- باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ

(الفتح 5/ 339 ح 2676) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به، وأخرجه في كتاب الأيمان والنذور -باب عهد الله عز وجل (الفتح 11/ 553 ح 6659) من طريق ابن أبي عدي عن شعبة عن الأعمش ومنصور كلاهما عن أبي وائلٍ به.

ولم يخرجه مسلم من طريق شعبة، وقد أخرجه في كتاب الإيمان -باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (1/ 123 ح 221) من طريق جرير عن منصور عن أبي وائل به، وأخرجه أيضًا (ح 222) من طريق سفيان عن عبد الملك بن أعين وجامع بن راشد كلاهما عن أبي وائلٍ به.

ص: 304

180 -

حدثنا محمد بن عبيد الله بن المُنَادِي، حدثنا وَهْبُ بن جَرير، حدثنا شعبةُ، عن الأعمش، عن سليمان بن مُسْهِرٍ

(1)

، عن خَرَشَة بن الحُرِّ

(2)

عن أبي ذر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُم الله يَومَ القِيَامَةِ، ولا يَنْظُرُ إِلَيهِمْ، وَلا يُزَكِّيهم، وَلَهُمْ عَذَابٌ أليمٌ: المنَّانُ بِمَا أَعْطَى، والمُسْبِلُ إِزَارَهُ وَالمُنَفِّقُ سلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكَاذِبِ -أو الفَاجِرِ-"

(3)

.

(1)

الفزاري الكوفي.

(2)

خَرَشَة -بفتحات والشين المعجمة- بن الحُر -بضم المهملة- الفزاري، قال أبو داود:"له صحبة"، وقال العجلي:"من كبار التابعين". التقريب (1707).

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف

(1/ 102 ح 171) عن بشر بن خالد، عن محمد بن جعفر عن شعبة به.

فائدة الاستخراج:

1 -

ذكر مسلم طرفًا من المتن وأحال بباقيه، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال عليه.

2 -

جاء ذكر الأعمش عند مسلم باسمه: سليمان مهملًا.

ص: 305

181 -

حدثنا السُّلَمي، وأبو أُمَيَّة، وإسْحاق بن سَيَّار

(1)

، قَالوا: حدثنا عبيد الله بن موسى

(2)

، أخبرنا شَيْبَانُ

(3)

، عَن الأعمش بِإِسْنادِهِ نَحوَهُ.

⦗ص: 306⦘

وَقَال: "المنَّانُ الذي لا يُعْطِي شَيْئًا إلا مَنَّهُ، والمُنَفّقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الفَاجِر". ولم يَذكر شَيْبان: "ولا يَنظُرُ إليهِمْ" فَقَطْ

(4)

.

ذَكَرَ محمد بن يحيى

(5)

، عن عبد الرزَّاق

(6)

، عَن الثَّوْري، عَن الأعمش بِإسنادِه

(7)

.

(1)

ابن محمد النصيبي.

(2)

ابن باذام العبسي.

(3)

ابن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحْوي المؤدب.

(4)

لم أجد من أخرجه من طريق شيبان.

(5)

ابن عبد الله الذهلي.

(6)

ابن همام الصنعاني، ولم أجد الحديث في مصنَّفه.

(7)

وصله مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار

(1/ 102 ح 171) من طريق يحيى القطان، عن سفيان الثوري، عن الأعمش به.

ووصله الإمام أحمد في "المسند"(5/ 158) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، كلاهما عن الثوري، عن الأعمش به. وانظر إتحاف المهرة، (14/ 116 - 117).

ووصله أيضًا أبو نعيم الأصبهاني في "الحلية"(7/ 130) من طريق أبي قرة عن الثوري، به.

ص: 305

182 -

حَدثنا علي بن حربٍ، حدثنا أبو مُعَاويةَ

(1)

، عَن الأعمش، عن أبي حَازَم

(2)

، ح

وحَدثنا الصَّغَاني، حدثنا ابن نُمَير

(3)

، حدثنا وكيعٌ، حدثنا الأعمشُ، عَن أبي حازَم، عَن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثَةٌ

⦗ص: 307⦘

لا يُكَلّمُهُم الله يَومَ القِيامَةِ، وَلا يزكِّيهم، وَلَهُمْ عَذابٌ أليمٌ: شَيخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِر"

(4)

.

(1)

محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة في حديثه عن الأعمش.

(2)

سلمان الأشجعي الكوفي، مولى عزَّة الأشجعية الكوفية.

(3)

محمد بن عبد الله بن نُمَير الهَمْدَاني.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف

(1/ 102 ح 172) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش به.

وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(1/ 552) من طريق ابن أبي الخيبري عن وكيع به.

ص: 306

183 -

حَدثَنا يونس بن حبيب وعَمَّارُ بن رجاءٍ

(1)

قالا: حدثنا أبو داود

(2)

حدثنا شُعْبَةُ، عن علي بن مُدْرِكٍ

(3)

قال: سمعتُ أبا زُرْعَة بن عَمرو بن جَرير يُحدِّثُ عن خَرَشَةَ بن الحُرِّ، عن أبي ذرٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثَةٌ لا يَنظُرُ الله إِلَيهِمْ يَومَ القِيامَةِ، وَلا يُكَلّمُهُمْ، وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ". قُلتُ: يا رسولَ الله مَنْ هؤلاءِ فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ فَقَالَ: "المنَّانُ، وَالمسْبِلُ إِزَارَهُ وَالمنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكاذِبِ"

(4)

.

(1)

التغلبي، أبو ياسر الأستراباذي.

(2)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 63) عن شعبة به.

(3)

النخعي الوَهْبِيلي الكوفي، أبو مدرك.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية، وتنفيق السلعة بالحلف (1/ 102 ح 171) من طرق عن محمد بن جعفر عن شعبة به.

ص: 307

184 -

حدثنا محمد بن إسماعيل المكي

(1)

، حدثنا عفَّان

(2)

، ح

وَحدثنا أبو أُمية، حدثنا أبو الوليْدِ

(3)

، وَأبو عمر

(4)

قالوا

(5)

: حدثنا شُعْبَةُ عن عَليِّ بن مُدْرِكٍ بِنَحْوِهِ

(6)

.

(1)

الصائغ الكبير، أبو جعفر البغدادي، نزيل مكة.

(2)

ابن مسلم الصفَّار الباهلي.

(3)

هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(4)

حفص بن عمر بن الحارث الأزدي الحَوْضي البصري.

(5)

في (م): "قال".

(6)

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 148) عن عفان بن مسلم عن شعبة به.

وأخرجه الدارمي في "سننه" كتاب البيوع -باب في اليمين الكاذبة (2/ 345 ح 2605) من طريق أبي الوليد الطيالسي وحجاج كلاهما عن شعبة به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 649) من طريق أبي عمر حفص بن عمر وأبي الوليد الطيالسي وعفان بن مسلم كلهم عن شعبة به.

ص: 308

185 -

حَدثنَا يزيد بن سِنَان

(1)

، حدثنا يَعقوبُ بن إسحاق الحَضْرَمِيُّ، حدثنا شُعبةُ بِإسْنَادِهِ:"ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُم الله، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمِ يَومَ القيامَةِ، ولا يزكِّيهم، وَلهم عذابٌ أليمٌ، أعاد الآيةَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، قُلتُ: يا رسول الله من هم؟ " بمثلِهِ: "الكَاذِبُ أو الفَاجِر"

(2)

.

(1)

ابن يزيد القرشي الأموي، أبو خالد القزاز.

(2)

لم أجد من أخرجه من هذا الطريق، وقد سبق من طرق أخرى.

ص: 308

186 -

حدثنا علي بن حرب، وأبو عُمر العُطَارديُّ

(1)

قالا: حدثنا

⦗ص: 309⦘

أبو مُعاوية

(2)

عن الأعمشِ، عَن أبي صالحٍ، عن أبي هُرَيرَةَ قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثةٌ لا يُكَلِّمهم الله يومَ القيامةِ، وَلا ينظر إليهم، ولا يُزكِّيهم، وَلهم عَذَابٌ أَلِيْمٌ: رَجُلٌ على فضلِ ماءٍ بفَلاةٍ فَمَنَعهُ ابن السَّبيل، ورجلٌ بايع رجلًا

(3)

بسلعةٍ بَعدَ العَصرِ فَحَلَفَ له بالله لأخَذَهَا بِكَذا وكَذَا، فَصدُّقه وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إمامًا لا يُبَايِعُهُ إلا لِدنيا؛ فإن أعطاهُ منها وَفى له، وإن لم يُعْطِهِ لم يفِ له"

(4)

.

(1)

أحمد بن عبد الجبار بن محمد الكوفي.

(2)

محمد بن خازم الضرير، ثقة في حديثه عن الأعمش.

(3)

سقطت كلمة: "رجلًا" من (م).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" -كتاب الشهادات- باب اليمين بعد العصر (الفتح 5/ 335 ح 2672) من طريق جرير بن عبد الحميد عن الأعمش به. وأخرجه في كتاب الأحكام -باب من بايع رجلًا لا يبايعه إلا لدنيا (الفتح 13/ 214 ح 7212) من طريق أبي حمزة السكري عن الأعمش به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف (1/ 103 ح 173) من طريق أبي كريب وابن أبي شيبة كلاهما عن أبي معاوية عن الأعمش به. وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 253) عن أبي معاوية به.

وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(ص: 66 ح 125) عن علي بن حربٍ به.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 330) و "الأسماء والصفات"(1/ 551) من طريق أبى عمر العُطاردي عن أبي معاوية به.

ص: 308

187 -

حدثنا الأحمسيُّ

(1)

،

⦗ص: 310⦘

وابن أبي رجَاءٍ

(2)

، وَابن أبي الخيبَرِيّ

(3)

، قالوا

(4)

: حدثنا وكيع بن الجرَّاح، حدثنا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُرَيرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهم الله يومَ القيامةِ، وَلا يُزَكِّيهِم، ولهم عَذَابٌ أَلِيْمٌ: رَجُلٌ منعَ ابن السبيل فَضْلَ مَاءٍ عِنده، وَرَجُلٌ حَلَفَ على سِلْعَةٍ بعدَ العَصْرِ كاذبًا فصَدَّقه واشتراها بقولهِ، ورجلٌ بَايعَ إمامًا فَإن أُعْطِيَ وَفى

(5)

، وَإن لم يُعْطِهِ لم يفِ له"

(6)

.

(1)

بفتح الألف وسكون الحاء المهملة وفتح الميم وفي آخرها السين المهملة، نسبة إلى =

⦗ص: 310⦘

= أحمس وهي طائفة من بجيلة نزلت الكوفة. الأنساب للسمعاني (1/ 146).

والمنتسب إليها هنا هو: محمد بن إسماعيل بن سَمُرَة الكوفي، أبو جعفر الأحمسي السرَّاج.

(2)

أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي رجاء المصيصي.

(3)

إبراهيم بن عبد الله بن عمر العبسي مولاهم القصار الكوفي.

(4)

في (م): "قالا" وهو خطأ.

(5)

في (ك): "أعطاه وفى له".

(6)

أخرجه أبو داود في سننه -كتاب البيوع- باب في منع الماء (3/ 277 ح 3474) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع به.

وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب السير- باب ما جاء في نكث البيعة (4/ 150 ح 1595) من طريق أبي عمار عن وكيع به.

وأخرجه ابن منده في الإيمان (2/ 651)، والبيهقي في السنن الكبرى، (8/ 161) والبغوي في "شرح السنة"(13/ 168) كلهم من طريق إبراهيم بن أبي الخيبري عن وكيع به.

ص: 309

188 -

حَدثنا إسْحاقُ بن سيَّار

(1)

، وَالسُّلمي، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى

(2)

، حدثنا شيبان

(3)

، عَن الأعمش بمثلِهِ

(4)

.

(1)

ابن محمد النصيبي.

(2)

ابن باذام العبسي.

(3)

ابن عبد الرحمن التميمي مولاهم النَحْوي المؤدب.

(4)

لم أقف عليه من هذا الطريق، ولكن أشار إليه ابن منده في الإيمان (2/ 653)، ولم يسنده.

ص: 311

189 -

وحَدثنا ابن عَفَّان

(1)

، حدثنا ابن نُميرٍ

(2)

حدثنا الأعمشُ بمثلِهِ

(3)

.

(1)

الحسن بن علي بن عفان العامري.

(2)

عبد الله بن نُمَير الهَمْدَاني الكوفي.

(3)

لم أقف عليه من هذا الطريق.

ص: 311

190 -

حدثنا تَمْتَام

(1)

،

⦗ص: 312⦘

حدثنا محمد بن بشَّار

(2)

، حدثنا ابن أبي عَدِيٍّ

(3)

عن شُعْبَةَ، عن الأعمش بِإسنادِهِ بهذا

(4)

الحديث، وَقال فيه:"رجلٌ على فَضْلِ مَاءٍ بِالطريق".

وقال فيه أيضًا: "ورجلٌ أقام سلعةً بعدَ العصر في سوق المدينة، أَو بالبقيع فَحلف لقد منعها من كذا وكذا، فجاء رجلٌ فرغبَ فيها فأخَذَها"

(5)

.

ورَوَى

(6)

عَمرو الناقد

(7)

، عن ابن عُيَينةَ، عَن عَمرو

(8)

، عن أبي صَالح، عن أبي هُريرة أُراهُ مرفوعًا بهذا، وَقال فيهِ:"رجلٌ حَلف على يمينٍ بعدَ العصْر على مال مسلمٍ فاقتطَعَه"

(9)

.

(1)

محمد بن غالب بن حرب الضبِّيُّ البصري، أبو جعفر التمَّار، نزيل بغداد، وتَمْتام لقبه، توفي سنة (283 هـ).

قال ابن المنادي: "كتب الناس عنه، ثم رغب أكثرهم عنه لخصالٍ شنيعة في الحديث وغيره"، قال ابن أبي حاتم:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان متقنًا، صاحب دعابة"، وقال الدارقطني: "ثقة مأمون، إلا أنه كان يخطئ، وكان وهم في أحاديث

"، وقال مرة: "ثقة"، ومرة قال: "مكثر، مجوِّد".

وقال الخطيب: "كان كثير الحديث، صدوقًا حافظًا"، وتبعه ابن الجوزي.

وقال الذهبي: "حافظ، مكثر"، ووثقه ابن العماد. =

⦗ص: 312⦘

= انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 55)، الثقات لابن حبان (9/ 151)، سؤالات السهمي للدارقطني (ص: 74 - 76)، سؤالات السلمي للدارقطني (ص: 293 - 295)، تاريخ بغداد (3/ 144)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 369)، ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 681)، نزهة الألباب لابن حجر (1/ 147)، شذرات الذهب لابن العماد (185).

(2)

ابن عثمان العبدي، بُنْدَار البصري.

(3)

محمد بن إبراهيم بن أبي عدي السُّلمي مولاهم، أبو عمرو البصري.

(4)

في (م): "هذا" بدون الباء.

(5)

لم أجده من هذا الطريق.

(6)

في (ك): "ورواه".

(7)

هو: عمرو بن محمد بن بكير الناقد، أبو عثمان البغدادي.

(8)

ابن دينار المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم.

(9)

وصله البخاري في صحيحه -كتاب الشرب والمساقاة -باب من رأى أن صاحب =

⦗ص: 313⦘

= الحوض والقِربة أحق بمائه (الفتح 5/ 53 ح 2369) عن عبد الله بن محمد المسندي عن ابن عيينة به مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ووصله مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف (1/ 103 ح 174) قال: حدثني عمرو الناقد به، وقال فيه أيضًا:"أُراه مرفوعًا" بمثل لفظ المصنِّف.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف: ابن عيينة، وجاء عند مسلم مهملًا باسمه: سفيان.

ص: 311

‌بَابُ

(1)

التشديد في الذي يقتُلُ نفْسَهُ، وفي لعنِ المؤمن وأخْذ ماله، والدليل على أن القاتل إذا مات بغير توبةٍ لم ينفعه إسلامُهُ

(2)

واجتهادُهُ، وخُلِّد في نار جَهنَّم

(3)

، وأنَّ من قتِلَ على المعصيةِ اسْتوجب بمعصيته النَّارَ، وَلا يكون ذلك كفَّارة معصيتهِ

(4)

، وَبيان إباحة قتل مَن يقصد

(5)

لقتالهِ، وَأنَّه إن قُتِلَ على مَنع مالهِ منه فَهُوَ شهيد، وَبيان أنَّ الجنَّةَ لا يَدخلها

(6)

إلّا المؤمنون، وأنَّهُ لا فَرْقَ بين الإيمان والإسْلام

(1)

كذا في الأصل، وفي (م)"باب بيان التشديد" ولكن ضرب على كلمة "باب" بالقلم، وفي (ك)"بيان التشديد" بدون ذكر "باب".

(2)

أي في النجاة من دخول النار إذا لم يتب الله عليه.

(3)

هذا إذا استحلَّ الدم المعصوم؛ لأن مستحل الحرام كافرٌ مخلَّدٌ في النار.

(4)

ظاهر هذه الصيغة تشير إلى ما ذكره العلماء: (هل الحدود زواجر أم جوابر؟)، إلا أن الحديث الوارد هنا في قتل الصائل، وكأن المصنِّف يذهب إلى أنه حيث يتعيَّن دفع شرِّه بقتله، فإن إزهاق روحه لا يشفع له في العفو عنه عند الله، لأنه لو تمكَّن لأوقع الشر بمن صال عليه، وكأن حاله كحال المقتول المذكور في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعًا: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما

"، فقد قال صلى الله عليه وسلم عن المقتول أنه في النار، وذكر سبب ذلك بأنه كان حريصًا على قتل صاحبه.

(5)

في (ك): "تعمَّد" بدل "يقصد".

(6)

في (م): "لا يدخلهُ".

ص: 314

191 -

حدثنا الأحمسي محمد بن إسماعيل، حدثنا وكيع بن الجراح

(1)

، ويعلى

(2)

، ح

وحدثَنا العباسُ بن محمد، حدثنا محمد بن عبيد

(3)

، ح

وحدثَنا علي بن حرب الطائي، حدثنا أبو مُعاوية

(4)

، وَكيع، ويَعلى، عَن الأعمش، عَن أبي صالح، عن أبي هُرَيرةَ قال: قال النبي

(5)

صلى الله عليه وسلم: "مَن قَتل نفْسَه بحديدةٍ فَحَديدَتُهُ في يده يَجأ

(6)

بها في بَطنهِ في نار جهنم خَالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا، وَمَن تَرَدَّى من جَبَلٍ فقتل نَفسَهُ فهوَ يتردَّى في نار جَهَنَّم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومَن تحسى

(7)

سُمًّا فقتل نفسَهُ، فَسُمُّهُ في يده يتحسَّاهُ في نارِ جَهنَّم خَالِدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا"

(8)

.

(1)

في (ك): "وكيع" فقط بدون ذكر اسم أبيه.

(2)

ابن عبيد بن أبي أمية الطنافسي.

(3)

ابن أبي أمية الطنافسي الأحدب الكوفي.

(4)

محمد بن خازم الضرير، ثقة في حديثه عن الأعمش.

(5)

في (م): "رسول الله".

(6)

من وَجَأَ إذا ضرب بها. النهاية لابن الأثير (5/ 152).

(7)

في (م) و (ك): "حسا".

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 103 ح 175) عن ابن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج كلاهما عن وكيعٍ به.

وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب الطب- باب ما جاء فيمن قتل نفسه بسم أو غيره =

⦗ص: 316⦘

= (4/ 386 ح 2044) عن محمد بن العلاء عن وكيع وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش به.

وأخرجه الدارمي في سننه -كتاب الديات- باب التشديد على من قتل نفسه (2/ 252 ح 2362) عن يعلى بن عبيد عن الأعمش به.

ص: 315

192 -

حدثَنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

، ح

وحَدثنا عباسُ الدوري، حدثنا وَهبُ بن جَرير

(2)

، ح

وحَدثنا أبو قِلابة

(3)

، حدثنا أبو زَيْد الهروي

(4)

، ح

وحَدثنا الصائغ

(5)

، حدثنا عَفان

(6)

، قالوا: حدثنا شعبة، عن الأعمش، بإسناده مثلَه

(7)

.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 317).

(2)

ابن حازم بن زيد الأزدي البصري.

(3)

عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرَّقاشي البصري.

(4)

سعيد بن الربيع الحَرَشي العامري.

(5)

محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ الكبير، أبو جعفر البغدادي، نزيل مكة.

(6)

ابن مسلم بن عبد الله الصفار الباهلي البصري.

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الطب- باب شرب السم والدواء به وما يخاف منه والخبيث (الفتح 10/ 258 ح 5778).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 104 ح 175) كلاهما من طريق خالد بن الحارث عن شعبة به، زاد مسلم:"وفي رواية شعبة عن سليمان -أي: الأعمش- قال: سمعت ذكوان".

وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب الطب- باب ما جاء فيمن قتل نفسه بسم أو غيره (4/ 386 ح 2044) من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة به. =

⦗ص: 317⦘

= وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 488) عن محمد بن جعفر عن شعبة به.

وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان (2/ 655) من طريق أبي قلابة الرَّقاشي عن أبي زيد الهروي عن شعبة به.

ص: 316

193 -

حَدثَني أبو عَلي إسْماعيل [بن محمد] بن قِيْرَاطٍ العُذْري

(1)

، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن

(2)

، حدثنا محمد بن شُعَيب

(3)

، أخبرني مرْوان بن جَناح

(4)

، عن الأعمشِ، أنه حَدَّثهم عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيرةَ،

⦗ص: 318⦘

عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله

(5)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ك)، وهو: أبو علي الدمشقي، توفي سنة (297 هـ). ترجم له الذهبي في السير (14/ 186) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلا، ولم أجد له ترجمة في موضع آخر.

(2)

ابن عيسى بن ميمون التميمي، أبو أيوب الدمشقي، ابن بنت شرحبيل، توفي سنة (233 هـ).

وثقه الأئمة، ووصفه بعضهم بالخطأ كثرة الرواية عن المجاهيل والضعفاء، ووثقه الذهبي مطلقًا ورمز له "صح"، وقال الحافظ ابن حجر:"صدوق، يخطئ".

انظر: سؤالات ابن الجنيد لابن معين (ص: 423)، المعرفة والتاريخ للفسوي (2/ 406)، الضعفاء للعقيلي (2/ 132)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 129)، الثقات لابن حبان (8/ 278)، سؤالات الحاكم للدارقطني (ص: 217)، تهذيب الكمال للمزي (12/ 26)، الميزان (2/ 212)، ومن تكلِّم فيه وهو موثق (مخطوط ص: 13)، التقريب لابن حجر (2588).

(3)

ابن شابور الأموي مولاهم الدمشقي.

(4)

الأموي الدمشقي. وثقه دحيم، وأبو داود، والدارقطني وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال أبو حاتم: "شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج به"، لهذا ذكره الذهبي في المغني، =

⦗ص: 318⦘

= والديوان.

وقال الحافظ ابن حجر: "لا بأس به" فهو صدوق إن شاء الله.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 274)، الثقات لابن حبان (7/ 483)، سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 68)، تهذيب الكمال للمزي (27/ 386)، ميزان الاعتدال (4/ 90)، والمغني في الضعفاء (2/ 651)، والديوان للذهبي (ص: 383)، التقريب (6566).

(5)

في (ك) هذا الإسناد متقدم -في الترتيب- على الذي قبله، والحديث لم أجد من أخرجه من هذا الطريق عن الأعمش.

ص: 317

194 -

حدثنا محمد بن موسى النَّهرتيري

(1)

، حدثنا الحسن بن الجنيد البزاز

(2)

،

⦗ص: 319⦘

وعبد الرحمن بن الزَّبَّان

(3)

الطائي، قالا: حدثنا مُصْعَبُ بن المقدَام

(4)

، عَن

⦗ص: 320⦘

داودَ الطائي

(5)

، عن الأعمش، بإسنادِهِ نحوَه

(6)

.

(1)

بفتح النون، وسكون الهاء، وبعدها الراء، كسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين، وبعدها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها راء، نسبة إلى نهرتيرى قرية بنواحي البصرة.

ومحمد بن موسى هو: ابن أبي موسى، أبو عبد الله النهرتيري، توفي سنة (289 هـ).

قال أبو بكر الخلال: "رجل معروف، جليل مقرئ"، وقال الخطيب:"كان ثقة، فاضلًا، ذا قدر كبير، ومحل عظيم"، وتبعه السمعاني. ولم أجد له ترجمة في موضع آخر.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (3/ 241)، الأنساب للسمعاني (12/ 172).

(2)

سقطت صيغة التحديث من (م)، واسمه جاء في النسخ ومصادر الترجمة هكذا: الحسن، مكبَّرًا ووقع في المطبوع من تهذيب التهذيب والتقريب -تصحيفًا-: الحسين، مع أن الحافظ قيده بالحروف فقال:"بفتح الحاء والسين" ولعل سببه =

⦗ص: 319⦘

= أن المزي -وتبعه الحافظ- ذكره تمييزا في أثناء تراجم من اسمه حسين، فظن الطابع أن اسمه حسين ولم ينتبه إلى تقييد الحافظ للاسم في آخر الترجمة، وفي مخطوطة التقريب (ل: 26): الحسن على الصواب. ولم أجد فيه جرحًا أو تعديلًا لأحد.

والبزَّاز نسبة إلى من يبيع البزَّ، وهو الثياب.

انظر: الجرح والتعديل (3/ 4)، تاريخ بغداد للخطيب (7/ 292)، الأنساب للسمعاني (2/ 182)، تهذيب الكمال للمزي (6/ 356)، تهذيب التهذيب (2/ 302)، والتقريب لابن حجر (1312).

(3)

في (ك): "ربَّان" بإهمال الراء، وبدون "أل" التعريف وهو خطأ، وهو: أبو بكر عبد الرحمن بن زبَّان بن الحكم الطائي، ويعرف أيضًا: بعبد الرحمن بن أبي البَختري.

ذكره الدارقطني في المؤتلف، وترجم له الخطيب في تاريخ بغداد ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، ولم أجد له ترجمة في موضعٍ آخر.

انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 1077)، تاريخ بغداد للخطيب (10/ 267)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 44، ترجمة: مصعب بن المقدام).

(4)

الخثعمي مولاهم، أبو عبد الله الكوفي، توفي سنة (203 هـ).

وثقه ابن معين، وذكره العجلي في الثقات، وقال أبو حاتم:"هو صالح الحديث"، وقال أبو داود:"لا بأس به"، وقال ابن قانع:"كوفي صالح"، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الدارقطني، وقال ابن شاهين في ثقاته:"كان صالحًا، لا بأس به".

وضعفه ابن المديني، وقال الإمام أحمد:"كان رجلًا صالحًا، رأيت له كتابا فإذا هو كثير الخطأ ثم نظرت في حديثه فإذا أحاديثه متقاربة عن الثوري"، وقال الساجي:"ضعيف الحديث، كان من العباد". وقال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ، له أوهام".

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 335)، الثقات للعجلي (2/ 281)، سؤالات =

⦗ص: 320⦘

= الآجري لأبي داود (ص: 137)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 308)، الثقات لابن حبان (9/ 175)، سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 67)، الثقات لابن شاهين (ص: 308) تاريخ بغداد للخطيب (3/ 110)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 43)، تهذيب التهذيب (10/ 151) والتقريب لابن حجر (6696).

(5)

هو: داود بن نُصَير الطائي، أبو سليمان الكوفي الفقيه، له أخبارٌ في الزهد والعبادة.

(6)

لم أجد من أخرجه من طريق داود الطائي عن الأعمش، وللحديث طرق أخرى عن الأعمش منها مثلًا: عبثر بن القاسم وجرير عن الأعمش أخرجه مسلم في الموضع السابق (ح 175)، وعبيدة بن حميد عن الأعمش أخرجه الترمذي في الموضع السابق أيضًا (ح 2043)، والثوري وأبو عوانة الوضاح كلاهما الأعمش أخرجه ابن منده في كتاب الإيمان (2/ 655 - 656).

وله طرق أخرى عن أبي هريرة، أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الجنائز- باب ما جاء في قتل النفس (الفتح 3/ 268 ح 1365) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار" وليس فيها: "خالدًا مخلَّدًا فيها أبدا".

قال أبو عيسى الترمذي عقب إخراجه الحديث من رواية أبي صالح: "هكذا روى غير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل نفسه بسمٍّ عُذِّب به في نار جهنم" ولم يذكر فيه "خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا"، وهكذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أصح؛ لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يعذَّبون في النار ثم يخرجون منها، ولم يذكر أنَّهم يخلَّدون فيها". سنن الترمذي (4/ 387). =

⦗ص: 321⦘

= وقال الحافظ ابن حجر: "وقد تمسك به -أي بقوله: خالدًا مخلدًا فيها أبدًا- المعتزلة وغيرهم ممن قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار، وأجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة: منها توهيم هذه الزيادة". ثم نقل كلام الترمذي السابق، ثم قال:"وأجاب غيره بحمل ذلك على من استحله، فإنه يصير باستحلاله كافرًا، والكافر مخلد بلا ريب، وقيل: ورد مورد الزجر والتغليظ، وحقيقته غير مرادة، وقيل: المعنى هذا جزاؤه، لكن قد تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم" وقيل غير ذلك. فتح الباري (3/ 269).

أقول: ويؤيِّد ما ذهب إليه الترمذي رحمه الله حديث ثابت بن الضحاك الآتي برقم (198) وما بعده، وليس فيه خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، والله تعالى أعلم.

ص: 318

195 -

حدثنا الرَّبيعُ بن سليمان

(1)

، حدثنا

(2)

ابن وَهبٍ، حدثنا سليمان -يَعني: ابن بلال-

(3)

، حدثني العلاء بن عبد الرحمن

(4)

، عن أبيهِ، عَن أبي هُريرَةَ أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَقال: أَرأيتَ إِن جاءني رجلٌ يُريد أَخذَ مالي؟ قال: "فَلا تُعطه مالك". قال: أفرأيتَ إن قاتلَني؟ قال: "فقاتلهُ". قال: أرأيتَ إن قَتلني؟ قال: "فأنت شَهيد". قال: أرأيتَ إن قتلتُهُ؟ قال: "فهوَ في النَّار"

(5)

.

(1)

ابن عبد الجبار المرادي مولاهم المصري.

(2)

سقطت من (م) صيغة التحديث.

(3)

في (ك): "سليمان بن بلال"، وهو التيمي مولاهم المدني.

(4)

ابن يعقوب المدني، مولى الحُرَقات من جهينة.

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد مهدر الدم في حقه .. (1/ 124 ح 225) من طريق محمد بن =

⦗ص: 322⦘

= جعفر عن العلاء به.

ص: 321

196 -

حدثَنا محمد بن يحيى، حدثنا يحيى بن صالح الوُحَاظي، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني العلاء بإسناده مثلَه سواء

(1)

.

(1)

أخرجه مسلم كما تقدم.

ص: 322

197 -

حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حجَّاج

(1)

، عن ابن جُريج

(2)

، أخبرني سليمان الأحول

(3)

أنَّ ثابتًا

(4)

مَولى عبد الرحمن

(5)

أخبَرَه أنه لما كان بين عبد الله بن عمرو وبين عنبسةَ

(6)

بن أبي سفيان ما كان

(7)

،

⦗ص: 323⦘

وتيسَّروا

(8)

للقتال، ركب خالد بن العاص

(9)

إلى عبد الله بن عَمرو، فوعَظَهُ خالدٌ، فقال عبد الله: أما علمتَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قُتِل دون مالهِ فهوَ شهيد"؟

(10)

.

(1)

في (م): "الححاج"، وهو: ابن محمد المصيصي الأعور.

(2)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي.

(3)

هو: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول.

(4)

هو: ثابت بن عياض الأحنف، الأعرج القرشي العدوي مولاهم.

(5)

ابن زيد بن الخطاب القرشي العدوي.

(6)

في (م): "عبد الله" بدل "عنبسة" وهو خطأ، وهو عنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، أخو معاوية أمير المؤمنين، وحبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنه اتفقوا على أنه من التابعين. وذكره الحافظ في القسم الثاني في "الإصابة"، وهم من لم يرهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم لصغرهم.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (22/ 414)، الإصابة لابن حجر (5/ 69).

(7)

جاء بيان هذا الحادث الذي كان بين عنبسة وعبد الله بن عمرو بن العاص في "مصنَّف عبد الرزاق"(10/ 115) عن معمر عن أبي قلابة قال: أرسل معاوية إلى =

⦗ص: 323⦘

= عامل له أن يأخذ الوَهَط، فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو، فلبس سلاحه هو ومواليه وغِلمته، وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد"، فكتب الأمير إلى معاوية أن قد تيسَّر للقتال، وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد"، فكتب معاوية: أن خلِّ بينه وبين ماله.

وله أيضًا عن ابن جريج عن عمرو بن دينار نحوه، وفيه أن ابن جريج سأل عمرو بن دينار: من أراد أن يقاتل؟ قال: عنبسة بن أبي سفيان. المصنف (10/ 115).

ونحو هذه الرواية أيضًا عزاها الحافظ ابن حجر في الفتح (5/ 147) إلى الطبري.

(8)

أي: تأهبوا وتهيَّؤا. قاله النووي في شرحه على صحيح مسلم (2/ 164).

(9)

بن هشام بن المغيرة المخزومي، صحابي، أسلم يوم الفتح، وأقام بمكة. الإصابة (2/ 240).

(10)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المظالم- باب من قاتل دون ماله (الفتح 5/ 147 ح 2480) من طريق سعيد بن أبي أيوب عن أبي الأسود عن عكرمة عن عبد الله بن عمرو، وليس فيه ذكر القصة التي أوردها أبو عوانة.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد مهدر الدم في حقه

(1/ 124 ح 226) من طريق عبد الرزاق -وهو في المصنف 10/ 115 - عن ابن جريج به. وأخرجه أيضًا- في الموضع السابق- من طريق محمد بن بكر وأبو عاصم كلاهما عن ابن جريج به.

ولعلَّه رضي الله عنه لم يبلغه الحديث الذي فيه الأمر بالصبر على الأمراء، وقد أخرجه مسلم في =

⦗ص: 324⦘

= كتاب الإمارة -باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين (3/ 1476 ح 52) عن حذيفة رضي الله عنه في حديث الفتن، وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضُرِب ظهرك، وأُخِذَ مالُك فاسمع وأطع".

ص: 322

198 -

حدثنا أبو محمد سعدان بن يزيدَ

(1)

، حدثنا إسحاق بن يوسفَ الأزرق

(2)

، ح

وَحدثنا أبو الأزهر

(3)

، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث

(4)

، ح

وحدثنا عَلي بن حَرْب، حدثنا وَهبُ بن جَرير

(5)

، ح

وحَدثنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(6)

، كلهُم قالوا: حدثنا هشام الدَّسْتَوائي

(7)

، عن يحيى بن أبي كثير

(8)

،

⦗ص: 325⦘

عن أبي قِلابةَ

(9)

، عَن ثابتِ بن الضحاك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن قَتَل نَفسَهُ بشيء في الدنيا عُذِّبَ بهِ يومَ القيامة، وَمن قذف مؤمنًا بالكفر فهوَ كقتلهِ، وَلعن المؤمن كقتلهِ، وَلَيس على الرجل نَذرٌ فيما لا يملك، وَمن حلفَ أنه بريءٌ من الإسلام فهوَ كما قال"

(10)

.

⦗ص: 326⦘

هذَا لفظ وهب

(11)

، وحَديث عبد الصمد

(12)

بمعناه

(13)

، إلا أنَّهُ قال -وَأبو داودَ أيضًا-:"وَمن حَلف بملَّةٍ سوى الإسلام كاذبًا فهوَ كما قال".

لَم يأت أبو داود بتمامه، وَزاد عبد الصمد أيضًا:"وَمَن قذف مؤمنًا بكفرٍ فهوَ كقتلِهِ".

(1)

البغدادي البزاز، نزيل سُرَّ من رأى، توفي سنة (262 هـ).

قال عنه أبو حاتم: "صدوق"، وقال ابنه:"كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق"، وقال ابن الجوزي:"كان صدوقًا"، ووثقه الذهبي.

انظر: الجرح والتعديل (4/ 290)، تاريخ بغداد للخطيب (9/ 204)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 180)، السير للذهبي (12/ 358).

(2)

هو: إسحاق بن يوسف بن مرداس القرشي المخزومي، أبو محمد الواسطي، المعروف بالأزرق.

(3)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(4)

ابن سعيد العنبري مولاهم البصري.

(5)

ابن حازم بن زيد الأزدي البصري.

(6)

الطيالسي، والحديث في مسنده (ص: 166).

(7)

من أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير. شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 677).

(8)

الطائي مولاهم اليمامي، وقد ذكر بعضهم أنه لم يسمع من أبي قلابة، وأنكر هذا =

⦗ص: 325⦘

= الإمام أحمد وقال: "بأي شيءٍ يدفع سماعه؟ فقيل له: زعموا أن كتب أبي قلابة وقعت إليه؟ قال: لا".

وقد تابعه هنا ثقتان: خالد الحذاء وأيوب السختياني، والحمد لله. انظر ترجمته: ح (101) والمراسيل لابن أبي حاتم (ص: 187)، جامع التحصيل للعلائي (ص: 299).

(9)

عبد الله بن زيد الجَرْمي البصري.

(10)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب ما يُنهى عن السباب واللعن (الفتح 10/ 479 ح 6047) من طريق علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 104 ح 176) من طريق معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن يحيى بن أبي كثير به، وعنده زيادة:"ومن ادَّعى دعوى كاذبة ليتكثَّر بها لم يزده الله إلا قلة، ومن حلف على يمين فاجرة".

وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب الإيمان- باب ما جاء فيمن رمى أخاه بكفر (5/ 22 ح 2636) عن أحمد بن منيع عن إسحاق الأزرق عن هشامٍ به.

فائدة الاستخراج:

1 -

قوله في الحديث: "ومن قذف مؤمنًا بالكفر فهو كقتله" ليس عند مسلم.

2 -

بيَّن المصنِّف عقب الحديث: اختلاف ألفاظ الرواة فيه، وبيَّن أيضًا الزيادة التي زادها بعضهم.

(11)

أخرجه الدارمي في سننه -كتاب الديات- باب التشديد على من قتل نفسه (2/ 252 ح 2361) عن وهب بن جرير ثنا هشام به، ولفظه:"لعن المؤمن كقتله، ومن قتل نفسه بشيءٍ في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة" فلعل الدارمي رحمه الله تعالى اختصر الحديث، واقتصر منه على الشاهد لما بوَّب له، والله أعلم.

(12)

في (م): "عبد الله" وهو خطأ.

(13)

في (ك): "معناه".

ص: 324

199 -

حَدثنا يزيد بن عبد الصمد الدمشقيُّ

(1)

، ومحمد بن عوف الحمصي قالا: حدثنا يحيى بن صالح

(2)

، حدثنا مُعاوية بن سلَّام

(3)

، عن يحيى، عن أبي قلابة أنَّ ثابت بن الضَّحاك أخبَرَه أنَّه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، فقالَ: "من حلف بملَّةٍ سِوَى الإسْلام كاذبًا فهوَ كما قَال، وَمَن قَتَل نَفْسَهُ بشيءٍ

(4)

عُذِّبَ بهِ يومَ القيامَة،

⦗ص: 327⦘

وَليسَ على الرجُلِ نذْرٌ فيما لا يملك"

(5)

.

(1)

هو: يزيد بن محمد بن عبد الصمد القرشي، أبو القاسم الدمشقي.

(2)

الوُحَاظي.

(3)

ابن أبي سلَّام ممطور الحَبَشي.

(4)

سقطت كلمة: "بشيءٍ" من (م).

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 104 ح 176) عن يحيى بن يحيى عن معاوية بن سلام به.

ص: 326

200 -

حَدثنا أبو بكر بن السكَّرِي [الكَفْرتَاثي]

(1)

، حدثنا أبو توبة

(2)

، حدثنا مُعاوية بن سلَّام بمثلهِ

(3)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ك)، ولم يتضح لي من هو شيخ المصنِّف هذا، والسكري: بضم السين المهملة، وفتح الكاف المشددة، وفي آخرها الراء نسبة إلى بيع السكر وعمله وشرائه ويحتمل أن يكون: السِّكْرِي بكسر السين المهملة، وسكون الكاف، وفي آخرها الراء، نسبة إلى سِكْر بعض أجداد المنتسب إليه.

وأما الكفرتاثي، فقد ضبطها ابن الأثير: الكفرتوثي: بفتح أولها وسكون الفاء وضم التاء فوقها نقطتان، وسكون الواو في آخرها ثاء مثلثة.

ولعل "الكفر تاثي" وجهٌ آخر في النسبة إليها، وهي قرية من قرى فلسطين فيما ظنَّ السمعاني، وجزم به ياقوت، وهي أيضًا قرية من أعمال الجزيرة بين ماردين ورأس العين -كما في خارطة إقليم الجزيرة وأذربيجان-، والأخير مال إليه ابن الأثير وخطأ السمعاني في ظنه.

وقال صاحب معحم بلدان فلسطين: كفرتوثا، ذكرها ياقوت من قرى فلسطين، وهي مجهولة.

انظر: الأنساب للسمعاني (7/ 95، 97) و (10/ 447)، معحم البلدان لياقوت الحموي (4/ 532) اللباب لابن الأثير (3/ 103)، بلدان الخلافة الشرقية (ص: 116 - 117، و 126)، معجم بلدان فلسطين لمحمد شراب (ص: 620).

(2)

الربيع بن نافع الحلبي، نزيل طرسوس.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه -كتاب الإيمان والنذور- باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام (3/ 224 ح 3257) عن أبي توبة الربيع بن نافع عن معاوية بن سلَّام به.

ص: 327

201 -

حدثَنا علي بن حرب، حدثنا ابن عيينة، عن أيوبَ

(1)

، عن أبي قلابة، عن ثابتِ بن الضَّحَّاك قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتل نفْسَهُ بشَيءٍ في الدنيا عُذِّبَ

(2)

به يومَ القيامَةِ"

(3)

.

(1)

ابن أبي تميمة كيسان السَّخْتِياني البصري.

(2)

في (ك): "عذبه به" ولعله سبق قلم.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال (الفتح 10/ 531 ح 6105) عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب به، وأخرجه في كتاب الإيمان والنذور من صحيحه -باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام (الفتح 11/ 546 ح 6652) عن معلي بن أسد عن وهيب عن أيوب به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 105 ح 177) من طريق شعبة عن أيوب، عن أبي قلابة به.

وأخرجه الحميدي في المسند (2/ 375) عن ابن عيينة عن أيوب، والبغوي في شرح السنة (10/ 154) من طريق الشافعي عن ابن عيينة عن أيوب به.

ص: 328

202 -

حدثنا أبو العباس الغَزِّي

(1)

، حدثنا الفريابي

(2)

، ح

وحدثنا الدَّقِيقيُّ

(3)

، حدثنا يَزيدُ بن هارون قالا: حدثنا سفيان

(4)

،

⦗ص: 329⦘

عن خالدٍ الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن ثَابت بن الضحاك الأنصاري قال: قال رَسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن حَلَفَ بملَّةٍ سوى الإسلام كاذبًا متعمِّدًا فهوَ كما قال، وَمن قَتل نَفْسَهُ بشيءٍ عَذَّبَه الله بهِ

(5)

في نار جهنَّم"

(6)

.

(1)

عبد الله بن محمد بن عمرو بن الجراح الأزدي.

(2)

محمد بن يوسف بن واقد الضبي مولاهم.

(3)

بفتح الدال المهملة والياء السكنة آخر الحروف بين القافين، نسبة إلى الدَّقيق وبيعه وطحنه، والمنتسب إليه هنا هو: محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الواسطي، أبو جعفر الدقيقي.

انظر: الأنساب للسمعاني (5/ 326).

(4)

هو الثوري كما بيَّنه مسلم في روايته.

(5)

في (م): "عُذِّب به" بالبناء للمجهول.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الجنائز -باب ما جاء في قاتل النفس (الفتح 3/ 268 ح 1363) من طريق يزيد بن زريع عن خالد الحذاء به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 105 ح 177) من طريق عبد الرزاق عن الثوري عن خالد به.

ص: 328

203 -

حَدثَنا إسحاقُ بن إبراهيم الصَّنْعاني

(1)

قال: قَرأْنا عَلى عبد الرزاق، عن مَعمر، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيرَةَ قال: شَهِدنا مَع رسول الله صلى الله عليه وسلم خَيْبر

(2)

-أو قال: لما كان يوم خَيبر-

⦗ص: 330⦘

قال لرجلٍ ممن كان مَعَهُ يُدْعَى بالإسلام

(3)

: "هذا من أهل النَّار".

قال: فلما حَضروا القتال قاتلَ، فَأصابَته جراحٌ، فقيل

(4)

: قد مات. فأُتيَ النبيُّ فقيل له: الرجل الذي قلتَ: هو من أهل النَّار، فإنه قاتلَ اليومَ قتالًا شديدًا، وَقد ماتَ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إلى النَّار".

فكاد بعضُ النَّاس أن يرتابَ، فبينا هم كذلك إذ قيْلَ: لم يَمُتْ، ولكن به جِراحٌ شَديْدَةٌ، فلَمَّا كان من الليل لم يصبرْ على الجراح فَقتل نَفْسَه، فأُخبرَ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: الله أكبر، أشهدُ أني عبد الله وَرَسُوْلُهُ، ثم أَمَرَ بلالًا فنادَى: إنَّه لا يدخل الجنَّةَ إلا نفسٌ مؤمنَةٌ أو مُسْلمةٌ

(5)

، وإنَّ الله يؤيِّد هذا الدينَ بالرجلِ الفاجِرِ"

(6)

.

(1)

هو الدَّبَري، وقوله: قرأنا على عبد الرزاق، أي أنه سمع بقراءة غيره على عبد الرزاق، والدبري كان صغيرًا -سبع سنين أو نحوها- حين موت عبد الرزاق، وانظر: ما سبق في ح (40).

والحديث لم أجده في مصنَّف عبد الرزاق.

(2)

قال الحافظ ابن حجر: "أراد جيشها من المسلمين، لأن الثابت أنه إنما جاء بعد أن فتحت خيبر، ووقع في مغازي الواقدي أنه قدم بعد فتح معظم خيبر، فحضر فتح آخرها، لكن مضى في الجهاد من طريق عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بعدما افتتحها

". الفتح (7/ 540) والرواية الي أشار إليها أخرجها البخاري في الجهاد والسير -باب الكافر يقتل المسلم

(الفتح 6/ 47 ح 2827).

على هذا، فاللفظة المعطوفة "أو قال: لما كان يوم خيبر" أدق، والله أعلم.

(3)

في (م): "يدعى الإسلام" وهو رواية البخاري، ورواية مسلم كما أثبتُّ.

(4)

في (ك): "فقائل".

(5)

سقطت من (ك) عبارة: "أو مسلمة".

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الجهاد والسير- باب إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر (الفتح 6/ 207 ح 3062) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به، ومن طريق شعيب عن الزهري به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 105 ح 178) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به.

فائدة الاستخراج:

رواية مسلم فيها: "شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حُنينًا" بدل خيبر، قال النووي: كذا وقع في الأصول، قال القاضي عياض رحمه الله: صوابه: خيبر بالخاء المعجمة، وجاءت =

⦗ص: 331⦘

= رواية المصنِّف على الصواب، وهذا من فوائد الاستخراج.

انظر: شرح مسلم للنووي (2/ 122).

ص: 329

204 -

حدثنا أبو أمية، حدثنا أبو اليمان

(1)

، أخبرنا شعيبٌ

(2)

، عن الزهري بإسنادِه مثلَه

(3)

.

(1)

الحكم بن نافع البهراني.

(2)

ابن أبي حمزة دينار الأموي مولاهم، أبو بشر الحمصي.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المغازي- باب غزوة خيبر (الفتح 7/ 64 ح 4203) عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري به، وساق متنه.

ص: 331

205 -

حَدثَنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرَّقَاشِي

(1)

، حدثنا حجاجُ بن منهال

(2)

، حدثنا جَرير بن حَازم

(3)

قال: سمعتُ الحسَنَ

(4)

يقول: حدثنا جُندبُ بن عبد الله -في هذا المسْجدِ

(5)

مَا نَسيناه منذ حدثَنا، وما نخشى أن جُندبًا كذبَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جُرِحَ رجلٌ فيمن كان قبلكم جِرَاحَةً فضجر، فعمَد إلى سِكِّين فقطع

⦗ص: 332⦘

يدَه، فلم يَرْقأ [الدم]

(6)

حتى مات، فقال الله تعالى

(7)

: بادَرني عَبْدي بنفْسهِ؛ حَرَّمْتُ عليه الجنَّةَ"

(8)

.

(1)

الرَّقَاشي: بفتح الراء، والقاف المخففة، وفي آخرها شين، نسبة إلى امرأة اسمها رَقَاش، كثرت أولادها حتى صاروا قبيلة، وهي من قيس عيلان. الأنساب للسمعاني (6/ 146).

(2)

الأنماطي، أبو محمد السُّلَمي مولاهم البصري.

(3)

ابن زيد بن عبد الله بن شجاع الأزدي العتكي، أبو النضر البصري، ثقة غير أنه روى عن قتادة، عن أنس مناكير وهذا ليس من حديثه عن قتادة.

وسيأتي الكلام في روايته عن قتادة في: ح (762).

(4)

ابن أبي الحسن يسار البصري، أبو سعيد.

(5)

أي: مسجد البصرة، قاله الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 576).

(6)

ما بين المعقوفتين من (ك)، وهي كذلك ملحقة بهامش (م)، يقال: رقأ الدمع، والدم، والعرق إذا سكن وانقطع. النهاية لابن الأثير (2/ 248).

(7)

سقطت كلمة: "تعالى" من (ك).

(8)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب أحاديث الأنبياء- باب ما ذكر عن بني إسرائيل (الفتح 6/ 570) من طريق حجاج بن منهال عن جريرٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 107 ح 181) من طريق وهب بن جرير عن أبيه عن الحسن، عن جندب به.

وأخرجه أيضًا (ح 180) من طريق شيبان عن الحسن به مرسلًا.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم كامل اللفظ بل أحال به على ما قبله، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال عليه.

ص: 331

206 -

حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم

(1)

، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وأبو داود الحراني، قالوا: حدثنا سليمان بن حرب

(2)

، حدثنا حماد بن زيد، عن الحجاج الصَّوَّاف

(3)

، عن أبي الزبير

(4)

، عن جابر قال:

⦗ص: 333⦘

جاء الطُّفيل بن عَمرو

(5)

الدَّوسي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل لك في حصنٍ حصينٍ، وَمَنعةٍ؟ [قال:]

(6)

فأبَى ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للذي

(7)

ذخر الله للأنصار.

فلَما هاجَر النبي إلى المدينة، هاجرَ الطفيل بن عَمرو، وهَاجَر معَهُ رجلٌ من قومِهِ فاجتوَوا

(8)

المدينةَ، فَمَرِض، فَجَزعَ، فأخَذَ مشاقصَ

(9)

فقَطع بهِ بَراجمَه

(10)

، فَشَخَبت

(11)

يَداهُ حتى ماتَ، فَرآه الطُّفَيل بن عَمرو في منامه، فقال: ما صَنَعَ بك ربُّك؟ قال: غَفر لي

⦗ص: 334⦘

بهجرتي إلى نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم، وَرَآه في هيئةٍ حسنةٍ، ورآه مُغطِّيًا يَديهِ، فقال: ما لي أراك مُغَطِّيًا يديك؟ قال: قيْلَ لِي: لن نُصلح منك ما أفسدت. قال: فقصَّها الطُّفيل عَلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اللهمَ ولِيَدَيْهِ فاغفر"

(12)

.

(1)

الصائغ الكبير، أبو جعفر البغدادي، نزيل مكة.

(2)

الأزدي الواشحي البصري، قاضي مكة.

(3)

بفتح الصاد المهملة، وتشديد الواو، وفي آخرها الفاء، نسبة لبيع الصوف والأشياء المتخذة من الصوف. الأنساب للسمعاني (8/ 99).

وحجاج هذا هو: ابن أبي عثمان -واسمه ميسرة وقيل: سالم- الصوَّاف، أبو الصلت الكندي مولاهم البصري.

(4)

محمد بن مسلم بن تدرس المكي.

(5)

في (م): "عمر" وهو خطأ.

(6)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(7)

في (م): "الذي" ولعله سبق قلم، ومعناه: أي لما سبق في قدر الله من أنَّ الأنصار هم الذين ينالون شرف النصرة.

(8)

أي أصابهم الجوى، وهو المرض، وداء الجوف إذا تطاول، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها، ويقال: احتويتُ البلد، إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة.

النهاية لابن الأثير (1/ 318).

(9)

واحده: مِشْقَص، قيل: هو: نصل السهم إذا كان طويلًا غير عريض، وقيل: بل هو العريض، وقيل: ما طال وعَرُض، قال النووي:"وهذا هو الظاهر هنا لقوله: قطع بها براجمه، ولا يحصل ذلك إلا بالعريض". شرح النووي على مسلم (2/ 131)، النهاية (2/ 490).

(10)

واحده: البُرجمُة بالضم وهي: العُقَد التي في ظهور الأصابع. النهاية لابن الأثير (1/ 113).

(11)

أي: سال دمها، وقيل: سال بقوة. شرح مسلم للنووي (2/ 131).

(12)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر (1/ 108 ح 184) من طريق سليمان بن حرب به.

ص: 332

207 -

حدثنا أحمدُ بن يوسف السُّلَمي، حدثنا النضر بن محمد

(1)

، ح

وحدثَنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد

(2)

قالا: حدثنا عكرمةُ بن عمَّار

(3)

حدثنا أبو زُمَيل

(4)

، حدثنا عبد الله بن عباس، حَدثنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(5)

قال: لما كان يوم خيبر قُتِل أناسٌ من أصحابِ النبي

(6)

صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلوا يقولون: قُتِل فلانٌ شَهيد، حتى مَرُّوا برجلٍ فقالوا: قُتِل فُلانٌ شهيد. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كلا إني رأيته في النَّار في عباءةٍ غلَّها" -أو بُرْدةٍ غلَّها- ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابن الخطابِ

⦗ص: 335⦘

ناد في النَّاس: لا يدخل الجَنَّةَ إلا مؤمنٌ

(7)

.

قال: فنادَيتُ: ألا إنه لا يدخل الجنَّة إلا المؤمنون

(8)

"

(9)

.

وهَذا لفظُ النضر

(10)

، وحَديثُ محمد بمَعناهُ، وَقال: فقمتُ فناديْتُ.

رواه أبو عبيد الله الوراق

(11)

، عن أبي عاصمٍ

(12)

، عن عكرمةَ مثلَه

(13)

.

قال أبو عَوانة: قد صَحَّ في حَديث أبي هُريرة أن النبي

(14)

صلى الله عليه وسلم أَمر بلالًا أن يُنادي: إنه لا يدخل الجنَّةَ إلا نفسٌ مُسْلِمَةٌ، وأمر عُمَرَ أن ينادي:

⦗ص: 336⦘

لا يَدخل الجنَّة إلا المؤمنون، وقال جَل ثناؤه

(15)

: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}

(16)

وَقَدْ وَصفَ الله صفةَ المؤمنين في أوَّل سُورة الأنفال، وَفي سورةِ المؤمنين فقال:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)} [إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ]}

(17)

إلى قولهِ: {يُنْفِقُونَ}

(18)

وَقَال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)} إلى قوله: {يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}

(19)

.

قال أبو عَوانة: وَسألتُ المزنيَّ

(20)

في أَول ما وَقع إلينا الخبر

(21)

بمصرَ أنَّ

⦗ص: 337⦘

بحَرَّان اختلافًا بين أهل الحديث في هذه المسألة، فسألتُه عن الإيمان والإسلام فَقال لِي: همُا واحد

(22)

، وكان بلغَنَا

(23)

عن أحمدَ بن حَنبل أنه فَرَّق بينهما، وَزعمَ أنَّ حمَّادَ بن زيد فرَّق بينهما

(24)

، ثم حَدثنا به صالحُ بن أحمد

(25)

بن حَنبلٍ، عن أبيهِ بذلك، قالَ

(26)

لي المزني: هما واحد، فاحتججتُ عليه بحديثِ النبي صلى الله عليه وسلم: لا يَزني الزاني حين يزني وهو مؤمن

(27)

، وَبقول الزهري في ذلك

(28)

، والأحَاديث التي جاء في أنَّ جبريل جاء

(29)

إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عَن الإيمان، وَسأله عن الإسلام في أحاديثَ

⦗ص: 338⦘

أُخر، فرأَيتُه لا يَرْجعُ عَنْ قَوْله، وقلتُ له:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}

(30)

. قال: هَذه

(31)

اسْتَسْلَمْنَا.

فَقال لِي -فيما قال: - قال الله [تبارك وتعالى]

(32)

: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} وَقال لي: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}

(33)

.

وَقال لي: ويحك أَفَدِينٌ أعْلا مما

(34)

عندَ الله؟ قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} .

وكذلك كان إسماعيلُ القاضي

(35)

يقول: إنهما واحد.

(1)

ابن موسى الجُرَشي اليمامي.

(2)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي.

(3)

تكلِّم في روايته عن يحيى بن أبي كثير، وهذه ليست منها، وانظر: ح (71).

(4)

سماك بن الوليد الحنفي اليمامي.

(5)

سقطت عبارة الترضي من (ك).

(6)

في (ك): "رسول الله".

(7)

في (ك): "المؤمنون".

(8)

في (م): "مؤمن".

(9)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم الغلول

(1/ 107 ح 182) من طريق هاشم بن القاسم عن عكرمة بن عمار به.

وأخرجه الدارمي في سننه -كتاب السير -باب ما جاء في الغلول من الشدة (2/ 302 ح 2489) عن أبي الوليد الطيالسي، عن عكرمة به.

فائدة الاستخراج:

1 -

قوله في الحديث: "فقتل أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" ليس عند مسلم.

2 -

تعليق المصنِّف عقب الحديث على فقه الحديث من فوائد الاستخراج.

(10)

في (ك): "هذا لفظ أبي النضر".

(11)

حماد بن الحسن بن عنبسة النهشلي البصري، وهو من شيوخ المصنِّف، وقد روى له كما مرَّ في ح (45).

(12)

الضحاك بن مخلد النبيل.

(13)

لم أجد من وصله من هذا الطريق.

(14)

في (م): "رسول الله".

(15)

في (ك): "وقال الله تبارك وتعالى".

(16)

سورة آل عمران- الآية (85).

(17)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(18)

سورة الأنفال- الآيات (1 - 3).

(19)

سورة المؤمنون- الآيات (1 - 11).

(20)

إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو المزني، أبو إبراهيم المصري، توفي سنة (264 هـ).

أحد أبرز تلاميذ الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، كان قليل الرواية، ولكنه كان رأسًا في الفقه، له أقوال في العقيدة في نصرة مذهب السلف أهل السنة والجماعة، وثقه ابن أبي حاتم، وابن يونس وغيرهما.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 204)، وفيات الأعيان لابن خلكان (1/ 218) طبقات الشافعية للسبكي (2/ 93)، سير أعلام النبلاء للذهبي (12/ 492).

(21)

في (ك): "الخبر إلينا".

(22)

في (ك): "هما والله واحد".

(23)

القائل: وكان بلغنا، هو المصنف.

(24)

أخرجه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (4/ 814) من طريق أحمد بن حنبل عن أبي سلمة الخزاعي عن حماد بن زيد بذلك، ومعنى زعم: قال، كما سبق التنبيه عليه في ح (65).

(25)

ما بين النجمتين ساقط من (م)، وهذا النقل عن أحمد علَّقه المصنِّف بلاغًا -أولًا- ثم وصله.

(26)

في (ك): "فقال".

(27)

سبق تخريجه، انظر: ح (104).

(28)

يعني به قول الزهري في قوله تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} قال: "نرى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل".

أخرجه أبو داود في سننه -كتاب السنة- باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (4/ 220 - 221 رقم 4684).

(29)

سقطت كلمة: "جاء" من (م).

(30)

سورة الحجرات- الآية (14).

(31)

في (م): "في هذه".

(32)

في (ك) زيادة: "تبارك وتعالى".

(33)

سورة آل عمران- الآية (19).

وقوله: "وقال لي: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} " ليس في (ك).

(34)

في (ك): "أعلاها".

(35)

هو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري، شيخ المصنِّف، وقد روى عنه كما سبق في ح (52، 131).

مسألة:

الإيمان والإسلام هل هما واحد؟ أم هما متغايران؟

مسألة:

وقع الخلاف فيها بين السلف رحمهم الله تعالى، فذهب إلى أنهما واحد: مجاهد، والمزني صاحب الشافعي -كما نقل المؤلف عنه-، والإمام البخاري، ومحمد بن نصر =

⦗ص: 339⦘

= المروزي، وابن منده، ومقاتل بن حيَّان، وغيرهم.

واختاره أيضًا ابن عبد البر، وحكاه عن أكثر أهل السنة من أصحاب مالك والشافعي، وداود، وهو اختيار المصنِّف كما يظهر من ترجمة الباب.

وتعقَّب ابنُ رجب الحنبلي ابنَ عبد البر بقوله: "هذا غير جيد، بل قد قيل: إن السلف لم يُروَ عنهم غير التفريق، والله أعلم". فتح البارى لابن رجب (130/ 1).

وذهب إلى القول بالتفريق: الحسن البصري، وابن سيرين، والزهري، وابن أبي ذئب، وحماد بن زيد، ومالك، وأحمد بن حنبل، واختاره ابن جرير كثيرٌ غير هؤلاء من السلف، ومن المتأخرين: البغوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن كثير، وابن رجب الحنبلي.

وقالوا في تحقيق ذلك -وهو التحقيق إن شاء الله-: إن الإسلام والإيمان تختلف دلالتهما بحسب الإفراد والاقتران، فإذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر، وإن قُرِن بينهما كانا شيئين حينئذٍ، على القاعدة التي يقررها علماء التفسير "إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا" أي في الدلالة، ويمثل له أيضًا بالفقير والمسكين إذا أفرد أحدهما بالذكر دخل فيه الآخر، وإذا اقترنا في نصٍ كان كل منهما بحاجة إلى تعريفٍ يخصُّه.

ففي حال اقتران الإسلام والإيمان يراد بالإسلام: الأعمال الظاهرة، وبالإيمان: الأعمال الباطنة، أو كما عبر الإمام الزهري بقوله: الإسلام الكلمة، والإيمان العمل.

وللوقوف على أقوال هؤلاء انظر:

تفسير ابن جرير الطبري (26/ 182 - 184)، السنة لأبي بكر الخلال (3/ 602)، تعظيم قدر الصلاة للمروزي (2/ 512 - 517)، الإيمان لابن منده (1/ 321)، شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (4/ 812 - 815)، التمهيد لابن عبد البر (9/ 249 - 250) شرح السنة للبغوي (1/ 10)، تفسير ابن كثير (4/ 234).

