الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرموز الخاصة بالمجلد التاسع والعاشر
• ت / = تُوفِّيَّ، والعددُ بعد الخطِّ المائل هو عددُ السَّنة الهجريَّة.
• ح في المتن = علامة التحويل، وح / في الحاشية = رقم الحديث.
• ت في الحاشية = الترجمة.
• -م- في المتن = الحديث مكرَّر تقدم إخراج المصنف له.
• ص = الصفحة.
• م 3 في الحاشية: الجزء الثالث من نسخة دار الكُتب المصريَّة.
• (* *): الهلالان ذا نجمين داخليين وضعتُ بينهما ما سقطَ من نُسخة الأصل واستدركَهُ النَّاسخُ في الهامش.
• * *، النَّجمان، وضعتُ بينهما ما أردتُ التعليق عليه من الأصل.
[بابُ الطِّيْبِ للمُحْرمِ] يجدُه والجِماعُ عند إحْرامِه
(1)
(1)
الجملةُ بين المعقُوفين أضفتُها من تبويبِ الإمام النَّووي رحمه الله لصَحيح الإمام مسلم؛ لدلالة أحاديث البابِ عليها، فقد سقطتِ الجملةُ المقابِلَة لها من نُسخة دار الكُتب المصريَّة (م) للمُستخرج، كما يظهرُ سُقوطُ عدد من اللَّوحاتِ في هذا الموضِع قبل ترجَمة الباب كانت تحتوي على الأبواب الأولى من
كتاب الحج،
والحج في اللغة: القصد إلى الشيء المعظَّم، وفي الاصطلاح الشرعي:"قصدُ بيت الله الحرام بصفة مخصوصة في وقت مخصوص بشرائط مخصوصة" وهو ركن من أركان الإسلام بإجماع المسلمين، يفرضُ عينًا في العُمر مرة واحدة على المستطيع من المسلمين، ويفرضُ كفاية على المسلمين كلَّ عام.
انظر: التعريفات للجُرجاني (ص 111)، المبسُوط للسَّرخسي (4/ 2)، المُغني (3/ 85)، شرحُ العُمدة (2/ 74)، الروض المربع (1/ 453)، المنِهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (8/ 336)، وانظُر نهاية هذه الرسالة: الملحق الخاص بوصف النسخة الخطية المعتمدة في تحقيق هذا الجزء من الكتاب.
3511 -
حدثنا الرَّبيع بن سُلَيمَان، أخبَرَنا الشَّافِعِيُّ
(1)
، عَن مالكٍ
(2)
، ح. وحدثنا أبو داود (السِّجْزيُّ)
(3)
⦗ص: 6⦘
وأبو إسمَاعِيل
(4)
، قالا: حدَّثنا القعنبي
(5)
، عن مَالكٍ، عن عبد الرحمن بن القاسم
(6)
، عن أبيه
(7)
، عن عَائِشَة أنَّها قالت: "كُنتُ أطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامِه قبلَ [أن يُحرِم]
(8)
ولحلِّه قبلَ أن يَطُوفَ بِالبَيتِ
(9)
".
(1)
هو الإمام المُبجَّل المعروف، والحديثُ في مُسنَده (ص 120) عن مالك بمثله.
(2)
موضع الالتِقاء مع مسلم، والحديث في موطَّئِه (2/ 409 - 410، ح 788) برواية يحيى اللَّيثيِّ عنه بمثله.
(3)
هو سُليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني صاحبُ السُّنن.
والحديثُ في سُننه في كتاب المناسك -باب الطيب عند الإحرام (ص 205، ح 1745) عن القَعْنبي وأحمد بن يونس كلاهما عن مالك بمثله إلا أنَّه قال: =
⦗ص: 6⦘
= "لإحْلاله"، "والسِّجِسْتَانِي: -بكسر السِّين المُهْمَلة والجِيم وسُكونِ السِّينِ الأخرى بعدها تاءٌ منقوطَةٌ بنُقطتَين من فوق- نسبة إلى سِجِسْتان، وهي إحدَى البلادِ المَعْرُوفَة بِكابُل" قديمًا، وتُطلَقُ اليومَ على مناطِق الجنوبِ الغَربي لدولة أفغانِستان، ومناطق الجنوب الشرقي لدولة إيران، ونِسبةُ المصنِّفِ إيَّاه: "السِّجْزيَ"، هي نسبةٌ على غير القِياس، والقياسُ: السِّجِسْتَانِي، وقد تصَحَّفَ السِّجْزِيُّ في (م) إلى النَّحويِّ، والتصويب من إتحافِ المهرة وكُتب التراجم، ولَمْ أقِفْ على من وصفَ أبا داود السِّجِسْتَانِي بـ "النّحوي".
انظر: الأنسَاب للسَّمعاني (3/ 223 و 224)، إتحاف المهرة لابن حجر (17/ 456 ح 22617).
(4)
محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَمِيّ، أبو إسماعيل التِّرمِذيّ.
(5)
عبد الله بن مَسْلَمَة بن قَعْنَب الحارثي، أبو عبد الرحمن البصريّ.
(6)
ابن محمد بن أبي بكر الصَّدِّيق، التَّيمِي.
(7)
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصِّدِّيق.
(8)
ما بين المعقُوفَين سقَطَ من نُسخة (م)، واستَدركتُه من صحِيح مُسلم (2/ 846، ح 33) وسُنن أبي داود (ص 205، ح 1745) وأحاديث الباب.
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام (2/ 846، ح 33) عن يحيى بن يحيى النَّيسابوري عن مالكٍ بمثله، وأخرجه البُخاري في صحيحه -كتاب =
⦗ص: 7⦘
= الحج -باب الطيب عند الإحرام. . . (ص 249، ح 1538) عن عبد الله بن يُوسف عن مالك بمثله أيضًا.
من فوائد الاستخراج: العُلُوُّ المعنويُّ (عُلوّ صِفَة) في إسناد الحافظ أبي عوانة، ويتجلَّى ذلك في أمرين:
• أوَّلهما: روايةُ المصنِّف من طريق إمام عن إمام، وقد قال الإمام أبو منصور عبد القاهر ابن طاهر التَّميمي:"أجلُّ الأسانيد الشَّافِعي عن مالك عن نافع عن ابن عُمر" واحتَجَّ بإجْماعِ أصْحَاب الحَديث علَى أنَّه لمَ يَكُن في الرُّواة عَن مالكٍ أجلَّ من الشَّافِعي.
انظر: التقييد والإيضاح للعراقي (ص 23)، فتح المغيث للسَّخاوي (3/ 352).
• ثانيهما: رواية المصنِّفُ من طَريق القعنبي عن مالك، بينما رواه مسلم عن يحيى عن مالك، وروايةُ القَعنبي عن مالك أعلى من رواية يحيى عنه، وكان ابن معين لا يقدِّمُ على القعنبي أحدًا في مالِك، وقال ابنُ المديني:"لا أقدِّم من رواة الموطأ أحدًا على القَعْنَبي".
انظر: الجرح والتعديل (5/ 181)، معرفة الثقات للعجلي (2/ 61)، من كلام يحيى بن معين في الرجال (رواية الدقَّاق ص 116)، الثقات لابن حبّان (8/ 353)، تهذيب الكمال (16/ 136)، سير أعلام النبلاء (10/ 257)، تهذيب التهذيب (6/ 32)، تقريب التهذيب (ت 4009).
3512 -
حدثنا أبو قِلابَة
(1)
، حدثنا بِشْر بن عُمر
(2)
، ح.
⦗ص: 8⦘
وحدَّثَنا جعفرُ الصَّائِغ
(3)
، حَدثنا عفَّانُ
(4)
، ح.
وحدَّثنا أبو أميَّة
(5)
، عَن سُليمان بن حَرب
(6)
قالُوا: أخبرنا شُعبة، عن عبد الرحمن بن القَاسم
(7)
، عن أبيه، عن عائشة قالت: "طَيَّبْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرْمِه
(8)
قبلْ أنْ يُحرِمَ وطيَّبْتُه لِحِلِّه قبلَ أن يطُوفَ بِالبَيتِ". اللّفظُ لِسُليمان.
(9)
(1)
هو: عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد البصري الرَّقاشِي -بفتح الراء، وتخفِيف القاف، ثم معجمة- ت / 276 هـ.
(2)
هو: بشر بن عمر بن الحكم بن عُقْبَةُ الزَّهرانِي، أبو محمد البَصريّ.
(3)
هو جعفر بن محمد بن شاكر أبو محمد البغدادي، والصَّائِغ -بفتح الصَّاد المُهملة وكسْرِ الياء المثنَّاةِ من تحتِها وفي آخرِها غينٌ مُعجَمةٌ- نسبة من حرفتُه الصِّياغة، أي عمل الحُلِيِّ من ذهب أو فضة.
انظر: اللُّباب (2/ 232) التقريب (ت 1055)، المعجم الوسيط (ص 529).
(4)
هو: عفان بن مسلم بن عبد الله الباهِليّ، أبو عثمان الصَفَّار البصري.
(5)
هو: محمد بن إبراهِيم بن مُسلِمٍ الخُزَاعِيّ، أبو أُمَيَّة الطَّرْسُوسِي.
(6)
ابن بَجيل الأزدي الواشِحي -بمعجمة ثم مُهملة- أبو أيُّوب البَصري، قاضي مكَّة.
(7)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج الحديث السَّابِق.
(8)
قال ابن الأثير: "الحُرْم بضم الحاء وسكون الراء- الإحرام بالحج، وبالكسر: الرَّجُلُ المُحرِم، يقال أنت حِلٌّ، وأنت مُحْرِمٌ"، وقال النووي:"بضم الحاء وكسرها،. . والضَّمُّ أكثر، .. والمراد بحُرمه الإحرام بالحج".
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 373)، شرح النووي على مسلم (8/ 336).
(9)
أخرجه الإمَام أحمد في المُسند (42/ 340 ح 25524)، من طريق روح عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم به، وأخرجه ابن حبَّان في باب الإحرام (9/ 85 ح 3771) من طريق أبي خليفة الفضلِ بن الحُباب عن أبي الوليد الطيالسي عن =
⦗ص: 9⦘
= شعبة بنحوه، وأخرجه ابن راهويه في مسنده (2/ 382 ح 387) عن وهْبِ بن جَريرٍ عن شُعبة بنحوه، وأخرجَه المصَنِّف أيضًا كما سيأتي (ح / 4111) عن أبي داود الحرَّانِي عن وهْبِ بن جَرِير بنَحوه، وانظر تخريج الحديث السَّابق.
من فوائد الاستخراج:
* تعيينُ من له اللَّفظُ من الرُّواة.
* راويه عند المصنِّف عن عبد الرحمن بن القاسم هو الإمامُ شُعبةُ، أميرُ المؤمنين في الحديث، وهو استدراكٌ مهِمٌّ منهُ على الإمام مُسلم رحمه الله.
انظر: شرف أصحاب الحديث للخطيب (ص 115).
3513 -
حدثنا ابن أبي الحُنين
(1)
، حدثنا مُعَلَّى
(2)
، حدثنا وُهَيب
(3)
، عن أيُّوب
(4)
، عن عبد الرحمن بن القاسم
(5)
، عن أبيه، عن عائشةَ قالتْ: "طيَّبْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لِحرْمِه ولحلِّه
(6)
".
(1)
محمد بن الحُسين بن موسى بن أبي الحنَين، أبو جعفر الحَنَفِيّ الكوفي.
(2)
بفتح ثانية وتشديد اللَّام المفتوحة، هو ابن أسد العَمِّي، -بفتح المُهملة وتشْدِيد الميم- أبو الهيثم البصري. انظر التقريب (ت 7661).
(3)
ابن خَالد بن عَجْلان البَاهِليّ.
(4)
ابن أبي تَمِيمة كَيسان السَّختِيانِي.
(5)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج الحديثَ الأوَّل في الباب.
(6)
أخرجه الإمام النَّسائي في الكبرى في كتاب الحج -باب إباحة الطِّيب بمنى قبل الإفاضة (2/ 459) عن عبد الله بن محمد الضَّعيف، عن عبد الوهَّاب الثَّقفي، عن أيُّوب به نحوه، وكرَّره المصنِّف بالإسناد والمتن نفسِهما في ح / 4115.
من فوائد الاستخراج: =
⦗ص: 10⦘
= كثرةُ الطرق والأسانيد، وهي تُفيدُ القوَّة، والترجيح عند المعارضة.
3514 -
حدثنا عُمَر بن شَبَّة
(1)
، حدثنا عبد الوهَّاب
(2)
، قالَ: سمِعْتُ يحيى بن سعيد
(3)
يقول: حدَّثني عبد الرحمن بن القاسم
(4)
، عن القَاسِم، عن عائشة، ح.
وحدَّثنا الدقيقي
(5)
، وعَلَّان القَراطِيسِيّ
(6)
، قالا: حدثنا يزيد بن هارون
(7)
، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، أنَّه
⦗ص: 11⦘
سمِع أباه يحدِّثُ عن عائشةَ قالتْ: "طيَّبتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديَّ لإحْرامِه حِين أحرَمَ، وطيَّبتُه بِمِنى قبلَ أن يُفيض
(8)
(9)
" لَمْ يذكُرْ عبد الوهَّاب "بمنىً" فيه.
(1)
-بفتحِ الشِّين المعجمة وفتح الموحَّدة مع تشديدها- هو ابن عَبيدة النُمَيري، أبو زيد ابن أبي معاذ البصري، نزيل بغداد.
(2)
عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثقفي، أبو محمد الكوفي، ت / 194 هـ.
(3)
ابن قيس الأنصاري، أبو سعيد المدني القاضي.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم في كلا الإسنادين، انظر تخريج الحديث الأوَّل في الباب.
(5)
أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن مروان الواسطي، الدَّقيِقي.
(6)
هو علي بن عبد الله بن موسى القَراطِيسي أبو الحسن الواسِطيّ، وعلَّان -بفتح العين وتشديد اللام المفتوحة- لقبٌ له، ذكره ابن حبَّان في الثقات، ولم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا، يروي عن يزيد بن هارُون، روى عنه خَيثَمة بن سُليمان الطرابلسي، وقد تابعه الدقيقيُّ هنا.
انظر ترجمته في: تاريخ الخطيب البغدادي (13/ 442)، الإكمال لابن ماكولا (7/ 32)، بغية الطلب في تاريخ حلب (7/ 3393)، الثقات (8/ 476)، وانظر كشف النقاب عن الأسماء والألقاب (1/ 335)، ونزهة الألباب في الألقاب (2/ 33).
(7)
ابن زَاذَان السُّلَميّ مولاهم، أبو خالد الواسِطِيّ.
(8)
أي قبل أن يدفع من منى إلى مكة لطواف الإفاضة.
انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 404).
(9)
أخرجه الدارمي (2/ 51) في سُنَنِه -كتاب الحج- باب الطِّيب عند الإحرام عن يزيد بن هارون وجعفر بن عون كلاهما عن يحيى بن سعيد بمثله، وأخرجه النسائي في الكبرى (2/ 458)، كتاب المناسِك، باب إباحَة الطِّيبِ بِمِنىً قبل الإفاضة، عن محمد بن بشار عن يزيد بنحوه، والإمام أحمد (43/ 146) عن يزيد بن هارون عن يحيى بنحوه.
كما أخرجه البُخاري في صحيحه -كتاب اللِّباس، باب تَطْيِيبِ المرأةِ زوجَها بيديها (ص 1039 ح 5122)، والنَّسَائيّ في (ص 419، ح 2686) والكُبرى (2/ 459) وإسحاق بن راهَويه في مُسنده (2/ 407، 381)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 297) كلُّهم من طُرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري بنحوه.
من فوائد الاستخراج:
• وقوعُ زيادةٍ في روايةِ المصنِّف، وهي تعيينُ المكانِ الذي وقعَ فيه الفِعلُ، وأنه وقع في منى.
• بيان اختلافِ ألفاظِ الرُّواة، وأنَّ عبد الوهَّاب لم يذكرْ منى.
3515 -
حدثنا الصغاني
(1)
، وأبو أميَّة، (قالا)
(2)
: حدثنا
⦗ص: 12⦘
جَعفر بن عَونٍ
(3)
، عن يحيى، بمثلِه، إلَّا أنَّه قال: "بِمِنىً قَبلَ أَنْ يَزُورَ البَيْتَ
(4)
".
(1)
هو: محمد بن إسحاق بن جَعْفَر - أبو بكر البَغدادي، خراساني الأصل.
(2)
في نُسخة (م)"قال" وهو خطأٌ إملائيٌّ نحويٌّ.
(3)
ابن جعفر بن عَمرو بن حُرَيث القُرَشِيّ المَخْزُومِي، أبو عون الكُوفيّ.
(4)
جاء نحوُ هذا اللَّفظِ عند النَّسائي (المجتبى 5/ 149)(الكبرى 2/ 338) في روايته عن ابن إدريس عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد: "حين يريد أن يزور البيت"، وجاء من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن القاسم، كما في مسند إسحاق ابن راهويه من طريق جرير عن يحيى به، بلفظ:"وقبل أن يَزُورَ البيتَ لإِحْلالِه"، كما في سُنن الدارقطني (2/ 525) عن عبد الرحمن بن القاسم به، بلفظ:"قبل أن يزُورَ البَيتَ"، ومن هنا سمَّى فقهاءُ الأحناف وغيرهم هذا الطواف باسم طواف الزيارة.
انظر: فتحَ القدير لابن الهُمام (3/ 21).
من فوائد الاستخراج:
• تعيينُ المكان الذي وقع فيه الفعل، وهذه زيادة غير موجودة في الأصل.
• توقيتُ فعل التَّطييب، وهو غير موجود في الأصل أيضًا.
3516 -
حدثنا بَحرُ بن نَصر
(1)
، حدثنا يحيى بن حَسَّان
(2)
، حدثنا هُشَيم
(3)
، حدَّثنا منصور بن زَاذَان
(4)
، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه،
⦗ص: 13⦘
عن عائشة قالت: "طَيَّبْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِطيبٍ فيه مِسْكٌ
(5)
".
(1)
ابن سابق الخَوْلاني، أبو عبد الله المِصْري، ت / 267 هـ.
(2)
ابن حيَّان التِّنِّيسي البكري، أبو زكريا البصري، نزيل تِنِّيس.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهُشَيم -بالتَّصغير- بن بَشِيْر -بوزن عَظِيم- بن القاسم ابن دينار السُّلَمي، أبو معاوية بن أبي خازم الواسطيّ.
(4)
بزاي وذال معجمة، أبو المغيرة الثقفي.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 849، ح 46)، من طريق أحمدِ بن مَنِيْع ويَعْقُوب الدَّوْرَقِي كلاهما عن هُشَيم به، وزاد:"كنتُ أطيِّب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يُحرِم، ويوم النَّحْر قبل أن يطوفَ بالبيتِ، بِطيبٍ فيهِ مِسكٌ"، وقد روى أبو عوانة هذه الزيادة بالإسناد والمتنِ نفسهِما في بابٍ لاحقٍ برقم / 4108.
من فؤائد الاستخراج: تحديثُ هُشيمٍ بالتَّحديث لدَى المُصنِّفِ، بينَما عند الإمامِ مُسلمٍ بلفظِ الإخْبارِ، والتحديثُ أقوَى من الإِخبارِ على الأرجحِ لإفادتها السَّماع.
3517 -
حدثنا عُمر بن شَبَّة، حدثنا عبد الوهَّاب، حدثنا أيُّوب، عن عبد الرحمن بن القاسم
(1)
، عن أبيه، عن عائِشة قالت: "كُنتُ أُطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لِحِلِّه ولحرْمِه
(2)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريجَ الحديثَ الأوَّل في البابِ.
(2)
أخرجه النَّسائي في الكبرى في كتاب الحج (2/ 459) عن عبد الله بن محمد الضَّعيف، عن عبد الوهَّاب عن أيُّوب به بنحوه.
وعبدُ الوهاب ثقة تغير قبل موته بثلاث أو أربع سنين، ولا يدرى هل روايةُ عُمر بن شَبَّة وعبد لله بن محمد الضعيف عنه قبل التغير أو بعده؟، ولكنه تابعه وُهَيبٌ عن أيُّوب كما تقدم عند المؤلف في ح / 3513، الأمر الذي يُغَلبُ تحديثَه بهذا الحديث قبلَ تغُيُّره.
من فوائد الاستخراج:
• تصريح عبد الوهَّاب بِالتَّحديث عند المصنِّف، بينما جاء عنه العنعنة في =
⦗ص: 14⦘
= رواية النسائي.
• زاد المصنِّف على الإمام مسلم من طرق الحديث عن عبد الرحمن بن القاسم أربع طُرق، طريق شُعبة (ح/ 3512)، وطريق أيُّوب السَّختياني (ح / 3512، 3517) وطريق يحيى بن سعيد الأنصاري (ح / 3514، 3515)، وطريق منصور ابن زاذان (ح / 3516)، وزيادةُ الطرق تزيد الحديث قوة، فإنَّ شرَّ العلم الغريبُ، وخيرُ العلمِ الظاهرُ الذي قد رواهُ الناس كما قال الإمام مالك.
انظر: الجامِع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 100)، الشَّذَا الفيَّاح (2/ 448)، أدب الإملاء والاستملاء للسَّمعاني (ص 58).
3518 -
حدثنا يونس
(1)
، أخبرنا ابن وهب
(2)
، قال: أخبرني أفلحُ بن حُميد
(3)
، وأسامةُ ابن زيدٍ
(4)
، أنَّ القاسِم بن محمد حدَّثَهُما، عن عائشةَ زوجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت: "طيبتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديَّ لحرْمِه حين أحْرمَ، ولِحلِّه حِين حَلّ قبلَ أَنْ يطُوفَ بِالبيت
(5)
".
(1)
ابن عبد الأعلى بن مَيْسَرة الصَّدَفي، أبو موسى المصري.
(2)
عبد الله بن وهب بن مسلم القُرَشي، أبو محمد المصري.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو أفلح بن حميد بن نافع الأنصاري المدني، أبو عبد الرحمن، يقال له ابن صُفَيراء. انظر التقريب (ت 622).
(4)
هو اللَّيْثيّ مولاهُم، أبو زيد المدنِيّ.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام (2/ 846، ح 32، 34، 35) عن القعنبي، عن أفلح بن حُميد، عن القاسم بن محمد بمثله، وعن عبيد الله بن عُمر عن القاسم، وعن عمر بن عبيد الله بن عروة عن عروة والقاسم بنحوه، أما طريق أسامة بن زيد الليثي فأخرجها الطَّحاوي في شرح معاني الآثار =
⦗ص: 15⦘
= (2/ 130) عن يونس عن ابن وهب عن أسامة بن زيد هذا الإسناد، ولم يذكر فيه التطييب عند الإحلال، وكرَّره أبو عوانة بالإسناد والمتن المذكورين في باب لاحق برقم / 4109.
من فوائد الاستخراج:
• صرَّح أفلح بن حُميد بالتحديث عند المصنِّف بينما عنعن لدى الإمام مسلم.
• مجيئ أسامة بن زيد مقرونًا بأفلح، فيه إشارة إلى فائدةٍ حديثيَّة، وهي: أنَّ حالةَ أسامة تقتضي قرنه بغيره، كما أشار إلى ذلك الحاكم من فعل الإمام مسلم، وقد روى له المصنِّف في ثلاثة مواضع أخرى أيضًا من الجزء الذي حقَّقتُه، في أحدها جاء به مقرونًا بغيره، وفي الموضعين الآخرَين شاركه في الرِّواية غيرُه فلم يتفرد بها.
انظر: ح / 3568، 3929 و 3930، 4196 و 4197)، وانظر أيضًا: تهذيب الكمال (2/ 347 - 351).
3519 -
حدثنا ابن الجُنَيد الدَّقَّاق
(1)
، حدثنا شُجَاعُ بن الوَليد، حدثنا عبيد الله بن عُمر
(2)
، قال: حدَّثني القاسِم، عن عائشة قالت: "طيَّبتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بيديَّ لإحرامِه قبل أن يحرِمَ وطيَّبتُه بمنًى حين حلَّ قبل أن يفيض
(3)
".
(1)
هو محمد بن أحمد بن الجُنيد الدقَّاق، أبو جعفر البغدادي، ت / 266 أو 267 هـ.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب القُرشي العُمري المَدنِي.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 846، ح 34) عن ابن نمير عن أبيه عن عبيد الله عن القاسم به، مختصرًا بلفظ:"طيبت رسول الله لحلِّه ولحُرْمه"، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار للطحاوي =
⦗ص: 16⦘
= (2/ 130)، -كتاب الحج- باب التطييب عند الإحرام، عن عليّ بن مَعْبد عن شُجاع بن الوليد به، مقتصرًا على الجملة الأولى من الحديث، وكرَّرهُ أبو عوانة بالإسناد نفسِه في باب لاحِق برقم / 600.
من فوائد الاستخراج: زيادات في حديثِ المؤلِّف لا توجدُ في حديث صاحب الأصل (صحيح مسلم) وهي:
• التَّنصِيصُ على توقِيتِ الطِّيب، وأنها كانت تُطيِّبه صلى الله عليه وسلم لإحرامِه قبل أَنْ يُحرِم، ولإحلاله قبل أَنْ يُفيضَ.
• تعيينُ المكانِ الذي وقع فيه فعل التطييب لما حلَّ الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك المكان هو منى.
3520 -
حدثنا الرَّبيع بن سُلَيمَان، أخبرنَا الشَّافِعي
(1)
، أخبرَنا سُفيان
(2)
، ح.
وحدَّثنا عبد الله بن أحمْد بن زَكَرِيَّا بن الحَارثِ بن أبِي مَسَرَّة، حدثنا الحميدي
(3)
، حدثنا سُفيان، حدثنا عثمان بن عروة
(4)
، قال: أخبرني أبي
(5)
⦗ص: 17⦘
أنه، سمع عائشة رضي الله عنها تقول:"طيَّبْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لحلِّه ولِحُرمِه" قلتُ: بأي الطِّيبِ؟ قالتْ: "بأطْيبِ الطِّيبِ
(6)
(7)
" قال سُفيان: قال لِي عثمان بن عروة: مَا يَروِي هِشام ابن عروة هذا الحديثَ إلا عَنِّي
(8)
.
(1)
الحديثُ في مسنده (ص 120) هذا الإسناد بمثل لفظ المصنف، وفيه كلامُ عُثمان بن عروة.
(2)
ابن عُيينة الهِلالي، الكُوفي المكِّيّ.
(3)
هو: عبد الله بن الزُّبير بن عيسى القُرشِي، ت / 219 هـ، والحديث في مسنده عن سفيان بهذا الإسناد بمثل لفظ أبي عوانة، وفيه كلامُ عثمان بن عروة كذلك (1/ 263 ح 215).
(4)
ابن الزُّبير بن العَوَّام، أخو هِشام، ثقة ت / 136 هـ، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
انظر: التقريب (ت 5069).
(5)
يعني عروة بن الزُّبير، ت / 95 هـ على خلاف في سنة وفاته. التقريب (ت 5069).
(6)
تعني المِسْك أو الذَّريرة، كما حُدِّد في الروايات الأخرى التي ستأتي.
(7)
أخرجه مسلم (2/ 847، ح 36) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وزُهير بن حرب، عن ابن عيينة عن عثمان بن عروة هذا الإسناد، وفيه اختصار، فلم يذكر الطيبَ عند الإحلال، ولم يذكر فيه كلام عثمان بن عروة، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 34) عن أبي عبد الله الحافظ، عن أبي العباس، عن الرَّبيع، عن الشافعي بهذا الإسناد بمثل لفظ أبي عوانة، وكذا في معرفة السُّنن والآثار للبيهقي (7/ 110) عن الشَّافعي بمثله، وذُكر كلام عُثمان بن عروة في المَصدرين كِلَيهما.
كما أخرجه ابن أبي داود في مُسند عَائشة رضي الله عنها (ص 59) عن الرَّبيع ابن سليمان، عن الشافعي بنحوه، وفيه أن قوله:"بأي الطِّيب؟ قالت: بأطْيبِ الطِّيْبِ" من زيادة عُثمان بن عروة.
من فوائد الاستخراج: في حديثِ المُستخرِج زيادتَان لا توجدان عند مسلم بهذا الإسناد:
• ذكر الطِّيب عند الإحْلال.
• كلام عُثمان بن عُروة، حيثُ لم يذكرْ في صَحيح مُسلم.
(8)
سيأتي بيان كلامِ عُثمان بن عُروة عنْدَ ذكْرِ المُصَنِّف رواية هِشَام عنه (ح / 3522)، وكلامه هذا جاء في رواية الحُميدي والشَّافِعي عن سُفيان.
انظر: مُسند الحميدي (1/ 263)، السُّنن الكُبرى للبَيْهَقِيّ (5/ 34)، معرفة السُّنن والآثار للبيْهَقِيّ أيضًا (7/ 110)، عِلَل الدارقُطْنِي (15/ 53).
3521 -
حدثنا الصَّبِيحي
(1)
، حدثنا النُّفيْلي
(2)
، ح.
حدثنا ابن أبي مسرة، حدَّثنا أحمد بن محمد الأزْرَقِي
(3)
، قالا: حدثنا داودُ بن عبد الرحمن العطَّار
(4)
، عن هِشام بن عروة
(5)
، عن عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة أنَّها قالتْ: "لقَدْ كنتُ أطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندَ إحْلالِه وإحْرامِه بأطْيبِ ما أجِدُ
(6)
".
(1)
-بفتح الصَّاد وكسرِ الموحدة وبحاء مُهملة- اسمه إسماعيل بن يعقوب بن إسماعيل ابن صَبيح، نسبة إلى الجد الأعلى صَبِيح أبو محمد الحرَّانِي، وكتبُ الأنسابِ لم تذكرْ هذه النِّسبة. ت / 272.
انظر: تهذيب الكمال (3/ 215 - 216)، المُغْنِي في الضَّبط (ص 149)، والتقريب (ت 565).
(2)
هو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل النُّفَيْلِيّ الحرّاني.
(3)
هو: أحمد بن محمد بن الوليد الغَسَّاني، أبو الوليد، ويقال أبو محمد المكِّي.
(4)
أبو سُليمان المكِّي، ت / 75 هـ. تقريب التهذيب (ت 1969).
(5)
موضِعُ الالتقاء مع مسلم.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطِّيب للمُحرم عند الإحرام- (2/ 847، ح 37) عن أبي غريب، عن أبي أسامة، عن هِشام، عن عثمان بن عروة، بمثله، ولم يذكر فيه الطيب عند الإحلال، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وزُهير بن حرب، جميعًا عن ابن عيينة، عن عُثمان بن عروة به، بنحو لفظ المؤلف ولم يَذكر فيه التَّطْييب حالة الاحلال.
من فوائد الاستخراج: حديث أبي عوانة رحمه الله فيه زيادةٌ، وهي ذكرُه التَّطيِيب عِنْد الإحْلال.
3522 -
حدثنا عليُّ بن سهل البزَّاز
(1)
، ومحمد بن إسماعيل الصَّائِغ بمكة
(2)
قالا: حدَّثنا عفَّان، حدثنا (وُهَيب)
(3)
، عن هِشام بن عروة
(4)
، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالتْ: "كنتُ أطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندَ إحْرامِه بأطْيبِ ما أجدُ
(5)
(6)
".
⦗ص: 22⦘
رواه أبو كُريب، عن أبي أسامة، عن هشام، عن عثمان بن عروة، بنحوه
(7)
.
(1)
بزايين، أبو الحسن البغدادي، ويعرف بالعفَّاني لمُلازمته عفان بن مسلم، ت / 271 هـ، وقد يجمع بينه وبين علي بن سهل الرملي توهُّمًا، نبه على ذلك الحافظ ابن حجر، وضبط المعلّق على تهذيب التهذيب مصطفى عبد القادر عطا (7/ 328) البزَّاز، فقال: بموحَّدة وشدة زاي وبراء بعد الألف، وهو تصحيفٌ، ولم يذكره الحافظ ابن حجر فيمن نُسب إلى البزار -بالراء في آخره-، قال عنه ابن أبي حاتم:"صدوق"، وقال الدارقطني:"ثقة".
انظر: تبصير المنتبه (1/ 147 - 149)، (تاريخ بغداد 11/ 429).
(2)
هو: محمد بن إسماعيل بن سالم المكي، أبو جعفر الصائغ الكبير البغدادي.
(3)
ابن خالد بن عَجْلان البَاهِلِيّ، مولاهم، أبو بكر البصريّ، تصَحَّف اسمه في نسخة (م) إلى "وهب"، والتَّصْوِيبُ من إتحافِ المَهرة.
انظر: تقريب التهذيب (ت 8436)، إتحاف المهرة (17/ 141).
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3521.
(5)
أخرجه البخاري في كتاب اللباس -باب ما يستحب من الطيب (ص 1040، ح 5928) عن موسى، والإمام أحمد في مسنده (6/ 130) عن عفان، والطَّحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 130) عن نَصْر بن مرزوق عن الخُصيب بن ناصح، ثلاثتهم عن وُهَيب بمثل لفظِ المصنف.
(6)
هذا الحديث قد اختلف فيه على هشام: =
⦗ص: 20⦘
= فرواه أنس بن عياض (كما عند المؤلف ح 13)، وأيوب السختياني (النسائي في الكبرى 2/ 216، وابن حبان 9/ 86)، وحمَّاد بن سلمة (مسند الدارمي 2/ 50، مسند أحمد 6/ 161)، ووكيع (التمهيد 19/ 300، ومسند أحمد 6/ 207)، وحجاج بن الحجاج (مشيخة ابن طهمان ص 202)، وعلقمة (مصنف بن أبي أبي شيبة 4/ 286)، وعبدة بن سليمان (مسند عائشة لابن أبي داود ص 89، مسند إسحاق بن راهويه 2/ 353، 177)، وأبو مروان الغسَّاني، ومالك بن سُعير، والضحاك ابن عثمان، والقَسْملي، وإبراهيم بن طهمان، والمنذر بن عبد الله الحزامي، ويحيى ابن أيُّوب، والمفضل بن فضالة، وعلي بن مسهر، وعبد الله بن المبارك، وسعيد بن الرحمن، وشُجاع بن الوليد، وأبو ضمرة، وشُعيب بن إسحاق، ومحاضر، عن هشام، عن أبيه عن عائشة، وكذا عن مالك بن أنس عن هشام (علل الدارقطني 15/ 52).
ورواه الليث واختلف عليه فيه، فرواه عبد الله بن صالح (مسند الدارمي 2/ 51)، وعيسى بن حماد -زُغْبَة- (النسائي في الكبرى 3/ 338)، عن الليث عن هشام عن عثمان بن عروة، عن عروة عن عائشة.
وخالفهما يعقوب بن إبراهيم بن سعد وأحمد بن يونس ومحمد بن حرب المكي، روَوْه عن الليث عن هشام عن أبيه عن عائشة.
وقيل: عن أحمد بن يونس عن ليث عن هشام عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
قال الدارقطني: "ولا يصح هذا القول".
ورواه أبو أسامة (صحيح مسلم 2/ 846) وداودُ العطار (مسند أبي عوانة ح / 11، حديث الفاكهي ص 66) ووهيب بن خالد (صحيح البخاري ص 1265، شرح معاني الآثار للطَّحاوي 2/ 130)، وعلي بن هاشم، وعلي بن غراب، وابن عيينة (مسند عائشة لابن أبي داود 1/ 59)، واختلف عنه -رووه عن هشام بن عروة عن عثمان عن =
⦗ص: 21⦘
= عروة عن عائشة.
قال ذلك إبراهيم بن سعيد الجوهري عن ابن عيينة عن هشام عن عثمان بن عروة.
وقال سفيان: ثم لقيت عثمان فحدثني به.
وقال الحميدي وغيره: عن ابن عيينة عن عثمان بن عروة، عن أبيه عن عائشة، قال عثمان: ما يرويه هشام إلا عني.
ورواه نافع بن يزيد عن هشام عن القاسم عن عائشة.
قال الدارقطني: "والصحيح عن هشام بن عروة أنه سمع هذا الحديث من أخيه عثمان بن عروة، عن عروة، وكان أحيانًا يرسله".
قال الإمام مسلم في مقدمة كتابه عند الإشارة إلى إرسال المحدثين ووصلهم إذا نشطوا، مشيرًا إلى أن الروايات التي لا تذكر عثمان بن عروة مرسلة:"فمن ذلك أن أيُّوب السختياني، وابن المبارك، وكيعًا، وابن نمير، وجماعة غيرهم رووا عن هشام ابن عروة، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنه قالت: "كنتُ أطيّب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحلّه ولحُرمِه بأطْيبِ ما أجدُ"، فروى هذه الرواية بعينها الليث بن سعد، وداود العطار، وحميد الأسود، ووهيب بن خالد، وأبو أسامة عن هشام، قال: أخبرني عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم".
قال ابن عبد البر في التمهيد: "وهذا الحديث روي عن عائشة من وجوه: فممن رواه عنها القاسم، وسالم، وعروة، والأسود، ومسروق، وعمرة، وممن رواه عن القاسم ابنه عبد الرحمان، وأفلح بن حميد، ورواه عن عروة ابن شهاب، وعثمان بن عروة، وهشام بن عروة، ولم يسمعه هشام من أبيه، إنما سمعه من أخيه عثمان عن أبيه".
قال ابن حجر في الفتح عند شرحه لحديث وهيب عن هشام: "هكذا أدخل هشام بينه وبين أبيه عروة في هذا الحديث أخاه عثمان، وذكر الحميدي عن =
⦗ص: 22⦘
= سفيان بن عيينة أن عثمان قال له: ما يروي هشام هذا الحديث إلا عني .. " ثم أشار إلى كلام مسلم المتقدم في مقدمة صحيحه، وأشار إلى كلام الدارقطني وجزمه أن هشامًا لم يسمع هذا الحديث من أبيه.
قال الإمام العلائي: "فإن سماع هشام بن عروة من أبيه كَثيرٌ جدًّا، وقد روى عنه أيُّوب، وابن المبارك، وجماعة عن أبيه عن عائشة حديث: "طيَّبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحلِّه الحديث"، ورواه الليث، وأبو أسامة، ووهيب، وآخرون عن هشام، أخبرني عثمان بن عروة، عن عُرْوةَ عنها، وكذلك حديثه عن أبيه عن عائشة رضي الله عنه كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه الحديث رواه جماعة عن هشام بن عروة على الجادة".
قلت: يظهر من كلام الأئمة: مسلم، والدارقطني، وابن عبد البر، وابن حجر، والعلائي، أن هشامًا لم يسمع هذا الحديث عن أبيه، وإنما سمعه عن أخيه عثمان عن أبيه، ولذا فإن الطرقَ التي لا تذكر عثمان بن عروة مرسلةً.
انظر: مقدمة صحيح مسلم مع شرحه المنهاج (1/ 91)، التمهيد (19/ 296)، وفتح الباري (10/ 382) وعلل الدارقطني (15/ 52 - 54 برقم 3824) بتصرُّف.
(7)
رواه مسلم عن أبي غريب موصولًا كما تقدم في تخريج ح / 3521.
3523 -
حدثنا [ابن] عبد الحكم
(1)
، حدثنا أنس بن عياض
(2)
،
⦗ص: 23⦘
عن هشام بن عروة
(3)
، عن أبيه، عن عائشة قالت: "لقد كنتُ أطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيبِ ما أجدُ
(4)
".
(1)
هو محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أَعْيَن المِصري الفقيه، ت / 268 هـ.
انظر: التقريب (ص 187، ت 6775)، وقد سقطتْ كلمة (ابن) عن نسخة (م)، والاستدراك من إتحاف المهرة (17/ 327).
(2)
ابن ضَمْرَة، أبو عبد الرحمن، اللّيْثي، أبو ضَمْرَة المدني.
(3)
انظر تخريج ح / 3521.
(4)
هذا إسناد مرسل، فقد تقدَّم أنَّ هِشامًا لم يسمع هذا الحديث من أبيه إلا من طريق أخيه عثمان بن عروة، انظر تخريج ح / 3522.
3524 -
حدثنا أبو علي الزَّعفْرانِي الحسَن بن محمد بن الصبَّاح، ومحمد بن إسحاق الصغاني (قالا)
(1)
: حدثنا رَوحُ بن عُبادة
(2)
، حدثنا شُعبة
(3)
، حدثنا الحكم
(4)
، ومنصور
(5)
، وحمَّاد
(6)
، وسُليمان
(7)
، عن
⦗ص: 24⦘
إبراهيم
(8)
، عن الأسْود
(9)
، عن عائشة قالت: "كأنِّي أنظرُ إلى [وَبيص
(10)
الطِّيب في مفْرِق
(11)
] رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُحرم". قال سليمان: في شعره، وقال منصور: في أصُول شعره، وقال الحكم وحماد: في مَفْرِق رأسِه، حديثُهما واحد
(12)
.
(1)
في نسخة (م) قال، وهو خطأ.
(2)
ابن العلاء بن حسَّان القَيْسِي، أبو محمد البصري.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم في طريق الحكم فقط، انظر تخريج ح / 3526.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3525، والراوي هو: الحكم بن عُتَيبة -بالمثناة ثم الموحدة، مصغَّرا- أبو محمد الكندي الكوفي، وعنعنتُه -مع كونه مدلِّسا- لا أثر لها، لمتابعة الرواة الآخرين له عن إبراهيم ولكونه من المرتبة الثانية انظر: تعريف أهل التقديس (ص 30)، التقريب (ت 1453).
(5)
ابن المعتمر بن عبد الله السُّلمي. وانظر: التقريب (ت 7776).
(6)
ابن أبي سليمان مسلم الأشعري مولاهم، أبو إسماعيل الكوفي، الفقيه، صدوق له أوهام، رمي بالإرجاء، ت / 120، (بخ م 4)، وقد قُرن بغيره هنا، وتابعه ثقات.
التقريب (ت 1637).
(7)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3528، 3529، 3530، 3531، والراوي هو: الإمام سليمان بن مِهْران الأَسَدِيُّ مولاهُم، أبو محمد الكوفي، لُقب بـ =
⦗ص: 24⦘
= "الأعمش" ت / 147 أو 148 هـ.
(8)
ابن يزيد بن قيس النخعي، ت 190 هـ.
(9)
هو ابن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمرو، مخضرم ت 75 هـ، (ع)، خال إبراهيم ابن يزيد النخعي المتقدم.
(10)
وَبِيص الطيب: بريقه ولمعانه. انظر: غريب الحديث لأبي عُبَيد القاسم بن سلام (4/ 333)، الفائق للزمخشري (4/ 39)، النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 313).
(11)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من صحيح ابن خزيمة (4/ 157)، لأن الكلام لا يستقيم بغيره، والمَفْرِقُ بكسر الراء، المَفْرِقُ وسط الرأْس وهو الذي يُفْرَقُ فيه الشعر، والجمع مفارِق انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 190)، لسان العرب (10/ 299)، الصحاح للجوهري (4/ 1541)، المصباح المنير (2/ 702)، القاموس المحيط (ص 845).
(12)
أخرجَ الطُّرق مجتمعةً كما عند المصنِّف عن إبراهيمَ، ابنُ خزيمة في المناسك (4/ 157) عن الحسن بن محمد الزعفراني، عن روح، وأحمد في المسند (6/ 245) عن روح، عن شعبة، عن الحكم، وحماد، ومنصور، وسليمان الأعمش، كلهم عن إبراهيم به، وقد أخرج مسلم كل الطرق متفرقة غير طريق حمَّاد بن أبي سُليمان، فلم يخرجها، وأخرج البخاري منها طريقي الحكم ومنصور، كما سيتبين من التخاريج الآتية.
3525 -
حدثنا (يوسف) بن مُسَلَّم
(1)
، حدثنا حجَّاج
(2)
، قال: حدثني شُعبة
(3)
، عن الحكم، بإسناده: "كأنما أنظر إلى وبيصِ الطيب في مفْرِق رسول الله وهو محْرِم
(4)
".
(1)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى يونس، والتصويب من إتحاف المهرة (16/ ج 2/ 1034).
(2)
ابن محمد المصيصي، أبو محمد الأعور، ت / 206 هـ.
(3)
هُنا موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم (2/ 848، ح 42)، عن محمد بن المثنى، وابن بشار، كلاهما عن غندر، عن شعبة به، بمثل لفظ المصنف، وأخرجه البخاري في كتاب الغسل -باب من تطيَّب ثم اغتسلَ وبقيَ أثرُ الطِّيب (ص 48، ح 271) عن آدم بن أبي إياسٍ، وفي كتاب اللباس، باب الفَرْق (ص 1039، ح 5918) عن أبي الوليد وعبد الله بن رجاء، كلُّهم عن شُعبة به.
3526 -
حدثنا عمار بن رجاء
(1)
، حدثنا قبيصة
(2)
، عن سفيان
(3)
، عن منصور
(4)
، عن إبراهيم، بإسناده مثله: "مفارِق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو
⦗ص: 26⦘
محرم
(5)
".
(1)
أبو ياسر التغلبي الإِسْتَرَاباذي، صاحب "المسند الكبير".
(2)
-بفتح أوله وكسر الموحدة- ابن عقبة بن محمد بن سفيان السُّوَائي -بضم المهملة وتخفيف الواو والمد، كذا في "التقريب"- أبو عامر الكوفي.
(3)
هو سفيان بن سعيد الثوري.
انظر: التمهيد لابن عبد البر (2/ 260)، وفتح الباري (3/ 465).
(4)
هو ابن المعتمر، وهو موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم.
(5)
أخرجه مسلم (2/ 847، ح 39) عن يحيى بن يحيى، وسعيد بن منصور وأبو الرَّبيع، وخلفٌ بن هشام، وقتيبة بن سعيد، كلهم عن حماد بن زيد، عن منصور به، بمثله إلا أن فيه بصيغة الإفراد:"مفرِق"، وأخرجه البخاري (ص 249، ح 1537) عن محمد بن يوسف، عن سفيان الثوري، عن منصور به، بمثل لفظ المصنف.
3527 -
حدثنا الصَّوْمَعِي
(1)
، [حدثنا
(2)
] أبو عاصم
(3)
، حدثنا سُفْيان
(4)
، عن منصُور
(5)
، بإسناده: "كأني أنظر إلى وَبيْصِ الطيب في مَفْرِق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
(6)
".
(1)
هو محمد بن أبي خالد الصومعي بفتح المهملة، أبو بكر الطبري.
(2)
أداة التحديث سقطت من (م)، واستدركتُها من إتحاف المهرة.
(3)
الضحاك بن مَخْلَد بن الضحاك الشَّيباني.
(4)
الثوري.
(5)
ابن المعتمر، وهو موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم، انظر تخريج ح / 3526.
(6)
أخرجه البيهقي (5/ 34) عن أبي الحسين بن بشران العدل، عن أبي جعفر الرزاز، عن يحيى بن جعفر، عن أبي عاصم الضحاك ابن مخلد، عن سفيان الثوري، عن منصور عن إبراهيم به، بمثل لفظ المصنِّف؛ لكنْ بصيغة الجمع:"مفارِق"، وانظر ح / 3523.
3528 -
حدثنا الحسن بن عفان العامري أبو محمد، حدثنا عبد الله ابن نُمير
(1)
، عن الأعمش
(2)
، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت:
⦗ص: 27⦘
"قد رأيتُ وبيص الطِّيبِ في رأس النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يُلبِّي
(3)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو الهمداني أبو هشام الكوفي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 230)، عن ابن نُمير عن الأعمش به، وأخرجه مسلم (2/ 848)، من طرقٍ أخرى عن الأعمش به، انظر الأحاديث الثلاثة التَّالية.
3529 -
حدثنا علي بن حرب
(1)
، حدثنا أبو معاوية
(2)
، عن الأعمش، بإسناده: "لكأني أنظرُ إلى وبيصِ الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُلبِّي
(3)
".
(1)
ابن محمد الطَّائي، الموصلي.
(2)
محمد بن خازم الضرير.
(3)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 848، ح 40)، عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي غريب، عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش به، بمثل لفظ المُصنِّف إلا أنه قال:"وهو يهلُّ".
من فوائد الاستخراج:
• فيه علوُّ نِسبيّ: وهو البدل، حيث وصل المصنِّف إلى شيخِ شيخِ مسلم، بسند أعلى، مما لو روى عن غير طريقه.
• نوع آخر من العُلوِّ النسبيّ: المساواة بين المصنِّف ومسلم، لتساوي عدد رجال إسناديهما.
انظر: نخبة الفكر (ص 180 ضمن جامع المتون).
3530 -
حدثنا أبو أمية
(1)
، حدثنا أحمد بن يونس
(2)
، حدثنا
⦗ص: 28⦘
زهير
(3)
، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، وعن مسلم
(4)
، عن مسروق
(5)
، عن عائشة قالت: "رأيت وبيص الطيب في مفارقِه وهُو يُلبِّي
(6)
".
قال زهير: قلت لسُليمان: أرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم
(7)
.
(1)
هو محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي، أبو أمية الطَّرسوسي.
(2)
هو: أحمد بن عبد الله بن يونس، أبو عبد الله الكوفي.
(3)
ابن معاوية بن حُدَيجِ الجُعْفي.
(4)
هو ابن صُبيح -بالتصغير- الهَمْدانِي أبو الضُّحى الكُوفي، العَطّار.
(5)
هو: مسروق بن الأجدع بن مالك أبو عائشة الكوفي.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 848، 41) عن أحمد بن يونس، عن زهير، عن الأعمش به، وأحال المتن على حديث وكيع عن الأعمش عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة قبله، وقال:"بمثل حديث وكيع"، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 35) عن أبي عبد الله الحافظ، عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب، عن يحيى بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن يونس، عن زهير، عن الأعمش عن إبراهيم، وعن مسروق بنحوه.
من فوائد الاستخراج: قد أحال مسلم متن حديث زهير عن الأعمش على حديث وكيع، فجاء المستخرج فذكر متنه.
(7)
كلام زهير جاء في مسند الإمام أحمد (6/ 109)، ولكن بصيغة مجهولة: "قيل لِسُليمان؟
…
".
3531 -
حدثنا علي بن حرب، حدثنا وكيع
(1)
، عن الأعمش، عن
⦗ص: 29⦘
أبي الضُّحى
(2)
عن مسروق، عن عائشة قالت: "كأني أنظر إلى وَبيْص الطِّيب في مَفارِق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبِّي
(3)
".
(1)
هو وكيع بن الجرّاح بن مليح الرُّؤاسي الكوفي أبو سفيان.
(2)
مُسلم بن صُبَيح.
(3)
أخرجه مسلم (8/ 339) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وأبي سعيد الأشج، عن وكيع بن الجراح بهذا الإسناد، بمثل لفظ المصنف، وقد رواه غير واحد عن وكيع.
من فوائد الاستخراج:
• فيه علوُّ نِسبيّ: وهو البدل، حيث وصل المصنِّف إلى شيخِ شيخِ مسلم، بسند أعلى، مما لو روى عن غير طريقه.
• نوع آخر من العُلوِّ النسبيّ: المساواة بين المصنِّف ومسلم، لتساوي عدد رجال إسناديهما. انظر: نخبة الفكر (ص 180 ضمن جامع المتون).
3532 -
حدثنا سعدان بن نصر بن منصور (أبو) عثمان، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، ح.
وحدثنا عمار بن رجاء، والصومعي
(1)
، قالا: حدثنا قبيصة
(2)
، قالا: حدثنا سُفيان الثوري
(3)
، عن الحسن بن عبيد الله
(4)
، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: "كأني أنظرُ إلى وبيص المِسْك في رأس
⦗ص: 30⦘
رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5)
".
(1)
محمد بن أبي خالد.
(2)
ابن عُقبة السُّوائي.
(3)
سفيان الثوري هو موضع التقاء المصنف مع الإمام مسلم.
(4)
ابن عروة النخعي، أبو عروة الكوفي.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 849، 45) من طريقين عن الحَسن بن عبيد الله، فأخرجه من طريق قتيبة بن سعيد، عن عبد الواحد بن زياد، عن الحسن بن عبيد الله هذا الإسناد، بنَحو لفظ المصنف، ثم أخرجه من طريق إسحق بن إبراهيم، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن سفيان الثوري، عن الحسن بن عبيد الله به، وأحال متنه على متن حديث عبد الواحد ابن زياد، وقال: مثله، ورواه أبو عوانة أيضًا عن سعدان بن يزيد البزاز عن إسحاق الأزرق به، في باب لاحق (ح / 4118).
من فوائد الاستخراج:
أخرج مسلم حديث سفيان عن الحسن بن عبيد الله، وأحال متنه على حديث عبد الواحد بن زياد عن الحسن بن عبيد الله قبله، فجاء المستخرج وذكر متنين لحديث سفيان عن الحسن بن عبيد الله من طَريقين مختلفين، انظر الحديث التالي.
3533 -
حدثنا الصَّومعي
(1)
، حدثنا أبو عاصم
(2)
، عن سفيان
(3)
، ح.
وحدثنا علي بن الحسن الدَّرابْجِرْدِي
(4)
، حدَّثنا عبد الله بن الوليد
(5)
،
⦗ص: 31⦘
حدثنا سُفيان الثوري
(6)
، بإسناده: "كأني أنظرُ إلى وبيص المسك في مفْرِق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم
(7)
" قال الصَّومعي: قال أبو عاصم: وليسَ
⦗ص: 32⦘
يقولُ أحدٌ سوى الحسن: المسك
(8)
.
ورواه مسلم، عن محمد بن حاتم
(9)
، عن إسحاق بن منصور
(10)
، عن إبراهيم بن يوسف، عن أبيه
(11)
، عن أبي إسحاق
(12)
، عن [ابن
(13)
] الأسود
⦗ص: 33⦘
يذكر، عن أبيه
(14)
، عن عائشة قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يُحرِم يتطيَّبُ، ثُم أرى وَبيصَ الدُّهن في رأسِه ولحيتِه بعد ذلك".
(1)
محمد بن أبي خالد.
(2)
الضحَّاك بن مَخْلَد بن الضحاك الشيباني، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو: الثوري كما تبين من التخريج السابق.
(4)
هو: علي بن الحسن بن أبي عيسى الهِلَالي، أبو الحسن الدرابجِرْديُّ.
(5)
ابن ميمون، أبو محمد المكي المعروف بالعدني.
قال فيه الإمام أحمد: "لم يكن صاحب حديث، وحديثه حديثٌ صحيح =
⦗ص: 31⦘
= وكان ربما أخطأ في الأسماء"، وقال أبو داود السجستاني: "قلت لأحمد: عبد الله بن الوليد العدني؟ قال: لم يكن يفصل [بين عبد الرحمن] بن القاسم وبين المسعودي، ولكن كانت صدور أحاديثه صحاحًا، كتبت عنه شيئًا، صالح، وسمعت أحمد يحدث عنه وقال البخاري:"مقارب"، وقال أبو زرعة:"صدوق"، وقال أبو حاتم:"شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"مستقيم الحديث"، وقال الذهبي:"شيخ"، وقال ابن حجر:"صدوقٌ ربما أخطأ".
قلتُ: لم يتفرد بالحديث عن سفيان، بل تابعه الضحَّاك كما في تخريج الحديث.
انظر: سؤالات أبو داود للإمام أحمد (ص 237)، الجرح والتعديل (5/ 188)، الثقات (8/ 348)، (5/ 188)، الكاشف (1/ 606)، تَهْذيب التهذيب (6/ 70)، التقريب (ت 4097).
(6)
موضع الالتقاء مع مسلم في السند الثاني.
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام (2/ 849، ح 45) عن إسحاق بن إبراهيم، عن الضحَّاك بن مخلد أبي عاصم، عن سفيان بهذا الإسناد، محيلًا متنه على متن حديث عبد الواحد بن زياد عن الحسن بن عبيد الله، ولفظُ ابن زيادٍ مثل لفظِ المصنِّف، وأخرجه النسائي في الكبرى (2/ 339) عن أحمد بن نصر النيسابوري، عن عبد الله بن الوليد عن سُفيان الثوري عن الحسن بن عبيد الله به، بمثل لفظ المصنف، وانظر تخريج ح / 3532.
من فوائد الاستخراج:
• فيه علوُّ نِسبيّ: وهو البدل، حيث وصل المصنِّف إلى شيخِ شيخِ مسلم، =
⦗ص: 32⦘
= بسند أعلى، مما لو روى عن غير طريقه.
• نوع آخر من العُلوِّ النسبيّ: المساواة بين المصنِّف ومسلم، لتساوي عدد رجال إسناديهما. انظر: نخبة الفكر (ص 180 ضمن جامع المتون).
• فيه بيان للمتن المُحال به عند مسلم على متن آخر.
(8)
يريدُ المصنِّف أنَّ لفظة المسك عن إبراهيم لم يروها إلا الحسن، أما عن غير إبراهيم فقد رواها كثيرون، كما سبق في الروايات المتقدمة، انظر على سبيل المثال ح / 3516، ولكن لفظة المسك قد رويت أيضًا عن إبراهيم من غير طريق الحسن، فروى ابن حبان بإسناده عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، بلفظ: "كأنِّي أنظرُ إلى وبيصِ المسك
…
"، ولكن يحتمل أن يكون هذا لفظ مسروق عن عائشة، فقد جمع ابن حبان لهذا المتن بين طريق الأعمش عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، وبين طريق الأعمش عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة.
(9)
هو محمد بن حاتم بن ميمون، البغدادي السمين.
(10)
أبو عبد الرحمن السَّلولي، مولاهم.
(11)
يُوسف بن إسحاق السَّبيعي.
(12)
عمرو بن عبد الله الهَمْداني السَّبيعي.
(13)
ما بين المعقوفتين سقط من نسخة (م)، فإن أبا إسحاق السبيعي يرويه عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة، وهو الذي في صحيح مسلم:"عن أبي إسحاق، سمع ابن الأسود يذكر عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها " انظر: صحيح مسلم =
⦗ص: 33⦘
= (2/ 847).
(14)
الأسود بن يزيد النخعي.
3534 -
حدثنا الصغاني
(1)
، حدثنا محمد بن سَابِقٍ
(2)
، ومُسْلم بن إبراهيم
(3)
، قالا: حدثنا مالك بن مِغْول
(4)
، عن عبد الرحمن بن الأسود
(5)
، عن أبيه، عن عائشة قالت: "كأنِّي أنظر إلى وَبيص الطِّيب في مَفْرِق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُحرم
(6)
".
(1)
محمد بن إسحاق بن جعفر.
(2)
هو التميمي، مولاهم، أبو جعفر، ويقال: أبو سعيد، البزاز الكوفي.
(3)
الأزدي الفَرَاهيدي -مولاهم- أبو عمرو البصري.
(4)
أبو عبد الله الكوفي.
(5)
ابن يزيد بن قيس النخعي.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام (2/ 848، ح 43) عن ابن نمير، عن أبيه، عن مالك بن مغول به، بمثله، لكن بصيغة الجمع:"مَفَارِق".
من فوائد الاستخراج:
فيه المساواة بين المصنِّف ومسلم، لتساوي عدد رجال إسناديهما.
3535 -
حدثنا سعيد بن مسعود
(1)
، حدثنا أبو عاصم
(2)
،
⦗ص: 34⦘
حدثنا أبو بكر النَّهْشَلي
(3)
، عن عبد الرحمن بن الأسود، بمثله
(4)
.
(1)
ابن عبد الرحمن المروزي.
(2)
الضَحَّاك بن مخلد.
(3)
هو الكوفي، قيل: اسمه عبد الله بن قِطَاف، -بكسر القاف وتخفيف الطاء- وقيل: وهب، وقيل: معاوية، قال الذهبي في الميزان (4/ 496):"في اسمه أقوال، ولا يكاد يعرف إلا بكنيته" ت / 166 هـ، (م ت س ق).
و"النَّهْشَلي" -بفتح النُّون، وسكون الهاء، وفتح الشين المعجمة، وفي آخرها اللَّام- هذه النسبة إلى بني نَهْشَل.
انظر: الأنساب (5/ 546)، وفي "اللُّباب لابن الأثير": هذه النسبة إلى نهشل ابن دارم بن مالكٍ ابن حنظلة
…
بطن كبير من تميم (3/ 338).
(4)
أخرجه مسلم من طريقين عن عبد الرحمن بن الأسود، وهو موضع الالتقاء مع صحيح مسلم.
انظر: ح / 3533، 3534، وانظر: صحيح مسلم مع شرح المنهاج (8/ 340، 339).
3536 -
حدثنا محمد بن عبد الملِك الواسِطِيّ
(1)
، حدثنا عُثمان بن الهَيثم
(2)
، ح.
وحدثنا العبَّاس بن محمد
(3)
، حدثنا روحٌ
(4)
، أخبرنا ابن جُريج
(5)
، قال:
⦗ص: 35⦘
أخبرِني عُمر بن عبد الله بن عروة
(6)
، أنَّه سمعَ عُروة، والقاسم يُخبران، عن عائشة أنها قالت: "طيَّبْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديَّ بِذَرِيرةٍ
(7)
في حجة الوداع للحِلِّ والإحْرَام
(8)
(9)
".
(1)
أبو جعفر الدَّقيِقي.
(2)
ابن جهم العبدي البصري. ت / 220 هـ.
(3)
ابن حاتم بن واقد الدُّورِيّ، أبو الفضل البغدادي.
والدُّوري: -بالدال المهملة المضمومة، والراء المهملة المكسورة-، نسبة إلى مواضع وحرفة، والدور محلة وقرية أيضًا ببغداد. الأنساب للسمعاني (2/ 503، 505).
(4)
ابن عُبادة بن العلاء القَيسي.
(5)
موضع التقاء إسناد المصنف مع مسلم، وابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز =
⦗ص: 35⦘
= ابن جريج القُرشي الأموي أبو الوليد المكِّي، ت / 149 هـ ـ وقيل 150 هـ، وجُرَيج: بضم الجيم وفتح الراء، الإكمال لابن ماكولا (2/ 66 - 67).
(6)
ابن الزبير بن العَوّام، الأسدي، المدني.
قال ابن سعد: "كان قليل الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر:"مقبول"، وهو من رجال الصحيحين، وقد توبع هنا فروايتُه مقبُولة.
انظر: الطبقات الكبرى (التكملة 9/ 233)، الثقات (7/ 166)، الجمع بين رجال الصحيحين (1/ 341)، تقريب التهذيب (ت 5540).
(7)
ذَريرة: بمعجمة وراءين بوزن عظيمة، وهي نوع من الطيب مركَّب، قال الدَّاودي: تُجمع مفرداته ثم تسحق وتنخل، ثم تذر في الشعر والطوق، فلذلك سميت ذَرِيرة، كذا قال، وعلى هذا فكلُّ طيبٍ مركَّبٍ ذَرِيرةٌ، لكن الذَّريرة نوع من الطيب مخصوص يعرفه أهل الحجاز وغيرهم، وجزم غير واحد منهم النووي بأنه فُتَاتُ قَصَبِ طيبٍ يجاء به من الهند. فتح الباري (10/ 384)، والمنهاج للنووي (8/ 341)، وانظر غريب الحديث للحَربي (1/ 259)، والنهاية لابن الأثير (2/ 394).
(8)
الإحرام: الإهلال بالحج أو بالعمرة ومباشَرة أسْبابهما وشُروطهما من خَلْع المَخِيط واجتِناب الأشياء التي مَنَعها الشرع كالطِّيب والنكاح والصَّيد وغير ذلك.
انظر: النهاية في غريب الحديث (1/ 941).
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام (2/ 847، ح 35) عن محمد بن حاتم، وعبد بن حُميد، كلاهما، عن محمد بن بكر، عن ابن جريج به، =
⦗ص: 36⦘
= بمثل لفظ المصنِّف، وأخرجه البخاري في كتاب اللباس (ص 1040، ح 5930)، عن عثمان بن الهيثم، أو محمدٌ -شكٌ من البخاري، قال البَيهقي: يقال: هو ابن يحيى الذُّهلي- عن ابن جريج بِمثْل لفظ المصنِّف أيضًا، وأخرجه أحمد (6/ 210)، عن روح ومحمد بن بكر والأنصاري، عن ابن جريج به، بمثل لفظ المصنف، ولكن سمَّاه الأنصاريُّ عمرًا، وكرَّر أبو عوانة حديث الدقيقي، وحديث العباس بن محمد سيأتي في باب لاحق برقم / 4117.
انظر: السنن الكبرى للبيهقي (5/ 34)، إتحاف المهرة (17/ 147).
3537 -
حدثني محمد بن عمران الهَمَذاني
(1)
، حدثنا القاسم ابن الحكم يعني العُرَنيَّ
(2)
، وحدثنا يحيى بن إسحاق بن إبراهيم بن سَافِري
(3)
، حدثنا عليُّ بن قادم
(4)
، قالا: حدثنا مِسْعر
(5)
، عن
⦗ص: 37⦘
إبراهيم بن محمَّد بن المنتشر
(6)
، عن أبيه، عن عبد الله بن عُمر أنه قال: إني لأَكرهُ أن أُصبح أتضمَّخُ
(7)
بطيبٍ محرمًا؛ لأن أطَّلِيَ
(8)
بقَطِران
(9)
أحبُّ إلي من ذلك، قال: فدخلت على عائشة فقالت: "قد طيَّبتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف في نسائه وأصبحَ محرمًا" وهذا لفظ القاسم، وقال علي بن قادم: إني لأكره أن أصبح محرمًا أنتضِحُ
(10)
طيبًا ولأن أطَّلِيَ بقَطِران أحبُّ إلي من ذلك، فدخلت على عائشة فقالت:
⦗ص: 38⦘
"كنتُ أطيِّب رسول الله صلى الله عليه وسلم-ثم يطوف على نسائه ويصبحُ محرمًا
(11)
".
(1)
ابن حبيب بن القاسم، القرشي، إمام مسجد جامع هَمَذان.
قال ابن أبي حاتم: "كتب إليّ ببعض حديثه، وهو صدوق"، وذكره ابن حبان في ثقاته.
انظر: الجرح والتعديل (8/ 41 - 42)، الثقات (9/ 147).
(2)
ابن كثير بن جُنْدب العُرَنيَّ.
(3)
أخو أيُّوب، وسافِري -بفتح السين المهملة وكسر الفاء بينهما الالف، وفي آخرها الراء- ت / 268 هـ. قال الخطيب وابن الجوزي:"وكان ثقة".
انظر: تاريخ بغداد (14/ 219)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 65).
(4)
هو الخُزاعي، أبو الحسن الكوفي.
(5)
ابن كِدَام الهِلَالي العامريّ، أبو سلمة الكوفي، ت / 155 هـ، وهو موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم. التقريب (ت 7443).
(6)
ابن الأجدع الهَمْداني الكوفي. انظر: تهذيب الكمال (2/ 83).
(7)
التَّضَمُّخ: التلَطُّخُ بالطِّيب والإكثار منه، حتى كأنَّما يَقْطُر.
انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 208)، لسان العرب (3/ 36)، العين لخليل بن أحمد (4/ 181)، الصِّحاح للجَوهَري (1/ 426).
(8)
أطَّلِيَ: الطاء واللام والحرف المعتل أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على لطْخ شيءٍ بشيءٍ، والآخر على شيءٍ صغيرٍ كالولدِ للشَّيءِ، فالأوَّلُ طَليْتُ الشَّيءَ بالشَّيء، أَطْليه، واطَّليتُ بالشَّيءِ أَطَّلِي به.
انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ص 597).
(9)
قَطران: دهن يُدَّهن به الإبل من الجرب.
انظر الفائق للزمخشري (3/ 199)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض (1/ 628)، فيض القدير للمناوي (6/ 293).
(10)
أنتضحُ: أي أنضح طيبًا، قال الزبيدي في تاج العروس (7/ 183):"وفي حديث الإحرام: ثم أصبَح مُحْرِمًا يَنْضحُ طِيبًا أَي يَفوح، وأصْلُ النَّضْح الرَّشْح فشبَّه كَثْرةَ ما يَفوح من طِيبه بالرَّشْح". وانظر لسان العرب (2/ 618).
(11)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 850، 49) عن أبي كريب، عن وكيع، عن مسعر وسفيان، وعن سعيد بن منصور، وأبي كامل، كلاهما عن أبي عوانة الوضَّاح اليَشكُري، ثلاثتهم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر به، بنحو لفظ المصنف، وفي طريق أبي عوانة سؤال محمدِ بن المنتشر ابنَ عمرَ عن الطِّيب عند الإحرام، وذكر قوله لعائشة رضي الله عنها، وانظر الحديث التالي.
من فوائد الاستخراج: روى الحديث بلفظين مختلفين، لكل منهما مدلول خاص، ويترتب على اختلافهما تنوع الاستدلال في الفقه. فاللفظ الأول يدل على أن فعل التطييب قد وقع مرة واحدة، بينما اللفظ الثاني يدل على الاستمرار.
3538 -
حدثنا عمار بن رجاء، حدثنا أبو داود
(1)
، حدثنا شعبة
(2)
، عن إبراهيم بن محمد بن المُنْتَشِر قال: سمعت أبي يحدِّثُ، عن عائشة أنَّها قالت: "كنتُ أُطيِّب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يطوف على نسائه ثم يصبحُ محرمًا يَنْضحُ
(3)
طيبًا
(4)
".
(1)
سليمان بن داود الطيالسي، صاحب المسند.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ينضحُ: بالحاء المهملة، أي يفوح طيبًا، وفي صحيح مسلم:"ينضخ طيبًا" قال النووي: "كله بالخاء المعجمة، أي يفُور منه الطيب، ومنه قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66]، هذا هو المشهور أنه بالخاء المعجمة، ولم يذكر القاضي غيره، وضبطه بعضهم بالحاء المهملة وهما متقاربان في المعنى، قال القاضي: "قيل: النَّضخ بالمعجمة أقلُّ من النَّضح بالمُهْملة، وقيل عكسه، وهو أشهر وأَكثر". شرح النووي على مسلم (8/ 341).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الطيب للمحرم عند الإحرام- (2/ 849، =
⦗ص: 39⦘
= ح 849) عن يحيى بن حَبيب الحَارثي، عن خالد بن الحارث، عن شعبة به، بمثْل لفظ المصنف إلا أن فيه "ينضخ" بالخاء المعجمة، وأخرجه البُخاري في كتاب الطهارة (ص 48) عن محمد بن بشَّار، عن ابن أبي عَديٍّ، ويحيى بن سعيد، كلاهما عن شعبة، وعن أبي النُّعمان، عن أبي عوانة، كلاهما عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر بنحوه.
3539 -
حدثنا الصغاني
(1)
، حدثنا روح
(2)
، حدثنا شعبة
(3)
، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه قال: فذكرت ذلك لعائشة فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن "لقدْ كنتُ أطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يطوف على نسائه ثم يصبح محرمًا ينْضَحُ طِيبًا
(4)
.
(1)
محمد بن إسحاق بن جعفر.
(2)
هو رَوْح بن عُبادة القَيْسي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3538.
(4)
أخرجه مُسْلم عن يحيى بن حبيب، عن خالد بن الحارث، عن شعبة به، انظر الحديث قبله.
3540 -
حدثني أبو جعفر التِّرمذي
(1)
، حدثنا إبراهيم بن المنذر،
⦗ص: 40⦘
حدثنا ابن أبي فديك
(2)
، حدثنا الضحاك
(3)
، عن أبي الرِّجَال
(4)
، عن (أمِّه
(5)
)، عن عائشة أنَّها قالت: "طيَّبتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أحرَمَ ولحلِّه قبل أن يُفيضَ بأطيبِ ما وجدتُ
(6)
".
(1)
محمد بن أحمد بن نصر أبو جعفر الترمذي الفقيه الشافعي، قال الدارقطني:"ثقة مأمون ناسك"، وقال أيضًا:"لم يكن للشافعية بالعراق أرأس منه ولا أورع، وكان صبورًا على السفر"، وقال الخطيب البغدادي:"وكان ثقة من أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا"، وقال الذهبي:"الإمام، العلامة، شيخ الشافعية بالعراق في وقته".
انظر: سؤالات الحاكم للدارقطني (1/ 149)، تاريخ بغداد (1/ 366)، سير أعلام النبلاء (13/ 545).
(2)
ملتقى الإسناد مع مسلم، واسمه: محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فُدَيْك -بالفاء مصغَّر- الدِّيلي مولى بني الدِّيل.
(3)
ابن عُثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحِزامي -بكسر أوله والزاي- أبو عثمان المدني الكبير.
(4)
محمد بن عبد الرحمن بن حارثة، الأنصاري، أبو الرِّجال -بكسر الراء وتخفيف الجيم- ثقة من الخامسة. تقريب التهذيب (ت 6829).
(5)
في نسخة (م)"عن أبيه"، وهو خطأ، والتصويب من إتحاف المهرة، وتحفة الأشراف، وأمه: عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية، ت / قبل المائة.
انظر: تحفة الأشراف (12/ 417)، إتحاف المهرة (17/ 745)، التقريب (11712).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحجِّ -باب الطيب للمحرم عند الإحرام (2/ 847، ح 38) عن محمد بن رافع، عن ابن أبي فديك به، بمثل لفظ أبي عوانة إلا أن فيه "لحُرمه حين أحرم"، ولم أقف على من روى هذا الحديث عن أبي الرِّجال عن عمرة إلا الضحاك بن عثمان، أما عن عمرةَ فرواه عدة من الرواة، فأخرجه الطَّحاوي عن يونس، عن ابن وهب، عن أسامة بن زيد عن أبي بكر بن محمد، عن عمرة به.
انظر: شرح معاني الآثار (2/ 130).
بابُ الأمكنة التي رأى يونس وموسى صَلوات الله عليهما أجمعين ما رآهما يُلبِّيان
(1)
، وصِفَتهما، ورفع صوتِهما بالتَّلْبية، ومُهَلُّ
(2)
عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم
-
(1)
هكذا في الأصل (م)، ولم يظهر لي وجه هذه العبارة، ولعلّ الأوضح أن يقال:"باب الأمكنة التي رأى يونس وموسى صلوات الله عليهما أجمعين فيها، رآهما يلبيان"، وذلك أن صلة الموصول لا بدّ أن يكون فيها ضمير (العائد) مطابق للموصول، ولا يوجد العائد فيما كتب حسب المخطوط. انظر شَرْح شُذُور الذَّهَب (2/ 302).
(2)
والمُهَلُّ بضم الميم وفتح الهاء موضعُ الإِهْلال، وهو الميقات الذي يُحْرِمون منه، ويقع على الزمان والمكان، وأصل الإهلال رفع الصوت، وكلُّ رافع صوته مُهِلٌّ.
انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 379)، لسان العرب (15/ 120).
3541 -
حدثنا الصغاني، حدثنا الحسن بن مُوسى الأشْيَب، حدثنا حمَّاد بن سلمة، عن داود بن أبي هند
(1)
، عن أبي العالية
(2)
، عن عبد الله ابن عبَّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على وادِي الأزرق
(3)
فقال: "ما هذا
⦗ص: 42⦘
الوادي؟ " فقيل: وادي الأزرق، فقال: "كأنِّي أنظرُ إلى موسى بن عمران مُنْهبطًا له جُؤَارٌ
(4)
إلى ربّه بالتّلبية" ثم أتى على ثنيَّة
(5)
فقال: "ما هذه الثنيَّة؟ " فقيل: ثنِيَّة كذا وكذا، فقال: "كأني أنظرُ إلى (*يونس*)
(6)
بن متَّى على ناقة حمراءَ جَعْدة
(7)
خِطَامُها من لِيفٍ
(8)
وهو يُلبي وعليه جُبَّة
(9)
من صُوف
(10)
".
(1)
ملتقى الإسناد مع مسلم، واسم أبي هند دينار بن غُذَافر، ويقال: طَهمان القُشَيري البصري.
(2)
رُفيع بن مهران، الرِّياحي.
(3)
بالراء المهملة بعد الزاي ثم قاف أفعل من الزرقة، وهو موضع خلف أَمَجُ إلى مكة بمِيل، وأَمَجُ -بالتحريك- يعرفُ اليوم بِخليص، وادٍ زراعيٌّ على مائة كيل من مكة شمالًا على الجادَّة العظمى.
انظر: معجم ما استعجم من البلاد (1/ 146)، معجم البلدان (1/ 168)، معجم =
⦗ص: 42⦘
= المعالم الجغرافية للبلادي (ص 31).
(4)
جُؤَار -بضمِّ الجيم وفتح الهمز-: رفع الصَّوت مع تضرُّع واستغاثة.
انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 133)، النهاية (1/ 663)، لسان العرب (4/ 112).
(5)
الثَّنِيَّةُ: الأرض ترتفعُ وتغلُظ، والثنية في الجَبل العَقَبة فيه أو طريقه.
انظر: غريب الحديث لابن قتيبة (3/ 698)، القاموس المحيط (ص 1166).
(6)
تصحف في نسخة (م) إلى موسى، فضرب عليه الناسخ، وكتب الصواب في الهامش الأيمن.
(7)
جَعْدة: مجتمعة الخلق شديدة الأسْر، النهاية (1/ 767)، مشارق الأنوار (1/ 306).
(8)
ليف: بكسر اللام، قشر النخلة المجاور للسَّعف، القطعة منها: ليفة، والخِطام كلُّ ما وُضِعَ على أنف البعير ليُقتادَ به.
انظر: القاموس المحيط (ص 788، 1018)، لسان العرب (9/ 322)، المعجم الوسيط (ص 850).
(9)
الجُبَّة: ثوب سابغ واسع الكُمَّين، مشقوق المُقَدَّم يلبس فوق الثياب.
انظر: المُعجم الوسيط (ص 104).
(10)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب ذكر الأنبياء عليهم السلام (1/ 152، =
⦗ص: 43⦘
= ح 268)، عن أحمد بن حنبل، وسُريج بن يونس، عن هشيم، عن داود بن أبي هند به، بنحو لفظ المصنِّف.
وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/ 373) والبيهقي في شُعب الإيمان (3/ 440) من طريقه، وابن بِشران في الأمالي (2/ 315)، من طُرق عن الحسن بن موسى الأشْيب به، ولفظ البيهقي مثل لفظ المصنف، وأخرجه أبو يعلى الموصلي (6/ 97)، وابن حبان (14/ 103)، من طُرُقٍ عن حمَّاد بن سَلمة به.
3542 -
حدثنا يوسفُ القاضي
(1)
، حدثنا محمد بن أبي بكر
(2)
، حدثنا ابن أبي عَدِيٍّ
(3)
، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن ابن عباس قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة فمررنا بواد فقال: "أيُّ واد هذا؟ " قالوا: وادي الأزرق، قال:"كأنِّي أنظر إلى موسى عليه السلام" فذكر من لونه وشعره شيئًا لا يحفظُه داود "واضعًا أصبعيه في أذنيه، له جُؤار إلى الله بالتلبية" ثم سِرْنا حتى أتينا على ثَنِيَّة فقال: "أي
⦗ص: 44⦘
ثنية هذه؟ " قالوا: ثنِيَّة لِفْت
(4)
، قال: "كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء عليه جُبَّة صوف خطام ناقته خُلْبَة
(5)
قد انحدر في هذا الوادي ملبِّيًا
(6)
".
(1)
يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري الأصل، أبو محمد القاضي البغدادي، وهو الذي قتل الحلَّاج.
(2)
هو: محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المُقدّمي، أبو عبد الله البصري.
(3)
هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عَدِيٍّ السُّلَمي ت / 194 هـ.
وثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حجر.
انظر: تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (ص 64، ح 106)، الجرح والتعديل (7/ 186)، تهذيب الكمال (24/ 321)، التقريب (ت 6395).
(4)
لِفْت: بكسر اللام وسكون الفاء، وفيها وجهان آخران، وهما: فتح أوله وسكون الثاني، وفتح أوله وفتح الثاني، وادٍ قريب من هَرْشَى عَقبة بالحجاز بين مكة والمدينة، وهي الآن ثنية تشرف على خليص من الشمال، يطؤها الدرب بينه وبين قديد، سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهاجرته، وتسمى اليوم "الفَيْتُ"، ولعله تحريفًا للفيت بالتصغير .. ، وقد هجرت لفت من زمن، ولم تعد مطروقة، وعند ما عبد الطريق تجاهلها وتركها وأخذ عنها يسارًا في حرَّة لم تكن مطروقة من قبل.
انظر: معجم البلدان (5/ 20)، شرح النووي (2/ 400)، مشارق الأنوار (1/ 725)، المعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية (ص 393).
(5)
خُلْبة: بضم الخاء المعجمة، وسكون اللام، اللِّيف، أي جعل لها خطام من حبل ليف. انظر: النهاية لابن الأثير: (2/ 137)، مشارق الأنوار (1/ 461).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب ذكر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم السلام (1/ 152 ح 369) عن محمد بن المثنّى، عن ابن أبي عدّيٍّ بنحوه.
3543 -
حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة أبو عبد الله
[*]
الوراق، حدثنا أزهر بن سعد
(1)
، عن ابن عون
(2)
، عن مجاهد
(3)
قال: ذكروا عند
⦗ص: 45⦘
(ابن عباس
(4)
) الدَّجَّال فقالوا: إنه مكتوب بين عينيه ك ف ر، قال ابن عباس: لم أسمعه قال ذاك ولكنه قال: " [أمَّا
(5)
] إبراهيمُ فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى فرجلٌ آدمُ
(6)
جَعْدٌ
(7)
على جمل أحمر مخطُوم بخُلْبة، كأني أنظر إليه قد انحدر
(8)
الوادي يُلبي
(9)
".
(1)
هو أزهر بن سعد السَّمَّان أبو بكر البصري.
(2)
موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم، وهو: عبد الله بن عون بن أَرْطَبَان المُزَني مولاهم، أبو عون البصري.
(3)
هو: مجاهد بن جبير، أبو الحجاج، المخزومي مولاهم، المكي.
(4)
في نسخة (م) ابن عياش، والتصويب من إتحاف المهرة (8/ 24)، وصحيح مسلم.
(5)
في (م): تصحّف "أمَّا" إلى "أخبرنا"، والتصويب من صحيح مسلم (1/ 153).
(6)
آدَمُ: بالمدِّ، أي: أسمر. فتح الباري (6/ 429).
(7)
الجَعْد: يحتمل معنيين، أولهما: شديدُ الخلق مجتمعه مكتنز الجسم، وثانيهما: جعودة الشعر ضدّ السبوطة والاسترسال، كشعر السّودان.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 306)، لسان العرب (3/ 121)، شرح النووي على مسلم (2/ 397)، وانظر غريب الحديث للهروي (1/ 389).
(8)
هكذا في نُسْخة (م)، ولم أقف في كتب اللغة على شيء يدل أن فعل "انحدر" يتعدى إلى المفعول به بدون حرف الجر، ولعلّ الأقرب:"انحدر في الوادي" كما في مسلم والحديث قبله.
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء عليهم السلام (1/ 152، ح 270) عن محمد بن المثنى، عن ابن أبي عديٍّ، عن ابن عون بنحوه، وأخرجه البخاري في الحج -باب التلبية إذا انحدر في الوادي- (ص 252، ح 1555)، وفي اللباس -باب الجعد- (ص 1038، ح 5913) عن محمد بن المثنى بنحوه.
_________
[*] قال أحمد بسيوني: كذا هنا وفي مطبوعة دار المعرفة (3684): (أبو عبد الله)، وهي كذلك في الأصل الخطي المحفوظ بدار الكتب المصرية (3/ ق 69/ ب)، ووضع فوق العين فتحة!، وهذه النسخة بها الكثير من التصحيفات، والصواب:(أبو عبيد الله)، كما في إتحاف المهرة (8820) وأصوله الخطية، وكذا في مصادر ترجمة الراوي، وقد فات الحافظ عزوه لأبي عوانة.
3544 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا سفيان بن عيينة
(1)
،
⦗ص: 46⦘
عن الزهري، عن حنظلة الأسلمي
(2)
، سمع أبا هريرة يقول: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليُهِلَّنَّ ابنُ مرْيم" ح.
وحدثنا عيسى بن أحمد
(3)
، حدثنا بشر بن بكر
(4)
، ح.
وأخبرني العباس بن الوليد، أخبرني أبي
(5)
قالا: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني ابن شهاب
(6)
، عن حنظلة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليُهِلَّنَّ ابن مريم بفَجِّ الرَّوْحاء
(7)
⦗ص: 47⦘
حاجًّا أو معتمرًا أَوْ ليثْنِيَنَّهُما
(8)
(9)
".
(1)
ملتقى الإسناد مع مسلم.
(2)
ابن علي، ابن الأسْقع، الأسْلمي المَدني.
(3)
العَسْقلاني، أبو يحيى البلخي.
(4)
التِّنِّيسي -بكسر التاء المثناة من فوق وكسر النون المشددة، والياء المثناة من تحت والسين المهملة- نسبة إلى مدينة بديار مصر قرب دمياط، أبو عبد الله البحلي.
الأنساب للسمعاني (1/ 487).
(5)
هو الوليد بن مزيد العذري أبو العباس البيروتي.
(6)
ملتقى الإسناد مع مسلم.
(7)
فَجّ الروحاء: بفتح الفاء وتشديد الجيم، وهو الطريق الواسع، وسميت الرَّوحاءُ روحاءَ لانفتاحها وسعتها، وهو موضع على الطريق بين المدينة وبدر على مسافة أربعة وسبعين كيلًا من المدينة، نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى مكة.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 458)، فتح الباري (1/ 126)، النهاية لابن الأثير (3/ 784)، معجم البلدان 3/ 87، وتاج العروس 6/ 428، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 598)، والمعالم الأثيرة (ص 131)، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (1/ 107).
(8)
ليثنِينَّهما: بفتح الياء، وسكون الثاء، وكسر النون، وفتح الياء، وتشديد النون، أي يَجمع أو يقرن بينهما.
انظر: شرح النووي (8/ 426)، ومشارق الأنوار (1/ 248).
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه (2/ 915، ح 216) عن سعيد بن منصور، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، جميعًا عن ابن عيينة بمثله، إلا أن فيه زيادة القسم:"والذي نفسي بيده"، وأخرجه أبو عمرو الداني في السُّنن الواردة في الفتن (ج 6 / ص 1245)، عن الحارث بن سليمان عن عُقبة بن علقمة عن الأوزاعي به.
من فوائد الاستخراج: فيه علوّ نسبي: المساواة بين المصنِّف ومسلم، لتساوي عدد رجال إسناديهما.
3545 -
حدثنا (شُعَيب بن شُعَيب) بن إسحاق
(1)
، حدثنا مَروان
(2)
، حدثنا لَيثٌ
(3)
، عن الزُّهري، ح.
وحدثنا الدقيقي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن أخي الزهري
(4)
، عن عمه
(5)
، ح.
⦗ص: 48⦘
وحدثنا محمد بن الصباح
(6)
، وابن مُهِلٍّ
(7)
قالا: حدثنا عبد الرزاق
(8)
، عن مَعمر، عن الزُّهري
(9)
، مثله.
(1)
أبو محمد الدمشقي، ت / 264 هـ، وثقه الذهبي، وقال الحافظ:"صدوق"، وقد تصحف في (م) إلى شعب بن شعب، والتصويب من إتحاف المهرة وغيره.
انظر: الكاشف (2/ 12)، التقريب (ت 2818)، الإتحاف (14/ 466).
(2)
ابن محمد بن حسّان الأسدي الطَّاطَري.
(3)
ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي المصري.
(4)
هو: محمد بن عبد الله بن مسلم، الزهري.
(5)
محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وهو ملتقى الإسناد مع مسلم.
(6)
هو محمد بن إسحاق بن الصبَّاح الصَّنعَاني، يُنسب إلى جده، لم أقف له على ترجمة، وقد روى عنه ابن المنذر في الأوسط، وابن الأعرابي في (معجمه):(1/ 376، ح 719، 733) وغيرهم، وأفاد محقق (المُعجم) عبد المحسن الحُسيني أنه لم يقف له على ترجمة، وكذلك الذين سبقوه في تحقيق ذلك (المعجم) - (1/ 376)، وقد مرّ في أحاديث كثيرة عند أبي عوانة، ونسبه إلى الصنعاني، انظر على سبيل المثال: الجزء الذي قام بتحقيقه د. محمّدي ح 2229، والجزء الذي قام بتحقيقه الشيخ عباس ح 445، 578، 612، كما جاء مقرونًا مع ابن مُهِلّ ومصرحًا باسمه:(محمد ابن إسحاق بن الصباح) في القسم الذي حققه د. هاني فقيه (ح / 7996).
(7)
هو محمد بن عبد الله بن مُهِلّ -بضم الميم وكسر الهاء، وتشديد اللام-.
(8)
الحديث في مصنَّفه (11/ 400).
(9)
الزهري ملتقى الإسناد مسلم، وقد أخرج مسلم هذا الحديث في كتاب الحج -باب إهلال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهديه- (2/ 915) عن قتيبة عن ليث، وعن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، كلاهما عن الزهري به، وأحال لفظه على حديث سفيان بن عيينة عن الزهري.
من فوائد الاستخراج:
• فيه العُلوُّ النسبي: المساواة بين المصنِّف ومسلم، لتساوي عدد رجال إسناديهما.
• نوع آخر من العُلوِّ النسبي: القُرب في الإسناد من إمام من أئمة الحديث، وهو هنا القرب من الإمام عبد الرزاق الصَّنعاني. انظر فتح المغيث (3/ 25).
باب بيان المكان الذي كان يبتدئُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بالتَّلبية عند إحرامِه
3546 -
حدثنا الصغاني، حدثنا عبد الله بن يوسف
(1)
، أخبرنا مالك
(2)
، وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه أنه قال: بيداؤُكم! هذا الذي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها "ما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد" يعني: مسجد ذي الحُليفة
(3)
.
(1)
التِّنِّيسي أبو محمد الكَلاعِي.
(2)
ملتقى إسناد المصنف مع إسناد مسلم، والحديث في موطئه برواية يحيى الليثي (2/ 418).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحُليفة- (2/ 843، ح 23) عن يحيى بن يحيى عن مالك بمثله، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب الإهلال عند مسجد ذي الحُليفة (ص 250، ح 1541) عن القعنبي عن مالك بنحوه، وذو الحُليفَة -بضم الحاء وفتح اللام والفاء- كأنه تصغير حلفة: من أشهر ما يتردد في تاريخ المدينة والسيرة، وهو ميقات أهل المدينة ومن مر به من غيرهم، وشهرته تغني عن المزيد، يبعد عن المدينة على طريق مكة، تسعة أكيال جنوبًا وهي اليوم بلدة عامرة، فيها مسجده صلى الله عليه وسلم، وتعرف عند العامة بآبارِ علي.
انظر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 433)، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 104).
من فوائد الاستخراج: =
⦗ص: 50⦘
= روى المصنِّف هذا الحديث من طريق عبد الله بن يوسف التِنِّيسي، وهو من أوثق من روى موطأ مالك بعد القَعنبي كما قال ابن معين، وقال مرة:"ما بقي على أديم الأرض أحد أوثق في الموطأ من عبد الله بن يوسف"، وقد توفي قبل يحيى بن يحيى سنة 218 هـ.
3547 -
حدثنا أبو أمية
(1)
، حدثنا أحمد بن يونس
(2)
، حدثنا زهير
(3)
، حدثنا موسى بن عقبة
(4)
، قال: حدثني سالم، قال: سمعت عبد الله بن عمر قال: ذكرت البيداء
(5)
والإهلال منها، بلغ قوله في ذلك أن يقول: البيداء الذي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله ما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند مسجد ذي الحُليفة
(6)
".
⦗ص: 51⦘
ورواه حاتمٌ، عن موسى إلا أنه قال: "ما أهلَّ إلَّا من عند الشجرة حين قام بعيره
(7)
" وأما ابن عيينة، فرواه عن موسى، كما رواه مالك
(8)
.
(1)
محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي، الطَّرْسُوسِي.
(2)
هو: أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي، أبو عبد الله الكوفي.
(3)
ابن معاوية.
(4)
ملتقى الإسناد مع مسلم.
(5)
البيداء: لغة: المَفازةٌ لا يكون فيها شيء، والمقصود هنا من البيداء: الصحراء الواسعة تقع في الجنوب الغربي من المدينة المنورة، على بعد تسعة كيلو مترات تقريبًا، لا ينبت فيها شيء، ويفصلها الطريق المؤدي إلى جدة ومكة المكرمة إلى قسمين، جنوبي وشمالي، وأول البيداء عند آخر ذي الحليفة.
انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 96)، تاريخ معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا لأحمد ياسين الخياري (ص 240).
(6)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب التلبية وصفتها ووقتها- (2/ 842، ح 20) عن =
⦗ص: 51⦘
= محمد بن عبّاد، عن حاتم، عن مُوسى بن عُقبة بنحوه، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 297) عن أحمد بن يونس به.
(7)
رواية حاتم عند مسلم كما تقدَّم آنفًا.
(8)
رواية سفيان بن عيينة عن موسى بن عقبة أخرجها أحمد في مُسنده (2/ 10) عن سُفيان بن عيينة به.
من فوائد الاستخراج: ساق مسلم هذه الرِّواية من طريق حاتم بن إسماعيل، وهو وإن كان موثِّقوه كثيرون، إلا أن البعض تكلَّم فيه، فالنسائيُّ ضعَّفه، وذكر ابن المدينيّ أَنَّه:"روى عن جعفر عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها"، أما أبو عوانة فساق الحديث من طريق زهير بن معاوية عن موسى بن عقبة، وزهير قال فيه شعيب ابن حرب:"كان أحفظ من عشرين مثل شعبة"، وقال ابن عيينة:"عليك بزهير ابن معاوية فما بالكوفة مثله".
انظر تهذيب ابن حجر: (2/ 129، 3/ 351).
3548 -
حدثَنا محمد بن حيَّويه
(1)
، حدثنا مُطَرِّف
(2)
، والقَعْنَبي، ويحيى
(3)
، عن مالك، ح.
⦗ص: 52⦘
وحدثنا أبو إسماعيل
(4)
، حدثنا القعنبي، عن مالك
(5)
، عن سعيد بن أبي سعيد يعني المقبري
(6)
، عن عُبيد بن جريج
(7)
، أنه قال لابن عمر: رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها، قال: ما هن يا ابنَ جريج؟ قال: رأيتك لا تمَسُّ من الأركان إلا اليمانِيَّيْنِ، ورأيتك تلبس النِّعال السِّبْتية
(8)
، ورأيتُك تصبُغُ بالصُّفْرة
(9)
، ورأيتك إذا كنتَ
⦗ص: 53⦘
بمكَّة أهلَّ الناس إذا رأوا الهِلال، ولم تُهِلَّ أنت حتى كان يوم التروية، فقال ابن عمر: "أما الأركان فإني لم أر النبِيّ صلى الله عليه وسلم (يمَسُّ
(10)
) إلا اليمانيين، وأما النِّعال السِّبتية فإني رأيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يلبس النِّعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصُّفرة فإني رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصبَغُ، فإني أحِبُّ أن أصبُغَ بها، وأمَّا الإهلال فإنِّي لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهِلُّ حتَّى تنبَعِثَ به راحلتُه
(11)
".
(1)
هو: محمد بن يحيى بن موسى الإسفراييني، يلقب حيَّويه، وقيل بل هو لقب لأبيه يحيى.
(2)
هو: مطرف بن عبد الله بن مطرف اليساري، أبو مصعب المدني.
(3)
هو: يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن التميمي، أبو زكريا النَّيسابوري، ت / 226 هـ.
وثقه ابن راهويه، والنَّسائي، وابن حجر وغيرهم، قال الإمام أحمد:"كان ثقة وزيادة" وأثنى عليه خيرًا. =
⦗ص: 52⦘
= انظر: تهذيب الكمال (32/ 31)، السير (10/ 512)، التقريب (ت 8637).
(4)
محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي، أبو إسماعيل الترمذي.
(5)
موضع التقاء الإسناد مع مسلم، والحديث في موطئه من رواية الليثي عنه بمثله.
انظر: الموطأ (2/ 418 - 419).
(6)
اسم أبي سعيد: كَيسان المقبُري -نسبةً إلى مقبرة بالمدينة كان مجاورًا لها.
(7)
عُبيد بن جُرَيج التيمي، مولاهم المدني، ثقة، من الطبقة الثالثة.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (5/ 444)، والتقريب (ت 4909).
(8)
منسوبة إلى السِّبْت بالكسر وهو جلد البقر، وقيل المدبوغة بالقُرَظ، وقيل: هو من السّبْت وهو الحَلقْ لأن الشّعر يُسْبَتُ عنه ويُزال، وذكر راوي الحديث عاصم عند الطرسوسي في مسند عبد الله بن عُمر، بأنَّ النِّعال السِّبتية تُحلقُ وتُدبغُ ليس فيها شعر.
انظر: مسند عبد الله بن عمر للطرسوسي (ص 22)، فتح الباري (1/ 129)، غريب الحديث لأبي عبيد (2/ 150)، الفائق للزمخشري (2/ 148).
(9)
تصبُغُ بالصفرة: بضم الباء وفتحها لُغَتان مشهورتان، أي تلوِّن وتغير بالصُّفرة، وهي الوَرْس والزَّعَفْران.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 334)، الفائق للزمخشري (2/ 284) لسان =
⦗ص: 53⦘
= العرب لابن منظور (7/ 358)، القاموس المحيط (ص 396).
(10)
تصحَّف في نسخة (م) إلى تلبس.
(11)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الإهلال من حيثُ تَنْبعث الراحلة (2/ 844، - 845، ح 25، ح 26)، عن يحيى بن يحيى عن مالك بنحوه، وعن هارون بن سعيد الأيْليّ، عن ابن وهب، عن أبي صخر، عن ابن قُسيط، عن عُبيد بن جريج به، واختصر الحديث وقال:"بهذا المعنى" أي بمعنى حديث مالك، وأخرجه البخاري في كتاب الطهارة -باب غسل الرجلين في النعلين (ص 33)، عن عبد الله بن يوسف، وفي كتاب اللباس -باب النعال السبتية- (ص 1031) عن القعنبي، كلاهما عن مالك بمثله، وأخرجه أيضًا.
من فوائد الاستخراج: أخرجه المصنف من طريق القعنبي ويحيى عن مالك، بينما أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك، ورواية القعنبي عن مالك أعلى من رواية يحيى عنه، وكان ابن معين لا يقدم على القعنبي أحدًا في مالك، وقال ابن المدينيّ:"لا أقدِّم من رواة الموطأ أحدًا على القَعْنَبي".
وربما لهذا أخرج البخاري رواية القَعْنبي في صحيحه. =
⦗ص: 54⦘
= انظر: الجرح والتعديل (5/ 181)، معرفة الثقات للعجلي (2/ 61)، من كلام يحيى بن معين في الرجال (رواية الدقَّاق ص 116)، الثقات لابن حبّان (8/ 353)، تهذيب الكمال (16/ 136)، سير أعلام النبلاء (10/ 257)، تهذيب التهذيب (6/ 32)، تقريب التهذيب (ت 4009).
3549 -
حدثنا عُمر بن شَبَّة، وقُرْبُزان
(1)
، قالا: حدثنا يحيى
(2)
عن عبيد الله بن عمر، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد
(3)
، عن جُريج، أو ابن جريج
(4)
، قلت لابن عمر: أربع خلال رأيتك تصنعهنَّ فقال: وما هنّ؟ قال: رأيتك تلبس هذه النِّعال السِّبتية، ورأيتك تصفِّر لحيتك، ورأيتك تستلم هذين الركنين اليمانيين لا تستلم غيرهما، ورأيتك لا تهلُّ حتى تضع رجلك في الغَرْز
(5)
وتستوي بك راحلتك، قال: "أمَّا لِبْسي هذه النِّعال السِّبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ويتوضأ فيها ويستحبُّها، و (أما) تصفيري لحيتي، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفِّر لحيته، وأما
⦗ص: 55⦘
استلامي هذين الركنين فإنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما ولا يستلم غيرهما، وأما إهلالي فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع رجله في الغَرْز واستوتْ راحلته أهلَّ (1) ".
(1)
هو: عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، البصري، ثم البغدادي، أبو سعيد.
(2)
ابن سعيد الأنصاري.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3548.
(4)
هكذا في (م)، وفي إتحاف المهرة: "شكَّ يحيى -فقال: عن ابن جريج أو جريح.
انظر: إتحاف المهرة (8/ 578).
(5)
الغَرْز: بفتح العين وسكون الراء، هو للحمل كالرِّكاب في الفرس.
انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (2/ 153)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض (2/ 254).
⦗ص: 55⦘
= (1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 17)، عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر به، وانظر تخريج الحديث السابق.
من فوائد الاستخراج: هذه طريق أخرى عن سَعيد المقبري، وهي طريق عبيد الله ابن عمر، وقد تقدم أن سعيدًا اختلط قبل موته، ورواية عبيد الله من أصح الروايات عنه، قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: "أصح الناس حديثًا عن سعيد المقبري ليث بن سعد، وعبيد الله بن عمر يقدم في سعيد".
انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 670).
3550 -
حدثنا (سعدان) بن يزيد البزَّاز
(1)
، حدثنا إسحاق ابن يوسف، ح.
وحدثنا أبو جعفر أحمد بن أبي رجاء
(2)
، وعبَّاس بن محمد
(3)
، ومحمَّد بن عيسَى
(4)
، قالوا: حدثنا حجاج
(5)
، ح.
⦗ص: 56⦘
وحدثنا محمد بن خُزيْمَة البصْري ابن أخت يزيد بن سنان
(6)
، حدثنا عثمان بن الهيثم
(7)
، ح.
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق
(8)
، حدثنا مكي
(9)
، كلهم عن ابن جريج
(10)
قال: أخبرني صالح بن كَيْسَان، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يخبرُ: "أنَّ النبِيّ صلى الله عليه وسلم أهلَّ حينَ استوتْ به راحلتُه قائمةً
(11)
".
(1)
تصحَّف في نسخة (م) إلى سفيان، والتصويب من إتحاف المهرة، هو أبو محمد البزاز بزايين، البغدادي. إتحاف المهرة (9/ 100).
(2)
هو: أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي رجاء أبو جعفر المِصِّيْصِي.
(3)
ابن حاتِم الدوري البغدادي.
(4)
محمد بن عيسى بن أبي موسى، أبو جعفر البغدادي الأبْواهي العطار الأبْرَشي.
(5)
ابن محمد المِصِّيْصِي، أبو محمد الأعور، وهو موضع التقاء المصنف مع مسلم.
(6)
محمد بن خزيمة بن راشد أبو عمرو البصريّ.
حدَّث بالدّيار المصرية، وروى كتب حمّاد بن سلمة، ت / 276 هـ، قال ابن حبان في الثقات:"حدثنا عنه أحمد بن الفضل بن حاتم بالأبلة وغيره مستقيم الحديث"، وقال الذهبي في الميزان:"مشهور ثقة".
انظر: الثقات لابن حبان (9/ 133)، تاريخ الإسلام (5/ 145)، ميزان الاعتدال:(3/ 537).
(7)
ابن جهم العبدي البصري. ت / 220 هـ.
قال أبو حاتم: "كان صدوقًا، غير أنه تغير بأخرة وكان يتلقن ما يُلَقن"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر:"ثقة تغير فصار يَتَلَقّن".
انظر: الجرح والتعديل (6/ 175)، الثقات (8/ 453)، التقريب (ص 670).
(8)
أبو إسحاق الأموي، نزيل مصر.
(9)
ابن إبراهيم بن بشير التميمي، أبو السكن البلخي.
(10)
موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم في الطريق الرابعة.
(11)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الإهلال حيث تنبعث الراحلة- (2/ 845، ح 28)، عن هارون بن عبد الله، عن حجاج به نحوه، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من أهل حين استوت به راحلته قائمة- (ص 251، ح 1552)، عن =
⦗ص: 57⦘
= أبي عاصم عن ابن جريج بمثله، وأخرجه الطَّبراني في المعجم الكبير (11/ 375) والمعجم الأوسط (3/ 79) عن أبي مسلم عن عثمان بن الهيثم به، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 123)، عن إبراهيم بن مرزُوق عن مكي به، وعن محمد بن خزيمة، عن عثمان بن الهيثم به.
3551 -
حدثنا الميموني أبو الحسن
(1)
، وعمَّار ابن رجاء، قالا حدثنا محمد بن عبيد
(2)
، ح.
وحدثنا أبو يونس الجُمَحِي
(3)
، حدثنا إبراهيم بن حمزة
(4)
، عنَ عبد العزيز
(5)
، قالا: حدثنا عبيد الله بن عُمر
(6)
، عن نافع، عن ابن عمر
⦗ص: 58⦘
"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم-كان إذا أدخَلَ رِجْلَهُ في الغَرْز واستوتْ به ناقتُه قائمةً أهلَّ من مسجد ذي (الحُليفة)
(7)
".
(1)
هو: عبد الملك بن عبد الحميد بن عبد الحميد بن ميمون الرَّقي.
(2)
ابن أبي أمية الطَّنَافِسي.
(3)
هو: محمد بن أحمد بن يزيد القرشي المدني. ت / 255 هـ.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: "كتبت عنه بالمدينة، وهو صدوق"، قال الحافظ:"صدوق".
انظر: الجرح والتعديل (7/ 183)، تهذيب الكمال (24/ 353)، التقريب (ت 6413).
(4)
ابن محمد بن حمزة القرشي الأسدي، أبو إسحاق الزبيري المدني. ت / 230 هـ.
قال ابن سعد: "ثقة صدوق في الحديث"، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وقال النسائي:"ليس به بأس".
انظر: الطبقات (5/ 442)، الجرح (2/ 95)، تهذيب الكمال (2/ 78).
(5)
بن محمد الدَّرَاوَرْدِي.
(6)
موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم.
(7)
أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الحجِّ -باب الإهلال من حيثُ تنبَعِث الرَّاحلة (2/ 845، ح 27، ح 29) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عليٍّ بن مسهر، عن عبيد الله بن عمر بمثله غير أنَّه لم يذكر لفظةَ المسجد، وأخرجه أيضًا عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب، عن يونس عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه بنحوه.
من فوائد الاستخراج: روى الإمام مسلم رحمه الله هذا الحديث من طريق علي بن مسهر، عن عبيد الله بن عمر، وقد تكلم في علي بن مسهر، "فقد ذكر الأثرم عن أحمد أنه أنكر حديثًا فقيل له: رواه علي بن مسهر، فقال: إن علي بن مسهر كانت كتبه قد ذهبت فكتب بعد، فإن كان روى هذا غيره، وإلا فليس بشيء يعتمد"، فروى أبو عوانة هذا الحديث من طريق محمد بن عبيد الطنافسي الثقة، وعبد العزيز الدَّراودي، عن عبيد الله بن عمر، فهذه متابعة تقوي طريق علي بن مُسهر، وتدل أن عليًّا حفظ حديثه.
انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 755)، وتهذيب التهذيب (9/ 328).
باب بيان طريق النبِيّ صلى الله عليه وسلم عند خروجه من المدينة إلى مكة، وموضع نزوله بذي الحُليفة وبَيْتُوتَتِه بها، والصلاة التي كان يُحرِم دُبرها
(1)
(1)
الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب، تدل على أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يعرِّس بذي الحليفة بعد ما يرجع من حج أو عمرة، لا أنه كان يبيت بذي الحليفة عند خروجه للحج والعمرة، كما توهمه ترجمة الباب.
3552 -
حدثنا أبو أمية الطَّرسُوسِيّ، حدثنا هِشام بن عمَّار
(1)
، حدثنا أنس بن عياض، حدثنا عبيد الله بن عُمر
(2)
، عن نافع، عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشَّجرَة
(3)
، ويدخلُ من طَريقِ
⦗ص: 60⦘
المعَرَّس
(4)
، وأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كانَ يدخل مكة من الثَّنِيَّة العليا
(5)
ويخرُج من الثَّنِيَّة السفلى
(6)
(7)
".
⦗ص: 61⦘
وكذا رواه ابن نُمير
(8)
.
(1)
ابن نُصير -بالنون مصغرًا- السُّلمي الدمشقي الخطيب، أبو الوليد الحافظ المقرئ.
(2)
موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مع مسلم.
(3)
موضع مسجد ذي الحليفة، بينه وبين المدينة تسعة أكيال، وكان منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المدينة لحج أو عمرة، فكان ينزل تحت شجرة في هذا الموضع ويسمَّى بمسجد ذي الحليفة اليوم، وقد ذكر العيني في شرحه للبخاري، وغيره، أن هنالك مسجدان لرسول صلى الله عليه وسلم، المسجد الكبير الذي يحرم منه الناس وهو مسجد الشجرة، والمسجد الآخر مسجدُ المعرَّس، وهو الذي كان يعرِّس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الرجوع ويبيت فيه قبل دخول المدينة.
انظر: عمدة القاري (2/ 218)، معجم ما استعجم (1/ 464)، معجم البلدان (5/ 155)، المعالم الأثيرة (ص 131).
(4)
المُعرَّس: -بضم الميم، وفتح العين المهملة والرَّاء المشددة- بلفظ المفعول، موضع التَّعريس والنُّزول مطلقًا، والمقصود هنا موضع معروف بقرب المدينة على ستة أميال منها، كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعرِّس فيه عند الرجوع من حج أو عمرة.
انظر: شرح النووي على مسلم (9/ 7)، فتح الباري (5/ 21)، الكواكب الدراري للكرماني (8/ 67)، مشارق الأنوار (1/ 769).
(5)
الثَّنِيَّةُ: الأرض ترتفع وتغلظ، والثَّنية في الجَبل العَقَبة فيه أو طريقه، والثَّنية العُليا هي التي ينزل منها إلى المُعَلَّى مقبرة أهل مكة، يقال لها كداء -بالفتح والمد- وهو ما يعرف اليوم بريع الحُجون، يدخل طريقه بين مقبرتي المعلاة، ويفضي من الجهة الأخرى إلى حي العتيبية وجرول.
انظر: عمدة القاري (9/ 209)، والنهاية (4/ 280)، ومشارق الأنوار (1/ 689)، ومعجم البلدان (4/ 440)، عون المعبود (5/ 224)، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 262).
(6)
الثَنيَّة السُّفلى: هي التي أسفل مكة عند باب شَبيكة، يقال لها كدي -بضم الكاف مقصور- بقرب شعب الشاميين، وشِعب ابن الزبير، يخرج فيه من مسفلة مكة إلى جبل ثور وجنوب شرقي مكة إلى منى، وما زال يعرف بهذا الاسم، وطريقُه تسمى "اللاحجة" وكُلُّها من مكة، انظر المراجع السابقة.
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا، والخروج منها من الثنية السفلى، ودخول بلدة من طريق غير التي خرج منها- (2/ 918، ح 223) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نُمير، كلاهما عن عبد الله =
⦗ص: 61⦘
= ابن نُمير، عن عبيد الله بمثله، وأخرجه البُخاري في كتاب الحج -باب خروج النبي صلى الله عليه وسلم على طريق الشجرة- عن إبراهيم بن المنذر (ص 248)، وفي كتاب العمرة -باب القدوم بالغداة- عن أحمد بن الحجاج (ص 290)، كلاهما عن أنس ابن عياض بنحوه.
(8)
أخرجه مسلم كما تقدم آنفًا.
3553 -
حدثنا أبو سعيد البصْري
(1)
، حدثنا يحيى بن سعيد
(2)
، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل مكة من الثَّنِيَّة العُليا التي بالبَطْحاء
(3)
وخرج من الثَّنِيَّة السُّفلى
(4)
".
(1)
هو: عبد الرحمن بن محمد بن منصور الملقب بـ قُرْبزان.
(2)
ابن فَرُّوخ القطان، أبو سعيد البصري، وهو ملتقى الإسناد مع إسناد مسلم.
(3)
البَطْحَاء: هو مَسيل الماء، يكون فيه دقاق الحصى، وكانتِ البَطْحاء علما على جزء من وادي مكة، هو: بين الحجون إلى المسجد الحرام، ومنها الغَزَّة وسوقُ الليل.
أما في عصرنا فقد عبدت فذهبت البطحاء، فإذا ذكرت بطحاء مكة فهي هذا الموضع، أما بطحاء قريش فهي غير هذه، إنما هي مكان قرب جبل ثور.
انظر: فتح الباري (1/ 74)، مشارق الأنوار (1/ 170)، معجم البلدان لياقوت الحموي (1/ 445)، المعالم الجُغرافية في السِّيرة النبوية (ص 55).
(4)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا .. - (2/ 918، ح 224) عن زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، كلاهما عن يحيى القطان، عن عبيد الله به، محيلًا متنه على حديث عبد الله بن نُمير الذي سبق تخريجه آنفًا.
من فوائد الاستخراج: في هذا الحديث ذكر أبو عوانة متن للسند الذي أحال =
⦗ص: 62⦘
= مسلم متنه على حديث سابق، وفيه فائدة أخرى وهي العلوّ المطلق مع صحة السَّند، حيث بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم خمسةُ رجال، وبين النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وبين مسلم ستة رجال، ويُمكن أن يقال: فيه علوّ بدل، حيث وصل المصنف إلى شيخ شيخ مسلم بسند أقل رجالًا مما لو روى عن طريقه.
3554 -
حدثنا الميمُوني
(1)
، وعمار بن رجاء، قالا: حدثنا محمد بن عبيد
(2)
، عن عبيد الله
(3)
بإسناده: "كان يدخلُ من الثَّنِيَّة العُلْيا ويخرج من الثَّنِيَّة السُّفلى
(4)
".
(1)
هو: عبد الملك بن عبد الحميد، أبو الحسن الرقي.
(2)
الطَّنافسي.
(3)
ملتقى الإسناد مع مسلم.
(4)
أخرجه الإمام أحمد (2/ 29) عن محمد بن عبيد الطَّنافسي بمثله، وأخرجه البيهقي (5/ 71) من طرقٍ عن محمد بن عبيد بمثله أيضًا.
من فوائد الاستخراج: فيه المساواة، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنف مع إسناد مسلم، علمًا أن أبا عوانة في طبقة تلاميذ مسلم.
3555 -
حدثنا الصغاني، حدثنا أصْبَغ بن الفَرَج، قال: أخبرني ابن وهب
(1)
، حدثنا يونس
(2)
، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبيد الله ابن عبد الله بن عُمر
(3)
، أخبره عن عبد الله بن عمر أنه قال: "بات رسول الله
⦗ص: 63⦘
صلى الله عليه وسلم بذي الحُليفة مَبْدَأَهُ وصلَّى في مسجدها
(4)
".
(1)
هو عبد الله بن وهب القرشيّ المصريّ، وهو ملتقى الإسناد مع مسلم.
(2)
ابن يزيد بن أبي النَّجَّاد الأيليّ، أبو يزيد، مولى آل أبي سفيان.
(3)
ابن الخطاب، أبو بكر، شقيق سالم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الصلاة في مسجد ذي الحليفة- (2/ 846) عن حرملة بن يحيى، وأحمد بن عيسى، كلاهما عن ابن وهب بمثله، أما البخاري فأخرجه في "باب من بات بذي الحليفة (ص 250)، من حديث أنس، وعلَّق حديث ابن عمر فقال بعد ترجمة الباب: "قاله ابن عمر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم".
3556 -
حدثنا الصغاني، حدثنا محمد بن عبَّاد
(1)
، حدَّثنا حاتِم
(2)
، عن موسى
(3)
، عن نافع، أنَّ ابن عمر "كان يُعرِّس بالبطحاء الذي بذي (الحُليفة) حتى يصلِّي الصُّبح" يعني: إذا أقبل من سَفر حجٍ أو عمرةٍ أو غير ذلك، وأنَّ ابن عمر قال: "كان النبِيّ صلى الله عليه وسلم يُعرِّس بها حتَّى يُصْبح
(4)
".
(1)
ابن الزَّبْرِقان المكِّي، نَزِيل بغداد.
(2)
ابن إسماعيل المدني أبو إسماعيل الحارثي مولاهم.
(3)
ابن عقبة، موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في الحج -باب التعريس بذي الحليفة (2/ 981، ح 432) عن محمد بن إسحاق المسَيِّبيِّ، والبخاري في الحج (ص 284، ح 1767) عن إبراهيم بن المنذر، كلاهما عن أنس بن عياض عن موسى بن عقبة بنحوه، وليس في روايتهما التصريح بالتعريس حتى يُصلى الصبح، وقد تابع حاتم بن إسماعيل عن موسى بن عقبة في ذكره التعريس وصلاة الصبح، موسى بن طارق، كما عند الإمام أحمد عنه، عن موسى بن عقبة: قال نافع: "كان عبد الله إذا صدر من الحج والعمرة أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة، وإن عبد الله بن عمر حدَّثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان =
⦗ص: 64⦘
= يبيتُ بها حتى يُصَلي الصُّبح".
وأخرجه مسلم أيضًا عن يحيى بن يحيى، عن مالك، وعن محمد بن رمح، وقتيبة بن سعيد، كلاهما عن ليث، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر بنحوه، وفيه ذكر الصَّلاة بذي الحليفة.
تنبيه: عن ابن حجر في إتحاف المهرة (9/ 348) هذا الحديث لأبي عوانة من الطريق المذكورة عن نافع، كما عزاه أيضًا لأبي عوانة من الطريقة المذكورة في ترجمة سالم (8/ 422، ح 9685)، فجعله من حديث سالم، فقال:"عنه فيه: وعن الصغاني، ثنا محمد بن عباد، ثنا حاتم بن إسماعيل، كلاهما عن موسى بن عقبة، به" أي عن سالم به، وهذه الطريق الثانية لم أقف عليها في المخطوط الذي بين يدي، فلا أدري هل وقفَ ابن حجر على نسخةٍ خطيَّة أخرى، أو سببٌ آخر غير ما ذكر، علمًا أن الحديث روي عن موسى بن عقبة من طرق صحيحة عن سالم به أيضًا، وعند مسلم (2/ 981، ح 433) عن محمد بن عباد، عن حاتم، عن ابن عقبة، عن سالم، عن أبيه، بلفظ:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ في معرَّسه بذي الحليفة، فقيل له: إنك ببطحاء مباركة"
من فوائد الاستخراج: لفظ المستخرج فيه زيادة، وهي التصريح بالتعريس في ذي الحليفة إلى طلوع الفجر وصلاة الصبح بها، وهذه زيادة صحيحة غير موجودة عند مسلم.
انظر: إتحاف المهرة: (8/ 422)، (9/ 348، ح 11378).
3557 -
حدثنا الصغاني، حدثنا لُوَيْنٌ
(1)
،
⦗ص: 65⦘
حدثنا ابن المبارك
(2)
، عن موسى بن عقبة
(3)
، عن سالم، عن ابن عمر "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا نزل ذا الحليفة، فإذا أراد أَنْ يركب صلَّى في مسجد ذي الحُليفة وركب من قبل المسجد قائمًا، فإذا استوى به بعيره أهل". ويقول: " (ما أهلَّ
(4)
) رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من مسجد ذي الحُليفة حين قام بَعيره
(5)
".
(1)
هو محمد بن سليمان بن حبيب الأسَدي، أبو جعفر، ت / 245 هـ.
ولُوين -بالواو مصغرًا، لقبٌ له. الإكمال (7/ 149) =
⦗ص: 65⦘
= قال أبو حاتم: "صالح الحديث صدوق"، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ ابن حجر:"ثقة".
انظر: الجرح والتعديل (7/ 268)، الثقات (9/ 101)، تاريخ بغداد (5/ 294)، المعجم المشتمل (ص 242)، التقريب (ت 6653).
(2)
هو الإمام عبد الله بن المبارك.
(3)
موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم.
(4)
تصحف في نسخة (م) إلى "ياهل"، والتصويب من صحيح مسلم.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التلبية وصفتها ووقتها- (2/ 842، ح 20) من طريق محمد بن عبَّاد، عن حاتم بن إسماعيل، والبخاري في كتاب الحج (ص 250) عن علي بن عبد الله عن سفيان، وعن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، ثلاثتهم عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بنحوه، وليس فيه ذكر الصلاة، ولم أقفْ على من ذكر الصلاة عن موسى بن عُقبة عن نافع عند الخروج إلى العمرة أو الحج، وهي زيادة صحيحة باعتبارها زيادة ثقة مقبولة، فقد ثبتتْ من طرق كثيرة عن عددٍ من الصحابة، منها طريقا سالم ونافع عن ابن عمر رضي الله عنه، فأخرج مالك في موطئه (2/ 417) عن هشام بن عروة عن أبيه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-كان يصلي في مسجد =
⦗ص: 66⦘
= ذي الحليفة ركعتين، فإذا استوتْ به راحلته أهلَّ"، وأخرج البخاري (ص 252، ح 1554) عن سُليمان بن داود، عن فليح، عن نافع، عن ابن عمر: "إذا أراد الخروج إلى مكة ادَّهن بدُهن ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد ذي الحليفة فيصلِّي، ثم يركب، وإذا استوت به راحلته قائمة أحرم، ثم قال: هكذا رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يفعل"، وأخرج النسائي (ص 428، ح 2747)، عن عيسى بن إبراهيم، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أنه كان يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين، ثم إذا استوت به النَّاقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهلَّ بهؤلاء الكلمات"، وأخرج ابن خُزيمة في صحيحه (4/ 164) عن علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تسع سنين لم يحج
…
" وفيه: "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى مسجد ذي الحليفة فصلى فيه"، وانظر تخريج ح / 3555، 3546.
تنبيه: عزا ابن حجر في الإتحاف هذا الحديث إلى أبي عوانة، من طريق الصَّغاني، عن لُوين، عن ابن المبارك، عن موسى بن عقبة، عن نافع عن ابن عمر به، ومن طريق محمد بن حيَّويه، عن معلى بن أسد، عن عبد العزيز بن المختار، عن موسى بن عقبة عن نافع به، أما في المخطوط الذي بين يدي فجاء فيه الحديث في كلا الطريقين المذكورتين من رواية موسى بن عُقبة عن سالم عن أبيه به، علمًا أنَّ موسى بن عُقبة يروى الحديث في غير مستخرج أبي عوانة عن سالم، ونافع، كليهما عن ابن عمر رضي الله عنهما به، فيحتمل حصول خطأ في النسخة الخطيَّة الوحيدة التي اعتمدت عليها، ووقف الحافظ ابن حجر على نسخة أخرى للمستخرج، كما يحتمل =
⦗ص: 67⦘
= الأمر غير ما ذكر.
انظر: إتحاف المهرة (9/ 348).
من فوائد الاستخراج: زيادة مهمة صحيحة: وهي الصَّلاة في ذي الحُليفة، والركوب من قبل المسجد.
3558 -
حدثنا محمد بن حيَّويه، حدثنا معلَّى بن أسد
(1)
، حدثنا عبد العزيز بن مختار
(2)
، عن موسى بن عقبة
(3)
، عن سالم، عن أبيه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي وهو بالمعرَّسِ من ذي الحليفة من بطنِ الوادي" فقيل له: إنك ببطْحاءَ مباركةٍ، وقد أناخ بنا سالمٌ متوَخِّيًا
(4)
في المكان الذي أناخ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعرَّس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أسفلَ المسجد الذي ببطن الوادي، بينه وبين الطريق
(5)
، وسَطٌ
(6)
من ذلك،
⦗ص: 68⦘
ذلك، وقد رأيت سالمًا يتحرى أماكن من الطريق معلومة يصلِّى فيها، ويحدث أن أباه كان يُصلِّي فيها، "وأنه كان يرى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في تلك الأمكنة"، وقد ذكر لي نافع مثل ذلك عن عبد الله، ووصف لي تلك المنازل، فلا أعلم إلا أن قدْ وافق سالِمٌ فيها كلِّها
(7)
، إلَّا أنَّهُما اختلفا في المسجدِ بشَرَف الرَّوْحاء
(8)
⦗ص: 69⦘
..........
(9)
.
(1)
العَمِّي -بفتح المهملة، وتشديد الميم- أبو الهيثم البصري، أخو بهز.
(2)
عبد العزيز بن المختار الدَّبَّاغ المصري.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
متوخِّيًا: بخاء معجمة مشددة مكسورة، يعني: قاصدًا ومتحرِّيًا.
انظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 74)، (3/ 467)، مشارق الأنوار (2/ 564).
(5)
يعني: أن هذا المسجد واقع بين المعرَّس الذي ببطن الوادي وبينَ الطَّريق، وجاء في بعض الروايات: بينهم وبين الطريق، فالمقصود من ذلك: بين المعرِّسين (بكسر الراء، أي النازلين)، وبين الطريق.
انظر: فتح الباري (3/ 460).
(6)
أي متوسط بين الطَّريق وبين المعرَّس الذي ببطن الوادي، وإنما جاء بهذه الجملة، لبيان =
⦗ص: 68⦘
= أنه في حلق الواسط، لا قرب له إلى أحد الجانبين، وقد جاء عند مسلمٍ بالنَّصب:"وسطًا من ذلك"، ووجه ذلك أن يكون حالًا، بمعنى: متوسطًا.
انظر المرجع السابق، وانظر أيضًا: عمدة القاري (9/ 149).
(7)
وعند البخاري في صحيحه (ص 83، ح 483): "وسألت سالمًا فلا أعلمه إلا وافق نافعًا في الأمكنة كلها .. ".
(8)
شَرَف الرَّوحاء: أي الجبل العالي الذي بها، والرَّوحاء -بفتح الراء المهملة، والحاء المهملة الممدودة- هي قرية جامعة على ليلتين من المدينة وهي آخر السيَّالة للمتوجِّه إلى مكة، بينها وبين المدينة 74 كيلا، وهي من أعمال الفُرع، ارجع إلى ح / 3544.
وقد أشار ابن رجب إلى المسجد الذي اختلف فيه نافع وسالم بالرّوحاء وقال: "وقد ذكر ذلك بعض من صنف في أخبار المدينة بعد السبعمائة، وذكر أنه لا يعرف في يومه ذاك من هذه المساجد المذكورة في هذا الحديث سوى مسجد الروحاء ومسجد الغزالة، وذكر معهما مسجدًا ثالثًا، وزعم أنه معروف -أيضًا- بالروحاء، عند عرق الظبية، عند جبل ورقان".
وعند ذكر حديث ابن عمر الذي في البخاري من طريق نافع عن ابن عمر، وفيه "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى حيث المسجد الصغير، الذي دون المسجد الذي =
⦗ص: 69⦘
= بشرف الرَّوحاء وقد كان عبد الله يعلم المكان الذي صلى فيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم"، يقول: ثمَّ عن يمينك حين تقوم في المسجد تصلي، وذلك المسجد على حافة الطريق اليمنى، وأنت ذاهب إلى مكة، بينه وبين المسجد الأكبر رميةٌ بحجر، أو نحو ذلك" قال ابن رجب: "هذا هو المسجد الذي اختلف فيه سالم ونافع، كما ذكرناه في شرح الحديث الأول، وهذا الحديث: يدل على أن بالروحاء مسجدين: كبير وصغير، فالكبير بشَرَف الرَّوحاء، ولم يصل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عنده، إنما صلى موضع الصغير عن يمين ذلك المسجد، وأن بين المسجدين رمية بحجر".
انظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 592)، فتح الباري لابن حجر (1/ 138)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 598)، فيض القدير (2/ 356).
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التعريس- (2/ 981، ح 433، 434)، عن محمد بن عباد، عن حاتم بن إسماعيل، وعن محمد بن بكار، وسُريج بن يونس، عن إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن موسى بن عقبة بنحوه، إلا أن روايةَ حاتم بن إسماعيل اقتصرتْ على ذكر معرَّسه صلى الله عليه وسلم ما قيل له صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان، أما رواية إسماعيل بن جعفر، ففيها قصة توخِّي سالم لتلك الأمكنة، ولم تذكر اختلاف سالم ونافع في المسجد الذي بشرف الرَّوحاء، وأخرجه البخاري في كتاب الصلاة (ص 83، ح 483) وفي كتاب الحج (249، 1535) عن محمد بن أبي بكر المقدّميّ، وفي كتاب الاعتصام (ص 1263، ح 7345) عن عبد الرحمن بن المبارك، كلاهما عن فضيل بن سليمان، وفي كتاب المزارعة (ص 375، ح 2336) عن قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن موسى بن عقبة بنحوه، ومجموع ألفاظ طرق البخاري يتكون منه اللفظ الكامل للحديث كما أورده أبو عوانة. =
⦗ص: 70⦘
= من فوائد الاستخراج: هنالك فائدتان:
• حديث المستخرج فيه زيادات صحيحة لا توجد في صحيح مسلم.
• جاء في لفظ مسلم: "بينه وبين القبلة، وسطًا من ذلك"، وهذه جملة صعُب علي توجيهها، ولم أقف عليها عند غيره، وجاءت عند أبي عوانة من نفس الطريق موافقة للمصادر الحديثية الأخرى:"بينه وبين الطريق، وسطٌ من ذلك"، يعني: ذلك المسجد بين المعرِّس والطريق، متوسِّطٌ بينهما، وهو لفظ البُخاريِّ في صحيحه من طريق قتيبة بن سعيد.
تنبيه: عزا ابن حجر في إتحاف المهرة (9/ 348، ح 11387) هذا الحديث لأبي عوانة وذكر أنَّ موسى بن عقبة رواه من طريق نافع فقال: "عنه فيه: ثنا الصغاني، ثنا لُوين، ثنا ابن المبارك. وعن محمد بن حيَّويه، ثنا معلى بن أسد، ثنا عبد العزيز بن مختار، وعن الصغاني، ثنا محمد بن عبَّاد، ثنا حاتم، ثلاثتهم عن موسى بن عُقبة به".
ومع أن الحديث واحد، سواء كان عن سالم أو نافع، فقد سبب الاختلاف في عزو الإسناد إشكالًا في عزو متن الحديث أيضًا، حيث جعل الحافظ ابن حجر حديث ابن المبارك وحديث عبد العزيز بن مختار حديثًا واحدًا بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا نزل ذا الحُليفة، فإذا أراد أن يركب صلى في مسجد ذي الحُليفة"، وعزا الحديث إلى أبي عوانة وحده، بينما هذا اللفظ يطابق لفظ حديث ابن المبارك ولا يطابق لفظ عبد العزيز بن مختار، كما جمع الحافظ ابن حجر (الإتحاف 8/ 422، ح 9685) بين حديث إسماعيل بن جعفر وحاتم بن إسماعيل ووُهيب ثلاثتهم عن موسى بن عُقبة بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى وهو في معرسه من ذي الحليفة، فقيل: إنك ببطحاء مباركة .. وفيه قصة"، بينما يطابق هذا اللفظ أو يقارب =
⦗ص: 71⦘
= لفظ حديث عبد العزيز بن مختار، ولا يقارب لفظ حاتم بن إسماعيل عند المصنف، وإن كان يقارب لفظ حاتم عند مسلم، علمًا أني لم أقف على طريق إسماعيل بن جعفر ووُهيب في المخطوط الذي بين يديَّ، ويظهر أنه حصل تصرُّف من بعض الرواة في متن الحديث.
3559 -
حدثنا يونس بن حَبيب الأصبهانِي
(1)
، وعمَّار بن رجاء، قالا: حدثنا أبو داود
(2)
، حدثنا شعبة
(3)
، وهشام
(4)
، عن قتادة
(5)
، عن أبي حسَّان الأعرج
(6)
، عن ابن عباس "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لمَّا أتى ذا الحُليفة أشْعرَ
(7)
بدنتَه من جانب سنامها
(8)
الأيْمنِ".
قال شعبة: "ثم سَلَتَ
(9)
عنها الدم"، وقال هِشام: " (* ثم ألمَطَ
(10)
⦗ص: 72⦘
عنها الدَّم *)
(11)
، وأهلَّ بالحج" قال هشام: "أهلَّ عند الظهر وقلُّدها نعلين
(12)
".
قال يونس: قال أبو داود: قال شعبة: حدَّثت بهذا الحديث الثوري، قال: وكان في الدنيا مثل قتادة؟ يعني في الحديث؟!
(13)
.
(1)
ابن عبد القاهر، أبو بِشر العجلي.
(2)
هو الطَّيالسي، سُليمان بن داود بن الجارود، والحديث في مسنده (ص 351).
(3)
موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم.
(4)
هو هشام بن أبي عبد الله سَنْبَر أبو بكر الدَّسْتوَائي، وهو موضع التقاء الإسناد أيضًا.
(5)
هو: قتادة بن دعامة بن قتادة السَّدوسِي، أبو الخطاب البصري.
(6)
الأجرد، البصري، مشهور بكنيته، واسمه: مسلم بن عبد الله.
(7)
أي أعْلَمها، وهو أن يشُقّ جلدها أو يطعنها حتى يظهر الدم.
انظر: القاموس المحيط (ص 388).
(8)
السَّنام: حَدَبَة الجمل. مشارق الأنوار (2/ 443).
(9)
أي أزال ومسح عنها الدم. مشارق الأنوار (2/ 427).
(10)
قال ابن منظور: "اللَّمْط الاضْطِرابُ .. التَمَطَ فلان بحقي الْتِماطًا إِذا ذهب به"، =
⦗ص: 72⦘
= وكذا في تهذيب اللغة، فيكون المعنى: أذهب عنها الدم، ويحتمل حصول تصحيف في المخطوط، وأن الصحيح:"أماط عنها الدم"، أي أزال عنها الدم، كما جاء ذلك في سنن النسائي وغيره بهذا الإسناد، ولم أجد لفظة (ألمط)، في المصادر الحديثية الأخرى.
انظر: سنن النسائي (434)، لسان العرب (7/ 394)، تهذيب اللغة (13/ 241)، تاج العروس (20/ 83).
(11)
الجملة بين النجمين استدركها الناسخ في الهامش الأيمن.
(12)
أي وضع النعلين في عنقها كالقلادة، ليعلم أنها هدي.
انظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي (ص 296).
(13)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام (2/ 912، ح 205) عن محمد بن المثنَّى، وابن بشَّار، جميعًا عن ابن أبي عَديٍّ، عن شعبة، وعن محمد بن المثنى، عن معاذ بن هشام، عن هشام الدَّسْتَوائي، كلاهما (فرقهما مسلم) عن قتادة بنحوه، وقد أحال مسلم لفظ هشام الدَّستوائي على لفظ شعبة، وقال:"بمعنى حديث شعبة"، وأخرجه أبو داود في السنن (ص 205) والطبراني من طرق (12/ 204) والبيهقي في دلائل النبوة بإسناده (5/ 439) عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة بنحوه، وانظر الحديث الآتي.
أما كلام الثوري فأورده بهذا السَّند البيهقي، كما رواه ابن الجَعد، والطيالسي =
⦗ص: 73⦘
= والإمام أحمد من طرق أخرى عن شعبة به.
انظر: دلائل النبوة للبيهقي (5/ 439)، مسند ابن الجعد (ص 153)، مسند الطيالسي (ص 351)، العلل ومعرفة الرجال (3/ 243).
من فوائد الاستخراج:
1 -
تعيين من له اللفظ من الرواة، فقد فصل لفظ شعبة عن لفظ هشام.
2 -
روى المصنف من طريق أبي داود الطيالسي، بينما هي رواه مسلم من طريق ابن أبي عدِيٍّ عن شعبة، ولا شك أن أبا داود الطيالسي يقدم على ابن أبي عديٍّ في شعبة، فقد قدَّمه ابن معين على ابن مهدي في شعبة، وقال أبو مسعود بن الفُرات:"ما رأيت أحدًا أكبر في شعبة من أبي داود"، وقال ابن عدي:"أصحاب شعبة معاذ بن معاذ، وخالد بن الحارث، ويحيى القطان، وغندر، وأبو داود خامسهم"، فلم يذكر محمد بن أبي عدي ضمنَهم.
انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 704 - 705).
3560 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا حَبّان بن هلال
(1)
، حدثنا شُعبة، ح.
⦗ص: 74⦘
وحدثنا يوسف بن مُسَلَّم
(2)
، حدثنا حجاج
(3)
، حدثنا شعبة، ح.
وحدثنا عبَّاس الدوري، حدثنا شبابة
(4)
، حدثنا شعبة، ح.
وحدثنا ابن أبي مسرة
(5)
، حدثنا سعيد بن منصور
(6)
، حدثنا هُشيم، حدثنا شعبة، ح.
وحدثنا الكُزْبَراني
(7)
، حدثنا مِسكين بن بكير
(8)
، حدثنا شُعبة، ح.
وحدثنا أبو الأزهر
(9)
، حدثنا وهب بن جرير
(10)
، وأبو الوليد
(11)
، قالا:
⦗ص: 75⦘
حدثنا شعبة
(12)
، عن قتادة قال: سمعت أبا حسَّانٍ يحدِّثُ، عن ابن عبَّاس قال: "صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بذي الحليفة فأُتي ببدنة فأشعر صَفْحة
(13)
سنَامِها، ثم سَلَت الدم عنها وقلَّدها نعلَيه
(14)
، ثم دعا براحلَتِه فركبَها فلَمَّا استوتْ به على البَيْداء أهلَّ بالحجّ
(15)
".
⦗ص: 76⦘
وهذا لفظُ حجَّاج وحِبّان وشَبَابة، وحديث الباقين بمعناه.
(1)
حَبان -بفتح الحاء المهملة ثم موحدة مشددة- ابن هلال الباهليّ، أبو حبيب البصري ت / 216 هـ.
انظر: توضيح المشتبه (2/ 163)، والتقريب (ت 1185).
وثَّقه يحيى بن سعيد القطان، وابن سعد، والإمام أحمد، والترمذي، والنسائي وغيرهم.
انظر: الطبقات الكبرى (7/ 299)، جامع الترمذي (ص 200)، تهذيب الكمال (5/ 328).
(2)
يوسف بن سعيد بن مُسَلَّم أبو يعقوب المِصِّيصِي.
(3)
هو: ابن محمد المِصِّيْصِي.
(4)
ابن سَوَّار -بالسين المهملة المفتوحة، والواو المشددة، آخرها راء- المدائني.
(5)
هو: عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي مسرة.
(6)
ابن شعبة، أبو عثمان الخُراساني، نزيل مكة.
(7)
هو: أحمد بن عبد الرحمن بن المُفضَّل، أبو بكر، الكُزْبَراني -بضم الكاف وسكون الزاي وضمِّ الباء الموحدة وفتح الراء وفي آخرها النون- نسبة إلى كزبران، وهو لقبٌ لبعض أجداد المنتسب إليه أبو بكر الحرَّاني، ووقع في الثقات وتاريخ بغداد الكريزاني. انظر: الأنساب (5/ 64).
(8)
أبو عبد الرحمن الحرَّاني الحذَّاء.
(9)
هو: أحمد بن الأزهر بن مَنيع العبْدي النَّيْسابوري.
(10)
ابن حازم بن زيد الأزدي، أبو عبد الله البصري.
(11)
هو: هشام بن عبد الملك، الباهلي -مولاهم-، أبو الوليد الطيالسي البصري.
(12)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج الحديث السابق / 3559.
(13)
صفحة السِّنام: أي جانب السِّنام، والسِّنام: حدبة الجمل.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 91)، (2/ 443).
(14)
هكذا في نسخة (م)، بإضافة الكلمة إلى ضمير الغائب المذكر، وفي المصادر الحديثية الأخرى:"قلَّدَها نعلين"، بالتثنية.
(15)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام- (2/ 912) من طريق ابن أبي عدي عن شعبة بنحوه كما تقدَّم.
وأخرجه أبو داود (ص 205)، والدارمي (2/ 91)، عن أبي الوليد الطيالسي، والإمام أحمد (1/ 339) عن حجاج، وابن حبان (9/ 314)، عن أبي خليفة عن أبي الوليد الطيالسي، وابن الجارود في المنتقى (1/ 112)، عن محمد بن يحيى، عن وهب بن جرير، كلهم عن شعبة به.
من فوائد الاستخراج: فيه فوائد منها:
• عُلوُّ الإسناد، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنف مع عدد رجال إسناد مسلم، في كل الطرق المذكورة، غير طريق هشيم.
• تعيينُ من له اللفظ من الرواة.
• قوة الأسانيد، فإن أبا الوليد الطيالسي الذين أخرج له أبو عوانة في هذا =
⦗ص: 76⦘
= الحديث أعلى قدرًا وأوثق من ابن أبي عديّ الذي أخرج له مسلم، فقد قال يحيى بن معين في أبي الوليد الطيالسي:"لم أر في أصحاب شعبة أحسَن حديثًا من أبي الوليد".
• زاد الحافظ أبو عوانة على الإمام مسلم من طرف الحديث عن شُعبة ابن الحجَّاج سبع طرق، طريق حَبَّان بن هِلال، وحجَّاج بن محمد، وشبابة بن سوَّار، وهُشيم بن بشير، ومسكين بن بُكير، ووهْب بن جَرير، وأبي الوليد الطيالسي.
انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 704)
باب بيان الأمكنة التي هي مُهلُّ
(1)
أهل الآفاق وأن مُهَلَّ من وراء هذه الأمكنة من منازلهم وأهاليهم، ولا يجب عليهم الرجوع إلى المواقيت التي وقَّت
(2)
لأهل الآفاق
(3)
وبيان المكان الذي هو مُهَلُّ أهل مكة، والدليل على الإباحة لعُمَّار أهل مكة أن يعتمروا بها من غير أن يخرجوا منها
(1)
المُهَلّ: -بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام- موضع الإهلال.
انظر: فتح الباري (3/ 384)، وشرح النووي على مسلم (8/ 325).
(2)
هكذا في (م)، ولم يظهر لي وجهه، إلا أن يقال: إن في وقَّت ضمير يعود على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإلا فالصحيح أن يقال: وُقِّتَتْ لأهل الآفاق.
(3)
الآفاق: بعد الهمزة جمع أفق أي أطراف الدنيا، والناحية من نواحي الأرض، والمقصود بأهل الآفاق من لهم ميقات معيَّن.
انظر: حاشية السندي على ابن ماجه (3/ 419)، معجم مقاييس اللغة (ص 65).
3561 -
حدثنا حمدان بن علي الورَّاق
(1)
، حدثنا معلَّى بن أسد، ح.
وحدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا يحيى بن حَسَّان، ح.
وحدَّثنا الصغاني، حدثنا أحمد بن إسحاق
(2)
، قالوا: حدثنا
⦗ص: 78⦘
(وهيب
(3)
)، عن (عبد) الله بن طاوُس
(4)
، عن أبيه
(5)
، عن ابن عباس "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقَّتَ
(6)
لأهْلِ المدينة ذا الحُليفة
(7)
، ولأهل الشَّام الجُحْفة
(8)
،
⦗ص: 79⦘
ولأهل نجْد (قرنًا
(9)
)، ولأهل اليَمن يلملم
(10)
، هُنّ لهنّ،
⦗ص: 80⦘
و [لـ
(11)
] كُلِّ آتٍ أتى عليهنّ من غيرهنّ ممن أراد الحج والعُمْرة، ومن كان دون ذلك فمن حَيثُ أنشأ، حتى أهل مكّة من مكة
(12)
" قال أحمد بن إسحاق: ومن كان وراء ذلك.
(1)
هو: محمد بن علي بن عبد الله بن مهران البغدادي، أبو جعفر الورَّاق.
(2)
ابن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، أبو إسحاق البصري، ت / 221 هـ، (م د ت س).
وثقه يعقوب بن شيبة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال الحافظ:"ثقة كان يحفظ". =
⦗ص: 78⦘
= انظر: الجرح والتعديل (2/ 40)، تهذيب الكمال (1/ 264)، التقريب (ت 7).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وقد تصحف (وهيب) في (م) إلى وهب، والتصويب من صحيح مسلم (8/ 324)، وإتحاف المهرة (7/ 260).
(4)
ابن كيسان اليماني، أبو محمد، تصحف اسمه في نسخة (م) إلى عبيد الله، والتصويب من إتحاف المهرة (7/ 260)، وانظر: تهذيب الكمال (15/ 130 - 132)، التقريب (ت 3762).
(5)
هو طاوس بن كيسان.
(6)
التوقيت والتأقيت: من باب التفعيل، وهو أن يجعل للشيء وقت يختص به، وهو بيان مقدار المدة، يقال: وقَّت الشيء يوقته، ووقَّته يقِتُه إذا بيّن حدَّه، ثم اتسع فيه فأطلق على المكان فقيل للموضع: ميقات وهو مفعال منه وأصله: موقات: فقلبت الواو ياء لكسرة الميم.
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 472).
(7)
تقدم شرح الكلمة في ح / 3546.
(8)
الجُحْفة: موضع على ثلاث مراحل من مكة، وهي بضم الجيم وسكون الحاء المهملة بعد الجيم، وسميت الجحفة لأن السيل أجحف بها، وقيل في تسميتها غير ذلك، ومن رابغ يحرم الآن، وقد كانت الجحفة مدينة عامرة ومحطة من محطات الحاج بين الحرمين، ثم تقهقرت في زمن لم يتعين تحديده؛ إلا أنه قبل القرن السادس، وتوجد اليوم آثارها شرق مدينة رابغ باثنين وعشرين كيلًا، إذا خرجت من رابغ تؤم مكة كانت إلى يسارك حَوْزُ (ناحية) السهل من الجبل، وقد بنت هناك حكومة المملكة العربية =
⦗ص: 79⦘
= السعودية الراشدة السبَّاقة إلى الخير دومًا (حرسها الله) مسجدًا يزوره بعض الحجاج.
انظر: فتح الباري (3/ 385)، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 80).
(9)
ولأهل نجد قَرْنا: أمَّا نجد فهو كل مكان مرتفع، وهو اسم لعشرة مواضع، والمراد منها هنا التي أعلاها تهامة واليمن، وأسفلها الشام والعراق، وقَرْن: بفتح القاف وسكون الراء بعدها نون، وهو جُبيل قرب مكة يحرم منه حاجُّ نجد، ويقال له: قَرْنُ المنازِل أيضًا، بالإضافة إلى منازل، ويعرف اليوم باسم السَّيل الكبير، وما زال الوَادي يسمى قرنًا، والبلدة تسمى السيل، وهو على طريق الطائف من مكة المار بنخلة اليمانية، يبعد عن مكة 80 كيلًا، وعن الطائف 53 كيلًا.
انظر: فتح الباري (3/ 385)، معجم البلدان (5/ 202)، المعالم الجغرافية (ص 254).
(10)
يَلَمْلَم وأَلمْلَم: بفتح المثناة التحتية، وفتح اللام، وسكون الميم، وفتح اللام، وفي الثانية بالهمزة في أولها مثل الأولى: وهو جبل بالقرب من مكة، وتنحدر أوديته إلى البحر، وهو من كبار جبال تهامة، ويقع في طريق اليمن إلى مكة، ويطلق اليوم على الوادي الذي بجنب الجبل، وهو واد فحل يمر جنوب مكة على (100) كيل، فيه ميقات أهل اليمين من أتى على الطريق التهامي، وكان يعرف الميقات إلى سنة 1399 هـ بالسَّعدية، ثم زُفِّتَ طريقُ السيارات فأخذ الساحل، فهجر هذا الميقات اليوم لبعده عن الطَّرِيقِ الحَدِيث.
انظر: فتح الباري (9/ 144)، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع (4/ 1398)، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 339)، معالم مكة التاريخية والأثرية (ص 161).
(11)
ما بين المعقوفتين سقط من (م)، واستدركته من صحيح مسلم (2/ 839، ح 11).
(12)
أخرجه مسلم في كتاب الحجِّ -باب مواقيت الحج والعُمرة (2/ 839، ح 12) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن آدم، عن وُهَيب بمثله، إلا أنه قال:(قرن المنازل)، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب مهلّ أهل مكة للحج والعُمرة- (ص 247، ح 1524)، عن موسى بن إسماعيل، وباب مهلّ أهل اليمين (ص 248، ح 1530) عن معلّى بن أسد، وباب دخول مكة بغير إحرام (ص 298) عن مسلم بن إبراهيم، فرَّقهم، عن وهيب بنحوه، وأخرجه الدارقطني في السنن (2/ 237) عن أبي بكر النيسابوري عن يونس بن عبد الأعلى، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 117) عن يونس بن عبد الأعلى وربيع المؤذن، كلاهما: عن يحيى بن حسان عن وهيب بنحوه.
من فوائد الاستخراج: فيه علوّ نسبي، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنِّف، مع عدد رجال إسناد مسلم.
3562 -
حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(1)
، ح.
وحدثنا أبو أمية، حدثنا سليمان بن حرب، قالا: حدثنا حمَّاد بن زيد
(2)
، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس قال:
⦗ص: 81⦘
"وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل نجد (قرنًا
(3)
)، ولأهل اليمين يلملم" قال: "فهنّ لهنّ، ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ممن كان يريد الحج والعمرة، ومن كان دونهم فمن أهله، ثم كذلك، حتى أهل مكة يُهِلُّون من مكة
(4)
".
(1)
هو أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده (1/ 340).
(2)
ابن درهم الجهضمي، وهو موضع التقاء إسناد المصنف مع إسناد مسلم.
(3)
في (م) قرن، بدون ألف، وقد كان هذا سائغًا عند النساخ المتقدمين، وتكررت كتابة الكلمات هكذا غير مرة، ولم أنبِّه عليها إلا في بعض المواضع، وفي القواعد الإملائية الحديثة، يضاف الألف للكلمة في حالة نصبها منونةً بفتحتين.
وذكر العلامة أحمد شاكر رحمه الله-كما تقدم أنَّ "الرسمَ بغير الألف جائز، وقد ثبت في أصول صحيحة عتيقة من كتب الحديث وغيرها، بخطوط علماء أعلام
…
على لغة ربيعة من الوقف على المنصوب بصورة المرفوع والمجرور".
انظر: تحقيق أحمد شاكر لكتاب (الرِّسالة) للإمام الشَّافعي (ص 59، حاشية 2).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب مواقيت الحج والعمرة (2/ 838، ح 11) عن يحيى بن يحيى، وخلف بن هشام، وأبي الرَّبيع، وقتيبة بن سعيد، جميعًا عن حماد بن زيد بنحوه، بلفظ مقارب، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب مهل أهل الشام- (ص 247، 1526) عن مسدد، و -باب مُهَلِّ من كان دون المواقيت- (ص 248، ح 1529) عن قتيبة، كلاهما عن حماد بن زيد بنحوه، وأخرجه ابن الجارود في المناسك (1/ 110)، عن محمد بن يحيى عن سليمان بن حرب بنحوه.
من فوائد الاستخراج:
قوةُ أسانيد أبي عوانة، فالذين روى عنهم مسلم، وهم:(يحيى بن يحيى وخلف ابن هشام، وأبو الرَّبيع، وقتيبة بن سعيد)، وإن كانوا ثقاتًا متقنين، ولكنهم دون أبي داود الطيالسي، وسليمان بن حرب، فقد لازم سليمان بن حرب حمادَ بن زيد =
⦗ص: 82⦘
= تسع عشرة سنة، وقال أبو حاتم مشيرًا إلى تشدده في انتقاء المشايخ:"كان سليمان بن حرب قلّ من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته روى عن شيخ فاعلم أنَّه ثقة"، وأما أبو داود الطيالسي صاحب المسند فإمام في الحديث، قال عمر بن شبّة:"كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألفَ حديثٍ وليس معه كتابٌ".
3563 -
حدثنا أحمد بن شيبان الرملي، حدثنا سفيان بن عيينة
(1)
، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجُحْفة، ولأهل نجد (قرنًا) -وذُكِرَ لي- ولم أسْمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه وقَّت لأهل اليمين يلَمْلَمْ
(2)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج (2/ 840، ح 17)، عن زُهير بن حرب، وابن أبي عمر، عن سفيان بنحوه، وأخرجه البُخاري في كتاب الحج -باب مُهَلِّ أهل نجد- (ص 248، ح 1527) عن علي بن عبد الله عن سفيان بنحوه، وأخرجه البيهقي في الكبرى (5/ 26) عن أحمد بن شيبان به.
من فوائد الاستخراج: فيه العلو النسبي، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنف مع عدد رجال إسناد مسلم.
3564 -
حدثنا أحمد بن يوسف السُّلَمي، حدثنا عبد الرزَّاق، أخبرنا معمر، عن الزهري
(1)
، عن سالم، عن ابن عُمر قال: قام رجلٌ في المسجد فنادى: من أين أهل يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مُهَلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة، ومُهَلُّ أهل الشام من الجحفة، ومُهَلُّ أهل
⦗ص: 83⦘
نجد من قرن" قال عبد الله: ويزعمون أو ويقولون أنه قال: "ويُهِلُّ مُهِلُّ أهل اليمين من أَلَمْلَم
(2)
" رواه يونس، عن الزهري.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج (2/ 840، ح 14) عن حرملة بن يحيى، والبخاري في كتاب الحج أيضًا -باب مهل أهل نجد- (ص 248، ح 1528) عن أحمد، كلاهما عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب بنحوه.
من فوائد الاستخراج:
1 -
العلوّ النسبي، وله عدة أقسام، والذكر هنا هو المساواة.
2 -
وردت فيه زيادة، وهي سؤال الرجل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن موضع الإهلال، وجواب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الشامل له ولغيره على وجه الأسلوب الحكيم.
3 -
وردت فيه لغة أخرى لمهل أهل اليمين: ألملم، بالهمزة واللام المفتوحتين، بعدهما ميم ساكنة، تليها لام مفتوحة، وهي لغة في يلملم، وتقدم الكلام عليه في ح / 3561.
3565 -
حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، وأبو حُميد
(1)
، قالا: حدثنا حجاج، عن ابن جريج
(2)
قال: أخبرني أبو الزبير
(3)
، أنه سمع جابر ابن عبد الله يسأل عن المُهَلِّ فقال: سمعته -أحسبُه يريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "يهِلُّ أهلُ العِراق من ذاتِ عِرْقٍ
(4)
، ويُهِلُّ أهل نجد من قرنٍ، ويهل
⦗ص: 84⦘
أهل اليمين من يَلَمْلَم
(5)
".
(1)
هو: عبد الله بن محمد بن تميم، أبو حميد المِصِّيْصي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو: محمد بن مسلم بن تدرس القرشي الأسدي -مولاهم- أبو الزبير المكِّي.
(4)
ذاتُ عِرق: بكسر العين وسكون الراء بعدها قاف، سمي بذلك لأن فيه عرقًا، وهو =
⦗ص: 84⦘
= الجبل الصغير، وهي أرض سبخة تنبت الطرفاء، بينها وبين مكة مرحلتان أو يومان وبعضُ يوم كما قال القُرطُبي، والمسافة اثنان وأربعون ميلًا، وهو الحدّ الفاصل بين نجد وتهامة.
وهي الآن في شمال شرقي مكة المكرمة جهة الطائف على نظام قوافل القديم، يطؤها درب المنقي والمعروف بدرب زُبيدة، ويسمى موقعه الآن بالضريبة والخريبات، علمًا بأن آثاره السابقة قد اندثرت، ويحرم الحجاج إلى الآن من السيل الكبير وهي محاذية لذات عرق.
انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم للقُرطُبي (3/ 263)، فتح الباري (3/ 389)، وانظر: معالم مكة التاريخية والأثرية (ص 160، 183)، معجم معالم الحجاز (5/ 199، ج 6/ 77)، كلاهما للبلادي.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب مواقيت الحج والعُمرة (2/ 840، ح 16) عن إسحاق ابن إبراهيم عن روح بن عبادة عن ابن جريج به، ولم يذكر متنه مكتفيًا بمتن الحديث الذي بعده، عن محمد بن حاتم وعبد بن حميد كلاهما عن محمد بكر عن ابن جريج به، وأخرجه الدارقطنيّ (2/ 237) عن أبي بكر النيسابوري، عن يوسف بن سعيد وأبي حميد، عن حجاج بنحوه، وفيه زيادة:"مُهَلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الأخرى الجحفة"، كما عند المصنف في الرواية التالية.
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم (8 ج / 326): "وقوله: أحسبه رفع، لا يحتج بهذا الحديث مرفوعًا لكونه لم يجزم برفعه".
قلت: لم أقف في المصادر الحديثية على رواية صحيحة تنص على أنَّ جابرًا رضي الله عنه سمَّى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، عدا طُرق تُكلِّمَ فيها، فأخرج الإمام ابن ماجه في سننه =
⦗ص: 85⦘
= (ص 494، ح 2915) عن علي بن محمد، عن وكيع، عن إبراهيم بن يزيد الخُوزي، عن أبي الزُّبير عن جابر رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مهل أهل المدينة
…
" وفيه: "ومُهَلّ أهل المشرق من ذات عِرق"، وهذا إسناد ضعيف جدًّا لأجل إبراهيم الخُوزي، قال فيه الإمام أحمد وعلي بن الجُنيد والنسائي والحافظ ابن حجر: "متروك الحديث"، وقال ابن معين (السنن الكبرى للبيهقي 4/ 330): "ليس بثقة"، وقال الدارقطني: "منكر الحديث"، وقال ابن المديني وابن سعد وابن عبد البر (التمهيد 9/ 26) والهيثمي (مجمع الزوائد 2/ 80): "ضعيف"، انظر تهذيب التهذيب (1/ 180).
كما رواه البيهقي في السُّنن الكُبرى (5/ 27) بإسناده إلى محمد بن عبد الله بن الحكم []، عن عبد الله بن وهب، ورواه الإمام أحمد (3/ 366) عن الحسن، كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ومُهَلُّ العِراق من ذات عِرقٍ"، قال الإمام البيهقي عقب الحديث:"والصحيح رواية ابن جريج، ويحتمل أن يكون جابر سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ذلك في مهل أهل العراق".
قلت: يريد الإمام البيهقي برواية ابن جريج الروايةَ التي أخرجها المصنف أبو عوانة وتمَّ تخريجها آنفًا، وليس فيها تنصيصٌ بسماع جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية ابن لهيعة الأولى وإن كانت من طريق أحد العبادلة عنه إلا أنها لا تنهض لدفعِ رواية ابن جريج المخرَّجة في الصحيح لضعف ابن لهيعة، فيحتمل أن جابرًا رضي الله عنه سمع غيره من الصحابة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الإمام الشافعي (الأم 2/ 137، معرفة السنن والآثار 3/ 350): "لم يُسَمِّ جابر بن عبد الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقد يجوز أن يكون سمع عمر بن الخطاب، فإنَّ ابن سيرين، يروي عن عمر بن الخطاب أنه وقَّت لأهل المشرق ذاتَ عِرقٍ، ويجوز أن يكون سمع غير عمر من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم".
⦗ص: 86⦘
= وقال الإمام ابن خزيمة في صحيحه (4/ 159): "قد روي في ذات عرق أنه ميقات أهل العراق أخبار غير خبر ابن جريج، لا يثبت عند أهل الحديث شيء منها، قد خرَّجتُها كُلَّها في كتاب الكبير".
وقال الإمام الخطابي في شرحه على أبي داود (معالم السُّنن (2/ 148) في معرض كلامه على ذات عرق: "والصحيح منه أن عمر بن الخطَّاب وقَّتها لأهل العراق بعد أن فتحت العراق، وكان ذلك في التقدير على موازاة قرن لأهل نجدٍ
…
".
قلت: مهما يكُن فالحديث له حكمُ الرَّفع، لأنه ليس مما يقال من جهة الرأي، سواء كان الذي سمع منه جابرٌ رضي الله عنه عمرَ رضي الله عنه أو غيرَه، أما ما رواه البخاري في صحيحه (صحيح البخاري مع فتح الباري 3/ 389)، بسند متصل عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:"لما فتح هذان المصران أتوا عمر، فقالوا: يا أمير المؤمنين! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّ لأهل نجد قرنًا، وهو جورٌ عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرنًا سبق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحدّ لهم ذاتَ عرق"، فيدُلَّ على أن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يحدّ ذات عرق لأهل العراق.
قال ابن حجر عقب ذكره هذا الأثر (فتح الباري 3/ 389)،:"وظاهره أن عمر حد لهم ذات عرق باجتهاد منه، وقد روى الشافعي من طريق أبي الشعثاء قال: "لم يُوقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق شيئًا، فاتخذ الناس بحيال قرن ذات عرق"، وروى أحمد عن هشيم عن يحيى بن سعيد وغيره عن نافع عن ابن عمر، فذكر حديث المواقيت، وزاد فيه قال ابن عمر: فآثر الناس ذات عرق على قرن، وله عن سفيان عن صدقة عن ابن عمر، فذكر حديث المواقيت قال: فقال له قائل: فأين العراق فقال ابن عمر: "لم يكن يومئذ عراق"، وسيأتي في الإعتصام من طريق عبد الله بن دينار عن بن عمر قال: "لم يكن عراق يومئذ"، ووقع في غرائب مالكٍ للدارقطنيّ من طريق عبد الرزاق، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: "وقّتَ =
⦗ص: 87⦘
= رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق قرنًا"، قال عبد الرزاق: قال لي بعضهم: إن مالكًا محاه من كتابه، قال الدارقطني: "تفرد به عبد الرزاق، قلتُ (كلام الحافظ ابن حجر مستمر):"والإسناد إليه ثقات أثبات، وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عنه وهو غريب جدًّا، وحديث الباب يرده وروى الشافعي من طريق طاوس قال لم يوقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات عرقٍ، ولم يكن حينئذ أهل المشرق"، وقال في الأم:"لم يثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه حدّ ذات عرقٍ، وإنما أجمع عليه الناس"، وهذا كله يدل على أن ميقات ذات عرقٍ ليس منصوصًا، وبه قطع الغزالي والرافعي في شرح المسند والنووي في شرح مسلم، وكذا وقع في المدونة لمالك، وصحَّح الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعي في الشرح الصغير والنووي في شرح المهذب أنه منصوص، وقد وقع ذلك في حديث جابر عند مسلم إلا أنه مشكوكٌ في رفعه" اهـ كلام ابن حجر.
قلت: ويؤيد قول من قال بمنصوصية ذات عرق ما رواه أبو داود السِّجستاني (السنن ص 204، ح 1739) والنسائي (الصغرى ص 415، ح 2656، الكبرى 2/ 328)، والدارقطني (السنن 2/ 236) والبيهقي (السنن الكبرى 5/ 28)، وابن عدي (الكامل 1/ 417) كلهم من طرق عن المُعافى بن عمران، عن أفلح ابن حُميد، عن القاسم عن عائشة رضي الله عنه قالت: وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحُليفة، ولأهل الشام ومصر الجُحفة، ولأهلِ العراق ذات عِرقٍ، ولأهل نجدٍ قرنًا، ولأهل اليمن يَلَملم".
قلت: وإسناده صحيح كما ابن الملقن (خلاصة البدر المنير 1/ 350)، وغيره من أهل العلم.
وقال ابن عدي عقب إخراجه: "قال لنا ابن صاعد: كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره على أفلح بن حميد، فقيل له: يروى عنه غير المعافى؟ فقال: المعافى بن عمران ثقة، قال الشيخ: وأفلح بن حميد أشهر من ذاك، وقد حدث عنه =
⦗ص: 88⦘
= ثقات الناس مثل ابن أبي زائدة وكيع وابن وهب وآخرهم القعنبي، وهو عندي صالح، وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها، وهذا الحديث يتفرد به معافى عنه، قال الشيخ وإنكار أحمد على أفلح في هذا الحديث قولُه:"ولأهل العراق ذات عرق" ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئًا".
قال الشيخ الألباني في الإرواء (4/ 177): "قلت: ولا وجه عندي لهذا الإنكار أصلًا، فإن أفلح بن حميد ثقة اتفاقًا، واحتج به الشيخان جميعًا، فلو روى ما لم يروه غيره من الثقات لم يكن حديثه منكرًا ولا شاذًّا .. فهذا الحديث عن عائشة تفرد به القاسم بن محمد عنها فلم يكن شاذًّا لأنه لم يخالف فيه الناس، وتفرد به أفلح بن حميد عنه فلم يكن شاذًّا كذلك ولا فرق، فكيف والحديث له شواهد تدل على حفظه وضبطه؟ ".
ثم ذكر الشيخ الألباني رحمه الله شواهد للحديث المذكور، منها حديث أخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 94) بإسناده إلى جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر قال: وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة" وفيه: "قال ابن عمر: وحدثني أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق"، قال أبو نعيم عقب إخراجه: هذا حديث صحيح ثابت من حديث ميمون لم نكتبه إلا من حديث جعفر عنه"، ثم أشار الشيخ الألباني إلى أن الطحاوي أخرجه من الوجه نفسه (شرح معاني الآثار 1/ 360) وفي لفظه:"لأهل المشرق ذات عرق"، قال الطحاوي:"فهذا ابن عمر يخبر أن الناس قد قالوا ذلك، ولا يريد ابن عمر من الناس إلا أهل الحجة والعلم بالسنة، ومحال أن يكونوا قالوا ذلك بآرائهم لأن هذا ليس مما يقال من جهة الرأي، ولكنهم قالوا بما أوقفهم عليه صلى الله عليه وسلم " ثم ذكر الشيخ الألباني متابعا آخر أخرجه الإمام أحمد (2/ 78) بإسناد صحيح موصول على شرط مسلم عن محمد بن جعفر عن شعبة، عن صدقة بن يسار، عن ابن عمر =
⦗ص: 89⦘
= يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرنًا، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمين يلملم".
قلت: وعلى هذا فالصحيح ثبوتُ ميقات أهل العراق عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أما الأحاديث التي تنص على أن عمر هو الذي حدد ذات عرق، فيجمع بينها وبين حديثي عائشة وابن عمر رضي الله عنهما بأن النبي صلى الله عليه وسلم لعله لم يوقت هذا الميقات مع المواقيت الأخرى، بل تأخر توقيته إياه قبل وفاته، فلم يظهر ولم يشتهر كغيره من المواقيت، ولهذا اجتهد لهم عمر رضي الله عنه فوافق اجتهاده ما نقل عنه صلى الله عليه وسلم وهو حقيق وجدير بالإصابة، وإصاباته مشهورة ومعروفة فقد كان من المحدَّثين.
قال الإمام القُرطُبيُّ (المُفهِم لما أشكل من تلخيص مُسلم 3/ 263) عقب إيراده حديث عائشة المتقدم: "فجزم بالرواية، وهو صحيح، ولا يُستبعدُ هذا بأن يُقال: بأن العراق إذ ذاك لم يكنْ فُتح، فإنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علم أنها ستُفتح، وسَيُحَجُّ منها فأعلم بذلك الميقات" وبهذا يجمع بين الأحاديث الصحيحة الثابتة.
من فوائد الاستخراج: فيه علوّ نسبي: المساواة بين المصنِّف ومسلم في عدد رجال الإسناد.
_________
[*] قال أحمد بسيوني: كذا في المطبوعة: (محمد بن عبد الله بن الحكم)، وهو خطأ، وصوابه:(محمد بن عبد الله بن عبد الحكم)، وهو على الصواب عند البيهقي في الكبرى الذي نقل منه محققو الكتاب، وقد تصحف اسمه في بعض المواضع من هذه الطبعة (6963)، (4348 هامش [11/ 121])، وورد على الصواب في المواضع الأخرى.
3566 -
حدثنا عمار بن رجاء، حدثنا محمد بن (بكر
(1)
)، حدثنا ابن جُريج، قال: حدَّثني أبو الزبير، أنَّه سمِع
⦗ص: 90⦘
جابرَ بن عبد الله يسألُ عَن المُهَلِّ، فقال: سمعته -أحسبه يريد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شك أبو عُثمان
(2)
- "مُهَلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة والطَّرِيقُ الآخر الجُحْفَة، ومُهَلُّ أهل العِراق ذاتُ عِرْقٍ، ومُهلّ أهل نجدٍ قرنٌ، ومُهَلّ اليمين يَلَمْلَم
(3)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، وقد تصحَّف في (م) إلى محمد بن زكريا بن جريج، والتصويب من إتحاف المهرة، وهو: محمد بكر بن عثمان البرساني -بضم الموحدة وسكون الراء ثم مهملة- ت / 330 هـ، روى له الجماعة، وثقه ابن معين، وأبو داود والعجلي، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وقال الذهبي: "صدوق مشهور له ما =
⦗ص: 90⦘
= ينكر"، وقال الحافظ: "صدوق يخطئ". انظر: تاريخ الدارمي (ص 215)، الأنساب (1/ 521)، تهذيب الكمال (24/ 530)، الميزان (3/ 492)، والتهذيب (9/ 78)، والتقريب (ت 6461)، والكواكب النيرات (ص 208).
(2)
"أبو عثمان" كنية لمحمد بن بكر البرسانِي، وإضافةُ أبي عوانة الشكَّ إليه؛ لعلَّه لنقله الشكَّ في لفظِ الحديث لا أنَّ الشكَّ منهُ، فالذي ظهر لي -والله أعلم- أن الشكَّ من ابن جريج أو ممن فوقه؛ لأن الرواة الذين وقفت على رواياتهم عن ابن جريج، وهم: حجاج، وروح بن عبادة، ومحمد بن بكر، ومسلم بن خالد، وسعيد بن سالم، وعثمان بن الهيثم، كلهم رووا الحديث على صيغة الشكّ.
انظر مصادر الروايات التي لم تذكر في التخريج السابق: طريق روح عند أحمد (3/ 333)، طريق مسلم وسعيد عن الشافعي في المسند (1/ 114)، طريق عثمان بن الهيثم عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 118).
(3)
أخرجه مسلم في الحج (2/ 840) عن محمد بن حاتم، وعبد بن حميد، كلاهما عن محمد بكر بمثله، وانظر تخريج الحديث السابق ح / 3565.
3567 -
حدثنا عبد الله بن محمد أبو حُميد، حدثنا حجَّاج، حدثنا ابن جُريج، أخبرني نافع
(1)
، عن ابن عُمر قال: قامَ رجلٌ
(2)
من أهل
⦗ص: 91⦘
المدينة (* فقال: يا رسول الله من أين تأمرنا أن نُهلّ؟ فقال: "يُهِلّ أهلُ المدينة *)
(3)
من ذِي الحُليفة، وأهلُ الشام من الجحفة، وأهلُ نجد من قرنٍ" قال عبد الله بن عمر: ويزعمون أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ويُهِلّ أهلُ اليمين من أَلَمْلم
(4)
" وكان يقول: لا أذكر ذلك.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
لم يتبيّن لي من هو.
(3)
الجُمل بين القوسين استدركها الناسخ في الهامش الأيسر، وضبَّب عليها.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب مواقيت الحجِّ (2/ 839، ح 13)، عن يحيى بن يحيى، عن مالك، عن نافع بنحوه، وليس فيه سؤال الرجل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا قول ابن عمر:"لا أذكر ذلك"، وأخرجه البخاري في كتاب العلم -باب ذكر العلم والفتيا في المسجد- (ص 28، ح 133)، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، وفي كتاب الحج -باب ميقات أهل المدينة .. - (ص 247)، عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، كلاهما عن نافع به، ورواية الليث بمثل رواية المصنف، ولم يتفرد حجاج عن ابن جريج بهذا الحديث، بل تابعه مسلم بن خالد كما عند الشافعي في مُسنده (1/ 144)، ومحمد بن بكر كما عند أحمد (2/ 47)، كلاهما عن ابن جريج به.
من فوائد الاستخراج:
1 -
الزيادة في الألفاظ، وهي قول ابن عمر: لا أذكر ذلك، فهذه العبارة تدل على أن ابن عمر لا ينفي ذلك، وإن كان لم يسمعه من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أو سمعه ولم يذكره، أو لم ينتبه له.
2 -
جاءت عند المصنف لفظ أَلمْلَمْ، وهي لغة أخرى في يلملم، ولم ترد عند مسلم.
3 -
زيادة أخرى عند المصنف، وهي سؤال الرجل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عن المواقيت، ولم يرد ذلك عند مسلم.
3568 -
حدثنا الرَّبيع
(1)
، حدثنا شعيب
(2)
، حدثنا الليث
(3)
، ح.
وحدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني رجال من أهل العلم منهم الليث بن سعد، وأسامة بن زيد، ومالك بن أنس
(4)
، عن نافع، عن ابن عمر، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"يُهِلّ أهل المدينة من ذي الحليفة، ويُهِل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن" قال عبد الله بن عمر: ويزعُمون أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ويُهِلّ أهلُ اليمين من يَلَمْلَم
(5)
".
(1)
هو: الرَّبيع بن سليمان بن عبد الجبار أبو محمد المرادي مولاهم، المصري صاحب الإمام الشافعي.
(2)
ابن الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي -مولاهم- أبو عبد الملك المصري.
(3)
هو: الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في موطئه برواية يحيى عنه (2/ 414).
(5)
تقدم في تخريج ح / 3567، أن الإمام مسلمًا أخرجه من طريق مالكٍ عن نافع، والبخاري من طريق مالك، والليث بن سعد، عن نافع به، أما طريق أسامة بن زيد الليثي عن نافع، فأخرجها البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحج -باب ميقات أهل المدينة والشام ونجد واليمن (5/ 26) عن أبي عبد الله الحافظ، وأبي بكر أحمد بن الحسن القاضي، كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن محمد ابن عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب، عن رجال من أهل العلم منهم: مالك بن أنس، وأسامة بن زيد، والليث بن سعد، كلهم عن نافع به.
3569 -
حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر
(1)
، حدثنا
⦗ص: 93⦘
أبو أسامة
(2)
، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع
(3)
، عن ابن عمر، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، بمثله
(4)
.
(1)
أبو البختري العنبري.
(2)
هو: حماد بن أسامة بن زيد القرشي الكوفي -مولى بني هاشم-.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3567 من هذا الباب.
(4)
تقدَّم بيانُ إخراجِ مسلم للحديث من طريق نافع في تخريج ح / 3567، كما أخرجه أيضًا من طريق ابن دينار في كتابِ الحج -باب مواقيت الحج والعُمرة (2/ 840، 15)، عن يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيُّوب، وقُتيبة بن سعيد، وعليٍّ بن حُجر، أربعتُهم عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دِينار، عن ابن عُمر به.
وأخرجه الإمام أحمد (2/ 3) عن هُشيم عن عبيد الله به، وأخرجه ابن حبان (9/ 75)، عن الحسن بن سفيان، عن أحمد بن علي بن المثنى التميمي، عن العباس بن الوليد النَّرسي، عن أبي الفضل، عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله ابن عمر بن حفص العمري به.
3570 -
وحدثنا ابن شَبابان
(1)
، حدثنا محمد بن الصبَّاح
(2)
، حدثنا هُشيم، عن يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، وابن عون، عن نافع
(3)
، بإسناده نحوه
(4)
.
(1)
أحمد بن محمد بن موسى بن عبد الرحمن العطار المكي.
(2)
البزَّار -بفتح الزاي المشدد، آخرها راء- الدُّولابي، أبو جعفر البغدادي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وقد تقدم بيان إخراج مسلم للحديث في ح / 3567.
(4)
أخرجه الإمام أحمد (2/ 3)، عن هشيم، عن يحيى بن سعيد، وابن عون وعبيد الله بن عمر، كلهم عن نافع به، وأخرجه ابن حبان في صحيحه في كتاب الحج -باب =
⦗ص: 94⦘
= مواقيت الحج (9/ 75)، عن الحسن بن سفيان، عن أحمد بن علي بن المثنى، عن العباس بن الوليد عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع به.
3571 -
حدثنا إسماعيل بن يعقوب الصَّبِيحي، حدثنا خضر بن محمد بن شجاع
(1)
، حدثنا هشيم، عن ابن عون، ويحيى بن سعيد، وغيرهما، عن نافع
(2)
، عن ابن عمر، أنَّ رجلًا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث نحوه، وأتمَّ منه
(3)
.
(1)
هو: خضر بن محمد بن شجاع الجزري، أبو مروان الحَرَّاني، ت / 221 هـ.
وثقه أحمد، وقال أبو حاتم:"ليس به بأس، وكان صدوقًا جالسته بِحرَّان"، وقال ابن حجر:"صدوق".
انظر: الجرح (3/ 398)، تهذيب الكمال (8/ 263)، التقريب (ت 1885).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر تخريج الحديث الذي قبله، ح / 3570.
من فوائد الاستخراج:
• زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن نافعٍ ستَّة طُرقٍ، طريق ابن جُريج (ح / 3567) وطريق الليث بن سعد، وطريق أسامة بن زيد (ح / 3568) وطريق عبيد الله بن عُمر (ح / 3569) وطريق يحيى بن سعيد، وطريق عبد الله ابن عون (ح / 3570).
• في حديث المصنِّف زيادة لا توجد في حديث مسلم من طريق نافعٍ، وهي سؤال الرجلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن المواقيت.
3572 -
حدثنا أبو داود الحراني
(1)
، حدثنا يعلَى بن عُبيد
(2)
، حدثنا
⦗ص: 95⦘
عبد الملك بن أبي سليمان
(3)
، عن عطاء، عن جابر قال: "قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمين بالحَجّ لأربع ليالٍ من ذي الحجة، فأمرنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن نَحِلَّ ونَجْعَلَهَا عُمْرَة، فأحللنا حتَّى إذا كان يوم التَّرْوية
(4)
وجعلنا مَكَّة بظهرٍ
(5)
لبَّينا"
(6)
.
(1)
هو: سليمان بن سيف بن يحيى الطائي -مولاهم- أبو داود الحراني.
(2)
ابن أبي أمية الطَّنَافِسِي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو عبد الملك بن ميسرة، أبو محمد الكوفي العَرْزَمي.
(4)
يوم التَّروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمِّي بذلك لأنهم كانوا يتروون من الماء للخروج إلى الموقف.
انظر: فتح الباري (1/ 126)، النهاية في غريب الحديث (2/ 667).
(5)
معناه: أهللنا عند إرادتنا الذهاب إلى منى. شرح المنهاج للنووي (8/ 399).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام
…
(2/ 884)، عن ابن نمير، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي سليمان بنحوه، وأخرجه مسلم أيضًا عن محمد بن حاتم، عن يحيى القطان، عن ابن جريج، عن عطاء به، وأخرجه البخاري معلقًا في كتاب الحج -باب الإهلال من البطحاء- (ص 268)، عن عبد الملك قال: قال عطاء عن جابر به، وفي كتاب الشركة -باب الاشتراك في الهدي والبدن- (ص 405)، عن أبي النعمان، عن حماد بن زيد، عن ابن جريج به، وفي كتاب الاعتصام -باب نهي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على التحريم إلا ما تعرف إباحته
…
- (ص 1267) عن مكِّي بن إبراهيم، عن ابن جريج به.
تنبيه: قد فات صاحب تحفة الأشراف فيما يظهر طريق مكي بن إبراهيم، عن ابن جريج.
من فوائد الاستخراج: =
⦗ص: 96⦘
= 1 - فيه علوّ نسبيّ: المساواة بين المصنِّف والإمام مسلم في عدد رجال الإسناد.
2 -
في طريق أبي عوانة تحديد يوم الوصول إلى مكة، وهو رابع ذي الحجة، ولا يوجد ذلك في متن الحديث الوارد في صحيح مسلم من طريق عبد الملك بن أبي سليمان.
3573 -
حدثنا سعدان بن يزيد البَزَّاز أبو محمَّد، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان
(1)
، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع ليال مضين من ذي الحجة، "فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَحِلّ ونجْعلَها عمرة"، فضاقت بذلك صدورُنا وكبُرَ علينا، فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أيها الناس حِلُّوا، فلولا الهدي الذي معي لفعلتُ مثلَ الذي تفعلون" قال: فأحلَلْنا حتى وطئْنَا النِّساء وفعلْنا مثل ما يفعل الحلالُ، حتى إذا كان عشيَّة التَّروية وجَعَلْنا مكَّة بظهرٍ
(2)
لبَّيْنَا بالحَج
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3572.
(2)
أي جعلنا مكَّة وراء ظهورنا. عمدة القاري (9/ 296).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 302)، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك، عن عطاء به.
3574 -
حدثنا أبو عثمان أحمد بن محمد بن أبي بكر المُقدَّمي
(1)
،
⦗ص: 97⦘
حدثنا سليمان بن حرب، وعارم
(2)
، وأبي
(3)
، ومُسَدَّد
(4)
، قالوا: حدَّثنا حمَّاد بن زيد
(5)
، عن أيُّوب، عن مجاهد، عن جابر قال: "قدِمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقُولُ: لبَّيك بالحج، فأمرَنا فجعلناها عُمْرةً
(6)
".
(1)
-بضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المهملة المفتوحة-. الأنساب للسَّمعاني. (5/ 364).
(2)
محمد بن الفضل السَّدُوسي، أبو النعمان البصري.
(3)
هو محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدَّم المقدَّمي.
(4)
هو: مُسدَّد -بضم الميم وفتح السين وتشديد الدال الأولى- بن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل الأسدي، أبو الحسن البصري.
(5)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج (2/ 885، ح 146)، عن خلف بن هشام، وأبي الرّبيع، وقتيبة، جميعًا عن حماد بن زيد بمثله، وأخرجه البُخاري في كتاب الحج -باب من لبَّى حجًّا وسمَّاه (ص 255)، عن مسدَّد، بنحوه، وسيأتي عند المصنِّف من طرق أخرى برقم 3791، 3792.
من فوائد الاستخراج: قُوَّة الرواة عن حمَّاد بن زيد عند المصنف، فإنَّ سُليمان بن حرب لازمه تسع عشرة سنة، وكان يحضرُ مجلسَه في بغداد عشرة آلاف شخص، وأما عارم محمد بن الفضل السَّدوسي، فقد قال فيه الحافظ ابن حجر:"وهو أثبت أصحاب حمَّاد بن زيد، بعد ابن مهدي".
انظر: تهذيب التهذيب (4/ 179)، (9/ 403).
3575 -
حدثنا الحَسَن بن أبي الرَّبيع الجُرْجاني
(1)
، حدثنا
⦗ص: 98⦘
عبد الرزَّاق، عن معمر، عن أيُّوب
(2)
، عن مجاهد، عن جَابر بن عبد الله قال: خرجنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نقول: لبَّيك بالحج، فلما قدمنا مكة "أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم منْ لمْ يكنْ معه هَدْيٌ أن يحِلَّ بعمرة
(3)
".
(1)
هو الحسن بن يحيى بن الجَعْد أبو عَلِيّ الجُرْجَاني -بضمّ الجيم، وسكون الرَّاء، وبالجيم المفتوحة، وبالنون بعد الألف- نسبة إلى مدينة جُرْجَان، (تقدم التعريف بها).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظُرِ الحديث الذي قبله، وسيأتي برقم 3792، من طريق أحمد بن يوسف السُّلمِيّ عن عبد الرزاق، عن معمر به.
بابُ بيان تَلبيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه وتَلبِيدِه رأسَه عنه إحرامه، والسُّنَّة في رفْعِ الصوت بالإِهْلال للحجِّ والعُمرةِ
3576 -
حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، أخبرنا يعقوب ابن إبراهيم بن سعد
(1)
، حدثنا ابن أخي الزهري
(2)
، عن عمِّه
(3)
قال: أخبرني سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهُو يُهِلُّ مُلَبِّدًا
(4)
يقول: "لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحَمْد والنِّعمة لك والملك، لا شريك لك" قال ابن عمر: وسمعتُ ابن الخطاب رضي الله عنه يُهِلُّ بإهلال صلى الله عليه وسلم ويزيد معه: لبَّيك وسعديك، والخير في يديك، والرَّغْبَاءُ
(5)
⦗ص: 100⦘
إليكَ والعمل
(6)
.
(1)
القرشي الزهري، أبو يوسف المدني.
(2)
محمد بن عبد الله بن مسلم، الزهري.
(3)
محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
مُلَبِّدا: -بضم الميم وفتح اللام وكسر الباء الموحدة- لَبّده: أي جعل فيه شيئًا نحو الصَّمْغ ليجتمع شعره ويَلْزَقَ بعضه ببعض، لئلا يتشعَّثَ (يتفرق) في الإحرام أو يقع فيه القَمْل.
انظر: فتح الباري (3/ 400)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 694).
(5)
الرَّغْباء إليك: بسكون الغبن، فيه وجهان: أحدهما: ضم الراء، والثاني: فتحها، فإن ضممت قصرت وإن فتحت مددت، وهذا كالنعماء والنعمى، ومعنى اللفظة: الطلب والمسألة، أي إنه تعالى هو المطلوب المسئول منه فبيده جميع الأمور.
انظر: المعلم بفوائد مسلم للمازري (2/ 72)، إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (ص 438)، طرح التثريب (5/ 78)، تهذيب سنن أبي داود لابن القيم (1/ 225).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج (2/ 841 - 842، ح 20، 21) عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهريّ، وعن محمَّد بن عَبَّاد، عن حاتم، عن موسى ابن عقبة، كلاهما عن سالم بن عبد الله بن عمر بنحوه، إلا أنَّ في رواية موسى ابن عقبة: قال نافع: "كان عبد الله رضي الله عنه يزيد مع هذا: لبيك، لبيك، وسعديك، والخير بيديك، والرَّغباء إليك والعمل"، فنسب العمل إلى ابن عمر، فيقال: إنَّ كليهما كانا يزيدان تلك الألفاظ لصحة كلتا الروايتين ولمجيئ ذلك من كليهما رضي الله عنهما في طريق يونس بن يزيد المذكورة عند مسلم أيضًا، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من أهل ملبدا- (ص 249، 1540)، عن أصْبَغ، وفي كتاب اللِّباس -باب التلبيد- (ص 1038، ح 5915)، عن حِبَّان بن موسى، وأحمد ابن محمد، ثلاثتهم عن ابن وهب، عن يونس عن ابن شهاب بنحوه، إلا أن رواية أصبغ مختصرة، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 131) عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أخي ابن شهاب، عن عمِّه محمد بن مسلم بن شهاب به، والزيادة المذكورة موقوفة عليهما ولم يثبت رفعُها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر: الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف للحافظ ابن حجر (ص 67).
من فوائد الاستخراج: فيه عُلُوّ نسبيّ، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنف مع عدد رجال إسناد مسلم، وفائدة أخرى، وهي أن الإمام مسلم، ذكر السند دون متنه، فجاء المستخرج وذكر المتن.
3577 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب
(1)
، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، سمعت
⦗ص: 101⦘
رسول الله صلى الله عليه وسلم "يُهِلُّ مُلَبِّدًا"
(2)
.
رواه حَرْملة، عن ابن وهب، عن يُونس، بمثل حديث ابن أخي ابن شهاب
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
انظر تخريج الحديث السابق ح / 3576.
(3)
وصله الإمام مسلم في كتاب الحج -باب التلبية وصفتها ووقتها (2/ 842، ح 21).
3578 -
حدثنا سَعْدان بن يزيد، حدثنا إسحاق بن يوسف، حدّثنا عبيد الله بن عمر
(1)
، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يُلبِّي:"لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحَمْد والنّعمة لك والملك، لا شريكَ لك" قال: وكان ابن عمر يزيد فيها: لبَّيك لبَّيك لبَّيك وسعديك، والخيرُ بيديْك، لبَّيك والرَّغْباءُ إليك والعَمَلُ
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التلبية وصفتِها (2/ 842، ح 20) عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر به مختصرًا، محيلا متنَه على حديث موسى بن عقبة، عن سالم به، وقال:"بمثل حديثهم "، وفي حديث أبي عوانة تكررت كلمة "لبيك" ثلاث مرات فيما كان يزيده ابن عمر:"لبيك لبيك لبيك وسعديك .. " بينما تكرَّرَ في صحيح مسلم في رواية موسى بن عُقبة مرَّتين. وأخرجه ابن ماجه (ص 495) عن علي بن محمد، عن أبي معاوية، وأبي أسامة، وعبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر بمثل لفظ المصنِّف سواء، وكان عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما يرى الانتهاء عند قوله:"لا شريك لك "، ويقول:"إنته إليها فإنها تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم" كما رواه الحارث بن أبي أسامة في مُسنده (بغية الباحث عن زوائِد =
⦗ص: 102⦘
= مسند الحارث ج 1/ 443) عن الحسن بن موسى الأشيب، عن زُهَير عن أبي إسحاق عن الضحَّاك، عن ابن عبَّاس به.
3579 -
حدَّثنا محمد بن اللَّيث المروزي
(1)
، حدَّثنا عبدان
(2)
، قال: حدثني أبي
(3)
، أخبرنا شعبة، عن زيد
(4)
، وأبي بكر
(5)
ابني محمد، عن
⦗ص: 103⦘
نافع
(6)
، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمثله، إلى قَوْله: "لا شريك لك
(7)
".
(1)
هو: محمد بن الليث بن حفص بن مرزوق المروزي الغزال، هكذا ذكره المزي في تهذيب الكمال (1/ 412)، وذكره أبو أحمد الحكم في الأسامي والكنى (ق 250/ ب) وروى عنه بواسطة، كما ذكره الخليلي في الإرشاد (3/ 920) وقال: سمع شيوخ مرو والعراق والحجاز، وأثنى عليه عمر الجوهري، وهو كثير الرواية عنه، والجوهري دونه في الطبقة، ويلقب بـ: الإسكاف، والقزاز، والسمسار، وجاء ملقبًا بالقزاز عند أبي عوانة في مواضع أخر.
(2)
هذا لقبه، واسم عبدان هو: عبد الله بن عثمان بن جَبَلة -بفتح الجيم والموحدة- ابن أبي روَّاد -بفتح الراء وتشديد الواو- العَتَكي -بفتح المهملة والمثناة-، أبو عبد الرحمن المروزي، ثقة حافظ، ت / 221 هـ، (خ م د ت س).
انظر: التحبير في المعجم الكبير للسمعاني (2/ 248)، تهذيب الكمال للمزي (15/ 276 - 279)، توضيح المشتبه (2/ 191 - جبلة)، (4/ 235 - رواد)، (6/ 181 - العتكي)، تقريب التهذيب (ت 3835).
(3)
هو عثمان بن جَبَلة المروزي.
(4)
هو: زيد بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ثقة من السابعة، أخرج له النسائي. انظر: التقريب (ت 2364).
(5)
هو: أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، أخو المتقدِّم، وكلاهُما ثِقتَان.
انظر: التقريب (ت 9092).
(6)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3578.
(7)
أخرجه النّسائي في كتاب الحج (ص 428) عن أحمد بن عبد الله بن الحكم، عن محمد بن جعفر، وأخرجه الإمام أحمد (6/ 100) عن محمد بن جعفر، عن شعبة بمثل ما أخرج أبو عوانة.
3580 -
حدثنا عبد الصمد بن الفضل
(1)
، حدثنا مكي ابن إبراهيم
(2)
، عن ابن جريج، أخبرني نافع
(3)
، أن ابن عمر كان يقول: سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لبّيْك اللهمّ لبَّيْك، لبيك لا شريك لك لبيك، إِنّ الحَمْد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك" قال نافع: وكان ابن عمر يقول: زدت أنا: "لبَّيك لبَّيك لبَّيك وسعديك، والخير في يديك، لبَّيك والرَّغْبَاءُ إِليْك والعملُ
(4)
".
(1)
هو: عبد الصمد بن الفضل بن موسى البَلْخي، أبو يحيى، وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات، ت / 282 هـ.
انظر: العلل للدارقطني: (5/ 138)، سؤالات السلمي (192)، الثقات لابن حبان (8/ 416).
(2)
التَّميمي الحَنْظلي البَلْخي، أبو السَّكَن.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3578.
(4)
أخرجه الإمام أحمد (2/ 28) عن روح، عن ابن جُريج به، ولم يذكر فيه زيادة ابن عمر رضي الله عنه.
3581 -
أخبرنا يونس، حدثنا ابن وهب، قال:
⦗ص: 104⦘
حدثني مالك
(1)
، وغيره، أن نافعًا حدثهم، بمثله، قال نافع: وكان عبد الله بن [عُمَرَ يَزِ
(2)
] يْدُ فيه، بمثله
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في موطئه (6/ 412 - 417، ح 798) برواية يحيى اللَّيثي عنه بنحو لفظ المصنِّف في ح / 3580.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (م)، واستدركتُه من أحاديث الباب ودلالة العبارة.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التلبية وصفتها ووقتها (2/ 841، ح 19)، عن يحيى النيسابوري عن مالكٍ بمثله، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب التلبية- (ص 251، 1548) عن عبد الله بن يوسف، عن مالكٍ، بمثله، ولم يذكر فيه زيادة ابن عمر، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 44)، عن أبي عبد الله الحافظ، عن محمد بن يعقوب، عن ابن الحكم، عن ابن وهب بمثله.
3582 -
حدثنا الصغاني، حدثنا أبو النضر
(1)
، حدثنا الليث، حدثني نافع
(2)
، عن ابن عمر، أنه كان يقول بمثل هذا إلى قوله:"لا شريك لك" وكان عبد الله بن عمر يقول: هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابنُ عمر يزيد، فذكر مثله
(3)
.
(1)
هو: هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي، أبو النضر البغدادي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3581.
(3)
أخرجه الترمذي في كتاب الحج -باب ما جاء في التلبية- (ص 202، ح 826)، عن قتيبة، عن الليث، عن نافع بمثله، وقال:"حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، وانظر تخريج الحديث السابق.
3583 -
حدثنا الحسن بن أبي الرَّبيع، والسُّلمي
(1)
، ومحمد بن مُهِلّ الصغاني
[*]
، قالوا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري
(2)
، عن سالم، عن ابن عمر قال: سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنعمة [لك
(3)
] والمُلك، لا شريك لك" قال ابن عمر: "وزدت أنا: لبيك لبيك وسَعْدَيك، والخيرُ في يديك، لبَّيك والرَّغْباءُ إليكَ والعملُ
(4)
".
(1)
هو: أحمد بن يوسف السلمي، تقدم في ح / 3564.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3576.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من نُسخة (م)، واستدركته من أحاديث الباب ودلالة السياق.
(4)
أخرجه الإمام أحمد (2/ 34) عن عبد الرزاق به، وليس فيه ذكر زيادة ابن عمر رضي الله عنه، وأخرجه عبد بن حُميد في مسند (ص 238) عن عبد الرزاق بمثل لفظ المصنِّف، وانظر ح / 3576.
من فوائد الاستخراج: زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن الزُّهرين طريقين: طريق معمر، وطريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد (ح / 3576).
_________
[*] قال أحمد بسيوني: كذا هنا وفي مطبوعة دار المعرفة (3725): (الصغاني)، وصوابها: الصنعاني، وهي على الصواب على الأصح في الأصل الخطي المحفوظ بدار الكتب المصرية (3/ ق 74/ ب)، وكذا في إتحاف المهرة (9614) وأصوله الخطية، وكذا في مصادر ترجمة الراوي، وهو الذي أشار إليه محققو الكتاب في مطلعه وفي أكثر من موضع من الكتاب، وقد فات الحافظ عزوه لأبي عوانة.
3584 -
حدثنا السُّلَمي، حدثنا النَّضر بن محمد
(1)
، أخبرنا عِكرمة ابن عَمَّار
(2)
، حدثنا أبو زُميل
(3)
، عن ابن عباس قال: كان المشركُون
⦗ص: 106⦘
يقولون: لبَّيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويْلَكْم قَدْ قَدْ
(4)
" [فيقولون:
(5)
] إلا شريكًا هو لك، تَمْلِكُه وما مَلَك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت
(6)
.
(1)
ابن موسى الجُرَشي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو أبو عمَّار اليمامي.
(3)
بالزَّاي، مُصَغَّرًا، سِمَاك بن الوليد الحَنفِي اليمامي ثم الكوفي.
(4)
قدٍ قدٍ: بإسكان الدال أو كسرها مع التنوين، ومعناه كفاكم هذا الكلام فاقتصروا عليه ولا تزيدوا.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 325)، شرح النووي (8/ 329).
(5)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركته من صحيح مسلم (2/ 843)، ولأن الكلام لا يستقيم بدون هذه الكلمة.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التَّلبية وصفتها ووقتها (2/ 843، ح 22)، عن عباس بن عبد العظيم العَنْبَري، عن النَّضر بن محمد، عن عكرمة، بمثله، وأخرجه الطبرانيُّ (12/ 198) عن أحمد بن محمد الحمَّال عن حمدان بن يوسف السُّلمي (شيخ أبي عوانة) عن النضر بن محمد بمثله أيضًا.
3585 -
حدثنا ابن أبي الحُنين الكوفِي، حدثنا معلَّى بن أسد
(1)
، حدثنا وُهَيب، عن داود
(2)
، عن أبي نَضْرة
(3)
، عن جابر، أو عن أبي سَعيد الخدري
(4)
قال: "قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نَصْرُخ بالحج صُرَاخًا
(5)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو: ابن أبي هند.
(3)
هو: المنذر بن مالك بن قُطَعة.
(4)
سعد بن مالك الأنصاري.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التقصير في العُمرة (2/ 914، ح 212) عن =
⦗ص: 107⦘
= حجاج بن الشاعر، عن معلى بن أسد، عن وهيب، عن داود، عن أبي نضرة، عن جابر وعن أبي سعيد الخدري بمثله، فجزم بالرواية عن كلا الصحابيين، وعن عبيد الله بن عمر القَواريري، عن عبد الأعلى، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد بنحوه، بدون شكٍّ في تسمية الصَّحابي، وزاد:"فلمَّا قدمنا مكة أمرنا أن نجعلها عُمرة إلا من ساق الهدي، فلما كان يوم التروية ورُحنا إلى منى أهللنا بالحجِّ"، وقد انفرد مسلم بإخراج هذا الحديث بين السِّتَّة.
ومدار الحديث على داود بن أبي هند، وقد رواه عنه، وهيب بن خالد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأبن أبي عدي، ويزيد بن زريع، وأبو شهاب (عبد ربه ابن نافع الكِناني الحنّاط).
أما وهيب فاختلف عليه فيه، فرواه عنه عفان كما عند أحمد (3/ 75) على الشك: عن جابر أو أبي سعيد.
ورواه معلى بن أسد عن وهيب واختلف عليه فيه، فرواه حجاج بن الشاعر، كما عند مسلم (2/ 914)، والسري بن خزيمة كما عند البيهقي (5/ 40) عنه عن وهيب، بالجزم على جابر وأبي سعيد رضي الله عنهما.
وخالفهما ابن أبي الحنين كما عند أبي عوانة، فرواه عن معلى بن أسد، عن وهيب، على الشكّ.
ورواه عبد الأعلى (صحيح مسلم 2/ 914)، وابن أبي عدي (مسند أحمد 3/ 5)(صحيح ابن حبان 9/ 103)، ويزيد بن زريع (مسند أحمد 3/ 71)، (شرح معاني الآثار 2/ 193)، وأبو شهاب (السنن الكبرى للبيهقي 5/ 31)، (شرح معاني الآثار 2/ 195)، كلهم عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه به، ولم يذكروا جابرًا رضي الله عنه، ويظهر من هذا أن وهيبًا لم يحفظ الحديث كما حفظه غيره، ويؤيد ذلك إيراد مسلم لحديث وهيب بعد إخراج السّند المحفوظ، إشارة منه إلى أن =
⦗ص: 108⦘
= الطريق الأولى هي المحفوظة، كما قال ذلك في مقدمة كتابه:
"فأما القسم الأول: فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى، من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث، وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم، فإن نحن تقصينا أخبار هذا المصنف من الناس أتبعنا أخبارًا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر".
وقد أخرج الطبرانيُّ في المعجم الأوسط (8/ 1) عن جعفر عن محمد بن يزيد ابن الرَّوَاسِ عن سلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قدمنا مع رسول صلى الله عليه وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخًا، "فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة، وأن نحل، فأحللنا".
ثم قال الطبرانيُّ: "لم يرو هذا الحديث عن داود إلا سلمة، تفرَّد به محمد".
قال الحافظ ابن حجر في التهذيب: "تميز: سلمة بن علقمة صوابه مسلمة وسيأتي"، وعند ذكره في الموضع اللاحق من كتابه التهذيب أورد فيه أقوال من عدله ومن جرحه، وقال في التقريب:"صدوق له أوهام".
انظر: تهذيب التهذيب (4/ 132)، (10/ 132)، التقريب (ت 7508).
3586 -
حدثنا محمد بن هارون الفلَّاس
(1)
، حدثنا عفان ابن مسلم أبو عثمان، حدثنا يزيد بن زُرَيع
(2)
، حدثنا داود ابن
⦗ص: 109⦘
أبي هند
(3)
، عن أبي نَضرة، عن أبي سعيد الخدريِّ قال: خرجنا من المدينة نَصْرُخ بالحج صُرَاخًا، فلما قدمنا مكة فطُفْنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلُوهَا عُمرةً، إلَّا من كان معه هديٌ فلما كانت عشيةَ الترويةِ أَهلَلنا بالحجِّ
(4)
".
(1)
بفتح الفاء والتشديد وآخره سين مهملة، "توضيح المشتبه"(7/ 133)، أبو جعفر، المُخَرَّميّ، يلقب: شِيطَا.
(2)
بتقدم الزاي، مصغَّر، أبو معاوية البصري.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج الحديث السابق ح / 3585.
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 71) عن عفان به، بمثل لفظ المصنِّف سواء.
3587 -
وحدثنا الصغاني، حدثنا أحمد بن إسحاق الحَضْرَمِيّ، حدثنا وُهَيب، حدثنا يحيى بن [أبي] إسحاق
(1)
، عن أنس بن مالك، قال: سمعتُ [رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلّ بهما جميعًا: "لبَّيك عمرةً وحجًّا،
⦗ص: 110⦘
لبَّيك عمرةً وحجًّا
(2)
(3)
"].
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو: يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي -مولاهم- البصري النَّحوي، ت / 136 هـ، (ع).
وثقه ابن سعد، وابن معين، والنسائي، وليَّنه أحمد.
وقال الذهبي: "ثقة"، وقال الحافظ:"صدوق ربما أخطأ".
قلت: وقد تابعه جمع من الثقات عند مسلم كما سيتبين التخريج الآتي.
وقد سقط ما بين المعقوفين واستدركتُه من إتحاف المهرة لابن حجر (2/ 372 برقم: 1919).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (3203)(7/ 188)، العلل للإمام أحمد (2/ 118)، (1/ 156)، تهذيب الكمال (31/ 199 - 201)، مقدمة فتح الباري (ص 473)، التقريب (ت 8451).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب إهلال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وهديه (2/ 915، ح 214)، عن يحيى بن يحيى، عن هُشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد به، وعن علي بن حجر، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، وحميد الطويل به، وعن سُريج بن يونس (2/ 905)، عن هشيم، عن حميد، عن بكر عن أنس به أيضًا.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركته من صَحيح مسلم (2/ 915)، كما سقطتْ في هذا الموضع أحاديث أخرى، وقفتُ على أسانيدها في إتحاف المهرة (2/ 372). انظر: ملحق وصف النسخة الخطيَّة آخر هذه الرسالة، الموضع الثاني.
[باب تَحرِيْم الصَّيدِ للمحرم، وإذا صاد الحلال فأهْدى للمُحرِم الصَّيد أكله
(1)
]
(1)
ما بين المعقُوفين ليس من نسخة (م)، فقد سقط الباب والأحاديث التي في أول الباب، وترجمة الباب مركبة من تبويب الإمام البخاري رحمه الله (ص 293) والنووي رحمه الله (المنهاج 8/ 342)، لدلالة أحاديث الباب على ذلك، وقد ذكر ابن حجر أسانيد تلك الأحاديث في إتحاف المهرة.
انظر: الموضع الثالث من الملحق الخاص بوصف النسخة الخطية نهاية هذه الرسالة.
3588 -
. حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(1)
، حدثنا هِشام الدَّسْتَوائي
(2)
، عن يحيىَ بن أبي كثير
(3)
، عن عبد الله بن أبي قتادة
(4)
، عن أبيه
(5)
، أنه انطلق مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عام الحُدَيْبِيَّة، فأحرم أصحابي ولم أُحرم، فأصبتُ حمار وحْشٍ، فأتيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أصبتُ حمار وحش وبقي منه فاضلة، فقال النَّبِيّ
⦗ص: 112⦘
صلى الله عليه وسلم للقوم: "كُلُوا، وهم مُحرِمون
(6)
".
(1)
هو سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده برقم (625) تقدم.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو الطَّائي -مولاهم- أبو نصر اليمامي.
(4)
هو الأنصاري السَّلَميّ -بفتحتين- المدني.
(5)
هو: الحارث، ويقال: عمرو أو النعمان بن ربعيّ، -بكسر الراء، وسكون الموحدة، وبعدها مهملة- ابن بُلْدمة، -بضم الموحدة، والمهملة، بينهما لام ساكنة- السّلَمي، بفتحتين، المد في، ت / 38 هـ، (ع).
انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (7/ 327)، التقريب (ت 9886).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تحريم الصَّيد للمحرم (2/ 853، ح 59) عن صالح بن مسمار، عن معاذ بن هشام، عن أبيه هشام الدَّسْتوائي بنحوه أكثر تفصيلًا، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله- (ص 293، ح 1821) عن معاذ بن فَضَالة عن هشام به، وفي كتاب الحج -باب إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا .. - (ص 294، ح 1822)، وفي كتاب المغازي -باب غزوة الحديبية- (ص 706، ح 4149) عن سعيد بن الرَّبيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير به، وقد صرَّح ابن أبي كثير بالتحديث والإخبار كما عند مسلم، والمصنف في الأحاديث الأخرى في الباب، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 188) عن أبي بكر بن فورك، عن عبد الله بن جعفر، عن يونس بن حبيب، عن أبي داود، عن هشام به.
3589 -
حدثنا أبو حاتم الرازي
(1)
، حدثنا يحيى بن صالح
(2)
، حدثنا معاوية بن سلَّام
(3)
، عن يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني عبد الله بن أبي قتادة أن أباه أخبره، أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الحُدَيْبِيَّة
(4)
، قال: فأهَلُّوا
⦗ص: 113⦘
بعمرةٍ غيري، قال: فاصْطدْتُ حمار وحْشٍ، فأطعمْتُ أصحابي وهم مُحرِمون، ثم أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنبأتُه أنّ عنْدنا من لحمه فاضلةً، فقال:"كُلُوهُ" وهم مُحرِمون
(5)
.
(1)
هو: محمد بن إدريس بن المُنذر الحنظلي، الحافظ، إمام الجرح والتعديل.
(2)
الدمشقي أبو زكريا.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، سَلّام -هو بالفتح والتشديد- أبو سلَّام الدمشقي.
(4)
الحُدَيْبِيَّة: بضم الحاء وفتح الدال بعدها ياء ساكنة وباء موحدة مكسورة وياء، اختلفوا فيها فمنهم من شددها، ومنهم من خففها، فرُوِي عن الشافعي رحمه الله أنه قال:"الصواب تشديد الحديبية وتخفيف الجعرانة وأخطأ من نص على تخفيفها"، وقيل:"كلّ صواب، أهل المدينة يثقلونها وأهلُ العراق يخففونها"، كانت قرية متوسطة =
⦗ص: 113⦘
= ليست بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها، وهي اليوم على بعد (22) كيلًا غرب مكة على طريق جدة القديم، وهو الطريق الذي يمر بالحديبية ثم حداء -على بضع أكيال من الحديبية- ثم على بحرة -منتصف الطريق- ثم على أم السلم فجدة، بها مسجد الشجرة، قيل إن مكانه لم يثبت، وهو اليوم مهدم، وبها بويتات يعدها الناظر، ومسجد غير مسجد الشجرة يصلى فيه، وبها مخفر للشرطة، وهي خارج الحرم غير بعيدة منه، على مرأى، وملاكها الأشراف ذوو ناصر.
انظر: معجم البلدان (2/ 229)، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 94).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تحريم الصيد للمحرم (2/ 854، ح 62) عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن يحيى بن حسان، عن معاوية بن سلّام بمثله.
من فوائد الاستخراج: فيه علو نسبي: المساواة بين المصنف والإمام مسلم، حيث تساوى عدد رجال إسناديهما.
3590 -
حدثنا أبو أمية، حدثنا عبيد الله بن موسى
(1)
، حدثنا شيبان
(2)
، عن يحيى
(3)
، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: قلتُ: يا
⦗ص: 114⦘
رسول الله، إني أصبتُ حمارًا وحشيًّا وعندي منه فاضلة، فقال للقوم:"كلوا" وهم مُحْرِمون
(4)
.
(1)
ابن أبي المختار باذَام العَبْسِيّ -مولاهم- أبو محمد الكوفي.
(2)
شيبان بن عبد الرحمن التميمي -مولاهم- النحوي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
انظر: التخريج السابق.
3591 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا محمد بن خالد بن عَثْمَة
(1)
، أخبرنا محمد بن جعفر يعني ابن أبي كثير
(2)
، قال: حدثني أبو حازم
(3)
، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: كنتُ يومًا جالسًا مع رَهْطٍ
(4)
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل لنا بطريق مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نازلٌ أمامنا، والقوم محرِمون، وأنا غير محرِم، فأبصر القوم حمارًا وحشيًّا وأنا مشغولٌ أخْصِفُ
(5)
نعلي لم أبصره، فأحبوا أَنْ لوْ أبصرتُه، فقمت إلى الفرس فأسرجْتُ، ثم قمت ونسيتُ الرمح والسَّوط، فقلت لأصحابي:
⦗ص: 115⦘
ناولُونِي الرمح والسوط، فقالوا: لا والله لا نعينك عليه بشيء، فغضبتُ فنزلتُ فأخذتهما، ثم ركبت فشدَدْتُ عليه فقتلتُه، ثم جئت به أجرُّه وقد مات، فوقعوا عليه يأكلونَه، ثم إنهم شَكُّوا فيما صَنعوا، فرُحْنا وخَبَأت العَضُدَ
(6)
معي، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه فقال:"معك منْه شيءٌ؟ " فقلت: نعم، فناولته العضد فأكلها وهو محرم حتى تعرَّقها
(7)
(8)
.
(1)
عَثْمة: -بفتح العين، وسكون الثاء المعجمة بثلاث، الإكمال (6/ 142) - وهو: محمد بن خالد، ابن عثمة البصري.
(2)
الأنصاري، الزّرقي مولاهم، المدني، موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو: سَلَمَةُ بن دِيْنار الأعرج التمَّار المدني.
(4)
رَهْط: أي ذوو ارْتَهاطٍ، وهو افتعال من الرّهْط أى مجتمعون رَهْطًا رَهْطًا، وأصلُ الكَلِمة من الرَّهْط، وهُم عَشِيرةُ الرجُل وأهُله، والرّهْطُ: العصابة دون العَشرة، ويجمع على أراهِط، وأَرْهُط: وأَنْشَد بعضهم:
…
وفَاضِح مُفْتِضَح في أرْهُطهِ.
انظر: الفائق للزمخشري (2/ 96)، النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 675).
(5)
أخصِف نعلي: أي أخرزها.
انظر: القاموس المحيط (ص 742)، مشارق الأنوار (1/ 477).
(6)
العَضُدُ: بالفتح وبالضم وبالكسر وككَتِفٍ ونَدُسٍ وعُنُقٍ: ما بين المِرْفَقِ إلى الكَتِفِ.
انظر: القاموس المحيط (ص 285).
(7)
تعرَّقَها: أي حتَّى لم يُبقِ على عظْمها لحمًا.
انظر: فتح الباري (9/ 547)، مشارق الأنوار (2/ 40).
(8)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تحريم الصيد للمحرم (2/ 855، ح 63)، عن أحمد بن عبدة، عن فضيل بن سليمان النميرى، عن أبي حازم، به مختصرًا، بينما رواه أبو عوانة مطوَّلًا، وأخرجه البخاريّ في كتاب الجهاد -باب اسم الفرس والحمار- (ص 472، ح 2854) عن محمد بن أبي بكر، عن فضيل بن سليمان، وفي كتاب الأطعمة -باب تعرُّق العَضُد (ص 965، ح 5406)، عن محمد بن المثنى، عن عثمان بن عمر، عن فليح بن سليمان، وفي الباب نفسه، وفي كتاب الهبة -باب فضل الهبة (ص 415، ح 2567)، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن محمد بن جعفر ابن أبي كثير، ثلاثتهم عن أبي حازم به.
من فوائد الاستخراج: ساق الإمام مسلم لفظ أبي حازم مختصرًا، فجاء المستخرِجُ فرواه مطوَّلًا.
3592 -
حدثنا عبَّاس الدوري، حدثنا يونس بن محمد
(1)
، حدثنا فُلَيح، عن أبي حازم
(2)
، بنحوه
(3)
.
(1)
أبو محمد المؤدِّب، المعروف بحَرَميّ.
(2)
سلمة بن دينار، وهو موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3591.
(3)
أخرجه ابن حبان (9/ 288) عن أحمد بن عليّ بن المُثنى عن بشر بن الوليد عن فُليح بن سليمان به، وانظر تخريج الحديث السَّابق.
3593 -
حدثنا أبو أمية، [حدثنا
(1)
] سليمان بن حرب، حدثنا شعبة
(2)
، عن عثمان بن عبد الله بن (موهب
(3)
)، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، أنه كان يسير مع قوم وهم محرمون وليس هو بمحرم، فركضَ
(4)
فرسه على حمار فصرعه، فأكلوا من لحمه، فسألوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"أشَرْتُم أو صِدْتُم أو قَتَلتُم" قالوا: لا، قال: "فكلوا
(5)
".
(1)
سقطت أداة التَّحديثِ من (م)، واستدركتُها من إتْحاف المهرة (4/ 136).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
تصحّف في (م) إلى مُوْسَى، والتَّصويب من إتحاف المهرة، (4/ 136)، وصحيح مسلم (2/ 158).
