المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مسند الإمام أحمد بن حنبل (164 - 241 هـ) حقق هذا الجزء وخرَّج - مسند أحمد - ط الرسالة - جـ ٢٥

[أحمد بن حنبل]

فهرس الكتاب

مسند

الإمام أحمد بن حنبل

(164 - 241 هـ)

حقق هذا الجزء وخرَّج أحاديثه وعلَّق عليه

شُعَيب الأرنَؤوط - محمد نعيم العرِقسُوسي

إبراهيم الزّيبَق

الجزء الخامس والعشرون

ص: 1

‌حَدِيثُ حَجَّاجٍ الْأَسْلَمِيِّ

(1)

15733 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ (2) هِشَامٌ. وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ حَجَّاجِ (3) بْنِ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِيهِ - وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: رَجُلٌ (4) مِنْ أَسْلَمَ - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ قَالَ:" غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ "(5).

(1) قال السندي: حجاج الأسلمي بن مالك، يكنى أبا حدرد.

(2)

في (م): حدثنا بدل عن.

(3)

تحرف في (م) إلى: أخبرني عن أبي الحجاج.

(4)

وقع في (ق) و (م): حدثنا رجل، وهو خطأ.

(5)

إسناده محتمل للتحسين. حجاج بن حجاج: هو ابن مالك الأسلمي، لم يرو عنه غير عروة بن الزبير، وقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 371، وأبو حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 157 ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، ووثّقه العجلي وابن حبان، وقال الحافظ الذهبي في "الميزان": صدوق، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": مقبول. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيّه حجاج بن مالك الأسلمي قد روى له أصحاب السنن سوى ابن ماجه. ابن نمير: هو عبد الله، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وهشام: هو ابن عروة.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 5/ 451 (ترجمة حجاج بن مالك الأسلمي) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 371، والنسائي في "المجتبى" 6/ 108، وفي "الكبرى"(5482)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(693) =

ص: 7

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من طريق يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2379)، والطبراني في "الكبير"(3202) من طريق ابن نمير، به.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(13956)، والحميدي (877)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 371، وأبو داود (2064)، والترمذي (1153)، والدارمي 2/ 157، وأبو يعلى (6835)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(692) و (694)، وابن حبان (4230) و (4231)، والطبراني (3199) و (3201) و (3203) و (3204) و (3205) و (3206) و (3207) و (3208)، والبيهقي في "السنن" 7/ 464 من طرق عن هشام بن عروة، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه الطبراني (3209) من طريق أبي الأسود، عن عروة، به.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5483)، والطبراني (3200) من طريق سفيان -وهو ابن عيينة- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حجاج قال: قلت يا رسول الله .. فذكر الحديث، ولم يذكر أباه.

قال الترمذي: وحديثُ ابن عيينة غير محفوظ. وقال ابن الأثير -فيما نقله عن النفيلي- وحديث ابن عيينة خطأ.

وقال البيهقي في "السنن" 7/ 464: والصواب الحجاج بن الحجاج، عن أبيه. قاله البخاري.

وأخرجه الطيالسي (1301) من طريق ابن أبي ذئب، عمن سمع عروة، أن رجلاً قال: يا رسول الله .. فذكر الحديث.

قال السندي: قوله: "ما يذهب" من الإذهاب.

"مذَِمّة" بكسر الذال وفتحها، بمعنى ذِمام الرّضاع وحقِّه، أي إنها قد خدمتك وأنت طفل فكافئها بخادمٍ يكفها المهنة، قضاءً لحقها، ليكون الجزاء من جنس العمل، وقيل بالكسر، من الذِّمة والذِّمام، وبالفتح من الذَّم، فها هنا يجب الكسر، وقيل: بل بالفتح، والكسر هو الحق، والحرمة التي يُذَمُّ =

ص: 8

‌حَدِيثُ رَجُلٍ عَنِ النَّبِيِّ (1) صلى الله عليه وسلم

15734 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ. وَإِسْحَاقَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا تَجْمَعُوا اسْمِي وَكُنْيَتِي "(1).

= مضَيِّعها.

"غُرَّة" بضم معجمة وتشديد مهملة، وهو المملوك.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فليست له رواية في الكتب الستة. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وإسحاق: هو ابن يوسف المعروف بالأزرق، وسفيان: هو الثوري، وعبد الكريم الجزري: هو ابن مالك.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 672 عن وكيع، عن سفيان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 107 من طريق إسرائيل، عن عبد الكريم الجزري، به. إلا أنه سقط منه قوله:[عن عمه] فلا ندري أهو سقط مطبوعٍ أم أسقطه راوٍ؟

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 48، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وسيكرره أحمد 5/ 363 - 364.

وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (8109) و (9598).

وعن جابر، سلف برقم (14357).

قال السندي: قوله: "لا تجمعوا" ظاهره جواز إفراد كل واحدٍ منهما، لكن قد صح النهي عن الكنية وحدها، فيحتمل أن المراد أنكم لا تجمعوا بينهما في التسمية، أي: لا تسوُّوا بينهما، ولا تأخذوا من جواز التسمية بالاسم جوازها بالكنية.

وانظر "الفتح" 10/ 572 - 574.

ص: 9

‌حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ

(1)

15735 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ (2).

(1) عبد الله بن حذافة، قرشي، سهمي، أبو حذافة، من السابقين الأولين، شهد بدراً، وهو الذي قال مَنْ أَبي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم:"أبوك حذافة"، وهو الذي أمر أصحابه بأن يوقدوا ناراً فيدخلوا فيها حين كان أميراً عليهم.

وجاء أن عمر وجه جيشاً إلى الروم، وفيهم عبد الله بن حذافة، فأسروه، فقال له ملك الروم: تنصَّرْ وأشركك في ملكي، فأبى، فأمر به فصلب، ورمي بالسهام فلم يجزع، فأنزل، وأمر بقدر فصب فيها الماء وأغلي عليه، وأمر بإلقاء أسير فيها، فإذا عظامه تلوح، فأمر بإلقائه إن لم يتنصر، فلما ذهبوا بكى، قال: ردوه. فقال: لم بكيت؟ قال: تمنيت أن تكون لي مئة نفس تلقى هذا في الله. فعجب وقال: قبِّل رأسي وأنا أخلِّي عنك. فقال: وعن جميع أسارى المسلمين، قال: نعم. فقبل رأسه، فخلى عنهم، وقدم بهم على عمر، فقام عمر فقبل رأسه.

مات في خلافة عثمان.

(2)

مرفوعه صحيحٌ لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فقد نقل ابنُ أبي حاتم في "المراسيل" ص 71 - 72: عن مالك بن أنس ويحيى بن معين أن سليمان بن يسار لم يُدرك عبد الله بن حذافة. ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه لم يرو له سوى النسائي. عبد الرحمن: هو ابن =

ص: 10

‌حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ

(1)

15736 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ لَيْلًا، فَتَعَجَّلَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَإِذَا فِي بَيْتِهِ مِصْبَاح، وَإِذَا مَعَ امْرَأَتِهِ شَيْءٌ، فَأَخَذَ السَّيْفَ، فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: إِلَيْكَ إِلَيْكَ عَنِّي، فُلَانَةُ تُمَشِّطُنِي، فَأَتَى

= مهدي، وسفيان: هو الثوري، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن عمرو بن حزم الأنصاري، وسالم أبو النضر: هو ابن أبي أمية.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 21، ومن طريقه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 244، وأخرجه النسائي في "الكبرى"(2876) من طريق العباس بن عبد العظيم، كلاهما عن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

وقد وقع في مطبوع الطحاوي: عبد الله بن أبي بكر، عن سالم، بزيادة "عن" بينهما، وهو خطأ.

وسيأتي 5/ 224 بنحوه.

وقد سلف ذكر أحاديث الباب في مسند ابن عمر عند الرواية (4970).

(1)

قال السندي: عبد الله بن رواحة، أنصاري خزرجي، شاعر مشهور، يكنى أبا محمد وليس له عقب، من السابقين الأولين من الأنصار، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، وشهد بدراً وما بعدها، إلى أن استشهد بمؤتة.

وجاء أنه قال صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل عبد الله بن رواحة".

وجاء أنه إذا دخل البيت صلى ركعتين، وإذا خرج صلى ركعتين، لا يدع ذلك، ومناقبه كثيرة.

ص: 11

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَنَهَى أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا (1).

(1) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو سلمة -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف- لم يسمع من عبد الله بن رواحة. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه لم يَروِ له سوى البخاري. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، وحميد الأعرج: هو ابن قيس المكي، ومحمد بن إبراهيم: هو التَّيمي.

وأخرجه الحاكم 4/ 293 من طريقين، عن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وقال: صحيح على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: ذا مرسل.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 523 - 524 عن معاوية بن هشام، عن سفيان، به.

وأخرجه مطولاً عبد الرزاق في "المصنف"(14019) عن ابن جريج، عن محمد بن إبراهيم التيمي، أن ابن رواحة

فذكر الحديث بنحوه. ومع تدليس ابن جريج إسناده معضل.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 330، وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن أبا سلمة لم يلق ابن رواحة.

وله شاهدٌ من حديث جابر، أخرجه أبو عوانة 5/ 116 عن علي بن حرب، حدثنا القاسم بن يزيد الجرمي، عن سفيان -وهو الثوري-، عن محارب بن دثار، عن جابر رضي الله عنه، قال: أتى ابنُ رواحة رضي الله عنه امرأته وامرأة تمشطها، فأشار بالسيف، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى أن يطرق الرجلُ أهلَه ليلاً. وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن حرب -وهو الطائي- والقاسم بن يزيد الجرمي، فمن رجال النسائي، وهما ثقتان.

وقد أخرجه مسلم (715)(184) 3/ 1528 من طريق وكيع، عن سفيان، به، دون ذكر قصة ابن رواحة وقد سلف برقم (14232). =

ص: 12

15737 -

حَدَّثَنَا يَعْمَرُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سِنَانَ بْنَ أَبِي سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَائِمًا فِي قَصَصِهِ: إِنَّ أَخًا لَكُمْ كَانَ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ يَعْنِي ابْنَ رَوَاحَةَ قَالَ:

[البحر الطويل]

وَفِينَا رَسُولُ اللهِ يَتْلُو كِتَابَهُ

إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ اللَّيْلِ سَاطِعُ

يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ

إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ

أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا

بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ (1)

= وقد ذكرنا علة النهي عن طروق الرجل أهله ليلاً في مسند ابن عمر، في تخريج الرواية (5814) فلينظر.

قال السندي: قولها: "إليك إليك"، أي: تبعَّدْ وتنحَّ.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير يعمر بن بشر، فمن رجال "التعجيل"، وقد نقل الخطيب في "تاريخ بغداد" 14/ 357 أنه وثّقه ابنُ المديني والدارقطني ومحمد بن حمدويه، وقال أحمد: ما أرى كان به بأس. قلنا: وذكره ابن حبان في "الثقات". عبد الله: هو ابن المبارك، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 30/ 386 - 387 من طريق حبان بن موسى وسويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزهري، بهذا الإسناد. إلا أن في إسناده الهيثم بن أبي سنان بدلاً من سنان بن أبي سنان.

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(1155)، وفي "التاريخ الكبير" 8/ 112، وفي "التاريخ الصغير" 1/ 23 من طريق الليث، و (6151)، والبغوي في "التفسير" 5/ 225 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن يونس بن يزيد، به. إلا أن في إسنادهم أيضاً الهيثم بن أبي سنان بدلاً من سنان بن أبي سنان. وذكر البخاري أن عُقيلاً تابع يونس بن يزيد. =

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعلقه البخاري عقب الرواية (1155) عن الزُّبيدي بصيغة الجزم، فقال: وقال الزبيدي: أخبرني الزهري، عن سعيد والأعرج، عن أبي هريرة. قال الحافظ في "الفتح" 3/ 42: قوله: وقال الزبيدي، فيه إشارة إلى أنه اختلف عن الزهري في هذا الإسناد، فاتفق يونس وعقيل على أن شيخه فيه الهيثم، وخالفهما الزبيدي، فأبدله بسعيد، أي: ابن المسيب، والأعرج، أي: عبد الرحمن بن هرمز، ولا يبعد أن يكون الطريقان صحيحين، فإنهم حفّاظٌ أثبات، والزهري صاحب حديث مكثر، ولكن ظاهر صنيع البخاري ترجيح رواية يونس لمتابعة عقيل له، بخلاف الزبيدي.

ورواية الزبيدي هذه المعلقة وصلها البخاري في "التاريخ الصغير"[1/ 24]، والطبراني في "الكبير" أيضاً من طريق عبد الله بن سالم الحمصي عنه، ولفظه: أن أبا هريرة كان يقول في قصصه: إن أخاً لكم كان يقول شعراً ليس بالرفث، وهو عبد الله بن رواحة، فذكر الأبيات.

ونقل الحافظ عن ابن بطال قوله: إن أخاً لكم لا يقول الرفث، فيه أن حسن الشعر محمود كحسن الكلام.

وقد ذكر الحافظ أيضاً فائدة، فقال: وقعت لعبد الله بن رواحة في هذه الأبيات قصة أخرجها الدارقطني من طريق سلمة بن وهرام، عن عكرمة، قال: كان عبد الله بن رواحة مضطجعاً إلى جنب امرأته، فقام إلى جاريةٍ، فذكر القصة في رؤيتها إياه على الجارية، وجحده ذلك، والتماسها منه القراءة، لأن الجنب لا يقرأ، فقال هذه الأبيات، فقالت: آمنت بالله، وكذبت بصري، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم، فضحك حتى بدت نواجذه. وإسناد هذه القصة منقطع، عكرمة لم يدرك عبد الله بن رواحة.

قال السندي: قوله: "في قِصصه" بكسر القاف، جمع قصة، وجُوِّز فتحُها على أنه مصدر بمعنى التقصُّص، أو بمعنى المفعول، فرجع إلى الأول.

"الرفث"، أي: الباطل من القول.

ص: 14

‌حَدِيثُ سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ عَنِ النَّبِيِّ (1) صلى الله عليه وسلم

15738 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكْرُ (2) بْنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا رَدِيفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا سُهَيْلُ بْنَ الْبَيْضَاءِ " وَرَفَعَ صَوْتَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُهُ سُهَيْلٌ، فَسَمِعَ النَّاسُ صَوْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَظَنُّوا أَنَّهُ يُرِيدُهُمْ، فَحُبِسَ (3) مَنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَحِقَهُ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّهُ مَنْ شَهِدَ (4) أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ، وَأَوْجَبَ لَهُ الْجَنَّةَ "(5).

(1) قال السندي: سهيل بن البيضاء، نسبة إلى الأم، قرشي فهري.

جاء أنه شهد بدراً، وتوفي سنة تسع. وقيل: بل كان في الأسراء يوم بدر، فشهد له ابن مسعود بالإسلام؟

(2)

في (م): أبو بكر، وهو خطأ.

(3)

في (ق): فجلس.

(4)

في (س): يشهد.

(5)

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، سعيد بن الصلت لم يدرك سهيل بن بيضاء، ولم يسمع منه، لأن سهيلاً توفي ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم حي، وقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 483، وابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 34، وقالا: حديثه عن سهل بن بيضاء مرسل، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو من رجال =

ص: 15

15739 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ حَيْوَةُ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدٍ - يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ -، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (1).

= "التعجيل". وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله، ومحمد بن إبراهيم: هو التَّيمي.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(854)، والطبراني في "الكبير"(6033)، والحاكم 3/ 630 من طرق، عن يزيد بن الهاد، بهذا الإسناد.

وسكت عنه الحاكم، فقال الذهبي: سنده جيد فيه إرسال.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 15، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ومداره على سعيد بن الصلت، قال ابن أبي حاتم: قد رُوي عن سهيل بن بيضاء مرسلاً، وعن ابن عباس متصلاً.

وسيأتي بالأرقام (15739) و (15839) و (15840).

وقد سلف ذكر أحاديث الباب في مسند ابن عمرو عند الرواية (6586).

(1)

هو مكرر الحديث الذي قبله، إلا أن شيخ أحمد هنا هو هارون: وهو ابن معروف المروزي، وشيخه ابن وهب: هو عبد الله، وشيخه حَيْوة: هو ابن شُرَيح.

وأخرجه ابنُ حبان (199)، والطبراني في "الكبير"(6034) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وسيكرر بإسناده ومتنه برقم (15840).

ص: 16

‌حَدِيثُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

(1)

15740 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: تَزَوَّجَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ. فَقَالَ: مَهْ لَا تَقُولُوا ذَلِكَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ:" قُولُوا: بَارَكَ اللهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَبَارَكَ لَكَ فِيهَا "(2).

15741 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جُشَمٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ، فَقَالَ: لَا تَقُولُوا ذَاكُمْ (3)، قَالُوا: فَمَا نَقُولُ يَا أَبَا يَزِيدَ؟ قَالَ: قُولُوا: بَارَكَ اللهُ لَكُمْ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ. إِنَّا كَذَلِكَ (4) كُنَّا نُؤْمَرُ (5).

(1) سلف مسنده في المجلد الثالث ص 260.

(2)

هو مكرر (1738) سنداً ومتناً.

(3)

في (ق): ذلكم، وهي نسخة في (س).

(4)

في (ظ 12): كذاك.

(5)

هو مكرر (1739) سنداً ومتناً.

ص: 17

‌حَدِيثُ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ

(1)

15742 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَحِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ، سَمِعَ فَرْوَةَ بْنَ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيَّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَرْضًا عِنْدَنَا يُقَالُ لَهَا: أَرْضُ أَبْيَنَ، هِيَ أَرْضُ رِيفِنَا (2) وَمِيرَتِنَا، وَإِنَّهَا وَبِئَةٌ - أَوْ قَالَ: إِنَّ بِهَا وَبَاءً شَدِيدًا - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " دَعْهَا عَنْكَ، فَإِنَّ الْقَرَفَ التَّلَفُ "(3).

(1) قال السندي: فروة بن مسيك، مرادي سكن الكوفة، يكنى أبا عمير، وكان من وجوه قومه. قلنا: وسيأتي حديثه أيضاً في آخر مسند الأنصار 6/ 29.

(2)

في الأصول رفقتنا، والمثبت من "جامع المسانيد" ومصادر التخريج.

(3)

إسناده ضعيف، لإبهام الرجل الذي سمع فروة بن مسيك، ولجهالة يحتص بن عبد الله بن بحير. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أنّ صحابيّه لم يَروِ له الشيخان، إنما روى له أبو داود والترمذي. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد البصري.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(20163)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (3923)، والبيهقي في "السنن" 9/ 347، وفي "الشعب"(1365).

وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 337 من طريق عبد الله بن معاذ الصنعاني، عن معمر، عن يحيى بن عبد الله، عن فروة. لم يذكر فيه الراوي المبهم عن فروة.

قوله: وبئة، ويقال: وبيئة، أي: كثيرة الوباء.

قوله: فإن القرف التلف: قال ابن الأثير: القرف: ملابسة الداء ومداناة المرض، والتلف: الهلاك. وليس هذا من باب العدوى، وإنما هو من باب الطب، فإن استصلاح الهواء من أعون الأشياء على صحة الأبدان. وفساد الأهواء من أسرع الأشياء إلى الأسقام.

ص: 18

‌حَدِيثُ رَجُلٍ

15743 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ (1) ابْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُ جَاءَ بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، فَإِنْ كُنْتَ تَرَى هَذِهِ مُؤْمِنَةً أَعْتَقْتُهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " أَتَشْهَدِينَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " أَتُؤْمِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " أَعْتِقْهَا "(2).

(1) كذا في (ظ 12) و"أطراف المسند" 8/ 305 وهو الصواب، وقد تحرف في (س) و (ق) و (ص) و (م) إلى: عبد الله.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد البصري، وعبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة ابن عبد الله بن مسعود.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(16814)، ومن طريقه أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" ص 124.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 777، وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 57 من طريق يونس بن يزيد، كلاهما عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة، أن رجلاً من الأنصار

قال البيهقي: هذا مرسل.

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 114: ظاهره الإرسال، لكنه محمولٌ على الاتصال، للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة. وتعقَّبه الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/ 85 بقوله: وفيه نظر، إذ لو كان كذلك ما وجد مرسلٌ قط، ثم =

ص: 19

‌حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ بَهْزٍ

(1)

15744 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عِيسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ سَلَمَةَ الضَّمْرِيَّ أَخْبَرَهُ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَهْزٍ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ مَكَّةَ،

= قال: فلعله أراد للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 23، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

قلنا: ورواه المسعودي وهو مختلط -فيما سلف في مسند أبي هريرة (7906) - عن عون بن عبد الله، عن أخيه عبيد الله، عن أبي هريرة، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء أعجمية، فقال: يا رسول الله، إنّ عليّ عتق رقبة مؤمنة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين الله؟ " فأشارت إلى السماء بأصبعها السبابة، فقال لها:"من أنا؟ " فأشارت بأصبعها إلى رسول الله وإلى السماء، أي: أنت رسولُ الله. فقال: "أعتقها". قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/ 86: أخرجه ابن عبد البر، وقال: إنه خالف حديث ابن شهاب في لفظه ومعناه، وجعله عن أبي هريرة، وابنُ شهاب يقول: رجل من الأنصار إنه جاء بأمةٍ له سوداء، وهو أحفظ من عون، فالقولُ قولُه. انتهى. ثم قال الزرقاني: فإن كانت القصة تعددت فلا خلف، وإن كانت متحدة، فيمكن أن لعبيدِ الله فيه شيخين، رجل من الأنصار رواها له عن نفسه، وأبو هريرة رواها عن قصة ذلك الرجل، ويُؤول قولُه: قالت: نعم، على أنها قالت بالإشارة، وأنه وقع منها الأمران، فقالت: نعم باللفظ حين قوله: "أتشهدين .. الخ"، وأشارت إلى السماء حين قوله:"أين الله"، و"من أنا"، فذكر كل من الزهري وعون ما لم يذكر الآخر، والعلم عند الله.

(1)

في (م): رضي الله تعالى عنه.

ص: 20

حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي بَعْضِ وَادِي الرَّوْحَاءِ، وَجَدَ النَّاسُ حِمَارَ وَحْشٍ عَقِيرًا، فَذَكَرُوهُ (1) لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" أَقِرُّوهُ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهُ "، فَأَتَى الْبَهْزِيُّ وَكَانَ صَاحِبَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَأْنَكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ، فَقَسَمَهُ فِي الرِّفَاقِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، قَالَ: ثُمَّ مَرَرْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْأُثَايَةِ إِذَا نَحْنُ بِظَبْيٍ حَاقِفٍ فِي ظِلٍّ (2) فِيهِ سَهْمٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ حَتَّى يُجِيزَ النَّاسُ عَنْهُ (3).

(1) في (م) و (س) و (ق): فذكروا، والمثبت من (ظ 12) و (ص).

(2)

في (ق): في الظل، وهي نسخة في (س).

(3)

حديث صحيح على وهم في إسناده، فقد جعل من حديث رجل من بهز، والصحيح أنه لعمير بن سلمة الضمري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بينهما أحد، والبهزي إنما كان صائداً، كما سلف برقم (15450). يحيى: هو ابن سعيد الأنصاري.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1382)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 172، والطبراني في "الكبير"(5283)، والبيهقي في "السنن" 5/ 188 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 351 - ومن طريقه عبد الرزاق في "المصنف"(8339)، والنسائي في "المجتبى" 5/ 182 - 183، وابن حبان (5111)، والبيهقي 6/ 171 و 9/ 322 - ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

وقد سلف برقم (15450) من حديث عمير بن سلمة الضمري، عن النبي صلى الله عليه وسلم دون ذكر قصة الرجل من بهز في الإسناد. وهو الصحيح فيما ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 342 - 343 وقال فيما نقله عن موسى بن هارون: ولم يأتِ ذلك عن مالك، لأن جماعة رووه عن يحيى بن سعيد- كما رواه مالك، ولكن إنما جاء ذلك عن يحيى بن سعيد، كان يرويه أحياناً فيقول فيه: =

ص: 21

‌حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ

(1)

15745 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: مَا أَرَى الدِّيَةَ إِلَّا لِلْعَصَبَةِ، لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، فَهَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ، وَكَانَ اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَعْرَابِ: كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا. فَأَخَذَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه (2).

= عن البهزي، وأحياناً لا يقول فيه: عن البهزي، وأظن المشيخة الأولى كان جائزاً عندهم، وليس هو رواية عن فلان، وإنما هو عن قصة فلان.

وقد تعقبه الحافظ في "تهذيب التهذيب" 3/ 327 (طبعة مؤسسة الرسالة) فقال: وفي هذا الاعتذار نظر، فقد رواه الدارقطني في "العلل" من طريق عباد ابن العوام ويونس بن راشد، كلاهما عن يحيى بن سعيد، فقال في روايته: إن البهزي حدثه، ويحتمل أن يكون ذلك وهماً منهما ظناً أن قوله: عن البهزي على سبيل الرواية، فروياه بالمعنى، فقالا: حدثه.

(1)

قال السندي: الضحاك بن سفيان الكلابي، أبو سعيد، وكان يعد بمئة فارس.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(17764)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (2927)، والطبراني في "الكبير"(8139).

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(297) عن أبي قدامة، عن معمر، =

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= به.

وأخرجه عبد الرزاق (17765)، وسعيد بن منصور (296)، وابنُ أبي شيبة 9/ 313، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1497)، والنسائي في "الكبرى"(6365)، والطبراني (8140) و (8141) من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 866، وأخرجه النسائي (6366) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، كلاهما عن الزهري، عن الضحاك بن سفيان، به. ولم يذكرا سعيد بن المسيب، فانقطع الإسناد. وزاد في آخره: قال ابنُ شهاب: وكان قتل أشيم خطأً. وذكر الحافظ في "الإصابة" أن هذه الزيادة أخرجها أبو يعلى من طريق مالك عن الزهري، عن أنس، ثم نقل عن الدارقطني أن المحفوظ في هذه الزيادة بغير ذكر أنس.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/ 134 من طريق مالك، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

وسيأتي فيما بعده برقم (15746).

قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة أشيم الضبابي: وروى أبو يعلى أيضاً من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي في كتب إلى الضحاك أن يُورث امرأةَ أشيم من دية زوجها، ورواه ابنُ شاهين من طريق ابن إسحاق، حدثني الزهري، قال: حُدثت عن المغيرة أنه قال: حدثتُ عمر بن الخطاب بقصة أشيم، فقال: لتأتيني على هذا بما أعرف، فنشدتُ الناس في الموسم، فأقبل رجلٌ يُقال له زرارة بن جري، فحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو: سلف برقم (7091).

وعن أبي هريرة عند البخاري (6909)، ومسلم (1681)، سلف برقم (10953).

وعن عبادة بن الصامت، سيرد 5/ 327.

قال السندي: قوله: إلا للعصبة، أي: ليس للزوجة وأمثالها ممن لا يعقل الديةَ، نصيبٌ منها، لأن الغنم بالغرم. =

ص: 23

15746 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ، وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، حَتَّى أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، فَرَجَعَ عُمَرُ عَنْ قَوْلِهِ (1).

15747 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلَابِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:" يَا ضَحَّاكُ مَا طَعَامُكَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ. قَالَ: " ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى مَاذَا؟ " قَالَ: إِلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ. قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ

= أن أورِّث: من التوريث، أي: بأن أورث. الضِّبابي: ضبط بكسر الضاد. فأخذ بذلك، أي: وترك قوله.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله، إلا أن شيخ أحمد هنا هو سفيان، وهو ابن عيينة.

وأخرجه الشافعي في "مسنده"(360)"بترتيب السندي"، وسعيد بن منصور في "سننه"(295)، وابن أبي شيبة 9/ 313، وأبو داود (2927)، والترمذي (1415) و (2110)، والنسائي في "الكبرى"(6363) و (6364)، وابن ماجه (2642)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1496)، والطبراني في "الكبير"(8142)، والبيهقي في "السنن" 8/ 57 و 134 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وسقط اسم عمر من إسناد سعيد بن منصور.

قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم.

وقد ذكرنا في تخريج الحديث الذي قبله أحاديث الباب.

ص: 24

تَبَارَكَ وَتَعَالَى ضَرَبَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَثَلًا لِلدُّنْيَا " (1).

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- ولانقطاعه، فالحسن -وهو البصري- لم يسمع من الضحاك بن سفيان، فيما نقل ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 42 عن علي ابن المديني.

وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. أحمد بن عبد الملك: هو ابن واقد الحرّاني.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8138) من طريق مسدّد، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 288، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير علي بن زيد بن جُدعان، وقد وُثِّق.

وله شاهد من حديث سلمان، أخرجه يحيى بن صاعد في زوائد "الزهد"(492)، والطبراني في "الكبير"(6119) من طرق عن محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا سفيان -وهو الثوري-، عن عاصم -وهو الأحول-، عن أبي عثمان النهدي، فال سفيان: أراه عن سلمان -وجاء عند الطبراني عن سلمان من غير شك- قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ألكم طعام؟ إلى أن قال: "فإن معادهما كمعاد الدنيا، يقوم أحدكم خلف بيته، فيُمسِكُ على أنفه من نَتَن ريحه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، فالحديث يصح به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 288، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

وقد أخرجه ابن المبارك (491) عن سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، مرسلاً.

ثم نقل ابن المبارك عن يحيى بن صاعد قوله: وقد رُوي هذا الحديث عن أبي بن كعب، ووقفه بعض، ورفعه بعض.

قلنا: أخرجه موقوفاً ومرفوعاً يحيى بنُ صاعد أيضاً في زوائد "الزهد"، الموقوف برقم (493) من طريق هُشيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن =

ص: 25

‌حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15748 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يُسْقِطَانِ الْحَبَلَ، وَيَطْمِسَانِ الْبَصَرَ " قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا، فَنَهَانِي، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِهِنَّ، فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَهِيَ الْعَوَامِرُ (1).

= عُتَيّ السعدي، عن أُبي بن كعب قال: إن الله جعل مطعم ابنِ آدَمَ مثلاً للدنيا، وإن مَلَحَهُ وقَزَّحه، فقد علم إلى ما يصير". ورفعه الثوريُّ وعبدُ السلام بنُ حرب برقمي (494) و (495) عن يونس بن عبيد، بالإسناد المذكور، وصححه مرفوعاً من طريق الثوري ابنُ حِبّان (702) "الإحسان"، وفي إسنادهم جميعاً الحسن البصري، وقد عنعن، إلا أن عنعنته هنا عن التابعي، وهي محتملة. وعنعنته في حديث الضحاك بن سفيان، إنما هي عن الصحابي، وهي أشد.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(19616)، ومن طريقه أخرجه مسلم (2233)(130)، والبغوي فى "شرح السنة"(3263).

وأخرجه البخاري (3297) و (3298) من طريق هشام بن يوسف، وأبو يعلى (5498) عن يزيد بن زريع، كلاهما عن معمر، به. وفيه ذكر أبي لبابة وحده، دون شك.

وانظر الحديث في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (4557)، وانظر =

ص: 26

15749 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ (1): " اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ، وَالْأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِعَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ " قَالَ: فَكُنْتُ لَا أَرَى حَيَّةً إِلَّا قَتَلْتُهَا حَتَّى قَالَ لِي: أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ: أَلَا تَفْتَحُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ خَوْخَةٌ، فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَقُمْتُ أَنَا وَهُوَ فَفَتَحْنَاهَا، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَعَدَوْتُ عَلَيْهَا لِأَقْتُلَهَا، فَقَالَ لِي: مَهْلًا، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِهِنَّ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ (2).

15750 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَخْبَرَ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ لَمَّا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي، وَأُسَاكِنَكَ، وَإِنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ "(3).

= (15546).

(1)

كلمة يقول من (م).

(2)

حديث صحيح، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلساً وقد عنعن- قد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. يزيد: هو ابن هارون.

وانظر ما قبله.

(3)

إسناده ضعيف، الحسين بن السائب بن أبي لبابة، روى عنه اثنان، =

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وذكره ابن حبان في "الثقات" 4/ 155، وقال: يروي عن أبيه، ويروي المراسيل، قلنا: هكذا جاءت العبارة في نسخة الظاهرية، والذي وقع في مطبوع "الثقات": يروي عن أبيه المراسيل، وهو الذي نقله الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" 6/ 378 - 379، وتبعه الحافظ ابن حجر في "تهذيبه"، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. روح: هو ابن عبادة، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. ثم إن في الإسناد اضطراباً كما سيرد.

فقد اختلف الرواة فيه عن الزهري.

فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(16397) عن ابن جريج، عن الزهري، أن أبا لبابة، ولم يذكر الحسين بن السائب، وقد ذكره روح في روايته عن ابن جريج في رواية المسند هذه، وقد قرن عبد الرزاق مع ابن جريج معمراً.

وأخرجه ابن حبان (3371)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 385، والبيهقي في "السنن" 4/ 181 من طريق محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، به. وقد وقع عند يعقوب بن سفيان والبيهقي: عن حسين بن السائب، أن جده حدثه، أن أبا لبابة، والمراد أن جده حدثه أنه

فأقام الاسم الظاهر مقام المضمر.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 481 عن عثمان بن حفص بن عمرو بن خلدة، عن الزهري، بلاغاً.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 385 - 386، والطبراني في "الكبير"(4509) من طريق عبد الله بن المبارك، عن محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن الحسين بن السائب، عن أبيه قال: لما تاب الله على أبي لبابة.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" أيضاً 2/ 386 من طريق سعدان بن يحيى، عن ابن أبي حفصة، عن الزهري، عن الحسين بن السائب أو غيره، بمثل سابقه.

وأخرجه أيضاً 2/ 386، والبيهقي 10/ 67 من طريق يونس بن يزيد، والطبراني (4510) من طريق أسامة بن زيد، كلاهما عن الزهري، عن بعض =

ص: 28

15751 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ (1)، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ كُلِّهِنَّ، فَاسْتَأْذَنَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ خَوْخَةٍ لَهُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَرَآهُمْ

= بني السائب بن أبي لبابة، أن أبا لبابة

وأشار له أبو داود في "سننه" بإثر الحديث (3320).

وأخرجه الدارمي 1/ 390 - 391 من طريق إسماعيل بن أمية، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن أبي لبابة، عن أبيه أبي لبابة

وأخرجه أبو داود (3320)، ومن طريقه البيهقي 10/ 68 عن محمد بن المتوكل، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، قال: كان أبو لبابة

وأخرجه أبو داود (3319)، ومن طريقه البيهقي 10/ 68 عن عبيد الله بن عمر، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أو أبو لبابة، أو من شاء الله، فذكر نحوه.

قال البيهقي: هو بهذا اللفظ في قصة أبي لبابة، فأما ما قال لكعب بن مالك فغير مقدرٍ بالثلث.

وسيكرر بإسناده ومتنه برقم (16080).

وحديث كعب بن مالك أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769)، وسيرد 6/ 389، وفيه: قال كعب بن مالك: يا نبي الله، إن من توبتي

وأن أنخلع من مالي كله صدقةً لله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك". قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.

قلنا: ورواية أبي داود (3321): قلتُ: فثُلُثُه؟ قال: "نعم"، قلت: فإني سأمسك سهمي من خيبر.

قلنا: وبهذه الرواية تقوى روايةُ "المسند" فتحسن بها.

(1)

في النسخ الخطية و (م) ما خلا (ق): عبد رب، وهو تحريف، وقد جاء على الصواب في "أطراف المسند" 7/ 64.

ص: 29

يَقْتُلُونَ حَيَّةً، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو لُبَابَةَ: أَمَا بَلَغَكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ أُولَاتِ الْبُيُوتِ وَالدُّورِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ، وَالْأَبْتَرِ (1).

15752 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ فَتَحَ بَابًا، فَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةٌ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو لُبَابَةَ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ (2) الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ (3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد ربه: هو ابن سعيد بن قيس الأنصاري.

وقد سلف برقم (15748).

(2)

في (م) و (ق): الحيات، وهي نسخة في (س). قلنا: انظر التعليق على حديث (15546).

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن عبيد: هو الطنافسي، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري.

وأخرجه مسلم (2233)(134)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1902) من طريقين عن عبيد الله، بهذا الإسناد.

وقد سلف مطولاً برقم (15748)، وانظر (15546).

ص: 30

‌حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ

(1)

15753 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ كَتَبَ إِلَى قَيْسِ بْنِ الْهَيْثَمِ حِينَ مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، فِتَنًا كَقِطَعِ الدُّخَانِ، يَمُوتُ فِيهَا قَلْبُ الرَّجُلِ كَمَا يَمُوتُ بَدَنُهُ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ أَقْوَامٌ خَلَاقَهُمْ وَدِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا ". وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَدْ مَاتَ وَأَنْتُمْ إِخْوَانُنَا وَأَشِقَّاؤُنَا، فَلَا تَسْبِقُونَا حَتَّى نَخْتَارَ لِأَنْفُسِنَا (2).

(1) قال السندي: الضحاك بن قيس، قرشي فهري، أبو أنيس أو أبو عبد الرحمن، أخو فاطمة بنت قيس، له صحبة.

ووقع في "كنى" مسلم أنه شهد بدراً، وهو وهم.

وبعد موت معاوية بن يزيد، دعا الضحاك إلى نفسه، ثم إلى ابن الزبير، فقاتله مروان، فقتل الضحاك.

وكان غلاماً يافعاً حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم، فلا وجه لاستبعاد سماعه منه صلى الله عليه وسلم، كما جاء عن بعضهم.

قلنا: وسيأتي حديثه أيضاً في آخر مسند الأنصار 6/ 29.

(2)

مرفوعه صحيح لغيره، دون قوله:"فتناً كقطع الدخان، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه" وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جدعان-، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح غير أن صحابيه لم يرو له سوى النسائي، والحسن -وهو البصري- لم يذكروا له سماعاً منه. عفان: هو ابن مسلم. =

ص: 31

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 410 عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(857)، والطبراني في "الكبير"(8135)، والحاكم 3/ 525، من طريقين عن حماد بن سلمة، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 308، وقال: رواه أحمد والطبراني من طرق فيها علي بن زيد، وهو سيئ الحفظ، وقد وثق، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.

قلنا: وقد روى يونسُ بنُ عبيد هذا الحديث عن الحسن البصري أيضاً لكن من حديث النعمان بن بشير أنه كتب إلى قيس بن الهيثم: إنكم إخواننا وأشقاؤنا، وإنا شهدنا ولم تشهدوا، وسمعنا ولم تسمعوا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"إنَّ بين يدي الساعة فتناً كأنها قِطَعُ الليل المظلم، يُصبح الرجلُ فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، ويبيع فيها أقوامٌ خَلاقهم بعَرَضٍ من الدنيا" أخرجه أحمد 4/ 277 عن إسماعيل ابن عُلَيّة، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن النعمان بن بشير، والحسن لم يسمح النعمان فيما نقل ابن أبي حاتم في "العلل" ص 41 عن علي ابن المديني، لكن إسناده إلى الحسن صحيح على شرط الشيخين، وهذا يرجح أن الحديث إنما هو حديث النعمان بن بشير، لأن علي بن زيد بن جدعان راويه عن الحسن من حديث الضحاك بن قيس سيئ الحفظ، وكان يقلب الأحاديث -فيما قال حماد بن زيد-، وذكر شعبة أنه اختلط. ويونس بن عبيد أثبت في الحسن من ابن عون -فيما قال ابن المديني- فكيف بابن جدعان؟!

ويشهد لمرفوعه حديث أبي هريرة عند مسلم (118) بلفظ: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً. أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا"، وقد سلف برقم (8030).

وله شاهد آخر من حديث أبي موسى الأشعري، سيرد 4/ 408.

قال السندي: قوله: كقطع الليل: جمع قطعة، أي: كل واحدة من تلك =

ص: 32

‌حَدِيثُ أَبِي صِرْمَةَ

(1)

15754 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَمَّهُ أَبَا صِرْمَةَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:" اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ غِنَايَ (2) وَغِنَى مَوْلَايَ "(3).

= الفتن كأنها قطعة من الليل، في الظلمة والالتباس.

خَلاقهم، بالفتح، أي: نصيبهم من الآخرة.

بعَرَض، بفتحتين، أي: متاع.

وأشقاؤنا: بتشديد القاف جمع شقيق، كأحباء جمع حبيب.

قلنا: وقيس بن الهيثم -وهو السلمي- قال الزركلي: من الخطباء الشجعان، من أعيان البصرة في صدر الإسلام، كان من أنصار بني أمية فيها، ثم قام بدعوة عبد الله بن الزبير، وصحب أخاه مصعباً في ثورته إلى أن قُتل، فتوجه إلى عبد الملك بن مروان، فعفا عنه وأكرمه، توفي بالبصرة نحو سنة 85 هـ. قلنا: وأخباره منثورة في "تاريخ" الطبري، و"الكامل" لابن الأثير.

(1)

قال السندي: أبو صرمة، مازني أنصاري، صحابي اسمه مالك بن قيس، وقيل: قيس بن صرمة، وقيل: قيس بن مالك، وقيل غير ذلك. وكان شاعراً.

(2)

في (ق): غنائي.

(3)

إسناده ضعيف، قال ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 202: سألت أبي عن حديثٍ رواه يحيى القطان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه قال

إلى آخر الحديث؟ قال أبي: هذا خطأ، إنما يرويه عن محمد بن يحيى بن حبان، عن لؤلؤة، عن أبي صرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح. قلنا: ولؤلؤة هذه مولاة الأنصار، من المجهولات. =

ص: 33

15755 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ لُؤْلُؤَةَ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللهُ عَلَيْهِ "(1).

= وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. يزيد: هو ابن هارون، يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 208 عن يزيد، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 178، وقال: رواه أحمد والطبراني، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح، وكذلك الإسناد الآخر وإسناد الطبراني غير لؤلؤة مولاة الأنصار، وهي ثقة!

وسيأتي الإسناد المتصل برقم (15756) ويرد تخريجه هناك.

قال السندي: وقوله: "غناي" أراد غنى النفس، وإلا فقد كان يسأل الكفاف.

(1)

حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة لؤلؤة مولاة الأنصار، وقد ذكرها الحافظ الذهبي في المجهولات في "الميزان" 4/ 610. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. قتيبة: هو ابن سعيد، وليث: هو ابن سعد، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرج أبو داود (3635)، والترمذي (1940)، كلاهما عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب.

وأخرجه ابن ماجه (2342)، والطبراني في "الكبير" 22/ (829)، والمزي في "تهذيب الكمال" 35/ 299 - 300 من طريقين عن ليث، به.

وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/ 40 من طريق عبيد الله بن عمرو، والطبراني 22/ (830)، والبيهقي في "السنن" 6/ 70 من طريق سليمان بن بلال، والبيهقي 10/ 133 من طريق زهير بن معاوية، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. =

ص: 34

15756 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ لُؤْلُؤَةَ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ غِنَايَ وَغِنَى مَوْلَايَ "(1).

= وفي رواية عبيد الله بن عمرو وزهير بن معاوية: عن مولاةٍ لهم، لم يسمياها.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2169) من طريق عبد العزيز ابن محمد: وهو الدراوردي، عن يحيى بن سعيد، به، دون ذكر لؤلؤة، وهو خطأ فيما ذكر أبو حاتم في "العلل" 2/ 202.

وأخرجه الدارقطني 3/ 77، والحاكم 2/ 57 - 58، والبيهقي 6/ 69، من طريق عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رفعه:"لا ضرر ولا ضرار، من ضارَّ ضَرَّه الله، ومن شاقَّ شقَّ الله عليه" وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي مع أن فيه عثمان بن محمد ابن عثمان

لم يخرج له مسلم، وقد ضعفه الدارقطني، وقال عبد الحق في "أحكامه" الغالب على حديثه الوهم، وقد وهم في هذا الحديث فجعله من حديث أبي سعيد الخدري.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 745 عن عمرو بن يحيى، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا ضرر ولا ضرار" وهذا سند صحيح، لكنه مرسل وهذه القطعة من الحديث رويت من غير صحابي، بأسانيد ضعيفة، لكن يتقوى بعضها ببعض كما قال النووي، ووافقه الحافظ ابن رجب. انظر "جامع العلوم والحكم" 2/ 210.

قال السندي: "من ضار"، أي: قصد إيقاع الضرر بأحدٍ بلا حقّ، وبالجملة فمن قصد مكروهاً بغيره بغير حق، فهو في محل أن يناله ذلك المكروه.

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة لؤلؤة، وهو إسناد سابقه.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(662)، والطبراني في "الكبير" =

ص: 35

‌حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ

(1)

15757 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: ذَكَرَ طَبِيبٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَوَاءً، وَذَكَرَ الضُّفْدَعَ يُجْعَلُ (2) فِيهِ، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ (3).

= 22/ (828)، والمزي في "تهذيب الكمال" 35/ 299 من طريقين عن ليث، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(662) أيضاً من طريق زهير، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2170)، والدولابي في "الكنى" 1/ 40 من طريق سليمان بن بلال، كلاهما عن يحيى بن سعيد، به. وفي رواية البخاري: عن مولىً لهم بدلاً من "لؤلؤة".

وقد سلف برقم (15754).

(1)

قال السندي: عبد الرحمن بن عثمان، قرشي تيمي، ابن أخي طلحة، وكان يلقب شارب الذهب.

من مسلمة الفتح، وقيل: أسلم في الحديبية. وأول مشاهده عمرة القضاء.

قتل مع ابن الزبير في يوم واحد، يعني بمكة، سنة ثلاث وسبعين، ودفن بالحَزْوَرَة، فلما وسع المسجد دخل قبره في المسجد الحرام.

(2)

في (ظ 12) و (ص): تجعل.

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير سعيد بن خالد -وهو القارظي- فقد روى له أصحاب السنن الأربعة خلا الترمذي، وهو ثقة. قال الدارقطني: مدني يحتج به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال النسائي: ضعيف، وتعقب ذلك ابن حجر، فقال: وقال النسائي في "الجرح والتعديل":

ثقة، فينظر في أين قال: إنه ضعيف، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق، =

ص: 36

‌حَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(1)

15758 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَضْلَةَ الْقُرَشِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئٌ (2) "(3).

= وقد ذكر مغلطاي أنه بحث في تصانيف النسائي فلم يجد تضعيفه فيها. يزيد: هو ابن هارون، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 92 عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1183)، وعبد بن حميد في "المنتخب"(313)، وأبو داود (3871) و (5269)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 210، والدارمي 2/ 88، والحاكم 4/ 410 - 411، والبيهقي في "السنن" 9/ 318، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 199 من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وسيكرر برقم (16069).

قال السندي: قوله: "الضفدع" بكسر الضاد والدال، أو بفتح الدال.

قوله: "عن قتل .. إلخ": كناية عن التداوي بها، لأن التداوي بها يتوقف على القتل، فإذا حرم القتل حَرُمَ التداوي بها أيضاً، وذلك إما لأنه نجس، أو لأنه مستقذر.

(1)

قال السندي: معمر بن عبد الله، عدوي، أسلم قديماً، وهاجر الهجرتين.

(2)

في (س) و (ظ 12) و (م): خاط، وجاء في (ق) و (ص) وهامش (س): خاطئ.

(3)

حديث صحيح، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلساً وقد عنعن- قد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى =

ص: 37

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مسلم.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 139، والترمذي (1267)، وابن ماجه (2154)، من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، وزاد الترمذي: فقلت لسعيد: يا أبا محمد، إنك تحتكر، قال: ومعمر قد كان يحتكر، وقال: حديث معمر حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا احتكار الطعام، ورخَّص بعضهم في الاحتكار في غير الطعام، وقال ابن المبارك: لا بأس بالاحتكار في القطن والسختيان، ونحو ذلك.

وأخرجه الدارمي 2/ 248 - 249 من طريق أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحاق، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (1087) من طريق حماد بن زيد، عن ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن المسيب، به.

وأخرجه كذلك 20/ (1088) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن علقمة، عن سعيد بن المسيب، به.

وأخرجه مسلم (1605)(130)، وأبو داود (3447)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(765)، والطبراني في "الكبير" 20/ (1089) و (1090) و (1091)، والبيهقي في "السنن" 6/ 30، والخطيب في "تاريخه" 14/ 47 من طريقين عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن المسيب، به. وزاد مسلم وغيره: فقيل لسعيد: إنك تحتكر، قال: ومعمر كان يحتكر.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(14890) من طريق أبي سعيد بن نباته، عن نُعيم المُجْمِر، عن سعيد بن المسيب، به، وزاد: قال ابن المسيب: فقلت له: إنك تحتكر الزيت، قال: استغفر الله منه. قلنا: وفي إسناده أبو سعيد بن نباته لم نقع له على ترجمة.

وأخرجه كذلك (14889) عن معمر، قال: بلغني عن ابن المسيب، فذكره.

وسيأتي بالأرقام (15759) و (15760) و (15761) و 6/ 400 (الطبعة الميمنية)، وسيكرر 6/ 400 سنداً ومتناً. =

ص: 38

15759 -

حَدَّثَنَاهُ (1) عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ (2) "(3).

15760 -

حَدَّثَنَا (4) مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مَعْمَرٍ؛ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ (5) "(6).

= قال السندي: قوله: "إلا خاط" بالتخفيف، أصله خاطئ بالهمز، أي: آثم.

(1)

لم يرد هذا الطريق في (س).

(2)

في النسخ الخطية: خاط، وانظر تعليق السندي السالف.

(3)

حديث صحيح، وقد سلف الكلام على هذا الإسناد في الحديث الذي قبله.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 102 عن عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد.

وسيكرر 6/ 400 سنداً ومتناً.

(4)

لم يرد هذا الحديث في (ظ 12).

(5)

في النسخ: خاط، وانظر تعليق السندي السالف.

(6)

حديث صحيح، وقد سلف الكلام على إسناده في الرواية رقم (15758). شعبة: هو ابن الحجاج.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (1092) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (4936) من طريق محمد بن جعفر، به.

وانظر ما قبله.

ص: 39

15761 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مَعْمَرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ "(1). وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَحْتَكِرُ الزَّيْتَ (2).

(1) في النسخ الخطية: خاط، وانظر تعليق السندي السالف.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن سعيد الأموي من رجاله، وروى له البخاري متابعة. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.

وأخرجه مسلم (1605)(129)، والطبراني في "الكبير" 20/ (1086)، والبيهقي في "السنن" 6/ 29، والبغوي في "شرح السنة"(2127) من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد، وفيه قيل لسعيد: فإنك تحتكر، قال سعيد: إن معمراً الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر.

وهو مكرر (15757).

قال السندي: قوله: يحتكر الزيت، أي: يرى أن الاحتكار الممنوع مخصوص بالقوت، ولا يشمل نحو الزيت.

وقال النووي في "شرح مسلم" 11/ 43: الخاطئ بالهمز: هو العاصي الآثم. وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار.

قال أصحابنا: الاحتكار المحرَّم: هو الاحتكار في الأقوات الخاصة وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال، بل يدَّخره ليغلو ثمنُه، فأما إذا جاء من قريته واشتراه في وقت الرخص وادخره، أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إلى أكله أو ابتاعه ليبيعه في وقته، فليس باحتكار ولا تحريم فيه، وأما غير الأقوات، فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال، والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس.

قلنا: إذا كانت العلة في تحريم الاحتكار هو الإضرار بعامة الناس فينبغي أن يحرم احتكار القوت وغيره من السِّلع إذا كان احتكارها يلحق الضرر بهم.

ص: 40

‌حَدِيثُ عُوَيْمِرِ بْنِ أَشْقَرَ

15762 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُوَيْمِرِ بْنِ أَشْقَرَ: أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ أُضْحِيَّتَهُ (1).

(1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عباد بن تميم: وهو الأنصاري لم يسمع من عويمر بن أشقر، فيما ذكر البخاري في "العلل الكبير" للترمذي 2/ 649، وابن معين فيما ذكر الحافظ في "الإصابة"(في ترجمة عويمر)، ولكن ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 229 - 230 أنه ورد التصريح بسماع عباد من عويمر في رواية الدراوردي، ففيها: عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر أخبره. قلنا: والذي في "الآحاد والمثاني"(2171) من رواية الدراوردي كذلك أن عباد بن تميم أخبره، عن عويمر، ففاعل أخبره عباد لا عويمر، ويؤيد ذلك رواية الترمذي في "العلل"، وفيها: عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني عباد بن تميم، عن عويمر، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له سوى ابن ماجه.

وأخرجه الشافعي (587)(السنن المأثورة)، والبيهقي في "المعرفة"(18885) من طريق عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفي، والترمذي في "العلل الكبير" 2/ 648، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2171) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض الليثي، وابن ماجه (3153) من طريق أبي خالد الأحمر، وابن أبي عاصم (2171) من طريق عبد العزيز الدراوردي، وابن حبان (5912) من طريق عمرو بن الحارث، خمستهم عن يحيى بن سعيد، بهذا =

ص: 41

‌حَدِيثُ جَدِّ خُبَيْبٍ

(1)

15763 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا خُبَيْبُ ابْنُ (2) عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا، أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، وَلَمْ نُسْلِمْ، فَقُلْنَا: إِنَّا نَسْتَحْيِي (3) أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لَا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ. قَالَ: " أَوَأَسْلَمْتُمَا؟ " قُلْنَا: لَا. قَالَ: " فَلَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ". قَالَ: فَأَسْلَمْنَا، وَشَهِدْنَا مَعَهُ، فَقَتَلْتُ رَجُلًا، وَضَرَبَنِي ضَرْبَةً، وَتَزَوَّجْتُ (4) بِابْنَتِهِ

= الإسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 484، ومن طريقه الشافعي (586)(السنن المأثورة)، والبيهقي في "السنن" 9/ 263، وفي "المعرفة"(18881)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 318 عن يحيى بن سعيد، به.

وسيكرر 4/ 341 سنداً ومتناً.

وله شواهد ذكرناها عقب تخريج حديث عبد الله بن عمرو رقم (6596).

(1)

قال السندي: جد خبيب -وهو خبيب بن إساف- أنصاري أوسي.

ذكره ابن إسحاق وموسى بن عقبة فيمن شهد بدراً. وجاء أنه ضُرِبَ ببدر، فمال شقه، فتفل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ورده ولأَمَه. ذكر أن الذي ضربه أمية بن خلف، وهو قتل أمية.

(2)

في (م): عن، وهو تحريف.

(3)

في (س) و (ص)(ق): نستحي.

(4)

في (ظ 12) و (ص): فتزوجت.

ص: 42

بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانَتْ تَقُولُ: لَا عَدِمْتَ رَجُلًا وَشَّحَكَ هَذَا الْوِشَاحَ. فَأَقُولُ: لَا عَدِمْتِ رَجُلًا عَجَّلَ أَبَاكِ النَّارَ (1).

(1) إسناده ضعيف دون قوله: "فلا نستعين بالمشركين على المشركين" فهو صحيح لغيره، عبد الرحمن بن خبيب والد خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن إساف الأنصاري، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 278، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/ 230، ولم يذكرا في الرواة عنه غير ابنه خبيب، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 394، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 209، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2763)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2577)، والطبراني في "الكبير"(4194) و (4195)، والحاكم 2/ 121، والبيهقي في "السنن" 9/ 37 من طريق يزيد بن هارون، به، وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4196) من طريق أبي جعفر الرازي، عن مستلم، به. بلفظ:"أنا لا أستعين بمشرك".

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 303، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجالهما ثقات.

قلنا: وقوله: "فلا نستعين بالمشركين على المشركين" له شاهد من حديث طويل لعائشة عند مسلم (1817)، وسيرد 6/ 67 ولفظه:"فارجع، فلن أستعين بمشرك".

وآخر من حديث أبي حميد الساعدي، عند الطبراني في "الأوسط"(5138)، والحاكم 2/ 121.

قال السندي: قوله: "فلا نستعين بالمشركين"، أي: بلا ضرورة.

ص: 43

‌بَقِيَّةُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ

(1)

15764 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ (2)، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ. وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ (3)، عَنْ ابْنِ كَعْبِ (4) بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ طَعَامًا فَلَعِقَ أَصَابِعَهُ (5).

(1) قال السندي: كعب بن مالك أنصاري سَلَمي، قيل: كانت كنيته في الجاهلية أبا بشير، فكناه النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبد الله، وهو شاعر مشهور، شهد العقبة وبايع بها، وتخلف عن بدر.

وقوله: بقية حديث كعب. فيه نظر فإنه لم يتقدم له ذكر، بل سيأتي تمام حديثه في المجلد السادس 386 - 390 من الطبقة الميمنية، فالجادة حذف "بقية".

(2)

في النسخ الخطية و (م): عبد الله بن سعد، وهو تحريف من النساخ، صوابه ما جاء في "أطراف المسند" 5/ 227، ومن مصادر ترجمته، وسيأتي كذلك على الصواب في الرواية رقم (27237).

(3)

في (س) و (ص) و (ق) و (م): عبد الرحمن، عن ابن سعد، بزيادة عن، وهي زيادة مقحمة، وجاءت على الصواب في (ظ 12) إلا أنه كرر في الإسناد: عن عبد الرحمن مرتين.

(4)

قوله: ابن كعب: ساقط من (س) و (ق) و (م)، وهو مثبت في (ظ 12) و (ص).

(5)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن سعد، وهو المدني، فمن رجال مسلم، وقد روى بالشك عن عبد الله بن كعب بن مالك أو عن أخيه عبد الرحمن. ولا يضر هذا الشك ولا عدم تعيين أحدهما، فكلاهما تابعيٌّ ثقة. وكيع: هو ابن الجراح. وابن نمير: هو عبد الله.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 299، والترمذي في "الشمائل"(143)، =

ص: 44

15765 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ (1) بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِسَلْعٍ، فَعَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ مِنْ شَائِهَا، فَأَدْرَكَتْهَا الرَّاعِيَةُ، فَذَكَّتْهَا بِمَرْوَةٍ، فَسَأَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا (2).

= والطبراني في "الكبير" 19/ (187) و (188)، والحاكم 4/ 117 من طرق عن هشام بن عروة، عن ابن لكعب، عن أبيه، به، مرفوعاً. لم يذكروا في الإسناد عبد الرحمن بن سعد، وهذا إسناد منقطع. قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 180: سمعت أبي يقول: لا يثبت لهشام بن عروة لقي عبد الرحمن بن كعب ابن مالك، ويدخل ابن سعد.

قلنا: واسم ابن كعب عند الطبراني في إحدى روايتيه: عبد الله، وعند الحاكم: عبد الرحمن.

وأخرجه الحاكم 4/ 117 من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، به، مرفوعاً، وصححه ووافقه الذهبي.

وسيأتي برقم (15767) و 6/ 386 (ميمنية).

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (4514)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

(1)

في (م): عن ابن كعب.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ظاهر الانقطاع بين ابن كعب وأبيه، لكن صرح بسماعه منه عند البخاري (2304)، فاتصل الإسناد. وأسامة بن زيد: هو الليثي، مختلف فيه، حسن الحديث. وابن كعب: هو عبد الرحمن كما جاء مصرحاً به في رواية الطبراني 19/ (144).

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (144) و (169) من طريق ابن وهب، =

ص: 45

15766 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ مُلَازِمٌ رَجُلًا فِي أُوقِيَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ:" هَكَذَا " أَيْ: ضَعْ عَنْهُ الشَّطْرَ. قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ: " أَدِّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ "(1).

15767 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدِ، عَنْ ابْنٍ لكَعْبِ (2) بْنِ مَالِكٍ

= عن أسامة بن زيد، عن الزهري، عن ابن كعب، عن أبيه، مرفوعاً.

وسيأتي برقم (15768) و 6/ 386.

قال السندي: قوله: فأمره بأكلها، أي: أمر إباحة ورخصة.

(1)

حديث صحيح بغير هذه السياقة، وهذا إسناد ضعيف لضعف زمعة: وهو ابن صالح الجَنَدي، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. ابن كعب بن مالك: هو عبد الله كما جاء مصرحاً به في الرواية رقم (27243).

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 319، والطبراني في "الكبير" 19/ (126) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وتحرف في مطبوع الطبراني زمعة إلى معاوية!

وأخرجه بنحوه الطبراني 19/ (203) من طريق محمد بن علي بن الحسين، عن كعب بن مالك، به. قلنا: ومحمد بن علي لم يدرك كعباً.

وسيأتي بنحوه بالأرقام (15791) و 6/ 386 - 387 و 390.

قال السندي: قوله: مَرَّ به، أي: بكعب.

قوله: فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل، أي: لكعب.

قوله: للرجل، أي: الآخر. ولا بد من حمل كلٍّ على غير ما حمل عليه الآخر، والله تعالى أعلم.

(2)

في النسخ الخطية و (م): عن سعد بن كعب بن مالك، وفيه إسقاط =

ص: 46

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ مِنَ الطَّعَامِ (1).

15768 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ سَوْدَاءَ ذَكَّتْ شَاةً لَهُمْ بِمَرْوَةٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا (2).

= ابن كعب من الإسناد، وهو خطأ، وقد جاء على الصواب في "أطراف المسند" 5/ 227.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري، وسعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ولا يضر عدم تعيين ابن كعب، فكلا ابنيه عبد الله أو عبد الرحمن ثقة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 295، ومسلم (2032)(131)، والنسائي في "الكبرى"(6752)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2016) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وابن كعب بن مالك سمي في رواية ابن أبي شيبة عبد الرحمن.

وأخرجه الترمذي في "الشمائل"(140) عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، به، بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلعق أصابعه ثلاثاً.

وقد سلف نحوه برقم (15764).

قال السندي: قوله: أصابعه الثلاث: بناء على أنه كان يستعمل الثلاث فقط غالباً.

(2)

حديث صحيح، حجاج: وهو ابن أرطاة- وإن كان ضعيفاً- قد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. ولا يضر عدم تعيين ابن كعب بن مالك، لأن ولديه عبد الله وعبد الرحمن تابعيان ثقتان. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ونافع: هو مولى ابن عمر. =

ص: 47

15769 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هُوَ شَكَّ؛ يَعْنِي سُفْيَانَ - عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُقِيمُهَا (1) الرِّيَاحُ، تَعْدِلُهَا مَرَّةً، وَتَصْرَعُهَا أُخْرَى حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ مَثَلُ الْأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا لَا يُعِلُّهَا شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ انْجِحَافُهَا يَخْتَلِعُهَا - أَوْ انْجِعَافُهَا - مَرَّةً وَاحِدَةً ". شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (2).

= وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 392، والطبراني في "الكبير" 19/ (190) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2304) و (5501) و (5504)، وابن ماجه (3182)، وابن حبان (5893)، والبيهقي في "السنن" 9/ 281 و 282 من طريق عبيد الله ابن عمر العمري، عن نافع، به.

وانظر تمام التخريج في رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب السالفة برقم (4597)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وقد سلف برقم (15765)، وسيكرر 6/ 386.

(1)

في (س): تُفِيئُها. قلنا: وهي الموافقة لرواية البخاري. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 106، أي: تميلها، وزنه ومعناه.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، والشك في اسم الراوي عن كعب هو عبد الله أو عبد الرحمن لا يضر، لأنه انتقال من ثقة إلى ثقة. سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وسفيان: هو الثوري.

وأخرجه مسلم (2810)(60)، والرامهرمزي في "الأمثال"(37)، والقضاعي في "مسنده"(1364)، والبغوي في "شرح السنة"(1438) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد، وعند مسلم: ابن كعب: هو =

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الرحمن.

وأخرجه البخاري (5643)، ومسلم (2810)، والدارمي 2/ 310، والنسائي في "الكبرى"(7479)، والطبراني في "الكبير" 19/ (183)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 173 من طرق عن سفيان، به.

وعلقه البخاري بصيغة الجزم عقب الحديث رقم (5643) عن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد، به.

وقد وصله من طريق زكريا ابنُ أبي شيبة في "مصنفه" 11/ 21 و 13/ 252، وفي "الإيمان"(87)، ومسلم (2810)(59)، والطبراني في "الكبير" 19/ (184)، والبيهقي في "الشعب"(9779).

وسيأتي 6/ 386.

وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (5644)، ومسلم (2809)، وسلف برقم (7192).

وعن جابر، سلف برقم (14761).

وعن أُبي بن كعب، سيرد 5/ 142.

قال السندي: قوله: "مثل الخامة" بالخاء المعجمة، والميم المخففة: كالطاقة الغَضَّة الطرية.

قوله: "تقيمها": من الإقامة، فقوله:"تعدلها"، من العدل: تفسير له، أي: فالمؤمن لا يخلو عن عروض الحوادث والمصائب.

قوله: "الأرزة": (شجر عظيم صلب من الفصيلة الصنوبرية دائم الخضرة يعلو كثيراً تصنع منه السفن)"المعجم الوسيط".

قوله: "المجذية" من الإجذاء -بالجيم والذال المعجمة- الثابتة المنتصبة.

قوله: "لا يعلها" من الإعلال، أي: لا يجعلها شيءٌ ضعيفةً.

قوله: "انجحافها" بتقديم الجيم، أي: فناؤها.

قوله: "يختلعها" أي: يقلعها.

قوله: "وانجعافها" أي: انقلاعها.

ص: 49

15770 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ لَمَّا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ اللهَ لَمْ يُنْجِنِي إِلَّا بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَى اللهِ أَنْ لَا أَكْذِبَ أَبَدًا، وَإِنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ " قَالَ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي مِنْ خَيْبَرَ (1).

(1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد اختلف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب من جده كعب بن مالك، قال الحافظ في ترجمته في "تهذيب التهذيب": وقع في "صحيح" البخاري في الجهاد تصريحه بالسماع من جده، وقال الذهلي في "العلل": ما أظنه سمع من جده شيئاً، وقال الدارقطني: روايته عن جده مرسل، وقال أبو العباس الطَّرْقي: إنما روى عن جده أحرفاً في الحديث، ولم يمكنه الحديث بطوله، فاستثبته من أبيه. قلنا: ستأتي رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه، عن جده في الرواية رقم (15789). روح: هو ابن عبادة، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (99) و (100) من طريقين عن الزهري، به.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" 19/ (104) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب، عن كعب بلفظ: قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي وأن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجزئ عنك من ذلك الثلث". قلنا: ويحيى ضعيف.

وسيأتي برقم (15788)، ومطولاً برقم (15789) و 6/ 387 - 390.

قال السندي: قوله: لم ينجني: من التنجية أو الإنجاء، أي: أي من إثم =

ص: 50

15771 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحٍ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: مَا كُنْتُ فِي غَزَاةٍ أَيْسَرَ لِلظَّهْرِ وَالنَّفَقَةِ مِنِّي فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: أَتَجَهَّزُ غَدًا، ثُمَّ أَلْحَقُهُ. فَأَخَذْتُ فِي جَهَازِي، فَأَمْسَيْتُ وَلَمْ أَفْرُغْ، فَقُلْتُ: آخُذُ فِي جَهَازِي غَدًا وَالنَّاسُ قَرِيبٌ بَعْدُ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ. فَأَمْسَيْتُ وَلَمْ أَفْرُغْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَخَذْتُ فِي جَهَازِي، فَأَمْسَيْتُ فَلَمْ (1) أَفْرُغْ، فَقُلْتُ: أَيْهَاتَ، سَارَ النَّاسُ ثَلَاثًا، فَأَقَمْتُ.

فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ النَّاسُ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ فِي غَزَاةٍ أَيْسَرَ لِلظَّهْرِ وَالنَّفَقَةِ مِنِّي فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ. فَأَعْرَضَ عَنِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يُكَلِّمُونَا، وَأُمِرَتْ نِسَاؤُنَا أَنْ يَتَحَوَّلْنَ عَنَّا. قَالَ: فَتَسَوَّرْتُ حَائِطًا ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا أَنَا بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَقُلْتُ: أَيْ جَابِرُ، نَشَدْتُكَ بِاللهِ، هَلْ عَلِمْتَنِي (2) غَشَشْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ يَوْمًا قَطُّ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي، فَجَعَلَ لَا يُكَلِّمُنِي. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ

= التخلف.

قوله: إلا بالصدق، أي: إلا بأن تكلمت معك بالكلام الصادق.

قوله: أمسك سهمي، أي: وأتصدق بما عداه.

(1)

في (ظ 12) و (ص): ولم.

(2)

في (ظ 12) و (ص): علمت.

ص: 51

يَوْمٍ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلًا عَلَى الثَّنِيَّةِ يَقُولُ: كَعْبًا كَعْبًا، حَتَّى دَنَا مِنِّي، فَقَالَ: بَشِّرُوا كَعْبًا (1).

15772 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ (2) أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ - أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ

(1) حديث صحيح دون قوله: "فإذا أنا بجابر بن عبد الله .. " وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عمر بن كثير بن أفلح: هو المدني، مولى أبي أيوب الأنصاري، لم يدرك كعب بن مالك، وقد ترجم له ابن حبان في "ثقاته" في أتباع التابعين، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عُلَيَّة، وابن عون: هو عبد الله البصري.

وأخرجه الطبري في "تفسيره"(17446)، والطبراني في "الكبير" 19/ (202) من طريق إسماعيل، بهذا الإسناد.

وسيأتي نحوه مطولاً برقم (15789) و 6/ 387 - 390 بإسنادٍ صحيح، وفيهما أن الرجل الذي تسوَّر كعبٌ حائطه هو أبو قتادة الأنصاري وهو ابن عمه وأحب الناس إليه.

قال السندي: قوله: فأخذت، أي: شرعت.

قوله: آخذ، أي: أشرع في بقيته ليتم.

قوله: أيهات: لعل أصله هيهات، قلبت الهاء همزة، أي: بَعُد اللَّحاقُ بهم.

قوله: وأمر الناس: تأديباً لنا، والجمع لأنهم كانوا ثلاثة.

قوله: فتسوَّرت، أي: ارتفعت.

قوله: غششت، أي: خنت.

قوله: كعباً، أي: بشروا كعباً.

(2)

لفظ: وكعب بن مالك ساقط من (م).

ص: 52

بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَسَبَّحَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ، فَيَأْتِيهِ النَّاسُ، فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ (1).

15773 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ضُحًى، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ مِنْ سَفَرٍ فَعَلَ ذَلِكَ (2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، ولا يضر إبهام اسم ابن كعب بن مالك، فإن الزهري يروي عن عبد الرحمن بن كعب وعبد الله بن كعب، وكلاهما ثقة، وسيأتي مطولاً من طريق الحجاج: وهو ابن محمد المصيصي، عن ليث ابن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن جده. وهو من المزيد في متصل الأسانيد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (107) من طريق سعيد بن كثير بن عُفَيْر، حدثني الليث، عن عقيل، ورشدين عن عقيل وقرة، عن ابن شهاب الزهري، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (108) من طريق الزبيدي، عن الزهري، عن عبد الرحمن [بن عبد الله] بن كعب بن مالك، قال: أخبرني عمي أن أباه كعباً، فذكر نحوه. وما بين حاصرتين سقط من مطبوع الطبراني.

وأخرجه أيضاً الطبراني في "الكبير" 19/ (109) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن نمر، عن الزهري أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك حدثه أن أباه كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.

وسيأتي بالأرقام (15773) و (15774) و (15775) و 6/ 386، ومطولاً برقم (15789) و 6/ 387 - 390.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. =

ص: 53

15774 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي مِنْ تَبُوكَ - فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَعَلَ ذَلِكَ (1).

15775 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، وَعَنْ عَمِّهِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا نَهَارًا فِي الضُّحَى، فَإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ (2) فِي حَدِيثِهِ: عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ (3).

= وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(4863) و (9258) وسقط من الرواية الأولى اسم معمر من الإسناد.

وانظر ما قبله.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن إسحاق: وهو السلمي المروزي، فمن رجال الترمذي، وهو ثقة. عبد الله: هو ابن المبارك.

وانظر ما قبله.

(2)

في النسخ الخطية و (م): أبو بكر، وهو تحريف.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، ابن جريج قد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، ابن بكر: هو محمد بن بكر البُرْساني، وقوله في إسناده: عن أبيه عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه، يعني دون واو العطف، والظاهر أنه قد وهم فيه، فقد خالف في ذلك عبد الرزاق، والضحاك بن مخلد =

ص: 54

15776 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ مُبَشِّرٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ شَاكٍ: اقْرَأْ عَلَى ابْنِي السَّلَامَ، تَعْنِي مُبَشِّرًا، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكِ يَا أُمَّ مُبَشِّرٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُسْلِمِ طَيْرٌ تَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَهَا اللهُ عز وجل إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". قَالَتْ: صَدَقْتَ، فَأَسْتَغْفِرُ اللهَ (1).

= كما سيأتي في التخريج، ومحمد بن بكر فيه كلام خفيف.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(4864)، ومن طريقه أخرجه مسلم (716)، وأبو داود (2781)، والطبراني في "الكبير" 19/ (106).

وأخرجه البخاري (3088)، ومسلم (716)، والنسائي في "الكبرى"(8775)، والدارمي 1/ 357، والبيهقي في "السنن" 5/ 261 من طريق الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن كعب، عن أبيه عبد الله وعمه عبيد الله، به.

وقد سلف برقم (15772)، وسيكرر 6/ 386، وسيأتي مطولاً برقم (15789).

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو عند عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 139 - 140، ومن طريقه أخرجه عبد ابن حميد في "المنتخب"(376)، والطبراني في "الكبير" 19/ (119).

وبنحوه أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (123) من طريق الأوزاعي، عن الزهري، به.

وأخرج ابن ماجه (1449)، وأبو إسحاق الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1218، والطبراني في "الكبير" 19/ (122)، والبيهقي في "البعث والنشور"(226) من طريق محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن الزهري، عن =

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: لما حضرت كعباً الوفاةُ، أتته أم بشر بنت البراء بن معرور، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لقيت فلاناً فاقرأ عليه مني السلام، قال: غفر الله لك يا أم بشر، نحن أشغل من ذلك، قالت: يا أبا عبد الرحمن، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أرواح المؤمنين في طير خضر، تعلق بشجر الجنة" قال: بلى. قالت: فهو ذاك. واللفظ لابن ماجه، وهذا إسناد ضعيف، ابن إسحاق مدلس وقد عنعن، ثم إنه خالف من هو أقوى منه، إذ جعل المرفوع من حديث أم بشر، بخلاف رواية عبد الرزاق.

وقد نقل الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة أم بشر عن أبي نعيم قوله: اختلف أصحاب ابن اسحاق عن الزهري، عنه، فمنهم من قال: أم بشر، ومنهم من قال أم مبشر.

قلنا: وبلفظ ابن ماجه أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 329، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وقد تحرف في المطبوع منه كعب بن مالك إلى سعد بن مالك، والحديث ليس من شرط الهيثمي في "زوائده".

وسيأتي بالأرقام (15777) و (15778) و (15780) و (15787) و (15792) و 6/ 386 (الطبعة الميمنية).

قال السندي: قوله: شاك: مريض.

قوله: اقرأ: أي إذا مت.

قوله: "إنما نسمة المسلم"، بفتحتين: الروح. وظاهر هذا الحديث العموم، وقد جاء الحديث في الشهيد. قلنا: سيأتي برقم (27236)، وسنعلق عليها هناك.

قوله: "طير": ظاهره أن الروح يتشكل ويتمثل بأمر الله طيراً كتمثل المَلَك بشراً، ويحتمل أن المراد أن الروح يدخل في بدن طير كما في روايات.

قوله: "تعلق"، بضم اللام، وقيل: أو فتحتها: تأكل وترعى. =

ص: 56

15777 -

حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ إِذَا مَاتَ، طَائِرٌ تَعْلَقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ تبارك وتعالى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللهُ "(1).

15778 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ -، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ

= قوله: "يرجعها الله": أي يردها بالبعث، وظاهره أنه رَدَّ عليها ما قالت بأن السلام يتوقف على الجسد، ولا يكون من الروح المجردة، والإنسان بعد الموت يكون روحاً مجردة. قلنا: والروح يذكر ويؤنث. وقد روعي التأنيث في هذه الرواية والتذكير في الروايات الآتية.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب لم يسمع هذا الحديث من جده كعب بن مالك كما صرح هو بذلك، وقد توبع، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير سعد بن إبراهيم: وهو ابن سعد بن إبراهيم الزهري، فقد أخرج له البخاري مقروناً، والنسائي، وهو ثقة. صالح: هو ابن كيسان. وابن شهاب: هو الزهري.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 305 - 306 من طريق عبد العزيز ابن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (124) من طريق ابن صالح بن كيسان، عن أبيه، به.

وانظر ما قبله.

ص: 57

تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ " (1).

15779 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ (2).

15780 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُسْلِمِ طَيْرٌ يَعْلُقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ تبارك وتعالى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ "(3).

(1) إسناده صحيح، من فوق الإمام الشافعي على شرط الشيخين.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 156، والبيهقي في "البعث والنشور"(224) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 240، ومن طريقه أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 305، والنسائي في "المجتبى" 4/ 108، وابن ماجه (4271)، والطبراني في "الكبير" 19/ (120)، والآجري في "الشريعة" ص 392، وابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 56.

وأخرجه ابن حبان (4657) من طريق الليث، عن الزهري، به.

وقد سلف برقم (15776).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وابن كعب بن مالك: هو عبد الرحمن كما جاء مصرحاً به في الرواية المطولة 6/ 387 - 390.

وانظر (15781).

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(223) من طريق عثمان بن عمر، =

ص: 58

15781 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: أَقَلُّ (1) مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ (2).

15782 -

حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا

= بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (15776).

(1)

كذا في النسخ الخطية و (م)، لكن في (س) مضبب عليها، قال السندي: والظاهر سقوط الألف. قلنا: ولفظ البخاري: "لقلَّما" وفي عامة المصادر التي خرجته: "قلما" بلا لام.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(375)، والدارمي 2/ 214 من طريق عثمان بن عمر، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 516، والبخاري (2949)، وأبو داود (2605)، والنسائي في "الكبرى"(8787)، والطبراني في "الكبير" 19/ (110) من طريقين، عن يونس، به.

وأخرجه سعيد بن منصور (2380) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب، عن كعب بن مالك، به، مرفوعاً.

وقد سلف برقم (15779)، وسيأتي مطولاً 6/ 387 - 390.

ص: 59

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، اسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمَرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، أَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ (1).

15783 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ، وَيَكْسُونِي رَبِّي تبارك وتعالى حُلَّةً خَضْرَاءَ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَقُولَ، فَذَاكَ

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عتاب بن زياد: وهو الخراساني، فمن رجال ابن ماجه، وهو ثقة. عبد الله: هو ابن المبارك، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.

وأخرجه مسلم مطولاً برقم (2769)(53) من طريق ابن وهب، عن يونس، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2948)، والنسائي في "المجتبى" 6/ 152، من طريقين عن عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن كعب بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك، به، مرفوعاً.

وسيأتي مطولاً برقم (15789).

قال السندي: قوله: إلا وَرَّى بغيرها: من التورية، أي: سترها بغيرها، أي: ذكر غيرها على وجه يتوهَّم أنه يقصد ذلك الغير، بأن يسأل عن طريق ذلك الغير ونحوه، لا بأن يقول: إني قاصد ذلك الغير حتى يكون كذباً.

قوله: فجلا، أي: كشف وأظهر.

ص: 60

الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ " (1).

15784 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن عبد ربه -وهو الزُّبيدي الحمصي- فمن رجال مسلم، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، اختلف في سماعه من جده، والصحيح سماعه منه، فقد قال الحافظ في "التهذيب": ووقع في صحيح البخاري في الجهاد تصريحه بالسماع من جده، وقال الذهلي في "العلل": ما أظنه سمع من جده شيئاً، وقال الدارقطني: روايته عن جده مرسل. الزُّبيدي: هو محمد بن الوليد.

وأخرجه الحاكم 2/ 363 من طريق يزيد بن عبد ربه، بهذا الإسناد، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 309، والطبري في "تفسيره" 15/ 147، وابن حبان (6479)، والطبراني في "الكبير" 19/ (142)، والحاكم 2/ 363 من طرق عن محمد بن حرب، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 309، والطبري 2/ 146، والطبراني في "الكبير" 19/ (142) من طريق بقية بن الوليد، عن الزبيدي، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 309 - 310 من طريق عبد الله بن سالم الأشعري، عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن عمه عبيد الله، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، مثله. قال البخاري: والأول أصح.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 51، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وأورده في موضع آخر 10/ 377، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وأحد إسنادي "الكبير" رجاله رجال الصحيح.

قال السندي: قوله: "على تل"، أي: موضع مرتفع.

قوله: "فأقول ما شاء الله"، أي: من محامد الله تعالى.

قوله: "المحمود": ظاهر هذا الحديث أن المحمود بمعنى المحمود فيه، والمحمود هو الله تعالى، والله تعالى أعلم.

ص: 61

زَكَرِيَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ أَنَّ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ أَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ، وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ "(1).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن بحر -وهو ابن بري القطان- فقد روى له البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي، وهو ثقة، وابن كعب بن مالك لم يسمَّ، فيحتمل أن يكون عبد الله أو عبد الرحمن، وكلاهما ثقة من رجال الشيخين. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي. وزكريا: هو ابن أبي زائدة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 241، وابن حبان (3228)، والطبراني في "الكبير" 19/ (189) من طريقين عن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (15794).

وفي الباب عن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط"(776)، وأبي يعلى (6449).

وعن عاصم بن عدي عند الطبراني في "الأوسط"(5313)، والحاكم 3/ 420.

وعن ابن عباس عند الطبراني في "الكبير"(10778)، وفي "الأوسط"(855).

وعن ابن عمر عند البزار (3608)(زوائد).

قوله: "أفسد" بالنصب خبر ما.

قال الطيبي: "المراد من الحديث أن الحرص على المال والشرف (وهو الجاه والمنصب) أكثر إفساداً للدِّين من إفساد الذئبين للغنم، لأن ذلك الأشر والبطر يستفز صاحبه ويأخذ به إلى ما يضره، وذلك مذموم لاستدعائه العلو في الأرض والفساد المذمومين شرعاً.

قلنا: وللحافظ ابن رجب الحنبلي رسالة نفيسة في شرح هذا الحديث، وهي مدرجة في مجموعة "الرسائل المنيرية" 3/ 1 - 18.

ص: 62

15785 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ "(1).

15786 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةٌ ".

وَكَانَ بَشِيرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ يُحَدِّثُ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " وَالَّذِي

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وسماع عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب من جده كعب بن مالك، مختلف فيه، والصحيح سماعه منه كما بينا في الرواية السالفة برقم (15784). أبو اليمان: هو الحكم بن نافع الحمصي، وشعيب: هو ابن أبي حمزة.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 239 من طريق أبي اليمان، بهذا الإسناد.

وسيأتي مطولاً برقم (27244)، وانظر الرواية رقم (15786) و (15796).

قال السندي: قوله: "إن المؤمن يجاهد": فبين أن ما يكون من الشعر جهاداً في سبيل الله، فذاك لا منع منه، والمنع من غيره مما ليس له تعلُّقٌ بصلاح الدين ونحوه.

ص: 63

نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنَّمَا تَنْضَحُونَهُمْ (1) بِالنَّبْلِ فِيمَا تَقُولُونَ (2) لَهُمْ مِنَ الشِّعْرِ " (3).

(1) في (ظ 12) و (ص): ينضحونهم -بالياء- وتقرأ في (س) بالياء والتاء معاً.

(2)

في (ظ 12) و (ص): يقولون.

(3)

حديثان صحيحان، ولهما إسنادان.

الحديث الأول، وإسناده: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن مروان ابن الحكم أخبره أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أخبره أن أُبيَّ بن كعب أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من الشعر حكمة".

وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري.

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(6145)، وفي "الأدب المفرد"(858)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1857)، والبيهقي في "السنن" 5/ 68 و 10/ 237، والبغوي في "شرح السنة"(3398) من طريق أبي اليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم (1856)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1434) من طريقين، عن الزهري، به.

وأخرجه الطيالسي (557) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أُبي به.

وسيأتي في مسند أبي بن كعب 6/ 125 - 126.

وقد سلفت شواهده في مسند عبد الله بن عباس برقم (2424).

والحديث الثاني:

وإسناده: أبو اليمان. أخبرنا شعيب، عن الزهري، وكان بشير بن عبد الرحمن يحدث أن كعب بن مالك كان يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل فيما تقولون لهم من الشعر".

وهو حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، بشير بن عبد الرحمن، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 100، وابن أبي حاتم في "الجرح =

ص: 64

15787 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ - وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ - كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهَا اللهُ تبارك وتعالى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ "(1).

15788 -

حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ

= والتعديل" 2/ 376 ولم يذكروا في الرواة عنه سوى اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان 4/ 72، ولم يذكره الحافظ في "التعجيل"، وهو على شرطه، وقائل: وكان بشير بن عبد الرحمن بن كعب يحدث: هو الزهري، وقد جاء مصرحاً به في إسناد البيهقي.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 239 من طريق أبي اليمان، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (153) من طريق محمد بن أبي عتيق، عن الزهري، به.

وسيأتي نحوه بإسناد صحيح 6/ 386 - 387، وانظر (15796).

قال السندي: قوله: "لكأنما تنضحونهم" من نضحه بالنبل: رماه، وهذا يحتمل أن يكون بصيغة الخطاب، وكذا تقولون.

ويحتمل أن يكون بصيغة الغيبة، فضمير الفاعل للمسلمين، وأما ضمير المفعول فعلى التقديرين للمشركين.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(225) من طريق أبي اليمان الحكم ابن نافع، بهذا الإسناد.

ص: 65

عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَابَ اللهُ تبارك وتعالى عَلَيْهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكَ "(1).

15789 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ - قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا (2) قَطُّ إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ

(1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عامر بن صالح -وهو ابن عبد الله الزبيري- شيخ أحمد ضعفه ابن معين والدارقطني والنسائي وغيرهم، وقال الذهبي فى "الميزان": لعل ما روى أحمد بن حنبل عن أحدٍ أوهى من هذا. قلنا: أما أحمد، فحدث عنه وحسَّن القول فيه، فقال: ثقة لم يكن صاحب كذب، وقال أبو حاتم: صالح الحديث ما أرى به بأساً، وقد توبع.

وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو داود (3318)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 22، وابن خزيمة (2442)، والطبراني في، "الكبير" 19/ (96) من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب، عن كعب بن مالك، به.

وقد سلف برقم (15770)، وسيأتي مطولاً برقم (15789) و 6/ 387 - 390.

(2)

في الأصول: غيرها، والمثبت من البخاري (4418) ومسلم =

ص: 66

تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَافَقْنَا (1) عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ (2) أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا وَأَشْهَرَ.

وَكَانَ مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لِأَنِّي (3) لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، وَاللهِ مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ، حَتَّى جَمَعْتُهُمَا (4) فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَلَّمَا يُرِيدُ غَزَاةً يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزَاةُ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ (5)،

= (2769)، ومن الرواية الآتية عند المصنف (15890).

(1)

في البخاري ومسلم تواثقنا، أي: أخذ بعضنا على بعض الميثاق لما تبايعنا على الإسلام والجهاد.

(2)

في (س) و (ق) و (م): ما أحب (دون واو)، والمثبت من (ظ 12) و (ص).

(3)

في هامش (س): قوله: لأني، كذا في نسخة أيضاً، وفي البخاري: أني. قال السندي: وهو الظاهر، وأما اللام فبتقدير أني قصرت لأني لم أكن.

(4)

في (ق) و (م): جمعتها.

(5)

في البخاري ومسلم: أُهبة غزوهم، قال الحافظ: وفي رواية الكشميهني: أهبة عدوهم، والأُهبة: ما يُحتاج إليه في السفر والحرب.

ص: 67

فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ، لَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٍ - يُرِيدُ الدِّيوَانَ -.

فَقَالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ يَتَغَيَّبُ إِلَّا ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنَ اللهِ. وَغَزَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلُّ، وَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ. فَتَجَهَّزَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَهُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُ، فَأَرْجِعَ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتُ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ يَتَمَادَى بِي حَتَّى شَمَّرَ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَادِيًا (1) وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، فَقُلْتُ: الْجَهَازُ (2) بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَمَا فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا مِنْ جَهَازِي، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ، وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِي حَتَّى أَسْرَعُوا، وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَ أَنِّي فَعَلْتُ، ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِي، فَطَفِقْتُ، إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَطُفْتُ فِيهِمْ يَحْزُنُنِي أَنْ لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَهُ اللهُ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ. فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ:" مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟ "

(1) في (ظ 12): غازياً.

(2)

في (ق)، وهامش (س): أتجهز.

ص: 68

قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: حَبَسَهُ يَا رَسُولَ اللهِ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَمَا قُلْتَ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِي بَثِّي، فَطَفِقْتُ أَتَفَكَّرُ الْكَذِبَ (1)، وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ أَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ. وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [قَادِمًا](2)، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَرَكَعَ فِيهِ (3) رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ. فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ، جَاءَهُ الْمُتَخَلِّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَانِيَتَهُمْ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ تبارك وتعالى، حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ لِي:" تَعَالَ " فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي:" مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدِ اسْتَمَرَّ ظَهْرُكَ؟ " قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنِّي أَخْرُجُ مِنْ

(1) في (م): الكذاب.

(2)

زيادة من البخاري ومسلم.

(3)

لفظ "فيه" ليس في (ظ 12) و (ص).

ص: 69

سَخْطَتِهِ بِعُذْرٍ، لَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنَّهُ وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى عَنِّي بِهِ لَيُوشِكَنَّ اللهُ تَعَالَى يُسْخِطُكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ بِصِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لَأَرْجُو قُرَّةَ عَيْنِي عَفْوًا مِنَ اللهِ تبارك وتعالى، وَاللهِ مَا كَانَ لِي عُذْرٌ، وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَفْرَغَ وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ تَعَالَى فِيكَ ". فَقُمْتُ، وَبَادَرَتْ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِي: وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ الْمُتَخَلِّفُونَ (1)، لَقَدْ (2) كَانَ كَافِيَكَ مِنْ ذَنْبِكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ.

قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي. قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلَانِ قَالَا مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَامِرِيُّ (3)، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ

(1) في (ظ 12) و (ص)، وهامش (ق): المخلفون.

(2)

في (ظ 12) و (ص): فقد.

(3)

هكذا في النسخ الخطية و (م)، وفي البخاري: العَمْري: قال الحافظ في "الفتح" 8/ 119 بفتح المهملة وسكون الميم نسبة إلى بني عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، ووقع لبعضهم العامري، وهو خطأ.

ص: 70

صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، لِي فِيهِمَا أُسْوَةٌ. قَالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي.

قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، قَالَ: وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ لِي مِنْ نَفْسِي الْأَرْضُ، فَمَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي كُنْتُ أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَنَّا، وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ. وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ بِالْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي نَظَرَ إِلَيَّ، فَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ هَجْرِ الْمُسْلِمِينَ، مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ حَائِطَ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ اللهَ، هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، قَالَ: فَعُدْتُ فَنَشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ، حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ.

فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ

_________

ص: 71

الشَّامِ، مِمَّنْ قَدِمَ بِطَعَامٍ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّنِي (1) عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ حَتَّى جَاءَ، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. قَالَ: فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلَاءِ. قَالَ: فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ، فَسَجَرْتُهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الْخَمْسِينَ، إِذَا بِرَسُولِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِي، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. قَالَ: فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: بَلْ اعْتَزِلْهَا فَلَا تَقْرَبْهَا. قَالَ: وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ: فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ. قَالَ: فَجَاءَتْ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هِلَالًا شَيْخٌ ضَائِعٌ، لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ:" لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ " قَالَتْ: فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللهِ مَا زَالُ (2) يَبْكِي مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ مِنْ أَمْرِكَ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا.

قَالَ: فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَتِكَ، فَقَدْ أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ. قَالَ: فَقُلْتُ:

(1) في (ظ 12) و (ص): يدل.

(2)

في (م): ما يزال.

ص: 72

وَاللهِ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا أَدْرِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، قَالَ: فَلَبِثْنَا بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ كَمَالَ خَمْسِينَ لَيْلَةً حِينَ نَهَى عَنْ كَلَامِنَا. قَالَ: ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ تبارك وتعالى مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَارِخًا أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ، يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ. قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. وَآذَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللهِ تبارك وتعالى عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ يُبَشِّرُونَ (1)، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، وَأَوْفَى الْجَبَلَ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ، وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، فَاسْتَعَرْتُ (2) ثَوْبَيْنِ، فَلَبِسْتُهُمَا، فَانْطَلَقْتُ أَؤُمُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَلْقَانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي

(1) في (ظ 12) و (ص) و (ق): مبشرون.

(2)

في (ظ 12) و (ص): واستعرت.

ص: 73

وَهَنَّأَنِي، وَاللهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ. قَالَ: فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ.

قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ، وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ:" أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ " قَالَ: قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ قَالَ: " لَا، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ ". قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى (1) كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ حَتَّى يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ.

قَالَ: فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " قَالَ: فَقُلْتُ: فَإِنِّي (2) أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا اللهُ تَعَالَى نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللهُ مِنَ الصِّدْقِ فِي الْحَدِيثِ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي اللهُ تبارك وتعالى، وَاللهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُذْ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي فِيمَا بَقِيَ.

قَالَ: وَأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ

(1) لفظ "حتى" ساقط من (م).

(2)

في (ق) و (م): إني.

ص: 74

وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ. وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117 - 119].

قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ تبارك وتعالى عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكُ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوهُ حِينَ كَذَبُوهُ، فَإِنَّ اللهَ تبارك وتعالى قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوهُ حِينَ كَذَبُوهُ شَرَّ مَا يُقَالُ لِأَحَدٍ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى:{سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95 - 96].

قَالَ: وَكُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَلَفُوا، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، فَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللهُ تَعَالَى، فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ تَعَالَى:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وَلَيْسَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا الَّذِي ذَكَرَ مِمَّا خُلِّفْنَا بِتَخَلُّفِنَا عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ

_________

ص: 75

وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ (1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله، فقد روى له البخاري متابعةً. يعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم الزهري.

وأخرجه مختصراً الطبراني في "الكبير" 9/ (93) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة 14/ 540 - 545، والبخاري (3889) و (4676) و (4677) و (6690)، ومسلم (2769)(53)، وأبو داود (2202) و (2773) و (3317) و (3321) و (4600)، والنسائي في "المجتبى" 2/ 53 - 54، و 6/ 152 - 153، و 7/ 22 - 23، وفي "الكبرى"(810) و (8776) و (8779)، والطبري في "التفسير"(17447) و (17450)، والطبراني في "الكبير" 19/ (91) و (95) و (97) من طرق عن الزهري، به.

وأخرجه مسلم (2769)(54) عن عبد بن حميد، عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن عبيد الله بن كعب، عن كعب بن مالك، به.

وكذلك أخرجه مسلم (2769)(55)، والنسائي في "المجتبى" 6/ 153، وفي "الكبرى"(8778) من طريق معقل بن عُبيد الله، والطبراني في "الكبير" 9/ (98) من طريق صالح بن أبي الأخضر، كلاهما عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن عمه عبيد الله بن كعب، عن كعب، به.

قلنا: وقد نقل النووي عن الدارقطني قوله: الصواب رواية من قال عبد الله مكبراً.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (92) و (103) من طريقين عن الزهري، عن عبد الله بن كعب، عن أبيه كعب، به.

وأخرجه كذلك الطبراني 19/ (94) من طريق إبراهيم بن مرة، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، مرسلاً.

وقد سلف مختصراً بالأرقام (15770) و (15771) و (15772) و (15773) =

ص: 76

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= و (15774)، و (15775) و (15781) و (15782) و (15788).

وسيأتي مختصراً برقم (15790) و 6/ 386 و 390، ومطولاً 6/ 387 - 390 قال السندي: قوله: لم يعاتب أحداً، أي الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: إنما خرج، أي: ما خرج للحرب، وإنما خرج للعير -بكسر العين: الإبل- التي تحمل الميرة.

قوله: بينهم، أي: بين المسلمين.

قوله: كتاب حافظ: بالتنوين أو الإضافة.

قوله: يريد، أي: كعب، بقوله كتاب حافظ: الديوان، وقد جاء أنهم يزيدون على عشرة آلاف أو على ثلاثين ألفاً، وقيل: كانوا أربعين ألفاً والله تعالى أعلم. قال الحافظ في "الفتح" 8/ 118 وقوله: يريد الديوان هو كلام الزهري.

قوله: سيخفى له: من كثرة الجيش.

قوله: ما لم ينزل: من النزول على بناء الفاعل، أو الإنزال أو التنزيل على بناء المفعول.

قوله: فيه، أي: في شأنه.

قوله: أصعر، بصاد وعين وراء مهملات، أي: أميل، يريد أنه لا مانع لي عنها.

قوله: وطفقت، أي: شرعت.

قوله: أغدوا -بالغين المعجمة-: أي: أخرج من الصبح.

قوله: يتمادى بي، أي: الحال.

قوله: شمر: من التشمير، وفي "صحيح" البخاري: اشتد.

قوله: الجد، بكسر الجيم: الاجتهاد، فاعل شمر، والباء في بالناس: للتعدية، أي: جعلهم الجِدُّ مشمِّرين.

قوله: بعدما فصلوا، بالصاد المهملة، أسرعوا، أي: في الذهاب إلى المقصد. =

ص: 77

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قوله: تفارط، أي: فات وسبق.

قوله: ثم لم يقدر: على بناء المفعول، من التقدير، ويمكن أن يكون بالتخفيف، أي: لم يجعل مقدوراً لي.

قوله: فطفت، من الطواف.

قوله: يحزُنني، بضم الزاي من حزن أو بكسرها من أحزن، وفاعله ضمير الطواف، وقوله: أن لا أرى، بتقدير: لأن لا أرى، ويمكن أن يجعل أن لا أرى فاعلاً، فلا تقدير.

قوله: مغموصاً، بغين معجمة، وصاد مهملة، بالنصب: صفة رجلاً كما في البخاري وبعض النسخ، ولا يمنعه الخط، أو بالرفع، بتقدير هو، أي: منهم عليه.

قوله: ممن عذره: بالتخفيف.

قوله: "ما فَعَلَ"، على بناء الفاعل، أي: ما جرى له.

قوله: في عطفيه، بكسر فسكون، أي: في جانبيه، كناية عن كونه متكبراً مهتماً بأمر الثياب.

قوله: قافلاً، أي: راجعاً.

قوله: بَثِّي، أي: همي كما في البخاري.

قوله: قد أظل قادماً، أي: دنا قدومُه.

قوله: زاح، أي: زال.

قوله: فأجمعت، من الإجماع، أي: عزمت.

قوله: صِدْقه، أي: التكلم بالصدق معه.

قوله: المتخلفون: الذين تخلفوا عنه.

قوله: ما خلفك، أي: عن الغزو.

قوله: وقد استمر، أي: ثبت لك بطريق الملك، قلنا: ولفظ البخاري ومسلم: ابْتَعْتَ ظهرك.

قوله: جدلاً، أي: قوة في الكلام. =

ص: 78

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قوله: قرة عيني، بالنصب مفعول أرجو.

قوله: عفواً، بالنصب: بدل من قرة عيني.

قوله: أما، بالتشديد: وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يظهر له كذب الكاذبين.

قوله: ولقد عجزت أن لا تكون: كلمة "لا" زائدة، أي: عجزت عن الاعتذار أو بمعناها، بتقدير حرف التعليل، أي: عجزت لأنك ما اعتذرت.

قوله: كافيك، بالنصب على أنه خبر كان، أو بالرفع على أنه اسمها.

قوله: استغفار، على الأول مرفوع على الاسمية، وعلى الثاني منصوب على الخبرية.

قوله: يؤنبوني، أي: يلومونني لوماً عنيفاً.

قوله: قد شهدا بدراً. استشكل بأن أهل السير لم يذكروا واحداً منهما فيمن شهد بدراً، ولم يعرف ذلك في غير هذا الحديث، وقد جزم الأثرم بأنهما بدريان، وهو ظاهر صنيع البخاري، وتعقب الأثرمَ ابنُ الجوزي، ونسبه إلى الغلط، لكن قال الحافظ ابن حجر: إنه لم يصب، وقال بعض المتأخرين: لو كانا بدريين لما هجرهما النبي صلى الله عليه وسلم ولا عاقبهما كما فعل بحاطب حين جسَّ عليه مع أن ذنبه أعظم. وردّ بأن حاطباً اعتذر فَقُبِلَ عذره، وأما هما فلم يكن لهما عذر أصلاً.

قوله: أيها الثلاثة: بالرفع، أي: خصت الثلاثة من بين المتخلفين بذلك، وقيل: بالنصب، بتقدير: أريد أو أخص الثلاثة، والجمهور على الرفع على أنه كان في الأصل منادى، فنقل إلى الاختصاص باقياً على إعرابه الأصلي، وما ذكرنا من التقدير يصحح الرفع نظراً إلى الحال أيضاً.

قوله: الأرض، بالرفع، أي: توحشت عليَّ، وهذا حال المغموم، قيل: وإنما اشتدَّ الغضب على المتخلفين لأن الجهاد كان فرض عين على الأنصار خاصةً، لأنهم بايعوا على ذلك لقولهم:

نحن الذين بايعوا محمدا

على الجهاد ما بقينا أبدا

فكأن تخلفهم لنكث البيعة، وإلا فهو فرض كفاية في حق غيرهم، وقيل: =

ص: 79

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بل كان فرض عين في زمانه صلى الله عليه وسلم مطلقاً. قلت (القائل السندي): ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى ذلك، فصار فرض عين على من دعي، لحديث:"إذا استنفرتم فانفروا".

قوله: فاستكنا، بالتخفيف، افتعال من سكن، ويمكن أن يكون بالتشديد، استفعال من الكِنّ، أي: اختفيا، والأول أشهر.

قلنا: ولفظ البخاري ومسلم: استكانا، قال ابن الأثير: أي خضعاً وذلاً والاستكانة: استفعال من السكون.

قوله: أم لا: قيل: لم يجزم بتحريك الشفتين، لأنه لم يكن يُديم النظر إليه من الخجل.

قوله: تسورت، أي: علوت جداره لأدخل فيه، وكأنه لم يكن الباب مفتوحاً، ورأى أنه لا يفتح له.

قوله: ما رَدَّ: لعموم النهي عن كلامهم.

قوله: الله ورسوله أعلم: لا على وجه الخطاب له، بل مع الإعراض عنه فلا يدخل في النهي عنه.

قوله: تسورت الجدار: للخروج عنه.

قوله: إذا نبطي بفتحتين: فلاح، وكان نصرانياً.

قوله: بدار هوان، بفتح هاء: ذل.

قوله: مضيعة، أي: حيث يضيع حقك.

قوله: نواسك: من المواساة.

قوله: فتيممت، أي: قصدت.

قوله: فسجرته، بالتخفيف، أي: أوقدته.

قوله: بعض أهلي: لعل النهي عن الكلام لم يشمل من تدعو الحاجة إلى مخالطته من زوجة وخادم، وكان القائل واحداً منهم، وقيل: لعله أفهمه بالإشارة فعبَّر عنها بالكلام، وردَّ بأن المقصود ترك المؤانسة والمخالطة، لا خصوص الكلام باللسان. =

ص: 80

15790 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ

= قوله: قد ضاقت على نفسي، أي: قلبي لا يسعه أُنس ولا سرور من فرط الوحشة والغم.

قوله: بما رحبت، أي: برحبها، أي: مع سعتها، وهو مثل للحيرة في أمره، كأنه لا يجد فيها مكاناً يقر فيه قلقاً وجزعاً.

قوله: أوفى: أَشْرَفَ.

قوله: فخررت ساجداً: شكراً لله عز وجل، وفيه أنَّ سجود الشكر كان معروفاً بينهم في ذلك الوقت.

قوله: وآذن، بالمد، أي: أعلم.

قوله: فذهب، أي: مَنْ ذهب، فأفرد الفعل لكون ضميره راجعاً إلى من ذهب المفهوم منه، وهو مفرد لفظاً وجمع.

قوله: يبشروننا: نظراً إلى المعنى، وفي البخاري (وكذلك عند مسلم): فذهب النَّاس يبشروننا.

قوله: وركض إليَّ، بتشديد الياء، أي: أجرى إليَّ.

قوله: أؤم، أي: أقصد.

قوله: "بخير يوم": قيل: يوم الإسلام مستثنى من هذا العام لظهوره، وقيل: يوم التوبة يوم كمال الإسلام، وكمال الإسلام خير من الإسلام بلا كمال، فيوم الكمال خير من يوم الأصل بلا كمال.

قوله: قطعة قمر، قيل: لم يقل قمراً احترازاً من السواد الذي في القمر، أو لأن موضع الاستنارة كان هو الجبين كما جاء، فناسب أن يشبه ببعض القمر.

قوله: أنخلع: أخرج.

قوله: أبلاه الله: أنعم عليه.

قوله: خُلِّفنا: بالتشديد على بناء المفعول، أي: أُخرنا.

ص: 81

ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ - قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ الْعِيرَ الَّتِي كَانَتْ لِقُرَيْشٍ - كَانَ فِيهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَنَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ - ثُمَّ قَالَ:" تَعَالَ " فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:" مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ " قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي وَاللهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ سَخْطَتِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: إِنِّي لَأَرْجُو عَفْوَ اللهِ. وَقَالَ: فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ. وَقَالَ: سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى أَعْلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ. قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِالتَّوْبَةِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ. فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ؟ (1).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/ 153 و 7/ 23، وفي "الكبرى"(8777) =

ص: 82

15791 -

حَدَّثَنَا حَسَنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى عَبْدِ اللهِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، حَتَّى ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ، فَمَرَّ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" يَا كَعْبُ ". فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفُ. فَأَخَذَ نِصْفًا مِمَّا عَلَيْهِ، وَتَرَكَ النِّصْفَ (1).

= و (11232) من طريق حجاج بن محمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري في "صحيحه"(2757) و (2947) و (3556) و (3889) و (3951) و (4418) و (4673) و (4678) و (6255) و (7225)، وفي "الأدب المفرد"(944)، ومسلم (2769)، والطبري في "تفسيره"(17448)، والحاكم 2/ 605، والبيهقي في "السنن" 2/ 369 و 4/ 81 و 9/ 33، 150، 174، وفي "الدلائل" 5/ 273 - 279، والبغوي في "شرح السنة"(1676) من طرق، عن الليث، به.

وقد سلف برقم (15789).

قال السندي: قوله: "ابتعت"، أي: اشتريت.

(1)

حديث صحيح -ابن لهيعة- وهو عبد الله -وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. حسن: هو ابن موسى الأشيب.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (177) من طريق النضر بن عبد الجبار، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2424) و (2706)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 244، وفي "الكبرى"(5974)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2017)، والطبراني في "الكبير" 19/ (178)، والبيهقي في "السنن" 6/ 52 من طريق جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن الأعرج، به. =

ص: 83

15792 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ "(1).

15793 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ وَأَوْسُ بْنُ الْحَدَثَانِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَنَادَيَا أَنْ لَا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ (2) أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ (3).

= وعلقه مسلم (1558) عن الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن، به.

وسلف نحوه برقم (15766)، وانظر (15489).

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عبد الرحمن بن عبد الله: هو ابن كعب بن مالك لم يسمع هذا الحديث من جده كما صرح هو بذلك في الرواية السالفة برقم (15777)، وأبو أويس: هو عبد الله بن عبد الله المدني، مختلف فيه، وقال الدارقطني: في بعض حديثه عن الزهري شيء. قلنا: وقد اختلف عنه فيه كما سيأتي في التخريج.

فقد أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (121) من طريق منصور بن أبي مزاحم، عن أبي أويس، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه، به.

وقد سلف برقم (15776).

(2)

في (ظ 12) و (ق) و (ص): مِنى.

(3)

حديث صحيح، محمد بن سابق، مختلف فيه، وقد روى له البخاري =

ص: 84

15794 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ، بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ، وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ "(1).

= ومسلم في المتابعات، وقد توبع هنا كذلك، وابن كعب بن مالك، يحتمل أن يكون عبد الله أو عبد الرحمن، وكلاهما ثقة من رجال الشيخين، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه مسلم (1142)(145)، والطبراني في "الكبير" 19/ (191)، وفي "الصغير"(81)، والبيهقي في "السنن" 4/ 260 من طريق محمد بن سابق، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(374)، ومن طريقه مسلم (1142) عن أبي عامر العقدي، عن إبراهيم بن طهمان، به.

وقوله: "لا يدخل الجنة إلا مؤمن"، سلف من حديث جابر برقم (14763)، وانظر شواهده هناك.

وقوله: "أيام التشريق أيام أكل وشرب"، سلف من حديث عبد الله بن عمر ابن الخطاب برقم (4970)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "أن لا يدخل" بالنصب على أن "أَنْ" مصدرية، أي: بأن لا يدخل. أو بالرفع على أنها تفسيرية، وهو الأظهر، والمقصود الترغيب في الإيمان والثبات عليه.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن إسحاق: وهو السلمي المروزي، فمن رجال الترمذي، وهو ثقة. عبد الله: هو ابن المبارك. وابن كعب بن مالك لم يسمَّ، فيحتمل أن يكون عبد الله أو عبد الرحمن، وكلاهما ثقَة من رجال الشيخين. =

ص: 85

15795 -

حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى بَنِي سَلِمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ إِذَا صَامَ الرَّجُلُ فَأَمْسَى، فَنَامَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنَ الْغَدِ، فَرَجَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ سَهِرَ عِنْدَهُ، فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ، فَأَرَادَهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ نِمْتُ، قَالَ: مَا نِمْتِ. ثُمَّ وَقَعَ بِهَا، وَصَنَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ، فَغَدَا عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187] (1).

= وهو عند ابن المبارك في "الزهد"(181) -زيادات نعيم بن حماد- ومن طريقه أخرجه الترمذي (2376)، والنسائي في "الكبرى" -كما في "تحفة الأشراف " 8/ 316 - ، والدارمي 2/ 304، والطبراني في "الكبير" 19/ (189)، والبيهقي في "الآداب"(974)، والبغوي في "شرح السنة"(4054)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقد سلف برقم (15784).

(1)

إسناده حسن، ابن لهيعة -وإن كان سيئ الحفظ-، روى عنه هنا ابن المبارك، وهو أحد من تقبل روايتهم عنه، وموسى بن جبير، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الذهبي في "الكاشف"، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه الطبري في "التفسير"(2941) من طريق سويد، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام في "الناسخ والمنسوخ"(57) من طريق =

ص: 86

15796 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اهْجُوا بِالشِّعْرِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ كَأَنَّمَا يَنْضَحُونَهُمْ (1) بِالنَّبْلِ "(2).

= سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 317، وقال: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وقد ضُعِّف، وبقية رجاله ثقات.

وله شاهد من حديث البراء عند البخاري (1915) مطولاً، وفيه أن الذي غلب النوم قبل الإفطار أبو قيس صرمة بن أبي أنس، وليس فيه قصة عمر، وسيرد 4/ 295.

وآخر من حديث معاذ بن جبل، سيرد مطولاً 5/ 246 - 247 من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عنه، وفيه أن الذي نام عمر لا زوجته.

وثالث من حديث ابن عباس: أخرجه أبو داود (2313) من طريق عكرمة، عنه، وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(51) من طريق عطاء الخراساني، عنه، وأخرجه أبو عبيد (52)، والطبري (2940) من طريق علي ابن أبي طلحة، عنه، وفي هذه الطريق قال ابن عباس: ثم إن ناساً من المسلمين أصابوا النساء والطعام بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب.

ورابع من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلاً: عند أبي عبيد (56)، والطبري (2935) و (2936).

(1)

في (س) و (م): ينضحوهم.

(2)

إسناده حسن، من أجل عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير علي بن بحر -وهو ابن بري القطان- فمن رجال أبي داود والترمذي، وأخرج له البخاري تعليقاً، وهو ثقة. وعبد الرحمن بن عبد الله ابن كعب قد سمع من جده، وقد بينا ذلك في الرواية السالفة برقم (15784). =

ص: 87

15797 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَفْصٍ، حَدِّثْنَا حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ عَادَ مَرِيضًا خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ، فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ اسْتَنْقَعَ فِيهَا " وَقَدِ اسْتَنْقَعْتُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ فِي الرَّحْمَةِ (1).

= وقد سلف نحوه بإسناد صحيح برقم (15785)، وسيأتي نحوه 6/ 386 - 387.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي معشر: وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي، وقد وهم فيه فجعله من حديث كعب بن مالك، والصواب أنه من حديث جابر كما سيأتي في التخريج، فقد رواه عبد الحميد بن جعفر -وهو حسن الحديث- عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن جابر. عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري: هو ابن كعب بن مالك كما جزم بذلك الحافظ في "التعجيل"، وقد اختلف فيه على أبي معشر.

فأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (204) من طريق سريج بن النعمان، عن أبي معشر، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحكم، قال: دخل أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم على عمر بن الحكم يعوده، فذكر الحديث، فسمى عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحكم في الإسناد بدل عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (353)، وفي "الأوسط"(907) من طريق سعيد بن سليمان، عن أبي معشر، به، إلا أن الطبراني جعله في "الكبير" من مسند كعب بن عجرة، وقد وهم في ذلك.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 298، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وإسناده حسن! =

ص: 88

15798 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ أَخُو بَنِي سَلِمَةَ أَنَّ أَخَاهُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ - وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْأَنْصَارِ - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - وَكَانَ كَعْبٌ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا - قَالَ: خَرَجْنَا فِي حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا، وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا، وَخَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ الْبَرَاءُ لَنَا: يَا هَؤُلَاءِ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللهِ رَأْيًا، وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي تُوَافِقُونِي عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: قُلْنَا لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَنْ لَا أَدَعَ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ مِنِّي بِظَهْرٍ - يَعْنِي الْكَعْبَةَ - وَأَنْ أُصَلِّيَ إِلَيْهَا. قَالَ: فَقُلْنَا: وَاللهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الشَّامِ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ،

= قلنا: وسلف في مسند جابر برقم (14260) عن هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر: وهو الأنصاري، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضاً لم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع، فإذا جلس اغتمس فيها"، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الحميد بن جعفر.

وفي الباب من حديث أبي أمامة، سيرد 5/ 268، وإسناده ضعيف.

وعن أنس بن مالك، سلف برقم (12782) وإسناده ضعيف.

قال السندي: قوله: "استنقع فيها"، أي: اجتمع فيها، أي: صار فيها بجميع أجزائه، والله تعالى أعلم.

قلنا: وقد تحرفت في مصادر التخريج إلى: استشفع فيها!

ص: 89

فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي إِلَيْهَا (1). قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: لَكِنَّا لَا نَفْعَلُ، فَكُنَّا (2) إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ أَخِي (3): وَقَدْ كُنَّا عِبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَأَبَى إِلَّا الْإِقَامَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْأَلْهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّهُ - وَاللهِ - قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ خِلَافِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ.

قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ، لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قَالَ: قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَمَّهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: وَكُنَّا (4) نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ، كَانَ لَا يَزَالُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا. قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ، فَهُوَ الرَّجُلُ الْجَالِسُ مَعَ الْعَبَّاسِ. قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ جَالِسٌ، فَسَلَّمْنَا، ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ: " هَلْ

(1) في (ص) و (ق) وهامش (س): إني لم أصل إلا إليها، وفي (ظ 12): إني لم أصل إليها. قلنا: الظاهر أنه سقطت منها لفظة "إلا"، ووقع في "دلائل النبوة" للبيهقي، و"سيرة ابن هشام": إني لَمُصَلٍّ إليها.

(2)

في (ص): قال: فكنا.

(3)

في هامش (ق): يا ابن. وقد ضُرَب على هذه اللفظة في (ظ 12)، والصواب حذفها، لأن قائل "قال أخي" هو معبد بن مالك، وأخوه هو عبيد الله ابن كعب.

(4)

في (ظ 12): وقد كنا.

ص: 90

تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الشَّاعِرُ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، وَهَدَانِي اللهُ لِلْإِسْلَامِ، فَرَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ، حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَمَاذَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لَقَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا " قَالَ: فَرَجَعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ. قَالَ: وَأَهْلُهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى مَاتَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا، نَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ.

قَالَ: وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ، فَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الْحَجِّ، وَكَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَبُو جَابِرٍ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا (1)، وَكُنَّا نَكْتُمُ مَنْ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمْرَنَا، فَكَلَّمْنَاهُ، وَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا جَابِرٍ، إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا (2) وَشَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِنَا، وَإِنَّا نَرْغَبُ بِكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ حَطَبًا لِلنَّارِ غَدًا. ثُمَّ دَعَوْتُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبَرْتُهُ بِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَ، وَشَهِدَ مَعَنَا الْعَقَبَةَ، وَكَانَ نَقِيبًا. قَالَ: فَنِمْنَا

(1) في (ق): ساداتنا.

(2)

في (ق): ساداتنا.

ص: 91

تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا، حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ الْقَطَا، حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ، نُسَيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمُّ عُمَارَةَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلِمَةَ وَهِيَ أُمُّ مَنِيعٍ.

قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَنَا وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، إِلَّا أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ، وَيَتَوَثَّقُ لَهُ، فَلَمَّا جَلَسْنَا كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ (1) الْخَزْرَجِ، - قَالَ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ مِمَّا يُسَمُّونَ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ الْخَزْرَجَ؛ أَوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا - إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا فِيهِ، وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ، وَمَنَعَةٍ فِي بَلَدِهِ. قَالَ: فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ. قَالَ: فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَلَا، وَدَعَا إِلَى اللهِ عز وجل، وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ:" أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ " قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ

(1) في (ص) و (ظ 12): معاشر.

ص: 92

أُزُرَنَا، فَبَايِعْنَا يَا (1) رَسُولَ اللهِ، فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ.

قَالَ: فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ (2) - وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا - يَعْنِي الْعُهُودَ - فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللهُ، أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ، وَتَدَعَنَا؟ قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:" بَلِ الدَّمُ الدَّمُ، وَالْهَدْمُ الْهَدْمُ (3) أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ " وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ (4) اثْنَيْ عَشَرَ (5) نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ " فَأَخْرَجُوا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ.

وَأَمَّا مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ، فَحَدَّثَنِي فِي حَدِيثِهِ (6) عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، ثُمَّ تَتَابَعَ الْقَوْمُ، فَلَمَّا بَايَعَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،

(1) لفظ "يا" ليس في (م).

(2)

في (ص) و (ظ 12) وهامش (س): للقول.

(3)

تحرف في (م) إلى: الهرم الهرم. بالراء بدل الدال.

(4)

في (ص) و (ظ 12): منهم.

(5)

في النسخ عدا (م): اثنا عشر، وضبِّب فوقها في (س)، قال السندي: كأنه بتقدير: فليخرج منا اثنا عشر نقيباً.

(6)

لفظا "في حديثه" ليس في (ص) و (ظ 12).

ص: 93

صَرَخَ (1) الشَّيْطَانُ مِنْ رَأْسِ الْعَقَبَةِ بِأَبْعَدِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ: يَا أَهْلَ الْجُبَاجِبِ - وَالْجُبَاجِبُ: الْمَنَازِلُ - هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاةُ مَعَهُ؟ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ - قَالَ عَلِيٌّ (2) - يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ -: مَا يَقُولُ عَدُوُّ اللهِ: مُحَمَّدٌ (3) - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أَزْيَبَ، اسْمَعْ أَيْ عَدُوَّ اللهِ، أَمَا وَاللهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْفَعُوا (4) إِلَى رِحَالِكُمْ " قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَمْ أُؤمَرْ بِذَلِكَ ".

قَالَ: فَرَجَعْنَا فَنِمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جُلَّةُ قُرَيْشٍ حَتَّى جَاؤونَا فِي مَنَازِلِنَا، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا! وَاللهِ إِنَّهُ مَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْكُمْ. قَالَ: فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَالِكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِنَا يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللهِ مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ وَمَا عَلِمْنَاهُ. وَقَدْ صَدَقُوا لَمْ يَعْلَمُوا مَا كَانَ مِنَّا. قَالَ: فَبَعْضُنَا يَنْظُرُ

(1) في (ص) و (ظ 12): خرج.

(2)

قلنا: هو المروزي شيخ الإمام أحمد، لكن لم يذكر روايته عنه هنا.

(3)

المراد بهذه العبارة أن عدو الله صرخ بما يُضاد اسم محمد وزناً ومعنىً.

(4)

وقع في (ق): ادفعوا. ووقع في "تاريخ" الطبري، و"معجم" الطبراني، و"سيرة" ابن هشام، و"دلائل النبوة" للبيهقي: ارفضُّوا. قلنا: يعني تفرقوا.

ص: 94

إِلَى بَعْضٍ. قَالَ: وَقَامَ الْقَوْمُ وَفِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ جَدِيدَانِ، قَالَ: فَقُلْتُ كَلِمَةً كَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْرَكَ الْقَوْمَ بِهَا فِيمَا قَالُوا: مَا تَسْتَطِيعُ يَا أَبَا جَابِرٍ وَأَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا (1) أَنْ تَتَّخِذَ نَعْلَيْنِ مِثْلَ نَعْلَيْ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ؟ فَسَمِعَهَا الْحَارِثُ، فَخَلَعَهُمَا، ثُمَّ رَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، فَقَالَ: وَاللهِ لَتَنْتَعِلَنَّهُمَا. قَالَ: يَقُولُ أَبُو جَابِرٍ: أَحْفَظْتَ - وَاللهِ - الْفَتَى (2)، فَارْدُدْ عَلَيْهِ نَعْلَيْهِ. قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَرُدَّهُمَا فَأْلٌ - وَاللهِ - صَالْحٌ (3)، وَاللهِ لَئِنْ صَدَقَ الْفَأْلُ لَأَسْلُبَنَّهُ (4).

(1) في (ق): ساداتنا.

(2)

فسرها عند البيهقي والطبري، فقال: يقول: أخجلته.

(3)

وقع في النسخ: قال والله صلح والمثبت من "تاريخ" الطبري، و"دلائل النبوة" للبيهقي، وهو الوارد في "سيرة" ابن هشام. وكلمة "صلح" وردت في "مجمع الزوائد" صالح، على الجادة، ولعلهم يريدون بكلمة صلح صالح، على عادتهم بحذف ألف بعض الكلمات ظنوه اسم علم.

(4)

حديث قوي، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلساً- صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وقد رواه عنه سلمةُ بنُ الفضل -كما سنذكر- وقد قال فيه جرير -فيما نقله عنه ابنُ معين-: ليس من لدن بغداد إلى أن تبلغ خراسان أثبت في ابن إسحاق من سلمة بن الفضل، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.

وأخرجه الطبري في "التاريخ" 2/ 360 - 362، وابن حبان (7011) من طريق سلمة بن الفضل، والطبراني في "الكبير" 19/ (175) من طريق جرير، و (174)، والحاكم 3/ 441 مختصراً، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 444 - 4447 من طريق يونس بن بكير، ثلاثتهم عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وتحرف اسم عبيد الله بن كعب عند الطبري وابن حبان والبيهقي إلى: عبد الله بن كعب. =

ص: 95

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن خزيمة مختصراً (429) من طريق سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن معبد، عن كعب، به، ولم يذكر أخاه عبيد الله.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 45، وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع.

وأورده ابن هشام في "السيرة" 1/ 439 - 443.

قال السندي: قوله: "وقد صلَّينا"، أي: كنا مسلمين نُصَلِّي.

"وفقهنا" بضم القاف، أي: صرنا فقهاء.

"عبْنَا" بكسر العين.

"انطلق" بصيغة المتكلم أو بصيغة الأمر، أي: معي.

"فأسأله" بصيغة المتكلم، بالنصب على الثاني، والرفع على الأول.

"فواعَدنا" بصيغة المتكلم والغائب، والفاعل على الثاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا قوله: وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

"وإنا نرغب بك عما أنت فيه" الباء للتعدية، أو بمعنى في، أي: نرغبك عن دين الشرك، أو نرغب في شأنك عن دين الشرك، أي: بقاؤك فيه، أي: لا نحبه.

"أن تكون " خشية أن تكون.

"القَطا" بفتح القاف، طائر.

"نُسَيبة" بالتصغير، هي غير أم عطية من بني هاشم.

"حيثُ قد علمتُم" أي: في المنزلة التي قد علمتموها.

"أُزُرنا" بضمتين أو سكون الثاني، جمع إزار، أي:[نساءنا وأهلنا].

"فاعترض القول" بالنصب، الفاعل أبو الهيثم، بفتح فسكون.

"ابن التَّيهان" بفتح التاء المثناة من فوق، أو كسرة، وسكون الياء المثناة من تحت.

"والهدم الهدم" بفتحتين أو سكون الثاني، رُوي بهما، وهو القبر، أي: أُقبر حيث تُقْبرون، وقيل: المنزل، أي: منزلكم، نحو: المحيا محياكم والممات =

ص: 96

فَهَذَا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ الْعَقَبَةِ وَمَا حَضَرَ مِنْهَا.

= والممات مماتكم، أي: لا أفارقكم. و"الهَدْمُ " بالفتح والسكون أيضاً: إهدارُ دم القتيل، يقال: دماؤهم بينهم هَدْم، أي: مهدرة، أي: طالبُ دمكم طالب دمي، أي: إن طلب أحدٌ دمكم طلبَ دمي، وإن هدر دمكم فقد هدر دمي، لاستحكام الألفة بيننا.

"الجباجب" بجيمين، ويأتي بموحدتين، وفي "المجمع": هي جمع جُبجب بالضم، وهو المستوي من الأرض ليس بحزن، وهم اسم لمنازل بمنىً، سُمِّيت به، لأن كروش الأضاحي تُلقى فيها، والجبجبة: الكرش مع اللحم يُتَزَوَّدُ في السفر.

"مُذَمَّم" بفتج الميم المشددة. و"الصُّباة" بضم الصاد، وكانوا يقولون للمسلمين: الصُّباة، ويقولون له صلى الله عليه وسلم ما هو ضدُّ اسمهِ ووصفِه.

"أزبُّ العقبة" بتشديد الباء، اسمُ شيطان كان بالعقبة.

ص: 97

‌حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ

(1)

15799 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ طَعَامٌ، قَالَ: فَأَتَوْا بِسَوِيقٍ، فَلَاكُوا مِنْهُ، وَشَرِبُوا مِنْهُ، ثُمَّ أَتَوْا بِمَاءٍ فَمَضْمَضُوا، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى (2).

15800 -

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ، وَصَلَّى الْعَصْرَ، دَعَا بِالْأَطْعِمَةِ فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ، وَمَضْمَضْنَا مَعَهُ، وَمَا مَسَّ مَاءً (3).

(1) قال السندي: سويد بن النعمان أنصاري، يكنى أبا عقبة، شهد أحداً وبيعة الرضوان.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6461) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4175) من طريق ابن أبي عدي، عن شعبة، به، مختصراً.

وسيأتي برقم (15800) و (15990).

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن نمير: هو عبد الله، ويحيى: هو ابن سعيد الأنصاري. =

ص: 98

‌حَدِيثُ رَجُلٍ

15801 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ (1).

= وأخرجه ابنُ أبي شيبة 1/ 48 عن ابن نُمير، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 26، ومن طريقه البخاري (209) و (4195)، والنسائي في "المجتبى" 1/ 108 - 109، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 66، وابن حبان (1155)، والطبراني في "الكبير"(6456)، والبيهقي في "السنن" 1/ 160، والبغوي في "شرح السنة"(171)، والحازمي في "الاعتبار" ص 51، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

وأخرجه الحميدي (437)، وابن أبي شيبة 1/ 48، والبخاري (215) و (2981) و (5384) و (5390) و (5454) و (5455)، والنسائي في "الكبرى"(191)، وابن ماجه (492)، والطحاوي 1/ 66، وابن حبان (1152)، والطبراني (6457) و (6458) و (6459) و (6460) و (6462) و (6463) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه": رجال إسناده ثقات.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(691)، ومن طريقه الطبراني (6455) عن ابن عيينة وابن أبي سبرة، عن يحيى بن سعيد، به.

وعنده أنه صلى الظهر أو العصر. ووقع في مطبوع الطبراني أنه صلى الظهر والعصر، لم يذكر المغرب.

وقد سلف برقم (15799).

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي مالك الأشجعي: =

ص: 99

‌حَدِيثُ رَجُلٍ

15802 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ: يَا فُلَانُ، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْعَتُ الْإِسْلَامَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ جَذَعًا، ثُمَّ ثَنِيًّا، ثُمَّ رَبَاعِيًا، ثُمَّ سَدِيسًا (1)، ثُمَّ بَازِلًا " قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " فَمَا بَعْدَ الْبُزُولِ إِلَّا النُّقْصَانُ (2).

= -وهو سَعْد بن طارق- فمن رجال مسلم.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 49، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وسيكرر برقم (16220) و 5/ 366 (ميمنية) سنداً ومتناً.

وقد سلف من حديث أبي سعيد الخدري برقم (11072)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

(1)

وقع في (ظ 12): سَدَساً، وكلاهما صواب، وسيرد ذكر معناه، وتحرف في (ق) إلى: سدسياً، وفي (م) إلى: سديسياً.

(2)

إسناده ضعيف لإبهام راويه عن الصحابي، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير علقمة المزني -وهو ابن عبد الله بن سنان-، فمن رجال أصحاب السنن وهو ثقة. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.

وأخرجه أبو يعلى (192) من طريق يزيد بن زريع ويحيى بن سعيد، عن عوف، به. وزاد: قال يزيد في حديثه في مسجد البصرة قال: حدثني رجل قد سماه، ونسي عوف اسمه. =

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 279 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه راوٍ لم يسم، وبقية رجاله ثقات.

وأورده ابن كثير في "مسند الفاروق" 2/ 658 - 659 وقال: وهو غريب، والله تعالى أعلم.

وسيأتي 5/ 52.

وفي الباب عن عنترة بن عبد الرحمن الكوفي عند ابن جرير في "تفسيره"(11083) أخرجه عن سفيان بن وكيع، حدثنا محمد بن فضيل، عن هارون بن عنترة، عنه، قال: لما نزلت: {اليوم أكملت لكم دينكم} وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما يبكيك؟ " فقال: أبكاني أنَّا كُنّا في زيادة من ديننا، فأما إذا كمل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقص! فقال:"صدقت". وإسناده ضعيف، وهو مرسل، سفيان بن وكيع ضعيف الحديث، وعنترة بن عبد الرحمن الكوفي تابعي ثقة، قال الحافظ: ووهم من زعم أن له صحبة.

قال ابنُ كثير عقيب إيراد هذا الحديث: ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت: "إنَّ الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً فطوبى للغرباء".

قلنا: قد سلف من حديث ابن مسعود برقم (3784).

قال السندي: قوله: "بدأ"، أي: ظهر.

"جَذَعاً" بفتحتين: هو من الإبل ما تمَّ له أربعُ سنين، ويقال للشاب الفتي.

"ثَنِيّاً" هو من الإبل: ما دخل في السنة السادسة.

"رَبَاعِياً" كثمانياً: وهو ما دخل في السنة السابعة، لأنها سِنُّ ظهور رباعيته، والرَّبَاعِيَة بوزن ثمانية.

"ثم سَدَساً" بفتحتين، وفي بعض النسخ: سَدِيساً كعظيماً، وهما بمعنى: وهو ما دخل في السنة الثامنة، وذاك إذا ألقى السن بعد الرَّبَاعِيَة، وفي "الصحاح" السَدَس بالتحريك: السنُّ التي قبل البازل، يستوي فيه المذكر =

ص: 101

‌حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

(1)

15803 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرًا، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نُخَابِرُ، وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، حَتَّى زَعَمَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ فَتَرَكْنَاهُ (2).

= والمؤنث، والإناثُ في الأسنان كلِّها بالهاء إلا السَّدَسَ والسَّدِيس والبازل، وجمع السَّدِيس سُدُس بضمتين، مثل رَغِيف ورُغُف، وجمع السَّدَس: سُدْس مثل أَسَد وأُسْد.

"بازلاً": هو ما طلع نابُه، وكملت قُوَّتُه، ويكون بعد ثمان سنين، ثم يقال بعد ذلك: بازل عام، وبازل عامين.

(1)

قال السندي: رافع بن خديج، أنصاري أوسي، عُرِضَ على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فاستصغره، وأجازه يوم أحد، فخرج بها، وشهد ما بعدها. والراجح أنه مات في زمن معاوية، وقيل غير ذلك.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر (4586) سنداً ومتناً. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار.

وسيأتي بالأرقام (15818) و (15824) و (15825) و 4/ 140 و 143 وسيكرر سنداً ومتناً برقم 4/ 142.

وسيأتي من طريق أَسِيد عن رافع بالأرقام (15808) و (15815) و (15816) و (15817).

ومن طريق حنظلة عن رافع برقم (15809) و 4/ 140 و 142 و 142 - 143.

ومن طريق مجاهد عن رافع برقم (15811) و (15829) و 4/ 141.

ومن طريق عطاء عن رافع برقم (15821) و 4/ 141.

ومن طريق ابن رافع عن رافع برقم (15822). =

ص: 102

15804 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ "(1).

= ومن طريق سليمان بن يسار عن رافع برقم (15823) و 4/ 169.

ومن طريق أبي النجاشي عن رافع (17268) و 4/ 143.

وسلف ذكر أحاديث الباب في مسند عبد الله بن عمر في تخريج الرواية (4504).

ونزيد هنا: حديث ابن عباس، سلف برقم (2087).

وحديث سعد بن أبي وقاص، سلف برقم (1582).

وحديث أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11021).

وحديث ثابت بن الضحاك، سيرد 4/ 33.

قال السندي: قوله: "كنا نُخابر" من المخابرة، قيل: هي المزارعة على نصيب معلوم، كالثلث والربع.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع بين محمد بن يحيى بن حَبَّان ورافع بن خديج. يزيد: هو ابن هارون، ويحيى: هو ابن سعيد الأنصاري.

وأخرجه الدارمي 2/ 174، والطبراني في "الكبير"(4339) من طريق يزيد ابن هارون، بهذا الإسناد.

وقد رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري هكذا منقطعاً عدد من الرواة:

منهم يحيى القطان عند النسائي في "المجتبى" 8/ 87، وفي "الكبرى"(7449) و (7451).

وحماد بن زيد عند أبي داود (4389)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 87، وفي "الكبرى"(7450)، والطبراني في "الكبير"(4342)، والبيهقي في "السنن" 8/ 262 - 263، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 23/ 306. وذكر بعضهم قصة من سرق ورُفع أمره إلى مروان بن الحكم، وأراد أن يقطعه .. =

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وسفيان الثوري عند النسائي في "المجتبى" 8/ 87، وفي "الكبرى"(7454) و (7455)، والدارمي 2/ 174، والطبراني في "الكبير"(4340)، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 306.

وأبو معاوية الضرير عند النسائي في "المجتبى" 8/ 87، وفي "الكبرى"(7453).

وأبو خالد الأحمر عند ابن أبي شيبة 10/ 26، والطبراني في "الكبير"(4350).

وجرير بن عبد الحميد وعبد الوهاب الثقفي عند الدارمي 2/ 174.

وأبو شهاب الحنَّاط عند البيهقي في "السنن" 8/ 263.

وأبو عوانة عند ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 307 - 308.

وعبدُ الوارث بن سعيد، وزهيرُ بنُ معاوية، وعبيدُ الله بن عمرو، ويونسُ بنُ راشد، وزائدةُ بنُ قدامة، وعبدُ العزيز الدراوردي، وأنسُ بنُ عياض، ورواياتهم على الترتيب عند الطبراني في "الكبير"(4343)(4344)(4345)(4346)(4347)(4348)(4349).

ومالك في "الموطأ" 2/ 839 ومن طريقه الشافعي في "المسند" 2/ 83 - 84 (بترتيب السندي)، وفي "السنن"(563)، وفي "الأم" 6/ 118، وأبو داود (4388)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 172، والطبراني في "الكبير"(4341)، والبيهقي في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" ص 274 و 274 - 275، والبغوي في "شرح السنة"(2600)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة"(104)، مع ذكر القصة. قال الطحاوي: هذا الحديث تلقت العلماءُ متنه بالقبول.

قال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 23/ 303: هذا حديث منقطع، لأن محمد ابن يحيى لم يسمعه من رافع بن خديج. وكذلك نقل الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 361 عن عبد الحق.

وقد وقع في إسناد مطبوع مسند الشافعي زيادة: "عن عمه واسع" ولم ترد =

ص: 104

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من طريق مالك ولم ترد من طريقه في "السنن" ولا في "الأم".

وأخرجه البيهقي في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" ص 273 من طريق الربيع، عن الشافعي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، أن رافع بن خديج أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقال: هكذا وقع هذا الحديث القطع في السرقة: أن رافع بن خديج أخبره. وهو خطأ من الربيع أو من دونه أو الكاتب. وقد رواه الشافعي في كتاب الحدود، فقال: عن رافع بن خديج أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يقل فيه أخبره، ثم أورد البيهقي رواية مالك المنقطعة من طريق الشافعي، وقال: كذلك رواه الشافعي في القديم، وقال: هذا مرسل، يعني بين محمد بن يحيى بن حَبَّان ورافع، فكيف يَحكُمُ بإرساله ثم يرويه موصولاً؟! دلَّ أن هذا الخطأ وقع من غيره، وقد يحتمل أنه رواه حين رواه مختصراً فقال:"إن رافع بن خَدِيج أخبر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم" بغير هاء، فزاد فيه الكاتب هاءً، فأما الشافعي فإنما رواه على الإرسال، وكذلك أصحاب مالك، وإنما رواه موصولاً من حديث ابن عُيينة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه واسع بن حَبَّان، عن رافع.

قلنا: قد أخرجه موصولاً بذكر واسع بن حَبَّان من طريق ابن عُيينة، عن يحيى بن سعيد، به: الشافعيُّ في "المسند" 2/ 84 (بترتيب السندي)، وفي "السنن"(564)، والحميدي (407)، الدارمي 2/ 174، والنسائي في "المجتبى" 8/ 87، وفي "الكبرى"(7456)، وابن ماجه (2593)، والطحاوي

في "شرح المعاني" 3/ 172، وابن الجارود (826)، وابن حبان (4466)، والبيهقي في "السنن" 8/ 263، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 304 - 305. وذكر بعضهم القصة.

ونقل ابنُ عبد البر عن الحُميدي، قال: فقيل لسفيان: ليس يقولُ أحدٌ في هذا الحديث: "عن عمه"، فقال: هكذا حفظي.

وقال ابنُ عبد البر أيضاً 23/ 303: فإن صح هذا، فهو متصل مسند صحيح، =

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولكن قد خُولف ابنُ عُيينة في ذلك، ولم يُتابع عليه، إلا ما رواه حماد بن دُلَيل المدائني عن شعبة.

قلنا: بل تابع ابنَ عُيينة غيرُ واحد، فقد وصله أيضاً زهيرُ بنُ محمد التميمي عند الطيالسي (958)، والليثُ بنُ سعد عند الترمذي (1449)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 87 - 88، وفي "الكبرى"(7457) كلاهما عن يحيى ابن سعيد الأنصاري بمثل إسناد ابنِ عُيينة.

قال الترمذي: هكذا روى بعضهم عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى ابن حَبَّان عن عمه واسع بن حبان، عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو رواية الليث بن سعد، وروى مالك بن أنس وغيرُ واحدٍ هذا الحديث عن يحيى ابن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن رافع بن خَديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه: عن واسع بن حَبَّان.

قلنا: والذين زادوا الوصل ثقات، وزيادةُ الثقة مقبولة.

وأخرجه الدارمي 2/ 174، والنسائي في "المجتبى" 8/ 88، وفي "الكبرى"(7459)، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 306 - 307 من طريق أبي أسامة، وعبدُ الرزاق (18916) ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(4351) عن ابن جُريج، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبَّان، عن رجل من قومه، عن رافع، به. ولم يقل ابن جريج:"من قومه". وسقط من إسناد الطبراني عبارة: "عن رجل". ويظهر أن هذا الرجل هو واسع بن حَبَّان، كما سماه ابن عيينة ومن تابعه، فيما سلف، وهو عم محمد بن يحيى بن حبان.

وأخرجه الدارمي 2/ 175، والنسائي في "المجتبى" 8/ 88، وفي "الكبرى"(7458) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن أبي ميمون، عن رافع، به. وقال النسائي: هذا خطأ، أبو ميمون لا أعرفه. وقال في "الكبرى": هذا خطأ، رواه أبو أسامة فقال: عن رجل من قومه. قال الدارمي: القول ما قال أبو أسامة. وأبو ميمون وقع عند الدارمي والرازي في "العلل" 1/ 456: أبو ميمونة. =

ص: 106

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/ 88، وفي "الكبرى"(7460)، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 307 من طريق بشر بن المفضل، عن يحيى بن سعيد، أن رجلاً من قومه حدَّثه عن عمة له -في "التحفة" للمزي 3/ 160: عن عم له-، أن رافع بن خديج، كذا وقع عند النسائي، ووقع عند ابن عبد البر: عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، أن رجلاً من قومه حدَّثه عن عمة له. ففيه زيادة: محمد بن يحيى بن حَبَّان!

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4352) من طريق الليث، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمة له، عن رافع، به. وسبق من طريق الليث من وجه آخر، وهذا اختلاف فيه عن الليث.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 8/ 86، وفي "الكبرى"(7448)، والطبراني في "الكبير"(4277) من طريق الحسن بن صالح، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن رافع بن خديج، به. قال المزي في "التحفة": غريب. المحفوظ حديث يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى ابن حَبَّان، عن رافع بن خديج، وقيل: عن عمه واسع بن حَبَّان، عن رافع بن خديج.

وسيأتي من طريق شعبة برقم (15814)، ومكرراً سنداً ومتناً 4/ 140 و 142.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (2594) أخرجه عن هشام ابن عمار، عن سعد بن سعيد المقبري، عن أخيه، عن أبيه، عنه، وإسناده ضعيف جداً، سعد بن سعيد المقبري ضعيف، وأخوه -واسمه عبد الله- متروك.

وفي الباب في الثمر المعلق: عن عبد الله بن عمرو، سلف برقم (6683)، وذكرنا له في تخريجه هناك شاهداً آخر.

وعن عمرو بن شعيب عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الشافعي في "المسند" 2/ 84، والبيهقي في "السنن" 8/ 263 بلفظ:"لا قطع في ثمر معلق، فإذا آواه الجرين ففيه القطع". وإسناده معضل. =

ص: 107

15805 -

حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ الكِلَابيِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَالَ: مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ بِالْمَدِينَةِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَإِذَا شَيْخٌ، فَلَامَ الْمُؤَذِّنَ، وَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ قَالُوا: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ (1).

= قال السندي: قوله: "في ثَمَر" بفتحتين- فُسِّر بما كان مُعَلَّقاً بالشجر قبل أن يُجَدَّ ويُحْرَز، وقيل: المراد به أنه لا يُقطع فيما يتسارع إليه الفساد ولو بعد الإحراز.

"ولا كَثَر" -بفتحتين-: الجُمَّار. اهـ. قلنا: والجُمَّار: هو قلبُ النخل وشحمها. كما في "النهاية".

وانظر مذاهب العلماء في فقه هذا الحديث في "شرح السنة" 10/ 319 - 320.

(1)

إسناده ضعيف، ومتنُه مُنكَر، عبد الواحد بن نافع -وسمى حَرَميُّ بن عُمارة أباه نفيعاً، وقال ابنُ عدي: عبد الواحد بن الرماح أبو الرماح، ووقعت نسبته في "الميزان" و"المجروحين" و "تعجيل المنفعة": الكَلَاعي- قال فيه البخاري في "التاريخ الصغير" 2/ 65: لم يتبين أمره. وتناقض ابنُ حِبّان فيه، فذكره في "الثقات"، وذكره أيضاً في "المجروحين" 2/ 154، وقال: شيخ يروي عن أهل الحجاز المقلوبات، وعن أهل الشام الموضوعات، لا يحلُّ ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 245 عن ابن القطان قوله فيه: مجهول الحال، مختلف في حديثه. ونقل الذهبي في "الميزان" 2/ 677 عن عبد الحق في "أحكامه" قوله: لا يصح حديثه. وعبدُ الله بنُ رافع بن خَدِيج: وثَّقه ابنُ سعد، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني في "السنن" 1/ 251: ليس بقوي، وسماه موسى بن =

ص: 108

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إسماعيل: عبد الرحمن بن رافع، وهو من رجال "التعجيل" لكن سقطت ترجمته من طبعة دائرة المعارف الهندية.

ثم إن متن الحديث مُنكر، فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه كان يعجل العصر، كما سيرد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 89، وفي "الصغير" 2/ 64، والدارقطني في "السنن" 1/ 251 من طريق الضحاك، بهذا الإسناد، لكن قال البخاري في "الكبير": عن عبد الحميد أو عبد الواحد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" 2/ 65، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 154، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1937 من طريق يعقوب ابن إسحاق الحضرمي، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 89، وفي "الصغير" 2/ 65، والدارقطني في "السنن" 1/ 251 من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل، والبخاري في "التاريخ الصغير" 2/ 65، والطبراني في "الكبير"(4376) من طريق حرمي بن عمارة، ثلاثتهم عن عبد الواحد بن نافع، به. وحرمي بن عمارة سماه: عبد الواحد بن نُفَيع، وموسى بن إسماعيل سمى عبد الله بن رافع: عبدَ الرحمن. قال البخاري في "الكبير": لا يتابع عليه. قال الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 245: يعني عبد الله بن رافع. والصحيح عن رافع غيره.

وقال الدارقطني في "السنن" 1/ 252: هذا حديث ضعيف الإسناد من جهة عبد الواحد هذا، لأنه لم يروه عن ابن رافع بن خديج غيره، وقد اختُلف في اسم ابن رافع هذا، ولا يصح هذا الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصحابة، والصحيح عن رافع بن خديج وعن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ضد هذا، وهو التعجيل بصلاة العصر والتبكير بها.

وأخرجه البخاري فهي "التاريخ الكبير" 5/ 88 - 89، وفي "الصغير" 2/ 65 - 66 من طريق يزيد بن عمرو الأسلمي، عن عبد العزيز بن عقبة بن سلمة ابن الأكوع قال: صليت مع عبد الله بن رافع بن خديج العصر بالضَّرِيَّة، وأهلُ البادية يُؤخرون، فأَخَّرها جداً، فقلتُ له؟ فقال: ما لي وللبدع، هذه صلاةُ =

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= آبائي مع النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري في "الصغير": ويزيدُ هذا غيرُ معروفٍ سماعُه من عبد العزيز.

وقال الترمذي 1/ 300: ويروى عن رافع بن خديج أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر، ولا يصح.

قلنا: والصحيح من حديث رافع بن خديج نفسه: أنه صلى الله عليه وسلم كان يُعجل العصر، فقد أخرج البخاري في "صحيحه"(2485)، وفي "تاريخه" 5/ 90، وفي "الصغير" 2/ 65، ومسلم (625)، والدارقطني 1/ 252 من طريق الأوزاعي، عن أبي النجاشي، عن رافع بن خَدِيج قال: كنا نُصَلِّي مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر، ثم ننحر الجزور، فنقسم عشر قسم، ثم نطبخ، فنأكل لحماً نضيجاً قبل أن تَغْرُب الشمس. وسيرد 4/ 143.

قال البخاري في "التاريخ الكبير": وهذا أصح.

وأخرج الدارقطني في "السنن"، 1/ 252 من طريق موسى بن أعين، عن الأوزاعي، عن أبي النجاشي، عن رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بصلاة المنافق؟ أن يؤخر حتى إذا كانت كثَرْبِ البقرةِ صلَّاها". والثَّرْبُ: الشحمُ الرقيق الذي يغشى الكرش.

وصحَّ تعجيلُ صلاة العصر أيضاً من حديث أبي برزة الأسلمي عند البخاري (547)، ومسلم (647) أخرجاه من طريق سيار بن سلامة قال: دخلتُ أنا وأبي على أبي بَرْزَة الأسلمي، فقال له أبي: كيف كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة؟ فقال: كان يصلي الهجير -التي تدعونها الأولى- حين تَدْحَض الشمس، ويصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حيَّة

، وسيرد 4/ 420.

ومن حديث أنس عند البخاري (550)، ومسلم (621) قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي العصر والشمسُ مرتفعةٌ حيَّهٌ، فيذهبُ الذاهبُ إلى العوالي فيأتيهم والشمسُ مرتفعة، وبعضُ العوالي من المدينة على أربعة أميالٍ أو نحوه. وسلف برقم (12644). =

ص: 110

15806 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى؟ قَالَ:" مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللهِ، فَكُلْ لَيْسَ (1) السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ، أَمَّا السِّنُّ: فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ " قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهْبًا، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَسَعَوْا لَهُ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ لِهَذِهِ الْإِبِلِ - أَوْ قَالَ: لِهَذِهِ النَّعَمِ - أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا "(2).

= وسيأتي مكرراً سنداً ومتناً 4/ 142.

(1)

في (ص) و (ظ 12): وليس.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن عامر: وهو الضُّبعي، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وهو ثقة. شعبة: هو ابن الحجاج، وسعيد بن مسروق: هو الثوري والد سفيان.

وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 183، والبيهقي في "السنن" 9/ 245 - 246 من طريق سعيد بن عامر، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (5503)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 228، وفي "الكبرى"(4498)، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 183 من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (963) و (964)، ومسلم (1968)(22)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 191، وفي "الكبرى"(4809)، وابن ماجه (3137)، والطبراني في "الكبير"(4383)، والبيهقي في "السنن" 9/ 246 من طريق زائدة بن قدامة، والشافعي في "المسند" 2/ 173، والحميدي (410) =

ص: 111

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= و (411)، ومسلم (1968)(22)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 226، وفي "الكبرى"(4492)، والطبراني في "الكبير"(4391)، والبيهقي 9/ 247 من طريق عمر بن سعيد، والبخاري (2488) و (3075) و (5498)، وابن حبان (5886)، والطبراني (4384)، والبغوي في "شرح السنة"(2782) من طريق أبي عوانة، والبخاري (5544)، وابن ماجه (3178) و (3183)، والطبراني (4392)، من طريق عمرو بن عبيد الطنافسي، ومسلم (1968)(22)، والطبراني (4394)، والبيهقي 9/ 247 من طريق إسماعيل بن مسلم، والطبراني (4386) من طريق داود بن عيسى الكوفي، و (4387) من طريق أبي حنيفة، و (4388) من طريق حبيب بن حبيب، و (4389) من طريق حسان بن إبراهيم، و (4390) من طريق إسرائيل، و (4392) من طريق مندل بن علي وحماد بن شعيب الحراني، و (4393) من طريق مبارك بن سعيد بن مسروق، كلهم عن سعيد بن مسروق، به. وقال الطيالسي: قال زائدة: ما يرون في الدنيا حديثاً في هذا الباب أحسن منه. وقال الطيالسي: هو والله من جياد الحديث.

قلنا: وزاد فيه إسماعيل بن مسلم: فرميناه بالنبل حتى وَهَصْناه.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 5/ 387 - 388، والبخاري (5543)، وأبو داود (2821)، والترمذي (1491) و (1492) و (1600)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 226، وفي "الكبرى"(4125) و (4493)، والطبراني (4385)، والبيهقي في "السنن" 9/ 247 من طريق أبي الأحوص والطبراني (4389)، والبيهقي في "السنن" 9/ 247 من طريق حسان بن إبراهيم الكرماني، كلاهما عن سعيد ابن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن أبيه رفاعة، عن جده رافع. فزادا: عن أبيه رفاعة.

وذكر الترمذي أن الأول أصح، أي دون هذه الزيادة، ثم قال: والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون أن يُذَكّى بسِنٍّ ولا بعظم.

وقال الرازي في "العلل" 2/ 45: سألت أبي عن حديثٍ رواه أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق، عن عَبَاية بن رفاعة، عن أبيه، عن جده رافع بن =

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= خديج

فساقه، ثم قال: قال أبي: روى هذا الحديث الثوريُّ وغيره، ولم يقولوا فيه: عن أبيه، قلت: فأيهما أصح؟ قال: الثوري أحفظ. قلنا: رواية الثوري سترد بالرقم (17261).

وأخرجه الطبراني (4395) من طريق ليث بن أبي سُلَيم، عن عباية، عن أبيه، عن جده. وليث ضعيف.

وأخرجه مختصراً ابنُ أبي شيبة 5/ 389 عن أبي خالد الأحمر، عن ابن جريج، عمن حدَّثه، عن رافع بن خَدِيج. بنحوه.

وسيأتي برقم (15813) و 4/ 140 و 140 - 141 و 142.

وفي باب "ما أنهر الدم" عن ابن عمر، وقد سلف برقم (4597)، وذكرنا هناك أحاديث الباب. ونزيد عليها هنا:

حديث سفينة سيرد 5/ 220. قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 33: ورجال أحمد رجال الصحيح، إلا أنه من رواية يحيى بن أبي كثير، عن سفينة.

وحديث أبي رافع عند البزار (1224)، والطبراني في "الكبير"(967).

وحديث حُذَيفة عند الطبراني في "الأوسط"(7186)، وفي إسناده عبد الله ابن خراش، وهو ضعيف.

وحديث أبي أمامة عند الطبراني في "الكبير"(7851)، قال الهيثمي في "المجمع" 4/ 34: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه علي بن يزيد وهو ضعيف، وقد وثق.

وفي باب صيد ما نَدَّ من البهائم:

حديث أبي العُشَراء عن أبيه، سيرد 4/ 334. ونقل الدولابي في "الكنى" 2/ 31 عن البخاري قوله: أبو العُشَراء الدارمي لم يرو عنه غير حماد بن سلمة، واسمه عطارد بن بكر، ويقال: يسار بن بكر، ثم قال: وفي اسمه وسماعه من أبيه نظر.

وحديث يزيد البجلي عن ابن مسعود عند البيهقي في "السنن" 9/ 246 - 247. =

ص: 113

15807 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي حَارِثَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَهُمْ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ. قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْغَدَاءِ، قَالَ: عَلَّقَ كُلُّ رَجُلٍ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ، ثُمَّ أَرْسَلْنَاهُنَّ (1) فِي الشَّجَرِ. قَالَ: ثُمَّ جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَرِحَالُنَا عَلَى أَبَاعِرِنَا. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ، فَرَأَى أَكْسِيَةً لَنَا فِيهَا خُيُوطٌ مِنْ عِهْنٍ

= وحديث جابر بن عبد الله عند أبي يعلى (1860)، وفيه: حرام بن عثمان، ترك الناسُ حديثه.

قال السندي: قوله: "لاقُو العدوِّ"، أي: فلو استُعملت السيوفُ في الذبائح لكَلَّت، فتعجز عن المقاتلة.

"مُدى" -بضم الميم مقصوراً، جمع مُِدْية بضم ميم وكسرها، وقيل: بتثليث الميم وسكون دال-: السكين.

"ما أنهر" بالراء المهملة: أجراه. "وذُكر" جملة حالية. "فكُلْ"، أي: ذبيحته. "ليس" للاستثناء. "السِّنَّ" بالنصب.

"فَعَظْمٌ" صريح في أن العلة كونُه عظماً، فكُلُّ ما صَدَقَ عليه اسمُ العظم لا يجوز الذَّكاةُ به، وفيه اختلافٌ بين العلماء.

"فمُدى الحبشة"، أي: وهم كفار، فلا يجوز التشبه بهم فيما هو من شعائرهم.

"فنَدَّ" -بتشديد الدال-، أي: شَرَد ونفر.

"إن لهذه الإبل"، أي: في هذه الإبل "أوابد" التي تتوحش وتنفر.

وانظر شرح الحديث وافياً في "الفتح" 9/ 624 - 629.

(1)

في (س) و (م): أرسلها تهز. لكن كُتبَ في هامش (س): أرسلناهن، كما أثبتنا.

ص: 114

أَحْمَرَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا أَرَى هَذِهِ الْحُمْرَةَ قَدْ عَلَتْكُمْ " قَالَ: فَقُمْنَا سِرَاعًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَفَرَ بَعْضُ إِبِلِنَا، فَأَخَذْنَا الْأَكْسِيَةَ، فَنَزَعْنَاهَا مِنْهَا (1).

(1) إسناده ضعيف لإبهام راويه عن رافع بن خَدِيج، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 492، وأبو داود (4070)، والطبراني في "الكبير"(4449) من طريق أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عمرو بن عطاء، به.

وسيرد مختصراً 4/ 141.

وفي باب النهي عن الحمرة في اللباس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: نظر إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فإذا عليَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بعُصْفُر، فقال:"ما هذه؟ " فعرفتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كرهها،

وقد سلف برقم (6852).

وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين، قال:"هذه ثياب الكفار، لا تلبسها". وقد سلف برقم (6513).

وعنه أيضاً قال: مَرَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ عليه ثوبان أحمران، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود (4069)، والترمذي (2807)، وفي إسناده أبو يحيى القتات مختلف فيه.

وعن عبد الله بن عمر، سلف برقم (5751).

وعن امرأةٍ من بني أسد عند أبي داود (4071) قالت: كنتُ يوماً عند زينب امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نصبغُ ثياباً لها بمَغْرة، فبينا نحن كذلك، إذ طلع علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى المَغْرَة رجع، فلما رأت ذلك زينبُ علمت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كره ما فعلت، فأخذت، فغَسَلتْ ثيابها، ووارتْ كُلَّ حُمرة، ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع، فاطلع، فلما لم ير شيئاً دخل. وفي سنده ضعف. والمَغْرَةُ، ويحرك: طين أحمر، والمُمَغَّر كمعظم: المصبوغ بها. =

ص: 115

15808 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَيْدُ ابْنُ أَخِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ:

= ويُعارض هذا ما رواه البخاريُّ (5848) من حديث البراء رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً، وقد رأيتُه في حُلَّةٍ حمراء، ما رأيتُ شيئاً أَحْسَنَ منه. وقد ذكر الحافظ في هذا الباب ما تَلَخَّص من أقوال السلف في لبس الثوب الأحمر، وهي سبعة أقوال، وبعد أن سردها قال: والتحقيقُ في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار فالقولُ فيه كالقول في الميثرة الحمراء كما سيأتي، وإن كان من أجل أنه زِيُّ النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء، فيكون النهيُ عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك، وإلا فيتقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت.

وقد صحَّ النهيُ عن الحمرة في الرواحل أيضاً من:

حديث البراء عند البخاري (5838) بلفظ: "نهانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن المَيَاثر الحُمْر وعن القَسِّي".

ومن حديث علي عند أبي داود (4051)، والترمذي (2808)، والنسائي 8/ 165، وابن ماجه (3654)، ولفظه عند أبي داود: نهاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لبس القَسِّي، والمِيْثَرة الحمراء. وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه ابن حبان (5438)، وسلف برقم (722). والمياثر: جمع مِيْثَرة، وهي -فيما نقل الحافظ عن الطبري- وطاء يُوضع على سرج الفرس أو رحل البعير، كانت النساء تصنعُه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر ومن الديباج، وكانت مراكب العجم.

قال السندي: قوله: "في شجر"، أي: في الأشجار لتأكل منها.

"عِهْن" -بكسر فسكون-، أي: صوف.

وظاهرُ هذا الحديث كراهةُ لبسِ الأحمر، بل كراهة ما فيه خطوطٌ حمر. وفي سنده من لم يسم.

ص: 116

قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَاعَةُ اللهِ، وَطَاعَةُ رَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا، قَالَ:" مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا، فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ "(1).

(1) إسناده صحيح. سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي، روى عنه جمع، ووثقه ابن معين وأبو داود، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو من رجال النسائي، لم يرو له سوى هذا الحديث، وقد تصرف ابنُ عدي في كلام البخاري، ونقله عنه المزي في "تهذيب الكمال"، فقالا: قال البخاري: لا يتابع في حديثه، وإنما قال البخاري بعد أن أورد حديثاً له: لا يتابع عليه، فهذا مقيد بذاك الحديث. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، عفان: هو ابن مسلم الصفَّار، ومجاهد: هو ابن جبر المكي، وأُسيد ابن أخي رافع -وقيل: ابن عم رافع-: هو أُسيد بن ظُهير بن رافع، له صحبة.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 34، وفي "الكبرى"(4593)، والطبراني في "الكبير"(4363) من طريق عفان، به. وزاد الطبراني ذكر النهي عن المزابنة.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 105 من طريق عيسى بن إبراهيم، عن عبد الواحد بن زياد، به. وتحرف اسم أُسيد في المطبوع إلى: أسد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 33، وفي "الكبرى"(4589) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن عبد الله بن الحكم، عن رافع بن أُسيد ابن ظهير، عن أبيه أُسيد قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض

إلخ، فلم يذكر فيه رافعاً. قال النسائي: خالفه مجاهد. يعني بذكر رافع، كما سلف.

وأخرجه الطبراني أيضاً (4446) من طريق القاسم بن عاصم الشيباني، عن رافع، بنحوه.

وسيأتي بالأرقام (15815) و (15816) و (15817). وانظر (15811) =

ص: 117

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ أَبِي: هَذَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَ عَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وحَكَّامٌ.

15809 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُكْرُونَ الْمَزَارِعَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَاذِيَانَاتِ وَمَا سَقَى الرَّبِيعُ وَشَيْءٍ (1) مِنَ التِّبْنِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِرَى (2) الْمَزَارِعِ بِهَذَا، وَنَهَى عَنْهَا. قَالَ رَافِعٌ: لَا بَأْسَ بِكِرَائِهَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (3).

= و (15822) و (15803).

وقد سلف في مسند ابن عمر برقم (4504).

قال السندي: قوله: "فليزرعها" بالفتح، والثاني بالضم، من أزرع، أي: فليُعطها بلا كراءٍ، فأُخذ منه نهيُ الكراء، ولذلك جعله بياناً للنهي، وإلا فالمذكور أمرٌ لا نهي.

(1)

في (م): وشيئاً. وهو خطأ.

(2)

في (م): كراء. وكلاهما بمعنى.

(3)

حديث صحيح. عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- حسن الحديث، وهو من رجال مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً، وهو متابع، وباقي رجال الإسناد ثقات من رجال الشيخين. ربيعة بن أبي عبد الرحمن: هو المعروف بربيعة الرأي، وحنظلة الزرقي: هو ابن قيس.

وأخرجه ابن حبان (5197)، والطبراني في "الكبير"(4335) من طريقين عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. ولم يذكر الطبراني قول رافع في آخره.

وأخرجه مسلم (1547)(116)، وأبو داود (3392)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 43، وفي "الكبرى"(4627)، والطحاوي في "شرح مشكل =

ص: 118

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الآثار" (2689)، وابن حبان (5196)، والطبراني في "الكبير" (4332) و (4333) مختصراً، والبيهقي في "السنن" 6/ 132 من طريق الأوزاعي، عن ربيعة، به.

وقال النسائي: وافقه مالك على إسناده، وخالفه في لفظه. قلنا: سيرد ذكر طريق مالك قريباً.

وأخرجه عبد الرزاق (14452)، وابن أبي شيبة 7/ 86، والنسائي في "المجتبى" 7/ 44، وفي "الكبرى"(4630)، والطبراني في "الكبير"(4331) من طريق الثوري، عن ربيعة، به، ولم يرفعه.

وأخرجه مختصراً الطبراني في "الكبير"(4334) من طريق عامر بن مرة المكي، عن ربيعة، به، مرفوعاً.

وسيرد من طريق مالك عن ربيعة برقم (17258)، ومن طريق الليث عن ربيعة برقم (17279).

وأخرجه عبد الرزاق (14453)، والحميدي (406)، والبخاري (2332) و (2722)، ومسلم (1547)(117)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 44، وفي "الكبرى"(4631)، وابن ماجه (2458)، والطحاوي في "شرح معانى الآثار" 4/ 109، والبيهقي في "السنن" 6/ 132، والطبراني في "الكبير"(4338)، والبغوي في "شرح السنة"(2178) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (1547)(117)، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 109، والطبراني (4337) من طريق حماد بن سلمة، ومسلم أيضاً، والبيهقي في "السنن" 6/ 132 من طريق يزيد بن هارون، والطبراني (4336) من طريق حماد بن زيد، أربعتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن حنظلة، به. بألفاظ متقاربة. ولفظ البخاري: كنا أكثر الأنصار حقلاً، فكنا نكري الأرض، فربما أخرجت هذه، ولم تخرج ذه، فنهينا عن ذلك، ولم نُنْه عن الوَرِق.

قال الحميدي: فقيل لسفيان: فإن مالكاً يرويه عن ربيعة، عن حنظلة، [فقال:] ما كان يرجو منه إذا كان عند يحيى، ويحيى أحفظهما؟ لكنا حفظناه =

ص: 119

15810 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ

= من يحيى. وأخرجه البيهقي في "السنن" 6/ 132 من طريق إسحاق بن عبد الله، عن حنظلة، به، بنحوه.

وأخرجه مطولاً عبد الرزاق (14464) عن معمر، عن أيوب، عن حنظلة الزرقي، عن رافع بن خديج قال: دخل عليَّ خالي يوماً فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأخرجه الطبراني (4359) من طريق عبد الكريم بن أبي المخارق، عن مجاهد، عن رافع به. بلفظ: راح إلينا خالاي فقالا: نهى رسول الله عن أمر

وقوله: بالماذيانات، جمع ماذيان. قال الجواليقي في "المعرب" ص 328، أي: بما ينبت على الأنهار الكبار، والعجم يسمونه الماذيان وليست عربية، ولكنها سوادية.

قال الحافظ في "الفتح" 5/ 26: قوله: فقال رافع: ليس بها بأس بالدينار والدرهم: يحتمل أن يكون ذلك قاله رافع باجتهاده، ويحتمل أن يكون علم ذلك بطريق التنصيص على جوازه، أو علم أن النهي عن كراء الأرض ليس على إطلاقه، بل بما إذا كان بشيء مجهول ونحو ذلك، فاستنبط من ذلك جواز الكراء بالذهب والفضة، ويرجح كونه مرفوعاً ما أخرجه أبو داود [(3400)]، والنسائي [في "المجتبى" 7/ 40 - 41، وفي "الكبرى" (4617) و (4618) و (4619)] بإسناد صحيح من طريق سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة، وقال:"إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض، ورجل مُنح أرضاً، ورجل اكترى أرضاً بذهب أو فضة" لكن بيَّن النسائي من وجه آخر [في "المجتبى" 7/ 41] أن المرفوع منه النهي عن المحاقلة والمزابنة، وأن بقيته مدرج من كلام سعيد بن المسيب.

قلنا: وقال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 3/ 38: قالوا: فلا يجوز أن يتعدى ما في هذا الحديث -أي حديث: "إنما يزرع الأرض"- لما فيه من البيان والتوقيف، ولأن رافعاً بذلك كان يفتي، ألا ترى ما ذكره ربيعة عن حنظلة عنه.

وانظر (15803).

ص: 120

عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ الْحُمَّى فَوْرٌ من فَوْرِ (1) جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ "(2).

15811 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: الْحَكَمُ أَخْبَرَنِي، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَقْلِ.

(1) قوله: "من فور" سقط من (م).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم الصفَّار، وأبو الأحوص: هو سلَّام بن سُلَيْم الحنفي، وسعيد بن مسروق: هو الثوري والد سفيان.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1861) من طريق عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(424)، والبخاري (5726)، ومسلم (2212)(83)، والترمذي (2073)، والنسائي في "الكبرى"(7606)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1861)، والطبراني في "الكبير"(4399) من طرق عن أبي الأحوص، به. وقال الترمذي: صحيح.

وأخرجه ابن ماجه (3473)، والطبراني (4400) من طريق إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، به.

وقد سلف من حديث ابن عمر برقم (4719)، وذكرنا هناك شرحه، وأوردنا أحاديث الباب.

وسيأتي 4/ 141.

قال السندي: "فورٌ"، أي: غليان.

"فابرُدُوها" بضم الراء: من بَرُدَ الشيء، لا من الإبراد.

"بالماء": وقد جاء: "بماء زمزم". قلنا: هذه الرواية وردت من حديث ابن عباس السالف برقم (2649) وتكلمنا عليها هناك.

ص: 121

قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْحَقْلُ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ كَرِهَ الثُّلُثَ وَالرُّبُعَ، وَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِالْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ يَأْخُذُهَا بِالدَّرَاهِمِ (1).

15812 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ

(1) صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، مجاهد -وهو ابن جبر- لم يسمع من رافع بن خُدَيج، كما ذكر النسائي في "المجتبى" 7/ 35، وفي "الكبرى" عقب الرواية (4594)، وذكر العلائي في "جامع التحصيل"، بينهما أُسيد بن ظهير، كما في الروايات (15808) و (15815) و (15816) و (15817)، أو ابن رافع كما سيرد برقم (15822). وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وشعبة: هو ابن الحجاج، والحَكَمُ: هو ابن عُتَيْبَة الكندي، وإبراهيم الوارد في الحديث هو النخعي.

وأخرجه الطيالسي (965)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 105، والطبراني في "الكبير"(4365) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. ولم يرد عند الطحاوي والطبراني ذكر إبراهيم. (ملاحظة: الحديث عند الطيالسي قد استدرك أوله في آخر الكتاب).

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4364) من طريق الإمام أحمد، عن يحيى ابن عبد الملك بن أبي غنية، عن أبيه، عن الحكم، عن رجل، عن رافع قال: نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة.

وسيأتي برقم (15829)، وانظر (15822) و 4/ 141 (ميمنية)، وسيرد مطولاً برقم (15815) فانظره.

وقوله: ولم ير -يعني إبراهيم النخعي- بأساً بالدراهم، سلف برقم (15809) من قول رافع، وسيرد أيضاً برقم (17258)، وذكرنا هناك أن الأرجح أنه مرفوع.

قال السندي: قوله: "عن الحقل" -ضبط بفتح فسكون-: كراء المزارع.

ص: 122

عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن قارظ -وهو إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، نسبه هنا إلى جده- فمن رجال مسلم. عفان: هو ابن مسلم الصفَّار، وأبان: هو ابن يزيد العطَّار، والسائب بن يزيد: هو المعروف بابن أخت النَّمر له صحبة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 375 و 6/ 246 و 270، والطبراني في "الكبير"(4260) من طريق عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (3421)، وابن حبان (5152)، والحاكم 2/ 42، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 226 من طريقين عن أبان، به. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وأخرجه الطيالسي (966)، ومسلم (1568)(41)، والنسائي في "الكبرى" -كما في "التحفة" 3/ 143 - ، والدارمي 2/ 272، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 52 و 129، وفي "شرح مشكل الآثار"(4650) و (4662)، وابن حبان (5153)، والطبراني (4259)، والبيهقي في "السنن" 9/ 337 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.

وأخرجه النسائي -كما في "التحفة" 3/ 144 - ، والطبراني (4263) من طريق يزيد بن خُصَيفة، عن السائب بن يزيد، به.

وسيأتي برقم (15827) و 4/ 140 و 141 (ميمنية).

وفي الباب في الأصناف الثلاثة:

عن أبي هريرة، سلف برقم (7976).

وعن أبي جحيفة عند البخاري (2238)، وسيرد 4/ 308.

وفي باب النهي عن ثمن الكلب:

عن ابن عباس عند أبي داود (3482)، وسلف برقم (2512). =

ص: 123

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعن جابر عند أبي داود (3479)، والترمذي (1279)، وسلف بر قم (14652).

وعن أبي مسعود عند البخاري (5346)، ومسلم (1567)، وسيرد 4/ 118 - 119، وفيه أيضاً النهي عن مهر البغي وحلوان الكاهن.

وعن علي عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4644).

وفي باب النهي عن كسب الحجام عن محيصة عند ابن ماجه (2166)، وسيرد 5/ 436.

وعن رافع بن رفاعة، سيرد 4/ 341.

وعن أبي هريرة عند الطحاوي في "شرح المشكل"(4661).

وفي باب النهي عن كسب الإماء: عن أبي هريرة عند البخاري (2283)، وسلف برقم (7851).

وعن رافع بن رفاعة، سيرد 4/ 341.

قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 12/ 82 في شرح قوله عليه الصلاة والسلام: "كسب الحجام خبيث": فلم يكن ذلك لأنه حرام، ولكن لأنه دنيء، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أُمَّته أن يُدنِّئوا أنفسهم بالأشياء التي تُدَنِّئُهم، وإن لم يكن حراماً عليهم في شريعته، كحرمة الأشياء التي حَرَّمها الشرع، فاحتمل أن يكون نهاهم عن أثمان الكلاب لمثل هذا المعنى. ثم أخرج الطحاوي من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السنور والكلب إلا كلب صيدٍ. ثم قال: فكان في هذا الحديث أن الكلب المنهي عن ثمنه هو خلاف كلب الصيد، وهو الكلب الذي لا منفعة فيه.

وقال أبو حاتم ابن حبان 11/ 557: كسبُ الحجّام محرَّمٌ إذا كان على شرط معلوم، بأن يقول: أُخرج منك من الدم كذا، فإذا عدم هذا الشرطُ الذي هو المضمر في الخطاب جاز كسبه، إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم أجازه لأبي طيبة وجازاه على فعله، وثمنُ الكلب ومهر البغي محرمان جميعاً.

قلنا: حديث إجازته صلى الله عليه وسلم لأبي طيبة أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 984، والبخاري (2102) من حديث أنس، وسلف برقم (12883)، ولفظه عن أنس: =

ص: 124

15813 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى؟ قَالَ: " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ " وَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهْبًا، فَنَدَّ بَعِيرٌ مِنْهَا، فَسَعَوْا، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوهُ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ لِهَذِهِ الْإِبِلِ - أَوِ النَّعَمِ - أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ شَيْءٌ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا ".

قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْعَلُ فِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ عَشْرًا مِنَ الشَّاءِ

= أن أبا طيبة حجم النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر له بصاعٍ من تمر.

وأخرج البخاري (2103)، ومسلم (1202) من حديث ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطى الذي حَجَمه، ولو كان حراماً لم يُعطه. لفظ البخاري.

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 226 - 227: وهذا الحديث لا يخلو أن يكون منسوخاً منه كسب الحجام بحديث أنس وابن عباس، والإجماعُ على ذلك، أو يكون على جهة التنزه، وليس في عطف ثمن الكلب ومهر البغي عليه ما يتعلق به تحريم كسب الحجام، لأنه قد يُعطف الشيءُ على الشيء، وحكمه مختلف.

قال السندي: قوله: "كسب الحجام": الجمهور على جوازه، وحملوا الحديث على التنزيه أو النسخ.

"ومهر البغي": هو ما تأخذه الزانية على الزنى.

"ثمن الكلب": أخذ به الجمهور.

ص: 125

بِبَعِيرٍ. قَالَ شُعْبَةُ: وَأَكْثَرُ عِلْمِي أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ مِنْ سَعِيدٍ هَذَا الْحَرْفَ: وَجَعَلَ عَشْرًا مِنَ الشَّاءِ بِبَعِيرٍ، وَقَدْ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْهُ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ سُفْيَانَ هَذَا الْحَرْفَ (1).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر (15806) غير أن شيخ أحمد هنا هو محمد بن جعفر.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4382) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. دون قول شعبة في آخره.

وأخرجه مختصراً مسلم (1968)(23) من طريق محمد بن جعفر، به.

وأخرج النسائي في "المجتبى" 7/ 221، وفي "الكبرى"(4481) من طريق محمد بن جعفر به، منه قولَه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل في قسم الغنائم عشراً، مع ذكر قول شعبة.

قال الحافظ في "الفتح" 9/ 632: وأخرجه أحمد عن غُنْدر، فبيَّن أن القدر الذي كان يشكُّ شعبةُ في سماعه له من سعيد بن مسروق هو قوله:"وجعل عشراً من الشاء ببعير". ثم قال: ولهذه النكتة اقتصر البخاري من الحديث من رواية شعبة هذه على ما عدا قصة تعديل العشر شياه بالبعير، إذ هو المحقق من السماع.

وفي باب تعديل العشر شياه بالبعير عن ابن عباس، سلف برقم (2484)، وحسَّنه الترمذي (905)، وصححه ابن حبان (4007)، وهو عند البيهقي في "السنن" 5/ 235 - 236، وقال: وحديث جابر أصح من جميع ذلك.

قلنا: حديث جابر سلف برقم (14127)، وهو عند مسلم (1318)، وفيه قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ الحديبية البَدَنةَ عن سبعة، والبَقَرةَ عن سبعة.

قوله: "وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل في قسم الغنائم عشراً من الشاء ببعير". قال الحافظ في "الفتح" 9/ 627: وهذا محمولٌ على أن هذا كان قيمةَ الغنم إذ ذاك، فلعلَّ الإبل كانت قليلة أو نفيسة، والغنمُ كانت كثيرةً أو هزيلة بحيث =

ص: 126

15814 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: سَرَقَ غُلَامٌ لِنُعْمَانَ (1) الْأَنْصَارِيِّ نَخْلًا صِغَارًا، فَرُفِعَ إِلَى مَرْوَانَ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ، فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يُقْطَعُ فِي الثَّمَرِ وَلَا فِي الْكَثَرِ ". قَالَ (2): قُلْتُ لِيَحْيَى: مَا الْكَثَرُ؟ قَالَ: الْجُمَّارُ (3).

= كانت قيمة البعير عَشْرَ شياه، ولا يخالف ذلك القاعدة في الأضاحي من أن البعير يُجزئ عن سبع شياه، لأن ذلك هو الغالبُ في قيمة الشاة والبعير المعتدلين، وأما هذه القسمةُ، فكانت واقعةَ عينٍ، فيُحتمل أن يكون التعديلُ لما ذُكر من نفاسة الإبل دون الغَنَم، وحديثُ جابرٍ عند مسلم صريحٌ في الحكم. ثم قال: والذي يتحرر في هذا أنَّ الأصل أن البعير بسبعة ما لم يعرض عارض من نفاسةٍ ونحوها، فيتغيرُ الحكمُ بحسب ذلك، وبهذا تجتمع الأخبارُ الواردة في ذلك.

(1)

في (س): للنعمان. وفي هامشها: لنعمان.

(2)

في (ص) و (ظ 12): قال شعبة.

(3)

حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، تقدم الكلام عليه في الرواية السالفة برقم (15804). شعبة: هو ابن الحجاج.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(7452): عن محمد بن معدان بن عيسى ابن الوليد، عن قتادة، عن شعبة، به. والذي ذكره المزي في "التحفة" 3/ 156 أنه أخرجه عن محمد بن الوليد، عن محمد بن جعفر، به. ولم نجده في مطبوع "الكبرى".

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 305 من طريق ابن أبي عدي، عن شعبة، به.