وللوقوف على التفصيل في المسألة ومناقشة أدلة كل فريق، والترجيح انظر: =

⦗ص: 340⦘

= مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/ 162 - 167، و 238 وما بعدها)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: 347 - 351)، فتح الباري لابن رجب الحنبلي (1/ 126 - 130)، وجامع العلوم والحكم له أيضًا (1/ 105 - 111)، فتح الباري للحافظ ابن حجر (1/ 140) لوامع الأنوار البهية للسفَّاريني (1/ 426 - 430)، نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف للدكتور محمد بن عبد الله الوهيبي (1/ 57 - 81) وهذا الأخير هو الأفضل من حيث عرض الأقوال وترتيبها، والتقريب بينها، ومناقشة أدلتها، ثم الترجيح والتلخيص.

ص: 334

208 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى

(1)

، أخبرنا ابن وَهْب

(2)

أنَّ مالكًا

(3)

حَدَّثه، ح

وَحدثنا عيسى بن أحمد

(4)

، حدثنا ابن وَهبٍ، حدثنا مالكٌ، ح

وحَدثنا محمدُ بن إسماعيلَ

(5)

، حدثنا القَعْنَبيُّ

(6)

، عن مالك، عن ثور بن زَيْدٍ الدِّيْليّ

(7)

، عن أبي الغيْثِ

(8)

-مَولى ابن مُطيْع-، عن أبي هُرَيرةَ

⦗ص: 341⦘

قال: خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيبر، فلم نغنم

(9)

ذهَبًا ولا وَرِقًا إلا الأموال

(10)

والثياب، قال: فَوَجَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نحو وَادي القُرَى

(11)

، وقد أُهديَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم[عبدًا أسودًا]

(12)

يقال له:

⦗ص: 342⦘

مِدْعَم

(13)

، حتى إذا كنَّا بوادي القُرى، فبينما مدعَم يحُطُّ رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهمٌ عائرٌ

(14)

فأصابه، فَقتله، فقال الناس: هَنيئًا له الجنَّة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا وَالذي نفسي بيده إن الشَّملةَ التي أخذها يومَ خيبر من المغانم لم يُصبها المقاسم لَتَشْتَعِلُ عليه نارًا".

فَلما سمعَ النَّاس ذلك جاء رجلٌ

(15)

بشراكٍ أو شراكينِ إلى

⦗ص: 343⦘

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شِراكٌ من نارٍ أو شِراكان من نارٍ"

(16)

.

(1)

ابن ميسرة الصدفي المصري.

(2)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري.

(3)

الحديث في الموطأ -كتاب الجهاد- باب ما جاء في الغلول (2/ 459 ح 25).

(4)

ابن وردان العسقلاني، أبو يحيى البلخي.

(5)

ابن سالم الصائغ الكبير، نزيل مكة.

(6)

عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي.

(7)

مولاهم، المدني، انظر حول نسبته: ح (103).

(8)

اسمه سالم كما صرَّح به في رواية البخاري، ولا يعرف اسم أبيه. وابن مطيع هو: عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي المدني.=

⦗ص: 341⦘

= انظر: فتح الباري (7/ 558)، والتقريب (3626).

(9)

في (م): "يغنم".

(10)

جاء عند مسلم مبيَّنًا: "غنمنا المتاع، والطعام، والثياب".

قال الحافظ ابن حجر: "قال ابن عبد البر -وتبعه جماعة-: المال في لغة دوس قبيلة أبي هريرة غير العين كالعروض والثياب، وعند جماعة المال هو: العين كالذهب والفضة، والمعروف من كلام العرب أن كل ما يتمول ويملك فهو مال". الفتح (11/ 600).

(11)

سميت بذلك لكثرة قراها، وهو بين المدينة وتبوك، وأعظم مدنها اليوم: مدينة العُلا، على مسافة 350 كيلًا، ويعرف اليوم بوادي العُلا.

انظر: المعالم الأثيرة لمحمد شُرَّاب (ص: 224)، معجم المعالم الجغرافية لعاتق البلادي (ص: 250).

(12)

كذا في الأصل، و (م)، وضبّب عليها في الأصل، وفي (ك):"عبدًا أسود"، بدون تنوين.

والجارّ والمجرور -هنا- في محل رفع نائب فاعل. و"عبدًا" مفعول به، و"أسودًا" أو "أسوَدَ" صفة له، وهي تتبع الموصوف.

قال ابن عقيل: "مذهب البصريين -إلا الأخفش- أنه إذا وجد بعد الفعل المبني لما لم يُسمّ فاعلُه مفعول به ومصدر وظرف وجار ومجرور تعيّن إقامة المفعول به مقام الفاعل؛ فتقول: ضُرِب زيدٌ ضربًا شديدًا يومَ الجمعة أمامَ الأمير في داره، ولا يجوز إقامة غيره مقامه مع وجوده. وما ورد من ذلك شاذٌّ أو مؤوَّلٌ.=

⦗ص: 342⦘

= ومذهب الكوفيين أنه يجوز إقامة غيره وهو موجود تَقدَّم أو تأخَّر؛ فتقول ضُرِب ضربٌ شديدٌ زيدًا، وضُرِب زيدًا ضربٌ شديدٌ، وكذلك في الباقي. واستدلوا لذلك بقراءة أبي جعفر {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ، وقول الشاعر:

لم يُعْنَ بالعَلياءِ إلا سيِّدًا

ولا شفى ذا الغَيِّ إلا ذُو هُدًى

ومذهب الأخفش أنه إذا تقدّم غير المفعول به عليه جاز إقامة كل واحد منهما؛ فتقول ضُرب في الدار زيدٌ، وضُرب في الدار زيدًا. وإن لم يتقدم تعين إقامة المفعول به، نحو ضُرب زيدٌ في الدار؛ فلا يجوز ضُرب زيدًا في الدار". والله أعلم.

انظر: شرح ابن عقيل، (2/ 121 - 123)، أوضح المسالك، لابن هشام، (2/ 149 - 152).

(13)

بكسر الميم وسكون المهملة وفتح العين المهملة، والذي أهدى العبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو: رفاعة بن زيد الجذامي أحد بني الضُبَيب كما في رواية مسلم، وفي رواية البخاري: أحد بني الضباب، وانظر في ذلك: فتح الباري لابن حجر (7/ 559).

(14)

بعين مهملة، بوزن فاعل أي: لا يدرى من رمى به، وقيل: الحائد عن قصده. فتح الباري لابن حجر (7/ 559).

(15)

في (م) ههنا كلمة غير واضحة كأنها: "منا" أو نحوها، وليست في النسخ الأخرى.

(16)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المغازي- باب غزوة خيبر (الفتح 7/ 557 ح 4234) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن مالك به.

وأخرجه في كتاب الأيمان والنذور -باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزرع والأمتعة (الفتح 11/ 600 ح 6707) عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم الغلول

(1: 108 ح 183) عن أبي الطاهر عن ابن وهب عن مالك به، وعن قتيبة بن سعيد عن عبد العزيز الدراودي عن ثورٍ عن أبي الغيث به.

وأخرجه أبو داود في سننه -كتاب الجهاد -بابٌ في تعظيم الغلول (3/ 68 ح 2711) عن القعنبي عن مالك به.

قال الدارقطني: "قال موسى بن هارون: وهم ثور بن زيد في هذا الحديث لأن أبا هريرة لم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم-يعني إلى خيبر- وإنما قدم المدينة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقد فتح الله عليه خيبر".

وقال الحافظ ابن حجر: "ذكر الحافظ ابن منده أن محمد بن إسحاق رواه عن ثور بلفظٍ أزال الإشكال، وهو: "انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى عشية

" ثم قال -أي الحافظ-: "ولعل المراد بقوله: "خرجنا إلى خيبر""خرجنا من خيبر".

وقد سبق التعليق على نحو هذا في ح (202).

انظر: الإيمان لابن منده (2/ 669)، تحفة الأشراف (9/ 459) للمزي، والنكت الظراف المطبوعة بحاشيته لابن حجر. =

⦗ص: 344⦘

= فائدة الاستخراج:

"وادي القرى" جاءت في رواية مسلم مبهمًا: "ثم انطلقنا إلى الوادي" وقوله في الحديث: "سهم عائر" جاءت عند مسلم: "فرمى بسهمٍ" وبيَّنتها رواية المصنِّف وهذا من فوائد الاستخراج.

ص: 340

‌بَيَانُ الخُرُوج

(1)

من الإيمان لمنفعةٍ ينالُها من عَرض الدنيا في الفتنة، والدليلُ على ذهابه بمثلِهِ إلى صاحبهِ

(2)

لِمنفعة الدنيا، وإيجاب مُبادرة العمل قبل حُلُولِها

(3)

، وأن السريرةَ إذا كانت بخلاف العَلانيةِ لم ينتفع بعَملهِ، وَأن العَمل بخوَاتيمه

(4)

(1)

أي: بيان حصول الخروج من الإيمان.

(2)

في (ك): "صاحبها".

(3)

أي: الفتن.

(4)

صيغة ترجمة الباب أشكل عليَّ معنى بعض عباراتها، ولعلَّ فيها ما هو مستنبطٌ من الحديث الثاني في الباب، وقد ظهر لي في تفسير ضمائرها كما يلي:(ذهابه) أي الإيمان، (بمثله) الباء للسببيَّة، أي بسبب المطلوب الدنيوي الذي ورد في الحديث الأول وهو المال، فمثيله في الحديث الثاني هو: طلب الجاه ومدح الناس، (إلى صاحبه) أي ذهاب الإيمان إلى صاحبه الذي هو مُودِعه في القلب، وهو الله تعالى بحيث ينسلخ منه العبد.

وقوله بعد هذه الجملة: (لمنفعة الدنيا) أي أن الإيمان انسلخ منه العبد لانسلاخه من الإخلاص، حيث كان دافعه إلى عمله: منفعة الدنيا، فكأن هذه الجملة لبيان سبب فوات جزائه الأخروي، والله أعلم.

ص: 345

209 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا إبراهيم بن حمزة

(1)

، حدثنا عبد العزيز -يعني الدراورْديَ

(2)

⦗ص: 346⦘

عَن العلاء

(3)

، عن أبيهِ، عَنْ أبي هُرَيرةَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَال:"بادروا بالأعمال فِتَنًا كقِطَعِ الليل المُظلم، يُصبح الرجُلُ مُؤمنًا، وَيُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا، وَيُصبح كافرًا، يَبيعُ دينَهُ بعَرَضٍ من الدُّنيا"

(4)

.

(1)

ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير الزبيري المدني.

(2)

في (ك): "عبد العزيز الدراوردي"، وفي (م) ضرب على "يعني" فوافقت ما في (ك)، =

⦗ص: 346⦘

= وهو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، متكلَّمٌ فيه، انظر: ح (28) وقد تابعه إسماعيل بن جعفر عند مسلم كما سيأتي.

(3)

ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي، مولى الحُرَقَات من جُهَينة.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن (1/ 110 ح 186) من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء به.

ص: 345

210 -

حدثنا الصاغاني، حدثنا ابن أبي مريم

(1)

، أخبرنا أبو غسَّان محمد بن مُطرِّف

(2)

، حَدثني أبو حَازم

(3)

، عن سَهل بن سعدٍ أنَّ رجلًا

(4)

(*كان من أعظم*) المسلمين غَناءً

(5)

عن المسلمين في غزوة

⦗ص: 347⦘

غزاها

(6)

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مَن أَحبَّ أن ينظرَ إلى رجلٍ من أهل النَّار فلينظرْ إلى هذا. فاتبعَهُ رجلٌ من القوم

(7)

وهوَ على ذلك أشدُّ الناس على المشركين، حتى جُرح فاسْتعجل الموتَ، فجَعَلَ ذُبابَ

(8)

سيفهِ بَين ثَدْييه حتى خرج من بين كتفيه.

فأقبل الرجل -إلى رسول الله

(9)

صلى الله عليه وسلم الذي كان معه، حتى أَتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسرعًا، فقال له: أشهَدُ أنَّك رسولُ الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَمَا لك؟ قال: قلتَ لفلانٍ مَن أحبَّ أن ينظُرَ إلى رجلٍ من أهل النَّار فلينظر إلى هذا، فكان من أعظمِنا غَناءً عن المسلمين، فَعَرَفْتُ أنه لا يموتُ على ذلك، فلما جُرح اسْتعجل الموت فقتل نفسَهُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ العبد ليَعمَلُ عَمَل أَهل الجنَّةِ وإنَّه لمن

⦗ص: 348⦘

أهل النَّار، ويَعمل عمل أهل النَّار وإنه لمن أهل الجنَّةِ إنَّما الأعمالُ بالخواتيم"

(10)

.

رواه القعنبي

(11)

، عن عبد العزيز بن أبي حَازم، عَن أبيهِ عَن سَهل بن سَعْدٍ: أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم التَقَى هو وَالمشركون في بعضِ مَغازيه"، وَذكَر الحديْثَ بطُوله بِمَعناه

(12)

.

(1)

سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

ابن داود بن مطرِّف الليثي المدني.

(3)

سلمة بن دينار المدني الأعرج.

(4)

ذكر ابن قتيبة أن اسم هذا الرجل: قُزْمان الظُفُري حليف بني ظُفُر، وأن هذه القصة وقعت يوم أُحُد، وكذا حكاه الحافظ في الإصابة، واستبعده في الفتح لدلائل ساقها.

وقد ساق البخاري الحديث في باب غزوة خيبر مما يدل على أنه يرى أنها وقعت فيها.

انظر: المعارف لابن قتيبة (ص: 160)، الإصابة (5/ 440)، والفتح لابن حجر (7/ 539).

(5)

قال الحافظ ابن حجر: "غَنَاءً: بفتح المعجمة بعدها نون، ممدود أي: كفاية، وأغنى فلانٌ عن فلانٍ ناب عنه وجرى مجراه". الفتح (11/ 338). =

⦗ص: 347⦘

= ولفظ مسلم: "رجلٌ لا يدع لهم شاذَّةً إلا اتَّبعها يضربها بسيفه".

(6)

في (م): "غزاه".

(7)

أفاد الحافظ ابن حجر بأنه: أكثم بن أبي الجَون الخزاعي كما يظهر من روايته للحديث الذي أخرجه الطبراني. وهو في المعجم الكبير (1/ 296)، وحسن إسناده الهيثمي.

انظر: مجمع الزوائد للهيثمي (7/ 314)، فتح الباري (7/ 540).

(8)

ذباب السيف: طرفه الأسفل (الذي يضرب به) وطرفه الأعلى مقبضه.

انظر: شرح مسلم للنووي (2/ 123)، النهاية لابن الأثير (2/ 152).

(9)

في (ك): "النبي".

(10)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب القدر- باب العمل بالخواتيم (الفتح 11/ 507 ح 6607) عن سعيد بن أبي مريم عن أبي غسان بلفظ المصنِّف.

وأخرجه في كتاب المغازي من صحيحه -باب غزوة خيبر (الفتح 7/ 538 ح 4202)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه

(1/ 106 ح 179) كلاهما، عن قتيبة بن سعيد عن يعقوب عن أبي حازم به نحو لفظ المصنِّف.

فائدة الاستخراج:

عند كلٍّ من مسلم والمصنِّف ألفاظٌ ليست عند الآخر، وقوله في آخر الحديث:"وإنما الأعمال بالخواتيم" ليس عند مسلم.

(11)

عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي.

(12)

في (م): "معناه"، والحديث وصله البخاري في صحيحه -كتاب المغازي- باب غزوة خيبر (الفتح 7/ 543 ح 4207) عن القعنبي، عن ابن أبي حازم به.

وعلى هامش (ك) في هذا الموضع ما نصه: "بلغ قراءةً، كتبه الحصيني عفا الله عنه".

ص: 346

‌بابٌ في انتِزاَع

(1)

الأَمانةِ من القلوبِ وَرفْعها، وَأن القلبَ إذا أشْرَبَهُ الميل إلى الفتنة والى صَاحبُها

(2)

، وَلم ينكرْها بقلبهِ، وركن إلى صاحِبِه ران على قلبهِ، وانتُزِعَ الإيمان منهُ

(1)

في (م)، و (ك):"بيان انتزاع الأمانة"، وكانت في (م) كما في الأصل المثبت هنا، ولكن ضُرب على كلمتي "باب في" كتب بدلها:"بيان".

(2)

ظهر لي في قراءة هذه الترجمة أن الفعل: "أَشْرَبه" بالبناء للمعلوم، وفاعله: الميل.

وكلمة "والى" كأنه فعل ماضٍ من الموالاة، وكأن معنى إشراب القلب بالميل إلى الفتنة: استغراق ذلك الميل للقلب، والفعل "والى" هو جواب الشرط وجزاؤه؛ حيث إن هذه الموالاة لصاحب الفتنة نتيجتها كون القلب إليه، ويتبع هذا الركون: عدم الإنكار، واتخاذ الداعي إلى الفتنة صاحبًا وخليلًا يَركَنُ إليه من تمكَّنت الفتنة من قلبه حتى تؤدِّي إلى الرين على القلب، فَيُنتَزَع منه الإيمان والله أعلم.

ص: 349

211 -

حدثنا الحسن بن علي بن عَفَّان العَامريُّ

(1)

، حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا الأَعمشُ، عن زَيد بن وَهب

(2)

، عن حُذيفةَ قال:

⦗ص: 350⦘

حدثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَديثين، فرأيت أحدَهما، وَأنا أنتظِرُ الآخر، حَدثنا "أنَّ الأمانةَ تنزل في جَذر قلوبِ الرجال

(3)

، وَنزل القُرآن فَعَلموا من القرآن، وعَلموا من السُّنَّة، ثم حَدثنا عن رفعِها -يَعني الأمانة- فَيَنام الرجلُ النَّومةَ فَتُقْبَضُ الأمانة من قلبهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا كأثر الوكْتِ

(4)

، ثم ينام النومةَ فتُنْزع الأمانةُ من قلبه فيظلُّ أثرُها كأثرِ المَجْل

(5)

؛ كجَمْرٍ دَحْرَجْتَه على رجلك فَنَفِطَ، فتراه منْتَبِرًا

(6)

وليس فيه شيءٌ، ولقد كنتُ

⦗ص: 351⦘

وَما أبالي أيُّكم بايعْتُ

(7)

، لئن كان مُسلمًا لَيَرُدَّنَّه عَليَّ

(8)

دينُه، ولئن

(9)

كان نصْرانِيًّا ليرُدَّنَّه عَليَّ ساعيه

(10)

، وَأما اليوم فلم أكن لأبايعَ منكم إلا فلانًا وَفلانًا، فيُصبح الناس يتبايَعُون وما يَكاد أحدٌ

(11)

يودِّي الأمانةَ حتى يقالَ: إن في بني فلانٍ رجلًا أمينًا، وحتى يُقال للرجل: ما أجلَدَه، وما أظْرفَه وأعقلَه، وَما في قلبه مثقالُ حَبةٍ من خرْدلٍ مِن إيمانٍ"

(12)

.

(1)

نسبته: "العامري" سقطت من (ك).

(2)

الجُهني، أبو سليمان الكوفي، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق، توفي سنة (96 هـ)، وثقه الأئمة، ولم يتكلَّم فيه سوى يعقوب بن سفيان الذي قال:"حديث زيد به خللٌ كثير"، وقال الذهبي:"من أجلَّة التابعين وثقاتهم" ورمز له "صح" وتعقَّب يعقوبَ بن سفيان في كلامه على زيد، وقال الحافظ ابن حجر:"ثقة جليلٌ، لم يصب من قال: في حديثه خلل" انظر: المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (2/ 769)، الميزان للذهبي (2/ 107)، التقريب (2159).

(3)

جاء تفسير بعض غريب هذا الحديث في صحيح البخاري عن أبي عبيد قال: قال الأصمعي وأبو عمرو (بن العلاء) وغيرهما: جذر قلوب الرجال، الجذر: الأصل من كلِّ شيء، والوَكْت: أثر الشيء اليسير منه، والمجْل: أثر العمل في الكفِّ إذا غلظ.

وسيأتي ذكر موضعه في التخريج، وهو في غريب الحديث لأبي عبيد (4/ 118) بزيادات بسيطة.

ونقل النووي عن صاحب التحرير معنى الحديث: "أن الأمانة تزول من القلوب شيئًا فشيئًا، فإذا زال أول جزءٍ منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف لِلَّون الذي قبله، فإذا زال شيءٌ آخر صار كالمجْل وهو أثرٌ محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق التي قبلها، ثم شبَّه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها، ثم يزول الجمر ويبقى التنفط". انظر: شرح مسلم للنووي (2/ 169).

(4)

انظر التعليق السابق.

(5)

انظر التعليق السابق.

(6)

أي: مرتفعًا، وأصل هذه اللفظة: الارتفاع، ومنه المنبر لارتفاعه، وارتفاع الخطيب عليه.

قاله النووي في شرح مسلم (2/ 169).

(7)

معنى المبايعة هنا: البيع والشراء المعروفان، قال أبو عبيد القاسم بن سلام:"تأوله بعض الناس على بيعة الخلافة، وهذا خطأٌ كيف يكون وهو يقول: إن كان نصرانيًّا ردَّه عليَّ ساعيه. فهل يبايع النصراني على الخلافة، وإنما أراد مبايعة البيع والشراء".

ونسب البغوي -وتبعه ابن حجر- هذا الكلام للخطابي، والخطابي إنما نقله عن أبي عبيد.

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (4/ 119)، أعلام الحديث للخطأبي (3/ 2254)، شرح السنة للبغوي (15/ 6)، الفتح (11/ 342).

(8)

في (م): "إليَّ" وكذا في الموضع الذي بعده: "ليردَّنه إليَّ ساعيه".

(9)

في (ك): "وإن".

(10)

أي: رئيسهم الذي يَصْدُرون عن رأيه، ولا يُمضون أمرًا دونه، ويقال: أراد بالساعي الوالي عليه يقول: ينصفني منه وإن لم يكن مسلمًا، كل من ولي شيئًا على قوم فهو ساعٍ عليهم، ومنه يقال لعامل الصدقة: ساعٍ. قاله البغوي في شرح السنة (15/ 6) ويحتمل أن يراد به هنا الذي يتولى قبض الجزية. قاله الحافظ في الفتح (11/ 342).

(11)

في (ك): "أحدهم".

(12)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الرقاق- باب رفع الأمانة (الفتح 11/ 341 =

⦗ص: 352⦘

= ح 6497) من طريق سفيان عن الأعمش به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب، وعرض الفتن على القلوب (1/ 126 ح 230) من طريق وكيع وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش به. وأخرجه أيضًا من طريق عبد الله بن نمير وعيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش به.

ص: 349

212 -

حَدثنا أبو أُميَّةَ، وَأبو داود الحرَّاني، قالا: حدثنا النُّفَيلي

(1)

، حدثنا زُهير

(2)

، عن الأعمشِ بإسنادِه نحوَه.

(1)

عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل.

(2)

ابن معاوية بن حُدَيجٍ الجعفي، أبو خيثمة الكوفي.

ص: 352

213 -

حَدثنا محمد بن عبد الملك الواسطي الدَّقيقي، وَعمار بن رجاء

(1)

قالا: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو مالك الأشجعيُّ

(2)

، عن رِبْعِي بن حِرَاشٍ

(3)

، عن حُذيفة أنه قدم من عند عُمر رضي الله عنهما

(4)

فقال لما جلسنا

(5)

: أيُّكم سمع حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتن؟ قالوا: نحن. قال: لعلَّكم تعنون فتنَةَ الرجل في أهله وَجاره؟ قالوا: أجَل. قال:

⦗ص: 353⦘

لستُ عن تلك أَسال، تلك تُكفِّرها الصلاة والصيام والصدقة، وَلكن أيكم سمع

(6)

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتن [التي]

(7)

تموج مَوْجَ البحر؟ فسكت القومُ، وَظننتُ أنَّهُ إيَّاي يُريد، قلتُ: أنا سمعتهُ. قال: أنتَ لله أبوك. قال: قلتُ: "تُعرض الفتَنُ على القلوب عرضَ الحصير، فأيُّ قَلبٍ أُشْرِبَهَا نكتَتْ فيْه نكتة سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوبُ عَلى قلبين أبيضَ مثل الصَّفا لا تضُرُّه فتنةٌ ما دَامتِ السَّماوات والأرض، وَالآخرُ أسود مُرْبَدًّا كالكُوز مُجَخِّيًا -وأمَال كفَّهُ- لا يَعْرف معْروفًا، وَلا يُنْكِرُ منكرًا إلا ما أُشْرِب من هَوَاه".

وحَدَّثتهُ أن بينها وبَينَه بابا مُغلَقًا يوشك أن يُكْسَرَ. فقال: لا أبا لك أيُكْسر كسْرًا؟ قلتُ: نعَم. قَال: فلو أَنَّهُ فُتحَ كان لَعَلَّهُ أن يُعاد فَيُغْلَقُ. وحَدَّثتُه -أن ذلك البابَ رجلٌ يُقتَلُ أو يَموت- حديثًا ليس بالأغاليط

(8)

"

(9)

.

⦗ص: 354⦘

[قال أبو عوانة]

(10)

يُقَال: إن تفْسيرَ المُرْبَدّ

(11)

شِدَّةُ البَيَاضِ في السَّوَاد، وتفسيرُ الكوز مُجَخِّيًا قال: منكوسًا

(12)

.

(1)

التغلبي، أبو ياسر الأستراباذي.

(2)

سعد بن طارق.

(3)

حِراش -بكسر أوله وسكون الموحدة- بن جحش بن عمرو الغطفاني العبسي، أبو مريم الكوفي التقريب (1879).

(4)

عبارة الترضي ليست في (ك).

(5)

في (م) زيادة: "قال".

(6)

في (م): "يسمع" ولعله سبق قلم من الناسخ.

(7)

في الأصل و (م): "الذي يموج"، وما أثبتُّ من (ك).

(8)

قال النووي: "الأغاليط جع أُغلوطة، وهي التي يغالط بها، فمعناه: حدثته حديثًا صدقًا محققًا ليس هو من صحف الكتابيين ولا من اجتهاد ذي رأي بل من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

انظر شرح صحيح مسلم (2/ 175).

(9)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها في كتاب مواقيت الصلاة -باب =

⦗ص: 354⦘

= الصلاة كفارة (الفتح 2/ 11 ح 525) من طريق يحيى القطان عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن حذيفة ببعضه، وفيه زيادة:"أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم كما أن دون الغد الليلة" وقال أيضًا: "الباب: عمر".

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا، وأنه يأرز بين المسجدين (1/ 128 ح 231) من طريق سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر عن سعد بن طارق الأشجعي به. وأخرجه أيضًا من طريق مروان الفزاري عن أبي مالك الأشجعي به.

فائدة الاستخراج:

ربعي بن حراش نسبه المصنِّف، وجاء عند مسلم مهملًا.

تنبيه:

وضع محمد فؤاد عبد الباقي هذا الحديث في هذا الباب الذي أشرت إليه، وهو في شرح النووي في الباب الذي قبله وهو باب: باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب

وهو الصواب.

(10)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(11)

في (ك): "مربد" بدون (أل) التعريف.

(12)

هذا التفسير جاء في رواية مسلم أن أبا خالد سليمان بن حيان سأل أبا مالك الأشجعي: "يا أبا مالك! ما أسود مُربادًّا؟ قال: شدة البياض في سواد. قال: قلت: فما الكوز مُجخِّيًا؟ قال: منكوسًا".

ص: 352

214 -

حدثنا أبو داودَ الحراني، حدثنا النُّفَيلي، حدثنا زهيْر

(1)

،

⦗ص: 355⦘

حدثنا أبو مالك الأشجعيُّ بنحوهِ بطُوْله

(2)

.

ورَواه غسَّانُ بن الرَّبيع

(3)

، عن ثابت بن يزيد

(4)

، عن [سليمان]

(5)

التيمي، عن نُعَيم بن أبي هند

(6)

، عن ربعى بن حِرَاشٍ

(7)

، عن حُذَيفةَ أنَّ عمر رضي الله عنهما

(8)

- قالَ: مَن يُحدِّثنا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في

⦗ص: 356⦘

الفتنةِ؟ وَذكر الحديثَ بنحوه وَقال في آخرِه: قال حُذيفةُ: حَدَّثتُه حَديثًا ليْس بالأغاليطِ

(9)

.

(1)

ابن معاوية بن حُدَيج الجعفي، أبو خيثمة الكوفي.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا

(1/ 130 ح 231) من طريق مروان الفزاري، عن أبي مالك الأشجعي به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 386) عن يزيد بن هارون عن أبي مالك الأشجعي به.

(3)

ابن منصور الأزدي الغساني، أبو محمد الموصلي، توفي سنة (226 هـ).

ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات -ونقل الحافظ ابن حجر عن ابن حبان قوله عنه:"كان نبيلًا فاضلًا ورعا" ولم أجد هذا في المطبوع من الثقات-، وقال عنه الدارقطني:"صالح"، وقال مرة:"ضعيف"، وقال الخطيب:"كان نبيلًا، فاضلًا، ورعًا".

وقال الذهبي: "كان صالحًا ورعًا، ليس بحجة في الحديث".

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 52)، الثقات لابن حبان (9/ 2)، تاريخ بغداد للخطيب (12/ 329)، الميزان للذهبي (3/ 334)، لسان الميزان لابن حجر (4/ 418).

(4)

الأحول، أبو زيد البصري.

(5)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(6)

واسم أبي هند: النعمان بن أَشْيم الأشجعي الكوفي.

(7)

في (ك): "ربعي" فقط بدون ذكر اسم أبيه، وفي (م) ضربٌ بالقلم على:"ابن حراش".

(8)

عبارة الترضي ليست في (ك).

(9)

وصله مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبا، وأنه يأرز بين المسجدين (1/ 130 ح 231) من طريق محمد بن أبي عدي عن سليمان التيمي عن نعيم بن أبي هند به.

ولم أقف عليه موصولًا من الطريق الذي ذكره المصنِّف.

ص: 354

‌بَابُ بَيَانِ الكَبَائرِ والذنوب المُوبقاتِ

(1)

(1)

كلمة "باب" ليست في (ك)، وفي (م) ضُرِب على الكلمة.

ص: 357

215 -

حدثنا محمد بن إسْحاق الصَّغاني، حدثنا عبيد الله بن عمر

(1)

، حدثنا بشر بن المُفَضَّل

(2)

، حدثنا الجُريري

(3)

، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة

(4)

، عن أبيهِ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُخبركم بأكبر الكبائر؟ "، قالها ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسولَ الله. قال: "الإشراكُ باللهِ، وعُقوق الوالدين" -قال: وكان جالسًا متَّكِئًا

(5)

، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فَجَلس- قال:"وَقَوْل الزُّور"، قالَ: فَما زال يَقُولها حتى قلنا لَيتَه سكَتْ"

(6)

.

⦗ص: 358⦘

كذا قال ابنُ عُلَيَّة

(7)

: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جَالسًا.

(1)

ابن ميسرة الجُشَمي مولاهم، القواريري، أبو سعيد البصري، نزيل بغداد.

(2)

ابن لاحق الرَّقاشي البصري.

(3)

بضم الجيم وفتح الراء، نسبة إلى: جُرير بن عبَّاد من بكر بن وائل، أحد أجداد سعيد بن إياس الجُريري، وهو: أبو مسعود البصري، ثقة إلا أنه اختلط قبل موته بثلاث سنين، وذكر الحافظ ابن حجر أن بشر بن المفضَّل روى عنه قبل التغيُّر، وقد اتفق الشيخان على إخراج حديثه من طريق بشر بن المفضَّل.

انظر: الأنساب للسمعاني (3/ 244)، الكواكب النيِّرات لابن الكيال (ص: 178)، هدي الساري لابن حجر (ص: 425).

(4)

واسم أبي بكرة: نُفَيع بن الحارث الثقفي.

(5)

في (ك): "وكان جالسًا وكان متكئًا".

(6)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها في -كتاب الشهادات- باب ما قيل =

⦗ص: 358⦘

= في شهادة الزور (الفتح 5/ 309 ح 2654) عن مسدد عن بشر بن المفضَّل به.

وأخرجه في كتاب استتابة المرتدين -باب إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة (الفتح 12/ 276 ح 6919) عن مسدد عن بشر بن المفضل، وعن قيس بن حفص عن إسماعيل بن عُليَّة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الكبائر وأكبرها (1/ 91 ح 143) عن عمرو الناقد عن إسماعيل بن عُليَّة عن سعيد الجُريري به.

(7)

إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسَم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن عُلَيَّة، وهذا التعليق موصول عند الشيخين كما مضى في التخريج.

ص: 357

216 -

حدثنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

، حدثنا شُعْبَةُ، عن عبيد الله بن أبي بكرِ

(2)

، عن أنس بن مالك قال: سُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الكبائر، فقال:"الإشراك باللهِ، وَعُقوق الوالدين، وَقَتل النفس، وشهَادة الزور"، أو قال:"قول الزُّور"

(3)

.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 276) ووقع عنده: شعبة عن عبد الله بدل: عبيد الله، ولعله خطأ مطبعي.

(2)

ابن أنس بن مالك الأنصاري البصري.

(3)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها في -كتاب الشهادات- باب ما قيل في شهادة الزور (الفتح 5/ 309 ح 2653) من طريق وهب بن جرير وعبد الملك بن إبراهيم كلاهما عن شعبة به ولفظه: "وشهادة الزور" ولم يشك. وأخرجه في كتاب الأدب -باب عقوق الوالدين من الكبائر (الفتح 10/ 419 ح 5977) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به بالتردد بين اللفظتين، وزاد في آخره: "قال شعبة: وأكبر =

⦗ص: 359⦘

= ظني أنه قال: شهادة الزور".

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الكبائر وأكبرها (1/ 91 ح 144) من طريق خالد بن الحارث عن شعبة به، وأخرجه أيضًا من طريق محمد بن جعفر عن شعبة، وزاد في آخره الزيادة المذكورة عند البخاري.

ص: 358

217 -

حَدثَنا الربيع بن سليمان

(1)

، حدثنا ابن وَهب، أخبَرَني سليمانُ بن بلال، عن ثور بن زَيْدٍ

(2)

، عَنْ أبي الغَيْث

(3)

، عَنْ أبي هُرَيرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:"اجتَنِبُوا السَّبْعَ الموبقاتِ"، قيل: يا رسولَ الله وَمَا هُنَّ؟ قال: "الشرْكُ

(4)

باللهِ، وَالسِّحر، وَقتل النفس التي حَرَّم الله إلا بالحق، وَأكْلُ الرِّبَا وأكلْ مَالِ اليتيم، والمُوَلِّي يومَ الزَّحْفِ، وَقذف المحصَنَات الغَافِلاتِ المؤمِنَاتِ"

(5)

.

(1)

في (م) ضربٌ على كلمة "بن سليمان"، وهو الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي مولاهم المصري.

(2)

في (م) تضبيب على كلمة "زيد"، وهو: ثور بن زيد الدِّيلي مولاهم المدني.

(3)

اسمه: سالم، ولا يعرف اسم أبيه، انظر: ح (208).

(4)

في (ك): "الإشراك".

(5)

أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها: كتاب الوصايا -باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)} (الفتح 5/ 462 ح 2766) عن عبد العزيز بن عبد الله عن سليمان بن بلال به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الكبائر وأكبرها (1/ 92 ح 145) عن هارون بن سعيد الأيلي عن ابن وهبٍ به.

وأخرجه النسائي في سننه -كتاب الوصايا- باب اجتناب أكل مال اليتيم =

⦗ص: 360⦘

= (6/ 257) عن الربيع بن سليمان عن ابن وهبٍ به.

ص: 359

218 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا ابن أبي أويس

(1)

، حَدثني أخي، عَن سليمانَ بِمثلِهِ

(2)

.

(1)

إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله بن أبي أويس المدني، وأخوه اسمه: عبد الحميد.

(2)

لم أجده من طريق ابن أبي أويس، عن أخيه.

ص: 360

‌بَابُ بَيَانِ كبَائِرِ الذُّنُوب

(1)

(1)

كلمة "باب" ليست في (ك)، وفي (م) ضُرِب عليها.

ص: 361

219 -

حدثنا يوسفُ بن مُسَلَّم، حدثنا حَجاج

(1)

، حدثنا شعبَةُ، ح وَحدثنا عمارُ بن رجاءٍ

(2)

، حدثنا أبو داود

(3)

، حدثنا شعبَةُ، عن سعد بن إبراهيمَ

(4)

، عن حمُيد بن عبد الرحمن

(5)

، عن عبد الله بن عَمرو بن العَاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ من أكبر الذُّنوبِ أن يَسُبَّ الرجلُ والدَيْه". قالوا: كيف يَسُبُّ الرجُلُ وَالديه؟ قال: "يَسُبُّ الرجل أباه؛ فيسُبُّ أباه، وَيَسُبُّ أُمَّهُ؛ فَيَسُبُّ أُمَّهُ"

(6)

.

⦗ص: 362⦘

رواهُ ابن الهادِ

(7)

، عن سعدٍ

(8)

.

(1)

ابن محمد المصِّيصي الأعور.

(2)

التغلبي الأستراباذي.

(3)

الطيالسي، والحديث في مسنده (ص: 299).

(4)

ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، أبو إسحاق أو أبو إبراهيم.

(5)

ابن عوف الزهري القرشي، وسعد بن إبراهيم الراوي عنه هو ابن أخيه.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب لا يسب الرجل والديه (الفتح 10/ 417 ح 5973) من طريق إبراهيم بن سعدٍ عن أبيه عن حميد بن عبد الرحمن به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الكبائر وأكبرها (1/ 92 ح 146) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة، ومن طريق يحيى بن سعيد عن سفيان كلاهما عن سعد بن إبراهيم به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 195) من طريق محمد بن جعفر وحجاج بن =

⦗ص: 362⦘

= محمد المصيصي كلاهما عن شعبة عن سعد بن إبراهيم به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظ الحديث على ما قبله، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال به على اللفظ المحال عليه.

(7)

يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني.

(8)

هذا التعليق وصله مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الكبائر وأكبرها (1/ 92 ح 146) من طريق الليث بن سعد عن ابن الهاد عن سعد بن إبراهيم به.

ص: 361

220 -

حَدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري

(1)

، حدثنا أبو عاصم

(2)

، حدثنا سفيانُ

(3)

، عن منصورٍ

(4)

، والأعمش، ح

وَحدثنا الغَزِّي

(5)

، حدثنا الفريابي

(6)

، حدثنا سفيان

(7)

، عن

⦗ص: 363⦘

الأعمش، عن أبي وَائل

(8)

، عن عَمرو بن شُرَحْبِيل

(9)

، عَن عبد الله بن مسعود

(10)

قال: قال رجلٌ: يا رسولَ الله، أيُّ الذُّنب أكبر؟ قال:"أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقك". قالَ: ثم أيُّ؟ قال: "أن تقتُل ولدك خشيةَ أن يَطْعَمَ معك". قال: ثُم أيُّ؟ قال: "أن تُزَانيَ حَليلةَ جَارك"

(11)

.

قال: فأنزل الله تصديقَ قول رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في كتابهِ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلَى قَوْلِهِ: {يَلْقَ أَثَامًا (68)}

(12)

.

(1)

في (م) ضربٌ على نسبته "البصري"، وفي (ك) بدون ذكر النسبة.

(2)

الضحاك بن مخلد النبيل الشيباني البصري.

(3)

هو: الثوري، صرَّح به في رواية الترمذي، وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 351).

(4)

ابن المعتمر السُّلمي، أبو عتَّاب الكوفي.

(5)

عبد الله بن محمد بن عمرو بن الجراح الأزدي، أبو العباس.

(6)

محمد بن يوسف بن واقد.

(7)

ما بين النجمتين سقط من (م) ربما بسبب انتقال بصر الناسخ إلى اسم الأعمش في الإسناد التالي وقد خرَّج الناسخ خرجة إلى الهامش ربما ليستدرك ذلك، وما بالهامش غير واضح. وفي (ك) جاءت العبارة:"عن منصور الأعمش" واستدرك الناسخ حرف "عن" بين منصور والأعمش في الهامش، كتب فوقه: صح. =

⦗ص: 363⦘

= والصواب كما أثبت، لأن سفيان يرويه عن منصور والأعمش كلاهما عن أبي وائل، وهي كذلك عند البخاري وغيره كما سيأتي في التخريج.

(8)

شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي.

(9)

الهَمْدَاني، أبو ميسرة الكوفي.

(10)

في (ك): "عن ابن مسعود".

(11)

قال النووي: "الحليلة بالحاء المهملة هي: زوجته، سميت بذلك لكونها تحلُّ له، أو تحل معه، ومعنى: تزاني، أي تزني بها برضاها، وذلك يتضمن الزنا وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني، وذلك أفحش، وهو مع امرأة الجار أشد قبحًا، وأعظم جرمًا لأن الجار يتوقع من جاره الذبَّ عنه وعن حريمه، ويأمن بوائقه، ويطمئن إليه، وقد أُمِر بإكرامه والإحسان إليه فإذا قابل هذا كله بالزنا بامرأته وإفسادها عليه مع تمكنه منها على وجه لا يتمكن غيره منه كان غايةً من القبح". شرح صحيح مسلم (2/ 81).

(12)

سورة الفرقان -الآية (68)، وفي (ك) ذكرت الآية كاملة بدون قوله:"إلى قوله"، والحديث أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها في -كتاب التفسير- باب =

⦗ص: 364⦘

= {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ

} (الفتح (8/ 350 ح 4761) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن سفيان عن منصور والأعمش به.

وأخرجه في كتاب الأدب -باب قتل الولد خشية أن يأكل معه (الفتح 10/ 448 ح 6001) من طريق سفيان عن منصور عن أبي وائلٍ به.

وأخرجه في كتاب الديات -باب قول الله تعالي: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (الفتح 12/ 194 ح 6861) من طريق جرير عن الأعمش عن أبي وائلٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب كون الشرك أقبح الذنوب

(1/ 90 - 91 ح 141 و 142) من طريق جريرٍ عن منصور، ومن طريق جرير عن الأعمش كلاهما عن أبي وائلٍ به.

وأخرجه الترمذي في السنن -باب: ومن سورة الفرقان (5/ 337 ح 3182) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور والأعمش كلاهما عن أبي وائلٍ به.

وأخرجه النسائي في السنن الكبرى -كتاب التفسير- نفسير سورة الفرقان (6/ 421 ح 11369) من طريق يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور والأعمش عن أبي وائلٍ به.

ص: 362

221 -

حدثنا أبو الأزهر

(1)

، حدثنا رَوحٌ

(2)

، حدثنا شعْبَةُ، عن منصُورٍ، عن أبي وَائل، عن عَمرو بن شُرَحبيل، عن عبد الله قال: سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذَّنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نِدًّا وهو خَلَقَك".

⦗ص: 365⦘

وَذكر الحديثَ نحوَه

(3)

.

⦗ص: 366⦘

رواه جَرير عَن مَنصورٍ بمثله

(4)

.

(1)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(2)

ابن عُبَادة بن العلاء القيسي، أبو محمد البصري.

(3)

في الأصل ضبة على كلمة "الحديث"، وفي (م): ضربٌ عليها، ولم تذكر الكلمة في (ك).

والحديث غريب من هذا الوجه عن شعبة، لأن شعبة يروي هذا الحديث عن واصل الأحدب عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود بدون ذكر عمرو بن شرحبيل.

فقد أخرجه الترمذي في السنن -كتاب التفسير- باب ومن سورة الفرقان (5/ 337 ح 3183) من طريق سعيد بن الربيع، ومن طريق محمد بن جعفر.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 434) من طريق بهز بن أسد، ومن طريق محمد بن جعفر وأخرجه أبو داود الطيالسى في مسنده (ص: 35)، وهو من أثبت الناس في شعبة.

وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (4/ 146) من طريق عمرو بن مرزوق كلهم عن شعبة عن واصل عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود به.

قال الترمذي عقب روايته: "حديث سفيان عن منصور والأعمش أصح من حديث واصل لأنه زاد في إسناده رجلًا" وقال أيضًا: "هكذا روى شعبة عن واصلٍ عن أبي وائل عن عبد الله، ولم يذكر فيه عمرو بن شرحبيل".

أضف إلى هذا أن الدارقطني رحمه الله ذكر طرق الحديث، والاختلاف فيه على الأعمش، وعلى واصل الأحدب، وقال:"والصحيح حديث عمرو بن شرحبيل"، ولم يذكر هذا الطريق عن شعبة.

فمحمد بن جعفر، وأبو داود الطيالسي، وبهز موصوفون بأنهم من أثبت الناس في شعبة دون غيرهم رووه عنه عن واصل، عن أبي وائل، عن عبد الله، وخالفهم روح بن العلاء حيث زاد في الإسناد: عمرو بن شرحبيل، بين أبي وائل وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ورواية من تقدَّم ذكرهم راجحة، والوجه الآخر المرجوح يحتمل أن يكون روح =

⦗ص: 366⦘

= سمعه من شعبة حين حدَّث به نازلًا بحيث كان عمرو واسطته فيه في حال سابقة، أو ذكره على سبيل أنه ثبَّته فيه، وإن كان هذا الوجه بعيدًا، والله أعلم.

انظر: العلل للدارقطني (5/ 220 - 223)، شرح العلل لابن رجب (2/ 702 - 705).

(4)

وصله البخاري في صحيحه -كتاب التفسير- باب قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} (الفتح 8/ 13 ح 4477).

ووصله مسلم في كتاب الإيمان -باب كون الشرك أقبح الذنوب

(1/ 90 ح 141) كلاهما من طريق جرير عن منصور عن أبي وائلٍ به.

وفي (ك) في هذا الموضع ما نصه: "آخر الجزء الأول من نسخة شيخنا ابن السمعاني رحمه الله".

ص: 364

‌بَابُ بيانِ الأعمالِ التي برئ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من عاملها

(1)

(1)

في (م) ضربٌ على كلمة "باب"، وفي (ك) لم تذكر هذه الكلمة.

ص: 367

222 -

حدثَنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حَدثني أبي

(1)

، حدثنا محمد بن جَعفر، حدثنا شعبةُ، عن عبد الملك بن عُمير

(2)

،

⦗ص: 368⦘

عن رِبْعِيّ

(3)

أَنَّ أبا موسى أُغميَ عليه، فبكَتْ عليه ابنةُ الدَّومى أمُّ أبي بردة

(4)

، فلما أفاقَ قال: "أبْرؤُ إليكم ممن حَلق، وَسلَقَ

(5)

،

⦗ص: 369⦘

وشَقَّ"

(6)

.

(1)

لم أجده بهذا الإسناد في مسنده.

(2)

ابن سويد بن جارية القرشي -ويقال: اللخمي- الكوفي، ويعرف بالقِبْطي أو ابن القِبْطية، نسبة إلى فرس له يقال له: قبطي توفي سنة (136 هـ).

وقال ابن خلِّكان: "الفَرَسي بالفاء والراء المفتوحتين والسين المهملة، نسبة إلى هذا الفرس أيضًا وأكثر الناس يصحِّفونه بالقرشي"، ونحوه قال ابن الأثير في اللباب.

وأورد الحافظ هذا الاختلاف في نسبه وقال: "الصواب أنه يجوز في نسبته الأمران".

وثقه ابن معين في رواية وقال: "أخطأ في حديث أو حديثين"، ووثقه العجلي، والنسائي، وابن نمير، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان مدلِّسًا"، وذكره في مشاهير علماء الأمصار أيضًا.

وقال ابن معين في رواية: "مخلِّط"، وقال الإمام أحمد:"مضطرب في الحديث جدًّا"، وفي رواية أنه ضعَّفه جدًّا. وقال أبو حاتم:"ليس بحافظ، وهو صالح الحديث، تغير حفظه قبل موته"، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء، وقال ابن خراش:"كان شعبة لا يرضاه".

وهذا الحديث من رواية شعبة عنه، وهو من قدماء أصحابه.

وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ وقال: "ما اختلط الرجل، ولكنه تغيَّر تغيُّر الكبر"، ووثقه في المغني والميزان ورمز له "صح"، وقال: "لم يورده ابن عدي، ولا العقيلي، ولا ابن حبان، وقد ذكروا من هو أقوى حفظًا منه، وأما ابن الجوزي فحكى الجرح وما دكر التوثيق، =

⦗ص: 368⦘

= والرجل من نظراء السبيعي أبي إسحاق، وسعيد المقبري، لما وقعوا في هرم الشيخوخة نقص حفظهم، وساءت أذهانهم، ولم يختلطوا، وحديثهم في كتب الإسلام كلها".

وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة، فصيح، تغيَّر حفظه، وربما دلس"، وقال في هدى الساري:"احتج به الجماعة، وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات، وإنما عيب عليه أنه تغير لكبر سنِّه؛ لأنه عاش مائة وثلاث سنين، ولم يذكره ابن عدي في الكامل ولا ابن حبان".

وأورده في المرتبة الثالثة من المدلسين.

انظر: سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 295، 301)، العلل رواية عبد الله بن أحمد عن أبيه (3/ 54)، ترتيب ثقات العجلي للهيثمى (2/ 104)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 361)، الثقات لابن حبان (5/ 116)، اللباب لابن الأثير (2/ 422)، وفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 165)، تهذيب الكمال للمزي (18/ 370)، ميزان الاعتدال (2/ 660)، وتذكرة الحفاظ (1/ 136)، والمغني في الضعفاء (2/ 407)، والرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردَّهم كلها للذهبي (ص: 132 رقم 55)، تعريف أهل التقديس (ص: 96)، وهدي الساري لابن حجر (ص: 443)، والتقريب (4200).

(3)

ابن حِرَاش بن جحش الغطفاني العبسي، أبو مريم الكوفي.

(4)

هي أم عبد الله بنت أبي دَوْمَة، امرأة أبي موسى الأشعري.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (35/ 370)، الإصابة لابن حجر (8/ 252).

(5)

بالسين، والصاد -كما في رواية آتية- لغتان، قال الأصمعي: هو الصوت الشديد، ومنه قوله تعالى:{سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [سورة الأحزاب: 19].

وقال ابن الأثير: "سلق أي: رفع صوت عند المصيبة، وقيل: هو أن تصك المرأة =

⦗ص: 369⦘

= وجهها وتمرشه والأول أصح".

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 97)، النهاية لابن الأثير (2/ 391).

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم ضرب الخدود، وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية (1/ 100 ح 167) من طريق عياض الأشعري عن امرأة أبي موسى عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن طريق صفوان بن محرز عن أبي موسى كذلك مرفوعًا، ومن طريق الحسن بن علي الحلواني عن عبد الصمد عن شعبة عن عبد الملك عن ربعي بن حراشٍ به مرفوعًا.

وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات (4/ 115) عن عفان بن مسلم عن شعبة عن عبد الملك بن عُمَير قال: "سمعت ربعيَّ

" به. وصرَّح عبد الملك في روايته بالتحديث غير أنه أورده موقوفًا كما هي رواية المصنِّف.

وأخرجه ابن منده في الإيمان (2/ 646) من طريق علي بن سعيد النسوي عن عبد الصمد عن شعبة عن عبد الملك بن عمير به مرفوعًا، وعقَّب ابن منده قائلًا:"رواه الحسن بن علي الحلواني عن عبد الصمد نحوه مرفوعًا، ورواه محمد بن يحيى عن عبد الصمد موقوفًا، كذلك رواه جماعة عن شعبة". أي موقوفًا. ومنهم عفان بن مسلم كما رواه المصنِّف.

ثم أخرجه -أي ابن منده- من طريق حفص بن عمر الحوضي عن شعبة عن عبد الملك به موقوفًا، وعقَّب بقوله: "رواه غندر، وغيره عن شعبة عن منصور، عن إبراهيم، عن يزيد بن أوس قال: أغمي على أبي موسى

مرفوعًا".

وقال الدارقطني رحمه الله: "يرويه عبد الملك بن عمير، واختلف عنه، فرفعه علي بن سعيد النسائي عن عبد الصمد عن شعبة عن عبد الملك بن عمير، ووقفه أصحاب شعبة عن شعبة. =

⦗ص: 370⦘

= ورفعه المحاربي عن عبد الملك بن عمير إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال ذلك أبو ظفر عن المحاربي، وغيره يرويه عنه موقوفًا.

ورفعه أبو عمر الضرير عن أبي عوانة عن عبد الملك، وغيره يرويه عن أبي عوانة موقوفًا، والموقوف عن عبد الملك أثبت". العلل للدارقطني (7/ 226).

ومع هذا الاختلاف فكلتا روايتي الرفع والوقف صواب، بحيث إن أبا موسى سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم فرواه عنه، ولما حصلت حادثة بكاء زوجه عليه أمامه برئ منها كما برئ منها النبي صلى الله عليه وسلم كما تدل عليه الرواية الآتية، والله أعلم.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم لفظ الحديث من هذا الطريق، وذكره المصنِّف.

ص: 367

223 -

حدثنا أبو حُميد العَوَهي الأزدي الحمصي

(1)

، حدثنا محمد بن المبارك الصُّوْرِي

(2)

، حدثنا يحيى بن حمزةَ

(3)

، ح

⦗ص: 371⦘

وَحدثني ابن عَبدوس

(4)

، وأبو حفص القَاصُّ

(5)

قالا: حدثنا الحكم بن موسى

(6)

، عن يحيى بن حمزةَ، عن عبد الرحمن بن يزيدَ بن جابر

(7)

أنَّ القاسم بن مُخيْمِرةَ

(8)

حَدَّثه قال: حَدثني أبو بُرْدَة بن أبي موسى

(9)

قال:

⦗ص: 372⦘

"وَجع أبو موسى وَجعًا فغُشِيَ عليه، ورَأسُهُ في حَجر

(10)

امْرأةٍ من أهله، فصاحت امرأةٌ من أهلهِ فلم يسْتطعْ أن يردَّ عليها شيئًا، فلما أفاق قال: أنا بريءٌ ممن بَرِئَ منهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَرِئَ من الصَّالِقَةِ، وَالحَالِقةِ، وَالشَّاقَّةِ"

(11)

.

(1)

العَوَهي: بفتح العين المهملة والواو، كسر الهاء، نسبة إلى "العَوَه" بطن من العرب قاله السمعاني، وهذا البطن من الأزد كما نسبه المصنِّف، والمنتسب إليه هنا هو: أحمد بن محمد بن سيَّار، كذا ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، والسمعاني في الأنساب.

وذكره المزي فقال: "أحمد بن محمد بن المغيرة بن سنان، وقيل: أحمد بن محمد بن معروف بن سنان، وقيل: أحمد بن محمد بن سيار" وهو ثقة. واقتصر الذهبي وابن حجر -في التقريب- على ما ذكره المزي أولًا في اسمه.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 72)، الأنساب للسمعاني (9/ 92)، تهذيب الكمال للمزي (1/ 472)، الكاشف للذهبي (1/ 80)، التقريب (99).

(2)

نسبة إلى مدينة صُوْر، بلدة كبيرة على ساحل الشام، وهي الآن في لبنان.

انظر: الأنساب للسمعاني (8/ 104).

(3)

ابن واقد الحضرمي، أبو عبد الرحمن الدمشقي البتلهي القاضي.

(4)

في (م): "أبو عبدوس" وهو خطأ، وهو: محمد بن عبدوس بن كامل السَّرَّاج السُّلمي البغدادي، أبو أحمد، واسم أبيه: عبد الجبار، ولقبه عبدوس، توفي سنة 293 هـ.

قال ابن المنادي: "كان من المعدودين في الحفظ، وحسن المعرفة بالحديث، أكثر الناس عنه لثقته وضبطه"، وقال الحسن بن أبي بكر القاضي:"كان حسن الحديث كثيره، ثبتًا لا أعلمه غيَّر شيبه"، وقال الخطيب:"كان من أهل الفضل والمعرفة"، ووصفه الذهبي بالحفظ، ووثقه ابن العماد الحنبلي.

انظر: تاريخ بغداد (2/ 381)، تذكرة الحفاظ (2/ 683) وسير أعلام النبلاء للذهبي (13/ 531)، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 215).

(5)

عمر بن مدرك البلخي الرازي القاص، توفي سنة (270 هـ).

كذبه ابن معين، وأورد ابن أبي حاتم له حكاية عن أبيه تدل على أنه يحدث عمن لم يدركه، وقال المزي:"ضعيفٌ واهٍ"، وقال الذهبي:"ضعيف".

وقد جاء الحديث من غير طريقه؛ فقد رواه ابن عبدوس عند المصنِّف، وتابعه مسلمٌ أيضًا كما سيأتي في التخريج.

انظر: الجرح والتعديل (6/ 136)، تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (2/ 587)، تاريخ بغداد للخطيب (11/ 211)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 481)، ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 223).

(6)

ابن أبي زهير شيرزاد البغدادي القَنْطَري الزاهد.

(7)

الأزدي، أبو عتبة الداراني.

(8)

الهَمْدَاني، أبو عروة الكوفي، نزيل دمشق.

(9)

اسمه: الحارث، وقيل: عامر، وقيل: اسمه كنيته. انظر: تهذيب الكمال للمزي (33/ 66).

(10)

في (م): "حجرة".

(11)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية (1/ 100 ح 167) عن الحكم بن موسى القنطري عن يحيى بن حمزة به.

وأخرجه ابن منده في الإيمان (2/ 644) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن الحكم بن موسى به، وقال ابن منده عقب الحديث:"حديث مشهور عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر".

ص: 370

224 -

حَدثنا يزيد بن سنان

(1)

، حدثنا نُعَيم بن حماد

(2)

، حدثنا

⦗ص: 374⦘

يحيى بن حمزةَ بإسْنادِهِ "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَرِئَ من السَّالِقَةِ، وَالحَالِقَةِ"

(3)

.

(1)

ابن يزيد بن الذَّيَّال القرشي الأموي، أبو خالد القزاز.

(2)

ابن معاوية الخزاعي المروزي، أبو عبد الله، نزيل مصر، توفي سنة (229 هـ).

أحد أئمة أهل السنة، كان شديدًا على الجهمية، وامتحن في فتنة القول بخلق القرآن فلم يجب، فمات مقيَّدا في السجن رحمه الله تعالى.

وثقه ابن معين مرة، وقال مرة:"كان يتوهمَّ الشيء فيخطئ فيه، وكان من أهل الصدق"، وقال مرة:"ليس في الحديث بشيء، ولكنه صاحب سنة"، وذمه مرةً لأنه يروي عن غير الثقات، ووثقه الإمام أحمد، والعجلي، وقال أبو حاتم:"محله الصدق"، وقال أبو زرعة الدمشقي:"يصل أحاديث وقفها الناس"، وقال صالح جزرة:"كان يحدث من حفظه، وعنده مناكير لا يتابع عليها"، وقد ضعفه النسائي، وأبو بشر الدولأبي واتهمه هو وأبو الفتح الأزدي بالوضع، وقال ابن يونس المصري:"كان يفهم الحديث، روى أحاديث مناكير عن الثقات"، وقال مسلمة بن القاسم: "كان صدوقًا، =

⦗ص: 373⦘

= كثير الخطأ، وله أحاديث منكرة في الملاحم انفرد بها"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ ووهم"، وذكر ابن عدي جملة من منكيره وقال: "وقد أثنى عليه قومٌ، وضعفه آخرون، وكان ممن يتصلب في السنة، ومات في محنة القرآن في الحبس، وعامة ما أنكر عليه هذا الذي ذكرته، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيمًا"، وقال أيضًا: "وابن حماد -الدولأبي- متهم فيما يقوله -أي في نعيم- لصلابته في أهل الرأي"، وقال الدارقطني: "إمام في السنَّة، كثير الوهم". ولعل هذا هو أعدل الأقوال فيه.

وقال الذهبي في التذكرة: "هو -مع إمامته- منكر الحديث"، وقال أيضًا:"كان من أوعية العلم ولا يحتج به"، وقال في السير:"لا يجوز لأحد أن يحتجَّ به"، وقال في العبر:"له غلطات ومنكير مغمورة في كثرة ما روى"، وذكره في ديوان الضعفاء، والمغني، وفي معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد.

فمحصَّل كلامه أنه لا يحتج به منفردًا، ولا يترك.

وقال الحافظ في التهذيب: "ثبتت عدالته وصدقه، ولكن في حديثه أوهامٌ معروفة"، وقال في الهدي بعد سوقه أقوال المجرحين والمعدلين:"ونسبه أبو بشر الدولأبي إلى الوضع وتعقب ذلك ابن عدي بأن الدولأبي كان متعصبًا عليه، لأنه كان شديدًا على أهل الرأي، وهذا هو الصواب، والله أعلم"، وقال في التقريب:"صدوقٌ، يخطئ كثيرًا، فقيه عارف بالفرائض".

وقد توبع على حديثه هذا ولله الحمد.

انظر: سؤالات ابن الجنيد لابن معين (ص: 379، 398 - 399)، ترتيب معرفة ثقات العجلي للهيثمي (2/ 316)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 464)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 234)، الثقات لابن حبان (9/ 219)، الكامل لابن عدي (7/ 2482)، سؤالات الحكم للدارقطني (ص: 280)، تاريخ بغداد للخطيب (13/ 312)، الضعفاء لابن الجوزي (3/ 164)، تهذيب الكمال للمزي =

⦗ص: 374⦘

= (29/ 466)، تذكرة الحفاظ (2/ 419)، وسير أعلام النبلاء (10/ 600)، والعبر (1/ 609)، والرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص: 181)، وديوان الضعفاء (ص: 412)، والمغني للذهبي (2/ 700)، هدي الساري (ص: 470)، وتهذيب التهذيب (10/ 412)، والتقريب لابن حجر (7166).

(3)

من قوله: "بإسناده" إلى آخر الحديث سقط من (م)، وفيه تخريجٌ إلى الهامش، والهامش غير واضح لسوء تصوير النسخة، والحديث قد سبق أن مسلمًا أخرجه من طريق يحيى بن حمزة به.

ص: 372

225 -

حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخَوْلاني، حدثنا يحيى بن سَلَّام

(1)

، حدثنا عبد الرحمن

(2)

بن يزيد، عن القاسم بن مُخَيْمرة، عن

⦗ص: 375⦘

أبي بُردةَ بن

(3)

أبي موسى أنَّ أباه اشتكى فَأُغْمِيَ عَليهِ، فَبَكَتْ باكيَةٌ فـ[لما]

(4)

أفَاق، قالَ: "إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَرِئ من أقوامٍ، وَأنا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ منه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم

(5)

بَرِئَ مِمَّنْ سَلَقَ، أو حَلَقَ، أو شَقَّ"

(6)

.

(1)

ابن أبي ثعلبة البصري، أبو زكريا، نزيل المغرب، توفي سنة (200 هـ). كذا قال الذهبي، وقال الداوودي:"ابن ثعلب".!

قال أبو زرعة الرازي: "لا بأس به، ربما وهم"، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"ربما أخطأ"، وقال أبو عمرو الداني:"وكان ثقة، ثبتًا، عالمًا بالكتاب والسنة".

وقال ابن عدي بعد أن ذكر بعض مناكيره: "وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه"، وضعفه الدارقطني. وقد توبع على حديثه هذا.