(4)
ركضَ فرسَه: أي دفعه واستحثَّه للعدْوِ. القاموس المحيط (ص 593).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج (2/ 854، 61)، عن محمد بن المثنَّى، عن غُنْدر، عن شُعبة، وعن القاسم بن زكرياء، عن عبيد الله، عن شيبانَ، كلاهما عن عثمان بن عبد الله بن موهب به، ولم يذكر متنَ حديثهما، ولكن نبَّه على بعض لفظِ =
⦗ص: 117⦘
= شُعبة وشيبَان:
"وفي رواية شُعبة قال: "أشرْتم أو أَعَنتُم أو أَصدْتُم"، فذكر "أعنتم" بدل "قتلتُم"، وكلا اللَّفظتين ثابتتان عن شُعبة، أمَّا لفظة "قتلتُم" فثبتتْ من طرقٍ كثيرة عن شُعبة: منها طريق سليمان بن حرب هذه (ح / 3593)، وطريق أبي عمر الحوضي وأبي الوليد الطَّيالسي (ح / 3594) وطريق محمد بن جعفر غُندر (مسند أحمد 5/ 302)، وطريق عبد الصمد بن الوارث (المنتقى لابن الجارود ص 114) وطرق أخرى، وأما اللَّفظة الثانية فثبتت عن شُعبة أيضًا من عدَّة طرق، منها طريق محمد بن جعفر (صحيح مسلم 2/ 854، مسند أحمد 5/ 302)، وطريق أبي داود الطيالسي (النسائي في الكبرى -كتاب المناسك- باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال 2/ 372) وطريق أبي عامر العقدي، وابن أبي عدي، ويزيد بن هارون (صحيح ابن خُزيمة -كتاب الحج- باب باب الزجر عن معونة المحرم للحلال على الاصطياد بالإشارة 4/ 176 - 177).
قلتُ: شكَّ شُعبة في بعض الألفاظ المذكورة التي شملها سؤالُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، فقال:"لا أدري قال: "أعَنْتُم" أو أَصَدْتُم"، فالله أعلم بالصَّواب، ومعنى "أصَدْتم": هل أغرَيتمُوه وحملتموه على الصيد أو لا؟.
انظر: (صحيح مسلم 2/ 854)، الإلمام لابن دقيق العيد (1/ 380)، لسان العرب (7/ 450).
من فوائد الاستخراج: ذكر الإمام مسلم رحمه الله طريق شُعبة، فجاء المستخرِج، وذكر متنها.
3594 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا أبو عُمر الحوْضِي
(1)
،
⦗ص: 118⦘
وأبو الوَليد
(2)
، واللفظ لأبي عمر، قالا: حدثنا شُعبة
(3)
، قال: أخبرني عثمان بن عبد الله بن مَوْهِب، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، إنهم بينما هم يسيرون وهم محرمون إذْ ركبَ أبوهُ فرسًا فصرع حمارًا ولم يكن محرمًا، فأكلوا من لحمه، فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال:"أشرتُم أو قتلتُم أو صدْتُم؟ "، قالوا: لا، قال: "كُلوا
(4)
".
(1)
حفص بن عمر بن الحارث بن سَخْبَرة الأزدي النَّمَري.
(2)
هو هشام بن عبد الملك الطَّيَالِسي، أبو الوليد.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3593.
(4)
أخرجه الدارميّ في سُننه (2/ 60)، وابن حبان في صحيحه (7/ 330)، كلُّهم من طرق، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، عن شعبه به، وانظر الحديث السابق ح / 3593.
من فوائد الاستخراج: لم يذكر الإمام مسلم متن حديث شعبة، واكتفى بالإشارة إلى بعض لفظِه، وذكره المستخرِجُ، وأيضًا في حديث المستخرِج علوٌّ نسبيٌّ:"المساواة"، حيثُ استوى عدد رجال إسناد المصنّف مع عدد رجال إسناد مسلم.
3595 -
حدثنا أبو المثَنَّى
(1)
، حدثنا مسدد، حدثنا أبو الأحوص
(2)
حدثنا عبد العزيز بن رُفيع
(3)
، عن عبد الله بن أبي قتادة، أن أبا قتادة كان
⦗ص: 119⦘
في نفر محرمين وكان حِلًّا، فأبْصَر القوم حمارًا فلم يؤذنوه حتى أبصره أبو قتادة، فاخْتَلس
(4)
من بعضهم سوطًا، ثم قعد على ظهر فرسٍ فحملَ على الحِمار فصرَعه، ثم أتاهم فأكلُوا وحملُوا، فلقَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بالذي صنع أبو قتادة، فقال:"أشار إنسانٌ منكم بشيءٍ أو أمرتُم بشيءٍ" قالوا: لا، قال: "فكُلوا
(5)
".
(1)
هو: معاذ بن المثنى العنبري.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو: سَلَّام -بتشديد اللام- بن سُلَيْم الحَنَفِي -مولاهم- أبو الأَحْوَص، الكوفِي.
(3)
هو الأَسدي، أبو عبد الله المكِّي، نزيلُ الكوفة، و "رُفيع" -مصغَّر- وهو ملتقى الإسناد مع مسلم أيضًا في السند الثاني كما في التخريج الآتي.
(4)
اختلَس الشيء إذا استلبه، والاختلاس من باب الافتعال من الخِلسة، وهو ما يؤخذ سلبًا.
انظر: نيل الأوطار (2/ 378).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تحريم الصيد للمحرم (2/ 855، ح 64)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي الأحوص، وعن قتيبة، وإسحاق، عن جرير، كلاهما عبد العزيز بن رفيع بنحوه، مختصرًا.
من فوائد الاستخراج: أخرج مسلم رحمه الله حديث عبد العزيز بن رُفيع مختصرًا، وأخرجه المستخرِج مفصَّلًا، محتويًا على زيادات، منها: اختلاس أبي قتادة السَّوط من أحدهم، وأنَّ الصحابة لم يُعلموا أبا قتادة بوجود الصَّيد، وأكلهم لذلك الصيد، والزّيادتان ثابتتان من طرق أخرى، أما الزيادة الأولى فجاءت عند النسائي في الصغرى (ص 438، ح 2826) والكبرى (2/ 374) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن عبد الله بن أبي قتادة به، أما الزيادة الثانية مع الأولى أيضًا فجاءت عند أبي نعيم في المستخرج (3/ 285) وابن حبان في صحيحه (9/ 297) والبيهقي في السُّنن الكبرى (5/ 189) و (9/ 322) كلُّهم من طرق عن عبد العزيز بن رُفيع به.
3596 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا مسلم بن إبراهيم، ح.
وحدثنا يوسُف القاضي
(1)
، حدثنا محمد بن أبي بكر
(2)
، قالا: حدثنا أبو عوانة
(3)
، عن عثمان بن عبد الله لأن موهب
(4)
)، عن عبد الله ابن أبي قتادة، عن أبيه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجًّا وخرجنا معه، فصرف طائفةً منهم وفيهم أبو قتادة فقال لهم:"خذوا ساحلَ البحر حتى تَلْقوني"، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرموا كلهم إلا (أبا قتادة
(5)
) لم يُحرم، قال: فرأينا حُمرَ وحشٍ فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانًا، فنزلوا فأكلوا من لحمها، فقالوا: نأكل من لحم صيد ونحن محرمون، فحملوا ما بقي من لحمها فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا كنا أحرمنا وقد كان أبو قتادة لم يُحْرِم، فرأينا حُمُرا فحَمَل عليها أبو قتادة، فعقر منها أتانًا
(6)
فأكلنا من لحمها
⦗ص: 121⦘
وحملنا ما بقي، فقال:"هل منكم من أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها"، قالوا: لا، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلوا مَا بَقِي مِنْ لحمها
(7)
" واللفظ لسُليمان
(8)
.
(1)
أبو محمد، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل البصري، ثم البغدادي، صاحب السنن.
(2)
أبو عثمان المُقَدَّمي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو الوضَّاح بن عبد الله اليَشْكُري -مولاهم- أبو عوانة الواسطي.
(4)
في (م)"وموهب بن عبد الله" وهو خطأ، والتصويب من إتحاف المهرة (4/ 136).
(5)
في نسخة (م)"أبو قتادة" وهو خطأ نحوي.
(6)
الأتَان: أنثى الحمار (حمارة). =
⦗ص: 121⦘
= انظر: فتح الباري (1/ 74)، النِّهاية (1/ 26)، المصباح المنير (1/ 150).
(7)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب التحريم الصيد للمحرم (2/ 853، ح 60)، عن أبي كامل الجحدري، عن أبي عوانة بمثله، وأخرجه البخاري عن موسى ابن إسماعيل عن أبي عوانة به، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 331) عن علي ابن محمد المقرئ عن الحسن بن محمد عن يوسف القاضي عن محمد بن أبي بكر عن أبي عوانة بمثله.
من فوائد الاستخراج: تعيين من له اللفظُ من الرُّواة.
(8)
ابن سيف أبي داود الحرَّاني شيخِ المصنِّف.
3597 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا عليّ بن المَديني
(1)
، حدثنا سُفيان
(2)
، حدثنا صالح بن كَيْسَان
(3)
، عن أبي محمد
(4)
، عن أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقَاحَة
(5)
ومنَّا المحرم ومنَّا غير المحرم، فرأيت
⦗ص: 122⦘
أصحابي يَتَرَاءون
(6)
شيئًا فنظرتُ فإذا حمار وحشٍ، فركبتُ فرسي وأخذت الرمحَ وأخذتُ السوطَ فسقط منِّي السوطَ، فقلتُ: ناولوني، فقالوا: ليس نُعِينك عليه بشيء، إنا محرمون، (فتناولتُه
(7)
) بشيءٍ فأخذتُه، ثم أتيتُ الحِمَار من وراء أَكَمَة
(8)
فعقرتُه، فأتيت به أصحابي،
⦗ص: 123⦘
فقال بعضهم: كلوه، وقال بعضهم: لا تأكلوه، فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو أمَامنا فسألتُه فقال: "كُلُوه هو حلالٌ
(9)
" قال سُفيان: فقال لنا عمرو بن دينار: اذهبوا إلى صالح بن كيسان فاسألوه عن هذا الحديثِ وعن غيره، وقَدِم علينا
(10)
.
(1)
علي بن عبد الله بن جعفر السَّعدي المديني.
(2)
هو ابن عيينة، أبو محمد الهلالي، المكّي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
صالح بن كيسان المدني.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم في السّند الثاني كما يتبين في التخريج الآتي، ومولى أبي قتادة هو: نافع بن عبّاس، ويقال: ابن عيّاش الأقرع أبو محمد مولى أبي قتادة.
(5)
القَاحَة: بفتح الحاء المهملة مخففة واد فحل من أودية الحجاز، يقع أوله مما يلي المدينة =
⦗ص: 122⦘
= على أربع مراحل، ويسير فيه الطريق مرحلتين، وفيه مدينة السُّقيا -سُقيا مُزينة- ثم يجتمع بوادي الفرع فيسمى الوادي الأبواء، على ست مراحل من المدينة وخمس من مكة.
انظر: المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 237).
(6)
يتَراءون: يتفاعلون، من الرؤية، والتَّرائي تفاعل من الرُّؤية، وهي على وجوه، يقال: تراءى القوم: إذا رأى بعضهم بعضًا، وتراءى لي الشيء ظهر لي حتى رأيته، وتراءى القوم الهلال إذا رأوه بأجمعهم، وهذا المعنى الأخير هو الأنسب بالمقام.
انظر: فتح الباري (4/ 27)، فيض القدير للمناوي (2/ 434).
(7)
في (م)"فناولتُه"، ولم يظهر لي وجْهُه من النَّاحية اللغوية؛ لأن "ناول" يتعدى إلى مفعولين، ومنه الحديث:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناولَ سلمانَ كذا وكذا"، بينما "تناول" يتعدى إلى مفعول واحد، يقال: ناوَلْت فلانًا شيئًا مُناولةً إِذا عاطَيْته، وتناوَلْت من يده شيئًا إِذا تَعاطيته، وناوَلْته الشيء فتناوله، وتناول الأَمرَ: أَخذه، والأخير هو الصَّحيح والأنسب في لفظ الحديث.
انظر: العين للخليل بن أحمد (2/ 82)، ولسان العرب (14/ 335).
(8)
أَكَمَة: بفتحات، هي الرَّابية، والجبال الصّغار، والجمع آكام بالمدّ، وبالكسر بلا مدّ.
انظر: فتح الباري (1/ 80)، مشارق الأنوار (1/ 61).
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تحريم الصيد للمحرم (2/ 851، ح 56)، عن قتيبة بن سعيد، وابن أبي عمر، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن صالح بن كيسان بنحوه، وعن يحيى بن يحيى، وقتيبة، كلاهما عن مالك، عن أبي النضر، عن نافع مولى أبي قتادة بنحوه، وأخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد -باب: لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد- (ص 294)، عن عبد الله بن محمد، وعلي بن عبد الله (فرقهما) عن سفيان، عن صالح بن كيسان بمثله، وفيه قول عمرو بن دينار:"اذهبوا إلى صالح بن كيسان، فسلوه عن هذا وغيره، وقدم علينا هاهنا".
(10)
العبارة هكذا في (م)، وفيها ركاكة، ولعلّ الأنسب أن يقال:"وكان قدم علينا"، وقد جاء بها ابن حجر هكذا مثل الثانية عند ذكره لطرق أبي عوانة في إتحاف المهرة (4/ 164).
من فوائد الاستخراج: هنالك عدّة فوائد منها:
1 -
قوة إسناد المستخرِج، لروايته الحديث من طريق الإمام عليّ بن المديني عن سفيان، بينما رواه مسلم من طريق قتيبة بن مسلم، عن سفيان، وقتيبة وإن كان ثقة، فإنه لا يصل إلى درجة علي بن المديني.
2 -
في طريق المستخرج زيادة، وهي قول عمرو بن دينار المتقدم، وهي زيادة مهمة تدل على إمامة صالح بن كيسان، وكونه قدم عليهم، وأن من أدب العلم أن يحيل المحدث طالب العلم على الأعلم منه.
باب ذكر الخبر الدَّالِّ على كراهِية أكلِ لحمِ الصَّيد لمن صِيدَ من أجله، والخبرُ المعارِضُ لَه المبُيحُ للمحرِم أكلَه
(1)
(1)
لا يظهر من أحاديث الباب ما يدل على الجملة الأولى من ترجمة الباب، ولعلَّ أبا عوانة رحمه الله أراد أن يضيف ذلك لاحقًا، ثم لم يفعله لسبب ما، ويطابق الجملةَ الأولى من ترجمة الباب الحديثُ المرويُّ عند مسلمٍ عن الصّعْب بن جَثَّامة اللَّيْثِي رضي الله عنه:"أنَّه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًّا، وهُو بالأبواء -أو بِوَدّان، فَردّه عَليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فَلَما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهِي، قال: إنا لم نردَّه عليك، إلا أنا حرُمٌ".
فقد حَمَل بعض العلماء هذا الحديث على من صيد لأجله وهو مُحرم، كما يتناسب مع الجملة الأولى من ترجمة الباب أيضًا ما رواه أبو داود (ص 215، 181) عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "صيد البر لكم حلالٌ، ما لم تصيدوه أو يُصدْ لكم"، ولكنّ الحديث ضعيف، وإنما جاء أبو عوانة بالجملة الثانية في ترجمة الباب، وأورد تحته أحاديث أبي قتادة رضي الله عنه، لأن ألفاظها عامَّة، ولم يأت فيها أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم استفسر أبا قتادة، هل صاد من أجله صلى الله عليه وسلم أو لا؟، مع الحاجة إلى ذلك الاستفسار إن كان الأكل مكروهًا أو حرامًا.
انظر: صحيح مسلم (2/ 850، ح 50 - 55)، شرح المنهاج للنووي (8/ 344).
3598 -
حدثنا عبَّاس الدوري، وأبو داود الحراني، قالا: حدثنا هَارون بن إسماعيل الخَزَّاز
(1)
، حدثنا عليُّ بن المبارك
(2)
، عن يحيى بن أبي
⦗ص: 125⦘
كثير
(3)
، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، خرجْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحُدَيْبِيَّة فأَحْرم أصحابي ولمْ أُحرِمْ، فبَصُرَ أصحابي بحمار وحْشٍ فجعل يضحك بعضهم إلى بعض، فنظرت فرأيته فحملتُ عليه الفرسَ فطعنْته فأثْبتُّه
(4)
، فاستعنْتُهم فأبوا أن يُعينوني، فأكلنا منه، فلحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخشينا أن يقْطعَنا العدو، فلقيت رجلًا من بني غِفَار في جَوفِ اللَّيلِ، فقُلتُ: أينَ تركتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بتَعْهِن
(5)
وهو قَائلٌ
(6)
⦗ص: 126⦘
السُّقيَا
(7)
، فلحقتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله، إنَّ أصحابك أرسلوني يقرؤُونَ عليك السلام ورحمة الله، وإنهم قد خشوا أن يقْطَعَهم العدوُّ دونَك فانتظرْهم ففعلَ، قال أبو قتادة: فقلت: يا رسول الله، إنَّا اصطَدْنا حمارَ وحشٍ وعندنا منْه، فقال: "كُلوه وهُم مُحرِمُون
(8)
".
واللَّفظُ لأبِي داود.
(1)
الخزّاز -بفتح الخاء، وتشديد الزاي الأولى نسبة إلى بيع الخز- أبو الحسن البصري.
ت / 206 هـ، الأنساب (2/ 356)، المغني في الضبط (ص 90).
(2)
هو: "الهُنائي" -بضم الهاء، وتخفيف النون-.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أثبتُّه: أي أثبتُّ الطعنة فيه فأصبت مقتله. انظر: فتح الباري (1/ 94).
(5)
تَعْهِن: بكسر المثناة وبفتحها بعدها عين مهملة ساكنة ثم هاء مكسورة ثم نون، وضبط على غير ذلك أيضًا، وهو ماء على ثلاثة أميال من السُّقيا (أم البرك اليوم) بين مكَّة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب.
قال صاحب المعالم الجُغرافية: "وادٍ من كبار روافد القاحة، يأتيها من الشرق من جبال قَدَس فيدفع أسفل من السُّقيا على مرأى منها، ونواشِغُه -مجاريه- بين وادي الفرع والقَاحة".
انظر: مشارق الأنوار (1/ 126)، معجم البلدان (2/ 35) معجم ما استعجم (1/ 315)، عُمدة القاري (10/ 168)، الدِّيباج على مسلم (3/ 288)، معجم المعالم الجغرافية لعاتق البلادي (ص 63، 201).
(6)
قائلٌ: أي أنه يكون بالسُّقْيا وقتَ القائِلة، أو هو من القول: أي يذْكرُ أنه يكونُ بالسُّقْيا.
انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 226).
(7)
السُّقْيا: هي سقيا مزينة، قرية جامعة من أعمال فرع، بينها وبين الفرع مما يلي الجحفة سبعة عشر ميلًا، وقعت فيه القائلة، وتسمى أمّ البَرْك اليَوْم.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 233)، معجم البلدان (3/ 228)، فتح الباري (1/ 133)، (4/ 25)، الديباج على مسلم (3/ 228)، المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 201، 237).
(8)
أخرجه البخاري في كتاب المغازي (ص 706، ح 4149)، عن سعيد بن الرَّبيع، عن علي بن المبارك به مختصرًا، وقد تقدم برقم: 3588، 3589، فارجع إليه.
من فوائد الاستخراج: تعيين من له اللفظ من الرواة.
3599 -
حدثنا أبو حاتم
(1)
، حدثنا يحيى بن صالح، عن معاوية ابن سلَّام
(2)
، عن يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني عبد الله بن أبي قتادة، أن أباه أخبره، أنه غزا مع رسول الله غزوة الحديبية قال: فأهلُّوا بعمرةٍ غيري، قال: فاصطَدْتُ حمارَ وحْشٍ، فأطعمْتُ
⦗ص: 127⦘
أصحابي وهم مُحرمون، ثم أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنْبَأُته أنَّ عنْدَنا من لحمه، فقال:"كُلُوه" وهم مُحْرمون
(3)
.
(1)
هو الإمام محمد بن إدريس الرازي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3599.
(3)
تقدم الحديث برقم: 3599، وهو ممَّا يكرِّره أبو عوانة من الأحاديث التي لها مناسبة مع أكثر من باب، فحين يضيق عليه المخرج يكرر الحديث من الطريق نفسه في باب آخر، وذلك لاستنباط الأحكام الفقهية منه.
3600 -
حدثنا الصغاني، حدثنا شبابة بن (سَوَّار
(1)
، ح.
وحدثنا يُونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(2)
، قالا: حدثنا ابن أبي ذئب
(3)
، عن صالح بن أبي حسَّان
(4)
)، عن عبد الله
⦗ص: 128⦘
ابن أبي قتادة، عن أبي قتادة، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعثه في طَلِيْعَةٍ
(5)
قِبَلَ غَيْقَةَ
(6)
⦗ص: 129⦘
أو وَدَّانَ
(7)
، فرأى حمارَ وَحْشٍ، قال: (وأصحابه محرمون
(8)
)، وهو حِلٌّ، فصاد حمارًا وحشيًّا، ثم لحقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كُلوا وأطْعِموني
(9)
".
⦗ص: 130⦘
رواه عبد الرزَّاق، عن مَعْمرٍ، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله ابن أبي قتادة
(10)
.
(1)
في نسخة (م)"شبابة بن شواريا" وهو تصحيف، والتصويب من إتحاف المهرة (4/ 136).
(2)
هو: الطَّيالسي، سُليمان بن داود بن الجارود.
(3)
هو: محمد بن عبد الرحمن بن المُغيرة بن الحارِث بن أبي ذِئب القُرشِيّ العامري المدني.
(4)
في نسخة (م)"حدثنا الصغاني، حدثنا شبابة بن شواريا، وابن أبي ذئب، ح وحدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا ابن أبي ذئب، كلاهما عن صالح ابن كيسان" وهو تحريف وتصحيف شديد، والتصويب من إتحاف المهرة (4/ 136).
وصالح بن أبي حسَّان المدني، يروي عن سعيد بن المسيب، وعبد الله ابن حنظلة بن الراهب، وعبد الله بن أبي قتادة، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعنه بكير الأشج، وابن أبي ذئب.
وثَّقه البخاري، والسَّاجي، وذكره ابن حبان في الثقات، وأورد له مسلم حديثًا في مقدمة صحيحه، وذلك فيما اختلف فيه الثِّقات بالزيادة والنقص، إيحاء منه أنَّه ثقة. =
⦗ص: 128⦘
= وضعَّفه أبو حَاتم، وقال النَّسائي:"مجهول".
وذكره الذهبي في الكاشف، ونقل قول البخاري وأبي حاتم فيه، وليس هو صالح بن حسان الأنصاري المدني، عن محمد بن كعب، فهو منكرُ الحديث كما قال البخاري، قال الترمذي:"سمعت محمدًا يقول: صالح بن حسَّان منكر الحديث، وصالح بن أبي حسان الذي روى عنه ابن أبي ذئب ثقة".
قال الحافظ في التقريب: "صدوق".
ولعل الإمام أبا حاتم خلَّط بينه وبين صالح بن حسَّان، الذي قال فيه البخاري: منكر الحديث، قال الخطيب البغدادي في ترجمة صالح بن حسَّان النضري:"قال ابن أبي حاتم الرازي: هو حجازيٌّ قدم بغداد، وروى عنه بن أبي ذئب وأنس بن عياض وعائذ بن حبيب وسعيد بن محمد الوراق، قلت: في قول ابن أبي حاتم روى عنه بن أبي ذئب عندي نظر، لأن الذي يروى عنه بن أبي ذئب هو صالح بن أبي حسان، لا ابن حسَّان، وذاك يروى عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة بن عبد الرحمن فالله أعلم".
انظر: التاريخ الكبير (4/ 275)، الجرح والتعديل (4/ 399)، غنية الملتمس إيضاح الملتبس للخطيب البغدادي (ص 213، 214)، تاريخ بغداد (9/ 301)، تهذيب الكمال المزي (13/ 32)، تهذيب التهذيب (4/ 337)، الكاشف (1/ 494)، تقريب التهذيب (ت 3152).
(5)
طَلِيعة: يقال لمن أُرسل ليطَّلِع علي خبر العدو طليعةٌ.
انظر: فتح الباري (1/ 150)، مشارق الأنوار (1/ 627).
(6)
-بفتح الغين المعجمة بعدها ياء تحتها اثنتان ثم قاف مفتوحة- موضع بين مكَّة =
⦗ص: 129⦘
= والمدينة من بلد بني غفار، تقع عن يسار السُّقيا (أم البرك اليوم) بينها وبين الفُرع ليلة، وبينها وبين والمدينة ثمانية برد، وقد تقدم شرح كلمة السُّقيا في ح / 3598.
انظر: مغازي الواقدي (1/ 97)، مشارق الأنوار (2/ 275).
(7)
وَدَّان: -بفتح الواو وتشديد الدَّالِ المُهْمَلة- قرية جامعة من عمل الفُرْع بينها وبين هرشَى نحو ستة أميال، وبينها وبين الأبواء نحو ثمانية أميال، قريب من الجُحفة، وهي الآن شرق مستورة إلى الجنوب، في نَعْفِ حرَّة الأبواء إذا أكنعت في مكان يلتقي فيه سيل تلعة حمامة بوادي الأبواء، وذلك النعف يسمى "العصعص" والمسافة بينها وبين مستورة قريبًا من اثني عشر كيلًا، وأهلها -اليوم- بنو محمد من بني عمرو من حرب.
انظر: معجم المعالم الجغرفية في السيرة النبوية (ص 333).
(8)
في (م)"قال: أصحابه وهم محرمون، وهو حلّ"، ولم يظهر لي وجه هذه العبارة، كما لم أقف عليها في المصادر الحديثية بهذا اللفظ، ويظهر أن فيها تصحيفًا.
(9)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 307)، عن حسين، عن ابن أبي ذئب، عن صالح يعني بن أبي حسَّان، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه به، بلفظ:"أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعثه في طَليعةٍ قبل غَيْقَة ووَدَّان وهو محرم، وأبو قتادة غير محرم، فإذا حمار وحش، فطلب منهم سوطًا فلم يناولوه، فاختلس سوط بعضهم، فصاد حمارًا وحشيًّا فأكلوه ثم لحقوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالأبواء قالوا: إنَّا صنعنا شيئًا لا ندري ما هو؟! فقال: أطعمونا".
من فوائد الاستخراج: =
⦗ص: 130⦘
= 1 - في حديث المستخرِج "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعثه في طليعة"، وهذا يدلّ على أنهم خرجوا لاستطلاع العدوّ، فيدخل الحديث في كتاب المغازي، ولهذا ذكره البخاري في كتاب المغازي، ويدخل ضمن خطط النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم العسكرية.
2 -
في حديث المستخرج، ذكر للمكان الذي بعثوا إليه، وهو غيقة، وودّان، ولا يوجد هذا في حديث المستخرَج عليه (صحيح مسلم).
(10)
أخرجه عبد الرزَّاق في مصنَّفه (4/ 429) عن معمر به، وأخرجه ابن ماجه (ص 525)، من طريق محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق به، وهذا إسنادٌ صحيحٌ.
باب بيان الإباحة للمُحْرم قَتْل الحدَأة والغُرَاب والفَأرة والكلب العَقُور والحيَّة
3601 -
أخبرنا يونس، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك
(1)
، و (عبد الله
(2)
) بن عمر
(3)
وغير واحد أن نافعًا حدثهم عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمسٌ مِنَ الدَّوَابِّ ليسَ على المُحْرم في قَتْلِهن جُناحٌ: الغرابُ، والحِدَأَةُ
(4)
، والفَأْرَةُ، والعَقْرَبُ، والكَلْبُ
⦗ص: 132⦘
العَقُور
(5)
(6)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، وفي السند الثاني (طريق عبد الله بن عمر) نافع موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في موطأ مالك في كتاب الحج -باب ما يقتل المحرم من الدواب (ص 2/ 467) بهذا الإسناد بمثله.
(2)
في (م) عبيد الله، وهو تصحيف، وإن كان هذا الحديث روي من طريق عبيد الله ابن عمر أيضًا، ولكن ليس هذا الإسناد، والتصويب من إتحاف المهرة (9/ 284).
(3)
هو: عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن المدني، ضعيف الإسناد، ولذا قرنه المصنِّف في هذا الحديث بثقة إمام، كما تابعه على الحديث ثقات آخرون.
(4)
الحِدَأَةُ: بالكسر وفتح الدال بعدها همزة، طائر معروف من الجوارح ينقض على الجُرذان والدواجن والأطعمة وغيرها، يقال: هو أخطف من "الحدأة"، ويقال بالقصر أيضًا، ويقال له الحُدَيَّا بالضم وتشديد الياء، والحُدَيَّاة مثله بزيادة هاء في آخره.
انظر: هدي الساري (ص 108)، مشارق الأنوار (1/ 184 - 185)، لسان العرب (1/ 54)، المعجم الوسيط (1/ 159).
(5)
الكلب العقور: وهو كل سَبُع يَعْقِر: أي يجْرح ويَقْتُل ويفْتَرسُ كالأسدِ والنّمِر والذِّئب، سماها كلبًا لاشْتِراكِها في السَّبُعيَّة، والعَقُور: من أبْنِية المبالغة.
انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 529)، مشارق الأنوار (2/ 193).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (2/ 858، ح 76) عن يحيى بن يحيى، عن مالك بمثله، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب ما يقتل المحرم من الدَّواب (ص 295)، عن عبد الله بن يوسف عن مالك به، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الضحايا -باب ما يحرم من جهة لا تأكل العرب (9/ 315) بسنده عن عبد الله بن وهب، عن مالك بمثله، أما طريق عبد الله ابن عمر بن حفص، فلم أقف على من أخرجها غير أبي عوانة.
من فوائد الاستخراج:
تصريح الإمام مالك وعبد الله بن عمر بالتحديث، بينما عنعن مالك لدى مسلم، ومجئ صيغة التحديث فائدة وإن لم يكن قائلها مدلِّسًا.
3602 -
حدثنا عَلَّان بن المغيرة
(1)
، حَدَّثنا ابن أبي مريم
(2)
، أخبرنا اللَّيْثُ، ومالك
(3)
، عن نافع، عن ابن عمر، أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال مثله
(4)
.
(1)
هو علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة المصري، وعَلّان -بفتح المهملة وتشديد اللام- لقبه ت / 272 هـ.
(2)
هو: سعيد بن الحكم بن محمد، المعروف بابن أبي مريم الجُمَحِي.
(3)
الليث ومالك كلاهما موضع الالتقاء مع مسلم، والليث هو: أبن سعد الفهمي المصري.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم قتله من الدواب (2/ 859) =
⦗ص: 133⦘
= عن قتيبة، وابن رمح، عن الليث بن سعد، عن نافع به، وأحال متنه على حديث يحيى عن مالك.
3603 -
حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني مالك
(1)
، عن عبد الله بن دينار
(2)
، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله
(3)
.
(1)
الحديث في موطئه في كتاب الحج -باب ما يقتل المحرم من الدواب (2/ 468) من طريق يحيى الليثيِّ، عنه، عن ابن دينار به.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (2/ 858، 77) عن يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيُّوب، وقتيبة، وابن حجر، كلهم عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار بمثله، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب ما يقتل المحرم من الدواب (ص 295، ح 1826) عن عبد الله ابن يوسف، وفي كتاب بدء الخلق -باب .. وخمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم، (ص 155، ح 3315) عن القعنبي، كلاهما عن مالك، عن عبد الله بن دينار به، وأخرجه الطحاويّ في شرح معاني الآثار (2/ 165)، عن يونس، عن ابن وهب به.
من فوائد الاستخراج: قوة إسناد المستخرِج، حيث روى الحديث من طريق مالك عن عبد الله بن دينار، بينما رواه مسلم، من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار، هو وإن كان ثقة، فإنه لا يوازي الإمام مالك أبدًا، فمالك رحمه الله من الطبقة الأولى من الآخذين عن عبد الله ابن دينار، قال البرديجي:"أحاديث عبد الله بن دينار صحاح، من حديث شعبة، ومالك، وسفيان الثوري"، ولم يزد على هذا.
انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 668).
3604 -
(* عمار*) بن رجاء
(1)
، وأبو أميَّة، قالا: حدثنا عبيد الله بن مُوسَى، أخبرنا ابن جريج
(2)
، عن نافع، عن ابن عُمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ يَقْتُلُهُنَّ المحرم: الفَأْرة، والكلب العَقُور، والحِدَأَةُ، والغُراب، والعَقْرب
(3)
".
(1)
تصحفت كلمة "عمار" في نسخة (م) إلى "عبد الله" فضرب عليها الناسخ، كتب الصواب فوقها.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (2/ 858، ح 77) عن هارون بن عبد الله عن محمد بن بكر عن ابن جريج بنحوه، وأخرجه الإمام أحمد (2/ 37) عن محمد بن بكر عن ابن جريج بنحوه.
من فوائد الاستخراج:
• لفظ صحيح مسلم عام: "خمسٌ من الدَّوابِّ لا جُنَاحَ على منْ قَتلهُنّ في قتلِهنّ .. ، " فلم يتعرض لذكر المحرم، بينما لفظ أبي عوانة صرح فيه بالمحرم:"خمسٌ يقتلهنَّ المحرم" ولهذا اللفظ مدلوله الخاص، والذي لا يوجد في اللفظ المتقدم.
• العلوّ النسبي: المساواة بين المصنف ومسلم في عدد رجال إسناديهما.
3605 -
حدثنا الصغاني، وأبو أمية، قالا: حدثنا
حُسين بن محمد
(1)
، حدثنا جَرير بن حازم، عن أيُّوب
(2)
، عن نافع، عن ابن عمر، أن أعرابيًّا نادى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما يقتل المحرم من الدواب؟
⦗ص: 135⦘
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الغرابُ، والحِدَأة، والفَأْرة، والكلب العَقور، والعَقْرب" قُلْنا لِنافع: فَالحيَّاتِ؟ قالَ: لا يُختَلف فيهنَّ
(3)
.
(1)
هو حُسين بن محمد بن بَهْرام أبو أحمد، ويقال: أبو علي المؤدب التميمي المرْوَرُّوذي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (2/ 859، ح 77)، عن أبي كامل عن حمَّاد عن أيُّوب به، محيلًا لفظَه على لفظ مالك وابن جريج عن نافع السابق، وليس في طريق مالك، وابن جريج، عند مسلم سؤال الرواة عن الحيَّات، ولم أقف على رواية جرير عن أيُّوب في غير مستخرج أبي عوانة.
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرِج زيادة لم تردْ عند صاحب الأصل، وهي سؤال الرواة نافعًا عن قتل الحيّات، فأجاب أنه لا اختلاف في ذلك، إشارة منه إلى أن الصحابة كانوا مجمعين على قتلها، وتلحق بالفواسق الخمس من هذه النّاحية.
3606 -
حدثنا مُوسى بن سعيد الطرَّسُوسِي
(1)
، حدثنا القعنبي، حدثنا أنس بن عياض، عن عُبيد الله بن عمر
(2)
، عن نافع، عن ابن عُمر، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "خمسٌ من الدَّوابّ لا جناحَ على من قَتَلهُنَّ وهو مُحْرِم: الغُرَاب، والحِدَأَةُ، والعَقْرَب، والفَأْرة، والكَلْب العَقُور
(3)
".
(1)
أبو بكر المعروف بالدَّنْدَانِي -بالنون بين الدالين المهملتين المَفتوحتين بعدهما الألف وفي آخرها نون أخرى.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم عن في كتاب الحج (2/ 858) عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن عبيد الله عمر به، محيلًا لفظه على حديث مالك وابن جريج عن نافع، ولفظهما نحو لفظ المصنِّف.
3607 -
حدثنا ابن شبابان
(1)
، حدثنا محمد بن الصباح، حدَّثنا هُشيم، عن يحيى
(2)
، وعبيد الله، بإسناده نحوه
(3)
.
(1)
هو: أحمد بن محمد بن موسى بن عبد الرحمن العَطَّار المَكِّي.
(2)
هو: يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو موضع الالتقاء مع مُسْلِم، انظر تخريج ح / 3610.
(3)
انظر تخريج الحديث السابق: ح / 3606، والحديث التالي ح / 3608.
3608 -
حدثنا أحمد بن مسعود المَقْدِسي، حدثنا محمد ابن عيسى
(1)
، حدثنا هُشَيم، عن يحيى بن سعيد، وعبيد الله
(2)
، وابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، نحوه
(3)
.
(1)
هو: محمد بن عيسى بن نَجِيح البغدادي أبو جعفر ابن الطبّاع.
(2)
يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، هما ملتقى الإسناد مع مسلم، وقد روى عنهما مسلم من غير طريق هُشيم وفرَّقهما، انظر تخريج الأحاديث: 3606، 3607، 3609، 3610، 3611.
(3)
أخرجه الإمام أحمد (2/ 3) عن هُشيم، عن يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، وابن عون، عن نافع به، وقد صرَّح هُشيم بالتَّحديث فيه، واختلف عليه في الإسناد، فأخرج ابن حبان الحديث في صحيحه (9/ 274) من طريق عمران بن موسى ابن مجاشع، عن وهب بن بقيَّة، وأخرجه أبو عوانة عن أحمد بن مسعود المقدسي، عن محمد بن عيسى (كما في هذا الحديث)، وعن ابن شبابان، عن محمد بن الصبَّاح (كما في الحديث السابق ح 3608)، وعن أبي حاتم الرازي، عن عمرو بن عون (كما في الحديث الآتي ح 3610)، قال الأربعة: عن هُشيم، عن ابن عون، ويحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، عن نافع به، ولم يذكر محمد بن الصبَّاح: عبد الله بن عون، =
⦗ص: 137⦘
= وذكره الباقون، ولم يُذكر في لفظ ابن حبان العَقْرَب، ولفظ أحمد مثل لفظ أبي عوانة من طريق أبي حاتم الرازي الآتي (ح 3609) إلا أنه ليس في لفظ أحمد سؤال ابن عون نافعًا عن الأفْعى.
3609 -
حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عمرو بن عون
(1)
، حدثنا هُشيم، عن ابن عون، ويحيى بن سعيد، وعبيد الله
(2)
، عن نافع، عن ابن عمر، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سُئل: ما يقتل المحرم؟ فقال: "يَقْتُلُ الفُوَيْسِقَة
(3)
-يعني الفأرة- والحِدَأة، والكلب العَقور، والعَقرب، والغُراب" قال ابن عون: قلتُ لنافع: والأَفْعَى
(4)
؟ قال: ومن يَشُّكُّ في الأَفْعَى
(5)
.
(1)
ابن أوس بن الجَعد السُّلَمي أبو عثمان الواسطي.
(2)
يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، هما ملتقى الإسناد مع مسلم في هذا الحديث، وقد فرق الإمام مسلم طريقيهما، وروايتهما عنده من غير طريق هُشيم كما تقدم.
(3)
الفُوَيْسِقَة: تصغير الفاسقة، والمراد الفأرة، لخروجها من جُحرها على الناس وإفسادها وأذاها، ورُبَّما تجرُّ الفتيلة، فتحرق على أهل البيت بيتهم، وسمِّي الرجل فاسقًا لانسلاخه من الخير، ونقل الخطابي عن الفرَّاء قوله:"قال لا أحسب الفأرة سميت فُوَيْسِقَةً إلا لخروجها من جُحرها على الناس".
انظر: غريب الحديث للخطابي (1/ 603)، الاستذكار (8/ 364)، تحفة الأحوذي (5/ 225)، وعون المعبود (10/ 115).
(4)
الأَفْعَى: أنثى الأُفْعُوان، حيّةٌ من شِرار الحيّات، دقيقة العُنق، عريضة الرأس، قاتلة السُّم. انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 133)، المعجم الوسيط (ص 696).
(5)
انظر تخريج الحديث السابق ح / 3608، وانظر أيضًا تخريج ح / 3606 لطريق =
⦗ص: 138⦘
= عبيد الله بن عمر، وتخريج ح / 3610 لطريق يحيى بن سعيد عن نافع.
من فوائد الاستخراج: فيه بيان لمتن حديث يحيى بن سعيد، وعبيد الله ابن عمر، عن نافع، بينما أحال مسلم متن حديثهما على حديث آخر، وفيه زيادة أخرى، وهي سؤال ابن عون نافعًا عن الأفعى، وهي زيادة صحيحة تابع حجاجُ ابن إبراهيم عمرو بن عونٍ عليها عن هُشيم عند تمام الرازي في فوائده (1/ 57).
3610 -
حدثنا محمد بن عبد الملك الواسطي، وعمَّار
(1)
، قالا: حدثنا يزيد بن هارون
(2)
، حدثنا يحيى بن سعيد، أن نافعًا أخبره، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمسٌ لا جناحَ في قتْلِ من قَتْلَ منْهُنَّ: الفَأرة، والغُراب، والحِدَأة، والكَلْب العَقُور والعَقْرَب
(3)
".
(1)
هو: عمّار بن رجاء، أبو ياسر التغلبي الإسْتَرَابَاذِي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله، من الدواب في الحل والحرم- (2/ 858) عن ابن المثنَّى، عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد به، محيلًا لفظه على لفظ حديث مالك وابن جريج عن نافع، وأخرجه الإمام أحمد (2/ 77)، والدَّارمي (2/ 56)، عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن نافع بمثله.
3611 -
حدثنا الدقيقي، حدثنا يزيد بن هارون
(1)
، حدثنا محمد بن إسحاق
(2)
، ح.
⦗ص: 139⦘
وحدثنا أحمد (المُرِّي
(3)
) الخَرَّاز الدِّمَشْقي
(4)
، حدثنا أحمد بن خالد يعني الوَهْبيِ
(5)
، حدثنا محمد ابن إسحاق، عن نافع، وعبيد الله بن عبد الله، عن ابن عُمر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خمسٌ لا جناح في قَتْلِ منْ قَتَلَ مِنْهُنَّ في الحَرَمِ" وذكر الحديث، لم يقل أحد منهم: سمعتُ النَّبيِّ إلا ابن جُريج في رواية محمد بن بكر عنه، وقد تابعَ ابن جُريج على ذلك ابن إسحاق
(6)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
محمد بن إسحاق بن يسار القُرشي المطَّلبي مولاهم.
(3)
تصحَّف في الأصل إلى "المزني"، والتصويب من إتحاف المهرة، كتب الرجال التي ترجمت له.
انظر: إتحاف المهرة لابن حجر (9/ 315).
(4)
هو: أحمد بن علي بن يوسف المُرِّي الخرَّاز الدمشقي، أبو بكر.
و (الخَرَّاز) بخاء معجمة، بعدها راء مهملة مفتوحة مشدّدة، وآخرها زاي، كذا ضبطه ابن ماكولا وغيره، وقد تصحف في (م) إلى "الخزَّاز".
و (الخَرَّاز) نسبة إلى خَرْز الأشياء من الجلود: كالقرب، والسَّطائح، والسيور وغيرها.
انظر: الأنساب (2/ 335)، اللباب (1/ 429)، المشتبه للذَّهبي (ص 160 - 161)، توضيح المشتبه (2/ 345 - 346)، تبصير المنتبه (1/ 331).
(5)
-بفتح الواو والهاء الساكنة وفي آخرها الباء الموحدة-، وهو الحمصي، أبو سعيد الكندي. و"الوَهْبي" نسبة إلى وهب بن ربيعة بن معاوية، بطنٌ من كِنْدَة.
انظر: اللباب لابن الأثير (3/ 281).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم- (2/ 858) عن فُضيل بن سهل، عن يزيد بن هارون بِمِثْلِه. =
⦗ص: 140⦘
= قال الإمام مسلم: "ولم يقل أحد منهم: "عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، سمعت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم "، إلا ابن جريج وحده، وقد تابع ابن جريج على ذلك ابن إسحاق"، وقال أبو عوانة مثل ما قال مسلم في هذا الحديث كما ترى، وكأنهما يُعلان طريق من صرَّح بسماع ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولم أقف على طريق يصرَّح فيها بالسماع عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غير طريق محمد بن بكر عن ابن جريج، وطريق محمد بن إسحاق، وسائر الرواة عن نافع وعبيد الله لا يصرحون بسماع ابن عمر هذا الحديث عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في بعض الروايات الصحيحة (كما سيأتي برقم: 3612) ما يثبت أن ابن عمر رضي الله عنه سمع هذا الحديث من بعض نسوة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وهذه المرأة هي حفصة رضي الله عنها أم المؤمنين وأخت عبد الله بن عمر رضي الله عنه، واحتمال قويٌّ آخر: أن يكون ابن عمر رضي الله عنه سمع هذا الحديث من أخته حفصة رضي الله عنها، ومن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أيضًا، وإلا فيدخلُ تحت باب مرسلِ الصَّحابي، ومرسلُ الصَّحابي حكمه الوصلُ على الصواب كما قال الحافظ العراقي رحمه الله في الألفِية وغَيرُه؛ لأن رواية الصحابي عن غير الصحابي نادرة، وإذا رووها بيَّنُوها، فإذا أطلَقوا ذلك فالظاهر أنه عن الصحابة، والصحابة كلهم عدول.
قال العيني في عمدة القاري (10/ 149) عند كلامه على رواية ابن عمر رضي الله عنه عن حفصة هذا الحديث، "ومن لطائف إسناد هذا الحديث رواية التابعي عن التابعي ورواية الصحابي عن الصحابية ورواية الأخ عن أخته .. وظهر من هذا أن ابن عمر سمع هذا الحديث من أخته حفصة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وسمعه من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أيضًا يحدث به حين سُئِل".
وقال العِرَاقِي في طرح التثريب (5/ 49): "وأخرجه الشيخان والنسائي من رواية يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة، واتفق عليه الشيخان =
⦗ص: 141⦘
= من رواية زيد بن جبير، عن ابن عمر قال:"حدثتني إحدى نسوة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، .. ولا يضرُّ هذا الاختلاف، فالحديث مقبول، سواء كان من رواية ابن عمر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أو بواسطة حفصة، أو غيرها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وقد تَقدَّم من حديث ابن جريج في صحيح مسلم التصريحُ بسَماع ابنِ عُمَر لَه من النَبيِّ صلى الله عليه وسلم".
من فوائد الاستخراج: ذكر أبو عوانة طريقًا أخرى عن ابن إسحاق، وهي طريق أحمد بن خالد الوهْبي، ويَثْبت بذلك أن الحديث قد ورد عن ابن إسحاق على هذا الوجه مصرَّحًا فيه بسَماع ابن عُمر رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وأن التلاميذ عنه رووا ما حدّث به.
ولأقوال الأئمة في قبول مرسل الصحابي انظر: المنهل الرويّ (ص 45)، المقنع في علوم الحديث (1/ 138)، قفو الأثر (1/ 67)، قواعد التحديث (ص 143).
3612 -
حدثنا الصغاني، حدثنا أحمد بن يونس
(1)
، حدثنا زُهير، أخبرنا زيد بن جُبير، أن رجلًا سألَ ابنَ عمر: ما يَقتل المحرم من الدَّوابِّ؟ فقال: أخبرتني إحدى نسوةِ
(2)
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه "أَمَر أو أُمِر أَنْ تُقْتَل الفَأْرَة، و (الغُراب
(3)
)، والحِدَأَة، والكَلْبُ العَقُور، والعَقْرَب
(4)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هي حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين رضي الله عنها، كما في الروايات الآتية.
وانظر: عمدة القاري (10/ 178).
(3)
في (م) العقْرب، وهو خطأ في النسخ، فقد سبق لفظ العقرب في الحديث نفسه.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدَّوابِّ في الحل والحرم- (2/ 858، ح 74)، عن أحمد بن يونس عن زهر بمثله، وعن شيبان ابن فرُّوخ، عن أبي عوانة، عن زيد بن جُبير بنحوه، وزاد على الخمسة الحيَّة، وأخرجَه =
⦗ص: 142⦘
= البُخاري في كتاب الحج -باب ما يقتل المحرم من الدواب- (ص 295)، عن مسدَّد، عن أبي عوانة، عن زيد بن جُبَير به.
3613 -
حدثنا شُعيب بن عمرو الدمشقي
(1)
، وأحمد بن الحسن ابن القاسم أبو القاسم المعروف برسول نفسه
(2)
، قالا: حدثنا سفيان ابن عيينة
(3)
، عن الزُّهري، عن سالم، عن أبيه يبلُغُ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: "خمسٌ لا جناحَ على من قتلهنَّ في الحِلِّ والحَرَم: الغُراب، والحِدَأَة، والفَأرَة، والكَلْبُ العَقُور
(4)
".
(1)
هو الضُّبَعي، الدِّمَشْقي.
(2)
هو: أحمد بن الحسن بن القاسم بن سمرة أبو الحسين الكوفي. ت / 262 هـ.
كان يعرف: برسول نفسه، نزهة الألباب في الألقاب (1/ 326).
قال ابن حبّان: "يضع الحديث، على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه"، وقال الدارقطني:"متروك"، وقال ابن يونس:"حدث بمناكير".
وقال الذهبي: "متروك متهم"، قال ابن حجر:"روى عنه أبو عوانة في صحيحه، فكأنه ما خبر حاله".
انظر: المجروحين لابن حبّان (1/ 145)، الضعفاء والمتروكين للدارقطني ص (118)، ميزان الاعتدال (1/ 90 - 91)، ديوان الضعفاء للذهبي (1/ 24)، لسان الميزان (1/ 151).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
إسناد أبي عوانة ضعيف لجهالة حال أحد شيخيه (شعيب بن عمرو) وعدم وقوفي على تعديل أو تجريحٍ فيه، بغضِّ النظر عن شيخه المتروك، والحديث أخرجه مسلم في =
⦗ص: 143⦘
= كتاب الحج -باب ما يندُبُ للمحرم .. - (2/ 857، ح 72)، عن زهير بن حرب، وابن أبي عمر، كلاهما عن سُفيان بن عيينة، عن الزهري بمثله، إلا أن فيه في رواية زهير: في الحَرَمِ (أي الحَرَم المشهور) والإِحْرَام، وفي رواية ابن أبي عمر: في الحُرُم (وهو جمع حرام، والمراد المواضع المحرَّمة) والإِحْرام.
قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم (8/ 354): "والفتحُ أظهر".
من فوائد الاستخراج:
• العلوّ النسبي: المساواة بين المصنِّف والإمام مسلم في عدد رجال إسناديهما.
• زيادة لم ترد عند مسلم من طريق سفيان بن عيينة، وهي كلمة (الحلّ)، ويستنبط منها حكم فقهي آخر، وهو جواز قتل هذه الفواسق الخمسة في الحلّ أيضًا، وإن كان هذا الحكم يؤخذ من لفظ مسلم أيضًا، ولكن عن طريق القياس الجليّ، كقياس الضرب على التأفيف المنصوص في التحريم.
تنبيه: لم يُذكر في نسخة (م) العقربُ، وعند ذكر العدد قال:"خمسٌ لا جناحَ"، والعقرب مذكور في رواية مسلم بهذا الإسناد، فلعلّ كلمة:(العقرب) سقطت من النَّاسخ عند الكتابة.
3614 -
حدثنا بشر بن موسى
(1)
، حدثنا الحميدي
(2)
، حدثنا سفيان
(3)
، قال: حدَّثني الزهري، قال: أخبرني سالم، عن أبيه، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله
(4)
.
(1)
ابن صالح الأسدي، أبو علي، البغدادي.
(2)
الحديث في مسنده (2/ 279)، عن سفيان بمثل لفظ أبي عوانة المتقدم.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
انظر تخريج الحديث السابق ح / 3613.
3615 -
حدثنا الصَّغانيُّ، حدثنا أصبغُ بن الفَرج، قال: أخبرني ابن وهب
(1)
، ح.
وحدثنا أبو عبيد الله
(2)
، حدثنا عمِّي
(3)
، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر قال: قالت حَفْصة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ من الدَّوابِّ لا حَرَجَ على منْ قَتَلهُنّ: العَقْرب، والغُرَاب، والحِدَأَةُ، والفأرةُ، والكلبُ العَقُور
(4)
".
(1)
هو عبد الله بن وهب القرشي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي، أبو عبيد الله المصري، ويلقب بـ "بَحْشَل" -بفتح الموحدة، وسكون المهملة، بعدها شين معجمة، ت / 264 هـ، أخرج له مسلم في الصحيح، تقدمت ترجمته في ح / 348، تبين من خلالها أن فيه ضعفًا، إلا أن جماعةً من الثقات تابعوه على هذا الحديث، ما يدلُّ على ضبطِه هذا الحديث، انظر الحديث التالي.
(3)
عمُّه: عبد الله بن وهب بن مسلم القُرشي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم .. - (2/ 858، ح 73)، عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس بمثله، وأخرجه البخاري في كتاب الحج- باب ما يقتل المحرم من الدواب- (ص 295)، عن أصبغ بن الفرج، عن عبد الله ابن وهب، عن يونس بمثله، وفي هذه الرواية تعيينُ المرأة من نِسوة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم التي روى عنها ابن عمر رضي الله عنه هذا الحديث، وكانت وردت مبهمة في حديث زيد بن جُبير، عن ابن عمر، أو لم تذكر أصلًا كما في الروايات السابقة عن نافع.
قال الإمام ابن أبي حاتم الرازي: "قال أبي: كنَّا نُنْكِرُ حديثَ الزُّهري، حتى رأينا =
⦗ص: 145⦘
= ما يُقَّويه، وحدَّثَنا أبي، قال: حدثنا مسدد، عن أبي عوانة، عن زيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: حدَّثَتْنِي إحدى نِسْوَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قال أبي: يعني أخته حفصة، فعلمنا أنَّ حديثَ الزُّهري صحيح، وأن ابن عمر لم يسمع هذا الحديث من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، إنما سمعه من أخته حفصة"، وقال أبو حاتم في مكان آخر: "ولم يسم ابن عمر لزيد بن جبير حفصة إذ كان زيد غريبًا منه، وسماها لسالم أن كانت عمة لسالم". علل ابن أبي حاتم (1/ 285، 281).
من فوائد الاستخراج: فيه علوّ نسبي: المساواة بين المصنف والإمام مسلم في عدد رجال إسناديهما.
3616 -
حدثنا حنبل بن إسحاق بن حنبل، حدثنا خالد ابن خِداش
(1)
، حدثنا عبد الله بن وهب
(2)
، أخبرنا يونس، عن الزُّهريِّ قال: حدَّثني سالم، أن ابن عُمر قال: قالتْ حفصة: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ من الدَّوابِّ كُلُّهُنَّ فاسقٌ لا حرجَ على من قَتَلَهُنَّ
(3)
" فذكر مثلَه.
(1)
ابن عجلان الأزدي المهلَّبي -مولاهم- أبو الهيثم البصري، سكن بغداد، ت / 223 هـ، و"خِداش" بكسر الخاء المعجمة.
(2)
موضع التقاء الإسناد مع مسلم.
(3)
انظر تخريج الحديث السابق، ح / 3615.
من فوائد الاستخراج: كثرةُ الطُّرق، وهي تفيد القُوَّة.
3617 -
حدثنا الصائغ بمكة
(1)
، ومحمد بن محمد بن رَجاء
(2)
، قالا:
⦗ص: 146⦘
حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا ابن وهب
(3)
، عن يونس، بإسناده مثله، إلا أنه قال:"لا جُناحَ على مَنْ قَتَلهُنَّ في الإِحْرَامِ" واللفظ للصَّائغ، وقال ابن رجاء: عن حفصة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَم: الغُراب، والفَأْرة، والعَقْرَب، والكَلْبُ العَقُور، والحُدَيَّا
(4)
".
(1)
هو: محمد بن إسماعيل بن سالم المكي، أبو جعفر الصائغ الكبير البغدادي.
(2)
أبو بكر الاسفراييني.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
انظر التخريج السابق ح / 3615، وانظر ح / 3616.
من فوائد الاستخراج: تعيين من له اللَّفظ من الرواة، وكلا اللفظين صحيحان.
3618 -
حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(1)
، عن شعبة
(2)
، عن قتادة
(3)
، عن سعيد بن المُسَيِّب، عن عائشة، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "خمسٌ فواسقُ
(4)
يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَم: الفَأْرَة، والعَقْربُ،
⦗ص: 147⦘
والحِدَأَةُ، والكَلبُ العَقُور، والغُراب الأَبْقَع
(5)
(6)
".
(1)
هو: سليمان بن الجارود الطيالسي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو قتادة بن دعامة السَّدوسي.
(4)
قال الحافظ ابن حجر: "قال النووي: هو بإضافة خمس لا بتنوينه، وجوز ابن دقيق العيد الوجهين، وأشار إلى ترجيح الثاني، فإنه قال: رواية الإضافة تشعر بالتخصيص فيخالفها غيرها في الحكم من طريق المفهوم، ورواية التنوين تقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى، فيشعر بأن الحكم المرتب على ذلك وهو القتل معلَّل بما جُعل وصفًا وهو الفسق، فيَدْخُل فيه كل فاسق من الدَّواب، ويُؤَيِّده رواية يونس التي في حديث الباب، قال النووي وغيره: "تسمية هذه الخمس فواسق، تسمية صحيحة جارية على وفق اللغة، فإن أصل الفسق لغةً: الخروجُ، ومنه فَسَقَتِ الرّطبة =
⦗ص: 147⦘
= إذا خَرجت عن قِشرها".
فتح الباري (4/ 37)، شرح النووي على مسلم (8/ 353، 354).
(5)
الأبقَع: على وزن أَفْعَل، كل ما فيه بياض وسواد فهو أبقع، وأصله: لونٌ يخالف بعضه بعضًا، ومنه الغرابُ الأبقع الذي فيه بياض وسواد.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 194).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب- (2/ 856، 67) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وابن المثنى، وابن بشار، ثلاثتهم عن غُنْدَر، عن شعبة، عن قتادة به، بمثل لفظ أبي عوانة، إلا أن فيه الحيَّة بَدَلَ العَقْرَب، ويظهر لي -والله أعلم- أن ذكر (الحيّة) بدل (العَقْرب) غير محفوظ، وذلك لما يأتي:
أولًا: إيراد مسلم لحديث سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها، بعد حديث عبيد الله بن مقسم، عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها، وحديث القاسم ذكر (العقرب) ولم يذكر (الحية)، مع أن المخرج واحد، قال الإمام مسلم في مقدمة كتابه (1/ 4): "فأما القسم الأول: فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى، من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا
…
".
وكلامه يدلُّ على أن الأحاديث إلى ترد بعد الحديث الأول في الباب ليست في مستواه من ناحية القوة، والخلوّ من العيوب، ولذا فلو خالف الحديث الذي أورده أولَّ الباب حديثًا جاء بعده في لفظ أو إسناد، قُدِّم الحديثُ الأول، إلا إذا وجدت قرينة تَمنع ذلك.
ثانيًا: روى هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها خمسة رواة، فيما وقَفْت عليه:
الراوي الأول: عُروة بن الزبير، رواه عنه هِشام وابن شهاب الزهري بمثل لفظ =
⦗ص: 148⦘
= أبي عوانة: "خمسٌ فواسق يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَم: الفَأْرَة، والعَقْرَبُ، والحِدَأَةُ، والكَلْبُ العَقُور، والغُرَابُ الأَبْقَع".
أما حديث الزهري فأخرجه البخاري (ص 295)، ومسلم (2/ 256)، والترمذي (ص 204)، والنسائي في الصغرى (ص 447)، والكبرى (2/ 388)، والإمام أحمد (6/ 164، 33، 259)، وابن راهويه في مسنده (2/ 185)، والدارمي في مسنده (2/ 56)، وابن حبان (12/ 48، 448)، وعبد الرزاق في المصنف (4/ 442)، والطبراني في الأوسط (1/ 190)، كلهم من طرق عن الزهري، عن عروة به، بمثل لفظ أبي عوانة.
أما حديث هشام فأخرجه النسائي في السنن الصغرى (ص 447)، وفي الكبرى أيضًا (2/ 386)، والإمام مالك في موطئه (2/ 468 مرسلًا عن عروة)، والإمام أحمد (6/ 122، 261)، والطحاوي (2/ 166)، وابن راهويه في مسنده (2/ 289)، والدارقطني في سننه (2/ 231)، وأبو عوانة (كتاب الحج ح / 3620، 3621، 3622)، وابن أبي داود في مسند عائشة (ص 81)، والطبراني في الأوسط (1/ 216)، كلهم من طرق عن هشام، عن أبيه به، بمثل لفظ أبي عوانة.
الراوي الثاني: سعيد بن المسيِّب، وقد رواه عنه قتادة، ورواه عن قتادة شعبة بن الحجاج وقد اختلف عليه فيه:
فرواه غندر كما عند مسلم عنه (2/ 856)، ويحيى بن سعيد القطان كما عند النسائي في السنن الصغرى (ص 439)، والنضر بن شميل كما عند إسحاق بن راهويه في المسند (2/ 515)، بأسانيد صحيحة عنهم عن شعبة بمثل لفظ مسلم:"خمسٌ فواسقُ يُقْتلن في الحِلّ والحَرَم، الحَيَّة والغُراب الأبْقع والفَأْرة والكلبُ العَقورُ والحُدَيّا"، فذكر فيه الحيَّة مكان العقرب. =
⦗ص: 149⦘
= وخالفهما أبو داود الطيالسي كما في مسنده (ص 214)، ومستخرج أبي عوانة (كتاب الحج ح / 3618)، ومسلم بن إبراهيم كما عند الطحاوي (2/ 166)، وعمرو بن مرزوق كما في معجم ابن الأعرابي (2/ 823، ح 1687)، وأبو عامر العقدي كما عند الطحاوي أيضًا (2/ 166)، من طرق عنهم عن شعبة بمثل لفظ أبي عوانة، حيث ذكروا العقرب، ولم يذكرو الحية، ورواية الأخير (أبي عامر العقدي) عن شعبة عند البيهقي في السنن الكبرى (5/ 209) على الشك بلفظ:"الحيَّة أو العَقْرَب" وهذا الاختلاف القويُّ على شعبة يدل على أن الشك في ذلك منه، لا من تلاميذه.
وقد رواه أبو بكر الإسماعيلي في معجم أسامي شيوخه (ح 212)، عن أبي يعقوب القطيعي، عن أبي بجير محمد بن جابر، عن يحيى بن يعلى، عن يعلى ابن الحارث، عن بكر بن وائل عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن المسيب بمثل لفظ مسلم، فذكر فيه الحيّة مكان العقرب، قال ابن القيْسراني في أطراف الغرائب (5/ 426) في حديث يعلى بن الحارث عن بكر:"تفرد به يعلى بن الحارث عن بكر بن وائل، عن ابن داود، عن ابن أبي عروبة".
الراوي الثالث: الحسن البصري، رواه عنه زيد بن مرة أبو المعلى، كما عند أحمد في المسند (6/ 250) عن عبد الصمد، عن زيد بن مرة، عن الحَسَن بمِثْل لفظ مسلم، وفيه ذكر الحيّة بدل العقرب، ولكن هذا الإسناد معلول؛ لأن الحسن مدلِّس، وقد عَنْعن، ويظهر أنه لم يَسْمَعْه منها.
الراوي الرابع: فَرْوة بن نوفل، أخرج حديثه الطبرانيُّ في الأوسط (8/ 128) عن موسى بن هارون، عن الترجماني، عن شعيب بن صفوان، عن عبد الملك ابن عمير، عن شريك بن طارق، عن فروة بن نوفل بمثل لفظ أبي عوانة، وليس فيه ذكر =
⦗ص: 150⦘
= الحيَّة، قال الطبرانيُّ عقب إخراجه:"لم يروه عن صفوان إلا الترجماني، تفرد به موسى به هارون".
الراوي الخامس: القاسم بن محمد عنها، ورواه عنه عبيد الله بن مقسم كما عند مسلم (2/ 856)، وأبي عوانة (كتاب الحج / 3619)، من طرق عن القاسم بلفظ:"أربَعٌ كُلُّهُن فَاسِقٌ يُقتلن في الحل والحرم، الحدأة والغراب والفارة والكلب العقور، قال: فقلت للقاسم: أفرأيت الحيَّة؟ قال تقتل بِصُغَر لها"، فلم يذكر فيه العقرب.
ورواه عن القاسم أيضًا حنظلة كما عند ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 351) عن القاسم بمثل لفظ أبي عوانة، وفيه ذكر الخمس دون الحيّة.
ثالثا: أقوال العلماء في زيادة لفظة "الحيَّة":
قال البيهقي في السنن الكبرى (5/ 209): "أخرجه مسلم من حديث غندر عن شعبة وقال: الحية بدل العقرب وكأن شعبة كان شك في ذلك"، ثم ساق طريق أبي عامر العقدي عن شعبة التي على الشك، وقال:"وكأن روايةَ أبي داود الطَّيالسي أصَحّ لموافقتها سائر الروايات عن عائشة، وابن المسيب إنما روى الحديث في الحية والذئب مرسلًا، وذلك يرد إن شاء الله".
قال أبو زرعة العراقي في طرح التثريب (5/ 50): "وذكر عبد الحق أن الصحيح من حديث عائشة وغيرها رواية خمس".
قلت: وقد رأى بعض العلماء أن ذكر (الحيَّة) محفوظٌ من حديث عائشة.
قال ابن عبد البرّ في التمهيد (15/ 156): "وليس في حديث ابن عمر عند أحد من الرواة ذكر الحيَّة وهو محفوظ من حديث عائشة وحديث أبي سعيد وابن مسعود". =
⦗ص: 151⦘
= رابعًا: يدل التماثل والتقارب بين حديث ابن عمر عن حفصة، وحديث عائشة رضي الله عنها، على أن عائشة رضي الله عنها، وحفصة رضي الله عنها، سمعتا الحديث من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في وقت واحد، وليس في حديث ابن عمر ذكر الحيّة، وإنما ذكرها الراوي لنافع، فأجاب بأنه لا يختلف فيهنَّ لفسقِهن وضررهنَّ، ولذا ذكر عبد الحق الإشبيلي أن الصحيح من حديث عائشة وغيرها رواية خمس.
من فوائد الاستخراج: أُعِلَّ متن حديث صحيح مسلم من طريق غُنْدر عن شعبة بأنَّ ذكر الحيَّة فيه غير محفوظ، وقد جاءت رواية المستخرج سالمةً من تلك العلَّة.
3619 -
حدثنا أبو علي السَّمَرْقندي
(1)
، حدَّثنا الحِزَامي
(2)
، قال: حدَّثني ابن وهب
(3)
، قال: حدثني مَخْرمة
(4)
، ح.
⦗ص: 152⦘
وحدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن (الفأفاء
(5)
) العلَّاف
(6)
، حدثنا أحمد بن عِيسى
(7)
، حدثنا ابن وهب، ح.
وحدثنا ابن أخي ابن وهب
(8)
، عن عمه
(9)
قال: حدثني مَخْرَمَةُ بن بُكير، عن أبيه
(10)
، سمعت عبيد الله بن المِقْسم
(11)
يقول: سمعت القاسم بن محمد يقول: سمعتُ عائشةَ تقول: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أربعٌ كلُّهُن فاسقٌ، يُقْتَلن في الحِلِّ والحَرَم: الحِدَأَةُ، والغُراب، والفَأْرة، والكَلْب العَقور
(12)
" فقلت للقَاسم: أفرأيت الحيَّة؟ قال: تُقْتل.
(1)
هو: الحسين بن عبد الله بن شاكر، أبو علي السَّمرقندي، ورّاق داود الظاهري، ت / 282 هـ وقيل 283 هـ.
والسَّمرقندي: -نسبة إلى سمَرقند -بفتح السين والميم- بلد معروف مشهور، قيل: إنه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر.
انظر: معجم البلدان (3/ 279)، لُبُّ اللَّبَاب (2/ 26).
ضعّفه الدارقطني، وقال الإدريسي:"كان فاضلًا ثقة، كثير الحديث حسن الرواية"، وأشار الحافظ ابن حجر في اللسان إلى أنه يتهم بسَرِقة الحديث.
انظر: سؤالات الحاكم للدارقطني ص (114)، تاريخ بغداد (8/ 58)، لسان الميزان (2/ 290).
(2)
هو: إبراهيم بن المنذر الحِزامي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشَجّ، المدني، صَدوق، وروايته عن أبيه وجادة من =
⦗ص: 152⦘
= كتابه- قاله أحمد، وابن معين، وغيرهما، وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلًا. (بخ م د س)، ت / 159. التقريب (ت 7356).
(5)
في نسخة (م) ألفافا، ولعّله خطأ إملائي، والتصويب من الإتحاف (17/ 459)، وكتب الرجال التي ترجمت له.
(6)
هو: أحمد بن محمد بن سليمان بن الفأفاء العَلَّاف.
(7)
موضع الالتقاء مع مسلم في السَّند الثاني، وهو أبو عبد الله أحمد بن عيسى ابن حسان، المعروف بابن التُسْتَري.
(8)
هو: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي.
(9)
هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري.
(10)
بكير بن عبد الله، أبو عبد الله.
(11)
ثقة مشهور، (خ م د س ق). التقريب (ت 4882).
(12)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره .. - (2/ 856، ح 66)، عن هارون بن سعيد الأيليّ، وأحمد بن عيسى، عن ابن وهب بمثله، وانظر ح / 3618.
3620 -
حدثنا أبو حميد المِصِّيْصِي
(1)
، حدثنا حَجّاج، حدثنا ابنُ جريج، قال: حدَّثني أبَان بن صالح، عن ابن شهابٍ
(2)
، أن عروة أخبره أن عائشة قالت له: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ من الدَّوابِّ كلُّهن فاسقٌ، يُقْتلْن في الحرم: الكلب العَقور، والغَراب، والحِدَأة، والعَقْرَب، والفَأْرة
(3)
".
(1)
هو: عبد الله بن محمد بن تميم، أبو حميد المِصِّيْصي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه النَّسَائي في السُّنَن الصُّغْرى (ص 447) عن عبد الرحمن بن خالد الرَّقِّي القطان، عن حجاج عن ابن جريج عن أبان بن صالح بمثله، وأخرجه مسلم من طرُقٍ عن ابن شهاب كما سيأتي.
3621 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب
(1)
، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ مِنَ الدَّوابِّ كلُّها فَاسِقٌ، تُقْتلُ في الحرم: الغُرابُ، والحِدَأةُ، والكلب العَقُور، [والعَقْرَبُ
(2)
] والفَأْرَة
(3)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركته من صحيح مسلم، وأحاديث الباب، وسياق الحديث يدل على سقط لفظةِ "العقرب"، حيث ذكر فيه العدد خمسًا، والمعدود أربعة.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره .. - (2/ 857، ح 71)، عن أبي الطَّاهر وحرملة، عن ابن وهب عن يونس بمثله، وانظر تخريج ح / 3618.
3622 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا عارم
(1)
، حدثنا يزيد بن زُرَيع
(2)
، قال معمرٌ، عن الزهريِّ، عن عروة، عن عائشةَ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ فواسقُ يُقْتلنَ في الحرم: العَقْرَب، والفَأْرة، والحِدَأة، والكلب العَقُور، والغُراب
(3)
" ورَواه عبد الرزّاق، عن معمَرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عائشة، مثله
(4)
.
(1)
محمد بن الفضل السَّدُوسِي، تقدم في ح / 3576.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره .. - (2/ 857، ح 69) عن عبيد الله عمر القواريري، عن يزيد بن زُرَيع بمثله.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -الباب نفسه- (2/ 857، ح 70) عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري به، محيلًا متنه على حديث يزيد بن زريع، وقال: بمثله، وأخرجه البخاري في كتاب الحجِّ -باب ما يقتل المحرم من الدواب- (ص 295، ح 1829)، عن يحيى بن سُليمان عن ابن وهب بلفظ يقارب لفظ المصنِّف.
3623 -
حدثنا الأَحْمَسِي
(1)
، حدثنا المحاربي
(2)
، عن هشام بن عروة
(3)
قال: سمعته يذكر عن أبيه، عن عائشة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "سِتُّ فواسق يُقْتَلْنَ في الحَرم والحِلّ: الحَيَّة، والعَقْرَب، والحِدَأة،
⦗ص: 155⦘
والغراب، والكلب العَقُور
(4)
" زاد المحاربي فيه: الحيَّة.
(1)
هو: محمد بن إسماعيل الأحمسي.
(2)
هو: عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي، أبو محمد الكوفي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أرى -والله أعلم- أنَّ أبا عوانة تفرَّد بإخراج الحديث بهذا الإسناد، وقد روى الحديثَ عن هشامٍ جمعٌ من الثقات الأثبات: رواه مالك بن أنس (الموطأ 2/ 468)، وحمَّاد بن زيد (صحيح مسلم 2/ 856)، وعبد الله بن نمير (صحيح مسلم (2/ 856)، (سنن الدارقطني 2/ 231)، وكيع (سنن الترمذي ص 204)(مسند ابن راهويه 2/ 289)، (النسائي في السنن الصغرى ص 447)، وأبو أسامة (أبو عَوانة ح / 3625)، وروحُ بن القاسم (الطبرانيُّ في الأوسط (1/ 216)، وحماد بن سلمة (6/ 122)، وعبدة بن سليمان الكلابي (ابن أبي داود في مسند عائشة (ص 81)، (مسند أحمد 6/ 261)، ولم يذكر أحدٌ منهم "الحيَّة"، وخالفهم المحاربيٌّ فذكرها، وقد تقدم قولُ عبد الحق الإشبيلي:"الصحيح من حديث عائشة وغيرها رواية خمس"، ويحتمل أنَّ المحاربيَّ لم يسمع هذا الحديث من هشام بن عروة أصلًا، فإنه مدلِّس من الطبقة الرابعة كما تقدم، وقد عنعن الحديث عن هشام، كما لم أقف على نصّ يُثبت سماعه من هشام بن عروة، مع ثبوت سماعه عن معاصريه مثل الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهما، وانظر الحديثين التاليين، وح / 3618.
3624 -
حدثنا أبو الأزهر
(1)
، حدثنا ابن نمير
(2)
، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليَقْتُلَ المحرم الفأْرَةَ، والغُرَاب، والحِدَأةَ، والكَلْب العَقُور، والعَقْرَب
(3)
".
(1)
هو: أحمد بن الأزهر بن مَنِيع العبْدي النَّيْسابوري.
(2)
هو: عبد الله بن نمير، تقدم، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يندب للمحرم وغيره .. - (2/ 856، ح 68) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبى غريب، عن عبد الله بن نمير به، محيلًا متنه على =
⦗ص: 156⦘
= الحديث الذي رواه عن أبي الرَّبيع الزهراني، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة بمثل لفظ أبي عوانة، إلا أنه قال:"خمس فواسق يقتلن"، وليس بصيغة الأمن وانظر ح/ 3618.
من فوائد الاستخراج: فيه بيانٌ للمتن المحال به على متن حديث آخر.
3625 -
حدثنا الحسن بن عفان
(1)
، حدثنا أبو أسامة
(2)
، عن هشام بن عروة
(3)
، عن أبيه، عن عائشة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَقْتُلُ المُحرم العَقْربَ، والغُرَابَ، والفَأْرَة، والحِدَأَةَ، والكلبَ العَقُورَ
(4)
".
(1)
هو العامري، أبو محمد.
(2)
هو: حماد بن أسامة بن زيد القرشي الكوفي، تقدم في ح / 3596.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
انظر تخريج الحديث السابق ح / 3624.
من فوائد الاستخراج: كثيرة الطرق، وهي تفيد القوة، وتدل على أن زيادة المحاربي للفظة:"الحيَّة" غير محفوظة عن هشام.
بابُ بَيَان الإِباحة للمُحْرِم في الحِجَامة علَى وَسَطَ رأسِه
3626 -
حدَّثنا حمدانُ بن الجُنيد
(1)
، حدَّثنا أبو سَلمة الخُزاعي
(2)
، عن سُليمان بن بلال
(3)
عن عَلْقَمَة يعني ابن أبي عَلْقَمَة
(4)
، عن الأَعْرَج
(5)
، عن عبد الله بن بُحَينة "أنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم احتجم بِلَحْي جَمل
(6)
⦗ص: 158⦘
في طريق مكَّة على وَسَط رأسِه وهُو مُحرم
(7)
".
(1)
هو: محمد بن أحمد بن الجُنيد، أبو جعفر الدَّقَّاق البغدادي، و"حمْدان" لقبه.
(2)
هو: منصور بن سلمة بن عبد العزيز، أبو سَلمة الخزاعي البغدادي.
(3)
التَّيمي، مولاهم، أبو محمد المدني. ت / 177 هـ.
وثقه ابن سعد، وابن معين، ويعقوب بن أبي شيبة، والنسائي.
انظر: التاريخ برواية الدوري (2/ 228)، الطبقات الكبرى (5/ 420)، تهذيب الكمال (11/ 374)، التقريب (ص 405).
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو مولى عائشة، المدني، واسم أبي علقمة بلال، وأمه أم علقمة، اسمها مرجانة.
انظر: تهذيب التهذيب (7/ 275)، التقريب (ت 5258).
(5)
هو: عبد الرحمن بن هُرمز، أبو داود المدني.
(6)
لحَىُ جمل: -بكسر اللام وبفتحها وسكون الحاء: عَظْمُ ذقنه الذي ينبت عليه الأسنان- موضعٌ على سبعة أميال من المدينة، وهُناك احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
انظر: فتح الباري (1/ 182)، تحفة الأحوذي (4/ 344)، معجم البلدان (2/ 163)، معجم استعجم (3/ 955).
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز الحجامة للمحرم- (2/ 862، ح 88)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن المُعلّى بن منصور، عن سُليمان بن بلال به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب الحجامة للمحرم (ص 296، ح 1836)، عن خالد بن مخلد، وفي كتاب الطب -باب الحجامة على الرأس (ص 1008، ح 5698)، عن إسماعيل، كلاهما عن سليمان بن بلال به، وأخرجه الإمام أحمد (5/ 345) عن أبي سلمة الخزاعي به.
من فوائد الاستخراج:
1 -
العلوُّ النسبي: "المساواة"، بين المصنِّف والإمام مسلم لتساوي عدد رجال إسناديهما.
2 -
في حديث المستخرِج زيادة صحيحة لا توجد في صحيح مسلم، وهي تحديد المكان الذي وقعت الحجامةُ فيه، حيث حُدد بـ "لحي جمل".
3627 -
حدثنا الصغاني، وابنُ (إشْكاب
(1)
) قال: حدثنا رَوْحٌ، حدثنا زَكَرِيَّا بن إسحاق
(2)
، حدثنا عمرو بن دينار
(3)
، عن طاوُس قال: قال
⦗ص: 159⦘
ابنُ عباسٍ: "احْتَجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرِمٌ علَى رأسِه
(4)
".
(1)
هو: علي بن الحسين بن إبراهيم العامري، أبو الحسن ابن إشكاب البغدادي، ت / 261 هـ.
و"إشكاب": -بكسر الهمزة، وسكون الشين المعجمة، وآخره موحدة- هو لقب لأبيه.
انظر: نزهة الألباب (1/ 78).
(2)
هو: زكريا بن إسحاق المكي، ثقة رُمي بالقدر، (ع). التقريب (ت 2031).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر ح / 3627.
(4)
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 187) عن محمد بن إسحاق الصَّغاني به، وانظر تخريج الحديث التالي.
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرِج زيادة صحيحة مُهِمّة لا توجد في حديث صاحب الأصل (صحيح مسلم)، وهي تحديد الموضع الذي وقعت عليه الحجامة، وهو الرأس، وذكر الرأس له فائدة في استنباط الحكم الفقهي، فإن الحجامة في الرأس يلزم منها قص أو إسقاط بعض الشَّعر، ومعلوم أن المحرم لا يأخذ من شعره شيئًا حتى يحلَّ من إحرامه.
3628 -
حدثنا يُونس
(1)
، حدثنا سفيان بن عُيينة
(2)
، عن عمْروٍ، طاوسٍ، عن ابن عباس "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم احتَجَم وهو مُحرِم
(3)
".
(1)
هو ابن عبد الأعلى الصَّدفي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج -باب جواز الحجامة للمحرم (2/ 862، ح 87)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وإسحق بن إبراهيم، ثلاثتهم عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، وطاوسٍ به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب الحجامة للمحرم- (ص 296، ح 1835)، عن علي بن عبد الله، وفي كتاب الطب -باب الحجم في السفر والإحرام- (ص 1008، ح 5695) عن سفيان، عن عمرو، عن عطاء، وطاوسٍ به.
من فوائد الاستخراج: العلوّ النسبي: المساواة بين المصنف ومسلم لتساوي عدد رحال إسناديهما.
3629 -
حدثنا أبو يوسف الفارسيُّ
(1)
، حدثنا الحميدي
(2)
، حدثنا سُفيان
(3)
، حدثنا عمروٌ بهذا الحديث مرَّتين، قال: سمعت عطاءً قال: سمعت ابن عباسٍ قال: "احتجم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو محرمٌ" فقال مرةً: سمعت طاووسًا يقول: سمعتُ ابن عبَّاس يَقُول، ثُمَّ ذكره، فلا أدري سمع عمرو منهما جميعًا، أو كانت إحدى المرَّتين وهم، قال سُفْيان: ذُكر لي أنه سمع منهما جميعًا
(4)
.
(1)
هو الإمام يعقوب بن سفيان الفَسَوي، صاحب المعرفة والتاريخ، ت / 277 هـ.
و"الفارسيّ" -بالفاء المفتوحة، بعدها ألف ساكنة، تليها راء مكسورة، بعدها سين مهملة-: نسبة إلى فارس: اسم لعدد من المدن الكبيرة، دار مملكتها شيراز ويطلق على جُلّها الآن "إيران".
انظر: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم (ص 430)، الأنساب للسمعاني (4/ 332)، والحديث في كتابه "المعرفة والتاريخ"(2/ 745).
(2)
الحديث في مسنده (1/ 233)، وفيه كلام ابن عيينة الذي في رواية المصنِّف.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
كلام ابن عُيينة هذا أخرجه الفسَوي في المعرفة والتاريخ (2/ 745)، والحميدي في مسنده (1/ 233)، وعند البخاري (ص 296) بلفظ:"فقلت -القائل ابن عيينة-: لعلَّه سمع منهما".
من فوائد الاستخراج: في لفظ المصنِّف زيادة لا توجد في صحيح مسلم، وهي مقولة سفيان بن عيينة، وفيها ردٌّ على قدحٍ محتمَلٍ قد يُقدحُ به إحدى روايتَيْ عمرو بن دينار، ومما يدُلُّ أيضًا على صحة رواية هذا الحديث عن عطاء وطاوس أمران آخران:
1 -
أولهما: ما رواه صاحب المعرفة والتاريخ عن أبي بكر الحميدي أنه قال: =
⦗ص: 161⦘
= "ورأيت في كتاب ابن أخي عمرو بن دينار -نَبْتَل- هذا الحديثَ عنهما"، يعني عطاء وطاوسًا.
2 -
الأمر الثاني: ثبوت هذا الحديث عنهما من غير طريق عمرو بن دينار، فقد رواه ابن خزيمة، والبيهقي، والطبراني، وأبو الطاهر الذُّهلي، كلهم من طرق عن يحيى بن حمزة، عن النعمان بن المنذر، عن عطاء، وطاووس، ومجاهد، عن ابن عبَّاس به، وإسناده صحيح، كما أخرجه المصنِّف من طريق أخرى عن عطاء كما سيأتي.
انظر: المعرفة والتاريخ للفَسَوي (2/ 745)، صحيح ابن خزيمة (4/ 186)، المعجم الكبير للطبراني (11/ 203)، جزء أبي الطاهر للدارقطني (ص 42)، بحر الدم (1/ 189).
3630 -
حدثنا الصغاني، حدثنا يونس بن محمد
(1)
، ح.
وأخبرنا يونس، أخبرنا ابن وهب، قالا
(2)
عن الليث
(3)
، عن أبي الزُّبير، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبَّاسٍ "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم احتَجَم وهو مُحرِم
(4)
".
(1)
هو المؤدِّب، أبو محمد البغدادي.
(2)
هكذا في نسخة (م)، بدون أداة التحديث، وفي الإتحاف عن أبي عوانة:"قالا: ثنا الليث".
انظر: إتحاف المهرة (7/ 420، ح 8107).
(3)
هو الليث بن سعد الفهمي المصري.
(4)
أخرجه النَّسائيُّ في الكُبرى كتاب الصوم- ذكر اختلاف الناقلين لخبر عبد الله ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم (2/ 236) عن قُتيبة بن سعيد عن اللَّيث به. =
⦗ص: 162⦘
= كما أخرجه الإمام أحمد (1/ 292) عن يونس بن محمد المؤدب به، وعلَّق عليه محقِّقُ المُسند شُعيب الأرناؤوط فقال (22/ 185، ح 14280): "صحيح لغيره، وإسناده على شرط مسلم".
قلتُ: وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس مع عدالته وثقته مدَلِّسٌ شديد التدليس، وقد عدَّه الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلِّسين، ولم أقف في المصادر الحديثية على تصريح لأبي الزبير بالتحديث عن عطاء، وإن كان الحديث صحيحًا ثابتًا عن عطاء من غير طريق أبي الزبير.
ويحتمل أنه لم يَسْمَع الحديث عن عطاء بن أبي رباح ولا عن من روى عنه، فإن جمعًا من الثقات الأثبات خالفوا اللَّيث في هذا الحديث، فرووه عن أبي الزبير عن جابر به، وهم: هِشام الدَّستوائي، ويزيد بن إبراهيم، وعبد الله بن عثمان بن خثيم.
أمَّا طريق هشام الدستوائي فأخرجها أبو داود في سُننه في كتاب الطب -باب في قطع العرق وموضع الحجم (ص 424، ح 3863) والنسائي في الكبرى كتاب الصوم- ذكر اختلاف الناقلين لخبر عبد الله بن عباس أنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم (2/ 236)(2/ 236) وابن خُزيمة في صحيحه (4/ 187)، والإمام البيهقي في السنن الكبرى في كتاب الضحايا -باب ما جاء في وقت الحجامة (9/ 340)، والإمام أحمد في مسنده (3/ 305) وغيرهم، كلُّهم من طُرق عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي به.
وأما طريق يزيد بن إبراهيم فأخرجها النسائي في الصُّغرى في كتاب المناسك- باب حجامة المحرم من علة تكون به (ص 441، ح 2848) والكبرى (2/ 236) والإمام أحمد في مُسنده (3/ 363)، وابن الجَعد في مسنده (449) وغيرُهم كلُّهم من =
⦗ص: 163⦘
= طرقٍ عن يزيد بن إبراهيم عن أبي الزُّبير به.
قال الإمام النسائي في الكبرى عقِب إخراجه طريق هشام ويزيد: "خالفهما الليث بن سعد فرواه عن أبي الزبير عن عطاء عن ابن عباس"، ثم ساق طريقَ اللَّيث.
وأما طريق عبد الله بن عثمان بن خُثَيم فأخرجها ابن خُزيمة في صحيحه (4/ 188) وابن ماجه في سُننه في كتاب الحج -باب الحجامة للمحرم (ص 523، ح 3082) وابن حبّان في طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 623) كلُّهم من طُرقٍ عن ابن خُثَيم عن أبي الزُّبير به، ولم يصرِّح أبو الزُّبَير بالتحديث في جميعِ الطُّرق المذكورة، وانظر تخريج ح / 3628.
فأرى -والله أعلم-: أنَّ المحفُوظ عن أبي الزبير هو روايتُه عن جابر كما رواه الجماعةُ عنه، ولكنَّ متن الحديث صحيح كما تشهدُ له أحاديث الباب.
انظر: الكاشف (3/ 84)، تقريب التهذيب (ت 7081) تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس (ص 45).
من فوائد الاستخراج: أخرج المصنف هذا الطريق ليشير إلى مجئ الرواية عن عطاء من غير طريق عمرو بن دينار، دفعًا لما يُفهمُ من إيراد سفيان بن عيينة المتقدم.
باب بيان الإباحَة للمُحرِم حَلْق رأسَه إذا آذاه القَمْلُ، وما يَجِب عليه فيه من الفِدْيَة، والدَّلِيل على أنَّ الكَفَّارَةَ بعْدَ الحِنْثِ
3631 -
حدثنا يوسُف القَاضِي، حدثنا محمد بن أبي بكر
(1)
،
⦗ص: 164⦘
حَدثنا عبد الوهَّاب الثَّقفي
(2)
، عن خَالِد الحَذَّاء
(3)
، عن أبي قلابة
(4)
، ح.
وحدثنا أبو داود السِّجزي
(5)
، حدثنا وهْبُ بن بَقِيَّة
(6)
، عن خالِدِ الطَحان
(7)
، عن خَالد الحَذَّاء، عن أبي قِلابة، عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى، عن كَعْبِ بن عُجْرَةَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بِه زَمَن
⦗ص: 165⦘
الحُدَيْبِيَةِ
(8)
فَقَال: "قدْ آذَاكَ هَوَامُّ
(9)
رأسِك"؟ قال: نعم، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "احلقْ ثم اذبح شاة نسكًا، أو صُم ثلاثة أيام، [أَ] وْ
(10)
تَصَدَّقْ ثلاثة آصُعٍ
(11)
⦗ص: 166⦘
من تَمْرٍ على سِتَّةِ مَسَاكِيْن
(12)
".
(1)
هو: ابن علي بن عطاء بن مقدم المُقَدّمي، أبو عبد الله البصري.
(2)
عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثقفي، أبو محمد الكوفي.
(3)
-بفتح المهملة وتشديد الذَّال المعجمة- هو خالد بن مِهْران البصري، وهو هنا موضع الالتقاء مع الإمام مسلم.
(4)
عبد الله بن زيد بن عمرو، وقيل عامر الجَرْمي -بجيم مفتوحة، تليها راء ساكنة- أبو قلابة، -بكَسْر القاف- البصري.
انظر: الإكمال (3/ 103).
(5)
هو: سُليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني، صاحبُ السُّنن، والحديث في سننه في كتاب المناسك -باب في الفدية (ص 215، ح 1856) عن وهب بن بقية به.
(6)
ابن عثمان الواسطي، ت / 239 هـ.
قال ابن معين: "ثقة لكن سمع وهو صغير"، وتعقبه الذهبي فقال:"بل ما سمع حتى صار ابن نيف وعشرين سنة، ولو سمع في صغره للحق جرير بن حازم وأقرانه".
وقال الخطيب: "ثقة".
انظر: تاريخ أبي سعيد هاشم بن مرثد الطبرانيُّ عن أبي زكريا يحيى بن معين (ص 30)، تاريخ واسط (196)، تاريخ بغداد للخطيب (13/ 457)، سير أعلام النبلاء (11/ 463).
(7)
هو خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي، موضع الالتقاء مع مسلم.
(8)
الحُديْبِيَة: -بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحدة وياء مخففة أو مشددة على خلاف، مصغرة- قال الحموي:"هي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع تحتها"، وقال عاتق البلادي:"تقع غرب مكة على بعد 22 كيلًا، ويقال لها اليوم الشَّميسي؛ لأنه يقال: إن رجلًا يدعى الشميسي حفر بئرًا هناك فغلب اسمه عليها .. وفي الحديبية اليوم مسجد الرضوان يقال: إنه بني مكان البيعة"، أي وقعة بيعة الرضوان ثم الصُّلح مع قُريش، وذلك في سنة ست للهجرة النبوية، وسُميت الوقعة غزوة الحديبية وسمَّاها ربنا عز وجل الفتح المبين.
انظر: معجم البلدان (2/ 229)، الروض الأنف (6/ 475)، نسب حرب (350)، البداية والنهاية (4/ 164).
(9)
الهوامُّ: الدوابُّ المؤذية، وسمَّاها هوامًّا لأنها تَهُمّ بالإنسان، أي تدِبُّ.
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 130)، ومثله لابن الجوزي (2/ 501)، مشارق الأنوار (2/ 270).
(10)
سقطت الهمزة في نسخة (م) من كلمة "أَوْ"، وهذا السقط يؤثر في الحكم الشرعي، واستدركته من صحيح مسلم والكتب التي أخرجت الحديث بإسناد المصنف، انظر التخريج التالي.
(11)
الآصُع: جمع صاعٍ، والصَّاع في اللُّغة: ما يُكال به، وهو مفرد جمعه أَصْوُعٌ، وأصْؤُعٌ، وأصْوَاعٌ، وصُوْعٌ وصِيْعَان، والصّاع في اصطلاح الفقهاء: مكيال يكال به في البيع والشّراء وتقدّر به كثير من الأحكام الشّرعيّة، والصِّيعان أنواع، والمعتبر منها الصَّاع المدني، ويسع أربعة أمدادٍ، ويعادل خمسة أرطال عراقي، أو ثمانية أرطال حجازي، =
⦗ص: 166⦘
= وقدره بعض العلماء المعاصرين بكيلويين وأربعين جرامًا، وقالت اللجنة الدائمة:"إن الذي تحرر لنا في مقدار الصاع النبوي، أنه قدر أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل في الخلقة، وهذا هو الذي ذكره بعض أهل العلم كصاحب النهاية والقاموس .. فإن العمدة في التقدير ما ذكره العلماء بالتقدير بحفنة يدي الرجل المعتدل خلقة"، وقالت في موضع آخر:"القدر الواجب في زكاة الفطر، عن كل فرد صاع واحد بصاع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريبًا".
انظر: النهاية (3/ 60)، القاموس المحيط (ص 682)، فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 371، 222).
(12)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى .. - (2/ 859) عن يحيى بن يحيى، عن خالد بن عبد الله الطَحَّان به، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 195)، عن محمد بن بشار، عن عبد الوهاب الثقفي به، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (9/ 297) عن شباب بن صالح، عن وهب بن بقية به.
3632 -
حدثنا إدريس بن بكر، حدثنا أبو نعيم
(1)
، حدثنا سيف يعني ابن أبي سليمان
(2)
، قال: أخبرني مجاهد قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي ليلى، أن كعب بن عجرة قال: وقف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسي يتهافَتُ قملًا فقال: "أتُؤْذِيْكَ هَوامُّك قلت: نعم يا رسول الله، قال: "فاحلِقْ رأسَك" قال: وفِي نزلتْ هذه الآية {فَمَنْ كَانَ
⦗ص: 167⦘
مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}
(3)
إلى آخرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صُم ثَلاثَة أيام، أو تَصَدَّق بِفَرقٍ
(4)
بين سِتّة، أو انسُكْ ما تيَسَّر
(5)
".
(1)
هو: الفضل بن دُكين.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو المَخزومي -مولاهم- أبو سُلَيْمَان المَكِّي.
(3)
سورة البقرة، الآية 196.
(4)
الفَرقُ: -بتسكين الراء وفتحها، والثاني هو الفصيح-: مكيالٌ ضخم لأهل المدينة.
وقد اختلفوا في مقداره على عدة أقوال: فقيل: "إنه ستة عشر رطلًا، أو ثلاثة آصع، وهي اثنا عشر مُدًّا"، وقيل:"إن الفرق أربعة أصوع بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وقيل:"إنه خمسة أقساط، والقسط نصف صاع"، وقيل:"إنه ستة أقساط، والقِسط نصف الصاع".
وقد رجح بعض أهل العلم الأول، وهو أن الفرق ستة عشر رطلًا أو ثلاثة آصع.
انظر: الأموال لأبي عبيد (ص 690، 691)، النهاية لابن الأثير (3/ 437)، لسان العرب (11/ 565)، المصباح المنير (ص (471).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى .. - (2/ 859)، عن ابن نُمير، عن أبيه، عن سيف بن أبي سليمان به، وأخرجه البخاري في مواضع من كتابه، منها ما أخرجه في كتاب الحج -باب قول الله:"أو صدقة" وهي إطعام ستة مساكين (ص 292، ح 1815) عن أبي نُعيم، عن سيف ابن سُليمان به.
قلتُ: وعلى هذا فإنَّ الإمام البخاري تابع إدريس بن بكر على روايته عن أبي نعيم.
3633 -
حدَّثنا الغَزِّي
(1)
، حدثنا (الفِرْيابي)
(2)
، حدثنا
⦗ص: 168⦘
سُفيان
(3)
، عن أيُّوب
(4)
، عن مُجَاهِدٍ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجْرة قال: مرَّ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يُوقِدُ تحْتَ قِدْرٍ فقال: "آذتْكَ هَوامُّ رَأْسِك فأمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "أن يَحْلق ويصوم ثلاثة أيّامٍ، أو يُطْعِم فرَقًا بينَ سِتَّة مساكين، أو يَنْسُك
(5)
".
(1)
هو: عبد الله بن محمد بن الجرَاح الأَزْدِي، أبو العَبَّاس الغَزِّي.
(2)
هو: محمد بن يُوسف بن وَاقد الضَّبي مولاهم الفِرْيَابِي، نسبةً إلى فِرياب: بَلْدَة كانت تابعة لبَلْخ، وهي الآن ولايةٌ في غربيِّ دولة أفغانستان الحاليّة، وتسمَّى: فَارْيَاب، وقد =
⦗ص: 168⦘
= تصحَّف "الفريابي" في نسخة (م) إلى الفرنابي.
انظر: الأَنْسَاب للسَّمْعانِي (9/ 290)، التقريب (ت 7228).
(3)
هو سفيان بن سعيد الثوري، واشترك معه في رواية هذا الحديث عن أيوبَ سفيانُ بن عيينة، وقد ذكر اسمهما مهملًا غير منسوب في المصادر الحديثية التي وقفت فيها على هذا الحديث، غير صحيح ابن خزيمة (4/ 196) فقد صرح فيه بالثوري في رواية عبد الرزاق عنه، وسُنَن الدارقطني (2/ 298) فقد صُرِّح فيه أيضًا بالثوري في رواية مصعب بن ماهان عنه بهذا الإسناد، والفريابي روى عن ابن عيينة أيضًا، إلا أنه لازم الثوري وأكثر عنه، ومما يقوي احتمال تعيين الثوري في هذا الإسناد رواية الطحاوي (3/ 120) هذا الحديث عن أبي شريح محمد بن زكريا عن الفريابي عن الثوري به، وهذا يدخل في النوع السادس من أنواع المتفق والمفترق الذي يشترك فيه الراويان في الاسم أو الكنية، قال العراقيُّ رحمه الله في ألفيَّته:
ومنه ما في اسمٍ فقط ويُشْكَلُ * كنحو حمَّاد إذا ما يُهملُ، ولا يضر الجهل هنا بتعيين أحد السفيانين؛ لأن كلا منهما ثقة ثبت، والإسناد صحيح على كل حال.
انظر: ألفية العراقي (التبصرة والتذكرة ص 205)، تدريب الراوي (2/ 323).
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى .. - (2/ 861، ح 83) عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، =
⦗ص: 169⦘
= وحميد بن قيس، وأيوب، وعبد الكريم الجزري، أربعتهم عن مجاهد به، وأخرجه البخاري في كتاب المرضى -باب ما رُخِّص للمريض أن يقول: إني وجع
…
- (ص 1003، ح 5665)، عن قبيصة، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح وأيوب، عن مجاهد به، وأخرجه الدارقطني (السنن 2/ 298) عن أبي الحسن المصري، عن ابن أبي مريم، عن الفريابي عن سفيان الثوري به.
من فوائد الاستخراج: إخراج المصنف طريقَ سفيان الثوري، وتُعتبر أعلى لجلالتِه وقِدَم وفاته، وقد أخرجها البخاري كما تقدم آنفًا.
3634 -
حدثنا إسحاق بن سيَّار
(1)
، وأبو أمية قالا: حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان
(2)
، عن أيُّوب، وابن أبي نَجِيح
(3)
، عن مجاهد، بإسناده مثله "أو يَنْسُكَ نُسُكًا
(4)
".
(1)
إسحاق بن سَيَّار بن محمد، أبو يعقوب النَّصيبي.
(2)
هو الثوري، وتعيَّن كونه سُفيان الثوري؛ لأنَّ قبيصة لا يروي عن سُفيان بن عينية، وشيخا سفيان الثوري: ابن أبي نجيح، وأيوب، بها موضع الالتقاء مع مسلم، في هذا الإسناد.
(3)
هو عبد الله بن أبي نَجيح يسار المكي، أبو يسار، الثقفي مولاهم.
انظر التقريب (ت 4061).
(4)
انظر التخريج السابق، ح / 3633.
3635 -
حدثني ابن أبي الشَّوارب
(1)
، حدثنا إبراهيم بن بَشَّار
(2)
،
⦗ص: 170⦘
حدثنا سُفْيان
(3)
، عن ابن أبي نجيح، وأيوب
(4)
، وحمُيد
(5)
، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهُو بالحُدَيْبِيَّة وهو يُوقِد تحت قِدْرٍ، والقَمْل يَتَهَافَتُ
(6)
على وجهه فقال لي: "أَيُؤْذِيْكَ هَوَامُّك يا كعب؟ " قال: قلت: نعم يا رسول الله، قال:"فاحلق رأْسَك وأطْعِم فرَقًا بين سِتَّة مساكين، أو صُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ أو اذْبَحْ شاةً". قال أيُّوب: "أو انْسُكْ نُسُكًا" والفَرَق ثَلَاثة أَصْوُع
(7)
.
(1)
علي بن محمد بن عبد الملك الأُمَوي، أبو الحسن البصري.
(2)
الرَّمَادي، أبو إسحاق البصري.
(3)
هو ابن عيينة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم، وتعين كونه ابن عيينة؛ لأن إبراهيم بن بشار مشهور بالرواية عن ابن عيينة، ولازمه كثيرًا، ولم أقف في الكتب التي ترجمت للراوي على شيء يدل على روايته عن الثوري، والحديث عند مسلم كما تقدم في ح / 3633، من رواية ابن أبي عمر عن سفيان، وابن أبي عمر معروف بالرواية عن سفيان بن عيينة، لا الثوري.
(4)
هو ابن أبي تميمة السختياني.
(5)
هو حُميد بن قيس المكي الأعرج، أبو صفوان القارئ، ليس بن بأس، ت / 130 هـ.
انظر: تحفة الأشراف (8/ 302)، تقريب التهذيب (ت 1702).
(6)
بالفاء: أي يتَساقَطُ شيئًا فشيئًا.
انظر: فتح الباري (4/ 20).
(7)
انظر تخريج ح / 3633، وقد تقدم شرح لفظة: أَصْوُع، في ح / 3632.
3636 -
حدثنا مُحَمَّد بن علي بن ميمون الرَّقِّي
(1)
، حدثنا الفِريابي،
⦗ص: 171⦘
حدثنا وَرْقاء
(2)
، عن ابن أبي نَجِيح
(3)
[عن مجاهد]
(4)
قال: حدثنا الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجْرة، فذكر نحوه
(5)
.
(1)
أبو العباس العطار.
(2)
هو: ورقاء بن عمر بن كُلَيب اليشكري، أبو بشر الكوفي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3633.
(4)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركته من إتحاف المهرة (13/ 21)، وصحيح مسلم (2/ 859)، وسنن الدارقطني (2/ 298).
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب المغازي -باب غزوة الحديبية (ص 707، ح 4159)، عن الحسن بن خلف، عن إسحاق بن يوسف، عن أبي بشر ورقاء، والدارقطني في سننه (2/ 298) عن ابن مُبَشِّر، عن أحمد بن سنان، عن يزيد ابن هارون، عن ورقاء به، وانظر ح / 3633.
3637 -
حدثنا يزيد بن سنان
(1)
، حدثنا (سعيد) بن سفيان
(2)
،
⦗ص: 172⦘
حدثنا ابن عون
(3)
، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة أنه قال: فِيَّ أنزلت هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}
(4)
قال: فأتيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ادْنُه" فدنوتُ -قال ابنُ عونٍ: أظنُّه قال ثلاث مَرَّات- ثم قال: "أتُؤْذِيْك هَوَامُّك؟ " قال: أظنُّه قال: نَعَمْ، قال: "فأَمَرَني بِصِيامٍ، أو صدقةٍ، أو نُسكِ مَا تيَسَّر
(5)
".
(1)
ابن يزيد بن ذَيَّال القزَّاز، أبو خالد البصري، نزيل مصر.
(2)
الجَحْدَري، أبو سفيان البصري، ت / 204 هـ، وقيل: 205 هـ، وقد تصحف اسمه في نسخة (م) إلى شعبة بن سفيان، والتصويب من إتحاف المهرة (13/ 21)، والكتب المترجمة له.
قال أبو حاتم الرازي: "محله الصدق"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال:"كان ممن يخطئ"،
وقال الذهبي: "قوَّاه الترمذي".
وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ".
قلت: قد تابعه ثقاتٌ عن ابن عون كما سيتبين في التخريج الآتي، ما يدلُّ على ضبطه للحديث. =
⦗ص: 172⦘
= انظر: الجرح والتعديل (4/ 27)، الثقات (8/ 265)، تهذيب الكمال (10/ 473)، ميزان الاعتدال (2/ 230)، التقريب (ت 2563).
قلت: قد تابعه ثقات عن ابن عون كما سيتبين في التخريج الآتي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
سورة البقرة، الآية / 196.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج (2/ 859)، عن محمد بن المثنى، عن ابن أبي عدي، عن ابن عون به، وأخرجه البخاري في كتاب كفارات الإيمان -باب قول الله تعالى: "فكفارته إطعام عشرة مساكين
…
(ص 1158)، عن أحمد بن يونس، عن أبي شهاب، عن ابن عون به.
3638 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، وأبو قلابة
(1)
قالا: حدثنا بِشْر بن عمر
(2)
، ح.
⦗ص: 173⦘
وحدَّثنا الصغاني، حدَّثنا عَفَّان
(3)
، وأبو النضر
(4)
، ح.
وحدثنا أبو أمية، حدثنا وهب بن جرير، وأبو النضر، وأبو الوليد
(5)
، ح.
وحدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(6)
كلهم، عن شُعبة
(7)
، واللفظ لعفان (قال)
(8)
: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصْبَهَانِيِّ قال: سمعت عبد الله بن مَعْقِل يقول: قَعَدْتُ إلى كَعْبِ بن عُجْرة في المسجد فسألته عن هذه الآية: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}
(9)
، قال: فِيَّ أُنزلتْ، حُمِلْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقَمْلُ (يَتَنَاثَرُ)
(10)
على وجهي،
⦗ص: 174⦘
قال: "ما كُنْتُ أرى الوَجَع بَلغَ بِكَ ما أرى والجَهْدَ
(11)
بلغ بك ما أرى، أتجد نُسُكًا" قلتُ: لا، فنزلت:{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ، قال: صيامُ ثلانةِ أيّام، أو إطعام سِتّة مساكين، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، قَالَ: فنَزَلتْ فِيَّ خاصَّة وهي لكم عامَّة
(12)
.
(1)
هو: عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد البصري.