وقد ذكر ابنُ عبد البر في "التمهيد" 23/ 304: أن حماد بن دُلَيل المدائني =

ص: 127

15815 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ ابْنُ أَخِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ (1): كَانَ أَحَدُنَا إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ أَعْطَاهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، وَيَشْتَرِطُ ثَلَاثَ جَدَاوِلَ وَالْقُصَارَةَ وَمَا يسَقَي (2) الرَّبِيعُ، وَكَانَ الْعَيْشُ إِذْ ذَاكَ شَدِيدًا، وَكَانَ يُعْمَلُ فِيهَا بِالْحَدِيدِ، وَمَا شَاءَ اللهُ، وَيُصِيبُ مِنْهَا مَنْفَعَةً، فَأَتَانَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَكُمْ نَافِعًا، وَطَاعَةُ اللهِ (3) وَطَاعَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْفَعُ لَكُمْ، إِنَّ النَّبِيَّ يَنْهَاكُمْ

= رواه عن شعبة، متصلاً بذكر واسع بن حَبَّان بين محمد بن يحيى بن حَبَّان، ورافع بن خَدِيج، وأنَّ غير حماد رواه عن شعبة منقطعاً كهذه الرواية. ثم نقل عن الحميدي قوله: قال لي أبو زيد المدائني: حماد بن دُلَيل أثبت عليه، فإن شعبة كذا حدثنا عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه.

وأخرج الحميدي (408) عن سفيان، عن عبد الكريم قال: اسم الذي سرق: فيل.

وقال ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" بعد الخبر (104): العبد المذكور اسمه: فتيل، وقيل: فيل. وذكر أن الغلام كان لعمة محمد بن يحيى ابن حَبَّان، وعند البيهقي في "السنن" 8/ 262 كان غلاماً لعمه واسع بن حبان. وقد سلف برقم (15804)، وذكرنا هناك روايات من وصله.

(1)

القائل "كان أحدنا" هو أُسيد بن ظُهير، وزيادة "عن رافع بن خديج" في الإسناد هنا، تُوهم أنه هو القائل، وليس كذلك، ولم ترد هذه الزيادة في "مصنف عبد الرزاق"، والحديثُ من طريقه.

(2)

في (ق) و (م): وما سقى. وهو الوارد في "مصنف" عبد الرزاق.

(3)

عبارة: "وطاعة الله" ليست في (ظ 12).

ص: 128

عَنِ الْحَقْلِ، وَيَقُولُ:" مَنْ اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ، فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، أَوْ لِيَدَعْ " وَيَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُزَابَنَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ: أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَهُ الْمَالُ الْعَظِيمُ مِنَ النَّخْلِ، فَيَأْتِيهِ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِكَذَا وَكَذَا (1) وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ (2).

(1) في (س) و (م): بكذا وسقاً دون تكرار: وكذا، والمثبت موافق لرواية "المصنف".

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، ومجاهد: هو ابن جبر.

وهو في "مصنف" عبد الرزاق (14463)، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (2460)، والبيهقي في "السنن" 6/ 132، بهذا الإسناد. ولم يرد عند ابن ماجه النهي عن المزابنة.

وأخرجه أبو داود (3398)، والطبراني في "الكبير"(4361) من طريق سفيان، به.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 33 - 34، وفي "الكبرى"(4590) و (4592)، وابن حبان (5198)، والطبراني في "الكبير"(4356) دون ذكر المزابنة و (4362) مختصراً بذكر المزابنة فقط، والبيهقي في "السنن" 6/ 135، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 43 مختصراً بالنهي عن المحاقلة من طريق منصور به.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 39، وفي "الكبرى"(4613)، والطبراني في "الكبير"(4275) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن رافع بن خديج مختصراً بلفظ:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة". وسقط من إسناد "الكبرى": أبو سلمة.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 39، وفي "الكبرى"(4614) و (4615)، والطبراني في "الكبير"(4276) من طريق القاسم بن محمد، عن =

ص: 129

15816 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ، قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: يَشْتَرِطُ ثَلَاثَ جَدَاوِلَ وَالْقُصَارَةُ، وَالْقُصَارَةُ: مَا سَقَطَ مِنَ السُّنْبُلِ (1).

15817 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ، قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ، أَوْ افْتَقَرَ إِلَيْهَا، أَعْطَاهَا بِالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَيَشْتَرِطُ ثَلَاثَ جَدَاوِلَ وَالْقُصَارَةَ وَمَا

= رافع بن خديج، مختصراً.

وقد سلف برقم (15808)، وسيرد برقم (15816) و (15817).

قال السندي في حاشيته على "سنن ابن ماجه": "ثلاث جداول"، أي: ثلاث حصص من جداول، والجدول: النهر الصغير، أي: ما يخرج على أطرافها.

و"القُصارة" بالضم: ما يبقى من الحب في السنبل، مما لا يتخلص به بعد ما يداس.

وما يسقي الربيع: هو النهر الصغير، كأنهم يجعلون قطعة من الأرض يسقيها الربيع.

"يُعمل فيها"، أي: في الأرض لتحصيل العيش.

(1)

هو مكرر ما قبله غير أن شيخ أحمد هنا هو عبد الله بن الوليد وهو ابن ميمون العدني، روى له أصحاب السنن عدا ابن ماجه، وهو حسن الحديث. لكن الحديث صحيح كما سلف.

وقد سلف برقم (15808)، وسيرد برقم (15817).

ص: 130

سَقَى الرَّبِيعُ، وَكُنَّا نَعْمَلُ فِيهَا عَمَلًا شَدِيدًا، وَنُصِيبُ مِنْهَا مَنْفَعًا (1)، فَأَتَانَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَكُمْ نَافِعًا، وَطَاعَةُ اللهِ (2) وَطَاعَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ لَكُمْ، نَهَاكُمْ عَنِ الْحَقْلِ، وَقَالَ:" مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَمْنَحْهَا (3)، أَوْ لِيَدَعْهَا " وَنَهَانَا عَنِ الْمُزَابَنَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ: الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْمَالُ الْعَظِيمُ مِنَ النَّخْلِ، فَيَجِيءُ الرَّجُلُ، فَيَأْخُذُهَا بِكَذَا وَكَذَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ (4).

15818 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ (5): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ - قَالَ يَحْيَى: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ - أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكْرِي الْمَزَارِعَ، فَبَلَغَهُ أَنَّ رَافِعًا (6) يَأْثِرُ فِيهِ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ إِلَى الْبَلَاطِ، فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَتَرَكَ عَبْدُ اللهِ كِرَاءَهَا.

(1) في (م): منفعة.

(2)

قوله: "وطاعة الله" ليس في (ص) و (ظ 12).

(3)

في (ق) و (م): فليمنحها أخاه.

(4)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. شعبة: هو ابن الحجاج. وهو مكرر (15815).

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 33 - 34، وفي "الكبرى"(4591) من طريق محمد بن جعفر، عن غندر، به.

وقد سلف برقم (15808).

(5)

في (م) و (س) و (ق): قالا.

(6)

في (م): فبلغه أن نافعاً. وهو خطأ.

ص: 131

قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: فَذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، وَذَهَبْتُ مَعَهُ (1).

وحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَيْضًا قَالَ: فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ، وَذَهَبْتُ مَعَهُ (2).

15819 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. قَالَ: [وَ](3) أَخْبَرَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القطان، وابن نمير: هو عبد الله، ومحمد بن عبيد: هو ابن أبي أمية الطنافسي، وعبيد الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 47، وفي "الكبرى"(4645)، والطبراني في "الكبير"(4447) و (4448) من طريق ابن سيرين، عن رافع بن خديج. وقرن النسائي مع ابن سيرين نافعاً. وابنُ سيرين لا ندري هل سمع من رافع بن خَدِيج أم لا، وقد ذكروا أنه لم يسمع من ابن عمر، وقد مات بعده بقليل. وقال الآجري: سمعتُ أبا داود يقول: كان ابنُ سيرين يُرسل، وجلساؤه يعلمون أنه لم يسمع، سمع من ابن عمر حديثين، وأرسل عنه نحواً من ثلاثين حديثاً.

وقد سلف برقم (4504) في مسند ابن عمر، وبرقم (15803) في مسند رافع.

(2)

من قوله: وحدثناه محمد

إلى هنا لم يرد في (ص) و (ظ 12).

(3)

وقع في النسخ الخطية: أخبرنا، وفي (م): أنبأنا، يعني دون واو قبلهما مما يوهم أنَّ ابن عجلان شيخُ محمدِ بنِ إسحاق في هذا الإسناد، وليس كذلك، بل إنَّ ابنَ عجلان شيخٌ ثانٍ ليزيد بن هارون، وابنُ إسحاق وابنُ عجلان، كلاهما يروي عن عاصم بن عمر بن قتادة، وقد جاءت على الصواب في "أطراف المسند" 2/ 334، ففيه: حدثنا يزيد، عن ابن إسحاق وابن عجلان، فقال الحافظ: يعني كلاهما عن عاصم بن عمر. وقال ذلك أيضاً في =

ص: 132

عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ يَزِيدُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، أَوْ لِأَجْرِهَا "(1).

= "إتحاف المهرة" 4/ 471، وقد صرَّح بذلك أيضاً البزار، وابنُ عبد البَرِّ في "التمهيد" كما سيرد، وقد وقع في وهم أن ابن عجلان شيخٌ لابن إسحاق الشيخُ ناصر الدين الألباني في "إرواء الغليل" 1/ 282. وشيخنا في "صحيح ابن حبان" 4/ 357، فليستدرك من هنا. قال شعيب: هذا تحقيق غاية في النفاسة من الشيخين نفع الله بهما، وزادهما علماً وتوفيقاً.

(1)

صحيح بطرقه، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمد- فهو حسن الحديث، ومحمد بن إسحاق -وإن عنعن- توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن محمودَ بنَ لَبيد وهو صحابي قد أخرج له مسلم والبخاري في "الأدب المفرد". يزيد: هو ابن هارون، وعاصم بن عمر: هو ابن قتادة.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 179، وابن حبان (1490)، والبيهقي في "السنن" 1/ 457، والبغوي في "شرح السنة"(354) من طريق يزيد بن هارون، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (959)، وعبد بن حميد (422)، والترمذي (154)، والدارمي 1/ 277، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2091)، وابن حبان (1490)، والطبراني في "الكبير"(4286) و (4287) و (4288) و (4290)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 94، وفي "أخبار أصبهان" 1/ 347 و 2/ 263 من طرق عن ابن إسحاق، به. وسقط محمود بن لبيد من إسناد عبد ابن حميد. قال الترمذي: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (2159)، والدارمي 1/ 277، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 178، والطبراني في "الكبير"(4283) و (4284) و (4287)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 347 و 2/ 263 و 329، وابن عبد البر في =

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "التمهيد" 4/ 338 من طريق الثوري، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2092) من طريق الدراوردي، والنسائي في "المجتبى" 1/ 272، وفي "الكبرى"(1530)، وابن حبان (1489) من طريق يحيى القطان عن ابن عجلان، به. زاد ابن حبان: "فإنكم كلما أصبحتم بالصبح كان أعظم

" وزاد الطحاوي: "كلما أسفرتُم فهو أعظم".

وسيرد من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان برقم 4/ 140، ومن طريق أبي خالد الأحمر، عنه برقم 4/ 142.

وقال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 4/ 338: وحديثُ رافع يدور على عاصم ابن عمر بن قتادة، وليس بالقوي! رواه عنه محمد بن إسحاق وابن عجلان وغيرهما.

ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 235 عن ابن القطان قوله: طريقه طريق صحيح، وعاصم بن عمر وثقه النسائي وابن معين، وأبو زرعة وغيرهم، ولا أعرف أحداً ضعفه، ولا ذكره في جملة الضعفاء.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 1/ 272، وفي "الكبرى"(1531)، والطبراني في "الكبير"(4294) من طريق أبي غسان محمد بن مُطَرِّف، عن زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجل من الأنصار، أنه صلى الله عليه وسلم قال:"ما أسفرتم بالفجر، فإنه أعظم للأجر". وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4285) و (4289) و (4291) من طرق عن عاصم بن عمر بن قتادة، به.

وأخرجه الطيالسي (961)، والبخاري في "التاريخ" 1/ 301، والدولابي في "الكنى" 1/ 97، والطبراني في "الكبير"(4414) و (4415) من طريق هُرير ابن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: "أسفر بصلاة الصبح حتى يرى القوم مواقع نبلهم".

وأخرجه البزار (384) من طريق فُليح بن سليمان، عن عاصم بن عمر بن =

ص: 134

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قتادة، عن أبيه، عن جده. وقال: لا نعلم أحداً تابع فُليحاً على هذه الرواية.

وزاد في "نصب الراية" 1/ 236 نقلاً عن البزار: وإنما يرويه محمد بن إسحاق ومحمد بن عجلان، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لَبِيد، عن رافع بنِ خديج، وهو الصواب.

وسيأتي 4/ 140 و 142 و 143، وسيرد في مسند محمود بن لبيد 5/ 429.

قال الترمذي: وقد رأى غيرُ واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفارَ بصلاة الفجر، وبه يقول الثوري. وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: معنى الإسفار: أن يَضِحَ الفجرُ فلا يُشَكُّ فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخيرُ الصلاة.

وقال ابن حبان: أَمَرَ المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإسفار لصلاة الصبح، لأنَّ العلةَ في هذا الأمر مضمرة، وذلك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابَه كانوا يُغَلِّسون بصلاة الصبح، والليالي المقمرةُ إذا قَصَدَ المرءُ التغليسَ بصلاةِ الفجر صبيحتها، ربما كان أداءُ صلاتِه بالليل، فأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بالإسفارِ بمقدار ما يُتَيَقَّنُ أنَّ الفجر قد طلع، وقال:"إنكم كلما أصبحتم" يُريد به: تَيَقَّنْتُمْ بطلوع الفجر، كان أعظم لأجوركم من أن تُؤَدُّوا الصلاةَ بالشَّكِّ.

وقال السندي: قوله: "أصبحوا بالصبح": الإصباح: الدخول في الصبح، والباء للتعدية، والمراد بالصبح: الصلاة، فالمعنى: ادخلوها في وقت الصبح يقيناً، ولا تكتفوا بمجرد ظَنِّ الصبح، وبه ظهر معنى قوله:"فإنه أعظم للأجر"، إذ لو اكتفى بالظن الغالب لكفاه، لكن العملَ باليقين أولى وأكثرُ أجراً، قيل: وعليه يحمل رواية "أسفروا بالفجر"، فمعنى "أسفروا" هو الإسفار الذي يُعلم به أنه الصبح يقيناً، فلا دلالة فيه على أولوية التأخير، والله تعالى أعلم.

قلنا: وقد جمع الإمام الطحاوي بين حديث الإسفار وبين حديث التغليس بأن يدخل في الصلاة مُغلساً، ويُطول القراءة حتى ينصرفَ عنها مسفراً، فقد قال: فالذي ينبغي الدخول في الفجر في وقت التغليس، والخروج منها وقت =

ص: 135

15820 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ - أَوْ مَلَكًا (1) - جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فِيكُمْ؟ قَالُوا (2): " خِيَارُنَا " قَالَ: كَذَلِكَ هُمْ عِنْدَنَا خِيَارُنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ (3).

= الإسفار على موافقة ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. قلنا: واختاره العلامة ابن القيم في "إعلام الموقعين".

(1)

في (س) و (ص) و (ظ 12): ملك. وضبب فوقها في (س).

(2)

ضبب فوقها في (س)، وهي عند ابن أبي شيبة والبخاري: فقال.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري، ويحيى بن سعيد: هو التيمي أبو حيان، نصَّ على ذلك المزي في "التحفة" 3/ 150، الحديث (3565).

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 14/ 385، وعبد بن حميد (425)، وابن ماجه (160)، والطبراني في "الكبير"(4412) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ حبان (7224) من طريق علي بن قادم، عن سفيان، به. بلفظ: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم عندنا أفاضل الناس".

وأخرجه الطبراني (4435) من طريق جعفر بن مقلاص، عن رافع مطولاً، ولفظه: إن للملائكة الذين شهدوا بدراً لفضلاً على من تخلف منهم.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/ 106 وقال: وفيه جعفر بن مقلاص، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

قال ابن حبان: روى هذا الخبر جريرُ بنُ عبد الحميد، عن يحيى بن سعيد، عن معاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه، وكان أبوه وجدُّه من أهل العقبة، قال: أتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. وقد رواه سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن عَبَاية ابن رِفاعة، عن جده رافع بن خديج، وسفيانُ أحفظ من جرير وأتقنُ وأفقه، =

ص: 136

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كان إذا حفظ الشيء لم يُبالِ بمن خالفه.

قلنا: يعني أن جرير بن عبد الحميد رواه بالإسناد المذكور من حديث صحابي آخر هو رافع بن مالك بن العجلان الزرقي، وقد أخرجه من طريقه البخاري (3992)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 151 - 152، والبغوي في "شرح السنة"(3993)، عن يحيى بن سعيد [وهو الأنصاري]، عن معاذ بن رِفاعة الزُّرقي، عن أبيه، قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم

إلخ.

وأخرجه البخاري (3993) و (3994)، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 151 من طريقين عن يحيى، عن معاذ بن رفاعة بن رافع، وكان رِفاعة من أهل بدر، وكان رافع من أهل العقبة، فكان يقول لابنه: ما يسرني أني شهدتُ بدراً بالعقبة. قال: سأل جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم

بهذا.

قال الحافظ في "الفتح" 7/ 312: وهذا صورته مرسل، ولكن عند التأمل يظهر أن فيه رواية لمعاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه، عن جده.

وفي رواية البخاري (3994) ما يفيد أن تسمية الملك السائل جبريل، إنما تلقاها يحيى بن سعيد من يزيد بن الهاد، عن معاذ. قال الحافظ: فيقتضي ذلك أن في رواية جرير الجزم بتسميته في رواية يحيى بن سعيد إدراجاً.

وأخرجه الطبراني (4455) من طريق ابن لَهِيعة، عن عمارة بن غزية، عن يحيى بن سعيد، عن رفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري الزرقي، عن أبيه. وهذا إسناد منقطع لم يذكر فيه معاذ، وابنُ لَهِيعة سيئ الحفظ.

وفي الباب في فضل أهل بدر عموماً:

عن علي، سلف برقم (600).

وعن أبي هريرة، سلف برقم (7940).

وعن جابر، سلف برقم (15262).

وعن حفصة، سيرد 6/ 285.

قال السندي: قوله: "قالوا: خيارَنا" بالنصب، أي: نَعُدُّهم خيارَنا، أو =

ص: 137

15821 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو كَامِلٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ زَرَعَ أَرْضًا بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا، فَلَهُ نَفَقَتُهُ " قَالَ أَبُو كَامِلٍ فِي حَدِيثِهِ: " وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ "(1).

= بالرفع، أي: هم خِيَارُنا.

"كذلك هم"، أي: الملائكة الذين شهدوا بدراً.

(1)

حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك: وهو ابن عبد الله النخعي، ولانقطاعه، فإن عطاء بن أبي رباح لم يسمع من رافع بن خديج، فيما ذكر الشافعي وأبو زرعة وابن أبي حاتم، لكن شريكاً تابعه قيس ابن الربيع كما سيرد، وهو ضعيف مثله، وجاء الحديث من طريق آخر متصل كما سيأتي. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي كامل- وهو مظفر بن مدرك الخراساني- فمن رجال النسائي، روى له أبو داود في "كتاب التفرد". وكيع: هو ابن الجراح، وأبو إسحاق:- وهو السبيعي- سمع منه شريك قبل الاختلاط.

وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج"(295)، والطيالسي (960)، وأبو عبيد في "الأموال"(1057)، وابن أبي شيبة 7/ 89 و 14/ 219، وابن زنجويه في "الأموال"(1057)، وأبو داود (3404)، والترمذي (1366)، وفي "العلل الكبير" 1/ 563، وابن ماجه (2466)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2669)، وفي "شرح المعاني" 4/ 117 - 118، والطبراني في "الكبير"(4437)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 1334، والبيهقي في "السنن" 6/ 136 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، وسألت محمد بن إسماعيل عن =

ص: 138

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن، وقال: لا أعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك. قلنا: بل تابع شريكاً قيس بن الربيع، كما سيرد.

وقال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 96: هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة بالحديث، وحدثني الحسن بن يحيى، عن موسى بن هارون الحمال: أنه كان ينكر هذا الحديث ويضعفه، ويقول: لم يروه عن أبي إسحاق غير شريك، ولا عن عطاء غير أبي إسحاق، وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئاً، وضعفه البخاري أيضاً، وقال: تفرد بذلك شريك عن أبي إسحاق، وشريك يهم كثيراً أو أحياناً. قلنا: تضعيف البخاري له إنما هو لإسناده، والله أعلم، وإلا فقد تقدم أنه حسنه، يعني بمجموع طرقه، كما سيرد.

قال ابن عدي في "الكامل" 4/ 1334: وهذا يعرف بشريك، بهذا الإسناد، وكنت أظن أن عطاء عن رافع بن خديج مرسل حتى تبين لي أن أبا إسحاق أيضاً عن عطاء مرسل. ثم أخرجه ابن عدي من حديث حجاج بن محمد، عن شريك، عن أبي سحاق، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء، به، وهذه الزيادة من تفرد حجاج بن محمد.

وقد رد ابن التركماني على ابن عدي بأن البخاري أخرج في كتاب الحج في "صحيحه"، [(1781)] من حديث أبي إسحاق قال: سألت مسروقاً وعطاءً ومجاهداً، فقالوا: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة قبل أن يحج، وهذا تصريح بسماع أبي إسحاق من عطاء.

وذكر الترمذي بإثر الحديث (1366)، وفي "العلل" 1/ 564، والبيهقي في "السنن" 6/ 137 أن البخاري رواه عن معقل بن مالك البصري، عن عقبة بن الأصم، عن عطاء، حدثنا رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. ثم قال البيهقي: وعقبة بن الأصم ضعيف لا يحتج به، قلنا: يعني فلا يحتج بتصريح عطاء بسماعه من رافع.

وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج"، (296)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 6/ 136 من طريق قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، به. وهذه متابعة =

ص: 139

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من قيس بن الربيع -وإن كان ضعيفاً- لشريك بن عبد الله، وفي هذا رد على من ذكر تفرد شريك به، كابن عدي، كما سلف.

وأخرجه بمعناه ابنُ أبي شيبة 7/ 90 و 14/ 220، وأبو داود (3399)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 40، وفي "الكبرى"(4616)، والطحاوي في "شرح المشكل"(2670) و (2671)، والطبراني في "الكبير"(4267) و (4268)، والبيهقي 6/ 136 من طريق يحيى القطان، عن أبي جعفر الخطمي، عن سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج، وذكر قصة عمه ظهير. وهذا إسناد صحيح متصل.

قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 475 - 476: قال أبي: هذا يقوِّي حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن رافع.

وأخرجه أبو داود (3402)، والطحاوي في "شرح المشكل"(2672)، وفي "شرح معاني الآثار" 4/ 106، والطبراني في "الكبير"(4443)، والحاكم 2/ 41، والبيهقي 6/ 133 و 136 من طريق بكير بن عامر، عن ابن أبي نعم، عن رافع. والقصة فيه لرافع لا لعمه ظهير. وبكير بن عامر ضعفه ابن معين وأبو زرعة والنسائي والساجي، وقال أحمد في "العلل" 1/ 155 و 260: ليس بالقوي في الحديث، وقال في موضع آخر 2/ 203: صالح الحديث ليس به بأس، وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله، وقال العجلي: كوفي لا بأس به، ووثقه الحاكم وابن حبان وابن شاهين، وقال ابن عدي: ليس كثير الرواية، ولم أجد له متناً منكراً، وهو ممن يكتب حديثه. قلنا: والطريق السالفة تقوية.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، إنما اتفقا على مناظرة عبد الله بن عمر ورافع بن خديج فيه، فتعقبه الذهبي بقوله: بكير ضعيف.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4442)، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 43 من طريق الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبيه، عن رافع، مرفوعاً، =

ص: 140

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بلفظ: نهى عن المزارعة. والحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم من رجال النسائي، صدوق سيئ الحفظ، وأبوه ثقة من رجال الشيخين.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 106 من طريق بكير، عن الشعبي، عن رافع بمثله.

وهذه الطرق تشد حديث شريك وتقويه.

وقد قال ابن القيم في "تهذيب السنن" عند الحديث (3261): وليس مع من ضَعَّف الحديث حجة، فإن رواته محتج بهم في الصحيح، وهم أشهر من أن يسأل عن توثيقهم، وقد حسنه إمام المحدثين أبو عبد الله البخاري والترمذي بعده، وذكره أبو داود ولم يضعفه، فهو حسن عنده، واحتج به الإمام أحمد وأبو عبيد، وتقدم شاهده من حديث رافع بن خديج. وذكر حديث أبي جعفر الخطمي، عن سعيد بن المسيب، عن رافع. ثم قال: فمثل هذا الحديث الحسن الذي له شاهد من السنة على مثله -وقد تأيد بالقياس الصحيح- من حجج الشريعة، وبالله التوفيق.

وقد ذهب الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "الخراج" ليحيى بن آدم ص 94 إلى تصحيح الحديث، وأجاب عن كلامهم في شريك وقيس بن الربيع، بأنهما يضعفان من قبل الضبط وليس في عدالتهما مطعن. قال: فاتفاقهما على روايته عن أبي إسحاق يدل على صحته.

لكنه جعل عطاءً هو ابن صهيب أبا النجاشي الأنصاري، لا عطاء بن أبي رباح، وذكر أنه لم يجد من صرح بأنه: ابن رباح إلا في "نصب الراية" نقلاً عن "الأموال" لأبي عبيد، وقال: لعله ظن من الزيلعي أيضاً، وإلا كيف حسنه البخاري والترمذي لو كان عندهما من رواية ابن أبي رباح، وهي منقطعة غير موصولة.

قلنا: قد فاته التصريح بأنه ابن أبي رباح في رواية "المسند" هذه، وفي غيرها من الروايات من مثل روايات أبي عبيد في "الأموال"، والطحاوي في "شرح المشكل"، وابن عدي والطبراني. =

ص: 141

15822 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ يَرْفُقُ بِنَا، وَطَاعَةُ اللهِ وَطَاعَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْفَقُ بِنَا، نَهَانَا أَنْ نَزْرَعَ أَرْضًا إِلَّا أَرْضًا (1) يَمْلِكُ أَحَدُنَا رَقَبَتَهَا أَوْ مِنْحَةَ رَجُلٍ (2).

= أما رواية عطاء بن صهيب أبي النجاشي لهذا الحديث فستأتي 4/ 141.

وسيكرر أيضاً 4/ 141.

قال السندي: قوله: "فله نفقته"، أي: الزرعُ لصاحبِ الأرض بما أنفق عليه صاحبُ الزرع.

(1)

وقع في النسخ عدا (م): أرض، وضبب فوقها في (س) و (ظ 12).

(2)

حديث صحيح، ابن رافع بن خديج غير مسمى، ذكره الذهبي في "الميزان"، وقال: لا يعرف، وقد رقم له المزي في "التهذيب" برمز أبي داود، وتابعه الحافظ في "تهذيبه"، غير أنه رقم له في "التقريب" برَقْم مسلم والنسائي، وبالتأمل -كما سيرد- نجد أنه إنما أورده مسلم ضمن سياق قصة، وأن الصواب أن يُرْقَمَ له بأبي داود والنسائي، إذ جاء عندهما في إسناد الحديث، وهو -وإن لم يكن مُسَمًّى- قد تابعه أسيد بن ظُهير ابن أخي رافع ابن خديج في الروايات (15808) و (15815) و (15816) و (15817)، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير عُمر بن ذر -وهو الهمداني المُرهبي- فمن رجال البخاري، وهو ثقة.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 6/ 347، ومن طريقه أبو داود (3397) عن وكيع، بهذا الإسناد، إلا أنه جاء في آخره: عن ابن رافع بن خَدِيج، عن أبيه، قال: =

ص: 142

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جاءنا أبو رافع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهذا قد يوهم أن لخديج والد رافع صحبة، وأن الحديث من مسنده، لكن خَدِيجاً لم تثبت صحبته، ولم يذكره في الصحابة ابنُ عبد البر ولا ابنُ الأثير، وقال ابنُ عساكر فيما نقله عنه المزي في "التحفة" 3/ 121: ولا أعلم لخديج صحبة فضلاً عن رواية. وقد ذكره الحافظ في "الإصابة" على سبيل الاحتمال -لرواية فيها وَهْمٌ ذكرها المزي في "التحفة" 3/ 121 - لا على سبيل الجزم. والإمام أحمد قد جعل الحديث كما هو ظاهر من مسند رافع بن خديج، وليس في روايته "أبو رافع" بعد كلمة "جاءنا"، وقد جعله تبعاً لذلك من مسند رافعٍ الحافظُ ابنُ حجر في "أطراف المسند" 2/ 329، وفي "إتحاف المهرة" 4/ 477 - 478.

والذي يترجَّح لنا أن المراد بأبي رافع هنا ظُهير بن رافع عمُّ رافع بن خديج، فقد روى رافعٌ الحديث عنه كما عند البخاري (2339)، ومسلم (1548)(114)، والنسائي 7/ 49 وغيرهم من طريق الأوزاعي، عن أبي النجاشي، عنه قال: أتانا ظُهير بن رافع، فقال: لقد نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عن أمرٍ كان بنا رافقاً

وأورد أحمدُ هذه الروايةَ في مسند ظُهير بن رافع 4/ 169، ويؤيد هذا ما سيرد في الحديث التالي برقم (15823)، وفيه قال رافع: جاءنا ذات يوم رجلٌ من عمومتي، فقال: نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

وفي الحديث الآتي 4/ 143 قال رافع: لقيني عمي ظهير بن رافع، فقال: يا ابن أخي قد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلنا: ولم يذكر أحدٌ ممن ترجم لظهير بن رافع له كنية، فتستفاد من هذه الرواية، والله أعلم.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 34 - 35، وفي "الكبرى"(4594)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 106، والطبراني في "الكبير"(4358) من طريق عبد الكريم الجَزَري، والطبراني أيضاً (4357) من طريق خُصيف، كلاهما عن مجاهد قال: أخذت بيد طاووس، حتى أدخلته على ابن رافع بن خديج، فحدثه عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن كراء الأرض، فأبى =

ص: 143

15823 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُحَاقِلُ بِالْأَرْضِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنُكْرِيهَا عَلَى الثُّلُثِ (1) وَالرُّبُعِ وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى، فَجَاءَنَا ذَاتَ يَوْمٍ رَجُلٌ مِنْ عُمُومَتِي، فَقَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَاعَةُ اللهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا، نَهَانَا أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ، فَنُكْرِيَهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى. وَأَمَرَ

= طاووس، فقال: سمعتُ ابن عباس لا يرى بذلك بأساً.

وأخرج مسلم (1550)(120) من طريق عمرو بن دينار، أن مجاهداً قال لطاووس: انطلق بنا إلى ابن رافع بن خديج، فاسمع منه الحديث عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فانتهره، قال: إني والله لو أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ما فعلتُه، ولكن حدَّثني من هو أعلم به منهم (يعني ابن عباس).

نقول: فقد أخرج مسلم هنا حديث ابن عباس كما هو ظاهر، وإنما ذكر قصة مجاهدٍ مع ابن رافع بن خديج، دون إخراج حديث رافع، مما يدل على أن مسلماً ذكر ابن رافع بن خديج ضمن سياق القصة، لا على سبيل الاحتجاج، كما ذكرنا آنفاً.

وقد سلف من طريق مجاهد عن رافع برقم (15811)، وانظر الروايات المذكورة آنفاً.

(1)

في (س) و (م): بالثلث، وكلاهما بمعنى.

ص: 144

رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يُزْرِعَهَا، وَكَرِهَ كِرَاءَهَا وَمَا سِوَى ذَلِكَ (1).

15824 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسماعيل: هو ابن عُلَيَّة، وأيوب: هو السختياني.

وأخرجه مسلم (1548)(113)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 41 - 42، وفي "الكبرى"(4623)، والطبراني في "الكبير"(4280) من طريق ابن عُلية، بهذا الإسناد. قال النسائي: أيوب لم يسمعه من يعلى، لكن نقل الطبراني عنه قوله: وسمعتُه منه بعد.

وأخرجه مسلم (1548)(113)، وأبو داود (3396)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 42، وفي "الكبرى"(4624)، والبيهقي في "السنن" 6/ 131، والطبراني في "الكبير"(4278) و (4279) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب قال: كتب إليَّ يعلى بن حكيم، به.

وأخرجه مسلم أيضاً (1548)(113)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2678)، وفي "شرح المعاني" 4/ 106، والطبراني في "الكبير"(4282) من طريق جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، به.

ونقل ابنُ عبد البر في "التمهيد" 3/ 38 عن الإمام أحمد بن حنبل قوله: أحاديثُ رافع في كراء الأرض مضطربة، وأحسنُها حديثُ يعلى بن حكيم، عن سليمان بن يسار، عن رافع بن خديج.

وقال عبد الله بن أحمد فيما سيرد بإثر الرواية الآتية 4/ 143: وسألت أبي عن أحاديث رافع بن خديج، مرة يقول: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة يقول: عن عَمَّيِه؟ فقال: كلها صحاح، وأحبها إليَّ حديث أيوب.

وسيأتي 4/ 169 في مسند ظهير بن رافع عم رافع بن خديج.

وانظر (15803) و 4/ 141 (طبعة ميمنية) وحديث أيوب -وهو ابن عتبة اليمامي- الذي أشار إليه الإمام أحمد سيرد 4/ 143.

ص: 145

قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: مَا كُنَّا نَرَى بِالْخَبْرِ بَأْسًا، حَتَّى زَعَمَ ابْنُ خَدِيجٍ عَامَ أَوَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ (1).

15825 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: يَا ابْنَ خَدِيجٍ، مَاذَا تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ؟ قَالَ رَافِعٌ: لَقَدْ سَمِعْتُ عَمَّيَّ وَكَانَا قَدْ شَهِدَا بَدْرًا يُحَدِّثَانِ أَهْلَ الدَّارِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ (2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر (15803)، إلا أن شيخ أحمد هنا هو إسماعيل: وهو ابن عُلَيَّة، وشيخه أيوب: هو السختياني.

وانظر (4504) و (4586).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور، وعقَيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وسالم بن عبد الله: هو ابن عمر.

وأخرجه البخاري (2345)، ومسلم (1547)(112)، وأبو داود (3394)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 44، وفي "الكبرى"(4633)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 105، وفي "شرح مشكل الآثار"(2679)، والبيهقي في "السنن" 6/ 129 من طريق الليث، بهذا الإسناد. ورواية البخاري مختصرة.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4266) من طريق حيوة بن شريح، عن عُقيل، به.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 44، وفي "الكبرى"(4632) والطبراني =

ص: 146

15826 -

حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ -، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الْعَامِلُ فِي الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ لِوَجْهِ اللهِ عز وجل، كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ " (1).

= في "الكبير"(4264) من طريق جويرية، عن مالك، عن الزهري، به.

وسيأتي 4/ 143، وقد سلف برقم (15803).

(1)

حديث حسن، هذا الإسناد -وإن كان منقطعاً- جاء متصلاً بذكر محمود بن لبيد بين عاصم بن عمر -وهو ابن قتادة- ورافع بن خديج في الرواية الآتية 4/ 143، وفيها أيضاً صرح محمد بن إسحاق بالتحديث. ورجال هذا الإسناد ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، فقد روى له مسلم متابعة وهو صدوق.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(423) عن يعلى بن عبيد، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 3/ 84 وقال: رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق وهو ثقة، ولكنه مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف عند الطبراني في "الكبير"(281) أخرجه عن المقدام بن داود، عن ذؤيب بن عمامة، عن سليمان بن سالم، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العامل إذا استُعمل، فأخَذَ الحق، وأعطى الحق، كالمجاهد في سبيل الله حتى يرجع".

قال الهيثمي في "المجمع" 3/ 84: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه ذؤيب ابن عمامة، قال الذهبي: ضعفه الدارقطني وغيره، ولم يُهْدَر.

قال السندي: قوله: "لوجه الله": أي: العامل لوجهه تعالى، أو يراعي الحقَّ لوجهه، وظاهرُ الأول أن لا يأخذُ الأجر، لكن قد يقال: المقصودُ صلاحُ =

ص: 147

15827 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ "(1).

15828 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ "(2).

= النية في العمل، لا تَرْكُ الأجر إذا أعطاه الإمام، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (15812)، غير أن شيخ أحمد هنا هو عبد الرزاق، وهو ابن همام الصنعاني، وشيخه معمر: هو ابن راشد.

وأخرجه مسلم (1568)، والترمذي (1275)، والطبراني في "الكبير"(4258)، والبيهقي 6/ 6 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. والعملُ على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا ثمن الكلب، وهو قولُ الشافعي وأحمد وإسحاق. وقد رخَّص بعضُ أهل العلم في ثمن كلب الصيد.

وسيأتي مكرراً سنداً ومتناً 4/ 141.

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عبد الله ابن قارظ فمن رجال مسلم، وهو ثقة. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد.

وأخرجه الحاكم 1/ 428 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وهو في "مصنف" عبد الرزاق (7523)، ومن طريقه أخرجه الترمذي في "جامعه"(774) وفي "علله" 1/ 360، وابن خزيمة (1964)، وابن حبان =

ص: 148

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (3535)، والطبراني في "الكبير"(4257)، والحاكم 1/ 428، والبيهقي في "السنن" 4/ 265 قال الترمذي: وحديثُ رافع بن خديج حديثٌ حسن صحيح، وذُكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: أصحُّ شيء في هذا الباب حديثُ رافع بن خديج.

وقال ابن خزيمة: سمعتُ العباس بن عبد العظيم العنبري يقول: سمعتُ علي بن عبد الله (وهو المديني) يقول: لا أعلم في "أفطر الحاجم والمحجوم" حديثاً أصح من ذا.

قال الحافظ في "الفتح" 4/ 177: لكن عارض أحمدَ يحيى بنُ معين في هذا، فقال: حديث رافع أضعفها. وقال البخاري [فيما نقل الترمذي في "علله" 1/ 361]: هو غير محفوظ. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه [كما في "العلل" 1/ 249]: هو عندي باطل. وقال الترمذي [في "العلل الكبير" 1/ 361]: سألت إسحاق بن منصور عنه، فأبى أن يحدثني به عن عبد الرزاق، وقال: هو غلط، قلتُ: ما علَّتُه؟ قال: روى هشامٌ الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد حديثَ "مهرُ البغي خبيث"، وروى عن يحيى، عن أبي قلابة أن أبا أسماء حدثه أن ثوبان أخبر به، فهذا هو المحفوظ عن يحيى، فكأنه دخل لمعمر حديث في حديث، والله أعلم. انتهى.

وقال البيهقي في "السنن" 4/ 265: كأن يحيى بن أبي كثير روى الحديث بالإسنادين جميعاً، قلنا: ثم إنه لم ينفرد معمر في روايته، عن يحيى بن أبي كثير، بل تابعه معاوية بن سلام -وهو ثقة- فقد أخرجه ابن خزيمة (1965) من طريق عمار بن مطر أبي عثمان الرهاوي، والحاكم 1/ 428 ومن طريقه البيهقي في "السنن" 4/ 265 من طريق الربيع بن نافع أبي توبة الحلبي، كلاهما عن معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، به. وأبو عثمان الرهاوي -وإن يكن ضعيفاً- تابعه الربيع بن نافع، وهو ثقة.

والحديث متواتر رُوي من حديث ثمانية عشر صحابياً سلف في المسند منها حديث أبي هريرة برقم (8768)، وذكرنا هناك بقيتها. =

ص: 149

15829 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَقْلِ. قَالَ الْحَكَمُ: وَالْحَقْلُ: الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ (1).

= قال السندي: قوله: "أفطر الحاجم والمحجوم" أخذ بظاهره أحمد، والجمهورُ حمله على أنه منسوخ، أو على أنه يخاف عليهما أن يؤدي فعلُهما إلى الإفطار، أما المحجوم فلضعفه، وأما الحاجم فلأنه قد يُخاف أن يدخل شيء من الدم في جوفه بمس القارورة، والله تعالى أعلم.

وانظر "فتح الباري" 4/ 177 - 179، وتعليقنا على حديث أبي هريرة (8768).

(1)

صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، مجاهد لم يسمع من رافع.

وهو مكرر (15811) غير أن شيخ أحمد هنا هو محمد بن جعفر.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 35، وفي "الكبرى"(4597) من طريق محمد بن جعفر، به. دون ذكر قول الحكم.

وقد سلف برقم (15811).

ص: 150

‌حَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ

(1)

15830 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ، أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ، قَالَ: إِنِّي لَا أَجِدُ إِلَّا جَذَعَةً، فَأَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ (2).

(1) قال السندي: أبو بُردة بن نيار، بكسر نون بعدها تحتانية خفيفة، اسمه هانئ، أو الحارث، أو مالك، صحابي، ورجح الأول، وخَطَّأَ من قال بالثاني أو الثالث، شهد بدراً وما بعدها، وشهد مع علي حروبه كلها، ومات سنة إحدى وأربعين، وقيل غير ذلك.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن ابن عبد البر قال في "التمهيد" 23/ 180: يقال: إن بُشير بن يسار لم يسمع من أبي بُردة. يحيى بن سعيد شيخ أحمد هو القطان، وشيخه هو الأنصاري، وأبو بردة اسمه هانئ.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 224 من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 483 ومن طريقه أخرجه الشافعي في "السنن المأثورة"(585)، وابن حبان (5905)، والبيهقي في "السنن" 9/ 263، وفي "معرفة السنن والآثار"(18884) عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

وأخرجه الدارمي 2/ 80 عن أبي علي الحنفي، عن مالك، بالإسناد السابق غير أن فيه: أن رجلاً ذبح

والمعروف أن القصة قصة أبي بردة لا قصة رجل غيره.

وسيأتي بالأرقام (16485)(16490). =

ص: 151

15831 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنِ الْجَهْمِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ ابْنِ نِيَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ لِلُكَعِ ابْنِ لُكَعٍ "(1).

= وقصة أبي بُردة هذه محفوظةٌ من حديث البراء بن عازب عند البخاري (955)، ومسلم (1961)، وسلف برقم (16485).

وفي الباب أيضاً عن عبد الله بن عمرو سلف برقم (6596)، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، ونزيد هنا حديث عُويمر بن أشقر سلف برقم (15762).

قال السندي: قوله: فأمره أن يعيد: ظاهره أنه أمره بذلك لكونه تقدم عليه صلى الله عليه وسلم في الذبح، لكن قد جاء ما يدل على أنه أمره بذلك لكونه ذبح قبل الصلاة، كما عليه الجمهور.

إلا جَذَعة: بفتحتين: قيل: ما مضت عليه سنة، وقيل دونها.

(1)

حديث صحيح، وهذا سند حسن. الجهم بن أبي الجهم -وهو من رجال "التعجيل"- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد توبع في الرواية الآتية برقم (15837)، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.

وفي الباب عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سيرد 5/ 430 بإسناد صحيحٍ موقوفاً، وله حكم الرفع، إذ ليس للرأي فيه مجال، على أنه قد جاء مرفوعاً بسند صحيح عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2051).

وعن حذيفة بن اليمان سيرد 5/ 389، وإسناده ضعيف. فيه عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي، مجهول، تفرد بالرواية عنه عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، ولم يوثقه سوى ابن حبان.

وعن أنس بن مالك عند الطبراني في "الأوسط"(632)، أورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 325 - 326، وقال: رجاله رجال الصحيح غير الوليد بن عبد الملك بن مسرح، وهو ثقة. =

ص: 152

15832 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ وَحَجَّاجٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا لَيْثٌ - يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ -، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا يُجْلَدُ (1) فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى "(2).

= وعن غيرهم انظر "مجمع الزوائد" 3/ 325 و 326.

قال السندي: قوله: لِلُكَع: هو كعُمر وزُفَر غير منصرف للعدل والوصف، والمراد: من لا يُعرف بخصلة حميدة هو ولا آباؤه.

(1)

في (ظ 12) و (ص): لا تجلد.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. هاشم: هو ابن القاسم أبو النضر، وحجاج: هو ابن محمد المصيصي.

وأخرجه ابنُ أبي شيبة 10/ 107، والبخاري (6848)، وأبو داود (4491)، والترمذي (1463)، والنسائي في "الكبرى"(7331)، وابن ماجه (2601)، والطبراني في "الكبير" 22/ (515)، والبيهقي في "السنن" 8/ 327 - 328، والبغوي في "شرح السنة"(2609) من طرق عن ليث بن سعد، بهذا الإسناد.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث بُكير بن الأشج، وقد اختلف أهل العلم في التعزير، وأحسنُ شيءٍ روي في التعزير هذا الحديث. قال: وقد روى هذا الحديث ابن لهيعة عن بكير، فأخطأ فيه، وقال: عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خطأ، والصحيح حديث الليث بن سعد، إنما هو عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبي بردة بن نيار، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلنا: روايةُ ابنِ لهيعة سترد برقم (15834)، وليست من رواية عبد الرحمن ابن جابر بن عبد الله، عن أبيه، بل هي من روايته عن أبي بردة بن نيار. وانظر ما يأتي. =

ص: 153

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه النسائي في "الكبرى"(7330) من طريق شعبة، والطبراني في "الكبير" 22/ (514) من طريق سعيد بن أبي أيوب، و (516) من طريق زيد بن أبي أنيسة، ثلاثتهم عن يزيد بن أبي حبيب، به.

وقد أخرجه النسائي (7332) أيضاً، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2444) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، به، غير أنه زاد في الإسناد بين عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله وأبي بردة بن نيار أباه جابراً.

وأخرجه بهذه الزيادة البخاري (6850)، ومسلم (1708)، من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بُكَير بن الأشج، به. وسيرد برقم (16487).

قال الحافظ في "الفتح" 12/ 177: يحتمل أن عبد الرحمن سمع أبا بردة لما حدث به أباه، وثبَّته فيه أبوه، فحدث به تارة بواسطة أبيه، وتارة بغير واسطة.

وقد أخرجه البخاري أيضاً (6849) من طريق فضيل بن سليمان، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن جابر، عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم. وقد رواه عبد الرزاق في "المصنف"(13677) من طريق مسلم بن أبي مريم أيضاً، فقال: عن رجل من الأنصار.

قال الحافظ في "الفتح" 12/ 177: قد ذكر الدارقطني في "العلل" الاختلاف، ثم قال: القول قولُ الليث ومن تابعه، وخالف ذلك في جميع كتاب "التتبع"، فقال: القول قول عمرو بن الحارث وقد تابعه أسامة بن زيد. ثم قال الحافظ: ولم يقدح هذا الاختلاف عن الشيخين في صحة الحديث، فإنه كيفما دار يدور على ثقة. ثم قال: وادعى الأصيلي أن الحديث مضطرب فلا يحتج به لاضطرابه، وتعقب بأن عبد الرحمن ثقة فقد صرح بسماعه، وإبهام الصحابي لا يضر، وقد اتفق الشيخان على تصحيحه، وهما العمدة في التصحيح. وقد وجدت له شاهداً بسند قوي لكنه مرسل أخرجه الحارث بن =

ص: 154

15833 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ وَلَمْ يَشُكَّ عَنْ خَالِهِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَقِيعِ الْمُصَلَّى، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي طَعَامٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا، فَإِذَا هُوَ مَغْشُوشٌ أَوْ مُخْتَلِفٌ، فَقَالَ:" لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا "(1).

= أبي أسامة، من رواية عبد الله بن أبي بكر بن الحارث بن هشام رفعه:"لا يحل أن يُجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد".

وله شاهد آخر عن أبي هريرة عند ابن ماجه. قلنا: هو عنده برقم (2602) لكن فيه عباد بن كثير الثقفي، قال أحمد بن حنبل: روى أحاديث كذب لم يسمعها. وقال البخاري: تركوه، وكذا قال غير واحد.

وسيأتي بالأرقام (15834)(15835)(16486)(16487)(16488)(16491).

قال السندي: قوله: "إلا في حد

إلخ " ظاهره أنَّ غاية التعزير عشرة، والجمهور على أنه يجوز الزيادة على ذلك لفعل الصحابة، فالحديث منسوخ، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضَعْف جُميع بن عُمير -وهو التَّيمي- وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- فسيئ الحفظ، لكنه عند المتابعة حسن الحديث، وقد أخرج له مسلم في المتابعات. حجاج: هو ابن محمد المصيصي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 290، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 227، والبزار (99)"زوائد" والطبراني في "الكبير" 22/ (521) من طرق عن شريك، به. ووقع في مطبوع ابن أبي شيبة: عن جميع بن عامر، عن عامر، عن أبي بردة، فلعل لفظة: عن خاله أبي بردة تحرفت إلى ما ذكر. ووقع عند البزار "عن عمه" بدلاً من "عن خاله" وقد أشار إلى إسناد هذا الحديث الطبراني في "الأوسط" عقب الحديث (4250). =

ص: 155

15834 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ: حَدِّثْ. فَحَدَّثَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا جَلْدَ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل "(1).

= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 78، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" والبزار باختصار، وفيه جُميع بن عمير وثقه أبو حاتم، وضعفه البخاري وغيره.

قلنا: إنما أشار الطبراني في "الأوسط" إلى إسناده هذا فحسب، كما سلف.

وسيأتي برقم (16489).

وله شاهد من حديث أبي هريرة، سلف برقم (7292) بإسناد صحيح على شرط مسلم.

وشواهد أخرى ذكرناها في تخريج حديث ابن عمر (5113).

قال السندي: قوله: "ليس منا

إلخ": ظاهره نفيُ الإيمان، وقد أُوِّل مثله. والله تعالى أعلم.

قلنا: وقوله: بقيع المصلى، وقع في "أطراف المسند": نقيع، بالنون، وهو تصحيف.

(1)

حديث صحيح، ابنُ لَهيعة -وهو عبد الله، وإن كان سيئ الحفظ- توبع، وهو ممكنُ السماع من بكير بن عبد الله بن الأشج، فقد سمع منه الليث ابن سعد، وهو من طبقته. وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن إسحاق -وهو السيلحيني- فمن رجال مسلم، وقد سمع من ابن لهيعة بعد اختلاطه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (517) من طريق عمران الصوفي، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد.

وسلف بإسناد صحيح على شرط الشيخين برقم (15832).

ص: 156

15835 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل "(1).

وَكَانَ لَيْثٌ حَدَّثَنَاهُ بِبَغْدَادَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، فَلَمَّا كُنَّا بِمِصْرَ قَالَ: أَخْبَرَنَاهُ (2) بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ.

15836 -

حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ وَائِلٍ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ خَالِهِ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَفْضَلِ الْكَسْبِ؟ فَقَالَ: " بَيْعٌ مَبْرُورٌ، وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ "(3).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو سلمة الخزاعي: هو منصور ابن سلمة، وليث: هو ابن سعد.

وسلف برقم (15832) من طريق ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، به. وهو من المزيد في متصل الأسانيد، وقد أشار إليه أبو سلمة الخُزاعي بإثر الحديث.

(2)

في النسخ الخطية و (م): فلما كنا بمصر أخبرنا بكير بن عبد الله والتصويب من "أطراف المسند" 6/ 66، وجاء على الصواب أيضاً في "تحفة الأشراف" 9/ 66.

(3)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- قال البيهقي في "السنن" 5/ 263: هكذا رواه شريك، وغلط فيه في موضعين: أحدهما في قوله: جُميع بن عمير، وإنما هو سعيد بن عُمير، والآخر في وصله، وإنما رواه غيره عن وائل مرسلاً. قلنا: قد ذكر أنه سعيد =

ص: 157

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن عمير البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 502، وقال: وأسنده بعضُهم وهو خطأ. وسعيد بن عُمير روى عنه جمع، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وبقية رجاله ثقات. وائل: هو ابن داود، وقد اختُلف عليه فيه كما سيرد.

فأخرجه الحاكم 2/ 10، والبيهقي في "السُّنن" 5/ 263، وفي "الشُّعَب"(1227) من طريق أسود بن عامر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (520) من طريق يحيى الحماني، عن شريك، به.

وأخرجه البزار (1258)"زوائد" من طريق سويد بن عمرو، عن شريك، به، إلا أنه قال: عن جميع بن عمير، عن عمه. بدل عن خاله. ورواه أبو إسماعيل المؤدب -فيما ذكر ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 443 - عن وائل بن داود، عن سعيد بن عمير بن أخي البراء، عن البراء مرفوعاً.

قال أبو حاتم: وحدثني أيضاً الحسن بن شاذان، عن ابن نمير، هكذا متصلاً عن البراء.

قلنا: وأخرجه كذلك الحاكم 2/ 10 - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 5/ 263 - من طريق أسود بن عامر، عن سفيان الثوري، عن وائل بن داود، عن سعيد بن عمير، عن عمه مرفوعاً. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه

وقد ذكر يحيى بن معين أن عمَّ سعيد بن عمير: البراءُ بنُ عازب، وإذا اختلف الثوري وشريك فالحكم للثوري.

قلنا: قد ذكر أيضاً أن البراء بن عازب عمُّ سعيد بن عمير ابنُ أبي حاتم كما تقدم، وجعله البيهقي والمزي والحافظ جدَّه لأمه، وذكر ابنُ حبان ويعقوب بن سفيان والمزي أن عمَّ سعيد بن عُمير إنما هو أبو بُردة بن نِيَار، وقولُ الحاكم: إذا اختلف الثوري وشريك فالحكم للثوري مُسَلَّم به، لكنهما جميعاً رفعاه، وقد صرح البخاريُّ شيخُ الصنعة -فيما نقلناه عنه آنفاً- أن رفعه خطأ، (ومع ذلك صحح الألباني رفعه في صحيحته (607)) وذكر أبو حاتم أن =

ص: 158

15837 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُمَيْعٍ - قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَسَنٍ بَيْنَنَا ابْنُ رُمَّانَةَ مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ قَدْ نَصَبْنَا لَهُ أَيْدِيَنَا، فَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيْهَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبهَا (1) ابْنَ نِيَارٍ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ

= الثقات الثوري وجماعة قد أرسلوه، ثم قال: والمرسل أشبه. وقال البيهقي: والصحيح رواية وائل بن داود، عن سعيد بن عمير، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

قلنا: قد أخرجه مرسلاً أبو عبيد في "غريب الحديث" 4/ 469 عن أبي معاوية ومروان بن معاوية، والبيهقي في "السنن" 5/ 263 من طريق محمد بن عبيد، ثلاثتهم عن وائل بن داود، عن سعيد بن عمير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً. قال البيهقي: هذا هو المحفوظ مرسلاً.

وثمة خلاف ثالث عن وائل، فقد رواه المسعودي -عند الحاكم 2/ 10 - عنه عن عباية بن رافع بن خديج، عن أبيه. قال البيهقي: وهو خطأ. ومع ذلك جعله الألباني أحد الطرق التي ذكرها في صحيحته (607).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 60، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" باختصار، وقال: عن خاله أبي بردة بن نيار، والبزار كأحمد إلا أنه قال: عن جميع بن عمير، عن عمه. وجُميع وثقة أبو حاتم، وقال البخاري: فيه نظر.

قلنا: لم يفطن الهيثمي رحمه الله إلى أن ذكر جُميع خطأ، وأن صوابه: سعيد بن عمير.

وله شاهد من حديث ابن عمر عند الطبراني في "الأوسط"(2161) بإسناد حسن، أورده الهيثمي في "المجمع" 4/ 60 - 61، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، ورجاله ثقات.

قال السندي: قوله: بيع مبرور: لا يخالطه إثم وحلف كاذب ونحوه.

(1)

في (م): وَنَهَى. وهو تحريف.

ص: 159

اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: ائْتِنِي. فَأَتَاهُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ رُمَّانَةَ بَيْنَكُمَا يَتَوَكَّأُ عَلَيْكَ وَعَلَى زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَنْ تَذْهَبَ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ عِنْدَ لُكَعِ ابْنِ لُكَعٍ "(1).

(1) إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أن الوليد بن عبد الله بن جُميع فيه كلام خفيف ينزل مرتبةً عن درجة الصحيح. أبو بكر بن أبي الجهم: هو أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، نسب إلى جده، وأبو نعيم: هو الفضل ابن دكين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (512)، وابن أبي عاصم في "الزهد"(197) من طريق أبي نعيم، شيخ أحمد، بهذا الإسناد. دون ذكر القصة.

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة 15/ 242 - ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الزهد"(197) - عن جعفر بن عون، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، به.

وسلف ذكر أحاديث الباب في الرواية (15831).

قال السندي: قوله: وبها ابنُ نيار: أي تلك البقعة، وهي المسجد.

فأرسل إلى أبي بكر: ذكر نفسه [بضمير] الغيبة.

ص: 160

‌حَدِيثُ أَبِي سَعِيدِ (1) بْنِ أَبِي فَضَالَةَ

15838 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ (2) بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ - وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ - أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا جَمَعَ اللهُ عز وجل الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ أَحَدًا، فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ عز وجل، فَإِنَّ اللهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ "(3).

(1) ويقال: أبو سعد، وجاء ذلك في هامش (س)، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة" فيمن اسمه أبو سعد، فقال: أبو سعد بن فضالة، ويقال: أبو سعد بن أبي فضالة، ويقال: أبو سعيد بن فضالة بن أبي فضالة. قلنا: قال ابن حبان: الصحيح هو أبو سعد بن أبي فضالة.

(2)

المثبت من (س) و (ص) و (ق) و (م)، وفي (ظ 12)، و"أطراف المسند" 6/ 236: أبو سعد. وكلاهما صحيح كما سلف.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، زياد بن ميناء، روى عنه اثنان، وذكر ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن المديني -فيما نقله الحافظ في "الإصابة"- في حديثه هذا: سنده صالح. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. عبد الحميد بن جعفر: هو ابن عبد الله بن الحكم الأنصاري.

وأخرجه الترمذي (3154)، وابن ماجه (4203)، والدولابي في "الكنى" 1/ 35، وابن حبان (404) و (7345)، والطبراني في "الكبير" 22/ (778)، والبيهقي في "الشعب"(6817) من طرق عن محمد بن بكر البرساني، بهذا =

ص: 161

‌حَدِيثُ سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15839 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ (1) - يَعْنِي ابْنَ الْهَادِ -، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ أَنَّهُ قَالَ: نَادَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ (2) وَأَنَا رَدِيفُهُ: " يَا سُهَيْلُ ابْنَ بَيْضَاءَ " رَافِعًا بِهَا صَوْتَهُ مِرَارًا، حَتَّى سَمِعَ مَنْ خَلْفَنَا وَأَمَامَنَا، فَاجْتَمَعُوا، وَعَلِمُوا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ: " إِنَّهُ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَوْجَبَ اللهُ عز وجل لَهُ بِهَا

= الإسناد.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه مثل هذا.

وقد تحرف اسم زياد بن ميناء في مطبوع "الشُعب" إلى زياد بن عيسى.

وسيكرر بإسناده ومتنه 4/ 215.

وفي الباب: عن أبي هريرة، سلف برقم (7999) بلفظ:"أنا خير الشركاء، فمن عمل عملاً، فأشرك فيه غيري، فأنا بريءٌ منه، وهو للذي أشرك" واسناده صحيح على شرط مسلم. وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "أغنى الشركاء عن الشرك" أي، فترك حصته من العمل لغيره لغناه وحاجة الغير، فحيث صار العمل كله للغير، فأجره عليه يطالب به هو، ولا يطالب به الله تعالى جل ذكره وثناؤه.

(1)

في (م): سمعت أبي يحدث عن يعقوب، قال: سمعت أبي يحدث عن يزيد. وهو خطأ.

(2)

في (ق): ذات يوم.

ص: 162

الْجَنَّةَ، وَأَعْتَقَهُ بِهَا مِنَ النَّارِ " (1).

15840 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ حَيْوَةُ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (2).

(1) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، محمد بن إبراهيم -وهو التيمي- لم يدرك سهيل بن بيضاء. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(472) عن يعقوب، بهذا الإسناد.

وسلف برقم (15738) من طريق يزيد بن الهاد، بهذا الإسناد، إلا أن فيه زيادة سعيد بن الصلت بين محمد بن إبراهيم التيمي وسعيد بن الصلت، ويبقى الإسناد منقطعاً، لأن سعيداً لم يدرك سهيلاً كما بيّنّا هناك.

(2)

هو مكرر (15739) سنداً ومتناً.

ص: 163

‌حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15841 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ - وَكَانَ، مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ - قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَسِيرٍ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي (2) عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ سَلَمَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا، عَلَيَّ بُرْدَةٌ مُضْطَجِعًا فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي، فَذَكَرَ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَقَالَ: ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوْثَانٍ لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ (3) بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ، تَرَى هَذَا كَائِنًا إِنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ، يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ؟! قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوَدَّ (4) أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي

(1) قال السندي: هو أنصاري شهد العقبة وبدراً، والمشاهد بعدها.

قيل: عاش إلى خمس وأربعين، ومات وهو ابن أربع وسبعين سنة في المدينة.

(2)

لفظ "بني" سقط من (م).

(3)

في (ظ 12) و (ص) و (س): كائناً. وجاء في هامش (س): كائنٌ.

(4)

في (ق): يود.

ص: 164

الدُّنْيَا (1) يُحَمُّونَهُ، ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فَيُطْبَقُ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا. قَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ، قَالُوا: وَمَتَى تُرَاهُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَآمَنَّا بِهِ، وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا: وَيْلَكَ يَا فُلَانُ! أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: بَلَى وَلَيْسَ بِهِ (2).

(1) في (ظ 12) و (ص): الدار.

(2)

إسناده حسن، من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن محمود بن لبيد -وهو من صغار الصحابة- إنما أخرج له البخاري في "الأدب المفرد"، وسلمة بن سلامة ليست له رواية في أيٍّ من الكتب الستة. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 68 - 69، والطبراني في "الكبير"(6327)، والحاكم 3/ 417 - 418، وأبو نعيم في "الدلائل"(34)، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 78، من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي!

قلنا: محمد بن إسحاق، إنما أخرج له مسلم متابعة لا احتجاجاً.

وقد تحرف اسم محمود بن لبيد في مطبوع أبي نعيم إلى محمد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 230، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفي رواية عنده، عن أم سلمة أيضاً أن يهودياً كان في بني عبد الأشهل، فقال لنا ونحن في المجلس: قد أطل هذا النبي القرشي الحرمي، ثم التفت في المجلس، فقال: إن يدركه أحد يدركه هذا الفتى، وأشار =

ص: 165

‌حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ (1) أَخُو عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ

15842 -

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - يَعْنِي ابْنَ مُهَاجِرٍ -، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ بَاعَ عَقَارًا كَانَ قَمِنًا أَنْ لَا يُبَارَكَ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ "(2).

= إليَّ

إلى آخر الحديث، ثم قال: ورجال أحمد رجال الصحيح، غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع.

(1)

قال الحافظ في "الإصابة": سعيد بن حريث بن عمرو المخزومي. ممَّن أسلم قبل فتح مكة، قال الواقدي: شهدها، وكان أسنَّ من أخيه، عمرو ابن حريث.

مات بالكوفة، قاله ابن منده، وقيل: قُتِل بالحرة، قاله أبو عمر.

(2)

حديث حسن بمبابعاته وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل ابن إبراهيم بن مهاجر، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه سعيد بن حريث ليس له في الكتب الستة سوى هذا الحديث عند ابن ماجه كما قال البوصيري. ابن نمير: هو عبد الله.

وأخرجه ابن ماجه بإثر الحديث (2490)، والدارمي 2/ 273، وأبو يعلى (1458)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3949)، والطبراني في "الكبير"(5526)، والبيهقي في "السنن" 6/ 34 من طرق عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، بهذا الإسناد.

قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه": إسماعيل بن إبراهيم ضعفه البخاري وأبو داود وغيرهما. =

ص: 166

‌حَدِيثُ حَوْشَبٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15843 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ كُرَيْبٍ، أَنَّ غُلَامًا مِنْهُمْ تُوُفِّيَ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ أَبَوَاهُ أَشَدَّ الْوَجْدِ، فَقَالَ

= قلنا: قد تابعه أبو حمزة محمد بن ميمون السكري -وهو ثقة من رجال الشيخين- عن عبد الملك بن عمير، به. عند البيهقي 6/ 34، غير أنه من طريق محمد بن موسى بن حاتم، وهو متكلم فيه، فقد نقل الحافظ في "اللسان" عن القاسم السياري قوله: أنا بريء من عهدته، وقول ابن أبي سعد: إن كان محمد بن علي الحافظ سيئ الرأي فيه.

وتابعه أيضاً قيس بن الربيع عن عبد الملك بن عمير، به، فيما سلف برقم (1650) لكن جعله من مسند سعيد بن زيد، وقيس بن الربيع قال فيه الحافظ في "التقريب": صدوق تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدث به.

وسيأتي 4/ 307 دون ذكر عمرو بن حريث في الإسناد.

وله شاهد من حديث حذيفة عند الطيالسي (422) و (423)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 327 - 328، وابن ماجه (2491)، وابن عدي 7/ 2623، والبيهقي 6/ 33 - 34. ولفظه عند الطيالسي:"من باع داراً ثم لم يجعل ثمنها في دارٍ لم يبارك له"، وقد روي مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أصح.

وآخر من حديث أبي ذر: عند الطبراني في "الأوسط"(7104)، بلفظ:"من باع داراً لم يستخلف لم يبارك له في ثمنها"، وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/ 111، وقال: وفيه جماعة لم أعرفهم.

قال السندي: قوله: "كان قمناً" بفتحٍ فكسر، أو بفتحتين، أي: لائقاً حقيقاً.

ص: 167

حَوْشَبٌ صَاحِبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُخْبِرُكُ (1) بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي مِثْلِ ابْنِكَ؟ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، كَانَ لَهُ ابْنٌ قَدْ أَدَبَّ - أَوْ دَبَّ - وَكَانَ يَأْتِي مَعَ أَبِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنَّ ابْنَهُ تُوُفِّيَ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ أَبُوهُ قَرِيبًا مِنْ سِتَّةِ أَيَّامٍ لَا يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا أَرَى فُلَانًا! " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَهُ تُوُفِّيَ فَوَجَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا فُلَانُ (2) أَتُحِبُّ لَوْ أَنَّ ابْنَكَ عِنْدَكَ الْآنَ كَأَنْشَطِ الصِّبْيَانِ نَشَاطًا؟ أَتُحِبُّ أَنَّ ابْنَكَ عِنْدَكَ أَحَدُّ (3) الْغِلْمَانِ جرأَةً؟ أَتُحِبُّ أَنَّ ابْنَكَ عِنْدَكَ كَهْلًا كَأَفْضَلِ الْكُهُولِ أَوْ (4) يُقَالُ لَكَ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ ثَوَابَ (5) مَا أُخِذَ مِنْكَ؟ "(6).

(1) في (م): أخبركم.

(2)

قوله: "يا فلان" ليس في (ق).

(3)

في نسخة السندي: أجرأ.

(4)

في (ظ 12) و (ص) و (س): أن بدل أو، وضُبِّب فوقها في (س). وعلى رواية "أن" شرح السندي.

(5)

في (ظ 12) و (ص) و (س): ثواباً. وهي نسخة السندي.

(6)

إسناده ضعيف، ابن لهيعة سيئ الحفظ، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال مسلم، غير حسان بن كريب، فقد أخرج له البخاري في "الأدب المفرد"، وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحوشب رضي الله عنه ليست له رواية في أيٍّ من الكتب الستة. يحيى بن إسحاق: هو السَّيلحيني.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 9، وقال: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام.

وفي باب ثواب الصبر على فقد الأولاد عن ابن مسعود، سلف برقم =

ص: 168

‌حَدِيثُ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15844 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: قَالَ أَبِي كَمَا حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ (1) الْجُهَنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْكَلْبِيَّ - كَلْبَ لَيْثٍ - إِلَى بَنِي مُلَوَّحٍ بِالْكَدِيدِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ، فَكُنْتُ فِي سَرِيَّتِهِ، فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ لَقِينَا بِهِ الْحَارِثَ بْنَ مَالِكٍ؛ وَهُوَ ابْنُ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيُّ، فَأَخَذْنَاهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسْلِمَ، فَقَالَ غَالِبُ بْنُ

= (3554)، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "قد أدَّب" على بناء المفعول أو الفاعل، من التأديب، والتقدير على الثاني: أدَّبه، قيل: وفي "أسد الغابة": قد أدرك. "أو دبَّ" بتشديد الباء، من الدَّبيب.

"نشاطاً" بفتح النون.

"أجرأ الغلمان" بجيم وراء، والهمزة، كذا في أصلنا، وفي بعض الأصول:"أحَدُّ الغلمان"، بحاءٍ مهملة ودالٍ مشدّدة مهملة.

"أن يقال" أي: من أن يُقال، أو بأن يقال، أي في مقابلة هذا القول.

"ثواباً ما أُخذ منك" أي: لما أُخذ، بتقدير اللام، أي ثواباً للولد الذي أُخذ منك، قيل: في "أسد الغابة": أو يُقال لك: ادخل الجنة بثوابِ ما آخُذُ منك.

(1)

في النسخ الخطية و (م): جندب، وهو تحريف قديم، والمثبت من مصادر ترجمته في "تهذيب الكمال" وفروعه، وقال ابن حجر في "التقريب": بالمعجمة، مُصَغَّر.

ص: 169

عَبْدِ اللهِ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ مُسْلِمًا، فَلَنْ يَضُرَّكَ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ. قَالَ: فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا، ثُمَّ خَلَّفَ عَلَيْهِ رَجُلًا أَسْوَدَ كَانَ مَعَنَا، فَقَالَ: امْكُثْ مَعَهُ حَتَّى نَمُرَّ عَلَيْكَ، فَإِنْ نَازَعَكَ، فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ.

قَالَ: ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَطْنَ الْكَدِيدِ، فَنَزَلْنَا عُشَيْشِيَةً (1) بَعْدَ الْعَصْرِ، فَبَعَثَنِي أَصْحَابِي فِي رَئِيَّةٍ (2)، فَعَمَدْتُ إِلَى تَلٍّ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ (3) الْمَغْرِبَ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَنَظَرَ، فَرَآنِي مُنْبَطِحًا عَلَى التَّلِّ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى عَلَى هَذَا التَّلِّ سَوَادًا مَا رَأَيْتُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَانْظُرِي لَا تَكُونُ الْكِلَابُ اجْتَرَّتْ بَعْضَ أَوْعِيَتِكِ. قَالَ: فَنَظَرَتْ، فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ مَا أَفْقِدُ شَيْئًا. قَالَ: فَنَاوِلِينِي قَوْسِي (4) وَسَهْمَيْنِ مِنْ كِنَانَتِي (5) قَالَ: فَنَاوَلَتْهُ، فَرَمَانِي بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِي جَنْبِي، قَالَ: فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، ثُمَّ رَمَانِي بِآخَرَ، فَوَضَعَهُ فِي رَأْسِ مَنْكِبِي،

(1) في نسخة في (س): عشية. وقال ابن الأثير في "النهاية": عُشَيْشِيَة: تصغير عشية على غير قياس، أبدل من الياء الوسطى شينٌ كأن أصلها: عُشَيْية. يقال: أتيته عُشَيْشية، وعُشَيَّاناً، وعُشَيَّانةً وعُشَيْشياناً.

(2)

في (م) وابن هشام و"الآحاد والمثاني" و"الطبراني": ربيئة، والربيئة: الطليعة، قال السندي: قوله: والرئية، بفتح راء وكسر همزة وتشديد، والرئية: الجاسوس. فالمعنى في فعل الرئية، وهو التجسس.

(3)

في "غاية المقصد": وذلك قبيلَ المغرب.

(4)

في (ظ 12): قوس، وفي نسخة في (س): قوساً.

(5)

في نسخة من (س): نبلي.

ص: 170

فَنَزَعْتُهُ، فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ. فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاللهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ زَائِلَةً (1) لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي (2) سَهْمَيَّ، فَخُذِيهِمَا، لَا تَمْضُغُهُمَا عَلَيَّ الْكِلَابُ.

قَالَ: وَأَمْهَلْنَاهُمْ حَتَّى رَاحَتْ رَائِحَتُهُمْ، حَتَّى إِذَا احْتَلَبُوا، وَعَطَّنُوا أَوْ سَكَنُوا، وَذَهَبَتْ عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ، فَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا مِنْهُمْ، وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ، فَتَوَجَّهْنَا قَافِلِينَ. وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ إِلَى قَوْمِهِمْ مُغَوِّثًا، وَخَرَجْنَا سِرَاعًا، حَتَّى نَمُرَّ بِالْحَارِثِ ابْنِ الْبَرْصَاءِ وَصَاحِبِهِ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ مَعَنَا، وَأَتَانَا صَرِيخُ النَّاسِ، فَجَاءَنَا مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلَّا بَطْنُ الْوَادِي، أَقْبَلَ سَيْلٌ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ شَاءَ، مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا وَلَا خَالًا، فَجَاءَ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَقُومَ (3) عَلَيْهِ، فَلَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَنَحْنُ نَجُوزُهَا (4) سِرَاعًا حَتَّى أَسْنَدْنَاهَا فِي الْمَشْلَّلِ، ثُمَّ حَدَرْنَاهَا عَنَّا، فَأَعْجَزْنَا الْقَوْمَ بِمَا فِي أَيْدِينَا (5).

(1) أثبتنا هذا الحرف هكذا من "غاية المقصد" و"الطبراني" و"المجمع"، أي: لو كان ممن يزول .. وفي ابن هشام وابن أبي عاصم: لو كان ربيئة، وفي (ظ 12) نابلة، أي: الذي يرمي النَّبْل، وفي (م) وبقية الأصول: دابّة ..

(2)

في (ظ 12) و (ص): فاتبعي.

(3)

في "غاية المقصد": يُقدم عليه.

(4)

في "ابن هشام" و"الطبراني": نحدوها.

(5)

إسناده ضعيف، مسلم بن عبد الله بن خُبيب الجهني تفرد بالرواية عنه يعقوب بن عتبة -وهو ابن المغيرة الثقفي- قال ابن حجر في "التقريب": =

ص: 171

‌حَدِيثُ سُوَيدِ بْنِ هُبَيْرَةَ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15845 -

حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، عَنْ

= مجهول. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري.

وأخرجه بطوله ابن هشام في "السيرة" 4/ 257 - 258، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2591)، والطبراني في "الكبير"(1726) من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه مختصراً أبو داود (2678)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 208، والحاكم 2/ 124، والبيهقي في "السنن" 9/ 88 - 89 من طرق عن ابن إسحاق، به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي!

قلنا: يعقوب بن عتبة لم يرو له سوى أبي داود والنسائي وابن ماجه، ومسلم بن عبد الله بن خبيب لم يرو له سوى أبي داود، ومحمد بن إسحاق: أخرج له مسلم متابعة.

ووقع في رواية الطبراني: جندب بن عبد الله الجهني.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 202 - 203، وقال: عند أبي داود طرفٌ من أوله، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات، فقد صرَّح ابن إسحاق بالسماع في رواية الطبراني.

قال السندي: قوله: بالكديد، بفتح فكسر: ماء قريب من عُسْفان.

قوله: بقديد، بضم ففتح: سوق قبيل ذلك الماء.

قوله: شننا: أي فرقنا عليهم الغارة، وهي النهب من جميع الجهات.

قوله: ما لا قبل: أي ما لا طاقة لنا بحربه.

قوله: "ولا خالاً" بفتح الخاء: السحاب.

قوله: في المشلل، بفتح اللام الأولى مشدَّدة: جبل بقرب قديد.

(1)

قال السندي: سويد بن هبيرة، دئلي، وقيل: عبدي.

قال ابن الأثير: هو دئلي عبدي، لأنه من بني الدئل، وهو بطن من عبد القيس. سكن البصرة.

ص: 172

مُسْلِمِ بْنِ بُدَيْلٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" خَيْرُ مَالِ الْمَرْءِ لَهُ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ، أَوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ " وَقَالَ رَوْحٌ فِي بَيْتِهِ - وَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ قُلْتَ لَنَا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (1).

(1) إسناده ضعيف، إياس بن زهير من رجال "التعجيل"، لم يذكروا في الرواة عنه غير مسلم بن بديل هذا، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، ثم إنه مرسل، فقد ذكر البخاري في "تاريخه" 1/ 439 أن هذا الحديث رواه معاذ بن معاذ، عن أبي نعامة، فقال فيه سويد: بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلنا: ورواه عبد الوارث أيضاً عند البخاري في "تاريخه" 1/ 438، والطبراني (647)، فلم يذكر فيه لفظ السماع، فقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 4/ 233: سويد بن هبيرة العدوي البصري تابعي ليست له صحبة، كذا رواه عبد الوارث ومعاذ بن معاذ، عن أبي نعامة، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة، قال: بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم في السكة المأبورة. -وكذا قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"- ثم قال أبو حاتم: وغلط روح بن عبادة، فروى عن أبي نعامة، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ. وقال ابن منده -فيما نقله الحافظ في "الإصابة"- لم يقل: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، إلا روح بن عبادة، عن أبي نعامة، عن مسلم. وقد رواه مروان بن معاوية، عن أبي نعامة .. فقال: رفع الحديث، قلنا: وقال يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 69: ليست له صحبة، وذكره أيضاً في التابعين ابن حبان في "الثقات" 4/ 323، وقال: يروي المراسيل، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح، غير مسلم بن بديل، فمن رجال "التعجيل" وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو نعامة العدوي: هو عمرو بن عيسى =

ص: 173

‌حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ

(1)

15846 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

= ابن سويد بن هبيرة.

وأخرجه ابن سعد 7/ 79، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 439، والطبراني في "الكبير"(6471)، والبيهقي في "السنن" 10/ 64، والبغوي في "شرح السنة"(2647) من طريق روح، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 438، والدولابي في "الكنى" 2/ 17، والطبراني في "الكبير"(6470) من طريق عبد الوارث بن سعيد، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1216) من طريق زهير بن هنيد، والقضاعي في "مسنده" (1250) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام قال: حدثني غير واحد، و (1251) من طريق حماد بن أسامة، كلهم عن أبي نعامة، به. لم يقل أحدٌ منهم عن سويد بن هبيرة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، غير أن زهير بن هنيد عند ابن أبي عاصم، قال: وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد تحرف اسم مسلم بن بديل في مطبوع "التاريخ الكبير" إلى: مسلم بن مزيد، وفي مطبوع الدولابي إلى: مسلم بن يزيد، ووقع في إحدى روايتي القضاعي: مسلم بن نذير، وهذا من رجال التهذيب.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 258، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات.

قال السندي: قوله: "مهرةٌ مأمورة" المُهْرة، بضم ميم وسكون هاء، ولد الفرس. "مأمورة": كثيرة النسل والنتاج بأمر كوني، كثيرة النتاج، أي: بأمر التكوين، لا بأمر التكليف، فكانت.

"أو سِكّة": بكسرٍ فتشديد، هي الطريقة المصطفة من النخل. "مأبورة": ملقحة.

(1)

في (م): رضي الله تعالى عنه.

ص: 174

عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: مَرَّ بِقَوْمٍ يُعَذَّبُونَ فِي الْجِزْيَةِ بِفِلَسْطِينَ، قَالَ: فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ عز وجل يُعَذِّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.

وأخرجه مسلم (2613)(118) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (15330).

ص: 175

‌حَدِيثُ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ

(1)

15847 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ - يَعْنِي شَيْبَانَ -، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِابْنِ أَخٍ لَهُ (2) يُبَايِعُهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا، بَلْ يُبَايِعُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَيَكُونُ مِنَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ "(3).

(1) قال السندي: مجاشع بن مسعود، سلمي، له صحبة، غزا كابل من بلاد الهند، فصالحه أهله، فدخل بيت الأصنام، فأخذ جوهرة من عين الصنم، وقال: لم آخذها إلا ليعلموا أنه لا يضر ولا ينفع.

قيل: قتل يوم الجمل قبل الوقعة.

(2)

لفظة "له" ليست في (ظ 12) و (ص)، وهي نسخة في (س).

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير يحيى بن إسحاق، ويقال: ابن أبي إسحاق، وهو الأنصاري، فقد روى له الترمذي والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وهو ثقة. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وأبو معاوية شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1404)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2618) و (2619)، والطبراني في "الكبير" 20/ (768) من طرقٍ عن شيبان، بهذا الإسناد.

وسيكرر برقم (15849).

وسيأتي بنحوه في الأرقام (15848) و (15850) و (15851) و 5/ 71.

وقوله: "إنه أتى بابن أخٍ له" جاء في رواية خالد الحذاء الآتية برقم =

ص: 176

15848 -

حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ بِأَخِي مَعْبَدٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ:" مَضَتِ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا " قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَاذَا؟ قَالَ: " عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ "(1).

= (15850) عن أبي عثمان النهدي، عن مجاشع أنه جاء بأخيه مجالد، وفي رواية علي بن مسهر عند مسلم (1863)، والفضيل بن سليمان عند البخاري (4307) عن عاصم، عن أبي عثمان، عن مجاشع أنه جاء بأخيه أبي معبد. قال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 5: وقول علي بن مسهر أصح. وقد ذكر الحافظ في "الفتح" 8/ 26 أن أخاه اسمه مجالد وكنيته أبو معبد. وقد سماه كذلك ابن سعد في "الطبقات" 7/ 30، ولم يكنه.

وسلف ذكر أحاديث الباب في قوله: "لا هجرة بعد الفتح" في مسند عبد الله ابن عمرو برقم (7012).

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير بكر بن عيسى -وهو أبو بشر البصري- فقد روى له النسائي، وهو ثقة. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وعاصم الأحول: هو ابن سليمان، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.

وأخرجه ابنُ سعد 7/ 30، وابن أبي شيبة 14/ 500، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1406)، والبخاري (2962، 2963)، ومسلم (1863)(84) من طريق محمد بن فضيل، وأخرجه البخاري (4307، 4308) من طريق الفضيل بن سليمان، ومسلم (1863)(84)، والبيهقي في "السنن" 9/ 16 من طريق علي بن مسهر، والطبراني في "الكبير" 20/ (767) من طريق عمرو بن أبي قيس، أربعتهم عن عاصم الأحول، بهذا الإسناد. غير أن علي =

ص: 177

15849 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ الْبَهْزِيِّ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنِ أَخِيهِ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا، بَلْ يُبَايِعُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ " قَالَ: " وَيَكُونُ مِنَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ "(1).

15850 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا مُجَالِدُ بْنُ مَسْعُودٍ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ، قَالَ:" لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ (2)، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ "(3).

= ابن مسهر والفضيل بن سليمان سميا أخاه أبا معبد، وهو الصواب، كما ذكرنا في الرواية السالفة، ومحمد بن فضيل لم يذكر أبا معبد.

وأخرجه مسلم (1863)(63) من طريق إسماعيل بن زكريا، عن عاصم، به، لكن فيه أن مجاشعاً هو الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه لا أخوه.

وانظر (15847).

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات. وهو مكرر الحديث (15847) غير أن شيخ أحمد هنا هو حسن بن موسى.

(2)

في (ق): بعد الفتح.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وأبو عثمان: هو النهدي.

وأخرجه ابن سعد 7/ 30 عن عفان، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3078، 3079)، والطبراني في "الكبير" 20/ (765) =

ص: 178

15851 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُجَاشِعٍ، قَالَ: قَدِمْتُ بِأَخِي مَعْبَدٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ:" ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا " فَقُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ: " عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ ". قَالَ: فَلَقِيتُ مَعْبَدًا بَعْدُ - وَكَانَ (1) أَكْبَرَهُمَا - فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ (2).

= و (769)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 70 من طرق عن يزيد بن زريع، به.

وسلف نحوه برقم (15847).

وسيكرر بإسناده ومتنه برقم 5/ 71.

(1)

في (م) و (س): وكان هو أكبرهما.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبد الملك بن واقد، فمن رجال البخاري، وهو ثقة. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي.

وأخرجه البخاري (4305، 4306)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2617)، والطبراني في "الكبير" 20/ (766)، والحاكم 3/ 616 من طرق عن زهير، بهذا الإسناد.

وقوله: جئت بأخي معبد، كذا وقع في هذه الرواية، وصوابه بأخي أبي معبد، كما سلف بيانه في تخريج الرواية (15847)، وذكره الحافظ في "الفتح" 8/ 26، وذكر أن اسمه مجالد، وهو الوارد عند الحاكم، وفي الرواية السالفة (15850).

وسلف من طريق عاصم برقم (15848)، ومن طريق يحيى بن إسحاق عن =

ص: 179

‌حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ

(1)

15852 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ عز وجل، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللهُ عز وجل لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ عز وجل، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللهُ عز وجل بِهَا عَلَيْهِ سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ". قَالَ: فَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ: كَمْ مِنْ كَلَامٍ قَدْ مَنَعَنِيهِ حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ (2).

= مجاشع برقم (15847).

(1)

قال السندي: بلال بن الحارث المزني، من أهل المدينة، كان يسكن وراء المدينة، ثم تحول إلى البصرة.

صاحب لواء مزينة يوم الفتح.

مات سنة ستين، وله ثمانون سنة.

(2)

صحيح لغيره، عمرو بن علقمة -وهو ابن وقاص- لم يرو عنه سوى ابنه محمد بن عمرو، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير محمد بن عمرو بن علقمة، فقد روى له البخاري مقروناً بغيره ومسلم في المتابعات، وهو حسن الحديث، وبلال بن الحارث رضي الله عنه لم يخرج له الشيخان ولا أحدهما. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. =

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الحميدي (911)، وهناد في "الزهد"(1141)، والبخاري في "التاريخ الكبير"2/ 106 - 107، وفي "الصغير" 1/ 94 - 95، والترمذي (2319)، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/ 104، وابن ماجه (3969)، وابن حبان (280) و (281) و (287)، والطبراني في "الكبير"(1129) و (1130) و (1131) و (1132)، والحاكم 1/ 45، والبيهقي في "السنن" 8/ 165، وفي "الشعب"(4957)، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 50، والبغوي في "شرح السنة"(4124)، والمزي في "تهذيب الكمال"(في ترجمة عمرو بن علقمة) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، ووافقه الذهبي.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 985، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/ 103، والطبراني (1134)، والحاكم 1/ 46 عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث، به. ولم يذكر جده علقمة. قال البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 107: والأول أصح. قلنا: يعني بإثبات علقمة، وقد قال الحاكم: قصّر مالك بن أنس برواية هذا الحديث، ولم يذكر علقمة بن وقاص. وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 49 أنه في رواية مالك غير متصل، وفي رواية من قال عن أبيه عن جده متصل مسند.

وأخرجه بإسقاط علقمة أيضاً هناد في "الزهد"(1140) من طريق أبي بكر ابن عياش، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/ 103، والطبراني (1133) من طريق محمد بن عجلان، كلاهما عن محمد بن عمرو ابن علقمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث، به.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(1394)، ومن طريقه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 107، وفي "الصغير" 1/ 95، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 2/ 104، والطبراني في "الكبير"(1136)، والبيهقي في =

ص: 181

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "السنن" 8/ 165، والبغوي في "شرح السنة"(4125) عن موسى بن عقبة، عن علقمة بن وقاص، به. وهذا إسناد منقطع ما بين موسى بن عقبة وعلقمة ابن وقاص، وقد ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 50 أن موسى بن عقبة رواه عن محمد بن عمرو، عن جده علقمة بن وقاص، لم يقل عن أبيه، ورواه كذلك سفيان الثوري، وأشار إلى هذه الرواية البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 107.

قال ابن عبد البر 13/ 50 بعد أن أورد الروايات السابقة: والقول عندي فيه -والله أعلم- قول من قال: عن أبيه، عن جده، وإليه مال الدارقطني رحمه الله.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(358)، والطبراني (1135) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمر، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، به.

قال ابن عبد البر 13/ 52: هكذا قال حماد بن سلمة، وهو عندي وهم -والله أعلم- والصحيح ما قالته الجماعة عن محمد بن عمرو عن أبيه.

وأخرجه الطبراني في "الصغير"(657) من طريق معتمر بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن عمر بن عبد الله، عن بلال بن الحارث، به.

والمحفوظ ما ذكره ابن عبد البر كما تقدم آنفاً.

وله شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة، عند البخاري (6478)، وقد سلف برقم (8411) بلفظ:"إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم".

قال ابنُ عبد البَرّ في "التمهيد" 13/ 51: لا أعلم خلافاً في قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة" أنها الكلمة عند السلطان الجائر الظالم ليرضيه بها فيما يسخط الله عز وجل، ويُزيّن له باطلاً يريده، من إراقة دم، أو ظلم مسلم، ونحو ذلك، مما ينحط به في حبل هواه، فيبعد من الله، وينال سخطه، وكذلك الكلمة التي يُرضي بها الله عز وجل عند السلطان ليصرفه عن =

ص: 182

15853 -

حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ - قَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ:" بَلْ لَنَا خَاصَّةً "(1).

= هواه، ويكفه عن معصيةٍ يُريدها، يبلغ بها أيضاً من الله رضواناً لا يَحْسَبُهُ، والله أعلم. وهكذا فسره ابن عيينة وغيره، وذلك بين في هذه الرواية وغيرها.

قلنا: والرواية التي أشار إليها ابن عبد البر هي ما ذكره، من أن علقمة بن وقاص مرّ به رجلٌ له شرف، فقال له علقمة: إن لك رحماً، وإن لك لحقّاً، وإني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء، وتكلَّمُ عندهم بما شاء الله أن تكلَّم، وإني سمعتُ بلال بن الحارث، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإنَّ أحدكم ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه". قال علقمة: فانظر ويحك ما تقولُ وماذا تكلَّمُ، فربَّ كلامٍ قد منعني أن أتكلَّم به ما سمعتُ من بلال بن الحارث.

قال السندي: قوله: "من رضوان الله" أي: مما يوجب رضوانه تعالى، ففيه مجاز، وإلا فالكلمة ليست من الرضوان.