انظر: أبو زرعة الرازي وجهوده (2/ 339)، الجرح والتعديل (9/ 155)، الثقات لابن حبان (9/ 261)، سير أعلام النبلاء (9/ 396)، وميزان الاعتدال للذهبي (4/ 380)، لسان الميزان لابن حجر (9/ 256)، طبقات المفسرين للداوودي (2/ 371).

(2)

هنا ينتهي السقط من (ط) المشار إليه في أثناء سند حديث رقم (157).

(3)

في (ط): (عن) بدل "بن"، وهو خطأ.

(4)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(5)

عبارة: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم" سقطت من (م)، وفي موضعه تخريجٌ إلى الهامش ولكن الهامش غير واضح.

(6)

أخرجه مسلم -كما تقدم- من طريق يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد به، وهو عند ابن منده من وجهٍ آخر عن عبد الرحمن بن يزيد، فقد أخرجه في "الإيمان"(2/ 644) من طريق جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة بن أبي موسى به.

ص: 374

226 -

حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا ابن أبي مريم

(1)

، أخبرنا محمد بن جعفر بن أبي كثير

(2)

، أخبرَني العلاءُ

(3)

، عن أبيهِ، عَن أبي هُرَيرةَ قال: جَاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى السُّوق فإذا حِنْطَةٌ مُصَبَّرةٌ

(4)

فأدخل يدَهُ فيها فرأى بها بللًا، فقال:"ما هَذا يا صاحِبَ الطعام؟ "، قال: يا رسولَ الله

⦗ص: 376⦘

أصابَهُ مطرٌ، فهوَ هذا البَلَلُ الذي تَرَى، قال:"أفلا جَعَلْتَهُ على رأس الطعامِ حتى يراه الناس، مَن غشَّ فليْس منِّي، مَن غَشَّ فليس منِّي"

(5)

.

(1)

سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

في (ط) و (ك): "محمد بن جعفر يعني ابن أبي كثير"، وهو: الأنصاري الزرقي مولاهم.

(3)

ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم المدني.

(4)

الطعام المجتمع كالكومة. النهاية لابن الأثير (3/ 9).

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا (1/ 99 ح 164) من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن به، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صُبْرة طعام.

والحديث رواه أيضًا عن النبي: ابن عمر، وأبو بردة بن نيار، وأبو الحمراء رضي الله عنهم، فأخرجه أحمد في المسند (2/ 50)، والدارمي في سننه -كتاب البيوع- باب النهي عن الغش (2/ 323) من طريق سالم عن ابن عمر به. وأخرجه أحمد أيضًا في المسند (3/ 466) عن أبي بردة بن نيار عن النبي صلى الله عليه وسلم به. وأخرجه ابن ماجه في السنن -كتاب التجارات- باب النهي عن الغش (2/ 749 ح 2225) عن أبي الحمراء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 375

227 -

حدثنا عثمان بن خُرَّزَاذ

(1)

، حدثنا أبو الأحوص محمد بن حَيَّان

(2)

حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم

(3)

، عن سُهَيلٍ، عن أبيه، عن أبي هُرَيرةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ حَمَلَ عَلينا السِّلاحَ فَليْسَ مِنَّا"

(4)

.

⦗ص: 377⦘

كذا رواه الدورقي يَعقوبُ [عن عبد العزيز يرفعه: ومن غشَّنا فليس مِنَّا]

(5)

.

(1)

هو: عثمان بن عبد الله بن محمد بن خُرَّزَاذ البصري الأنطاكي.

(2)

البغوي، نزيل بغداد. وقد روى المزي بإسناده حديثه هذا وقال: رواه مسلم عنه، فوافقناه فيه بعلو، وليس له عنده غيره. تهذيب الكمال (25/ 123).

(3)

واسم أبي حازم: سلمة بن دينار، وعبد العزيز تكلِّم فيه، انظر: ح (79)، وقد توبع عند مسلم كما سيأتي.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا (1/ 99 ح 164) من طريق قتيبة بن سعيد عن يعقوب بن عبد الرحمن القاري، ومن طريق أبي الأحوص محمد بن حيان عن ابن أبي حازم كلاهما عن سهيل بن أبي صالح به، =

⦗ص: 377⦘

= وعنده زيادة: "ومن غشنا فليس منا".

(5)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، والدورقي: بفتح الدال المهملة وسكون الواو وفتح الراء، نسبة إلى دورق بلدة بخوزستان، ونسبة أيضًا إلى لبس القلانس التي يقال لها الدورقية، ويعقوب هو: ابن إبراهيم بن كثير بن أفلح العبدي القيسي مولاهم، أبو يوسف، منسوبٌ إلى لبس القلانس الطوال التي تسمى دورقية كما في الأنساب للسمعاني (5/ 352 - 353). ولم أجد من وصل الحديث من طريقه، ولعله في مسنده، فإنه صنف مسندًا كما ذكر ذلك الخطيب في تاريخه (14/ 277).

ص: 376

228 -

حدثَنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد

(1)

، أخبرنا عكرمةُ بن عمار

(2)

، حدثنا إياس بن سلمة

(3)

، عن أبيْهِ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَلَّ علينا السِّلاحَ فَليْس مِنَّا"

(4)

.

(1)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري.

(2)

العجلي، أبو عمار اليمامي، قال الإمام أحمد:"حديثه عن إياس بن سلمة صالح".

العلل رواية عبد الله بن أحمد (1/ 380).

(3)

ابن الأكوع الأسلمي المدني.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا (1/ 98 ح 162) من طريق مصعب بن المقدام عن عكرمة به، وفيه:"السيف" بدل "السلاح".

ص: 377

229 -

حدثنا علي بن حرب، حدثنا ابن إدريس

(1)

، ح

⦗ص: 378⦘

وحَدثنا موسى بن إسحاق القوَّاس، حدثنا ابن نُمَيرٍ

(2)

، ح

وحدثَنا عمر بن شَبَّة

(3)

، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، ح

(4)

وَحَدثَنا الحسن بن عفَّان، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي

(5)

قالا: حدثنا أبو أُسامة

(6)

كلهم عن عبيد الله

(7)

، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَمَلَ عَلينا السِّلاحَ فليْسَ مِنَّا"

(8)

.

(1)

في (م): "أبو إدريس" وهو خطأ، وابن إدريس هو: عبد الله بن إدريس بن يزيد بن =

⦗ص: 378⦘

= عبد الرحمن الأودي الزَّعَافري، أبو محمد الكوفي.

(2)

في (م): "أبو نمير"، وهو خطأ، وهو: عبد الله بن نُمير الهَمْدَاني الكوفي.

(3)

بفتح المعجمة وتشديد الموحدة، ابن عَبِيدة بن زيد النُّميرى -مصغر-، أبو زيد بن أبي معاذ البصري، صاحب كتاب "تاريخ المدينة". التقريب (4918).

(4)

سقطت الواو من (م)، وليس فيها علامة التحويل -كالمعتاد في النسخة-، فصار الإسناد متصلًا بالذي بعده.

(5)

أبو جعفر الكوفي.

(6)

حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي.

(7)

ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العَدَويُّ العُمَري، أبو عثمان المدني، وهو من أثبت أصحاب نافع كما في شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 667).

(8)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الديات -باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا. . .} (الفتح 12/ 199 ح 6874) من طريق جويرية بن أسماء عن نافع به.

وأخرجه أيضًا في كتاب الفتن من صحيحه -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا (الفتح 13/ 26 ح 7070) من طريق مالك عن نافعٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس =

⦗ص: 379⦘

= منا (1/ 98 ح 161) عن زهير بن حرب ومحمد بن المثنى كلاهما عن يحيى القطان، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة وابن نمير كلهم عن عبيد الله عن نافعٍ به.

وأخرجه أيضًا من طريق يحيى بن يحيى عن مالك عن نافعٍ به.

ص: 377

‌بَابُ

(1)

بيانِ الأخلاق والأعمال المحمودة التي جَعَلها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان، وَنَسَبَها إلى أهل الحجاز [وما يليها، وبالله التوفيق]

(2)

(1)

كلمة "باب" من الأصل فقط، وليست في (ط) و (ك)، وفي (م) ضُرب عليها.

(2)

ما بين المعقوفتين من (ك) و (ط) كلمة: "وما يليها" فقط من (م)، وفي (ط) و (ك) بعد قوله: وما يليها زيادة في ترجمة الباب كالتالي: "والأخلاق والأعمال المذمومة التي نسبها إلى الكفر، وأنها قِبل المشرق" ولكن عليها -في كلتا النسختين- علامة حذف (لا- إلى).

ص: 380

230 -

حدثنا الصغاني، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عَن قيس بن أبي حازم عَنْ أبي مَسْعُودٍ الأنصاري قال: أشَارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِهِ نحوَ اليَمَنِ فَقَال: "الإيمانُ ها هنا -وأَشار بِيدِهِ نحو اليمنِ

(1)

- ألا وإنَّ القسوَةَ وغِلَظَ القُلوبِ في

⦗ص: 381⦘

الفَدَّادين

(2)

أصحابَ الإبل حيثُ يُطْلعُ قرنُ الشيطان، في ربيعةَ ومُضرَ"

(3)

.

(1)

المراد باليمن هنا حدُّ اليمن بأكمله، وليس ذلك مقتصرًا على ما هو معروف اليوم جغرافيًّا، وحدُّ اليمن عند العلماء قديمًا كما قال الأصمعي:"بين عُمان إلى نجران، ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن، إلى الشَّحر حتى يجتاز عمان فينقطع من بينونة، وبينونة: بين عمان والبحرين وليست بينونة من اليمن"، وقيل: حدُّ اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت، والشَّحر وعمان إلى عدن أبين، وما يلي ذلك من التهائم والنجود".

وقال عاتق البلادي: "العرب من قديم تطلق على كلِّ ما هو جنوب يمنًا، وعلى ما هو شمال: شامًا، خاصة في الحجاز فهم يعتبرون كل ما هو جنوب مكة: يمنًا".

والحديث الآتي برقم (237) يدل على أن الحجاز داخلٌ في اليمن، وفي هذه الفضيلة =

⦗ص: 381⦘

= التي ذكرها لهم النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

انظر: معجم البلدان لياقوت (5/ 510)، معجم المعالم الجغرافية للبلادي (ص: 339).

(2)

اختلف في المراد بالفدادين، وكلامهم يكاد يكون متقاربًا، قال النووي:"الصواب في الفدَّادين بتشديد الدال جمع فدَّاد: بدالين أولها مشددة، وهذا قول أهل الحديث والأصمعي وجمهور أهل اللغة، وهو من الفديد وهو: الصوت الشديد، فهم الذين تعلو أصواتهم في إبلهم وخيلهم وحروثهم ونحو ذلك". شرح صحيح مسلم، للنووي، (2/ 34).

وقيل: هو جمع فَدَّان، والمراد به البقر التي يُحرَث عليها، وقيل: الفدان آلة الحرث والسكة، وقيل: إن الفدَّادين هم أصحاب الإبل الكثيرة من المائتين إلى الألف، وقيل: المراد به من يسكن الفدافد وهي البراري والصحاري، وهذا الأخير هو أضعف الأقوال.

انظر: فتح الباري لابن حجر (6/ 405).

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب بدء الخلق- باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال (الفتح 6/ 403 ح 3302)، وأيضًا أخرجه في كتاب الطلاق -باب اللعان (الفتح 9/ 348 ح 5303) من طريق يحيى القطان عن إسماعيل بن أبي خالد به.

وأخرجه أيضًا في كتاب المناقب -باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى. . .} (الفتح 6/ 608 ح 3498) من طريق ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد به. =

⦗ص: 382⦘

= وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 71 ح 81) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، ومعتمر بن سليمان، وعبد الله بن إدريس، وعبد الله بن نمير كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف: قيسًا بأنه ابن أبي حازم، وجاء عند مسلم مهملًا.

ص: 380

231 -

حدثنا أبو الأزهر

(1)

، حدثنا وَهْبُ بن جَرير

(2)

، عن شُعْبَةَ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عَنْ قيس بن أبي حَازِمٍ، عن أبي مَسعُودٍ الأنصاري أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان ها هُنا -وأشارَ بِيدِهِ إلى اليمنِ-، والجفاء وغِلَظُ القلوبِ في الفَدَّادينَ عَند أصُول أذنابِ الإبلِ؛ حَيثُ يَطْلعُ قَرْنا الشَّيْطَان من مُضرَ وربيعةَ

(3)

"

(4)

.

(1)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(2)

ابن حازم الأزدي، أبو العباس البصري.

(3)

في (ط) و (ك): "من ربيعة ومضر".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المغازي -باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن (الفتح 7/ 701 ح 4387) من طريق وهب بن جرير عن شعبة به.

وأخرجه مسلم من طرق عن إسماعيل به كما تقدم في الإسناد السابق.

ص: 382

232 -

حَدثَنا الصَّاغانيُّ، أخبرنا سعيد بن أبي مريم

(1)

، أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدِيُّ

(2)

، عَن العلاء

(3)

، عن أبيه، عَن أبي هُريرَةَ

⦗ص: 383⦘

قال

(4)

: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمانُ يَمانٍ

(5)

، وَالكُفر قِبَلَ المشرق، والسَّكينةُ في أهلِ الغنم، والفَخْرُ والرِّياء في الفَدَّادين أَهْل الخيلِ، وأهل الوَبر"

(6)

.

(1)

هو: سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

في (ط) و (ك): "عبد العزيز الدراوردي".

(3)

ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم المدني.

(4)

سقطت كلمة "قال" من (ط) و (ك).

(5)

في (م)"أيمان" بدل "يمان"، ولعله سبق قلم.

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 72 ح 86) من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء به.

وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب الفتن -باب ما جاء في الدجال لا يدخل المدينة (4/ 515 ح 2243) عن قتيبة عن عبد العزيز الدراوردي به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 457) من طريق شعبة عن العلاء به، وأخرجه (2/ 407) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء به.

ص: 382

233 -

حَدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو مُعاوية

(1)

، عن الأعمش، عن أبي صَالح

(2)

، عَن أبي هُريرةَ قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أتاكم أهل اليمن، هُم

(3)

ألين قُلوبًا، وَأرقُّ أفئدةً، الإيمانُ يَمانٍ

(4)

، والحكمةُ يمانِيَة، رأس الكفر قِبَل المشرق"

(5)

.

(1)

محمد بن خازم الضرير، ثقة في الأعمش.

(2)

ذكوان السمان المدني.

(3)

كلمة "هم" ليست في (ط) و (ك).

(4)

في (م): "أيمان".

(5)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب المغازي -باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن (الفتح 7/ 701 ح 4388) من طريق شعبة عن الأعمش به. =

⦗ص: 384⦘

= وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 73 ح 90) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب كلاهما عن أبي معاوية عن الأعمش به.

وأخرجه أيضًا من طريق جرير عن الأعمش به.

وأخرجه أيضًا (ح 91) من طريق شعبة عن الأعمش به.

وأخرجه أحمد في المسند (2/ 252) عن يعلى بن عبيد وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش به.

ص: 383

234 -

حدثنا علي [بن حرب]

(1)

، حدثنا مصعَبُ بن المقدَام

(2)

، حدثنا دَاودُ الطَّائِي

(3)

، عَنْ الأعمَش بإسْنادِهِ مثلَه، إلى قوله:"والحِكمة يمانيَةٌ، والقسْوةُ وغِلَظُ القلوبِ في الفَدَّادين أصحاب الإبل قِبَلَ المشرق"

(4)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

الخثعمي مولاهم، أبو عبد الله الكوفي.

(3)

هو: داود بن نُصَير الطائي، أبو سليمان الكوفي الفقيه.

(4)

أخرجه البخاري ومسلم وأحمد من طرق عن الأعمش كما تقدم في الإسناد السابق، وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في الحلية (7/ 363) من طريق علي بن حرب وغيره عن داود بن المقدام به.

ص: 384

235 -

أخبَرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب أنَّ مالكًا

(1)

أخبَره عن أبي الزِّنَاد

(2)

، عَن الأعرج

(3)

، عَن أبي هُريرَةَ أَنَّ

⦗ص: 385⦘

رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأسُ الكفرِ نحوَ المشرق، والفخرُ والخُيَلاءُ في أَهْل الخيل، والإبل، وَالفَدَّادين أهل الوبر، والسَّكينةُ في أهْل الغَنَمِ"

(4)

.

(1)

الحديث في الموطأ -كتاب الاستئذان -باب ما جاء في أمر الغنم (2/ 970 ح 15).

(2)

وقع في (م): "أبي الزياد"، وهو خطأ، وأبو الزناد هو: عبد الله بن ذكوان القرشي.

(3)

عبد الرحمن بن هرمز المدني.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب بدء الخلق -باب خير مال المسلم غنمٌ يتبع بها شغف الجبال (الفتح 6/ 403 ح 3301) من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك به.

وأخرجه أيضًا في كتاب المغازي من صحيحه -باب قدوم الأشعرين وأهل اليمن (الفتح 7/ 701 ح 4390) من طريق شعيب عن أبي الزناد به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 72 ح 85) عن يحيى بن يحيى عن مالكٍ به.

ص: 384

236 -

حَدثنا عَليُّ بن عُثمانَ النُّفَيلي، حدثنا خالد بن مَخْلَد

(1)

،

⦗ص: 386⦘

حدثنا مالك، عَنْ أبي الزِّنَاد

(2)

، عَن الأعرج، عَن أبي هُريرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أتاكم أهلُ اليمن، هُم أَلْيْنُ قلوبًا، وَأَرَقُّ أفئدةً، الإيمانُ يَمانٍ، والفقهُ يَمانٍ، وَالحكمَةُ يمانيَّة"

(3)

.

(1)

القطواني، أبو الهيثم البجلي مولاهم، توفي سنة (213 هـ).

والقَطَوَاني: بفتح القاف والطاء المهملة والواو وفي آخرها النون، نسبة إلى موضعٍ بالكوفة يقال لها قَطَوَان، قال السمعاني:"ولعله اسم رجلٍ أو قبيلة نزلت هذا الموضع".

وثقه ابن معين، والعجلي، وصالح جزرة وقال:"إلا أنه كان متهمًا بالغلو"، ووثقه عثمان بن أبي شيبة، وذكره ابن حبان في الثقات، وكذا ابن شاهين.

وقال ابن سعد: "كان منكر الحديث، مفرط التشيع، وكتبوا عنه ضرورة"، وقال الإمام أحمد:"له أحاديث مناكير"، وقال الجوزجاني:"كان شتَّامًا، معلنًا بسوء مذهبه"، وقال أبو داود:"صدوق، لكنه يتشيع"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه"، وقال الأزدي:"في حديثه بعض مناكير، وهو عندنا في عداد أهل الصدق".

وذكره الساجي، والعقيلي، وابن الجوزي في الضعفاء.

وقال الذهبي: "شيعي صدوق، يأتي بغرائب ومناكير"، وذكره في معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص: 94)، وذكره أيضًا في المغني في الضعفاء، وفي الديوان. =

⦗ص: 386⦘

= وقال الحافظ ابن حجر: "أما التشيع فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضره لا سيما ولم يكن داعية إلى رأيه، وأما المناكير فقد تتبعها أبو أحمد بن عدي من حديثه، وأوردها في كامله وليس فيها شيء مما أخرجه البخاري، بل لم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد، وهو حديث أبي هريرة: من عادى لي وليًّا". وقال في التقريب: "صدوق، يتشيع، وله أفراد".

وهذا ليس من أفراده، فقد تابعه ابن وهب عند المصنِّف، وغيره كما سبق في تخريج الحديث السابق، والحديث في الموطأ كما سبق أيضًا.

انظر: الطبقات لابن سعد (6/ 406)، تاريخ الدارمي (ص: 105)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (2/ 18)، أحوال الرجال للجوزجاني (ص: 131)، سؤالات الآجري لأبي داود (ص: 103)، الضعفاء للعقيلي (2/ 15)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (354/ 3)، الثقات لابن حبان (8/ 224)، الكامل لابن عدي (3/ 907)، أسماء الثقات لابن شاهين (ص: 116)، الأنساب للسمعاني (10/ 196)، الضعفاء لابن الجوزي (1/ 250)، تهذيب الكمال للمزي (8/ 163)، تذكرة الحفاظ (1/ 406)، ومعرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص: 94)، والديوان (ص: 115) والمغني في الضعفاء كلها للذهبي (1/ 206)، هدي الساري لابن حجر (ص: 420)، التقريب (1677).

(2)

في (م): "أبي الزياد" وهو خطأ.

(3)

أخرجه البخاري ومسلم كما تقدم في الإسناد الماضي.

ص: 385

237 -

حَدثنا يُوسفُ بن مُسَلَّم، حدثنا حجاجٌ

(1)

، عن ابن

⦗ص: 387⦘

جُريجٍ

(2)

، أخبَرني أبو الزبير

(3)

أنه سمِعَ جَابرَ بن عبد الله يقول: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم: "غِلَظُ القلوب، وَالجفاء في أهلِ المشرقِ، والإيمانُ في أهل الحجاز"

(4)

.

(1)

ابن محمد المصِّيصي الأعور.

(2)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي.

(3)

محمد بن مسلم بن تدرس المكي.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 73 ح 92) من طريق عبد الله بن الحارث المخزومي عن ابن جريج به.

ص: 386

238 -

حَدثنا أبو أُمَيَّةَ، حدثنا أبو اليَمَان

(1)

، أخبرنا شُعَيبٌ

(2)

، عَن الزُّهري، "أخبرني أبو سلمةَ

(3)

، أنَّ أبا هُرَيرَةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الفخرُ والخُيَلاءُ في الفَدَّادين أهل الوَبر، والسَّكينةُ في أهل الغنم، والإيمانُ يمانٍ، والحكمة يمانية"

(4)

.

(1)

الحكم بن نافع البهراني.

(2)

ابن أبي حمزة دينار الأموي مولاهم، أبو بشر الحمصي.

(3)

ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(4)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب المناقب -باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى. . .} (الفتح 6/ 608 ح 3499) عن أبي اليمان عن شعيبٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 73 ح 88) من طريق أبي اليمان عن شعيبٍ به. وأخرجه أيضًا (ح 87) من طريق ابن وهب عن يونس عن الزهري به.

فائدة الاستخراج:

ذكر المصنِّف لفظ الحديث، واقتصر مسلم على بعض لفظه وأحال بباقيه.

ص: 387

239 -

حدثنا أبو أُميَّةَ، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شُعُيبٌ، عن الزُّهريِّ، عن ابن المسيب

(1)

، عن أبي هُريرَةَ قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "جاء أهلُ اليمن هُم أَرَقُّ أفئدةً، وأضعَفُ قلوبًا

(2)

، الإيمانُ يمانٍ، والحكمةُ يمانية". ثم ذكر نحوَه

(3)

.

رواه ابن أخي الزُّهري

(4)

، عَن الزُّهري، عن سعيدٍ أيضًا كما

⦗ص: 389⦘

قال شُعَيبٌ

(5)

.

(1)

سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي.

(2)

قال النووي: "وصفها باللين والرِّقَّة والضعف معناه أنها ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير، سالمة من الغلظ والشدة والقسوة التي وُصِف بها قلوب الآخرين". شرح صحيح مسلم (2/ 34).

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه (1/ 73 ح 89) من طريق أبي اليمان عن شعيبٍ به.

(4)

هو: محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري، أبو عبد الله المدني، توفي سنة بضعٍ وخمسين ومائة.

قال عنه ابن سعد: "كان كثير الحديث، صالحًا"، وتردد فيه ابن معين فقال مرة:"ضعيف" ومرة: "ليس بذاك القوي"، ومرة قال:"صالح"، وقال الإمام أحمد:"لا بأس به"، وقال مرة:"صالح الحديث إن شاء الله".

وجعله محمد بن يحيى الذهلي في الطبقة الثانية من أصحاب الزهري، وهذه الطبقة عنده في حال الضعف والاضطراب، وقال إنه وجد له ثلاثة أحاديث لا أصل لها، ثم ذكرها.

ووثقه أبو داود، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وقال الساجي:"صدوق، تفرد عن عمه بأحاديث لم يتابع عليها"، وذكره العقيلي في الضعفاء، وأورد له أربعة أحاديث مما لم يتابع عليها، أحدها من طريق الواقدي، وهو ممن لا يحتج به.

وذكره ابن حبان في المجروحين وقال: "رديء الحفظ، كثير الوهم، يخطئ عن عمه في الروايات ويخالف فيما يروي عن الأثبات فلا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". =

⦗ص: 389⦘

= وقال ابن عدي: "لم أر بحديثه بأسًا إذا روى عنه ثقة، ولا رأيت له حديثًا منكرًا فأذكره إذا روى عنه ثقة"، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء.

ووثقه الذهبي في السير، وقال في الميزان:"صدوق، صالح الحديث"، وذكره في الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد.

وقال الحافظ ابن حجر في الهدي: "الذهلي أعرف بحديث الزهري، وقد بيَّن ما أنكر عليه، فالظاهر أن تضعيف من ضعفه بسبب تلك الأحاديث التي أخطأ فيها" وهذا كلامٌ في غاية الإنصاف من الحافظ رحمه الله تعالى.

وقال في التقريب: "صدوقٌ، له أوهام"، وقد أخرج له الجماعة، وحديثه عند البخاري في المتابعات.

وليس هذا الحديث مما أُنكر عليه.

انظر: طبقات ابن سعد -الجزء المتمم لتابعي أهل المدينة (ص: 454)، تاريخ الدارمي (ص: 48)، العلل للإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (2/ 489)، الضعفاء للعقيلي (4/ 88)، الجرح والتعديل (7/ 304)، المجروحين لابن حبان (2/ 249)، الكامل لابن عدي (6/ 2176)، الضعفاء لابن الجوزي (3/ 81)، تهذيب الكمال للمزي (25/ 554)، ميزان الاعتدال (3/ 592)، والسير (7/ 197)، ومعرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد للذهبي (ص: 171)، هدي الساري (ص: 462)، والتقريب لابن حجر (6049).

(5)

لم أجد من وصله من هذا الطريق.

ص: 388

‌بَابُ

(1)

بيانِ أفضل الأعمال، وَالِدليلُ على أنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ، وأنَّ مَن ترك الصلاةَ فقد كفرَ، وَالدليلُ على أنها أعلى الأعمال؛ إذ تاركُها يكون

(2)

بِتَرْكها كافرًا

(1)

في (ط) و (ك) بدون ذكر "باب"، وفي (م) ضُرِب عليها.

(2)

في (ط) و (ك): "يصير"، وفي (م) ضُرِب عليها، كتب فوقها "يصير".

ص: 390

240 -

حَدثنا محمد بن يحيى، والدارمي

(1)

قالا: حدثنا أبو عاصم

(2)

، عن ابن جُريج

(3)

، عن أبي الزُّبَير

(4)

، عن جَابرٍ قال

(5)

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس بين العبد وبينَ الكفر إلا ترك الصلاة"

(6)

.

وقال الدارمي في حديثه: "أو قال: الشِّرك ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر"

(7)

.

(1)

أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، أبو جعفر السرخسي.

(2)

الضحاك بن مخلد النبيل الشيباني.

(3)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج المكي، مدلس، وصرَّح بالإخبار في رواية مسلم.

(4)

محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صرح بالسماع في رواية مسلم.

(5)

سقطت كلمة "قال" من (ط) و (ك).

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة (1/ 88 ح 134) عن أبي غسان المسمعي عن الضحاك بن مخلد عن ابن جريجٍ به، ولفظه:"بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".

وأخرجه الدارمي في سننه -كتاب الصلاة- باب في تارك الصلاة (1/ 307) عن أبي عاصم عن ابن جريج به.

(7)

جملة: "وقال الدارمي: أو قال

" إلى آخر الحديث سقطت من (ط) و (ك)، =

⦗ص: 391⦘

= واستدركها ناسخ (ط) في الهامش.

ص: 390

241 -

حدثَنا ابن أبي رجاء

(1)

، حدثنا وكيعٌ، حدثنا سفيَانُ

(2)

، عن أبي الزُّبَير، عن جابرٍ قالَ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "بين العبد وَبين الكُفْرِ ترك الصلاة"

(3)

.

(1)

أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي رجاء المصيصي الثغري.

(2)

هو الثوري، كما في تحفة الأشراف للمزي (2/ 303).

(3)

أخرجه أبو داود في سننه -كتاب السنة- باب في رد الإرجاء (4/ 219 ح 4678) عن أحمد بن حنبل، عن وكيعٍ، به.

وأخرجه الترمذي في السنن -كتاب الإيمان- باب ما جاء في ترك الصلاة (5/ 13 ح 2620) عن هناد بن السري عن وكيع بهٍ.

وأخرجه ابن ماجه في السنن -كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها- باب ما جاء فيمن ترك الصلاة (1/ 342 ح 1078) عن علي بن محمد عن وكيعٍ بهٍ، وللحديث طرقٌ أخرى عن أبي الزبير منها ما أخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 389) من طريق موسى بن عقبة عن أبي الزبير به. وما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 366) من طريق عمرو بن دينار عن أبي الزبير به.

ص: 391

242 -

حدثنا علي بن حرب الطائي

(1)

، حدثنا أسباطُ بن محمد

(2)

، ح

⦗ص: 392⦘

وَحدثنا محمد بن يحيى، حدثنا مُسَدَّد، حدثنا أبو عَوانة

(3)

كلاهما عَن الأعمش، عَن أبي سفيانَ

(4)

، عن جابرٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بين العبد وبَين الكفرِ -أو الشِّرك- تركُ الصلاة"

(5)

.

(1)

نسبته "الطائي" ليست في (ط) و (ك).

(2)

ابن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي مولاهم، أبو محمد بن أبي عمرو الكوفي، ثقة، ربما أخطأ في حديثه عن الثوري، وهذا ليس منه.

وانظر: تاريخ الدوري (2/ 23)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 332)، تاريخ =

⦗ص: 392⦘

= بغداد للخطيب (7/ 45)، تهذيب الكمال للمزي (2/ 354)، التقريب (320)، الثقات الذين ضُعفوا في بعض شيوخهم للدكتور صالح الرفاعي (ص: 148).

(3)

الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزاز، ثقة ثبت إذا حدث من كتبه، وربما وهم إذا حدَّث من حفظه، وقد تابعه هنا جمعٌ.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 287)، تاريخ الدوري (2/ 629)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (99/ 40)، تهذيب الكمال للمزي (30/ 441)، التقريب (7407).

(4)

طلحة بن نافع الإسكاف الواسطي، نزيل مكة.

(5)

سيأتي تخريجه.

ص: 391

243 -

حدثَنا أبو جَعْفر الدَّارِمي

(1)

، حدثنا قَبِيصةُ

(2)

، حدثنا سفيانُ

(3)

، عَن الأعمشِ مثلَه

(4)

.

(1)

أحمد بن سعيد بن صخر، السرخسي.

(2)

ابن عقبة السُّوَائي، أبو عامر الكوفي.

(3)

هو الثوري.

(4)

سيأتي تخريجه في الذي بعده.

ص: 392

244 -

حدثنا العُطَارديُّ

(1)

، حدثنا ابن فُضَيلٍ

(2)

، عن الأعمشِ، عن أبي سُفيانَ، عن جابر قال: سَمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "بين المرء وَبَين

⦗ص: 393⦘

الشِّرك والكفر ترك الصلاة"

(3)

.

(1)

أحمد بن عبد الجبار بن محمد الكوفي، أبو عمر.

(2)

محمد بن فُضَيل بن غَزوان الضبيِّ.

(3)

في نسخة (ك) و (ط) جاء ترتيب هذا الحديث بعد حديث الدبري عن عبد الرزاق الآتي برقم (247).

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان اطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة (1/ 88 ح 134) من طريق جرير عن الأعمش به.

وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب الإيمان -باب ما جاء في ترك الصلاة (5/ 13 ح 2619) عن هناد عن أسباط بن محمد عن الأعمش به. وأخرجه أيضًا (ح 2619) من طريق جرير وأبي معاوية كليهما عن الأعمش به. وقال: "حديث حسن صحيح".

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 370) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش به.

تنبيه:

تبويب المصنِّف رحمه الله تعالى يدلُّ على أنه يذهب إلى تكفير تارك الصلاة، وقد اختلف السلف رحمهم الله تعالى في تكفير تارك الصلاة، وكثر الأخذ والردُّ فيه، ولخَّص البغوي رحمه الله ما قيل في ذلك كما يلي: قال: "اختلف أهل العلم في تكفير تارك الصلاة المفروضة عمدًا، فذهب إبراهيم النخعي، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق إلى تكفيره، قال عمر: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"، وقال ابن مسعود: "تركُها كفر"، وقال عبد الله بن شقيق: "كان أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة".

وذهب الآخرون إلى أنه لا يكفر، وحملوا الحديث على ترك الجحود، وعلى الزجر والوعيد".

ونقل في عقوبة تارك الصلاة أقوالًا هي: "قال حماد بن زيد، ومكحول، ومالك، =

⦗ص: 394⦘

= والشافعي: تارك الصلاة يُقتل كالمرتد، ولا يخرج به عن الدين.

وقال الزهري -وبه قال أهل الرأي-: لا يُقتل، بل يُحبس، ويُضرب حتى يُصلي، كما لا يقتل تارك الصوم، والزكاة، والحج". شرح السنة للبغوي (2/ 179 - 180) والمسألة لها أدلة قوية في كلا الجانبين، ولها تفريعات كثيرة، وأحسن من تكلَّم فيها بعرض الأدلة وذكر التفصيلات والتفريعات: ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "الصلاة، وحكم تاركها" ورجَّح كفره هناك كما ذهب إليه المصنِّف كثيرٌ من السلف.

انظر: الصلاة، وحكم تاركها لابن القيم (ص: 37 - 64).

ص: 392

245 -

حدثنا أبو داودَ الحرَّاني، حدثنا يعقوبُ بن إبراهيم بن سَعْدٍ

(1)

، حدثنا أبي، ح

وَحدثنا أبو أُمَيَّةَ، حدثنا أبو أيوبَ العباسي

(2)

، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهابٍ، عَن سعيدِ بن المسيب

(3)

، عَن أبي هُريرة قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضَل؟ قال: "إيمانٌ باللهِ ورسولهِ". قِيْل: ثم ماذا؟ قال: "ثُمَّ الجهادُ في سَبيلِ الله". قِيْل: ثم ماذا؟ قال: "حَجٌّ مَبْرورٌ"

(4)

.

(1)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(2)

هو: سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، وقد تقدَّم ذكره في ح (82) باسمه، واسم أبيه، ونسبته المشهورة: الهاشمي.

(3)

في (ط) و (ك)"ابن المسيب"، وفي (م) ضبة فوق اسم "سعيد".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الحج- باب فضل الحج المبرور (الفتح =

⦗ص: 395⦘

= 3/ 446 ح 1519) عن عبد العزيز بن عبد الله عن إبراهيم بن سعد به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 88 ح 135) عن منصور بن مزاحم ومحمد بن جعفر بن زياد كلاهما عن إبراهيم بن سعدٍ به.

ص: 394

246 -

حدثنا الدَّبَريُّ

(1)

، عن عبد الرَّزاق

(2)

، عن معمرٍ، عن الزُّهري بإسْناده مثلَه:"ثم حَجٌّ مَبْرورٌ أو عُمْرةٌ "

(3)

.

(1)

إسحاق بن إبراهيم بن عباد الصنعاني.

(2)

الحديث في مصنَّفه (11/ 190) بلفظ المصنِّف.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بين كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 88 ح 135) عن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عبد الرزاق به، ولم يذكر لفظه.

وأخرجه النسائي في سننه -كتاب مناسك الحج -باب فضل الحج (5/ 112) من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق به، وليس فيه ذكر العمرة.

وأخرجه أيضًا في كتاب الجهاد -باب ما يعدل الجهاد في سبيل الله (6/ 19) من طريق إسحاق بن إبراهيم -أو إسحاق بن منصور- عن عبد الرزاق به، وليس عنده ذكر العمرة. فذكر العمرة في الحديث من فوائد الاستخراج.

قال المزي: "كذا في رواية أبي الحسن بن حيويه وأبي على الأسيوطي "إسحاق بن منصور"، وفي رواية أبي بكر بن السني (إسحاق بن إبرهيم) فالله أعلم". تحفة الأشراف (10/ 52).

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم لفظ الحديث، وذكر المصنِّف بعضه.

ص: 395

247 -

حدثنا إسحاق بن سيَّار

(1)

، وأبو أُمَيَّةَ، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى

(2)

، ح

وحدثنا عَمَّار بن رجاء

(3)

، ومحمد بن عبد الوهاب

(4)

قالا: حدثنا جَعْفر بن عَونٍ

(5)

كلاهما عن هشام بن عروة، عَن أبيهِ، عن أبي مُرَاوحٍ

(6)

، عن أبي ذرٍّ قال: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمَالِ أفضَلُ؟ قال: "إيمانٌ باللهِ، وَجِهَادٌ في سَبِيْلِهِ. قال: قُلتُ: فَأيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَال: أغلاها ثمنًا، وأنفَسُهَا عندَ أهلِها. قال: قلتُ: فإن لم أفعَل؟ قال: تُعين ضائعًا

(7)

، أو تصْنَعُ

⦗ص: 397⦘

لأخْرَقَ

(8)

. قال: قلتُ: فإن لم أفعل؟ قال: تَدَعُ الناس من الشَّر، فإنها صدقة تصدّق بها على نفسك)

(9)

".

(1)

ابن محمد النَّصيبي، أبو يعقوب.

(2)

ابن باذام العبسي.

(3)

التغلبي، أبو ياسر الأستراباذي.

(4)

ابن حبيب بن مهران العبدي، أبو أحمد الفرَّاء النيسابوري.

(5)

ابن جعفر بن عَمرو بن حُرَيث القرشي المخزومي، أبو عون الكوفي.

(6)

بضم الميم، كسر الواو: الغِفَاري -ويقال: الليثي كما وقع في رواية مسلم- المدني، مخضرم ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، يقال: اسمه سعد.

انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (4/ 1754) الإصابة لابن حجر (7/ 394)، المغني لمحمد طاهر الهندي (ص: 296).

(7)

في (ط): "صانعًا" بدل "ضائعًا" ورواية البخاري بالضاد المعجمة، ورواية مسلم بالمهملة والنون، وقد روي على الوجهين وقيل: إن الزهري كان يرويه بالمهملة والنون وينسب هشامًا إلى التصحيف في روايته بالمعجمة، قال النووي:"الصحيح عند العلماء رواية الصاد المهملة، والأكثر في الرواية بالمعجمة". =

⦗ص: 397⦘

= انظر: شرح مسلم للنووي (2/ 75)، فتح الباري لابن حجر (5/ 177).

(8)

قال البغوي: "الأخرق: الذي ليس في يده صنعة". شرح السنة (9/ 353).

وقال ابن الأثير: "أي: جاهل بما يجب أن يعمله، ولم يكن في يده صنعة يتكسَّب بها".

النهاية في غريب الحديث، (2/ 26).

(9)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب العتق- باب أي الرقاب أفضل (الفتح 5/ 176 ح 2518) عن عبيد الله بن موسى عن هشامٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 89 ح 136) من طريق حماد بن زيدٍ عن هشامٍ به.

وأخرجه الدارمي في السنن -كتاب الرقائق- باب أي الأعمال أفضل (2/ 397 ح 2738) عن جعفر بن عونٍ عن هشامٍ به. وأخرجه البغوي في "شرح السنة"(9/ 353) من طريق جعفر بن عونٍ عن هشامٍ أيضًا.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 273) من طريق ابن أبي غرزة عن جعفر بن عونٍ وعبيد الله بن موسى کلاهما عن هشامٍ به.

ص: 396

248 -

حدثنا الأحمسي

(1)

، حدثنا وكيع، عن هشام بن عروةَ، عن أبيه، عن أبي مُرَاوحٍ، عن أبي ذرٍّ قال: قلتُ: "يا رسول الله! أيُّ العمل أفضل؟ قال: إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيله"

(2)

.

(1)

محمد بن إسماعيل بن سَمُرَة الكوفي السرَّاج، أبو جعفر.

(2)

أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص: 21 رقم 120) من طريق وكيع وأبي معاوية الضرير كلاهما عن هشامٍ به.

ص: 397

249 -

حدثَنا إسحاق بن إبراهيمَ الدَّبري

(1)

، حدثنا عبد الرزاق

(2)

، أخبرنا مَعْمر، عن الزهري، عَن حَبيبٍ

(3)

مَولى عرْوة، عن عرْوَة

(4)

، عن أبي مُرَاوح الغِفَاري، عَن أبي ذر قال: "جاء رَجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَسَألَهُ، فقال: يا رسولَ الله، أيُّ الأعمال أفضَلُ؟ قال: إيمان باللهِ، وَجهادٌ في سبيل الله. قال: فأيُّ العتاقةِ أفضَلُ؟ قال: أَنْفَسُهَا. قال: أفرأيتَ إن لم أجد؟ قالَ: فَتُعين الضائعَ، وتصنَع لأخرقَ. قال: أفرأيت إن لم أسْتَطعْ؟ قال: تَدَعُ

(5)

النَّاسَ من شَرِّكَ، فإنها صدَقَةٌ تتَصَدَّق بها على نفسِك"

(6)

.

(1)

في (ط) و (ك): "الدبري" فقط، وفي (م) ضُرب على:"إسحاق بن إبراهيم".

(2)

الحديث في مصنَّفه (11/ 191 ح 20298).

(3)

الأعور المدني، مات في حدود الثلاثين ومائة.

قال ابن سعد: "كان قليل الحديث"، ودكره ابن حبان في الثقات وقال:"يخطئ"، وذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، وقال الحافظ ابن حجر:"مقبول".

وقد تابعه هنا هشام بن عروة كما سبق، وتابعهما عبيد الله بن أبي جعفر، أخرجه النسائي في سننه -كتاب الجهاد -باب ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل (6/ 19) من طريق الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عروة به.

انظر: طبقات ابن سعد -الجزء المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم (ص: 314)، الثقات لابن حبان (6/ 180)، الجرح والتعديل (3/ 113)، التقريب (1112).

(4)

عبارة: "عن عروة" سقطت من (ط) و (ك).

(5)

في (ط) و (ك): "فدع" بلفظ الأمر، وفي (م) غير واضحة.

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال =

⦗ص: 399⦘

= (1/ 89 ح 136) عن محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 163) عن عبد الرزاق عن معمرٍ به.

فائدة الاستخراج:

ذكر مسلم طرفًا من لفظه، وأحال بباقيه على ما قبله، وذكر المصنِّف اللفظ.

ص: 398

250 -

حدثنا إسْحاق بن إبراهيم الدَّبَريُّ

(1)

، أخبرنا عبد الرزاق

(2)

، أخبرنا

(3)

معمرٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مُرَاوح، عن أبي ذرٍّ بنحوه.

(1)

في (ط) و (ك): "إسحاق الدبري".

(2)

الحديث في مصنفه (9/ 176 ح 16817) عن معمر والثوري عن هشامٍ به، مختصرًا.

(3)

في (ط) و (ك) جاءت صيغة التحديث بالعنعنة.

ص: 399

251 -

حَدثَنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

، ح

وَحدثنا أبو داودَ الحرَّانيُّ، حدثنا أبو الوليدِ

(2)

قالا: حدثنا شعبةُ، أخبَرَني الوليد بن العَيْزَار

(3)

قال: سمعتُ أبا عَمرو الشَّيبانيَّ

(4)

قَال: حَدثنا صاحبُ هذهِ الدارِ -وأَشار بيدِهِ إلى دار عبد الله- قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّ الأعمالِ أفضَل؟ قال: الصَّلاة لوقتهَا. قلتُ: ثمَّ أيُّ؟ قال: ثمَّ بِرُّ الوالدين. قال: قلتُ: ثمَّ أيُّ؟ قال: الجهادُ في

⦗ص: 400⦘

سبيل الله"

(5)

.

فحَدَّثني بهنَّ ولو اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَني.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 49).

(2)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري.

(3)

ابن حُرَيث العبدي الكوفي.

(4)

سعد بن إياس الكوفي، مخضرم.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب مواقيت الصلاة- باب فضل الصلاة لوقتها (الفتح 2/ 12 ح 527) عن أبي الوليد الطيالسي عن شعبة به.

وأخرجه أيضًا في كتاب التوحيد -باب وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملًا. . . (الفتح 13/ 519 ح 7534) عن سليمان بن حرب عن شعبة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 90 ح 139) من طريق معاذ العنبري عن شعبة به. وأخرجه أيضًا -في الموضع نفسه- من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 409 - 410) عن عفان بن مسلم عن شعبة به.

ص: 399

252 -

حدَّثنا ابن الجُنيدِ الدقَّاقُ

(1)

، حدثنا أسوَدُ بن عامرٍ

(2)

، حدثنا شعبةُ بإسنادِهِ قال: حَدثني صَاحِبُ هذه الدار -يعني: عبد الله بن مسعُودٍ- سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن أحبِّ الأعمال إلى الله، قال:"الصَّلاةُ على وقتها" مثله

(3)

(4)

.

ذكر عليُّ بن حَرب

(5)

، حدثنا أبو مُعاوية

(6)

، عن الشيباني

(7)

، عن

⦗ص: 401⦘

الوليد بن العَيْزَار بنحوه

(8)

.

(1)

محمد بن أحمد بن الجُنَيد البغدادي، أبو جعفر.

(2)

الشامي، أبو عبد الرحمن، نزيل بغداد، يلقَّب: شاذان.

(3)

في (ط) و (ك): "بمثله".

(4)

سبق تخريجه في الذي قبله.

(5)

هو: الطائي الموصلي، شيخ المصنِّف.

(6)

محمد بن خازم الضرير.

(7)

سليمان بن أبي سليمان الكوفي، أبو إسحاق الشيباني مولاهم.

(8)

لم أجد من وصله هذا الطريق، وسيأتي تخريجه من طريق أبي إسحاق الشيباني.

ص: 400

253 -

حدثنا العباس ابن أختِ الأسْفَاطيّ

(1)

، حدثنا علي بن المديني، حدثنا الفزاريُّ

(2)

، عن أبي يَعْفُور

(3)

، عن الوليد بن عَيْزَار، بإسناده بنحوه

(4)

.

(1)

الأسْفَاطِي بفتح الهمزة، وسكون السين المهملة، وفتح الفاء، وبعد الألف السكنة طاء مهملة، نسبة إلى بيع الأسفاط وعملها. والأسفاط جمع سَفَط هي كالجوالق أو كالقُفَّة. والمنتسب إليها هو: العباس بن الفضل بن محمد -ويقال: ابن الفضل بن بشر- أبو الفضل الأَسفاطي البغدادي، ابن أخت محمد بن يزيد بن عبد الملك الأسفاطي: قال الدارقطني: صدوق، وقال الصفدي: كان صدوقا حسن الحديث.

انظر: سؤالات الحكم، (ترجمة: 143)، تاريخ دمشق، (26/ 390)، تكملة الإكمال، (1/ 188، ترجمة: 171)، الوافي بالوفيات (16/ 658، ترجمة: 707)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص: 865).

(2)

مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري، أبو عبد الله الكوفي.

(3)

عبد الرحمن بن عبيد بن نِسطاس بن أبي صفية الثعلبي العامري، أبو يعفور الصغير الكوفي.

(4)

في (ط): "نحوه"، والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 89 ح 138) عن محمد بن أبي عمر عن مروان الفزاري به.

وأخرجه الترمذي في السنن -كتاب الصلاة -باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل (1/ 325 ح 173) عن قتيبة عن مروان الفزاري به.

ص: 401

254 -

حدثَنا عباس الدوري

(1)

، حدثنا عمرُ بن حَفص بن

⦗ص: 402⦘

غياثٍ

(2)

، حدثنا أبي، عن الحسن بن عبيد الله

(3)

، عن أبي عَمرو الشيباني، عن عبد الله، عَن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"أفضَلُ الأعمالِ الصلاةُ لوقتها، وَبرُّ الوالِدين"

(4)

.

(1)

في (ط) و (ك): "عباس بن محمد".

(2)

ابن طلق بن معاوية النخعي، أبو معاوية الكوفي.

(3)

ابن عروة النخعي، أبو عروة الكوفي.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 90 ح 140) من طريق جرير بن عبد الحميد عن الحسن بن عبيد الله به.

ص: 401

255 -

حدثنا محمد بن بشر

(1)

أخو خطاب، حدثنا عبد الرحمن بن صالح

(2)

، حدثنا علي بن مُسْهِر

(3)

، عن أبي إسحاقَ الشيباني

(4)

، عن الوليد بن العَيزار، عن أبي عَمرو الشيباني، عن عبد الله بن مسعُود قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الأعمال أفضَل؟ قال: الصلاة لِوقتها. قلتُ: ثمّ أيَّت؟ قال: بِرُّ الوالدين. قلتُ: ثمَّ أيَّت؟ قال: الجهاد في

⦗ص: 403⦘

سَبيل الله"، فما تركتُ أن أسْتَزِيدَهُ

(5)

إلا إرْعَاءً عليه

(6)

(7)

.

(1)

ابن مطر، أبو بكر الورَّاق، توفي سنة (285 هـ).

قال إبراهيم الحربي: "صدوق، لا يكذب"، ووثقه الدارقطني، ترجم له الخطيب في التاريخ، وابن الجوزي ولم أجد له ترجمة عند غيرهما.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (2/ 90)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 388).

(2)

الأزدي العتكي الكوفي، صدوق في الحديث، غير أنه شيعي محترق. تهذيب الكمال للمزي (17/ 177)، التقريب (3898).

(3)

مُسْهِر: بضم الميم، وسكون المهملة، كسر الهاء، القرشي الكوفي، أبو الحسن. التقريب (4800).

(4)

سليمان بن أبي سليمان الكوفي.

(5)

في صحيح مسلم بدون حرف النسخ "أن"، قال النووي:"كذا هو في الأصول "تركت أستزيده" من غير لفظ "أن" بينهما، وهو صحيح، وهي مرادة". شرح مسلم (2/ 76).

(6)

إرعاءً بكسر الهمزة وإسكان الراء وبالعين المهملة ممدودٌ، ومعناه: إبقاءً عليه ورفقًا به كي لا أكثر عليه فأحرجه.

انظر: صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 263)، شرح مسلم للنووي (2/ 76).

(7)

في (ك) تعليق على الهامش نصه: "بلغت قراءة على ابن الحصري" أو "الخضري".

والحديث أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التوحيد -باب وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملًا. . .، (الفتح 13/ 519 ح 7534) من طريق عباد بن العوام عن أبي إسحاق الشيباني به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (1/ 89 ح 137) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن علي بن مسهرٍ به.

فائدة الاستخراج:

رواية المصنِّف فيه تكنية الشيباني الذي جاء عند مسلم بدون كنية.

ص: 402

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ حَقْنِ دِمَاءِ من يُقِرُّ بِالإِسْلامِ مِن الكُفَّارِ في المحاربةِ وَإن كان إقْرَارُهُ [تَقِيَّةً]

(2)

وَدَرْءِ القَوْدِ عَنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ فيما أصابَ في كُفْرِهِ ومحاربته، ولا يُفَتَّشُ باطنُهُ، وَالدلِيلُ على أنَّ المُؤمن يَخْرُجُ مِن إيمانِهِ إذا قَتَلَ المُقِرَّ بالإسلام

(3)

(1)

في (ط) و (ك) بدون كلمة "باب"، وفي (م) ضُرِب عليها بالقلم.

(2)

في الأصل و (م): "بفيه" بدل "تقية" وله وجهٌ، وما أثبت من (ط) و (ك) ولعله الصواب لوروده في نصِّ الحديث كما سيأتي برقم (264).

(3)

ليس المراد بالخروج من الإيمان الكفرَ المُخرِجَ من الملّة. انظر التعليق السابق على مثل هذا، على تبويب ح (104).

ص: 404

256 -

حَدثنا يوسف بن سَعيد بن مُسَلَّم المصِّيصيُّ

(1)

، حدثنا حَجاجٌ

(2)

، عن ابن جُرَيجٍ

(3)

، أَخبَرَني ابن شهابٍ، عَن عَطاء بن يَزيدَ الليثي، عن عبيد الله بن عَدِي بن الخِيَار

(4)

، قال

(5)

: أَخبَرَني أنَّ المقدادَ

(6)

أخبَرَهُ قال: يا رسولَ الله، أَرأيتَ إن لقيْتُ

⦗ص: 405⦘

رَجُلًا مِن الكفَّارِ فقاتَلَني فاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَين، فضربَ إحدى يَدَيَّ بالسَّيْفِ فَقَطعَهَا، ثمَّ لاذَ مِنِّي بشجرةٍ فقال: أَسْلَمْتُ لله [ربِّ العالمين]

(7)

، أَفأَقْتُلُهُ يا رسولَ الله بعدمَا قَالَهَا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقتُلْهُ". قلتُ: يا رسولَ الله إنما قال ذلك بعدَ مَا قطعَ يَدِي! قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقْتُلْهُ، فإنَّك إن قتلتَه فإنَّه بمنزلتك قبل أن تقتلَهُ، وأَنتَ بمنزلتِه قبْلَ أن يقول كلمتَه التي قال"

(8)

.

(1)

في (ط) و (ك): "يوسف بن مسلم المصيصي".

(2)

ابن محمد المِصَّيصي الأعور المكي.

(3)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج المكي، مدلسٌ، لكنه صرَّح بالإخبار.

(4)

بكسر المعجمة، وتخفيف التحتانية: ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي، قُتل أبوه ببدر، وكان هو في الفتح مميِّزًا، فعدَّ في الصحابة لذلك، وعدَّه العجلي وغيره في ثقات كبار التابعين. التقريب (4320).

(5)

كلمة "قال" سقطت من (ط) و (ك).

(6)

جاء في ح (258) أنه المقداد بن عمرو الكندي، وفي ح (259): المقداد بن الأسود، =

⦗ص: 405⦘

= وهو: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة البهراني، وكان أبوه حليف كندة، فكان يقال له: الكندي، وحالف هو الأسود بن عبد يغوث الزهري، وتبناه الأسود، فكان يقال له: المقداد بن الأسود، وغلبت عليه، واشتهر بذلك، فلما نزل قوله تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]، قيل له: المقداد بن عمرو.

انظر: شرح النووي لصحيح مسلم (2/ 101)، الإصابة لابن حجر (6/ 202).

(7)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(8)

سيأتي تخريجه في الذي بعده.

ص: 404

257 -

حدثنا ابن الجنيد الدقاق

(1)

، وأبو يوسفَ الفارسي

(2)

، وَأبو أُمَيَّة قالوا: حدثنا أبو عاصم

(3)

عن ابن جُرَيجٍ عن ابن شهابٍ بِإِسْنَادِهِ مثلَهُ

(4)

(5)

.

⦗ص: 406⦘

سَمعْتُ الرَّبيعَ بن سليمان

(6)

، قال: سمَعت الشافعيَّ رحمه الله

(7)

يقول: معناهُ أن تَصيرَ مُباحَ الدَّم -لا بأنك تَصيرُ مُشْركًا- كما أنُّه كانَ مُباحَ الدَّم قبلَ أن يقول شهادةَ أن لا إله إلا الله

(8)

.

(1)

هو: محمد بن أحمد بن الجنيد الدقاق البغدادي، أبو جعفر.

(2)

يعقوب بن سفيان الفسوي، صاحب المعرفة والتاريخ.

(3)

الضحاك بن مخلد الشيباني النبيل.

(4)

في (ط) و (ك): "نحوه مثله".

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المغازي- باب (12) (الفتح 7/ 373 =

⦗ص: 406⦘

= ح 4019) عن أبي عاصم عن ابن جريج به. ومن طريق ابن أخي الزهري عن الزهري به.

وأخرجه في الديات -باب قول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (الفتح 12/ 194 ح 6865) من طريق يونس عن ابن شهابٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (1/ 95 ح 156) من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظ الحديث على ما قبله، وبيَّن المصنِّف لفظ هذا الطريق، وهو طريق ابن جريج عن الزهري.

(6)

ابن عبد الجبار المرادي مولاهم المصري.

(7)

عبارة "رحمه الله" ليست في (ط) و (ك).

(8)

تفسير الشافعي هذا وقع في (ط) و (ك) بعد حديث يزيد بن سنان، وجاءت العبارة في هاتين النسختين على النحو التالي:"معناه أن يصير مباح الدم لا أنه يصير مشركًا كما كان مباح الدم قبل الإقرار". وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(12/ 9) من طريق المصنف عن الربيع عن الشافعي به، وهو في "الأم" للإمام الشافعي (6/ 4).

ونقل الحافظ ابن حجر عن الخطأبي -رحمه الله تعالى- ما يوضح كلام الشافعي أكثر فقال: "معناه أن الكافر مباح الدم بحكم الدين قبل أن يسلم، فإذا أسلم صار مُصان =

⦗ص: 407⦘

= الدم كالمسلم، فإن قتله المسلم بعد ذلك صار دمه مباحًا بحق القصاص كالكافر بحق الدين، وليس المراد إلحاقه في الكفر كما تقوله الخوارج من تكفير المسلم بالكبيرة" ثم قال الحافظ:"وحاصله اتحاد المنزلتين مع اختلاف المأخذ، فالأول أنه مثلك في صون الدم، والثاني أنك مثله في الهدد".

انظر: فتح الباري لابن حجر (12/ 197).

ص: 405

258 -

حَدثَنا يزيد بن سنان البصريّ، حدثنا أبو بكر الحنفيُّ

(1)

، حدثنا عبد الحميد بن جَعفر

(2)

، حدثنا الزهريُّ، عَن عطاء بن يزيدَ الليثيُّ، عن عبيد الله بن عديّ، عن المقداد بن عَمْروٍ الكنديّ -وكان ممن شهدَ بَدْرًا- أنَّه أخْبَرَهُ أنَّه قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيتَ إن لقيتُ رجلًا من الكفَّارِ فقاتلني فقطع إحدى يَدَيَّ ثمَّ لاذَ مِنِّي بِشجرةٍ فقال: أسْلمتُ لله، أَفَأَقتلُهُ يا رسولَ الله بَعدَ أَن قالَهَا؟ قال: "لا تَقْتُلْهُ فإن قتلتَه فإنَّه بمنزلتك قبلَ أَن تَقْتُلَهُ، وأنتَ بمنزلتِهِ قبْلَ أَن يَقولَ كلمَتَهُ

⦗ص: 408⦘

التي قال"

(3)

.

(1)

الحَنَفي: بفتح الحاء المهملة، والنون، وفي آخرها الفاء، نسبة إلى بني حنيفة، وهم قومٌ أكثرهم نزلوا اليمامة، وأبو بكر هو: عبد الكبير بن عبد المجيد البصري.

انظر: الأنساب للسمعاني (4/ 254).

(2)

ابن عبد الله بن الحكم الأنصاري الأوسي المدني، توفي سنة (153 هـ).

وثقه جمعٌ من الأئمة، وتكلَّم فيه يحيى القطان، والثوري وغيرهما من أجل القدر، ومن أجل خروجه مع محمد النفس الزكية. قال الذهبي:"ثقة، غمزه الثوري للقدر"، وقال ابن حجر:"صدوق، رمي بالقدر، ربما وهم".

انظر: تاريخ الدوري (2/ 341)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 10)، تهذيب الكمال (66/ 411)، الكاشف للذهبي (1/ 614)، التقريب (3756).

(3)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 249) من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي عن أبي بكر الحنفي به.

ص: 407

259 -

حدثنا السلميُّ، ومحمد بن عبد الله بن مُهِلٍّ الصَنْعَانيُّ

(1)

قالا: حدثنا عبد الرزاق

(2)

، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، عن عطاء بن يزيدَ الليثيُّ ثم الجُنْدَعِيُّ

(3)

، عن عبيد الله بن عديّ بن الخيَار، أن المقداد بن الأسود حدّثه قال: قلتُ: يا رسول الله أرأيتَ إن اختلفْتُ أنا ورَجلٌ مِن المشركين ضَرْبَتَين بالسيفِ فَقَطَع يدي فَلما أهويْتُ إليهِ لأضْرِبَهُ قالَ: لا إله إلا الله، أَقْتُلُهُ أم أَدَعُهُ؟ قالَ:" [لا]، بَلْ دَعْهُ"

(4)

،

⦗ص: 409⦘

قلتُ: وإن قطع يَدي؟ قال: "وإن فَعَلَ"، فراجعْتُهُ مرتين أو ثلاثًا، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إن قتلْتَهُ بعدَ أن يقول: لا إله إلا الله، فأنت مثلُهُ قبل أن يقولها، وهو مثلُكَ قبلَ أن تَقْتُلَهُ"

(5)

.

(1)

ضبط ناسخ (ك) على الهامش: "مُهِل" بالحركات كما يلي "مُهِلٍّ"، وعلى هامش (ط) نقل الناسخ عن ابن ماكولا في ضبطه ما يلي:"قال ابن ماكولا: مُهِل: بضم الميم كسر الهاء، وتشديد اللام، محمد بن عبد الله بن مُهِل الصنعاني".

وبقية كلام ابن ماكولا: "حدَّث عن عبد الرزاق، وكان مقيمًا بمكة، وحدَّث عنه أبو بكر النيسابوري"، وقال عنه ابن أبي حاتم:"كتبت عنه بمكة، وهو صدوق"، وقال ابن حجر:"صدوق".

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 305 - 306)، الإكمال لابن ماكولا (7/ 305)، التقريب (6005).

(2)

الحديث في مصنفه (10/ 173).

(3)

وقع في (ك): "الليثي عن الجندعي" وهو خطأ، والجُنْدَعي -بضم الجيم، وسكون النون، وفتح الدال المهملة- نسبة إلى جُنْدَع بطن من ليث، وليث من مضر.

انظر: الأنساب للسمعاني (3/ 315).

(4)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (1/ 96 ح 156) عن عبد بن حميد وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن عبد الرزاق به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 6) عن عبد الرزاق به أيضًا.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 249) من طريق الدبري عن عبد الرزاق به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظه على ما قبله، وبيَّن المصنِّف هذا الطريق، وهو طريق معمر عن الزهري.

ص: 408

260 -

حَدثنا أبو جَعفر بن الجنيد

(1)

، حدثنا أبو النضر

(2)

، ح

وحَدثنا يزيدُ بن سنان، حدثنا أبو الوليد

(3)

قالا: حدثنا الليثُ بن سَعدٍ، ح

وحَدثنا أبو دَاود الحرانيُّ، حدثنا يعقوبُ بن إبراهيم بن سعد

(4)

، حدثنا أبي عَن صالحٍ

(5)

، ح

⦗ص: 410⦘

وَحَدثنا يزيد بن سنان، حدثنا وَهْبُ بن جَرير

(6)

، حدثنا أبي، عَن النعمان بن راشد

(7)

، كلهم عن الزهريِّ، عن عطاء بن يزيدَ بإسناده،

⦗ص: 411⦘

نحوَهُ

(8)

.

(1)

محمد بن أحمد بن الجنيد الدقاق البغدادي، أبو جعفر.

(2)

هاشم بن القاسم الليثي البغدادي.

(3)

هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(4)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(5)

ابن كيسان المدني.

(6)

ابن حازم بن زيد الأزدي.

(7)

الجَزَري، أبو إسحاق الرَّقي، مولى بني أمية.