(2)
ابن الحكم بن عُقبة الزهرانِي، أبو محمد البصري.
(3)
ابن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار البصري.
(4)
هو: هاشم بن القاسم بن مسلم الليثيِّ.
(5)
هو: هشام بن عبد الملك، الباهلي -مولاهم-، أبو الوليد الطيالسي البصري.
(6)
هو: سليمان بن داود الطيالسي، صاحب المسند، والحديث في مسنده (ص 143).
(7)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(8)
في نسخة (م) بصيغة التثنية: "قالا"، والصَّحيح صيغَةُ المفرد؛ لأنَّ اللفظَ لعفان، أو صيغَةُ الجمع لأنَّ الكل رووه عن شعبة.
(9)
سورة البقرة، الآية / 196.
(10)
هذه الكلمة في نسخة (م) بهذا الشكل: "ـها ـر" والألفاظ التي وقفت عليها في هذا الموضع من الحديث هي: (يتناثر، يتساقط، يتهافت)، ومعانيها متقاربة، ولم أقف على كلمة تقارب في الشكل الكلمة المنسوخة في النسخة الخطية يكون لها نفس المدلول، فاخترت من بين الكلمات كلمة:(يتناثرُ) لمجيئها عند الطَّحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 119) من طريق شيخ أبي عوانة في هذا الحديث إبراهيم بن مرزوق، =
⦗ص: 174⦘
= كما جاءت عند مسلم أيضًا من طريق شعبة، ومعناها يتساقط.
انظر: فيض القدير للمناوي (1/ 434).
(11)
قال ابن حجر في هدي الساري (ص 105): "الأكثر بالفتح ولبعضهم بالضم، وهو المشقة".
(12)
أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الحج (2/ 861، ح 85)، عن محمد بن المثنى وابن بشار، عن غندر، عن شعبة به، وأخرجه الطحاوى في شرح معاني الآثار (3/ 119)، عن ابن مرزوق، عن بشر بن عمر به، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 242) عن عفان به.
من فوائد الاستخراج:
• العلو النسبي: المساواة بين المصنف والإمام مسلم في عدد رجال إسناديهما، والمصنف في طبقة تلاميذ الإمام مسلم.
• زاد المصنِّف على الإمام مسلم من طرف الحديث عن شُعبة ستة طرق، طريق بِشْر بن عمر، وطريق عَفَّان، وطريق أبي النضر هاشم بن القاسم، وطريق وهب ابن جرير، وطريق أبي الوليد، وطريق أبي داود الطيالسي.
3639 -
حدثنا الصغاني، حدثنا عفان، ح.
وحدثنا أبو قلابة، حدثنا بشر بن عمر، قالا: حدثنا شعبة، عن
⦗ص: 175⦘
أبي بشر
(1)
قال: أخبرني مجاهد
(2)
، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة
…
(3)
(4)
⦗ص: 176⦘
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، عونَكَ اللهُمَّ يا رَحْمَانُ
(5)
(1)
جعفر بن إياس اليشكري، أبو بشر الواسطي، المعروف بـ "جعفر أبي وحشيَّة".
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
سقط متن هذا الحديث من النسخة الخطيَّة (م)، ولكن الحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي -باب غزوة الحديبية- (ص 711)، عن محمد بن هشام، عن هشيم، عن أبي بشر به، بلفظ:"كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون وقد حصرنا المشركون، قال: وكانت لي وفرة فجعلت الهوامّ تساقط على وجهي، فمر بي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يؤذيك هوامّ رأسك؟ قلت: نعم، قال: وأنزلت هذه الآية: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة، الآية/ 196]، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 120)، عن ابن مرزوق، عن بشر بن عمر به، لكنَّه أحال متنه على حديث عبد الله بن مغفَّل عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قبله، وقال: "مِثلَه ولم يذكر التَّمر".
(4)
سقطت الأحاديث التي تلت هذا الحديث بكاملها إلى آخر الباب، كما سقطت بعدها أبواب من النُّسخة الخطية لدار الكتب المصريَّة، وهي النُّسخة الوحيدة التي عُثِرَ فيها على أبواب الحج من نسخ مستخرج أبي عوانة، ووقفتُ على أسانيد تلك الأحاديث الساقطة وأطراف متونها في الكتاب الجليل (إتحاف المهرة) للحافظ ابن حجر رحمه الله، ولكن يبقى الوقوف متعذِّرًا على مُتون الأحاديث التي أوردها أبو عوانة بهذه الأسانيد، وحسب الترتيب الصحيح للوحات المخطوط الموافق لترتيب أحاديث صحيح مسلم، فإنه يلي هذا البابَ بابُ (بيان الإباحة للمحرم غسل رأسه ودلكه رأسه بالماء).
راجع نهاية هذه الرسالة: الملحق الخاص بوصف النسخة الخطية، الموضع الثاني، والمجموعة الأولى في المطلب الأول.
(5)
هكذا في نسخة (م).
بابُ بَيَان الإِبَاحَة لِلْمُحرِم غَسْلَ رَأسِه ودَلْكِه رأسَه بِالماء
3640 -
أخبرنا يونس
(1)
، أن ابن وهب، قال: حدثني مالك
(2)
، ح.
وحدثنا محمد بن حيَّويه
(3)
، حدثنا مُطَرِّف
(4)
، والقعنبي
(5)
، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن ابن عباس، أنَّه والمِسْوَر بن مَخْرمة اختلفا بالأَبْوَاء
(6)
، فقال ابن عباس:
⦗ص: 177⦘
يَغْسِل المُحرم رأسه، فأرْسله إلى أبي أيّوب الأنْصاري يسأله: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرمٌ قال: "فَوَجَدتُّه يَغتسل بين قَرْني البِئْر
(7)
وهو يُسْتَرُ بثوبٍ، قال: فرفع يده على الثَّوْب فَطَأْطَأْهُ
(8)
حتَّى بَدَا له رأْسُه، ثم قال لإنسانٍ يَصُبُّ عليه فَصَبَّ على رأْسِه، ثم حَرَّكَ رأْسَه بِيَدَيْه، فَأَقْبَلَ وأَدْبرَ، ثُمَّ قال: هكذا رأيتُه يَفعلُ
(9)
".
(1)
هو ابن عبد الأعلى بن مَيْسَرة الصَّدَفي، أبو موسى المصري.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في مُوطَّئِه (2/ 397 - 398).
(3)
هو: محمد بن يحيى بن موسى الإسفراييني.
(4)
هو: مطرف بن عبد الله بن مطرف اليساري.
(5)
هو: عبد الله بن مسلمة القعنبي.
(6)
الأبواء على زِنَةِ جَمْعٍ بَوٍّ: تَرَدَّدَتْ في السيرة، وجاء ذكرها في غزوة ودَّان، وهي غزوة الأبواء.
والأبواء واد من أودية الحجاز التِّهامية، كثير المياه والزرع، يلتقي فيه واديا الفُرع والقاحة فَيَتَكَوَّنُ من التقائهما وادي الأبواء، كَتَكَوُّنِ وادي مرّ الظّهران من التقاء النخلتين، وينحدر وادي الأبواء إلى البحر جاعلًا أنقاض ودَّان على يساره، وثم طريق إلى هرْشى، ويمر بَبَلدة مَسْتورة ثم يُبْحِر. =
⦗ص: 177⦘
= ويسمى اليوم "وادي الخُرَيْبَة" غير أن اسم الأبواء معروف لدى المثقَّفين.
انظر: المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 14).
(7)
قرنَيْ البئر: هو بفتح القاف تثنية قرن، وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر، وشبههما من البناء، وتمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به، وتعلق عليها البكرة.
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (8/ 364).
(8)
طَاطأه: أي أزاله عن رأسه.
انظر فتح الباري (4/ 68).
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز غسل المحرم بدنه ورأسه (2/ 864، ح 91)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، وقتيبة ابن سعيد، أربعتهم عن سفيان بن عيينة، وعن قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، كلاهما عن زيد بن أسلم به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب الاغتسال للمحرم، (ص 297، ح 1840)، عن عبد الله بن يوسف، عن مالك به.
من فوائد الاستخراج: قوة إسناد المصنف، فقد روى الحديث من طريق القعنبي عن مالك، بينما أخرجه مسلم من طريق قتيبة عن مالك، وقتيبة بن سعيد مع =
⦗ص: 178⦘
= ثقته لا يصل إلى درجة القعنبي، وكان الإمامان ابن معين وابن المديني لا يقدمان على القعنبي أحدًا في مالكٍ.
انظر: من كلام يحيى بن معين في الرجال (رواية الدقَّاق ص 116)، تهذيب الكمال (16/ 136)، سير أعلام النبلاء (10/ 257)، تهذيب التهذيب (6/ 32)، تقريب التهذيب (ت 4009).
3641 -
حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مكِّي
(1)
، ح.
وحدثنا الصَّاغاني
(2)
، حدثنا روح، قالا: حدثنا ابن جريج
(3)
، قال: أخبرني زيد بن أسلم، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين أنه أخبره، عن أبيه عبد الله بن حنين، قال: كنت مع ابن عباس والمِسور بن مَخْرَمة بالأَبْواء، فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيُّوب فقال: قل له، يقرأ عليك السَّلام ابنُ أخيك عبد الله بن عبَّاسٍ ويسألُكَ: كَيْفَ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم[يغسل رأسه وهو محرم
(4)
]؟ فقلت له: أرسلني إليك ابن عبّاسٍ يسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُو مُحْرِم؟ قال: "فوضع يده على الثَّوب وطَأْطَأَهُ حتَّى رأيتُ رأْسَه، وقال لرجُلٍ: صُبَّ فَصَبَّ
⦗ص: 179⦘
عليه، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَغسِل رَأْسَه وهو مُحرم" إلا أن مَكِّيًا قال: "فأقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ" وقال مِسْوَر لابْن عباس: لا أُمَارِيْك أَبَدًا
(5)
.
رواه ابْنُ عُيَيْنة، عن زيد بن أسلم
(6)
.
(1)
ابن إبراهيم التَّميمي الحَنْظلي البَلْخي، أبو السَّكَن.
(2)
هو: محمد بن إسحاق بن جعفر الصّغاني، والصَّاغَانِي لغةٌ ثانيةٌ في هذه النسبة.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
سقطت الجملة التي بين المعقوفين من نسخة (م)، واستدركتُها من الحَديث السَّابق، والسِّياق يدل عليه.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج (2/ 864، 92)، عن إسحق بن إبراهيم، وعلي بن خَشْرَم، كلاهما عن عيسى بن يونس عن ابن جريج به، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 421)، عن محمد بن بكر، وحجاج، وروح، ثلاثتُهم عن ابن جريج به.
من فوائد الاستخراج: أخرج مسلم هذا الحديث مختصرًا من طريق ابن جريج، فجاء المستخرِج وذكر لفظه مطوَّلًا.
(6)
انظر تخريج الحديث السَّابق، ح / 3640.
بابُ بيانِ خِطْبَة التَّزْوِيْج في الإِحْرَام أوِ الخِطْبَة
(1)
(1)
الخِطْبَة: مصدر خَطَب المرأةَ يَخْطُبُهَا خَطْبًا وَخِطبَةً -بالكسر-: طلب المرأة للزَّواج، والمرأة المخطوبة.
انظر: لسان العرب (4/ 134 - 135)، المعجم الوسيط (ص 243).
3642 -
أخبرنا الرَّبِيع بن سُليمان، أخبرنا الشافعي
(1)
، ح.
وحدثنا الزعفراني، حدثنا عبد الجبار، قالا: حدثنا سفيان
(2)
، عن أيُّوب بن موسى، عن نُبَيْه بن وَهْب قال: أرسل [عُمر بن] عبيد الله ابن معمر
(3)
إلى أبان يسأله: أيَنْكِحُ المُحْرِمُ؟ فحدَّث عن عثمانَ رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْكِحُ المُحْرِم ولا يُنْكَحُ
(4)
" وهذا لفظ عبد الجَبّار إِلَّا أنَّه قال: "ولا يَخْطُبُ
(5)
".
(1)
الحديث في مسنده (2/ 1466، ح 1271).
(2)
ابن عيينة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ما بين المَعْقُوفَيْن سقط من نُسْخَة (م)، واستدركتُه من أحاديث الباب وصحيح مسلم، فإن الذي أرسل إلى أبان هو عمر بن عبيد الله بن عمر والد طلحة، ليُزَوِّج ابنه طلحةَ بن عمر، بِنْتَ شَيْبَةَ بن جُبَيْر، كما في الحديث الثالث في الباب وفي صحيح مسلم (2/ 1030).
(4)
يجوز أن تكون الثانية "يُنْكِح" من باب الإفعال، أي لا يزوِّج امرأة بولاية، ولا وكالةٍ.
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (9/ 197).
(5)
أخرجه مسلمٌ في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خِطبته- (2/ 1031، ح 44)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، جميعًا عن ابن =
⦗ص: 181⦘
= عُيينة به.
من فوائد الاستخراج:
في حديث المصنِّف زيادتان لم تَردْ عند مسلم:
* الزيادة الأولى: ذكر قصة إرسال عمر بن عبيد الله إلى أبان ليسألَه عن إنكاح المحرم.
* الزيادة الثانية: قوله: "ولا يُنْكَحُ" بصيغة المجهول.
* راويه عن سفيان عند المصنف هو الإمام الجليل: الشافعيّ رحمه الله.
3643 -
حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي
(1)
، حدثنا سفيان
(2)
، حدثنا أيُّوْب بن موسى، أخبرنا نُبَيْه بن وَهْب الحَجَبي، أنه سمع أبان بن عثمان يُحدِّث، عن أبيه، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْكِحُ المُحْرِم ولا يَخْطُبُ
(3)
".
(1)
الحديث في مسنده (1/ 20) عن سفيان به.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر الحديث قبله.
3644 -
حدثنا الرَّبيع بن سُلَيْمَان، أخبرنا الشَّافِعي
(1)
، أخبرنا مالك
(2)
، ح.
وحدثنا يُونس، حدثنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن نافع، عن
⦗ص: 182⦘
نُبَيْه بن وهب، أن عُمر بن عبيد الله أراد أن يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بِنتَ شَيْبَة بن جُبيرٍ فأرْسل إلى أبان بن عُثمان يَحْضُر ذلك وهو أميرُ الحج، فقال أبان: سمعتُ عُثْمان بن عفَّان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنْكِحُ المُحْرِم ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ
(3)
".
(1)
الحديث في مسنده (2/ 1467، ح 1273).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين، والحديثُ في موطَّئه (2/ 450) عن نافع عن نبيه به.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم
…
(2/ 1030، 41)، عن يحيى بن يحيى، عن مالك، عن نافع به، وأخرجه البيهقي في السنن الصغير (المجلد الأول / 410، ح 1605) بسنده، عن الرَّبيع بن سليمان عن الشافعي به.
من فوائد الاستخراج: اشتمل إسنادُ المصنِّف على رواية إمام عن إمام: الشافعي عن مالك.
3645 -
حدثنا يُوسفُ
(1)
، حدثنا سليمان بن حرب، حدَّثنا حمَّاد بن زيد
(2)
، عن أيُّوب
(3)
، عن نَافِع، عن نُبَيْه بن وهب، أن رجُلًا من قريش خطب إلى أبانَ بن عثمان وهو أميرُ المَوْسم فَقَال:[أَ]
(4)
لا أُرَاه أَعْرابيًّا جَافِيًا
(5)
"إنَّ المُحْرِم لا يَنْكِحُ ولا يُنْكَحُ" أخبرنا بذلك
⦗ص: 183⦘
عُثْمَان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَضِيَ عَنْه
(6)
.
(1)
هو القاضي: أبو محمد، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل البصري.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن أبي تميمة السَّخْتِياني.
(4)
سَقَطَتِ الهمزة عن نسخة (م)، واستدركتُها من صحيح مسلم، ويَدُلُّ عليها السِّياق.
(5)
يقال: رجل جافي الخِلْقَةِ والخُلُقِ، أيْ كزٌّ غليظ.
القاموس المحيط (ص 1168).
(6)
أخرجه مسلمٌ في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم
…
(2/ 1030، ح 42)، عن محمد بن أبي بكر المقدَّمي، عن حماد بن زيد به، وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 80) عن سليمان بن حرب به.
من فوائد الاستخراج:
• زيادة كلمة: (جَافِيا) ولم ترد عند مسلم، وهي زيادة صحيحة جاءت في روايات أخرى عن أيُّوب (سنن الترمذي ص 205، ح 840)، ونُبيه بن وهب (صحيح مسلم 2/ 1031، ح 45).
• راويه عن حماد بن زيد عند المصنف هو سليمان بن حرب، وقد لازم سليمان بن حرب حماد بن زيد تسع عشرة سنة، وكان سليمان شديد الانتقاء فيمن يأخذ عنهم قال أبو حاتم:"كان سليمان بن حرب قلّ من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة"، بينما الحديث عند مسلم عن المقدمي عن حماد بن زيد، وهو دون سليمان بن حرب بكثير في الضبط والإتقان.
انظر: الجرح والتعديل (4/ 108)، تهذيب الكمال (11/ 391)، تهذيب التهذيب (4/ 178).
3646 -
حدثنا أبو علي الزعفراني، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة
(1)
، عنْ أيُّوب
(2)
، عنْ نافع، عن نُبَيْه ابن وهب، عن أبانَ بن عُثْمان، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْكِحُ
⦗ص: 184⦘
المُحْرِم ولا يُنْكَحُ
(3)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
ابن أبي تميمة السختياني.
(3)
انظر التخريج السابق، ح / 3645.
3647 -
حدثنا أبو علي الزعفراني
(1)
، حدثنا عبد الوهَّاب الخَفَّاف
(2)
، حدثنا سعيد
(3)
، عن مَطَرٍ
(4)
، ويَعْلى بن حَكيم عن نافعٍ، عن نُبَيْه بن وَهْب، عن أبان بن عُثْمَان، عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْكِحُ
[*]
ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ
(5)
".
(1)
الحسن بن محمد بن الصباح.
(2)
هو: عبد الوهاب بن عطاء الخَفَّاف العِجْلِي مولاهم، أبو نَصر، ت / 204 هـ.
والخفَّاف نسبة إلى حِرْفة عَملِ الخِفَاف. الأنساب للسَّمعاني (5/ 155).
(3)
هو أبنُ أبي عَرُوبَة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هو: مطر بن طَهْمَان الورَّاق.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته، (2/ 1031، ح 43)، عن أبي غَسَّان المِسمعِيِّ، عن عبد الأعلى، وعن أبي الخطّاب زياد بن يحيى، عن محمد بن سَواء، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة به.
وكرَّر أبو عوانة ذكر هذا الحديث بالإسناد نفسه في كتاب النكاح -باب حظر المسلم أن يخطب على خطبة المسلم، حتى يترك أو يأذن له المخاطب، وحظر الخطبة للمحرم.
انظر الجزء الذي قام الشيخ محمد مكي بتحقيقه من مستخرج أبي عوانة، كتاب النكاح، ح/ 4572.
_________
[*] قال أحمد بسيوني: كذا في الأصل (نسخة دار الكتب المصرية)، والحديث في صحيح مسلم (1409/ 43): وحدثني أبو غسان المسمعي، حدثنا عبد الأعلى، ح وحدثني أبو الخطاب زياد بن يحيى، حدثنا محمد بن سواء، قالا جميعا: حدثنا سعيد، عن مطر، ويعلى بن حكيم، عن نافع، عن نبيه بن وهب، عن أبان بن عثمان، عن عثمان بن عفان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب» .
3648 -
حدثنا يُوْسُفُ
(1)
، حدثنا مسدد
(2)
، حدثنا عبد الوارِث
(3)
، عن أيُّوب بن موسى
(4)
، عن نُبَيْه بن وَهب
(5)
أَنَّ عمر بن عبيد الله ابن معمر أراد أن يُزَوِّجَ ابْنَه وهُوَ مُحْرِمٌ، فأرسلَ إلَى أبانَ بن عثمان ليَشْهد ذلك، فنهاه وحدَّث عنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه، "عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه نَهَى عنْ ذَلِك
(6)
".
⦗ص: 186⦘
رواه اللَّيثُ، عن خَالد
(7)
، عن سَعِيْد (بن) أبِي هِلال
(8)
، عن نُبَيْه بن وهب
(9)
.
(1)
هو القاضي: أبو محمد، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل البصري.
(2)
ابن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل الأسدي، أبو الحسن البصري.
(3)
هو: عبد الوارث بن سعيد بن ذَكْوَان التَّميمي العَنْبَري -مولاهم- البصري.
(4)
هو: أيُّوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص، أبو موسى المكي الأموي.
(5)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته (2/ 1030)، عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جده، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نبيه بن وهب به.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 210) عن أبي عبد الله الحافظ وعبيد بن محمد بن محمد بن مهدي، كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف به، وانظر ح / 3642، وح/ 3643.
من فوائد الاستخراج: العلوّ المطلق، فقد علا إسناد أبي عوانة إسنادَ مسلم برجل واحد، فعدد رجال إسناد المصنف إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال، بينما عدد رجال إسناد مُسْلم إليه تسعة رجال.
(7)
هو خالد بن يزيد الجُمحي، أبو عبد الرحيم المصري، ت / 139 هـ ـ
انظر: تقريب التهذيب (ت 1851).
(8)
تصَحَّف في نسخة (م) إلى: "عن" والتَّصْوِيْب من صحيح مسلم (2/ 1030).
(9)
وصله مسلم في صحيحه في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته (2/ 1031، ح 43) عن عبد الملك بن شعيب بن اللَّيث، عن أبيه، جدِّه اللَّيث به.
تنبيه: حديثُ أبان عن عثمان أخرجه مصنفوا الكتب الحديثية التي جمع أطراف أحاديثها ابن حجر في كتابه إتحاف المهرة، ولكني لم أقف على حديث أبان في المطبوع من إتحاف المهرة، ويظهر لي (والله أعلم) وجود سقْط كبير في المطبوع من الإتحاف مع صحة تسلسل الصفحات، فإن الرواة عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قد رتبهم الحافظ ابن حجر حسب حروف المعجم، وتم ترقيمهم بالأرقام العددية في المطبوع، ويفترض أن يكون أبان بن عثمان أول أولئك الرواة، ومع ذلك تم البدء في أحاديث عثمان رضي الله عنه بـ حميد بن عبد الرحمن، ويحمل الرقم 15، حسب الترتيب العددي للرواة عن عثمان رضي الله عنه، مما يؤكد سقوط أربعة عشر راويًا قبله.
بابُ ذِكْرِ تَزْوِيْجِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحرامه مَيمُونةَ والخَبَرُ المعَارِضُ المبَيِّنُ أنه تَزوجَها وهو حَلالٌ
3649 -
حدثنا يونس بن حبيب، حَدَّثنا أبو داودَ
(1)
، ح.
وحدَّثنا الصَّاغاني، قال أبو النَّضْر
(2)
قالا: حدثنا شُعْبة، عن عَمْرو بن دينار
(3)
، عن جَابر بن زيد، عن ابن عبَّاسٍ، قال: "تَزوَّجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُو مُحْرِمٌ
(4)
". قال عمرو: قال لي جَابِرٌ: أُرَاهَا مَيْمُونةَ، هذا في حديث أبي داود.
(1)
سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده (ص 340).
(2)
هو: هاشم بن القاسم بن مسلم الليثيِّ، أبو النضر البغدادي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته، (2/ 1032، ح 47) عن يحيى بن يحيى، عن داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار به، وفيه تَصريح بالزواج من ميمونة رضي الله عنها، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 324)، والدَّارمي في مسنده (2/ 58) كلاهما عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن شُعبة به، وانظر ح/ 3650.
من فوائد الاستخراج:
• تعيين من له اللفظ من الرواة.
• راويه عند المصنف عن عمرو بن دينار هو شعبة أمير المؤمنين في الحديث، قال الدارقطني كما نقل عنه ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 685):"أرفع الرواة عن عمرو بن دينار، ابن جريج، وابن عيينة، وشعبة، وحماد بن زيد".
3650 -
حدثنا ابن أبي مسرة
(1)
، حدثنا الحميدي
(2)
، حدثنا سفيان
(3)
، حدثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني أبو الشَّعثاء
(4)
، أنه سمع ابن عباس، قال: " (* نكح *)
(5)
، رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرِمٌ" فقال أبو الشَّعْثَاء: منْ تَرَاها يا عمرو؟ فقلت: تَزْعُمون أنَّها ميمونة، فقال أبو الشعثاء: هذا
(6)
أخبرني ابنُ عبَّاس: "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ
(7)
".
(1)
عبد الله بن أحمد بن زكريَّا بن الحارث بن أبي مسرة، وانظر تخريج الحديث الآتي، ح/ 3650.
(2)
الحديث في مسنده (1/ 234).
(3)
ابن عيينة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هو: جابر بن زيد.
(5)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(6)
هكذا في نسخة (م) بلفظ: "هذا"، وإن كان الأنسب أن يقال:"هكذا".
(7)
أخرجه مسلمٌ في كتاب النِّكاح -باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته (2/ 1031، ح 46)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، وإسحق الحنظلي، جميعًا عن سفيان بن عيينة به، وأخرجه البخاري في صحيحه في كتاب النكاح -باب نكاح المحرم (ص 914)، عن مالك بن إسماعيل، عن سفيان بن عيينة به.
من فوائد الاستخراج: راويه عند المصنف عن سفيان بن عيينة هو الحميديّ، بينما رواه مسلم عن غير الحميدي عن سفيان، والحميدي أَوثق الناس في ابن عيينة، قال أبو حاتم: "أثبت الناس في ابن عيينة الحميدي، وهو رئيس أصحاب بن عيينة، =
⦗ص: 189⦘
= وهو ثقة إمام"، وقال الحميدي: "جالستُ ابْنَ عيينة تسع عشرة سنة أو نحوها".
انظر: الجرح والتعديل (5/ 56)، تهذيب الكمال (14/ 514).
3651 -
حدثنا عمار بن رجاء، حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابنُ جريج، ح.
وحدثنا أبو الأَزْهَر
(1)
، حدثنا روحٌ، حدثنا زكريَّا بن إسحاق، وابن جريج، وشعبة، عن عمرو بن دينار
(2)
، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عباس "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَزوَّج وَهُو مُحْرِمٌ
(3)
".
(1)
هو: أحمد بن الأزهر بن منيع العبْدي النَّيْسابورى.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم في الحديث، انظر ح / 3649، ولم يأت في صحيح مسلم قول ابن جريج لعمرو.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 337) عن مُحمد بن بكر، وحَجَّاج، كلاهما عن ابن جريج بلفظ:"نكح ميمونة وهو حرام" وانظر ح / 3649 لتخريج طريق شعبة.
3652 -
حدثنا عمَّار، حدثنا محمد بن بكر، أخْبرنا ابن جُريج، بإسناده مثله، قلتُ لعَمْرو
(1)
: أَسُمِّي لك مَنْ نَكَحَ؟ قال: لا
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظرح / 3650.
(2)
جاء حديث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عن عمرو بن دينار عند مسلم بلفظ: "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تزوَّج ميمونة وهو محرم"، وحديث داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار عند مسلم أيضًا (كما في تخريج ح / 3649) بلفظ:"تزوَّج رسول الله ميمونة وهو محرم"، فحدد في طريقهما اسم المنكوحة، وهي ميمونة رضي الله عنها، ويظهر من إخراج المصنِّف هذِه الرواية أنَّ التنصيص باسم ميمونة رضي الله عنها -كما رواه مسلمٌ عن =
⦗ص: 190⦘
= سفيان بن عُيينة، وداود بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار غير صحيح، وإنما روى الحديث عمرو بن دينار من غير أن يُحدَّد له اسم المَنْكُوحة كما هو ظاهر هذه الرواية، وكما يدُلُّ عليه الحديث رقم / 140، من رواية الحميدي عن سفيان، وفيه:"فقال أبو الشَّعثاء: من تراها يا عمرو؟ فقلت: تزعمون أنها ميمونة، فقال أبو الشَّعثاء: هذا أخبرني ابن عبَّاس "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ"، والحديث في مسند الحميدي باللفظ مثله (1/ 234).
فجميع الروايات التي أوردها المصنِّف ليس فيها تحديد اسم المنكوحة من حديث عمرو بن دينار اللهمَّ إلا طريق أبي داود الطيالسي التي تقدمت برقم / 3649، ولكنها بصيغة شك وزعم من أبي الشَّعثاء جابر بن زيد:"قال عمرو: قال لي جابر: أُرَاهَا مَيْمُونَة".
ولهذا قال ابن حجر في الإتحاف (7/ 29): "وفي رواية أبي داود: أراها ميمونة، ولم يذكر ابن جريج ولا غيره ميمونة عن جابر، بهذا".
قلتُ: أخرج الإمام أحمد رحمه الله طريقين صحيحتين تَنُصَّان عَلى اسم المنكوحة ميمونة رضي الله عنها من حديث عمرو بن دينار:
الطريق الأولى: أخرج الإمام أحمد في مسنده (1/ 221) عن سُفْيَان، قال عمرو: قال أبو الشَّعثاء: من هي؟ قال: قلت: "يقولون ميمونة، قال: أخبرني ابن عبَّاس: "أنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَكح مَيْمُونة وهو مُحْرِمٌ"، وهذا إسناد صحيح.
الطريق الثانية: طريق محمد بن بَكْر عن ابن جريج، وهي التي أخرج من طريقها أبو عوانة هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه: فقد أخرج الإمام أحمد في المسند (1/ 337) عن محمد بن بكر، عن ابن جريج، وعن حجّاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار أن أبا الشعثاء أخبره أن ابن عباس أخبره: "أنّ =
⦗ص: 191⦘
= النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَة وهو حَرَامٌ".
قال محقِّقُ المسند شعيب الأرنؤوط: "إسناد صحيح على شرط الشيخين".
وأخرج الإمام الطحاوي في مشكل الآثار (15/ 1) عن بكار بن قتيبة عن إبراهيم بن بشار، وعن المزني، عن الإمام الشافعي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس رضي الله عنه "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم".
ولعل عمرو بن دينار حدّث به على الوجهين، مما يؤكد صحة رواية مسلم التي حددت اسم المنكوحة من حديث عمرو بن دينار.
3653 -
حدثنا أبو أمية، حدثنا قبيصة، عن سُفيان
(1)
، عن ابن جُريج، عَن عمرو
(2)
، بإسناده بمثل حديث رَوح، عن ابن جُريج، وغيره
(3)
.
(1)
هو: سُفيان الثوري، فإني لم أجد في مشايخ قبيصة من يُسَمَّى بِسُفيانَ غير الثوري.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح /3650.
(3)
لم أقف لهذا الحديث على طريق سُفيانَ الثوري عن ابن جريج عن عمرو بن دينار، ولكنِّي وقفت على طريقين لسُفْيان الثوري عنْ عمرو بن دينار مباشرةً:
الأولى: أخرجها الإمام أحمد في مسنده (1/ 270) عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن ابن دينار به.
الثانية: أخرجها الإمام أحمد أيضا في مسنده (1/ 362)، عن إسحاق ابن يوسف، عن سفيان، عن عمرو بن دينار به.
وصرَّح الحافظُ في الإتحاف (7/ 30) أنَّ سُفْيَانَ في هَاتَين الرِّوايتين هو: الثوري، وانظر الأحاديث 3649، 3650، 3651.
3654 -
حدثنا يزيد بن سنان، وعمار بن رجاء، قَالا: حدثنا وهب بن جرير، حدّثنا أبي
(1)
قال: سمعتُ أبا فِزَارة
(2)
يُحدِّث، عن يزيدَ بن الأصَمّ، عن مَيْمونة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تّزَوَّجها حَلالًا وبَنَى بِهَا حَلالًا" زاد ابنُ سِنان: وماتت بسَرِف
(3)
ودَفَنَها بالظُّلَّة
(4)
التي بنى بها فيها، فَنزلْتُ في قَبْرِها أَنَا وابْنُ عَبَّاسٍ وكانتْ
⦗ص: 193⦘
خَالتي، فلما وضعْناها في اللَّحْدِ
(5)
مَالَ رَأْسُها، فجَمعْتُ ردائي فوضعْتُه تحتَ رأسِها فأخذه ابن عبّاسٍ فألقاه
(6)
.
(1)
جرير بن حازم، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو: راشد بن كَيسان.
(3)
سَرِف: -بفتح السِّين وكسر الراء، وفاء-:"وادٍ متوسِّط الطُّول من أودِيَة مكَّة، يأخُذ مياه ما حول الجِعِرَّانة -شمال شرقي مكة- ثم يتجه غربًا، وبه مزارع منها "ثَرِير" وغيره، فيمرّ على 12 كيلًا شمال مكة، وحيث يقطع الطريق هناك، يوجد قبر السيِّدة ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها على جانب الوادي الأيمن، وقد شمل هذا المكان -حيث يمر الطريق- اليوم العمران فقامت فيه أحياء جميلة، فيها داراتٌ على طابقين وثلاثة، وأصبح كثيرٌ من الأراضي الزِّراعية يُعمر بيوتًا".
المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 157).
(4)
الظُلَّة: -بِضَمِّ الظَّاء وتشديد اللَّام المفتوحة- السحاب، وكل شيء أظلك وسترك من فوق فهو ظلة، ويطلق على الشَّيء الذي يُسْتَتَرُ به من الحرِّ والبرْد، وهي كالصُّفة وزنا.
انظر: لسان العرب (8/ 260)، القاموس المحيط (ص 946)، تفسير غريب ما في الصحيحين (ص 108).
(5)
اللَّحْد بفتح اللَّام، ويقال: اللُّحد بضم اللَّام: الشَّق الذي يكون في جانب القبر موضعَ الميت؛ لأنه قد أميل عن وسط إلى جانبه، وقيل: الذي يحفر في عُرضه.
انظر: لسان العرب (12/ 246)، القاموس المحيط (ص 300).
(6)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب النكاح -باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته- (2/ 1032، ح 48) عن أبي بكر بن أبي شَيبة، عن يحيى بن آدم، عن جرير بن حازم، عن أبي فزارة به، وأخرجه الإمام الترمذي في سننه (ص 206) عن إسحاق بن منصور، عن وهب بن جرير به، وقال:"حديث غريب وروى غير واحد هذا الحديث عن يزيد بن الأصم مَرْسلًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّج ميمونة وهو حلال".
قلت: ووجه الإرسال: أنَّ يزيد بن الأصَمّ لم يَشْهد القِصَّة وأننَ أو عنعن في روايتها، ولم تثبتْ له رؤية على الصَّحيح، ولكنَّ الحديث ورد من طريقه متَّصلًا في مصادر أخرى حيث صرَّح فيها بِسَماع القصَّة من خالته مَيْمُونة رضي الله عنها.
فأخرج الإمام أحمد في مُسْنَده (6/ 332): عن يحيى بن إسحاق، عن حمَّاد بن سلمة، عن حبيب يعني بن الشَّهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد ابن الأصَمّ، عن ميمونة قالت:"تزوَّجَني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالٌ بعد ما رجعْنا من مكة".
وأخرج الطَّحَاوِيُّ في بيان مُشْكِلِ الآثار (14/ 514، ح 5802) عن يونس، عن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن أبي فِزارة عن يزيد بن الأصم قال: أخبرتني مَيمونة "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَزوَّجها حلالًا"، وفي المصدر نفسه عن محمد بن خزيمة، عن حجَّاج بن مِنْهال، عن حمَّاد بن سلمة، عن حَبِيب بن الشَّهيد، عن ميمون ابن =
⦗ص: 194⦘
= مهران، عن يزيد بن الأصَمِّ، عن مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِث قالت:"تزَوَّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بعد أن رجع من مكة".
قال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 156): "وقرأت على سعيد بن نصر، أن قاسم بن أصبغ حدَّثهم قال: أخبرنا ابن وضَّاح، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: أخبرنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا جرير بن حازم، قال: حدَّثنا أبو فِزارة، عن يزيد بن الأصم قال: حدثتني ميمونة بنت الحارث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه تزوَّجَها وهو حلال، قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس".
وعلى هذا فالحديث متَّصل وصحيح، وقد ثَبت الحديث أيضًا من طُرقٍ أُخرى عنْ مَيمونة رضي الله عنها أيضًا.
3655 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني جرير بن حَازم
(1)
، بإسناده إلى قوله: حلالًا
(2)
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3654.
(2)
أخرجه الإمام الطَّحَاويّ في شرح معاني الآثار (2/ 270)، وشرح مشكل الآثار (14/ 514) عن يونس، عن ابن وهب به، وانظر ح / 3654.
(3)
أورد أبو عوانة في هذا الباب أحاديث متعارضة، ففي أول الباب أورد طرق حديث ابن عباس الذي يثبت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَزوَّج مَيْمُونَة وهو محرم، وأورد في آخر الباب طريقين لحديث ميمونة (رضي الله عنها)، والذي يُثبت زواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من ميمونة وهما حلالان، وكلا الحديثين صحيحان مخرَّجان في الصِّحاح كما تبين من تخريجهما في هذا الباب، مع التَّنبيه لمعارضة حديث ابن عبَّاسٍ أيضًا لحِديثِ أبان بن عثمان الذي تَقدَّم في باب بيان خطبة التزويج في الإحرام.
قال الحافظُ ابن حجر: "وقد صَحَّ نحوه (أي نحو حديث ابن عبَّاسٍ) عن =
⦗ص: 195⦘
= أبي هريرةَ وعائشةَ".
ولهذا سلك العلماءُ مَسْلكين تِجاه هذين الحديثين:
أوَّلًا: مَسْلَكُ الجَمْع، واختلفوا في كيْفيَّة الجَمْع إلى عدَّة أقوال:
• القولُ الأوَّل: يحمل قول ابن عباس في روايته "وهو مُحْرِم" أي تزوَّجها صلى الله عليه وسلم في الشَّهر الحرام أو في البلد الحرام.
قال الإمام ابنُ حِبَّان: "وليس في هذه الأخبار تعارض، ولا أن ابن عبَّاس وهِم، لأنه أحفظ وأعلم من غيره، ولكن عندي أن معنى قوله: تزوج وهو محرم، أي داخل الحرم، كما يقال: أنجد، وأتهم، إذا دخل نجدًا، وتهامة، وذلك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عزم على الخروج إلى مكة في عمرة القضاء، فبعث من المدينة أبا رافع، ورجلًا من الأنصار إلى مكة ليخطبا ميمونة له، ثم خرج وأحرم، فلما دخل مكة طاف وسعى وحلَّ من عمرته، وتزوج بها، وأقام بمكة ثلاثًا، ثم سأله أهل مكة الخروج، فخرج حتى بلغ سرف، فبنى بها، وهما حلالان، فحكى ابن عباس نفس العقد، وحكت ميمونة عن نفسها القصة على وجهها، وهكذا أخبر أبو رافع، وكان الرسول بينهما، فدل ذلك -مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن نكاح المحرم وإنكاحه على صحة ما ادعيناه". أ. هـ.
• القول الثاني: يحمل حديث ابن عباس على أن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال غير مُحرم، ثم أظهر أمر زواجه بها وهو مُحرم، على حدّ قول الشاعر:
قَتَلُوا ابن عَفَّان الحليفة محرمًا.
• القول الثَّالِث: يُحمل حديث ابن عباس بناء على ما كان يراه ابن عباس أن من قلد الهدي يصير محرمًا، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كان قلَّد الهدي في عُمْرَته تلك التي تَزوَّج فيها مَيْمُونة، فيكون إطلاقه أنه صلى الله عليه وسلم تزوَّجها وهو محرم: أي عقد عليها بعد أن قلد الهدي وإن لم يكن تلبس بالإحرام، وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع يخطبها، فجعلت =
⦗ص: 196⦘
= أمرها إلى العباس فزوَّجها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: مسلك التَّرجيح، وأهلُ هذا المَسْلك انقسموا إلى طائفتين:
الطَّائفة الأولى: رجَّحت حديث ابن عبَّاس، ثم من هذه الطائفة من أجاز نكاح المحرم لهذا الحديث، ومنهم من حرّم نكاح المحرم وأوَّلوا حديث ابن عبَّاسٍ على أنه خاصٌّ بالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وجمعوا بين هذا الحديث وبين حديث أبان بن عثمان عن أبيه عثمان رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْكِحُ المحرم، ولا يُنْكِح، ولا يَخْطب"، أن حديث عثمان تقعيد قاعدة، وحديث ابن عباس واقعة عين تحتمل أنواعًا من الاحتمالات، منها الخصوصية، ورجحت هذه الطائفة حديث ابن عباس للأسباب التالية:
• السَّبب الأول: أن ابن عباس رضي الله عنه أحفظ وأعلم من غيره، وحديثه أقوى سندًا، من حديث ميمونة رضي الله عنها، وقد رواه أئمة أعلام، أما حديث ميمونة فتعارضت الأخبار فيه، ولا يخلو من علل، وروى الطحاوي بسنده عن عمرو بن دينار، أنه قال للزهري:"وما يدري ابن الأصم، أعرابي بوال على عقبيه، أتجعله مثل ابن عباس".
• السَّبب الثاني: أن حديث ابن عباس جاء مثله صحيحًا عن عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما.
• السَّبب الثالث: فتوى بعض الصَّحابة على جواز نكاح المحرم، كما ثبت ذلك عن أنس رضي الله عنه، فيما رواه الطَّحاوي بإسناده عنه.
ويضاف إلى ذلك كون حديث ابن عباس اتَّفَق الشَيْخَانِ على إخراجه.
الطائفة الثانية: رجحت حديث ميمونة على حديث ابن عباسٍ؛ لأن أكثر الصحابة رووا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تزوَّجها حلالًا، رواه أبو رافع وميمونة وغيرهما وهم أعرف بالقِصَّة لتعلُّقِهم به، =
⦗ص: 197⦘
= بخلاف ابن عبَّاس ولأنَّهم أضبط من ابن عباس وأكثر، هكذا قال النَّووي.
فقد كانت ميمونة أخْبرُ بحال نفسه لأنها وقعت عليها الزواج، وأبو رافع أعلم بالحالة تلك؛ لأنه كان الرسول بين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبين ميمونة.
قال ابن عبد البر في "الاستذكار: "فأما تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة فقد اختلفت فيه الآثار المسندة، واختلف في ذلك أهلُ السير والعلم في الأخبار، وأن الآثار في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالًا أتتْ متواترة من طرق شتَّى، عن أبي رافع مولى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وسليمان بن يسار وهو مولاها، ويزيد الأصم وهو ابن أختها، وهو قول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وابن شهاب، وجمهور علماء المدينة، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَزوَّجها وهو حلال، وما أعلم أحدًا من الصحابة روى عنه أنه عليه الصلاة والسلام نكح ميمونة وهو محرم إلا ابن عباس، وحديثه بذلك صحيح ثابت إلا أن يكون معارضًا مع رواية غيره فيسقط الاحتجاج بكلام الطائفتين وتطلب الحُجَّة من غير قصة ميمونة، وإذا كان كذلك فإن عثمان بن عفان قد روى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن نكاح المحرم ولا معارض له. ا. هـ.
وقال في التَّمهيد: "والقَلْبُ إلى رواية الجماعة أميلُ، لأنَّ الواحدَ أقربُ إلى الغلط".
وروى أبو داود في -كتاب الحج -باب المحرم يتزوج- أن سعيد بن المسيب قال: "وَهِم ابن عباس في قوله: تزوج ميمونة وهو محرم".
قلتُ: والقلبُ يميل إلى جمع الإمام الناقد ابن حبَّان رحمه الله؛ لأنَّ الأخذ بقولٍ آخر غير قوله يلزم منه إسقاط أحد الحديثين المخرَّجين في الصِّحاح، فحديثُ ابن عباس اتفق الشيخان على إخراجه كما تقدم، وحديث يزيد بن الأصمّ أخرجه مسلم، والمَصِير في هذه الحالة إلى الجمع أولى ما دام الجمع ممكنًا؛ لأن التَّجاسر =
⦗ص: 198⦘
= على حديثٍ في الصحيحين أو أحدهما ليس سهْلًا.
انظر: سُنن أبي داود (ص 214)، شَرْح مَعَاني الآثار للطَّحاوي (2/ 270 - 273)، شرح مشكل الآثار (14/ 512 - 521)، التَّمهيد لابن عبد البر (3/ 153)، الاستذكار (4/ 117 - 119)، شرح مسلم للنووي (9/ 197)، نصب الراية للزيلعي (3/ 173 - 174)، فتح الباري لابن حجر (4/ 62)(9/ 70 - 71).
بابُ صِفَة الكَفَنِ إذَا مَات [المُحْرِمُ
(1)
] وغسلِه وحَظْرِ (تَخْميْرِ
(2)
) وجْهه ورأسِه، وتطْيِيْبه وتَحْنِيطِه
(3)
والأَمْرِ بِكَشْفِ وجهه
(1)
ما بين المعقوفين لا يوجد في نسخة (م)، ولكن السِّياق يدلُّ عليه.
(2)
ما بين القوسين كتب في نسخة (م) هكذا: "تحمية"، وصوبته من ألفاظ أحاديث الباب.
(3)
التَّحْنِيْط: هو تَطْييب الميِّت بالطِّيب، كل طيب يُخلط للميِّت فهو الحَنُوط.
انظر: القاموس المحيط (ص 611).
3656 -
حدثنا يُونس، قال: سمعت سُفيان
(1)
، قال: سمَع
(2)
عمرًا، قال: سمعتُ سعيد بن جبير يُخْبِرُ عن ابن عبَّاس، سَمِعه يقول: كُنَّا معَ النَّبي صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، ح.
وحدثنا أحمد بن شيبان الرملي، حدَّثنا سفيان بن عيينة، سَمِعَ عمرًا، سمع
⦗ص: 199⦘
سَعِيْد بن جُبَيْر، أنه سمع ابن عبَّاس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فخَرَّ
(3)
رجلٌ
(4)
عن بعيره، فَوُقِصَ
(5)
فمات وهو محرم، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "اغسِلوه بماءٍ وسِدْرٍ، وادْفِنُوه في ثوبَيْه، ولا تُخَمِّروا
(6)
رأسَه، فإن الله يبعثه يوم القيامة يُهِلُّ" قال ابنُ شَيْبان:"فإنَّ الله يبْعَثُه وهُو مُحْرِم" قال يُونس: قال لنا سُفْيان، وزاد فيه إِبراهيم بن أبي حُرَّة
(7)
، عن سَعِيد بن جُبير يرفَعُه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"ولا تُقَرِّبُوه طِيْبًا".
وقال ابن شَيْبان: حدَّثنا سُفيان، عن إبراهيم بن أبي حُرَّة، عن
⦗ص: 200⦘
سعيد بن جبير: "ولا يُقَرِّبوه طِيْبًا
(8)
".
(1)
ابن عُيينة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هكذا في نسخة (م)، ولعلَّ الأقرب إلى الصواب أن يقال: سمعت عمرًا.
(3)
خرَّ: سقطَ، وأصله السُّقوط من علو.
مشارق الأنوار (1/ 232)، القاموس المحيط (ص 358).
(4)
قال ابن حجر في الفتح (4/ 66): "لم أقف في شيء من طرق الحديث على تسمية هذا المحرم المذكور".
(5)
وُقِص: كُسِر عنقه. مشارق الأنوار (2/ 586).
(6)
لا تُخمِّروا رأسه: لا تُغَطوه. فتح الباري (3/ 163).
(7)
إبراهيم بن أبي حُرَّة: أصْلُه من أهل نَصِيْبِيْن، سكن مكة، رأى ابن عمر، وروى عن كبار التابعين، كسعيد بن جبير وغيره، وثَّقه جَمْع من الأئمة منهم أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبو حاتم الرَّازي، وذَكَره ابْنُ حِبَّان في الثِّقات.
انظر: كتاب العلل ومعرفة الرجال (ح 4643، طبعة المكتب الإسلامي)، التَّاريْخ الكبير للبُخاري (1/ 281)، الجرح والتعديل (2/ 96)، الثقات (6/ 9)، تعجيل المنفعة (ص 27 - 28).
(8)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 865، ح 93)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن ابن عيينة به، وليس فيه ذكر النهي عن التطييب، ولم يخرج مسلمٌ رواية إبراهيم بن أبي حرّة التي فيها زيادة "النَّهي عن تَطْيِيْب الذي مات مُحرما"، كما عند المصنِّف، وقد جاءت رواية ابن أبي حرة عن سعيد بن جبير مرسلةً من طريق يونس، وابن شيبان، كلاهما عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي حرة كما عند المصنِّف أعلاه، ولعلها تكون متصلة أيضًا ولكن عدل أبو عوانة عن صيغة التحديث وجاء بلفظ (قال) لأسباب تبرر تصرفه، وقد جاءت موصولة أيضًا بإسناد صحيح عن الحميدي (الحديث في مسنده 1/ 221) عن ابن عُيَينة عن ابن أبي حرة، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به، كما عند المصنفِّ في الحديث الآتي ح/ 3657، والحميدي أَوثق الناس في ابن عيينة، قال أبو حاتم:"أثبت الناس في ابن عيينة الحميدي، وهو رئيس أصحاب بن عيينة، وهو ثقة إمام"، وقال الحميدي:"جالستُ ابْنَ عيينة تسع عشرة سنة أو نحوها".
ورواه الإمام أحمد في المسند (1/ 221) عن سُفيان به عييْنَة به موصولًا إلى ابن عباس، وجاء أيضًا عند المصنف عن علي بن المديني، عن ابن عُيينة مرفوعًا موصولًا كما سيأتي برقم / 3661. انظر: الجرح والتعديل (5/ 56)، تهذيب الكمال (14/ 514).
من فوائد الاستخراج: زاد المصنف رواية أخرى عن سعيد بن جبير، من طريق سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد به، وفيها زيادة لفظ:"ولا تُقَرِّبُوه طِيْبًا".
3657 -
حدثنا (ابن أبي مَسَرَّة)
(1)
، وبشر بن موسى، قالا: حدثنا
⦗ص: 201⦘
الحميدي
(2)
، حدَّثنا سفيان
(3)
، أخبرنا عمرو بن دينار، سمعت سعيد بن جبير، سمع ابن عبَّاس، كُنَّا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بمثله، قالا: وحدَّثنا الحميدي، حدثنا سُفْيَان، حدَّثنا إبراهيم بن أبي حُرَّة النَّصِيْبيِ، عن سعيد بن جبير
(4)
، عن ابن عبَّاس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمثله، وزاد فيه:"ولا تُقَرِّبُوه طِيْبًا" وهذا لفظُ ابن أبي مسرة، لم يَذْكُر [إِلَّا]
(5)
ابْن عبَّاس
(6)
فَقَطْ.
(1)
في نسخة (م): "إسحاق بن أبي مسرة" وهو خطأ، فإني لم أقف في شيوخ أبي عوانة على من تسمَّى بهذا الإسم، ولا ورد هذا الاسم في باقي الأجزاء من المستخرج، ولم =
⦗ص: 201⦘
= يرد عندي في النسخة إلا مرة واحدة، كما لم أقف عليه اسمًا لراو آخر، وظني أنَّه: عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي مسرة، شيخ أكثر عنه أبو عوانة، ودونه الحافظ ابن حجر في الإتحاف (7/ 109، ح 7428)"ابنَ أبي مسرَّة"، وهذا ما يفعله أبو عوانة بكثرة في اسم شيخه المذكور طلبًا للاختصار.
(2)
الحديث في مسنده (1/ 221).
(3)
ابن عيينة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم، انظر الحديث السابق.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم في السَّند الثاني.
(5)
ما بين المعقوفين غير موجود في الأصْل، ولكن السِّياق يدل عليه، ولا تصح العبارة بدون هذه الكلمة.
(6)
يقصد المصنِّف أن ابن أبي مسرَّة لم يروه مرسلًا عن سعيد بن جبير كما رواه غيره من طريق سفيان عن إبراهيم بن أبي حرة كما تقدَّم في ح / 3656، بل رواه مرفوعًا موصولًا إلى ابْنِ عبَّاس، وقد تقدَّم أن الحديث موصول إلى ابن عباس في مسند الحميدي أيضًا.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف زيادة لم ترد عند مسلم من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، وهي قوله:"ولا تقربوه طيبًا".
3658 -
حدَّثنا وَحْشِيٌّ
(1)
، حدَّثنا مُؤَمَّل
(2)
، حدثنا حمَّاد بن زيد
(3)
، عن عَمْرو بن دِينار، وأيُّوب
(4)
، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رجلًا وقَصَتْه راحلته بعرفة وهو مُحْرِمٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغسِلوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكفِّنوه في ثَوْبَين، ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه، ولا تُحَنِّطُوهُ
(5)
، فإِنَّ الله يبْعَثُه يوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا أَوْ يُلبِّي
(6)
".
(1)
هو: محمد بن محمد بن مصعب الصُّوري، و"وَحشيّ" لقب له.
(2)
هو: مُؤَمَّل بن إسماعيل القُرشي العَدَوِي -مولاهم- أبو عبد الرحمن البَصْرِيّ.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
ابن أبي تَمِيمة السّخْتِيَانِي.
(5)
ولا تُحَنِّطُوه: من الحَنُوط -بالمهملة والنون- وهو الطِّيب الذي يُصنع للميِّت.
انظر: فتح الباري (3/ 65).
(6)
أخرجه مُسْلِمٌ في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، (2/ 865، ح 94)، عن أبي الرَّبيع الزَّهراني، عن حمَّاد بن زيد، وأيوب به، وأخرجه البُخاري في كتاب الجَنائز -باب كيف يكفَّن المحرم (ص 203)، عن مسدَّد، عن عمرو وأيوب به.
3659 -
حدثنا يوسفُ المَاضي، حَدَّثنا سليمان بن حرب، حدثنا حمَّاد بن زيد
(1)
، عن عَمْرو بن دِينَار، وأيُّوب، عن سَعِيد بن جُبير، عن ابْنِ عبَّاس، بمثله:"فإِنَّ الله يبعثُه يوم القِيَامةِ ملبِّيًا" وقال حمَّاد: يُلَبِّي
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر الحديث قبله.
(2)
أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب الحج باب المحرم يموت بعرفة ولمْ يأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يؤدى عنه بقية الحج- (ص 298، ح 1849)، عن =
⦗ص: 203⦘
= سليمان بن حرب، عن حمَّاد بن زيد به.
من فوائد الاستخراج: أخرج المصنِّف الحديث من طريق سليمان بن حرب، عن حمَّاد بن زيد، بينما أخرجه مسلم من طريق أبي الرَّبيع سليمان بن داود بن رشيد كما سبق في تخريج ح / 3657، وسليمان بن رشيد مع ثقته لا يصل إلى درجة سليمان بن حرب في الرواية عن حمَّاد بن زيد، وانفرد مسلم بإخراج حديثه من بين الستة، أما سليمان بن حرب فلازم حماد بن زيد تسع عشرة سنة، وقال أبو حاتم نظرا لتشدده في انتقاء المشايخ:"كان سليمان بن حرب قلّ من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة"، وكان يحضر مجلس سليمان بن حرب في بغداد عشرة آلاف شخص، وربما لهذا أخرج الإمام البخاري الحديث عن طريق سليمان بن حرب عن حماد بن زيد.
انظر: تهذيب التهذيب (4/ 179)، (9/ 403).
3660 -
حدَّثنا إسماعيل القاضي
(1)
، عن سُليمانَ، بِمثله
(2)
.
(1)
هو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي -مولاهم- البصري المكي، قاضي بغداد.
(2)
انظر تخريج الحديث السابق ح / 3659.
3661 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا عليُّ بن المديني، حدثنا سُفيان
(1)
، حدثنا عَمرو، سمع سَعيد بن جبير، يقول: سمعت ابن عبَّاس يقول: كنَّا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخَرَّ -وقال مرَّة: فَسَقَطَ- رَجُلٌ عن بعيره وهو مُحْرِمٌ، بمثله:"فإنَّ الله يبْعَثُه يوم القِيَامَةِ يُهِلُّ" أو يُلَبِّي، قال عليٌّ:
⦗ص: 204⦘
حدَّثنا سُفيان، حدثنا إبراهيم بن أبي حُرَّة، عن سَعِيد بن جُبير
(2)
، عن ابن عبَّاس:"ولا تُقَرّبوه طِيْبًا" فقُلْتُ لسُفيان: كيف سَاق؟ قال: ساق نحوه، قال سُفيان: فإنما حفظتُ هذه الكلمة، وحدَّثنا عَمْرٌو الذي حدَّثْتُكَ
(3)
.
(1)
ابن عيينة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم في السند الثاني.
(3)
انظر تخريج ح/ 3656.
3662 -
حَدَّثنا محمد بن يَحيى
(1)
، حدثنا حجَّاج
(2)
، حدثنا حَمَّاد
(3)
، ح.
وحدثنا أبو أمية، حَدَّثنا سليمان بن حرب، والقَوارِيْري
(4)
، قالا: حدَّثنا حَمَّاد، ح.
وحدثنا أبو داود الحراني، [حَدَّثنا
(5)
] سُليمان بن حرب، حدثنا حمَّاد بن زيد، عن أيُّوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس، قال: بينمَا
⦗ص: 205⦘
رجلٌ واقف مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعرفَة إذ وقع عن راحلتِه فَقَصَعَتْه
(6)
-أو قال: فأَقْصَعَتْه- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغْسِلُوه بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، كفِّنُوه في ثَوْبَيْنِ وَلَا تُحَنِّطُوه
(7)
، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَه
(8)
، فَإِنَّ الله يَبْعَثُه يَوم القِيامة طيبًا
(9)
".
(1)
ابن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري.
(2)
هو: حجاج بن المنهال الأنماطي، أبو محمد السلمي -مولاهم- البصري.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر: ح / 3658، ح / 3659، ح / 3661.
(4)
عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري، أبو سعيد البصري، ت / 235 هـ.
وثقه ابن سعد، ويحيى بن معين، والعِجْلي، والنسائي.
قال الحافظ: "ثقة ثبت".
انظر: الطبقات (7/ 350)، تاريخ الدارمي عن يحيى بن معين (ص 102)، تاريخ الثقات (318)، تاريخ بغداد (10/ 322)، التقريب (ت 4860).
(5)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (7/ 108).
(6)
قصعَتْه: أي قَتَلَتْه شَدْخًا، والقَصْعُ: شَدْخ الشَّيء أو فضخُه بَيْن ظُفُرين، ومنه قَصع القَمْلَة بالظُّفر، وفي لفظ الإمام مسلم: أقعصته: بمعنى قتلته سريعًا، ووقع عند البخاري في صحيحه هذه اللفظة كما جاءت عند أبي عوانة في بعض ألفاظ الحديث.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء: "قوله: "فأقصعته، أو قال: فاقعصتْه" شكٌّ من بعض الرواة وهو أيُّوب السختياني، وهو بمعنى واحد: أي كسرت راحلته عنقه".
انظر: هَدْي السَّاري (ص 184)، شرح النَّووي على مسلم (8/ 367)، مشارق الأنوار (2/ 372)، القاموس المحيط (ص 694)، إرواء الغليل (1/ 165).
(7)
من التحنيط: تخليط الطيب، والحنوط ما يخلط من الطيب للموتى خاصة.
انظر: غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 247).
(8)
من التخمير، وهي التغطية. تفسير غريب ما في الصحيحين (ص 240).
(9)
انظر تخريج ح/ 3658، ح/ 3659، ح/ 3661.
قولُه: "فإن الله يبعثُه يوم القيامة طَيِّبًا": هكذا جاء في النُّسخَة الخطيَّة، وأرى -والله أعلم- أنَّ لفظةَ:"طَيِّبًا" في الكلامِ المذكُور تصحيفٌ، أو خطأٌ من النَّاسِخ أو مُخالفةٌ شاذَّة، فإنَّها لم تأتِ عن سائر الرُّواة الذين روى أصحابُ المصادر الحديثيَّة من طريقِهم عن حمَّاد بن زيد، بل يقول بعضُهم عنه:"مُلَبِّيًا" كأبي النُّعمان (صحيح البخاري 202، ح 1265)، وقُتيبة (صحيح البخاري 202، ح 1266) (النسائي =
⦗ص: 206⦘
= في الكبرى 2/ 379) ومسدَّد (صحيح البخاري ص 203، ح 1267)، وسُليمان بن حرب، ويحيى بن عبد الحميد، ومحمد بن عُبيد، وأبي الرَّبيع (مستخرج أبي نعيم 3/ 297)، والبعض الآخر رووا عنه:"يُلبَيِّ"، كسُليمان بن حرب (صحيح البخاري ص 298، ح 1849)، وأبي الرَّبيع الزَّهراني (صحيح مسلم 2/ 865) رُوى عنهما اللَّفظان:"مُكبيًا" و "يُلَبِّي"، ولم تأتِ هذه اللَّفظةُ:"طيِّبا" أيضًا عن سائر الرواة الذين روى أصحابُ المصادر الحديثيَّة من طريقِهم عن سُليمانَ بن حرب.
3663 -
حدثنا دُرُسْتُ بن سهل
(1)
، وكان من الحُفَّاظ، حدثنا عبد الأعلى
(2)
حدثنا وُهَيب، عن أيُّوب
(3)
، عن رجُلٍ، عن سَعيد بن جُبير، بإسناده بطوله، قال عبد الأعلى: حدثنا وُهيْب، عن أيُّوب، قال: وقال عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير:"يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا"
(4)
.
(1)
هو أحمد بن سهل التستري، و "درست" ضبطه صاحب تاج العروس في كتابه بضم الدال والراء المهملتين وسكون السِّين المهملة.
انظر: تاج العروس (فصل درس 4/ 517).
(2)
هو: عبد الأعلى بن حمَّاد بن نصر الباهلي البصري أبو يحيى، النَّرْسي.
(3)
ابن أبي تميمة السختياني، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات- (2/ 865)، عن عمرو الناقد، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيُّوب قال: نُبِّئْتُ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به، وهذه الطريق المنقطعة أوردها الإمام مسلم بعد طريق حمَّاد بن زيد عن أيُّوب عن سعيد بن جبير المتَّصلة، مشيرًا إلى الاختلاف الموجود على أيُّوب وإلى =
⦗ص: 207⦘
= صِحَّة رواية حمَّاد بن زيد المُتَّصلة، ورواية حمَّاد بن زيد المتَّصلة تُقدَّم على رواية إسماعيل بن إبراهيم لما يلي:
• خالف إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية) حمَّادًا في هذا الحديث، "وإذا اختلف حماد بن زيد وغيره في حديث أيُّوب، فالقَوْلُ قولُ حمَّاد، وقد روى ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين أنه قال: ليس أحد في أيُّوب أثبت من حماد بن زيد"، قالَه رشيد الدين العطَّار، وقال عبَّاس الدوري:"سمعت يحيى بن معين يقول: "إذا اختلف إسماعيل بن عليَّة وحمَّاد بن زيد في أيُّوب كان القول قول حمَّاد، قيل ليحيى: فإن خالفه سفيان الثوري، قال: فالقول قول حمَّاد بن زيد في أيُّوب، قال يحيى: ومن خالفه من الناس جميعًا في أيُّوب فالقول قوله، قال: وقال حماد بن زيد: جالست أيُّوب عشرين سنة".
• تابع هشيمٌ حمَّادا عند ابن خُزيمة مصرِّحًا بالتحديث عن أيُّوب عن سعيد بن جبير به، كما عند ابن حجر في إتحاف المهرة (7/ 108)، ولم أجد الحديث في المطبوع من ابن خُزيمة.
• إيراد مسلم رحمه الله لطريق ابن عليَّة المنقطعة بعد طريق حماد المتصلة، ليبين صحَّة طريق حمَّاد المتصلة، قاله رشيد الدين العطار، كما قال أيضًا:"وقد أخرجه البخاري عن سليمان بن حرب وأبو داود عن مسدد والنسائي عن قتيبة كلهم عن حماد بن زيد عن أيُّوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فتبين اتصاله والحمد لله وقوله في هذا الحديث".
قلت: لا إشكال في كون الرواية المتَّصلة صحيحةً ثابتةً، ولكن بالنَّظر إلى متابعة وهيبٍ إسماعيلَ بن عُليَّة في الرِّواية المُنقَطعة يمكنُ القول بأنَّ كلتا الروايتين (الاتصال والانقطاع) ثابتتان عن أيُّوب السختياني، وأنه كان يروي الحديث على الوجهين. =
⦗ص: 208⦘
= من فوائد الاستخراج: في هذا الحديث تكلَّم المستخرج على راوٍ من رُواة الإسناد (دُرُسْت بن سهل) وعدَّه من الحُفَّاظ، وتزيد أهمية مثل هذا الكلام إذا انعدمت ترجمة الراوي في مصادر أخرى، فإني لم أقف على ترجمته في غير مستخرج أبي عوانة، وهذا من نوادر المستخرج.
انظر: غُرر الفوائد المجموعة لرشيد الدين العطار (ص 211 - 212)، شرح علل الترمذي (2/ 699)، تهذيب الكمال (7/ 248).
3664 -
حدَّثنا عبد الصمد بن الفضل أبو يحيى، حدثنا مكِّي، ح.
وحدَّثنا أبو أمية، حدَّثنا عثمان بن الهيثم
(1)
، قالا: حدَّثنا ابن جُريج
(2)
، قال: و
(3)
أخبرني عمرو بن دينار، أَنَّ سَعيد بن جُبير أخبره عن ابْنِ عبَّاس قال: أقبل رجلٌ حرام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فَخَرَّ من فوق بعيره، فَوُقِص وَقْصًا فَمَات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اغْسِلُوه بِمَاءٍ وسِدْرٍ، وألبَسُوهُ ثَوْبَيْه، ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه، فَإِنَّه يَأْتِي يَوم القِيَامة يُلَبِّي"
(4)
.
(1)
ابن الجهم العبدي البصري، ثقة تُكُلِّم فيه كما تقدم، وقدْ تابعه جماعة.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هكذا في نسخة (م)، وإن كان يظهر إتيان الواو خطأٌ في الكلام.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 866، ح 69)، عن علي بن خَشْرم، عن عيسى بن يونس، وعن عبد بن حميد، عن محمد بن بكر البُرْساني (فرَّقَهما)، كلاهما عن ابن جُريج به.
من فوائد الاستخراج: العلوّ النِسْبِيّ: المساواة بين المصنف ومسلم في عدد =
⦗ص: 209⦘
= رجال إسناديهما.
3665 -
حدثنا مُحمَّد بن إسماعيل الأَحْمَسي، حدَّثنا عبد الرحمن بن محمَّد المُحَارِبِي
(1)
، حدثنا سُفْيانُ الثوري
(2)
، عن عمرو بن دينار، عن سَعِيْد بن جبير، عن ابن عبَّاس، قال: وَقَصَتْ ناقةٌ بِراكبِها فقَتَلتْه وهو مُحْرمٌ، قال: "فأَمرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُغَسِّله بماء وسدْرٍ، ونُكَفِّنَه في ثَوْبيه، ولا يُمِسُّوه طِيْبًا، ولا يُخَمِّروا رأْسَه ولا وَجْهَه، فإنَّه يُبْعثُ يوم القِيامةِ يُلَبِّي
(3)
".
(1)
ثقة يدلِّس كما تقدم، وقد صرَّح هنا بالتحديث.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 866، ح 98)، عن أبي غريب، عن وَكيْعٍ، عن سُفْيَان الثوري به.
3666 -
حدَّثنا الغَزِّي، حَدَّثنا الفِرْيابي، حدَّثنا سُفيان
(1)
، عن عَمْرو بن دِينار، عن سعيد بن جُبير، عن ابْنِ عبَّاسٍ، أنَّ رجُلًا وَقَصَتْه رَاحِلتُه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "كفِّنوه في ثوْبَيه، واغْسِلُوهُ بِماءٍ وسِدْرٍ، ولا تُخَمِّروا وجهَه ولا رأسَه، فإنَّ الله يبعثُه يومَ القِيَامة يُلَبِّي
(2)
".
(1)
الثوري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
انظر الحديث السابق ح / 3665.
3667 -
حدثنا عَبَّاس
(1)
، حدثنا أحمد بن يونس، حدَّثَنا
⦗ص: 210⦘
فُضَيْلِ بن عِيَاضٍ، عن سفيان الثوري
(2)
، عن عمرو بن دينار، بإسنادِه مثْلَه
(3)
.
(1)
هو ابنُ مُحَمَّد الدوري، أبو الفَضْل البَغْدادي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر ح / 3665.
3668 -
حدَّثنا إبراهيم بن مرزوق، حدَّثنا وهبُ بن جرير، حدثنا شُعْبَة، ح.
وحدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو دَاوُد
(1)
، حدثنا شُعْبة
(2)
، وهُشَيْم
(3)
، عن أبي بِشْر
(4)
، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس، أنَّ رجلًا وقصتْه راحلتُه فمات وهو محرمٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ وكفِّنُوه في ثَوبيْن خَارِجٌ رأسُه
(5)
"، قَالَ أبو دَاوُد: "ولا تُمِسُّوه طِيْبًا، فإنَّهُ يُبعثُ يومَ القِيَامَة مُلَبِّيًا"
(6)
.
(1)
هُوَ الطَّيَالسي، والحديثُ في مُسْنَدِه (ص 342) عن شعبة وهشيم به.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هو جَعْفَر بن أبي وحْشِيَّة إِيَاس اليَشْكُرِي.
(5)
قالَ القَاضي عِيَاض: خَارجٌ رأسُه: بضمِّهما على المُبتدأ والخبر المُقَدَّم، لا يصِحُّ غيره؛ لأنه ميِّت لا يَصِحُّ إضافة الفعل إليه. انظر: مشارق الأنوار (2/ 731).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 866، ح 99)، عن محمد بن الصَّبَّاح، ويحيى بن يحيى، كلاهما عن أبي بِشْرٍ، عن سَعِيْدِ بن جبير به، إلا أن فيه "ملبِّدا"، وكلا اللفظين (مُلبِّدا، ومُلَبِّيًا) صحيح ثابت عن هشيم، وشعبة، وأخرجه البُخاريّ =
⦗ص: 211⦘
= في كتاب الحجّ -باب سُنَّة المحرم إذا مَاتَ (ص 298، ح 1851)، عن يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم به "ملبِّيًا"، وأما طريق شعبة فسيأتي تخريجها في ح / 3671.
من فوائد الاستخراج: جاءت عند المصنِّف كلمة: ملبِّيًا، بدل ملبِّدا كما عند مسلم، في رواية شعبة وهشيم، وكلا اللفظين صحيح ثابت عنهما وعن غيرهما، ومروي في الصَّحيح.
3669 -
وحدَّثنا ابن أبي مسرة، حدثنا سعيد بن منصور، حدَّثنا هُشَيم
(1)
، بإسناده بمعناه مثله
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
انظر تخريج ح / 3668.
3670 -
وحدَّثنا الصغاني، حدثنا مُسْلِمٌ
(1)
، حدَّثنا شُعبةُ
(2)
، بإسناده نحوه:"ملبِّيًا"
(3)
.
(1)
الأزدي الفَرَاهيدي -مولاهم- أبو عمرو البَصْرِي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر تخريج الحديث الآتي. ح / 3671.
3671 -
حدثنا عُمَر بن شَبَّة، حدثنا غُنْدَر
(1)
، عن شُعْبَة، عن أبي بِشْر
(2)
، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس، أن رجلًا وقع عن راحلتِه فمات وهو محرم، قال: "فأمرهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يُغَسِّلوه ويُكَفِّنُوه ولا
⦗ص: 212⦘
يُمِسُّوه طِيْبًا، ولا يُغَطُّوا وجْهَهُ، فإنه يُبْعَثُ يوم القيامة مُلَبِّدًا"
(3)
(4)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو جَعْفَر بن أبي وحْشِيَّة إِيَاس اليَشْكُرِي.
(3)
مُلّبِّدا: -بضم الميم وفتح اللام وكسر الباء الموحدة- لَبّده: أي جعل فيه شيئًا نحو الصَّمْغ ليجتمع شعره ويَلْزَقَ بعضه ببعض، لئلا يتشعَّثَ (يتفرق) في الإحرام أو يقع فيه القَمْل.
انظر: فتح الباري (3/ 164، 468)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 694).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 867، ح 101)، عن محمد بن بشَّار، وأبي بكر بن نافع، كلاهما عن غُنْدَر، عن شعبة به.
3672 -
حدثنا أبو داود الحراني، ويَحيى بن عيَّاش
(1)
، قالا: حدثنا وهب بن جرير، عن شُعبة
(2)
، بِمثْلِ حديث إبراهيم بن مرزوق:"مُلَبِّدًا"
(3)
.
(1)
ابن عيسى، البغدادي، أبو زكريا القطَّان.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر تخريج الحديث السابق ح / 3671.
3673 -
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا حجَّاج
(1)
، ح.
وحدثنا الصغاني، حدثنا عفَّان
(2)
، قالَا: حدَّثنا أبو عوانة
(3)
، عن أبي بِشْر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس، أنَّهم خَرَجُوا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُحرِمين، وأن رجلًا منهم وقَصَه بعيرُه فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
⦗ص: 213⦘
"اغْسِلُوه بماءٍ وسدْرٍ، وكفِّنوه في ثَوْبَيْن، ولا تُمِسّوه طِيْبًا، ولا تُخَمِّرُوا رأْسَه، فإنَّه يبعث يوم القيامة مُلبِّدًا"
(4)
قالَ عَفَّان: أخْطَأَ أبو عَوَانة، يعني في قوله:"مُلبِّدًا، يَعْني: مُلَبِّيًا"
(5)
.
(1)
ابن المنهال الأنماطي.
(2)
ابن مسلم بن عبد الله البَاهلي، أبو عثمان الصَّفَّار البَصْرِي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهُوَ الوضاح بن عبد الله اليَشْكُري.
(4)
أخْرَجه مُسْلِمٌ في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 866، ح 100)، عن أبي كامل فضيل بن حسن الجَحْدري، عن أبي عوانة الوضَّاح بن عبد الله اليَشْكُري به، وأخرجه البُخَاري في كتاب الجنائز -باب كَيْفَ يُكفَّن المحرم (ص 203، ح 1267) عن أبي النُّعمان، وأخرجه أحمد في المسند (1/ 328) عن عَفَّان، كِلَاهُما عن أبي عوانة به.
(5)
يرمي عفان بن مسلم إلى أن رواية أبي عوانة "ملبدًا" خطأٌ، وأن الصحيح ملبيًّا.
قلتُ: الظَّاهر ثبوت كلا اللَّفظين عن أبي بِشرٍ، فإن أبا عوانة لم يتفرَّد برواية قوله "ملبِّدا" عن أبي بشر، بل تابعه على ذلك، شعبة، وهشيم، كما في أحاديث الباب، وصحيح مسلم، ومسند أحمد، وغيرهما، وهو مرويّ كذلك في عدة جميع نسخ صحيح البخاري غير نسخة المستملي من رواية أبي عوانة حسب ما قال ابن حجر، وقد اعترض القاضي عياض على لفظة "ملبِّدا" فقال:"قوله: فإنه يبعث يوم القيامة ملبِّدا كذا ذكره البخاري في حديث أبي النُّعمان في كتاب الجنائز بمعنى تلبيد الشعر على ما تقدم، وكذا ذكره مسلم من رواية محمد بن الصباح، عن هشيم، ورواية يحيى بن يحيى وغيره، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير، والذي جاء في سائر المواضع فيهما وفي غيرهما ملبِّيًا بالياء من التلبية، وهو أصح وأشبه بمراد الحديث، وأشهر في الرواية مع ما جاء في الروايات الأخر يلبِّي، فارتفع الأشكال لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنما نهاهم عن تغطية رأسه لأنه يحشر يلبِّي، فيجب أن يترك بصفة الحاج المحرم، وليس للتَّلبيد هنا معنى". =
⦗ص: 214⦘
= وعقب عليه الحافظ ابن حجر عند كلامه على حديث ابن عبَّاس فقال:
"فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًّا" كذا للمستملي وللباقين "ملبدًا"، بدال بدل التحتانية، والتلبيد جمع الشعر بصَمْغٍ أو غيره ليخِفَّ شَعْثُه، وكانت عادتهم في الإحرام أن يصنعوا ذلك، وقد أنكر عياض هذه الرواية، وقال: ليس للتَّلبيد معنى، وسيأتي في الحج بلفظ "يهل"، ورواه النسائي بلفظ:"فإنه يبعث يوم القيامة محرمًا"، لَكِنْ ليْسَ قَوْله "مُلبِّدا" فَاسِدَ المعنى".
انظر: صحيح البخاري (ص 203)، صحيح مسلم (2/ 866)، مسند أحمد (1/ 286)، مشارق الأنوار (1/ 696)، فتح الباري (3/ 164).
3674 -
حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا سَالم بن نُوح العطَّار
(1)
، حدَّثنا عُمَر بن عَامِر
(2)
، عن
⦗ص: 215⦘
عمرو بن دينار
(3)
، عن سعيد بن جبير، بمثل حديث الفِرْيابي، عن الثوري، وقال:"يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا"
(4)
.
(1)
ابن أبي عطاء، أبو سعيد البصري العَطَّار، ت / بعد المائتين، (م).
قال الدوري عن ابن معين: "ليس بشيء"، وقال أخرى عنه:"ليس بحديثه بأس"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه ولا يُحْتَجُّ بِه"، وقوَّاه الإمام أحمد فقال:"ما بحديثه بأس"، وقال أبو زرعة والسَّاجي:"صدوق ثقة"، ووثَّقه ابن قَانع.
قال ابن حَجَر في "التقريب": "صدوق له أوهام".
انظر: تاريخ ابن معين -رواية الدوري- (2/ 188)، تهذيب التهذيب (3/ 344)، تقريب التهذيب (ت 2403).
(2)
السُّلَمي، أبو حفص البصري. ت / 135 هـ.
قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: "ليس به بأس"، وقال عبد الله الدَّورقي عن ابن معين:"ضعيف"، وقال أبو طالب عن أحمد:"كان يحيى بن سعيد لا يرضاه"، وقال عمرو بن علي:"ليس بمتروك الحديث"، وقال أبو داوود:"ضعيف"، =
⦗ص: 215⦘
= وضعَّفه النسائي.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الحافظ: "صدوق له أوهام".
قلتُ: إسناده ضعيف، ولكن تابعه جماعة من الثِّقات الأثبات عن عمرو ابن دينار فيرتقي إلى الحسن لغيره، ومتن الحديث صحيح.
انظر: الجرح والتعديل (6/ 126)، الكامل (5/ 26)، الثقات (7/ 180)، تهذيب الكمال (21/ 403)، التقريب (ت 5534).
(3)
موضع الالتقاء مع مُسْلم، انظر: ح / 3664، 3665، 3666.
(4)
أخْرَجَه الدَّارقُطني في سننه (2/ 295) عن إسماعيل بن محمد الوَرَّاق، عن عُمَر بن شَبَّة عن سالم بن نوح به، وانظر ح / 3656، 3657، 3658، 3659، 3660، 3661، 3664، 3665، وتقدم حديث الفريابي عن سُفيان برقم / 3666.
3675 -
حدَّثنا أبو عمرو محمد بن عبد الله السُّوسي المقرئ بِحَلب
(1)
، حدثنا محمد بن عبد الله الأنْصَاري
(2)
، حدَّثنا هِشَام بن حَسَّان
(3)
، عن مَطَرٍ
(4)
، عن سَعِيد بن جُبير
(5)
، عن ابن عبَّاس قال: سَقَطَ
⦗ص: 216⦘
رجلٌ من راحلتِه وهو محرم فَوَقَصَتْه، فأُتِيَ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "اغْسِلوه بِماءٍ وسدرٍ، وكفِّنُوه في ثَوْبَيْهِ، ولا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ، ولا تُمِسُّوه طِيْبًا، فإِنَّهُ يُبْعَثُ يوم القِيَامَة مُلَبِّيًا
(6)
".
(1)
لم أقف على ترجمته.
(2)
ابن المثنَّى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري القاضي.
(3)
الأَزْدِي أبو عبد الله البَصْري.
(4)
هو: مطر بن طَهْمَان الوَرَّاق، أبو رَجاء السُّلَمِي مولاهم الخُرَاساني، البَصْري.
(5)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر: ح / 3664، 3665، 3666.
(6)
أخرجه الطبرانيُّ في المعجم الكبير (12/ 80) عن علي بن عبد العزيز، عن أحمد ابن يونس، عن فضيل بن عياض، عن هشام بن حسَّان به، وانظر تخريج الحديث التالي أيضًا.
3676 -
حدثنا أحمد بن حَفْصٍ
(1)
، قال: حدّثني أبِي
(2)
، قال: حدَّثَني إبراهيم بن طَهْمَان
(3)
، عنْ مَطَرٍ، عنْ
⦗ص: 217⦘
سَعِيْد بن جُبَيْرٍ
(4)
، عن ابْنِ عبَّاسٍ، مثْلَ ذَلِكَ، يعني حديث قَتَادة
(5)
(6)
، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس أنه قال: إنَّ رجلًا كان على بعيرِه وهو بِمنىً فَأَقْعَصَهُ فَمَاتَ وهو مُحرمٌ، قال
(7)
: وحدَّثني أبِي، قال: حدَّثني إبراهيم، عن مَطرٍ، عن جَعْفر بن أبِي وحْشِيَّة
(8)
، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس (* مثل *)
(9)
ذَلِكَ
(10)
.
(1)
ابن عبد الله السُّلمي، أبو علي النَّيسابوري، ت / 258 هـ.
وثَّقه النَّسائي ووثَّقه مَسْلَمَة بنُ قَاسِم، وقال الإمام الذَّهبي:"ثقة مشهور، كبير القدر".
قال الحافظ ابن حجر: "صدُوق".
انظر: تهذيب الكمال (1/ 294)، تاريخ الإسلام (وفيات سنة 258 هـ ص 41)، تهذيب التهذيب (1/ 24)، التقريب (ت 28).
(2)
حفص بن عبد لله بن راشد السُّلمي، ت / 209 هـ.
قال المِزِّي: "روى عن إبراهيمَ بن طَهْمَان نُسْخةً كبيرة"، وقال النَّسائي:"ليس به بأس".
قال الإمام الذهبي والحافظ ابن حجر: "صدوق".
انظر: تهذيب الكمال (7/ 18)، الكَاشِف (1/ 341)، التقريب (ت 1539).
(3)
ابن طَهْمَان بن شُعْبَة الخُرَاساني، أبو سعيد الهَرَوِي.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(5)
ابن دعامة السَّدوسي.
(6)
هكذا في النسخة الخطية لأبي عوانة، وليس فيها رواية قتادة عن سعيد بن جبير، ولا ذكرها ابن حجر في إتحاف المهرة، وإنما أخرجها ابن طَهْمَان في مشيخته (ح / 26)، عن مطر عن قتادة عن سعيد به، وقد روى المصنِّف أيضًا -كما ترى- الحديث من طريقين عن مطر عن سعيد بن جبير به، فلعلَّ مطرا سمع الحديث أولًا عن قتادة عن سعيد بن جبير، ثم سمعه مباشرة عن سعيد بن جبير، لإمكانية لقاءهما لمعاصرتهما ولروايته عن أقران سعيد بن جبير، ويحتمل أيضًا أن تكون رواية مطر عن سعيد بن جبير منقطعة؛ لأني لم أقف على قول يثبت سماع مطر عن سعيد بن جُبير، فتكون الرواية المتصلة هي التي فيها قتادة بين مطر وسعيد بن جُبير، ويؤكِّد احتمال الانقطاع رواية ابن طَهْمان عن مطر عن أبي بشر جَعْفَر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير به.
(7)
القائل: أحمد بن حفص، شيخ المصنف في الإسناد.
(8)
أبو بشر، وهو موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 6373.
(9)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأعلى.
(10)
أَخْرَجَه ابن طَهْمَان في مَشْيَخَتِه (ح / 27، 28)، عن مَطَرٍ عنْ عمرو بن دينار، =
⦗ص: 218⦘
= وجَعْفَر بن أبي وَحْشِيَّة، كلاهما (فرَّقهما) عن سعيد بن جبير به، وأحال لفظهما على حديث مطر الوراق عن قتادة عن سعيد بن جُبير به، وقال: بمثل ذلك، ولفظ حديث قتادة عنده:"رجلًا كان على بعير وهو بمنى فأقعصه وهو محرم، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا كفَنْتُموه فلا تغطوا وجهه حتى يبعث يوم القيامة ملبيًّا"، قال الحافظ ابن حجر في الإتحاف (7/ 110): "قال إبراهيم: قال مطر: وكان جعفر بن أبي وحشيَّة -وهو أبو بشر- قد حدثنا به قبلُ عن سعيد بن جبير، به".
3677 -
حدَّثنا أبو أمية، حدثنا عبيد الله بن مُوسى
(1)
، أخبرنا إسرائيل
(2)
، عن منصور
(3)
، عن سعيد بن جُبير، عن ابْنِ عبَّاس قال: كان مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رَجلٌ فوقَصتْه ناقته وهو محرم فمات، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: "اغسِلُوه ولا تُقرِّبوه طِيبًا، ولا تُغَطُّوا وَجْهه، فإِنَّه يُبْعَثُ يَوْم القِيَامَة يُلَبِّي
(4)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو: إسرائيل بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبِيعي.
(3)
هو: ابن المعتمر.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 866، 97)، عن عبد بن حميد، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور، عن سعيد ابن جبير به، وتفرد إسرائيل بإسقاط الحكم بن عتيبة بين منصور بن المعتمر وسعيد بن جبير.
قال الإمام الدارقطني في الإلزامات والتتبع (ص 48): "وأخرج مسلم عن =
⦗ص: 219⦘
= عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: قصة المحرم الذي وقصة بعيره، وإنما سمعه منصور من الحكم وأخرجه البخاري عن قتيبة عن جرير عن منصور عن الحكم عن سعيد، وهو الصواب، وقيل: عن منصور عن سلمة ولا يصح".
وروى غير واحد منهم، جرير، وشيبان، وعمرو بن أبي قيس، وعبيدة بن حميد -كما قال الإمام المِزِّي- الحديثَ عن منصور عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير به.
أما طريق جرير فأخرجها البخاري في صحيحه في كتاب الحج -باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة (ص 297) عن قتيبة، وأخرجها أبو داود في سننه في كتاب الجنائز -باب المحرم يموت كيف يصنع به (ص 365)، عن عثمان بن أبي شيبة، وأخرجها النسائي في الصغرى في كتاب الحج -باب النهي عن أن يحنط المحرم إذا مات (ص 442)، عن محمد بن قدامة، ثلاثتهم عن جرير عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير به.
وأما طريق عبيدة بن حميد فأخرجها ابن خزيمة في صحيحه عن الزَّعفراني، عن عبيدة، عن منصور به، عزاها ابن حجر في إتحاف المهرة (7/ 108) لابن خزيمة، ولم أقف عليها في المطبوع من ابن خزيمة.
وأما طريق شيبان فأخرجها الإمام أحمد في المسند (1/ 266) عن حسين ابن محمد، عن شيبان به.
وأما طريق عمرو بن أبي قيس فأخرجها المصنِّف مع طريق شيبان كما سيأتي برقم ح / 3677، كلاهما عن منصور به، عن الحكم به، وقال أبو عوانة آخر هذا الباب كما سيأتي: "وحديث إسرائيل أخرجه مسلم، وحديث شيبان، وعمرو بن =
⦗ص: 220⦘
= أبي قيس لم يخرجه، وهو عندي صحيح
…
".
قلت: ويظهر من صنيعه أنه يُخَطِّئُ إسرائيلَ لإسقاطه الحكم بين منصور وبين سعيد بن جبير.
من فوائد الاستخراج: فيه عُلوٌّ نِسبيٌّ، حيثُ استوى عدد رجال إسناد المصنِّف مع إسناد صحيح مسلم.
3678 -
حدثنا أحمد بن الفَضْل العسقلاني، حدثنا آدم بن أبي إياس
(1)
، حدثنا شيبان
(2)
، عن منصور، ح.
وحدثنا موسى بن (سفيان)
(3)
، حدثنا عبد الله بن الجَهْم
(4)
، حدثنا عمرو بن (* أبي *)
(5)
قَيْس
(6)
، حدثنا منصور، قالا جميعًا: عن الحكم ابن عُتيبة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلًا وقَصَتْه راحلتُه وهو مُحْرِمٌ فقال: "كفِّنُوه في ثَوْبَيْه، ولا تُغَطُّوا رأسَه، ولا تَمَسُّوا له طِيْبًا، فإنَّه يُبْعث يَوْمَ القِيَامَة وَهُوَ يُلَبِّي" أو قال:
⦗ص: 221⦘
"يُهِلُّ" كلاهما قالا: عن منصور، عن الحكم
(7)
، وقال مُوسى في حديثه:"يُبْعَثُ يوم القِيَامة مُحْرِمًا يُلَبِّي"
(8)
.
روى الأسودُ بن عَامر، عن زُهَيْر، عن أبي الزُّبير، عن سعيدِ بن جُبَيْر، قال ابن عبَّاس: وقصتْ رجلًا راحلتُه وهُوَ مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن يَغْسَلُوه بِمَاءٍ وسدْرٍ، وأنْ يَكْشِفُوا وجهه فإنَّه يُبْعَثُ وهو يُهِلُّ
(9)
".
(1)
آدم بن أبي إياس (واسمه: عبد الرحمن) بن محمد الخراسانِي المروزِي، أبو الحسن العَسْقلانِي.
(2)
شيبان بن عبد الرحمن التميمي -مولاهم- النحوي.
(3)
هو الأهوازي، الجُنْدَيْسَابُوري، تصحف اسمه في نسخة (م) إلى موسى بن سقير، والتصويب من إتحاف المهرة (7/ 110).
(4)
الرَّازي، أبو عبد الرحمن.
(5)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(6)
عمرو بن أبي قَيس الرازي، الأزرق، كوفي نزل الرَّيّ.
(7)
كأنَّ المصنِّف رحمه الله يُشير بكلامه هذا إلى إعلال رواية مسلم، حيث أسقط فيها إسرائيلُ الحكم بن عُتيبة بين منصور، وبين سعيد بن جبير (انظر ح / 3677)، بينما ذكره الرُّواة الآخرون، منهم شيبان وعمرو بن أبي قيس حسب ما أخرجه المصنف.
(8)
انظر تخريج الحديث السابق ح / 3677، ولم أقف على من أخرج طريق عمرو بن أبي قيس الرازي غير أبي عوانة.
من فوائد الاستخراج: جاء الحديث معلّلًا بعلَّة قادحة في صحيح مسلم، وهي: أن إسرائيل أسقط فيه الحكم بن عتيبة، بين منصور، وبين سعيد بن جبير، وجاءت رواية المستخرِج سالمةً من تلك العلَّة، وقد تقدم في الكلام على حديث إسرائيل في ح/ 3677 فارجع إليه.
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات- (2/ 867، ح 102) عن هرون بن عبد الله، عن الأسود بن عامر به.
3679 -
حدثنا علِيُّ بن عبد الصمد
(1)
، حدثنا دَاوُد بن رُشَيد، حدَّثنا ابنُ عُلَيَّة
(2)
، حدثنا أيُّوب، عن رَجُلِ
(3)
، وعمرو بن دينار، وجَعْفر بن أبي وَحْشِيَّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس، أنَّ رَجُلًا كان واقفًا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعرفة فَصَرَع عن رَاحِلتِه فأَقْعَصَتْه
(4)
، أو قالَ كلمةً
⦗ص: 223⦘
نحو هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اغسِلوهُ بِماءٍ وسِدْرٍ، ولا تُحنِّطُوه، وكَفِّنوه في ثوبَيْه، ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه، فإنَّه يُبْعَثُ يوم القِيَامَة" قال: وقال أحدهما: "يُلَبِّي"، وقال الآخر:"مُلَبِّيًا" وقال الآخر: "مُلبِّدًا"
(5)
⦗ص: 224⦘
رواه ابن عُلَيَّة، عن أيُّوب قال: نُبِّئتُ عن سعيد بن جبير
(6)
، وفي حديث الثوري، عن عمرو بن دينار:"ولا تُخَمِّروا وَجْهه ولا رأسَه"
(7)
⦗ص: 225⦘
روى حمَّاد بن زيد، عن عمرو وأيُّوب: "وكَفِّنوه في ثوبيه
(8)
ولا تُحَنِّطوه"
(9)
، * وحديث عبيد الله، عنْ إسرائيل، عن منصور، عن سعيد بن جبير، أخرجه مسلمٌ وغيره
(10)
، وحديث منصور، عن الحكم، عن
⦗ص: 226⦘
سعيد لم يُخرجوه، وهو عندي إن شاء الله صحيح، زياد ما كلم فيه
(11)
وأحاديث مطر لم يخرجه أيضًا عندي، وهُو صحيحٌ إن شاء الله *
(12)
.
(1)
لَعَلَّهُ: علي بن عبد الصمد، أبو الحسن الطَّيالسي، المعروف بـ علَّان، وثَّقه الخطيب البغدادي، وذكر أنَّه مات سنة 289 هـ، وعلى هذا فإنَّه يأتي في طبقة شيوخ الإمام أبي عوانة.
ذكره الإمام الذهبي في السير ووصفه بالشيخ المحدث الحافظ، وقال: "سمع: مسروق بن المرزبان، وعبيد الله القواريري، وأبا معمر الهُذلي، والجرَّاح بن مخلد، وطبقتهم.
وعنه: أحمد بن كامل، وعبد الباقي بن قانع، وأبو بكر الشَّافعي، وأبو القاسم الطبَراني، وآخرون.
وثَّقه أبو بكر الخطيب، توفي في شعبان سنة تسعٍ وثمانين ومئتين".
انظر: تاريخ بغداد (12/ 28)، سير أعلام النُّبلاء (13/ 429).
(2)
هو: إسماعيل بن إبراهيم، المشهور بابْن عُلَيَّة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم في رواية أيُوب.
(3)
تقدَّم الكلام على رواية أيُّوب المشتملة على المبهم في ح / 3663، فارجع إليه.
(4)
فأَقْعَصَتْه: أي أجهزتْ عليه، من القَعْصِ، وهو الموتُ الوحِيُّ، وماتَ قعصًا: أصابته ضربةٌ فمات مكانَه.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 273)، القاموس المحيط (ص 579).
(5)
يشير المصنِّف إلى الاختلاف الواقع في ألفاظ الحديث بخصوص قوله: "ملبِّيًا"، و "ملبِّدًا"، علمًا إن هذا الحديث رواه عن سعيد بن جبير ستة من الرواة بألفاظ مختلفة، فرواه عمرو بن دينار، (كما في ح / 3656، 3657، 3658) عن سعيد بلفظ: "يلبِّي، يهل، ملَبِّيًا"، ورواه منصور بن المعتمر (كما في ح / 3677) عن سعيد بن جبير بلفظ:"يُلَبيِّ"، ورواه مطر الوراق (كما في ح / 3675) عن سعيد بن جبير بلفظ:"ملبِّيًا"، ورواه أبو الزُّبير (كما في مسلم 2/ 865) عن سعيد بلفظ:"يُهِلّ"، ورواه سالم الأفطس (كما عند الطبرانيُّ في المعجم الكبير 11/ 436) عن سعيد بن جبير بلفظ:"ملبِّيًا"، وهذه ألفاظٌ متقاربَةٌ في المعنى.
ورواه أبو بشر جعفر بن أبي وحشية (كما في ح / 3670، 3672، 3673) عن سعيد بن جبير بلفظ: "ملبِّدًا"، وهذا لفظ مختلف عن الألفاظ المتقدمة، والمقصود منه ملبِّدَ الشَّعر، أي ملزقًا بعضه ببعض حتى لا يتشَعَّث، قال أبو عوانة (عقب ح / 3673 الذي رواه الوضاح اليشكري عن أبي بشر):"قال عفان: "أخطأ أبو عوانة"، يعني في قوله: ملبدًا، يعني: ملبيًا"، والصحيح ثبوت هذه اللفظة عن جعفر بن أبي وحشية أبي بشر، فقد تابع الوضاح اليشكري عن أبي بشر على هذه اللفظة شعبةُ، وهشيم، ومع إنكار القاضي عياض للفظة:"ملبِّدًا"، إلا أن ابن حجر مال إلى ثبوتها، وأنَّ البخاري أخرجها في صحيحه، فتكون لفظة:"ملبِّدًا" من قبيل زيادة الثِّقة، المُتَّفقة على إخراجها في الصَّحِيْحَيْن (انظر: ح / 3673).
(6)
تقدم الكلام على هذه الرواية في ح / 3663، وبيَّنتُ هناك الاختلاف الواقع بين حمّاد بن زيد وبين ابن عُلَيّة في الإسناد.
(7)
كأنَّ المصنِّف يشير إلى اختلاف أهل العلم في ثبوت لفظةِ "وجهه"، قال الحافظ ابن حجر:"وأما الجمهور (يقصد جمهور الفقهاء) فأخذوا بظاهر الحديث، وقالوا: إن في ثبوت ذكر الوجه مقالًا، وتردد ابن المنذر في صحته"، وقال البيهقي عقب إخراجه رواية إسرائيل عن منصور: "رواه مسلم في الصحيح عن عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى هكذا وهو وهم من بعض رواته في الإسناد والمتن جميعًا والصحيح ما أخبرنا
…
"، ثم ساق رواية جرير عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير به، وليس فيه لفظة: "وجهه"، ثم قال: "رواهُ البخاري في الصحيح عن قتيبة، وهذا هو الصحيح، منصور عن الحكم عن سعيد، وفي متْنِه:"ولا تُغَطُّوا رأسه" ورواية الجماعة في الرأس وحده، وذكر الوجه فيه غريب، ورواه أبو الزبير عن سعيد بن جبير فذكر الوجه على شك منه في متنه، ورواية الجماعة الذين لم يشُكُّوا وساقوا المتْن أحسن سياقة أولى بأن تكون محفوظة والله أعلم".
قال الحافظ ابن حجر: "وفي كل ذلك نظر، فإن الحديث ظاهره الصِّحَّة، ولفظه عند مسلم من طريق إسرائيل عن منصور، وأبي الزُّبير، كلاهما عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس فذكر الحديث، قال منصور: "ولا تُغَطُّوا وجهه"، وقال أبو الزبير: "وأن يكشفوا وجهه"، وأخرجه النسائي من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ: "ولا تُخَمِّروا وجهه ولا رأسه".
قلت: ورواية عمرو بن دينار من طريق وكيع عنه، في صحيح مسلم (2/ 865) =
⦗ص: 225⦘
= أيضًا بمثل هذا اللفظ: "ولا تُخَمِّروا رأسه ولا وجهه"، وهو عند مسلم (2/ 865) والنسائي في المجتبى عن شعبة بلفظ:"خارجٌ رأسُه ووجهُه"، وينتجُ مما سبق ثبوت لفظة "الوجه" وصحتها، وأنها ليست وهْمًا كما قال البعض.
انظر: سنن النسائي (المجتبى ص 422)، السُّنن الكبرى للبيهقي (3/ 393)، فتح الباري (4/ 64).
(8)
كأن المصنِّف رحمه الله يشير إلى صحة قوله: "ثوبيه"، وقد اختلف على أيُّوب، وأبي بشر فيها، فقيل:"ثوبين"، وقيل:"ثوبيه"، وقد أثبته عمرو فقال:"في ثوبيه"، وكأن المصنِّف يختار ما قاله عمرو بن دينار.
انظر: صحيح مسلم (2/ 865 - 867)، معرفة السنن والآثار للبيهقي (7/ 196)، وانظر أحاديث الباب / 146، 152، 158.
(9)
"ولا تُحنِّطُوه"، من زيادة حماد بن زيد عن عمرو بن دينار، وفي الطرق الأخرى عن عمرو بن دينار، وفي رواية الحكم بن عتيبة، وأبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذا الحديث:"ولا تقربوه طيبًا".
انظر: معرفة السنن والآثار للبيهقي (3/ 129)، وانظر أحاديث الباب.
(10)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (2/ 867)، عن عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى به.
(11)
هكذا جاء النص في النسخة الخطِّية، ولم أجد لهذه الجملة أي رابط يربطها بأحاديث الباب، فإنَّ زيادًا لم يذكر في أسانيد أحاديث الباب، ولا في متونها.
(12)
النص بين النَّجمين أوردتُه كما جاء في المخطوط الذي بين يديَّ، وفيه نوع غموض، ويوحي بأخطاء حاصلة في تراكيب الجمل، وقد نقل الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة (7/ 110)، هذه العبارة عن أبي عوانة فقال:"قال أبو عوانة: "حديث إسرائيل أخرجه مسلم، وحديث شيبان وعمرو بن أبي قيس لم يخرجه، وهو عندي صحيح، وكذا حديث مطر، قال: ورواه الأسود بن عامر، عن زهير عن أبي الزبير، عن سعيد بن جُبير به".
قلتُ: العبارة التي نقلها الحافظ ابن حجر تُزِيلُ الإشكال، فَحديثُ إسرائيل تقدَّم الكلام عليه في ح / 3677، وأحاديث الأسود بن عامر، وشيبان، وعمرو ابن أبي قيس تقدَّم الكلام عليها في ح / 3678، وحديث مطر الورَّاق تقدم الكلام عليه في ح / 3675.
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرِج وما أورد له من ألفاظٍ فوائد كثيرة، منها:
• التنبيه على زيادات الرواة، مثل التنبيه على زيادة حماد بن زيد قوله:"ولا تحنِّطوه".
• التنبيه على اختلاف الألفاظ، مثل الاختلاف الموجود في لفظة:"ملبيًا، وملبدا".
• الإشارة إلى ترجيح بعض الألفاظ عند اختلاف الرواة، كإشارته لترجيح لفظ عمرو بن دينار في قوله:"كفنوه في ثوبيه"، حيث خالفه أبو بشر، وأيوب، واختلف =
⦗ص: 227⦘
= عليهما فقيل عنهما: "ثوبين، وثوبيه".
• الإشارة إلى طرق صحيحة عنده، لم يخرجها مسلم، مثل إشارته إلى طريق منصور عن الحكم، عن سعيد.
• الإشارة إلى تعليل حديث مسلم، لإخراجه الحديث من طريق إسرائيل الذي أسقط الحكم بن عتيبة بين منصور، وسعيد بن جبير، وخالفه جمع من الثقات فرووه عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، وأخرج المصنِّف المستخرِج رواياتهم.
• الحكم على بعض الأحاديث بالصِّحة، كحكمه بالصحة على حديث منصور عن الحكم، عن سعيد، وكحكمه بالصحة أيضًا على حديث مطر الورَّاق.
باب بَيَانِ بَعْضِ المساجِدِ التي كان يُصَلِّي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى مكة بعه خُروجِه من ذِي الحُلَيْفَة
3680 -
حدثنا ابن ناجية
(1)
، حدَّثنا سُوَيد بن سَعِيد، حدثنا حفصُ بن ميسرة، (عن
(2)
) موسى بن عقبة
(3)
، عن نافع، عن ابن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يَنْزل بذي طُوًى
(4)
حتى يُصَلِّي الصُّبح حِيْنَ يَقْدُم
⦗ص: 228⦘
إلى مكَّة، ومُصَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أَكَمَةٍ غليظة
(5)
ليس في المَسْجِد الذي بُنِيَ، ولكنَّه انتقل من ذلك على أَكَمَةٍ غَلِيْظَةٍ خَشِنَة
(6)
".
(1)
عبد الله بن محمد بن ناجية البَرْبَرِي، ثم البغدادي، ت / 301 هـ، وثَّقه الإسماعيلي، وابن المنادي، والخطيب والذَّهبي.
انظر: تاريخ بغداد (10/ 104)، العبر (1/ 44).
(2)
في نسخة (م)"و"، وهو خطأٌ، والتَّصويب من إتحاف المهرة (9/ 356، ح 11412).
(3)
موضع الالتقاء مع مُسْلم.
(4)
ذو طُوًى: -بضم الطاء المهملة، وواو مقصور-: وادٍ من أودية مكة، كُلُّه معمور =
⦗ص: 228⦘
= اليوم، يسيل في سُفُوح جبل أَذاخِر والحَجُون من الغَرب، وتفضي إليه كل من ثَنِيَّة الحَجُون -كَدَاء قديمًا- وثنِيَّة رِيْع الرسَّام -كُدَيّ- قديمًا، ويذهب حتى يَصُبَّ في المَسْفَلة عند قَوْزِ المَكَّاسَة -الرَّمَضَة قديمًا- من الجهة المقابلة.
وعليه من الأحياء: العُتَيْبِيَّة، وجَرْوَل، والتَّنْضَبَاوي، وحارة البرنو -جنس من السودان- ومعظم شارع المنصور، واللِّيط، والحفائر داخلة في نطاق وادي طُوى، وانحصر الاسم اليوم في بئر في جرول تسمى بئر طُوًى، هي موضع مبيته صلى الله عليه وسلم بجيش الفتح هناك.
معجم المعالم الجُغرافية في السِّيرة النبوية (ص 189).
(5)
أَكَمَة: بفتحات، هي الرَّابية، والجِبَال الصّغار، والجمع آكام بالمدّ، وبالكسر بلا مدّ، قال البغوي:"هي التَلُّ المرتفع من الأرض".
انظر: شرح السنة (2/ 656)، فتح الباري (1/ 80)، النهاية (1/ 59)، مشارق الأنوار (1/ 61)، تهذيب اللغة (10/ 409).
قال ابن حجر في الفتح (1/ 860) أثناء شرحه هذا الحديث: "تنبيهات .. الثاني: هذه المساجد لا يعرف اليوم منها غير مسجد ذي الحُليفة، والمساجد التي بالرّوحاء يعرفها أهل تلكَ النَّاحية".
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب استحباب المبيت بذي طوى .. (2/ 919، ح 228) عن محمد بن إسحاق المسيِّبي، عن أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة به، وأخرجه البخاري في كتاب الصلاة -باب المساجد التي على طريق المدينة .. (ص 84، ح 491)، عن إبراهيم بن المنذر عن أنس بن عياض به، ووُصفت الأكمةُ =
⦗ص: 229⦘
= في لفظ مسلم بالسوداء، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقفُ على بُعد عشرة أذرع أو نحوها عنها ثُمَّ يصلِّي مستقبل فُرضَتيْ (ثَنِيَّتَيْ) الجبل الطويل الذي بينه وبين الكَعبة.
3681 -
ز- حدثنا ابن ناجية، حدثنا أبو مسعود (الجَحْدَرِيّ)
(1)
، حدثنا الفُضَيل بن سُليمان، حدثنا موسى بن عقبة، قال: أخبرني نافع عن ابن عمر "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نزل عند (سَرَحَات
(2)
) الطَّريق دُون المَسيل الذي عند هَرْشَى
(3)
"، وذلك المَسِيْل لازقٌ
⦗ص: 230⦘
بكُراع
(4)
هَرْشَى بينه وبين الطَّريق، قريب من غَلْوة
(5)
سَهْم كان عبد الله يُصلِّي إلى سَرْحة، وهي أقربُهنَّ من الطريق، وهي أطولُهنَّ
(6)
.