"أن تبلغ" أي: تلك. "ما بلغت" من الرضوان.

"إلى يوم القيامة" أي الرضوان المؤبّد، فليست الغاية لإفادة الانقطاع في أمثاله.

وانظر "الفتح" 11/ 311.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال الحارث بن بلال، فقد انفرد ربيعة بن أبي عبد الرحمن -وهو المعروف بربيعة الرأي- في رواية هذا الحديث عنه فيما ذكر الذهبي في "الميزان"، وقال أحمد: ليس إسناده بالمعروف، وعبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي مختلف فيه، حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات. =

ص: 183

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1138)، والحاكم 3/ 517 من طريق سريج ابن النعمان، بهذا الإسناد، وسكت عنه الحاكم والذهبي.

وأخرجه أبو داود (1808)، والنسائي في "المجتبى" 5/ 179، وابن ماجه (2984)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1111)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 194، والدارقطني في "السنن" 2/ 241، والبيهقي في "السنن" 5/ 41 من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به.

وأخرجه الدارمي 2/ 50 عن نعيم بن حماد، عن عبد العزيز بن محمد، به إلا أنه قال: عن بلال بن الحارث، عن أبيه، فوهم نعيم، وكان يخطئُ كثيراً.

وسيأتي برقم (15854).

قلنا: وكان الإمام أحمد يرى أن لِلمُهِلِّ بالحج أن يفسخ حجه إن طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقد سأله ابنه عبد الله عن حديث بلال بن الحارث هذا، فقال: لا أقول به، لا يعرف هذا الرجل، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال بن الحارث عندي يثبت.

قال ابن القيم في "زاد المعاد" 2/ 192: ومما يدل على صحة قول الإمام أحمد، وأن هذا الحديث لا يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن تلك المتعة التي أمرهم أن يفسخوا حجَّهم إليها أنها لِأَبَدِ الأبدِ. فكيف يثبت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة؟ هذا من أمحل المحال، وكيف يأمرهم بالفسخ، ويقول: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، ثم يثبت أن ذلك مختص بالصحابه دون من بعدهم.

وقد سلف جواز فسخ الحج بالعمرة لعامة المسلمين بإسنادٍ صحيح من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (4822)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "بل لنا خاصة": أخذ به الجمهور، فحكموا بالخصوص، ومن لا يرى الخصوص يُضعف الحديث، ويقول: قد وقع في بعض رواته المتعة، ولا شك أن المتعة غير مخصوصة، والله تعالى أعلم.

ص: 184

° 15854 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ]: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ: حَدَّثَنِي قُرَيْشُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ مُتْعَةَ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ فَقَالَ:" لَا بَلْ لَنَا خَاصَّةً "(1).

(1) إسناده ضعيف كسابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو قريش بن إبراهيم: وهو الصيدلاني البغدادي، من رجال "التعجيل"، وهو ثقة.

ص: 185

‌حَدِيثُ حَبَّةَ وَسَوَاءَ ابْنَيْ خَالِدٍ

15855 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَلَّامِ أَبِي شُرَحْبِيلَ، عَنْ حَبَّةَ وَسَوَاءَ ابْنَيْ خَالِدٍ، قَالَا (1): دَخَلْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصْلِحُ شَيْئًا فَأَعَنَّاهُ، فَقَالَ:" لَا تَأْيَسَا مِنَ الرِّزْقِ مَا تَهَزَّزَتْ رُءُوسُكُمَا، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ تَلِدُهُ أُمُّهُ أَحْمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ قِشْرَةٌ، ثُمَّ يَرْزُقُهُ اللهُ عز وجل "(2).

(1) في (س) و (م): قال، والمثبت من (ظ 12) و (ص) و (ق).

(2)

إسناده ضعيف لجهالة حال سلام أبي شرحبيل، فإنهم لم يذكروا في الرواة عنه سوى الأعمش، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 5/ 355 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4165)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1466)، والطبراني في "الكبير"(3480) و (6611)، والبيهقي في "الشعب"(1349)، وفي "الآداب"(951) من طريق أبي معاوية، به.

وأخرجه ابن سعد 6/ 33، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 92، وفي "الأدب المفرد"(453)، والطبراني في "الكبير"(3479) و (6610) من طريق جرير بن حازم، عن الأعمش، به.

وانظر ما بعده.

قال السندي: قوله: "ما تهزَّزت": تحركت، كناية عن الحياة.

قوله: "قشرة": يحتمل أن المراد بها الثوب، أي يخرج عُرْياناً بلا ثوب، =

ص: 186

15856 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَلَّامٍ أَبِي شُرَحْبِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبَّةَ وَسَوَاءَ ابْنَيْ خَالِدٍ يَقُولَانِ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَعْمَلُ عَمَلًا، أَوْ يَبْنِي بِنَاءً، فَأَعَنَّاهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا لَنَا، وَقَالَ:" لَا تَأْيَسَا مِنَ الْخَيْرِ مَا تَهَزَّزَتْ رُءُوسُكُمَا، إِنَّ الْإِنْسَانَ تَلِدُهُ أُمُّهُ أَحْمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ قِشْرَةٌ، ثُمَّ يُعْطِيهِ اللهُ وَيَرْزُقُهُ "(1).

= ثم يعطيه الله تعالى الثوب، ويحتمل أن المراد أنه يخرج كاللحم الذي لا قشر عليه لضعف الجلد، ثم يقوي الله تعالى جلده.

وقوله: لا تأيسا، يقال: أَيِسْتُ منه آيسُ لغة في يئسْتُ منه أيأسُ يأساً، ومصدرهما واحد.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه إلا أن شيخ أحمد هنا هو وكيع بن الجَرَّاح الرؤاسي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6612) من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

ص: 187

‌حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْجَذْعَاءِ

(1)

15857 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى رَهْطٍ أَنَا رَابِعُهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ " قُلْنَا: سِوَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " سِوَايَ ". قُلْتُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا قَامَ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ أَبِي الْجَذْعَاءِ (2).

(1) في (س) و (م): بالدال المهملة، والمثبت من (ظ 12) و (ص) و (ق).

قال السندي: بفتح جيم، وسكون ذال معجمة. قلنا: وكذلك ضبطه الحافظ في "التقريب".

(2)

إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن صحابيه لم يخرج له سوى الترمذي وابن ماجه. عبد الله بن شقيق: هو العقيلي من رجال مسلم، وبقية رجاله ثقات من رجال الشيخين. إسماعيل بن إبراهيم: هو المعروف بابن عُلَيَّة وخالد: هو ابن مهران الحَذَّاء.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 14/ 359 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (2438) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، به، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 26، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 313، وابن حبان (7376)، والحاكم 1/ 70 - 71 و 3/ 408، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 378 من طرق عن خالد الحذاء، به. وصححه الحاكم ووافقه =

ص: 188

15858 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْجَذْعَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، سِوَاكَ؟ قَالَ:" سِوَايَ سِوَايَ " قُلْتُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ (1).

= الذهبي.

وسيأتي برقم (15858) و 5/ 366.

قال السندي: قوله: قلنا: سواك: أي ذلك الرجل غيرك؟ ذكروه توضيحاً وتأكيداً، وإلا فالمتبادر مِنْ "رجلٍ من أمتي" غيره.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو عفان بن مسلم الصفار يرويه عن وهيب: وهو ابن خالد الباهلي، وكلاهما من رجال الشيخين.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 196 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (4316) من طريق عفان، به.

وأخرجه الدارمي 2/ 328 من طريق المُعَلَّى بن أسد العَمِّي، عن وهيب، به.

وانظر ما قبله.

ص: 189

حَدِيثُ عُبادة بْنِ قُرْطٍ (1)(2)

15859 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ بْنُ قُرْطٍ: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ أُمُورًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُوبِقَاتِ. قَالَ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، فَقَالَ: صَدَقَ، وَأَرَى جَرَّ الْإِزَارِ مِنْهَا (3).

(1) قال السندي: الصحيح أنه ابن قرص -بالصاد- قلنا: وكذلك قال الحافظ في "الإصابة"، وانظر "توضيح المشتبه" 7/ 191.

(2)

قال السندي: عبادة بن قرط، ليثي نزل البصرة، له صحبة.

وجاء أنه غزا، فلما رجع، وكان قريباً من الأهواز، سمع أذاناً، فقصده ليصلي جماعة، فأخذه الخوارج، فقال: ارضوا بما رضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم مني حين أسلمت، قال: بالشهادتين، فأخذوه فقتلوه.

(3)

هذا الأثر صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، حميد بن هلال لم يسمع من عبادة، بينهما أبو قتادة العدوي، كما جاء مصرَّحاً به فيما سيأتي 5/ 79. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 94، والدارمي 2/ 315 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به دون ذكر أبي قتادة في الإسناد.

وسيأتي 5/ 79، وسيكرر 5/ 79 سنداً ومتناً.

وقد سلف نحوه من حديث أبي سعيد الخدري برقم (10995)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: إنكم لتأتون: بيان لتغيير الزمان.

قوله: الموبقات، بكسر الباء: المهلكات.

ص: 190

‌حَدِيثُ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ السُّلَمِيِّ

(1)

15860 -

حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُ: قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي، وَخَطَبَ عَلَيَّ فَأَنْكَحَنِي، وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، فَكَانَ أَبِي يَزِيدُ خَرَجَ بِدَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: وَاللهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ بِهَا. فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ يَا مَعْنُ مَا أَخَذْتَ "(2).

(1) قال السندي: معن بن يزيد، أي ابن الأخنس، سلمي، وكان ينزل الكوفة، ودخل مصر، ثم سكن دمشق، ويقال: إنه كان مع معاوية في حروبه.

شهد فتح دمشق، وكان له مكان عند عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

يكنى أبا يزيد، وقال لمعاوية: ما ولدت قرشية من قرشي شراً منك، قال: لم؟ قال: لأنك عودت الناس عادة -يعني في الحلم- وكأني بهم قد طلبوها من غيرك، فإذا بهم صرعى في الطريق.

(2)

حديث صحيح، مصعب بن المقدام ومحمد بن سابق مختلف فيهما وقد توبعا، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو الجويرية: هو حِطَّان بن خُفاف الجَرْمي.

وأخرجه البخاري (1422)، وحميد بن زنجويه في "الأموال"(2296)، والدارمي 1/ 385 - 386، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4533)، =

ص: 191

15861 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ ذِرَاعٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ أَوْ أَبَا مَعْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اجْتَمِعُوا فِي مَسَاجِدِكُمْ، فَإِذَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فَلْيُؤْذِنُونِي " قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا أَوَّلَ النَّاسِ، فَأَتَيْنَاهُ، فَجَاءَ يَمْشِي مَعَنَا حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا، فَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمٌ مِنَّا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِلْحَمْدِ دُونَهُ مَقْصَرٌ (1)، وَلَيْسَ وَرَاءَهُ مَنْفَذٌ، وَنَحْوًا مِنْ هَذَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ، فَتَلَاوَمْنَا، وَلَامَ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَقُلْنَا: خَصَّنَا اللهُ بِهِ أَنْ أَتَانَا أَوَّلَ النَّاسِ، وَأَنْ فَعَلَ وَفَعَلَ. قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ، فَوَجَدْنَاهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ، فَكَلَّمْنَاهُ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي مَعَنَا، حَتَّى جَلَسَ فِي

= والطبراني في "الكبير" 19/ (1070)، والبيهقي في "السنن" 7/ 34 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 7/ 34 من طريق أبي حمزة السكري، عن أبي الجويرية، به.

وسيأتي برقم (15863) و 4/ 259.

قال السندي: قوله: وخطب عَلَيَّ، بتشديد الياء: أي لأجلي.

قوله: فوضعها عند رجل: ليتصدق بها وكالة.

قوله: ما إياك أردت: أي ما قصدت التصدق عليك، وظاهر الحديث جواز التصدق على الابن بالنفل وغيره، إذ لولا ذلك لبحث عن كون التصدق تطوعاً أم لا، ولعل من يرى عدم جواز الفرض يدعي أنه كان معلوماً عنده صلى الله عليه وسلم أنه كذلك، والله تعالى أعلم.

(1)

في (م) و (س): مقتصر، وفي (ق): مقصد، ومثله في "الأدب المفرد"، والمثبت من (ظ 12) و (ص) ونسخة السندي.

ص: 192

مَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، مَا شَاءَ اللهُ (1) جَعَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمَا شَاءَ جَعَلَ خَلْفَهُ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا " ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَأَمَرَنَا، وَكَلَّمَنَا، وَعَلَّمَنَا (2).

(1) في (ظ 12) و (ص): ما شاء. دون لفظ الجلالة.

(2)

بعضه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، سهيل بن ذراع، لم يرو عنه سوى اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير عاصم بن كليب، فقد روى له مسلم، والبخاري تعليقاً، وهو ثقة. وصحابيه معن بن يزيد، لم يخرج له سوى البخاري، وقد وهم الحافظ في "التقريب"، فجعله من الطبقة الثالثة، لا يُعرف، وفرّق بينه وبين معن بن يزيد بن الأخنس، وقد جعلهما المزي واحداً، وكذا الإمام أحمد -كما يشير إليه إيراد حديثه هنا- والطبراني. يحيى بن أبي حماد: هو ابن أبي زياد الشيباني، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(877)، وفي "التاريخ الكبير" 4/ 106 مختصراً، عن أحمد بن إسحاق، عن يحيى بن حماد، بهذا الإسناد، إلا أن فيه: سمعت أبا يزيد أو معن بن يزيد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (1074)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 296 - 297 من طريق أبي حمزة السكري، عن عاصم بن كليب، به. وعند الطبراني: عن معن بن يزيد، من غير شك، وجاء في "أسد الغابة": أنه سمع معن بن يزيد، أنه سمع أبا معن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم نقل ابن الأثير عن أبي عمر قوله: وهو غلط، إنما هو معن بن يزيد أبو يزيد، وتحرف اسم عاصم بن كليب عند الطبراني إلى عاصم الأحول.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 117، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجاله رجال الصحيح، غير سهل بن ذراع، وقد وثقه ابن حبان.

وقوله: "إن من البيان سحراً" سلفت شواهده في مسند عبد الله بن مسعود عند الرواية (4342)، وهو حديث صحيح. =

ص: 193

15862 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ، قَالَ: أَصَبْتُ جَرَّةً حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ فِي أَرْضِ الرُّومِ، قَالَ: وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَالُ لَهُ: مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ (1): فَأَتَيْتُ بِهَا يَقْسِمُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَعْطَانِي مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ - سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا نَفْلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ " - إِذًا

= قال السندي: قوله: "فليؤذنوني" من الإيذان، بمعنى الإعلام.

"مَقْصَر" بفتح ميمٍ وصاد، أي: إذا حُمد أحدٌ دون الله، فلا يكون الحمد مقصوراً عليه، بل يكون متجاوزاً عنه إلى الله، فإن ما حمد عليه ذلك الغير فهو منه تعالى، فهو المستحقُّ للحمد عليه حقيقةً، فكيف يقتصر مع ذلك على الغير.

"مَنْفَذ" بفتح الميم والفاء، أي: إذا حُمد هو تعالى تقْتَصِر الحمد عليه، لا يُتجاوز عنه إلى غيره، إذ ليس ما حمد عليه تعالى من غيره حتى ينصرف حمده تعالى إليه، فالحاصل أنه متى ما حمد غيره، فالحمد له تعالى، ومتى ما حمد هو، لا ينصرف الحمد إلى غيره.

"فغضب": كأنه لما فيه من التقدم بين يديه، وقد نهى الله تعالى عنه.

"فقام": أي منصرفاً.

"أن" أي: بأن.

"بين يديه" أي: قدام هذا الوقت الحاضر، والمراد: من شاء قدمه، ومن شاء أخره.

(1)

لفظ "قال" و"يقسمها" الآتي، ليسا في (ظ 12) و (ص).

ص: 194

لَأَعْطَيْتُكَ. قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ فَعَرَضَ (1) عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: مَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْكَ (2).

(1) في (ق) يعرض.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو الجويرية: هو حطان بن خفاف الجرمي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (1073)، والبيهقي في "السنن" 6/ 314 من طريق عفان، بهذا الإسناد. إلا أن رواية الطبراني بلفظ "لا نفل إلا من الخمس".

وأخرجه أبو داود (2754) من طريق ابن المبارك، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 242 من طريق سهل بن بكار، والبيهقي 6/ 314 من طريق محمد بن عبيد، ثلاثتهم عن أبي عوانة، به.

وأخرجه أبو داود (2753) من طريق أبي إسحاق الفزاري، والخطب في "تاريخ بغداد" 5/ 150 من طريق أبي حمزة، كلاهما عن عاصم بن كليب، به.

قال المزي في "تحفة الأشراف" 8/ 468: قال أبو بكر الخطيب في نسختين مرويتين عن أبي داود: هذا الحديث عن أبي إسحاق الفزاري، عن ابن المبارك، عن أبي عوانة، عن عاصم بن كليب.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2713)، وأخرجه أبو عبيد في "الأموال"(796)، ومن طريقه حميد بن زنجويه في "الأموال"(1175) عن عفان، كلاهما عن أبي عوانة، عن أبي الجويرية، به، لم يذكر عاصم بن كليب.

وفي الباب عن حبيب بن مسلمة الفهري، سيرد 4/ 159 - 160.

قال السندي: "لا نفل إلا بعد الخمس" أي: ولا خمس هاهنا، لأنه ليس بغنيمة أخذت عنوة ليجب فيها الخمس، فلا نفل منه أيضاً، يريد أن الحديث يدل على أن النفل يكون من الغنيمة، لأنها محل الخمس، وهذا ليس بغنيمة.

ص: 195

15863/ 1 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ. حَدَّثَنَا (1) عَفَّانُ (2)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي، وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، فَأَفْلَجَنِي، وَخَطَبَ عَلَيَّ، فَأَنْكَحَنِي (3).

15863/ 2 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سعيد (4)، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ السُّلمي، قَالَ: سمعته يقول: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي، وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، فَأَفْلَجَنِي،

(1) في (ق): وحدثناه.

(2)

من قوله: قالا: حدثنا أبو عوانة إلى هنا ليس في (ظ 12).

(3)

إسناده صحيح على شرط البخاري، أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه مطولاً أبو يعلى (1551)، والطبراني في "الكبير" 19/ (1072) من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني أيضاً (1455) و 19/ (1071) من طريق الجراح -وهو الرؤاسي- عن أبي الجويرية، به. ولم يذكر في البيعة أباه.

وقد سلف مطولاً برقم (15860).

وسيكرر في الحديث الذي بعده، وفي 4/ 259.

قال السندي: قوله: "فأفلجني" بالجيم، يعني: حكم لي، أي: أظفرني بمرادي، يقال: فَلَجَ الرجلُ على خصمه، إذا ظفر به.

(4)

هذا الحديث لم يرد في (م).

ص: 196

وَخَطَبَ عَلَيَّ فَأَنْكَحَنِي (1).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير هشام بن سعيد شيخ أحمد، وهو الطالقاني، فقد روى له أبو داود والنسائي والبخاري في "الأدب المفرد"، وهو ثقة. وهو مكرر سابقه عدا شيخ أحمد.

وسيكرر بإسناده ومتنه 4/ 259.

ص: 197

‌حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ

15864 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا (1) سُفْيَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ قُرَيْظَةَ، فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ، أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا. قَالَ: فَسُرِّيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2) ثُمَّ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى، ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنَ الْأُمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ "(3).

(1) في (م): أنبأنا.

(2)

في (ق): عن وجه النبي.

(3)

إسناده ضعيف، لضعف جابر -وهو ابن يزيد الجُعفي- وفيه اضطراب، فقد اختُلف فيه على الشعبي، فرواه جابر من حديث جابر، عنه من حديث عبد الله بن ثابت، قال البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 39: ولم يصح، ورواه مجالد عنه عن جابر، أن عمر جاء بكتابٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد نقل الحافظ في "الإصابة" في ترجمة عبد الله بن ثابت أن البخاري قال في هذا الإسناد أيضاً: ولا يصح، غير أننا لم نجد قوله هذا في كتابه "التاريخ الكبير"، وذكر ابن الأثير في "أسد الغابة" أنه رواه خالد وحريث بن أبي مطر وزكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن ثابت بن يزيد. جعلوه من مسند ثابت بن يزيد، ولذا =

ص: 198

‌حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ

15865 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ: سَمِعَهُ (1) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: يَا حَرَامُ، فَقَالَ:" يَا حَلَالُ "(2).

= قال ابن عبد البر في حديث عبد الله بن ثابت هذا: حديثه مضطرب فيه. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه ليست له رواية في الكتب الستة. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وسفيان: هو الثوري، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(10164) و (19213)، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(5201) من طريق أبي حذيفة، عن سفيان، به، لكن وقع اسم صحابيه فيه: عبدَ الله بنَ الحارث، وهو خطأ، فقد أورد الحافظ هذا الحديث في ترجمة عبد الله بن ثابت.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 173، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن فيه جابراً الجُعفي، وهو ضعيف.

وسيكرر بإسناده ومتنه 4/ 265 - 266.

وقد سلف بنحوه من حديث جابر برقم (15156)، وصنيع البخاري في "التاريخ الكبير" يشير إلى أنه الراجح.

(1)

في الأصول: "سمعت" وهو خطأ، والمثبت من "غاية المقصد" و (م) و"مجمع الزوائد" 8/ 51.

(2)

إسناده ضعيف، لانقطاعه، أبو إسحاق -وهو السَّبيعي- لم يثبت سماعه من الرجل من جهينة، كما سيرد عند الحاكم، ورجال الإسناد كلهم ثقات رجال الشيخين. سفيان: هو الثوري.

وأورده ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 6/ 388 - 389 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد، ولفظه: عن رجل من جهينة سمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً ينادي =

ص: 199

‌حَدِيثُ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ

(1)

15866 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ قُدَامَةَ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الصَّلَاةِ قَدْ وَضَعَ ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى رَافِعًا بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ قَدْ حَنَاهَا شَيْئًا وَهُوَ (2) يَدْعُو (3).

= في الشعاب: يا حرام يا حرام، وهو شعارهم، فقال:"يا حلال يا حلال"، وقريب منه لفظ الحاكم والبيهقي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 503، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 155 من طريق وكيع، عن سفيان، بهذا الإسناد. وفيهما: عن رجل من جهينة أو مزينة قال: سمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم قوماً يقَولون في شعارهم: يا حرام، فقال:"يا حلال".

وأخرجه الحاكم 2/ 108، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 6/ 362 من طريق محمد بن كثير -وهو العبدي- عن سفيان الثوري، به. وفيه: عن رجل من مزينة.

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين على الإرسال، وإذا الرجل الذي لم يسمه محمد بن كثير عن الثوري عبد الله بن مغفل المزني.

ثم أخرجه الحاكم 2/ 108 من طريق أبي عامر الأسدي، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن عبد الله بن مغفل المزني. قلنا: أبو عامر الأسدي -واسمه قاسم بن محمد- أورده ابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو في عداد المجهولين.

(1)

قال السندي: نمير الخزاعي، يقال: أزدي، يكنى أبا مالك بولده مالك. قال أبو عمر: سكن البصرة، وله صحبة.

(2)

لفظ "هو" ليس في (ص).

(3)

حديث صحيح لغيره، دون قوله: قد حناها شيئاً، وهذا إسناد =

ص: 200

15867 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ

= ضعيف، مالك بن نمير -وهو الخزاعي البصري- لم يَروِ عنه غيرُ عصام بن قُدامة، ولم يُؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الدارقطني: يعتبر به، وقال يحيى القطان: لا يُعرف حاله، ولا روى عن أبيه غيره، وقال الذهبي في "الميزان" 3/ 429: لا يعرف. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير عصام بن قدامة، فمن رجال أصحاب السنن الأربعة سوى النسائي، ووثقه النسائي وابن حبان، وقال أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود: لا بأس به، وقال ابن معين: صالح، وقال الدارقطني: يعتبر به، وقال الذهبي: لم يثبته ابن القطان، قال أبو حاتم: له حديث منكر، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق. ونُمير صحابيُّ الحديث لم يرو له الشيخان ولا أحدُهما، إنما روى له أصحاب السنن الأربعة سوى النسائي.

وأخرجه ابن خزيمة (715) من طريق يحيى بن آدم، بهذا الإسناد، دون قوله: قد حناها شيئاً وهو يدعو.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 116 - 117، وأبو داود (991)، والنسائي في "المجتبى" 3/ 39، وفي "الكبرى"(1197)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2330)، وابن خزيمة (716)، والبيهقي في "السنن" 2/ 131 من طرق عن عصام بن قدامة، به. ورواية أبي داود دون قوله: وهو يدعو، وتحرف اسم عصام في مطبوع "الآحاد والمثاني" إلى عاصم.

وسيرد بعده برقم (15867).

ويشهد له حديثُ ابن عمر، وقد سلف بالأرقام (5331) و (6153) و (6348).

وحديثُ عبد الله بن الزبير، سيرد برقم (16099/ 2).

وحديثُ وائل بن حجر، سيرد 4/ 316 - 317.

وليس في هذه الشواهد أنه أحنا أصبعه السبابة، إنما فيها الإشارة بها فحسب، وهو الوارد في الحديث الآتي.

ص: 201

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى فِي الصَّلَاةِ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ (1).

(1) حديث صحيح لغيره، وهو بإسناد سابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو وكيع: وهو ابن الجراح الرؤاسي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 485، وعنه ابن ماجه (911)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2329) عن وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة أيضاً 10/ 380 عن وكيع، به. مطولاً بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في الصلاة، واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بأصبعه السبابة، ووضع إبهامه على أصبعه الوسطى، وتلقم كفه اليسرى ركبتيه.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 3/ 38، وفي "الكبرى"(1194)، وابن خزيمة (715) من طريقين عن عصام بن قدامة، به.

وهو مختصر الحديث الذي قبله.

ص: 202

‌حَدِيثُ جَعْدَةَ

15868 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْرَائِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَأَى رَجُلًا سَمِينًا فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُومِئُ إِلَى بَطْنِهِ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ:" لَوْ كَانَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا لَكَانَ خَيْرًا (1) لَكَ ".

قَالَ: وَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ، فَقَالُوا: هَذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَمْ تُرَعْ، لَمْ تُرَعْ، وَلَوْ أَرَدْتَ ذَلِكَ لَمْ يُسَلِّطْكَ اللهُ عَلَيَّ "(2).

(1) في (ظ 12) و (ص) وهامش (س): أخير. وجاء في هامش (س) أيضاً: المكان (خ). قلنا: يعني أن محلها بعد كلمة "هذا" الثانية، ويكون لفظ الحديث: لو كان هذا في غير هذا المكان

(2)

إسناده ضعيف، أبو إسرائيل: هو الجُشمي -واسمه شعيب- لم يَروِ عنه غيرُ شعبة، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، فقد ذكره في "الثقات" 6/ 438، وقال: يروي عن جعدة بن هبيرة. قلنا: وهذا وهم من الحافظ ابن حبان رحمه الله، فإنَّ جَعْدة هذا هو الجُشَمي، وهو ابن خالد بن الصمة البصري، من رجال النسائي، نصّ عليه البخاري في "التاريخ الكبير"، والنسائي في "الكبرى"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والحاكم، وابن عبد البر، والمزي في "تهذيب الكمال" 4/ 562 - 563، ورووا له هذا الحديث.

ومع كل ما سلف فقد جعل الشيخ ناصر الدين الألباني جعدة هو ابن هبيرة في "الضعيفة"(1131). وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. شعبة: هو =

ص: 203

15869 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْدَةَ وَهُوَ (1) مَوْلَى أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ

= ابن الحجاج العَتَكي. وقد صحح هذا الإسناد الحافظُ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة جَعْدة، ولعله بناء منه على أن شعبة لا يروي إلا عن ثقةٍ عنده.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 4/ 563 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرج القصة الأولى الطبراني في "الكبير"(2185)، والحاكم 4/ 121 - 122 و 317، والبيهقي في "الشعب"(5666)، وعلقه ابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة جعدة الجشمي، من طرق عن شعبة، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي!

وأخرج القصة الثانية النسائي في "الكبرى"(10903) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(1064) - من طريق خالد بن الحارث، والبغوي في "الجعديات"(532)، ومن طريق ابن الجعد أخرجها الطبراني في "الكبير"(2183)، كلاهما عن شعبة، به.

وأورده بتمامه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 226 - 227، وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجاله رجال الصحيح، غير أبي إسرائيل الجُشمي، وهو ثقة.

قلنا: وثَّقه لذكر ابن حبان له في "ثقاته" كما سلف!.

وسيأتي القسم الأول منه في الحديث الذي بعده، وفي 4/ 339.

قال السندي: قوله: "لو كان هذا"، أي: الطعام الذي حصل به هذا السمن، لو صرفه في غير الأكل لكان خيراً له.

"لم تُرَعْ" على بناء المفعول، من الروع، أي: لا يكن في قلبك خوف.

(1)

لفظ "وهو" ليس في (ظ 12) و (ص).

ص: 204

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلٌ يَقُصُّ عَلَيْهِ رُؤْيَا (1) وَذَكَرَ سِمَنَهُ وَعِظَمَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْ كَانَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا، كَانَ خَيْرًا لَكَ "(2).

(1) في (ص): رؤياه.

(2)

إسناده ضعيف، كسابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو عبد الصمد- وهو ابن عبد الوارث العنبري.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 238 - 239 من طريق عبد الصمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1235)، ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(5667)، وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2184) من طريق وكيع، كلاهما عن شعبة، به.

وهو أحد قسمي الحديث السابق.

قال السندي: قوله: "وذكر سِمَنَه" بكسرٍ ففتحٍ. وكذا "عِظَمه"، أي: ذكر جَعْدَةُ أنه كان سميناً عظيم الجثّة، والله أعلم.

ص: 205

‌حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ

(1)

15870 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّهُ صَادَ أَرْنَبَيْنِ، فَلَمْ يَجِدْ حَدِيدَةً يَذْبَحُهُمَا بِهَا، فَذَبَحَهُمَا بِمَرْوَةٍ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهِمَا (2).

(1) قال السندي: محمد بن صفوان، أنصاري أوسي، قيل فيه: صفوان ابن محمد، والأول أصوب.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له سوى أبي داود والنسائي وابن ماجه.

وأخرجه الطَّيالسي (1182)، والطبراني في "الكبير" 19/ (527)، والبيهقي في "السنن" 9/ 320 - 321 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 389 و 8/ 248، وأبو داود (2822)، والنسائي في "المجتبى" 7/ 197، وابن ماجه (3175)، وابن حبان (5887)، والطبراني في "الكبير" 19/ (528)، والبيهقي في "السنن" 9/ 320 من طرق عن عاصم ابن سليمان الأحول، به. ووقع اسم الصحابي في رواية ابن أبي شيبة وابن ماجه: محمد بن صيفي كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" 8/ 357، ووقع في رواية أبي داود والبيهقي: محمد بن صفوان أو صفوان بن محمد، على الشك.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(8692) عن معمر، عن عاصم، عن الشعبي، أن صفوان بن فلان، أو فلان بن صفوان اصطاد

فذكر الحديث.

قلنا: قال الترمذي: محمد بن صفوان أصح.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (529) من طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن الشعبي، عن محمد بن صفوان، به. =

ص: 206

15871 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ - عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْنَبَيْنِ مُعَلِّقُهُمَا، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (1).

= وأخرجه كذلك 19/ (533) من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن محمد بن صيفي، به.

قال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 5: الصحيح في حديث الأرنبين محمد ابن صفوان، فأما محمد بن صيفي، فهو الذي روى حديث عاشوراء، حدَّث به عنه الشَّعْبي. قلنا: فهما اثنان، وهو الصواب فيما ذكر المزي في "تهذيب الكمال"، وابن عبد البر في "الاستيعاب"، وابن حجر في "تهذيب التهذيب".

وأخرجه أحمد (14486)، والترمذي في "جامعه"(1472)، وفي "العلل الكبير"(256) من طريق الشعبي عن جابر بن عبد الله، فذكره .. ونقل الترمذي عن البخاري قوله: حديث الشعبي عن جابر غير محفوظ، وحديث محمد بن صفوان أصح.

وانظر ما بعده.

وقد سلف نحوه في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (4597)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: بمروة، بفتح فسكون: حجر أبيض براق، يتخذ منه كالسكين.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، داود بن أبي هند من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فلم يرو له سوى أبي داود والنسائي وابن ماجه. يزيد: هو ابن هارون. وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 390 و 8/ 248، والنسائي في "المجتبى" 7/ 225، وابن ماجه (3244)، والدارمي 2/ 92، والبيهقي في "السنن" 9/ 321 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 197، والطبراني في "الكبير" =

ص: 207

‌حَدِيثُ أَبِي رَوْحٍ الْكَلَاعِيِّ

15872 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الْكَلَاعِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً، فَقَرَأَ فِيهَا سُورَةَ الرُّومِ، فَلَبَسَ بَعْضُهَا، قَالَ:" إِنَّمَا لَبَسَ عَلَيْنَا الشَّيْطَانُ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَجْلِ أَقْوَامٍ يَأْتُونَ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَإِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَأَحْسِنُوا الْوُضُوءَ "(1).

=19/ (525) و (526)، والحاكم 4/ 235 من طرق عن دارد بن أبي هند، به.

وانظر ما قبله.

(1)

حديث حسن، وهذا اسناد ضعيف، لضعف شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- ولإرساله، فأبو روح الكلاعي -واسمه شبيب بن نُعيم، ويقال: ابن أبي روح، ويقال: ابن روح الوحاظي الشامي الحمصي- تابعي، وذكر الحافظ ابن حجر أنه أخطأ من عدّه من الصحابة، وأنه رواه الحُفّاظ من طريق عبد الملك بن عمير، عنه، عن رجل له صحبة. قلنا: وهو الوارد في الرواية الآتية، وقد روى عنه جمع، منهم حَرِيزُ بن عثمان، وذكر أبو داود أن شيوخ حَرِيز كلهم ثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الحافظ في "التقريب"، وقال ابن القطان: شبيب رجل لا تعرف له عدالة، وقال ابن عبد البر: حديثه مضطرب الإسناد. قلنا: الظاهر أنه يريد بالاضطراب الاختلاف الواقع فيه على عبد الملك ابن عمير، فقد رواه شريك هنا وزائدة في الرواية الآتية برقم (15874) بإسقاط الرجل من الصحابة بعد شبيب، ورواه شعبة في الرواية الآتية، وسفيان الثوري في الرواية (23134) بإثبات الرجل من الصحابة بعده، وكذا قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة شبيب: قد رواه الحفاظ من طريق عبد الملك بن عمير، عن شبيب أبي روح، عن رجل له صحبة. قلنا: وبذلك تترجح رواية سفيان وشعبة، على رواية شريك وزائدة، في إثبات الصحابي بعد شبيب، وسماه =

ص: 208

15873 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ شَبِيبًا أَبَا رَوْحٍ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ، فَقَرَأَ فِيهَا الرُّومَ، فَأَوْهَمَ، فَذَكَرَهُ (1).

= بعضهم الأغر كما سيرد. وقد وقع في "أطراف المسند" أنه جاء زيادة: عن رجل بعد شبيب في رواية إسحاق بن يوسف هذه، وهو وهم. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. إسحاق بن يوسف: هو ابن مرداس المخزومي، المعروف بالأزرق.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 241، وقال: رواه أحمد عن أبي روح نفسه، ورواه النسائي عن أبي روح، عن رجل، ورجال أحمد رجال الصحيح!

قلنا: ورواه أحمد أيضاً عن أبي روح، عن رجل، في الرواية الآتية، وسيرد تخريجها ثمة، ورواية النسائي سنذكرها عند تخريج الرواية 5/ 363.

وسيأتي بالأرقام (15873) و (15874) و 5/ 363 و 368.

قال السندي: قوله: قال: صلَّى بنا، أي: قال نقلاً عن غيره كما سيجيء.

"فَلَبَس" بالتخفيف أو التشديد، أي: خلط.

"بغير وضوء" أي: حَسَنٍ، بقرينة: فأحسنوا الوضوء، ويحتمل أن بعض المنافقين ما كانوا يتوضؤون من الأصل. وبالجملة، فهذا من صفاء قلبه صلى الله عليه وسلم حيث ظهر له أثر قِلَّةِ مراعاتهم آداب الطهارة، كالمرآة المَجْلُوَّة، والله أعلم.

(1)

إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي روح، فقد روى له أبو داود والنسائي، وذكرنا حاله في الرواية السالفة، ويتلخص في أنه حسن الحديث.

وأخرجه البزار (477)"زوائد"، والطبراني في "الكبير"(881) من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن شعبة، بهذا الإسناد. =

ص: 209

15874 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ (1) مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ شَبِيبًا أَبَا رَوْحٍ مِنْ ذِي الْكَلَاعِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، فَقَرَأَ بِالرُّومِ (2)، فَتَرَدَّدَ فِي آيَةٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: " إِنَّهُ

= وقد سمّيا الصحابي: الأغر، ونسبه البزار: المُزَني، وأدخل الطبراني حديثه في أحاديث الأغر المزني، وكذا سماه المزي في "تهذيب الكمال" لكنه قال: وليس بالمزني، وذكر الحافظ في "الإصابة" أنه الأغر غير منسوب، وقال: وقال بعضهم (كالبغوي): إنه غفاري، ثم ذكر أنّ قول من قال: المزني، خطأ، والله أعلم. قلنا: وقد جزم ابنُ عبد البر أنه غفاري.

وأورده بلفظ الطبراني الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 114، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله ثقات، ثم أورده 2/ 119، وقال: رواه البزار، وفيه مؤمل بن إسماعيل، وهو ثقة، وقيل فيه: إنه كثير الخطأ.

قلنا: ومؤمل بن إسماعيل في إسناد الطبراني أيضاً، ولم يذكره.

وأورده ابن كثير في "تفسيره" في آخر سورة الروم عن الإمام أحمد، بهذا الإسناد، ثم قال: وهذا إسناد حسن، ومتن حسن، وفيه سرٌّ عجيب، ونبأٌ غريب، وهو أنه صلى الله عليه وسلم تأثر بنقصان وضوء من ائتم به، فدل ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام.

وسيرد من طريق الثوري، عن عبد الملك بن عمير، به، في الرواية (23134).

وقد سلف في الحديث قبله دون ذكر الصحابي، وهو وهمٌ كما ذكرنا.

(1)

وقع في النسخ: حدثنا محمد بن جعفر قبل: حدثنا أبو سعيد، شيخ أحمد في هذه الرواية، وهو خطأ، صححناه من "أطراف المسند" 8/ 341 - 342.

(2)

في (ص) و (ق): في الروم.

ص: 210

يَلْبِسُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ (1) أَنَّ أَقْوَامًا مِنْكُمْ يُصَلُّونَ مَعَنَا لَا يُحْسِنُونَ الْوُضُوءَ، فَمَنْ شَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَنَا فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ " (2).

(1) في (ق): إنه لبس علينا القراءة.

(2)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لإرساله، أبو روح ليست له صحبة -كما بينا عند الرواية (15872) -، وإنما رواه عن رجل من الصحابة يسمى الأغر، كما في الرواية السابقة، ورجال الإسناد كلهم ثقات. أبو سعيد مولى بني هاشم: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عُبيد، وزائدة: هو ابن قُدامة الثقفي.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 241، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وهو مكرر الحديث (15872) و (15873)، وسيرد 5/ 363.

ص: 211

‌حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ الْأَشْجَعِيِّ أَبِي مَالِكٍ

15875 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ لِقَوْمٍ:" مَنْ وَحَّدَ اللهَ تَعَالَى، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عز وجل "(1).

حَدَّثَنَا بِهِ يَزِيدُ بِوَاسِطٍ وَبَغْدَادَ قَالَ: سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

15876 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" بِحَسْبِ أَصْحَابِي الْقَتْلُ "(2).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو مالك الأشجعي: هو سَعْد بن طارق بن أشيم.

وأخرجه مسلم (23)(38)، والطبراني في "الكبير"(8194)، وابن منده في "الإيمان"(34) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 123 و 12/ 375، ومسلم (23)(37)(38)، وابن حبان (171)، والطبراني في "الكبير"(8190) و (8192) من طرق عن أبي مالك، به.

وسيأتي برقم (15878) و 6/ 394 و 394 - 395.

قال السندي: قوله: "بما يعبد من دونه"، أي: بكل إله يعبد من دون الله بأن ينفي عنه الألوهية ولا يعبده، وهذا لازم التوحيد، ذكر اهتماماً به لأنهم كانوا يشركون، والله تعالى أعلم.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه. =

ص: 212

15877 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا أَتَاهُ الْإِنْسَانُ يَقُولُ: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: " قُلْ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي ". وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَ إِلَّا الْإِبْهَامَ: " فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعْنَ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ "(1).

= وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 92، والبزار (3263)(زوائد)، والطبراني في "الكبير"(8195) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1493)، وفي "الآحاد والمثاني"(1307)، والطبراني في "الكبير"(8195) و (8196)، من طريقين عن أبي مالك، به.

وقد ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 223 - 224، وقال: رواه أحمد والطبراني بأسانيد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح.

وفي الباب من حديث سعيد بن زيد عند ابن أبي عاصم في "السنة"(1491)، والبزار (3261)(زوائد)، والطبراني في "الكبير"(346)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، وقال: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها ثقات، ورواه البزار كذلك.

قال السندي: قوله: "بحسب أصحابي": الباء زائدة، أي: يكفيهم القتل، أي: إذا وقع من أحدٍ ذنب ثم قتل فهو يكفي جزاء لذنبه، أو المراد: يكفي في فنائهم القتل، ولا يحتاج فناؤهم إلى سبب آخر، فالمطلوب الإخبار بكثرة القتل فيهم.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 207، ومسلم (2697)(36)، وابن ماجه (3845)، والطبراني في "الكبير"(8185) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وعندهم:"وعافني" بدل: "واهدني". =

ص: 213

15878 -

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِلْقَوْمِ: " مَنْ وَحَّدَ اللهَ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عز وجل "(1).

15879 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ (2)، إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ هَاهُنَا بِالْكُوفَةِ قَرِيبًا (3) مِنْ خَمْسِ سِنِينَ، أَكَانُوا يَقْنُتُونَ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، مُحْدَثٌ (4).

= وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(651)، ومسلم (2697)(35)، وابن خزيمة (744) و (848)، والطبراني في "الكبير"(8183) من طرق عن أبي مالك، به. وزاد مسلم وابن خزيمة:"وعافني".

وسيأتي برقم (15881) و 6/ 394.

وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص، وقد سلف برقم (1561).

قال السندي: قوله: كيف، أي: كيف أدعو، وماذا أقول في الدعاء؟

قوله: "فإن هؤلاء": الألفاظ.

قوله: "دنياك": ناظراً إلى الرزق.

قوله: "وآخرتك": ناظراً إلى البقية، ويمكن جعل الرحمة مشتركة.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (15875) سنداً ومتناً.

(2)

في (ظ 12) و (ص): يا أبة.

(3)

في (ظ 12) و (ص)، ونسخة في (س): قريب.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.

وأخرجه الترمذي (402)، وابن ماجه (1241)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 249، والطبراني في "الكبير"(8178) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه بنحوه الطيالسي (1328)، وابن أبي شيبة 2/ 308، والترمذي (403)، وابن ماجه (1241)، والطبراني في "الكبير"(8177) و (8179)، =

ص: 214

15880 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ - يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ -، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي "(1).

15881 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ - يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ -، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ

= والبيهقي في "السنن" 2/ 213 من طرق عن أبي مالك الأشجعي، به.

وسيأتي 6/ 394.

قال السندي: قوله: هاهنا: متعلق بالصَّلاة خلف علي.

قوله: أي بُنَيَّ، مُحْدَث: ظاهره أنهم ما داموا على ذلك، وإلا لم يقل محدث، إذ يستبعد أن ينسى ما داموا عليه ويسميه محدثاً، فالأقرب أن القنوت إنما كان في الوقائع، فالمراد بقوله:"مُحْدَث" أن المداومة عليه مُحْدَثة، ويحتمل أنه ما صلى في الوقائع، فسماه محدثاً، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح، خلف بن خليفة: وهو ابن صاعد الأشجعي مولاهم قد اختلط، ولم يتحرر لنا سماع حسين بن محمد المَرُّوذي منه، أكان قبل الاختلاط أم بعده، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 55، والترمذي في "الشمائل"(389)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1305)، والطبراني في "الكبير"(8180) من طرق عن خلف بن خليفة، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 181، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

قلنا: رواية البزار ستأتي في تخريج الرواية 6/ 394.

وقد سلف من حديث عبد الله بن مسعود بإسنادٍ صحيح في الرواية رقم (3559)، وذكرنا هناك شواهده.

ص: 215

قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي طَارِقُ بْنُ أَشْيَمَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ مَنْ أَسْلَمَ يَقُولُ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَارْزُقْنِي " وَهُوَ يَقُولُ: " هَؤُلَاءِ يَجْمَعْنَ لَكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ "(1).

15882 -

حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عِيسَى أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ الرَّاسِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ خِضَابُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْوَرْسَ وَالزَّعْفَرَانَ (2).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مسلم (2697)، والطبراني في "الكبير"(8184)، والحاكم 1/ 529 - 530 من طرق عن عبد الواحد بن زياد العبدي، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: خرجه بإسناده.

وقد سلف برقم (15877).

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير بكر بن عيسى، فمن رجال النسائي، وهو ثقة. أبو عوانة: هو وضَّاح بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه البزار (2975)(زوائد)، والطبراني في "الكبير"(8176) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وقال البزار: لا نعلم حدث به عن أبي مالك إلا أبو عوانة، ولا عنه إلا بكر.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 159، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح، خلا بكر بن عيسى، وهو ثقة. قلنا: وفاته أن ينسبه للطبراني.

وانظر حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب السالف برقم (4672).

قال السندي: قوله: كان خضابنا: كأنهم كانوا يخضبون اللحية بهما.

ص: 216

‌حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15883 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَسَّانَ - يَعْنِي الْمُسْلِيَّ - قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْيَشْكُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ أَوَّلَ مَا بُنِيَ مَسْجِدُهَا، وَهُوَ فِي أَصْحَابِ التَّمْرِ يَوْمَئِذٍ، وَجُدُرُهُ مِنْ سِهْلَةٍ، فَإِذَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ النَّاسَ، قَالَ: بَلَغَنِي حَجَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةُ الْوَدَاعِ، فَاسْتَتْبَعْتُ رَاحِلَةً مِنْ إِبِلِي (1)، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جَلَسْتُ لَهُ فِي طَرِيقِ عَرَفَةَ، أَوْ وَقَفْتُ لَهُ فِي طَرِيقِ عَرَفَةَ -، قَالَ: فَإِذَا رَكْبٌ عَرَفْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ بِالصِّفَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ أَمَامَهُ: خَلِّ لِي عَنْ طَرِيقِ الرِّكَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" وَيْحَهُ (2)، فَأَرَبٌ مَالَهُ " فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى اخْتَلَفَتْ رَأْسُ النَّاقَتَيْنِ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُنْجِينِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ:" بَخٍ بَخٍ لَئِنْ كُنْتَ قَصَرتَ فِي الْخُطْبَةِ، لَقَدْ أَبْلَغْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ، افْقَهْ إِذًا، تَعْبُدُ اللهَ عز وجل لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤَدِّي (3) الزَّكَاةَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، خَلِّ طَرِيقَ الرِّكَابِ "(4).

(1) في (ظ 12) و (ص): إبل.

(2)

في نسخة السندي: دعه. قال السندي: هكذا في أصلنا، وفي بعض النسخ: ويحه، وهي كلمة ترحم، والظاهر أنه تصحيف.

(3)

في (ق): وتؤتي.

(4)

إسناده ضعيف، عبد الله اليشكري -وهو ابن أبي عَقِيل- ذكره الحافظ =

ص: 217

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن حجر في "التعجيل"، وقال: روى عنه ابنه المُغيرة، ليس بالمشهور، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن حسان المُسْلي فمن رجال "التعجيل"، روى عنه جمع، ووثقه ابن معين، وقال أحمد وأبو حاتم: لا بأس به. والمُسْلي نسبةٌ إلى بني مُسْلية: قبيلة من بني الحارث نزلت الكوفة وصارت محلةً معروفة لنزولها بها. وصحابي الحديث -وهو ابن المنتفق، ويكنى أبا المنتفق- لم يروِ له أصحاب الكتب الستة، وسيرد التصريح باسمه في الرواية 6/ 383. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.

وسيرد من طرق أخرى بالأرقام (15884) و (15885) و 5/ 372 - 373 و 6/ 383.

وأخرجه بنحوه لكن من حديث سعد بن الأخرم أو أخيه عبد الله بن الأخرم عبدُ الله بن أحمد في زياداته على "المسند"(16705) قال: حدثني أبو صالح الحكم بن موسى، أخبرنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن المغيرة بن سعد، عن أبيه أو عن عمه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.

وقد نقل الحافظ في "الإصابة" في ترجمة سعد بن الأخرم، وأخيه عبد الله ابن الأخرم أن البخاري قال: المغيرة بن سعد بن الأخرم لا يصح، إنما هو مغيرة ابن عبد الله اليشكري. ثم قال الحافظ في ترجمة ابن المنتفق: يحتمل إن كان ابن سعد بن الأخرم محفوظاً أن يكون كل من المغيرة بن عبد الله اليشكري والمغيرة بن سعد بن الأخرم رويا الحديث جميعاً.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 1/ 43 وقال: رواه عبد الله في زياداته، والطبراني في "الكبير"(5478) بأسانيد، ورجال بعضها ثقات على ضعف في يحيى بن عيسى بن كثير. قلنا: فاته أن ينبه على أنه معلول، وأن الحديث حديث عبد الله اليشكري.

ولقول السائل: دُلَّني على عملٍ يُدخلني الجنة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"تعبد الله لا تشرك به .. " شاهدٌ من حديث أبي هريرة عند البخاري (1397)، ومسلم (14).

وآخر من حديث معاذ عند الترمذي (2616)، سيرد 5/ 230 و 236 و 237 =

ص: 218

15884 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ يُونُسَ (1) قَالَ: سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ؛ نَحْوَهُ (2).

= و 245.

وثالثٌ من حديث أبي أيوب الأنصاري عند البخاري (1396)، ومسلم (12)(13)، وسيرد 5/ 417 وفيه:"وتصل الرحم"، بدل:"وتحج البيت وتصوم رمضان".

قال السندي: قوله: "وهو"، أي: المسجد.

"من سَهْلة" ضبط بفتح فسكون: رمل خشن ليس بالدقاق.

"خَلِّ لي عن طريق الركاب"، أي: تنحَّ عن الطريق لئلا يحصل خلل للمطايا.

"أَربٌ" -بفتحتين-، أي: حاجة، ولفظةُ:"ما" للإبهام، أي: له حاجةٌ ما، لأجلها وقف هاهنا، فلا يُتعرض له. وقد قيل: التقدير: حاجةٌ جاءت به، فحذف، ثم سأل، فقال:"مالَهُ؟ "، وقيل: ورُوي بوزن كَتِف، بمعنى الحاذق الكامل، أي: هو أَرِب، ثم سأله: ماله؟ أي: ما شأنه؟

"بَخٍ بَخٍ" يُقال عند المدح والرضا بالشيء، وتُكرر للمبالغة، مبنية على السكون، فإن وَصَلْتَ جَرَرتَ ونونتَ، وربما شددتَ.

"لَئِن" بكسر الهمزة. "قَصَرت" بالتخفيف. "في الخُطبة" -بضم الخاء-، أي: في الكلام المسوق للطلب.

"فقه": أمر من فَقُهَ بالضم، أو فَقِهَ، وعلى الثاني فالمفعول مقدر، أي ما أقول.

"تعبدُ الله"، أي: توحده اعتقاداً وقولاً.

وقوله: "لا تشرك به شيئاً" إشارة إلى الإخلاصِ وتركِ الرياء، وعلى هذا ذكر قوله:"وتقيم الصلاة .. الخ" لزيادة الاهتمام بهذه الأمور، والله تعالى أعلم.

(1)

في "ق": حدثنا يونس.

(2)

هو مكرر سابقه، إلا أن شيخ وكيع هنا يونس -وهو ابن أبي إسحاق السَّبيعي- صدوقٌ من رجال مسلم.

وسيكرر بإسناده ومتنه 6/ 384.

ص: 219

15885 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ، أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَجُلٍ يُحَدِّثُ قَوْمًا، فَجَلَسْتُ، فَقَالَ: وُصِفَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِمِنًى غَادِيًا إِلَى عَرَفَاتٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَبِّرْنِي بِعَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ؟ قَالَ:" تُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتُحِبُّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ، وَتَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ. خَلِّ عَنْ وُجُوهِ الرِّكَابِ "(1).

(1) إسناده ضعيف من أجل المغيرة -وهو عبد الله بن أبي عقيل اليشكري-، وسلف الكلام عليه في الرواية (15883). وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبيد الله السبيعي.

وسلف نحوه برقم (15883)، وسيرد بالأرقام 5/ 372 - 373 و 6/ 383.

ص: 220

‌حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15886 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي غُرْفَتِي هَذِهِ، حَسِبْتُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مُخَضْرَمَةٍ، فَقَالَ:" هَذَا يَوْمُ النَّحْرِ، وَهَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ "(1).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. عمرو بن مرة: هو المرادي الجملي، ومرة الطيب: هو مرة بن شراحيل الهَمْداني.

وأخرجه الطبري في "التفسير"(16454) عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر مرة الطيب في الإسناد، وسفيان ضعيف.

وسيأتي مطولاً برقم 5/ 412.

ص: 221

‌حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ أَبُو (1) أَبِي الْأَحْوَصِ

15887 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ أَطْمَارٌ، فَقَالَ:" هَلْ لَكَ مَالٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " مِنْ أَيِّ الْمَالِ " قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ آتَانِي اللهُ عز وجل مِنَ الشَّاءِ وَالْإِبِلِ. قَالَ: " فَلْتُرَ نِعَمُ اللهِ وَكَرَامَتُهُ عَلَيْكَ " فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ شُعْبَةَ (2).

(1) لفظ: أبو، ساقط من (م).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو الأحوص الجشمي: وهو عوف ابن مالك من رجاله، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له إلا البخاري في "خلق أفعال العباد"، وأصحاب السنن. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(20513)، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3043)، والطبراني في "الكبير" 19/ (617)، والبيهقي في "السنن" 10/ 10، والبغوي في "شرح السنة"(3118).

وأخرجه مطولاً ومختصراً أبو داود (4063)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 180 - 181 و 181 و 196، والطبري في "التفسير"(12825)، والطبراني في "الكبير" 19/ (610) و (612) و (613) و (615) و (616) و (617) و (618) و (619) و (620) و (621)، والبيهقي في "الشعب"(6199) من طرق عن أبي إسحاق، به. =

ص: 222

15888 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ:" هَلْ لَكَ مَالٌ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ؛ مِنَ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْغَنَمِ. فَقَالَ: " إِذَا آتَاكَ اللهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ ".

ثُمَّ قَالَ: " هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا، فَتَعْمَدُ إِلَى مُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا، فَتَقُولُ: هَذِهِ بُحُرٌ، وَتَشُقُّهَا أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ صُرُمٌ، وَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " فَإِنَّ مَا آتَاكَ اللهُ عز وجل لَكَ، وَسَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدُّ " وَرُبَّمَا قَالَ: " سَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ ".

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا نَزَلْتُ بِهِ، فَلَمْ

= وسيأتي مطولاً من حديث شعبة برقم (15888) و (15891)، وسيأتي مختصراً برقم (15889) و (15892).

وقوله صلى الله عليه وسلم: "فَلْتُر نِعَمُ الله وكرامته عليك"، سلف نحوه من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص برقم (6708)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: وعلي أطمار، بفتح فسكون: جمع طِمْر -بكسر طاء وسكون ميم- الثوب الخَلَق.

قوله: من كل المال، أي: من كل نوع من الأنواع المتعارفة بين الناس.

قوله: "فَلْتُر" بصيغة الأمر، على بناء المفعول، أي: أظهر نعمة الله تعالى بتحسين الثوب، فإن ذاك من جملة الشكر لها.

ص: 223

يُكْرِمْنِي وَلَمْ يَقْرِنِي، ثُمَّ نَزَلَ بِي، أَجْزِيهِ بِمَا صَنَعَ أَمْ أَقْرِيهِ (1)؟ قَالَ:" اقْرِهِ "(2).

(1) في الأصول الخطية: أقرِه بحذف الياء، والمثبت من (م) ومن الرواية الآتية برقم (15891)، وهو الوجه.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.

وأخرجه الطبري في "تفسيره"(12826) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً الطيالسي (1303) و (1304)، وابن أبي الدنيا في "الشكر"(52)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3041)، وابن حبان (5416)، والطبراني في "الكبير" 19/ (608)، والحاكم 1/ 24 - 25 و 4/ 181، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 341 - 342 من طرق عن شعبة، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وانظر ما قبله.

قال السندي: قوله: وأنا قشف الهيئة، ضبط بفتح قاف وكسر شين معجمة، أي: تارك للتنظيف والغسل، والقَشَفَ: يبس العيش.

قوله: "هل تنتج": على بناء المفعول.

قوله: "بُحُر"، بضمتين: جمع بَحِيْرَة.

قوله: "صُرُم"، بضمتين: جمع صريمة، وهي التي صرمت آذانها.

قوله: "وتحرمها": من التحريم.

قوله: "لك"، أي: لانتفاعك، لا لما تفعل فيه من قطع وتحريم.

قوله: "أشد": من الشدة.

قوله: "أَحَدّ": من الحدة، وهذا كناية عن كونه أقدر على القطع منكم، فحيث ما قطع مع ذلك، فكيف لكم أن تقطعوا.

قوله: "لم يقرني"، بفتح الياء، من القِرى -بكسر القاف- بمعنى الضيافة.

وقال ابن الأثير: كانوا إذا ولدت إبلُهم سَقْباً بحروا أذنه، أي: شقوها، =

ص: 224

15889 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ آتَانِي اللهُ عز وجل؛ مِنَ الْإِبِلِ، وَمِنَ الْخَيْلِ (1)، وَالرَّقِيقِ. قَالَ:" فَإِذَا آتَاكَ اللهُ عز وجل خَيْرًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ "(2).

15890 -

حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزَّعْرَاءِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ؛ فَيَدُ اللهِ الْعُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى، فَأَعْطِ الْفَضْلَ وَلَا تَعْجَزْ عَنْ نَفْسِكَ "(3).

= وقالوا: اللهم إن عاش فَفَتِيّ، وإن مات فَذَكيّ، فإذا مات كلوه وسمَّوْه البحيرة.

وقيل: البحيرة هي بنت السائبة، كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها، ولم يُجَزَّ وبرها، ولم يَشْرَبْ لبنها إلا ولدُها أو ضيف، وتركوها مسيَّبة لسبيلها، وسمَّوها السائبة، فما ولدتْ بعد ذلك من أنثى شقُّوا أُذُنَها وخلَّوا سبيلها، وحَرُم منها ما حرم من أمها، وسموها البحيرة.

(1)

في (ظ 12) و (ص): والخيل.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق، وسماعه من جده أبي إسحاق في غاية الإتقان للزومه إياه، ووالد وكيع: وهو الجراح بن مليح الرؤاسي، حسن الحديث في المتابعات.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (609) من طريقين، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (15887).

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أبي الزعراء: وهو =

ص: 225

15891 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنْبَأَنَا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَشِفُ (1) الْهَيْئَةِ، فَقَالَ:" هَلْ لَكَ مَالٌ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " فَمَا مَالُكَ؟ " فَقَالَ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ، مِنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْغَنَمِ. قَالَ:" فَإِذَا آتَاكَ اللهُ عز وجل مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ ".

فَقَالَ: " هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا، فَتَعْمَدُ إِلَى الْمُوسَى، فَتَقْطَعَهَا أَوْ تُقَطِّعَهَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ بُحُرٌ، وَتَشُقُّ جُلُودَهَا، وَتَقُولُ: هَذِهِ صُرُمٌ، فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " كُلُّ مَا آتَاكَ اللهُ عز وجل لَكَ (2) حِلٌّ، وَسَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ، ومُوسَى اللهِ أَحَدُّ " وَرُبَّمَا قَالَهَا، وَرُبَّمَا لَمْ

= عمرو بن عمرو، ويقال: ابن عامر الجشمي، فقد روى له البخاري في "خلق أفعال العباد"، وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضلة.

وأخرجه أبو داود (1649)، والحاكم 1/ 408 من طريق الإمإم أحمد، وصححه الحاكم.

وأخرجه ابن خزيمة (2440)، وابن حبان (3362)، والبيهقي في "السنن" 4/ 198 من طريق عَبِيْدة بن حُميد، به.

وسيكرر 4/ 138 سنداً ومتناً.

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن مسعود برقم (4261)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

(1)

في (م) و (ظ 12) و (ص) و (س) قشيف، والمثبت من (ق) وهامش (س).

(2)

لفظ "لك" ليس في (ظ 12) و (ص).

ص: 226

يَقُلْهَا، وَرُبَّمَا قَالَ:" سَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ، وَمُوسَى اللهِ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ ".

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ نَزَلْتُ بِهِ فَلَمْ يَقْرِنِي وَلَمْ يُكْرِمْنِي، ثُمَّ نَزَلَ بِي، أَقْرهِ، أَوْ أَجْزِيهِ بِمَا صَنَعَ؟ قَالَ:" بَلْ اقْرِهِ "(1).

15892 -

حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، أَنَّ أَبَاهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَشْعَثُ، سَيِّئُ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَمَا لَكَ مَالٌ؟ " قَالَ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ آتَانِي اللهُ عز وجل. قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ عز وجل إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً، أَحَبَّ أَنْ تُرَى عَلَيْهِ "(2).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (15888) إلا أن شيخ أحمد هنا هو عفان بن مسلم الصفار.

وأخرجه مختصراً ابن سعد 6/ 28 عن عفان، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (15887).

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(313)، وابن حبان (5417)، والطبراني في "الكبير" 19/ (623) من طريقين عن حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي الأحوص، عن أبيه، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (624) من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن عبد الملك بن عمير، به. وقرن معه أباه سلمة بن كهيل.

وقد سلف برقم (15887).

ص: 227

‌حَدِيثُ رَجُلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15893 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ - يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ -، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَتَمَجَّعُ لَبَنًا بِتَمْرٍ، فَقَالَ: ادْنُ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُمَا الْأَطْيَبَيْنِ (1).

(1) إسناده ضعيف، أبو خالد والد إسماعيل، مختلف في اسمه، يقال: هرمز، ويقال: سَعْد، ويقال: كثير، تفرَّد بالرواية عنه ابنه إسماعيل، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 41، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح خلا أبا خالد، وهو ثقة!

قلنا: وله شاهد لا يفرح به من حديث عائشة، أخرجه الحاكم 4/ 106 من طريق الخصيب بن ناصح، عن طلحة بن زيد -وهو الرقي- عن هشام بن عروة، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمي التمر واللبن الأطيبين، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: طلحة ضعيف. قلنا: بل هو متروك، كان يضع الحديث.

قال السندي: قوله: يتمجَّع: المَجْعُ: أكل التمر باللَّبَن، بأن يحسو حسوة من اللبن، ويأكل على أَثَرها تمرة.

ص: 228

‌حَدِيثُ رَجُلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15894 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ (1) قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ لُقِّنَ (2) عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ "(3).

(1) وقع في النسخ الخطية و (م): أبو عمرو، وهو خطأ، والتصويب من "أطراف المسند" 8/ 269، ومن ترجمة زاذان في "التهذيب".

(2)

في هامش (س): لُقِّيَ، وتحتمل الوجهين في (ظ 12).

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عطاء بن السائب فمن رجال أصحاب السنن، وأخرج له البخاري متابعة وهو صدوق، وقد اختلط، لكن رواية حماد بن سلمة عنه قبل الاختلاط، وزاذان قد صرح بالتحديث عمن سمع من النبي صلى الله عليه وسلم. حسن بن موسى: هو الأشيب.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/ 322، وقال: رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب، وفيه كلام لاختلاطه. قلنا: لم يذكر أن رواية حماد بن سلمة عنه قبل اختلاطه.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3842) من طريق أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، به. إلا أنه سمى الصحابي ابن عمر.

وأورده الهيثمي أيضاً 2/ 323 ولم يذكر ابن عمر، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، وفيه عطاء بن السائب، وفيه كلام.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (675) من طريق محمد بن تمام، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأورده الهيثمي أيضاً، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وعطاء فيه كلام.

قلنا: أبو الأحوص ومحمد بن تمام رويا عن عطاء بن السائب بعد =

ص: 229

‌حَدِيثُ رَجُلٍ

15895 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءٍ - يَعْنِي ابْنَ السَّائِبِ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ خَالِهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْشُرُ قَوْمِي؟ قَالَ:" إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ عُشُورٌ "(1).

= الاختلاط، ومن هنا اختلفت روايتهما عنه عن رواية حماد بن سلمة، عنه.

وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب، سلف برقم (187) و (252).

وآخر من حديث طلحة بن عبيد الله، سلف برقم (1384).

وثالث من حديث أنس بن مالك، سلف برقم (12543) و (12792).

ورابع من حديث معاذ بن جبل، سيرد 5/ 233.

وخامس من حديث أبي هريرة عند ابن حبان (3004).

وسادس من حديث ابن مسعود عند ابن أبي شيبة 3/ 238، وهي رواية مرسلة.

وقد سلف في مسند أبي سعيد الخدري برقم (10993) قوله عليه الصلاة والسلام: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله".

قال السندي: قوله: "من لقّن" على بناء المفعول، من التلقين، أي: من وفقه الله تبارك تعالى لذلك، فهو دليل على أنه يدخل الجنة مع الأولين، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف فيه على عطاء، كما سيرد في التخريج.

فأخرجه أبو داود (3048) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. =

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وسيأتي في الرواية (15896) عن أبي نعيم، عن سفيان -وهو الثوري-، عن عطاء، عن حرب بن عبيد الله الثقفي، عن خاله.

ورُوي عن أبي نعيم من وجهٍ آخر أيضاً: فأخرجه أبو داود (3049) من طريق أبي نعيم، عن عبد السلام بن حرب، عن عطاء، عن حرب، عن جده رجل من تغلب، مرفوعاً.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 197 عن وكيع، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 32 من طريق الفريابي، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 153 من طريق الأشجعي، ثلاثتهم عن سفيان، عن عطاء، عن حرب بن عبيد الله الثقفي، عن خاله، به.

ورُوي عن وكيع من وجهٍ آخر أيضاً: فأخرجه أبو داود (3047) من طريق وكيع، عن سفيان، عن عطاء، عن حرب بن عبيد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 31، من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيد الله، عن رجلٍ من أخواله، به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 197 عن أبي الأحوص، عن عطاء، عن حرب عبيد الله، عن جده أبي أمه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد تحرف لفظ "أبي أمه" إلى أمامة.

ورُوي عن أبي الأحوص من وجهٍ آخر أيضاً: فأخرجه أبو داود (3046) مسدد، عن أبي الأحوص، عن عطاء، عن حرب بن عبيد الله، عن جده أبي أمه، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 9/ 211 من طريق نصير بن أبي الأشعث، عن عطاء، عن حرب بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وسيأتي في الرواية (15897) من طريق جرير، عن عطاء، عن حرب بن هلال الثقفي، عن أبي أمية رجل من بني تغلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة أبي أمية: رواية جرير غلط، وهي تصحيف من قوله: =

ص: 231

15896 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ خَالِهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ لَهُ أَشْيَاءَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: أَعْشُرُهَا؟ فَقَالَ: " إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ عُشُورٌ "(1).

15897 -

حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ هِلَالٍ الثَّقَفِيِّ

= عن جده أبي أمه.

وأخرجه البخاري في ترجمة حرب بن عبيد الله الثقفي في "التاريخ الكبير" 3/ 60، وساق اضطراب الرواة فيه، وقال: لا يُتابع عليه. وقد فرض النبي صلى الله عليه وسلم العشر فيما أخرجت الأرض في خمسة أوسق.

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 249: اختلف الرواة عن عطاء على وجوه، فكأن أشبهها ما رواه الثوري عن عطاء، ولا يشتغل برواية جرير وأبي الأحوص ونصير بن أبي الأشعث.

ونقل ابن القَيِّم في "تهذيب معالم السنن" 4/ 253 عن عبد الحق قوله في هذا الحديث: في إسناده اختلاف، ولا أعلمه من طريقٍ يحتجّ به.

وسيكرر سنداً ومتناً 4/ 322.

قال السندي: قوله: أعشر قومي: ظاهر القاموس أنه من عشر كضرب، أي: أخذ واحداً من العشرة.

قلنا: في "اللسان" و"الصحاح": عَشَرهم يَعْشُرهم بالضم: عُشْراً بضم العين: أخذ عُشْر أموالهم. أما عشرهم من باب ضرب: صار عاشرهم.

(1)

إسناده ضعيف لاضطرابه، وقد سلف ذكر أوجه اضطرابه في الرواية السالفة برقم (15895).

ص: 232

عَنْ أَبِي أُمّية (1) رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى "(2).

(1) في (ظ 12) و (ص) و (س): عن أبي أمامة. وجاء في هامش (س): عن أبي أمية. قلنا: ينظر تعليقنا على الرواية السالفة برقم (15895)، وقد نقلنا هناك عن الحافظ ابن حجر أن جريراً غلط في اسمه.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه، وقد فصلنا في ذلك في الرواية (15895).

وسيكرر سنداً ومتناً برقم 5/ 410.

ص: 233

‌حَدِيثُ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15898 -

حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ: " كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ؟ " قَالَ: أَتَشَهَّدُ، ثُمَّ أَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، أَمَا إِنِّي لَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. معاوية بن عمرو: هو ابن المهلب الأزدي، وزائدة: هو ابن قدامة الثقفي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السَّمَّان.

وأخرجه أبو داود (792) من طريق حسين بن علي الجُعْفي، عن زائدة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (910) و (3847)، وابن خزيمة (725)، وابن حبان (868) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، به، وسمى الصحابيَّ أبا هريرة.

وفي الباب عن جابو، عند أبي داود (793).

قال السندي: قوله: دندنتك، بفتحات، ما عدا النون الأولى وسكونها: أي: مسألتك الخفية، وكلامك الخفي، والدندنة: أن يتكلم الرجل بكلامٍ تسمع نغمته ولا تفهمه، وضمير "حولها" للجنة، أي: حول تحصيلها، أو للنار، أي: حوله التعوذ منها، أولهما بتأويل كل واحدة، ويؤيده "حول هاتين" في رواية [قلنا: هي رواية أبي داود من حديث جابر (793)]. أو لمسألته، أي: حول مسألتك أو مقالتك، والمقصود تسليته بأن مرجع كلامنا وكلامك =

ص: 234

‌حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15899 -

حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ كُرْدُوسًا قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَأَنْ أَقْعُدَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَجْلِسِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ "(1).

= واحد، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة كردوس -وهو ابن قيس- كما في الرواية الآتية، وسمّاه شعبة في رواية روح عنه -عند البزار- كردوس بن عمرو، وقد ذكره الحافظ في "التعجيل"، وقال: أظنه الذي قبله. قلنا: يعني كردوس بن العباس الثعلبي، الذي اختلف في اسم أبيه، فيقال: كردوس بن عمرو الغطفاني، ويقال: كردوس بن هانئ الثعلبي الكوفي، وهو إذن من رجال "التهذيب"، قال المزي: ويقال: إنهم ثلاثة. قلنا: قد جعلهم ثلاثة علي ابن المديني، وجعلهم ابنُ حِبّان أربعة، وقال أبو حاتم: فيه نظر. قلنا: قد ذكره الذهبي في "الميزان" 3/ 411 وسماه كردوس بن قيس، وقال: لا يُعرف.

وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. بَهْز: هو ابن أسد العَمِّي، وشُعبة: هو ابن الحَجّاج العَتَكي، وعبدُ الملك بن مَيْسَرة: هو الهلالي.

وأخرجه الدارمي 2/ 319 من طريق يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، بهذا الإسناد. ثم قال الدارمي: الرجل من أصحاب بدر هو علي.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 190، وقال: رواه أحمد، وفيه كردوس بن قيس، وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.

قلنا: قد ترجم ابنُ حبان في "الثقات" لأربعة، كلٌّ منهم يُسمى كردوساً، =

ص: 235

15900 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ كُرْدُوسَ بْنَ قَيْسٍ - وَكَانَ قَاصَّ الْعَامَّةِ بِالْكُوفَةِ - قَالَ:

= ليس فيهم ابن قيس هذا.

وأخرجه بنحوه البزار (164)"زوائد" من طريق روح بن عبادة، عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن كردوس بن عمرو، قال: سمعت رجلاً من أهل بدر -قال شعبة: أراه علي بن أبي طالب- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن تُفَصَّل المُفَصَّلُ أحبُّ إليَّ من كذا باباً"، قال شعبة: فقلت لعبد الملك: أيّ مفصل؟ قال: القصص. قال البزار: لا نعلم روى كردوس عن علي إلا هذا.

وقد ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 190، وقال: رواه البزار، وكردوس وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: فيه نظر، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وسيأتي في الرقمين (15900) و 5/ 366.

وفي الباب عن أبي أمامة: سيرد 5/ 261 عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي التياح، عن أبي الجعد، عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قاصٍّ يقصُّ، فأمسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قُصَّ، فلأن أقعد غدوةً إلى أن تشرق الشمس أحبُّ إليّ من أن أعتق أربع رقاب، وبعد العصر حتى تغرب الشمس أحبّ إليّ من أن أعتق أربع رقاب". وذكره الهيثمي في "المجمع" 1/ 190، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ورجاله موثَّقون، إلا أن فيه أبا الجعد.

قلنا: يعني أنه لا يُعرف، وهو مولىً لبني ضبيعة، كما صرح به في الرواية 5/ 252، ولم تذكر له ترجمة لا في "التهذيب"، ولا في "التعجيل" وهو على شرط الأخير.

وقد صح أن أول من قص عبيد بن عمير الليثي على عهد عمر بن الخطاب، فيما رواه ابن سعد 5/ 463 عن عفان بن مسلم، قال: حدثثا حماد ابن سلمة، عن ثابت البناني قوله.

قال السندي: قوله: في هذا المجلس، أي: مجلس العلم والوعظ.

ص: 236

أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَأَنْ أَقْعُدَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَجْلِسِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ " قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ: أَيَّ مَجْلِسٍ يَعْنِي؟ قَالَ: كَانَ قَاصًّا (1).

(1) إسناده ضعيف، لجهالة كردوس بن قيس، وهو مكرر سابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو هاشم بن القاسم أبو النضر.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 88 - 89 من طريق محمد بن الفرج الأزرق، عن هاشم أبي النضر، بهذا الإسناد.

تنبيه: وقع في رواية البيهقي: "وكان قاضياً" بدل "وكان قاصاً" وبناء على هذا التحريف أدرج الحديث في كتاب آداب القاضي من سننه، وتبعه على هذا الوهم الإمام الذهبي في "الميزان" في ترجمة كرودس، فقال: قاض بالكوفة، له حديث في "سنن البيهقي" في القضاء. قلنا: ثم إن البيهقي رحمه الله أخرج الحديث في "شعب الإيمان"(564) من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، به. وفيه: قلت: أيَّ مجلس تعني؟ قال: مجلس الذِّكر!

ص: 237

‌حَدِيثُ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15901 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَحْتَجِمُ فِي ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَالَ:" أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ "(2).

(1) قال السندي: معقل بن سنان، أشجعي، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم.

قال العسكري: نزل الكوفة، وكان موصوفاً بالجمال، وقدم المدينة في خلافة عمر، فقيل فيه:

أَعوذُ بربِّ النَّاسِ من شَرِّ مَعْقِلٍ

إذا مَعْقلٌ راحَ البَقِيعَ مُرجّلا

فجاء أن عمر سمع امرأة تنشد البيت، فنفاه إلى البصرة.

وكان معه راية أشجع يوم حنين، قتل صبراً أيام الحرة.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد منقطع، الحسن -وهو البصري- لم يسمع من معقل بن سنان، وقد اختُلف فيه على الحسن، فقد رواه مرة عن معقل بن سنان، وأخرى عن أبي هريرة، وثالثة عن علي بن أبي طالب، وعن غيرهم أيضاً، وقد بسطنا القول في ذلك في تخريج روايته عن أبي هريرة السالفة برقم (8768) مع ذكر ما قاله الدارقطني في "العلل"، والحافظ في "الفتح"، وقد رواه بعضهم، فقَال: معقل بن يسار، بدل: معقل بن سنان، كما سيرد في التخريج، وأشار إلى ذلك الدارقطني في "العلل"، وقال أبو زُرعة فيما نقل عنه العلائي في "جامع التحصيل" ص 197، وسئل: الحسن عن معقل بن يسار أو معقل بن سنان؟ فقال: معقل بن يسار أشبه، والحسن عن معقل بن سنان بعيد جداً. قال العلائي: وهذا يقتضي تثبيته السماع من معقل بن يسار. قلنا: لكن =

ص: 238

‌حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15902 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ أَخْبَرَنِي، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ

= أبا حاتم لم يصحح سماع الحسن من معقل بن يسار أيضاً.

وباقي رجال الإسناد رجال الصحيح غير أن عمار بن رُزَيق لم يُذكر فيمن سمع من عطاء بن السائب قبل الاختلاط، على أنه من طبقة سفيان الثوري. أبو الجوّاب: هو أحوصُ بنُ جَوّاب.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 168 - 169، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه عطاء بن السائب، وقد اختلط.

قلنا: رواية الطبراني سيرد ذكرها في تخريج الرواية الآتية برقم (15944).

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(3166)، والبزار (1002)، والطبراني في "الكبير" 20/ (483) من طريق أبي داود الطيالسي، عن سليمان بن معاذ، عن، عطاء بن السائب، به، إلا أنه سمى الصحابي معقل بن يسار.

قال النسائي: عطاء بن السائب كان قد اختلط، ولا نعلم أحداً روى هذا الحديث عنه غير هذين على اختلافهما عليه فيه.

قلنا: يريد بهذين: سليمان بن معاذ في روايته هذه، وقد سمى الصحابي معقل بن يسار، ومحمد بن فضيل في الرواية الآتية برقم (15944)، وقد سمى الصحابي معقل بن سنان، لكن اختلف على ابن فضيل أيضاً، فمنهم من سمى الصحابي من طريقه معقل بن يسار، كما سيرد. وذكره الدارقطني في "العلل".

وقد سردنا أحاديث الباب في تخريج رواية أبي هريرة السالفة برقم (8768)، وذكرنا هناك أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نسخه، وأوردنا أحاديث النسخ.

(1)

قال السندي: عمرو بن سلمة، يكنى أبا يزيد، واختلف في ضبطه، فقيل: بُرَيد، وقيل: يزيد. وجاء ما يدل على صحبته.

ص: 239

عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قَالَ: كَانَ تَأْتِينَا الرُّكْبَانُ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَسْتَقْرِئُهُمْ، فَيُحَدِّثُونَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا "(1).

(1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لضعف علي بن عاصم -وهو الواسطي- وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. خالد الحذاء: هو ابن مهران، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن يزيد الجَرْمي، وعَمرو بن سَلِمة: هو الجَرْمي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6355) من طريق يزيد بن زُريع، عن خالد الحذّاء، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 63، وقال: حديث عمرو، عن أبيه في الصحيح، وهذا من حديثه عن الركبان. رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير"، ورجال أحمد رجال الصحيح.

قلنا: سنذكر رواية البزار عند تخريج الرواية 5/ 29 - 30.

وأخرجه ابن سعد 1/ 337 و 7/ 90 من طريق الزهري، عن خالد الحذاء، به، بلفظ: كنت أتلقى الركبان فيقرئوني الآية، فكنتُ أؤمُّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه مطولاً البخاري (4302) من طريق أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة، عن أبيه.

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن سعد 1/ 337 و 7/ 90، وأبو داود (586)، والنسائي في "المجتبى" 2/ 70 - 71، وفي "الكبرى"(843)، والطبراني في "الكبير"(6353)، والبيهقي في "السنن" 3/ 91 من طريق عاصم الأحول، وأبو داود (585)، والنسائي في "المجتبى" 2/ 80 - 81، وفي "الكبرى"(864) من طريق أيوب، كلاهما عن عمرو بن سلمة، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (55) من طريق يحيى بن رباح، عن عمرو بن سلمة، قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه، فكان فيما =

ص: 240

‌حَدِيثُ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15903 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ بِالْفِطْرِ عَامَ الْفَتْحِ، وَقَالَ:" تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ ". وَصَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ، ثُمَّ قِيلَ (1):

= أوصانا: "ليؤمّكم أكثركم قرآناً"، فكنت أكثرهم قرآناً، فقدموني.

وذكره الهيثمي في "المجمع" 2/ 63 - 64، وقال: هو في الصحيح من حديثه عن أبيه، وهنا عن نفسه، والله أعلم. وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح.

وسيأتي مطولاً من حديث عمرو بن سلمة، عن أبيه في الروايات 5/ 29 - 30 و 30 و 71.

وسيكرر بإسناده ومتنه 5/ 30 و 71.

وفي الباب: عن أبي سعيد الخدري برقم (11190)، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، ونزيد هنا حديث ابن عمر عند أبي داود (588) وفيه: قال: لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآناً.

وما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: "وليؤمكم أكبركم" يُراد به إذا استووا في القراءة، كما ترجم البخاري للحديث في "صحيحه" برقم (685).

(1)

في (ظ 12) و (ص)، ونسخة في (س): قال.

ص: 241

يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ، فَلَمَّا كَانَ بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ (1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، إسحاق بن عيسى: وهو ابن الطباع من رجاله، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. مالك: هو ابن أنس، وسُمَيّ: هو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: وهو المخزومي.

وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 294، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "المسند" 1/ 270 (بترتيب السندي)، وأبو داود (2365)، والنسائي في "الكبرى"(3029)، والطحاوى في "شرح معاني الآثار" 2/ 66، والحاكم 1/ 432، والبيهقي في "السنن" 4/ 242.

وأورده ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 47، وقال: هذا حديث مسند صحيح، ولا فرق بين أن يسمي التابعُ الصاحِبَ الذي حدثه أو لا يسميه في وجوب العمل بحديثه، لأن الصحابة كلهم عدول مرضيون، ثقات أثبات، وهذا أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث.

وسيأتي بالأرقام (16601) و (16602) و 5/ 376 و 380 و 408 و 430.

وقد سلف من حديث ابن عباس برقم (2363)، وحديث أبي سعيد الخدري برقم (11307)، وانظر (11083).

قال السندي: قوله: بالعَرْج، بفتح فسكون: قرية بالفُرْع بين الحرمين.

قوله: "يصبُّ": يدل على أنه لا كراهة في ذلك.

قوله: "بالكديد"، بفتح الكاف: ماء بقرب عُسْفان.

ص: 242

‌حَدِيثُ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

15904 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ (2)، حَدَّثَنَا سَعْدٌ - يَعْنِي ابْنَ أَوْسٍ - الْعَبْسِيَّ، عَنْ بِلَالٍ الْعَبْسِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ (3) الضَّبِّيُّ: أَنَّهُ (4) أَتَى الْبَصْرَةَ وَبِهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَمِيرًا، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي ظِلِّ الْقَصْرِ يَقُولُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ (5)، لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ شَيْئًا، فَقُلْتُ لَهُ (6): لَقَدْ أَكْثَرْتَ مِنْ قَوْلِكَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ لَئِنْ شِئْتَ لَأَخْبَرْتُكَ؟ فَقُلْتُ: أَجَلْ، فَقَالَ: اجْلِسْ إِذًا (7) فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ كَانَ شَيْخَانِ لِلْحَيِّ قَدِ انْطَلَقَ ابْنٌ لَهُمَا، فَلَحِقَ بِهِ، فَقَالَا: إِنَّكَ قَادِمٌ الْمَدِينَةَ، وَإِنَّ ابْنًا لَنَا قَدْ لَحِقَ بِهَذَا الرَّجُلِ، فَأْتِهِ فَاطْلُبْهُ مِنْهُ، فَإِنْ أَبَى إِلَّا الِافْتِدَاءَ (8) فَافْتَدِهِ. فَأَتَيْتُ

(1) عبارة: عن النبي صلى الله عليه وسلم، من (ظ 12) و (ص).

(2)

في (م): عن الزبيري، بزيادة:"عن" وقد ضرب عليها في (س).

(3)

في (م): حصن، وهو تصحيف.

(4)

لفظ "أنه" ليس في (ظ 12) و (ص).

(5)

عبارة: صدق الله ورسوله، جاءت مرة واحدة في (ظ 12) و (ص).

(6)

لفظ: "له" ليس في (ظ 12) و (ص).

(7)

في (ظ 12) و (ص): فقال، أجل ادْنُ.

(8)

في (ظ 12) و (ص): الفداء.

ص: 243

الْمَدِينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّ شَيْخَاْنِ (1) لِلْحَيِّ أَمَرَانِي أَنْ أَطْلُبَ ابْنًا لَهُمَا عِنْدَكَ. فَقَالَ:" تَعْرِفُهُ؟ "، فَقَالَ: أَعْرِفُ نَسَبَهُ. فَدَعَا الْغُلَامَ، فَجَاءَ، فَقَالَ:" هُوَ ذَا، فَاْئتِ بِهِ أَبَوَيْهِ "(2) فَقُلْتُ: الْفِدَاءَُ (3) يَا نَبِيَّ اللهِ. قَالَ: " إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَنَا آلُ مُحَمَّدٍ أَنْ نَأْكُلَ ثَمَنَ أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ " ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ:" ألَا (4) أَخْشَى عَلَى قُرَيْشٍ إِلَّا أَنْفُسَهَا " قُلْتُ: وَمَا لَهُمْ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: " إِنْ طَالَ بِكَ الْعُمُرُ رَأَيْتَهُمْ هَاهُنَا، حَتَّى تَرَى النَّاسَ بَيْنَهَا (5) كَالْغَنَمِ بَيْنَ حَوْضَيْنِ، مَرَّةً إِلَى هَذَا، وَمَرَّةً إِلَى هَذَا " فَأَنَا أَرَى نَاسًا يَسْتَأْذِنُونَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، رَأَيْتُهُمُ الْعَامَ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرْتُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (6).

(1) كذا في النسخ الخطية، وضبب عليها في (س)، وفي (م): شَيْخَيْنِ.

قال السندي: الظاهر شَيْخَيْنِ، وتوجيهه هو توجيه قوله تعالى:{إنَّ هذانِ لساحران} ، والله تعالى أعلم.

(2)

في (ظ 12) و (ق): أبواه.

(3)

قال السندي: الفداء، بالنصب، أي: خذه، أو بالرفع، أي: لك.

(4)

في (م): لا.

(5)

في (م) والأصول الخطية: بينهما، والمثبت من "غاية المقصد".

(6)

إسناده ضعيف لجهالة عمران بن حصين الضَّبِّي، فلم يترجم له الحسيني في "الإكمال"، ولا الحافظ في "التعجيل"، وهو على شرطهما، وذكره ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، وفي "التقريب" تمييزاً، وقال في "التقريب": تابعي مقبول، ولم يذكر في الرواة عنه سوى بلال بن يحيى العبسي، ولم يؤثر توثيقه عن أحد. وبقية رجاله ثقات.

ص: 244

‌حَدِيثُ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ

(1)

15905 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ مُبَارَكٍ - قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ - وَهُوَ أَبُو شُجَاعٍ - قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ نَاشِرَةَ (2) بْنِ سُمَيٍّ الْيَزَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ فِي (3) يَوْمِ الْجَابِيَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ: إِنَّ اللهَ عز وجل جَعَلَنِي خَازِنًا لِهَذَا الْمَالِ، وَقَاسِمَهُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: بَلِ اللهُ يَقْسِمُهُ، وَأَنَا بَادِئٌ (4) بِأَهْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ. فَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَشْرَةَ آلَافٍ إِلَّا جُوَيْرِيَةَ

= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 265 - 266، وقال: رواه أحمد، وعمران هذا لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

وسيأتي برقم (16625) و 5/ 379 مختصراً.

قال السندي: قوله: وقد كان شيخان للحي، أي: للقبيلة.

قوله: "فلحق به"، أي: بالنبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: "آل محمد": بالنصب على الاختصاص، ولا ينافي ما أخذ من فداء أسراء بدر، إذ يحتمل أنه ما تصرف فيه لنفسه وأهله.

(1)

قال السندي: أبو عمرو بن حفص، قرشي مخزومي، زوج فاطمة بنت قيس. قيل: اسمه أحمد، وقيل: عبد الحميد، وقيل: اسمه كنيته.

قيل: مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حين خرج مع علي إلى اليمن. وقيل: بل شهد فتوح الشام، كما يدل عليه هذا الحديث، والله تعالى أعلم.

(2)

في (م): باشرة، وهو تصحيف.

(3)

أشير في (س) إلى لفظ "في" أنه نسخة.

(4)

في (ظ 12) و (ص) و (ق)، وهامش (س): بادٍ. قال السندي: من البداية، وأصله الهمز، وقد جاء على الأصل، ويخفَّف كما في بعض النسخ.

ص: 245

وَصَفِيَّةَ ومَيْمُونَةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَنَا، فَعَدَلَ بَيْنَهُنَّ عُمَرُ.