ضعفه يحيى القطان، وابن معين -في أغلب الروايات عنه، ووثقه مرة في رواية الدوري-، وقال الإمام أحمد:"مضطرب الحديث، روى أحاديث مناكير"، وقال مرة:"ليس بقوي في الحديث، تعرف فيه الضعف" وقال أيضًا: "ليس بذاك"، وقال البخاري:"في حديثه وهمٌ كثير، وهو صدوق في الأصل" وذكره في كتابه الضعفاء الصغير، وضعفه أبو داود، وقال أبو حاتم نحو قول البخاري، وقيل له: إن البخاري أدخله في الضعفاء، فقال:"يحوَّل منه"، وقال يعقوب الفسوي:"لين"، وقال مرة:"لا بأس به"، وضعفه النسائي مرة، وقال أخرى:"صدوق، فيه ضعف"، وذكره العقيلي في الضعفاء، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"احتمله الناس، وروى عنه الثقات مثل حماد بن زيد، وجرير بن حازم، ووهيب، وغيرهم من الثقات، وله نسخة عن الزهري، ولا بأس به"، وذكره ابن شاهين في الثقات، وضعفه ابن حزم.

وذكره الذهبي في الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد وقال: "حسن الحديث، ضعفه ابن معين لمناكيره"، وقال في الكاشف:"ضُعِّف، وقال البخاري: صدوق، في حديثه وهمٌ كثير".

وقال ابن حجر: "صدوق، سيئ الحفظ".

فهو ممّن يُعتبر بحديثه، وقد توبع هنا.

انظر: تاريخ الدورى (2/ 608)، سؤالات ابن الجنيد (ص: 441) تاريخ ابن طهمان عن ابن معين (ص: 67)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (3/ 286)، والعلل رواية المروذي (ص: 82)، التاريخ الكبير للبخاري (8/ 80)، والضعفاء الصغير له =

⦗ص: 411⦘

= (ص: 235)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 448)، المعرفة والتاريخ للفسوي (1/ 345، و 2/ 453)، الضعفاء للعقيلي (4/ 268)، الثقات لابن حبان (7/ 532)، الكامل لابن عدي (7/ 2479)، الثقات لابن شاهين (ص: 323)، المحلى لابن حزم (6/ 121)، تهذيب الكمال للمزي (29/ 445)، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص: 181)، الكاشف كلاهما للذهبي (2/ 323)، التقريب لابن حجر (7154).

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (1/ 95 ح 155) عن محمد بن رمح وقتيبة بن سعيد كلاهما عن الليث به.

وأخرجه الطبراني في المعحم الكبير (20/ 250) من طريق يحيى الحماني عن صالح بن كيسان عن الزهري به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف في روايته: الليث بأنه: ابن سعد، وجاء عند مسلم مهملًا.

ص: 409

261 -

وحَدثنا عيسى بن أحمدَ العسقلاني

(1)

، حدثنا ابن وهبٍ

(2)

، عن أُسَامَةَ

(3)

، عَن الزهريّ، بإسْنادِهِ،

⦗ص: 413⦘

نحوَهُ

(4)

.

(1)

نسبته "العسقلاني" ليست في (ط) و (ك)، وفي (م) ضُرِب عليها بالقلم، وهو: عيسى بن أحمد بن وردان العسقلاني، أبو يحيى البلخي.

(2)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري.

(3)

ابن زيد الليثي مولاهم، أبو زيد المدني، توفي سنة (153 هـ).

وثقه ابن معين -في رواية الدوري، والدارمي-، وابن المديني، والعجلي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو يعلى الموصلي. وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"يخطئ" وزاد ابن حجر في النقل عنه: "مستقيم الأمر، صحيح الكتاب"، وليست هذه الزيادة في =

⦗ص: 412⦘

= المطبوعة من الثقات.

وذكره ابن شاهين في الثقات أيضًا. وقال البخاري: "هو ممن يحتمل"، وقال أبو داود:"صالح"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وقال ابن عدي:"روى عنه ابن وهب نسخة صالحة"، وقال أيضًا:"هو حسن الحديث، وأرجو أنه لا بأس به".

وتركه يحيى القطان بأخرة، وكان يضعفه، وقد بيَّن الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما أن يحيى القطان تركه من أجل حديث -أو حديثين- أخطأ فيه، وصله وهو مرسل.

وقال ابن معين -في رواية-: "ليس بذاك"، وقال الإمام أحمد:"ليس بشيء"، وقال أيضًا:"إذا تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة"، وقال أيضًا:"روى عن نافع أحاديث مناكير"، وضعفه النسائي، وذكره العقيلي في الضعفاء. وقال الحافظ الذهبي:"قد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن"، وذكره في الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد وقال:"صدوق، قوي الحديث. .. والظاهر أنه ثقة". وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق يهم".

وقد توبع على روايته هذه هنا عن الزهري، والحمد لله.

انظر: تاريخ الدوري (2/ 22)، تاريخ الدارمي (ص: 66)، سؤالات ابن الجنيد (ص: 402)، سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني (ص: 98)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 218)، الثقات للعجلي (1/ 217)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (285/ 2)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (3/ 43)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 54)، الضعفاء للعقيلي (1/ 17)، الثقات لابن حبان (6/ 74)، الكامل لابن عدي (1/ 385) سؤالات الحكم للدارقطني (ص: 187)، الثقات لابن شاهين (ص: 66)، تهذيب الكمال للمزي (2/ 347)، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص: 64)، سير أعلام النبلاء للذهبي (6/ 343)، تهذيب التهذيب (1/ 190)، والتقريب لابن حجر (317).

(4)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 248) من طريق أحمد بن صالح عن ابن وهبٍ به.

وللحديث طرقٌ أخرى عن الزهري، منها: ما أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الديات- باب قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (الفتح 12/ 194 ح 6865)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (1/ 96 ح 157) كلاهما من طريق يونس عن الزهري به.

وأخرجه مسلم أيضًا -في الموضع السابق- من طريق الأوزاعي عن الزهري به.

ص: 411

262 -

وحَدثَنا الصاغانيُّ، وأبو أُمَيَّةَ، وأبو عُبَيدَةَ السَّرِيُّ بن يحيى

(1)

قالوا: حدثنا يَعلى بن عبيد

(2)

، حدثنا الأعمش، عن أبي ظَبْيَان

(3)

، حدثنا

⦗ص: 414⦘

أسامة بن زيد قال: بعثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سريَّةً إلى الحُرَقَات

(4)

فَنُذِرُوا بنا فهَرَبُوا، فأدْرَكْنَا رَجُلًا فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فَضَرَبْنَاهُ حتى قتلناهُ، فعَرَضَ في نفسي شيءٌ من ذلك فذكرْتُهُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:"مَنْ لك بلا إله إلا الله يومَ القيامة؟ "، فقلتُ: يا رَسولَ الله إنما قالها مَخافةَ السلاح وَالقتل، قال: "أَفلا شَقَقْتَ عن قلبهِ حَتى تعلم قالها من أجلِ ذلك أم لا؟ مَن لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ أفلا شَقَقْتَ عن قلبهِ حَتى تعلمَ قالها مِن أجلِ ذلك أمْ لا؟ مَنْ لك بلا إله إلا الله يومَ القيامة؟

(5)

"، فما زَال يقولها حتى وددْتُ أنِّي لم أُسْلم إلا يَومَئذٍ.

قال أبو ظَبيان: فقال سَعْدٌ

(6)

: وَأنا واللهِ لا أقتُلُ

مُسْلِمًا حتى يقْتُلَهُ

(7)

ذو البُطَينِ -يَعْني أُسَامَة- فَقَالَ رَجُلٌ: أليْسَ قَد قَالَ الله: {قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}

(8)

؟ فَقَال سعْدٌ: قد قاتَلْنَا حتى

⦗ص: 415⦘

لم تكن فتنةٌ، وَأنتَ وَأصحابُك تريدُون أن تُقَاتِلوا حتى تكونَ فِتْنَةٌ

(9)

.

(1)

ابن السَّري التميمي الكوفي، ابن أخي هناد بن السَّري، ذكره ابن أبي حاتم وقال:"لم يُقْض لنا السماع منه، كتب إلينا بشيءٍ من حديثه، وكان صدوقًا"، وذكره ابن حبان في الثقات.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 285)، الثقات لابن حبان (8/ 302)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 261 - 280/ ج 20/ 353).

(2)

سقطت من (ط) عبارة: "حدثنا يعلى بن عبيد" وهو: ابن أبي أمية الطنافسي الكوفي.

(3)

قال النووى: "بفتح الظاء المعجمة كسرها، فأهل اللغة يفتحونها، ويلحنون من يكسرها، وأهل الحديث يكسرونها، وكذلك قيده ابن مكولا وغيره"

وهو: حُصَين بن جُنْدُب بن عمرو بن الحارث المَذْحَجي الجنبي -بفتح الجيم، وسكون النون، ثم موحدة- الكوفي.

انظر: شرح مسلم للنووي (2/ 103).

(4)

بضم الحاء المهملة، وفتح الراء، وبالقاف، نسبة إلى بطن من جهينة، والحرقة هو: جُهيش بن عامر بن ثعلبة، سمي الحرقة لأنه حرق قومًا فبالغ في ذلك. الأنساب، للسمعاني، (4/ 113)، فتح الباري لابن حجر (7/ 591).

(5)

ما بين النجمين من التكرار في الأصل فقط، وليس في النسخ الأخرى، والمقصود بالتكرار المبالغة في الإنكار.

(6)

هو: ابن أبي وقاص رضي الله عنه. شرح مسلم للنووي (2/ 104).

(7)

في (م): "لا أقبل مسلمًا حتى يقبله"، ولعله خطأ من الناسخ.

(8)

سورة البقرة -الآية (193)، وسورة الأنفال- الآية (39).

(9)

أخرجه أبو داود في "سننه" -كتاب الجهاد -باب على ما يقاتل المشركون (3/ 44 ح 2643) عن عثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي كلاهما عن يعلى بن عبيد به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 207) عن يعلى بن عبيد به ولم يذكرا قول سعدٍ فيه.

وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 195 - 961) من طريق الصغاني -شيخ المصنِّف- عن يعلى بن عبيد به، وذكر فيه قول سعد.

ص: 413

263 -

حَدثنا عَليُّ بن حربٍ، عن أبي مُعاوية

(1)

، عَن الأعمش، وَلم يذكر قوْلَ سَعْدٍ فيه

(2)

.

(1)

محمد بن خازم الضرير الكوفي.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (1/ 96 ح 158) من طريق أبي خالد الأحمر وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش به، وذكر فيه قول سعد.

وبيَّن تعليق المصنِّف بقوله: "ولم يذكر قول سعدٍ فيه" وجهًا من وجوه رواية الحديث عن أبي معاوية، وهو الوجه الذي رواه به المصنِّف عن شيخه علي بن حرب، عن أبي معاوية به، بدون ذكر قول سعدٍ فيه، ويخالفه ما رواه مسلم عن شيوخه: أبي كريب، وإسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، وعن: أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر كليهما بالإسناد نفسه مع ذكر قول سعدٍ فيه، فظاهر مجموع ما جاء عند مسلم وأبي عوانة أن الرواة عن أبي معاوية اختلفوا عليه بذكر قول سعد أو عدمه، والظاهر من عبارة المصنِّف أن رواية أبي معاوية ليس فيها ذكر قول سعد، فإن كان هذا هو الواقع فيكون في رواية مسلم إدراج (من نوع إدراج السند) حيث أن أحد الرواة المقرونين له زيادة دون الآخر، والله أعلم. =

⦗ص: 416⦘

= فائدة الاستخراج:

تعيَّن من تعليق المصنِّف اللفظ المسوق عند مسلم أنه لأبي خالد الأحمر.

ص: 415

264 -

حَدثَنا محمد بن عبد الملك الواسطيُّ

(1)

، ومحمد بن إسرائيل الجوهري

(2)

، ومحمد بن إسحاق الواسطيُّ الخَيَّاط

(3)

، قالو: حدثنا أبو مَنصور الحارثُ بن منصُور

(4)

، حدثنا سُفيان الثوريُّ، عَن الأعمش، عن

⦗ص: 417⦘

أبي ظَبيان، عن أُسَامَة بن زيد قال: غزونا أهل بيتٍ من جُهَينة فحملتُ على رجلٍ منهم، فقال: لا إله إلا الله، فقتلته فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"قتلتَ رجلًا يقول لا إله إلا الله؟ قلتُ: إنما قالها تَقِيَّةً. قال: "فَهلا شَقَقْتَ عن قلبهِ"

(5)

.

(1)

أبو جعفر الدقيقي.

(2)

هو: محمد بن إسرائيل بن يعقوب، أبو بكر الجوهري، توفي سنة (279 أو 280 هـ).

وثقه الخطيب في تاريخه، وتبعه ابن الجوزي ولم أجد له ترجمة في غير ذلك.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (2/ 87)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 331).

(3)

في (ط) و (ك) بتقديم الخياط على الواسطي، وفي (م) ضبة على الكلمتين، لعلها من أجل التنبيه على التقديم والتأخير. وزاد المزي -في ترجمة شيخه- اسم جده فقال: ابن سعيد الخياط.

ولم أجد له ترجمة سوى ما ذكره الخطيب في تاريخه قال: "حدَّث عن أبي منصور الحارث بن منصور الواسطي". تاريخ بغداد (1/ 241)، تهذيب الكمال (5/ 286).

(4)

الواسطي الزاهد.

قال عنه أبو داود: "كان من خيار الناس"، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"في حديثه اضطراب"، ونسبه أبو نعيم إلى كثرة الوهم.

ووثقه الذهبي في الكاشف، وقال الحافظ ابن حجر:"صدوق، يهم" وهو الصواب إن شاء الله تعالى.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 90)، الثقات لابن حبان (8/ 182)، =

⦗ص: 417⦘

= الكامل لابن عدي (2/ 614)، تهذيب الكمال للمزي (5/ 286)، الميزان (1/ 443)، والكاشف للذهبي (1/ 305)، تهذيب التهذيب (2/ 145)، والتقريب لابن حجر (1050).

(5)

لم أجد من أخرجه من طريق الثوري.

ص: 416

265 -

حدثنا الصاغانيُّ، حدثنا خلفُ بن سالم

(1)

، أخبرنا

⦗ص: 418⦘

هُشيم

(2)

، أخبرنا حُصَين

(3)

، ح

⦗ص: 419⦘

وحَدثنا الدَّنْدَانيُّ موسى بن سَعيد الطرسوسيُّ بها

(4)

، حدثنا أبو الوليد

(5)

، حدثنا أبو عَوانة

(6)

، عن حُصَين، حدثنا أبو ظَبيان قال: سمَعتُ أُسَامَةَ بن زيد يقول: بعثَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الحُرَقات. . . فذكر مثل حَديث يعلى بن عبيد إلى قوله: حتى وددْتُ أَنِّي لم أُسْلم

(7)

إلا يومَئذٍ

(8)

.

(1)

المُخَرِّمي، أبو محمد المُهَلَّبي البغدادي الحافظ، توفي سنة (231 هـ).

وثقه ابن معين، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، والنسائي وغيرهم، وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات، وزاد ابن حبان:"كان من الحفاظ المتقنين".

وقال الآجري: "كان أبو داود لا يروي عنه" ولعل ذلك لتشيعه، وجمعه لأحاديث في مثالب الصحابة، ودخوله في شيء من أمر القاضي، وإلا فهو كما قال الإمام أحمد:"لا يُشك في صدقه".

قال الذهبي: "موصوف بالحفظ، ومعرفة الرجال، وكان لسعة حفظه يتَّبع الغرائب"، ورمز له في الميزان "صح".

وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة، حافظ، عابوا عليه التشيُّع، ودخوله في شيءٍ من أمر القاضي".

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 371)، الثقات لابن حبان (8/ 228)، الثقات لابن شاهين (ص: 119)، تاريخ بغداد للخطيب (8/ 328)، تهذيب =

⦗ص: 418⦘

= الكمال للمزي (8/ 289)، سير أعلام النبلاء (11/ 148)، ميزان الاعتدال للذهبي (1/ 660) تهذيب التهذيب (3/ 138)، والتقريب لابن حجر (1732).

(2)

هُشَيم -بالتصغير- بن بشير -بوزن عظيم- بن القاسم بن دينار السُّلَمي، أبو معاوية بن أبي خازم الواسطي. ثقة حافظ، مدلس، قال الحافظ في المدلسين:"مشهور بالتدليس مع ثقته"، وجعله في المرتبة الثالثة من المدلسين.

وقد صرَّح هنا بالإخبار، وقال الإمام أحمد:"ليس أحدٌ أصحُّ حديثًا عن حُصَين من هُشَيم".

انظر: سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 323)، تهذيب الكمال (30/ 272)، تعريف أهل التقديس (ص: 115)، التقريب لابن حجر (7312).

(3)

ابن عبد الرحمن السُّلمي، أبو الهُذَيل الكوفي، توفي سنة (136 هـ).

ثقة مأمون، وثقه جمعٌ من الأئمة، وقد اختلط بأخرة -وقيل: تغيَّر فقط-، وهُشيمٌ ممن سمع قبل الاختلاط -نص على ذلك الحافظان ابن رجب وابن حجر- وقال عبد الرحمن بن مهدي فيما نقله بحشل:"هشيم أعلم الناس بحديث حُصين"، وقال الإمام أحمد:"هشيم لا يكاد يسقط عليه شيءٌ من حديث حصين، ولا يكاد يدلس عن حُصين".

ومن أجل تغيره أو اختلاطه أورده العقيلي وابن عدي في الضعفاء، وأنكر علي بن المديني وغيره اختلاطه. وقد تابعه الأعمش في حديثه هذا كما مرَّ. قال الحافظ:"متفق على الاحتجاج به، إلا أنه تغيَّر في آخر عمره. . . وشعبة والثوري وزائدة وهشيم سمعوا منه قبل التغيُّر".

انظر: تاريخ ابن طهمان عن ابن معين (ص: 71 و 104)، تاريخ واسط لبحشل (ص 97) الضعفاء للعقيلي (1/ 314)، الكامل لابن عدي (2/ 804)، تهذيب =

⦗ص: 419⦘

= الكمال للمزي (6/ 519)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 739)، تهذيب التهذيب (2/ 343) وهدي الساري (ص: 417)، والتقريب لابن حجر (1369)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 126 - 1140).

(4)

كلمة "بها" ليست في (م)، وانظر حول: طرسوس الحديث الأول في المقدمة، وحول الدنداني ح (46).

(5)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك.

(6)

الوضاح بن عبد الله اليشكري مولاهم، الواسطي البزاز.

(7)

في (م): "لا أسلم" ولعله خطأ من الناسخ.

(8)

يأتي تخريجه في الذي بعده.

ص: 417

266 -

حدثنا أبو أُمَيَّةَ، حدثنا محمد بن الصَّلْتِ

(1)

، عَن أبي كُدَيْنَةَ

(2)

، عن حُصَين بإسناده نَحْوَه، وَلم يَذكر قولَ سَعْدٍ

(3)

.

(1)

ابن الحجاج الأسدي مولاهم، أبو جعفر الكوفي الأصم.

(2)

أبو كُدَينة -بالنون، مصغَّر- هو: يحيى بن المهلَّب البَجَلي الكوفي. التقريب (7654).

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المغازي- باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة (الفتح 7/ 590 ح 4269) عن عمرو بن محمد، وأخرجه =

⦗ص: 420⦘

= أيضًا في كتاب الديات -باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا. .. } (الفتح 12/ 199 ح 6872) عن عمرو بن زرارة كلاهما عن هشيمٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (1/ 97 ح 159) عن يعقوب الدورقي عن هُشيمٍ به.

ص: 419

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ رَفْعِ الإِثْمِ عن الذي يأتي الشيءَ المَنْهِيّ عنه قَبْلَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ عنه، وَأَنَّ الكافر سَاقِطٌ عَنْهُ مَا عَمِلَ في كُفْرِهِ إذا أسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وَمَنْ أَسَاءَ في إسلامِهِ لم يَسْقُطْ عَنْهُ ما عَمِلَ

(2)

في كُفْرِهِ وأخِذَ بهَا

(3)

(1)

في (م) ضربٌ على كلمة "باب"، وفي (ط) و (ك) الترجمة بدون كلمة "باب".

(2)

في (ط) و (ك): "ما كان"، وفي (م) ضرب على كلمة (عمل) كتب بدلها "كان".

(3)

أي بالإساءة.

ص: 421

267 -

حَدثنا جَعفر بن محمد الصائغ، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابتٌ

(1)

، عن أنس بن مالك قالَ: لما نزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}

(2)

قال

(3)

: قعَد ثابتُ بن قيسٍ في بيته ففقَده رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال لسعد بن مُعاذ: "يا أبا عَمرو! مَا شأنُ ثابتِ بن قيسٍ لا نراه؟! أشتكى؟ "، فقال: ما علمتُ له [من]

(4)

مرض وَإنَّه لَجاري، فَدخل عليه سَعدٌ، فذكر له قوْلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: قد علمتم أَنّي كنتُ من أشدِّكم رفعَ صوْتٍ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَقد نزلت هذه الآية، وقد هلكت، أنا من أهل النار.

⦗ص: 422⦘

فذكر ذلك سعدٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: "هو من أهلِ الجنّة"

(5)

.

(1)

ابن أسلم البناني، أبو محمد البصري.

(2)

سورة الحجرات- الآية (2).

(3)

كلمة "قال" ليست في (ط) و (ك).

(4)

ما بين المعقوفتين من (ط).

(5)

أخرجه البخاري كما سيأتي، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله (1/ 110 ح 187 و 188) من طريق الحسن بن موسى عن حماد بن سلمة عن ثابت به، وأخرجه أيضًا من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت به، وأيضًا من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن ثابتٍ به. ولم يذكر أحدٌ من الرواة: سعد بن معاذ في الرواية سوى حماد بن سلمة، وسيأتي ما فيه.

ص: 421

268 -

حدثنا الصَّغاني، حدثنا أبو النضر

(1)

، حدثنا سليمان بن المغيرة

(2)

عن ثابتٍ بإسنادِه نحوَه، وَأتمَّ منه

(3)

.

(1)

هاشم بن القاسم الليثي البغدادي.

(2)

القيسي مولاهم، أبو سعيد البصري.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله (1/ 111 ح 188) من طريق حَبَّان بن هلال عن سليمان بن المغيرة به.

ص: 422

269 -

حَدثنا يحيى بن أبي طالب

(1)

، حدثنا أزهر بن سعد

⦗ص: 423⦘

السمان

(2)

، أخبرنا ابن عَون

(3)

قال: أنبأني موسى بن أنس

(4)

، عَن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم افتقدَ ثابت بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَن يعلم لي علمَهُ؟ "، فقال له رجلٌ: أنا يا رسول الله، فأتاه في منزله فوجَده جَالسًا في بيتٍ مُنَكِّسَ رأسِهِ، فقال: ما شأنك؟ قال: شرٌّ، كنتُ أرفَعُ صَوْتي فوقَ صَوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حَبط عَملُهُ وهوَ مِن أهلِ النار

(5)

.

فرجَع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبَرَه، قال موسى بن أنس: فرجَع

⦗ص: 424⦘

واللهِ- إليه في المرّة الأَخيرةِ ببشارةٍ عَظيمةٍ، فقال:"اذهَبْ، فقل له: إنَّك لستَ من أهل النار، ولكنك من أهل الجنَّة"

(6)

.

(1)

هو: يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الزِّبْرِقان، أبو بكر البغدادي، توفي سنة (275 هـ).

قال أبو حاتم: "محله الصدق"، وقال الدارقطني:"لا بأس به، ولم يطعن فيه أحدٌ بحجة"، وقال البرقاني:"أمرني الدارقطني أن أخرج عن يحيى بن أبي طالب والحارث بن أبي أسامة في الصحيح"، وقال مسلمة بن القاسم:"لا بأس به، تكلَّم الناس فيه"، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الآجري: "خط أبو داود على حديث يحيى بن أبي طالب"، وقال موسى بن هارون:"أشهد على يحيى بن أبي طالب أنه يكذب" -وعقَّب الذهبي بقوله: "يريد في كلامه، لا في الرواية"-، وقال أبو أحمد الحكم:"ليس بالمتين".

فهو صدوقٌ إن شاء الله تعالى، إذا لم يخالف. =

⦗ص: 423⦘

= انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 134)، الثقات لابن حبان (9/ 270)، سؤالات الحكم للدارقطني (ص: 159)، تاريخ بغداد للخطيب (14/ 220)، سير أعلام النبلاء للذهبي (12/ 620)، لسان الميزان لابن حجر (6/ 363).

(2)

أبو بكر الباهلي مولاهم البصري، ثقة، من أثبت أصحاب ابن عون، لم يصب من ضعَّفه.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 315)، تهذيب الكمال للمزي (2/ 323)، الميزان للذهبي (1/ 172)، تهذيب التهذيب لابن حجر (1/ 183)، التقريب (307).

(3)

هو: عبد الله بن عون بن أَرْطَبَان المُزَني مولاهم، أبو عون البصري.

(4)

ابن مالك الأنصاري، قاضي البصرة.

(5)

كذا في النسخ كلها، وفي رواية البخارى: "كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله

".

قال الحافظ ابن حجر: "كذا بلفظ الغيبة، وهو التفات". الفتح (6/ 718).

ولعلَّ استعمال الراوى لأسلوب الالتفات لتحاشي نسبة حبوط العمل، ودخول النار إلى النفس حتى لو كان المقصود به الحكاية عن الغير.

(6)

لم يخرجه مسلم من طريق موسى بن أنس، وأخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المناقب- باب علامات النبوة في الإسلام (الفتح 6/ 717 ح 3613) عن علي بن عبد الله عن أزهر بن سعدٍ به. وأخرجه أيضًا في كتاب التفسير من نفس الطريق -باب:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ. . .} (الفتح 8/ 454 ح 4846).

تنبيه:

استشكل ذكر سعد بن معاذ في هذا الحديث -كما في الرواية الأولى في الباب؛ لأن الآية نزلت في قصة الأقرع بن حابس عام الوفود سنة تسع من الهجرة، وسعد بن معاذ مات بعد غزوة بني قريظة سنة خمس، وأجاب الحافظ ابن حجر بجوابين:

أحدهما قال: "يمكن الجمع بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت، والذي نزل في قصة الأقرع أول السورة وهو قوله: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، وقد نزل من هذه السورة سابقًا أيضًا قوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9]، فقد تقدم في كتاب الصلح من حديث أنس أنها نزلت في قصة عبد الله بن أبي بن سلول، وفي السياق: "وذلك قبل أن يسلم عبد الله -أي: ابن سلول-" وكان إسلام عبد الله بعد وقعة بدر".

والثاني قال: "وروى ابن المنذر في تفسيره من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة عن أنس في هذه القصة "فقال: سعد بن عبادة: يا رسول الله هو جاري" الحديث، وهذا أشبه بالصواب لأن سعد بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره من سعد بن معاذ لأنه من قبيلة أخرى". الفتح (6/ 717 - 718).

غير أن الحافظ ابن حجر عاد فقال عند شرح الحديث في كتاب التفسير: "هو =

⦗ص: 425⦘

= سعد بن معاذ بينه حماد بن سلمة في روايته لهذا الحديث عن أنس، وقيل: هو عاصم بن عدي، وقيل: أبو مسعود والأول المعتمد". الفتح (8/ 457).

وذهب إلى تعليل رواية حماد بن سلمة أيضًا الحافظ ابن كثير في "تفسيره" بعد أن ذكر طريق سليمان بن المغيرة، وجعفر بن سليمان، والمعتمر بن سليمان عن أبيه كلهم عن ثابت عن أنس قال:"فهذه الطرق الثلاث معلِّلة لرواية حماد بن سلمة فيما تفرَّد به من ذكر سعد بن معاذ رضي الله عنه، والصحيح أنه حال نزول هذه الآية لم يكن سعد بن معاذ رضي الله عنه موجودًا؛ لأنه كان قد مات بعد بني قريظة بأيام قلائل سنة خمسٍ، وهذه الآية نزلت في وفد بني تميم، والوفود إنما تواتروا في سنة تسع من الهجرة، والله أعلم". تفسير ابن كثير (4/ 221).

ولعل الإمام مسلمًا رحمه الله تعالى أراد أن يشير إلى غرابة ذكر سعد بن معاذ في الحديث، فكان يقول بعد إيراد الأسانيد الأخرى -غير إسناد حماد بن سلمة-:"ولم يذكر فيه سعد بن معاذ" وقد سبق الكلام عند تخريج ح (65) أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، ونقل الإمام مسلم إجماع أهل الحديث على ذلك، إلا أن أبا حاتم قدَّم سليمان بن المغيرة عليه في ثابت.

ولعل تقديم أكثر السلف حماد بن سلمة في ثابت في الجملة، وليس في كلِّ حديث بعينه، فإنه قد يهم كما يهم غيره، وقد ساء حفظه في الآخر، قال الحافظ ابن حجر:"استشهد به البخاري تعليقًا، ولم يخرج له احتجاجًا ولا مقرونًا ولا متابعة إلا في موضعٍ واحد قال فيه: قال لنا أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة. . .". هدي الساري (ص: 419).

فإذا انضمَّ إلى سليمان بن المغيرة -في مخالفة حماد بن سلمة-: جعفر بن سليمان، وسليمان بن طرخان التيمي فلعل تقديم روايتهم على رواية حماد أولى، والله أعلم.

تنبيه:

قصة الأقرع بن حابس ونزول آية الحجرات فيه في صحيح البخاري (الفتح 8/ 454 =

⦗ص: 426⦘

= ح 4845).

ص: 422

270 -

حَدثَنا يزيد بن سنان

(1)

، وإبراهيم بن مرزوق

(2)

البصْريين

(3)

، والصَّاغانيُّ، وسُليمان بن سَيفٍ قالوا: حدثنا أبو عَاصم

(4)

، حدثنا حيوة بن شريح

(5)

، حَدثني يزيدُ بن أبي حَبيب

(6)

، عن ابن شِمَاسةَ المَهْرِيُّ

(7)

قال: حَضرنا عَمرو بن العاص وهو في سياقةِ الموت

(8)

، وَولَّى وجْهَه الحائط

⦗ص: 427⦘

فجعَل [يبكي]

(9)

طويلًا، فقال له ابنُه: ما يُبكيْكَ؟ أَما بشَّرك رَسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشَّرك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بكذا

(10)

؟

قال: ثَّم أقتل بوجهِهِ فقال: إنَّ أفضَل ما تَعُدُّ عليَّ شَهادة أَن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، إنِّي قد رأيتُني على أطباق

(11)

ثلاثٍ: لقد رأيتُني وما أحَدٌ

(12)

من الناس أبغَضُ إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحَبُّ إليَّ من أن أكونَ قد اسْتمكنتُ منه فقَتلتُهُ، فلو مُتُّ على تلك الحال لكنتُ من أهل النار، فلما جعل الله الإسلامَ في قلبي أَتَيْتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله ابْسطْ يدَك لأُبايعك، فبَسَطَ يمينَهُ فَقَبَضْتُ يدي، فقال:"ما لك يا عَمرو"؟ فقلتُ: أردت أن أشترِطَ، فقال: "تشترط مَاذا

(13)

"؟ قلتُ: يُغْفَرُ لي، فقال: "أما علمتَ يا عَمرو أنّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قبلَه، وَأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وَأنَّ الحجَّ يَهدم ما كان قبلَه"؟ فبايعْتُه، فما

(14)

كان أحَدٌ أجَلَّ في عيني منه، إنِّي لم أكن أسْتَطيعُ أن أملأ عيني منهُ إِجْلالًا له

(15)

، فلو سُئلْتُ أن

⦗ص: 428⦘

أَصِفَه ما أطقْتُ، لأنِّي لم أكن أملأ عيني منه، فَلو مُتُّ على تلك الحال لرجوتُ أن أكونَ من أهلِ الجنَّةِ.

ثمَّ وَلِيْنَا أشْياءَ لا أدْري ما حَالي فيها، فإذا أنا مُتُّ فلا تتبَعني نائحةٌ ولا نارٌ، فإذا دَفَنتموني في قبري فسُنُّوا -أو شُنُّوا

(16)

- عليَّ التراب سنًّا فإذا فرغتم مِن دَفني فأقيموا عندَ قبري قدرَ ما ينحر

(17)

جَزورٌ ويُقسم لحمها، حَتى أعلمَ مَا أُراجع به رُسلَ ربي، فإنِّي أستأنسُ بكم

(18)

.

معنى حديثهم واحد.

(1)

ابن يزيد بن الذَّيَّال القرشي الأموي، أبو خالد القزاز.

(2)

ابن دينار الأموي، أبو إسحاق.

(3)

كذا وعليها ضبة في النسخ كلها، ولعلها على تقدير:"أعني البصريين".

(4)

الضحاك بن مخلد الشيباني النبيل البصري.

(5)

ابن صفوان التُّجِيبي، أبو زرعة المصري الفقيه.

(6)

أبو رجاء المصري، واسم أبي حبيب: سويد.

(7)

هو: عبد الرحمن بن شِمَاسة -بكسر المعجمة، وتخفيف الميم، بعدها مهملة- بن ذُؤيب المَهْري -بفتح الميم وسكون الهاء- المصري، كذا ضبط الحافظ ابن حجر: شماسة، وضبطه النووي نقلًا عن صاحب المطالع: بفتح الشين المعجمة وضمها.

والمَهْري ضبطه هكذا السمعاني، وتبعه ابن الأثير، وابن حجر، وخالفهم ياقوت الحموى فقال:"الصحيح مَهَرة بالتحريك وجدته بخطوط جماعة من أئمة العلم القدماء لا يختلفون فيه".

وهي نسبة إلى مَهرَة بن حيدان بن الحاف بن قُضاعة قبيلة كبيرة.

انظر: الأنساب للسمعاني (11/ 539)، معجم البلدان لياقوت (5/ 270)، اللباب لابن الأثير (3/ 275)، شرح مسلم للنووي (2/ 137)، التقريب (3895).

(8)

بكسر السين، أي: حال حضور الموت. شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 137).

(9)

في الأصل: "نبكي"، ولعله سبق قلم.

(10)

كلمة "بكذا" سقطت من (ط)، و (ك).

(11)

أي: على أحوالٍ. شرح مسلم للنووي (2/ 137).

(12)

في (ك): "وما أجد".

(13)

في (م): "أتشترط ماذا" ولعل الألف زائدة سهوًا.

(14)

في (ط) و (ك): "وما".

(15)

كلمة: "له" سقطت من (ط) و (ك).

(16)

ليست في (ط) و (ك) كلمة "أو شنوا"، ورواية مسلم:"فشنوا على التراب شنا"، قال النووي:"ضبطناه بالسين المهملة وبالمعجمة، وكذا قال القاضي عياض أنه بالمعجمة والمهملة، قال: وهو الصبُّ، وقيل: بالمهملة: الصب في سهولة، وبالمعجمة: التفريق".

شرح النووي لصحيح مسلم (2/ 138).

(17)

كذا في (م)، وفي النسخ الأخرى ليست واضحة بالتاء أم بالياء، وفي مسلم بالتاء.

(18)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب كون الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الهجرة والحج (1/ 112 ح 192) عن محمد بن المثنى، وأبي معن الرَّقاشي، وإسحاق بن منصور كلهم عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد به.

ص: 426

271 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى

(1)

، أخبرنا ابن وهب

(2)

،

⦗ص: 429⦘

أخبَرني ابن لَهيعة

(3)

، عن يَزيدَ بن أبي حَبيب بإسناده،

⦗ص: 430⦘

نحوه

(4)

.

(1)

ابن ميسرة الصدفي المصري، وفي (ط) و (ك):"يونس" فقط بدون ذكر اسم أبيه، وفي (م) ضربٌ على كلمة "ابن عبد الأعلى".

(2)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري.

(3)

عبد الله بن لَهِيعة -بفتح اللام كسر الهاء- بن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري القاضي، توفي سنة (174 هـ).

اختلف فيه، وأكثر الأئمة على تضعيفه، وخاصة بعد احتراق كتبه واختلاطه، وبعضهم يقول: احترق داره وبقيت أصوله سالمة، وبعضهم يقول: احترقت بعض أصوله، وبعضهم يضعف أمره أولًا وآخرًا، وبعض الأئمة -فصَّل فقبل رواية العبادلة عنه: عبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، ونحوهم ممن سمع منه قبل احتراق كتبه واختلاطه، وكان ذلك سنة (170 هـ)، وهو تفصيل حسنٌ، وقد رمي بالتدليس، وجعله الحافظ ابن حجر في المرتبة الخامسة من المدلسين.

وقد تكلَّم شيخ الإسلام ابن تيمية بكلام حسنٍ ومثَّل فيه بابن لهيعة فقال في معرض كلامه عن مراتب الرواة: "ودون هؤلاء قوم كثير غلطهم، فهؤلاء لا يحتجون -أي: أهل الحديث- بهم إذا انفردوا، لكن يعتبرون بحديثه ويستشهدون به، بمعنى أنهم ينظرون فيما رووه: هل رواه غيرهم؟ فإذا تعددت الطرق واللفظ واحد، -مع العلم بأنهم لم يتواطؤا، ولا يمكن في العادة اتفاق الخطأ في مثل ذلك- كان هذا مما يدل على صدق الحديث، ولهذا قال أحمد: "أكتب حديث الرجل لأعتبر به"، مثل ابن لَهِيعة ونحوه؛ فإنه كان عالمًا ديِّنا قاضيًا، لكن احترقت كتبه فصار يحدث بعد ذلك بأشياء دخل فيها غلط، لكن أكثر ذلك صحيح يوافقه عليها الثقات كالليث وأمثاله".

وقال الذهبي في التذكرة: "يروى حديثه في المتابعات ولا يحتج به"، وقال ابن حجر:"صدوقٌ خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما".

والظاهر أنه ممن يحسَّن حديثه إذا صرح بالتحديث، وكان من رواية العبادلة عنه =

⦗ص: 430⦘

= ونحوهم من الثقات ممن سمعوا منه قبل احتراق كتبه، ولا تقبل روايته إذا انفرد وكان من غير طريق هولاء.

وهنا الراوي عنه عبد الله بن وهب، غير أن ابن لهيعة رواه بالعنعنة وهو مدلسٌ، ولكن تابعه حيوة بن شُريح -كما سبق في الإسناد الماضي-، وتابعه الليث بن سعد أيضًا كما سيأتي في التخريج.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 516)، تاريخ الدوري (2/ 327)، سؤالات ابن الجنيد (ص: 384، 393)، الجرح والتعديل (5/ 145 - 148)، المعرفة والتاريخ للفسوي (2/ 185)، الضعفاء للنسائي (ص: 153)، الضعفاء للعقيلي (2/ 295)، المجروحين لابن حبان (2/ 11 - 13، 75)، الكامل لابن عدي (4/ 1462)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني (ص: 265)، منهاج السنة النبوية لابن تيمية (7/ 422) تهذيب الكمال (15/ 487)، سير أعلام النبلاء (8/ 11)، ميزان الاعتدال (2/ 475) تذكرة الحفاظ (1/ 237)، تهذيب التهذيب (5/ 331)، تعريف أهل التقديس (ص: 142)، التقريب لابن حجر (3563).

(4)

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 204) عن الحسن بن موسى الأشيب حدثنا ابن لهيعة حدثنا يزيد بن أبي حبيب به.

وأخرجه أيضًا (4/ 205) من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب به.

ص: 428

272 -

وَحدثَنا أبو بكر ابن أخي حسين الجعفيُّ

(1)

، حدثنا

⦗ص: 431⦘

أبو أسامة

(2)

، ح

وحَدثَنا الحسن بن عفان

(3)

، حدثنا ابن نميرٍ

(4)

قالا: حدثنا الأعمشُ، عن شقيق

(5)

، عن عبد الله

(6)

، قال: أتى رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أنُؤاخذ بما كنا نعمل في الجاهليَّةِ؟ فقال:"مَن أحْسن في الإسلام لم يؤاخَذْ بما عمل في الجاهليَّةِ، ومَن أساء أُخِذَ بالأول والآخر"

(7)

.

(1)

هو: محمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي الجعفي، أبو بكر الكوفي، توفي سنة (260 هـ).

قال أبو حاتم: "سألت أبا بكر بن أبي شيبة عنه فقال: "كان يحفظ الحديث، وكان جيد الحفظ للمسند والمنقطع"، وقال أبو زرعة: "التقيت مع ابن أخي حسين الجعفي وحفظت =

⦗ص: 431⦘

= منه أشياء"، وقال مسلمة بن القاسم: "تكلَّم الناس فيه، روى مناكير"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "مستقيم الحديث، حدَّث بالشام الغرائب"، ونقل المزيُّ عن المصنف أنه قال عنه: "حدثنا محمد بن عبد الرحمن ابن أخي حسين الجعفي -كوفيٌّ، حافظ- بدمشق"، وقال الدارقطني: "يعتبر به". وقال الذهبي: "معدود في الحفاظ"، وقال ابن حجر: "صدوق يحفظ، وله غرائب". وقد توبع في حديثه هذا، والحمد لله.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 313)، الثقات لابن حبان (7/ 9/ 115)، تهذيب الكمال للمزي (25/ 604)، الكاشف للذهبي (2/ 192)، تهذيب التهذيب (9/ 255)، والتقريب لابن حجر (6071).

(2)

حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي.

(3)

في (ط) و (ك): "ابن عفان" بدون ذكر اسمه، وهو الحسن بن علي بن عفان العامري.

(4)

عبد الله بن نُمَير الهَمْدَاني الكوفي.

(5)

ابن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي.

(6)

هو: ابن مسعود الهذلي رضي الله عنه.

(7)

والمراد بالإساءة في الإسلام هو: الكفر، والارتداد عن الدين، قال الحافظ ابن حجر: "لأنه غاية الإساءة وأشد المعاصي، فإذا ارتدَّ ومات على كفره كان كمن لم يسلم =

⦗ص: 432⦘

= فيعاقب على جميع ما قدمه وإلى ذلك أشار البخاري بإيراد هذا الحديث بعد حديث "أكبر الكبائر الشرك" وأورد كلًّا في أبواب المرتدين". الفتح (12/ 278).

وقد سبق في هذا المعنى الجملة الواردة في ح (270) أن الإسلام يهدم ما قبله، فذلك مشروطٌ بالاستمرار في الإسلام.

والحديث أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب استتابة المرتدين- باب إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة (الفتح 12/ 277 ح 6921) عن خلاد بن يحيى عن سفيان الثوري عن منصورٍ والأعمش كلاهما عن أبي وائل به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية (1/ 111 ح 190) من طريق ابن نمير وكيع كلاهما عن الأعمش به، وأخرجه (ح 191) من طريق علي بن مسهر عن الأعمش به.

فائدة الاستخراج:

بيَّنت رواية المصنِّف شقيقًا، وجاء عند مسلمٍ بكنيته فقط.

ص: 430

273 -

(حدثنا أبو إسماعيل الترمذيُّ

(1)

، حدثنا أبو حذيفة

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، عن منصور

(4)

، عن أبي وائلٍ، عن عبد الله، قال

(5)

: قالوا: يا رسول الله أيؤاخَذ أحدُنا بما عمِلَ في الجاهليَّة؟ قال:

⦗ص: 433⦘

"من أحسن في الإسلامِ لم يؤاخذ بما عمِلَ في الجاهليَّة، ومن أساء في الإسلامِ أُخِذ بالأوَّلِ والآخِرِ"

(6)

.

(1)

محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَمي.

(2)

موسى بن مسعود النهدي البصري، متكلم فيه، وقد توبع عند البخارى ومسلم كما سيأتي في التخريج، وانظر: ح (94).

(3)

هو: الثوري، قاله الحافظ ابن حجر. (الفتح 12/ 278).

(4)

ابن المعتمر بن عبد الله السُّلَمي، أبو عتاب الكوفي.

(5)

في (م) ضربٌ على كلمة: "قال"، وليست هذه الكلمة في (ط) و (ك).

(6)

أخرجه البخاري من طريق منصور والأعمش كما سبق في الذي قبله.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية (1/ 111 ح 189) من طريق جرير، عن منصور به.

ص: 432

274 -

ذكر أبو عليٍّ الزَّعْفَراني

(1)

عن حجَّاجٍ

(2)

، ح

وَحدثنا الصاغانيُّ، حدثنا أبو عبيد

(3)

، حدثنا حَجاجٌ، عن ابن جُريجٍ

(4)

، أخبرني يعلى بن مُسلم

(5)

، أنَّه سمعَ سعيدَ بن جُبير

(6)

يُحَدِّث عن

⦗ص: 434⦘

ابن عَباسٍ: أنَّ ناسًا من أهل الشرك قَتَلوا وأكثروا، وزَنَوا وأكثروا، ثمَّ أتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنَّ الذي تقول وتدعُو لَحَسَنٌ لو تُخبرَنَا أنَّ لما عملنا كفارةٌ، فنَزَلَتْ:{الَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ. . .} مكتوب إلى قوله: {غَفُورًا رَحِيمًا}

(7)

ونزلت: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. . .} الآية

(8)

.

(1)

الزَّعْفَرَاني: بفتح الزاي، وسكون العين المهملة، وفتح الفاء والراء، نسبة إلى: الزَّعفرانية قرية من قرى سواد بغداد تحت كَلْوَذَا، ونسبة إلى بيع الزَّعْفران أيضًا، والمذكور هنا منسوب إلى الأول وهو: الحسن بن محمد بن الصَّبَّاح الزَّعْفَرَاني البغدادي، وهو شيخ المصنِّف وقد روى عنه كما سيأتي في ح (335).

قال الدكتور بشار عواد في تعليقه على تهذيب الكمال: "ما زالت هذه القرية معروفة بهذا الاسم إلى يومنا هذا، وهي في جنوب بغداد بالقرب من مصب نهر دِيَالي، والعمارة بينها وبين بغداد متصلة". انظر: الأنساب للسمعاني (6/ 280) تهذيب الكمال (6/ 312).

(2)

ابن محمد المصِّيصي الأعور.

(3)

القاسم بن سلَّام المروزي ثم البغدادي القاضي، صاحب التصانيف المشهورة.

(4)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج المكي، مدلِّس.

(5)

ابن هُرْمُز المكي.

(6)

ابن هشام الأسدي الوالبي مولاهم الكوفي، أحد مشاهير التابعين.

(7)

في (ط) و (ك) جاءت العبارة هكذا: "فنزلت: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ} إلى قوله: {غَفُورًا رَحِيمًا} ، والآيات من سورة الفرقان (68 - 70).

(8)

الآية من سورة الزمر -رقم (53)، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير -باب:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. . .} (الفتح 8/ 411 ح 4810) من طريق هشام بن يوسف عن ابن جريجٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج (1/ 113 ح 193) عن محمد بن حاتم بن ميمون وإبراهيم بن دينار كلاهما عن حجاجٍ به.

وطريق الزعفراني وصله النسائي في سننه -كتاب تحريم الدم- باب تعظيم الدم (7/ 86) عنه عن حجاج به.

ص: 433

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ الكَافِرِ لا يَبْطُلُ مَعْرُوفُهُ في كُفْرِهِ إذا أسْلَمَ (وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ)

(2)

، وأنَّ الشِّرْكَ يُسَمَّى ظُلْمًا

(1)

في (م) ضربٌ على كلمة "باب"، وفي (ط) و (ك) بدون هذه الكلمة.

(2)

في الأصل و (م): "وكان قبل ذلك" ولم يظهر لي فيه وجهٌ، فأثبتُّ ما في (ط) و (ك).

ص: 435

275 -

حدثنا يونسُ بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني يونُسُ بن يزيدَ

(1)

، أنَّ ابن شهابٍ أخبَرَهُ قَال: أخبَرَني عروةُ بن الزُّبير، أنَّ حَكيم بن حِزَام أخبره أنَّهُ قال: يا رسولَ الله أرأيتَ أمورًا كنتُ أتحنَّثُ بها في الجاهليَّةِ ما لي فيها من شيء؟ فقال لهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أسْلَمْتَ على ما أسْلفتَ مِن خَيْرٍ". والتحنُّثُ هو التَعَبُّد

(2)

.

(1)

ابن أبي النجاد الأيلي.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده (1/ 113 ح 194) عن حرملة بن يحيى عن ابن وهبٍ به.

فائدة الاستخراج:

بينَّت رواية المصنِّف: يونس بن يزيد، وجاء عند مسلم مهملًا.

وأما إدراج تفسير التحنُّث بالتعبد فلم أجد من نسبه إلى أحد الرواة، والظاهر -والله أعلم- أنه من قول الزهري، فقد ورد في حديث عائشة الذي أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب بدء الوحي- باب (2) (الفتح 1/ 30 ح 3) وفيه:"وكان -أي: النبي صلى الله عليه وسلم يخلو بغار حراء فيتحنَّث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد"، فقال الحافظ ابن حجر:"قوله: وهو التعبد هذا مدرجٌ في الخبر، وهو من تفسير الزهري". =

⦗ص: 436⦘

= ويؤيد ذلك أنه لم يرد في غير طريق الزهري، ويؤيده أيضًا أن الزهري كان يكثر من تفسير الألفاظ، وربما أسقط أداة التفسير فكان بعض أقرانه يقول له: افصل كلامك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم. النكت على ابن الصلاح لابن حجر (2/ 829).

ص: 435

276 -

حَدثنا إبراهيم بن مرزوق

(1)

، وأبو داود الحرانيُّ، قالا: حدثنا عثمان بن عمر

(2)

، أخبرنا يونس، عن ابن شهابٍ، أخبرني عروةُ، عن حَكيم بن حِزَامٍ ثمَّ ذكر مثلَهُ

(3)

.

(1)

ابن دينار الأموي البصري.

(2)

ابن فارس العبدي البصري.

(3)

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 402) عن عثمان بن عمر عن يونس بن يزيد به.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 214) من طريق الليث عن يونس بن يزيدٍ به، ولفظه:"على ما سلفت من خير".

ص: 436

277 -

حدثَنا أبو داود الحرانيُّ

(1)

، حدثنا يعقوبُ بن إبراهيم بن سَعد

(2)

، حدثنا أبي، عن صَالح

(3)

، عن ابن شهابٍ، أخبرني عروة، أنَّ حَكيم بن حِزام أَخْبَرَهُ أنّه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ أمورًا كنتُ أتحنُّثُ بها في الجاهليَّة مِن صِلَةٍ وعِتَاقَةٍ وصَدَقَةٍ وصِلَةِ رَحمٍ فهل لي فيها

⦗ص: 437⦘

أجرٌ

(4)

؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمتَ

(5)

على ما سَلَفْتَ

(6)

من خير"

(7)

.

رَواهُ عبد الرزاق

(8)

، عن مَعمر، عن الزهري بمثله

(9)

.

(1)

ما بين النجمين ساقطٌ من (م) لعله بسبب انتقال بصر الناسخ من اسم أبي داود الحراني في الإسناد الأول إلى الثاني.

(2)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي.

(3)

ابن كيسان المدني.

(4)

في (ط) و (ك): "من أجرٍ".

(5)

في (م): "أسلفت"، ولعله سبق قلم.

(6)

كذا في النسخ ما عدا (ط) ففيها: "أسلفت"، وقد وردت بدون إثبات الهمزة في رواية الطبراني من طريق الليث كما سبق في تخريج ح (276).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده (1/ 114 ح 195) عن حسن الحلواني وعبد بن حميد كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ به.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 214) من طريق زهير بن حرب عن يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ به.

(8)

وهو في المصنَّف له (10/ 453 ح 19685).

(9)

هكذا علَّقه المصنِّف، وقد وصله مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده (1/ 114 ح 195) عن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق عن معمر به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 402) عن عبد الرزاق عن معمر به.

وأخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الزكاة -باب من تصدق في الشرك ثم أسلم (الفتح 3/ 354 ح 1453) من طريق هشام بن يوسف الصنعاني عن معمر به.

ص: 436

278 -

حدثنا أبو أُمَيَّةَ، حدثنا أبو اليمان

(1)

، أخبرنا شُعَيب

(2)

، عَن

⦗ص: 438⦘

الزهريِّ، نحوَه إلا أنَّه لم يذكر شعيبٌ صِلَةَ الرحم فقط

(3)

.

(1)

الحكم بن نافع البَهْرَاني.

(2)

ابن أبي حمزة -واسمه: دينار- الأموي مولاهم، أبو بشر الحمصي.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب البيوع- باب شراء المملوك من الحربي، وهبته، وعتقه (الفتح 4/ 480 ح 2220) عن أبي اليمان عن شعيبٍ به سواء.

ص: 437

279 -

حدثَنا العُطارديُّ

(1)

، حدثنا أبو مُعاوية

(2)

،

(3)

عن هشامٍ، عن أبيهِ، عن حَكيم بن حِزَامٍ قال: قلتُ: يا رسولَ الله أرأيت شيئًا

(4)

كنتُ أتحنَّثُهُ في الجاهليَّةِ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسْلمتَ على ما سَلَف لك"، قال: يا رسولَ الله لا أدَعُ شيئًا مما كنتُ أصنَعُهُ في الجاهليَّةِ إلا صَنَعْتُ في الإسلام مثله. وكان أعتقَ في الجاهليَّةِ مائةَ رقبة، فأعتق في الإسلام مائةَ رقبةٍ، وساق في الجاهليَّة مائةَ بَدَنَةٍ، فساق

(5)

في الإسلام مائةَ بَدَنَة

(6)

.

⦗ص: 439⦘

روَاة ابن نمير

(7)

، عن هشام بن عروةَ أنَّ حكيما أعتق في الجاهليَّة وَحَمل على مائةِ بعيرٍ، ثمَّ أعتق في الإسلام مثلَهُ ثمَّ أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم. . . فذكر نحوَه

(8)

.

(1)

أحمد بن عبد الجبار بن محمد الكوفي، أبو عمر العُطَاردي.

(2)

محمد بن خازم الضرير، يضطرب في غير حديث الأعمش، وقد توبع كما سيأتي في التخريج.

(3)

من هذا الموضع في (ط) سقطٌ إلى أثناء ح (284)، وسيأتي التنبيه على نهايته في موضعه.

(4)

في (ك): "أشياء" ولعله سبق قلم، والصواب المثبت بدليل قوله بعده:"أتحنَّثُه".

(5)

في (ك): "وساق".

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب العتق- باب عتق المشرك (الفتح 5/ 200 ح 2538) من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده (1/ 114 ح 195) عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي معاوية به. وعندهما تفسير قوله: "أتحنَّث بها" يعني: أتبرَّر بها، وهو من تفسير هشام بن عروة كما بيَّنته رواية مسلم، =

⦗ص: 439⦘

= أي: يعمل أعمال البر.

فائدة الاستخراج:

رواية مسلم تنتهي عند قوله: "إلا فعلت في الإسلام مثله"، وما بعده من التفصيل زيادة في رواية المصنِّف. وهي زيادة صحيحة.

(7)

عبد الله بن نُمَيرٍ الهَمْدَاني الكوفي.

(8)

هكذا علَّقه المصنِّف، وقد وصله مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده (1/ 114 ح 196) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن نُمَير به.

وقد أخرجه الحميدي في مسنده (1/ 253) -ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 213) - عن ابن عيينة عن هشام بن عروة به.

ص: 438

280 -

حَدثنا عليُّ بن حرب، حدثنا أبو معاوية

(1)

، وَمحمد بن فُضَيل

(2)

، وَكيعٍ قالوا: حدثنا الأعمش، عن إبراهيمَ

(3)

، عن علقمة

(4)

، عن عبد الله قالَ: لما نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}

(5)

، شقَّ ذلك على النَّاس، قالوا: يا رسول الله وَأَيُّنا لم يظلم نفسَه؟ فقال: "إنَّه

⦗ص: 440⦘

ليس الذيْ تَعْنُونَ، ألم تسمعوا قولَ العبد الصالح:{يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)}

(6)

؟ إِنَّما هو الشرك"

(7)

.

(1)

محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة في الأعمش.

(2)

ابن غزوان الضَّبيِّ الكوفي.

(3)

ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي.

(4)

ابن قيس بن مالك النخعي الكوفي.

(5)

سورة الأنعام- الآية (82).

(6)

سورة لقمان -الآية (13)، والعبد الصالح هو: لقمان.

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب استتابة المرتدين -باب ما جاء في المتأولين (الفتح 12/ 317 ح 6937) عن إسحاق بن إبراهيم ويحيى كلاهما عن وكيع عن الأعمش به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب صدق الإيمان وإخلاصه (1/ 114 ح 197) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس، وأبي معاوية، ووكيع كلهم عن الأعمش به.

ص: 439

281 -

حَدثنا عمر بن شَبَّة

(1)

، حدثنا أبو أحمدَ الزُّبَيريُّ

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، عن الأعمش، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، عَن عبد الله، عَن النَّبي صلى الله عليه وسلم:{وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ، قال:"بالشرك"

(4)

.

(1)

ابن عَبيدة النُّمَيري، أبو زيد بن أبي معاذ البصري، نزيل بغداد.

(2)

محمد بن عبد الله بن الزُّبَير بن عمر الأسدي مولاهم الكوفي، توفي سنة (203 هـ).

وثقه الأئمة، إلا أن الإمام أحمد قال:"كان كثير الخطأ في حديث سفيان"، وقال ابن شاهين في كتابه "الثقات": قال أبو نعيم في أصحاب الثوري: "ليس منهم أحدٌ مثل أبي أحمد الزبيري واسمه محمد بن عبد الله بن الزبير". وقال الحافظ: "ثقة، ثبتٌ، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري". انظر: تاريخ بغداد للخطيب (5/ 402)، تهذيب الكمال للمزي (25/ 476) التقريب (6017).

(3)

هو الثوري.

(4)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن عمر بن شبَّة عن أبي أحمد الزبيري به.

ص: 440

282 -

حدثنا عبد الله بن عبد الحميد القرشيُّ الرَّقِّيُّ

(1)

⦗ص: 441⦘

والعُطَارديُّ

(2)

قالا: حدثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش قال: سمعتُ إبراهيمَ، عَن عَلقمة، عن عبد الله قال: لما نَزَلَتْ هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ، شقَّ ذلك على النَّاس، فقالوا: يا رسول الله وأَيُّنا لم يظلم نفسَه؟ قال: "إنَّه ليس الذي تَعْنُونَ، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)}؟ "

(3)

.

(1)

نسبته "الرَّقِّي" ليست في (ك)، وضرب عليها بالقلم في (م)، ولم أجد للمذكور ترجمة، =

⦗ص: 441⦘

= وقد وافقه الثقات على حديثه هذا في أسانيد المصنِّف.

(2)

أحمد بن عبد الجبار بن محمد الكوفي، أبو عمر، خاتمة أصحاب أبي معاوية.

(3)

سبق تخريجه في حديث (280) من طريق أبي معاوية وغيره.

فائدة الاستخراج:

ذكر الأعمش -في هذا الإسناد- سماعه الحديث من إبراهيم، وقد جاء عند مسلم معنعنًا.

ص: 440

283 -

حدثنا محمد بن أحمدَ بن الجنيد الدَّقاق

(1)

، وأبو أُمَيَّةَ قالا: حدثنا أبو الوليد

(2)

، ح

وحَدثنا الصَّغانيُّ، حدثنا سليمانُ بن حرب

(3)

قالا: حدثنا شعبة، عَن الأعمش بإسْنادِهِ مثله: فَطَابَتْ أَنْفُسُنَا

(4)

(5)

.

(1)

أبو جعفر البغدادي.

(2)

الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري.

(3)

الأزدي الواشحي البصري، قاضي مكة.

(4)

في (ك): "أنفسها"، وهذه زيادة مروية بهذا الإسناد يصف الصحابة استبشارهم بهذا التفسير النبوي الكريم الذي أزال ما تردد في نفوسهم من حرج بسبب فهمهم الأول.

(5)

لم يخرجه مسلم من طريق شعبة، وأخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان- =

⦗ص: 442⦘

= باب ظلم دون ظلم (الفتح 1/ 109 ح 32) عن أبي الوليد ومحمد بن جعفر كلاهما عن شعبة.

وأخرجه في كتاب التفسير -باب قوله تعالى: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (الفتح 8/ 144 ح 4629) عن محمد بن بشار عن ابن أبي عدي عن شعبة به.

ص: 441

284 -

حدثَنا الصَّغانيُّ، حدثنا

(1)

إسماعيل بن الخليل

(2)

، حدثنا عليُّ بن مُسْهِرٍ

(3)

، ح

وحَدثنا ابن الجنيد أبو جَعْفَر

(4)

، حدثنا عبيد الله بن محمد

(5)

، حدثنا عبد الواحد بن زياد

(6)

، كلاهما عن الأعمش بإسناده مثله: قالوا:

⦗ص: 443⦘

يا رسول الله، فأيُّنا لا يَظلم نفسَه؟ قال:"ليس ذلك، إنَّما هوَ الشرك، ألم تسمعوا قول لقمانَ لابنه وهو يَعِظُهُ: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)}؟ "

(7)

.

(1)

هنا ينتهي السقط المشار إليه في ح (279) من نسخة (ط).

(2)

الخزَّاز -بمعجمات-، أبو عبد الله الكوفي. التقريب (441).

(3)

بضم الميم، وسكون المهملة، كسر الهاء، القرشي، أبو الحسن الكوفي، قاضي الموصل.

(4)

هو: محمد بن أحمد بن الجنيد الدقاق.

(5)

ابن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله القرشي التيمي البصري، يعرف بالعيشي، وبالعائشي وبابن عائشة لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، توفي سنة (228 هـ).

وثقه الأئمة، إلا أنه رمي بالقدر، ولكن قال الحافظ ابن حجر:"ثقة، جواد، رمي بالقدر، ولم يثبت".

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (10/ 314)، تهذيب الكمال للمزي (19/ 147)، التقريب (4334).

(6)

العَبْدي مولاهم البصري، توفي سنة بضعٍ وسبعين ومائة.

وثقه الأئمة، وتكلَّم في حديثه عن الأعمش: يحيى بن سعيد القطان، وأبو داود. =

⦗ص: 443⦘

= قال ابن عبد البر: "أجمعوا -لا خلاف بينهم- على أن عبد الواحد بن زياد ثقة ثبت"، وقال ابن القطان الفاسي:"ثقة، لم يعتل عليه بقادح"، غير أن الحافظ ابن حجر قال:"ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال". وقد توبع هنا في حديثه عن الأعمش.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 20)، الضعفاء للعقيلي (3/ 55)، الكامل لابن عدي (1938)، تهذيب الكمال للمزي (18/ 450)، تهذيب التهذيب لابن حجر، (6/ 379) التقريب (4240).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب صدق الإيمان وإخلاصه (1/ 115 ح 198) عن منجاب بن الحارث عن علي بن مسهرٍ، عن الأعمش به.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم لفظه، وقد ذكر المصنِّف أكثره.

ص: 442

285 -

حدثَنا سَعيد بن مَسْعودٍ

(1)

، حدثنا أبو الجَوَّاب

(2)

، حدثنا عمارُ بن رُزَيقٍ

(3)

، عَن الأعمش بمثلِهِ

(4)

.

(1)

ابن عبد الرحمن المروزي، أبو عثمان.