(1)
هو: إسماعيل بن مسعود الجَحْدري، بصريُّ يكنَّى أبا مسعود، ثقة، من العاشرة، ت / 248، وقد تصحَّف في نسخة (م) إلى "الخدريّ"، والتصويب من إتحاف المهرة.
انظر: إتحاف المهرة (9/ 356)، وتقريب التهذيب (ت 550).
(2)
في نسخة (م)"سراحات"، ولم أقف على جمع "سَرْحَة" بـ "سراحات"، والمصادر الحديثية التي جاءت فيها صيغة الجمع، هي بلفظ:"سَرَحَات"، -بفتح الحروف الثلاثة- والسَّرْحة مفردُ السَّرح، والسَّرحُ: شجر كِبَار عِظام طِوال لا يرعى وإنما يُستظلُّ فيه، ويَنبتُ في نجد في السهل والغَلْظ، ولا ينبت في رمل ولا جبل، ولا يأكله المالُ إلا قليلًا
…
انظر: فتح الباري (1/ 679)، لسان العرب (6/ 231)، وانظر: القاموس المحيط (ص 217).
(3)
وهَرْشَى: -بفتح أوله وسكون الراء بعدها شين معجمة، مقصور- جبل من جبال على ملتقى طريق المدينة والشام قريب من الجُحفة، قال البكري في معجمه:"وهو على ملتقى طريق الشام والمدينة، في أرض مستوية، هضبة ململمة لا تنبت شيئًا، وهي من الجحفة، يرى منها البحر"، وقال في موضع آخر: "ومن ودَّان إلى عقبة هرشى خمسة أميال، ومن عقبة هرشى إلى ذات الأصفر ميلان، ثم إلى الجحفة، =
⦗ص: 230⦘
= وليس بين الطريقين إلا نحو ميلين".
قلت: يصف المؤلف في كلامه هذا الطريق من المدينة إلى مكة، فيأتي وادي "هرشى" أولًا، ثم بعده بميلين ذات الأصفر، وبعدها الجُحْفة.
انظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 679)، مَشَارق الأنوار (2/ 551)، معجم ما استعجم لأبي عبيد البكري (4/ 1350).
(4)
والكُرَاع: طرف الثَّنية، ما يمتدُّ من الثنيَّة دون سَفْحِها، أو ما اسْتطال من حَرَّتِها.
انظر: فتح الباري لابن رجَب (2/ 603)، فتح الباري لابن حجر (1/ 679)، النهاية لابن الأثير (4/ 297).
(5)
غَلْوَة: -بفتح الغين، وسكون اللام، وفتح الواو- غاية بلوغ السَّهم. الفتح (1/ 679).
(6)
هذا الحديث من زيادات المصنِّف، لم يخرجه مسلم في صحيحه، وأخرجه البُخَاريُّ في صحيحه في كتاب الصلاة -باب المساجد التي على طرق المدينة .. (ص 84، ح 489)، عن إبراهيم بن المنذر، عن أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة به.
من فوائد المُستخرَج: زاد المستخرِجُ حديثًا صحيحًا على صاحب الأصل (صحيح مسلم)، فكأنَّه استدراكٌ عليه.
3682 -
حدثنا ابن نَاجية، حدثنا أبو مسعود (الجَحْدَري
(1)
)، حدثنا (الفُضَيْل
(2)
) بن سُلَيْمان
(3)
، حدثنا موسى بن عقبة، عن نافع، عن
⦗ص: 231⦘
ابن عمر "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يصلي في طَرَفِ تِلْعَةٍ
(4)
- منْ وَرَاءِ العَرْجِ
(5)
" وأنت ذاهبٌ على رأس خمسةِ أمْيَالٍ من العَرْج في مَسْجِد الهَضْبَة
(6)
، عند ذلك المَسْجد قبرانِ أو ثلاثةٌ، على القُبور (رُضَمٌ
(7)
) من حجارة عن يَمينِ الطَّريق عند
⦗ص: 232⦘
سَلِمَات
(8)
* ثم انْقَطَع على أبي مَسمعُودٍ *
(9)
من هنا شيءٌ، كان عبد الله يَرُوح من العَرْج بَعْد ما تَمِيلُ الشَّمس بالهَاجرة
(10)
فيُصلّي الظُّهر في ذلك المكان
(11)
.
(1)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "الخدري"، والتصويب من إتحاف المهرة (9/ 356).
(2)
تصحّف في نسخة (م) إلى "الفضل"، والتصويب من إتحاف المهرة (9/ 356).
(3)
النُّميري -بالنُّون، مُصغَّر- أبو سُليمان البَصْرِي.
(4)
تَلْعَة: بفتح التَّاء وسكون اللَّام، أرضٌ مرتفعةٌ يتردَّدُ فيها السَّيل، والجمع تِلاع.
انظر: هَدْي السّاري (ص 98)، مَشَارق الأنوار (1/ 236).
(5)
العَرْج: -بفتح العين المهملة وسكون الراء وآخره جيم-: هو وادٍ فَحْلٌ من أودية الحِجَاز التِّهَامِيَّة، كانَ يَطَؤُه طَرِيق الحُجّاج من مكة إلى المدينة، جنوب المدينة على (113) كيلًا.
انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 203).
(6)
الهَضْبَة: - بسكون الضّاد- هي الرّابية فوق الكثيب في الارتفاع ودون الجبل، وقال صاحب العين:"الهضبة الصخرة الراسية العظيمة وجمعها هِضَاب"، وقيل: هو كل جبل خُلِق من صَخْرَةٍ واحدة، وقال الأصمعي:"الهضبة الجبل ينبسط على الأرض".
قلتُ: لم أتمكن من تحديد موقع المسجد، وقد تقدم قول ابن حجر:"وهذه المساجد لا يعرف منها اليوم غير مسجد ذي الحليفة، والمساجد التي بالروحاء يعرفها أهل تلك الناحية".
انظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 680، 679)، النهاية لابن الأثير (5/ 610)، مَشَارِقُ الأنوار (2/ 544).
(7)
رُضَمٌ: -بضم الراء، وفتح الضاد-: الحجارة الكبارُ، واحدها: رضْمة، بسكون الضاد المعجمة، في الواحد والجمع، ووقع في نسخة الأصيلي للبُخاري بالتحريْك.
وقد تصحَّفت الكلمة في نسخة (م) إلى "رَمْضا"، والتصويب من صحيح =
⦗ص: 232⦘
= البخاري (ص 84)، ومسند أحمد (2/ 87)، ولم أقف في المصادر الحديثية الأخرى على كلمة "رمضا" في هذا الحديث، غير هذه النسخة الخطية (م)، وهي كثيرة التصحيفات.
(8)
سَلَمات الطريق: أي ما يتفرع عن جوانب الطريق، والسلمات: بفتح المهملة، وكسر اللام، في أبي ذر، والأصيلي لصحيح البخاري، وفي رواية الباقين: بفتح اللام، وقيل: هي بكسرِ اللام الصخرات، وبفتحها: الشجرات.
فتح الباري (1/ 679)، وانظر: مَشَارِق الأنْوَار (2/ 431).
(9)
لم أقف على هذه الجملة في المصادر الحديثية الأخرى التي أخرجت الحديث، ولعلَّ المقصود "أبو مسعود الجَحْدَرِي" راوي الحديث.
(10)
الهَاجِرة: -بكسْر الجِيْم- اشتداد الحرِّ نِصفَ النهار.
النِّهاية لابْنِ الأَثِير (5/ 557).
(11)
هذا الحديث من زيادات المستخرِج، لم يخرجه مسلم رحمه الله في صحيحه، وأخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة -باب المساجد على طرق المدينة .. (ص 84)، عن إبراهيم بن المنذر، عن أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة به، وهو متابِعٌ قويٌّ لِفُضيل بن سُليمان، ولم يأت في لفظ البخاري قوله: " ثم انقطع على أبي مسعود من هنا شيءٌ، كما لم أقف عليه في المصادر الحديثية الأخرى.
من فوائد الاستخراج:
زاد المستخرِجُ حديثًا صحيحًا لم يخرجه صاحب الأصل (صحيح مسلم)، =
⦗ص: 233⦘
= فكأنَّه استدراكٌ من المستخرِج عليه.
باب ذكر الخبَر المبيِّن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قَدِم مكَّة بات بذي طُوىً ولا يدخل مكَّة ليلًا ويصلِّي الصبح بذي طُوىً
3683 -
حدَّثنا موسى بن سعيد الطَّرسُوسِي، حدثنا مسدد
(1)
، حدَّثنا يحيى بن القَطَّان
(2)
، ح.
وحدثنا يوسف
(3)
، حدثنا محمَّد بن أبي بكر
(4)
، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم باتَ بذي طوًى حتَّى أصْبَحَ، ثمَّ دَخَل مكَّة
(5)
".
(1)
ابن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل الأسدي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين، وهو الإمام يحيى بن سَعِيد القطَّان، نُسب هنا إلى أحد أجداده، ونَسَبه كثيرون إلى "القَطّان" بُنُوَّةً، منهم ابن حجر في كتابه:"مراتب الموصوفين بالتَّدليس"(ص 49، ح 118).
(3)
ابن يعقوب بن إسماعيل الأزدي، مولاهم بصري الأصل، المشهور بالقاضي.
(4)
ابن علي بن عطاء بن مُقَدَّم المُقَدَّمي، أبو عبد الله البَصْري.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب استحباب المبيت بذي طُوًى
…
(2/ 919، ح 226)، عن زهير بن حرب، وعبيد الله بن سعيد، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا (ص 255، ح 1574)، عن مسدَّد، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطَّان به، وزاد:"وكان عبد الله يفعل ذلك" وفي رواية ابن سعيد: حتى صلى الصبح، قال يحيى: أو قال: حتى أصبح.
من فوائد الاستخراج: أخرج المصنِّف الحديثَ من طريق مسدّد بن مسَرْهد، =
⦗ص: 234⦘
= وهو اختيار البخاري أيضًا، بينما أخرجه مسلم من طريق زهير بن حرب، وعبيد الله بن سعيد، وهما مع ثقتهما وضبطهما لا يصلان إلى درجة مسدّد في يحيى بن سعيد القطّان، قال يحيى بن سعيد القطّان:"لو أتيت إلى مُسدّد، فحدثته في بيته لكان يستأهل"، وقال أبو حاتم الرازي في حديث مسدد، عن يحيى القطَّان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر:"كأنَّها الدَّنانير، ثم قال: كأنَّك تسمعها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "، ولعلَّ لأجل هذا وقع اختيار الإمام البخاري على رواية مسدَّد.
انظر: تهذيب الكمال (27/ 447)، تهذيب التهذيب (10/ 108)، سير أعلام النبلاء (10/ 593).
3684 -
حدثنا [أبُو] يُونس الجُمَحِي
(1)
بِمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدَّثنا إسماعيل بن أبي (أُوَيْسٍ)
(2)
، قال: حدثني أخِي
(3)
، عن سُليمان بن بلال، عن عبيد الله بن عمر
(4)
، عن نافع، عن ابن عمر "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيتُ بذي طُوىً حتى يَدْخلَ مكَّة بعد أن يُصلِّي الصُّبْح
(5)
".
⦗ص: 235⦘
رواه عبد الأعلى، عن هِشَام بن حَسَّان، عن عبيد الله بن عمر
(6)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (9/ 169)، وهو: محمد بن أحمد بن يزيد القرشي المدني.
(2)
هو: إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أُويس الأصْبحي، أبو عبد الله بن أبي أويس المدني.
(3)
هو: عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله الأصبحي.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(5)
انظر تخريج الحديث السَّابق، ح / 3683.
(6)
بعد بحث وتنقيب حثيثين لم أقف على هذا الإسناد في المَصَادر الحديثية.
3685 -
وحدَّثنا إسماعيل القاضي
(1)
، ويُوسُف القاضي، قالا: حدَّثَنا سليمان بن حرب، حدثنا حمَّاد بن زيد
(2)
، عن أيُّوب، عن نافع، عن ابن عمر "كان إذا أَتَى [ذا] طُوىً بَاتَ بِها
(3)
، وإذا أصبح اغتسل، ثمَّ يأتي البَيْت وقَدْ طلعتِ الشَّمسُ، فيطُوف به ويُصلِّي ركعتين"، وأخْبرَ "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لمَّا أتَى ذا طُوىً بَاتَ بِهَا حتَّى أَصْبَحَ
(4)
".
(1)
هو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حمَّاد بن زَيد الأزدي مولاهم.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركته من صحيح مسلم (2/ 919)، والمصادر الحديثية الأخرى.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب استحباب المَبِيت بذي طوى .. (2/ 919، ح 227)، عن أبي الرَّبيع الزَّهراني، عن حمَّاد بن زيد به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب الاغتسال عند دخول مكة .. (ص 255، 1573) عن يعقوب ابن إبراهيم، عن ابن عُلَيّة، عن أيُّوب به.
من فوائد الاستخراج: في الحديث المستخرَج فوائدُ منها:
• فيه زيادة لم ترد عند صاحب الأصل (صحيح مسلم)، وهي دخوله البيت بعد ما طلعت الشمس، وصلاته ركعتين فيه.
• قوة إسناد المستخرِج، فالحديث عنده من طريق سليمان بن حرب عن حمَّاد، بينما هو عند صاحب الأصل (صحيح مسلم) من طريق أبي الرَّبيع الزَّهراني عن =
⦗ص: 236⦘
= حمَّاد، وأبو الرَّبيع مع ثقته دون سليمان بن حرب في الضبط والإتقان، فقد لازم سليمان ابن حرب حماد بن زيد تسع عشرة سنة، وقال أبو حاتم نظرا لتشدده في انتقاء المشايخ:"كان سليمان بن حرب قلّ من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة"، وأما أبو داود الطيالسي صاحب المسند فإمام في الحديث، قال عمر بن شَبّة:"كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث وليس معه كتاب".
انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر (4/ 179، 180).
3686 -
حدَّثنا الصغاني، وأبو أمية، قالا: حدَّثنا روح بن عبادة
(1)
، حَدَّثنا شُعبة، عن أيُّوب، عن أبي العالية البرَّاء، عن ابن عبَّاس أنَّه قال: أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالحجِّ، فقدم لأرْبَعٍ مضين من ذي الحِجَّة، فَصَلَّى الصُّبحَ بالبَطْحَاء
(2)
ثم قال: "من شاءَ أن يَجْعلَها عُمْرةً فَلْيَجْعلْها
(3)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
البَطْحَاء: يطلق على كل واد شَقَّه السيل فجعل أرضه كالرَّمل، والمراد بها هنا: ذو طوى، كما يتبين من الرِّوايات الأخرى، ولذا أورد المصنِّف الحديث في هذا الباب.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 170)، معجم المعالم الجغرافية (ص 46).
(3)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب جواز العمرة في أشهر الحج (2/ 910، ح 200) عن إبراهيم بن دينار، عن روح به.
من فوائد الاستخراج:
• العلوُّ النسبيُّ: المساواة بين المصنف والإمام مسلم في تساوي عدد =
⦗ص: 237⦘
= رجال إسناديهما.
• ورد الحديث عند المستخرِج في باب غير الباب الذي أورده فيه صاحب الأصل مما يعيِّن مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل.
انظر: نخبة الفكر (ص 180 ضمن جامع المتون)، فتح المغيث (3/ 25).
3687 -
حدثني محمد بن اللَّيث المروزي، حدثنا عبْدان
(1)
، قال: حدثني أبي
(2)
، عن شُعْبَة
(3)
، بمثله
(4)
.
(1)
هو: عبد الله بن عثمان بن جَبَلة، و"عبدان" لقب له.
(2)
هو عثمان بن جَبَلة المَرْوَزِيّ، العَتَكي، مولاهم.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
انظر تخريج الحديث السَّابق ح / 3686.
3688 -
حدثنا محمد بن عليّ بن داود
(1)
، حدثنا سُليمان أبو داود المُباركِي
(2)
، وكان من أصحابِ الحَديث، حدَّثنا أبو (شِهَاب)
(3)
، عن
⦗ص: 238⦘
شعبة، عن أيُّوب
(4)
، بإسناده:"خرجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نُهِلُّ بالحجِّ" فذكر مِثْلَه
(5)
.
(1)
البَغْدَادِي، نَزِيْل مصر، المعروف بابن أُخْت غَزَال.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو سليمان بن داود المباركي، ويقال: سليمان بن محمَّد، وهو أقوى، أبو داود الواسطي، سئل أبو زرعة عنه فقال:"سألت يحيى بن معين عنه، فقال: لا بأس به، قيل لأبي زرعة: ما قولك فيه قال: هو ثقة شيخ كان يكون ببغداد".
قال الحافظ ابن حجر: "صدوق".
انظر: الجرح والتعديل (4/ 114)، الإكمال (7/ 237)، اللباب (3/ 159)، تقريب التهذيب (ت 2817).
(3)
هُو الأصْغَر، واسمه: عبد ربه بن نَافِع الكِنَانِي، أبو شهاب الحنَّاط الكوفي، نزيل =
⦗ص: 238⦘
= المدائن ت / 171 أو 172 هـ، تصحَّف في (م) إلى "شباب" والتصويب من إتحاف المهرة (7/ 66).
(4)
هو ابن أبي تَمِيمة كَيْسَان السَّخْتِيَاني.
(5)
أخرجه مُسْلِمٌ في كِتاب الحجّ -باب جواز العُمْرة في أَشْهر الحجّ (2/ 910، ح 200) عن أبي داود سليمان بن داود المباركي به.
من فوائد الاستخراج: تعريف أبي عوانة بأبي داود سليمان المباركي بقوله: "وكان من أصحاب الحديث"، ومثل هذا الكلام تزدادُ أهميته في رفع الجهالة عن الراوي إذا لم يُعدله أحد.
3689 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا أبو النُّعمان
(1)
، حدَّثنا وُهَيب
(2)
، حدثنا أيُّوب، ح.
وحدثنا حَمْدان بن عليّ
(3)
، حدَّثنا مُعلَّى بن أسد، حدَّثنا وُهَيب، عن أيُّوب، عن أبي العالية البرَّاء، عن ابن عباس قال: "قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأربع ليالٍ خَلَوْن من العَشْر وهم يُلَبُّون بالحجِّ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 239⦘
أن يَجْعلوها عمْرة
(4)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو محمد بن الفضل السَّدُوسي، أبو النعمان البصري، لقبه عارم، تقدَّم في ح / 3574.
(2)
ابن خَالد بن عَجْلان البَاهِلِي.
(3)
هو: محمد بن علي بن عبد الله بن مهران البِغدادي الورَّاق، معروف بِحَمْدَان.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز العمرة في أشهر الحج (2/ 909)، عن هارون بن عبد الله، عن أبي النعمان محمد بن الفضل السَّدوسي به، وأخرجه البخاري في كتاب الصلاة- أبواب التقصير -باب كم أقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حجته؟ (ص 175، ح 1085)، عن موسى بن إسماعيل، عن وُهَيب به.
من فوائد الاستخراج: ورد الحديث عند المستخرِج في باب غير الباب الذي أورده فيه صاحب الأصل (صحيح مسلم) مما يعيِّن مناسبة أخرى للحديث غير الَّتي عند صاحب الأصل.
3690 -
حدَّثنا الحسن بن أبي الربيع
(1)
، أخبرنا عبد الرزاق
(2)
، عن معمر، عن أيُّوب، عنْ أبي العالية، عن ابن عبَّاس "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى بذي طُوىً الصُّبْح، وقَدِمَ لأربعٍ مضين من ذي الحِجَّة، فأمَر أصحابه أن يُحَوِّلوا حجَّهم عُمرةً إلَّا من كان معه هديٌ
(3)
".
(1)
هو الحسن بن يحيى بن الجَعْد أبو عَلِيّ الجُرْجَاني.
(2)
ابن همَّام الصَّنْعَاني، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحَجّ -باب جواز العُمرة في أشهر الحج (2/ 909، ح 202) عن عبد ابن حُمَيْد، عن عبد الرزَّاق به.
باب ذكر الخبر المبيِّن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بلغ الحَرَم" والعُرْش
(1)
قطع التلَّبِية حتى يدْخلَ مكة، وأنه كان يُصَلِّي الغداة ثم يغتسل ثُم يدخل مكة، وبيان الخبر المبيِّن أنه صلى الله عليه وسلم أول شيء بدأ به حين قدم مكة توضأ، ثُمَّ طاف بالبيت، وأنه كان يُلَبِّي حتَّى يرمي الجَمْرَة بَعْدَ ما يَخْرُجُ منْ مكَّة
(1)
العُرُش: -بضمِّ العين والرَّاء- قيل: اسم مكَّة، وقيل: اسمها بفتح العين وسكون الراء، وقيل: هي بيوتها لأنها عيدان تُنْصَب ويُظلَّل عليها، وهو المذكور في حديث المُتعة في الحج، في قوله: وفلان يومئذ كافر بالعُرُش.
غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام (4/ 21)، مَشَارِق الأنوار للقاضي عياض (2/ 208).
3691 -
م- حدثنا يوسف القَاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حمَّاد بن زيد، عن أيُّوب، عن نافع، أن ابن عمر "كان إذا أتى ذا طُوىً بات بها، فإذا أصبح اغتسل ثم أتى البَيْت (وقد طلعت الشمس فَيَطُوف بِهِ
(1)
)، ويُصَلِّي ركعتين" وأخبر "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما أتَى ذا طُوىً بَات بِها حتَّى أصْبَح
(2)
".
(1)
الجملة بين القوسين تكررت في نسخة (م) خطأٌ، فتمَّ حذفها.
(2)
هذا الحديث مكَرَّرٌ سندًا ومتنا، تقدم برقم/ 3685، وعِلَّة التكرار استدلال المصنِّف =
⦗ص: 241⦘
= به لإثبات سُنِّيَّة الاغتِسال بذي طُوى.
من فوائد الاستخراج: إخراج الحديث في باب غير الباب الذي أورده فيه صاحب الأصل (صحيح مسلم)، مما يعيِّن مناسبة أخرى للحديث، غير التي عند صاحب الأصل.
3692 -
م- حدَّثنا يوسف القاضي، حدثنا مُحمَّد بن أبي بكر، حدثنا يحيى بن سعيد
(1)
، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بات بذي طُوًى حتَّى صَلَّى الصُّبْح، ثُمَّ دخل مكَّة" وكان عبد الله يفعل ذلك، "وأنَّ النبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكَّة من الثَّنِيَّة العُلْيَا التِّي بالبَطْحَاء ويَخْرُج مِنَ الثَّنِيَّة السُّفْلَى
(2)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هذا الحديث بسَنَده ومتنه مكَرَّر غير الشَّطر الأخير منه، تقدَّم برقم /3683.
أما الشَّطر الأخير: "وأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكَّة من الثَّنِيَّة العُلْيَا التِّي بالبَطْحَاء ويَخْرُج مِنَ الثَّنِيَّة السُّفْلَى" فأخرجه مسلم في كتاب الحج -باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى، ودخول بلدة من طريق غير التي خرج منها (2/ 918، ح 223)، عن زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، عن يحيى القطان به، محيلا لفظ حديث القطان، على لفظ حديث عبد الله بن نمير قبله، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من أين يخرج من مكّة (ص 256، ح 1576) عن مسدَّد، عن يحيى القطَّان به.
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرِج بيان للمتن المُحَال به عند مسلم على متن آخر.
3693 -
حَدَّثنا أبو عبيد الله
(1)
، حدَّثنا عمِّي
(2)
، قال: أخبرني عمرو بن الحارث
(3)
، عن أبِي الأسْوَد محمد بن عبد الرحمن، عن عروة قال: قدْ حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة "أنَّه أوَّل شيءٍ بدأ به حِين قَدِم مَكَّة أنَّه تَوَضَّأ ثُمَّ طَاف بِالبَيْت
(4)
".
(1)
هو: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي، أبو عبد الله المصري، صدوقٌ تُكُلِّم في حفظه، تغيرَّ بأخرة، وقد تابعه جماعة من الثقات الأثبات في هذا الحديث، الأمر الذي يدلُّ على تحديثه بالحديث قبلَ تغيُّره على الأرجح، تقدمت ترجمته.
(2)
عَمُّه: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن يعقوب الأنصاري -مولاهم- المصري، أبو أيوب.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم، من طاف بالبيت وسعى، من البقاء على الإحرام وترك التحلل (2/ 906، 190) عن هارون بن سعيد الأيلي، والبخاري في كتاب الحج -باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة، قبل أن يرجع إلى بيته .. (ص 261، ح 1614) عن أصبغ، وفي باب الطَّواف على وضوء (ص 265، ح 1641) عن أحمد بن عيسى، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب به، في كلا الصحيحين مطوَّلا، وفيه ذكر حج أبي بكر، وعمر، وعثمان، والزبير، وعبد الله بن عمر، وأسماء بنت أبي بكر، والمهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين.
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 207)، عن أبي عبيد الله أحمد ابن عبد الرحمن به.
من فوائد الاستخراج:
• فيه علوٌّ نسبي: "المساواة"، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنِّف مع إسناد مسلم. =
⦗ص: 243⦘
= • أورد المستخرِج الحديث في بابٍ غير الذي أورده فيه صاحب الأصل (صحيح مسلم)، ممَّا فيه تعيين مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل.
3694 -
حدَّثنا عبَّاس الدوري، حدَّثنا هَارُون بن مَعْروف
(1)
، حدَّثنا عبد الله بن وهب
(2)
، قَالَ: أخْبَرِني أبو صَخْر
(3)
، ح.
وحدَّثنا ابْنُ أخِي ابن وهب
(4)
، قال: حدَّثني عمِّي
(5)
، قال: أخبرني أبو صَخْر، عن يَزِيدَ بن قُسَيْط
(6)
، عن عُبيد بن جُريج قال: حَجَجْتُ مع عبد الله بن عمر بين حجٍّ وعمرةٍ ثِنْتَا عَشْرَة مرَّة، فقلتُ: يا أبا عبد الرجمن، لقد رأيت منك أَرْبَع خِصَال ما رأيتُهُنَّ من أحدٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غيْرَك، قال: وماذا يا ابن جُريج؟ قال: رأيتُك إذا أهْلَلْتَ فدَخَلْت العُرُش قطعت التَّلبِية، ورأيتك إذا طفْت بالبيت كان
⦗ص: 244⦘
أكثر ما تَمَسُّ من الأركان الرُّكْن اليَمَانِيَّ، ورأيتك تَحْتذي السِّبت
(7)
وهو محلوق الشَّعر، ورأيْتُك تُغيِّر بالصُّفْرة
(8)
، فقال: صدقت يا ابن جُريج "خَرَجْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل العُرُشَ قطع التَّلْبية"، فلا تزال تَلْبِيَتِي حتى أموتَ، وطفتُ معه البيت "فكان أكثر ما يَمَسُّ من الأَرْكَان الرُّكْنَ اليَمَانِّيَّ"، فلا أزال أَمَسُّه أَبَدا، وهذا حِذَاؤُه يا ابن جُريج ولا أزال أحْتذيه، "وهذا تَغْييره يا ابن جُريج ولا أزال أُغَيِّرُه أبدًا".
قالَ أبو عَوانة: قِصَّة الإهلال مخالفةٌ لقِصَّة سَعِيْد المَقْبُرِي
(9)
.
(1)
المَرْوَزِي، أبو عَلِيّ الخَزَّاز الضَّرِيْر ت/ 231 هـ.
وثَّقه أبو حَاتم، وأبو زُرعة، وابن حجر.
انظر: الجرح والتعديل (9/ 96)، تاريخ بغداد (14/ 14)، تهذيب الكمال (30/ 107)، تقريب التهذيب (ت 8154).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو حُمَيد بن زياد المدني وهو ابن أبي المُخَارِق صاحب العَبَاء، وكان حاتم ابن إسماعيل يسمّيه حميد بن صخر.
(4)
هو: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القُرَشي.
(5)
عَمُّه: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(6)
هو: يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، ابن أسامة الليثيِّ، أبو عبد الله المدني، الأعرج.
(7)
السِّبْت: -بكسر السين المهملة- جلود البقر المدبوغة بالقرظ، تتخذ منها النعال، أو يكون "السُّبُت" -بضم السين المهملة والباء الموحدة- جمع سِبْتِية -بكسر السين المهملة وسكون الباء الموحدة وكسر المثناة الفوقية- النِّعَال التي تُتَّخَذُ من جُلود البَقر المدبوغة بالقَرَظ (القِشْر الذي يُدْبَغ بِه).
انظر: هَدْيَ السَّاري (ص 135)، مَشَارق الأنْوار (2/ 397)، حاشية السندي على النسائي (1/ 81)، شرح الزرقاني للموطأ (2/ 330)، شرح النووي على مسلم (8/ 95).
(8)
تُغَيِّر بالصُّفْرة: أي تَصْبَغُ بالوَرْسِ أو الزَّعَفْران.
انظر: الفائق للزمخشري (2/ 284) لسان العرب لابن منظور (7/ 358)، القاموس المحيط (ص 396)، شرح النووي على مسلم (8/ 334).
(9)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب الإهلال حيث تنبعث الرَّاحلة (2/ 544، ح 26) عن هارون بن سعيد الأيلي، عن عبد الله بن وهب، عن أبي صخر عن =
⦗ص: 245⦘
= يزيد بن قُسَيْطٍ به، مُحيلًا متنَه على حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن جُريج قبلَه، وهو الحديث المتقدِّم تخريجه برقم / 3548، وقال:"وساق الحديث بهذا المعنى، إلا في قصة الإهلال، فإنَّه خالف رواية المقبُري، فذكره بمعنًى سوى ذكرِهِ إيَّاه".
قلتُ: قصة الإهلال في حديث سعيد المقبُري جاءت بلفظ: "ورأيتُك إذا كنت بمكَّة، أهلُّ الناس إذا رأوُا الهِلال، ولم تُهِلَّ أنت حتى يكون يوم التَّروية
…
وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ حتَّى تَنْبَعِثَ به راحلتُه"، بينما جاءت قِصَّة الإهلال في حديث يزيد بن قُسَيْط على خلاف تلك بِلَفْظ: "رأيتُك إذا أهْلَلْتَ فدَخَلْت العُرُش قطعتَ التَّلبِية
…
خَرَجْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دَخَل العُرُشَ قطع التُّلْبية"، ويظهر -والله أعلم- أن هذا الموضع من حديث يزيد بن قُسَيْط غيرُ محفوظ، وذلك لما يلي:
1 -
تصرُّف الإمام مسلم يوحي أن تلك اللفظة معلولة، حيث قدَّم حديث سعيد بن أبي سعيد المقبُري في الباب، ثم أردفه بحديث يزيد بن قسيط عن عبيد بن جُريج، ولم يذكُر لفظه، بل أحال متنه على حديث المقبري، ونبَّه على مخالفة يزيد بن قسيط للمقبري في قِصَّة الإهلال، قال المعلِّمي رحمه الله في الأنوار الكاشفة (ص 230):"من عادة مسلم في صحيحه أنه عند سياق الروايات المتفقة في الجملة، يقدم الأصح فالأصح، فقد يقع في الرواية المؤخرة إجمال أو خطأٌ فتبينه الرواية المقدمة".
2 -
أن مسلمًا لو كان يرى قصة يزيد بن قُسَيط في الإهلال محفوظةً، لذكر لفظها، واعتبرها زيادة ثقة، ولكنَّه لم يذكر القِصة المخالفة لحديث سعيد، وإنما نبَّه على المخالفة فقط. =
⦗ص: 246⦘
= 3 - اختيار البخاري رحمه الله لحديث سعيد المقبري، فأخرجه في صحيحه في كتاب الطهارة -باب غسل الرجلين في النَّعْلين (ص 33)، عن عبد الله بن يوسف، وفي كتاب اللباس -باب النِّعال السِّبتية- (ص 1031) عن القعنبي، كلاهُما عن مالك عن سعيد به.
4 -
إخراج مالك لحديث المقبري في موطئه. الموطأ (2/ 418 - 419).
5 -
حديث يزيد بن قُسَيْط تفرَّد به عنه أبو صَخْر حُميْد بن زياد، حيث لم أقف لأبي صخرٍ على متابعٍ عن يزيد بن قُسَيط، وأبو صَخْر كما تقدَّم في ترجمته مُتكلَّم فيه، ولعلَّ الخطأ منه حيث دخل عليه حديث في حديث، حيثُ جاءت أحاديث أخرى فيها الأمر بقطع التَّلبية عند الوصول إلى بيوتات مكَّة، بينما حديث سعيد المقبري رواه عنه مالك، بسنَد نظيف، ولذا اختاره البُخاري فأخرجه في صحيحه.
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرج عدة فوائد، منها:
• في حديث المستخرِج بيان للمتن المحال به على المتن المحال عليه عند مسلم.
• تحديد موضع العلَّة في الحديث.
• تعليق المستخرِج على الحديث، وبيانه مخالفة حديث يزيد بن قسيط لحديث سعيد بن أبي سعيد المقبري، المتقدم برقم / 3548.
• إيراد المستخرِج للحديث في باب غير الباب الذي أورده فيه صاحب الأصل، مما يعيِّن مناسبة أخرى للحديث، غير التي عند صاحب الأصل (صحيح مسلم).
3695 -
حدَّثنا أبو داود الحراني، وعبَّاس
(1)
، والصَّغاني، قالوا:
⦗ص: 247⦘
حدثنا أبو عاصم
(2)
، عن ابن جُريج
(3)
قال: أخبرنِي عطاء قال: وأخبرِني ابْنُ عَبَّاس أن الفَضْل أخبره "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلبِّي حتَّى رَمَى الجَمْرَة
(4)
".
(1)
هو: عبَّاس بن مُحَمَّد بن حاتِم الدوري البغدادي.
(2)
الضحَّاك بن مَخْلَد بن الضَحَّاك الشيباني.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب: استحباب إدامة الحاج التَّلبِيَة حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النَّحر (2/ 931، ح 267) عن ابن راهويه، وعلي بن خَشْرم، كلاهما عن عيسى بن يونس، عن ابن جُريج به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب التَّلبية والتَّكبير غداة النَّحر حتَّى يَرْمي الجَمْرَة، والارتداف في السَّير (ص 273، 1685) عن أبي عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد به.
من فوائد الاستخراج: العلوُّ النسبي: المساواة، لتساوي عدد رجال إسناديهما.
3696 -
حدثني عمار بن رجاء، حدثنا محمد بن بكر البُرْسَاني، أخبرنا ابن جُريج
(1)
قال: أخبرني عطاء قال: أخبرني ابن عباس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أرْدَفَ الفضل بن عبَّاسٍ، قال عطاء: فأخبرني ابن عبَّاسٍ أنَّ الفضل أخبره "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يزلْ يُلَبِّي حتَّى رَمَى جَمْرَة العَقَبَة
(2)
(3)
".
رواه عيسى بن يونس، عن ابن جُريج
(4)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
انظر تخريج الحديث قبله ح / 3695.
(3)
تكرَّر هذا الحديث بسنده ومتنه في هذا الموضع سَهْوًا، فتمَّ حذفُ الثاني منهما.
(4)
وصله مسلم في كتاب الحج -باب: استحباب إدامة الحاج التَّلبِيَة حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النَّحر (2/ 931، 267) عن ابن راهويه، وعلي بن خَشْرم، كلاهما =
⦗ص: 248⦘
= عن عيسى بن يونس، عن ابن جُريج به.
باب بَيانِ الطريق الذي منْه دخَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مكَّة والطَّريق الذي منْهُ خَرَجَ والرُّخْصَةُ في دُخُولِ مَكَّة بغير إِحْرام لعِلَّةٍ تَحْدُثُ
3697 -
حدَّثنا عيسى بن أحمد العَسْقَلاني، حدَّثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن هِشام بن عروة
(1)
، عن أبيه، عن عائشة "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفَتْحِ من كَداءٍ
(2)
أعلَى مكَّة
(3)
". وكانَ
⦗ص: 250⦘
عروة أكثرَ ما يَدخلُ من كُدَىً
(4)
، وكانتْ أَقْربها إلى منْزلِه.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
كَدَاء: -بفتح الكاف والمدّ-: هو ما يعرف اليوم بريعِ الحُجون، يدخل طريقه بين مقبرتي المعلاة، ويفضي من الجهة الأخرى إلى حي العتيبية وجرول.
انظر: المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص 262).
(3)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج -باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا، والخروج منها
…
(2/ 919، ح 225)، عن أبي غريب، عن أبي أسَامة حمَّاد بن أسامة، عن هشام به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب: من أين يخرج من مكة؟ (ص 256، ح 1579) عن أحمد بن عيسى، عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث به.
هذا الحديث اختلف فيه على هشام وصلًا وإرسالًا:
فرواه سُفيان بن عيينة، وعمرو بن الحارث، وحفص بن ميسرة ثلاثتهم (كما عند البخاري ص 256، 726) عن هشام به موصولًا.
ورواه حاتم بن إسماعيل، ووهيب بن خالد (كما عند البخاري أيضًا ص 256، =
⦗ص: 249⦘
= 726) عن هشام به مرسلًا، فلم يُسمّوا عائشة رضي الله عنها.
واختلف على أبي أسامة، فرواه عثمان بن أبي شيبة (كما عند المصنِّف برقم 3700) ومحمود بن غيلان (كما في صحيح البخاري 256)، وأبو كريب (كما عند مسلم 2/ 918)، والإمام أحمد (كما في مسنده 6/ 58)، عن أبي أسامة متصلًا موصولًا، ورواه عبيد بن إسماعيل (كما في صحيح البخاري ص 726) عن أبي أسامة عن هشام به مرسلًا.
قال ابن حجر في الفتح (3/ 512): "اختلف على هشام بن عروة في وصل هذا الحديث وإرساله، وأورد البخاري الوجهين مشيرًا إلى أن رواية الإرسال لا تقدح في رواية الوصل، لأن الذي وصله حافظ، وهو ابن عيينة، وقد تابعه ثقتان، ولعله إنما أورد الطريقين ليستظهر بهما على وهْم أبي أسامة".
من فؤائد الاستخراج: أخرج المصنِّف هذا الحديث بسند صحيح متصل من طريق عمرو بن الحارث عن هشام بن عروة، وقد اختاره البخاري أيضًا، بينما هو عند مسلم من طريق أبي أُسَامة، وقد اختلف عليه في سند الحديث ولفظه، فأخرج البخاري في كتاب المغازي -باب دخول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من أعلى مكَّة (ص 726)، عن عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه مرسلًا، ورواه محمود بن غيلان كما عند البخاري (ص 256) عن أبي أسامة بلفظ:"دخل عام الفتح من كَداءٍ، وخرج من كُدًا من أعلى مكة".
قال ابن حجر في الفتح: "كذا رواه أبو أسامة فقلبه، والصواب ما رواه عمرو وحاتم عن هشام: "دخل من كَدَاء من أعلى مكة"، ثم ظهر لي أنَّ الوهْمَ فيه ممن دون أسامة، فقد رواه أحمد عن أبي أسامة على الصواب".
انظر: مسند أحمد (6/ 58)، فتح الباري (3/ 512). =
⦗ص: 250⦘
= قلتُ: فقد انتقى مسلم رحمه الله الرواية المحفوظة سندًا ومتنًا عن أبي أسامة وأودعها كتابه، وإنما أخرج البخاري طريق محمود بن غيلان عن أبي أسامة المرسلة ليستظهر بها على وهم أبي أسامة أو من دونه في لفظ الحديث حسب ما تقدم من كلام ابن حجر.
(4)
قال الإمام النووي: "اختلفوا في ضبط كَدَاء هذه، قال جمهور العلماء بهذا الفن: "كداء بفتح الكاف وبالمد، هي الثنية بأعلى مكَّة، وبالقصر هي التي بأسفل مكة، وكان عروة يدخل من كليهما، وأكثر دخوله من كَداء، بفتح الكاف فهذا أظهر، وقيل: بالضم، ولم يذكر القاضي غيره".
قلتُ: يظهر من سياق الحديث وكلام هِشَام أن المقصود من اللفظة الثانية، "كُدًا"، هي التي بالضم والقصر: ثَنِيَّة تقع أسفل مكَّة كما تقدَّم، كما وردت في المصادر الحديثية الأخرى.
قال الحافظ ابن حجر في قوله: "وأكثر ما يدخل من كُدا": "بالضم والقصر للجميع".
وقال معلِّقًا على كلام هشام: "فيه اعتذار هشام لأبيه، لكونه روى الحديث وخالفه؛ لأنه رأى أن ذلك ليس بحتم لازم .. وكثيرًا ما يفعل غيره بقصد التيسير".
انظر: شرح مسلم للنووي (9/ 8)، فتح الباري (3/ 512).
3698 -
حدثنا عَمَّار
(1)
، حدَّثنا الحميدي، حدثنا سُفيان
(2)
، حدثنا هِشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل من أعْلَى مكَّة
⦗ص: 251⦘
وخَرَج من أسْفَلِها
(3)
".
(1)
هو: عمَّار بن رجاء التَّغْلِبي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب استحباب دخول مكة من الثَنِيَّة العليا
…
(2/ 918، ح 224) عن محمد بن المثَنَّى، وابن أبي عمر، عن ابن عيينة به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من أين يدخل مكة؟ (ص 256، ح 1577) عن الحُميدي ومحمد بن المثنَّى به، وانظر ح / 3697.
من فوائد الاستخراج: قوَّة إسناد المستخرِج أبي عوانة، حيث أخرج الحديث من طريق الحُميدي، عن سفيان بن عيينة، بينما الحديث في صحيح مسلم من طريق ابن المثنى، وابن أبي عمر، عن ابن عيينة، وهُمَا مع ثقتها لا يصلان إلى درجة الحُميدي في ابن عيينة، قال أبو حاتم الرازي:"هو أثبت الناس في ابن عيينة، وهو رئيس أصحابه"، وقال محمد بن عبد الرحمن الهروي:"قدمت مكة عقب وفاة ابن عيينة، فسألت عن أجل أصحابه، فقالوا: الحميدي".
ولذا اختار البخاري طريق الحميدي عن سفيان، فأخرجها في صحيحه.
انظر: تهذيب التهذيب (5/ 215).
3699 -
حدثنا أبو داود السِّجْزي
(1)
، حدَّثنا (ابن)
(2)
المُثنَّى
(3)
، حدثنا سفيان
(4)
، بإسناده "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إِذَا دخلَ مكَّة دخلَ من
⦗ص: 252⦘
أعْلاها وخرجَ من أسْفَلِها
(5)
".
(1)
هو: سُليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني، صاحبُ السُّنن، والحَديثُ في سُنَنِه (ص 216).
(2)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "أبو"، والتَّصويب من إتحاف المهرة (17/ 330).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري.
(4)
هو: ابن عُيَيْنَة.
(5)
انظر تخريج ح / 3697، 3698.
من فوائد الاستخراج: لفظ المصنِّف يحتوي معنىً زائدًا على لفظ مسلم، فلفظ المصنِّف يدلُّ على الاستمرار والمداومة لدخول "كان" على الفعل المضارع، بينما جاء الحديث عند مسلم خاليًا عن معنى الاستمرار والمداومة بلفظ:"لما جاء إلى مكَّة، دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها"، ولفظ المصنِّف أخرجه أبو داود كما تقدَّم عن ابن المُثَنَّى، عن سفيان بن عيينة به، وهو لفظ صحيح.
3700 -
حدثنا أبو داود
(1)
، حدثنا عُثْمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو أُسَامَة
(2)
، عن هشامٌ، بهذا الحديث، وقال: "عامَ الفَتْح دخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من كَدَاءٍ من أعلى مكَّة ودخل في العُمْرةِ من كُدَىً
(3)
".
(1)
هو: أبو داود السِّجستاني صاحب السُّنن، ولم أقف في المطبوع من سننه على طريق عثمان بن أبي شيبة، عن أبي أسامة عن هشام، وإنما الذي عنده، عن هارون بن عبد الله، عن أبي أسامة، عن هشام به.
انظر: سنن أبي داود في كتاب المناسك -باب دخول مكة (ص 216، ح 1868).
(2)
حماد بن أسامة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلمٌ كما تقدَّم في كتاب الحجِّ -باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا .. (2/ 918، ح 225) عن أبي غريب عن أبي أُسامَة به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من أين يخرج من مكَّة؟ (ص 256، ح 1578) عن محمود بن غَيْلان، عن أبي أسامة به، وانظر ح / 3697.
من فوائد الاستخراج: فيه زيادة صحيحةٌ لم ترد عند صاحب الأصل (صحيح مسلم)، وهي قوله:"ودخل في العُمرة من كُدًى".
3701 -
حدثنا أبو الحسن المَيْمُوني
(1)
، وعمَّار، قالا: حدثنا محمد بن عبيد
(2)
، حدثنا عبيد الله بن عمر
(3)
، عن نافع، عن ابن عمر "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من ثَنِيَّة
(4)
العُلْيا ويخرج من ثَنِيَّة السُّفْلى
(5)
".
(1)
هو: عبد الملك بن عبد الحميد بن عبد الحميد بن ميمون الرَّقي.
(2)
هو: ابن أبي أمية الطَّنَافِسي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هكذا في نسخة (م)، بدون الألف واللام، بإضافة:"ثنية" إلى "العُليا"، وهو صحيحٌ من الناحية اللغويَّة، فظاهره إضافة الموصوف إلى صفته، ويؤول على حذف المضاف إليه الموصوف بتلك الصفة، فيكون أصل الجملة: ثنية مكَّة العليا، وثنيَّة مكة السُّفلى، وهذا كقولهم:"حبة الحمقاء وصلاة الأولى"، والأصل: حبة البقلة الحمقاء، وصلاة الساعة الأولى، فالحمقاء: صفة لبصلة، لا للحبة، والأولى صفة للساعة، لا للصلاة، ثم حذف المضاف إليه -وهو البقلة، والساعة- وأقيمت صفته مقامه، فصار:"حبة الحمقاء، وصلاة الأولى" فلم يضف الموصوف إلى صفته، بل إلى صفة غيره.
انظر: شرح ابن عقيل (2/ 49).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا .. (2/ 918) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، كلاهما عن عبد الله بن نمير، عن عبيد الله به، وعن زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، عن يحيى القطان، عن عبيد الله به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من أين يخرُج من مكّة؟ (ص 256، ح 1576)، عن مسدّد عن يحيى القطَّان، عن عبيد الله به. =
⦗ص: 254⦘
= من فوائد الاستخراج: فيه علوٌّ نسبيٌّ، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنِّف جمع إسناد مسلم.
3702 -
حدثنا أبو داود السِّجْزي
(1)
، حدثنا عبد الله بن جعفر البَرْمَكِيّ
(2)
، حدثنا مَعْنٌ
(3)
، حدَّثنا مالكٌ، عن نافعٍ
(4)
، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بمثل ذلك
(5)
.
(1)
هو: سليمان بن الأشعثْ السِّجِسْتاني، صاحب السُّنن، والحديث في سننه (ص 216، 1866).
(2)
ابن يحيى بن خالد بن بَرْمك البرمكي، أبو محمد، "ثقة". التقريب (ت 3604).
(3)
هو: معن بن عيسى بن يحيى، الأشْجَعِي مولاهم، أبو يحيى المدني القَزَّاز، قال أبو حاتِم:"هو أثبت أصحاب مالكٍ وأوثقُهم"، أخرج له الجماعة.
انظر: الجرح والتعديل (8/ 277)، تقريب التهذيب (ت 7682).
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر ح / 3701.
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من أين يدخل مكَّة؟ (ص 256)، عن إبراهيم بن المنذر، عن معنٍ به، وانظر ح / 3701.
3703 -
حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي الجَحِيْم
(1)
، حدثنا
⦗ص: 255⦘
هارون بن موسى
(2)
، حدثنا عبد الله بن الحارث
(3)
، عن عبيد الله
(4)
، عن نافع، عن ابن عمر "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يدخل من أعلى مكَّة ويَخْرُج من أسْفَلِها
(5)
".
(1)
هو: إبراهيم بن محمد بن إسحاق بن أبي الجحيم -بفتح الجيم وكسر الحاء المهملة- أبو بكر البصري، الصَّيرفي، جاء بكنيته في تهذيب الكمال في ترجمة هارون بن موسى بن أبي علقمة (30/ 114)، وكذا في ترجمة عبد الله بن عبد الوهاب الحجي.
قال فيه للدَّارقطني: "لا بأس به، غَلِطَ في أحاديث"، وذكره ابن حبَّان في الثقات.
انظر: سؤالات الحاكم الدارقطني (ح 44)، الثقات لابن حبان (8/ 88)، الإكمال لابن ماكولا (1/ 51).
(2)
هو: هارون بن موسى بن أبي عَلْقَمة عبد الله بن محمد الفَرَوي المدني، "لا بأس به" ت / 253 هـ، وله نحو ثمانين سنة. التقريب (ت 8157).
(3)
ابن عبد الملك القرشي المخزومي، أبو محمد المكي.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(5)
انظر تخريج ح / 3702، 3701.
3704 -
حدَّثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا
(1)
أخبره، ح.
وحدثنا أبو أمية، حدَّثنا بِشْر بن عُمَر، حدثنا مالك، عن ابن شهابٍ، عن أنسٍ: "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل مكَّة عام الفتح وعلى رأسه المِغْفَر
(2)
"، فلما نَزعه جاءه رجلٌ
(3)
فقال: يا رسول الله، ابنُ خَطَلٍ
(4)
⦗ص: 256⦘
مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتار الكعبة، فقال:"اقتُلوه" قال مالك: "ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ مُحْرِمًا"
(5)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين، والحديث في موطئه (2/ 618 - 621).
(2)
المِغْفَر: -بكسر الميم، وسكون الغَيْن المعجمة، وفتح الفاء-: هو ما يجعل من الزَّرْد على الرأس مثل القُلنسوة، لِستْر الرأس ووقايته من الأذى.
انظر: غريب الحديث للهروي (3/ 348)، هدي الساري (ص 171).
(3)
لم أقف على اسم الرجل، ويظهر من روايات المغازي أنه من بني كعبٍ.
مغازي الواقدي (1/ 825)، سبل الهدى والرشاد للصالح الشَّامي (5/ 339).
(4)
هو: عبد الله بن خطل، وقيل في اسمه غير ذلك، رجل من بني تيم بن غالب كان =
⦗ص: 256⦘
= مسلمًا فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدِّقا، وكان معه رجل مسلم يخدُمه فأمره أن يصنع له طعامًا ونام، فاستيقظ ولم يصنع له شيئًا فَعَدا عليه فقتله، ثم ارتدَّ مشركًا، وكانت له قينتان تغنِّيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه، فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى استؤمن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمَّنها، ولما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما يوم فتح مكة: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال:"اقتلوه"، فقتله سعيد بن حريث المخزومي، وأبو برزة الأسلمي اشتركا في دمه.
انظر: التمهيد لابن عبد البر (6/ 157)، الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء (2/ 186).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز دخول مكَّة بغير إحرام، (2/ 989، ح 450) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، ويحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام (ص 298، ح 1846) عن عبد الله بن يوسف، وفي كتاب الجهاد -باب قتل الأسير وقتل الصبر (ص 503، 3044) عن إسماعيل بن أبي أويس، وفي كتاب المغازي -باب أين ركز النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟ (ص 724، ح 4286) عن يحيى بن قزعة، وفي كتاب اللباس -باب المغفر (ص 1025، 5808) عن أبي الوليد، سبعتهم عن مالكٍ عن نافع به، وأخرجه ابن خزيمة في مسنده (4/ 355) عن يونس بن عبد الأعلى به.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف زيادة صحيحة لا توجد عند صاحب الأصل، أخرجها البخاري في صحيحه من رواية يحيى بن قزعة المتقدم، وهي قوله:"قال مالك: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرمًا".
3705 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن مَيْمُون الإِسْكَنْدَرَانِي
(1)
، حدَّثنا الوَليد بن مسلم
(2)
، عن مالك بن أنس
(3)
، عن ابن شِهاب، عن أنسٍ قال: "دخلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكَّة وعلى رأسه المِغْفَر
(4)
".
(1)
هو: أبو بكر الإِسْكَنْدَرَاني.
(2)
القُرَشِي مولاهم، أبو العبَّاس الدِّمَشْقِي.
صرح بالتحديث عن مالك عند الطَّحاوي (3/ 329)، وابن حبان (9/ 37)، وغيرها، وتنتفي تهمة التَّسوية عنه برواية جمع كبير من الثِّقات هذا الحديث عن مالك بمثل إسناد الوليد بن مسلم عنه.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في موطئه (2/ 619) برواية يحيى اللَّيثي عنه وفي لفظه:"عام الفتح"، وانظر تخريج ح / 3704.
(4)
أخرجه ابن حبان في صحيحه (9/ 37)، عن سعيد بن عبد العزيز الحلبي، عن عبد السلام بن إسماعيل الدمشقي، عن الوليد بن مسلم به.
من فوائد الاستخراج: دقَّةُ لفظِ المصنِّف، حيثُ حُدِّد فيه التوقيت بـ "يوم فتحِ مكَّة" بينما حُدّد في لفظ مسلمٍ بـ "عامِ الفتح"، وكلاهما صحيح فإن أوَّلهما يدخل تحت ثانيهما، وتابع الوليد على لفظة:"يوم الفتح" عن مالك؛ يحيى بن قَزَعة عند البُخاري (ص 725، ح 4286)، هشام بن عمار وسويد بن سعيد عند ابن ماجه (السُّنن ص 477، ح 2805).
3706 -
حدَّثنا موسى بن عِيْسَى بن المُنذر الحِمْصِيُّ إمامُ
⦗ص: 258⦘
مَسْجِد
(1)
، حدثنا محمد بن مُصَفَّى
(2)
، حدثنا محمَّد بن حَرْب
(3)
، عن ابن
⦗ص: 259⦘
جُريج قال: حدَّثنا مالك بن أنس
(4)
، عن الزُّهري، عن أنسٍ أنَّه حدَّثه "أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه المِغْفَر زَمَنَ الفَتْحِ
(5)
".
(1)
أبو عمرو السُّلَمِيّ، ت / 280 هـ.
قال الإمام الذهبِيُّ عنه في تاريخ الإسلام (21/ 312): "قد قال عنه النسائي: ليس بثقة"، وأورده الحافظ ابن حجر في لِسَانِ الميزان (7/ 122) وقال:"وكتب النسائي عنه، وامتنع من الرواية عنه، قال حمزة الكِنَانِي: "سألتُ النَّسَائي عنه فقال: حمصِي لا أحدث عنه شيئًا ليس هو شيئًا"".
قُلت: يظهرُ من كلام النسائي أنَّ ضعفَه شديد، فإسناده ضعيف جدًّا، وقد تابعه جمع من الرُّواة عن محمد بن المُصَفَّى كما عند ابن حبَّان في صحيحه (9/ 115)، وهم: عبد الله بن محمد بن سَلْم، وعمر بن محمد بن بُجَير، ومحمد المُعَافَى، والحَسَن بن سفيان، وأبو عروبة، كلُّهم عن ابن المصفَّى به، على أنَّ المُتابعة لا تنفعُ إسناده في هذه الحالة، فيقال: ثبتَ الحديثُ من طرقٍ أخرى عن ابن المُصَفَّى به.
(2)
ابن بُهْلُول أبو عبد الله القُرَشِي الحِمْصِيّ، ت / 246 هـ.
قال أبو حاتم: "صدوق"، وقال صالح بن جَزَرة:"حدّث بمناكير، وأرجو أن يكون صدوقًا"، وأنكر عليه أحمدُ حديثًا واحدًا.
قال الذَّهبي: "كان ثقةً"، وقال ابن حجر:"صدوق له أوهام، وكان يدلِّس".
قلتُ: تابعه ثِقَةٌ (جعفر بن أحمد بن صالح) عن محمَّد بن حرب، عند الخطيب في تاريخ بغداد (7/ 204)، فدَلَّ على ضبطِه الحديثَ وعدم وهْمِه فيه.
انظر: الجرح والتعديل (8/ 104)، ميزان الاعتدال (4/ 43)، تهذيب التهذيب (9/ 460)، تقريب التهذيب (ت 7095).
(3)
الخَوْلَاني، أبو عبد الله الحِمصِيّ، الأَبْرَش، ت / 194 هـ. =
⦗ص: 259⦘
= قال الإمام أحمد: "ليس به بأس"، ووثَّقه ابن معين، والعِجْليّ، والنَّسائي.
انظر: تاريخ الدارمي (ص 80)، تاريخ الثقات للعجلي (402)، التعديل والتجريح للباجي (2/ 628)، تهذيب الكمال (25/ 44)، تقريب التهذيب (ت 6512).
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح /3704.
(5)
أخرجه ابن حبان في صحيحه (9/ 115) عن عبد الله بن محمد بن سَلْم، وعمر بن محمد بن بُجَير، ومحمد المُعَافَى، والحَسَن بن سفيان، وأبو عروبة، كلُّهم عن ابن المصفَّى به، وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (7/ 204) بسنده عن جعفر بن أحمد بن عاصم، عن محمد بن حرب، وفي (1/ 262) أيضًا بسنده عن إسماعيل بن الفضل البلخي، عن مكي بن إبراهيم، عن ابن جريج به.
من فوائد الاستخراج: يُعَدُّ حديث المستخرِج من رواية الأكابر عن الأصَاغر، حيثُ رواه ابن جريج عن مالك، وابن جريج أسنُّ من مالك وأقدم وفاة منه، حيث توفي سنة 146 هـ، بينما توفي مالك سنة 179 هـ، فهو من النوع الذي يكونَ الراوي فيه أقدمَ طبقةً وأكبرَ سنًّا منَ المرويِّ عنة، ولهذا أورد هذا الحديث محمد بن مخلد المروَزِي في كتابه:"ما رواه الأكابر عن مالك بن أنس"(ص 53)، وانظر شرح التَبْصرة والتَّذكرة للعراقي (3/ 64)، عند شرحه البيت ح 831.
3707 -
حدَّثنا أبو إسماعِيل
(1)
، حدَّثنا الحميدي
(2)
، حدثنا
⦗ص: 260⦘
سُفيان
(3)
، قال: حدثنا مالك بن أنس
(4)
، بإِسْنَاده "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل مكَّة وعلى رأسه المِغْفَرُ
(5)
".
(1)
هو: محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَمِي، أبو إسماعيل التِّرْمِذِي.
(2)
الحديثُ في مُسْنَدِه (2/ 509) عن سفيان بن عيينة به.
(3)
هو: ابن عيينة الهِلالي المكِّي.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في موطئه (2/ 619)، وانظر تخريج ح / 3704 والأحاديث التي بعده.
(5)
أخرجه النَّسائي في كتاب الحج (ص 444، ح 2868) عن عبيد الله بن فَضَالة، عن الحُميدي به، وانظر أحاديث الباب: 3704، 3705، 3706.
3708 -
(*حدثنا*)
(1)
يعقوب بن سُفيان
(2)
، ومحمد بن النُّعمان بن بَشير المَقْدِسِي
(3)
، قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس
(4)
، قال: حدثنا أبِي
(5)
، قال: أخبرني محمد بن مسلمٍ
(6)
أنَّ أنس بن مالك أخبره "أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفَتْحِ دخل مكَّة وعلى رأسِه المِغْفَرُ"، فلما نَزَعه عن رأسِه أتَاه رجلٌ فقال: يا رسول الله، هذا
⦗ص: 261⦘
ابْنُ خَطَلٍ مُتَعلِّقٌ بأسْتار الكعْبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتُلوه
(7)
".
(1)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(2)
هو الإمام يعقوب بن سفيان الفَسَوي.
(3)
أبو عبد الله النَّيْسَابُوري.
(4)
تقدَّم في ترجمته ما يفيد ضعفه، وتابعه هنا إسْمَاعِيْلُ بن أبان الورَّاق، وهو ثقةٌ كما في الحديث الذي بعده، إلا أن الراوي عن إسماعيل بن أبان الورَّاق لم أقف على ترجمته وحاله، فيبقى الإسنادُ ضعيفا.
(5)
هُوَ: عبد الله بن عبد الله بن أُوَيْسٍ الأصْبحي، أبو أويس المدني.
(6)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(7)
انظر تخريج أحاديث الباب: 3704، 3705، 3706.
3709 -
حدثنا أحمد بن موسى أبو جَعْفَر العَدْل
(1)
، حدثنا إسماعيل بن أبان
(2)
، حدثنا أبو أُوَيْس، عن الزُّهري
(3)
، عن أنسٍ "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مكُّة حِين (افتَتَحَها
(4)
) وعلى رأسه مِغْفَرٌ
⦗ص: 262⦘
من حَديدٍ
(5)
".
(1)
لم أقف على ترجمته، ولعلَّ الصحيح: أحمد بن موسى أبو جعفر المُعَدَّل -بضم الميم، وفتح العين، والدَّال المشددة المهملتين- اسم لمن عُدِّل وَزكَّى وقبلت شهادته عند القضاة، وبهذا الاسم الأخير ذكره المِزِّي في تهذيب الكمال، في تلاميذ إسماعيل بن أبان -شيخه في إسناد أبي عوانة- عند ترجمته له، وتابعه ابن سعدٍ كما في طبقاته (1/ 139) وأحمد بن يحيى الصُّوفي (كما في نكت ابن حجر 2/ 856) وأحمد بن مُوسى البزَّار (كما عند ابن عدي في الكامل 4/ 183) عن إسماعيل ابن أبان به، والحديث صحيح ثابت من طرق أخرى عن الزُّهري كما تبيَّن من أحاديث الباب.
انظر: الأنْسَاب للسَّمعاني (5/ 340)، تهذيب الكمال (3/ 7).
(2)
هو: إسماعيل بن أبَان الورَّاق الأزدي، أبو إسحاق، أو أبو إبراهيم الكوفي، ثقة ت / 210 هـ.
انظر: التقريب (ت 470).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
جاء ما بين القوسين في نسخة دار الكتب المصريَّة: (م) على صيغة الإفعال: "افتحها"، وفيها ركاكةٌ من النَّاحية اللُّغوية، فإني لم أقفْ في كتب اللُّغة على استعمالِ صيغة الإِفعال من فَتَحَ بمعنى الفَتْح، وإنما استخدموا فتح، وافتتح، واستُخدِمت =
⦗ص: 262⦘
= "افتَتَح" بمعنى "فتح البِلاد" كثيرا في الأحاديث النبويَّة، فأرى التي في النسخة الخطيَّة تصحيفًا، والله أعلم.
(5)
انظر تخريج أحاديث الباب: 3704، 3705، 3706، 3707.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف -إن صحَّ الحديثُ عن الزُّهري- تحديدٌ للمادّة التي أخذ منها المغفر، وهي الحديد، كما أن فيه تحديدا دقيقًا للزَّمن الذي لَبِس فيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المِغْفَر.
3710 -
حدثنا إبراهيم بن أبي دَاود الأسَدي
(1)
، حدثنا إبراهيم بن يحيى بن هانئ الشَّجَرِي
(2)
، ح.
⦗ص: 263⦘
وحدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمِي
(3)
، حدَّثَنَا إبراهيم بن يحيى ابن هانئ الشَّجَرِي، قال: حدَّثَني أبِي
(4)
، عن محمد بن إسحاق
(5)
قال: حدثني محمد بن عبد الله بن شهاب
(6)
، عن عمِّه
(7)
، عن أنس بن مالك "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسِه المِغْفَرُ"
(8)
.
(1)
هو: إبراهيم بن أبي داود سُليمان الأسَدي، أبو إسحاق البُرُلُّسِيُّ.
(2)
هو: إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد ابن هانئ، الشَّجري -بفتح المعجمة، والجيم- كان ينزل الشجرة بذي الحليفة فنُسِب إليها. الأنساب للسَّمعاني (3/ 404).
قال أبو حاتم: "ضعيف"، وذكره ابن حبان في الثقات.
قال محمد بن إسماعيل التِّرمذي: "لم أر أعمى قلبًا من الشَّجري، قلت له: حدَّثكم إبراهيم بن سعد فقال: حدثكم إبراهيم بن سعد، وقلت: حدثك أبوك فقال: حدثك أبوك، وقال مرة: حدثني إبراهيم بن سعد ولم أسمعه منه".
قال الذهبي: "ضعَّفه ابن أبي حاتم ومشَّاه غيره".
وقال الحافظ ابن حجر: "ليِّن الحديث".
قلتُ: حالته لا تحتملُ التَّفرد، ولم أقف على أحدٍ تابعه عن أبيه يحيى.
انظر: الجرح والتعديل (2/ 147)، الثقات (8/ 66)، تهذيب الكمال (2/ 230)، ميزان الاعتدال (1/ 74)، تقريب التهذيب (ت 299).
(3)
أبو إسماعيل التِّرمذي.
(4)
أبوه: يحيى بن محمد بن عباد ابن هانئ، الشَّجري -بفتح المعجمة، والجيم.
قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث"، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات، وروى له التِّرمذي.
وضعَّفه الذهبيُّ والحافظ ابن حجر، وزاد:"وكان ضريرا يتلقَّن".
قلتُ: هو مع ضعفِه لم أقف له على متابعٍ عن محمد بن إسحاق بن يسار.
انظر: الجرح والتعديل (9/ 185)، الثقات لابن حبان (9/ 255)، تهذيب الكمال (31/ 520)، الكاشف (2/ 375)، تقريب التهذيب (ت 8604).
(5)
ابن يَسَار، القُّرَشِيّ، المُطَّلبِي مولاهم.
(6)
هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهري، المدني، ابن أخي الزهري.
(7)
هو: محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شِهَاب الزُّهري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(8)
هذا إسناد ضعيف مُسَلْسَلٌ بتفرُّد عددٍ من الضُّعفاء بعضهم عن بعض، أمَّا متْن الحديث فصحيح ثابت عن الزُّهري من طرقٍ كما تبيَّن من تخريج أحاديث الباب.
وقد درج كثيرٌ من علماء المصطلح قديمًا وحديثا على التمثيل بهذا الحديث لفرد الثقة، وبعضهم سمَّاه بالشاذ الصَّحيح، وعَدُّوا الحديث من مفاريد مالك عن الزهري، =
⦗ص: 264⦘
= ومن أولئك العُلَماء: ابن الصلاح، وابن رجب، وابن كثير، وابن الملقِّن، والعراقي، والسِّيوطي، والأبْناسي، وغيرهم.
وقد اعترض البعض الآخر من العلماء على هذا المثال لفرد الثقة، ومنهم الزَّركشي، والحافظ ابن حجر.
قال الزَّركشِي في نُكَتِه على ابن الصَّلاح: "لم ينفرد بذلك، فقد رواه غيره عن الزهري عن أنس".
وقال الحافظ ابن حجر في نكته على مقدمة ابن الصلاح متعقِّبًا على ابن الصلاح: "تفرَّد به مالك عن الزهري": "تعقَّبه شيخنا -يريدُ العراقيَّ، التقييد والإيضاح ص 105 - بأنه قد روى من غير طريق مالك، فرواه البزَّار من رواية ابن أخي الزهري، وابن سَعْدٍ في الطبقات (2/ 139) وابن عديّ في الكامل (4/ 183) جميعا من رواية أبي أويس".
قال: "ذكر ابن عدي في الكَامِل (4/ 183) أنَّ معمرا رواه، وذكر المزيُّ في الأطراف (1/ 389) أنَّ الأوزاعي رواه".
قلتُ: طريق الأوزاعي أخرجه تمَّام الرازي في فوائده (ح/ 824) عن أبي القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم، عن أبي عمرو الأطروش الصرار، عن هشام بن خالد، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي به، إلا أن الحافظ ابن حجر صرَّح على حصول تدليس التَّسوية فيه من الوليد بن مسلم، وأن الأوزاعي لم يروه عن الزهري، بل رواه عن مالك عن الزهري.
ثمَّ سرد الحافظ ابن حجر أربعة عشر طريقًا عن الزُّهري غير الأرْبعة المذْكُورة، كلُّها لا تخلو من كلام، ثم قال بعد سرْدِها: "فهذه طرقٌ كثيرة غير طريق مالك، عن الزهري عن أنس رضي الله عنه فكيف يجمل ممن له ورع أن يتَّهم إماما من أئمة المسلمين بغير علم ولا إطلاع. =
⦗ص: 265⦘
= ولقد أطلت في الكلام على هذا الحديث، وكان الغرض منه الذبُّ عن أعراض هؤلاء الحفَّاظ، والإرشاد إلى عدم الطعن والرد بغير اطلاع.
وآفة هذا كلُّه الإطلاق في موضع التقييد.
فقول من قال من الأئمة: إن هذا الحديث تفرد به مالك عن الزهري ليس على إطلاقه، إنما المراد به بشرط الصحة.
وقول ابن العربي: إنه رواه من طرق غير طريق مالك إنما المراد به في الجملة سواء صح أو لم يصح، فلا اعتراض ولا تعارض.
وما أجود عبارة الترمذي في هذا فإنه قال -بعد تخريجه-: "لا يعرف كبير أحد رواه عن الزهري غير مالك".
وكذا عبارة ابن حبان: "لا يصح إلا من رواية مالك، عن الزهري".
فهذا التقييد أولى من ذلك الإطلاق.
وهذا بعينه حاصل الكلام على حديث: "الأعمال بالنّيّات" والله الموفق" انتهى كلام ابن حجر.
قلتُ: يظهر من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله، أن الحديث لم يصحَّ إلا عن مالك، ولكنَّه لم يتفرد به، بل رواه غيره أيضًا، فمن قال:"تفرد به مالك"، فإنه يرمي إلى أنه لم يصح إلا عن مالك، ومن قال:"لم يتفرَّد به مالك"، فإنما يريد بذلك أنَّ الحديث رواه غير مالك أيضًا، بغضِّ النظر عن الصِّحة وعدمها، وعلى مثل هذا التفسير يحمل كلام الزركشِي المتقدم.
انظر: مقدمة ابن الصلَّاح مع التقييد والإيضاح (ص 104، 105)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 630)، الباعث الحثيث لابن كثير (ص 57)، شرح التبصرة والتذكرة (1/ 195)، المقنع في علوم الحديث لابن الملقِّن (ص 168)، النكت على ابن الصلاح للزَّركَشي (2/ 149)، الشذا الفيَّاح للبرهان الأبناسي (1/ 181)، =
⦗ص: 266⦘
= النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر (2/ 654 - 670)، تدريب الراوي للسيوطي (1/ 234).
بابُ بَيانِ إبَاحةِ الرُّكُوبِ لِلنَّاذِر بِالمَشْيِ إِلَى بيْتِ الله تبارك وتعالى
3711 -
حدَّثنا أبو يُوسف الفَارِسي
(1)
، حدَّثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغَمْر
(2)
، قال: حدثني (المُفَضَّل) بن فَضَالَة
(3)
، عن عبد الله بن عيَّاش، عن يزيد بن أبي حبيب
(4)
، عن أبِي الخَير
(5)
، عن عُقبة بن عامر أنَّه قال: نذرتْ أُخْتِي أنْ تمشيَ إلى بيت الله حافيةً، فأمرتْني أن أستفتِيَ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستَفْتَيْتُه فقال: "لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ
(6)
".
(1)
هو: الإمام يعقوب بن سفيان الفَسَوي، صاحب المعرفة والتاريخ.
(2)
هو: عبد الرحمن بن أبي الغَمْر، واسم أبي الغمر: عمر، السَّهمي مولاهم، المصريُّ الفقيه.
(3)
ابن عُبَيْد بن ثُمَامَة القِتْباني -بكسر القاف، وسكون المثناة الفوقية، بعدها موحدة- المصريُّ، أبو معاوية القاضي.
(4)
أبو رجاء المصري، واسم أبي حبيب: سُويد.
(5)
مَرْثَد بن عبد الله أبو الخير اليَزَنيُّ، ثقة فقيه، ت / 90 هـ. التقريب (ت 6547).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الأَيمان -باب: من نذر أن يمشي إلى الكعبة (3/ 1264، ح 11) عن زكرياء بن صالح المصري، عن المفضل بن فَضَالة به، وأخرجه البخاري في كتاب جزء الصيد -باب من نذر المشي إلى الكعبة (ص 300، ح 1866) عن =
⦗ص: 267⦘
= إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن سعيد بن أبي أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب به.
من فوائد الاستخراج: أورد المستخرِج الحديث في كتابٍ غير الكتاب الذي أورده فيه صاحب الأصل -صحيح مسلم- مما يعيِّن مناسبةً أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل.
3712 -
حدثنا يُوسُف بن سَعِيد المِصِّيْصِي، حدثنا حجَّاج، عن ابن جُريج
(1)
قال: أخبرني سعيد بن أبي أيُّوب
(2)
، عن يزيد بن أبي حبيب أخبره، أن أبا الخير حدَّثه، عن عُقبة بن عامر الجُهني أنَّه قال: نذرتْ أختي أن تمشي إلى بيت الله، فأمرتني أن أستفتي لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فاستَفْتَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال:"لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ" قال: وكان أبو الخَيْر لا يُفارق عُقْبة
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو الخُزاعي -مولاهم- المصري، أبو يحيى بن مِقلاص.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الأيمان -باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة (3/ 1264، ح 12) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج به، محيلا متنه على حديث المفضل بن فضالة قبله، وأخرجه النسائي عن يوسف بن سعيد المِصِّيصي به.
واختلف في هذا الحديث على ابن جريج في شيخه، فرواه هِشام بن يُوسف (كما في البخاري ص 300، ح 1866) وعبد الرزاق بن همَّام (كما في الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه) وحجَّاج (كما في سنن النسائي ص 589، ومسند أحمد 2/ 154، وأبي عوانة في هذا الحديث / 3712، وح / 3713)، ومحمد بن بكر =
⦗ص: 268⦘
= (كما عند الإمام أحمد في المسند 4/ 152) أربعتهم عن ابن جريج عن سعيد ابن أبي أيوب به.
وخالفهم أبو عاصم الضَحَّاك بن مخْلد (كما في صحيح البخاري 300)، وروح بن عبادة (كما في مسلم 3/ 1264، وأبي عوانة ح / 3715) فروياه عن ابن جريج عن يحيى بن أيوب به.
قال أبو عوانة في ح / 3713: "قال الصَّغاني: هو الصحيح، يعني سعيد بن أبي أيوب"، لكنَّ الإسماعيلي رجَّح رواية أبي عاصم، وروح لاتفاقهما على خلاف ما قال هِشام بن يوسف.
وتعقَّبه الحافظ ابن حجر فقال: "ورجح الأوَّل الإسماعيليُّ لاتفاق أبي عاصم وروح على خلاف ما قال هشام، لكن يعكِّر عليه أن عبد الرزاق وافق هشامًا، وهو عند أحمد ومسلم ووافقهما محمد بن بكر عن بن جريج، وحجَّاج بن محمد عند النَّسائي، فهؤلاء أربعة حُفَّاظ رووه عن ابن جريج عن سعيد بن أبي أيوب، فإن كان الترجيح هنا بالأكثرية فروايتهم أولى، والذي ظهر لي من صنيع صاحبي الصحيح أنَّ لابن جريج فيه شيخين".
من فوائد الاستخراج: في الحديث المستخرَج عدة فوائد منها:
• أورد المصنِّف الحديث في كتاب غير الكتاب الذي أورده فيه صاحب الأصل، مما يعيِّن مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل.
• العلوُّ النسبي، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنِّف مع إسناد مسلم.
• في الحديث المستخرَج بيان للمتن المحال به على المتن المحال عليه في صحيح مسلم، فإن مسلما لم يذكر متن حديث ابن جريج، بل أحاله على حديث المفضل بن فضالة قبله. =
⦗ص: 269⦘
= انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 96).
3713 -
وحدثنا الصغاني، حدثنا أبو عُبيد
(1)
، عن حَجَّاج، بمثله، قال الصغاني: هو الصَّحِيح يعني سعيد بن أبي أيُّوب
(2)
.
(1)
القاسم بن سَلَّام المروزي ثم البَغْدادي القاضي، صاحب التَّصانيف المشهورة.
(2)
انظر تخريج ح / 3712.
من فوائد الاستخراج: فيه فائدة حديثية، وهي كلام الصَّغاني على الحديث.
3714 -
حدثنا الدَّبري
(1)
، عن عبد الرزَّاق
(2)
، عن ابن جريج قال: أخبرني سعيد بن أبي أيُّوب بإسناده ذكر مثلَه
(3)
.
(1)
إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد الصَّنعاني الدَّبري، أبو يعقوب.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في مصنَّفه (8/ 451).
(3)
أخرجه مسلم كما تقدم في كتاب الأيمان -باب: من نذر أن يمشي إلى الكعبة (3/ 1264)، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به، وانظر ح /3712.
3715 -
وحدثنا الصغاني، أخبرنا رَوْح
(1)
، أخبرنا ابن جُريج، قال: أخبرني يحيى بن أيُّوب، كذا قال رَوْح: عن يزيد بن أبي حبيب أخبره، فذكر بمثله سَواء
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الأيمان -باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة (3/ 1265، ح 12) عن محمد بن حاتم، وابن أبي خلف، والبخاري في كتاب جزاء الصيد -باب من نذر المشي إلى الكعبة (ص 300، ح 1866) عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج به، محيلا متن حديث أبي عاصم على حديث هشام بن يوسف قبله. =
⦗ص: 270⦘
= من فوائد الاستخراج:
• العلو النسي، لتساوي عدد رجال إسنادي المصنف وصاحب الأصل.
• أورد صاحب المستخرَج الحديث في كتاب آخر غير الكتاب الذي أورده فيه صاحب الأصل، مما يعين مناسبةً أخرى للحديث.
باب ذكر الخبر المُوجِب قضَاء النْذر بالحجِّ عن النَّاذر إذا مات ولم يَفِ به أوصى بذلِك أم لَا، والدْلِيْل على أنَّ الحجَّ الواجِب من جميع المال، أمر به الميِّتُ أم لَا، يَقْضِيْ عَنْهُ وَلِيُّهُ
3716 -
ز- حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، أخْبرَنا الحَسَن بن مُوسَى، وأبو النَّضْر
(1)
، ح.
وحدثنا أبو داود الحراني
(2)
، حدثنا وهب بن جرير، ح.
وحدثنا أبو أمية
(3)
، حدثنا الأسود بن عامر، وأبو النَّضر، ح.
وحدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(4)
، قالوا: حدثنا شعبة قال: جعفر بن إياسٍ أخبرني، قال: سمعت سعيد بن جبير
⦗ص: 271⦘
يحدِّث، عن ابن عباس: أنَّ رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
(5)
: إنَّ أُختي نذرت أن تَحُجَّ وإنَّها ماتَتْ، قال:"لو كان عليها دَينٌ أَكُنْتَ قَاضِيَه" قال: نعم، قال:"فاقضوا الله، فهو أحقُّ بالوَفَاء" واللفظ للصَّغَاني، ومسلمٌ لم يخرج هذا الحديث في كتابه الصحيح، وأخرجه غيره
(6)
، ولعلَّ الحديث الصَّحِيْحَ إنما هو حديثٌ
(7)
.
(1)
هو: هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي، أبو النضر البغدادي.
(2)
هو: سليمان بن سيف بن يحيى الطائي -مولاهم- أبو داود الحراني.
(3)
هو: محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي، أبو أمية الطَّرسوسي.
(4)
هو: أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، صاحب المسند، والحديث في مسنده (ص 341، ح 2621).
(5)
لعلَّه سِنَان بن عبد الله الجهني، حيث أمرتْه امرأته بذلك، كما عند النسائي، وابن خزيمة من طريق موسى بن سَلَمة الهُذلي عن ابن عباس به.
انظر: سنن النسائي (ص 411)، صحيح ابن خزيمة (4/ 343).
(6)
أخرجه البُخاري في صحيحه في كتاب الأيمان والنُّذور -باب من مات وعليه نَذْرٌ (ص 1156، ح 6699) عن آدم، عن شعبة به، وفي كتاب الحج -باب الحج والنُّذور عن الميِّت، والرُّجل يحجُّ عن المرأة (ص 299، ح 1852) عن موسى ابن إسماعيل، وفي كتاب الاعتصام -باب من شبَّه أصلًا معلوما مبيَّن، وقد بيَّن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُكمَهما ليُفْهِمَ السائل (ص 1259، ح 7315) عن مسدّد، كلاهما عن أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن إياس به، إلا أنه جاء في رواية أبي عوانة "امرأة إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم".
(7)
تقدَّم أن الحديث أخرجه البُخاري في صحيحه، ولم يخرجه مسلمٌ عن أبي بشر، وقد اختلف رواتُه في ألفاظه، فرواه شعبة عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير (كما عند البخاري ص 1156) بلفظ:"أتى رجك النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختي نذرت أن تحج، وإنها ماتت"، ورواه عنه أبو عوانة الضحَّاك اليَشْكُري (كما في البخاري ص 299، 1259) بلفظ: "أن امرأة جاءت. . إنَّ أمي نذرت أن تحجَّ، فماتتْ قبل أن تحجَّ". =
⦗ص: 272⦘
= وخالفه مسلم البَطين (كما في صحيح البخاري ص 314، وصحيح مسلم 2/ 804)، والحكم بن عُتيبة (كما في صحيح مسلم 2/ 804)، فروياه عن سعيد بن جبير، فذكرا الصَّوم، ولم يذكرا الحجَّ، وجعلا السائل عن المسئلة رجلًا يسأل عن صيام كانت على أمِّه ماتت عنها، واختلف الرواة على الأعمش راوي الحديث عن مسلم البَطين في عدد أيَّام الصِّيام، ولأجل هذا الاختلاف حكم البعضُ على هذا الحديث بالاضطراب، ويظهر من كلام المصنِّف أبي عوانة أنه يقدِّم روايتي مسلم البطين، والحكم بن عتيبة، على رواية جعفر بن إياس التي رواها البخاري في الصحيحة، ويعتبر الأخيرة شاذَّة، والحقُّ أن كُلًّا من الحديثين محفوظٌ ومخرَّج في الصَّحيح، وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذا الاختلاف بجوابين، أبدأُ بأقواهما:
الجواب الأول: قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 78): "وزعم بعض المخالفين أنه اضطراب يعلُّ به الحديث، وليس كما قال، فإنه محمول على أن المرأة سألت عن كلٍّ من الصوَّم والحج، ويدلُّ عليه ما رواه مسلم (صحيح مسلم 2/ 805) عن بريدة: "أن امرأة قالت: يا رسول الله، إني تصدّقت على أمي بجارية وأنها ماتت، قال: وجب أجرك وردّها عليك الميراث، قالت: إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها، قالت: إنها لم تحجَّ أفأحج عنها؟ قال: حُجِّي عنها".
وقال في موضع آخر في الفتح (4/ 230): "وأما الاختلاف في كون السائل رجلًا أو امرأة، والمسئول عنه أختا أو أمًّا، فلا يقدح في موضع الاستدلال من الحديث؛ لأن الغرض منه مشروعية الصوم أو الحج عن الميِّت، ولا اضطراب في ذلك"، وقد جمع ابن حجر بين تلك الرِّوايات فارجع إليها.
الجواب الثاني: قال الحافظ ابن حجر (الفتح 4/ 78): "وقد ادَّعى بعضهم =
⦗ص: 273⦘
= أن هذا الحديث اضطرب فيه الرُّواة عن سعيد بن جبير، فمنهم من قال: إن السائل امرأة، ومنهم من قال: رجل، ومنهم من قال: إن السؤال واقع عن نذر، فمنهم من فسره بالصوم، ومنهم من فسره بالحج. . . والذي يظهر أنهما قِصَّتان، ويؤيِّده أن السائلة في نذر الصَّوم خثعمية كما في رواية أبي حريز المعلقَّة (صحيح البخاري ص 314) والسائلة عن نذر الحج جُهنية. . . وقد قدمنا في أواخر الحج أن مسلمًا روى من حديث بريدة أنَّ امرأة سألت عن الحج وعن الصَّوم معا" ا. هـ كلام ابن حجر.
قلتُ: رواية أبي حَريز وصلها ابن خزيمة (3/ 271) في صحيحه، ولكنَّ أبا حريزٍ عبد الله الحسين الأزدي فيه ضعفٌ، وقد خالف الثِّقات في عدد أيام الصِّيام، قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ. (التقريب ح 3628).
من فوائد المستخرَج:
زاد المصنِّف صاحب المستخرَج حديثًا في الباب، لم يخرجْه صاحب الأصل.
3717 -
حدَّثَنَاهُ الزَّعَفْرَانِي
(1)
، حدثنا عَبِيْدَة
(2)
، قال: حدثني سُليمان الأعمش
(3)
، عن مسلم البَطِين
(4)
، عن سعيد بن جبير، عن ابن
⦗ص: 274⦘
عبَّاس قال: أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: إنَّ على أختي صوم شهْرٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرأيتَ لو كان على أختِك دينٌ أكُنتَ تقضيه عنها؟ " قال: نعم، قال:"فدينُ الله أحقُّ أن تقضيَه"
(5)
.
(1)
الحسن بن محمد بن الصَّبَّاح، أبو علي الزَّعَفْرَاني، البغدادي، صاحب الشافعي.
(2)
هو: عَبيدة -بفتح أوَّله- بن حميد بن صُهَيْب التَّيمِي، وقيل اللَّيثي، وقيل الضَّبِّي، أبو عبد الرحمن الكوفي ت / 190 هـ.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هو: مسلم بن عمران، ويقال ابن أبي عمران، البَطِين -بفتح موحَّدة وكسر مهملة خفيفة وبنون-.
انظر: المغني في ضبط أسماء الرجال لمحمد طاهر الهندي (ص 41).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الصِّيام -باب قضاء الصيام عن الميت (2/ 804، ح 154، 155) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يُونس، وعن أحمد بن عمر الوكيعي، عن حسين بن علي، وأخرجه البخاري في كتاب الصوم -باب: من مات وعليه صوم (ص 314) عن محمد بن عبد الرحيم، عن معاوية بن عمرو، كلاهما عن زائدة، ثلاثتهم عن الأعمش به، إلَّا أن في رواية عيسى بن يونس "امرَأَة" بدلَ "رَجُل"، واتفق الثَّلاثة على أن المسؤول عنه أُمُّ السائل، بينما المسؤول عنه في لفظ المصنِّف أعلاه أخت السائل.
من فوائد الاستخراج: فيه فوائد، منها:
• علوُّ الإسناد، حيث على إسنادُ المصنِّف إسنَادَ مسلم برجل واحد، ففي طريق أحمد الوكيعي، بين مسلم وسليمان الأعمش ثلاثة رجال، بينما عند أبي عوانة رجلان.
• أورد المستخرِج الحديث في كتابٍ غير الكتاب الذي أورده فيه صاحب الأصل، مما يعيِّن مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل، ولعلَّ المصنِّف استوحى ترجمة الباب من الحديثين الأخيرين في الباب من باب القياس، لأنه ردَّ حديث أبي بشر.
3718 -
كذلك حدثنا سعيد بن مسعود
(1)
، ومحمد بن معاذ
⦗ص: 275⦘
المروَزِيَّان
(2)
، قالا: حدثنا زكَرِيَّا بن عَدِيٍّ
(3)
، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أُنَيْسَة
(4)
قال: حدثنا الحكم بن (عُتَيْبَة)
(5)
، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس قال: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ فقال:"أَكُنتِ قاضية دينا لو كان على أمِّك؟ " قالت: نعم، قال:"فصُومِي عنها"
(6)
.
⦗ص: 276⦘
ورواه الأعمش، عن الحَكَمِ، عن سَعِيد ابن [جُبير
(7)
] * بنحو هذا
(8)
،
⦗ص: 278⦘
وهذين محدثين *
(9)
.
(1)
ابن عبد الرحمن المَرْوَزِي.
(2)
هو: محمد بن معاذ بن يوسف بن معاوية أبو بكر المروزي، صرح أبو عوانة باسم جده في مواضع أخرى من المستخرج، كما صرح المزي بكنيته واسم جده الأعلى في الرُّواة عن زكَرِيَّا بن عَدِيّ (تهذيب الكمال 9/ 367)، وذكره أبو أحمد الحاكم النيسابوري في الأسامي والكنى (2/ 201)، وقال:"سمع أبا محمد عَمْرو ابن حماد بن طلحة القناد، وَأبا الهيثم خالد بن مخلد، كَنَّاهُ ونسبه لنا عُمَر ابن أحمد بن علي الجوهري"، كما ذكره ابن منده في فتح الباب (ص 111)، ولم أقف فيه على جرح أو تعديل.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هو الجَزَري، أبو أسامة الكوفيّ، ثمَّ الرُّهاوي.
(5)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "عتبة"، والتَّصويب من إتحاف المهرة (7/ 102)، وصحيح مسلم (2/ 804).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الصيام -باب قضاء الصيام عن الميت (2/ 804، ح 156) عن إسحاق بن منصور، وابن أبي خلف، وعبد بن حميد، جميعا عن زكريَّاء ابن عديٍّ به. =
⦗ص: 276⦘
= من فوائد الاستخراج: فيه علوٌّ نسبيٌّ: المُساواة بين المصنف ومسلم في عدد رجال إسناديهما.
(7)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستَدْركتُه من صحيح مسلم.
(8)
أخرجه مسلم في كتاب الصِّيام -باب قضاء الصِّيام عن الميِّت، (ت 2/ 804، ح 155)، عن أبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، عن أبي خالد الأحمر، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، ومسلم البَطِين، عن سعيد ابن جبير، ومجاهد، وعطاء، عن ابن عبَّاس به، وأحال مسلمٌ متن حديثه على متن حديث زائدة عن الأعمش قبله، مع أن بين كلا اللَّفظين، اختلافا في ثلاثة مواضع، أولها: السائلة في هذا الحديث امرأة، وفي حديث زائدة السائِل رجلٌ، ثانيها: في هذا الحديث: "عليها صوم شهرين"، وفي حديث زائدة:"صوم شهر"، ثالثها: في هذا الحديث "أختي"، وفي حديث زائدة:"أمِّي"، وقد نبه الحافظ على هذا (فتح الباري، 4/ 230)، وانظر سنن الترمذي (ص 178).
وذكر البخاري رواية أبي خالد الأحمر معلَّقةً بصيغة التمريض. (صحيح البخاري ص 314، ح 1953).
والحديث من الأحاديث التي استدركها الدارقطني على الشيخين.
قال الدارقطني في الإلزامات والتتبع (ص 442 - 444): "خالفه -أي أبا خالد الأحمر- جماعةٌ، منهم شعبة، وزائدة، وعيسى بن يونس، وأبو معاوية، وابن نمير، وجرير، وعبثر بن القاسم، وغيرهم، رووه عن الأعمش، عن مسلم، عن سعيد عن ابن عبَّاس، وبَيَّن زائدة في روايته من أين دخل الوهم على أبي خالد، فقال في آخر الحديث: فقال سلمة بن كُهيل والحكم وكانا عند مسلم -يعني البطِين- حين حدث =
⦗ص: 277⦘
= بهذا: ونحن سمعْناه من مجاهد عن ابن عبَّاس".
وقال الإمام البخاري كما حكاه عنه التِّرمذي (سنن الترمذي ص 178): "جوَّد أبو خالد الأحمر هذا الحديث، وقد روى غير أبي خالد عن الأعمش مثل رواية أبي خالد، وروى أبو معاوية وغير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن مسلم البطِين، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا سلمة بن كُهيل، ولا عن عطاء، ولا عن مجاهد".
وخالفه ابن خزيمة القولَ فقال (3/ 272): "لم يقل أحد عن الحكم، وسلمة إلا هو".
وأبو خالد تكلم في حديثه عن الأعمش، والذين خالفوه من الثقات الأثبات عن الأعمش، مثل زائدة، وأبي معاوية، فحديثه شاذا لمخالفته لمن هو أوثق منه وأكثر، وإلى ذلك أشار الدارقطني بقوله، والإمام مسلم بفعله حيث قدم حديث زائدة على حديث أبي خالد الأحمر، وذكر بعد حديث زائدة قول الأعمش:"قال سليمان: فقال الحكم وسلمة بن كهيل جميعا، ونحن جلوس حديث حدث مسلم بهذا الحديث، فقالا: سمعنا مجاهدا يذكر هذا عن ابن عباس" في إشارة من الإمام مسلم رحمه الله إلى وهم أبي خالد الأحمر ومن أين دخل عليه.
وقال الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص 377): "قد أوضحتُ هذه الطرق في كتابي تغليق التَّعليق، وبيَّنَتُ أنه لا يلحق الشيخين في ذكرهما لطريق أبي خالد لوم؛ لأن البخاري علَّقه بصيغة تشير إلى وهمه فيه، وأما مسلمٌ فأخرجه مقتصرًا على إسناده دون سياق متنه".
وقال في النُّكت (1/ 336 - 337) في إسناد أبي خالد: "وهذا الإسناد صحيح إلا أنه معلَّل بالاضطراب لكثرة الاختلاف في إسناده ولتفرد أبي خالد بهذه السياقة، وقد خالفه فيها من هو أحفظ وأتقن فصار حديثه شاذا للمخالفة". =
⦗ص: 278⦘
= وانظر: شرح علل ابن رجب (5/ 712 - 718)، تغليق التعليق (3/ 193).
(9)
الجملة بين النَّجمين هكذا وردت في نسخة دار الكتب المصريَّة: (م)، وهي ركيكةٌ السِّياق، ولعَلَّ المقصود منها، أنَّ الأعمش روى كلتا الرِّوايتين مصرِّحًا فيهما بالتِّحديث، (علمًا إني لم أقف على تصريحه بالتَّحديث في روايته عن الحكم، وهي التي رواها عنه أبو خالد الأحمر عند مسلم كما في التخريج السابق)، أو يكون المقصود أنَّ كلتا الروايتين عن سعيد بن جبير مصرَّحٌ فيهما بالتحديث، واحتمال ثالث، أن يكون المصنِّف أراد بكلامه هذا شيخيه في هذا الإسناد، وهما سعيد بن مسعود، ومحمد بن معاذ المَرْوَزِيَّان، وكان المنبغي في هذه الحال أن تكون الجملة:"وهذان محدِّثَان"، والله أعلم.
باب بَيان إِسْقَاطِ الهَدْي عن المرأة التي تَعْتَمِر ثُمَّ تَحِيْض يُفْسِدُ عمرتَهَا حَيْضُها وتُهِلُّ بالحجِّ ثمَّ تعتمر بعدُ، والدَّليل على إسقاط الهّدْي عن المُتَمَتِّع الذي يُفْسِدُ عمرته ويُهلُّ بالحَجِّ
(1)
(1)
استدلَّ المصنِّف بالحديث الآتي في هذا الباب على فساد عمرة الحائض، وبكلام هشام المدرج "ولم يكنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ ولا صِيامٌ ولا صدقةٌ" على إسقاط الهدي عن من هذه حالته، وأنَّ عائشة رضي الله عنها لم تكن قارنة، وأنها لو كانت قارنة لوجب عليها الهدي للقران، وحمل قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها:"ارفُضِي عمرتَكِ"، على ظاهره، لكن الجمع بين الألفاظ المختلفة لحديث عائشة رضي الله عنها يقتضي أن حيضَها لم يُفسد عمرتَها، بل اضطرت إلى ترك أعمالها وإدخال الحج عليها، فأصبحت بذلك قارنة، ويظهر ذلك جليًّا من أحاديث الباب الذي يليه: ح / 3723، 3724، وأحاديث الباب: باب الدليل على الإباحة للمعتمر أن يضم إلى عمرته حجة إن اضطر إلى ذلك. . . ح / 3731، 3732، 3733، كما سيأتي، حيث قال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم النفر:"يكفيك طوافك لحجك وعمرتك"، وقوله صلى الله عليه وسلم:"أمْسِكِي عن العُمرة"، وأمَّا الهدْي فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها "أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى عن نسائِه بالبقر"، وروى مسلم (2/ 956) من حديث جابر "ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة يوم النحر"، فيحمل على أنَّه صلى الله عليه وسلم أهدى عنها من غير أن يأمرها بذلك ولا أعلمها به، وهذا الجمع اختاره جمع من المحققين منهم، القرطبي، والنووي، وابن حجر، وغيرهم.
قال القرطبي: "أشكل ظاهر هذا الحديث "ولم يكن في ذلك هدي" على جماعة، حتى قال القاضي عياض: لم تكن عائشة قارنة ولا متَمَتِّعة وإنما أحرمت =
⦗ص: 280⦘
= بالحجِّ ثم نوتْ فسخه إلى عمرة فمنعها من ذلك حيضها فرجعت إلى الحجِّ فأكملتْه، ثم أحرمت عمرة مبتدأة فلم يجب عليها هدي، قال: وكأنَّ عياضا لم يسمع قولها: "كنتُ مِمَّن أهلَّ بِعُمرة"، ولا قوله صلى الله عليه وسلم:"طوافكِ يسعكِ لحجكِ وعمرتكِ"، والجواب عن ذلك أن هذا الكلام مدرج من قول هشام، كأنه نفى ذلك بحسب علمه، ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر، ويحتمل أن يكون قوله:"لم يكن في شيء من ذلك هدي" أي لم تتكلف به بل قام به عنها".
وقال ابن خزيمة: "معنى قوله: "لم يكنْ في شيءٍ من ذلك هَدْيٌ"، أي في تركها لعمل العمرة الأولى وإدراجها لها في الحج، ولا في عمرتها التي اعتمرتها من التنعيم أيضًا".
قال الحافظ ابن حجر: "وهذا تأويل حسن".
قُلْتُ: وسبب هذا الاختلاف اختلاف الألفاظ الواردة عن عائشة رضي الله عنها في تحديد النُّسك الذي أحرمت به مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حتى قال ابن أبي مليكة (كما في ح/ 3726، 3727) لأيُّوب السّخْتِياني: "ألا تعجب؟ حدثني القاسم، عن عائشة وهي عمَّته، أنهَّا أهلَّت بالحجِّ، وحدَّثني عروة وهي خالته أنها قالت: أهللت بِعُمرة".
وذهب بعض العلماء إلى تغليط عروة، في روايته عن عائشة رضي الله عنها أنها أهلَّت بعمرة، وأن الصَّواب روايةُ الأسود والقاسم عن عائشة، أنهَّا أهلت بالحجِّ مفردا، مع أنَّ كلَّ تلك الرِّوايات مخرَّجة في الصَّحيحين، وممَّن ذهب إلى هذا إسماعيل القاضي، وابن عبد البر.
قال ابن عبد البر بعد سرد ألفاظ حديث عائشة رضي الله عنها المختلفة: "فهذه الألفاظ مع ما تقدم من قولها في رواية الحُفَّاظ أيْضًا "خرجنا لا نرى إلا الحج" دليل على أنها لم تكن معتمرة ولا مُهِلَّة بعمرة كما زعم عروة، والله أعلم، فإذا لم تكن كذلك =
⦗ص: 281⦘
= فكيف يأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم برفض عمرة وهي محرمة بِحَجَّة لا بعمرة، قال إسماعيل بن إسحاق: قد اجتمع هؤلاء يعني القاسم وعمرة والأسود على الرواية التي ذكرنا فعَلِمْنَا بذلك أنَّ الرِّواية التي رويت عن عروة غلط، ويَشْبَه أن يكون الغلط إنما وقع فيه أنهَّا لم يمكنها الطَّواف بالبيت وأن تَحِلَّ بِعُمْرةٍ كما فعل من لم يسق الهدي فأمرها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن تترك الطواف وتمضي على الحج فتوهموا بهذا المعني أنهَّا كانت معتمرة وأنها تركت عمرتها وابتدأت الحج".
ثم قال ابن عبد البر: "الاضطراب عن عائشة في حديثها هذا في الحجِّ عظيم وقد أكثر العلماء في توجيه الرِّوايات فيه ودفع بعضُهم بعضًا ببعضٍ ولم يستطيعوا الجمع بينها، ورام قوم الجمع بينها في بعض معانيها".
قلتُ: قد جمع بعض المحققين من المتأخرين -منهم القاضي عياض، والنَّووي، والحافظ ابن حجر- بين تلك الألفاظ جَمْعا موفَّقًا يضمن عدم ردِّ أحاديث صحيحة أخرجها أرباب الصِّحاح.
قال القاضي عياض: "اختلفت الآثار عن عائشة فيما فعلته اختلافا كثيرا، فذكر منها مسلم ما تقدم -يعني: حديث عروة أنها أهلَّت بعمرة- ذكر أيضًا عنها في حديث القاسم: "لبينا بالحج" وعنها في حديثه -أيضًا-: "خرجنا مُهِلِّين بالحج"، وفيه حين أمر الناس بالعمرة، قولها: "سمعت كلامك فمنعتُ العمرة"، وقوله لها: "عسى الله أن يرزقكيها"، وفي حديث آخر لا يذكر إلا الحج، كل هذا يصرح أنها أهلت بالحج، وذكر عنها في رواية الأسود: "نلبي لا نذكر حجا ولا عمرة"،. . وأن الجمع بين ذلك ممكن، وكان إهلالها بالحج كما نص عليه أولئك أولا، وكما أنه الأثبت، والصحيح عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم أهلتْ بالعمرة حين أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بفسخ الحج في العمرة، وهذا فسَّره القاسم في حديثه، فأخبر عروة =
⦗ص: 282⦘
= عنها باعتمادها الآخر، الذي جرى فيه الحكم في حيضها قبل تحللِها منه، ولم يذكر أول أمرها".
قال النَّووي: "قال القاضي: وقد تعارض هذا بما صحَّ عنها في إخبارها عن فعل الصحابة واختلافهم في الإحرام وأنَّها أحرمت بعمرة، فالحاصل أنه أحرمت بحج، ثم فسخته إلى عمرة حين أمر النَّاس بالفسخ، فلما حاضت وتعذر عليها إتمام العمرة والتحلل منها وإدراك الإحرام بالحج، أمره النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بالإحرام بالحج، فأحرمت فصارت مُدْخِلة للحج على العمرة وقارنة".
قلتُ: قد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذا الإشكال الأخير، وهو إخبارها عن اختلاف الصحابة في الإحرام وانها أحرمت بعمرة، فقال:"وظاهره -يعني ظاهر الأحاديث المروية عن عائشة- أن عائشة مع غيرها من الصحابة كانوا أوَّلًا محرمين بالحج، لكن في رواية عروة عنها هنا: "فمِنَّا من أهلَّ بِعُمرة، ومنَّا من أهلَّ بحجٍّ وعمرة، ومن أهلَّ بالحج" فيحمل الأول -يعني قوله: فمِنَّا من أهل بعمرة- على أنهَّا ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحج فخرجوا لا يعرفون إلا الحَجَّ، ثم بيَّن لهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجوه الإحرام وجوَّز لهم الاعتمار في أشهر الحج،. . ولهذه النّكْتَة أورد المصنِّف -يعني البخاري- في الباب حديث ابن عباس:"كانوا يرون العُمرة في أشهر الحج من أفْجَرِ الفُجور. . ." فأشار إلى الجمع بين ما اختلف عن عائشة في ذلك".
وردَّ الحافظ ابن حجر تغليط عروة في روايته عن عائشة "أنها أهلَّت بعمرة"، وقال:"وهو أعلم النَّاس بحديثها، وقد وافقه جابر بن عبد الله الصَّحَابي كما أخرجه مسلم عنه، وكذا رواه طاوس ومجاهد عن عائشة".
انظر: التمهيد لابن عبد البر (8/ 219 - 220، 224 - 226)، شرح النووي على =
⦗ص: 283⦘
= مسلم (8/ 376 - 377)، فتح الباري (3/ 495، 714)، إكمال المعلم للقاضي عياض (4/ 230 - 231)، مرقاة المفاتيح (5/ 466 - 467)، عمدة القاري (3/ 289)، طرح التثريب (5/ 26).
روى إبراهيم بن سَعْد، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:"أهْلَلْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع بعمرةٍ" كنْتُ مِمَّن تَمَتَّع ولم يُهْد الهَدْيَ
(1)
.
(1)
وصله البخاري في صحيحه في كتاب الطهارة -باب امتشاط المرأة عند غُسْلِهَا مِنَ المَحِيْضِ (ص 55، ح 316) عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سَعْد، عن ابن شهاب به.
3719 -
حدَّثنا أبو داود الحراني، ومحمَّد بن عبد الوهَّاب
(1)
، قالا: حدَّثنا جعفر بن عون، حدَّثنا هِشام بن عروة
(2)
، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا مُوَافِين لهِلال ذي الحِجَّة
(3)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منْ أحبَّ منْكُم أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، ومن أحبَّ أن يُهِلَّ بِحَجَّةٍ فلْيُهِلَّ، فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمرةٍ" فكان منهم من أهلَّ بعُمرةٍ، ومنهم من أهلَّ بحجَّةٍ، وكنتُ أنَا ممن أهلَّ بعمرةٍ فقَدِمتُ مكَّة وأنا حائِضٌ،
⦗ص: 284⦘
فأدركنِي يومُ عَرَفَةَ، فذكرتُ ذلِك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعِي عُمرتِك
(4)
، وانْقُضِي رأسَكِ
(5)
، وامْتَشِطِي وأهِلِّي بِحَجٍّ" فَفَعَلَتْ
(6)
حتَّى
⦗ص: 285⦘
إذا صَدَرَتْ
(7)
وقضَى الله حَجَّها أرسلَ معها عبد الرحمن بن أبي بَكْرٍ ليلةَ الحَصْبَة
(8)
فأردَفَها وأهلَّتْ من التَّنْعِيم
(9)
بِعمرَةٍ، فقضى الله حجَّها
⦗ص: 286⦘
*ولم يكنْ فِيْ ذَلِكَ هَدْيٌ ولا صِيامٌ ولا صدقةٌ*
(10)
(11)
.
(1)
ابن حبيب بن مهران العَبْدِي، أبو أحمد الفرَّاء النَّيسابوري.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
مُوافِينَ لهلال ذي الحجة: أي قُرب طُلوعه مقارنين لاستهلاله، وقد كان خروجهم قبله لخمسٍ بقينَ من ذي القعدة.
انظر: فتح الباري (3/ 713)، شرح النووي على مسلم (ج 8/ 381).
(4)
معنى "دعي عمرتك": قال النووي: "ليس معناه إبطالها بالكلية والخروج منها، فإن العمرة والحج لا يصِحُّ الخروج منهما بعد الإحرام بنية الخروج، وإنما يخرج منها بالتحلُّلِ بعد فراغها، بل معناه: ارفُضِي العمل فيها، وإتمام أفعالها التي هي الطَّواف والسَّعي وتقصير شَعْر الرأس، فأمرها صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن أفعال العمرة، وأن تحرم بالجج، فتصير قارنة وتقف بعرفات وتفعل المناسك كلها، إلا الطَّواف فتؤخِّرَه حتى تَطْهُرَ، وكذلك فعلتْ.