ثُمَّ قَالَ: إِنِّي بَادِئٌ بِأَصْحَابِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَإِنَّا أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، ثُمَّ أَشْرَفِهِمْ، فَفَرَضَ لِأَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِمَنْ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَلِمَنْ شَهِدَ أُحُدًا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، قَالَ: وَمَنْ أَسْرَعَ فِي الْهِجْرَةِ أَسْرَعَ بِهِ الْعَطَاءُ، وَمَنْ أَبْطَأَ فِي الْهِجْرَةِ أَبْطَأَ بِهِ الْعَطَاءُ، فَلَا يَلُومَنَّ رَجُلٌ إِلَّا مُنَاخَ رَاحِلَتِهِ.

وَإِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكُمْ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، إِنِّي أَمَرْتُهُ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَالَ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَعْطَاهُ ذَا الْبَأْسِ، وَذَا الشَّرَفِ، وَذَا اللَّسَانَةِ (1)، فَنَزَعْتُهُ، وَأَمَّرْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: وَاللهِ مَا أَعْذَرْتَ يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ، لَقَدْ نَزَعْتَ عَامِلًا اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَغَمَدْتَ سَيْفًا سَلَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَوَضَعْتَ لِوَاءً نَصَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ قَطَعْتَ الرَّحِمَ، وَحَسَدْتَ ابْنَ الْعَمِّ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّكَ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ، حَدِيثُ السِّنِّ، مُغْضَبٌ مِنْ ابْنِ عَمِّكَ (2).

(1) في (ظ 12) و (ص): اللِّسان، قال السندي: وذا اللسانة: لعله من لَسِنَ -كسمع- إذا تكلم بكلام فصيح.

(2)

هذا الأثر رجاله ثقات. علي بن إسحاق: هو السُّلَمي المروزي. =

ص: 246

‌حَدِيثُ أَبِي النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيِّ

15906 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ "(1).

= وأخرجه مختصراً بذكر اعتذار عمر من عزل خالد البخاريُّ في "الكنى" 9/ 54، والنسائي في "الكبرى"(8283)، والدولابي في "الكنى" 1/ 45، والطبراني في "الكبير" 22/ (761) من طرق عن عبد الله بن المبارك، به.

وأخرجه مختصراً كذلك الطبراني في "الكبير" 22/ (760) من طريق ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، به.

وأورده مختصراً الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 349، وقال: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجالهما ثقات.

قال السندي: قوله: أعتذر من خالد، أي: من عزله.

قوله: "ما أعذرت": على بناء الفاعل، من أعذر: إذا صار ذا عذر، أو على بناء المفعول: من أعذره إذا عذره.

قوله: "سيفاً": هو خالد، كان سيفاً مسلولاً على الكفرة.

قوله: "قطعت"، بالخطاب، وكذا "حسدت": يريد أن بينك وبين خالد رحم قطعتها لأجل الحسد على أنه تصرف في المال كتصرف الأمير.

قوله: "مغضب"، أي: رأيتني أني كذلك قياساً على نفسك، أو المراد: مغضب عليَّ من جهته.

(1)

إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن النعمان: هو ابن معبد بن هوذة الأنصاري، قال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه ابن معين، وقال ابن المديني: مجهول، وقال الذهبي في "الميزان": ضعفه راجح، ووالده النعمان تفرد بالرواية عنه ابنه عبد الرحمن، وقال الحافظ =

ص: 247

‌حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ

15907 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ -، قَالَ: حَدَّثَنِي نَحَّازُ (1) بْنُ جُدَيٍّ (1) الْحَنَفِيُّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَكَانَ فِيهَا لُحُومُ حُمُرِ النَّاسِ (2).

= في "التقريب": مجهول، أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير.

وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 398، والدارمي 2/ 15، والبيهقي في "السنن" 4/ 262 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن أبي النعمان، به. بلفظ: وكان جدي قد أُتي به النبي صلى الله عليه وسلم فمسح على رأسه، وقال:"لا تكتحل بالنهار وأنت صائم، واكتحل ليلاً بالإثمد، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر". وهذا لفظ الدارمي.

وسيأتي نحوه برقم (16072).

قلنا: والاكتحال بالإثمد سلف من حديث عبد الله بن عباس برقم (2047) بلفظ: "خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر"، وإسناده قوي.

(1)

قال السندي: نحاز، ضبط بفتح نون وتشديد حاء مهملة، وجدي، بجيم مصغر، وقيل: حوي، بحاء مهملة وبالواو بدل الدال. قلنا: وانظر "توضيح المشتبه" 9/ 33.

(2)

حديث صحيح لغيره، نحاز بن جدي من رجال "التعجيل"، لم يذكروا في الرواة عنه سوى يحيى بن أبي كثير وهو الطائي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6346) من طريق عمرو بن مرزوق، عن حرب بن شداد، بهذا الإسناد. =

ص: 248

15908 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِبَيْتٍ بِفِنَائِهِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَاسْتَسْقَى، فَقِيلَ: إِنَّهَا مَيْتَةٌ؟ قَالَ: " ذَكَاةُ الْأَدِيمِ دِبَاغُهُ "(1).

= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 49، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا نحاز بن جدي، وهو ثقة!

وسيأتي برقم (15913).

وقد سلف من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب بإسناد صحيح برقم (4720)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

(1)

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال جَوْن بن قتادة، ولم يوثقه غير ابن حبان 4/ 119، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه لم يرو له الشيخان ولا أحدهما. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنْبري، وهشام: هو الدَّستُوائي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، والحسن: هو البصري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 381، والنسائي في "المجتبى" 7/ 173، والطبري في "تهذيب الآثار" -مسند ابن عباس- (1207)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 471، والطبراني في "الكبير"(6342)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 600، والدارقطني 1/ 45، والحاكم 4/ 141 من طرق عن هشام، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي!

وقد تحرّف اسم جون في مطبوع الطحاوي إلى الحارث.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 381، وأبو داود (4125)، وابن حبان (4522)، والطبراني (6341)، والدارقطني 1/ 46، والبيهقي في "السنن" =

ص: 249

15909 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" دِبَاغُهَا طُهُورُهَا أَوْ ذَكَاتُهَا "(1).

15910 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (2)، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ،

= 1/ 17 من طرق عن همام، به. وسقط اسم الحسن من مطبوع ابن أبي شيبة.

وأخرجه الطبراني (6341) من طريق عمران القطان، عن الحسن، به.

وسيأتي برقم (15909) و 5/ 6 و (7).

وله شاهد من حديث ابن عباس عند مسلم (366)، وقد سلف برقم (1895) بلفظ:"أيّما إهابٍ دُبغ فقد طهُر".

وآخر من حديث عائشة عند النسائي 7/ 174 عن إبراهيم بن يعقوب، عن مالك بن إسماعيل، عن إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذكاة الميتة دِباغُها"، وهذا إسناد صحيح. وسيرد 6/ 154 - 155.

قال السندي: قوله: " إنها ميتة"، أي: جلد ميتة.

(1)

هو مكرر سابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو عمرو بن الهيثم أبو القطن، -وهو من رجال مسلم، وروى له البخاري في "الأدب المفرد"- ولم يذكر في هذا الإسناد همام.

(2)

لفظ: "قد جعل الله" ليس في (ظ 12) و (ص).

ص: 250

وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ وَالرَّجْمُ " (1).

(1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف على خطأٍ فيه، قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 456: سألت أبي عن حديث رواه الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث، عن سلمة بن المُحبق، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً

الحديث"، قال أبي: هذا خطأ، إنما أراه الحسن، عن حطان، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ونقل المزي عن الأثرم أنه سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث بهذا الإسناد، فقال: هذا حديث منكر. قال الأثرم: يعني خطأ. والفضل بن دلهم ترجم له الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" 3/ 351، وقال: قال ابن معين: ضعيف، وقال أبو داود: ليس بالقوي ولا بالحافظ، وقال ابنُ حِبّان: هو غيرُ محتجٍّ به إذا انفرد. وقبيصة بن حُريث، قال البخاري: في حديثه نظر، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، والحسن: هو البصري.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 134 من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (4417) من طريق محمد بن خالد الوهبي، عن الفضل ابن دلهم، عن الحسن، عن سلمة بن المحبّق، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه زيادة.

قال أبو داود: روى وكيع أولَ هذا الحديث عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث، عن سلمة بن المحبق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هذا إسناد ابن المحبق أن رجلاً وقع على جارية امرأته. قلنا: هو إسناد الرواية الآتية.

وأخرجه مسلم (1690) وغيره من طريقي منصور بن زاذان وقتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، مرفوعاً.

وسيرد في مسند عبادة بن الصامت 5/ 313 و 320.

قال السندي: قوله: "خذوا عني" كرره تأكيداً.

"قد جعل اللهُ لَهُنَّ سبيلاً": يُريد أنَّ هذا بيانٌ لقوله تعالى: {أو يجعلَ اللهُ =

ص: 251

15911 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُوَاقِعُ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: " إِنْ أَكْرَهَهَا (1) فَهِيَ حُرَّةٌ، وَلَهَا عَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ أَمَتُهُ، وَلَهَا عَلَيْهِ مِثْلُهَا "(2).

15912 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ

= لهنَّ سبيلاً} في قوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة} [النساء: 15].

(1)

في (ق) وهامش (س): استكرهها.

(2)

إسناده ضعيف، لانقطاعه، الحسن -وهو البصري- لم يسمع من سلمة ابن المُحَبّق، قاله أبو حاتم فيما نقله عنه ابنُه في "العلل" 1/ 447، والبزّار فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 91، ومبارك -وهو ابن فَضَالة- يدلِّس تدليس التسوية -وهو شرُّ أنواع التدليس- أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، ثقة من رجال الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 17، والنسائي في "الكبرى"(7230)، وابن ماجه (2552)، والدارقطني 3/ 84 من طريق هشام بن حسان، عن الحسن، بهذا الإسناد. بلفظ: رُفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ وطئ جارية امرأته فلم يجلده. وهشام بن حسان في روايته عن الحسن مقال، لأنه قيل: كان يرسل عنه.

وسيأتي 5/ 6.

قال السندي: قوله: "إن أكرهها"، أي: الجارية، "فهي حرّة"، أي: في مهرها، "ولها"، أي: للمرأة. "فهي أمته"، أي: لا تستحقّ مهراً. قال الخطابي: لا أعلم أحداً من الفقهاء يقول به، وخليقٌ أن يكون منسوخاً، وقال البيهقي في "سننه": حصولُ الإجماع من فقهاء الأمصار بعد التابعين على ترك القول به، دليلٌ على أنه ثبت عندهم أنه صار منسوخاً بما ورد من الأخبار في الحدود، ثم أخرج عن أشعث قال: بلغني أن هذا كان قبل الحدود.

ص: 252

عَبْدِ اللهِ الْأَزْدِيِّ، ثُمَّ الْعَوْذِيِّ (1) قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ (2) عَبْدِ اللهِ - يَعْنِي أَبَاهُ - قَالَ: سَمِعْتُ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ الْهُذَلِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَتْ لَهُ حَمُولَةٌ تَأْوِي إِلَى شِبَعٍ، فَلْيَصُمْ رَمَضَانَ حَيْثُ أَدْرَكَهُ "(3).

(1) في (م) والأصول الخطية: النميري، وهو خطأ، والمثبت من "التهذيب" وفروعه. والعوذي: نسبة إلى بني عوذ، وهم بطن من الأزد.

(2)

في النسخ الخطية و (م): عن، والمثبت من "أطراف المسند" 2/ 503، و"إتحاف المهرة" 5/ 615.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة حال حبيب بن عبد الله، فقد انفرد بالرواية عنه ابنه عبد الصمد، وقال الذهبي في "الميزان": مجهول، وكذلك قال الحافظ في "التقريب" -وعبد الصمد بن حبيب، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال البخاري: لين الحديث، ضعفه أحمد، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ليس بالمتروك، وقال العقيلي في "الضعفاء" 3/ 83 بعد أن ساق حديثه: ولا يتابع عليه ولا يعرف إلا به. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.

وأخرجه أبو داود (2410) من طريق أبي النضر، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2410)، والعقيلي في "الضعفاء" 3/ 83، والبيهقي في "السنن" 4/ 245، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(884) من طريقين عن عبد الصمد بن حبيب، به.

وقد سقط من مطبوع العقيلي اسم حبيب بن عبد الله من الإسناد، وتحرف فيه قوله:"فليصم" إلى: "فليقم".

وسيأتي برقم (20092)، وانظر (11083).

قال السندي: قوله: "من كانت له حمولة" قيل بضم الحاء: الأحمال، أي: من كان صاحب أحمال يسافر بها، والأقرب الفتح بمعنى المركوب.

قوله: "شبع"، بكسر ففتح: مصدر، وبسكون باء: اسم ما يشبع، ومعنى: يأوي إلى شبع، أي: إلى مقام يشبع فيه، والجملة حال إن كان "يأوي" بالياء =

ص: 253

15913 -

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ النَّحَّازِ الْحَنَفِيِّ أَنَّ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلُحُومِ حُمُرِ النَّاسِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَهِيَ فِي الْقُدُورِ، فَأُكْفِئَتْ (1).

= التحتية، وصفة حمولة إن كانت بالفوقانية، وهو كناية عن قصر السفر، بحيث يبلغ إلى المنزل، أو وجود الزاد معه، وهو أقرب.

قال العلّامة القاري في "شرح المشكاة" 2/ 530: من كانت له حمولة تأويه إلى حال شبع ورفاهية أو إلى مقام يقدر على الشبع فيه، ولم يلحقه في سفره وعثاء ومشقة، فليصم.

(1)

حديث صحيح لغيره، وهو مكرر (15907) إلا أن شيخ أحمد هنا هو الطيالسي.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 132 من طريق الطيالسي. بهذا الإسناد.

ص: 254

‌حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ

(1)

15914 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي التَّيْمِيَّ - عَنْ أَبِي عُثْمَانَ - يَعْنِي النَّهْدِيَّ -، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَضْمَةٍ مِنْ جَبَلٍ، فَعَلَا أَعْلَاهَا، ثُمَّ نَادَى أَوْ قَالَ:" يَا آلَ عَبْدِ مَنَافَاهُ، إِنِّي نَذِيرٌ، إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ أَهْلَهُ يُنَادِي "(2) أَوْ قَالَ: " يَهْتِفُ: يَا صَبَاحَاهْ "(3).

(1) قال السندي: قبيصة بن مخارق، هلالي، صحابي، سكن البصرة.

(2)

في (ظ 12) و (ص): فجعل ينادي.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى مسلم وأبي داود والنسائي. محمد بن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وسليمان التيمي: هو ابن طرخان، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن ابن ملّ.

وأخرجه مسلم (207)، والنسائي في "الكبرى"(10815) و (10816) - وهو في "عمل اليوم والليلة"(979) و (980)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1446)، والطبري في "التفسير" 19/ 120، وأبو عوانة 1/ 92 - 93، والطبراني في "الكبير" 18/ (956)، وابن منده في "الإيمان"(953) و (954) و (955) و (956)، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 178 من طرق عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد. وقرنوا مع قبيصة زهير بن عمرو: وهو الهلالي.

وسيأتي 5/ 60.

قال السندي: قوله: "إلى رضمة من جبل": بفتح راء وسكون ضاد أو =

ص: 255

[قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ]، قَالَ أَبِي: قَالَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ، أَوْ وَهْبِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ زُهَيْرُ بْنُ عَمْرٍو، فَلَمَّا أَخْطَأَ، تَرَكْتُ وَهْبَ بْنَ عَمْرٍو (1).

15915 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَيَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (2) " الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ (3) وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ ". قَالَ: الْعِيَافَةُ مِنَ الزَّجْرِ، وَالطَّرْقُ مِنَ الْخَطِّ (4).

= فتحها: هي واحدة الرضم، وهي صخور بعضها فوق بعض.

قوله: "يربأ"، أي: يحفظهم من عدوهم، والاسم الربيئة وهي العين، والطليعة: الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو.

(1)

يعني أن ابن أبي عدي قرن مع قبيصة زهير بن عمرو إلا أنه أخطأ في اسمه، فقال: وهب بن عمرو. ولهذا الخطأ لم يذكره الإمام أحمد في الإسناد.

(2)

في (س) علامة الصحة، وفي (م): بزيادة: يقول.

(3)

لفظ "والطيرة" ليس في (ظ 12) و (ص) و (ق).

(4)

إسناده ضعيف. حيان غير منسوب، قيل: هو حيان بن العلاء، وقيل: حيان أبو العلاء، وقيل: حيان بن عمير، وقيل: حيان بن مخارق أبو العلاء، لم يذكروا في الرواة عنه غير عوف: وهو ابن أبي جميلة الأعرابي، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه أبو داود (3907)، والدولابي في "الكنى" 1/ 86 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(19502)، وابن سعد 7/ 35، وابن =

ص: 256

15916 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ الْهِلَالِيِّ: تَحَمَّلْتُ بِحَمَالَةٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ:" نُؤَدِّيهَا عَنْكَ وَنُخْرِجُهَا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ " وَقَالَ مَرَّةً: " وَنُخْرِجُهَا إِذَا جَاءَتْنَا الصَّدَقَةُ، أَوْ إِذَا جَاءَ نَعَمُ الصَّدَقَةِ " وَقَالَ: " يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ ". وَقَالَ مَرَّةً: " حُرِّمَتْ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ، رَجُلٍ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ وَفَاقَةٌ حَتَّى

= أبي شيبة 9/ 42 - 43، وأبو إسحاق الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1177، والنسائي في "الكبرى"(11108)، -وهو في "التفسير"(128) -، والدولابي في "الكنى" 1/ 86، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 312 - 313، وابن حبان (6131)، والطبراني في "الكبير" 18/ (941) و (942) و (943) و (944) و (945)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 158، والبيهقي في "السنن" 8/ 39، والخطيب في "تاريخه" 10/ 425، والبغوي في "شرح السنة"(3256) من طرق عن عوف، به.

وقائل: العيافة من الزجر، والطرق من الخط: هو عوف بن أبي جميلة، كما سيأتي مصرحاً به في الرواية 5/ 60.

قال السندي: قوله: "العيافة" بالكسر: زجر الطير للتفاؤل به.

قوله: "والطَّرْق"، بفتح فسكون: هو الضرب بالحصا الذي تفعله النساء، وقيل: هو الخط في الرمل.

قوله: "من الجبت"، بكسر فسكون: هو المذكور في قوله تعالى: {ألَم تَرَ إلى الّذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجِبْتِ والطاغوت} [سورة النساء: 51]، أي: من التكهن والسِّحْر.

ص: 257

يَشْهَدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ " وَقَالَ مَرَّةً: " رَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ أَوْ حَاجَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ، أَوْ يُكَلَّمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ أَوْ فَاقَةٌ إِلَّا قَدْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَيَسْأَلُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَيَسْأَلُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكَ، وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ سُحْتٌ " (1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الحميدي (819)، وابن الجارود في "المنتقى"(367)، وابن خزيمة (2375)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 17 - 18، والطبراني في "الكبير" 18/ (950)، والدارقطني 2/ 120، والبيهقي في "السنن" 6/ 73 و 7/ 21 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1327)، وعبد الرزاق في "المصنف"(20008)، وابن أبي شيبة 3/ 210 - 211، وأبو عبيد في "الأموال"(1723)، وحميد بن زنجويه في "الأموال"(820)، ومسلم (1044)، وأبو داود (1640)، والنسائي في "المجتبى" 5/ 88 - 89 و 89 و 69، والدارمي 1/ 396، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1443)، وابن خزيمة (2360) و (2361)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 18، وابن حبان (3291)، والطبراني في "الكبير" 18/ (946) و (947) و (949) و (950) و (951) و (952) و (953) و (954) و (955)، والبيهقي 7/ 23، والبغوي في "شرح السنة"(1625) من طرق عن هارون بن رئاب، به.

وسيأتي 5/ 60.

قال السندي: قوله: "تحملت"، أي: تكفلت مالاً لإصلاح ذات البين. قال الخطابي: هي أن يقَعَ بين القوم تشاجر في الدماء والأموال، ويخاف من ذلك =

ص: 258

‌حَدِيثُ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ

(1)

15917 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

= فتن عظيمة، فيتوسط الرجل بينهم لإصلاح ذات البين، ويضمن لهم ما يرضيهم دفعاً للفتنة.

قوله: "لا تصلح"، أي: لا تحل.

قوله: "إلا في ثلاث"، أي: في ثلاث أحوال.

قوله: "رجل"، أي: حال رجل، والمراد بها لا تحل إلا لضرورة ملجئة كهذه الأحوال.

قوله: "حتى يشهد": غاية لإصابة الحاجة، أي: أصابته الحاجة إلى أن ظهرت لعقلاء قومه، وصارت بيِّنة، وليس المراد حقيقة الشهادة، بل المراد أنه أصابته حاجة بالتحقيق.

قوله: "الحجا": العقل.

قوله: "إلا قد حلَّت"، أي: فما شهدوا له إلا قد حلت.

قوله: "قواماً"، بكسر القاف، أي: ما يقوم بحاجته الضرورية.

قوله: "أو سداداً" بكسر السين: ما يكفي حاجته، والسداد -بالكسر- كل شيء سددت به خللاً. و"أو" شك من الرواة.

(1)

قال السندي: كرز بن علقمة، خزاعي، له صحبة.

أسلم يوم الفتح، وعُمِّر طويلاً، وعَمي في آخر عمره.

وهو الذي أعاد معالم الحرم، سكن المدينة، وكان ينزل عسقلان.

وجاء أن المشركين استأجروه حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً، فاقتفى أثره، حتى انتهى إلى غار ثور، فرأى نسج العنكبوت على باب الغار، فقال: إلى هنا انتهى أثره، ثم لا أدري أخذ يميناً أو شمالاً، أو صعد الجبل.

ص: 259

عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهَى؟ قَالَ:" أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ " وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: " نَعَمْ، أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعُجْمِ أَرَادَ اللهُ بِهِمْ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ " قَالَ: ثُمَّ مَهْ. قَالَ: " ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ " قَالَ: كَلَّا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَ: " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ثُمَّ تَعُودُونَ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ "(1).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فإنه لم يرو له أصحاب الكتب الستة. سفيان: هو ابن عُيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله، وعروة: هو ابن الزبير.

وأخرجه الطيالسي (1290)، وابن أبي شيبة 15/ 13، والحميدي (574)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2305)، والبزار (3353)(زوائد)، والطبراني في "الكبير" 19/ (443)، والحاكم 1/ 34، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 152، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 172 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح وليس له عِلَّة ولم يخرجاه، لتفرد عروة بالرواية عن كرز بن علقمة، وكرز بن علقمة صحابي مخرج حديثه في مسانيد الأئمة، سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: مما يلزم مسلم والبخاري إخراجه حديث كرز بن علقمة هل للإسلام منتهى، فقد رواه عروة بن الزبير، ورواه الزهري وعبد الواحد بن قيس، عنه (انظر الإلزامات للدارقطني). قال الحاكم: والدليل الواضح على ما ذكره أبو الحسن أنهما جميعاً اتفقا على حديث عتبان ابن مالك الأنصاري الذي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وليس له راوٍ غير محمود بن الربيع.

وأخرجه البزار (3354)(زوائد)، والطبراني في "الكبير" 19/ (444) و (445) و (446) من طرق عن الزهري، به. =

ص: 260

وَقُرِئَ عَلَى سُفْيَانَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَسَاوِدَ صُبًّا؟ قَالَ سُفْيَانُ: الْحَيَّةُ السَّوْدَاءُ تُنْصَبُ، أَيْ تَرْتَفِعُ (1).

15918 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهَى؟ قَالَ:" نَعَمْ، أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعُجْمِ أَرَادَ اللهُ عز وجل بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ ". قَالَ: ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " ثُمَّ تَقَعُ فِتَنٌ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ " فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: كَلَّا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ

= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 305، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني بأسانيد، وأحدها رجاله رجال الصحيح.

وسيأتي برقم (15918) و (15919).

قال السندي: قوله: ثم مه، أي: ثم ماذا يكون.

قوله: "الظُّلل"، بضم ففتح: جمع ظلة تحيط به.

قوله: كلا: لم يقل إنكاراً لذلك، وإنما قال إظهاراً لمحبته أن يبقى إلى آخر الأمد.

قوله: "أساود": حيات، جمع أسود.

قوله: "صباً"، بضم فتشديد، أي: كأنهم حيات مصبوبة على الناس من السماء.

(1)

المفسر لقوله: "الأساود صُبّاً" عند الحميدي والبيهقي وابن عبد البر: هو الزهري، وليس سفيان. ولفظه عندهم: قال الزهري: أساود صباً يعني الحية إذا أراد أن ينهش، ارتفع ثم انصبَّ.

ص: 261

رِقَابَ بَعْضٍ " (1).

15919 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرْزٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ مُنْتَهَى؟ قَالَ:" نَعَمْ، فَمَنْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا مِنْ أَعْجَمٍ أَوْ عَرَبٍ أَدْخَلَهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ تَقَعُ فِتَنٌ كَالظُّلَلِ، تَعُودُونَ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، وَأَفْضَلُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ، مُؤْمِنٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ، يَتَّقِي رَبَّهُ تبارك وتعالى، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ "(2).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين كسابقه.

وهو عند عبد الرزَّاق في "المصنف"(20747)، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (442)، والحاكم 4/ 454 - 455، والبغوي في "شرح السنة"(4235).

وأخرجه الحاكم 1/ 34 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به.

وقد سلف برقم (15917).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عبد الواحد بن قيس: وهو السلمي، مختلف فيه، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، لأن في رواية الأوزاعي عنه استقامة، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، وصحابيه لم يخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو كرز بن علقمة الخزاعي، وسيأتي من رواية محمد بن مصعب، عن الأوزاعي أنه كرز بن حبيش، ومحمد بن مصعب فيه كلام من جهة حفظه.

وأخرجه ابن حبان (5956)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 469 من =

ص: 262

[قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ]: قَالَ أَبِي: وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كُرْزُ بْنُ حُبَيْشٍ الْخُزَاعِيُّ.

= طريقين عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2306)، مختصراً، والبزار (3355)(زوائد) من طريق محمد بن مصعب القرقساني، عن الاوزاعي، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (15917).

وقوله: "وأفضل الناس يومئذٍ مؤمن معتزل في شعب من الشعاب، يتقي رَبَّه تبارك وتعالى، ويدع الناس من شره".

له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري بإسنادٍ صحيح، وقد سلف برقم (11125).

ص: 263

‌حَدِيثُ عَامِرٍ الْمُزَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15920 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَامِرٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِنًى عَلَى بَغْلَةٍ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ أَحْمَرُ. قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بَيْنَ يَدَيْهِ يُعَبِّرُ عَنْهُ. قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى أَدْخَلْتُ يَدِي بَيْنَ قَدَمِهِ وَشِرَاكِهِ. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ بَرَدِهَا (1).

(1) رجاله ثقات. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وعامر والد هلال: هو ابن عمرو المزني. وذكر البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 302 أن الأصح رافع بن عمرو المزني، وكذلك ذكر ابن عساكر في ترتيب أسماء الصحابة، ص 71.

وأخرجه أبو داود (4073)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 3/ 247 عن مسدد، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وفي رواية أبي داود: وعليٌّ رضي الله عنه أمامه يعبّر عنه، كما في الرواية الآتية.

وعلَّقه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 302 عن أبي معاوية، به.

وأخرجه بنحوه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 302، وأبو داود (1956)، والنسائي في "الكبرى"(4094)، والبيهقي 5/ 140 من طريق مروان -وهو ابن معاوية الفزاري- عن هلال بن عامر المزني، عن رافع بن عمرو المزني، به.

قال البخاري: وتابعه عبد الرحمن بن مغراء، يعني في تسمية صحابيه رافع ابن عمرو. ونقل الحافظ في "الإصابة" عن ابن السكن قوله: إن أبا معاوية أخطأ فيه، وإن البغوي صوب قول من قال: رافع بن عمرو: ثم قال: لم ينفرد أبو معاوية بذلك، فقد روى أحمد (يعني في الرواية الآتية) أيضاً عن محمد بن عُبيد، عن شيخ من بني فزارة، عن هلال بن عامر، عن أبيه، فيحتمل أن =

ص: 264

15921 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ، مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ، وَعَلِيٌّ يُعَبِّرُ عَنْهُ (1).

= يكون هلال سمعه من أبيه ومن عمه رافع.

وسيأتي في الحديث الذي يليه مختصراً.

قال السندي: قوله: "يعبر عنه"، أي: يُسمع الناس ما عسى أن يخفى عليهم.

(1)

هو مكرر الذي قبله مختصراً، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الشيخ من بني فزارة، وباقي رجال الإسناد ثقات. محمد بن عبيد: هو الطنافسي. =

ص: 265

‌حَدِيثُ أَبِي الْمُعَلَّى

15922 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا، فَقَالَ:" إِنَّ رَجُلًا خَيَّرَهُ رَبُّهُ عز وجل بَيْنَ أَنْ يَعِيشَ فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ أَنْ يَعِيشَ فِيهَا، يَأْكُلُ مِنَ الدُّنْيَا مَا شَاءَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّهِ عز وجل، فَاخْتَارَ لِقَاءَ رَبِّهِ ". قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه. قَالَ: فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ أَنْ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا صَالِحًا خَيَّرَهُ رَبُّهُ تبارك وتعالى بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّهِ تبارك وتعالى، فَاخْتَارَ لِقَاءَ رَبِّهِ عز وجل، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَهُمْ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ نَفْدِيكَ بِأَمْوَالِنَا وَأَبْنَائِنَا أَوْ بِآبَائِنَا (1)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنُّ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ مِنْ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَكِنْ وُدٌّ وَإِخَاءُ إِيمَانٍ (2)، وَلَكِنْ وُدٌّ وَإِخَاءُ إِيمَانٍ - مَرَّتَيْنِ - وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ عز وجل "(3).

(1) في (ظ 12): آبائنا.

(2)

في (ق): الإيمان.

(3)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة ابن أبي المعلى، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه لم يرو له سوى الترمذي، وهو أبو المعلى بن لوذان الأنصاري، وقيل: اسمه زيد بن المعلى، =

ص: 266

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال ابن عبد البر: لا يعرف اسمه عند أكثر العلماء. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعبد الملك: هو ابن عمير اللخمي.

وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/ 55 - 56، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1006) مختصراً، والطبراني في "الكبير" 22/ (825) من طريق أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (3659)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 12/ 151 - 152 (على هامش "الإصابة" لابن حجر)، والمزي في "تهذيب الكمال" 34/ 309 من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن أبي عوانة، به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وأخرجه الطحاوي (1007) من طريق عبيد الله بن عمرو، عن عبد الملك بن عمير، عن بعض بني أبي المعلى -وهو رجل من الأنصار-، عن أبيه- وكان رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث مختصراً.

وسيكرر بإسناده ومتنه 4/ 211 - 212.

وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، عند البخاري (466)، ومسلم (2382)(2)، وسلف برقم (11135).

وذكرنا أحاديث الباب في تخريج حديث ابن مسعود السالف برقم (3580).

قال السندي: قوله: "خيَّرهُ" بتشديد الياء. "أن ذكر" بفتح "أن "، وهو مفعول لأجله لمقدر، أي: يبكي لأن ذكر. "أعلمهم" حيث علم أن المراد به صلى الله عليه وسلم.

"بل نَفْديك" من فَدَاه، بالتخفيف، إذا حصله، وأعطى الفداء عنه، والمقصودُ أنه لو أمكن ذلك لفعلنا، والغرضُ منه إظهارُ أنه أحب إليهم من أولئك، وإلا فالفداء غير مقصود، وقد سبق تحقيق هذا الحديث في مسند أبي سعيد الخدري.

ص: 267

‌حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ يَزيدَ الْجُعْفِيِّ

(1)

15923 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمَّنَا مُلَيْكَةَ كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قَالَ:" لَا ". قَالَ: قُلْنَا: فَإِنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قَالَ:" الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ (2)، فَيَعْفُوَ اللهُ عَنْهَا "(3).

(1) قال السندي: سلمة بن يزيد، جعفي، نزل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عنه.

(2)

في (ظ 12) و (ص) و (ق): إلا أن يدرك الوائدةَ الإسلامُ.

(3)

رجاله ثقات رجال الشيخين، غير داود بن أبي هند، فمن رجال مسلم، وصحابيه روى له النسائي، وله ذكر في "صحيح مسلم" لكن في متنه نكارة. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وعلقمة: هو ابن قيس بن عبد الله النخعي.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 72، والنسائي في "الكبرى"(11649) -وهو عنده في "التفسير"(669) -، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2474)، والطبراني في "الكبير"(6319) من طرق عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. =

ص: 268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 119، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، والطبراني في "الكبير" بنحوه.

وأخرجه الطبراني أيضاً (6320) من طريق جابر -وهو الجعفي- عن الشعبي، به. بلفظ:"الوائدة والموؤودة في النار".

وأخرجه بنحوه الطيالسي (1306)، ومن طريقه ابن أبي عاصم (2475) عن سليمان بن معاذ، عن عمران بن مسلم، عن يزيد بن مرة، عن سلمة بن يزيد، به.

وقوله: "الوائدة والموؤودة في النار" جاء من حديث ابن مسعود مرفوعاً، عند البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 73، وأبي داود (4717)، وابن حبان (7480)، والطبراني (10059) و (10236).

قلنا: فيه أن الموؤودة -وهي البنت التي تدفن حية- تكون غير بالغة، ونصوص الشريعة متضافرة على أنه لا تكليف قبل البلوغ.

والمذهب الصحيح المختار عند المحققين من أهل العلم أن أطفال المشركين الذين يموتون قبل الحِنْث هم من أهل الجنة، وقد استدلوا بما أخرجه ابن أبي حاتم فيما نقله عنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 8/ 357 عن أبي عبد الله الطهراني -وهو محمد بن حماد-، حدثنا حفص بن عمر العدني، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس: أطفال المشركين في الجنة، فمن زعم أنهم في النار فقد كذب، يقول الله عز وجل:{وإذا الموؤودة سُئِلَت، بأيِّ ذنبٍ قُتِلَتْ) [التكوير: 8، 9]، قال: هي المدفونة. وبقوله تعالى: {وما كنا معذِّبين حتى نبعث رسولاً} [الإسراء: 15]، فإذا كان لا يُعَذَّب العاقلُ بكونه لم تبلغه الدعوة، فلأن لا يُعَذَّبُ غيرُ العاقل من باب الأَوْلى.

وبما أخرج أحمد 5/ 58 من طريق حسناء بنت معاوية بن صريم عن عمها، قال: قلت: يا رسول الله، من في الجنة؟ قال:"النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموؤودة في الجنة"، وحسّن الحافظ إسناده في "الفتح" 3/ 246. =

ص: 269

‌حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ

(1)

= وبما أخرج ابن أبي حاتم فيما ذكر ابن كثير في "تفسيره"- عن أبيه، عن مسلم بن إبراهيم، عن قرة قال: سمعت الحسن يقول: قيل: يا رسول الله: من في الجنة؟ قال: "الموؤودة في الجنة"، قال ابن كثير: هذا حديث مرسل من مراسيل الحسن، ومنهم من قبله.

وبما أخرج البخاري في "صحيحه"(7047) من حديث سمرة، وفيه:"وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم، وأما الولدان الذين حوله، فكل مولودٍ مات على الفطرة"، قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله: وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأولاد المشركين".

وبما أخرجه البخاري (1385)، ومسلم (2658) من حديث أبي هريرة رفعه:"كل مولودٍ يولد على الفطرة (والفطرة هنا الإسلام)، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه".

وفي مستخرج البرقاني على البخاري من حديث عوف الأعرابي، عن أبي رجاء العطاردي، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل مولودٍ يولد على الفطرة"، فقال الناس: يا رسول الله: وأولاد المشركين؟ قال: "وأولاد المشركين".

وانظر: "طريق الهجرتين وباب السعادتين" ص 512 - 516.

(1)

قال السندي: عاصم بن عمر بن الخطاب، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أحسن الناس خلقاً.

وكان عبد الله بن عمر يقول: أنا وأخي عاصم لا نغتاب الناس. وقال: ما رأيت أحداً من الناس إلا ولا بد أن يتكلم ببعض ما لا يريد، إلا عاصم بن عمر.

وكان طوالاً جسيماً، حتى إن ذراعه يزيد نحو شبر.

وهو جد عمر بن عبد العزيز لأمه.

مات بالرَّبَذَة سنة سبعين، أو ثلاث وسبعين.

ص: 270

15924 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، ثُمَّ ارَتجَعَهَا (1).

(1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإرساله، عاصم بن عمر -وهو ابن الخطاب-، قال ابن عبد البر: مات النبي صلى الله عليه وسلم وله سنتان- يعني فلم يسمع منه. ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير موسى بن جبير -وهو المدني الأنصاري- فمن رجال أبي داود وابن ماجه، وهو صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف": ثقة، ولا نعلم فيه جرحاً. أبو أمامة بن سهل اسمه أسعد، معروف بكنيته، معدود في الصحابة، له رؤية، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (466) من طريقين، عن بكر بن مضر، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 333، وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات.

وله شاهد من حديث عمر، عند عبد بن حميد في "المنتخب"(43)، أخرجه عن ابن أبي شيبة، عن يحيى بن آدم، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن صالح بن صالح بن حي، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه الدارمي 2/ 160 - 161، وأبو داود (2283)، والنسائي 6/ 213، وابن ماجه (2016)، وأبو يعلى (173)، وابن حبان (4275)، والحاكم 2/ 197، والبيهقي في "السنن" 7/ 321 - 322 وغيرهم من طرق عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، به، وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي.

وآخر من حديث ابن عمر عند ابن حبان (4276)، والطبراني في "الكبير" =

ص: 271

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 23/ (305)، أخرجاه من طريقين عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن يونس بن بكير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عنه، قال: دخل عمر على حفصة وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟! لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك؟ إنه قد كان طلقك، ثم راجعك من أجلي، فايم الله لئن كان طلقك لا كلمتك كلمةً أبداً. وإسناده جيد. يونس بن بكير: صدوق، روى له مسلم متابعةً، وباقي رجال السند ثقات رجال الشيخين. وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/ 244، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

وثالث من حديث أنس، عند الحاكم 4/ 15 أخرجه من طريق إسماعيل القاضي: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا ثابت، عنه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم طلّق حفصة تطليقة، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، طلقت حفصة، وهي صوّامة قوّامة، وهي زوجتك في الجنة، فراجعها. وإسناده ضعيف لضعف الحسن بن أبي جعفر، وهو الجُفْرِي، وأخرجه البزار (2668) من طريق الحسن بن أبي جعفر، عن عاصم، عن زر، عن عمار بن ياسر.

وأخرجه البزار (1501) من طريق أسباط بن محمد، عن سعيد (وهو ابن أبي عروبة)، عن قتادة، عن أنس. وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/ 333، وقال: رواه البزار.

ورابع من حديث عقبة بن عامر الجهني، عند الطبراني في "الكبير" 17/ (804) وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فوضع التراب على رأسه، فقال: ما يعبأ الله بك يا ابن الخطاب بعد هذا، فنزل جبريل عليه السلام، فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر. وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/ 333 و 9/ 244 وقال: فيه عمرو بن صالح الحضرمي، لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

وعن قيس بن زيد عند الحاكم 4/ 15، والطبراني 18/ (934)، وفي إسناده وهم.

ص: 272

‌حَدِيثُ رَجُلٍ

15925 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى هُوَ ابْنِ الطَّبَّاعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ - يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ -، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، قُمْ إِلَيَّ أَمْشِ إِلَيْكَ، وَامْشِ إِلَيَّ أُهَرْوِلْ إِلَيْكَ "(1).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير شريح -وهو ابن الحارث الكوفي القاضي- فقد أخرج له البخاري في "الأدب المفرد"، والنسائي، وهو ثقة. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 196، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير شريح بن الحارث، وهو ثقة.

وقد سلف نحوه من حديث أبي سعيد الخدري برقم (11361)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

ص: 273

‌حَدِيثُ جَرْهَدٍ الْأَسْلَمِيِّ

(1)

15926 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ كَاشِفٌ عَنْ (2) فَخِذِهِ، فَقَالَ:" أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ "(3).

(1) قال السندي: جرهد بن خويلد، أسلمي، وكان من أهل الصفة، وكان يكنى أبا عبد الرحمن.

قيل: عداده في أهل البصرة، والصحيح أنه في أهل المدينة.

وجاء أنه شهد الحديبية، وجاء أنه أكل بشماله مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"كُل باليمين"، فقال: إنها مصابة، فنفث عليها، فما شكى حتى مات.

(2)

لفظ "عن"ليس في (ظ 12) و (ص).

(3)

حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف، وهو مضطربٌ جداً، فقد رواه سالم أبو النضر -كما في هذه الرواية والروايتين (15927) و (15931) - وأبو الزناد -كما في الروايات الآتية- وعبد الله بن محمد بن عقيل -كما في الرواية (15930)، واختُلف عن أبي النَّضْر وعن أبي الزناد:

فرواه مالك عن أبي النَّضْر، واختُلف عنه:

فرواه عبدُ الرحمن بن مهدي عنه موصولاً كما في هذه الرواية، وتابعه على وصله القعنبي عند أبي داود (4014)، والطبراني في "الكبير"(2143)، وأبي نعيم في "الحلية" 1/ 353، وعبدُ الله بنُ نافع عند الطبراني في "الكبير"(2144).

وخالفهم إسحاقُ بنُ عيسى الطباع وغيره، كما سيأتي في الرواية (15931)، فقالوا. عن مالك، عن أبي النضر، عن زرعة بن جرهد، عن أبيه، ولم يذكروا جده. =

ص: 274

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورواه ابنُ عيينة عن أبي النضر، واختُلف عنه:

فرواه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة ونصر بن علي وعباس النجراني، عنه، عن أبي النضر، عن زرعة بن مسلم بن جرهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهي الرواية الآتية برقم (15927).

ورواه الحميدي وسعيد بن منصور وعبد الجبار بن العلاء، عنه، عن أبي النضر، عن زرعة بن مسلم بن جرهد، عن جده جرهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فيما ذكره الدارقطني في "العلل" 4/ ورقة 93.

ورواه الضحاك بن عثمان، عن أبي النَّضْر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 249 عن عبد الرحمن بن يونس، عن ابن أبي الفديك، عنه، به.

ورواه أبو الزناد، واختُلف عنه:

فرواه ابنُ عيينة، عنه، عن آل جرهد، عن جرهد، وهي الرواية الآتية برقم (15928).

ورواه معمر، عنه، عن ابن جرهد، عن أبيه، كما في الرواية (15929).

ورواه ابنُ أبي الزناد، عنه، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جده جرهد، كما في الرواية (15932).

ورواه الثوري عنه، واختلف عنه:

فرواه يحيى القطان، عن الثوري، عنه، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جده جرهد، كما في الرواية (15933).

وقال مؤمل عن الثوري، عن أبي الزناد، عن زرعة بن جرهد، عن أبيه. كما ذكر الدارقطني في "العلل" 4/ ورقة 93، وذكر أوجهاً أخرى كذلك.

قلنا: وعبد الرحمن بن جرهد مجهول الحال، وباقي رجال إسناده هذه الرواية ثقات. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية المدني.

وله شاهد من حديث عبد الله بن عباس، سلف برقم (2493)، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وفخذه خارجة، فقال: "غَطِّ فخذك، فإنَّ فَخِذَ الرجل =

ص: 275

15927 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جَرْهَدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى جَرْهَدًا فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ قَدِ انْكَشَفَ (1) فَخِذُهُ، فَقَالَ:" الْفَخِذُ عَوْرَةٌ "(2).

= من عورته".

وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، سلف برقم (6756). وفيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره، فلا ينظرنَّ إلى شيء من عورته، فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته"، وإسناده حسن.

وثالث من حديث محمد بن عبد الله بن جحش، سيرد 5/ 290.

ورابع من حديث علي، سلف في "المسند" برقم (1249) من زيادات عبد الله بن أحمد، ولفظه: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت"، وإسناده ضعيف، ورواه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" برقم (1697) بلفظ:"الفخذ عورة" فانظرهما.

وقد روى البخاري في "الصحيح"(371) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم حسر عن فخذه. قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط.

(1)

في (ظ 12): انكشفت.

(2)

حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، وإرساله مع وهم في اسم أحد رواته. وتقدم تفصيل اضطرابه في الرواية السابقة (15926). سفيان: هو ابن عيينة، وزرعة بن مسلم بن جرهد، كذا قاله ابن عيينة، ولم يصح فيما ذكر البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 440، وقال ابن حبان في "الثقات" 4/ 268: ومن زعم أنه زرعة بن مسلم بن جرهد، فقد وهم. قلنا: يعني أن الصواب زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد. كما في الرواية السالفة.

وقد رواه أحمد عن ابن عيينة مرسلاً، وتابعه ابن أبي شيبة وغيره كما ذكرنا آنفاً. ورواه غيرهم عن ابن عيينة موصولاً بذكر جد زرعة:

فأخرجه الحميدي (857) -ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(2146) -، وابن أبي شيبة 9/ 118 - ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" =

ص: 276

15928 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي آلُ جَرْهَدٍ عَنْ جَرْهَدٍ قَالَ: " الْفَخِذُ عَوْرَةٌ "(1).

15929 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ ابْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا كَاشِفٌ فَخِذِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" غَطِّهَا فَإِنَّهَا مِنَ الْعَوْرَةِ "(2).

= (2377) - وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 249 عن صدقة، والترمذي (2795) عن ابن أبي عمر، والدارقطني 1/ 224 من طريق بشر بن مطر، والحاكم في "المستدرك" 4/ 180 من طريق علي بن حرب، ستتهم عن ابن عيينة، عن أبي النضر، عن زرعة بن مسلم بن جرهد، عن جده جرهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: هذا حديث حسن، ما أرى إسناده بمتصل. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي! وسقط اسم سفيان بن عيينة من مطبوع الحميدي.

وقد أخرجه ابن أبي شيبة كما سلف موصولاً بذكر جده، مع أن الدارقطني نصَّ في "العلل" أنه رواه عن ابن عيينة مرسلاً كرواية أحمد.

وانظر (15926).

(1)

حسن بشواهده، وهذا إسناد مضظرب كما سلف مفصلاً برقم (15926). ولإبهام آل جرهد، سفيان: هو ابن عيينة، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان. وسلف ذكر الاختلاف عليه فيه في الرواية المذكورة (15926). ويظهر أن قوله: عن جرهد: يعني مرفوعاً، كما هو مصرح به عند الحميدي.

وأخرجه الحميدي (858)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 249، عن صدقة، والدارقطني 1/ 224 من طريق بشر بن مطر، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد، مرفوعاً، غير أن البخاري لم يصرح برفعه.

وانظر (15926).

(2)

حسن بشواهده، وهذا إسناد مضطرب كما سلف بيانه في الرواية =

ص: 277

15930 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ -، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَرْهَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ جَرْهَدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " فَخِذُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ عَوْرَةٌ "(1).

= (15926). وابن جرهد إن يكن عبد الله أو عبد الرحمن فكلاهما مجهول، وإن يكن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد فثقة.

وهو في "مصنف" عبد الرزاق (1115) و (19808)، ومن طريقه أخرجه الترمذي (2798)، والطبراني في "الكبير" (2139). قال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه الطبراني (2141) من طريق روح بن القاسم، و (2142) من طريق ورقاء، كلاهما عن أبي الزناد، به.

وأخرجه الطبراني (2147)، والبيهقي في "السنن" 2/ 228 من طريق سعيد ابن أبي عروبة، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن جرهد. عن أبيه. لكن وقع في مطبوع الطبراني: عبد الملك بن جرهد.

وانظر (15926).

(1)

حسن بشواهده دون لفظ "مسلم"، ولعله من أغاليط زهير بن محمد التميمي، قال أبو حاتم: في حفظه سوء، وهذا إسناد مضطرب جداً كما سلف بيانه في الرواية (15926). أبو عامر: هو العقدي، وعبد الله بن جرهد مجهول. وعبد الله بن محمد بن عقيل: صدوق في حديثه لين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2149) من طريق أبي حذيفة، عن زهير بن محمد التميمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الترمذي (2797)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 63 ولم يسق لفظه، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1701) و (1702)، وفي "شرح معاني الآثار" 1/ 475، والطبراني (2148) من طريق الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. ووقع اسم عبد الله بن جرهد عند الطبراني =

ص: 278

15931 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ جَرْهَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ - قَالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى فَخِذِي مُنْكَشِفَةً، فَقَالَ:" خَمِّرْ عَلَيْكَ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ؟ "(1).

15932 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ

= عبد الرحمن.

وانظر (15926).

(1)

حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، وسلف بيانه مفصلاً في الرواية (15926). إسحاق بن عيسى: هو ابن الطباع، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية المدني.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 249 عن يحيى بن بكير، والدارمي 2/ 281 عن الحكم بن المبارك، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1703)، وفي "شرح معاني الآثار" 1/ 475 من طريق عبد الله بن وهب، والطبراني في "الكبير"(2145) من طريق ابن لهيعة، أربعتهم عن مالك، بهذا الإسناد.

تنبيه: وقع زيادة "عن جرهد" في إسناد مطبوع "شرح مشكل الآثار"، خطأ، فإنها ليست في الأصل الخطي من "شرح المشكل" فليستدرك من هنا.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 2/ 228 من طريق ابن أبي أويس، عن مالك، به، بزيادة: أن جرهداً كان من أهل الصفة

وأخرجه الطيالسي (1176) عن مالك، عن أبي النضر، عن ابن جرهد، عن جرهد، به.

وانظر (15926).

ص: 279

عَنْ جَرْهَدٍ جَدِّهِ وَنَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ سِوَاهُ ذَوِي (1) رِضًا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى جَرْهَدٍ، وَفَخِذُ جَرْهَدٍ مَكْشُوفَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا جَرْهَدُ غَطِّ فَخِذَكَ، فَإِنَّ - يَا جَرْهَدُ - الْفَخِذَ عَوْرَةٌ "(2).

15933 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ جَدِّهِ جَرْهَدٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ وَقَدِ انْكَشَفَتْ فَخِذِي، قَالَ:" غَطِّ فَإِنَّ الْفَخْذَ عَوْرَةٌ "(3).

(1) في (ظ 12): ذوو.

(2)

حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، كما سلف بيانه مفصلاً برقم (15926). حسين بن محمد: هو المَرُّوذي، وابن أبي الزناد: هو عبد الرحمن، تكلموا في روايته عن أبيه، قال ابن المديني: ما حدث به بالعراق فهو مضطرب، وأبوه أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان. قوله: ونفر من أسلم سواه، يعني سوى زرعة، وهو قول أبي الزناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 248 - 249، والطبراني في "الكبير"(2140) من طريقين عن ابن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وليس في إسناد الطبراني ذكر النفر من أسلم.

وانظر (15629).

(3)

حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، وقد بيناه مفصلاً مع ذكر الاختلاف على سفيان -وهو الثوري- فيه في الرواية (15926). يحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه ابن حبان (1710) من طريق أبي عاصم، والطبراني في "الكبير"(2138) من طريق قبيصة بن عقبة، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. =

ص: 280

‌حَدِيثُ اللَّجْلَاجِ

15934 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُلَاثَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ اللَّجْلَاجِ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي السُّوقِ إِذْ مَرَّتْ امْرَأَةٌ تَحْمِلُ صَبِيًّا، فَثَارَ النَّاسُ وَثُرْتُ مَعَهُمْ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ لَهَا:" مَنْ أَبُو هَذَا؟ " فَسَكَتَتْ، فَقَالَ:" مَنْ أَبُو هَذَا؟ " فَسَكَتَتْ، فَقَالَ شَابٌّ بِحِذَائِهَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا حَدِيثَةُ السِّنِّ، حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِخِزْيَةٍ، وَإِنَّهَا لَنْ تُخْبِرْكَ، وَأَنَا أَبُوهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْتَفَتَ إِلَى مَنْ عِنْدَهُ كَأَنَّهُ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا إِلَّا خَيْرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَحْصَنْتَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، فَذَهَبْنَا فَحَفَرْنَا لَهُ حَتَّى أَمْكَنَّا، وَرَمَيْنَاهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى هَدَأَ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَجَالِسِنَا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ أَنَا بِشَيْخٍ يَسْأَلُ عَنِ الْفَتَى، فَقُمْنَا إِلَيْهِ (1)، فَأَخَذْنَا بِتَلَابِيبِهِ، فَجِئْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا جَاءَ يَسْأَلُ عَنِ الْخَبِيثِ! فَقَالَ: " مَهْ، لَهُوَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ

= وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1704)، وفي "شرح معاني الآثار" 1/ 475 من طريق مسعر، عن أبي الزناد، به.

وانظر (15926).

(1)

لفظ "إليه" ليس في (ظ 12) و (ص).

ص: 281

رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ " (1). قَالَ: فَذَهَبْنَا فَأَعَنَّاهُ عَلَى غُسْلِهِ وَحَنُوطِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَحَفَرْنَا لَهُ، وَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ الصَّلَاةَ أَمْ لَا (2).

(1) في (ق): لهو أطيب عند الله من ريح المسك.

(2)

إسناده ضعيف محمد بن عبد الله بن علاثة مختلف فيه، فقد قال البخاري: في حفظه نظر، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، ويأتي بالمعضلات عن الأثبات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على جهة القدح فيه، وذكره أبو نعيم في "الضعفاء" وقال: عن الأوزاعي وخصيف مناكير. وقال الحاكم في سؤالات مسعود: ذاهب الحديث له مناكير عن الأوزاعي، وعن أئمة المسلمين. ووثقه ابن معين، وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله، وقال ابن عدي: حسن الحديث وأرجو أنه لا بأس به. وقال في "التقريب": صدوق يخطئ. وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح غير خالد بن اللجلاج، فمن رجال أبي داود والترمذي والنسائي، وهو صدوق. أبو سعيد مولى بني هاشم: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري.

وأخرجه أبو داود (4435)، والنسائي في "الكبرى"(7184) و (7203)، والطبراني في "الكبير" 19/ (488)، والبيهقي في "السنن" 8/ 218 من طريق حرمي بن حفص، عن محمد بن عبد الله بن علاثة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 250، وأبو داود (4436)، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2587)، والطبراني في "الكبير" 19/ (489) من طريق هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، عن محمد بن عبد الله الشُّعَيثي، عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن خالد بن اللجلاج، عن أبيه، ببعضه. وهذا إسناد ضعيف لضعف هشام بن عمار، ومسلمة بن عبد الله الجهني لا يُعرف

بجرح ولا تعديل.

قال السندي: قوله: "فثار الناسُ"، أي: قاموا واجتمعوا، "وثُرْتُ" كقُلتُ.

"مَنْ أبو هذا": يفيد التفتيش عن حال الزاني والبحث عنه، مع أنه جاء =

ص: 282

‌حَدِيثُ أَبِي عَبْسٍ

(1)

15935 -

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مَسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: لَحِقَنِي عَبَايَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَنَا رَائِحٌ إِلَى الْمَسْجِدِ إِلَى الْجُمُعَةِ مَاشِيًا، وَهُوَ رَاكِبٌ قَالَ: أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل حَرَّمَهُمَا اللهُ عَلَى النَّارِ "(2).

= الستر وتلقين الرجوع بعد الإقرار، وكأن المرأة كانت مدعيةً عليه، إلا أنها سكتت حياءً في المجلس، فأراد صلى الله عليه وسلم أنه إن لم يثبت عليه يجبُ على المرأة حدُّ القذف، فبحثَ عنه لذلك.

"حتى هَدأ" -بهمزة- أي: سكن.

"بتلابِيْبِه": في "الصحاح" لَبَّبتُ الرجلَ تلبيباً إذا جمعتَ ثيابه عند صدره في الخصومة ثم جَرَرْته. وفي "المجمع": يقال: "أخذتُ بتَلْبِيب فلان إذا جمعتَ عليه ثوبَهُ الذي لبسه وقبضتَ عليه تجرُّه، والتَلْبِيْبُ: مجمع ما في موضع اللَّب من ثياب الرجل. اهـ.

(1)

قال السندي: أبو عبس بن جَبْر، اسمه عبد الرحمن، وقيل: عبد الله، وقيل: معبد، أنصاري أوسي.

شهد بدراً وما بعدها، وهو أحد من قتل كعب بن الأشرف.

وكان هو وأبو بردة يكسران أصنام بني حارثة حين أسلما.

مات سنة أربع وثلاثين، عن سبعين سنة.

(2)

إسناده صحيح على شرط البخاري، الوليد بن مسلم -وإن كان مدلساً ويسوي- فقد صرح بالتحديث في جميع طبقات السماع، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/ 43 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (907)، والترمذي (1632)، والنسائي في "المجتبى" 6/ 14، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(112)، وفي "الآحاد والمثاني" =

ص: 283

‌حَدِيثُ أَعْرَابِيٍّ

15936 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ سَمِعَهُ مِنْهُ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ "(1).

= (1973)، والدولابي 1/ 43، وابن حبان (4605)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 8، والبيهقي في "السنن" 3/ 229، والبغوي في "شرح السنة"(2618) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (2811)، والبيهقي في "السنن" 9/ 162 من طريق يحيى ابن حمزة، عن يزيد بن أبي مريم، به.

قلنا: قد وقعت القصة هنا ليزيد بن أبي مريم مع عباية بن رافع، وعند البخاري أن القصة وقعت لعباية مع أبي عبس. قال الحافظ في "الفتح" 2/ 391: فإن كان محفوظاً احتمل أن تكون القصة وقعت لكلٍّ منهما.

وفي الباب عن جابر، سلف 3/ 367.

وآخر من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي، سيرد 5/ 226.

وثالث من حديث أبى الدرداء، سيرد 6/ 443 - 444.

قال السندي: قوله: "في سبيل الله": حمله على سبيل الخير عموماً لا على الجهاد خصوصاً كما ربما يتبادر إليه الذهن.

(1)

إسناده حسن، أبو هلال -وهو محمد بن سُلَيم الراسبي- مختلف فيه، فقد وثقه أبو داود، وقال أبو حاتم: محله الصدق، ليس بذاك المتين، وقال ابن معين: صدوق، وقال أحمد: يحتمل في حديثه: إلا أنه يخالف في قتادة، وهو مضطرب الحديث، وقال البزار: احتمل الناسُ حديثه، وهو غير حافظ، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق، فيه =

ص: 284

‌حَدِيثُ رَجُلٍ عَنْ أَبِيهِ

15937 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ، عَنْ رَجُلٍ كَانَ قَدِيمًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ كَانَ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ، رَجُلٌ يُخْبِرُ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اكْتُبْ لِي كِتَابًا أَنْ لَا أُؤَاخَذَ بِجَرِيرَةِ غَيْرِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ ذَلِكَ لَكَ وَلِكُلِّ مُسْلِمٍ "(1).

= لين، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو سلمة الخزاعي: هو منصور بن سلمة، وأبو قتادة: هو العَدَوي.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 61، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وأورده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 1/ 94، وقال: أخرجه أحمد بسند صحيح.

وفي الباب عن محجن بن الأدرع، سيرد 4/ 338.

وآخر عن عروة الفقيمي، سيرد 5/ 99.

قال السندي: قوله: "إن خير دينكم"، أي: خير أعماله من المندوبات، فإن الإنسان بسبب المداومة على الأيسر يحصِّل من الثواب ما لا يحصِّل بسبب الأشق، إذ الغالب فيه التَّرْك، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل من بني تميم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية المدني.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 283، وقال: رواه أحمد، وفيه راوٍ لم يسمَّ، وبقية رجاله رجال الصحيح.

ويشهد له حديث أبي رمثة السالف برقم (7105)، ولفظه: "ألا لا تجني =

ص: 285

‌حَدِيثُ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ

(1)

15938 -

حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ يَحْيَى أَخْبَرَهُ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ لَقِيَا مُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ لَا يَمْنَعَ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ. فَقَالَ الْحَالِفُ: أَيْ أَخِي، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ مَقْضِيٌّ لَكَ، وَقَدْ حَلَفْتُ فَاجْعَلْ أُسْطُوَانًا دُونَ جِدَارِي. فَفَعَلَ الْآخَرُ، فَغَرَزَ فِي الْأُسْطُوَانِ خَشَبَةً. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عَمْرٌو: أَنَا نَظَرْتُ إِلَى ذَلِكَ (2).

= نفس على أخرى". وذكرنا هناك شاهده، ونزيد هنا:

وعن عمرو بن الأحوص، سيرد 3/ 498 - 499.

وعن ابن مسعود عند البزار (1519)(زوائد).

وانظر (7109).

قال السندي: قوله: أن لا أؤاخذ: من المؤاخذة.

قوله: بجريرة غيري، أي: بذنبه وجنايته.

(1)

قال السندي: هو مجمع بن يزيد بن جارية، الأنصاري، ابن أخي مجمع بن جارية، له صحبة.

وقيل: هما واحد، وفرق بينهما ابن السكن وغيره.

(2)

مرفوعه صحيح لغيره، وهذا اسناد ضعيف، عكرمة بن سلمة بن ربيعة لم يرو عنه غير هشام بن يحيى: وهو ابن العاص المخزومي، فهو في عداد =

ص: 286

15939 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى أَخْبَرَهُ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَغْرِزَ الْآخَرُ خَشَبًا فِي جِدَارِهِ، فَلَقِيَا مُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ وَرِجَالًا كَثِيرًا فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبًا فِي جِدَارِهِ " فَقَالَ الْحَالِفُ: أَيْ أَخِي، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ

= المجهولين، وهشام بن يحيى لم يذكروا في الرواة عنه غير اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال ابن حجر في "التقريب": مستور، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى البخاري وأصحاب السنن خلا الترمذي.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 68 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 408 - 409، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2410)، والطبراني في "الكبير" 19/ (1086) مختصراً، والبيهقي في "السنن" 6/ 69 من طريق مكي بن إبراهيم، به.

وأخرجه ابن ماجه (2336)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2409)، والطبراني في"الكبير" 19/ (1087) من طريق أبي عاصم الضحاك ابن مخلد، عن ابن جريج، به.

ويشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري (2463)، ومسلم (1609). وقد سلف (7154)، وذكرنا هناك شرحه وأحاديث الباب.

وانظر ما بعده.

قال السندي: قوله: "خشبة" بتاء الوحدة، أو بالإضافة إلى الضمير. قلنا: يعني بالجمع. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 221: والمعنى واحد، لأن المراد بالواحد الجنس.

ص: 287

مَقْضِيٌّ لَكَ عَلَيَّ، وَقَدْ حَلَفْتُ فَاجْعَلْ أُسْطُوَانًا دُونَ جِدَارِي، فَفَعَلَ الْآخَرُ، فَغَرَزَ فِي الْأُسْطُوَانِ خَشَبَةً. فَقَالَ لِي عَمْرٌو: فَأَنَا نَظَرْتُ إِلَى ذَلِكَ (1).

15940 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ (2).

(1) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، وهو مكرر سابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو حجاج بن محمد المصيصي.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 6/ 157 من طريق حجاج بن محمد، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف جداً، يزيد بن عياض: هو ابن جعدبة الليثي. قال البخاري: منكر الحديث، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء، ورماه مالك بالكذب، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف. ويزيد بن عبد الرحمن بن قيس، لم نقع له على ترجمة، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. هارون: هو ابن معروف المروزي، وابن وهب: هو عبد الله.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 53، وقال: رواه أحمد، وفيه يزيد ابن عياض، وهو منكر الحديث.

قلنا: وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في النعلين قد ثبتت عن عدد من الصحابة، سلف ذكرهم في رواية ابن مسعود السالفة برقم (4397).

ص: 288

‌حَدِيثُ رَجُلٍ

15941 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا السَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ، عَنْ أَبِي الشَّمَّاخِ الْأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَتَى مُعَاوِيَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ وَلِيَ أَمْرَ النَّاسِ، ثُمَّ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونَ الْمِسْكِينِ، أَوِ الْمَظْلُومِ، أَوْ ذِي الْحَاجَةِ، أَغْلَقَ اللهُ عز وجل دُونَهُ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ وَفَقْرِهِ أَفْقَرَ مَا يَكُونُ إِلَيْهَا "(1).

(1) صحيح لغيره، وهو مكرر (15651).

ص: 289

‌حَدِيثُ رَجُلٍ

15942 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: نَادَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ صِفِّينَ: أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ مِنْ خَيْرِ التَّابِعِينَ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ "(1).

(1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك: وهو ابن عبد الله النخعي، ويزيد بن أبي زياد: وهو الهاشمي، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 163، والحاكم 3/ 402، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 378 من طريق أبي نعيم، بهذا الإسناد. وسكت عنه الحاكم والذهبي.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 22، وقال: رواه أحمد، وإسناده جيد!

ويشهد له حديث عمر عند مسلم (2542)، وقد سلف (266).

قال السندي: الحديث يدل على أنه خير التابعين، وقد صحَّ ذلك، فلا ينبغي إطلاق ذلك في غيره، والله تعالى أعلم.

ص: 290

‌حَدِيثُ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيِّ

15943 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللهِ فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا. قَالَ: فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَى لَهَا مِثْلَ صَدَاقِ نِسَائِهَا، وَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ. فَشَهِدَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بِرْوَعَ ابْنَةِ وَاشِقٍ بِمِثْلِ مَا قَضَى (1).

* 15944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ عَبْدُ اللهِ [بْنُ أَحْمَدَ]: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

وأخرجه أبو داود (2115)، والترمذي (1145)، والنسائي في "المجتبى" 6/ 121، وفي "الكبرى"(5516)، والبيهقي في "السنن" 7/ 245 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وقد سلف تتمة تخريج هذه الطريق في مسند عبد الله بن مسعود في الرواية رقم (4099)، فلتنظر هناك.

وسيأتي 4/ 279 و 279 - 280، وسيكرر 4/ 280 سنداً ومتناً.

ص: 291

عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ، وَهُوَ يَحْتَجِمُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ، فقَالَ:" أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ "(1).

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد منقطع، وسلف الكلام عليه وعلى الاختلاف فيه على الحسن البصري في الرواية (15901). ابن فضيل: هو محمد.

وهو في "مصنف" ابن أبي شيبة 3/ 49، ومن طريقه أخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1294)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 98، والطبراني في "الكبير" 20/ (547). وتحرف اسم معقل بن سنان في مطبوع ابن أبي شيبة إلى معقل بن يسار.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(3167) عن يحيى بن موسى وأحمد بن حرب، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 98 من طريق أحمد بن حميد، ثلاثتهم عن محمد بن فضيل، به.

وأخرجه البزار (1001)"زوائد" عن عبد الله بن سعيد، والطبراني في "الكبير" 20/ (482) من طريق ابن الأصبهاني، كلاهما عن محمد بن فضيل، به، لكنهما سميا الصحابي معقل بن يسار.

قال البزار: تفرد به عطاء، وقد أصابه اختلاط، ولا يجب الحكم بحديثه إذا انفرد.

ومن حديث معقل بن يسار أورده الهيثمي في "المجمع " 8/ 169، ونسبه إلى البزار والطبراني في "الكبير"، وقال: وفيه عطاء بن السائب، وقد اختلط.

وقد سلف برقم (15901)، وذكرنا هناك أنه ثبت نسخه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فانظره.

ص: 292

‌حَدِيثُ بُهَيْسَةَ عَنْ أَبِيهَا

15945 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مَنْظُورٍ (1) بْنِ سَيَّارِ بْنِ مَنْظُورٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُهَيْسَةَ، عَنْ أَبِيهَا قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَمِيصِهِ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ:" الْمَاءُ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ:" الْمَلحُ "(2). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ:" أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ "(3).

(1) تحرف في (م) إلى: منصور.

(2)

في الأصول و (م): الماء، والمثبت من المصادر التي خرجت الحديث.

(3)

إسناده ضعيف، مسلسل بالمجاهيل، على خطأٍ من وكيع في تسمية سيار بن منظور، فقد قال: منظور بن سيار، وهو وهم فيما قاله البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 160، وسيار بن منظور لم يرو عنه غير كهمس بن الحسن، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال عبد الحق الإشبيلي فيما نقله عنه الحافظ في "تهذيبه": مجهول. وأبوه منظور -ابن سيار الفزاري- لم يروِ عنه غيرُ ابنِه سيار، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان" 4/ 190: لا يُعرف. وبُهيسة الفزارية، قال الذهبي: تفرد عنها أبو سيار بن منظور الفزاري، وقال الحافظ في "التقريب": لا تُعرف، ويُقال: إن لها صحبة. وذكر في "الإصابة" أنه ليس في حديثها ما يدل على صحبتها، لأن سياق ابن منده: أن أباها استأذن، وسياق أبي داود والنسائي: عن أبيها أنه استأذن، قال: وهو المعتمد. قلنا: وقد وقع اضطراب في إسناد هذا الحديث أيضاً، فبعض الرواة يذكر والد سيار بن منظور، وبعضهم لا يذكره. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابي الحديث -والد بُهيسة =

ص: 293

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الفزارية- لم يخرج له الشيخان، وإنما أخرج له أبو داود والنسائي. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.

وأخرجه أبو داود (1669) و (3476)، والبيهقي في "السنن" 6/ 150 من طريق معاذ -وهو ابن معاذ العنْبري-، والنسائي في "الكبرى" ببعضه- كما في "تحفة الأشراف" 11/ 229 من طريق النضر بن شُميل، والدارمي (2613) عن عثمان بن عمر، وأبو يعلى (7177) من طريق محمد بن بكر البُرساني، أربعتهم عن كهمس، عن سيار، عن أبيه، عن بهيسة، عن أبيها، به.

وأخرجه حميد بن زنجويه في "الأموال"(1098) عن النضر -وهو ابن شُميل- عن كهمس، عن سيار، عن بُهيسة، -عن أبيها-، قالت: استأذن أبي. ولم يذكر والد سيار في الإسناد.

وأخرجه الدولابي في "الكنى" 1/ 19 من طريق حماد بن مسعدة، والطبراني في "الكبير" 22/ (789) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ وبكر بن حمدان، ثلاثتهم عن كهمس، عن سيار، عن بُهيسة، عن أبيها قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر والد سيار في الإسناد. ورواية حماد بن مسعدة ليس فيها ذكر الماء.

وانظر الحديثين بعده.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد سلف برقم (6673) ولفظه:"من منع فضل مائه، أو فضل كلئه، منعه اللهُ فضلَهُ يومَ القيامة" وهو حديث حسن لغيره. وقد ذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "فدخلتُ بينه وبين قميصه" جاء أنه أدخل اليد في قميصه فمسّ الخاتم. قلنا: يعني خاتم النبوة.

"لا يحلُّ منعه" من طالبه.

"أن تفعل الخير خيرٌ لك" أي، فعلُ الخير على العموم مطلوبٌ محبوبٌ ينبغي للمرء أن يفعله، سواء حلَّ منعُها أم لا، فلا وجه للاقتصار في السؤال على ما لا يَحِلُّ ويترك الخيرات الأُخر.

ص: 294

15946 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، قَالَ: سَمِعْتُ سَيَّارَ بْنَ مَنْظُورٍ الْفَزَارِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بُهَيْسَةَ قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَمِيصِهِ. فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (1).

15947 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قال: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيَّارُ بْنُ مَنْظُورٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُهَيْسَةَ قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ أَبِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يَدْنُو مِنْهُ وَيَلْتَزِمُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ:" الْمَاءُ " ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ:" الْمِلْحُ "(2) قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَنْ تَفْعَلِ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ " قَالَ: فَانْتَهَى قَوْلُهُ إِلَى الْمَاءِ وَالْمِلْحِ. قَالَ: فَكَانَ (3) ذَلِكَ الرَّجُلُ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ (4).

(1) إسناده ضعيف، مسلسل بالمجاهيل، كما سلف الكلام عليه في الرواية السابقة.

وانظر ما بعده.

(2)

في (ظ 12): الماء بدل الملح، وجاء فيها وفي (ق) و (ص): قال النبي صلى الله عليه وسلم.

(3)

في (س) و (م): وكان.

(4)

إسناده ضعيف، مسلسل بالمجاهيل، كما بسطنا الكلام عليه عند الرواية (15945). يزيد: هو ابن هارون.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 12/ 312 - 313 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. =

ص: 295

‌حَدِيثُ ابْنِ الرَّسِيمِ عَنْ أَبِيهِ

* 15948 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي (1) شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ غَسَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ الرَّسِيمِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: وفَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَانَا عَنِ الظُّرُوفِ. قَالَ: ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ وَخِمَةٌ. قَالَ: فَقَالَ: " اشْرَبُوا فِيمَا شِئْتُمْ، مَنْ شَاءَ أَوْكَى سِقَاءَهُ عَلَى إِثْمٍ "(2).

= وأخرجه أبو عبيد في "الأموال"(737) عن يزيد بن هارون، عن كهمس، عن سيار بن منظور، عن بهيسة، قالت: استأذن أبي. إلا أنه لم يذكر والد سيار في الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (789) عن إدريس بن جعفر العطار، عن يزيد بن هارون، عن كهمس، عن سيار بن منظور، عن بُهيسة، عن أبيها قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم

فذكره. ولم يذكر والد سيار في الإسناد.

وانظر (15945).

(1)

لفظ "أبي" سقط من (م).

(2)

إسناده ضعيف، لضعف يحيى بن الحارث التيمي -وهو يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر أبو الحارث الكوفي، نسب هنا إلى جده- ولجهالة ابن الرسيم، فلم يرو عنه سوى يحيى بن غسان التيمي، ووصفه في رواية ابن أبي شيبة: فإنه كان رجلاً من أهل هجر، وكان فقيهاً. قال. الحافظ في "التعجيل" في ترجمة ابن الرسيم: وقع في بعض طرق حديثه ما يرشد إلى أن اسمه غسان، وهي رواية عبد العزيز بن مسلم، عن يحيى بن الحارث، عن يحيى بن غسان، عن الرسيم. وقال أبو علي بن السكن في ترجمة الرسيم: =

ص: 296

15949 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ غَسَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبِي فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ وَفَدُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ

= إسناده مجهول. وقال في "التعجيل" في ترجمة غسان التيمي: قال ابن عبد البر: إسناد حديثه في الأوعية والأشربة مضطرب. قلنا: يريد باضطرابه أنه روي هنا من طريق يحيى بن غسان التيمي عن ابن الرسيم، عن أبيه، وفي الإسناد الآتي من طريق يحيى بن غسان التيمي، عن أبيه، قال: كان أبي

وهو عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 8/ 160 - 161، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"(4634).

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 63، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه يحيى بن عبد الله الجابر، وهو ضعيف عند الجمهور، ووثّقه أحمد، وابن الرَّسيم لم أعرفه.

وأورده أيضاً 5/ 63 من حديث ابن الراسبي عن أبيه، وقال: رواه الطبراني في ترجمة الرسيم، وقال: عن ابن الراسبي، عن أبيه، فيحتمل أن يكون الرسيم راسبياً، والله أعلم. وفي إسناده يحيى بن الجابر، وهو ضعيف عند الجمهور، ووثقه أحمد، وفيه من لم أعرفهم.

قلنا: ليس في ترجمة الرسيم عند الطبراني غير حديث واحد وهو الرواية (4634)، وليس فيها ابن الراسبي، وإنما فيها ابن الرسيم عن أبيه.

وإباحة الانتباذ في الظروف بعد النهي عنها، سلفت من حديث ابن مسعود برقم (4319)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وانظر أيضاً حديث صحار العبدي الآتي برقم (15957).

قال السندي: قوله: "وَخِْمة": بفتح فكسر أو سكون، أي: ثقيلة. "أَوْكَى" بقصر لا همز، أي: لا دخل للإناء، ولا فائدة في تحريم إناء وتحليل آخر، لإمكان أن يتخذ في ما أُحِلَّ له من الإناء خمراً.

ص: 297

عَبْدِ القَيْسٍ، فَنَهَاهُمْ عَنْ هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ. قَالَ: فَاتَّخَمْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ نَهَيْتَنَا عَنْ هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ، فَاتَّخَمْنَا. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" انْتَبِذُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا، فَمَنْ شَاءَ أَوْكَى سِقَاءَهُ عَلَى إِثْمٍ "(1).

(1) إسناده ضعيف -كما أوردنا في الرواية السالفة (15948) -، وقد أورد الحافظ في "أطراف المسند المعتلي" 2/ 343 هذا الإسناد، ثم قال: ولم يذكر ابن الرسيم، لكنه قال في "التعجيل" كما بيّنا في الرواية السابقة أن هذه الرواية ترشد إلى أن غسان التيمي هو ابن الرسيم، وقد وهم ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 50، فقال: غسان روى عن ابن الرسيم، وكان في الوفد الذين وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن الأوعية، روى يحيى الجابر، عن يحيى ابن غسان، عن أبيه. قلنا: الذي روى عن ابن الرسيم، إنما هو يحيى بن غسان، والذي كان في الوفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو الرسيم، ونقلنا عن الحافظ آنفاً أن غسان هو ابن الرسيم نفسه، وليس راوياً عنه. ووقع وهمٌ مثله في "تاريخ" البخاري 7/ 106، فقد جعل البخاري لغسان صحبة، بسبب سقط وقع في الإسناد الذي ساقه، إذ فيه

عن يحيى بن غسان قال: كان أبي في الوفد، والصواب: عن يحيى بن غسان، عن أبيه قال: كان أبي في الوفد. حسن بن موسى: هو الأشيب، وعبد العزيز بن مسلم: هو القَسْمَلي.

والحديث أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 63، وقال: رواه أحمد.

وقد سلف برقم (15948) مع ذكر أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "فاتَّخَمنا" بتشديد التاء على بناء الفاعل، يقال: اتَّخمْتُ من الطعام: إذا لم يوافِقْك، أو بتخفيف التاء على المفعول، من أتخمه الطعام، كأفعَلَه، وأصله أوخمه بالواو، إلا أنهم استعملوه بالتاء توهُّماً أنها أصلية لكثرة الاستعمال في التخمة ونحوها.

ص: 298

‌حَدِيثُ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو

* 15950 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدَّتِي رَبِيعَةَ ابْنَةَ عِيَاضٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ جَدِّي عُبَيْدَةَ بْنَ عَمْرٍو الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ (1).

(1) إسناده محتمل للتحسين، ربعية بنت عياض الكلابية، وإن لم يرو عنها سوى سعيد بن خُثيم، هو حفيدها، ووثقها العجلي وابن حبان، وصحابيه عبيدة بن عمرو الكلابي، يقال له أيضاً: عبيدة، بفتح أوله، ويقال: عبيد، دون هاءٍ في آخره، وكذلك سماه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 440، وذكر الحافظ في "الإصابة" أن يحيى الحماني أخرج هذا الحديث في "مسنده"، لكن خالف الجميع، فقال: سمعت جدتي عبيدة بنت عمرو، جعله امرأةً، وأظنه فتح العين، والأول أصح.

وأخرجه ابن أبي عاصم (1507) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البزار (264)"زوائد" عن خلاّد بن أسلم، عن سعيد بن خُثيم، به. إلا أنه وقع فيه: ربعيَّة بنت عياض، عن جدّ أبيها عبيدة بن عمرو. قال. البزار: لا نعلم روى عبيدةُ إلا هذا.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 236، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير"، ورجال أحمد ثقات.

وأورده الهيثمي أيضاً 1/ 238 إلا أنه قال: وعن سعيد بن خثيم قال: سمعت جدتي عبيدة بنت عمرو الكلابية تقول:

فذكر الحديث، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون، إلا أن سعيد بن خثيم لم أجد له سماعاً من أحد من الصحابة، وقد روى قبل هذا عن جدته، عن أبيها، والله =

ص: 299

قَالَ: وَكَانَتْ رِبْعِيِّةُ إِذَا تَوَضَّأَتْ أَسْبَغَتِ الْوُضُوءَ.

= أعلم.

قلنا: هذه الرواية التي أوردها الهيثمي هي الرواية التي أخرجها يحيى الحماني -كما ذكرنا آنفاً- وجعل عبيدة بن عمرو امرأة، وإسنادها منقطع -كما ذكر الهيثمي- لأن سعيد بن خثيم إنما يروي هذا الحديث عن جدّته ربعية بنت عياض، عن جدها عبيدة بن عمرو الكلابي كما سلف، ولعله مراد الهيثمي بقوله: عن أبيها، عنى الأب الأعلى.

قلنا: وإسباغ الوضوء ثبت بأحاديث صحيحة، انظر حديث علي السالف برقم (582)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وسيأتي الحديث بالأرقام (16721) و (16722) و (16723) من زوائد عبد الله.

ص: 300

‌حَدِيثُ جَدِّ طَلْحَةَ الْإِيَامِيِّ

15951 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ وَمَا يَلِيهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ بِمَرَّةً. قَالَ: الْقَذَالُ: السَّالِفَةُ الْعُنقُ (1).

(1) إسناده ضعيف لجهالة مصرِّف والد طلحة، ولضعف لَيْث -وهو ابن أبي سُلَيم- وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه كعب بن عمرو -ويقال: عمرو بن كعب- لم يخرج له سوى أبي داود. طلحة: هو ابن مصرف بن كعب بن عمرو اليامي.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 30 من طريق عبد الصمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (132)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 30، والطبراني في "الكبير" 19/ (407)(408) من طرق عن عبد الوارث، به. ولفظ رواية مسدد عن عبد الوارث عند أبي داود والطبراني (408): مسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره، حتى أخرج يديه من تحت أذنيه، قال أبو داود: قال مسدد: فحدثتُ به يحيى، فأنكره. وقال أيضاً: وسمعت أحمد يقول: إن ابن عيينة -زعموا- كان يُنكره، ويقول: أيشٍ هذا، طلحة عن أبيه عن جده؟! قال الحافظ في "التلخيص": وكذلك حكى عثمان الدارمي عن علي ابن المديني، وزاد: وسألتُ عبد الرحمن بن مهدي، عن اسم جده، فقال: عمرو بن كعب، أو كعب بن عمرو، وكانت له صحبة، وقال الدوري عن ابن معين: المحدثون يقولون: إن جد طلحة رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وأهلُ بيته يقولون: ليست له صحبة. وقال في "التهذيب" في ترجمة كعب بن عمرو جد طلحة: إن كان هو جد طلحة بن مصرف، فقد رجح جماعة أنه كعب بن عمرو، وجزم ابنُ القطان أنه =

ص: 301

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عمرو بن كعب، وإن كان طلحة المذكور ليس هو ابنَ مُصَرِّف، فهو مجهول، وأبوه مجهول، وجده لا تثبت له صحبة، لأنه لا يعرف إلا في هذا الحديث.

قلنا: قد أثبت صحبته ابنُ عبد البر في "الاستيعاب".

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابنُ أبي شيبة 1/ 16، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 30، والطبراني في "الكبير" 19/ (409)، والبيهقي 1/ 60 من طريقين عن ليث، به.

وضعَّف إسناده البيهقي والحافظ في "التلخيص" 1/ 92، والنووي في "المجموع" 1/ 500.

وفي الباب عن ابن عمر موقوفاً عند البيهقي 1/ 60: أنه كان إذا مسح رأسه، مسح قفاه مع رأسه. وقال: هذا موقوف، والمسند في إسناده ضعف. والله أعلم.

وقد جعل الطحاوي وابنُ أبي شيبة وابن حبان (1084) هذا الحديث في صفة مسح الرأس لا في مسح العنق، ولذا ذكر الطحاوي في الباب حديث عبد الله بن زيد -وهو عند البخاري (185) - وفيه: بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه .. ، وحديث معاوية -وهو عند أبي داود (124) - وفيه: ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره .. ، وحديث المقدام بن معديكرب، وفيه: فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه، ثم مر بهما حتى بلغ القفا. وحديث المقدام إسناده ضعيف.

ويظهر أنّ بعضهم ذهب إلى أن المراد بالقفا في هذا الحديث العنق، قال الحافظ في "التلخيص": ولعل مستند البغوي في مسح القفا (يعني العنق هنا) ما رواه أحمد وأبو داود من حديث طلحة بن مصرف عن أبيه .. ثم قال: وإسناده ضعيف كما تقدم.

قلنا: ولذلك لا نرى وجهاً لإيراد أحاديث مسح العنق هنا، على أنها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع. =

ص: 302

‌حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ الْبَكْرِيِّ

(1)

15952 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ (2)، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، وَبِلَالٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِذَا رَايَاتٌ سُودٌ، وَسَأَلْتُ مَا هَذِهِ الرَّايَاتُ؟ فَقَالُوا: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ (3).

= قال السندي: جد طلحة الإيامي قيل: هو طلحة بن مصرف بن عمرو اليامي بالتحتانية، وإلا فمجهول، فعلى الأول عمرو بن كعب الإيامي، وقيل: كعب بن عمرو، والله تعالى أعلم.

قوله: "القذال" -بفتحتين-: القفا.

(1)

قال السندي: الحارث بن حسان، بكري، وكان يسكن البادية، وكانت له صحبة.

تزوج الحارث بن حسان، وكان الرجل إذا أعرس لا يخرج أياماً، فقيل له في ذلك، فقال: والله إن امرأةً تمنعني من صلاة الغداة في جَمْعٍ لامرأةُ سوء.

(2)

في النسخ الخطية و (م): عاصم بن أبي الفزر، وهو تحريف، وقد جاء على الصواب في "أطراف المسند" 2/ 223، وفي الروايات الآتية، وفي مصادر التخريج.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، عاصم بن أبي النجود لم يدرك الحارث بن حسان، بينهما أبو وائل شقيق بن سلمة، كما في الإسناد الآتي. ونبه على انقطاعه ابنُ عبد البر في "الاستيعاب" 2/ 231، والمِزِّي في "تهذيب الكمال" في ترجمة الحارث بن حسان وابن كثير في "السيرة النبوية" 4/ 165.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3328) و (3329) من طريق الإمام =

ص: 303

15953 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: مَرَرْتُ بِعَجُوزٍ بِالرَّبَذَةِ مُنْقَطِعٌ بِهَا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: فَقَالَتْ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: فَاحْمِلُونِي مَعَكُمْ، فَإِنَّ لِي إِلَيْهِ حَاجَةً. قَالَ: فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ غَاصٌّ بِالنَّاسِ، وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ تَخْفِقُ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ الْيَوْمَ؟ قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَجْهًا. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَجْعَلَ الدَّهْنَاءَ حِجَازًا بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّهَا كَانَتْ لَنَا مَرَّةً. قَالَ: فَاسْتَوْفَزَتِ الْعَجُوزُ، وَأَخَذَتْهَا الْحَمِيَّةُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ تَضْطَرُّ مُضَرَكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَمَلْتُ هَذِهِ وَلَا أَشْعُرُ أَنَّهَا كَائِنَةٌ لِي خَصْمًا. قَالَ: قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

= أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 512، وابنُ ماجه (2816)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1666)، والطبراني (3327) و (3329) من طريق أبي بكر بن عياش، به.

وأخرجه موصولاً بذكر أبي وائل بين عاصم والحارث البخاريُّ في "التاريخ الكبير" 2/ 261 عن أبي بكر، عن سلام بن سليمان أبي المنذر، عن عاصم، عن أبي وائل، عن الحارث بن حسان البكري، وسمى الغزاة التي قدموا منها ذات السلاسل.

وسيأتي من طريق سلام مطولاً برقم (15953) و (15954).

ص: 304

" وَمَا قَالَ الْأَوَّلُ؟ " قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ - يَقُولُ سَلَّامٌ: هَذَا أَحْمَقُ يَقُولُ لرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هِيهْ " يَسْتَطْعِمُهُ الْحَدِيثَ. قَالَ: إِنَّ عَادًا أَرْسَلُوا وَافِدَهُمْ قَيْلًا، فَنَزَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ شَهْرًا يَسْقِيهِ الْخَمْرَ وَتُغَنِّيهِ الْجَرَادَتَانِ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى جِبَالَ (1) مَهَرةَ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي لَمْ آتِ لِأَسِيرٍ أُفَادِيهِ، وَلَا لِمَرِيضٍ فَأُدَاوِيَهُ، فَاسْقِ عَبْدَكَ مَا كُنْتَ سَاقِيَهُ (2)، وَاسْقِ مُعَاوِيَةَ بْنَ بَكْرٍ شَهْرًا - يَشْكُرْ لَهُ الْخَمْرَ الَّتِي شَرِبَهَا عِنْدَهُ - قَالَ: فَمَرَّتْ سَحَابَاتٌ سُودٌ، فَنُودِيَ أَنْ خُذْهَا رَمَادًا رِمْدِدًا، لَا تَذَرْ مِنْ عَادٍ أَحَدًا. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ مَا أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الرِّيحِ كَقَدْرِ مَا يَجْرِي فِي الْخَاتَمِ (3).

(1) في (م): على جبال.

(2)

في هامش (ظ 12): ما كنت مسقيه (خ).

(3)

إسناده حسن من أجل سلّام أبي المُنذر -وهو ابنُ سليمان النحوي القارئ-، وعاصمِ بنِ أبي النَّجُود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، عفان: هو ابن مسلم الصفار، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 1/ 386، 387 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وسياقه أتم.

وأخرجه مختصراً بذكر دخول مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ابنُ سعد في "الطبقات" 6/ 35، والنسائي في "الكبرى"(8607)، ومطولاً الطبراني في "الكبير"(3325) من طريق عفان، به.

وأخرجه مطولاً ومختصراً الترمذي (3273)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1667)، والطبراني في "الكبير"(3325) و (3326) عن سلام أبي المنذر، به. ولم يرد في رواية الترمذي تسمية الصحابي، بل جاء فيه: عن =

ص: 305

15954 -

حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُنْذِرِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَشْكُو الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا عَجُوزٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مُنْقَطِعٌ بِهَا، فَقَالَتْ لِي: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّ لِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَةً، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغِي (1) إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَحَمَلْتُهَا، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَإِذَا الْمَسْجِدُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ تَخْفِقُ،

= رجل من ربيعة.