(2)

الأحوص بن جَوَّاب الضَّبيِّ الكوفي.

(3)

الضَّبيِّ التميمي، أبو الأحوص الكوفي.

(4)

لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.

ص: 443

286 -

حَدثنا المَعْمَرِيُّ

(1)

، حدثنا أبو كُرَيبٍ

(2)

، حدثنا ابن إدريس

(3)

قال: حَدَّثنيه -أولًا- أبي، عن أبان بن تَغْلِب

(4)

، عن الأعمش، ثمَّ سَمِعْتُهُ من الأَعمش بمثلِهِ

(5)

.

(1)

الحسن بن علي بن شَبِيب.

(2)

محمد بن العلاء بن كُرَيبٍ الهَمْدَاني.

(3)

هو: عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الزَّعافري، أبو محمد الكوفي.

(4)

الكوفي القارئ.

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب صدق الإيمان وإخلاصه (1/ 115 ح 198) عن أبي كريب عن ابن إدريس به سواء في العلو والنزول.

وفي هذا الموضع على هامش (ك) ما نصه: "بلغت في الميعاد الثاني".

ص: 444

‌بَابُ

(1)

رَفْعِ الخَطَأ وَالنِّسْيَانِ عَنْ المُسْلِمِيْنَ، وَمَا حَدَّثَتْ بِهَا أَنْفُسُهَا وَوَسْوَسَتْ

(1)

في (م) ضربٌ على كلمة "باب"، وفي (ط) و (ك)"بيان" بدل "باب".

ص: 445

287 -

حَدثَنا يزيد بن سنان

(1)

، حدثنا أبو عاصم

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، ح

ورواه وكيع، حدثنا سفيان

(4)

، عن آدم بن سليمان مَولى خالدٍ

(5)

قال: سمعت سعيدَ بن جُبَير يحدِّث عن ابن عباس قال: لما نزلتْ هَذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} قال: دَخل قلوبَهم منها شيءٌ لم يدخله قلوبهم من شيء

(6)

، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"قولوا: سمعنا وَأطَعْنا وسلَّمنا".

قال: فألقى الله الإيمانَ في قلوبهم، فأنزل الله:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} إلى قوله: {أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: قد فعلتُ، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: قد فعلتُ،

⦗ص: 446⦘

{وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا}

(7)

قال: قد فعلتُ

(8)

.

هَذا لفظ وكيع، وحَديثُ يزيد بنحوه، وَلم يذكر قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه.

(1)

ابن يزيد القرشي الأموي، أبو خالد القزاز.

(2)

الضحاك بن مخلد النبيل الشيباني.

(3)

هو الثوري.

(4)

في (ط) و (ك): "وحدَّث وكيعٌ عن سفيان".

(5)

في (ط) و (ك): "مولى جرير"، وأصلحه ناسخ (ط) على الهامش:"خالد".

(6)

قوله: "لم يدخله" أي لم يدخل مثله، و"من شيء" تمييزٌ للضمير في قوله: يدخله.

(7)

الآيات (284 - 286) من سورة البقرة.

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق (1/ 116 ح 200) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريبٍ، وإسحاق بن إبراهيم كلهم عن وكيعٍ به.

ص: 445

288 -

حدثنا محمد بن عَوف

(1)

، حدثنا آدم

(2)

، حدثنا وَرْقَاء

(3)

، عن عَطاء بن السَّائب

(4)

، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عَباسٍ قال:

⦗ص: 447⦘

لمّا نزلَتْ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} قرأها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما قال:{غُفْرَانَكَ} قال الله: قد غفرتُ لك. قال: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال الله: لا أُؤاخِذُكُمْ. فلما قال: {وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} ، قالَ: لا أَحْمِلُ عَلَيكم. فلما قال: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} ، قَال: لا أُحمّلكم. فَلَما قال: {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا} قَالَ الله: قد عَفَوْتُ عَنْكُمْ، وَقَدْ غَفَرْتُ لكم. فلما قال:{وَارْحَمْنَا} ، قالَ: قَدْ رَحِمْتُكُمْ. فلما

(5)

قال: وانصرنا على القوم الكافرين. قد نصرتكم

(6)

.

(1)

ابن سفيان الطائي، أبو جعفر الحمصي الحافظ.

(2)

ابن أبي إياس عبد الرحمن بن محمد الخراساني المروزي، أبو الحسن العسقلاني.

(3)

ابن عمر بن كُلَيب اليشكري، أبو بشر الكوفي.

وثقه جماعة، وتُكُلِّم في حديثه عن منصور بن المعتمر، وهذا ليس منه.

وقال الذهبي: "صدوق، صالح"، وقال ابن حجر:"صدوق، في حديثه عن منصور لِينٌ".

وقد أخرج له الشيخان من غير حديثه عن منصور.

انظر: الضعفاء للعقيلي (4/ 327)، الكامل لابن عدي (7/ 2552)، تهذيب الكمال للمزي (30/ 433)، التقريب (7403).

(4)

ابن مالك الثقفي الكوفي، توفي سنة (136 هـ).

صدوق، إلا أنه اختلط في آخر عمره، وضعفه بعضهم من أجل ذلك، ولم يذكروا ورقاء هل هو فيمن روى عنه قبل الاختلاط أم بعده، وقد تابعه أبو عوانة الوضاحُ بن عبد الله اليشكري -كما في الإسناد الآتي- وهو ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط وبعده ولم يميِّز بين ما قبل الاختلاط وبعده.

⦗ص: 447⦘

= ولكن عطاءً توبع على هذا الحديث، تابعه آدم بن سليمان عن سعيدٍ به كما مرَّ في الإسناد الماضي وتابعه أيضًا عكرمة ومجاهد كما سيأتي في تخريج الحديث الذي بعد هذا.

انظر: تاريخ الدوري (2/ 403)، الضعفاء الصغير للبخاري (ص: 177)، الضعفاء للعقيلي (3/ 398)، تهذيب الكمال للمزي (20/ 86)، ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 70)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 319 - 334)، التقريب (4592).

(5)

كلمة: "فلما" ليست في (ك).

(6)

أخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص: 227) من طريق إبراهيم بن الحسين وعلي بن حفص كليهما عن آدم عن ورقاء به.

ص: 446

289 -

حدثنا أبو دَاودَ الحرانيُّ، حدثنا مُسْلم

(1)

، حدثنا

⦗ص: 448⦘

أبو عَوانة

(2)

، عن عطاء بن السَّائبِ بِمثلِهِ

(3)

.

(1)

ابن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري.

(2)

الوَضَّاح -بتشديد المعجمة ثم مهملة- بن عبد الله اليشكري الواسطي. التقريب (7407).

وقد سبق في الحديث السابق أنه ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط وبعده ولم يميِّز ذلك.

(3)

أخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص: 228) من الطريق نفسه (من طريق عفان بن مسلم عن أبي عوانة الوضاح اليشكري عن عطاء به).

وأخرجه أيضًا في نفس الموضع من طريق عكرمة عن سعيد بن جبير به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 332) من طريق حميد الأعرج عن مجاهد عن سعيد بن جبير عن ابن عباسٍ به، وقال في آخره:"فتُجُوِّزَ لهم في حديث النفس، وأُخذوا بالأعمال".

وأخرج البخاري في صحيحه -كتاب التفسير -باب: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} (الفتح 8/ 54 ح 4546) من حديث ابن عمر رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} : نسختها الآية التي بعدها.

تنبيهان:

الأول: رواية ابن عباس رضي الله عنه هذه تُشير إلى نسخ قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. . .} ، وصرَّح بلفظ النسخ في طريق مجاهد الذي أخرجه الإمام أحمد كما سبق تخريجه، وفي الآية أقوال من حيث نسخها وعدمه كما يلي:

1 -

القول بالنسخ: وهو مرويٌّ -أي القول بالنسخ- عن علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وابن مسعود، وابن عمر، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم، وسعيد بن جبير، والشعبي، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة وغيرهم.

2 -

أنها لم تنسخ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله في الآية: "إنها لم تنسخ، ولكن الله عز وجل إذا جمع الخلائق يوم القيامة، يقول الله عز وجل: إني =

⦗ص: 449⦘

= أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي، فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدَّثوا به أنفسهم، وهو قوله:{يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} يقول: يخبركم، وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب، وهو قوله:{فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} وهو قوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]، من الشك والنفاق".

وهو مروي عن الحسن البصري، والضحاك، والربيع بن أنس وغيرهم.

3 -

أنها نزلت في كتمان الشهادة، ففي رواية عن ابن عباسٍ أيضًا أنها نزلت في كتمان الشهادة أي أنها متعلقة بالآية التي قبلها، وهو قوله تعالى:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283].

4 -

وفي رواية عن مجاهد أنه قال في معنى الآية: " {وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} من الشك واليقين {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} ".

أخرج هذه الآثار:

أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ"(ص: 274 - 279)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 192 - 203)، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص: 118 - 124)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص: 225 - 235).

وتبعًا لاختلاف هذه الآثار اختلف المفسِّرون فذهب بعضهم إلى أن الآية منسوخة، وذهب البعض إلى أنها محكمة.

وممن ذهب من المفسرين إلى أنها محكمة غير منسوخة: ابن جرير الطبري، وأبو جعفر النحاس، ومكي بن أبي طالب القيسي، وابن الجوزي، وابن عطية الأندلسي، والقرطبي وغيرهم.

وذهب آخرون إلى أنها منسوخة منهم: ابن حزم، والشوكاني. =

⦗ص: 450⦘

= ويفهم من كلام ابن حجر أنه مال إلى أنها منسوخة وإن لم يصرِّح بذلك، حيث قال:"والمراد بقوله: نسختها، أي أزالت ما تضمنته من الشدة، وبينت أنه وإن وقعت المحاسبة به لكنها لا تقع المؤاخذة به، أشار إلى ذلك الطبري فرارًا من إثبات دخول النسخ في الأخبار، وأجيب بأنه وإن كان خبرًا لكنه يتضمن حكمًا، ومهما كان من الأخبار يتضمن الأحكام أمكن دخول النسخ فيه كسائر الأحكام، وإنما الذي لا يدخله النسخ من الأخبار ما كان خبرًا محضًا لا يتضمن حكمًا كالأخبار عمن مضى من أحاديث الأمم ونحو ذلك، ويحتمل أن يكون المراد بالنسخ في الحديث: التخصيص؛ فإن المتقدمين يطلقون لفظ النسخ عليه كثيرًا". الفتح (8/ 55).

انظر للاستزادة حول هذه المسألة: المصادر التي خرَّجت الآثار السابقة، والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب (ص: 200)، الناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص: 30)، المحرر الوجيز لابن عطية (2/ 383)، زاد المسير لابن الجوزي (1/ 294)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 420 - 424)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (14/ 101 - 112)، فتح الباري لابن حجر (8/ 55)، والشوكاني في فتح القدير (1/ 305).

الثاني: ما ورد عن ابن عباسٍ من قوله في الآية أنها لم تنسخ، ورد من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وهذه الطريق من الطرق الجيدة عن ابن عباس في التفسير، كما قرَّره الحافظ ابن حجر، وتبعه السيوطي. وأسهب الدكتور حكمت بشير -في مقالةٍ له- في الكلام على هذه الطريق، وحكم على هذا الإسناد بالحسن، وذكر هناك أن الحكم صحح مثل هذا الإسناد ووافقه الذهبي.

انظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (4/ 207)، مجلة الجامعة الإسلامية -العددان (101 - 102) من السنة (26) مقالة بعنوان:"التفسير الصحيح" للدكتور حكمت بشير ياسين (ص: 52 - 54).

وهذا الإسناد وإن كان حسنًا لكنه لا ينتهض لمعارضة رواية صحيح مسلم، فما ورد =

⦗ص: 451⦘

= في صحيح مسلمٍ -وعند المصنِّف تبعًا له- عن ابن عباسٍ من أن الآية منسوخة أولى من رواية علي بن أبي طلحة التي جاء فيها عن ابن عباس أنه قال في الآية أنها لم تنسخ، هذا إذا جُعِل النسخ على ظاهره أما إذا حمُل النسخ على التخصيص -كما تقدَّم في توجيه الحافظ- فلا تعارض، والله أعلم.

ص: 447

290 -

حدثَنا محمد بن يحيى النَّيسَابُوريُّ

(1)

، وأبو بكر الرازيُّ

(2)

، قالا حدثنا موسى بن إسماعيل

(3)

، حدثنا يزيد بن زُرَيع، ح

وحدثنا عَباس الدوريُّ، حدثنا أميَّةُ بن بسطام

(4)

، ح

وحدثَنا أبو إبراهيمَ الزهريُّ

(5)

، وإبراهيم بن خُرَّزَاد

(6)

، ومَسْرُور بن نوح

(7)

، قالوا: حدثنا محمد بن المنهال

(8)

، قالا

(9)

: حدثنا يَزيد بن زُرَيعٍ، عن

⦗ص: 452⦘

رَوْح بن القاسم، عن العلاء

(10)

، عن أبيهِ، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما أنزل الله تبارك وتعالى

(11)

على رسولهِ: {لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ} إلى قوله: {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)} ، [قال:]

(12)

فاشْتَدَّ ذلك على أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتَوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ بركوا

(13)

على الرُّكَب فقالوا: أَيْ رسول الله كُلِّفْنَا من الأعمالِ ما نُطيق الصلاة والصيام وَالجهاد وَالصَّدقة، وقد أُنْزِلَتْ [عليك]

(14)

هذه الآية!

(15)

قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أتريدون أن تقولوا كما قال أَهلُ الكتابِ قَبْلَكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَل قولوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ".

قَالوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}

(16)

.

فلما أقرَّ بها القومُ، وذلَّت بها ألسنَتُهم أنزل الله تبارك وتعالى

(17)

في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ

⦗ص: 453⦘

وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} إِلى قَوْلِه: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} .

فلما فَعَلُوا ذلك نسخَها الله تبارك وتعالى

(18)

، فأنزل الله:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} إلى قوله: {أَوْ أَخْطَأْنَا}

(19)

قال: نعم، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: نعم، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قال: نعم، {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} قال: نَعَم

(20)

.

إلا أنَّ محمدَ بن المنهال

(21)

قدَّم بَعضَ الكلام وأَخَّر بَعْضًا، وقال:{اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} وقال: قد غفرتُ لكم ورَحِمْتُكُم، وَالحديثُ كُلُّهُ

⦗ص: 454⦘

واحد

(22)

.

(1)

نسبته "النيسابوري" ليست في (ط) و (ك)، وهو الذهلي.

(2)

محمد بن زياد بن معروف.

(3)

المِنْقَري مولاهم، أبو سلمة التبوذكي.

(4)

ابن المنتشر العيشي، أبو بكر البصري، وفي (ط) و (ك) زيادة:"حدثنا يزيد بن زريع".

(5)

أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزهري.

(6)

لم أجد له ترجمة.

(7)

وقع في (ط) خطأ: "مسروق" بدل "مسرور"، وهو الإسفراييني، أبو بشر الذهلي، توفي سنة (251 هـ)، قال عنه الحاكم:"ثقة مأمون، صاحب غرائب" ولم أجد فيه قولًا آخر.

انظر: سؤالات السجزي للحاكم (ص 139)، تاريخ الإسلام للذهبي (ص: 351 حوادث سنة 251 - 260).

(8)

التميمي الضرير البصري الحافظ.

(9)

أي: محمد بن المنهال، وأمية بن بسطام.

(10)

ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم المدني.

(11)

عبارة الثناء على الله عز وجل ليست في (ط) و (ك).

(12)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(13)

في (ك): "ذكر" بدل "بركوا" ولعله سبق قلم.

(14)

في الأصل و (م): "عليه".

(15)

وقع في السياق اختصار لجملة جاءت في رواية مسلم، وهي قوله:"ولا نطيقها".

(16)

ما بين النجمين ساقط من (ط) و (ك).

(17)

عبارة الثناء على الله عز وجل ليست في (ط) و (ك).

(18)

عبارة الثناء على الله عز وجل ليست في (ط) و (ك).

(19)

في (م): "وأخطأنا"، سقطت الألف من "أو".

(20)

في النسخ الأخرى -عدا الأصل- علامة حذف (لا- إلى) من قوله: "واعف عنا" إلى هذا الموضع، والآيات من آخر سورة البقرة رقم (284 - 286).

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق (1/ 115 ح 199) عن أمية بن بسطام العيشي، ومحمد بن المنهال الضرير كلاهما عن يزيد ابن زُرَيعٍ به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 412) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء بن عبد الرحمن به.

وأخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (3/ 193) من طريق مصعب بن ثابت عن العلاء بن عبد الرحمن به.

(21)

أي بخلاف الاثنين الذين معه: موسى بن إسماعيل، وأمية بن بسطام.

(22)

سقطت عدة أوراق من (ط) من هذا الموضع إلى أثناء ح (312)، وسيأتي التنبيه على نهايته في موضعه أيضًا.

ص: 451

291 -

حدثنا أبو بكر محمد بن زياد إملاءً، حدثنا أبو سلمة المنقريُّ

(1)

حدثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ بإسنادِهِ مثله.

(1)

بكسر الميم، وسكون النون، وفتح القاف، وفي آخرها الراء، نسبة إلى بني مِنْقَر من تميم، وهو موسى بن إسماعيل الماضي في الإسناد السابق. انظر: الأنساب للسمعاني (11/ 502).

ص: 454

292 -

حَدثنا محمد بن عبد الملك الواسطيُّ، ومحمد بن أحمد بن الجُنَيد قالا: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا مِسْعَر

(1)

، عن قتادة، عن زُرَارَةَ بن أوفى

(2)

، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله تجاوز عن أمتي ما تحدِّثُ بهِ أَنْفُسَهَا

(3)

أو وَسْوَسَتْ بهِ أَنْفُسَهَا ما لم تتكلَّم

(4)

أو تعمل به"

(5)

.

(1)

بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح المهملة: ابن كِدَام -بكسر أوله وتخفيف ثانيه- بن ظَهير الهلالي العامري، أبو سلمة الكوفي. التقريب (6604)، (6605).

(2)

العامري الحَرَشي، أبو حاجب البصري، قاضيها.

(3)

قال النووي: "ضبط العلماء "أنفسها" بالنصب والرفع، وهما ظاهران إلا أن النصب أظهر وأشهر". شرح صحيح مسلم (2/ 147).

(4)

في (م)"يتكلم"، وفي (ك):"تتكلم به أو تعمل به".

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب العتق- باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، ولا عتاقة إلا لوجه الله تعالى (الفتح 5/ 190 ح 2528) من طريق سفيان بن عيينة عن مِسعَرٍ به، وأخرجه أيضًا في كتاب الأيمان والنذور -باب إذا =

⦗ص: 455⦘

= حنث ناسيًا في الأَيمْان (الفتح 11/ 557 ح 6664) عن خلاد بن يحيى عن مِسعرٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر (1/ 117 ح 202) من طريق وكيعٍ، عن مِسعرٍ وهشام الدَّستوائي، ومن طريق شيبان كلهم عن قتادة به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظه على ما قبله، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال عليه.

ص: 454

293 -

حدثنا ابن أبي رجاء

(1)

، حدثنا وكيع، حدثنا هشام

(2)

، عن قتادةَ مثلَه مَرفوع، وَقال فيه:"إِنَّ الله تجاوز لأمتي. . ."

(3)

.

(1)

أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي رجاء الثغري المصيصي، أبو جعفر الطرسوسي.

(2)

ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوائي، أبو بكر البصري.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الطلاق -باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون. . . (الفتح 9/ 300 ح 5269) عن مسلم بن إبراهيم عن هشام به.

وأخرجه مسلم -كما سبق في الإسناد الماضي- من طريق وكيع عن مسعر وهشام به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظه على ما قبله، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال عليه.

ص: 455

294 -

حَدثنا أبو أُمَيَّةَ، حدثنا أبو زيد الهرويُّ

(1)

، حدثنا سعيد بن أبي عروبة

(2)

، عن قَتادةَ بإسنادِهِ مثلَهُ إلا أنَّه قالَ:

⦗ص: 456⦘

"مَا لم يَعْمَلْ بِيَدِهِ"

(3)

.

(1)

سعيد بن الربيع الحَرَشي العامري.

(2)

واسم أبي عروبة: مهران اليشكري مولاهم، ثقة، من المزتبة الثانية من المدلسين، وقد اختلط قبل موته بعشر سنين، كما سبق في ح (17).

ولم يُذكَر أبو زيد سعيد بن الربيع الهروي فيمن روى عنه قبل الاختلاط أو بعده، =

⦗ص: 456⦘

= ولكن تابعه جماعة -عند مسلم كما في تخريج الحديث- عن ابن أبي عروبة، منهم عبدة بن سليمان، وهو ممن سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط. انظر: الكواكب النيرات (ص: 193 - 195).

(3)

في هامش الأصل في هذا الموضع ما نصه: "آخر الجزء الأول".

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر (1/ 116 - 117 ح 202) من طريق ابن علية، وابن أبي عدي، وعلي بن مسهر وعبدة بن سليمان كلهم عن سعيد بن أبي عروبة به.

وأخرجه أيضًا (ح 201 - 202) من طريق شيبان، وأبي عوانة الوضاح اليشكري كلاهما عن ابن أبي عروبة به.

ص: 455

‌بَيَانُ الوَسْوَسَةِ التِي يَجِدُهَا المُؤْمِنُ في نَفْسِهِ مِمَّا (لم) يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ

(1)

، التِي جَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِن الإِيْمَانِ إِذَا أَنْكَرَهَا وَاجِدُهَا

(1)

في (ك) جاء السياق كالتالي: "مما يستعظم أن يتكلَّم به".

ص: 457

295 -

حدثنا أبو أُمَيَّةَ الطرسوسيُّ، حدثنا أبو نعيم

(1)

، حدثنا زهير بن معاويةَ

(2)

، عن سُهَيل بن أبي صَالح

(3)

، عَن أبيه، عن أبي هُريرةَ قال: جاؤا

(4)

ناسٌ من أصحَابهِ، فقالوا: يا رسولَ الله نجدُ في أنفسِنا شيئًا نُعْظِم

(5)

أن نتكلَّم بهِ -أو الكلامَ به-. قال: "وقد وَجَدْتموه؟ " قالوا: نعَم. قال: "ذاك صَرِيحُ الإيمان"

(6)

.

(1)

الفضل بن دُكين التيمي مولاهم الكوفي.

(2)

ابن حُدَيج الجعفي، أبو خيثمة الكوفي.

(3)

واسم أبي صالح: ذكوان السمان المدني.

(4)

في (ك): "جاء" وهي رواية مسلم، وهي الجادة، وما في الأصل و (م) جاءت على لغة أكلوني البراغيث، وعند أبي داود من هذا الطريق:"جاءه".

(5)

ورواية مسلم: "ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به"، ولفظ المصنِّف عند أبي داود، قال أبو الطيب العظيم آبادي:"من الإعظام، أي نجد التكلم به عظيمًا لغاية قبحه، والمعنى نجد في أنفسنا الشيء القبيح نحو: من خلق الله، كيف هو، ومن أي شيءٍ هو، ونحو ذلك مما يُتَعَاظم النطق به، فما حكم جريان ذلك في خواطرنا؟ ".

انظر: عون المعبود للعظيم آبادي (14/ 11).

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها =

⦗ص: 458⦘

= (1/ 119 ح 209) من طريق جرير بن عبد الحميد عن سهيلٍ به.

وأخرجه أبو داود في سننه -كتاب الأدب- باب في رد الوسوسة (4/ 329 ح 5111) عن أحمد بن يونس عن زهير بن معاوية به.

فائدة الاستخراج:

بيِّنت رواية المصنِّف سهيلًا بأنه ابن أبي صالح، وجاء عند مسلم مهملًا.

ص: 457

296 -

حدثنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

، حدثنا شعبَةُ، ح

وَحَدثنا محمد بن الخليل المُخَرِّميُّ أبو جَعفر، وأبو بَكر محمدُ بن إسحاق الصَّغانيُّ قالا: حدثنا أبو الجوَّاب

(2)

، حدثنا عمار بن رُزَيق

(3)

، قالا

(4)

: حدثنا الأعمَشُ، عَنْ أبي صَالح، عَن أبي هُرَيرةَ قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إِنِّي أُحَدِّثُ نفسي بالحديث لأنْ أَخِرَّ من السماء أَحَبُّ إليَّ من أن أتكلَّمَ بهِ. قال: "ذاك صَرِيحُ الإيمانِ"

(5)

.

⦗ص: 459⦘

(هذا) لفظ عمار، ولفظ شُعْبَةَ: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَما يُحَدِّث بهِ الرجلُ نفسَه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ذاكَ محضُ الإيمان"

(6)

.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود، والحديث في مسنده (ص: 316)، وسقط منه ذكر الأعمش.

(2)

الأحوص بن جوَّاب الضبيِّ الكوفي.

(3)

الضبي التميمي، أبو الأحوص الكوفي.

(4)

في (ك): "قال".

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (1/ 119 ح 210) من طريق ابن أبي عدي عن شعبة عن الأعمش به. وعن ابن أبي رواد وأبي بكر بن إسحاق كلاهما عن أبي الجواب عن عمار بن رزيق به.

فائدة الاستخراج:

لم يسق مسلم لفظه وإنما أحال على ما قبله، وسياق المصنِّف له مع بيان اختلاف =

⦗ص: 459⦘

= ألفاظ الرواة فيه من فوائد الاستخراج في هذا الحديث.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه (1/ 179 ح 145) من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة تنبيه:

معنى الحديث أن صريح الإيمان هو الذي يجعل الإنسان يستعظم أن يتكلم بهذه الوساوس والخواطر، ويمنعه من قبوله في نفسه، والتصديق به، ومدافعة هذه الوساوس ومجاهدتها هو صريح الإيمان، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، لأنها من فعل الشيطان وتسويله فلا يكون إيمانًا. أشار إلى هذا المعنى ابن حبان، والخطابي وغيرهما رحم الله الجميع. انظر: صحيح ابن حبان (1/ 180)، معالم السنن للخطابي (8/ 11).

(6)

العبارة من قوله: "هذا لفظ عمار" إلى آخر الفقرة سقطت من (ك).

ص: 458

297 -

حدثنا محمد بن عبد الوَهاب

(1)

قال: سمعتُ عَليَّ بن عَثَّامٍ

(2)

يقول: أتيْتُ سُعَيرَ بن الخِمْسِ

(3)

فسألتُهُ عن حَديث الوسوسةِ فلم

⦗ص: 460⦘

يُحَدِّثني، فَأَدْبَرْتُ أبكِي ثمَّ لقيَني فقال (لي): تَعَال، حَدثنا مغيرَةُ

(4)

، عن إبراهيمَ

(5)

، عن علقمةَ

(6)

عن عبد الله قال: سَأَلْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يَجِدُ الشَّيءَ لو خَرَّ من السماء فَيَخْطَفُهُ

(7)

الطَّير كان أَحَبَّ إليه من أن

⦗ص: 461⦘

يَتَكَلَّم بهِ. قال: "ذاك مَحْضُ -أو صَرِيحُ- الإيمان"

(8)

.

(1)

ابن حبيب بن مهران العبدي، أبو أحمد الفرَّاء النيسابوري، وهو راوية علي بن عثَّام.

(2)

ابن علي العامري الكوفي، أبو الحسن، نزيل نيسابور.

(3)

التميمي الكوفي.

وثقه ابن معين، ويعقوب الفسوي، والترمذي، والدارقطني وغيرهم. وقال أبو حاتم الرازي:"صالح الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به"، وقال أبو الفضل بن عمار الشهيد:"أخطأ في غير حديث مع قلة ما روى". ووثقه الذهبي، وقال ابن حجر: =

⦗ص: 460⦘

= "صدوق" ولعله الصواب، وقد أخرج له مسلم حديثًا واحدًا هو هذا الحديث.

انظر: تاريخ الدارمي (ص: 119)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 323)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (3/ 122) سنن الترمذي (5/ 5 ح 2609)، تهذيب الكمال للمزي (11/ 130)، الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد للذهبي (ص: 99)، تهذيب التهذيب (4/ 95)، والتقريب لابن حجر (2432).

(4)

ابن مِقْسَم الضبيِّ مولاهم، أبو هشام الكوفي الأعمى الفقيه، توفي سنة بضعِ وثلاثين ومائة.

ثقة، لكنه يدلِّس وخاصة عن إبراهيم شيخه هنا، وجعله الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين، وقد ضعَّف الإمام أحمد حديثه عن إبراهيم خاصة، ولم أجد له تصريحًا بالسماع في هذا الحديث، ولكنه في صحيح مسلم فيحمل على السماع، وله أيضًا شاهدٌ من حديث أبي هريرة السابق.

ونفى أبو داود عنه التدليس وذكر أنه سمع من إبراهيم مائة وثمانين حديثًا.

انظر: العلل رواية عبد الله بن أحمد (1/ 207)، سؤالات الآجري عن أبي داود (ص: 172)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 228)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 397) تهذيب التهذيب (10/ 242)، وتعريف أهل التقديس (ص: 112)، وهدي الساري (ص: 467)، والتقريب لابن حجر (6851).

(5)

ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي.

(6)

ابن قيس بن مالك النخعي الكوفي.

(7)

نقطتا الياء غير واضحة في الأصل و (ك)، وما أثبتُّ من (م)، ورواية ابن حبان والبغوي وغيرهما:"فتخطَّفه" بالتاء، والطاء المشدَّدة.

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (1/ 119 ح 211) عن يوسف الصفار عن علي بن عثَّامٍ به مختصرًا.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه (1/ 181)، والبغوي في شرح السنة (1/ 109) من طريق محمد بن عبد الوهاب الفراء -شيخ المصنِّف- عن علي بن عثَّام به.

فائدة الاستخراج:

1 -

أورد مسلم لفظ الحديث مختصرًا: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة، قال: تلك محض الإيمان.

2 -

لم يذكر مسلم قصة علي بن عثام مع سُعير بن الخِمس.

ص: 459

298 -

حَدثَنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابنُ وَهب، أخبرني يونس بن يزيدَ، عن ابن شهابٍ، عَن أبي سلمة

(1)

، وسعيد بن المُسَيَّب

(2)

، عن أبي هريرةَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نحن أَحَقُّ بالشَّكِّ من إبراهيمَ إذْ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}

(3)

قال: وَيرحَم الله لُوطًا لقد كان يأوي إلى رُكْنٍ

⦗ص: 462⦘

شَدِيدٍ، وَلو لبثتُ في السِّجنِ طُوْلَ لَبْثِ يُوْسفَ لأجبْتُ الداعيَ"

(4)

.

(1)

ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(2)

لم يذكر اسم أبيه في (م).

(3)

سورة البقرة- الآية (260).

قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "ليس المراد بالشك ما قد يفهمه من لا علم عنده، بلا خلاف".

وقد ذكر البغوي -رحمه الله تعالى- أجوبة في المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: "نحن أَحَقُّ بالشَّكِّ من إبراهيمَ"، وهي كالتالي: =

⦗ص: 462⦘

= 1 - أنهما لم يشكّا في قدرة الله على ذلك، ولكن شكّا في أن يجيبهما الله على سؤالهما ذلك.

2 -

نفي الشكّ عنه صلى الله عليه وسلم وعن إبراهيم. والمعنى: إذا لم أشكّ أنا في قدرة الله على إحياء الموتى فإبراهيم أولى بأن لا يشكّ. قاله صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع والهضم من النفس.

انظر: معالم التنزيل، للبغوي، (1/ 248)، تفسير ابن كثير، (1/ 323).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب أحاديث الأنبياء- باب قول الله عز وجل: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} . . . (الفتح 6/ 473 ح 3372)، وفي كتاب التفسير -باب {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} (الفتح 8/ 49 ح 4537) عن أحمد بن صالح عن ابن وهبٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة (1/ 133 ح 238) عن حرملة بن يحيى عن ابن وهبٍ به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف يونس بن يزيد باسم أبيه، وجاء عند مسلم مهملًا.

ص: 461

299 -

حَدثنا عليُّ بن عُثمانَ النُّفَيليُّ

(1)

، حدثنا سعيد بن تَليد

(2)

، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم

(3)

، حدثنا بَكر بن مُضَر

(4)

، عن عَمرو بن

⦗ص: 463⦘

الحارث

(5)

، عن يونس بن يزيدَ، عن ابن شهابٍ بإسنادِهِ مثلَه

(6)

.

(1)

في (ك) زيادة نسبته: "الحراني".

(2)

هو: سعيد بن عيسى بن تَلِيد -بفتح المثناة كسر اللام- الرُّعَيني القِتْبَاني -بكسر القاف وسكون المثناة بعدها موحدة- مولاهم، أبو عثمان البصري. التقريب (2377).

(3)

ابن خالد بن جُنَادة العُتَقي -بضم المهملة وفتح المثناة بعدها قاف-، أبو عبد الله المصري الفقيه راوية المسائل عن الإمام مالك. التقريب (3980).

(4)

ابن محمد بن حكيم المصري.

(5)

ابن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، أبو أمية المصري.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير -باب {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ. . .} (الفتح 8/ 216 ح 4694) عن سعيد بن تَليد عن عبد الرحمن بن القاسم به.

ص: 462

300 -

حَدثَنا سعيد بن مسعُود المَروزيُّ، حدثنا يعقوبُ بن إبراهيم بن سعد

(1)

، حدثنا أبو أُويس

(2)

، ح

⦗ص: 464⦘

وحَدثنا حمْدانُ بن علي

(3)

، وَإبراهيمُ بن أبي داودَ الأسديُّ

(4)

،

⦗ص: 465⦘

وَأبو بكر بن روزبةَ

(5)

، وإسماعيل القاضي

(6)

قالوا: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء

(7)

، حدثنا جُويريةُ

(8)

، عن مالك

(9)

، ح

وحدثَنا محمد بن علي بن داود

(10)

، حدثنا سعيد بن داود

(11)

، عن

⦗ص: 466⦘

مالك، ح

وحَدثنا أبو عبد الله بن أبي حاتم الأَسْوَانيُّ

(12)

واسمُهُ محمد بن عبد الوهاب بمصر، حدثنا ابن أبي أُويس

(13)

، حدثني أبي

(14)

، كلاهما عن الزهريِّ، أنَّ سعيدَ بن المسيب، وأبا عبيد

(15)

أخبراه عن أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَرْحَمُ الله إبراهيمَ نحن أَحَقُّ بالشَّكِّ منه، قَالَ:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} .

⦗ص: 467⦘

زاد يعقوبُ بن إبراهيمَ قال: ثمَّ قرأ هذه الآية حتى أنجزَهَا

(16)

، وقال: "وَيَرحمُ الله لُوطًا لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، وَلو لبثتُ في السِّجن طولَ ما لَبِث يوسف ثمَّ أتاني الداعي لأجبتُهُ

(17)

"

(18)

.

قال أبو أويس: "ثمّ جاءني الداعي".

سمعْتُ أبا حاتم الرازيّ يقول: يعني نحن أَحَقُّ بالمسألة.

وسمعتُ القاضي إسماعيل يقولُ: كان يعلَمُ بقلبِهِ أنَّ الله يُحْيي الموتى، وَلكن أحبَّ أن يرَى مُعاينةً.

(1)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(2)

عبد الله بن عبد الله بن أُوَيس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، توفي سنة (169 هـ)، وقيل (176 هـ).

مختلفٌ فيه، تردد فيه قول ابن معين، وأحمد بن حنبل بين التوثيق والتضعيف، وقال ابن المديني:"كان عند أصحابنا ضعيفًا"، وقال الفلاس:"فيه ضعف، وهو عندهم من أهل الصدق"، وقال يعقوب بن شيبة:"صدوق، صالح الحديث، وإلى الضعف ما هو"، وضعفه أبو زرعة مرة، وقال مرة:"صالح، صدوق، كأنه ليِّن"، وقال أبو داود:"صالح الحديث"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وضعفه النسائي، وقال ابن حبان:"كان ممن يخطئ كثيرًا، لم يفحش خطؤه حتى استحق الترك، ولا هو ممن سلك سنن الثقات فيسلك مسلكهم، والذى أرى من أمره تنكب ما خالف الثقات من أخباره، والاحتجاج بما وافق الأثبات منها".

وهذا تفصيلٌ حسنٌ يحسن الأخذ به، ونحوه قول ابن عدي الذي قال:"وفي أحاديثه ما يصح ويوافقه الثقات عليه، ومنها ما لا يوافقه عليه أحد، وهو ممن يكتب حديثه".

وقال أبو أحمد الحكم: "يخالف في بعض حديثه"، وقال الدارقطني:"حديثه عن الزهري في بعضها شيءٌ"، ووثقه ابن شاهين، وقال الخليلي:"هو مقارب الأمر"، وضعفه ابن حزم، وابن عبد البر، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء. =

⦗ص: 464⦘

= وأما الذهبي فقد ذكره في كتابيه في الضعفاء: المغني والديوان، وذكره أيضًا في الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد، وقال ابن حجر:"صدوقٌ، يهم".

فالظاهر أنه ممن يعتبر بحديثه، ولا يحتجُّ به منفردًا، وقد تابعه على هذا الحديث: الإمام مالك كما في الإسناد الذي بعده مباشرة، فالحمد لله.

انظر: تاريخ الدوري (2/ 317 - 318)، تاريخ الدارمي (ص: 190)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (ص: 135)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 224)، التاريخ الكبير للبخاري (5/ 127)، أبو زرعة الرازي وجهوده (2/ 366 - 367)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 92)، الضعفاء للنسائي (ص: 264)، الضعفاء للعقيلي (2/ 270)، المجروحين لابن حبان (2/ 24)، الكامل لابن عدي (4/ 1499)، سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 73)، الثقات لابن شاهين (ص: 185)، المحلى لابن حزم (6/ 181)، التمهيد لابن عبد البر (5/ 39)، الضعفاء لابن الجوزي (2/ 131)، تاريخ بغداد للخطيب (10/ 7)، تهذيب الكمال للمزي (15/ 166)، المغني في الضعفاء (1/ 344)، والديوان (ص: 220)، ومعرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد للذهبي (ص: 127)، شرح العلل لابن رجب (2/ 883)، تهذيب التهذيب (5/ 250)، والتقريب كلاهما لابن حجر (3412).

(3)

هو: محمد بن علي بن عبد الله بن مهران البغدادي، أبو جعفر الوراق، وحمدان لقبه.

(4)

هو: إبراهيم بن سليمان بن داود الأسدي البُرُلُّسي، أبو إسحاق، توفي سنة (270 هـ) وقيل: بعدها بسنتين. وثقه الطحاوي، وابن يونس، والسمعاني، وابن الجوزي وغيرهم.

انظر: الأنساب للسمعاني (2/ 167)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 250)، سير أعلام النبلاء للذهبي (12/ 612)، شذرات الذهب لابن العماد (2/ 162)، تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (2/ 215).

(5)

لم أجد ترجمته في المصادر المتيسرة لي.

(6)

هو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي، مولاهم البصري.

(7)

الضُّبَعي، أبو عبد الرحمن البصري، ابن أخي جويرية بن أسماء.

(8)

ابن أسماء بن عبيد الضُّبَعي البصري.

(9)

ابن أنس الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة، والحديث ليس في موطئه.

قال الحافظ ابن حجر: "هو من الأحاديث التي حدَّث بها مالك خارج الموطأ، واشتهر أن جويرية تفرد به عنه، ولكن تابعه سعيد بن داود عن مالك أخرجه عنه الدارقطني في غرائب مالك من طريقه". الفتح (6/ 474).

وقد أخرجه من طريق سعيد بن داود المصنِّف أيضًا، كما في الإسناد التالي.

(10)

أبو بكر، ابن أخت غزال.

(11)

ابن سعيد بن أبي زنبر الزنبري، أبو عثمان المدني، توفي في حدود سنة (220 هـ).

قال ابن معين: "ما كان عندي بثقة"، وضعفه ابن المديني، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، والدارقطني، وقال الإمام أحمد:"أخاف أن يكون الزنبري قد خلط على نفسه"، وقال الساجي:"عنده مناكير"، وذكره ابن حبان في المجروحين وقال:"يروي عن مالك أشياء مقلوبة. . . لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار"، وذكره أبو نعيم الأصبهاني في الضعفاء وقال:"يروي عن مالك بالمناكير، كثير الوهم"، وقال الخليلي:"يكثر عن مالك، ولا يحتج به"، وقال الخطيب البغدادي:"في أحاديثه نكرة".

وقال الذهبي: "ما سعيد بالقوي"، وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق، له مناكير عن =

⦗ص: 466⦘

= مالك، ويقال اختلط عليه بعض حديثه، وكذبه عبد الله بن نافع في دعواه أنه سمع من لفظ مالك".

والظاهر أنه ممن لا يحتج به منفردًا، والله أعلم، وقد تابعه جويرية بن أسماء هنا.

انظر: أبو زرعة وجهوده (2/ 342)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 18)، المجروحين لابن حبان (1/ 325)، الضعفاء لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 87)، تاريخ بغداد للخطيب (9/ 81)، تهذيب الكمال (10/ 417)، ميزان الاعتدال للذهبي (2/ 134) تهذيب التهذيب (4/ 22) والتقريب لابن حجر (2298).

وعبارة "حدثنا سعيد بن داود" سقط من (ك).

(12)

الأَسْوَاني: بفتح الألف، وسكون السين المهملة، وفي آخرها النون، نسبة إلى أسوان وهي بلدة بصعيد مصر، ولم أجد له ترجمة في المصادر التي وقفت عليها.

انظر: الأنساب للسمعاني (1/ 260).

(13)

لأبي أويس من الأبناء: إسماعيل وعبد الحميد، فالأول متكلمٌ فيه، والآخر ضعفه النسائي فقط، وانظر: ح (54)، ولم يتبيَّن لي أيهما المراد في الإسناد.

(14)

عبد الله بن عبد الله بن أويس، أبو أويس الأصبحي المدني.

(15)

سعد بن عبيد الزهري المدني، مولى عبد الرحمن بن أزهر.

(16)

أي: أتمها. شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 186).

(17)

في (ك): "لأجبت".

(18)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب أحاديث الأنبياء -باب قوله الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ في يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)} (الفتح 6/ 481 ح 3387).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة (1/ 133 ح 238) كلاهما عن عبد الله بن محمد بن أسماء عن جويرية به.

وأخرجه مسلم أيضًا عن عبد بن حميد عن يعقوب بن إبراهيم عن أبي أويس به.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم سوى طرفًا من متن الحديث وأحال بالباقي على ما قبله، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال عليه.

ص: 463

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ المَسَأْلةِ المَكْروهَةِ التي لا يَجُوُز السُّؤَالُ عَنْهَا وَعَنْ رَدِّ جَوَابِهَا، [وَالدَّلِيلُ عَلَي إيْجَابِ ترك التَّفَكُّر فِيْهَا، وَأَنَّها مِن سُؤَالِ الشَّيْطَانِ، وَمَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ المَسْؤُولُ عَنْهَا، أَوْ مَنْ يَجِدُهَا في نَفْسِهِ]

(2)

(1)

كلمة "باب" ليست في (ك)، وفي (م) عليها ضربٌ بالقلم.

(2)

ما بين المعقوفتين من (ك).

ص: 468

301 -

حدثنا أحمد بن يوسف [السلمي]

(1)

، حدثنا النَّضْر بن محمد

(2)

، حدثنا عكرمَةُ بن عمَّار

(3)

، حدثنا يحيى بن أبي كثير

(4)

، حدثنا أبو سلمة

(5)

، عن أبي هُرَيرةَ قال

(6)

: قالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالون يسألونك يا أبا هُريرة حتى يقولون

(7)

: هذا الله

⦗ص: 469⦘

[خلقنا]

(8)

؛ فَمَنْ خَلَقَ الله؟ ".

قال: فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناسٌ من الأعرابِ فَقالوا: يا أبا هُريرة هذا الله، فَمَنْ خَلَقَ الله؟

(9)

قال: فأخذَ حصىً بكفِّه فَرماهم، ثمَّ قال: قوموا، قومُوا، صَدق خليلي صلى الله عليه وسلم

(10)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(2)

ابن موسى الجُرَشي، أبو محمد اليمامي.

(3)

العجلي، أبو عمار اليمامي، ثقة، تُكُلِّم في حديثه عن ابن أبي كثير كما سبق في ح (71)، وقد توبع متابعة قاصرة، كما سيأتي في التخريج.

(4)

الطائي مولاهم، أبو نصر اليمامي.

(5)

ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(6)

سقطت من (ك) كلمة "قال".

(7)

كذا في الأصل وعليها ضبة، وفي (م) و (ك):"يقولوا" وهي كذلك في صحيح مسلم.

قال النووي: "هكذا هو في بعض الأصول "يقولوا" بغير نون، وفي بعضها "يقولون" بالنون وكلاهما صحيح، وإثبات النون مع الناصب لغة قليلة ذكرها جماعة من محققي =

⦗ص: 469⦘

= النحويين، وجاءت متكررة في الأحاديث الصحيحة". شرح صحيح مسلم (2/ 157).

وفي (م) أيضًا بعد قوله: "يقولوا" زيادة عبارة هي: "لا إله إلا الله".

(8)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(9)

ما بين النجمين ساقط من (م)، لعله بسبب انتقال بصر الناسخ.

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (1/ 121 ح 215) عن عبد الله بن الرومي، عن النضر بن محمد، عن عكرمة به.

وأخرجه أبو داود في سننه -كتاب السنة -باب في الجهمية (4/ 231 ح 4722)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/ 294) كلاهما من طريق محمد بن إسحاق عن عتبة بن مسلم عن أبي سلمة به. فائدة الاستخراج:

بيَّنت رواية المصنِّف يحيى بن أبي كثير الذي جاء عند مسلم مهملًا.

ص: 468

302 -

حَدثَنا حمدان بن علي

(1)

، وَأبو شُعيب صالح بن حَكيم البصريُّ

(2)

قالا:

⦗ص: 470⦘

حدثنا مُعلَّى بن أسد

(3)

، حدثنا وُهَيب

(4)

، ح

وحَدثنا الصَغانيُّ، حدثنا زهير بن حرب

(5)

، حدثنا إسماعيل

(6)

قالا جميعًا: عن أيوبَ

(7)

، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرةَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزالُ النّاس يسألون عن العلمِ حتَّى يقولوا: هذا الله خلقنا، فَمن خَلقَ الله؟ ".

قال: فبينما أبو هُريرةَ ذاتَ يومِ آخِذٌ بيد رجلٍ وهو يقول: صدق الله ورسوله! صَدق الله ورسوله! قال أبو هُريرةَ: لقد

(8)

سأَلَني

⦗ص: 471⦘

عنها رجلان، وهَذا الثَّالث"

(9)

. هذا لفظُ المعلَّى.

(1)

هو: محمد بن علي بن عبد الله بن مهران الوراق البغدادي، وحمدان لقبه.

(2)

في (ك) بتقديم ذكر أبي شعيب على حمدان بن علي، وأبو شعيب هذا لم أجد له ترجمة سوى ما ذكره ابن زَبْر في وفيات سنة (266 هـ)، وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم قال: "صالح بن حكيم أبو سعيد البصري التمار، نزيل سامراء، روى عن =

⦗ص: 470⦘

= مسلم بن إبراهيم، كتبت مع أبي عنه بسامراء".

فلعله هو، وقد كناه أبا سعيد، وترجم له الخطيب في التاريخ تبعًا لابن أبي حاتم ولم يزد عليه شيئًا، وذكره المزي في تلاميذ معلى بن أسد، وقد تابعه حمدان الوراق وهو ثقة، فالحمد لله.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 399)، تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زَبْر (2/ 583)، تاريخ بغداد للخطيب (9/ 317)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 283).

(3)

العَمِّي -بفتح المهملة، وتشديد الميم-، أبو الهيثم البصري. التقريب (6802).

(4)

ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم، أبو بكر البصري.

(5)

ابن شداد الحَرَشي، أبو خيثمة النَّسَائي، نزيل بغداد.

(6)

ابن إبراهيم بن مِقْسَم الأسدي مولاهم البصري، المعروف بابن عُلَيَّة، بيَّنه مسلمٌ في روايته.

(7)

ابن أبي تميمة كيسان السَّختياني، أبو بكر البصري.

(8)

في (ك): "فقد".

(9)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان ومن يقوله من وجدها (1/ 120 - 121 ح 215) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن أيوب به.

وأخرجه أيضًا عن زهير بن حرب ويعقوب الدورقي كلاهما عن ابن عُليَّة عن أيوب به.

فائدة الاستخراج:

قال مسلم عقب الإسناد الأخير: "قال أبو هريرة: "لا يزال الناس" بمثل حديث عبد الوارث، غير أنه لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإسناد، ولكن قال في آخر الحديث: صدق الله ورسوله"، ورواية المصنِّف له مرفوعًا من فوائد الاستخراج.

ص: 469

303 -

حدثنا عليَّ بن حرب، والحسن بن علي بن عفَّان قالا: حدثنا حُسَين الجُعفيُّ

(1)

، عن زائدةَ

(2)

، عن المختار بن فُلْفُل

(3)

عن أنس بن

⦗ص: 472⦘

مالك قال: قال رسول الله

(4)

: "إنّ الله تبارك وتعالى يقولُ: لا تزالُ أمَّتُك يسألون حتَّى يقولوا: هذا الله خلقَ كلَّ شيءٍ، فَمَن خَلَقَ الله؟ "

(5)

.

(1)

حسين بن علي بن الوليد الجُعْفي مولاهم الكوفي المقرئ.

(2)

ابن قُدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي.

(3)

القرشي المخزومي الكوفي، مولى آل عمرو بن حُرَيث.

وثقه ابن معين، والإمام أحمد، وابن عمار الموصلي، والعجلي، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان الفسوي وغيرهم. وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان يخطئ كثيرًا".

ووثقه الذهبي في الكاشف، وقال الحافظ ابن حجر:"تكلَّم فيه السليماني فعدَّه في رواة المناكير عن أنس"، وقال في التقريب:"صدوقٌ، له أوهام".

وقد تابعه على حديثه هذا أبو طُوالة عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عند البخاري كما سيأتي. =

⦗ص: 472⦘

= انظر: الثقات للعجلي (2/ 267)، المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (3/ 151)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 310)، الثقات لابن حبان (5/ 429)، تهذيب الكمال للمزي (27/ 319)، الكاشف للذهبي (2/ 248)، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/ 62)، التقريب (6524).

(4)

في (ك): "النبي" بدل "رسول الله" وكتب فوق عبارة الأصل: "النبي" بخط مغاير.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الاعتصام- باب ما يكره من كثرة السؤال، ومن تكلَّف ما لا يعنيه

(الفتح 13/ 279 ح 7296) من طريق أبي طُوالة عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن أنس بن مالك به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (1/ 121 - 122 ح 217) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حسين الجعفي به، وأخرجه أيضًا عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير عن زائدة به، ومن طريق محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم لفظ حديث حسين الجعفي ولم يذكره، وقد ميَّزه المصنِّف.

ص: 471

304 -

حَدثَنا محمَّد بن الجُنيد الدقَّاق

(1)

، ومحمَّد بن يحيى قالا: حدثنا يعقوبُ بن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابنُ أخي ابنِ شهابٍ

(2)

، عن

⦗ص: 473⦘

عمِّه

(3)

قال: أَخْبَرَني عروة بن الزبير أنَّ أبا هُريرةَ قال: قَال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشَّيطانُ أحدَكم فيقول: مَن خلق كذا وكذا؟ حتى يقولَ له: مَن خَلَقَ ربَّك؟ فإذا بلغ ذلك فليَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلِيَنْتهِ"

(4)

.

(1)

هو: محمد بن أحمد بن الجنيد الدقاق، أبو جعفر البغدادي.

(2)

محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري، أبو عبد الله المدني، أنكرت عليه أحاديث عن عمه، وقد بيَّنها محمد بن يحيى الذهلي، وليست هذه منها، وقد تابعه في هذا =

⦗ص: 473⦘

= الحديث عقيل كما سيأتي في التخريج، وانظر: ح (239).

(3)

محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب بدء الخلق -باب صفة إبليس وجنوده (الفتح 6/ 387 ح 3276).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (1/ 120 ح 214) كلاهما من طريق الليث عن عُقَيل عن الزهري به.

وأخرجه مسلم أيضًا -في الموضع السابق- عن زهير بن حرب وعبد بن حميد كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد به.

ص: 472

305 -

حدثنا أبو إسماعيل التِّرمذيُّ

(1)

، حدثنا الحميديُّ

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيهِ، عن أبي هُريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَزالُ النَّاسُ يسألون حتى يقولوا

(4)

: هَذا الله خلق كُلَّ

⦗ص: 474⦘

شَيءٍ، فَمَنْ خَلَقَ الله؟ قال: فإذا وَجَدَ أحدُكم ذلك فليقل: آمَنَّا باللهِ"

(5)

.

قالوا لسفيانَ: هُوَ عن أبي هُريرةَ؟ قال: نَعَم، لا شكَّ [فيه]

(6)

.

(1)

محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَمي، وفي (م):"الزهري" بدل "الترمذي" ولعله سبق قلم.

(2)

عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي، أبو بكر المكي، والحديث في مسنده (2/ 488)، وفيه:"يتساءلون" بدل "يسألون"، ومسنده المطبوع برواية بشر بن موسى عنه.

(3)

هو ابن عيينة، وهو من أجل شيوخ الحميدي.

(4)

في (ك): "يقولون"، وكذا في مسند الحميدي، وانظر ما سبق في: ح (301).

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (1/ 119 ح 212) عن هارون بن معروف، ومحمد بن عباد كلاهما عن سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة به. وأخرجه أيضًا (1/ 120 ح 213) من طريق أبي سعيد المؤدب عن هشام بن عروة به، وفيه:"آمنا بالله ورسله".

فائدة الاستخراج:

بيَّنت رواية المصنِّف هشام بن عروة، وجاء عند مسلم مهملًا.

(6)

ما بين المعقوفتين من (م) و (ك).

ص: 473

306 -

حَدثنا الصَّائغ

(1)

بمكَّة، حدثنا كثير بن هشام

(2)

، ح

وَحدثنا هلال بن العلاء

(3)

، حدثنا فِهْرُ بن بشر السُّلَميُّ

(4)

، كلاهما عن جَعفر بن بُرْقَان

(5)

، حدثنا

⦗ص: 475⦘

يزيد بن الأصم

(6)

قال: سمعتُ أبا هُريرةَ يقولُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسألَنَّكم النّاسُ حتى يقولوا: إنَّ الله خَلَقَ كُلَّ شيءٍ؛ فَمَنْ خَلَقَهُ؟ "

(7)

.

(1)

محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ الكبير، أبو جعفر البغدادي، نزيل مكة.

(2)

الكِلابي، أبو سهل الرَّقِّي، نزيل بغداد.

(3)

ابن هلال بن عمر الباهلي مولاهم، أبو عمر الرَّقِّي.

(4)

ذكره ابن حبان في الثقات -ووقع فيه "بشير" بدل "بشر"-، وقال ابن القطان:"لا يعرف"، وقد تابعه كثير بن هشام وهو ثقة، فالحمد لله.

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 12)، لسان الميزان (4/ 455).

(5)

بُرْقَان -بضم الموحدة، وسكون الراء، بعدها قاف- الكلابي، مولاهم أبو عبد الله الرَّقِّي.

⦗ص: 475⦘

= ثقة وخاصة في يزيد بن الأصم وميمون بن مهران، وتكلَّم ابن معين، والإمام أحمد، وابن نمير، والنسائي وغيرهم في حديثه عن الزهري، وهذا ليس منه.

قال الحافظ ابن حجر: "صدوق، يهم في حديث الزهري".

انظر: تاريخ الدوري (2/ 84)، تاريخ الدارمي (ص: 44 و 85)، العلل رواية عبد الله (3/ 103)، الثقات للعجلي (1/ 268)، الضعفاء للعقيلي (1/ 184)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 474)، الكامل لابن عدي (2/ 563)، سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: 21 رقم 81)، تهذيب الكمال للمزي (5/ 11)، التقريب (932)، الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم للدكتور صالح الرفاعي (ص: 207).

(6)

والأصم لقب لوالده، واسمه: عمرو بن عبيد بن معاوية البكائي، أبو عوف الكوفي، نزيل الرَّقَّة.

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (1/ 121 ح 216) عن محمد بن حاتم عن كثير بن هشام به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 539) عن كثير بن هشام به.

وعلى هامش (ك) النص التالي: "بلغ علي بن محمد المهراني قراءة علي سيدنا قاضي القضاة أيده الله تعالى في الثاني".

ص: 474

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ ثوَابِ حَسَنَةٍ يَعْمَلُها المسْلِمُ الذي قَدْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَثَوَاب الَّذِي هَمَّ بِهَا وَلَمْ يَعْملْها، وَثَوَابُ [مَنْ]

(2)

تَرَكَ السَّيِّئَةِ التي يَهُمُّ بِهَا فَلَمْ يَعْملْهَا مِنْ خَشْيَةِ الله، وَأنَّ الإِثْمَ سَاقِطٌ مَنْ الذي

(3)

يَهُمُّ بِالسَّيِّئَةِ حَتى يَعْمَلَهَا

(1)

كلمة "باب" ليست في (ك)، وضُرِب عليها بالقلم في (م).

(2)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(3)

في (ك): "عنه عن الذي" ولعله سبق قلم.

ص: 476

307 -

حدثنا الصَّغاني، حدثنا ابن أبي مريم

(1)

، أخبرنا أبو غسَّان

(2)

، وَالدَّرَاوَرْدِي

(3)

، ح

(4)

وحَدثنا الصَّغاني، حدثنا هيثمُ بن خارجة

(5)

، حدثنا حَفص بن ميسَرة

(6)

ح

⦗ص: 477⦘

وحدثنا الِبرْتي

(7)

، حدثنا القَعْنَبيُّ

(8)

، حدثنا عبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيُّ، ح

وحَدثنا محمّد بن يحيى، حدثنا إبراهيم بن حمزة

(9)

، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم

(10)

، كلُّهُم قالوا: عن العلاء

(11)

، عن أبيهِ، عن

⦗ص: 478⦘

أبي هُريرةَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قَال الله: إذا هَمَّ عبدي بحسنةٍ فلم يعملها كتبتُها له حسنةً، فإذا عَمِلَها فهي عَشرُ حَسَنَاتٍ إلى سَبْعِ مائةِ ضِعْفٍ، وإذَا هَمَّ عَبْدي بِسَيِّئَةٍ فلم يَعْمَلْهَا لم أَكْتُبْها عليهِ، وَإنْ عَمِلَها كتبتُها عليْهِ سَيِّئةً واحدةً"

(12)

.

إبراهيمُ بن حمزةَ وَحفصٌ قالا في حديثهما: قال الله

(13)

.

(1)

سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

محمد بن مطرِّف بن داود الليثي المدني.

(3)

عبد العزيز بن محمد بن عبيد المدنِي.

(4)

في (ك) هذا الإسناد متأخر في الترتيب عن الذي بعده.

(5)

الخراساني، أبو أحمد، نزيل بغداد، ووقع في (م):"هاشم" بدل "هيثم"، وضُرِب عليه بالقلم وفيه تخريجٌ إلى الهامش، وما بالهامش غير واضح. وفي (ك)"الهيثم" بأل التعريف، وفيه أيضًا زيادة "عن العلاء" بعد قوله:"حدثنا حفص بن ميسرة".

(6)

العُقَيلي، أبو عمر الصنعاني، نزيل عسقلان، توفي سنة (181 هـ).

وثقه سعيد بن منصور، وابن معين، والإمام أحمد، وقال أبو زرعة:"لا بأس به"، وقال =

⦗ص: 477⦘

= أبو حاتم: "صالح الحديث، وقال مرة: "يكتب حديثه ومحله الصدق وفي حديثه بعض الأوهام"، ووثقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال أبو داود: "يضعَّف في السماع"، وقال الساجي:"في حديثه ضعفٌ"، وقال الأزدي:"روى عن العلاء مناكير، يتكلَّمون فيه".

وتعقبه الذهبي قائلًا: "بل احتج به أصحاب الصحاح، فلا يلتفت إلى قول الأزدي".

ووثقه في السير، وفي معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد وغيرهما.

وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة، ربما وهم".

انظر: تاريخ الدوري (2/ 122)، تاريخ الدارمي (ص: 97)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 187)، الثقات لابن حبان (6/ 200)، تهذيب الكمال للمزي (7/ 73)، ميزان الاعتدال (1/ 568)، وسير أعلام النبلاء (8/ 231)، ومعرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد للذهبي (ص: 91)، تهذيب التهذيب (2/ 376)، والتقريب لابن حجر (1433)، تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (4/ 389).

(7)

في (ك) على الباء نقطتان من تحت، فقرئت:"اليزني"، والصواب ما أثبتُّ، وهو: أحمد ابن محمد بن عيسى بن الأزهر البغدادي، أبو العباس القاضي.

(8)

عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري.

(9)

ابن محمد بن حمزة بن مصعب الزبيري المدني.

(10)

واسم أبي حازم: سلمة بن دينار المخزومي مولاهم المدني.

(11)

ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم المدني.

(12)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب (1/ 117 ح 204) من طرقٍ عن إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن به.

(13)

في (ك): "قال إبراهيم بن حمزة وحفص في حديثهما

".

ص: 476

308 -

حَدثَنا أحمد بن يوسف السُّلَميُّ، حدثنا عبد الرزاق بن همام الحميريُّ

(1)

، أخبرنا مَعْمَر، عن همام بن مُنَبِّه قال: هذا ما حَدثنا أبو هُريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله: إذا تَحَدَّث عَبدي بأن يعملَ حَسنةً فأنا أَكْتُبُهَا له حسنةً ما لم يعملها، فإذا عَمِلَها

(2)

فأنا أكتبها له بعشر أمثالها، وإذا تحدَّثَ عَبدي بأن يعملَ سَيِّئةً فأنا أغفرها ما لم يَعملها، فإذا عمِلها فَأنا أكتبها بمثلها

(3)

".

⦗ص: 479⦘

وقال رسول الله

(4)

صلى الله عليه وسلم: "إذا حَسَّنَ

(5)

أحدُكم إسلامَهُ فكلُّ حسنةٍ يعملُها تُكْتَبُ بعشر

(6)

أمثالها إلى سبعمائة ضِعْفٍ، وكل سيِّئةٍ يعملُها تُكْتَبُ له بمثلها حتى يلقى الله [عز وجل]

(7)

".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قالتِ الملائكةُ: يا ربِّ، ذاكَ عبدُك يُريد أن يعملَ سيِّئةً -وهو أبصرُ به- قال

(8)

: ارقبوه فإن عمِلَها فاكتبوها له بمثلها، وإنْ تركها فاكْتبوها له حسنةً، إنَّما تركها مِنْ جَرَّايَ

(9)

"

(10)

.

(1)

في (ك)"عبد الرزاق" فقط، وفي (م) ضُرِب على عبارة "ابن هَمام الحميري"، والحديث في مصنَّفه (11/ 287) مختصرًا، بنحو اللفظ السابق.

(2)

كلمة "فإذا عملها" سقطت من (م).