قال العلماء: "ومما يؤيد هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد بن حميد: "وأمسكي عن العمرة"، ومما يصرح بهذا التأويل رواية مسلم بعد هذا في آخر روايات عائشة عن محمد بن حاتم، عن بهز، عن وهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها أهلَّت بعمرة، فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالجج، فقال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم النفر: "يسعك طوافك لحجك ولعمرتك، فأبت فبعث بها. . فاعتمرت بعد الحج" هذا لفظه، فقوله صلى الله عليه وسلم: "يسعك طوافك لحجك وعمرتك" تصريح بأن عمرتها باقية صحيحة مجزلة، وأنَّها لم تُلْغِها وتخرجْ منها فيتعين تأويل "ارفضي عمرتك" و "دعي عمرتك" على ما ذكرناه من رفض العمل فيها وإتمام أفعالها" ا. هـ كلام النووي.
شرح النووي على صحيح مسلم (8/ 377)، وانظر التمهيد (2/ 815)، فتح الباري (3/ 496).
(5)
انقُضي: -بالقاف وبالمعجمة- أَيْ حُلِّي ضَفَائِرَه. هدي السَّاري (ص 209).
(6)
فيه التفات، لأن السِّياق يقتضي أن تقُول: ففعلتُ، فأردفني. فتح الباري (3/ 713).
(7)
صَدَرَت: رَجَعَت.
تفسير غريب ما في الصحيحين (ص 343)، فتح الباري (3/ 693).
(8)
الحَصْبَة: -بالمهملتين وموحَّدة على وزن الضَّرْبَة- والمراد بها ليلة النَّفْرِ الأخير لأنَّها آخر أيام الرَّمي، وهي الليلة التي بعد أيام التشريق، والحَصْبُ مشتقٌّ من الحَصْبَاءِ وهي الحجارة، والمُحَصَّبُ والتَّحْصِيْب كلُّه من الحَصْبَاءِ والمُراد: هُوَ الأَبْطَح، وهو خَيْفُ بَنِي كِنَانَة ظاهر مكَّة، والتَّحْصِيْب هو النُّزول بذلك المكان.
قال عاتِق البلادي: "المحصَّب ما بين منى إلى المنحنى، والمُنْحَنِي: حدُّ المحصَّب من الأبْطح، فمنذ أن تخرجَ من منَى فأنتَ في المُحصَّب حتى يضيق الوادي بين العيرتين فذاك المنحنى".
انظر: هدي السَّاري (ص 111)، شرح النووي على مسلم (8/ 380)، فتح الباري (3/ 689، 708)، المعالم الجغرافية (ص 283).
(9)
التَّنْعِيم: -بالفتح ثم السكون، وكسر العين المهملة، وياء ساكنة، وميم- موضع معروف بمكَّة في الحلِّ بين مكَّة وسَرِف.
قال عاتق البلادي: "التَّنعيم: هو الوادي الذي يأخذ من الثَّنية البيضاء -وتسمَّى العمرة، أو عمرة التنعيم اليوم- إلى الشِّمال فيصُبُّ في وادي يأْجَج، ويأجج يصُبُّ في مرِّ الطهْران".
قلتُ: والمسجد الذي يعتمر منه الناس اليوم، هو مسجد عائشة رضي الله عنها الواقع في التنعيم، ويبعُد عن المسجد الحرام ستة كيلومترات تقريبًا.
انظر: معجم البلدان (2/ 58)، معجم ما استعجم (1/ 321)، المعالم الجغرافية (ص 55).
(10)
الكلام بين النَّجمين مدرج من كلام هشام بن عروة، كما في طريق أبي أُسامة عن هشام بن عروة عند البخاري في الصحيح -كتاب الطهارة- باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض (ص 55)، وظاهره أن ذلك من قول عائشة رضي الله عنها وكذا أخرجه مسلم وابن ماجه من رواية عبدة بن سليمان، ومسلم من طريق ابن نمير، والإسماعيلي من طريق علي بن مسهر، وبينه مسلم عن أبي كريب عن وكيع بيانا شافيًا، فإنه أخرجه عقب رواية عبدة عن هشام، وقال فيه:"فساق الحديث بنحوه"، وقال في آخره:"قال عروة: فقضى الله حجها وعمرتها، قال هشام: ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة".
انظر: فتح الباري (3/ 714).
(11)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 873، ح 115، 116)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبدة بن سليمان، وعن أبي كريب، عن ابن نُمير، وأخرجه البخاري في كتاب العمرة -باب عمرة الاعتمار بعد الحج بغير هدي (ص 287) عن محمد بن المثنى، عن يحيى، ثلاثتهم عن هشام بن عروة به.
من فوائد الاستخراج: العلو النسبي: المساواة بين المصنف ومسلم في عدد رجال إسناديهما.
باب ذكرِ الخبرِ المبيِّن أنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أهلَّت بِعمرةٍ مع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في حجَّةِ الوَدَاع، والدَّليل على أنَّ من أهلَّ بِعُمرةٍ فَأفْسَدَهَا حلَّ ثم أهلَّ بالحجِّ يوم التَّرْوية فإذا فرَغ منْ قَضَاء نُسُكِه وخرج من مِنىً مالَ إلى ناحِيَةِ التَّنْعِيم قبل أن يَقْدُمَ مكَّة وقبل طواف الإفاضة فيُحْرم منها بعمرةٍ ثمَّ يَطُوفَ بِحَجَّتهِ وعُمْرتِه طَوَافًا واحِدًا
(1)
، وبَيَان الخَبَر المُوجِبِ على المُعْتَمر إِذَا أهَلَّ بِعُمْرةٍ وحْدَهَا ومَعَهُ الهَدْيُ أنَّ يَضُمَّ إِلَى عُمرتِه حَجّا ثُمَّ لا يَحِلُّ ولا يَطُوفَ إلا بَعْدَ ما يَرْجِع من منىً طوافًا وَاحِدًا، وأنَّ المُعْتَمِر يَطُوفُ بِعُمْرَةٍ طَوَافًا فإذا رَجَعَ من مِنىً يَطُوفُ بِحَجِّه طَوَافًا
(2)
(1)
لا تدلُّ أحاديث الباب على ما بوَّب به المصنِّف دلالة واضحة من أنَّ المضطر إلى إدخال الحج على العمرة يخرج قبل طواف الإفاضة إلى التنعيم فيُحرم منه بالعمرة ثم يطوف لحجه ولعمرته هذه طوافًا واحدا، والصحيح أنَّ عائشة رضي الله عنها أهلَّت من التنعيم بالعمرة بعد ما أتمَّت مناسك الحجِّ قارنةً، وعلى هذا حصل لعائشة رضي الله عنها عمرتان، عمرة قرنتها مع الحج، وعمرة أحرمت بها منفردة، كما يدل على ذلك أحاديث الباب الآتي:"باب الدليل على الإباحة للمعتمر أن يضم إلى عمرته حجة إن اضطر إلى ذلك". انظر (ح / 3731، 3732، 3733).
(2)
قوله: "يطوف بِعُمرة طوافًا" و"يطوف بحجِّه طوافا"، هكذا في نسخة (م)، =
⦗ص: 288⦘
= واستعمال الباء على هذا النحو له وجهٌ في اللُّغة إذا فسِّرت الباءُ بمعنى السَّببية، فيكون كقوله تعالى:{إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} (البقرة: 54)، وقوله تعالى:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} (العنكبوت: 40)، ومنه قولك:"لقيت بزيد الأسد، أي بسبب لقائي إياه".
انظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص 139).
3720 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصَّدفِي، أخبرنا أَشْهب بن عبد العزيز
(1)
، قال: أخبرني مالك
(2)
أن ابن شهاب، وهشام بن عروة أخبراه، عن عروة، عن عائشة قالتْ: خرجنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع فأهلَلْنا بعمرةٍ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان معه هديٌ فَلْيُهْلِلْ بالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لا يَحِلُّ حتَّى يَحِلَّ منهما جميعًا" قالت: فقدمتُ مكَّة وأنا حائضٌ ولم أطُفْ بالبيتِ ولا بين الصَّفا والمروة، فشكوتُ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "انْقُضِي رأْسَكِ،
⦗ص: 289⦘
وامْتَشِطِي، وأهِلِّي بالحجِّ و (دَعِي)
(3)
العُمْرَةَ" قالت: ففعلتُ، فلما قضينا الحجَّ أرسلنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكرٍ إلى التَّنْعيم فاعتمرْتُ، فقال: "هذا مكانَ عُمرتِك
(4)
" فطاف الذين أهلُّوا بالعُمْرةِ بالبيتِ وبالصَّفا والمروة ثم حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من حجِّهم، وأمَّا الذين كانُوا جَمَعُوا الحجَّ والعُمْرَة فإنَّما طافُوا طَوافًا واحدًا
(5)
.
(1)
ابن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي العامري، أبو عمرو الفقيه المصري، قيل: اسمه مسكين وأشهب لقبه، ت/ 204 هـ (د س).
قال الشَّافعي: "ما أخرجت مصر أفقه من أشْهَب، لولا طَيشٌ فيه"، وقال الذَّهبي:"الإمام العلامة، مفتي مصر"، وقال ابن حجر:"ثقة فقيه".
انظر: "تهذيب الكمال (3/ 296)، الديباج المذهَّب (ص 98)، السير (9/ 500)، التقريب (ت 608).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، والحديث في موطئه:(2/ 590) عن ابن شهاب به.
(3)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "دع"، والتَّصويب من صحيح مسلم، و "دعي" بإبقاء ياء المخاطبة هو الصحيح من النَّاحية اللغوية، فإن الفعل الناقص يحذف لامه مع نون الأفعال الخمسة دائمًا إذا أسند الأمر إلى ياء المخاطبة، وفعل "دَعِي" مَجْزُومٌ لأنَّه صيغة أمر للمخاطبة الواحدة، من الفعل:"دعا، وأصله دَعَوَ".
انظر: شرح ابن عقيل (2/ 340).
(4)
مكان عمرتك: قال القاضي عِيَاض: "معناه العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلُّل منها بمكة ثم أنشئوا الحج منفردا، فعلى هذا فقد حصل لعائشة عمرتان".
انظر: فتح الباري (3/ 713).
(5)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحجِّ -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 870، ح 111) عن يحيى بن يحيى التَّميمي، وأخرجه البُخاري في كتاب الحج -باب طواف القارن (ص 265، ح 1638) عن عبد الله بن يوسف، كلاهما عن مالك، عن ابن شهاب به، وأخْرجَه النَّسائي في المجتبى (ص 46) عن يونس بن عبد الأعلى، وفي الكُبرى (2/ 461) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، كلاهما عن أشهب (ثقة فقيه)، عن مالك، عن ابن شهاب وهشام به.=
⦗ص: 290⦘
= قال النسائي في المجتبى عقب الحديث: "هذا حديث غريب من حديث مالك، عن هشام بن عروة، لم يروه أحد إلا أشهب".
قال الحافظ ابن حجر في النُّكت الظِّرَاف: "تبع أبو بكر النيسابوري أبا عبد الرحمن النسائي فقال: حديث مالك، عن هشام لا أعلم أحدا رواه إلا أشهب. . وقد تعقَّب الدارقطني قول شيخه النيسابوري فقال عنه -بياض في الكتاب- في غرائب مالك: "وقد رواه إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن هشام نحوه، ورواه عبد الرزاق وأبو قُرَّة، عن مالك عن هشام -مختصرا- ثم ساقه من طريق محمد ابن حماد الظهراني عن إسماعيل -بطوله- وسنده بعينه إلى مالك، عن ابن شهاب، قال: فذكره نحوه.
وأخرج من طريق أبي قرة قال: ذكر مالك، عن هشام فذكر منه قوله: أمرنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "من شاء فليهل بالحج، ومن شاء فليهل بالعمرة" قالت: فكنت ممن أهل بالعمرة، ومن طريق الذهلي، عن أحمد بن يوسف، كلاهما عن عبد الرزاق، عن معمر ومالك، عن هشام بلفظ:"من شاء منكم أن يهل بعمرة، فلولا أني سقت الهدي لأهللت بعمرة"- مختصر، ومن طريق حفص بن عمر المهرقانِي، عن عبد الرزاق أخصر منه بلفظ:"فمن شاء أفرده، ومن شاء قرنه".
انظر: النُّكت الظراف لابن حجر (12/ 197 - 198).
من فوائد الاستخراج: في حديث المُستخرِج زيادة صحيحةٌ لم ترد عند صاحب الأصل، وهي ذكره هشام بن عروة في الإسناد عن عروة في طريق مالك.
3721 -
حدثنا أبو داود السِّجِسْتَانِي
(1)
، وأبو إسمَاعِيل التِّرمذي
(2)
،
⦗ص: 291⦘
قالا: حدَّثنا القعنبي، عن مالك
(3)
، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: خرجنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله
(4)
.
(1)
هو: سليمان بن الأشْعَث السِّجِستاني، صاحب السنن، والحديث في سننه (ص 208) عن القعنبي، عن مالك به.
(2)
محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلمي، أبو إسماعيل الترمذي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج الحديث السابق.
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الحج -باب: كيف تُهِلُّ الحائض والنفساء؟ (ص 252، 1556) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي به.
من فوائد الاستخراج: أخرج المصنف الحديث من طريق القعنبي عن مالك، بينما أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك، ورواية القعنبي عن مالك أعلى من رواية يحيى عنه، وكان ابن معين لا يقدم على القعنبي أحدا في مالك، وقال ابن المديني:"لا أقدِّم من رواة الموطأ أحدا على القعنبي".
وربما هذا أخرج البخاري رواية القَعْنبي.
انظر: الجرح والتعديل (5/ 181)، معرفة الثقات للعجلي (2/ 61)، من كلام يحيى بن معين في الرجال (رواية الدقَّاق ص 116)، الثقات لابن حبّان (8/ 353)، تهذيب الكمال (16/ 136)، سير أعلام النبلاء (10/ 257)، تهذيب التهذيب (6/ 32)، تقريب التهذيب (ت 4009).
3722 -
حدثنا يُونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مَالك
(1)
، عن ابن شِهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنه قالت: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم *بِمَا هَلَلْتُ*
(2)
بِعُمْرَةٍ" فَقَدِمْتُ مَكَّة وأنا حائِضٌ فذكر
⦗ص: 292⦘
بِمِثْلِه بِطُولِه
(3)
.
روى مسلمٌ، عن عبد الملِك بن شُعيب بن اللَّيث، عن أبيه، عن جدِّه، عن عُقَيل، عن ابن شِهَاب، عن عروة، عن عَائِشة أنَّها قالتْ: خرجْنَا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حجَّة الوَدَاع، -فذكر الحديث- وقال فيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أَحْرم بِعمرةٍ ولم يُهْدِ فَلْيَحْلِل، ومنْ أَحْرَم بِعُمْرَةٍ وأَهْدى فلا يَحِلَّ حتَّى ينْحَر هَدْيَه
(4)
".
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3720.
(2)
بِمَا هَلَلْتُ: هكذا في نسخة (م)، أمَّا في صحيح مسلم، والمصادر الحديثيَّة الأخرى:"فأهلَلْتُ، فأَهلَّت، فَأَهْللنا"، ولفظُ المصنِّف صحيح من النَّاحية اللُّغوية، فـ "مَا" اسم موصول بمعنى "الذي" وضمير العائد على الموصول محذوف، والتقدير: "خرجتُ =
⦗ص: 292⦘
= بالذي هَلَلْتُ به، أيْ بِعُمْرِة، فهو مثل قولِك عن الأنبياء:"إن الآخر منهم جاء بما جاء الأوَّل بالتَّوحيد"، أي: بما جاء الأوَّل به، وقول أبي الفضل العباس بن المطَّلب رضي الله عنه لأبي سفيان:"هذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء بما لا قِبَل لكم به، بعشرة آلاف من المسلمين".
انظر: تفسير البغوي (8/ 570).
(3)
أخرجه الطَّحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 199) عن يونس به.
(4)
وصله مسلم في صحيحه، في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 870).
3723 -
حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، حدثنا خَلَّاد ابن يحيى
(1)
، حدثنا إبراهيم بن نافع
(2)
، عن ابن أبي نَجيح، عن مُجاهد، عن عائشة أنَّها حاضت بِسَرِف فَتَطَهَّرتْ بعرفة، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"يُجْزِيْكَ طَوَافٌ وَاحِد بين الصَّفا والمَرْوَة في حجِّك وعُمْرَتِك"
(3)
.
(1)
ابن صَفْوان، السُّلَمِي، أبو محمد الكُوفي، نزيل مكة.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 880، ح 133)، =
⦗ص: 293⦘
= عن الحسن بن علي الحُلواني، عن زيد الحباب، عن إبراهيم بن نافع به، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (5/ 106) عن أبي عبد الله الحافظ وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، عن عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي، عن أبي يحيى عبد الله ابن أحمد بن أبي مسرة به.
من فوائد الاستخراج: العلوُّ النسبي: المُساواة بين المصنِّف ومسلم في عدد رجال إسناديهما.
3724 -
حدثنا محمد بن إسماعيل الصَّائغ بمكة، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا وُهَيب بن خالد
(1)
، حدثنا عبد الله ابن طاوس، عن أبيه، عن عائشة، أنَّها أهَلَّت بِعُمْرَة فَقَدِمَتْ ولم تَطُفْ بالبيت حتَّى حاضتْ، فنَسَكَت المَنَاسِك كلَّها وقدْ أهلَّتْ بالحَجِّ، فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوْمَ النَّفْرِ
(2)
: "يَسَعُكِ طوافُكِ لِحَجِّك وعُمْرَتِكِ" قالتْ: فبعث بِها مع عبد الرحمن إلى التَّنْعِيْم فَاعْتَمَرَتْ بعد الحجِّ
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
يوم النَّفْر: -بفتح النُّون، وسكون الفَاء- ويُطلق على اليوم الثاني، والثَّالث من أيَّام التشريق، فيقال: يوم النفر الأوَّل، ويَوم النَّفر الثاني، والظَّاهر أنَّ المقصود هُنا: يوم النّفر الثاني، وهو آخر يوم من أيام التشريق، لقولها في الحديث:"فنسكت المنَاسِك كُلَّها. . . فقال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم النَّفر"، وتقدَّم في ح / 3719، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أرسلَ مَعَها عبد الرحمن لَيْلَة الحَصْبة ليُعمرها من التنعيم، وهي اللَّيلة التي بعد أيام التشريق حيثُ نفروا من منى نزلوا المحصَّب للمَبِيْت به.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 380)، النِّهاية في غريب الحديث (5/ 202).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 879، ح 132) =
⦗ص: 294⦘
= عن محمد بن حاتم، عن بهز بن أسد، عن وهيب بن خالد به، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 124) عن عفان به.
من فوائد الاستخراج: قُوَّة إسناد المصنِّف، حيث أخرج الحديث من طريق عفَّان، بينما أخرجه مسلم من طريق بهز، وهو مع ثقته وإتقانه قَدّم عليه يحيى بن سعيد القطَّان، وعليُّ بن المديني عفَّانَ بن مسلم.
قال يحيى بن سعيد: "كان عفان وبهز وحِبَّان يختلفون إليَّ، وكان عفَّان أضبط القوم للحديث وأنكدهم؛ عملت عليهم مرة في شيء فما فَطِنَ لِي أحدٌ منهم إلَّا عفَّان".
انظر: تهذيب الكمال (20/ 168).
3725 -
حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(1)
، حدثنا قُرَّة
(2)
، عن عبد الحميد بن جبير، عن صَفِيَّة بنت شَيْبَة، عن عائشة قالت: يا رسول الله، يرجع الناس بِنُسُكَين وأرجع بِنُسُك واحدٍ؟ قالت:"فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفَنِي خَلْفَه حتَّى أَتَيْنَا إلَى التَّنْعِيْم فأهْلَلْتُ بعمرةٍ"، ثُمَّ قدمت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من لَيْلِي وهو بالبَطْحَاء لم يَبْرَح، وذلك ليلة النَّفْر قُلْتُ: يا رسول الله، ألا أدخل البَيْت؟ قال: "ادْخُلِي الحِجْرَ
(3)
⦗ص: 295⦘
فإنَّه مِنَ البَيْت"
(4)
.
(1)
هو سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده من رواية يونس عنه (ص 218).
(2)
هو: قرة بن خالد السَّدوسي، البصري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
الحِجْر: -بكسر المهملة وسُكون الجيم- هُو معروف على صفة نصف الدائرة وقدرها تسع وثلاثون ذراعا، وهو القدر الذي أُخرج من الكعبة. =
⦗ص: 295⦘
= انظر: فتح الباري (3/ 518).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 870، ح 134)، عن يحيى بن حبيب الحارثي، عن خالد بن الحارث، عن قُرة به، وليس فيه "استئذان عائشة رضي الله عنها لدخول الحِجر"، وأخرجه النسائي في الكُبرى (5/ 391) بتمامه بالزيادة المذكورة عن أحمد بن سعيد، عن وهب بن جرير، عن قرة به، وفي السنن الصُّغرى (ص 450) بالسَّند نفسِه أخرج الزِّيادة دون باقي الحديث.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف زيادة صحيحة لم ترد عند صاحب الأصل، وهي قوله:"قُلْتُ: يا رسول الله، ألا أدخل البَيْت؟ قال: "ادْخُلِي الحِجْرَ فإنه مِنَ البَيْت".
3726 -
ز- حَدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبَل
(1)
، قال: حدثنا أبي
(2)
، قال: حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم
(3)
، قال: حدثنا أيُّوب
(4)
، عن ابن
⦗ص: 296⦘
أبي مُلَيكَة
(5)
قال: قال لي: أَلا تَعْجَبُ؟ حدَّثني القَاسم، عنْ عَائِشة أنَّها قالت:"أهْللتُ بالحجِّ" تعني مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وحَدَّثني عروة عَنْها أنَّها قَالتْ: أهْلَلْتُ بِعُمْرة، ألَا تَعجَبُ؟
(6)
.
(1)
هو: عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشَّيباني، أبو عبد الرحمن البغدادي، ولدُ الإمام. ت / 290 هـ.
وثقه النَّسائي، وابن أبي حاتم، والدَّارقُطني، والخطيب البغدادي، والذهبي، وابن حجر.
انظر: الجرح والتعديل (5/ 7)، سؤالات السُّلمي للدارقطني (ص 218، 219)، تاريخ بغداد (9/ 375)، تذكرة الحُفّاظ (2/ 665)، تهذيب التهذيب (5/ 143)، تقريب التهذيب (ت 3550).
(2)
هو الإمام الجليل: أحمد بن محمد بن حنبل.
(3)
ابن إبراهيم، المشهور بابْن عُلَيَّة.
(4)
ابن أبي تَمِيمة كَيْسان السَّختِياني.
(5)
هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مُلَيكة القُرشي. ت / 117 هـ.
وثَّقه ابن سعد، وأبو زرعة، وأبو حاتم.
انظر: الطبقات الكبرى (5/ 473)، الجرح والتعديل (5/ 99)، تهذيب الكمال (15/ 256).
(6)
أخرج هذه الحكاية الإمام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال"(2/ 389) عن ابن عُلَيَّة به.
إسنادها صحيح، وأما حديث عروة والقاسم عن عائشة رضي الله عنها في الحجِّ فحديث مشهور أخرجه مسلم وغير واحد مُطوَّلًا كما تقدَّم في هذا الباب والأبواب التي قبله، وكما سيأتي في الأبواب التي تَليه.
من فوائد المستخرَج: إخراج أبي عوانة رواية زائدة لم يخرجها صاحب الأصل (صحيح مسلم)، وفيها حكاية تعجُّب ابن أبي مليكة من اختلاف روايتيْ عروة والقاسم في حجة خالتهما وعمَّتهما عائشة رضي الله عنه.
3727 -
ز- حدثنا سعيد بن مسعود المَرْوَزِي، حدَّثنا عفان بن مسلم، حدثنا وُهَيب بن خالد، حدثنا أيُّوب (السَّخْتِياني
(1)
)، عن
⦗ص: 297⦘
ابن أبي مليكة قال: قال: ألا تعجب؟ حدَّثني القاسم، عن عائشة وهي عَمَّتُه "أنَّها أهلَّت بالحَجِّ"، وحدَّثني عروة -وهي خَالَتُه- أنَّها قالت:"أهْللتُ بعمرة"
(2)
.
(1)
في نسخة (م)"السِّجستاني" وهو تصحيف، والتصويب من إتحاف المهرة (17/ 134، ح 22007)، والسَّخْتِيَانِي: نسبة إلى عمل السَّخْتيان وبيعها، وهي الجلود الضأنية ليست بأدم. الأنساب (3/ 232).
(2)
انظر تخريج ح / 3726، وقد تكَلَّمت بالتَّفصيل على الإختلاف الحاصل في حديث عائشة رضي الله عنها في تعليقي على باب:"باب بَيان إِسْقَاطِ الهَدْي عن المرأة التي تَعْتَمِر ثُمَّ تَحِيْض يُفْسِدُ عمرتَهَا حَيْضُها وتُهِلُّ بالحجِّ ثمَّ تعتمر بعدُ. . ."، وجَمعتُ بين الروايات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها بما أوردت من أقوال أهل العلم والتحقيق في ذلك.
من فوائد المستخرَج: إخراج أبي عوانة رواية زائدة لم يخرجها صاحب الأصل (صحيح مسلم)، وفيها حكاية تعجُّب ابن أبي مليكة من اختلاف روايتيْ عروة والقاسم في حجة خالتهما وعمَّتهما عائشة رضي الله عنها.
3728 -
حدَّثَنا الحَسَنُ بن مُكْرَم
(1)
، حدَّثنا إسْماعِيلُ بن المُنْذِر أبو المنذر
(2)
، حدثنا قُرَّة بن خالد
(3)
، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة، عن صفية ابنة شيبة قالت: حدثتنا أم المؤمنين عائشة قالت: قلت: يا
⦗ص: 298⦘
رسول الله، أيرجع الناس بنُسُكَين وأَرْجِعُ بِنُسُكٍ واحد؟! قالت:"فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فخرج بِيْ إلى التَّنْعِيم"، فأردفَنِي خلفه على جمله في ليلة شديدة الحَر، فكنتُ أَحْسُرُ
(4)
خِمَارِي
(5)
عن عُنقي، فانتَهَيْنا إلى التَّنعِيم فأهلَلْتُ منها بعمرة، فقدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبَطْحَاء لم يَبْرَحْ
(6)
وذلك ليلَة النَّفْر، قُلْتُ: يا رسول الله، ألا أدخُلُ البَيْتَ؟ قال: "ادخُلي الحِجْرَ فإنَّه من البيت
(7)
".
(1)
ابن مُكْرَم -بضم أوله وسكون الكاف وفتح الراء- بن حَسَّان البزَّاز، أبو علي البغدادي.
(2)
لم أقفْ على ترجمتِه، وذكره ابن أبي حاتم في شيوخ روح بن مسافر البصري.
الجرح والتعديل (3/ 496)، تابعه أبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير عن قرة ابن خالد به. ح / 3725.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أَحْسِرُ: -بكسر السين، وضمِّها، لغتان- أي أكشفه وأزيله.
شرح النووي على مسلم (8/ 391).
(5)
خِمَار: -بكسر الخاء المعجمة- هو ما تغطي به المرأة رأسها.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 472).
(6)
بَرِحَ مكانَه: -على وزن سَمِعَ- أي زال عنه، ولم يَبْرَحْ: لم يزل عنْ مكانِه.
انظر: القاموس المحيط (ص 208).
(7)
انظر تخريج ح / 3725.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنف زيادة صحيحة لم ترد عند صاحب الأصل، وهي قوله:"قُلْتُ: يا رسول الله، ألا أدخل البَيْت؟ قال: "ادْخُلِي الحِجْرَ فإنَّه مِنَ البَيْت".
باب ذكرِ الخَبَر المُبيْح للمُحرِم الرُّجُوعَ إِلَى سُنَّتِه في الإِهْلَالِ إنْ شَاءَ أحْرَم بالحَجِّ، وإنْ شاء أحرم بعُمرة، والدَّلِيل على أنَّ الاختيار منهما ما اختاره المُهلُّ بِه حَجًّا كان أو عُمرةً، وعلى أنَّ عائشة رضي الله عنه قضتْ عُمْرَتَهَا منْ نَحْوِ الموضِع
(1)
الَّذي حاضتْ بِه
(2)
(1)
أيْ: بِسَرِف، وهو قريبٌ من التَّنعيم.
(2)
تقدَّم أن عائشة رضي الله عنها أتَتْ بعُمرةٍ ثانية من التنعيم، ولم تكنْ عمرتُها من التَّنعيم قَضَاءً للعُمْرة الَّتِي أدخل عليها الحجّ لِفَسَادِها، بل كانت عمرتُها الأولى صحيحةً أيضًا، وبإدخالها الحجَّ عليها صارت قارنةً، وعلى هذا حصل لها عُمْرَتَان صحيحتان، وراجع الكلام على ح / 3719، 3720.
3729 -
حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدَّثنا مكي بن إبراهيم، عن ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة
(1)
، ح.
وحدثنا أبو حُميد
(2)
، قال: حدثنا حجَّاج
(3)
، قال ابن جريج: وحدثني هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة أنَّها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من شاء فَلْيُهِلَّ بِحَجٍّ، ومن شاء فَلْيُهِلَّ بِعُمرةٍ" قالت: فكُنْتُ ممَّن أهلَّ بِعُمرةٍ، فقدِمْنا فحِضْتُ، فدخل عليَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك
⦗ص: 300⦘
له (*فأمرني أن *)
(4)
أَنْقُضَ رَأْسِي
(5)
، وَأَمْتَشِطَ، وأَدَع عُمرتي
(6)
، وأُحْرِمَ بِالحجِّ، حتَّى إذا كانت لَيْلَة الحَصْبَةِ وهي ليْلةُ النَّفْرِ
(7)
، أَرْسَل إلى عبد الرحمن فَأَرْدَفَهَا، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيم
(8)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين.
(2)
هو: عبد الله بن محمد بن تميم، أبو حميد المِصِّيْصي.
(3)
ابن محمد المِصِّيصِي، أبو محمد الأَعور.
(4)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(5)
نَقْضُ الرَّأس: -بالقاف وبالمعجمة- حَلُّ ضَفَائِرَه.
انظر: هَدْي السَّاري (ص 209).
(6)
المقصود ترْكُ العمل فيها وإتمام أفعالها، وليس معناه إبطالها بالكلية والخروج منها، وقد تكلَّمت على هذه المسئلة بالتفصيل في ح / 3719.
(7)
أيْ ليلةُ النَّفر من مِنَى، وهي اللَّيلة التي بعد أيَّام التشريق، بعد ما أتَّمت حَجَّتها ورَمَتِ الجِمَار أيَّام منى، انظرح /3719.
(8)
أخرجه الطَّحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 202) عن أبي بكرة، ومحمد بن خزيمة، عن عثمان بن الهيثم، عن ابن جريج به، وانظر تخريج ح / 3719، 3720.
من فوائد الاستخراج: في الحديث المستخرَج زيادةٌ لم ترد عند صاحب الأصل، وهي: تفسير ليلة الحصْبَةِ بلَيْلة النَّفر.
3730 -
حدثنا أبو دَاود السِّجْزِي
(1)
، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حمَّاد بن زيد، قال أبو داود: وحدَّثنا مُوسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيب، وحمَّاد بن سَلَمة، عن هشام بن عروة
(2)
، عن أبيه، عن عائشة،
⦗ص: 301⦘
بنحوه، زاد موسى: فأهلَّت بعمرةٍ مكانَ عُمرتِها، فطَافتْ بالبَيْتِ، قال: فقضى الله عُمرتَهَا وحَجَّتَها، قال هِشَام: ولم يكنْ في شيءٍ من ذلِكَ هَدْيٌ، زاد موسى في حديث حمَّاد: فلما كان ليلة البَطْحَاِء
(3)
طَهُرَتْ عَائِشَةُ
(4)
.
(1)
هو الإمام سُليمان بن الأشعث السِّجِسْتَانِي، صاحب السُّنن، والحديثُ مخرَّجٌ بالإسنادين في سننه (ص 208، ح 1778) مع الزِّيادات التي أشار إليها المصنِّف، وهي زيادات صحيحة.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ليلةُ البَطْحَاء: قال ابن منظور: "البطحاء مسيلٌ فيه دُقاق الحصى"، وقال الجوهري:"الأبطح مسيل واسع فيه دُقَاق الحَصَى، ومنه بَطْحَاء مَكَّة".
قال شمس الحق العظيم آبادي: "والمعنى أنَّ عائشة طهرت في ليلة من أيَّام نزول البَطْحَاء وهي مِنَى فكانت طهارتها في ليلة من ليالي أيام منى والله أعلم".
وقال أيضًا: "قال العَيْنِي: وكان ابتداءُ حَيْضِها يوم السَّبت لثلاثٍ خَلَوْن من ذي الحِجَّة بِسَرِف وطَهُرَتْ يوم السَّبت وهو يوم النحر".
انظر: الصِّحَاح للجَوْهَرِي (1/ 356)، لِسَان العرب (1/ 428)، عُمْدَة القاري (9/ 183)، عون المعبود (5/ 117، 120).
(4)
انظر تخريج ح / 3719، 3720، 3729.
من فوائد الاستخراج: فِي حديثِ المصنِّف زياداتٌ صَحِيحة لم تَرِدْ عنْدَ صاحبِ الأصل، وهِيَ قولُه:"فأهلَّتْ بعمرةٍ مكانَ عُمرتِها".
والزيادةُ الثَّانية: تحديدُ الوقتِ الذي طَهُرتْ فيه عائشة رضي الله عنها.
بابُ الدَّلِيْلِ عَلَى الإِبَاحَةِ لِلْمُعْتَمِر أن يَضُمَّ إِلَى عُمْرَتِه حَجَّةً إن اضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرْ على أن يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِه، وعلى أنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها لمْ يَجِبْ عَلَيْهَا قَضَاءُ عمرتِها، وكانَتْ عمرتُها الَّتي لَمْ تَحِلَّ منْها عُمرةً جَائزةً، وكَذَلِك المُفْسِدُ عمرتَه وأهَلَّ بِحَجَّة، وعلى أنَّ عائشةَ طافتْ بِعُمْرَتِها وَحَجِّها، ثُمَّ خَرَجتْ إلَى التَّنْعِيم
3731 -
أخبرنا يُونَس أخْبَرنا ابن وهب قال: أخبرني الليث بن سعد
(1)
، ح.
وحدثنا الربيع
(2)
، حدَّثنا شُعَيب بن اللَّيث
(3)
، حَدَّثنا اللَّيث، أنَّ أبا (الزُّبَيْر
(4)
) أخبره، عن جابر بن عبد الله، أن عائِشة أَقْبَلتْ مُهِلَّة بِعُمْرةٍ حتَّى إذا كانتْ بِسَرِفَ عَرَكَتْ
(5)
، فدخل عليها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فوجدها تبْكِي
⦗ص: 303⦘
فقال: "ما يُبْكِيْكَ؟ " قلتُ: حِضْتُ ولمْ أَحْلِلْ ولمْ أَطُفْ بِالبَيْتِ، والنَّاسُ يَذْهبُون الآنَ إلى الحجِّ، قال:"هذا أمرٌ كَتَبَهُ الله علىَ بَنَاتِ آدَمَ، فاغْتَسِلِي ثُمَّ أهِلِّي بالحجِّ" ففعلتْ ووقفتْ المواقِفَ؛ حتَّى إذا طَهُرَت طافتْ بالكعبة والصَّفا والمروة، ثُمَّ قال:"قدْ أحْلَلْتِ من حَجِّكَ وعُمْرتِك جَمِيْعًا" قَالَتْ: يا رسول الله، إنِّي أَجدُ في نَفْسِي إنْ لَمْ أَطُفْ بِالبَيتِ حتَّى حَجَجْتُ، قال:"فاذهبْ بِها يَا عبد الرحمن، فأَعْمِرْهَا من التَّنْعِيْم" وذلِكَ ليْلةَ الحَصْبَة
(6)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
ابن سليمان بن عبد الجبار بن كامل أبو محمد المرادي مولاهم، المصري.
(3)
ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، مولاهم، أبو عبد الملك المصري.
(4)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "الزُّهري"، والتَّصويب من إتحاف المهرة (3/ 500)، وصحيح مسلم (2/ 881).
(5)
عَركَت: -بفتح العين، والرَّاء- أيْ حاضتْ، يقال: عَركَت تَعْرُك عُرُوكا، كقَعَدَ تَقْعُد قُعُودا.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 392).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 881، ح 136)، عن قتيبة بن سعيد، ومحمد بن رُمْح، عن الليث بن سعد به، وأخرجَه الطَّحاوي (2/ 201) عن يونس به مختصرا.
من فوائد الاستخراج: في إسناد مسلم عنعنةُ أبي الزبير، وهُو مدلِّس من المرتبة الثالثة، وقَدْ صَرَّح بالإخبار عند المصنِّف، وهو دليلٌ لمن يرى أن عنعنةَ المدلِّسين في الصحيحين لا تضرُّ لاتصال إسنادِ المعنعِن فيهما، ولذا رأى بعضُ العلماء منهم الإمام النووي والحافظُ الحلبي أنَّ العنعنة في الصحيحين محمولةٌ على ثبوتِ السَّماع فيها عند صاحبي الصحيحين من جهة أخرى.
انظر: النكت على ابن الصلاح (2/ 92 - 93)، تعريف أهل التقديس كلاهما لابن حَجَر (ص 45).
3732 -
حدَّثنا عمار بن رجاء، حدثنا محمد بن بكر البُرْسَانِي
(1)
، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنَّه سمع جابرا، ح.
⦗ص: 304⦘
وحدثنا يُوسُف
(2)
، وأبو حميد
(3)
، قالا: حدثنا حجَّاج بن محمد، عن ابن جريج
(4)
قال: أخبرني أبو الزبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول: دخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على عائشة وهي تبكي فقال: "ما لكِ تبكين؟ " قالتْ: أبكاني أن الناس حلُّوا ولم أحْلِلْ، وطافوا بالبيت ولم أَطُفْ، وهذا الحجُّ قد حضَر كما ترى، قال:"إنَّ هذا أمرٌ قدْ كَتَبه الله علي بنات حَوَّاء، فاغْتسِلي وأَهلِّي بِالحجِّ، ثُمَّ حُجِّي واقضِي ما يَقْضي الحاجُّ غير أن لا تطُوفي بِالبَيت ولا تُصَلي" قال: ففعلت ذلك فلما طَهُرَتْ، قال:"طُوفِي بالبيت وبين الصَّفا والمروة، ثمَّ قد أحلَلْتِ من حجِّكِ ومن عُمْرَتِكِ" قالت: يا رسول الله، إنِّي أجِدُ في نفسي من عُمْرتِي أَنْ لمْ أكنْ طُفْت
(5)
حتَّى حَجَجْتُ، قال:"فاذهَبْ يا عبد الرحمن فأعْمِرْهَا من التَّنْعيم"
(6)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسناد الأول.
(2)
هو: يوسف بن سعيد بن مُسَلَّم المِصِّيْصي.
(3)
هو: عبد الله بن محمد بن تميم، أبو حميد المِصِّيْصي.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسناد الثاني.
(5)
وعند مسلم: "إنِّي أجدُ في نفسي أَنِّي لمْ أطُفْ بالبيت حتَّى حججْتُ".
صحيح مسلم (2/ 881).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -بابُ بَيَانِ وُجُوْهِ الإحرام. . . (2/ 881، 136)، عن محمد بن حاتم، وعبد بن حُميد، عن محمد بن بكر، عن ابن جريج به، محيلًا متنه على حديث الليث بن سعد، عن أبي الزبير قبله، وأخرجه أبو نعيم في المستخرج =
⦗ص: 305⦘
= (3/ 312) عن محمد بن إبراهيم عن محمد بركة، عن يوسف بن سعيد المصِّيصِي به.
من فوائد الاستخراج: فيه بيانٌ للمتن المحال به في صحيح مُسْلم على متنٍ آخر.
3733 -
حدَّثنا مُسْلِم بن الحَجَّاج بِبَغْدَاد
(1)
، حدَّثنا أبو غَسَّان مَالِكُ بن عبد الواحد، حدَّثنا مُعَاذ بن هِشَام، قال: حدثني أبِي
(2)
، عن مَطَر
(3)
، عن أبي (الزُّبير)
(4)
، عن جابر بن عبد الله، أن عائشة في حجَّة نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم أهلَّت بِعُمْرة، فلما كانت بِسَرِفَ حَاضَتْ فَاشْتَدَّ ذلك عليها، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّمَا أنتِ من بني آدم يُصيبكِ ما أصابَهم" فلما قدمتْ البَطْحَاء أمرَها نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم فأهلَّت، فلما قضتْ نُسُكَها فجاءَت إلى الحَصْبَة أحبَّتْ أنْ تعتَمِر، فقال لها نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّكِ قدْ قَضَيْتِ حجِّكِ وعُمْرتكِ" قال: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا سهْلًا
(5)
إذا هَوِيَتِ الشَّيءَ تابعها عليه
(6)
، فأرسلها معَ عبد الرحمن بن أبي بكر
⦗ص: 306⦘
فأَهلَّت بعمرةٍ من التَّنعيم" قال (مطرٌ)
(7)
: قال أبو الزبير: فكانتْ عائشة إذا حجَّت صنعت كما صَنَعَتْ مع نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم
(8)
.
(1)
صاحبُ الصَّحيح، والحديث مَخرَّجٌ في صحيحه في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 881).
(2)
هو: هشام بن أبي عبد الله سنْبَر الدَّسْتَوائي.
(3)
ابن طَهْمَان الورَّاق.
(4)
ما بين القوسين تصَحَّف في نسخة (م) إلى "الزُّهري"، والتصويب من إتحاف المهرة (3/ 450)، وصحيح مسلم (2/ 881).
(5)
أَي: سهل الخُلُق، كريم الشمائل، لطيفا ميسرا.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 394).
(6)
معنَاه: إذا هوِيتْ شيئًا لا نقص فيه في الدين، مثل طلبها الاعتمار وغيره أجابها إليه. =
⦗ص: 306⦘
= انظر: المرجع السابق.
(7)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "مطرف"، والتصويب من إتحاف المهرة (3/ 450)، وصحيح مسلم (2/ 881).
(8)
ساق المصنِّف هذا الحديث من طريق الإمام مُسلم رحمه الله، كما ساقه أبو نعيم في مستخرجه (3/ 312) من طريق مسلم بن الحجّاج أيضًا، ولعلَّه لعدم وجوده عندهما من غير طريقه بهذا الإسناد، أعني إسناد مطرٍ عن أبي الزبير بما يحتوي متنُ حديثه من زياداتٍ يمكنُ الاستدلال في لما بَوَّب به المصنِّفُ أبو عوانة.
قال السَّخاوي -عند كلامه عن مناهج المستخرِجين-: "وربما عزَّ على الحافظ وجود بعض الأحاديث فيتركه أصلًا، أو يعلِّقُه عن بعض رواتِه، أو يورده من جِهة مصنِّفِ الأصل".
فتح المغيث للسخاوي (1/ 44).
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرِج بيانٌ لمتن حديث مطر الورَّاق، حيث أحاله مسلم على حديثِ اللَّيث عن أبي الزُّبير قبلَه، واكتفَى بذكر زياداتِه على الليث بن سعد.
3734 -
حدثنا محمد بن معاذ المَرْوَزِي، حدثنا زكَرِيَّا بن عَدِيٍّ، حدثنا عبيد الله بن عُمر، عن زيدٍ
(1)
، عنْ أبِي الزُّبير
(2)
، عن جابر: "خَرجْنا
⦗ص: 307⦘
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُهِلِّين بالحجِّ، فقَدِمْنا مكَّة وطُفْنَا بِالبَيْتِ وبالصَّفا والمَرْوَة"
(3)
وذكر الحديث.
(1)
هو: زيد بن أبي أنيسة الجَزَري، أبو أسامة الكوفيّ، ثمَّ الرُّهاوي، و "أُنَيسة" بضمِّ الأول وفتح الثاني مصغَّرا. انظر ح / 3718.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر الحديث بعده، ح / 3735.
3735 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا الحسن بن محمَّد ابن أَعْيَنْ
(1)
، وأبو جعفر بن نُفيل
(2)
، ح.
وحدثنا الصغاني، حدثنا سَعيد بن سُليمان
(3)
، قالوا: حدثنا زُهير أبو خيثمة
(4)
، حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُهِلِّين بالحجِّ مع النِّساء والولدانِ، فلما قدمنا مكَّة طُفنا بالبيتِ وبالصَّفا والمرْوَة، قال: فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يكن معه هدي فَلْيَحْلِلْ" قلنا: أيُّ الحلِّ؟ قال: "الحل كُلُّه" قال: فأتينا النِّساء، ولبسنا الثِّياب، ومَسِسْنَا الطِّيب، فلما كان يوم التَّروية أهلَلْنَا بالحَجِّ وكفانا الطَّوافُ الأوَّل بين الصَّفا والمروة، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 308⦘
أنْ نَشْتَرِك في الإِبِل والبَقَر؛ كلُّ سَبْعة منَّا في الجَزُورِ
(5)
، قال أبو داود الحراني: في بَدَنَة
(6)
، وقال الصغاني: في الجَزُوْر
(7)
.
(1)
أبو علي الحرَّانِي، ت / 210 هـ.
قال أبو حاتم: "أدركتُه ولم أكتبْ عنه"، وذكره ابن حبان في الثقات.
ووثَّقه الذَّهبي، وقال الحافظ ابن حجر:"صدق".
انظر الجرح والتعديل (3/ 35)، الثقات (8/ 171)، تهذيب الكمال (6/ 306)، الكاشف (1/ 329)، التقريب (ت 1407).
(2)
هُو: أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيْل النُّفَيلي الحرّاني.
(3)
هو الضبِّي، أبو عثمان الواسطي، نزيل بغداد، البزَّاز، يلقب بـ "سعدُويَة".
(4)
هو: زُهير بن معاوية؛ وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(5)
الجَزُور: -بفتح العين وضمِّ الزَّاي- هو ما يُجْزَر من الابل، أيْ يُذْبَح، والجمع جَزَائِر وجُزُرٌ.
انظر: هدي السَّاري (ص 103).
(6)
البَدَنَةُ: -بفتح الثلاثة محرّكةً- واحدة البُدُن -كَكُتُب- هي من الإبل والبقر، كالأضحية من الغنم، تهدى إلى مكَّة، للذكر والأنثى، وقال عياض:"البدن مختصة بالإبل"، وقال غيره:"يقع على الجمل والناقة والبقرة، لكن على الإبل أكثر".
انظر: مشارق الأنوار (1/ 80)، القاموس المحيط (ص 1086)، هدي السَّاري (ص 909).
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 882، 138) عن أحمد بن يونس، ويحيى بن يحيى، كلاهما عن أبي خيثمة زهير بن معاوية به.
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرِج بيان للمُهْمَل "زهير أبي خيثمة"، حيث جاء في صحيح مسلم مُهمَلا، وتزداد أهمية مثل هذا إذا شاركه راوٍ آخر في اسمه وطبقته وشيوخه، وقد شارك زهير بن معاوية أبو خيثمة، زهيرُ بن محمَّد التَّميمي في الطبقة، وإخراج الجَمَاعة لهما.
3736 -
حدثنا الصغاني، ويحيى بن سَافِري، قالا: حدثنا مُعلَّى بن مَنْصُور
(1)
، حدَّثنا ابن أبي زَائِدة
(2)
، أخبرنا (ابن) جُريج
(3)
،
⦗ص: 309⦘
عن أَبِي الزُّبير، عن جَابِر قال: أَمَرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مَا طُفْنا أنْ نَحِلَّ قال: "فإِذا أردتُّم أَنْ تَنْطَلِقُوا إِلَى مِنَى فَأَهِلُّوا"
(4)
.
وروى عبد الملِك بن شُعَيب بن اللَّيث، عن أبيه، عن جدِّه، عن عُقَيْل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالتْ:"بعثَ مَعِي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكْرٍ، وأمرنِي أَنْ أَعْتَمِر مِنَ التَّنْعِيم مَكَان عُمْرَتي الَّتِي أَدْركنِي الحجُّ ولَمْ أَحْلِل مِنها"
(5)
.
(1)
الرازي، أبو يعلى.
(2)
هو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ميمون الهَمْداني -مولاهم-، أبو سعيد الكوفي.
(3)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "أبو"، والتَّصويب من إتحاف المهرة =
⦗ص: 309⦘
= (3/ 450)، وابن جريج هو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 882، ح 139) عن محمد بن حاتم، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج به.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف زيادة صحيحةٌ وهي: أمرُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه بالتحلُّل من إحرامهم بعد ما طَافُوا، بينما جاء لفظ مسلم خاليًا من ذلك الأمر والتَّوقِيت.
(5)
وصله الإمام مسلم في صحيحه -كتاب الحج -باب بيان وُجُوه الإحرام. . . (2/ 870، ح 112) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث به.
باب ذكر الخبر المبيِّن أنَّ فَسْخَ الحَجِّ بِعُمْرَةٍ لمنْ لا يكونُ معه هدْيٌ على الإِبَاحَة لَا عَلَى الحَتْمِ، وَأنَّ المُهِلَّ بِالحجِّ إذا قدِم مكَّة ولمْ يَكنْ معه هديٌ إن أحبَّ أقام على إحرامه إلى انقْضَاء نُسُكِه، وإن أحبَّ جعلها عمرةً، وحَظْرِ فَسْخِ الحجِّ لمنْ مَعَهُ هَدْيٌ، والدَّلِيل على أنَّ فسْخَ الحجِّ لا يكونُ إلَّا بالطَّواف، وعلى أنَّ السُّنَّة في الخُروج من الحَرَم لمن يُريد أنَّ يعتمرَ فيُهِلَّ من الحِلِّ بعمرةٍ، وعلى أنَّ الطَّائف بالبيت طوافَ الوَدَاع (يجعلهُ)
(1)
آخرَ عملِه إذا ارتحَلَ، وأنَّ عائشة رضي الله عنها أهلَّت بالحج، وأقامتْ على إِحْرَامِها لم يَفْسُخْ حجُّها
(2)
حتَّى فرغتْ منْه ثُمَّ اعتمرتْ
(1)
في نسخة (م)"يجعلها"، وهذا لا يصِحُّ من الناحية اللُّغوية، لأن الضمير إمَّا أن يرجِع على: الطواف، أو الوداع، أو البيت، وتلك الأسماء كلُّها مذكَّرة.
(2)
فسخُ الحج: هو أن يكون قد نوى الحج أولا ثم ينقضه ويبطله ويجعله عمرة ويحل ثم يعود ويحرم بحجة. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 445).
3737 -
حدثنا محمد بن إبراهيم الطَّرْسُوسِي، حدثنا أبو نُعيم
(1)
، حدثنا أفْلَحُ
(2)
، عن القاسِم بن محمد، عن عائشة قالت: خرَجْنا مع
⦗ص: 311⦘
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجّ في أَشْهُر الحجِّ
(3)
وحُرُم
(4)
الحج، حتَّى نزلنا بِسَرِفَ قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال: "من لمْ يَكُن مِنْكُم معه هدْيٌ فأَحَبَّ أنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، ومَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا" وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هَدْيٌ ومَعَ رِجَالٍ من أصحابه ذوِيْ قُوَّةٍ كانَ مَعَهُم الهدْي، قَالت: فالآخِذ بِالأَوْلَى من لم يكن معه الهَدْيُ، والتَّاركُ لها، قالت: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنَا أبْكي (*فقال: "ما يبكيك؟ "*)
(5)
قالت: سمعتُ قولَكَ لأصحابِك فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قال:"وما شأنُكِ؟ " قلتُ: لا أصلِّي، قال:"لا يَضُرُّكِ إنَّما أنتِ من بناتِ آدمَ كتب الله عليكِ مَا كتَبَ عَلَيْهِنَّ، فكُوني في حجِّكِ فعَسَى الله أَنْ يَرْزُقَكِهَا" قالتْ: فَكُنْتُ في حَجَّتِي حتَّى نَفَرْنا من مِنىً، فَنَزَلْنَا المُحَصَّب فَدَعَا عبد الرحمن بن أبي بَكْرٍ فَقَال: "اخرُجْ بِأختِكَ
⦗ص: 312⦘
من الحرَمَ فَلْتُهِلَّ بعمرة، ثُمَّ افْرُغا من طوافِكما فإنِّي أنتظرُكما ها هُنا حتَّى تأْتِيا" قال: فجئْنَاه في جوفِ اللَّيل، قال:"قد فرغْتُما" قلتُ: نعم، (فنادَى
(6)
) بالرَّحِيل في أصحابه، فارتَحَل النَّاسُ ومرَّ بالبيتِ فطافَ قبْلَ صلَاةِ الصُّبْحِ، ثمَّ خرَجَ مُتَوَجِّهًا إلى المدينة
(7)
.
(1)
هو: الفضل بن دُكين.
(2)
ابن حميد بن نافع الأنصاري المدني، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أشهر الحج هي: عند الجماهير شوال، ذو القعدة، وعشر ليال من ذي الحجة تمتد إلى الفجر ليلة النَّحر.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 385).
(4)
حُرُم الحجّ: ضبطه الجمهور بضمِّ الحاء والرَّاء على إرادة الأوقات والمواضِع والأشياء والحالات، وضبطَه الأصيلي بفتح الرَّاء، فيكونُ جمعَ حرمة، أي ممنوعات الشرع ومحرَّماته.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 384)، الدِّيباج على مسلم (3/ 306).
(5)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(6)
في نسخة (م)"فادي"، ولعلَّها تصحيفُ "فَآذن"، ففي لفظ مسلم (2/ 870)"فآذن بالرحيل"، أي أَعْلَمَ بالرَّحيل، كما يحتمل أن تكون تصحيفَ "فنادى" لفظِ الحديثِ في صحيح البخاري (ص 288، ح 1788).
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 875، ح 123) عن محمد بن نمير، عن إسحاق بن سليمان، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب قول الله تعالى:"الحج أشهر معلومات". . . (ص 253، ح 1560) عن محمد ابن بشَّار، عن أبي بكر الحنفي، وفي كتاب العُمرة -باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج، هل يجزئه من طواف الوداع؟ (ص 288، ح 1788) عن أبي نُعيم الفضيل ابن دكين، ثلاثتهم عن أفلح بن حميد به.
من فوائد الاستخراج: قولُه في حديث المصنِّف: "فمنعتُ العمرة"، روى جمهورُ رواةِ مسلم مكانه:"فسَمِعتُ بالعُمرة"، وهذا اللفظ يُشْكِل توجيهه، أما لفظ المستخرِج فواضح المعنى، مناسبٌ للمُقام، يؤيِّد لفظَ بعضِ رواة مسلم الذين رَوَوْه بلفظ:"فمُنِعْتُ العُمرة"، ولذا قال النووي:"كذا هو في النسخ: "فسمعت بالعمرة"، قال القاضي: كذا رواه جمهور رواة مسلم ورواه بعضهم: "فمنعت العمرة"، وهو الصواب".
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (8/ 385).
3738 -
حدثنا الحَسَن بن مُكْرَم، حدثنا عُثْمان بن عُمَر
(1)
، أخبرنا أفلحُ بن حُميد
(2)
، بإسناده قال: خرجنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لياليَ الحجِّ، وأيَّامَ الحجِّ، وأشهُرَ الحج، مُهِلِّين بالحجِّ، حتَّى إذا كُنَّا بِسَرِفَ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "من لَمْ يكنْ معه هدْيٌ وأَحبَّ أنْ يُهِلَّ
(3)
فَلْيُهِلَّ، ومنْ كَانَ معه هدْيٌ فَلْيمكُثْ على إحرامِه" وذكر الحديثَ بنحوه
(4)
.
(1)
هو: عُثْمَان بن عمر بن فَارِس العبْدي، البصري.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أيْ: بِالعُمْرِة.
(4)
انظر تخريج ح/ 3737.
من فوائد الاستخراج: العلوّ النسبيُّ: المُسَاواة بين المصنف والإمام مسلم لتساوي عدد رجال إسناديهما.
3739 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك بن أنس، وعمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم
(1)
، عن أبيه، عن عائشة أنَّها قالت: قدمتُ مكَّة وأنَا حائضٌ لم أطُفْ بِالبَيْت ولا بينَ الصَّفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"افْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أن لا تَطُوفِي بِالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي"
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 873، ح 119)، =
⦗ص: 314⦘
= عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو النَّاقد، وزهير بن حرب، عن ابن عيينة، وعن سليمان ابن عبد الله الغَيْلَانِي، عن عبد الملك بن عمرو، عن عبد العزيز بن سلمة الماجِشُون، كلاهما عن عبد الرحمن بن القاسم به أكثر تفصيلًا من حديث مالك، وفي لفظ المَاجِشُون:"قال رسول الله لأَصحابه: اجعلُوها عُمْرَة"، وأخرجه ابن حبَّان (9/ 143) عن الحسين بن إدريس، عن أحمد بن أبي بكر، عن مالك، وعن (9/ 316) عبد الله بن محمد، عن حرملة، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، كلاهما عن عبد الرحمن بن القاسم به، وانظر ح / 3797، 3738.
من فوائد الاستخراج: فيه علوُّ صفة، وسمَّاه البعض العلوَ المعنويّ، وهو الذي تساوى فيه السَّنَدان وامتاز أحدهما بكون رواته حفاظا علماء، فهُنا أخرج أبو عوانة الحديث من طريق مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، بينما أخرجه مسلم، من طريق ابن عيينة، والماجشون، عن عبد الرحمن بن القاسم، وهما مع ثقتهما، يقدَّم عليهما الإمام مالك، فيقدَّم على ابن عيينة في الحفظ، والعلم، والفقه، وقدم الوفاة، ويقدَّم على الماجشون في الحفظ، والعلم، والفقه، قال يحيى بن سعيد:"ما في القوم أصح حديثا من مالك"، يعني السُّفيانين ومالكا.
انظر: تهذيب التهذيب (4/ 121، و 10/ 7)، فتح المغيث (3/ 23، 25).
3740 -
حدَّثنا أبو داود
(1)
، حدثنا أبو سلمةَ
(2)
، حدثنا حمَّاد
(3)
، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالتْ: لبَيَّنا بالحجِّ حتَّى
⦗ص: 315⦘
إذا كنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فدخلَ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أبْكِي، وذكر الحديث، وقال فيه: فلمَّا قَدِمْنَا مكَّة قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعلْ، إلَّا من كان معه الهدْيُ" قالت: "وَذَبَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ البَقَرَ يوم النَّحرِ
(4)
".
(1)
هو: الإمام سُليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني، صاحب السُّنن، والحديث في سُنَنِه بالإسناد نفسِه. (ص 208).
(2)
هو: موسى بن إسماعيل التَّبوذَكيّ.
(3)
ابن سلمة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 874، ح 121) عن أبي أيوب الغيلاني، عن بهز، عن حماد بن سلمة به، محيلًا متْن حديثه على حديث عبد العزيز بن أبي سلمة الماجِشُون قبله، وقال:"وساق الحديث بنحو حديث الماجِشُون. . .".
قلتُ: اختلف لفظ حمَّاد بن سَلَمة، ولفظُ الماجِشُون، في مسئلة تخيير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه بين فسخ الحج إلى العمرة، وعدمِه، ففي لفظ الماجشون، عن عبد الرحمن ابن القاسم كما عند مسلم وغيره:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "اجعلوهما عمرة"، وفي لفظ حمَّاد بن سلمة عن عبد الرحمن بن القاسم، كما عند المصنِّف وأبي داود (ص 208): "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعلْ، إلَّا من من معه الهدْيُ"، والفَرْق واضح بين التخيير في فعل شيء وبين الأمر به.
قال الشيخُ الألباني في حديث عائشة رضي الله عنها هذا (صحيح سنن أبي داود 1/ 499، ح 1782): "صحيحٌ دون قوله: "من شاء أنْ يجعلها عمرة. . ." والصَّواب: "اجعلوها عُمْرَةً"، م، ويأتي برقم (1788).
قلتُ: يقصِد الشيخ من الرمز: "م" إخراج مسلم له، وبالحديث ح (1788) حديثَ موسى بن إسماعيل، عن حمَّاد، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن جابر، وفيه:"اجعلوها عمرةً"، وبرقم (1572) الحديثَ ذاته.
وتابع الماجِشُونَ عمرُو بن الحارث عند ابن حبَّان (9/ 316)، فرواه عن =
⦗ص: 316⦘
= عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم به، بلفظ:"اجعلوها عمرةً"، وإسنادُه صحيح، والله أعلم.
ولكن التَّخْيِيْر بين الفسخ وعدمه رواه البُخاري في صحيحه (ص 253، ص 288) عن محمد بن بشَّار، عن أبي بكر الحَنَفي، وعن أبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن أفلح بن حميد عن القاسم بن محمَّد، عن عائشة به، وفيه:"فنزلنا بِسَرِفَ فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: من لم يكنْ معه هديٌ فأحبَّ أن يجعلَها عمرة فلْيفعلْ، ومن كان معه هديٌ فلا"، انظر ح / 3737.
وقد جمَعَ العُلَماء بين هذه الألفاظ المختلفة التي البعضُ منها يدلُّ على التَّخيير بين الفسخ وعدمه، والبعض الآخر منها يدلُّ على أمر عزيمةٍ وتحتُّم بفسخِ الحجِّ إلى العُمرة.
قال القاضي عياض: "والذي تدلُّ عليه نُصُوص الأحاديث في صحيحَيْ البخاري ومسلم.
وغيرهما من رواية عائشة وجابر وغيرهما، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنَّما قال لهم هذا القَوْلَ بعد إحرامهم بالحجِّ في منتهى سفرهم ودُنوِّهم من مكَّة بِسَرِفَ، كما جاء في رواية عائشة، أو بعد طوافه بالبيت وسعيه كما جاء في رواية جابر، ويحتمل تكريره الأمر بذلك في موضعين، وأنَّ العزيمة كانت آخرًا على ما تذكره بعد أمرهم بِفَسْخِ الحجِّ إلى العمرة".
وقال الإمام النَّووي -بعد سرده بعض الألفاظ التي فيها الأمر بالفسخ-: "هذه الروايات صحيحةٌ في أنَّه صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة أمرَ عزيمةٍ وتحتُّمٍ، بخلاف الرواية الأولى وهي قوله صلى الله عليه وسلم "من لم يكن معه هديٌ فأحبَّ أن يجعلَها عمرة فَلْيَفْعَل"، قال العلماء: "خيَّرَهم أوَّلًا بين الفَسْخِ وعدمه مُلاطفةً لهم، وإيناسًا بالعمرة =
⦗ص: 317⦘
= في أشهر الحج، لأنَّهم كانوا يرونها من أفجر الفجور، ثُمَّ حَتَّم عليهم بعد ذلك الفَسْخَ وأمرهم به أمرَ عزيمةٍ، وألزمهم ايَّاه، وكَرِه تَرَدُّدَهُم في قبول ذلك ثُمَّ قَبِلُوه وفعلوه إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، والله أعلم".
وقال أنور شاه الكَشْمِيْري: "وقد كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خيَّرهم في أوَّل أمرِهم، ثُمَّ أمرَهم ثانيًا قبل شروعهم في الأفعال حين بلغَ مكةَ شرَّفها الله تعالى، فلم يعمل به أحدٌ منهم، فلما رآهم امتنعوا عنه غَضِبَ عليهم، وعزمَ عليهم حين صَعَد المروةَ، وإنما غضبَ عليهم لأنَّهم أَبَوا أنْ يأتُوا بما كان أمرَهم به، وتنَزَّهُوا عن رخصتِهِ، وفي مثله وردَ الغضبُ".
انظر: إكمال المعلم (4/ 237)، شرح النووي على مسلم (8/ 379، 385)، طرحُ التثريب (5/ 27)، فيض الباري (شرح حديث رقم 1560).
من فوائد الاستخراج: تقييد "عبد الرحمن" بأنه ابن القاسم، وجاء لدى الإمام مسلم مهملا.
بابُ الإِبَاحَةِ للحائضٍ أنْ تقضِيَ المنَاسِك كلَّها وتقفَ المواقفَ كلَّها إلَّا الطواف بِالبيتِ، والدَّليل على أنَّ عُمْرَةَ عائشةَ من التَّنْعيم كانتْ أفضلَ من عمْرَةِ سائرِ أزواجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لزيادةِ نَصَبِها وتَعَبِها، وأنَّ العُمْرَة مِنَ المِيْقَاتِ أفضلُ مِنْهُ مِنَ التَّنْعِيْم
3741 -
حدثنا شعيبُ بن عمرو
(1)
، حدثنا سفيان بن عيينة
(2)
، عن
⦗ص: 318⦘
عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت:"ضَحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نِسائِهِ البقَرَةَ"
(3)
.
(1)
هو الضَّبَعِي، الدِّمَشْقي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 873، ح 119)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، وأخرجه البخاري في كتاب الحيض -باب الأمر بالنفساء إذا نُفِسن (ص 52، ح 294) عن علي بن عبد الله، وفي كتاب الأضاحي -باب الأضحية للمسافر والنساء (ص 986، ح 5548) عن مسدد، وفي باب من ذبح ضحية غيره (ص 988، ح 5559) عن قتيبة، ستتهم عن سفيان بن عيينة به، وفي أحاديث الأربعة الأُوَل قصَّةُ الخروج للحج، وقصة حيض عائشةَ رضي الله عنها أيضًا، أمَّا مسدَّد، وقتيبة، فاكتفيا بذكر قصة حيض عائشة رضي الله عنها وذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه.
من فوائد الاستخراج: دقة اختيار المستخرِج رحمه الله، حيث اختار الرواية التي فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه بقرة واحدة، بينما ورد في ألفاظ البخاري ومسلم كلمة:"البَقَر"، وهي صيغة تطلق على الجمع كما تطلق على اسم الجنس أيضًا.
وفي صيغة الإفراد "البقرة" فائدةٌ فقهية حيثُ يُستنبطُ منها جواز الاشتراك في الهدي، وربَّما لأجل هذا صدَّر أبو عوانة الباب برواية شعيب بن عمرو، عن سفيان أبن عيينة، وقدَّمها على رواية الشافعي والحميدي عن سفيان.
ويؤيد رواية شعيب بن عمرو ما أخرجه أبو داود في سننه (ص 205) عن ابن السّرح، وأخرجه النسائي في الكُبرى (2/ 452) عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر عن آل محمد في حجَّة الوداع بقرةً واحدةً"، كما =
⦗ص: 319⦘
= أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 248) عن عثمان بن عُمر، عن يونس، عن الزُّهري، عن عروة وعمرةَ، عن عائشة رضي الله عنها "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر عن أزواجه بقرةً في حجَّة الوداع".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 644): "ورواية يونس أخرجها النسائي وأبو داود وغيرهما ويونس ثقة حافظ، وقد تابعه معمر عند النَّسائي أيضًا (الكبرى 2/ 452)، ولفظه أصْرَحُ من لفظ يونس، قال: "ما ذبح عن آل محمد في حجَّة الوداع إلا بقرة"، وروى النَّسائي أيضًا (2/ 452) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال "ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّن اعتمر من نِسَائه في حجة الوداع بقرةً بينهُنَّ" صحَّحه الحكم، وهو شاهِدٌ قويٌّ لرواية الزُّهري، وأمَّا ما رواه عمَّار الدُّهني، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: "ذبحَ عنَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حَجَجْنَا بقرةً بقرةً" أخرجه النسائي (2/ 452) أيضًا فهو شاذٌّ مخالفٌ لما تقدَّم". انتهى كلامه.
قلتُ: ولعلَّ الثِّقات الذين روَوْه بالجمع: "البقر" قصدوا تَحديدَ الجِنس الذي ذُبح، فإن صيغة "البقر" كما أنَّها تطلق على جمع "بقرة" تطلق كذلك على مطلق الجنس، وتدخلُ الهاء على "البقر" على أنَّه واحدٌ من الجِنْسِ، ذكرًا كان ذلك الواحدُ أَمْ أنثى.
انظر: لسان العرب (1/ 458)، القامُوس المحيط (ص 331).
3742 -
حدثنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشَّافِعيّ
(1)
، أخبرنا سفيان بن عيينة
(2)
، عن عبد الرحمن بن القاسم، عنْ أبيه، عن عائشة
⦗ص: 320⦘
قالت: خرجنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولا يرون إلا الحجَّ، حتَّى إذا كُنَّا بِسَرِفَ وقَرُبْتُ مِنْها حِضْتُ، فدخلَ عليَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنا أبْكي فقال: "ما لك، أنَفِسْتِ؟
(3)
" قالت: قلتُ: نعم، قال: "إنَّ هذا شيءٌ كتبه الله على بناتِ آدم، فاقْضِي
(4)
ما يَقضي الحاجُّ غير أنْ لا تَطُوفي بالبيت" "وضَحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ نِسَائِه البَقَر"
(5)
.
(1)
الإمام، والحَدِيْثُ في مُسْنَدِه (ص 111).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أنَفِسْتِ: -بفتح النون وضمها، والفتح أفصح، وكسر الفاء- معناه أَحِضْتِ.
شرح النووي على مسلم: (8/ 382).
(4)
اقْضِي: افْعَلي، كما في رواية أخرى: فاصنعي.
المرجع السابق.
(5)
انظر تخريج ح / 3841 قبلَه.
من فوائد الاستخراج: في حديث المستخرِج فوائد منها:
• إخراجه الحديث من طريق الإمام الشَّافعي، ممَّا يُفيدُ الإسنادَ قوَّةً وعُلوًّا معْنويًّا. • جاء جزءٌ من الحديث في صحيح مسلم (2/ 870) على الشكِّ:"حتَّى إذا كنت بسرف، أو قريبًا منها"، وجاءت رواية المستخرِج بدون شكٍّ.
3743 -
حدثنا بِشر
(1)
، حدَّثنا الحميدي
(2)
، حدَّثنا سُفيان
(3)
،
⦗ص: 321⦘
حدَّثنا عبد الرحمن بن القاسم، قال: أخبرني أبِي، قال: سمعت عائشة، فذكر نحوه
(4)
.
(1)
ابن موسى بن صالح الأسدي، أبو علي، البغدادي.
(2)
عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي، والحديث في مسنده عن سفيان بهذا الإسناد (1/ 103).
(3)
ابن عيينة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
انظر تخريج ح / 3841، 3842.
من فوائد الاستخراج: وقع في حديث المستخرِج تصريح ابن عيينة بالتَّحديث، وهو في الأصل المستخرَج عليه مرويٌّ بالعنْعنة، وابن عيينة وإن احتمل الأئمة تدليسه لإمامته وقلة تدليسه، وكونه لا يُدَلِّس إلَّا عن ثقة، إلا أنَّ الوقوفَ على تصريحه بالتَّحديث يفيدُ أنَّه لم يدلِّس في الإسناد المُعيَّن.
انظر: صحيح مسلم (2/ 870)، معرفة أهل التَّقديس (ص 32، ح 52).
3744 -
حدثنا [أبو] عمرو بن حازم
(1)
، وعمار بن رجاء، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن مَنْصُور
(2)
، عن إبراهيم
(3)
، عن الأسود
(4)
، عن عائشة قالت: خرجنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولا نُرَى إلا أنَّما هُوَ الحَجُّ
(5)
، فلمَّا قَدِم أَمَرَ أصحابه فطَافُوا وطاف نساؤُه، ثُمَّ أمرَهُم فَحَلُّوا، قالتْ عائشة: كنْتُ حِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ، فَوَقَفْتُ المواقفَ
⦗ص: 322⦘
كلَّها، فلمَّا كانتْ ليلةُ الحَصَبَة قلتُ: يا رسول الله، يرجعُ أهلُكَ بعمرةٍ وحجَّةٍ غيري، قال:"اخْرُجي مع أخيك عبد الرحمن بن أبي بَكر" فلقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُدْلِجًا مُصْعِدًا على أهلِ المدينة، وأنَا مُصْعِدَةٌ عَلَى أَهْلِ مَكَّة
(6)
.
(1)
هو: أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غَرْزَة.
(2)
ابن المعتمر، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن يزيد النخعي.
(4)
ابن يزيد النخعي، الكوفي.
(5)
هكذا في نسخة (م)، ولعلَّ تركيب الجُملة مثل قوله تعالى:{إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (سورة ص، آية 70)، وفي صحيح مسلم "ولا نُرى إلَّا أنَّه الحجُّ".
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 877، ح 128) عن زُهير بن حرب، وإسحق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير، عن منصور به.
وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب التمتع والقران والإفراد. . . (ص 253، ح 1561) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، وفي باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت (ص 284، 1762) عن أبي النعمان، عن أبي عوانة، كلاهما عن منصور به.
واختلف على منصورٍ في جزء من الحديث، فرواه عنه جريرٌ كما عند مسلم على الشكّ:"فلقِيَني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مصعدٌ من مكة، وأنا منهبطةٌ عليها، أو أنا مصعِدةٌ وهو منهبطٌ منها. . ."، وتابع جريرًا أبو عوانة الوضَّاح اليَشْكُرِي عند البخاري، وشَيْبَانُ بن عبد الرحمن كما عند المصنِّف (ح / 235) على شكِّه في هذا الجزء من الحديث، وخالفهما إسرائيلُ فرواه عن منصورٍ بدون شكٍّ كما عند المستخرِج:"فلقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُدْلِجًا مُصْعِدًا على أهلِ المدينة، وأنَا مُصْعِدَةٌ عَلَى أَهْلِ مَكَّة"، وهذه الألفاظ معناها واحد، كما جاءت رواية الأعمش بدون شك أيضًا كما في المستخرِج (ح / 3746)، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها بلفظ:"فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة مُدْلِجا وهُوَ مُنْهَبِطٌ عَلَى أهْلِ المَدِيْنَة وأَنَا مُنْهَبِطةٌ على أهْلِ مَكَّة".
وقد ثبتت من طرق أخرى أنها لقيت صلى الله عليه وسلم في منزله بعد ما فرغت فأذن في أصحابه فخرج فمرَّ بالبيت فطاف"، قال الإمام النووي في الجمع بين الروايات =
⦗ص: 323⦘
= المختلفة: "قولُها: "فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . منهبطٌ منها"، وقالت في الرواية الأخرى: "فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله فقال هل فرغت فقلت نعم فأذن في أصحابه فخرج فمرَّ بالبيت وطاف"، وفي الرواية الأخرى: "فأقبلنا حتَّى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحَصْبَة"، وجه الجمع بين هذه الروايات أنَّه صلى الله عليه وسلم بعث عائشة مع أخيها بعد نزوله المحصب، وواعدها أن تلحقَه بعد اعتمارها، ثُمَّ خرج هو صلى الله عليه وسلم بعد ذهابها فقصد البيت ليطوف طواف الوداع، ثمَّ رجع بعد فراغه من طواف الوداع، وكُلُّ هذا في الليل، وهي الليلة التي تلي أيَّام التشريق، فلقيَها صلى الله عليه وسلم وهو صادرٌ بعد طواف الوداع، وهي داخلةٌ لطواف عمرتها ثُمَّ فَرَغَتْ من عمرتِها ولحقته صلى الله عليه وسلم وَهُو بَعْدُ في مَنْزِلِه بِالمُحَصَّب، وأمَّا قولها: "فأذِنَ في أصحابِه فخَرجَ فَمَرَّ بالبيت وطافَ" فيُتَأَوَّل على أنَّ في الكلام تقديمًا وتأخيرًا وأنَّ طوافه صلى الله عليه وسلم-كانَ بَعْد خُروجها إلى العُمْرة وقبْلَ رجوعِها، وأنَّه فَرَغَ قَبْل طَوَافِها لِلْعُمرة".
من فوائد الاستخراج: جاء جزءٌ من الحديث في صحيح مسلم (2/ 870) على الشكِّ: "وهو مصعدٌ من مكَّة، وأنَا منهبطةٌ عليها، أو أنا مصعِدةٌ وهو منهبطٌ منها"، وجاءت روايةُ المستخرِج خاليَةً من الشكِّ، وقدَّمَها المستخرِج على غيرها من الرِّوايات.
3745 -
حدَّثنا أبو أمية، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا شَيْبَان
(1)
، عن مَنْصُور
(2)
، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: خَرَجْنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولا نُرَى إِلَّا أَنَّهَا هُوَ الحَجُّ
(3)
، فقَدِمَ
⦗ص: 324⦘
رسول الله صلى الله عليه وسلم فَطَافَ ولَمْ يَحْلِلْ، وكانَ مَعَهُ الهَدْيُ، وَطَافَ من مَعَه مِنْ نِسَائِه وأصحابِه، فحَلَّ منهم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، قال: وحاضَتْ هِيَ، فَقَضَيْنَا مَنَاسِكَنَا من حَجِّنا، فلمَّا كانتْ ليلةُ الحَصَبَةِ ليلَةُ النَّفْرِ، قلتُ: يَا رسول الله، أَيَرْجِعُ أَصْحَابُكَ كُلُّهُم بِعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ وأرجعُ أنَا بِحَجٍّ، قال:"أَمَا كُنتِ تَطَوَّفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟ " قالتْ: لا، قال:"فانْطَلقِي مَعَ أخِيْك إِلَى التَّنْعِيم فَأَهِلِّي بِعُمْرةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُك كَذا وكذا" قالت عائشة: فلقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُدَّلِجًا
(4)
وهُو مُصْعِدٌ على أهْلِ مَكَّة، وأَنَا
⦗ص: 325⦘
مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهِم، أَوْ مُنْهَبِط وأَنَا مُصْعِدَةٌ
(5)
.
(1)
هو: شيبان بن عبد الرحمن التميمي -مولاهم- النحوي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هكذا النصُّ في نسخة (م)، وبعد بحثٍ وتنقيبٍ شديدين لم أقف في شيءٍ من كتُب =
⦗ص: 324⦘
= الحديث على مثلِ هذه الجُمْلة، ولفظ مسلم:"ولا نرى إلا الحجَّ"، ولفظ البُخاري (ص 284):"ولا نُرى إلا الحجَّ"، ويظهرُ أنَّ لفظ أبي عوانة هذا صحيحٌ أيضًا، وذلك بأن يقال في إعرابه:
"أنَّها" الضمير هاء المؤنث اسم "أنَّ" في محلِّ نصب، والمقصود السَّفرة، "هو الحجُّ" مبتدأ وخبرٌ، والجُملةُ من المبتدأ والخبرِ في محلِّ رفع خبرُ "أنَّ"، أيْ:"ولا نُرى إِلَّا أَنَّ السَّفرة هو الحجُّ، فهو مثل قول أهل العلم في أسماء الله وصفاته: "لا يُقال فيها إنَّها هُوَ"، وقولهم عن شُعبِ الإيمان: "إنَّها تنشأُ عن الإيمان، لا أنّها هُو".
أخذت الأمثلة المذكورة من جملٍ في شُعب الإيمان (1/ 112) تتطابق مع العبارة التي في الحديث.
(4)
مُدَّلِجًا: -بضمِّ الميم، وتشديد الدال المفتوحة- من ادَّلَج- بتشديد الدال المفتوحة-: أي: سار آخر اللَّيل، وأدْلَج -بالتخفيف- إذا سار من أوَّل الليل، والمقصود في الحديث المعنى الأول.
انظر: هدي السَّاري (ص 123)، عمدة القاري (10/ 105)، النهاية في غريب =
⦗ص: 325⦘
= الحديث (2/ 307).
(5)
انظر تخريج ح/ 3744.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف زيادة صحيحةٌ لم ترد في حديث مسلم، وهي قولها:"مُدَّلِجًا"، ويدلُّ هذا اللَّفظ على أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طاف طواف الوداع في اللَّيل، وأنَّ عائشة رضي الله عنها لقيته صلى الله عليه وسلم راجعةً من التنعيم، مُصعِدةً على أهل مكَّة لتطوف لعمرتها، وهو صلى الله عليه وسلم خارجٌ من مكَّة منهبطٌ على أهل المدينة، وقد طاف طواف الوداع، كلُّ هذا في اللَّيل.
3746 -
حدثنا عبَّاس الدوري، حدثنا مُحاضِر
(1)
، حدَّثنا الأعمش، ح.
وحدثنا الصغاني، حدثنا إسماعيل بن الخَلِيل
(2)
، أخبرنا عليُّ [بن](مُسْهِر)
(3)
، أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نُلبِّي لا نذكرُ حجًّا ولا عمرةً
(4)
، فلما قدِمْنا
⦗ص: 326⦘
مكَّة أمرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحْلَلْنَا، فحَلَّ النَّاس من عمرَتِهم إلَّا من كان معه هَدْيٌ، كنْتُ حائضًا فلم أتطَوَّفْ بالبيتِ، فلما كانتْ ليلةُ النَّفر قلتُ: يا رسول الله إنِّي لم أكن تَطَوَّفْتُ بالبيت، قال:"انطلِقِي مع أخِيك إلى التَّنعيم فاعْتمِري" فخرجتُ ومعي عبد الرحمن، وذكر الحديث، قالتْ: فلقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على العَقَبةِ
(5)
⦗ص: 327⦘
(*مُدَّلجا*)
(6)
وهُو مُنهبِطٌ على أهلِ المدينة وأنَا مُنهبِطَةٌ على أهلِ مكَّة، قال:"مَوْعِدُك كَذَا وكذا" معنى حديثِهِم واحدٌ، وفي حديث إسماعيلُ زيادةٌ، فذكر قصَّة صَفِيَّةَ أنَّها حاضتْ، كذلك في حديث شَيْبَان، عن مَنْصُور، ذكر صفيَّةَ وحَيْضَها، ولكنِّي لَمْ أُخْرِجْها
(7)
(8)
.
(1)
مُحاضِر -بِكسر الضَّادِ المعجمة- بن المُوَرِّع -بضمِّ الميم وفتح الواو وتشديد الرَّاء المكسورة تليها عينٌ- الهمداني، الكُوفيّ.
(2)
الخزَّاز: - بمعجمات ثلاثة، وتشديد الزاي الأولى- الأنساب (2/ 356)، أبو عبد الله الكوفي.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وما بين المعقوفين سقط من نسخة (م) واستدركته من إتحاف المهرة (2 مج / 2 ج /1030)، وصحيح مسلم (2/ 870)، وما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "مصهر" -بالصَّاد المهملة- والتَّصويب من المرجعين المذكورين.
(4)
ظاهرُ العبارة يخالف الأحاديث التي تقدَّمت في هذا الباب، وقد سبق أن نقلتُ أقوال =
⦗ص: 326⦘
= أهل العلم في الجمعِ بين المرويَّات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها فيما أحرمتْ به.
انظر التَّعليق على باب: باب بَيان إِسْقَاطِ الهَدْي عن المرأة التي تَعْتَمِر ثُمَّ تَحِيْض يُفْسِدُ عمرتَهَا حَيْضُها وتُهِلُّ بالحجِّ ثمَّ تعتمر بعدُ. . .". (قبل ح / 3719).
(5)
العَقَبَة: -بفتح العين والقاف- مفردُ عَقَبَات، وعَقَب، قال ابن منظور:"العقبة: طريق في الجبل وعْرٌ. . والعقبة: الجبل الطويل، يعرضُ للطَريق فيأخُذُ فيه، وهو طويل صعبٌ شديد".
قال ياقوت الحموي: "وأما العقبةُ التي بويع فيها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بمكَّة فهي عَقَبَةٌ بين منى ومكَّة، بينها وبين مكَّة نحو ميلين وعندها مسجدٌ ومنها ترمى جمرة العقبة".
قلتُ: هذه هي العَقَبة المعروفة بمكَّة، ولكن يشكِلُ هُنَا لِقاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهو منهبِطٌ على أهل المدينة، وقد طاف طوافَ الوداع، وهي راجعة من التنعيم منهبطة على أهل مكَّة لتطوف لعُمرتِها، فطريق التَّنعيم تقع شمال المسجد الحرام، والعقبة تقع إلى شرقي المسجد الحرام وتبعد عنه بميلين، إلَّا أن يكون المقصودُ من العقَبَة معناها اللُّغوي لا العقبة المعروفة، أو كان طريق التنعيم آنذاك تؤدي إلى العقبة ثم إلى المسجد الحرام، والله أعلم.
وتقدَّم في الأحاديث الأخرى أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم-كان ينتظرُها عند الأبطح، قال ابن =
⦗ص: 327⦘
= بطَّال: "ذكر عبد الرزَّاق قال: أخبرنا عمر بن ذر، أنه سمع مجاهدًا يقول: "أناخ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّفر بالبطحاء ينتظرُ عائشةَ، وكَرِهَ أن يَقتَدِي النَّاس بإنَاخَتِه، فبعثَ حتَّى أنَاخَ على ظَهْرِ العَقَبَة أو من ورائها ينتظرُها".
انظر: شرح ابن بطَّال (4/ 433)، معجم البلدان (4/ 134)، لسان العرب (9/ 306).
(6)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(7)
من منهجِ المصنِّف تقطيعُ الأحاديث في الأبواب، ويترجم للأحاديث بتراجم أبواب تفصيلية تشمل مسائل فقهية مستنبطة من تلك الأحاديث، فيظهر -والله أعلم- أن المصنِّف لم يُخرجْ قِصَّة حيض صفيَّة رضي الله عنها، لأنَّها لا تدلُّ على ما بوَّب لأجله المصنِّف، ولذا أخرج قصَّة حيضِها من طرق مختلفة في بابٍ لاحقٍ.
انظر: باب بيانِ إتيانِ النِّساء في أيَّام مِنَى: ح / 4121، 4122، 4123، 4124، 4125، 4126.
(8)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 878، ح 129) عن سويد ابن سعيد، عن علي بن مُسْهر به، محيلًا من حديث الأعمش على حديث منصور قبله، وقال: بمعناه.
من فوائد الاستخراج:
حديثُ المستخرِج فيه بيانٌ لمتنِ الحديث المُحَال به على المتن المُحَال عليه.
3747 -
حدثنا أبو الحُسين عليُّ بن إبراهيم الوَاسِطيُّ
(1)
، حدَّثنا محمد بن أبِي نُعَيم
(2)
، أخبرنا وُهَيب، أخبرنا ابن عَوْن
(3)
، عن إبراهيمَ، عن
⦗ص: 329⦘
الأسودِ، عن عائشة، وعن القاسم، عن عائشة قالت: قلتُ: يا رسول الله، (*يَصْدُرُ الناسُ*)
(4)
بِنُسُكَينِ وأصدُرُ
(5)
أنا بِنُسُكٍ، قال:"إنْ شِئْتِ انتَظرْتِ حتَّى إذا كان يومُ النَّفر انْطَلَقْتِ إلَى التَّنْعِيم فَأَهْلَلْتِ بعُمرةٍ" قال أحدُهما
(6)
عن عائشة: "إِذَا لعودت حلفا، ولم يحدث
(7)
" وقالَ الآخَرُ: "إِنَّ أَجْركِ عَلى قَدْرِ نَفَقَتِكِ"
(8)
.
(1)
هو: عليُّ بن إِبْرَاهِيْم بن عبد المجيد اليَشْكُرِي.
(2)
هو: محمد بن موسى بن أبي نُعَيم -مصغَّرا- الواسطيُّ، الهُذَليّ، ت/ 223 هـ.
قال ابن أبي حاتم: "سمعت أحمد بن سِنان يقول: "ابن أبي نعيم ثقةٌ صدوق".
وقال أيضًا: "سئل أبي عنه، فقال: صدوق".
قال أبو حاتم: "سألت يحيى بن معين عن ابن أبي نعيم، فقال: ليس بشيء".
وقال أبو عبيد الآجري: "سئل أبو داود عن ابن أبي نعيم، فقال: سمعت يحيى بن معين يقول: "أكذب النَّاس، عِفْرٌ من الأعْفَار".
قال ابن عديٍّ: "عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه الثِّقات".
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال فيه الحافظ ابن حجر:"صدوق، لكن طرحه ابن معين".
قلتُ: إسناده متروكٌ، ولم أقف على من تابعه عن وُهَيْب، والعُفْر -بضمِّ العين المهملة، وسكون الفاء- معناه الشُّجَاع، والرجل الشَّديد، وَ -بكسر العين المهملة، وسكون الراء- معناه الخبيث المنكر، وذَكَرُ الخنازير، ولَعلَّ المقصود من كلام ابن معين المعنىَ الثاني، والله أعلم.
انظر: الجرح (8/ 83)، الثقات لابن حبان (9/ 75)، الكامل لابن عدي (6/ 260)، تهذيب الكمال (26/ 528)، ميزان الاعتدال (4/ 50)، تهذيب التهذيب (9/ 424)، تقريب التهذيب (ت 7131)، القاموس المحيط (ص 412)، المعجم الوسيط (ص 611).
(3)
هو: عبد الله بن عون بن أَرْطَبان، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(5)
يَصْدُرُ: يَرْجِعُ، من الصُّدور، وهو الرُّجوع.
انظر: فتح الباري (3/ 715)، القاموس المحيط (ص 394).
(6)
يعني أحد الإثنين: القاسم، الأسود.
(7)
هكذا جاءت الجُملة في نسخة (م)، وبعد بحثٍ شديدٍ لم أقفْ عليها في شيء من كُتب الحديث، وهي مما تفرَّد بها محمد بن أبي نُعيم عن وُهيب، وتقدّم أنَّ محمد بن أبي نعيم متكلَّم في حفظه وضبطه، وانتُقِد عليه كثرةُ المنكرات في حديثه، حتَّى وصفه ابن معين بعُفْرٍ من الأعفار.
وكذا الجُملةُ يَكْنُفها غموضٌ في معنَاها والمقصودِ منها، وقد سألت بعض الأفاضل عن تفسيرها وكيفيّة قراءتها، فلم يُسْعِفُوني بإِجَابَة شَافِيَة، ولعلَّ الاحتمال الأقرب أن يكون رسمها هكذا:
"إذًا لَعَوَّدَتْ خَلَفًا، ولَمْ تُحْدِثْ"، بمعنى: إذًا لَرَجَّعَتْ عِوَضًا أَوْ بَدَلًا وَلَمْ تَأْتِ بِشَيْءٍ جَدِيْدٍ لَمَّا اعتَمَرَتْ من التَّنْعِيْم، فإن مصدر العود يدلُّ على الرجوعِ، والخَلَف يأتي بمعنى العِوض والبدل، والله أعلم.
انظر: لسان العرب (4/ 186، 9/ 458)، القاموس المحيط (ص 288).
(8)
إسنادُ أبي عوانة إسنادٌ متروك لحالة محمد بن أبي نُعيم، ولكن الحديثَ أخرجه مسلمٌ =
⦗ص: 330⦘
= في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 876، ح 176) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن ابن عُليَّة، وعن ابن المثنى، عن ابن أبي عديٍّ، كلاهما (فرَّقهما) عن ابن عونٍ به، إلَّا أن ابن أبي عدي خالف ابن عُليَّة فأسقط الأسود من إسناد إبراهيم، وتقدم في ح / 3744، و 3745، و 3746، أنَّ منصورًا والأعمشَ روياه عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها.
ولعلَّ الإمام مسلمًا رحمه الله عنى بتأخيره حديثَ ابن أبي عديٍّ عن حديث ابن عُلَيَّة الإشَارَةَ إلى خطئه في الإسناد، وقد تابع ابنَ عليَّةَ يزيدُ بن زُرَيْع، أخرج حديثه البخاري في كتاب العمرة -باب أجر العمرة على قدر النَّصب (ص 287) عن مسدّد، عن يزيد بن زريع، عن ابن عون به.
ولم يفرِّق الشَّيخان بين لفْظَي الأسود، والقاسم، في روايتهما عن عائشة رضي الله عنها كما عنْدَ المصنِّف، وظاهرُ صنيعِهما يدلُّ على ثبوت قوله:"إِنَّ أَجْركِ عَلى قَدْرِ نَفَقَتِكِ" عن كليهما -الأسود، القاسم- على السَّواء، كما ثَبَت ذلك عنهما في مصادر أخرى بطرقٍ مختلفة.
من فوائد الاستخراج: رواية المصنِّف فيه متابعةٌ لرواية ابن عُلَيَّة المحفوظة.
3748 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا سفيان بن عيينة
(1)
، ح.
وحدثنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشَّافِعي
(2)
، حدثنا ابن عُيينة، عن عمرو بن دينار، أخبره عمرو بن أوسٍ الثَّقَفِي قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بَكر قال: "أمَرنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ أُرْدِفَ عائشة إلى
⦗ص: 331⦘
التَّنعيم فَأُعْمِرَهَا"
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين.
(2)
الإمام الجلِيل، والحديثُ بهذا الإسناد في مُسنده (ص 112، 368).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 880، ح 135)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وابن نُمير، كلاهما عن سفيان بن عيينة به، وأخرجه البُخاري في كتاب العمرة -باب عمرة التنعيم (ص 287، ح 1784) عن علي بن عبد الله، وفي كتاب الجهاد -باب إرداف المرأة خلف أخيها (ص 493، 2985) عن عبد الله بن محمد، كلاهما عن سفيان بن عيينة به، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 240) عن يونس بن عبد الأعلى به.
من فوائد الاستخراج:
• العلوُّ المعنوي، حيث روى المصنِّف من طريق الإمام الشافعي.
• العلوُّ النسبي (المساواة)، حيث استوى عدد رجال إسناد المصنف مع إسناد مسلم.
• ذكر مسلم في إسناده راويين مهملين (عمرو بن دينار، سفيان بن عيينة)، وراويا ثالثًا (عمرو بن أوس) غير منسوب إلى قبيلته، بينما ورَدُوا مبيَّنين في إسناد أبي عوانة.
3749 -
حدثنا عبَّاس الدوري، ويحيى بن إسحاق بن سَافِرِي، قالا: حدثنا مُعلَّى بن منصُور، حدثنا سُفيان
(1)
، بإسناده، عن عبد الرحمن بن أبي بَكر "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمره أنْ يُرْدِفَ عائشةَ فيُعْمِرَها من التَّنعيم"
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
انظر ح / 3748.
3750 -
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبَل، وعليُّ ابن
⦗ص: 332⦘
عبد العزيز
(1)
، قالا: حدثنا إبراهيم بن زِياد
(2)
، حدثنا عبَّاد بن عبَّاد المُهَلَّبِيُّ
(3)
، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمَّد، عن عائشة قالت:"مِنَّا من أفردَ، ومنَّا من قَرَنَ، ومنَّا من تَمَتَّعَ"
(4)
.
(1)
ابن المَرْزُبان بن سَابُور، أبو الحسن البَغَوي، نزيل مكة.
(2)
البغدادي، أبو إسحاق المعروف بـ "سَبَلَان".
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 876، ح 124) عن يحيى بن أيُّوب، عن عبَّاد بن عباد به، وأخرجه البيهقي في السُّنن الكبرى (5/ 2) بسَنَدِه عن عليِّ بن عبد العزيز به.
من فوائد الاستخراج: رواية إبراهيم بن زياد سَبَلَان هذا الحديث عن عبَّاد ابن عبَّاد، وهو من أثبت من أخذ عنه كما يظهر جليًّا من كلام الإمام أحمد المتقدِّم، وهو أقدم وفاةً من شيخ مُسلم:"يحيى بن أيوب".
3751 -
حدثنا أبو داود الحراني، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا يحيى بن سعيد
(1)
، ح. وحدَّثنا إسماعيل القاضي، حدثنا أبو مُصعَب
(2)
، عن
⦗ص: 333⦘
مَالِك
(3)
، عن يحيى بن سعيد، عن عَمْرةَ حدَّثَتْه قالت: سمعت عائِشة تقول: خرجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخَمسٍ بقينَ من ذي القَعْدَة، ولا نُرَى إلَّا أنَّه الحَجُّ، حتَّى دنَوْنا من مكة "أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ [يَكُنْ]
(4)
معه هدْيٌ -زاد مالك: إذا طافَ بالبيتِ وبين الصَّفا والمَرْوة- أَنْ يَحِلَّ" قالتْ عائشةُ: فحَلَّ النَّاس كلُّهم إلَّا من كَانَ مَعَه هَدْيٌ، قالت: فلما كان يوم النَّحْر دُخِلَ عَلينا بِلَحْمٍ، فَقُلْنَا: ما هذا؟ فقيل: ذَبَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أَزْواجِه اللَّفْظُ [ل] يزيد
(5)
، والزِّيادةُ لمالِك
(6)
.
(1)
هو الأنصاري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو: أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحَارِث بن زُرَارَة بن مصعب بن عبد الرحمن ابن عوف الزُّهري، راوية الموطأ عن مالك، ت/ 242 هـ.
قال أبو زرعة وأبو حاتم: "صدوق".
ذكره ابن حبَّان في الثِّقات، وقال الحافظ ابن حجر:"صدوق".
انظر: الجرح والتعديل (2/ 43)، الثقات (8/ 21)، تهذيب الكمال (1/ 278 - 281)، تذكرة الحفاظ (2/ 60 - 62)، سير أعلام النبلاء (11/ 436 - 440)، الوافي =
⦗ص: 333⦘
= بالوفيات (6/ 269)، تهذيب التهذيب (1/ 20)، التقريب (ت 18).
(3)
الحديث في موطئه (2/ 552) برواية أبي مُصْعَب الزُّهريِّ عنه.
(4)
ما بين المعقوفَيْن سَقط من نسخة (م)، واستدركتُه من صحيح مسلم (2/ 870)، ولا يصحُّ السِّياق بِدُونِه.
(5)
ما بين المعقُوفَين سقط من نسخة (م)، ولا يصِحُّ السِّياق بِدُونِه.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 870، ح 125)، عن عبد الله بن مَسْلَمَة بن قعنَب، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب ما يأكل من البدن وما يتصدق (ص 278، ح 1720) عن خالد بن مخلد، كلاهما عن سُليمان بن بلال، وفي باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهنَّ (ص 276، ح 1709) عن عبد الله بن يوسف، وفي كتاب الجهاد -باب الخروج آخر الشهر (ص 488، ح 2952) عن عبد الله بن مسلمة، كلاهما عن مالك، كلاهما عن يحيى بن سعيد الأنصاري به. =
⦗ص: 334⦘
= من فوائد الاستخراج:
• التقى المصنِّف في إسناده الأول مع مسلم في "يحيى بن سعيد"، وهذا بدل.
• تساوى عدد رجال الإسنادين وهذا "مساواة".
• تعيين من له اللفظ من الرُّواة.
• العلوُّ المعنوي، حيث رواه المصنِّف من طريق مالك، وأخرجها البخاري عن القعنبي عنه.
• تصريح يحيى بن سعيد بالتحديث عن عمرة، وروايته عند مسلم عنها بالعنعنة.
3752 -
حدثنا إسماعيل القاضي، حدَّثَنَا عليُّ
(1)
، حدَّثنا سُفيان
(2)
، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قالتْ عَمْرَة: سمعتُ عائشة تقول: خرجْنا لخمسٍ بَقِين من ذي القَعْدَة ولا نُرَى إلَّا الحَجَّ
(3)
، فلمَّا كُنَّا بِسَرِفَ أو قريبًا من سَرِفَ "أَمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أنْ يَجْعَلَها عُمْرَةً" فذَكَر مِثْله
(4)
.
(1)
هو: علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح، المعروف ابن المديني.
(2)
ابن عُيَيْنَة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
قال الإمام النووي: "معناه: لا نعتقد أنا نجزم إلا بالحج، لأنا كنا نظن امتناع العمرة في أشهر الحج"، وقال السيوطي:"بضمِّ النُّون: أي نظنُّ".
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 381)، شرح السيوطي على النسائي (5/ 177).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 876، ح 125) عن ابن أبي عمر، عن سفيان به، محيلا متن حديثه على حديث سليمان بن بلال قبله، انظر تخريج ح / 3751.
=
⦗ص: 335⦘
= من فوائد الاستخراج:
• العلوُّ المعنوي، حيث روى المصنِّف من طريق ابن المديني، عن ابن عيينة، وهو من أجلِّ من روى عن سفيان، انظر تهذيب التهذيب (7/ 350 - 351).
• تحديد المكان الذي أمر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو سَرِف.
• ورواية المصنِّف فيه تمييز المتن المحال به على المتن المحال عليه.
3753 -
حدَّثنا إسماعيل، ويوسفُ القاضِيَان، قالا: حدثنا محمد بن أبي بكر
(1)
[حدَّثنا]
(2)
عبد الوهَّاب الثَّقفي
(3)
، ح.
وحدثني عُمَرُ بن (شَبَّة)
(4)
، حدثنا عبد الوهاب الثَّقَفِي، قال: سمعتُ يحيى بن سعيد قال: حدَّثَتْنِي عمرةُ قالت: سمعت عائشة تقول: خرجْنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لخمسٍ بَقين من ذي القعدة لا نَرَى إلَّا الحَجَّ، حتَّى إذا دنَوْنا من مكَّة "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لَمْ يكنْ معه هديٌ إذا طَافَ بالبيتِ أنْ يَحِلَّ" قالتْ: فَأُدْخِل علينا يوم النَّحر لحمُ بقرٍ فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجِه قال: سمعت يحيى قال: ذكرتُ هذا الحديثَ للقاسِم فقال: "أَتَتكَ والله بِالحديثِ على وجْهِه"
(5)
.
(1)
ابن علي بن عطاء بن مقدم المُقَدِّمي، أبو عبد الله البصري.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركته من إتحاف المهرة (17/ 743).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثقفي.
(4)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "شعبة"، والتصويب من إتحاف المهرة (7/ 743).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 876، ح 126)، عن =
⦗ص: 336⦘
= محمد بن المثنى، عن عبد الوهَّاب به، محيلًا متنه على حديث سليمان بن بلال قبله، وانظر ح / 3751.
من فوائد الاستخراج:
• التقى المصنِّف جمع مسلم في "يحيى بن سعيد" وهذا "بدل".
• تساوى رجال الإسنادين، وهذا "مساواة".
• رواية المصنِّف فيه بيان للمتن الذي أحاله مسلم على متن آخر.
3754 -
حدثنا أبو حُميد، حدَّثنا حجَّاج، ح.
وحدثنا عبد الصمد، حدثنا مكِّي، عن ابن جُريج قال: وأخبرني يحيى بن سعيد
(1)
، أن عمرةَ بنت عبد الرحمن، (أخبرتْه)
(2)
عن عائشةَ أنَّها قالتْ: خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لخمسِ ليالٍ بقين من ذي القَعْدَة ولا نَرَى إلَّا الحَجَّ فلما قَدِمْنَا "أَمَرَهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَحِلُّوا، إلَّا أحدًا كان معه هديٌ"
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "أخرجته"، والتصويب من أحاديث الباب والسِّياق.
(3)
انظر تخريج الأحاديث السَّابقة، ح / 3751، 3752، 3753.
من فوائد الاستخراج:
• زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن يحيى بن سعيد أربعة طرق، وهي طريق يزيد بن هارون، ومالك، وعبد الوهاب الثقفي، وابن جريج.
• تبيين "عَمْرَة"، وأنَّها بنتُ عبد الرحمن. =
⦗ص: 337⦘
= • تصريح يحيى بالتحديث عن عمرة.
باب ذكرِ الخَبَرِ المُوجِب على المعُتَمِر (الطواف)
(1)
بِالبيتِ والطواف بين الصَّفا والمروة، وتقصيرَ الرَّأس (إِنْ)
(2)
أرَادَ أنْ يَحِلَّ، ثُمَّ يُهِلَّ بِالحَجِّ، وأنَّ من فَعَلَ ذَلِكَ كانَ عليْهِ الهدْيُ، فإنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلاثَةَ أيَّام فِي الحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ إِلَى أهْلِهِ
(1)
في نُسخة (م)"بالطواف"، وهو تصحيف.
(2)
في نُسخة (م)"إلى"، وهو تصحيف.
3755 -
حدَّثنا عُمَر بن (شَبَّة)
(1)
، حدثنا عبد الوهَّاب الثَّقفي، قال: سمعتُ يحيى بن سعيد، (ح و)
(2)
حدثنا الربيع بن سُلَيمان، أخبرَنا الشَّافِعِي
(3)
، أخبرَنا مالِكٌ
(4)
ح. وحدثنا محمد بن حيَّويه، حدَّثنا القعنبي، ومُطَرِّف
(5)
، عن مالِكٌ، ح.
وحدثنا إسماعيل القاضي، أخبرنا أبو مُصْعَب، قال: أخبرِني مالِكٌ،
⦗ص: 338⦘
عن يحيى بن سعيد
(6)
، عن عَمْرَةَ، أنَّها سمعتْ عائِشةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِيْ القَعْدَة ولا نُريد إلَّا الحجَّ، فلمَّا دَنَوْنا من مكَّة "أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إذَا طَافَ بِالبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ"، قالت عائشة: فدُخِل علينا يومَ النَّحر بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْنا: ما هذا؟ قَالَ: نَحَر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنْ أَزْوَاجِه قال يحيى: فذكرتُ هذا الحديْثَ لِلْقَاسم بن مُحَمَّد قال: أتَتْك والله بِالحَدِيثِ علَى وَجْهِه، لم يذكرْ عبد الوهَّاب: وسَعَى بينَ الصَّفا والمَرْوَة، هذا الحَرْفَ مِنْه
(7)
.
(1)
في نسخة (م)"شَيْبَة" وهو تَصْحِيْفٌ، والتصويب من إتحاف المهرة (17/ 743).
(2)
في نسخة (م)"قال" وهو خطأ، فإن يحيى لا يروي عن الرَّبيع. انظر المرجع السابق.
(3)
الحديث في مسنده (ص 111).
(4)
الحديث في موطئه (2/ 552) برواية أبي مُصْعَب الزُّهريِّ عنه.
(5)
هو: مطرف بن عبد الله بن مطرف اليساري، أبو مصعب المدني.
(6)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(7)
كرَّر أبو عوانة طريقَيْ عمر بن شبَّة، وإسماعيل القاضي، تقدَّم إخراجهما برقم: ح / 3751، 3753، وزاد ثلاث طرقٍ عن مَالِك: طريق القَعْنَبي، وَمُطرِّف، والشَّافعي، راجع تخريج ح / 3753.
من فوائد الاستخراج:
• رواية إمام عن إمام، الشافعي عن مالك.
• زيادة ثلاث طريق عن مالك.
• تساوي الإسناد الأول للمصنِّف مع إسناد مسلم، وهذا "مساواة"، مع اللقاء في شيخ شيخه، وهذا "بدل".
• بيان نقصان لفظ بعض الرواة.
