المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الموسوعة الحديثية مسند الإمام أحمد بن حنبل (164 - 241 هـ)   الجزء الأول   حقَّقَهُ - مسند أحمد - ط الرسالة - جـ ١

[أحمد بن حنبل]

فهرس الكتاب

الموسوعة الحديثية

مسند الإمام أحمد بن حنبل

(164 - 241 هـ)

الجزء الأول

حقَّقَهُ وَخَرَّجَ أحَاديثه وَعلَّق عليهِ

شُعَيب الأرنَؤوط - عادل مُرْشِد

مؤسسة الرسالة

ص: 1

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 2

الموسوعة الحديثية

تقدمها مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

بَيروت

المشرف العام على إصدارها

الدكتور عَبد الله بن عبد المحسن التركي

المشرف على تحقيقها وتخريج نصوصها والتعليق عليها

الشيخ المحدِّث شعيب الأرنؤوط

المشاركون فى التحقيق

شعيب الأرنؤوط - محمد نعيم العرقسوسي - عادل مُرشد - إبراهيم الزّيبق

محمد رضوان العرقسوسي - كامل الخرّاط

ص: 3

‌تقديم

بقلم: مَعَالي الدكتور عبدُ الله بن عبد المحسن التركي

الحمدُ لله الذي حفظ القرآن العظيمَ بحفظه، فقال تبارك اسمُه:

* {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ. لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .

* {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .

والحمدُ لله الذي جَعَلَ من عصمة الكتاب عصمةً لِبيانِ الكتاب، وهو السنةُ المُطَهْرَةُ، فقال:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} .

فإِنَّما كان بيانُ السنة للكتاب وحياً من الله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ َقُرْآنَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} .

والصلاةُ والسلامُ على الرحمةِ المهداةِ، والنعمةِ المُسْداةِ، إمام الأَنبياءِ والمرسلين وخاتَمِهِم الذي أَخرج الله به الناسَ مِن الظلمات

ص: 5

إلى النورِ، وأَكْمَلَ به الدينَ، وأَتَمَّ به النِّعمة، وأَقامَ به الحُجَّةَ العلميةَ بالبرهان، والحجة العملية بالقدوةِ، سَيِّدِنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومَنْ تَبعهم بإحسانٍ.

أَمَّا بعدُ، فلم يَكُنِ الله - تعالى - لِيَتْرُكَ الناسَ سُدىً، وهو الحكيمُ العليمُ، الرحيمُ الودودُ:

* {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} .

* {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} .

* {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} .

وَمِن رحمته - تعالى - بالعبادِ أَن أرسلَ إليهم أَنبياءَ ورسلاً، بالهدى ودينِ الحَقِّ منذ البدء:

* {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} .

ولقد اطَّرَدَ هَدْيُ السَّماءِ في الموكب البشري:

* {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا. وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا. رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} .

ص: 6

‌الكتاب العظيم:

ثم ابتعث اللهُ - على فترةٍ من الرُّسُلِ - أعظم المُرْسَلِينَ بأَعظمِ كِتابٍ:

* {الر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ} .

* {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي وَالقُرْآنَ العَظِيمَ} .

* {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. لَا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ} .

* {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} .

* {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ. لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .

* {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} .

* {الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا. مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} .

‌الرسول العظيم:

ولا يحمل الكتابَ العظيمَ إلا الرسولُ العَظِيمُ:

ص: 7

* {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} .

فلم يمش على الأَرْضِ إِنسانٌ أَكْرَمُ على الله، وأَتقى لَه، وأَبرّ بخَلْقِه مِنَ النَّبيِّ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

* {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ.

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

* {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا. وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} .

* {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} .

* {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} .

‌المسؤولية الأولى: تلاوة القرآن:

ولقد أَدَّى الرسولُ صلى الله عليه وسلم الأَمَانَةَ، وتحَمَّلَ المسؤوليةَ.

ص: 8

ومِنَ الأَمانَةِ والمسؤوليةِ تلاوةُ آياتِ الكتابِ المُبِينِ على الناسِ:

* {وَأَنْ أَتْلُوَ القُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ المُنْذِرِينَ} .

* {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} .

* {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا. رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} .

* {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} .

* {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً. فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} .

‌استنان السنة:

وابتعث الله الرسولَ صلى الله عليه وسلم، وأَوحَى إليه أنْ يعَلِّمَ الناسَ الكِتَابَ، ويُبين لهم ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهم:

* {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} .

* {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} .

ومِنَ البيان والتعليم: تعليمُ الناسِ كيفياتِ الطهارة والصلاة

ص: 9

والزكاة والصيام والحج، والحلالِ والحرام في البيوعِ والمطاعمِ والمشاربِ والمناكح .. وغيرِ ذلك مما بيَّنَتهُ السُّنَّةُ، وعلَّمته للناس.

قال الإمامُ الشافعيُّ رحمه الله في "الرسالة" .. : "قال الله تبارك وتعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} .

وقال: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} .

فأتى كتابُ الله على البيانِ في الوضوءِ دونَ الاستنجاءِ بالحجارة، وفي الغسل من الجنابة.

ثم كان أقل غسلِ الوجه والأعضاء مرةً مرةً، واحتمل ما هو أكثرُ منها، فَبَينَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الوضوءَ مرةً، وتوضأ ثلاثاً، ودَلَّ على أن أقلَّ غسل الأعضاءِ يُجزئ، وأن أقلَّ عدد الغسلِ واحدة، وإذا أجزأت واحدة فالثلاث اختيارٌ.

ودلّت السنةُ على أنه يُجزئ في الاستنجاءِ ثلاثةُ أحجار، ودلَّ النبيُّ على ما يكونُ منه الوضوء، وما يكونُ منه الغُسْلُ، ودلَّ على أنَّ الكعبين والمِرفقين مما يغسل، لأَنَّ الآية تحتملُ أن يكونا حَدَّيْن للغَسل، وأن يكونا داخلين في الغَسل، ولما قال رسول الله:"وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" دَلَّ على أنَّه غَسْلٌ لا مسحٌ".

ثم ذكر الشافعي آياتِ الصلاة والحج والعُمرة، وقال: "بَيَّنَ الله

ص: 10

على لِسان رسولِه عَدَدَ ما فَرض مِن الصَّلواتِ ومواقيتها وسننها، وعددَ الزكاة ومواقيتها، وكيف عمل الحج والعمرة، وحيث يزولُ هذا ويثبت، وتختلف سُنَنُهُ وتتَّفقُ ولهذا أشباه كثيرةٌ في القُرآن والسنة".

‌سنة التزكية بالقدوة:

وابتعث الله تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم ليزكي النفوسَ والمسالكَ بالقُدوة الحيَّةِ الماثلة المجلوة:

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} .

والتزكيةُ بالقدوة هي السنةُ:

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} .

‌سنة تعليم الحكمة:

وابتعَث الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم لِيُعَلِّمَ الناسَ الحِكمة:

* {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} .

* {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الكِتَابِ وَالحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} .

* {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ

ص: 11

وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}.

* {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الحِكْمَةِ} .

* {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكْمَةِ} .

والحكمة: هي السُّنَّةُ.

قال الشافعي رحمه الله: "فذكر الله الكتابَ وهو القرآنُ، وذَكَرَ الحِكمةَ، فسمعتُ مَنْ أَرْضَى مِن أهل العلم بالقُرآن يقول: الحِكمة: سنةُ رسولِ الله".

وقال ابنُ كثير رحمه الله: "وقوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ} يعني القرآنَ. {وَالحِكْمَةَ} يعني السنة، قاله الحسنُ وقتادة ومقاتلُ بنُ حيان وأبو مالك".

‌لا إسلامَ بِغيرِ السُّنَّةِ:

إن أَمرَ السنةِ المطهرةِ جِدُّ عَظيم.

ولا يُتَصوَّرُ إسلامٌ بلا سنة، ولا يُفهم إِسلام بِلا سُنَّة، ولا يُقبل إسلام بلا سنة.

لقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ ومِثلَهُ مَعَهُ".

هذا المِثْلُ هو: السنةُ الشريفة بشُعَبِها جميعاً: القول والفِعل والتقرير.

لا جرَم أن الله - تَقَدَّس اسمُه - أَلزَمَ المؤمنينَ باتباعِ سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى:

ص: 12

* {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} .

* {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} .

* {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} .

* {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

* {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .

* {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} .

* {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .

* {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .

ص: 13

* {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .

* {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .

* {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} .

* {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} .

* {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ} .

‌السنة ميزان الأعمال والأقوال:

ويعلمُ الراسخون في العلم، أهلُ التقوى والعقلِ والصلاحِ:

أن السنةَ المطهرة هي ميزانُ الأعمال والأقوال، فالعلمُ بها واجِبٌ لِصحة العمل، والعملُ بها واجب، يقولُ تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} .

ومن زَاغَ عن السُّنَّة متعمِّداً، هلك:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

يقول ابن القيّم رحمه الله في "زاد المعاد" .. "والمقصودُ أنَّ بحسب متابعة الرسول تكون العزَّةُ والكفاية والنُّصرةُ، كما إن بحسب متابعته تكونُ الهدايةُ و الفلاحُ والنجاةُ، فالله سبحانه عَلَّقَ

ص: 14

سعادةَ الدَّارَيْنِ بمتابعته، وجعل شقاوةَ الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمنُ، والفلاحُ والعزّةُ، والكفايةُ والنُّصرةُ، والولاية والتأييدُ، وطيبُ العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذِّلةُ والصَّغارُ والخوفُ والضلالُ، والخِذلان والشقاءُ في الدنيا والآخرة، وقد أَقسم صلى الله عليه وسلم بأن لا يُؤْمِن أَحَدُكُم حتى يَكُونَ هو أَحبَّ إليه مِن ولدِهِ ووالدِهِ والناسِ أَجمعين، وأَقْسَمَ الله سبحانه بأن لا يؤمن من لا يُحكِّمُه في كل ما تنازع فيه هو وغيرُه، ثم يرضى بحكمه، ولا يجدُ في نفسه حرجاً مما حكم به، ثم يُسَلِّمُ له تسليماً، وينقادُ له انقياداً، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فَقَطَع سبحانه وتعالى التَّخييرَ بعد أمره وأمرِ رسولِهِ، فليس لمؤمنٍ أن يختارَ شيئاً بعد أمره صلى الله عليه وسلم، بل إذا أَمرَ فأمرُه حتم، وإنما الخِيَرَةُ في قولِ غيره إذا خَفي أَمْرُهُ، وكان ذلك الغيرُ مِن أهل العلم به وبسنته، فبهذه الشروطِ يكونُ قولُ غيره سائغَ الاتباع، لا واجبَ الاتباع، فلا يجب على أحدٍ أتباعُ قولِ أحدٍ سواه، بل غايتُه أنه يسوغُ له اتباعُه، ولو تَرَكَ الأخْذَ بقول غيره، لم يكن عاصياً لله ورسولِه، فأَينَ هذا ممن يَجِبُ على جمِيعِ المكلَّفينَ اتِّباعُه، ويَحْرُمُ عليهم مخالفته، ويجبُ عليهم تركُ كُلِّ قول لِقوله، فلا حُكْمَ لأحدٍ معه، ولا قولَ لأحدٍ معه، كما لا تشريعَ لأحدٍ معه، وكل مَنْ سواه، فإنما يجب اتباعُه على قوله إذا أَمَرَ بما أمر به، ونهى عما نهى عنه، فكانَ مُبَلِّغاً محضاً، ومخْبراً لا مُنْشِئاً ومُؤسِّساً، فمن أَنْشأَ أَقوالاً وأَسَّسَ قواعِدَ بحسب فهمِه وتأويلِه، لم يجب على الأُمَّةِ اتِّباعُها، ولا التحاكمُ إليها حتى

ص: 15

تُعرض على ما جاءَ بهِ الرَّسولُ، فإن طابقته ووافقته وشهد لها بالصحة، قُبِلَتْ حِينئذٍ، وإن خالفته وجب ردُّها واطِّرَاحُهَا".

الإمام المُحبُّ للسنة المُدافع عن حماها:

إنَّ سَنَا الحَقِّ مُتأَلِّقٌ يَراهُ كُلُّ ذِي عينين، ولكن هناك من يتجافى عن السعادة، فيغلق عينيه دونَ النور.

لقد أرجف أقوامٌ حول السنة بأراجيفَ كثيرة.

ومن نبوءات الرسولِ ودلائلِ إعجازِهِ أَنَّه صلى الله عليه وسلم حَذَّرَ من هؤلاءِ المُرْجِفينَ الَّذينَ سَيأْتُونَ مِن بعد، فقال:"يُوشِكُ أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ منكم على أَرِيكَتِهِ، يُحَدِّثُ بحديثي فيقول: بَيني وبينَكُم كِتابُ الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرَّمناه، وإنَّ ما حَرَّمَ رسولُ الله كما حرَّمَ الله".

ألا إنَّ السُّنة محفوظةٌ بحِفْظِ الله.

ومن دلائل حفظه - سبحانه - لسنة نبيه: أنه انتدبَ رجالاً يذودون عن السنة ذَوْدَ الكريمِ العزيز عن حوضه، ويَرُدُّون عنها رَدَّ الغيور يد الجاني عن الحرم ..

ومن هؤلاء الأَئمَّةِ الأَعلام: الإمامُ أَحْمد بن محمد بن حنبل الشيباني.

فقد كان - بحقٍّ - رجلَ السُّنَّة، وإمامَ أهل السنة والجماعة في عصره.

يقول عنه موفق الدين ابنُ قدامة المقدسي رحمه الله في

ص: 16

كتابه "المغني": "فإنَّ الله برحمته وطَوْلِه، وقوَّتِه وحَوْلِه، ضَمِنَ بقاءَ طائفة من هذه الأُمَّة على الحقِّ لا يضرُّهم مَنْ خَذَلهم حتى يأتيَ أَمْرُ الله وهم على ذلك، وجعل السببَ في بقائهم بقاءَ عُلمائهم، واقتداءَهم بأَئِمَّتِهم وفُقهَائِهم، وجعل هذه الأُمَّة مع عُلمائِها، كالأُمم الخالية مع أنبيائِها، وأظهرَ في كُلِّ طبقةٍ من فقهائها أئمةً يُقتدى بها، وينتهى إلى رَأْيها، وجعل في سلف هذه الأُمة أئمةً من الأَعلام، مهّد بهم قواعِدَ الإِسلام، وأَوضَحَ بهم مشكلاتِ الأَحكام، اتِّفَاقُهُم حُجَّةٌ قَاطِعةٌ، واختلافُهم رحمةٌ واسعة، تحيا القلوبُ بأَخبارِهم، وتحصلُ السعادة باقتفاءِ آثارِهم، ثم اختصَّ منهم نفراً أَعلى أَقدارَهم ومناصبَهم، وأَبقى ذكرهم ومذاهبَهم، فعلى أقوالهم مدارُ الأحكام، وبمذاهبهم يُفتي فُقهاءُ الإسلام.

وكان إمامُنَا "أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه" مِن أوفاهم فضيلة، وأقربهم إلى الله وسيلةً، وأتبعهم لِرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم به".

وقال عنه الإمام الشافعي رحمه الله: "أحمدُ ابن حنبل إمامٌ في خصالٍ كثيرةٍ: إمامٌ في الحديث، إمامٌ في الفِقْه، إمامٌ في القُرآنِ، إِمامٌ في الزُّهْد، أمامٌ في الوَرَعِ، إمامٌ في السُّنَّةِ".

‌ومن تعظيِم الِإمام أحمد للسنةِ:

* ما أورده الإمامُ ابنُ تيمية رحمه الله في "الصارم المسلول" إذ قال: "قال الإمامُ أحمد في رواية الفضل بنِ زياد: نظرتُ في

ص: 17

المصحف، فوجدتُ طاعةَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم في ثلاثة وثلاثين موضعاً، ثم جعل يتلو:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} الآية، وجعل يُكررها ويقولُ: وما الفتنةُ؟ الشرك، لعله إذا رَدَّ بعضَ قولِهِ أَن يَقَعَ في قلبه شيء من الزيغ، فيزيغ قلبُه فيهلِكه وجعل يتلو هذه الآية:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .

* ما ذكره ابن الجوزي رحمه الله في "مناقب الإِمام أحمد ابن حنبل" إذ قال: "سمعتُ عبدَ الملك الميموني يقول: ما رأت عيناي أفضلَ مِن أحمد ابنِ حنبل، وما رأيتُ أحداً من المحدثين أَشدَّ تعظيماً لِحرمات الله عز وجل وسنَّةِ نبيه صلى الله عليه وسلم إِذا صحت عنده، ولا أشدَّ اتِّباعاً منه".

وذكر - أي ابن الجوزي - عن أبي بكر الأثرم، قال: سمعتُ أبا عبد الله أحمد ابن حنبل يقول: إنما هو السنةُ والاتباعُ، وإنما القياسُ أن تَقيسَ على أصلٍ، أما أن تجيءَ إلى الأصل فتهدمه، ثم تقول: هذا قياس، فعلى أي شيء كان هذا القياس؟.

ونقل أيضاً عن صالح بنِ أحمد ابنِ حنبل، قال: سمعتُ أبي يقول: "مَنْ عَظَّمَ أصحابَ الحديثِ تَعَظَّمَ في عينِ رسولِ الله، ومن حَقَّرَهُمْ سَقَطَ مِن عين رسولِ الله، لأن أصحَابَ الحديث أحبارُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم".

* ما ذكره ابن القيم رحمه الله في "أَعلام الموقعين" إذ نقل عن الإِمام أحمد قوله - من كتابه: "طاعة الرسول" -: "إن الله

ص: 18

جلَّ ثناؤه، وتقدَّست أسماؤُه بَعَثَ محمداً بالهدى ودينِ الحق لِيُظهره على الدِّين كُلِّه ولو كره المشركون، وأنزلَ عليه كتابه فيه الهدى والنورُ لمن اتبعه، وجعل رسولَه الدَّالَّ على ما أراد، مِن ظاهره وباطنه، وخاصِّه وعامِّه، وناسِخهِ و مَنسُوخِهِ، وما قَصَدَ له الكتاب، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو المُعَبِّرَ عن كتاب الله، الدالِّ على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضَاهم الله لنبيه واصطفاهم له، ونقلُوا عنه، فكانوا هم أعلمَ الناسِ برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما أراد الله مِن كتابه بمشاهدتهم وما قَصَدَ له الكتاب، فكانوا هُمُ المعبرين عن ذلك بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال جابر: ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه يَنْزِلُ القرآن، وهو يعرفُ تأويله، وما عَمِلَ به من شيء عملنا به".

‌المدرسة المتكاملة:

إن الإمامَ أحمد ابن حنبل مدرسةٌ متكاملةٌ في منهجِ الاعتقادِ، والحديثِ، و الاجتهادِ، والفقه.

وقِوامُ هذا المنهج: التمسكُ بالسنة، والمشي في خطى الرسولِ صلى الله عليه وسلم.

وينبغي فتق الوعي - هاهنا - على حقيقتين عظيمتين:

الأولى هي: أنه قد تخرَّجَ في مدرسة الإمامِ أحمد ابن حنبل أئمةٌ أعلام، منهم: الخِرقي، وابنُ قُدامة المقدسي، وابنُ رجب الحنبلي، وابنُ الجوزي، وأبو يعلى، وابنُ تيمية، وابنُ القيّم

ص: 19

وغيرهم ممن اغترفوا من مَعين الإمام أحمد، وأضافوا إليه من جهودهم المباركة، واجتهاداتهم السديدة ما أثرى المذهبَ الحنبلي، ورفده بنفائسَ علمية عالية القيمة والقدر في مختلفِ فنونِ علوم الإسلام.

الحقيقة الثانية هي: أن هؤلاء الرجالَ الأفذاذَ الفحولَ، لزموا غَرْزَ السنة، واتبعوا مستنها صلى الله عليه وسلم، فما منهم إلا صاحب سنة فيما يأتي، وفيما يَذَرُ.

ولا غرو، فمذهبُ الإمام أحمد مبني على السنة.

يقول شيخُ الإسلام ابن تيمية - في التمذهب من أصول الفقه -: "ومَن كان خبيراً بأصولِ أحمد ونصوصِه، عرف الراجح في مذهبه في عامّة المسائل، وإن كان له بَصَرٌ بالأدلة الشرعية، عرف الراجحَ في الشرع، وأحمد كان أعلمَ مِنْ غيره بالكتاب والسنة وأقوالِ الصحابةِ والتابعين لهم بإحسان، ولهذا لا يَكَادُ يوجد له قول يُخالف نصاً كما يُوجد لِغيره، ولا يوجد له قولٌ ضعيف في الغالب إلا وفي المذهب قول يُوافق القولَ الأقوى. وأكثرُ مفاريده التي لم يختلِفْ فيها مذهبُه يكونُ قوله فيها راجحاً، كقوله بجواز فسخ الإفراد والقِران إلى التمتع، وقبوله شهادة أهل الذمة على المسلمين عندَ الحاجة، كالوصية في السفر، وقولِه بتحريمِ نكاح الزانية حتى تتوبَ، وقولِه بجوازِ شهادةِ العبد، وقولِه بأن السنةَ للمتيمم أن يمسح الكُوعين بضربةٍ واحدةٍ، وقوله في المستحاضة بأنها تارةً ترجِعُ إلى العادة، وتارةً ترجع إلى التمييز، وتارةً ترجع

ص: 20

إلى غالب عادات النساء، فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها ثلاث سنن، عمل بالثلاث أحمد دون غيره".

‌مسند الإمام أحمد:

إن الرجالَ الكبارَ العلماءَ المخبتين لا تُطِيقُ ضمائِرُهُم الانفصالَ بَيْنَ أقوالِهِم وأعمالِهم، بل إنَّ شأْنَهم الراسخَ المطرد: أنهم إذا قالوا قولاً، صَدَّقوه بالعمل.

ولقد جَهَرَ الإمامُ أحمد بالمحافظة على السنة، فقرن ذلك بالعزم على حفظ السنة.

وتَجَلَّى هذا العزمُ الصدوق في موسوعته الضخمة "المسند".

كان حافزُ الإمام وحاديه إلى جمع "المسند" هو: الحفاظَ على الأحاديثِ والآثارِ لأنه يعلم رحمه الله أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُوتي القرآنَ ومثلَه معهُ.

والمحافظةُ على "الأحاديث" إنما هي محافظة على هذا "المِثْلِ".

ولن نُطِيلَ في الحديثِ عن المسند.

وما حملنا على العدولِ عن بسطِ الحديثِ عنه إلا ما بذله الإخوة المحققون والمعنيون بتوثيق هذه الطبعة من "المسند" من عمل ملموسٍ في وصفِ المسند وصفاً مفصلاً لا مزيدَ عليه.

فالمادةُ الوصفية واحدة تقريباً.

ص: 21

وليس من الجهد المفيد: التكرارُ لِذات التكرار.

بيدَ أنني قد اطلعتُ على ما أعجبني وسرّني، ومن ذلك:

1 -

الجهدُ التوثيقيُّ الجديد للمسند:

فقد حصل أن توافر لهؤلاء الإِخوة المحققين لهذه الطبعة الجديدة نُسَخ خطية جديدة اعتمدوا عليها.

يقول المحققون: "اعتمدنا في تحقيقنا للمسند على عدة نسخ خطية، حصلنا على صور عنها من دمشق والقاهرة وبغداد والموصل واستنبول والرياض، منها ما هو كاملٌ لا نقص فيه، ومنها ما وقع فيه بعض النقص، أو كان قطعة من المسند".

2 -

توثيقُ النص بمقابلة المطبوع بالأصول الخطية المتوافرة مع تثبيتِ الفروق وتجليتها.

3 -

ضبطُ النصِّ ضبطاً يكاد يقترب من التمام، وضبط ما يُشكل مِن أسماء الرواة.

4 -

التنبيهُ على بعض المآخذ على الطبعتين السابقتين.

5 -

تقويمُ الأَسانيد والحُكم عليها، وتخريجها.

6 -

الترتيب الفني الحسن - والداني القطوف - للمسند، وهو ترتيبٌ يُيَسِّر مهمةَ الذين يرجعون إلى المسند ليأخذوا منه ما يبتغون.

* * *

إنَّ من فضل الله - وهو ذو الفضل العظيم -: أنه - سبحانه

ص: 22

وتعالى - يُقيّض للسنة في كُلِّ عصرٍ من يخدمها، ويُجَلِّي كنوزها.

وفي هذا العصر، يسر - جل شأنه - رجالاً علماء أمناء لِخدمة سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ومن هؤلاء الِإخوة: العاملون في تحقيق هذا المسند: الشيخ شعيب الأرنؤوط، والشيخ محمد نعيم العرقسوسي، والمتعاونون معهما.

إنَّ الجهد العظيم الصالح الذي قام به هؤلاء لخليقٌ بالتنويه والثناءِ والتقدير.

فأيُّ جهدٍ أعظمُ من جهد خدمة السنة النبوية المطهرة؟

وأيُّ عملٍ أولى بالتقدير والتنويه من هذا العمل؟

ثم زاد هذا الجهدَ إتقاناً وكمالاً ما قام به الأخوان الفاضلان:

الأستاذ الدكتور محمود أحمد ميرة.

والأستاذ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم.

الأستاذان في كلية أصول الدين بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، حيث تَفَضَّلا فراجعا ما قام به الإِخوة المحققون - في المجلد الأول - وجلسا معهم جلسات علمية نافعة، وقَدَّما ملحوظات مهمة استفاد المحققون من بعضها مما اقتنعوا به، وكانت لهم وجهة نظر مغايرة في بعضها فلم يأخذوا بها، منها ما يَرجِعُ إلى منهج التحقيق، ومنها ما يرجع إلى التحقيق نفسه، كما أبديا استعدادَهما للاستمرار في مراجعة بقية الكتاب، فجزاهما الله خيراً، وأحسن مثوبتهما.

وما أحسنَ أن يتعاون العلماءُ في هذا المجال، وأن يستفيد بعضهم من بعض، ويكمل بعضُهم البعض، فالحكمة ضالّة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها.

ص: 23

ومن حسنات مؤسسة الرسالة أن توسعَ عملها في الاتصال بالعلماء والمؤسسات العلمية في مختلف أنحاءِ العالم لتستفيد منهم وتتعاون معهم، وتضم جُهودَهم إلى جهود منسوبيها، فهذا أمر تُحْمَدُ عليه، وهو مظهر حضاري ينبغي أن يُشَجَّع، حتى لا تَسْتأثر الجهود الفردية بالأعمال الكبيرة - وهي عُرضة للخطأ والقصور -.

نسأل الله تعالى أن يجزيَ هؤلاء الإِخوة جميعاً بخير ما يجزي به عبادَه الصالحين لسان صدقٍ في الآخرين، وسعادة في الدنيا والآخرة.

* * *

وحينما عَرَضَ عليَّ الأخ الفاضل رضوان بن إبراهيم دعبول، صاحب مؤسسة الرسالة عَزْمَ المؤسسة على إصدار الموسوعة الحديثية الكبرى، بَدْءاً بمسند الإِمام أحمد ابن حنبل رحمه الله ورغبته في أن أُشرِفَ على هذا العمل الضخم، فكرت كثيراً في استفادة طلاب العلم منه، وتسهيل نشره بينهم، والصعوبات التي تواجه هذا العمل الكبير، ولكن من توفيق الله وتيسيره لخدمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بمجرد أن بَلَغَ مسامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ووفقه - الاستعداد لهذا العمل والبدء فيه حتى سُرَّ بهِ ووجَّهَ بتشجيعه وتوزيعه على نفقته ابتغاء خدمة السنة، ونشر العلم الشرعي، ونفع طلاب العلم بنفائس السنة الشريفة.

فنسأَلُ الله جلَّ ثناؤُه أن يجزيَ خادمَ الحَرَمَيْنِ الشريفَيْنِ عن الإِسلام وأمته، والعلم وأهلِه، بخير ما يجزي به عبادَه الصالحين: علواً في المقامِ، وإمامةً للمتقين وقرةَ عينٍ في الدنيا، وثواباً في الآخرة:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} .

ص: 24

ولئن عَزَّزَ خادمُ الحرمين الشريفين مكانة العلمِ والعلماء، فإنما يَنْبَعِثُ إلى ذلك من:

* قيامه على الدولةِ الإِسلامية، فمن المعروف أنَّ من وظائف الدولة الإسلامية - ومن دلائل وفائها للإسلام -: نشرَ العلمِ، وتيسير سبله أمامَ طلابه.

* اقتدائِه بوالده، الملكِ عبدِ العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله.

فقد كان رحمه الله كثيرَ الاحتفاءِ بالعلماء، قويَّ الحرصِ على نشرِ العلومِ الشرعية.

أجل، فإنَّ هذه الأُمة تقومُ على العلم:

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} .

* * *

وخليقٌ بنا أن نزجي الشكر الجزيلَ إلى "مؤسسة الرسالة" وصاحبها الأخ الأستاذ رضوان بن إبراهيم دعبول على ما قامت به من عملٍ صالح، ومبادرةٍ سديدةٍ في طبع "المسند" في ثوب جديد، وفي مضمونٍ مُوَثَّقٍ، فهذا عملٌ عظيم يضاف إلى أعمال المؤسسة العظيمة السابقة في مجال نَشْر الفكر الإسلامي الأصيل، وما أسهمت به في الدعوة إلى الله، والتعاون مع العلماء والدعاة.

سيظلُّ نشرُ التراث الإِسلامي الغالي الجوهر، وظيفةً رئيسةً من

ص: 25

وظائفِ دور النشر الإسلامية.

إن خيرَ ما ورثناه عن السلف الصالح هو: الثروةُ العلمية، وهي ثروةٌ لا تُضاهيها ثروةُ أيَّةِ أمَّةٍ أُخرى.

بَيْدَ أنَّ هذه الثروة تحتاجُ إلى مزيدٍ من جهودِ الاستخراجِ والإِحياء والتيسير.

ومما يزيدُ النفسَ غبطةً أن الإِخراجَ الجديدَ لمسند الإمام أحمد ابن حنبل، إنما هو "باكورةُ" إنتاجٍ طويلٍ عزمت "مؤسسةُ الرسالة" على إصدارِه تِباعاً، ينتظِمُ كُتُبَ السنة كُلَّها، ما طُبِعَ منها وما لم يُطْبَعْ.

والحمدُ لله الذي بعونه وفضله يصلح الغرسُ الأول.

والحمدُ لله الذي بنعمته تَتِمُّ الصَّالِحاتُ.

الرياض في 28/ 3/ 1413 هـ

عبد الله بن عبد المحسن التركي

ص: 26

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة الناشر

الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والأخِرين، أما بعد:

فإن الله عز وجل ما زال يُوفِّقُ لتراثنا الإسلاميِّ العظيم من يقومُ بخدمته والعناية به، فصَدَرَتْ مجلداتٌ غير قليلة من كتب الحديث النبوي الشريف بعناية أساتذة أفاضل لم يَأْلُوا جهداً في خدمتها وتسهيل الإفادة منها، وهي جهودٌ مشكورةٌ، ولكنها مبعثرة هنا وهناك لا ينتظمُها منهج واحد، مما جَعَلَ الإفادة منها متفاوتة.

وفي المقابل فقد لَمَسَتْ مؤسسة الرسالة في الآونة الأخيرة إقدامَ كثيرٍ ممن ينتحلون صناعة الوراقة على نَشْر كتب التفسير والحديث والفقه والعربية والتاريخ والأدب وما يَمُتُّ إليها بسبب، وإخراجها في طبعات رديئة، فيها أخطاء واضحة، وأغلاط مُشكِلة، وسقط وتحريف، إذ الكثيرُ منها لا يعتمد على أصول خطية موثَّقة، ويُوكَلُ أمرُ تحقيقها، والتعليقِ عليها إلى مَنْ ليس بأهلٍ لأن يتولى مثلَ هذا العملِ العظيم الذي لا يُحسِنُ الخوضَ فيه إلا من اكتملت فيه وسائلُ المعرفة، وتحلَّى بالصبر والأناة والتقوى، وقضى شوطاً كبيراً من حياته في معاناته، وكان صنيعُهم هذا مشوِّهاً لثقافة أجدادنا من العلماء الإثبات، وهي ثروة ضخمة من مَجْدِ الإسلام، ومفخرة عظيمة للمسلمين.

ولم تَغْفُل مؤسسة الرسالة منذ نشأتها عن أهمية التراث، فكان لها دورٌ في نشر القليل منه، ولكن هذا الجانب أخذ يتنامى ويزيدُ في

ص: 27

أواسط السبعينات، فأنشأت في أكثر من بلدٍ عربيٍّ مكاتبَ لتحقيق المخطوطات العربية، المتضمنة لعلوم القرآن، والفقه، والحديث، والأدب، والتاريخ، والتراجم، والعربية وغيرها، فصَدَرتْ عنها كتب علمية مُحقَّقة لم يكن أغلبُها قد طُبِعَ من قبلُ.

ولما كانت المؤسسة قد أَوْلَتْ كتبَ الحديث النبوي الشريف عنايَتها الخاصة، فقد اعتَزَمَتْ بعون الله وتوفيقه على أن تتولى إصدار الموسوعة الحديثية الكُبْرى، التي نواتُها "مسند الإمام أحمد" والصحيحان والسنن الأربعة، وغيرها من كتب السنة المسنَدة مما دَوَّنه المحدِّثون الثقات خلالَ القرون الخمسة الهجرية الأولى، ما طُبِعَ منها وما لم يُطبَعْ، متبعة في ذلك أمثلَ مناهج التحقيق الذي يعتمدُ على الأصول الخطية المتقنة الموثَّقة، وضَبْط النص وتوزيعه، وسلامته من التصحيف والتحريف، ووَضْع الفهارس الميسِّرة للإفادة منها بأقرب طريق.

فإذا تَحقَّقَ للمؤسسة ما تَصْبُو إليه إن شاء الله تعالى على ضَوْء هذا المنهج - وهي أقدرُ من غيرها على ذلك بما تملكُه من الكفاءاتِ العلمية، والمهارات الفنية، والخِبْرة الطويلة، مما يَجْعَلُها قادرةً على تحقيق هذا المشروع وإنجازه بدِقَّةٍ بالغة، وعناية فائقة، وقد شَهِدَ لها كثيرٌ من أهل العلم والخبرة بأصالة ما تقومُ بنَشْرِه من كتب التراث المتنوعة، وبجَوْدة ما فيها من تحقيقات وتخريجات وتعليقات - فستكون السنة النبوية في مَأْمَنٍ من عَبَث العابثين، وتحريف الغالين، وانتحال المُبْطِلين، وسيوفِّرُ وقتاً كبيراً لغير المتخصصين بعلم الحديث من أهل العلم كان يُنْفَقُ في البحث عن الحديث في المصادر المختلفة، ويتيحُ لهم الانصرافَ كلياً إلى استنباط المعاني، وتقييد الفوائد من الأحاديث الصحيحة التي هي المصدر الثاني للتشريع

ص: 28

الإسلامي، والمبيِّنة لما جاء في القرآن من النصوص العامَّة والمطلَقَةِ والمجمَلة، والهادية إلى طُرُق تطبيقه.

وكان من أهم كتب هذه الموسوعة:

"مسندُ الإمام أحمد ابن حنبل"

وهو الإمام الجليل الذي قال فيه إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين: كان في أحمد ابن حنبل خِصال ما رأيتُها في عالم قطُّ: كان محدِّثاً، وكان حافظاً، وكان عالماً، وكان وَرِعاً، وكان زاهداً، وكان عاقلاً.

أما "المسند" فقد أراد له مصنِّفُه أن يكون موسوعة تَضُمُّ ما اشتهر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ونحن عندما تَتَّجِهُ نيتُنا لإنتاج عمل عظيم كهذا نهرع إلى علماءَ كبارٍ نتوسم فيهم العلم والخير، ونأمل منهم العون نستشيرهم ونستنير بآرائهم ونحاورهم، ونتبادل معهم الرأي.

وفي طليعة هؤلاء العلماء:

معالي الدكتور / عبد الله بن عبد المحسن التركي:

مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، الذي رافق نشاطَ هذه المؤسسة من بداياتها، فكان الأخَ وكان الصديقَ، وكان الرجل الذي لم يَأْلُ جُهداً في تقديم النصح والتوجيهات والملاحظات التي كان لها أكبرُ الأثر في نفوسنا وفي منهجنا.

ولما طَرَحْتُ عليه فكرةَ هذا المشروع حَبَّذه وشَجَّع عليه، وتابع خطواته مرحلة مرحلة - على كثرة أشغاله -، وأبدى استعدادَه للتعاون معنا لتيسير هذا المشروع، فقدّم لنا عدة نسخ من الأصول الخطية التي استطاع حَصْرَها في مصورات مكتبات الجامعات والمراكز الثقافية - سواء في المملكة العربية السعودية أو خارجها - والتي كان من الصعب الحصولُ عليها دونه، ثم اطَّلَع

ص: 29

على مقدمة الكتاب والمجلد الأول منه، وأبدى ملاحظاتٍ قيمة أَثْرَتِ العمل، وجعلته مميَّزاً عن الأعمال السابقة التي بُذِلت فيه.

وفي أثناء التحضير لإصدار الجزء الأول منه، زفَّ إلينا معاليه بُشرى تشجيع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله - طبع هذا الكتاب، وتفضله بتوزيعه على طلاب العلم على نفقته. فله منا ومن طلاب العلم الشكر والدعاء بأن يتقبل الله عمله ويجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. والعلماء لا يستغربون ذلك منه، فهذه سنته وسنة والده الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله في نشر كتب السلف والعناية بها، وتشجيع القائمين عليها.

وعندما تتبنَّى المؤسسة مثل هذا الكتاب الذي تزيد مجلداتُه على خمسة وثلاثين مجلداً فهي تعلم حق العلم أنها بحاجة إلى مجهود علمي وإمكانات كبيرة.

أما المجهود العلمي فقد أوكَلَتْ هذا المشروع إلى مكاتب التحقيق لديها والتي يُشرف عليها الأستاذ الشيخ/ شعيب الأرنؤوط - حفظه الله - الذي أمضى شوطاً كبيراً من حياته يختلف إلى حلقات أهل العلم المختصين بدراسة علوم القرآن، والحديث النبوي الشريف، والفقه، والأصول والعربية، يَأْخُذ عن كل واحد منهم العلم الذي اختص به، فاتجهت همته بعد ذلك إلى تحقيق أمهات كتب السنة التي لم تُطْبَعْ، مثل:"شرح السنة" للبغوي، و "صحيح" ابن حبان البستي، و "شرح مشكل الآثار" للطحاوي، وتخريج نصوصها ودراسة أسانيدها، والتعليق عليها، والتقديم لها.

وصَدَرَ له ما يزيد على مئة مجلدة مما لم يسبق نشرُه من قبل عن أصول خطية موثقة، وقد نالت القَبُولَ عند أهل العلم، وتداولوها وانتفعوا بما فيها، ونَوَّهوا بالكتابة وغيرها بفضل محققها وعلمه، وحُسن تَأَتِّيهِ لما يَعرِض له، ويقوم به.

ص: 30

ويعاونه في مجال التحقيق نفرٌ غير قليل من طلبة العلم الذين تَخَرَّجوا به، وتدربوا عليه، وأفادوا منه: منهم الشيخ نعيم العرقسوسي الذي تتلمذ على يديه فعَمِل بصمت يبتغي وجه الله، وقَدَّم عدة مجلدات، يُشاركهما في عملهما الأستاذان عادل مرشد، وإبراهيم الزيبق، وهما من طلبة العلم الذين تخرجوا بالأستاذ شعيب وأصبح لهم يدٌ طُولَى في هذا العلم الشريف، وكانا - وما يزالان - يقدمان خدمات جليلة تُثْري العمل وتخرجه بأبهى صورة وأتمها، وهناك أخوة أُخَر يتعاونون معنا في مجال التحقيق ويُسهمون في إنجاز ما نحن بسبيله من كتب التراث: كالأَساتذة: كامل الخراط، ورضوان العرقسوسي، وقاسم النوري، وحمدي صبح، وغيرهم.

وكثير منهم قد استقام لهم المنهجُ، واتَّضَحَ لهم السبيل، وأصبحوا قادرين على العطاء في هذا المِضْمار، وقد صَدَرَ لغير واحد منهم كتبٌ محققة تَشهَدُ لهم باقتدارهم وأهليتهم.

وعدد غير قليل منهم لا يزالون يعملون تحت إشرافه في مكاتب قسم التحقيق التابعة للمؤسسة المنتشرة في غير ما دولةٍ عربيةٍ، وهؤلاء يعملون في عدد من كتب السنة المطهرة إعداداً وتحقيقاً.

ويَسُرُّني أن أُنَوِّهَ بجهود العالمين الفاضلين:

الأستاذ الدكتور محمود أحمد ميرة.

والأستاذ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم.

الأستاذين بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث تَفَضَّلا فقَدَّما ما لديهما من معلومات مهمة عن "المسند" ومخطوطاته وشروحه، كما قَدَّما للمؤسسة ما يتوفر لديهما من مصورات لبعض نسخه.

كما تفضلا بمراجعة التحقيق وأبديا ملاحظاتٍ على المنهج وعلى التحقيق استفدنا منها في عملنا.

ص: 31

فلهما منا جزيلَ الشكر والثناء.

إنني أَدِينُ بالشكر والعرفان بالجميل لكل من ذكرتُ في مقدمتي هذه، ولإخوان كرام آخرين لا يمكن حَصْرُهم أو ذِكر أسمائهم في هذه الوريقات، منهم من قَدَّمَ بعض المخطوطات من القاهرة أو دمشق، ومنهم من نَضَّدَ الكتاب أو هيَّأ صفحاته، أو أشرف على ترتيبه أو أيّ عمل فيه، أو أسهم بدَعْمِه أو نشره أو توزيعه، إلى هؤلاء جميعاً أُقدِّمُ جزيل شكري، وخالص امتناني.

أما أنا فاحمدُ الله العليَّ القدير الذي هيأني لمثل هذا العمل، وهيأ لي سُبُلَ خدمة هذا الدين الحنيف، وجعلني ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وأخيراً:

إن مثلَ هذه الإنجازات المتميزة في مجال التراث التي تقومُ بها المؤسسة أبتغي فيها أنا وأهلي وأولادي فيما نظن:

أولاً: رضوان الله والفَوْز بنعيمه.

ثانياً: دعوات صالحات بظَهْر الغيب من طلبة العلم الذين يَجِدُون بُغْيَتَهم في هذا النتاج الطيب،

{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ} .

{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} .

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} .

ونضرعُ إليه سبحانه أن يتولانا برعايته وتوفيقه وتأييده، وأن يَجْعَلَ عملنا هذا - وكلَّ عمل سواه - خالصاً لوجهه الكريم، وأن يمنحنا القُدرة على تحقيق ما نحن آخذون بسبيله، وأن يتغمَّدَنا برحمته يوم لا ينفَعُ مال ولا بنونَ إلا من أتى الله بقلب سليم.

رضوان دعبول

ص: 32

‌مقدمة التحقيق

إن الحمدَ لله نستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، مَنْ يَهْدِهِ الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، ونشهدُ أنْ لا إله إلا الله، ونشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} .

وبعد:

فإنَّ مؤسسة الرسالةِ إيماناً منها بأنه لا يَصْلُحُ آخِرُ هذه الأمةِ إلا بما صَلَحَ به أوَّلُها، وأنه إنما صَلَحَ أولُ هذه الأمةِ بالتمسُّكِ بكتاب الله وسُنَّة نبيه الخالية عن شوائب التشويه والتغيير، والدَّسِّ والوَضْع، قد رأت أن الطريق إلى صلاح هذه الأمة ونهضتها والسبيل إلى إيجادِ وعي إسلامي صحيح لدى أبنائها، بعيدٍ عن الأهواء العاصفة، إنما يتمثَّلُ في جَمْعِ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ضِمْنَ

ص: 33

إطارِ موسوعةٍ حديثيةٍ كبرى تنتظم جميعَ كُتُب السنة المُسْنَدة التي أُلِّفَتْ خلالَ القرون الخمسة الأولى، ما نُشِرَ منها وما لم يُنْشَر، متبعةً في ذلك أمثلَ مناهج التحقيق، مع صنع الفهارسِ الميسِّرَةِ للإِفادة منها بأيسر سبيل.

وكان هذا المشروع - ولا يزالُ - مَحَطَّ أنظار ِأهلِ العلم والفَضْلِ وشُغْلَهم الشاغل في الأوساط العلمية والمنتديات الفكرية، لِمَا وَقَرَ في نفوسهم مِن أنه إذا ما تحقَّقَ، فستكونُ السُنَّةُ النبوية في مأْمنٍ من عَبَثِ العابثين، وتحريف الغالين، وانتحالِ المُبطلين، وسَيُوفِّرُ وقتاً كبيراً لغير المتخصصين بعلمِ الحديث، كان يُنْفَقُ في البحث عن الحديث في المظانِّ المختلفة، ويُتِيحُ لهم الانصراف كلياً إلى استنباط المعاني، وتقييد الفوائد من الأحاديث الصحيحة التي هي - بالإجماع - المصدرُ الثاني للتشريع الإسلامي، والمبيِّنَةُ لما جاء في القرآن مِن النصوص العامَّةِ والمُطلَقَة والمجملة، والهاديةُ إلى طرق تطبيقه.

وقد وضعت المؤسسةُ لإِصدارِ هذه الموسوعة الحديثيَّة الخُطَّة التالية:

1 -

القيام بعملية مَسْحٍ شاملٍ لكتب الحديث الموزعة في جميع مكتبات العالم، والعمل على جمعها في صعيدٍ واحدٍ، سواءً منها المخطوطُ والمطبوعُ.

2 -

القيام بدراسة هي هذه الكتب والعمل على طَبْع ما لم يُطْبَعْ منها محقَّقاً التحقيقَ العلميَّ الأمثلَ، وأما ما طُبع منها من غير تحقيق، فيُعادُ طبعُه، ونشرت بتحقيق علمي.

أما الهَيْكَلُ الذي يَتِمُّ وفْقَه صنعُ هذه المَعْلَمةِ الحديثية الكبرى، فهو يقومُ على ما يلي:

ص: 34

1 -

جمع حديث كل صحابيٍّ على حِدَةٍ على طريقة أصحاب المسانيد، لأن ذلك يحقِّقُ الاستقراءَ التامَّ، ويكونُ ترتيبُ الصحابة على نَسَق حروف المعجم.

2 -

ترتيب أحاديث الصحابي ضمنَ مسنده على نَسَق كتب السنن، أي حسب الموضوعات والأبواب.

3 -

دراسة الأسانيد والطرق دراسةً تُفْضِي إلى الحكم على هذه الأسانيد بأسلوب علميٍّ مُوثَّق مع العناية بما يلي:

أ- نَقْل كلام المتقدمين من أئمة الجرح والتعديل.

ب- التعرض للعلل الواردة مما صرَّحَ به أئمة هذا الفن.

جـ- نقد المتون التي تبيَّن وهَمُ الثقات فيها.

ومؤسسة الرسالة - ولله الحمدُ والمِنةُ - تملك من الكفاءات العلمية، والمهارات الفنية، والخبرة الطويلة، ما يَجْعَلُها قادرةً على تحقيق هذا المشروع وإنجازه بدقةٍ بالغة، وعنايةٍ فائقةٍ، وقد شَهِدَ لها كثيرٌ من أهل العلمِ والخبرةِ بأصالة ما تقومُ بنَشْرهِ من كتب التراث المتنوعة، وبجَوْدة ما فيها من تحقيقاتٍ وتخريجاتٍ وتعليقاتٍ، وشروحٍ.

وقد بدأت المؤسسةُ العملَ لإنجازِ هذا المشروع العظيم، وكان مِنْ الخطوات التي خَطَتْها على الطريق تَحْقِيقُ ونشرُ كتاب "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" الذي لم يُسْبَقْ له أن طُبِع، والذي له أهميةٌ خاصة في عمل الموسوعة، إذ إنه يَسْتَدْرِكُ كثيراً من الأحاديث الصحيحة على صحيحي البخاري ومسلم.

ص: 35

ومن الخطوات المهمة التي صحَّ لها العَزْمُ الآن، وتهيَّأتْ لها الإمكانياتُ، تحقيقُ كتابٍ من أكبر كتب الحديث وأعلاها إسناداً، ألا وهو كتابُ "المسند" للإِمام الجليل أحمد ابن حنبل، هذا الكتاب الذي يكادُ يستوعبُ معظمَ الأحاديث النبوية، والذي أراده مؤلِّفُهُ ابتداءً أن يكون موسوعةً تضُمُّ ما اشْتَهَر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: فما اختَلَفَ فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فَارجِعُوا إليه.

إنَّ تحقيقَ هذا "المسنَد" خَطوةٌ مهمة على طريق عمل الموسوعة الحديثية الكبرى، لأنَّه ما مِنْ حديثٍ - غالباً - إلا وله أصلٌ في هذا "المسند".

ولسائلٍ أن يقولَ: لِمَ لا تُوفِّرُونَ الوقتَ والجهدَ، فتنصرِفوا إلى نشرِ غيره من كتب الحديث، فَهذا "المسند" مطبوعٌ ومُتداوَل؟ فنقولَ:

إنَّ الدافعَ إلى إعادة نشرِ "المسند" يَكمُنُ في النِّقاط التالية:

1 -

الطبعة الميمنية المعروفة فيها تحريفٌ كثير وتصحيفٌ، وقد سقط منها أحاديثُ و مسانيدُ، كما وقع فيها بعضُ أحاديث مما رواه عبد الله عن غيرِ أبيه على أنها من مسند أبيه، وبالعكس.

2 -

لقد تنبَّهَ لضرورة تحقيقِ المسند ونشره نشرةً علمية محرَّرة العلامةُ الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، فقام بنشر الكتاب محققاً، إلا أنَّه لم يُتِمَّهُ، إذ اختَرمَتْه المنيةُ قبل إتمامه، ونشرتُه لا تمثل إلا رُبْعَ الكتاب.

3 -

حصولنا على أصول خطية لم يَقَعْ مُعْظَمُها لِمن قَبْلَنا ممن تصدَّى لِنشر الكتاب (1).

(1) سيرد وصف تفصيلي للنسخ الخطية التي اعتمدنا عليها في نشر الكتاب في محله من هذه المقدمة.

ص: 36

4 -

اعتقادُنا بأنه لا بُدَّ من دراسةِ أسانيده دراسةً دقيقةً مُتْقَنةً، والحكم عليها بما يليقُ صحةً وضعفاً، لأن معظم القراء وكثيراً من طلبة العلم لا يستطيعون أن يَتبيَّنوا صحة هذه الأحاديث، ولو كانت مقرونةً بأسانيدها، فكان الواجبُ يقتضينا أنْ نقدِّمَ هذه الأحاديث في طبعة يُذكَرُ فيها درجةُ كل حديث منها، حتى يكونَ القارئ على بينةٍ من أمرها.

5 -

تخريجنا لأحاديث "المسند" من جميع المصادر التي سبقت الإمام أحمد والتي تَلَتْهُ، مما تَيسَّرَ لنا.

هذه الأسبابُ مجتمعةً هي التي دفعتنا إلى إعادة نشر "المسند" ونرجو أن يُكرِمَنا الله بإتمام هذا العمل، وأن يَكتُبَه في صحائف أعمالنا، إن ربَّنا سميعٌ قريبٌ مُجيبٌ.

هذا، وقد أعددنا دراسةً مُوجَزةً ومقدمةً لا بُدَّ منها، تُلقي ضَوْءاً كاشفاً على "المسند" وخصائصه وحياة مؤلفه، نثبتها هنا بين يدي "المسند" وهي تشتملُ على الفقرات التالية:

1 -

ترجمة الإِمام أحمد.

2 -

ثناء أهل العلم عليه.

3 -

مؤلفاته.

4 -

معنى المسند، وأول من ألَّف فيه.

5 -

الكلام وعلى مسند أحمد.

6 -

أقسام الأحاديث التي في المسند.

7 -

عناية العلماء بالمسند.

8 -

وصف النسخ الخطية.

9 -

منهج التحقيق.

ص: 37

1 -

‌ ترجمة الأمام أحمد:

ومصنِّفُ هذا الديوان العظيم: هو شيخ الإسلام، وأحد الأئمة المتبوعين، الإِمامُ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حَنْبلٍ الشَّيْباني (1).

أصلُه من البصرة (2)، وكان جدُّه حنبلٌ مِن مناصري الدعوة العباسية، وولي سَرْخَس (3)، وكان أبوه محمدٌ من أجناد مَرْو (4)، قَدِمَت به أمُّه وهي حامل به إلى بغداد، فوُلِد فيها سنة (164 هـ)، ثم ما لَبِثَ أن تُوفي أبوه شاباً له نحوٌ من ثلاثين سنة، فرُبِّي أحمدُ يتيماً (5).

وقد بَدَتْ مخايِلُ النبوغ والورع عليه منذُ طفولته (6)، وحين أنهى الكُتَّابَ، وبلغ الرابعة عشرةَ من عمره، راح يختلِف إلى الدِّيوان، حيث كان عمُّه إسحاقُ مسؤولاً عن أخبار بغداد يُوصِلها إلى داود بنِ بِسطام، عاملِ البريد للرشيد، واتفق يوماً أن أرسلها مع ابن أخيه أحمد، فرمى بها في الماء تورُّعاً (7)، وانقطع منذ ذلك اليوم عن التردُّد إلى الديوان.

واتَّجهَتْ همته إلى طلبِ الحديث، وله مِن العمر خمسَ عشرةَ سنة (8)، وذلك سنة (179 هـ)، فكانَ أولَ من كتب عنه الحديثَ الإمامُ أبو يوسف القاضي (9)(ت 182 هـ) صاحب الإمام أبي حنيفة، وكبير القضاة في عصره، وفي هذه السنة نفسِها قَدِم إلى بغداد المحدثُ الكبير عبد الله بن المبارك

(1) انظر تتمة نسبه في تاريخ بغداد 4/ 413 - 414.

(2)

سير أعلام النبلاء: 11/ 183. (3) السير: 11/ 184.

(4)

المصعد الأحمد: 36. (5) السير: 11/ 179.

(6)

المصعد الأحمد: 36، مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي:20.

(7)

المناقب: 21 - 22.

(8)

السير: 11/ 179. (9) المناقب: 23.

ص: 38

فسعى إلى مجلسه، فلم يُدرِكْه، إذ ألفاه قد خرج إلى طَرَسُوس لغزو الرُّوم (1).

وكان أكثرُ سماعه في هذه الفترة على مُحدِّثِ بغداد هُشَيمِ بن بَشيرٍ، وفي مجلسه سَمِعَ الإِمام أحمد بوفاة حماد بن زيد والإِمام مالك بن أنس (2)، وظلَّ ملازماً لهشيم حتى وفاته سنة (183 هـ)، وكتب عنه أكثرَ من ثلاثةِ آلاف حديث (3)، وبدأ يَظهَرُ قدرُ الإِمام أحمد منذ تلك الأيام (4).

وبعد وفاة شيخه هُشَيم رحل الإِمام أحمد إلى الكوفة ماشياً - وكانت أولى رحلاته - وله من العمر عشرون سنة، فسمع فيها أبا معاوية الضَّرير (ت 194 هـ)، ووكيعاً (ت 197 هـ)، وذاع في الكوفة أنه حُجَّة في حديث هُشيم، حتى أن الإِمام وكيعاً سأله ذاتَ مرةٍ عن حديثٍ إنْ كانَ عند هُشَيم؟ فأجابه الإِمام أحمد: لا (5). وفي الكوفة حَفِظَ كتبَ وكيع كلَّها (6)، وأكثر من الكتابة عنه (7)، وكان الإِمام وكيع يُجِلُّهُ ويحترِمُه ويعرف له قدره (8).

وفي سنة (186 هـ) كانت أولى رحلاته إلى البصرة (9)، فسمع فيها من مُعتَمِر بن سليمان (ت 187 هـ)، وبِشْر بن المفضل (ت 187 هـ)، ومرحوم بن عبد العزيز الأُموي (ت 188 هـ)، وآخرين.

وكان دائمَ الرِّحلَة بَيْنَ الكُوفة والبصرة يكتب الحديثَ عن شيوخهما، قال ابنُ منيع: سمعتُ جدي يقول: مَرَّ أحمدُ ابن حنبل جائياً من الكوفة، وبيده خريطةٌ فيها كتب، فأخذتُ بيده، فقلتُ: مرةً إلى الكوفةِ، ومرةً إلى البصرة،

(1) السير: 11/ 183.

(2)

السير: 11/ 179 - 180. (3) السير: 11/ 183 - 184.

(4)

السير: 11/ 231. (5) السير: 11/ 186.

(6)

السير: 11/ 186. (7) السير: 11/ 307.

(8)

السير: 11/ 186 - 187. (9) السير: 11/ 183، والمناقب: 25.

ص: 39

إلى متى؟ إذا كتب الرجلُ ثلاثين ألف حديث لم يَكْفِهِ؟ فسكت، ثم قلتُ: ستين ألفاً؟ فسكت، فقلت: مئة ألف؟ فقال: حينئذٍ يَعرِفُ شيئاً. قال أحمدُ بنُ منيع: فنظرنا، فإذا أحمدُ كتب ثلاث مئة ألف عن بَهْز بن أسد (ت 197 هـ)، وعفان (ت 220 هـ)، وأظنه قال: ورَوْح بن عُبَادة (ت 205 هـ)(1).

وفي سنة (186 هـ) أيضاً رحل إلى عَبادان (2).

وفي السنة التي تلتها رَحَل إلىِ الحجاز أولَ مرةٍ (3)، حيث قدم مكة وقد مات الزاهدُ الفضيلُ بن عياض، فسَمِعَ من سفيان بن عيينة (ت 198 هـ)، قال الإِمام أحمد: فاتني مالكٌ فأَخْلَفَ الله عليَّ سفيانَ بن عيينة (4)، وفي مكة التقى أيضاً الإِمام الشافعيَّ أوَّل مرة، ثم تعددت اللقاءاتُ بينهما في بغداد حين أقام فيها الشافعي سنة (195 هـ) مدة سنتين، وقد كتب الإمام أحمد كتب الشافعي كلَّها (5).

وفي سنة (190 هـ) دخل البصرة دَخْلَتَهُ الثانية (6)، وفيها سمع من محمد بن إبراهيم بن أبي عَدِيّ (ت 194 هـ).

وفي سنة (191 هـ) كانت رِحلتُه الثانية إلى الحجاز.

(1) المناقب: 28 - 29.

(2)

المناقب: 26، وعبادان: مدينة تحت البصرة: بينهما اثنا عشر فرسخاً، وهي غربي إيران على الخليج.

(3)

حجَّ الإمام أحمد خمس حجج، ثلاث منها راجلاً. السير: 11/ 183.

(4)

المناقب: 30.

(5)

وفيات الأعيان: 4/ 164، طبقات الشافعية للسبكي: 2/ 114.

(6)

المناقب: 27.

ص: 40

وفي سنة (194 هـ) كانت رِحلته الثالثة إلى البصرة، وكانت إقامته فيها عند الإمام الكبير يحيى بن سعيد القطان (ت 198 هـ) مدة ستة أشهر (1)، وقد أكثر عنه (2)، وفي أثناء إقامته سَمعَ من سليمان بن حرب (ت 244 هـ)، وأبي النعمان محمد بن الفضل (ت 224 هـ)، وأبي عمر حفص بن عمر الحَوْضِي (ت 225 هـ).

وفي سنة (194 هـ) أيضاً خرج من البصرة إلى واسط، فَسَمِعَ فيها من الإِمام يزيد بن هارون (3)(ت 206 هـ).

وفي سنة (196 هـ) كانت رحلتُه الثالثةُ الى مكة، ثم عاد إليها سنة (197 هـ)، وأقام فيها مجاوراً مدةً، ثم عاد إليها أيضاً سنة (198 هـ)، وقد جَلَسَ بمسجدِ الخَيْف وأفتى فيه فتيا واسعة، وسفيان بن عيينة ما يزالُ حياً (4).

وفي سنة (199 هـ) خرج الى اليمن ماشياً مع رفيق رحلته يحيى بن معين للسَّماع مِن عبد الرزاق بن همَّام الصَّنْعاني (ت 211 هـ) صاحب "المصنف"، وكان صِيتُ الإِمام أحمد قد سبقه إليه (5)، فأقام عنده قريباً من عشرةِ أشهر (6)، سمع في أثنائها منه الكتبَ، وأكثر عنه. وبعد عَوْدَتِه إلى بغداد شَرَع الإِمامُ أحمد بتصنيف "المسند"(7)، وهو في السادسةِ والثلاثين من عمره.

(1) المناقب: 27.

(2)

السير: 11/ 180.

(3)

المناقب: 27.

(4)

السير: 11/ 309، ومسجد الخيف: هو في مِنى، والخيف: ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، ومنه سمي مسجد الخيف.

(5)

السير: 11/ 191 - 192.

(6)

السير: 11/ 306. (7) خصائص المسند: 25.

ص: 41

وفي سنة (200 هـ) رحل إلى البصرة رِحْلَتَهُ الأخيرة (1)، فسمع فيها من عبد الصمد بن عبد الوارث (ت 207 هـ)، ومن صاحب "المسند" سليمان بن داود الطيالسي (ت 203 هـ)، ومن محمد بن بكر البُرْساني (ت 203 هـ).

ولم تذكر المصادر التي ترجمت للإمام أحمد متى دخل المِصِّيصة، وسَمِعَ فيها من حجاج بن محمدٍ الأعور (2)(ت 206 هـ)، ولا متى خَرَجَ منها قاصداً طَرَسُوسَ للغَزَاة (3)، ولا متى دخل الرَّقَّة، وسمع فيها من فياض بن محمد بن سنان الرَّقِّي (4)، والذي وقفنا عليه فيها أنه في سنة (204 هـ) - وقد بَلَغ الأربعين - تَصدَّر للتحديث والفتوى، وصار يُرْحَلُ إليه (5)، وهي السنةُ نفسها التي تُوفي فيها الإمامُ الشافعي، ودخل فيها المأمون مدينةَ بغداد.

وفي سنة (209 هـ)(6) كانت آخِرُ رحلاته، فقد خرج فيها إلى الشام، ثم لم يَخرُجْ من بغداد حتى كانت المحنة سنة (218 هـ).

وشيوخُ الإمام أحمد الذين سَمِعَ منهم يَطُولُ ذِكرُهُم، ويَشُقُّ إحصاءُ أسمائهم، كما قال الخطيب البغدادي (7)، ولكنَّ عدد مَنْ روى عنهم في "مسنده" مئتان وثلاثةٌ وثمانونَ شيخاً (8).

وبقي الإِمام أحمد متصدِّراً للفُتيا والتحديث حتى سنة (218 هـ) حين أعلَنَ المأمون رأيه بخَلْقِ القرآن، وأمر بامتحانِ العلماءِ فيه، وقد أجابه كثيرٌ إلى ما ذَهَب إليه خوفاً من الضرب والموت، وظَلَّ الإِمامُ أحمدُ ثابتاً على موقفه بأن القرآن كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، فأمر المأمونُ بأشخاصه إليه، وكان وقتئذٍ

(1) المناقب: 27. (2) السير: 9/ 448.

(3)

السير: 11/ 308، 311. (4) تعجيل المنفعة:336.

(5)

المناقب: 188. (6) السير: 11/ 306.

(7)

تاريخ بغداد: 4/ 413. (8) المصعد الأحمد: 34، السير: 11/ 181.

ص: 42

يغزو بلادَ الرومِ، فحُمِل إليه الإِمامُ مقيَّداً، وما إن وَصَل إلى الرَّقَّةِ حتى جاء نَعْيُ المأمون، فَرُدَّ إلى بغداد، وسُجِن فيها (1).

وتولَّى المعتصمُ الخلافةَ، وراح يُكْمِلُ ما بدأ فيه أخوه نزولاً عند وصيته، فأحضر الإمامَ أحمد من سجنه - وكان قد مرَّ عليه فيه سنتان وأربعةُ أشهرٍ - (2) وناظره في قصره مدةَ ثلاثةِ أيام (3)، وحين أعياه ثباتُ الإِمام أحمد وجرأته أَمَر بضَرْبِه، وذلك بمشورة قاضي قضاته المعتزلي أحمد بن أبي دُوَاد، فقام الجلادون بضربه بالسياط ضرباً مُبَرِّحاً أشرف فيه على التلف، وكي لا تقومَ العامَّةُ الهائجة خارجَ القصر باضطراب لا يُعرف كيف السبيلُ للسَّيطرةِ عليه، أمر المعتصم بالإِفراج عنه، وهو يظن في نفسه أنه ميتٌ لا مَحالة (4)، فأفرج عنه سنة (220 هـ)، ولكن الإِمام أحمد تماثل للشفاء وإنْ بَقِيَتْ آثار ضربه ظاهرة على جسده، وعاد إلى ما كان عليه من التحديث والفتيا وحضور الجمعة والجماعة، وظلَّ كذلك حتى وفاة المعتصم سنة (227 هـ) وولاية الواثق إلى أوائل سنة (228 هـ)(5)، إذ عاد الواثق إلى إثارة محنة خَلْق القرآن من جديد، وطلب أن تُدَرَّس هذه المسألةُ للصبيان في الكُتَّاب، فضجَّ الفُقهاءُ والمحدثون لهذا الأمر، وكادت أن تقع فتنة لولا أن الإمامَ أحمد أمرهم بالصبر حين قصدوه يُعلِنُون تبرُّمَهم من هذا الأمر، وعلم الواثقُ بخبر هذا الاجتماع، فأرسلَ الى الإِمام أحمد: أن لا يجتمعنَّ إليك أحدٌ، ولا تُساكنِّي بأرضٍ ولا مدينةٍ أنا فيها، فاذهب حيثُ شئتَ من أرض الله. فلزم الإِمام أحمد بيته لا

(1) السير: 11/ 238، 242 - 243، مناقب الإِمام أحمد لابن الجوزي:316.

(2)

السير: 11/ 252.

(3)

السير: 11/ 243 - 252.

(4)

السير: 11/ 260 - 261.

(5)

السير: 11/ 312.

ص: 43

يخرج إلى صلاة ولا غيرها حتى هَلَك الواثق، وذلك سنة (232 هـ)(1)، وولي المتوكلُ، فأمر بعد سنتين من خلافته - أي سنة (234 هـ)(2) - برفع المحنة، وأن يعودَ الناسُ إلى ما كانوا عليه، وراح المتوكل يَطلُبُ المحدثين إلى سامَرّا حيث كان يقيمُ ليعقِدوا مجالسَ حديثهم هناك، وكان الإمامُ أحمد قد عاد إلى تحديث أصحابه في بغداد (3)، فأمره المتوكلُ في أواخر سنة (235 هـ) أن يَقْدَمَ إلى سامَرّا، فذهب إليه الإمام أحمد على مَضَضٍ، ثم بدا للمتوكل أن يُعِيدَهُ، فأمره وهو في طريقه إليه أن يعودَ إلى بغداد، فعاد وقد امتنع من التحديث إلا لولديه وابن عمه (4). ثم أرسل يستدعيه من جديدٍ سنةَ (237 هـ)، واضطُرَّ الإمام أحمد للذهاب إليه، ولكنه اكتشف أنه سيكونُ في سامَرّا في سجنٍ من نوع جديد، فانقبض، ورَفَض أن يشتري بيتاً هناك أو يحدث (5)، وأعطى اللهَ عهداً أن لا يحدِّثَ بحديثٍ على تمامه حتى يلقاه، ولا يستثني من هذا العهد حتى ولديه. قال الإمام أحمد: إنما يريدون أُحَدِّث، ويكون هذا البلدُ حبسي، وإنما كان سبب الذين أقاموا بهذا البلدِ لما أُعطوا فقَبِلوا، وأُمِروا فحدَّثوا، والله لقد تمنَّيْتُ الموتَ في الأمرِ الذي كان، وإنني لأتمنى الموتَ في هذا وذاك، إن هذا فتنةُ الدنيا وذاك فتنةُ الدِّين. ثم جعل يَضُمُّ أصابِعَهُ ويقول: لو كان نفسي في يدي لأرسَلْتُها، ثم يفتح أصابعه (6).

وبقي في سامَرّا ستة عشرَ يوماً (7)، لم يَلْقَ فيها المتوكل، وإزاءَ إصراره سَمَحَ له المتوكلُ بالعودة إلى بغداد، فعاد (8). وحاول ولدُه عبدُ الله مرةً أن

(1) السير: 11/ 264. (2) تاريخ الخلفاء للسيوطي: 346.

(3)

السير: 11/ 265. (4) السير: 11/ 266.

(5)

السير: 11/ 274، 276. (6) السير: 11/ 276 - 277.

(7)

السير: 11/ 334. (8) السير: 11/ 223.

ص: 44

يستَدْرِجَه ليحدِّثَه بحديثٍ على تمامه - وكان عبدُ الله يشتهي الحديثَ - فامتنع، بل قال الإِمام أحمد: لو ضُرِبَتْ ظهري بالسياط ما حدَّثْتُ (1).

ولا يعني انقطاعَه عن الرواية انقطاعه عن العلم بتاتاً، فإنه قضى ما بقي من عُمُرِه في المذاكرة في الفقه والآثار وتراجم الرجال حتى وفاته في ضُحى 12 ربيع الأول سنة (241 هـ)(2)، وهو ابن سبع وسبعين سنة، رحمه الله.

وهنا يثور سؤالٌ: متى أَسمَعَ الإِمامُ أحمد ولديه صالحاً وعبد َالله وابنَ عمه "المسنَدَ"، ومعروف أنه لم يسمعه عليه أحد غيرهم (3)؟.

ويبدو لنا أن الإِمامَ أحمد شَرَعَ بإسماعهم "المسند" نحو سنة (225 هـ)، واستغرق سماعُهم له نحو اثنتي عشرة سنة (4)، فيكون أتمَّ إسماعَهم إياه نحو سنة (237 هـ) وهي السنة التي امتنع فيها عن التحديث بحديثٍ على تمامه كما مَرَّ.

وقد حَدَّدَ الإمامُ الذهبي تاريخ إسماع "المسند" في حدود سنة (227 هـ) أو (228 هـ)(5)، وهذا التاريخُ لا يستقيم مع ما مَرَّ من أن إسماع "المسند" استغرق ثنتي عشرة سنة، ولا يستقيم أيضاً مع تاريخ امتناع الإِمام أحمد عن التحديثِ بحديثٍ على تمامه سنة (237 هـ).

2 -

‌ ثناء أهل العلم عليه:

مرَّ معنا أنَّ نبوغَ الإِمام أحمد وورعه تَبدَّى منذ طفولته، وكان قَدْرُه يزيدُ مع الأيام، وقد أثنى عليه شيوخُه وتلاميذُه ومن رآه ثناءً عَطِراً خالداً نسوقُ

(1) السير: 11/ 309 - 310.

(2)

السير: 11/ 334 - 339. (3) المصعد الأحمد: 31.

(4)

السير: 11/ 316. (5) السير: 11/ 181.

ص: 45

بعضاً منه، نقلاً من كتاب "سير أعلام النبلاء" للإِمام الذهبي في ترجمته (1):

قال عبدُ الرزاق الصنعاني: ما رأيتُ أحداً أفقَهَ ولا أورعَ مِن أحمدَ ابن حنبل.

وقال قُتيبة بن سعيد: خيرُ أهلِ زماننا ابنُ المبارك، ثم هذا الشابُّ - يعني أحمد ابن حنبل - وإذا رأيتَ رجلاً يُحِبُّ أحمد، فاعلم أنه صاحبُ سنة، ولو أدركَ عصرَ الثوري والأوزاعي والليث، لكان هو المُقَدَّمَ عليهم. فقيل لقُتيبة: يُضَمُّ أحمد إلى التابعين؟ قال: إلى كبارِ التابعين.

وقال حرملةُ: سمعت الشافعيَّ يقول: خرجت من بغداد فما خَلَّفْتُ بها رجلاً أفضلَ ولا أعلمَ ولا أفقَهَ ولا أتقى من أحمد ابن حنبل.

وقال علي بن خَشْرَم: سمعتُ بشر بنَ الحارث يقول: أنا أُسأَلُ عن أحمد ابن حنبل؟! إنَّ أحمد أُدْخِلَ الكِيرَ فخرج ذهباً أَحْمَرَ.

وقال عمرو الناقدُ: إذا وافقني أحمدُ ابن حنبل على حديث، لا أُبالي مَنْ خالفني.

وقال محمدُ بن يحي الذُّهْلي: جعلتُ أحمدَ إماماً فيما بيني وبينَ الله.

وساق الحافظ ابن كثير أيضاً في "تاريخه"(2) جملةً من ثناء أهل العلم عليه، فقال:

قال يحيى بنُ سعيد القطان شيخ أحمد: ما قَدِمَ عليَّ من بغداد أحدٌ أحب إلي من أحمد بن حنبل.

وقال إسحاقُ بن راهويه: أحمد حجةٌ بين الله وبين عَبيده في أرضه.

(1) السير: 11/ 195 - 198. (2) البداية والنهاية: 10/ 350.

ص: 46

وقال عليُّ ابنُ المديني: إذا ابتُلِيتُ بشيء فأفتاني أحمد بن حنبل، لم أبالِ إذا لقيتُ ربي كيف كان.

وقال أيضاً: إني اتخذت أحمد حجةً فيما بيني وبينَ الله عز وجل.

وقال يحيى بن معين: كان في أحمد ابن حنبل خِصالٌ ما رأيتها في عالم قطُّ: كان محدثاً، وكان حافظاً، وكان عالماً، وكان ورعاً، وكان زاهداً، وكان عاقلاً.

وقال أيضاً: أراد الناسُ أن نكونَ مثلَ أحمد ابن حنبل، والله ما نَقْوى أن نكونَ مثلَه، ولا نُطيقُ سلوكَ طريقه.

وقال أبٍو بكر بن أبي داود: أحمد ابن حنبل مقدَّم على كل من يَحمِلُ بيده قلماً ومِحبَرة.

وقال أبو زُرْعة الرازي: ما أعرف في أصحابنا أفقَهَ منه.

3 -

‌ مؤلفاته:

لم يكن عندَ الإِمام أحمد رَغْبةً في التأليف سوى جمع الحديث والبحث في عِلَلِه، وأما في غير ذلك فما كان يَرضى أن يُؤلِّفَ مطلقاً، حتى إنه كان يَزْجُرُ أصحابَه عن تقييد مسائله التي كان يُسأَلُ عنها، كما أنه كان يَمْنَعُ أصحابَه من الانشغال بغيرِ القرآن والحديث، فكان لا يَأْذَنُ لهم أن يَنظُروا في كتب الشافعي ولا في كتب أصحاب الرأي، ومع أنه كان يُحِبُّ أبا عبيد القاسم بن سلام ويُثني على عِلْمِه، إلا أنه كان ينتقِدُ كتابه "غريب الحديث"، فيقول: إنه طوَّلَه.

ومع ذلك فقد ذَكَر له ابنُ النديم في "فهرسته" ص 285 من المؤلفات:

1 -

كتاب "العلل"، ذكر العُقَيليُّ في "الضعفاء" 3/ 239: أنه قرأه على

ص: 47

عبد الله بن أحمد عن أبيه. وهو مطبوعٌ بإستانبول سنة 1987 في جزأين بتحقيق الدكتورين طلعت قوج ييكيت وإسماعيل جراح أوغلي، وطبع أيضاً في المكتب الإسلامي سنة 1988 بتحقيق الدكتور وصي الله بن محمد عباس في أربعة أجزاء.

2 -

كتاب "التفسير"، قال الذهبي في "السير" 11/ 328 و 13/ 522 في كلام مطوَّلٍ عن هذا الكتاب: إنه شيء لا وجودَ له، وأنا أعتقدُ أنه لم يكن.

3 -

كتاب "الناسخ والمنسوخ".

4 -

كتاب "الزهد"، قال ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 8 عنه: إنه كتاب كبير يكون في قَدْر ثلث "المسند" مع كبر "المسند"، وفيه من الأحاديث والآثارمما ليس في "المسند" شيء كثير.

فعلى هذا ما طُبع منه لا يمثِّلُ سوى جزء يسير من كتاب "الزهد" الكبير.

5 -

كتاب "الفضائل"، طُبع في مجلدين بمؤسسة الرسالة سنة 1983 م، بتحقيق وصي الله بن محمد عباس، وهو من منشورات جامعة أمِّ القرى.

6 -

كتاب "الفرائض".

7 -

كتاب "المناسك".

8 -

كتاب "الإيمان"، قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 1/ 303: سمعت أبي يقول: أتيت أحمد ابن حنبل في أول ما التقيتُ معه سنة ثلاث عشرة و مئتين، فإذا قد أخرج معه إلى الصلاة كتاب "الأشربة" وكتاب "الإِيمان".

ص: 48

وقال الذهبي في "السير" 11/ 287: ومما ثبت عنه مسألةُ الإيمان، وقد صنَّفَ فيها.

9 -

كتاب "الأشربة"، انظر ما قبله. وقد طبع بتحقيق الشيخ صبحي السامرائي.

10 -

كتاب "طاعة الرسول".

11 -

كتاب "الرد على الجهمية"، قال الذهبي في "السير" 11/ 286:"الردّ على الجهمية" موضوع على أبي عبد الله (يعني الإمام أحمد). وقد شكك أيضاً في نسبة هذا الكتاب إلى الإمام أحمد بعضُ المعاصرين في تعليقه على "الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية" لابن قتيبة، ومستنده أن في السند إليه مجهولاً، فقد رواه أبو بكر غلام الخلَّال، عن الخلَّال، عن الخضر بن المثنى، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، والخضر بن المثنى مجهول، والرواية عن مجهول مقدوح فيها، مطعون في سندها، وفيه ما يخالف ما كان عليه السلف من معتقد، ولا يتسق مع ما جاء عن الإمام في غيره مما صح عنه، وهذا هو الذي دعا الإِمام الذهبي إلى نفي نسبته إلى الإِمام أحمد. ومما يقوي عدم صحةِ نسبته إليه أننا لا نجد له ذكراً لدى أقرب الناس إلى الإمام أحمد بن حنبل ممن عاصروه وجالسوه أو أَتَوْا بعده مباشرة وكتبوا في الموضوع ذاته كالإِمام البخاري (ت 256 هـ)، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت 296 هـ)، وأبي سعيد بن عثمان الدارمي (ت 280 هـ)، والإمام أبو الحسن الأشعري قد ذكر عقيدة الإمام أحمد في كتابه "مقالات الإسلاميين" ولكنه لم يشر إلى هذا الكتاب مطلقاً، ولم يستفد منه شيئاً.

وزاد الخطيب البغدادي في "تاريخه" 9/ 375 عن ابن المنادي:

ص: 49

12 -

حديث شعبة.

13 -

المقدَّم والمؤخَّر في كتاب الله تعالى.

14 -

جوابات القرآن.

وزاد ابن الجوزي فيما أورده عنه الذهبي في "السير" 11/ 330:

15 -

كتاب "نفي التشبيه".

16 -

كتاب "الإِمامة".

17 -

"الرسالة في الصلاة"، ذكر الذهبي في "السير" 11/ 287 و 330 أنها موضوعة على الإمام أحمد.

وقد نبه محقق "فضائل الصحابة" وصي الله بن محمد عباس على بضعة كتب لم يذكرها أحد ممن ترجم للإِمام أحمد، وهي:

18 -

كتاب "الفتن"، وتوجد منه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق، عدد صفحاته 34.

19 -

كتاب "فضائل أهل البيت" ذكره الحاكم في "المستدرك" 3/ 157.

20 -

"مسند أهل البيت" طبع بتحقيق عبد الله الليثي، وهو مدرج كله في "المسند".

21 -

"الأسماء والكُنى" ذكره الوادي آشي في "برنامجه" ص 256 ضمن مسموعاته، وقد نشرته مكتبة دار الأقصى بالكويت بتحقيق عبد الله بن يوسف الجديع.

4 -

‌ معنى المسند:

المسندُ: هو الكتابُ الذي موضوعُه جَعْلُ حديثِ كُلِّ صحابي على حِدَة، صحيحاً كان أو حسناً أو ضعيفاً، ومِنْ غيرِ التفاتٍ إلى الموضوعات

ص: 50

والأبواب، ويُتَّبع في ترتيب مسانيد الصحابة طرائقُ عِدَّة، فقد ترتب على حروف الهجاء، أو على القبائل، أو السابقة في الإِسلام، أو الشرافة النسبية، أو غير ذلك، وقد يُقتَصرُ في بعضها على أحاديث صحابيٍّ واحدٍ، كمسند أبي بكر، أو أحاديث جماعة منهم، كمسند الأربعة أو العشرة، أو طائفة مخصوصة يجمعها وصفٌ واحد، كمسند المُقِلِّين، ومسند الصحابة الذين نزلوا مصر، إلى غير ذلك (1).

ويظهر أن الإِمام أحمد قد توخَّى ترتيبَ الصحابة في مسنده حسب اعتبارات عدة، منها الأفضلية، والسابقة في الإِسلام، والشرافة النسبية، وكثرة الرواية، إذ بدأ مسندَه بمسانيد الخلفاء الأربعة، ثم مسانيد بقية العشرة المبشرين بالجنة، ثم مسندِ أهل البيت، ثم مسانيد المكثرين من الرواية كالعبادلة الأربعة: ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عمرو، ثم مسند المكيِّين، ثم مسند المدنيين، ثم مسند الشاميين، ثم مسند الكوفيين، ثم مسند البصريين، ثم مسند الأنصار، ثم مسند النساء.

‌من ألف في المسانيد قبل الإمام أحمد:

لم يكن تأليفُ الإمام أحمد لمسنده بِدْعاً من التآليف، فقد سبقه إلى ذلك غيرُ واحد من أئمَّةِ هذا العلم في مُخْتَلِفِ أمصارِ المسلمين، لكن اختُلِفَ في أولِ من ألَّف على هذه الطريقة من الترتيب:

فقد قال الخليليُّ في "إرشاده" في ترجمة أبي داود الطيالسي: أولُ من صنَّف المسندَ على ترتيب الصحابة بالبصرة أبو داود الطيالسي (ت 204 هـ)، وبالكوفة عبيد الله بن موسى (ت 213 هـ)، ثم من صنَّفَ كان تَبَعاً لهما، ونَقَل هذا القول الذهبيُّ في "سير أعلام النبلاء" 9/ 554 في ترجمة عُبيد الله بن موسى.

(1) انظر "الرسالة المستطرفة" ص 60، 61.

ص: 51

أما ابنُ عدي، فقد ذكر في "الكامل" 7/ 2694 في ترجمة يحيى الحِمَّاني أنه يُقَالُ: إنَّ أول من صنَّف المسند بالبصرة مُسَدَّدٌ (ت 228 هـ)، وأوَّلُ مَنْ صنَّف بالكوفة يحيى الحِمَّاني (ت 228 هـ)، وأوَّل من صنَّف بمصر أسدُ السُّنَّة (ت 212 هـ).

وقال أبو بكر الخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 306: يُقالُ: إنَّ أول من جَمَع المسند وصنَّفه نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد. وهذا القول نقله الذهبيُّ في "سير أعلامِ النبلاء" 10/ 597 عن أحمد، إذ قال: أول من عَرَفْناه يكتُب المسند نُعيم بن حماد (ت 228 هـ).

ويُذكر في أوائل من صنف المسند بمكة الحُميدي (ت 219 هـ)، وهو أقدمُ موتاً من الحِمَّاني ومُسَدَّد، إلا أن هناك من هو أقدمُ موتاً من الحميدي وقد صنَّف المسند، هو محدث نيسابور أبو إسحاق إبراهيمُ بن نصر السُّورياني (ت 213 هـ).

وبصَرْفِ النَّظَر عمن سَبَق فعلاً إلى تأليفِ المسند، فإن هؤلاء الأئمة المذكورين هم مِنْ أوائل مَنْ صنَّفَ المسند، وسنَعرِضُ ترجمةً موجَزةً لكلٍّ منهم مرتبين حسب التسلسل الزمني لوفياتهم:

1 -

أبو داود الطيالسي (1)، وهو سليمانُ بنُ داود بن الجارود الطيالسي، نسبةً إلى الطيالسة التي تُجعَل على العمائم، مولى آل الزبير، الحافظ الثقة، ولد في البصرة سنة 133 هـ، وتُوفي بها سنةَ 203 أو 204 للهجرة، كان كثيرَ الحِفْظِ، قيلَ: كان يحفظ ثلاثين ألفَ حديثٍ، وكان يُملي مِن حفظه، ولا يروي مِن أصله، ولذلك أخطأ في عدة أحاديث، ومسنده (2)

(1) مترجم في "سير أعلام النبلاء" 9/ 378 - 384.

(2)

قال الإمام الذهبي في "السير": سمع يونس بن حبيب - يعني من أبي داود - عدة =

ص: 52

معروف متداول، طُبِع في حيدر آباد سنة 1321 هـ، وصوَّرته عنه دار المعرفة في بيروت. وقد رتبه على الأبواب الفقهية العلّامة الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي، في كتاب "منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود"، وطبع في المطبعة المنيرية بالأزهر سنة 1372 هـ.

وقد سقط من المطبوع مسانيد ثمانية من الصحابة رضوان الله عليهم كما هو مبين في مسرد أحاديث الصحابة المدرجة في الجزء الرابع منه انظر الصفحة 119 من المطبوع وهم على التوالي: العباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، وعبد الله بن جعفر، وكعب بن مالك، وسلمة بن الأكوع، وسهل بن سعد الساعدي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ومحل هذه المسانيد بعد السطر الثامن من الصفحة 131 من المطبوع.

2 -

أسد السنة، وهو الإمامُ الحافظُ الثقة أسدُ بنُ موسى بن إبراهيم ابن الخليفة الأُمَوي الوليد بن عبد الملك بن مروان القرشي الأموي المصري، وُلِدَ بمصر سنة اثنتين وثلاثين ومئة، روى له أبو داود والنسائي، واستشهد به البخاريُّ، مات بمصر سنة اثنتي عشرة ومئتين، وله ثمانون سنة (1).

= مجالس مفرقة، فهي المسند الذي وقع لنا.

وقال الخطيب البغدادي: قال لنا أبو نعيم: صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب مسند أبي داود. وهذا يدل على أن المسند هو جملة أحاديث حدّث بها الطيالسي من حفظه في عدة مجالس، وقد سمعها منه يونس بن حبيب ثم صنف هذه المسموعات أبو مسعود الرازي له، فجعلها مسنداً. وانظر "فتح المغيث" 1/ 88.

(1)

مترجم في "سير إعلام النبلاء" 10/ 162 - 164.

ص: 53

3 -

السُّورياني (نسبة إلى سُوريان قرية من قرى نيسابور)، وهو الإمامُ الحافظُ البارعُ محدث نيسابور أبو إسحاق إبراهيمُ بنُ نصر الخراساني المُطَّوّعي الغازي، كان أبو زرعة يُقدِّمُه ويُفخِّمُه، استُشهِد في حرب بابك الخرَّمي سنة ثلاث عشرة ومئتين، ويقال: سنة عشر ومئتين في الكهولة (1).

4 -

عُبيدُ الله بن موسى العَبْسِي أبو محمد، الإمام الحافظ الثقة العابد، وُلد في حدود عام عشرين ومئة، كان مجوِّداً للقرآن، وحديثه في الكتب الستة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين، وقيل: سنة أربع عشرة (2).

5 -

الحُميدي، وهو الإمامُ الحافظُ الثقة الفقيه شيخُ الحرم أبو بكر عبدُ الله بنُ الزبير بن عيسى القرشي الأسدي الحُميدي المكي، حَدَّث عنه البخاريُّ وأبو داود والترمذي والنسائي، مات بمكة سنة تسع عشرة ومئتين، وقيل: سنة عشرين (3). و "مسنده" مطبوع متداول، طبع في جزأين بتحقيق العلّامة المحدث حبيب الرحمن الأعظمي، وهو من منشورات المجلس العِلمي بالهند، وصُوِّر عن هذه الطبعة في بيروت.

6 -

يحيى الحِمَّاني، وهو الإمامُ الكبير الحافظ الثقة أبو زكريا يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني الكوفي، ولد نحو الخمسين ومئة، روى العُقَيْلي عنه أنه قال لقومٍ غرباء في مجلسه: مِن أين أنتم؟ فأخبروه، فقال: سمعتُم ببلدكم أحداً يتكلَّم فيَّ ويقولُ: إني ضعيفٌ في الحديث؟ لا تسمعوا كلام أهلِ الكوفة، فإنهم يحسُدُوني، لأني أوَّلُ من جمع المسند، وقد تقدَّمتهم في غير شيء. مات الحِمَّاني سنة ثمان وعشرين ومئتين في سامَرَّا، وكان

(1) مترجم في "سير أعلام النبلاء" 10/ 397.

(2)

مترجم في "سير أعلام النبلاء" 9/ 553 - 557.

(3)

مترجم في "سير أعلام النبلاء" 10/ 616 - 621.

ص: 54

أوَّل من مات بها من المحدثين الذين أُقدِموا إليها في مسألة خلق القرآن (1).

7 -

مُسَدَّد بن مُسَرْهَد، الإمامُ الحافظ الحجّة أبو الحسن الأسدي البصري، وُلد في حدود الخمسين ومئة، حدث عنه البخاريُّ، وأبو داود والترمذيُّ والنسائي، وقال أحمد ابن حنبل: مسدَّدٌ صدوق، فما كتبتَ عنه فلا تَعْدُ. مات سنة ثمان وعشرين ومئتين (2).

8 -

نُعَيم بن حمَّاد، العلامة المحدث أبو عبد الله الخُزاعي المَرْوزي، روى عنه البخاريُّ مقروناً بآخر وأبو داود والترمذي وابن ماجه بواسطة، أُشخِص من مصر إلى سامَرَّا في خلافة المعتصم، فسُئل عن القرآن، فأبى أن يُجيبَ فيه بشيء مما أرادوه عليه، فحُبسَ بسامَرَّا، ولم يَزَلْ محبوساً بها حتى ماتَ في السجن سنة ثمان وعشَرين ومئتين، وقيل: سنة تسع وعشرين (3).

9 -

الشيخ الإمام الحجة وأمير المؤمنين في الحديث أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم البصري المعروف بابن المديني المتوفى سنة 234 هـ.

قال أبو حاتم الرازي: كان ابن المديني علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل، وكان أحمد بن حنبل لا يسميه، إنما يكنيه تبجيلاً له، ما سمعت أحمد سماه قط.

(1) مترجم في "سير أعلام النبلاء" 10/ 526 - 540.

(2)

مترجم في "سير أعلام النبلاء" 10/ 591 - 595.

(3)

مترجم في "سير أعلام النبلاء" 10/ 595 - 612.

ص: 55

وقال الإمام البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.

وقال الذهبي في "السير" 11/ 43: وبرع في هذا الشأن، وصنف وجمع، وساد الحفاظ في معرفة العلل.

له "علل المسند" ثلاثون جزءاً حكاه الحاكم في معرفة "علوم الحديث" ص 71، وابن النديم في "الفهرست" ص 231، ويبدو أنه كان موجوداً أو أجزاء منه في القرن الثامن الهجري، فقد أكثر النقل عنه الحافظ ابن كثير في "مسند عمر" ولعله فُقِدَ فيما فُقِدَ من الكتب في كائنة تيمور سنة (803 هـ).

هؤلاء هم الأئمة الذين يُعَدُّونَ من أوائلِ من ألَّف المسند في بدايةِ القرنِ الثالث الهجري، ثم إنَّ الذين تتابعوا في التصنيف فيه كثرٌ، يَصعُبُ إحصاؤهم هنا، وثَمَّةَ مؤلفات سَرَدَتْ عدداً كبيراً منهم يُمكنُ الرجوعُ إليها كـ "الرسالة المستطرفة" ص 61 - 74، و "كشف الظنون"(1).

5 -

‌ الكلام على مسند أحمد:

شرع الإمامُ أحمد بتصنيف "المسنَد" مُنصَرَفه من عند عبدِ الرزاق (2)، أي نحو سنة (200 هـ)، وهو في السَّادسة والثلاثين من عمره، انتقاه من أكثر مِن سبع مئة ألف حديث (3)، سَمِعَها في رحلاته، فَضَمَّ نحو ثلاثين ألف

(1) ويمكن الرجوع أيضاً إلى فهارس "سير أعلام النبلاء" ففيه ذكر عدد كبير من المسانيد.

(2)

خصائص المسند: 25.

(3)

خصائص المسند: 21.

ص: 56

حديث (1) يرويها عن مئتين وثلاثة وثمانين شيخاً من شيوخه (2)، وكان قد كَتَبَه في أوراقٍ مفردة، و فَرَّقه في أجزاءٍ منفردةٍ على نحو ما تكونُ المسوَّدَة (3)، ورواه لولده عبد الله نسخاً وأجزاءً، وكان يأمُرُه: أن ضعْ هذا في مسند فلان، وهذا في مسند فلان (4)، وظلَّ يَنْظُرُ فيه إلى آخر حياته.

وكان رحمه الله شديدَ الحرص على إيراد ألفاظِ التحمُّل كما سمعها، مثل:"حدثنا"، "أخبرنا"، "سمعت"، "عن"، لا سيما إذا روى الحديث عن أكثر من شيخ، فإنه يذكر لفظ كل واحد منهم كما هو بَيِّن في الأصول الصحيحة المسموعة المعتمدة في طبعتنا هذه.

ولم يكن مَرْمى الإمام أحمد أن يرتِّبَ كتابه على أبواب الفقه، وإنما غايتُهُ هو جمعُ ما اشْتَهر من الحديث (5) على امتداد الرُّقعةِ الإسلامية بسندٍ متصلٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبَ رواته من الصحابة رضوان الله عليهم، وهي طريقة غايتُها الاستيعابُ، وهو ما أراده الإمامُ أحمد بقوله لابنه عبد الله: احتَفِظْ بهذا "المسند"، فإنه سيكونُ للناس إماماً (6). بل هذا ما دَفَعَ الإمامَ حقاً إلى عمل "المسند" مع ما عُرِفَ عنه من كراهيته لوَضْع الكتب، لكن في عصرٍ اختلطت فيه العقائدُ والأفكارُ والاجتهاداتُ أراد الإمامُ أحمد أن يكون "المسندُ" مَفْزَعاً يلجأُ إليه الناسُ، فقد ذُكر أنه قال فيه: عملتُ هذا الكتابَ إماماً، إذا اختلف الناسُ في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رَجَعُوا إليه (7). ولهذا أصبح أصلاً من أصولِ

(1) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: 191.

(2)

المصعد الأحمد: 34.

(3)

المصعد الأحمد: 30.

(4)

السير: 13/ 522.

(5)

خصائص المسند: 27.

(6)

السير: 11/ 327. (7) طبقات الحنابلة: 1/ 184.

ص: 57

الأمة كما قال الإمام السبكي (1)، بل إنه كتاب لم يُرْوَ على وجه الأرض كتابٌ في الحديث أعلى منه، كما قال الإمام ابن الجَزَري (2).

ونحو عام (225 هـ) عَقِيبَ المحنةِ (3) شرع الإمامُ أحمد بإسماعِه لولديهِ صالحٍ وعبدِ الله وابن عمِّه حنبل بن إسحاق، مع معاودة النظر في أحاديثه، وأمر عبدَ الله بالضرب على ما يتبين له علة فيه حتى وفاته (4). وكان عبدُ الله أكثرَهم مداومةً على السَّماع، وهو الذي انفردَ بعدُ برواية "المسند" عن أبيه (5) وزاد فيه أحاديثَ كثيرةً عن مشايخه مما يُماثِلُه ويشابِهُهُ، ولكنه لم يُحرِّرْ ترتيبَ "المسند" ولا سهَّله ولا هذَّبه (6)، بل أبقاه على حاله، مما جَعل الرغبةَ فيه تَقِلُّ، والإفادة منه عسرة المطلب، مع شدة الحاجة إليه، وكأنَّ الخطيب البغدادي عنى ما كان من بابَةِ هذا المسند بقوله:"فإني رأيتُ الكتابَ الكثيرَ الإفادة المُحْكَمَ الإِجادَةِ، ربما أُريدَ منه الشيءُ، فيعمَدُ من يُريدُ إلى إخراجه، فيَغمُضُ عنه مَوْضِعُهُ، ويَذْهَبُ بِطَلَبِه زمَانُه، فيتركُه وبه حاجةٌ إليه، وافتقارٌ إلى وجوده"(7) ولذا كان تيسيرُ الإفادةِ من هذا "المسند" أُمنية كثيرٍ من أهلِ العلم والفضل، ومنهم الإمامُ الذهبي الذي قال عندما تقدَّمَتْ به السِّنُّ، وأصبح عاجزاً عن النهوض بأعبائه يستنهِضُ هِمَمَ من يأتي بعدَه من أهلِ العلم: "فلعلَّ الله يُقَيِّضُ لهذا الدِّيوان العظيم من يُرَتِّبُه ويُهَذِّبُه، ويحذِفُ ما كُرِّرَ فيه، ويُصلِح ما تصَحَّفَ، ويُوضِّح حالَ كثيرٍ من رجاله، وينبِّهُ على

(1) طبقات الشافعية: 2/ 31.

(2)

المصعد الأحمد: 28.

(3)

انظر ص 42.

(4)

خصائص المسند: 24.

(5)

طبقات الحنابلة: 1/ 180، والسير: 13/ 516.

(6)

السير: 13/ 524، والمصعد الأحمد:30.

(7)

تاريخ بغداد: 1/ 213.

ص: 58

مُرسَلِه، ويُوهِنُ ما ينبغي من مناكيره، ويرتِّبُ الصحابةَ على المعجم، وكذلك أصحابهم على المعجم، ويَرمُزُ على رؤوسِ الحديث بأسماء الكتب الستة، وإن رتَّبَه على الأبواب فحَسَنٌ جميلٌ، ولولا أني قد عَجِزْتُ عن ذلك لِضعفِ البصر وعَدَمِ النية، وقُرْب الرحيل، لعَمِلْتُ في ذلك" (1).

ثم روى المسندَ عن عبدِ الله بن أحمد أبو بكرٍ القَطِيعيُّ، وزاد فيه زيادات في مسند الأنصار (2)، ولابن القطيعي وابن المُذْهِب من بعده يَعْزُو الإمام الذهبي بعضَ الأشياء غير المحكَمَةِ في المتن والإسناد بروايتهما (3).

وعلى هذه الصورة التي هي أقربُ ما تكونُ إلى المسوَّدة وَصَلَنا "المسند" ومن ثَمَّ وقع فيه خللٌ في جملةِ مواضعَ منه لا تَمَسُّ جوهرَ الكتاب، من مثل إدراج عدد من أحاديث المكثرين في غير مسانيدهم، وتكرارِ الحديثِ الواحد بإسناده ومتنه لِغير فائدةٍ في إعادته، وتفريق أحاديث الصحابي الواحد في أكثر من موضع من "المسند"، والخلط بين أحاديث الشاميين والمدنيين، وعدم التمييز بين روايات الكوفيين والبصريين، وتداخل بعض أحاديث الرجال بأحاديث النساء، واختلاط مسانيد القبائل بمسانيد أهل البلدان. وقد نبَّه على ذلك كُلِّه الحافظ ابن عساكر في كتابه "ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمدُ بن حنبل في المسند". ثم قال: ولست أظن ذلك إن شاء الله وقع من جهة أبي عبد الله رحمه الله، فإن محلَّه في هذا العلم أوفى، ومثل هذا على مثله لا يخفى، وقد نُراه توفي قبل تهذيبه، ونَزَلَ به أجلُه قبل تلفيقه

(1) السير: 13/ 525، ونرجو من الله العلي القدير أن نكون أهلاً لتحقيق أمنية الإمام الذهبي في هذا المسند لتتاح الإفادة منه لكل طالب علم بأيسر طريق وأهون سبيل.

(2)

المصعد الأحمد: 29، الفتح الرباني: 6/ 254، ولا يمكننا القطع بوجود هذه الزيادات والحكم عليها إلا بعد الانتهاء من تحقيق المسند كاملاً.

(3)

ميزان الاعتدال: 1/ 512.

ص: 59

وترتيبه، وإنما قرأه لأهل بيته قبل بذل مجهوده فيه خوفاً من حلول عائق بموته دونَ بلوغ مقصوده فيما يرتضيه.

وقد بيَّن الدكتور عامر حسن صبري محقق كتاب "ترتيب أسماء الصحابة" الأحاديث التي أدرجت في غير موضعها من "المسند"، معتمداً على الطبعة الميمنية، وها نحن نثبتها هنا نقلاً عنه مقدرين لجهوده، شاكرين لفضله:

1 -

أنس بن مالك: له حديثٌ في مسند عمر 1/ 56، وآخران في مسند عثمان 1/ 56، وأحاديث في مسند ابن عباس 1/ 259 و 267 و 296 و 363، وحديث في مسند جابر 3/ 378.

2 -

البراءُ بن عازب: له حديث في مسند ابن أبي أوفى 4/ 354، وحديثان في مسند زيد بن أرقم 4/ 372 و 373.

3 -

جابرُ بنُ عبد الله الأنصاري: له حديث في مسند ابن عباس 1/ 242، وآخر في مسند ابن عمر 2/ 35 وحديث في مسند عبد الله بن عمرو 2/ 181، وحديثان في مسند أبي هريرة 2/ 344 و 426، وأحاديث في مسند أبي سعيد الخدري 3/ 8 و 12 و 75، وحديث في مسند سلمة بن الأكوع 4/ 47، وآخر في مسند عبد الله بن ثعلبة بن صُعير 5/ 431.

4 -

الحسنُ بن علي بن أبي طالب: له حديث في مسند أبي هريرة 2/ 429.

5 -

الحسين بن علي بن أبي طالب: له حديث في مسند أبيه 1/ 78.

6 -

خزيمة بن ثابت الأنصاري: له حديث في مسند سعد بن أبي وقاص 1/ 182.

ص: 60

7 -

زيدُ بن أرقم: له حديثٌ في مسند علي بن أبي طالب 1/ 118.

8 -

سعد بن مالك أبي وقاص: له حديث في مسند أبي هريرة 2/ 330 - 331، وآخر في مسند أبي بكرة 5/ 46.

9 -

سهل بن أبي حَثْمة: له حديث في مسند رافع بن خديج 4/ 140.

10 -

طلحة بن عبيد الله: له حديث في مسند أبي هريرة 2/ 333.

11 -

عبادة بن الصامت: له حديث في مسند فضالة بن عبيد 6/ 21.

12 -

عبد الله بن الزبير: له حديثان في مسند عمر 1/ 27 و 38، وآخر في مسند ابن عباس 1/ 240، وثالث في مسند ابن عمر 2/ 139، ورابع في مسند جابر 3/ 313.

13 -

عبد الله بن زيد بن عاصم: له حديث في مسند أبي بشير 5/ 216.