(3)

في (م)"بمثله".

(4)

هكذا هو عند مسلم أيضًا، والظاهر أن هذا وما بعده موصولٌ بالإسناد السابق.

(5)

ورواية البخارى ومسلم: "أحسن".

(6)

في (ك): "عشر" بدون حرف الجر.

(7)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(8)

في (ك): "فقال".

(9)

أو: جَرَّائي، قال النووي:"هو بفتح الجيم وتشديد الراء، وبالمد والقصر، لغتان، معناه: من أجلي". شرح صحيح مسلم (2/ 148).

(10)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب الإيمان- باب حسن إسلام المرء (الفتح (1/ 124 ح 42) عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزاق واقتصر فيه على جملة: "إذا أحسن أحدكم إسلامه

"، وبهذا يتَّضح أن هذه الجملة -عند المصنِّف- موصولة بإسناد الحديث نفسه.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب (1/ 117 - 118 ح 205) عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به.

فائدة الاستخراج:

نسب المصنِّف عبد الرزاق، وهو عند مسلم مهمل.

ص: 478

309 -

حدثَنا أبو أميَّة، حدثنا عبد الله بن بكر السَّهميُّ

(1)

، عن هشام بن حسَّان

(2)

، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هُريرةَ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كُتِبَتْ له حسنةٌ، فإن عملها كُتِبَتْ له بعشر (*أمثالها*) إلى سبعمائة، وَمَنْ همَّ بِسَيِّئةٍ فلم يعملها لم تُكْتَبْ عليْهِ، فإن عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحدةً"

(3)

.

(1)

السَّهْمي: بفتح السين المهملة، وسكون الهاء، وفي آخرها الميم، نسبة إلى سهم، وهما سهمان: سهم جمح، وسهم باهلة، والمذكور هنا منسوب إلى سهم الباهلي، وهو: عبد الله بن بكر بن حبيب السَّهْمي الباهلى، أبو وهب البصري. الأنساب للسمعاني (7/ 200).

ووقع في (م) خطأً: "عبد الرحمن" بدل "عبد الله".

(2)

الأزدي الفُرْدُوسي، أبو عبد الله البصري.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب (1/ 118 ح 206) من طريق أبي خالد الأحمر عن هشام بن حسان به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 234) عن محمد بن جعفر عن هشام بن حسان به.

وللشيخين طريق أخرى غير التي أوردها المصنِّف، وهي طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، أخرجها البخاري في صحيحه -كتاب التوحيد- باب قول الله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (الفتح 13/ 473/ ح 7501)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب (1/ 117 ح 203).

فائدة الاستخراج:

1 -

نسب المصنِّف: هشام بن حسان، وجاء عند مسلم مهملًا. =

⦗ص: 481⦘

= 2 - آخر الحديث عند مسلم: "كتبت سيئة" بدون تمييز، ورواية المصنِّف ميَّزتها بأنها واحدة.

ص: 480

310 -

حَدثنا محمد بن إسحاق الصَّغاني، حدثنا عفَّان بن مُسْلم، حدثنا جَعْفَر بن سُلَيمان

(1)

، حدثنا الجعد

⦗ص: 482⦘

أبو عثمان

(2)

، عن أبي رجاء العُطَارديُّ

(3)

، عن ابن عَبَّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يَروي عَن ربِّه قالَ:"إنّ رَبَّكم رحيمٌ، مَن همَّ بحسنةٍ فلم يَعمَلها كُتِبَتْ له حَسَنَةٌ، فإن عمِلها كُتِبَتْ عشرًا إلى سبعمائةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، وَمَن همَّ بِسَيِّئَةٍ فلم يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ له حَسَنَةٌ، فإن عَمِلَها كُتِبَتْ له وَاحدةً أو يَمْحُوْهَا الله، ولا يهلك على الله إلا هالكٌ"

(4)

.

(1)

الضُّبَعي، أبو سليمان البصري، توفي سنة (178 هـ).

وثقه ابن سعد، وابن معين، وابن المديني، والإمام أحمد، والعجلي، والجوزجاني، وابن حبان، وابن شاهين، وغيرهم.

وتكلَّم فيه بعض هؤلاء وآخرون لمنكير رواها عن ثابت البناني وغيره، وأنه كان يخالف في بعض حديثه، ولأنه كان يتشيَّع، وهو الذي أدخل عبد الرزاق الصنعاني في التشيُّع.

وتفرَّد ابن عمار الموصلي وحده بقوله فيه: "ضعيف".

قال البزار: "لم نسمع أحدًا يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه، إنما ذكرت عنه شيعيته، وأما حديثه فمستقيم"، وقد دافع عنه ابن عدي أيضًا فقال:"والذي ذكر فيه من التشيُّع، والروايات التي رواها التي يستدل بها على أنه شيعي، وقد روى أحاديث في فضائل الشيخين أيضًا كما ذكرت بعضها، وأحاديثه ليست بالمنكرة، وما كان منها منكرًا فلعل البلاء فيه من الراوي عنه، وهو عندي ممن يجب أن يقبل حديثه"، وكذا ذكره ابن شاهين في "ذكر من اختلف فيه العلماء والنقاد" وقال:"والخلاف فيه لعلة المذهب، وما رأيت من طعن في حديثه إلا ابن عمار الموصلي"(بتصرف من الكتاب المذكور).

وقال الذهبي: "هو صدوق في نفسه، وينفرد بأحاديث عُدَّت مما ينكر، واختلف في الاحتجاج بها"، وقال في الكاشف:"ثقة، فيه شيءٌ مع كثرة علومه".

وقال ابن حجر: "صدوق، زاهد، لكنه كان يتشيَّع". =

⦗ص: 482⦘

= ومع هذا فقد تابعه عبد الوارث بن سعيد عند الشيخين كما سيأتي في التخريج.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 288)، تاريخ الدوري (2/ 86)، أحوال الرجال للجوزجاني (ص: 184)، الثقات للعجلي (1/ 269)، الضعفاء للعقيلي (1/ 188)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 481)، الثقات لابن حبان (6/ 140)، الكامل لابن عدي (2/ 567)، الثقات لابن شاهين (ص: 87)، وذكر من اختلف العلماء فيه لابن شاهين أيضًا (ص: 78)، تهذيب الكمال للمزى (5/ 43)، ميزان الاعتدال (1/ 408) والكاشف للذهبي (1/ 294)، تهذيب التهذيب لابن حجر (2/ 85) والتقريب (942).

(2)

اليشكري الصيرفي البصري، ويعرف بصاحب الحُلِيِّ، واسم أبيه: دينار، ويقال: عثمان.

(3)

عمران بن مِلْحَان -بكسر الميم، وسكون اللام، بعدها مهملة- البصري. التقريب (5171).

(4)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب الرقاق- باب من هم بحسنة أو بسيئة (الفتح 11/ 331 ح 6491).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة =

⦗ص: 483⦘

= لم تكتب (1/ 118 ح 207) كلاهما من طريق عبد الوارث بن سعيد عن الجعد به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 279) عن عفان بن مسلم، عن جعفر بن سليمان به.

فائدة الاستخراج:

1 -

قوله: "إن ربَّكم رحيمُ" ليس عند مسلم.

2 -

وأخرجه مسلم أيضًا (ح 208) عن يحيى بن يحيى، عن جعفر بن سليمان، عن الجعد به، ولم يسق متنه كاملًا، وميَّز المصنِّف متنه حيث ساقه من طريق جعفر بن سليمان، وهذا من فوائد الاستخراج.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 279) عن عفان بن مسلم، عن جعفر بن سليمان به.

ص: 481

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ الأَعمَالِ المَكْرُوهَةِ التِي إِذَا اجْتَنَبَهَا المُؤْمِنُ وَالمَحْمُودَةِ التِي مَنْ يَسْتَعْمِلُهَا دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ

(1)

كلمة "باب" ليست في (ك)، وفي (م) عليها ضربٌ بالقلم.

ص: 484

311 -

حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة

(1)

، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هُشَيم

(2)

، أخبرنا حُصَين بن عبد الرحمن

(3)

قال: كنتُ عندَ سعيد بن جُبَير فقال: أَيُّكم رأى الكوكبَ الذي انقَضَّ

(4)

البارحةَ؟ قال: قلتُ: أنا، ثمَّ قلتُ: أما إنيِّ لم أكن في صلاة ولكنِّي لُدِغْتُ. قال: فَما صَنَعْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ

(5)

، فقال: حَدثنا ابن

(6)

عبَّاس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "عُرِضَتْ عَلَيَّ

⦗ص: 485⦘

الأُمَمُ فرأيتُ النَّبِيَّ مَعَهُ الرَّهْطُ، والنَّبيَّ مَعَهُ الرَّجل، والنَّبيَّ مَعَه الرَّجلانِ، والنَّبيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ

(7)

، وُرُفِعَ لي سوادٌ عظيمٌ، فقلتُ: هذا نبيٌّ؟ فقيلَ لي: هَذَا موسى بن عمرانَ وَقَومُه، ولكن انظر إلى الأُفقِ، فإذا سوادٌ عظيمٌ، فقيلَ لي: انظر إلى الجانبِ الآخرِ، فإذا سوادٌ عَظيمٌ، فقيلَ لِي: هذه أُمّتك وَمعهُمْ سبعون ألفًا يدخلون الجنَّة بغيرِ حسابٍ ولا عذابٍ".

ثمَّ نَهض رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل منزله، وَخاض النَّاسُ في ذلك، فقالوا: مَن هؤلاء

(8)

الذين يدخلون الجنَّةَ بغَيرِ حسابٍ ولا عذابٍ؟ فقال بعضُهم: لعلَّهم الذين (*صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: الذين*) وُلِدوا في الإسلامِ وَلَمْ يُشْركِوا باللهِ، وذكروا أشياء، فَخَرَجَ عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ:"ما هَذا الذي تخوضون فيه؟ " فأخبروه بما قالوا، فقال: "هُم الذين لا يَرْقُونَ

(9)

ولا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يَتَطيَّرون، وعلى ربِّهم يتوكِّلون". فَقَام عُكَّاشةُ بن مُحْصَنٍ فَقال: أَمِنْهُم أنا يا رسول الله؟ فقال: "أنتَ منهم". فقام آخَرُ فَقال: أنا منهُم؟ فقال: سبقكَ إليها

(10)

عُكَّاشَةُ"

(11)

.

⦗ص: 486⦘

ذكَر عليُّ بن حربٍ، عن محمد بن فُضَيلٍ

(12)

، عن حُصَينٍ، عن سَعيد بن جُبَير قال: حَدثنا ابنُ عبَّاس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَت عَليَّ الأممُ فرأيتُ النبيَّ ومَعَهُ الرَّهْطُ

"

(13)

وَذكَر الحديثَ بطُوله

(14)

.

(1)

عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مسرة المكي.

(2)

ابن بَشير بن القاسم السُّلَمي، أبو معاوية الواسطي، مدلِّس من المرتبة الثالثة فيهم، وقد صرَّح هنا بالتحديث.

(3)

السُّلَمي، أبو الهُذَيل الكوفي، ثقة تغيَّر بأخرة، وهُشَيمٌ من أعلم الناس به، وقد سمع منه قبل التغيُّر.

(4)

أي: سقط. شرح النووي لصحيح مسلم (3/ 92 - 93).

(5)

وهذا الخبر المبهم هنا بيانه عند مسلم أنه حينما قال له: "فما صنعت؟ قال: قلت: استرقيت، قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديثٌ حدثناه الشعبي، قال: وما حدثكم الشعبي؟ قلت: حدثنا عن بُرَيدة بن حصيبٍ الأسلمي أنه قال: لا رقية إلا من عينٍ أو حُمَة، فقال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس

الخ".

(6)

في (م): "حدثنا عن ابن" ولعله سبق قلم.

(7)

في (م): "واحد"، ولعله سبق قلم.

(8)

في الأصل و (م): "من هذا"، وعليها في الأصل ضبة، وما أثبت من (ك).

(9)

سيأتي بيان شذوذ هذه اللفظة في نهاية الباب إن شاء الله تعالى.

(10)

كذا في النسخ كلها، وفي الأصل عليها ضبة، ولفظ الصحيحين:"بها".

(11)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الرقاق- باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير =

⦗ص: 486⦘

= حساب (الفتح 11/ 413 ح 6541) عن أُسيد بن زيدٍ عن هُشيمٍ به، وليس عنده قوله:"ولا يرقون".

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب (1/ 199 ح 374) عن سعيد بن منصور عن هُشَيم به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 271) عن سُرَيج عن هُشَيمٍ به، وليس عنده أيضًا:"ولا يرقون".

وأخرجه الخطيب في الأنباء المحكمة (ص: 105) من طريق أحمد بن نجدة -وهو ثقة- عن سعيد بن منصور، وليس فيه لفظة:"ولا يرقون"، وسيأتي ما فيه.

(12)

ابن غزوان الضبي الكوفي.

(13)

في (م) ضرب على كلمة "بطوله"، وفي (ك) لم يذكر طرف الحديث ولم ترد بها كلمة:"بطوله".

(14)

وصله البخاري في صحيحه -كتاب الرقاق- باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب (الفتح 11/ 413 ح 6541) عن عمران بن ميسرة عن محمد بن فضيل به.

ومسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب (1/ 200 ح 375) عن ابن أبي شيبة عن ابن فضيل به.

ص: 484

312 -

حدثنا أبو داودَ الحرانيُّ، حدثنا محمد بن كثير

(1)

، حدثنا سليمان بن كثير

(2)

، عن حُصَين، عن سعيدِ بن جُبَير،

⦗ص: 488⦘

عن

(3)

ابن عبَّاس بتمامه بمثل

(4)

حديث هُشَيم إلا أنَّه قال: فانصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يسألوه عن الحديثِ، فأفاض النَّاسُ فقالوا: نحن هم، اتَّبَعْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم

(5)

وآمنَّا به، فلعلَّهم أبناؤنا الذين وُلِدوا في الإسلام، فبلَغَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال: "هم الذين لا يكتوون

" بمثله

(6)

.

(1)

العبدي، أبو عبد الله البصري.

(2)

العبدي، ومحمد بن كثير هو أخوه، وكان سليمان أكبر منه بخمسين سنة. =

⦗ص: 487⦘

= ضعفه ابن معين مرة، ومرة قال:"لم يكن به بأس"، وذكر مرة أن سمَاعه من الزهري وهو صغير، وذكر الذهلي أنه اضطرب في أشياء مما رواه عن الزهري، وهو في غير الزهري أثبت، وقال العجلي:"جائز الحديث، لا بأس به"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه"، وقال النسائي:"ليس به بأس إلا في الزهري، فإنه يخطئ عليه"، وقال العقيلي: "مضطرب الحديث

روى عن حصين وحميد الطويل أحاديث لا يتابع عليها"، وذكره ابن حبان في المجروحين وقال: "كان يخطئ كثيرًا، وأما روايته عن الزهري فقد اختلط عليه صحيفته فلا يحتج بشيءٍ يتفرد به عن الثقات، ويعتبر بما وافق الأثبات في الروايات"، وقال ابن عدي: "وأحاديثه عندي مقدار ما يرويه لا بأس به"، ونقل ابن حجر عنه أيضًا: "لم أسمع أحدًا قال في روايته عن غير الزهري شيئًا" ولم أجد هذا النص في الكامل له.

ووثقه الذهبي في السير، وقال:"هو حسن الحديث، مخرَّجٌ له في الصحاح، وليس هو بالمكثر" ورمز له في الميزان "صح" وقال: "خرجوا له في الدواوين الستة"، وذكره أيضًا في الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد، وقال:"صدوق".

وقال ابن حجر في هدي الساري: "روى له البخاري من حديثه عن حصين، وعلق له عن الزهري متابعة"، وقال في التقريب:"لا بأس به في غير الزهري".

وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى، وأما قول العقيلي بأنه روى عن حصين أحاديث لا يتابع عليها وذكر منها حديثين، فقد قال ابن عدي -فيما نقله ابن حجر عنه-:"لم أسمع أحدًا قال في روايته عن غير الزهري شيئًا"، وقال الذهبي أيضًا -بعد أن ذكر قول العقيلى-:"وساق له حديثين صالحين"، وقد خرَّج له البخاري من حديثه عن حُصين، فالظاهر أنه صدوقٌ، وفي حديثه عن الزهري يحتاج إلى متابع، والله أعلم.

وقد ذكره الدكتور صالح الرفاعي في "الثقات الذين ضعِّفوا في بعض شيوخهم" وخلص إلى ما قاله الحافظ ابن حجر في التقريب، وأعرض عن قول العقيلي في أنه =

⦗ص: 488⦘

= روى عن حُصين أحاديث لا يتابع عليها، ولعله الصواب إن شاء الله تعالى.

ومع هذا فقد تابعه على حديثه عددٌ من الثقات، كما يظهر من التخريج.

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 462)، الثقات للعجلي (1/ 431)، الضعفاء للعقيلي (2/ 137)، الجرح والتعديل (4/ 138)، المجروحين لابن حبان (1/ 334)، الكامل لابن عدي (3/ 1135) تهذيب الكمال للمزي (12/ 58)، السير (7/ 294)، والميزان (2/ 220)، ومعرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد للذهبي (ص: 103)، هدي الساري لابن حجر (ص: 428)، التقريب (2602)، الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم للدكتور صالح الرفاعي (ص: 203).

(3)

سقط حرف الجر "عن" من (م).

(4)

في (ك): "مثل".

(5)

هنا ينتهي السقط من نسخة (ط)، والمشار إليه في نهاية ح (290).

(6)

لم أجد من أخرجه من طريق سليمان بن كثير، وقد تابعه جماعة على النحو التالي: أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب أحاديث الأنبياء- باب وفاة موسى، وذكره بعد (الفتح 6/ 508 ح 3410) من طريق حصين بن نمير عن حصين بن عبد الرحمن به، وأخرجه أيضًا في كتاب الرقاق -باب قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الفتح 11/ 312 ح 6472) من طريق شعبة عن حُصين بن عبد الرحمن به.=

⦗ص: 489⦘

= وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب صفة القيامة- باب 16 (4/ 631 ح 2446) من طريق عبثر بن القاسم عن حصين بن عبد الرحمن به.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء (4/ 302) من طريق يحيى بن المهلب عن حصين بن عبد الرحمن به.

وتابعه أيضًا هُشيم ومحمد بن فضيل كما سبق في تخريج الحديث الماضي.

ص: 486

313 -

حَدثنا أبو أُميَّة، حدثنا موسى بن هلال العبديُّ

(1)

، عَن

⦗ص: 490⦘

هشام بن حسَّان

(2)

، عن الحَسن

(3)

، وابن سيرين، عن عمران بن حُصَين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(4)

"أَعْطَانِي رَبِّي سبْعينَ أَلْفًا من أُمَّتي يدخُلونَ الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ".

قال ابن سيرين في حَديثه: فقام عُكَّاشَةُ بن مُحْصَنٍ فقال: يا رسولَ الله، ادعُ الله

(5)

أن يَجْعَلَني منهم، فقال:"أنتَ منهم". قال: ثمَّ قام رجلٌ آخر فقال: يا رسولَ الله ادعُ الله أن يَجْعَلَني منهم، فقال:"سبقك بها عُكَّاشَةُ بن مُحْصَنٍ"

(6)

.

رَواه عيسى بن يونس

(7)

عن هشامٍ عن محمد بن سيرين (*بمثله*) بتمامه

(8)

.

(1)

العبدي: بفتح العين المهملة، وسكون الباء الموحدة، وفي آخرها الدال، نسبة إلى عبد قيس، وهو عبد القيس بن أفصى بن دُعْمي من ربيعة بن نزار. الأنساب للسمعاني (8/ 355).

والمنتسب إليه هنا متكلَّمٌ فيه، قال عنه أبو حاتم:"مجهول"، وقال العُقيلي:"لا يصح حديثه ولا يتابع عليه"، وقال ابن عدي:"أرجو أنه لا بأس به"، وقال الدارقطني:"مجهول"، وقال ابن القطان:"الظاهر أنه لم تثبت عدالته".

وقال الذهبي: "هو صويلح -أو صالح- الحديث"، وقال أيضًا:"وأنكر ما عنده حديثه عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: "من زار قبري وجبت له شفاعتي"، وهو الحديث الذي قال عنه العقيلي: "لم يتابع عليه" ولكن العقيلي ذكره عن عبيد الله بن عمر العمري وهو ثقة، وأخوه عبد الله بن عمر المكبَّر ضعيف، وحقق الحافظ ابن حجر في اللسان أن روايته هو عن عبد الله المكبَّر الضعيف، فعلى هذا قد يبرأ موسى بن هلال من عهدته، ولكن يبقى أنه مجهول لم يوثقه أحد، وقد تابعه المعتمر بن سليمان عن هشام عن ابن سيرين وحده عند مسلم، وتابعه يزيد بن هارون عن الحسن وحده كما في الإسناد الآتي (315) وعن ابن سيرين وحده عند أحمد في المسند، وله شواهد كما سيأتي في التخريج.

انظر: الضعفاء للعقيلي (4/ 170)، الجرح والتعديل (8/ 166)، الكامل لابن عدي =

⦗ص: 490⦘

= (6/ 3350)، الميزان للذهبي (4/ 226)، لسان الميزان لابن حجر (6/ 135).

(2)

الأزدي الفرْدُوسي البصري.

(3)

ابن أبي حسن يسار البصري، كثير الإرسال والتدليس، وسيأتي الكلام عليه في ح (315).

(4)

ها هنا في الأصل و (م) عبارة مكررة من الحديث السابق، وهو قوله: "ولم يسألوه عن الحديث فقالوا: نحن هم

" إلى قوله: "وآمنا به"، وعليها في الأصل علامة حذف (لا - إلى) وكتب فوقها أيضًا: "معاد"، ولم تحذف من (م).

(5)

عبارة: "ادع الله" سقطت من (م).

(6)

سيأتي تخريجه.

(7)

ابن أبي إسحاق السبيعي الكوفي.

(8)

في (ط) و (ك) جاءت العبارة كالتالي: "عن هشامٍ كذا عن ابن سيرين بمثله"، وقد =

⦗ص: 491⦘

= أخرجه مسلم -كما سيأتي في تخريج ح (315) من طريق المعتمر بن سليمان، عن هشام، عن ابن سيرين به.

ص: 489

314 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق

(1)

، حدثنا أبو زيد الهرويُّ

(2)

، ح

وحَدثنا أبو الأزهر

(3)

، حدثنا أبو عليٍّ الحنفي

(4)

قالا: حدثنا أبو حُرَّة

(5)

، عن

⦗ص: 492⦘

محمد بن سيرين

(6)

، عن عمران بن حُصَين، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَدخُلُ الجنَّةَ مِن أمَّتي سَبْعُونَ أَلْفًا بغيرِ حسابٍ، لا يَكْتَوون، وَلا يَسْتَرْقُونَ

(7)

،

⦗ص: 493⦘

وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلى رَبِّهم يَتَوَكَّلُون "

(8)

.

(1)

ابن دينار الأموي البصري.

(2)

سعيد بن الربيع الحَرشي العامري البصري.

(3)

أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.

(4)

عبيد الله بن عبد المجيد البصري، أخو أبي بكر الحنفي.

(5)

بضم المهملة، وتشديد الراء وهو: واصل بن عبد الرحمن البصري. توفي سنة (152 هـ).

قال عنه شعبة: "هو أصدق الناس"، وكان عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد يحدِّثان عنه.

وقال ابن معين مرة: "صالح، وحديثه عن الحسن ضعيف، يقولون لم يسمعه من الحسن"، ووثقه الإمام أحمد، وقال النسائي مرة:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي بعد أن أورد له عدة أحاديث:"ولم أجد في حديثه حديثًا منكرًا فأذكره"، ووثقه ابن شاهين.

وقال ابن سعد: "كان فيه ضعفٌ"، وضعفه ابن معين -في رواية الدوري-، وابن المديني، وقال أبو داود -والنسائي في رواية-:"ليس بذاك".

وهناك من ذكر تدليسه عن الحسن غير ابن معين: قال محمد بن جعفر غندر: "وقفت أبا حرة على أحاديث، فقال: لم أسمعها من الحسن، وقال غندر: فلم يقف على شيءٍ منها أنه سمعه من الحسن إلا حديثًا أو حديثين"، ونحو هذا الكلام قاله أبو عبيدة الحداد عن أبي حرة. لذا قال ابن معين: "صالح، وحديثه عن الحسن =

⦗ص: 492⦘

= ضعيف"، ويحمل تضعيفه له في رواية الدوري وتضعيف النسائي له -مرة- على روَايته عن الحسن.

وقال الإمام أحمد: "كان صاحب تدليس عن الحسن"، وقال:"لم يسمع من الحسن إلا حديثًا أو حديثين"، لكنه قال أيضًا:"صالحٌ في حديثه عن الحسن"، وقال البخاري:"تكلموا في روايته عن الحسن".

ووثقه الذهبي في الكاشف، وقال ابن حجر:"صدوقٌ، عابد، وكان يدلس عن الحسن"، وذكره في المرتبة الثالثة من المدلسين، وروايته هنا عن ابن سيرين وسيأتي انتقاد الدارقطني لهذه الرواية، والصواب فيه، وأبو حرَّة توبع في حديثه هذا كما سيأتي في التخريج.

ومحصَّل الأقوال: أن تضعيفه مقيَّد بالتدليس، وقد عُرف ذلك عنه في روايته عن الحسن، فهو في نفسه صدوق، ويُتَّقى من حديثه ما لم يصرِّح فيه بالسماع، وخاصة عن الحسن.

انظر: الطبقات لابن سعد (7/ 275)، تاريخ الدوري (2/ 627)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (ص: 55)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (1/ 410)، (2/ 595)، (3/ 9)، العلل للمروذي (ص: 38)، سؤالات الآجري لأبي داود (ص: 244)، الضعفاء للعقيلي (4/ 326)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 31)، الثقات لابن حبان (5/ 495)، الكامل لابن عدي (7/ 2548)، الثقات لابن شاهين (ص: 339) تهذيب الكمال للمزي (30/ 406)، الكاشف للذهبي (2/ 346)، تعريف أهل التقديس (ص: 118)، والتقريب لابن حجر (7385).

(6)

في (ط) و (ك): "ابن سيرين" ولم يذكر اسمه.

(7)

في (م): "ولا يستغفرون" وهو خطأ.

(8)

سيأتي تخريجه مع الذي بعده، وهذا الإسناد من الأسانيد التي انتقدها الدارقطني على مسلم حيث قال:"أخرج مسلم لابن سيرين عن عمران بن حصين: (يدخل الجنة سبعون ألفًا").

وذكر حديثين آخرين، ثم قال:"وليس فيه سماع محمد من عمران، وهو يقول في غير حديث: ظننت عن عمران، والله أعلم، ولم يخرج البخاري لابن سيرين عن عمران شيئًا".

أجاب العلماء عن إيراده هذا بأجوبة:

أولًا: قد أثبت ابن سعد سماع ابن سيرين من عمران حيث قال: "ومن الطبقة الثانية وهم دون من قبلهم في السن ممن روى عن عمران بن حصين، وأبي هريرة وأبي بكرة

" ثم ذكره في هذه الطبقة، وكذلك أثبت سمَاعه من عمران: ابن معين، والإمام أحمد وغيرهم.

ثانيًا: تصريحه بالسماع منه في هذا الحديث بخصوصه في صحيح مسلم.

ثالثًا: أن ابن سيرين لم يعرف بالتدليس فلو رواه بالعنعنة لكان ذلك محمولًا على السماع.

رابعًا: أنه لا يلزم من كون البخاري لم يخرج لابن سيرين عن عمران نفي سماع ابن سيرين من عمران بن حصين.

خامسًا: أن انتقاد الدارقطني رحمه الله منصرفٌ إلى الإسناد، وإلا فالمتن قد صح من وجوهٍ عديدة عن عمران بن حصين، وعن غيره من الصحابة.

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 156، 193)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 280)، التتبع للدارقطني (ص: 176 - 177)، شرح صحيح مسلم للنووي (11/ 161)، جامع التحصيل للعلائي (ص: 264)، فتح المغيث للسخاوي (1/ 190)، بين الإمامين مسلم =

⦗ص: 494⦘

= والدارقطني للشيخ ربيع بن هادي المدخلي (ص: 48 - 56).

ص: 491

315 -

حدثنا إسحاق بن سَيَّارٍ

(1)

، حدثنا الأنصاريُّ

(2)

، ح

وحدثنا عمار بن رجاءٍ

(3)

، حدثنا يزيد بن هارونَ قالا: حدثنا هشامٌ، عن الحسن

(4)

، عن عمران بن حُصَين قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَدْخُلُ

⦗ص: 495⦘

الجَنَّةَ

"، وذَكَر الحديثَ

(5)

بنحوه، وَأَتَمَّ مِنْهُ

(6)

.

(1)

ابن محمد النَّصِيبي، أبو يعقوب.

(2)

محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري، أبو عبد اللَه البصري، توفي سنة (215 هـ).

وثقه ابن سعد، وابن معين، وأبو حاتم، والترمذي، والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات.

وأُنكِر عليه حديث واحد، وقال أبو داود:"تغَّير تغيُّرًا شديدًا" لذا أورده ابن الكيال في الكواكب النيِّرات، ولم يميِّز بين من روى عنه قبل الاختلاط أو بعده.

وقد وثقه الذهبي في السير، ورمز له "صح" في الميزان، ووثقه الحافظ ابن حجر أيضًا.

وقد تابعه يزيد بن هارون وغيره على حديثه هذا، فالحمد لله.

انظر: الطبقات لابن سعد (7/ 294)، سنن الترمذي (5/ 46 ح 2678)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 305)، الثقات لابن حبان (7/ 443)، تاريخ بغداد للخطيب (5/ 408)، تهذيب الكمال للمزي (25/ 539)، سير أعلام النبلاء (9/ 532)، وميزان الاعتدال للذهبي (3/ 600)، التقريب لابن حجر (6046)، الكواكب النِّيرات لابن الكيال (ص: 394).

(3)

التَّغْلبي، أبو ياسر الأستراباذي.

(4)

الحسن البصري -كما سبق قريبًا- كثير الإرسال والتدليس، وقد عنعن هنا، ونفى يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، وأبو حاتم وغيرهم سمَاعه من عمران بن حُصَين، فهذه رواية منقطعة، ولكن تابع الحسنَ: ابن سيرين -كما سبق-، والشعبي =

⦗ص: 495⦘

= عند البخاري، والحكم بن الأعرج عند مسلم كما سيأتي في التخريج.

انظر: العلل لابن المديني (ص: 51)، المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 40) جامع التحصيل للعلائي (ص: 163 - 165).

(5)

كلمة: "الحديث" ليست في (ط) و (ك)، وعليها في (م) ضربٌ بالقلم.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الطب- باب من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو (الفتح 10/ 163 ح 5705) من طريق عامر الشعبي عن عمران بن حُصينٍ، به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب (1/ 198 ح 371) من طريق المعتمر بن سليمان عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال: حدثني عمران بن حُصين، به.

وأخرجه أيضًا (ح 372) من طريق الحكم بن الأعرج عن عمران بن حُصَينٍ، به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 436) عن يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن الحسن، به.

وأخرجه أيضًا (4/ 441) عن يزيد بن هارون عن هشام عن ابن سيرين، به.

تنبيه:

ورد في ح (311) من طريق سعيد بن منصور زيادة لفظة "ولا يرقون" لم ترد في الطرق والروايات الأخرى، وقد أنكر هذه اللفظة شيخ الإسلام ابن تيمية وقال بأنها ضعيفة وغلط من راويها، لأن الاسترقاء طلب، وهو من جنس الدعاء، وطلبه غير مستحب، وأما الراقي فهو محسن لغيره فلا يطلب منه ترك الإحسان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه وغيره، ولم يكن يسترقي ورقيته لنفسه ولغيره من جنس الدعاء لنفسه ولغيره، وهذا مأمورٌ به، وقد أذن لأصحابه في الرقى وقال: "من استطاع أن =

⦗ص: 496⦘

= ينفع أخاه فليفعل" والنفع مطلوب، وأما المسترقي فإنه يسأل غيره ويرجو نفعه، وتمام التوكل ينافي ذلك.

وتعقَّبه الحافظ ابن حجر بقوله: "وأجاب غيره بأن الزيادة من الثقة مقبولة، وسعيد بن منصور حافظ، وقد اعتمده البخاري ومسلم، واعتمد مسلم على روايته هذه، وبأن تغليط الراوي مع إمكان تصحيح الزيادة لا يصار إليه، والمعنى الذي حمله على التغليط موجود في المسترقي لأنه اعتل بأن الذي لا يطلب من غيره أن يرقيه تام التوكل، فكذا يقال له: والذي يفعل غيره به ذلك ينبغي ألا يُمَكِّنَه منه لأجل تمام التوكل، وليس في وقوع ذلك من جبريل دلالة على المدعى ولا في فعل النبي صلى الله عليه وسلم له أيضا دلالة لأنه في مقام التشريع وتبيين الأحكام، ويمكن أن يقال إنما ترك المذكورون الرقى والاسترقاء حسما للمادة؛ لأن فاعل ذلك لا يأمن أن يكل نفسه إليه وإلا فالرقية في ذاتها ليست ممنوعة وإنما منع منها ما كان شركا أو احتمله ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم: "اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" ففيه إشارة إلى علة النهي كما تقدم ذلك واضحا في كتاب الطب".

وكلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فيه نظر، من وجوه:

أولًا: أن سعيد بن منصور لم يتابعه أحدٌ على هذه اللفظة، فقد رواه عن هُشَيم أيضًا: سُريج، وأُسَيد بن زيد -كما سبق تخريجه من حديثهما- ولم يذكرا هذه اللفظة، ورواه غير هُشَيمٍ عن حُصَين، فرواه محمد بن الفضيل، وعبثر بن القاسم، وسليمان بن كثير، ويحيى بن المهلب، وحُصَين بن نُمَير، وشعبة كلهم عن حُصَين وليست عندهم هذه اللفظة، وسبق تخريج رواياتهم في ح (311 و 312).

والحديث قد رواه صحابة آخرون عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ابن عباس، وليس في شيءٍ من تلك الطرق هذه اللفظة، فقد روى الحديث عمران بن حصين، وابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وأبو هريرة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.=

⦗ص: 497⦘

= أما حديث عمران فقد سبق تخريجه قريبًا، وأما حديث ابن مسعود فأخرجه عبد الرزاق في المصنف (10/ 408)، وأحمد في المسند (1/ 401، 421)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 195)، وأبو يعلى في المسند (5/ 151 - 521)، والحاكم في المستدرك (4/ 577) -وصححه ووافقه الذهبي-، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 267) وغيرهم، وليس عندهم قوله:"ولا يرقون".

وحديث جابر وأنس رضي الله عنهما أخرجه البزار في مسنده -كما في مجمع الزوائد (10/ 406 - 408) وليست فيه تلك اللفظة أيضًا.

وأما حديث أبي هريرة فقد أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 97 ح 8083) وإسناده حسن، وأصله في الصحيحين.

هذا وقد حكم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني على لفظة: "ولا يرقون" التي في رواية سعيد بن منصور بأنها شاذةٌ في مختصره لصحيح مسلم. (ص: 37 ح 101).

ويؤيِّد هذا ما أخرجه الخطيب في الأنباء المحكمة (ص: 105) من طريق أحمد بن نجدة -وهو ثقة -، عن سعيد بن منصور نفسه بدون ذكر هذه اللفظة:"ولا يرقون".

فتبيَّن هذا أنه حصل التفرُّد بهذه اللفظة في طريقٍ من طرق حديث ابن عباس، بينما خلت سائر الطرق عن ابن عباس منها، وانضمَّ إلى ذلك خلو أحاديث الصحابة الآخرين منها في سائر الطرق عنهم، فهذا من أقوى الأدلة على شذوذه هذه اللفظة.

ثانيًا: أن من أوجه الترجيح عند العلماء هو تقدىم ما رواه البخاري على ما رواه مسلم عند الاختلاف، وقد روى البخاري رحمه الله هذا الحديث من أوجهٍ عدة ليست في أيٍ منها هذه اللفظة، فيتعيَّن ترجيحُ روايته.

ثالثًا: أن نصوص الشرع قد فرقت بين الراقي الذي هو الفاعل، وبين المسترقى الذي هو طالب الرقية لأنه بمنزلة طلب الدعاء من الغير، أما رقية جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم، ورقية النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وأصحابه وأمر أصحابه بأن يرقوا فدليلٌ على استحبابهَا، وليس في =

⦗ص: 498⦘

= شيءٍ من ذلك طلب الرقية.

وطلب الرقية مكروه لقوله: "ولا يسترقون" لأنه ينافي تمام التوكل كما قال شيخ الإسلام، وهناك نصوصٌ أخرى تؤيد ذلك مثل حديث المغيرة بن شعبة:"من اكتوى أو استرقى، فقد برئ من التوكل" وفي لفظ: "لم يتوكل من استرقى أو اكتوى" أخرجه الترمذي في سننه -كتاب الطب- باب ما جاء في كراهية الرقية (4/ 393 ح 2055) وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ، وابن ماجه في السنن كتاب الطب -باب الكي (12/ 154 ح 3489)، والإمام أحمد في المسند (4/ 249)، وابن حبان في صحيحه (7/ 629 ح 6055)، والحاكم في المستدرك (41514) وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.

ولم يذكر فيها الراقي، ويؤيده أيضًا أن قوله:"ولا يكتوون"، و"اكتوى" ينصبُّ على من طلب الكي، ولم يرد في هذه النصوص ذكر الكاوي الذي هو الفاعل وهو لا يشمله، وقد جاء في صحيح مسلم (4/ 1730) أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى معاذًا في أكحله.

رابعًا: ذكر الحافظ أيضًا أن علة النهي عن الرقية والاسترقاء هو الشرك، وهذا صحيح فإن الرقية والاسترقاء إذا كان شركًا فهو منهيٌّ عنه مطلقًا، ولكن في النهي عن طلب الرقية (الاسترقاء) الوارد في حديث "السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب" معنى زائدًا وهو منافاته لتمام التوكل، لأنه ذكر فيه أيضًا الاكتواء وليست علة النهي عنه الشرك كما هو واضح، وهؤلاء المذكورون في الحديث لهم فضيلة أخرى فضلًا عن بعدهم عن تعاطي الشرك وأسبابه، وهو: تمام توكُّلهم المستحب على الله عز وجل، والله أعلم.

وذكر الشيخ سليمان صاحب "تيسير العزيز الحميد": أنه لو كان المراد في الحديث بأنهم لا يرقون ولا يسترقون بما كان فيه شركًا، فإن جملة المؤمنين لا يرقون بما كان شركًا فلا يكون للسبعين ألفًا مزية على غيرهم. =

⦗ص: 499⦘

= وأجاب أيضًا عن قول الحافظ في معرض رده على شيخ الإسلام: "فكذا يقال: والذي يفعل غيره به ذلك ينبغي أن لا يُمَكِّنَه منه لأجل تمام التوكل" قال: "لا يصحُّ هذا القياس، فإنه من أفسد القياس، وكيف يقاس من سأل وطلب على من لم يسأل؟ مع أنه قياس مع وجود الفارق الشرعي، فهو فاسد الاعتبار؛ لأنه تسوية بين ما فرق الشارع بينهما بقوله: "من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل"، وكيف يجعل ترك الإحسان إلى الخلق سببًا للسبق إلى الجنان؟ وهذا بخلاف من رَقَى أو رُقِي من غير سؤال

".

وكما سبق أن الرقية دعاءٌ، فإذا دعا داعٍ لأناسٍ أكل عندهم، أو زارهم، أو لقيهم، من غير طلب منهم وافق السنَّة بخلاف من طلبوا الدعاء وسألوه ذلك كما هو ظاهر، فإن في ذلك منافاةٌ لتمام التوكُّل المستحب.

وأما قوله -أي الحافظ ابن حجر-: "ويمكن أن يقال: إنما ترك المذكورون الرقى والاسترقاء حسمًا للمادة، لأن فاعل ذلك لا يأمن أن يكل نفسه إليه"؛ فهذا فيه مغالطة فيمكن أن يقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أولى من دخل في عداد السبعين ألفًا، فما بالهم لم يحسموا المادة فيتركوا الرقى والاسترقاء!!، والأولى أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كره الاكتواء، وبيَّن فضل ترك الاسترقاء، مع بيان جواز الأمرين: الاسترقاء، والاكتواء، وأن المرَّة ونحوها في الاسترقاء والاكتواء لا تضرُّ، لكن المداومة على ذلك تنافي كمال التوكُّل المستحب، والله أعلم.

انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/ 182، 328)، فتح الباري لابن حجر (11/ 416) تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ص: 108)، سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (1/ 435)، الرُّقَى على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة للدكتور علي بن نفيع العلياني (ص: 25 وما بعدها)، التداوي بالرقى الإلهية لعامر بن علي ياسين (ص: 25 - 53).

ص: 494

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ أنَّهُ لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وأنَّ نِصْفَ أَهْلِ الجنَّةِ هُمْ أمَّةُ مُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالدَّلِيْلِ عَلَى أنَّهُ لا يَكُوْنُ مِنْ أمَّةِ مُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم إِلا مُسْلِمًا

(2)

، وَأَنَّ شَفَاعَتَهُ لِأُمَّتِهِ دُونَ سَائِرِ الأُمَمِ الَّذِين يَتَّبِعُونَهُ وَيَقْتَدُونَ بِهِ مِن الأَقْرَبِيْنَ وَالأَبْعَدِيْنَ، وَأنَّ التَّقرُّبَ إِلَيْهِ

(3)

بِالتَّقوَى

(1)

كلمة "باب" ليست في (ط) و (ك)، وفي (م) عليها ضربٌ بالقلم.

(2)

قوله: "مسلمًا" خبر "يكون"، واسمه محذوفٌ تقديره: أحدٌ، فالمعنى: لا يكون أحدٌ من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا مسلمًا.

(3)

في (ط) و (ك): "إلى النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي (م) أصلحها الناسخ كما في (ط) و (ك).

ص: 500

316 -

حَدثَنا يونُس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

، حدثنا شُعْبَةُ، أخبَرَنِي أبو إسحاق

(2)

، عن عَمرو بن مَيْمُونٍ، عَن عبد الله [يعني: ابن مسعود]

(3)

قال: كُنَّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في قُبَّةٍ نحوًا من أربعينَ، فَقال:"أَتَرْضَوْنَ أن تكونوا رُبعَ أَهلِ الجنَّةِ؟ " قلنا: نَعَم. قال: "أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهلِ الجنَّةِ"؟ قلنا: نَعَم. قال: "وَالذي نفسي بيدِهِ إِنِّي لأرجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجنَّةِ، وَذَلك أَنَّ الجنَّةَ لا تَدْخُلُهَا إِلا

⦗ص: 501⦘

نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَما أنتم في الشِّرْكِ

(4)

إلا كالشَّعْرَةِ البيضاء في جلدِ الثور الأسود، أو كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاء في جِلْدِ الثَّورِ الأحمر"

(5)

.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 43).

(2)

السَّبيعي، عمرو بن عبد الله بن عبيد الهَمْدَاني.

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط).

(4)

جاء في صحيح مسلم "وما أنتم في أهل الشرك".

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الرقاق- باب الحشر (الفتح 11/ 385 ح 6528).

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة (1/ 200 ح 377) كلاهما من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي إسحاق به.

فائدة الاستخراج:

في رواية المصنِّف بيان: عبد الله بن مسعود، وهو عند مسلم مهمل.

ص: 500

317 -

حدثَنا محمد بن علي بن ميمون الرَّقِّيُّ، حدثنا عبيد بن جَنَّادٍ

(1)

، وعَمرو بن عُثمان

(2)

قالا: حدثنا عبيد الله بن

⦗ص: 502⦘

عَمرو

(3)

، عن زيد بن أبي أُنَيسَةَ

(4)

عن أبي إسحاق، حَدثَنا عَمرو بن ميمون الأوديُّ قال: سمَعْتُ ابنَ مسعودٍ يقول: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بمثله

(5)

.

[ذكر]

(6)

بَحرُ بن نصر بن سابق

⦗ص: 503⦘

الخَوْلانِيُّ

(7)

قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن

(8)

-وسمعتُ يزيدَ بن عبد الصَّمد

(9)

قال: سألتُ يحيى بن مَعين عنه فقال: ثقة

(10)

- عَن مالك بن مِغْوَلٍ، عن أبي إسحاق بإسنادِهِ قال: خَطَبَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إلى قُبَّةِ أَدَمٍ فقال: "ألا لا يدخل الجنَّةَ إلا نفسٌ مسلمة، اللهمَّ قد بَلَّغْتُ، اللهمَّ اشهد" قال: "تُحِبُّون

(11)

أنَّكم رُبُعُ أهلِ الجنَّة؟ ".

⦗ص: 504⦘

وذكر نحوَهُ وقال فيهِ: "ما مَثَلُكُم فيمن سِوَاكُم إلا كالشَّعرة السَّوداء"

(12)

.

(1)

جَنَّاد -بفتح الميم وتشديد النون وآخره دالٌ مهملة- الكِلأبي مولاهم الرَّقِّي الحلي، توفي سنة (231 هـ). قال عنه أبو حاتم:"صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 404)، الثقات لابن حبان (8/ 432)، تكملة الإكمال لابن نقطة (2/ 10).

(2)

ابن سيَّار الكِلأبي الرَّقِّي، توفي سنة (219 هـ).

لم يوثقه أحد سوى ابن حبان فقد ذكره في الثقات وقال: "ربما أخطأ"، وذُكِر عند أبي زرعة الرازي فكلَّح وجهه وأساء الثناء عليه، وذكر تلميذه الراوي عنه علي بن ميمون الرَّقي أنه كان يحدِّث من كتب غيره بغير سماعٍ لها، وقال أبو حاتم: "يتكلَّمون فيه، كان شيخًا أعمى بالرقة يحدِّث الناس من حفظه بأحاديث منكرة لا يصيبونه في كتبه، أدركته ولم أسمع منه، ورأيت من أصحابنا من أهل العلم قد كتب عامة كتبه =

⦗ص: 502⦘

= لا يرضاه، وليس عندهم بذلك"، وقال النسائي والأزدي: "متروك الحديث"، وذكره العقيلي في الضعفاء -وقال الذهبي: "لينه العُقَيلي"- وقال ابن عدى: "له أحاديث صالحة عن زهير وغيره، وقد روى عنه ناسٌ من الثقات، وهو ممن يكتب حديثه"، وقال الدارقطني: "ضعيف"، وذكره ابن الجوزى في الضعفاء وحكى قول النسائي والأزدي. وقال الذهبي: "ليِّن"، وقال ابن حجر: "ضعيف".

انظر: أبو زرعة الرازي وجهوده (2/ 759)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 183)، الضعفاء للعقيلي (3/ 287)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 249)، الثقات لابن حبان (8/ 483)، الكامل لابن عدي (5/ 1790)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني (ص: 305)، الضعفاء لابن الجوزي (2/ 229)، ميزان الاعتدال (3/ 280)، والكاشف للذهبي (2/ 83)، التقريب لابن حجر (5074).

(3)

ابن أبي الوليد الأسدي مولاهم، أبو وهب الرقي، راوية زيد بن أبي أُنَيسة.

(4)

أبو أسامة الغنوي مولاهم الجَزَري الرُّهَاوي.

(5)

لم أجد من أخرجه من طريق زيد بن أبي أُنَيسة عن أبي إسحاق، وقد أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الإيمان والنذور- باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم (الفتح 11/ 533 ح 6642) من طريق يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن أبي إسحاق السبيعي به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة (1/ 200 ح 376) من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق السبيعي به.

(6)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، ولم يرد فيهما اسم جده ونسبه، وفي الأصل و (م) =

⦗ص: 503⦘

= بياض في موضع "ذكر"، وعليها في الأصل ضبة، وفي (م) تخريج إلى الهامش، وهو غير واضح.

(7)

هو من شيوخ المصنِّف، وقد روى عنه كما سبق في ح (14، 225).

(8)

الخراساني، أبو الهيثم -أو أبو محمد- المروذي، نزيل دمشق.

وثقه ابن معين، وابن صاعد، وقال أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان:"ليس به بأس"، وقال العُقيلي:"في حفظه شيءٌ"، وقال ابن عدي:"ليس بذاك" وقال أيضًا بعد أن ذكر له قرابة أربعة عشر حديثًا من مناكيره: "وله غير ما ذكرته، وفي بعض أحاديثه إنكار، وعامة ما ينكر من حديثه قد ذكرته، على أن يحيى بن معين قد وثقه، وأرجو أن ما ينكر من حديثه إنما هو وهم منه أو خطأ". وقال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ، له أوهام".

انظر: الضعفاء للعقيلي (2/ 9)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 341)، الكامل لابن عدي (3/ 907)، تهذيب الكمال للمزي (8/ 120)، التقريب (1651).

(9)

هو: يزيد بن محمد بن عبد الصمد القرشي مولاهم، أبو القاسم الدمشقي.

(10)

هذه الرواية أوردها ابن عدي عن ابن معين في الكامل (3/ 907).

(11)

في (ط) و (ك): "أتحبون" بإثبات أداة الاستفهام.

(12)

هكذا علَّقه المصنِّف، وقد وصله مسلم في كتاب الإيمان -باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة (1/ 201 ح 378) عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه عن مالك بن مِغوَلٍ، به.

ص: 501

318 -

حَدثنا عباسٌ الدُّوريُّ، حدثنا أبو يحيى (*واسمه: عبد الحميد بن بَشْمِينْ*)

(1)

، حدثنا الأَعْمَشُ، ح

وحَدثَنا

(2)

إبراهيم بن عبد الله بن أبي الخيبَرِيُّ الكوفي، حدثنا وكيع بن الجراح، عَن الأعمش، عن أبي صَالح

(3)

، عن أبي سَعيدٍ قَال: قَالَ رَسولُ الله

(4)

صلى الله عليه وسلم: "يَقولُ الله يَومَ القيامة: يا آدمُ قُمْ فَابْعَثْ بعثَ النِّارِ. قال: فيقول: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيكَ والخيرُ في يديك، يا ربِّ، وما بَعْثُ النَّارِ؟ قال: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تسعَ مائة وتسعةً وتسعين"

(5)

.

قال: "فَحِينَئِدٍ يَشِيبُ المَولُودُ، وتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَها

⦗ص: 505⦘

وترى النَّاسَ سُكَارى وما هم بِسُكَارى ولكنَّ عَذَابَ الله شَدِيْدٌ"

(6)

. قال: فيقولون: وأَيُّنَا ذاك

(7)

الوَاحِدُ؟ قال: فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تِسْعُ مائة وتسْعَةٌ وتسْعُونَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

(8)

ومنكم واحد".

قال: فقال النُّاسُ: الله أكبرُ! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَاللهِ إنِّي لأرجو أن تكونوا رُبُعَ أهلِ الجنَّةِ، والله إنِّي لأرجو أن تكونوا ثُلُثَ أهلِ الجنَّة، وَاللهِ إنِّي لأرجو أن تكونوا نِصْفَ أهلِ الجنَّة".

قال: فكبَّرَ النَّاسُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أنتم يومئذٍ في النَّاسِ إلا كالشَّعرة البيضاء في الثَّور الأسود أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض"

(9)

.

⦗ص: 506⦘

وَهَذا لفظُ وكيع

(10)

.

(1)

عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمَّاني، أبو يحيى الكوفي، وبَشْمِين لقبٌ لوالده، انظر: ح (61) فيه كلام، وقد توبع هنا، وما بين القوسين ذوي النجمين ليس في (م).

(2)

سقط قوله: "حدثنا الأعمش" وعلامة التحويل والواو من "حدثنا" من (ط) و (ك) فأصبح الإسناد الأول متصلًا بالثاني.

(3)

ذكوان السمان المدني.

(4)

في (ط) و (ك): "النبي".

(5)

في (م): "وتسعون".

(6)

إشارة إلى الآية (1 - 2) من سورة الحج.

(7)

في النسخ الأخرى: "ذلك".

(8)

هم قومٌ من ذرية آدم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- كما يدل عليه الحديث الآتي الذي فيه قول الله عز وجل لآدم: "قم فابعث من ذريتك بعثًا إلى النار"، وسمتُهم الإفساد في الأرض، وقد بنى عليهم ذو القرنين سورًا كما جاء في أواخر سورة الكهف، وسينهار هذا السور في آخر الزمان بعد نزول نبي الله عيسى عليه السلام، وسيفسدون حينئذٍ في الأرض فيهلكهم الله تعالى.

انظر: أشراط الساعة للشيخ: يوسف الوابل (ص: 365 - 379).

(9)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب قوله "يقول الله لآدم أخرج بعث النار من كلِّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين"(1/ 201 ح 379) من طريق جرير، عن الأعمش به. =

⦗ص: 506⦘

= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 32) عن وكيع عن الأعمش به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 902) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن أبي الخيبري عن وكيع عن الأعمش به.

(10)

في (ط) و (ك): "هذا" بدون الواو.

ص: 504

319 -

حدثنا علي بن حربٍ، حدثنا أبو مُعَاويةَ

(1)

، عن الأعمش، عن أبي صَالحٍ ذكوانَ، عن أبي سَعيدٍ الخُدْري قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَقولُ الله لآدمَ: قُمْ فَابْعَثْ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إلى النَّار. فيقول: يا ربِّ كَمْ؟ فيقول: مِنْ كُلِّ ألفٍ تِسْعَمِائةٍ وتسعة وتسعين

(2)

ويبقى واحد. فَعِنْدَ ذلك يَشِيْبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، فَشَقَّ ذلك على النَّاس

"

(3)

. وذكر الحديثَ بِمِثْلِهِ.

⦗ص: 507⦘

رواه جريرٌ

(4)

عن الأعمش فقال في آخره: الرَّقمة

(5)

في ذِرَاعِ الحِمَارِ

(6)

.

(1)

محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة في الأعمش.

(2)

في النسخ الأخرى بالرفع: "وتسعون".

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب قوله: يقول الله لآدم: أخرج بعث النار من كلِّ ألفٍ: تسعمائة وتسعة وتسعين (1/ 202 ح 380)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، وعن أبي كريب عن أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به.

فائدة الاستخراج:

1 -

لم يذكر مسلم كامل لفظه، وميَّز المصنِّف باقي اللفظ المحال عليه.

2 -

عيَّن المصنِّف اللفظ لِمَن مِن الرواة، وهو عند مسلم من طريق وكيع، وأبي معاوية.

(4)

ابن عبد الحميد بن قرط الضبي.

(5)

قال النووي: "هي بفتح الراء وإسكان القاف، قال أهل اللغة: الرقمتان في الحمار هما الأثران في باطن عضديه، وقيل: هي الدائرة في ذراعيه، وقيل: هي الهنة الناتئة في ذراع الدابة من داخل. والله أعلم بالصواب". شرح صحيح مسلم (3/ 98).

(6)

وصله مسلم في كتاب الإيمان -باب قوله: "يقول الله لآدم أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين"(1/ 201 ح 379) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير عن الأعمش به، وقال في آخره:"كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرَّقْمَة في ذراع الحمار".

ص: 506

320 -

حَدثنا عَباس [الدوري]

(1)

، حدثنا عمر بن حَفص بن غياثٍ

(2)

، حدثنا أبي، حدثنا الأَعْمَشُ، حدثنا أبو صالح

(3)

، عَن أبي سَعيدٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بطوله إلى قوله:"شَطْرَ أهل الجنَّةِ" فَكَبَّرْنَا

(4)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

ابن طلق بن معاوية النخعي الكوفي.

(3)

في (ط) و (ك): "عن أبي صالح".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير- باب: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} (الفتح 8/ 295 ح 4741) عن عمر بن حفص، عن أبيه عن الأعمش به، وسقط من هذه الطبعة من الفتح قول عمر بن حفص:"حدثنا أبي"، وانظر صحيح البخاري (6/ 122) طبعة الشعب.

ص: 507

321 -

حدثنا الأحمسيُّ

(1)

، حدثنا يعلى

(2)

، ح

وحَدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو مُعاويةَ

(3)

، ويعلى، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هُريرَةَ قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِس دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَعُجِّلَ لِكُلِّ نبيٍّ دعوتُهُ

(4)

واختَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي، وهي نَائِلَةٌ إن شاء الله مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا"

(5)

.

(1)

محمد بن إسماعيل بن سمرة الكوفي، أبو جعفر الأحمسي السرَّاج.

(2)

ابن عبيد بن أبي أمية الطَّنافِسي الكوفي.

(3)

محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة في الأعمش.

(4)

في (ط) و (ك): "فعجَّل كلُّ نبيٍّ دعوته".

(5)

سيأتي تخريجه في الذي بعده.

ص: 508

322 -

حَدثنا علي بن حرب، حدثنا مصعَب بن المقدام

(1)

، حدثنا دَاودُ الطائيُّ*

(2)

، عن الأعمش بهذا

(3)

.

(1)

الخثعمي مولاهم، أبو عبد الله الكوفي.

(2)

داود: هو ابن نُصير الطائي الكوفي الزاهد. وفي هذا الموضع حدث خلط في أوراق نسخة (م)، وبعد ترتيبها وفق النسخ الأخرى تبيَّن أنه قد سقط منها لوحة كاملة أولها هذا الموضع، وستأتي الإشارة إلى نهَايتها في موضعها إن شاء الله تعالى.

(3)

في (ط) زيادة في هذا الموضع استدركها الناسخ على الهامش نصه: "الإسناد قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة، وإني ادخرت دعوتي شفاعة لأمتي".

والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته (1/ 189 ح 338) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب كلاهما عن أبي معاوية عن الأعمش به.=

⦗ص: 509⦘

= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 426) عن يعلى وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش به.

ص: 508

323 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وَهب، أخبرني مالكٌ

(1)

، عن ابن شهاب، عن أبي سلمةَ، عن أبي هُريرَةَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ، فَأُرِيدُ أن أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي إن شاء الله شفاعةً لأُمَّتِي يومَ القيامة"

(2)

.

(1)

وهو في الموطأ -كتاب القرآن- باب ما جاء في الدعاء (1/ 212 ح 26).

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التوحيد- باب في المشيئة والإرادة (الفتح 13/ 456 ح 7474) من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.

وقد أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته (1/ 188 ح 334) عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهبٍ عن مالك به، وأخرجه أيضًا (ح 335) من طريق ابن أخي الزهري عن الزهري به.

ص: 509

324 -

حَدثَنا يوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حجاجُ بن محمد

(1)

، عن ابن جُريج، ح

وَحَدثنا الصغانيُّ، حدثنا رَوْحٌ

(2)

، حدثنا ابن جُرَيجٍ، أخبرني أبو الزُّبَير

(3)

أَنَّهُ سمعَ جابر بن عبد الله يقولُ: قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا في أُمَّتِهِ، وَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَومَ

⦗ص: 510⦘

القِيامة"

(4)

.

(1)

المِصِّيصي الأعور.

(2)

ابن عبادة بن العلاء القيسي.

(3)

محمد بن مسلم بن تدرس المكي.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته (1/ 190 ح 345) عن ابن أبي خلف عن روح بن عبادة به، ولفظه:"وخبَّأت".

ص: 509

325 -

ز - حدثنا يوسف [بن مُسلَّم]

(1)

، حدثنا حجاج، عن ابن جُرَيجٍ، أخبرني أبو الزُّبَير، أَنَّه سمعَ جابر بن عبد الله يقول: سمعتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: "أرجُو أن يكونَ مَنْ يَتْبَعُنِي مِنْ أُمَّتِي يومَ القيامة رُبُعَ أهلِ الجنَّة"، فَكَبَّرْنَا. ثُمَّ قال:"أرجو أن تكونوا ثُلُثَ أهلِ الجنَّةِ"، قال: فَكَبَّرنا. قال: "أرجو أن تكونوا الشَّطْرَ"

(2)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم -كما سبق- من حديث أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، ولم يخرجه من حديث جابر بن عبد الله، فهو من زوائد المصنِّف، وإسناده حسن، رواته ثقات، حاشا أبي الزبير فإنه صدوق، وقد صرَّح ابن جريج وأبو الزبير بالسماع، وحجاج اختلط -كما سبق في ح (47) - ولكن قال الإمام أحمد إن أحاديث الناس عنه صحيحة إلا ما روى سُنَيد، وليس هذا الحديث من رواية سُنَيد عنه، وقد تابع حجاجًا روح بن عبادة عند الإمام أحمد، فقد أخرجه في "المسند"(3/ 383) عن روح بن عبادة عن ابن جريج به.

وستأتي بقية البحث فيه في الحديث الآتي إن شاء الله تعالى.

فائدة الاستخراج:

زيادة حديث في الباب لا يوجد في الأصل المخرَّج عليه من هذا الطريق.

ص: 510

326 -

حدثنا الفَضْلُ بن عبد الجبَّار

(1)

، حدثنا إسحاق بن

⦗ص: 511⦘

إبراهيم

(2)

قاضي خُوَارِزْم

(3)

، عن ابن جُرَيجٍ بإسناده مثله

(4)

.

(1)

المروزي.

(2)

لم أجد له ترجمة في المصادر التي وقفت عليها.

(3)

أوله بين الضمة والفتحة، والألف مسترقة مختلسة ليست بألفٍ صحيحة، هكذا يتلفَّظون به. قاله ياقوت الحموى، وهو اسم لأقليم ولمدينة فيها، ويقع هذا الإقليم على ضفاف نهر جيحون، يحدُّها من الشرق والجنوب بلاد خراسان، ومن أهم مدنها: كاث، والجرجانية، وخيوة، وخوارزم، وتقع اليوم في أوزبكستان إحدى الجمهوريات المستقلة عن الإتحاد السوفيتي سابقًا. انظر: معجم البلدان لياقوت (2/ 452)، الروض المعطار للحميري (ص: 224)، بلدان الخلافة الشرقية (ص: 489).

(4)

قوله: "بإسناده مثله" ظاهره أنه يعني بمثل الحديث الذي قبله: "أرجو أن يكون من يتبعني من أمتي

" هكذا ترتيبه في نسخ مستخرج أبي عوانة، فيحتمل أن يكون كذلك في الواقع، ولكن الحافظ ابن حجر أورد في "إتحاف المهرة" (3/ 461) هذا الإسناد ضمن أسانيد الحديث الذي قبله -ح (324) - وهو حديث: "لكل نبي دعوة دعا بها

"، وعلى ذلك فقد يكون في هذا خللٌ في الترتيب من أبي عوانة رحمه الله، أو ناسخي مسنده، أو يكون حديث: "أرجو أن يكون من يتبعني من أمتي

" سقط من نسخة الحافظ حيث لم يورده من حديث جابر بن عبد الله في "إتحاف المهرة" ضمن أحاديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، وهو على شرطه؟! ولم أجد من أخرج الحديث من هذا الطريق، والله أعلم.

ص: 510

327 -

حدثَنا الصَّغانيُّ، حدثنا رَوْحُ بن عُبَادَةَ، حدثنا شُعْبَةُ، عن قتادة، عن أنس بن مالك [قال]

(1)

: قال النَّبيُّ: "إِنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ دَعْوَةً قد دعا بها في أُمَّتِهِ، وَأَنا

(2)

اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعةً لأُمَّتِي"

(3)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

في (ط) و (ك): "وإني".