وقال الترمذي: وقد روى غير واحد هذا الحديث عن سلّام أبي المنذر، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن الحارث بن حسان، ويقال له: الحارث بن يزيد.

قلنا: سيأتي تسميته الحارث بن يزيد في الرواية (15954)، وقد سلف طرف منه برقم (15952).

وقصة قيلة بنت مخرمة العنبرية أخرجها الطبراني في "الكبير" 25/ (1) من حديثها، وسمت الصحابي: حريث بن حسان. وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/ 12، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.

الدهناء: موضع بنجد من ديار بني تميم.

استوفزت: تهيأت للوقوف.

على الخبير سقطت، أي: على العارف بقصة وافد عاد وقعت، وهو مثل سائر للعرب، انظر "مجمع الأمثال" 2/ 377.

الجرادتان: قينتان لمعاوية بن بكر.

رمدداً. قال ابن الأثير: بكسر الراء: المتناهي في الاحتراق والدِّقة، كما يقال: ليلٌ أليلٌ ويومٌ أيومٌ: إذا أرادوا المبالغة.

(1)

في (ق): مبلغني.

ص: 306

وَبِلَالٌ مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالُوا: يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَجْهًا. قَالَ: فَجَلَسْتُ. قَالَ: فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ - أَوْ قَالَ رَحْلَهُ - فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ:" هَلْ كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي (1) تَمِيمٍ شَيْءٌ؟ " قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَكَانَتْ لَنَا الدَّبْرَةُ عَلَيْهِمْ، وَمَرَرْتُ بِعَجُوزٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مُنْقَطِعٌ بِهَا، فَسَأَلَتْنِي أَنْ أَحْمِلَهَا إِلَيْكَ، وَهَا هِيَ بِالْبَابِ، فَأَذِنَ لَهَا، فَدَخَلَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ حَاجِزًا، فَاجْعَلِ الدَّهْنَاءَ، فَحَمِيَتِ الْعَجُوزُ، وَاسْتَوْفَزَتْ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِلَى أَيْنَ تَضْطَرُّ مُضَرَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّمَا مَثَلِي مَا قَالَ الْأَوَّلُ: مِعْزَاةُ حَمَلَتْ حَتْفَهَا، حَمَلْتُ هَذِهِ، وَلَا أَشْعُرُ أَنَّهَا (2) كَانَتْ لِي خَصْمًا، أَعُوذُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ أَنْ أَكُونَ كَوَافِدِ عَادٍ. قَالَ:" هِيهْ وَمَا وَافِدُ عَادٍ؟ " - وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، وَلَكِنْ يَسْتَطْعِمُهُ - قُلْتُ: إِنَّ عَادًا قَحَطُوا، فَبَعَثُوا وَافِدًا لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: قَيْلٌ، فَمَرَّ بِمُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا، يَسْقِيهِ الْخَمْرَ، وَتُغَنِّيهِ جَارِيَتَانِ، يُقَالُ لَهُمَا: الْجَرَادَتَانِ (3)، فَلَمَّا مَضَى الشَّهْرُ خَرَجَ جِبَالَ تِهَامَةَ، فَنَادَى (4): اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَجِئْ إِلَى مَرِيضٍ فَأُدَاوِيَهُ، وَلَا

(1) لفظة: "بني"، ليست في (ظ 12) و (ص)، وهي نسخة في (س).

(2)

في (ظ 12) و (ص): بها.

(3)

في النسخ عدا (م): الجرادتين، وضبب فوقها في (س).

(4)

في هامش (س): فقال (خ).

ص: 307

إِلَى أَسِيرٍ فَأُفَادِيَهُ، اللهُمَّ اسْقِ عَادًا مَا كُنْتَ مُسْقِيَهُ (1)، فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَاتٌ سُودٌ، فَنُودِيَ مِنْهَا: اخْتَرْ. فَأَوْمَأَ إِلَى سَحَابَةٍ مِنْهَا سَوْدَاءَ، فَنُودِيَ مِنْهَا: خُذْهَا رَمَادًا رِمْدِدًا، ولَا تُبْقي مِنْ عَادٍ أَحَدًا. قَالَ: فَمَا بَلَغَنِي أَنَّهُ بُعِثَ عَلَيْهِمْ مِنَ الرِّيحِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَجْرِي فِي خَاتِمِي هَذَا حَتَّى هَلَكُوا. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: وَصَدَقَ. قَالَ: فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ إِذَا بَعَثُوا وَافِدًا لَهُمْ قَالُوا: لَا تَكُنْ (2) كَوَافِدِ عَادٍ (3).

(1) في (م) وهامش (س): تسقيه.

(2)

في (ظ 12) و (ص) وهامش (س): تكون.

(3)

إسناده حسن، وهو مكرر ما قبله، إلا أن شيخ أحمد هنا هو زيد بن الحباب: وهو ثقة.

وأخرجه مختصراً جداً الترمذي (3274) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وقال: ويقال له الحارث بن حسان أيضاً.

وقوله: مِعزاة حَملت حتفها. ذكره أبو عبيد البكري في "فصل المقال" ص 456 بصدد شرحه للمثل الذي ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام: لا تكن كالعنز تبحث عن المدية، فقال البكري: ومثله قولهم: "حتفها تحمل ضأن بأظلافها".

ص: 308

‌حَدِيثُ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15955 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ (1) - قَالَ إِسْمَاعِيلُ مَرَّةً: عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ قُطْنٍ مُنْبَتِرُ (2) الْحَاشِيَةِ، فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ:" إِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى (3)، إِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى، إِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا هَكَذَا. قَالَ: سَأَلْتُ عَنِ الْإِزَارِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ أَتَّزِرُ؟ فَأَقْنَعَ ظَهْرَهُ بِعَظْمِ (4) سَاقِهِ، وَقَالَ: " هَاهُنَا اتَّزِرْ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَهَاهُنَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَهَاهُنَا

(1) تحرف في (م) إلى: الهجيني. وهذا العنوان جاء في الأصول هكذا بإسقاط "عن رجل" بين أبي تميمة الهجيمي وبين عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد من إثباته، لأن أبا تميمة الهجيمي -واسمه طريف بن مجالد- تابعي وليس بصحابي، وهو قد سمعه بواسطة رجل من قومه- كما هنا وفي عامة المصادر التي خرجت هذا الحديث، وربما يكون منشأ الوهم إحدى روايتي إسماعيل ابن علية المرسلة التي تفهم من سياق السند.

وقد تنبه لهذا العلامة السندي رحمه الله، فقال: والجهيمي: بجيم مصغراً اسمه طريف بن مجالد، وهو راوٍ عن رجل، فلو قال: حديث رجل، لكان أحسن.

(2)

في (م) وهامش (س): منتثر.

(3)

في هامش (س) و (ظ 12): الميت (خ).

(4)

في (س): بمعظم.

ص: 309

فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ، فَإِنْ أَبَيْتَ، فَإِنَّ اللهَ عز وجل لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ " قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَعْرُوفِ، فَقَالَ:" لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ (1) مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَبَّكَ رَجُلٌ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ فِيكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ فِيهِ نَحْوَهُ، فَلَا تَسُبَّهُ فَيَكُونَ أَجْرُهُ لَكَ وَوِزْرُهُ عَلَيْهِ، وَمَا سَرَّ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ، فَاعْمَلْ بِهِ، وَمَا سَاءَ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاجْتَنِبْهُ "(2).

(1) في (م) ونسخة في (س): تَنْزِعَ.

(2)

إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح. سعيد الجريري -وهو ابن إياس- سمع منه إسماعيلُ بنُ إبراهيم -وهو ابن عُلَيَّة- قبل الاختلاط، أبو السَّليل: هو ضُريب بن نُقَير الجُرَيري، وأبو تميمة الهُجَيمي: هو طَرِيفُ بن مجالد، والصحابي الذي أبهم اسمه: هو أبو جُرَي جابر بن سليم، ويقال: سليم بن جابر، وذكر الطبراني أنه الصواب.

وأخرجه مختصراً في ذكر كيفية السلام النسائي في "الكبرى"(10149)، وفي "عمل اليوم والليلة"(317) من طريق عبد الوارث العنبري، عن الجُريري، به، وسمى الصحابي: جابر بن سليم.

وقد ذكر الرازي في "العلل" 2/ 325 أن عبد الوارث سمى صحابيه جابر بن سليم.

وأخرجه -دون قوله: "لا تحقرن" إلى آخر الحديث- الحاكم 4/ 186 من طريق جعفر بن عون، عن سعيد الجُريري، به، وقد سمى الصحابي أيضاً: =

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جابر بن سليم. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

وأخرجه مختصراً في ذكر كيفية السلام الترمذي (2721)، والنسائي في "الكبرى"(10151) و (10152)، وفي "عمل اليوم والليلة"(319) و (320)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(235)، والطبراني في "الكبير"(6389) من طريق خالد الحذَّاء، عن أبي تميمة، به. ولم يصرح باسم الصحابي.

وسيأتي من طريق خالد الحذَّاء برقم (16616) دون ذكر كيفية السلام.

وأخرجه مطولاً ومختصراً أبو داود (4084)، والترمذي (2722)، والنسائي في "الكبرى"(10150)، وفي "عمل اليوم والليلة"(318)، والدولابي في "الكنى" 1/ 66 و 66 - 67، والطبراني في "الكبير"(6386) و (6387)، والبيهقي في "السنن" 10/ 236، وابنُ عبد البر في "الاستيعاب" 2/ 120 من طريق أبي غفار المثنى بن سعيد، عن أبي تميمة، عن أبي جُري جابر بن سليم. وقال الترمذي: حسن صحيح. وأبو غفار المثنى بن سعيد ثقة، تحرف اسمه في مطبوع النسائي إلى: المثنى بن عفان، وتحرفت كنيته في مطبوع "الاستيعاب" إلى: أبي عفان.

وأخرجه الطيالسي (1208)، والبخاري في "الأدب المفرد"، (1182)، وابن حبان (521)، والطبراني في "الكبير"(6390)(مختصراً)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 2/ 120 من طريق قرة بن موسى، والطبراني (6388) من طريق زيد بن هلال، والدولابي في "الكنى" 1/ 66 من طريق محمد بن سيرين، ثلاثتهم عن جابر بن سليم، به.

وسيأتي برقم (16616) و 5/ 63 و 63 - 64 و 64 و 377 - 378.

وفي باب إزرة المؤمن: عن ابن عمر، سلف (5713) و (4489).

وعن أبي هريرة، سلف (7857).

وعن أبي سعيد الخدري، سلف (11010).

وعن أنس، سلف (12424).

وعن حذيفة، سيرد 5/ 382.

ص: 311

‌حَدِيثُ صُحَارٍ الْعَبْدِيِّ

(1)

= وفي باب كثرة طرق الخير:

عن أبي هريرة، سلف (8111) و (8183).

وعن جابر، سلف (14709).

وعن حذيفة، سيرد 4/ 397.

وعن أبي موسى الأشعري، سيرد 4/ 395.

وعن أبي ذر، سيرد 5/ 168.

وعن بريدة الأسلمي، سيرد 5/ 354.

وعن عائشة عند مسلم (1007)، وابن حبان (3380).

وعن ابن عباس عند ابن حبان (299).

قال السندي: قوله: "منبتر الحاشية": هكذا في أصلنا، من الانْبِتار بتقديم النون على الباء، وهو الانقطاع.

"عليك السلام" كأنه كان مشتاقاً إلى لقائه، فلذلك قدم الخطاب معه.

"تحية الموتى": لم يرد أنها تحيةُ الموتى شرعاً، بل إما أن بعضهم كان يقول ذلك في تحية الموتى، أو أن ذلك لو قيل في تحية الموتى لم يكن خطأ، بناء على أن السلام مع الحي للتأنيس، وتقديم "عليك" يؤدي به إلى خلافه أول الوهلة، لكون "على" يتبادر منها الضرر، بخلافه مع الميت، فإنه دعاء محض، فلا يختلف الأمر بالتقديم والتأخير.

"فأقنع"، أي: رفع.

"بعظم ساقه"، أي: مشيراً به.

"لا تحقرن": كتضرب، أو من التحقير، أي: حتى يؤدي ذلك إلى تركه أو عدم قبوله من الغير، والأول أنسب بما بعده، واحتمال أن قوله:"أن تُعطي" على بناء المفعول حتى يناسب بالمعنى الثاني قوله: "أن تفرغ" إلى آخره.

"سَرَّ" على بناء الفاعل.

(1)

قال السندي: صحار بن العباس، العبدي، نسبة إلى عبد القيس، له =

ص: 312

15956 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صُحَارٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُخْسَفَ بِقَبَائِلَ، فَيُقَالُ: مَنْ بَقِيَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ " قَالَ: فَعَرَفْتُ حِينَ قَالَ: قَبَائِلَ أَنَّهَا الْعَرَبُ، لِأَنَّ الْعَجَمَ تُنْسَبُ إِلَى قُرَاهَا (1).

= صحبة.

سكن البصرة، ومات بها، وكان بليغاً.

جاء أنه قيل له: ما يقول الرجل لصاحبه عند تذكيره إياه أياديَه وإحسانَه؟ قال: يقول: أما نحن فإنا نرجو أن نكون قد بلغنا من أداء ما يجب لك علينا مبلغاً مرضياً.

(1)

إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن صُحَار، ترجمه الحسيني في "الإكمال" ص 263، وقال: مجهول، وترجمه الحافظ في "التعجيل" إلا أنه نقل عن الحسيني قوله: ليس بالمشهور، وترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 297، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/ 240، ولم يذكروا في الرواة عنه غير أبي العلاء بن الشخير -وهو يزيد بن عبد الله- ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه صحار لم يخرج له أصحاب الكتب الستة.

وأخرجه البزار (3403)(زوائد)، والطبراني في "الكبير"(7404) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 41، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1652)، وأبو يعلى (6834)، والطبراني في "الكبير"(7404) من طرق عن سعيد بن إياس الجريري، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 9، وقال: رواه أحمد والطبراني =

ص: 313

15957 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صُحَارٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْذَنَ لِي فِي جَرَّةٍ أَنْتَبِذُ فِيهَا، فَرَخَّصَ لِي فِيهَا، أَوْ أَذِنَ لِي فِيهَا (1).

= وأبو يعلى والبزار، ورجاله ثقات.

وستيأتي 5/ 31، وانظر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، السالف برقم (6521).

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الرحمن بن صحار، وقد سلف الكلام عليه في الرواية رقم (15956)، والضحاك بن يسار، من رجال "التعجيل"، مختلف فيه، ضعفه غير واحد، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير صحابيه، فلم يخرج له أصحاب الكتب الستة.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 327، والبزار (2910)(زوائد)، والطبراني في "الكبير"(7403) من طرق عن الضحاك بن يسار، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 63، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني، وفيه عبد الرحمن بن صحار، ذكره ابن أبي حاتم ولم يوثقه ولم يجرحه، والضحاك بن يسار، وثقه أبو حاتم، وابن حبان، وقال ابن معين: يضعفه البصريون، وبقية رجاله ثقات.

قلنا: وقد سلفت الإباحة بالانتباذ في كل الأسقية من حديث عبد الله بن مسعود (4319)، وذكرنا هناك شاهده، وهو حديث صحيح.

وانظر حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، السالف برقم (4465)، وتعليقنا عليه، وانظر (15559).

ص: 314

‌حَدِيثُ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ

(1)

15958 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ - يَعْنِي الثَّقَفِيَّ (2) - عَبْدَ اللهِ بْنَ عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ (3)، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ (4)، فَقَعَدَ لَهُ (5) بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ: أَتُسْلِمُ (6) وَتَذَرُ دِينَكَ، وَدِينَ آبَائِكَ، وَآبَاءِ أَبِيكَ؟ " قَالَ: " فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: أَتُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ؟ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ " قَالَ: " فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ " قَالَ: " ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ (7): هُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَيُقَسَّمُ الْمَالُ " قَالَ: " فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ " فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَمَاتَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ قُتِلَ

(1) قال ابن الأثير: هو سبرة بن الفاكه، ويقال ابن أبي الفاكه قيل: إنه مخزومي، وذكر ابن أبي عاصم أنه أسدي من أسد بن خزيمة، يعد في الكوفيين.

(2)

تحرف في (م) إلى: السقفي.

(3)

تحرف في (م) إلى: المثنى.

(4)

في (س): بأطرِقةٍ. وهكذا ضبطها السندي وقال: بكسر الراء، جمع طريق.

(5)

لفظة: له ليست في (ظ 12) و (ص).

(6)

في (ظ 12) و (ص): تسلم. وهي نسخة السندي، أي: كيف تسلم.

(7)

في (م): فقال له.

ص: 315

كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّةٌ (1) كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ " (2).

(1) في (م): دابته.

(2)

إسناده قوي، أبو عَقيل الثقفي، وثقه أحمد وأبو داود والنسائي وابن معين في رواية ابن أبي خيثمة والدارمي عنه، وذكره ابن حبان وابن شاهين وابن خلفون في "الثقات"، وقد روى له أصحاب السنن. وموسى بن المسيب روى له البخاري في "أفعال العباد"، والنسائي وابن ماجه، قال أحمد: ما أعلم إلا خيراً، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه أخرج له النسائي فحسب، وحسن إسناده الحافظ في "الإصابة".

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 10/ 202 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 6/ 21، وابن حبان (4593)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4246) من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 187 - 188، وابنُ أبي شيبة 5/ 293، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1043) و (2675)، وفي "الجهاد"(13)، والطبراني في "الكبير"(6558) من طريق محمد بن فضيل، عن موسى بن المسيب، به. ومحمد بن فضيل ثقة.

قال السندي: "في الطِّوَل" -بكسر الطاء وفتح الواو- وهو الحَبْلُ الذي يُشَدُّ طرفُه في وتد، والآخر في يد الفرس، وهذا من كلام الشيطان، ومقصوده أن المهاجر يصيرُ كالمقيد في بلاد الغربة، لا يدورُ إلا في بيته، ولا يخالِطُه إلا بعض معارفه، فهو كالفَرَس في طِوَلٍ لا يدور ولا يرعى إلا بقدره، بخلاف أهل البلاد، فإنهم مبسوطون لا ضيق عليهم، واحدهم كالفرس المرسل. =

ص: 316

‌حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَرْقَمَ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15959 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّهُ حَجَّ، فَكَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، فَأَقَامَ يَوْمًا الصَّلَاةَ، وَقَالَ: لِيُصَلِّ (2) أَحَدُكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْخَلَاءِ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيَذْهَبْ إِلَى الْخَلَاءِ "(3).

= "جَهد النفس" -بفتح الجيم-: بمعنى المشقة والتعب، والمراد بالمال الجِمال والعبيد ونحوهما، أو المال مطلقاً، وإطلاق الجهد للمشاكلة، أي: تنقيصه وإضاعته.

(1)

قال السندي: عبد الله بن أرقم، قرشي، زهري. كان على بيت المال أيام عمر.

وقال السائب بن يزيد: ما رأيت أخشى لله منه. وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، وبلغ من أمانته عنده أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك، فيكتب ويختم، ولا يقرؤه، لأمانته عنده.

وقال مالك: بلغني أن عثمان أجاز عبد الله بن الأرقم ثلاثين ألفاً، فأبى أن يقبلها، وقال: إنما عملت لله.

توفي في خلافة عثمان.

(2)

في (ظ 12) و (س) و (ص): ليصلي. على إشباع الكسرة. وفي هامش (س): ليصل.

(3)

إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم تقع روايته إلا عند أصحاب السنن. يحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 33 عن يحيى بن سعيد، بهذا =

ص: 317

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الإسناد.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 159، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "المسند" 1/ 111، والبخاري في "التاريخ" 5/ 33، والنسائي في "المجتبى" 2/ 110 - 111، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1994)، وابن حبان (2071)، والبيهقي في "السنن" 3/ 72، والبغوي في "شرح السنة"(803) عن هشام، بهذا الإسناد. ولفظه:"إذا وَجَدَ أحدٌ الغائط، فليبدأ به قبل الصلاة".

وأخرجه الشافعي 1/ 111 - 112 من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وعبد الرزاق (1759) من طريق معمر، و (1760) من طريق الثوري، والحميدي (872)، وابن ماجه (616)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(640)، وابن خزيمة (932) من طريق ابن عيينة، وابن أبي شيبة 2/ 422 - 423 من طريق حفص بن غياث، والدارمي 1/ 332، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 204 من طريق محمد بن كناسة، وأبو داود (88)، والحاكم 1/ 168، والبيهقي في "السنن" 3/ 72 من طريق زهير بن معاوية، والترمذي (142)، والطحاوي في "شرح المشكل"(1996) من طريق أبي معاوية الضرير، وابن خزيمة (932) و (1652)، وابن عبد البر 22/ 204 من طريق حماد بن زيد، وابن خزيمة (932) من طريق أبي أسامة وعمرو بن علي وأيوب، والطحاوي في "شرح المشكل"(1995) من طريق عيسى بن يونس، و (1996) من طريق عبيد الله بن نمير، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 205 من طريق وكيع، كلهم عن هشام، به، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وفي رواية عبد الرزاق: عن عروة قال: كنا مع عبد الله بن الأرقم الزهري، فأقيمت الصلاة.

قال الترمذي: وهو قولُ غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقول أحمد وإسحاق، قالا: لا يقومُ إلى الصلاة وهو يجدُ شيئاً من الغائط =

ص: 318

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبول. وقالا: إن دخل في الصلاة، فوجد شيئاً من ذلك فلا ينصرفْ ما لم يشغله. وقال بعضُ أهل العلم: لا بأس أن يُصلي وبه غائط أو بولٌ ما لم يشغله ذلك عن الصلاة.

وأخرجه عبد الرزاق (1761)، والبخاري في "التاريخ" 5/ 33 من طريق ابن جريج، عن أيوب بن موسى، عن هشام بن عروة، عن عروة قال: خرجنا في حج أو عمرة مع عبد الله بن الأرقم الزهري، فأقام الصلاة

ولم يسق البخاري متنه. وسقط من إسناد عبد الرزاق: عن عروة، واستدرك من "التمهيد" 22/ 204.

وأخرجه البخاري في "التاريخ" 5/ 32، والطحاوي في "شرح المشكل"(1997) من طريق وهيب بن خالد، والبخاري في "التاريخ" 5/ 33 أيضاً من طريق أنس بن عياض، كلاهما عن هشام، عن أبيه، عن رجل، عن عبد الله بن الأرقم. وقال الطحاوي: وفي حديث وهيب بن خالد، عن هشام ما قد دل على فساد إسناد هذا الحديث من أصله، لأنه أدخل فيه بين عروة وعبد الله بن الأرقم رجلاً مجهولاً لا يعرف.

وقال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 198: سألت محمداً (يعني البخاري) عن حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم

فقال: رواه وهيب عن هشام، عن أبيه، عن رجل، عن عبد الله بن الأرقم، وكان هذا أشبه عندي. قال الترمذي: رواه مالك وغير واحد من الثقات عن هشام، عن أبيه، عن ابن الأرقم، لم يذكروا فيه: عن رجل.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 203: ولم يختلف عن مالك في إسناد هذا الحديث ولفظه، واختلف فيه عن هشام بن عروة، فرواه مالك كما ترى، وتابعه زهير بن معاوية، وسفيان بن عيينة، وحفص بن غياث، ومحمد بن إسحاق، وشجاع بن الوليد، وحماد بن زيد، ووكيع، وأبو معاوية، والمفضل بن فضالة ومحمد بن كناسة، كلهم رواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله =

ص: 319

‌حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ

(1)

15960 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ (2)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ

= ابن الأرقم كما رواه مالك. ورواه وهيب بن خالد، وأنس بن عياض، وشعيب ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن رجل حدثه، عن عبد الله بن الأرقم، فأدخل هؤلاء بين عروة وبين عبد الله بن الأرقم رجلاً. ذكر ذلك أبو داود، ورواه أيوب بن موسى، عن هشام، عن أبيه أنه سمعه من عبد الله بن الأرقم، فالله أعلم. ثم أورد ابنُ عبد البر حديث عبد الرزاق المذكور آنفاً برقم (1761) بإسناده، وفيه أن عروة قال: خرجنا في حج أو عمرة مع عبد الله بن الأرقم، ثم قال: فهذا الإسناد يشهد بأن رواية مالك ومن تابعه في هذا الحديث متصلة، وابنُ جريج وأيوبُ بن موسى ثقتان حافظان. قلنا: وورد التصريح بأن عروة كان مع عبد الله بن الأرقم في روايتي عبد الرزاق (1759) و (1760).

وسيكرر برقم (16400).

وفي الباب عن أبي هريرة، سلف برقم (9697)، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب، ونزيد هنا حديث أبي أمامة، سيرد 5/ 250.

قال السندي. قوله: "فليذهب إلى الخلاء": لئلا يصلي وهو غير حاضر القلب.

(1)

قال السندي: عمرو بن شاس الأسلمي، وقيل: الأسدي، وقيل: هما اثنان، وكان الأسلمي صاحب راية، وإن الأسدي لا راية له.

(2)

في النسخ الخطية و (م): يسار، وهو خطأ قديم، وجاء على الصواب في "أطراف المسند" 5/ 135.

ص: 320

عَنْ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ، فَجَفَانِي فِي سَفَرِي ذَلِكَ حَتَّى وَجَدْتُ فِي نَفْسِي عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ، أَظْهَرْتُ شَكَايَتَهُ فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ذَاتَ غَدَاةٍ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا رَآنِي أَبَدَّنِي عَيْنَيْهِ - يَقُولُ: حَدَّدَ إِلَيَّ النَّظَرَ - حَتَّى إِذَا جَلَسْتُ قَالَ: " يَا عَمْرُو، وَاللهِ لَقَدْ آذَيْتَنِي " قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أُوذِيَكَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: " بَلَى مَنْ آذَى عَلِيًّا، فَقَدْ آذَانِي "(1).

(1) إسناده ضعيف، الفضل بن معقل بن سنان -وسماه ابن حبان: الفضل ابن عبد الله بن معقل بن سنان، وقال: ومن قال: الفضل بن معقل، فقد نسبه إلى جده- ترجم له البخاري وابنُ أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال ابن حبان في "الثقات": روى عنه أبانُ بنُ صالح ومحمد بن إسحاق. وقال الحسيني في "الإكمال": ليس بمشهور. وعبدُ الله بن نيار لم يصح سماعه من خاله عمرو بن شاس، قال ابن معين في "تاريخه" ص 322: حديث عبد الله ابن نيار، عن عمرو بن شاس ليس هو بمتصل، لأن عبد الله بن نيار يروي عنه ابن أبي ذئب، أو قال: يروي عنه القاسم بن عباس -شك أبو الفضل- لا يشبه أن يكون رأى عمرو بن شاس. وباقي رجال الإسناد ثقات غير أن محمد بن إسحاق قد عنعنه. يعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف الزهري.

وأخرجه الحاكم 3/ 122، وابنُ الأثير 4/ 240 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وأخرجه أحمدُ بن أبي خيثمة في "تاريخه" -ومن طريقه ابن عبد البر في "الاستيعاب" 8/ 320 - عن أبيه، عن يعقوب بن إبراهيم، شيخ أحمد، به.

وأخرجه البزار (2561)"زوائد" عن زُريق (وقد تحرف في المطبوع من =

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الزوائد إلى ريق) بن السخت، عن يعقوب بن إبراهيم، به. لم يذكر أبان بن صالح في إسناده، وقال: لا نعلم روى عمرو ابن شاس إلا هذا. قلنا: ووقع فيه: بن يسار، بدل: بن سنان.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 329 - 330، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 395 من طريق عبد الرحمن بن مغراء، عن محمد بن إسحاق، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ" 6/ 306 - 307 من طريق عبد العزيز بن الخطاب، عن مسعود بن سعد، عن محمد بن إسحاق، به. دون ذكر القصة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 75، وابن حبان (6923)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 8/ 320 من طريق مالك بن إسماعيل، عن مسعود بن سعد، عن ابن إسحاق، به، لم يذكر أبان بن صالح. وتحرف اسم مسعود في مطبوع ابن أبي شيبة إلى: مسعر، ووقع في إسناده زيادة: عبد الله بن معقل، بين الفضل ابن معقل وبين عبد الله بن نيار، وهو خطأ.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 5/ 394 من طريق يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، حدثنا أبان بن صالح، عن عبد الله بن نيار، عن عمرو بن شاس، به. بإسقاط الفضل بن معقل. وهذا انقطاع آخر.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/ 129، وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، والبزار أخصر منه، ورجال أحمد ثقات!

وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند البزار (2562)، وأبي يعلى (770)، وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/ 129، وقال: رواه أبو يعلى والبزار باختصار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير محمود بن خداش، وقَنَان، وهما ثقتان.

قلنا: قَنَان -هو ابن عبد الله النهمي- روى عنه جمع، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عدي: كوفي عزيز الحديث، وليس يتبين على مقدار ماله ضعف، وقال النسائي وحده: ليس بالقوي.

وقال السندي: قوله: "فجفاني" بعدم الموافقة بينهما. =

ص: 322

‌حَدِيثُ سَوَادَةَ بْنِ الرَّبِيعِ

15961 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ الْيَشْكُرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَوَادَةَ بْنَ الرَّبِيعِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْتُهُ فَأَمَرَ لِي بِذَوْدٍ، ثُمَّ قَالَ لِي:" إِذَا رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِكَ، فَمُرْهُمْ فَلْيُحْسِنُوا غِذَاءَ رِبَاعِهِمْ، وَمُرْهُمْ فَلْيُقَلِّمُوا أَظْفَارَهُمْ، لَا يَعْبِطُوا (1) بِهَا ضُرُوعَ مَوَاشِيهِمْ إِذَا حَلَبُوا "(2).

= وقوله: "أبدَّني": قال في "النهاية" 1/ 105: كأنه أعطاه بُدَّته من النظر، أي: حظه. وجاء في نسخة السندي: "أبدى عينيه" وقال: من الإبداء بمعنى الإظهار، أي: فتحهما عليَّ، وهو أظهر، وفي بعض النسخ غير ذلك.

(1)

في (م): ولا تعبطوا، بزيادة الواو، وهي رواية السندي.

(2)

إسناده حسن، المرجى بن رجاء اليشكري، مختلف فيه، ضعفه يحيى ابن معين، وأبو داود في روايةٍ، وذكره العقيلي وابن عدي في "الضعفاء"، وقال أبو داود في موضع آخر: صالح، ووثقه أبو زرعة والدارقطني، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال أحمد: ما علمت إلا خيراً، وترجم له الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق، ربما وهم. قلنا: وقد توبع. وسَلْم بن عبد الرحمن: هو الجَرْمي، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 156، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وله ترجمة في "التهذيب" وفروعه تمييزاً له عن مسلم بن عبد الرحمن النخعي، وقال الذهبي في "الميزان": صدوق، وكذلك قال الحافظ في "التقريب". وقد أشار البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 156 إلى أن بين سَلْم وسوادة سريع مولى سوادة، فقال: وقال أبو معشر البراء: عن سلم، عن سريع مولى سوادة، عن =

ص: 323

‌حَدِيثُ هِنْدِ بْنِ أَسْمَاءَ (1) - وَكَانَ هِنْدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ - الْأَسْلَمِيِّ

= سوادة. وتعقبه الحافظ فى "التعجيل" في ترجمة سوادة، فقال: صرح في المسند بسماع سلم من سوّادة. قلنا: يعني لا يعل هذا الحديث بالانقطاع. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 486 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 2439، والبيهقي في "السنن" 8/ 14 من طريق أبي النضر، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6482) من طريق عمر بن حفص، عن مرجى بن رجاء، به.

وأخرجه ابن سعد بنحوه في "الطبقات" 7/ 48، والبخاري مطولاً في "التاريخ الكبير" 4/ 184، والبزار (1688)(زوائد) من طريقين عن سلم بن عبد الرحمن، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 168، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه مرجى بن رجاء، وثقه أبو زرعة وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجال أحمد ثقات. وأورده كذلك 5/ 259، و 8/ 196.

قال السندي: قوله: بذود، أي: بنوق.

قوله: "غذاء رباعهم"، الرباع، بكسر الراء: جمع رَبْع، وهو ما ولد من الإبل في الربيع، وقيل: ما ولد في أول النتاج، وإحسان غذائها، أي: لا يُسْتَقْصى حلب أُمهاتِها إبقاءً عليها.

قوله: "لا يعبطوا"، من عبط الضرع كضرب -بالعين المهملة- إذا أدماه.

(1)

قال السندي: هند بن أسماء بن حارثة، أسلمي، له صحبة.

مات في خلافة معاوية.

ص: 324

15962 -

حَدَّثَنَا (1) يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدِ بْنِ أَسْمَاءَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ هِنْدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمِي مِنْ أَسْلَمَ، فَقَالَ:" مُرْ قَوْمَكَ، فَلْيَصُومُوا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ وَجَدْتَهُ (2) مِنْهُمْ قَدْ أَكَلَ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ، فَلْيَصُمْ آخِرَهُ "(3).

(1) هذا الحديث في نسخة (س) من زيادات عبد الله بن أحمد.

(2)

في (ق): وجدت.

(3)

حديث صحيح، حبيب بن هند بن إسماء الأسلمي، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 327، وذكر أنه روى عنه عمرو بن أبي عمرو وعبد الله بن أبي بكر، وكذا ذكر ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 110، وزاد في الرواة عنه: عبد الرحمن بن حرملة، وابن حرملة إنما يروي عنه يحيى بن هند ابن حارثة الوارد ذكره في الرواية التالية. وقال ابن حبان في "الثقات" 6/ 117: روى عنه عبد الله بن أبي بكر وأهلُ المدينة، قلنا: وقد جعل ابنُ عبد البر حبيبَ ابن هند أخا يحيى بن هند، فتعقبه الحافظ في "الإصابة" في ترجمة هند بقوله: ليس حبيب أخاً ليحيى، بل هند والد يحيى ابن عم حبيب، وقد جاء في الرواية الآتية أن الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو أسماء بن حارثة، وأنه أخو هند بن حارثة، فقال الحافظ في "الفتح" 4/ 142: فيحتمل أن يكون كل من أسماء وولده هند أرسلا بذلك. ويحتمل أن يكون أَطْلَق في الرواية الأولى على الجد اسم الأب، فيكون الحديث من رواية حبيب بن هند عن جده أسماء، فتتحد الروايتان. والله أعلم. قلنا: الرواية التي ذكر أنه أطلق فيها على الجد اسم الأب هي التي ذكرها الحافظ بلفظ: عن حبيب بن هند بن أسماء، عن أبيه، فساغ له أن يقول ما نقلناه عنه، لكن رواية أحمد كما ترى ليست بلفظ: عن أبيه، وإنما بلفظ التصريح باسمه، فقال: عن هند بن أسماء! لكن ورد بلفظ: عن أبيه عند البخاري في "التاريخ الكبير"، والطحاوي في "شرح =

ص: 325

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المعاني" و"شرح المشكل"، وقد ذكر الحافظ في "الفتح" أن هند بن حارثة الأسلمي -وهو أخو أسماء بن حارثة- عَمُّ هند بن أسماء بن حارثة الأسلمي، قال المعلمي اليماني في تعليقه على "التاريخ الكبير" 8/ 239: وقد تطلبت تراجم هؤلاء الخمسة: أسماء بن حارثة، أخوه هند بن حارثة، هند بن أسماء ابن حارثة، ابنه حبيب، يحيى بن هند بن حارثة، فرأيت خللاً واضطراباً في هذا الكتاب (يعني التاريخ الكبير) وكتاب ابن أبي حاتم والثقات، وتفصيلُ ذلك يطول، والحاصلُ أنَّ الصحبة ثابتةٌ لأسماء بن حارثة وأخيه هند، والمبعوثُ يوم عاشوراء أسماءُ، كما علم مما مر، وفي "طبقات ابن سعد" و"المستدركِ" و"الإصابة" روايات أخرى تُصَرِّحُ بذلك، وقد يُمكن أن يكون أخوه بُعِث معه، وأما هند بنُ أسماء بن حارثة، فإن كان لا دليل على صحبته إلا الرواية الآتية فلا صحبة له، ثم ذكر أنه يمكن تصحيح هذه الرواية بأن يقال: لعله سَقَطَ هنا "عن أبيه" بعد قوله: عن هند بن أسماء، ويكون أسماءُ هو الذي بعثه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. قلنا: وحينئذ تُوافق هذه الروايةُ الروايةَ التاليةَ والآتيةَ برقم (16716)، وفيهما أن المبعوث إنما هو أسماءُ بنُ حارثة، ويصح حينئذ أيضاً ما أوله الحافظ في "الفتح" فيما قدمناه، ويؤيد ذلك أيضاً ما ذكره أبو نعيم في "معرفة الصحابة" عقب الرواية (1064) أن موسى بن عقبة روى عن يحيى بن الوليد، عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسماء بن حارثة، وما رواه ابنُ سعد، كما سيرد في تخريج الرواية الآتية. قلنا: وبقية رجال الإسناد ثقات، وقد صرح ابنُ إسحاق بالتحديث. يعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد: هو ابن عمرو بن حزم الأنصاري.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 5/ 416 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 238 - 239 من طريق يونس بن بكير، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 73، وفي "شرح المشكل" =

ص: 326

15963 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هِنْدِ بْنِ (1) حَارِثَةَ - وَكَانَ هِنْدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ

= (2275)، والطبراني في "الكبير" 22/ (545) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، كلاهما عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد، وسقط لفظ: عن أبيه عند الطبراني.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 3/ 185، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" ورجال أحمد ثقات.

وسيأتي برقم (15963) و (16716).

وله شاهدٌ من حديث سلمة بن الأكوع عند البخاري (1924)، ومسلم (1135) أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء أن من أَكَلَ فليُتِمَّ أو فليَصُم، ومن لم يأكل فلا يأكُل، وسيرد (16507).

وآخر من حديث ابن عباس قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قرية على رأس أربعة فراسخ يوم عاشوراء، فأمر من أكل ألا يأكل بقية يومه ومن لم يأكل أن يتم صومه، وسلف برقم (2058).

وثالث من حديث أبي هريرة، سلف برقم (8716).

ورابع من حديث محمد بن صيفي، سيرد 4/ 388.

وخامس من حديث عم عبد الرحمن بن سلمة الخزاعي، سيرد 5/ 409.

وسادس من حديث الرُبيِّع بنت مُعوِّذ، سيرد 6/ 359.

وسابع من حديث عبد الله بن بدر، سيرد 6/ 467.

وثامن من حديث أبي سعيد الخدري عند الطحاوي في "شرح المشكل"، (2274).

وتاسع من حديث مجزأة بن زاهر، عن أبيه عند البزار (1047)، والطحاوي في "شرح المشكل"(2276).

قال السندي: "مُرْ قومَك" أي: أمرَ إيجابٍ، كما يقتضيه السَوْق، فكأنَّ الصومَ كان حينئذٍ واجباً ثم نُسخ وجوبُه.

(1)

تحرف في (م) إلى: "عن".

ص: 327

وَأَخُوهُ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ قَوْمَهُ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ أَسْمَاءُ بْنُ حَارِثَةَ - فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ هِنْدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ حَارِثَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ، فَقَالَ:" مُرْ قَوْمَكَ بِصِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ " قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُهُمْ قَدْ طَعِمُوا؟ قَالَ: " فَلْيُتِمُّوا آخِرَ يَوْمِهِمْ "(1).

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يحيى بن هند بن حارثة، فلم يرو عنه غير عبد الرحمن بن حرملة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو من رجال "التعجيل". وبقيةُ رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن حرملة، فقد روى له مسلم متابعة وأصحاب السنن، وهو مختلف فيه. وصحابيُّه أسماءُ بن حارثة لم تقع له رواية في الكتب الستة. عفان: هو ابن مسلم الصفار، ووهيب: هو ابن خالد بن عجلان الباهلي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(869)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1064) من طريق عفان، بهذا الإسناد. وتحرف اسم وهيب في مطبوع الطبراني إلى: وهب.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(869)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1064) من طريق محمد بن عبد الله الرقاشي، والطبراني في "الأوسط"(2588)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 349، وفي "معرفة الصحابة"(1064) من طريق سهل بن بكار، كلاهما عن وهيب، به.

وأخرجه البزار (1048) من طريق عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي-، عن عبد الرحمن بن حرملة، به.

وأخرجه ابن حبان (3618) من طريق سهل بن بكار، عن وهيب، عن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن أسماء بن حارثة، به.

وفي ذكر سعيد بن المسيب في هذا الإسناد وقفة، فإن سهل بن بكار -عند الطبراني- إنما رواه عن وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن يحيى بن هند ابن حارثة، وكذلك رواه عفان بن مسلم ومحمد بن عبد الله الرقاشي فيما ذكرناه =

ص: 328

‌حَدِيثُ جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ

(1)

= آنفاً، والدراوردي أيضاً رواه عن ابن حرملة، عن يحيى بن هند عند البزار، وقد ذكر أبو نعيم في "معرفة الصحابة" عقب الرواية (1064) طرق الحديث، فلم يذكر فيها سعيد بن المسيب.

وأخرجه الحاكم 3/ 529 - 530 من طريق أبي هشام المخزومي، عن وهيب، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن يحيى بن هند بن حارثة، عن أبيه هند ابن حارثة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه يوم عاشوراء. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! قلنا: وهو يخالف الرواية التي صُرِّح فيها أن أخاه أسماء هو الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا أن يقال: يمكن أن يكون أخوه بعث معه كما ذكر المعلمي اليماني.

وأخرجه بنحوه ابن سعد 4/ 322، والحاكم 3/ 529 من طريق محمد بن عمر الواقدي، عن سعيد بن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن جده، عن أسماء بن حارثة، به. وسقط من مطبوع ابن سعد:"عن أبيه".

وأورده الهيثمي في "المجمع" 3/ 185 وقال: رواه أحمد هكذا شبه المرسل، ورواه ابنه عن يحيى بن هند بن حارثة، عن أبيه، ورجاله ثقات.

قلنا: لا ندري ما يريد الهيثمي بقوله: شبه المرسل! وفي إسناد الحديث تصريح عبد الرحمن بن حرملة بسماع الحديث من يحيى بن هند بن حارثة، وهو قد رواه عن عمه أسماء بن حارثة. ورواية عبد الله التي أشار إليها سترد برقم (16716) وفي إسنادها أوهام نذكرها في موضعها.

وقد سلف برقم (15962) وذكرنا هناك شواهده التي يصح بها.

(1)

قال السندي: جارية بن قدامة، تميمي، سعدي.

يقال له: عم الأحنف، وكان الأحنف يدعوه عمه على سبيل التعظيم له.

له صحبة، ذكر فيمن نزل البصرة من الصحابة.

وكان من أصحاب علي في الحروب، وهو الذي حرَّق عبد الله بن =

ص: 329

15964 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ - يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ - قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ: جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي قَوْلًا، وَأَقْلِلْ عَلَيَّ لَعَلِّي أَعْقِلُهُ. قَالَ:" لَا تَغْضَبْ " فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ:" لَا تَغْضَبْ ".

قَالَ يَحْيَى: قَالَ هِشَامٌ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ. وَهُمْ يَقُولُونَ: لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (1).

= الحضرمي حين بعثه معاوية ليأخذ له البصرة، فوجه إليه عليٌّ أعينَ بن ضبيعة فقتل، فوجه جارية، فحاصر ابنَ الحضرمي، ثم حرَّق عليه.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن جارية بن قدامة لم يُخرج له الشيخان ولا أحدهما، وأخرج له النسائي في "مسند علي"، وقال المزِّي في "التهذيب": مختلف في صحبته، وقال يحيى بن سعيد القطان: وهم يقولون: لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: قد ذكره ابنُ سعد في "الطبقات" 7/ 56 فيمن نزل البصرة من الصحابة، وقال أبو حاتم: له صحبة، وذكره في الصحابة أبو نعيم، وابنُ عبد البر وابن مندة وابن الأثير، والحافظ، وقال في "التقريب": صحابي على الصحيح. وقوله في جارية إنه عم الأحنف أو ابن عمه كما في الرواية 5/ 370، قال الطبراني في "الكبير" 2/ 261: كان الأحنف يدعوه عمه على سبيل الإعظام، وقال أبو نعيم: قيل: ليس بعمه ولا ابن عمه أخي أبيه، وإنما سماه عمه توقيراً، وقال ابن الأثير في "أسد الغابة": وهذا أصح، فإنهما لا يجتمعان. إلا في كعب بن سعد بن زيد بن مناة .. ، فإن أراد بقوله:"ابن عمه" أنهما من قبيلة واحدة، فربما يَصِحُّ له ذلك. يحيى بن سعيد: هو القطان، هشام: هو ابن عروة بن الزبير، وقول يحيى: قال هشام: قلت: يا رسول الله، يعني أن هشاماً ذكر في الحديث أن جارية بن قُدامة هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما غيَّره يحيى لشكِّه في صحبتَه. =

ص: 330

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 237، وابن حبان (5690) والطبراني في "الكبير"(2095)، والخطيب في "تاريخه" 3/ 108، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 1/ 122 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وجاء عند ابن بشكوال أن السائل هو جارية، لا رجل.

وقد اختلف فيه على هشام بن عروة:

فأخرجه ابنُ أبي شيبة 8/ 533، ومن طريقة ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1168)، والطبراني (2105) عن عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف، عن جارية بن قدامة، عن ابن عم له من بني تميم سأل النبيّ

فذكره.

وأخرجه الطبراني (2104) من طريق ابن أبي شيبة، عن عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف، عن عم له من بني تميم، عن جارية بن قدامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

وأخرجه ابن حبان (5689) من طريق عمرو بن الحارث، والطبراني (2106) من طريق أبي أسامة، كلاهما عن هشام، عن أبيه، عن ابن عم له وهو جارية بن قدامة أنه قال: يا رسول الله

وأخرجه الطبراني (2093) و (2094) و (2096) من طريق حماد بن سلمة ومسلمة بن قعنب القعنبي، وعمرو بن الحارث على الترتيب، والحاكم 3/ 615 من طريق مسلمة القعنبي، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف، عن جارية بن قدامة، قال: قلت: يا رسول الله.

وأخرجه الطبراني (2097) من طريق علي بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف، عن جارية بن قدامة أن عمه أتى النبي ..

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 237 من طريق وهيب، عن هشام، عن أبيه، عن الأحنف، عن بعض عمومته قال: قلت: يا رسول الله.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 7/ 246 من طريق صدقة بن عبد الله ومن =

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، كلاهما عن هشام عن أبيه، عن الأحنف، عن عمه أنه قال: يا رسول الله ....

وأخرجه الطبراني (2099) من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، عن هشام، عن عروة، عن طلحة بن قيس، عن الأحنف، عن جارية، عن ابن عم له قال: قلت بزيادة: طلحة بن قيس، ولعلها من أوهام محمد بن عبد الرحمن الطفاوي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2101)، وفي "الأوسط"(7487) من طريق أبي زهير عبد الرحمن بن مغراء، عن محمد بن كريب، عن أبيه، قال: شهدت الأحنف بن قيس يحدث عن عمه -وعمه جارية بن قدامة- أنه قال: يا رسول الله قل لي قولاً ينفعني الله به

وقال في "الأوسط": لم يروِ هذا الحديث عن كريب إلا ابنه محمد، تفرد به أبو زهير، والمشهور من حديث هشام بن عروة عن أبيه، عن جارية بن قدامة.

وأورده الدارقطني في "العلل" 5/ 3 وأورد فيه الاختلاف على هشام، وذكر الاختلاف في تعيين الرجل صاحب الحديث.

وأورد الاختلاف على هشام كذلك الحافظُ في "الإصابة" 2/ 53 ورجَّح ما روى أحمد عن يحيى بن سعيد وغيره، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف، عن جارية بن قدامة، قال: قلت: يا رسول الله أوصني

وسيأتي هذا الطريق بالرواية 5/ 34.

وسيأتي مكرراً سنداً ومتناً 5/ 34 و 370 و 372.

وقوله: "أن رجلاً سأل": السائل هو جارية بن قدامة كما سيرد في الروايات الآتية للحديث. وقيل: هو أبو الدرداء، وقيل: سفيان بن عبد الله الثقفي، ومنهم من أبهمه. انظر "غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال 1/ 121.

وقد سلف ذكر أحاديث الباب في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص في =

ص: 332

‌حَدِيثُ ذِي الْجَوْشَنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

15965 -

حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ (1)، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ لِي، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي قَدْ جِئْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ (2) لِتَتَّخِذَهُ، قَالَ:" لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَنْ أَقِيضَكَ (3) بِهِ الْمُخْتَارَةَ مِنْ دُرُوعِ بَدْرٍ، فَعَلْتُ (4)؟ " فَقلْتُ: مَا كُنْتُ لِأَقِيضَكَ (5) الْيَوْمَ بِغُرَّةٍ (6)، قَالَ:" فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ "، ثُمَّ قَالَ: " يَا

= الرواية (6635).

قال السندي: قوله: "وأقلل" من الإقلال، أي اجعله مختصراً.

"أعقله": أضبطه وأجعله حاضراً عندي لاختصاره.

(1)

قال السندي: ذو الجوشن الضبابي، قيل: اسمه أوس، وقيل: شرحبيل، وهو الأشهر. له صحبة، نزل الكوفة.

قيل: لقب بذلك، لأنه دخل على كسرى، فأعطاه جوشناً، فكان أول عربي لبسه، وقيل: لأن صدره كان ناتئاً، وكان فارساً شاعراً. والجوشن: الدرع، والصدر.

(2)

تحرف في (م) إلى: ابن العرجاء.

(3)

في (ظ 12) و (ص) وهامش (ق): أقاضيك، وفي هامش (ظ 12): أُقايضك.

(4)

كلمة: "فعلت" من (ظ 12) و (ص) و (ق).

(5)

في (ظ 12) و (ص) و (ق): لأقاضيك، وفي هامش (ظ 12): لأقايضك.

(6)

وقع في (م) و (ق): بعده، وهي نسخة السندي، وشرح عليها، فقال: =

ص: 333

ذَا الْجَوْشَنِ، أَلَا تُسْلِمُ فَتَكُونَ مِنْ أَوَّلِ هَذَا (1) الْأَمْرِ؟ " قُلْتُ: لَا، قَالَ:" لِمَ؟ " قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ قَوْمَكَ قَدْ وَلِعُوا بِكَ! قَالَ: " فَكَيْفَ بَلَغَكَ عَنْ مَصَارِعِهِمْ بِبَدْرٍ؟ " قَالَ: قُلْتُ: بَلَغَنِي (2). قَالَ (3): قُلْتُ: أَنْ تَغْلِبْ عَلَى مَكَّةَ وَتَقْطُنْهَا، قَالَ:" لَعَلَّكَ إِنْ عِشْتَ أَنْ تَرَى ذَلِكَ " قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " يَا بِلَالُ، خُذْ حَقِيبَةَ الرَّحْلِ (4) فَزَوِّدْهُ مِنَ الْعَجْوَةِ "، فَلَمَّا أَنْ أَدْبَرْتُ قَالَ:" أَمَا إِنَّهُ مِنْ خَيْرِ (5) بَنِي عَامِرٍ ". قَالَ: فَوَاللهِ إِنِّي لَبِأَهْلِي بِالْغَوْرِ إِذْ أَقْبَلَ رَاكِبٌ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: مِنْ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ النَّاسُ؟ قَالَ: قَدْ غَلَبَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قُلْتُ: هَبِلَتْنِي أُمِّي، فَوَاللهِ لَوْ أُسْلِمُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ أَسْأَلُهُ الْحِيرَةَ، لَأَقْطَعَنِيهَا (6).

= أي بعد ما قلت لك ما قلت. وسمى الفرس غُرَّةً، وأكثر ما جاء ذكر الغُرة في الحديث إنما يراد به العبدُ والأمةُ.

(1)

لفظ "هذا" ليس في (ظ 12).

(2)

في (ظ 12) و (ص) و (ق): قد بلغني.

(3)

في نص الحديث فيما سيأتي 4/ 68 زيادة: "فإنا نهدي لك" بعد قال. ولفظ الزيادة في "معجم الطبراني": "عُقْدٌ بك".

(4)

في (م) و (ق) و (ص): الرجل. بالجيم.

(5)

في هامش (س) زيادة كلمة: "فرسان". (خ).

(6)

إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- لم يسمع من ذي الجوشن، وإنما سمعه من ابنِه شمر عنه، نصَّ على ذلك سفيان الثوري في الرواية (15966/ 2)، وابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 146، وأبو القاسم البغوي فيما نقله عنه المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 4/ 90، وباقي رجال الإسناد رجال الصحيح، غير أن صحابيه ذا =

ص: 334

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الجوشن أخرج له أبو داود فحسب، واسمه: أوس، وقيل: شرحبيل، وقيل: عثمان، وسمي ذا الجوشن لأنه كان ناتئ الصدر.

وأخرجه مطولاً ومختصراً أبو داود (2786)، والطبراني في "الكبير"(7216)، والبهيقي في "السنن" 9/ 108 من طريق مسدد، والطبراني في "الكبير"(7216) من طريق أبي جعفر النهشلي، كلاهما عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. ولفظ الطبراني:"لغبوا" بدل "ولعوا".

وأورده المنذري في "مختصر سنن أبي داود"(2668) ثم قال: والحديث لا يثبت، فإنه دائر بين الانقطاع أو رواية من لا يعتمد على روايته.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/ 162 وقال: روى أبو داود بعضه، وقال: رواه عبد الله بن أحمد وأبوه -ولم يسق المتن- والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح.

وسيأتي بالأرقام (15966) و (16633) و (16634) و (16635).

قال السندي: قوله: "بابن القرحاء" بالمد، تأنيث الأقرح، وهو ما كان على جبهته قُرْحة -بالضم- وهي بياض يَسيرٌ في وجه الفرس دون الغُرة.

"لتتخذه" أي: لنفسك.

"أن أُقاضيك" هكذا في أصلنا، أي: أصالحك، وفي بعض الأصول أقيضك به، وهو الذي في كُتُب الغريب من قاضه يقبضه، أي: أعوضك عنه. (والمقايضة في البيوع: المعاوضة وهي أن يُعطيَ الرجل متاعاً، ويأخُذَ متاعاً آخر لا نقد فيه).

"من أول هذا الأمر": من أول أهله.

"وَلِعُوا بك" من ولع به، كفرح: إذا أُغْرِي به، كأنه أراد أن بينَك وبين قومك محاربة، ولا يُدرى أنَّ الأمر لمن يتقرر، ففي الإيمان بك مخاطرة، ويُحتمل أنه أراد أن الأمر غير متبين وإلا لكان قومك أعلم به.

"تَقْطُنها" من قَطَن بالمكان -كنصر- إذا أقام به، والجواب مقدر، أي: يكن لك الأمر أو نحوه.

"حقيبة الرحل": هي الزيادة التي تُجعل في مُؤخَّر القَتَب، والوعاء الذي =

ص: 335

• 15966/ 1 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ](1): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ (2).

• 15966/ 2 - قَالَ [عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ أَبِي شِمْرٍ الضِّبَابِيِّ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ (3). قَالَ

= يجمع فيه الرجلُ زاده.

"لَبِأهلي" بفتح اللام، والباءُ بمعنى في، أي: لَفيهم.

"بالغور" -بفتح الغين المعجمة-: الأرض المنخفضة، والغور من كل شيء عمقه.

"هبلتني": فقدتني.

"لو أُسلم" من الإسلام.

"الحِيرة" بكسر حاء، بلدة قديمة بظهر الكوفة.

"لأقطَعَنِيها"، أي: أعطانيها.

(1)

هذا الحديث في (ظ 12) و (ص) من زوائد عبد الله بن أحمد، وذكر أنه من الزوائد الحافظ فى "أطراف المسند" 2/ 321.

(2)

إسناده ضعيف، وهو مكرر ما قبله، إلا أنه من زيادات عبد الله بن أحمد، وشيخاه فيه أبو بكر بن أبي شيبة والحكم بن موسى -وهو القنطري- ثقتان.

وهو عند ابن أبي شيبة 14/ 375 - 376، ومن طريقه أخرجه ابن سعد 6/ 47، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1506)، والطبراني في "الكبير"(7216).

وسيأتي مكرراً برقم (16633) عن الحكم بن موسى، وبرقم (16635) عن أبي بكر بن أبي شيبة.

(3)

إسناده ضعيف، وهو مكرر ما قبله، إلا أن شيخ عبد الله هنا هو محمد =

ص: 336

سُفْيَانُ: فَكَانَ ابْنُ ذِي الْجَوْشَنِ جَارًا لِأَبِي إِسْحَاقَ لَا أُرَاهُ إِلَّا سَمِعَهُ مِنْهُ.

= ابن عباد المكي، وهو ثقة. سفيان: هو الثوري.

وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 8/ 527 من طريق عبد الله بن أحمد، عن محمد بن عباد، بهذا الإسناد.

وسلف برقم (15965).

ص: 337

‌حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدٍ (1) عَنِ النَّبِيِّ

15967 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ طَبَخَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِدْرًا فِيهَا (2) لَحْمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" نَاوِلْنِي ذِرَاعَهَا " فَنَاوَلْتُهُ فَقَالَ: " نَاوِلْنِي ذِرَاعَهَا " فَنَاوَلْتُهُ فَقَالَ: " نَاوِلْنِي ذِرَاعَهَا " فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَمْ لِلشَّاةِ مِنْ ذِرَاعٍ؟ قَالَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ سَكَتَّ لَأَعْطَتْكَ ذِرَاعًا مَا دَعَوْتَ بِهِ "(3).

(1) قال السندي: أبو عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل: لا يعرف اسمه.

(2)

في (س) و (ق) و (م): فيه، والمثبت من (ظ 12) و (ص) وهامش (س).

(3)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أن صحابيه لم يخرج له سوى الترمذي في "الشمائل". عفان: هو ابن مسلم الصفار، وأبان العطار: هو أبان بن يزيد، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 204 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 1/ 22، والترمذي في "الشمائل"(170)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(472)، والطبراني في "الكبير" 22/ (842) من طرق عن أبان العطار، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 311، وقال: رواه أحمد =

ص: 338

‌حَدِيثُ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ

(1)

15968 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ (2)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهِرْمَاسُ بْنُ زِيَادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى (3).

= والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح غير شهر بن حوشب، وقد وثقه غير واحد.

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (5089)، وذكرنا هناك شواهده.

قال السندي: قوله: "ناولني"، أي: أعطني، وكان أحب اللحم إليه لحم الذراع.

قوله: "لأعطتك"، أي: القدر أو الشاة، قيل: لعل سبب قطع الكلام هذا الأمر العظيم أنه قطع التوجه الذي كان له حال سكوته.

(1)

قال السندي: الهرماس بن زياد، باهلي، صحابي سكن اليمامة، وهو آخر من مات بها من الصحابة بعد المئة.

(2)

في (م): عمارة، وهو تحريف.

(3)

إسناده حسن، عكرمة بن عمار، وهو العجلي -وإن كان من رجال مسلم- لا يرقى حديثه إلى رتبة الصحيح. يحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 553، والبخاري في "التاريخ" 8/ 246، وأبو داود (1954)، والنسائي في "الكبرى"(4095)، وابن خزيمة (2953)، وابن حبان (3875)، والطبراني في "الكبير" 22/ (532) و (533) -وعنده زيادات-، والبيهقي في "السنن" 5/ 140 من طرق عن عكرمة، بهذا الإسناد.

وسيأتي برقم (15969) و 5/ 7. =

ص: 339

15969 -

حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ - وهُوَ الْعِجْلِيُّ - حَدَّثَنَا الْهِرْمَاسُ بْنُ زِيَادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ أَبِي يَوْمَ الْأَضْحَى، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى نَاقَتِهِ بِمِنًى (1).

15970 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنِ الْهِرْمَاسِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى بَعِيرٍ نَحْوَ الشَّامِ (2).

= وفي الباب من حديث أبي بكرة الثقفي عند البخاري (67)، وسيرد 5/ 37.

ومن حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، سلف (15886).

ومن حديث عامر المزني، سلف (15920).

ومن حديث قيس بن عائذ، سيرد 4/ 78.

(1)

إسناده حسن، وهو مكرر ما قبله، إلا أن شيخ أحمد هنا هو هاشم ابن القاسم.

وأخرجه ابن سعد 5/ 553، وابن أبي شيبة 2/ 189، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1252) من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

(2)

إسناده ضعيف، عبد الله بن واقد: هو أبو قتادة الحراني، له ترجمة في "التهذيب" وفروعه تمييزاً، قال الحافظ في "التقريب": متروك، وكان أحمد يثني عليه، وقال: لعله كبر واختلط، وكان يدلس. قلنا: وقد اختلف عليه.

فأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ 537 من طريق أبي أمية عمرو بن هشام الحراني، عن عبد الله بن واقد، به، بلفظ: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته نحو المشرق.

وصلاته صلى الله عليه وسلم التطوع على دابته حيث توجهت به، سلف بإسنادٍ صحيح من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (4470). وذكرنا هناك أحاديث الباب.

ص: 340

• 15971 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ](1): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ [أَبِي](2) عَلِيٍّ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ، وَكَانَ أَصْلُهُ أَصْبَهَانِيًّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الضُّرَيْسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ هِرْمَاسٍ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ أَبِي، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعِيرٍ وَهُوَ يَقُولُ:" لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا "(3).

(1) في (س) و (ق) و (م): حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن عمران، وهو وهم، والمثبت من (ظ 12) و (ص): يعني أن هذا الحديث من زوائد عبد الله، وكذلك جاء في "أطراف المسند" 5/ 428.

(2)

ما بين حاصرتين مثبت من "ذكر أخبار أصبهان" 2/ 46، و"تهذيب الكمال" و"التقريب".

(3)

حديث حسن دون قوله: "لبيك بحجة وعمرة معاً"، فإنها زيادة منكرة، عبد الله بن عمران الأصبهاني، قال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يغرب. قلنا: وقد أخطأ في هذا الحديث، إذ دخل حديث في حديث فيما ذكر أبو حاتم في "العلل" (872) فقد قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عبد الله بن عمران، عن يحيى بن الضريس، عن عكرمة بن عمار، عن الهرماس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بهما جميعاً: "لبيك بحجة وعمرة". قال أبي: فذكرته لأحمد بن حنبل فأنكره، قال أبي: أرى دخل لعبد الله بن عمران حديث في حديث، وسرقه الشاذكوني، لأنه حدث به بَعْدُ عن يحيى بن الضريس. قلنا: وأشار إلى نكارته الحافظ في "أطراف المسند" 5/ 429.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (534)، وفي "الأوسط"(4323) من طريق عبد الله بن أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1254) عن محمد بن أبي غالب، عن عبد الله بن عمران، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (534) من طريق سليمان بن داود =

ص: 341

‌حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو

(1)

15972 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ زُرَارَةَ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ:" غَفَرَ اللهُ لَكُمْ (2) " قَالَ: وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ. قَالَ: فَاسْتَدَرْتُ لَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ أَرْجُو أَنْ يَخُصَّنِي دُونَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: " غَفَرَ اللهُ لَكُمْ (2) ". قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْفَرَائِعُ وَالْعَتَائِرُ؟ قَالَ:" مَنْ شَاءَ فَرَّعَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ، وَمَنْ شَاءَ عَتَرَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، فِي الْغَنَمِ أُضْحِيَّةٌ " ثُمَّ قَالَ: " أَلَا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا "(3).

= الشاذكوني، عن يحيى بن الضريس، به. والشاذكوني متروك.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 235، وقال: رواه عبد الله في زياداته، والطبراني في"الكبير" و"الأوسط"، ورجاله ثقات!

وقد سلف بإسناد حسن (15969) بلفظ: كنت ردف أبي يوم الأضحى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته بمنى.

(1)

قال السندي: الحارث بن عمرو، باهلي، ثم سهمي، نزل البصرة.

(2)

في (ظ 12): لك.

(3)

إسناده حسن، يحيى بن زُرارة السهمي: هو ابن عبد الكريم -ولقبُه كُريم بالتصغير- ابن الحارث بن عمرو، صدوق حسن الحديث، روى عنه جمع، وذكره ابنُ حبّان في "الثقات"، ولا نعلم فيه جرحاً، وقد تُوبع، وأبوه زُرارة =

ص: 342

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قيل: له رؤية، وذكره ابنُ حبان في "ثقات التابعين"، وقال: من زعم أن له صحبة فقد وهم، وقد روى عنه جمع. عفان: هو ابن مسلم الصفَّار، والحارثُ بن عمرو من سهم باهلة، كنيته أبو مسقبة.

وأخرجه مطولاً ومختصراً النسائي في "المجتبى" 7/ 169، وفي "الكبرى"(4553)، والحاكم 4/ 236، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1066) مختصراً، والطبراني في "الكبير"(3350) من طريق عفان، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح الإسناد، فإنَّ الحارث بن عمرو السهمي صحابي مشهور، وولده بالبصرة مشهورون، ووافقه الذهبي.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 7/ 168 و 169، وفي "الكبرى"(4552) و (4553)، وفي "عمل اليوم والليلة"(420) مختصراً بطرفه الأول، والبزار (3347)"زوائد"، والطبراني في "الكبير"(3350)، وفي "الأوسط"(5924) من طرق عن يحيى بن زرارة، به. وقال الطبراني في"الأوسط": لا يروى هذا الحديث عن الحارث بن عمرو إلا من حديث ولده بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري في "الأدب المفرد"(1148)، وفي "خلق أفعال العباد" ص 80، وفي "التاريخ الكبير" 2/ 260 و 3/ 438، وأبو داود (1742)، وابنُ أبي عاصم في "الآحاد المثاني"(1257)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1065)، والطبراني في "الكبير"(3351) والحاكم 4/ 232، والبيهقي في "السنن" 5/ 28 من طريق عتبة بن عبد الملك السهمي، عن زُرَارة، به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وأورده الهيثمي في "المجمع" 3/ 216 و 3/ 269، وقال: رجاله ثقات.

وأخرجه بنحوه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1258)، والطبراني في "الكبير"(3352) من طريق يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن سهل بن حُصين الباهلي، عن زُرارة، عن الحارث بن عمرو السهمي أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو على ناقته العضباء، وكان الحارث رجلاً جسيماً، فنزل إليه الحارث، فدنا منه حتى حاذى وجهه بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهوى =

ص: 343

وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ زُرَارَةَ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّهِ الْحَارِثِ.

= نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يمسح وجه الحارث، فما زالت نضرة على وجه الحارث حتى هلك، فقال الحارث: يا نبي الله ادع الله لي، فقال:"اللهم اغفر لنا"

وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/ 402 وقال: رجاله ثقات.

قال البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 260: قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا فرع ولا عَتِيرة"، وهذا أصح. قلنا: يعني أنه ثبت النهي عنهما في حديث أبي هريرة السالف برقم (9301)، وورد التخيير فيهما في حديث الحارث هذا، وسلف في باب التخيير فيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (6713).

وفي الباب أيضاً عن نُبَيْشَة الهُذَلي عند أبي داود (2830)، والنسائي 7/ 169 - 170، وسيرد 5/ 75.

وعن مِخنف بن سليم عند النَّسَائي 7/ 167 - 168، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1058)، وسيرد 5/ 76.

وانظر ما ذكرنا مبسوطاً في هذه المسألة في حديث عبد الله بن عمرو (6713).

وسلف ذكر خطبة الوداع من حديث ابن عباس برقم (2036)، وسيرد ذكرها أيضاً من حديث نبيط بن شريط 4/ 305.

ومن حديث أبي حرة الرقاشي، سيرد 5/ 72 - 73.

ومن حديث أبي نضرة، سيرد 5/ 411.

ص: 344

‌حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ

(1)

15973 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً، فَكُنْتُ أُكْثِرُ الِاغْتِسَالَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:" إِنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْهُ الْوُضُوءُ " فَقُلْتُ: كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي؟ فَقَالَ: " يَكْفِيكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ، فَتَمْسَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ، حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ "(2).

(1) قال السندي: سهل بن حنيف، أنصاري أوسي، يكنى أبا سعيد، أو أبا عبد الله، وأبا ثابت. من أهل بدر، وكَان من السابقين.

وثبت يوم أحد حين انكشف الناس، وبايع يومئذ على الموت، وشهد أيضاً الخندق والمشاهد كلها.

واستخلفه عليٌّ على البصرة بعد الجمل، ثم شهد بيعة صفين، ويقال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين علي.

مات بالكوفة، وصلى عليه عليٌّ، فكبر ستّاً، وقال: إنه بدري.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن عبيد بن السباق، فقد روى له أصحاب السنن خلا النسائي. إسماعيل بن إبراهيم: هو المعروف بابن عُلَيَّة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 91، وأبو داود (210)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1913)، وابن خزيمة (291)، وابن حبان (1103)، والطبراني في "الكبير"(5594) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. =

ص: 345

15974 -

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَرُدَّ أَمْرَهُ لَرَدَدْنَاهُ، وَاللهِ مَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَنْ عَوَاتِقِنَا مُنْذُ أَسْلَمْنَا لِأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلَّا أَسْهَلَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ، إِلَّا هَذَا الْأَمْرَ مَا سَدَدْنَا خَصْمًا إِلَّا انْفَتَحَ لَنَا خَصْمٌ آخَرُ (1).

= وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(468)، والترمذي (115)، وابن ماجه (506)، والدارمي 1/ 184، وابن خزيمة (291)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 47، والطبراني في "الكبير"(5593) و (5594) و (5595) من طرق عن ابن إسحاق، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا، وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب، فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل، وهو قول الشافعي وإسحاق، وقال بعضهم: يجزئه النَّضْح، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النَّضْح بالماء.

وفي الباب عن علي بن أبي طالب، سلف برقم (662).

وعن المقداد بن الأسود عند مسلم (303)(19)، وسيرد 6/ 5.

قال السندي: قوله: "إنما يجزئك"، بفتح الياء من الجزاء، أو بضمها من الإجزاء، أي: يكفيك.

قوله: "فتمسح"، أي: تغسل، وظاهره أنه يكفي المرة الواحدة.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة.

وأخرجه الحميدي (404)، والطبراني في "الكبير"(5600) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (3181) و (7308)، ومسلم (1785)(95)، وابن أبي =

ص: 346

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عاصم في "الآحاد والمثاني"(1911)، والطبراني في "الكبير"(5598) و (5599) و (5601) من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه البخاري (4189)، ومسلم (1785)(96)، والطبراني في "الكبير"(5602) و (5603) و (5605) من طريقين عن أبي وائل، به.

وانظر ما بعده.

قال السندي: قوله: "اتهموا رأيكم"، أي: إنكم تقاتلون إخوانكم في الإسلام عن اجتهادٍ اجتهدتموه، وهو يحتمل الخطأ، فكونوا على حذر.

قوله: "يوم أبي جندل"، أي: يوم الحديبية حين جاء أبو جندل وهو مسلم مقيَّد، معذب في الله، وقد جرى الصلح على رَدِّ من جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم منهم مسلماً، فردَّه مع كونه شاقاً على المسلمين، فكأنه يشير إلى أن الصلح خير.

قوله: "أمره"، أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: "لرددناه": ومع ذلك صبرنا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الصلح من خير.

قوله: "عن عواتقنا"، أي: على عواتقنا كما في البخاري ومسلم (وهو الوجه).

قوله: "يفظعنا"، أي: ينزل بنا. وقال الحافظ في "الفتح" 13/ 288: أي يوقعنا في أمر فظيع، وهو الشديد في القبح ونحوه.

قوله: "أسهل"، أي: الوضع. وقال الحافظ: وهو كناية عن التحول من الشدة إلى الفرج.

قوله: "خصماً"، بضم فسكون، أي: جانباً منه.

وقال الحافظ في "الفتح" 13/ 288: ومراد سهل أنهم كانوا إذا وقعوا في شدة يحتاجون فيها إلى القتال في المغازي والفتوح العمرية عمدوا إلى سيوفهم فوضعوها على عواتقهم، وهو كناية عن الجد في الحرب، فإذا فعلوا ذلك انتصروا، وهو المراد بالنزول في السهل، ثم استثنى الحرب التي وقعت بصفين لما وقع فيها من إبطاء النصر وشدة المعارضة من حجج الفريقين، إذ حجة علي ومن معه ما شرع لهم من قتال أهل البغي حتى يرجعوا إلى الحق، وحجة =

ص: 347

15975 -

حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي مَسْجِدِ أَهْلِهِ أَسْأَلُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ بِالنَّهْرَوَانِ، فِيمَا اسْتَجَابُوا لَهُ، وَفِيمَا فَارَقُوهُ، وَفِيمَا اسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ، قَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ، فَلَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِأَهْلِ الشَّامِ، اعْتَصَمُوا بِتَلٍّ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ: أَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ بِمُصْحَفٍ، وَادْعُهُ إِلَى كِتَابِ اللهِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَأْبَى عَلَيْكَ. فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ، وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: 23] فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، أَنَا أَوْلَى بِذَلِكَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ.

قَالَ: فَجَاءَتْهُ الْخَوَارِجُ وَنَحْنُ نَدْعُوهُمْ يَوْمَئِذٍ: الْقُرَّاءَ، وَسُيُوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا نَنْتَظِرُ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ عَلَى التَّلِّ؟ أَلَا نَمْشِي إِلَيْهِمْ بِسُيُوفِنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَتَكَلَّمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ - يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ - وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،

= معاوية ومن معه ما وقع من قتل عثمان مظلوماً، ووجود قتلته بأعيانهم في العسكر العراقي، فعظمت الشبهة حتى اشتد القتال، وكثر القتل في الجانبين، إلى أن وقع التحكيم، فكان ما كان.

ص: 348

أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: " بَلَى " قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: " يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي أَبَدًا " قَالَ: فَرَجَعَ وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ. فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ أَبَدًا. قَالَ: فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ، قَالَ: فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُمَرَ، فَأَقْرَأَهَا إِيَّاهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ:" نَعَمْ "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعلى بن عبيد: هو الطنافسي.

وأخرجه البخاري (4844)، والنسائي في "الكبرى"(11504)، والطبري في "التفسير" 26/ 70، والبيهقي في "السنن" 9/ 222 من طريق يعلى بن عبيد، بهذا الإسناد.

واْخرجه ابن أبي شيبة 14/ 438 - 439، و 15/ 317 - 318، والبخاري (3182)، ومسلم (1785)(94)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1912) مختصراً، والطبراني في "الكبير"(5604)، والبيهقي 9/ 222 من طريقين عن عبد العزيز بن سياه، به.

وانظر ما قبله.

قال السندي: قوله: عن هؤلاء القوم، أي: الخوارج.

قوله: "فيما استجابوا له": أولاً، "وفيما فارقوه": آخراً.

قوله: "استحر"، أي: اشتدَّ.

ص: 349

15976 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَتِيهُ (1) قَوْمٌ قِبَلَ الْمَشْرِقِ مُحَلَّقَةٌ رُءُوسُهُمْ ". وَسُئِلَ عَنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:" حَرَامٌ آمِنًا، حَرَامٌ آمِنًا "(2).

(1) في الأصول: يليه، وفي (م): بلية، وكلاهما خطأ، والمثبت من مسلم وغيره: ممن خرج الحديث. وتكلف السندي في توجيه "يليه" فقال: أي: يلي المشرق من الولاية أو الولي بمعنى القرب، أي: يسكنوا فيه.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. العوام: هو ابن حوشب، وأبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان.

وقوله: "يتيه قوم قبل المشرق محلقة رؤوسهم":

أخرجه ابن أبي شيبة 15/ 331، ومسلم (1068)(160)، وابن أبي عاصم في "السنة"(909)، والطبراني في "الكبير"(5609)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 429 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وعندهم ما خلا الطبراني: يتيه قوم ..

وقوله: وسئل عن المدينة فقال: "حرام أمناً، حرام أمناً":

أخرجه الطبراني في "الكبير"(5612) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 182 و 14/ 198 - 199، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 192، والطبراني في "الكبير"(5610) و (5611) من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، به.

وفي الباب في حرمة المدينة، سلف من حديث أبي هريرة برقم (7218)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وقوله: حرام أمناً: هو مصدر يأمن، وفي مصادر التخريج: حرامٌ آمن على الوصف.

قلنا: وقد أشار الحافظ في "أطراف المسند" 2/ 544 أن هذا الحديث =

ص: 350

15977 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِزَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَامِرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْحَرُورِيَّةِ. قَالَ: أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ لَا أَزِيدُكَ عَلَيْهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنْ هَاهُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْعِرَاقِ " يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ " قُلْتُ: هَلْ ذَكَرَ لَهُمْ عَلَامَةً؟ قَالَ: هَذَا مَا سَمِعْتُ، لَا أَزِيدُكَ عَلَيْهِ (1).

15978 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ - يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ - قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي

= مختصر من الحديث الذي بعده.

(1)

حديث صحيح، حزام بن إسماعيل العامري، من رجال التعجيل روى عنه جمع، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وقد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 304، ومسلم (1068)(159)، وابن أبي عاصم في "السنة"(908)، والطبراني في "الكبير"(5607)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 428 من طريق علي بن مُسْهِر، والبخاري (6934)، ومسلم (1068)(159)، والطبراني في "الكبير"(5608) من طريق عبد الواحد بن زياد، والنسائي في "الكبرى"(8090)، والطبراني في "الكبير"(5607) من طريق محمد بن فُضَيْل، ثلاثتهم عن أبي إسحاق الشيباني، بهذا الإسناد.

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن مسعود برقم (3831) وذكرنا هناك أحاديث الباب.

ص: 351

الرَّبَابُ. وَقَالَ يُونُسُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَتْ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ، فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ مِنْهُ، فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا، فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ يَتَعَوَّذُ " قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، وَالرُّقَى صَالِحَةٌ؟ قَالَ:" لَا رُقْيَةَ إِلَّا فِي نَفْسٍ، أَوْ حُمَةٍ أَوْ لَدْغَةٍ ". قَالَ عَفَّانُ: " النَّظْرَةُ وَالْحُمَةُ وَاللَّدْغَةُ "(1).

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، الرباب جدة عثمان بن حكيم، انفرد بالرواية عنها حفيدها عثمان، وذكرها الذهبي في "الميزان" في فصل في النسوة المجهولات، وقال الحافظ في "التقريب": مقبولة، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن حكيم: وهو الأنصاري فمن رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقاً.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(10086) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(257) - من طريق عفان بن مسلم الصفار، بهذا الإسناد.

وأخرجه الحاكم 3/ 408 - 409 مختصراً من طريق يونس بن محمد، به: وفيه: "مروا أبا ثابت فليتصدَّق".

وأخرجه أبو داود (3888)، والنسائي في "الكبرى"(10873) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(1034) - والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 329، والطبراني في "الكبير"(5615)، والحاكم 4/ 413 من طرق عن عبد الواحد بن زياد، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وانظر (15980).

ويشهد له حديث عائشة عند البخاري (5741) بلفظ: رخص النبي صلى الله عليه وسلم الرقية من كل ذي حُمَة. و (5738) بلفظ: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم -أو أمر- أن يسترقى من العين. وسيرد 6/ 63. =

ص: 352

15979 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ يَعُودُهُ، قَالَ: فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، قَالَ: فَدَعَا أَبُو طَلْحَةَ إِنْسَانًا، فَنَزَعَ نَمَطًا تَحْتَهُ، فَقَالَ لَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: لِمَ تَنْزِعُهُ؟ قَالَ: لِأَنَّ فِيهِ تَصَاوِيرَ، وَقَدْ قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ عَلِمْتَ. قَالَ سَهْلٌ: أَوَلَمْ يَقُلْ: " إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ "؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي (1).

= وحديث أنس عند مسلم (2196) بلفظ: رخص في الحمة والنملة والعين، وسلف (12173).

وحديث ابن عباس السالف برقم (2448)، وانظر حديث أبي سعيد الخدري (10985).

قال السندي: قوله: فنمي ذلك، على بناء المفعول، مخفف أو مشدد: من نميت الحديث إذا رفعته.

قوله: "مروا أبا ثابت": كنية سهل بن حنيف.

قوله: الرقى، بضم راء مقصور: جمع رقية.

قوله: صالحة: أي جائزة.

قوله: "نفس ": كنى بها من العين.

قوله: "أو حُمَة"، بضم ففتح: السُّمّ.

قوله: "أو لدغة": أي: عض بالأسنان، كما في الحية، أراد أن هذه الأشياء أحق بالرقية لشدة ضررها، ولم يرد الحصر، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح لغيره، وفي هذا الإسناد مقال، ففي قول عبيد الله بن عبد الله -وهو ابن عتبة بن مسعود- أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده قال: فوجد عنده سهل بن حنيف ما أنكره أهل العلم، فقد ذكره ابن عبد البر =

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في "التمهيد" 21/ 192، فقال: أنكر ذلك بعض أهل العلم، وقال: لم يلق عبيد الله أبا طلحة .. من أجل أن بعض أهل السير قال: توفي أبو طلحة سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان، رضي الله عنه، وعبيد الله لم يكن في ذلك الوقت ممن يصح له سماع.

ثم قال: واختلف في وفاة أبي طلحة، وأصح شيء في ذلك ما رواه أبو زرعة، قال: سمعت أبا نعيم يحدث عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: سرد أبو طلحة الصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة. فيكف يجوز أن يقال: إنه مات سنة أربع وثلاثين، وهو قد صام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، إذا كان ذلك كما ذكرنا صَحَّ أن وفاته لم تكن إلا بعد خمسين سنة من الهجرة، والله أعلم.

قلنا: فعلى هذا يمكن أن يكون عبيد الله بن عبد الله قد أدرك أبا طلحة، لأن وفاة عبيد الله كانت سنة (98) هـ على أصح الأقوال، إلا أن الدارقطني في "العلل" 6/ 9، والمزي في "تحفة الأشراف" 3/ 251 ذكرا أن بينهما ابن عباس، وهو الصواب.

ثم قال ابن عبد البر: وأما سهل بن حنيف، فلا يشك عالم أن عبيد الله بن عبد الله لم يره ولا لقيه ولا سمع منه، وذِكْرُهُ في هذا الحديث خطأ لا شك فيه، لأن سهل بن حنيف توفي سنة ثمانٍ وثلاثين، وصلى عليه عليٌّ رضي الله عنه، ولا يذكره في الأغلب عبيد الله بن عبد الله لصغر سنة يومئذ، والصواب في ذلك -والله أعلم- عثمان بن حنيف، وكذلك رواه محمد بن إسحاق، عن أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الله، قال: انصرفت مع عثمان بن حنيف إلى دار أبي طلحة نعوده، فذكر الحديث.

قلنا: وطريق محمد بن إسحاق أخرجه النسائي والطحاوي كما سيأتي في التخريج، وإذا صح إدراك عبيد الله بن عبد الله لأبي طلحة تكون القصة قد استقامت بهذا الإسناد.

وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 966، ومن طريقه أخرجه الترمذي =

ص: 354

15980 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَرَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ، حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا

= (1750)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 212، وفي "الكبرى"(9766)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 285، وابن حبان (5851)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(9765)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 285 من طريق محمد بن إسحاق، عن سالم أبي النضر، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة، قال: خرجت أنا وعثمان بن حنيف نعود أبا طلحة في شكوى

فذكر الحديث.

وأخرجه بنحوه البخاري (5958) ومسلم (2106)(85) وسيرد 4/ 28 من طريق الليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة". قال بسر: ثم اشتكى زيد، فعدناه، فإذا على بابه سِتْرٌ فيه صورة، فقلت لعبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: "إلا رقماً في ثوب". وهذا لفظ البخاري.

قال السندي: قوله: نمطاً، بفتحتين: بساط لطيف له خمل.

قوله: "رقما"، بفتح فسكون: نفشاً.

قوله: ولكنه أطيب لنفسي: أي النزع، ويدل الحديث على أنه لا منع من الرَّقْم.

ص: 355

رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَلُبِطَ بِسَهْلٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ، وَاللهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ. قَالَ:" هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟ " قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ. فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامِرًا، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:" عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ؟ " ثُمَّ قَالَ لَهُ: " اغْتَسِلْ لَهُ " فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (1).

(1) حديث صحيح، أبو أويس -وهو عبد الله بن عبد الله المدني، وإن كان مختلفاً فيه، قد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. حسين بن محمد: هو ابن بهرام المروذي، وأبو أمامة بن سهل: هو أسعد بن سهل.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 939 - ومن طريقه النسائي في "الكبرى"(7618)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2895)، والطبراني في "الكبير"(5575)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 163 - ، وأخرجه عبد الرزاق (19766)، والنسائي في "الكبرى"(10037) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(209) -، والطبراني في "الكبير"(5574) من طريق معمر، وابن أبي شيبة 8/ 58 - 59، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2896)، والطبراني في "الكبير"(5578)، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 242 من طريق ابن أبي ذئب، والنسائي في "الكبرى"(7617) و (10036) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(208) -، وابن ماجه (3509)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2894)، والبيهقي في "السنن" 9/ 351 - 352، من طريق سفيان بن عيينة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2898) و (2899)، والطبراني في "الكبير" =

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (5579) من طريق عُقَيْل بن خالد، وابن حبان (6106) من طريق إسحاق بن يحيى الكلبي، والطبراني في "الكبير"(5573) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مُجَمِّع، و (5576) من طريق معاوية بن يحيى الصفدي، و (5577)، والحاكم 3/ 411، والبيهقي في "السنن" 9/ 352 من طريق يونس بن يزيد، والحاكم 3/ 410 - 411 من طريق الجراح بن منهال، عشرتهم عن الزهري، بهذا الإسناد. ومن طريق ابن أبي ذئب ذكر كيفية الغسل.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 938، والنسائي في "الكبرى"(7616)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2895) م، وابن حبان (6105)، والطبراني في "الكبير"(5580) و (5581) و (5582)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(204)، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 237 - 238 من طريقين عن أبي أمامة، به.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(10038) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(210) -، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2897) من طريق جعفر بن بُرْقان، عن الزهري، عن أبي أمامة، عن عامر بن ربيعة، به.

قال النسائي: جعفر بن برقان في الزهري ضعيف، وفي غيره لا بأس به.

قلنا: وقد سلف من حديث عامر بن ربيعة برقم (15700)، وانظر تعليقنا عليه هناك.

قال السندي: قوله: وساروا، أي: الصحابة.

قوله: "الخرار" بفتح الخاء وتشديد الراء الأولى: موضع قرب الجحفة.

قوله: "كاليوم"، أي: كمرئي اليوم.

قوله: "ولا جلد مخبأة": عطف على مقدر، أي: ما رأيت شيئاً ولا جلد مخبأة، بتشديد الباء، بعدها همزة، يقال: جارية مخبأة، أي: مستَّرة.

قوله: "فلبط"، على بناء المفعول، أي: صرع به.

قوله: "هل لك في سهل"، أي: هل لك رغبة في إصلاح أمره.

قوله: "وما يفيق": من الإفاقة.

ص: 357

15981 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيُّ بِقُبَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْكَرْمَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ: قَالَ أَبِي: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ " - يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ - " فَيُصَلِّيَ فِيهِ كَانَ كَعَدْلِ (1) عُمْرَةٍ "(2).

= قوله: "بركت"، بتشديد الراء، أي: دعوت بالبركة.

قوله: "وداخلة إزاره"، قيل: هو الفرج، وقيل: ما يلي البدن من الإزار.

قوله: "يكفئ"، أي: يقلب.

وانظر "زاد المعاد" 4/ 157 - 159 (طبعة مؤسسة الرسالة 1996)، و"فتح الباري" 10/ 204 - 205.

(1)

في (ق): فإنه يعدل.

(2)

صحيح بشواهده، وهذا إسناد حسن، محمد بن الكرماني -وهو محمد ابن سليمان المدني القُبَائي المعروف بالكرماني-، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولا نعلم فيه جرحاً، ومجمع بن يعقوب وثقه ابن سعد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن معين والنسائي وأبو حاتم: لا بأس به، وهو متابع، وباقي رجال الإسناد رجال الصحيح. إسحاق بن عيسى: هو ابن نجيح ابن الطباع، وأبو أمامة: هو أسعد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5558)، والحاكم 3/ 12 من طريق محمد ابن عيسى الطباع أخي إسحاق، عن مجمع بن يعقوب، بهذا الإسناد. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قلنا: وصحح إسناده العراقي في تخريج "الإحياء" 1/ 260.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 96، وابن ماجه (1412)، =

ص: 358

15982 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَرْمَانِيِّ

= والطبراني (5559) و (5561) و (5562) من طرق عن محمد بن سليمان الكرماني، به، وزاد بعضُهم ذكر التطهر.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 373 و 12/ 210، وعبد بن حميد في "المنتخب"(469)، والبخاري في "التاريخ" 8/ 378 - 379، وابنُ شَبَّة في "تاريخ المدينة" 1/ 41 و 43، والطبراني (5560) من طريق موسى بن عبيدة، عن يوسف بن طهمان، عن أبي أمامة، به، بلفظ:"من توضأ فأحسن وضوءه ثم جاء مسجد قُباء، فركع فيه أربع ركعات، كان ذلك كعدل عمرة"، وفي رواية الطبراني:"كان ذلك عدل رقبة". وزاد البخاري: "ومن خرج على طهر لا يُريد إلا مسجدي هذا يُريد مسجد المدينة ليُصَلِّي فيه كان بمنزلة حجة".

وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/ 11، وقال: رواه ابن ماجه وغيره، وقالوا: كعدل عمرة، وهنا (أي عند الطبراني) كعدل رقبة، رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.

وسيأتي برقم (15982) و (15983).