14 -

عبد الله بن زيد بن عبد ربه: له حديث في مسند أبي بشير 5/ 216.

15 -

عبد الله بن عباس: له أحاديث في مسند عمر 1/ 23 و 27 و 38، وأحاديث في مسند ابن عمر 2/ 27 و 39 و 78 و 84 و 139، وحديث في مسند جابر 3/ 372، وحديث في مسند أبي هريرة 2/ 525، وحديث في مسند أبي عامر الأشعري 4/ 164، وحديث في مسند زيد بن ثابت 5/ 183، وأحاديث في مسند عائشة 6/ 34 و 55 و 215 و 275.

16 -

عبد الله بن عمر بن الخطاب: له أحاديث في آخر مسند أبيه 1/ 56 و 57، وحديث في مسند عثمان 1/ 66، وأحاديث في مسند ابن

ص: 61

عباس 1/ 27 و 241 و 254 و 280 و 330 و 335 و 338 و 352 و 361، وله ثلاثة أحاديث في مسند أبي سعيد 3/ 58 و 73 و 90، وحديث في مسند أنس 3/ 124، وحديثان في مسند جابر 3/ 372 و 386، وحديثان في مسند عائشة 6/ 80 و 214، وآخران في مسند حفصة 6/ 283 و 284.

17 -

عبد الله بن عمرو بن العاص: له حديث في مسند ابن عباس 1/ 271.

18 -

عبد الله بن مسعود: له حديث في مسند أبي هريرة 2/ 474، وحايث في مسند جابر 3/ 397، وحديث في مسند الأشعث بن قيس 5/ 212.

19 -

علي بن أبي طالب: له حديث في مسند عثمان 1/ 61 و 70 و 72، وحديث في مسند ابن عباس 1/ 315.

20 -

علي بن طلق الحنفي: له حديث في مسند علي بن أبي طالب 1/ 86.

21 -

عمرو بن عوف الأنصاري: له حديث في مسند ابن عباس 1/ 306.

22 -

عمر بن الخطاب: له حديث في مسند أبي بكر 1/ 71، وحديثان في مسند ابن عباس 1/ 263 و 264.

23 -

الفضل بن العباس: له حديثان في مسند أخيه عبد الله 1/ 355 و 359، وحديث في مسند المطلب بن ربيعة 4/ 167.

24 -

معاذ بن جبل: له حديث في مسند ابن أبي أوفى 4/ 381.

ص: 62

25 -

مقدام بن معد يكرب: له حديث في مسند المقداد بن عمرو 4/ 6.

26 -

نافع بن عتبة: له حديثان في مسند سعد بن أبي وقاص 1/ 178.

27 -

أبو الدرداء: له حديث في مسند أبي هريرة 2/ 357.

28 -

أبو ذر الغفاري: له حديث في مسند رافع بن عمرو 5/ 31.

29 -

أبو سَريحة الغفاري: له حديث في مسند أبي رافع 6/ 10.

30 -

أبو سعيد الخدري: له حديث في مسند عمر 1/ 27، وأحاديث في مسند أبي هريرة 2/ 232 و 272 و 302 و 303 و 310 و 319 و 383 و 447 و 449 و 465 و 471 و 479، وحديث في مسند أنس 3/ 224، وحديثان في مسند جابر 3/ 298 و 371، وله حديث في مسند زيد بن أرقم 4/ 374.

31 -

أبو الطفيل بن واثلة: له حديث في مسند ابن عباس 1/ 298.

32 -

أبو مالك الأشجعي: له حديث في مسند أبي هريرة 2/ 286.

33 -

أبو موسى الأشعري: له أحاديث في مسند ابن مسعود 1/ 402 و 405 و 450.

34 -

أبو هريرة: له حديثان في مسند ابن عباس 1/ 258 و 289، وحديثان في مسند ابن مسعود 1/ 398 و 400، وأحاديث في مسند ابن عمر 2/ 37 و 101 و 132، وأحاديث في مسند أبي سعيد الخدري 3/ 4 و 5 و 8 و 12 و 18 و 33 و 35 و 43 و 49 و 58 و 65 و 70 و 74 و 81 و 88 و 92 و 94 و 95، وحديث في مسند أنس 3/ 125، وأحاديث في مسند جابر 3/ 298 و 319 و 400، وحديث في مسند أبي طلحة بن سهل 4/ 28، وحديث في مسند تميم 4/ 103، وحديث في مسند زيد بن خالد 4/ 115، وحديث في مسند

ص: 63

عمرو بن العاص 4/ 204، وحديث في مسند عبد الله بن عدي 4/ 305، وحديث في مسند حابس 5/ 70، وأحاديث في مسند عائشة 6/ 73 و 169 و 244.

35 -

دُرة بنت أبي لهب: لها حديث في مسند عائشة 6/ 68.

36 -

سودة بنت زمعة: لها حديث في مسند ابن عباس 1/ 328.

37 -

عائشة بنت أبي بكر: لها أحاديث في مسند ابن عباس 1/ 218 و 229 و 250 و 288 و 296، وحديث في مسند ابن عمر 2/ 140، وحديثان في مسند أبي هريرة 2/ 277 و 278، وحديث في مسند أنس 3/ 266، وحديث في مسند حفصة 6/ 286، وأحاديث في مسند أم سلمة 6/ 289 و 290 و 308 و 313، وحديثان في مسند ميمونة 6/ 333 و 335.

38 -

ميمونة بنت الحارث: لها حديث في مسند عائشة 6/ 193.

39 -

أم سلمة هند بنت أبي أمية: لها أحاديث في مسند عائشة 6/ 33 و 34 و 36 و 184 و 203 و 245 و 259، وحديث في مسند أم حبيبة 6/ 336.

قلنا: إن الفهارسَ التي سَنَقُومُ بصُنْعِها تتكفَّلُ إن شاء الله بتقويم هذا الخلل، مع الاحتفاظ في الوقت نفسِه بنشر "المسند" على الصورة التي تركه بها مؤلِّفُه الإِمام أحمد، رحمه الله.

6 -

‌ أقسام الأحاديث التي في المسند:

وهذا "المسند" الذي ينتظمُ نحو ثلاثين ألفَ حديثٍ مُسْنَدةٍ، تنقسم أحاديثُه بطريق الاستقراء إلى ستة أقسام، منها ما هو صحيحٌ لذاته، ومنها ما هو صحيحٌ لغيره، ومنها ما هو حسن لذاته، ومنها ما هو حسن لغيره (1)، ومنها

(1) الحديث الحسن لذاته: هو الحديث المتصل الإسناد برواة معروفين بالصدق، وفي =

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ضبطهم قصورٌ عن رتبة رواة الصحيح، ولا يكونُ معلاً ولا شاذاً، وهو والصحيحُ سواءٌ إلا في تفاوت الضبط، فراوي الصحيح يُشتَرط فيه أن يكونَ موصوفاً بأعلى درجات الضبط، وراوي الحسن لا يشترط فيه أن يبلغ تلك الدرجة، وإن كان ليس عرياً عن الضبط في الجملة، وهذا النوعُ من الحسن قد اتفقوا على الاحتجاج به، وأنه إذا ورد من طُرُقٍ أو كان في الباب ما يشهد له ارتقى إلى درجة الصحيح لغيره، وقد أدرجه غير واحد من المحدثين الذين التزموا الصحة في تواليفهم مع قولهم: إنه دون الصحيح، كالإمام البخاري والإمام مسلم، فإنهما رحمهما الله لم يلتزما في أحاديث كتابيهما أن تكون كلها في أعلى درجات الصحة، وكذا الإمامان ابن خزيمة وابن حبان. انظر "شروط الأئمة الخمسة" للحازمي ص 57 - 58 وشرح مسلم 1/ 15 للنووي، و "الموقظة" ص 79 - 80 للذهبي، و "اختصار علوم الحديث" ص 37 لابن كثير، و "هدي الساري" 2/ 162 و 2/ 137 - 138 للحافظ ابن حجر.

والحسن لغيره أصله ضعيف كأن يكون في سنده مستور أو سيئ الحفظ أو موصوف بالاختلاط أو التدليس، أو مختلف في جرحه وتعديله اختلافاً لعذر الترجيح فيه، وإنما طرأ عليه الحسن بالعاضد الذي عضده، فاحْتُمِلَ لوجودِ العاضد، ولولا العاضدُ، لاستمرت صفة الضعف فيه. وفي هذا النوع من الحَسَنِ تتفاوتُ أنظار المحدثين، وتختلف أحكامهم فيه، ففريق منهم يَعْمِدُ إلى حديثٍ ما من هذه البابة، فيلتمسُ له الشواهد والمتابعات، ويرى أنها صالحة لتعضيده، فيخرجه من قسم الضعيف ويحسنه ويحتج به، بينما الفريق الآخر لا يرى أن تلك المتابعات والشواهد كافية لإخراجه من قسم الضعيف وتحسينه ولكل وجهة هو موليها. وانظر "الموقظة" ص 33.

أما إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي، أو اتهامه بالكذب، أو لفحش غلطه ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع، فإنه لا يرتقي إلى الحسن بل يزداد ضعفاً إلى ضعف إذ إنَّ تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحديث لا يرويه غيرهم يرجح عند جهابذة النقاد التهمة، ويؤيد ضعف روايتهم.

وقد تساهل غير واحد من المتأخرين ممن ينتحل هذه الصناعة في هذا القيد فحكموا على أحاديث ضعاف بالترقي إلى الحسن مع هذه العلة القوية.

ص: 65

ما هو ضعيفٌ ضعفاً خفيفاً، ومنها ما هو شديدُ الضعف، يكاد يقتربُ من الموضوع.

وهذه الأقسام بأنواعها ما عدا الأخير منها يُقِرُّ بوجودها في "المسند" الإمامُ أحمد، وكثيرٌ من أتباعه، ومِن غير أتباعه الذين لهم معرفةٌ بهذا الفنِّ.

ونحن نرى أحقيَّةَ هذا التقسيم وصحته؛ لأنَّ الدراسةَ الجادة التي قُمنا بها لكل حديث من أحاديثه جَعَلَتْنا نطمئنُّ إليه كلَّ الاطمئنان.

أما القضيةُ التي أُثيرت قديماً حولَ ما إذا كان في المسند أحاديثُ ضعيفة أو معلولة، فهذا مما يُسَلِّمُ به من له معرفة بهذا الشأن، والإِمامُ أحمد نفسُه يقول لابنه عن منهجه في "المسند": قَصَدْتُ في "المسند" الحديثَ المشهور، وتركتُ الناسَ تحت ستر الله تعالى، ولو أردتُ أن أقصِدَ ما صحَّ عندي، لم أروِ من هذا "المسند" إلا الشيءَ بَعْدَ الشيء، ولكنك يا بني تعرفُ طريقتي في الحديث، لستُ أُخالِفُ ما ضَعُفَ إذا لم يكن في الباب ما يَدفَعُه (1).

وفي كتاب "العلل" للإِمام أحمد عددٌ غيرُ قليلٍ من الأحاديث التي طَعَنَ هو بصحتها، وهي موجودةٌ في "المسند".

1 -

فقد جاء في "العلل" رقم (188): حدثنا سفيان، قال: سمعناه من أربعة عن عائشة لم يرفعوه: زُريق وعبد الله بن أبي بكر، ويحيى وعبد ربه، سمعوه من عمرة يعني القطع في ربع دينار. أعله بالوقف، وهو في "المسند" 6/ 104.

2 -

وفيه (367): سألت أبي قلت: يصح حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(1) خصائص المسند: 27.

ص: 66

"من ترك الجمعة عليه دينار أو نصف دينار يتصدق به" فقال: قدامة بن وبرة يرويه لا يُعرف رواه أيوب أبو العلاء (وهي عند أبي داود 1054) فلم يصل إسناده كما وصله همام، قال:"نصف درهم أو درهم" خالفه في الحكم، وقصر في الإسناد. وهو في "المسند" 5/ 8 و 14.

3 -

حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "رد ابنته إلى أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد" ضعفه في "المسند" 2/ 207 - 208 وفي "العلل"(538) و (539).

4 -

في "العلل"(709) و (715) أعل حديث عبد الله بن مسعود "ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فصلى، فلم يرفع يديه إلا مرة" وهو في "المسند" 1/ 388.

5 -

وفيه (1290): حدثني أبي، قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن علي بن المبارك، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير أن عمر بن معتب أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره أنه استفتى ابن عباس في مملوك تحته مملوكة، فطلقها تطليقتين، ثم أعتقها هل يصلح أن يخطبها؟ قال: نعم قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمعت أبي يقول: قال ابن المبارك لمعمر: يا أبا عروة، من أبو حسن هذا؟ لقد تحمل صخرة عظيمة. قال أبي: أبو حسن مولى عبد الله بن الحارث روى عنه الزهري وعمر بن معتب، فقلت لأبي: من عمر بن معتب هذا؟ فقال: روى عنه محمد بن أبي يحيى، قلت له: أعني عمر بن معتب: هو ثقة؟ قال: لا أدري. وهو في "المسند" 1/ 229.

6 -

وفيه (1366): سألته عن حديث عمر بن بيان التغلبي عن عروة بن المغيرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من باع الخمر فليشقص الخنازير" قلت: من عمر بن بيان؟ فقال: لا أعرفه. وهو في "المسند" 4/ 253.

ص: 67

7 -

وفيه (1711): سمعت أبي يقول في حديث أبي بشر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين قد قرأت المحكم، قال أبي: هذا عندي واه، أظنه قال: ضعيف. وهو في "المسند" 1/ 253.

8 -

وفيه (1795): أنه قال في حديث ابن عمر: "أحلت لنا ميتتان ودمان .... " هو منكر، وضعفه بعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أحد رواته، وهو في "المسند" 2/ 97.

9 -

وفيه (1884): سألت أبي عن حديث شعبة، عن أبي التياح، قال: سمعت أبا الجعد، عن أبي أمامة: خرج النبي على قاص

قال أبي: لا أدري من أبو الجعد هذا. وهو في "المسند" 5/ 261.

ولو كان كتاب "العلل" للخلال بين أيدينا، لوقفنا فيه على أحاديث كثيرة مما هو في "المسند" قد طعن فيها الإِمام أحمد كما قال ابن الجوزي رحمه الله، فيما سيأتي من كلامه قريباً.

وقال العلامةُ ابنُ القيم في كتاب "الفروسية"، الورقة 190 - 191 من نسخة الظاهرية، وهو يَرُدُّ دعوى القائل: إنَّ ما سكت عنه أحمدُ في المسند صحيح: إنَّ هذه الدعوى لا مُسْتَنَدَ لها البتة، بل أهلُ الحديث كُلُّهُمْ على خلافها، والإِمامُ أحمد لم يشترط في مسنده الصحيحَ، ولا التزمه، وفي مسنده عِدَّةُ أحاديثَ سُئِلَ هو عنها، فضعفها يعينها، وأنكرها:

1 -

كما روى 2/ 442 حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة يرفعه:"إذا كانَ النصفُ مِنْ شعبان فَأَمْسِكُوا عن الصِّيَامِ حتى يكونَ رمضان".

وقال حرب: سمعتُ أحمد يقول: هذا حديثٌ منكر، ولم يُحدث العلاءُ بحديثٍ أنكرَ من هذا وكان عبدُ الرحمن بنُ مهدي لا يُحَدِّثُ به البتة.

ص: 68

2 -

وروى 6/ 287 حديث: "لا صِيَامَ لمن لم يُبَيِّتِ الصيامَ من الليل".

وسأله الميموني عنه، فقال: أُخْبِرُك ما له عندي ذلك الإِسناد إلا أنَّه عن عائشة وحفصة إسنادان جيدان. يريد أنه موقوف.

3 -

وروى 2/ 386 و 442 و 458 و 470 حديث ابن المطوس عن أبيه، عن أبي هريرة:"من أفطر يوماً من رمضان لم يقضه عنه صيامُ الدهر".

وقال في رواية مهنا وقد سأله عنه: لا أعرف أبا المطوس، ولا ابن المطوس.

4 -

وروى 2/ 418 و 3/ 41: "لا وضوء لِمن لم يَذْكُرِ اسمَ الله عليه".

وقال المَرُّوذي: لم يصححه أبو عبد الله، وقال: ليس فيه شيءٌ يثبُتُ.

5 -

وروى 6/ 113 و 114 و 171 و 236 حديث عائشة: "مُرْنَ أزواجَكُنَّ أن يَغْسِلُوا عنهم أَثَرَ الغَائِطِ والبولِ فإنِّي أَسْتَحييهم، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يفعلُه".

وقال في رواية حرب: لم يصحَّ في الاستنجاء بالماء حديثٌ، قيل له: فحديث عائشة قال: لا يصح، لأنَّ غير قتادة لا يرفعه.

6 -

وروى 6/ 239 حديث عراك عن عائشة: "حَوِّلوا مقعدتي نحوَ القبلة".

وأعله بالإرسال، وأنكر أن يكونَ عراك سَمِعَ من عائشة، ويروى لجعفر بن الزبير، وقال في رواية المرُّوذي: ليس بشيء.

7 -

وروى 1/ 233 و 268 و 332 و 336 و 372 حديثَ: "وضؤ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّةً مرَّةً".

ص: 69

وقال في رواية مهنا: الأحاديثُ فيه ضعيفة.

8 -

وروى 3/ 481 حديث طلحة بن مصرِّف عن أبيه عن جده "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مسح رأسه حتى بلغ القَذَالَ".

وأنكره في رواية أبي داود وقال: ما أدري ما هذا؟ وابنُ عيينة كان ينكره.

9 -

وروى 2/ 223 حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه: "أيُّما رَجُلٍ مَسَّ ذكره فليتوضأ".

وقال في رواية أحمد بن هاشم الأنطاكي: ليس بذاك، وكأنَّه ضعفه.

10 -

وروى 5/ 194 حديث زيد بن خالد الجهني يرفعه: "مَن مَسَّ ذكره فليتوضأ".

وقال مهنا: سألتُ أحمد عنه فقال: ليس بصحيح الحديث، والحديث حديثُ بسرة! فقلت: مِن قِبَل مَنْ جاء خطؤه؟ فقال: مِن قبل ابن إسحاق أخطأ فيه، ومن طريقه رواه في "مسنده".

11 -

وروى 6/ 262 عن عائشة: "مَدَّت امرأةٌ مِنْ وراء السّتر بيدها كتاباً إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يده، وقال: ما أدري أيد رجلٍ أم يد امرأة، قال: لو كنت امرأة غَيَّرْتِ أظفارَك بالحِناء" وقال في رواية حنبل: هذا حديثٌ منكر.

12 -

وروى 2/ 198 حديث أبي هريرة يرفعه: "مَنِ اسْتَقَاءَ فَلْيُفْطِرْ، ومن ذَرَعَهُ القيءُ فَلَيْسَ عليه قضاء".

وعلله في رواية مهنا، وقال أبو داود: سألتُ أحمد عن هذا فقال:

ص: 70

ليس هذا بشيء، إنما هو "من أكل ناسياً فإنما أطعمه الله تعالى وسقاه".

13 -

وروى 1/ 215 و 222 و 244 و 280 حديث ابنِ عباس: "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم".

وقال في رواية مهنا وقد سأله عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح.

14 -

وروى 2/ 98 حديث ابن عمر يرفعه: "مَن اشْتَرَى ثَوباً بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ وفيه دِرْهَمٌ حرامٌ لم تُقْبَلْ له صَلاةٌ ما دَامَ عليَه".

وسأله أبو طالب عن هذا الحديثِ فقال: ليس به شيء له إسناد، وقال في رواية مهنا: لا أعرفُ يزيد بن عبد الله، ولا هاشماً الأوقص، ومن طريقهما رواه.

15 -

وروى (وهو في "العلل" (5982) وليس في "المسند") عن القواريري، عن معاذ بن معاذ، عن أشعث الحُمراني، عن ابن سيرين عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة:"كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يُصلي في شُعرنا ولا لُحفنا".

وقال في رواية ابنه عبد الله: ما سمعتُ عن أشعث أنكرَ من هذا، وأنكره انكاراً شديداً.

16 -

وروى 1/ 104 حديث علي أن العباس سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تَحِلَّ، فَرَخَّص له.

وقال الأثرم: سمعتُ أبا عبد الله ذُكِرَ له هذا الحديثُ فضعفه، وقال: ليس ذلك بشيءٍ، هذا مع أن مذهبَه جوازُ تعجيل الزكاة.

17 -

وروى 6/ 291 حديثَ أمِّ سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه يومَ النحر بمكة.

ص: 71

وقال في رواية الأثرم: هو خطأ، وقال وكيع عن أبيه مرسل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة أو نحو هذا.

وهذا أيضاً عجب، النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ما يصنع بمكة! يُنْكِرُ ذلك.

18 -

وروى 2/ 321 حديث أبي هريرة يرفعه: "مَن وَجَدَ سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا".

وقال في رواية حنبل: هذا حديث منكر.

19 -

ونظير ما نحن فيه سواء بسواء ما رواه 6/ 247 عن عثمان بن عمر، حدثنا يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نَذْرَ في معصية وكفارتُه كَفَّارَةُ اليمين".

فهذا حديث رواه وبنى عليه مذهبَه، واحتج به، ثم قال في رواية حنبل: هذا حديث منكر.

وهذا بابٌ واسع جداً لو تتبعناه لجاء كتاباً كبيراً.

والمقصودُ أنه ليس كُلُّ ما رواه، وسَكَتَ عنه يكونُ صحيحاً عنده وحتى لو كان صحيحاً عنده، وخالفه غيرُه في تصحيحه لم يكن قولُه حُجَّةً على نظيره.

وبهذا يُعرف وهم الحافظ أبي موسى المديني في قوله في "خصائص المسند" ص 24: إنَّ ما خَرَّجه الإِمام أحمد في مسنده، فهو صحيحٌ عنده، فإن أحمد لم يقل ذلك قط، ولا قال ما يَدُلُّ عليه، بل قال ما يَدُلُّ على خلافِ ذلكَ كما قال أبو العز بنُ كادش كما في "خصائص المسند" ص 27: إن عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال لأبيه؟ ما تقول في حديث ربعي عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلتُ: يصح؟ قال: لا، الأحاديثُ

ص: 72

بخلافه، وقد رواه الحفاظ عن ربعي عن رجلٍ لم يسمه، قال: فقلت له: قد ذكرتَه في "المسند"؟ فقال: قصدت في المسندِ الحديثَ المشهورَ وتركتُ الناسَ تحت سِتر الله، ولو أردتُ أن أَقْصِدَ ما صَحَّ عندي، لم أَرْوِ هذا المسندَ إلا الشيءَ بعدَ الشيء، ولكنك يا بني تَعْرِفُ طريقتي في الحديث لستُ أُخَالِفُ ما فيه ضعفٌ إذا لم يَكُنْ في البابِ شَيءٌ يدفعه. فهذا تصريحٌ منه رحمه الله تعالى بأنه أخرج فيه الصحيحَ وغيرَه.

وقد استشكل أبو موسى المديني هذه الحكاية في "خصائص المسند" ص 27 وظنها كلاماً متناقضاً، فقال: ما أظن هذا يَصِحُّ، لأنَّه كلامٌ متناقض، لأنه يقولُ: لَسْتُ أخالِفُ ما فيه ضعف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو يقول في هذا الحديث: الأحاديثُ بخلافه، قال: وإن صحَّ، فلعله كان أولاً، ثم أخرج منه ما ضعف، لأني طلبته في المسند، فلم أجده.

قال ابن القيم: ليس في هذا تناقضٌ من أحمد رحمه الله تعالى، بل هذا هو أصله الذي بنى عليه مذهبه وهو لا يُقَدِّمُ على الحديث الصحيحِ شيئاً لا عملاً ولا قياساً، ولا قولَ صاحب، وإذا لم يكن في المسألة حديثٌ صحيح، وكان فيها حديثٌ ضعيف، وليس في الباب شيء يَرُدُّه، عَمِلَ به، فإن عارضه ما هو أقوى منه تركه للمُعَارِضِ القوي، وإذا كان في المسألة حديث ضعيف وقياسٌ، قدَّمَ الحديثَ الضعيفَ على القياس انتهى.

وقد نَقَلَ ابنُ الجوزي من خط القاضي أبي يعلى الفَرَّاء في مسألة النبيذ، قال: إنما روى أحمدُ في "مسنده" ما اشتهر، ولم يقصِدِ الصحيحَ ولا السقيمَ (1).

وقال عبدُ الله: هذا "المسندُ" أخرجه أبي رحمه الله من سبع مئة ألف

(1) صيد الخاطر: 246.

ص: 73

حديث (1)، وأخرج فيه أحاديث معلولةً، بعضُها ذَكَر علَلَها، وسائرها في كتاب "العلل" لئلا يخرَّج في الصحيح (2).

وقد صوَّرَ لنا ابنُ الجوزي استغرابَ معاصريه من أن يكونَ في "المسند" ما ليس بصحيح، فقال: كان قد سألني بعضُ أصحاب الحديث: هل في "مسند الإمام أحمد" ما ليس بصحيح؟ فقلتُ: نعم. فعظَّمَ ذلك جماعةٌ ينتسبون إلى المذهب، فحَمَلْتُ أمرَهم على أنهم عوامُّ، وأهملتُ فكر ذلك، وإذا بهم قد كتبوا فتاوى، فكتب فيها جماعةٌ من أهل خُراسان منهم أبو العلاء الهَمَذاني، يُعظمون هذا القولَ ويردُّونَه، ويُقَبِّحون قولَ من قاله، فبقيتُ دَهِشاً متعجباً، وقلتُ في نفسي: واعجباً، صار المنتسبونَ إلى العلم عامَّةً أيضاً! وما ذاك إلا أنهم سَمِعُوا الحديثَ، ولم يَبحَثُوا عن صحيحه وسقيمه، وظنوا أنَّ مَنْ قال ما قلتُه قد تعرَّض للطَّعْنِ فيما أخرجه أحمد، وليس كذلك، فإن الإِمام أحمد روى المشهورَ والجيدَ وَالرديء، ثم هو قد رَدَّ كثيراً مما روى ولم يَقُلْ به، ولم يجعله مذهباً له، ومن نظر في كتاب "العلل" الذي صنَّفَه أبو بكر الخلّال رأى أحاديثَ كثيرةً كلها في "المسند" وقد طعن فيها أحمد (3).

وقال الحافظ السخاوي في "شرح الألفية" 1/ 89: والحق أن في مسند أحمد أحاديث كثيرة ضعيفة، وبعضُها أشدُّ في الضَّعف من بعض حتى إنَّ ابنَ الجوزي أدخل كثيراً منها في موضوعاته، ولكن قد تعقَّبَهُ في بعضها

(1) قلنا: يريد بهذا العدد اختلاف طرق الحديث باختلاف رواته، ويدخلُ فيه أيضاً الأحاديث الموقوفة، فإن الحديث الواحد قد يرويه عن الصحابي عدد من التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عدد من أتباع التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عدد من أتباع أتباع التابعين، وهكذا فيكون الحديث الواحد أحاديث كثيرة متعددة بهذا الاعتبار، فيتحقق هذا العدد الكبير.

(2)

فهرسة ابن خير: 140. (3) صيد الخاطر: 245 - 246.

ص: 74

الحافظ العراقيُّ في جزء له، وفي سائرها الحافظ ابن حجر، وحقَّقَ نفي الوضع عن جميع أحاديثه، وأنه أحسنُ انتقاءً وتحريراً من الكتبِ التي لم تلتزم الصحة في جمعها.

ولا يغُضُّ من قيمة المسند كثرة الأحاديث الضعيفة فيه، فإنَّ عدداً غير قليل منها صالحٌ للترقي إلى الحسن لغيره، والصحيح لغيره، وذلك بما وُجد له من متابعات وشواهد كما يظهر ذلك من تخريجنا للأحاديث وبيان درجاتها، وما تبقَّى منها، فهو من الضعيف الذي خَفَّ ضعفُه، ما عدا الأحاديث القليلة التي انتُقِدَتْ عليه، فإنه رحمه الله كان يرى الأخذَ بها والعملَ بمضمونها، وتقديمَها على القياس كما مرَّ في قوله لابنه عبد الله: لستُ أُخالِفُ ما ضَعُفَ من الحديث إذا لم يكن في الباب ما يدفعه (1).

وقد قال شيخ الإِسلام ابن تيمية (2): إن تعدُّدَ الطرقِ مع عدمِ التشاعر والاتفاق في العادة يُوجبُ العلمَ بمضمون المنقولِ - أي: بالقدر المشترك في أصل الخبر - لكن هذا يُنتَفَعُ به كثيراً في علم أحوال الناقلين - أي: نزعاتهم والجهة التي يحتمل أن يتعصَّبَ لها بعضُهم - وفي مثلِ هذا ينتفعُ برواية المجهول، والسيئِ الحفظ، وبالحديث المُرسَل، ونحو ذلك، ولهذا كان أهلُ العلم يَكتُبون مثلَ هذه الأحاديث، ويقولون: إنه يصلُحُ للشواهد والاعتبار ما لا يصلُح لغيره. قال الإمام أحمد: قد أكتبُ حديث الرجل لأعتبِرَه.

وقال شيخ الإِسلام أيضاً (3): وقد يروي الإمامُ أحمد وإسحاقُ وغَيْرُهُما أحاديثَ تكون ضعيفةً عندهم لاتهام رواتها بسُوءِ الحفظ، ونحو ذلك، ليعتبرَ

(1) خصائص المسند: 27.

(2)

مقدمة أصول التفسير: 30، وما بين معترضتين من كلامنا.

(3)

منهاج السنة: 4/ 15.

ص: 75

بها ويستشهدَ بها، فإنه قد يكونُ لذلك الحديثِ ما يَشهَدُ أنه محفوظ، وقد يكونُ له ما يشهد بأنه خطأ، وقد يكونُ صاحبُها كذاباً في الباطن ليس مشهوراً بالكذب، بل يروي كثيراً من الصدق، فيُروى حديثه، وليس كلُّ ما رواه الفاسق يكون كذباً، بل يجب التبيُّنُ في خبره كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} ، فيروى لتُنظَر سائر الشواهد هل تدلُّ على الصدق أو الكذب.

وقال رحمه الله أيضاً (1): وليس كلُّ ما رواه أحمد في "المسند" وغيره يكون حجةً عنده، بل يروي ما رواه أهلُ العلم، وشرطُهُ في "المسند" أن لا يرويَ عن المعروفين بالكذبِ عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف.

وقال الإِمامُ الذهبيُّ عن "المسند"(2): فيه جملةٌ من الأحاديث الضعيفة مما يَسوغُ نقلُها، ولا يجبُ الاحتجاجُ بها.

وكذلك قال الحافظ العراقي فيما نقله عنه الحافظ ابنُ حجر في "القول المسدَّد"(3): إن في "المسند" أحاديثَ ضعيفة كثيرة.

وقال الحافظ ابن حجر (4): و "مسند أحمد" ادَّعى قومٌ فيه الصحةَ، وكذا في شيوخه، وصنَّفَ الحافظُ أبو موسى المَدِيني في ذلك تصنيفاً، والحقُّ أنَّ أحاديثَه غالبُها جياد، والضعافُ منها إنما يُورِدُها للمتابعات، وفيه القليلُ من الضعاف الغرائبِ الأفرادِ، أخرجها، ثم صارَ يضرِبُ عليها شيئاً فشيئاً، وبقي منها بعدَه بقيةٌ.

(1) منهاج السنة: 4/ 27.

(2)

سير أعلام النبلاء: 11/ 329.

(3)

القول المسدَّد: 3.

(4)

تعجيل المنفعة: 6.

ص: 76

أما القسمُ السادسُ، وهو الأحاديثُ الشديدةُ الضعف التي تكادُ تقتربُ من الموضوع، فقد أشارَ إليها الإِمام الذهبي في كلامه عن "المسند"، فقال (1): وفيه أحاديثُ معدودة شِبْهُ موضوعةٍ، ولكنها قطرةٌ في بحر.

وقد أدرجها النقادُ في سِلْكِ الموضوعات فبلغت ثمانيةً وثلاثين حديثاً، أورد الحافظُ ابن حجر في "القول المسدَّد في الذبِّ عن مسند أحمد" الأحاديثَ التسعة التي جمعها الحافظ العراقي في جزءٍ وانتقدها، وأضاف إليها خمسةَ عشر حديثاً أوردها الإِمامُ ابنُ الجوزي في الموضوعات، وأجاب عنها حديثاً حديثاً، وقد فاته أحاديثُ أُخَرُ ذكرها ابن الجوزي في "الموضوعات" نقلها الإِمامُ السيوطي في جزء، وسماها "الذيل الممهَّد" وأجاب عنها وعِدَّتها أربعة عشر حديثاً.

وأقلُّ ما يقوله المتمكن في هذا الفن بعد النظر في هذه الأحاديث وما أجاب به العلماءُ عنها: إنها بالغة الضعف، وكثير منها يُعلم بطلانُ متونها بالبداهة، فلا يمكن أن تشد أزرها تلك المتابعات والشواهد وسنفصِّلُ القول في هذه الأحاديث المنتقدة في مواضعها من الكتاب، إن شاء الله تعالى.

هذا وإن الدراسة الدقيقة لأسانيد الأحاديث ومتونها التي وَرَدَتْ في الجزء الأول والتي بلغت خمس مئة وواحداً وستين حديثاً، كانت النتيجة التي توصلنا إليها من خلالها أن عدد الأحاديث الصحيحة لذاتها ولغيرها (359) حديثاً، وعدد الأحاديث الحسنة لذاتها ولغيرها (110) أحاديث، وعدد الأحاديث الضعيفة (79) حديثاً، وأكثرها ضعفه خفيف، وتوقفنا في الحكم على (13) حديثاً، وستكون هذه الدراسة إن شاء الله لعامة الأجزاء التي سَتصْدُرُ تِباعاً، وهي القول الفصلُ في هذا الباب.

(1) سير أعلام النبلاء: 11/ 329.

ص: 77

وأخيراً لا بدَّ من التنبيه هنا على أن تحسينَ الحديث الضعيف ضعفاً خفيفاً بتعدُّد طرقه، أو وجود شواهد له، مذهبٌ دَرَجَ عليه حفاظ الحديث ونقاده من الأئمة المتقدمين، أمثال الإِمام أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهم، وارتضاه المتأخرون من أهل العلم، وأخذوا به، ومَشَوْا عليه إلى يومنا هذا، وفيما دوَّنَه الحفاظ: المنذريُّ والعراقي وابن كثير والذهبي وابن حجر والزَّيْلعي وغيرهم في تواليفهم أمثلة كثيرة تَفُوقُ الحصرَ شاهدة بصحة ما نقول.

ولما كان هذا الأمرُ قد خَفِيَ على بعض من ينتحلُ صناعةَ الحديث في عصرِنا هذا، أو استراب في صحته وأحقيته، وَجَب أن نَبسُط القولَ فيما أُثِر عن الأئمة المتقدمين من إطلاق لفظ الحسن على كثير من الأحاديث التي خَفَّتْ فيها شروط الصحة، لإزالة هذه الشُّبهة من أذهانهم.

قال الحافظ ابن حجر في نُكَتِه على ابن الصَّلاح (1): وأما عليُّ بن المديني فقد أكثر من وَصْف الأحاديث بالصحة والحسن في "مسنده"(2) وفي "علله"، وظاهرُ عبارته أنه قَصَدَ المعنى الاصطلاحي، وكأنَّه الإِمامُ السابق لهذا الاصطلاح، وعنه أخذ البخاريُّ ويعقوبُ بن شيبة وغيرُ واحد، وعن البخاري أخذ الترمذيُّ.

فمن ذلك ما ذكره الترمذي في "العلل الكبير"(3) أنه سأل البخاري عن أحاديث التوقيت في المسح على الخفين، فقال: حديث صفوان بن عسَّال

(1) 1/ 426.

(2)

وقد نقل الحافظ ابن كثير في "مسند عمر" قول علي بن المديني في جملة أحاديث: حديث حسن، أو إسناد حسن، أو صالح الإسناد، أو إسناد جيد. انظرها في "مسند عمر" 1/ 111 و 132 و 277 و 288 و 307 و 333 و 357 و 512 و 526 و 544 و 605.

(3)

1/ 175.

ص: 78

صحيح، وحديث أبي بَكْرة رضي الله عنه حسن.

وحديثُ صفوان الذي أشار إليه موجود فيه شرائط الصحة، وحديث أبي بكرة رواه ابن ماجه (556) من رواية المهاجر أبي مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه. والمهاجرُ قال فيه وهيبٌ: إنه كان غيرَ حافظٍ، وقال ابنُ معين: صالح، وقال السَّاجي: صدوق، وقال أبو حاتم: لَيِّنُ الحديث، يُكتب حديثه، فهذا على شرط الحسن لذاته.

وذكر الترمذي أيضاً في "الجامع"(1366) أنه سأله عن حديث شريك بن عبد اللهِ النَّخَعي، عن أبي إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن رافع بن خَدِيج رضي الله تعالى عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ زَرَعَ في أرضِ قومٍ بغير إذْنهم، فليس له من الزَّرْع شيء، وله نَفَقَتُه" وهو من أفراد شريك عن أبي إسحاق، فقال البخاريُّ: هو حديث حسن. وتفرُّد شريك بمثل هذا الأصل عن أبي إسحاق مع كثرة الرواة عن أبي إسحاق مما يوجبُ التوقفَ عن الاحتجاج به، لكنه اعتضد بما رواه الترمذي بأثر الحديث (1366) أيضاً من طريق عُقْبَة بن الأَصَم، عن عطاء، عن رافع رضي الله عنه، فوصفه بالحسن.

وقال في "العلل"(1) بعد أن أورد حديث عثمان من طريق عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُخَلِّلُ لحيته: قال محمد - يعني البخاريَّ -: أصحُّ شيءٍ عندي في التخليل حديثُ عثمان.

قلتُ (أي الترمذي): إنَّهم يتكلَّمونَ في هذا الحديثِ، فقال: هو حسن.

(1) 1/ 112.

ص: 79

وقال الترمذي في "العلل" أيضاً (1) بَعْدَ أن روى حديث أبي هريرة من طريق معلى بن منصور، عن عبد الله بن جعفر المَخْرَمي، عن عثمان بن محمد بن الأخنس، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لَعَنَ المحلِّلَ والمحلَّل له.

فسألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن، وعبد الله بن جعفر صدوق ثقة، وعثمان بن محمد الأخنس ثقة، وكنت أظن أن عثمان لم يسمع من سعيد المقبري.

قلنا: وعثمان بن محمد: هو ابن المغيرة بن الأخنس، وثَّقه ابن معين، وقال ابن المديني: روى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مناكير، وقال الترمذي: يُعتَبَر حديثُه من غير رواية المَخْرَمي عنه، وقال النسائي: ليس بذاك القويِّ.

وروى الترمذي في "العلل"(2) من طريق أبي خزيمة، عن مالك بن دينار، عن الحسن حديث أنس مرفوعاً:"إنَّ الله ليؤيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجرِ"، ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فقال: حديث حسن.

وقد استعمل الإِمامُ أحمد لفظ الحسن الاصطلاحي الذي يُطلَق على الراوي الذي خفَّ ضبطه، فقد قال في محمد بن إسحاق صاحب "المغازي": حَسَنُ الحديث.

وقد ورد عنه أنه حَسَّن حديث: "من كنتُ مَوْلاهُ فعَليٌّ مولاهُ " فيما نقله عنه شيخ الإِسلام ابن تيمية في رسالته: تفضيل أبي بكر على عليٍّ رضي الله عنهما.

(1) 1/ 437.

(2)

2/ 955.

ص: 80

وقال ابن القيم (1) عن حديث رُكَانة في طلاق امرأته ثلاثاً في مجلسٍ واحدٍ: وقد صحح الإِمام أحمد هذا الإسناد وحسنه!

ونقل ابن سيِّد الناس (2) عن الحافظ محمد بن عبد الله بن نُمَيْر المتوفى سنة (234 هـ)، وهو في طبقة شيخ شيوخ الترمذي، قوله في ابن إسحاق: حسن الحديث، صدوق.

وقد أكثر الحافظ يعقوب بن شيبة السَّدُوسي البصري، المتوفى سنة (262 هـ)، استعمال كلمة حسن مريداً بها الحسن الاصطلاحي، وذلك في "مسنده الكبير المعلَّل" الذي قال فيه الذهبي: ما صُنِّف مسندٌ أحسنَ منه، ولكنه ما أتمَّه (3)، فقد ورد في القطعة الصغيرة التي طُبِعَتْ منه قولُه: هذا حديثٌ حسن الإِسناد، في أَكثر من موضع. انظرَ على سبيل المثال الصفحات: 51، 54، 55، 56، 65، 66، 82، 102 من طبعة مؤسسة الكتب الثقافية.

وفي كتاب "الجرح والتعديل"(4) لابن أبي حاتم في ترجمة إبراهيم بن يوسف بن إسحاق السَّبيعي: وسمعتُ أبي يقول: يُكتَب حديثه، وهو حسن الحديث.

وفي ترجمة محمد بن راشد المكحولي (5): قال أبي: كان صَدوقاً حسن الحديث.

وقد استعمل الإمام الترمذي الحسن بمعناه الاصطلاحي في جامعه، وأكثر منه حتى ظن كثير من أهل العلم أنه أول من استعمله وأتى به.

(1) إعلام الموقعين: 3/ 42 - 43.

(2)

عيون الأثر: 1/ 10. (3) تذكرة الحفاظ: 2/ 577.

(4)

2/ 148. (5) 7/ 253.

ص: 81

وقد أدرج الإِمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما جملة أحاديث في أسانيدها رواة تنزل رتبتهم عن رتبة أهل الضبط التام مما يقال في مثل أسانيدها: حسنة الإِسناد.

وقال الإِمامُ الذهبيُّ في "الموقظة" ص 32: أعلى مراتبِ الحَسَنِ:

1 -

بهزُ بن حكيم، عن أبيه، عن جده.

2 -

وعمرو بنُ شعيب، عن أبيه، عن جده.

3 -

ومحمدُ بنُ عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

4 -

وابنُ إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، وأمثال ذلك.

وهو قسم متجاذب بين الصحة والحسن، فإنَّ عدةً من الحفاظ يصححون هذه الطرقَ، وينعتونها بأنَّها من أدنى مراتب الصحيح.

وقال الإِمام الحافظ العلاّمة سراج الدين عمر بن رسلان البُلْقَيْنِي المتوفى سنة 805 هـ في "محاسن الاصطلاح" ص 109: قد أكثر يعقوبُ بن شيبة تلميذ علي بن المديني من تحسين الأحاديث في كتابه، وفي مواضع كثيرة يجمع بين الحسن والصحة، وجمع أبو علي الطوسي شيخ أبي حاتم الرازي في كتابه "الأحكام" بين الحسن والصحة والغرابة إثر كل حديث، وكان معاصراً للترمذي.

7 -

‌ عناية العلماء بالمسند:

استقطب "مسندُ" الإِمام أحمدَ اهتمامَ العلماءِ في كافَّةِ الأمصار والأعصار، وضربوا لسماعه أكبادَ الإِبل، ولقي مِن حفاوتهم وعظيم اعتنائهم وحِرصهم على قراءَته أو قراءةِ جزء منه ما يقضي منه المرءُ العَجَب العُجابَ، بل إنَّ بعضهم قد حَفِظَه كلَّه بالرَّغْم من أنه يَقرُب من ثلاثين ألف حديث،

ص: 82

وما ذاكَ إلا لأن هذا "المسند" قد حَوَى معظم الحديث النبوي الشريف، المصدر الثاني من مصادر شريعة الإِسلام، فقد جمعه مؤلِّفُه رضي الله عنه وانتقاه ليكون مثابةً للناس وإماماً، وصرَّح بذلك، فقال: عملت هذا الكتاب إماماً، إذا اختلف الناسُ في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رُجع إليه (1). وهكذا كان، فقد رُزِقَ هذا "المسند" من الشُّهرة والقَبول ما لم ينله كتابٌ آخر من المسانيد.

وقد تجلَّت عنايةُ العلماء به في الوجوه التالية:

‌أ- حرصهم على سماعه وقراءته:

فقد كان لدى أئمة علم الحديث رَغْبَةٌ شديدةُ في تحصيل قراءته، والظَّفَر بسماعه، حتى إذا ظَفِر أحدُهم بسماع جزء منه لم يستطِعْ أن يُخفيَ فرحته بتحصيله، فها هو الحافظُ المتقن أبو موسى المديني يقول (2): إن مما أنعم الله علينا أن رَزَقَنا سماعَ كتاب "المسند" للإِمام الكبير إمام الدِّين أبي عبد الله أحمد.

ويُصوِّر الحافظ أبو موسى ما كان يَجِدُه المحدث في نفسه من غِبْطَةٍ وفخرٍ إذا وقع له جزء من أجزاء هذا "المسند" فيقول (2): ولَعَمْري إن مَن كانَ مِن قَبْلِنا مِن الحفاظ يتبجَّحون بجزء واحد يَقَعُ لهم من حديث هذا الإمام الكبير.

ويستشهد أبو موسى المديني لِقوله هذا بذكر ما قاله أبو محمد المُزَني - وهو بشهادة المديني من الحفاظ الكبار المكثرين - لرجلٍ قَدِم عليه من بغداد كان أقام بها على كتابة الحديث إذ سأله أبو محمد المزنيُّ وذلك في سنة ستٍّ وخمسين وثلاث مئة عن فائدته ببغداد، وعن باقي إسناد العراق،

(1)"خصائص المسند" للمديني ص 22 (طبعة أحمد شاكر في مقدمة الجزء الأول من المسند).

(2)

في "خصائص المسند" ص 20.

ص: 83

فقال في جُملَة ما ذكر: سمعتُ "مسند" أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى من أبي بكر بن مالك في مئة وخمسين جزءاً، فعَجِبَ أبو محمد المزني من ذلك، وقال: مئة وخمسون جزءاً من حديث أحمد ابن حنبل! كنا ونحن بالعِراقِ إذا رأينا عندَ شيخٍ من شيوخنا جزءاً من حديث أحمد ابن حنبل قَضَيْنا العجبَ من ذلك، فكيف في هذا الوقت هذا "المسند" الجليل!

ثم ذكر المديني كيف أن الحاكمَ لم يبدأ بتأليف كتابه "المستدرك على الصحيحين" إلا بعد أن أقام في بغداد أشهراً، وسمع جملةَ "المسند" من أبي بكر بن مالك القَطِيعي.

ومن طريف ما ذكره أبو موسى المدينيُّ في شِدة حِرْصِ العلماء على سماع "المسند" وعنايتهم به ما رواه عن أبي بكر القطيعي - وهو الذي انتشر "المسند" عنه - قال: رأيتُ أبا بكر أحمد بن سلمان النَّجَّاد (1) في النوم وهو على حالة جميلة، فقلت: أيَّ شيء كان خَبَرُك؟ قال: كل ما تحبُّ، الزم ما أنت عليه وما نحن عليه، فإنَّ الأمرَ هو ما نحن عليه وما أنتم عليه، ثم قال: بالله إلا حَفِظْتَ هذا "المسند"، فهو إمامُ المسلمين وإليه يَرجِعون، وقد كنتُ قديماً أسألك بالله إن أَعَرْت منه أكثر من جزء لمن تعرفه ليَبقى.

ومما يُدهِشُ أيضاً أن بعضَهم قد حَفِظَه كُلَّه، فقد سُئِل الشيخ الإِمام الحافظ أبو الحسين علي بن الشيخ الإِمام الحافظ الفقيه محمد اليُونِينِي رحمهما الله تعالى - فيما رواه ابن الجَزَري (2) -: أنت تحفظُ الكُتُبَ الستَّة؟ فقال: أحفَظُها وما أحفظها، فقيل له: كيف هذا؟ فقال: أنا أحفظُ "مسند"

(1) هو الإمام المحدث الحافظ الفقيه المفتي شيخ العراق، مترجم في "سير أعلام النبلاء" 15/ 502.

(2)

في "المصعد الأحمد" ص 32 (مقدمة الجزء الأول لمسند أحمد).

ص: 84

أحمد، وما يفوتُ "المسندَ" من الكتب الستة إلا قليلٌ، أو قال: وما في الكتب هو في "المسند" يعني إلا قليل، وأصلُه في "المسند"، فأنا أحفظها بهذا الوجه (1).

وإن كان لا يفوتُ "المسند" من الكتب الستة إلا القليل، فإن مَنْ وَقَع له هذا "المسند" لم تَعُدْ به حاجةٌ إلى غيره، واستغنى به عما سواه، وهذا ما حصل لأبي بكر القطيعي، إذ قال - فيما رواه المديني (2) -: حضرتُ مجلس يوسف القاضي (3) سنة خمس وثمانين ومئتين، أَسْمَعُ منه كتاب "الوقوف"، فقال لي: مَنْ عنده "مسند" أحمد ابن حنبل و "الفضائل" أَيْشٍ يعمَلُ هاهنا؟

ويكفي لِتعليل هذه العناية الكبرى التي لقيها هذا "المسند" أن نَذْكُرَ ما قاله فيه ابنُ الجزري (4) حين وصفه فقال: هو كتابٌ لم يُرْوَ على وجه الأرض كتابٌ في الحديث أعلى منه.

(1) قلنا: وممن يغلب على ظننا أنه كان يحفظ "المسند"، وكانت أحاديثُه على أطراف ألسنتهم شيخُ الإسلام ابن تيمية أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم الدمشقي المتوفى سنة (728 هـ)، والإمام المحدث شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي الشهير بابن قيم الجوزية المتوفى سنة (751 هـ)، والحافظ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي المتوفى سنة (774 هـ)، والإمام الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الدمشقي الشهير بابن رجب المتوفى سنة (795 هـ).

(2)

في "خصائص المسند" ص 24.

(3)

هو الإمام الحافظ الفقيه يوسف بن يعقوب أبو محمد البغدادي القاضي، المتوفى سنة 297، مترجم في "السير" 14/ 85.

(4)

في "المصعد الأحمد" ص 29، 30.

ص: 85

‌ب - تقريبه وتيسير الإفاده منه:

وهذا هو الوجهُ الثاني من وجوه اعتناء العلماء بهذا الدِّيوان العظيم، فقد دَفَعَهُم إلى ذلك صعوبةُ البحث عن الأحاديث التي يحتاج إليها العالمُ منهُ، فكان أن ألَّفوا مؤلفاتٍ لتذليلِ هذه الصعوبة، وتيسير الاستفادة منه، فمن ذلك:

1 -

ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمدُ ابن حنبل في "المسند"(1) للحافظ أبي القاسم ابن عساكر المتوفَّى سنة 571 هـ، طبع بتحقيق الدكتور عامر حسن صبري.

2 -

ترتيبُ "المسند" للحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله الصامت ابن المُحبّ المتوفى سنة 789 هـ، ذكره ابنُ الجزري في "المُصعَد الأحمد" ص 39، وقال: رتبه على معجم الصحابة، ورتَّب الرواة كذلك كترتيب كتاب "الأطراف"، تَعِبَ فيه تعباً كثيراً، وقد أخذ هذا الكتاب المرتَّبَ من مؤلفه حافظُ الشام ومؤرخُ الإسلام عمادُ الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير المتوفى سنة (774 هـ)، وأضاف إليه أحاديثَ الكتب الستة، ومعجم الطبراني الكبير، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى الموصلي، قال تلميذُه ابن الجزري في "المصعد الأحمد" ص 40: وأجهَدَ نفسه كثيراً، وتعب فيه تعباً عظيماً، فجاء لا نظيرَ له في العالم، وأكمله إلا بعض مسند أبي هريرة، فإنه مات قبل أن يُكمِلَه، فإنه عُوجِلَ بكفِّ بصره.

3 -

ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم، لأبي بكر محمد بن عبد الله بن

(1) وقد استفدنا من هذا الكتاب معرفة ما سقط من المسانيد في الطبعة الميمنية وفيه -غير الترتيب والإحصاء- من الفوائد الحديثية النادرة التي لا يستغني عنها المتمرسون في هذا الفن لا سيما من يتولى خدمة المسند وتحقيقه.

ص: 86

عمر المقدسي الحنبلي، المتوفى سنة 820 هـ. انظر "تاريخ التراث العربي" لسزكين 3/ 221.

4 -

"ترتيب مسند الإِمام أحمد على أبواب صحيح البخاري" وقد أَلَّفَ هذا الكتابَ الإِمامُ علي بن الحسين بن عُروة بن زُكْنون المتوفى سنة (837 هـ)، وسماه "الكواكب الدراري"، قال السخاوي في "الضوء اللامع" 5/ 214 في ترجمته: رتب "المسند" على أبواب البخاري، وسماه "الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري" وشرحه في مئة وعشرين مجلداً، طريقته فيه إنه إذا جاء لحديثِ الإِفك مثلاً يأخذ نسخةً من شرحه للقاضي عياض، فيَضَعُها بتمامها، وإذا مرَّت به مسألة فيها تصنيف مُفرَدٌ لابن القيم أو شيخه ابن تيمية أو غيرهما وضعه بتمامه، ويستوفي ذاك الباب من "المغني" لابن قدامة ونحوه.

ويوجد من هذا الكتاب في المكتبة الظاهرية بدمشق المحمية عدةُ مجلدات تزيدُ على الأربعين، ومنه مجلدات في دار الكتب المصرية بمصر، وكان لهذا الكتاب فضلٌ كبير في حفظِ كثير من مؤلفات شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من الإِتلاف.

5 -

تهذيبُ المسند وترتيبه على الأبواب للشيخ الإِمام المحدث قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن محمد بن سليمان الحنبلي الشهير بابن زُريق المتوفى (841 هـ)، وقد فُقِدت هذه النسخة فيما فقد في كائنة تيمور في دمشق سنة (803 هـ).

6 -

أطرافُ الأحاديث التي اشتمل عليها المسند، للحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852 هـ، سماه "إطراف المُسنِدِ المُعتَلي بأطراف المُسنَد الحنبلي"، عندنا منه نسخة خطية (1).

(1) سيرد وصفها عند وصف النسخ الخطية.

ص: 87

7 -

"الفتحُ الرباني لترتيب مسند الإِمام أحمد ابن حنبل الشيباني" للشيخ العلامة أحمد بن عبد الرحمن البَنّا الشهير بالساعاتي المتوفى نحو سنة 1371 هـ/ 1951 م، وقد عَمَد فيه إلى السند فحذفه، ولم يُثبِتْه في المتن إلا في مواضع يسيرة حين تَمَسُّ الحاجةُ إلى ذكر اسم أحد رَواته، ثم إنه عَقَّب كُلَّ حديث بسنده في التعليق، وجمع الحديثَ الواحد المتكرر في غير ما موضعٍ، وجعله في مكان واحد بحيث لا يختَلُّ المعنى، وألمع إلى اختلاف الروايات، وميّز بينها بقوله: وفي رواية كذا وكذا

ثم إنه كَسَر الكتابَ على سبعة أقسام، وهي: التوحيد وأصول الدين، الفقه، تفسير القرآن، الترغيب، الترهيب، التاريخ، أحوال الآخرة وما يتقدم ذلك من الفتن، وأدرج تحت كلِّ قسم ما يدخُلُ في معناه من الكتب والأبواب، أما الأحاديث الطويلة الواردة في "المسند" فقد وَضَعها في أول باب يليق بها، ثم جزَّأ الحديث الواحد، فوضع كل جزء منه في الباب الذي يَنْدَرِجُ تحتَه. وهذا الكتاب مطبوع في القاهرة مع مختصر شرحه في أربعة وعشرين جزءاً.

8 -

ومن وجوه تقريبه صُنْعُ مختصرٍ له، وهذا ما فعله الشيخ الإِمام المحدث سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقّن الشافعي المتوفى سنة 804 هـ. انظر "كشف الظنون" 2/ 1680.

وكذا فعل الشيخ عمر بن أحمد الشّمَّاع الشافعي الحلبي المتوفى سنة 936 هـ، إذ انتقى من "المسند" كتاباً سماه "الدر المنضَّد من مسند أحمد". انظر "الكواكب السائرة" 2/ 225.

‌جـ - في التأليف حوله:

ومن مظاهر عناية العلماء بالمسنَد والاحتفاء به كثرةُ المؤلفات التي ألَّفها

ص: 88

أهلُ العلم فيه، وفي رجاله، وخصائصه، وشرح غريبه، وتجريد ثلاثياته (1)، وإعراب ما يُشْكِلُ من ألفاظه، فمن ذلك:

1 -

غريبُ الحديث على مسند أحمد ابن حنبل، للغوي الزاهد أبي عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المعروف بغُلام ثَعْلَب، المتوفى سنة (345 هـ)، ذكره ابنُ أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 2/ 682 عن أبي القاسم عبد الواحد بن برهان الأسدي قال: لم يتكلَّمْ في علم اللغة أحدٌ من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد، قال: وله كتاب "غريب الحديث" صنَّفَه على مسند أحمد ابن حنبل، وجعل يستحسنُه جداً (2).

2 -

"خصائص المسند" للحافظ أبي موسى المديني، المتوفى سنة (581 هـ)، طبع في أول كتاب "المسند" بتحقيق العلامة أحمد شاكر.

وألَّف في خصائصه وفضائله أيضاً ابن الجزري المتوفى سنة (833 هـ) كتاباً سماه "المصعد الأحمد في ختم مسند الإِمام أحمد"، وهو مطبوع كذلك في أول "المسند" بتحقيق العلامة أحمد شاكر.

3 -

تجريد ثلاثياته للإِمام العلّامة المحدّث محب الدين إسماعيل بن عمر المقدسي المتوفى سنة (613 هـ).

وللإِمام الحجة ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد

(1) الحديث الثلاثي: هو ما كان في سنده بين المخرج للحديث وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رواة، صحابي وتابعي وتابع تابعي.

(2)

تحرف قوله "يستحسنه جداً" في مطبوع "الطبقات" إلى "نسخته جداً" وهو تحريف طريف لم يتفطن إليه محققه.

ص: 89

المقدسي المتوفى سنة (643 هـ).

وشرح بعضُهم هذه الثلاثيات كالعلامة المُتَفنِّن محمد بن أحمد بن سالم السفاريني المتوفى 1188 هـ، وسماه "نفثات صدر المُكْمَد وقرّة عين المسعَد بشرح ثلاثيات مسند الإِمام أحمد"، طبع في دمشق بعناية الأستاذ الفاضل الشيخ عبد القادر الأرنؤوط سنة 1380 هـ.

4 -

تراجم رجاله، صنَّف في ذلك الإِمامُ الحافظ أبو المحاسن شمس الدين محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحُسَيني الشافعي المتوفى سنة 765 هـ، كتاباً سماه "الإكمال في تراجم من له رواية في مسند الإِمام أحمد ممن ليس لهم ذكر في تهذيب الكمال" للحافظ المزي، وقد طُبع بتحقيق عبد المعطي قلعجي سنة 1989 م، ثم طبع سنة 1992 م بتحقيق عبد الله السرور.

قال ابنُ الجزري في "المصعد الأحمد" ص 40: وأما رجال "المسند" فما لم يكن في "تهذيب الكمال" أفرده المحدثُ الحافظ شمس الدين محمد بن علي بن الحسن الحسيني بإفادة شيخنا الحافظ أبي بكر بن المحب فيما قَصَّرَ، وما فاته فإني استدركته وأضفته إليه في كتاب سميته "المقصد الأحمد في رجال مسند أحمد" وقد تَلِفَ بعضه في الفتنة، فكتبته بعد ذلك مختصراً.

وألف الحافظ الناقدُ العلّامة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة (852 هـ) كتاباً سماه "تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة" ويبدو لنا أن الحافظ ابن حجر قد ألفه على عجل، فليس فيه من التحقيقات المتقنة التي نقع عليها في عامة مؤلفاته، وهو مطبوع طبعة يفشو فيها التصحيف والتحريف والسقط سنة (1324) هـ بحيدرآباد الدكن.

ص: 90

وقد فاته أن يترجمَ لعددٍ غير قليلٍ من رواة "المسند" الذين هم من شرطِهِ، وسننبه على ذلك في دراستنا للأسانيد إن شاء الله تعالى.

5 -

إفراد زوائده، وألف في ذلك الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة (807 هـ) كتاب "غاية المُقْصَد في زوائد المُسند" أفرد زوائده على الكتب الستة بأسانيدها، ورتبها على الأبواب، وهذا الكتاب لم يُطبَع بعد، وعندنا منه نسخة مصورة (1)، وقد أُدرِجت زوائدُ "المسند" بعد حذفِ الأسانيد في "مجمع الزوائد" للمؤلف نفسه.

6 -

إعراب ما يُشكِل من ألفاظه، وألَّف في ذلك جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ كتابه المسمى "عقود الزَّبرجَد على مسند أحمد" طبع في بيروت. ولأبي البقاء العكبري كتاب "إعراب الحديث النبوي" أورد فيه أحاديث كثيرة من مسند الإمام أحمد، طُبِع ضمن مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق بتحقيق الأستاذ عبد الإِله نبهان.

7 -

الدفاع عن الأحاديث القليلة الموجودة فيه، التي انتقدها الحفاظ وحكموا عليها بالوضع، وألَّف في ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني كتاب "القول المسدَّد في الذَّبِّ عن مسند الإِمام أحمد" طُبع بدائرة المعارف بحيدرأباد، وفي غيرها.

وألّف العلّامة محمد صبغة الله المِدْراسي الهندي رحمه الله "ذيل القول المسدَّد" طبع مع "القول المسدَّد" بحيدرآباد، الطبعة الثالثة، سنة 1979 م.

8 -

شرحه، وألف في ذلك حاشيةً نفيسة عليه العالم المحدث المحقق أبو الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي السندي المتوفى سنة 1139 هـ. وقد تضمنت تعليقات لطيفة اقتصر فيها على ذكر ما يحتاج إليه القارئ والمدرس من ضبط اللفظ وإيضاح الغريب والإعراب، وما إلى ذلك وهي عندنا وسيرد وصفها في الكتب التي استعنا بها وأفدنا منها.

(1) وقد حقق في عدة رسائل جامعية في جامعة أم القرى.

ص: 91

‌د- روايته:

انفرد عبدُ الله بن أحمد ابن حنبل برواية "المسند" عن أبيه، مع أنَّه سمعه مع أخيه صالح وابنِ عم أبيه حنبل بن إسحاق، فصالح - وهو أكبرُ أولاد الإمام - كان كثيراً ما يتغيَّبُ عن السماع سعياً وراءَ عياله (1)، ولعلَّ حنبلَ بن إسحاق اهتمَّ بفقه الإِمام أحمد أكثر من اهتمامه بحديثه (2)، ومن ثَمَّ انفرد عبدُ الله بسماع سائر "المسند" عن أبيه (3)، بل إن بعضَ الأحاديث سمعها منه مرتين وثلاثة (4)، وقد أدَّى لنا "المسندَ" كما سمعه وزاد عليه أحاديثَ عن عوالي شيوخه (5) وقد بلغ عددهم مئة وثلاثةً وسبعين شيخاً (6).

وثَّقه النسائي والدارقطني والخطيب وغيرهم، وحدَّث عنه النسائي وابن صاعد، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر بن النّجاد، وأبو بكر القطيعي، وخلق كثير. كانت ولادته سنة (213 هـ)، وتوفي سنة (290 هـ) عن سبع وسبعين سنة (7).

وقد انتهى إلينا "المسندُ" برواية ابنِ الحُصَيْن عن ابن المُذْهِب، عن القطيعي، عن عبد الله بن أحمد، عن الإِمام أحمد.

فأما الراوي عن عبد الله: فهو أبو بكرٍ أحمدُ بن جعفر بن حمدان بن مالك القَطِيعيُّ، ولد سنة (274 هـ)، سمع "المسند" مع عمِّ أمه عبد الله بن الجصَّاص، وكان لأبيه جعفر اتصالٌ بالدولة، وكان عبدُ الله يقرأ "المسنَدَ" لابن ذلك السلطان، فحضر القطيعيُّ أيضاً، وسَمِعه منه (8).

(1) طبقات الحنابلة: 1/ 182. (2) طبقات الحنابلة: 1/ 143.

(3)

السير: 11/ 181، 13/ 517. (4) السير: 13/ 520.

(5)

السير: 13/ 524. (6) المصعد الأحمد: 34.

(7)

السير: 13/ 516 - 526. (8) السير: 16/ 212.

ص: 92

وقد اتَّهمه ابنُ أبي الفوارس، فقال: لم يكن بذاك، له في بعض "المسند" أصولٌ فيها نَظَر، ذُكر أنه كتبها بعد الغَرق (1). وكانت القطيعةُ - حيث يسكن - قد غَرِقت، فغرق فيها بعضُ كتبه، فَغَمَزَه الناس لاستحداث نسخها من كتاب لم يكن فيه سماعُه (2)، وقد دافع ابنُ الجوزي عن هذه التهمة بقوله: ومثلُ هذا لا يُطعَنُ به عليه، لأنه يجوزُ أن تكونَ تلك الكتبُ التي غَرِقَت قد قُرِئَتْ عليه، وعُورِض بها أصلُه، وقد روى عنه الأئمةُ كالدارقطني، وابن شاهين، والبرقاني وأبي نعيم والحاكم (3).

وقال الخطيب البغدادي: لم يمتنع أحدٌ من الرواية عنه، ولا تَرَك الاحتجاجَ به (4). وقال الحاكم: ثقة مأمون (5).

توفِّي أبو بكر سنة (368 هـ) وله خمس وتسعون سنة (6).

وأما الراوي عن القَطيعي: فهو أبو علي الحسنُ بن علي ابن المُذْهِب، البغداديُّ الواعظ.

وُلِدَ سنة (355 هـ).

قال الخطيب البغدادي: كَتَبْنا عنه، وكان يروي عن ابنِ مالك القَطيعي "مسنَد" أحمد ابن حنبل بأسْرِه، وكان سماعُه صحيحاً إلا في أجزاء منه، فإنَّه أَلْحَقَ اسمَه فيها (7).

وقد دافع ابن الجوزي عن هذه التهمة أيضاً بقوله: هذا لا يوجب القدحَ، لأنه إذا تيقَّنَ سماعه لِلكتاب جاز أن يكْتُبَ سماعَه بخطه (8).

(1) السير: 16/ 212. (2) تاريخ بغداد: 4/ 73.

(3)

المنتظم: 7/ 93. (4) تاريخ بغداد: 4/ 73.

(5)

ميزان الاعتدال: 1/ 88. (6) السير: 16/ 213.

(7)

تاريخ بغداد: 7/ 390. (8) المنتظم: 8/ 155.

ص: 93

وقال أبو بكر ابن نُقْطَة: ليتَ الخطيب نبَّه في أيٍّ مسندٍ تلك الأجزاءُ التي استثنى، ولو فَعَل لأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أن مسنَدي فَضالة بن عُبيد، وعوف بن مالك لم يكونا في نسخة ابن المُذْهِب، وكذلك أحاديثُ من مسند جابر، لم تُوجَدْ في نسخته، رواها الحرَّاني عن القطيعي، ولو كان ممن يُلحِقُ اسمه كما قيل لألحق ما ذكرناه أيضاً، والعجبُ من الخطيب يَرُدُّ قولَه بفعله (1).

قلنا: ويقوي هذا أنَّ الحافظ ابنَ عساكر قد روى "المسند" من طريق ابن المُذْهِب وليس في نسخته مسندُ فضالة بنِ عبيد وعوفِ بن مالك، فقد قال في كتابه "ترتيب أسماء الصحابة": عوفُ بن مالك الأشجعي في جزءٍ فيه فضالة بن عبيد، ولم يَقَعْ إلينا مسموعاً (2).

وقال ابن حجر في "أطراف المسند": وهو فَوْتٌ لابنِ المُذْهِبِ على القَطيعي لم يسمَعْهُ منه، وقد رواه عن القطيعي أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بِشران، وحدَّث به عنه أبو الحسن علي بن العَلَّاف، وهذا العلّاف قد أجاز لأبي القاسم بن عساكر ولأبي موسى المديني وطائفة، فيمكن اتصالُه بالإِجازة من طريق بعضهم (3).

توفي ابنُ المُذْهِبِ سنة (444 هـ)(4).

وأما الراوي عن ابن المُذْهِبِ: فهو أبو القاسم هبةُ الله بنُ محمد بن عبد الواحد بن الحُصَيْنِ الشَّيباني البغدادي.

ولد سنة (432 هـ).

(1) السير: 17/ 642.

(2)

ترتيب أسماء الصحابة: 87.

(3)

أطراف المسند: 1/ ورقة 225.

(4)

السير: 17/ 640 - 643.

ص: 94

قال ابن الجوزي: كان ثقةً، صحيحَ السماع، وسمعتُ منه "مسنَد" الإِمام أحمد جميعَهُ (1).

وقال السَّمعاني: شيخٌ ثقة، دَيِّنٌ، صحيحُ السماع، واسعُ الرواية (2).

وقد حدَّث عن ابنِ الحُصين أيضاً أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وحنبل بن عبد الله المكبِّر.

وعن ابن الحصين اشتهرت روايةُ "المسند" وذاع في جميع البلدان، ورواه العَدَدُ الجَمُّ مِن الحفاظ الثقات، وتَصدوا لإِسماعه وروايته. تُوفِّي ابنُ الحُصين سنة (525 هـ)(3).

وللحافظ أبي موسى المديني طريقٌ آخر للمسند ينتهي إلى القطيعي أورده في كتابه "خصائص المسند" قال: فإن مما أنعم الله علينا أن رَزَقَنا سماعَ كتاب المسند للإِمام الكبير، إمام الدِّين أبي عبد الله أحمدَ بنِ محمد بن حنبل الشيباني، رحمه الله تعالى، فحصَّل لي والدي رحمه الله وجزاه عني خيراً - إحضاري قراءته سنةَ خمس وخمس مئة على الشيخ المقرئ بقيةِ المشايخ أبي علي الحسن بن الحدَّاد، وكان سماعُه لأَكثره عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ - وما فاته منه قُرِئ عليه بإجازته له - وأبو نعيم كان يرويه عن شيخيه أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصوّاف، وأبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، على ما تنطِقُ فهرست مسموعاتي بخط والدي رحمه الله (4).

1 -

أما أبو علي بن الحدّاد، فهو مسندُ العصر، الشيخُ الإِمام،

(1) المنتظم: 10/ 24. (2) السير: 19/ 538.

(3)

السير: 19/ 536 - 539. (4) خصائص المسند: 20.

ص: 95

الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد بن علي بن مِهْرة الأَصْبَهَاني، شيخ أصبهان في القراءات والحديث جميعاً.

وُلِدَ سنة (419 هـ)، وبدأ بالسماع سنة (424 هـ) وبعدها، وأكثر عن أبي نعيم الحافظ، ومن جُملة ما سمع منه "مسند" الإِمام أحمد.

قال السمعاني: هو أجلُّ شيخٍ أجاز لي، رَحَلَ الناسُ إليه، وكان خيراً صالحاً ثقة.

توفي سنة (515 هـ)(1).

2 -

وأما أبو نعيم: فهو الإِمامُ، الحافظُ، الثقة، أحمدُ بن عبدِ الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مِهران، الأصبهاني، صاحب كتاب "حِلية الأولياء"، و "تاريخ أصبهان"، و "معرفة الصحابة"، و "المستخرج على الصحيحين".

وُلِدَ سنةَ (336 هـ).

كان حافظاً مبرِّزاً، عاليَ الإِسناد، تفرَّد في الدنيا بشيء كثيرٍ من العوالي، وهاجر إلى لُقِيّةِ الحفاظ.

توفي سنة (430 هـ)(2).

3 -

وأما أبو علي بنُ الصواف: فهو الشيخُ، الإِمام، المحدث، الثقة، الحجة، محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق البغدادي.

ولد سنة (270 هـ).

قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثلَ أبي علي بن الصواف.

(1) السير: 19/ 303 - 307. (2) السير: 17/ 453 - 463.

ص: 96

وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأموناً، ما رأيتُ مثله في التحرُّزِ.

توفي سنة (359 هـ) وله تسع وثمانون سنة (1).

وممن سَمِع "المسند" من ابن الحصين: المُسْنِد، المعمَّر، الصالح، أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سَعادة، الواسطي البغدادي، الرُّصافي، المكبِّر، وهو آخرُ من روى "المسند" عنه، فألحق الصغارَ بالكبار (2).

وُلِدَ سنة (511 هـ)، فبادر والدُه إلى شيخ الإسلام عبد القادر الكيلاني، فأعلمه أنه وُلِدَ له وَلَدٌ ذكر فقال: سمِّ ابنك حنبلاً، وأسمِعْه "المسند" فإنه يُعَمَّر ويُحْتَاجُ إليه (3). فسمَّعه أبوه وهو في الثانية عشرة من عمره جميعَ "المسند" من ابنِ الحصين بقراءة نحويِّ عصره أبي محمد بن الخشَّاب، وذلك في رجب وشعبان سنة (523 هـ)(4).

قال ابن الأنماطي: تتبَّعتُ سماعَ حنبل للمسند من عدة نُسَخ وأَثبات، وخطوط أئمة أثبات، إلى أن شاهدتُ بها أصولَ سماعه لجميع "المسند" سوى أجزاء من مسند ابن عباس، شاهدت بها نَقْلَ سماعه بخط من يُوثَق به. وسمعتُ منه جميعَ "المسند" ببغداد في نيف وعشرين مجلساً، ثم أخذتُ أرغِّبُه في السفرِ إلى الشام، وقلتُ له: يَحصُلُ لك مِن الدنيا شيء، وتُقْبِلُ عليك وجوهُ الناس، فقال: دعني، فو الله ما أُسَافِرُ من أجلهم، ولا لما يحصُل منهم، إنما أسافر خدمةً لِرسول الله صلى الله عليه وسلم، أروي أحاديثَه في بلدٍ لا تُرْوى.

(1) السير: 16/ 184 - 186.

(2)

ذيل الروضتين: 62.

(3)

المصعد الأحمد: 45.

(4)

السير: 21/ 431.

ص: 97

قال: ولما عَلِمَ الله تعالى نيتَه الصالحةَ، أقبل بوجوه الناس عليه، وحرَّك الهممَ للسماع عليه، فاجتمع عليه جماعةٌ ما اجتمعوا بمجلسٍ بدمشق.

قال ابنُ الجزري: وذلك في مجالس، آخِرُها في صفر سنةَ ثلاث وست مئة.

قالَ ابنُ الأنماطي: فحدَّث بالمسند بالبلدِ (يعني بدمشق) مرة، وبالجامع المظفَّري (أي بالصالحيَّة) أخرى، وازدحم عليه الخلقُ، وسمع منه السلطان الملك المعظَّم وأقاربه، وأبو عمر الزاهد، وسائر المقادسة (1)، وحدَّث عنه الكبارُ بالمسند كالشيخ الفقيه ببَعْلَبَك (ت 617 هـ، السير 22/ 101)، وقاضي الحنفية شمس الدين عبد الله بن عطاء (ت 673 هـ، الجواهر المضية 2/ 336)، والشيخ تقي الدين بن أبي اليُسر (ت 672 هـ، الوافي بالوفيات 9/ 71)، والشيخ شمس الدين بن قُدَامة (ت 682 هـ، ذيل طبقات الحنابلة 2/ 304)، والشيخ شمس الدين أبي الغنائم بن عَلّان (ت 631 هـ، السير 22/ 362)، والشيخ أبي العباس بن شيبان (ت 685 هـ، الوافي 6/ 417)، والشيخ فخر الدين بن البخاري (ت 690 هـ، ذيل طبقات الحنابلة 2/ 325)، والمرأة الصالحة زينب بنت مَكِّي (ت 688 هـ، العبر 5/ 358).

وأما من حدَّث عنه ببعض "المسند" فعددٌ كثير، ورجع إلى وطنه، فمرَّ

(1) كانت جماعة من المقادسة قد هاجروا من بيت المقدس وما حوله إبان الحروب الصليبية نحو سنة (551 هـ)، واستوطنوا جبل قاسيون في دمشق، ولصلاحهم نسب الجبل من بَعْدُ إليهم فسمي بالصَّالحية، وكانوا في الفقه على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل رضي الله عنه، وفي نسخ دار الكتب الظاهرية بدمشق من "المسند" سماعاتهم وخطوطهم، وعليها خط حنبل بتصحيح سماعهم منه.

ص: 98

على حلب، فحدَّث بالمسند بها، ثم بالمَوْصِلِ، فحدَّث بالمسند بها أيضاً وبإربل، ودخل إلى بغداد بخيرٍ كثير.

فتوفي بالرُّصافة في نصف المحرَّم سنة (604 هـ) عن نحو ثلاث وتسعين سنة، رحمه الله تعالى (1).

وعن حنبلٍ روى "المسند" الإِمامُ، العالم، المحدِّث، الفقيه، الصَّالح، الثقة، الأمين، فخر الدين، أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبد الواحد، السَّعْدي، المقدسي، الحنبلي، الشهير بابن البخاري، المتوفى سنة (690 هـ) بجبل قاسيون.

قال ابن الجزري: وقد قرئ عليه "المسندُ" مراتٍ، آخِرُها في سنة (689 هـ)، سَمِعَهُ منه جماعات بقراءة الإِمام كمال الدين أحمد بن أحمد بن محمد بن الشريشي (ت 718 هـ، الدرر الكامنة 1/ 252)، منهم شيختنا أم محمد ست العرب بنت محمد (ت 767 هـ، شذرات الذهب 6/ 208)، وآخرهم شيخنا صلاح الدين محمد بن أحمد (2).

وصلاح الدين: هو الشيخ الصالح، الصدوق، الدَّيِّن، الخيِّر، المُسْنِد، محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن شيخ الإسلام أبي عمر محمد بن أحمد بن قُدامة، المقدسي، الحنبلي.

قال ابن الجزري: أخذتُ عنه "المسند" كاملاً بقراءتي وقراءةِ غيري في نحو سبعِ سنين.

وسببُه أن نسخة أصلِ سماعِه كانت بخطِّ الحافظ الضياء رحمه الله تعالى فوُجِدَ بعضُها، وكان شيخُنا الحافظ الكبير شمس الدين أبو بكر ابن

(1) المصعد الأحمد: 45 - 46. (2) المصعد الأحمد: 49.

ص: 99

المُحب يُحَرِّضُنا على سماع "المسند" منه، ويقول: لا تشكُّوا في أنه سمعه كاملاً، فكنا نقرؤه من نسخة وَقْفِ البَاذْرائية (مدرسة لا تزال إلى يومنا هذا بمحلة العَمارة الجُوَّانية شمال شرق جامع بني أمية) لوضوحها، وكان بعضُ المحدثين قد احتاط عليها، ولا يُعطي منها شيئاً إلا بعد تعبٍ كثير فطالَتْ المدةُ لذلك.

وسمعه أيضاً كاملاً الشيخُ صدرُ الدين سليمان الياسوفي (ت 789 هـ، الدرر 2/ 166)، والشيخُ بدر الدين محمد بن مكتوم، والشيخُ شهاب الدين أحمدُ بن شيخنا عماد الدين بن الحُسْباني (ت 815 هـ، إنباء الغمر 7/ 78)، والشيخ شهابُ الدين أحمد بن الشيخ علاء الدين حِجِّي (ت 816 هـ، إنباء الغمر 7/ 121)، والمُحدِّث شمسُ الدين محمد بن محمود بن إسحاق الحلبي، والشيخُ الإمام ناصرُ الدين محمد بن عشائر الحلبيُّ (ت 789 هـ، الدرر 4/ 85)، والشيخ جمالُ الدين محمد بن ظُهَيْرة المكي (ت 817 هـ، العقد الثمين 2/ 53)، وصاحبنا أبو عبد الله محمدُ بنُ محمد بن ميمون البَلَوي الأندلسي (ت بعد التسعين وسبع مئة، غاية النهاية 2/ 255)، والفقيهُ الفاضل شمسُ الدين محمد بن عثمان بن سَعْد بن السَّقَّا المالكي وغيرهم.

وسمع بعضه عليه جماعة كثيرون.

ولم يَظْهَر سماعُه بالمجلد الثاني من مسند أبي هريرة، ولا بمسند عبد الله بن عَمْرو بن العاص، وفي آخره مسند أبي رِمْثَة نحو ثلاثة أوراق، ولا بمسند الكوفيين، ومسند ابن مسعود، ومسند ابن عمر، ومسند الشاميين، ومسند المكيين لعدم وقوفنا على ذلك من نسخة الحافظ الضِّياء، فكنا نقرأ ذلك عليه إجازةً إن لم يكن سماعاً، فظَهَر قبلَ موته مُجَلدان من ذلك بخطِّ الحافظ الضياء، وفيهما أَصْلُ سماعِه، فقال لنا الحافظ ابن المحبِّ: ألَمْ أقلْ

ص: 100

لكم: إنه سمع جميعَ "المسند". ثم بعد وفاة الشيخ صلاح الدين ظهر تتمَّةُ "المسند" بخط الحافظ الضياء، وظهر سماعُه فسُرَّ طلبةُ الحديث بذلك.

وكانت وفاته سنة (780 هـ) بمنزله بدَيْر الحنابلة بسَفْح قاسيون (1).

وذكر المُحَدِّثُ المتقنُ الشيخ أبو بكر محمدُ بنُ خَيْر الإِشبيلي، المتوفَّى سنة (575 هـ)، في "فهرسته"(2) من مروياته "مسند" الإِمام أحمد، وقال: حدثني به الشيخُ أبو محمد بن عتاب إجازةً، قال: حدثنا به أبو عمر بنُ عبد البر إجازةً، عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أبو بكر أحمدُ بن جعفر بن حمدان بن مالك، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبدُ الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي رحمه الله.

ثم قال: قال ابن عبد البر: وكذلك ناوَلَنِيه وأجازه لي أبو القاسم عبدُ الرحمن بن عبد الله بن خالد الوَهْراني، عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، عن عبد الله بن أحمد ابن حنبل، عن أبيه، رحمه الله.

قال أبو محمد بن عتاب: وحدثني به أيضاً أبو عمر أحمد بن محمد بن الحَذَّاء، وأبو القاسم حاتِمُ بنُ محمد الطرابُلُسِي، قالا: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوَهْراني، عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، عن عبدِ الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه.

وذكر أيضاً إسنادَه من طريق ابن الحُصَيْن.

وقال القاسم بن يوسف التُّجِيبيُّ السَّبْتي المتوفى سنة (730 هـ) في

(1) المصعد الأحمد: 51 - 52.

(2)

فهرست ابن خير: 139.

ص: 101

"برنامجه"(1) ص 121 - 122: سمعتُ يسيراً من "المسند"، وذلك جميع مسندِ أبي بكر الصديق رضي الله عنه، على الشيخ الفقيه المفتي علاء الدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن سلمان بن سليمان بن سالم بن سلامة الدمشقي الشافعي، المعروف بابن العَطَّار، وأجازنا جميعَه بحقِّ سماعه لجميعه على أبي محمد إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر التَّنُوخي، بحق سماعه من أبي علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة الرُّصافي البغدادي المكبِّر بجامع المهدي بالرصافة، بحقِّ سماعه لجميعه من أبي القاسم هبةِ الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين، بحقِّ سماعه من أبي علي الحسن بن علي بن المُذْهِب التميمي، بسماعِهِ من الإمام أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القَطيعي، بسماعه من أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد، بسماعه من أبيه أحمد بن محمد بن حنبل، رحمهم الله أجمعين.

وأخبرنا أيضاً به الشيخُ الفقيهُ الإمامُ - جار الله تعالى ونزيلُ حَرَمه - الأمين فخر الدين أبو عمرو عثمان بن محمد المالكي فيما شافهنا به من إذنه، وأقرَّ لنا بروايته، قال: قرأتُه على سفير الخلافة العباسية نجيب الدين أبي الفرج عبدِ اللطيف بن عبد المنعم الحراني في سنة إحدى وستين وست مئة بمنزله من القاهرة، بحقِّ سماعه من أبي محمد عبد الله بن أحمد الحربي في سنة ست وتسعين وخمس مئة ببغداد، بسماعه من أبي القاسم بن الحصين المذكور بالسند المذكور.

(1) البرنامج والفهرس والمعجم والمشيخة والثَّبَت، موضوعها واحد في اصطلاح المحدثين، وهو الكتاب الجامع لأسماء شيوخ المُحدث ومروياته عنهم، إلا أن أهل المشرق يستعملون كلمة ثَبَت ومعجم ومشيخة، وأهل المغرب والأندلس يستعملون كلمة الفهرس والبرنامج.

ص: 102

وكتب إلينا عامّاً المسنِدُ الأجلُّ، فخر الدين، أبو الحسن عليُّ بنُ الإِمام أبي العباس أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الحنبلي، المعروف بابن البُخاري، رحمه الله تعالى، قال: سمعتُ جميع هذا "المسند" على حنبلٍ المذكور، وهو آخِرُ من رُوي عنه في الدنيا.

وقال العلامة المحدث محمد بن جابر الوادي آشي الأصل، التونسي مولداً وإقامة، المتوفى سنة (749 هـ)، في "برنامجه" (1): ناولني "مسند الإمام أحمد" الشيخُ جمال الدين أبو يعقوب يوسف المِزِّي بدمشق، وكان في أربعة وعشرين سِفْراً، وأجازَنِيهِ، وحدثني به بحقِّ سماعه لجميعه على أبي الغنائم المسلَّم بن محمد بن المسلَّم بن علَّان القيسي، وبجميعه إلَّا مسندَ بني هاشم على أبي العباس أحمد بن شيبان بن تغلب، بسماعهما من حنبل بن عبد الله الرصافي، عن أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحُصَيْن، عن أبي علي بن المُذْهِب، عن أبي بكر القَطيعي، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، مع ما فيه من زيادات عبد الله عن شيوخه.

وقد ذكر الوادي آشي (2) أن صفي الدين محمود بن أبي بكر بن محمود الأُرْمَوي القَرَافي المتوفى سنة (723 هـ) قرأ "المسند" على المسلَّم بن علان.

وذكر أيضاً (3) أن الإِمامَ المحدِّثَ البارعَ المتقن شهاب الدين أحمد بن فَرْح بن محمد الإِشبيلي الأندلسي الشافعي المتوفى سنة (699 هـ) سمع

(1) ص 200 - 201.

(2)

في "برنامجه": 88.

(3)

ص 111.

ص: 103

"المسند" على شرف الدين عبد العزيز بن محمد الأنصاري، بسماعه من عبد الله بن أحمد بن أبي المَجْد الحَرْبي، بسماعه من ابن الحُصين (1).

8 -

‌ وصف النسخ المعتمدة:

اعتمدنا في تحقيقنا للمسند على عِدَّةِ نسخٍ خطية، حصلنا على صُوَرٍ عنها من دمشق والقاهرة وبغداد والمَوْصِل واستنبول والرياض، منها ما هو كاملٌ لا نقصَ فيه، ومنها ما وقع فيه بعضُ النقص، أو كان قطعة من المسند، وإليك وصفَ هذه النسخ:

‌1 - نسخة المكتبة القادرية (2) ببغداد

تحت رقم (661) وقد رمزنا إليها بالرمز (ق).

وهذه النسخة متقنة يَنْدُرُ وقوعُ الخطأ فيها، نُسخت بخطٍّ جميل واضح، حديثِ العهد، فقد كتبت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وهي نسخة مقابلة على نسخٍ صحيحة، بعضُها قديم قد تداولها أهلُ العلم كابنِ عساكر وغيره من أئمة الحديث، كما يظهر ذلك مما كتبه الشيخ أبو الخير الخطيب على هوامش الكتاب، وقد أثبتنا نصوصَ ما كتبه في وصفنا لِكل جزء من هذه النسخة.

(1) وسنورد مزيداً من الرواة عند وصف النسخ الخطية المعتمدة.

(2)

نسبة إلى الإمام العالم الزاهد، الشيخ عبد القادر الجيلي، إمام الحنابلة، وشيخهم في عصره، وهي تقعُ في بغداد بمحلة باب الشيخ المعروفة في التاريخ بباب الأزج، وهي أصلُ مدرسة شيخ الحنابلة أبي سعد المبارك بن علي المخرِّمي البغدادي، التي تولى التدريسَ بها تلميذُه الشيخ عبد القادر حتى وفاته سنة (561 هـ) فنسبت إليه. والمكتبة القادرية هي ملحقة بمسجد الشيخ عبد القادر.

ص: 104

وهذه النسخة كاملة، تحتوي على المسندِ كُلِّهِ، وتقعُ في أربعة مجلدات، على النحو التالي:

- المجلد الأول: وعَدَدُ صفحاته (569) صفحة، ويبتدئ بمسند أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه، و ينتهي بمسند أبي رمثة رضي الله عنه.

وعلى لوحة العنوان طبع خاتم، نصه: هدية من وقف عاتكة خاتون إلى مكتبة المدرسة القادرية العامة، وقد تكرر هذا الخاتم في المجلدات الثلاثة الباقية.

وجاء في الصفحة الأخيرة منه ما نصه: قد تمَّ هذا المجلد الأول من مسند الإِمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه، ونفعنا الله تعالى به وبعلمه، يومَ الأحد لخمسة عشر يوماً مضين من شهر جمادى الآخرة من شهور سنةِ الألفِ ومئتين وخمسة وتسعين هجرية، على صاحبها أفضلُ صلاة وأكملُ تحية، بقلم الحقيرِ الفقيرِ، أفقرِ العباد وأذلِّهِمْ وأدناهم محمد الحافظ بن علي بن ملا أحمد سبتة الشيخلي (1)، غفر الله له وللمؤمنين أجمعين، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لكتابته كله آمين.

وعلى هامش الصفحة الأخيرة ما نصه: بلغ ولله الحمد والمنة مقابلةً إلى انتهاء هذا الجزء الشريف على نسخة مقابلة صحيحةٍ على حسب طاقة هذا العبدِ العاجز الحقير، ما عدا من صحيفة إحدى وستين إلى صحيفة مئة وتسع وأربعين، فإن نسخة المكتبة مخرومة من هذا الموضع، وأمعنتُ النظرَ في المكتبة فلم أجد عن هذا الموضع أصلاً. ثم إني إن عثرتُ عندَ أحدٍ من أهل العلم أُتِمُّ ذلك إن شاء الله تعالى، وأكتبُ بأني عثرتُ وتممتُ، وإلا فلا حولَ

(1) نسبة إلى باب الشيخ ببغداد (انظر التعليق السابق) ولم نجد للناسخ ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.

ص: 105

ولا قوةَ إلا بالله، حيث إن أكثر كتب الإسلام انتقلت إلى غير بلادنا

الفقير إليه تعالى محمد أبو الخير ابن المرحوم الشيخ عبد القادر الخطيب، خطيب الجامع الأموي (1).

وعلى هامشها أيضاً ما نصه: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لمستحق الحمد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه أولي الفضل والمجد، قد سَهَّل الله تعالى بمنه وكرمه نسخة فقابلت عليها الذي لم يكن مقابلاً قبله، وهو من صحيفة إحدى وستين إلى صحيفة مئة وتسع وأربعين

والحمد لله رب العالمين، الفقير إليه تعالى محمد أبو الخير الخطيب.

- المجلد الثاني: وعدد صفحاته (512) صفحة، ويبتدئ بمسند أبي

(1) هو العالم الكبير، خطيب الجامع الأموي بدمشق، محمد أبو الخير بن عبد القادر بن صالح بن عبد الرحيم بن محمد، الخطيب الحسني الشافعي، وُلِدَ بدمشق سنة (1247 هـ)، ونشأ في حجر والده، وكان أكثرُ انتفاعه منه، أخذ قسماً من العلوم والفنون عن بعض علماء دمشق، تصدَّرَ للتدريس والوعظ والإفادة في الجامع الأموي بين العشاءين، وفي مدرسته القلبقجية، وتولى الخطابة في الجامع الأموي سنة (1287 هـ)، وهو أوَّلُ خطيب تولاها من هذا البيت، انتقلت إليه من بني محاسن، توفي بدمشق سنة (1308 هـ)، ودفن بمقبرة الدحداح.

انظر ترجمته في حلية البشر: 1/ 126 - 127، ومنتخبات التواريخ لدمشق: 2/ 709، وفيه وفاته سنة (1307 هـ).

والمدرسة القلبقجية تقع غربي الجامع الأموي في منتصف سوق الحرير، ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا.

ويبدو أن الشيخ أبا الخير الخطيب رحمه الله كانت له عناية فائقة في الحديث وعلومه، مما حمله على مقابلة هذا المسندِ الكبير الذي يَعْجِزُ طلبة العلم عن قراءته سرداً فضلاً عن مقابلته وتصحيحه.

ص: 106

هريرة رضي الله عنه، وينتهي بمسند أنس بن مالك رضي الله عنه.

وجاء في الصفحة الأخيرة ما نصه: تمَّ المجلدُ الثاني من مسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، ويليه المجلدُ الثالث، أوله: مسند جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وقد تم بقلم الحقيرِ الفقير، أفقرِ العباد وأذلهم وأدناهم محمد بن علي بن ملا أحمد سبتة، غفر الله له ولوالديه ولكافة المؤمنين والمؤمنات، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لتتمة كمال المسند بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك غُرَّةَ جمادى الأولى سنة السادسة والتسعين بعد المئتين وألف هجرية.

وجاء على هامش الصفحة الأخيرة ما نصه: بسم الله الرحمن الرحيم، حمداً لمستحق الحمد، وصلاة وسلاماً على سيدنا محمد وآله وأصحابه أولي الفضل والمجد، وعلى الأئمةِ الأربعة الذين شادوا الدينَ، وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد: فقد حصل - ولله الحمد والمنة - مقابلةُ الجزء الثاني من مسند سيدنا الإِمام أحمد بن حنبل من أوله إلى مسند سيدنا أبي سعيد الخدري على الأصل الذي قابلتُ عنه الجزء الأول، وقد سَهَّل الله تعالى لي المقابلة أيضاً من مسندِ سيدنا أبي سعيد الخدري على أصل قوبل على نسخةِ سيدنا عبد الله بن الإِمام أحمد ابن حنبل قد تداولها أئمة أعلام، وجهابذةٌ فخام، كابن عساكر وأمثاله من الرجال أئمة الحديثِ، جمعنا الله وإياهم، ومن قوبل لأجله هذا الكتاب الشريف تحتَ لواء سيد المرسلين مع السابقين الأولين بحرمة سيدنا محمدٍ وآله أجمعين. غير أن تلك النسخة المقابل عليها النقطُ بها قليل، وعلى رسم الخط القديم الذي يَقْرُبُ من الكتابة الكوفية، فأمعنت جهدي في المقابلة على حسب طاقتي، وإني معترف بالعجز والتقصير، وقد وجدتها ناقصة ورقة واحدة، فلم أجد نسخة أخرى أقابل عليها تلك الورقة، وقد كتبت على طرف الهامش بالقلم الأحمر

ص: 107

بأنه ناقص من الأصل ورقة، وتلك الورقة هي ورقة مئة واثنين وسبعين، وثلثا ورقة مئة وثلاث وسبعين، وجملة الأسطر اثنان وستون سطراً فقط التي لم تقابل، وبقية الجزء الثاني - ولله الحمد والمنة - قد قوبلت تماماً وكمالاً، جعل الله ذلك في حيِّز القبول بجاه أفضلِ رسول، صلى الله عليه وعلى آله أجمعين

محمد أبو الخير الخطيب.

- المجلد الثالث: وعدد صفحاته (645) صفحة، يبتدئ بمسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وينتهي بمسند أُبي بن كعب رضي الله عنه.

وجاء في الصفحة الأخيرة: أنه نسخ في 13 صفر الخير من سنة 1298 هـ.

وجاء على هامش الصفحة الأخيرة ما نصه: بلغ ولله الحمد مقابلةً ما عدا ثمانية وعشرين ورقة من أثناء مسند جابر إلى مسند صفوان بن أمية، ويعلم الله بأني أعملت جهدي (1)، فلم أجد أصلاً أقام (كذا) عليه هذه الورقات، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. الفقير إليه تعالى محمد أبو الخير بن الشيخ عبد القادر الخطيب، رحمه الله تعالى.

- المجلد الرابع: وعدد صفحاته (642) صفحة، يبتدئ بمسند أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وينتهي بحديث شداد بن الهاد رضي الله عنه، وهو نهاية المسند.

وجاء في الصفحة الأخيرة ما نصه: وقد وقع الفراغ من كتابة هذا المسند المبارك للإِمام أحمد ابن حنبل عليه الرحمة، يوم الاثنين ثالث والعشرين من

(1) قوله: أعملت جهدي. هاتان الكلمتان لم تتضحا في النسخة المصورة، فكتبناهما على الظن.

ص: 108

شهر ربيع الثاني من شهور سنة التاسعة والتسعين بعد المئتين وألف، وذلك بحول الله وقوته، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، بقلم الحقير الفقير، الراجي عفو ربِّه القدير، عبده محمد بن علي بن ملا أحمد سبتة الشيخلي، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين، وأستغفر الله من الغلط والسهو والنسيان في حديث من لا ينطق عن الهوى، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وجاء فيها أيضاً ما نصه: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لمستحق الحمد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله أولي الفضل والمجد، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فقد بلغ هذا الجزء الشريف مقابلة من أوله إلى آخره على حسب طاقة هذا العبد الضعيف العاجز، وشَرُفنا بروايته ومقابلته على أصل صحيح، فالحمد لله تعالى على التمام، وأسأله تعالى حُسْنَ الختام، جمعنا الله تعالى مع جامع هذا المسند ومستكتبه وكاتبه ومن قابل هذا الكتاب، تحت لواء سيد المرسلين مع السابقين الأولين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين، والحمد لله رب العالمين. الفقير لرحمة القريب المجيب محمد أبو الخير ابن الشيخ عبد القادر الخطيب.

‌2 - نسخة مكتبة الأوقاف العامة بالموصل،

تحت رقم (640)، وقد رمزنا لها بالرمز (ص).

وهي منسوخة عن أصل العلامة عبد الله بن سالم البصري التي رمزنا لها بـ (س)، وهي نسخة نفيسة مقابلة وسيرد وصفها بعد قليل، وقد أثبت ناسخ (ص) جميع ما في حواشي (س) وتقع هذه النسخة في مجلدين يتضمنان ثلثي "المسند".

ص: 109

- المجلد الأول: ويقع في (1100) صفحة، يبتدئ بمسند أبي بكر، وينتهي بمسند أبي هريرة.

- المجلد الثاني: ويقع في (1024) صفحة، يبتدئ بمسند أبي سعيد الخدري، وينتهي بمسند أبي برزة الأسلمي.

ولأن المجلد الثالث من هذه النسخة لم يقع لنا، فلم نقف على اسمِ ناسخها، ولا على تاريخِ النسخ، لكن يَظْهَرُ من نوع الخط أنها نُسِخَتْ بعد الألف للهجرة. وقد جاء على اللوحة الأولى منها ثبت بسندِ الشيخ عبد الله بن سالم البصري، ويغلب على ظننا أن هذا السند ألحق إلحاقاً بهذه النسخة لاختلاف خطها عن خط النسخة ولعدم ورود أي شيء في هوامش النسخة يدل على إنها مسموعة، والله أعلم. وفي اللوحة نفسها ما يدل على أنها ملكت شراءً من مكة بعد سنة (1132 هـ).

‌3 - نسخة دار الكتب المصرية،

تحت رقم (448) و (449) حديث، وقد رمزنا لها بالرمز (س).

وهي نسخةٌ نفيسة متقنة قُوبِلَتْ على عِدَّةِ نُسَخٍ خطية أكثرُها قديم، منها نسخةُ الحافظ ابنِ عساكر.

وهذه النسخة هي نسخةُ العلامة الشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي المتوفى سنة (1134 هـ)، قرأها عليه العالم الشيخ محمد بن عبد الله المغربي (1) في المسجد النبوي في المدينة المنورة في ستة وخمسين مجلساً.

(1) هو الشيخ الفاضل، العالمُ العامل، الأوحد المفنن، العابدُ الزاهدُ، الورع النّسيك، محمدُ بنُ عبد الله المغربي الفاسي المالكي، نزيل المدينة المنورة قَدِمَ إليها سنةَ خمس وعشرين ومئة وألف وتوطَّنها، وأخذ عن أئمة أجلاء منهم الشيخُ محمد بن عبد =

ص: 110

وقد حُليت الهوامش بتعليقات نفيسة تتضمن تصحيحَ بعضِ ما وقع من الخطأ عند النسخ، وإثباتَ فروق النسخ، وتصويبَ الخطأ الواقع في أسماء الرواة، والتعريفَ ببعض الرواة المبهمين، وتفسيرَ الألفاظ الغريبة، وقد كانت هذه النسخة تقرأ بمحضر من أعيانِ أهل المدينة ومن الفضلاء الذين قَدِمُوا من مكة إلى المدينة بصحبةِ الشيخ عبد الله بن سالم البصري.

وتقع في ثلاثة مجلدات، الموجودُ منها المجلدُ الأول والثاني، والثالث مفقود، وأما المجلدان، فيمثلان ثلثي "المسند".

- المجلد الأول: وعَدَدُ أوراقه (595) ورقة، يبتدئ بأول "المسند"، وينتهي بمسند أبي هريرة.

وجاء في الورقة الأخيرة منه أنه وقع الفراغ من نسخه وقتَ الضحى من يوم الأحد (15) ذو القعدة سنة (1119 هـ). وناسخه هو أحمد بن القاضي سليمان بن محمد بن الخليل الأحسائي.

وقد ذُكِرَ في اللوحة الأولى من هذا المجلد إسنادُ الشيخ عبد الله بن سالم البصري بالمسند إلى مؤلِّفه الإِمامِ أحمد بن حنبل، وهاك نصُّه:

= الرحمن ابن شيخ الشيوخ عبد القادر الفاسي المشهور، وعن العلامة عبدِ الله بن سالم البصري المكي لما قَدِمَ المدينة، وقرأ في الروضة المطهرة "مسند الإمام أحمد" وكان هو المعيدَ له، وأتمَّه في ستة وخمسين مجلساً، وأخذ أيضاً عن العلامة محمد أبي الطاهر بن البرهان إبراهيم الكوراني، وعن الشيخ إبراهيم بن محمد الغيلالي، وعن غيرهم، ونَبُلَ وفَضُلَ، ودرَّس بالحرم الشريف النبوي، وانتفعت به الطلبةُ، وكان ذا قدم راسخٍ في العبادة والدين، آية باهرة في التواضع حتى إنه كان يحمل حزمة السَّعَف من بستانه إلى داره على رأسه، وكانت وفاته بالمدينة المنورة سنة إحدى وأربعين ومئة وألف، ودُفِنَ بالبقيع رحمه الله تعالى وإيانا. "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر" للمرادي 4/ 60.