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الدعوات- باب لكل نبي دعوة مستحابة =

⦗ص: 512⦘

= (الفتح 11/ 99 ح 6305) من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس بن مالك.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته (1/ 190 ح 342) عن زهير بن حرب وابن أبي خلف كلاهما عن روح بن عبادة به.

وأخرجه الإمام أحمد أيضًا في المسند (3/ 208) عن روح بن عبادة به.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم لفظ الحديث، وذكر المصنِّف له من فوائد الاستخراج.

وبهامش (ك) النص التالي: "بلغ في الثالث بقراءة الفقيه الفاضل شهاب الدين أحمد بن فرج اللخمي على الشيخ الحسن الصقلي نفع الله به، وسمع جماعة منهم العبد الفقير محمد بن أحمد بن عثمان الشافعي وأخوه وابنا أخته وصهره [و] والدهم".

ص: 511

328 -

حدثنا ابن أبي مَسَرَّة

(1)

، حدثنا خَلَّاد بن يحيى

(2)

، ح

وَحدثنا أيُّوبُ بن إسحاق

(3)

، وأبو أُمَيَّة قالا: حدثنا عليُّ بن قَادِم

(4)

،

⦗ص: 513⦘

قالا: حدثنا مِسْعَر

(5)

، عن قتادةَ، عن أَنَسٍ سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول

فذكر مثله

(6)

: "لأُمَّتي يومَ القيامة"

(7)

.

(1)

عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مسرَّة، أبو يحيى المكي.

(2)

ابن صفوان السُّلَمي الكوفي، صدوق، رمي بالإرجاء، وله أغلاطٌ يسيرة، وهو من كبار شيوخ البخاري، وقد تابعه هنا علي بن قادم، وتابعهما وكيع وحماد بن أسامة القرشي عند مسلم.

انظر: الجرح والتعديل (3/ 368)، الثقات لابن حبان (8/ 229)، تهذيب الكمال للمزي (8/ 359)، الميزان للذهبي (1/ 657)، التقريب (1766).

(3)

ابن سافِري، أبو سليمان البغدادي.

(4)

الخزُاعي، أبو الحسن الكوفي، توفي سنة (213 هـ).

قال عنه ابن سعد: "كان ممتنعًا، منكر الحديث، شديد التشيع"، وضعفه ابن معين، =

⦗ص: 513⦘

= وذكره العقيلي، والذهبي وغيرهما في الضعفاء.

ووثقه العجلي -وتبعه ابن خلفون في الثقات-، وقال أبو حاتم:"محله الصدق"، وقال الفسوي:"قصرت في الكتابة عنه للتشيع، فإنه كان يميل إلى التشيع، ثم وجدت عامة كهولنا قد كتبوا عنه وقالوا: هو ثقة"، وقال الساجي:"صدوق، فيه ضعفٌ"، وقال ابن قانع:"كوفي صالح"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"نُقِم على علي بن قادم أحاديث رواها عن الثوري غير محفوظة، وهو ممن يكتب حديثه".

وقال الذهبي: "صويلح الحديث"، وقال ابن حجر:"صدوق، يتشيَّع". وقد توبع كما سبق في ترجمة خلاد بن يحيى، في هذا الحديث.

انظر: الطبقات لابن سعد (4/ 406)، الثقات للعجلي (2/ 157)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 206)، المعرفة للفسوي (2/ 436)، الضعفاء للعقيلي (3/ 252)، الثقات لابن حبان (7/ 214)، الكامل لابن عدي (5/ 1845)، ديوان الضعفاء للذهبي (ص: 285)، تهذيب التهذيب (7/ 315) والتقريب لابن حجر (4785).

(5)

ابن كِدَام -بكسر أوله وتخفيف ثانيه- الهلالي، أبو سلمة الكوفي.

(6)

في (ط) و (ك): "بمثله".

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته (1/ 190 ح 343) من طريق وكيع وأبي أسامة القرشي كلاهما عن مِسْعَرٍ به.

وأخرجه أيضًا (ح 341) من طريق معاذ بن هشام الدَّسْتَوَائي عن أبيه عن قتادة به، ولم يخرجه المصنِّف من هذا الطريق. وأخرجه ابن منده في كتاب "الإيمان"(2/ 865) من طريق ابن أبي مسرَّة -شيخ المصنِّف- عن خلاد بن يحيى به.

ص: 512

329 -

حَدثنا الحسن بن عفان [العامري]

(1)

حدثنا عبد الله بن نُمَيرٍ

(2)

، ح

وحدثنا أبو البَخْتَريُّ

(3)

، حدثنا أبو أسامة

(4)

قالا: حدثنا الأَعْمَشُ، عن عَمرو بن مُرَّة

(5)

، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: لما أنزل الله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}

(6)

قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا فَصَعِدَ عليهِ، ثمَّ نَادَى:"يا صَبَاحاه"! فاجتَمَعَ إِليهِ النَّاسُ بينَ رجلٍ يجيء ورجلٍ يَبْعَثُ رسولَهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني عبد المطَّلبِ، يا بني فِهْرٍ، يا بني لُؤَيٍّ، يا بني فلان لو أنِّي أخبرتُكم أنَّ خَيْلًا

(7)

بسفح هذا الجبل تريدُ أن تُغِيْرَ عليكم صَدَّقْتُمُوني؟ " قالوا: نعم. قال: "فإِنِّي نَذِيرٌ لكم بينَ يديْ عذابٍ شديدٍ".

قال أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكمْ

(8)

سائر اليوم أَما جَمَعْتَنَا إلا لهذا؟

⦗ص: 515⦘

فأنزل الله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}

(9)

"

(10)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

الهَمْدَانِي الكوفي.

(3)

عبد الله بن محمد بن شكر العنبري البغدادي.

(4)

حماد بن أسامة القرشي.

(5)

ابن عبد الله بن طارق المرادي الجملي، أبو عبد الله الكوفي.

(6)

سورة الشعراء - الآية (214).

(7)

في (ط): "رجلًا" بدل: "خيلًا" ولعله سبق قلم.

(8)

كذا في النسخ كلها، ولفظ الصحيحين:"تبًّا لك" بالإفراد.

(9)

في الأصل ضبة على كلمة: "وقد"، وفي صحيح مسلم زيادة بعد هذه الآية:"كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة"، قال النووي:"معناه أن الأعمش زاد لفظة "قد" بخلاف القراءة المشهورة، وقوله: إلى آخر السورة يعني: أتم القراءة إلى آخر السورة كما يقرؤها الناس".

وقال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر أن الأعمش قرأها حاكيًا لا قارئًا

والمحفوظ أنها قراءة ابن مسعود وحده". انظر: شرح صحيح مسلم (3/ 83)، الفتح (8/ 362).

(10)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير- بابٌ في تفسير سورة تبَّت (الفتح 8/ 609 ح 4971) عن يوسف بن موسى عن أبي أسامة عن الأعمش به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (1/ 193 ح 355) عن أبي كريب محمد بن العلاء عن أبي أسامة عن الأعمش به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 307) عن عبد الله بن نمير عن الأعمش به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 883) من طريق الحسن بن عفان عن عبد الله بن نمير به.

وأخرجه أيضًا من طريق أبي كريب عن أبي أسامة وعبد الله بن نمير كلاهما عن الأعمش به.

تنبيه:

عند مسلم زيادة آية بعد الآية المذكورة عند المصنِّف: {ورهطك منهم المخلَصين} ،

قال النووي: "ظاهر هذه العبارة أنَّ قوله: {ورهطك منهم المخلَصين} كان قرآنًا أنزل، ثم نسخت تلاوته، ولم تقع هذه الزيادة في روايات البخاري".

انظر: شرح مسلم للنووي (3/ 82).

ص: 514

330 -

حدثنا العُطَارِدِيُّ

(1)

، حدثنا أبو مُعاويةَ

(2)

عن الأعمش بنحوه

(3)

.

(1)

أحمد بن عبد الجبار بن محمد.

(2)

محمد بن خازم الضرير، ثقة في الأعمش.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب التفسير- باب قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (الفتح 8/ 400 ح 4801) عن علي بن المديني عن أبي معاوية به.

وأخرجه أيضًا في تفسير سورة تبَّت باب {وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} الفتح 8/ 609 ح 4972) عن محمد بن سلام عن أبي معاوية به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} 1/ 194 ح 356) عن أبي كريب وأبى بكر بن أبي شيبة كلاهما عن أبي معاوية به.

ص: 516

331 -

حَدثَنا أبو أُمَيَّةَ، حدثنا زكريَّا بن عدي

(1)

، حدثنا حَفْصٌ

(2)

، عن الأعمش [وأبو معاوية، عن الأعمش]

(3)

، بإسنادِهِ نَحْوَهُ

(4)

.

(1)

ابن رُزيق التيمي، أبو يحيى الكوفي، نزيل بغداد.

(2)

ابن غياث بن طلق النخعي، أبو عمر الكوفي.

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط) وهامش (ك).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المناقب- باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية (الفتح 6، 637 ح 3525)، وفي كتاب التفسير -باب قوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (الفتح 8/ 360 ح 4770) عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه به.

ص: 516

332 -

حَدثَنا يزيدُ بن سِنانٍ البصري، حدثنا حمَاد بن مَسْعَدَة

(1)

، حدثنا سليمانُ التَّيْمِيِّ

(2)

، عن أبي عُثْمَانَ النَّهْدِيّ، عن قَبِيصةَ بن المخارق، وزُهَير بن عَمرو قالا: لما نزلت هذه الآية {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قال: أَتَى نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم إلى رَضْمَةٍ

(3)

مِن جَبَلٍ فعلا أَعْلاها حَجَرًا، ثمَّ جَعَلَ يَقُولُ وَيُنَادِي

(4)

: "يا بني عبد منافاه إنِّي نذيرٌ، إِنَّما مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى العَدُوَّ فذهَبَ يَرْبَأُ

(5)

أَهْلَهُ فَخَشِيَ أَن يَسْبِقَهُ العدوُّ

⦗ص: 518⦘

إليهم فجعل يُنَادي أو يهتفُ: يا صَبَاحَاه"

(6)

.

(1)

التميمي، أبو سعيد البصري.

(2)

هو سليمان بن طرخان، أبو المعتمر البصري، نزل التيم فنسب إليهم.

(3)

في (ط) و (ك): "رضفة" بالفاء، وعلى هامش (ك) التعليق التالي:"كذا وقع في هذه النسخة رضفة بالفاء، وفي غيرها رضمة بالميم، وهو الصواب، والرضمة: الصخرة العظيمة".

وبالميم رواية مسلم وأحمد وغيرهما، وبلفظ "رضفة" بالفاء عند الطحاوي وسيأتي ذكر روَايته في تخريج ح (334).

قال النووي: "الرضمة بفتح الراء وإسكان الضاد المعجمة وبفتحها لغتان" ونقل عن أهل اللغة قولهم: والرَّضمة واحدة الرضم والرضام وهي صخور عظام بعضها فوق بعض" وقيل غير ذلك. وأما الرَّضفة فهو الحجر المحمى بالنار، قاله ابن الأثير.

انظر: شرح مسلم (3/ 82)، النهاية لابن الأثير (2/ 231).

(4)

في (ط) و (ك): "أو ينادي".

(5)

قال النووى: "بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها باء موحدة ثم همزة على وزن يقرأ، ومعناه يحفظهم ويتطلَّع لهم، ويقال لفاعل ذلك ربئة، وهو العين، والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم العدو، ولا يكون في الغالب إلا على جبل أو شرف أو شيءٍ =

⦗ص: 518⦘

= مرتفع لينظر إلى بعد". شرح صحيح مسلم (3/ 82).

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (1/ 193 ح 354) من طريق المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 885) من طريق حماد بن مسعدة عن سليمان التيمي به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بفلظ الحديث على ما قبله، وميَّز المصنِّف اللفظ المحال عليه.

ص: 517

333 -

حدثَنا أبو أُمَيَّة، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى القطَّان، حدثنا التَّيميُّ بمثله

(1)

.

(1)

وهو في مسند الإمام أحمد (5/ 60) عن يحيى القطان به، وأخرجه الإمام أحمد أيضًا في المسند (5/ 60) عن إسماعيل بن عُليَّة عن التيمي به. وأخرجه أيضًا من طريق محمد بن أبي عدي عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن قبيصة بن المخارق وحده.

وقال عقب الحديث: "قال ابن أبي عدي في هذا الحديث عن قبيصة بن مخارق أو وهيب بن عمرو. وهو خطأ إنما هو زهير بن عمرو، فلما أخطأ تركت وهيب بن عمرو". المسند (3/ 476).

ص: 518

334 -

حَدثنا الصغاني، أخبرنا عفَّان

(1)

، ح

وحَدثنا ابن الجنيد الدَّقَّاق

(2)

، حدثنا يونس بن محمد

(3)

قالا: حدثنا

⦗ص: 519⦘

يزيد بن زُرَيعٍ، حدثنا سليمان التَّيمي بإسناده مثله

(4)

بمعناه

(5)

.

(1)

ابن مسلم بن عبد الله الصفار الباهلي البصري.

(2)

محمد بن أحمد بن الجنيد البغدادي، أبو جعفر.

(3)

ابن مسلم البغدادي، أبو محمد المؤدب.

(4)

في (ط) و (ك): "بمثله".

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (1/ 193 ح 353) عن أبي كامل الجحدري عن يزيد بن زُرَيعٍ به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 285) من طريق مسدد عن يزيد بن زُرَيعٍ به.

فائدة الاستخراج:

نسب المصنِّف سليمان التيمي، وجاء عند مسلم مهملًا.

ص: 518

335 -

حَدثنا محمد بن يحيى، وَإبراهيم بن مرزوق

(1)

، وأبو أُمَيَّة قالوا: حدثنا أبو الوليد

(2)

، ح

وحدثنا الزَّعْفَرَاني

(3)

، حدثنا عفان

(4)

، قالا: حدثنا أبو عَوانة

(5)

، عن عبد الملك بن عمير

(6)

، عن موسى بن طلحة

(7)

، عن أبي هُريرَةَ قال: لما

⦗ص: 520⦘

نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}

(8)

قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: "يا بني كعب بن لؤي أَنقذوا أنفسكم منَ النّارِ! يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم منَ النَّارِ! يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم منَ النَّارِ! يا بني عبد المطَّلب أنقذوا أنفسكم منَ النَّارِ! يَا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسكِ منَ النّارِ! فإنِّي لا أملك لكم منَ الله شيئًا، غيرَ أنَّ لكم رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا

(9)

"

(10)

.

(1)

ابن دينار الأموي البصري، نزيل مصر.

(2)

هشام بن عبد الملك الطيالسي الباهلي مولاهم البصري.

(3)

الحسن بن محمد بن الصَّبَّاح، أبو علي البغدادي.

(4)

ابن مسلم بن عبد الله الصفار الباهلي.

(5)

الوضاح بن عبد الله اليشكري البزاز.

(6)

ابن سويد بن جارية القرشي أو الفرسي المعروف بالقبطي أو ابن القبطية، متكلَّم فيه، وهو مدلسٌ أيضًا من الثالثة، ولم أجده صرَّح بالتحديث في شيءٍ من الطرق، ولكن الحديث في صحيح مسلم كما سيأتي في التخريج. وانظر: ح (222).

(7)

ابن عبيد الله القرشي التيمي.

(8)

سورة الشعراء - الآية (214).

(9)

قال النووي: "ضبطناه بفتح الباء الثانية وكسرها، وهما وجهان مشهوران ذكرهما جماعات من العلماء"، وقال أيضًا:"معنى الحديث: سأصلها، شبِّهت قطيعة الرحم بالحرارة، ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة، ومنه بلوا أرحامكم أي: صلوها". شرح صحيح مسلم (3/ 80).

(10)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (1/ 192 ح 349) عن عبيد الله القواريري عن أبي عوانة عن عبد الملك بن عميرٍ به، وأخرجه أيضًا قبله (ح 348) من طريق جرير بن عبد الحميد عن عبد الملك بن عمير به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 519) عن أبي الوليد الطيالسي به.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 285) عن إبراهيم بن مروزق -شيخ المصنِّف- عن أبي الوليد وعفان كلاهما عن أبي عوانة به.

فائدة الاستخراج:

لم يذكر مسلم لفظ أبي عوانة للحديث، وإنما قال بعد ذكر الإسناد: وحديث جريرٍ =

⦗ص: 521⦘

= أتم وأشبع، وميَّز المصنِّف لفظ أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير.

ص: 519

336 -

حدثنا محمد بن يحيى، وهلالُ بن العلاء

(1)

، وأبو عثمان التَّنُوخي

(2)

، قالوا: حدثنا عبد الله بن جَعفر

(3)

، حدثنا*

(4)

عبيد الله بن

⦗ص: 522⦘

عَمرو

(5)

، عَن عبد الملك بن عُمير، ح

وحَدثنا محمدُ بن كثير الحرَّاني

(6)

، حدثنا يحيى بن يَعْلى

(7)

، حدثنا زائدَةُ

(8)

حدثنا عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحةَ، عن أبي هُريرة قَال: لما نزلت هَذه الآية {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فَدَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قُرَيشًا فَعَمَّ وَخَصَّ، وَقال: *يا معشرَ قريش، اشتَرُوا أنفسكم مِنَ النَّارِ! يا معشرَ بني كعب بن لؤيٍّ*

(9)

، يا معشرَ بني عبد مَنافٍ، يا معشرَ بني

(10)

هاشم، يا معشرَ بني عبد المطَّلبِ، يقول النَّبيُّ [صلى الله عليه وسلم]

(11)

لكم: أنقِذوا أنفسكم منَ النَّارِ! يا فاطمة بنت محمدٍ أنقذي نفسكِ من النَّارِ! فَإنِّي واللهِ (*ما*) أملكُ لكم مِنَ الله شيئًا، إلا أنّ لكم رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا"

(12)

.

(1)

ابن هلال بن عمر الباهلي مولاهم، أبو عمر الرَّقِّي.

(2)

التَّنُوخي: بفتح التاء المثناة الفوقية وضم النون المخففة وفي آخرها الخاء المعجمة، نسبة إلى تَنُوخ، وهو اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديمًا بالبحرين وتحالفوا على التوازر والتناصر، وأقاموا هناك فسموا تنوخًا، والتَّنوخ: الإقامة، ونزلت جماعة منهم معرة النعمان بالشام.

ولم يتضح لي من هو المعني به في هذا الإسناد، وربما يكون هو: سعيد بن عثمان التنوخي أبو عثمان الحمصي، فقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال:"روى عن بشر بن بكر، وأبي المغيرة، وأسد بن موسى، وبشر بن المنذر، وعلي بن معبد، سمعنا منه بحمص، محله الصدق". وهؤلاء الذين ذكرهم ابن أبي حاتم فيمن روى عنهم وفياتهم متقاربة من وفاة شيخ أبي عثمان التنوخي هنا: عبد الله بن جعفر، ولم أجد لأبي عثمان هذا ترجمة في موضع آخر، وعلى كلٍّ فقد تابعه محمد بن يحيى الذهلي وهلال بن العلاء في هذا الإسناد.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 47)، الأنساب للسمعاني (3/ 90).

(3)

ابن غيلان الرَّقِّي، أبو جعفر القرشي مولاهم، توفي سنة (220 هـ).

ثقة، غير أنه تغيَّر قبل موته بسنتين، قال الحافظ ابن حجر:"ثقة، لكنه تغيَّر بأخرة فلم يفحش اختلاطه" وقد تابعه زكريا بن عدى عند الترمذي كما سيأتي في التخريج إن شاء الله.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (14/ 376)، التقريب (3253)، الكواكب النيرات لابن الكيال (ص: 299).

(4)

هذا الموضع نهَاية السقط في (م) المشار إليه في ح (322).

(5)

ابن أبي الوليد الرَّقِّي، أبو وهب الأسدي مولاهم.

(6)

هو: محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الكلبي، أبو عبد الله الحرّاني.

(7)

ابن الحارث بن حرب المُحَاربيّ، أبو زكريا الكوفي.

(8)

ابن قُدَامة الثقفي، أبو الصَّلت الكوفي.

(9)

ما بين النجمين سقط من (ط) و (ك).

(10)

سقطت كلمة "بني" من (م).

(11)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(12)

أخرجه الترمذي في سننه -كتاب تفسير القرآن -باب ومن سورة الشعراء (5/ 338 ح 3185) من طريق زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو الرَّقَّي به، وقال عقبه:"هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، يُعرَف من حديث موسى بن طلحة". =

⦗ص: 523⦘

= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 360) عن معاوية بن عمرو عن زائدة بن قدامة به.

وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره" (19/ 146) من طريق حماد بن أسامة القرشي عن زائدة بن قدامة به.

ص: 521

337 -

حَدثنا أبو أُميَّةَ، حدثنا الحسن بن موسى

(1)

، وعبيد الله بن موسى

(2)

، عن شَيبان

(3)

، عن عبد الملك بن عُمَير بإسنادِهِ

(4)

نحوَه

(5)

.

(1)

الأشيب، أبو علي البغدادي.

(2)

ابن باذام العبسي الكوفي.

(3)

ابن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي، أبو معاوية البصري المؤدب.

(4)

كلمة: "بإسناده" ليست في (ط) و (ك).

(5)

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 361) عن الحسن عن شيبان به، والظاهر أن الحسن هذا هو ابن موسى الأشيب فإنه من شيوخ الإمام أحمد، ووقع في "أطراف المسند" للحافظ ابن حجر (8/ 63):"الحسين"؟.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 877) من طريق محمد بن مسلم عن الحسن بن موسى وعبيد الله بن موسى كلاهما عن شيبان به.

ص: 523

338 -

ز - حدثنا أبو قلابة

(1)

، حدثنا أبو عاصم

(2)

، حدثنا عَوف

(3)

،

⦗ص: 524⦘

عن قسَامة بن زهير

(4)

قال: قال الأشعريُّ

(5)

: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قام نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا آل عبد مَنافاه، إنّي لكم نذير"

(6)

.

(1)

عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرَّقاشي البصري، متكلَّمٌ فيه، وقد تابعه ابن جرير، وللحديث طرق أخرى عن عوف كما سيأتي في التخريج، انظر: ح (42).

(2)

الضحاك بن مخلد النبيل الشيباني البصري.

(3)

ابن أبي جميلة العَبدي الهَجَري، أبو سهل البصري المعروف بابن الأعرابي، توفي سنة =

⦗ص: 524⦘

= (146 أو 147 هـ).

وثقه ابن سعد، وابن معين، والإمام أحمد، وقال أبو حاتم:"صدوق، صالح"، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات.

وقد رمي بالقدر، والتشيُّع، ومن أجل ذلك ذكره أبو زرعة والعقيلي وغيرهما في الضعفاء.

وقال الذهبي: "ثقة مشهور"، ورمز له في الميزان "صح"، وقال ابن حجر:"ثقة، رمي بالقدر والتشيع".

انظر: طبقات ابن سعد (7/ 258)، تاريخ الدوري (2/ 460 - 461)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (1/ 411)، أبو زرعة الرازي وجهوده (2/ 659)، الضعفاء للعقيلي (3/ 429)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 15)، الثقات لابن حبان (7/ 296)، الثقات لابن شاهين (ص: 248)، تهذيب الكمال للمزي (22/ 437)، ميزان الاعتدال (3/ 305) والمغني للذهبي (2/ 495)، التقريب (5215).

(4)

المازني التميمي البصري.

(5)

هو الصحابي الجليل عبد الله بن قيس، أبو موسى الأشعري.

(6)

لم يخرجه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري، فهو من زوائد المصنِّف على مسلم، وقد أخرجه الترمذي في سننه -كتاب التفسير- باب ومن سورة الشعراء (5/ 339 ح 3186)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(19/ 146) كلاهما من طريق أبي زيد سعيد بن أوس عن عوف بن أبي جميلة به. ووقع في تفسير الطبري "سعد" بدل =

⦗ص: 525⦘

= "سعيد" وهو خطأ.

وأخرجه ابن جرير أيضًا -في الموضع السابق- عن محمد بن بشار بندار عن عبد الوهاب الثقفي ومحمد بن جعفر غندر كلاهما عن عوفٍ عن قسامة بن زهير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وأخرجه أيضًا عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد عن عوفٍ عن قسامة، وقال فيه قسامة: أظنه عن الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الترمذي عقب إخراجه الحديث: "هذا حديث غريبٌ من هذا الوجه من حديث أبي موسى وقد رواه بعضهم عن عوفٍ عن قسامة بن زهير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ولم يذكروا فيه عن أبي موسى وهو أصح، ذاكرت به محمد بن إسماعيل -أي: البخاري- فلم يعرفه من حديث أبي موسى".

فالحديث إذًا اختلِف فيه على عوف بن أبي جميلة، فرواه أبو زيد سعيد بن أوس -كما عند الترمذي- عن عوفٍ عن قسامة عن أبي موسى موصولًا، ورواه عبد الوهاب الثقفي ومحمد بن جعفر غندر كلاهما عن عوفٍ عن قسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

ورواه المصنِّف وابن جرير عن أبي عاصم عن عوف عن قسامة عن أبي موسى موصولًا، غير أنه في رواية ابن جرير شك فقال:"أظنه عن أبي موسى".

فعلى هذا يترجَّح جانب الإرسال كما قال الترمذي، ومال إليه البخاري رحمهما الله تعالى، لأن محمد بن جعفر غندر وعبد الوهاب الثقفى أوثق من أبي زيد سعيد بن أوس، وأما الضحاك بن مخلد فقد رواه بالشك في رواية ابن جرير، وابن جرير أوثق من أبي قلابة شيخ المصنِّف لأن هذا الأخير متكلَّمٌ فيه كما سبق في ترجمته (ح 42) والله أعلم.

فائدة الاستخراج:

زاد المصنِّف هذا الحديث في الباب، ولا يوجد في الأصل المخرَّج عليه من طريق هذا =

⦗ص: 526⦘

= الصحابي.

ص: 523

339 -

حَدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، ح

وَحَدثنا محمد بن عُزَيزٍ الأيلي

(1)

، وَيُونُس بن عبد الأعلى قالا: حدثنا سلامة بن رَوْحٍ

(2)

، عن عُقَيل

(3)

، كلاهما عن الزهري، حَدثني سعيد بن المسيَّب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أنَّ أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُنْزِل عليهِ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قال: "يا معشرَ

(4)

قُرَيشٍ اشتروا أنفسكم مِنَ الله لا أُغْنِي عنكم مِنَ الله شيئًا، يا بني عبد المطَّلب لا أغني عنكم مِنَ الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطُّلب لا أغني عنك مِنَ الله شيئًا، يَا صَفيَّةُ عمَّة رسولِ الله

(5)

صلى الله عليه وسلم لا أُغْني عنكِ مِنَ الله شيئًا، يا فاطمةُ بنتَ محمّدٍ سَلِيْنِي ما شئتِ لا أُغْنِي عنكِ مِنَ الله شيئًا"

(6)

.

(1)

متكلَّمٌ فيه، والراجح أنه صدوق، انظر: ح (82).

(2)

ابن خالد بن عقيل القرشي الأموي، أبو روح العقيلي، ضعيف، وقد تابعه يونس وهو ثقة، وانظر: ح (82).

(3)

ابن خالد بن عَقيل الأيلي، أبو خالد الأموي مولاهم.

(4)

في (م): "معاشر".

(5)

في (ط) و (ك): "النبي".

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الوصايا- باب هل يدخل النساء والولد في =

⦗ص: 527⦘

= الأقارب (الفتح 5/ 449 ح 2753) من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (1/ 192 ح 351) عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن يونس عن الزهري به.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير"(19/ 144 - 145)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 285 - 286) كلاهما عن يونس بن عبد الأعلى عن سلامة بن روح عن عُقَيل عن الزهري به، وعن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس عن الزهري به.

ص: 526

340 -

حدثنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبَّار الكوفي

(1)

، حدثنا وكيع بن الجراح، عن هشام بن عروة، عن أبيهِ، عن عائشَةَ قالت: لما نَزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا فاطمةُ بنتَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم

(2)

، يا صَفِيَّةُ، يا بني عبد المطَّلب لا أملك لكم شيئًا، سلوني ما شئتم مِن مالي"

(3)

.

(1)

في (ط) و (ك): "العُطاردي" بدل "الكوفي".

(2)

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست في (ط) و (ك).

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (1/ 192 ح 350) عن محمد بن عبد الله بن نمير عن وكيع ويونس بن بكير كلاهما عن هشام به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 187) عن وكيع بن الجراح عن هشام به.

وأخرجه الترمذي في سننه -كتاب الزهد- باب ما جاء في إنذار النبي صلى الله عليه وسلم قومه (4/ 554 ح 2310) من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام بن عروة =

⦗ص: 528⦘

= به، وقال عقب الحديث:"حديث عائشة حديث حسن غريبٌ، هكذا روى بعضهم عن هشام بن عروة نحو هذا، وروى بعضهم عن هشام عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا لم يذكر فيه عن عائشة".

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف في روايته: وكيع بن الجراح، وهو عند مسلم مهمل.

ص: 527

341 -

حدثنا محمد بن حَيُّويَه بن موسى

(1)

، أخبرنا أبو اليمان

(2)

، أخبرنا شعيبٌ

(3)

، حَدَّثني أبو الزِّناد

(4)

، ح

وَحَدثنا محمد بن يحيى بن كثير الحرَّاني

(5)

، حدثنا إسماعيل بن أبي كريمة

(6)

، حدثنا محمد بن سلمة

(7)

، عن أبي عبد الرَّحيم

(8)

، عَن عبد الوهاب

(9)

، عن عبد الله بن ذكوان، ح

⦗ص: 529⦘

وَحَدثنا طاهر بن خالد بن نزار

(10)

، حدثنا أَبي

(11)

، حدثنا إبراهيم بن طَهْمَانَ

(12)

، عن موسى بن عُقْبَةَ

(13)

، عن أبي الزِّناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عَن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا بَني عبد مَنافٍ اشتروا أنفسكم مِن الله، يا بني عبد المطَّلبِ اشتروا أنفسكم مِنَ الله، يا أمَّ الزُّبَيرِ يا عَمَّةَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يا فاطمةُ بنتَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، اشتريا أنفسكما مِنَ الله لا أملك لكما مِنَ الله شيئًا سَلاني من مالي ما شئتما"

(14)

.

⦗ص: 530⦘

وهَذا لفظُ شُعيب بن أبي حمزةَ، وَمَعنى حديثهم واحد.

(1)

هو: محمد بن يحيى بن موسى الإسفراييني.

(2)

الحكم بن نافع البهراني.

(3)

ابن أبي حمزة دينار الأموي مولاهم، أبو بشر الحمصي.

(4)

عبد الله بن ذكوان القرشي كما سيأتي التصريح به في الإسناد الآتي.

(5)

في (ط) و (ك): "محمد بن كثير" فقط، وهو: محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الحراني، أبو عبد الله الكلبي.

(6)

هو: إسماعيل بن عبيد بن عمر بن أبي كريمة القرشي الأموي، أبو أحمد الحرَّاني "ثقة يغرب" انظر: التقريب 468.

(7)

ابن عبد الله الباهلي مولاهم، أبو عبد الله الحراني، وهو راوية أبي عبد الرحيم وابن أخته.

(8)

خالد بن أبي يزيد الأموي مولاهم الحراني.

(9)

ابن بُخْت -بضم الموحدة وسكون المعجمة بعدها مثناة- القرشي الأموي مولاهم =

⦗ص: 529⦘

= المكي، نزيل الشام ثم المدينة. التقريب (4254).

(10)

ابن المغيرة بن سُلَيم الغسَّاني مولاهم، أبو الطيب الأيلي، قال عنه ابن أبي حاتم:"صدوق"، ووثقه الخطيب البغدادي. انظر: الجرح والتعديل (4/ 499)، تاريخ بغداد (9/ 355).

(11)

خالد بن نزار الغساني الأيلي:

ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "يغرب ويخطئ"، ووثقه محمد بن وضاح، والذهبي، وقال الحافظ ابن حجر:"صدوق يخطئ". وقد روى عن ابن طهمان نسخة.

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 223)، تهذيب الكمال للمزي (8/ 184)، الكاشف للذهبي (1/ 369)، تهذيب التهذيب (2/ 113)، والتقريب لابن حجر (1682).

(12)

ابن شعبة الخراساني.

(13)

ابن أبي عَيَّاش القرشي الأسدي مولاهم، أبو محمد المدني، صاحب المغازي.

(14)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (1/ 193 ح 352) من طريق زائدة بن قدامة عن أبي الزناد عن الأعرج به.

فائدة الاستخراج:

لم يسق مسلم متنه، وسياق المصنِّف له من فوائد الاستخراج.

ص: 528

342 -

حدثنا إبراهيم بن الوليدِ الجَشَّاش

(1)

، حدثنا سعيد بن داود

(2)

، حدثنا مالك، عن أبي الزِّناد بنحوه

(3)

.

(1)

أبو إسحاق، ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الدارقطني، والخطيب، وتبعه ابن الجوزي.

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 80)، تاريخ بغداد للخطيب (6/ 199)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 250)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 261 - 280 ص: 298).

(2)

ابن سعيد بن أبي زنبر الزنبري المدني، ضعيف، وله عن مالك مناكير، انظر: ح (300).

(3)

لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.

ص: 530

343 -

حدثنا أبو إبراهيم الزُّهري

(1)

، حدثنا أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، ح

وحدثنا هلال بن العلاء

(2)

، وعبد الله بن أحمد

(3)

في آخرين قالوا: حدثنا أحمدُ بن حنبل

(4)

، حدثنا محمد بن جَعفر، حدثنا شُعْبَةُ، عن إسماعيلَ بن أبي

(5)

خالدٍ، عَن قيسٍ -يَعني ابن أبي حَازم-،

⦗ص: 531⦘

عن عَمرو بن العاص [قال]

(6)

: سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جهارًا غيرَ سِرٍّ يقول: "أَلا إِنّ آلَ بني فلانٍ لَيْسوا لي بأولياء، إِنَّما وَليِّيَ الله وَصَالحُ المؤمنين"

(7)

.

(1)

أحمد بن سعد بن إبراهيم البغدادي.

(2)

ابن هلال بن عمر الباهلي مولاهم، أبو عمر الرَّقِّي.

(3)

ابن محمد بن حنبل الشيباني.

(4)

والحديث في المسند (4/ 203).

(5)

وقع في (م): "أخبرنا" بدل: "بن أبي" وهو خطأ.

(6)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب تُبَل الرحم ببلالها (الفتح 10/ 432 ح 5990) عن عمرو بن عباس عن محمد بن جعفر عن شعبة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب موالاة المؤمنين ومقاطعة غيرهم والبراءة منهم (1/ 197 ح 366) عن أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر به. ولفظ الشيخين والإمام أحمد: "آل أبي فلان" بخلاف لفظ المصنِّف.

وقال البخارى في أثناء الحديث: "قال عمرو: في كتاب محمد بن جعفر بياضٌ" أي في موضع قوله "فلان".

قال الحافظ ابن حجر: "قال عبد الحق في كتاب "الجمع بين الصحيحين": إن الصواب في ضبط هذه الكلمة بالرفع، أي وقع في كتاب محمد بن جعفر موضع أبيض، يعني بغير كتابة، وفهم منه بعضهم أنه الاسم المكنى عنه في الرواية فقرأه بالجر على أنه في كتاب محمد بن جعفر أن آل أبي بياض، وهو فهمٌ سيئٌ ممن فهمه لأنه لا يعرف في العرب قبيلة يقال لها آل أبي بياض، فضلًا عن قريش، وسياق الحديث مشعرٌ بأنهم من قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم وهي قريش، بل فيه إشعارٌ بأنهم أخص من ذلك لقوله: "إن لهم رحمًا". فتح الباري (10/ 433).

فائدة الاستخراج:

عرَّف المصنِّف بقيس بن أبي حازم، وهو مسلم مهمل.

ص: 530

344 -

حدثنا أبو النَّضر إسماعيلُ بن عبيد الله

(1)

وفهد بن

⦗ص: 532⦘

سليمان

(2)

قالا: حدثنا أبو العاص

(3)

من ولد سعيد بن العاص، حَدثني عنبسة بن عبد الواحد

(4)

،

⦗ص: 533⦘

عن بَيان

(5)

، عن قيس بن أبي حَازم، عن ابن العاص

(6)

: سمعتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إِنَّ بَني فلانٍ -فذَكَرَ مثلَهُ- وَلِيِّيَ الله والذين آمنوا، ولكن لهم رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبِلالِهَا"

(7)

.

(1)

لم أجد له ترجمة في المصادر التي توفرت لي.

(2)

الدَّلَّال النخَّاس -بالمعجمة-، أبو محمد الكوفي، نزيل مصر، توفي سنة (275 هـ).

ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا وقال: "كتبت فوائده، ولم يقض لنا السماع منه"، ووثقه ابن يونس فيما نقله الذهبي والعيني عنه.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/ 89)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 261 - 280 هـ / ص 416)، مغاني الأخيار للعيني (مخطوط ل 376).

(3)

هو: أحمد بن عبد الواحد بن أمية بن عبد الله بن سعيد بن العاص القرشي الأموي، ذكره المزي في الرواة عن عنبسة بن عبد الواحد -والظاهر أنه أخوه- وذكره الذهبي فيمن كنيته أبو العاص، ولم أجد له ترجمة. انظر: تهذيب الكمال (22/ 420)، المقتنى للذهبي (1/ 334).

(4)

وقع في (م): "عبد الله" بدل "عنبسة"، ولعله سبق قلم، وهو عنبسة بن عبد الواحد بن أمية بن عبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو خالد الكوفي.

وثقه ابن سعد، وابن معين، وأبو حاتم، وقال الإمام أحمد، وأبو زرعة، وأبو داود:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال البخاري: "عنبسة بن عبد الواحد ضعيفٌ، ذاهب الحديث".

ووثقه الحافظان الذهبي وابن حجر، وأما قول البخاري فيه فغريبٌ مع توثيق من سبق ذكرهم له، ولذا قال د. حمزة الديب محقِّق العلل الكبير:"لم أجد في عنبسة بن عبد الواحد جرحًا حتى إن الذهبي لم يذكره في الميزان، ومن عادته أن يذكر فيه من جُرِح ولو كان ثقة، ولم يذكره في المغني ولا ابن حبان في المجروحين، ويبدو أن العبارة هنا غير سليمة، والله تعالى أعلم". =

⦗ص: 533⦘

= وقد أخرج له البخاري تعليقًا، ولم يذكره الحافظ في هدي الساري في أسماء من طعن فيه من رجال البخاري، ولا فيمن أخرج لهم البخاري تعليقًا، ويبدو أن العبارة غير سليمة كما قال المحقِّق والله أعلم.

انظر: تاريخ الدوري (2/ 458)، طبقات ابن سعد (7/ 326)، ترتيب علل الترمذي الكبير لأبي طالب القاضي (2/ 978)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 401)، الثقات لابن حبان (7/ 288)، تاريخ بغداد للخطيب (12/ 283)، الكاشف للذهبي (2/ 100)، التقريب (5207).

(5)

ابن بشر الأحمسي البجلي، أبو بشر الكوفي المعلِّم.

(6)

في (م): "أبي العاص" وهو خطأ.

(7)

أخرجه البخاري معلقًا في صحيحه -كتاب الأدب- باب تُبَل الرحم ببلالها (الفتح 10/ 432 ح 5990) عن عنبسة بن عبد الواحد عن بيان بن بشرٍ به.

قال الحافظ ابن حجر: وقد وصله البخاري في كتاب "البر والصلة" عن محمد بن عبد الواحد بن عنبسة قال حدثنا جدي عنبسة بن عبد الواحد فذكره، وأخرجه الإسماعيلي من رواية فهد بن سليمان عن محمد بن عبد الواحد المذكور، وساقه بلفظ: "سمعت عمرو بن العاص يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينادي جهرًا غير سرٍ: إن بني أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنما ولييَ الله والذين آمنوا، ولكن لهم رحم

الحديث".

[تنبيه: وقع في المطبوع من الفتح "نهد بن سليمان" بالنون، وهو خطأٌ].

ووصله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق من طريق البخاري عن محمد بن عبد الواحد بن عنبسة عن جده، ومن طريق أبي بكر الإسماعيلي عن عبد الله بن =

⦗ص: 534⦘

= محمد بن مسلم عن فهد بن سليمان عن محمد بن عبد الواحد به.

ومحمد بن عبد الواحد هذا لم أجد له ترجمة في المصادر التي وقفت عليها، وكذا قال الشيخ الألباني:"لم أجد له ترجمة في شيءٍ من الكتب التي عندي".

وأما قوله: "آل أبي فلان" أو آل بني فلان" كما هي رواية المصنّف فقال النووي: "هذه الكناية هي من بعض الرواة خشي أن يسميه فيترتب عليه مفسدة وفتنة إما في حق نفسه، وإما في حقه وحق غيره، فكنى عنه، والغرض إنما هو قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما وليي الله وصالح المؤمنين" ومعناه إنما ولييَ من كان صالحًا وإن بَعُد نسبه مني، وليس ولييَ من كان غير صالح وإن كان نسبه قريبًا".

انظر: شرح صحيح مسلم (3/ 87)، فتح الباري (10/ 436)، وتغليق التعليق لابن حجر (5/ 86)، السلسلة الصحيحة للألباني (2/ 403 رقم 764).

ص: 531

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ تَهْوِيْنِ العَذابِ عَلَى أبي طَالِبٍ بِشفَاعةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأنَّهٌ لا يَنَالُهُ شَفَاعتُهُ بِنَجَاتِهِ وَنَجَاةِ (أبِيْهِ)

(2)

مِنَ النَّارِ، وأنَّ الكَافِرَ لا يَنْفَعُهُ مَعْرُوْفُهُ إِذا مَاتَ

(1)

كلمة "باب" ليست في (ط) و (ك).

(2)

في الأصل "ابنه" وهو خطأ، وفي (ط) غير منقوطة، وما أثبتُّ من (م) و (ك).

ص: 535

345 -

حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم المكي

(1)

، حدثنا عَفان [بن مسلم]

(2)

، حدثنا أبو عوانة

(3)

، عن عبد الملك بن عُمير

(4)

، عن عبد الله بن الحارث

(5)

، عن العباس بن عبد المطَّلبِ قال: قلتُ: يا رسولَ الله هل نَفَعْتَ أبا طالبٍ بشيءٍ؟ فإنَّه قد كان يحُوطك

(6)

ويغضَبُ لغضبك. قال: "نَعَم، هو في ضَحْضَاحٍ

(7)

مِن نار، ولولا ذلك

⦗ص: 536⦘

لكان في الدَّرك الأسفل مِنَ النَّارِ"

(8)

.

(1)

أبو جعفر البغدادي، المعروف بالصائغ الكبير.

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(3)

الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزاز.

(4)

ابن سويد بن جارية القرشي أو الفرسي.

(5)

ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، أبو محمد المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحنَّكه النبي صلى الله عليه وسلم، وتحوَّل إلى البصرة فأقام بهَا.

(6)

قال النووى: "هو بفتح الياء، وضم الحاء، قال أهل اللغة: يقال: حاطه يحوطه حوطًا وحياطةً إذا صانه وحفظه وذبَّ عنه وتوفر على مصالحه". شرح صحيح مسلم (3/ 84).

(7)

بضادين معجمتين مفتوحتين، وهو ما رقَّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين، واستعير في النار، قاله ابن الأثير وتبعه النووي. =

⦗ص: 536⦘

= انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 75)، شرح صحيح مسلم للنووي (3/ 84).

(8)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأدب- باب كنية المشرك (الفتح 10/ 608 ح 6208) عن موسى بن إسماعيل، وأخرجه في كتاب الرقاق -باب صفة الجنة والنار (الفتح 11/ 426 ح 6572) عن مسدد، كلاهما عن أبي عوانة اليشكري به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (1/ 194 ح 357) عن عبيد الله بن عمر القواريري، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن عبد الملك الأموي كلهم عن أبي عوانة اليشكري به.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 210) عن عفان بن مسلم عن أبي عوانة به.

ص: 535

346 -

حدثنا البِرتيُّ القاضي

(1)

، حدثنا مسدَّد، حدثنا يحيى

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، عن عبد الملك بن عُمير، عن عبد الله بن الحارثِ قال: حَدثني العباسُ بن عبد المطلبِ رضي الله عنه

(4)

قال: قلتُ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ماذا أغنيتَ عن عمِّك؟

وذكر الحديثَ بمثله

(5)

.

(1)

أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر البغدادي، أبو العباس.

(2)

ابن سعيد القطان، ووقع في (م):"يحيى بن سفيان" وهو خطأ.

(3)

هو الثوري، كما بيَّنه الحافظ في الفتح (7/ 233)، وسيأتي في التخريج أن ابن عيينة شاركه في رواية الحديث عن شيخه عبد الملك.

(4)

عبارة الترضي ليست في (ط) و (ك).

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب مناقب الأنصار- باب قصة أبي طالب (الفتح 7/ 232 ح 3883) عن مسدَّد عن يحيى القطان به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه =

⦗ص: 537⦘

= بسببه (1/ 19 ح 359) عن محمد بن حاتم عن يحيى القطان عن الثوري به، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري به.

وأخرجه أيضًا (ح 358) عن ابن أبي عمر عن ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير به.

ص: 536

347 -

حَدثَنا هلال بن العلاء

(1)

، حدثنا أبي

(2)

، وعبد الله بن جَعفرٍ

(3)

، عَن عبيد الله بن عَمرو

(4)

، عَن عبد الملك بن عُمَير، عَن عبد الله بن الحارث، عن العبَّاس بن عبد المطَّلب قال: قلتُ: يا رسولَ الله

فذكر بمثله

(5)

.

(1)

ابن هلال بن عمر الباهلي مولاهم، أبو عمر الرَّقِّي.

(2)

أبو محمد الرَّقِّي، مولى قتيبة بن مسلم الباهلي، توفي سنة (215 هـ).

ضعفه أبو حاتم، والنسائي، وابن حبان وقال:"كان ممن يقلب الأسانيد، ويغيِّر الأسماء، لا يجوز الاحتجاج به بحال".

وقال الخطيب: "في بعض حديثه نكرة"، وقال ابن حجر:"فيه لين"، وقد توبع هنا.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 361)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 181) المجروحين لابن حبان (2/ 184)، تهذيب الكمال للمزي (22/ 544)، التقريب (5259).

(3)

ابن غيلان القرشي مولاهم، أبو جعفر الرَّقِّي.

(4)

ابن أبي الوليد الأسدي مولاهم، أبو وهب الرَّقِّي.

(5)

أخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 889) من طريق عبد الله بن جعفر عن عبيد الله بن عمرو الرقي به.

ص: 537

348 -

حدثنا أبو عبيد الله

(1)

، حدثنا

⦗ص: 539⦘

عمِّي

(2)

، حدثنا حيوَةُ بن شُرَيحٍ

(3)

عنِ ابن الهاد

(4)

، ح

وَحدثنا ابن عَبْدُوسٍ

(5)

، حدثنا ابن أبي عمر

(6)

، حدثنا عبد العزيز بن محمَّد

(7)

، عن ابنِ الهاد، عن عبد الله بن خَبَّاب

(8)

، عن أبي سَعيد الخُدريّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ذُكر عنده عمُّه أبو طالبٍ فقال:"لعلَّه تنفعُه شفاعتي يومَ القيامة فَيُجْعَلُ في ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مُنْهُ دِمَاغُهُ"

(9)

.

(1)

المصري، أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، لقبه "بحشل"، =

⦗ص: 538⦘

= ويعرف بابن أخي عبد الله بن وهب، توفي سنة (264 هـ).

اختُلِف فيه، فوثقه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن شعيب بن الليث، وقال عبدان:"كان مستقيم الأمر على أيامنا"، ونحوه قال أبو حاتم وزاد:"ثم خلَّط بعد، ثم جاءني خبره أنه رجع عن التخليط" ثم قال بعد ذلك: "كان صدوقًا"، واحتجَّ به مسلم، وابن خزيمة.

وكذبه النسائي -وهذا تشدُّدٌ منه-، وذكره ابن حبان في المجروحين وقال:"كان يحدّث بالأشياء المستقيمة قديمًا حيث كتب عنه ابن خزيمة وذووه، ثم جعل يأتي عن عمه بما لا أصل له، كأن الأرض أخرجت له أفلاذ أكبادها"، وقال ابن عدي:"رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم مجمعين على ضعفه، ومن كتب عنه من الغرباء غير أهل بلده لا يمتنعون من الرواية عنه" وقال ابن يونس: "لا تقوم به حجة"، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء وقال:"كان مستقيم الأمر، ثم حدَّث بما لا أصل له".

والظاهر أنه كان مستقيم الأمر، حسن الحديث في بداية أمره، ثم اختلط بعد ذلك فصار يحدِّث ببعض المناكير عن عمه وغيره فتكلَّم فيه من تكلَّم بسبب ذلك، ويؤكِّد ذلك إخراج الإمام مسلم له في الصحيح ولما سئل عنه قال:"وإنما نقموا عليه بعد خروجي من مصر"، وذكر الحاكم أنه اختلط بعد سنة 250 هـ، بعد خروج مسلم بن الحجاج من مصر.

ولم أقف على ما يدل على أن المصنِّف سمع منه قبل سنة (250 هـ)، ووصوله إلى مصر في هذا الوقت احتمالٌ بعيد إذا علمنا أنه ولد بعد سنة (230 هـ) كما ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/ 417)، وقد سبق في ح (15) أنه سمع الحديث بجرجان سنة (250 هـ).

وذكره الذهبي في المغني والديوان وقال "له عدة أحاديث لا تُحتَمل"، وذكره أيضًا في المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد. وقال ابن حجر:"صدوق، تغيَّر بأخرة"، وقد تابعه =

⦗ص: 539⦘

= هارون بن معروف -وهو ثقة- عند الإمام أحمد كما سيأتي في التخريج، فالحمد لله.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 60)، المجروحين لابن حبان (1/ 149)، الكامل لابن عدي (1/ 188)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزى (1/ 76)، صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: 97 - 98)، تهذيب الكمال للمزى (1/ 387)، الميزان للذهبي (1/ 114)، المغني في الضعفاء (1/ 45)، ديوان الضعفاء (ص: 6)، معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص: 59)، تهذيب التهذيب (1/ 49)، التقريب (67)، الكواكب النيرات (ص: 63).

(2)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم المصري.

(3)

ابن صفوان التُّجيبي، أبو زرعة المصري الفقيه.

(4)

يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني.

(5)

في (ك): "ابن كامل"، وهو: محمد بن عبدوس بن كامل السَّرَّاج السُّلمي البغدادي، وعبدوس لقبٌ لأبيه، واسمه: عبد الجبار. وانظر: ح (223).

(6)

محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، أبو عبد الله، نزيل مكة.

(7)

الدَّرَاوَردي، أبو محمد المدني.

(8)

الأنصاري النجَّاري مولاهم المدني.

(9)

سقط إسناد هذا الحديث من (ط)، وأُقحِم متنه في حديث السلمي الآتي بعده هنا، =

⦗ص: 540⦘

= وفي (ك) جاء هذا الحديث بإسناده ومتنه بعد حديث السلمي الآتي، ومقرونٌ به بـ "ح" التحويل.

وسيأتي تخريج الحديث.

ص: 537

349 -

حدثنا السُّلَميُّ، حدثنا أبو نُعَيمٍ ضِرَار

(1)

، حدثنا

⦗ص: 541⦘

عبد العزيز بن محمد، عَن يَزيد بن الهادِ بمثله

(2)

.

(1)

-بكسر أوله، مخففًا- ابن صُرَد -بضم المهملة وفتح الراء- التيمي، أبو نعيم الطحان الكوفي، توفي سنة (229 هـ).

كذبه ابن معين، وقال مرة:"ليس حديثه بشيء"، وقال البخاري والنسائي:"متروك الحديث"، وقال الترمذي:"رأيت البخاري يضعِّف ضرارا"، وقال الحسين بن محمد القباني:"تركوه" وقال الساجي: "عنده مناكير"، وقال ابن قانع:"ضعيفٌ، يتشيَّع"، وقال ابن حبان:"كان فقيهًا عالمًا بالفرائض إلا أنه يروي المقلوبات عن الثقات، حتى إذا سمعها من كان داخلًا في العلم شهد عليه بالجرح والوهن، وكان ابن معين يكذبه"، وقال ابن عدي:"من المعروفين بالكوفة، وله أحاديث كثيرة، وهو في جملة من ينسبون إلى التشيع بالكوفة"، وقال أبو أحمد الحكم:"ليس بالقوي عندهم"، وضعفه الدارقطني أيضًا.

وقال أبو حاتم: "صاحب قرآن وفرائض، صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به".

وقال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ، له أوهام وخطأ، ورمي بالتشيع"، وقال في لسان الميزان:"ضعفوه".

فالظاهر أنه ضعيفٌ، وقد روى الحديث ثقتان غيره -فالاعتماد عليهما، وهما: ابن أبي عمر -كما في الإسناد السابق- وإبراهيم الزُبيري كما سيأتي عند المصنِّف والبخاري.

انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 326)، سنن الترمذي (3/ 182 ح 828)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 465)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 141)، =

⦗ص: 541⦘

= الضعفاء للعقيلي (2/ 222)، المجروحين لابن حبان (1/ 380) الكامل لابن عدي (4/ 1421) الضعفاء للدارقطني (ص: 253)، تهذيب الكمال للمزي (13/ 303)، تهذيب التهذيب (4/ 419)، ولسان الميزان (7/ 250)، والتقريب لابن حجر (2982).

(2)

سيأتي تخريجه مع الذي بعده.

ص: 540

350 -

حدثنا محمد بن حرب المدينيُّ

(1)

، حدثنا إبراهيم بن حمزةَ الزُّبيريُّ

(2)

حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدِيُّ، عن يزيدَ بن عبد الله بن الهاد بإسنادِهِ: ذُكرَ أبو طالبٍ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم-مثله

(3)

-: "مِنَ النَّارِ يَغْلِي منه أمُّ دِمَاغِهِ"

(4)

.

(1)

لم أجد له ترجمة.

(2)

من ولد الزبير بن العوام رضي الله عنه، كنيته أبو إسحاق المدني.

(3)

في (ط) و (ك): "بمثله".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب مناقب الأنصار- باب قصة أبي طالب (الفتح 7/ 233 ح 3885) عن عبد الله بن يوسف عن الليث عن يزيد بن الهاد به، وأخرجه أيضًا في هذا الموضع عن إبراهيم بن حمزة الزبيري عن الدراوردي وابن أبي حازم كلاهما عن يزيد بن الهاد به.

وسقط هذا الإسناد الأخير مع متنه من صحيح البخاري التي مع فتح الباري، وهو في الصحيح (المتن - ط: الشعب 5/ 66).

وأخرجه من هذا الطريق الأخير أيضًا في كتاب الرقاق -باب صفة الجنة والنار (الفتح 11/ 425 ح 6564).=

⦗ص: 542⦘

= وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (1/ 195 ح 360) من طريق الليث عن يزيد بن الهاد به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 55) عن هارون بن معروف عن عبد الله بن وهب عن حيوة عن يزيد بن الهاد به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف: عبد الله بن الهاد الذي جاء عند مسلم مهملًا: "ابن الهاد".

ص: 541

351 -

حدثنا عباس الدوري، والصغاني، والصائغ [بمكة]

(1)

قالوا: ثنا يحيى بن أبي بُكير

(2)

، حدثنا زهير

(3)

، عن سُهيل بن أبي

⦗ص: 543⦘

صَالح

(4)

، عن النعمان بن أبي عياش

(5)

، عن أبي سَعيدٍ الخُدري

(6)

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "أدنى أهلِ النَّارِ عذابا يُنْعَلُ بِنَعْلَينِ مِن نارٍ يَغْلِي دِمَاغُهُ مِن حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ"

(7)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، والصائغ هو: جعفر بن محمد بن شكر البغدادي.

(2)

واختلف في اسم أبيه، فقيل: نسر، وقيل: بشير العبدي القيسي، أبو زكريا الكِرماني البغدادي.

(3)

ابن محمد التميمي العنبري، أبو المنذر الخراساني المروزي، توفي سنة (162 هـ).

اختلفت فيه أقوال الأئمة بين موثِّقٍ له ومضعِّف، واختلفت عباراتهم أيضًا في ذلك، وخلاصة الأمر فيه أنه صدوق يخطئ، فما حدَّث من كتابه فهو صالح، وما حدَّث من حفظه ففيه أخطاء، ورواية أهل الشام عنه منكرة لأنه حدَّثهم من حفظه، ورواية العراقيين عنه أصح من غيرها، ومن ضعَّفه كان بسبب تلك الروايات المنكرة التي رواها عنه أهل الشام، ويتجنَّب رواياته التي أنكرت عليه، وقد ذكر ابن عدي جملة من ذلك.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "ثقة متفق على تخريج حديثه، مع أن بعضهم ضعفه، وفصل الخطاب في حال رواياته أن أهل العراق يروون عنه أحاديث مستقيمة، وما خُرِّج عنه في الصحيح فمن رواياتهم عنه، وأهل الشام يروون عنه روايات منكرة".

وقد أخرج له الأئمة الستة في كتبهم محتجِّين به، وهذه الرواية هي من رواية العراقيين =

⦗ص: 543⦘

= عنه، وللحديث طريق أخرى كما سبق والحمد لله.

للوقوف على ترجمته وأقوال الأئمة فيه نظر: تاريخ الدوري (2/ 176)، تاريخ الدارمي (ص: 114)، التاريخ الكبير للبخاري (3/ 427)، والضعفاء الصغير له (ص: 99)، الثقات للعجلي (1/ 371)، أبو زرعة الرازي وجهوده (2/ 618)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص: 233)، العلل الكبير للترمذي (2/ 953، 981)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 112)، الضعفاء للعقيلي (2/ 92)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 590)، الثقات لابن حبان (6/ 337)، الكامل لابن عدي (3/ 1073)، الثقات لابن شاهين (ص: 133)، المحلى لابن حزم (2/ 194)، الضعفاء لابن الجوزي (1/ 297)، تهذيب الكمال للمزي (9/ 414)، ميزان الاعتدال (2/ 84)، والمغني (1/ 241)، وديوان الضعفاء (ص: 146)، والكاشف (1/ 408)، وسير أعلام النبلاء (8/ 188)، وتاريخ الإسلام (حوادث سنة 161 - 170/ ص: 197)، وذكر أسمَاء من تكلم فيه وهو موثق كلها للذهبي (مخطوط - ص: 16)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 777)، هدي الساري (ص: 423)، وتهذيب التهذيب (3/ 308)، والتقريب لابن حجر (2049)، تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (5/ 397).

(4)

واسم أبي صالح ذكوان السمان المدني، وسُهَيل هذا فيه كلامٌ يسير، انظر: ح (37).

(5)

الزُّرَقي الأنصاري، أبو سلمة المدني، واختلف في اسم أبيه، فقيل: زيد، وقيل: عبيد.

(6)

نسبته "الخدري" ليست في (ط) و (ك).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب أهون أهل النار عذابا (1/ 195 ح 361) عن =

⦗ص: 544⦘

= أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن أبي بكير به، وصدْر الحديث فيه بلفظ "إنَّ أدنى"، وفيه:"ينتعل بنعلين".

ص: 542

352 -

حَدثنا أبو أُميَّة، حدثنا الحسن بن موسى

(1)

، ح

وَحَدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ بمكة، حدثنا عَفان

(2)

، ح

وَحَدثنا أبو قيس عبد البرِّ بن عبد العزيز بن محمد الحرَّانيُّ -ثقةٌ

(3)

-، حدثنا إبراهيم بن المبارك البصري

(4)

قالوا: حدثنا حمَاد بن سلمة، عن ثابتٍ البُنَانيُّ

(5)

، عن أبي عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ

(6)

، عن ابن عَباسٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أبو طالبٍ، وَفِي

⦗ص: 545⦘

رِجْلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي

(7)

مِنْهُمَا دِمَاغُهُ"

(8)

.

(1)

الأشيب البغدادي القاضي.

(2)

ابن مسلم بن عبد الله الصفَّار الباهلي.

(3)

هذا التوثيق من المصنِّف سقط من (ك)، ولم أجد للمذكور ترجمة، وقد عرفه المصنِّف فوثَّقه.

(4)

لم أجد له ترجمة، وقد توبع.

(5)

البُنَاني: بضم الباء الموحدة التحتانية، وفتح النون، نسبة إلى بُنَانة بن سعد بن لؤي بن غالب، قال السمعاني:"صارت بُنَانة محلة بالبصرة لنزول هذه القبيلة بها، وقال الخطيب في "المؤتنف": إن بُنانة الذين منهم ثابت هو بنو سعد بن لؤي بن غالب، وأم سعد: بُنَانة، وقيل: بل هم بنو سعد بن ضبيعة بن نزار والله أعلم، وقال الزبير بن بكار: أما بُنانة فقبيلة منهم ثابت البُناني وغيره، وبُنانة كانت أمةً لسعد بن لؤي حضنت بنيه عمارًا وعمارة ومخزومًا بعد أمهم، فغلبت عليهم فسُموا بها".

انظر: الأنساب للسمعاني (2/ 306).

(6)

واسمه عبد الرحمن بن مل، والميم مثلثة في: مل.

(7)

في (م) وقع زيادة: "يغلي من نار" في هذا الموضع ولعله سبق قلم.

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب أهون أهل النار عذابا (1/ 196 ح 362) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان بن مسلم به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 295) عن عفان بن مسلم والحسن بن موسى الأشيب كلاهما عن حماد بن سلمة به.

فائدة الاستخراج:

نسب المصنِّف ثابتًا، وهو عند مسلم مهمل.

ص: 544

353 -

وحَدثنا يَزيدُ بن عبد الصَّمد الدِّمشقيُّ

(1)

،، حدثنا آدم بن أبي إياس

(2)

، حدثنا حمَّاد بن سلمة بإسناده بمثله

(3)

.

(1)

هو: يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي، أبو القاسم القرشي.

(2)

واسم أبي إياس: عبد الرحمن بن محمد الخراساني المروزي، أبو الحسن العسقلاني.

(3)

في (ط) و (ك): "حدثنا حماد بن سلمة مثله"، والحديث أخرجه الحكم في "المستدرك"(4/ 581) من طريق إبراهيم بن ديزيل عن آدم بن أبي إياس به.

ص: 545

354 -

حدثنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

ح

وحَدثنا أبو قلابة

(2)

، حدثنا بكر بن بكَّار

(3)

، ح

⦗ص: 546⦘

وَحدثنا أبو أُميَّة، حدثنا أبو زيد الهرويُّ

(4)

قالوا: حدثنا شعبةُ، عن أبي إسحاق

(5)

، عن النعمانِ بن بشيرٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أهوَنَ أهلِ النَّارِ عذابًا رجلٌ في أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ

(6)

جَمْرَتَانِ يَغْلِي منهما دِمَاغُهُ"

(7)

.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 108).