وفي الباب عن أسيد بن ظهير عند ابن أبي شيبة 2/ 373، والترمذي (324)، وابن ماجه (1411) بلفظ:"الصلاة في مسجد قباء كعمرة". وقال الترمذي: غريب.

وعن أبي سعيد الخدري عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 244 ولفظه: "من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم جاء مسجد قُباء، فصلى فيه، كان له أجر عمرة".

وعن ابن عمر عند ابن أبي شيبة 2/ 373، وابن حبان (1627)، ولفظه:"من صلى فيه كان كعدل عمرة".

قال السندي: قوله: "كان كعَدْل" ضبط بفتح فسكون، أي: كان أجره كأجر العمرة.

ص: 359

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ (1).

15983 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكَرْمَانِيُّ؛ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (2).

15984 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ أَخْبَرَهُ - وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ - أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسٍ مَوْلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ سَهْلًا أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ، قَالَ:" أَنْتَ رَسُولِي إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، قُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَنِي يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكُمْ بِثَلَاثٍ: لَا تَحْلِفُوا بِغَيْرِ اللهِ، وَإِذَا تَخَلَّيْتُمْ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَا تَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ وَلَا بِبَعْرَةٍ "(3).

(1) صحيح بشواهده، وهو مكرر ما قبله، إلا أن شيخ أحمد هنا هو قتيبة ابن سعيد.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 2/ 37، وفي "الكبرى"(778) عن قتيبة ابن سعيد، بهذا الإسناد.

وذكرنا في الرواية السابقة شواهده.

(2)

صحيح بشواهده، وهو مكرر (15981)، إلا أن شيخ أحمد هنا هو عليُّ بنُ بحر، وشيخه حاتم هو ابن إسماعيل، وهما ثقتان.

وأخرجه عمر بن شَبَّة في "تاريخ المدينة" 1/ 40، وابن ماجه (1412) من طريقين عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وتحرف اسم محمد بن سليمان في مطبوع "تاريخ المدينة" إلى: محمد بن أبي سليمان.

(3)

ما ورد فيه من نهي صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الكريم ابن أبي المُخارق، ولجهالة الوليد بن مالك، ومحمدِ بنِ قيس، وكلاهما من =

ص: 360

15985 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ، فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ يقَدِرُ (1) عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ، أَذَلَّهُ اللهُ عز وجل عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "(2).

= رجال "التعجيل"، والأول هو ابن عباد بن حُنيف، أورده البخاري وابنُ أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات، عبدُ الرزّاق: هو ابن هَمّام الصنعاني، وروح: هو ابن عُباد القيسي، وابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز.

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(15920)، بهذا الإسناد.

وأخرجه الدارمي 1/ 170 و 172 مختصراً، والحاكم 3/ 412 من طريق أبي عاصم، عن ابن جُريج، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/ 205 و 4/ 177 وقال: رواه أحمد، وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف.

وقوله: "لا تحلفوا بغير الله" له شاهد من حديث ابن عمر، سلف برقم (4523) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وذكرنا أحاديث الباب هناك.

وقوله: "إذا تخلَّيتم فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها" له شاهد من حديث أبي هريرة، سلف برقم (7368).

وآخر من حديث أبي أيوب الأنصاري عند البخاري (394)، ومسلم (264)، وسيرد 5/ 416 و 417 و 421.

وقوله: "ولا تستنجوا بعظم ولا ببعرة" له شاهد من حديث ابن مسعود، سلف برقم (4375)، وذكرنا أحاديث الباب هناك.

(1)

في (م): قادر.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة -وهو عبد الله- وموسى بن جبير -وهو الأنصاري- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال: يخطئ =

ص: 361

15986 -

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل، أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ، أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ "(1).

= ويخالف، ووثقه الذهبي في "الكاشف"، وقال الحافظ في "التقريب": مستور، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(5554)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(428) من طريقين عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(7633) من طريق عبد الله بن عياش بن عباس القتباني، عن موسى بن جبير، به. وعبد الله بن عياش، من رجال "التهذيب"، لين الحديث، ويبدو أنه تحرف في نسخة "الشعب" التي نقل عنها الشيخ ناصر الدين الألباني في "الضعيفة"(2402) إلى الغساني، فقال: لم أعرفه!

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 267، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه ابن لهيعة، وهو حسن الحديث، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.

وانظر حديث جابر بن عبد الله، وأبي طلحة الآتي برقم (16368).

(1)

إسناده ضعيف، عبد الله بن سهل بن حنيف، من رجال "التعجيل"، لم يذكروا في الرواة عنه سوى عبد الله بن محمد بن عقيل، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، فهو في عداد المجاهيل، وعبد الله بن محمد بن عقيل، حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عبيد الله بن عمرو: هو الرقي.

وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(471) عن زكريا بن عدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3818) من طريق علي بن =

ص: 362

15987 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ سَهْلًا حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ، أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ "(2).

= معبد، عن عبيد الله بن عمرو، به.

وأخرجه الحاكم 2/ 217 - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 10/ 320 - من طريق أبي الوليد الطيالسي، والطبراني في "الكبير"(5591) من طريق يحيى الحماني، كلاهما عن عمرو بن ثابت، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: بل عمرو رافضي متروك.

قلنا: وقد اختلف عنه فيه.

فأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(93) من طريق أبي داود الطيالسي عن عمرو بن ثابت، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الرحمن بن سهل ابن حنيف، عن أبيه، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 241، وقال: رواه أحمد، وفيه عبد الله بن سهل بن حنيف ولم أعرفه، وبقية رجال حديثهم حسن، وأورده كذلك 5/ 283 ونسبه إلى الطبراني.

وسيأتي مطولاً برقم (15987).

وفي الباب عن عمر بن الخطاب، سلف برقم (126)، ولفظه:"من أظل رأس غازٍ، أظله الله يوم القيامة".

(1)

في النسخ الخطية و (م): يحيى بن بكير، وقد جاء على الصواب في "أطراف المسند" 2/ 542.

(2)

حديث ضعيف دون قوله: "أو غارماً في عسرته"، فهو صحيح لغيره، عبد الله بن سهل بن حنيف، سلف الكلام عليه في الرواية السالفة برقم =

ص: 363

‌حَدِيثُ رَجُلٍ يُسَمَّى طَلْحَةَ وَلَيْسَ هُوَ بِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ

15988 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا دَاوُدُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ - عَنْ أَبِي حَرْبٍ، أَنَّ طَلْحَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ لِي بِهَا مَعْرِفَةٌ، فَنَزَلْتُ فِي الصُّفَّةِ مَعَ رَجُلٍ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كُلَّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ: يَا رَسُولَ اللهِ أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ، وَتَخَرَّقَتْ عَنَّا الْخُنُفُ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ، ثُمَّ قَالَ:" وَاللهِ لَوْ وَجَدْتُ خُبْزًا أَوْ لَحْمًا لَأَطْعَمْتُكُمُوهُ، أَمَا إِنَّكُمْ تُوشِكُونَ أَنْ تُدْرِكُوا، وَمَنْ أَدْرَكَ ذَاكَ مِنْكُمْ أَنْ يُرَاحَ عَلَيْكُمْ بِالْجِفَانِ، وَتَلْبَسُونَ مِثْلَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ " قَالَ: فَمَكَثْتُ أَنَا

= (15986)، وعبد الله بن محمد بن عقيل، مختلف فيه، حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. زهير بن محمد: هو التميمي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 250، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(94)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(3819)، والطبراني في "الكبير"(5590)، والحاكم 2/ 89، والبيهقي في "السنن"10/ 320، وفي "الشعب"(4277) من طريق يحيى بن أبي بكير، بهذا الإسناد.

وقوله: "أو غارماً في عسرته" حديث صحيح، سلف نحوه من حديث أبي اليسر الأنصاري السالف برقم (15520)، وذكرنا هناك شواهده.

ص: 364

وَصَاحِبِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا الْبَرِيرَ، حَتَّى جِئْنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَوَاسَوْنَا، وَكَانَ خَيْرَ مَا أَصَبْنَا هَذَا التَّمْرُ (1).

(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن أبي هند، وأبي حرب -وهو ابن أبي الأسود- فمن رجال مسلم، وأبو حرب قيل: اسمه محجن، وقيل: عطاء. وصحابيه طلحة -وهو ابن عمرو البصري- لم تقع له رواية في شيء من الكتب الستة، وليس له غير هذا الحديث.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 3/ 90 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1434) و (1435)، والبزار (3673)، وابن حبان (6684)، والطبراني في "الكبير"(8160) و (8161)، والحاكم 3/ 15 و 4/ 548، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 374 من طرق عن داود بن أبي هند، به.

قال البزار: وطلحة هذا سكن البصرة، وهو طلحة بن عمرو، ولم يرو إلا هأءا الحديث. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وزاد الحاكم 4/ 549: قال داود: قال لي أبو حرب: يا داود هل تدري ما كان أستار الكعبة يومئذ؟ قلت: لا. قال: ثيابٌ بيضٌ كان يُؤتى بها من اليمن. وزاد البزار وأبو نعيم: الخُنُف: برودٌ شبه اليمانية.

وفي الباب عن أبي جحيفة عند البزار (3671)، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 323، وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الجبار بن العباس وهو ثقة.

وعن ابن مسعود عند البزار (3672)، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 323، وقال: رواه البزار وإسناده جيد.

قال السندي: قوله: "وتخرَّقت عنا الخُنف" ضبط بضمتين في "النهاية" جمع خَنِيف، وهو نوعٌ غليظ من أردإ الكتان، أراد ثياباً تُعمل منه كانوا =

ص: 365

‌حَدِيثُ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ

(1)

15989 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيُّ وَهُوَ أَبُو مَالِكٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ، قَالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ قَرَأَ كِتَابَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، قَالَ لِلرَّسُولَيْنِ:" فَمَا تَقُولَانِ أَنْتُمَا؟ " قَالَا: نَقُولُ كَمَا قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَاللهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ، لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا "(2).

= يلبسونها.

"ومَنْ أدرك ذاك منكم" خبره مقدر، أي: فقد كفاه أو نحو ذلك، والجملة معترضة.

وقوله: "أن يُراح" على بناء المفعول، بدلٌ من قوله:"أَن تُدركوا" إن فَتَح همزة "أن" في "أَنْ تُدْرِكوا" وإن كسرها على أنها حرف شرط فقولُه: "أن يُراح" خبر "توشكون".

"بالجفان" -بكسر الجيم-، جمع جَفْنَة -بفتح فسكون-: وهي القصعة الكبيرة. وذكر الحديث في "الإصابة" بلفظ: "أما أنكم تُوْشكون" لا يخلو عن بُعد.

"إلا البَرِير": هو ثمر الأراك إذا اسودَّ وبلغ، وقيل: هو اسم له في كل حال.

(1)

قال الحافظ في "الإصابة": نعيم بن مسعود بن عامر، صحابي مشهور.

أسلم ليالي الخندق، وهو الذي أوقع الخُلف بين الحيين: قريظة وغطفان في وقعة الخندق، فخالف بعضهم بعضاً، ورحلوا عن المدينة.

قتل في أول خلافة علي، قبل قدومه البصرة، في وقعة الجمل، وقيل: مات في خلافة عثمان، والله تعالى أعلم.

(2)

حديث صحيح بطرقه وشاهده، إسحاق بن إبراهيم الرازي -وهو ختن سلمة بن الفضل-، روى عنه جمع، وقال الحسيني في "الإكمال": فيه نظر. =

ص: 366

‌حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ

15990 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ بِالصَّهْبَاءِ عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ دَعَا بِالْأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بِسَوِيقٍ،

= وقال أبو حاتم -كما في "الجرح والتعديل" 2/ 208 - : سمعت يحيى بن معين أثنى عليه خيراً. قلنا: وقد توبع، وسلمة بن الفضل -وهو الأبرش، وإن يكن ضعيفاً- قويٌّ في المغازي، وقد توبع أيضاً، وبقية رجاله ثقات، ومحمدُ بنُ إسحاق صرَّح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه، وسلمة بن نُعيم له صحبة.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 5/ 348 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2761)، والحاكم 2/ 142 - 143 من طريق محمد بن عمرو الرازي -وهو ثقة-، عن سلمة بن الفضل، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2863)، والحاكم 3/ 52، والبيهقي في "السنن" 9/ 211، وفي "الدلائل" 5/ 332 من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي!

وأخرجه مطولاً ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1309) من طريق جرير بن حازم، عن ابن إسحاق، عن شيخ من أشجع، عن سلمة بن نعيم، به.

وفي الباب عن ابن مسعود، سلف برقم (3642).

قال السندي: قوله: "لولا أن الرسل لا تقتل"، أي: لئلا تنقطع الكتب والمراسيل.

ص: 367

قَالَ: فَلُكْنَا - يَعْنِي أَكَلْنَا مِنْهُ - فَلَمَّا كَانَتِ الْمَغْرِبُ تَمَضْمَضَ، وَتَمَضْمَضْنَا مَعَهُ (1).

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد -شيخ أحمد- هو القطان.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6699) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (15799).

ص: 368

‌حَدِيثُ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ

(1)

15991 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ: أَنَّهُ نَادَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ. فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ (2). فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَدَّثَ أَبُو سَلَمَةَ -:" ذَاكَ اللهُ عز وجل "(3).

(1) قال الحافظ في "الإصابة": الأقرع بن حابس، تميمي، دارمي، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مكة وحنيناً والطائف، وهو من المؤلفة قلوبهم، وقد حسن إسلامه، وكان حكماً في الجاهلية.

قال ابن دريد: إنما قيل له الأقرع لقرع كان برأسه، وكان شريفاً في الجاهلية والإسلام.

واستعمله عبد الله بن عامر على جيش سيَّره إلى خراسان، فأصيب بالجوزجان هو والجيش، وذلك في زمن عثمان. وقيل: قُتل باليرموك في عشرة من بنيه، والله أعلم.

(2)

في هامش (س): لشين.

(3)

إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو سلمة بن عبد الرحمن -وهو ابن عوف القرشي- لم يثبت سماعه من الأقرع بن حابس، فقد نقل الحافظ في "الإصابة" -في ترجمة الأقرع- عن ابن منده قوله: رُوي عن أبي سلمة أن الأقرع بن حابس نادى، فذكره مرسلاً، وهو الأصح، قال الحافظ: وكذا رواه الروياني من طريق عمرر بن أبي سلمة، عن أبيه، قال: نادى الأقرع. فذكره مرسلاً، ووقع =

ص: 369

‌حَدِيثُ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ

15992 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيٍّ، عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ أَخِي حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ

= في رواية جرير التصريح بسماع أبي سلمة من الأقرع، فهذا يدل على أنه تأخر. قلنا: وسيأتي مرسلاً أيضاً في الرواية 6/ 394. وقال الحافظ في "التعجيل": ورواية أبي سلمة عن الأقرع منقطعة، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. عفان: هو ابن مسلم، ووهيب: هو ابن خالد.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1178)، والطبراني في "الكبير"(878)، وأبو نعيم في "المعرفة"(1033)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 130 من طريق عفان، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 108، وقال: رواه أحمد والطبراني، وأحد إسنادي أحمد رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع، وإلا فهو مرسل كإسناد أحمد الآخر.

وسيأتي مكرراً سنداً ومتناً 6/ 393 - 394.

وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند الترمذي (3267)، والنسائي في "الكبرى"(11515)، وابن جرير 26/ 121، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 296 وفيه عن البراء بن عازب في قوله:{إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} [الحجرات: 4]، قال: فقام رجل، فقال: يا رسول الله، إن حمدي زين، وإن ذمي شين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ذاك الله". قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

قال السندي: قوله: "زَيْن" بفتح فسكون، وكذا "الشَّيْن"، ثم الزين نقيض الشين، والشين: هو العيب.

ص: 370

خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَمَرَّ رَبَاحٌ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، مِمَّا أَصَابَتِ الْمُقَدِّمَةُ، فَوَقَفُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ خَلْقِهَا، حَتَّى لَحِقَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَانْفَرَجُوا عَنْهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ " فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ: " الْحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلُوا (1) ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا "(2).

(1) في النسخ: لا تقتلون. وضبب فوقها في (س).

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، مُرقَّع بن صيفي -وهو حفيد رباح بن الرَّبيع- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عنه الحافظ في "التقريب": صدوق، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له الشيخان ولا أحدهما، وروى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، واختُلف في اسمه، فقيل: رباح، بالموحدة، وقيل: رياح بالتحتانية، قال البخاري في "التاريخ" 3/ 314: وبعضهم قال: رياح ولم يثبت. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 222 من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(8628)، وابنُ ماجه (2842)، وأبو يعلى (1546)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 221، وابنُ حبان (4789)، والطبراني في "الكبير"(4619)(4620)، والبيهقي في "السنن" 9/ 91 من طرق عن المغيرة بن عبد الرحمن، به. وتحرف اسم رباح بن الربيع في مطبوع "شرح معاني الآثار" إلى رباح بن حنظلة الكاتب.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 314، وأبو داود (2669)، والنسائي في "الكبرى"(8625)، وابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 345، =

ص: 371

15993 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، أَنَّ رَبَاحًا جَدَّهُ ابْنَ الرَّبِيعِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

= والطبراني في "الكبير"(4621)، والبيهقي في "السنن" 9/ 82، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 16/ 140 من طريق عمر بن مُرَقِّع، والبخاري في "التاريخ" 3/ 314، والطبراني (4622) من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن مُرَقِّع بن صيفي، به.

وسيأتي بالأرقام (15993) و (15994) و (15995) و 4/ 178 و 178 - 179 و 346 عن حنظلة أخي رباح ابن الربيع.

وفي الباب عن ابن عمر، سلف برقم (4739) بلفظ: نهى عن قتل النساء والصبيان، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

والنهي عن قتل العسيف والوصيف مرَّ من حديث الأسود بن سريع برقم (15420).

قال السندي: قوله: "على مقدِّمته" بكسر الدال المشددة، أي: أوائل جيشه.

"ولا عَسِيفاً"، أي: أجيراً، أي: إذا لم يقاتل، كما نبَّه عليه صلى الله عليه وسلم بقوله:"ما كانت هذه لتقاتل".

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.

وأخرجه البخاري في "التاريخ" 3/ 314، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2751)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(6138)، والحاكم 2/ 122، والطبراني (4617) و (4618) من طرق عن ابن أبي الزناد، بهذا الإسناد. قال الحاكم: وهكذا رواه المغيرة بن عبد الرحمن [كما سلف (15992)]، وابن جريج [كما سيأتي (15995)] عن أبي الزناد، فصار =

ص: 372

15994 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ رَبَاحٍ أَخِي حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

15995 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيٍّ التَّمِيمِيُّ، شَهِدَ عَلَى جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ الْحَنْظَلِيِّ الْكَاتِبِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ (2).

= الحديث صحيحاً على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!

وسيأتي برقم (15994) و 4/ 178، وقد سلف برقم (15992).

(1)

صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. حسين بن محمد: هو المرُّوذي.

وسيأتي مكرراً سنداً ومتناً 4/ 178. وسلف أول مرة برقم (15992).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- لم يسمع من أبي الزناد. وقد سلف بإسناد قوي برقم (15992). عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.

وأخرجه أبو عبيد في "الأموال"(96) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد.

وسيأتي مكرراً سنداً ومتناً 4/ 346.

وذكرنا شواهده برقم (15992).

ص: 373

‌حَدِيثُ أَبِي مُوَيْهِبَةَ (1) مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

15996 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ فُضَيْلٍ (2)، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةِ، قَالَ:" يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ أَسْرِجْ لِي دَابَّتِي " قَالَ: فَرَكِبَ، وَمَشَيْتُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَأَمْسَكَتِ الدَّابَّةُ، وَوَقَفَ عَلَيْهِمْ - أَوْ قَالَ: قَامَ عَلَيْهِمْ - فَقَالَ: " لِيَهْنِكُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ، أَتَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، الْآخِرَةُ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى، فَلْيَهْنِكُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ " ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: " يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي أُعْطِيتُ - أَوْ قَالَ: خُيِّرْتُ - مَفَاتِيحَ مَا يُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي وَالْجَنَّةَ، أَوْ لِقَاءَ رَبِّي " فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخْبِرْنَا (3). قَالَ: " لَأَنْ

(1) قال السندي: أبو مويهبة، ويقال له: أبو موهبة، وأبو موهوبة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قيل: كان من مولدي مزينة، وشهد غزوة المريسيع. وكان ممَّن يقود بعائشة جملها.

اشتراه النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه، وكان رجلاً صالحاً، لا يُعرف اسمه.

(2)

قيده الدارقطني والذهبي وابنُ ناصر الدين: فَصِيل، بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة، ووقع في "التاريخ الكبير"، و"الكامل" لابن عدي: فُضَيل، بالضاد المعجمة. انظر "توضيح المشتبه" 7/ 109.

(3)

كذا في الأصول الخطية، ووقع في رواية الطبراني والخطيب: فاخترنا، قال السندي:"فأخبرنا" بالباء الموحدة أمر من الإخبار، ويحتمل أن =

ص: 374

تُرَدَّ عَلَى عَقِبِهَا مَا شَاءَ اللهُ، فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي عز وجل ". فَمَا لَبِثَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا حَتَّى قُبِضَ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ مَرَّةً: تُرَدُّ عَلَى عَقِبَيْهَا (1).

= يكون بالتاء المثناة من فوق، أمر من الاختيار، وهو الموافق للرواية الثانية.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عُبيد بن جُبير -وهو مولى الحكم بن أبي العاص- روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو من رجال "التعجيل"، والحكم بن فَصِيل مختلف فيه، ووثقه ابنُ معين وأبو داود، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعَّفه جماعة، وقال ابن عدي في "الكامل" 2/ 633: ما تفرد به لا يتابع عليه، وباقي رجاله رجال الصحيح. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 340 مختصراً، والخطيبُ في "تاريخه" 8/ 222 من طريق أبي النضر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (872) من طريق محمد بن أبان الواسطي، عن الحكم بن فَصِيل، به، لكن وقع فيه بدل عبيد بن جبير: عبيد ابن حنين، وهو وهم، فقد قال الدارقطني في "المؤتلف" 1/ 365: ومن قال في هذا عبيد بن حنين فهو وهم، ثم قال: وعُبيد بن حنين رجل آخر يروي عن أبي سعيد الخدري، روى عنه سالم أبو النضر.

وسيأتي برقم (15997).

ولقصة تخييره صلى الله عليه وسلم بين الدنيا وبين ما عند الله، واختياره ما عند الله أصلٌ صحيح من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (466)، سلف في "المسند" برقم (11135) و (11863).

وسلف أيضاً من حديث أبي المعلى في مسند المكيين برقم (15922).

قال السندي: "أسرج" من الإسراج. "لِيهنِكُم" بكسر اللام، مثل لِيَرمِ، من رمى، وهو مهموز استعمل استعمال الناقص تخفيفاً.

"أَتَت"، أي: جاءت. =

ص: 375

15997 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْعَبْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَ:" يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ، فَانْطَلِقْ مَعِي " فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، قَالَ:" السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ، لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ النَّاسُ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا نَجَّاكُمُ اللهُ مِنْهُ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ أَوَّلُهَا آخِرَهَا (1)، الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى " قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ:" يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا ثُمَّ الْجَنَّةَ، وَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي عز وجل وَالْجَنَّةِ " قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، فَخُذْ مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ. قَالَ:" لَا وَاللهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ " ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَبُدِئَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي

= "كقِطَع" بكسر ففتح، جمع قطْعة، أي: كأنها قطعات الليل في الظلام.

"لِأن ترد" بكسر اللام وفتح الهمزة، والفعل على بناء المفعول من الرَّد بتشديد الدال، والضميرُ للأمة، والجار والمجرور متعلق بقوله:"فاخترت" بناءً على زيادة الفاء، ومثله قوله:{وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين: 26]، وأمثاله في القرآن كثيرة، أي: لأجل ما يقع فيهم من الارتداد والفتن اخترتُ لقاء الله تعالى.

(1)

في (ظ 12) و (ص) و (ق): يتبع آخرُها أولها.

ص: 376

وَجَعِهِ الَّذِي قبَضَهُ اللهُ عز وجل فِيهِ حِينَ أَصْبَحَ (1).

(1) حديث صحيح في استغفاره لأهل البقيع واختياره لقاء ربه، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن عمر العَبَلي -وهو من بني العَبَلات- فقد روى عنه ابنُ إسحاق، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وهو من رجال "التعجيل"، ولجهالة عُبيد بن جُبير كما ذكرنا في الرواية السابقة. وبقيةُ رجاله ثقات. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ومحمد بن إسحاق صرح بالتحديث، وعبدُ الله بن عمرو: هو ابن العاص الصحابي الجليل.

وأخرجه البخاري في "تاريخه" 9/ 73 - 74، والطبراني في "الكبير" 22/ (871)، والحاكم 3/ 55 - 56، والبيهقي في "الدلائل" 7/ 163 من طريقين عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، إلا أنه عجبٌ بهذا الإسناد. ووافقه الذهبي. قلنا: وقد وقع في إسناده: عبيد لله ابن عمر بن حفص، بدل عبد الله بن عمر العبلي، وقوله: ابن حفص وهم نَبَّه عليه الحافظُ في "الإصابة". ووقع في رواية البخاري والطبراني والحاكم: عبيد ابن حنين، وقد نقلنا في الرواية السابقة عن الدارقطني أنه وهم.

وأخرجه مختصراً ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(467)، والبزار (863) من طريق جرير بن حازم، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عمر، عن عُبيد بن حنين مولى الحكم، به، وتحرف اسمُ عبيد بن حنين عند ابن أبي عاصم إلى: عُبيد الله بن حنين.

وأخرجه الدارمي 1/ 36 - 37 من طريق بكر بن سليمان، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عمر بن علي بن عدي، عن عبيد مولى الحكم، به. وبكر بن سليمان: هو البصري، قال أبو حاتم: مجهول. وقال الذهبي في "الميزان": روى عنه شهاب بن معمر، وخليفة بن خياط، ولا بأس به إن شاء الله.

وأخرجه الحاكم 3/ 56، والدولابي 1/ 57 - 58، والبيهقي في "الدلائل" 7/ 162 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عمر بن ربيعة، عن عبيد مولى الحكم، به. قلنا: وقد قال الحاكم: عن عبد الله بن =

ص: 377

‌حَدِيثُ رَاشِدِ بْنِ حُبَيْشٍ

15998 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ حُبَيْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتَعْلَمُونَ مَنِ الشَّهِيدُ مِنْ أُمَّتِي؟ " فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ عُبَادَةُ: سَانِدُونِي. فَأَسْنَدُوهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الصَّابِرُ الْمُحْتَسِبُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ، الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ

= ربيعة، فقال الحافظ في "الإصابة": فكأنه نسبه لجده الأعلى. ووقع عنده أيضاً: عن عبيد بن عبد الحكم، فقال الحافظ: والصواب: عن عبيد مولى الحكم.

وأخرجه الدولابي 1/ 58 من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عمر بن ربيعة، عن عبيد بن حنين، به.

وخالفهم محمد بن سلمة الحراني فيما أخرجه الدولابي أيضاً 1/ 58، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 27 من طريقه عن ابن إسحاق، عن أبي مالك بن ثعلبة ابن أبي مالك، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن عبد الله بن عمرو، عن أبي مويهبة، به.

ومحمد بن سلمة ثقة، وابن إسحاق لم يصرح هنا بالتحديث، قال الحافظ في "الإصابة": فكأنَّ لابن إسحاق فيه شيخين إن كان محفوظاً.

وسلف نحوه برقم (15996).

وللاستغفارِ لأهلِ البقيع شاهدٌ من حديث عائشة عند مسلم (974)، وسيرد 6/ 180.

ص: 378

وَجَلَّ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ، وَالنُّفَسَاءُ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ " (1).

قَالَ: وَزَادَ فِيهَا أَبُو الْعَوَّامِ سَادِنُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: " وَالْحَرْقُ "(2)،

(1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه ضعف وانقطاع، قَتَادة -وهو ابن دِعامة- لم يسمع من مسلم بن يسار. ومحمدُ بنُ بكر -وهو البرساني- سمع من سعيد بن أبي عَرُوبة بعد الاختلاط، وقد زاد في إسناده أبا الأشعث الصنعاني، وهو شراحيل بن آدة. وراشدُ بن حُبَيش مختلف في صحبته، قال الحافظ في "الإصابة": ذكره أحمد وابنُ خزيمة والطبراني وغيرهم في الصحابة، وقال البغوي: يُشَكَّ في سماعه، وذكره في التابعين البخاري وأبو حاتم والعسكري وغيرهم. قلنا: فعلى قول من لم يثبت صحبته يكون مرسلاً أيضاً.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 2/ 187 من طريق الإمام أحمد بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2788) من طريق عبد الأعلى السامي، عن سعيد بن أبي عروبة، به. لم يذكر أبا الأشعث الصنعاني. وعبد الأعلى ممن سمع من سعيد قبل الاختلاط، وهو أوثق من محمد بن بكر البرساني.

قال الحافظ بعد أن ذكر طريق سعيد عن قتادة هذا: قال ابن منده: تابعه معاذ بن هشام عن أبيه، عن قتادة، ورواه سفيان بن عبد الرحمن، عن قتادة، فقال: عن راشد، عن عبادة، وهو الصواب.

قلنا: وسيأتي من طرق أخرى عن عبادة بن الصامت في مسنده 5/ 315.

وسيأتي برقم (15999).

وله شاهد من حديث أبي هريرة سلف برقم (8092)، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وفيه ذكر هؤلاء الخمسة -وذكرهم البخاري (2829) عدا النفساء- وذكرنا هناك أحاديث الباب.

(2)

في (ظ 12) و (ص): الحريق.

ص: 379

وَالسَّيْلُ " (1).

15999 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ عَنْ رَاشِدِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (2).

(1) أبو العوام سادن بيت المقدس -وهو من رجال "التعجيل"- روى عن بعض الصحابة ومنهم عبادة بن الصامت، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: روى عنه أهل الشام ومصر، وذكر ابن أبي حاتم عن الإمام أحمد أنه قال فيه: لا أدري ما اسمه.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 187 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. ووقع في المطبوع منه: السِّل.

ويشهد لقوله: "والحرق شهادة" حديثُ جابر بن عتيك عند مالك في "الموطأ" 1/ 233 - 234 وأبي داود (3111)، والنسائي 4/ 13، وابن حبان (3189)(3190). وسيرد 5/ 446.

وقوله: "السَّيْل"، هكذا ورد في جميع النسخ، وفي "غاية المقصد" وهو يوافق معنى الغريق، لكن قيده الحافظ في "الفتح" 6/ 43: والسِّلّ: بكسر المهملة وتشديد اللام. يعني ذاك المرض المعروف، فلعله يندرج حينئذ مع من مات بالطاعون.

قال السندي: "فأرَمَّ القومُ" بفتح الهمزة والراء وتشديد الميم، أي: سكتوا، كأنهم أطبقوا شفاههم، وروي "فأزَمَ" بزاي مفتوحة وميم مخففة، ومعناه مثل الأول، أي: أمسكوا عن الكلام.

"لقليل"، أي: القدر قليل، فلذا أفرد، و"الغَرَق" بفتحتين، وكذا الحَرَق، و"البطن"، أي: الموت بدائه، "يجرُّها" خبرٌ عن النفساء، "بسَرَرِهِ" بفتحتين.

(2)

إسناده ضعيف لإبهام شيخ قتادة وهو ابن دعامة السدوسي. وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير راشد بن حبيش فمختلف في صحبته، وهو =

ص: 380

‌حَدِيثُ أَبِي حَبَّةَ الْبَدْرِيِّ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

16000 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي حَبَّةَ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {لَمْ يَكُنْ} [سورة البينة] قَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَ هَذِهِ السُّورَةَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا أُبَيُّ، إِنَّ رَبِّي عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ هَذِهِ السُّورَةَ " فَبَكَى، وَقَالَ: ذُكِرْتُ ثَمَّةَ؟ قَالَ: " نَعَمْ "(2).

= من رجال "التعجيل". عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، وهمام: هو ابن يحيى العوذي.

وقد سلف قبله (15998) من رواية راشد بن حبيش، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

قال السندي: أبو حبة البدري، بالحاء المهملة وبالموحدة هو الصواب، وقيل بالنون، أو الياء التحتانية، بدري، قيل: اسمه عامر، وقيل: مالك، وقيل: ثابت، وأنكر بعضهم أن يكون في البدريين من يكنى أبا حبة.

(2)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد: وهو بن جُدْعان، وبقية رجاله ثقات، رجال الصحيح.

وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 66 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (823) من طريقين عن حماد بن سلمة، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 311 - 312، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه علي بن زيد، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح. =

ص: 381

16001 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَبَّةَ الْبَدْرِيَّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [سورة البينة] إِلَى آخِرِهَا، قَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَيٍّ:" إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ هَذِهِ السُّورَةَ " قَالَ أُبَيٌّ: وَقَدْ ذُكِرْتُ ثَمَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: فَبَكَى أُبَيٌّ (1).

= وسيأتي برقم (16001).

وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند البخاري (3809)، ومسلم (799)(122)، وسلف (12320).

وآخر من حديث أبي بن كعب، وسيرد 5/ 131.

قال السندي: قوله: ثمة: أي عند الله.

قوله: فبكى: أي حياء أو فرحاً.

وقوله: "أن أقرئك هذه السورة" قال الحافظ في "الفتح": 8/ 726: أي أعلمك بقراءتي عليك كيف تقرأ، حتى لا تتخالف الروايتان. قلنا: لأن رواية البخاري من حديث أنس: "أن أقرأ عليك" وفي روايةٍ: أن أقرئك القرآن".

(1)

حديث صحيح لغيره، وهو مكرر ما قبله إلا أن شيخ أحمد هنا هو عفان بن مسلم الصفار.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 520 - ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1965) - والدولابي في "الكنى" 1/ 24 - 25، والطبراني في "الكبير" 22/ (823) من طريق عفان، بهذا الإسناد.

ص: 382

‌حَدِيثُ أَبِي عُمَيْرٍ

(1)

16002 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مُعَرِّفٌ (2) - يَعْنِي ابْنَ وَاصِلٍ - قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ ابْنَةُ طَلْقٍ، امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ سَنَةَ تِسْعِينَ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَجَاءَ رَجُلٌ بِطَبَقٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا هَذَا، أَصَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ؟ " قَالَ: صَدَقَةٌ. قَالَ: " فَقَدِّمْهُ إِلَى الْقَوْمِ " وَحَسَنٌ عَلَيْهِ يَتَعَفَّرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ الصَّبِيُّ تَمْرَةً، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَأَدْخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُصْبُعَهُ فِي فِي الصَّبِيِّ، فَنَزَعَ (3) التَّمْرَةَ، فَقَذَفَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ:" إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ ". فَقُلْتُ لِمُعَرِّفٍ: أَبُو عُمَيْرٍ جَدُّكَ؟ قَالَ: جَدُّ أَبِي (4).

(1) قال السندي: أبو عمير، ويقال: أبو عميرة -قيل: ضبطه في "التجريد" بفتح العين- رُشيد بن مالك، له صحبة، ووقع أسيد كما في الرواية الآتية برقم (16003) موضع رشيد، والصواب رشيد كما تقدم.

(2)

في (س) و (ق) و (م): معروف. قال السندي: والصواب مُعَرِّف.

(3)

في (ظ 12) و (ص): فانتزع.

(4)

صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حفصة بنت طلق، فقد ذكرها الحافظ في "تعجيل المنفعة"، ولم يذكر في الرواة عنها سوى معرف بن واصل: وهو السَّعْدي.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 45، وابن أبي شيبة 3/ 215 - 216 و 14/ 279 - 280، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 334، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2736)، والدولابي في "الكنى" 1/ 84، والطحاوي في =

ص: 383

16003 -

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَرَّفٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِي عَمِيرَةَ أُسَيْدِ بْنِ مَالِكٍ جَدِّ مُعَرّفٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَذَكَرَ مِثْلَهُ (1).

= "شرح معاني الآثار" 2/ 9 - 10 و 3/ 297، والطبراني في "الكبير"(4632)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 76 و 77 من طرق عن معرف ابن واصل، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 89، وقال: رواه أحمد، والطبراني في "الكبير"، الا أن أحمد سماه أسيد بن مالك، وسماه الطبراني رشيد، وفيه حفصة بنت طلق، ولم يرو عنها غير معرف بن واصل، ولم يوثقها أحد.

وانظر ما بعده.

وله شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح، سلف برقم (7758)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: يتعفَّر، من التعفر، وهو التمرغ في التراب، كما هو شأن الصغار حالة اللعب أو الغضب.

قوله: "آل محمد"، بالنصب على الاختصاص، والحديث يدل على أن ما حرم على الكبار لا يمكن منه الصغار.

(1)

حديث صحيح لغيره، وهو مكرر ما قبله إلا أن شيخ أحمد هنا، هو حسن بن موسى الأشيب، وسمى فيه أبا عمير أسيد بن مالك، والصواب أنه رشيد فيما ذكر السندي نقلاً عن ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة أسيد بن مالك.

ص: 384

‌حَدِيثُ (1) وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ (2) مِنَ الشَّامِيِّينَ

16004 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ رُؤْبَةَ التَّغْلِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْمَرْأَةُ تَحُوزُ ثَلَاثَ مَوَارِيثَ، عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ "(3).

(1) في (ظ 12) و (ص): بقية واثلة بن الأسقع.

(2)

قال السندي: واثلة بن الأسقع، ليثي، قيل: واثلة بن عبد الله بن الأسقع. كان ينسب لجده. وقيل: الأسقع لقب. واسمه عبد الله.

أسلم قبل تبوك وشهدها.

كان من أهل الصُّفَّة، نزل بالشام، شهد فتح دمشق وحمص وغيرها.

مات سنة ثلاث وثمانين، وهو ابن مئة وخمس سنين، وقيل: غير ذلك. وهو آخر من مات بدمشق من الصحابة.

(3)

إسناده ضعيف، لضعف عمر بن رؤبة، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: صالح الحديث ولا تقوم به الحجة، وقال ابن عدي: أنكروا عليه أحاديثه عن عبد الواحد النصري. وقال الذهبي في "الميزان" 3/ 196: ليس بذاك، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقد وثقه دُحيم، وهو معروف بتساهله في توثيق الشاميين، وذكره ابن حبان في "الثقات". وباقي رجال الإسناد ثقات.

وأخرجه أبو داود (2906)، والترمذي (2115)، والنسائي في "الكبرى"(6361)، وابن ماجه (2742)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5137)، =

ص: 385

* 16005 - حَدَّثَنَا هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخُشَنِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: جَاءَ وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ وَنَحْنُ نَبْنِي مَسْجِدَنَا، قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ، بَنَى الله عز وجل لَهُ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلَ مِنْهُ "(1).

= والطبراني في "الكبير" 22/ (181)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1707، والدارقطني في "السنن" 4/ 89، والبيهقي في "السنن" 6/ 240 و 259 من طرق عن محمد بن حرب، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن غريب، لا يعرف إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن حرب. وقال البيهقي: هذا غير ثابت.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(479)، وابنُ أبي شيبة 11/ 408 من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمر بن رؤبة، به، موقوفاً.

وسيأتي برقم (16011) و 4/ 106 - 107.

قال السندي: قوله: "تحوز" بحاء مهملة وزاي، أي: تجمع عتيقَها بالنصب، بدلٌ من ثلاث، بتقدير ميراث عتيقها.

و"لقيطها"، أي: الذي التقطته من الطريق وربَّته، قالوا: هذا إذا لم يترك وارثاً، فمالُهُ لبيتِ المال، وهذه المرأةُ أولى بابٍ يُصرف إليها من غيرها من آحاد المسلمين، وبهذا المعنى قيل: إنها تَرِثه، والله تعالى أعلم.

(1)

حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن يحيى الخشني، ولجهالة بشر بن حيان: وهو الخشني كذلك. فقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 71، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 354، ولم يذكرا في الرواة عنه غير الحسن بن يحيى، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، فهو في عداد المجاهيل، ولم يترجم له الحسيني في "الإكمال" ولا الحافظ في "التعجيل"، مع أنه على شرطهما.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 71، والطبراني في "الكبير" 22/ (213)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 736 من طريق هيثم بن خارجة، =

ص: 386

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ هَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ.

16006 -

حَدَّثَنَا عَتَّابٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَبِيبٍ - أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ أَخْبَرَهُ، عَنْ وَاثِلَةَ - يَعْنِي ابْنَ الْأَسْقَعِ - قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِقُرْصٍ، فَكَسَرَهُ فِي الْقَصْعَةِ (1)، وَصَنَعَ فِيهَا مَاءً سُخْنًا، ثُمَّ صَنَعَ فِيهَا وَدَكًا (2)، ثُمَّ سَفْسَفَهَا، ثُمَّ لَبَّقَهَا، ثُمَّ صَعْنَبَهَا ثُمَّ قَالَ:" اذْهَبْ فَاْئتِنِي بِعَشَرَةٍ أَنْتَ عَاشِرُهُمْ "

= بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(920)، والطبراني في "الكبير" 22/ (213)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 736 من طريقين عن الحسن ابن يحيى، به. وقال ابن عدي: ولا أعلم يروي هذا الحديث بهذا الإسناد غير الحسن بن يحيى الخشني.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 7، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه الحسن بن يحيى الخشني، ضعفه الدارقطني، وابن معين في رواية، ووثقه في رواية، ووثقه دحيم وأبو حاتم.

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (7056)، وذكرنا هناك شواهده، منها حديث أبي أمامة عند الطبراني في "الكبير" (7889). وأما حديثُ عثمان السالف برقم (434):"بنى الله له مثله في الجنة" فليس المراد بالمثلية فيه المطابقة كما حققه الحافظ في "الفتح" 1/ 546.

(1)

في النسخ الخطية: الصفة، قال السندي: والظاهر أنه تحريف، والصواب: القصعة. قلنا: وهي المثبتة من "أطراف المسند" 5/ 441 و (م).

(2)

في (م): ووكأ، وهو تحريف.

ص: 387

فَجِئْتُ بِهِمْ، فَقَالَ:" كُلُوا، وَكُلُوا مِنْ أَسْفَلِهَا، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ أَعْلَاهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا " فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا (1).

(1) إسناده حسن، ابن لهيعة: وهو عبد الله: صدوق إذا سمع منه أحد العبادلة، وعبد الله بن المبارك منهم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير عتاب: وهو ابن زياد الخراساني، فمن رجال ابن ماجه، وهو ثقة.

وأخرجه ابن ماجه (3276) مختصراً، والطبراني في "الكبير" 22/ (216)، وأبو نعيم في "الدلائل"(328) نحوه مطولاً من طريق عمر بن الدَّرَفْس -ويقال عمرو- عن عبد الرحمن بن أبي قسيمة، عن واثلة، به. وقال البوصيري في "الزوائد" 4/ 10: هذا إسناد فيه مقال، عبد الرحمن بن أبي قسيمة لم أر من جرحه، ولا من وثقه، وعمر بن الدرفس ذكره البخاري فيمن اسمه عمرو، وتبعه على ذلك ابن حبان في كتاب "الثقات"، وقال أبو حاتم: صالح، ما في حديثه إنكار، وباقي رجال الإسناد ثقات.

وأخرجه بنحوه مطولاً الطبراني في "الكبير" 22/ (208)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 22 - 23 من طريق سليمان بن حيان العدوي -أو العذري- عن واثلة، به.

وأخرجه الحاكم 4/ 116 - 117 من طريق خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن واثلة، به، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: خالد وثقه بعضهم، وقال النسائي: ليس بثقة.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 305، وقال: عند ابن ماجه طرف من آخره، ورواه أحمد، ورجاله موثقون، وأورده كذلك 8/ 305، وقال: رواه كله الطبراني بإسنادين، وإسناده حسن.

وانظر حديث ابن عباس السالف برقم (2439).

قال السندي: قوله: "سفسفها"، أي: جعلها كالدقيق.

قوله: "ثم لَبّقَها"، أي: خلطها خلطاً شديداً. =

ص: 388

16007 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيَّ "(1).

= قوله: "صعنبها"، بصاد وعين مهملتين، ثم نون، ثم موحدة، أي: جعل لها رأساً مرتفعاً.

(1)

حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث: وهو ابن أبي سُلَيم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن علَيَّة، وأبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري، وأبو مليح بن أسامة هو الهذلي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (190) من طريق إسماعيل ابن علية -وقرن معه جرير بن عبد الحميد- بهذا الإسناد.

وقد اختلف عنه فيه.

فأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (189) من طريق مسدد بن مسرهد، وروح بن عبد المؤمن المقرئ، ومحمد بن عيسى ابن الطباع، ثلاثتهم عن إسماعيل بن إبراهيم، عن ليث، عن أبي المليح، عن واثلة، به. دون ذكر أبي بردة في الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 98، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ثقة مدلس وقد عنعنه!

وله شاهد من حديث ابن عباس، سلف برقم (2125)، إسناده ضعيف، فيتقوَّى به.

وقد أورد الحافظ في "أطراف المسند" 5/ 443 إسناداً آخر لهذا الحديث هو: عن أبي النضر، عن شيبان، عن ليث، به. ولم نقف عليه في نسخنا الخطية ولا في (م).

قال السندي: قوله: "أُمرت"، أي: أمر ندب مؤكد.

قوله: "يكتب": يفرض.

ص: 389

16008 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ أَعْظَمَ الْفِرَى ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَفْتَرِيَ الرَّجُلُ عَلَى عَيْنَيْهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ وَلَمْ يَرَ، وَأَنْ يَفْتَرِيَ عَلَى وَالِدَيْهِ، فَيَدَّعِي إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يَقُولُ: سَمِعَنِي، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنِّي "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير معاوية بن صالح: وهو الحضرمي، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري في "القراءة خلف الإمام"، وأصحاب السنن. ربيعة بن يزيد: هو الدمشقي.

وأخرجه الحاكم 4/ 398 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!

وأخرجه ابن حبان (32)، والطبراني في "الكبير" 22/ (164) من طريقين عن معاوية بن صالح، به.

وسيأتي بالأرقام (16015) و 4/ 106 و 107.

وقوله: "أن يفتري الرجل على عينيه"، سلف نحوه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (5711)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وقوله: "وأن يفتري على والديه فيدعي إلى غير أبيه، أو يقول سمعني ولم يسمع مني"، سلف نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (6592)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السِّنْدي: قوله: "الفِرَى"، ضبط بكسر فاء وقصر: جمع فِرْية بمعنى الكذب، أي: أعظمها إثماً.

قوله: "رأيت"، أي: في النوم أو أعم منه ومن اليقظة.

قوله: "سمعني"، أي: يكذِّب في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.

ص: 390

16009 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو فَضَالَةَ الْفَرَجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَبَزَقَ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ عَرَكَهَا بِرِجْلِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: أَنْتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَبْزُقُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ (2).

16010 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَاثَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ. فَقَالَ

(1) في النسخ الخطية و (م): هشام، وفي "أطراف المسند" 5/ 442 هاشم، وهو الأشبه.

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي فضالة الفرج بن فضالة الحمصي، ولجهالة أبي سَعْد، وهو الحميري الحمصي.

وأخرجه الطيالسي (1013) و (1357)، وأبو داود (484)، والطبراني في "الكبير" 22/ (212) من طريقين عن أبي فضالة، بهذا الإسناد.

والتنخع في المسجد عن يسار المصلي أو تحت قدمه اليسرى، سلف بإسنادٍ صحيح من حديث أبي سعيد الخدري برقم (11025)، وذكرنا أحاديث الباب في رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب السالفة برقم (4509)، وانظر حديث عبد الله بن الشِّخِّير برقم (16313).

قال السندي: ثم عركها، أي: دلكها، صريح في جواز رمي البزاق في المسجد إذا دفنه أو محاه كما هو مذهب مالك، ويؤيده الأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك، لكنْ كثير منهم يؤولها.

ص: 391

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لِيَعْتِقْ رَقَبَةً مِثْلَهُ يَفُكَّ اللهُ عز وجل بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ، مِنَ النَّارِ "(1).

16011 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحِمْصِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحِمْصِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رُؤْبَةَ التَّغْلِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيُّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْمَرْأَةُ تَحْرِزُ (2) ثَلَاثَ مَوَارِيثَ: عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي تُلَاعِنُ عَلَيْهِ "(3).

(1) إسناده ضعيف لانقطاعه، إبراهيم بن أبي عبلة لم يسمع هذا الحديث من واثلة بن الأسقع، بينهما الغريف الديلمي: وهو الغريف بن عياش بن فيروز. كما سيأتي في الرواية رقم (16012) و 4/ 107. والغريف مجهول كما سنبينه ثمة. ابن علاثة: هو زياد بن عبد الله العُقَيلي، أبو سهل.

قال السندي: قوله: أوجب، أي: النار لنفسه بارتكاب ما يقتضي ذلك، وهذا يقتضي أن المرتكب للذنوب كما ينبغي أن يتوب ينبغي أن يأتي بالحسنات لمحو السيئات، ويحتمل أن هذا قتل نفساً فأُمر بالكفارة.

وسيأتي برقم (16012).

(2)

في (م): تحوز.

(3)

إسناده ضعيف لضعف عمر بن رؤبة، وقد بسطنا الكلام فيه في الرواية (16004)، وفيه بقية بن الوليد مدلس تدليس التسوية، وقد دلس عن شيخه أبي سلمة، وهو سليمان بن سليم. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6360) و (6420)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2870) و (5136)، والطبراني في "الكبير" 22/ (182)، والدارقطني في "السنن" 4/ 90، والحاكم 4/ 340 - 341 من طرق عن بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وقد وقع في إسناد الحاكم: عبد العزيز بن عبد الله البصري بدل: عبد الواحد بن عبد الله النصري، وهو تحريف. قال الحاكم: صحيح =

ص: 392

16012 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْغَرِيفِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيَّ، فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَوْجَبَ، فَقَالَ:" أَعْتِقُوا عَنْهُ، يُعْتِقِ اللهُ عز وجل بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ (1) عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ "(2).

= الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: هو في السنن الأربعة من طريق عمر بن رؤبة، عن عبد الواحد بن عبد الله، عن واثلة.

وقد سلف برقم (16004).

(1)

لفظ "منه" ساقط من (م).

(2)

حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال الغريف الدَّيْلَمي، وهو الغريف بن عياش بن فيروز، فقد انفرد بالرواية عنه إبراهيم بن أبي عبلة، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول. وقال ابن حزم: مجهول، وذكره بالعين المهملة. قلنا: وكذلك ذكره الحاكم في "المستدرك" 2/ 212، وبقية رجاله ثقات. إبراهيم بن إسحاق: هو الطالقاني، وضمرة بن ربيعة: هو الفِلَسْطيني.

وأخرجه أبو داود (3964)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(738)، والطبراني في "الكبير" 22/ (219)، وفي "مسند الشاميين"(43)، والحاكم 2/ 212، والبيهقي في "السنن" 8/ 132 - 133 من طرق عن ضمرة بن ربيعة، بهذا الإسناد.

وقد تابع ضمرةَ بن ربيعة في ذكر الغريف ابنُ المبارك كما سيأتي بالرواية، 4/ 107 وهانئ بن عبد الرحمن عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(734)، والطبراني في "مسند الشاميين"(37)، ويحيى بن حمزة عند الطحاوي كذلك في "شرح مشكل الآثار"(735)، والطبراني في "الكبير" 22/ (220)، وفي "مسند الشاميين"(40)، والخطيب في "الفقية والمتفقه" 2/ 45.

ورواه مالك بن أنس عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(737)، =

ص: 393

16013 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ - يَعْنِي الرَّازِيَّ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سِبَاعٍ قَالَ:

= وعبد الله بن سالم الأشعري عند النسائي في "الكبرى"(4892)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(739)، وابن حبان (4307)، والطبراني في "مسند الشاميين"(38)، والحاكم 2/ 212، والبغوي في "شرح السنة"(2417) كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عبد الله بن الديلمي، عن واثلة، به.

وهذا إسناد صحيح. عبد الله -هو ابن فيروز- الديلمي ثقة من كبار التابعين روى له أصحاب السنن إلا الترمذي، وهذه متابعة قوية للغريف.

وقد جعل الحاكم الغريف لقباً لعبد الله بن الديلمي، وعدَّهما واحداً، وتابعه على ذلك الشيخ ناصر الدين الألباني في "الضعيفة" 2/ 308، وهو خطأ، بل إن عبد الله بن فيروز هو عم الغريف كما ذكر المِزِّي.

وأخرجه الحاكم 12/ 212 من طريق أيوب بن سويد الرملي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عبد الأعلى بن الديلمي، عن واثلة، به. وأيوب بن سويد ضعيف، وزعم الحاكم أن عبد الأعلى هو عبد الله بن الديلمي!

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(4890) من طريق مالك بن مهران الدمشقي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن رجلٍ، عن واثلة، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (222) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن فيروز الديلمي، عن الغريف بن عياش، عن واثلة، به. وحجاج ضعيف.

وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(736) من طريق عبد الرحمن ابن حسان الفلسطيني، عمن سمع واثلة، عن واثلة، به.

وقد وقع اختلاف في متن الحديث، ففي رواية ضمرة هذه "أعتقوا عنه"، وفي رواية هانئ بن عبد الرحمن ويحيى بن حمزة وابن المبارك "فليعتق"، وهو الأرجح، وانظر ما قاله الإمام الطحاوي في التوفيق بين الروايتين.

وفي إعتاق الرقبة يعتق الله بكل عضو منها عضواً منه أصل صحيح من حديث أبي هريرة، سلف برقم (9441) وذكرنا هناك أحاديث الباب.

ص: 394

اشْتَرَيْتُ نَاقَةً مِنْ دَارِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، فَلَمَّا خَرَجْتُ بِهَا أَدْرَكَنَا وَاثِلَةُ وَهُوَ (1) يَجُرُّ رِدَاءَهُ، فَقَالَ: يَا عَبَدَ اللهِ، اشْتَرَيْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: هَلْ بَيَّنَ لَكَ مَا فِيهَا؟ قُلْتُ: وَمَا فِيهَا؟ قَالَ: إِنَّهَا لَسَمِينَةٌ ظَاهِرَةُ الصِّحَّةِ! قَالَ: فَقَالَ: أَرَدْتَ بِهَا سَفَرًا أَمْ أَرَدْتَ بِهَا لَحْمًا؟ قُلْتُ: بَلْ أَرَدْتُ عَلَيْهَا الْحَجَّ. قَالَ: فَإِنَّ بِخُفِّهَا نَقْبًا. قَالَ: فَقَالَ صَاحِبُهَا: أَصْلَحَكَ اللهُ مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا (2) تُفْسِدُ عَلَيَّ؟! قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يَبِيعُ شَيْئًا أَلَّا يُبَيِّنُ مَا فِيهِ، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَلَّا يُبَيِّنُهُ "(3).

(1) لفظ "وهو" ليس في (ظ 12).

(2)

في (م): أصلحك الله أي هذا.

(3)

إسناده ضعيف، لجهالة أبي سباع، قال الذهبي في "الميزان": مجهول، وبقية رجال الإسناد ثقات غير أبي جعفر الرازي -وهو عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان- فصدوق سيئ الحفظ. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، ويزيد بن أبي مالك: هو يزيدُ بنُ عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي ثقةٌ روى له أصحابُ السُّنَن إلا الترمذي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (217) مختصراً، والحاكم 2/ 9 - 10، والبيهقي في "السنن" 5/ 320، والخطيب في "تاريخه"، 11/ 144 من طريق هاشم بن القاسم أبي النضر، بهذا الإسناد. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي!

وأخرجه ابنُ ماجه (2247) من طريق بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن مكحول وسليمان بن موسى، عن واثلة بن الأسقع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من باع عيباً لم يبينه، لم يزل في مقت الله، ولم تزل الملائكة تلعنه". قال البوصيري في "الزوائد" 3/ 30: هذا إسناد ضعيف لتدليس بقية بن الوليد، وضَعْفِ شيخه. =

ص: 395

16014 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل، فَأَقِمْ فِيَّ حَدَّ اللهِ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل، فَأَقِمْ فِيَّ حَدَّ اللهِ عز وجل. قَالَ: فَدَعَاهُ فَقَالَ: " أَلَمْ تُحْسِنِ الطُّهُورَ أَوِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا آنِفًا " قَالَ: بَلَى. قَالَ: " اذْهَبْ فَهِيَ كَفَّارَتُكَ "(1).

= وقال الرازي في "العلل" 1/ 391 - 392: سألت أبي عن حديث رواه يزيد ابن عبد ربه، عن بقية، عن معاوية بن يحيى، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول وسليمان بن موسى، عن واثلة بن الأسقع،

ثم ساقه .. فقال أبي: هذا حديث منكر، ومعاوية بن يحيى: هو الصدفي.

وفي الباب عن عقبة بن عامر عند ابن ماجه (2246)، والحاكم 2/ 8 بلفظ:"المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلمٍ باع من أخيه بيعاً فيه عيبٌ إلا بيَّنه" وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وسيرد 4/ 158.

(1)

إسناده ضعيف لضعف ليث: وهو ابن أبي سُلَيْم، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (191) من طريق أبي النضر، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني كذلك 22/ (191) من طريق عبيد الله بن موسى، عن شيبان، به. =

ص: 396

16015 -

حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ أَعْظَمَ الْفِرْيَةِ ثَلَاثٌ: أَنْ يَفْتَرِيَ الرَّجُلُ عَلَى عَيْنَيْهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ وَلَمْ يَرَ، وَأَنْ يَفْتَرِيَ عَلَى وَالِدَيْهِ يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَأَنْ يَقُولَ: قَدْ سَمِعْتُ وَلَمْ يَسْمَعْ "(1).

= وأخرجه النسائي في "الكبرى"(7312) عن محمد بن خالد، وابن حبان (1727) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم، كلاهما عن الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني شداد بن عمار، حدثني واثلة بن الأسقع، به. وقال النسائي: لا نعلم أن أحداً تابع الوليد على قوله: "عن واثلة"، والصواب: عن أبي أمامة، والله أعلم.

قلنا: قد تابعه عليه محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي عند الطبراني 22/ (162)، لكن لا يفرح بهذه المتابعة، لأن محمد بن كثير كثير الغلط.

وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (163) عن محمد بن إبراهيم النحوي، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، عن أبي أمامة، به. ومحمد بن إبراهيم لم نقع على ترجمته، والوليد بن مسلم مدلس، وقد عنعن.

وحديث أبي أمامة أخرجه مسلم (2765) من طريق عكرمة بن عمار، عن شداد، عن أبي أمامة، نحوه، وسيرد 5/ 262 - 263.

قال السندي: قوله: أصبت حداً: علم أنه أصاب ذنباً زعم فيه حداً خطأ، وإلا فليس للإمام الإعراض عن إقامة الحدود بعد ثبوتها، ويمكن أن يقال: هذا إعراض عن الإثبات لا عن إقامة الحد بعد ثبوته، وبينهما فرق، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو مكرر (16008) إلا أن شيخ أحمد هنا هو زيد بن الحباب.

ص: 397

16016 -

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي السَّائِبِ - قَالَ: حَدَّثَنِي حَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَجَلَسَ، قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو الْأَسْوَدِ يَمِينَ وَاثِلَةَ، فَمَسَحَ بِهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَوَجْهِهِ لِبَيْعَتِهِ بِهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ: وَاحِدَةٌ أَسْأَلُكَ عَنْهَا. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: كَيْفَ ظَنُّكَ بِرَبِّكَ؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ، وَأَشَارَ بِرَأْسِهِ، أَيْ حَسَنٌ. قَالَ وَاثِلَةُ: أَبْشِرْ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" قَالَ اللهُ عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ "(1).

(1) إسناده صحيح، حيان أبو النضر: هو الأسدي الشامي، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح، وقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 55، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 244 - 245، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يذكره الحسيني في "الإكمال" ولا الحافظ في "التعجيل"، مع أنه من شرطهما. والوليد بن مسلم: هو الدمشقي، قد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (211) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه ابن حبان (641)، والطبراني في "الكبير" 22/ (209)، وفي "الأوسط"(403) من طريق يزيد بن عبيدة، عن حيان أبي النضر، به.

وبنحوه أخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (215)، وفي "الأوسط"(7947) من طريق يونس بن ميسرة بن حَلْبَس، عن واثلة، به.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(1005) من طريق أيوب بن سويد، عن =

ص: 398

16017 -

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِ، أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ مِنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ يُحَدِّثُ بِهِ، وَلَا يَأْتِيَانِ عَلَى حِفْظِ الْوَلِيدِ بْنِ (1) سُلَيْمَانَ (2).

16018 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَلَا إِنَّ

= عتبة بن أبي حكيم، عن واثلة، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 318، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، ورجال أحمد ثقات.

وسيأتي برقم (16017) و 4/ 106.

وقد سلف من حديث أبي هريرة برقم (7422)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وأبو الأسود: هو يزيد بن الأسود الجُرَشي من سادة التابعين بالشام، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 4/ 136 - 137.

(1)

في (س) و (م): من، وهو تحريف، والمثبت من (ظ 12) و (ص) و (ق).

(2)

إسناده صحيح كسابقه، رجاله ثقات. سعيد بن عبد العزيز: هو التنوخي الدمشقي.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(909)، ومن طريقه الدارمي 2/ 305، والدولابي في "الكنى" 2/ 137 - 138، والطبراني في "الكبير" 22/ (210)، والحاكم 4/ 240، وأخرجه ابن أبي الدنيا (2)، وابن حبان (633)، والبيهقي في "الشعب"(1006) من طريق شبابة بن سوار، وأخرجه ابن حبان (634) و (635) من طريق صدقة بن خالد، ثلاثتهم عن هشام بن الغاز، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (16016)، وسيأتي 4/ 106.

ص: 399

فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ وحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ، وَعَذَابَ النَّارِ، أَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، اللهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (1).

16019 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي شَيْبَةَ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَالتَّقْوَى هَاهُنَا " وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْقَلْبِ قَالَ: " وَحَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ "(2).

(1) إسناده حسن من أجل مروان بن جناح: وهو الأموي الدمشقي، والوليد بن مسلم قد صرح بالتحديث عند ابن ماجه والطبراني، فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه أبو داود (3202)، وابن ماجه (1499)، وابن حبان (3074)، والطبراني في "الكبير" 22/ (214)، وفي "الدعاء"(1188)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 252 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد، وقال أبو نعيم: تفرَّد به مروان عن يونس.

قال السندي: قوله: "يقول ألا إن فلان": أي يقول في صلاة الجنازة يدعو للمَيْت.

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، إسماعيل بن عياش -وهو الحمصي- ثقة في روايته عن الشاميين، ضعيف في غيرهم، ويحيى بن يزيد -وهو رهاوي من أهل الجزيرة،- قال فيه البخاري: لم يصحَّ حديثه، ثم إن فيه انقطاعاً، يحيى بن يزيد لا يروي عن عبد الوهَّاب وهو ابن بخت المكي، =

ص: 400

‌حَدِيثُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ الدِّيلِيِّ

(1)

• 16020 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ](2): حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

= بينهما زيد بن أبي أُنَيْسة كما سيأتي في التخريج.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (183)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 2688 من طرق عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن يزيد، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عبد الوهاب المكي، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود مختصراً -كما في "التحفة" 9/ 78 - من طريق محمد ابن المبارك، عن ابن عياش، عن يحيى بن يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الوهَّاب، به، وقال المزي: في رواية أبي الحسن بن العبد، ولم يذكره أبو القاسم.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" في موضعين 4/ 172 مختصراً و 8/ 83، وقال في الثاني: عزاه المزي إلى أبي داود باختصار، ولم أجده في نسختي، وقال: رواه أحمد وإسناده جيد!

وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة عند مسلم (2564).

وقد سلف برقم (7727).

(1)

قال ابن الأثير في "أسد الغابة": ربيعة بن عباد، من بني الديل بن بكر ابن عبد مناة بن كنانة، مدني.

قال السندي: عُمِّر عمراً طويلاً، ولا أدري متى مات، وقيل: مات في خلافة الوليد بن مروان، كذا في "الإصابة".

(2)

وقع هذا الحديث وما بعده إلى آخر مسند ربيعة بن عباد الديلي في (س) و (ق) و (م) من حديث الإمام أحمد، وهو خطأ، بل هو من زيادات ابنه عبد الله كما في (ظ 12) و (ص)، وصرح به الحافظ في "أطراف المسند" 2/ 340.

ص: 401

الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْقَارِظِيِّ (1)، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ الدِّيلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا لَهَبٍ بِعُكَاظٍ وَهُوَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا قَدْ غَوَى، فَلَا يُغْوِيَنَّكُمْ عَنْ آلِهَةِ آبَائِكُمْ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفِرُّ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى أَثَرِهِ، وَنَحْنُ نَتْبَعُهُ وَنَحْنُ غِلْمَانُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ أَبْيَضَ النَّاسِ وَأَجْمَلَهُمْ (2).

(1) تحرف في (م) إلى: القرظي.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات، عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد: هو عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي، ضُعِّف في عبيد الله بن عمر العمري فحسب، ووثقه ابنُ سعد ومالك وابنُ مَعِين ويعقوب بن سفيان والعجلي، وذكره ابنُ حبان في "الثقات"، وقد تُوبع، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب. وربيعة بن عباد الديلي رضي الله عنه لم تقع له رواية في شيء من الكتب الستة.

وأخرجه ابنُ الأثير في "أسد الغابة" 2/ 214 من طريق عبد الله بن أحمد بهذا الإسناد.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(963) من طريق عبد الله بن موسى التيمي والطبراني في "الكبير"(4588) من طريق عبد الله بن وهب، وشعيب بن إسحاق، ثلاثتهم عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4590) من طريق ابن وهب، أن بكير بن عبد الله بن الأشج حدثه عن ربيعة بن عباد، به.

وسيأتي بالأرقام: (16021)(16022)(16023)(16024)(16025)(16026)(16027) و 4/ 341 و 341 - 342.

قال السندي: قوله: "أحول": من الحَوَل -بفتحتين-، وهو عيب في العين =

ص: 402

• 16021 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ الدَّيْلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْمَجَازِ يَدْعُو النَّاسَ، وَخَلْفَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ يَقُولُ: لَا يَصُدَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِ آلِهَتِكُمْ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ (1).

= معروف، والظاهر أنه بالنصب على الحال، لكن "ذو غديرتين" لا يوافقه، فينبغي أن يرفع بتقدير: هو أحول، وبجعل الجملة حالاً، والله تعالى أعلم.

والغديرتان: ذؤابتا الشعر.

(1)

إسناده حسن، محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- صدوق حسن الحديث، أخرج له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه ربيعة بن عباد لم تقع له رواية في شيء من الكتب الستة. عبد الوهّاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(961)، والطبراني في "الكبير"(4584) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، والطبراني أيضاً (4585) من طريق النضر بن شميل، والبيهقي في "السنن" 9/ 7 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.

وقد وقع في الرواية التي قبلها أنه رأى أبا لهب بعكاظ، وسيرد في الرواية (16024) أن ذلك كان بمنى، ويجمع بينهما بتعدد الحادثة، أو بإطلاق منى على ذي المَجَاز على سبيل التوسع.

وذو المَجَاز: موضع سوقٍ لمكة في الجاهلية بعَرَفة على فرسخ منها، كانت تقام إذا أَهلَّ هلال ذي الحجة، وتستمر إلى يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة.

وكانت عكاظُ ومَجَنَّةُ وذو المجاز أسواقاً لمكة في الجاهلية، انظر:"معجم البلدان"، و"الروض المعطار"، ومسند أحمد (14456).

وانظر ما قبله، وسيأتي برقم (16022) و (16024).

ص: 403

• 16022 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ بِذِي الْمَجَازِ، وَخَلْفَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ يَقُولُ: لَا يَغْلِبَنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ وَدِينِ آبَائِكُمْ. قُلْتُ لِأَبِي وَأَنَا غُلَامٌ: مَنْ هَذَا الْأَحْوَلُ الَّذِي يَمْشِي خَلْفَهُ؟ قَالَ: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ.

قَالَ عَبَّادٌ: أَظُنُّ بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَبَيْنَ رَبِيعَةَ: مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ (1).

• 16023 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ الضَّبِّيُّ دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الْمُسَيِّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ الدِّيلِيِّ وَكَانَ جَاهِلِيًّا أَسْلَمَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَصَرَ عَيْنِي بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، تُفْلِحُوا " وَيَدْخُلُ فِي فِجَاجِهَا، وَالنَّاسُ مُتَقَصِّفُونَ عَلَيْهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَقُولُ شَيْئًا، وَهُوَ لَا يَسْكُتُ

(1) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع، بين محمد بن عمرو وربيعة، محمد بن المنكدر كما قال عباد في آخر الرواية، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه ربيعة من رجال "التعجيل ". عَبَّاد بن عَبّاد: هو ابن أبي صفرة الأزدي.

وانظر ما قبله، والرواية (16020).

(2)

في (ص) و (ق) وهامش (س): فأسلم.

ص: 404

يَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، تُفْلِحُوا " إِلَّا أَنَّ وَرَاءَهُ رَجُلًا أَحْوَلَ وَضِيءَ الْوَجْهِ ذَا غَدِيرَتَيْنِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ يَذْكُرُ النُّبُوَّةَ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا الَّذِي يُكَذِّبُهُ؟ قَالُوا: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ. قُلْتُ: إِنَّكَ كُنْتَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرًا! قَالَ: لَا وَاللهِ إِنِّي يَوْمَئِذٍ لَأَعْقِلُ (1).

(1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن عبد الرحمن بن أبي الزناد ينزل عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح -أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.

وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(964)، والطبراني في "الكبير"(4582)، والحاكم 1/ 15 من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد.

قال الحاكم: وإنما استشهدتُ بعبد الرحمن بن أبي الزناد اقتداءً بهما، فقد استشهدوا جميعاً به.

وسيأتي من طريق ابن أبي الزناد أيضاً برقم (16026) و 4/ 350.

وقد سلف مختصراً برقم (16020).

وله شاهد من حديث طارق بن عبد الله المحاربي عند ابن أبي شيبة 14/ 300، والنسائي 8/ 55 وصححه ابن حبان (6562).

وآخر من حديث عبد الله بن كعب بن مالك عند ابن سعد 1/ 216 وأبي نعيم في "الدلائل"(219)، وفي إسنادهما الواقدي.

وفي الباب أيضاً عن منيب الأزدي عند الطبراني في "الكبير" 20/ (805) وفي إسناده منيب بن مدرك، وهو مجهول.

وعن مدركة بن الحارث الأزدي عند الطبراني في "الكبير" 20/ (806)، وفي إسناده الوليد بن مسلم لم يصرح بالتحديث في طبقات السماع كلها.

قال السندي: قوله: "مُتَقَصِّفون عليه": بقاف وصاد وفاء، أي مجتمعون =

ص: 405

• 16024 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْحُسَامِ - قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ عِبَادٍ الدِّيلِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ بمِنًى فِي مَنَازِلِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ عز وجل يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " قَالَ: وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ يَقُولُ: هَذَا يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدَعُوا دِينَ آبَائِكُمْ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَقِيلَ: هَذَا أَبُو لَهَبٍ (1).

= عليه تعجباً مما يقول.

(1)

صحيح، وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن سلمة بن أبي الحسام -وهو أبو عمرو السدوسي- ضعفه النسائي والدولابي في "الكنى" 2/ 43، ولم يعرفه ابن معين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. وسعيد بن أبي الربيع السمان قال أحمد: ما أراه إلا صدوقاً، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو من رجال "التعجيل".

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(959) من طريق أبي كامل الجحدري الفضيل بن حسين، والطبراني في "الكبير"(4583) من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، والحاكم 1/ 15 من طريق عبد الله بن رجاء، ثلاثتهم عن سعيد بن سلمة، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ورواته عن آخرهم ثقات أثبات، ووافقه الذهبي!

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(960)، والطبراني في "الكبير"(4587)، وفي "الأوسط"(1510) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن سعيد بن سلمة، عن زيد بن أسلم، ومحمد بن المنكدر، عن ربيعة بن عباد، به. وسمى الطبراني الموضع: ذا المجاز. وقال الطبراني في "الأوسط": لم يروِ هذا الحديث عن زيد إلا سعيد، تفرد به عبد الصمد. =

ص: 406

• 16025 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ عِبَادٍ الدِّيلِيَّ قَالَ: إِنِّي لَمَعَ أَبِي رَجُلٌ شَابٌّ أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَّبِعُ (1) الْقَبَائِلَ -، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ وَضِيءٌ ذُو جُمَّةٍ. يَقِفُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبِيلَةِ، فَيَقُولُ:" يَا بَنِي فُلَانٍ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ آمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تُصَدِّقُونِي وَتَمْنَعُونِي (2) حَتَّى أُنْفِذَ عَنِ اللهِ مَا بَعَثَنِي بِهِ " فَإِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَقَالَتِهِ، قَالَ الْآخَرُ: مِنْ خَلْفِهِ يَا بَنِي فُلَانٍ، إِنَّ هَذَا يُرِيدُ مِنْكُمْ أَنْ تَسْلُخُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَحُلَفَاءَكُمْ مِنَ الْحَيِّ؛ بَنِي مَالِكِ بْنِ أُقَيْشٍ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، فَلَا تَسْمَعُوا لَهُ، وَلَا تَتَّبِعُوهُ. فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ (3).

= وأخرجه الطبراني (4586) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جده، عن ربيعة، به.

وقد سلف من طريق محمد بن المنكدر برقم (16021)، وانظر الرواية (16020).

وقوله: بمنى، سبق في الرواية التي قبلها أنه بذي المجاز، ولعله على سبيل التوسع، فذو المجاز بعرفة، قريبة من مِنى.

(1)

في (ق): يتتبع.

(2)

لفظ "وتمنعوني" ليس في (س) و (م).

(3)

إسناده ضعيف لضعف حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس، وباقي =

ص: 407

• 16026 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: رَبِيعَةُ بْنُ عِبَادٍ الدِّيلِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَمُرُّ فِي فِجَاجِ ذِي الْمَجَازِ إِلَّا أَنَّهُمْ يَتَّبعُونَهُ، وَقَالُوا: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ: وَرَجُلٌ أَحْوَلُ وَضِيءُ الْوَجْهِ ذُو غَدِيرَتَيْنِ يَتْبَعُهُ فِي فِجَاجِ ذِي الْمَجَازِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ (1).

• 16027 - [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ الدَّيلِيِّ وَعَمَّنْ (2) حَدَّثَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

= رجاله ثقات غير أن مسروق بن المرزبان حسن الحديث، وابن إسحاق -وهو محمد- قوي الحديث إذا صرح بالتحديث. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4589) من طريق مسروق بن المرزبان، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله، وسيأتي برقم (16027)، وقد سلف مختصراً برقم (16020) باسناد صحيح.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وهو مختصر (16023) غير أن شيخ عبد الله هنا هو محمد بن بكار، وهو ابن الرَّيان، وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود.

وسلف بإسناد صحيح برقم (16020).

(2)

الواو قبل "عمن" سقطت من (ظ 12) و (س) و (م) وهو خطأ وجاءت =

ص: 408

عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ، قَالَ: وَاللهِ إِنِّي لَأَذْكُرُهُ يَطُوفُ عَلَى الْمَنَازِلِ بِمِنًى، وَأَنَا مَعَ أَبِي غُلَامٌ شَابٌّ، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ، كُلَّمَا (1) وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ قَالَ:" أَنَا رَسُولُ اللهِ، يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " وَيَقُولُ الَّذِي خَلْفَهُ: إِنَّ هَذَا يَدْعُوكُمْ إِلَى أَنْ تُفَارِقُوا دِينَ آبَائِكُمْ، وَأَنْ تَسْلُخُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَحُلَفَاءَكُمْ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ أُقَيْشٍ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَة. قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (2).

= على الصواب في "أطراف المسند" 2/ 340.

(1)

في (م): فلما.

(2)

اسناداه ضعيفان، في الإسناد الأول حسين بن عبد الله -وهو ابن عبيد الله بن العباس- وهو ضعيف، وفي الثاني رجل لم يسم، وسماه الطبراني سعيد بن سلمة، وهو ضعيف أيضاً. وباقي رجاله ثقات غير أن صحابيه من رجال التعجيل، سعيد بن يحيى بن سعيد: هو ابن أبان الأموي.

وأخرجه بإسناديه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(962) من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد.

وأخرجه بالإسناد الثاني الطبراني في "الكبير"(4587)، وفي "الأوسط"(1510) من طريق سعيد بن سلمة، عن زيد بن أسلم، به. وقال في "الأوسط": لم يرو هذا الحديث عن زيد إلا سعيد، تفرد به عبد الصمد.

وقد سلف برقم (16025)، وبإسناد صحيح مختصراً برقم (16020).

ص: 409

‌بَاقِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَيَأْتِي حَدِيثُهُ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ

(1)(2)

16028 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يُطَارِدُ امْرَأَةً بِبَصَرِهِ، فَقُلْتُ: تَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَنْتَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟! فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا أَلْقَى الله عز وجل فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةً لِامْرَأَةٍ،

(1) قوله: ويأتي حديثه في مسند الشاميين من (م) وكتب في هامش (س).

(2)

قال السندي: محمد بن مسلمة، أنصاري أوسي، أبو عبد الرحمن، ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة في قول. وهو ممن سمي في الجاهلية محمداً.

شهد المشاهد بدراً وما بعدها إلا غزوة تبوك، فإنه تخلف بإذن النبي صلى الله عليه وسلم له أن يقيم بالمدينة.

وكان ممن ذهب إلى قتل كعب بن الأشرف، وكان من فضلاء الصحابة، واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في بعض غزواته.

وكان ممن اعتزل الفتنة، فلم يشهد الجمل ولا صفين. وقال حذيفة في حقه: إني لأعرف رجلاً لا تضره الفتنة، فذكره.

وكان عند عمر معداً لكشف الأمور المعضلة في البلاد، وكان رسوله في الكشف على سعد بن أبي وقاص حين بنى القصر بالكوفة.

قيل: مات بالمدينة في صفر سنة ست وأربعين، وقيل: قتله أهل الشام، دخل عليه في داره رجل فقتله.

ص: 410

فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا " (1).

(1) إسناده ضعيف لجهالة حال محمد بن سليمان بن أبي حثمة، فإنه لم يرو عنه غير اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وحجاج بن أرطاة مدلس، وقد عنعنه. وباقي رجال الإسناد ثقات، رجال الشيخين. وقد اختلف فيه على حجاج بن أرطاة:

فأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1991)، والطبراني في "الكبير" 19/ (501) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(519)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 13 - 14 من طريق أبي شهاب الحناط، وابن أبي شيبة 4/ 356، ومن طريقه ابن ماجه (1864)، وابن أبي عاصم (1990)، والطبراني 19/ (500) عن حفص بن غياث، كلاهما عن حجاج بن أرطاة، به.

وأخرجه الطبراني 19/ (503) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن حجاج، به. إلا أنه قال: عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبيه.

قال الطبراني: هكذا رواه عبد الواحد بن زياد، عن الحجاج، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبيه.

وأخرجه الطيالسي (1186)، والطبراني 19/ (505) من طريق حماد بن سلمة، عن حجاج، عن محمد بن سهل بن حنيف، عن أبيه قال: رأيت محمد ابن مسلمة، فذكر نحوه.

قال الطبراني: هكذا رواه حماد بن سلمة، وخالف الناس فيه، قد اختلف الرواة عن الحجاج بن أرطاة في هذا الحديث، والصواب عندي -والله أعلم- ما رواه حفص بن غياث ويزيد بن هارون عن الحجاج، عن محمد بن سليمان ابن أبي حثمة، عن محمد بن مسلمة.

قلنا: وذكر أنه وهم حمادُ بن سلمة أيضاً الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 3/ ب. =

ص: 411

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن أبي عاصم (1992)، وابن حبان (4042)، والطبراني 19/ (504)، والمزي في "تهذيب الكمال" 25/ 302 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، عن حجاج، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن سليمان بن أبي حثمة، قال: رأيت محمد بن مسلمة .... فذكره.

قال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 3/ ب: خالفهم أبو معاوية الضرير، فقلب إسناده، ولم يضبطه، فقال: عن الحجاج، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن عمه سليمان بن أبي حثمة، عن محمد بن مسلمة. والصحيح قول عبد الواحد بن زياد ومن تابعه عن الحجاج.

قلنا: الصواب أن الصحيح قول يزيد بن هارون ومن وافقه كما ذكر الطبراني، لأن عبد الواحد بن زياد رواه كما سلف عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبيه، ولم يتابعه أحد. وقد سقط حجاجُ بن أرطاة من إسناد ابن حبان. وفاتنا أن ننبه على وهم أبي معاوية الضرير هناك.

وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة" 1/ 307، ومن طريقه البيهقي 7/ 85 عن عمرو بن عون، عن أبي شهاب الحناط عبد ربه بن نافع، عن حجاج، عن ابن أبي مليكة، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، به. زاد ابن أبي مليكة في الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(10338)، ومن طريقة الطبراني 19/ (499) عن يحيى بن العلاء، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن سهل بن أبي حثمة قال: مرّ ناسٌ من الأنصار بمحمد بن مسلمة وهو يطالع جارية

فذكره بنحوه.

وأخرجه الطبراني 19/ (502)، والحاكم 3/ 434 من طريق إبراهيم بن صرمة، عن يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري- عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، به.

قال الحاكم: هذا حديث غريب، وإبراهيم بن صِرمة ليس من شرط الكتاب، فتعقبه الذهبي بقوله: ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: شيخ. قلنا: =

ص: 412

16029 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا فُسْطَاطٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللهُ، إِنَّكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ بِمَكَانٍ، فَلَوْ خَرَجْتَ إِلَى النَّاسِ فَأَمَرْتَ وَنَهَيْتَ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّهُ سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وَفُرْقَةٌ وَاخْتِلَافٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَأْتِ بِسَيْفِكَ أُحُدًا، فَاضْرِبْ بِهِ عُرْضَهُ، وَاكْسِرْ نَبْلَكَ، وَاقْطَعْ وَتَرَكَ، وَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ " فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ. وَقَالَ يَزِيدُ مَرَّةً: " فَاضْرِبْ بِهِ حَتَّى تَقْطَعَهُ، ثُمَّ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ، أَوْ يُعَافِيَكَ اللهُ عز وجل " فَقَدْ كَانَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ. ثُمَّ اسْتَنْزَلَ سَيْفًا كَانَ مُعَلَّقًا بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ، فَاخْتَرَطَهُ، فَإِذَا سَيْفٌ مِنْ خَشَبٍ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،

= وقال ابن معين: كذاب خبيث، وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر المتن والسند.

والحديث سيأتي 4/ 225 من طريق سهل بن أبي حثمة، عن محمد بن سلمة، ومختصراً 4/ 226 من طريق رجل من أهل البصرة عن محمد بن سلمة.

وقد سلف ذكر أحاديث الباب في جواز النظر إلى المرأة التي يُراد خطبتها في مسند أبي هريرة، عند تخريج الرواية (7842)، فيصح هذا القسم بها.

قال السندي: قوله: "يطارد امرأةً" أي يُخادعها لينظر إليها، ومنه طارد حيَّةً ليصيدها. "خطبة" بكسر الخاء المعجمة.

ص: 413

وَاتَّخَذْتُ هَذَا أُرْهِبُ بِهِ النَّاسَ (1).

(1) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد: وهو ابن جُدْعان، وبقية رجاله ثقات، رجال الصحيح. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه مختصراً ابنُ أبي شيبة 15/ 50 - 51 عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 37 - ومن طريقه ابن ماجه (3962) - عن يزيد ابن هارون، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي بردة، به، وزاد ابن ماجه: أو علي بن زيد بن جدعان، شك أبو بكر.

قلنا: قد رواه مؤملُ بنُ إسماعيل كما في الرواية رقم (16030)، وعفان بن مسلم في الرواية رقم (16031)، وحجاج بن منهال عند الطبراني 19/ (517)، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن أبي بردة، به. فالحديث حديث علي بن زيد، وذكر ثابت البناني في الإستناد خطأ.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (513)، والحاكم 3/ 117، والبيهقي في "السنن" 8/ 191 من طريق يحيى الحمَّاني، عن إبراهيم بن سعد، عن سالم ابن صالح بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمود بن لبيد، عن محمد بن مسلمة، به. وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى الحِمَّاني، وسالم بن صالح بن إبراهيم مجهول.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (518) من طريق حماد بن زيد، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن محمد بن مسلمة، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (524) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، عن إسحاق بن سليمان، عن موسى بن عبيدة، عن الزبير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، عن بعض ولد محمد بن مسلمة، عن محمد ابن مسلمة. واقتصر على المرفوع منه.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط"(1311) عن أحمد بن محمد بن =

ص: 414

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= صدقة، عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن محمد بن مسلمة المخزومي، عن محمد بن إبراهيم بن دينار، عن عبيد الله بن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمد بن مسلمة. ورجاله ثقات، واقتصر على المرفوع منه، وقول محمد بن مسلمة في آخره: ففعلت ما أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم.

وسيأتي نحوه 4/ 225، وانظر كلامنا عليه هناك.

ولبعضه شاهد من حديث أبي بكرة الثقفي عند مسلم (2887)(13)، وسيرد 5/ 48، ولفظه عند مسلم "إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من السَّاعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقعت، فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه" قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال:"يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر، ثم لينْجُ إن استطاع النَّجَاء، اللهم هل بلَّغْت، اللهم هل بلَّغت، اللهم هل بلَّغت" قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن أُكْرِهْتُ حتى يُنْطَلَق بي إلى أحد الصفين، أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال:"يبوءُ بإثمه وإثمك، ويكون من أصحاب النَّار" وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (7796)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "فرقة" بضم الفاء: أي افتراق واختلاف.

قوله: "أحد" بضمتين: اسم الجبل المعروف.

قوله: "عرضه" بضم فسكون: أي جانبه.

قوله: "واكسر نبلك": أي سهمك. هكذا في بعض الأصول، وفي بعضها: سيتك، بكسر سين وفتح ياء مخففة، وهي طرف القوس إلى موضع الوتر، وللقوس سيتان، وهاؤه عوض عن الواو.

قوله: "خاطئة" بالهمزة: أي مذنبة تقتلك بلا ذنب.

قوله: "فاخترطه": أي: أخرجه من الغمد.

قوله: أرهب: من الإرهاب.

ص: 415

16030 -

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: مَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ، فَذَكَرَهُ، قَالَ:" إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وفُرْقَةٌ، فَاضْرِبْ بِسَيْفِكَ عُرْضَ أُحُدٍ "(1).

16031 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ: مَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا فُسْطَاطٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (2).

(1) إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر (16029) إلا أن شيخ أحمد هنا هو مؤمل بن إسماعيل العَدَوي.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر (16029) إلا أن شيخ أحمد هنا هو عفان بن مسلم الصفار.

ص: 416

‌حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ زَيْدٍ أَوْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ

16032 -

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ شَيْخًا مِنَ الْأَنْصَارِ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، يُقَالُ لَهُ: كَعْبُ بْنُ زَيْدٍ أَوْ زَيْدُ بْنُ كَعْبٍ، فَحَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَضَعَ (1) ثَوْبَهُ، وَقَعَدَ عَلَى الْفِرَاشِ، أَبْصَرَ بِكَشْحِهَا بَيَاضًا، فَانْحَازَ (2) عَنِ الْفِرَاشِ، ثُمَّ قَالَ:" خُذِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ " وَلَمْ يَأْخُذْ مِمَّا أَتَاهَا شَيْئًا (3).

(1) في (م): وضع، وهو خطأ.

(2)

في (ظ 12): فامَّاز. قلنا: وهو مطاوع: مازه، بمعنى عزله، ووقع في "أسد الغابة": فانماز، وهما واحد.

(3)

إسناده ضعيف، لضعف جميل بن زيد -وهو الطائي- قال ابن معين: ليس بثقة، وقال ابن حبان: واهي الحديث، وقال البغوي: ضعيف جداً، وقال أبو حاتم: ضعيف، وقال البخاري: لم يصح حديثه. ثم إن في إسناد حديثه هذا اضطراباً، قال أبو القاسم البغوي في "معجمه" -فيما نقله الحافظ في "التعجيل"-: الاضطراب في حديث الغفارية منه. وقال ابنُ عبد البر: وفي هذا الخبر اضطراب كثير. قلنا: سيرد بيانه.

وأخرجه ابن الأثير 4/ 478 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وقد اختلف الرواة على جميل بن زيد فيه:

فأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 223، والطحاوي في "شرح =

ص: 417

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مشكل الآثار" (646) من طريق عباد بن العوام، عنه، عن كعب بن زيد الأنصاري، به، دون قوله: ولم يأخذ مما آتاها شيئاً.

وأخرجه الطحاوي (648) من طريق حفص بن غياث، عنه، عن زيد بن كعب، قال:

وأخرجه البيهقي في "السنن" 7/ 256 - 257 من طريق محمد بن جابر، عنه، عن زيد بن كعب، قال كعب: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني غفار

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(829)، والطحاوي (647)، والحاكم 4/ 34 من طريق أبي معاوية الضرير، عنه، عن زيد بن كعب بن عجرة، قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحاكم: عن زيد بن كعب بن عجرة، عن أبيه.

قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/ 423: هو زيد بن كعب، ومنهم من يقول: كعب بن زيد، واحد، لا يقول: ابن عجرة.