3756 -
حدثنا حنبل بن إسحاق بن حنبل، حدَّثنا خالد ابن
⦗ص: 339⦘
خِداش، أخبرنا ابن (وهب)
(1)
، قال: أخبرني يونس
(2)
، عن الزُّهري، عن سَالِم، عن أبيه "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طَافَ بالبيْتِ فَصَلَّى رَكَعَتين" قال:"وطَافَ بِالصَّفا والمَرْوَة"
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، وقد تَصَحَّف ما بَيْنَ القوسين في نُسخة (م) إلى "مُنَبِّه"، والتَّصْويب من إتحاف المَهَرَة (8/ 390).
(2)
ابن يزيد الأيْليّ.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة (2/ 920، ح 231) عن أبي الطاهر، وحرملة بن يحيى، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب استلام الحجر الأسود (ص 260، ح 1603) عن أصبغ بن الفرج، ثلاثتهم عن ابن وهب به.
من فوائد الاستخراج: لفظ المصنِّف فيه زيادتان:
• أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد الطواف بالكعبة.
• ذكر السَّعي بين الصَّفا والمروة.
3757 -
حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدَّثنا حجَّاج، حدثنا
ليْثُ بن سَعْد
(1)
، قال: حدثنا عُقَيْل
(2)
، عن ابن شِهاب، عن سَالم ابن عبد الله، أن عبد الله بن عمر قال: تَمتَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوَدَاع بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ وأهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الهَدْي مِن ذي الحُليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهلَّ بالعُمْرَة، ثُمَّ أهلَّ بالحج، وتَمَتَّع النَّاس مع رسول الله
⦗ص: 340⦘
صلى الله عليه وسلم بالعُمْرة إلى الحجِّ فكانَ من النَّاس من أهْدَى فَسَاقَ الهَدْيَ، ومِنْهُم مَنْ لَمْ يُهْدِ، فلمَّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكَّة قال للنَّاس:"منْ كان مِنْكُم أهْدَى فإنَّه لَا يَحِلُّ مِنْ شَيءٍ حَرُمَ مِنْه حتَّى يَقْضِي حَجَّه، ومنْ لَمْ يَكُنْ منْكم أهدَى فَلْيَطُفْ بالبيتِ وبالصَّفا والمَروة ويُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالحَجِّ وَلْيُهْدِ، فمنْ لَمْ يجدْ هدْيًا فلْيصُمْ ثلَاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وَسَبْعةٍ إذا رجعَ إلى أهلِه" وَطَافَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حِيْنَ قدِم مكة واستلمَ الرُّكْنَ أوَّلَ شيءٍ، ثُمَّ خَبَّ
(3)
ثَلاثَة أطْوافٍ، ثُمَّ ركعَ حين قَضَى طوافَه بالبيتِ عند المَقامِ ركعتينِ، ثُمَّ استلمَ وانصرفَ، فأتى الصَّفا فطافَ بالصَّفا والمَروة سبعةَ أطوافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ من شيءٍ حَرُمَ مِنْه حتَّى قَضَى حَجَّه، وَنَحَرَ هَدْيَه يوم النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطافَ بالبيتِ، ثم حلَّ من كُلِّ شيءٍ حَرُمَ منه، وفعلَ مثلَ ما فعلَ رسول الله صلى [الله عليهِ وسلم]
(4)
مَنْ أهْدَى فسَاقَ الهَدْيَ مِنَ النَّاسِ
(5)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هو: عقيل بن خالد الأيليُّ.
(3)
خَبَّ: من الخبَب، وهو الإسراعُ في المَشي، قال النَّووي:"فالرَّمل والخبَبُ بمعنى واحد، وهو إسراع المشي مع تقارُب الخُطا ولا يثِبُ وثبًا".
انظر: شرح النَّووي على مُسلم (9/ 10)، هَدْيُ السَّاري (ص 115، 131).
(4)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب وجوب الدَّم على المُحرم المتمتِّع. . . (2/ 901، ح 174)، عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، عن جدِّه به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من ساق البدن معه (ص 273، =
⦗ص: 341⦘
= ح 1691)، عن يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد به.
من فوائد الاستخراج:
• استواء عدد رجال الإسنادين، وهذا عُلوٌّ نِسبِيٌّ (المساواة).
• استنباط المصنِّف مسائل فقهية من الحديث نصَّ عليها في ترجمة الباب.
3758 -
حدَّثنا يوسُف، حدَّثنا حجَّاج، حدَّثنا اللَّيْثُ
(1)
، قال: حدثنا عُقَيل، عن ابن شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير، أن عائشةَ أَخبرتْه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمتُّعه بالعُمْرَةِ إلى الحجِّ، وتمتَّع النَّاس مَعَه، مثلَ الذي أخبرني سَالِم بن عبد الله، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب وجوب الدم على المتمتع. . . (2/ 902، ح 175) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه شعيب بن الليث، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من ساق البدن معه (ص 274، ح 1692) عن يحيى بن بكير، وأخرجه أحمد في مسنده (2/ 140) عن حجاج، ثلاثتهم عن الليث بن سعد بهذا الإسناد، وأحال الشيخان والإمام أحمد حديث عروة على متن حديث سالم بن عبد الله قبله.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا عُلوٌّ نسبيٌّ (المساواة).
• استنباط المصنِّف مسائل فقهية من الحديث نصَّ عليها في ترجمة الباب.
3759 -
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدَّثنا أبو نُعَيْم
(1)
،
⦗ص: 342⦘
حدثنا أبو شِهَاب موسى بن نافع، قال: قدمت مكَّة وأنا متمتِّعٌ بعمرة، فدخلنا قبل التَّروية بثلاثةِ أيَّام، فقال لي أناسٌ من أهْلِ مكَّة: تصير الآن حجتُّكَ مكِّيَّةً، قال: فدخل [تُ]
(2)
على عطاء بن أبي رباح أستَفْتِيه فقال: أخبرني جابر بن عبد الله، أنَّه حجَّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ساقَ البُدْنَ، وقد أهَلُّوا بالحجِّ مُفْرَدًا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحِلُّوا من إِحْرَامكم بِطَوافٍ بالبيتِ وبين الصَّفا والمَرْوَة، وقَصِّرُوا وأقيموا حلالًا حتَّى إذا كان يوم التَّرْوِيَة فأهِلُّوا بالحَجِّ واجعلوا الذي قدِمْتُم به مُتْعَةً" فقالوا: كيف نجعلها متْعةً وقد سمَّيْنا الحجَّ؟ فقال: "افعلوا كما أمرتُكُم، فلولا أنِّي سُقْتُ الهدْيَ لفعلتُ مثلَ الذي أمرتُكم به، ولكن لا يَحِلُّ منِّي حرامٌ حتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه" ففعلُوا
(3)
.
(1)
الفضل بن دُكين، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، ويدلُّ السِّياق عليه.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 884، ح 143) عن ابن نمير، عن أبي نعيم به، وفيه "قبل التروية بأربعة أيام"، وأخرجه البُخاري في كتاب الحج -باب التمتع والقران والإفراد بالحج. . . (ص 254) عن أبي نعيم به، ووافق البخاريُّ شيخَ أبي عوانة "الصَّغاني" في قوله:"فدخلنا قبل التَّروية بثلاثة أيام".
من فوائد الاستخراج:
• التقاء المصنِّف مع مسلم في شيخ شيخه، وهذا "بدل".
• تساوي إسناديهما، وهذا "مساواة"، وهما من العلوِّ النسبي.
• مخالفة الصَّغاني ابن نُميرٍ الراوي عند مسلمٍ في جزء من الحديث، وموافقة =
⦗ص: 343⦘
= الإمام البخاري لرواية الصَّغاني ومتابعته له.
3760 -
حدثنا يوسف، وأبو حميد، قالا: حدَّثنا حجَّاج، عن ابن جُريج قال: أخبرني جَعْفَر بن محمد
(1)
، عن أبيه
(2)
، عن عليِّ بن الحُسين
(3)
، عن ابن عبَّاس
(4)
، عن مُعاوية، أنَّه لمَّا حجَّ فطافَ بين الصَّفا والمَرْوَة، قَالَ: آيْه يَا ابْنَ عبَّاسٍ! ما تقولُ في التَّمتُّع بالعمرة إلى الحجِّ؟ فقال:
⦗ص: 344⦘
أقول ما قال الله وعَمِلَ بِهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقُرَيْشٌ عنده، قال معاوية: أما إنِّي معه وقَصَّرْتُ عنده بِمِشْقَصِ
(5)
أَعْرَابِيٍّ، فقال ابن عبَّاس: يا أمير المؤمنين فلا شهيدٌ أقربَ منْكَ ولا أعْدَلَ، فقال معاويةُ: إنَّه لو عاد عُدْنا، فقال ابن عبَّاس: يا أمير المؤمنين! فالأولى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَلَالَةٌ؟ قال معاويةُ: أعوذ بالله، فقال ابن عبَّاس: فكيْف؟
(6)
.
(1)
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المعروف بـ "الصَّادق".
(2)
محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ويُعْرف بـ "الباقِر".
(3)
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو الحسين أبو محمد المدني، يعرف بـ "زين العابدين"، ت / 92 هـ، وقيل بعد ذلك، (ع).
قال ابن سعد: "وكان علي بن الحسين ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا ورِعا"، وقال الزهري:"ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث".
قال الحافظ ابن حجر: "ثقةٌ ثبتٌ عابدٌ فقيهٌ فاضلٌ مشهورٌ".
أنظر ترجمته في: الطَّبقات لابن سعد (5/ 211 - 222)، تاريخ الدوري، (2/ 416)، التاريخ الصغير للبخاري (1/ 150)، الثقات للعجلي (ص 39)، الكُنى للدُّولابي (1/ 251)، الجرح والتعديل (6 / ت 977)، الثِّقات لابن حِبَّان (5/ 159)، تهذيب الكمال (20/ 382 - 403)، سير أعلام النبلاء (4/ 386 - 401)، تذكرة الحُفَّاظ (1/ 74)، الكاشِف (2 / ت 3955)، تَذْهِيْب التَّهذِيب (3/ 57)، تهذيب التهذيب (7/ 304 - 307)، التقريب (ت 5295).
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3763.
(5)
مِشْقَص: -بكسر الميم، وفتح القاف على وزن مِفْعَل-: هو سَهمٌ فيه نَصْلُ عَرِيض.
انظر: شرح النَّووي على مسلم (2/ 312).
(6)
هذا الحديث يرويه ابن جُريج على وجهين:
الوجه الأول: يرويه عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحُسين عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما به كما عند المصنِّف في هذا الحديث، وهذا الوجه لم يخرجْه مسلمٌ في صحيحه.
الوجه الثاني: يرويه ابن جُريجٍ عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عبَّاس رضي الله عنه، وهذا الوجه أخرجه الشَّيخان في صحيحيهما، وسيأتي برقم 3764 عند المصنِّف، وأكثر الرُّواةِ يروُون هذا الوجه عن ابن جرُيجٍ.
أمَّا الوجه الأول فرواه حجَّاج بن محمد عن ابن جُريجٍ به، كما عند المصنِّف، ولم يتفرَّد به، بل تابعه عُثمان بن الهيثم، وعبد الرزَّاق بن همام عند الطَّبراني في المعجم الكبير (99/ 301) وعبد الوهاب بن عطاء عند المصنِّف (ح / 3761) ثلاثتهم عن ابن جُريجٍ، على أن الأربعة (عثمان بن الهيثم، وعبد الرزَّاق، وحجَّاج بن محمد، وعبد الوهاب) رووا عن ابن جريجٍ الوجهَ الثاني أيضًا، أخرجه الطبراني في المرجع نفسه بإسناده إلى عُثمان بن الهَيثم، وعبد الرزَّاق، كلاهما عن ابن جُريجٍ، عن الحسن ابن مُسلم به، أمَّا روايةُ عبد الوهاب، وحجَّاجٍ الوجهَ الثاني فستأتي عند المصنِّف برقم: =
⦗ص: 345⦘
= 3761، 3763.
لكنَّ قوله في هذا الحديث عند أبي عوانة: "يا أمير المؤمنين فلا شهيدٌ أقرب" إلى آخره، لم أقفْ عليه إلا في طريق حجَّاج دون غيرها، وسائِرُ الرُّواة عن ابن جُريجٍ بما فيهم رواة الوجه الثاني عنه؛ لا يذكرون ما ذكره حجَّاج بن محمد، كما لم أقف عليه في غير مستخرج أبي عوانة ولا من طُرقٍ أخرى، ويمكنُ أن يكون عبد الوهاب بن عطاء الخَفَّاف متابعا لحجاج في هذا الجزء من الحديث أيضًا، لأنَّ الحافظ أبا عوانة ساق إسناد حديث عبد الوهاب، وأحال متنه على حديث حجَّاج وقال: بمثله (انظر ح /3761)، ولكن عبد الوهاب الخفَّاف مُدلِّس، ولم أقفْ على تصريحه بالتحديث عن ابن جُريج.
كما أنَّ في لفظ أبي عوانة أمْرانِ آخران:
هما: زيادة ومخالفةٌ لِمَا رواه الشَّيْخان:
1 -
أما الزِّيادة، فهي ذكرُه قِصَّة حجِّ ابن عبَّاس ومعاوية رضي الله عنهما، وسؤال معاوية رضي الله عنه، ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن التمتُّع، وأنَّ ابن عباس قال بمشروعية التمتع، وأنَّه من فعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بينما رأى معاوية رضي الله عنه خصوصِيَّة التمتُّع، وهذه زيادةٌ صحيحة.
2 -
أما المخالفة فهي أنَّ في لفظ المصنِّف: "وقَصَّرْتُ عندَه بِمشْقَصِ أعرابيٍّ" والذي يظهر في -والله أعلم- حصولُ خطأٍ من الناسِخِ، وأنَّ الصَّحيح:"وقصِّرْتُ عنه بِمِشْقَصِ أَعْرَابِيٍّ"، وذلِكَ لما يَلِي:
أوَّلًا: الرُّواة الآخرون عن ابنِ جُريْجٍ رَوَوْا الحديث بلفظ: "قَصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ."، وهم: عبد الرزاق بن همَّام (الطَّبراني في الكبير 19/ 309)، وعُثمان بن الهيَثَم (الطبراني في الكبير أيضًا 19/ 309)، وكذا سائر من روى عن ابن جُريجٍ عن الحسَن بن مسلم عن طاوس به. =
⦗ص: 346⦘
= ثانيًا: متابعةُ سفيانَ الثوري في روايته لابن جريج عن جعفر بن محمد، فروى الحديثَ بلفظ:"قصَّرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة"، أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند (4/ 97)، عن عمرو بن محمد النَّاقِد، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأخرجه ابن أبي عاصم (1/ 383) عن أبي بكر بن أبي شيبه وحدَه، كلاهُما عن أبي أحمد الزُّبيري، عن سفيان الثوري به، إلا أنَّ لفظَ أبي بكر بن أبي شيبة:"رأيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُقَصَّر بِمِشْقَصٍ"، وكِلا اللَّفظين يدلَّان على تقصير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شعرَه بمشقصٍ.
ثالثًا: اختيار البُخاري ومسلم -رحمهما الله- للرِّواية التي تدلُّ على أنّ معاوية رضي الله عنه قَصَّر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ.
رابعًا: يَصْعُبُ أنْ يُقَالَ بِخَطَأِ حجَّاج عن ابن جريج، فإنَّ حجَّاجًا وُصِف بِأنَّه من أَثْبَتِ النَّاس في ابن جريج.
خامسا: بعد البحث والتَّنقيب، لم أقِفْ على رواية تقول:"قصَّرْتُ عنْدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ".
سادسا: يمكن أن يُقال: إنَّ هذا لا يعتبرُ مخالَفة، فيصْلُح أن يكون قصَّر شعره بمشْقَصٍ أيضًا، فذكر حجَّاج ذلك، ولم يذكر تقصيرَه رضي الله عنه لشَعْرِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، كما يحتملُ -وهو احتمال ضعيف- أن ما رواه حجاجٌ حديث مستقل، تفرَّد به عن ابن جريج، فروى تقصيرَ معاويةَ شعرَه عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع، وأما تقصيرُه شَعرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين، فيكون في غيرِ حجَّة الوداع، وعلى هذا يصحُّ ما اعترض به ابن عبَّاس على مُعَاوِية رضي الله عنهما، وحجَّاج بن محمد المِصِّيصِي ممَّن يُحتملُ تفرُّده عن ابن جريج، لأنَّه أثبتُ النَّاس فيه، وربَّما لأجل هذا جاء المصنِّف بهذه الرِّواية وقدَّمها على غيرها. =
⦗ص: 347⦘
= وإنَّما أُفَصِّلُ في الكلام على الحديثِ لدخوله تحت باب مختلف الحديث من أبواب علوم الحديث، كما أنَّ بعضَ أهْلِ العِلْمِ استدلَّ بالحديثِ على أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان مُتَمَتِّعا، وأنَّ مُعاوية رضي الله عنه قصَّر عن شَعْرِه، وأنَّ ابن عبَّاسٍ أَنْكر عليه نهيه عن المُتْعة، لأنَّ فِعْله -تقصيره عن شعره صلى الله عليه وسلم حُجةٌ عليه.
قال الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث: "وهذا يدُلُّ على أن ابن عبَّاسٍ حمل على ذلك على وقوعه في حجَّة الوداع، لقوله لمعاوية: "إن هذه حُجَّةٌ عليك" إذ لو كان في العمرة لما كان فيه على معاوية حُجَّة".
قلتُ: وإذا أُخذ الحديث على ظاهره، وكما استدلَّ به ابنُ عبَّاس فإنه يخالفُ الأحاديثَ المُسْتَفِيْضَة الصَّحيحة الثَّابتة الكثيرة، والتي تدلُّ على أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، وأنَّه لم يَحْلِل إلَّا يومَ النَّحر، ولهذا جَمَعَ الأَئِمَّةُ بين هَذَا الحديث والأحاديثِ الصَّحيحة الأخرى الدالَّة على القِرَان، سالِكين في الجَمْعِ مسالكَ مختلفة:
قال الإمام النَّووي: "وهذا الحديث محمول على أنَّه قَصَّر عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في عُمرة الجِعِرَّانة لأنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع كان قارنًا كما سبق إيضاحُه، وثبت أنَّه صلى الله عليه وسلم حلق بمنى، وفرَّق أبو طلحة رضي الله عنه شعره بين الناس، فلا يجوز حَمْل تقصير مُعاوية على حجَّة الوداع، ولا يصِحُّ حمله أيضًا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة، لأنَّ معاوية لم يكن يومئذ مسلما، إنَّما أسلم يوم الفتح سنة ثمان، هذا هو الصحيح المشهور، ولا يصِحُّ قول من حمله على حجَّة الوداع وزعم أنَّه صلى الله عليه وسلم كان مُتَمَتِّعًا، لأنَّ هذا غلطٌ فاحشٌ، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة السَّابقة في مسلم وغيره: "أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: ما شأنُ الناس حَلُّوا ولم تَحِلَّ أَنْتَ؟ فقال: "إنِّي لبَّدْتُّ رأسِي وقلَّدْتُّ هديِي فلا أحِلُّ حتَّى أنحرَ الهديَ"، وفي رواية:"حتَّى أُحِلَّ من الحَجِّ" والله أعلم". =
⦗ص: 348⦘
= قال الحافظ ابن حجر معَقِّبًا على النَّووي، وجامعًا لأقوال أهل العلم في حديث ابن عبَّاس عن معاوية رضي الله عنهما:"قُلْتُ: ولم يذكر الشَّيخُ هُنا ما مرَّ في عمرة القَضِيَّة، والذىِ رجَّحه من كون مُعَاوية إِنَّما أَسلم يوم الفتح صحيحٌ من حيثُ السَّند، لكن يمكنُ الجمعُ بأنَّه كان أسلم خُفْيَةً وكان يكتُم إسلامَه، ولم يتمكَّن من إظهاره إلَّا يوم الفَتْح، وقد أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق من ترجمة معاوية "تصريحَ معاويةَ بأنَّه أسْلَم بيْن الحُدَيْبِيَّة والقَضِيَّةِ وأنَّه كان يُخْفي إسلامَه خَوْفًا من أبويه"، وكانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دخلَ في عمرة القَضِيَّةِ مكَّة خرج أكثرُ أهلِها عَنْهَا حتَّى لا ينظُرونه وأصحابُه يطُوفُون بالبَيْتِ، فلعلَّ معاويةَ كان ممن تخلَّف بِمكة لسببٍ اقتضاه ولا يُعارِضُه أيضًا قولُ سعد بن أبي وقاص فيما أخرجه مسلم وغيره: "فعلناها يعني العمرة في أشهر الحج وهذا يومئذ كافر بالعُرُش" بِضمَّتين يعني: بيوتَ مكَّة يشيرُ إلَى مُعاويةَ لأنَّه يُحْمَلُ على أنه أخْبَرَ بما استَصْحَبَه من حَالِه ولم يطَّلِعْ على إسلامه لكونه كان يُخفيه، ويُعكِّر على ما جوَّزُوه أن تقصيره كان في عمرة الجِعِرَّانَة أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَكِبَ من الجِعِرَّانَة بعد أن أحرم بعمرةٍ ولم يَسْتَصْحِبْ أحدًا معه إلَّا بعضَ أصحابِه المُهاجرين فقدِم مكة فطافَ وسعى وحَلَقَ ورجع إلى الجِعِرَّانَة فأصبح بها كبائت، فَخَفِيَتْ عمرتُه على كثيرٍ من النَّاس، كذا أخرجه الترمذي وغيره ولم يَعُدْ معاويةُ فيمنْ صحبَه حينئذٍ ولا كانَ مُعَاوية فيمن تخلَّف عنه بمكة في غزوَة حُنَين حتَّى يُقال: لعلَّه وجَده بمكَّة، بل كانَ مع القوم وأعطاه مِثْلَ ما أعطى أبَاهُ من الغَنِيمة مع جُمْلَة المؤلَّفَة، وأخرجَ الحَاكِم في الإكليل في آخر قصة غزوة حُنَين: "أن الذي حلق رأسه صلى الله عليه وسلم في عمرته التي اعتمرها من الجعرانة أبو هند عبد بني بياضة" فإن ثبت هذا وثبت أنَّ معاويةَ كان حينئذٍ معه أو كان بمكَّة فقصَّر عنه بالمَرْوة أمكن الجمعُ بأن يَّكون معاويةُ قصرَ عنه أوَّلًا، وكان الحلَّاقُ غائبًا في بعض حاجتِه، ثُمَّ حضر فأمره أن يُكمِل =
⦗ص: 349⦘
= إزالة الشَّعر بالحَلْقِ لأنَّه أفضل ففعل، وإن ثبت أن ذلك كان في عمرة القَضِيَّة وثبت أنَّه صلى الله عليه وسلم حلق فيها جاء هذا الاحتمال بعينه، وحصل التَّوفيق بين الأخبار كلِّها، وهذا مما فتح الله على به في هذا الفتح ولله الحمد ثم لله الحمد أبدا.
قال صاحبُ الهدي: "الأحاديثُ الصَّحيحة المستفيضة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يحِلَّ من إحرامه إلى يوم النَّحر كما أخبر عن نفسه بقوله: "فلا أحِلُّ حتَى أنحرَ" وهو خبر لا يدخله الوهم، بخلاف خبر غيره، ثم قال: ولعل معاويةَ قصَّر عنه في عُمرة الجِعِرَّانة فَنَسِي بعد ذلك وظنَّ أنَّه كان في حجَّته، انتهى.
ولا يعكِّر على هذا إلا روايةُ قيس بن سعد المتقدمة، لتصريحه فيها بكون ذلك في أيَّام العَشْر إلَّا أنَّها شَاذَّة، وقد قال قيس بن سعد عقبها: والنَّاس ينكرون ذلك، انتهى.
وأظن قيسًا رواها بالمعنى ثم حدَّث بها فوقع له ذلك، وقال بعضهم:"يحتمل أن يكون في قول معاوية: "قصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقصٍ" حذفٌ تقديرُه: قصَّرتُ أنا شعري عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى.
ويُعَكِّرُ عليه قولُه في رواية أحمد: "قصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة"، أخرجه من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس.
وقال ابن حزم: "يحتملُ أن يكون معاويةُ قصَّر عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيَّة شعر لم يكن الحلَّاق استوفاه يوم النَّحر" وتعقَّبه صاحب الهدي بأنَّ الحَالِقَ لا يُبْقِي شعرًا يُقَصَّرُ منه، ولا سِيَّما وقد قسم صلى الله عليه وسلم شعرَه بين الصحابة الشَّعرةَ والشَّعرتين، وأيضا فهو صلى الله عليه وسلم لم يسعَ بين الصَّفا والمروة إلَّا سعيًا واحدًا في أوَّل ما قَدِم، فماذا يصنعُ عند المَرْوَة في العَشْر.
قلتُ -كلام الحافظ مستمرّ-: وفي روايةِ العَشْرِ نظرٌ كما تقدَّم وقد أشار =
⦗ص: 350⦘
= النَّووي إِلَى ترجيح كونه في الجِعِرَّانَة وصوَّبه المُحِبُّ الطَّبَري وابن القيم وفيه نظرٌ، لأنَّه جاء أنَّه حَلَقَ في الجِعِرَّانَة، واستبعادُ بعضِهم أنَّ معاوية قَصَّر عنه في عُمرة الحُدَيْبِيَّة لكونِه لم يكنْ أسلَم ليس بِبَعِيْد". انتهى كلام ابن حجر رحمه الله.
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 455 - 456)، فتح الباري لابن حجر (3/ 660 - 662)، تاريخ دمشق لابن عساكر (59/ 67).
من فوائد الاستخراج:
• رواية المصنِّف الحديثَ من طريق ابن جريج عن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين، وراويه عن ابن جريج هو حجَّاج بن محمد، وقد وصف بأنَّه من أثبت الناس عنه.
• الزيادة في اللَّفظ: المُحَاوَرَةُ التي دَارَتْ بين ابن عبَّاس ومعاوية رضي الله عنهما.
3761 -
حدثنا ابن أبي طَالب
(1)
، حدَّثنا عبد الوهَّاب
(2)
، عن ابن جُريج، بإسناده مثله
(3)
.
(1)
هو: يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الزِّبْرِقَان البغدادي.
(2)
ابن عطاء الخَفَّاف، تقدمت ترجمتُه وتبيَّن من خلالها أنَّه صدوق حسن الحديث إذا صرَّح بالتحديث ولم يُدلِّس، ولم أقفْ على تصريحه بالسَّماع أو التحديث في حديثه عن ابن جريج، ولكن تابعه جماعة عنه كما تبيَّن في تخريج ح / 3760.
(3)
تقدَّم أنَّ مسلمًا لم يخرجه من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس، وإنما أخرجه من طريق طاوس عن ابن عباس، انظر تخريج ح / 3760، 3763.
3762 -
حدثنا عمار بن رجاء، حدَّثنا محمد ابن بكر، حدَّثَنَا ابن جُريج، ح.
⦗ص: 351⦘
وحدثنا بَكَّار بن قُتَيْبَة
(1)
، حدثنا أبو أَحمْد الزُّبيري
(2)
، حدَّثنا سُفيَان
(3)
، عن جَعْفَر بن محمد، بإسناده:"رأيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُقَصِّر بِمِشْقَصٍ"
(4)
.
(1)
هو: بكَّار بن قتيبة بن أسد بن عبيد الله بن بشر بن أبي بَكْرة الصَّحابِي، الثقفي، البَكراوي، البَصْري، أبو بَكْرة القاضي.
(2)
هو: محمَّد بن عبد الله بن الزُّبَير الأَسْلَمِي الكُوفي، لم أقِفْ له على متابعٍ عن الثوري في هذا الحديث.
(3)
هو: الثوري. إِتْحاف المهرة (13/ 355).
(4)
لم يخرجه مسلم من طريق جعفر بن محمد كما تقدَّم في ح/3760، وأخرجه الإمام أحمد، عن عمرو بن محمد النَّاقد (4/ 97)، وإبراهيم بن عبد الله الواسطي (4/ 102)، وأخرجه الإمام أحمد أيضًا، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 383) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأخرجه أبو تمَّام في فوائِده (1/ 40) بإسناده عن بكَّار بن قُتَيْبَة، أربعتهم عن أبي أحمد الزُّبيري، عن سفيانَ الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عبَّاس، عن معاوية به، فأسقطوا عليَّ بن الحُسين من الإسناد، وألفاظهم مثل لفظ المصنِّف إلَّا أنَّ عمرو بن محمد النَّاقد قال في روايته عند أحمد:"علمتَ أنِّي قصَّرتُ من رأْس رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَص".
قال الدارقطني في العلل (7/ 52): "يرويه جعفر بن محمد واختلف عنه، فرواه بن جريج عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس، عن معاوية، وتابعه الثوري من رواية أبي أحمد الزُّبيري عنْه، قال ذلك محمد بن علي بن مُحْرز الكوفي عن أبي أحمد، وخالفه المقدمي، والفضل بن سهل الأعرج، فروياه عن أبي أحمد ولم يذكروا فيه عليَّ بن الحسين، وحديث ابن جريج =
⦗ص: 352⦘
= أشْبَه بالصَّواب".
ثم ساق الدَّارَقُطْنِي الحديثَ بِإِسْنَادِه عن مُحَمَّد بن عليّ بن مُحْرِز الكوفيّ بلفظ: "قَصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
من فوائد الاستخراج: روايةُ المُصنِّف الحديثَ من طريق ابن جُريج، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحُسَيْن، عن ابْنِ عبَّاس، بينما رواه مسلمٌ عن طاوس عن ابن عبَّاس فقط.
3763 -
حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، وأبو حُميد، قالا: حدثنا حجَّاج، ح.
وحدثنا عبد الصمد، حدثنا مكِّي، عن ابن جُريج
(1)
قال: أخبرنِي الحَسَنُ بن مُسْلِم، عن طَاوُس قال: أخبرني ابنُ عبَّاس: أن معاويةَ ابن أبي سُفيان أخبرَه أنَّه "قصَّر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ على المرْوَة أَوْ رأيتُه يُقَصُّ عنه بِمِشْقَصٍ على المرْوَة"
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مُسْلم.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التَّقْصِير في العُمْرَة (2/ 913، ح 209) عن عمرو النَّاقد، عن سفيان بن عُيينة، عن هشام بن حُجَير، وعن محمَّد بن حاتِم (فرَّقَهُما)، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، كلاهمُا عن طاوُس، عن ابن عبَّاس عن معاوِية به، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب الحلق والتقصير عند الإحلال (ص 279، ح 1730)، عن أبي عاصم، عن ابن جريج به، ولم يخرجْه الشيخان من طريق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، واتَّفقت ألفاظُهما على أنَّ معاوية قال "قصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ"، وفي طريق هِشَام ابن حُجَيْر عند مسلم زاد أن ابن عبَّاس قال لمعاوية: "لا أعلمُ هذا إلا حُجَّةً =
⦗ص: 353⦘
= عليك"، واللفظُ الثَّاني لمسلم من طريق ابن جريج جاء بصيغة الشكِّ: "قصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. . أو رأيته يُقَصَّرُ عنه بِمِشْقَصٍ"، وانظر تخريج ح/3760.
قال الشَّيخُ الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 506، ح 1802) عَقِب هذا الحديث: "وليس عند (ح) قوله: "أو رأيته. . ." وهو الأصَحُّ"، يعني الشيخُ صحيحَ البُخاري.
من فوائد الاستخراج:
• رواه المصنِّف من طريق حجَّاج، ووُصِف بِأَنَّه أثبثُ النَّاس عن ابن جُريج، تهذيب الكمال (5/ 455).
• تَساوي الإسنادين، وهذا "مُسَاوَاة".
3764 -
حدثنا عبَّاس
(1)
، حدثنا رَوْحٌ، ح.
وحدَّثنا (عمَّار)
(2)
، حدثنا محمد بن بكر
(3)
، ح.
وحدَّثنا ابنُ أبي طَالب، حدَّثنا عبد الوهَّاب، ح.
وحدثنا إسحاق بن (سيَّار)
(4)
، حدَّثنا أبو عاصم
(5)
كلُّهم، عن (ابن)
⦗ص: 354⦘
جُريج
(6)
، بإِسْنَادِه مثْله
(7)
.
(1)
ابن حَاتِم بن وَاقد الدوري.
(2)
هو ابن رجاء، وتصحَّف ما بين القوسين في نسخة (م) إلى "عمام"، والتَّصويب من إتحاف المهرة (13/ 354).
(3)
في نسخة (م)"محمد بن أبي بكر" وهو خطأ، والتصويب من إتحاف المهرة (13/ 354).
(4)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "سنان"، والتصويب من إتحاف المهرة (13/ 354).
(5)
الضَحَّاك بن مَخْلَد.
(6)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر الحديث السابق، وقد تصحَّف ما بين القوسين في نسخة (م) إلى "أبي" والتصويب من إتحاف المهرة (13/ 354).
(7)
أخرجه البخاري في كتاب الحج -باب الحلق والتقصير عند الإحلال (ص 279، ح 1730) عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، وأخرجه الإمام أحمد (المسند 4/ 96) عن محمد بن بكر، وروح، ثلاثتهم عن ابن جريج بمثل لفظ الحديث المتقدم عند المصنِّف (ح / 3763)، إلا أن لفظ البخاري بدون شك:"قصَّرتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ"، وتقدَّم أن مسلمًا أخرجَهُ من طُرُقٍ أخْرَى عن ابن جُرَيْج، انظر تخريج ح / 3760، 3763.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال أسانيد المصنِّف مع إسناد مسلم، وهذا "مساواة".
• زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طُرق الحديث عن ابن جريج ستَّة طُرق، وهِي: طريق حجَّاج، ومكِّي، وروح، ومحمد بن بكر، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد.
3765 -
حدثنا أبو داود السِّجزي
(1)
، حدَّثَنَا القعنبي، عن مَالِك
(2)
،
⦗ص: 358⦘
عن هِشام بن عروة
(3)
، عن أبيه، قال: قلتُ لعائشةَ: أرأيْتِ قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}
(4)
وذكر الحديث
(5)
.
(1)
هو أبو داود سليمان بن الأشْعَث السِّجِسْتاني، وروى الحديث في سننه بهذا الإسناد (ص 219، ح 1909) مطوَّلا.
(2)
الحديث في موطَّئه من رواية يحيى اللَّيْثِي عنه مُطوَّلًا (2/ 507 - 508)، ولفظه: "قلتُ لعائشة أمِّ المُؤمنين وأنَا يومَئِذٍ حديثُ السِّنِّ أرأيتِ قولَ الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن =
⦗ص: 355⦘
= يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فما على الرَّجلِ شيءٌ أن لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا فقالتْ عائشة: كلَّا، لو كانَ كما تقولُ لكانتْ: "فلا جُنَاح عليه أنْ لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إنَّما أُنْزِلَتْ هذه الآية في الأنصارِ، كانُوا يُهِلُّون لِمَنَاة وكانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وكانوا يَتَحَرَّجُونَ أن يَطَّوَّفُوا بين الصَّفا والمروة، فلمَّا جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
قلتُ: ذكرت لفظ مالك عن هشام، لعدم ذكر المصنِّف إيَّاه، ولأنَّه يخالف رواية أبي معاوية الضَّرير التَّالية عن هشام بن عروة في شيئين:
أولهما: في لفظ مالك أن الأنصار كانوا يُهِلُّون لمناة، وفي حديث أبي معاوية أنَّ الأنصار كانوا يُهِلُّون لصنمين على شطِّ البحر، وهما: إساف ونائلة.
ثانيهما: في لفظ أبي مُعاوية: أن الأنصار كانوا يطوفون بالصفا والمروة، فلما جاء الإسلام تحرَّجوا من ذلك، وفي لفظ مالك: أن الأنصار كانوا يتحرَّجون في الجَاهِليَّة أن يطوفوا بين الصَّفا والمروة.
ورواه أبو أسامة حمَّاد بن أسامة (كما عند مسلم 2/ 928، ح 260) عن هشام بن عروة بلفظ: "إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار، كانوا إذا أهلُّوا أهلُّوا لمناة في الجاهلية، فلا يحِلُّ لهم، أن يطَّوَّفوا بين الصفا والمروة"، فوافق مالكا في المعنى.
وقد روى هذا الحديث غير هشام عن عروة بن الزبير، فرواه جماعة عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها به (كما سيأتي برقم / 3780، 3781، 3782، 3783)، كل ألفاظ الرُّواة عنه تجتمع على "أنَّ الأنصار كانوا يُهِلُّون لمناة، وأنَّهم كانُوا يتحرَّجُونَ في الجَاهلية أنْ يطَّوَّفوا بالصَّفا والمروة"، وهو مخالفٌ لما رواه مسلم (2/ 928) بإسناده عن أبي مُعاوية عن هشام بن عروة (انظر الحديث التَّالي)، أمَّا =
⦗ص: 356⦘
= حديثُ الزُّهْرِي فاتَّفَق الشَّيخان على إخراجه في صحيحيهما.
قال البيهقي في السنن الكبرى (5/ 96): "كذا قال أبو معاوية عن هشام: أنَّ الآية نزلتْ في الذين كانُوا يَطَوَّفُون بين الصَّفَا والمروة في الجاهلية، ورواه أبو أسامة عن هشام نحو رواية مالك في أنَّها نزلتْ فيمن لا يَطوَّف بينهما، ويحتملُ أن يكونَ كلاهُما صَحِيْحًا".
وقال أيضًا (5/ 97): "وروايةُ الزُّهري عن عروة تُوافِق روايةَ مالكٍ وغيرِه عن هشام بن عروة عن أبيه، وروايتُه عن أبي بكر بن عبد الرحمن تُوَافِق روايةَ أبي معاوية عن هشام، ثُمَّ قدْ حَمَلَه أبو بكرٍ على الأمرين جميعا، وأَنَّ الآية نزلتْ في الفريقين معًا، والله أعلم".
قلتُ: ما أشار إليه البيهقي في قوله الثاني، هو ما جاء في حديث الزُّهري (كما في ح / 3779) أنَّه ذكر هذا الحديث لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال: والله إن هذا لعلمٌ وأمرٌ ما سمعت به، لقد سمعتُ رجالًا من أهل العلم، إلَّا ما ذكرتْ عائشة يذكُرُون: إِنَّما من كان يُهِلُّ لمناةَ الطَّاغية، كلُّهم كانوا يطوفون بالصَّفا والمَرْوة، فلما أمر الله بالطَّواف بالبيت ولم يذكر الصَّفا والمروة فقالوا: يا رسول الله، إنَّا كنَّا نطوف في الجاهلية بالصَّفا والمروة فنتحرَّجُ في الإسلام أن نطَّوَّف بهما، قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية قد أنزلت في الفريقين كليهما: الذين كانوا يَتَحَرَّجون في الجاهلية أن يَطَوَّفُوا بالصَّفا والمروة، والذين كانوا يطوَّفون كما في الجاهلية ثُمَّ تَحَرَّجُوا في الإسلام من أجْلِ أن الله قد أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الطواف بالصَّفا والمروة مع طوافهم بالبيت حين ذكروا"، وقد روى الإمام أحمد في مسنده (6/ 162) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهري مثلَ رواية أبي معاوية عن هشام بن عروة، بلفظ: "قالت: كان رجالٌ من الأَنْصَار ممن يُهِلُّ لمناةَ في الجَاهِليَّة -ومناةُ صنمٌ بين مكة =
⦗ص: 357⦘
= والمدينة- قالوا: يا نبيَّ الله! إِنَا كُنَّا نَطُوفُ بين الصَّفا والمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لمناة، فهلْ علينَا من حرجٍ أنْ نَطَّوَّف بهما، فأنزلَ الله عز وجل:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
قال المعلِّق على المسند شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 584): "وأخرج مسلمٌ من طريق أبي معاوية عن هشام هذا الحديث فخالف جميع ما تقدم ولفظه: "إِنَّما كان ذلك لأنَّ الأنصار كانوا يُهِلُّون في الجَاهليَّة لِصَنَمَيْن على شطِّ البحر، يقال لهما: إِساف ونائلة فيطوفون بين الصفا والمروة ثُمَّ يُحِلُّون فلمَّا جاء الإسلام كرِهوا أن يَطَّوَّفُوا بينهما للَّذي كانوا يصنعُون في الجاهليَّة"، فهذه الرواية تقتضي أن تحرُّجَهم إنما كان لِئَلَّا يفعلوا في الإسلام شيئًا كانوا يفعلونه في الجاهليَّة. . فهذه الرِّواية توجيهها ظاهر، بخلاف رواية أبي أسامة فإنها تقتضي أنَّ التَّحرج عن الطَّواف بين الصفا والمروة لكونهم كانوا لا يفعلونه في الجاهلية ولا يلزم من عنهم فعل شيء في الجاهلية أن يتحرجوا من فعله في الإسلام. . وسقط من روايته -أي رواية أبي معاوية- أيضًا إهلالُهم أوَّلا لمناة فكأنَّهم كانُوا يُهِلُّون لمناةَ فيبدءُون بها ثُمَّ يطوفون بين الصَّفا والمروة لأجل إِساف ونائلة، فَمِنْ ثَمَّ تَحَرَّجُوا من الطَّواف بينهما في الإسلام، ويؤيِّد ما ذكرناه حديث أنس المذكور في الباب الذي بعده بلفظ: "أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة؟ فقال: نعم لأنَّها كانتْ من شِعَار الجاهلية"، وروى النَّسائي بإسناد قوي عن زيد بن حارئة قال: "كان على الصَّفا والمروة صنمَان من نُحَاسٍ يقال لهما إِسَاف ونائلة، كان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما" الحديث".
وبعد سرْدِ الرِّوايات التي تقوِّي ما رواه أبو معاوية قال الحافظ ابن حجر: =
⦗ص: 358⦘
= "فهذا كله يوضِّح قُوَّة رواية أبي مُعَاوية وتَقَدُّمها على رواية غيره، ويحتمل أن يكون الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين، منهم من كان يطوف بينهما على ما اقتضته رواية أبي معاوية، ومنهم من كان لا يَقْرَبهُما على ما اقتضته رواية الزُّهري، واشترك الفريقان في الإسلام على التَّوقُّف عن الطَّواف بينهما لكونِه كان عندهم جميعًا من أفعال الجاهلية فيجمع بين الروايتين بهذا".
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
انظر: سورة البَقَرَة: 158.
(5)
لم يُخرجه مسلمٌ من طريق مالك، وأخرجه من طُرُقٍ أخرى عن هشام كما سيأتي في الحديث التَّالي (ح / 3766). وأخرجه البُخاري في كتاب الحج -باب: يفعل بالعُمْرَة ما يفعل بالحج (ص 288، ح 1790)، وفي كتاب التفسير- سورة البقرة -باب قوله تعالى:"إنَّ الصفا والمروة من شعائر الله"(ص 764، ح 4494) عن عبد الله بن يوسف عن مالك به مطوَّلًا.
من فوائد الاستخراج:
• رواية المصنِّف الحديث من طريق مالك، وهو اختيار البخاري.
• رواية القعنبي عن مالك هذا الحديث، وهو من أثْبَتِ أصحاب مالك.
(تهذيب التهذيب 6/ 32).
3766 -
حدثنا علي بن حرب
(1)
، حدثنا [أبو] مُعاوية
(2)
، عن
⦗ص: 359⦘
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قال: قلتُ لها: إنّي لأظنُّ رجلًا لَوْ لَمْ يَطُفْ بين الصَّفا والمروةِ ما ضَرَّهُ، قالت: لِمَ قلتَ؟ إنَّ الله يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى آخر الآية، قالت:"ما أتَمَّ الله حجَّ امرئٍ ولا عمرةً ما لم يطُفْ بين الصَّفا والمروةِ"، ولو كان كما تَقولُ [لكان]
(3)
: "فَلَا جُنَاحَ عليه ألَّا يَطَّوَّفَ بِهَما"، و (هَلْ)
(4)
تَدري فِيْمَا كانَ ذاكَ؟ إِنَّمَا كان ذلِك بأنَّ الأنصارَ كانُوا يُهِلُّون في الجَاهِلِيَّةِ لِصنَمَينِ على شطِّ
(5)
البَحْرِ، يُقال لهما: إِسَافٌ ونائِلة، ثُمَّ يَجِيئُون فيطوفُون بين الصَّفا والمروة، ثُمَّ يَحْلِقُون، فلمَّا جَاء الإِسْلَامُ كرِهُوا أنْ يَطَّوَّفُوا بينهما لِلَّذي كانُوا يَفْعَلُون في الجاهِلِيَّة، قالتْ: فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى آخر الآية، قالت:"فطافُوا".
⦗ص: 360⦘
وروى أبو أُسَامَة، عن هشام بهذا الإسناد، وقال فيه: فلمَّا قَدِمُوا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الحجّ ذكروا ذلك له فَنَزلتْ هذه الآية
(6)
.
(1)
هو الطَّائي، أبو الحسن المُوصِلِي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، وهو: محمد بن خازم الضَّرير، وما بين المعقوفين سقط من =
⦗ص: 359⦘
= نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (17/ 323).
(3)
ما بين المعقوفين سقط من المتن في نسخة (م)، ولا يصِحُّ السّياق بدونه، استدركتُه من صحيح مسلم (2/ 928، ح 3138) حيث جاء في متنه: "ولو كان كما تقول لكان: "فلا جناح عليه ألا يطوف بهما. . .".
(4)
تصحَّف في نسخة (م)، إلى:"وهو"، والتَّصويب من صحيح مسلم (2/ 928، ح 3138).
(5)
الشَطُّ: الشَّاطِئ، ويطلق على شاطئ النَّهر والبحر.
انظر: القاموس المحيط (ص 620).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان أنَّ السَّعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به (2/ 928، ح 259، 260) عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، وعن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة، كلاهما (فرقهما) عن هشام بن عروة به، وبين لفظيهما اختلاف، وسبق الكلام على ذلك في الحديث قبله (ح / 3765).
قال القاضي عياض عند قوله: "كانوا يُهِلُّون في الجاهلِيَّة لِصَنَمَيْن على شطِّ البحر، يقال لهما: إسافٌ ونائِلة": "كذا رواية الكافة، وعند ابن الحذاء: "في الجاهلية لمناة، وكانت صنمين على شطِّ البحر"، وكلاهما خطأ والصَّواب ما جاء في الرِّوايات الأُخَرِ في الباب يُهِلُّون لمناةٍ، وفي الرِّواية الأُخرى: لمناة الطَّاغية التي بالمُشَلَّل، وهذا هو المعروف، ومناة صنمٌ كان نصبَه عَمْرُو بن لحُيّ في جهة البَحْرِ بالمُشَلَّل مما يلي قُدَيْدًا وكذا جاء مُفَسَّرا في هذا الحديث في الموطأ، وله كانت الأزد وغسان تُهِلُّ لحجِّها".
انظر: إكمال المعلم (4/ 353)، وانظر: شرحُ النَّووي على مسلم (9/ 24)، فتحُ البَارِي (3/ 584).
بابُ ذكرِ الخَبَرِ المُبِيحِ لِلْمُعْتَمِرِ أنْ يَحِلَّ إذا طَافَ بالبيْتِ، وإن لَمْ يَطُفْ بين الصَّفا والمَرْوة، وأنَّ الحَاجَّ إذا طاف بالبيتِ قبْل خُرُوجِه إلى [مِنَى]
[*]
حلّ وكانَ طوافُه عمْرةً، والخبرُ المُعَارِضُ له المبَيِّن أنَّ طوافَهم بالبيْتِ دُونَ الصَّفا والمرْوة قبْلَ نُزُول هذه الآية {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ. . .} وأنَّهُم عَادُوا فِيْهَا
[*] قال أحمد بسيوني: سقطت من المطبوعة، وبها يتم المعنى، وهي ثابتة في النسخة الخطية لدار الكتب المصرية (3/ ق 65/ ب)، وكذا في طبعة دار المعرفة (2/ 302).
3767 -
حدَّثنا أبو عبيد الله
(1)
، حدَّثنا عَمِّي
(2)
، حدَّثنا عَمْرُو
(3)
، عن أبي الأَسْود، أَنَّ عبد الله مولَى أسماءَ بنت أبي بكرٍ حدَّثه، أنَّه كانَ مع أسماءَ كُلَّمَا مرَّت بالحُجُوْنِ
(4)
تقول: "صلَّى الله على رسولِه، لقدْ نزلْنا معه هَاهُنا، ونحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافُ الحَقَائِبِ
(5)
قَلِيْلٌ ظَهْرُنَا، قَلِيْلَةٌ أَزْوَادُنَا،
⦗ص: 362⦘
فَاعْتَمَرْتُ أنَا وأُخْتِي عائشةُ، والزُّبيرُ، وفُلانٌ، وفُلانٌ
(6)
، فلَمَّا مَسَحْنَا البَيْتَ أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ العَشِيِّ بِالحَجِّ"
(7)
.
(1)
هو: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي.
(2)
عَمُّه: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن الحارث بن يعقوب الأنصاري.
(4)
الحُجُون: -بضم الحاء المهملة والجيم-: هي الثَّنِيَّة التي تُفْضِي على مقبرة المِعلاة، والمَقْبرة عن يمينها وشمالِها مِمَّا يلي الأبطح، وتُسَمَّى اليوم "رِيْعُ الحُجُون" والبادية تُسمِّيه رِيعَ الحُجُول.
انظر: المعالم الجغرافية في السُّنَّة النبوية (ص 74).
(5)
الحقَائِب: جمع حقيبة -بفتح المهملة، وبالقاف والموحدة-: هي ما احتقبه الراكب خلفه من حوائجه في موضع الرديف. =
=
⦗ص: 362⦘
= انظر: فتح الباري (3/ 723).
(6)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 723): "كأنها سمَّت بعض من عرفته ممن لم يَسُقِ الهدي، ولم أقف على تعيينهم، فقد تقدم من حديث عائشة أن أكثر الصحابة كانوا كذلك".
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى، من البقاء على الإحرام وترك التحلل (2/ 908، ح 193) عن هارون بن سعيد الأيلي، وأحمد ابن عيسى، عن ابن وهب به.
وأخرجه البخاري في كتاب العمرة -باب متى يحل المعتمر (ص 289، ح 1796) عن أحمد بن عيسى، عن ابن وهب به.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا "مساواة".
• إيراد الحديث في غير الباب الذي أورده فيه صاحب الأصل، مما فيه تعيين مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل.
3768 -
حدثنا الصغاني، حدَّثنا روح بن عبادة، حدَّثنا شُعْبَة
(1)
، عنْ قَتَادَة، عن أبي حسان الأعرج، أن رجلًا مِنْ بَلْهُجَيْم
(2)
أَتَى ابنَ عَبَّاسٍ
⦗ص: 363⦘
فقال: يا ابْنَ عبَّاسٍ، ما هذه الفُتْيَا الَّتِي قدْ (تَشَغَّبَتْ)
(3)
بِالنَّاسِ "من طَافَ بالبيتِ قدْ (حلَّ)
(4)
" فقال: سُنَّة نَبِيّكُم صلى الله عليه وسلم
(5)
وَإنْ رَغِمْتُم.
(6)
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هكذا في نسخة (م)، وفي لفظ مسلم (2/ 912):"بني الهُجَيم"، وكلاهما ثابت وصحيح.
(3)
في نسخة (م)"شيعت"، ويظْهرُ لي -والله أعلم- عدمُ صحتها هنا في تركيب الجملة، ولم أقف عليها عند غير أبي عوانة، ولعلَّها تصحيفٌ من "تشَغَّبَتْ" كما عند مسلم (2/ 912)، أو من "تَشَغَبَتْ" كما عند أحمد في المسند (1/ 342)، ومعنى المعجمة: خَلَطتْ عليهم أمرهم، ومعنى المهملة: أنها فرقت مذاهب الناس وأوْقَعَتِ الخِلَافَ بينهم.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 315)، شرح النووي على مسلم (8/ 454).
(4)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "قدحًا"، والتَّصويب من دلالة السِّياق وصحيح مسلم (2/ 912).
(5)
يريد ابن عباس من قوله هذا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، لا أنه فعل ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا.
انظر: فتح الباري (3/ 559).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام (2/ 912، ح 206) عن محمد بن المثنى، وابن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
قال الإمام النووي (8/ 454): "هذا الذي ذكره ابن عباس هو مذهبه، وهو خلاف مذهب الجمهور من السَّلف والخلف، فإن الذي عليه العلماء كافَّة سِوى ابن عباس أن الحاجَّ لا يتحلل بمجرد طَواف القدوم، بل لا يتحلل حتَّى يقف بعرفات ويرمي ويحلق ويطوف طواف الزيارة، فحينئذ يحصل التحللان، ويحصل الأوَّل باثنين من هذه الثلاثة التي هي رمي جمرة العقبة والحلق والطواف، وأما احتجاجُ ابن عباس بالآية فلا دلالة له فيها، لأن قوله تعالى:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} معناه: =
⦗ص: 364⦘
= لا تنحر إلا في الحرم، وليس فيه تعرض للتحلل من الإحرام، لأنه لو كان المراد به التحلل من الإحرام لكان ينبغي أن يتحلَّل بمجرد وصول الهدي إلى الحرم قبل أن يطوف، وأما احتجاجه بأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمرهم في حجة الوداع بأن يحلوا فلا دلالة فيه، لأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة في تلك السنة فلا يكون دليلا في تحلل من هو ملتبس بإحرام الحج، والله أعلم.
وعقدَ البُخاريُّ في صحيحه (ص 261): "باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته، ثم صلى ركعتين قبل أن يخرج إلى الصفا"، ثم أورد حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت حين قدم ثُمَّ لم تكن عمرة، ثم ذكرت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما فعلا مثل فعله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت المهاجرين والأنصار، وفيه:"وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة فلمَّا مسحُوا الرُّكن حلُّوا".
قال ابن بطَّال في شرحه على البخاري (4/ 297) في شرحه قوله: "فلمَّا مسحوا الركن حلَّوا: "يريدُ بعد أن سعوا بين الصَّفا والمروة، لأنَّ العمرة إنما هي الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، ولا يحِلُّ من قدم مكَّة بأقلَّ من هذا، فخشي البخاري أن يتوهم متوهِّمٌ أن قوله:"فلما مسحوا الركن حلُّوا" أنَّ العمرة إنما هي الطواف بالبيت، ولا يحتاج إلى سعي بين الصفا والمروة، وهو مذهب ابن عبَّاس، وروي عنه أنه قال: إن العمرة الطواف، وقال به إسحاق بن راهويه. . . فأراد البخاريُّ بيان فساد هذا التأويل بما أردف في آخر البخاري من حديث ابن عُمر:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم مكة للحج أو العمرة طاف بالبيت، ثم سعى بين الصفا والمروة، وعلى هذا جماعة فقهاء الأمصار".
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 708): "وهو -أي الحديث- ظاهرٌ في أن المراد بذلك من اعتمر مطلقا سواء كان قارنا أو متمتعا، وهو مذهبٌ مشهورٌ لابن =
⦗ص: 365⦘
= عباس"، وانظر الفتح (3/ 558).
قلتُ: وقد تصرَّف الحافظ أبو عوانة رحمه الله في هذا الباب تصرُّفَ الإمام البخاريُّ رحمه الله في صحيحه، بأن جاء بالأحاديث التي يستدلَّ بها ابن عبَّاس رضي الله عنهما لمذهبه، ثم أردفها بأحاديث عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما الرادّة على فهم ابن عباس رضي الله عنهما.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا "مساواة".
• إيراد الحديث في غير الباب الذي أورده فيه صاحب الأصل، مما فيه تعيين مناسبة أخرى للحديث غير التي عند صاحب الأصل.
3769 -
حدثنا عبَّاس الدوري، حدثنا شبابة
(1)
، ح.
وحدثنا يَزِيد بن عبد الصمد
(2)
، حدثنا آدم بن أبي إِيَاس، حدَّثنا شُعْبَة
(3)
، عن قتادة، سمعت أبَا حسَّان الأَعْرَج يقولُ: قال رجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: ما هذا الفُتْيَا
(4)
، فذكر الحديثَ، إلا أنَّه قال: تَفَشَّغَتْ أو
⦗ص: 366⦘
تَشَغَّبَتْ
(5)
(6)
(1)
ابن سَوَّار المدائني.
(2)
هو: يزيد بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الله الدمشقي أبو القاسم القرشي، مولاهم.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
قال الإمام النووي: "هكذا في معظم النسخ، هذا الفتيا، وفي بعضها هذه، وهو الأجود، ووجه الأول: أنه أراد بالفتيا الإفتاء فوصفه مذكرا، ويقال فتيا، وفتوى".
انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 454).
(5)
تفَشَّغَتْ: -بثلاث معجمات-: بمعنى: انتشرت، وفَشَتْ بين النَّاس، والكلمة الثانية:"تشَغَّبَتْ " بالغين المعجمة، ويحتملُ أيضًا أن تكون بالعين المهملة "تشعَّبت"، تقدَّم تفسيرُهما في الحديث قبله.
انظر: مشارِق الأنوار (2/ 315)، شرح النووي على مسلم (8/ 454).
(6)
انظر تخريج الحديث السابق، ح / 3768.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي.
• زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن شعبة ثلاثة طرق، وهي طريق روح بن عبادة، وشبابة بن سوار، وآدم بن أبي إياس، كلُّهم عن شعبة به.
3770 -
حدَّثنا يعقُوب بن سُفيان
(1)
، حدثنا عمرو بن عاصِم
(2)
، حدَّثنا همَّام
(3)
، عن قتادة، عن أبي حَسَّان، عن ابْنِ عَبَّاس أنَّه كان يقُول:"من طافَ فَقَدْ حَلَّ" فقال رجلٌ: إِنَّ هذا القَوْل قَدْ تَفَشَّغَ
(4)
في النَّاس، فقال ابنُ عبَّاس: سُنَّةُ نَبِيِّكُم صلى الله عليه وسلم وَإنْ رَغِمْتُمْ
(5)
.
(1)
هو: الإمام يعقوب بن سفيان الفَسَوي، صاحب المعرفة والتاريخ.
(2)
ابن عبيد الله الوارع الكِلَابي البصري.
(3)
ابن يحيى، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
تَفَشَّغ في النَّاس: فَشَا وانتشر بينهم.
انظر: غريب الحديث للحربي (2/ 646)، شرح النووي على مسلم (8/ 454).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام (2/ 913، =
⦗ص: 367⦘
= ح 207) عن أحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن إسحاق، كلاهما عن همام بن يحيى، عن قتادة به.
من فوائد الاستخراج: زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن شعبة ثلاث طرق، وهي طريق روح بن عبادة، وشبابة بن سوار، وآدم بن أبي إياس، عن شعبة به، وزاد أيضًا طريقا عن همام، عن قتادة به.
3771 -
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدَّثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن جُريج
(1)
، قال: أخبرني عَطَاء، عن ابن عباس أنَّه قال:"لَا يَطُوفُ بالبيتِ حاجٌّ ولا غيرُه إِلَّا حَلُّ" قلتُ له: من أينَ كان ابنُ عبَّاس يأخذُ أنَّه من طَافَ بالبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ؟ فقال: من قول الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}
(2)
قلتُ له: فإِنَّما ذَلِكَ بعْدَ المُعَرَّفِ
(3)
ثُمَّ مَحِلُّها إلى البيْتِ العَتِيْق، قالَ: كان ابنُ عَبَّاسٍ يَرَاها قَبْلَ المُعَرَّفِ وبَعْدَه، قالَ: وكَان يأْخُذُهُ من أَمْرِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه أنْ يَحِلُّوا في حَجَّةِ الوَدَاع، قالَها غيرَ مَرَّة
(4)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
سورة الحج، الآية رقم / 33.
(3)
المُعَرَّف: -بضم الميم، وفتح العين والراء مع تشديدها-: من باب التفعيل، أي الوقوف بعرفة، أو موضع الوقوف بها، والتعريف الوقوف بها أيضًا، يقال: عرَّفَ النَّاس إذا شهِدوا عرفة.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 393)، فتح الباري (7/ 708)، عمدة القارى (18/ 48).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام (2/ 913، =
⦗ص: 368⦘
= ح 208) عن إسحاق بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، وأخرجه البخاري في كتاب المغازي -باب حجة الوداع (ص 745، ح 4396) عن عمرو بن علي، عن يحيى ابن سعيد، كلاهما عن ابن جريج به، وجعله الحافظ ابن حجر موقوفا على ابن عباس في الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف (ص 71).
من فوائد الاستخراج: تصريح ابن جريج بالتحديث، وعند مسلم قال: أخبرنا، والتحديث أعلى وأقوى من الإخبار.
3772 -
حدَّثنا علي بن حرب، حدثنا ابن فُضَيْل
(1)
، حدَّثنا بَيَان
(2)
، عن وَبَرَة
(3)
قال: قال رجلٌ لابن عُمَر: أَطُوفُ بِالبيتِ وقدْ أَحْرَمْتُ بِالحَجِّ؟ قال: وما بأسٌ بِذلك، قال: وكان ابن عبَّاس ينهى عن ذلك، وقال:"رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَحْرَم بِالحَجِّ، وَطَافَ بِالبَيْتِ وبالصَّفا والمَرْوَة"
(4)
.
(1)
هو: محمد بن فُضَيْل بن غَزْوَان -بفتح المعجمة وسكون الزاي- الضِّبي.
(2)
ابن بشر الأحمسي، أبو بشر الكوفي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو: وَبَرَة -بالموحدة المحرَّكة- ابن عبد الرحمن المُسْلي، أبو خزيمة أو أبو العباس الكوفي.
انظر التقريب (ت 8331).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة من الطواف والسعي (2/ 905، ح 188) عن قتيبة بن سعيد، عن جرير، عن بيان به، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 6) عن محمد بن فضيل به. =
⦗ص: 369⦘
= من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي.
• التصريح باسم "ابن عباس"، وورد مبهما عند مسلم:"ابن فلان".
• تصريح محمد بن فضيل بالتحديث عن بيان، وقد عنعن جرير عنه عند الإمام مسلم.
3773 -
حدثنا أبو أمية، حدثنا أحمد بن يونس، حدَّثنا زُهير
(1)
، حدثنا بَيَان
(2)
، أن وَبَرَة حدَّثه: سمعتُ عبد الله بن عمر، سأله رجلٌ قال: أطُوفُ بالبيتِ وقد أحرمْتُ بالحج؟ قال: وما يمنعُك؟ قال: رأينا ابْنَ عبَّاس يَنْهَى عن ذلِك، وأنْتَ أعْجَبُ إلينا منه [رأينَاه قدْ فَتَنَتْهُ الدُّنيا، فقالَ:]
(3)
، وأيُّكُم لَمْ تَفْتِنْهُ الدُّنْيَا "رأيْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَحْرَم بالحَجِّ، فَطَاف بِالبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَة" فَسُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحَقُّ من سُنَّة ابن عبَّاس إنْ كُنْتَ صَادِقًا
(4)
.
(1)
ابن معاوية.
انظر السنن الكبرى للنسائي في كتاب الحج -باب طواف المفرد (2/ 396).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح/3772.
(3)
ما بين المَعْقُوفَيْن سَقَطَ من نُسْخَة (م)، ولا يَسْتَقِيْمُ الكلام بدونه، واستدركتُه من صحيح مسلم (2/ 905).
(4)
أخرجه النسائي في السنن الكبرى في كتاب الحج -باب طواف المفرد (2/ 396) عن عبدة، عن سويد بن عمرو، عن زهير به، وانظر تخريج الحديث السابق ح / 3772. =
⦗ص: 370⦘
= من فوائد الاستخراج:
• تصريح زهير بالتحديث عن بيان، بينما رواه جرير عند مسلم بالعنعنة عن بيان.
• التصريح باسم "ابن عباس" في الموضعين من الحديث، بينما أبهم اسمه في الموضعين عند مسلم:"ابن فلان".
3774 -
حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو أُسامة
(1)
، ح.
وحدثنا أبو أمية، حدثنا يعلَى بن عُبيد، ح.
وحدثنا محمد بن إسحاق البَكَّائي
(2)
، وعمار بن رجاء، قالا: حدثنا يَعْلَى، قالا: حدثنا إسماعيل
(3)
، عن وَبرة، جاء رجلٌ إلى ابن (عُمر)
(4)
فقال: أَيَصْلُحُ أَنْ أطوفَ بالبيتِ وأنا محرمٌ؟ فقال: وما يَمْنَعُك من ذلك؟ فقال: إنَّ ابن عباس نَهَانَا عن ذلِكَ حتَّى نَرْجِعَ من المَوْقِف
(5)
، فقال:"قد حَجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَطَاف بالبيتِ وبين الصَّفا والمروة" وسُنَّةُ الله وسُنَّةُ رسولِه أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ مِنْ سُنَّة ابْنِ عَبَّاس إِنْ كُنْتَ صَادقًا
⦗ص: 371⦘
واللَّفظ لِيَعْلَى، وحَديثُهما واحدٌ
(6)
.
(1)
حمَّاد بن أسامة الكوفي.
(2)
ابن عون البكَّائِي العامري، أبو بكر الكوفي.
(3)
ابن أبي خالد الأحْمَسِيّ، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "عُروة"، والتصويب من الإتحاف (9/ 394).
(5)
المَوقِفُ: مكانُ الوقوف، والمقصود هنا: عرفةُ كما في ألفاظ أحاديث المسند.
انظر: مسند الإمام أحمد (1/ 72).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة، من الطواف والسعي (2/ 905، ح 187) عن يحيى بن يحيى، عن عبثَر، عن إسماعيل بن أبي خالد به.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي إسناد المصنف ومسلم، وهذا "مساواة".
• تصريح الراوي عن إسماعيل بالتحديث، بينما عنعن الراوي عنه لدى مسلم.
• زيادة ثلاث طرق عن إسماعيل.
• زيادة "الصفا والمروة" في لفظ المصنِّف.
• تعيين من له اللفظ من الرواة.
3775 -
حدثنا الجُرجَانِي
(1)
، أخبرنا عبد الرزَّاق، عن مَعْمَر، عن أيُّوب، عن عمرو بن دينار
(2)
، سمعت ابن عمر يقول:"حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فطافَ بالبيتِ، وسَعَى بين الصَّفا والمَرْوَة" وَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
(3)
(4)
.
(1)
هو الحسن بن يحيى بن الجَعْد أبو عَلِيّ الجُرْجَاني.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
سورة الأحزاب، الآية / 21.
(4)
انظر تخريج الأحاديث الثلاثة التَّالية.
3776 -
حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخِي، حدثنا مكي ابن
⦗ص: 372⦘
إبراهيم، عن ابن جُريج
(1)
قال: أخبرني عَمرُو بن دِيْنَار، أنَّه سَمِعَ رجلًا سألَ عبد الله بن عُمر: أَيُصِيْبُ الرَّجُلُ امرأتَه قبلَ أنْ يَطُوفَ بين الصَّفا والمَرْوَة فقالَ: أَخْبَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
"فَقَدِم فَطَافَ بِالبيتِ ثُمَّ رَكَع رَكعَتَيْن" ثُمَّ تَلَا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
(3)
(4)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
هكذا اللفظ في نسخة (م) ولعلَّ أحدُ الرُّواة اختصر الحديث، كما يظهرُ من السِّياق.
(3)
سورة الأحزاب، الآية 21.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة من الطواف والسعي (2/ 906، ح 189) عن عبد بن حُميد، عن محمد بن بكر، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة (ص 267، ح 1647) عن مكي بن إبراهيم، كلاهما عن ابن جريج بهذا الإسناد، وقد أحال مسلم متن حديث ابن جريج على حديث سفيان بن عيينة قبله.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا "مساواة".
• تصريح ابن جريج بالتحديث، وقد عنعن عند مسلم.
• تصريح عمرو بن دينار بالسماع عن ابن عمر، وقد عنعن عند مسلم.
• فيه بيان للمتن المحال به على المتن المحال عليه.
3777 -
حدَّثنا أبو أمية، حدَّثنا محمد بن سَابِق، حدثنا وَرْقاء، عن عمرو بن دينار
(1)
، بإسناده نحوه، ح.
⦗ص: 373⦘
وحدثنا بشر بن موسى، حدَّثنا الحميدي
(2)
، حدثنا سُفيان
(3)
، حدثنا عمرو بن دينار، قال: سأَلْنَا ابن عُمر عن رجلٍ قَدِمَ مُعْتَمِرا فَطَاف بالبيتِ ولَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفا والمروة أَيَقَعُ بِامْرَأَتِه؟ فقال ابن عمر: "قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بالبَيْتِ سَبْعًا، وصَلَّى خَلْفَ المَقَام رَكَعتين، وَسَعى بين الصَّفا والمَرْوَة" وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
(4)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
الحديث في مسنده (1/ 541).
(3)
ابن عيينة المكي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة، من الطواف والسعي (2/ 906، ح 189) عن زهير بن حرب، وأخرجه البخاري في كتاب العمرة -باب متى يحل المعتمر (ص 289، ح 1793) عن الحميدي، كلاهما عن سفيان بن عيينة به.
من فوائد الاستخراج:
• تصريح ابن عيينة بالتحديث، وقد عنعن عند مسلم.
• الراوي عن ابن عيينة عند الإمام مسلم هو: زُهير بن حرب، وهو مع ثِقَتِه دون الحُمَيْدِي في ابن عيينة الذي قال فيه أبو حاتم:"أثبتُ الَّناس في ابن عيينةَ الحميديُّ، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة"، وقال:"ثقة إمام".
انظر: الجرح والتعديل (5/ 57).
3778 -
حدثنا يُوسُف
(1)
، حدَّثنا سليمان بن حرب، حدَّثَنا
⦗ص: 374⦘
حمَّاد بن زيد
(2)
، عن عمرو بن دينار قال: سَمِعْتُ ابن عُمر سُئِلَ عن شيءٍ من أَمْرِ الصَّفا والمَرْوَةِ، فقال:"قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَطَاف بالبيتِ سَبْعًا، وصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكَعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَة سَبْعًا" وَ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
(3)
.
(1)
يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من أحرم بالحج، ثم قدم مكة، من الطواف والسعي (2/ 906، ح 189) عن يحيى بن يحيى، وأبي الربيع الزهراني، عن حمَّاد بن زيد بهذا الإسناد، محيلًا متنه على حديث سفيان بن عيينة قبله.
من فوائد الاستخراج:
• راويه عن حماد بن زيد سليمان بن حرب، وهو ثقة ثبت إمام، لازم حمادا تسع عشرة سنة. تهذيب الكمال (11/ 390 - 392).
• فيه بيان للمتن المحال به على المتن المحال عليه.
• تصريح عمرو بن دينار بالسماع عن ابن عمر، وقد عنعن لدى مسلم.
3779 -
حدَّثنا الحارث بن أَبي أُسامة
(1)
، حدثنا أبو أيُّوب الهَاشِمِي
(2)
،
⦗ص: 375⦘
حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزُّهري
(3)
، عن عروة، عن عائشة، ح.
وحدثني أبي
(4)
، حدثنا أبو مروان
(5)
، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزُّهري، عن عروة، قلتُ لعائشة: أرأيتِ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}
(6)
إلى آخر الآية، قول الله تبارك وتعالى:{أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فقلتُ لعائِشةَ: ما على أحدٍ جُنَاحٌ أنْ لا يَطَّوَّفَ بالصَّفا والمروة، فقالت عائشةُ: بئسَ مَا قلتَ يابنَ أُختي، إن هذه الآية لو كانتْ كما أوَّلْتَها كانتْ]:
(7)
ما على أحدٍ جناحٌ أنْ لَا يَطَوَّفَ بِهِمَا، إنَّما كان هذا الحّيُّ من الأنصارِ قبْلَ أن يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمنَاةَ الطَّاغِيَة كانُوا يعبُدون عند المُشَلَّل
(8)
فكانَ من أهَلَّ لَها يَتَحَرَّجُ
⦗ص: 376⦘
أنْ يَطَّوَّف بالصَّفا والمَرْوة، فلمَّا أسلَمُوا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالُوا يا رسول الله: إنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطَّوَّفَ بالصَّفا والمروة فأنزل الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قالتْ: "ثُمَّ قَدْ سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطَّوافَ بَيْنَهُمَا" فليسَ يَنْبَغِي لأحدٍ أنْ يَدَعَ الطَّوَافَ بِهِمَا، قال ابن شِهاب: فذكرتُ حديث عروة لأبِي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: والله إنَّ هذا لَعِلْمٌ وأمرٌ ما سمعتُ به، لقد سمعتُ رجالًا من أهل العلم، إلَّا ما ذكرتْ عائشة يذكرون: إِنَّما كان [مَنْ]
(9)
يُهِلُّ لِمَنَاة الطَّاغِيَة، كُلُّهُم كانُوا يَطُوفُون بالصَّفا والمَروة، فلمَّا أمر الله بالطَّوافِ بالبيت ولم يذكُر الصَّفا والمَرْوة فقالُوا: يا رسول الله، إِنَّا كُنَّا نَطُوفُ في الجَاهِلِيَّة بِالصَّفَا والمَرْوَة فَنَتَحَرَّجُ في الإسلامِ أَنْ نَطَّوَّفَ بِهِمَا، قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية قد أُنْزِلَتْ في الفريقين كِلَيْهما: الذين كانوا يَتَحَرَّجُون في الجَاهِلِيَّة أن يَطَّوَّفُوا بالصَّفا والمروة، والذين كانوا يَطَّوَّفُون بهما في الجَاهليَّة ثُمَّ
⦗ص: 377⦘
تَحَرَّجُوا في الإسلام من أجْلِ أن الله قَدْ أَمَرَ بالطَّواف بالبيتِ ولَمْ يَذْكر الطَّوَافَ بِالصَّفا والمرْوة (مَعَ طَوَافِهِم بِالبَيت حِيْنَ ذكُرُوا)
(10)
(11)
.
(1)
هو: الحارث بن محمد بن أبي أسامة داهر التميمي، أبو محمد البغدادي.
(2)
هو: سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن عبّاس، أبو أيوب، البغدادي، الهاشمي، ت / 219 هـ، وقيل: بعدها.
إمام جليل وثقه ابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، والنسائي، والدارقطني، والخطيب البغدادي وذكره ابن حبّان في الثقات.
وكذا وثقه الإمام الذهبي، والحافظ ابن حجر. =
⦗ص: 375⦘
= انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 343)، معرفة الثقات للعجلي (1/ 427)، الجرح (4/ 113)، الثقات لابن حبّان (8/ 277)، تاريخ بغداد (9/ 31)، الكاشف (1/ 313)، تقريب التهذيب (ت 2812).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين.
(4)
إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفراييني.
(5)
هو محمد بن عثمان بن خالد الأموي المدني، أبو مروان العثماني.
(6)
سورة البقرة / الآية: 158.
(7)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من متن ح / 3781، وهذا الاستدراك يقتضيه السِّياق.
(8)
المُشَلَّل -بضم الميم، وفتح الشين المعجمة، وتشديد اللام الأولى-: ثَنِيَّةٌ تأتي أسفل =
⦗ص: 376⦘
= قُدَيْد من الشِّمال، إذا كنت في بلدة "صعبر" بين رابغ والقُّضَيْمة، كانت المُشَلَّل مطلع شمس مع ميل إلى الجنوب، وحرة المُشَلَّل هي التي تراها من تلك القرية، سوداء مُدْلَهِمَّة تُشرِق الشَّمس عليها، وفيها كانت مناة الطَّاغية، ومحلُّها معلوم.
انظر: معجم المعالم الجغرافية في السِّيرة النبوية (ص 299).
(9)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من صحيح مسلم، ومتنه:"إنما كان من أهلَّ لمناة. . ."، ولا يصحُّ تركيب الجملة بدونه.
(10)
هكذا وردتْ الجملةُ في نسخة (م)، ولم أقف عليها في مصادر أخرى، ولعلَّ معناها: أنَّ الله عز وجل يأمرْهم بالطواف بالصَّفا والمروة حين ذكرهم مأمورين بالطَّواف بالبيت في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} سورة الحج / الآية 29، أو تكون اللَّفظة الأخيرة "حين ذكرها" أي: حين ذكر الآية، كما في ح / 3781.
(11)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن، لا يصِحُّ الحَجُّ إلَّا به (2/ 929، ح 261) عن عمرو الناقد، وابن أبي عمر.
وأخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التفسير -سورة النجم -باب {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} (ص 861، ح 4861) عن أبي بكر الحُميدي، جميعا عن سفيان ابن عيينة، عن الزهري به، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (6/ 144) عن أبي أيوب الهاشمي به.
من فوائد الاستخراج: في لفظ المصنِّف زيادتان صحيحتان:
أُوْلَاهما: قوله: "قلت لعائشة أرأيت قول الله. . يطوف بهما".
الثانية: التنصيص بأن أهل حيٍّ من الأنصار كانوا يهلُّون لمناة الطاغية.
3780 -
حدثنا محمَّد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا (مَعْمَرٌ)
(1)
، ح.
وحدثنا يوسفُ القاضي، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد ابن
⦗ص: 378⦘
(ثَوْرٍ)
(2)
، عن مَعمَرٍ، عن الزُّهْري
(3)
، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رجالٌ من الأنْصَار ممَّن كان يُهِل لمناةَ -ومناةُ صنمٌ بين مكَّة والمدينة- قالوا: يا نبيَّ الله، إِنَّا كُنَّا لا نطوفُ بين الصَّفا والمَرْوة تعظيمًا لِمَنَاة، فهلْ علينا من حرجٍ أن نَطَّوَّفِ بهِما؟ فأنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}
(4)
(5)
.
(1)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "معرج"، والتصويب من إتحاف المهرة (17/ 249).
(2)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "شابور" والتصويب من المرجع السابق.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين.
(4)
سورة البقرة، الآية 158.
(5)
أخرجه البخاري في كتاب التفسير- سورة النجم -باب {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} (ص 861، ح 4861) تعْليقا عن معمر، جازما به، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 162) عن عبد الرزاق به، وانظر ح / 3779، 3781، 3782، وذكر الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (4/ 325) وصْل الإمام أحمد له من طريق عبد الرزاق.
من فوائد الاستخراج:
• التعريف بـ "مناة الطاغية".
• وصل تعليق ورد في البخاري.
• زيادة طريقين عن الزهري، وهما طريقا إبراهيم بن سعد، ومعمر.
• ذكر عِلَّة التّحرُّج، وأنَّه كان تعظيمًا لمناة.
3781 -
حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حجَّاج
(1)
، حدثنا
⦗ص: 379⦘
اللَّيث
(2)
، قال: حدثني غقَيْلٌ
(3)
، عن [ابن]
(4)
شهاب، أنَّه قال: أخبرِني عروة بن الزبير، أنّه قال: سألتُ عائشة فقلتُ لها: أرأيتِ قول الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فقلت لعائشة: ما على أحدٍ جُناحٌ ألَّا يَطَّوَّفَ بالصفا والمروة فقالت عائشة: بِئْسَ ما قلتَ يا ابن أُختي، إنَّ هذه الآية لو كانتْ كما أَوَّلْتَهَا كانتْ لا جُناح عليه ولَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، ولكنَّها أُنْزِلَتْ (في)
(5)
الأنصار، كانُوا قبل أنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّون لمناةَ الطَّاغية الَّتِي كانُوا يعبدون، الَّتي عِنْدَ المُشَلَّل، وكان من أهَلَّ لها يَتَحَرَّجُ أن يَطَّوَّفَ بالصَّفا والمَرْوَة فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالوا: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نطَّوَّفَ بالصَّفا والمروَة فأنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى قوله:{أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، قالت عائشة: ثمَّ قد "سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطَّواف بِهِمَا فَلَيْسَ لأِحدٍ أنْ يترُكَ الطَّواف بهما" قال الزُّهري: فأخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بالذي حدَّثني عروة من ذلك عن عائشة، فقال أبو بكر: إنَّ هذا لعلمٌ، وما
⦗ص: 380⦘
كنتُ سمعتُ، ولقد كنتُ سمعتُ رجالًا من أهلِ العِلْم يقولون: إنَّما كان من لَا يَطَّوَّفُ بين الصَّفا والمروة من العَرَبِ يقولون: إنَّ طوافَنَا بين هذين الحَجَرَين من أمرِ الجاهِلِيَّة، وقال آخرون من الأنصار: إنَّما أُمِرْنَا بالطَّواف، إنَّ النَّاس إلَّا من ذكرتْ عائشة مِمَّن كان يُهِلُّ لِمَنَاة كانُوا يَطُوفُون كلُّهم بالصَّفا والمروة فقالُوا: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا نطَّوَّفُ بالصَّفا والمروة، فهل علينا جُناحٌ أو حرجٌ؟ إنَّا كُنَّا نَطَّوَّفُ بالصَّفا والمروة، والله ذكر الطَّوافَ بالبيتِ ولم يذكُر الطَّواف بالصَّفا والمروة، فهل علينا يا رسول الله أنْ نَطَّوَّف بالصَّفا والمروة؟
(6)
فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى قوله: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، قال أبو بكر:(فأرى)
(7)
هذه الآية أُنْزِلَتْ في الفريقين كليهما؛ الذين كانُوا يَتَحَرَّجُون في الجاهِلَّيةِ أن يَطَّوَّفوا بالصَّفا والمروة، والذين كانوا يَطَّوَّفون في الجَاهِلِيَّة بالصفا والمروة ثُمَّ يَتَحَرَّجُون أنْ يَطَّوَّفُوا بِهِمَا في الإِسْلام من أجْلِ أنَّ الله عز وجل أخبرَ بالطَّواف بالبيتِ ولم يَذْكُر الصَّفا والمَرْوة مع الطَّوَاف بِالبَيْتِ حين ذكَرَها
(8)
.
(1)
هو: ابن محمد المِصِّيصِي.
(2)
ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي المصري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن خالد الأيليّ.
(4)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (17/ 249).
(5)
في نسخة (م)"إن"، ولا يستقيم بها الكلام.
(6)
هكذا وردت الجملة في نسخة (م)، ولعلَّها:"فهل علينا جناح. . .".
(7)
تصَّحف في نسخة (م) إلى "قاري"، والتصويب من أحاديث الباب وصحيح مسلم (2/ 929).
(8)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح =
⦗ص: 381⦘
= الحج إلا به (2/ 929، ح 262) عن محمد بن رافع، عن حُجَيْنِ بن المُثَنَّى، عن ليث، عن عقيل، مقتصرا على جزء من الحديث، وأحال باقيه على حديث سفيان ابن عيينة قبله فقال:"وساق الحديث بنحوه".
من فوائد الاستخراج:
• تصريح ليثٍ بالتحديث، وقد عنعن لدى مسلم.
• فيه بيان للمتن المحال به على المتن المحال عليه.
3782 -
حدثنا العبَّاس (التَّرْقُفِي)
(1)
، حدثنا عثمان بن سعيد يعني
⦗ص: 382⦘
ابن كثير بن دينار الحِمْصِيّ، حدَّثنا شُعَيْبٌ
(2)
، عن الزُّهري
(3)
، قال: قال عروة: سألتُ عائشة رضي الله عنها، قلتُ لَها: أرأيتِ قولَ الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى آخِر الآية، فقلتُ لعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: مَا علَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أن لا يَطَّوَّف بالصَّفا والمروة؛ قالتْ عَائِشَة: بِئْسَ ما قلتَ يا ابن أُخْتِي، إنَّ هذه الآية لو كانتْ على ما أوَّلْتَها عليه [لكانتْ]
(4)
: فلا جناحَ عليه أن لَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، ولكنَّها إنَّما أُنزلتْ في الأنصار قبل أنْ يُسْلِمُوا، كانوا يُهِلُّون لِلْمنَاةِ الطَّاغية الَّتي كانوا يعبدونَ عند المُشَلَّل، وكان من أهَلَّ لها يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطَّوَّف بالصَّفا والمَرْوَة، فأنزل الله القُرآن: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ
⦗ص: 383⦘
يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، قالتْ عائشة:"قد سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطَّواف بهما فليسَ لأحدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بِهِمَا"
(5)
.
رواه سُفْيان، عن الزُّهري، بِطُولِه وفيه: قالتْ عائشة: "طافَ
⦗ص: 384⦘
رسول الله صلى الله عليه وسلم والمُسْلِمُونَ وكانتْ سُنَّةً"
(6)
رواه حَرْمَلَةُ، [عن ابن وهب]
(7)
، عن يُونس، عن الزُّهْرِي، بِطُوله وقال: إِنَّ الأَنْصَارَ كانُوا قَبْلَ أن يُسْلِمُوا هُمْ وغَسَّان
(8)
يُهِلُّونَ لِمَنَاة، فَتَحَرَّجُوا أنْ يَطَّوَّفُوا بين الصَّفا والمروة وكانَ ذلكَ سُنَّةً في آبَائِهِمْ
(9)
.
(1)
هو: العبَّاس بن عبد الله بن أبي عيسى الواسطي، أبو محمد التَّرْقُفِي ت / 267 هـ.
والتَرْقُفي -بفتح التاء، وسكون الرَّاء، وضَمِّ القَاف، آخرها الفاء- قال السَّمعاني:"هذه النِّسبة إلى تَرْقُف، وظنِّي أنَّها من أعمال واسِط والله أعلم"، وقال الحَمَوي:"وأظنُّه من نَوَاحي البند نيجين من بلاد العراق"، وقد تصحَّف "الترقفي" في نسخة (م) إلى "البرقعي"، والتصويب من إتحاف المهرة لابن حجر (17/ 249)، وكتُب الأَنْسَاب.
الأنساب للسَّمعاني (3/ 41)، معجم البلدان (2/ 23).
وثَّقه الدارقطني، وذكره ابن حبّان في الثقات.
قال فيه الخطيب: "كان ثقة دينًا صالحًا عابدًا"، وقال السَّمعاني:"كان ثقة، صدوقًا، مأمونًا، حافظًا، عارفًا بالحديث".
وكذا وثَّقه الذَّهبي، والحافظ ابن حجر.
انظر: الثِّقات لابن حبّان (8/ 513)، تاريخ بغداد (12/ 143)، الأنساب للسمعاني (3/ 41)، الكاشف (1/ 535)، تهذيب التهذيب (5/ 120)، تقريب التهذيب (ت 3515).
(2)
هو: شُعيب بن أبي حمزة الأموي مولاهم، واسم أبيه: دينار، أبو بشر الحمصي.
وثقه ابن معين، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وأبو حاتم، والنسائي.
انظر: تاريخ الدارمي (ص 42)، معرفة الثقات (ح 732)، الجرح (4/ 344)، تهذيب الكمال (12/ 516).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من دلالة السِّياق، فإنَّ "لَوْ" هنا شرطية امتناعية، ولا بُدَّ لها من جُملتين بعدها، أولاهما: الشَّرْطِيَّة، تليها الجوابية والجزائية، والأغلب أن تكون الجملتان فعليتين، ماضويتين، لفظًا ومعنا، والجملة الجوابية الجزائية هنا هي التي بين المعقوفين وما يتعلق بها.
انظر: النحو الوافي (4/ 491، 494).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن. . . (2/ 930، ح 263) عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس به، وزاد يونس:"وكان ذلك سُنَّةً في آبائهم"، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب وجوب الصفا والمروة. . . (ص 266، ح 1643) عن أبي اليمان، وأخرجه النسائي في السنن الصغرى (ص 458، ح 2968) عن عمرو بن عثمان، عن أبيه عثمان ابن سعيد، كلاهما عن شعيب به.
من فوائد الاستخراج:
• راوي الحديث عن الزُّهري شعيبُ بن أبي حمزة، الذي قال فيه ابن معين:"هو من أثبت الناس في الزهري"، وقال الجوزجاني:"والزبيدي وشعيب لزماه طويلا، إذ كانا معه في الشام في قديم الدهر"، بينما رواه مسلم من طريق يونس عن الزهري، وهو متكلَّم في حديثه عنه، وكان الإمام أحمد سيئَ الرأي فيه جِدًّا، وقدم عليه معمرا، وعقيلا، وشعيب بن أبي حمزة.
انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 674)، تقريب التهذيب (ت 3095).
• فيه زيادتان صحيحتان: أولاهما: وهي الحوار الذي دار بين عائشة رضي الله عنها وبين عروة بن الزبير، قبل أن تبدأ لها بقِصَّة ما كان عليه الأنصار قبل إسلامهم.
وثانيتهما: "قد سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما فليس لأحد أن يترك الطَّواف بهما".
(6)
وصله الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الحج -باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن، لا يصح الحج إلا به (2/ 929، ح 261) عن عمرو الناقد، وابن أبي عمر، جميعا عن ابن عيينة به.
(7)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من صحيح مسلم (2/ 930)، وذلك أنَّ المصنِّف يعلِّق روايات مسلم في الغالب، ويشِيرُ إليها، ورواية حرملة أخرجها مسلم بالإسناد المذكور كما تقدَّم.
(8)
غَسَّان: -بفتح الغين المعجمة، وتشديد السين المهملة، وفي آخرها النون-: وهي قبيلة نزلتْ الشَّام، وإنما سُمِّيتْ غَسَّان بماءٍ نَزَلُوها. الأنساب للسمعاني (9/ 148).
(9)
قُلْتُ: لعلَّ المصنِّف يريدُ من ذكره بعضَ لفظِ يونس، وابن عيينة، عن الزُّهري، ليُشِير إلى توافق لفظَيْ شُعيب، وابن عيينة، عن الزهري، وإلى زيادة يونس في حَديثه حيث قال:"وكان ذلك سنَّةً في آبائِهم"، وروايةُ شُعيب، وابن عيينة أصَحُّ، ووافقهما عُقيل عليها (ح / 3781)، وأمَّا يُونس فَمُتَكلَّمٌ في حديثه عن الزُّهري، وكان الإمام أحمد سيِّئَ الرأي فيه جِدًّا، وقدَّم عليه معمرا وعُقيلا وشُعيب بن أبي حمزة، ولكنْ تابعه معمرٌ عن الزُّهري على المعنى (ح / 3780).
وقدْ تقدَّم أن حديثَ هِشَام بن عُروة عن أبيه يخالف حديثَ الزُّهري عنه، فإنَّ حديث هِشَامٍ يَنُصُّ على: أن تحرُّجهم عن السَّعي بين الصَّفا والمروة في الإسلام، لأجلِ أنهم كانوا يطَّوَّفون بِهِمَا في الجَاهِليَّة. انظر:(ح / 3765، 3766)، شرح علل =
⦗ص: 385⦘
= الترمذي (2/ 674).
قال الحافظ ابن حجر: "ولولا الزِّيادة الَّتي في طريق يُونس حيث قال: "وكانتْ سُنَّةً في آبائِهم الخ، لكان الجمعُ بين الرِّوايتين ممكنًا بأن نقول: وقع في رواية الزهري حذف تقديره: أنَّهم كانُوا يُهِلُّون في الجاهِلِيَّة لمناة، ثُمَّ يَطُوفُونَ بين الصَّفا والمروة، فكان من أهلَّ أيْ: بَعْدَ ذلِكَ في الإسلام، يتحرَّجُ أن يَطَّوَّف بين الصَّفَا والمروة، لِئَلَّا يُضَاهِيْ فِعْلَ الجَاهِلِيَّة".
انظر: فتح الباري (3/ 584).
3783 -
حدثنا محمد بن إسحَاق الصغاني، حدثنا مُحَاضِر
(1)
، حدَّثنا عاصِمُ بن سُليمان الأَحْوَل
(2)
، عن أنَس بن مالك قال: كانتِ الأنصَارُ يَكْرهُون أنْ يَطُوفوا بين الصَّفا والمروة حتَّى نزلتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ [عَلَيْهِ]
(3)
أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فطافُوا
(4)
.
(1)
مُحاضِر -بِكسر الضَّادِ المعجمة- بن المُوَرِّع -بضمِّ الميم وفتح الواو وتشديد الرَّاء المكسورة تليها عينٌ- الهمداني، الكُوفيّ.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصحُّ الحجُّ إلَّا به (2/ 930، ح 264) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي معاوية، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة (ص 267) عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن المبارك، كلاهما عن عاصم بن سليمان الأحول به. =
⦗ص: 386⦘
= من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي "المساواة".
• تصريح الراوي عن عاصم بالتحديث.
• بيان أن عاصمًا هو ابن سُليمان الأَحْوَل، وقد جَاء مُهْمَلًا في صحيح مسلم.
• زيادة قوله: "فَطافُوا".
3784 -
حدثنا أبو عبيد الله
(1)
، حدَّثنا عمِّي
(2)
، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الأسْود محمَّد بن عبد الرحمن، أنَّ رجلًا من أهلِ العِرَاق قال له: سلْ في عروة بن الزُّبير عن الرَّجُل يُهِلُّ بِالحَجِّ، فَإِذَا طَافَ أيَحِلُّ أَمْ لَا؟ قال: فإنْ قالَ لكَ: لا يَحِلُّ، فقُلْ له: إنَّ رجُلًا يقول ذلك، قال: فسألتُه فقالَ: لا يَحِلُّ من أهَلَّ بالحجِّ إلَّا بِالحَلْقِ، فقلتُ: فإنَّ رجلَّا يقولُ ذلِك، قال: بِئْسَ مَا قَالَ، قال: فَقَصَد إِلَيَّ الرُّجُلُ فسَألَنِي، فَحَدَّثْتُه، فقالَ: قُلْ لَهُ فإنَّ رجلًا كانَ يُخْبِرُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلِك، وما شأنُ أسماءَ والزُّبَيرِ فَعَلا ذلك قال: فجئتُه فذكرتُ له ذلك فقال: من هذا؟ فقلتُ: لا أدْري، فقال: ما بَالُه لا يَأْتِيْني بنفسِه يسألُنِي؟ أظنُّه عِرَاقِيًّا
(3)
، فَقُلتُ: لا أدْرِي، فقالَ: إنَّه قدْ
⦗ص: 387⦘
كَذَبْ، قَدْ حَجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرتْنِي عائشةُ أنَّه "أوَّل شَيءٍ بدأَ بِه أنَّه حينَ قَدِمَ مَكَّة أنَّه توضَّأ ثُمَّ طَافَ بِالبَيْتِ، ثم لم تكنْ عمرةً" ثُمَّ حَجَّ أبو بَكرٍ رضي الله عنه فكانَ أَوَّلَ شَيءٍ بدأَ بِه الطَّوافُ بِالبيتِ، ثُم لَمْ تَكنْ عمرةً، ثُمَّ عمرُ مثل ذلك، ثُمَّ حَجَّ عُثْمان رضي الله عنهما فرأيتُه، أَوَّلُ شيءٍ بدأَ بِهِ الطَّوافُ بالبيتِ، ثُمَّ لَمْ تَكنْ عمرةً، ثُمَّ مُعاوية وعبد الله بن عمرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبيرِ بن العَوَّام فَكَانَ أَوَّلَ شَيءٍ بدأَ بِهِ الطَّوافُ بالبيتِ، ثُمَّ لم تكنْ عمرةً، ثُمَّ رأيتُ المُهاجرينَ والأنصارَ يفعلون ذلِك فلَا تكونُ عمرةً، ثُمَّ آخرُ من رأيتُ فعلَ ذلكَ ابنُ عمر، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْها بِعمرةٍ، وهذا ابن عُمر عندهم فلَا يسالُونه، ولا أحدٌ مِمَّن مضي كانُوا يبدءُون بشيءٍ حينَ يضعون أقدامهم أَوَّلَّ من الطَّوافِ بالبيتِ، ثُمَّ لا يَحِلُّون وقدْ أخبرتْني عائشةُ أُمِّي: أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وأختُها والزُّبير وفلانٌ وفلانٌ
(4)
بِعمرةٍ قَطْ
(5)
، فلمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا، وقَدْ
⦗ص: 388⦘
كَذَبَ فِيها مَنْ ذَكَرَ غيرَ ذلِك
(6)
.
(1)
هو: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي.
(2)
عَمُّه: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
لم أقفْ على اسمه، يعني عروة بن الزبير أنَّهم يَتَعنَّتون في المسائل. فتح الباري =
⦗ص: 387⦘
= (3/ 558).
(4)
قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص 289): "قوله: "والزُّبير وفلان وفلان" هما عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان"، وقال في الفتح (3/ 559):"واستشكل من حيث أن عائشة في تلك الحجة لم تطف لأجل حيضها، وأجيب بالحمل على أنه أراد حجة أخرى غير حجة الوداع، فقد كانت عائشة بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تحجُّ كثيرا".
(5)
قَطْ: بمعنى حَسْب، حَصَل فيهِ إبدال، والأصل قدْ، قال طَرَفَة: إذا قِيلَ مهلًا قال =
⦗ص: 388⦘
= صاحبهُ قَدِ.
انظر: معجم مقاييس اللُّغة لابن فارس (ص 827).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى، من البقاء على الإحرام وترك التحَلُّل (2/ 906، ح 190) عن هارون بن سعيد الأيليِّ، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة. . ثم خرج إلى الصفا (ص 261، ح 1614) عن أَصْبَغ، كلاهما عن ابن وهب به.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي رجال الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي "المساواة".
• ذكر كنية محمد بن عبد الرحمن، يتيم عروة.
• بيان المبهم في قوله: "أخبرتني أمي"، وأنها عائشة رضي الله عنها لا أسماء بنت أبي بكر، بينما ورد اللفظ مبهما من غير بيان لدى مسلم، ولكن الحافظ ابن حجر قال في هدي الساري (ص 289):"قوله: "وقد أخبرتني أمي" يعني أسماء بنت أبي بكر الصديق، (هي وأختها) يعني عائشة. ."، وهذا يخالف ما تَنُصُّ عليه رواية أبي عوانة.
3785 -
حدَّثَنا الحارِث بن أبي أُسَامة، حدثنا يعقُوب بن محمد الزُّهري
(1)
، حدثنا ابن وهب
(2)
، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود يعني عن عروة، قال: حدَّثَتْنِي عائشةُ "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدِم مكَّة لمْ يبدأْ بشيءٍ أوَّلَ من الطَّوَافِ ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ" وذكر الحديثَ بِطُولِه
(3)
.
(1)
ابن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهري، المدني.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر تخريج الحديث السابق: ح / 3784.
بابُ ذكرِ الخَبرِ المُوجِبِ على أنَّ من أفرد الحجَّ ولَمْ يَسُقِ الهَدْيَ أنَّ عليه فسخَ حجِّه بعمرةٍ، ويَحِلُّ الحِلّ كلَّه من النِّساءِ وغيرهِن [ما]
(1)
لَمْ يُهِلَّ بالحَجِّ، وبيانُ الخبرِ المعارِضِ له المُبِيْحِ لمنْ أهَل بالحجِّ ألَّا يَفْسَخَه حتَّى يَقْضِيَ نُسُكَه
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، ولا يصِحُّ السِّياق والمعنى المقصود إلَّا بوجوده.
3786 -
حدَّثنا عمار بن رجاء، حدَّثنا محمد بن بكر، حدثنا ابن جريج
(1)
، قال: أخبرني عطاء قال: سمعتُ جابر بن عبد الله في أُنَاسٍ مَعِي قال: أَهْلَلْنا أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجِّ خالِصًا وحدَه ليس معه غيرُه، قال عطاء: قال جابر: (قَدِمَ)
(2)
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ من ذِي الحِجَّة، فلمَّا قَدِمْنَا أَمَرْنَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنْ نَحِلَّ فقال:"حِلُّوا، وأَصِيْبُوا النِّسَاء" قال عطاء: قال جابر: ولم يَعْزِمْ عَلَيْ [هِم]
(3)
أَنْ أَصِيْبُوا النِّسَاءَ ولكنْ أَحَلُّهُنَّ لهُم، قال عطاء: قال جابر: فبَلَغَه عنَّا أنَّا نَقُول: لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إلَّا خَمْسٌ أَمَرَنا أنْ نَحِلَّ إلى نسائِنا فنأتِيَ عرفةَ
⦗ص: 390⦘
تَقْطُرُ مَذَاكيْرُنَا المَنِيَّ!، قال: ويقولُ جابرٌ بيدِهِ هكذا وحَرَّكَّهَا، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال: "قدْ علمْتُم أنِّي أتقاكُم لله وأصدقُكم وأبَرُّكم، ولولَا هَدْيِيْ لَحَلَلْتُ كما تَحِلُّون فَحِلُّوا، ولو استقبَلْتُ مِنْ أَمْرِي ما استدبرْتُ ما أهْدَيتُ". قال: فحَلَلْنا وسمعْنا وأطعْنا
(4)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "قد مرَّ" وصوَّبته من متن الحديث في صحيح مسلم (2/ 883).
(3)
ما بين المعقوفين يقتضيه السِّياق، وقد سقط من نسخة (م).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 883، ح 141) عن محمد بن حاتِم، عن يحيى بن سعيد، وأخرجه البخاري في كتاب الشركة -باب الاشتراك في الهدي والبدن، وإذا أشرك الرجل رجلا في هديه بعد ما أهدى (ص 405، ح 2505) عن أبي النعمان، عن حماد بن زيد، كلاهما عن ابن جريج به.
من فوائد الاستخراج: تَسَاوي عدد رجال الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي.
3787 -
حدثنا أبو حُمَيْد
(1)
، حدثنا حجَّاج، ح.
وحدثنا الصغاني، حدثنا رَوْحٌ كِلَاهُما، عن ابن جُريج
(2)
قال: أخبرني عطاء قال: سمعت جابرَ بن عبد الله في نَاسٍ مَعِي قال: أهْلَلْنا أصحابَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالحجِّ خالصًا ليس معه غيرُه خالصًا وحدَه، قال ابن جُريج: قال عَطَاءٌ، فذكر الحديث بمثلِه
(3)
حرفًا بحرفٍ وقال: مُتْعَتُنَا هذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لأبَدٍ؟ قال: "لا، بَلْ لأِبَدٍ"
(4)
.
(1)
هو: عبد الله بن محمد بن تميم، أبو حميد المِصِّيْصي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج الحديث السابق (ح / 3786).
(3)
بمِثلِ الحديث المتقدِّم، حديثِ محمَّد بن بكر.
(4)
أخرجه البيهقي في السُّنن الكبرى (4/ 338) بإسناده إلى روح بن عبادة عن ابن جريج به. =
⦗ص: 391⦘
= من فوائد الاستخراج:
العُلو المعنوي، حيث روى للحديث من طريق حجاج الأعْور عن ابن جريج، فإن ححاجا وصف بكونه أثبت الناس في ابن جريج.
انظر: (تهذيب الكمال 5/ 455).
زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن ابن جريج ثلاث طرق، وهي: طريق محمد بكر، وروح بن عبادة، وحجاج الأعور.
3788 -
أخبرني العباس بن الوليد العُذْرِي، قال: أخبرني أبِي
(1)
قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدَّثني من سَمِعَ عَطَاءَ بن أبي رَبَاح
(2)
قال: أخبرني جابر بن عبد الله قال: أهْلَلْنَا معَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالحجِّ خالصًا لا يُخَالِطه شَيْءٌ، وذكر الحديث، قال الأوزاعي: سمعتُ عطاءَ ابن أبِي رَبَاحٍ يُحَدِّثُ فلمْ أَحْفَظْه حتَّى لَقِيتُ ابن جُريج فَأَثْبَتَه لِي
(3)
.
(1)
هو الوليد بن مزيد العذري أبو العباس البيروتي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم إنْ كان شيخُ الأوزاعي غير ابن جُريج، وإن كان المقصود من قوله:"من سمع عطاء. ." ابنَ جُريج، فيكون ابن جريجٍ موضعَ الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3786.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه في كتاب المناسك -باب في إفراد الحج (ص 209، ح 1786) عن العبَّاس بن الوليد به.
قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (ح 1571): "صحيح، وأخرج البخاري ومسلم نحوه". =
⦗ص: 392⦘
= وقوله: "قال الأوزاعي: سمعت عطاء. . ." الخ، هذا كلامٌ متصلٌ بالسَّند المذكور، وقد رواه المصنِّف بسياقٍ أكثر وضوحًا، كما سيأتي في ح /3819، فكأنَّ الأوزاعي سمع الحديث من عطاء، فشكَّ في حفظه، فلم يرد أن يتحمل الخطأ، فأحاله على غيره، ثم ذهب إلى ابن جُريج فأثبت له، فروي عنه هذا وهذا، وكلاهما صحيح.
من فوائد الاستخراج: فيه من العلو النسبي الموافقة، حيث وصل المصنِّف إلى شيخ أحد المصنفين (أبي داود السجستاني) من غير طريقه بعدد أقل مما لو روى عنه طريقه. انظر: قواعد التحديث (ص 127).
3789 -
حدثني علي بن سهل (الرَّمْلِي)
(1)
، حدثنا (الوَليد)
(2)
ابن مسلم: سألت أبا عمرو الأوزاعي عن الابتداء بالعمرة في أيَّام الحجِّ، فحدَّثنا عن عطاء
(3)
، أنَّه سمعه يُحدثُ عن جابرٍ، أنَّه قال:"أهْلَلْنَا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِذِي الحُلَيْفَة بِالحَجّ خالِصًا لا يُخَالِطُه بِغَيْرِه" وذكرَ الحَدِيْثَ
(4)
.
(1)
هو: علي بن سهل بن قادم الرملي، نسائي الأصل، أبو الحسن، ت / 261 هـ، وقد تصحف "الرملي" في نسخة (م) إلى "الزُّهري"، وفي طبقته راو آخر يتفق معه في اسمه واسم أبيه، وهو علي بن سهل بن المغيرة البزَّاز، وتَعيَّن هنا كونه رمليًّا لأنَّ الرَّملي معروف بروايته عن الوليد بن مسلم، وذكر المزي أبا عوانة في تلاميذه. تهذيب الكمال (20/ 454 - 458).
(2)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "أبو زيد"، والتصويب من إتحاف المهرة (3/ 267).
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر ح / 3786.
(4)
أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب المناسك -باب فسخ الحج (ص 505، 2980)، عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، وأخرجه ابن حِبَّان في صحيحه في =
⦗ص: 393⦘
= كتاب الحج -باب ذكر الخبر الدال على استحباب التمتع لمن قصد البيت العتيق وإيثاره على القران والإفراد (9/ 232) عن ابن سَلْم، عن عبد الرحمن بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم به.
3790 -
حدثنا هِلالٌ
(1)
، حدثنا حُسَيْن
(2)
، عن مَعْقِل
(3)
، عن عَطَاء
(4)
بإسناده نحوه
(5)
.
(1)
هو: هِلال بن العلاء بن هِلال بن عمر الباهلي -مولاهم- أبو عمر الرَقّي.
(2)
هو: حسين بن عيَّاش بن حازم السُّلمي، البَاجُدَّائِي.
(3)
هو: معقل بن عبيد الله الجَزَرِي، أبو عبد الله، العَبْسِي مولاهم.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح/ 3786.
(5)
أخرجه الإمام الطَّحاوي في مشكل الآثار (11/ 86) عن الحُسَين بن الحَكَم، عن أبي نعيم، عن معقل بن عبيد الله به.