ص: 111

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فيقول الفقيرُ إلى الله سبحانه عبدُ الله بن سالم بن محمد بن سالم البصري: أروي "مسندَ" الإِمام الحُجة أحمد بن محمد بن حنبل عن شيخنا شيخ الإسلام الشيخ محمد بن علاء الدين البابلي، وذلك بقراءة شيخنا وأستاذنا الشيخ عيسى بن محمد المغربي المالكي عليه عام مجاورته بمكة المشرفة سنةَ سبعين وألف من أول مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو أوَّلُ المسند إلى قوله: إنك أنت الغفور الرحيم، في دعاء الصلاة وأجاز سائره عن علي بن يحيى الزَّيَّادي، عن الشِّهاب أحمد بن محمد (1) الرَّمْلي، عن الشمس محمد بن عبد الرحمن السخاوي، عن العز عبد الرحيم بن محمد الحنفي، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن الجوخي، قال: أخبرتنا به أُمُّ أحمد زينب بنت مكي الحرَّانية، سماعاً، قالت: أخبرنا أبو علي حنبلُ بنُ عبد الله بن الفرج الرُّصافي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبةُ الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإِمام أحمد ابن حنبل قال: حدثني أبي رحمه الله فذكره.

فهذا إسناد رجاله كلهم مِن أهل العلم وشيوخه:

1 -

أما راوي النسخة عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم البصري،

(1) كذا في نسخة السماع، لكن جاء في "خلاصة الأثر": 3/ 195 في ترجمة تلميذه علي بن يحيى الزيادي أن اسم أبيه حمزة، وكذا سماه الزركلي في "الأعلام" 1/ 120.

ص: 112

فهو الأستاذ الكبير، حافظ البلاد الحجازية، البصري أصلاً، المكي مولداً ومدفناً، الشافعي مذهباً، ولد سنة (1048 هـ)، وتوفي سنة (1134 هـ)(1).

قال الوجيه الأهدل في "النفس اليماني"(2): ومن مناقبه تصحيحُه للكتب الستة، حتى صارت نسخته يُرجع إليها من جميعِ الأقطار، ومن أعظمها "صحيح البخاري" الذي وجد فيه ما في اليونينية وزيادة، أخذ في تصحيحه وكتابته نحواً من عشرين سنة، وجمع "مسند أحمد" بعد أن تفرَّق أياديَ سَبَأ، وصححه، وصارت نسخته أُمَّة.

ومن مؤلفاتِه "ضياء الساري شرح صحيح البخاري" ولَمَّا يطبع، وقد أكثر النقل منه الإمام اللكنوي في "التعليق الممجد"، وكان يُلَقَّبُ أميرَ المؤمنين في الحديث. وهذا اللقب لم يكن يمنحه أهل العلم إلا لمن بَلَغَ الغاية في الحديث رواية ودراية، وهو يُعَدُّ أعلى ألقاب الرواية، والموصوفون به غاية في النُّدْرة.

2 -

وأما الشيخ محمد بن علاء الدين البابلي، فهو محمد بن علاء الدين أبو عبد الله، شمس الدين البابلي، القاهري، الأزهري، الشافعي، الحافظ الرحلة، أحد الأعلام في الحديث والفقه، وهو أحفظُ أهل عصره لمتون الأحاديث، وأعرفُهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها. وكان شيوخُه وأقرانُه يعترفون له بذلك.

ولد سنة (1000 هـ)، وتوفي عصر يوم الثلاثاء (25) جمادى الأولى سنة (1077 هـ)(3).

(1) له ترجمة في فهرس الفهارس للكتاني: 1/ 193 - 199.

(2)

ص 68.

(3)

ترجمته في خلاصة الأثر: 4/ 39.

ص: 113

3 -

وأما الشيخ عيسى بن محمد المغربي، فهو إمامُ الحرمين، وعالمُ المغربين والمشرقين، الإِمام العالم العامل، الورع، الزاهد، المتفنن في كُلِّ العلوم، الكثير الإحاطة والتحقيق، عيسى بن محمد بن محمد بن أحمد بن عامر جار الله، أبو مكتوم، المغربي، الجعفري، الثعالبي، الهاشمي، المالكي، نزيل المدينة المنورة، ثم مكة المشرفة.

وُلِدَ سنة (1020 هـ) بمدينة زواوة من أرض المغرب، وبها نشأ، وتلقى مبادئ العلوم، ثم رحل في طلب العلم إلى أن استقرَّ بمكة المشرفة، وبها كانت وفاته يومَ الأربعاء لستٍّ بقين من رجب سنة (1080 هـ)، ودُفِن بمقبرة الحجون (1).

4 -

وأما عليُّ بن يحيى الزيَّادي، فهو الإِمام الحجة، العلي الشأن، رئيس العلماء بمصر.

قال المحبي (2): بلغت شهرتُه الآفاق، وتصدر للتدريس بالأزهر، وانتهت إليه في عصره رياسةُ العلم، بحيث إن جميع علماء عصره ما منهم إلا وله عليه مشيخة. وكان العلماء الأكابر تَحْضُرُ درسَه وهم في غاية الأدب، وله مؤلفات، وكانت وفاته ليلة الجمعة (5) ربيع الأول سنة (1024 هـ)، ودُفِنَ بباب تربة المجاورين في القاهرة.

والزَّيَّادي: نسبة لمحلة زيَّاد بالبحيرة.

5 -

أما الشهاب أحمد الرملي، فهو الشيخ العالم، العلّامة، الناقد، الجِهبذ، الفهَّامة، شيخ الإِسلام والمسلمين، وهو أحدُ الأجلاء من تلاميذ

(1) ترجمته في خلاصة الأثر: 3/ 240 - 243.

(2)

خلاصة الأثر: 3/ 196.

ص: 114

شيخ الإِسلام القاضي زكريا الأنصاري، له شرح عظيم على "صفوة الزبد" في الفقه، وانتهت إليه الرياسةُ في العلوم الشرعية بمصر، توفي سنة (957 هـ).

والرملي: نسبة إلى رملة المنوفية بمصر (1).

6 -

وأما محمد بن عبد الرحمن السخاوي، فهو الشيخ الإِمام العلّامة، المسند، الحافظُ، المتقن، شمسُ الدين، أبو الخير، السخاوي الأصل، القاهري المولد، الشافعي المذهب، نزيل الحرمين الشريفين، تلميذ شيخ الإِسلام ابن حجر العسقلاني.

له عدةُ تواليف، منها "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" وقد ترجم فيه لنفسه (2)، ومن كتبه أيضاً "فتح المغيث بشرح ألفية الحديث".

ولد سنة (831 هـ) بالقاهرة، وتوفي سنة (902 هـ) بمكة المكرمة (3).

7 -

وأما العز عبد الرحيم بن محمد الحنفي، فهو القاضي المحدث، مسند الديار المصرية، عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم بن علي، المصري، القاهري، الحنفي.

ولد سنة (759 هـ) بالقاهرة، وأخذ الحديث عن الحافظ زين الدين العراقي، وكان خيراً، فاضلاً، صدوقاً، توفي سنة (851 هـ)(4).

8 -

وأما أبو العباس أحمد بن محمد الجُوَخي، فهو الصدرُ، المسند

(1) ترجمته في الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة: 2/ 119 - 120.

(2)

الضوء اللامع: 2/ 8 - 32.

(3)

الكواكب السائرة: 1/ 53 - 54.

(4)

ترجمته في الضوء اللامع: 4/ 186 - 188.

ص: 115

الكبير، المعروف بابن الزقاق وبابن الجُوَخي، حدث كثيراً، وطال عمره، وانتفع به.

ولد سنة (683 هـ)، وتوفي سنة (764 هـ)(1).

وذكر ابن حجر: أنه توفي بعد أن حدث بالمسند بسماعه من زينب بنت مكي (2).

9 -

وأما زينب بنت مكي الحرَّانية، فهي ممن سَمِعَ "المسند" من حنبل بن عبد الله الرُّصافي، وقد روت الكثيرَ، وطال عمرها حتى بلغت أربعاً وتسعين سنة، وكانت أسندَ من بقي مِن النساء في الدنيا، سَمِعَ منها غيرُ واحد من الحفاظ، وروت "المسند" كله.

توفيت سنة 688 هـ (3).

وأما من فوقها فقد سلفت تراجمهم في أثناء كلامنا على رواة المسند.

- المجلد الثاني: وعدد أوراقه (691) ورقة، يبتدئ بمسند أبي سعيد الخدري، وينتهي بمسند عمرو بن يثربي، وهو آخر مسند البصريين.

وقع الفراغُ من نسخ هذا الجزء ضحوةَ يومِ الأحد (27) شهر ربيع الأول سنة مئة وعشرين بعد الألف. وناسخه هو ناسخَ الجزء الأول نفسه.

وكان الشيخُ عبد الله بن سالم البصري، قد قرئ عليه المسند في الروضة النبوية الشريفة في (56) مجلساً عام (1131 هـ)، استغرق المجلدُ

(1) ترجمته في "الوفيات" لابن رافع السلامي: 2/ 264.

(2)

الدرر الكامنة: 1/ 250.

(3)

الوافي بالوفيات للصفدي: 15/ 67.

ص: 116

الأولُ منها (18) مجلساً والمجلد الثاني (25) مجلساً، وبقي للمجلد الثالث - وهو المفقود - (13) مجلساً.

‌4 - النسخة الكتانية، مصورة عن المكتبة الكتانية

للسيد عبد الحي الكتاني بالمغرب، وقد وقع لنا منها قطع متفرقة على النحو التالي:

- قطعة من أول مسند أبي هريرة إلى آخر حديث عمارة بن رويبة.

- قطعة من أول مسند الأنصار حديث أُبي بن كعب إلى حديث عوف بن مالك الأشجعي الأنصاري.

- قطعة من مسند عائشة - ينقص من أوله -، إلى آخر المسند.

‌5 - نسخ الظاهرية،

ورمزنا لها بحرف (ظ) مقيداً برقم.

وقد عثرنا في دار الكتب الظاهرية بدمشق على أجزاء عدة من "المسند" من نسخ مختلفة غير تامة، إلا أنها في غاية النفاسة، إذ عليها أكثرُ سماعات المقادسةِ الذين ذكرهم ابنُ الجزري في "المصعد الأحمد"(1) بسماعهم من الإمام المحدث حنبل بن عبدِ الله الرصافي المُكَبِّر، الذي كان آخر من روى "المسند" عن ابن الحصين، وعلى بعض هذه النسخ خَطُّهُ بتصحيحِ السماع منه، وقد اجتزأنا بإثباتِ صورةِ بعض هذه السماعات في هذه المقدمة عن سردها هنا.

وسنُجمل في وصف أجزاء الظاهرية مع الإشارة إلى رقمها وعدد أوراقها، وتاريخ نسخها، واسم ناسخها إن وجد، وسنوردها هنا مرتبة حسب تسلسل أرقامها في المكتبة الظاهرية، وذلك تيسيراً على القارئ، ورمزنا لكل جزء منها بحرف (ظ) مقيداً برقم:

(1) انظر ص 71 السابقة في هذه المقدمة.

ص: 117

- الجزء ذو الرقم (1044)، ورمزنا له بحرف (ظ 1).

ويشتمِل من أول المسند إلى آخر مسند أبي هريرة. عدد أوراقه (492) ورقة، وهو بخطِّ نسخ مقروء، تاريخ نسخه (1149 هـ)، وهو وقفُ الوزير سليمان باشا، على بعض أوراقه الأولى آثار رطوبة، وهو مقابل.

- الجزء ذو الرقم (1045)، ورمزنا له بحرف (ظ 2).

أوَّلُه مسند الأنصار، وينتهي بآخر مسند النساء، ناسخه محمد بن إسماعيل الطيبي الشافعي، نسخه سنة (1150 هـ)، وهو ملك الوزير سليمان باشا، عدد أوراقه (396) ورقة.

- الجزء ذو الرقم (1046)، ورمزنا له بحرف (ظ 3).

يشتمل على مسند عبد الله بن عمرو وأبي رمثة وأبي هريرة، وقد فُرغ من نسخه سنة (594 هـ)، عليه سماعات أقدمها سنة (670 هـ)، بسماع يحيى بن مسعود بن نفيس الموصلي ثم الحلبي بالمدرسة الضيائية بسفح قاسيون من الشيخ الإِمام فخر الدين أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد بن عبد الواحد المقدسي، بسماعه من أبي علي حنبل الرصافي من أبي القاسم بن الحصين بسنده، بمجالس آخرها (18) صفر سنة سبعين وست مئة. عدد أوراقه (330) ورقة، وفيه اضطراب وبعض صفحات مهترئة.

- الجزء ذو الرقم (1048)، ورمزنا له بحرف (ظ 4).

يشتمل على مسند سعد بن مالك أبي سعيد الخدري، ومسند أنس بن مالك، ومسند جابر بن عبد الله الأنصاري، عليه سماع محمد بن محمد بن ميمون البلوي الأندلسي الغرناطي، وسماع بقراءة الإمام المحدث أبي الحسن يحيى بن مسعود بن نفيس الموصلي، وهو روايةُ الشيخ الأجل أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف عن عمِّه أبي طاهر، ورواية الشيخ الصالح أبي بكر عبد الله بن

ص: 118

محمد بن أحمد بن النقور البزاز، وأبي طالب المبارك بن يحيى بن محمد بن خضير، عن أبي طالب بن يوسف وهو عبدُ القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، بروايته عن ابن المذهب، عن القطيعي، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه الإِمام أحمد.

وعليه سماعُ عبد الغني المقدسي سنة (561 هـ) عن الشيوخ الأجلاء أبي بكر عبد الله بن محمد بن النقور، وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وأبي طالب المبارك بن يحيى بن خضير الصيرفي، وفي آخر صفحة من الجزء سماعات عدة، عدد أوراقه (182) ورقة.

- الجزء ذو الرقم (1049)، ورمزنا له بحرف (ظ 5).

ويشتمل على مسند الأنصار بتمامه، وعليه سماع محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي في بغداد سنة (597 هـ). عدد أوراقه (299) ورقة، مكتوب بخط معتاد مقروء.

- الجزء ذو الرقم (1050)، ورمزنا له بحرف (ظ 6).

ويشتمل على مسند النساء، نسخ سنة (616 هـ) بخطٍّ جميل مضبوط، عدد أوراقه (253) ورقة، عليه سماع ابن طولون على الشيخ الحافظ ناصر الدين بن محمد بن أبي عمر، وسماعُ محمد بن محيي الدين عبد القادر بن دميلكو، في مجالس من سنة (943 هـ) بقراءته على محمد بن طولون. وهذا الجزء أوقفه ابنُ طولون.

- الجزء ذو الرقم (1053)، ورمزنا له بحرف (ظ 7).

ويشتمل على مسند الصديقة عائشة، عدد أوراقه (214) ورقة، كتب بخط جميل متقن مضبوط، أكلت الأرضة بعضَ أطراف أوراقه.

- الجزء ذو الرقم (1054)، ورمزنا له بحرف (ظ 8).

ص: 119

يبدأ من أول مُسْند أم المؤمنين عائشة، وينتهي بحديث: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثني ابن نمير، قال: حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " إذا نعس أحدكم، فليرقد حتى يذهب عنه النومُ، فإنه إذا صلى وهو ينعس لعله يذهب يستغفر، فيسب نفسه ". وعدد أوراقه (284) ورقة كتب بخط معتاد مقروء، وعليه سماعاتٌ بعضها يعود إلى سنة (563 هـ).

- الجزء ذو الرقم (1055)، ورمزنا له بحرف (ظ 9).

ويشتمل على مسند عبد الله بن عباس، برواية حنبل بن عبد الله بن الفرج، عن ابن الحصين بسنده إلى أحمد.

وعدد أوراقه (194) ورقة سمعه من حنبل الشيخ موفق الدين أبو عبد الله عمر بن يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي خطيب بيت الآبار (قرية في غوطة دمشق) وبنوه وغيرهم بقراءة الحافظ الثقة إسماعيل بن عبد الله الأنماطي المتوفى سنة (619 هـ).

ووافق الفراغ من نسخه في التاسع من جمادى الأولى سنة (616) هـ بمسجد بيت الآبار بيد داود بن عمر بن يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي.

- الجزء ذو الرقم (1056)، ورمزنا له بحرف (ظ 10).

ويشتمل على مسند البصريين، ومسند العباس وبنيه الفضل وتمام وعبيد الله، نسخ سنة (936 هـ) بخط نسخي معتاد مقروء.

ثم يليه مسندُ فضالة بن عبيد الله الأنصاري، ومسند عوف بن مالك الأشجعي، بخط مختلف، قال ناسخه: نقلته من خط أبي القاسم بن زوج الحرة رحمه الله. وفي آخره: بلغت من أوله بقراءة أبي الحسن الدارقطني.

عدد أوراقه (109) ورقات.

- الجزء ذو الرقم (1057)، ورمزنا له بحرف (ظ 11).

ص: 120

ويشتمل على مسند العشرة وأهل البيت، برواية أبي طاهر لاحق بن أبي الفضل بن علي، عن ابن الحصين، بسنده إلى أحمد، وسماع محمد بن محمد ابن النجار، وعليه سماعات نفيسة، وكتب بخط نسخي جميل مضبوط، وعلى بعض حواشيه ما يدل على مقابلة النسخة بأصل ابن المذهب، وبأصل زرقويه بخطه. ويتلوه مسند عبد الله بن مسعود، عدد أوراقه (319) ورقة، وفي آخره: بلغ العراض بخط أبي منصور ابن الجواليقي، ومراجعة الأصل العتيق، فصح، ولله المنة.

- الجزء ذو الرقم (1058)، ورمزنا له بحرف (ظ 12).

يشتمل على مسند المكيين والمدنيين بتمامه، عدد أوراقه (261) ورقة، كتب بخط نسخي جميل مضبوط، قرأه أحمدُ بنُ محمد بن أحمد بن أبي بكر على المحدث الصالح أبي الحسن علي بن الحسين بن عروة المشرقي، في مجالس آخرها (18) شعبان سنة (821 هـ) في الجامع الأموي، وعليه سماعات متأخرة، وعليه سماعُ محمد بن محيي الدين عبد القادر بن دميلكو الصالحي الحنفي، على محمد بن طولون، في مجالس آخِرها سنة (943 هـ) بخط ابن طولون.

- الجزء ذو الرقم (1059)، ورمزنا له بحرف (ظ 13).

ويشتمل على مسند الشاميين والكوفيين إلى حديث عمرو بن يثربي، عدد أوراقه (381) ورقة، وعليه سماعات أقدمُها سماع عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، كتب بخط معتاد مقروء.

- الجزء ذو الرقم (1060)، ورمزنا له بحرف (ظ 14).

ويشتمل على مسند عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، عدد أوراقه (268) ورقة، وعليه سماعات من الشيخ حنبل بن عبد الله الرصافي.

ص: 121

- الجزء ذو الرقم (1061)، ورمزنا له بحرف (ظ 15).

ويشتمل على مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، برواية حنبل بن عبد الله الرصافي عن ابن الحصين. وعليه سماع لأحمد بن يوسف بن أيوب سنة (603 هـ) بدمشق، ويليه حديث أبي رمثة، ثم مسند أنس بن مالك بتمامه، عدد أوراقه (240) ورقة.

‌6 - نسخة تامة في مجلدين، صُوِّرَتْ عن الأصل الموجود في دار الكتب المصرية،

وقد رمزنا لها بالرمز (ش).

- المجلد الأول: وعَدَدُ أوراقه (561) ورقة، يبتدئ بأوَّلِ الكتاب، وينتهي بآخرِ مسند المكيين.

وقع الفراغُ من كتابته صبيحةَ يومِ الأربعاء (17) شهر رمضان المعظم سنة (1190 هـ). وناسخه هو محمد ناصر الصفطي الحنفي.

وقد جاء على اللوحة الأولى من هذا المجلد ما نصه: وقف هذا الكتابَ وتصدَّق به ابتغاءً لِوجه الله تعالى، وطلباً لمرضاته الأمير أحمد آغا باش جاويش تفكجيان، وجَعَلَ مقرَّه في خزانة جامع شيخون، وتحت يدِ إمامه، تقبَّل الله منه ذلك، بتاريخ سنة (1193 هـ)(1).

(1) جامع شيخون بانيه هو الأمير سيف الدين شيخو الناصري العمري أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، المتوفى سنة (758 هـ)، وكانت عمارة هذا الجامع في سبعة أشهر من سنة (756 هـ) وهو من أجلّ جوامع مصر، يقع بشارع الصليبة في القاهرة، وهذا الجامع باق إلى الآن على صورته الأصلية. انظر "خطط المقريزي" 2/ 313، و "الخطط التوفيقية الجديدة" لعلي باشا مبارك 5/ 83 وما بعدها.

وأما واقف النسخة الأمير أحمد آغا فهو ألباني أرنؤوطي، وكان من أهل الخير والصلاح، مبجلاً عند عظماء الدولة، يندفع في نصرة الحق والأمر بالمعروف والنهي =

ص: 122

- المجلد الثاني: وعدد أوراقه (474) ورقة أيضاً، يبتدئ بأول مسند المدنيين، وينتهي بآخر مسند النساء وهو آخرُ الكتاب.

تمت كتابتُه ليلةَ الجمعة المباركة (9) جمادى الأولى سنة (1191 هـ). وناسخه هو ناسخُ المجلدِ الأول نفسه.

‌7 - وقد وقعت لنا قطعة مِن مسند أبي هريرة مصورة عن مكتبة كوبريللي،

يأتي وصفُها إن شاء الله تعالى في موضعها من مسند أبي هريرة.

‌8 - مجلد من مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

ورقمه (4146) ف، وهو مصوَّرٌ عن مكتبة شستربتي ورمزنا له بـ (ب) وهو في الأصل وَقْفٌ على المدرسة الصالحية التي هي بخَطِّ بين القصرين مِن القاهرة، وهذه المدرسة أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة (640) هـ ورتَّب فيها دروساً أربعةً للفقهاء المنتمين إلى المذاهب الأربعة في سنةِ إحدى وأربعين وستِّ مئة، وهو أولُ من عَمِلَ بديار مصر دروساً أربعة.

وعَدَدُ أوراقه (243) ورقة، وخطُّه نسخي غاية في الجمال والنفاسة والضبط والإِتقان، ولو وُجِدَتْ مجلدات هذه النسخة بتمامها لكان يُستغنى بها عما سواها.

وعَدَدُ أحاديث هذا المجلد (1740) حديثاً يتضمَّنُ مسندَ العشرة المبشَّرين بالجنَّةِ، وحديثَ عبد الرحمن بنِ أبي بكر، وحديثَ زياد بنِ خارجة، وحديثَ الحارثِ بن خَزْمَةَ، وحديثَ سعد مولى أبي بكر، وحديثَ

= عن المنكر، وقد وضع هذا الأمير في خزانة الجامع المذكور كتباً نفيسة في علومٍ شتى، وجعلها وقفاً في حال حياته تحت يد الشيخ موسى الشيخوني الحنفي، توفي الأمير أحمد آغا في شهر شوال من سنة (1201 هـ) إحدى ومئتين وألف. "الخطط التوفيقية" 5/ 86.

ص: 123

الحسن بن علي، وحديثَ الحسين بن علي، وحديث عَقيل بن أبي طالب، وحديثَ جعفر بن أبي طالب.

ويَغْلِبُ على الظنِّ أنها كُتِبَتْ في القرنِ السابع الهجري.

ويَنْقُصُ من أوَّلِه مقدارُ ورقتين تشتملُ على خمسة عشر حديثاً مِن مسند أبي بكر، وفيه خرم من أثناء الجزء الأول والجزء الثاني بتمامه، والورقة الأولى من الجزء الثالث، وفي الجزء الثامن وبداية التاسع، وفي الأخير ورد فيه حديثُ جعفر بنِ أبي طالب المطوَّل إلى قوله: فتناخرت، ويبقى من الحديث خمسة عشر سطراً تقريباً.

وقد جُزِّئَ في ستة عشر جزءاً، كُلُّ جزء يُقدر بسبع عشرة ورقة أو أقل بورقة أو ورقتين وفي بداية كُلِّ جزء عنوانٌ فيه ما يلي:

الجزء

مِن مسند العشرة رضوان الله عليهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم

تأليف

الإِمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه مما رواه ابنُه عبد الله رحمه الله.

رواية الشيخ أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القَطِيعي رواه عن عبد الله رواية أبي علي الحسين بن علي بن محمد التميمي الواعظ المعروف بابن المُذْهِبِ روايته عنه

رواية الشيخ أبي القاسم هِبةِ الله بنِ محمد بن عبد الواحد بن الحُصَين روايته عنه

رواية الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أبي المَجْدِ الحَرْبي الإِسكاف روايته عنه

ص: 124

رواية أبي الفرج عبد اللطيف بنِ عبد المنعم بن علي بن نصر بن منصور الحراني ويُعرف بابن الصَّيقل.

وهذا إسنادٌ رجالُه كُلُّهُمْ ثقاتٌ، وقد تَقَدَّمَ التعريفُ بالقطيعي وابن المُذْهِبِ وابن الحصين.

أما ابنُ أبي المجد، فقد قال الإِمامُ الذهبي في "السير" 21/ 361: الشيخ المُعَمَّرُ الثقةُ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أبي المجد بن غنائم الحربي العتابي الإِسكاف، راوي مسند الإِمام أحمد عن أبي القاسم بنِ الحُصين، ويروي أيضاً عن أبي الحسين بن الفراء.

حدَّث عنه الضياء، وابنُ الدبيثي، وابن خليل، وشرف الدين عبد العزيز الأنصاري، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وعدد كثير من مشيخة الدمياطي.

حدَّث بالمسند غيرَ مرةٍ ببغداد وبالمَوْصِلِ، وقد أجاز لِسعد الدين الخضر بن حمويه، ولقطب الدين ابن عصرون، وللفَخر ابن البخاري.

مات بالموصل في ثاني عشر المحرم سنة ثمان وتسعين وخمس مئة رحمه الله.

وأما أبو الفرج عبدُ اللطيف، فقال في "العبر" 3/ 324 في وفيات سنة اثنتين وسبعين وست مئة: وفيها تُوفِّي النَّجيبُ عبدُ اللطيف بن عبد المنعم بن الصَّيقل أبو الفرج الحرَّاني الحنبلي التاجر مُسنِد الديار المصرية، وُلِد بحَرَّان سنةَ سبع وثمانين، ورحل به أبوه، فأسمعه الكثيرَ من ابن كليب، وابنِ المعطوش، وابنِ الجوزي، وابن أبي المجد، وولي مشيخةَ دارِ الحديث الكاملية، وتوفي في أوَّل صفر وله خمس وثمانون سنة.

ص: 125

وفي نهاية كُلِّ جزء من هذه الأجزاء سماعاتٌ متكررة بخطِّ كاتبها أحمدَ بنِ محمد بن عبد الرحمن الحسيني ذكر فيها أنَّه قرأ هذه الأجزاء في سنة (667 هـ) على الشيخ أبي الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني بحضور عددٍ من الأمراء وأهلِ العلم، وتَمَّ ذلك في دارِ الأمير بدر الدين بيليك بقلعةِ الجبل.

وفي آخر السماعِ الذي في نهاية الجزءِ الثالث والرابع والخامس ما نَصُّه: صحيح ذلك وكتب عبدُ اللطيف بن عبد المنعم بن علي الحراني.

ونُثبِت هنا السماعَ الذي جاء في نهاية الجزء التاسع من هذا المجلد:

قرأتُ جميع هذا الجزء التاسع على الشيخ الجليل الصدرِ الرئيس المحترم الأمين بقيةِ المشايخ نجيب الدين أبي الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي الحراني أمتَعَ الله به بسماعه له من ابن أبي المجد، وسَمِعَهُ المولى الأمير الكبير المخدوم ملك الأمراء بَدْر الدين بِيليك بن عبد الله الخزندار الملكي الظاهري أسبغ الله ظلَّه، والأمير الكبير كندغدي الحبيشي، والشيخ سعد الدين محمد بن عثمان بن فُرُّخْزاد الغَزْنوي، وتاج الدين حسن بن علي الطبري، والطواشي شجاع الدين عنبر مقدَّم البحرية الصغار، ومماليك المولى بدر الدين أسبغ الله ظِلَّهُ سيف الدين بَلبان الزردكاشي الأتابكي أمير سلاح، وبدر الدين كيدلدي السلاح دار، وفتاه بيبرس، وعز الدين أزدمر السلاح دار، وعز الدين أيبك الدويدار، ومنجك السلاح دار، وصَحَّ ذلك وثبت في يوم الجمعة نصفَ ذي الحِجة سنةَ سبعٍ وستين وستِّ مئة بمنزلِ المولى الأمير بدر الدين بقلعة الجبل حرسها الله تعالى. كتبه أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني.

والأمير بدر الدين الذي كانت قراءة هذا المجلد بداره ترجم له الصفديُّ

ص: 126

في "الوافي بالوفيات" 10/ 365 - 367، فقال: بِيليك بن عبد الله، الأمير بدر الدين الخزندار الظاهري، نائب السلطنة بالممالك ومُقَدَّم الجيوش، كان أميراً جليلَ المقدار عاليَ الهِمة، واسِعَ الصدرِ، كثير البر والمعروف والصلة، لَيِّن الكلمة، حَسَنَ المعاملة والظن بالفقراء، يتفقَّدُ أربابَ البيوت، ويَسُدُّ خَلَّتَهم، وعنده دِيانة وفهم وادراكٌ وذكاء ويَقَظة، سَمِعَ الحديثَ وطالع التواريخ، وكان يكتُبُ خطاً حسناً، وله وَقْف بالجامعِ الأزهر على زاوية لمن يشتغل بمذهب الشافعي، وبها دَرْسٌ، وله أوقافٌ أخر على جهات البر، تُوفي رحمه الله ليلة الأحد سادس شهر ربيع الأوَّل سنة ست وسبعين وست مئة بقلعة الجبلِ ودُفِنَ يوم الأحد بتربته التي أنشأها بالقَرافة الصُّغرى، ووَجَدَ الناس عليه وَجْداً عظيماً، وحَزِنُوا لِفقده، وشَمِل مصابُه الخاصَّ والعامَّ.

وجاء في نهاية الجزء السابع منه سماع بخط أحمد بن نصر الله البغدادي الحنبلي ونصُّه:

سَمِعَ جميعَ هذه المجلَّدة وتشتمِلُ على ثمانية أجزاء مِن مسند العشرة من مسند الإِمامِ أحمد ابن حنبل على الشيخِ الإمام العالم العلامة المُتْقِن المُسْنِد الرحْلَة جمال الدين عبد الله بن سيدنا ومولانا قاضي القضاة علاء الدين علي بن شمس الدين محمد بن علي بن عبد الله بن أبي الفتح الكِناني العسقلاني الحنبلي بحقِّ سماعه لِجميع مسندِ الإمامِ أحمد بقراءةِ الحافظ بقيةِ السَّلف الإِمام العالم زَيْنِ الدين عبد الرحيم بن الحُسين العِراقي على الشيخ المسنِدِ المُعَمَّر بقية المسندين علاء الدين علي بن أحمد بن محمد بن صالح العُرضي بسماعه لِجميعه على أمِّ أحمد زينب بنت مكي بن علي بنِ كامل الحرانية، وإجازته من الشيخ فخرِ الدين علي بن أحمد بن البخاري، قالا: أخبرنا أبو علي حَنْبلُ بن عبد الله بن الفَرَج المُكبِّر، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين بسنده بقراءة كاتب هذه الأحرف أحمد بن نصر الله

ص: 127

البغدادي الحنبلي: الجماعةُ

ثم سرد أسماءَ الشيوخ الذين حضروا السماعَ.

‌9 - مجلد بمكتبة الرياض العامة

ورقمه (685)، ورمزنا له بـ (ح)، ويحوي مسندَ العشرة المبشرين بالجنة، وحديثَ عبد الرحمن بن أبي بكر، وحديثَ زياد بن خارجة، وحديثَ الحارث بن خَزْمة، وحديثَ سعد مولى أبي بكر، نسخ بخط نسخي واضح متقن، وقد أَضَرَّت الرطوبةُ بأطرافِ الورقات الأُولى منه، مع وجود نقص من أوله يتضمن 14 حديثاً، وقسماً من الحديث 15، وهو مجزأٌ إلى أحدَ عشرَ جزءاً، كُلُّ جزءٍ منها يختلِفُ عن الآخر من حيثُ الكم، فأصغرُها الأوَّلُ وهو سبعُ ورقات وأكبرها (32) ورقة وهو الثالثُ، وثَمَّتَ سقطٌ لم نتبيّنْ مقدارَه بين الخامس والسادس، وفيه إلحاقات بالحواشي تنبئ عن مقابلته بأصله.

وفي لوحةِ عنوان كُلِّ جزء كُتِبَ ما نصُّه: الجزء

من مسند العشرة رضوان الله عليهم تأليف أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حَنْبَل بن هلال بن أسد الشَّيْباني رحمة الله عليه، رِواية أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القَطِيعي، عن عبدِ الله، رواية أبي علي الحسن بن علي بن محمد بن المُذهِبِ التميمي الواعظ عنه، رِواية الرئيس أبي القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحُصَيْن عنه رواية الشيخين الفقيرين إلى الله عز وجل أبي طاهر عبدِ الجبار، وأبي محمد عبد الخالق، ابني هبة الله بن القاسم بن البُندار غفر الله لهما عنه.

وقد كتبه في النِّصْفِ الثاني من القرن التاسع الهجري رمضانُ بنُ عبد الله بن أحمد بن أيوب الجَمَّاعيلي الحنبلي، وسمعه هو وعَدَدٌ مِن طلبةِ العلم على العالمِ المحدِّث محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن العمري الحنبلي بسنده إلى أبي علي حنبل بن عبد الله الرُّصَافي في عِدَّةِ مجالس آخرها في يوم الجمعة السابع عشر من جمادى الأول سنةَ سبع وتسعين وثمان مئة

ص: 128

بالمدرسة العُمرية بصالحية دمشق.

وجاء في اللوحة الأخيرة من هذا المجلد ما نصُّه:

قرأتُ جميعَ مسند العشرة رضوان الله عليهم وما أُضيف إليه مِن مسند الإِمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه على شيخنا الإِمامِ العالم المحدث المسند المُعَمَّر الرُّحْلة القاضي ناصر الدين محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن شيخ الإِسلام أبي عمر القرشي العمري الحنبلي أيَّده الله تعالى بسماعه له على الشيخ زينِ الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن يوسف بن الطَّحَّان الحنبلي بسماعه له على الإِمام صلاح الدين محمد بن إبراهيم بن أبي عمر الحنبلي بسماعه له على الإِمام أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري بسماعه على أبي علي حنبل بن عبد الله الرُّصَافي بسنده وصحَّ ذلك وثبت في عِدَّةِ مجالس آخرُها في يوم الجمعة المبارك السابع عشر من جُمادى الأول من شهور سنة سبع وتسعين وثمان مئة بمدرسةِ شيخ الإِسلام أبي عمر بالصَّالحية (1) قَدَّس الله تعالى روحه، وسَمِعَ

(1) في سنة (551) لجأ إلى دمشق نفرٌ من بني قُدَامة المقادسة بعد أن اضطروا إلى الهربِ من القدس بعد استيلاءِ الصليبيين عليها، واستقرُّوا مدةَ عامين بمسجد أبي صالح خارج الباب الشرقي، ثم تحوَّلُوا عنه إلى سفح قاسيون على مَقْرُبة من نهر يزيد، فبَنَوْا لهم داراً تشتمِلُ على عدد كثيرٍ من الحجرات دُعِيَتْ بدَيْر الحنابلة، ثم شرعوا ببناء أول مدرسة في الجبل وهي المدرسة العُمَرية التي أنشأها أبو عمر محمد بن أحمد المقدسي الجماعيلي الحنبلي المتوفى سنة (607 هـ) وكانت في غايةِ النشاط والازدهارِ، ثم تتابع البناءُ حولها وعُرِف هذا المكانُ فيما بعد بالصالحية، وكان بهذه المدرسة خزانة كتب لا نظيرَ لها، فَلَعِبَتْ بها أيدي المختلسين، وأُخِذَ منها الشيءُ الكثير، ثم نُقِلَ ما بقي منها -وهو شيء لا يُذكر بالنسبة لما كان بها- إلى المكتبة الظاهرية، وبقيت من هذه المدرسة إلى يومنا هذا أطلالُها تَستدِرُّ كوامِن الجُفون، وتستنزفُ قَطَرات القلوب، وتُذَكِّر بماضٍ حافلٍ بروائع الأجداد.

ص: 129

من جماعةٍ عُيِّنوا في البلاغات بخطِّ كاتبه، وأجاز رضي الله عنه غيرَ مرة بسؤالِ كاتبه رمضان بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أيوب الجَمَّاعيلي الحنبلي عفا الله عنه.

وكتب شيخُه تحته: صحيحٌ ما ذكره من السَّماعِ والإِجازة وَفَّقه الله لما يُحب ويرضى كتبه محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن، وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

ومحمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن الذي قُرِئَ عليه هذا المجلد هو محمدُ بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن التقي أبي الفضل سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر محمد أخي الموفَّق عبد الله صاحب "المغني" ابنَيْ أحمد بن محمد بن قُدامة ناصر الدين أبو عبد الله بن العماد بن الزين أبي الفرج بن ناصر الدين أبي عبد الله القرشي العُمري العَدَوي المقدسي الدمشقي الصالحي، ويُعرف كأبيه بابن زُرَيْقٍ.

وُلِدَ في شوال سنة اثنتي عشرة وثمان مئة بصالحية دمشق، ونشأ بها، فحَفِظ القرآن ودَرَسَ الفقه على علماء عصرِه وطلبَ الحديث، وكتب الطِّبَاق والأجزاء، ومَهَر وأفاد، وروى عنه خلق من الأعيان، وكان فاضلاً متواضعاً، ذا أَنَسةٍ بالفن وقد ولي النظرَ على مدرسة جده أبي عمر مدة طويلة، وناب في الحكم ثم تنزَّه عن ذلك، وتوفي بالصالحية عشيةَ يومِ السبت تاسع جمادى الآخرة سنة (900 هـ). "الضوء اللامع" 7/ 169، و "شذرات الذهب" 7/ 366.

‌10 - نسخة ثالثة مِن مكتبة الرياض العامة

ورقمها (455) و (456)، ورمزنا لها بـ (ض). وتقعُ في مجلدين يستوعبان الثلثَ الأوَّل والثاني من "المسند" وهي من منسوخات القرن الثاني عشر للهجرة ومقابلة على عدة نسخ.

ص: 130

- المجلد الأول: ويقع في (1136) صفحة، يبتدئ بأول "المسند" وينتهي بآخر مسند أبي هريره.

وفي آخره ما نصُّه: وافق الفراغُ من نَسْخ هذا المجلد آخر ثلث ليلة يُسْفِرُ صُبْحُهَا عن يوم الخميس السادس والعشرين ربيع الأول من سنة تسع وعشرين ومئة بعدَ الألفِ من الهجرة النبوية على صاحبها افضلُ الصلاة والسلام، على يدِ المفتقر إلى رحمة ربِّه حسين بن علي بن حسن بن عبد الحسين بن عبد الله الراوي

الشافعي مذهباً، المكي مجاورة

- المجلد الثاني: ويقع في (1190) صفحة، يبتدئ بمسند أبي سعيد الخدري وينتهي بمسند البصريين، وهو يتضمن الثلث الثاني من النسخة، وليس في آخره ما يُشير إلى تاريخ نسخه تحديداً.

‌11 - مجلد يتضمَّنُ مسندَ أبي هريرة من نسخة الحافظ ابن عساك

ر صاحب "تاريخ دمشق"، وعليه سماعُه من ابن الحُصَين، وفيه عِدَّةُ سماعات لِغير واحد من أهل العلم، وهي معارضةٌ بأصل ابنِ المذهب، ويقع في (294) ورقة، وخَطُّه غاية في الصعوبة على غير المتمرس ولم نقف على تاريخ نسخه إلا أنه يرجح أنه كتب في القرن السادس الهجري.

‌12 - قطعة من نسخة كان يتملَّكُها الشيخُ محمد بن عبد الله المغربي المدرس بالحرم الشريف،

وهو الذي قرأ "المسند" على الشيخ عبد الله بن سالم البصري في الرَّوضة النبوية، وقد رمزنا لها بـ (غ). تبتدئ بأثناء مسند أبي بكر وتنتهي بمسند ابن عمر، فهي ناقصة من الأول والآخر، ولم نَقِفْ على تاريخ نسخها، وقد قُوِبلَتْ على نسختين خطيتين كما يتبيَّنُ من حواشيها. مصورة من مكتبة الرياض العامة رقم (754)، وتقع في (356) ورقه.

‌13 - نسخة تتضمَّنُ مسند المكيين والمدنيين،

وتقع في (578)

ص: 131

صفحة، وهي نسخة كتبت بعد الألف للهجرة، وفيها تصحيفات وتحريفاتٌ غيرُ قليلة وهي غيرُ مقابَلة. مصورة من مكتبة الرياض العامة برقم (755).

أما‌

‌ المصنَّفاتُ التي لها علاقةٌ بالمسند،

والتي استعنّا ببعضها في استكمالِ التحقيق، وتداركِ السقط الذي وقع في الأصول المعتمدة، والطبعة الميمنية فهي:

‌1 - إطراف المُسْنِد المعتلي بأطراف المُسْنَد الحنبلي،

للحافظ ابن حجر، في مجلدين.

وهي نسخة مصورة عن نسخة داماد إبراهيم تحت رقم (255) و (256):

- المجلد الأول: عدد أوراقه (258) ورقة، نسخ في حياة المؤلف سنة (836 هـ).

وناسخها هو تلميذُ الحافظ ابن حجر محمد بن علي بن جعفر بن مختار، الشهير بابن قمر الحسيني، المتوفى سنة (876 هـ)(1).

- المجلد الثاني: عدد أوراقه (260) ورقة، نسخ سنة (838 هـ)، وناسخه هو ناسخ المجلد الأول نفسه.

‌2 - غاية المُقْصَد في زوائدِ المسنَد للهيثمي.

نسخة مصورة من مصورة جامعة أم القرى بمكة المكرمة عن الأصل الخطي الموجود في مكتبة البلدية بالإسكندرية، تقع في (422) ورقة، كتبت بخط نسخي مقروء، عليها حواشٍ منقولة من نسخة المؤلف، وقد نُسِخَتْ في حياته، إذ كان الفراغُ من نسخها في تاسع شهر رجب الفرد سنة ثلاث وتسعين وسبع مئة.

(1) ترجمته في "الضوء اللامع": 8/ 176 - 178.

ص: 132

‌3 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند لابن عساكر.

وهو فهرس دقيق لأسماء الصحابة، وموضع حديثهم في المسند.

وقد طبع في بيروت بدار البشائر الإسلامية سنة 1409 هـ/ 1989 م بتحقيق الدكتور عامر حسن صبري.

‌4 - جامعُ المسانيد والسُّنن الهادي لأقوم سَنَن.

تأليف الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، المتوفى سنة (774 هـ).

موجود منه 7 مجلدات ضخمة بدارِ الكتب المصرية، تحت رقم (221) و (222) و (223) و (224) و (225) و (226) و (227) حديث، نسخ في القرن الثامن الهجري بعد وفاة المؤلف رحمه الله.

وفي آخر المجلد الخامس منه قال: يتلوه في السادس عبد الله بن كعب. يعني في روايته عن المبهمين، ولم يأت هذا في الجزء الذي بعده وهو أول مسند النساء، مما يدلُّ على وجود نقص فيه، وبالرجوع إلى كتاب "ترتيب أسماء الصحابة" للحافظ ابن عساكر تبيَّن أن النقص يمثل (191) ترجمة في باب الرواية عن المبهمين.

وفي آخر المجلد الذي فيه مسند النساء قسم غير قليل من مسند أنس بن مالك الذي ذكر المؤلف أنه أفرده على حدة، ففي آخر مسند النساء ما نصه: قال ولدُ المصنف: رأيت بخط والدي تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته ما صورته: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، يقول إسماعيل بن كثير ألهمه الله رشده وغفر له ولطف به: فرغتُ من هذا الكتاب في ليلة الأحد العاشرة من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وسبع مئة هجرية خارجاً عن مسانيد المكثرين مثل أنس وجابر وسعد بن مالك أبي سعيد الخدري

ص: 133

وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم (1)، وأرجو من الله تيسير تمام ذلك وهو أخفُّ مؤنةً وأيسر مما تقدم، ولله الحمد والمنّة أولاً وآخراً

قلنا: وهذه المسانيد التي ذكرها لم نقع على شيء منها سوى قسم من مسند أنس كما ذكرنا آنفاً، وقسم من مسند أبي هريرة، وهو الذي يشتمل عليه المجلد السابع من هذه النسخة، وينقص من أوله بعضه.

وقد اعتمد فيه على "مسند أحمد" الذي رتبه خاتمة الحفاظ الإِمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن المُحب الصامت المتوفى سنة (789 هـ)، ثم ضمَّ إليه روايةَ كُلِّ صحابي من الكتب الستة ومن "معجم الطبراني الكبير" ومن "مسند البزاز" ومن "مسند أبي يعلى"، وقد رتَّب الصحابةَ على نسق حروف المعجم، وكذلك رتب الرواة عن الصحابة ترتيباً معجمياً أيضاً على نحو ما فعل شيخه الحافظ أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي المتوفى سنة (742 هـ)، وإذا كان الحديث قد انفرد به الإِمام أحمد ولم يرد عند أحد من أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم الأُخرى التي اعتمدها، فإنه ينبه على ذلك بإثره بقوله: تفرد به، أي أن الإِمام أحمد تفرد بإخراجه.

قال الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن محمد الجزري في "المصعد الأحمد" ص 39: ثم إن شيخنا الإِمام مؤرخ الإِسلام وحافظ الشام عماد الدين أبا الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله تعالى أخذ هذا الكتاب

(1) وكذلك لم يُدْرِجْ فيه مسانيدَ الخلفاء الأربعة، لأنه أفردَ بالتأليفِ لِكل واحدٍ منهم رضي الله عنهم مسنداً كما بَيَّن ذلك في موضع ترجمة كُلِّ واحد منهم من "جامع المسانيد"، وقد طبع منها مسندُ عمر بتحقيق د. عبد المعطي قلعجي عن النسخة الأم التي هي بخط المصنف رحمه الله في جزأين لطيفين نشر دار الوفاء بالمنصورة.

ص: 134

المرتب من مؤلفه - يعني أبا بكر محمد بن عبد الله ابن المحب الصامت - وأضاف إليه أحاديث الكتب الستة و "معجم الطبراني الكبير" و "مسند البزار" و "مسند أبي يعلى الموصلي"، وأجهد نفسه كثيراً، وتعب فيه تعباً عظيماً، فجاء لا نظيرَ له في العالم، وأكمله إلا بعض مسند أبي هريرة فإنه مات قبل أن يُكمله، فإنه عوجِل بكفِّ بصره، وقال لي رحمه الله تعالى: لا زلتُ أكتب فيه بالليل والسراج يُنَونِصُ حتى ذهب بصري معه، ولعل الله يُقيض له من يكمله مع أنه سهل، فإن معجم الطبراني الكبير لم يكن فيه شيء من مسند أبي هريرة رضي الله عنه.

تنبيه: لم نذكر كتابَ جامع المسانيد الذي ألفه الإِمام العَلامة المتفنِّن جمال الدين ابن الجوزي في جُملة مَنْ خَدَم مسند أحمد، لأنه رحمه الله قد ذكر في مقدمته أنه قد جمع كتابه مِن مسند أحمد وصحيح البخاري، وصحيح مسلم وجامع الترمذي، لأنَّها الأصولُ التي تحوي جمهورَ حديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها العلوُّ في الإِسناد.

وقد أبان عن خطته التي اتبعها في تأليفه هذا فقال: وآتي بالحديثِ بأتمِّ ألفاظه وأجودِها في أيِّها كان، وأحذِفُ مُكَرَّرَها إلا أن يكونَ في التكرارِ زيادةُ حكمٍ، فأكرره لذلك. وأخرجتُ من المسند والترمذي أحاديث يسيرة لم تصلُحْ، فوضعتُ بعضها في كتابِ الأحاديث الواهية، وبعضَها في الموضوعات. ومتى كان الحديثُ متفقاً عليه بينتُ ذلك، أو انفرد أحدُ الشيخين، أو كانت كلمة غريبة أومعنى مُشْكِلٍ.

وقد اقتصر في كتابه هذا على نقلِ الأحاديثِ المسندة من هذه الكتب الأربعة، فأما ما فيها مِن كلام الصحابة والتابعين، فقد أسقطه لأنه ليس من غرضه على أنه قد تَجَوَّزَ بذكر بعضه.

ص: 135

وقد رتَّبَه على المسانيدِ، ثم رتَّب المسانيدَ على حروف المعجم.

ولم يتيسر لنا مِن هذا الكتاب سوى مقدمته التي هي في خمس ورقات.

‌5 - حاشية المحدث محمد بن عبد الهادي السندي

المتوفى سنة (1138) هـ

وقد انتهى إلينا منها نسختان مصورتان من الجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة.

الأولى منها مصورة عن الأصل الخطي الموجود في المكتبة السعيدية في حيدرآباد، وتقع في ثلاثة مجلدات.

الأول منها - وعدد أوراقه (219) ورقة - وفي أوله نقص كبير ينتظم الكلام على الخمس الأول من المسند أي على (4505) أحاديث، وينتهي بمسند أبي هريرة.

والثاني - وعدد أوراقه (220) ورقة - يبدأ بمسند أبي سعيد الخدري، وينتهي بمسند البصريين.

والثالث - وعدد أوراقه (90) ورقة - يبدأ بمسند الأنصار، وينتهي بنهاية المسند. وخط هذه النسخة نسخي واضح مقروء، الخطأ فيه قليل، وليس فيها ما ينبئ عن ناسخها ولا تاريخ النسخ.

النسخة الثانية تقع في مجلد واحد، عدد أوراقه (457) ورقة، يبدأ من أول الكتاب، وينتهي بالكلام على الحديث (25827) من مسند عائشة رضي الله عنها.

وخطها نسخي واضح مقروء كسابقتها، وجاء في لوحة العنوان ما نصه:

حاشية على مسند الإِمام أحمد ابن حنبل للشيخ أبي الحسن السندي

ص: 136

رحمه الله تعالى. ولم يرد فيها ذكر للناسخ ولا لتاريخ النسخ.

وقد ترجم لمؤلف هذه الحاشية المرادي في "سلك الدرر" 664، فقال: محمد السندي بنُ عبد الهادي السنديُّ الأصل والمولدِ الحنفي، نزيلُ المدينة المنورة، الشيخُ الإِمام العالم العامل العلَّامة المحقق المُدَقِّق النحرير الفهَّامة أبو الحسن نور الدين، ولد (بتته) قرية من بلاد السند، ونشأ بها، ثم ارتحل إلى تُسْتَرَ وأخذ بها عن جملةٍ من الشيوخ، ثم رحل إلى المدينة المنورة وتوطَّنها، وأخذ بها عن جملةٍ من الشيوخ: كالسيد محمد البرزنجي، والملا إبراهيم الكوراني، وغيرهِما، ودَرَّسَ بالحرم الشريف النبوي، واشتهر بالفضل والذَّكاءِ والصلاح، وألف مؤلفاتٍ نافعةً، منها: الحواشي الستة على الكتب الستة، إلا أن حاشيته على الترمذي ما تَمَّتْ، وحاشية نفيسة على مسند الإِمام أحمد، وحاشية على "فتح القدير" وصل بها إلى باب النكاح، وحاشية على البيضاوي، وحاشية على الزهراوين للملا علي القاري، وحاشية على "حاشية شرح جمع الجوامع" الأصولي لابن قاسم المسماة بالآيات البينات، وشرح على الأذكار للنووي، وغير ذلك من المؤلفاتِ التي سارت بها الركبان، وكان شيخاً جليلاً ماهراً محققاً بالحديث والتفسير والفقه والأصول والمعاني والمنطق والعربية، وغيرها.

أخذ عنه جملةٌ من الشيوخ، منهم: الشيخ محمد حياة السندي، وغيره.

وكان عالماً عاملاً، ورعاً زاهداً، وكانت وفاتُه بالمدينة المنورة ثاني عشري شوال سنةَ ثمانٍ وثلاثين ومئة وألفٍ، وكان له مشهدٌ عظيم حضره الجمُّ الغفيرُ من الناس حتى النساء، وغلقت الدكاكين، وحمل الولاة نعشه إلى المسجد الشريف النبوي، وصُلِّيَ عليه به، ودُفِنَ بالبقيع، وكَثُرَ البكاء والأسفُ عليه، رحمه الله تعالى.

ص: 137

‌منهج التحقيق:

1 -

قمنا بتوثيق النَّصِّ، وذلك بمقابلة المطبوع بالأصول الخطية المتوافرة لدينا، وأثبتنا الفروق المهمة، وقد رمزنا للطبعة الميمنية في هوامشنا بالحرف (م).

2 -

ضبطنا النصَّ ضبطاً قريباً من التمام، وضبطنا ما يُشْكِلُ من أسماء الرواة، وكناهم وألقابهم ضبط قلم، وربما ضبطناه بالحروف في الحاشية.

3 -

نَبَّهنا على الأخطاء الواقعة في الطبعتين السابقتين من تحريف وتصحيف وسقط.

4 -

حَكَمْنا على أسانيد أحاديثه، حيث قمنا بدراسة رجال إسناد كلِّ حديث فيه، وأشرنا إلى الأسانيد التي هي على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم.

وإذا كان بعضهم من رجال البخاري، وبعضهما من رجال مسلم، قلنا: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح، وإنما فعلنا هذا لبيان أن هذا الإِسنادَ في أعلى درجات الصحة، فقد أطبقت الأمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، والرجوع إلى حكم الشيخين بالصحة، وأن من احتج به الشيخان أو أحدهما، فقد جاز القنطرة، فإن تخريج حديث الراوي في "الصحيحين" أو أحدهما محتجَّيْن به، هو بمنزلة التصريح بتوثيقه (1)، ولبيان هذا العدد الكبير من الأحاديث الصحيحة التي لم ترد عندهما ولا عند أحدهما مع أنها مستوفية لشروط الصحة التي اشترطاها في كتابيهما، وليس

(1) انظر "الاقتراح" لابن دقيق العيد ص 326 - 329.

ص: 138

في هذا تعقب لهما أو إلزامهما بهذه الأحاديث التي استوفيت الشروط التي التزماها، فإنهما رحمهما الله قد صرحا بأنهما لم يقصدا استيعابَ جميعِ الأحاديث الصحيحة في كتابيهما.

وقد تحرينا في الأعم الأغلب أن يكون قولنا: " هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم " مقيداً بمن احتج بهم الشيخان أوأحدهما في الأصول، وليس ممن خرجا له استشهاداً أو متابعة أو تعليقاً، ولا ممن هو موصوف بتدليس أوتخليط، فإنهما رحمهما الله ينتقيان من حديث من تكلم فيه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلاً، ومن حديث المدلس ما صرح بالسماع فيه، ومن حديث المختلط بأخرة ما رواه الثقة عنه قبل اختلاطه.

وإذا كان في السند راوٍ لا يُحْتَجُّ به لسوء حِفظه أو لكونه رُمِيَ بالاختلاط أو التغير أو التدليس ووقفنا على متابع له في تلك الرواية ممن يصلح حديثُه للمتابعة، أو كان لمتنِ الحديث ما يشهد له، أطلقنا الصحة أو الحسن على ذلك الحديث وفق ما يقتضيه المقام لغلبة الظنِّ أنه بالمتابعة أو الشاهدِ، لم يقع لذاك الراوي المجروح تخليطٌ فيه أو غلط أو وهم.

وقد يَنْتَهِضُ إسنادُ الحديثِ إلى درجةٍ أعلى مِن درجة الحسن، ولكنه لا يَبلُغُ رتبةَ الصحيح، فنقول في مثل هذا النوع من الإسناد: إسنادُه قوي، أو جيد، إشارةً منا إلى أنه فوق الحسن ودون الصحيح، وهذا الاستعمال متداول بين أهل العلم الذين مارسوا هذا الفنَّ واختصُّوا به، وصاروا أعلاماً فيه.

وما سوى ذلك فقد حَكَمْنا عليه بما يليقُ بحالهِ من صحةٍ أوحسنٍ أو ضعفٍ، مسترشدين بما أصَّله جهابذة الحديث ونقاده من أصول وقواعد لتوثيق

ص: 139

الروايات وفحص الأسانيد، وتنقيد المتون، فإنهم القُدْوةُ في هذا الفن، والمعَوَّل عليهم فيه.

وإذا كان في السند راوٍ لم نجد فيه توثيقاً ولا تضعيفاً عن أحدٍ من أئمة الجرحِ والتعديلِ، لكنه مذكورٌ في "ثقات ابن حبان"، فإنه لا يَخْرُج عن حدِّ الجهالة ولا يقوى حديثُه عندنا إلا بأحد أمرَيْنِ:

الأول: أن ينصَّ ابنُ حبان على توثيقه، كأن يقولَ: مستقيمُ الحديث، أو ثقة، أو صحيح الحديث.

الثاني: أن يَروي عنه جماعةٌ ثلاثةٌ فما فوق، ولم يرد عنه ما يقدح في ضبطه، فقد قال الإمام الذهبي في "ميزان الاعتدال" 3/ 426 في ترجمة مالك بن الخير الزبادي تعليقاً على قول ابن القَطّان: هو ممن لم تَثبُتْ عدالتُه: يريد أنه ما نَصَّ أحدٌ على أنه ثقة، وفي رواة "الصحيحين" عددٌ كثير ما عَلِمْنا أن أحداً نصَّ على توثيقهم، والجمهورُ على أنَّ مَن كان من المشايخ قد روى عنه جماعة، ولم يأتِ بما يُنكر عليه أن حديثَه صحيحٌ (1).

وسيجدُ القارئُ الكريمُ أننا قد خالَفْنا في تنقيد الرواة الحافظَ ابن حجرٍ وغيره من أئمة هذا الشأن فيما انتهوا إليه من أحكام على عددٍ غيرِ قليلٍ من

(1) وقد تعقبه الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه السخاوي في "فتح المغيث" 1/ 296 بقوله: ما نسبه للجمهور لم يصرح به أحد من أئمة النقد إلا ابن حبان، نعم هو حق فيمن كان مشهوراً بطلب الحديث والانتساب إليه.

قلنا: وفي تعقُّبه هذا نظر، فإنه ليس في كلام الإمام الذهبي ما يشير إلى تنصيص الجمهور على هذه القاعدة، وإنما يُفهم منه أنه رحمه الله قد استنبط هذه القاعدة من جملة أحاديث صححها الجمهور، وفي أسانيدها رواة لم يؤثر توثيقهم عن أحد، والحافظ نفسه رحمه الله مع تعقُّبه للذهبي يتبع هذه القاعدة، ويحكم بمقتضاها على أحاديث غير قليلة بالصحة أو الحسن كما هو معلوم لكل من ينظر في تخريجاته.

ص: 140

الرواة نتيجةَ مراجعة كتب الجرح والتعديل المعتمدة التي تَضَمَّنت أقاويل الثقات في هؤلاء الرواة، والموازنةِ الدقيقة بينها، واستخلاصِ ما هو أقربُ إلى الصواب منها، ولنا على كتاب "التقريب" للحافظ ابن حجر مؤاخذاتٌ غير قليلة تدل على أنه رحمه الله لم يحرِّر تراجمَ عدد غير قليل من الرواة تحريراً دقيقاً، فقد وَقَعَتْ له فيه أخطاء يُسْتَغْرَبُ صدورُها مِن مِثْلِه، ولا بأسَ من إيرادِ أمثلةٍ منها تَذكِرةً لمن يُعَوِّل عليه، ويعتمِدُ أحكامَه، ويرى أنها غيرُ قابلةٍ للنَّقد:

قال في ترجمة عبد العزيز بن أبي سليمان الهذلي: مقبول. وقد صرَّح في مقدمته أنه يُطْلِقُ هذه اللفظةَ على من يُقبَلُ حديثُه عندَ المتابعة، وأنه عند عدمها يكونُ لَيِّنَ الحديث.

وعبد العزيز هذا روى عنه جمعٌ، ووثَّقه عليُّ بنُ المديني، وأحمد، ويحيى بن معين، وأبو داود، وابن نمير، وابنُ حِبان، فهل يُقَالُ عن مثلِ هذا: مقبول؟!

وقال في ترجمة إياس بنِ خليفة البَكْري: صدوق. وهي تعني عندَه أنه يعني في الدرجةِ الثانية بعدَ الثقة. مع أنه لم يروِ عنه غيرُ عطاء بن أبي رباح، وانفرد بتوثيقه ابنُ حبان، وقال العقيليُّ: في حديثه وَهَمٌ، وقال الذهبي في "الميزان" 1/ 282: لا يكاد يُعْرَفُ. فهل يُقَالُ في مثلِه: صدوق، وهو في عِداد المجهولين.

وقال في ترجمة خالد بن غَلّاق: مقبول. مع أنه من رجال مسلم، وخالف ما هنا في "تلخيص الحبير" 1/ 118، فقال في خبرٍ في سندِه خالدٌ هذا: إسنادُه صحيح.

وقال في ترجمة ربيعة بنِ ناجذ الأزدي: ثقة. مع أنَّه في عِداد

ص: 141

المجهولين، لأنه لم يَرْوِ عنه غيرُ أبي صادق الأزدي، ولم يوثِّقه غيرُ ابنِ حبان، وقال الذهبي في "الميزان": لا يكاد يُعْرَفُ، وقال في "المغني": فيه جهالةٌ، أفمِثْلُ هذا يقالُ فيه: ثقة.

وقال في ترجمة خالدِ بنِ دِهْقان الدمشقي: مقبول. مع أنه قد وثَّقه أبو مُسْهِرٍ، ودُحيم، وأبو زرعة، وابنُ حبان والذهبي، وروى عنه جمعٌ، ولم يُضعِّفْه أحدٌ.

وقال في إبراهيمَ بن يزيد بن شريك التَّيْمي: ثقة ألا أنه يُرسِلُ ويُدلِّس. وهذا وَهَمٌ منه رحمه الله، فإنه لم يَصِفْه أحد بالتدليس حتى هو نفسه لم يذكُرْه في "طبقات المدلسين"، وربما يكون قد الْتَبَس عليه بإبراهيم بن يزيد النخعي الذي بعده، فهذا قد وصفوه بالتدليس، وإن كان هذا الوصفُ لا ينطبق عليه أيضاً.

وقال في عبد الله بن نَهيك: كوفي صدوق. مع أنه لم يرو عنه غير أبي إسحاق، ولم يوثقه غيرُ ابنِ حبان، فمثلُ هذا يقالُ فيه: مقبول أو مجهول.

وقال في عبد الملك بن أبي سليمان العَرْزَمي: صدوقٌ له أوهام. مع أنه ثقةٌ كما يُعْلَمُ مِن ترجمته في "التهذيب"، ولم يتكلم عليه غيرُ ُشعبة من أَجْل حديثٍ، وثناؤُهم عليه مستفيض.

وقال في ترجمة علقمة بنِ وائل بن حُجْر: صدوقٌ إلا أنه لم يَسْمَعْ من أبيه. وهذا وَهَمٌ منه رحمه الله، فقد ثَبَت سماعُه في غير ما حديثٍ عن أبيه، كما هو مبيَّن في تعليقنا على "السير" 2/ 573 - 574.

وقال في عمير بن يزيد بن عمير الأنصاري: صدوق. مع أنه وثَّقه ابنُ معين، والنسائي، وابنُ مهدي، وابنُ نمير، وابنُ حِبان، والعِجْلي، والطبراني.

ص: 142

وقال في عوف بن الحارث بن الطُّفيل بن سَخْبَرة: مقبول. مع أنه احتجَّ به البخاريُّ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جمع.

وقال في قَتادة بن دِعامة السَّدوسي: ثقة ثَبْت. ولم يَصِفْهُ بالتدليس هنا، مع أنه قال في "مقدمة الفتح": ربما دَلَّس، وأدرجه في "طبقات المدلسين" في الطبقة الثالثة التي لا يقبل حديث أصحابها إلا إذا صَرَّحوا بالسماع، وقال: مشهور بالتدليس.

وقال في محمد بن يوسف القرشي: مقبول. مع أنه وثَّقه أبو حاتم والدارقطني والذهبي، وذكره ابنُ حبان في "الثقات".

وقال في معبد بن كعب بن مالك الأنصاري: مقبول. مع أن البخاري ومسلماً قد احتَجَّا به، وروى عنه جمعٌ، وذكره ابنُ حبان في "الثقات".

وقال في هشام بن عمرو الفزاري: مقبول. مع أنه وثَّقه ابنُ معين وأبو حاتم وأحمد، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وقال في يونس بن خباب الكوفي: صدوق يخطئ. وكيف يقال هذا فيه، وقد كذَّبه يحيى بنُ سعيد، وقال ابنُ معين: رجل سوء ضعيف، وقال ابن حبان: لا تَحِلُّ الرواية عنه، وقال النسائي: ضعيف، وقال البخاري: منكر الحديث.

وقال في يونس بن سيف الكَلاعي الحمصي: مقبول. مع أنه قد وثَّقه الدارقطنيُّ والذهبي، وابنُ حبان، وقال البزار: صالح الحديث، وروى عنه جمع.

ثم إن الرموز التي في "التقريب" لا يجوز الاعتمادُ عليها وحدها فيما يَخُصُّ البخاريَّ ومسلماً، لأن المؤلف رحمه الله قد رَمَز في مواطن كثيرة لكلِّ من أَخْرَجَ له البخاري بـ (خ)، ولمن أخرج له مسلم بـ (م)، سواء قد احتَجَّا

ص: 143

به، أم أخرجا له في المتابعات والشواهد، فلا بُدَّ من التمييز بين الرواة الذين احتَجَّا بهم أو أحدهما وبين الرواة الذين أخرجا لهم في المتابعات والشواهد، فإن النوعَ الثاني من الرواة يَقْصُر عن رُتْبة الصحيح، كما هو معلوم لأهل هذا الفن.

وإذا كان مصدرُ الحكم على الراوي مستمداً من غير كتاب "تهذيب الكمال" وفروعه، أحلنا على المصادر التي نقلنا عنها وأفدنا منها.

5 -

خرّجنا أحاديث الكتاب من "الصحاح" و "السنن" و "المسانيد" و "المعاجم" وغيرها من المظانِّ مما تيسَّرَ لنا، محاولين الاستيعاب قدرَ الإِمكان، وأشرنا إلى أماكن وجود الحديث إذا تكرر في المسند، وبما أن المؤلف قد يُورِدُ الحديث الواحد في مواضع متعددة من طرق مختلفة، فقد قمنا بتخريج كُلِّ طريق في موضعه مشيرين إلى أنَّ المؤلفَ سيوردُهُ من طريق كذا برقم كذا، وإن لم يورِدْه إلا من طريق واحدة مع أن له طرقاً عديدة أشرنا إلى تلك الطرق الأخرى عن ذلك الراوي. وفي حال اختلاف الطريق كُلِّها عدا الصحابي راوي الحديث نُورِدُ الإسنادَ بتمامه أو جزء منه.

وإذا كان للحديث شاهدٌ عند أحمد، أَحلنا عليه، فنقول مثلاً: ويشهد له حديثٌ سبق برقم كذا، أو سيأتي، ويُحال حينئذ إلى الصفحة والجزء في الطبعة الميمنية، وإذا لم يكن الشاهد في المسند، فيُخَرَّج من المصادر الأخرى مع تبيين حاله عند الحاجة إلى ذلك، فيزداد بذلك حديثُ الباب قوةً، وبخرج عن حدِّ الغرابة.

6 -

علَّقنا على بعض المواضع بما يستدعيه المقام، من تفسير لفظ غريب، أو توضيح معنى مستغلق، أو ترجمة بلد أو موضع، أو نقل فائدة لمحها أحدُ الأئمة من الخبر، أو ذكر وقوع نسخ في الحديث، أو التنبيه على

ص: 144

شذوذ في المتن، أو علة خفية قادحة، ونحو ذلك. ونحيل إلى المصادر التي نقلنا عنها، فأحياناً نثبت النص المنقول بتمامه في العلة الخفية القادحة، وأحياناً نلخصه بحيث يفي بالمراد، ويحقق المبتغى.

ونذكرُ أيضاً ما نقف عليه من قرائن يكون لها تأثير في حال الراوي، أو في درجة الحديث، وذلك إما ضمن خلاصة الراوي، أو عند الحكم على الحديث.

وغيرُ خافٍ على طلبة العلمِ الحُذَّاق أنَّ صحة السند وحدها لا تكفي لصحة المتن، فإن جواز وقوع الخطأ من الثقة لا خلاف فيه، وهو جائز عقلاً وعادة، ووافق فعلاً وحقيقة، فقد ذكر الخطيب في كفايته ص 144 - 145 عن الأئمة سفيان الثوري والشافعي وشعبة أنه إذا كان الغالب على الراوي الحفظ فهو حافظ، فإنه لا يكاد يفلت من الغلط أحد، ويقوي ذلك ويؤكِّده ما قال الترمذي: وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم.

ولهذا اشتُرط في الحديث الصحيح سلامتُه من الشذوذ والعلة، وهما يقعان في أحاديث الثقات، قال الإمام أبو عبد الله الحاكم في علوم الحديث ص 112 - 113: وإنما يُعلَّل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقطٌ واهٍ، وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات أن يُحدثوا بحديث له علة، فيخفى عليهم علمه، فيصير الحديث معلولاً، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير.

وقد قال أهل هذا الفن: إن قول المحدث في حديث ما: إسناده صحيح، هو دون قولهم: صحيح، لأنه قد يصح السند ولا يصح المتن. قال العلامة ابن القيّم في الفروسية ص 64: وقد عُلم أن صحة الإسناد شرط من شروط صحة الحديث، وليست موجبة لصحة الحديث، فإن الحديث يصح

ص: 145

بمجموع أمور منها: صحة سنده، وانتفاء علته، وعدم شذوذه ونكارته.

وقد ردَّ غيرُ واحد من العلماء الذين يُعوَّل عليهم في هذا الباب في القرون المفضَّلة والتي تلتها أحاديثَ غير قليلة من جهة المتن، وحكموا ببطلانها ونكارتها وشذوذها.

وتدرك العلة بتفرد الراوي، أو بمخالفة غيره له مع قرائن تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم وغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه فيحكم بعدم صحة الحديث، أو يتردد فيتوقف فيه.

ولا يتفطن لعلل الحديث، ويكشف عنها، إلا العالم بهذا الفن، الماهر فيه الذي قضى معظم وقته في دراسة كتبه، ومعرفة أقاويل أهل العلم الذين اختصوا به وصاروا أعلاماً فيه.

7 -

رقمنا أحاديث الكتاب، ونبَّهنا على المكرر منها.

8 -

فصَّلنا النص ورقَّمناه، ووضعنا قول الرسول عليه الصلاة والسلام بين قوسين صغيرين، والآية بين قوسين مزركشين.

9 -

نبَّهنا إلى زيادات عبد الله بن الإِمام أحمد ووجاداته، وما رواه عن أبيه، وعن شيخ أبيه أو غيره، باستخدام الرموز التالية:

• دائرة صغيرة سوداء لزيادات عبد الله.

° دائرة صغيرة بيضاء لوجاداته.

* نجمة مدورة لما رواه عن أبيه، وعن شيخ أبيه أو غيره.

وسننبه على هذه الرموز في بداية كل جزء.

ص: 146

10 -

أما الفهارس التي سنقوم بإعدادها عند انتهاء الطبع بإذن الله تعالى فتشمل:

1 -

فهرس شيوخ أحمد.

2 -

فهرس شيوخ عبد الله بن أحمد.

3 -

فهرس الصحابة.

4 -

فهرس الرواة.

5 -

فهرس الأحاديث القولية والفعلية.

ولا بُدَّ لنا من التنويه بالجهودِ المباركةِ التي أنفقها الشيخُ المُحَدِّثُ أحمد محمد شاكر في خِدمة هذا "المسند" الجليلِ، لِتقريب الإفادة منه إلى الناسِ عامةً وأهلِ الحديث خاصةً، حتى يَصِلُوا إلى ما في السُّنَّةِ النبوية مِن كنوز قد يَعْسُرُ الوصولُ إليها في كتابٍ هو كالأصلِ لجميع كُتُبِ السُّنَّةِ أو أكثرها، وقد بيَّن رحمه الله في مقدمته أنَّه لم يلتزِمْ في الكلام على الأحاديثِ أن يُخرِّجها كلها، وعَلَّلَ ذلك بأنَّه أمرٌ يطولُ جداً، وإنما جعل همته ووَكْدَه أن يُبين درجةَ الحديثِ، فإن كان صحيحاً ذكرَ ذلك، وإن كان ضعيفاً بيَّن سَبَبَ ضعفه، وأن كان في سنده رجلٌ مختلفٌ في توثيقه وتضعيفه، اجتهدَ رَأْيَهُ على ما وَسِعَه علمُه، وذكر ما يراه.

ومع شهادة غيرِ واحدٍ من أهلِ العلم ببلوغه رحمه الله في معرفةِ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم روايةً ودرايةً، مبلغاً لم يُجارِه أحدٌ به من معاصريه ممن يَنْتَحِلُ صناعة الحديث، فإنَّه رحمه الله قد تَساهَلَ في الحكم على أحاديثِ غير قليلة في "المسند" تساهلاً غيرَ مرضي عند الحُذَّاقِ من النقاد، فقوَّى حالَ ابنِ لهيعة مطلقاً وعليِّ بن زيد بن جُدعان وشريك بن عبد الله النخعي ومن هُوَ مِن بابَتِهم، وفي كثيرٍ من الأحاديث التي جاءت في "المسند" يقولُ في كُلِّ

ص: 147

واحدٍ منها: إسنادُه صحيح، رجالُه ثقات، مع أن في سندها مَنْ رُمِيَ بالاختلاط وراويه عنه ممن روى عنه بعد الاختلاط، أو ممن هو موصوف بسوء الحفظ، أو كان ممن يُعرف بالتدليس وقد روى حديثه بالعنعنة، وقد صحح كثيراً من الأسانيد التي فيها رواة مجهولون لم يُؤْثَرْ توثيقُهم عن أحدٍ من الأئمة المعتمدِ عليهم الموثوق بهم في هذا الفن، أو يكون ممن قد انفرد بذِكْره ابنُ حبان في كتابه "الثقات" أو وَثَّقه العجلي، اللذان عُرفا عندَ أهلِ العلم بالتساهلِ في التوثيق، كما أنه يَعْمَدُ إلى تصحيح سندٍ يكونُ في أحدِ رواته ضعفٌ خفيف، ويأتي بمتنٍ فيه مخالفةٌ لمن هو أوثقُ منه.

وفي كُلِّ ذلك مخالفةٌ للجهابِذَةِ النقادِ من أهلِ الحديث في مُخْتَلِفِ عصورهم، وهذا هو السَّبَبُ الذين دعانا إلى مخالفته رحمه الله في كثيرٍ من الأحكام التي انتهى إليها في التصحيح والتضعيف، والأمثلة كثيرة نكتفي هنا بإيراد بعضها:

فقد صحح حديثَ سماكٍ عن عكرمة، عن ابنِ عباس، مع أنَّهم قد نَصُّوا على أن روايتَه عن عكرمة فيها اضطراب، وسماك - وهو ابنُ حرب - لا يرقى حديثُه إلى الصحة. انظر (116) و (240) و (291).

وصحح الحديثَ (124) مع أن في سنده عبدَ الله بن لَهِيعة وأبا الزبير، والأولُ منهما ضعيفٌ عندهم إلا إذا كان الراوي عنه أحدَ العبادلة، وهذا الحديثُ ليس منها، والثاني مدلس وقد عنعن. وانظر (212) و (453).

وصحح الأحاديثَ (129) و (156) و (345) و (783) و (814) و (1206) مع أن في سند كُلِّ واحدٍ منها عليَّ بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيفٌ لا يُقبل حديثُه إلا في المتابعاتِ عندهم.

ص: 148

وصحح الأحاديث (135) و (141) و (223) و (416) و (511) و (517) و (538) و (576) و (632) و (644) و (645) و (649) و (655) و (665) و (672) و (695) و (754) و (759) و (802) و (820) و (828) و (857) و (967) و (1078) و (1131) مع أنَّ في سند كُلِّ واحدٍ منها مجهولاً أو أكثر.

وصحح الأحاديثَ (713) و (766) و (782) و (843) مع أن في سند كُلِّ واحدٍ منها شريكَ بنَ عبد الله القاضي، وهو سيئ الحفظِ عند المحققين من أئمة هذا الشأن، فمثلُه لا يُعْتَدُّ بما يتفرَّدُ به.

وصحح أحاديثَ في إسنادِ كلٍّ منها راوٍ ضعيف، انظر (293) و (505) و (526) و (573) و (691) و (778) و (790) و (792) و (793) و (847) و (961) و (1191).

وقال في حديث رقم (309): إسناده صحيح، وهو مُعَلٌّ بالانقطاع، أبو لبيد - واسمه لمازة بن زبار - راويه عن عمر لم يُدْرِكْهُ.

وقال في حديث رقم (292): إسناده صحيح، مع أن في سنده محمد بن إسحاق، وهو مشهورٌ بالتدليس وقد رواه بالعنعنة، على أنَّه لو صرح بالتحديثِ لا يرتقي حديثه إلى الصحة، وإنما هو حسنٌ فقط.

وصحَّحَ الحديثَ (440) مع أنَّ في سنده حريث بن السائب، وقد عدَّ الإِمام أحمد هذا الحديث من منكراته، وفي متنه نكارة.

وصحح الحديث (609) مع أن في سنده أبا بكر بنَ عياش راويه عن أبي إسحاق وسماعُه منه ليس بذاك القوي، وأبو إسحاق - وهو السَّبيعي - لم يسمع هذا الحديثَ من شريح بن النعمان، وقال البخاري: لم يثبت رفعُه.

وصحح إسنادَ الحديث (612) مع أن فيه اضطراباً كثيراً كما هو مبين في

ص: 149

شرحنا، وصحح الدارقطني وقفه.

وصحح إسناد الحديث (727) مع أن في سنده عطاءَ بنَ السائب، وقد اختلط، وعامةُ مَنْ روى عنه هذا الحديثَ إنما رووه عنه بعدَ اختلاطه.

وصحح إسنادَ الحديث (728) مع أن في سنده عبدَ الله بن محمد بن عقيل، وفي حفظه شيء، وحديثُه من قبيل الحَسَنِ إلا عندَ المخالفة، فضعيف، وهذا الحديثُ فيه مخالفةٌ لما رواه البخاري (1264)، ومسلم (941) من حديث عائشة رضي الله عنها.

وصحح إسنادَ الحديث (766) مع أن فيه عليَّ بنَ علقمة الأنماري لم يُوثقه غيرُ ابنِ حبان، ولم يرو عنه سوى سالم بنِ أبي الجعد، وقال البخاريُّ: في حديثه نظر، وذكره العقيليُّ وابنُ الجارود في الضعفاء، وانفرد ابنُ عدي بقوله: ما أرى بحديثه بأساً، وفي سنده أيضاً شريكُ بنُ عبدِ الله النخعي القاضي وهو سيئ الحفظ.

وصحح إسنادَ الحديث (887) مع أن في سنده بقيةَ بنَ الوليد، وهو معروف بتدليس التسوية، - وهو شر أنواعه - وقد اشترطوا في مثله أن يُصَرَّحَ بالسماعِ في جميع طبقاتِ السند، وهو منتفٍ في هذا الحديث.

ونؤكِّدُ هنا أن هذه المؤاخذات والنقدات لا تَنْقُصُ مِن قَدْرِ هذا المحدث الجليل، ولا تَغُضُّ من قِيمتِه، ولا تزيلُه عن رتبته الرفيعة في هذا الفَنِّ، لأنَّ تصحيحَ الحديث وتضعيفه مسألة اجتهادية ونظرية تختلف فيها الأنظارُ بين أهلِ العلم، كاختلافِ الفقهاء في كل ما هو مِن المسائل الاجتهادية.

قال الإِمام المنذري في أجوبته عن أسئلة في الجرحِ والتعديلِ ص 83: واختلافُ هؤلاء المحدثين في الجرحِ والتعديلِ كاختلافِ الفقهاء، كل ذلك

ص: 150

يقتضيه الاجتهادُ، فإن الحاكمَ إذا شُهِدَ عنده بجَرْحِ شخصٍ، اجتهدَ في أنَّ ذلك القَدْرَ مؤثِّرٌ أم لا؟ وكذلك المحدثُ إذا أراد الاحتجاجَ بحديث شخصٍ ونُقِلَ إليه فيه جرحٌ، اجتهد فيه هل هو مؤثِّر أم لا؟

ويَجْري الكلامُ عنده فيما يكون جرحاً، في تفسير الجَرْحِ وعَدَمه، وفي اشتراط العددِ في ذلك، كما يجري عندَ الفقيه، ولا فرقَ بين أن يكونَ الجارحُ مُخبِراً بذلك للمحدِّث مشافهةً أو ناقلاً له عن غيره بطريقه، والله عز وجل أعلم.

وإننا إذ نُقدِّرُ جهودَ هذا المحدث الجليل، وننوِّهُ بفضله، ونَعُدُّه رائدَ نَشْر نصوص الحديث النبوي الشريف في هذا العصر وتحقيقها على هذا النحو الذي تابعه عليه غير واحد من المختصين بهذا الفن، نَتَمَثَّلُ بقول الإِمامِ أحمد ابنِ حنبل فيما رواه عنه أحمدُ بن حفص السَّعْدي: لم يَعْبُر الجِسرَ (يعني جسر بغداد) إلى خراسانَ مِثْلُ إسحاقَ بن راهَوَيْهِ وإن كان يُخالِفُناَ في أشياءَ، فإنَّ الناسَ لم يَزَلْ يخالِفُ بعضُهم بعضاً.

هذا ما وفقنا الله تعالى إليه، ونسأله سبحانه أن يُمِدَّنا بقوة من لَدُنْه، وأن يعينَنا على إنجاز هذا المشروع الكبير، وأن يُجَنِّبَنا الزَّلَلَ والخطأ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم. ربَّنا عليك توكَّلنا وإليك أنبنا، وإليك المصير.

عمان 9/ 1/ 1992 م

4/ 7/ 1412 هـ

شعَيبُ الأرنؤوط

محمّد نعيم العرقسُوسي - عادل مُرشد - إبراهيم الزّبيق

ص: 151

‌نماذِج مِن بَعْض نُسَخِ المُسْنَد

ص: 153

بسم الله الرحمن الرحيم

رَبِّ يَسِر وَأَعِن يَا كَرِيم وصَلَّى اللَّهُ على مُحَمَّد وَآلِهِ وَصَحْبِه وَسَلِّم

‌مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ

‌مُسْنَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ

‌مُسْنَدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (1) رضي الله عنه

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُصِينِ الشيَّبْاَنِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، فَأَقَرَّ بِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الْوَاعِظُ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْمُذْهِبِ، قِرَاءَةً مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ:

1 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:

(1) هو عبد الله بن عثمان بن عامر القرشي التَّيْمي، صِدِّيقُ هذه الأمة.

وُلد بعد الفيل بسنتين وأشهر، صحب النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وسَبَق إلى الإيمان، واستمرَّ معه طول إقامته بمكة، ورافقه في الهجرة، وفي الغار، وفي المشاهد كلها، إلى أن مات صلى الله عليه وسلم.

كان لقبُه عتيقاً، واشتهر به، أسلم على يده عثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، واتفق أهل السنة على أنه أفضل هذه الأمة بعد نبيِّها محمد صلى الله عليه وسلم.

كانت وفاته يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: في جمادى الآخرة. "حاشية السندي" 1/ لوحة 2 بتصرف.

ص: 177

حَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أَسَدٍ، مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ - عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤونَ هَذِهِ الْآيَةَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغيِّرُوهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. قيس: هو ابن أبي حازم. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 174 - 175، وعنه ابن ماجه (4005)، والمروزي في "مسند أبي بكر"(88) عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي (3)، وأبو داود (4338)، والمروزي (86) و (87)، والبزار (65)، وأبو يعلى (132)، وابن حبان (304) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وسيأتي برقم (16) و (29) و (30) و (53).

قوله: "إنكم تقرؤون هذه الآية" وزاد في رواية كما سيأتي برقم (16): "وتضعونها على غير موضعها"، قال السندي في "حاشيته" 1/ 2: يريد أنكم تفهمون منها أن النهي عن المنكر غير واجب مطلقاً، وليس كذلك، إمّا لأن العمل به مقيد بما جاء في حديث أبي ثعلبة الخشني:"إذا رأيت شُحّاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مُؤثَرة، وإعجاب كلِّ ذي رأي برأيه، ورأيت أمراً لا يدانِ لك به، فعليك خُوَيْصَّةَ نفسك، ودع أمر العوامِّ" هكذا رواه ابن ماجه (4014)، وهي أتمُّ الروايات، فلذلك اخترناه، وإما لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جُملة ما يكون به إصلاح النفس، ومن جملة الاهتداء، وقد أَمَر الله تعالى به في هذه الآية بقوله:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ، وبقوله:{إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ، نعم لا يضرُّ عملُ العاصي بعد ذلك إن لم يقدر على إبطاله باليد، فتَرْك الأمر والنهي رأساً، ليس مما يدل عليه الآية أصلاً، والله تعالى أعلم.

ص: 178

2 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا نَفَعَنِي اللهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُ، وَإِذَا حَدَّثَنِي عَنْهُ غَيْرِي اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه حَدَّثَنِي - وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، قَالَ مِسْعَرٌ: وَيُصَلِّي، وَقَالَ سُفْيَانُ: ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَيَسْتَغْفِرُ اللهَ عز وجل إِلَّا غُفَرَ لَهُ "(1).

(1) إسناده صحيح، عثمان بن المغيرة الثقفي من رجال البخاري، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير أسماء بن الحكم الفزاري، فقد روى له أصحاب السنن، قال الحافظ في "التقريب": صدوق، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وذكره ابن سعد 6/ 157 في طبقة التابعين الذين رووا عن علي رضي الله عنه، وقال: كان قليل الحديث، وصحح حديثه هذا ابن حبان، وحسنه الترمذي وابن عدي، وجوّد إسناده الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" في ترجمة أسماء بن الحكم. وكيع: هو ابن الجراح بن المليح الرؤاسي، ومسعر: هو ابن كدام، وسفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري.

وأخرجه الحميدي (4)، وابن أبي شيبة 2/ 387، وعنه ابن ماجه (1395)، والمروزي (9) عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (1395)، والمروزي (9)، والبزار (9)، وأبو يعلى (12)، والطبري 4/ 96 من طرق عن وكيع، به.

وأخرجه الحميدي (1)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(415)، والطبراني في "الدعاء"(1842) من طرق عن مسعر، به.

وأخرجه أبو يعلى (15)، والطبراني (1842) من طرق عن سفيان، به.

وأخرجه البزار (11)، وأبو يعلى (1)، والطبراني (1842) من طريقين عن عثمان بن =

ص: 179

3 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو سَعِيدٍ - يَعْنِي الْعَنْقَزِيَّ - قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ سَرْجًا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا. قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى مَنْزِلِي. فَقَالَ: لَا، حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتَ مَعَهُ؟

قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَجْنَا فَأَدْلَجْنَا، فَأَحْثَثْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا، حَتَّى أَظْهَرْنَا، وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَضَرَبْتُ بِبَصَرِي: هَلْ أَرَى ظِلًّا نَأْوِي إِلَيْهِ؟ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ، فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلِّهَا، فَسَوَّيْتُهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَرَشْتُ لَهُ فَرْوَةً، وَقُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنْظُرُ: هَلْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الطَّلَبِ؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلامُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْهَا، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفَضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفَضَ كَفَّيْهِ مِنَ الْغُبَارِ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنَ اللَّبَنِ، فَصَبَبْتُ (1) عَلَى الْقَدَحِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

= المغيرة، به.

وأخرجه الحميديُّ (5)، والبزار (6) و (7)، والطبري 4/ 96 من طريق أبي سعيد المقبري، عن علي بن أبي طالب، عن أبي بكر. وسيأتي برقم (47) و (48) و (56).

(1)

في (م) وطبعة الشيخ شاكر: فصببتُ يعني الماء، وقوله "يعني الماء" جاء في أصولنا الخطية على هوامشها، وليس هو من صلب المتن.

ص: 180

فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ أَنَى الرَّحِيلُ (1).

قَالَ: فَارْتَحَلْنَا، وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا. فَقَالَ:" لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا " حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا. وَبَكَيْتُ، قَالَ:" لِمَ تَبْكِي؟ " قَالَ: قُلْتُ: أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ. قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " اللهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ ". فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ، وَوَثَبَ عَنْهَا، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يُنْجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا ". قَالَ: وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُطْلِقَ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ.

وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَخَرَجُوا فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَى الْأَجَاجِيرِ، فَاشْتَدَّ الْخَدَمُ وَالصِّبْيَانُ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُونَ: اللهُ أَكْبَرُ، جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، جَاءَ مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَتَنَازَعَ

(1) في (ظ 11): أنى للرحيل، وفي (ص): آن للرحيل. وقوله: "ثم قلت: هل أَنى الرحيل"، قال السندي: أي: هل جاء وقتُه، وأَنَى كرَمَى، ومنه قوله تعالى:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} ، وفي بعض النسخ:"ثم قلت" والصواب: "قال" كما في ترتيب المسند وصحيح مسلم. قلنا: وكذا في صحيح البخاري.

ص: 181

الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ، أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لِأُكْرِمَهُمْ بِذَلِكَ " فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا حَيْثُ أُمِرَ.

قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: أَوَّلُ مَنْ كَانَ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، فَقُلْنَا مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: هُوَ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ.

قَالَ الْبَرَاءُ: وَلَمْ يَقْدَمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ.

قَالَ إِسْرَائِيلُ: وَكَانَ الْبَرَاءُ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ (1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن محمد العنقزي، فمن رجال مسلم.

إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وسماعه من جده أبي إسحاق -عمرو بن عبد الله- في غاية الإتقان للزومه إياه، وكان خصِّيصاً به. قاله الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 351.

وأخرجه البزار (50) عن حوثرة بن محمد المنقري، عن عمرو بن محمد العنقزي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 327 - 330، والبخاري (3615) و (3652) ومسلم 4/ 2310، والمروزي (62) و (65)، والبزار (51)، وأبو يعلى (116)، وابن حبان (6281) و (6870)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 483 - 484 من طرق عن إسرائيل، به.

وأخرجه البخاري (3615)، ومسلم 4/ 2309، والبيهقي 2/ 485 من طريق =

ص: 182

4 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: قَالَ إِسْرَائِيلُ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ بِبَرَاءَةٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ: لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُدَّةٌ فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَاللهُ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ. قَالَ: فَسَارَ بِهَا ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ:" الْحَقْهُ فَرُدَّ عَلَيَّ أَبَا بَكْرٍ، وَبَلِّغْهَا أَنْتَ " قَالَ: فَفَعَلَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ بَكَى، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَدَثَ فِيَّ شَيْءٌ؟ قَالَ:" مَا حَدَثَ فِيكَ إِلَّا خَيْرٌ، وَلَكِنْ أُمِرْتُ أَنْ لَا يُبَلِّغَهُ إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي "(1).

= زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، به مختصراً. وسيأتي برقم (50).

قوله: "يطلبونا"، قال السندي: من حذف نون الرفع تخفيفاً، وهو كثير بلا سبب، فكيف عند اجتماع النونين، ويحتمل تشديد النون بالإدغام مثل قوله تعالى:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} .

والصَّلْد: الصَّلب الأملس.

والأجاجير: جمع إجَّار، وهو السطح الذي ليس حوالَيه ما يردُّ الساقطَ عنه.

(1)

إسناده ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ زيد بن يُثيع -ويقال: أثيع- فقد روى له الترمذي والنسائي في "الخصائص"، و"مسند علي"، وانفرد بالرواية عنه أبو إسحاق، ولم يوثقه غير العجلي، وابن حبان، فهو في عداد المجهولين.

وقال ابن حجر في "أطراف المسند" 2/ ورقة 312: هذا منقطع -يعني بين زيد وأبي بكر-.

وأخرجه الجورقاني في "الأباطيل والمناكير"(124) من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث منكر، ثم أورد نحوه من عدة روايات، وقال: فهذه الروايات كلها مضطربة مختلفة منكرة. =

ص: 183

5 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَوْسَطَ، قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامِي هَذَا عَامَ الْأَوَّلِ، وَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَلُوا اللهَ الْمُعَافَاةَ - أَوْ قَالَ: الْعَافِيَةَ - فَلَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ قَطُّ بَعْدَ الْيَقِينِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ - أَوِ الْمُعَافَاةِ - عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ، وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ، وَهُمَا فِي النَّارِ، وَلا (1) تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ (2).

= وأخرجه المروزي (132)، وأبو يعلى (104) من طريق وكيع، به. وسيأتي في مسند علي مختصراً برقم (594) وهو المحفوظ، وله شواهد من حديث أبي هريرة وابن عباس وجابر بن عبد الله.

وأخرجه الطبري 10/ 64 من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع مرسلاً.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 5/ 63: وكذلك قوله "لا يؤدي عني إلا علي" من الكذب، وقال الخطابي في كتاب "شعار الدين": وقوله: "لا يؤدي عني إلا رجلٌ من أهل بيتي" هو شيء جاء به أهلُ الكوفة عن زيد بن يُثيع، وهو متهم في الرواية منسوب إلى الرفض، وعامة من بَلَّغ عنه غير أهل بيته، فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة إلى المدينة يدعو الناسَ إلى الإسلام، ويعلم الأنصار القرآن، ويفقههم في الدين، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك، وبعث معاذاً وأبا موسى إلى اليمن، وبعث عتاب بن أَسيد إلى مكة: فأين قول من زعم أنه لم يبلغ عنه إلا رجل من أهل بيته؟!

(1)

في (ظ 11) و (ص): لا.

(2)

إسناده صحيح، أوسط -وهو ابن إسماعيل بن أوسط البجلي- ثقة روى له =

ص: 184

6 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو عَامِرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ -، عَنْ عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ -، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه، يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، فِي هَذَا الْقَيْظِ عَامَ الْأَوَّلِ:" سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، وَالْيَقِينَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى "(1).

= النسائي وابنُ ماجه، وباقي رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه المروزي (95)، والبزار (75) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (5)، والحميدي (7)، وابن أبي شيبة 8/ 530، والبخاري في "الأدب المفرد"(724)، وابن ماجه (3849)، والمروزي (92) و (93)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(882)، وأبو يعلى (121) و (122) و (123) و (124)، والبغوي في "الجعديات"(1777) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه الحميدي (2)، والمروزي (94)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(880) و (881)، والحاكم 1/ 529 من طريقين عن سليم بن عامر، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

وأخرجه البزار (74)، والنسائي (879) من طريقين عن أوسط، به. وسيأتي برقم (17) و (34) و (44).

قوله: "عام الأول" قال السندي: مَن لا يجَوِّز إضافة الموصوف إلى صفته يؤوله بنحو: عام الزمان الأول، والمراد العام السابق على هذا العام.

(1)

إسناده حسن، عبد الله بن محمد بن عقيل روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه، وهو صدوق حسن الحديث إلا عند المخالفة، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي. =

ص: 185

7 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ - عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ "(1).

= وأخرجه الترمذي (3558)، والبزار (34)، والمروزي (47)، وأبو يعلى (87) من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 205، وأبو يعلى (86) من طريق يحيى بن أبي بكير (وقد تحرف في المطبوع من ابن أبي شيبة إلى يحيى بن أبي كثير)، عن زهير بن محمد، به. وانظر ما قبله.

(1)

صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعاً، والد ابن أبي عتيق لم يسمع من أبي بكر. ابن أبي عتيق: هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وأبو كامل: هو مظفَّر بن مدرك الخراساني.

قال الدارقطني في "العلل" 1/ 277 وقد سُئل عن هذا الحديث: يرويه حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر، وخالفه جماعة من أهل الحجاز وغيرهم، فروَوْه عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصواب.

وقال أبو زرعة وأبو حاتم كما في "العلل" 1/ 12 لابن أبي حاتم: هذا خطأ، إنما هو ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة، قال أبو زرعة: أخطأ فيه حماد، وقال أبي: الخطأ من حماد أو ابن أبي عتيق.

قلنا: وحديث عائشة صحيح، وسيرد في مسندها ويخرج هناك إن شاء الله، وصححه ابن حبان (1067).

وأما حديث الباب فأخرجه المروزي (108) و (110)، وأبو يعلى (109) و (110) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (62).

وقوله: "مطهرة"، التاء ليست للتأنيث، وإنما هي مفعلة الدَّالة على الكثرة، كقوله صلى الله عليه وسلم:"الولد مبخلة مجبنة" أي: محل لتحصيل الجبن والبخل لأبيه بكثرة.

ص: 186

8 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي. قَالَ: " قُلِ: اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "(1).

وقَالَ يُونُسُ (2): كَبِيراً.

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

هاشم بن القاسم: هو ابن مسلم الليثي، والليث: هو ابن سعد، وأبو الخير: هو مَرثَد بن عبد الله اليَزَني.

وأخرجه المروزي (61)، وأبو يعلى (30)، والبغوي في "شرح السنة"(694) من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد (5)، وابن أبي شيبة 10/ 269، والبخاري (834) و (6326)، ومسلم (2705)، وابن ماجه (3835)، والترمذي (3531)، والنسائي 3/ 53، والبزار (29)، والمروزي (60)، وأبو يعلى (29) و (31)، وابن خزيمة (845)، وابن حبان (1976)، والبيهقي 2/ 154 من طرق عن الليث، به.

وأخرجه البخاري (7387)، ومسلم (2705)، والنسائي في "اليوم والليلة"(179)، وأبو يعلى (32)، وابن خزيمة (746) و (846) من طريقين عن يزيد بن أبي حبيب، به. وقرن مسلم والنسائي عمرو بنَ الحارث برجل آخر لم يُسمَّ. وسيأتي برقم (28).

(2)

يونس: هو ابن محمد المؤدِّب شيخ أحمد.

ص: 187

حَدَّثَنَاهُ حَسَنٌ الْأَشْيَبُ، عَنْ ابْنِ (1) لَهِيعَةَ (2) قَالَ: كَبِيراً.

9 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَهُ مِنْ فَدَكَ، وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ " وَإِنِّي وَاللهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ (3).

10 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ:

(1) تحرفت في (ق) و (ص) و (م) إلى: أبي، وجاء على هامش (ص): لعله "ابن"، وقد جاء على الصواب في "أطراف المسند" 2/ ورقة 13.

(2)

قال ابن حجر في "الأطراف": كأنه عن يزيد يعني ابن أبي حبيب.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. معمر: هو ابن راشد. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9774).

وأخرجه مسلم (1759)(53)، والبزار (57)، والمروزي (38)، والبيهقي 6/ 300 من طرق عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4035) و (4036) و (6725) و (6726) من طريق هشام، عن معمر، به.

وأخرجه البخاري (3711)، وأبو داود (2969)، والنسائي 7/ 132، وابن حبان (4823)، والبيهقي 6/ 300 من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به. وسيأتي برقم (25) و (55) و (58).

ص: 188

سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ عَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَمْ تُؤْتَوْا شَيْئًا بَعْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلاصِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ، فَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ "(1).

11 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْغَارِ - وَقَالَ مَرَّةً: وَنَحْنُ فِي الْغَارِ -: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ.

(1) حديث صحيح لغيره، عبد الملك بن الحارث مترجم في "التاريخ الكبير" للبخاري 5/ 409، و"الجرح والتعديل" 5/ 346، وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 117، وقد توبع، ولم يترجم له الحافظ في "تعجيل المنفعة" مع أنه على شرطه، وأخطأ الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فظنَّه عبدَ الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الثقة الذي روى له الجماعة. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير حيوة بن شريح، فمن رجال البخاري. أبو عبد الرحمن المقرئ: هو عبد الله بن يزيد المكي.

وأخرجه البزار (24) عن محمد بن مسكين، عن عبد الله بن يزيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (950) من طريق عبد الله بن وهب، عن حيوة بن شريح، به.

وأخرجه البزار (23)، والمروزي (53)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(886)، وأبو يعلى (74) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به. وإسناده حسن من أجل عاصم، فإنه ينزل عن درجة أهل الحفظ والضبط.

وأخرجه النسائي (887) من طريق عاصم، عن أبي صالح، عن أبي بكر دون واسطة أبي هريرة.

وأخرجه النسائي (888) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي بكر. وهذا إسناد صحيح. وانظر الحديث المتقدم برقم (5).

ص: 189

قَالَ: فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا "(1).

12 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، يَتَّبِعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ "(2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم، وهمام: هو ابن يحيى، وثابت: هو ابن أسلم البناني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 12، والترمذي (3096)، والمروزي (72)، والبزار (36) وأبو يعلى (66)، والطبري 10/ 136، وابن حبان (6278) و (6869) من طرق عن عفان، بهذا الإسناد. وقرن البزار والطبري في روايتهما بعفان حبانَ بن هلال.

وأخرجه عبد بن حميد (2)، والبخاري (3653) و (3922) و (4663)، ومسلم (2381)، والمروزي (71)، وأبو يعلى (67) من طرق عن همام، به.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير المغيرة بن سبيع، فقد روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة. روح: هو ابن عبادة، وابن أبي عروبة: هو سعيد، وحديث روح عنه صالح فيما نقله الحافظ ابن رجب في "شرح علل الترمذي" 2/ 566 عن الإمام أحمد، وقد روى له الشيخان من طريق روح عنه في "صحيحيهما" وقد توبع، وأبو التياح: هو يزيد بن حميد الضبعي، وعمرو بن حريث: هو ابن عمرو القرشي المخزومي، صحابي صغير.

وأخرجه عبد بن حميد (4)، والترمذي (2237)، وابن ماجه (4072)، والبزار (48)، والمروزي (57)، وأبو يعلى (33) من طرق عن روح، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن غريب.

وأخرجه البزار (46) و (47)، والمروزي (58) و (59)، وأبو يعلى (34) و (35) =

ص: 190

13 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى صَاحِبُ الدَّقِيقِ، عَنْ فَرْقَدٍ، عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَخِيلٌ وَلا خَبٌّ وَلا خَائِنٌ وَلا سَيِّئُ الْمَلَكَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ الْمَمْلُوكُونَ؛ إِذَا أَحْسَنُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ عز وجل، وَفِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَوَالِيهِمْ "(1).