(2)

عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرَّقاشي البصري، انظر: ح (42).

(3)

ابن الخصيب القيسي، أبو عمرو البصري.

متكلَّم فيه، وثقه أشهل بن حاتم الجمحي، وأبو عاصم النبيل، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"ربما أخطأ"، ونقل الذهبي عنه أنه قال:"ثقة، ربما يخطئ"! =

⦗ص: 546⦘

= وضعفه ابن معين، وأبو حاتم الرازي، والنسائي، وذكره الساجي، والعقيلي، وابن الجارود في الضعفاء، وقال ابن أبي حاتم في ترجمة الحارث بن بدل عن بكرٍ هذا:"سيئ الحفظ، ضعيف الحديث"، وقال ابن عدي:"له أحاديث حسان غرائب صالحة" وقال أيضًا: "وليس حديثه بالمنكر جدًّا"، وكذا قال ابن القطان:"ليست أحاديثه بالمنكرة".

وقد تابعه جمعٌ من الثقات كما في الأسانيد المقرونة عند المصنّف، وكما سيأتي في التخريج.

انظر: تاريخ الدوري (2: 62)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: 65)، والسنن الكبرى له أيضًا (1/ 143)، الضعفاء للعقيلي (1/ 152)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 382) و (3/ 70)، الثقات لابن حبان (8/ 146)، الكامل لابن عدي (2/ 464)، تاريخ أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني (1/ 282)، ميزان الاعتدال للذهبي (1/ 343)، لسان الميزان (2/ 48)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (1/ 438).

(4)

سعيد بن الربيع الخرشي العامري البصري.

(5)

عمرو بن عبد الله بن عبيد الهَمْدَاني، مدلّسٌ مشهور، قد صرَّح بالتحديث عند مسلم، وأبي داود الطيالسي، والراوي عنه هنا شعبة، وانظر: ح (93).

(6)

أخمص القدم: هو المتجافي من الرّجْل عن الأرض. شرح مسلم للنووي (3/ 86).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب أهون أهل النار عذابا (1/ 196 ح 363) من =

⦗ص: 547⦘

= طريق محمد بن جعفر عن شعبة به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 271) عن يحيى القطان عن شعبة به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(2/ 890) من طريق يونس بن حبيب عن أبي داود به.

ص: 545

355 -

حَدثَنا أبو زرعةَ الرَّازي، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق

(1)

، حدثنا عمرو بن أبي قيس

(2)

-وسمعتُ عباسًا الدُّوريَّ، سمعتُ يحيى بن مَعين يقول: عَمرو بن أبي قيسٍ ثقة

(3)

- عن أبي إسحاقَ الهمداني بمثله، وزاد:"كَغَلْي المِرْجَل"

(4)

.

(1)

في (م): "ابن سعيد بن سابق" بدون ذكر اسمه، وهو: أبو عبد الله الرازي، نزيل قزوين.

(2)

الرازي الأزرق الكوفي، نزيل الري.

(3)

وهو في تاريخ الدوري عن ابن معين (2/ 451).

(4)

قال النووي: "المِرْجَل: بكسر الميم وفتح الجيم، وهو قِدْر معروف سواء كان من حديد أو نحاس أو حجارة هذا هو الأصح". شرح صحيح مسلم (3/ 86).

والحديث لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.

ص: 547

356 -

حدثنا أبو أمية، حدثنا ابن أبي شيبة

(1)

، حدثنا أبو أسامة

(2)

، عن الأعمش، عَن أبي إسحاقَ، عَن النعمان بن بَشير قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أهونَ أهلِ النَّارِ عَذابا يومَ القيامةِ مَن له نعلانِ من نارٍ يَغْلِي منهما دِمَاغُهُ كما يَغْلِي المِرْجَلُ، مَا يرى أن أحدًا أشدُّ عذابا منه

⦗ص: 548⦘

وإنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا"

(3)

.

(1)

عبد الله بن محمد بن إبراهيم العبسي مولاهم الكوفي.

(2)

حماد بن أسامة القرشي.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب أهون أهل النار عذابا (1/ 196 ح 364) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة به.

ص: 547

357 -

حَدثنا جَعفر [بن محمد]

(1)

الصَّائغُ حدثنا عفان

(2)

، حدثنا حماد بن سلمة ح

وَحدثنا أبو داودَ السِّجْزِيُّ

(3)

، حدثنا موسى بن إسماعيل

(4)

، حدثنا حماد بن *

(5)

سلمة، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالك أنَّ رَجُلًا قال: يا رسولَ الله أينَ أبي؟ قال: "في النَّارِ". فلما قَفَّى

(6)

دَعَاهُ

(7)

فقال: "إنَّ أبي وأباك في النَّارِ"

(8)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وهو المعروف بالصائغ الكبير البغدادي، نزيل مكة.

(2)

في (م): "حماد بن عفان" وهو سبق قلم.

(3)

سليمان بن الأشعث، صاحب السنن، وانظر ما سبق في: ح (25)، والحديث في سننه -كتاب السنة- باب في ذراري المشركين (4/ 230 ح 4718).

(4)

المنقري، أبو سلمة التبوذكي.

(5)

من هذا الموضع سقط في (م) إلى أثناء ح (389)، وسيأتي التنبيه على نهايته في موضعه إن شاء الله تعالى.

(6)

أي: ولَّى قفاه منصرفًا. قاله النووي في شرح مسلم (3/ 79).

(7)

في (ط) و (ك): "دعا به".

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تناله شفاعة ولا تنفعه قرابة المقربين (1/ 191 ح 347) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة به.

ص: 548

358 -

حدثنا أبو عمران موسى بن عيسى بن حرب بِصُور وَلقبُهُ مُوشٌ

(1)

حدثنا عَفانُ بن مُسْلمٍ، حدثنا عبد الواحد بن زياد

(2)

، حدثنا الأعمَشُ، عن أبي سفيان

(3)

، عن عبيد بن عُمير

(4)

، عن عَائشة أنها قَالَتْ: قلتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عبد الله بن جُدْعَانَ كانَ في الجاهليَّة يَقْرِي الضَّيفَ

(5)

، ويَصلُ الرَّحِمَ، ويفكُّ العانيَ

(6)

وَيُحْسِنُ

⦗ص: 550⦘

الجِوَارَ -فأثْنَيْتُ عليه- هل نَفَعَهُ ذلك؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا، إِنَّه لم يقل يومًا: اللهمَّ اغفر لي خطيئتي يومَ الدّين"

(7)

.

(1)

ذكره ابن ناصر الدين الدمشقي في "التوضيح" فقال: "بالضم مع سكون الواو تليها شين معجمة"، وذكر الحافظ ابن حجر في نزهة الألباب أن معنى موش: الفار بلغة العجم. ولم أجد للمذكور ترجمة في المصادر التي اطلعت عليها، وقد تابعه عن عفان: الإمام أحمد وسيأتي تخريجه.

انظر: توضيح المشتبه لابن ناصر الدين (8/ 304)، نزهة الألباب لابن حجر (2/ 205).

(2)

العبدي مولاهم البصري، ثقة، وفي حديثه عن الأعمش مقال، كما سبق في: ح (284) ولم أجد من تابعه عن الأعمش.

(3)

طلحة بن نافع القرشي الواسطي الإسكاف، نزيل مكة.

(4)

ابن قتادة بن سعد بن عامر الليثى الجَنْدَعي، أبو عاصم المكي.

(5)

قال الجوهري: "قَرَيتُ الضيف قِرىً، مثال قَلَيْتُهُ قِلىً، وقَرَاءً: أحسنت إليه، إذا كسرت القاف قصرتَ، وإذا فتحت مددتَ". الصحاح (6/ 2461).

(6)

في (ط) و (ك): "العان" بدون الياء، والعاني هو: الأسير قاله ابن الأثير، وقيل هو: العبد فعلى الأول يكون المعنى أنه كان يفدي الأسير ويعمل على فكاكه، وعلى الثاني أنه كان يحرِّر الرقاب، والله أعلم.

انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 314)، لسان العرب لابن منظور (9/ 443).

(7)

لم يخرجه مسلم من هذا الطريق، وقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 120) عن عفان عن عبد الواحد به.

ص: 549

359 -

حَدثنا أبو يوسف القلوسيّ [البصري]

(1)

، حدثنا جَامع بن حمَاد

(2)

، حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش بإسناده، قالت

(3)

: قلتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ ابن جُدْعَان -بمثله- يَصِلُ الرَّحِمَ فهل ينفَعُهُ ذلك؟ بمثله لم يذكر فيه: "خطيئتي"

(4)

(5)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، والقُلُوسيُّ قال فيه السمعاني:"بضم القاف واللام، بعدهما الواو، وفي آخرها السين المهملة هذه النسبة إلى القُلُوس فيما أظن، وهو جمع قَلْس، وهو الحبل الذي يكون على السفينة" ثم ذكر هذا المنسوب إليه هنا وهو: يعقوب بن إسحاق بن زياد البصري، قاضي نصيبين. الأنساب للسمعاني (10/ 219).

وله ترجمة في تاريخ بغداد للخطيب (14/ 285)، السير للذهبي (12/ 631).

(2)

لم أجد له ترجمة.

(3)

في (ط) و (ك): "قال"، والصواب ما في الأصل لأن الفعل مسندٌ لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وإن لم يصرح باسمها، دلَّ على ذلك قوله: بإسناده، أي السابق.

(4)

في (ط) و (ك): جاءت العبارة هكذا: (بمثله "اغفر لي يوم الدين"، لم يذكر فيه "خطيئتي" وقوله: "أثنيت عليه" فقط).

(5)

لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.

ص: 550

360 -

حَدثَنا أبو أُميَّة، وجَعفر بن محمد القَطَّان الرَّقِّيُّ

(1)

، قالا:

⦗ص: 551⦘

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة

(2)

، حدثنا حفصُ بن غياثٍ

(3)

، عن داودَ

(4)

، عن الشَّعْبي

(5)

، عن مسروق

(6)

، عن عائشةَ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالَتْ: قلتُ: يا رسولَ الله إنَّ ابنَ جُدْعَان كانَ في الجاهليَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ المسكينَ فهل ذاك نَافِعُهُ؟ قال: "لا، يا عائشَةُ، إنَّه لم يقلْ يومًا: ربِّ اغفر لي خَطِيْئَتِي يومَ الدِّين"

(7)

.

(1)

هو: جعفر بن محمد بن الحجاج بن فرقد: =

⦗ص: 551⦘

= ذكره ابن أبي حاتم وقال: "سمع منه أبي بالرَّقَّة، كتب إليَّ"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره الذهبي في "السير" وقال:"وُثق".

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 488)، الثقات لابن حبان (8/ 162)، السير للذهبي (14/ 108).

(2)

واسمه: عبد الله بن محمد بن إبراهيم العبسي مولاهم.

(3)

ابن طلق النخعي، أبو عمر الكوفي.

(4)

ابن أبي هند دينار بن عُذَافِر القُشَيري مولاهم البصري.

(5)

عامر بن شراحيل.

(6)

ابن الأجدع بن مالك الهَمْدَاني الكوفي.

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عمل (1/ 196 ح 365) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حفص بن غياث به.

ص: 550

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ أنَّ السَّاعَةَ لا تَقُوْمُ مَا دَامَ في الأَرْضَ مَنْ يُوَحِّدُ الله، وأنَّ الإِسْلامَ يَعِزُّ

(2)

في جَميْعِ الأَرْضَ، وَيَعُودُ إِلَى المدِيْنَةِ كَمَا بَدَأَ مِنْهَا، وَالدَّلِيْلُ عَلَى ذَهَابِ الإِسْلامِ في الفِتْنَةِ

(1)

كلمة "باب" لم ترد في (ط) و (ك).

(2)

عَزَّ الشيء يعِزُّ بمعنى قوي واشتدَّ، وتأتي بمعنى قلَّة الشيء وندرته، والمعنى الثاني هو المراد هنا.

انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 38)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (664).

ص: 552

361 -

حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبري، عن عبد الرَّزاق

(1)

، عن معمر، عن ثابت

(2)

، عن أنس بن مالك

(3)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم السَّاعة على أحدٍ يقولُ: الله، الله"

(4)

.

(1)

والحديث في "مصنَّفه"(11/ 402).

(2)

ابن أسلم البناني.

(3)

في (ط) و (ك): "عن أنس" فقط بدون ذكر اسم أبيه.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب ذهاب الإيمان آخر الزمان (1/ 131 ح 234) عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(1/ 533)، والبغوي في "شرح السنة"(15/ 89) كلاهما من طريق الدبري عن عبد الرزاق به.

ص: 552

362 -

حدثنا جَعفر بن محمد الصائغ

(1)

، حدثنا عَفان بن

⦗ص: 553⦘

مُسْلم، ح

وَحدثنا محمد بن الفَرج الأزرق

(2)

، حدثنا

⦗ص: 554⦘

شَاذَان

(3)

، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ السَّاعة حتى لا يقالُ في الأرضِ: الله، الله"

(4)

.

(1)

أبو جعفر البغدادي، نزيل مكة، المعروف بالصائغ الكبير.

(2)

هو: محمد بن الفرج بن محمود، أبو بكر البغدادي الأزرق، توفي سنة (282 هـ).

ذكره ابن حبان في الثقات، وقال البرقاني عن الدارقطني:"هو ضعيف"، وقال الحكم عنه:"لا بأس به، من أصحاب الكرابيسي، يطعن عليه في اعتقاده"، ووقع في تهذيب التهذيب لابن حجر في نقل رواية الحكم: "ضعيفٌ، لا بأس به

" ويظهر أن كلمة "ضعيفٌ" مقحمة فهي ليست في سؤالات الحاكم، ولا في نقل الخطيب عنه -والذهبي- لهذه العبارة، وليست موجودة أيضًا في اللسان للحافظ نفسه.

ولعلَّ في هذه العبارة جمعٌ بين روايتي البرقاني والحاكم عن الدارقطني، فيوجَّه قوله:"ضعيف" إلى معتقده، وقوله:"لا بأس به" في روايته.

وقال ابن حزم: "مجهول"، وقال الخطيب:"أما أحاديثه فصحاح، ورواياته مستقيمة، لا أعلم فيها شيئًا يستنكر، ولم أسمع أحدًا من شيوخنا يذكره إلا بجميلٍ سوى ما ذكرته عن البرقاني آنفًا". يعني من التضعيف الذي نقله عن الدارقطني، وهذا التضعيف مرجعه إلى الاعتقاد؛ لأن حسينًا الكرابيسي الذي جاء ذكره في رواية الحكم عن الدارقطني كان من الواقفة، وممن يعيب على الإمام أحمد نفيه القول بخلق القرآن.

وقال الذهبي: "صدوق، تكلَّم فيه الحكم لمجرد صحبته الكرابيسي وهذا تعنُّتٌ زائدٌ"، لكن الحاكم إنما نقله من كلام الدارقطني، وقال الذهبي عن الأزرق أيضًا:"وجدت له حديثًا منكرًا متنه: منا السفاح، ومنا المنصور، رواه عن يحيى بن غيلان حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا".

لكن تعقَّبه الحافظ ابن حجر في اللسان بقول ابن حبان: "لا ينبغي أن [يجرَّج] الأزرق به، فإن الضحاك لم يسمع من ابن عباس، فلعلَّ الآفة من المجهول الذي سمعه الضحاك =

⦗ص: 554⦘

= منه"، ثم قال الحافظ: "رواه الخطيب من طريق أخرى، فبرئ الأزرق من عهدته".

انظر لطرق هذا الحديث الذي ذكره: تاريخ بغداد (1/ 62).

وذكره الحافظ في التهذيب والتقريب تمييزًا، وقال:"صدوقٌ، ربما وهم".

انظر: الثقات لابن حبان (9/ 144)، سؤالات الحاكم للدارقطني (ص: 143)، المحلى لابن حزم (3/ 279)، تاريخ بغداد للخطيب (3/ 159)، سير أعلام النبلاء (12/ 79) والميزان للذهبي (4/ 4)، لسان الميزن (5/ 340)، وتهذيب التهذيب (9/ 344)، والتقريب لابن حجر (6220).

(3)

هو: الأسود بن عامر الشامي، أبو عبد الرحمن، نزيل بغداد، وشاذان لقبٌ.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب ذهاب الإيمان آخر الزمان (1/ 131 ح 234) عن زهير بن حرب عن عفان بن مسلم به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 268) عن عفان بن مسلم عن حمادٍ به.

وأخرجه البغوي في "شرح السنة"(15/ 88) من طريق المصنِّف عن جعفر بن محمد الصائغ -وحده- عن عفانٍ به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف في روايته: حماد بن سلمة، وهو عند مسلم مهمل.

ص: 552

363 -

حدثنا عبد المؤمن بن أحمد الجُنْدَيْسَابُوْرِيُّ

(1)

، حدثنا

⦗ص: 555⦘

سَهل بن عثمان

(2)

، حدثنا عُقبة بن خالد

(3)

، عن عبيد الله بن عمر

(4)

، عن خُبيب بن عبد الرَّحمن

(5)

، عن حفص بن عاصمٍ

(6)

، عن أبي هُرَيرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الإيمان لَيَأْرِزُ

(7)

إلى المدينة كما تَأْرِزُ الحيَّةُ إلى جُحْرِها"

(8)

.

(1)

لم أجد للمذكور ترجمة في المصادر التي وقفت عليها، سوى أن المزي ذكره في الرواة عن سهل بن عثمان، والجُنْدَيسَابُوري: بضم الجيم، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وسكون الياء المثناة التحتانية، وفتح السين المهملة، بعدها الألف والباء الموحدة التحتانية، بعدها واو وراء، نسبة إلى بلدة من بلاد كور الأهواز -وهي =

⦗ص: 555⦘

= خوزستان- يقال لها: جُنديسابور.

انظر: الأنساب للسمعاني (3/ 318)، تهذيب الكمال للمزي (12/ 199).

(2)

ابن فارس الكندي، أبو فارس العسكري.

(3)

ابن عقبة السَّكُوني، أبو مسعود الكوفي المُجَدَّر.

(4)

لم يذكر اسم أبيه في (ط) و (ك)، وهو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العمري المدني.

(5)

ابن خُبيب بن يَساف الأنصاري الخزرجي، أبو الحارث المدني.

(6)

ابن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني، جدُّ عبيد الله بن عمر.

(7)

قال البغوي: "أي: ينضم إليها، ويجتمع بعضه إلى بعض فيها، قيل: كان هذا زمان الردَّة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في خلافة الصدِّيق، وقوله: إن الإيمان ليأرز، يعني أهل الإيمان".

وأصل الأزر بمعنى القوة والشدَّة.

انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 102)، شرح السنة للبغوي (1/ 120).

(8)

سيأتي تخريجه.

ص: 554

364 -

حَدَّثني إبراهيم بن ديزيل

(1)

، حدثنا إسماعيل بن

⦗ص: 556⦘

أبي أويس

(2)

، حدثني أخي، عن سليمان

(3)

، عن عبيد الله بن عمر بإسناده مثلَه

(4)

.

(1)

هو: إبراهيم بن الحسين بن علي بن مهران بن ديْزِيْل الهَمَذَاني، أبو إسحاق الكسائي، توفي سنة (281 هـ).

وديزيل لم أجد من ضبطه بالحروف، وقد ضُبِط بالحركة: بفتح الدال في الأنساب =

⦗ص: 556⦘

= للسمعاني. وضُبِط: بكسر الدال في: الإكمال لابن مكولا، والسير للذهبي.

وأما الزاي فهي مكسورة عند الجميع.

قال أبو حاتم: "ما رأيت ولا بلغني إلا صدقٌ وخير"، وقال ابن خراش:"صدوق اللهجة"، ووثقه الحكم، وقال الذهبي:"إليه المنتهى في الضبط والإتقان".

وقال الحافظ ابن حجر: "وقفت في "جلاء الأفهام" لابن القيم تلميذ ابن تيمية وذكر إبراهيم هذا وقال إنه ضعيفٌ متكلَّم فيه، وما أظنه إلا التبس عليه بغيره، وإلا فإبراهيم المذكور من كبار الحفاظ".

انظر: الإكمال لابن مكولا (4/ 265)، الأنساب للسمعاني (12/ 343)، تاريخ الإسلام (حوادث سنة 281 - 290/ ص: 107)، والسير للذهبي (13/ 184)، لسان الميزان لابن حجر (1/ 48)، تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (2/ 208).

(2)

هو: إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي المدني، متكلَّمٌ فيه هو وأخوه، واسم أخيه: عبد الحميد.

(3)

ابن بلال التيمي مولاهم المدني.

(4)

سيأتي تخريجه في الحديث الذي بعده.

ص: 555

365 -

حدثَنا الميمونيُّ

(1)

، حدثنا محمد بن عبيد

(2)

، حدثنا عبيد الله بإسناده مثله

(3)

.

(1)

عبد الملك بن عبد الحميد بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران الرَّقِّي، أبو الحسن الميموني.

(2)

ابن أبي أمية الطنَافِسِي، أبو عبد الله الأحدب الكوفي.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب فضائل المدينة- باب الإيمان يأرز إلى المدينة =

⦗ص: 557⦘

= (الفتح 4/ 111 ح 1876) من طريق أنس بن عياض عن عبيد الله بن عمر.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا، وأنه يأرز بين المسجدين (1/ 131 ح 233) عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير وأبي أسامة كلاهما عن عبيد الله بن عمر به.

فائدة الاستخراج:

عبيد الله بن عمر جاء عند مسلم مهملًا، وبيَّنه المصنف في الإسنادين السابقين.

ص: 556

366 -

حدثنا عباس الدُّوري، حدثنا يحيى بن مَعين، ح

وحَدثنا الصَّغاني، أخبرنا محمد بن عَبَّاد

(1)

، ح

وحَدثنا إبراهيم بن محمد الصَّفَّار الرَّقِّيُّ

(2)

، حدثنا موسى بن مَروان

(3)

، قالوا: حدثنا مروان بن مُعَاوية الفَزَاري، حدثنا يزيد بن كيسان، عن

⦗ص: 558⦘

أبي حَازم

(4)

، عن أبي هُريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلامُ غريبًا وسيعُودُ غَرِيبًا، فَطُوبَى للغُرَبَاء"

(5)

.

(1)

وقع في (ط): "محمود بن عباد"، وعليه تخريجٌ إلى الهامش فيه:"ص: محمد بن غياث" كأنه يشير إلى أنها كذلك في نسخة رمز لها بـ "ص"، والصواب أنه: محمد بن عباد بن الزِّبْرِقان المكي، نزيل بغداد، كما دلَّ عليه الأصل والنسخ الأخرى.

(2)

لم أجد له ترجمة في المصادر التي وقفت عليها.

(3)

البغدادي، أبو عمران التمَّار الرَّقّي، توفي سنة (240، وقيل 246 هـ).

ذكره ابن أبي حاتم ولم يحك فيه جرحًا أو تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ ابن حجر:"مقبول"، وقد تابعه جمعٌ من الثقات كما في أسانيد المصنِّف وكما سيأتي في التخريج.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 164)، الثقات لابن حبان (9/ 161)، تاريخ بغداد للخطيب (13/ 41)، التقريب (7009).

(4)

سلمان الأشجعي مولى عزَّة الأشجعية.

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا، وأنه يأرز بين المسحدين (1/ 130 ح 232) عن محمد بن عباد وابن أبي عمر العدني كلاهما عن مروان بن معاوية الفزاري به.

فائدة الاستخراج:

بيَّن المصنِّف مروان الفزاري بذكر اسم أبيه، وهو عند مسلم باسمه ونسبته.

ص: 557

367 -

حدثنا علي بن حَرب [الطائي]

(1)

، حدثنا أبو مُعاوية

(2)

، عن الأعْمَش، عن أبي وَائل

(3)

، عن حُذَيفَةَ قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أحْصُوا لي، كم تَلَفَّظَ الإسلامَ؟ ". قلنا: يا رسول الله أتخافُ علينا ونحن بين الستمائة إلى السبعمائة؟ قال: "إنكم لا تدرون لعلَّكم تُبْتَلَونَ". فابْتُلِينَا حتى جَعَل الرَّجلُ مِنَّا ما يُصَلِّي إلا سِرًّا

(4)

.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(2)

محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة في الأعمش.

(3)

شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الجهاد والسير- باب كتابة الإمام الناس (الفتح 6/ 205 ح 3060) من طريق الثوري عن الأعمش به، وفيه زيادة:"فكتبنا له ألفًا وخمسمائة رجل"، فذكر العدد في رواية الثوري ألفًا وخمسمائة، وسيأتي الكلام فيه.

وعلَّقه من طريق أبي معاوية وذكر قوله: "ما بين الستمائة إلى سبعمائة".

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب الاستسرار بالإيمان للخائف (1/ 131 =

⦗ص: 559⦘

=ح 235) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن نمير، وأبي كريب كلهم عن أبي معاوية عن الأعمش به.

ص: 558

368 -

حَدثنا محمدُ بن الليثِ المَرْوَزِي

(1)

، حدثنا عَبْدَانُ

(2)

، عن أبي حمَزة

(3)

-قِرَاءةً-، عن الأعمش، بإسناده قال: بمثله: "اكْتُبُوا لي مَنْ تَلَفَّظَ

(4)

بالإسلامِ". فَكَتَبْنَاهُمْ فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَ مائة، فَقلنا: يا رسولَ الله أَتَخَافُ [علينا]

(5)

ونحن خَمْسُ مِائة؟

(6)

.

(1)

هو: محمد بن الليث بن حفص بن مرزوق الإسكاف القزاز المروزى.

(2)

عبد الله بن عثمان بن جبلة الأزدي العتكي، أبو عبد الرحمن، وعَبْدَان لقبه.

(3)

السُّكَّري، محمد بن ميمون المروزي.

(4)

في (ط) و (ك): "يَلْفُظُ".

(5)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

(6)

أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب الجهاد والسير- باب كتابة الإمام الناس (الفتح 6/ 206 ح 3060) عن عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش به.

تنبيه:

اختلفت الروايات في ذكر عدد الذين كُتِبوا، ففي روَاية الثوري أنهم ألفٌ وخمسمائة، وفي رواية أبي معاوية أنهم ما بين الستمائة إلى السبعمائة، وفي رواية أبي حمزة أنهم خمسمائة، كلهم يروون عن الأعمش، وجمع بعض الشراح بين الروايات بأوجهٍ من الجمع، ولكن قال الحافظ ابن حجر:"يخدش في وجوه هذه الاحتمالات كلها اتحاد مخرج الحديث، ومداره على الأعمش بسنده، واختلاف أصحابه عليه في العدد المذكور، والله أعلم".

وقال أيضًا: "كأن رواية الثوري رَجحت عند البخاري فلذلك اعتمدها لكونه =

⦗ص: 560⦘

= أحفظهم مطلقًا وزاد عليهم، وزيادة الثقة الحافظ مقدَّمة، وأبو معاوية -وإن كان أحفظ أصحاب الأعمش بخصوصه، ولذلك اقتصر مسلم على روايته لكنه- لم يجزم بالعدد؛ فقدَّم البخاري رواية الثوري لزيادتها بالنسبة لرواية الاثنين، ولجزمها بالنسبة لرواية أبي معاوية، وأما ما ذكره الإسماعيلي أن يحيى بن سعيد الأموي وأبا بكر بن عياش وافقا أبا حمزة في قوله: خمسمائة، فتتعارض الأكثرية والأحفظية فلا يخفى بُعْد ذلك الترجيح بالزيادة، وبهذا يظهر رجحان نظر البخاري على غيره".

انظر: فتح الباري لابن حجر (6/ 206 - 207).

ص: 559

369 -

حَدثنا أبو أُمَيَّة، حدثنا يَعقوبُ بن محمد الزُّهريُّ

(1)

، حدثنا عبد العزيز بن محمد

(2)

، حَدثني صفوان بن سُلَيمٍ

(3)

، عن عبد الله بن سلمان الأَغَرُّ

(4)

عن أبيهِ، عن أبي هُرَيرةَ قال: قال رسولُ الله: "يَبْعَثُ الله رِيْحًا مِن اليمنِ هي أَلْيَنُ مَسًّا مِن الحريرِ؛ فلا يبقى أحدٌ في قلبهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ من إيمانٍ إلا قَبَضَتْ نَفْسَهُ"

(5)

(6)

.

(1)

أبو عيسى المدني، ضعيفٌ، يعتبر به، انظر: ح (169)، وقد تابعه أحمد بن عبدة الضبي وغيره كما سيأتي في التخريج.

(2)

الدَّرَاوَرْدي المدني، متكلَّمٌ فيه، انظر: ح (28)، وقد تابعه أبو علقمة الفروي عند مسلم.

(3)

القرشي الزهري مولاهم المدني.

(4)

المدني، مولى جُهَينة، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ ابن حجر:"صدوق"، ولعله قال ذلك لإخراج مسلمٍ له، وإلا فغالبًا يقول فيمن وثقه ابن حبان فقط:"مقبول".

انظر: الثقات لابن حبان (7/ 5)، تهذيب الكمال للمزى (15/ 49)، التقريب (3363).

(5)

بهامش (ط) التعليق التالي: "بلغ على الشبيلي قراءة في الثالث بالظاهرية ".

(6)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب في الريح التي تكون قرب القيامة تقبض من في =

⦗ص: 561⦘

= قلبه شيءٌ من الإيمان (1/ 109 ح 185) عن أحمد بن عبدة الضبي حدثنا عبد العزيز الدراوردي وأبو علقمة الفروي كلاهما عن صفوان بن سُلَيم به، وميَّز بين لفظ الدراوردي وأبي علقمة فقال:"قال أبو علقمة: مثقال حبة، وقال عبد العزيز: مثقال ذرة"، ولعل رواية الدراوردي هنا مرويَّة بالمعنى.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 109) عن محمد بن عباد عن الدراوردي به.

وأخرجه الحكم في المستدرك (4/ 455) من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي عن الدراوردي وأبي علقمة الفروي كلاهما عن صفوان بن سليم به، وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"! وقد أخرجه مسلم كما سبق.

فائدة الاستخراج:

نسب المصنِّف عبد الله بن سلمان، وهو عند مسلم بدون ذكر نسبته.

ص: 560

‌بَابُ

(1)

بَيَانِ ثَوَابِ مَنْ آمَنَ بِمُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ أهْلِ الكِتَابِ وَأنَّ مَنْ أدرَكَ مِنْهُمْ مُحَمدًا [صلى الله عليه وسلم]

(2)

أوْ سَمِعَ بِهِ فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَبِمَا أرْسِلَ بِهِ كَانَ مِنْ أهْلِ النَّارِ، وَأنَّ عِيْسَى عليه السلام إِذَا نَزَلَ يَحْكُمُ بِكِتَابِ الله وَسُنةِ مُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيَكُوْنُ إِمَامُهُمْ مِنْ أمَّةِ مُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم

-

(1)

كلمة "باب" ليست في (ط) و (ك).

(2)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).

ص: 562

370 -

حدثنا يونس بن حَبيب، حدثنا أبو داود

(1)

، حدثنا شعبةُ، عن صالح بن صالح

(2)

، عَن الشَّعْبي، حدثني أبو بُرْدَةَ

(3)

، عَن أبيهِ قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ يُؤْتَون أجرَهم مرتينِ: رجلٌ كانَتْ له أَمَةٌ فأدَّبها فأحسنَ أدبَها وعَلَّمها فأحسنَ تَعليمها ثم أعتَقَها فتزوَّجَها، ورجلٌ من أهلِ الكتابِ آمنَ بنبيِّهِ، ثمَّ أدرك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم

(4)

فآمن به، وَعبد أَدَّى حَقَّ الله وَحَقَّ مَواليهِ"

(5)

.

⦗ص: 563⦘

فقال الشعبيُّ للرجُلِ: قُمْ فقد كانَ يُرْحَلُ إلى المدينةِ فيما دونَ هذا

(6)

.

(1)

الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص: 68).

(2)

ابن مسلم بن حيان الثوري الهَمْدَاني الكوفي، ولقب جدِّ أبيه حيان: حيٌّ، وهو أشهر من اسمه وغالبًا ما ينسب صالحٌ هذا إليه فيقال: صالح بن صالح بن حي، أو صالح بن حي.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (13/ 54)، فتح الباري لابن حجر (1/ 229).

(3)

ابن أبي موسى الأشعري، مختلفٌ في اسمه، وقيل: اسمه كنيته.

(4)

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست في (ط) و (ك).

(5)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع =

⦗ص: 563⦘

= الناس، ونسخ الملل بملته (1/ 135 ح 241) عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن صالحٍ به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(1/ 504) من طريق يونس بن حبيب عن أبي داود به.

فائدة الاستخراج:

أحال مسلم بلفظ الحديث على ما قبله، وميَّز المصنِّف لفظ هذه الرواية.

(6)

جاء بيان هذه القصة في صحيح مسلم بأوضح مما هنا، فرواه مسلم في كتاب الإيمان -باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته (1/ 134 ح 341) من طريق هُشيم عن صالح بن صالح بن حي: قال: "رأيت رجلًا من أهل خراسان سأل الشعبي فقال: يا أبا عمرو! إن مَنْ قِبَلَنا من أهل خراسان يقولون في الرجل إذا أعتق أمته ثم تزوَّجها فهو كالراكب بدنته. فقال الشعبي: حدثني أبو بردة"، ثم ذكر الحديث وفي آخره:"ثم قال الشعبي للخراساني: خذ هذا الحديث بغير شيءٍ، فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة".

ص: 562

371 -

حدثَنا أبو العباس الغَزِّيُّ

(1)

، حدثنا الفريابي

(2)

، حدثنا سفيان

(3)

، عن صالح، عن الشعبي، ح

وحدثَنا الحسن بن عفان، حدثنا معاوية بن هشامٍ

(4)

، حدثنا علي بن

⦗ص: 564⦘

صالح

(5)

عن أبيهِ، عَن الشعبي، * ح

وحَدثنا أبو أمية، حدثنا الحسن بن عطية

(6)

، أخبرنا الحسن

(7)

، عن

⦗ص: 565⦘

أبيهِ، عن الشعبي*

(8)

، بإسناده نحوَه

(9)

.

(1)

عبد الله بن محمد بن عمرو بن الجراح الأزدي.

(2)

محمد بن يوسف بن واقد الضَّبِّي مولاهم.

(3)

هو الثوري في هذا الإسناد، صرَّح به ابن منده في روايته، وقد رواه ابن عيينة أيضًا كما سيأتي في التخريج.

(4)

القّصَّار، أبو الحسن الكوفي، مولى بني أسد، توفي سنة (204 أو 205 هـ). =

⦗ص: 564⦘

= وثقه ابن سعد، وقال ابن معين:"صالح، ليس بذاك"، وقال ابن المديني:"معاوية بن هشام وقبيصة، والفريابي متقاربون"، وقال يعقوب بن شيبة:"كان هو وإسحاق الأزرق من أعلمهم بحديث شَريك"، ووثقه العجلي، وأبو داود، وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:" [ربما] أخطأ"، سقطت كلمة "ربما" من مطبوعة الثقات، واستدركتها من تهذيب الكمال، وقال ابن عدي:"أغرب عن الثوري بأشياء، وأرجو أنه لا بأس به "، وذكره ابن شاهين أيضًا في الثقات.

وقال الإمام أحمد: "كثير الخطأ"، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء وقال:"روى ما ليس بسماعه فتركوه"، وتعقبه الذهبي بقوله:"هذا خطأ منه، ما تركه أحد".

ووثقه الذهبي في الكاشف، والديوان، وقال في الميزان:"أنه ما ذكره لشيءٍ فيه إلا لكلام ابن الجوزي" وذكره فيمن تكلم فيه وهو موثق.

وقال الحافظ: "صدوق، له أوهام".

انظر: الطبقات لابن سعد (6/ 403)، تاريخ الدارمي (ص: 61)، الثقات للعجلي (2/ 285)، الجرح والتعديل (8/ 385)، الثقات لابن حبان (9/ 166)، الكامل لابن عدي (6/ 2403)، الثقات لابن شاهين (ص: 303)، الضعفاء لابن الجوزي (3/ 128)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 218)، الميزان (4/ 4/ 138)، والكاشف (2/ 277)، وديوان الضعفاء (ص: 392)، والرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد للذهبي (ص: 175)، تهذيب التهذيب (10/ 198) والتقريب لابن حجر (6771).

(5)

في (ط) و (ك): "علي بن عاصم" ولعله سبق قلم، وهو: علي بن صالح بن صالح بن حي الثوري الهَمْدَاني الكوفي.

(6)

ابن نَجِيحٍ القرشي، أبو علي الكوفي البزاز.

(7)

ابن صالح بن صالح بن حي الهَمْدَاني الثوري الكوفي، أخو علي بن صالح في الإسناد الماضي.

(8)

ما بين النجمين سقط من (ط).

(9)

لم يخرجه مسلم من طريق الثوري، وقد أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الخصومات- باب العبد إذا أحسن عبادة ربه، ونصح سيده (الفتح 5/ 208 ح 2547) عن محمد بن كثير عن سفيان الثوري عن صالحٍ به.

وأخرجه أيضًا في كتاب الجهاد والسير -باب فضل من أسلم من أهل الكتابين (الفتح 6/ 169 ح 3011) عن ابن المديني عن ابن عيينة عن صالحٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته (1/ 135 ح 241) عن ابن أبي عمر العدني عن ابن عيينة عن صالح به.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(1/ 504) من طريق الفريابي عن الثوري به، وأخرجه أيضًا (1/ 505 - 506) من طريق عبيد الله بن موسى عن علي بن صالح عن أبيه صالح بن صالحٍ به وأخرجه أيضًا (1/ 506) من طريق أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي -شيخ المصنِّف- عن الحسن بن عطية عن الحسن بن صالحٍ عن أبيه به.

ص: 563

372 -

حَدثَنا أبو الكَرَوَّس محمد بن عَمرو بن تمَّام

(1)

، حدثنا

⦗ص: 566⦘

المُعلَّى بن الوَلِيْدِ

(2)

، حدثنا مروانُ

(3)

، عن الفَضل بن يزيد

(4)

، حدثنا الشَّعبيُّ بإسنادِهِ، مثلَهُ

(5)

.

(1)

في الأصل: ثُمام بالثاء المثلثة المضمومة، وما أثبته من (ط) و (ش)، كذلك هي في مصادر الترجمة.

وأما "الكَرَوَّس" فقد ضبط بعضه السمعاني، وبعضه الحافظ ابن حجر بما محصله:"بفتح الكاف والراء، وتشديد الواو، وفي آخرها سين مهملة"، ومعنى الكَرَوَّس: العظيم الرأس من الناس، والمذكور هنا ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال:"كتبت عنه، وهو صدوق" ولم أجد فيه قولًا آخر.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 34)، الإكمال لابن مكولا (7/ 169)، =

⦗ص: 566⦘

= القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص: 735)، تبصير المنتبه لابن حجر (3/ 1192).

(2)

لم أجد له ترجمة في المصادر التي وقفت عليها.

(3)

ابن معاوية بن الحارث بن أسماء الفزاري الكوفي.

(4)

الثُّمالي -ويقال: البجلي- الكوفي.

(5)

أخرجه الترمذي في سننه -كتاب النكاح- باب ما جاء في الفضل في ذلك (3/ 415 ح 1116) من طريق علي بن مسهر عن الفضل بن يزيد عن الشعبي به.

ص: 565

373 -

حدثنا حنبل بن إسحاق

(1)

، حدثنا سليمان بن داود

(2)

،

⦗ص: 567⦘

حدثنا أبو زبيد عَبْثَر

(3)

، عن مُطَرِّفٍ

(4)

، عن الشعبي، عن أبي بُردة، عن أبي موسى الأشعري قالَ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَن كَانَتْ له جَارِيَةٌ فَأَعْتَقَهَما وَتَزَوَّجَهَا كَان له أَجْرَانِ"

(5)

.

(1)

ابن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو علي، ابن عم الإمام أحمد، وأحد تلامذته ورواة المسائل عنه، توفي سنة (273 هـ).

قال الدارقطني: "كان صدوقًا"، وقال الخطيب البغدادي -وتبعه ابن الجوزي-:"كان ثقة ثبتًا"، ووثقه الذهبي في التذكرة، ولم أجد قولًا آخر فيه.

وأما بالنسبة لمسائله التي يرويها عن الإمام أحمد فقال أبو بكر الخلال: "قد جاء بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيءٍ، وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم" وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أصحاب أحمد قولهم: "حنبل له غلطات معروفة" وقال الذهبي: "له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويُغرِب".

انظر: تاريخ بغداد (8/ 286)، المنتظم (12/ 256)، طبقات الحنابلة (1/ 143)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (5/ 399)، تذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 600).

(2)

الهاشمي، أبو أيوب، من ولد العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

(3)

عَبْثَر -على وزن جعفر- ابن القاسم الزُّبيدي -بضم الزاي- الكوفي. التقريب، (3197).

(4)

بضم أوله، وفتح ثانيه، وتشديد الراء المكسورة: ابن طَريف الكوفي. التقريب (6705).

(5)

كان ترتيب هذا الحديث في الأصل بعد حديث أحمد بن يوسف السلمي الآتي برقم (375)، وتقديمي له لموافقة ترتيب نسختي (ط) و (ك) وذلك لأجل مناسبة سياق الأحاديث.

وقد أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب العتق- باب فضل من أدب جاهلته وعلّمها (الفتح 5/ 205 ح 2544) من طريق محمد بن فضيل عن مطرِّف بن طريفٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب النكاح -باب فضيلة إعتاق أمته ثم يتزوجها (2/ 1045 ح 86) من طريق خالد بن عبد الله عن مطرِّف بن طريفٍ به.

وأخرجه أبو داود في سننه -كتاب النكاح- باب في الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها (2/ 221 ح 2053).

وأخرجه النسائي في سننه -كتاب النكاح- باب عتق الرجل جاريته ثم يتزوجها (6/ 115) كلاهما عن هناد بن السري عن عبثر عن مطرفٍ به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 398) عن سليمان بن داود الهاشمي عن عبثرٍ عن مطرِّف به.

فائدة الاستخراج:

1 -

لم يخرجه مسلم في كتاب الإيمان، وإخراج المصنِّف للحديث في كتاب الإيمان فيه تعيين مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل. =

⦗ص: 568⦘

= 2 - ذكر المصنِّف: الشعبي بنسبته -وهو به أشهر، وجاء عند مسلم باسمه مهملًا: عامر.

ص: 566

374 -

حَدثَنا جَعْفر بن أبي عُثْمانَ الطَّيالسيُّ

(1)

، حدثنا محمد بن المنهال

(2)

، حدثنا يَزيدُ بن زُرَيعٍ، حدثنا شعبةُ، عن أبي حَصين

(3)

، عن الشعبي، عن أبي بُردَةَ، عن أبي موسى أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَن كَانَتْ له جاريةٌ فأدَّبها فأحسن تَأْدِيْبَهَا، ثمَّ أعتقها وتزوَّجَهَا كانَ له أَجْرَانِ"

(4)

.

(1)

هو جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي، أبو الفضل البغدادي، توفي سنة (282 هـ).

وثقه ابن المنادي، والخطيب البغدادي -وتبعه ابن أبي يعلى الحنبلي، وابن الجوزي-، ووثقه الذهبي في العبر.

انظر: تاريخ بغداد للخطيب (7/ 188)، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/ 123)، المنتظم لابن الجوزي (12/ 349)، العبر للذهبي (1/ 405).

(2)

في الرواة عن يزيد بن زريع: محمد بن المنهال التميمي المجاشعي الضرير البصري، ومحمد بن المنهال العطار البصري، أخو حجاج بن المنهال الأنماطي، ولم يتبيَّن لي أيهما المراد في هذا الإسناد وكلاهما ثقة والحمد لله. انظر: تهذيب الكمال للمزي (26/ 509 - 513).

(3)

عثمان بن عاصم بن حُصَين -مصغَّر- الأسدي الكوفي.

(4)

علَّقه البخاري في صحيحه -كتاب النكاح- باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جارية ثم تزوجها (الفتح 9/ 29 ح 5083) عن أبي بكر بن عياش عن أبي حَصين عن الشعبي به.

ووصله أبو داود الطيالسي في مسنده (ص: 68) عن أبي بكر بن عياشٍ عن أبي حَصينٍ عن الشعبي به، ومن طريق الطيالسي أخرجه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (4/ 397).

ص: 568

375 -

حدثنا أحمد بن يوسف السُّلميُّ

(1)

، حدثنا عبد الرَّزاق

(2)

، أخبرنا معمر، عن همام بن مُنبِّهٍ، عَن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسُ محمَّدٍ بيدهِ لا يَسْمَعُ بي أحدٌ من هَذه الأُمَّة ولا يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ وماتَ ولم يُؤْمن بالذي أُرْسِلْتُ بهِ إلا كَان مِن أصحابِ النَّارِ"

(3)

.

(1)

في (ك) زيادة: "قالا" في هذا الموضع، ولعله سبق قلم.

(2)

ابن هَمام الصنعاني، والحديث لم أجده في مصنَّفه.

(3)

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 317) عن عبد الرزاق عن معمر به.

وأخرجه ابن منده في "التوحيد"(1/ 314) من طريق أحمد بن يوسف السُّلَمي شيخ المصنِّف عن عبد الرزاق به.

ص: 569

376 -

حَدثَنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب

(1)

، أخبرني عَمرو بن الحارث

(2)

، أنَّ أبا يونس

(3)

حدَّثه، عن أبي هُريرةَ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"وَالذي نفسُ محمدٍ بيده لا يسمع بي أحدٌ مِن هَذه الأُمَّة يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثمَّ يموتُ ولم يؤمن بالذي أُرْسِلْتُ بهِ إِلا كَانَ مِن أصحابِ النّارِ"

(4)

.

(1)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمد المصري، راوية عمرو بن الحارث.

(2)

ابن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، أبو أمية المصري.

(3)

سُلَيم بن جُبَير -مصغَّران- الدوسي المصري، مولى أبي هريرة.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته (1/ 134 ح 240) عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهبٍ به. =

⦗ص: 570⦘

= فائدة الاستخراج:

نسب المصنّف: عمرو بن الحارث إلى أبيه، وجاء عند مسلم مهملًا.

ص: 569

377 -

حَدثَنا يوسفُ بن مُسَلَّم، حدثنا حَجاجُ بن محمدٍ

(1)

، ح

وَحَدثنا أبو بكر الحميريُّ

(2)

، حدثنا مكِّيٌّ

(3)

، عن ابن جُرَيج

(4)

، كلاهما قالا: عن ابن شهابٍ، عَن سعيد بن المسيَّب

(5)

، أنَّه سمع أبا هُريرة يقول: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَالذي نفسي بيدِهِ لَيوشكَنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حَكَمًا مُقسِطًا، يَكْسِرُ الصَّلِيْبَ، وَيَقْتُلُ الخِنْزِيْرَ، وتوضَعُ الجِزيةُ، ويَفِيْض المَالُ حتى لا يقبلَه أحدٌ"

(6)

.

(1)

المصِّيصي الأعور.

(2)

وقع في (ط) و (ك): بتقديم النسبة على الكنية، وهو: أحمد بن الحُبَاب بن حمزة الحميري النسَّابة، أبو بكر البلخي، توفي سنة (277 هـ).

ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد قولًا آخر فيه.

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 53)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 481)، السابق واللاحق للخطيب (ص: 73)، الإكمال لابن مكولا (2/ 144)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث 261 - 280/ ص: 250).

(3)

ابن إبراهيم بن بشير التميمي، أبو السكن البلخي.

(4)

عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج المكي، مدلِّسٌ مشهور، وقد تابعه حجاج.

(5)

في (ط) و (ك): "ابن المسيب" بدون ذكر اسمه.

(6)

أخرجه من هذا الطريق ابن منده في "الإيمان"(1/ 513) من طريق عبد الصمد بن =

⦗ص: 571⦘

= الفضل عن مكي بن إبراهيم عن ابن جريج به.

ص: 570

378 -

حدثَنا أبو إسماعيل الترمذيُّ

(1)

، حدثنا الحميديُّ

(2)

، ح

وحدّثنا علي بن حرب، [قالا:]

(3)

حدّثنا سفيان

(4)

، عن الزهري، بإسناده:"يُوشِك أن يَنْزِلَ فيكم ابن مريم حَكَمًا وإمَامًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيْبَ، وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الجِزْيَةَ، وَيَفِيْضُ المَالُ حتى لا يَقبَله أحدٌ"

(5)

.

(1)

محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَمي.

(2)

عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي، أبو بكر الحميدي، والحديث في مسنده (2/ 468).

(3)

ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وسقطت صيغة التحديث من (ط).

(4)

ابن عيينة. وعلي بن حرب يروي عنه فقط، دون الثوري.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب المظالم -باب كسر الصليب وقتل الخنزير (الفتح 5/ 144 ح 2476) عن ابن المديني عن ابن عيينة به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب نزول عيسى بن مريم حكمًا بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (1/ 135 ح 242) عن عبد الأعلى بن حماد وزهير بن حرب وأبي بكر بن أبي شيبة كلهم عن سفيان بن عيينة به.

فائدة الاستخراج:

أورد المصنِّف لفظ الحديث، ومسلم ذكر بعض ألفاظه، مميِّزًا بين ألفاظ الرواة.

ص: 571

379 -

حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا يَعقوبُ بن إبراهيم بن سعد

(1)

، حدثنا أبي، عن صالح

(2)

، عَن ابن شهاب أنَّ سعيدَ بن المسيَّب

⦗ص: 572⦘

حَدَّثه أنَّه سمع أبا هُرَيرةَ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابنُ مريم حَكَمًا عَدْلًا؛ فيكسرُ الصَّلِيبَ، ويقتُلُ الخنزيرَ، ويَضَعُ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ المالُ حتى لا يقبله أحدٌ، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدُّنيا وما فيها". ثمَّ يقول أبو هريرة: اقرؤا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} إلى قوله: {عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}

(3)

(4)

.

(1)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(2)

ابن كيسان المدني.

(3)

في (ط) و (ك) لم يذكر آخر الآية، وإنما ذكر طرف الآية وقال:"الآية"، والآية من سورة النساء- الآية (159).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب أحاديث الأنبياء- باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام (الفتح 6/ 566 ح 3448) عن إسحاق بن راهويه عن يعقوب بن إبراهيم، به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب نزول عيسى بن مريم حكمًا بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (1/ 135 - 136 ح 242) عن حسن الحلواني وعبد بن حمُيد كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم به.

فائدة الاستخراج:

ذكر مسلم طرفًا من لفظه فقط، وذكره المصنِّف تامًّا.

ص: 571

380 -

أخبرني العباس بن الوليد العُذْري

(1)

، أخبَرني أبي، ح

وَحَدثنا عيسى بن أحمد

(2)

، حدثنا بشر بن بكرٍ

(3)

، كلاهما عن

⦗ص: 573⦘

الأوزاعي

(4)

، بمثلِ حديث ابن جُرَيجٍ

(5)

.

(1)

نسبته "العذري" ليست في (ط) و (ك).

(2)

ابن وردان العسقلاني، أبو يحيى البلخي.

(3)

التِّنِّيسي، أبو عبد الله البجلي.

(4)

أبي عن الزهريّ، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة به.

(5)

لم أجد من أخرجه من طريق الأوزاعي.

ص: 572

381 -

حَدثَنا محمد بن يحيى، حدثنا ابن أبي مريم

(1)

، حدثنا الليثُ بن سَعد، ح

وَحَدثنا الحارث بن أبي أسامةَ

(2)

، حدثنا يونس بن محمد

(3)

، حدثنا الليثُ بن سعد، حَدثني سَعيد بن أبي سعيدٍ المَقْبُريُّ

(4)

، عن

⦗ص: 574⦘

عطاء بن ميناء

(5)

مَولى ابن أبي ذُبَابٍ، عن أبي هُريرَةَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَال: "وَاللهِ ليَنزِلَنَّ ابنُ مريم حَكَمًا عَدْلًا فلَيكسِرنَّ الصّليبَ، ولَيقتلَنَّ الخنزيرَ، ولَيَضَعَنَّ الجزيةَ، وَلتُتْرَكَنَّ القِلاصُ

(6)

فلا يُسْعَى عَليها، ولَيَذَهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ والتَّحَاسُدُ، وَلَيُدَعَوَنَّ إلى المالِ فلا يقبله أحدٌ"

(7)

.

(1)

سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

هو: الحارث بن محمد بن أبي أسامة، واسم أبي أسامة: داهر -وقيل: زاهر- بن يزيد بن عدي التميمي، أبو محمد البغدادي، صاحب المسند المشهور، توفي سنة (282 هـ).

ثقة، تَكَلَّم فيه الأزدي، وابن حزم، وكان يأخذ على التحديث أجرًا، وربما تكلَّما فيه بسبب ذلك، قال الذهبي:"لا بأس بالرجل، وأحاديثه على الإستقامة"، وقال:"ذنبه أخذه على الرواية، فلعلَّه -وهو الظاهر- أنه كان محتاجًا، فلا ضير"، وقال في تذكرة الحفاظ:"كان فقيرًا، كثير البنات"، رمز له في الميزان "صح" وقال:"تكلم فيه بلا حجة".

انظر: الثقات لابن حبان (8/ 138)، تاريخ بغداد للخطيب (8/ 218)، ميزان الاعتدال (1/ 442)، وسير أعلام النبلاء (13/ 388)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 619)، لسان الميزان لابن حجر (2/ 157).

وانظر أيضًا: مقدمة الدكتور حسين الباكري في تحقيقه لبغية الباحث (ص: 11 - 34).

(3)

ابن مسلم البغدادي، أبو محمد المؤدب.

(4)

واسم أبي سعيد: كيسان، وسعيد هذا اختلط قبل موته، والراوي عنه هنا: الليث، وهو من أوثق الناس فيه، وقد أخرج البخاري لسعيد من رواية الليث، وانظر: ح (54).

(5)

أبو معاذ المدني، وابن أبي ذُباب هو: الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب الدوسي المدني.

(6)

بكسر القاف جمع قلوصٍ بفتحها، وهي من الإبل كالفتاة من النساء، والحدث من الرجال، ومعناه أن يُزْهَد فيها ولا يُرغَب في اقتنائها لكثرة الأموال وقلة الآمال وعدم الحاجة، والعلم بقرب القيامة، وإنما ذكُرت القلاص لكونها أشرف الإبل التي هي أنفس الأموال عند العرب. قاله النووي في شرح صحيح مسلم (2/ 192).

(7)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب نزول عيسى بن مريم حكمًا بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (1/ 136 ح 243) عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 494) عن حجاج بن محمد المصيصي وأبي النضر هاشم بن القاسم كلاهما عن الليث به.

فائدة الاستخراج:

في رواية المصنِّف بيان المهمل عند مسلم في: الليث بن سعد، ونسبة سعيد المقبري، وعطاء بن ميناء بأنه مولى ابن أبي ذباب.

ص: 573

382 -

حدثنا أبو أمية، حدثنا سعيد بن سليمان

(1)

، وعاصم بن علي

(2)

، عن ليث بن سعدٍ بمثله

(3)

.

(1)

الضَّبيِّ، أبو عثمان الواسطي البزاز، يلقَّب بسعدويه.

(2)

ابن عاصم بن صهيب الواسطي، أبو الحسن التيمي مولاهم.

(3)

سبق تخريجه في الذي قبله.

ص: 574

383 -

أخبرَني العباس بن الوليد

(1)

، أخبَرَني أبي، ح

وحَدثنا عيسى بن أحمد

(2)

، حدثنا بشر بن بكر

(3)

قالا: حدثنا الأوزاعي، أخبرني ابن شهابٍ، عن نافعٍ

(4)

مَولى أبي قتادَةَ، عَن أبي هرَيرةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"كيفَ أنتم إذا نزل فيكم ابن مريمَ وَإمَامُكمْ مِنكم؟ "

(5)

.

(1)

ابن مَزْيَد العُذْري البيروتي.

(2)

ابن وردان العسقلاني، أبو يحيى البلخي.

(3)

التّنِّيسي، أبو عبد الله البجلي.

(4)

ابن عباس -ويقال: ابن عيَّاش- الأقرع، أبو محمد، مولى امرأة من غِفار، وقيل له مولى أبي قتادة لملازمته له، وأبو قتادة هو: الأنصاري المدني، صحابي.

(5)

أخرجه من هذا الطريق ابن منده في "الإيمان"(1/ 515 - 516) من طريق بحر بن نصر عن بشر بن بكر، ومن طريق العباس بن الوليد عن أبيه كلاهما عن الأوزاعي به.

ص: 575

384 -

حدثَنا أبو داودَ الحراني، حدثنا يحيى بن عبد الله

(1)

، حدثنا ابن أبي ذئب

(2)

، عن الزهريّ، عن نافع مَولى أبي قتادة، عَن أبي هُريرَةَ أنَّ

⦗ص: 576⦘

النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "كيفَ بِكم إذا نزل فيكم ابنُ مريم فَأَمَّكُمْ منكم؟ ".

قال ابن أبي ذئب: يَعني فَأَمَّكُمْ

(3)

بِكِتَابِ رَبِّكم، وسُنَّةِ نَبِيِّكم محمدٍ صلى الله عليه وسلم

(4)

.

(1)

ابن الضحاك البابُلُتِّي، أبو سعيد الحراني، توفي سنة (218 هـ)، ضعيف، لم يوثقه أحدٌ، ولكن تابعه الوليد بن مسلم عند مسلم، وتابعه أيضًا عثمان بن عمر عند الإمام أحمد كما سيأتي في التخريج.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (31/ 409)، ميزان الاعتدال (4/ 390)، والكاشف للذهبي (2/ 369)، التقريب (7585).

(2)

محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب القرشي العامري، أبو الحارث المدني، ثقة فاضل، تكلَّم البعض في روايته عن الزهريّ، وقد تابعه الأوزاعي -كما سبق في =

⦗ص: 576⦘

= الإسناد الماضي- وغيره كما سيأتي في التخريج.

انظر: تهذيب الكمال للمزي (25/ 630)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 273 - 276)، التقريب (6082).

(3)

في (ط) و (ك): "وأمكم".

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب أحاديث الأنبياء -باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام (الفتح 6/ 566 ح 3449) عن يحيى بن بكير عن الليث عن يونس عن ابن شهابٍ به.

وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب نزول عيسى بن مريم حاكمًا بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (1/ 137 ح 246) من طريق الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئبٍ عن الزهريّ به، ومن طريق عبد الله بن وهب عن يونس عن الزهريّ به (ح: 244)، ومن طريق ابن أخي الزهريّ عن الزهريّ به (ح: 245).

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 336) عن عثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب به.

ص: 575

385 -

حَدثنا يوسف بن مُسَلَّم، وعباس الدوري، ومحمد بن إسماعيل الصائغ قالوا: حدثنا حَجَّاجُ بن محمد، عن ابن جُرَيج، أخبَرَنيِ أبو الزُّبير

(1)

أنَّه سمع جابرَ بن عبد الله يقولُ: سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفةٌ مِن أمَّتي يقاتلون على الحقِّ ظاهرين إلى يومَ القيامة"، قال: "فَيَنْزِل عيسى بن مريم عليهما السلام فيقول أميرُهم: تعالَ صَلِّ لنا. فَيقولُ:

⦗ص: 577⦘

لا، إنَّ بعضَكم على بَعْض أُمَرَاءُ لِتَكْرِمَةِ الله هذه الأُمَّة"

(2)

.

(1)

محمد بن مسلم بن تدرس المكي.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب نزول عيسى بن مريم حكمًا بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (1/ 137 ح 247) عن الوليد بن شجاع، وهارون بن عبد الله، وحجاج الشاعر كلهم عن حجاج بن محمد المصيصي به.

وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 384) عن حجاج بن محمد عن ابن جريج به.

ص: 576

386 -

حدثني مُضَرُ بن محمد

(1)

، حدثنا عبد الرحمن بن عَمرو الحراني

(2)

، قال: قرأنا على مَعْقِلٍ

(3)

، عن أبي الزُّبير، عن جَابر عن النبي صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 578⦘

بمثله

(4)

.

(1)

ابن خالد بن الوليد بن مضر الأسدي، أبو محمد البغدادي القاضي المقرئ.

وثقه الدارقطني، ولم أجد فيه قولًا آخر، فهو ثقة إن شاء الله.

انظر: سؤالات الحاكم للدارقطني (ص: 157)، تاريخ بغداد للخطيب (13/ 268)، تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 261 - 280 / ص: 473).

(2)

أبو عثمان البجلي، توفي (230 هـ).

قال عنه أبو زرعة: "شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد فيه قولًا آخر.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 267)، الثقات لابن حبان (8/ 380)، تاريخ الاسلام للذهبي (حوادث سنة: 231 - 240 / ص: 242).

(3)

ابن عبيد الله الجَزَري، أبو عبد الله العبسي مولاهم الحراني، توفي سنة (166 هـ).

وثقه ابن معين في أكثر الروايات عنه، ووثقه الإمام أحمد، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان يخطئ، لم يفحش خطؤه فيستحق الترك، إنما كان ذلك منه على حسب ما لا ينفك منه البشر"، ونحوه كلام ابن عدي الذي قال:"هو حسن الحديث، ولم أجد في أحاديثه حديثًا منكرًا فأذكره إلا حَسَبَ ما وجدت في حديث غيره ممن يصدق، في غلط حديث أو حديثين".

وضعفه ابن معين في رواية، وقال النسائي في السنن:"ليس بذاك القوي"، وذكره =

⦗ص: 578⦘

= العقيلي، وابن الجوزي في الضعفاء لتضعيف ابن معينٍ له، وقال أبو الحسن بن القطان:"معقل عندهم مستضعف"، فتعقبه الذهبي بقوله:"كذا قال، بل هو عند الأكثرين صدوقٌ، لا بأس به".

وقال في السير: "ما عرفت له شيئًا منكرًا فأذكره، وحديثه لا ينزل عن درجة الحسن"، وقال في الكاشف:"صدوق"، وفي المغني في الضعفاء قال:"صدوق، ضعفه ابن معين وحده"، وذكره في المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد وقال:"صالح الحديث، احتجَّ به مسلم".

وقال ابن حجر: "صدوقٌ يخطئ"، وقد تابعه ابن جريج كما سبق في الإسناد الماضي.

انظر: تاريخ الدارمي (ص: 202)، سؤالات ابن الجنيد (ص: 364)، تاريخ ابن محرز عن ابن معين (1/ 109)، العلل رواية عبد الله بن أحمد (2/ 485)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 286)، السنن للنسائي (2/ 154)، الضعفاء للعقيلي (4/ 221)، الثقات لابن حبان (7/ 492)، الكامل لابن عدي (6/ 2444)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (3/ 130)، تهذيب الكمال للمزي (28/ 274)، الميزان (4/ 146)، والسير (7/ 318)، والكاشف (2/ 281)، ومعرفة الرواة المتكلم فيهم (ص: 176)، والمغني في الضعفاء كلها للذهبي (2/ 669)، التقريب (6797).

(4)

لم أجد من أخرجه من هذا الطريق.

ص: 577