من فوائد الاستخراج:
• زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن عطاء طريقين، طريق الأوزاعي، وطريق معقل بن عبيد الله.
• تساوى عدد رجال أسانيد المصنِّف مع إسناد مسلم، وهذا "مساواة".
• تقييدُ المهمل "عطاء"، وأنَّه ابن أبي رباح كما في رواية الأوزاعي الأولى، وجاء مُهْمَلًا عند مسلم.
3791 -
حدثنا محمد بن إسماعيل الصَّائغ، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حمَّاد بن زيد
(1)
، ح.
⦗ص: 394⦘
وحدثنا يُوسُف القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حمَّاد ابن زيد، عن أيُّوب، سمعتُ مجاهدًا يُحدِّث، عن جابر بن عبد الله قال: قَدِمْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحنُ نقول: لبَّيْك بالحجِّ "فأمرَنا أن نجْعلَها عُمرةً، فجعلْنَاها عُمْرةً"
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب المتعة بالحج أو العمرة (2/ 886، ح 146) عن خلف بن هشام، وأبي الربيع، وقتيبة، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب من لبى بالحج وسمَّاه (ص 255، ح 1570) عن مسدَّد، أربعتهم عن حمَّاد بن زيد به، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (3/ 365) عن عفَّان به، وتقدَّم إخراج المصنِّف للحديث من طريق مختلفة عن حمَّاد بن زيد، برقم / 3574.
من فوائد الاستخراج:
• زيادة طريقين عن حمَّاد بن زيد.
• رواية المصنِّف من طريق سليمان بن حرب، وقد لازم حَمَّادا ثلاثة عشر سنة، قال أبو حاتم نظرا لتشدده في انتقاءِ المشَايخ:"كان سليمان بن حرب قلّ من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة". تهذيب التهذيب (4/ 179 - 180).
3792 -
حدَّثنا السُّلمي
(1)
، حدَّثنا عبد الرزَّاق، عن مَعْمر، عن أيُّوب
(2)
،
⦗ص: 395⦘
عن مجاهد، سمعت جابرًا يقول: خَرَجْنا مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حجته يقول: "لبَّيك بالحجِّ" فلما قدمنا مكَّة أمرنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "من لمْ يكُنْ معه هَدْيٌ أنْ يَحِلَّ بِعُمَرَةٍ"
(3)
.
(1)
هو: أحمد بن يُوسف بن خالد الأزدي، السُّلَمي، ولم يذكر ابن حجر في إتحاف المهرة (3/ 314) هذا الطريق، وذكر طريق الحسنَ بن أبي الربيع عن عبد الرزاق، التي تقدمت برقم / 3575.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3791.
(3)
انظر تخريج ح/ 3791.
من فوائد الاستخراج: فيه زيادة صحيحة وقيدٌ مُهِم لم يردْ في حديث مسلم، وهو قوله:"من لمْ يكنْ معه هَدْيٌ. . .".
3793 -
حدثنا هِلالُ بن العَلَاء
(1)
، وعليُّ بن عبد العزيز، قالا: حدثنا معلَّى بن أسد، حدثنا (وُهَيب)
(2)
، عن أيُّوب
(3)
، بإسناده: ونحنُ نَقُولُ: لبَّيْكَ بِالحَجِّ
(4)
.
(1)
ابن هلال بن عمر الباهليّ، مولاهم، أبو عمر الرَّقي.
(2)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "وهب"، والتصويب من الإتحاف (3/ 314).
(3)
موضع الالتقاء جمع مسلم، انظر تخريج ح / 3791.
(4)
انظر تخريج ح/ 3791.
3794 -
م- حدثنا سَعْدان بن يزيد البزَّاز أبو محمد، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، حدَّثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْرمِين بالحجِّ لأربعِ ليالٍ مضينَ من ذي الحِجَّة، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَحِلَّ ونجعلَها عمرةً، فضاقتْ بذلك صُدُورنا وكبُر علينا، فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال:
⦗ص: 396⦘
"يا أيُّها الناس، حِلُّوا فلولا الهديُ الذي معِي لفعلتُ مثلَ الذي تَفْعَلون" قال: فأحلَلْنا، وَوَطِئْنَا النِّساءَ، وفعلْنا مثل ما يفعلُ الحلالُ، حتَّى إذا كنَّا عَشِيَّةَ التَّروِيَة وجعلْنا مكة بِظَهْرٍ لَبَّيْنَا
(1)
.
(1)
هذا حديث مُكَرَّر، تقدَّم بنفس السند والمتن برقم / 3573.
3795 -
م- حدَّثنا أبو داود الحراني، حدثنا يَعْلى، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر قال: قدِمنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُحرِمين بالحجِّ لأربعِ ليالٍ من ذي الحِجَّة. فذكر مثلَه، وقال: حتَّى إذا كان عشِيَّة التَّروية وجعلنا مكة بِظَهرٍ لبَّينا بالحجِّ
(1)
.
(1)
هذا حديث مُكرَّر، تقدَّم عند المصنِّف بالإسناد نفسه، بِمتنٍ أكثرَ تفصيلًا، انظر ح / 3572.
3796 -
حدثنا محمد بن إسماعيل الصَّائِغ، حدثنا عفَّان، حدثنا (وُهَيب)
(1)
، حدثنا منصورُ بن عبد الرحمن، عن أمِّه صفِيَّة، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا الزُّبير
(2)
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان معه الهديُ فليُقِمْ على إحرامِه، ومن لم يكن معه هدي فَلْيَحْلِلْ" وكان مع الزُّبَيْر هَدْيٌ فأقامَ على إحرامِه، ولم يكن مَعِي هديٌ فأحلَلْتُ فلبِسْتُ ثِيابِي فتطيَّبْتُ من طِيبي وجلستُ قريبًا من الزُّبَير
⦗ص: 397⦘
فقال: استَأْخِرِي عَنِّي، فقلتُ: أَتَخْشى أن أثِبَ عليك.
رواه أبو هِشَام المَخْزُومي، عن وُهَيب فقال فيه: قَدِمْنَا بالحج، وذكر الحديث بمثلِ حديث عفَّان
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، وقد تصحف اسمه في نسخة (م) إلى "وهب"، والتصويب من الإتحاف (16/ 2/ 839).
(2)
ابن العوّام رضي الله عنه، زوج أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه.
(3)
أخرجه مسلم -كما أشار إليه المستخرِج- في كتاب الحجِّ -باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى، من البقاء على الإحرام وترك التحلُّل (2/ 908، ح 192) عن عباس بن عبد العظيم العنبري، عن أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي، عن وُهَيْب به.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي الإسنادين، وهذا "مساواة".
• تسمية "صفيَّة"، بينما جاءت مبهمةً عندمسلم.
3797 -
حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، وأبو حميد قالا: حدَّثنا حجَّاج، (عن)
(1)
(ابن) جريج
(2)
، ح.
وحدثنا الصغاني، حدثنا روحٌ
(3)
، حدثا ابن جُريج، قال: أخبرني منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صَفِيَّة، عن أسماء بنتِ أبي بكر قالت: قدِمنا مُحْرِمين فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هديٌ فلْيُقِمْ على إحرامِه،
⦗ص: 398⦘
ومن لَمْ يكنُ معه هديٌ [فَلْيَحْلِلْ]
(4)
" قالتْ: فلمْ يكنُ معي هديٌ فَحَلَلْتُ، وكان مع الزُّبير هديٌ فلم يَحْلِلْ، قالتْ: فلبِسْتُ ثيَابِي، ثُمَّ جئْتُ فجلستُ إلى الزُّبَيْر فقال: قُومِي عَنِّي، فقلتُ: أَتَخْشَى أنْ أَثِبَ عَلَيْكَ
(5)
.
وأمَّا أصحابُنا فقالُوا: ذكرَ ابن الزُّبير على المنبرِ فقال: إنَّ رجالًا أعمى الله أبصَارهم، يريدُ ابنَ عبَّاس، يقولون: فذكروا نحوًا مما يذكرون في حَجَّة نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم من فسخِهم الحجَّ عمرةً فجَثَا ابن عبَّاسٍ على ركبتَيه ثم قال: إِنَّها لا تَعْمَى الأبْصَارُ ولكنْ تعمَى القلوبُ الَّتِي في
⦗ص: 399⦘
الصُّدور، سَلْ أُمَّك: هلْ حَلَّ إِليها أبوك؟ فسألَها فقالتْ: نعم
(6)
.
(1)
ما بين القوسين تصحف في نسخة (م) إلى "ابن"، والتصويب من الإتحاف (16/ 2/ 839).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسناد الأوَّل، وقد تصحَّف ما بين القوسين في نسخة (م) إلى "أبي"، والتصويب من الإتحاف (16/ 2/ 839).
(3)
ابن عُبادة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم في الإسناد الثاني.
(4)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركته من لفظ حديث مسلم (2/ 907).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى. . . (2/ 907، ح 191) عن إسحاق بن إبراهيم، عن محمد بكر، وعن زُهير بن حرب، عن روح ابن عبادة، كلاهما عن ابن جريج به، وليسَ في لفظه كلام ابن جُريج هذا.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي إسناديْ المستخرِج مع إسناد مسلم، وهذا "مساواة".
• التقاء المستخرِج مع مسلم في شيخ شيخه، وهذا "بدل".
• روايته للحديث من طريق حجَّاج الأعور عن ابن جريج، وهذا علو معنوي، لأن حجَّاجًا وصف بكونه أثبتَ الناس في ابن جريج. تهذيب الكمال (5/ 455).
• زيادةُ القِصَّة التي وقعتْ بين ابن عبَّاس وابن الزبير، وهي قصة صحيحة مرويَّة في جزء ابن جُريج بهذا الإسناد.
(6)
قوله: "وأما أصحابُنَا. . ."، هو من كلام ابن جُريج، كما نُصَّ على ذلك في جُزء ابن جريج (حديث رقم: 73)، ولم أقِفْ على تعيينِ المقصُودِ من أصحابِه، كما لم يأتِ هذا الكلامُ في متن حديثِ مسلم ولا غيره من المصنِّفين الذين أخرجُوا الحديثَ في كُتبهم، ولكنَّ إسنادَ الكلام المذكور صحيحٌ، رجاله كلُّهم ثقات، فأرى -والله أعلم- أنَّه حصل اختصارٌ أو تخليطٌ في متنِ حديث ابن جُريجٍ هذا، وإنا لنَربأُ بالصحابي الجليل أمير المؤمنين عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنه أن يطعنَ طعنةً كهذه في ترجمان القرآن وفقيهِ الصحابة عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما بفعلٍ أمرَ به النَّبي صلى الله عليه وسلم وفعلَه صحابته رضي الله عنهم في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، ألا وهو مُتعة الحجِّ، والذي يظهرُ أن عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنهما نقم على ابن عبَّاس رضي الله عنهما قولَه بجواز نكاح المُتعة، وكانَ ابن الزُّبير رضي الله عنهما يرى حرمتَها ويجعلها بمثابة الزِّنا، والدليل على ذلك ما أخرجه مسلم صحيحه -كتاب النكاح -باب نكاح المتعة، وبيان أنّه أبيح ثم نسخ. . . (2/ 1026، ح 27) عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، أنَّ عبد الله بن الزُّبير قام بمكة، فقال: إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم، يُفتونَ بالمُتعة، يُعَرّضُ برجُلٍ، فناداه فقال: إنَّك لجَلْفٌ جَافٍ؛ فلعمري لقد كانت المتعةُ تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فقال له ابن الزبير: فجَرِّبْ بنفسِك فوالله لئنْ فعلتَها لأرجمَنَّك بأحجارِك".
كما أخرج أبو عوانة هذا الحديث في مستخرجه في كتاب النكاح -باب بيان إبطال نكاح المتعة. . . (المطبوع 3/ 22، ح 4055) بنحو لفظ مُسلم المذكور، وأخرجه غيرهُما أيضًا، وسيأتي عند المصنف أيضًا (برقم 3812) من حديث أبي نضرة عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أيضًا، وذكره الحافظ ابن حجر في الوُقُوف على ما في صحيح =
⦗ص: 400⦘
= مسلم من الموقُوف ولم يتكلَّم عليه (ص 76)، ولم أقف على مصدرٍ صُرِّح فيه في هذا الحديث باسم الرَّجُل الذي عرَّض به عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنهما غيرَ مستخرج أبي عوانة في حديث الباب أعلاه، ولكنَّ جمعًا من العلماء منهم الإمام النَّووي، وابن القيِّم، والآلوسِي، والملَّا علي القاري وغيرهم؛ نصُّوا على أن المراد منه عبد الله ابن عبّاس رضي الله عنهما، ولم أقفْ على من طعنَ في صحَّةِ نسبةِ قول ابن الزُّبيرِ رضي الله عنهما إليه، وعلى هذا فإن غضب عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنهما من ابن عبّاسٍ كان بسبَبِ قوله بجواز نكاح المُتعة، وأمَّا متعةُ الحجِّ فلعلَّها جاءت تبعًا في كلامه، ولم يقلْ بسببِها ابن الزُّبير رضي الله عنهما ما قال، فجاء رواة حديث الباب فذكروا متعة الحج دون متعة النِّكاح، والله أعلم.
انظر: السنن الكبرى للبيهقي (7/ 205)، التمهيد لابن عبد البر (10/ 117)، شرح النووي على مسلم (9/ 190)، إغاثة اللهفان لابن القيم (1/ 277)، نصب الراية للزَّيلعي (3/ 180)، روح المعاني للآلوسي الحنَفي (5/ 6) مرقاة المفاتيح للمُلَّا على القاري (6/ 290).
3798 -
حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مَكِّي، [عن]
(1)
ابن جُريج
(2)
، بإسناده مِثْلَه، ح.
وحدَّثَنا الصغاني، حدثنا روحٌ
(3)
، حدثنا ابن جُريج
(4)
، ح.
⦗ص: 401⦘
وحدثنا أبو داود الحراني، حدثنا عثمان بن الهيثم، حدثنا ابن جُريج، قَال: أخبرنِي منصورٌ، بإسناده مثْلَه
(5)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (16/ 2/ 839).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم في هذا الإسناد والإسناد الثالث، انظر: ح / 3797.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر: ح / 3797.
(4)
الحديث من طريق الصغاني تقدَّم آنفا في الحديث السابق (ح / 3797)، ولم أعرف سبب تكراره ثانية في هذا الموضع.
(5)
أخرجَه الطَّبرانِي في المعجم الكبير (24/ 130) عن إبراهيم بن صالح الشِّيْرازي، عن عثمان بن الهيثم به.
من فوائد الاستخراج:
• زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طُرق الحديث عن ابن جريج ثلاثة طُرق، وهي: طريق حجَّاج، ومكِّي، وعُثْمان بن الهيْثم.
• تساوي أسانيد المصنِّف مع إسناد مسلم، وهذا علوٌّ نسبيّ.
3799 -
حدثنا عبَّاس بن محمد
(1)
، حدثنا شبابة
(2)
، حدثنا شُعْبَة
(3)
، عن مُسلم (القُرِّي)
(4)
قال: سمعت ابن عبَّاس يقول: "أهلَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالعُمرةِ فأهلَّ وأهلَّ أصحابُه بالحجِّ، وكان من لَمْ يَسُقِ الهَدْيَ مَعَه حَلَّ"
(5)
.
(1)
الدّوري.
(2)
ابن سَوَّار.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هو: مُسْلِم بن مِخْرَاق البصري، القُّرِّي -بضمِّ القَاف وتشديد الرَّاء المُهملة، بعدها ياء النِّسبة-، تصحَّف نسبته في نسخة (م) إلى "الفرا"، والتَّصويب من الإتحاف (8/ 66)، وصحيح مسلم (2/ 909)، ولم أقف على كلمة "الفرا" في الكتب التي ترجمتْ له.
انظر: الإكمال لابن ماكولا (7/ 112).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب في متعة الحج (2/ 909، ح 196، 197) عن =
⦗ص: 402⦘
= عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، وعن محمد بن بشار، عن غندر، كلاهما (فرَّقهما) عن شعبة به، إلَّا أنَّ في حديثِ مسلمٍ ذِكرٌ لحَجَّة طلحة بن عبيد الله، فقال عنها معاذ:"فكان طلحة بن عبيد الله فيمن ساق الهدي فلم يَحِلَّ"، وقال محمد بن جعفر عن حجَّته:"وكان مِمَّن لم يكن معه الهديُ طلحةُ بن عبيد الله ورجلٌ آخر؛ فأحلَّا".
قلت: اختُلف على شُعبة في متن الحديث في موضعين:
الموضع الأول: اختلافُ الرواة عليه في طلحةَ بن عبيد الله، هل كان معه هديٌ أو لا؟ فروى روح بن عُبادة (كما عند المصنف في ح / 3800، وعند أحمد في المسند 1/ 240) ومحمَّد بن بشار، ومحمد بن جعفر غُندر (كما عند مسلم 2/ 909 عن كليهما، وأحمد في المسند 1/ 240 عن غندر وحده) عن شعبة بهذا الإسناد، أن طلحة ورجلًا آخر لم يكُن معهما الهديُ فحلَّا.
وخالفهم معاذ بن معاذ العَنْبري (كما عند مسلم 2/ 909) وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي (كما عند المصنِّف ح / 3801، وشرح معاني الآثار 2/ 141) فرَوَيا عن شعبة بهذا الإسناد أن طلحة بن عبيد الله كان فيمن ساق الهدي فلم يحِلَّ.
ولعلَّ الأصحَّ رواية من روى أنَّ طلحةَ بن عبيد الله كان مِمَّن ساق الهدي، وذلك لما يلي:
أوَّلًا: موافقتِه لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أخرجه البُخاري في صحيحه (ص 287) وصرَّح فيه جابر بأنَّ طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما كان معه الهديُ.
ثانيا: موافقته لحديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم (2/ 874) أنَّ الهدي كان "مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة. . ."، وطلحة بن عبيد الله من أيسر =
⦗ص: 403⦘
= ذوي اليسارة.
ثالثًا: صنِيعُ الإمام مسلم يوحي بذلك، حيث ذكر متن رواية معاذ العنبري كاملا وقدَّمها على رواية غندر في الباب، ولم يذكرُ حديثَ غُندر بل اكتفى بذكر مخالفته لمعاذ العنبري، وأحال باقي حديثه على حديث معاذ قبله.
رابعًا: قال الإمام ابن حزم في حجة الوداع (265): "عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، قد أثبت الهديَ وبندار عن غندر نفاه، والمثبت أولى من النافي، وكلاهما في شعبة ثقة، ومعاذ أحفظُ من غندر وأجل؛ لأنَّ الثقات ذكروا معاذ بن معاذ العنبري في الطبقة الثانية من أصحاب شعبة مع خالد بن الحارث؛ وذكروا محمد بن جعفر في الطبقة الرابعة من أصحاب شعبة".
ثم ذكر ابن حزم مرجحات أخرى كحديث جابر، وحديث عائشة، ثم قال:"فصح بلا شك أن طلحة كان ساق الهدي، وأن الشك والله أعلم هو من قبل بندار، أو من غندر لا يتجاوزهما".
الموضع الثاني: اختلافُ الرواة عليه في إهلَالِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فروى عنه شبابة بن سوَّار (كما عند المصنف في ح / 3799)، ومعاذ العنبري، ومحمد بن جعفر غُنْدر، ومحمَّد بشَّار (كما عند الإمام مسلم 2/ 909)"أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أهلَّ بعُمْرةٍ، وأهلَّ أصحابه بالحجِّ".
ورواه عن شُعبةَ رَوح بن عبادة، وأبو داود الطَّيالسي، واختُلِف عليهما، فرواه أبو أمية، عن روح (كما عند المصنِّف في ح / 3800) ورواه يونس بن حبيب (كما عند المصنف في ح / 3801)، وأبو بكرة (كما في شرح معاني الآثار 2/ 141) كلاهما عن أبي داود الطيالسي، كلاهما عن شُعبة بهذا الإسناد، فوافَقَا الأَرْبَعةَ =
⦗ص: 404⦘
= المَذْكُورين: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أهلَّ بعمرة، وأهلَّ أصحابه بالحجِّ.
وخَالَف أبا أمية في روايته عن روحٍ: محمدُ بن إسماعيل الصائِغ، وأحمد ابن عبيد الله النَّرسي (كما عند البيهقي في السُّنن الكبرى 5/ 187 من طريقين صحيحين مختلفين عنهما) فرويا عن روح بهذا الإسناد بلفظ:"أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه بالحجِّ".
ورواية أبي داود الطَّيالسي فرواها البيهقيُّ أيضا عن أبي بكر بن فورك، عن عبد الله بن جعفر، عن شيخِ أبي عوانة: يونس بن حبيب، عن الطَّيَالِسي بالإسناد المذكور، ولكن بلفظ:"أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجِّ فمن كانَ من أصحابِه لم يكن معه هديٌ حلَّ"، فخالف لفظَ أبي عوانة عن يونس.
وقد رجعْتُ إلى طبعتيْ مسند الطيالسي (طبعة بتحقيق محمد بن عبد المحسن التركي، وطبعة دار المعرفة ببيروت) فوجدتُّ من الحديث مماثلًا لما رواه البيهقي عن يونس، علمًا أنَّ الحديث في كلتا الطبعتين من طريق يُونس بن حبيب (شيخِ أبي عوانة في الحديث / 291)، عن أبي داود الطيالسي.
قال البيهقي في السُّنن الكبرى بعد سرده طريق روحٍ، والطيالسي (5/ 18):"وقول من قال إنه أهلَّ بالحجِّ لعلَّه أشبه لموافقته رواية أبي العالية البراء، وأبي حسَّان الأعرج، عن ابن عباس في إهلال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالحج والله أعلم".
3800 -
حدثنا أبو أمية، حدَّثنا رَوْحٌ، حدثنا شُعبةُ
(1)
مثلَه، قال: فكان طلحةُ وفلانٌ لَمْ يَسُقا الهَدي فحَلَّا
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3799.
(2)
انظر تخريج ح / 3799.
3801 -
حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود
(1)
، أخبرنا شُعبة
(2)
، عن مُسلم (القُرِّي)
(3)
قال: سمعت ابن عبَّاس يقول: "أهلَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعمرةٍ، وأهلَّ أصحابُه بحجِّ، فمن كان من أصحابِه لم يكن معه هديٌ أحَلَّ، ومن كان معه هديٌ لَمْ يَحِلَّ، فكانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وطلحةُ ممنْ كانَ معهُما الهديُ"
(4)
.
(1)
سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده برقم / 2886، من طريق يونس ابن حبيب عنه.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3799.
(3)
تصحَّف ما بين القوسين إلى "الفرا"، والتَّصويب من إتحاف المهرة (8/ 66)، وصحيح مسلم (2/ 909، ح 3066)، ولم أقف على كلمة "الفرا" في الكتب التي ترجمتْ له، تقدمت ترجمته.
انظر: الإكمال لابن ماكُولا (7/ 112).
(4)
انظر تخريج ح / 3799.
من فوائد الاستخراج:
• زاد أبو عوانة على الإمام مسلم من طرق الحديث عن شعبة ثلاثةَ طُرُق: طريق رَوْح، وشَبَابة، وأبو داود الطَّيَالسي، ورواية الأخيرَيْن تُقَوِّي ما رواه معاذ العنبري عند مسلم أنَّ "طَلْحَة بن عبيد الله كان فيمن سَاقَ الهدي". انظر:(ح / 3799، 3800، 3801).
• تساوي عدد رجال تلك الأسانيد مع إسناد مسلم، وهذا علوٌّ نِسْبِيٌّ، ويُسمَّى المُساواة.
3802 -
أخبرنا يُونس
(1)
، أخبرنا ابن (وهب)
(2)
، أخبرنِي مالك
(3)
، عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفَل أبِي الأسْود، عن عروة، عن عائشة قالت: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجَّة الوَدَاع (*إلى الحج*)
(4)
، فمِنَّا من أهَلَّ بالحجّ، ومِنَّا من أهَلَّ بالعُمْرَة، ومنَّا من أهلَّ بالحجّ والعُمرَة، فأمَّا من أهلَّ بعمرةٍ فحَلَّ، وأمَّا من أهلَّ بالحجِّ أو جَمَع الحجَّ والعمرةَ فلمْ يَحِلُّوا حتَّى كانَ يومُ النَّحْر"
(5)
.
ورواه اللَّيْثُ، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة
⦗ص: 407⦘
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أهلَّ بعمرةٍ وأهدى فلا يَحِلُّ حتَّى يَنْحرَ هديَه، ومن أهلَّ بحجٍّ فَلْيُتِمَّ حجَّه"
(6)
.
(1)
ابن عبد الأعلى بن مَيْسَرة الصَّدَفي، أبو موسى المصري.
(2)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "وهيب"، والتصويب من إتحاف المهرة (17/ 160).
(3)
موضع الالتقاء مع الإمام مسلم، والحديث في موطئه من طريق يحيى الليثي عنه، (2/ 421 - 422).
(4)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 873، ح 118) عن يحيى بن يحيى النيسابوري، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب التمتع، والقران، والإفراد بالحج. . . (ص 254، ح 1562) عن عبد الله بن يوسف، وفي كتاب المغازي -باب حجَّة الوداع (ص 747، ح 4408) عنهُ، وعن القعنبي، وإسماعيل، وأخرجه أبو داود في سننه (ص 208، ح 1779، 1780) عن القعنبي، وعن أبي طاهر بن السَّرح عن ابن وهب، خمستهم عن مالك به.
(6)
وصله الإمام مسلم في صحيحه -كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 870) عن عبد الملِك بن شُعيب بن اللَّيث، عن أبيه، عن جدِّه، عن عُقَيل به، وتقدَّم إخراج المصنِّف له من طريق مالك عن ابن شهاب في ح/3720، وسبق أن علَّق رواية عقيل عن الزهري في ح / 3722.
بابُ ذكرِ الخبرِ المُبَيِّن بأنَّ فسخَ الحجِّ والمُتْعَة خاصٌّ، وأنَّها مَنْسُوخَةٌ، والنَّهي عنْها والأَمْر بالفَصْلِ بَيْنَهُما
3803 -
حدثنا أبو العبَّاس الغَزِّي
(1)
، حدثنا الفِرْيابي
(2)
، حدثنا سُفيان
(3)
، عن الأعمش
(4)
، وعيَّاش العَامِري، عن إِبراهيم التَّيمي
(5)
، عن أبيه
(6)
، عن أبي ذَرٍّ الغِفَاري قال:"إِنَّما كانت المتعةُ رُخْصةً لَنا، لا لكُم"
(7)
.
(1)
هو: عبد الله بن محمد بن الجرَّاح الأَزْدِي.
(2)
هو: محمد بن يُوسف بن وَاقد الضَّبي مولاهم.
(3)
الثوري، وهو موضع الالتقاء مع مسلم في روايته عن شيخه عيَّاش العامري.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(5)
هو إبراهيم بن يزيد بن شريك، يكنى أبا أسماء، التَّيمي من تَيْمِ الرِّبَاب.
(6)
أبوه: يزيد بن شريك بن طارق التيمي.
(7)
أخرجه مسلم في كتاب الحجِّ -باب جواز التمتُّع (2/ 897، ح 160، 161) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن عيَّاش العامرى، وعن سعيد بن منصور، وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي غريب، عن أبي معاوية، عن الأعمش، كلاهما (فرَّقهما) عن إبراهيم التيمي به، وأخرجه النسائي في المجتبى (ص 436، ح 2809) عن عمرو بن يزيد، عن ابن مهدي، عن الثوري، عن عياش العامري، والأعمش، كلاهما عن إبراهيم التَّيمي به.
من فوائد الاستخراج:
• تساوي عدد رجال إسناد المصنِّف مع إسناد مسلم من طريق سفيان. =
⦗ص: 409⦘
= • ذكر نسبة أبي ذرٍّ: "الغفاري".
• روايته عن الأعمش من طريق سفيان الثوري.
3804 -
حدثنا أبو أميَّة، حدثنا قَبِيصَة، حدَّثنا سُفيان
(1)
، عن الأعمش
(2)
، عن إبراهيم التَّيمي، عن أبيه، عن أبي ذَرٍّ قال:"إنَّما كانَتِ المُتْعة في الحجِّ لنَا خاصَّة"
(3)
.
(1)
الثوري.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
انظر تخريج ح/ 3803.
3805 -
حدثنا ابن أبي مسرة، حدثنا بَدَلُ بن مُحبَّر
(1)
، حدثنا شُعبة، عن سُليمان
(2)
، عن إبراهيمَ التَّيمي، عن أبيه، عن أبي ذَرٍّ قال:"إنَّما كانتِ المُتعةُ لنا" يعني أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم
(3)
.
(1)
هو: بَدَل -بفتح الباء الموحدة، والدال المهملة بعدها لام- بن المُحَبَّر -بضم الميم وفتح الحاء المهملة والموحدة المشدَّدة- بن المُنَبِّه التميمي، ثم اليربوعي، أبو المنير البصري، واسطيُّ الأصل، ت / في حدود 210 هـ.
الإكمال (1/ 225)، (7/ 161)، توضيح المُشتبه (1/ 395).
(2)
هو: الأعمش، وهو موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح/3803.
(3)
أخرجه النَّسائي في سُنَنِه (ص 436، ح 2811) عن بشر بن خالد، عن غندر، وأخرجه البزَّار في البحر الزخار (9/ 405) عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي، كلاهما عن شعبة به.
من فوائد الاستخراج: روايته الحديثَ من طريق شُعبةَ عن الأعمش، وقد قال =
⦗ص: 410⦘
= شعبة فيما رواه عنه البيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 86): "كفيتُكم تدليسَ ثلاثةٍ، الأعمش وأبي إسحاق وقتادة".
قال الحافظ ابن حجر: "فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع ولو كانت معنعنة". تعريف أهل التقديس (ص 58).
3806 -
حدثني (عُبَيْدُ) العِجْل
(1)
، قال: حدَّثني يوسُف ابن موسى
(2)
، حدثنا جَرِير
(3)
، عن فُضَيل الفُقَّيْمِي
(4)
، عن زُبَيْدٍ
(5)
، عن
⦗ص: 411⦘
إبراهيم التَّيمي، عن أبيه قال: قال أبو ذَرٍّ: "لا تصْلُحُ المُتْعتان إلَّا لنَا خاصَّة" يعني: متعةَ النِّساء، ومتعةَ الحجَّ
(6)
.
(1)
هو: الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي، والعِجْلُ -بعين مهملة مكسورة وجيم ساكنة- لقب له. تاريخ بغداد (8/ 93)، الإكمال (7/ 43)، نزهة الألباب (2/ 16)، توضيح المشتبه (7/ 49).
وقد تصحَّف "عُبيد" في نسخة (م) إلى "عبد"، والتصويب من إتحاف المهرة (14/ 211).
وثقه ابن نقطة، والذَّهبي، والحافظ ابن حجر، والسيوطي.
انظر: الإكمال (7/ 43)، تذكرة الحفاظ (2/ 672)، نزهة الألباب (2/ 16)، طبقات الحفاظ (1/ 297).
(2)
ابن راشد القطان أبو يعقوب الكوفي، نزيل الرَّيّ ثُمَّ بغداد.
(3)
ابن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
هو: فُضَيل بن عمرو الفُقَّيْمِي -بضم الفاء، وفتح القاف، وسكون الياء تحتها نقطتان، وفي آخرها ميم- نسبة إلى فُقَّيم بَطْنٌ من تميم. اللباب لابن الأثير (2/ 437).
(5)
-بموحَّدة، مصغَّرا- ابن الحارث اليَامِي -بتحتانية- أبو عبد الرحمن الكوفي. تقريب =
⦗ص: 411⦘
= التهذيب (ت 2172).
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز التَّمتُّع (2/ 897، ح 162) عن قتيبة بن سعيد، وأخرجه أبو نُعيم في حلية الأولياء (5/ 39) عن أبي أحمد محمد بن أحمد، عن صالح بن أحمد، عن يوسف القطان، كلاهما عن جَرير به، وقال أبو نُعيم عقب الحديث:"صحيح ثابت من حديث إبراهيم عن أبيه عن أبي ذر، غريبٌ من حديث زُبيدٍ لم نكتبْه إلا من هذا الوجه".
من فوائد الاستخراج:
• ذكر نسبة فضيل وأنَّه فُقَّيْمِيٌّ، بينما جاء عند مسلم مهملا.
• تساوي الإسنادين، والالتقاء مع مسلم في شيخ شيخه، وهذا "بدل"، و "مساواة".
3807 -
حدثنا علي بن حرب، حدَّثنا أبو مُعاوية
(1)
، عن الأعمش، عن إبراهيم التَّيمي، عن أبيه، عن أبي ذَرٍّ قال:"كانتِ المُتعة في الحجِّ لأصْحابِ محمد صلى الله عليه وسلم خاصَّةً"
(2)
.
(1)
محمد بن خازم الضرير، وهو موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3803.
(2)
راجعْ تخريج ح / 3803.
3808 -
حدَّثني أبو عبد الرحمن النَّسائي
(1)
، حدثنا محمد بن
⦗ص: 412⦘
عبد الله بن المُبَارَك
(2)
، حدَّثنا يحيى بن آدم، حدثنا مُفَضَّل بن مُهَلْهَل
(3)
، عن بَيَان
(4)
، عن عبد الرحمن بن أبي الشَّعثَاء قال: أتيتُ إبراهيمَ النَّخَعي وإبراهيمَ التَّيمي فقلت: لقدْ هَمَمْتُ أن أجمعَ العمرةَ والحجَّ العام، فقال إبراهيمُ النَّخعي: لكنْ أبُوكَ
(5)
لَمْ يَكُنْ لِيَهُمَّ بذلِك، قال: وقال إبراهيم التَّيمي، عن أبيه، عن أبِي ذَرٍّ قال:"إنَّما كانَتْ المُتعَةُ لنَا خاصَّة"
(6)
.
(1)
أحمد بن شُعيب بن علي النَّسائي، صاحب السُّنن، والحديث بهذا الإسناد في سُننه (ص 436، ح 2812) بمثل لفظ المصنف عنه.
(2)
هو: مُحمَّد بن عبد الله بن المبارك، أبو جَعْفر المُخَرِّمي -بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة- البغدادي، ثقة حافظٌ، ت/ بعد 254 هـ.
و"المُخَرِّميُّ": نسبةٌ إلى "المخرِّم" وهي محلةٌ ببغداد مشهورة، وقيل لها "المخرِّم" لأنَّ بعضَ ولدِ يزيد بن المخرِّم نزلها فَسُمِّيَتْ به.
الإكمال لابن ماكولا (7/ 239)، الأنْسَاب (5/ 223)، اللُّباب (3/ 178)، توضيح المشتبه (8/ 80).
وانظر: تهذيب الكمال (25/ 534 - 538)، تقريب التهذيب (ت 6793).
(3)
السَّعدي، أبو عبد الرحمن الكوفي.
(4)
ابن بشر الأحمسي، أبو بِشر الكوفي، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(5)
أبوه: جابر بن زيد، أبو الشَّعثاء الأزدي.
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز التَّمتُّع (2/ 897، ح 163) عن قتيبة، عن جرير عن بيان به، إلَّا أنَّه ساقَ إسنَاد قتيبة مرَّةً أخرى لرواية إبراهيم التيمي: الشَّطرِ الثاني من الحديث، ولم يذكر فيه عبد الرحمن بن أبي الشَّعثاء، بل جعله من رواية بيان بن بشر عن إبراهيم. =
⦗ص: 413⦘
= وعلى هذا لعلَّ مقصودَ أبي عوانة من قوله: "قال: وقال إبراهيم التَّيمي. . ."، القائلَ بيان بن بشر، لا عبد الرحمن بن أبي الشَّعثاء، فإن بشرًا مِمَّن سَمِع عن إبراهيم التيمي، وساق البيهقيُّ الحديثَ في السُّنن الكبرى (5/ 22) فعمِل مثلَ صنِيع أبي عوانة.
انظر: تهذيب الكمال (2/ 232).
3809 -
ز- حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا مكي بن إبراهيم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عُمر رضي الله عنه: "مُتْعَتَان كانَتَا على عهْدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنْهَى عنهما: مُتْعةُ الحج، ومُتْعَةُ النِّساء"
(1)
.
(1)
أخرجَه الإمام الطَّحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 146) عن يزيد بن سنان كذا الإسناد، ولم يذكر ابن حجر في الإتحاف (12/ 270) إخراج أبي عوانة له، وقال عقب ذكره الحديثَ بهذا الإسناد:"قال النَّسائي: "هذا خطأ".
قلتُ: ولعلَّ سببَ تخطئةِ النَّسائي هو تفرُّدُ مكيِّ بن إبراهيم عن الإمام مالكٍ بهذا الحديث دون سائر تلاميذه، والإمام مالك إمامٌ يُجمعُ حديثُه، على أنَّ الحديثُ رُوِي من طرق أخرى عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، بعضها صحيحة، وبعضها متكلَّم فيها:
فرواه جابِر بن عبد الله رضي الله عنهما عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه (كما في صحيح مسلم 2/ 885 - 886، 914، ومسند أحمد 3/ 325، وسيأتي عند المصنف برقم 3813، 3814).
ورواه سعيد بن أبي عروبة في جزء المناسك (ح 43) عن أيُّوب السّختياني، عن أبي قلابة، عن عمر، ورواه أيضًا (ح 44) عن قتادةَ عن عُمر، لكنَّ قتادة لم يسمع من عُمر، ورواه سليمان بن حرب (كما في جزء أحاديث أيوب السّختياني (ح 49) =
⦗ص: 414⦘
= وسعيد بن منصور في سننه (1/ 252) كلاهما عن حَّماد بن زيد، عن أيوب السختياني عن أبي قلابة، عن عمر بن الخطَّاب، لكنَّ أبا قلابة لم يدركْ عمر ابن الخطَّاب (تهذيب الكمال 21/ 321).
وروي من عدة طرُقٍ عن ابن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سَعيدٍ عن عُمر (كما عند أحمد 1/ 17، والطَّحاوي 2/ 195، وأبي الفتح نصر المقدسي في تحريم نكاح المتعة ص 141، وانظر عِللَ الدارقطني 2/ 156).
3810 -
حدثنا عبد الملك بن محمّد البَصْري، حدَّثَنا عَمْرُو ابن مَرْزُوق
(1)
، أخبرنا شُعبة
(2)
، عن قتادة، عن عبد الله بن شَقِيْق قال:"رأيتُ عثمانَ رضي الله عنه ينهى عن المُتْعَة، وعَليًّا رضي الله عنه يَأْمرُ بِها" فقلتُ لِعليٍّ: إنَّ عثمانَ يَنْهى عن المُتعة، وأنتَ تأمرُ بها، كانَ بينكُما شيءٌ؟ قال:"ما بَيْننا شيءٌ، ولكنْ خيرُنا أتْبعُنا لهذا الدِّين"
(3)
.
⦗ص: 415⦘
روى المُقَدّمِي، عن ابن أبي عَدِيٍّ، عن شُعبة، عن قتادةَ، عن عبد الله بن شَقيق، بنحوه
(4)
، قال: أجلْ، ولكنَّا كُنَّا خَائِفِين
(5)
.
⦗ص: 416⦘
وكذا رواه غُنْدَر، وخالدُ بن الحَارث
(6)
.
(1)
الباهِلي، أبو عُثْمَان البصري. ت/ 223 هـ.
وثَّقه ابن معين، وأبو حاتم.
وتكلَّم فيه ابن المديني، وقال بترك حديثه؛ وكان القطَّان لا يرضى حديثه، ولكن الإمام أحمد قال:"ثقة مأمون، فتَّشْنا عما قيل فيه فلمْ نجدْ له أصلا".
ووثَّقه الذهبي وابن حجر.
انظر: الجرح والتعديل (6/ 264)، الضعفاء للعقيلي (3/ 292)، تهذيب الكمال (22/ 224)، الكاشف (2/ 295)، التقريب (ت 5748).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز التمتع (2/ 896، ح 158) عن =
⦗ص: 415⦘
= محمد بن المثنى وابن بشار، عن غندر، وعن يحيى بن حبيب الحارثي، عن خالد بن الحارث، كلاهما (فرَّقهما) عن شعبة به، وليس في لفظهما عن شعبة قوله:"فقلتُ لعلِّيٍّ:. . ولكن خيرُنا أتْبَعُنا لهذا الدين"، ولكن زادا أنَّ عُثمانَ قال لعليٍّ عند ما سأله عن تَمُّتعِهم زمنَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"أجَلْ ولكنا كُنَّا خائِفين"، وتابعهما في ذلك روحٌ عن شعبة (كما في مُسند أحمد 1/ 61).
من فوائد الاستخراج:
• زيادةٌ في حديث المصنِّف: "فقلتُ لعلِّيٍّ: إن عثمان ينهى. . ولكن خيرُنا أتْبَعُنا لهذا الدين".
• تساوي الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبيٌّ.
(4)
لم أقف على طريقِ المقدّمي في المصادر الحديثِيَّة.
(5)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 497): "قلتُ: هي روايةٌ شاذَّة، فقد روى الحديثَ مروانُ بن الحكم وسعيد بن المسيب وهما أعلم من عبد الله بن شقيق فلم يقولا ذلِك، والتمتُّع إنَّما كان في حجَّة الوداع، وقد قال ابن مسعود كما ثبت عنه في الصحيحين: "كُنَّا آمن ما يكون الناس"، وقال القُرطبي: "قوله: خائفين، أي من أن يكون أجر من أفرد أعظم من أجر من تمتَّع، كذا قال، وهو جمعٌ حسن ولكن لا يخفى بعده، ويحتمل أن يكون عثمان أشار إلى أنَّ الأصل في اختياره صلى الله عليه وسلم الفسخَ إلى العمرة في حجَّة الوداع دفعُ اعتقاد قريش منعَ العمرة في أشهُر الحج، وكان ابتداء ذلك بالحُدَيْبِيَّة لأنَّ إحرامَهم بالعُمرة كان في ذي القَعْدة وهو من أشهُر الحج، وهُناك يصح =
⦗ص: 416⦘
= إطلاق كونهم خائِفِين، أي من وقوع القِتال بينهم وبين المشركين، وكان المشركون صَدُّوهم عن الوُصُول إلى البيت؛ فتحللوا من عمرتهم، وكانت أوَّلَ عمرة وقعت في أشهر الحج، ثم جاءتْ عمرةُ القَضِيَّة في ذي القعدة أيضًا، ثم أراد صلى الله عليه وسلم تأكيدَ ذلك بالمبالغة فيه، حتَّى أمرهم بفسخ الحجِّ إلَى العُمرة".
(6)
انظر تخريج (ح / 3810).
3811 -
حدثنا أبو قِلابة
(1)
، حدثنا بِشْر بن عُمر، حدثنا شُعبة
(2)
، عن عمرو بن مُرَّة، عن سَعِيد بن المُسيِّب قال: اجْتَمعَ عليٌّ وعثمانُ بِعُسْفَان
(3)
، فَنَهى عُثمان عن المُتْعة، فقال له عليٌّ:"ما تريدُ إلى أمرٍ قد فعلَه رسول الله صلى الله عليه وسلم تَنْهَى عنه" فقال عُثمانُ: دعْنَا مِنْك، فقال: إنِّي لا أستطيعُ أنْ أَدَعَك. فلمَّا رأى عليٌّ ذلِك أهَلَّ بِهِمَا جميعًا
(4)
.
(1)
عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد البصري الرَّقاشي.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
عُسْفَان: -بِضَمِّ العَيْن وسُكون السِّين، وفاء وألف، وآخره نون-: بَلْدَةٌ على 80 كيلا من مكَّة شِمالا على الجادَّة إلى المَدينة، وهي مَجْمَع ثلاثِ طرقٍ مُزَفَّتة: طريقٌ إلى المدينة، وقبيله إلى مكة، وآخر إلى جدة.
مُعْجَم المعالم الجُغرافية في السيرة النَّبَوِيَّة (ص 208).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز التَّمَتُّع (2/ 897، ح 159) عن محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب التمتُّع والقِران والإفْراد بالحجِّ. . . (ص 255، ح 1569) عن قُتَيْبة =
⦗ص: 417⦘
= ابن سَعِيد، عَنْ حجَّاج بن محمد الأعور، كِلاهُما عن شُعبة به.
من فوائد الاستخراج:
• إيراد المصنِّف الحديث في بابٍ غير الذي أورده فيه صاحب الأصل، مما يعيِّن مناسبة أخرى للحديث.
• تساوي الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي "المساواة".
3812 -
حدثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدثنا حجَّاج، قال: حدثني شُعبة
(1)
، قال: سمعتُ قتادةَ قال: سمعت أبا نَضْرَة
(2)
قال: كان ابن عبَّاس يأمرُ بالمُتْعة، فكان ابنُ الزُّبير ينهى عنها، وقال: إنَّ أَقْوامًا قدْ أَعْمَى الله قُلوبَهم كَمَا أَعْمَى أبصارَهم يُفْتُون النَّاس بِغَيْرِ عِلْمٍ، قال: فذكرت ذلك لجابرِ بن عبد الله فقال: على يديَّ دارَ الحَدِيْثُ "تَمَتَّعْنا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم" فَلَمَّا قَامَ عُمَر رضي الله عنه قال: إنَّ الله كانَ يَحِلُّ لرسولِه ما شَاءَ فيمَا شَاء، وإنَّ القُرْآن قد نزَلَ منازِله، فأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرة كما أمَرَ الله، و (أَبِتُّوا)
(3)
نِكاح هذه النِّساء، فَلَنْ أُوْتِيَ بِرجلٍ
⦗ص: 418⦘
نكحَ امرأةً إلى أجلٍ إلَّا رَجمتُهما بِحِجَارة
(4)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
المنذر بن مالك.
(3)
أبِتُّوا نكاح النساء: أي اقطعوا الأمر فيه وأحْكِمُوه بشرائطه، وهو تَعْريض بالنهي عن نكاح المتعة لأنه نكاح غير مَبْتوت مُقَدّرٌ بمدّة، النِّهاية في غَريب الحديث والأثر (1/ 92 - 93).
وقد تصحَّفت الكلمة في نسخة (م) إلى "انتهوا"، والصَّواب:"أبتُّوا"، لمجيئها في صحيح مسلم (2/ 885) والمصادر الحديثية الأخرى، وكونِها أنسب للسِّياق، أما =
⦗ص: 418⦘
= كلمة "انتهوا" ففعلٌ لازمٌ يحتاجُ في تعديَته إلى حَرف جرٍّ "عنْ، منْ" ونحوها".
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب في المتعة بالحج والعمرة (2/ 885، ح 145) عن محمد بن المثنى وابن بشار، عن محمد بن جعفر، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 298) عن محمد بن جعفر وحجَّاج، كلاهما عن شُعبة به، وليس في لفظهما (مسلم وأحمد) قوله:"إنَّ أَقْوامًا قدْ أَعْمَى الله قُلوبَهم كَمَا أَعْمَى أبصارَهم يُفْتُون النَّاس بِغَيْرِ عِلْمٍ".
ولعلَّ إقحامَه في هذا الحديث من تخليطات الحجَّاج، فإنَّه اختلط بأخرة، وحدَّث حال اختلاطه، ولم يتابعْه أحدٌ على ذكر القول المذكور من تلاميذ شُعبة، ومن الذين خالفوه محمد بن جعفر غُندر أثبت الناس في شُعبة، كما لم يأتِ في طريقٍ من طرُقِ من روى الحديث عن أبي نضرة المُنذر بن مالك كعاصم الأحول (صحيح مسلم 2/ 914، ح 212)، وعليّ بن زيد (مسند أحمد 3/ 364) وغيرهما.
انظر: تهذيب الكمال (5/ 456)، تهذيب التهذيب (2/ 206).
من فوائد الاستخراج: جاء في لفظ مسلم: "لرجمتُه"، وعند المصنِّف بالتثنية:"لرجمتُهما"، وهو الأنسب.
3813 -
حدثنا عمَّار، [حدَّثنا]
(1)
أبو دَاود
(2)
، حدثنا شُعبة
(3)
، عن قَتَادة، سمعت أبا نَضْرة (*قال*)
(4)
: قلتُ لجابر: إن ابن عبَّاس يأمرُ
⦗ص: 419⦘
بالمُتْعة، وابن الزُّبير يَنْهى (عنها)
(5)
، فذكر نحوه
(6)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م).
(2)
سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده (247) بهذا الإسناد.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن.
(5)
تصحَّف ما بين القوسين في نسخة (م) إلى "عنه"، وهو خطأٌ نحوي، فإن ضمير المذكَّر لا يرجع على مؤنَّث قبله، و"المتعة" لفظٌ مؤنث.
(6)
انظر تخريج ح / 3712.
من فوائد الاستخراج: زيادة طريقين صحيحين عن شُعبة، طريق حجَّاج وأبي داود الطيالسي.
3814 -
حدثنا يعقوب بن سُفيان، حدثنا عمرو بن عاصِم
(1)
، حدثنا همام
(2)
، حدثنا قتادةُ، عن أبي نَضْرةَ، قلتُ لجابِر بن عبد الله: إنَّ ابن عبَّاس يأمرُ بالمتعةِ، وإنَّ ابنَ الزُّبير يَنْهى عنها، قال: فَقَال جابرٌ: على يديَّ جَرَى الحديثُ، "تَمَتَّعْتُ معَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَنَزَل فيه القُرآن" فلما وَلِي عُمرُ بن الخطَّاب رضي الله عنه خَطَب النَّاسَ فقال:(إنَّ القرآنَ القُرآن، والرَّسولَ الرَّسول)
(3)
، وإنَّهُما كانَتَا مُتْعتَان على عهْد
⦗ص: 420⦘
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنْهَى (عنهما)
(4)
وأُعاقِبُ عليْهِما، إحداهُما مُتْعَة الحجِّ فافْصِلوا حجَّكم من عمرتِكم، والأخرى مُتْعةُ النِّساء، فلا أقدِرُ على رجُلٍ تَزَّوج إلَى أجلٍ إلَّا غَيَّبْتُه في الحِجَارة، زاد هَمَّام: فافْصِلُوا حجَّكم من عمرتِكم وقال فيه: فإنَّه أتَمُّ (لحجِّكم)
(5)
ولعمرتِكم
(6)
.
(1)
عمرو بن عاصم بن عبيد الله الكلابي القَيْسِي، أبو عُثْمَان البَصْري.
تصحَّف اسمه في نسخة (م) إلى "عُمر"، والصَّحيح عمرو بن عاصم، لأنَّ عمر بن عاصم ليس من تلاميذ همَّام، وتقدمت رواية له عن همام برقم 3770.
(2)
ابن يحيى بن دِينار العَوْذي أبو عبد الله البصري.
(3)
هكذا جاءتِ العبارةُ في نسخة (م)، ولم أقفْ عليها في مصادرَ حديثيَّة أخرى، ولعلَّ الأصحَّ:"القرآنَ القرآنَ. . ." دون أداة "إنَّ"، فتكونُ كلمتا:"القرآن"، و"الرسول"، منصوبَتَين على الإغراء، بتقدير فعل:"الزَموا"، مثْلَ قولِك: السلاحَ السلاحَ، أي: الزمِ السِّلاحَ، الزم السِّلاحَ. =
⦗ص: 420⦘
= انظر: أوضح المسالك (2/ 186)، الجُمل في النحو (1/ 82).
(4)
في نسخة (م)"عنه"، ومقتضَى السِّياق "عنهما" لرُجوع الضَّمير على التثنية:"متعتان".
(5)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "بحكم"، والتصويب من صحيح مسلم (2/ 886).
(6)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب في المتعة بالحجِّ والعمرة (2/ 886، ح 145) عن زهير بن حرب، عن عفَّان، عن همَّام به، مُحيلًا متن حديثه على حديث شُعبة قبله، إلَّا أنَّه نبَّه على زيادة همَّام؛ "فافصلوا حجكم عن عمرتكم، فإنّه أتم لحجكم، وأتم لعمرتكم".
من فوائد الاستخراج:
• أحال مسلم بلفظه على ما قبله، وميَّز المصنِّفُ اللَّفظ المحال به.
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا "مُساواة".
• التنصيص على زيادة بعض الرواة.
3815 -
حدثنا أبو علي (الزَّعَفْرانِي)
(1)
، حدثنا شبابة، ح.
وحدثنا ابن سِنَان
(2)
، حدَّثنا أبو داوُد
(3)
، ووهب بن جرير، ح.
⦗ص: 421⦘
وحدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، ح.
وحدثنا محمد بن إسماعيل الصَّائِغ، حدثنا يحيى بن أبي بُكير
(4)
، قال: أخبرنا شُعبة
(5)
، عن قَيْس بن مُسْلم، قال: سمعتُ طارقَ بن شِهاب يحدث، عن أبي موسى الأشعري
(6)
، قال: قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو (مُنِيْخٌ)
(7)
بالبطحاء فقال لي: "بِمَ أَهْلَلْتَ؟ " قال: قلتُ: لبَّيْك بِإهلالٍ كإِهلالِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:"قدْ أحسنْتَ، طفْ بِالبيتِ وبالصَّفا والمَرْوة، ثُم احْلِلْ" ففعلْتُ، فأتيْتُ امرأةً من قُريشٍ فَفَلَتْ
(8)
رأسِي، فجعلتُ
⦗ص: 422⦘
أُفْتِي به النَّاس حتّى كان في زمانِ عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنه فقال لِي رجلٌ: يا عبد الله بن قَيْس رُوَيْدًا بعضَ فُتْيَاك فإنَّك لا تدري ما أحدثَ أميرُ المُؤْمِنين في النُّسُكِ بَعْدَك، قُلْتُ: يَا أَيُّها النَّاس، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاه فتْيَا فَلْيَتَّئِدْ
(9)
، فإنَّ أميرَ المؤمنين قادمٌ فَبِهِ فَأْتَمُّوا، قال: فلمَّا قَدِمَ عُمَرُ فذكرتُ ذلِك له فقالَ: إِنْ تَأْخُذْ بِكتابِ الله، فإنَّ كتابَ الله يأمرُ بالتَّمام، وإن تَأْخُذْ بِسُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ رسول الله لَمْ يَحِلَّ حتَّى بلغَ الهَدْيُ مَحِلَّه، اللَّفظُ لأبِي دَاوُد
(10)
.
(1)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "الفرعاني"، والتصويب من إتحاف المهرة (10/ 34).
(2)
هو: يزيد بن سنان بن يزيد بن ذَيَّال القزَّاز.
(3)
هو سليمان بن داود، أبو داود الطيالسي في الإسنادين، والحديثُ في مُسْنَده بهذا =
⦗ص: 421⦘
= الإسناد (ص 70).
(4)
هو: أبو زكريا الكرماني، كوفي الأصل، واسم أبيه: نَسْر -بفتح النون وسكون المهملة-.
(5)
موضع الالتقاء مع مسلم في الأسانيد الأربعة للحديث.
(6)
عبد الله بن قيس رضي الله عنه.
(7)
في نسخة (م)"مُنتحٍ"، من الانتحاء ومعناه: الاعتمادُ على الشيء، ويظهرُ أنَّه تصحيفٌ من "مُنِيخٌ" من الإنَاخة، بمعنى النزول بمكانٍ ما.
واللَّفظ الثَّاني جاء في مسند أبي داود الطَّيالِسي (ص 70) وصحيح مسلم (2/ 895) وهو الأنْسَب للمقام، وقد قال أبو عوانة عقبَ الحديث:"واللفظ لأبي داود".
انظر: فتح الباري (3/ 488)، عمدة القاري (9/ 188)، لسان العرب (14/ 77).
(8)
فَفَلَتْ: -بفاء التعقيب بعدها فاء ثم لام خفيفة مفتوحتين ثم مثناة- أي تتبَّعتِ القمْلَ لِتُزيحه منه. =
⦗ص: 422⦘
= انظر: فتح الباري (3/ 655)، عمدة القاري (10/ 61).
(9)
فَلْيَتَّئِد: أيْ فَلْيَتَأَن وَلْيَصْبِرْ، من اتَّأَدَ إذا تأنَّى، والاسمُ: التُّؤَدة.
انظر: هديُ السَّاري (ص 69)، عمدة القاري (9/ 188).
(10)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب في نسخ التَّحلُّل من الإِحرام والأمر بالتمام (2/ 894 - 895، ح 154) عن محمد بن المثنى، وابن بشَّار، عن محمَّد بن جَعْفَر، وعن عبيد الله بن معاذ بن معاذ، عن أبيه.
وأخرجه البُخاري في كتاب الحجِّ -باب متى يحلُّ المعتمر؟ (ص 289، ح 1795) عن محمد بن بشَّار، وفي باب التمتع والقران والإفراد بالحجِّ (ص 254، ح 1565) عن محمد بن المثنى، كلاهما عن محمد بن جعفر، وفي باب الذبح قبل الحلق (ص 278، ح 1724) عن عبدان، عن أبيه، وأخرجه في كتاب المغازي- باب حجة الوداع (ص 746، ح 4397) عن بيان، عن النَّضر بن شُميل، أربعتهُم عن شُعبة به. =
⦗ص: 423⦘
= من فوائد الاستخراج:
• تسمية أبي موسى الأشعري في متن الحديث.
• تساوي عدد رجال أسانيد المصنِّف مع إسنادَيْ مُسلم.
• تعيين من له اللفظ من الرواة.
• تصريح قيس بن مسلم بالسَّماع، بينما عنعنَ لدى مسلم.
3816 -
حدثنا بكَّار بن قُتَيْبَة البَكْرَاوِي، حدَّثنا أبو داود
(1)
، ح.
وحدَّثنا الصغاني، وأبو أمية قالا: حدثنا أبو النَّضر
(2)
، قالا: حدثنا شُعبة
(3)
، بإسنادِه بِمَعْنَاه، ولَفْظُ الحديثِ الأوَّل لأبي داود الطَّيَالِسِي، وحديثُ البَاقِين معناهُم وَاحِدٌ
(4)
.
(1)
سليمان بن داود الطيالسي، والحديثُ في مُسْنَدِه بهَذا الإِسْنَاد (ص 70).
(2)
هاشم بن القاسم.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3715.
(4)
انظر تخريج ح / 3715.
من فوائد الاستخراج:
• تعيين من له اللَّفظ من الرواة.
• التنصيص على أن معنى أحاديث الرواة واحد.
• تساوي عدد رجال الإسناد الأول مع إسناد مسلم.
3817 -
حدَّثنا أبو داود الحراني، حدثنا وهب بن جرير، وأبو زَيْد الهَرَوِي
(1)
، يتقارَبَان [في]
(2)
⦗ص: 424⦘
اللَّفظِ قالا: حدثنا شعبةُ
(3)
، بإسناده
(4)
.
(1)
هو: سعيد بن الرَّبيع الخرَشِي، العامري.
(2)
ما بين المعقُوفين ليس موجودا في نسخة (م)، ولكنَّ السِّياق يقتضيه، فَكلمةُ =
⦗ص: 424⦘
= "تقارَبَ" فعلٌ لازمٌ يحتاجُ في تعديِته إلى حرفِ جرٍّ، واحتمال ثانٍ في هذه الجملة، وهو أن تكون الكلمة:"اللفظَ" منصوبةً على نزع الخافض.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3815.
(4)
انظر تخريج ح / 3815.
من فوائد الاستخراج: زادَ أبو عوانة على الإمام مسلمٍ من طُرق الحديث عن شعبة سِتَّةَ طُرُق، وهي طريق شَبَابة بن سوَّار، وأبي داود الطيالِسي، ووهبِ بن جرير، ويحيى بن أبي بُكَير، وأبي النضر، وأبي زيد الهروي.
بابُ ذكرِ الأخْبارِ المُعارِضَة لِلنَّهي منِ المُتعةِ وفَسْخِ الحجِّ والجَمعِ بيْنَه وبين العُمْرة، وأنَّها (عامة) لا (خَاصَّة)
(1)
، والدَّليلُ على أنَّ العُمرةَ واجبةٌ مح الحجِّ في أَشْهُرِ الحجِّ، وأنَّ التمتُّعَ أفضلُ من الإفْرادِ والقِرانِ مع سَوْقِ الهْديِ، وإثْبَاتِها وأنَّها غيرُ مَفْسُوخَةٍ
(2)
(1)
في نسخة (م)"وأنَّها عامٌّ لا خاص"، والضَّمير في "أنَّها" اسمُ "أن" ويرجعُ على كلمة "المُتعة"، ويجب أن يكون خبر "أن" مطابقًا لاسمِها في التذكير والتأنيث إذا كانا مفردَين، وإن كان الضمير يرجع على "الفسخ" فكان الواجب تذكير الضمير:"وأنه خاص لا عام".
(2)
هكذا جاءت العبارة في نسخة (م)، ويظهرُ في أن الضمير في "أنها" يرجع على كلمة "المتعة"، ومعنى غير مفسُوخة: أيْ غير منقوض حكمُ جوازها.
قال ابن فارس: "فسخ: الفاء والسِّين والخاء كلمة واحدة تدل نقض شيء. .. ".
انظر: مقاييس اللغة (ص 817).
3818 -
حدَّثنا عمار بن رجاء، حدَّثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جُريج، قال: أخبرني عطاء قال: سمعتُ جابر بن عبد الله قال في حديثه: وقدِم عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه من سَعَاتِه
(1)
من اليَمن، فقال
⦗ص: 426⦘
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "بِم أهللتَ يا عليُّ" قال: بِما أهلَّ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"فأَهْدِ وامْكُثْ حرامًا كما أنت" قال: فأهدَى له عليٌّ هَدْيًا، قال سُرَاقة بن (مالِك)
(2)
: يا رسول الله، مُتعتُنا هذه لعامِنا أم لِلأَبد؟ قال:"لِلأَبد"
(3)
.
(1)
هكذا في نسخة (م)، ومعنى "السَّعاة بفتح السِّين" التَّصرُّف، والأعمال التي أعنى الإنسان نفسه فيها، أما "السُّعاة بضم السين" فجَمعُ للسَّاعي، وهو العَامل على =
⦗ص: 426⦘
= الصَدَقَات، أو الوالي على أيِّ قومٍ وأمرٍ كان، وفي لفظ مسلم (2/ 884)"سِعايته"، وهو أوضحُ، قال القاضي عياض:"قال أبو عبيد: وكلُّ من وليَ شيئا على قومٍ فهو ساعٍ عليهم، وأكثر ما يستعمل في وُلاةِ الصدقة، وبهذا يُتأوَّل قوله في باب الحج: "فلمَّا قدم عليٌّ من سعايته" أي ولايته لا سِعاية الصدقة، إذ كان مِمَّن لا يصلُح أن يكونَ من العَامِلين عليها الذين تحِلُّ لهَم".
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (4/ 120)، مشارق الأنوار (2/ 225)، لسان العرب (6/ 272، 273)، القاموس المحيط (ص 1190).
(2)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "طالب"، والصَّواب أنَّه سراقة بن مالك بن جعشم كما في صحيح مسلم (2/ 884)، كتب تراجم الصحابة وغيرها.
انظر: الإصابة (3/ 41)، الاستيعاب (2/ 581)، معجم الصَّحابة (1/ 317)، مولد العلماء ووفياتُهم (1/ 111).
(3)
من مَنْهَجِ المصنِّف تقطيعُ الأحاديث في الأبواب لاستنباط الأحكام الفقهية منها، فقد تقدَّم هذا الحديث بهذا الإسناد برقم (3786) وقطَّع من متنه قصَّة قدوم عليٍّ وسؤالَ سُراقة بن مالك رضي الله عنهما، وذكر قصّتَهما في هذا الموضع دون باقي المتن فراجع تخريجَه هناك، وأخرج البُخاري هذا الحديث في كتاب الحج -باب من أهلَّ في زمنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كإِهْلَال النَّبِي صلى الله عليه وسلم (ص 252) عن مكَيِّ بن إبراهيم عن ابن جريج بهذا =
⦗ص: 427⦘
= الإسناد، مكتفيًا بقصة عليٍّ وسُراقةَ رضي الله عنهما ومعلِّقًا بعده حديث محمَّد بن بكر عن ابن جريج في البابِ نفسِه.
3819 -
م - وحدَّثنا أبو حُميد، حدَّثنا حجَّاج، ح.
وحدَّثنا الصَّاغاني، حدَّثنا روحٌ، قال: حدَّثنا ابن جريج، ح.
وأخبرنا العباس بن الوليد قال: أخبرني أبِي، عن الأوْزَاعي قال: لقيتُ ابن جُريج فأثبتَه لِي قال: سمعتُ عطاءً قال: سمعتُ جابرًا، فذكرَ مِثْلَه، وقال: مُتْعَتُنَا هذه لعامِنا أم لِلأبدِ قال: "بلْ لِلأبدِ"
(1)
.
(1)
هذا حديثٌ مكرَّرٌ تقدَّم بالإسناد نفسِه برقم 3787، و 3788، وإنَّما يكرِّر المصنِّفُ الحديث إذا ضاق عليه مخرَجُه، واحتاج إليه في تراجم أبوابٍ أخرى لاستنباط الأحكام الفقهية منه.
3820 -
حدَّثنا يُوسف [و] أبو حُميد
(1)
، (قالا)
(2)
: حدَّثنا حجَّاج، قال: أخبرني شُعبة
(3)
، عن الحَكم، عن مُجَاهِد، عن ابن عبَّاس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "هذه عمرةٌ استَمْتَعْنا [بِها]
(4)
، فمنْ لَمْ يَكُنْ معه هديٌ فَلْيَحِلَّ
⦗ص: 428⦘
الحِلَّ كُلَّه، فقدْ دخلتِ العُمْرَة في الحجِّ إلى يوم القِيَامَة"
(5)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (8/ 14)، ويوسُف هو: أبو يعقوب يوسف بن سعيد بن مُسَلَّم المِصِّيصي، وأبو حُميد هو: عبد الله بن محمد بن تميم، أبو حميد المِصِّيْصي، تقدمتْ ترجمَتُهما.
(2)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "قال"، والصَّواب "قالَا" لرجُوعِ الفِعْل على اثنين.
(3)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(4)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م) واستدركتُه من صحيح مسلم (2/ 911)، =
⦗ص: 428⦘
= ويدلُّ عليه السِّياق أيضًا.
(5)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب جواز العمرة في أشهر الحج (2/ 911، ح 203) عن محمد بن المثنى وابن بشار، عن محمد بن جعفر، وعن عبيد الله ابن مُعاذ بن معاذ، عن أبيه، كلاهما عن شعبه به، كما رواه أبو داود في سُننه عن ابن عبَّاس مرفوعًا أيضًا وقال:"هذا منكرٌ، إنما هو قول ابنُ عبَّاسٍ"، وتعقَّبه المنذري بقوله:"وفيما قاله أبو داود نظر، وذلك أنه قد رواه الإمام أحمد بن حنبل ومحمد ابن المثنى، ومحمد بن بشار، وعثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن جعفر، عن شُعبة مرفوعا، ورواه أيضًا يزيد بن هارون ومعاذ العنبري وأبو داود الطيالسي وعمر ابن مرزوق، عن شُعبة مرفوعا، وتقصير من يقصر به من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ"، والحديث روي عن جابر رضي الله عنه مرفوعا أيضًا، قال السيوطي في الجامع الصغير عقب إيراده الحديث:"م، د، عن جابر، د، ت، عن ابن عبَّاس مرسلا"، وعلَّق الشيخ الألباني على كلامه قائلا:"كذا في الأصل، ولا داعي لقوله "مرسلا" لأن ابن عباس صحابيٌ مشهور".
انظر: سنن أبي داود (ص 209، ح 1790)، صحيح الجامع الصغير (1/ 636، ح 3373).
3821 -
حدَّثنا أبو أمية، حدَّثنا رَوْحٌ، حدَّثنا شُعبة
(1)
، بِمِثْلِه، وقال:"دَخَلتِ العُمرةُ في الحجّ إلى يومَ القِيامةِ"
(2)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3820.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 341) عن روحٍ به.
من فوائد الاستخراج: زاد المصنِّف على الإمام من طرق الحديث عن شُعبة =
⦗ص: 429⦘
= طريقين، طريق حجَّاج الأعور، وطريق روح بن عبادة.
3822 -
حدَّثنا يونس بن حبيب، حدَّثنا أبو دَاوُد
(1)
، حدَّثنا شُعبة
(2)
، عن أبي (جمْرَة)
(3)
قال: تَمَتَّعْتُ -يعني بالحج- فسألتُ ابن عبَّاس فأمرنِي بِها، فلما نِمْتُ رأيتُ في مَنَامِي كأنَّ قائِلًا يقولُ: حجٌّ مَبْرُورٌ، وعُمرةٌ متَقَبَّلَةٌ، قال: فأتيتُ ابن عبَّاس فذكرتُ ذلك له فقال: "سُنَّةُ أبِي القَاسِم صلى الله عليه وسلم وربِّ الكَعْبَة" فقال ابنُ عبَّاسٍ: (أَقِمْ)
(4)
عندي، وأجعلُ لَكَ سَهْمًا من مالِي، قال: فأقَمْتُ، فَكنتُ أُترجِمُ بينَه وبينَ النَّاس، وكانَ يُقْعِدُنِي منه على السَّرِير
(5)
.
(1)
سليمان بن داود الطيالسي، والحديثُ في مُسنَده بهذا الإسناد (ص 359) من طريق يُونس بن حبيب عنه.
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
هو: نَصْر بن عِمران الضُّبَعِي.
(4)
في نسخة (م)"قُم" وهُو تصحيفٌ، والصَّواب "أَقِم" لصِحَّته من النَّاحية اللُّغوِيَّة، ولمجيئه في مسند أبي داود الطيالِسي من طريق يونس بن حبيب (شيخِ أبي عوانة في الحديث) عن أبي داود الطيالسي بهذا الإسناد.
انظر: مُسْند الطيالسي (ص 359).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحجِّ -باب جَوَاز العُمْرَةِ في أَشْهُرِ الحَجِّ (2/ 911، ح 204) عن محمد بن المثَنَّى، وابن بشَّار، عن محمد بن جعفر، وأخرجه البُخاري في كتاب الحج -باب التَمَتُّع والقِران والإفراد بالحج. . . (ص 254، ح 1567) عن آدم ابن أبي إياس، وفي باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} . . (ص 273، =
⦗ص: 430⦘
= ح 1688) عن إسحاق بن منصور، عن النَّضر، وعلَّق عقِبَ الحديث عن آدم ووهبِ بن جَرِيْرٍ، وغُنْدَر، أربعتُهم عن شُعبة به.
من فوائد الاستخراج:
• في حديث المصنِّفِ زيادةٌ صحيحةٌ، وهي:"فقال ابنُ عبُّاس: أَقِمْ عندي. . . الخ ".
• تساوي عدد رجال الإسنادين، وهذا علوٌّ نسبي "المساواة".
3823 -
حدَّثنا يوسف بن مُسَلَّم، حدَّثنا حجَّاج، ح.
وحدَّثنا يونس بن حبيب، حدَّثنا أبو داوُد
(1)
، قالا: حدَّثنا شُعبة
(2)
، عن الحَكَمِ
(3)
، عن عليِّ بن حُسَيْن، عن ذَكوَانَ مولَى عائِشَةَ، عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: قَدِمَ رسول الله مكَّة لأربعٍ مَضَيْنَ من ذي الحِجَّة أو خَمْسٍ، فدخلَ علَيَّ وهُو غَضْبَانُ فقلتُ: من أغضبَكَ يا رسول الله أَدْخَلَهُ الله النَّار، قال:"أَوَمَا شَعُرْتَ أَنّي أَمرْتُ النَّاس بأمرٍ فرأيْتُهم يتردَّدُون -قال الحَكَم: كَأنَّهم أحسبُه يتردَّدُون- قال: ولو استقْبَلْتُ من أمرِي ما استدْبَرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ مَعِيَ حتَّى اشتريْتُه، وأُحِلُّ كَما أَحَلُّوا"
(4)
.
(1)
سليمان بن داود الطيالسي، والحديث في مسنده (ص 216) بهذا الإسناد.
(2)
موضِعُ الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن عُتَيْبة.
(4)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (2/ 879، ح 130، 131) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن المثنى، وابن بشَّار، جميعا عن غُنْدر، وعن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه معاذ، كلاهما (فرَّقهما) عن شُعبة به، مُحيلًا لفظ =
⦗ص: 431⦘
= معاذٍ على لفظ غندَر قبله، ومشيرًا أن معاذا لم يذكُر شكَّ الحكم في لفظ الحديث، وقد نقل غُندر الشكَّ في الحديث في قوله:"لأربعٍ مضين من ذي الحجة، أو خمس".
من فوائد الاستخراج: متابعة حجَّاج وأبي داودَ الطَّيالسي وشبابة (ح / 3824) لغُنْدَر في ذكر شكِّ الحكم بن عُتيبة.
3824 -
وحدَّثنا عبَّاس الدوري، حدَّثنا شبابة، حدَّثنا شُعبة
(1)
، بإسناده: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعٍ أو خمسٍ مضين من ذي الحِجَّة كأنَّه غَضْبَان، فذكر مِثْله، وقال:"إنِّي أمرتُ النَّاس بِأمرٍ فرأيْتُهُم يَتَرَدَّدُونَ، ولو استَقْبَلْتُ من أمرِي ما سُقْتُ الهَدْيَ حتَّى اشْتَرَيْتُه، وَأُحِلُّ كما حَلُّوا"
(2)
.
(1)
موضِع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / 3823.
(2)
انظر تخريج ح / 3823.
من فوائد الاستخراج: زاد المصنِّف على صحيح مسلم من طرق الحديث عن شعبة ثلاث طُرق، وهي طريق حجَّاج، وأبي داود الطيالسي، وشبابة بن سوَّار.
3825 -
حدَّثنا يُوسُف بن مُسْلِم، حدَّثنا حجَّاج، عن لَيْثٍ
(1)
، عن عُقَيْل، عن ابن شهابٍ، عن عروة بن الزبير، عن عائشةَ أخبرَتْه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "بِتَمَتُّعِه بِالعُمْرَة فتَمتَّع النَّاسُ معه" مثلَ الذي أخبرني سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عُمر
(2)
، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال
⦗ص: 432⦘
الزُّهري: فقلتُ لِسالِمٍ: فلِمَ تنهى النَّاس عن التَّمَتُّع وقد فعلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلَه النَّاسُ؟.
قال سالِمٌ: أخبرني عبد الله بن عُمر، أنَّ عمرَ بن الخَطَّاب رضي الله عنه قال:"إنَّ أتَمَّ العُمرةِ أَنْ تُفْرِدُوهَا"
(3)
.
(1)
ابن سعد، وهو موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
تقدّم حديث سالم بن عبد الله عن أبيه بهذا الإسناد مع التَّخْريج برقم (3757) =
⦗ص: 432⦘
= مُطوَّلًا، وسيأتي برقم (4118) بالإسناد نفسِه مُختَصرًا.
(3)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب وجوب الدَّم على المُتَمَتِّع. . . (2/ 902، ح 175) عن عبد الملِك بن شُعيبِ بن اللَّيث، عن أبيه، عن جدِّه الليث بن سعد، عن عُقَيل بهذا الإسناد، مُحيلًا متنه على متن حديث سالم عن أبيه مِثل صَنيعِ أبي عوانة، وليس عند مسلمٍ الحِوَارُ الذىِ جرى بين الزُّهري وسالم بن عبد الله.
من فوائد الاستخراج: في حديث المصنِّف زيادة صحيحةٌ، وهي الحوارُ الذي جَرَى بينَ الزُّهري وسالم بن عبد الله، وقدْ تابعَ حجَّاجًا على هذه الزِّيادة عبد الله بن صالح كاتبُ اللَّيثِ (كما عند الطَّحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 146)، ورُوِي من طريق صالح بن أبي الأخضر عن ابن شِهاب (كما في مسند أحمد 2/ 95، والسُّنن الكبرى للبيهقي 5/ 21)، وثَبَتَ معناه عن عُمرَ من حديث جابر رضي الله عنه (كما في ح / 3814).
3826 -
ز- حدَّثنا ابن عُزَيْزٍ
(1)
، قال: حدَّثنا سلامة
(2)
، عن عُقَيْل قال: وحدَّثني ابنُ شِهاب، عن سالِمِ بن عبد الله أنَّه سمع عبد الله بن عمرَ
⦗ص: 433⦘
ورجلٌ من أهل الشَّام (يَسْالُه)
(3)
عن التَّمتُّع بالعُمْرةِ إلى الحجِّ يقول: هي حَلالٌ، فقال الشَّامي: فإنَّ أبَاك قد نَهى عنْها، قال عبد الله: أرأيَت إنْ كان أبِي نَهَى عنها وصنعَها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرَ أبِي أتَّبعُ أمْ أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالَ: بلْ أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"قَدْ صَنعَها رسولُ الله"
(4)
.
(1)
هو: محمد بن عُزَيز -بمهملة وزايَيْن، مصغَّر- بن عبد الله بن زياد بن خالد الأَيْلِي.
(2)
هو: سلامة بن رَوْح بن خَالد بن عُقَيْل بن خَالِد القرشي الأُمَوِي، أبو خَرْبَق الأَيْلِيُّ.
(3)
ما بين القوسَين تصحَّف في نُسْخَة (م) إلى "ليلة"، والتَّصويب من إتحاف المهرة (8/ 397).
(4)
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، لضعف سَلامَةَ بن رَوْحٍ وكلام الأئمة في سماعِه عن عُقَيْلٍ، وروايته هذه عن عُقيل كما سبق، ولم أقِفْ له على مُتَابِعٍ عنه، ومِثْلُه لا يحتمِلُ التَّفرُّدَ، والرَّاوي عنه "محمد بن عُزَيز" يقاربُه في سُوء الحِفظ كما تقدم في ترجمته، لكنَّ الحديثَ رُوي من وُجوه أخرى عن الزُّهري، فأخرجَه الإمامُ التِّرْمذي في كتاب الحج (ص 201، ح 824) عن عبد بن حميد، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالِحِ بن كَيْسانَ عن الزُّهري به، قال الشَّيْخُ الألبانِيُّ في صحيح سُنن الترمذي (ح 823):"صحيحُ الإسناد".
ورواه أبو يَعْلَى في مُسنَدِه (9/ 341) وابن عبد البر في التَّمهيد (8/ 209) والطَّحاوي في شَرْحِ مَعَانِي الآثار (2/ 142) من طُرُقٍ عن محمد بن إسحاق، ورواه أبو الحُسَين الصَّيداوي في معجم الشُّيوخ (ص 276) وابن حَزْمٍ في حجَّة الوداع (ص 399) من طُرقٍ عن مالك، كِلاهما عن ابن شِهَاب الزُّهرِي بِه، وذكر ابن القَيْسَرانِي في أطراف الغرائب (3/ 370) أن إبراهيم بن أبي يحيى تفرَّد بهذا الحديث عن عبيد الله عن الزُّهري. =
⦗ص: 434⦘
= من فوائد المُستخرَج:
زاد الحافظ أبو عوانة هذا الحديث في الباب على الأصل المخرَّج عليه -صَحِيح مسلم-.
3827 -
حدَّثنا الصَّاغاني، حدَّثنا روحٌ، حدَّثنا شُعبة
(1)
، عن الحَكَم، عن عُمَارة بن عُمَير، عن إبراهيم بن أبي مُوسى، عن أبي موسى، أنَّه كان يُفتِي بالمُتْعَة فقال له رجلٌ: يا عبد الله بن قَيْسٍ، رُوَيْدَكَ بعضَ فُتْيَاك، فإنَّكَ لَا تَدْرِي ما أحدثَ أميرُ المُؤْمِنين في النُّسُكِ بعدك، قال: فجعلَ كأنَّه ينهى عنه بعدُ حتَّى لَقِيَه فسَألَه فقال عمرُ بن الخطَّاب: قد عَلِمْتَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم[قَدْ فَعَلَه]
(2)
وأصحابُه، ولكِنِّي كرِهْتُ أنْ (يَظَلُّوا)
(3)
مُعَرِّسينَ لَهُنَّ في الأَرَاكِ
(4)
ثُمَّ يَرُوحُون بِالحجِّ تَقْطُرُ رُءوسُهم
(5)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
ما بين المعقُوفَين سقط من نسخة (م) واستدركتُه من صحيح مسلم (2/ 896).
(3)
ما بين القَوْسَين تصحَّف في نسخة (م) إلى "يضلوا".
(4)
الأَراكُ: شَجَرُ السِّواك، يُسْتَاكُ بِفُرُوعِه، وتُتَّخذ المَسَاوِيك من فُرُوعِه وعُرُوقِه، وأَجْوَدُه عِنْدَ النَّاس العُروق. انظر: لِسَانُ العَرب (1/ 122).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحجِّ -باب في نَسْخِ التَّحَلُّلِ من الإحرام والأمر بالتَّمام (2/ 896، ح 157) عن محمد بن المثنَّى، وابن بشَّار، عن محمد بن جعفر، عن شُعبة به، وتَقَدَّم عِنْدَ المُصنِّف في (ح / 3815) من طريق طَارِق بن شِهاب عن أبي مُوسَى عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
من فوائد الاستخراج: تَسَاوِي الإِسْنَادَيْنِ وهذا عُلوٌّ نسبيٌّ، وزيادةُ طَرِيقٍ أُخْرى =
⦗ص: 435⦘
= عن شُعبة.
3828 -
حدَّثنا أبو داود الحراني، حدَّثنا أبو عاصم
(1)
، عن سُفْيَان
(2)
، عن سُلَيْمَان التَّيمي
(3)
قال: أخبرِني غُنَيْمُ بن قَيْسٍ قال: كُنْتُ إلى جنْبِ سعدٍ
(4)
، ومُعاويةُ يَخْطُبُ، فقالَ سَعدٌ: "تَمَتَّعْتُ مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومُعاويةُ يومئِذٍ كافِرٌ بِالعُرُش
(5)
، قال أبو داود: العُرُش موضعٌ،
⦗ص: 436⦘
حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز قال: قال أبو عُبَيْدٍ
(6)
: "والعُرُشُ بُيوتُ مَكَّة، كانَ بِهَا يَوْمئِذٍ كَافِرٌ"
(7)
(8)
.
(1)
هو: الضحَّاك بن مَخْلَد الشَّيْبَانِي، النَّبِيْل.
(2)
الثوري، وهو موضِعُ الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن بلال التَّيمي، مولاهم، أبو محمد وأبو أيوب المدني.
(4)
هو: سعدُ بن أبي وقَّاص مالِك بن أَهْيَب القُرشي، أحد العَشَرة المبَشَّرَة.
(5)
قولُه: "وهو كافر بِالعُرُش" فُسِّر بمعنيين:
الأولى: ما قاله المازِرِي في شرحه على مسلم: "أيْ وهو مُقِيمٌ بِعرُشِ مكَّة، أي بيوتها، المعنى أنِّي سبقتُه إلى الإسلام، قال أبو العبَّاس: ويُقال: اكتفر الرجلُ، إذا لزِم الكُفور، وهي القُرى. . .".
المعنى الثاني: ما قاله القاضي عياض في شرحه على مسلم: "الأولى أن يُحمَلَ الكُفْرُ هاهنا على المعروف، وأنَّ المراد بالمتعة المذكورة الاعتمار في أشهر الحج، والإشارة بذلك إلى عمرة القضاء لأنها كانت في ذي القعدة، وقد قيل: إن في هذا الوقت كان إسلام معاوية، والأظهر أنَّه من مسلَمة الفتح. . .".
قالَ ابن حجر في إسلام معاوية: "كانَ أسلم خُفْيَةً وكان يكتُم إسلامَه، ولم يتمكَّن من إظهاره إلَّا يوم الفَتْح، وقد أخرج ابن عسكر في تاريخ دمشق من ترجمة معاوية "تصريحَ معاويةَ بأنَّه أسْلَم بيْن الحُدَيْبِيَّة والقَضِيَّةِ وأنَّه كان يُخْفي إسلامَه خَوْفًا =
⦗ص: 436⦘
= من أبَوَيْه "، وكانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دخلَ في عمرة القَّضِيَّةِ مكَّة خرج أكثرُ أهلِها عَنْهَا حتَّى لا ينظُرونه وأصحابُه يطُوفُون بالبَيْتِ، فلعلَّ معاويةَ كان ممن تخلَّف بِمكة لسببٍ اقتضاه ولا يُعارِضُه أيضًا قولُ سعد بن أبي وقاص فيما أخرجه مسلم وغيره: "فعلناها -يعني العمرة في أشْهُرِ الحج- وهذا يومئذ كافر بالعُرُش" بِضمَّتين يعني: بيوتَ مكَّة يشيرُ إلَى مُعاويةَ لأنَّه يُحْمَلُ على أنَّه أخْبَرَ بما استَصْحَبَه من حَالِه ولم يطَّلِعْ على إسلامه لكونه كان يُخفيه".
انظر: أخبار مكة للفاكهي (3/ 233)، المُعْلِم للمَازِرِي (2/ 87 - 88)، إكمال المُعْلِم (4/ 299)، فتح الباري (2/ 661).
(6)
القاسِم بن سلَّام -بالتَّشديد- البغدادي، الإمام المَشْهُور، صاحبُ غريبِ الحديث.
(7)
انظر: غريب الحديث لأبي عُبَيْد القاسم بن سلَّام (4/ 21)، وأرى أنَّه من تفسير سليمان التَّيمي راوي الحديث، ونقله عنه أبو عبيد، لما روى الفاكهي في أخبار مكة (3/ 233) عن ابن أبي عمر، عن مروان بن معاوية، عن سُليمان التَّيمي عن غُنيم بن قيس به. . الحديث، وفي آخره: قال سُليمان: العرش بيوت مكة.
(8)
أخرجَه مُسْلِمٌ في كتاب الحج -باب جَوَاز التَّمَتُّع (2/ 898، ح 164) عن عمرو النَّاقد، عن أبي أحمد الزُّبيري، عن سُفيان الثوري به، مُحِيلًا متْنَ حديِثه على حديثِ مَروان بن مُعاوية، ويحيى بن سَعِيد، كلاهُما (فرَّقهما) عن سُليمانَ التَّيمي بِه، قبلَه، وقالَ عَقِبَ الحديث:"وفي حديثِ سُفيان: المُتعة في الحجِّ".
قُلْتُ: يُشْكِلُ في لفظِ سُفيانَ الثوري ذكرُ المُتعة في الحجِّ، فإنَّ مُعاوِية لم يتخَلَّف عن حجَّة الوَدَاع، وشُرَّاح الحديثِ ذكروا أن المُراد بالمُتعَةِ المذكورة الاعتمار =
⦗ص: 437⦘
= في أشْهُرِ الحجِّ كما تقدَّم آنفًا.
قال القاضي عِيَاض في إكمال المعلِم (4/ 299): "والأظهر أنَّه من مسلَمةِ الفتح، وأما غير هذه من عُمرة الجِعِرَّانة وإن كانتْ أيضًا في ذي القعدة، فمعاويةُ قد كان أسلمَ ولم يكن مُقيما بمكة، وكان في عسكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى هوازن في جملة أهل مكة، وكذلك في حجَّة الوداع لم يكن معاوية ممن تخلَّف عن الحجِّ مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولا تخلَّف عنه غيره، إلَّا أن يكون أراد فسخ الحج في العمرة التي صنعها من قدِم مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فمُعاويةُ أيضًا لا يثبت أنه كان مقيما بمكَّة حينئذ، كيف وقد استَكْتَبَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكان معه بالمدينة. . .".
والحديثُ مدارُه على سُليمان بن بِلال التَّيمِي، وقد رواه عنه -فيما وقفتُ عليه- ستةٌ من الرواة: مروان بن معاوية ويحيى ابن سعيد وشُعبة بن الحجَّاج (كما في ح /3829) وسُفيان الثوري (كما عند مسلم 2/ 898، وعند المصنِّف من طريق الأخيرين ح / 3828، 3829)، ويوسُف بن يعقوب السَّدوسي (كما في مسند سعد بن أبي وقَّاص ص 204)، وعبد الله بن المبارك (كما في شرح معاني الآثار 2/ 141)، ولم يقُلْ أحدٌ منهم "متعةَ الحجِّ" إلا سُفيان الثوري من طريق أبي أحمد الزُّبيري عنه عند مُسلم، وعبد الله بن المبارك عند الطَّحَاوِي من طريق فَهْدِ بن سليمان، عن محمد بن سعيد عنه بِلفظ:"سألت سعدَ بن مالك عن مُتعة الحجِّ؟ فقال: فعلناها وهو يومئذ مشركٌ بِالعُرُشِ، يعنى معاويةَ، يعني عُروش بيوت مكَّة"، وإسنادُ الطَّحاوي ظاهره الصِّحَّة.
وعلى هذا فالأقربُ أن تُحملَ المتعةُ في الحجِّ في روايتيْ أبي أحمد الزُّبيري عن الثوري، وروايةِ ابن المبارك كلاهما عن سليمانَ التيمي، على الاعتمار في أشهر الحجِّ، وإلَّا فروايةُ الأكثرِين أرجح من روايتْي سُفيان وابن المبارك، خاصَّة إنَّ أبا أحمد الزبيري =
⦗ص: 438⦘
= تُكُلِّم في حديثه عن سفيان الثوري، ونصَّ الحافظ على أنه يخطئ في حديثه عن الثوري (تقدَّم في ح / 3762) وخالفه من هو أقوى منه، وهو أبو عاصم الضحاك ابن مخلد النبيل، فلمْ يذكُر المتعة في الحجِّ (كما عند المصنِّف)، ولعلَّ ذكرَ الإمام مسلم مخالفةَ حديث سُفيان، وتأخيره له عن حديث مروان بن معاوية، ويحيى ابن سعيد تعليلٌ منه لذِكرِ المُتعة في الحجِّ، والله أعلم.
من فوائد الاستخراج:
• فيه بيان للمتن المحال به عند مسلم.
• خُلُوُّ لفظ المصنِّف من مخالفة الأكثرين.
• شرح غريب الحديث.
• تساوي الإسنادين، وهذا "مُساواة".
3829 -
حدَّثنا سعيد بن مسعود، وأبو أمية قالا: حدَّثنا رَوْحٌ
(1)
، [عَنْ شُعْبة]
(2)
قال: سمعتُ سُليمانَ التَّيْمِي قال: سمعتُ غُنَيْمَ بن قَيْسٍ قال: سألتُ سَعْدَ بن مالِكٍ عن المُتْعَة، فقال:"فَعَلْنَاها، وهذا يومئِذٍ كافرٌ بِالعُرُشِ" لم يَرْوِه عن شُعْبَةَ غيرُ رَوْحٍ
(3)
.
⦗ص: 439⦘
روى بُنْدَار، عن يحيى
(4)
، عن عِمْرَان القَصِيْرِ
(5)
، عن أبِي رَجَاءٍ
(6)
، عن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ قال:"تَمَتَّعْنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلَمْ يَنْهَنَا، ولمْ يَنْزِلْ فيها كتابٌ نَسَخَها"
(7)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إِتْحاف المَهَرَة (5/ 160)، وكلام المصنِّف عقب الحديث يدلُّ على هذا السَّقط أيضًا.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب جواز التمتع (2/ 898، ح 164) عن محمد ابن أبي خلَف، عن روح بن عبادة به، محيلًا متن حديثه على حديث مروان ابن مُعاوية قبله، وانظر ح /3828. =
⦗ص: 439⦘
= من فوائد الاستخراج:
• فيه بيان للمتن المُحال به عند مسلم على متن آخر.
• تعليقُ المُصنِّف على الحديث، حيثُ نصَّ على تفرُّدِ روحٍ عن شُعبة به.
(4)
ابن سعيد القطَّان.
(5)
هو: عمران بن مسلم المِنْقَرِي -بكسر الميم وسكون النون- أبو بكر القَصِيْر، البصري.
(6)
عمران بن تَيم العُطارِدِي.
(7)
هكذا علَّقه المصنِّف، ولم أقف على طريقِ بُندار، ورواه الأئمة من غير طريقه موصولًا، فأخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب جواز التمتُّع (2/ 900) عن محمد بن حاتم، وأخرجه البخاري في كتاب التفسير -سورة البقرة- باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} (ص 767، ح 4518) عن مُسدَّد، كلاهما عن يحيى بن سَعيد القطَان، عن عِمران القَصِير به، وفيه تعليقٌ عقب الحديث على قوله:"قال رجلٌ برأيه ما شاء": "قال محمد: يقال: إنه عمر".
3830 -
حدَّثنا أحمد بن الجُنَيْد الدَّقَّاق
(1)
، حدَّثنا عمرو بن عاصِم، حدَّثنا هَمَّام
(2)
، عن قَتَادة، عن مُطَرِّفٍ
(3)
، عن عِمْران قال: "تَمَتَّعْنَا مَعَ
⦗ص: 440⦘
رسول الله صلى الله عليه وسلم ونَزَلَ القُرْآن" قال رجلٌ
(4)
بِرَأْيِه ما شَاء
(5)
.
(1)
هو: محمد بن أحمد بن الجنيد الدقَّاق، أبو جعفر البغدادي، لعلَّه ذُكر باسم أبيه أو سقطَ اسمه عن قلم النَّاسخ سهوا.
(2)
ابن يحيى بن دِينار العَوْذي أبو عبد الله البصري، وهو موضِعُ الالتقاء مع مسلم.
(3)
ابن عبد الله بن الشِّخِّير العامِرِيُّ. =
(4)
يريدُ عمران بن حُصين رضي الله عنه بكلامه هذا عُمرَ بن الخطَّاب رضي الله عنه كما جاء في رواية سُفيانَ الثوري عند مُسْلِمٍ (2/ 898)، وقال البُخارى في كتاب التفسير- سورة البقرة -باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} (ص 767، ح 4518) عقِب إخراجه الحديث: "يُقال: إنَّه عُمَر".
قال ابن حجر في هَدْيِ السَّاري (ص 327): "هو عمرُ كما في مسلم وفي بعضِ نُسَخِ البُخَارِي".
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الحجِّ -باب جواز التمتع (2/ 900، ح 170) عن محمد بن المثنى، عن عبد الصمد، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب التَّمَتُّع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ص 255، ح 1571) عن موسى بن إسماعيل، كلاهما عن همَّام به.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 506): "قوله: "قال رجلٌ برأيه. . . "قائلُ ذلك هو عمران بن حُصَين، ووَهِمَ منْ زعم أنه مطرِّف الراوي عنه لثبوت ذلك في رواية أبي رجاء. . .".
3831 -
حدَّثنا محمد بن أيُّوب بن يحيى بن ضُرَيْسٍ، وسُليمان ابن سَيْف، قالا: حدَّثنا مُسْلِم
(1)
، قال: حدَّثنا إسماعيل بن مُسْلِم
(2)
، قال: حدَّثنا محمد بن واسِع، عن مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير قال: قال لي عِمرانُ بن حُصَينٍ ذاتَ يوِمٍ: "تمتَّعنا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّتين" فقال رجلٌ
⦗ص: 441⦘
بِرأْيه فيها ما شاء، وهذا لَفْظُ محمَّد بن أيُّوب، وحديث سُليمانَ أتَمُّ مِنْهُ
(3)
.
(1)
الأزدي الفَرَاهيدي -مولاهم- أبو عمرو البصري.
(2)
العَبْدي، أبو محمد البصري القاضي، ثقة من السادسة، وهو موضع الالتقاء مع مسلم. التقريب (ت 483).
(3)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحجِّ -باب جواز التَّمَتُّع (2/ 900، ح 171) عن حجَّاجِ الشَّاعر، عن عبيد الله بن عبد المجيد، عن إسماعيل بن مسلم به، وليس في لَفْظِه:"مرَّتين"، وأخرجَه النسائي في الصغرى (ص 424، ح 2728) وفي الكبرى (2/ 346) عن أبي داود سُليمان بن سيف الحرَّاني، وأخرجه الرُّوياني في مسنده (1/ 122) عن نَصر بن علي، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (18/ 123) عن يعقوب بن إسحاق، وحفص بن عمر الرَّقِّي ومحمد بن الحسن بن كَيْسَان المِصِّيْصِي، وأخرجَه البيهقي في دلائل النبوة (7/ 79) عنْ محمد بن عبد الله الحافظ، عن أبي بكر عن محمد بن أيُّوب، سِتَّتُهم عن مسلم بن إبراهيم بهذا الإسناد، بنحوِ لفظ المصنِّف، غيرَ أنَّ كلمةَ "مرَّتين" لم تأتِ إلَّا عند الرُّوياني، والطَّبراني.
ولم أقفْ على من تابعَ مسلم بن إبراهيم عن إسماعيل بن مسلم في روايته كلمةَ "مرَّتين" مع كثْرة من رَوَوا الحديث عن إسماعيل، وقد تقدَّم أن المراد من المُتعة في هذا الحديث الاعتمار في أشْهُر الحجِّ، وثبتَ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تكرَّرت منه العُمرة في أشهر الحجِّ، بل جاء في صحيح مسلم (2/ 916) من حديث قتادة أن أنسًا أخبره:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عُمَرٍ كُلُّهن في ذي القَعْدَة إلَّا التي مع حجَّته. . ."، وعلى هذا يمكنُ أن يُحمَل لفظُ مسلم بن إبراهيم:"مرَّتين" على ذلك، ويُعدُّ ما جاء به زيادةَ ثقة، كما يحتملُ أنَّ البعض من الصَّحابة بقوا بعد اعتمارهم مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في مكَّة، فحَجُّوا، فكانوا مُتَمَتِّعين بالمعنى الفقهي السائد. وانظر تخريج ح/ 3828.
من فوائد الاستخراج:
• تعيين من له اللَّفظ من الرُّواة.
• التعليق على لفظ سليمان، وأنَّه أتمُّ من لفظ محمد بن أيُّوب. =
⦗ص: 442⦘
= • زيادة كلمة "مرَّتين" في الحديث.
• تساوي عدد رجال إسناد المصنِّف مع إسناد مسلم، وهذا "مُساواة".
• زيادة طريق عن همام (ح /3830)، وزيادة طريق عن إسماعيل بن مسلم (ح/ 3831).
3832 -
حدَّثنا أبو عُمر الحرَّانِي
(1)
، حدَّثنا (مَخْلَد) بن يَزِيد
(2)
، حدَّثنا سُفيان الثوري
(3)
، عن الجُرَيْرِي
(4)
، عن أبِي العَلاء
(5)
، عن مُطَرِّف قال: قال لي عمرانُ بن حُصين: "إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدْ أعْمَرَ طائفةً من أهلِه في العَشْرِ" فلَمْ تَنْزِلْ آيةٌ تَنْسَخُ ذلِك، ولَمْ يَنْهَ عنْها حتَّى مَضىَ لِوَجْهِه، فأفْتَى رجُلٌ برأيِه ما شَاءَ
(6)
.
(1)
هو: عبد الحميد بن محمَّد المُسْتَام.
(2)
ما بين القوسَين تصحَّفَ في نسخة (م) إلى "مَخْلد بن يَزِيد"، ولم أقِفْ في شُيوخ عبد الحميد بن المُسْتام على من يُسَمَّى بـ "محمد بن يزيد"، وقد أكثرَ أبو عوانة عن "مَخْلد بن يَزِيد" من طريق شيخه عبد الحميد بن المُسْتام عنه.
وهو: مَخْلَد -بفتح أوَّله وسكون الخاء المعجمة وفتح اللَّام بعدها دال مهملة- ابن يزيد القُرشي الحرَّانِي، ت / 193 هـ.
(3)
موضِعُ الالتقاء مع مسلم.
(4)
سعيد بن إِياسٍ الجُرَيْرِي -بضَمِّ الجيم، مصغَّر-.
(5)
يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير.
(6)
أخرجه مسلمٌ في كتاب الحج -باب جَوَازِ التَّمَتُّع (2/ 898، ح 166) عن إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن حاتم، كلاهما عن وكيعٍ، عن سُفيَانَ الثوري بِهَذا الإسناد، =
⦗ص: 443⦘
= مُقْتَصِرا على قوله: "ارتأى رجلٌ برأيِه ما شاء، يعني عُمَر"، وعن زُهيرِ بن حرب، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الجرُيري بِنحْو لفظ المصنِّف، ومتابعة وكيع لمخلد بن يزيد راوي الحديث عند أبي عوانة دالَّة على ضبطه الحديث وعدم وهمه فيه.
من فوائد الاستخراج:
• تمييزُ سُفيان، وأنَّه الثوري.
• روايةُ حَدِيْثِ سُفيانَ الثوري بِلفظٍ أتم.
3833 -
حدَّثنا سَعْدان بن يزيد، وعمار بن رجاء، قالا: حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الجُرَيْرِي
(1)
، عن أبِىِ العَلَاء بن الشِّخِّير، عن مُطَرِّف، عن عمرانَ بن حُصَيْن: واعلمْ "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدْ أَعْمَرَ طائِفةً من أهلِه في عشْرٍ من ذي الحِجَّة، ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيةٌ (تَنْسَخُهَا)
(2)
، ولَمْ يَنْهَ عنْهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى مضَى لِوَجْهِه"
(3)
.
(1)
موضِعُ الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح/ 3832.
(2)
تصَحَّف في نُسْخَة (م) إلى "نَسَخَها"، واللَّفظ الصَّواب الأقربُ إلى المنسُوخ "تَنْسَخُها"، فإنَّها جملةٌ فعلية في محل رفع صفةٌ لـ "آيةٌ"، وإنَّما لَزِمَ مجيئُ الفِعلِ على صيغةِ المضارع لأنَّ النَّسْخ يَعقُب نُزول الآية، فهو يقعُ فيما يُسْتَقبلُ من الزمَّان بالنِّسبةِ إلى نُزولِ الآية، وفي لفظ مسلم (2/ 898):"تَنْسَخُ ذلِك".
(3)
انظر تخريج ح / 3832.
3834 -
حدَّثنا سعيد بن مسعود، حدَّثنا روح بن عبادة
(1)
، حدَّثنا
⦗ص: 444⦘
شُعْبَة، عن مُسْلِم القُرِّي
(2)
، قال: سألتُ ابن عبَّاس عن مُتعةِ الحجِّ فَرَخَّصَ فيها، وكان ابن الزُّبير يَنهى عنها فقال: هذه أمُّ ابنِ الزُّبير تُحَدِّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه رَخَّصَ فِيْهَا فادْخُلوا عَلَيْها فَاسالُوهَا، قال: فَدَخَلْنَا عَلَيْها، فإذَا امرأةٌ ضَخْمَةٌ قالتْ:"قدْ رخَّصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِيْهَا"
(3)
.
(1)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(2)
مسلِم بن مِخراق البصري.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب في متعة الحج (2/ 909، ح 194) عن محمد بن حاتم، عن روح بن عُبادة به، وتقدَّم إخراج المصنِّف عن شُعبةَ بطرُقٍ مختلفة بهذا الإسناد حديثَ إهلالِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعمرةٍ، وإهلالِ أصحابه بحجٍّ، وأنَّ من كان من أصحابِه لم يسُوقوا الهدي حَلُّوا، وأما الذين سَاقُوا الهدْيَ فلمْ يحِلُّوا حتَّى كان يومُ النَّحر، ولَيْسَ فيها قِصَّة تحديثِ أسماء أُمِّ ابن الزُّبير رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التَّرخيص في متعة الحج، وقد عدَّ الحافظُ ابن حَجَر كُلَّ ذلك حديثًا واحدًا.
انظر: ح / 3799، 3800، 3801، إتحاف المهرة (8/ 67).
3835 -
حدَّثنا أبو إسحاق الوَكِيْعِي
(1)
، حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بن الحَجَّاج، حدَّثنا عبد الواحد بن زِيَاد
(2)
، حدَّثنا عَاصِم الأَحْوَل، عن أبِي نَضْرَة قال:
⦗ص: 445⦘
كنتُ عند جابرِ بن عبد الله فأَتَاه آتٍ فقال: إنَّ ابنَ عبّاس وابنَ الزُّبير اختلفا [في]
(3)
المُتْعَتين، فقال جابر:"فعلْنَاهُما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثُمَّ نهانا عنها عمرُ رضي الله عنه فلمْ نَعُدْ لَهُمَا
(4)
.
(1)
هو: إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حفص بن جهم بن واقد، مولى حذيفة بن اليمان، أبو إسحاق الفارِض، ت/ 289، وثَّقه الدارقطني.
انظر: سؤالات الحاكم للدارقطني (ص 101)، تاريخ بغداد للخطيب (6/ 5)، تاريخ الإسلام للذهبي (21/ 99 - 100).
(2)
موضع الالتقاء مع مسلم.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من نُسخة (م).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب التَّقصير في العُمرة (2/ 914، ح 212)، وفي كتاب النكاح -باب نكاح المتعة. . . (2/ 1023، ح 17) عن حامد بن عُمَر البَكْرَاوي، عن عبد الواحد به.
من فوائد الاستخراج: بيان أنَّ عاصِمًا هو الأحْوَل، وقد جاء في صحيح مسلم مُهْمَلًا.
3836 -
حدَّثنا أبو المُثَنَّى
(1)
، حدَّثنا أبِي
(2)
، حدَّثنا أبِي
(3)
، حدَّثنا شُعبة، عن عاصِم
(4)
، [ح و]
(5)
حدَّثنا (الصغاني)
(6)
، وأبو أمية قالا: حدَّثنا أحمد بن إسحاق
(7)
، حدَّثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن عاصِم الأحْوَل، عن
⦗ص: 446⦘
أبِي نَضْرَة، عن جابر قال: "تَمَتَّعْنَا على عَهدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (مُتْعَتَيْنِ)
(8)
فنَهانا عنها عمرُ فانْتَهَينا
(9)
.
رواه حمَّاد بن زيد، عن عاصِم
(10)
.
(1)
هو: معاذ بن المثنَّى بن معاذ بن معاذ العنْبَري.
(2)
المثنى بن معاذ.
(3)
معاذ بن معاذ بن نصر العَنْبَرِي.
(4)
موضع الالتقاء مع مسلم في الإسنادين، انظر ح / 3835.
(5)
ما بين المعقُوفين سقط من نسخة (م)، واستدركتُه من إتحاف المهرة (3/ 574).
(6)
ما بين القوسين تصحَّف في نسخة (م) إلى "السلحاني" والتصويب من المرجع السابق.
(7)
ابن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي.
(8)
تصحَّف في نسخة (م) إلى "متمتعين".
(9)
انظر تخريج ح / 3835، وتقدّم إخراج المصنِّف للحديثِ من طُرقٍ عن قتادة عن أبي نضرةَ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، انظر ح / 3812، 3813، 3814.
من فوائد الاستخراج:
• زِيادةُ طَرِيْقين عن عاصم الأحول: طريق شعبة، وطريق حمَّاد بن سَلَمة.
• بيان أن عاصمًا هو الأحول، بينما جاء مهملا عند مسلم.
(10)
لم أقِف على طريق حمَّاد بن زيد عن عاصم في المصادِر الحديثية.