* 14 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ - وَسَمِعْتُهُ (2) مِنْ عَبْدُ اللهِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ - قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنْتَ وَرِثْتَ

= و (36) من طريق عبد الله بن شوذب، عن أبي التياح، به. وسيأتي برقم (33).

والمجانُّ المُطرَقة: هي التُّروس التي يُطرق بعضها على بعض، أي: يركَّب بعضها فوق بعض، يعني أنها عريضة، ورواه بعضهم بتشديد الرَّاء من "المطرقة" للتكثير، قال ابن الأثير في "النهاية" 3/ 122: والأول أشهر.

(1)

إسناده ضعيف، صدقة بن موسى -وهو الدقيقي- متفق على ضعفه، وفرقد -وهو ابن يعقوب السَّبَخي- قال الإمام أحمد: رجل صالح ليس بقوي في الحديث، لم يكن صاحب حديث، يروي عن مرة منكرات، وقال البخاري: عنده مناكير، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو سعيد مولى بني هاشم: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري.

وأخرجه الطيالسي (7) و (8)، وأبو يعلى (93) من طريق صدقة بن موسى، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (31) و (32).

الخَِب: الخدّاع الذي يسعى بين الناس بالفساد.

وسيئ الملكة: هو الذي يسيء صحبة المماليك.

(2)

القائل: "وسمعته": هو عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل.

ص: 191

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَمْ أَهْلُهُ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا، بَلْ أَهْلُهُ. قَالَتْ: فَأَيْنَ سَهْمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ عز وجل، إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ " فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَتْ: فَأَنْتَ، وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمُ (1).

(1) إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن جميع -وهو الوليد بن عبد الله بن جميع- فمن رجال مسلم، وفيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح. أبو الطفيل: هو عامر بن واثلة، من صغار الصحابة، وهو آخرهم موتاً.

وأخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 198، والمروزي (78)، وأبو يعلى (37) عن عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2973)، والبزار (54) من طريقين عن محمد بن فضيل، به.

وله شاهد عند البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 46، والسهمي في "تاريخ جرجان" ص 493 من طريق سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر وغيره أنهما سمعا بلال بن سعد يحدث عن أبيه سعد بن تميم السكوني وكان من الصحابة قال: قيل: يا رسول الله ما للخليفة من بعدك؟ قال: "مثل الذي لي ما عدل في الحكم وقسط في القسط ورحم ذا الرحم، فمن فعل غير ذلك فليس مني ولست منه" وهذا سند صحيح وأورده الهيثمي 5/ 231 - 232 وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.

قال الحافظ ابن كثير في "البداية" 5/ 289 بعد أن أورد هذا الحديث عن "المسند":

ففي لفظ هذا الحديث غرابة ونكارة، ولعله روي بمعنى ما فهمه بعض الرواة، وفيهم من فيه تشيُّع، فليعلم ذلك، وأحسن ما فيه قولُها: أنت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الصواب والمظنون بها، واللائق بأمرها وسيادتها وعلمها ودينها رضي الله عنها، ولكنها سألته بعد هذا أن يجعل زوجها ناظراً على هذه الصدقة، فلم يجبها إلى ذلك لما قدمناه، فعتبت عليه بسبب ذلك، وهي امرأة من بنات آدم، تأسف كما يأسفن، وليست =

ص: 192

15 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نَعَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُنَيْدَةَ (1) الْبَرَاءُ بْنُ نَوْفَلٍ، عَنْ وَالَانَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَسَ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الضُّحَى ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَلَسَ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى الْأُولَى وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي بَكْرٍ: أَلا (2) تَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَأْنُهُ؟ صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ، قَالَ: فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:

" نَعَمْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَأَمْرِ الْآخِرَةِ، فَجُمِعَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَفَظِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ، حَتَّى انْطَلَقُوا إِلَى آدَمَ عليه السلام، وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ، فَقَالُوا: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، وَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللهُ عز وجل، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، قَالَ: قَدْ (3) لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمْ، انْطَلِقُوا إِلَى أَبِيكُمْ بَعْدَ أَبِيكُمْ، إِلَى نُوحٍ:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33]،

= بواجبة العصمة مع وجود نص رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة أبي بكر الصديق، رضي الله عنها، وقد روينا عن أبي بكر رضي الله عنه: أنَّه ترضَّى فاطمة وتلاينها قبل موتها، فرضيت رضي الله عنها.

(1)

تحرف في (ص) إلى: هنية. وانظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" رقم (1422).

(2)

في (م): لا، وهو خطأ.

(3)

"قد" سقطت من (ص)، وفي (م): لقد.

ص: 193

قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ عليه السلام، فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى (1) رَبِّكَ، فَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللهُ، وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ، وَلَمْ يَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، انْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَإِنَّ اللهَ عز وجل اتَّخَذَهُ خَلِيلًا، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى عليه السلام، فَإِنَّ اللهَ عز وجل كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فَيَقُولُ مُوسَى عليه السلام: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى، فَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام: لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَيَشْفَعَ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ عز وجل.

قَالَ: فَيَنْطَلِقُ، فَيَأْتِي جِبْرِيلُ عليه السلام رَبَّهُ، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ (2): فَيَنْطَلِقُ بِهِ جِبْرِيلُ فَيَخِرُّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ، وَيَقُولُ اللهُ عز وجل: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، قَالَ: فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى رَبِّهِ عز وجل، خَرَّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، قَالَ: فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجِدًا، فَيَأْخُذُ جِبْرِيلُ عليه السلام بِضَبْعَيْهِ فَيَفْتَحُ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى بَشَرٍ قَطُّ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، خَلَقْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ، وَلا فَخْرَ، وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ (3) الْأَرْضُ

(1) في (ص): عند.

(2)

"قال" ليست في (ص).

(3)

"عنه" سقطت من (ص)، وفي (ق):"وأول من تنشق الأرض عنه".

ص: 194

يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلا فَخْرَ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَكْثَرُ مِمَّا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُوا الصِّدِّيقِينَ فَيَشْفَعُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُوا الْأَنْبِيَاءَ (1)، قَالَ: فَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يُقَالُ: ادْعُوا الشُّهَدَاءَ فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ أَرَادُوا، قَالَ: فَإِذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذَلِكَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ عز وجل: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا، قَالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.

قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ اللهُ عز وجل: انْظُرُوا فِي النَّارِ: هَلْ تَلْقَوْنَ مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ؟ قَالَ: فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا، فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ (2)، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: أَسْمِحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي.

ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنَ النَّارِ رَجُلًا فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، غَيْرَ أَنِّي قَدْ أَمَرْتُ وَلَدِي: إِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي بِالنَّارِ، ثُمَّ اطْحَنُونِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ، فَاذْهَبُوا بِي إِلَى الْبَحْرِ، فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيَّ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَبَدًا، فَقَالَ اللهُ عز وجل لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ مَخَافَتِكَ، قَالَ: فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: انْظُرْ إِلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ، قَالَ: فَيَقُولُ: لِمَ تَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟ قَالَ: وَذَاكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنَ الضُّحَى " (3).

(1) بعد هذا في (ص): "فيشفعون"، والظاهر أنه خطأ من الناسخ، إذ لم يرد ذلك في النسخ الأخرى، ولا في مصادر تخريج الحديث.

(2)

في (م) وطبعة الشيخ أحمد شاكر وعلى هامش (س) زيادة: "والشراء".

(3)

إسناده حسن، أبو نعامة: هو عمرو بن عيسى بن سويد العدوي، وثقه ابن معين =

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والنسائي وابن حبان، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال أحمد: ثقة إلا أنه اختلط قبل موته، وقال الذهبي في "الكاشف": ثقة، قيل: تغير بأخرة، واحتج به مسلم وابن ماجه، وأبو هنيدة روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 668، وثقه ابن معين كما في "الجرح والتعديل" 2/ 40، وقال ابن سعد في "الطبقات" 7/ 226: كان معروفاً قليل الحديث، ووالان العدوي: هو والان بن بيهس أو ابن قرفة، قال الحافظ في "تعجيل المنفعة" رقم (1150): قال ابن معين: والان بن قرفة بصري ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 497، وقول الدارقطني عنه في "العلل" 1/ 190 - 191: ليس بمشهور إلا في هذا الحديث، والحديث غير ثابت، متعقب بما في "لسان الميزان" 6/ 216: كذا قال، وقد قال يحيى بن معين: بصري ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج حديثه في "صحيحه"، وكذا أخرجه أبو عوانة وهو من زياداته على مسلم.

وأخرجه الدارمي في "الرد على الجهمية" 57 و 88، وابن أبي عاصم في "السنة"(751) و (812)، والمروزي (15)، والبزار (76)، وأبو يعلى (56) و (57)، والدولابي في "الكنى والأسماء" 2/ 155، وأبو عوانة 1/ 175، وابن حبان (6476) من طرق عن النضر بن شميل، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (6476) من طريق علي بن المديني، عن روح بن عبادة، عن أبي نعامة، به. ونقل عن إسحاق بن راهويه في آخر الحديث قوله: هذا من أشرف الحديث، وقد روى هذا الحديث عدةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، منهم: حذيفة وابن مسعود وأبو هريرة وغيرهم.

قوله: "ففظع الناس بذلك"، أي: اشتدَّ عليهم وهابوه.

الأكمه: الأعمى.

وقوله: "بضبعيه"، الضَّبْع وسط العَضُد، وقيل: هو ما تحت الإِبط.

وقوله: "اسمحوا لعبدي"، يقال: سَمَح وأسمَح، إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء.

وقوله: "حتى انطلقوا إلى آدم"، قال السندي: قيل: الحكمة في أن الله تعالى أَلهمهم سؤال آدم ومَن بعده من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ابتداءً ولم يُلهمهم سؤالَ =

ص: 196

16 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ - يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ - قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَحَمِدَ اللهَ عز وجل، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [المائدة: 105]، وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ، لا يُغَيِّرُوهُ (1)، أَوْشَكَ اللهُ أَنْ

= نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إظهار فضيلته صلى الله عليه وسلم، فإنهم لو سألوه ابتداءً، لكان يحتمل أن غيره يقدر على هذا، وأما إذا سألوا غيره ثم انتهوا إليه، فقد عُلِم أن هذا المقام المحمود لا يقدر على الإِقدام عليه غيره صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

وقوله: "فينطلق"، قال السندي: أي: محمد إلى ربه للشفاعة، وهذا اللفظ إما من كلام الصِّدِّيق يحكي به معنى ما سمع، أو من كلامه صلى الله عليه وسلم ذكر نفسه على وجه الغيبة تنبيهاً على أنه يوم تغيب عنه فيه نفسه، إما هيبة لجلاله تعالى، أو لأنه في شأن أمته على خلاف سائر الخلق فإنهم في شأن أنفسهم كما هو معلوم، ففي الكلام على الوجه الثاني التفات لطيف، وفي بعض النسخ "فينطلقون" أي: الخلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى النسختين في الكلام إيجاز كثير لا يخفى شأنه.

وقوله: "لا يقدر عليّ"، أي: بهذا الطريق، أي: ولئن قدر عليَّ يعذبني، وكأنه لم يقل ذلك تكذيباً للقُدرة، بل قال لأنه لحقه من شدة الحال ما غَيَّر عقله وصيره كالمجنون المبهوت، فلم يدر ماذا يقول وماذا يفعل، وهكذا حال العاجز المتحير في الأمر يفعل كلَّ ما يقدر عليه في ذلك الحال ولا يدري أنه ينفعه ذلك أم لا؟

(1)

كذا في عامة الأصول "لا يغيروه" بحذف النون والجادة إثباتها لأن الفعل مرفوع كما جاء على حاشية (ق)، وقد أجازوا على قلة حذفها تخفيفاً لغير ناصب ولا جازم تشبيهاً لها بالضمة. وفي (م) ونسخة الشيخ أحمد شاكر المطبوعة:"ولا يغيروه".

ص: 197

يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ " (1).

قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ.

17 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ - رَجُلًا مِنْ حِمْيَرَ - يُحَدِّثُ عَنْ أَوْسَطَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَوْسَطَ الْبَجَلِيِّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ سَمِعَهُ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْأَوَّلِ مَقَامِي هَذَا - ثُمَّ بَكَى - ثُمَّ قَالَ: " عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ، وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ، وَهُمَا فِي النَّارِ، وَسَلُوا اللهَ الْمُعَافَاةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ رَجُلٌ بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الْمُعَافَاةِ " ثُمَّ قَالَ: " لَا تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا "(2).

18 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. قَالَ: فَجَاءَ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي (3)، مَا أَطْيَبَكَ حَيًّا

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين تقدم برقم (1) وسيأتي برقم (29) و (30) و (53).

(2)

إسناده صحيح. وقد تقدم برقم (5).

(3)

في (م): "فداك أبي وأمي".

ص: 198

وَمَيِّتًا، مَاتَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَتَقَاوَدَانِ حَتَّى أَتَوْهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أُنْزِلَ فِي الْأَنْصَارِ وَلا ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ شَأْنِهِمْ، إِلَّا وَذَكَرَهُ، وَقَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ وَادِيًا، سَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ ". وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَأَنْتَ قَاعِدٌ:" قُرَيْشٌ وُلاةُ هَذَا الْأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ ". قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ، نَحْنُ الْوُزَرَاءُ، وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ (1).

19 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي

(1) صحيح لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين، وهو مرسل، فإن حميد بن عبد الرحمن -وهو الحِميري، فيما قاله ابن حجر في "أطراف المسند" 2/ ورقة 13 - تابعي ولم يدرك أبا بكر ولا عمر، ولم يصرح هنا بذكر من حدَّثه. وقد تفرد به الإِمام أحمد.

وقوله: "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم

" له شاهد من حديث عائشة عند البخاري (1241) و (3667).

وقوله: "لو سلك الناس وادياً

" له شاهد من حديث أنس عند البخاري (3778)، وآخر من حديث أبي هريرة عند البخاري أيضاً (3779)، وثالث من حديث أُبي بن كعب عند الترمذي (3896).

وقوله: "قريش ولاة هذا الأمر

" له شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (3495) ومسلم (1818) وصححه ابن حبان (6264) وسيأتي في "المسند" 2/ 161 و 242 و 319.

وقوله "يتقاودان": قال ابن الأثير في "النهاية" 4/ 119: "يتقاودان"، أي: يذهبان مسرعين كأن كل واحد منهما يَقود الآخر لسرعته.

ص: 199

رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (1)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّ أَبَاهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ يَقُولُ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَعْمَلُ عَلَى مَا فُرِغَ مِنْهُ، أَوْ عَلَى أَمْرٍ مُؤْتَنَفٍ؟ قَالَ:" بَلْ عَلَى أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ " قَالَ: قُلْتُ: فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ "(2).

(1) وقع في الأصول الخطية التي بين أيدينا وكذلك في "أطراف المسند" 2/ ورقة 14 زيادة بعد هذا وهي: "عن أبيه"، وهي خطأ يقيناً.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن طلحة بن عبد الله.

وأخرجه البزار (28)، والطبراني في "الكبير"(47) من طريق الحكم بن نافع، عن عطاف بن خالد، بهذا الإسناد. وانظر حديث عمر الآتي برقم (184).

قوله: "على ما فُرغ منه"، قال السندي: أي: على وَفْق ما كتب على الإِنسان وفرغ منه من قدر الله. "أمر مؤتنف"، أي: على وَفْق اختيار وإرادة وقصد من العبد مستأنف مبتدأ من غير سبق قضاء وقدر به، والمؤتنف اسم مفعول، من ائتنف العمل: استأنفه، افتعال من أنف، والأنسب بما بعده أن يقال: معناه: أنعمل لأجل ما قدر الله لنا من الجنة والنار، أو لتحصيل ما لم يقع به قضاء وقدر، بل يحصل لنا بواسطة العمل من غير سبق قضاءٍ وقدر به.

قال السندي: فنبَّه على الجواب عنه بأن الله تعالى دَبَّر الأشياء على ما أراد، وربط بعضها ببعض، وجعلها أسباباً ومسبَّبات، ومن قدر له أنه من أهل الجنة قدر له ما يُقرِّبُه إليها من الأعمال، ووفقه لذلك بإقداره وتمكينه منه وتحريضه بالترغيب والترهيب، ومن قُدِّر له أنه من أهل النار قَدَّر له خلاف ذلك وخذله حتى اتبع هواه، وترك أمر مولاه، والحاصل أنه جعل الأعمال طريقاً إلى نَيْل ما قدر له من جنة أو نارٍ، فلا بُدَّ من المشي في الطريق، وبواسطة التقدير السابق يتيسَّرُ ذلك المشي لكلٍّ في طريقه، ويسهل عليه، والله تعالى أعلم.

ص: 200

20 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رحمه الله يُحَدِّثُ: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَزِنُوا عَلَيْهِ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يُوَسْوِسُ (1)، قَالَ عُثْمَانُ: وَكُنْتُ (2) مِنْهُمْ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي ظِلِّ أُطُمٍ مِنَ الْآطَامِ مَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ، رضي الله عنه، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، فَلَمْ أَشْعُرْ أَنَّهُ مَرَّ وَلا سَلَّمَ، فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ: مَا يُعْجِبُكَ أَنِّي مَرَرْتُ عَلَى عُثْمَانَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلامَ؟ وَأَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي وِلايَةِ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنه، حَتَّى سَلَّمَا عَلَيَّ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَاءَنِي أَخُوكَ عُمَرُ، فَذَكَرَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْكَ، فَسَلَّمَ فَلَمْ تَرُدَّ عليه السلام، فَمَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا فَعَلْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلَى وَاللهِ لَقَدْ فَعَلْتَ، وَلَكِنَّهَا عُبِّيَّتُكُمْ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ: وَاللهِ مَا شَعَرْتُ أَنَّكَ مَرَرْتَ بِي (3)، وَلا سَلَّمْتَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ عُثْمَانُ، وَقَدْ شَغَلَكَ عَنْ ذَلِكَ أَمْرٌ؟ فَقُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: مَا هُوَ؟

فَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه: تَوَفَّى الله عز وجل نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ نَجَاةِ هَذَا الْأَمْرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ

(1) قال السندي: على بناء الفاعل، قال الطيبي: الوسوسة: حديث النفس، وهو لازم، قال الحريري: يقال: مُوَسْوِس بالكسر (يعني بكسر الواو)، والفتح لحن.

(2)

في (س) و (ق): فكنت، وفي حاشتيهما:"وكنت" إشارة إلى نسخة أخرى.

(3)

لفظة: "بي" سقطت من (م) و (ح).

ص: 201

فَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَجَاةُ هَذَا الْأَمْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ قَبِلَ مِنِّي الْكَلِمَةَ الَّتِي عَرَضْتُ عَلَى عَمِّي، فَرَدَّهَا عَلَيَّ، فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ "(1).

21 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، حِينَ بَعَثَنِي إِلَى الشَّامِ: يَا يَزِيدُ، إِنَّ لَكَ قَرَابَةً عَسَيْتَ أَنْ تُؤْثِرَهُمْ بِالْإِمَارَةِ، وَذَلِكَ أَكْبَرُ مَا أَخَافُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا مُحَابَاةً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلًا حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ، وَمَنْ أَعْطَى أَحَدًا حِمَى اللهِ فَقَدِ انْتَهَكَ فِي حِمَى اللهِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، أَوْ قَالَ: تَبَرَّأَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ عز وجل "(2).

(1) المرفوع منه صحيح بشواهده، رجاله ثفات رجال الشيخين غير الرجل الذي روى عنه الزهري، ووصف الزهري له بأنه من أهل الفقه -وسيأتي أيضاً أنه قال: غير متهم- تقوية لأمره وتوثيق له. وسيأتي برقم (24)، وانظر (37).

وله شاهد عن عمر بن الخطاب سيأتي تخريجه في "المسند" برقم (187)، وعن عثمان بن عفان وسيأتي تخريجه في "المسند" أيضاً برقم (447).

الأُطُم، وتُسكن الطاء: بناء مرتفع.

والعبية: الكبر، وتُضم عينها وتُكسر.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة الشيخ من قريش الذي روى عنه بقية.

وأخرجه الحاكم 4/ 93 من طريق بكر بن خنيس، عن رجاء بن حيوة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: بكر قال الدارقطني: متروك. =

ص: 202

22 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ الْأَخْنَسِ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أُعْطِيتُ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَقُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَاسْتَزَدْتُ رَبِّي عز وجل، فَزَادَنِي مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفًا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: فَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ آتٍ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَمُصِيبٌ مِنْ حَافَّاتِ الْبَوَادِي (1).

23 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ زِيَادٍ الْجَصَّاصِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ (2)، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا "(3).

= وأخرجه المروزي (133) من طريق الوليد بن الفضل العَنْزِيُّ، عن القاسم بن أبي الوليد التميمي، عن عمرو بن واقد القرشي، عن موسى بن يسار، عن مَكحول، عن جُنادة، به وهذا إسناد ضعيف جداً، عمرو بن واقد ضعيف، والوليد بن الفضل قال ابن حبان في "المجروحين" 3/ 82: يروي المناكير التي لا يشك من تبحَّر في هذه الصناعة أنها موضوعة، لا يجوز الاحتجاجُ به بحال إذا انفرد. وانظر "مسند البزار"(101).

المراد بإعطاءِ حمى الله: إباحةُ محارمه، وانتهاك الحرمات: تناولُها على غير وجهها.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة الرجل الراوي عن أبي بكر، والمسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود- اختلط.

وأخرجه أبو يعلى (112) من طريق أبي داود الطيالسي، عن المسعودي، بهذا الإسناد.

(2)

تحرف في (م) إلى: "علي بن أبي زيد".

(3)

حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف زياد الجصاص =

ص: 203

24 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارٍ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَزِنُوا عَلَيْهِ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُوَسْوِسَ. قَالَ عُثْمَانُ: فَكُنْتُ مِنْهُمْ

فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ (1).

25 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

= -وهو ابن أبي زياد-، وعلي بن زيد -وهو ابن جدعان-.

وأخرجه البزار (21)، والمروزي (22)، وأبو يعلى (18)، والطبري 5/ 294 من طرق عن عبد الوهَّاب بن عطاء، بهذا الإِسناد.

وأخرجه بنحوه بأطول مما هنا عبد بن حميد (7)، والترمذي (3039)، والبزار (20)، والمروزي (20)، وأبو يعلى (21) من طريق موسى بن عبيدة، عن مولى ابن سباع، عن ابن عمر، عن أبي بكر. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، موسى بن عبيدة يُضعَّف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل، ومولى ابن سباع مجهول، وقد رُوي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح أيضاً.

وانظر (68) و (69) و (70) و (71).

(1)

حديث صحيح بشواهده. وانظر رقم (20).

وأخرجه المروزي (14)، والبزار (4)، وأبو يعلى (10) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإِسناد.

ص: 204

أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "، فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ، عليها السلام، فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، قَالَ: وَعَاشَتْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ.

قَالَ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكَ، وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، إِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ.

فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ، وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ، وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الْأَمْرَ. قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمَ (1).

26 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَقْضِي:

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب: هو ابن ابراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وصالح: هو ابن كيسان.

وأخرجه مسلم (1759)، وأبو داود (2970)، وأبو يعلى (43) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3092)، والبيهقي 6/ 300 من طريق عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن إبراهيم بن سعد، به. وقد تقدم برقم (9).

ص: 205

وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ

رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: ذَاكَ وَاللهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

27 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي: أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَدْرُوا أَيْنَ يَقْبُرُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " لَنْ يُقْبَرَ نَبِيٌّ إِلَّا

(1) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جدعان-.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 714 و 12/ 20، والمروزي (39) من طريق يزيد بن هارون، والبزار (58) من طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرج البخاري في "صحيحه"(1008) من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وقال عمر بن حمزة: حدثنا سالم، عن أبيه: ربما ذكرت قول الشاعر، وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب:

وأبيض يُستسقى الغمام

وطريق عمر بن حمزة هذه المعلقة وصلها أحمد (5673)، وابن ماجه (1272) من رواية أبي عقيل عبد الله بن عقيل الثقفي عنه.

وعمر بن حمزة: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فيه ضعف خفيف وهو ممن يكتب حديثه، والطريق الأولى الموصولة تعضده.

والبيت الذي تَمثَّلَتْ به عائشة رضي الله عنها هو لأبي طالبٍ من قصيدةٍ فخمة جليلة قالها في الشِّعب لما اعتزل مع بني هاشم وبني المطلب قريشاً، رواها ابنُ هشام في "السيرة" 1/ 291 - 292.

ص: 206

حَيْثُ يَمُوتُ ". فَأَخَّرُوا فِرَاشَهُ، وَحَفَرُوا لَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ (1).

28 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي، قَالَ: " قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلا

(1) حديث قوي بطرقه وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ووالده عبد العزيز بن جريج لم يدرك أبا بكر، على لين فيه. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(6534).

وأخرجه المروزي (105) من طريق عيسى بن يونس، عن ابن جريج، بهذا الإِسناد.

وهو قوي بطرقه، فقد أخرجه المروزي (26) و (27)، وأبو يعلى (22) و (23)، وابن ماجه (1628) من طريق حسين بن عبد الله الهاشمي، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن أبي بكر. وحسين بن عبد الله ضعيف.

وأخرجه الترمذي (1018)، وفي "الشمائل"(371)، والمروزي (43)، وأبو يعلى (45) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن أبي بكر. وعبد الرحمن بن أبي بكر ضعيف.

وأخرجه المروزي (136) من طريق محمد بن إسحاق، عمن حدثه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، عن أبي بكر. وإسناده ضعيف لجهالة الراوي عن ابن إسحاق.

وأخرج الترمذي في "الشمائل"(378)، والطبراني في "الكبير" (6366) بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الاشجعي -وكانت له صحبة-: أن الناس قالوا لأبي بكر: أين يُدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: في المكان الذي قَبض الله فيه رُوحَه، فإن الله ثم يقبض روحه إلا في مكان طيب. فعلموا أن قد صدق.

قلنا: فهذه الطرقُ يشد بعضها بعضاً، فيتقوَّى الحديثُ.

ص: 207

يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (1).

29 -

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} - حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ الْآيَةِ - أَلا وَإِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، أَوْشَكَ اللهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ، أَلا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُول ُ: " إِنَّ النَّاسَ

". وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: وَإِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(2).

30 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَّنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ "(3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وليث: هو ابن سعد، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله. وقد تقدم برقم (8).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 174، وعنه ابن ماجه (4005)، والمروزي (88)، عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. وقد تقدم برقم (1) و (16) وسيأتي برقم (30) و (53).

(3)

في (ص)، وعلى حاشية (ق): بعقاب.

والحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين. =

ص: 208

31 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ. وَعَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: أخْبَرَنَا فَرْقَدٌ، عَنْ (1) مُرَّةَ الطَّيِّبِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ "(2).

32 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبٌّ، وَلا بَخِيلٌ، وَلا مَنَّانٌ، وَلا سَيِّئُ الْمَلَكَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَطَاعَ اللهَ وَأَطَاعَ سَيِّدَهُ "(3).

33 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ:

= وأخرجه عبد بن حميد (1)، والترمذي (2168) و (3057)، والمروزي (87)، والبزار (68) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد تقدم برقم (1) و (16) و (29) وسيأتي برقم (53).

(1)

قوله: "قال: حدثنا همام، قال: حدثنا فرقد عن" سقط من النسخ المطبوعة.

(2)

إسناده ضعيف لضعف فرقد السبخي.

وأخرجه الترمذي (1946)، وأبو يعلى (95) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد. قال الترمذي: حديث غريب.

وأخرجه الطيالسي (7) و (8) عن همام، به. وقد تقدم برقم (13).

(3)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الترمذي (1963)، والمروزي (98) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

ص: 209

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَفَاقَ مِنْ مَرْضَةٍ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَاعْتَذَرَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ (1) يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ "(2).

34 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ - رَجُلًا مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (3)، وَقَالَ مَرَّةً: قَالَ -: سَمِعْتُ أَوْسَطَ الْبَجَلِيَّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَخْطُبُ النَّاسَ - وَقَالَ مَرَّةً: حِينَ اسْتُخْلِفَ - فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَامَ الْأَوَّلِ مَقَامِي هَذَا - وَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: " أَسْأَلُ (4) اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ، وَهُمَا فِي النَّارِ، وَلا تَقَاطَعُوا،

(1) قوله: "بالمشرق" ليس في (م)، وكتب في (ق) بقلم غير قلم الأصل فوق السطر، وهو بخط الذي قابل النسخة، وقد تقدم الحديث وفيه:"بالمشرق".

(2)

إسناده صحيح. وقد تقدم برقم (12).

(3)

في (ص): وكان قد أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشار إلى ذلك أبو الحجاج المزي في "تهذيب الكمال" 11/ الترجمة (2487) فقال:

وقال شعبة عن يزيد بن خمير: سمعت سليم بن عامر، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح.

(4)

في (ق): اسألوا، وفي باقي الأصول كما هنا، وقد تقدم الحديث برقم (5) بلفظ:"سلوا".

ص: 210

وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ عز وجل " (1).

35 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ - يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ - عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ "(2).

36 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

قَالَ: غَضًّا أَوْ رَطْبًا (3).

37 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ

(1) إسناده صحيح. وقد تقدم برقم (5).

(2)

إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجود- فهو حسن الحديث. زر: هو ابن حبيش.

وأخرجه ابن حبان (7066) من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن ماجه (138)، والبزار (12) و (13) من طريق يحيى بن آدم، به. وانظر الحديث رقم (4255).

(3)

إسناده صحيح، أبو بكر -وهو ابن عياش- احتج به البخاري، وروى له مسلم في المقدمة، وباقي رجاله على شرطهما. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وسيأتي الحديث في مسند عمر برقم (175).

ص: 211

أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ: تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَاذَا يُنْجِينَا مِمَّا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِي أَنْفُسِنَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:" يُنْجِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَقُولُوا مَا أَمَرْتُ بِهِ عَمِّي أَنْ يَقُولَهُ فلمْ يَقُلْهُ "(1).

38 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا خَيْرًا مِنَ الْيَقِينِ وَالْمُعَافَاةِ، فَسَلُوهُمَا اللهَ عز وجل "(2).

39 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ كَحَفْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَكَانَ يَلْحَدُ، فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: اذْهَبْ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، وَلِلْآخَرِ: اذْهَبْ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، اللهُمَّ خِرْ

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، محمد بن جبير بن مطعم لم يسمع من عثمان بن عفان، وأبو الحويرث -وهو عبد الرحمن بن معاوية الأنصاري- مختلفٌ فيه.

وأخرجه أبو يعلى (133) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، بهذا الإِسناد. وانظر الحديث المتقدم برقم (20).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، الحسن -وهو ابن أبي الحسن البصري- لم يُدرك أبا بكر. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية، ويونس: هو ابنُ عبيد البصري. وانظر الحديث رقم (5).

ص: 212

لِرَسُولِكَ. قَالَ: فَوَجَدَ صَاحِبُ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ فَجَاءَ بِهِ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

40 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَيَالٍ، وَعَلِيٌّ عليه السلام يَمْشِي إِلَى جَنْبِهِ، فَمَرَّ بِحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَلْعَبُ مَعَ غِلْمَانٍ، فَاحْتَمَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:

وَا بِأَبِي شِبْهُ النَّبِيِّ

لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيِّ

قَالَ: وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ (2).

(1) حديث صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف حسين بن عبد الله: وهو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس. وسيأتي تخريجه برقم (2357).

وله شاهد من حديث أنس بسند حسن وسيأتي في "المسند" 3/ 139 وآخر من حديث عائشة ينجبر بالشواهد عند ابن ماجه (1558) وابن سعد 3/ 295، وانظر "الطبقات" 2/ 292 - 298.

قوله: "يضرح"، أي: يعمل الضريح، وهو القبر، من الضَّرح: الشقِّ في الأرض.

واللحد: الشَّق الذي يعمل في جانب القبر لموضع الميت؛ لأنه أميل عن وسط القبر إلى جانبه.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ عُقبة بن الحارث، فمن رجال البخاري، وهو صحابي. عمر بن سعيد: هو ابن أبي حسين النوفلي، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله.

وأخرجه البزار (53)، والمروزي (106)، وأبو يعلى (38)، والطبراني في "الكبير"(2528) من طريق أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، بهذا الإِسناد. =

ص: 213

41 -

حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا، فَجَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ مَرَّةً فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَهُ فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ الثَّانِيَةَ فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَهُ فَاعْتَرَفَ الثَّالِثَةَ فَرَدَّهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ الرَّابِعَةَ رَجَمَكَ، قَالَ: فَاعْتَرَفَ الرَّابِعَةَ، فَحَبَسَهُ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَ: فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ (1).

= وأخرجه البخاري (3542) و (3750)، والمروزي (107)، والنسائي في "الكبرى"(8161)، وأبو يعلى (39)، والطبراني (2527)، والحاكم 3/ 168 من طرق عن عمر بن سعيد، به. وقد وقع في المطبوع من "مستدرك الحاكم": عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن أبيه، عن ابن أبي مليكة، وهو خطأ، فوالد عمر بن سعيد ليست له رواية ولا يعرف في الرواة.

قوله: "وا بأبي"، قال السندي: بألف لينة في آخره، اسمٌ لأعجب.

وقوله: "بأبي"، أي: هو مفدّىً بأبي، أو أفديه بأبي، و"شِبْه" على الأول خبر بعد خبر لمقدر، وعلى الثاني خبر لمقدر، و"ليس شبيهاً" بالنصب في رواية الكتاب، وكذا في بعض نسخ البخاري، لكن في غالب نسخه "شبيه" بلا ألف، فقيل: هو على أن "ليس" حرف عطف كما قاله الكوفيون، ويحتمل على أن في "ليس" ضمير الشأن، و"شبيه" خبر لمقدر، ويمكن أن يُقرأ منصوباً، وترك الألف خطأ على عادة أهل الحديث أنهم كثيراً ما يكتبون المنصوبَ بلا ألف، والله تعالى أعلم.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف جابر -وهو ابن يزيد الجُعفي-. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وعامر: هو ابن شَراحيل الشعبي. =

ص: 214

42 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ (1)، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ذِي عَصْوَانَ الْعَنْسِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ رَافِعٍ الطَّائِيِّ رَفِيقِ أَبِي بَكْرٍ فِي غَزْوَةِ السُّلاسِلِ، قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّا قِيلَ مِنْ بَيْعَتِهِمْ، فَقَالَ - وَهُوَ يُحَدِّثُهُ عَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ وَمَا كَلَّمَهُمْ بِهِ، وَمَا كَلَّمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْأَنْصَارَ، وَمَا ذَكَّرَهُمْ بِهِ مِنْ إِمَامَتِي إِيَّاهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ -: فَبَايَعُونِي لِذَلِكَ، وَقَبِلْتُهَا مِنْهُمْ، وَتَخَوَّفْتُ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ، وتَكُونُ بَعْدَهَا رِدَّةٌ (2).

= وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 72، والبزار (55)، والمروزي (79) و (80)، وأبو يعلى (40) و (41) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإِسناد. بعضهم رواه مختصراً.

وفي الباب عن بريدة عند مسلم (1695) وأبي داود (4433) و (4434)، وعن جابر بن سمرة عند مسلم (1692)، وعن أبي هريرة عند البخاري (6815) و (6825)، ومسلم (1691)(16)، والترمذي (1428)، وعن أبي سعيد الخدري عند مسلم (1694)، وعن ابن عباس عند مسلم أيضاً (1693)، والترمذي (1427)، وأبي داود (4425) و (4426).

(1)

تحرف في (م) إلى: "أبو الوليد بن مسلم".

(2)

إسناده جيد، يزيد بن سعيد روى عنه جمع، وأورده البخاري في "تاريخه" 8/ 338، وابن أبي حاتم 9/ 267، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 624 وقال: ربما أخطأ، وذكر الحافظ في " التعجيل "(1183) أن ابن شاهين وثقه في "الأفراد"، ورافع الطائي اختلف في اسم أبيه، فقيل: عامر، وقيل: عميرة، وقيل: عمرو، مولى أبي بكر، روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" 4/ 234، وقال مسلم وأبو أحمد الحاكم: له صحبة، روى الطبراني (4469) من طريق الأعمش عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن رافع بن أبي رافع الطائي قال: لما كانت غزوة السلاسل استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمروبن العاص على جيش فيهم =

ص: 215

43 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَقَدَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" نِعْمَ عَبْدُ اللهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ سَلَّهُ اللهُ عز وجل عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ "(1).

= أبو بكر فذكر الحديث بطوله، قال الحافظ في "الإِصابة" 1/ 485: وأخرجه ابن خزيمة من طريق طلحة بن مصرف، عن سليمان، عن طارق، عن رافع الطائي، قال: وكان رافع لصاً في الجاهلية وكان يعمد إلى بيض النعام، فيجعل الماء فيه، فيخبُؤه في المفاوز، فلما أسلم كان دليل المسلمين، قال رافع: لما كانت غزوة السلاسل (في سنة ثمان للهجرة)، قلت: لأختارن لنفسي رفيقاً صالحاً، فوفق لي أبو بكر، فكان ينيمني على فراشه، ويلبسني كساء له من أكسية فدك، فقلت له: علمني شيئاً ينفعني، قال: اعبد الله ولا تشرك به شيئاً وأقم الصلاة، وتصدق إن كان لك مال، وهاجر دار الكفر ولا تأمرن على رجلين، الحديث.

وقال ابن سعد 6/ 67 - 68: كان يقال له: رافع الخير توفي في آخر خلافة عمر، وقد غزا في ذات السلاسل ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كان دليل خالد بن الوليد حين توجه من العراق إلى الشام فسلك بهم المفازة.

قلنا: وهذا الحديث مما تفرد به أحمد.

(1)

حديث صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف، حرب بن وحشي لم يروعنه غير ابنه وحشي، وقال البزار (83): عنده أحاديث مناكير لم يروها غيره، وهو مجهول في الرواية وإن كان معروفاً في النسب. وابنه وحشي بن حرب بن وحشي قال العجمي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال صالح بن محمد: لا يشتغل به ولا بأبيه.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(696)، والمروزي (138)، =

ص: 216

44 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ - عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ الْكَلاعِيِّ، عَنْ أَوْسَطَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَنَةٍ، فَأَلْفَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْأَوَّلِ، فَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ ثَلاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، سَلُوا اللهَ الْمُعَافَاةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِثْلَ يَقِينٍ بَعْدَ مُعَافَاةٍ، وَلا أَشَدَّ مِنْ رِيبَةٍ بَعْدَ كُفْرٍ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَهُمَا فِي النَّارِ "(1).

= والطبراني (3798)، والحاكم 3/ 298 من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإِسناد. وأورده الحافظ في "الإِصابة" 1/ 413 من طريق أبي زرعة الدمشقي، عن علي بن عياش به.

وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 348 بعد أن نسبه إلى أحمد والطبراني: ورجالهما ثقات!

وله شاهد من حديث أبي عبيدة بن الجراح سيأتي في "المسند" 4/ 90 ورجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن فيه انقطاعاً، وعن أبي هريرة عند أحمد 2/ 360، وعن عبد الله بن أبي أوفى عند ابن حبان (7091) ولفظه:"لا تؤذوا خالداً، فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار"، وفي حديث أنس عند البخاري (4262): "

حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم". وعن عبد الله بن جعفر سيأتي في "المسند" (1750). وعن عمر عند ابن أبي عاصم في "الآحاد" (697). وعن أبي قتادة عند ابن سعد 7/ 395. وعن قيس بن أبي حازم مرسلاً عنده أيضاً.

(1)

إسناده حسن من أجل معاوية بن صالح.

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(883)، وابن حبان (952) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (5).

ص: 217

45 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ (1) الصَّاغَانِيُّ الْمَكْفُوفُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ. قَالَ: فَإِنْ مِتُّ مِنْ لَيْلَتِي، فَلا تَنْتَظِرُوا بِي الْغَدَ، فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي إِلَيَّ أَقْرَبُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

46 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَامٍ، فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامِي عَامَ الْأَوَّلِ، فَقَالَ:" سَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطَ عَبْدٌ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ فَإِنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فَإِنَّهُمَا فِي النَّارِ "(3).

47 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ رَبِيعَةَ، مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَسْمَاءَ أَوِ ابْنِ أَسْمَاءَ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا نَفَعَنِي اللهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي مِنْهُ، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ،

(1) تحرف في (م) إلى: "أبو سعيد". وانظر "الكنى والأسماء" للدولابي 1/ 186.

(2)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن ميسر أبي سعد الصاغاني.

وأخرجه المروزي (41) عن أحمد بن منيع، عن أبي سعد الصاغاني، بهذا الإِسناد.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يدرك أبا بكر، لكن قد صح من طريق أخرى تقدم تخريجها برقم (5). وسيأتي برقم (66).

ص: 218

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ لِذَلِكَ الذَّنْبِ، إِلَّا غَفَرَ لَهُ " وَقَرَأَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [آل عمران: 135] (1).

48 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ مِنْ آلِ أَبِي عَقيْلٍ الثَّقَفِيِّ

إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: وَقَرَأَ إِحْدَى هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} (2).

49 -

حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ:

إِنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَبَنَا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا عَامَ أَوَّلَ، فَقَالَ:

(1) إسناده صحيح.

وأخرجه أبو يعلى (14) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (1) ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 553 عن شعبة، به.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(1841) من طرق عن شعبة، به. وقد تقدم برقم (2) وسيأتي برقم (48) و (56).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه المروزي (10)، والبزار (8)، وأبو يعلى (13) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

ص: 219

" أَلا إِنَّهُ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنَ الْمُعَافَاةِ بَعْدَ الْيَقِينِ، أَلا إِنَّ الصِّدْقَ وَالْبِرَّ فِي الْجَنَّةِ، أَلا إِنَّ الْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فِي النَّارِ "(1).

50 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَطِشَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَرُّوا بِرَاعِي غَنَمٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ (2).

51 -

حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أخبرني يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمٍ، يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:

(1) صحيح لغيره، وإسناده ضعيف لانقطاعه، حميد بن عبد الرحمن -وهو ابن عوف الزهري- لم يُدرك عمر بن الخطاب، لكن الحديث قد صح من طرق أخرى تقدمت برقم (5).

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(885) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه المروزي (6)، وأبو يعلى (8) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سَليم بن حيان، به.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وسماعُ شعبة منه قديم قبلَ تغيره.

وأخرجه البخاري (3908)، ومسلم (2009)(91)، والمروزي (64)، والبزار (52)، وأبو يعلى (114) و (115) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (5607)، ومسلم (2009)، والمروزي (63)، وأبو يعلى (113) من طريقين عن شعبة، به. وقد تقدم برقم (3).

ص: 220

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ، وَإِذَا أَمْسَيْتُ، وَإِذَا أَخَذْتُ مَضْجَعِي. قَالَ:" قُلْ: اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ - أَوْ قَالَ: اللهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ "(1).

52 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (2).

53 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَا وَضَعَهَا اللهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرُوهُ، يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِ "(3).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمروبن عاصم -وهو ابن سفيان بن عبد الله الثقفي- وهو ثقة. بهز: هو ابن أسد العمِّي. وهذا الحديثُ من مسند أبي هريرة، ويأتي تخريجهُ إن شاء الله تعالى 2/ 297، وسيتكرر برقم (63).

(2)

إسناده صحيح. وهو مكرر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسماعيل: هو ابن أبي خالد.

وأخرجه المروزي (89)، والبزار (66)، وأبو يعلى (128) من طريقين عن شعبة، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (1) و (16) و (29) و (30) و (53).

ص: 221

54 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَوَّارٍ الْقَاضِيَ يَقُولُ: عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: أَغْلَظَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَانْتَهَرَهُ وَقَالَ: مَا هِيَ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

55 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ " وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سَوَّار القاضي -واسمه عبدُ الله بن قدامه بن عَنَزة العنبري- فقد روى له النسائي. أبو بَرزة: هو نضلةُ بن عُبيد، صحابي مشهور بكنيته، أسلم قديماً، وشهد فتح خيبر وفتح مكة، وحُنيناً، وسكن البصرة، وغزا خراسان ومات بها أيام يزيد بن معاوية، أو بعدها.

وأخرجه الطيالسي (4)، والمروزي (66) و (67)، والنسائي 7/ 108، وأبو يعلى (81) و (82)، والحاكم 4/ 354 من طرق عن شعبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الحميدي (6)، وأبو داود (4363)، والبزار (49)، والمروزي (68)، والنسائي 7/ 109 و 110، وأبو يعلى (80)، والحاكم 4/ 354 من طرق عن أبي برزة، به، وصححه الحكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

ص: 222

فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، وقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فَإِنِّي لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْحَقِّ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ (1).

56 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا نَفَعَنِي اللهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي مِنْهُ، وَإِذَا حَدَّثَنِي غَيْرُي (2) اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَيَسْتَغْفِرُ اللهَ، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ " ثُمَّ تَلا: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. ليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد بن عَقيل الأيلي.

وأخرجه البخاري (4240) و (4241)، ومسلم (1759)، وأبو داود (2968)، والبيهقي 10/ 142 من طرق عن الليث، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (9).

(2)

في (م): غيره.

(3)

إسناده صحيح. أبو كامل إن كان هو مظفَّر بن مدرك المعروف برواية أحمد عنه، فإن أحداً لم يذكر له رواية عن أبي عَوانة، وأن كان فضيلُ بن حسين الجحدري المعروف =

ص: 223

57 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مَقْتَلَ (1) أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا زَيْدُ بْنَ ثَابِتٍ، إنْك غُلامٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ (2).

= بالرواية عن أبي عوانة، فإن أحداً لم يذكر لأحمد رواية عنه، يبقى هناك احتمالٌ ثالث وهو أن يكونَ هذا الحديث من زيادات عبدِ الله بن أحمد، فعندها يكونُ أبو كامل: هو الجحدري، فإن عبد الله بن أحمد روى عنه، لكن النسخ التي بين أيدينا لم تُشِرْ إلى أن هذا الحديث من زياداته، والله تعالى أعلم.

وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعثمان بن أبي زرعة: هو عثمان بن المغيرة الثقفي.

وأخرجه الطيالسي (2)، وأبو داود (1521)، والترمذي (406) و (3006)، والمروزي (11)، والبزار (10)، والنسائي في "التفسير"(98)، وفي "عمل اليوم والليلة"(417) وأبو يعلى (11)، وابن حبان (623)، والطبراني في "الدعاء"(1842)، والبغوي في "شرح السنة"(1015)، وفي "التفسير" 1/ 353 من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإِسناد. قال الترمذي: حديث حسن. وقد تقدم برقم (2) و (47) و (48).

(1)

تحرف في (م) إلى: بقتل.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي كامل -وهو مظفر بن مدرك- فقد روى له الترمذي والنسائي وهو ثقة. إبراهيم بن سعد: هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

وأخرجه الطيالسي (3)، والبخاري (4986) و (7191) و (7425)، والترمذي (3103) والبزار (31)، والمروزي (45)، والنسائي في "الكبرى"(7995) و (8288)، وأبو يعلى (63) و (64) و (65) و (91)، وابن أبي داود في "المصاحف" 12 =

ص: 224

58 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَهُ مِنْ فَدَكَ، وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَالِ " وَإِنِّي وَاللهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ (1).

59 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ - يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ -، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللهِ. فَقَالَ: أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا رَاضٍ بِهِ (2).

= و 13 و 14، وابن حبان (4506) من طرق عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (4679) و (4989)، والمروزي (46)، وأبو يعلى (71)، وابن أبي داود ص 14، وابن حبان (4507) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وانظر الحديث (76).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (9).

(2)

زاد في (م): وأنا راض به، وأنا راض.

والحديث إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن ابنَ أبي مُليكة -واسمه عبدُ الله بن عبيد الله- لم يُدرك أبا بكر.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 183 عن وكيع بن الجراح، عن نافع، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (64).

ص: 225

60 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ يَرِثُكَ إِذَا مِتَّ؟ قَالَ: وَلَدِي وَأَهْلِي. قَالَتْ: فَمَا لَنَا لَا نَرِثُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" إِنَّ النَّبِيَّ لَا يُورَثُ "، وَلَكِنِّي أَعُولُ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُولُ، وَأُنْفِقُ عَلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ (1).

61 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي عَمَلِهِ، فَغَضِبَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَيْهِ جِدًّا، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الْقَتْلَ صَرَفَ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَجْمَعَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّحْوِ، فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا أَرْسَلَ إِلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَرْزَةَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: وَنَسِيتُ الَّذِي قُلْتُ، قُلْتُ: ذَكِّرْنِيهِ. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا وَاللهِ. قَالَ: أَرَأَيْتَ حِينَ رَأَيْتَنِي غَضِبْتُ عَلَى الرَّجُلِ فَقُلْتَ: أَضْرِبُ عُنُقَهُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ؟ أَمَا تَذْكُرُ ذَاكَ؟ أَوَكُنْتَ فَاعِلًا ذَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ وَاللهِ، وَالْآنَ إِنْ أَمَرْتَنِي فَعَلْتُ. قَالَ: وَيْحَكَ - أَوْ: وَيْلَكَ - إِنَّ تِلْكَ

(1) حديث صحيح لغيره، وأبو سلمة -وهو ابنُ عبد الرحمن بن عوف- لم يدرك أبا بكر، لكن سيأتي الحديث موصولاً برقم (79) عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. فانظر تخريجه هناك.

ص: 226

وَاللهِ مَا هِيَ لِأَحَدٍ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (1).

62 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ "(2).

63 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ، قَالَ:" قُلِ: اللهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ". وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَهُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى، وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ (3).

64 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللهِ. قال: فَقَالَ: بَلْ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا أَرْضَى بِهِ (4).

(1) إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن مطرِّف بن الشخير، فقد روى عنه جمع وخرَّج حديثه أبو داود والنسائي، ووثقه ابن حبان، وقد توبع فيما تقدم تخريجه برقم (54).

(2)

صحيح لغيره، وقد تقدم تخريجه والكلام عليه برقم (7).

(3)

إسناده صحيح. وقد تقدم برقم (51).

(4)

إسناده ضعيف لانقطاعه. وقد تقدم برقم (59). محمد بن يزيد: هو الكلاعي.

ص: 227

65 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَانَ رُبَّمَا سَقَطَ الْخِطَامُ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: فَيَضْرِبُ بِذِرَاعِ نَاقَتِهِ فَيُنِيخُهَا فَيَأْخُذُهُ، قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: أَفَلا أَمَرْتَنَا نُنَاوِلْكَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّ حِبِّي (1) رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا (2).

66 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ - عَنْ أَبِي بَكْرٍ - قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَامٍ، فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ أوَّلَ، فَقَالَ:" إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ، فَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ فَإِنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فَإِنَّهُمَا فِي النَّارِ "(3).

67 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ

(1) على حاشية (ق) و (ص) وفي (م): حبيبي.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عبد لله بن المؤمَّل ضعيف، وابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر.

لكن يشهد له حديث عوف بن مالك عند مسلم (1043)، وأبي داود (1642)، وابن ماجه (2867)، وصححه ابن حبان (3385)، وحديث ثوبان، وسيأتي في "المسند" 5/ 277 و 279.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه. وقد تقدم برقم (46).

ص: 228

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ ".

قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ الرِّدَّةُ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: تُقَاتِلُهُمْ، وَقَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: وَاللهِ لَا أُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، وَلَأُقَاتِلَنَّ (1) مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ: فَقَاتَلْنَا مَعَهُ، فَرَأَيْنَا ذَلِكَ رَشَدًا (2).

68 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ:

(1) في (ص): ولأقتلن.

(2)

حديث صحيح، سفيان بن حسين وثقوه إلا في روايته عن الزهري، وقد تابعه في هذا الحديث غير واحد من الثقات. محمد بن يزيد: هو الكلاعي الواسطي.

وأخرجه النسائي 7/ 77 عن زياد بن أيوب، عن محمد بن يزيد الواسطي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (6924) و (6925) و (7284) و (7285)، ومسلم (20)، وأبو داود (1556)، والترمذي (2607)، والنسائي 5/ 14 و 7/ 77، وابن حبان (217)، وابن منده في "الإيمان"(24)، والبيهقي 4/ 104 و 114 و 7/ 3 و 4 و 8/ 176 و 9/ 182 من طريق عقيل بن خالد، والنسائي 6/ 5، وابن منده (216) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، كلاهما عن الزهري، به.

وأخرجه النسائي 6/ 6 من طريق شعيب بن أبي حمزة وسفيان بن عيينة وذكرآخر لم يسمه، ثلاثتهم عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به، وسيأتي برقم (117) و (239) و (335).

ص: 229

أُخْبِرْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] فَكُلُّ سُوءٍ عَمِلْنَا جُزِينَا بِهِ (1)؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟ " قَالَ: بَلَى. قَالَ: " فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ "(2).

(1) لفظة "به" ليست في (ص).

(2)

حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين أبي بكر بن أبي زهير وبين أبي بكر الصديق، ثم إن أبا بكر بن أبي زهير مستور لم يذكر بجرح ولا تعديل. إسماعيل: هو ابن أبي خالد.

وأخرجه المروزي (111) و (112)، وأبو يعلى (98) و (99) و (100) و (101)، والطبري 5/ 294 و 295، وابن حبان (2910) و (2926)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(392)، والحاكم 3/ 74، والبيهقي 3/ 373 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإِسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!.

وأخرجه أبو يعلى (99) من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي بكر الصديق.

وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 226 وزاد نسبته إلى هناد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإِيمان" والضياء في "المختارة".

وأخرجه الطبري 5/ 295 من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، قال: قال أبو بكر.

وأورده ابن كثير في "تفسيره" عن ابن مردويه فيه من طريق فضيل بن عياض، عن سليمان بن مهران، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق قال: قال أبو بكر.

وتقدم برقم (23) مختصراً من طريق زياد الجصاص، عن علي بن زيد، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن أبي بكر.

وأخرجه الطبري 5/ 295 من طريقين عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي بكر مرسلاً. =

ص: 230

69 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، أَظُنُّهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ؟ قَالَ: " يَرْحَمُكَ اللهُ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟ أَلَسْتَ (1)

" قَالَ: بَلَى. قَالَ: " فَإِنَّ ذَاكَ بِذَاكَ " (2).

= وفي الباب عن عائشة بسند حسن في الشواهد عند الطبري 5/ 295، وأخرجه عنها أيضاً أحمد 6/ 218 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أمية ابنة عبد الله، أنها سألت عائشة

وقال الترمذي (2991): هذا حديث حسن غريب من حديث عائشة، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة. وله طريق آخر صحيح عند ابن حبان (2923).

وفي الباب أيضاً عن أبي هريرة 2/ 249، وهو في "صحيح مسلم"(2574).

قوله: "كيف الصلاح"، قال السندي: أي: صلاح الآخرة، وهو النجاة، أو صلاح الدنيا على وجه يؤدي إلى نجاة الآخرة، ولم يسأل عن وَجْه التوفيق بين هذه الآية وبين آيات المغفرة والشفاعة، فإن التوفيق فيها يفوض الأمر إلى عالمه، ولا ينبغي إظهار التناقض والتدافع بين الآيات، لأنه من قبيل ضَرْب البعض بالبعض، وقد جاء عنه النهيُ، وأما هذا السؤال فأمرٌ متعلق بالنَّفس لا سكون لها بدونه، فلا بُدَّ منه.

واللَّأْواء: الشدة وضيق المعيشة، ثم لا بُدَّ من تقييد هذه الآية، أي: إذا لم يغفر له بسبب كالحسنات، لقوله:{إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ، أو بلا سبب، لقوله:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، ويمكن أن يقال: إن المغفرة بسبب من باب المجازاة، إذ لولا الذنبُ، لازداد درجة بالحسنات، فعدم الازدياد من المجازاة، وبلا سبب هو أن يخلص من النار بنحو الأمراض، وهو من باب المجازاة كما في الحديث، فرجع الأمرُ إلى المجازاة، فليتأمَّل، والله تعالى أعلم.

(1)

قوله: ألست، ليس في (م).

(2)

صحيح، وإسناده ضعيف كسابقه. سفيان: هو ابن عيينة.

ص: 231

70 -

حَدَّثَنَا يَعْلَى (1) بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (2).

71 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَنُجَازَى بِكُلِّ سُوءٍ نَعْمَلُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَرْحَمُكَ اللهُ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟ فَهَذَا مَا تُجْزَوْنَ بِهِ "(3).

72 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخَذْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُمْ: إِنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُسْلِمِينَ، الَّتِي أَمَرَ اللهُ عز وجل بِهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلا يُعْطِهِ:

فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَثَلاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ

(1) تحرف في (م) إلى: يحيى.

(2)

صحيح، وإسناده ضعيف كسابقه.

(3)

صحيح، وإسناده ضعيف كسابقه.

ص: 232

إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتَّةً وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَإِذَا تَبَايَنَ أَسْنَانُ الْإِبِلِ فِي فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ، فَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا.

وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا جَذَعَةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا.

وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ لَبُونٍ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَعِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا.

وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.

وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ، فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى

ص: 233

عِشْرِينَ وَمِئَةٍ، فَإِذا زَادَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِئَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ، فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاثِ مِئَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ، فَفِي كُلِّ مِئَةٍ شَاةٌ، وَلا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلا ذَاتُ عَوَارٍ وَلا تَيْسٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُتَصَدِّقُ، وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.

وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَالُ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِئَةَ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا (1).

(1) إسناده صحيح. أبو كامل: هو مظفر بن مدرك الخراساني.

وأخرجه النسائي 5/ 18 عن محمد بن عبد الله بن المبارك، عن أبي كامل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو داود (1567)، والبزار (41)، والمروزي (70)، والنسائي 5/ 27، وأبو يعلى (127)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 374، والدارقطني 2/ 114، والحاكم 1/ 390، والبيهقي 4/ 86 من طرق عن حماد بن سلمة، به.

وأخرجه أبو يعلى (126) عن أبي الربيع الزهراني، عن حماد، عن أيوب، عن ثمامة بن عبد الله، به.

وأخرجه البخاري مفرقاً (1448) و (1450) و (1451) و (1453) و (1454) و (2487) و (3106) و (5878) و (6955)، وابن ماجه (1800)، والبزار (40)، وابن الجارود (342)، وابن خزيمة (2261) و (2273) و (2279) و (2281) و (2296)، والطحاوي 4/ 374، وابن حبان (3266)، والبيهقي 4/ 86 من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى، عن أبيه، عن يمامة بن عبد الله، به. وبعضهم يرويه مختصراً.

الذود: ما بين الثنتين والتسع، أو العشر. =

ص: 234

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابنة المخاض: التي دخلت في السنة الثانية.

وابن اللبون: هو ولد الناقة إذا استكمل سنتين، ودخل في الثالثة.

والحِقة: هي الداخلةُ في السنة الرابعة.

وطروقةُ الفحل: التي بلغت أن يَضْرِبَهَا الفحلُ.

والجذعة من الإبل: ما دخل في السنة الخامسة.

والسائمة: الراعية.

والعَوَار -بالفتح-: العيب، وقد يضم.

قوله: "ولا يجمع بين متفرق"، قال السندي: هو عند الجمهور على النهي، لا ينبغي لمالِكَيْنِ يجب على مال كلٍّ منهما صدقة ومالُهما متفرقٌ بأن يكون لكل منهما أربعون شاةً، فتجب في مال كلٍّ شاةٌ واحدة أن يُجمَعا عند حضور المصدِّق فراراً عن لزوم الشاة إلى نصفها، إذ عند الجمع يؤخذ من كل المال شاة واحدة.

وكذا "ولا يفرق بين مجتمع"، أي: ليس لشريكين مالُهما مجتمع بان يكون لكلٍّ منهما مئةُ شاةٍ وشاةٌ، فيكون عليهما عند الاجتماع ثلاث شياه، أن يُفرِّقا مالَهما ليكون على كل واحدٍ شاة واحدة فقط، فللخلط عند الجمهور تأثير في زيادة الصدقة ونقصانها، لكن لا ينبغي أن يفعل ذلك فراراً عن زيادة الصدقة.

وقوله: "وما كان من خليطين

" معناه عند الجمهور: أن ما كان متميزاً لأحد الخليطين من المال، فأخذ الساعي من ذلك المتميز يَرجِعُ إلى صاحبه بحصته بأن كان لكلٍّ عشرون، وأخذ الساعي من مال أحدهما يرجع بقيمة نصف شاة، وإن كان لأحدهما عشرون وللآخر أربعون مثلاً، فأخذ من صاحب عشرين يرجع إلى صاحب أربعين بالثلاثين، وإن أخذ منه يرجع على صاحب عشرين بالثلث، وعند أبي حنيفة يُحمل الخليط على الشريك إذ المالُ إذا تَميَّز فلا يؤخذ زكاةُ كلٍّ إلا من ماله، وأما إذا كان المال بينهما على الشركة بلا تميز، وأخذ من ذلك المشترك، فعنده يجب التراجع بالسوية، أي: يَرجع كلٌّ منها على صاحبه بقدر ما يساوي مالَه مثلاً لأحدهما أربعون بقرة، وللآخر ثلاثون، والمال مشترك غير متميز، فأخذ الساعي عن صاحب أربعين مُسِنَّةً، وعن صاحب =

ص: 235

73 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَهْلُ مَكَّةَ يَقُولُونَ: أَخَذَ ابْنُ جُرَيْجٍ الصَّلاةَ مِنْ عَطَاءٍ، وَأَخَذَهَا عَطَاءٌ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخَذَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخَذَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَلاةً مِنَ ابْنِ جُرَيْجٍ (1).

74 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ أَوْ حُذَيْفَةَ (2) - شَكَّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، قَالَ: سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، فَلَقِيَنِي، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ ابْنَةَ عُمَرَ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، فَخَطَبَهَا إِلَيَّ

= ثلاثين تَبيعاً، وأعطى كلٌّ منهما من المال المشترك، فيرجع صاحب أربعين بأربعة أسباع التبيع على صاحب ثلثين، وصاحب ثلثين بثلاثة أسباع المسنة على صاحب أربعين.

(1)

وأخرجه المروزي (137) عن أبي بكر بن عسكر، عن عبد الرزاق.

(2)

تحرف في (م) ونسخة الشيخ أحمد شاكر إلى: خنيس أو حذيفة بن حذافة، وفي (س) و (ق): خنيس بن حذيفة، أو حذافة. قال الدارقطني في "العلل" 1/ 115: وأما عبد الرزاق، فقال عن معمر: خنيس بن حُذافة أو حذيفة. وقال ابن حجر في "الفتح"

9/ 176: عند أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب: ابن حذافة أو حذيفة. قلنا: وكذلك جاء في مسند أبي بكر" للمروزي (5).

ص: 236

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ شَيْئًا حِينَ عَرَضْتَهَا عَلَيَّ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُهَا، وَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ تَرَكَهَا نَكَحْتُهَا (1).

75 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ مُسْلِمٍ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ مَمْلُوكِينَ وَأَيْتَامًا؟ قَالَ:" بَلَى، فَأَكْرِمُوهُمْ كَرَامَةَ أَوْلادِكُمْ، وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ " قَالُوا: فَمَا يَنْفَعُنَا فِي الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " فَرَسٌ صَالِحٌ تَرْتَبِطُهُ تُقَاتِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَمْلُوكُك يَكْفِيكَ، فَإِذَا صَلَّى فَهُوَ أَخُوكَ، فَإِذَا صَلَّى فَهُوَ أَخُوكَ "(2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر.

وأخرجه الطبراني 23/ (302) عن عبد الله بن الإِمام أحمد، عن أبيه، بهذا الإِسناد.

وأخرجه المروزي (5)، والنسائي 6/ 77، وابن حبان (4039) من طرق عن عبد الرزاق، به.

وأخرجه البخاري (5129) من طريق هشام الدستوائي، عن معمر، به.

وأخرجه البخاري (4005) و (5122) و (5145)، والمروزي (4)، والنسائي 6/ 83، وأبو يعلى (6) و (7) و (20)، والطبراني 23/ (302) من طرق عن الزهري، به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف فرقد السبخي، وقد تقدم الكلامُ عليه عند الحديث رقم =

ص: 237

76 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي، فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ لَا يُوعَى، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ لِعُمَرَ: وَكَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ بِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدٌ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ (1) الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاجْمَعْهُ. قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ (2).

77 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى الْعَبَّاسِ

= (13).

وأخرجه ابن ماجه (3691)، والمروزي (97)، وأبو يعلى (94) من طرق عن إسحاق بن سليمان، بهذا الإِسناد.

(1)

في (ص): كتبتَ.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن السبَّاق: هو عبيد. وقد تقدم الحديث برقم (57).

ص: 238

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، خَاصَمَ الْعَبَّاسُ عَلِيًّا فِي أَشْيَاءَ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: شَيْءٌ تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يُحَرِّكْهُ فَلا أُحَرِّكُهُ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: شَيْءٌ لَمْ يُحَرِّكْهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَسْتُ أُحَرِّكُهُ، قَالَ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَسْكَتَ عُثْمَانُ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَشِيتُ أَنْ يَأْخُذَهُ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي بَيْنَ كَتِفَيِ الْعَبَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ (1)، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا سَلَّمْتَهُ لِعَلِيٍّ، قَالَ: فَسَلَّمَهُ لَهُ (2).

78 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي تَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُلانٌ وَفُلانٌ وَفُلانٌ، فَعَدَّ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ دَخَلَ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ، قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَقَالَ عُمَرُ: مَهْ يَا عَبَّاسُ، قَدْ عَلِمْتُ مَا تَقُولُ، تَقُولُ: ابْنُ

(1) قوله: يا أبت، ليس في (ص).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسماعيل بن رجاء، فمن رجال مسلم. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعُمير مولى العباس: هو عُمير بن عبد الله الهلالي.

وأخرجه المروزي (29)، وأبو يعلى (26) عن أبي خيثمة، والبزار (14) عن محمد بن المثنى، كلاهما عن يحيى بن حماد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 199، والمروزي (28)، والطبراني (44) من طريق عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، عن الأعمش، به.

أَسكت: أي أطرق مفكراً فلم يتكلّم.

ص: 239

أَخِي، وَلِي شَطْرُ الْمَالِ، وَقَدْ عَلِمْتُ مَا (1) تَقُولُ يَا عَلِيُّ، تَقُولُ: ابْنَتُهُ تَحْتِي، وَلَهَا شَطْرُ الْمَالِ، وَهَذَا مَا كَانَ فِي يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ رَأَيْنَا كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ، فَوَلِيَهُ أَبُو بَكْرٍ مِنْ بَعْدِهِ، فَعَمِلَ فِيهِ بِعَمَلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَلِيتُهُ مِنْ بَعْدِ أَبِي بَكْرٍ فَأَحْلِفُ بِاللهِ لَأَجْهَدَنَّ أَنْ أَعْمَلَ فِيهِ بِعَمَلِ رَسُولِ اللهِ وَعَمَلِ أَبِي بَكْرٍ.

ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ - وَحَلَفَ بِاللهِ (2) أَنَّهُ لَصَادِقٌ - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" إِنَّ النَّبِيَّ لَا يُورَثُ، وَإِنَّمَا مِيرَاثُهُ فِي فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَسَاكِينِ "، وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ - وَحَلَفَ بِاللهِ إِنَّهُ صَادِقٌ -: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ النَّبِيَّ (3) لَا يَمُوتُ حَتَّى يَؤُمَّهُ بَعْضُ أُمَّتِهِ ".

وَهَذَا مَا كَانَ فِي يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ رَأَيْنَا كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ، فَإِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا لِتَعْمَلا (4) فِيهِ بِعَمَلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَمَلِ (5) أَبِي بَكْرٍ حَتَّى أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا، قَالَ: فَخَلَوَا ثُمَّ جَاءَا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: ادْفَعْهُ إِلَى عَلِيٍّ، فَإِنِّي قَدْ طِبْتُ نَفْسًا بِهِ لَهُ (6).

(1) في (ص): ماذا.

(2)

قوله: بالله، ليس في (م).

(3)

من قوله: لا يورث، إلى هنا سقط من (ق).

(4)

في (س) و (ص): ستعملان، وعلى هامش النسختين: لتعملا، إشارة إلى نسخة أخرى.

(5)

قوله: وعمل، سقط من (ص).

(6)

صحيح لغيره دون قوله: "إن النبي لا يموت حتى يؤمه بعض أمته" وهذا إسناد ضعيف لجهالة الشيخ من قريش. =

ص: 240

79 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا (1) مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها جَاءَتْ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما، تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالا: إِنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنِّي لَا أُورَثُ "(2).

80 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى - يَعْنِي ابْنَ الْمُسَيَّبِ - عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ (3) عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَهْرٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً، فَنُودِيَ فِي النَّاسِ: أَنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ،

= وأخرجه المروزي (3) عن محمد بن معمر، عن يحيى بن حماد، بهذا الإسناد. وهو عنده مختصر بلفظ:"ما قُبض نبي قط حتى يؤمَّه رجل من أمته".

وانظر ما قبله، وصحيح البخاري (3094) ومسند أبي بكر للمروزي (2).

(1)

في (ق): حدثنا.

(2)

إسناده حسن. محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص حديثه ينحط عن رتبة الصحيح، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه الترمذي (1609)، والبزار (26)، والمروزي (54) من طرق عن عبد الوهَّاب بن عطاء، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الترمذي (1608)، وفي "الشمائل"(400)، والبزار (25) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، به. لم يذكر فيه عمر بن الخطاب. قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه. وسيأتي الحديث برقم (8625)، وانظر ما تقدم برقم (60).

(3)

في (ص): جالس.

ص: 241

وَهِيَ أَوَّلُ صَلاةٍ فِي الْمُسْلِمِينَ نُودِيَ بِهَا: أنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، شَيْئًا صُنِعَ لَهُ كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ، وَهِيَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِي الْإِسْلامِ، قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا كَفَانِيهِ غَيْرِي، وَلَئِنْ أَخَذْتُمُونِي بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم مَا أُطِيقُهَا، إِنْ كَانَ لَمَعْصُومًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنْ كَانَ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ (1).

81 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُولَ إِذَا أَصْبَحْتُ، وَإِذَا أَمْسَيْتُ، وَإِذَا أَخَذْتُ مَضْجَعِي مِنَ اللَّيْلِ: " اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعُوذُ

(1) إسناده ضعيف، عيسى بن المسيَّب البجلي قاضي الكوفة مختلف فيه، فقد ضعفه ابن معين وأبو داود والنسائي وأبو زرعة وابن حبان والدارقطني، وقال الدارقطني مرة: صالح الحديث، وكذا قال ابن عدي، وقال أبو حاتم: محله الصدق ليس بالقوي، وصحح الحاكم في "المستدرك" حديثه وقال: لم يُجرح قط! وانظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" رقم (840)، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. هاشم بن القاسم: هو ابن مسلم البغدادي أبو النضر.

وأخرجه مطولاً المروزي (91) عن أبي بكر بن أبي النضر، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإِسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/ 184 وقال: رواه أحمد وفيه عيسى بن المسيب البجلي وهو ضعيف.

ص: 242

بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ (1) الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا، أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ" (2).

آخِرُ مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

رضي الله عنه

(1) في (ص): ومن شر.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، ليث -هو ابن أبي سُليم- ضعيف، ومجاهد -وهو ابن جَبْر- لم يُدرك أبا بكر. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوي.

وقد تقدم نحوه بإسناد صحيح برقم (51).

ص: 243

‌مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (1) رضي الله عنه

82 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا أَمْوَالًا وَخَيْلًا

(1) هو عمر بن الخطاب بن نُفَيل القرشي العَدَوي، أبو حفص، أمير المؤمنين.

وُلد قبل البعثة بثلاثين سنة، وكان في أول الأمر شديداً على المسلمين، ثم أسلم، فكان إسلامُه فَتْحاً لهم، وفَرَجاً لهم من الضِّيق.

قال ابن مسعود: ما عَبَدْنا الله جَهْراً حتى أسلم عمر.

وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أعِز الإسلامَ بأبي جهل أو بعُمَر" فأصبح عمرُ فغَدَا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم.

وفي حديث ابن عمر: "أعزَّ الإسلام بأحبِّ الرجلين إليك " فكان أَحبهما إلى الله عمر.

ويكفي في فضله ما جاء في "الصحيح" أنه صلى الله عليه وسلم رأى الناسَ وعليهم قُمُصٌ، منها ما يبلغ الثَّدْيَ، ومنها دون ذلك، ورأى عمرَ فإذا عليه قميص يجرُّه، فأَوَّله بالدِّين. ورأى أنه أُتي له بقدح من لبنٍ، فشرب وأعطى فَضْلَه لعمر، وأوَّله بالعلم.

وكانت خلافته رضي الله عنه عشر سنين وستة أشهر، ضربه أبو لؤلؤة المجوسي لأربع بقين من ذي الحجة، ومكث ثلاثاً وتوفي، فصَلَّى عليه صهيبٌ، وقُبرمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.

انظر "أسد الغابة" 4/ 145 - 181، و"حاشية السندي" 1/ ورقة 9.

ص: 244

وَرَقِيقًا نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَنَا فِيهَا زَكَاةٌ وَطَهُورٌ، قَالَ: مَا فَعَلَهُ صَاحِبَايَ قَبْلِي فَأَفْعَلَهُ. وَاسْتَشَارَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِمْ عَلِيٌّ، فَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ حَسَنٌ، إِنْ لَمْ يَكُنْ جِزْيَةً رَاتِبَةً يُؤْخَذُونَ (1) بِهَا مِنْ بَعْدِكَ (2).

83 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّ الصُّبَيَّ بْنَ مَعْبَدٍ، كَانَ نَصْرَانِيًّا تَغْلِبِيًّا أَعْرَابِيًّا فَأَسْلَمَ، فَسَأَلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقِيلَ لَهُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل. فَأَرَادَ أَنْ يُجَاهِدَ، فَقِيلَ لَهُ: حَجَجْتَ؟ فَقَالَ: لَا. فَقِيلَ: حُجَّ وَاعْتَمِرْ، ثُمَّ جَاهِدْ. فَانْطَلَقَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْحَوَائطِ أَهَلَّ بِهِمَا (3) جَمِيعًا، فَرَآهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَالا: لَهُوَ أَضَلُّ مِنْ جَمَلِهِ، أَوْ: مَا هُوَ بِأَهْدَى مِنْ

(1) في (ق) و (ص): يأخذون.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حارثة -وهو ابنُ مضرِّب- فقد روى له أصحاب السنن وهو ثقة.

سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وسماع سفيان منه قديم قبل تغيره.

وأخرجه ابن خزيمة (2290)، والحاكم 1/ 400، والبيهقي 4/ 118 من طريق محمد بن المثنى، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (6887) عن معمر، عن أبي إسحاق قال: أتى أهل الشام

لم يذكر فيه حارثة بن مضرب.

وسيأتي برقم (218) عن يحيى بن سعيد، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن حارثة.

(3)

أي: بالحج والعمرة.

ص: 245

نَاقَتِهِ. فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمَا فَقَالَ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ الْحَكَمُ: فَقُلْتُ لِأَبِي وَائِلٍ: حَدَّثَكَ الصُّبَيُّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ (1).

84 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ بِجَمْعٍ (2) الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ وَقَالَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ (3).

85 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة.

الحكم: هو ابن عتيبة، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه الطيالسي (58) عن شعبة، بهذا الإِسناد.

وسيأتي برقم (169) و (227) و (254) و (256) و (379).

(2)

أي: بمزدلفة.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو إسحاق: هو عمروبن عبد الله السبيعي، وعمرو بن ميمون: هو الأودي.

وأخرجه الطيالسي (63)، والبخاري (1684)، والترمذي (896)، والنسائي 5/ 265 من طرق عن شعبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارمي (1890)، وابن ماجه (3022)، والطحاوي 2/ 218، من طريقين عن أبي إسحاق، به. وسيأتي برقم (200) و (275) و (295) و (358) و (385).

ص: 246

قَالَ أَبِي: فَحَدَّثْتُ بِهِ (1) ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَمَا أَعْجَبَكَ مِنْ ذَلِكَ؟ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إذَا دَعَا الْأَشْيَاخَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم دَعَانِي مَعَهُمْ، فَقَالَ: لَا تَتَكَلَّمْ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا، قَالَ: فَدَعَانَا ذَاتَ يَوْمٍ، أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا، فَفِي أَيِّ الْوِتْرِ تَرَوْنَهَا؟ (2).

86 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو الْبَجَلِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَأَلُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّمَا أَتَيْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ ثَلاثٍ: عَنْ صَلاةِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعًا، وَعَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَعَنِ الرَّجُلِ مَا يَصْلُحُ لَهُ مِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَقَالَ: أَسُحَّارٌ أَنْتُمْ؟! لَقَدْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" صَلاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعًا نُورٌ، فَمَنْ شَاءَ نَوَّرَ بَيْتَهُ " وَقَالَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ: " يَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثًا " وَقَالَ فِي الْحَائِضِ: " لَهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ "(3).

(1) في (م) ونسخة الشيخ أحمد شاكر: فحدثنا به. قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله تعليقاً على قول كليب والدِ عاصم هذا ما نصه: فيه اختصار، يظهر أنه سبق كلامهم في شيء يتعلقُ بليلة القدر، فروى لهم كليب شيئاً، ثم قال لهم:"فحدَّثْنا به ابنَ عباس" يريد أنه أخبر ابنَ عباس بما سمع، فقال له ابن عباس:"وما أعجبك من ذلك" الخ.

(2)

إسناده قوي. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 513 و 3/ 73، والبزار (210)، وأبو يعلى (165) و (168)، وابن خزيمة (2172) و (2173) من طريقين عن عاصم بن كليب، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (298).

(3)

إسناده ضعيف لجهالة الرجل الذي روى عنه عاصم بن عمرو، وباقي رجاله =

ص: 247

87 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ بِالْعِرَاقِ حِينَ يَتَوَضَّأُ، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ لِي: سَلْ أَبَاكَ عَمَّا أَنْكَرْتَ عَلَيَّ مِنْ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إِذَا حَدَّثَكَ سَعْدٌ بِشَيْءٍ فَلا تَرُدَّ

= ثقات رجال الشيخين غير عاصم بن عمرو البجلي: فقد روى له ابنُ ماجه وهو صدوق.

وأخرجه الطيالسي (49) و (137) عن المسعودي، والطحاوي 3/ 36 - 37 من طريق أبي إسحاق، كلاهما عن عاصم بن عمرو البجلي، عن أحد النفر الذين أتوا عمر بن الخطاب، فقالوا: يا أمير المؤمنين جئناك

فذكره.

وأخرجه عبد الرزاق (988)، والطحاوي 3/ 37 من طريق أبي إسحاق، وسعيد بن منصور في "سننه"(2143)، وابن أبي شيبة 2/ 256 وعنه ابن ماجه (1375) من طريق طارق بن عبد الرحمن البجلي، والطحاوي 3/ 37 من طريق المسعودي، ثلاثتهم عن عاصم بن عمرو البجلي: أن قوماً أتوا عمر

فذكره، غير أن رواية ابن أبي شيبة مختصرة بقصة صلاة الرجل في بيته، ورواية الطحاوي بقصة الحائض فقط.

وأخرجه ابن ماجه (1375)، والطحاوي 3/ 37، والبيهقي 1/ 312 من طريق أبي إسحاق، عن عاصم بن عمرو، عن عمير مولى عمر بن الخطاب، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. وعمير مولى عمر بن الخطاب لم يرو عنه غير عاصم بن عمرو، فهو على هذا مجهول.

وقوله: "يغسل فرجه ثم يتوضأ

" له شاهد من حديث عائشة عند البخاري (248)، ومسلم (316).

وقوله: "له ما فوق الإِزار" له شاهد من حديث عبد الله بن سعد القرشي عند أبي داود (212)، وآخر من حديث عائشة عند البخاري (300) ومسلم (293) وأحمد 6/ 55، وثالث من حديث ميمونة عند البخاري (303) ومسلم (294).

ص: 248

عَلَيْهِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ (1).

88 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ،

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، إِذَا حَدَّثَكَ سَعْدٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ (2).

89 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مَعْدَانَ (3) بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ:

(1) إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة -وهو عبد الله- فقد روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه وله في مسلم بعض شيء مقرون، وقد اختلط بعد احتراق كتبه، وأحاديث قتيبة عنه صحاح، انظر "تهذيب الكمال" 15/ 494، وجوّد هذا الإِسناد الحافظ ابن كثير في "مسند عمر" ص 118. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(86) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن أبي سلمة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (763) عن عبد الله بن عمر، وابن خزيمة (184) من طريق أيوب، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 36 عن نافع وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر. ولم برفع عمر الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وانظر (237).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب المصري، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية.

وأخرجه البخاري (202)، والنسائي 1/ 82، وابن خزيمة (182) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإِسناد. ورواية النسائي وابن خزيمة مختصرة، ولم يذكرا فيه عمر.

(3)

تحرف في (م) إلى: معبد.

ص: 249

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رُؤْيَا لَا أُرَاهَا إِلَّا لِحُضُورِ أَجَلِي؛ رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ، قَالَ: وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ دِيكٌ أَحْمَرُ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، فَقَالَتْ: يَقْتُلُكَ رَجُلٌ مِنَ الْعَجَمِ. قَالَ: وَإِنَّ النَّاسَ يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ، وَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ، وَخِلافَتَهُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ يَعْجَلْ بِي أَمْرٌ فَإِنَّ الشُّورَى فِي هَؤُلاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنْ بَايَعْتُمْ مِنْهُمْ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ أُنَاسًا سَيَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ، أَنَا قَاتَلْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلامِ، أُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ الْكُفَّارُ الضُّلَّالُ.

وَايْمُ اللهِ، مَا أَتْرُكُ فِيمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي فَاسْتَخْلَفَنِي شَيْئًا أَهَمَّ إِلَيَّ مِنَ الْكَلالَةِ، وَايْمُ اللهِ، مَا أَغْلَظَ لِي نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مُنْذُ صَحِبْتُهُ أَشَدَّ مَا أَغْلَظَ لِي فِي شَأْنِ الْكَلالَةِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:" تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ، الَّتِي نَزَلَتْ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ " وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ فَسَأَقْضِي فِيهَا بِقَضَاءٍ يَعْلَمُهُ مَنْ يَقْرَأُ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ.

وَإِنِّي أُشْهِدُ اللهَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ (1) إِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وَيُبَيِّنُوا لَهُمْ سُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم، وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا عُمِّيَ عَلَيْهِمْ.

ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ: هَذَا الثُّومُ وَالْبَصَلُ، وَايْمُ اللهِ، لَقَدْ كُنْتُ أَرَى نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجِدُ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فَيَأْمُرُ بِهِ فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ فَيُخْرَجُ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ الْبَقِيعَ، فَمَنْ أَكَلَهُمَا لَا بُدَّ، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا.

(1) تحرف في (م) إلى: الأنصار.

ص: 250

قَالَ: فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ (1).

90 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ والْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ إِلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ نَتَعَاهَدُهَا، فَلَمَّا قَدِمْنَاهَا تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: فَعُدِيَ عَلَيَّ تَحْتَ اللَّيْلِ، وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي، فَفُدِعَتْ يَدَايَ مِنْ مِرْفَقَيَّ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اسْتُصْرِخَ عَلَيَّ صَاحِبَايَ، فَأَتَيَانِي، فَسَأَلانِي عَمَّنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: فَأَصْلَحَا مِنْ يَدَيَّ، ثُمَّ قَدِمُوا بِي عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ يَهُودَ.

ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا، وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ كَمَا بَلَغَكُمْ، مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ (2) قَبْلَهُ، لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُمْ، لَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ. فَأَخْرَجَهُمْ (3).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مَعدان بن أبي طلحة، فهو من رجال مسلم.

وأخرجه ابن سعد 3/ 335 من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، عن همام، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن سعد 3/ 335، والحميدي (10) و (29)، والبزار (315)، أبو يعلى (256)، وأبو عوانة 1/ 408، والطبري 6/ 43، وابن حبان (2091)، والبيهقي 6/ 224 من طريقين عن قتادة، به. وسيأتي برقم (179) و (186) و (241).

(2)

في (م) وطبعة الشيخ أحمد شاكر: الأنصار.

(3)

إسناده حسن، ابن إسحاق -وهو محمد- حسن الحديث، وقد صرح هنا =

ص: 251

91 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَتَوَضَّأْتُ. فَقَالَ: أَيْضًا! أَوَلَمْ تَسْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ "؟ (1).

92 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنه وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ: يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ،

= بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه مختصراً أبو داود (3007) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه كذلك البزار (154) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، عن ابن إسحاق، به.

وأخرجه البخاري (2730) من طريق مالك، عن نافع، به.

وقوله: "ففدعت"، الفَدَع -بالتحريك-: زيغ بين القدم وبين عظمة الساق، وكذلك في اليد، وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حسين بن محمد: هو ابن بهرام المرُّوذي، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، ويحيى: هو ابن أبي كثير.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 93، والبخاري (882) من طريقين عن شيبان بن عبد الرحمن، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارمي (1539)، ومسلم (845)(4)، وأبو داود (340)، وأبو يعلى (258)، وابن خزيمة (1748)، والطحاوي 1/ 115 من طريقين عن يحيى بن أبي كثير، به. وسيأتي برقم (319) و (320)، وانظر (312).

ص: 252

وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ، وَقَالَ:" إِلَّا هَكَذَا " وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِصْبَعَيْهِ (1).

93 -

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ (2)، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى سَفَطٍ أُتِيَ بِهِ مِنْ قَلْعَةٍ مِنَ الْعِرَاقِ، فَكَانَ فِيهِ خَاتَمٌ، فَأَخَذَهُ بَعْضُ بَنِيهِ فَأَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَانْتَزَعَهُ عُمَرُ مِنْهُ ثُمَّ بَكَى عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ: لِمَ تَبْكِي وَقَدْ فَتَحَ اللهُ لَكَ، وَأَظْهَرَكَ عَلَى عَدُوِّكَ، وَأَقَرَّ عَيْنَكَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا تُفْتَحُ الدُّنْيَا عَلَى أَحَدٍ إِلَّا أَلْقَى الله عز وجل بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "، وَأَنَا أُشْفِقُ مِنْ ذَلِكَ (3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. زهير: هو ابن معاوية بن حُديج، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي.

وأخرجه البخاري (5829)، ومسلم (2069)(12) عن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن زهير بن معاوية، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 348 و 349، ومسلم (2069)(13)، وأبو داود (4042)، وابن ماجه (2820) و (3593)، والبزار (307)، وأبو يعلى (213) و (214)، والبغوي في "الجعديات"(1031) من طرق عن عاصم الأحول، به. وسيأتي برقم (242) و (243) و (301) و (356) و (357).

(2)

في (ص): ابن الأسود، خطأ، وفي هامش النسخة: أبو الأسود.

(3)

إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة ومحمد بن عبد الرحمن بن لبيبة. حسن: هو =

ص: 253

94 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ يَصْنَعُ أَحَدُنَا إِذَا هُوَ أَجْنَبَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لِيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ لِيَنَمْ "(1).

95 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، دُعِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلاةِ عَلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلاةَ

= ابن موسى الأشيب، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عُروة، وأبو سنان الدؤلي: هو يزيد بن أمية.

وأخرجه عبد بن حميد (44)، والبزار (311) من طريق الحسن بن موسى، بهذا الإِسناد.

والسَّفَط -محركة-: كالقفة.

(1)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابنِ إسحاق -وهو محمد- فهو حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهةُ تدليسه. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه عبد الرزاق (1077)، والنسائي في "الكبرى"(9059) و (9063)، والبزار (131) و (164)، وأبو عوانة 1/ 277، والطبراني (80) من طرق عن نافع، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (107)، والنسائي (9067) من طريق سالم بن عبد الله، والنسائي (9066) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، كلاهما عن عبد الله بن عمر، به. وسيأتي برقم (105) و (165) و (230) و (235) و (263) و (306) و (359).

ص: 254

تَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعَلَى عَدُوِّ اللهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ الْقَائِلِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا - يُعَدِّدُ أَيَّامَهُ - قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَبَسَّمُ، حَتَّى إِذَا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ:" أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ، إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، قَدْ قِيلَ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ (1) لَزِدْتُ ". قَالَ: ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَمَشَى مَعَهُ، فَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى فُرِغَ مِنْهُ.

قَالَ: فَعَجَبٌ لِي وَجَرَاءَتِي (2) عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا كَانَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} ، فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ عَلَى مُنَافِقٍ، وَلا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ عز وجل (3).

(1) في (ق): لهم.

(2)

في (ق): ولجراءتي.

(3)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث، وقد صرح هنا بالتحديث.

وأخرجه عبد بن حميد (19)، وعنه الترمذي (3097) عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (193)، والطبري 10/ 205، وابن حبان (3176) من طرق عن ابن إسحاق، به.

وأخرجه البخاري (1366) و (4671)، والنسائي في "المجتبى" 4/ 67، وفي "الكبرى"(11225) من طريق عقيل بن خالد، عن الزهري، به.

ص: 255

96 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، كَمَا حَدَّثَنِي عَنْهُ نَافِعٌ مَوْلاهُ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَلْيَأْتَزِرْ بِهِ ثُمَّ لِيُصَلِّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: لَا تَلْتَحِفُوا بِالثَّوْبِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ كَمَا تَفْعَلُ الْيَهُودُ.

قَالَ نَافِعٌ: وَلَوْ قُلْتُ لَك: إِنَّهُ أَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَرَجَوْتُ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُ (1).

97 -

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ مَاتَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، قِيلَ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ (2) مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شِئْتَ "(3).

(1) إسناده حسن. وانظر الحديث رقم (6356) من مسند عبد الله بن عمر.

(2)

لفظ "الجنة" ليس في (ق) و (ص).

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، مؤمل -وهو ابن إسماعيل- وإن كان سيئ الحفظ تابعه الطيالسي، لكن تبقى علَّة الحديث في شهر -وهو ابنُ حوشب- فقد وثقه جماعة والأكثر على تضعيفه.

وأخرجه الطيالسي (30) عن حماد بن سلمة، بهذا الإِسناد.

وفي الباب عن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي في "المسند" 3/ 443 و 4/ 237 ورجاله ثقات.

وعن عثمان بن عفان وسيأتي برقم (464).

ص: 256

98 -

حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا (1) جَعْفَرٌ - يَعْنِي الْأَحْمَرَ - عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَذَفَ رَجُلٌ ابْنًا لَهُ بِسَيْفٍ فَقَتَلَهُ، فَرُفِعَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يُقَادُ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ " لَقَتَلْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَبْرَحَ (2).

99 -

حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا (3) إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى الْحَجَرِ، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ (4) مَا قَبَّلْتُكَ. ثُمَّ قَبَّلَهُ (5).

(1) في (ق): حدثنا.

(2)

حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غير جعفر الأحمر -وهو ابن زياد- فقد روى له الترمذي، وهو صدوق، لكن الحديث فيه انقطاع، مجاهد -وهو ابن جَبْر- لم يدرك عمر بن الخطاب، وسيأتي الحديثُ من طريق أخرى تقويه برقم (147) و (148) و (346). مطرِّف: هو ابن طريف، والحكم: هو ابن عُتيبة.

(3)

في (ص): عن.

(4)

في (ص): قبَّلك.

(5)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. زهير: هو ابن معاوية، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه البخاري (1597)، وأبو داود (1873)، والنسائي 5/ 227، وابن حبان (3822)، والبيهقي 5/ 74، والبغوي في "شرح السنة"(1905) من طرق عن الأعمش، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (176) و (325).

ص: 257

100 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا (1) شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ، أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلافَتِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا، وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عَمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ عُمَرُ: فَلا تَفْعَلْ، فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا، فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لَا، فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ "(2).

101 -

حَدَّثَنَا سَكَنُ بْنُ نَافِعٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ دَرَّاجٍ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سَبَّحَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَرَآهُ

(1) في (ق): حدثنا.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.

وأخرجه الدارمي (1648)، والبخاري (7163)، والنسائي 5/ 104 عن أبي اليمان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الحميدي (21)، ومسلم (1045)(111)، والنسائي 5/ 103 و 104، وابن خزيمة (2365) و (2366)، والبزار (244) من طرق عن الزهري، به. إلا أن مسلماً =

ص: 258

عُمَرُ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا (1).

102 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: مَاجِدَةُ، قَالَ: عَارَمْتُ غُلامًا بِمَكَّةَ فَعَضَّ أُذُنِي فَقَطَعَ مِنْهَا - أَوْ عَضِضْتُ أُذُنَهُ فَقَطَعْتُ مِنْهَا - فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه حَاجًّا رُفِعْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَإِنْ كَانَ الْجَارِحُ بَلَغَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فَلْيَقْتَصَّ، قَالَ: فَلَمَّا انْتُهِيَ

= لم يذكر في حديثه حويطب بن عبد العزَّى.

وأخرجه عبد الرزاق (20045) عن معمر، عن الزهري، السائب بن يزيد قال: لقي عمر بن الخطاب عبد الله بن السعدي

فذكره. وانظر الحديث رقم (136) و (371).

العُمالة -بالضم-: أجرة العمل، وبفتح العين: العمل نفسه، فتموَّله: أي اجعله لك مالاً. غير مشرف: غير متطلع إليه، ولا طامع فيه.

(1)

في (ق) وحاشية (ص): "عنهما".

والحديث إسناده ضعيف، صالح -وهو ابن أبي الأخضر- ضعيف، وربيعة بن دراج مختلف في سماع الزهري منه، وبعضهم رجح أنه من مسلمة الفتح وأنه عاش إلى عهد عمر، وقيل: قتل يوم الجمل، فهو على هذا منقطع أيضاً، وأُدخل بينهما راوٍ آخر، فكلمة "حدثني ربيعة بن دراج" في هذا الإِسناد وهم، ولعله من صالح بن أبي الأخضر، كما قال الشيخ أحمد شاكر، وسيأتي الحديث برقم (106)، من طريق معمر عن الزهري، فقال: عن ربيعة. وانظر "علل الدارقطني" 2/ 149، و"تعجيل المنفعة" رقم (310)، و"الإِصابة" رقم الترجمة (2597).

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 303 من طريق عقيل بن خالد، عن الزهري، عن حرام بن دراج، عن علي. كذا سماه هنا: حراماً.

ص: 259

بِنَا إِلَى عُمَرَ نَظَرَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ بَلَغَ هَذَا أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، ادْعُوا لِي حَجَّامًا. فَلَمَّا ذَكَرَ الْحَجَّامَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " قَدْ أَعْطَيْتُ خَالَتِي غُلامًا، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ لَهَا فِيهِ، وَقَدْ نَهَيْتُهَا أَنْ تَجْعَلَهُ حَجَّامًا أَوْ قَصَّابًا أَوْ صَائِغًا "(1).

103 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، عَنِ ابْنِ مَاجِدَةَ السَّهْمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: حَجَّ عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ فِي

(1) إسناده ضعيف لجهالة الرجل الذي من بني سهم، وجهالة ماجدة -ويقال: ابن ماجدة، ويقال: أبو ماجدة- وهو السَّهْمي. محمد بن يزيد: هو الكلاعي الواسطي.

وأخرجه أبو داود (3430) و (3431) و (3432) من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإِسناد. إلا أنه لم يذكر فيه الرجل من بني سهم. وسيأتي برقم (103).

قوله: "عارمت غلاماً"، أي: خاصمته.

وقوله: "قد أعطيت خالتي"، قال السندي: قال الحافظ السيوطي في "حاشية أبي داود": سُئِلتُ عن هذه الخالة: مَن هي؟ فلم يَحضُرْني إذ ذاك، ثم رأيت الطبرانيَّ ذكر في "المعجم الكبير" 24/ (1073) فاختةَ بنت عمرو، أخرجه من طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:" وهبتُ لخالتي فاختة بنت عمرو غلاماً، وأمرتها أن لا تجعله جازراً ولا صائغاً ولا حَجّاماً ". (قلنا: وعثمان بن عبد الرحمن متروك).

وفي "الإِصابة" للحافظ ابن حجر 4/ 362: فاختة بنت عمرو الزُّهرية، خالة النبي صلى الله عليه وسلم

وأورد الحديث المذكور.

قيل: إنما كره الحجام والقصاب لأجل النجاسة التي يباشرانها مع تعذُّر الاحتراز، وأما الصائغ فلِمَا يدخل في صنعته من الغش، ولأنه يَصُوغ الذهبَ والفضة، وربما كان منه آنية أو حُلِي للرجال، وهو حرام، أو لكثرة الوعد والكذب في كلامه!

ص: 260

خِلافَتِهِ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

104 -

حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل رَخَّصَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ عز وجل، وَحَصِّنُوا فُرُوجَ هَذِهِ النِّسَاءِ (2).

105 -

حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيَرْقُدُ الرَّجُلُ إِذَا

(1) إسناده ضعيف كسابقه. وهو مكرر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعة العبدي.

وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف": ص 113 من طريق يزيد بن زريع وبشر بن المفضل، عن داود بن أبي هند، بهذا الإِسناد.

وأخرجه بنحوه الطيالسي (1792)، ومسلم (1217)، وابن حبان (3940) من حديث جابر، عن عمر.

وقوله: "رخَّص لنبيه

" يريد أن المتعتين: متعة الحج، ومتعة النكاح، جوازهما في وقته صلى الله عليه وسلم كان مخصوصاً به للتخفيف على خلاف الأصل، وكان مَنُوطاً بإذنه، متى أَذن جاز، ومتى لم يأذن لم يَجُز، فرجع الأمر بموته إلى الأصل الذي هو عدم الجواز فيهما، وهذا الذي قال في متعة النساء صحيح، كيف وقد جاء النهيُ عنه صريحاً دون متعة الحج، ولذا اتفق العلماءُ فيها على الجواز. وانظر ما سيأتي برقم (369).

ص: 261

أَجْنَبَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ " (1).

106 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا (2) ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ دَرَّاجٍ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَى عَنْهَا (3).

107 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ (4)، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَقَرَأَ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ} قَالَ: قُلْتُ: كَاهِنٌ، قَالَ:{وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِّنْ رَّبِّ الْعَالَمِينَ. وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنْكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} إِلَى

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عَبيدة بن حميد، فمن رجال البخاري.

وأحرجه النسائي في "الكبرى"(9058) من طريق عبيدة بن حميد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 61، والترمذي (120)، والنسائي في "الكبرى"(9059)، والبزار (147) من طريقين عن عبيد الله بن عمر، به.

وتقدم برقم (94) من طريق محمد بن إسحاق عن نافع.

(2)

في (ق): حدثنا.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه. وقد تقدم برقم (101).

(4)

تحرف في (م) إلى: شريح بن عبيدة. وانظر "تهذيب الكمال" 12/ 446.

ص: 262

آخِرِ السُّورَةِ [الحاقة: 40 - 47]، قَالَ: فَوَقَعَ الْإِسْلامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ (1).

108 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ وَعِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ (2) وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سَرْغَ (3) حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيدًا، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ شِدَّةَ الْوَبَاءِ فِي الشَّامِ، فَقُلْتُ: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَكَ (4) صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَمِينًا، وَأَمِينِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ " فَأَنْكَرَ الْقَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عُلْيَى قُرَيْشٍ؟! - يَعْنُونَ بَنِي فِهْرٍ - ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، اسْتَخْلَفْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي عز وجل: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَكَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الْعُلَمَاءِ نَبْذَةً "(5).

(1) إسناده ضعيف لانقطاعه، شريح بن عبيد لم يُدرك عمر.

أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وصفوان: هو ابن عمرو بن هَرِم السكسكي.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 62 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله ثقات إلا أن شريحَ بن عبيد لم يدرك عمر.

(2)

تحرف في (م) إلى: عبيدة.

(3)

سَرْغ: قرية بوادي تبوك.

(4)

في (س) و (ق): رسول الله.

(5)

حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن شريح بن عبيد وراشد بن سعد لم =

ص: 263

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يدركا عمر.

وأخرجه أحمد في "الفضائل"(1287)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 886 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عن شهر بن حوشب قال: قال عمر. وهذا منقطع أيضاً شهر بن حوشب لم يدرك عمر.

وأخرجه بنحوه مختصراً بن سعد 3/ 413، وأحمد في "الفضائل"(1285)، والحاكم 3/ 268 من طريق كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج قال: بلغني أن عمر بن الخطاب قال: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت فيه، فإن سئلت عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسوله. وهذا منقطع أيضاً.

وأخرج القسم الأخير منه ابن سعد 3/ 590 عن يزيد بن هارون، عن سعيد بن أبي عروبة، عن شهر بن حوشب قال: قال عمر بن الخطاب: لو أدركت معاذ بن جبل فاستخلفته، فسألني ربي عنه، لقلت: يا ربي سمعت نبيك يقول: "إن العلماء إذا اجتمعوا يوم القيامة كان معاذ بن جبل بين أيديهم قذفة حجر".

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 3/ 418 عن يعقوب بن كعب وعمر بن شبة 3/ 886 عن هارون بن معروف، كلاهما عن ضمرة بن ربيعة، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي العجفاء قال: قال عمر

وفيهما "رتوة" بدل: قذفة حجر، و"الرتوة" قال في "النهاية": رمية سهم، وقيل: ميل، وقيل: مدى البصر.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 135، ومن طريقه ابن أبي عاصم 3/ 419 عن أبي معاوية، عن السيباني، عن محمد بن عبد الله الثقفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ بين يدي العلماء رتوة".

وأخرجاه أيضاً عن حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام بن حسان، عن الحسن البصري، رفعه "معاذ بين يدي العلماء نبذة".

وأخرج الطبراني في "الكبير" 20/ (41)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 229 من طريق عمارة بن غزية، عن محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصاري، عن محمد بن كعب القرظي =

ص: 264

109 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غُلامٌ، فَسَمَّوْهُ: الْوَلِيدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" سَمَّيْتُمُوهُ بِأَسْمَاءِ فَرَاعِنَتِكُمْ، لَيَكُونَنَّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْوَلِيدُ، لَهُوَ شَرٌّ (1) عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ "(2).

= قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ بن جبل أمام العلماء برتوة".

وقوله: "أن لكل نبي أميناً

" أخرجه من حديث أنس البخاري (3744) و (4382) ومسلم (4419) وسيأتي في "المسند" 3/ 133.

(1)

على حاشية (س) و (ص): أشر وأشد، إشارة إلى نسختين أخريين.

(2)

إسناده ضعيف، سعيد بن المسيب لم يسمعه من عمر، وذِكر عمر فيه خطأ، قال الدارقطني في "العلل" 1/ 159: غيرُ إسماعيل بن عياش يرويه عن الأوزاعي ولا يذكر فيه "عن عمر"، وهو الصواب.

قلنا: أورد الخبر ابن حبان في "المجروحين" 1/ 125 وقال: هذا خبر باطل، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، ولا عمر رواه، ولا سعيد حدَّث به، ولا الزهري رواه، ولا هو من حديث الأوزاعي بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 46 من طريق "المسند"، ونقل كلام ابن حبان فيه، وقال: فلعل هذا قد أدخل على إسماعيل بن عياش في كبره، وقد رواه وهو مختلط، قال أحمد بن حنبل: كان إسماعيل بن عياش يروي عن كل ضرب.

وهذا الحديث أول حديث من الأحاديث التسعة التي أوردها العراقي على "المسند" على أنها موضوعة، وانظر "القول المسدد" 4 - 5 و 12 - 17.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 505 من طريق بشر بن بكر والوليد بن مسلم، كلاهما عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد لأخي أم سلمة

فذكره. ولم يذكر فيه عمر. قال البيهقي: هذا مرسل حسن! =

ص: 265

110 -

حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فيهُمْ عُمَرُ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: " لَا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ "(1).

111 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْكِنْدِيِّ: أَنَّهُ رَكِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنْ ثَلاثِ خِلالٍ، قَالَ: فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ: مَا أَقْدَمَكَ؟

= وأخرجه الحاكم 4/ 494 من طريق نعيم بن حماد، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال: ولد لأخي أم سلمة

فذكره. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي! قال السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" 1/ 110: رواية نعيم بن حماد عن الوليد بذكر أبي هريرة فيه شاذة. قلنا: نعيم بن حماد كثير الخطأ، والوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، فالخبر باطل.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. بهز: هو ابن أسد العمِّي، وأبان: هو ابن يزيد العطار، وقتادة: هو ابن دِعامة، وأبو العالية: هو رُفيع بن مِهران الرياحي.

وأخرجه أبو داود (1276)، والطحاوي 1/ 303 عن مسلم بن إبراهيم، عن أبان العطار، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (581)، ومسلم (826)، والترمذي (183)، والبزار (185)، والنسائي 1/ 276، وأبو يعلى (147)، وابن خزيمة (1272) و (2146)، وأبو عوانة 1/ 380، والطحاوي 1/ 303 من طرق عن قتادة، به. وسيأتي برقم (130) و (270) و (271) و (355) و (364).

ص: 266

قَالَ: لِأَسْأَلَكَ عَنْ ثَلاثِ خِلالٍ، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: رُبَّمَا كُنْتُ أَنَا وَالْمَرْأَةُ فِي بِنَاءٍ ضَيِّقٍ، فَتَحْضُرُ الصَّلاةُ، فَإِنْ صَلَّيْتُ أَنَا وَهِيَ، كَانَتْ بِحِذَائِي، وَإِنْ صَلَّتْ خَلْفِي، خَرَجَتْ مِنَ الْبِنَاءِ، فَقَالَ عُمَرُ: تَسْتُرُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بِثَوْبٍ، ثُمَّ تُصَلِّي بِحِذَائِكَ إِنْ شِئْتَ.

وَعَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ: نَهَانِي عَنْهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: وَعَنِ الْقَصَصِ، فَإِنَّهُمْ أَرَادُونِي عَلَى الْقَصَصِ، فَقَالَ: مَا شِئْتَ، كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَمْنَعَهُ، قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَنْتَهِيَ إِلَى قَوْلِكَ، قَالَ: أَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَقُصَّ فَتَرْتَفِعَ عَلَيْهِمْ فِي نَفْسِكَ، ثُمَّ تَقُصَّ فَتَرْتَفِعَ، حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْكَ أَنَّكَ فَوْقَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الثُّرَيَّا، فَيَضَعَكَ اللهُ تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ (1).

112 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ عز وجل يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ " قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا، وَلا تَكَلَّمْتُ بِهَا ذَاكِرًا وَلا آثِرًا (2).

(1) إسناده حسن، رجاله ثقات رجال [[الشيخين]] (*) غير الحارث بن معاوية الكندي، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وذكره بعضهم في الصحابة، وقال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (162): والذي يظهر أنه من المخضرمين، والله أعلم.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بشر بن شعيب، فمن رجال البخاري. =

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع: [رجاله ثقات رجال الثقات]، والصواب ما أُثبت

ص: 267

113 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ صَدَقَةً (1).

114 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أخبرنا عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ بِالْجَابِيَةِ (2)، فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامِي فِيكُمْ، فَقَالَ: " اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْرًا، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ،

= وأخرجه البخاري (6647)، ومسلم (1646)، وابن ماجه (2094)، والبزار (109)، والنسائي 4/ 7 و 5 من طرق عن الزهري، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطبراني (81) من طريق نافع، عن ابن عمر، به. وسيأتي برقم (241).

قوله: "ولا تكلَّمت بها ذاكراً" أي: عن نفسي، "ولا آثراً" أي: راوياً عن غيري.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو بكر بن عبد الله -وهو ابن أبي مريم- ضعيف، وراشد بن سعد لم يدرك عمر وحذيفة.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (1463) و (1464) ومسلم (982) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة".

وآخر عن علي سيأتي برقم (741).

قال البغوي في "شرح السنة" 6/ 23: وهذا قول أكثر أهل العلم قالوا: لا زكاة في الخيل ولا في العبد إلا أن تكون للتجارة، فتجب في قيمتها زكاة التجارة، يروى ذلك عن عمر وبه قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب مالك والشافعي وغيرهم.

(2)

الجابية: قرية في الجنوب الغربي من دمشق.

ص: 268

ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْتَدِئُ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بَحْبَحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، لَا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا، وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ " (1).

115 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ (2) وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، قَالا: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَدْيِ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ (3).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن إسحاق -وهو المروزي- فقد روى له الترمذي، وهو ثقة. وهو في "مسند عبد الله بن المبارك"(241).

ومن طريق عبد الله بن المبارك أخرجه الطحاوي 4/ 150، وابن حبان (7254)، والحاكم 1/ 113، والبيهقي 7/ 91، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه أبو عبيد في "الخطب والمواعظ"(133)، والترمذي (2165)، وابن أبي عاصم في "السنة"(88) و (897)، والبزار (166)، والنسائي في "الكبرى"(9225) من طريق النضر بن إسماعيل، عن محمد بن سوقة، بهذا الإِسناد. قال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

والبحبحة: التمكن والتوسط في المنزل والمقام.

(2)

تحرف في (ص) إلى: عميرة.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، حكيم بن عمرو وضمرة بن حبيب لم يُدركا عمر بن الخطاب، وأبو بكر -وهو ابن عبد الله بن أبي مريم- ضعيف. وعمرو بن الأسود: هو عمرو بن الأسود العنسي أبو عياض وأبو عبد الرحمن، ويقال: اسمه عمير، تابعي مخضرم ثقة. انظر ترجمته في "الإِصابة" برقم (6528)، وقد ليَّن الحافظ فيه سند هذا =

ص: 269

116 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَكْبٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَا وَأَبِي، فَقَالَ رَجُلٌ:" لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ "، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

117 -

حَدَّثَنَا عِصَامُ (2) بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، قَالا: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ (3) حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ "؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ - قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: لَأَقْتُلَنَّ - مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا

= الخبر، وله ترجمة أيضاً في "تهذيب التهذيب" 8/ 4 - 6.

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، رواية سماك -وهو ابن حرب- عن عكرمة فيها اضطراب. أبو سعيد مولى بني هاشم: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري، وزائدة: هو ابن قدامة. وقد صحَّ الحديث من طريق أخرى عن عمر، تقدمت برقم (112).

وأخرجه عبد بن حميد (36) من طريق أسباط بن نصر، عن سماك، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (240) ي (291).

(2)

تحرف في (م) إلى: عاصم.

(3)

قوله: الناس، سقط من (ق).

ص: 270

يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا.

قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللهَ عز وجل قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ (1).

118 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ "(2).

119 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَبَأٍ عُتْبَةَ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْيَزَنِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُغِيثٍ (3) الْأَنْصَارِيِّ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، غير عصام بن خالد، فمن رجال البخاري. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع.

وأخرجه البخاري (1399) و (1456) و (1457)، والبيهقي 4/ 104 من طريق أبي اليمان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه النسائي 5/ 6 و 7/ 78 وابن حبان (216) من طريقين عن شعيب بن أبي حمزة، به. وقد تقدم برقم (67).

والعناق: هي الأنثى من ولد المعز ما لم تتم سنة.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عمرو بن شعيب لم يُدرك عبد الله بن عمرو بن العاص، لكن صحَّ الحديثُ من طريق أخرى تقدمت برقم (110).

(3)

في "الجرح والتعديل" 6/ 395: "مغيث"، وفي "تعجيل المنفعة":"مُعتِّب"، وقال ابن ماكولا في "الإِكمال" 7/ 279 بعد أن ساق هذه الرواية: وخالفه (يعني الحكمَ بن نافع) هشامُ بن عمار في رواية الحسن بن سفيان عنه، فقال: عن عروة بن مُعتِّب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأسقط ذِكر عمر، وجعله بالعين المهملة وآخره باء موحدة.

ص: 271

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِهَا (1).

120 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ حُمْرَةَ (2) بْنِ عَبْدِ كُلالٍ، قَالَ: سَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ مَسِيرِهِ الْأَوَّلِ كَانَ إِلَيْهَا، حَتَّى إِذَا شَارَفَهَا، بَلَغَهُ وَمَنْ مَعَهُ أَنَّ الطَّاعُونَ فَاشٍ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: ارْجِعْ وَلا تَقَحَّمْ عَلَيْهِ، فَلَوْ نَزَلْتَهَا وَهُوَ بِهَا لَمْ نَرَ لَكَ الشُّخُوصَ عَنْهَا.

(1) حديث حسن لشواهده، عتبة بن تميم روى عنه غيرُ واحد، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، والوليد بن عامر اليمني، روى عنه غيرُ عروة بن معتب: ابنه مهدي بن الوليد بن عامر، وإسماعيل بن عياش أيضاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 552، وأورده البخاري 8/ 149، وابن أبي حاتم 9/ 11 فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 4/ 34 فقال: مختلف في صحبته، قال البخاري: عداده في التابعين، وهو الصحيح، وذكره ابن أبي خيثمة في الصحابة، وقال ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (738): وذكره في الصحابة الحسن بن سفيان وابن قانع. ابن عياش: هو إسماعيل.

وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/ 32 وإسناده ضعيف، وسيأتي تخريجه في مسنده.

وعن قيس بن سعد عند أحمد أيضاً 3/ 422.

وعن بريدة الأسلمي عند أحمد كذلك 5/ 353 وإسناده صحيح، وسيأتي تخريجهما.

(2)

تصحف في (ق) و (م) إلى: حمزة، وجاء على حاشية (ق): حمرة بالراء على الصواب. انظر "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 2/ 594، و"الإكمال" لابن ماكولا 2/ 500، و"المشتبه" للذهبي 1/ 247.

ص: 272

فَانْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَعَرَّسَ مِنْ لَيْلَتِهِ تِلْكَ، وَأَنَا أَقْرَبُ الْقَوْمِ مِنْهُ، فَلَمَّا انْبَعَثَ، انْبَعَثْتُ مَعَهُ فِي أَثَرِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَدُّونِي عَنِ الشَّامِ بَعْدَ أَنْ شَارَفْتُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الطَّاعُونَ فِيهِ، أَلَا وَمَا مُنْصَرَفِي عَنْهُ بمُؤَخِّرٍّ فِي أَجَلِي، وَمَا كَانَ قُدُومِي مِنْهُ بمُعَجِّلِي (1) عَنْ أَجَلِي، أَلا وَلَوْ قَدْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَفَرَغْتُ مِنْ حَاجَاتٍ لَا بُدَّ لِي مِنْهَا، لَقَدْ سِرْتُ حَتَّى أَدْخُلَ الشَّامَ، ثُمَّ أَنْزِلَ حِمْصَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ عَلَيْهِمْ، مَبْعَثُهُمْ فِيمَا بَيْنَ الزَّيْتُونِ وَحَائِطِهَا فِي الْبَرْثِ الْأَحْمَرِ مِنْهَا "(2).

(1) في (ص): وما كان قدوميه بمعجلي، وعلى حاشيتها: قدري منه.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن عبد الله -وهو ابن أبي مريم-، وحُمرة بن عبد كُلال قال الذهبي في "الميزان" 1/ 604: ليس بعمدة يُجهل.

وأخرجه المرفوع منه البزار (317) من طريق بشر بن بكر، عن أبي بكر بن أبي مريم، بهذا الإِسناد. وقال: ابن عبد كلال ليس بمعروف بالنقل.

وأخرجه الحاكم 3/ 88 من طريق إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، عن عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن أبي راشد، عن معدي كرب بن عبد كلال، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عمر، بهذه القصة. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، فتعقبه الذهبيُّ بقوله: بل منكر، وإسحاق: هو ابن زبريق، كذبه محمد بن عوف الطائي، وقال أبو داود: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة.

وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/ 307 عن "المسند"، وقال: هذا حديث لا يصح. لكن وقع له وهم في تعيين أبي بكر بن عبد الله فقال: وأبو بكر بن عبد الله: اسمه سلمى، والصواب أنه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الحمصي، وقد أدرج الإِمام الذهبي في "ميزان الاعتدال" 4/ 498 حديثه هذا في ترجمته. =

ص: 273

121 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ عَمِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ:" مَنْ قَامَ إِذَا اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ (1) فَتَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، غُفِرَ لَهُ خَطَايَاهُ فَكَانَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ".

قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ تُجَاهِي جَالِسًا: أَتَعْجَبُ مِنْ هَذَا؟ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْجَبَ مِنْ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ، فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ فَقَالَ عُمَرُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ رَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ (2)، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ "(3).

= والبرث: الأرض اللينة.

(1)

قوله: "استقلّت الشمس"، أي: ارتفعت في السماء وتعالت، ويريد بالركعتين هنا ركعتي الضحى.

(2)

في (ق) و (ص): من الجنة.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن عم أبي عقيل، وسيأتي من طريقٍ أخرى صحيحة عن عقبة بن عامر في مسنده (4/ 153 الطبعة الميمنية).

عبد الله بن يزيد: هو أبو عبد الرحمن المقرئ، وحيوة: هو ابنُ شريح، وأبو عقيل: هو زُهرة بن معبد. =

ص: 274

122 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ - يَعْنِي أَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ - قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُسْلِيِّ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: ضِفْتُ عُمَرَ، فَتَنَاوَلَ امْرَأَتَهُ فَضَرَبَهَا (1)، وَقَالَ: يَا أَشْعَثُ، احْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا حَفِظْتُهُنَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَسْأَلِ الرَّجُلَ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ، وَلا تَنَمْ إِلَّا عَلَى وَتْرٍ " وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ (2).

123 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِي الرِّشْكَ - عَنْ

= وأخرجه الدارمي (716)، وأبو داود (170)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(84)، وأبو يعلى (180) و (249)، وابن السني في "اليوم والليلة"(31) من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (242) عن محمد بن المثنى، عن عبد الله بن يزيد، عن سعيد بن أبي أيوب، عن أبي عقيل، به. فزاد سعيد بن أبي أيوب بين عبد الله بن يزيد وبين أبي عقيل.

(1)

في (ص): وضربها.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن المُسْلي، فإنه لم يرو عنه سوى داود الأودي، وذكره أبو الفتح الأزدي في "الضعفاء". أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وداود الأودي: هو داود بن عبد الله الأودي الزعافري أبو العلاء الكوفي الثقة.

وهو في "مسند الطيالسي"(47) و (135)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" 7/ 305. وقد سقط من المطبوع من "سنن البيهقي":"داود بن"، من الإِسناد وبقيت كلمة "عبد الله"، ووقع فيه أيضاً "أبو عبد الرحمن المسلي"، بدل: عبد الرحمن المسلي.

وأخرجه عبد بن حميد (37)، وأبو داود (2147)، وابن ماجه (1986)، والبزار (239) والنسائي في "الكبرى"(9168)، والحاكم 4/ 175 من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإِسناد. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، ووافقه الذهبي! فوهما.

ص: 275

مُعَاذَةَ، عَنْ أُمِّ عَمْرٍو ابْنَةِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: سَمِعَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ يَلْبَسِ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا، فَلا يُكْسَاهُ فِي الْآخِرَةِ "(1).

124 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَيَسِيرَنَّ الرَّاكِبُ فِي جَنَبَاتِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ لَيَقُولُ: لَقَدْ كَانَ فِي هَذَا حَاضِرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَثِيرٌ "(2).

قَالَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وَلَمْ يَجُزْ بِهِ حَسَنٌ الْأَشْيَبُ جَابِرًا (3).

(1) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أم عمرو ابنة عبد الله بن الزبير فقد روى لها البخاري تعليقاً والنسائي، وقد تابعها أبو ذبيان خليفة بن كعب، وسيأتي برقم (251). عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري، ويزيد الرِّشك: هو يزيد بن أبي يزيد الضبعي، ومعاذة: هي بنت عبد الله العدوية.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، ابن لهيعة -وهو عبد الله- سيئ الحفظ، وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس- رمي بالتدليس ولم يصرح هنا بالسماع. يحيى بن إسحاق: هو السِّيلَحيني.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (1874) ومسلم (1389) رفعه "تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي" يريد عوافي السباع والطير. وهو في "صحيح ابن حبان"(6772) و (6773).

(3)

يعني أن حسن بن موسى الأشيب رواه عن ابنِ لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

فذكره. وسيأتي في مسند جابر بن عبد الله 3/ 341.

ص: 276

125 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ السَّائِبِ حَدَّثَهُ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ السَّبَائِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ قَاصِّ الْأَجْنَادِ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا بِإِزَارٍ، وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ "(1).

126 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا لَيْثٌ وَيُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ سُرَاقَةَ -، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ، أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ (2) حَتَّى يَمُوتَ - قَالَ: يُونُسُ: أَوْ يَرْجِعَ - وَمَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا

(1) حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لجهالة قاص الأجناد. وباقي رجاله ثقات. هارون: هو ابن معروف.

وأخرجه أبو يعلى (251) عن هارون بن معروف، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البيهقي 6/ 266 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن عبد الله بن وهب، به.

وفي الباب عن جابر عند أحمد 3/ 339، والترمذي (2801)، والحاكم 4/ 288، وهو حسن.

(2)

في (ص): أجرة ذلك.

ص: 277

يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللهِ تَعَالَى، بَنَى اللهُ لَهُ (1) بِهِ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " (2).

(1) في بعض النسخ: له به، كما أشير إلى ذلك في هوامش أصولنا الخطية.

(2)

حديث صحيح، عثمان بن عبد الله بن سُراقة -وهو ابن بنت عمر- مختلف في إدراكه جدِّه عمر، وهو في قول المزي لم يُدركه، فهو على هذا مرسل، وفي قول ابنِ حجر أدركه وسمع منه، وأيد ذلك بأنه قد وقع التصريح بسماعه منه عند أبي جعفر بن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" فهو على هذا متصل، وهو ثقة من رجال البخاري، وباقي رجال السند ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن أبي الوليد، فمن رجال مسلم، وهو ثقة، ووهم ابن حجر في "التقريب" إذ ليَّنه، فقد وثقه ابن حبان وأبو زرعة والذهبي في "الكاشف". أبو سلمة الخزاعي: هو منصور بن سلمة البغدادي، ويونس: هو ابن محمد بن مسلم المؤدب، وليث: هو ابن سعد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 310 و 5/ 351، وابن ماجه (735) و (2758)، والبزار (304)، وابن حبان (1608) من طريق يونس بن محمد المؤدب، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو يعلى (253)، وعنه ابن حبان (4628) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، والحاكم 2/ 89 من طريق يحيى بن بكير، كلاهما عن الليث بن سعد، به. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي، إلا أنهما وهما فجعلا عثمان بن عبد الله بن سراقة ابنَ بنت عثمان بن عفان!

وأخرجه ابن ماجه (735) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، به.

وأخرجه عبد بن حميد (34) من طريق الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عثمان بن سراقة، به. وانظر (376).

وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، انظر تخريجها في "صحيح ابن حبان" عند موضع هذا الحديث.

تجهيز الغازي: تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في الغزو.

وقوله: "حتى يستقلَّ"، أي: حتى يذهب ويحتمل ويرحل.

ص: 278

127 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ سَلْمَانَ (1) بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِسْمَةً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَغَيْرُ هَؤُلاءِ أَحَقُّ مِنْهُمْ: أَهْلُ الصُّفَّةِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكُمْ تُخَيِّرُونِي بَيْنَ (2) أَنْ تَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ، وَبَيْنَ أَنْ تُبَخِّلُونِي (3)، وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ "(4).

128 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ جَدِّهِ (5)

(1) تحرف في (ق) إلى: سليمان.

(2)

قوله: بين، سقط من (م).

(3)

على حاشية (ق) و (ص): إنهم يخيروني بين أن يسألوني بالفحش وبين أن يبخلوني.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير [[سلمان]] (*) بن ربيعة، فمن رجال مسلم. عفان: هو ابن مسلم، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.

وأخرجه مسلم (1056) من طريق جرير، عن الأعمش، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (234).

قوله: "إنكم تخيروني"، قال السندي: من التخيير، والمراد: فيكم من يخيِّرُني، وهو تعريض لمن أعطيهم، وهذا هو الموافق لما في بعض النص:"إنهم يخيروني"، وكذا هو الموافق للرواية الأخرى "إنهم خيروني"، وهي رواية مسلم أيضاً، ويحتمل أن المراد تأديب عمر حيث قال: لَغير هؤلاء أحقّ، لما فيه من إيهام أن قسمته على خلاف الأصوب.

(5)

في (م): عن أبيه، عن جده، وهو تحريف.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع: "سليمان"، وما أَثبتُّ هو الصواب فقد ذكر في الهامش رقم (1) أن "سليمان" تحريف

ص: 279

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْحَدَثِ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ (1).

129 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَقُلْ فِي الْكَلالَةِ (2) شَيْئًا، وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِي أَحَدًا، وَأَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللهِ عز وجل، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَائتَمَنَكَ النَّاسُ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَائْتَمَنَهُ النَّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَصْحَابِي حِرْصًا سَيِّئًا، وَإِنِّي جَاعِلٌ هَذَا الْأَمْرَ إِلَى هَؤُلاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ (3)، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: لَوْ أَدْرَكَنِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ، ثُمَّ جَعَلْتُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَيْهِ لَوَثِقْتُ بِهِ: سَالِمٌ

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي الكوفي-، ولضعف عاصم بن عبيد الله -وهو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب-. خالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي.

وأخرجه البزار (263) عن محمد بن عبد الملك، عن خالد بن عبد الله، بهذا الإِسناد. وقال فيه:"عن أبيه أو عمه". وقد تقدم بنحوه (87) وسنده حسن، وسيأتي برقم (237) بإسناد صحيح على شرط الشيخين. وانظر (216) و (343) و (387).

وفي الباب عن المغيرة بن شعبة عند البخاري (203) ومسلم (274). وعن بريدة عند مسلم (277). وعن جرير بن عبد الله عند البخاري (387) ومسلم (272).

(2)

في (ق): بالكلالة.

(3)

في (ص): وهو راض عنهم.

ص: 280

مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ (1).

130 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فِيهِمْ عُمَرُ - وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ "(2).

131 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ (3)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَكَبَّ عَلَى الرُّكْنِ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْ لَمْ أَرَ حِبِّي (4) صلى الله عليه وسلم قَبَّلَكَ وَاسْتَلَمَكَ، مَا اسْتَلَمْتُكَ وَلَا قَبَّلْتُكَ،

(1) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جدعان-. أبو رافع: هو نُفيع بن رافع الصائغ.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 342 عن عفان بن مسلم، بهذا الإِسناد.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وأبو العالية: هو رُفيع بن مهران الرياحي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 349، والدارمي (1433) عن عفان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (29) عن همام، به. وقد تقدم برقم (110).

(3)

تحرف في (ق) إلى: حدثنا عبد الله عن عثمان بن خثيم، وفي (م) إلى: حدثنا عبد الله حدثنا عثمان بن خثيم.

(4)

في (م) ونسخة الشيخ شاكر: حبيبي.

ص: 281

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (1).

132 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ (2)، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:" أَلْقِ ذَا " فَأَلْقَاهُ، فَتَخَتَّمَ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ:" ذَا شَرٌّ مِنْهُ "، فَتَخَتَّمَ بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَسَكَتَ عَنْهُ (3).

133 -

حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ. وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتِ الْأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَأَتَاهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّ (4) النَّاسَ؟ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: نَعُوذُ بِاللهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ (5).

(1) إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ عبد الله بن عثمان بن خُثَيْمٍ، فمن رجال مسلم، وهو صدوق. وهيب: هو ابن خالد.

وأخرجه البزار (191) من طريق فضيل بن سليمان، عن عبد الله بن عثمان، بهذا الإِسناد.

(2)

قوله: ابن أبي عمار، ليس في (ق).

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عمار بن أبي عمار لم يُدرك عمر، وله شاهد عن عبد الله بن عمرو بسند حسن، وسيأتي 3/ 163، وعن بريدة عن ابن حبان (5488).

(4)

في (ص): يؤمن، وهو تحريف.

(5)

إسناده حسن، عاصم -وهو ابن أبي النَّجود- حسن الحديث، وباقي رجال =

ص: 282

134 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ، فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ ". فَرَجَعَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى (1).

135 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ رَافِعٍ الطَّاطَرِيُّ (2) بَصْرِيٌّ، حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنْ فَرُّوخَ، مَوْلَى عُثْمَانَ: أَنَّ عُمَرَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَرَأَى طَعَامًا

= السند ثقات من رجال الشيخين. معاوية بن عمرو: هو ابن المهلَّب الأزدي، وحسين بن علي: هو ابن الوليد الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة، وزِر: هو ابن حبيش.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 567، وابنُ سعد 3/ 179، ومحمد بن عاصم في "جزئه"(11)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة" 1/ 454، وابنُ أبي عاصم (1159)، والنسائي 2/ 74، وفي الكبرى (853)، والحاكم 3/ 67، والبيهقي 8/ 152 من طريق حسين بن علي الجعفي، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (3765) و (3842).

(1)

حديث صحيح، عبد الله بن لهيعة -وإن كان سيئ الحفظ- توبع.

وأخرجه ابن ماجه (666) من طريق عبد الله بن وهب وزيد بن الحباب، كلاهما عن عبد الله بن لهيعة، بهذا الإِسناد. ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة من صالح حديثه.

وأخرجه مسلم (243)، والبزار (231) و (232) من طريق معقل بن عبيد الله الجزري، عن أبي الزبير، به. وسيأتي برقم (153).

وفي الباب عن أنس عند أبي داود (173) وابن ماجه (665) وإسناده صحيح.

(2)

تحرف في (ص) إلى: الطاهري. والطاطَري -بالطائين المهملتين المفتوحتين-: كانت تقال بمصر ودمشق لمن يبيعُ الكرابيس -وهي ثياب من القطن الأبيض- والثياب البيض.

ص: 283

مَنْثُورًا، فَقَالَ: مَا هَذَا الطَّعَامُ؟ فَقَالُوا: طَعَامٌ جُلِبَ إِلَيْنَا، قَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيهِ وَفِيمَنْ جَلَبَهُ، قِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ قَدِ احْتُكِرَ. قَالَ: وَمَنِ احْتَكَرَهُ؟ قَالُوا: فَرُّوخُ مَوْلَى عُثْمَانَ، وَفُلانٌ مَوْلَى عُمَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَدَعَاهُمَا، فَقَالَ: مَا حَمَلَكُمَا عَلَى احْتِكَارِ طَعَامِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نَشْتَرِي بِأَمْوَالِنَا وَنَبِيعُ. فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ، ضَرَبَهُ اللهُ بِالْإِفْلاسِ، أَوْ بِجُذَامٍ ". فَقَالَ فَرُّوخُ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أُعَاهِدُ اللهَ وَأُعَاهِدُكَ، أَنْ لَا أَعُودَ فِي طَعَامٍ أَبَدًا، وَأَمَّا مَوْلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّمَا نَشْتَرِي بِأَمْوَالِنَا وَنَبِيعُ.

قَالَ أَبُو يَحْيَى: فَلَقَدْ رَأَيْتُ مَوْلَى عُمَرَ مَجْذُومًا (1).

136 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ:

(1) إسناده ضعيف لجهالة أبي يحيى المكي وفروخ مولى عثمان، وتساهل ابنُ حبان فذكرهما في "ثقاته". أبو سعيد مولى بني هاشم: هو عبدُ الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري.

وأخرجه الطيالسي (55)، وعبد بن حميد (17)، وابن ماجه (2155) من طريق الهيثم بن رافع، بهذا الإِسناد. وقد سقط من المطبوع من الطيالسي "فروخ مولى عثمان".

وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 606 من طريق "المسند"، وقال: أبو يحيى مجهول.

وأورد هذا الحديث أيضاً الذهبي في "الميزان" 4/ 322 و 587 وقال: أبو يحيى المكي لا يعرف، والخبر منكر.

ص: 284

سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا، فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لَا، فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ "(1).

137 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ

فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (2).

138 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: هَشَشْتُ يَوْمًا فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَأَتَيْتُ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.

وأخرجه البخاري (7164)، والبزار (110)، والنسائي 5/ 105، والبغوي (1629) من طريق أبي اليمان، بهذا الإِسناد. وانظر الحديث المتقدم برقم (100).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. هارون: هو ابن معروف، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه مسلم (1045)(110) عن هارون بن معروف، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم أيضاً من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، به.

وأخرجه الدارمي (1647)، والبخاري (1473) من طريق الليث، عن يونس بن يزيد، به. وانظر ما قبله.

ص: 285

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا، قَبَّلْتُ (1) وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟ " قُلْتُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" فَفِيمَ؟ "(2).

139 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْفُرَاتِ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَوَافَيْتُهَا (3) وَقَدْ وَقَعَ فِيهَا مَرَضٌ، فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ

(1) في (م) و (ق): فقبلت.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الملك بن سعيد الأنصاري، فمن رجال مسلم. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، ليث: هو ابن سعد، وبكير: هو ابن عبد الله بن الأشج.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 60، وعبد بن حميد (21)، والدارمي (1724)، وأبو داود (2385)، والبزار (236)، والنسائي في "الكبرى"(2945)، وابن خزيمة (1999)، والطحاوي 2/ 89، وابن حبان (3544)، والحاكم 1/ 431 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإِسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي! مع أن عبد الملك بن سعيد لم يخرج له البخاري شيئاً. وسيأتي برقم (372).

هَشِشْتُ -بكسر الشين الأولى-: من هَشَّ للأمر: إذا فرح به، واستبشر وارتاح له، وخفَّ إليه، والمراد: نظرتُ إلى امرأتي أو جاريتي، فقلَّ إمساكي للنفس.

(3)

في حاشية (ص) و (ق): "فوافقتها".

ص: 286

مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: مَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ " قَالَ: فَقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ؟ قَالَ: فَقَالَ: " وَثَلاثَةٌ " قَالَ: قُلْنَا: وَاثْنَانِ (1)، قَالَ:" وَاثْنَانِ "، قَالَ: ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ (2).

140 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا بُكَيْرٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ، وَالْفَتْحَ فِي رَمَضَانَ، فَأَفْطَرْنَا فِيهِمَا (3).

(1) في (ص): اثنان بدون واو.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ داود بن أبي الفرات، فمن رجال البخاري. أبو الأسود: هو الدؤلي.

وأخرجه الطيالسي (22)، والبخاري (2643)، والترمذي (1059)، والبزار (312)، والنسائي 4/ 50، وأبو يعلى (145)، والبغوي في "شرح السنة"(1506) من طرق عن داود بن أبي الفرات، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (204) و (318) و (389).

(3)

حديث قوي، عبد الله بن لهيعة سيئ الحفظ، لكن رواه عنه قُتيبة بنُ سعيد كما سيأتي في التخريج، وروايةُ قتيبة عنه صالحة معتبرٌ بها، انظر "التهذيب" 15/ 494، وسعيد بن المسيب سمع من عمر، وعلى قول من لم يسمع، فإن مرسله صحيح، قال أبو طالب -كما في "الجرح والتعديل" 4/ 61 - : قلت لأحمد بن حنبل: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟

وأخرجه البزار (296) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن لهيعة، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (142). وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (1120).

ص: 287

141 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ عَوْفٍ الْعَنَزِيُّ، بَصْرِيٌّ، قَالَ: أَنْبَأَنِي الْغَضْبَانُ بْنُ حَنْظَلَةَ: أَنَّ أَبَاهُ حَنْظَلَةَ بْنَ نُعَيْمٍ وَفَدَ إِلَى عُمَرَ، فَكَانَ عُمَرُ إِذَا مَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ مِنَ الْوَفْدِ سَأَلَهُ مِمَّنْ هُوَ، حَتَّى مَرَّ بِهِ أَبِي فَسَأَلَهُ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ عَنَزَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " حَيٌّ مِنْ هَاهُنَا مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ "(1).

142 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَعْمَرٍ: أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَحَدَّثَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَتَيْنِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: يَوْمَ بَدْرٍ، وَيَوْمَ الْفَتْحِ، فَأَفْطَرْنَا فِيهِمَا (2).

143 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا دَيْلَمُ (3) بْنُ غَزْوَانَ، عَبْدِيٌّ، حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ

(1) إسناده ضعيف لجهالة الغضبان بن حنظلة وأبيه.

وأخرجه البزار (337) من طريق أبي غاضرة محمد بن أبي بكر، عن غضبان بن حنظلة، بهذا الإِسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 51 ونسبه إلى أحمد والبزار وأبي يعلى في "الكبير" والطبراني في "الأوسط"، وقال: أحد إسنادي أبي يعلى رجاله ثقات كلهم.

(2)

حديث قوي. معمر: هو ابن أبي حبيبة.

وأخرجه ابن سعد 2/ 21، والترمذي (714) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (140).

(3)

تحرت في (م) وإلى: ويلم.

ص: 288

الْكُرْدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ (1)، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ "(2).

144 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي أَرْضِ الرُّومِ، فَوُجِدَ فِي مَتَاعِ رَجُلٍ غُلُولٌ، فَسَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ وَجَدْتُمْ فِي مَتَاعِهِ غُلُولًا فَأَحْرِقُوهُ - قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَاضْرِبُوهُ - ". قَالَ: فَأَخْرَجَ مَتَاعَهُ فِي السُّوقِ، قَالَ: فَوَجَدَ فِيهِ مُصْحَفًا، فَسَأَلَ سَالِمًا، فَقَالَ: بِعْهُ، وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ (3).

(1) قوله: النهدي ليس في (م).

(2)

إسناده قوي. أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ، وقولُ الحافظ في "التقريب" عن ميمون الكردي: مقبول، غير مقبول، فقد روى عنه جمع ووثقه أبو داود وابن حبان، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال مرة: صالح، وتفرد الأزدي فضعّفه وقد صوب الدارقطني وابن كثير وقفه على عمر. انظر "مسند عمر" ص 661 - 662 لابن كثير.

وأخرجه عبد بن حميد (11)، والبزار (305)، والفريابي في "صفة المنافق"(24) والبيهقي في "الشعب"(1777) من طرق عن ديلم بن غزوان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الفريابي (25) من طريق الحسن بن أبي جعفر، عن ميمون الكردي، به.

وأخرجه الفريابي (26) من طريق أبي عثمان النهدي، به. وسيأتي برقم (310).

وله شاهد عن عمران بن حصين بإسناد صحيح عند ابن حبان (80).

(3)

إسناده ضعيف لضعف صالح بن محمد بن زائدة. =

ص: 289

145 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَسُوءِ الْعُمْرِ (1).

= وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2729)، وابن أبي شيبة 10/ 52، والدارمي (2490)، وأبو داود (2713)، والترمذي (1461)، والبزار (123)، وأبو يعلى (204)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 1377، والحاكم 2/ 127، والبيهقي 9/ 102 - 103، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير"(588) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإِسناد.

قال الترمذي: غريب، وقال الجورقاني: حديث منكر، وقال البخاري في "التاريخ الصغير" 2/ 96 عن حديث صالح هذا: لا يتابع عليه، وقال الدارقطني -فيما نقله عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 584 - : أنكروا هذا الحديث على صالح وهو حديث لم يتابع عليه ولا أصل له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد صحح الحاكم إسناد الحديث في "المستدرك" ووافقه الذهبي، وهذا من تساهلهما -فيما نظن- رحمهما الله تعالى.

وساق أبو داود في "سننه"(2714) عن أبي صالح محبوب بن موسى الأنطاكي، عن أبي إسحاق، عن صالح بن محمد بن زائدة قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز، فغَلَّ رجل متاعاً، فأمر الوليد بمتاعه فأُحرق وطِيفَ به، ولم يُعطِه سهمه. قال أبو داود: وهذا أصح الحديثين.

(1)

قوله: "العمر" تحرف في (م) ونسخة الشيخ أحمد شاكر إلى: "العمل".

والحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين. حسين بن محمد: هو ابن بهرام المروذي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وعمرو بن ميمون: هو الأودي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 374 و 9/ 99 و 10/ 189، والبخاري في "الأدب المفرد"(670)، وأبو داود (1539)، وابن ماجه (3844)، والنسائي 8/ 255 و 266، وفي =

ص: 290

146 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ (1)، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْخَوْلانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (2) أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " الشُّهَدَاءُ ثَلاثَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الْإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوَّ، فَصَدَقَ اللهَ (3) حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ الَّذِي يَرْفَعُ إِلَيْهِ النَّاسُ أَعْنَاقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - وَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ حَتَّى وَقَعَتْ قَلَنْسُوَتُهُ أَوْ قَلَنْسُوَةُ عُمَرَ - وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الْإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوَّ، فَكَأَنَّمَا يُضْرَبُ جِلْدُهُ بِشَوْكِ الطَّلْحِ، أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ، هُوَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الْإِيمَانِ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، لَقِيَ (4) الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللهَ حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ "(5).

= "عمل اليوم والليلة"(134)، والحاكم 1/ 530 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإِسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

وأخرجه البزار (324)، والنسائي 8/ 267 و 272، وابن حبان (1024) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، به. وسيأتي برقم (388).

(1)

في (ق) زاد في هذا الموضع: "وحسين بن محمد، قالا: حدثنا إسرائيل" وهذا خطأ.

(2)

في (ص): سمعت عمر بن الخطاب يقول.

(3)

لفظ الجلالة "الله" ليس في (ص).

(4)

في (ق): فلقي.

(5)

إسناده ضعيف لجهالة أبي يزيد الخولاني، وعبد الله بن لهيعة: هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري، ونسب في بعض مصادر الحديث إلى جده، وهو وإن كان سيئ الحفظ رواه عنه غَيرُ واحد من العبادلة -وهم عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ وعبد الله بن مسلمة القعنبي- ورواية هؤلاء عنه صالحة، لكن تبقى علة الحديث في جهالة أبي يزيد الخولاني. =

ص: 291

147 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا يُقَادُ وَالِدٌ مِنْ وَلَدٍ "(1). وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَرِثُ الْمَالَ مَنْ يَرِثُ الْوَلاءَ "(2).

148 -

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يُقَادُ لِوَلَدٍ

= وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الجهاد"(126)، والطيالسي (45)، وعبد بن حميد (27)، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" 276، والترمذي (1644)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(186) و (187)، والبزار (246)، وأبو يعلى (252)، وابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 346، والطبراني في "الأوسط"(363) من طرق عن ابن لهيعة، بهذا الإِسناد. قال الترمذي: حسن غريب. وسيأتي برقم (150).

والطلح: شجرة من شجر العضاه ترعاه الإِبل.

وسهم غَرْب: أي لا يعرف راميه.

(1)

في حاشية (س) و (ق) و (ص): "لا يقاد الوالد من ولده".

(2)

حديث حسن، عبد الله بن لهيعة -وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع. وقول أبي حاتم في "المراسيل" ص 114: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئاً، يرده رواية أحمد هذه، ففيها التصريح بسماعه منه.

وأخرجه ابن الجارود (788)، والدارقطني 3/ 140، والبيهقي 8/ 38 من طريق محمد بن عجلان، وابن أبي عاصم في "الديات" 66 من طريق المثنى بن الصباح، كلاهما عن عمروبن شعيب، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (148) و (324) و (346).

ص: 292

مِنْ وَالِدِهِ " (1).

149 -

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً (2).

150 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " الشُّهَدَاءُ أَرْبَعَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الْإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللهَ فَقُتِلَ، فَذَلِكَ الَّذِي يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهِ هَكَذَا - وَرَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَلَنْسُوَةُ عُمَرَ - وَالثَّانِي: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَكَأَنَّمَا يُضْرَبُ ظَهْرُهُ بِشَوْكِ الطَّلْحِ، جَاءَهُ سَهْمُ غَرْبٍ فَقَتَلَهُ، فَذَلكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثُ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللهَ عز وجل حَتَّى قُتِلَ، فَذَلكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، وَالرَّابِعُ

(1) حديث حسن، وهو مكرر ما قبله. حسن: هو ابن موسى الأشيب أبو علي البغدادي.

(2)

صحيح لغيره، عبد الله بن لهيعة تابعه رِشدين بن سعد وهو ممن يُعتبر بحديثه كما سيأتي برقم (151).

وأخرجه عبد بن حميد (12) عن حسن بن موسى، بهذا الإِسناد.

وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (157) أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة.

ص: 293

رَجُلٌ مُؤْمِنٌ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ إِسْرَافًا كَثِيرًا، لَقِيَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ اللهَ حَتَّى قُتِلَ، فَذَلكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ " (1).

151 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ (2)، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْغَافِقِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ تَوَضَّأَ عَامَ تَبُوكَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً (3).

152 -

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" سَيَخْرُجُ أَهْلُ مَكَّةَ ثُمَّ لَا يُعْبَرُ بِهَا - أَوْ لَا يَعْبُرُ بِهَا إِلَّا قَلِيلٌ - ثُمَّ تَمْتَلِئُ وَتُبْنَى، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا فَلا يَعُودُونَ فِيهَا أَبَدًا "(4).

153 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ

(1) إسناده ضعيف. وقد تقدم برقم (146).

(2)

تحرف في (ق) إلى: رشدي بن سعد، وجاء على الصواب في حاشية النسخة.

(3)

صحيح لغيره، رشدين بن سعد -على ضعفه- توبع. أبو عبد الله الغافقي: هو الضحاك بن شرحبيل.

وأخرجه ابن ماجه (412)، والبزار (292) عن أبي كريب محمد بن العلاء، عن رشدين بن سعد، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (149).

(4)

إسناده ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وتدليس أبي الزبير: وهو محمد بن مسلم ابن تَدْرُس المكي.

وأخرجه البزار (233) من طريق بشر بن عمر، عن ابنِ لهيعة، بهذا الإِسناد. وفيه: "سيخرج أهل المدينة

". وسيأتي إن شاء الله في مسند جابر بن عبد الله 3/ 147.

ص: 294

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا تَوَضَّأَ لِصَلاةِ الظُّهْرِ، فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ " فَرَجَعَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى (1).

154 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: زَعَمَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ "(2).

155 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإِسراء: 110]، قَالَ: كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَيْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلا تُسْمِعُهُمُ الْقُرْآنَ، حَتَّى يَأْخُذُوهُ عَنْكَ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (3).

(1) حديث صحيح، ابن لهيعة قد توبع، وقد تقدم برقم (134).

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. وسيأتي الحديث المطول (391) من طريق مالك عن ابن شهاب به.

والإِطراء: مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. هُشيم: هو ابن بشير، وأبو بشر: هو جعفر بن أياس بن أبي وحشية. =

ص: 295

156 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أخبرنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - وَقَالَ هُشَيْمٌ مَرَّةً: خَطَبَنَا - فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَذَكَرَ الرَّجْمَ، فَقَالَ: لَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ، فَإِنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللهِ، أَلا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، وَلَوْلا أَنْ يَقُولَ قَائِلُونَ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل مَا لَيْسَ مِنْهُ، لَكَتَبْتُهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُصْحَفِ، شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - وَقَالَ هُشَيْمٌ مَرَّةً: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَفُلانٌ وَفُلانٌ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِ، أَلا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ، وَبِالدَّجَّالِ، وَبِالشَّفَاعَةِ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَبِقَوْمٍ يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امْتَحَشُوا (1).

= وأخرجه البخاري (4722) و (7490) و (7525) و (7547)، ومسلم (446)، والترمذي (3146)، والنسائي 2/ 177، وابن خزيمة (1587)، والطبري 15/ 186، وابن حبان (6563)، والواحدي في "أسباب النزول" 200، والبيهقي في "سننه" 2/ 184، وفي "الأسماء والصفات" 262، والبغوي في "التفسير" 3/ 142 من طرق عن هشيم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه النسائي 2/ 178، والطبري 15/ 185، والطبراني (12454) من طريق الأعمش، عن أبي بشر، به. وسيأتي برقم (1853) في مسند عبد الله بن عباس.

(1)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابنُ جُدعان-، ويوسف بن مهران لين.

وأخرجه الطيالسي (25) عن حماد بن زيد، وعبد الرزاق (13364) عن معمر، وأبو يعلى (146) من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن علي بن زيد بن جدعان، بهذا الإِسناد، وانظر لزاماً الحديث رقم (197) و (391). =

ص: 296

157 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى؟ فَنَزَلَتْ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءَكَ يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاؤُهُ فِي الْغَيْرَةِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنْكُنَّ} [التحريم: 5]، قَالَ: فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ (1).

158 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ

= قوله: "امتحشوا"، أي: احترقوا، والمَحْشُ: احتراق الجلد وظهورُ العظم.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.

وأخرجه البخاري (402) و (4916)، وابن ماجه (1009)، والترمذي (2960)، والنسائي في "الكبرى"(11611)، والطبري 1/ 534 من طريق هشيم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارمي (1849)، والبخاري (402)، والبزار (220) و (221)، والنسائي (10998) و (11418)، والطبري 1/ 534 و 535، وابن حبان (6896)، وابن أبي داود في "المصاحف" ص 109، والطبراني في "الصغير"(868)، والبيهقي 7/ 88، والبغوي في "شرح السنة"(3887) من طرق عن حميد، به.

وأخرجه الطيالسي (41)، والبزار (221) وابن أبي داود في "المصاحف" ص 109 من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن مالك، به. وبعض هؤلاء يزيد في الحديث على بعض. وسيأتي برقم (160) و (250).

قال السندي: وقد جاء موافقته في أسارى بدر، وترك الصلاة على المنافقين، فلعل الاقتصار على ذكر الثلاث لداعٍ إلى ذلك لا للحصر، والله تعالى أعلم.

ص: 297

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ، فَقَرَأَ فِيهَا حُرُوفًا لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللهِ أَقْرَأَنِيهَا، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أُسَاوِرَهُ (1) وأنا فِي الصَّلاةِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: كَذَبْتَ، وَاللهِ مَا هَكَذَا أَقْرَأَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ أَقُودُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ فِيهَا حُرُوفًا لَمْ تَكُنْ أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اقْرَأْ يَا هِشَامُ " فَقَرَأَ كَمَا كَانَ قَرَأَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ " ثُمَّ قَالَ: " اقْرَأْ يَا عُمَرُ " فَقَرَأْتُ، فَقَالَ:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْقُرْآنَ أنَزَلَ (2) عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ "(3).

159 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْتَوِي مَا يَجِدُ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ مِنَ الدَّقَلِ (4).

(1) أي أواثبه وأقاتله.

(2)

في (م) و (ق): نزل.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه النسائي 2/ 150 من طريق عبد الأعلى، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (277).

(4)

إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح، سماك بن حرب ينزل عن درجة أهل الحفظ والضبط فهو حسن الحديث.

وأخرجه الطيالسي (57)، وابن سعد 1/ 405، وعبدُ بن حميد (22)، وابن ماجه =

ص: 298

160 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي عز وجل فِي ثَلاثٍ - أَوْ وَافَقَنِي (1) رَبِّي فِي ثَلاثٍ - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ الْمَقَامَ مُصَلًّى؟ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وَقُلْتُ: لَوْ حَجَبْتَ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ؟ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْءٌ فَاسْتَقْرَيْتُهُنَّ أَقُولُ لَهُنَّ: لَتَكُفُّنَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ لَيُبْدِلَنَّهُ اللهُ بِكُنَّ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَعِظَهُنَّ؟ فَكَفَفْتُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ} الْآيَةَ (2).

161 -

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْعَقِيقِ

= (4146)، وابن حبان (6342) من طرق عن شعبة، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (353).

والدَّقل: رديء التمر ويابسه.

(1)

في (ق): ووافقني، وهو خطأ.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي.

وأخرجه الطبري 1/ 534 من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (157).

ص: 299

يَقُولُ: " أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ (1) ". قَالَ الْوَلِيدُ: يَعْنِي: ذَا الْحُلَيْفَةِ (2).

162 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ "(3).

(1) في (ص): وقل: رب، عمرة في حجة.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.

وأخرجه الحميدي (19)، والبخاري (1534)، وابن ماجه (2976)، والطحاوي 2/ 146، وابن حبان (3790)، والبغوي (1883) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإِسناد. وقرن الحميدي في روايته بالوليد بشرَ بن بكر.

وأخرجه البخاري (2337)، وأبو داود (1800)، وابن ماجه (2976)، والبزار (201)، وابن خزيمة (2617)، والبيهقي 5/ 14 من طرق عن الأوزاعي، به.

وأخرجه عبد بن حميد (16)، والبخاري (7343)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 146، والبزار (202)، والبيهقي 5/ 13 من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، به.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.

وأخرجه الشافعي في "مسنده" 2/ 156، والحميدي (12)، وابن أبي شيبة 7/ 99 و 14/ 273، والبخاري (2134)، ومسلم (1586)، وابن ماجه (2253) و (2259)، والبزار (254)، والنسائي 7/ 273، وأبو يعلى (149)، وابن الجارود (651)، والبيهقي 5/ 283 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد. =

ص: 300

163 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ أَبَا عُبَيْدٍ، قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، أَمَّا يَوْمُ الْفِطْرِ فَفِطْرُكُمْ مِنْ صَوْمِكُمْ (1)، وَأَمَّا يَوْمُ الْأَضْحَى فَكُلُوا مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ (2).

164 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

= وأخرجه الدارمي (2578)، والبخاري (2170)، ومسلم (1586)، وابن ماجه (2260)، والترمذي (1243)، وأبو يعلى (208) و (209)، وابن حبان (5019)، والطبراني في "الأوسط"(377)، والبيهقي 5/ 283 من طرق عن الزهري، به. وسيأتي برقم (238) و (314).

وقوله: هاء وهاء. قال النووي: فيه لغتان المد والقصر، والمد أفصح وأشهر، وأصله: هاك فأبدلت المدة من الكاف، ومعناه: خذ هذا، ويقول صاحبه مثله، والمَدة مفتوحة، ويقال بالكسر أيضاً.

(1)

قوله: من صومكم، ليس في (ص).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عبيد: هو سعد بن عبيد الزهري مولى عبد الرحمن بن أزهر.

وأخرجه الحميدي (8)، وابن أبي شيبة 3/ 103 و 104، وأبو داود (2416)، وابن ماجه (1722)، وأبو يعلى (150) و (152) و (238)، وابن الجارود (401)، وابن خزيمة (2959)، والطحاوي 2/ 247 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 178، ومن طريقه البخاري (1990) و (5571)، ومسلم (1137)، وأبو يعلى (232)، وابن حبان (3600)، والبغوي (1795) عن الزهري، به. وسيأتي برقم (224) و (225) و (282).

ص: 301

عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "(1).

165 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: " يَتَوَضَّأُ وَيَنَامُ إِنْ شَاءَ ". وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: " لِيَتَوَضَّأْ وَلْيَنَمْ "(2).

166 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ، حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل، فَرَآهَا أَوْ بَعْضَ نِتَاجِهَا يُبَاعُ، فَأَرَادَ شِرَاءَهُ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ (3)، فَقَالَ:" اتْرُكْهَا تُوَافِكَ، أَوْ تَلْقَهَا (4) جَمِيعًا ". وَقَالَ مَرَّةً (5): فَنَهَاهُ، وَقَالَ:" لَا تَشْتَرِهِ، وَلا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ "(6).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وسيأتي برقم (391).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن خزيمة (211) و (212)، وابن حبان (1216) من طريقين عن سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (94).

(3)

في (ق): عنها.

(4)

في (ق) وحاشية (ص): تلقاها، وهو خطأ.

(5)

في (م) والأصول الخطية: مرتين، والمثبت من حواشيها.

(6)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الحميدي (15)، والبخاري (2636) و (2970)، ومسلم (1620) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (46) و (134)، ومسلم (1620) من طريقين عن زيد بن أسلم، به. وسيأتي برقم (258) و (281) و (384).

ص: 302

167 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ مُتَابَعَةً بَيْنَهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ الخَبَثَ "(1).

168 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ عز وجل، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "(2).

(1) على حاشية (س) و (ق) و (ص): "كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديد".

والحديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف عاصم بن عبيد الله.

وأخرجه الحميدي (17)، وابن ماجه (2887)، وأبو يعلى (198)، والطبري 2/ 310 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد. إلا أنهم زادوا فيه "عامر بن ربيعة" بين عبد الله بن عامر وبين عمر بن الخطاب.

وأخرجه ابن ماجه (2887) من طريق عُبيد الله بن عمر، عن عاصم بن عبيد الله، به. وزاد فيه أيضاً "عامر بن ربيعة".

وفي الباب عن عبد الله بن مسعود سيأتي في "المسند" برقم (3669)، وعن عامر بن ربيعة سيأتي في "المسند" أيضاً 3/ 446، وعن ابن عباس عند النسائي 5/ 115.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، ويحيى: هو ابن سعيد الأنصاري. =

ص: 303

169 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ: كُنْتُ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، فَأَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَسَمِعَنِي زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا، فَقَالا: لَهَذَا أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِهِ. فَكَأَنَّمَا حُمِلَ عَلَيَّ بِكَلِمَتِهِمَا جَبَلٌ، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَلامَهُمَا، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم (1).

= وأخرجه الحميدي (28)، والبخاري (1)، ومسلم (1907)، وابن الجارود (64)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1172)، والبيهقي في "السنن" 7/ 341 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" برواية محمد بن الحسن (983)، وابن المبارك في "الزهد"(188)، والطيالسي (37)، والبخاري (54) و (2529) و (3898) و (5070) و (6689) و (6953)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، وابن ماجه (4227)، والترمذي (1647)، والبزار (257)، والنسائي 1/ 58 و 6/ 158 و 7/ 13، وابن الجارود (64)، وابن خزيمة (142) و (143) و (455)، والطحاوي 3/ 96، وابن حبان (388) و (389)، والدارقطني في "السنن" 1/ 50، وفي "العلل" 2/ 194، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 42، وفي "أخبار أصبهان" 2/ 115، والقضاعي (1171)، والبيهقي 1/ 41 و 4/ 235 و 6/ 331، وفي "المعرفة" 189، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 6/ 153، والبغوي في "شرح السنة"(1) و (206) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. وسيأتي برقم (300).

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة.

وأخرجه الحميدي (18)، وابن ماجه (2970)، وابن حبان (3910) و (3911) من =

ص: 304

قَالَ عَبْدَةُ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: كَثِيرًا مَا ذَهَبْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ إِلَى الصُّبَيِّ نَسْأَلُهُ عَنْهُ.

170 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لِعُمَرَ أَنَّ سَمُرَةَ - وَقَالَ مَرَّةً: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ سَمُرَةَ - بَاعَ خَمْرًا، قَالَ: قَاتَلَ اللهُ سَمُرَةَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا "(1).

171 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَمَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، وَلا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصَةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ (2) - وَقَالَ

= طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (83).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عمرو: هو ابن دينار المكي.

وأخرجه الشافعي 2/ 141، وعبد الرزاق (14854)، وابن أبي شيبة 6/ 444، والحميدي (13)، والدارمي (2104)، والبخاري (2223) و (3460)، ومسلم (1582)، ويعقوب بن شيبة في "مسند عمر" 45، وابن ماجه (3383)، والبزار (207)، والنسائي 7/ 177، وأبو يعلى (200)، وابن الجارود (577)، وابن حبان (6253)، والبيهقي 8/ 286، والبغوي (2041) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

و"جملوها": أي: أذابوها واستخرجوا منها الدهن.

(2)

في (م) وطبعة أحمد شاكر في الموضعين: سنة.

ص: 305

مَرَّةً: قُوتَ سَنَتِهِ - وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل (1).

172 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ: نَشَدْتُكُمْ بِاللهِ الَّذِي تَقُومُ (2) السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِهِ، أَعَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّا لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ (3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الحميدي (22)، والشافعي 2/ 123، وأبو عبيد في "الأموال"(17)، والبخاري (2904) و (4885)، ومسلم (1757)(48)، والبزار (255)، وأبو داود (2965)، والترمذي (1719)، والنسائي 7/ 132، وابن الجارود (1097)، والبيهقي 6/ 295 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (337).

قوله: "يوجف"، الوجف: ضرب من سير الخيل والإِبل.

والكراع: الخيل أو الإِبل تعد للجهاد.

(2)

في (ق) وحاشية (ص): تقوم به.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 205، والبزار (2) و (518)، والنسائي في "الكبرى"(6309)، وأبو يعلى (4)، والطحاوي 2/ 6 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن سعد 2/ 314، والبخاري (3094) و (4033) و (5358) و (6728) و (7305)، ومسلم (1757)(49)، وعمر بن شبة 1/ 205، وأبو داود (2963)، والترمذي (1610)، والنسائي في "الكبرى"(6310)، وأبو يعلى (2)، والبيهقي 6/ 297، والبغوي (2738) من طرق عن الزهري، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وسيأتي برقم:(333) و (336) و (349) و (425) و (1391) و (1406) و (1550) =

ص: 306

173 -

حَدَّثَنَا سَفْيَانُ، عَنْ ابْنِ أَبِي يَزِيدَ (1)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ "(2).

= (1658) و (1781) و (1782).

(1)

تحرف في (ق) إلى: زياد بن أبي زياد، وفي (م) و (س) و (ص) إلى: يزيد بن أبي زياد، وجاء على حاشية (ص): قوله: عن يزيد بن أبي زياد، عن أبيه، كذا هو في أصلين، وفي بعض النسخ: عن ابن أبي يزيد، عن أبيه، وأبو يزيد: هو والد عُبيد الله بن أبي يزيد.

قلنا: والصواب: ابن أبي يزيد، عن أبيه، كما ذكره ابن حجر في "أطراف المسند" 1/ ورقة 218، ويؤيده ما رواه عبد الرزاق (9152)، وابن أبي شيبة 4/ 415، والحميدي (24) وابن ماجه (2005) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو يعلى (199) قال: حدثنا زهير، والطحاوي 3/ 104، والبيهقي 7/ 402 من طريق الشافعي، خمستهم (عبد الرزاق، وأبو بكر، والحميدي، وزهير، والشافعي) عن سفيان بن عيينة، عن عُبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، مثله.

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي يزيد المكي والد عبيد الله، فإنه لم يرو عنه غير ابنه عبيد الله، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له أصحابُ السنن غير النسائي، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 130: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وانظر تخريجه في التعليق السابق.

وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (6750) و (6818) ومسلم (1458)، وسيأتي في "المسند" 2/ 239، وعن ابن مسعود عند النسائي 6/ 181 وصححه ابن حبان (4104).

وقوله: "للفراش"، أي: لمن له الفراش، أي: يثبت نسبُ الولد منه لا من الزاني.

ص: 307

174 -

حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ (1)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قُلْتُ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]، وَقَدْ آمَنَ اللهُ النَّاسَ (2)؟! فَقَالَ لِي عُمَرُ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:" صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ "(3).

175 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ (4): وَحَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ،

(1) تحرف في (ق) إلى: ابن عمار.

(2)

على حاشية (س) و (ق) و (ص): وقد أمن الناس.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن إدريس: هو عبد الله، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وابن أبي عمار: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 447، ومسلم (686)، وابن ماجه (1065)، والنسائي 3/ 116، وابن خزيمة (945)، والطبري 5/ 243، وابن حبان (2739)، والبيهقي 3/ 134 من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الشافعي في "السنن المأثورة"(15)، والدارمي (1505)، وأبو داود (1200)، والطحاوي 1/ 415، والطبري 5/ 243، والبيهقي 3/ 140 و 141، والبغوي (1024) من طرق عن ابن جريج، به. وقد وقع في المطبوع من "السنن المأثورة": سفيان بن أبي عمار، وهو تحريف. وسيأتي برقم:(244) و (245).

(4)

تحرف في (م) إلى: قال معاوية.

ص: 308

عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مَرْوَانَ، أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ - فَقَالَ: جِئْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكُوفَةِ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلًا يُمْلِي الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَغَضِبَ وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ (1)، فَقَالَ: وَمَنْ هُوَ وَيْحَكَ؟ قَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ. فَمَا زَالَ يُطْفَأُ وَيُسَرَّى عَنْهُ الْغَضَبُ، حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا.

ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ، وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَاكَ (2) فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَأَنَا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ، فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ". قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ يَدْعُو، فَجَعَلَ (3) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُ:" سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ "، قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ: وَاللهِ لَأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ فَلَأُبَشِّرَنَّهُ، قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُبَشِّرَهُ فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ، وَلا وَاللهِ مَا سَابَقْتُهُ (4) إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ (5).

(1) تصحف في (م) إلى: الرجل.

(2)

في (ص): كذلك.

(3)

تحرف في (ص) إلى: فجلس.

(4)

في (م) وحاشيتي (س) و (ص): ما سبقته.

(5)

إسناداه صحيحان؛ الأول على شرط الشيخين، والثاني رجاله ثقات رجال الشيخين غير قيس بن مروان، فقد روى له النسائي. أبو معاوية: هو محمد بن خازم، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن =

ص: 309

176 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ وَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ لَمْ أُقَبِّلْكَ (1).

177 -

حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِي مِثْلِ مَقَامِي هَذَا، فَقَالَ: " أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَحْلِفُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عَلَيْهَا، وَيَشْهَدُ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنَالَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ

= قيس النخعي، وخيثمة: هو ابنُ عبد الرحمن بن أبي سبرة.

وأخرجه البزار (327)، والنسائي في "الكبرى"(8257)، والطبراني في "الكبير"(8422) من طرق عن الأعمش، بالإِسنادين جميعاً.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 280 و 10/ 520، والترمذي (169)، والنسائي (8256)، وأبو يعلى (194) و (195)، وابن خُزيمة (1156) و (1341)، وابن حبان (2034)، ومحمد بن نصر في "قيام الليل" 50 من طريق أبي معاوية، بالإِسناد الأول.

وأخرجه البزار (326)، والنسائي (8256)، والطبراني (8420) و (8421)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(415)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 124 من طرق عن الأعمش، بالإِسناد الأول، غير ابن السني، فبالإِسناد الثاني، وبعض هؤلاء يزيدُ فيه على بعض. وسيأتي برقم:(178) و (228) و (265) و (267).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.

وأخرجه مسلم (1270)(251)، والترمذي (860) من طريق أبي معاوية، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (99).

ص: 310

الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَلا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ تَسُرُّهُ حَسَنَتُهُ وَتَسُوؤُهُ سَيِّئَتُهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ " (1).

178 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا مَعَهُ (2).

179 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ

(1) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أنه اختلف فيه على عبد الملك بن عُمير، فقد رواه جماعة عنه، عن جابر بن سمرة، عن عمر، ورواه جماعة عنه عن عبدِ الله بن الزبير عن عمر، ورواه جماعة عنه عن رجل لم يُسم عن عبد الله بن الزبير، وروي عنه عن ربعي بن حراش عن عمر، وروي عنه عن قبيصة بن جابر عن عمر، وروي عنه عن رجاء بن حيوة عن عمر، قال الدارقطني في "العلل" 2/ 125 بعد أن أورد هذه الطرق: ويشبه أن يكونَ الاضطراب في هذا الإِسناد من عبد الملك بن عمير، لكثرة اختلاف الثقاتِ عنه في الإِسناد، والله أعلم. جرير: هو ابن عبد الحميد.

قلنا: وقد تقدَّم للحديثِ طريق آخر صحيح برقم (114).

وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه (2363)، والنسائي في "الكبرى"(9219)، وأبو يعلى (143)، وابن حبان (5586)، وابن منده في "الإِيمان"(1087) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (31)، وابن أبي عاصم في "السنة"(902) و (1489)، والنسائي (9220) و (9221)، وأبو يعلى (141) و (142)، وابن حبان (4576) و (6728)، وابن منده (1086)، والخطيب في "تاريخه" 2/ 187 من طريق جرير بن حازم، والطحاوي 4/ 150 من طريق إسرائيل، والخطيب 2/ 187 من طريق شعبة، ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير، به.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (175).

ص: 311

أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَلالَةِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:" تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ "(1).

180 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ "(2).

181 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير معدان بن أبي طلحة، فمن رجال مسلم. إسماعيل: هو ابن عُلية.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 304، و 1/ 579، وعنه ابن ماجه (1014) و (2726) و (3363) كما عن إسماعيل بن علية بهذا الإسناد. وقد أثبت في ابن أبي شيبة 14/ 579 مكان "سعيد""شعبة" خطأ.

وأخرجه ابن خزيمة (1666)، وأبو عوانة 1/ 409، والطبري 6/ 44 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة به. وقد تقدم برقم (89).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ويحيى: هو ابن سعيد القطان.

وأخرجه النسائي 4/ 16 عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (15)، والبخاري (1292)، وابن ماجه (1593)، والبيهقي 4/ 71 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه مسلم (927)(18) من طريق أبي صالح، عن ابن عمر، به. وسيأتي برقم:(247) و (248) و (264) و (294) و (354) و (366).

وقوله: "عن عمر" سقط من مطبوعة الشيخ أحمد شاكر.

ص: 312

أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلاثَةً: الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ، وَمِيثَرَةَ الْأُرْجُوَانِ، وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ، فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صَوْمِ رَجَبٍ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الْأَبَدَ؟ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ "(1).

182 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا سَأَلْتُهُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَتَرَاءَيْنَا الْهِلالَ، وَكُنْتُ حَدِيدَ الْبَصَرِ فَرَأَيْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ: أَمَا تَرَاهُ؟ قَالَ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى فِرَاشِي. ثُمَّ أَخَذَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ، قَالَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُرِينَا مَصَارِعَهُمْ بِالْأَمْسِ، يَقُولُ: " هَذَا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللهُ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللهُ، قَالَ: فَجَعَلُوا يُصْرَعُونَ عَلَيْهَا، قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَؤُوا تِيكَ، كَانُوا يُصْرَعُونَ عَلَيْهَا.

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ عبد الملك -وهو ابن أبي سليمان العَرزمي- فمن رجال مسلم. عبد الله مولى أسماء: هو عبد الله بن كيسان القرشي التَّيمي.

وأخرجه مسلم (2069)، والترمذي (2817)، والنسائي في "الكبرى"(9588) و (9589) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (130) و (136) من طريق سالم، عن ابن عمر، به.

والمِيثرة، قال في "النهاية" 5/ 150: هي من مراكب العجم تُعمل من حرير أو دِيباج، وتتخذ كالفِراش الصغير، وتُحشى بقطن أو صوف، يجعلها الراكب تحته على الرِّحال فوق الجمال، والأرجوان: صبغ أحمر.

ص: 313

ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَطُرِحُوا فِي بِئْرٍ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ:" يَا فُلانُ، يَا (1) فُلانُ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللهُ حَقًّا، فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللهُ حَقًّا "، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُكَلِّمُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا؟ قَالَ:" مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُوا "(2).

183 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرٌو (3) جَاءَ بَنُو مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ يُخَاصِمُونَهُ فِي وَلاءِ أُخْتِهِمْ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا أَحْرَزَ الْوَلَدُ أَوِ الْوَالِدُ، فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ "، فَقَضَى لَنَا بِهِ (4).

184 -

قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: عُثْمَانُ بْن غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي

(1) في (ق): ويا.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه النسائي 4/ 108 عن عمرو بن علي، عن يحيى، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (40)، ومسلم (2873)، والبزار (222)، وأبو يعلى (140) من طرق عن سليمان بن المغيرة، به.

قوله: "قد جَيَّفوا"، أي: أنتنوا، والجِيفةُ: جثة الميت إذا أنتن.

وقوله: "ما أنتم بأسمع"، قال السندي: استدلوا به على أن الميت يسمع، وقيل: بل هو خاص بهؤلاء، وهو دعوى لا عبرة بها، كيف وقد جاء عذاب القبر وهو يقتضي نوع حياة، فلا يُستبعد السماع، والله تعالى أعلم.

(3)

أي: رجع من الشام، وانظر الحديث بطوله في مصادر التخريج.

(4)

إسناده حسن. حسين المعلِّم: هو حسين بن ذكوان. =

ص: 314

عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، قَالا: لَقِينَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَذَكَرْنَا الْقَدَرَ، وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ، فَقَالَ: إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، فَقُولُوا: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ مِنْكُمْ بَرِيءٌ، وَأَنْتُمْ مِنْهُ بُرَآءُ - ثَلاثَ مِرَارٍ - ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهُمْ بَيْنمَا (1) هُمْ جُلُوسٌ - أَوْ قُعُودٌ - عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، جَاءَهُ رَجُلٌ يَمْشِي، حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الشَّعْرِ، عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ: مَا نَعْرِفُ هَذَا، وَمَا هَذَا بِصَاحِبِ سَفَرٍ.

ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، آتِيكَ؟ قَالَ:" نَعَمْ " فَجَاءَ فَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ، وَيَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، فَقَالَ: مَا الْإِسْلامُ؟ قَالَ: " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ " قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ "، قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: " أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ (2) كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ "، قَالَ: فَمَا أَشْرَاطُهَا؟ قَالَ: " إِذَا الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ الْعَالَةُ رِعَاءُ الشَّاءِ تَطَاوَلُوا فِي الْبُنْيَانِ، وَوَلَدَتِ الْإِمَاءُ أَرْبَابَهُنَّ (3) " قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " عَلَيَّ الرَّجُلَ "،

= وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 391 و 392، وأبو داود (2917)، وابن ماجه (2732)، والنسائي في "الكبرى"(6348) من طرق عن حسين المعلم، بهذا الإِسناد.

(1)

في (م) و (س) و (ق) و (ص): بينا، والمثبت من (ب) و (ح).

(2)

لفظة "لله" لم ترد في (ب) و (ح) و (س).

(3)

في (م) وطبعة الشيخ أحمد شاكر: رباتهن.

ص: 315

فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَمَكَثَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، ثُمَّ قَالَ:" يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ عَنْ كَذَا وَكَذَا؟ " قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:" ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ "(1).

قَالَ: وَسَأَلَهُ (2) رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ من مُزَيْنَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِيمَ نَعْمَلُ، أَفِي شَيْءٍ قَدْ خَلا أَوْ مَضَى، أَوْ فِي شَيْءٍ يُسْتَأْنَفُ الْآنَ؟ قَالَ:" فِي شَيْءٍ قَدْ خَلا، أَوْ مَضَى " فَقَالَ رَجُلٌ، أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِيمَ نَعْمَلُ؟ قَالَ:" أَهْلُ الْجَنَّةِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ "(3).

قَالَ: يَحْيَى قَالَ: هُوَ كَذَا (4).

185 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ (5)، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (8)(3)، وابن منده (9) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد. وانظر الحديث رقم (191).

يُستأنف الآن: أي يُبْتَدَأ الآن.

(2)

في (ق): وسأل.

(3)

أخرج هذه القطعة أبو داود (4696) عن مسدد، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد.

(4)

يعني: كما قرأت علي.

(5)

في (م): نبيذ الجر والدباء.

ص: 316

نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ، وَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَرِّمَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَلْيُحَرِّمِ النَّبِيذَ. قَالَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْجَرِّ. قَالَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ فَحَدَّثَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ (1).

قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالْبُسْرِ، وَالتَّمْرِ (2).

186 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا سَأَلْتُهُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا (3) قَتَادَةُ، عَنْ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الحكم -وهو عمران بن الحارث السلمي- فمن رجال مسلم.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6840) عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد. من حديث ابن عمر عن عمر.

وأخرجه أيضاً الطيالسي (16) عن شعبة، به. وسيأتي برقم:(260) و (360).

وأما حديث ابن عباس، فسيأتي عند المؤلف برقم (2028).

الدباء: هو القَرْع، والمزفت: هو الإِناء الذي طُلي بالزفت.

(2)

القائل: حدثني أخي عن أبي سعيد هو أبو الحكم عِمران بن الحارث السلمي، وأخوه هو مالك بن الحارث السلمي، أشار إلى ذلك ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 296 في ترجمة عِمران، والإِسناد صحيحٌ على شرط مسلم.

وحديث أبي سعيد أخرجه الإمام أحمد في "الأشربة"(80)، والنسائي 8/ 290 من طريق الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي سعيد الخدري، بنحوه.

ومعنى أنه نهى عن البُسر والتمر: أن يُخلط في الانتباذ بينهما لمسارعة الإِسكار، والاشتداد عند الخلط.

(3)

في (ق) وحاشية (س) و (ص): عن.

ص: 317

سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ (1)، فَذَكَرَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، وَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا قَدْ نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ، وَلا أُرَاهُ إِلَّا لِحُضُورِ أَجَلِي، وَإِنَّ أَقْوَامًا يَأْمُرُونِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ، وَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ دِينَهُ، وَلا خِلافَتَهُ، وَالَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالْخِلافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَإِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قَوْمًا سَيَطْعُنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلامِ، فَإِنْ فَعَلُوا، فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ.

وَإِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ إِلَيَّ مِنَ الْكَلالَةِ، وَمَا أَغْلَظَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مُنْذُ صَاحَبْتُهُ مَا أَغْلَظَ لِي فِي الْكَلالَةِ، وَمَا رَاجَعْتُهُ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلالَةِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:" يَا عُمَرُ، أَلا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟ " فَإِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا قَضِيَّةً يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.

ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ، فَإِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم، وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ، وَيَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ، وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ.

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ (2) لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ، أَمَرَ بِهِ،

(1) في (ص): يوم الجمعة.

(2)

في (م) و (ق): من شجرتين.

ص: 318

فَأُخِذَ بِيَدِهِ، فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ، وَمَنْ (1) أَكَلَهُمَا، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا (2).

187 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ (3)، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ: مَا لِي أَرَاكَ قَدْ شَعِثْتَ وَاغْبَرَرْتَ مُنْذُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ لَعَلَّكَ سَاءَكَ يَا طَلْحَةُ إِمَارَةُ ابْنِ عَمِّكَ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللهِ، إِنِّي لَأَجْدَرُكُمْ (4) أَنْ لَا أَفْعَلَ ذَاِكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا رجلٌ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمَوْتِ إِلَّا وَجَدَ رُوحَهُ لَهَا رَوْحًا حِينَ تَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ، وَكَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَلَمْ أَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا، وَلَمْ يُخْبِرْنِي بِهَا، فَذَلِكَ الَّذِي دَخَلَنِي، قَالَ عُمَرُ: فَأَنَا أَعْلَمُهَا، قَالَ: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، قَالَ (5): فَمَا هِيَ؟ قَالَ: هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا لِعَمِّهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ طَلْحَةُ: صَدَقْتَ (6).

(1) على حاشية (س) و (ق) و (ص): فمن.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائي.

وأخرجه مسلم (567) و (1617)، والنسائي 2/ 43، والبزار (314)، وأبو يعلى (184) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (53) و (141)، وابن سعد 3/ 335، والنسائي في "الكبرى"(11136)، وأبو عوانة 1/ 407 من طرق عن هشام به. وقد تقدم برقم (89).

(3)

تحرف في (م) إلى: مجاهد.

(4)

تصحف في (م) ونسخة الشيخ أحمد شاكر إلى: لأحذركم.

(5)

لفظة "قال" ليست في (م) و (س) و (ص).

(6)

حديث صحيح بطرقه، مجالد -وهو ابن سعيد- ضعيف، وباقي رجال السند ثقات من رجال الشيخين. عامر: هو ابن شَراحيل الشعبي. =

ص: 319

188 -

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا (1) أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ آيَةً فِي كِتَابِكُمْ لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ، لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: وَأَيُّ آيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: قَوْلُهُ عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3]، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ إِنَّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالسَّاعَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ (2).

= وأخرجه البزار (930)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(1098)، أبو يعلى (640) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإِسناد.

وسيأتي من غير هذا الطريق برقم (252) و (1384) و (1386).

وأخرجه بنحوه ابن ماجه (3796)، والنسائي في "اليوم والليلة"(1101)، وابن حبان (205) من طريق يحيى بن طلحة، عن أمه سُعدى المُرِّية، قالت: مرَّ عمر بن الخطاب بطلحة

فذكرته. وهذا إسناد صحيح.

وقوله: "لها رَوْحاً"، قال السندي: أي: رحمة ورضواناً.

(1)

في (ب) و (ح): قال أخبرنا، وفي (م) وحاشيتي (ق) و (ص): أنبأنا.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

أبو عميس: هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وقيس بن مسلم: هو الجَدَلي أبو عمرو الكوفي.

وأخرجه عبد بن حميد (30)، وللبخاري (45)، ومسلم (3017)(5)، والنسائي 8/ 114، والطبري 6/ 82، والبيهقي 5/ 118 من طريق جعفر بن عون، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الحميدي (31)، والبخاري (7268)، ومسلم (3017)(4)، والترمذي (3043)، والنسائي 5/ 251، وابن حبان (185)، والآجري في "الشريعة" 105، والبيهقي 5/ 118 من طرق عن قيس بن مسلم، به. وسيأتي برقم:(272).

ص: 320

189 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا خَالٌ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " اللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ "(1).

190 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا بِمَكَّةَ فِي إِمَارَةِ الْحَجَّاجِ يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:" يَا عُمَرُ، إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ (2) وَكَبِّرْ "(3).

(1) إسناده حسن. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 263، وابن ماجه (2737)، والنسائي في "الكبرى"(6351)، والطحاوي 4/ 397، والدارقطني 4/ 84 - 85 من طريق وكيع، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الترمذي (2103)، والبزار (253)، وابن الجارود (964)، والطحاوي 4/ 397، وابن حبان (6037)، والبيهقي 6/ 214 من طرق عن سفيان، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وسيأتي برقم (323).

(2)

في (ص): وهلل.

(3)

حديث حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير الشيخ بمكة، وقد سماه سفيان بن عيينة في "السنن المأثورة" (510): عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث، وهو من أولاد الصحابة، وأبوه ولي مكة لعمر بن الخطاب، والحديث مرسل، والمرسل -كما قال الإمام الذهبي في "الموقظة" ص 39 - إذا صحَّ إلى تابعي كبير، فهو حجة عند خلقٍ من الفقهاء. سفيان: هو الثوري، وأبو يعفور العبدي: اسمه وقدان، وقيل: واقد. =

ص: 321

191 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ (1) بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ (2)، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنْ عُمَرَ (3): أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا الْإِيمَانُ؟

= وأخرجه الشافعي في "السنن المأثورة"(510) عن سفيان بن عيينة، والبيهقي 5/ 80 من طريق أبي عوانة، كلاهما عن أبي يعفور، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البيهقي 5/ 80 من طريق مفضل بن صالح، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب. ومفضل بن صالح ضعيف.

وأخرج الشافعي في "مسنده" 1/ 344، ومن طريقه البيهقي 5/ 80 - 81 عن سعيد بن سالم القداح، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: إذا وجدت على الركن زحاماً فانصرف ولا تقف.

وأخرج مالك في "الموطأ" 1/ 366 عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف:"كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الركن" قال عبد الرحمن: استلمت وتركت، فقال له رسول الله:"أصبت".

وهذا مرسل، قال الشافعي فيما نقله عنه البيهقي 2/ 80: وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف: أصبت أنه وصف له أنه استلم في غير زحام وترك في زحام.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 262 - 263 مسنداً من حديث القاسم بن أصبغ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، أخبرنا القاسم بنت محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، عن ابن أبي نجيح، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه أنه عليه السلام قال له

ومن حديث علي بن عبد العزيز البغوي، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحديث.

(1)

تحرف في (ق) إلى: أبي.

(2)

تحرف في (م) إلى: معمر.

(3)

قوله: عن عمر، سقط من (م) ومن طبعة الشيخ أحمد شاكر. لكنه قال في تعليقه: ولعله سهو من الناسخين. قلنا: وهو ثابت عندنا في أصولنا الخطية.

ص: 322

قَالَ: " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ "، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَتَعَجَّبْنَا (1) مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " ذَاكَ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ "(2).

192 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ (3)، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ - وَقَالَ مَرَّةً: جَاءَ اللَّيْلُ - مِنْ هَاهُنَا، وَذَهَبَ النَّهَارُ مِنْ هاَهُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ " يَعْنِي الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ (4).

(1) في (ق): فتعجبنا، وأشار على الحاشية إلى نسخة أخرى: فعجبنا.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. كهمس: هو ابن الحسن، وابن بُريدة: هو عبدُ الله.

وأخرجه مسلم (8)، وابن ماجه (63)، والترمذي (2610)، وابن منده في "الإيمان"(5) من طريق وكيع، بهذا الإِسناد. وسيأتي تمام تخريجه برقم (367) و (368).

(3)

تحرف في (م) إلى: "عن أبيه، عن عروة".

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أبو داود (2351)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 8/ 371 - 372 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 11، والنسائي في "الكبرى"(3310)، وأبو يعلى (240)، والطبري في "جامع البيان" 2/ 177 من طريق وكيع، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 11، والدارمي (1700)، ومسلم (1100)، وأبو داود (2351)، والترمذي (698)، والبزار (259) و (260)، وأبو يعلى (257)، وابن الجارود (393)، وابن خزيمة (2058)، وابن حبان (3513)، والطبري 2/ 177 من طرق عن هشام بن عروة، به. وسيتكرر برقم (383) وانظر (231) و (338).

ص: 323

193 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلالَ هِلالَ شَوَّالٍ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْطِرُوا، ثُمَّ قَامَ إِلَى عُسٍّ فِيهِ مَاءٌ فَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَتَيْتُكَ إِلَّا لِأَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا، أَفَرَأَيْتَ غَيْرَكَ فَعَلَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ خَيْرًا مِنِّي، وَخَيْرَ الْأُمَّةِ، رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ، ثُمَّ صَلَّى عُمَرُ الْمَغْرِبَ (1).

(1) إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، ثم هو منقطع، عبد الرحمن بن أبي ليلى وُلد لِست بقين من خلافة عمر، ولم يسمع منه في قول الجمهور، وقوله في هذا الحديث: "كنت مع عمر

" وَهَم من عبد الأعلى بن عامر الثعلبي. يزيد: هو ابن هارون. وقول الحافظ ابن كثير في "مسند عمر" 1/ 269: إسناده جيد قوي، ليس بجيد ولا قوي.

وأخرجه البيهقي 4/ 249 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارقطني 2/ 168 - 169 من طريق عُبيد الله بن موسى، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 354 من طريق مالك بن إسماعيل، كلاهما عن إسرائيل، به. وسيأتي برقم (307).

وأخرجه البزار (240) من طريق عبد الأعلى الثعلبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء قال: كنت جالساً

قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن عمر إلا من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث غير واحد عن عبد الأعلى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمر، ولم يذكر البراء، وبعضهم لم يسنده عن عمر. وانظر "العلل" للدارقطني 2/ 104 - 106.

العُسُّ: القَدَح العظيم.

ص: 324

194 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَرِّمِ الضَّبَّ، وَلَكِنَّه (1) قَذِرَهُ (2).

قَالَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ: عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ.

195 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ (3) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ،

(1) في (م) و (ق): ولكن.

(2)

صحيح لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ سليمان -وهو ابن قيس اليشكري-، فقد أخرج له الترمذي وابنُ ماجه، وقتادة لم يسمع من سليمان اليشكري شيئاً، صرَّح بذلك أحمد في "العلل" 2/ 34، ويحيى بن معين في "تاريخه" برواية الدوري 2/ 233، والبخاري كما في "سنن الترمذي"(1312)، وقال البخاري: إنما يحدث قتادة عن صحيفة سليمان اليشكري، وكان له كتاب عن جابر بن عبد الله. سعيد: هو ابن أبي عروبة، كان اختلط، ورواية محمد بن جعفر غندر عنه بعد الاختلاط، لكن تابعه عبد الأعلى السامي وهو ممن روى عنه قبل اختلاطه. وللحديث طريق أخرى يصح بها.

وأخرجه ابن ماجه (3239) من طريق عبد الأعلى السامي، عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (1950) من طريق أبي الزبير قال: سألت جابراً

فذكره. وسيأتي في مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما 3/ 342 عن حسن الأشيب، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، به.

(3)

قوله: "عن عمر" سقط من (م).

ص: 325

وقَالَ: " يَا أُخَي، لَا تَنْسَنَا مِنْ (1) دُعَائِكَ " وَقَالَ بَعْدُ فِي الْمَدِينَةِ: " يَا أُخَي، أَشْرِكْنَا فِي دُعَائِكَ ". فَقَالَ عُمَرُ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، لِقَوْلِهِ:" يَا أُخَي "(2).

196 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَجَّاجٌ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ (3): أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ مَا نَعْمَلُ فِيهِ، أَقَدْ فُرِغَ مِنْهُ، أَوْ فِي شَيْءٍ مُبْتَدَإٍ، أَوْ أَمْرٍ مُبْتَدَعٍ؟ قَالَ:" فِيمَا قَدْ (4) فُرِغَ مِنْهُ " فَقَالَ عُمَرُ: أَلا نَتَّكِلُ؟ فَقَالَ: " اعْمَلْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيَعْمَلُ لِلسَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاءِ، فَيَعْمَلُ لِلشَّقَاءِ "(5).

(1) على حاشية (س) و (ق) و (ص): في.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله.

وأخرجه البزار (119) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (10)، وابن سعد 3/ 273، وأبو داود (1498) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه ابن سعد 3/ 273، وابن ماجه (2894)، والترمذي (3562)، والبزار (120) من طريق سفيان، عن عاصم، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(3)

قوله: "عن عمر" سقط من (ق).

(4)

قوله: "قد" ليس في (ص).

(5)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله.

وأخرجه ابن أبي عاصم (163)، والبزار (121) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"(275) و (276) و (277) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم (170)، والترمذي (3111) من طريق عبد الله بن دينار، =

ص: 326

197 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ (1) بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ، فَسَمِعَهُ يَقُولُ: أَلا وَإِنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ: مَا بَالُ الرَّجْمِ؟ فِي كِتَابِ اللهِ الْجَلْدُ! وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، وَلَوْلا أَنْ يَقُولَ قَائِلُونَ أَوْ يَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمُونَ: أَنَّ عُمَرَ زَادَ فِي كِتَابِ اللهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، لَأَثْبَتُّهَا كَمَا نُزِّلَتْ (2).

198 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ خُمَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ ابْنِ السِّمْطِ: أَنَّهُ أَتَى أَرْضًا يُقَالُ لَهَا: دَوْمِينُ، مِنْ حِمْصَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَالَ: فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (3).

= عن ابن عمر، بها وقال الترمذي: حسن غريب. وانظر آخر الحديث المتقدم برقم (184).

(1)

قوله: "بن عبد الله" سقط من (م).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر رقم (391).

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن السمط: هو شرحبيل بن السمط الكندي.

وأخرجه مسلم (692)(14) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (35)، وابن أبي شيبة 2/ 445، ومسلم (692)، والبزار (316)، والنسائي 3/ 118، والطحاوي 1/ 416 من طرق عن شعبة، به. وسيأتي برقم (207).

ص: 327

199 -

قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ، فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ؟! (1).

200 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البخاري (878)، والطحاوي 1/ 118، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 69 من طريق جويرية، عن مالك، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (845)، والترمذي (495)، والنسائي في "الكبرى"(1670)، وابن حبان (1230)، والبيهقي 3/ 189، وابن عبد البر 10/ 70 - 71 من طرق عن الزهري، به.

وهو في "موطأ مالك" 1/ 101 مرسلاً دون ذكر ابن عمر.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 1/ 134، والطحاوي 1/ 117 - 118.

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 68 - 69: هكذا رواه أكثر رواة الموطأ عن مالك مرسلاً، عن ابن شهاب، عن سالم، لم يقولوا عن أبيه. ووصله عن مالك روح بن عبادة، وجويرية بن أسماء، وإبراهيم بن طهمان، وعثمان بن الحكم الجذامي، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وعبد الوهاب بن عطاء، ويحيى بن مالك بن أنس، وعبد الرحمن بن مهدي، والوليد بن مسلم، وعبد العزيز بن عمران، ومحمد بن عمر الواقدي، وإسحاق بن إبراهيم الحنيني، والقعنبي -في رواية إسماعيل بن إسحاق عنه- فرووه عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه. =

ص: 328

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ، فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ (1).

201 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا "(2).

= وأشار الترمذي بإثر الحديث (495) لرواية مالك المرسلة ثم قال: وسألت محمداً عن هذا؟ فقال: الصحيحُ حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه.

وسيأتي الحديث برقم (312)، وانظر (91).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وإن كان قد تغير، فإن سماع سفيان منه قبل تغيُّره.

وأخرجه البخاري (3838)، وابن خزيمة (2859) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو دواد (1938)، والطحاوي 2/ 218، وابن حبان (3860) من طريقين عن سفيان، به. وانظر (84).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس- فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9985) و (19365).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم (1767)، وأبو داود (3030)، والترمذي (1607)، والبغوي (2756).

وأخرجه مسلم (1767)، وأبو داود (3030)، والترمذي (1607)، والطحاوي في =

ص: 329

202 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، بَيْنَا هُوَ قَائِمٌ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ الْيَوْمَ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: الْوُضُوءَ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتُمْ - وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَقَدْ عَلِمْتَ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ؟! (1).

203 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ - يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ - حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ، فُلانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَلَّا، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا، أَوْ عَبَاءَةٍ " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " قَالَ: فَخَرَجْتُ

= "شرح مشكل الآثار" 4/ 12 من طريق أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، به.

وأخرجه مسلم (1767)، والبزار (230) من طريقين عن أبي الزبير، به. ولفظ البزار: "أخرجوا اليهود والنصارى

".

وأخرجه البزار (234) من طريق وهب بن منبه، عن جابر، به. وسيأتي برقم (215) و (219). وسيأتي في مسند جابر بن عبد الله 3/ 345.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(5292).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه عبد بن حميد (8)، والترمذي (494)، والبزار (108)، والطحاوي 1/ 118.

وأخرجه الشافعي 1/ 135 من طريق معمر، به. وانظر (199).

ص: 330

فَنَادَيْتُ: أَلا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ (1).

204 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْفُرَاتِ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ (2)، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرٌ، فَقَالَ (3): وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ. فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ (4) صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ " قَالَ: قُلْنَا: أَوْ ثَلاثَةٌ؟ قَالَ: " أَوْ ثَلاثَةٌ " فَقُلْنَا: أَوِ اثْنَانِ؟ قَالَ: " أَوِ اثْنَانِ "، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ (5).

(1) إسناده حسن، رجاله رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار، وسماك الحنفي، فمن رجال مسلم، وهما صدوقان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 465 - 466، ومسلم (114)، ويعقوب بن شيبة في "مسند عمر" ص 53 - 54، وابن حبان (4857) من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارمي (2489)، ويعقوب بن شيبة ص 53 - 54، والترمذي (1574)، والبزار (198)، وابن حبان (4849)، والبيهقي 9/ 101 من طرق عن عكرمة بن عمار، به. وسيأتي برقم (328).

(2)

تحرف في (م) إلى: يزيد.

(3)

في (ص): فقال عمر.

(4)

في (ق): النبي.

(5)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن =

ص: 331

205 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ هُبَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ أَبَا تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا "(1).

= أبي الفرات، فمن رجال البخاري. عبد الله بن يزيد: هو أبو عبد الرحمن المقرئ.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(2061)، وابن حبان (3028) من طريق عبد الله بن يزيد، بهذا الإِسناد. وانظر (139).

(1)

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن هبيرة، فمن رجال مسلم. أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ، حيوة: هو ابن شريح المصري، وبكر بن عمرو: هو المعافري المصري، وأبو تميم الجيشاني: هو عبد الله بن مالك بن أبي الأسحم.

وأخرجه عبد بن حميد (10)، وأبو يعلى (247)، وابن حبان (730)، والحاكم 4/ 318، وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 69 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإِسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي في تلخيص المستدرك.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(559) عن حيوة بن شريح، به.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه الطيالسي (51) و (139)، والترمذي (2344)، وأبو نعيم 10/ 69، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1444)، والبغوي في "شرح السنة" (4108). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وانقلب إسناد هذا الحديث على البزار أو شيخه فيه -فقال: حدينا بشر بن آدم، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا حيوة، عن ابن هبيرة، عن بكر بن عمرو، عن أبي تميم الجيشاني، به، ثم قال: هذا الحديث لا نعلم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر بن الخطاب بهذا الإِسناد، وأحسب أن بكر بن عمرو لم يسمع من أبي تميم! =

ص: 332

206 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ (1)، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلا تُفَاتِحُوهُمْ "(2).

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَرَّةً: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

207 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ أَبِي عُمَرَ (3)، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ عُبَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ ابْنِ السِّمْطِ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عُمَرَ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم (4).

= وسيأتي برقم (370) و (373).

وقوله: "تغدو خِماصاً

إلخ"، أي: تغدو بكرة وهي جِياع، وتروج عِشاءً وهي ممتلئة الأجواف. "النهاية" 2/ 80.

(1)

تحرف في (م) إلى: سعيد بن أيوب.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة حكيم بن شريك الهذلي.

وأخرجه أبو داود (4710) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم (330)، وأبو يعلى (245) و (246)، وابن حبان (79)، والحاكم 1/ 85، والبيهقي 10/ 204 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، به.

وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 15 فقال: وقال عبد الله بن يزيد، فذكره.

وأخرجه أبو داود (4720) من طريق ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، به.

وأخرجه أبو داود (4720) أيضاً من طريقين عن عمرو بن دينار، به.

(3)

تحرف في (م) إلى: الهمداني عن ابن عمر رضي الله عنه.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد تقدم برقم (198).

ص: 333

208 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ، أَخْبَرَنَا (1) عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلاثُ مِئَةٍ وَنَيِّفٌ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ، فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ، ثُمَّ قَالَ:" اللهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي؟ اللهُمَّ أَنْجِزْ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلامِ، فَلا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا " قَالَ: فَمَا زَالَ يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ عز وجل، وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَرَدَّاهُ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَذَاكَ (2) مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9].

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُئِذٍ، وَالْتَقَوْا، فَهَزَمَ اللهُ عز وجل الْمُشْرِكِينَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا وَعُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ، هَؤُلاءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةُ وَالْإِخْوَانُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمُ الْفِدْيَةَ، فَيَكُونُ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ قُوَّةً لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ فَيَكُونُونَ لَنَا عَضُدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: وَاللهِ مَا أَرَى مَا رَأَى أَبُو بَكْرٍ،

(1) في (ص): حدثنا.

(2)

في (م) و (ق) و (ص): كفاك، وهما بمعنى.

ص: 334

وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي (1) مِنْ فُلانٍ - قَرِيبًا (2) لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ فُلانٍ، أَخِيهِ، فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، حَتَّى يَعْلَمَ اللهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، هَؤُلاءِ صَنَادِيدُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ، فَهَوِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ.

فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ عُمَرُ: غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَإِذَا هُمَا يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبَكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنَ الْفِدَاءِ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " - لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ - وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى (3): {لَوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: 67 - 68] مِنَ الْفِدَاءِ، ثُمَّ أُحِلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمُ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ

(1) في (س) و (ص): تمكني.

(2)

في (ح) وحاشية (س): قريب.

(3)

لفظة: إلى، ليست في (ق). وفي (م): إلى قوله.

ص: 335

أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165] بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ (1).

209 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ لِنَفْسِي: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْكَ، قَالَ: فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَتَقَدَّمْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ، قَالَ: فَإِذَا أَنَا بِمُنَادٍ يُنَادِي: يَا عُمَرُ، أَيْنَ عُمَرُ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " نَزَلَتْ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ سُورَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ

(1) إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح. أبو نوح: اسمه عبد الرحمن بن غزوان الضبي، وقُراد لقب له.

وأخرجه أبو داود (2690) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد. مختصراً.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 350 و 14/ 365 - 366، ويعقوب بن شيبة في "مسند عمر" ص 63 - 64، وأبو عوانة 4/ 157 من طريق أبي نوح قُراد، به، وحسن يعقوب بن شيبة إسناده.

وأخرجه عبد بن حميد (31)، ومسلم (1763)، ويعقوب بن شيبة ص 57 - 58 و 58 - 60 و 60 - 62، والترمذي (3081)، والبزار (196)، والبيهقي 9/ 189 و 10/ 44، وأبو عوانة 4/ 152 و 155 و 156، وابن حبان (4793)، والبيهقي في "السنن" 6/ 321 وفي "الدلائل" 3/ 51 - 52، وأبو نعيم في "الدلائل"(408) من طرق عن عكرمة بن عمّار، به. وقد سقط من المطبوع من "دلائل أبي نعيم": ابنُ عباس. وسيأتي برقم (221).

والرباعية: هي السن التي بين الثنية والناب.

والبيضة: هي خوذة الحديد توضع على الرأس، من آلات الحرب.

ص: 336

مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا. لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1 - 2](1).

210 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ، قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِطَعَامٍ، فَدَعَا إِلَيْهِ رَجُلًا، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّ الصِّيَامِ تَصُومُ؟ لَوْلا كَرَاهِيَةُ أَنْ أَزِيدَ أَوْ أَنْقُصَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَاءَهُ الْأَعْرَابِيُّ بِالْأَرْنَبِ، وَلَكِنْ أَرْسِلُوا إِلَى عَمَّارٍ، فَلَمَّا جَاءَ عَمَّارٌ، قَالَ: أَشَاهِدٌ أَنْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ (2) جَاءَهُ الْأَعْرَابِيُّ بِالْأَرْنَبِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ بِهَا دَمًا، فَقَالَ:" كُلُوهَا " قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ:" وَأَيُّ الصِّيَامِ تَصُومُ؟ " قَالَ: أَوَّلَ الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، قَالَ:" إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُمِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ، وَالْأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَالْخَمْسَ عَشْرَةَ "(3).

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نوح عبد الرحمن بن غزوان، فمن رجال البخاري.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(11499)، والبزار (265) من طريق أبي نوح قراد، بهذا الإِسناد.

وهو في "موطأ مالك" 1/ 203 - 204.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري (4177) و (4833) و (5012)، والترمذي (3262)، والبزار (264)، وأبو يعلى (148)، وابن حبان (6409)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 154، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 264 - 265، والبغوي في "التفسير" 4/ 187 - 188.

وقوله: نزرت، أي: ألححت عليه في المسألة.

(2)

في (ق): لما.

(3)

حسن بشواهده وهذا إسناد ضعيف، المسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله =

ص: 337

211 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا عَامِرٌ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، قَالَ: لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

= ابن عتبة، وكان قد اختلط، ورواية أبي النضر -وهو هاشم بن القاسم- عنه بعد الاختلاط، وحكيم بن جبير ضعيف، لكنه توبع، وابن الحوتكية: هو يزيد بن الحوتكية التميمي، لم يرو عنه سوى موسى بن طلحة.

وأخرجه الطيالسي (44) عن المسعودي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الحميدي (136)، والنسائي في "الكبرى" (4823) من طريق حكيم بن جبير ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة -زاد النسائي: وعمرو بن عثمان- ثلاثتهم عن موسى بن طلحة، به. وذكروا فيه أبا ذر مكان "عمار".

وأخرجه كذلك عبد الرزاق (7874)، وابن خزيمة (2127) من طريق محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن موسى بن طلحة، به.

وسيأتي عند أحمد 5/ 150 من حديث أبي ذر بقصة الصيام فقط.

وأخرجه النسائي (2734) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن موسى بن طلحة، عن ابن الحوتكية، قال: قال أُبي: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أرنب

فجعله من مسند أُبي، ثم قال النسائي: الصواب: "عن أبي ذر" ويشبه أن يكون وقع من الكتاب "ذر" فقيل: "أبي" والله أعلم.

وأخرجه أبو يعلى (185) من طريق الحجاج بن أرطأة، عن موسى بن طلحة، به. ولم يسم الرجل الذي شهد مع عمر القصة.

وأخرجه النسائي (2735) و (2736) من طريق طلحة بن يحيى، عن موسى بن طلحة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

وفي الباب عن أبي هريرة بإسناد صحيح، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في مسنده عند أحمد 2/ 336.

ص: 338

يَقُولُ: " الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ " وَلَكِنَّكَ مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ عَامِرٌ: فَرَأَيْتُهُ فِي الدِّيوَانِ مَكْتُوبًا: مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَكَذَا سَمَّانِي عُمَرُ (1) رضي الله عنه (2).

212 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ (3) بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْعَزْلِ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا (4).

(1) في (ق): عمر بن الخطاب.

(2)

إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد. أبو عَقيل: هو عبد الله بن عَقيل الثقفي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 665، وأبو داود (4957)، وابن ماجه (3731)، والبزار (319) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (318) من طريق جنيد بن أبي وهرة، عن مجالد، به.

وذكره الدارقطني في "العلل" 2/ 220 وقال: يرويه جابر الجعفي عن الشعبي، عن مسروق، عن عمر قوله، وخالفه مجالد فرفعه وزاد فيه: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأجدع شيطان.

(3)

تحرف في (ص) إلى: حدثنا أبو إسحاق.

(4)

إسناده ضعيف، عبد الله بن لهيعة سيئ الحفظ.

وأخرجه ابن ماجه (1928)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 385 ومن طريقه البيهقي 7/ 231 من طريق إسحاق بن عيسى، بهذا الإِسناد. وقد تصحف في المطبوع من ابن ماجه "محرر" إلى "مُحَرِّز". وتحرف في البيهقي إسحاق بن عيسى إلى "إسحاق بن حسن" وفي نسخة كما أشار محققوه إلى "إسحاق بن حسين". =

ص: 339

213 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ - يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: لَئِنْ عِشْتُ إِلَى هَذَا الْعَامِ الْمُقْبِلِ، لَا يُفْتَحُ لِلنَّاسِ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَهُمْ كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ (1).

214 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَحَلَفْتُ: لَا وَأَبِي،

= وانظر "العلل" 2/ 93 الدارقطني.

وأخرج ابن أبي شيبة 4/ 222 من طريقين عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن سوار الكوفي، عن عبد الله بن مسعود قال: تستأمر الحرة ويعزل عن الأمة.

وأخرج عبد الرزاق (14562) والبيهقي 7/ 231 من طريق سفيان الثوري، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن ابن عباس قال: تستأمر الحرة في العزل ولا تستأمر الأمة.

وأخرج البيهقي 7/ 231 من طريق أبي معاوية، عن أبي عرفجة، عن عطية العوفي، عن ابن عمر قال: يعزل عن الأمة وتستأمر الحرة.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هشام بن سعد، فمن رجال مسلم، وهو حسنُ الحديث.

وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج"(106)، وأبو يعلى (224) من طريق ابن المبارك، عن هشام بن سعد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه حميد بن زنجويه في "الأموال"(222)، والبخاري (4235) من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن زيد بن أسلم، به. وسيأتي برقم (284).

ص: 340

فَهَتَفَ بِي رَجُلٌ (1) مِنْ خَلْفِي، فَقَالَ:" لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ " فَإِذَا هُوَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (2).

215 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: لَئِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللهُ، لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (3).

216 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ (4).

(1) في (ق) وعلى حاشية (س) و (ص): هاتف.

(2)

صحيح لغيره، وانظر ما بقدم برقم (116).

وأخرجه البزار (203) من طريق أبي أحمد الزبيري، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (15925) عن إسرائيل، به.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، وقد صرح بالسماع من جابر عند غير أحمد، والحديث بهذا الإِسناد عند غير أحمد مرفوع. أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله الزبيري، وسفيان: هو المصري، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس.

وأخرجه أبو داود (3031) عن أحمد بن حنبل بهذا الإِسناد. مرفوعاً.

وأخرجه البزار (229)، والحاكم 4/ 274 من طريق أبي أحمد الزبيري، به.

وأخرجه الترمذي (1606)، والنسائي في "الكبرى"(8686)، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/ 12 من طرق عن سفيان، به. وانظر (201).

(4)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وعاصمِ بن عُبيد الله، وعبيدُ الله بن عاصم بن عمر والد عاصم لم يُدرك جده عمر. =

ص: 341

217 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَلَّامٌ - يَعْنِي أَبَا الْأَحْوَصِ - عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ الْمَعْرُورِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَنَحْنُ مَعَهُ: الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَإِذَا (1) اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدِ الرَّجُلُ مِنْكُمْ (2) عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ. وَرَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: صَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ (3).

218 -

قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: زُهَيْرٍ (4)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ:

= وأخرجه الطيالسي (14) عن شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن رجل، عن ابن عمر، عن عمر. وقد تقدم برقم (128).

(1)

في (ص): فإن.

(2)

لفظة: "منكم" ليست في (ق).

(3)

حديث صحيح، سيار بن معرور -وإن لم يرو عنه غير سماك، ولم يوثقه غير ابن حبان 4/ 334 - قد توبع.

وهو في "مسند الطيالسي"(70) ومن طريقه أخرجه البيهقي 3/ 182 - 183.

وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 4/ 84، والبيهقي 3/ 183 من طريقين عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن زيد بن وهب، أن عمر قال: إذا اشتد الحر، فليسجد على ثوبه، وإذا اشتد الزحام، فليسجد أحدكم على ظهر أخيه. وهذا إسناد صحيح.

وفي الباب عن ابن عمر عند البيهقي 3/ 182 بلفظ: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بالنجم، فسجدنا فأطال السجود وكثر الناس فصلى بعضهم على ظهر بعض. وسنده ضعيف.

(4)

تحرف في (م) إلى: يحيى بن سعيد بن زهير.

ص: 342

أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَتَاهُ أَشْرَافُ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا أَصَبْنَا رَقِيقًا وَدَوَابَّ، فَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا صَدَقَةً تُطَهِّرُنَا بِهَا، وَتَكُونُ لَنَا (1) زَكَاةً، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَفْعَلْهُ اللَّذَانِ كَانَا مِنْ قَبْلِي، وَلَكِنِ انْتَظِرُوا حَتَّى أَسْأَلَ الْمُسْلِمِينَ (2).

219 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَمُؤَمَّلٌ، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَئِنْ عِشْتُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا أَتْرُكَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا "(3).

220 -

حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - (4) أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ

(1) لفظة: "لنا" ليست في (ص).

(2)

حديث صحيح، زهير: هو ابن معاوية، روى عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي بعد ما تغيَّر، لكنه تُوبع. وقد تقدم برقم (82).

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو الزبير صرَّح بالسماع عند غير أحمد، ومؤمَّل -وهو ابن إسماعيل- وإن كان سيئ الحفظ، تابعه روحُ بنُ عبادة وهو ثقة احتج به الشيخان.

وأخرجه مسلم (1767)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/ 2، والبيهقي 9/ 207 - 208 من طريق روح بن عبادة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن حبان (3753) من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، به. وانظر (201).

(4)

قوله: "يعني ابن المبارك" ليس في (ب) و (ح) و (س).

ص: 343

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَقَدْ بَلَغَ بِهِ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ وِرْدِهِ - أَوْ قَالَ: مِنْ حِزْبِهِ - مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ إِلَى الظُّهْرِ، فَكَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ لَيْلَتِهِ "(1).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عتاب بن زياد، فقد روى له ابن ماجه وهو ثقة. وهو في "الزهد" لابن المبارك (1247).

وأخرجه الدارمي (1477)، ومسلم (747)، وأبو داود (1313)، وابن ماجه (1343)، والترمذي (581)، والنسائي 3/ 259، وأبو عوانة 2/ 271، وابن حبان (2643)، والبيهقي 2/ 484 و 485، والبغوي (985) من طرق عن يونس بن يزيد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو عوانة 2/ 271 من طريق عُقيل بن خالد، عن الزهري، به.

وأخرجه النسائي 3/ 259 - 260 عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، به. بإسقاط السائب بن يزيد وعبيد الله.

وأخرجه موقوفاً على عمر: مالك في "الموطأ" 1/ 200 عن داود بن الحصين، عن الأعرج، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن عمر قال: من فاته حزبه من الليل، فقرأه حين تزول الشمس، إلى صلاة الظهر، فانه لم يفته، أو كأنه أدركه.

ومن طريق مالك أخرجه النسائي 3/ 260، والبيهقي 2/ 484 و 485.

قال ابن عبد البر -فيما نقله عنه الزرقاني 2/ 9 - : "هذا وهم من داود، لأن المحفوظ من حديث ابن شهاب، عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر: من نام عن حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل، ومن أصحاب ابن شهاب من رفعه عنه بسنده عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عند العلماء أولى بالصواب من رواية داود حين جعله من زوال الشمس إلى صلاة الظهر، لأن ذلك وقت ضيق قد لا يسع الحزبَ، ورُبَّ رجل حِزبُه نصفُ القرآن، أو ثلثه، أو ربعُه، ونحوه، لأنَّ ابن شهاب أتقنُ حفظاً، وأثبت نقلاً".

ص: 344

221 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلاثُ مِئَةٍ وَنَيِّفٌ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ، فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيهُ، وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ (1)، ثُمَّ قَالَ:" اللهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي؟ اللهُمَّ أَنْجِزْ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلامِ فَلا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا " قَالَ: فَمَا زَالَ يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ، وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ [فَرَدَّاهُ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ]. وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} .

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُئِذٍ، وَالْتَقَوْا فَهَزَمَ اللهُ الْمُشْرِكِينَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا وَعُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةُ وَالْإِخْوَانُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ (2)، فَيَكُونُ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ قُوَّةً لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ فَيَكُونُونَ لَنَا عَضُدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ " فَقَالَ: قُلْتُ: وَاللهِ مَا أَرَى مَا رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ فُلانٍ - قَرِيبٍ لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ فُلانٍ أَخِيهِ فَيَضْرِبَ

(1) لفظة: "وإزاره" ليست في (ص).

(2)

في (ق) وحاشية (ص): الفدية.

ص: 345

عُنُقَهُ، حَتَّى يَعْلَمَ اللهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، هَؤُلاءِ صَنَادِيدُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ. فَهَوِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ عُمَرُ: غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَإِذَا هُمَا يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبَكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنَ الْفِدَاءِ، وَلَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " - لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ - وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} مِنَ الْفِدَاءِ، ثُمَّ أُحِلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمُ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ (1).

222 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ

(1) إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح. وهو مكرر (208). وهذا الحديث لم يرد في (ظ 11) و (ب) و (ح)، وهي نسخ قديمة.

ص: 346

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، اللَّتَيْنِ قَالَ اللهُ تَعَالَى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حَتَّى حَجَّ عُمَرُ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ عُمَرُ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ ثُمَّ أَتَانِي، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَانِ قَالَ اللهُ تَعَالَى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! - قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَرِهَ، وَاللهِ، مَا سَأَلَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكْتُمْهُ عَنْهُ - قَالَ: هِيَ (1) حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ.

قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ، قَالَ: كُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، قَالَ: وَكَانَ مَنْزِلِي فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَوَالِي، قَالَ: فَتَغَضَّبْتُ (2) يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي، فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: أَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ،

(1) على حاشية (ص): هما.

(2)

في (ق): فغضبت.

ص: 347

فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ؟ لَا تُرَاجِعِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَسْأَلِيهِ شَيْئًا (1)، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ - يُرِيدُ عَائِشَةَ -.

قَالَ: وَكَانَ لِي جَارٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْزِلُ يَوْمًا، وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، قَالَ: وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمًا، ثُمَّ أَتَانِي عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي، ثُمَّ نَادَانِي فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. فقُلْتُ: وَمَا ذَا، أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ الرَّسُولُ نِسَاءَهُ. فَقُلْتُ: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا.

حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، ثُمَّ نَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: لَا أَدْرِي، هُوَ هَذَا مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ. فَأَتَيْتُ غُلَامًا لَهُ أَسْوَدَ، فَقُلْتُ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ الْغُلَامُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيَّ (2)، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَخَرَجْتُ فَجَلَسْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي، فَقَالَ: ادْخُلْ، فَقَدْ أَذِنَ لَكَ. فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى

(1) لفظة: "شيئا" ليست في (ص).

(2)

في (ص): إلي.

ص: 348

رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى رَمْلِ حَصِيرٍ - وحَدَّثَنَاهُ يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِ صَالِحٍ قَالَ: رُمَالِ حَصِيرٍ - قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْتُ: أَطَلَّقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ (1) رَأْسَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: " لَا " فَقُلْتُ: اللهُ أَكْبَرُ، لَوْ رَأَيْتَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَتَغَضَّبْتُ عَلَى امْرَأَتِي يَوْمًا فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ. فَقُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ (2)، فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرُّكِ (3) أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَقُلْتُ: أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَجَلَسْتُ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فِي الْبَيْتِ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ إِلَّا أَهَبَةً (4) ثَلَاثَةً، فَقُلْتُ: ادْعُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ، فَقَدْ وُسِّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ. فَاسْتَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَالَ:" أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ.

(1) في (ص): فرفع رسول الله.

(2)

في (ق) و (ص): رسول الله.

(3)

على حاشية (س) و (ص): لا يغرنك.

(4)

في (م): أهباً. والأهبة: الجلود قبل الدباغ.

ص: 349

وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ، حَتَّى عَاتَبَهُ اللهُ عز وجل (1).

223 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (1479)(34)، والترمذي (2461) و (3318)، وأبو يعلى (222)، وابن حبان (4268)، والبيهقي 5/ 37 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطبري 28/ 161 - 162 من طريق ابن ثور، عن معمر، به.

وأخرجه البخاري (89) و (2468) و (5191)، والبزار (206)، والنسائي 4/ 137 من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(835)، ومسلم (1479)، وابن ماجه (4153)، والترمذي (2691)، والبزار (160) و (211)، وأبو يعلى (164)، والطبري 28/ 162، وابن خزيمة (1921) و (2178) من طرق عن ابن عباس، به. وسيأتي برقم (339).

وقوله: المشرُبة -بالضم والفتح-: الغُرفة والعِلِّية.

وقوله: "رُمَال حصير" قال ابن الأثير في "النهاية" 2/ 265: الرُّمال: ما رُمِل أي: نُسج، وهو جمع رَمْل، والمراد أنه كان السرير قد نُسج وجهه بالسَّعَف، ولم يكن على السرير وِطاءٌ سوى الحصير.

وقوله: "أستأنس"، أي: أزيد في الكلام لزيادة المؤانسة، قال النووي رحمه الله تعالى: وفيه أن الإنسان إذا رأى صاحبه مهموماً وأراد إزالة همِّه ومؤانسته بما يشرح صدره ويزيل همه، ينبغي له أن يستأذنه في ذلك كما فعل عمر، ولآنه قد يأتي بالكلام بما لا يُوافق.

ص: 350

الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَمَكَثْنَا سَاعَةً، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" اللهُمَّ زِدْنَا وَلا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَارْضَ عَنَّا وَأَرْضِنَا "، ثُمَّ قَالَ:" لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آيَاتٍ، مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ "، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} حَتَّى خَتَمَ الْعَشْرَ آيَاتٍ (1).

224 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:

(1) إسناده ضعيف لجهالة يونس بن سُليم، ولم يرو عنه غير عبد الرزاق وتكلم فيه، ولم يعتمده في الرواية.

وأخرجه عبد بن حميد (15)، والنسائي في "الكبرى"(1439)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 460، والحاكم في "المستدرك" 2/ 392، والبغوي في "شرح السنة"(1376) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإِسناد.

قال النسائي: هذا حديث منكر، لا نعلم أحداً رواه غير يونس بن سُليم، ويونس بن سُليم لا نعرفه، والله أعلم، وقال العقيلي: يونس بن سليم لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به، ومع ذلك فقد حسنه البغوي.

وقال الحاكم: صحيح الإِسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: سئل عبد الرزاق عن شيخه ذا (يعني يونس بن سليم) فقال: أظنه لا شيء.

وهو في مصنف عبد الرزاق (6038) عن يونس بن سُليم الصنعاني، عن الزهري، به دون ذكر يونس بن يزيد، ومن طريق عبد الرزاق هذه أخرجه الترمذي (3173)، والبزار (301).

ثم ذكر الترمذي الحديث بإثبات يونس بن يزيد، ثم قال: هذا أصحُّ من الحديث الأول، سمعتُ إسحاقَ بن منصور يقول: روى أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق، عن يونس بن سُليم، عن يونس بن يزيد، عن الزهري هذا الحديثَ.

ص: 351

أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ بِلا أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا، فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَعِيدُكُمْ، وَأَمَّا الْآخَرُ، فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ (1).

225 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعْدٍ أَبِي عُبَيْدٍ (2) مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (3).

226 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ قَبَّلَ الْحَجَرَ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ (4).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عبيد: اسمه سعد بن عبيد.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(5636) و (7879). ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البيهقي 4/ 297.

وأخرجه الترمذي (771) عن يزيد بن زريع، عن معمر، بهذا الإِسناد. وقال: حديث صحيح. وقد تقدم برقم (163).

(2)

تحرف في (م) إلى: الزهري، عن سعيد، عن سعد بن أبي عبيد.

(3)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالسماع، وروى له مسلم في المتابعات. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

وأخرجه أبو يعلى (232) من طريق يوَنس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإِسناد. وقد تحرف في المطبوع منه "سعد بن عبيد" إلى "سعيد بن عبيد". وانظر ما قبله.

(4)

صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمر العمري، لكنه قد =

ص: 352

227 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ (1)، أَخْبَرَنِي سَيَّارٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ نَصْرَانِيًّا يُقَالُ لَهُ: الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، أَسْلَمَ، فَأَرَادَ الْجِهَادَ، فَقِيلَ لَهُ: ابْدَأْ بِالْحَجِّ، فَأَتَى الْأَشْعَرِيَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُهِلَّ بالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ (2) جَمِيعًا، فَفَعَلَ، فَبَيْنَا هُوَ يُلَبِّي إِذْ مَرَّ بِزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَهَذَا (3) أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِهِ، فَسَمِعَهَا الصُّبَيُّ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ: وُفِّقْتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ (4).

228 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ

= توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه عبد بن حُميد (26) عن عبد الرزاق، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارمي (1864)، ومسلم (1270)(249)، والبزار (139) من طريق أيوب، عن نافع، به.

وأخرجه مسلم (1270)(248)، والنسائي في "الكبرى"(3919)، وأبو يعلى (220) وابن خزيمة (2711)، وابن الجارود (452)، وابن حبان (3821) من طريق سالم، عن ابن عمر، به. وانظر (229).

(1)

على حاشية (س) و (ص): هاشم، وهو تحريف.

(2)

في (م) و (ق): بالحج والعمرة.

(3)

في (ق): هذا.

(4)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد -والحديث رواه أبو وائل عنه كما تقدم برقم (83) - فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي. هشيم: هو ابن بشير، وسيار: هو أبو الحكم، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

ص: 353

عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَاكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا مَعَهُ (1).

229 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ: رَأَيْتُ الْأُصَيْلِعَ - يَعْنِي عُمَرَ - يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ، وَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَنْفَعُ وَلا تَضُرُّ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ لَمْ أُقَبِّلْكَ (2).

230 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:" نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ "(3).

231 -

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ (4)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمٍ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم مطولاً برقم (175).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن سرجس، فمن رجال مسلم.

وأخرجه ابن ماجه (2943) من طريقين عن أبي معاوية، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (9033)، والحميدي (9)، ومسلم (1270)(250)، والبزار (250)، والنسائي في "الكبرى"(3918) من طرق عن عاصم، به. وسيأتي برقم (361).

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم العمري. وقد تقدم برقم (94).

(4)

تحرف في (ص) إلى: هاشم.

ص: 354

عَنْ (1) عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرْتَ "(2).

232 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ. (ح) وحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، الْمَعْنَى، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ: أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى. فقَالَ: وَمَا ابْنُ أَبْزَى؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا. فَقَالَ عُمَرُ: اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى! فَقَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ قَاضٍ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ: " إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ "(3).

(1) تحرفت في (ق) إلى: بن.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. هشام: هو ابن عروة بن الزبير، وعاصم: هو ابن عمر بن الخطاب.

وأخرجه مسلم (1100) من طريق ابن نمير، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (192).

(3)

إسناداه صحيحان، الأول فيه أبو كامل -وهو مظفر بن مدرك الخراساني- ثقة روى له الترمذي والنسائي، ومن فوقه من رجال الشيخين. والإِسناد الثاني على شرطهما.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(20944) إلا أن عنده عمرو بن واثلة، وعامر هذا يقال له: عمرو أيضاً.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن حبان (772).

وأخرجه مسلم (817)، وابن ماجه (218)، والبزار (249)، والبغوي (1184) من طرق عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإِسناد. =

ص: 355

233 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" أَنْتَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا كُنْتُ لِأَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَؤُمَّنَا، فَأَمَّنَا حَتَّى مَاتَ (1).

234 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِسْمَةً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَغَيْرُ هَؤُلاءِ أَحَقُّ مِنْهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي بَيْنَ أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ، أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ "(2).

235 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أيَنَامُ (3) أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ،

= وأخرجه الدارمي (3365)، ومسلم (817) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به.

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو البختري -واسمه سعيد بن فيروز- لم يدرك عمر.

وأخرجه الحاكم 3/ 267 من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإِسناد إلا أن عنده:"قال أبو بكر الصديق لأبي عبيدة". وقال: صحيح، ورده الذهبي بالانقطاع.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سلمان بن ربيعة، فمن رجال مسلم. سفيان: هو الثوري. وقد تقدم برقم (127).

(3)

وفي (م) و (ق): هل ينام.

ص: 356

وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ " (1).

236 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

مِثْلَهُ (2).

237 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: رَأَى ابْنُ عُمَرَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ هَذَا؟ فَقَالَ سَعْدٌ: نَعَمْ. فَاجْتَمَعَا (3) عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَفْتِ ابْنَ أَخِي فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ عُمَرُ: كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم نَمْسَحُ عَلَى خِفَافِنَا. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ (4)، وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ. قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا، وَمَا يُوَقِّتُ لِذَلِكَ وَقْتًا.

فَحَدَّثْتُ بِهِ مَعْمَرًا، فَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ (5).

(1) صحيح لغيره، عبد الله بن عمر العمري شيخ عبد الرزاق -وإن كان ضعيفاً- توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(1074).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو عوانة 1/ 277. لكن وقع في المطبوع من الأخير، وكذا في (م) و (س): عبيد الله بن عمر. وقد تقدم الحديث برقم (94).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وهو مكرر رقم (94).

(3)

في (ص): فاجتمعنا.

(4)

لفظة "نعم" ليست في (ص).

(5)

إسناداه صحيحان على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن ماجه (546)، وابن خزيمة (184) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن =

ص: 357

238 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: صَرَفْتُ عِنْدَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ وَرِقًا بِذَهَبٍ، فَقَالَ: أَنْظِرْنِي حَتَّى يَأْتِيَنَا خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ. قَالَ: فَسَمِعَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ، لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ مِنْهُ صَرْفَهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ "(1).

239 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمَّا ارْتَدَّ أَهْلُ الرِّدَّةِ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ يَا أَبَا بَكْرٍ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَدْ (2) عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ "؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ (3).

= أيوب، بهذا الإِسناد. وانظر (87) و (88).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(14541). وقد تقدم برقم (162).

(2)

لفظة "فقد" ليست في (م).

(3)

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين وهو مرسل، عبيد الله بن عبد الله بن عتبة روايته عن عمر مرسلة.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(18718)، وقد تقدم موصولاً برقم (117).

ص: 358

240 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كُنْتُ فِي رَكْبٍ أَسِيرُ فِي غَزَاةٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَحَلَفْتُ، فَقُلْتُ: لَا وَأَبِي، فَنَهَرَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي، وَقَالَ:" لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ " فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

241 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَحْلِفُ بِأَبِي، فَقَالَ:" إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ " قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا بَعْدُ ذَاكِرًا وَلا آثِرًا (2).

242 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي الْحَرِيرِ فِي إِصْبَعَيْنِ (3).

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، رواية سماك بن حرب عن عكرمة فيها اضطراب. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(15925) وقد تقدم برقم (116).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر.

وأخرجه أبو داود (3250) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(15922).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه عبد بن حميد (9)، ومسلم (1646)(2)، والبزار (134). وقد تقدم برقم (112).

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير خلف بن الوليد، وهو ثقة. خالد الأول: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان، وشيخه: هو خالد بن مِهران الحذّاء، أبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي.

وأخرجه ابن حبان (5454) من طريق وهب بن بقية، عن خالد بن عبد الله الطحان =

ص: 359

243 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِأَشْيَاءَ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا هَكَذَا " وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (1).

قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: فَرَأَيْتُ أَنَّهَا أَزْرَارُ الطَّيَالِسَةِ حِينَ رَأَيْنَا الطَّيَالِسَةَ.

244 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِقْصَارُ النَّاسِ الصَّلاةَ الْيَوْمَ، وَإِنَّمَا قَالَ اللهُ عز وجل:{إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]، فَقَدْ ذَهَبَ ذَاكَ الْيَوْمَ! فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ "(2).

= بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (92).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القطان، والتيمي: هو سليمان بن طرخان.

وأخرجه البخاري (5830) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (2069)(13) من طريقين عن سليمان التيمي، به. وانظر ما قبله.

والطيالسة: ضرب من الأكسية كانت تلبسها الأعاجم.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أبو داود (1199) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (686)، وأبو داود (1199)، وأبو يعلى (181)، وابن خزيمة =

ص: 360

245 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ يُحَدِّثُ، فَذَكَرَهُ (1).

246 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنَّ آخِرَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةُ الرِّبَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا، فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ (2).

= (945)، وابن حبان (2740) و (2741)، والبيهقي 3/ 134 من طريق يحيى بن سعيد، به. وقد تقدم برقم (174).

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أبو داود (1200) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(4275).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو داود (1199)، والترمذي (3034). وانظر ما قبله.

(2)

حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، سعيد بن المسيب أدرك عمر ولم يسمع منه، ويحيى -وهو ابن سعيد القطان- سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط.

وأخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن "(23) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن ماجه (2276)، والطبري 3/ 114 من طريقين عن ابن أبي عروبة، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 563، والطبري 3/ 114 من طريق الشعبي، عن عمر، به. وسيأتي برقم (350).

وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (4544): آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا.

وانظر "البرهان في علوم القرآن" 1/ 208 - 210، و"الإتقان" 1/ 35 - 38.

ص: 361

247 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ "(1).

248 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "(2).

249 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى (3)، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، [وَأَنْ يَقُولَ قَائِلٌ:] (4)

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (180).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم.

وأخرجه أبو يعلى (155) و (158) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 391، ومسلم (927)(16)، والبزار (146)، والبيهقي 4/ 71 من طريق محمد بن بشر، عن عبيد الله، به. وقد تحرف في المطبوع من ابن أبي شيبة "عبيد الله" إلى: عبد الله.

وأخرجه عبد الرزاق (6692) عن عبد الله بن عمر، عن نافع، به. وقد وقع عنده بالتكبير هكذا.

(3)

يحيى: هو ابن سعيد القطان، عن يحيى: هو ابن سعيد الأنصاري، وتحرف في (ق) إلى: يحيى بن يحيى.

(4)

ما بين حاصرتين ليس في الأصول التي بأيدينا، ولا يستقيم المعنى إلا به، وسيأتي الحديث من طريق سعيد بن المسيب نفسه برقم (302) وفي مصادر التخريج المذكورة في التعليق الآتي، وقد ثبتت فيها هذه الجملة.

ص: 362

لَا نَجِدُ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ رَأَيْتُ (1) النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَمَ، وَقَدْ رَجَمْنَا (2).

250 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ - أوْ وَافَقَنِي (3) رَبِّي فِي ثَلاثٍ - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى؟ فَأَنْزَلَ اللهُ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَدْخُلُ (4) عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِجَابِ، وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ عليه السلام بَعْضَ نِسَائِهِ، قَالَ: فَاسْتَقْرَيْتُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ فَجَعَلْتُ أَسْتَقْرِيهِنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً: وَاللهِ لَئِنِ انْتَهَيْتُنَّ وَإِلَّا لَيُبَدِّلَنَّ اللهُ رَسُولَهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ، قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، قَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ تَعِظُهُنَّ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنْكُنَّ} (5).

(1) في (ب) و (ح) و (ص): رأيتم.

(2)

صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 824 عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 77، والترمذي (1431) من طريق داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، به. وسيأتي برقم (302)، وانظر (391).

(3)

في (م) و (ح) و (س) و (ص): ووافقني، وما بين المعترضتين ليس في (ب).

(4)

على حاشية (ق): ليدخل.

(5)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البخاري (4483) و (4790) ومن طريقه البغوي في "التفسير" 1/ 113 من =

ص: 363

251 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو ذِبْيَانَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنِ (1) النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ ". وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ عِنْدِهِ: وَمَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} (2).

252 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِطَلْحَةَ - فَذَكَرَ مَعْنَاهُ - قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِطَلْحَةَ فَرَآهُ مُهْتَمًّا، قَالَ: لَعَلَّكَ سَاءَكَ (3) إِمَارَةُ ابْنِ عَمِّكَ - قَالَ: يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا الرَّجُلُ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا كَانَتْ نُورًا (4) فِي صَحِيفَتِهِ، أَوْ وَجَدَ لَهَا رَوْحًا عِنْدَ الْمَوْتِ "

= طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (157).

وقوله: "فاستقريتُ"، أي: تتبعت.

(1)

في (ص): يحدث يقول: إن. وفي (م) و (س): يحدث يقول: عن.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو ذبيان: هو خليفة بن كعب التميمي.

وأخرجه الطيالسي (43)، وابن أبي شيبة 8/ 350، والبخاري (5834)، ومسلم (2069)(11)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 200، وفي "الكبرى"(11343) له (363)، والبغوي في "الجعديات"(1447) من طرق عن شعبة، بهذا الإِسناد. وقد تقدم من غير هذا الطريق برقم (123).

(3)

على حاشيتي (ق) و (ص): ساءتك.

(4)

في (ص): كانت له.

ص: 364

قَالَ عُمَرُ: أَنَا أُخْبِرُكَ بِهَا، هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَرَادَ بِهَا عَمَّهُ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. قَالَ: فَكَأَنَّمَا كُشِفَ عَنِّي غِطَاءٌ، قَالَ: صَدَقْتَ، لَوْ عَلِمَ كَلِمَةً هِيَ أَفْضَلُ مِنْهَا لَأَمَرَهُ بِهَا (1).

253 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: طُفْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا كُنْتُ عِنْدَ الرُّكْنِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ، أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِيَسْتَلِمَ، فَقَالَ: أَمَا طُفْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتَهُ يَسْتَلِمُهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَانْفُذْ عَنْكَ (2) فَإِنَّ لَكَ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةً حَسَنَةً (3).

254 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنِي الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ

(1) حديث صحيح بطرقه، عامر بن شراحيل الشعبي لم يدرك عمر، وقد تقدم موصولاً برقم (187). وجهالة الرجل في الإِسناد الثاني لا تضر، فإن إسماعيل بن أبي خالد سمعه مرة أخرى من الشعبي كما صرح بذلك في السند الأول.

(2)

تحرف في (م) إلى: عندك.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وما قاله الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في إعلال هذا الحديث بأن الأحاديث الصحاح ثبت فيها أن رسول الله استلم الحجر وأن عمر رآه وروى عنه ذلك، ليس بشيء فإن المراد بالركن هنا الذي أمر عمر بعدم استلامه إنما هو الركنُ الغربي الذي يلي الأسودَ وهو الركن الشامي. وانظر "القِرى" للمحب الطبري ص 288.

وأخرجه أبو يعلى (182) من طريق يحيى، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (313)، وانظر ما سيأتي برقم (512).

ص: 365

نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، فَاجْتَهَدْتُ فَلَمْ آلُ، فَأَهْلَلْتُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، فَمَرَرْتُ بِالْعُذَيْبِ عَلَى سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَبِهِمَا جَمِيعًا؟ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: دَعْهُ، فَلَهُوَ أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِهِ. قَالَ: فَكَأَنَّمَا بَعِيرِي عَلَى عُنُقِي، فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: إِنَّهُمَا لَمْ يَقُولا شَيْئًا هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم (1).

255 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَيْلَةً، فَقَالَ لَهُ:" فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ "(2).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي وهو ثقة. شقيق: هو ابن سلمة. وقد تقدم برقم (83).

والعذيب: ماء بين القادسية والمغيثة، وهو من منازل حاج الكوفة.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبيد الله: هو ابن عمر العمري.

وأخرجه أبو داود (3325) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الترمذي (1539)، وابن الجارود (941) من طريق يحيى بن سعيد القطان، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 167، وعبد بن سعيد (40)، والدارمي (2333)، والبخاري (2042)، ومسلم (1656)، وابن ماجه (2129)، والبزار (140) و (141) و (143)، وأبو يعلى (254)، والطحاوي 3/ 133، والبيهقي 10/ 76 من طرق عن عُبيد الله، به.

وأخرجه ابن ماجه (1772)، والنسائي 7/ 21 من طريق أيوب، عن نافع، به.

وأخرجه البزار (142) من طريق عمرو بن دينار، عن ابن عمر، به. وسيأتي برقم (4705).

ص: 366

256 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ صُبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ التَّغْلِبِيِّ، قَالَ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِنَصْرَانِيَّةٍ، فَأَرَدْتُ الْجِهَادَ أَوِ الْحَجَّ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي يُقَالُ لَهُ: هُدَيْمٌ (1)، فَسَأَلْتُهُ، فَأَمَرَنِي بِالْحَجِّ، فَقَرَنْتُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

فَذَكَرَهُ (2).

257 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ الْإِيَامِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: صَلاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (3).

(1) في (ص): هذيم.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصُّبي بن معبد. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه أبو داود (1798) و (1799)، والنسائي 5/ 146 و 147، وابن خزيمة (3069) من طريقين عن منصور بن المعتمر، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (83).

(3)

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، ورواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر مرسلة، فهو لم يسمع منه، لكنَّه بيَّن الواسطة بينهما عند غير الإمام أحمد، وهو كعبُ بن عجرة، فصحَّ الإِسنادُ بذكر كعب.

وأخرجه أبو يعلى (241)، وابن حبان (2783) من طريق وكيع، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (48) و (136)، وعبد الرزاق (4278)، والنسائي 3/ 183، والطحاوي 1/ 421 من طرق عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 188 و 447، وعبد بن حُميد (29)، وابن ماجه (1063)، والبزار (331)، والنسائي 3/ 111 و 118، والطحاوي 1/ 421، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 353 - 354، والبيهقي 3/ 199 - 200 من طرق عن زبيد، به. =

ص: 367

قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ زُبَيْدٌ مَرَّةً: أُرَاهُ عَنْ عُمَرَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الشَّكِّ. وقَالَ يَزِيدُ - يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ -: ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ (1).

258 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ وَجَدَ فَرَسًا كَانَ حَمَلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَاهُ وَقَالَ:" لَا تَعُودَنَّ فِي صَدَقَتِكَ "(2).

= وأخرجه ابن ماجه (1064)، والنسائي في "الكبرى"(490)، وابن خزيمة (1425) من طريق يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن عبيد الإِيامي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن عمر، به.

قوله: "تمام غير قصر"، قال السندي: ظاهره مشكل في صلاة السفر، لقوله:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ، فإنه يدلُّ على القصر، إلا أن يقال: إذا وَجَبَ القصرُ صارت كأنها تمامٌ، فالحديث من أدلة وجوب القصر، لا يقال: الوجوب لا يوافق القرآن أيضاً، لأنا نقول: لفظة "لا جُناح" لا تنافي الوجوب كما في السعي ببن الصفا والمروة، وقد قال تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ، وبالجملة فقد يقال: لا جناح في الواجب إذا زعم المخاطبُ، أو كان من شأنه أن يَزعُمَ الجناحَ.

(1)

قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 6/ 261 - 262: قال أبو خيثمة في "مسنده": حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان الثوري، عن زبيد -وهو الإِيامي- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: سمعت عمر يقول

فذكر هذا الحديث. قال أبو خيثمة: تفرد به يزيد بن هارون فكذا، ولم يقل أحد: سمعت عمر غيره، ورواه يحيى بن سعيد وغير واحد عن سفيان عن زبيد عن عبد الرحمن عن الثقة عن عمر، ورواه شريك عن زبيد عن عبد الرحمن عن عمر، ولم يقل: سمعت.

(2)

إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ هشام بن سعد، فمن رجال =

ص: 368

259 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ وَبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلٍ، وَهُوَ يُجْلِسُ النَّاسَ، يَقُولُ: اسْمَعُوا لِقَوْلِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ يُقَالُ لَهُ: شَدِيدٌ، بِصَحِيفَةٍ فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لِمَنْ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَوَاللهِ مَا أَلَوْتُكُمْ. قَالَ قَيْسٌ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ (1).

260 -

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عِمْرَانَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيذِ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ. فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ فَسَأَلْتُهُ، فَأَخْبَرَنِي - فِيمَا أَظُنُّ - عَنْ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ - شَكَّ سُفْيَانُ -. قَالَ: فَلَقِيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ (2).

= مسلم، وهو حسنُ الحديث.

وأخرجه ابن ماجه (2390)، وأبو يعلى (225) من طريق وكيع، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو يعلى (166) من طريق ابن نمير، عن هشام بن سعد، به. وقد تقدم برقم (166).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن أبي خالد: هو إسماعيل، وقيس: هو ابن أبي حازم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 573 عن وكيع، بهذا الإِسناد.

(2)

حديث صحيح، مؤمَّل بن إسماعيل -وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عمران بن الحارث السلمي، فمن رجال مسلم. سفيان: هو الثوري، وسلمة: هو ابن كهيل. وقد تقدم برقم (185).

ص: 369

261 -

حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ وَأَبِي مَرْيَمَ وَأَبِي شُعَيْبٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ بِالْجَابِيَةِ

فَذَكَرَ فَتْحَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

قَالَ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ (1): فَحَدَّثَنِي أَبُو سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِكَعْبٍ: أَيْنَ تُرَى أَنْ أُصَلِّيَ؟ فَقَالَ: إِنْ أَخَذْتَ عَنِّي صَلَّيْتَ خَلْفَ الصَّخْرَةِ، فَكَانَتِ الْقُدْسُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ عُمَرُ: ضَاهَيْتَ الْيَهُودِيَّةَ، لَا، وَلَكِنْ أُصَلِّي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَقَدَّمَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَكَنَسَ الْكُنَاسَةَ فِي رِدَائِهِ، وَكَنَسَ النَّاسُ (2).

262 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ - يَعْنِي ابْنَ مِغْوَلٍ - قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3)

(1) هو حماد بن سلمة.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي سنان: وهو عيسى بن سنان الحنفي القسملي.

وأورده ابن كثير في "مسند عمر" 1/ 160 عن أحمد وقال: هذا حديث حسن الإِسناد، واختاره الحافظ الضياء في كتابه، وأبو سنان هذا: اسمه عيسى بن سنان الشامي الفلسطيني روى عنه جماعة وضعفه ابن معين وأحمد بن حنبل وأبو زرعة ووثقه بعضهم، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، وروى له أهل السنن إلا النسائي.

وأخرجه أبو عبيد في "الأموال"(430) عن الهيثم بن عمار العنسي قال: سمعت جدي عبد الله بن أبي عبد الله يقول: لما وَلي عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل بالجابية

ثم ذكر نحوه.

(3)

على حاشية (ص): هو النخعي.

ص: 370

عَنْ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَلالَةِ، فَقَالَ:" تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ " فَقَالَ: لَأَنْ أَكُونَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي حُمْرُ النَّعَمِ (1).

263 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّهُ تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ (2).

264 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ (3)، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: يُعَذِّبُ اللهُ هَذَا الْمَيِّتَ بِبُكَاءِ هَذَا الْحَيِّ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَا كَذَبْتُ عَلَى عُمَرَ، وَلا كَذَبَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (4).

265 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ الْقَرْثَعِ، عَنِ قَيْسٍ أَوِ ابْنِ قَيْسٍ - رَجُلٍ مِنْ جُعْفِيٍّ -

(1) صحيح لغيره، وهذا سند رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن إبراهيم -وهو ابن يزيد النخعي- لم يدرك عمر. وانظر (186).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري. وقد يقدم برقم (94).

(3)

قوله: "عن قزعة" سقط من (ص).

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وفزعة: هو ابن يحيى البصري. وانظر تخريج الحديث (180).

ص: 371

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ، عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَقْرَأُ، فَقَامَ فَتَسَمَّعَ (1) قِرَاءَتَهُ، ثُمَّ رَكَعَ عَبْدُ اللهِ، وَسَجَدَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ "، قَالَ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ". قَالَ: فَأَدْلَجْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ لِأُبَشِّرَهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَلَمَّا ضَرَبْتُ الْبَابَ - أَوْ قَالَ: لَمَّا سَمِعَ صَوْتِي - قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قُلْتُ: جِئْتُ لِأُبَشِّرَكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: قَدْ سَبَقَكَ أَبُو بَكْرٍ. قُلْتُ: إِنْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ (2) سَبَّاقٌ بِالْخَيْرَاتِ، مَا اسْتَبَقْنَا خَيْرًا قَطُّ إِلَّا سَبَقَنَا إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ (3).

266 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَهْلُ الْيَمَنِ جَعَلَ عُمَرُ يَسْتَقْرِي الرِّفَاقَ، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ قَرَنٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى قَرَنٍ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: قَرَنٌ، فَوَقَعَ زِمَامُ عُمَرَ، أَوْ زِمَامُ أُوَيْسٍ، فَنَاوَلَهُ - أَوْ نَاوَلَ (4) - أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ. فَقَالَ: هَلْ لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ:

(1) على حاشيتي (ق) و (ص): فسمع.

(2)

في (ق): فهو.

(3)

إسناده صحيحَ. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، والقرثع: هو القرثع الضبي، وقيس: هو ابن أبي قيس، واسم أبيه مروان. وقد تقدم برقم (175).

قوله: "فأدلجتُ"، يريد: بكَّرت بالمجيء إليه.

(4)

قوله: "أو ناول" لم يرد في (م) و (ق).

ص: 372

نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ كَانَ بِكَ مِنَ الْبَيَاضِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَوْتُ اللهَ عز وجل، فَأَذْهَبَهُ عَنِّي إِلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ مِنْ سُرَّتِي لِأَذْكُرَ بِهِ رَبِّي، قَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللهَ عز وجل فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ ". فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ، فَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ وَقَعَ، قَالَ: فَقَدِمَ الْكُوفَةَ، قَالَ: وَكُنَّا نَجْتَمِعُ فِي حَلْقَةٍ، فَنَذْكُرُ اللهَ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَنَا، فَكَانَ إِذَا ذَكَرَ هُوَ وَقَعَ حَدِيثُهُ مِنْ قُلُوبِنَا مَوْقِعًا لَا يَقَعُ حَدِيثُ غَيْرِهِ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

• 267 - حَدَّثَنَا [عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ](2) عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. سعيد الحريري: هو ابن إياس، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة. وأخرجه مسلم (2542)(224) من طريق عفان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن سعد 6/ 161 - 162، وابن أبي شيبة 12/ 153، ومسلم (2542)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 79 من طريق سليمان بن المغيرة، عن الجريري، به.

وأخرجه مسلم (2542)(225)، والبزار (342)، وأبو نعيم 2/ 80 من طريق زرارة، عن أسير بن جابر، به.

والبياض يعني: البرص.

(2)

ما بين الحاصرتين ليس في شيء من الأصول، وهي زيادة لا بد منها، فإنه لا يُعرف في الرواة من اسمُه عبد الملك بن أبي الشوارب، ولكن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثم إنَّ هذا الأخيرَ من أقران الإِمام أحمد بن حنبل، ولا يُعرف أن الإِمام روى عنه شيئاً، والذي عُرف بالرواية عنه هو ابنُه عبد الله بن أحمد، والله تعالى أعلم. وهذا الإسناد لم يرد في ثلاث نسخ من أصولنا هي (ظ 11) و (ب) و (ح)، وكذا لم يورده =

ص: 373

الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، [عَنِ عَلْقَمَةَ]، عَنِ الْقَرْثَعِ، عَنْ قَيْسٍ، أَوِ ابْنِ قَيْسٍ - رَجُلٍ مِنْ جُعْفِيٍّ - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَفَّانَ (1).

268 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا عَوَّلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَقَالَ: يَا حَفْصَةُ، أَمَا سَمِعْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ ". قَالَ: وَعَوَّلَ صُهَيْبٌ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ (2).

269 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ (3)، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ، عَنْ مُعَاذَةَ (4)، عَنْ أُمِّ عَمْرٍو ابْنَةِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ

= الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند"، وإنما ذكر الإِسناد المتقدم برقم (265). وقد سقط من الإِسناد أيضاً علقمة، وهو الواسطة بين إبراهيم وبين القرثع، وأثبتناه بين حاصرتين.

(1)

إسناده صحيح. وانظر الحديث المتقدم برقم (265).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (127)(21)، والبيهقي 4/ 72 من طريق عفان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (42)، والبزار (219)، وأبو يعلى (233)، وابن حبان (3132) من طريق حماد، به. وانظر الحديث المتقدم برقم (180). وعوَّلَتْ: رفعت صوتها بالبكاء.

(3)

قوله: "حدثنا عفان" سقط من (ق).

(4)

تحرف في (م) إلى: معاذ.

ص: 374

أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَخْطُبُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا، فَلا يُكْسَاهُ فِي الْآخِرَةِ "(1).

270 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فِيهِمْ عُمَرُ - وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا صَلاةَ بَعْدَ صَلاتَيْنِ: بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ "(2).

271 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِ هَذَا: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ (3).

272 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ: أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ آيَةً لَوْ أُنْزِلَتْ (4) فِينَا لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ

(1) حديث صحيح وقد تقدم برقم (123). عبد الواحد: هو ابن زياد، ويزيد الرشك: هو ابن أبي يزيد، ومعاذة: هي بنت عبد الله العدوية.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. همام: هو ابن يحيى العوذي، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران الرياحي. وقد تقدم برقم (110) وانظر ما بعده.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبان: هو ابن يزيد العطار، وهو مكرر (110).

(4)

في (ق): نزلت.

ص: 375

اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَتْ؛ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ - قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَوْ لَا - يَعْنِي: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3](1).

273 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ:" بِمَ أَهْلَلْتَ؟ " قُلْتُ: بِإِهْلالٍ كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" هَلْ سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ؟ " قُلْتُ: لَا. قَالَ: " طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ ". فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَّطَتْنِي، وَغَسَلَتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ بِذَلِكَ بِإِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِمَارَةِ عُمَرَ، فَإِنِّي لَقَائِمٌ فِي الْمَوْسِمِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ، فَبِهِ فَاْئتَمُّوا، فَلَمَّا قَدِمَ قُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي قَدْ أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ؟ قَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ قَالَ:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وَإِنْ نَأْخُذْ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه البخاري (4606)، ومسلم (3017)(3)، والطبري 6/ 82 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (4407) عن محمد بن يوسف، عن سفيان، به. وقد تقدم برقم (188).

ص: 376

بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ (1).

274 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ (2) لَا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم بِكَ حَفِيًّا (3).

275 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ. وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ (4)، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (1221)(155)، والنسائي 5/ 154 من طريق عبد الرحمن، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (1559) عن محمد بن يوسف، عن سفيان، به.

وأخرجه الطيالسي (67) و (516)، والبخاري (1565) و (1724) و (1795) و (4346) و (4397)، ومسلم (1221)(154)، والنسائي 5/ 156 من طرق عن قيس بن مسلم، به. وسيأتي في مسند أبي موسى الأشعري رضي الله عنه 4/ 393 الطبعة الميمنية.

(2)

لفظة "حجر" ليست في (ص).

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (1271)، والبزار (341)، وأبو يعلى (189) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (34)، وعبد الرزاق (9034) عن إسرائيل، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، به. وانظر (99)، وسيأتي برقم (382).

(4)

تحرف في (س) و (ق) و (ص)، وكذا في المطبوع من مسند أحمد إلى "ابن =

ص: 377

قَالَ عُمَرُ - قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ عُمَرَ -: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ - قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ - يَعْنِي: فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ (1).

276 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَا بِهَا، وَعَقَلْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، فَأَخْشَى أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ عَهْدٌ، فَيَقُولُوا: إِنَّا لَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَتُتْرَكَ فَرِيضَةٌ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ (2) مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُ (3).

277 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ

= إسحاق" وجاء على الصواب في (ب) و (ح) و"أطراف المسند" لابن حجر 1 ورقة 217، وفي جميع مصادر تخريج هذا الحديث والتي سبق ذكرها في رقم (84). وانظر إسناد الحديث رقم (200) من هذا الكتاب.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، ورواية سفيان الثوري عنه قبل تغيره. وقد تقدم برقم (84).

وثبير: جبل معروف بمكة على يسار الذاهب إلى مِنى من عرفة.

(2)

قوله: "إذا أحصن" ليس في (ص).

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود الهذلي. وقد تقدم برقم (154).

ص: 378

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي الصَّلاةِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيهَا، فَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا. فَقَالَ:" اقْرَأْ " فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهَا مِنْهُ، فَقَالَ:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ " ثُمَّ قَالَ لِي: " اقْرَأْ " فَقَرَأْتُ، فَقَالَ:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ "(1).

278 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ يَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ

فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (2).

279 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ لَمْ تَقْبَلْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الرحمن بن عبد: هو القارِيّ. وهو في "موطأ مالك" 1/ 201.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/ 183، والبخاري (2419)، ومسلم (818)، وأبو داود (1475)، والنسائي 2/ 150، وابن حبان (741)، والبغوي في "شرح السنة"(1226). وسيأتي برقم (278) و (296) و (297)، وانظر (158).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر ما قبله.

ص: 379

قَالَ: فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَاكَ؟ قَالَ: أَنَا غَنِيٌّ، لِي أَعْبُدٌ وَلِي أَفْرَاسٌ، أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَمَلِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي كُنْتُ أَفْعَلُ مِثْلَ الَّذِي تَفْعَلُ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي. فَقَالَ: " خُذْهُ، فَإِمَّا أَنْ تَمَوَّلَهُ، وَإِمَّا أَنْ تَصَدَّقَ بِهِ، وَمَا آتَاكَ اللهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ لَهُ وَلا سَائِلِهِ فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ "(1).

280 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: لَقِيَ عُمَرُ عَبْدَ اللهِ بْنَ السَّعْدِيِّ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:" تَصَدَّقْ بِهِ، وَلَا (2) تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ "(3).

281 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَهُ وَظَنَنْتُ (4) أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَقُلْتُ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" لَا تَبْتَعْهُ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الَّذِي يَعُودُ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ "(5).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر رقم (100).

(2)

على حاشية (ص): وقال.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر ما قبله.

(4)

في (ق): فظننت.

(5)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. =

ص: 380

282 -

قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ (1).

283 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ (2) إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ رَجُلًا غَيُورًا، فَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ اتَّبَعَتْهُ عَاتِكَةُ ابْنَةُ زَيْدٍ، فَكَانَ يَكْرَهُ خُرُوجَهَا، وَيَكْرَهُ مَنْعَهَا، وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِذَا اسْتَأْذَنَتْكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَلا تَمْنَعُوهُنَّ "(3).

284 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: لَوْلا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فُتِحَتْ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا

= وأخرجه مسلم (1620) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد.

وهو في "موطأ مالك" 1/ 282.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري (1490) و (2623) و (3003)، ومسلم (1620) والبزار (266)، والنسائي 5/ 108، وابن حبان (5125). وقد تقدم برقم (166).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عبيد: هو سعد بن عبيد الزهري. وقد تقدم برقم (163).

(2)

تحرف في (ق) إلى: عن.

(3)

صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أن سالم بن عبد الله بن عمر لم يُدرك =

ص: 381

قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ (1).

285 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: أَلا لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ، أَلا لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ، قَالَ: فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللهِ، كَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْتَلَى (2)

= جده، ولم يسمع منه. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُليَّة، ويحيى بن أبي إسحاق: هو الحضرمي.

وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري (865) ومسلم (442) وسيأتي في "المسند" 2/ 7، ولفظه:"إذا استأذنكم النساء إلى المساجد فأذنوا لهن".

وعن أبي هريرة عند أحمد 2/ 438، وصححه ابن حبان (2214).

وعن زيد بن خالد عند أحمد 5/ 192، وصححه ابن حبان (2211).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أبو داود (3020) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو عبيد في "الأموال"(143)، والبخاري (2334) و (3125) و (4236)، والبزار (276) من طريق عبد الرحمن، به.

وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج"(107)، وابن أبي شيبة 12/ 341، و 14/ 470 عن عبد الله بن إدريس، عن مالك، به.

وقد تقدم الحديث برقم (213).

(2)

في (ص): ليغلى.

ص: 382

بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ - وَقَالَ مَرَّةً: وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ - حَتَّى تَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَحَتَّى يَقُولَ: كُلِّفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. قَالَ: وَكُنْتُ غُلامًا عَرَبِيًّا مُوَلَّدًا لَمْ أَدْرِ مَا عَلَقُ الْقِرْبَةِ.

قَالَ: وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ أَوْ َمَاتَ: قُتِلَ فُلانٌ شَهِيدًا، وَمَاتَ فُلانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ، أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا، أَوْ وَرِقًا يَلْتَمِسُ التِّجَارَةَ، لَا تَقُولُوا ذَاكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ، أَوْ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ "(1).

(1) حديث صحيح، ظاهر إسناده الانقطاع بين محمد بن سيرين وبين أبي العجفاء -واسمه هَرِم بن نَسيب- لكن قد وصل الإِسناد بتصريح ابن سيرين بالسماع من أبي العجفاء عند المؤلف برقم (340) فالظاهر أنَّه سمعه مرة منه ومرةً من غيره، فحدَّث به تارة هكذا وتارة هكذا. ورجال هذا الإِسناد ثقات من رجال الشيخين غيرَ أبي العجفاء فقد روى له أصحاب السنن، وهو صدوق.

وأخرجه النسائي 6/ 117 من طريق إسماعيل بن إبراهيم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (64)، وعبد الرزاق (10400) و (10401)، وابن أبي شيبة 4/ 187 و 188، والدارمي (2200)، وابنُ ماجه (1887)، والنسائي 6/ 117، وابن حبان (4620)، والحاكم 2/ 175 - 176، والبيهقي 7/ 234 من طرق عن ابن سيرين عن أبي العجفاء، به. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي.

وأخرجه البيهقي 7/ 234 من طريق عمروبن أبي قيس، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن أبي العجفاء، عن أبي العجفاء، به. وابن أبي العجفاء لعله عبد الله. ذكره البخاريُّ في "التاريخ الكبير" 5/ 221، وابن حبان في "الثقات" 7/ 55 وقالا: يروي عن أبيه، ويروي عنه ابنه الهيثم، وعمرو بن قيس قال أبو داود: في حديثه خطأ. وسيأتي برقم (287) و (340). =

ص: 383

286 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّا إِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُكُمْ إِذْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَإِذْ يَنْزِلُ الْوَحْيُ، وَإِذْ يُنْبِئُنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ، أَلَا وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِ انْطَلَقَ، وَقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ، وَإِنَّمَا نَعْرِفُكُمْ بِمَا نَقُولُ لَكُمْ، مَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ خَيْرًا ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا وَأَحْبَبْنَاهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ لَنَا (1) شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا، وَأَبْغَضْنَاهُ عَلَيْهِ، سَرَائِرُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ، أَلا إِنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَيَّ حِينٌ وَأَنَا أَحْسِبُ أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يُرِيدُ اللهَ وَمَا عِنْدَهُ، فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيَّ بِآخِرَةٍ أَلا إِنَّ رِجَالًا قَدْ قَرَؤُوهُ يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ النَّاسِ، فَأَرِيدُوا اللهَ بِقِرَاءَتِكُمْ، وَأَرِيدُوهُ بِأَعْمَالِكُمْ.

أَلا إِنِّي وَاللهِ مَا أُرْسِلُ عُمَّالِي إِلَيْكُمْ لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ، وَلا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنْ أُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ سِوَى ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِذَاً لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ، فَوَثَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَ رَأَيْتَ إِنْ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَعِيَّةٍ، فَأَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ، أَئِنَّكَ لَمُقْتَصُّهُ (2) مِنْهُ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، إِذَاً لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ، أَنَّى لا أُقِصَّنَّهُ مِنْهُ (3)، وَقَدْ رَأَيْتُ

= وقوله: كلفت إليكِ عَلَق القربة: أي تكلفت إليك وتحملت حتى الحبل الذي تعلق به القربة، ودفُّ الراحلة: جانب كورها وهو السرج.

(1)

في (م): منكم لنا، وفي (ق): لنا منكم.

(2)

في (ق): لمقتصصه، وأشار الناسخ إلى نسخة أخرى كما هاهنا.

(3)

قوله: "منه أنى لا أقصه" سقط من (م).

ص: 384

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ؟ ألا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ، وَلا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ (1).

287 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ مَرَّةً أُخْرَى، أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ، قَالَ:

(1) أبو فِراس -وهو النهدي- لم يرو عنه غير أبي نضرة المنذر بن مالك، ولم يوثقه غير ابن حبان 5/ 585 وقال أبو زرعة: لا أعرفه. وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه النسائي 8/ 34 من طريق إسماعيل بن إِبراهيم، بهذا الإِسناد، مختصراً.

وأخرجه الطيالسي (54)، وهناد في "الزهد"(877)، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 167، وأبو داود (4537) والحاكم 4/ 439، والبيهقي 9/ 29 و 42 من طرق عن الجريري، به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي مع أن أبا فراس لم يخرج له مسلم.

وأخرج البخاري (2641) مختصراً بنحوه عن الحكم بن نافع، عن شعيب، عن الزهري، حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الله بن عتبة، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "إن ناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه، وليس إِلينا من سريرته شيء، الله يحاسب سريرتَه، ومن أظهر لنا سوءاً لم نَأْمَنْه، ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة".

الأبشار: جمع بشرة، وهي ظاهر الجلد.

وقوله: "ولا تُجمِّروهم"، قال السندي: من التجمير -بالجيم والراء المهملة-، وتجمير الجيش: جمعهم في الثغور، وحَبْسهم عن العَوْد إلى أهليهم. فتكفروهم: أي تحملوهم على الكفران وعدمِ الرضا بكم، أو على الكفر بالله لظنهم أنه ما شرع الإِنصاف في الدين. الغِياض: جمع غَيْضة -بفتح الغين- وهي الشجر الملتفُّ، قيل: لأنهم إذا نزلوها تفرقوا فيها، فتمكن منهم العدوُّ.

ص: 385

سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: أَلا لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَذَكَرَ أَيُّوبُ وَهِشَامٌ وَابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ، عَنْ عُمَرَ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ: نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ.

288 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جَنَازَةَ أُمِّ أَبَانَ ابْنَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُودُهُ قَائِدُهُ، قَالَ: فَأُرَاهُ أَخْبَرَهُ بِمَكَانِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي وَكُنْتُ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا صَوْتٌ مِنَ الدَّارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ " فَأَرْسَلَهَا عَبْدُ اللهِ مُرْسَلَةً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ نَازِلٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَقَالَ لِي: انْطَلِقْ فَاعْلَمْ مَنْ ذَاكَ. فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هُوَ صُهَيْبٌ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعْلَمَ لَكَ مَنْ ذَاكَ (2)، وَإِنَّهُ صُهَيْبٌ. فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا. فَقُلْتُ: إِنَّ مَعَهُ أَهْلَهُ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ - وَرُبَّمَا قَالَ أَيُّوبُ: مَرَّةً فَلْيَلْحَقْ بِنَا - فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمَدِينَةَ لَمْ يَلْبَثْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أُصِيبَ، فَجَاءَ صُهَيْبٌ فَقَالَ: وَا أَخَاهُ، وَا صَاحِبَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ تَعْلَمْ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ - أَوْ قَالَ: أَوَلَمْ تَعْلَمْ، أَوَلَمْ

(1) حديث صحيح وهو مكرر (285).

(2)

في (ق): ذلك.

ص: 386

تَسْمَعْ (1) - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "؟ فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَأَرْسَلَهَا مُرْسَلَةً، وَأَمَّا عُمَرُ فَقَالَ:" بِبَعْضِ بُكَاءِ ".

فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرْتُ لَهَا قَوْلَ عُمَرَ، فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ، مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ الْكَافِرَ لَيَزِيدُهُ اللهُ عز وجل بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَذَابًا " وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].

قَالَ أَيُّوبُ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ، قَالَتْ: إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونِي عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلا مُكَذَّبَيْنِ، وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ (2).

(1) قوله: "أو قال: أولم" ساقط من (م).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه مسلم (928)(22)، والبيهقي 4/ 73 من طريق إسماعيل بن علية، بهذا الإِسناد.

وأخرجه النسائي 4/ 18 - 19، وابن حبان (3136) من طريقين عن عبد الله بن أبي مليكة، به. وانظر ما بعده.

قولها: "لا والله"، قال السندي: حَلَفَت على الظن، ولا إثم على الظن، وهي زعمت أن الحديث معارض للقرآن، فلا يمكن أن يكون من قوله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعت حديثاً آخر فزعمت أن هذا الحديث تغير منه، والحديث قد جاء من طرق كثيرة عن صحابة عديدة، فلا يمكن القول بأنه مما غلط فيه عمر أو ابنه، وَلا معارضة بينه وبين القرآن بأن يحمل على ما إذا أَوصى بالبكاء، أو علم من حال أهله أنهم يبكون ولم يوصِ بتركه، وقد ذكر العلماءُ له محاملَ أُخَر أيضاً.

ص: 387

289 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ

فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ أَيُّوبَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وَهُوَ مُوَاجِهُهُ: أَلا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "(1).

290 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِمَكَّةَ، فَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ مُوَاجِهُهُ: أَلا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "(2)

فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.

291 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كُنْتُ فِي رَكْبٍ أَسِيرُ فِي غَزَاةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَلَفْتُ، فَقُلْتُ: لَا وَأَبِي، فَهَتَفَ بِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي: " لَا تَحْلِفُوا

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(6675) بهذا الإِسناد.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم 2/ 641 - 642، والبيهقي 4/ 73.

وأخرجه الشافعي 1/ 200، والبخاري (1287)، والبيهقي 4/ 73، والبغوي (1537) من طريقين عن ابن جريج، به. وانظر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر ما قبله.

ص: 388

بِآبَائِكُمْ "، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

292 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَحْلِفُ عَلَى أَيْمَانٍ ثَلاثٍ، يَقُولُ: وَاللهِ مَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَالِ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، وَاللهِ مَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ إِلَّا عَبْدًا مَمْلُوكًا، وَلَكِنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَقَسْمِنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَالرَّجُلُ وَبَلاؤُهُ فِي الْإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَقَدَمُهُ فِي الْإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَغَنَاؤُهُ فِي الْإِسْلامِ، وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ، وَوَاللهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ، لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِيَ بِجَبَلِ صَنْعَاءَ حَظُّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَهُوَ يَرْعَى مَكَانَهُ (2).

293 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُخَارِقِ زُهَيْرُ بْنُ سَالِمٍ، أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ وَلَّاهُ عُمَرُ حِمْصَ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ عُمَرُ - يَعْنِي لِكَعْبٍ -: إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرٍ فَلا تَكْتُمْنِي. قَالَ: وَاللهِ لَا أَكْتُمُكَ شَيْئًا أَعْلَمُهُ. قَالَ: مَا أَخْوَفُ شَيْءٍ تَخَوَّفُهُ عَلَى أُمَّةِ

(1) صحيح لغيره. وقد تقدم برقم (116).

(2)

إسناده ضعيف، محمد بن ميسَّر الصاغاني وإن كان ضعيفاً قد توبع عند أبي داود، وتبقى العلة في محمد بن إِسحاق فإنه مدلس وقد عنعن.

وأخرجه أبو داود (2950)، ومن طريقه الضياء في "المختارة" 1/ 395 من طريق محمد بن مسلمة، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإِسناد. نحوه، دون قوله "ووالله لئن بقيت

".

الغَناء -بالفتح-: بمعنى النفع.

ص: 389

مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَئِمَّةً مُضِلِّينَ. قَالَ عُمَرُ: صَدَقْتَ، قَدْ أَسَرَّ ذَلِكَ إِلَيَّ وَأَعْلَمَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

294 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقَالَ سَالِمٌ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ: أَرْسِلُوا إِلَيَّ طَبِيبًا يَنْظُرُ إِلَى جُرْحِي هَذَا. قَالَ: فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَسَقَى عُمَرَ نَبِيذًا فَشُبِّهَ النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ، قَالَ: فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَسَقَاهُ لَبَنًا، فَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنَ الطَّعْنَةِ صَلْدًا أَبْيَضَ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اعْهَدْ. فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ، وَلَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ كَذَّبْتُكَ. قَالَ: فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا تَبْكُوا عَلَيْنَا، مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَخْرُجْ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ:" يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ". فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللهِ لَا يُقِرُّ أَنْ يُبْكَى عِنْدَهُ عَلَى هَالِكٍ مِنْ وَلَدِهِ وَلا غَيْرِهِمْ (2).

(1) إسناده ضعيف زهير بن سالم لم يسمع من عمر، وقال البرقاني في "سؤالاته" (الورقة 5) عن الدارقطني: حمصي منكر الحديث، وذكره الذهبي في "المغني في الضعفاء"(2214)، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق فيه لين وكان يرسل، وذكره ابن حبان في "الثقات". صفوان: هو ابن عمرو السكسكي، وانظر (143) و (310).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد، وصالح: هو ابن كيسان.

وأخرجه الترمذي (1002)، والنسائي 4/ 15 - 16 عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (180).

والبكاء المنهي عنه إنما هو النياحة، أو أن يكون قد أوصى هو بذلك، وانظر (288).

ص: 390

295 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى يَرَوْا الشَّمْسَ عَلَى ثَبِيرٍ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ، فَأَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (1).

296 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ (2) الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ يَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَهُ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكِدْتُ أَنْ أُسَاوِرَهُ فِي الصَّلاةِ، فَنَظَرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَمَّا سَلَّمَ، لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي تَقْرَؤُهَا؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، فَوَاللهِ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي تَقْرَؤُهَا. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ (3) لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ " فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ " ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام: " اقْرَأْ يَا عُمَرُ " فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (84).

ثبير: جبل بمكة بينها وبين عرفة.

(2)

تحرف في (ق) إلى: بن.

(3)

في (ق): حروف كثيرة، وليس فيها قوله: لم تقرئنيها.

ص: 391

" هَكَذَا أُنْزِلَتْ " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ "(1).

297 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخبرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ عَنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاةِ، فَنَظَرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَمَّا سَلَّمَ

فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (2).

298 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُلْتَمِسًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(20369).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم (818)(271)، والترمذي (2943)، والبزار (300).

وأخرجه الطيالسي (39)، وابن أبي شيبة 10/ 518، والبخاري (4992) و (6936) و (7550)، ومسلم (818)(271)، والنسائي 2/ 151، والطبري 1/ 13 من طرق عن الزهري، به. وقد تقدم برقم (277).

قوله: "أساوره"، أي: أواثبه وأقاتله.

وقوله: "لبَّبته"، أي: جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه، وجررتُه به.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. شعيب: هو ابن أبي حمزة.

وأخرجه البخاري (5041) عن أبي اليمان، بهذا الإِسناد، وانظر ما قبله.

ص: 392

فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا " (1).

299 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ (2)؟ فَقَالَ: إِنْ أَتْرُكْ، فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: أَبُو بَكْرٍ (3).

300 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" إِنَّمَا الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "(4).

(1) إسناده قوي. حسين بن علي: هو الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة، وعاصم: هو ابن كليب بن شهاب الجرمي الكوفي، علق له البخاري واحتي به مسلم، ووثقه يحيى بن معين والنسائي، وقال أحمد: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صالح. وقد تقدم برقم (85).

(2)

في (ق): استخلف.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه عبد بن حميد (32) عن محمد بن بشر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (7218)، ومسلم (1823)(11)، وأبو يعلى (206)، وابن حبان (4478) من طرق عن هشام بن عُروة، به. وانظر (332).

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يزيد: هو ابن هارون، ويحيى بن سعيد: =

ص: 393

301 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: اتَّزِرُوا وَارْتَدُوا، وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلاتِ، وَأَلْقُوا الرُّكُبَ وَانْزُوا نَزْوًا، وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعَدِّيَّةِ، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ (1) وَزِيَّ الْعَجَمِ (2)، وَإِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ: " لَا تَلْبَسُوا مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا " وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِصْبَعَيْهِ (3).

302 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، وَأَنْ

= هو الأنصاري، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي.

وأخرجه مسلم (1907)، وابن ماجه (4227)، والدارقطني 1/ 50، والبيهقي في "السنن" 1/ 298 و 2/ 14 و 4/ 112 و 5/ 39، وفي "المعرفة" ص 190، والخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 244 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (168).

(1)

في (ص): النعيم.

(2)

في (ق): الأعاجم.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عاصم: هو ابن سليمان الأحول، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ. وقد تقدم برقم (92).

وقوله: "عليكم بالمعدِّية": يريد خشونة العيش واللباس تشبهاً بمعد بن عدنان جد العرب.

والرُّكُب: جمع رِكاب، وهو موضع القدم من السَّرْج.

وقوله: "انزوا نزواً": أي: ثبوا على الخيل وثباً.

ص: 394

يَقُولَ قَائِلٌ: لَا نَجِدُ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ (1).

303 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَانَ مُرَابِطًا بِالسَّاحِلِ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا صَالِحٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" لَيْسَ مِنْ لَيْلَةٍ إِلَّا وَالْبَحْرُ يُشْرِفُ فِيهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْأَرْضِ، يَسْتَأْذِنُ اللهَ فِي أَنْ يَنْفَضِخَ عَلَيْهِمْ، فَيَكُفُّهُ اللهُ عز وجل "(2).

304 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: حَدِّثْنِي عَنْ طَلاقِكَ امْرَأَتَكَ، قَالَ: طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ، فَلْيُطَلِّقْهَا فِي طُهْرِهَا ". قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَلِ اعْتَدَدْتَ بِالَّتِي طَلَّقْتَهَا وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: فَمَا لِي لَا أَعْتَدُّ بِهَا، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ عَجِزْتُ وَاسْتَحْمَقْتُ (3).

(1) صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. يحيى: هو ابن سعيد الأنصاري. وقد تقدم برقم (249).

(2)

إسناده ضعيف لجهالة الشيخ الذي روى عنه العوام بن حوشب، وأبو صالح مولى عمر مجهول أيضاً.

وأورده الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" 2/ 176 في قصة طويلة، ونسبه إلى إسحاق بن راهويه في "مسنده".

وقوله: ينفضخ، أي: ينفتح ويسيل.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجالُه ثقاتٌ رجال الشيخين غيرَ عبد الملك =

ص: 395

305 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا أَصْبَغُ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ الشَّامِيِّ، قَالَ: لَبِسَ أَبُو أُمَامَةَ ثَوْبًا جَدِيدًا، فَلَمَّا بَلَغَ تَرْقُوَتَهُ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اسْتَجَدَّ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ، فَقَالَ حِينَ يَبْلُغُ تَرْقُوَتَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ - أَوْ قَالَ: أَلْقَى - فَتَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، وَفِي جِوَارِ اللهِ، وَفِي كَنَفِ اللهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، حَيًّا وَمَيِّتًا، حَيًّا وَمَيِّتًا "(1).

= -وهو ابن أبي سليمان العَرْزَمي- فمن رجال مسلم. وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في مسند عبد الله بن عمر رقم (5268). واستَحمقتُ: أي فعلت فعل الحمقى.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي العلاء الشامي. أصبغ: هو ابن زيد الجهني، وأبو أمامة: هو صُدَيُّ بنُ عَجلان الباهلي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 453 و 10/ 401، وعبد بن حميد (18)، وابن ماجه (3557)، والترمذي (3560)، وابن السُّني في "اليوم والليلة"(272) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد. قال الترمذي: حديث غريب.

وأخرجه بنحوه ابن المبارك في "الزهد"(749)، ومن طريقه الحاكم 4/ 193 عن يحيى بن أيوب، عن عُبيد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد بن أبي زياد الألهاني، عن القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، عن أبي أُمامة، به. وهذا إسناد ضعيف أيضاً لضعف علي بن يزيد الألهاني.

قال الحاكم: هذا الحديث لم يحتجَّ الشيخان رضي الله عنهما بإسناده، ولم أذكر أيضاً في هذا الكتاب مثلَ هذا، على أنه حديث تفرد به إمامُ خراسان عبد الله بن المبارك عن أئمة أهلِ الشام رضي الله عنهم أجمعين، فآثرت إخراجه ليرغب المسلمون في استعماله. =

ص: 396

306 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَدُنَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، كَيْفَ يَصْنَعُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَ:" يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ (1) ثُمَّ يَنَامُ "(2).

307 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ. وَأَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْبَقِيعِ يَنْظُرُ إِلَى الْهِلالِ، فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ، فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ فَقَالَ: مِنَ المَغْرِبِ (3). قَالَ: أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ: اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّمَا يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ الرَّجُلُ. ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَتَوَضَّأَ، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ.

قَالَ أَبُو النَّضْرِ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِهَا وَمَسَحَ (4).

= وقال الدارقطني في "العلل" 2/ 138 بعد أن علَّل طرقه: والحديثُ غيرُ ثابت.

(1)

في (ص): وضوء الصلاة.

(2)

إسناده حسن، وقد صرح محمد بن إسحاق بالسماع من نافع فيما تقدم برقم (94).

(3)

في (م): الغرب.

(4)

إسناده ضعيف، لضعف عبد الأعلى الثعلبي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر، وقد تقدم برقم (193).

وأخرجه البيهقي 4/ 248 - 249 من طريق يزيد بن هارون، عن ورقاء، بهذا الإِسناد.

ص: 397

308 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، أَخْبَرَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ (1)، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ (2)، قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ طَاحِيَةَ (3) مُهَاجِرًا، يُقَالُ لَهُ: بَيْرَحُ بْنُ أَسَدٍ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَيَّامٍ، فَرَآهُ عُمَرُ، فَعَلِمَ أَنَّهُ غَرِيبٌ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ عُمَانَ. قَالَ: مِنْ أَهْلِ عُمَان؟ (4) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ الَّتِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا: عُمَانُ، يَنْضَحُ بِنَاحِيَتِهَا الْبَحْرُ، بِهَا حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ لَوْ أَتَاهُمْ رَسُولِي مَا رَمَوْهُ بِسَهْمٍ وَلا حَجَرٍ "(5).

(1) تصحف في (م) إلى: الحريث.

(2)

تحرف في (ق) إلى: ابن لبيد. وقال ابن حجر في "أطراف المسند" 2/ ورقة 218: أبو لبيد واسمه لِمازة بن زَبَّار.

(3)

طاحية: قبيلة من الأزد.

(4)

قوله: "قال: من أهل عُمان" الثانية سقط من النسخ المطبوعة.

(5)

إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو لبيد -واسمه لمازة بن زَبار- لم يدرك عمر ولا أبا بكر. وقال ابن كثير عن هذا الحديث -فيما نقله عنه السيوطي في "الجامع الكبير": 1067 - : هذا إسناد منقطع من ناحية أبي لبيد، فإنه لم يلق أبا بكرٍ وعمر، وإنما له رؤية لعلي، وإنما يحدث عن كعب بن سور وضَرْبِهِ من الرجال، وهو من الثقات. جرير: هو ابن حازم.

وأخرجه المروزي في "مسند أبي بكر"(114)، وأبو يعلى (106) من طريق يونس بن محمد المؤدب، عن جرير بن حازم، بهذا الإِسناد.

ويشهد للمرفوع منه حديث أبي بَرزة الأسلمي عند أحمد في "المسند" 4/ 420، ومسلم (2544)، ولفظه:"لو أنَّ أهل عُمان أتيتَ، ما سَبُّوك ولا ضربوك".

ص: 398

309 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ - قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ - قَالَ: " يَقُولُ اللهُ تبارك وتعالى: مَنْ تَوَاضَعَ لِي هَكَذَا - وَجَعَلَ يَزِيدُ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَدْنَاهَا إِلَى الْأَرْضِ - رَفَعْتُهُ هَكَذَا - وَجَعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَرَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ - "(1).

310 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ تَحْتَ مِنْبَرِ عُمَرَ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ "(2).

* 311 - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ: وحَدَّثَنَا مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمُ (3)} الْآيَةَ [الأعراف: 172] فَقَالَ عُمَرُ:

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عاصم بن محمد: هو ابن يزيد بن عبد الله بن عمر.

وأخرجه البزار (175)، وأبو يعلى (187) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد.

(2)

إسناده قوي. وقد تقدم برقم (143).

(3)

كذا في الأصول الخطية "ذرياتِهم" بالألف وكسر التاء، وهي قراءة نافع وابن =

ص: 399

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ، وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللهَ عز وجل إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ، فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ "(1).

= عامر وأبي عمرو، وقرأ أهل مكة والكوفة:"ذريتَهم". انظر "حجة القراءات" ص 301 - 302.

(1)

صحح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، مسلم بن يسار الجُهَنِيُّ لم يسمع من عمر، ثم إنه لم يُوثقه غيرُ ابن حبان والعجلي، ولم يرو عنه غيرُ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، فهو في عداد المجهولين. وهو في "الموطأ" 2/ 898 - 899.

ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (4703)، والترمذي (3075)، وابن أبي عاصم (196)، والنسائي في "الكبرى"(11190)، والطبري في "جامع البيان" 9/ 113، و"التاريخ" 1/ 135، وابن حبان (6166)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(990) والآجري في "الشريعة" 170، والبيهقي في "الأسماء والصفات": 325، والبغوي في "شرح السنة"(77)، و"معالم التنزيل" 2/ 211 و 544.

وصححه الحاكم في ثلاثة مواضع من "المستدرك" 1/ 27 و 2/ 324 - 325 و 544، ووافقه الذهبي في الموضعين الثاني والثالث، وخالفه في الموضع الأول فقال: فيه إرسال.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإِسناد بينَ مسلم بن يسار وبين عمر رجلاً. =

ص: 400

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 3/ 503 بعد أن نقل قوله الترمذي هذا: وكذا قاله أبو حاتم وأبو زرعة، زاد أبو حاتم: وبينهما نعيم بن ربيعة، وهذا الذي قاله أبو حاتم رواه أبو داود في "سننه"(4704) عن محمد بن مصفَّى، عن بقية، عن عمران جُعثُم القرشي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار الجهني، عن نعيم بن ربيعة قال: كنت عند عمر بن الخطاب وقد سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِم}

فذكره.

قلنا: وأخرجه كذلك الطبري 9/ 113 - 114 من طريق محمد بن مصفى، به.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 4 و 4 - 5 من طريق محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم الحراني، عن زيد بن أبي أنيسة، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم (201) عن محمد بن مسلم بن وارة، عن محمد بن يزيد بن سنان، عن يزيد أبيه، عن زيد بن أبي أنيسة، به. وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 97 عن ومحمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يزيد، سمع أباه، سمع زيداً

فذكره.

وقال الدارقطني في "العلل" 2/ 222 لما سئل عن هذا الحديث: يرويه زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة، عن عمر، حدث عنه كذلك يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، وجوّد إسناده ووصله.

قلنا: رواية يزيد بن سنان هذه أخرجها محمد بن نصر في كتاب "الرد على ابن محمد ابن حنفية" كما في "النكت الظراف" 8/ 113: حدثنا الذهلي، حدثنا محمد بن يزيد بن سنان، حدثنا أبي

قال الدارقطني: وخالفه (يعني يزيدَ بن سنان) مالكُ بن أنس، فرواه عن زيد بن أبي أنيسة، ولم يذكر في الإِسناد نعيم بن ربيعة، وأرسله عن مسلم بن يسار، عن عمر، وحديث يزيد بن سنان متصل، وهو أولى بالصواب، والله أعلم. قلنا: ويزيد بن سنان ضعيف.

وقال الحافظ ابن كثير: الظاهر أن الإِمام مالكاً إنما أسقط ذِكر نعيم بن ربيعة عمداً لما جهل حاله ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، وكذلك يُسقِطُ ذِكْرَ =

ص: 401

312 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ فَأَقْبَلْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: الْوُضُوءُ أَيْضًا! وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْغُسْلِ (1).

313 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ بَعْضِ بَنِي يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ:

= جماعةٍ ممن لا يرتضيهم، ولهذا يُرْسِلُ كثيراً من المرفوعات، ويقطع كثيراً من الموصولات، والله أعلم.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 3: هذا الحديثُ منقطع بهذا الإِسناد، لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب

ثم قال: وزيادة من زاد فيه نعيم بن ربيعة ليست حجة، لأن الذي لم يذكره أحفظ، وإنما تُقبل الزيادةُ من الحافظ المتقن، وجملةُ القول في هذا الحديث: أنه حديث ليس إسناده بالقائم، لأن مسلم بن يسار ونعيم بن ربيعة جميعاً غير معروفَيْن بحمل العلم، ولكن معنى هذا الحديث قد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرُها.

قلنا: وفي الباب عن عمران بن حصين، وعلي، وجابر، وعبد الرحمن بن قتادة السلمي، وهي مخرجة في "صحيح ابن حبان" (333 - 338). ومن حديث عمر نفسه عند الآجري في "الشريعة": 170 - 171. وانظر "التمهيد" 6/ 6 - 12.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. روح: هو ابن عُبادة.

وأخرجه البيهقي 1/ 294، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 69 من طريق روح بن عبادة، بهذا الإِسناد. وانظر (199).

ص: 402

طُفْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، قَالَ يَعْلَى: فَكُنْتُ مِمَّا يَلِي الْبَيْتَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ الرُّكْنَ الْغَرْبِيَّ الَّذِي يَلِي الْأَسْوَدَ، جَرَرْتُ بِيَدِهِ لِيَسْتَلِمَ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقُلْتُ: أَلا تَسْتَلِمُ؟ قَالَ: أَلَمْ تَطُفْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: أَفَرَأَيْتَهُ يَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الْغَرْبِيَّيْنِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: أَفَلَيْسَ لَكَ فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَانْفُذْ عَنْكَ (1).

314 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو عَامِرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: جِئْتُ بِدَنَانِيرَ لِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَصْرِفَهَا، فَلَقِيَنِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، فَاصْطَرَفَهَا وَأَخَذَهَا، فَقَالَ: حَتَّى يَجِيءَ خَازِنِي (2) - قَالَ أَبُو عَامِرٍ: مِنَ الْغَابَةِ، وَقَالَ فِيهَا كُلِّهَا: هَاءَ وَهَاءَ - فَسَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاتِ (3)، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ

(1) حديث صحيح، وجهالة من روى عنه هنا عبد الله بن بابيه -وهو بعض بني يعلى بن أمية- لا تضر، فقد روى عبد الله بن بابيه هذا الحديث عن يعلى بن أمية دون واسطة كما تقدم برقم (253).

وأخرجه عبد الرزاق (8945) عن ابن جريج، بهذا الإِسناد.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة" 2/ 205، ومن طريقه البيهقي 5/ 77 عن أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، به.

(2)

في (م): سَلْم خازني.

(3)

في (م): "هاء وهاء" في المواضع الأربعة.

ص: 403

وَهَاتِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاتِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاتِ " (1).

315 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "(2).

316 -

حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي أُنَاسٍ مِنْ قَوْمِي، فَجَعَلَ يَفْرِضُ لِلرَّجُلِ مِنْ طَيِّئٍ فِي أَلْفَيْنِ وَيُعْرِضُ عَنِّي، قَالَ: فَاسْتَقْبَلْتُهُ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ حِيَالِ وَجْهِهِ فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: فَضَحِكَ حَتَّى اسْتَلْقَى لِقَفَاهُ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَاللهِ إِنِّي لَأَعْرِفُكَ، آمَنْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي. وهو في "الموطأ" 2/ 636.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/ 155، وعبد الرزاق (14541)، والبخاري (2174)، وأبو داود (3348)، وأبو يعلى (234)، وابن حبان (5013)، والبغوي (2057). وانظر (162).

(2)

صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه ابن سعد 3/ 208 - 209 عن عثمان بن عمر، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (334). وانظر ما تقدم برقم (180).

ص: 404

وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَإِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ صَدَقَةُ طَيِّئٍ (1)؛ جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَخَذَ يَعْتَذِرُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا فَرَضْتُ لِقَوْمٍ أَجْحَفَتْ بِهِمُ الْفَاقَةُ، وَهُمْ سَادَةُ عَشَائِرِهِمْ، لِمَا يَنُوبُهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ (2).

317 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: فِيمَ الرَّمَلانُ الْآنَ، وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ، وَقَدْ أَطَّأَ اللهُ الْإِسْلامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (3).

(1) تحرف في (م) إلى: علي.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بكر بن عيسى الراسبي، فقد روى له النسائي، وهو ثقة. أبو عوانة: هو الوضاحُ بن عبد الله اليشكري، والمغيرة: هو ابن مقسم الضبي، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه مسلم (2523)، والبزار (336)، والبيهقي 7/ 10 من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البيهقي 7/ 10 من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبي، به.

وأخرجه البزار (335) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي وقيس بن أبي حازم قال: جاء عدي بن حاتم إلى عمر

.

وأخرجه البخاري (4394) من طريق عمرو بن حريث، عن عدي بن حاتم.

(3)

صحيح لغيره وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هشام بن سعد، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث.

وأخرجه أبو داود (1887) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (268) من طريق عبد الملك بن عمرو العقدي، به. =

ص: 405

318 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ وَعَفَّانُ، قَالا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ - قَالَ عَفَّانُ: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ -، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ - قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا - فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرٌ، فَقَالَ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرٌ، فَقَالَ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا وَجَبَتْ؟ فَقَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ " قَالَ: قُلْنَا: وَثَلاثَةٌ (1)؟ قَالَ: " وَثَلاثَةٌ " قُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: " وَاثْنَانِ ". قَالَ: وَلَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ (2).

319 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ - يَعْنِي ابْنَ شَدَّادٍ -، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ:

= وأخرجه ابن ماجه (2952)، وأبو يعلى (188)، وابن خزيمة (2708)، والطحاوي 2/ 182، والحاكم 1/ 454، والبيهقي 5/ 79 من طرق عن هشام بن سعد، به.

وأخرجه بنحوه البخاري (1605) من طريق محمد بن جعفر، عن زيد بن أسلم، به.

الرملان: أي الرَّمَل، وهو سرعة المشي في الطواف.

وقوله: "أطَّأ الله الإسلام"، يعني: مكَّن له.

(1)

في (ق): "قلت: أو ثلاثة".

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن أبي الفرات، فمن رجال البخاري. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، وعفان: هو ابن مسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 368، والبخاري (1368)، والبيهقي 4/ 75 عن عفان، بهذا الإِسناد.

ص: 406

بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ، فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَتَوَضَّأْتُ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: وَأَيْضًا! أَلَمْ تَسْمَعُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ "؟ (1).

320 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ (2)، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُمَرَ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ

فَذَكَرَهُ (3).

321 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ (4) - فِيمَا يَحْسِبُ حَرْبٌ -: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ، فَقَالَ: سَلْ عَنْهُ عَائِشَةَ، فَسَأَلَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: سَلِ ابْنَ عُمَرَ، فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا فَلا خَلاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ "(5).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى: هو ابن أبي كثير، وأبو سلمة: هو ابن أبي عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه البزار (218) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإِسناد مختصراً.

وأخرجه الطيالسي (52) و (140) عن حرب بن شداد، به. وانظر (91).

(2)

في (ق): أخبر عن أبي سلمة، وعلى حاشية النسخة: أخبرني أبو سلمة.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. الحسين المعلِّم: هو الحسين بن ذكوان المعلم. وانظر ما قبله.

(4)

تحرف في (م) إلى: يحيى عن عمر رضي الله عنه أن ابن حطان.

(5)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمران بن حطان، فمن رجال البخاري. حرب: هو ابن شداد، ويحيى: هو ابن كثير. =

ص: 407

322 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ وَعَفَّانُ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَتَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ، فَقَالَ: احْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يُدْرِكَنِي النَّاسُ: أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلالَةِ قَضَاءً، وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةً، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ عَتِيقٌ. فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ: أَيَّ ذَلِكَ أَفْعَلُ فَقَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنْ أَدَعْ إِلَى النَّاسِ أَمْرَهُمْ، فَقَدْ تَرَكَهُ نَبِيُّ اللهِ عليه الصلاة والسلام، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ، فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ لَهُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ، صَاحَبْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَطَلْتَ صُحْبَتَهُ، وَوُلِّيتَ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوِيتَ وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ. فَقَالَ: أَمَّا تَبْشِيرُكَ إِيَّايَ بِالْجَنَّةِ، فَوَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي - قَالَ عَفَّانُ: فَلا وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْ أَنَّ لِي - الدُّنْيَا بِمَا (1) فِيهَا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ الْخَبَرَ، وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي أَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافًا (2)، لَا لِي وَلا عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ (3) نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكَ (4).

= وأخرجه النسائي 8/ 200 - 201، والبيهقي 3/ 266 من طريق عبد الله بن رجاء، عن حرب بن شداد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (3835)، والبزار (180) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، به. وانظر ما سيأتي برقم (345).

(1)

في (ق): وما فيها.

(2)

الجادة كفاف بالرفع خبر "إن" وما هنا يخرج على ما حكاه ابنُ سيده وغيره أن بعض العرب ينصب بها الجزئين. انظر "حاشية الخضري" 1/ 130.

(3)

في (ق): صحبتي.

(4)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن عبد الله الأودي، فقد =

ص: 408

323 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ، وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ. فَكَانُوا يَخْتَلِفُونَ إِلَى الْأَغْرَاضِ، فَجَاءَ سَهْم غَرْبٌ إِلَى غُلامٍ فَقَتَلَهُ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَصْلٌ، وَكَانَ فِي حِجْرِ خَالٍ لَهُ، فَكَتَبَ فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ [[إِلَى مَنْ أَدْفَعُ عَقْلَهُ؟]] (*)، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: "اللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ"(1).

324 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَرِثُ الْوَلَاءَ مَنْ وَرِثَ (2) الْمَالَ مِنْ وَالِدٍ، أَوْ وَلَدٍ "(3).

325 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ:

= روى له أصحاب السنن، وهو ثقة. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه ابن سعد 3/ 353 عن عفان بن مسلم، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (26)، وعنه ابن شبة في "أخبار المدينة" 3/ 914 و 923 عن أبي عوانة، به.

(1)

إسناده حسن. سفيان: هو الثوري، وعبد الرحمن بن عياش: هو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة. وانظر (189).

(2)

في (ق): يرث.

(3)

إسناده حسن، فإن حديث عبد الله بن يزيد المقرئ عن عبد الله بن لهيعة من صالح حديثه. وانظر (147).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ليست في المطبوع ط الرسالة

ص: 409

رَأَيْتُ عُمَرَ أَتَى الْحَجَرَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ. ثُمَّ دَنَا فَقَبَّلَهُ (1).

326 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا دُجَيْنٌ أَبُو الْغُصْنِ، بَصْرِيٌّ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ أَخَافُ أَنْ أَزِيدَ أَوْ أَنْقُصَ، كُنَّا إِذَا قُلْنَا لِعُمَرَ: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَخَافُ أَنْ أَزِيدَ حَرْفًا أَوْ أَنْقُصَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَهُوَ فِي النَّارِ "(2).

327 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ فِي سُوقٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ بِهَا

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن عبيد: هو الطنافسي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي. وانظر (99).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف دجين بن ثابت أبي الغصن، انظر ترجمته في "تعجيل المنفعة" رقم (284). أبو سعيد: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد مولى بني هاشم.

وأخرجه أبو يعلى (259)، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 46، وابن عدي في "الكامل" 3/ 972 من طريق مسلم بن إبراهيم، وأبو يعلى (260)، وابن عدي 3/ 973 من طريق وكيع، كلاهما عن دجين بن ثابت، بهذا الإِسناد.

قلنا: ومتن الحديث متواتر، قد روي عن غير واحد من الصحابة، انظر تخريجها في "صحيح ابن حبان" تحت الحديث رقم (28).

ص: 410

أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " (1).

(1) إسناده ضعيف جداً، عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير منكر الحديث، وليس هو بعمرو بن دينار المكي الثقة.

وأخرجه الطيالسي (12)، وابن ماجه (2235)، والترمذي (3429)، والبزار (125)، والطبراني في "الدعاء"(789)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(182) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإِسناد. وقرن الترمذي في روايته بحماد المعتمرَ بنَ سليمان.

وأخرجه الطبراني (790)، وأبو نعيم في "أخبار أصفهان" 2/ 180 من طريق هشام بن حسان، والبغوي في "شرح السنة"(1338) من طريق سعيد بن زيد أخي حماد، والطبراني (791) من طريق ثابت بن يزيد، ثلاثتهم عن عمرو بن دينار، به.

قال البزار: عمرو بن دينار قهرمان دار الزبير لم يتابع عليه. وقال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 171: هذا حديث منكر جداً، لا يحتمل سالم هذا الحديث.

وقال الدارقطني في "العلل" 2/ 49: ورواه فضيل بن عياض عن هشام عن سالم عن أبيه، ولم يذكر فيه عمر، ورواه سويد بن عبد العزيز عن هشام عن عمرو عن ابن عمر عن عمر موقوفاً، ولم يذكر فيه سالماً، ويشبه أن يكون الاضطراب فيه من عمرو بن دينار، لأنه ضعيف قليل الضبط.

وروي عن عمر بن محمد بن زيد قال: حدثني رجل من أهل البصرة مولى قريش، عن سالم (انظر مستدرك الحاكم 1/ 538). فرجع الحديث إلى عمروبن دينار، وهو ضعيف الحديث لا يحتج به.

وأخرجه عبد بن حميد (28)، والدارمي (2692)، والترمذي (3428)، والطبراني (792)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 355، والحاكم 1/ 538 من طريق أزهر بن سنان، عن محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله، به. وهذا إسناد ضعيف، أزهربن سنان ضعيف جداً، وقال الترمذي: حديث غريب.

وأخرجه الطبراني (793) من طريق أبي خالد الأحمر، عن المهاجر بن حبيب، قال: =

ص: 411

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سمعت سالم بن عبد الله، به.

قال الإِمام علي ابن المديني في مسند عمر -فيما نقله عنه الحافظ ابن كثير في "مسند عمر" ص 642 - : وأما حديث مهاجر عن سالم فيمن دخل السوق، فإن مهاجر بن حبيب ثقة من أهل الشام، ولم يلقه أبو خالد الأحمر، وإنما روى عنه ثور بن يزيد والأحوص بن حكيم وفرج بن فضالة وأهل الشام، وهذا حديث منكرٌ من حديث مهاجر من أنه سمع سالماً، وإنما روى هذا الحديثَ شيخٌ لم يكن عندهم بثبت يقال له: عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، حدثناه زياد بن الربيع، عنه، به. فكان أصحابنا ينكرون هذا الحديث أشد الإِنكار لجودة إسناده .. وقد روى هذا الشيخ حديثاً آخر عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَن رأى مبتلىً

" فذكر كلاماً لا أحفظه، وهذا مما أنكروه، ولو كان مهاجرٌ يصحُّ حديثه في السوق، لم يُنكَر على عمرو بن دينار هذا الحديثُ.

وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 912، والحاكم 1/ 539 من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن عمران بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الترمذي: سألت محمداً (يعني البخاري) عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث منكرٌ، قلت له: مَن عِمرانُ بن مسلم هذا؟ هو عِمران القصير؟ قال: لا، هذا شيخ منكر الحديث. قلنا: ويحيى بن سليم الطائفي سيئ الحفظ.

وأورده بهذا الإسناد ابنُ أبي حاتم في "العلل" 2/ 181 وقال: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث منكر. ثم قال ابن أبي حاتم: وهذا الحديثُ خطأ، إنما أراد عمران بن مسلم: عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم، عن أبيه، فغلط وجعل بدلَ عمرو: عبد الله بن دينار، وأسقط سالماً من الإِسناد، حدثنا بذلك محمد بن عمار قال: حدثنا إسحاقُ بن سليمان، عن بكير بن شهاب الدامغاني، عن عمران بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وذكر الحديث.

قلنا: ومع ذلك فقد حسن المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 531 إسناد الحديث بعد أن نسبه إلى الترمذي، وقال الشوكاني في "تحفة الذاكرين" ص 273: والحديثُ أقلُّ =

ص: 412

328 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: فُلانٌ شَهِيدٌ، وَفُلانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا بِرَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَلَّا، إِنِّي رَأَيْتُهُ يُجَرُّ إِلَى النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ، غَلَّهَا، اخْرُجْ يَا عُمَرُ فَنَادِ فِي النَّاسِ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ". فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ (1).

329 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ

= أحواله أن يكون حسناً! وإن كان في ذكر العدد على هذه الصفة نكارة.

وفي الباب عن ابن عمر، أخرجه الحاكم 1/ 539 من طريق مسروق بن المرزبان، عن حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وصححه الحاكم على شرط الشيخين!! فتعقبه الذهبي بقوله: مسروق بن المرزبان ليس بحجة. قلنا: وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، ويغلب على الظن أنه هو الذي أخطأ في إسناده، فقال: عن عبد الله بن دينار، بدل عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير.

ومن غير هذا الطريق أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "الزهد": 214 عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن مهاجر بن عمرو الشامي، عن ابن عمر. وأبو خالد الأحمر -وإن روى له الجماعة- قال ابنُ عدي: له أحاديث صالحة، وإنما أُتِيَ مِن سوءِ حفظه فيغلط ويخطئ، وهو في الأصل كما قال ابنُ معين: صدوق وليس بحجة. ومهاجر بن عمرو الشامي لا يُعرف حاله، ولم يوثقه غير ابن حبان.

وفي الباب أيضاً عن ابن عباس عند ابن السني (183)، وفيه نهشل بن سعيد، وهو متروك واتُّهم بالكذب، فلا يُفرح به.

(1)

إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح. وانظر (203).

ص: 413

سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا وَأَبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَهْ، إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللهِ، فَقَدْ أَشْرَكَ "(1).

330 -

حَدَّثَنَا حَمَّادٌ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ زَادَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْأُسْطُوَانَةِ إِلَى الْمَقْصُورَةِ، وَزَادَ عُثْمَانُ، وَقَالَ عُمَرُ: لَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " نَبْغِي نَزِيدُ (2) فِي مَسْجِدِنَا " مَا زِدْتُ فِيهِ (3).

331 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ مَعَهُ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ.

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، فمن رجال البخاري. وانظر (291).

(2)

في (ب) وعلى حاشية (س) و (ق) و (ص): ينبغي أن نزيد.

(3)

في (ق): عليه.

والحديث إسناده ضعيف لِضعف عبد الله -وهو ابن عمر بن حفص بن عاصم العمري-، ثم هو منقطع نافع مولى ابن عمر لم يدرك عمر بن الخطاب، لكن قد وصله البزار في روايته، فتبقى علةُ ضعفِ عبد الله العمري. حماد الخياط: هو حماد بن خالد الخياط.

وأخرجه البزار (157) من طريق عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر.

ص: 414

ثُمَّ قَالَ: قَدْ كُنَّا نَقْرَأُ: وَلا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ - أَوْ: إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ - أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ.

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ ابْنُ مَرْيَمَ، وَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُهُ (1) وَرَسُولُهُ "(2).

وَرُبَّمَا قَالَ مَعْمَرٌ: " كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ".

332 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ مَقَالَةً فَآلَيْتُ أَنْ أَقُولَهَا لَكَ، زَعَمُوا أَنَّكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَهُ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل يَحْفَظُ دِينَهُ، وَإِنِّي إِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْدِلُ (3)

(1) في (ق): عبد الله.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9758) و (13329) و (20524).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الترمذي (1432). وقال: حسن صحيح.

وأخرجه الحميدي (25) عن سفيان بن عيينة، عن معمر، به. وانظر حديث السقيفة برقم (391).

قوله: "ولا ترغبوا عن آبائكم"، قال السندي: بنفي النسب عنهم، أو بإثبات النسب لغيرهم.

كفر: أي كفران لنعمة الولادة. لا تُطروني: من الإِطراء، وهو المبالغة في المدح.

(3)

على حاشية (س) و (ق) و (ص): ليعدل.

ص: 415

بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ (1).

333 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "(2).

334 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ بُكِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ "(3).

335 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو في "مصنف عبد الرزاق"(9763).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم (1823)(12)، وأبو داود (2939)، والترمذي (2225)، والبزار (106) وانظر (299).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "المصنف"(9772).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم، (1757)(50)، والمروزي في "مسند أبي بكر"(2)، والطحاوي 2/ 5، وابن حبان (6608).

وأخرجه ابن سعد 2/ 314، وأبو داود (2964) من طريقين عن معمر، به. وسيأتي مطولاً برقم (425)، وانظر (172).

(3)

صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "المصنف"(6680). وانظر (315).

ص: 416

لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ (1) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عز وجل "؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، إِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهَا (2). فَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ بِالْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ (3).

336 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّا لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "(4).

337 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: إِنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلا

(1) في (ق): فقد.

(2)

في (م) و (ق) و (ص): على منعها.

(3)

إسناده صحيح. إبراهيم بن خالد: هو ابن عبيد الصنعاني المؤذن، ورباح: هو ابن زيد الصنعاني، كل منهما ثقة، ومن فوقهما من رجال الشيخين.

وأخرجه عبد الرزاق (6916) عن معمر، بهذا الإِسناد. وانظر (117).

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار المكي. وهو مكرر (172).

ص: 417

رِكَابٍ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ، وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل (1).

338 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ "(2).

339 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ - عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ (3)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ فَمَا رَأَيْتُ مَوْضِعًا، فَمَكَثْتُ سَنَتَيْنِ، فَلَمَّا كُنَّا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَذَهَبَ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، فَجَاءَ وَقَدْ قَضَى حَاجَتَهُ، فَذَهَبْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ (4).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر (171).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. هشام: هو ابن عروة بن الزبير.

وأخرجه عبد الرزاق (7595)، والحميدي (20)، والبخاري (1954)، وابن خزيمة (2058)، والبيهقي 4/ 416، والبغوي (1735) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد. وانظر (192) و (231) و (383).

(3)

تحرف في (م) إلى: حنيف.

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه البخاري (4914) و (4915)، ومسلم (1479)(33)، والبزار (212)، وأبو يعلى (197) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (23)، والبخاري (4913) و (5218) و (5843) و (7256) و (7563)، ومسلم (1479)(31) و (32)، وأبو يعلى (163)، والطبري 28/ 162 من طرق عن يحيى بن سعيد، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وانظر (222).

ومر الظهران: موضع على مرحلة من مكة.

ص: 418

340 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، سَمِعَهُ (1) مِنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ، سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: لَا تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى فِي الْآخِرَةِ، لَكَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ مَا أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ وَلا نِسَائِهِ فَوْقَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً.

وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا فِي مَغَازِيكُمْ: قُتِلَ فُلانٌ شَهِيدًا، مَاتَ فُلانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا وَفِضَّةً، يَبْتَغِي التِّجَارَةَ، فَلا تَقُولُوا ذَاكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ "(2).

341 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، أَمَلَّهُ عَلَيَّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ: أَنَّ عُمَرَ قَامَ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا: كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ، وَلا أُرَى ذَلِكَ إِلَّا لِحُضُورِ أَجَلِي، وَإِنَّ نَاسًا يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ، وَإِنَّ اللهَ عز وجل

(1) في (ص): سمعته.

(2)

إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي العجفاء -واسمه هَرِم بن نسيب- فقد روى له أصحاب السنن، وهو صدوق. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه الحميدي (23)، والترمذي (1114 م) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفيه عندهما: ابن سيرين عن أبي العجفاء.

وأخرجه كذلك عبد الرزاق (10399)، وأبو داود (2106)، والنسائي 6/ 117، والبيهقي 7/ 234 من طرق عن أيوب، به. وانظر (285).

ص: 419

لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ خِلافَتَهُ وَدِينَهُ، وَلا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالْخِلافَةُ شُورَى فِي هَؤُلاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَأَيُّهُمْ بَايَعْتُمْ لَهُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا سَيَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ، وَإِنِّي قَاتَلْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلامِ، فَإِنْ فَعَلُوا فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ.

وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا هُوَ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَمْرِ الْكَلالَةِ، وَلَقَدْ سَأَلْتُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا، فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ قَطُّ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا، حَتَّى طَعَنَ بِيَدِهِ - أَوْ بِإِصْبَعِهِ - فِي صَدْرِي - أَوْ جَنْبِي - وَقَالَ:" يَا عُمَرُ، تَكْفِيكَ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ، الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ "، وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا قَضِيَّةً لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا أَحَدٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَوْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.

ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ، فَإِنِّي بَعَثْتُهُمْ يُعَلِّمُونَ (1) النَّاسَ دِينَهُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ، وَيَقْسِمُونَ فِيهِمْ فَيْئَهُمْ، وَيُعَدِّلُونَ عَلَيْهِمْ، وَمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ يَرْفَعُونَهُ إِلَيَّ.

ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ: هَذَا الثُّومُ وَالْبَصَلُ، لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ، فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ حَتَّى يُخْرَجَ بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ كَانَ آكِلَهُمَا لَا بُدَّ، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا.

قَالَ: فَخَطَبَ بِهَا عُمَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، لِأَرْبَعِ

(1) في (ق): ليعلمون.

ص: 420

لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (1).

342 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. قَالَ (2): وَأَخْبَرَنِي هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: هِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي الْمُتْعَةَ - وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ يُعَرِّسُوا بِهِنَّ تَحْتَ الْأَرَاكِ، ثُمَّ يَرُوحُوا بِهِنَّ حُجَّاجًا (3).

343 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ جَدِّهِ - الشَّكُّ مِنْ يَزِيدَ -، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بَعْدَ الْحَدَثِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى (4).

(1) حديث صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين غير معدان بن أبي طلحة، فمن رجال مسلم. سعيد بن أبي عروبة اختلط، ورواية محمد بن جعفر عنه اختلف فيها، فقيل: قبل الاختلاط، وقيل: بعده، ولا يضر ذلك فإنه قد توبع. وانظر (89).

(2)

القائل هو الإِمام أحمد، فيكون له في هذا الحديث عن حجاج شيخان: عبد الرزاق وهشيم.

(3)

صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ حجاج بن أرطاة، فقد روى له مسلم مقروناً بغيره، وأصحابُ السنن، وهو مدلس وقد عنعن، وقد خالف حجاجاً في إسناد هذا الحديث شعبةُ، فقال: عن الحكم، عن عمارة بن عمير، عن إبراهيم بن أبي موسى، عن أبيه، عن عمر، وسيأتي في "المسند" برقم (351) وإسناده صحيح على شرط مسلم. قال الدارقطني في "العلل" 2/ 126: وقول شعبة هو الصواب، والله أعلم.

(4)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد وعاصم بن عُبيد الله. وانظر (128).

ص: 421

344 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِيَاضًا الْأَشْعَرِيَّ، قَالَ: شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ، وَعَلَيْنَا خَمْسَةُ أُمَرَاءَ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَابْنُ حَسَنَةَ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعِيَاضٌ - وَلَيْسَ عِيَاضٌ هَذَا بِالَّذِي حَدَّثَ سِمَاكًا - قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ: فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ، وَاسْتَمْدَدْنَاهُ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا: إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي، وَإِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْضَرُ جُنْدًا: اللهُ عز وجل، فَاسْتَنْصِرُوهُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَقَاتِلُوهُمْ وَلا تُرَاجِعُونِي.

قَالَ: فَقَاتَلْنَاهُمْ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ، قَالَ: وَأَصَبْنَا أَمْوَالًا، فَتَشَاوَرُوا، فَأَشَارَ عَلَيْنَا عِيَاضٌ أَنْ نُعْطِيَ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةً.

قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ يُرَاهِنِّي؟ فَقَالَ شَابٌّ: أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ. قَالَ: فَسَبَقَهُ، فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ وَهُوَ خَلْفَهُ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيٍّ (1).

(1) في (ب) وعلى حاشية (س) و (ص): "عري". أي: بدون سرج.

والخبر إسناده حسن، سماك -وهو ابن حرب- من رجال مسلم، وكذا عياض وهو ابن عمرو الأشعري، وهو مختلف في صحبته، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 34 - 35، وابن حبان (4766) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

قوله: "جاش إلينا الموت"، أي: تدفّق وفاض. والعقيصة: الشعر المقصوص، وهو نحو مِن المضفور. وتنقزان، أي: تهتزان وتثبان من شِدة العَدْو والجري.

ص: 422

345 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا عُيَيْنَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَيَّ جُبَّةُ خَزٍّ، فَقَالَ لِي سَالِمٌ: مَا تَصْنَعُ بِهَذِهِ الثِّيَابِ؟ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلاقَ لَهُ "(1).

346 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ أَسَدٌ بْنُ عُمَرَو، أُرَاهُ عَنِ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ ابْنَهُ عَمْدًا، فَرُفِعَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِئَةً مِنَ الْإِبِلِ: ثَلاثِينَ حِقَّةً، وَثَلاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ ثَنِيَّةً، وَقَالَ: لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ، وَلَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ " لَقَتَلْتُكَ (2).

347 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ وَيَزِيدُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَيْسَ لِقَاتِلٍ

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان. محمد بن بكر: هو البُرْساني، وعيينة: هو ابن عبد الرحمن بن جَوْشن. وقد تقدم برقم (321) من طريق آخر بإسناد صحيح.

والخزُّ: هو ما خلط من الحرير بالوَبَر ونحوه.

(2)

حديث حسن، حجاج بن أرطاة -وإن كان يدلِّس عن عمرو بن شعيب- قد توبع. وشيخ أحمد أسد بن عمرو أبو المنذر صدوق صالح الحديث، انظر ترجمته في "الإكمال"(31) للحسيني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 410، وعبد بن حميد (41)، وابن ماجه (2662)، والترمذي (1400)، وابن أبي عاصم في "الديات": 65، والدارقطني 3/ 140، والبيهقي 8/ 72 من طريقين عن حجاج، بهذا الإِسناد. وانظر (147).

ص: 423

شَيْءٌ " لَوَرَّثْتُكَ. قَالَ: وَدَعَا أَخَا (1) الْمَقْتُولِ فَأَعْطَاهُ الْإِبِلَ (2).

348 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، كِلاهُمَا عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: أَخَذَ عُمَرُ مِنَ الْإِبِلِ ثَلاثِينَ حِقَّةً، وَثَلاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ ثَنِيَّةً إِلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا أَخَا الْمَقْتُولِ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ دُونَ أَبِيهِ،

(1) تحرف في (م) إلى: خال.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عمرو بن شعيب لم يدرك عمر. يزيد: هو ابن هارون، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه البيهقي 6/ 219 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 867، ومن طريقه عبد الرزاق (17782)، والنسائي في "الكبرى"(6368)، والبيهقي 8/ 38، وأخرجه عبد الرزاق (17783) عن سفيان الثوري، وابن أبي شيبة 11/ 358، وابن ماجه (2646) عن أبي خالد الأحمر، ثلاثتهم (مالك والثوري وأبو خالد الأحمر) عن يحيى بن سعيد، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض.

وأخرجه بنحوه الدارقطني 4/ 95 و 96 من طريقين عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر.

وله شاهد عن عبد الله بن عمرو عند أبي داود (4564)، والدارقطني 4/ 96، والبيهقي 6/ 220 وسنده حسن، وآخر عن أبي هريرة عند الترمذي (2109)، وابن ماجه (2735)، والدارقطني 4/ 96 وفيه ضعف، وثالث عن عمر بن شيبة بن أبي كبير أخرجه الطبراني في قصة كما في "مجمع الزوائد" 4/ 230، ورابع عن ابن عباس عند عبد الرزاق (17787)، ومن طريقه البيهقي 6/ 220 وفي سنده عمرو بن برق، قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 85: وهو ضعيف عندهم.

ص: 424

وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ "(1).

349 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: جَاءَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ إِلَى عُمَرَ يَخْتَصِمَانِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَذَا كَذَا. فَقَالَ النَّاسُ: افْصِلْ بَيْنَهُمَا، افْصِلْ بَيْنَهُمَا (2). قَالَ: لَا أَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، قَدْ عَلِمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "(3).

350 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ مِنْ آخِرِ مَا نزِلَ آيَةُ الرِّبَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ

(1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، مجاهد بن جبر لم يدرك عمر. وانظر ما قبله.

البازل: ما دخل في التاسعة من الإِبل.

والخلفة: ما لقحت إلى عشرة أشهر.

(2)

في (ق): "افصل بينهما" مرة واحدة.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسماعيل: هو ابن إبراهيم ابن عُلية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعكرمة بن خالد: هو ابن العاص المخزومي. وانظر (172).

قوله: "هذا الكذا"، قال السندي: هكذا في نسخ "المسند"، والظاهر أنَّ "ال" موصول دخل على غير الصفة، وهو قليل، والتقدير: الذي هو كذا وكذا، ولفظة "كذا وكذا" كناية عن عَدد هي خصالٌ ذميمة، وقد جاءت في "صحيح مسلم"(1757)(49) مفصلة، ففيه: فقال عباسٌ: يا أمير المؤمنين، اقضِ بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن.

ص: 425

وَلَمْ يُفَسِّرْهَا، فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ (1).

351 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِالْمُتْعَةِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: رُوَيْدَكَ بِبَعْضِ فُتْيَاكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ. حَتَّى لَقِيَهُ بَعْدُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ فَعَلَهُ وَأَصْحَابُهُ، وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَظَلُّوا بِهِنَّ مُعَرِّسِينَ فِي الْأَرَاكِ، ثُمَّ يَرُوحُونَ بِالْحَجٍّ تَقْطُرُ رُؤُوسُهُمْ (2).

352 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَجَّاجٌ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: حَجَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ خُطْبَةً، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَكَ رَعَاعُ النَّاسِ، فَأَخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى

(1) حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، وسماعُ ابنِ عُلية من سعيد بن أبي عروبة قبلَ اختلاطه.

وأخرجه الطبري 3/ 114 من طريق إسماعيل ابن عُلية، بهذا الإِسنادِ. وانظر (246).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن أبي موسى، فمن رجال مسلم. الحكم: هو ابن عتيبة.

وأخرجه مسلم (1222)، وابن ماجه (2979)، والبزار (226)، والنسائي 5/ 153، والبيهقي 5/ 20 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

ص: 426

تَأْتِيَ الْمَدِينَةَ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ دَنَوْتُ (1) مِنْهُ قَرِيبًا مِنَ الْمِنْبَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: مَا بَالُ الرَّجْمِ، وَإِنَّمَا فِي كِتَابِ اللهِ الْجَلْدُ؟ وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، وَلَوْلا أَنْ يَقُولُوا: أَثْبَتَ فِي كِتَابِ اللهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، لَأَثْبَتُّهَا كَمَا أُنْزِلَتْ (2).

353 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَجَّاجٌ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ - يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ - يَخْطُبُ قَالَ:

ذَكَرَ عُمَرُ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ (3).

(1) القائل: دنوتُ، هو ابن عباس.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وسعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 563، والنسائي في "الكبرى"(7155) عن محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه النسائي (7154) من طريق حجاج بن محمد، به.

وأخرجه النسائي أيضاً (7153) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، به. وانظر (391).

(3)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ سِماك بن حرب، فمن رجال مسلم، وهو صدوق.

وأخرجه مسلم (2978)، والبزار (237)، وأبو يعلى (183) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو يعلى (223) من طريق حجاج بنِ محمد، به. وانظر (159).

والدَّقَل: رديء التمر.

ص: 427

354 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ ".

وَقَالَ حَجَّاجٌ: " بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ "(1).

355 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رُفَيْعًا (2) أَبَا الْعَالِيَةِ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي رِجَالٌ - قَالَ شُعْبَةُ: أَحْسَبُهُ قَالَ: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَأَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الصَّلاةِ فِي سَاعَتَيْنِ: بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ (3).

356 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ،

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (927)(17)، وابن ماجه (1953)، والبزار (104)، والبيهقي 4/ 71 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد. وانظر (180).

(2)

تحرف في (م) إلى: ربيعاً.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن ماجه (1250)، وابن خزيمة (1271)، وأبو عوانة 1/ 379 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو يعلى (159)، وابن خزيمة (1271)، وأبو عَوانة 1/ 379 من طرق عن شعبة، به. وانظر (110).

ص: 428

عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، أَوْ بِالشَّامِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا، إِصْبُعَيْنِ. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: فَمَا عَتَّمْنَا إِلَّا أَنَّهُ الْأَعْلامُ (1).

357 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَحَجَّاجٌ وَأَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ (2).

358 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: صَلَّى عُمَرُ الصُّبْحَ وَهُوَ بِجَمْعٍ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بِجَمْعٍ - فَقَالَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ، فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.

وأخرجه مسلم (2069)(14) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (5828)، والبغوي في "الجعديات"(1030) من طريقين عن شعبة، به. وانظر (92).

وقوله: "فما عتَّمنا"، أي: ما أبطأنا عن معرفة ما أراد وعَنَى. وفي (ب): علمنا.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة من رجال مسلم، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو مكرر ما قبله.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي داود الطيالسي فمن رجال مسلم.

وأخرجه البزار (323) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد. وانظر (84).

ص: 429

359 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ (1) بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَمَا أَصْنَعُ؟ قَالَ:" اغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ تَوَضَّأْ، ثُمَّ ارْقُدْ "(2).

360 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْجَرِّ، فَحَدَّثَنَا عَنْ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْجَرِّ، وَعَنِ الدُّبَّاءِ، وَعَنِ الْمُزَفَّتِ (3).

361 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ:

(1) تحرف في (ص): إلى عبيد الله.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الطيالسي (17)، والطحاوي 1/ 127، وابن حبان (1212) من طريق شعبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الحميدي (657) عن سفيان بن عيينة، وابن حبان (1214) من طريق سليمان بن جعفر، كلاهما عن عبد الله بن دينار، به. وسيأتي برقم (5056) و (5190) و (5314) و (5442) و (5497) و (5967).

وأخرجه البخاري (287) و (289)، ومسلم (306)، وابن ماجه (585)، والطحاوي 1/ 127، وابن حبان (1215)، والبغوي (264) من طرق عن نافع، عن ابن عمر، به. وانظر (94).

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الحكم -واسمه عمران بن الحارث السلمي- فمن رجال مسلم. وانظر (185).

ص: 430

رَأَيْتُ الْأُصَيْلِعَ - يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ (1).

362 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ، قَالَ: حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ الْعَامَ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عُمَرُ، قَالَ: فَخَطَبَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ -. فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ طُعِنَ، فَأُذِنَ لِلنَّاسِ عَلَيْهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أَهْلُ الشَّامِ، ثُمَّ أُذِنَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَدَخَلْتُ فِيمَنْ دَخَلَ، قَالَ: فَكَانَ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ أَثْنَوْا عَلَيْهِ وَبَكَوْا.

قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ عَصَبَ بَطْنَهُ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، وَالدَّمُ يَسِيلُ، قَالَ: فَقُلْنَا: أَوْصِنَا، قَالَ: وَمَا سَأَلَهُ الْوَصِيَّةَ أَحَدٌ غَيْرُنَا، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ. فَقُلْنَا: أَوْصِنَا، فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِالْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ، وَأُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ شِعْبُ الْإِسْلامِ الَّذِي لَجِأَ إِلَيْهِ، وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ، وَأُوصِيكُمْ بِأَهْلِ ذِمَّتِكُمْ، فَإِنَّهُمْ (2) عَهْدُ نَبِيِّكُمْ،

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن سَرْجِس، فمن رجال مسلم.

وأخرجه الطيالسي (50) و (138) عن شعبة، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (229)، وانظر (325).

(2)

في (ق): فإن فيهم عهد. وعلى الحاشية: فإنهم.

ص: 431

وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ، قُومُوا عَنِّي. قَالَ: فَمَا زَادَنَا عَلَى هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ فِي الْأَعْرَابِ: وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ فَإِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ (1).

363 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ، قَالَ: حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ الْعَامَ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عُمَرُ، قَالَ: فَخَطَبَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - قَالَ: فَمَا لَبِثَ إِلَّا جُمُعَةً حَتَّى طُعِنَ

فَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَأُوصِيكُمْ بِأَهْلِ ذِمَّتِكُمْ، فَإِنَّهُمْ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ.

قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ فِي الْأَعْرَابِ: وَأُوصِيكُمْ بِالْأَعْرَابِ، فَإِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ (2).

364 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ. وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ (3)،

(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير جويرية بن قدامة، فمن رجال البخاري. أبو جمرة الضبعي: هو نصر بن عِمران.

وأخرجه الطيالسي (66)، وابن أبي شيبة 14/ 581، وابن سعد 3/ 336 - 337، والبخاري (3162)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 3/ 936 - 937 من طرق عن شعبة، بهذا الإِسناد. وانظر ما بعده.

وروى عمرو بن ميمون نحو هذا عن عمر، انظر تخريج حديثه في "صحيح ابن حبان"(6917).

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري. حجاج: هو ابن محمد المصيصي. انظر ماقبلَه.

(3)

تحرف في (م) كما تحركت "سعيد" الأولى في (ق) إلى: شعبة. وقوله: "عن =

ص: 432

عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فِيهِمْ عُمَرُ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَلاةٍ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ (1).

365 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ: أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ، أَوْ ثَلاثَةٍ، أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَأَشَارَ بِكَفِّهِ (2).

= قتادة" تحرف في (ق) إلى: وقتادة.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الوهَّاب -وهو ابن عطاء الخفاف- فمن رجال مسلم. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، وسماعُ عبد الوهَّاب منه قبل اختلاطه، وأبو العالية: هو رُفيع بن مِهران.

وأخرجه أبو عوانة 1/ 380 من طريق عبد الوهاب، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (184) من طريق محمد بن أبي عدي، وأبو عوانة 1/ 380 من طريق روح بن عبادة، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. وانظر (110).

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. وقد روي هذا الحديثُ مرفوعاً وموقوفاً، والطريقان جميعاً محفوظان.

وأخرجه مرفوعاً مسلم (2069)(15)، وأبو عوانة 5/ 460، والبيهقي 2/ 423 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، وأبو عوانة 5/ 457 من طريق شعيب بن إسحاق، كلاهما عن سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (2069)(15)، والترمذي (1721)، والنسائي في "الكبرى"(9630)، والطحاوي 4/ 244، وأبو عوانة 5/ 458، وابن حبان (5441)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 176 - 177، والبيهقي 3/ 269 من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، =

ص: 433

366 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ "(1).

367 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ. وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ:

= به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه أبو عوانة 5/ 460 من طريق داود بن أبي هند، وأبو نعيم 4/ 176 من طريق أبي حصين، كلاهما عن عامر الشعبي، به.

وأخرجه موقوفاً النسائي في "الكبرى"(9631) من طريق داود بن أبي هند و (9632) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والنسائي في "الكبرى"(9633)، و"المجتبى" 8/ 202، والطحاوي 4/ 248 من طريق وبرة بن عبد الرحمن، ثلاثتهم عن الشعبي، به.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(9634)، وفي "المجتبى" 8/ 202 من طريق إبراهيم النخعي، عن سويد بن غَفَلة، به.

وأخرجه أبو عوانة 5/ 461 من طريق عبد الله بن المبارك، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن سويد بن غَفَلَة: أنه أتانا عمر في وفدٍ عليهم الدِّيباجُ .. وذكر الحديث. فلم يُبين فيه الرفع أوالوقف. والجابية: قرية جنوب غربي دمشق.

(1)

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. وسماعُ محمد بن جعفر من سعيد بن أبي عروبة مختلف فيه: أقبل الاختلاط أمْ بعده؟ وقد تُوبِعَ.

وأخرجه مسلم (927)(17) من طريق محمد بن أبي عدي، وأبو يعلى (156) و (157) و (179) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (180) من طريق شعبة عن قتادة.

ص: 434

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى - قَالَ يَزِيدُ: لَا نَرَى - عَلَيْهِ أَثَرَ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ.

ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلامِ، مَا الْإِسْلامُ؟ فَقَالَ:" الْإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.

قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ. قَالَ: " الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ: صَدَقْتَ.

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ يَزِيدُ:" أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ ".

قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: " مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ " قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا. قَالَ: " أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ ".

قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، قَالَ: فَلَبِثْتُ (1) مَلِيًّا - قَالَ يَزِيدُ: ثَلاثًا - فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ

(1) في (م) و (ب) و (ح): فلبث.

ص: 435

أَعْلَمُ. قَالَ: " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ "(1).

368 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَلا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ. وَقَالَ: قَالَ عُمَرُ: فَلَبِثْتُ ثَلاثًا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عُمَرُ (2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. كهمس: هو ابن الحسن، وابن بريدة: هو عبد الله.

وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(6) من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن منده (3)، والبغوي (2) من طريق يزيد بن هارون، به.

وأخرجه مسلم (8)(1)، وأبو داود (4695)، والنسائي 8/ 97، وابن خزيمة (2504)، وابن حبان (168)، وابن منده (1) و (4) و (7) و (8) و (186) من طرق عن كهمس بن الحسن، به.

وأخرجه الطيالسي (21)، والبخاري في "خلق أفعال العباد"(190)، ومسلم (8)(2)، وابن منده (10) من طريق مطر الوراق، وابن منده (9) من طريق عبد الله بن عطاء الطائفي، كلاهما عن ابن بريدة، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض.

وأخرجه مسلم (8)(4)، وابن حبان (173)، وابن منده (11) و (12) و (13) و (14)، والبيهقي في "شعب الإِيمان"(3973) من طريق سليمان التيمي، وابن منده (9) من طريق عبيد الله بن العيزار، كلاهما عن يحيى بن يعمر، به. وقد تفرد سليمان بألفاظ لم يذكرها فيه غيره. وانظر ما بعده، وقد تقدم برقم (184) و (191).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن يزيد: هو المقرئ.

وأخرجه ابن منده (2) و (185) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإِسناد. وانظر ما قبله.

ص: 436

369 -

حَدَّثَنَا بَهْزٌ. قَالَ (1): وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهَا. قَالَ: فَقَالَ لِي: عَلَى يَدِي جَرَى الْحَدِيثُ، تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَفَّانُ: وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ - فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الرَّسُولُ، وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِحْدَاهُمَا مُتْعَةُ الْحَجِّ، وَالْأُخْرَى مُتْعَةُ النِّسَاءِ (2).

(1) القائل هو الإِمام أحمد.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نضرة -وهو المنذر بن مالك بن قُطَعة- فمن رجال مسلم. بهز: هو ابن أسد العمِّي، وعفان: هو ابن مسلم، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي.

وأخرجه مسلم (1217) عن زهير بن حرب، عن عفان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البيهقي 7/ 206 من طريق موسى بن إسماعيل، عن همام، به.

وأخرجه الطيالسي (1792)، ومسلم (1217)، وابن حبان (3940)، والبيهقي 5/ 21 من طريق شعبة، عن قتادة، به. وانظر حديث جابر في "المسند"(3/ 325 الطبعة الميمنية).

قال البيهقي 7/ 206: ونحن لا نشك في كونها (يعني متعة الحج) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنا وجدناه نهى عن نكاح المتعة عام الفتح بعد الإِذن فيه، ثم لم نجده أذن فيه بعد النهي عنه حتى مضى لِسبيله صلى الله عليه وسلم، فكان نَهْي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن نكاح المتعة موافقاً لسنة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأخذنا به، ولم نجده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َوسَلَّمَ نهى عن متعة الحج في رواية صحيحة عنه، ووجدنا في قول عمر رضي الله عنه ما دلَّ على أنه أَحَب أن يَفْصِلَ بين الحج والعمرة ليكون أتمَّ لهما، فحملنا نهيه عن متعة الحج على التنزيه وعلى اختيارِ =

ص: 437

370 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا "(1).

371 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ، وَأَجْرِي عَلَى اللهِ. قَالَ: خُذْ مَا أُعْطِيتَ، فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَمَّلَنِي، فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ، فَكُلْ وَتَصَدَّقْ "(2).

= الإِفراد على غيره لأعلى التحريم، وبالله التوفيق.

(1)

حديث صحيح، عبد الله بن لهيعة -وإن كان سيئ الحفظ- توبع، وقد روى عنه هذا الحديث عند غير المصنف عبد الله بن وهب، وحديثه عنه صالح. وباقي رجال الإِسناد ثقات. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وأبو تميم: هو عبد الله بن مالك بن أبي الأسحم.

وأخرجه ابن ماجه (4164)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1445) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، بهذا الإِسناد. وانظر (205).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ليث: هو ابن سعد، وبكير بن عبد الله: هو ابن الأشج.

وأخرجه الدارمي (1649)، ومسلم (1045)(112)، وأبو داود (1647) و (2944)، والبزار (245)، والنسائي 5/ 102، وابن خزيمة (2364)، وابن حبان =

ص: 438

372 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّهُ قَالَ: هَشَشْتُ يَوْمًا فَقَبَّلْتُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا؛ قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟ " فَقُلْتُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فَفِيمَ؟ "(1).

373 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، أَلا تَرَوْنَ أَنَّهَا تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا؟ "(2).

374 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّا نُسَافِرُ فِي الْآفَاقِ، فَنَلْقَى قَوْمًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَأَخْبِرُوهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ، وَأَنَّهُمْ مِنْهُ بُرَآءُ - ثَلاثًا - ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،

= (3405)، والبيهقي 7/ 15 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإِسناد. وانظر (100).

قوله: "فعمَّلني"، أي: أعطاني عُمالتي وأجرة عملي، يقال منه: أعمَلْته وعمَّلتُه.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر (138).

(2)

حديث صحيح، عبد الله بن لهيعة قد توبع. يحيى بن إسحاق: هو السِّيلَحيني. وانظر (370).

ص: 439

فَجَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَ مِنْ هَيْئَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" ادْنُهْ " فَدَنَا، فَقَالَ:" ادْنُهْ " فَدَنَا، فَقَالَ:" ادْنُهْ " فَدَنَا، حَتَّى كَادَ رُكْبَتَاهُ تَمَسَّانِ (1) رُكْبَتَيْهِ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مَا الْإِيمَانُ؟ - أَوْ عَنِ الْإِيمَانِ -، قَالَ:" تُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ " - قَالَ سُفْيَانُ: أُرَاهُ قَالَ: خَيْرِهِ وَشَرِّهِ -.

قَالَ: فَمَا الْإِسْلامُ؟ قَالَ: " إِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَغُسْلٌ مِنَ الْجَنَابَةِ " كُلُّ ذَلِكَ قَالَ: صَدَقْتَ صَدَقْتَ. قَالَ الْقَوْمُ: مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَشَدَّ تَوْقِيرًا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ يُعَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ:" أَنْ تَعْبُدَ اللهَ - أَوْ: تَعْبُدَهُ - كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " كُلُّ ذَلِكَ نَقُولُ: مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَشَدَّ تَوْقِيرًا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا، فَيَقُولُ: صَدَقْتَ صَدَقْتَ.

قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: " مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ " قَالَ: فَقَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا، مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَشَدَّ تَوْقِيرًا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا، ثُمَّ وَلَّى.

قَالَ سُفْيَانُ: فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْتَمِسُوهُ " فَلَمْ يَجِدُوهُ، قَالَ:" هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ، مَا أَتَانِي فِي صُورَةٍ إِلَّا عَرَفْتُهُ، غَيْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ "(2).

(1) على حاشية (س) و (ص): تمس.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن =

ص: 440

375 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ يَعْمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، أَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ: إِنَّا نَسِيرُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَنَلْقَى قَوْمًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ، وَهُمْ مِنْهُ بُرَآءُ - قَالَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ - ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَدْنُو؟ فَقَالَ:" ادْنُهْ " فَدَنَا رَتْوَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَدْنُو؟ فَقَالَ:" ادْنُهْ " فَدَنَا رَتْوَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَدْنُو؟ فَقَالَ:" ادْنُهْ " فَدَنَا رَتْوَةً، حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَمَسَّ رُكْبَتَاهُ رُكْبَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (1).

= بريدة، فمن رجال مسلم. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، سفيان: هو الثوري، وابن يَعمر: هو يحيى.

وأخرجه أبو داود (4697) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري، بهذا الإِسناد.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5883) من طريق شريك، عن الركين بن الربيع، عن يحيى بن يعمر، به.

وأخرجه أيضاً من طريق شريك، عن عطاء بن السائب، عن ابن بُريدة، عن ابن عمر.

وأخرجه الطبراني (13581) من طريق منصور بن المعتمر، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر.

قال الترمذي في "السنن" 5/ 8: روي هذا الحديثُ عن ابن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َسَلَّمَ، والصحيحُ: عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر (367).

(1)

إسناده صحيح كسابقه. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزبيري.

والرَّتوة: الخطوة.

ص: 441

376 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُرَاقَةَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ بِجَهَازِهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللهِ، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ "(1).

377 -

حَدَّثَنَا عَتَّابٌ - يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَقَدْ بَلَغَ بِهِ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ وِرْدِهِ - أَوْ قَالَ: مِنْ جُزْئِهِ - مِنَ اللَّيْلِ، فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ إِلَى الظُّهْرِ، فَكَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ لَيْلَتِهِ "(2).

378 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، قَالَ: اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219]. قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا

(1) حديث صحيح، عبد الله بن لهيعة قد توبع، وفي إدراك عثمان بن عبد الله بن سراقة لِعمر بن الخطاب خلاف، وقد تقدم الكلامُ عليه في الحديث رقم (126).

(2)

إسناده صحيح. وهو مكرر (220).

ص: 442

شِفَاءً (1). فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَقَامَ الصَّلاةَ نَادَى: أَنْ (2) لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلاةَ سَكْرَانُ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنْتَهُونَ} [المائدة: 91] قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا، انْتَهَيْنَا (3).

(1) على حاشية (ق): شافياً.

(2)

لفظة: "أن" ليست في (ص).

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ خلف بن الوليد، وهو ثقة، وثَّقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم، وإسرائيل -وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي- سماعُه من جده في غاية الإتقان، وأبو ميسرة -وهو عمرو بن شرحبيل الهمداني -سمع من عمر كما في "الجرح والتعديل" 6/ 237 عن أبي حاتم، وقول أبي زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "المراسيل" (516): حديثه عن عمر مرسل، لم يتابعه عليه أحد، فأبو ميسرة تابعي كبير مخضرم، ولم يُعرف بتدليس قط.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 112، وأبو داود (3670)، والترمذي (3049)، والبزار (334)، والنسائي 8/ 286 - 287، والطبري 7/ 33، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ": 52، والحاكم 4/ 143، والبيهقي 8/ 285 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإِسناد. وصحح الحاكم إسناده، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الحاكم 4/ 143 من طريق حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، قال: قال عمر

فذكره. وصحح الحاكم إسناده، ووافقه الذهبي، لكن قال الدارقطني في "العلل" 1/ 185: الصواب قول من قال: عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر.

قوله: "لما نزل تحريم الخمر"، أي: لما أراد تعالى أن يُنزِّل تحريم الخمر، أو قاربَ أن ينزِّلَ.

ص: 443

379 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ صُبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ: أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا تَغْلِبِيًّا، فَأَسْلَمَ، فَسَأَلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقِيلَ لَهُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل. فَأَرَادَ أَنْ يُجَاهِدَ، فَقِيلَ لَهُ: أَحَجَجْتَ؟ قَالَ: لَا. فَقِيلَ لَهُ: حُجَّ وَاعْتَمِرْ، ثُمَّ جَاهِدْ. فَأَهَلَّ بِهِمَا (1) جَمِيعًا، فَوَافَقَ زَيْدَ بْنَ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَقَالا: هُوَ أَضَلُّ مِنْ نَاقَتِهِ - أَوْ مَا هُوَ بِأَهْدَى مِنْ جَمَلِهِ -، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمَا، فَقَالَ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم، أَوْ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

380 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلْحَجَرِ: إِنَّمَا أَنْتَ حَجَرٌ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. ثُمَّ قَبَّلَهُ (3).

381 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ أَتَى الْحَجَرَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. قَالَ: ثُمَّ قَبَّلَهُ.

(1) أي: بالحج والعمرة معاً.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صُبي بن معبد، فقد روى له أصحاب السنن غير الترمذي. عفان: هو ابن مسلم، والحكم: هو ابن عتيبة، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وانظر (83).

(3)

حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن عُروة بن الزبير والد هشام لم يُدرك عمر، وقد صح موصولاً من غير هذا الطريق، انظر (274) و (361). يحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 367 عن هشام بن عروة، بهذا الإِسناد.

ص: 444

382 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ: أَنَّ عُمَرَ قَبَّلَهُ وَالْتَزَمَهُ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم بِكَ حَفِيًّا - يَعْنِي الْحَجَرَ - (1).

383 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَذَهَبَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ "(2).

384 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ الَّذِي يَعُودُ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الَّذِي يَعُودُ فِي قَيْئِهِ "(3).

385 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى يَقُولُوا: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ، فَكَانَ

(1) إناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عبد الأعلى، فعن رجال مسلم. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه مسلم (1271)، والنسائي 5/ 226 من طريق وكيع، بهذا الإِسناد.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر (192).

(3)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هشام بن سعد، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث. وانظر (166).

ص: 445

يَدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ مِقْدَارَ صَلاةِ الْمُسْفِرِينَ بِصَلاةِ الْغَدَاةِ، قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (1).

386 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "(2).

387 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ فِي السَّفَرِ (3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري، وسماعه من أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي قديم، وعمرو بن ميمون: هو الأودي. وانظر (84).

جَمْع: هي المزدلفة.

والمسفِرون بصلاة الغداة: المؤخِّرون لها.

(2)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير رباح بن أبي معروف، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث، وقد توبع. وانظر (288).

(3)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله واضطرابه، وانظر "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 15، و"العلل" للدارقطني 2/ 20 - 22.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 178، ومحمد بن عاصم في "جزئه"(20)، والبزار (122)، والدارقطني في "العلل" 2/ 26 من طرق عن الحسن بن صالح، بهذا الإِسناد. وانظر ما تقدم برقم (128).

والمسح على الخفين في السفر ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث بريدة.

ص: 446

388 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ (1).

قَالَ وَكِيعٌ: فِتْنَةُ الصَّدْرِ: أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ، وَذَكَرَ وَكِيعٌ الْفِتْنَةَ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا.

389 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: جَلَسَ عُمَرُ مَجْلِسًا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُهُ تَمُرُّ عَلَيْهِ الْجَنَائِزُ، قَالَ: فَمَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا خَيْرًا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. ثُمَّ مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا خَيْرًا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. ثُمَّ مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَقَالُوا خَيْرًا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. ثُمَّ مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَقَالُوا: هَذَا كَانَ أَكْذَبَ النَّاسِ. فَقَالَ: إِنَّ أَكْذَبَ النَّاسِ أَكْذَبُهُمْ عَلَى اللهِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ مَنْ كَذَبَ عَلَى رُوحِهِ فِي جَسَدِهِ، قَالَ: قَالُوا: أَرَأَيْتَ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ؟ قَالَ: وَجَبَتْ، قَالُوا: وَثَلاثَةٌ؟ قَالَ: وَجَبَتْ، قَالُوا: وَاثْنَيْنِ؟ قَالَ: وَجَبَتْ، وَلَأَنْ أَكُونَ قُلْتُ وَاحِدًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. قَالَ: فَقِيلَ لِعُمَرَ: هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ بِرَأْيِكَ، أَمْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا، بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر (145).

(2)

حديث صحيح، عمر بن الوليد الشني وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وابن حبان، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأساً، وضعفه النسائي، وقال يحيى بن سعيد القطان: لست أعتمد عليه ولكنه لا بأس به، انظر ترجمته في "الإكمال" ص 310، =

ص: 447

390 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ سَعْدًا لَمَّا بَنَى الْقَصْرَ، قَالَ: انْقَطَعَ الصُّوَيْتُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ، فَلَمَّا قَدِمَ أَخْرَجَ زَنْدَهُ، وَأَوْرَى نَارَهُ، وَابْتَاعَ حَطَبًا بِدِرْهَمٍ، وَقِيلَ لِسَعْدٍ: إِنَّ رَجُلًا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَحَلَفَ بِاللهِ مَا قَالَهُ، فَقَالَ: نُؤَدِّي عَنْكَ الَّذِي تَقُولُهُ، وَنَفْعَلُ مَا أُمِرْنَا بِهِ. فَأَحْرَقَ الْبَابَ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ أَنْ يُزَوِّدَهُ فَأَبَى، فَخَرَجَ فَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ، فَهَجَّرَ إِلَيْهِ، فَسَارَ ذَهَابَهُ وَرُجُوعَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَقَالَ: لَوْلا حُسْنُ الظَّنِّ بِكَ لَرَأَيْنَا أَنَّكَ لَمْ تُؤَدِّ عَنَّا. قَالَ: بَلَى، أَرْسَلَ يَقْرَأُ السَّلامَ، وَيَعْتَذِرُ، وَيَحْلِفُ بِاللهِ مَا قَالَهُ. قَالَ: فَهَلْ زَوَّدَكَ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ (1): فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُزَوِّدَنِي أَنْتَ؟ قَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آمُرَ لَكَ فَيَكُونَ لَكَ الْبَارِدُ، وَيَكُونَ لِي الْحَارُّ، وَحَوْلِي أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَدْ قَتَلَهُمُ الْجُوعُ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَا يَشْبَعُ الرَّجُلُ دُونَ جَارِهِ "(2).

آخِرُ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

= و"التعجيل" ص 304، وعبد الله بن بريدة لم يدرك عمر بن الخطاب، بينهما أبو الأسود الدؤلي كما تقدم برقم (139) بإسناد صحيح.

(1)

القائل هو محمد بن مسلمة.

(2)

رجاله ثقات رجال الشيخين، ورواية عباية بن رفاعة عن عمر مرسلة، قاله أبو زرعة كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 151، وقد جعل أبو نعيم في "الحلية" الحديث من رواية عباية بن رفاعة عن محمد بن مسلمة عن عمر، وإسناده إلى عباية صحيح رجاله كلهم ثقات. سفيان: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري. =

ص: 448

حَدِيثُ السَّقِيفَةِ

391 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَجَعَ إِلَى رَحْلِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكُنْتُ أُقْرِئُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَوَجَدَنِي، وَأَنَا أَنْتَظِرُهُ، وَذَلِكَ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ

= وأخرجه الحاكم 4/ 167 مختصراً من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد. وقال الذهبي في "تلخيصه": سنده جيد.

وأخرجه مختصراً بالمرفوع منه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 27 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد، وجعله من حديث عباية عن محمد بن مسلمة، عن عمر. وقد تحرف في المطبوع منه "عباية بن رفاعة" إلى: عبادة عن رفاعة.

وأخرجه بطوله ابن المبارك في "الزهد"(513) عن سفيان بن عيينة، عن عمر بن سعيد أخي سفيان الثوري، عن أبيه، به.

ولقوله: "لا يشبع الرجل دون جاره" شاهد من حديث أنس بن مالك عند البزار (119)، والطبراني في "الكبير" (751) ولفظه عند البزار:"ليس المؤمن الذي يبيت شبعان وجاره طاوٍ"، وحسَّن المنذري إسناده في "الترغيب" 3/ 358. ونحوه عن ابن عباس عند أبي يعلى (2699)، والبخاري في "الأدب المفرد" (112)، وصححه الحاكم 4/ 167.

وقوله: "أَورى بناره"، أي: أَوقَدها، والزَّنْد: العود الذي يُقدح به النار.

ص: 449

عَوْفٍ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي قَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، وَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ إِذَا قُمْتَ فِي النَّاسِ، فَأَخْشَى أَنْ تَقُولَ مَقَالَةً يَطِيرُ بِهَا أُولَئِكَ فَلَا يَعُوهَا، وَلَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، وَلَكِنْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، وَتَخْلُصَ بِعُلَمَاءِ النَّاسِ وَأَشْرَافِهِمْ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعُونَ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا مَوَاضِعَهَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ صَالِحًا لَأُكَلِّمَنَّ بِهَا النَّاسَ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ.

فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ (1) صَكَّةَ الْأَعْمَى - فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا صَكَّةُ الْأَعْمَى؟ قَالَ: إِنَّهُ لَا يُبَالِي أَيَّ سَاعَةٍ خَرَجَ، لَا يَعْرِفُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَنَحْوَ هَذَا - فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ عِنْدَ رُكْنِ الْمِنْبَرِ الْأَيْمَنِ قَدْ سَبَقَنِي، فَجَلَسْتُ حِذَاءَهُ تَحُكُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ طَلَعَ عُمَرُ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قُلْتُ: لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَالَةً مَا قَالَهَا عَلَيْهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قَالَ: فَأَنْكَرَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ (2) أَحَدٌ؟

فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ، قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنِّي قَائِلٌ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي

(1) تحرف في (م) إلى: الأرواح.

(2)

في (ق): يقله.

ص: 450

أَنْ أَقُولَهَا، لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي، فَمَنْ وَعَاهَا وَعَقَلَهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ لَمْ يَعِهَا فَلَا أُحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكَانَ مِمَّا (1) أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: لَا نَجِدُ آيَةَ (2) الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ قَدْ أَنْزَلَهَا اللهُ عز وجل، فَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوِ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ، أَلَا وَإِنَّا قَدْ كُنَّا نَقْرَأُ: لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ.

أَلَا وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ، فَقُولُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ".

وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ: لَوْ قَدْ (3) مَاتَ عُمَرُ، بَايَعْتُ فُلانًا، فَلا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَتْ فَلْتَةً، أَلا وَإِنَّهَا كَانَتْ كَذَلِكَ، إلا أَنَّ (4) اللهَ عز وجل وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ فِيكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، أَلَا وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُمَا، تَخَلَّفُوا فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَخَلَّفَتْ عَنَّا الْأَنْصَارُ بِأَجْمَعِهَا فِي

(1) في (ق) وحاشية (س) و (ص): فيما.

(2)

لفظة "آية" ليست في (ق).

(3)

لفظة "قد" ليست في (ق).

(4)

في (م): ألا وإن.

ص: 451

سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ حَتَّى لَقِيَنَا رَجُلانِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا لَنَا الَّذِي صَنَعَ الْقَوْمُ، فَقَالا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْتُ: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلاءِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ، وَاقْضُوا أَمْرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ.

فَانْطَلَقْنَا حَتَّى جِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ رَجُلٌ مُزَمَّلٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالُوا: وَجِعٌ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَامَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ عز وجل بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ عز وجل، وَكَتِيبَةُ الْإِسْلامِ، وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنَّا، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا، وَيَحْضُنُونَا مِنَ الْأَمْرِ، فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي، أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ كُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ (1) الْحَدِّ، وَهُوَ كَانَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ. فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، وَكَانَ أَعْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ، وَاللهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَهَا فِي بَدِيهَتِهِ وَأَفْضَلَ، حَتَّى سَكَتَ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ أَهْلُهُ، وَلَمْ تَعْرِفِ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَيَّهُمَا شِئْتُمْ. وَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا، وَكَانَ وَاللهِ أَنْ أُقَدَّمَ

(1) في (ق): ببعض.

ص: 452

فَتُضْرَبَ عُنُقِي، لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ إِلَى إِثْمٍ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، إِلَّا أَنْ تَغَيَّرَ نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: مَا مَعْنَى " أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ "؟ قَالَ: كَأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا دَاهِيَتُهَا -.

قَالَ: وَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ، حَتَّى خَشِيتُ الِاخْتِلافَ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَهُ الْأَنْصَارُ، وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللهُ سَعْدًا.

وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَمَا وَاللهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا أَمْرًا هُوَ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ، وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ، أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً، فَإِمَّا أَنْ نُتَابِعَهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونَ فِيهِ فَسَادٌ، فَمَنْ بَايَعَ أَمِيرًا عَنْ (1) غَيْرِ مَشُورَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلا بَيْعَةَ لَهُ، وَلا بَيْعَةَ لِلَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةَ أَنْ يُقْتَلا (2).

قَالَ مَالِكٌ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَقِيَاهُمَا (3): عُوَيْمُ (4) بْنُ سَاعِدَةَ، وَمَعْنُ (5) بْنُ عَدِيٍّ.

(1) في (ق): من.

(2)

أي: خوفاً أن يُقتَلا.

(3)

في (ص): لقياهم.

(4)

تحرف في (م) و (ب) إلى: عويمر.

(5)

ينحرف في (م) إلى: معمر.

ص: 453

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ الَّذِي قَالَ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ: الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ (1).

(1) إسناد حديث السقيفة صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن عيسى الطباع، فمن رجال مسلم. وهو في "الموطأ" 2/ 823 مختصراً بقصة الرجم فقط.

ومن طريق مالك أخرجه الدارمي (2322) و (2784)، والبخاري (2462) و (3928)، والنسائي في "الكبرى"(7157) و (7158)، وابن حبان (414) وبعضهم يزيد فيه على بعض. وقرن البخاري والنسائي في الموضع الثاني بمالكٍ يونسَ بن يزيد الأيلي.

وأخرجه الحميدي (26) و (27)، وابن أبي شيبة 10/ 75 - 76 و 14/ 563 - 567، والبخاري (3445) و (4021) و (6829) و (6830) و (7323)، ومسلم (1691)، وأبو داود (4418)، وابن ماجه (2553)، والترمذي في "الشمائل"(323)، والبزار (194)، والنسائي (7156) و (7159) و (7160)، وأبو يعلى (153)، وابن حبان (413) و (6239)، والبيهقي 8/ 211 من طرق عن الزهري، بهذا الإِسناد. وانظر (331) و (352).

قوله: "كانت فلتة"، قال ابن الأثير في "النهاية" 3/ 467: أراد بالفلتة: الفَجْأة، ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مُهيِّجةً للشر والفتنة، فعَصَم الله من ذلك ووَقَى، والفلتة: كلُّ شيء فُعل من غير رَوِيَّة، وإنما بُودِر بها خوف انتشار الأمر.

وقوله: "ويَحضُنونا من الأمر"، أي: يخرجونا منه.

وقوله: "زوَّرتُ": هيَّأت.

والجُذيل: تصغير جِذْل، وهو العود الذي يُنصَب للإبل الجَرْبى لتحتكَّ به، وهو تصغير تعظيم، أي: أنا ممَّن يُستشفى برأيه كما تستشفي الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود.

والعُذيق: تصغير العَذْق، وهو النخلة. =

ص: 454

392 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ؟ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ بِالْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ " وَقَالَ: " فِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ "(1).

393 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا "(2).

= والمرجَّب: من الترجيب بالجيم، يقال: رَجَّبتُ النخلة، إذا أَسندتَها على خشبة ذات شُعبتين، لكثرة حملها، يريد أنه الذي ينبغي الرجوعُ إلى قوله.

(1)

إسداده صحيح على شرط مسلم. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 354 - 355 من طريق عبد العزيز بن يحيى، عن مالك، بهذا الإِسناد. وسيأتي بقية تخريجه في مسند أنس بن مالك (3/ 202 الطبعة الميمنية).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في "الموطأ" 2/ 671.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "المسند" 2/ 154، و"الرسالة" فقرة (863)، والبخاري (2111)، ومسلم (1531)(43)، وأبو داود (3454)، والنسائي 7/ 248، وابن حبان (4916)، والدرقطني 3/ 6، والبيهقي 5/ 268.

وأخرجه الشافعي 2/ 154، والحميدي (654)، ومسلم (1531)(44) و (45)، والترمذي (1245)، والنسائي 7/ 248 و 250، والدارقطني 3/ 5، والبيهقي 5/ 269 من طرق عن نافع، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (1531)(46)، والدارقطني 3/ 6 من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وهذا الحديث من مسند ابن عمر، وسيأتي بقية تخريجه فيه برقم (4484) و (5158) و (5418) و (6006).

ص: 455

394 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ (1).

395 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نَتَبَايَعُ الطَّعَامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِنَقْلِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ (2).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في "الموطأ" 2/ 653.

ومن طريق مالك أخرجه البخاري (2143)، وأبو داود (3380)، والنسائي 7/ 293 - 294، وابن الجارود (591)، وابن حبان (4947)، والبيهقي 5/ 340، والبغوي (2107).

وأخرجه البخاري (2256)، ومسلم (1514)(5)، وابن حبان (4946)، والبيهقي 5/ 341 من طرق عن نافع، بهذا الإِسناد. وقرن ابنُ حبان بنافعٍ سعيدَ بن جبير، وسيأتي حديث سعيد بن جبير في "المسند" برقم (4582).

وسيأتي الحديث من طرق أخرى عن نافع برقم (4491) و (4640) و (5307) و (5466) و (5510).

وحَبَل الحبَلَة قال ابن الأثير في "النهاية" 1/ 334: الحبَل الأوّل يُراد به ما في بُطون النُّوق من الحَمْل، والثاني حَبَل الذي في بطون النوق، وإنما نُهي عنه لمعنيين: أحدهما أنه غَرَر وبيعُ شيء لم يُخلق بعد، وهو أن يبيع ما سوف يحمِلُه الجنين الذي في بطن الناقة، على تقدير أن تكون أنثى، فهو بيع نِتاج النتاج. وقيل: أراد بحبل الحالة أن يبيعه إلى أجل يُنْتَج فيه الحمل الذي في بطن الناقة، فهو أجلٌ مجهول ولا يصحُّ.

(2)

إسناده صحيح كسابقه. وهو في "الموطأ" 2/ 641.

ومن طريق مالك أخرجه مسلم (1527)(33)، وأبو داود (3493)، والنسائي =

ص: 456

396 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ "(1).

397 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حَقَّهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ، وَإِلَّا فَقَدْ أَعْتَقَ مَا أَعْتَقَ "(2).

= 7/ 287، والبيهقي 5/ 314، والبغوي (2088).

وأخرجه البخاري (2123) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، بهذا الإِسناد.

وسيأتي أيضاً في مسند ابن عمر برقم (4639) و (4716) و (5924) و (6191) و (6275).

(1)

إسناده صحيح كسابقه. وهو في "الموطأ" 2/ 640.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/ 142، والدارمي (2559)، والبخاري (2126)(2136)، ومسلم (1526)، وأبو داود (3492)، وابن ماجه (2226)، والنسائي 7/ 285، والطحاوي 4/ 37، والبيهقي 5/ 312، والبغوي (2087).

وأخرجه البخاري (2124)، والطحاوي 4/ 37، وابن حبان (4986) من طرق عن نافع، به.

وسيأتي في مسند ابن عمر برقم (4736) و (5309).

(2)

إسناده صحيح كسابقه. وهو في "الموطأ" 2/ 772.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/ 66، والبخاري (2522)، ومسلم (1501)(1) وأبو داود (3940)، وابن ماجه (2528)، والنسائي في "الكبرى"(4957)، وابن الجارود (970)، وابن حبان (4316)، والبيهقي 10/ 274، والبغوي (2421). =

ص: 457

398 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ لاعَنَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: " فَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

= وأخرجه البخاري (2525)، وأبو داود (3945)، والنسائي (4961)، والبيهقي 10/ 275 من طرق عن نافع، به. وسيأتي برقم (4451) و (4635) و (5150) و (5474) و (5821) و (5920) و (6038) و (6279) و (6453).

شِركاً: نصيباً. وقيمة عَدْلٍ، قال السندي: على الإِضافة البيانية، أي: قيمة هي عَدْل: وسط، لا زيادة فيها ولا نقص.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وسعيد: هو ابن جبير.

وأخرجه الحميدي (672)، ومسلم (1493)(6) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (1493)(6) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به.

وأخرجه البخاري (5312)، ومسلم (1493)(5)، والنسائي 6/ 177 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، به. قال سفيان في رواية البخاري: حفظته من عمرو وأيوب.

وأخرجه مسلم (1493)(4) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، والنسائي 6/ 176 - 177 من طريق عزرة، كلاهما عن سعيد بن جبير، به. وبعض هؤلاء يزيد فيه على بعض. وسيأتي في مسند ابن عمر برقم (4477) و (4945).

ص: 458

‌مُسْنَدُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (1) رضي الله عنه

399 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ (2)، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي الْفَارِسِيَّ. قَالَ أَبِي

(1) هو عثمان بن عفان بن أبي العاص، وُلد بعد الفيل بست سنين على الصحيح.

زَوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنتَه رقية، وماتت عنده أيامَ بدرٍ، فزوجه بعدها أختها أمَّ كلثومٍ، فلذلك كان يُلقب ذا النورين، ورُوي أن علياً قالوا له: حدِّثْنا عن عثمان، قال: ذاك امرؤٌ يُدعى في الملأ الأعلى: ذا النُّورين.

وجاء متواتراً أن النبي صلى الله عليه وسلم بَشَّره بالجنة، وعَدَّه من أهل الجنة، وشهد له بالشهادة.

وجاء أنه قال فيه يوم جَهَّز جيش العُسْرة: "ما ضَرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم" مرتين.

وعن أنس أنه لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان، كان عثمان بن عفان رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، قال: فبايع الناسُ، قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله" فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم. وهو حديث صحيح كما ذكره الترمذي.

وهو أول من هاجر إلى الحبشة ومعه زوجته رقية، وتخلَّف عن بدرٍ لتمريضها، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم بسَهْمه وأجره.

بُوِيعَ له يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وقُتِلَ يوم الجمعة لثمان عشرة خَلَت من ذي الحجة بعد العصر، ودُفِنَ ليلة السبت بين المغرب والعشاء، وهو ابن اثنين وثمانين سنةً وأَشهُر على الصحيح المشهور.

"حاشية السندي" 1/ الورقة 20.

(2)

تحرف في النسخ المطبوعة من "المسند" إلى: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا =

ص: 459

أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا - قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: بَيْنَهُمَا - سَطْرًا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟

قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ عِنْدَهُ يَقُولُ:" ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا " وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ، فَيَقُولُ:" ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا " وَيُنْزَلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا "، وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ، فَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهًة بِقِصَّتِهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، وَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرًا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ (1).

= سعيد، حدثنا عوف.

(1)

إسناده ضعيف ومتنه منكر، يزيد الفارسي هذا لم يروِ عنه هذا الحديث غير عوف بن أبي جميلة، وهو في عِداد المجهولين، وقد انفرد بروايته، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، وهو غير يزيد بن هرمز الثقة الذي خرج له مسلم، قال البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 367 وفي "الضعفاء" ص 122: قال لي علي -يعني ابن المديني-: قال عبد الرحمن -يعني ابن مهدي-: يزيد الفارسي هو ابن هرمز، قال: فذكرته ليحيى =

ص: 460

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فلم يعرفه، قال: وكان يكون مع الأمراء.

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 293 اختلفوا في يزيد بن هرمز أنه يزيد الفارسي أم لا؟ فقال عبد الرحمن بن مهدي وأحمد: يزيد الفارسي هو يزيد بن هرمز، وأنكر يحيى بن سعيد القطان أن يكونا واحداً، وسمعت أبي يقول: يزيد بن هرمز هذا ليس بيزيد الفارسي، هو سواه، فأما يزيد بن هرمز، فهو والد عبد الله بن يزيد بن هرمز، وكان ابن هرمز من أبناء الفرس الذين كانوا بالمدينة وجالسوا أبا هريرة، وليس هو بيزيد الفارسي البصري الذي يروي عن ابن عباس.

وقال المزي في "تهذيب الكمال": الصحيح أن يزيد الفارسي غير يزيد بن هرمز.

قال العلامة المحدث الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "المسند": فهذا يزيد الفارسي الذي انفرد برواية هذا الحديث يكاد يكون مجهولاً حتى شبه على مثل ابن مهدي وأحمد والبخاري أن يكون هو ابنَ هرمز أو غيره، ويذكره البخاري في "الضعفاء" فلا يقبل منه مثلُ هذا الحديث ينفرد به، وفيه تشكيكٌ في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي قراءةً وسَماعاً وكتابة في المصاحف، وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور، كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه، وحاشاه من ذلك، فلا علينا إذا قلنا: إنه حديث لا أصل له، تطبيقاً للقواعد الصحيحة التي لا خلاف فيها بين أئمة الحديث.

قال الحافظ ابن حجر في "شرح النخبة" في الكلام على أمارات الحديث الموضوع: ومنها ما يؤخذ من حال المروي، كأن يكون مناقضاً لنص القرآن، أو السنة المتواترة، أو الإِجماع القطعي.

وقال الخطيب في كتابه "الكفاية" ص 432: ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل، وحكم القرآن الثابت المحكم، والسنة المعلومة، والفعل الجاري مجرى السنة، وكل دليل مقطوع به.

وكثيراً ما يُضعِّف أئمة الحديث راوياً لانفراده برواية حديثٍ منكر يُخالف المعلومَ من الدين بالضرورة، أو يُخالف المشهورَ من الروايات، فأولى أن نضعف يزيد الفارسي هذا بروايته هذا الحديث منفرداً به، إلى أن البخاري ذكره في "الضعفاء" وينقل عن يحيى القطان أنه كان يكون مع الأمراء. =

ص: 461

400 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، أَنَّ حُمْرَانَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: تَوَضَّأَ عُثْمَانُ عَلَى الْبَلاطِ، ثُمَّ قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاةِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصَلِّيَهَا "(1).

= ثم بعد كتابة ما تقدَّم، وجدت الحافظ ابن كثير نقل هذا الحديث في "التفسير" 4/ 106 - 107، وفي كتاب "فضائل القرآن" المطبوع في آخر "التفسير" ص 17 - 18، ووجدتُ أستاذنا العلامة السيد محمد رشيد رضا رحمه الله علَّق عليه في الموضعين، فقال في الموضع الأول بعد الكلام على يزيد الفارسي: فلا يصحُّ أن يكونَ ما انفرد به مُعتَبراً في ترتيب القرآن الذي يُطلب فيه التواتر. وقال في الموضع الثاني: فمثل هذا الرجل لا يَصِحُّ أن تكونَ روايته التي انفرد بها مما يؤخذ به في ترتيب القرآن المتواتر.

وهذا يكاد يوافق ما ذهبنا إليه، فلا عبرة بعد هذا كُلِّه في هذا الموضع بتحسين الترمذي، ولا بتصحيح الحاكم، ولا بموافقة الذهبي، وإنما العبرةُ للحُجَّة والدليل، والحمد لله على التوفيق.

قلنا: هذا الحديث أخرجه الترمذي (3086)، والبزار (344)، والنسائي في "الكبرى"(8007)، وابن أبي داود في "المصاحف" ص 39 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو داود (786)(787)، والترمذي (3086)، وابن أبي داودي 39 و 40، وابن حبان (43)، والحاكم 2/ 221 و 330، والبيهقي 2/ 42 من طرق عن عوف بن أبي جميلة، به. وحسنه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!! وسيأتي برقم (499).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عمران: هو ابن أبان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 30، والطيالسي (76)، وعبد الرزاق (141)، =

ص: 462

401 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلا يُنْكِحُ وَلا يَخْطُبُ "(1).

402 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدًا - يَعْنِي ابْنَ الْمُسَيِّبِ - قَالَ:

= والحميدي (35)، وابن أبي شيبة 2/ 388، وعبد بن حميد (60)، ومسلم (227)(5)، والنسائي 1/ 91، وابن خزيمة (2)، وابن حبان (1041)، والبغوي (153) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (160)، ومسلم (227)(6) من طريق الزهري، عن عروة، به. وانظر (459).

والبلاط -بفتح الباء-: موضع بالمدينة كان مبلطاً بالحجارة بين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين سوق المدينة.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في "الموطأ" 1/ 348 - 349.

ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 1/ 316، ومسلم (1409)(41)، وأبو داود (1841)، وابن ماجه (1966)، والبزار (361)، والنسائي 5/ 192 و 6/ 88، وابن خزيمة (2649)، وابن الجارود (444)، والطحاوي 2/ 268، وابن حبان (4123)، والبيهقي 5/ 65.

وأخرجه الطيالسي (74)، والبزار (365) و (366) و (367)، والطحاوي 2/ 268، والبيهقي 5/ 65 من طرق عن نافع، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (1409)(45)، والبزار (368)، والطحاوي 2/ 268، وابن حبان (4124) و (4125) و (4127)، والبيهقي 5/ 66 من طرق عن نبيه بن وهب، به. وسيأتي برقم (462) و (466) و (492) و (496) و (534) و (535).

ص: 463

خَرَجَ عُثْمَانُ حَاجًّا، حَتَّى إِذَا كَانَ (1) بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قِيلَ لِعَلِيٍّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا: إِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَصْحَابِهِ: إِذَا ارْتَحَلَ فَارْتَحِلُوا، فَأَهَلَّ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ بِعُمْرَةٍ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ التَّمَتُّعِ؟ قَالَ: فَقَالَ: بَلَى. قَالَ: فَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَمَتَّعَ (2)؟ قَالَ: بَلَى (3).

403 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ

(1) على حاشية (ق): كنا.

(2)

في (ق): يتمتع.

(3)

حديث حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن حرملة -وهو عبد الرحمن بن حرملة بن عمروبن سَنَّة الأسلمي- فقد روى له مسلم حديثاً واحداً في القنوت متابعة، وهو مختلف فيه، وثَّقه ابن نمير، وقال ابن معين: صالح، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال السَّاجي: صدوق يهم، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ، وضعفه يحيى بن سعيد القطان ولم يدفعه، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن عدي: لم أرَ في حديثه حديثاً منكراً، وقال في "التقريب": صدوق ربما أخطأ.

وأخرجه النسائي 5/ 152 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (424)، وانظر (431) و (432).

وله شاهد عند أحمد سيرد في مسند علي برقم (707) وسنده قوي، فيتقوى به.

وقوله: "إذا ارتحل فارتحلوا"، قال السندي في "حاشية النسائي" 5/ 152: أي: ارتحلوا معه ملبِّين بالعمرة ليعلم أنكم قدَّمتم السنة على قوله، وأنه لا طاعة له في مقابلة السنة.

وقوله: "فلم تسمع رسول الله"، يريد: فلم تشاهد رسول الله، فوضع "تسمع" موضع ترى وتشاهد. ومنه قول المتنبي:

في جَحْفَلٍ سَتَرَ العُيونَ غُبارُهُ

فكأنَّمَا يُبْصِرْنَ بالآذانِ

ص: 464

عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا (1).

404 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبُو أَنَسٍ (2):

(1) حديث صحيح لغيره، عامر بن شقيق ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد روى عنه شعبة وهو لا يروي إلا عن ثقة عنده، وصحح الترمذي حديثه في التخليل في "سننه"(31)، وقال في "العلل الكبير" 1/ 115: قال محمد -يعني البخاري-: أصح شيء عندي في التخليل حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا الحديث، فقال: هو حسن.

قلنا: وصحح له ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم، وباقي رجال الإِسناد ثقات رجال الشيخين. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 9، والبزار (393) من طريق وكيع، بهذا الإِسناد. ورواية البزار مطولة.

وأخرجه مطولاً عبد الرزاق (125)، وعبد بن حميد (62)، وأبو داود (110)، وابن الجارود (72)، وابن خزيمة (151) و (152) و (167)، والدارقطني 1/ 86، والحاكم 1/ 149، والبيهقي 1/ 54 من طرق عن إسرائيل، به. وصحح الحاكم إسناده.

وأخرجه الطيالسي (81)، والبزار (394)، والطحاوي 1/ 29 من طريق عبدة بن أبي لبابة، عن شقيق بن سلمة، قال: رأيت علياً وعثمان توضَّآ ثلاثاً ثلاثاً وقالا: هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ.

وأخرجه الطحاوي 1/ 29 من طريق عبد الله بن جعفر، عن عثمان بن عفان.

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر سيأتي في مسنده برقم (3526)، وصححه ابن حبان (1092).

وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي في مسنده برقم (6684).

(2)

تحرف في الأصول الخطية، وكذا في النسخ المطبوعة من "المسند" إلى: عن أنس، والصواب ما أثبتناه "عن أبي أنس" كما جاء في مصادر التخريج.

ص: 465

أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَعِنْدَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " أَلَيْسَ هَكَذَا رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ؟ قَالُوا: نَعَمْ (1).

405 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ "(2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية القرشي التيمي، وأبو أنس: هو مالك بن أبي عامر الاصبحي جد مالك بن أنس الفقيه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 9، ومسلم (230)، والدارقطني 1/ 86، والبيهقي 1/ 78 من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وانظر (487) و (488).

والمقاعد، قيل: هي دكاكين عند دارِ عثمان بن عفان، وقيل: درج، وقيل: موضع بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائجِ الناس والوضوء ونحو ذلك. "شرح مسلم" للنووي 3/ 114.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بنُ حبيب بن رُبَيِّعَة السُّلَمِي القارئ.

وأخرجه ابن ماجه (212) من طريق وكيع، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (5995)، والبخاري (5028)، والترمذي (2908)، وابن الضريس في "فضائل القرآن"(136)، والنسائي في "الكبرى"(8038) من طرق عن سفيان، به.

وأخرجه ابن الضّريس (139) من طريق الجراح بن الضحاك، عن علقمة بن مرثد، به. وسيأتي برقم (412) و (413) و (500). =

ص: 466

406 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ (1) بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ عز وجل، فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ "(2).

407 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ قَيْسٌ: فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ حِينَ حُصِرَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيَّ، فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ.

= قوله: "أفضلكم"، قال السندي: أي: من أفضلكم، لو أنه أفضلُ من الكلِّ، وبه يندفعُ التدافعُ بين الأحاديث الواردة بهذا العنوان، ثم المقصود في مثله بيان أن وصف تعلُّم القرآن وتعليمه من جُملة خيار الأوصاف، فالموصوف به يكون خيراً من هذه الجهة، أو يكون خيراً إن لم يعارض هذا الوصف معارضٌ، فلا يرد أنه كثيراً ما يكون المرءُ متعلماً ومعلماً للقرآن، ويأتي بمنكراتٍ، فكيف يكون خيراً، وقد يقال: المراد من تعلُّم القرآن وعلمه مع مراعاته عملاً، وإلا فغير المراعي يُعَدُّ جاهلاً، والله تعالى أعلم.

(1)

تحرف في (م) إلى: عمران.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الطيالسي (75)، وعبد بن حميد (58)، ومسلم (231)(11)، والنسائي 1/ 91، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(486)، وابن حبان (1043)، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة"(154) من طرق عن شعبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 7، ومسلم (231)(10)، والبزار (417) من طريق مسعر، عن جامع بن شداد، به. وسيأتي برقم (473) و (503).

ص: 467

قَالَ قَيْسٌ: فَكَانُوا يَرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ (1).

408 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ صَلَّى صَلاةَ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، فَهُوَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ "، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:" مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ "(2).

(1) إسناده حسن، أبو سهلة: هو مولى عثمان بن عفان، وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح حديثه هذا الترمذي وابن حبان والحاكم، ووافق الأخيرَ الذهبيُّ، وباقي رجاله صفات رجال الشيخين.

قيس: هو ابن أبي حازم، تابعي مخضرم، سمع من أبي بكر وغيره من الصحابة.

وأخرجه ابن ماجه (113)، والترمذي (3711)، وابن حبان (6918) من طريق وكيع، بهذا الإِسناد. وقرن الترمذي بوكيع يحيى بنَ سعيد القطان، وقال: حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن أبي خالد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 44، وابن سعد 3/ 66 - 67، والبزار (402)، والحاكم 3/ 99 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وسيتكرر برقم (501).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن حكيم -وهو ابن عباد بن حنيف الأنصاري- فعن رجال مسلم. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(2008).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم (656)، والبيهقي 3/ 60 - 61. غبر أن مسلماً لم يذكر لفظ الحديث وأحاله على رواية عبد الواحد بن زياد، عن عثمان بن حكيم.

وأخرجه عبد بن حميد (50)، ومسلم (656)، والترمذي (221)، والبزار (403)، وابن خزيمة (1473)، وأبو عوانة 2/ 4، وابن حبان (2058) و (2059)، والبيهقي 1/ 463 - 464، والبغوي (385) من طرق عن سفيان، بهذا الإِسناد. بعضهم يرويه =

ص: 468

409 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ أَبِي (1) كَثِيرٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ كَمَنْ قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ كَمَنْ قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ "(2).

410 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ - يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ (3) - حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ فَرُّوخَ مَوْلَى الْقُرَشِيِّينَ:

= بلفظ عبد الرزاق، وبعضهم يرويه بلفظ عبد الرحمن بن مهدي.

وأخرجه مسلم (656)، وأبو عوانة 2/ 4، وابن حبان (2060) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عثمان بن حكيم، به. وسيأتي الحديث برقم (409) و (491).

وقد اختلف في رفع هذا الحديث ووقفه، وقال الدارقطني في "العلل" 3/ 50 بعد أن ذكر من رفعه ومن وقفه: والأشبه بالصواب حديث سفيان الثوري، يعني مرفوعاً.

(1)

لفظة "أبي" سقطت من (م).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن فيه انقطاعاً، فإن محمد بن إبراهيم -وهو التيمي- لم يدرك عثمان بن عفان، فروايته عنه مرسلة، وقد ذكر غير يحيى بن أبي كثير الواسطة بينهما وهو عبد الرحمن بن أبي عمرة، وهو ثقة من رجال الشيخين، وذكره ابن سعد فيمن وُلد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

فقد أخرجه الطبراني في "الصغير"(757) من طريق أبي حفص الأبار عمر بن عبد الرحمن، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عثمان، به، مرفوعاً.

وخالف أبا حفص في رفعه مالك في "الموطأ" 1/ 132، وابن جريج عند عبد الرزاق في "مصنفه"(2009)، فروياه عن يحيى بن سعيد، به موقوفاً غيرمرفوع. وانظر ما قبله.

(3)

تحرف في (م) إلى: عبيد الله.

ص: 469

أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ مِنْ قَبْضِ مَالِكَ؟ قَالَ: إِنَّكَ غَبَنْتَنِي، فَمَا أَلْقَى مِنَ النَّاسِ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَلُومُنِي. قَالَ: أَوَ ذَلِكَ يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاخْتَرْ بَيْنَ أَرْضِكَ وَمَالِكَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَدْخَلَ اللهُ عز وجل الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَهْلًا مُشْتَرِيًا، وَبَائِعًا وَقَاضِيًا، وَمُقْتَضِيًا "(1).

411 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ عِنْدَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا بَقِيَ لِلنِّسَاءِ مِنْكَ؟ قَالَ: فَلَمَّا ذُكِرَتِ النِّسَاءُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ادْنُ يَا عَلْقَمَةُ، قَالَ: وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ عُثْمَانُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فِتْيَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ

(1) حديث حسن لغيره، عطاء بن فروخ روى عنه اثنان، ولم يوثقه غير ابن حبان، وذكر علي بن المديني في "العلل": أنه لم يلق عثمان. وكذا قال البزار في "مسنده".

وأخرجه ابن ماجه (2202)، والبزار (392)، والنسائي 7/ 318 - 319 من طريق إسماعيل بن علية، بهذا الإِسناد.

وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب"(1299) من طريق شعبة، عن يونس، به. وسيأتي برقم (414) و (485) و (508).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 140: هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، عطاء بن فروخ لم يلق عثمان بن عفان، قاله علي بن المديني في "العلل".

وله شاهد من حديث جابر في "صحيح البخاري"(2076) وغيره، وسيأتي تخريجه في "المسند"(3/ 340 الطبعة الميمنية).

وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وسيأتي أيضاً في "المسند" برقم (6963).

ص: 470

أَغَضُّ لِلطَّرْفِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَا فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ " (1).

412 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَبَهْزٌ وَحَجَّاجٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ مَرْثَدٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:" إِنَّ خَيْرَكُمْ مَنْ عَلَّمَ الْقُرْآنَ أَوْ تَعَلَّمَهُ ". قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَجَّاجٌ: قال: فَقَالَ أَبُو

(1) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي معشر -واسمه زياد بن كليب التميمي الحنبلي الكوفي- فمن رجال مسلم، وقد وهم أبو معشر في جعل هذا الحديث عن عثمان بن عفان، والصواب عن عبد الله بن مسعود كما سيأتي بيانه في التخريج. إسماعيل: هو ابن علية، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه النسائي 4/ 171 و 6/ 56 - 57 من طريق إسماعيل بن علية، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (400) من طريق يزيد بن زريع، عن يونس بن عبيد، به.

قال البزار: هكذا رواه يونس عن أبي معشر، ورواه عن يونس يزيد بن زريع وإسماعيل بن علية، وهذا الحديث إنما رواه الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود، وهو الصواب.

ورواه منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله. وحديث يونس خطأ، إنما الصواب حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 421 - 422: سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن زريع عن يونس بن عبيد .. فذكره ثم قال: قال أبي: هذا الحديث لعبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه.

وقال الدارقطني في "العلل" 3/ 47: والمحفوظ عن ابن مسعود، ولم يتابَع أبو معشر على قوله: عن عثمان.

قلنا: وسيأتي حديث ابن مسعود في "المسند" برقم (3592)، فانظر تخريجه هناك.

ص: 471

عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي هَذَا الْمَقْعَدَ.

قَالَ حَجَّاجٌ: قَالَ شُعْبَةُ: وَلَمْ يَسْمَعْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ عُثْمَانَ وَلَا مِنْ عَبْدِ اللهِ، وَلَكِنْ قَدْ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه.

قَالَ أَبِي: وَقَالَ بَهْزٌ: عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ أَخْبَرَنِي، وَقَالَ:" خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. بهز: هو ابن أسد العمي، وحجاج: هو ابن محمد المصيصي، وأبو عبد الرحمن السلمي: اسمه عبد الله بن حبيب. وقد أدخل شعبةُ في هذه الرواية بين علقمة بن مرثد وبين أبي عبد الرحمن السلمي سعدَ بن عبيدة، وخالفه سفيان الثوري فرواه كما تقدم برقم (405) عن علقمة بن مراد عن أبي عبد الرحمن السلمي، ولم يذكر سعد بن عبيدة.

قال الحافظ في "الفتح" 9/ 74 - 75: وقد أطنب الحافظ أبو العلاء في كتابه "الهادي في القرآن" في تخريج طرقه، فذكر ممن تابع شعبة ومن تابع سفيان جمعاً كثيراً، ورجَّح الحفاظ رواية الثوري، وعدُّوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد، وقال الترمذي: كأن رواية سفيان أصح من رواية شعبة، وأما البخاري فأخرج الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعاً محفوظان، فيُحمل على أن علقمة سمعه أولاً من سعدٍ ثم لقي أبا عبد الرحمن فحدثه به، وسمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن فثبته فيه سعد

وقد شذت رواية عن الثوري بذكر سعد بن عبيدة فيه (انظر ما سيأتي برقم 500).

وقول شعبة: ولم يسمع أبو عبد الرحمن من عثمان ولا من عبد الله، خالفه البخاري فقال في "التاريخ الصغير" 1/ 232، و"التاريخ الكبير" 5/ 73: حدثني حفص بن عمر، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن، قال: صمتُ ثمانين رمضان، سمع علياً وعثمان وابن مسعود.

قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله: فهذا يدل على أن البخاري ثبت عنده أنه سمع من عمر فسماعه من عثمان أولى، خصوصاً مع قوله:"صمت ثمانين رمضان" فإنه مات =

ص: 472

413 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَقَالَ فِيهِ:" مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، أَوْ عَلَّمَهُ ".

414 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَجَّاجٌ، قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ سَمْحًا بَائِعًا

= على الراجح سنة خمس وثمانين عن تسعين سنة، فكان رجلاً كبيراً في عهد عثمان، بل في عهد عمر، لأنه يكون قد ولد قبل الهجرة، وكان الواجب على الحافظ أن يذكره في قسم المخضرمين في "الإِصابة" على شرطه، ولكنه لم يفعل.

وفي "صحيح البخاري" في رواية شعبة زيادة: "قال: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاجُ، قال: وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا"، قال الحافظ في "الفتح" 9/ 76: بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة أشهر، وبين آخر خلافة عثمان وأول ولاية الحجاج العراق ثمان وثلاثون سنة، ولم أقف على تعيين ابتداء إقراء أبي عبد الرحمن وآخره، فالله أعلم بمقدار ذلك، ويعرف من الذي ذكرته أقصى المدة وأدناها.

وقد أطال الحافظ في "الفتح" في ترجيح سماعه من عثمان، وهو الصحيح الذي رجحه البخاري عملاً بإخراجه حديثه في "صحيحه".

قلنا: والحديث أخرجه الطيالسي (73)، وابن أبي شيبة 10/ 502، والدارمي (3338)، والبخاري (5027)، وأبو داود (1452)، وابن الضريس في "فضائل القرآن"(133) و (134)، والنسائي في "الكبرى"(8036)، والبغوي في "الجعديات"(489)، وابن حبان (118) من طرق عن شعبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (397)، والخطيب البغدادي في "تاريخه"11/ 35 من طريق قيس بن الربيع، عن علقمة بن مرثد، به. وانظر (405).

ص: 473

وَمُبْتَاعًا، وَقَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا، فَدَخَلَ الْجَنَّةَ " (1).

415 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَنَّهُ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَظَهْرِ (2) قَدَمَيْهِ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَلا تَسْأَلُونِي عَمَّا أَضْحَكَنِي؟ فَقَالُوا: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِمَاءٍ قَرِيبًا مِنْ هَذِهِ الْبُقْعَةِ، فَتَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقَالَ:" أَلا تَسْأَلُونِي مَا أَضْحَكَنِي؟ " فَقَالُوا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا دَعَا بِوَضُوءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، حَطَّ اللهُ عَنْهُ كُلَّ خَطِيئَةٍ أَصَابَهَا بِوَجْهِهِ، فَإِذَا غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِذَا طَهَّرَ قَدَمَيْهِ كَانَ كَذَلِكَ "(3).

(1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الذي روى عنه عمرو بن دينار، ويحتمل أن يكون كما قال الشيخ أحمد شاكر أنه عطاء بن فروخ الذي روى الحديث آنفاً برقم (410) عن عثمان.

وأخرجه الطيالسي (78)، والبغوي في "الجعديات"(1694) من طريق شعبة، بهذا الإِسناد. وانظر (410).

(2)

على حاشية (س) و (ص): وطهَّر.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسلم بن يسار -وهو البصري نزيل مكة- فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة، ومحمد بن جعفر -وإن كانت روايته عن سعيد بن أبي عروبة بعد الاختلاط- قد تابعه عنه محمد بن بشر العبدي عند ابن أبي شيبة، وهو ممن روي عنه قبل الاختلاط، ويزيد بن زريع وهو أيضاً =

ص: 474

416 -

حَدَّثَنَا بَهْزٌ، أَخْبَرَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ رَبَاحٍ قَالَ: زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ رُومِيَّةً، فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَسَمَّيْتُهُ عَبْدَ اللهِ، ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي فَسَمَّيْتُهُ عُبَيْدَ اللهِ، ثُمَّ طَبِنَ لَهَا غُلامٌ لِأَهْلِي رُومِيٌّ يُقَالُ لَهُ: يُوحَنَّسُ، فَرَاطَنَهَا بِلِسَانِهِ، قَالَ: فَوَلَدَتْ غُلامًا كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ مِنَ الْوُزْغَانِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: هُوَ لِيُوحَنَّسَ، قَالَ: فَرُفِعْنَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ مَهْدِيٌّ: أَحْسَبُهُ قَالَ: سَأَلَهُمَا فَاعْتَرَفَا - فَقَالَ: أَتَرْضَيَانِ أَنْ أَقْضِيَ

= ممن روى عن سعيد قبل الاختلاط، وسيأتي في "المسند" برقم (553)، وقتادة لم يسمع من مسلم بن يسار فيما قاله يحيى القطان وأبو حاتِم، وأورد هذا الحديث المنذري في "الترغيب" 1/ 152 - 153 وقال: رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلى، ورواه البزار بإسناد صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 8 مختصراً عن محمد بن بشر، والبزار (420) من طريق محمد بن أبي عدي، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (421) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن حمران بن أبان، به. لم يذكر هشام بينهما مسلمَ بن يسار.

قال الدارقطني في "العلل" 3/ 24: والقول قول سعيد بن أبي عروبة.

وسيأتي من حديث عثمان بنحوه (476) بإسناد صحيح.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (244)، وسيأتي في "المسند" 2/ 303، وآخر من حديث عمرو بن عبسة السلمي عند مسلم (832)، وثالث من حديث أبي أمامة وسيأتي عند أحمد 5/ 263.

ويحمل قوله: "ومسح برأسه وظهر قدميه" -إن صح- على غسل القدمين، وأنه معطوف على قوله:"غسل وجهه .. ".

ص: 475

بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ.

قَالَ مَهْدِيٌّ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: جَلَدَهَا وَجَلَدَهُ، وَكَانَا مَمْلُوكَيْنِ (1).

• 417 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ (2)، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَبَاحٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَرَفَعْتُهُمَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ

(1) إسناده ضعيف لجهالة رباح، فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: لست أعرفه ولا أباه، وقال الحافظ في "التقريب": مجهول، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن سعد، فمن رجال مسلم.

وأخرجه أبو داود (2275)، والطحاوي 3/ 104، والبيهقي 7/ 402 - 403 من طرق عن مهدي بن ميمون، بهذا الإِسناد. ورواية الطحاوي مختصرة بالمرفوع منه فقط. وسيأتي برقم (417) و (502). وقد روى هذا الحديث الطيالسي عن مهدي بن ميمون دون ذكر الحسن بن سعد في السند، وسيأتي تخريجه برقم (467).

وقوله: "أن الولد للفراش وللعاهر الحجر" متفق عليه من حديث أبي هريرة وانظر (173).

وقوله: "ثم طَبِن لها غلام"، قال ابن الأثير في "النهاية" 3/ 115: أصل الطُبن والطبانة: الفِطنة، يقال طَبِن لكذا طبانة فهو طَبِن، أي: هجم على باطنها وخَبَرَ أمرها، وأنها ممن تُواتيه على المراودة. هذا إذا روي بكسر الباء، وإن رُوي بالفتح كان معناه: خبَّبها وأفسدها.

وراطَنها: أي كلَّمها بكلام لا يفهمه غيرهما.

والوَزَغة: سام أبرص، يريد أنه أبيض أشقر كلون الروم.

(2)

هذا الحديث من زيادات عبد الله بن أحمد في "المسند"، وقد جاء في (ح) =

ص: 476

عَفَّانَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ

فَذَكَرَ مِثْلَهُ (1).

418 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ - يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ - حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ بِمَاءٍ وَهُوَ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَسَكَبَ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثَ مِرَارٍ، وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ (2)، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثَ مَرَّارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا، غَفَرَ الله (3) لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "(4).

= و (س) و (ق) و (ص) وكذا في النسخ المطبوعة: "حدثنا عبد الله، حدثني أبي" أي: أنه من رواية الإمام أحمد، وجاء على حاشية (س) و (ص) ما نصه: قوله: حدثني أبي، ساقط في بعض النسخ. قلنا: الصواب إسقاطه، وجاء على الصواب في (ظ 11) و (ب) و"أطراف المسند" 1/ ورقة 190، ويؤيد ذلك أن شيبان -وهو ابن فرُّوخ- من شيوخ عبد الله بن أحمد، وليس هو من شيوخ الإِمام أحمد.

(1)

إسناده ضعيف، وهو مكرر ما قبله.

(2)

في (ح) و (ق) وعلى حاشية (ص): ومضمض واستنشق، وفي (م) ونسخة الشيخ أحمد شاكر: ومضمض واستنشق واستنثر. وقد وقع هذا الخلافُ أيضاً في روايات البخاري، ورجَّح الحافظ في "الفتح" 1/ 259 رواية "ومضمض واستنثر"، وقال: هي أعمُّ.

(3)

لفظ الجلالة "الله" ليس في (م).

(4)

إسناده صحيح، أبو كامل -واسمه مظفرُ بنُ مدرك الخراساني- روى له الترمذي =

ص: 477

419 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ: أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِإِنَاءٍ

فَذَكَرَ نَحْوَهُ (1).

420 -

حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَشْرَفَ عُثْمَانُ مِنَ الْقَصْرِ، وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَقَالَ: أَنْشُدُ بِاللهِ مَنْ شَهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حِرَاءٍ إِذِ اهْتَزَّ الْجَبَلُ فَرَكَلَهُ بِقَدَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: " اسْكُنْ

= والنسائي، وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الشيخين.

وأخرجه البخاري (159) عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ومسلم (226)(4)، والبزار (431) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، كلاهما عن إبراهيم بنِ سعد، بهذا الإِسناد. زاد البزار في روايته بين إبراهيم بن سعد وبين الزهري صالحَ بن كيسان، فهو من المزيد في متصل الأسانيد.

وأخرجه البخاري (164)، ومسلم (226)(3)، والنسائي 1/ 65 و 80، وابن خزيمة (3) و (158)، والطحاوي 1/ 36، وابن حبان (1058) و (1060)، والدارقطني 1/ 83، والبيهقي في "السنن" 1/ 48 و 49 و 68، و"معرفة السنن والآثار" 1/ 228 - 229 من طرق عن الزهري، به. وسيأتي برقم (419) و (421) و (428).

(1)

إبراهيم بن نصر الترمذي كذَّبه ابنُ معين كما في "سؤالات ابن الجنيد" ص 350، و"معرفة الرجال" 1/ 94، وقال صالح جزرة: كان يكذبُ عشرين سنة، وأشكل أمْرُهُ على أحمد وعليّ حتَّى ظهر بعد، وقال أبو حاتم 2/ 141: كان أحمدُ بن حنبل يُجْمِلُ القول فيه، وكان ابنُ معين يحمل عليه، وعُبيد الله القواريري أحبُّ ألي منه، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابنُ سعد 7/ 360: كان صاحبَ سنة، ويضعف في الحديث، وقال أبو داود عن يحيى بن معين: أفسد نفسه بخمسةِ أحاديث، ثم فسرها أبو داود. والحديث صحيح من الطريق السالفة.

ص: 478

حِرَاءُ، لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ " وَأَنَا مَعَهُ؟ فَانْتَشَدَ لَهُ رِجَالٌ.

قَالَ: أَنْشُدُ بِاللهِ مَنْ شَهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ إِذْ بَعَثَنِي إِلَى الْمُشْرِكِينَ، إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ:" هَذِهِ يَدِي، وَهَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ " فَبَايَعَ لِي؟ فَانْتَشَدَ لَهُ رِجَالٌ.

قَالَ: أَنْشُدُ بِاللهِ مَنْ شَهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ يُوَسِّعُ لَنَا بِهَذَا الْبَيْتِ فِي الْمَسْجِدِ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ؟ " فَابْتَعْتُهُ مِنْ مَالِي فَوَسَّعْتُ بِهِ الْمَسْجِدَ (1)؟ فَانْتَشَدَ لَهُ رِجَالٌ.

قَالَ: وَأَنْشُدُ بِاللهِ مَنْ شَهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ جَيْشِ الْعُسْرَةِ، قَالَ:" مَنْ يُنْفِقُ الْيَوْمَ نَفَقَةً مُتَقَبَّلَةً؟ " فَجَهَّزْتُ نِصْفَ الْجَيْشِ مِنْ مَالِي؟ قَالَ: فَانْتَشَدَ لَهُ رِجَالٌ.

وَأَنْشُدُ بِاللهِ مَنْ شَهِدَ رُومَةَ يُبَاعُ مَاؤُهَا ابْنَ السَّبِيلِ، فَابْتَعْتُهَا مِنْ مَالِي، فَأَبَحْتُهَا لِابْنِ السَّبِيلِ؟ قَالَ: فَانْتَشَدَ لَهُ رِجَالٌ (2).

(1) في (ص): في المسجد.

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو قطن: اسمه عمرو بن الهيثم بن قطن.

وأخرجه الدارقطني 4/ 198 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم (1309)، والنسائي 6/ 236، والدارقطني 4/ 198 من طريق عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، به.

وأخرجه الدارقطني 4/ 198 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.

وقد خالف يونسَ وإسرائيلَ فيه زيدُ بن أبي أنيسة وشعبة وعبد الكبيرِ بن دينار، فرووه عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان.

ص: 479

421 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبرنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاثًا فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ثَلاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحْوًا مِنْ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ:" مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "(1).

= أخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 1195، والترمذي (3699)، والبزار (398)، والنسائي 6/ 236 - 237، والقطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة"(849)، وابن حبان (6916)، والدارقطني 4/ 199، والبيهقي 6/ 167 من طريق زيد بن أبي أنيسة، وأخرجه البزار (399)، والدارقطني 4/ 199 - 200، وعلقه البخاري (2778) من طريق شعبة، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان.

قال الدارقطني في "العلل" 3/ 52: وقولُ شعبة ومن تابعه أشبه بالصواب، والله أعلمُ. ومال الحافظُ في "الفتح" 5/ 407 إلى عدمِ الترجيح، وقال: لعل لأبي إسحاق فيه إسنادين. وانظر ما سيأتي برقم (511).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(139).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو داود (106)، والبزار (430)، وابن الجارود في "المنتقى"(67)، والبيهقي 1/ 57 - 58.

وأخرجه البخاري (1934)، والنسائي 1/ 64، والبيهقي 1/ 56، والبغوي (221) من طريق عبد الله بن المبارك، والدارمي (693)، والبزار (429) من طريق عبد الأعلى، كلاهما عن معمر، بهذا الإِسناد. وانظر (418). =

ص: 480

422 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا (1) مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ: أَيُكَحِّلُ عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ أَوْ بِأَيِّ شَيْءٍ يُكَحِّلُهُمَا وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنْ يُضَمِّدَهُمَا بِالصَّبِرِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يُحَدِّثُ ذَلِكَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

• 423 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ (3)، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ عَلِمَ أَنَّ الصَّلاةَ حَقٌّ وَاجِبٌ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "(4).

= وهذا الحديث والذي يليه جاءا في (ص) بإثر الحديث رقم (424)، وجاء على حاشية النسخة ما نصه: في بعض النسخ هذين الحديثين مؤخرين عن الحديثين اللذين بعدهما.

(1)

في (ص): أنبأنا.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه أبو داود (1938) من طريق إسماعيل بن عُلية، عن أيوب، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (465) و (494) و (497).

(3)

ورد هذا الحديثُ في (س) و (ق) والنسخ المطبوعة من "المسند" على أنه من رواية الإِمام أحمد، والصواب أنه من زيادات ابنه عبد الله كما جاء في سائر أصولنا الخطية و"أطراف المسند" 1/ ورقة 190، و"مجمع الزوائد" 1/ 288.

(4)

إسناده ضعيف، عبد الملك بن عبيد -وهو السَّدُوسي- قال علي بن المديني: هو رجل مجهول. =

ص: 481

• 424 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ - يَعْنِي الْبَرَّاءَ، وَاسْمُهُ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ - حَدَّثَنَا ابْنُ (1) حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: حَجَّ عُثْمَانُ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أُخْبِرَ عَلِيٌّ أَنَّ عُثْمَانَ نَهَى أَصْحَابَهُ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ (2)، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَصْحَابِهِ: إِذَا رَاحَ فَرُوحُوا. فَأَهَلَّ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ بِعُمْرَةٍ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ التَّمَتُّعِ، أَلَمْ يَتَمَتَّعْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَمَا أَدْرِي مَا أَجَابَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه (3).

425 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَبَيْنمَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَهُ مَوْلاهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: هَذَا عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٌ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ - قَالَ: وَلا أَدْرِي أَذَكَرَ طَلْحَةَ أَمْ لَا - يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ. قَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ. ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: هَذَا الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ يَسْتَأْذِنَانِ عَلَيْكَ. قَالَ: ائْذَنْ لَهُمَا. فَلَمَّا دَخَلَ الْعَبَّاسُ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا. وَهُمَا حِينَئِذٍ يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، فَقَالَ

= وأخرجه عبد بن حميد (49)، والبزار (439) و (440) من طرق عن عمران بن حُدير، بهذا الإِسناد.

(1)

لفظة "ابن" سقطت من (م).

(2)

على حاشية (س) و (ص): بالعمرة إلى الحج، وفي (ب): بالعمرة بالحج.

(3)

حديث حسن لغيره. وانظر (402).

ص: 482

الْقَوْمُ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَرِحْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَدْ طَالَتْ خُصُومَتُهُمَا. فَقَالَ عُمَرُ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاواتُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "؟ قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ. وَقَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَا: نَعَمْ.

قَالَ: فَإِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ هَذَا الْفَيْءِ، إِنَّ اللهَ عز وجل خَصَّ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ (1) بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ، فَقَالَ:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]، وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، وَاللهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلا اسْتَأْثِرُهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ قَسَمَهَا بَيْنَكُمْ (2) وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا (3).

• 426 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّهُ رَأَى جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا، وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا (4).

(1) في (ق): فيه.

(2)

في (ق): عليكم.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم مختصراً برقم (333).

(4)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن سُليم الطائفي سيئ الحفظ =

ص: 483

• 427 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ، رضي الله عنهما، فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ يُصَلِّيَانِ، ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ، فَيُذَكِّرَانِ النَّاسَ، فَسَمِعْتُهُمَا يَقُولانِ: نَهَى رَسُولُ

وموسى بن عمران بن مناح لم يرو عنه غير إسماعيل بن أمية، ولم يوثقه غير ابن حبان 7/ 450.

وأخرجه الطحاوي 1/ 485 من طريق إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن أمية، بهذا الإِسناد.

وسيأتي برقم (457) و (495) و (529).

وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند البخاري (1311) ومسلم (960).

وعن سهل بن حنيف وقيس بن سعد عند البخاري (1312) ومسلم (961).

وعن عامر بن ربيعة عند البخاري (1307) ومسلم (958).

قال ابن حجر في "الفتح" 3/ 179: وقد اختلف الفقهاء في القيام للجنازة، فقال أكثر الصحابة والتابعين باستحبابه كما نقله ابن المنذر، وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن

وقال بعض السلف: يجب القيام، واحتج له برواية سعيد عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع. أخرجه النسائي.

وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: إن القيام منسوخ بحديث علي: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس" أخرجه أحمد (623) وأخرجه مسلم (962) عنه بلفظ: "أن رسول الله قام ثم قعد" ولفظ مالك 1/ 232 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد.

قال الشافعي: إما أن يكون القيام منسوخاً أو يكون قام لعلة، وأيهما كان، فقد ثبت أنه تركه بعد فعله، والحجة في الآخر من أمره، والقعود أحبُّ إلي.

ص: 484

اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ (1).

428 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ يَتَوَضَّأُ، فَأَهْرَاقَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ اسْتَنْثَرَ ثَلاثًا وَمَضْمَضَ ثَلاثًا

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ مَعْمَرٍ (2).

429 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ: أَلا أُرِيكُمْ كَيْفَ كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: بَلَى، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَتَمَضْمَضَ ثَلاثًا، وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا،

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن عبد الله -وهو سعيد بن خالد بن عبد الله بن قارظ- فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وأبو عبيد: هو سعد بن عبيد الزهري مولى عبد الرحمن بن أزهر.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(2788) من طريق إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (5636) من طريق الزهري، عن أبي عبيد، به. وسيأتي برقم (435) و (510).

(2)

يعني الحديث السابق برقم (421).

وهذا الحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن بكر: هو البرساني، والجُندعي: نسبة إلى جُنْدَع، بطن من ليث.

وأخرجه عبد الرزاق (140) عن ابن جريج، بهذا الإِسناد.

ص: 485

وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ (1)، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ ثُمَّ قَالَ: قَدْ تَحَرَّيْتُ لَكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

430 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ تَبَسَّمَ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا ضَحِكْتُ؟ قَالَ: فَقَالَ: تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ تَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ:" هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ضَحِكْتُ؟ " قَالَ: قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَتَمَّ وُضُوءَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي صَلاتِهِ فَأَتَمَّ صَلاتَهُ، خَرَجَ مِنْ صَلاتِهِ كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ "(3).

(1) في (م) ونسخة الشيخ أحمد شاكر: وغسل قدميه ثلاثاً.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل من الأنصار وأبيه. الجريري: هو سعيد بن إياس.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 11 عن يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد. وسيأتي برقم (554)، وصفة الوضوء تقدمت بإسناد صحيح برقم (421) وقول عثمان:"الأذنان من الرأس" روي مرفوعاً من حديث أبي أمامة وعبد الله بن زيد وابن عباس وأبي هريرة وأبي موسى وأنس وابن عمر وعائشة، وهي مخرجة في "نصب الراية" 1/ 118 - 120، و"تلخيص الحبير" 1/ 91 - 92.

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير معبدٍ الجهني، فقد روى له ابنُ ماجه، وذكره ابنُ سعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة، وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: كان صدوقاً في الحديث، وقال العجلي: تابعي ثقة، وقال الدارقطني: حديثه صالح، ومذهبه رديء، وقال الذهبي: صدوق في نفسه، ولكنه سنَّ سنة سيئة، فكان أول من تكلَّم في القدر، وقال الحافظ في "التقريب" =

ص: 486

431 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ شَقِيقٍ، يَقُولُ: كَانَ عُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَعَلِيٌّ يُلَبِّي (1) بِهَا، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ قَوْلًا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ عُثْمَانُ: أَجَلْ، وَلَكِنَّا كُنَّا خَائِفِينَ (2).

قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: مَا كَانَ خَوْفُهُمْ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.

432 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَقِيقٍ: كَانَ عُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَعَلِيٌّ يَأْمُرُ بِهَا، فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ قَوْلًا، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا قَدْ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّا كُنَّا خَائِفِينَ (3).

= صدوق مبتدع، وهو أول من أظهر القدر بالبصرة.

وأخرجه البزار (435) من طريق أبي المساور الفضل بن المساور، عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، بهذا الإِسناد. وانظر (415).

(1)

في (م) و (ص): يفتي.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن شقيق -وهو العقيلي- فمن رجال مسلم.

وأخرجه مسلم (1223) من طريق خالد بن الحارث، عن شعبة، بهذا الإِسناد. وانظر ما بعده.

وانظر "فتح الباري" للحافظ ابن حجر 3/ 425.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مسلم (1223)(158)، والبيهقي 5/ 22 من طريق محمد بن جعفر، بهذا =

ص: 487

433 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِهِ: إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ إِلَّا الضِّنُّ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" حَرَسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا، وَيُصَامُ نَهَارُهَا "(1).

= الإِسناد. وسيتكرر برقم (752)، وانظر ما قبله.

(1)

حسن، وهذا إسناد ضعيف، مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما، ثم هو منقطع، فإن مصعب بن ثابت ولد بعد مقتل عثمان بنحو خمسين سنة.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(151) من طريق معتمر بن سليمان، عن كهمس، بهذا الإِسناد، ولم يسق متنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" -كما في "النكت الظراف" 7/ 260 - ، وابن أبي عاصم (150)، والبزار (350)، والطبراني (145)، والحاكم 2/ 81، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 214 - 215، و"معرفة الصحابة"(283)، والبيهقي في "شعب الإِيمان"(4234) من طرق عن كهمس بن الحسن، عن مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير، عن عثمان. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!

وإحدى روايات إسحاق عن "روح عن كهمس"، وقد خالف أحمدَ فيه فرواه عن روح موصولاً بذكر عبد الله بن الزبير بين مصعب وبين عثمان رضي الله عنه.

وأخرجه ابن ماجه (2766) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن مصعب بن ثابت، به. وسيأتي برقم (463).

وقد رجح الدارقطني في "العلل" 3/ 37 رواية مصعب بن ثابت عن عثمان، المرسلة، وقال: هو الصواب، وهو المحفوظ.

وانظر (442) و (470) و (558). =

ص: 488

434 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ - يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ عز وجل، بَنَى اللهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ "(1).

435 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ يُصَلِّيَانِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ يُذَكِّرَانِ النَّاسَ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُمَا يَقُولانِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ " (2).

قَالَ: وسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبْقَى مِنْ نُسُكِكُمْ

= وقوله: "إلا الضِّن عليكم"، الضن -بكسر الضاد وفتحها-: البخل، يريد: إلا الضن بكم، وهو لفظ الحديث رقم (463)، أي أنه كان حريصاً على صحبتهم.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن ماجه (736)، والترمذي (318)، وابن خزيمة (1291) من طريق أبي بكر الحنفي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 310 عن أبيه، عن عبد الحميد بن جعفر، به.

وأخرجه البخاري (450)، ومسلم (533)(24) و 4/ 2287 (44)، وابن حبان (1609) من طريق عبيد الله الخولاني، عن عثمان. وسيأتي برقم (506).

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن خالد، فمن رجال أبي داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة.

وأخرجه البزار (407)، والطحاوي 2/ 247 من طريق عثمان بن عمر، بهذا الإِسناد. وسيتكرر برقم (510)، وانظر (427).

ص: 489

عِنْدَكُمْ شَيْءٌ بَعْدَ ثَلاثٍ (1).

436 -

حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ دَارَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: فَسَمِعَنِي أُمَضْمِضُ، قَالَ: فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ وَهُوَ بِالْمَقَاعِدِ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَمَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَهَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

(1) هو بإسناد الذي قبله. وسيأتي في مسند علي برقم (587).

وتحريم ادخار لحوم الأضاحي وأكلها بعد ثلاث منسوخ بحديث جابر وغيره كما سنبينه في مسند علي.

(2)

إسناده حسن، محمد بن عبد الله بن أبي مريم: هو المدني الخزاعي مولاهم روى عنه جمع، وقال يحيى القطان: لم يكن به بأس، وقال أبو حاتم: شيخ مدني صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وابن دارة مولى عثمان روى عنه جمع، قال الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص 533: واختلف في اسمه، فذكره ابن منده في الصحابة، فسماه عبدَ الله ولم يذكر دليلاً على صحبته، بل قال: كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُعرف له عنه رواية، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني عن حديثه هذا: إسناده صالح. قلنا: كذا نقل الحافظ عن الدارقطني، والحديث في "سننه"، ولكن قوله:"إسناده صالح" ليس موجوداً فيه.

وأخرجه الدارقطني 1/ 91 - 92، والبيهقي 1/ 62 - 63 من طريق صفوان بن عيسى، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو داود (107)، والبزار (418)، والدارقطني 1/ 91 من طريق عبد الرحمن بن وردان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن حمران، عن عثمان. وهذا =

ص: 490

437 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَفَّانُ، الْمَعْنَى، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ، فَدَخَلَ مَدْخَلًا كَانَ إِذَا دَخَلَهُ يَسْمَعُ كَلامَهُ مَنْ عَلَى الْبَلَاطِ، قَالَ: فَدَخَلَ ذَلِكَ الْمَدْخَلَ وَخَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: إِنَّهُمْ يَتَوَعَّدُونَنِي بِالْقَتْلِ آنِفًا. قَالَ: قُلْنَا: يَكْفِيكَهُمُ اللهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَبِمَ يَقْتُلُونَنِي (1)؟ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ، أَوْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا "، فَوَاللهِ مَا أَحْبَبْتُ (2) أَنَّ لِي بِدِينِي بَدَلًا مُنْذُ هَدَانِي اللهُ، وَلا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ قَطُّ، وَلا قَتَلْتُ نَفْسًا، فَبِمَ يَقْتُلُونَنِي؟ (3).

= سند حسن، وعبد الرحمن بن وردان، قال أبو حاتم: ما به بأس، وقال ابن معين: صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه بنحوه أيضاً أبو داود (110)، والدارقطني 1/ 91 من طريق عامر بن شقيق بن جمرة، عن شقيق بن سلمة، عن عثمان. وهذا سند حسن في المتابعات.

وقوله: "ومسح برأسه ثلاثاً"، ذكر أبو داود في "سننه" بعد الحديث رقم (108) ما يدل على أن زيادة "ثلاثاً" في حديث عثمان رضي الله عنه شاذة، قال: أحاديث عثمان رضي الله عنه الصحاحُ كلها تدلُّ على مسح الرأس أنه مرة، فإنهم ذكروا الوضوءَ ثلاثاً وقالوا فيها: ومسح رأسه، ولم يذكروا عدداً كما ذكروا في غيره.

(1)

في (ب) وعلى حاشيتي (ق) و (ص): يقتلوني.

(2)

على حاشية (س) و (ق) و (ص): ما أحب.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم بن عبد الله الباهلي الصفار، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري معدود في الصحابة، له رؤية ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. =

ص: 491

• 438 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: إِنِّي لَمَعَ عُثْمَانَ فِي الدَّارِ وَهُوَ مَحْصُورٌ، وَقَالَ: كُنَّا نَدْخُلُ مَدْخَلًا

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ (1).

439 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ - يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكُمْ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَصْدُقُونِي: نَشَدْتُكُمُ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْثِرُ قُرَيْشًا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَيُؤْثِرُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: لَوْ أَنَّ بِيَدِي مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ

= وأخرجه ابن سعد 3/ 67 عن عفان وسليمان بن حرب، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1186، وأبو داود (4502)، وابن الجارود (836)، والحاكم 4/ 350 من طريق سليمان بن حرب، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

وأخرجه الشافعي 2/ 96، والطيالسي (72)، والدارمي (2297)، وابن ماجه (2533)، والترمذي (2158)، والبزار (381)، والنسائي 7/ 91، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/ 321، والبيهقي 8/ 18 - 19 و 194 من طرق عن حماد، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وسيأتي برقم (468) و (509).

والبلاط: موضع بالمدينة بين مسجد رسول الله وبين سوق المدينة كان مبلطاً بالحجارة.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر ما قبله.

ص: 492

لَأَعْطَيْتُهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى يَدْخُلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

فَبَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَلا أُحَدِّثُكُمَا عَنْهُ - يَعْنِي عَمَّارًا -؟ أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم آخِذًا بِيَدِي نَتَمَشَّى فِي الْبَطْحَاءِ، حَتَّى أَتَى عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَلَيْهِ يُعَذَّبُونَ، فَقَالَ أَبُو عَمَّارٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، الدَّهْرَ (1) هَكَذَا؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" اصْبِرْ " ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِآلِ يَاسِرٍ، وَقَدْ فَعَلْتُ "(2).

440 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حُرَيْثُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي حُمْرَانُ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " كُلُّ شَيْءٍ سِوَى ظِلِّ

(1) على حاشية (س) و (ق) و (ص): أألدهر.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، سالم بن أبي الجعد لم يدرك عثمان بن عفان.

وأخرجه ابن سعد 3/ 248 - 249 و 4/ 136 - 137 عن مسلم بن إبراهيم، وعمرو بن الهيثم أبي قطن، عن القاسم بن الفضل، بهذا الإِسناد.

وفي الباب ما يشهد لقوله: "اصبر اللهم اغفر لآل ياسر" عن جابر بن عبد الله عند الحاكم 3/ 388 - 389 من طريق مسلم بن إبراهيم، عن هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمّار وأهله وهم يعذبون، فقال:"أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة" قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي، وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 293: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عبد العزيز المقوم وهو ثقة.

وقال الحافظ في "الإِصابة" 3/ 610 - 611 في ترجمة ياسر: وأخرج أبو أحمد الحاكم من طريق عقيل عن الزهري، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره، وهذا مرسل صحيح.

ص: 493

بَيْتٍ، وَجِلْفِ الْخُبْزِ، وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَالْمَاءِ، فَمَا فَضَلَ عَنْ هَذَا فَلَيْسَ لِابْنِ آدَمَ فِيهِ (*) حَقٌّ " (1).

(1) إسناده ضعيف ولا يصحُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث بن السائب مختلف فيه، قال ابن معين في رواية إسحاق بن منصور: صالح، وقال في رواية عباس الدوري: ثقة، وقال العجلي: لا بأس به، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وضعفه الساجي، وقال أبو داود: ليس بشيء، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: ضعيف الحديث، جابر الجعفي أحب إلينا منه

كتبت عنه ثانياً من أصله فقال: حديث بن السائب ما به بأس، ونقل الحافظان مغلطاي وابن حجر عن زكريا الساجي قوله: قال أحمد: روى عن الحسن، عن حمران، عن عثمان حديثاً منكراً -يعني هذا الحديثَ-، وذكر الأثرمُ عن أحمد علته، فقال: سُئِلَ أحمد عن حريث، فقال: هذا شيخ بصري روى حديثاً منكراً عن الحسن عن حمران عن عثمان، وذكر الحديث وقال: قلت: قتادة يخالفه؟ قال: نعم، سعيد عن قتادة، عن الحسن، عن حُمران، عن رجل من أهل الكتاب، قال أحمد: حدثناه روح، قال: حدثنا سعيد، يعني عن قتادة، به.

وذكر ابن قدامة في "المنتخب" 10/ 1/ 2 عن حنبل قال: سألت أبا عبد الله عن حريث بن السائب، قال: ما كان به بأس، إلا أنه روى حديثاً منكراً عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هو عن النبي صلى الله عليه وسلم -يعني هذا الحديث-.

وقال الدارقطني في "العلل" 3/ 29 - ونقله عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 799، والضياء في "الأحاديث المختارة" 1/ 121 - : وهم حريث في هذا الحديث، والصواب: عن الحسن، عن حمران، عن بعض أهل الكتاب (وقد تحرف في المطبوع من علل الدارقطني إلى: أهل البيت).

وقال ابن الجوزي في "العلل" بعد أن أخرجه من طريق "المسند": هذا حديث لا يصح.

وأخرجه عبد بن سعيد (46)، والترمذي (2341)، والحاكم 4/ 312 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإِسناد. وصححه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي!!

وأخرجه الطيالسي (83)، ومن طريقه البزار (414)، وأبو نعيم في "الحلية" =

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (ط الرسالة): فِيهِنَّ

ص: 494

441 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ ثَقِيفٍ ذَكَرَهُ حُمَيْدٌ بِصَلاحٍ، ذَكَرَ أَنَّ عَمَّهُ أخْبَرَهُ: أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْبَابِ الثَّانِي مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا بِكَتِفٍ فَتَعَرَّقَهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، ثُمَّ قَالَ: جَلَسْتُ مَجْلِسَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَكَلْتُ مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَصَنَعْتُ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (1).

442 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ بِمِنًى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ، فَلْيُرَابِطِ امْرُؤٌ كَيْفَ شَاءَ " هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: اللهُمَّ اشْهَدْ (2).

= 1/ 61، و"تاريخ أصبهان" 1/ 254، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(147) من طريق مسلم بن إبراهيم، كلاهما (الطيالسي ومسلم) عن حريث بن السائب، به.

وجلف الخبز: يعني وحده ليس معه إدام، وقيل: الخبز الغليظ اليابس.

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الشيخ من ثقيف وعمه. وسيرد برقم (505) من طريق آخر بمعناه.

وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (5404) أن النبي صلى الله عليه وسلم تعرق كتفاً ثم قام فصلى ولم يتوضأ. وسيأتي في "المسند" 1/ 244.

وقوله: "فتعرَّقها"، أي: أخذ عنها اللحم بأسنانه، والعَرْق -بفتح العين وسكون الراء-: العظم إذا أُخذ عنه معظم اللحم.

(2)

حديث حسن، عبد الله بن لهيعة -وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع، وأبو صالح =

ص: 495

443 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، - يَعْنِي مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ - حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَأَنْكَرَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي تَأَهَّلْتُ بِمَكَّةَ مُنْذُ قَدِمْتُ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاةَ الْمُقِيمِ "(1).

= مولى عثمان روى له الترمذي والنسائي، يقال: اسمه الحارث، ويقال: تركان، وذكره ابن حبان في "الثقات" 4/ 136، ووثقه العجلي ص 501 وقال: روى عنه زهرة بن معبد وأهل مصر، ووثقه الهيثمي أيضاً في "المجمع" 1/ 297. وهذا الحديث حسَّنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(299) عن كامل بن طلحة، عن ابن لهيعة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد"(72)، ومن طريقه النسائي 6/ 40، وابن حبان (4609)، والحاكم 2/ 68، والبيهقي في "الشعب"(4233) عن أبي معن محمد بن معن، عن أبي عقيل زهرة بن معبد، به. وصححه الحاكم على شرط البخاري ووافقه الذهبي، مع أن أبا صالح مولى عثمان لم يخرجا له أو أحدهما!

ومن طريق ابن المبارك بإسقاط أبي عقيلٍ أخرجه الطيالسي (87)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 9/ 161.

وسيأتي برقم (470) و (558) من طريق ليث بن سعد، و (477) من طريق رِشدين بن سعد، كلاهما عن زهرة بن معبد.

(1)

إسناده ضعيف، عكرمة بن إبراهيم الباهلي، قال الحسيني: ليس بالمشهور، وقال أبو زرعة العراقي: لا أعرف حاله، وعبد الرحمن بن أبي ذباب لم يعرف.

وأخرجه الحميدي (36) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، بهذا الإِسناد. وسيتكرر برقم (559).

ص: 496

444 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ: كُنْتُ أَبْتَاعُ التَّمْرَ مِنْ بَطْنٍ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو قَيْنُقَاعَ، فَأَبِيعُهُ بِرِبْحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" يَا عُثْمَانُ، إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ، وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ "(1).

(1) حديث حسن، فإنه من قديم حديث ابن لهيعة وهو صالح عند الإِمام أحمد وغيره، فقد رواه عبد الله بن يزيد وعبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك، وهؤلاء ممن سمعوا من ابن لهيعة قديماً.

وأخرجه عبد بن حميد (52) من طريق عبد الله بن المبارك، وابن ماجه (2230) من طريق عبد الله بن يزيد، وأبو بكر المروزي في "مسنده" فيما ذكره الحافظ في "تغليق التعليق" 3/ 239 من طريق عبد الله بن وهب، والبزار (379) من طريق الحسن بن موسى، والطحاوي 4/ 17 من طريق أبي الأسود، والبيهقي 5/ 315 من طريق سعيد بن أبي مريم، ستتهم عن عبد الله بن لهيعة، بهذا الإسناد. وسيتكرر برقم (560)، وانظر ما بعده.

وله طريق أخرى عند الدارقطني 3/ 8، والبيهقي 5/ 315 من طرق عن أبي صالح عبد الله بن صالح، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن المغيرة، عن منقذ مولى سراقة، عن عثمان بن عفان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"إذا ابتعت فاكتَلْ، وإذا بعت فكِلْ". وهذا سند حسن في المتابعات، عبد الله بن صالح فيه ضعف خفيف من جهة حفظه، ومنقذ مولى سراقة ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، يعني في المتابعات.

وله شاهد مرسل عند ابن أبي شيبة 6/ 363 عن يحيى بن أبي زائدة ويحيى بن أبي غنية، عن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، عن الحكم بن عتيبة، قال: قدم لعثمان طعام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اذهبوا بنا إلى عثمان نعينه على بيع طعامه، فقام إلى جنبه وعثمان يقول في هذه الغرارة كذا وكذا، وأبيعها بكذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: =

ص: 497

445 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ (1).

446 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَبِي قُرَّةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ "(2).

= "إذا سميت فكِلْ".

وقال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 383: سألت أبي عن حديث رواه محمد بن حِمير، قال: حدثني الأوزاعي، حدثني ثابت بن ثوبان، حدثني مكحول، عن أبي قتادة، قال: كان عثمان يشتري الطعام، ويبيعه قبل أن يقبضه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكِلْ". فقال: هذا حديث منكر بهذا الإِسناد.

وتعقبه الحافظ في "التغليق" 3/ 240 بقوله: رواته ثقات، إلا أن مكحولاً لم يسمع من أبي قتادة.

(1)

هو مكرر ما قبله.

(2)

إسناده حسن، عبيد بن أبي قرة قال ابن معين: ما به بأس، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو مترجم في "تعجيل المنفعة" و"تاريخ بغداد" 11/ 95 - 97، و"لسان الميزان" 4/ 122 - 123، وابن أبي الزناد -وهو عبد الرحمن- صدوق حسن الحديث، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.

وأخرجه الطيالسي (79)، ومن طريقه البخاري في "الأدب المفرد"(660)، وابن ماجه (3869)، والترمذي (3388)، والنسائي في "اليوم والليلة"(346)، وأخرجه النسائي (347) من طريق يزيد بن فراس، وأخرجه الحاكم 1/ 514 من طريق عبد الله بن مسلمة (وقد تحرف في المطبوع منه إلى: عبد الله بن سلمة)، ثلاثتهم (الطيالسي ويزيد =

ص: 498

447 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ " فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنَا أُحَدِّثُكَ مَا هِيَ؟ هِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلاصِ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللهُ تبارك وتعالى مُحَمَّدًا (1) صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى الَّتِي أَلَاصَ عَلَيْهَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ عِنْدَ الْمَوْتِ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ (2).

448 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ - يَعْنِي الْمُعَلِّمَ - عَنْ يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ - أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أخْبَرَهُ

= وعبد الله) عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإِسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وسيأتي برقم (474) و (528).

قال الدارقطني في "العلل" 3/ 9 عن هذا الطريق بعد أن ذكر الخلاف في طرق هذا الحديث كما سيأتي في رقم (528): هذا متصل، وهو أحسنها إسناداً.

(1)

في (م) وطبعة الشيخ أحمد شاكر: التي أعزَّ الله تبارك وتعالى بها محمداً.

(2)

إسناده قوي، عبد الوهَّاب الخفاف سمع من سعيد -وهو ابن أبي عَروبة- قبل الاختلاط، وروايته عنه في "صحيح مسلم"(2870)(72)، وقال ابن سعد في "الطبقات" 7/ 273: سمعت عبد الوهَّاب بن عطاء قال: جالست سعيد بن أبي عروبة سنة ست وثلاثين ومئة. ومسلم بن يسار: هو البصري الأموي المكي، ثقة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

وأخرجه الحاكم 1/ 351 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، بهذا الإِسناد. وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! مع أن مسلم بن يسار لم يخرجا له ولا أحدهما وعبد الوهاب الخفاف من أفراد مسلم فقط.

وقوله: "التي ألاصَ عليها"، أي: أداره عليها، وراوده فيها.

ص: 499

أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُمْنِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. وَقَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ (1).

449 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ (2) بْنُ أَبِي قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، يَقُولُ:{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّنْ نَّشَاءُ} [الأنعام: 83]، قَالَ: بِالْعِلْمِ، قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: زَعَمَ ذَاكَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ (3).

450 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا مَسَرَّةُ (4) بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (347)، وابن خزيمة (224)، والطحاوي 1/ 53، وابن حبان (127) و (1172)، والبيهقي 1/ 164 من طريق عبد الصمد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البخاري (292)، والطحاوي 1/ 54 من طرق عن عبد الوارث، به. ويأتي برقم (458)، وهذا الحديث منسوخ بحديث أبي بن كعب وأبي هريرة وعائشة. انظر ابن حبان (1173) و (1174) و (1175).

(2)

تحرف في (م) إلى: عبيد الله.

(3)

ليس ذا بحديث إنما هو أثر عن زيد بن أسلم التابعي.

(4)

تحرف في (م) إلى: مرة، وفي (ح) إلى: ميسرة.

ص: 500

رَسُولَ اللهِ، إِنِّي صَلَّيْتُ فَلَمْ أَدْرِ أَشَفَعْتُ أَمْ أَوْتَرْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِيَّايَ وَأَنْ يَتَلَعَّبَ بِكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلاتِكُمْ، مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَشَفَعَ أَوْ أَوْتَرَ، (1)، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، فَإِنَّهُمَا تَمَامُ صَلاتِهِ "(2).

451 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالا: حَدَّثَنَا سَوَّارٌ أَبُو عُمَارَةَ (3) الرَّمْلِيُّ، عَنْ مَسَرَّةَ (4) بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ الْعَصْرَ، فَانْصَرَفَ إِلَيْنَا بَعْدَ صَلاتِهِ، فَقَالَ: إِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَسَجَدَ مِثْلَ هَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُثْمَانَ، وَحَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

فَذَكَرَ مِثْلَهُ نَحْوَهُ (5).

(1) في (ق): أم أوتر، وعلى حاشيتي (ق) و (ص): أو وتر.

(2)

حسن، يزيد بن أبي كبشة -وهو السكسكي الدمشقي- روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يسمعه من عثمان والواسطة بينهما مروان بن الحكم كما في الرواية التي تلي هذه.

وقوله: "إياي وأن يتلعب

" المراد من هذا التعبير تحذير المخاطَب، فكأنه حذر نفسه بالأولى ليكون أبلغ.

(3)

في (ق): بن عمارة. وهو: سوار بن عمارة أبو عمارة الرملي.

(4)

تحرف في (م) إلى: مرة، وفي (ح) إلى: ميسرة.

(5)

إسناده حسن.

وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(285) عن سليمان بن أحمد، عن أبي زرعة الدمشقي، عن سوار بن عمارة الرملي، بهذا الإِسناد.

وأورده البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 355 فقال: قال محمد بن عبد العزيز، حدثنا سوار بن عمارة الرملي، به.

ص: 501

452 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُغِيرَةَ بْنَ مُسْلِمٍ أَبَا سَلَمَةَ (1)، يَذْكُرُ عَنْ مَطَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُثْمَانَ أَشْرَفَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَقَالَ: عَلامَ تَقْتُلُونِي؟ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ، أَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، أَوِ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلامِهِ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ "، فَوَاللهِ مَا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَلا قَتَلْتُ أَحَدًا فَأُقِيدَ نَفْسِي مِنْهُ، وَلا ارْتَدَدْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (2).

453 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الزَّبَادِيَّ (3)، يُحَدِّثُ

(1) تصحف في (م) إلى: أنا سلمة.

(2)

حسن. مطر -وهو ابن طهمان الوراق- وإن كانوا تكلموا في حفظه، حسن الحديث في المتابعات والشواهد وهذا منها، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه النسائي 7/ 103، والبزار (346) من طريق إسحاق بن سليمان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزار (345) من طريق يعلى بن حكيم، عن نافع، به. وانظر (437) و (438).

(3)

قال ابن حجر في "تعجيل المنفعة": وقع في نسبته في "المسند" تحريف لم ينبه عليه، وقد ذكره ابن يونس فقال: مالك بن عبد الله البردادي بفتح الموحدة وسكون المهملة ودالين بينهما ألف. هكذا ضبط بالحروف في نسخة الحافظ الحبال المصري، وابن يونس أعلم بالمصريين من غيره. قال الشيخ أحمد شاكر: فإذا صَحَّت نسبة مالك بن عبد الله "البردادي" كما رجح الحافظ، كان نسبة إلى "برداد" من قرى سمرقند كما في "معجم البلدان" ولكنني أستبعد ذلك.

ص: 502

عَنْ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّهُ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَذِنَ لَهُ وَبِيَدِهِ عَصَاهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا كَعْبُ، إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالًا، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ يَصِلُ فِيهِ حَقَّ اللهِ فَلا بَأْسَ عَلَيْهِ. فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ عَصَاهُ فَضَرَبَ كَعْبًا، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا أُحِبُّ لَوْ أَنَّ لِي هَذَا الْجَبَلَ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ وَيُتَقَبَّلُ مِنِّي، أَذَرُ خَلْفِي مِنْهُ سِتَّ أَوَاقٍ " أَنْشُدُكَ اللهَ يَا عُثْمَانُ، أَسَمِعْتَهُ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ -؟ قَالَ: نَعَمْ (1).

• 454 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بَحِيرٍ الْقَاصُّ، عَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى، حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ ". قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ "(2).

(1) إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة، وجهالة مالك بن عبد الله الزبادي.

وهو في "فتوح مصر" ص 286 من طريق ابن لهيعة، بهذا الإِسناد. وفيه "البردادي".

وسيأتي المرفوع منه بنحوه في مسند أبي ذر 5/ 52 و 160 - 161.

(2)

إسناده صحيح. هشام بن يوسف: هو هشام بن يوسف الصنعاني الأبناوي قاضي صنعاء.

وأخرجه ابن ماجه (4267)، والترمذي (2308)، والحاكم 4/ 330 - 331 من طريق يحيى بن معين، بهذا الإِسناد، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. =

ص: 503

455 -

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَرْوَانَ - وَمَا إِخَالُهُ يُتَّهَمُ عَلَيْنَا - قَالَ: أَصَابَ عُثْمَانَ رُعَافٌ سَنَةَ الرُّعَافِ، حَتَّى تَخَلَّفَ عَنِ الْحَجِّ وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: اسْتَخْلِفْ. قَالَ: وَقَالُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ الْأَوَّلُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ نَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ: قَالُوا: الزُّبَيْرَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ كَانَ لَخَيْرَهُمْ مَا عَلِمْتُ، وَأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

• 456 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَاهُ سُوَيْدٌ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ (2).

457 -

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ

= وأخرجه البزار (444)، والبيهقي في "شعب الإِيمان"(397) من طريقين عن هشام بن يوسف، به.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير زكريا بن عدي، فمن رجال مسلم، وغير مروان بن الحكم فمن رجال البخاري.

وأخرجه البخاري (3717) عن خالد بن مخلد، عن علي بن مسهر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(1262)، والبخاري (3718) من طريق حماد بن أسامة، عن هشام، به. وانظر ما بعده.

(2)

حديث صحيح، سويد -وهو ابن سعيد بن سهل الهروي وإن كان فيه كلام- قد تابعه زكريا بن عدي في الحديث الذي قبله.

وأخرجه ابن شبة 3/ 1055 عن سويد، بهذا الإِسناد.

ص: 504

أُمَيَّةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ (1)، قَالَ: رَأَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا، وَقَالَ: رَأَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا، ثُمَّ حَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا (2).

458 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُمْنِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا لِلصَّلَاةِ (3)، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ، قَالَ: وَقَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ (4).

459 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ أَخْبَرَهُ، قَالَ:

(1) كذا في (م) والأصول الخطية: عمران بن مناح، قال الضياء المقدسي في "المختارة" 1/ 438: ذكره عبد الله عن أبيه: عمران بن مناح، ورواه عن غير أبيه (426) و (495) و (529) فقال: موسى بن عمران، ولعله سقط ذكر "موسى بن"، والله أعلم.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، وزكريا بن أبي زكريا مترجم في "التعجيل" ص 139، وقال عنه: مجهول، وقد تقدم برقم (426).

(3)

في (م) و (ق): كما يتوضأ للصلاة، وفي (ح): يتوضأ وضوءه للصلاة.

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 90، والبخاري (179)، والبزار (351)، والبيهقي 1/ 165 من طريقين عن شيبان، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (448) وهو منسوخ.

ص: 505

أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ: " مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَلا تَغْتَرُّوا "(1).

460 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصِ (2) بْنِ عُمَرَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمِّي عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ (3) بْنِ مُوسَى يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، فَدَخَلَ شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: انْظُرْ الشَّيْخَ (4)، فَأَقْعِدْهُ مَقْعَدًا صَالِحًا، فَإِنَّ لِقُرَيْشٍ حَقًّا. فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، أَلا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: قُلْتُ لَهُ:

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى: هو ابن أبي كثير.

وأخرجه البخاري (6433)، والبزار (436)، والنسائي في "الكبرى"(175) من طرق عن شيبان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (226) و (227) و (229) من طرق عن حمران، به. وسيأتي برقم (478) و (483) و (516)، وانظر (421).

قوله: "لا تغتروا" -وتحرفت في (م) إلى: تقتروا-، أي: لا تحملوا الغُفران على عمومه في جميع الذنوب فتسترسلوا في الذنوب اتكالاً على غفرانها بالصلاة، وقيل: إن المكفَّر بالصلاة هي الصغائر، فلا تغتروا فتعملوا الكبيرة بناءً على تكفير الذنوب بالصلاة فإنه خاص بالصغائر. انظر "فتح الباري" 11/ 251.

(2)

تحرف في (م) إلى: جعفر.

(3)

تحرف في (م) إلى: عمرو.

(4)

في (م) وحاشية (س) و (ص): إلى الشيخ.

ص: 506

بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ أَهَانَ قُرَيْشًا أَهَانَهُ اللهُ " قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا أَحْسَنَ هَذَا، مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ: حَدَّثَنِيهِ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ، إِنْ وَلِيتَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَأَكْرِمْ قُرَيْشًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ أَهَانَ قُرَيْشًا أَهَانَهُ اللهُ "(1).

461 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ حِينَ (2) حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ قَدْ أَعْدَدْتُهَا لَكَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَحَوَّلَ إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟ قَالَ: لَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " يُلْحَدُ

(1) حسن لغيره، محمد بن حفص والد عبيد الله وعمه عبيد الله بن عمر بن موسى لم يوثقهما غير ابن حبان، وقد لين الثاني الإِمام الذهبي في "الميزان" 3/ 14، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي عاصم (1505)، والبزار (373)، والعقيلي في "الضعفاء" 3/ 124، وابن حبان (6269)، والحاكم 4/ 74 من طريق عبيد الله، بهذا الإِسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 27، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى في "الكبير" باختصار، والبزار بنحوه، ورجالهم ثقات.

وله شاهد يتقوى به من حديث سعد بن أبي وقاص عند المصنف (1473) و (1587).

وآخر من حديث أنس عند الطبراني في "الكبير"(753)، والبزار (2782) وهو حسن في الشواهد.

(2)

في (ب) و (ح) وعلى حاشيتي (ق) و (ص): حيث.

ص: 507

بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ، اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ، عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ أَوْزَارِ النَّاسِ " (1).

462 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلا يُنْكِحُ وَلا يَخْطُبُ "(2).

(1) إسناده ضعيف، ومتنه منكر شبه موضوع. إسماعيل بن أبان الوراق، قال الحاكم في "سؤالاته" (278): سألت الدارقطني عن إسماعيل بن أبان الوراق، فقال: قد أثنى عليه أحمد بن حنبل، وليس بالقوي عندي، قلت: من هذا المذهب (يعني ما عليه الكوفيون من التشيع) قال: المذهب وغيره، فإن أحاديثه ليست بالصافية، ويعقوب -وهو ابن عبد الله بن سعد بن مالك القمي- قال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يهم، وجعفر بن أبي المغيرة لم يوثقه غير ابن حبان وابن شاهين، وقال الحافظ: صدوق يهم، وابن أبزى -واسمه سعيدُ بن عبد الرحمن- تابعي صغير وروايتُه عن عثمان مرسلة كما قال أبو زرعة.

وأخرجه البزار (375) من طريق إسماعيل بن أبان، بهذا الإِسناد.

قال الحافظ ابن كثير في "البداية" 8/ 339 بعد أن أورد الحديث من "المسند": وهذا الحديث منكر جداً، وفي إسناده ضعف، ويعقوب القمي فيه تشيع، ومثل هذا لا يقبل تفرده به، وبتقدير صحته فليس هو بعبد الله بن الزبير، فإنه كان على صفات حميدة، وقيامه بالإمارة إنما كان لله عز وجل، ثم هو كان الإِمام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة، وهو أرشدُ من مروان بن الحكم، حيث نازعه بعد أن اجتمعت الكلمةُ عليه، وقامت له البيعة في الآفاق، وانتظم له الأمر.

النجائب: هي خيار الإِبل.

(2)

إسناده من طريق يعلى بن حكيم صحيح على شرط مسلم. =

ص: 508

463 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِهِ: إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ إِلَّا الضِّنُّ بِكُمْ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" حَرَسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا وَيُصَامُ نَهَارُهَا "(1).

464 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدًا (2)، عَنْ أَبِي بِشْرٍ الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "(3).

= سعيد: هو ابن أبي عروبة، ومطر: هو ابن طهمان الوراق -وهو وإن كان فيه كلام وقد روى له مسلم متابعة- قد توبع. وقد تقدم برقم (401).

(1)

إسناده ضعيف، مصعب بن ثابت ضعيف، وهو لم يدرك عثمان. وقد تقدم برقم (433).

(2)

وقع في (م) والأصول الخطية: خالداً العنزي، وهو خطأ والصواب: خالد "الحذاء" كما في "أطراف المسند" 1/ الورقة 190، وسيأتي على الصواب برقم (498).

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو بشر العنبري: هو الوليد بن مسلم، وقد صرح بالتحديث عند مسلم وغيره.

وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(1114)، وأبو عوانة 1/ 7 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه النسائي (1113)(1115)، وأبو عوانة 1/ 7، وابن منده في "الإِيمان" =

ص: 509

465 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ (1) بْنِ مَعْمَرٍ رَمِدَتْ عَيْنُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُكَحِّلَهَا، فَنَهَاهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُضَمِّدَهَا بِالصَّبِرِ، وَزَعَمَ أَنَّ عُثْمَانَ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ (2).

466 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَنَهَاهُ أَبَانُ (3)، وَزَعَمَ أَنَّ عُثْمَانَ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلا يُنْكِحُ "(4).

= (32) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه مسلم (26)، والبزار (415)، وأبو عوانة 1/ 6، وابن حبان (201)، وابن منده (33) من طريق كثير بن المفضل، عن خالد الحذاء، به. وسيأتي برقم (498).

(1)

تحرف في (ق) و (ص) إلى: عبد الله.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. عفان: هو ابن مسلم، وعبد الوارث: هو ابن سعيد بن ذكوان، وأيوب بن موسى: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص.

وأخرجه مسلم (1204)(90)، والبزار (371)، والبيهقي 5/ 62 من طريقين عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإِسناد. وليس في المطبوع من البزار "أبان بن عثمان" وقد تقدم برقم (422).

(3)

تحرف في (م) إلى: أبوه.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الطحاوي 2/ 268 من طريق عبد الوارث، بهذا الإِسناد. =

ص: 510

467 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، يُحَدِّثُ عَنْ رَبَاحٍ، قَالَ: زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ رُومِيَّةً، وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ، فَعَلِقَهَا عَبْدٌ رُومِيٌّ يُقَالُ لَهُ: يُوحَنَّسُ، فَجَعَلَ يُرَاطِنُهَا بِالرُّومِيَّةِ، فَحَمَلَتْ، وَقَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ مِنَ الْوُزْغَانِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ يُوحَنَّسَ. فَسَأَلْتُ يُوحَنَّسَ فَاعْتَرَفَ، فَأَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَسَأَلَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: سَأَقْضِي بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ". فَأَلْحَقَهُ بِي، قَالَ: فَجَلَدَهُمَا، فَوَلَدَتْ لِي بَعْدُ غُلامًا أَسْوَدَ (1).

468 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُثْمَانَ فِي الدَّارِ وَهُوَ مَحْصُورٌ، قَالَ: وَكُنَّا نَدْخُلُ مَدْخَلًا إِذَا

= وأخرجه الشافعي 1/ 316 عن سفيان بن عيينة، عن أيوب، به. وقد تقدم برقم (401).

(1)

إسناده ضعيف لجهالة رباح، ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب لم يسمعه من رباح ولم يدركه، بينهما الحسن بن سعد كما تقدم برقم (416).

وأخرجه الطيالسي (86) ومن طريقه البيهقي 7/ 403 عن جرير، بهذا الإِسناد. وقد قرن بجرير مهدي بن ميمون.

وأخرجه البزار (408) من طريق وهب بن جرير، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن رباح، به.

ص: 511

دَخَلْنَاهُ سَمِعْنَا كَلَامَ مَنْ عَلَى الْبَلَاطِ، قَالَ: فَدَخَلَ عُثْمَانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا مُنْتَقِعًا لَوْنُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَتَوَعَّدُونِي بِالْقَتْلِ آنِفًا. قَالَ: قُلْنَا: يَكْفِيكَهُمُ اللهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: فَقَالَ: وَبِمَ يَقْتُلُونِي؟ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" إِنَّهُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ: رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، أَوْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ " فَوَاللهِ مَا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ قَطُّ، وَلَا تَمَنَّيْتُ بَدَلًا بِدِينِي مُنْذُ هَدَانِي اللهُ عز وجل، وَلَا قَتَلْتُ نَفْسًا، فَبِمَ يَقْتُلُونِي؟ (1).

469 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ (ح) وَسُرَيْجٌ (2) وَحُسَيْنٌ، قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ - قَالَ حُسَيْنُ: ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا أَكُونَ أَوْعَى أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَلَكِنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ "(3).

وَقَالَ حُسَيْنٌ: أَوْعَى صَحَابَتِهِ عَنْهُ.

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (437).

(2)

تصحف في (م) إلى: شريح.

(3)

إسناده حسن، عبد الرحمن بن أبي الزناد حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، غير سريج -وهو ابن النعمان بن مروان الجوهري- فمن رجال البخاري. حسين: هو ابن علي بن الوليد الجعفي.

وأخرجه البزار (383) من طريق سريج بن النعمان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (80) عن ابن أبي الزناد، به. وقد تحرف في المطبوع منه "عامر بن سعد" إلى "عامر بن سعيد".

ص: 512

470 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي كَتَمْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ "(1).

471 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، يُرِيدُ سَفَرًا أَوْ غَيْرَهُ، فَقَالَ حِينَ يَخْرُجُ: بِسْمِ اللهِ، آمَنْتُ بِاللهِ، اعْتَصَمْتُ بِاللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، إِلَّا رُزِقَ خَيْرَ ذَلِكَ الْمَخْرَجِ، وَصُرِفَ عَنْهُ شَرُّ ذَلِكَ الْمَخْرَجِ "(2).

(1) إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي صالح مولى عثمان، وحديثه من قبيل الحسن، وقد تقدم الكلام عليه عند الحديث رقم (442). هاشم: هو ابن القاسم الليثي البغدادي، وليث: هو ابن سعد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 327، وعبد بن حميد (51)، والدارمي (2424)، والترمذي (1667)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(300)، والبزار (406)، والنسائي 6/ 39 - 40، والحاكم 2/ 143، والبيهقي 9/ 39 من طرق عن الليث، بهذا الإِسناد.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة الرجل الذي روى عنه صالح بن كيسان. عبد العزيز بن عمر: هو ابن عمر بن عبد العزيز.

وأخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " 5/ 145 - 146 من طريق بقية بن الوليد، حدثني =

ص: 513

• 472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ (1)، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ (2)، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَيَدَيْهِ ثَلاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ غَسْلًا (3).

473 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، يُحَدِّثُ أَبَا بُرْدَةَ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، وَأَنَا قَائِمٌ مَعَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ عز وجل، فَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ "(4).

= أبو جعفر الرازي، بهذا الإِسناد. وقال فيه مكان الرجل المجهول:"ابن لعثمان بن عفان". ومن هذا الطريق أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(491)، إلا أنه لم يذكر فيه عثمان بن عفان.

(1)

تحرف في (ق) و (ص) و (ح) إلى: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، والصواب أن هذا الحديث من زيادات عبد الله بن أحمد، كما جاء في (م) وبقية أصولنا الخطية.

(2)

تحرف في (ق) إلى: محمد بن بكير المقدمي.

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، الحجاج -وهو ابن أرطاة- مدلس وقد عنعن، وعطاء -وهو ابن أبي رباح- لم يدرك عثمان، وانظر (418).

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 9 و 15، وابن ماجه (435) من طريقين عن حجاج، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (124) عن ابن جريج عن عطاء، به. وسيأتي برقم (527).

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (406).

ص: 514

474 -

حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ (1)، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ، أَوْ فِي أَوَّلِ لَيْلَتِهِ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، أَوْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ "(2).

475 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَوْهَبٍ: أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ. فَقَالَ: لَا أَقْضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلا أَؤُمُّ رَجُلَيْنِ، أَمَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" مَنْ عَاذَ بِاللهِ فَقَدْ عَاذَ بِمَعَاذٍ؟ " قَالَ عُثْمَانُ: بَلَى. قَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تَسْتَعْمِلَنِي. فَأَعْفَاهُ، وَقَالَ: لَا تُخْبِرْ بِهَذَا أَحَدًا (3).

(1) تصحف في (م) إلى: شريح.

(2)

إسناده حسن من أجل ابن أبي الزناد واسمه عبد الرحمن. وقد تقدم برقم (446).

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو سنان -واسمه عيسى بن سنان القسملي- ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، ويزيد بن موهب قال الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص 454: هو يزيد بن عبد الله بن موهب نسب لجده، ولم يترجم له فيه ولا في "التهذيب"، وقد ترجم له البخاري في "تاريخه" 8/ 345، فقال: يزيد بن عبد الله بن موهب قاضي أهل الشام، سمع منه رجاء بن أبي سلمة، وأبو سنان عيسى، وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 276: يزيد بن عبد الله بن موهب القاضي الشامي روى عن أبيه، روى عنه رجاء بن =

ص: 515

476 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ "(1).

• 477 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَاهُ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَجِّرُوا فَإِنِّي مُهَجِّرٌ. فَهَجَّرَ النَّاسُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَى يَوْمِي هَذَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ رِبَاطَ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ مِمَّا سِوَاهُ، فَلْيُرَابِطِ امْرُؤٌ حَيْثُ شَاءَ " هَلْ

= أبي سلمة، وأبو سنان عيسى بن سنان وابنه خالد بن يزيد سمعت أبي يقول ذلك، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 621.

وأخرجه ابن سعد 4/ 146، عن عفان، بهذا الإِسناد.

وله طريق آخر عند ابن حبان (5056) بسند حسن في الشواهد.

وقوله: "بمَعَاذ"، قال السندي: أي: عظيم يجب مراعاته بدَفْع ما استعاذ منه عنه.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن حكيم -وهو ابن عباد بن حنيف الأنصاري- فمن رجال مسلم.

وأخرجه أبو عوانة 1/ 229 من طريق عفان، بهذا الإِسناد.

وأخرجه مسلم (245)(33)، والبزار (433) من طريقين عن عبد الواحد بن زياد، به.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 1/ 7، وأبو عَوانة 1/ 229 من طريقين عن عثمان بن حكيم، به. وانظر (415).

ص: 516

بَلَّغْتُكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: اللهُمَّ اشْهَدْ (1).

478 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، حَدَّثَنِي شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ قَاعِدًا فِي الْمَقَاعِدِ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فِي مَقْعَدِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ:" مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَغْتَرُّوا "(2).

479 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا أَرْطَاةُ - يَعْنِي ابْنَ الْمُنْذِرِ - أَخْبَرَنِي أَبُو عَوْنٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ عَمَّا بَلَغَنِي

(1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، سويد بن سعيد مختلف فيه، قال في "التقريب": صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، ورشدين بن سعد، ضعيف. وقد تقدم برقم (442).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، والأوزاعي: هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(176)، وابن ماجه (285)، وابن حبان (360) من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي بهذا الإِسناد. وقد صرح الوليد بالتحديث.

وأخرجه ابن ماجه بإثر الحديث (285) من طريق عبد الحميد بن حبيب، عن الأوزاعي، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن حمران، به. وقد تقدم برقم (459).

ص: 517

عَنْكَ؟ فَاعْتَذَرَ بَعْضَ الْعُذْرِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَيْحَكَ، إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ وَحَفِظْتُ، وَلَيْسَ كَمَا سَمِعْتَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" سَيُقْتَلُ أَمِيرٌ وَيَنْتَزِي مُنْتَزٍ " وَإِنِّي أَنَا الْمَقْتُولُ، وَلَيْسَ عُمَرَ، إِنَّمَا قَتَلَ عُمَرَ وَاحِدٌ، وَإِنَّهُ يُجْتَمَعُ عَلَيَّ (1).

480 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ لَهُ: ابْنَ أَخِي، أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: لَا، وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ (2) وَالْيَقِينِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا. قَالَ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ عز وجل بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ هَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتُ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَاللهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلا غَشَشْتُهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عز وجل (3).

(1) إسناده ضعيف، أبو عون الأنصاري -واسمه عبدُ الله بن أبي عبد الله الشامي الأعور- لم يُوثقه غيرُ ابن حبان وروايته عن عثمان مرسلة.

وأخرجه ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" في ترجمة عثمان رضي الله عنه ص 296 من طريق أحمد بن حنبل بهذا الإِسناد.

وأخرجه أيضاً ص 295 من طريق أبي المغيرة، به.

وقوله: ينتزي، الانتزاء والتنزي: الوثوب وتسرع الإِنسان.

(2)

في (ق): عمله.

(3)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بشر بن شعيب بن أبي حمزة، فمن رجال البخاري.

وعلقه البخاري بإثر الحديث (3927) عن شعيب، بهذا الإِسناد. =

ص: 518

481 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ الْعَامَّةِ، وَقَدْ نَزَلَ بِكَ مَا تَرَى، وَإِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْكَ خِصَالًا ثَلاثًا، اخْتَرْ إِحْدَاهُنَّ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ فَتُقَاتِلَهُمْ، فَإِنَّ مَعَكَ عَدَدًا وَقُوَّةً، وَأَنْتَ عَلَى الْحَقِّ، وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ، وَإِمَّا أَنْ نَخْرِقَ لَكَ بَابًا سِوَى الْبَابِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، فَتَقْعُدَ عَلَى رَوَاحِلِكَ، فَتَلْحَقَ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَسْتَحِلُّوكَ وَأَنْتَ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَلْحَقَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الشَّامِ، وَفِيهِمْ مُعَاوِيَةُ.

فَقَالَ عُثْمَانُ: أَمَّا أَنْ أَخْرُجَ فَأُقَاتِلَ، فَلَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ خَلَفَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُمَّتِهِ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَأَمَّا أَنْ أَخْرُجَ إِلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَسْتَحِلُّونِي بِهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" يُلْحِدُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ، يَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ الْعَالَمِ " فَلَنْ أَكُونَ أَنَا إِيَّاهُ، وَأَمَّا أَنْ أَلْحَقَ بِالشَّامِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الشَّامِ، وَفِيهِمْ مُعَاوِيَةُ، فَلَنْ أُفَارِقَ دَارَ هِجْرَتِي، وَمُجَاوَرَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

= وأخرجه البخاري (3696) و (3872) و (3927) من طريقين عن الزهري، به. وسيأتي برقم (561).

(1)

إسناده ضعيف لانقطاعه، محمد بن عبد الملك بن مروان قتل سنة 132 هـ، والمغيرة بن شعبة مات سنة 50 هـ فيبعد أن يسمع منه، ثم يعيش بعده 82 سنة، ولذا قال الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص 371: وما أظن أن روايته عن المغيرة إلا مرسلة، قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 270 بعد أن نسبه لأحمد: ورجاله ثقات إلا أن محمد بن عبد الملك بن مروان لم أجد له سماعاً من المغيرة.

وأخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1213 عن هارون بن عمر، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإِسناد. =

ص: 519

482 -

حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: يُلْحِدُ (1).

483 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ وَيُونُسُ، قَالا: حَدَّثَنَا لَيْثٌ. قَالَ حَجَّاجٌ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَصَلَّاهَا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ "(2).

484 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ

= وأخرجه أيضاً 4/ 1212 من طريق هقل بن زياد، عن الأوزاعي، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 163 فقال: وقال لنا مسدد: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثني الأوزاعي، به. وانظر (461).

(1)

قوله: "يُلحد" كذا وقع في الأصول التي بين أيدينا، وفي النسخ المطبوعة من "المسند"، ويترجح لدينا أن الصواب:"يلحق" كما جاءت في المطبوع من "مسند عبد الله بن المبارك" برقم (246).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن أبي سلمة الماجشون متابع نافع بن جبير، فمن رجال مسلم. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، ويونس: هو ابن محمد المؤدب، وليث: هو ابن سعد.

وقوله: "قال حجاج: حدثني يزيد بن أبي حبيب" يعني أن حجاجاً قال في روايته عن الليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب، فالقائل "حدثني " يزيدُ بن أبي حبيب. قال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 90: وكان أحمد لهجاً ببيان اختلاف ألفاظ مشايخه.

وأخرجه البزار (437) من طريق يونس بن محمد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه النسائي 2/ 111 من طريق الحُكيم بن عبد الله القرشي، عن نافع بن جبير وعبد الله بن أبي سلمة، به. وقد تقدم برقم (459).

ص: 520

مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ، فَوَضَعْتُ وَضُوءًا لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ لِلصَّلاةِ، فَلَمَّا تَوَضَّأَ، قَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: بَدَا لِي أَنْ لَا أُحَدِّثَكُمُوهُ. فَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ كَانَ خَيْرًا فَنَأْخُذُ بِهِ (1)، أَوْ شَرًّا فَنَتَّقِيهِ. قَالَ: فَقَالَ: فَإِنِّي مُحَدِّثُكُمْ بِهِ: تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ:" مَنْ تَوَضَّأَ هَذَا الْوُضُوءَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ، فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا، كَفَّرَتْ عَنْهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلاةِ الْأُخْرَى، مَا لَمْ يُصِبْ مَقْتَلَةً " يَعْنِي: كَبِيرَةً (2).

485 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ فَرُّوخَ

(1) لفظة: "به" ليست في (ق).

(2)

صحيح لغيره وهذا إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم -وهو ابن أبي النجود- فقد روى له أصحاب السنن، وحديثه في "الصحيحين" مقرون، وهو صدوق حسن الحديث.

أبو عَوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، والمسيب: هو ابن رافع الأسدي الكاهلي، وموسى بن طلحة: هو ابن عُبيد الله القرشي التَّيْمي من كبار التابعين روى عن عثمان وعلي وغيرهما.

وأخرجه البزار (428) عن خالد بن يوسف، عن أبي عوانة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (77) عن حماد بن سلمة، عن عاصم، عن موسى بن طلحة، به بإسقاط المسيب.

وأخرجه البزار (427) من طريق أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى ابن طلحة، به.

وأخرجه الطيالسي (76) من طريق عروة، عن حمران، به.

وأخرجه بنحوه مسلم (228) من طريق عمرو بن سعيد بن العاص، عن عثمان.

ص: 521

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" أَدْخَلَ اللهُ الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَهْلًا: قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا، وَبَائِعًا، وَمُشْتَرِيًا "(1).

486 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: أَنَّ الْمُؤَذِّنَ أَذَّنَ لِصَلاةِ الْعَصْرِ، قَالَ: فَدَعَا عُثْمَانُ بِطَهُورٍ فَتَطَهَّرَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ تَطَهَّرَ كَمَا أُمِرَ، وَصَلَّى (2) كَمَا أُمِرَ، كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ " فَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَشَهِدُوا لَهُ بِذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (3).

487 -

حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَشْجَعِيِّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ:

(1) حديث حسن.

وأخرجه عبد بن حميد (47) عن محمد بن الفضل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 54 من طريق علي بن الجعد، عن حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن، عن عطاء، به. زاد فيه الحسن البصري، ولم يذكر أحدٌ ممن ترجم لعطاء أن الحسن روى عنه. وقد تقدم برقم (410).

(2)

في (ب) و (ح) وعلى حاشية (س) و (ق) و (ص): ثم صلى.

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن المهاجر فيه لين، والرجل من أهل المدينة الذي روى عنه عكرمة بن خالد مجهول.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(149)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 8 من طريق محمد بن سوقة، عن عمرو بن ميمون، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وانظر (421)، وله شاهد من حديث أبي أيوب عند النسائي 1/ 90 و 91، وابن ماجه (1396)، وصححه ابن حبان (1042). وسيأتي في "المسند" 5/ 423.

ص: 522

أَتَى عُثْمَانُ الْمَقَاعِدَ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَيَدَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا يَتَوَضَّأُ، يَا هَؤُلاءِ أَكَذَاكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ (1).

488 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَنَّهُ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَ الْمَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ رَأَيْتُمْ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هَذَا (2)؟ قَالُوا: نَعَمْ (3).

(1) إسناده حسن، ابن الأشجعي: هو أبو عبيدة بن عبيد الله بن عبيد الرحمن حديثه عند أبي داود، وروى عنه جمع، وذكره ابنُ حبان في "الثقات" 8/ 434 وسماه عباداً، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وقد تقدم برقم (404) من طريق وكيع، عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن أبي أنس، عن عثمان. ورجح أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان كما في "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 55 رواية وكيع هذه على رواية الأشجعي، وقال أبو حاتِم: بسر بن سعيد عن عثمان مرسل! مع أن بسر بن سعيد كان له من العمر عندما قتل عثمان شهيداً ثلاثة عشر سنة.

(2)

في (ق): هكذا.

(3)

إسناده قوي، عبد الله بن الوليد: هو ابن ميمون الأموي مولاهم المكي المعروف بالعدني راوي جامع سفيان عنه، قال أحمد: ما كان صاحب حديث، ولكن حديثه حديث صحيح، كان ربما أخطأ في الأسماءِ كتبت عنه كثيراً، وقال البخاري: مقارب، وقال العقيلي: ثقة معروف، وقال الدارقطني: ثقة مأمون، وقال أبو زرعة: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: مستقيم الحديث، وقال ابن عدي: روى عن الثوري "جامعه" وقد روى عن الثوري غرائب غير الجامع، وعن غير الثوري ما رأيتُ =

ص: 523

قَالَ أَبِي: هَذَا الْعَدَنِيُّ كَانَ بِمَكَّةَ مُسْتَمْلِيَ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

489 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، دَعَا بِوَضُوءٍ وَهُوَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَأَمَرَّ بِيَدَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمَا عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: تَوَضَّأْتُ لَكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، ثُمَّ رَكَعْتُ رَكْعَتَيْنِ كَمَا رَأَيْتُهُ رَكَعَ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ: " مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ صَلاتِهِ بِالْأَمْسِ "(1).

= في حديثه منكراً فأذكره، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 79 من طريق أبي حُذيفة، عن سفيان، بهذا الإِسناد. وقد تصحف في المطبوع منه "بسر بن سعيد" إلى "بشر بن سعيد". وهو مكرر ما قبله.

(1)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ ابنِ إسحاق فقد روى له أصحابُ السنن وهو صدوق، وقد صرَّح بالتحديث فانتفت شبهةُ تدليسه.

يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبدِ الرحمن بن عوف الزهري، حديثه هو وأبوه عند الشيخين. وقد تقدم مختصراً برقم (459) وانظر (478)(483) و (488).

ص: 524

490 -

حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: لَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: مَا لِي أَرَاكَ قَدْ جَفَوْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَبْلِغْهُ أَنِّي لَمْ أَفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنِ - قَالَ عَاصِمٌ: يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ - وَلَمْ أَتَخَلَّفْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَمْ أَتْرُكْ سُنَّةَ عُمَرَ. قَالَ: فَانْطَلَقَ فَخَبَّرَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي لَمْ أَفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنَ، فَكَيْفَ يُعَيِّرُنِي بِذَنْبٍ وَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي تَخَلَّفْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَتْ وَقَدْ (1) ضَرَبَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِي، وَمَنْ ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمِهِ فَقَدْ شَهِدَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي لَمْ أَتْرُكْ سُنَّةَ عُمَرَ، فَإِنِّي لَا أُطِيقُهَا وَلا هُوَ، فَائْتِهِ فَحَدِّثْهُ بِذَلِكَ (2).

(1) في (ق): ولقد.

(2)

إسناده حسن، رجالُه ثقات رجال الشيخين غيرَ عاصم -وهو ابن أبي النجود- فقد روى له أصحابُ السنن، وحديثُه في "الصحيحين" مقرون، وهو حسنُ الحديث.

معاوية بن عمرو: هو ابنُ المهلب الأزدي، وزائدةُ: هو ابنُ قدامة، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، والوليد بن عقبة: هو ابن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية القرشي الأموي أخو عثمان لأمه، له صحبة، وعاش إلى خلافة معاوية.

وأخرجه الطبراني (135) من طريق معاوية بن عمرو، بهذا الإِسناد مختصراً.

وأخرجه ابن شبَّة في "تاريخ المدينة" 3/ 1032، والبزار (395) من طريقين عن عاصم، به. وسيأتي برقم (556).

وعينان: قال ياقوت: هضبة جبل أحد بالمدينة، ويقال: جبلان عند أحد، ويقال =

ص: 525

491 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ - يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ حَكِيمٍ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ "(1).

492 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَرَادَ ابْنُ مَعْمَرٍ أَنْ يُنْكِحَ ابْنَهُ ابْنَةَ شَيْبَةَ (2) بْنِ جُبَيْرٍ، فَبَعَثَنِي إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَخَاكَ أَرَادَ أَنْ يُنْكِحَ ابْنَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَكَ ذَاكَ. فَقَالَ: أَلا أُرَاهُ عِرَاقِيًّا جَافِيًا، إِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِحُ وَلا يُنْكِحُ، ثُمَّ حَدَّثَ عَنْ عُثْمَانَ بِمِثْلِهِ يَرْفَعُهُ (3).

= ليوم أحد: عينين.

والمراد بسنة عمر هنا طريقتُه وهديه وسيرته، فقد كان رضي الله عنه أزهدَهم في الدنيا، وأرغبَهم في الآخرة، وأشفقَهم على الرعية، وأكثرَهم تققداً لأحوالهم، يُنْصِفُ مظلومَهم، ويُؤمِّنُ خائِفَهم، ويَلِيْنُ لأهلِ السلامةِ والدينِ والفضلِ، ويَشْتَدُّ على أهلِ الفساد والظلم والتعدي، وقد أتعب مَنْ بعده أن يَلْحَق به، أو يَجْرِيَ في مضمارِه، ولهذا قال عثمان رضي الله عنه: فإني لا أطيقها ولا هو.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أبو داود (555) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (408).

(2)

تحرف في (ق) إلى: شهبة.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم. إسماعيل: هو ابنُ عُلية، وأيوب: هو ابنُ أبي تميمة السختياني، وابن معمر: هو عمران عبيد الله بن معمر. =

ص: 526

493 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ: أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ، فَغَسَلَ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ، سَقَطَتْ خَطَايَاهُ " يَعْنِي مِنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ (1).

494 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: اشْتَكَى عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ عَيْنَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ - قَالَ سُفْيَانُ: وَهُوَ أَمِيرٌ - مَا يَصْنَعُ بِهِمَا؟ قَالَ: قَالَ: ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُثْمَانَ يُحَدِّثُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

• 495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا

= وأخرجه الترمذي (840)، والبزار (364) من طريق إسماعيل بن عُلية، بهذا الإِسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه عبدُ بن حميد (45)، والدارمي (2198)، والبزار (363) من طرق عن أيوب، به. وقد تقدم برقم (401).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر الحديث المتقدم برقم (400).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أبو داود (1838) عن أحمد بنِ حنبل، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطيالسي (85)، والحميدي (34)، ومسلم (1204)(89)، والترمذي (952)، والبزار (369) و (370)، والنسائي 5/ 143، وابن الجارود (443)، وابن خزيمة (2654)، وابن حبان (3954)، والبيهقي 5/ 62 من طريق سفيان، به.

وأخرجه البيهقي 5/ 62 من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أيوب بن موسى، به. وقد تقدم برقم (465).

ص: 527

سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ: أَنَّهُ رَأَى جَنَازَةً مُقْبِلَةً فَلَمَّا رَآهَا قَامَ، وَقَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ (1).

496 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلا يَخْطُبُ "(2).

497 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى بْنِ (3) عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، رَجُلٍ مِنَ الْحَجَبَةِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ، أَوْ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَهُ أَنْ يُضَمِّدَهَا بِالصَّبِرِ (4).

(1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن مسلمة -وهو ابن هشام بن عبد الملك- قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، فيه نظر، وقال الدارقطني: ضعيف يُعتبر به.

وأخرجه البزار (359) عن بشر بن خالد، عن سعيد بن مسلمة، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (426).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الشافعي 1/ 316، والحميدة (33)، ومسلم (1409)(44)، والنسائي 5/ 192، وابن حبان (4126)، والبيهقي 5/ 65 من طريق سفيان، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (401).

(3)

لفظة "بن" تحرفت في (م) إلى: عن.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم. سفيان: هو ابن عُيينة. وهو مكرر (494). =

ص: 528

498 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْوَلِيدِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ (1) لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "(2).

499 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَوَضَعْتُمُوهَا (3) فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ، فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، فَكَانَ إِذَا نْزِلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ، فَيَقُولُ:" ضَعُوا هَذِهِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا "، وَإِذَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ، قَالَ: " ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا

= وقوله: "رجل من الحجبة" يعني من حجاب البيت وهم سدنته الذين يتولَّوْنَ حفظه، فإن نبيه بن وهب من بني عبد الدار بنُ قُصي، وفيهم كانت الحِجابة.

(1)

في (م) و (ص) و (ح): أنه.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 238، وعبد بن حميد (55)، ومسلم (26)، وأبو عوانة 1/ 7 من طريق إسماعيل بن عُلية، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (464).

(3)

على حاشية (س) و (ص): فوضعتها.

ص: 529

وَكَذَا "، وَإِذَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ، قَالَ: " ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا "، قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ مَا أُنْزِلَ (1) مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهًا بِقِصَّتِهَا، فَظَنَنَّا أَنَّهَا مِنْهَا، وَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرًا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ (2).

500 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ سُفْيَانُ:" أَفْضَلُكُمْ "، وَقَالَ شُعْبَةُ:" خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ "(3).

501 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ قَيْسٌ: فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ حِينَ حُصِرَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ.

(1) في (ق): ما نزل.

(2)

ضعيف. وقد تقدم برقم (399).

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن ماجه (211)، والبزار (396)، والنسائي في "الكبرى"(8073)، والبيهقي في "شعب الإِيمان"(2205) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (412).

ص: 530

قَالَ قَيْسٌ: فَكَانُوا يَرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ (1).

502 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبَاحٌ، قَالَ: زَوَّجَنِي مَوْلايَ جَارِيَةً رُومِيَّةً، فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَسَمَّيْتُهُ عَبْدَ اللهِ، ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَسَمَّيْتُهُ عُبَيْدَ اللهِ، ثُمَّ طَبِنَ لِي غُلامٌ رُومِيٌّ - قَالَ: حَسِبْتُهُ قَالَ: لِأَهْلِي رُومِيٌّ - يُقَالُ لَهُ: يُوحَنَّسُ، فَرَاطَنَهَا بِلِسَانِهِ - يَعْنِي بِالرُّومِيَّةِ - فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا أَحْمَرَ، كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ مِنَ الْوُزْغَانِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: هَذَا مِنْ يُوحَنَّسَ. قَالَ: فَارْتَفَعْنَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَأَقَرَّا جَمِيعًا، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنْ شِئْتُمْ (2) قَضَيْتُ بَيْنَكُمْ بِقَضِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى: أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ. قَالَ: حَسِبْتُهُ قَالَ: وَجَلَدَهُمَا (3).

503 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ أَبَا بُرْدَةَ فِي الْمَسْجِدِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ أَتَمَّ

(1) إسناده حسن. وقد تقدم برقم (407).

(2)

في (ق): أن شئت.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة رباح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 415 و 10/ 160 عن يزيد بن هارون، بهذا الإِسناد. دون ذكر القصة. وقد تقدم برقم (416).

ص: 531

الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ، فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ " (1).

504 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ زَاهِرٍ أَبَا رُوَاعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: إِنَّا وَاللهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَإِنَّ نَاسًا يُعْلِّمُونِي بِهِ، عَسَى أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمْ رَآهُ قَطُّ (2).

505 -

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ أَبُو شَيْبَةَ (3)، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ قَاعِدًا فِي الْمَقَاعِدِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ: قَعَدْتُ مَقْعَدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَكَلْتُ طَعَامَ رَسُولِ اللهِ، وَصَلَّيْتُ صَلاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (4).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه مسلم (231)(11)، وابن ماجه (459)، والبزار (416) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (406).

(2)

إسناده حسن، عباد بن زاهر أبو رُواع روى عنه اثنان، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 141، وسماك بن حرب روى له مسلم وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه البزار (401) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإِسناد.

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 29، وقال: رواه البزار، ورجاله ثقات.

(3)

تحرف في (ص) إلى: شعيبة.

(4)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شعيب أبو شيبة: هو شعيب بنُ رُزيق الشامي =

ص: 532

506 -

حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: أَنَّ عُثْمَانَ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، فَكَرِهَ النَّاسُ ذَاكَ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَدَعُوهُ عَلَى هَيْئَتِهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ "(1).

507 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؛ يَعْنِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا، فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ "(2).

508 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ فَرُّوخَ مَوْلَى الْقُرَشِيِّينَ

= أبو شيبة المقدسي قال أبو حاتم عن دحيم: لا بأس به، وقال الدارقطني: ثقة، وفي موضع آخر: ضعيف، وذكره ابن حبان في "الثقات" وحسن الترمذي حديثه، وعطاء الخراساني -وهو عطاء بن أبي مسلم- قال الحافظ: صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس.

وأخرجه البزار (376) من طريق معلى بن منصور، عن شعيب، بهذا الإِسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (643) عن معمر، عن عطاء، به، وانظر (440).

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الدارمي (1392)، ومسلم (533)(25) وص 2287 (44)، والبزار (385)، وأبو عوانة 1/ 390 من طريق الضحاك بن مخلد، بهذا الإِسناد. وقد تقدم برقم (434).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه البزار (384) من طريق أبي بكر الحنفي، بهذا الإِسناد.

ص: 533

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَدْخَلَ اللهُ رَجُلًا الْجَنَّةَ كَانَ سَهْلًا: مُشْتَرِيًا، وَبَائِعًا، وَقَاضِيًا، وَمُقْتَضِيًا "(1).

509 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ، قَالَ: وَلِمَ يَقْتُلُونَنِي (2)؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ، أَوْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا "(3).

510 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ يُصَلِّيَانِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ يُذَكِّرَانِ النَّاسَ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُمَا يَقُولانِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبْقَى مِنْ نُسُكِكُمْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ بَعْدَ ثَلاثٍ (4).

(1) حديث حسن لغيره. وقد تقدم برقم (410).

(2)

في (ق): تقتلوني.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أمامة بن سهل بن حنيف اسمه أسعد، وقيل: سعد. وقد تقدم برقم (437).

(4)

إسناده صحيح. عثمان بن عمر: هو العبدي، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن. وانظر (427) و (435).

ص: 534

511 -

حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ جَاوَانَ (1)، قَالَ: قَالَ الْأَحْنَفُ: انْطَلَقْنَا حُجَّاجًا، فَمَرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَنْزِلِنَا، إِذْ جَاءَنَا آتٍ، فَقَالَ: النَّاسُ مِنْ فَزَعٍ فِي الْمَسْجِدِ. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَصَاحِبِي، فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى نَفَرٍ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَتَخَلَّلْتُهُمْ حَتَّى قُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ جَاءَ عُثْمَانُ يَمْشِي، فَقَالَ: أَهَاهُنَا عَلِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: أَهَاهُنَا الزُّبَيْرُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: أَهَاهُنَا طَلْحَةُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: أَهَاهُنَا سَعْدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ يَبْتَاعُ مِرْبَدَ بَنِي فُلانٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ ". فَابْتَعْتُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُهُ. فَقَالَ: " اجْعَلْهُ فِي مَسْجِدِنَا وَأَجْرُهُ لَكَ "؟ قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ؟ " فَابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُهَا، يَعْنِي بِئْرَ رُومَةَ، فَقَالَ:" اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَأَجْرُهَا لَكَ "؟ قَالُوا: نَعَمْ.

(1) في (ص): عُمر بن جاوان. قال أبو الحسن الدارقطني: قال جرير بن عبد الحميد، وأبو عوانة، وسليمان التيمي، وأبو حفص الأبار، وعلي بن عاصم: عن حصين، عن عمرو بن جاوان. وقال شعبة، وخالد، وابن إدريس: عن حصين، عن عمر بن جاوان، والله أعلم بالصواب. "العلل" 3/ 16.

ص: 535

قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ يَوْمَ جَيْشِ الْعُسْرَةِ، فَقَالَ:" مَنْ يُجَهِّزُ هَؤُلاءِ غَفَرَ اللهُ لَهُ " فَجَهَّزْتُهُمْ، حَتَّى مَا يَفْقِدُونَ خِطَامًا وَلا عِقَالًا؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ. ثُمَّ انْصَرَفَ (1).

512 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ بَعْضِ بَنِي يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قَالَ يَعْلَى: طُفْتُ مَعَ عُثْمَانَ، فَاسْتَلَمْنَا الرُّكْنَ، قَالَ يَعْلَى: فَكُنْتُ مِمَّا يَلِي الْبَيْتَ، فَلَمَّا بَلَغْنَا الرُّكْنَ الْغَرْبِيَّ الَّذِي يَلِي الْأَسْوَدَ، جَرَرْتُ بِيَدِهِ لِيَسْتَلِمَ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقُلْتُ: أَلا تَسْتَلِمُ؟ قَالَ: فَقَالَ: أَلَمْ تَطُفْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَرَأَيْتَهُ يَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الْغَرْبِيَّيْنِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: أَفَلَيْسَ لَكَ فِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَانْفُذْ عَنْكَ (2).

(1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عمرو بن جاوان روى له النسائي، ولم يرو عنه غير حصين، ولم يذكره أحد في الثقات غير ابن حبان، وقال الذهبي: لا يعرف، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. بهز: هو ابن أسد، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، والأحنف: هو ابن قيس التميمي.

وأخرجه الطيالسي (82)، وابنُ أبي عاصم (1303) من طريق أبي عوانة، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 12/ 39، وابن أبي عاصم (1303) و (1304)، والبزار (390) و (391)، والنسائي 6/ 46 و 233 و 234، وابن خزيمة (2487)، وابن حبان (6920) من طريقين عن حصين، به. وقد تقدم من طريق آخر برقم (420).

وسيأتي من طريق آخر عن عثمان (555). وله شاهد من حديث ثمامة بن حزن القشيري عند الترمذي (3703)، والنسائي 6/ 235 - 236، قال الترمذي: حديث حسن.

(2)

صحيح لغيره، رجاله ثقات رجال الصحيح غير بعض بني يعلى بن أمية، فإنه =

ص: 536

513 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَقِيلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِثَ مَوْلَى عُثْمَانَ يَقُولُ: جَلَسَ عُثْمَانُ يَوْمًا وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَدَعَا بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ، أَظُنُّهُ سَيَكُونُ (1) فِيهِ مُدٌّ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ:" وَمَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى صَلاةَ الظُّهْرِ، غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصُّبْحِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ أَنْ يَبِيتَ يَتَمَرَّغُ لَيْلَتَهُ، ثُمَّ إِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الصُّبْحَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ، وَهُنَّ الْحَسَنَاتُ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ". قَالُوا: هَذِهِ الْحَسَنَاتُ، فَمَا الْبَاقِيَاتُ (2) يَا عُثْمَانُ؟ قَالَ: هُنَّ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ (3).

= مجهول لا يعرف، وقال ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 542: لعله صفوان يعني صفوان بن يعلى بن أمية.

وقد تَقَدَّمَ برقم (313) من رواية روح، قال: حدثنا ابنُ جريج، قال: أخبرني سليمانُ بن عتيق، عن عبد الله بن بابيه، عن بعض بني يعلى، عن يعلى بن أمية، قال: طفتُ مع عمر بن الخطاب وذكر القصة. قلنا: وذكر عمر فيه أصح، وحمله على التعدُّد بعيد.

(1)

في حاشية (س) و (ق) و (ص): يكون.

(2)

في (ق): الباقيات الصالحات.

(3)

إسناده حسن، الحارث أبو صالح مولى عثمان تقدم الكلام عليه عند الحديث (442) وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو عبد الرحمن المقرئ: هو عبد الله بن يزيد، وحيوة: هو ابن شريح بن صفوان التجيبي، وأبو عقيل: هو زهرة بن معبد. =

ص: 537

514 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ (1) الْعَاصِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعُثْمَانَ حَدَّثَاهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ، لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ:" اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ " فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي، ثُمَّ انْصَرَفْتُ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لِي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ ".

وقَالَ اللَّيْثُ: وَقَالَ جَمَاعَةُ النَّاسِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ: " أَلَا أَسْتَحِي مِمَّنْ يَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ "(2).

= وأخرجه البزار (405)، والطبري 12/ 132 من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الإِسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/ 297، وقال: في الصحيح بعضه، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجاله رجال الصحيح غير الحارث بن عبد الله (كذا قال، وصوابه ابن عبد ويغلب على الظن أنه خطأ من الناسخ) مولى عثمان بن عفان وهو ثقة.

(1)

قوله: "أن سعيد العاص" سقط من (ق).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، وليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وسعيد بن العاص: هو ابن سعيد بن العاص الأموي تابعي كبير وُلِدَ قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بتسع سنين، وقال أبو عمر: كان من أشراف قريش، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان. =

ص: 538

515 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ حَدَّثَاهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ، لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ

فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ عُقَيْلٍ (1).

516 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي سَلَمَةَ - وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَصَلَّاهَا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ "(2).

= وأخرجه مسلم (2402)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/ 290 من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطحاوي 2/ 290 من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، به. وانظر ما بعده وسيأتي في مسند عائشة (الطبعة الميمنية 6/ 155 و 167).

والمِرْط: كساء من الصوف، وربما كان من خزٍّ أو غيره.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد، وصالح: هو ابن كيسان.

وأخرجه مسلم (2401)، والبزار (355) من طريق يعقوب، بهذا الإِسناد. وقد تحرف "سعد" جد يعقوب في المطبوع من البزار إلى "سعيد".

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(600) عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن إبراهيم بن سعد، به. وانظر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح على شرطهما. وهو مكرر (483).

ص: 539

517 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) بْنِ مَوْهَبٍ - أَخْبَرَنِي عَمِّي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ (2) بْنُ مَوْهَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَاحَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ حَاجًّا، وَدَخَلَتْ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ امْرَأَتُهُ، فَبَاتَ مَعَهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ رَدْعُ الطِّيبِ، وَمِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ مُفْدَمَةٌ، فَأَدْرَكَ النَّاسَ بِمَلَلٍ قَبْلَ أَنْ يَرُوحُوا، فَلَمَّا رَآهُ عُثْمَانُ انْتَهَرَه وَأَفَّفَ، وَقَالَ: أَتَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ وَقَدْ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَهُ وَلا إِيَّاكَ، إِنَّمَا نَهَانِي (3).

(1) في الأصول: عبد الله، وهو خطأ من النساخ، وليس من محمد بن عبد الله الزبيري كما استظهره الشيخُ أحمد شاكر رحمه الله، فقد جاء على الصواب في مسند البزار من طريق الزبيري.

(2)

في الأصول: عبد الرحمن، وهو خطأ.

(3)

إسناده ضعيف، عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب مختلف فيه ضعفه يحيى بن معين في رواية عباس الدوري، ووثقه في رواية إسحاق بن منصور، وقال النسائي: ليس بذاك القوي، ونقل البخاري في "التاريخ الأوسط" عن سفيان بن عيينة أنه كان يُضعفه، وقال أبو حاتم: صالح، ووثقه العجلي وابن حبان، وقال ابن عدي: حسنُ الحديث يُكتب حديثه، وقال الحافظ في "التقريب": ليس بالقوي، وعَمُّهُ عبيدُ الله بن عبد الله قال أحمد: لا يعرف، وقال الشافعي: لا نعرفه، وقال ابنُ القطان الفاسي: مجهولُ الحال، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، يعني عند المتابعة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 371، والبزار (352) و (476) من طريق أبي محمد محمد بن عبد الله الزبيري، بهذا الإِسناد.

والمفدم: المشبع بحمرة. ومَلَل: موضع بين مكة والمدينة.

ص: 540

* 518 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي وَأَبُو خَيْثَمَةَ قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ أَبِي فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنِي عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: قَالَ عُثْمَانُ (1): سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ بِفِنَاءِ أَحَدِكُمْ نَهَرٌ يَجْرِي، يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، مَا كَانَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ؟ " قَالُوا: لَا شَيْءَ. قَالَ: " فَإِنَّ الصَّلَوَاتِ تُذْهِبُ الذُّنُوبَ كَمَا يُذْهِبُ الْمَاءُ الدَّرَنَ "(2).

° 519 - قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُخَارِقِ بْنِ

(1) قوله: "قال عثمان" سقط من (ق).

(2)

إسناده صحيح. صالح بن عبد الله بن أبي فروة روى له ابن ماجه، ووثقه ابنُ معين والدارقطني، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وباقي رجاله رجال الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، ويعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد، وابن أخي ابن شهاب: هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 13/ 66 من طريق عبد الله بن أحمد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" فيما نقله عنه البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 90 عن زهير بن حرب، به.

وأخرجه عبدُ بن حميد (56)، وابن ماجه (1397)، والبزار (356) من طريق يعقوب بن إبراهيم، به. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 90: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

والدرن: الوسخ.

ص: 541

عَبْدِ اللهِ بْنِ جَابِرٍ الْأَحْمَسِيِّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي، وَلَمْ تَنَلْهُ مَوَدَّتِي "(1).

• 520 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ مُرَاجِمٍ، مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ الْجَمَّاءَ لَتُقَصُّ (2) مِنَ الْقَرْنَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "(3).

(1) إسناده ضعيف جداً، حصين بن عمر الأحمسي ضعفه أحمد، وقال: إنه كان يكذب، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال علي بن المديني: ليس بالقوي، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال مسلم: متروك الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف جداً، وقال أبو حاتم: واهي الحديث جداً لا أعلم يروي حديثاً يُتابع عليه، وهو متروك الحديث، وضعفه أبو داود والنسائي والترمذي وأبو أحمد الحاكم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 193، وعبد بن حميد (53)، والترمذي (3928)، والبزار (354) من طريق محمد بن بشر، بهذا الإِسناد.

(2)

في (ق): لتقتص.

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، حجاج بن نصير الفساطيطي ضعفه ابنُ سعد، وابنُ معين، وابن المديني، وأبو حاتم والبخاري والنسائي وأبو داود والدارقطني وأبو أحمد الحاكم. قال ابنُ عدي بعد أن أورد هذا الحديث: قال لنا ابنُ صاعد: وليس هذا من حديث عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رواه أبو عثمان عن سلمان من قوله.

أبو يحيى البزار: هو محمد بن عبد الرحيم البغدادي الحافظ المعروف بصاعقة.

وأخرجه البزار (387) عن عبد الله بن الصباح، عن الحجاج بن نصير، بهذا الإِسناد. =

ص: 542

• 521 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ يَأْمُرُ فِي خُطْبَتِهِ بِقَتْلِ الْكِلابِ، وَذَبْحِ الْحَمَامِ (1).

• 522 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ (2).

• 523 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَمَرَّ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيَّ فَمَنَعْتُهُ، فَأَبَى، فَسَأَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَقَالَ: لَا يَضُرُّكَ يَا ابْنَ أَخِي (3).

= وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (2582) وسيأتي في "المسند" 2/ 235.

(1)

إسناده ضعيف، مبارك بن فضالة ضعفه النسائي، وقال الدارقطني: لين كثيرُ الخطأ يُعتبر به، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يدلس ويسوي.

وأخرجه عبد الرزاق (19733) من طريق يونس، عن الحسن، بهذا الإِسناد.

(2)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أم موسى -وهي سُرية علي بن أبي طالب- واسمها فاختة، وقيل: حبيبة، قال الدارقطني: حديثها مستقيم يخرج حديثها اعتباراً، وقال العجلي: تابعية ثقة. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومغيرة: هو ابن مقسم الضبي.

(3)

صحيح، سويد بن سعيد -وإن كان فيه كلام- قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. إبراهيم بن سعد: هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 464 من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، بهذا الإِسناد. وقد تحرف في المطبوع منه "سعد" إلى "سعيد".

ص: 543

• 524 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ: إِنْ وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل أَنْ تَضَعُوا رِجْلِي فِي الْقَيْدِ، فَضَعُوهَا (1).

• 525 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (2): أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَقَالَ:" هَذَا الْمَوْقِفُ، وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ " ثُمَّ دَفَعَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَضْرِبُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَهُوَ يَلْتَفِتُ وَيَقُولُ:" السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ " حَتَّى جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ، وَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ، ثُمَّ وَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَقَالَ:" هَذَا الْمَوْقِفُ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ " ثُمَّ دَفَعَ وَجَعَلَ يَسِيرُ

(1) صحيح، سويد قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه ابن سعد 3/ 69 - 70 عن شبابة بن سوار، حدثني إبراهيم بن سعد، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1195 عن عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، به.

(2)

في (ق): عن عثمان بن عفان، وهو تصرف من الناسخ، فالحديثُ حديثُ علي بن أبي طالب، وهو هنا مدرج في حديث عثمان بن عفان.

ص: 544

الْعَنَقَ، وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَهُوَ يَلْتَفِتُ وَيَقُولُ:" السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ "

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ (1).

• 526 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي الْيَعْفُورِ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَعْتَقَ عِشْرِينَ مَمْلُوكًا، وَدَعَا بِسَرَاوِيلَ فَشَدَّهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَلْبَسْهَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَارِحَةَ فِي الْمَنَامِ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنَّهُمْ قَالُوا لِي: اصْبِرْ، فَإِنَّكَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا الْقَابِلَةَ. ثُمَّ دَعَا بِمُصْحَفٍ فَنَشَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُتِلَ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ (2).

• 527 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا،

(1) إسناده حسن. وسيتكرر برقم (564).

(2)

إسناده ضعيف، يونس بن أبي يعفور -وإن خرّج له مسلم- كثير الخطأ، وصفه بذلك الحافظ في "التقريب"، وضعفه ابن معين والنسائي والساجي وأحمد، وقال الدارقطني: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن عدي: هو عندي ممن يُكتب حديثه، يعني للمتابعات والشواهد، وقال ابن حبان في "الضعفاء": يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 232 و 9/ 96 - 98، وزاد نسبته إلى أبي يعلى في "الكبير"، أي: في "مسنده الكبير" رواية الأصبهانيين الذي لم يطبع، والمطبوع هو الصغير رواية أبي عمر محمد بن أحمد بن حمدان.

ص: 545

وَيَدَيْهِ ثَلاثًا، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا (1)، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ غَسْلًا (2).

• 528 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلاءٍ حَتَّى اللَّيْلِ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي، لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ إِنْ شَاءَ اللهُ (3).

(1) في (ق): "ثلاثاً" مرة واحدة.

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. وقد تقدم برقم (472).

(3)

حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي مودود -واسمه عبد العزيز بن أبي سليمان المدني قاص أهل المدينة- فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي، ووثقه أحمد وابن معين وأبو داود وابن المديني وابن نمير، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وأخطأ الحافظ في "التقريب" خطأ مبيناً فقال في حقه: مقبول، وهي لفظة يطلقها على الذي لا يقبل حديثه إلا في المتابعات والشواهد. محمد بن كعب: هو القُرظي.

وأخرجه أبو داود (5089)، والبزار (357)، والنسائي في "اليوم والليلة"(15)، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/ 171، وابن حبان (852) و (862)، وابن السني في "اليوم والليلة"(44)، والبغوي (1326) من طرق عن أبي ضمرة أنس بن عياض، بهذا الإِسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 238 عن زيد بن الحباب، وأبو داود (5088) عن عبد الله بن مسلمة، كلاهما عن أبي مَودود، عمن سمع أبان، عن أبان، به.

وأخرجه النسائيُّ في "اليوم والليلة"(16) عن محمد بن علي، عن عبد الله بن =

ص: 546

• 529 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ: أَنَّهُ رَأَى جَنَازَةً مُقْبِلَةً، فَلَمَّا رَآهَا قَامَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَخَبَّرَنِي أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ (1).

• 530 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ "(2).

= مسلمة القعنبي، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 42 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن أبي مودود، عن رجل، عمن سمع أبان بن عثمان، عن أبان، به.

قال الدارقطني في "العلل" 3/ 8: وهذا القولُ -يعني الأخير- هو المضبوطُ عن أبي مودود، ومن قال فيه: عن محمد بن كعب القرظي فقد وهم. وانظر ما تقدم برقم (446).

(1)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. وانظر (426).

(2)

إسناده ضعيف جدا شبه موضوع، إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وابن أبي فروة -واسمه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة- قال البخاري: تركوه، ونهى أحمد عن حديثه، وقال: لا تحل الرواية عنه، وما هو بأهل أن يُحمل عنه ولا يُروى عنه، وقال علي بن المديني: منكر الحديث، وقال عمرو بن علي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني والبرقاني: متروك الحديث. أبو إبراهيم الترجماني: هو إسماعيل بن إبراهيم بن بسام البغدادي، ومحمد بن يوسف: هو القرشي مولى عثمان، وقيل: عمرو بن عثمان، وثقه أبو حاتم والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقول الحافظ في "التقريب": مقبول، غير مقبول.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 321، والقضاعي في "مسند الشهاب"(65) من طريقين عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإِسناد.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 251 من طريق سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان. وسليمان بن أرقم متروك. وسيأتي برقم (533). =

ص: 547

• 531 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُحْرِزٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه دُفِنَ فِي ثِيَابِهِ بِدِمَائِهِ، وَلَمْ يُغَسَّلْ (1).

• 532 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرِ بْنِ سَلْمٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِحْجَنٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَظَلَّ اللهُ عَبْدًا (2) فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ تَرَكَ لِغَارِمٍ "(3).

• 533 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ - يَعْنِي الْحَرْبِيَّ - أَبُو زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

= وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" 3/ 68 من طريق ابن عدي بإسناده، ثم قال بأثره: هذا حديث لا يصح.

والصبحة: هي النوم أول النهار.

(1)

إسناده ضعيف، محبوب بن محرز ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وإبراهيم بن عبد الله بن فروخ مجهول.

(2)

على حاشية (س) و (ق) و (ص): غنيا.

(3)

إسناده ضعيف جداً، العباس بن الفضل الأنصاري الواقفي، قال ابن المديني: ذهب حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال عبدُ الله بن أحمد: لم يسمع منه أبي، ونهاني أن أكتب عن رجل عنه، وهشام بن زياد القرشي ضعفه ابن معين والبخاري، وقال النسائي: متروك الحديث، وأبوه لينه البخاري، ومحجن مولى عثمان ثم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير والد هشام بن زياد القرشي. =

ص: 548

عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ "(1).

534 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ "(2).

• 535 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ، فَقَالَ: أَلا أُرَاهُ

= وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 80 عن محمد بن علي بن شعيب، عن الحسن بن بشر، بهذا الإِسناد.

وفي الباب ما يُغني عنه عند مسلم (3006) من حديث أبي اليسر، وصححه ابن حبان (5044) ولفظه:"من أنظر معسراً أو وضع عنه، أظله الله في ظله" وآخر من حديث أبي هريرة عند الترمذي (1306) ولفظه: "من أنظر معسراً أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلآ ظله" وقال: حسن صحيح.

(1)

إسناده ضعيف جداً شبه موضوع، والرجل المبهم في السند هو ابن أبي فروة كما سماه يحيى بن عثمان شيخ عبد الله بن أحمد عند ابن عدي في "الكامل"، وكما تقدم برقم (530).

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 321، ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(7331) عن يحيى بن عثمان، بهذا الإِسناد.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو مكرر (401).

ص: 549

أَعْرَابِيًّا، إِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِحُ وَلا يُنْكِحُ، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عُثْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1).

وحَدَّثَنِي نُبَيْهٌ، عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ (2).

• 536 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أُمِّ هِلالٍ ابْنَةِ وَكِيعٍ، عَنْ نَائِلَةَ بِنْتِ الْفَرَافِصَةِ، امْرَأَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَتْ: نَعَسَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ فَأَغْفَى، فَاسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: لَيَقْتُلَنَّنِي الْقَوْمُ. قُلْتُ: كَلا إِنْ شَاءَ اللهُ، لَمْ يَبْلُغْ ذَاكَ، إِنَّ رَعِيَّتَكَ اسْتَعْتَبُوكَ. قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مسلم (1409)(42) عن محمد بن أبي بكر، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الدارمي (1823) عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، به.

وأخرجه ابن حبان (4128) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، به. وانظر (401).

(2)

قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله: الظاهر عندي أن نبيهاً بعد أن سمع الحديث من أبان حدَّثه به أبوه وهب، إما عن عثمان، وإما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن وهباً والد نبيه هو: وهب بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي، وقد ذكره الحافظ في "الإِصابة" في القسم الأول من حرف الواو، أي في الصحابة، وذكر أن أباه -يعني عثمان بن أبي طلحة- قُتِلَ يومَ أحد مشركاً، فمن الراجح جداً أن يكون ابنُه صحابياً، أو على الأقل من صغار الصحابة. وهو استدراك جيدٌ من الحافظ، فإن أحداً غيره -فيما أعلم- لم يذكر وهباً هذا في الصحابة، لا ابنُ سعد ولا ابنُ عبد البر ولا ابنُ الأثير، وترجمة وهب هذا تستدرك على الحافظ في "التعجيل" فإنه لم يذكره ولم يشر إليه، ومن الواضح البيِّن أن الذي يقول:"وحدثني نبيه عن أبيه بنحوه" هو نافع مولى ابن عمر.

ص: 550

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالُوا: تُفْطِرُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ (1).

(1) إسناده ضعيف، زياد بن عبد الله قال في "تعجيل المنفعة": فيه نظر، وأم هلال لا تعرف.

وأخرجه ابن سعد 3/ 75، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 4/ 1227 من طريق وهيب بن خالد، عن داود بن أبي هند، بهذا الإِسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 232 وقال: فيه من لم أعرفهم.

ص: 551

‌وَمِنْ أَخْبَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

• 537 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: زَعَمَ أَبُو الْمِقْدَامِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مُتَّكِئٌ عَلَى رِدَائِهِ، فَأَتَاهُ سَقَّاآنِ يَخْتَصِمَانِ إِلَيْهِ، فَقَضَى بَيْنَهُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، بِوَجْنَتِهِ نَكَتَاتُ جُدَرِيٍّ، وَإِذَا شَعْرُهُ قَدْ كَسَا ذِرَاعَيْهِ (1).

538 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ غُرَابٍ، عَنْ بُنَانَةَ، قَالَتْ: مَا خَضَبَ عُثْمَانُ قَطُّ (2).

• 539 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْد اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو

(1) إسناده ضعيف، أبو المقدام -واسمه هشام بن زياد القرشي- ضعَّفه ابن معين والبخاري، وقال النسائي: متروك الحديث. الحسن بن أبي الحسن: هو البصري.

(2)

إسناده ضعيف، أم غراب -واسمها طلحة- روى عنها مروان بن معاوية ووكيع، ولم يوثقها غير ابن حبان، وقال الحافظ في "التقريب": لا يعرف حالها، وبنانة: خادم كانت لأم البنين بنت عتبة بن حصين امرأة عثمان.

وأخرجه ابن سعد 3/ 59 عن محمد بن ربيعة، عن أم غراب، عن بنانة: أن عثمان كان أبيض اللحية.

ص: 552

الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيمِيُّ، عَمَّنْ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ضَبَّبَ أَسْنَانَهُ بِذَهَبٍ (1).

540 -

حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بُشَيْرٍ إِمْلاءً، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَهُوَ يَسْتَخْبِرُ النَّاسَ، يَسْأَلُهُمْ عَنْ أَخْبَارِهِمْ وَأَسْعَارِهِمْ (2).

• 541 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ عُثْمَانَ سَجَدَ فِي (ص)(3).

(1) إسناده ضعيف لإِبهام الراوي الذي رأى عثمان. أبو القاسم بن أبي الزناد كتب عنه أحمد وهو شاب وأثنى عليه ووثقه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن معين: ليس به بأس، وواقد بن عبد الله التميمي: هو الخلقاني الحنظلي الكوفي أبو عبد الله بياع الغنم، قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 33: سألتُ أبي عنه، فقال: شيخ محله الصدق، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 560.

وأخرجه ابن سعد 3/ 58 عن محمد بن عمر الواقدي، عن واقد بن أبي ياسر: أن عثمان كان يشدُّ أسنانَه بالذهب.

(2)

صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن قيس الأسدي، فمن رجال مسلم.

وأخرجه ابن سعد 3/ 59، وابن شبة 3/ 962 من طريق هشيم، بهذا الإِسناد.

(3)

صحيح، سويد بن سعيد متابع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.

وأخرجه عبد الرزاق (5864)، وابن أبي شيبة 2/ 9 من طريق معمر، عن الزهري، بهذا الإِسناد.

وأخرجه البيهقي 2/ 319 من طريق الأعرج، عن السائب بن يزيد، به.

ص: 553

• 542 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُحْرِزٍ بَيَّاعُ الْقَوَارِيرِ - كُوفِيٌّ ثِقَةٌ، كَذَا قَالَ سُرَيْجٌ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ فَرُّوخَ -، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عُثْمَانَ الْعِيدَ فَكَبَّرَ سَبْعًا وَخَمْسًا (1).

543 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، وَذَكَرَ عُثْمَانَ وَشِدَّةَ حَيَائِهِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فَمَا يَضَعُ عَنْهُ الثَّوْبَ لِيُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ (2).

544 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ شِبْلٍ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: وَلِيَ عُثْمَانُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ، وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ خَمْسَ سِنِينَ (3).

545 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: وَقُتِلَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لِثَمَانِ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، وَكَانَتْ خِلافَتُهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا (4).

• 546 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ

(1) إسناده ضعيف لضعف محبوب بن محرز، وجهالة إبراهيم بن عبد الله بن فروخ.

(2)

رجاله ثقات رجال الشيخين غير سالم أبي جميع -وهو سالم بن دينار أو ابن راشد- فقد روى له أبو داود، ووثقه ابن معين، وقال أبو داود: شيخ، وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو زرعة: لين الحديث، وقال الدارقطني: ليس بمتروك حمل الناس عنه. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.

(3)

إسناده منقطع. أمية بن شبل وثقه ابن معين، مترجم في "الإكمال"(49).

(4)

إسناده منقطع كسابقه. أبو معشر: هو نجيح بن عبد الرحمن، ضعيف.

ص: 554

سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ: أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (1).

547 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً، أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ (2).

• 548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كُنَّا بِبَابِ عُثْمَانَ، فِي عَشْرِ الْأَضْحَى (3).

549 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: صَلَّى الزُّبَيْرُ عَلَى عُثْمَانَ، وَدَفَنَهُ، وَكَانَ أَوْصَى إِلَيْهِ (4).

550 -

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، قَالَ:

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي.

وأخرجه ابن سعد 3/ 79 عن عفان، عن معتمر بن سليمان، بهذا الإِسناد.

(2)

إسناده منقطع. أبو هلال: هو محمد بن سليم الراسبي.

(3)

إسناده صحيح، جعفر بن محمد بن فضيل روى له الترمذي، وهو صدوق حافظ، ومن فوقه من رجال الشيخين غير أبي خلدة -واسمه خالد بن دينار التميمي السعدي- فمن رجال البخاري. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران الرِّياحي. وسيأتي برقم (551).

(4)

رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع، قتادة لم يدرك عثمان. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(6365). وقد وقع في المطبوع منه "عمر" بدل "عثمان". وهو تحريف قطعاً، والذي صلى على عمر باتفاق هو صهيب رضي الله عنهما.

ص: 555

قُتِلَ عُثْمَانُ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، فَكَانَتِ الْفِتْنَةُ خَمْسَ سِنِينَ، مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَسَنِ رضي الله عنه.

551 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: كُنَّا بِبَابِ عُثْمَانَ، فِي عَشْرِ الْأَضْحَى (1).

• 552 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَادَةَ الزُّرَقِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ يَوْمَ حُوصِرَ فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ، وَلَوْ أُلْقِيَ حَجَرٌ لَمْ يَقَعْ إِلا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ، فَرَأَيْتُ عُثْمَانَ أَشْرَفَ مِنَ الْخَوْخَةِ الَّتِي تَلِي مَقَامَ جِبْرِيلَ عليه السلام، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ فَسَكَتُوا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ فَسَكَتُوا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ فَسَكَتُوا (2)، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَلَا أَرَاكَ هَاهُنَا؟ مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّكَ تَكُونُ فِي جَمَاعَةٍ تَسْمَعُ نِدَائِي آخِرَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ ثُمَّ لَا تُجِيبُنِي، أَنْشُدُكَ اللهَ (3) يَا طَلْحَةُ، تَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ [[أَصْحَابِهِ]] (*) غَيْرِي وَغَيْرُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا طَلْحَةُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَمَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ رَفِيقٌ مِنْ أُمَّتِهِ مَعَهُ (4) فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ هَذَا - يَعْنِينِي - رَفِيقِي

(1) إسناده صحيح. وهو مكرر (548).

(2)

قوله: "ثم قال: أيها الناس أفيكم طلحة؟ فسكتوا" ليس في (م).

(3)

في (ق): بالله. (4) لفظة: "معه" ليست في (ق).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (ط الرسالة): أَصْحَابِي

ص: 556

مَعِي فِي الْجَنَّةِ ". قَالَ طَلْحَةُ: اللهُمَّ نَعَمْ. ثُمَّ انْصَرَفَ (1).

• 553 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ: أَنَّهُ شَهِدَ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ يَوْمًا، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا

وَحَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ (2).

• 554 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي

(1) إسناده ضعيف، القاسم بن حكم الأنصاري قال البخاري: سمع أبا عبادة ولم يصح حديث أبي عبادة، وقال أبو حاتم: مجهول، وليّنه الحافظ في "التقريب"، وأبو عبادة الزرقي -واسمه عيسى بن عبد الرحمن بن فروة- ضعفه البخاري والنسائي وابن حبان والعقيلي وغيرهم، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، شبيه بالمتروك.

وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(323) من طريق عبد الله بن أحمد، بهذا الإِسناد، وقال: هذا حديث لا يصح.

وأخرجه البزار (374)، وابن أبي عاصم (1288) من طريق محمد بن المثنى، والحاكم 3/ 97 - 98 من طريق عمرو بن ميسرة، كلاهما عن القاسم بن الحكم، به. وقد وقع في المطبوع من كتاب السنة لابن أبي عاصم: القاسم بن القاسم. قال الحاكم: صحيح الإِسناد وتعقبه الذهبي بأن القاسم بن الحكم قال عنه البخاري: لا يصح حديثه، وأن أبا حاتم جهله ولم يتكلم على أبي عبادة الزرقي مع أنه العلة الرئيسة للحديث وهو أشد ضعفاً من القاسم بن الحكم.

(2)

إسناده صحيح. مسلم بن يسار: هو البصري نزيل مكة أبو عبد الله الفقيه روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة، وباقي السند من رجال الشيخين.

وأخرجه البزار (419) عن أحمد بن عبدة، عن يزيد بن زريع، بهذا الإِسناد. وانظر (415).

ص: 557

ابْنَ عَبْدِ اللهِ - عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَالَ: أَلا أُنَبِّئُكُمْ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ؟ قُلْنَا: بَلَى. فَدَعَا بِمَاءٍ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى مِرْفَقَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ (1).

• 555 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ حِقٍّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ الدَّارَ يَوْمَ أُصِيبَ عُثْمَانُ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمُ اطِّلاعَةً، فَقَالَ: ادْعُوا لِي صَاحِبَيْكُمِ اللَّذَيْنِ أَلَّبَاكُمْ عَلَيَّ. فَدُعِيَا لَهُ، فَقَالَ: نَشَدْتُكُمَا (2) اللهَ، أَتَعْلَمَانِ (3) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ، فَقَالَ:" مَنْ يَشْتَرِي هَذِهِ الْبُقْعَةَ (4) مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، فَيَكُونَ فِيهَا كَالْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ " فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ خَالِصِ مَالِي، فَجَعَلْتُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْتُمْ تَمْنَعُونِي أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.

ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمِ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمْ

(1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل من الأنصار وأبيه. وقد تقدم برقم (429).

(2)

في (ق): أنشدكم. وعلى حاشيتها: نشدتكما.

(3)

في (ق) وحاشية (س) و (ص): أتعلمون. وجاء على حاشية (ق): أتعلمان.

(4)

في (ص): البقيعة. وعلى حاشيتها كما هنا.

ص: 558

يَكُنْ فِيهَا بِئْرٌ يُسْتَعْذَبُ مِنْهُ (1) إِلا رُومَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، فَيَكُونَ دَلْوُهُ فِيهَا كَدُلِيِّ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ " فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ خَالِصِ مَالِي، فَأَنْتُمْ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا.

ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنِّي صَاحِبُ جَيْشِ الْعُسْرَةِ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ (2).

* 556 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي وَأَبُو خَيْثَمَةَ، قَالا: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: لَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: مَا لِي أَرَاكَ قَدْ جَفَوْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَبْلِغْهُ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي تَخَلَّفْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَتْ، وَقَدْ ضَرَبَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمٍ، وَمَنْ

(1) في (ص): يستعذب بماء منه.

(2)

إسناده حسن، هلال بن حِقّ روى عنه جمع، وحديثه عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير أمامة بن حزن، فمن رجال مسلم.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1306) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، بهذا الإِسناد.

وأخرجه الترمذي (3703)، وابن أبي عاصم (1305)، والنسائي 6/ 235، وابن خزيمة (2492)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ترجمة عثمان ص 339 من طريق يحيى بن أبي الحجاج عن الجريري، به. وحسنه الترمذي وانظر (511).

ص: 559

ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمٍ فَقَدْ شَهِدَ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى آخِرِهِ (1).

• 557 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: كَيْفَ بَايَعْتُمْ عُثْمَانَ وَتَرَكْتُمْ عَلِيًّا؟ قَالَ: مَا ذَنْبِي؟ قَدْ بَدَأْتُ بِعَلِيٍّ، فَقُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَسِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: فَقَالَ: فِيمَا اسْتَطَعْتُ. قَالَ: ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَى عُثْمَانَ، فَقَبِلَهَا (2).

(1) إسناده حسن. وهو مكرر (490).

(2)

إسناده ضعيف، سفيان بن وكيع ضعفه غير واحد قال الحافظ في "التقريب": كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فَنُصِحَ فلم يقبل، فسقط حديثه.

وروى الذهبي في "الزهريات"، وابن عساكر ص 184 في ترجمة عثمان من طريقه: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر بن الحارث الزهري، حدثنا عمران بن عبد العزيز، عن عمر بن سعيد بن سريج ومحمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة، عن المسور بن مخرمة قال: كنت أعلمَ الناسِ بأمر الشورى، لأني كنت رسول عبد الرحمن بن عوف فذكر الخبر، وفي آخره، فقال: هل أنت يا علي مبايعي أن وليتُك هذا الأمر على سنة الله وسنةِ رسوله، وسنة الماضِيَيْنِ قبلي؟ قال: لا ولكني على طاقتي، فأعادها ثلاثاً فقال عثمان: أنا يا أبا محمد أبايعُك أن وليتَني هذا الأمر على سنة الله وسنة رسوله وميثاقه، وسنةِ الماضيَيْنِ قبلي قالها عثمان في الثلاث فبايعه.

ص: 560

558 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنَا زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي كَتَمْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي، ثُمَّ بَدَا لِي الْآنَ أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ، لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ "(1).

559 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، بَاهِلِيٌّ (2)، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، وَذَكَرَهُ (3).

560 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ (4) لَهِيعَةَ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: كُنْتُ أَبْتَاعُ التَّمْرَ مِنْ بَطْنٍ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو قَيْنُقَاعٍ، فَأَبِيعُهُ بِرِبْحِ الْآصُعِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" يَا عُثْمَانُ، إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ، وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ "(5).

561 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ،

(1) حديث حسن، وقد تقدم برقم (442) و (477).

(2)

في (ق): الباهلي.

(3)

إسناده ضعيف وهو مكرر (443).

(4)

تحرف في (ق) إلى: أبو.

(5)

حسن لغيره وهو مكرر (444).

ص: 561

أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لَهُ (1): إِنَّ اللهَ بَعَثَ (2) مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام بِالْحَقِّ، فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنَ بِمَا بَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام، ثُمَّ هَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَاللهِ مَا عَصَيْتُهُ، وَلَا غَشَشْتُهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عز وجل (3).

(1) جاء في النسخ المطبوعة والأصول الخطية سوى (ق) بعد هذا زيادة، وهي:"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له"، وقد سبق هذا الحديث بإسناده برقم (480) دون هذه الزيادة.

(2)

في (ص): قد بعث.

(3)

إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد تقدم برقم (480).

ص: 562