وأخرجه الطحاوي (649) من طريق محمد بن أبي حفص، عنه، بمثل إسناد أبي معاوية. وفيه: وأعطاها الصداق.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 223 من طريق محمد بن فضيل، عنه، عن عبد الله بن كعب قال: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه الطحاوي 2/ 108 من طريق محمد بن عمر العطار، والبيهقي 7/ 256 من طريق أبي يحيى، كلاهما عنه، عن سعد بن زيد الأنصاري

وفيه: فأكمل لها الصداق.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 223، وأبو يعلى (5699)، والطحاوي (644) و (645)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 593، والبيهقي 7/ 213 - 214 و 257 من طرق عنه، عن ابن عمر، قال: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم

الخ بألفاظٍ مختلفة. =

ص: 418

‌حَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ

(1)

16033 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ: الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ، وَهُوَ حَامِلٌ الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ، فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ، فَصَلَّى، فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا، فَقَالَ: إِنِّي رَفَعْتُ (2) رَأْسِي، فَإِذَا الصَّبِيُّ

= وقد نقل الحافظ في "تعجيل المنفعة" عن جميل بن زيد قال: هذه أحاديث ابن عمر، ما سمعت منه شيئاً، وإنما قالوا لي: اكتب حديث ابن عمر، فقدمت المدينة فكتبتها.

ونقل عن أبي القاسم البغوي قوله: وقد روى (يعني جميل بن زيد) عن ابن عمر أحاديث يقول فيها: سألت ابن عمر، مع أنه لم يسمع من ابن عمر شيئاً.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 300 وقال: جميل ضعيف. قلنا: ولم يذكر شيئاً من اضطرابه.

(1)

قال السندي: شداد بن الهاد، قيل: اسم الهاد أسامة بن عمرو، وقيل: بل اسم شداد أسامة بن عمرو، واسم الهاد عمرو، ليثي، حليف بني هاشم، وإنما قيل لأبيه: الهاد، لأنه كان يوقد النار ليلاً للسائرين.

له صحبة، شهد الخندف، وسكن المدينة، وتحول إلى الكوفة.

(2)

في (س) و (ظ 12) و (ق): وضعت. قال السندي: هكذا في النسخ، والصواب رفعت رأسي كما في النسائي [2/ 230] .. وكذا في "المسند" في آخره [6/ 467]، فإن هذا الحديث هو الذي ختم الإمام به "مسنده".

ص: 419

عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سَاجِدٌ، فَرَجَعْتُ فِي سُجُودِي، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ، قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِكَ، هَذِهِ سَجْدَةً قَدْ أَطَلْتَهَا، فَظَنَنَّا أَنَّهُ (1) قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ. قَالَ:" فَكُلُّ (2) ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ "(3).

(1) في (ظ 12) و (ص)، وهامش (س): أنك.

(2)

في (ق) وهامش (س): كل.

(3)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى النسائي. يزيد: هو ابن هارون، ومحمد بن أبي يعقوب نُسِبَ إلى جده وهو محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب التميمي البصري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 100 - 101، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(934)، والنسائي في "المجتبى" 2/ 229 - 230، وفي "الكبرى"(727)، والحاكم 3/ 626 - 627 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7107)، والحاكم 3/ 165 - 166 من طريقين عن جرير بن حازم، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

وسيكرر 6/ 467 سنداً ومتناً.

قال السندي: قوله: قد حدث أمر: كناية عن الموت والمرض.

قوله: "فكل ذلك لم يكن": أي ما وقع شيء مما قلتم.

قوله: "ارتحلني": اتخذني راحلة بالركوب على ظهري.

قوله: "أن أعجله": من التعجيل أو الإعجال.

ص: 420

‌حَدِيثُ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ

16034 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ، فَخَرَجْتُ فِيهَا فَقَالَ:" إِنْ أَخَذْتُمْ فُلَانًا فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ " فَلَمَّا وَلَّيْتُ نَادَانِي، فَقَالَ:" إِنْ أَخَذْتُمُوهُ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ "(1).

(1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن حمزة الأسلمي، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": ضعفه ابن حزم، وعاب ذلك عليه القطب الحلبي، وقال: لم يضعفه قبله أحد. قلنا: وقد توبع. والمغيرة بن عبد الرحمن: هو الحِزامي، مختلف فيه، قال أحمد: ما بحديثه بأس، وقال أبو داود: لا بأس به، وقال ابن حجر في "التقريب": ثقة، له غرائب، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي. قلنا: وقد توبع كذلك، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.

وهو عند سعيد بن منصور في "سننه"(2643) ومن طريقه أخرجه أبو داود (2673)، والطبراني في "الكبير"(2990)، والبيهقي في "السنن" 9/ 72.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2376)، وأبو يعلى (1536)، والطبراني (2990) من طرق عن المغيرة بن عبد الرحمن، به.

وسيأتي برقم (16035) و (16036).

وقد سلف من حديث أبي هريرة برقم (8068).

وذكرنا هناك أحاديث الباب. =

ص: 421

16035 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ - يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ -، أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ وَرَهْطًا مَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ عُذْرَةَ، فَقَالَ:" إِنْ قَدَرْتُمْ عَلَى فُلَانٍ، فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ " فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا تَوَارَوْا مِنْهُ نَادَاهُمْ أَوْ أَرْسَلَ فِي أَثَرِهِمْ، فَرَدُّوهُمْ، ثُمَّ قَالَ:" إِنْ أَنْتُمْ قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تُحْرِقُوهُ بِالنَّارِ، فَإِنَّمَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ رَبُّ النَّارِ "(1).

16036 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زِيَادٌ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ عَلَيٍّ الْأَسْلَمِيُّ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ وَرَهْطًا مَعَهُ سَرِيَّةً إِلَى رَجُلٍ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ (2).

= قال السندي: قوله: أمَّره، بتشديد الميم: أي جعله أميراً.

قوله: "فاقتلوه": فهذا النسخ قبل العمل.

قوله: "إلا رب النار": قيل فيما عدا القصاص.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حنظلة بن علي: وهو الأسلمي، وصحابي الحديث فمن رجال مسلم.

محمد بن بكر: هو البُرْساني، ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وزياد بن سَعْد: هو الخراساني.

وانظر ما قبله.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه. =

ص: 422

16037 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1)، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ:" إِنْ شِئْتَ صُمْتَ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْطَرْتَ "(2).

= وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(9418) ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"(2996) إلا أنه سقط من المطبوع فيها اسم زياد بن سعد من الإسناد، وتحرف حنظلة بن علي إلى حنظلة بن عبد الله.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 9/ 72 من طريق الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، به.

وانظر ما قبله.

(1)

في النسخ الخطية و (م): شعبة، وهو تحريف، والمثبت من "أطراف المسند"، 2/ 285، و"إتحاف المهرة" 4/ 335.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، قتادة: وهو ابن دعامة السدوسي لم يسمع من سليمان بن يسار، وسليمان بن يسار لم يسمع من حمزة بن عمرو الأسلمي، بينهما أبو مرواح الغفاري كما سيأتي في التخريج. ومحمد بن جعفر -وإن سمع من سعيد: وهو ابن أبي عروبة بعد الاختلاط- قد توبع.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2374) من طريق عبد الأعلى السَّامي، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 69 من طريق روح ابن عبادة، والطبراني في "الكبير"(2984) من طريق محمد بن بشر، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة، به. وسماعهم من سعيد قبل الاختلاط.

وأخرجه الطيالسي (1175)، والنسائي في "المجتبى" 4/ 185، وفي "الكبرى"(2602)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 69، والطبراني في "الكبير"(2982) و (2983) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/ 185 و 186، وفي "الكبرى"(2603) و (2604) و (2605) و (2606) و (2607) وابن خزيمة (2153)، والطحاوي =

ص: 423

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في "شرح معاني الآثار" 2/ 69، والطبراني في "الكبير"(2985)(2986) من طرق عن سليمان بن يسار، به. وقال النسائي: مرسل.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/ 186، وفي "الكبرى"(2609) من طريق عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن أبي مرواح الغفاري، عن حمزة بن عمرو الأسلمي، به. وقال المزي في ترجمة أبي مرواح: وهو الصحيح.

وأخرجه أبو داود (2403)، والطبراني في "الكبير"(2995)، والحاكم 1/ 433 من طريق محمد بن حمزة الأسلمي، والنسائي في "المجتبى" 4/ 186، وفي "الكبرى"(2607) و (2608) من طريق حنظلة بن علي الأسلمي، كلاهما عن حمزة بن عمرو الأسلمي، به.

وأخرجه النسائي في "الكبرى" 4/ 187، وفي "الكبرى"(2612) و (2617)، والطبراني في "الكبير"(2978) و (2979) و (2980) من طريق عروة بن الزبير، عن حمزة بن عمرو الأسلمي، به. قلنا: وهذا مرسل، قال المزي: المحفوظ عن عروة، عن أبي مرواح، عن حمزة، به.

قلنا: ومن هذه الطريق أخرجه مسلم (1121)(107)، والنسائي في "المجتبى" 4/ 186 و 187، وفي "الكبرى"(2611)، والطبري في "التفسير"(2891)، وابن خزيمة (2026)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 71، وابن حبان (3567)، والطبراني في "الكبير"(2981)، والدارقطني في "السنن" 2/ 189، والبيهقي في "السنن" 4/ 243 من طريق عروة بن الزبير، عن أبي مرواح، عن حمزة، به. قال المزي: وهو المحفوظ عن عروة.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 4/ 185 - 186، وفي (2610) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2375)، والطبراني في "الكبير"(2988) من طريق عمران بن أبي أنس، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن حمزة، به.

قال المزي في ترجمة أبي مرواح: الصحيح: عن عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن أبي مرواح، عن حمزة، به. =

ص: 424

16038 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا عَلَى جَمَلٍ آدَمَ يَتْبَعُ رِحَالَ النَّاسِ بِمِنًى، وَنَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاهِدٌ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: لَا تَصُومُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ. قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرَ لَنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُنَادِي كَانَ بِلَالًا (1).

= وأخرج الطبراني في "الكبير"(2997) من طريق أبي الأشعث العطار أنه سأل حمزة عن الصيام في السفر، فقال: كنا نصوم ونفطر، ولا يعيب المفطر على الصائم، ولا الصائم على المفطر.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 159، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وأبو الأشعث العطار لم أعرفه.

قلنا: وسيأتي من حديث عائشة في مسندها 6/ 46 وانظر حديث عبد الله بن مسعود السالف برقم (3813)، وحديث أبي سعيد الخدري السالف برقم (11083).

قال السندي: قوله: "إن شئت صمت": أي يجوز الوجهان، وعليه الجمهور، واختلفوا بعد ذلك من الأفضل في صوم الفرض.

(1)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(2875)، والدارقطني 2/ 212 من طريق عبدة بن سليمان، والطبراني في "الكبير"(2987)، من طريق محمد بن بشر وهو العبدي، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. وقال الدارقطني: قتادة لم يسمع من سليمان بن يسار.

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب برقم (4970)، وذكرنا هناك أحاديث الباب، وانظر حديث علي بن أبي طالب السالف برقم (567).

ص: 425

16039 -

حَدَّثَنَا عَتَّابٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ. وَعَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ (1) - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " عَلَى ظَهْرِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ، فَإِذَا رَكِبْتُمُوهَا، فَسَمُّوا اللهَ عز وجل، ثُمَّ لَا تُقَصِّرُوا عَنْ حَاجَاتِكُمْ "(2).

(1) في (م): عبيد الله، وهو تحريف.

(2)

إسناده حسن، أسامة بن زيد -وهو الليثي- حسن الحديث إلا عند المخالفة، علق له البخاري، واستشهد به مسلم. ومحمد بن حمزة: وهو الأسلمي، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبقية رجاله ثقات. عتاب: هو ابن زياد الخراساني، وعلي بن إسحاق: هو المروزي.

وأخرجه الدارمي 2/ 285 - 286، والنسائي في "الكبرى"(10338) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(504) - وابن خزيمة (2546)، وابن حبان (1703)، والطبراني في "الكبير"(2994)، وفي "الأوسط"(1945)، والحاكم 1/ 444 من طرق عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي!

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 131، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجالها رجال الصحيح غير محمد بن حمزة، وهو ثقة.

وفي الباب عن أبي لاس الخزاعي سيرد 4/ 221.

وعن أبي هريرة عند ابن خزيمة (2547)، والحاكم 1/ 444.

وعن ابن عمر عند الطبراني في "الأوسط"(6684).

وعن عمر بن الخطاب عند ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(497).

ص: 426

‌حَدِيثُ عُلَيْمٍ

16040 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عُلَيْمٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَلَى سَطْحٍ مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَزِيدُ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَبْسًا الْغِفَارِيَّ - وَالنَّاسُ يَخْرُجُونَ فِي الطَّاعُونِ، فَقَالَ عَبَسٌ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي، ثَلَاثًا يَقُولُهَا. فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ، وَلَا يُرَدُّ فَيُسْتَعْتَبَ " فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافًا (1) بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا "(2).

(1) في النسخ عدا (م): واستخفاف. ومثله في "التاريخ الكبير" فيكون معطوفاً على مرفوع.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، شريك بن عبد الله -وهو النخعي- سيئُ الحفظ، لا يقبل منه ما تفرد به، وعثمان بن عمير ضعيف، وعُليم، ذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 286 وقال: شيخ، روى عن سلمان الفارسي، وروى عنه زاذان. وترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 40، وقال: عُليم الكندي، روى عن سلمان، وروى عنه مسلم بن يزيد أبو صادق الأزدي، سمعت أبي يقول ذلك، وباقي رجال الإسناد ثقات. زاذان أبو عمر: هو الكندي، ويقال له: أبو عبد الله. وعبس الغفاري -هو ابن عابس، =

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ويقال: عابس بن عبس- قال الحافظ في "التعجيل": وفي إسناد حديثه اختلاف.

وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن" ص 80 - 81 عن يزيد ابن هارون، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 80، والطبراني في "الكبير" 18/ (61) من طريقين عن شريك بن عبد الله، به.

وأخرجه أبو عبيد ص 81، والبزار (1610)"زوائد" من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن ليث -وهو ابن أبي سُليم- عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 245 وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" .. وفي إسناد أحمد عثمان بن عمير البجلي، وهو ضعيف، وأحد إسنادي "الكبير" رجاله رجال الصحيح. قلنا: أحد إسنادي الطبراني الذي أشار إليه الهيثمي سيرد قريباً.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 80، والطبراني 18/ (58) و (59) و (60) من طرق عن ليث بن أبي سُليم، عن عثمان بن عمير، عن زاذان، عن عابس الغفاري، لم يذكروا عُليماً في الإسناد. وفي رواية الطبراني (58): فقال ابن عم له قد كانت له صحبة: لِمَ تتمنى الموت، وفي رواية (59): فقال ابن أخٍ له.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 316 - 317، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وأحمد بنحوه

وفي إسناده ليث بن أبي سُلَيم، وفيه كلام.

وأخرجه الطبراني 18/ (62) عن أحمد بن علي الأبّار، عن علي بن خشرم، عن عيسى بن يونس -وهو ابن أبي إسحاق السبيعي- و 18/ (63) من طريق مندل -وهو ابن علي العنزي- كلاهما عن موسى -وهو ابن عبد الله الجهني- عن زاذان، عن عابس الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف على أمته ست خصال، فذكرها

، ولم يذكر القصة. والإسناد الأول صحيح =

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رجاله ثقات.

وأخرجه الطبراني أيضاً في "الكبير" 18/ (57)، وفي "الأوسط"(8731) من طريق عبد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم -وهو أبو عبد الرحمن الدمشقي- عن أبي أمامة، عن عابس الغفاري، به. وإسناده ضعيف لضعف من هم دون أبي أمامة.

وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" وضعفه.

وله شاهد من حديث عوف بن مالك الأشجعي أخرجه أحمد 6/ 22 عن وكيع، عن النهاس بن قهم أبي الخطاب، عن شداد أبي عمار الشامي، قال: قال عوف بن مالك: يا طاعون خذني إليك، قال: فقالوا: أليس قد سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ما عُمِّرَ المسلم كان خيراً له"؟ قال: بلى، ولكنى أخاف ستاً. إمارة السفهاء، وبيع الحكم، وكثرة الشرط، وقطيعة الرحم، ونشواً ينشؤون يتخذون القرآن مزامير، وسفك الدم. وفي إسناده النهاس بن قهم، وهو ضعيف، وشداد أبو عمار -وهو ابن عبد الله الدمشقي- لم يسمع من عوف ابن مالك.

وآخر من حديث الحكم بن عمرو الغفاري عند الطبراني في "الكبير"(3162)، والحاكم 3/ 443، أخرجاه من طريق الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، حدثنا جميل بن عبيد الطائي، حدثنا أبو المعلى، عن الحسن، قال: قال الحكم بن عمرو الغفاري: يا طاعون خذني إليك، فقال له رجل من القوم: بم تقول هذا؟ وقد سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت"؟. قال: قد سمعت ما سمعتم، ولكني أبادر ستاً: بيع الحكم، وكثرة الشرط

الحديث. والحسن -وهو البصري- لم يذكروا له سماعاً من الحكم بن عمرو الغفاري، وقد سقط اسمه من إسناد الطبراني. وأبو المعلى لم نعرفه، وقد سكت عليه الحاكم هو والذهبي.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 206 - 207، وقال: وأبو المعلى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. =

ص: 429

‌حَدِيثُ شُقْرَانَ (1) مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

16041 -

حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُقْرَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَأَيْتُهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُتَوَجِّهًا إِلَى خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ، يُومِئُ إِيمَاءً (2).

= قال السندي: قوله: "عند انقطاع عمله" أي: فإن العمل ينقطع عند الموت ولا يُردُّ إلى الدنيا بعد الموت. "فيستَعْتب" على بناء الفاعل: أي: يرجع عن الإساءة ويطلب رضى الله بالتوبة. "بادروا" أي: اطلبوا من الله تعالى أن يميتكم قبل هذه الست. "إمرة" بكسر الهمزة، أي إمارتهم. "الشُّرط" بضمٍّ ففتحٍ، جمع شُرْط، بضمٍّ فسكون، وهو من يتقدم بين يدي الأمير لتنفيذ أوامره. "الحكم" أي: القضاء، أي: يتوسل إليه بالرشوة. "ونشواً" المشهور أنه بفتحٍ فسكون، وقيل: بفتحتين، وعلى الوجهين فآخره همزة، أي: جماعةً أحداثاً، وهو على الثاني جمع ناشئ، كَخَدَم جمع خادم، وعلى الأول تسمية بالمصدر. "يقدمونه" من التقديم، أي: الناس يقدمون هذا الشاب في الصلاة.

(1)

قال السندي: شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيل: اسمه صالح بن عدي، وكان حبشياً، شهد بدراً وهو عبد، فلم يُسهم له، ثم أُعتق، لكن قيل: كان على الأُسَراء، فكل من افتدى أسيراً وهب له شيئاً، فحصل له أكثر مما حصل لمن له سهم.

وقد جاء أنه الذي وضع القطيفة في قبره صلى الله عليه وسلم.

(2)

حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف مسلم بن خالد: وهو الزَّنْجي، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، وصحابيه لم يخرج له سوى الترمذي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7410) من طريق أسود بن عامر، بهذا =

ص: 430

‌حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ

(1)

16042 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ، فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ

= الإسناد.

وأخرجه الطبراني كذلك في "الكبير"(7410)، وفي "الأوسط"(2782)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 372 من طريق محمد بن عبد الوهاب الحارثي، عن مسلم بن خالد، به.

وقال الطبراني: لا يُرْوى هذا الحديث عن شقران إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به مسلم.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 162، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه مسلم بن خالد الزنجي، ضعفه أحمد وغيره، ووثقه الشافعي وابن حبان وأبو أحمد بن عدي.

ويشهد له حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب السالف برقم (4520) وإسناده صحيح، وذكرنا أحاديث الباب في الرواية رقم (4470).

(1)

قال السندي: عبد الله بن أنيس الجهني، أبو يحيى المدني، حليف بني سلمة من الأنصار.

مات بالشام سنة أربع وخمسين، وكان أحد من يكسر أصنام بني سلمة من الأنصار.

ص: 431

عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَنِي، وَاعْتَنَقْتُهُ. فَقُلْتُ: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِصَاصِ، فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - أَوْ قَالَ: الْعِبَادُ - عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا " قَالَ: قُلْنَا: وَمَا بُهْمًا؟ قَالَ: " لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ [بُعْدٍ كَمَا يَسْمَعُهُ مِنْ] (1) قُرْبٍ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى (2) أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ " قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللهَ عز وجل عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: " بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ "(3).

(1) ما بين حاصرتين سقط من الأصول، واستدرك من "مجمع الزوائد" ومن "تغليق التعليق"، ومن عامة المصادر التي خرجت الحديث.

(2)

في (ص) و (ظ 12): "لا" بدل "حتى". و"حتى" ليست في (س).

(3)

إسناده حسن، القاسم بن عبد الواحد المكي، سئل عنه أبو حاتم فقال: يُكتب حديثُه، ثم سُئل: يحتج بحديثه؟ قال: يحتج بحديث سفيان، وشعبة. قلنا: وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الذهبي: وثق. قلنا: ولا نعلم فيه جرحاً. وعبد الله بن محمد بن عَقِيل قال الحافظ في "التلخيص": أما إذا انفرد فيُحَسَّن، وأما إذا خالف فلا يُقبل، وقال الذهبي في "الميزان": حديثه في مرتبة الحسن، قلنا: وقد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه عبد الله بن أنيس قد أخرج له أبو داود =

ص: 432

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والترمذي. همّام بن يحيى: هو العَوْذي.

وأخرجه الحافظ في "تغليق التعليق" 5/ 355 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 133، ونسبه إلى أحمد والطبراني في "الكبير" وضعفه بعبد الله بن محمد بن عقيل.

وأخرجه الحارثُ بنُ أبي أسامة (45)"زوائد"، والحاكم 2/ 437، و 4/ 574، والبيهقي مختصراً في "الأسماء والصفات" ص 78 و 273، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"(1748)، وفي "الرحلة"(31)، وابنُ عبد البر في "بيان العلم" ص 122 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وجاء عند البيهقي والحاكم في الموضع الأول: رحل جابر إلى مصر بدل: الشام. وعند الحاكم في الموضع الثاني: الشك بين مصر أو الشام. زاد الحاكم في الموضع الأول: وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اليوم تُجْزَى كلُّ نفس بما كسبت لا ظُلْمَ اليوم} [غافر:17].

قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وحسَّن الحافظ في "الفتح" 1/ 174 إسناد قسم الارتحال منه.

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(970) عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، وفي "خلق أفعال العباد" ص 92، وفي "التاريخ" 7/ 169 - 170 (مختصراً) عن داود بن شبيب البصري، والحارث بن أبي أسامة (44)"زوائد"، وابن عبد البر في "بيان العلم" ص 122 من طريق هدبة بن خالد، وابنُ أبي عاصم في "السنة"(514)، وفي "الآحاد والمثاني"(2034)، والخطيب في "الرحلة"(31)، وابن عبد البر في "بيان العلم" ص 123، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة القاسم بن عبد الواحد، وابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 355 من طريق شيبان بن فروخ، أربعتهم عن همام، بهذا الإسناد. وزادوا فيه: وأومأ بيده إلى الشام، بعد قوله:"يحشر الناس يوم القيامة".

وأخرجه الخطيب في "الرحلة"(32) من طريق عبد الوارث بن سعيد التنوري، والطبراني بنحوه في "الأوسط"(8588) من طريق داود بن وازع، =

ص: 433

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كلاهما عن القاسم بن عبد الواحد، به.

وأخرجه مطولاً الطبراني في "مسند الشاميين"(156) عن الحسن بن جرير الصوري، عن عثمان بن سعيد الصيداوي، عن سليمان بن صالح، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن الحجاج بن دينار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، به. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 174: وإسناده صالح.

وأخرجه مطولاً الخطيب في "الرحلة"(33) من طريق مقاتل بن حيان، عن أبي جارود العنسي -وهو بالنون الساكنة-، عن جابر، قال: بلغني حديث في القصاص. ولم يسم الصحابي، وسمى المكان: مصر. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 174: وفي إسناده ضعف.

وعلقه البخاري في "صحيحه" 1/ 173 قال: ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد. وعلقه أيضاً في موضع آخر 13/ 454 قال: ويُذكر عن جابر، عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشُرُ اللهُ العبادَ فيناديهم بصوت يسمعه من بَعُدَ كما يسمعه من قَرُبَ: أنا الملك، أنا الديَّان".

وقد وصله الحافظ في "التغليق"، كما سلف في التخريج.

وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 174: وادعى بعض المتأخرين أن هذا ينقض القاعدة المشهورة أن البخاري حيث يعلق بصيغة الجزم يكون صحيحاً، وحيث يعلق بصيغة التمريض يكون فيه علة، لأنه علقه بالجزم هنا، ثم أخرج طرفاً من متنه في كتاب التوحيد بصيغة التمريض

وهذه الدعوى مردودة، والقاعدة بحمد الله غير منتقضة، ونظر البخاري أدق من أن يعترض عليه بمثل هذا، فإنه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به، لأن الإسناد حسن واعتضد. وحيث ذكر طرفاً من المتن لم يجزم به، لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب ويحتاج إلى تأويل، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها، ولو اعتضدت، ومن هنا يظهر شفوف علمه، ودقة نظره، وحسن تصرفه رحمه الله. =

ص: 434

16043 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ

= وقال البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 273: وهذا حديث تفرد به القاسم بن عبد الواحد، عن ابن عقيل. والقاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي لم يحتج بهما الشيخان أبو عبد الله البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، ولم يخرجا هذا الحديث في الصحيح بإسناده، وإنما أشار البخاري إليه في ترجمة الباب، واختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم يثبت صفة الصوت -في كلام الله عز وجل أو في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم غيرُ حديثه، وليس بنا ضرورة إلى إثباته.

وفي الباب في حشر الناس عراة غرلاً عن ابن عباس، سلف برقم (1950).

وعن عائشة، سيرد 6/ 89 - 90.

وفي باب القصاص: عن عثمان، سلف برقم (520).

وعن أبي هريرة، سلف برقم (7204).

وعن أبي سعيد الخدري، سلف برقم (11095).

وعن أبي ذر، سيرد 5/ 173.

وعن عائشة، سيرد 6/ 280.

وفي الصوت أورد البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 274 - 276 أحاديث توهم إثبات الصوت لله تعالى، وردها، فانظرها.

قال السندي: قوله: "يَطَأُ ثوبه" لعله من العجلة.

"حديثاً"، أي: أسمعني حديثاً، أو أطلب حديثاً.

"غُرْلاً" ضبط بضم معجمة فسكون راءِ، أي: غير مختونين.

"بُهْماً" ضبط بضم فسكون.

"الديان" يُجازي العباد على أعمالهم.

"حتى أُقِصّه" ضُبِط من الإقصاص.

(1)

وقع في (م): حدثنا عبد الله بن يونس، بدل: حدثنا يونس بن محمد. وهو خطأ.

ص: 435

الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الشِّرْكَ بِاللهِ، وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، وَالْيَمِينَ الْغَمُوسَ، وَمَا حَلَفَ حَالِفٌ بِاللهِ يَمِينًا صَبْرًا، فَأَدْخَلَ فِيهَا مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ إِلَّا جَعَلَهُ اللهُ نُكْتَةً فِي قَلْبِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "(1).

(1) صحيح دون قوله: "وما حلف حالف بالله يميناً

"، وهذا إسناد ضعيف، هشام بن سعد، ضعفه يحيى القطان وأحمد وابن معين والنسائي وابن سعد وابن حبان وابن عبد البر ويعقوب بن سفيان، وقال أبو زرعة: شيخ محله الصدق، وقال في موضع آخر: واهي الحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح. يونس بن محمد: هو المؤدِّب، وليث: هو ابن سعد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 5، والترمذي في "السنن"(3020)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2036)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(893)، والحاكم 4/ 296 من طرق عن يونس بن محمد، بهذا الإسناد. ورواية ابن أبي شيبة هي لطرفه الثاني.

وقال الترمذي: وأبو أمامة الأنصاري هو ابن ثعلبة، ولا نعرف اسمه، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا حديث حسن غريب.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وحسنه الحافظ في "الفتح" 10/ 411.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3261)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 327 من طريقين عن الليث بن سعد، به.

وقال الطبراني: لا يُروى هذا الحديث عن عبد الله بن أنيس إلا بهذا الإسناد، تفرد به الليث.

وأخرجه ابن أبي عاصم (2035)، وابن حبان (5563)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 180 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق المدني، عن محمد بن =

ص: 436

16044 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ - يَعْنِي الْمَخْرَمِيَّ -، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ - وَسَأَلُوهُ عَنْ لَيْلَةٍ يَتَرَاءَوْنَهَا فِي رَمَضَانَ - قَالَ: " لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ "(1).

= زيد بن قنفذ، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن أُنيس، به.

وأورده مختصراً الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 105، وقال: رجاله موثقون.

وقوله: "إن من أكبر الكبائر

" يشهد له حديث ابن عمرو، وقد سلف برقم (6884) وذكرنا هناك أحاديث الباب.

وقوله: "وما حلف حالفٌ بالله

" في الباب: عن عبد الله بن مسعود، بلفظ: "من حلف على يمين يقتطع بها مال مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان"، وقد سلف برقم (3576)، وذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "صبراً" يصبر لأجله، وهو ما يكون في محل القضاء عند الحاكم.

"مثل جناح"، أي: من الكذب.

(1)

حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو بكر بن حزم -وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري- لم يسمع من عبد الله بن أنيس، بينهما عبد الرحمن بن كعب بن مالك كما سيأتي في التخريج، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو سلمة الخزاعي: هو منصور بن سلمة.

وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 86، والبيهقي في "السنن" 4/ 309، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 212 من طريق يحيى بن أيوب -وهو المصري- عن يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن حزم، عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك، عن عبد الله بن أنيس، به.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 211 من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن محمد بن حزم، عن عبد الله =

ص: 437

16045 -

حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَأُرَانِي صَبِيحَتَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ " فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَانْصَرَفَ، وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ (1).

= ابن عبد الرحمن بن كعب، عن عبد الله بن أُنيس، به، والدراوردي له أوهام.

وأخرجه بنحوه عبد الرزاق في "المصنف"(7689) و (7690) و (7692) و (7694)، وأبو داود (1379)، والنسائي في "الكبرى"(3401) و (3402)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 86 و 88، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 5 من طرق عن عبد الله بن أنيس، به.

وانظر ما بعده.

قال السندي: قوله: "وسألوه عن ليلة"، أي: ليلة القدر.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله: هو سالم بن أبي أمية.

وأخرجه البيهقي في "الشعب"(3674) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (1168)، والبيهقي في "السنن" 4/ 309، وفي "الشعب"(3674) من طريق أنس بن عياض، به.

وأخرجه ابن نصر المروزي في "قيام الليل" ص 111 من طريق سليمان بن بلال، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 210 من طريق الواقدي، كلاهما عن الضحاك بن عثمان، به.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 320 - ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(7691) - عن أبي النضر أن عبد الله بن أنيس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 210: هذا حديث منقطع، ولم =

ص: 438

16046 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ، قَالَ: - كَانَ رَجُلٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدْ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ - قَالَ: جَلَسَ مَعَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ؛ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسِهِ فِي مَجْلِسِ جُهَيْنَةَ - قَالَ فِي رَمَضَانَ قَالَ: - فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا يَحْيَى، سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى نَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ؟ قَالَ:" الْتَمِسُوهَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ " وَقَالَ: وَذَلِكَ مَسَاءَ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَهِيَ إِذًا يَا رَسُولَ اللهِ أَوَّلُ ثَمَانٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَوَّلِ ثَمَانٍ، وَلَكِنَّهَا أَوَّلُ السَّبْعِ (1)، إِنَّ الشَّهْرَ لَا يَتِمُّ "(2).

= يلق أبو النضر عبد الله بن أنيس ولا رآه، ولكنه يتصل من وجوه شتى صحاح ثابتة.

وانظر ما قبله، وانظر كذلك حديث أبي سعيد الخدري، السالف برقم (11034).

قال السندي: قوله: "أنسيتها" على بناء المفعول: من الإنساء، ومثل هذا جاء في حديث أبي سعيد الخدري: لكن في ليلة إحدى وعشرين.

(1)

في (ظ 12) و (ص) و (ق)، وهامش (س): سبع.

(2)

حديث حسن، عبد الله بن عبد الله بن خبيب، من رجال "التعجيل"، لم يذكروا في الرواة عنه سوى أخيه معاذ، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد توبع، وبقية رجاله ثقات، ومحمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري.

وأخرجه ابن نصر المروزي في "قيام الليل" ص 110، وابن خزيمة =

ص: 439

16047 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنِ أَبِيهِ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيَّ (1)، يَجْمَعُ لِي النَّاسَ لِيَغْزُوَنِي وَهُوَ بِعُرَنَةَ (2)، فَأْتِهِ فَاقْتُلْهُ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، انْعَتْهُ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ. قَالَ:" إِذَا رَأَيْتَهُ وَجَدْتَ لَهُ إِقْشَعْرِيَرَةً ". قَالَ: فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا بِسَيْفِي (3) حَتَّى وَقَعْتُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِعُرَنَةَ مَعَ ظُعُنٍ يَرْتَادُ لَهُنَّ مَنْزِلًا، وَحِينَ كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ مَا وَصَفَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْإِقْشَعْرِيرَةِ، فَأَقْبَلْتُ

= (2185) و (2186)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5481)، وفي "شرح معاني الآثار" 3/ 85 - 86، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 213 و 214 من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه بنحوه أبو داود (1380)، وابن نصر في "قيام الليل" ص 110 - 111، وابن خزيمة (200)، والبيهقي 4/ 309 من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ضمرة بن عبد الله بن أُنيس، عن عبد الله بن أُنيس، به.

وانظر ما قبله.

قال السندي: قوله: "إن الشهر"، أي: هذا الشهر الذي هذه الليلة منه.

(1)

"الهذلي " ليس في (س) و (م).

(2)

في (ظ 12) و (ق) و (ص) ونسخة في (س) ونسخة السندي: بعرفة. قال السندي: قوله: بعرفة: هي موقف الحاج، وفي بعض النسخ: بعُرَنة بضم عين وفتح راء ونون، وهي اسم موضع بعرفة.

(3)

في (ظ 12) و (ص) وهامش (س): سيفي.

ص: 440

نَحْوَهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُحَاوَلَةٌ (1) تَشْغَلُنِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أَمْشِي نَحْوَهُ أُومِئُ بِرَأْسِي الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ سَمِعَ بِكَ، وَبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجَاءَكَ لِهَذَا. قَالَ: أَجَلْ أَنَا فِي ذَلِكَ. قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا، حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ السَّيْفَ حَتَّى قَتَلْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ، وَتَرَكْتُ ظَعَائِنَهُ مُكِبَّاتٍ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَآنِي، فَقَالَ:" أَفْلَحَ الْوَجْهُ " قَالَ: قُلْتُ: قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " صَدَقْتَ " قَالَ: ثُمَّ قَامَ مَعِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ بِي (2) بَيْتَهُ، فَأَعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ:" أَمْسِكْ هَذِهِ عِنْدَكَ، يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ ". قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ: قُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسِكَهَا، قَالُوا: أَوَ لَا تَرْجِعُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ أَعْطَيْتَنِي هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ:" آيَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ الْمُتَخَصِّرُونَ (3) يَوْمَئِذٍ (4) " قَالَ: فَقَرَنَهَا عَبْدُ اللهِ بِسَيْفِهِ، فَلَمْ تَزَلْ مَعَهُ حَتَّى إِذَا

(1) في (ق): مجاولة.

(2)

تحرف في (م) إلى: في.

(3)

تحرف في (م) إلى: المنحصرون.

(4)

في (س) و (م): يوم القيامة.

ص: 441

مَاتَ أَمَرَ بِهَا فَصُبَّتْ (1) مَعَهُ فِي كَفَنِهِ، ثُمَّ دُفِنَا جَمعًا (2).

(1) في (ق): فغيبت.

(2)

ابن عبد الله بن أُنيس -وهو عبد الله بن عبد الله بن أنيس كما جاء مبيناً من رواية محمد بن سلمة الحرَّاني عن محمد بن إسحاق عند البيهقي-. ترجم له البخاري في "التاريخ" 5/ 125، وابنُ أبي حاتم 5/ 90، وابن حبان في "الثقات" 5/ 37، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أن محمد بن إسحاق روى له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعةً، وقد صرح بالتحديث. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

وأخرجه أبو يعلى (905)، وابن خزيمة (983)، وابن حبان (7160) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(445) من طريق أحمد بن محمد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد، به.

وأخرجه أبو داود (1249)(مختصراً)، وصححه ابن خزيمة (982) من طريق عبد الوارث، عن محمد بن إسحاق، به. وحسَّن الحافظ إسناد أبي داود في "الفتح" 2/ 437.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 3/ 256، وفي "الدلائل" 4/ 42 من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد الله يعني ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه عبد الله بن أنيس به.

وهو في "سيرة ابن هشام" 2/ 619 - 620 عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، غير أنه سقط من إسناده ابن عبد الله بن أُنيس، به.

وأخرجه بنحوه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2031) عن يعقوب ابن حميد، عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد ابن كعب قال: قال عبدُ الله بن أُنَيس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: "من لي من خالد

"، وهذا إسناد منقطع، محمد بن كعب -وهو القرظي- لم يدرك عبد الله بن أنيس. =

ص: 442

16048 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ

= وأخرجه مختصراً جداً ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2032) عن صلت بن مسعود الجحدري، عن يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس، حدثني عمي الحسن بن يزيد، عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه سرية وحده.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/ 203 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، وفيه راو لم يُسَمّ وهو ابن عبد الله بن أنيس، وبقية رجاله ثقات.

وفى الباب عن عروة مرسلاً عند البيهقي في "الدلائل" 4/ 40، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُنَيْس ....

وعن موسى بن عقبة عند البيهقي في "الدلائل" 4/ 40 - 41 مرسلاً قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُنيس السلمي.

وسيأتي برقم (16048).

قال السندي: "اقشعريرة" المشهور قشعريرة، بلا ألف، وهي قيام الشعر على الجلد. قلنا: وهي الرِّعدة، كما في "اللسان" وغيره.

"مع ظُعُن" ضبط بضمتين، أي: نساء راكبات.

"يرتاد": يطلب.

"وحين كان وقت العصر"، أي: وصلتُ إليه، أو وقعتُ عليه، ففيه تقديرٌ تركه اعتماداً على السابق.

"محاولة" -بالحاء المهملة-: طلبُ الشيء بحيلة. قلنا: وضبطت في (ق) بالجيم، ومعناه: المجاولة والمصاولة.

"أومئ": استدل به أبو داود على جواز ذلك الطلب، ويلزم منه مثله للمطلوب بالأولى.

"مُكبّات"، أي: ساقطات باكيات، اسم فاعل من أكبَّ بتشديد الباء.

"المتخصرون" المُتَخَصِّر: من يمسك العصا بيده، وقد يتَّكئُ عليها، قيل: المراد هاهنا هم الذين يأتون ومعهم أعمال صالحة يتكؤون عليها، والله تعالى أعلم.

ص: 443

أُنَيْسٍ، عَنْ آلِ (1) عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ، وَكَانَ يُجَمِّعُ لِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِعُرَنَةَ (2) وَهُوَ فِي ظَهْرٍ لَهُ، وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُحَاوَلَةٌ (3) تَشْغَلُنِي عَنِ الصَّلَاةِ، قَالَ: فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أَمْشِي أُومِئُ إِيمَاءً، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ كَذَا وَكَذَا حَتَّى ذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِقَتْلِهِ إِيَّاهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ (4).

(1) في (م): أبي بدل آل. وهو خطأ.

(2)

في (ظ 12) و (ص) و (س): بعرفة. وفي هامش (س): بعرنة.

(3)

في (س): مجاولة.

(4)

هو مكرر ما قبله إلا أن شيخ أحمد هو يحيى بن آدم، وشيخه ابن إدريس هو عبد الله، وهما ثقتان روى لهما الجماعة، وصرَّح محمدُ بنُ إسحاق بالتحديث في الرواية السابقة.

وأخرجه مرسلاً ابن أبي شيبة 14/ 343 عن عبد الله بن إدريس، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن أُنيس إلى خالد ابن سفيان

مختصراً.

وانظر ما قبله.

قوله: "آل عبد الله بن أُنيْس" المرادُ به عبد الله بن أُنيس نفسه، قال في "معجم متن اللغة": ويقالُ: آل فلان، ويُراد به نفسه، ولا يستعمل إلا فيما له شرف غالباً.

وقال السندي: قوله: "وهو في ظهر"، أي: في جِمال للنساء.

ص: 444

‌حَدِيثُ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ

(1)

16049 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ:] قَالَ أَبِي: وقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ " فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا. فَقِيلَ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ (2).

(1) قال السندي: أبو أسيد، مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي، مشهور بكنيته، شهد بدراً وأُحداً وما بعدها، وكان معه رايةُ بني ساعدة يوم الفتح. واختلف في موته اختلافاً متبايناً جداً، فقيل: هو آخر البدريين موتاً، وقيل: مات في خلافة عثمان.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. وقول عبد الله بن أحمد: قال أبي: وقال ابن جعفر: هو محمد بن جعفر، وقد روى الحديث كذلك عن شعبة إلا أنه قال فيه: عن أبي أُسيد، ولم يقل السَّاعدي.

وأخرجه البخاري (3789)، ومسلم (2511)(177)، والترمذي (3911)، والنسائي في "الكبرى"(8339)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1795) و (1906) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطيالسي (1355) -ومن طريقه مسلم (2511) - والبخاري (3807)، والطبراني في "الكبير" 19/ (579) من طرق عن شعبة، به. =

ص: 445

16050 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خَيْرُ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ " ثُمَّ قَالَ: " وَفِي كُلِّ الْأَنْصَارِ (1) خَيْرٌ "(2).

= وأخرجه مسلم (2511)(178)، وابن أبي عاصم (1793) من طريقين عن أبي أسيد، به، وزاد مسلم قول أبي أسيد: والله، لو كنتُ مؤثراً بها أحداً لآثرت بها عشيرتي.

وسيأتي بالأرقام (16050)(16051)(16052)(16053).

وقد سلف من حديث أبي هريرة برقم (7628)، وذكرنا هناك أحاديث الباب إلا أن في حديث أبي هريرة تقديم بني عبد الأشهل على بني النجار.

قال القرطبي في "المفهم" 6/ 471: وهذا تعارض مشكل، غير أن الأولى رواية أبي أُسَيْد لقرابة بني النجار من رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيرهم، فإنهم أخواله .. ولاختصاص نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، وكونه عندهم، وهذه مزية لا يلحقهم أحد فيها.

قلنا: وقوله: فقال سَعْد بن عبادة. قال الحافظ في "الفتح" 7/ 116: هو من بني ساعدة أيضاً، وكان كبيرهم يومئذ.

(1)

في (م): وفي كل دور الأنصار خير.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان. وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1794)، (1907) والطبراني في "الكبير"19/ (590) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري مختصراً (6053)، والنسائي في "الكبرى"(8341) من =

ص: 446

16051 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ ". ثُمَّ قَالَ: " وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ " فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: جَعَلَنَا (1) رَابِعَ أَرْبَعَةٍ أَسْرِجُوا لِي حِمَارِي. فَقَالَ ابْنُ أَخِيهِ: أَتُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَسْبُكَ أَنْ تَكُونَ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ " (2).

16052 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خَيْرُ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ

= طريقين عن سفيان، به.

وأخرجه النسائي كذلك (8342) من طريق صالح بن كيسان، عن أبي الزناد، به.

وانظر ما قبله.

(1)

في (ظ 12) و (ص): أجعلنا.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين وأخرجه بنحوه مسلم (2511)(179)، والطبراني في "الكبير" 19/ (589) من طريقين عن عبد الله بن ذكوان، بهذا الإسناد.

وانظر ما قبله.

ص: 447

بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ " (1).

16053 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبٌ - يَعْنِي ابْنَ شَدَّادٍ - قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" خَيْرُ دِيَارِ الْأَنْصَارِ ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (2).

16054 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ رَجُلٌ كَانَ يَكُونُ بِالسَّاحِلِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ أَوْ أَبِي (3) أَسِيدِ (4) بْنِ ثَابِتٍ - شَكَّ سُفْيَانُ - أَنَّ

(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين كسابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو وكيع بن الجراح الرؤاسي.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سعيد مولى بني هاشم -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري- فقد أخرج له البخاري متابعة، وهو ثقة.

وأخرجه مسلم (2511)، والنسائي في "الكبرى"(8340) من طريق أبي داود -وهو الطيالسي- عن حرب بن شداد، بهذا الإسناد وأخرجه البخاري (3790) من طريق شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، به.

وقد سلف برقم (16049).

(3)

سقطت كلمة "أبي" من النسخ الخطية و (م)، واستدركت من "أطراف المسند" 6/ 9.

(4)

جزم الدارقطني في "العلل" 7/ 32 - 33 أن راوي هذا الحديث هو أبو أَسيد، -يعني بفتح الهمزة- وقال: يقال: اسمه عبد الله بن ثابت، ومن قال فيه أبو أُسيد بالضم، فقد وهم. قلنا: وبذلك جزم الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 193، فقال: وقول أبي الحسن هذا صحيح، وعبد الله بن =

ص: 448

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كُلُوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِالزَّيْتِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ "(1).

= ثابت: هو أبو أَسيد الأنصاري، ثم جزم الخطيب أن من أخرج هذا الحديث من مسند أبي أُسيد الساعدي فقد وهم. قلنا: قد ذكر الحافظ في "النكت الظراف" 9/ 125 أنه يَرِد عليهم أن أحمد وإسحاق وغيرهما أخرجا هذا الحديث في مسند أبي أُسيد الساعدي، وأن مسدداً أخرج الحديث كذلك في "مسنده" من رواية الثوري، فقال: عن أسيد أو أبي أسيد، ورواه الثوري عند أحمد أيضاً على الشك: عن أبي أسيد أو أبي أسيد بالفتح أو الضم.

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة عطاء الرجل الذي كان يكون بالساحل -وهو الشامي- لم يروِ عنه غير عبد الله بن عيسى، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحافظ الذهبي في "الميزان" 3/ 77: ليَّنَ البخاريُ حديثه، وقال الحافظ ابن حجر في "تهذيبه ": قال البخاري عن سفيان: لم يُقم حديثه. وقال ابن عدي في "الكامل" 5/ 2004: عطاء الشامي ليس بمعروف. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه لم يرو له سوى الترمذي والنسائي. سفيان: هو الثوري، وعبد الله بن عيسى: هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 9/ 6، والنسائي في "الكبرى"(6702)، والدولابي في "الكنى" 1/ 15، والخطيب في "الموضح" 2/ 194 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وسموا الصحابي أبا أَسيد الأنصاري.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 9/ 6، والترمذي (1852)، والدارمي 2/ 102، والدولابي 1/ 15، والحاكم 2/ 397 - 398، والخطيب في "الموضح" 2/ 193 - 194، والبغوي في "شرح السنة"(2871) من طرق عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان، به. وصحابيه عندهم أبو أَسيد الأنصاري، غير أن الترمذي والحاكم لم يذكرا نسبته، وقد قرن الترمذي بأبي =

ص: 449

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= نعيم أبا أحمد الزبيري، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن عبد الله بن عيسى. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي!

وأخرجه الخطيب أيضاً 2/ 194 من طريق الطبراني، عن فضيل بن محمد الملطي، عن أبي نعيم، عن سفيان، به، إلا أنه سمى صحابيه أبا أُسيد الساعدي. فقال الخطيب: وهو وهم، وأُراه من الملطي أو من الطبراني. والصواب عن أبي أَسيد كما ذكرناه قبل بفتح الألف.

وأخرجه الدارقطني في "العلل"(1185)، والخطيب 2/ 195 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، به، إلا أنه قال: عن أسيد أو أبي أسيد ابن ثابت، شك في ذلك.

وأخرجه البغوي في "شرح السنة"(2870) من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان، به، فقال: عن أسيد بن ثابت أو أبى أسيد الأنصاري.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (596)، والخطيب 2/ 194 من طريق زهير بن معاوية، عن عبد الله بن عيسى، به. فقال: عن أبي أسيد.

وأخرجه الخطيب 2/ 195 من طريق الجراح بن الضحاك الكندي، عن عبد الله بن عيسى، به، غير أنه أخطأ خطأ فاحشاً -كما قال الخطيب- فسمى عطاء ابنَ أبي رباح.

وأخرجه النسائي (6701) من طريق حسن -وهو ابن صالح- عن عبد الله ابن عيسى، به، إلا أنه قال: عن رجل من الأنصار.

وانظر الحديث التالي.

وللحديث شاهد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(19568)، ومن طريقه الترمذي عقب الحديث (1851) عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً. قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق عن معمر، وكان عبد الرزاق يضطرب في رواية هذا الحديث، فربما ذكر فيه عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما رواه على الشك، فقال: أحسبه عن =

ص: 450

16055 -

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَطَاءٍ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي أَسِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا

= عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما قال: عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!

وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 15 - 16: روى عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث، ثم قال: حدث مرة عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا رواه دهراً، ثم قال بعدُ: زيد بن أسلم، عن أبيه أحسبه عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لم يمت حتى جعله عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم -بلا شك-.

قلنا: قد صوّب ابن معين أنه معضل، فقال في "تاريخه" (595) برواية الدوري: حدث معمر عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلوا الزيت وادهنوا به"، ثم قال: ليس هو بشيء، إنما هو عن زيد مرسلاً، يعني بالمرسلِ المنقطعَ، ويُراد به في هذه الرواية الإعضال.

وله شاهد آخر لا يُفرح به من حديث أبي هريرة، عند ابن ماجه (3320)، والحاكم 2/ 398. وفي إسناده عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبُري. قال الذهبي في تعقبه على الحاكم: عبد الله واهٍ، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": متروك.

وثالث لا يُفرح به أيضاً من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الأوسط"(8336) بلفظ: "ائتدموا من هذه الشجرة"، وفي إسناده موسى بن زكريا شيخ الطبراني، وهو متروك، والنضر بن طاهر وليث -وهو ابن أبي سُليم- وهما ضعيفان.

ص: 451

بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ " (1).

16056 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ كَانَ يَقُولُ: أَصَبْتُ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفَ ابْنِ عَايذِ الْمَرْزُبَانِ، فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ (2) أَنْ يَؤُدُّوا (3) مَا فِي أَيْدِيهِمْ، أَقْبَلْتُ بِهِ حَتَّى أَلْقَيْتُهُ فِي النَّفَلِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْنَعُ شَيْئًا يُسْأَلُهُ، قَالَ: فَعَرَفَهُ الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ، فَسَأَلَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَعْقُوبَ فِي مَغَازِي أَبِيهِ أَوْ سَمَاعٌ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ بَنِي سَاعِدَةَ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: أَصَبْتُ سَيْفَ بَنِي عَايذ الْمَخْزُومِيِّينَ الْمَرْزُبَانِ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ أَنْ يُؤَدُّوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ النَّفَلِ، أَقْبَلْتُ بِهِ حَتَّى أَلْقَيْتُهُ فِي النَّفَلِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْنَعُ شَيْئًا يُسْأَلُهُ، فَعَرَفَهُ الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي

(1) هو مكرر سابقه، إلا أن شيخ أحمد هنا هو وكيع: وهو ابن الجراح الرؤاسي.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 3/ 401 - 402 من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

وذكر البخاري في "الكنى" 9/ 6 أن وكيعاً قال: عن أسيد أو أبي أسيد بن ثابت.

(2)

لفظ "الناس" ليس في (ق) و (م).

(3)

في (ق) وهامش (س): يردوا.

ص: 452

الْأَرْقَمِ، فَسَأَلَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ (1).

16057 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ وَأَبَا أُسَيْدٍ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ

(1) حديث ضعيف، وله إسنادان، الأول: يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر أن أبا أسيد كان يقول

وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم لم يدرك أبا أُسيد، بينهما بعض بني ساعدة كما سيأتي في الإسناد الثاني.

والإسناد الثاني: قرئ على يعقوب في "مغازي" أبيه أو سماع قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: حدثني بعض بني ساعدة عن أبي أسيد .. وهذا إسناد ضعيف كذلك لإبهام الرواي عن أبي أسيد، ووالد يعقوب: وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، لم يسمع هذا الحديث من ابن إسحاق، لأنه قال فيه: قال ابن إسحاق. فقد ذكر الإمام أحمد بن حنبل: كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قال: حدثني، وإذا لم يكن قال: قال.

وأورد الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 91 - 92، وقال: رواه كله أحمد، وفيه راوٍ لم يسمَّ، وبقية رجاله ثقات.

وله شاهد بنحوه من حديث الأرقم بن أبي الأرقم عند الطبراني في "الأوسط"(6033)، وفي إسناده يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم قال أبو حاتم: شيخ مديني مجهول.

قال السندي: قوله: المرزبان، ضبط بالنصب على أنه اسم السيف.

قوله: في النفل، بفتحتين: أي في الغنيمة.

قوله: يسأله، على بناء المفعول.

ص: 453

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ "(1).

(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري من رجاله، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن هو المعروف بربيعة الرأي.

وأخرجه النسائي في "المجتبى" 2/ 53، وفي "الكبرى"(808) -وهو في "عمل اليوم والليلة"(177)، وابن حبان (2049) من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.

وأخرجه مسلم (713)، والبيهقي في "السنن" 2/ 441 من طريق يحيى بن يحيى، والدارمي 2/ 293 عن عبد الله بن مسلمة، وأبو عوانة 1/ 414 من طريق ابن أبي مريم، ثلاثتهم عن سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد أو أبي أسيد، به على الشك. وقال مسلم بإثره: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال، قال: بلغني أن يحيى الحِمَّاني يقول: وأبي أسيد. قلنا: يعني أن يحيى الحماني تابع أبا عامر العقدي بروايته بواو العطف.

وأخرجه مسلم (713)، وابن حبان (2048)، والبيهقي 2/ 441 من طريق بشر بن المفضل، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد أو عن أبي أسيد، به على الشك، ولم يسق مسلم لفظه، وعند ابن حبان والبيهقي زيادة، ولفظه عند ابن حبان "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك". وقال البيهقي: ولفظ التسليم فيه محفوظ.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1665) عن إبراهيم بن محمد، وابن ماجه (772) من طريق إسماعيل بن عياش، كلاهما عن عمارة بن غزية، عن =

ص: 454

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد السَاعدي وحده. وعند ابن ماجه زيادة:"فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم".

وأخرجه أبو عوانة 1/ 414، والطبراني في "الدعاء"(426) من طريق يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد وأبي أُسيد، به مرفوعاً. بلفظ:"إذا جاء أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم إني أسألك من فضلك"، وهذا لفظ أبي عوانة.

وأخرجه الدارمي 1/ 324 من طريق يحيى بن حسان، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد، وأبي أُسيد، به مرفوعاً.

وأخرجه أبو داود (465) -ومن طريقه البيهقي 2/ 442 - عن محمد بن عثمان الدمشقي، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد أو أبي أسيد، به مرفوعاً على الشك، وزاد:"فليسلم أو ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم".

وأخرجه البيهقي 2/ 442 من طريق أبي الجماهر، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبى حميد أو أبي أسيد على الشك، وفيه لفظ التسليم.

وأخرجه أبو عوانة 1/ 414 عن محمد بن النعمان بن بشير، عن عبد العزيز ابن عبد الله الأويسي، عن عبد العزيز محمد الدراوردي، عن ربيعة، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي حميد وحده، بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا دخل المسجد:"اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وسهل لنا أبواب رزقك".

وسيكرر 5/ 425 سنداً ومتناً.

قال السندي: قوله: "أبواب رحمتك": فإن المسجد دار تجارة الآخرة، فلذا خصت الرحمة بدخوله، وخروج المؤمن عنه غالباً لحاجة الرزق، فلذلك خُصَّ بالخروج.

ص: 455

16058 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وأَبِي أُسَيْدٍ (1) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ، فَأَنَا أَوْلَاكُمْ بِهِ، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَنْفِرُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ، فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ "(2).

(1) في (م): وعن أبي أسيد.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.

وأخرجه البزار (187)(زوائد)، وابن حبان (63) من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد. وقال البزار: لا نعلمه يروى من وجه أحسن من هذا.

وأخرجه ابن سعد 1/ 387 عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن سليمان بن بلال، به. إلا أن في المطبوع منه: عن أبي حُميد أو أبي أُسيد على الشك.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 149 - 150، وقال: رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح.

وقد سلف نحوه من حديث أبي هريرة (8801)، وسيكرر 5/ 425 سنداً ومتناً.

قال السندي: قوله: "إذا سمعتم الحديث عني"، أي: مروياً عني، وهذا إنما يكون إذا سمع من غيره لا منه صلى الله عليه وسلم، ولذلك عُدِّي بعن لا بمن، إذِ السماع منه لا يتصور فيه ذلك.

قوله: "تعرفه قلوبكم"، أي: يقبله القلب، ولا يلحق به الوحشة للنفس، وهذا إما بالعرض على أصول الدين المعلومة، فإذا لم يكن مخالفاً يقبله القلب، أو بمعرفة رجال الإسناد، فإنهم إذا كانوا ثقاتٍ أثباتاً يتسارع القلب إلى القبول، ويحتمل أن يكون هذا الحديث من قبيل "استفتِ قلبك، البِرُّ ما =

ص: 456

16059 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ بَدْرِيًّا، وَكَانَ مَوْلَاهُمْ، قَالَ: قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَبَرُّهُمَا بِهِ؟ قَالَ:" نَعَمْ، خِصَالٌ أَرْبَعَةٌ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا رَحِمَ لَكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِمَا، فَهُوَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ بِرِّهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا "(1).

= اطمأنت إليه النفس، وأطمأنَّ إليه القلبُ، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك" حديث حسن، رواه أحمد [4/ 228] والدارمي [2/ 246] وغيرهما كما في الأربعين للنووي، رحمه الله تعالى. وهذا محمول على الأمر المشتبه، وإلا فما ثبت الأمرُ به في الشرع بلا معارض فهو برّ، وما ثبت النهي عنه كذلك فهو إثم، والمراد أن قلب المؤمن ينظر بنور الله إذا كان قوي الإيمان

وهذا يقتضي أنه ينبغي الرجوعُ إلى الأصول المعلومة الثابتة من الدين فيما اشتبه من الحديث، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال علي بن عبيد، فقد انفرد بالرواية عنه ابنه أُسيد بن علي، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف، وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول، وبقية رجاله ثقات. يونس بن محمد: هو ابن مسلم البغدادي المؤدب، وعبد الرحمن بن الغسيل: هو عبد الرحمن بن سليمان.

وأخرجه الخطيب في "الموضح" 1/ 76 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. =

ص: 457

16060 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، أَوْ (1) حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَالْقَوْمُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ لَنَا:" إِذَا كَثَبُوكُمْ (2) - يَعْنِي غَشُوكُمْ - فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ ". وَأُرَاهُ قَالَ: " وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ "(3).

= وأخرجه ابن المبارك في "البر والصلة"(88)، والبخاري في "الأدب المفرد"(35)، وأبو داود (5142)، وابن ماجه (3664)، وابن حبان (418)، والطبراني في "الكبير" 19/ (592)، والحاكم 4/ 154، والبيهقي في "السنن" 4/ 28، وفي "الآداب"(4)، والخطيب في "الموضح" 1/ 76 - 77 من طرق عن عبد الرحمن بن الغسيل، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!

وأخرجه بنحوه الخطيب في "الموضح" 1/ 78 من طريق موسى بن يعقوب، عن أسيد بن علي.

واختلف عنه فيه.

فأخرجه الخطيب كذلك 1/ 77 من طريق القاسم بن أبي الزناد، عن موسى ابن يعقوب، عن أسيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن أبي أسيد، به، فزاد في الإسناد: عن جده.

قال السندي: قوله: "والصلاة عليهما": يحتمل أن المراد صلاة الجنازة أو الدعاء بالرحمة، وعلى التقديرين، فالاستغفار لهما كالتفسير للصلاة، فلذا عَدَّ جميعاً واحدة.

(1)

في "أطراف المسند" 6/ 8: عن، وهو تحريف.

(2)

في (م)، وهامش (س): أكثبوكم. قلنا: وهي الموافقة لرواية البخاري.

(3)

إسناده صحيح على شرط البخاري، والشك في هذا الإسناد لا يؤثر لأنه انتقال من ثقة إلى ثقة. عباس بن سهل: هو ابن سعد السَّاعدي.

وأخرجه البخاري (3984) و (3985)، وأبو داود (2663)، والبيهقي في =

ص: 458

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "السنن" 9/ 155، وفي "الدلائل" 3/ 70 من طريق محمد بن عبد الله بن الزبير: وهو أبو أحمد الزبيري، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، بهذا الإسناد. وقرن البخاري والبيهقي بحمزة الزبير بن المنذر بن أبي أُسيد، وورد في إحدى روايتي البخاري: المنذر بن أبي أسيد. قال الحافظ في "الفتح" 7/ 306: قيل هو عمه، وقيل: هو هو لكن نسب إلى جده، والأول أصوب، كذا في هذه الرواية، ووقع في التي بعدها المنذر بن أبي أسيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 381، والبخاري (2900)، والطبراني في "الكبير" 19/ (581)، والحاكم 3/ 21، والبيهقي في "السنن" 9/ 155، والبغوي في "شرح السنة"(2704) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، به. دون قوله:"واستبقوا نبلكم".

وأخرجه الطبراني 19/ (582) من طريق يحيى الحماني، والحاكم 2/ 96 - ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 3/ 70 - من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، كلاهما عن عبد الرحمن بن الغسيل، به.

ووقع في مطبوع الحاكم: عن العباس بن سهل بن سعد عن أبيه، بزيادة عن أبيه في الإسناد، وهو خطأ، وقد زادها محقق الطبراني، وليست في أصله، فوهم كذلك.

وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"(9295) عن إبراهيم، وأبو داود (2664) -ومن طريقه البيهقي في "السنن" 9/ 155 - من طريق إسحاق بن نجيح -وليس بالملطي- كلاهما عن مالك بن حمزة، عن أبيه حمزة، به، بلفظ "إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل، ولا تَسُلُّوا السيوف حتى يغشوكم". وإسناده ضعيف، إسحاق بن نجيح مجهول، وإبراهيم غير منسوب، فلم نعرفه.

قال السندي: قوله: "كثبوكم": أي قاربوكم بحيث يمكن وصول السهم إليهم، إذ المطلوب قتلهم بالسهام، لا ضياع السهام.

ص: 459

16061 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ (1) بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَا: مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابٌ لَهُ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ مِنْهُمَا، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اجْلِسُوا ". وَدَخَلَ هُوَ وَقَدْ أُتِيَ (2) بِالْجَوْنِيَّةِ، فَعُزِلَت (3) فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ (4) بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" هَبِي لِي نَفْسَكِ " قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَالَتْ: إِنِّي أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ. قَالَ: " لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ ". ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ:" يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا " قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ أَبِي أَحْمَدَ: امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْجَوْنِ يُقَالُ لَهَا: أَمِينَةُ (5).

(1) في (م): عن أبي حمزة، بزيادة أبي، وهو خطأ.

(2)

في النسخ الخطية: أوتي. قال السندي: الظاهر بلا واوٍ كما في البخاري.

(3)

لفظ "فعزلت" ساقط من (م).

(4)

في (ظ 12) و (ق) و (م) و (س): أمية، وفي (ص) أميمة، وهو الصواب، وقد جاء في هامش (س): كذا في بعض النسخ، وفي بعضها أميمة، وهو الصواب.

وقال السندي: والمشهور إضافة بيت إلى أميمة، لكن ردَّه كثير بأن الجونية هي أميمة، فالصواب تنوين بيت، وجعل أميمة بدلاً من الجونية.

(5)

إسناده صحيح على شرط البخاري كسابقه.

وأخرجه البخاري (5257)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(642)، =

ص: 460

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطبراني في "الكبير" 19/ (583) من طرق عن عبد الرحمن بن الغسيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (5255)، وابن الجارود (758)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(641)، والطبراني في "الكبير" 19/ (583) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، به.

وأخرجه ابن سعد بغير هذه السياقة 8/ 145 - 146، عن هشام بن محمد، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، به.

قلنا: وهشام بن محمد: هو الكلبي، متروك الحديث.

وعلقه البخاري مختصراً بصيغة الجزم (5256) عن الحسين بن الوليد النيسابوري، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن عباس بن سهل، عن أبيه وأبي أسيد، به.

قال الحافظ في "الفتح" 9/ 360: وكأن حمزة حُذِفَ من رواية الحسين بن الوليد، فصار الحديث من رواية عباس بن سهل، عن أبي أُسيد، وليس كذلك، والتحرير ما وقع في الرواية الثالثة. قلنا: يعني الرواية التي سلفت برقم (5257) في التخريج، وهي الموافقة لروايتنا في المسند.

وأخرجه بغير هذه السياقة ابن سعد 8/ 144 و 146، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(643) من طريق موسى بن عبيدة، وهو الرَّبَذي، عن عمر بن الحكم، عن أبي أُسيد الساعدي، به. قلنا: موسى بن عبيدة ضعيف جداً.

وسيكرر في مسند سهل بن سعد الساعدي 5/ 339 سنداً ومتناً.

وفي الباب عن عائشة عند البخاري (5254)، وابن ماجه (2037)، وعند ابن ماجه أن اسمها عمرة بنت الجون، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسامة أو أنساً، فمتعها بثلاثة أثواب رازقية. قلنا: في إسناده عبيد بن القاسم، وهو متروك الحديث.

قال السندي: قوله: داية، لفظ معرب، يقال للمرضعة والقابلة.

قوله: "هبي": أمر من الهبة، قال ذلك تطييباً لقلبها، وإلا فالظاهر أنها =

ص: 461

16062 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلًا يَقُولُ: أَتَى أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، فَدَعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُرْسِهِ، فَكَانَتْ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَهِيَ الْعَرُوسُ. قَالَ: تَدْرُونَ مَا سَقَتْ (1) رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَنْقَعَتْ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلَةِ (2) فِي تَوْرٍ (3).

= جاءت منكوحة.

قولها: "للسوقة"، أي: لواحد من الرعية، جهلت قدره صلوات الله وسلامه عليه، وقد جاء أنها حين رجعت قالوا لها: إنك لغير مباركة. فقالت: خدعت.

قوله: "بمعاذ"، بفتح الميم، والتنكير للتعظيم، أي: بمن يستحق أن يستعاذ به.

قوله: "رازقيتين"، براء، ثم زاي مكسورة، والرازقية ثياب من كتّان أبيض طوال، قيل: متعها بذلك.

(1)

في (ظ 12) و (ص) و (ق): سقيت.

(2)

في (ظ 12) و (ص): من الليل.

(3)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. يعقوب بن عبد الرحمن: هو القاري المدني الإسكندراني، أبو حازم: هو سلمة بن دينار، راوية سهل بن سَعْد السَّاعدي.

وأخرجه البخاري (5591)، ومسلم (2006)(86)، والنسائي في "الكبرى"(6623) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري في "صحيحه"(5183) و (5597)، وفي "الأدب المفرد"(746) عن يحيى بن بُكَير، عن يعقوب بن عبد الرحمن، به.

وأخرجه بنحوه البخاري (5176) و (6685) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، والبخاري (5182)، ومسلم (2006)(87) من طريق أبي غسان محمد ابن مُطَرِّف، وابن حيويه في "من وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة" =

ص: 462

‌بَقِيَّةُ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ

* 16063 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ [قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ] وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ مُوسَى بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ [عَبْدَ اللهِ بْنَ](1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحُبَابِ الْأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا هُوَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا الصَّدَقَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ ذَكَرَ غُلُولَ الصَّدَقَةِ: " إِنَّهُ مَنْ غَلَّ فيْهَا بَعِيرًا أَوْ شَاةً، أُتِيَ بِهِ يَحْمِلُهُ

= ص 14 - 15. من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ثلاثتهم عن أبي حازم، به.

قال السندي: قوله: "فكانت امرأته": التي لها الوليمة.

قوله: "خادمهم"، أي: خادم أهل الوليمة فيها.

قوله: "أنقعت"، أي: جعلتها نبيذاً.

قلنا: قوله في تور: التور: إناء من حجارة أو من نحاس أو من خشب، قاله الحافظ في "الفتح" 10/ 56، وقد بين في الرواية (5182) عند البخاري أنه كان من حجارة.

وقال الحافظ كذلك 9/ 251: "وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة، ومراعاة ما يجب عليها من الستر".

(1)

ما بين حاصرتين ساقط من النسخ الخطية و (م)، وقد أثبت من "أطراف المسند" 2/ 682، وانظر ترجمته في "التهذيب" وفروعه.

ص: 463

يَوْمَ الْقِيَامَةِ "؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ: بَلَى (1).

(1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري، لم يذكروا في الرواة عنه غير موسى بن جبير وهو الأنصاري المدني، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحافظ في "التقريب" مقبول، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى بن جبير، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج له أبو داود وابن ماجه. هارون بن معروف: هو المروزي، وابن وهب: هو عبد الله، وعمرو بن الحارث: هو المصري.

وأخرجه ابن ماجه (1810)، والطبري في "التفسير"(8162) من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.

وله شاهد من حديث أبي هريرة، سلف برقم (9503)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "غلول الصدقة"، بضم الغين: الخيانة فيها.

ص: 464

‌حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ

(1)

16064 -

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، لَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ "(2).

(1) قال السندي: عمرو بن الأحوص، جشمي، شهد اليرموك في زمن عمر.

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة حال سليمان بن عمرو ابن الأحوص، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن القطان: مجهول، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أبي سعيد مولى بني هاشم -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري- فمن رجال البخاري، وهو ثقة، وصحابيُّ الحديث لم يروِ له إلا أصحاب السنن. زائدة: هو ابن قدامة الثقفي.

وأخرجه مطولاً ومختصراً الترمذي (1163) و (3087)، والنسائي في "الكبرى"(9169)، وابن ماجه (1851)، والطبراني في "الكبير" 17/ (59) من طرق عن زائدة، بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وانظر الرواية (15507).

وقوله: "لا يجني جانٍ إلا على نفسه" له شاهد من حديث أبي رمثة، سلف برقم (7105)، وإسناده حسن.

وآخر من حديث رجل من بني يربوع، سيرد 5/ 377 بإسنادٍ صحيح على =

ص: 465

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= شرط الشيخين.

وثالث من حديث أسامة بن شريك عند ابن ماجه (2672) أخرجه عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، عن عمرو بن عاصم، عن أبي العوام القطان، عن محمد بن جحادة، عن زياد بن علاقة، عنه، به، مرفوعاً. وأبو العوام القطان -وهو عمران بن داور- قال أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث، وقال البخاري: صدوق يهم، وضعفه أبو داود والنسائي والعقيلي وابن معين في رواية الدوري وابن محرز، وقال في رواية عبد الله بن أحمد، عنه: صالح الحديث. وباقي رجاله ثقات، غير عمرو بن عاصم فصدوق حسن الحديث.

وقوله: "لا يجني والد عن ولده ولا مولود عن والده": له شاهد من حديث أبي رمثة، سلف برقم (7107)، وإسناده صحيح على شرط مسلم، ولفظه:"أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه".

وآخر من حديث الخشخاش العنبري، سيرد 4/ 344 - 345 و 5/ 81.

وثالث من حديث طارق بن عبد الله المحاربي، عند النسائي 8/ 55، وابن ماجه (2670)، وصححه ابن حبان (6562) بلفظ:"ألا لا تجني أمٌّ على ولد، ألا لا تجني أمٌّ على ولد".

ورابع عند النسائي 7/ 127 من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق مرسلاً. وهو الصواب كما ذكر النسائي، يعني من غير ذكر ابن عمر، ولفظه:"لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه".

قال السندي: قوله: "لا يجني جانٍ إلا على نفسه"، أي: لا يتعدى إثمُ جنايةِ أحدٍ إلى غيره، وإن كانت الدية يتحملُها العاقلة في الخطأ.

ص: 466

‌بَقِيَّةُ حَدِيثِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ

(1)

16065 -

حَدَّثَنَا هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ (2) مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ (3)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعَ خُرَيْمَ بْنَ فَاتِكٍ الْأَسَدِيَّ يَقُولُ: أَهْلُ الشَّامِ سَوْطُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، يَنْتَقِمُ بِهِمْ مِمَّنْ يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَحَرَامٌ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤْمِنِيهِمْ، وَلَنْ يَمُوتُوا إِلَّا هَمًّا أَوْ غَيْظًا أَوْ حُزْنًا (4).

(1) قال السندي: خريم بن فاتك، أبو يحيى، ويقال: أبو أيمن، أسدي. وفاتك من أجداده.

صحابي شهد الحديبية، واختلف في شهوده بدراً. نزل الكوفة، ومات زمن معاوية.

(2)

في (س) و (ص) و (ق) و (م): عن، وهو تحريف.

(3)

تحرف في النسخ الخطية و (م) إلى: خالد، والتصويب من "أطراف المسند" 2/ 305، وكتب التراجم.

(4)

أثر ضعيف، أيوب بن ميسرة بن حلبس، ذكر الحافظ في "التعجيل" أنه لم يرو عنه غير اثنين، وقال في "لسان الميزان": رأيت له ما ينكر، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات، محمد بن أيوب بن ميسرة من رجال "التعجيل"، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: صالح لا بأس به، ليس بمشهور، وقال الذهبي في "الميزان": ما فيه مغمز. وذكر الحافظ أن مراد أبي حاتم من قوله: ليس بمشهور، أنه لم يشتهر في العلم اشتهار غيره من أقرانه مثل سعيد بن عبد العزيز وأنظاره لا أنه مجهول، كما فهم أبو العباس النباتي، فأورده في ذيل "الكامل في الضعفاء"! =

ص: 467

16066 -

حَدَّثَنَا هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا طَيَّافٌ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ بَكِيلٍ، عَنِ أَبِيهِ شَرَاحِيلَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّ لِي أَرْحَامًا بِمِصْرَ يَتَّخِذُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْنَابِ. قَالَ: وَفَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: لَا تَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا. قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَخَذَ عُنْقُودًا، فَعَصَرَهُ، فَشَرِبَهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ. فَلَمَّا سَرَتْ (1) قَالَ: مَا حَلَّ شُرْبُهُ حَلَّ

= وأخرجه الطبراني في "الكبير"، (4163) من طريق الوليد بن مسلم، عن محمد بن أيوب بن ميسرة، عن أبيه، عن خريم، مرفوعاً. وفي إسناده الوليد ابن مسلم، وهو ممن يدلس تدليس التسوية، وهو شر أنواع التدليس، وقد رواه بالعنعنة، فلا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب"(4535) وقال: رواه الطبراني هكذا مرفوعاً، وأحمد موقوفاً، ولعله الصواب، ورواتهما ثقات، والله أعلم.

وذكره أيضاً الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 60، وقال: رواه الطبراني وأحمد موقوفاً على خريم، ورجالهما ثقات.

قال السندي: قوله: "سوط الله" مدحٌ لأهل الشام.

"وحرامٌ"، أي: ممتنع وقوعاً، لا حرامٌ شرعاً، وإلا فالحرمة الشرعية عامة غير مقصودة هاهنا، وعلى هذا فهو كقوله تعالى:{وحرامٌ على قريةٍ} [الأنبياء: 95]. "أن يظهروا": أن يغلبوا، أي: لا يقع للمنافقين غلبة في الشام على المؤمنين، كما يمكن أن تقع في البلاد الأُخر.

(1)

في (ظ 12) و (ص): ثرت، وفي (ق): شربت، وفي (م): نزلت.

وفي (س): شرت. وقال السندي: لعله بالمهملة من السَّيْر. قلنا: وهو الأشبه.

ص: 468

بَيْعُهُ (1).

16067 -

حَدَّثَنَا هَيْثَمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ (2) بْنُ مَيْمُونٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ رَفَعَهُ، قَالَ:" أَيُّمَا شَجَرَةٍ أَظَلَّتْ عَلَى قَوْمٍ، فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ مِنْ قَطْعِ مَا أَظَلَّ (3) أَوْ أَكْلِ ثَمَرِهَا "(4).

(1) أثر حسن، طياف الإسكندراني وشيخه مجهولان فيما ذكر الحافظ في "التعجيل" 1/ 638 إلا أنهما قد توبعا، وشراحيل بن بكيل -بموحدة، ثم كاف وزن عظيم-، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات". هيثم بن خارجة: هو الخراساني.

وأخرجه البخاري مختصراً في "التاريخ الكبير" 4/ 255، عن عبيد الله بن سعيد: وهو اليشكري، عن بشر بن السَّرِي، عن الليث بن سَعْد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن شراحيل بن بكيل، أنه سأل ابن عمر عن بيع العصير، فقال: ما حل شربه حَلَّ ثمنه. وهذا إسناد حسن.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 66، وقال: رواه أحمد، وفيه ابن بكيل وطياف، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.

قلنا: وانظر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف برقم (6997).

قال السندي: قوله: "أرحاماً"، أي: قرابة.

قوله: "من هذه الأعناب"، أي: خمراً.

(2)

في (ق) و (م): عبد الله، وهو تحريف.

(3)

في الأصول: ظل، والمثبت من (م) وابن عساكر.

(4)

إسناده ضعيف لإرساله، مكحول -وهو الشامي- تابعي، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد ربه بن ميمون الأشعري، فقد قال الحسيني في "الإكمال": مجهول، وتعقبه الحافظ في "التعجيل"، فقال: هذه مجازفة صعبة، وذكر أنه ولي قضاء دمشق، وقد روى عنه جمع، =

ص: 469

‌حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

16068 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - يَعْنِي ابْنَ الْمُنْكَدِرِ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فِي السُّوقِ يَوْمَ الْعِيدِ يَنْظُرُ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ (1).

= وذكره ابن حبان في "الثقات". هيثم: هو ابن خارجة الخراساني، والعلاء بن الحارث: هو ابن عبد الوارث الحضرمي.

وقد أورده السيوطي في "الجامع الكبير" 1/ 368 ونسبه إلى ابن عساكر. قال السندي: قوله: "أظلت على قوم"، أي: خرج ظلها من دار صاحبها إلى دار آخرين.

قوله: "فصاحبه"، أي: صاحب الظل، أي: من وقع الظل في داره.

قوله: "من قطع ما أظل"، أي: القدر الذي صار ظلاً في داره.

(1)

إسناده ضعيف لضعف المنكدر بن محمد. قال ابن عيينة: لم يكن بالحافظ، وقال ابن معين: ليس بقوي، وقال أبو حاتم: كان كثير الخطأ، لم يكن بالحافظ لحديث أبيه، وضعفه أبو داود والنسائي والجوزجاني، وقال ابن حبان: كان من خيار عباد الله، فقطعته العبادة عن مراعاة الحفظ، فكان يأتي بالشيء توهماً، فبطل الاحتجاج بأخباره، وانفرد أحمد بتوثيقه، وقال فيه مرة يحيى بن معين: ليس به بأس. قلنا: وقد انفرد بهذا الحديث وهو ممن لا يحتمل تفرده، واختلف عليه فيه كما سيأتي في التخريج، وبقية رجاله ثقات. إبراهيم بن إسحاق: هو ابن عيسى الطالقاني.

وأخرجه أبو يعلى (935) من طريق إبراهيم بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(494) من طريق عبد الله بن موسى التيمى، عن المنكدر بن محمد، به، ولفظه: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من =

ص: 470

16069 -

حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَيَزِيدُ، قَالَ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالَدٍ (1)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: ذَكَرَ طَبِيبٌ الدَّوَاءَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ الضُّفْدَعَ تَكُونُ فِي الدَّوَاءِ، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِهَا (2).

* 16070 - حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ وَهَارُونُ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ. وَقَالَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ (3).

= العيدين أتى وسط المُصَلَّى، فقام، فنظر إلى الناس كيف ينصرفون، وكيف سمتهم، ثم يقف ساعة، ثم ينصرف".

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 206، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجال الطبراني موثقون، وإن كان فيهم المنكدر بن محمد بن المنكدر، فقد وثقه أحمد وأبو داود، وابن معين في رواية، وضعفه غيرهم. قلنا: لم نقع على توثيق أبي داود له، بل ثبت عنه خلاف ذلك في سؤالات الآجري. وحديثه عند الطبراني في "الكبير" في القسم المخروم منه.

(1)

في النسخ الخطية و (م): جبير، وهو تحريف، والمثبت من "أطراف المسند" 4/ 267، وانظر ما سلف برقم (15757).

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر (15757). هاشم: هو ابن القاسم أبو النضر.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير سريج: وهو ابن النعمان =

ص: 471

‌حَدِيثُ عِلْبَاءَ

16071 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِلْبَاءَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى حُثَالَةِ النَّاسِ "(1).

= الجوهري، فمن رجال البخاري وحده، وهو ثقة. وعبد الله بن أحمد، وهو من رجال النسائي، وهو ثقة كذلك، وقد توبعا. هارون: هو ابن معروف المروزي، وابن وهب: هو عبد الله، وعمرو بن الحارث: هو المصري، وبكير ابن الأشج: هو بكير بن عبد الله بن الأشج.

وأخرجه مسلم (1724)، وأبو داود (1719)، والنسائي في "الكبرى"(5805)، وابن حبان (4896)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 473 من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(676)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4703)، وفي "شرح معاني الآثار" 4/ 140 من طريق أسامة بن زيد، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، به.

قلنا: وقد سلف من حديث أبي هريرة برقم (7242): "ولا تحل لقطتها إلّا لمنشد": يعني: مُعَرِّف.

قال السندي: وقد جاء استثناء من يُعَرِّف، فقيل: يعرف دائماً، وقيل: سنة كما في سائر البلاد. وإنما خُصَّ بالنهي لزيادة التأكيد كما خص في الإحرام النهي عن الفسوق، والله تعالى أعلم.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن ثابت: وهو الجزري، فقد روى له أبو داود والترمذي، وصحابيه ليس له رواية في الكتب الستة.

ص: 472

‌حَدِيثُ هَوْذَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جِدِّهِ

(1)

16072 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ

= وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 77، والطبراني في "الكبير" 18/ (156)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 3/ 1680، والحاكم 4/ 495 - 496 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (156)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1956 من طريق علي بن ثابت، به. وقال ابن عدي: لا أعلم يرويه عن عبد الحميد غير علي بن ثابت.

وقد سلف نحوه من حديث عبد الله بن مسعود برقم (3735) وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "حثالة الناس": الحثالة من كل شيء رديئه.

(1)

قال الحافظ في "التعجيل" 2/ 333: سياق الحديث عند أحمد ليس فيه ما يقتضي أن يكون لهوذة، بل ظاهره أنه لولده معبد بن هوذة. وقد جزم أكثر من صنف في الصحابة بأن صحابي هذا الحديث هو معبد بن هوذة لا هوذة، لكن وقع عند ابن شاهين: عبد الرحمن بن معبد بن هوذة، عن أبيه، عن جده، فسقط من النسب عنده النعمان، فجرى على ظاهره، فترجم لهوذة، وكذا وقع عند ابن منده: عبد الرحمن بن النعمان بن هوذة، فسقط معبد، فجرى على ظاهره أيضاً، فترجم لهوذة، والذي يتحرر أن الصحبة لمعبد بن هوذة، وهو راوي الحديث.

ص: 473

عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ (1).

(1) إسناده ضعيف، وهو مكرر (15906) إلا أن شيخ أحمد هنا هو علي ابن ثابت الجزري.

وأخرجه أبو داود (2377)، والطبراني في "الكبير" 20/ (802)، من طريق علي بن ثابت، بهذا الإسناد، وزادا:"ليتقه الصائم"، قال أبو داود: قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر.

وقد سلف نحوه برقم (15906).

وله شاهد من حديث جابر عند ابن أبي شيبة 8/ 598، وابن ماجه (3496)، وعبد بن حميد في "المنتخب"(1085) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، والترمذي في "الشمائل"(50) من طريق محمد بن إسحاق، كلاهما عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعاً بلفظ:"عليكم بالإثمد عند النوم فإنه يشد البصر، وينبت الشعر". وإسناده ضعيف، إسماعيل بن مسلم ضعيف، ومحمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعن.

ص: 474

‌حَدِيثُ بَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ

(1)

16073 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ - قَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَاهُ أَبِي عَنْهُ وَهُوَ حَيٌّ - قَالَ: حَدَّثَنَا حُجْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْغَسَّانِيُّ مِنْ أَهْلِ الرَّمْلَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ (2) الْكِنَانِيِّ - وَكَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الرَّمْلَةِ - أَنَّهُ شَهِدَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ لِبَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ الْجُهَنِيِّ يَوْمَ قُتِلَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: يَا أَبَا الْيَمَانِ، إِنِّي قَدِ احْتَجْتُ الْيَوْمَ إِلَى كَلَامِكَ، فَقُمْ فَتَكَلَّمْ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ قَامَ بِخُطْبَةٍ لَا يَلْتَمِسُ بِهَا إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً، أَوْقَفَهُ اللهُ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقِفَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ "(3).

(1) قال السندي: بشير بن عقربة، بفتَح أوله وكسر المعجمة، جهني، كنيته أبو اليمان، له ولأبيه صحبة، وقد جزم كثير بأن اسمه بشر. قلنا: ترجم له البخاري فيمن اسمه بشر، ونقل ابن السكن عنه أنه قال: بشر أصح. وقال الحافظ في "الإصابة": سماه محمد بن المبارك عن حجر بن الحارث بشراً، وقال سعيد بن منصور: بشير بن عقربة.

(2)

في (س) و (ص) و (ق) و (م): عون، وهو تحريف، والمثبت من (ظ 12)، و"أطراف المسند" 1/ 637، وترجمته في "تعجيل المنفعة".

(3)

إسناده حسن، حجر بن الحارث، وعبد الله بن عوف الكناني من رجال "تعجيل المنفعة"، روى عنهما جمع، وذكرهما ابن حبان في "الثقات". وترجم لهما البخاري في "التاريخ الكبير"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً. =

ص: 475

‌حَدِيثُ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ

(1)

16074 -

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ رَجُلَيْنِ قُتِلَ أَحَدُهُمَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ

= وأخرجه ابن سعد 7/ 429، والبخاري في "التاريخ الصغير" 1/ 159، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 3/ 330، والطبراني في "الكبير"(1227) من طريق سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2582)، والطبراني في "الكبير"(1228) من طريق شريح بن عبيد، عن بشير بن عقربة، به.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 191، وقال: رواه الطبراني في "الكبير"، وأحمد، ورجاله موثقون.

قال السندي: قوله: "موقف رياء وسمعة"، أي: موقفاً يجزيه فيه جزاء الرياء والسمعة، أو يظهر فيه رياءه وسمعته، أو موقفاً يظهر له فيه أنه كرامة ويكون فيه فضيحة يسمع بها الخلق، والله تعالى أعلم.

قلنا: وعمرو بن سعيد بن العاص هو المعررف بالأشدق. قتل سنة (69) وقيل (70) هـ له ترجمة في "تهذيب الكمال" وفروعه. قال الذهبي في "السير" 3/ 449: استخلفه عبد الملك بن مروان على دمشق لما سار ليملك العراق، فتوثب عمرو على دمشق، وبايعوه، فلما توطدت العراق لعبد الملك، وقُتِلَ مصعب، رجع، وحاصر عمراً بدمشق، وأعطاه أماناً مؤكداً، فاغترَّ به عمرو، ثم بعد أيام غدر به وقتله. وانظر "الكامل" لابن الأثير 4/ 297 - 303.

(1)

قال السندي: عبيد بن خالد، سلمي، يكنى أبا عبد الله، له صحبة، وشهد صفين مع علي، وبقي إلى أيام الحجاج.

ص: 476

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَا قُلْتُمْ؟ " قَالَ: قُلْنَا: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَأَيْنَ صِيَامُهُ أَوْ عَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ، مَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ "(1).

(1) إسناده صحيح، عبد الله بن رُبَيِّعة، قيل: له صحبة، ونفاها أبو حاتم، وذكره ابن حبان في "ثقات التابعين"، ووثقه ابنُ سعد في "الطبقات" 6/ 196، وذكره في التابعين، وقد روى عنه جمع، روى له البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود والنسائي، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابي الحديث، إنما روى له أبو داود والنسائي. أبو النضر: هو هاشم ابن القاسم، وشعبة: هو ابن الحجاج العتكي، وعمرو بن مرة: هو ابن عبد الله الجملي، المرادي، وعمرو بن ميمون: هو الأودي.

وأخرجه الطيالسي (1191)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 3/ 371، وأخرجه أبو داود (2524) عن محمد بن كثير، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1395) من طريق أبي أسامة، ثلاثتهم عن شعبة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(1341)، ومن طريقه النسائي في "المجتبى" 4/ 74 عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن ربيعة السلمي -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن عبيد بن خالد، به، مرفوعاً. ونقل الحافظ في "الإصابة" عن البخاري قوله: لم يتابع شعبة على ذلك. قلنا: يعني على ذكر الصحبة لعبد الله بن ربيعة. وسقط عبيد بن خالد السلمي في مطبوع "الزهد".

وسيأتي برقم 4/ 219.

وسيكرر بإسناده ومتنه برقم 4/ 219.

وفي الباب: عن طلحة، سلف برقم (1403).

وعن سعد بن أبي وقاص، سلف برقم (1534).

قال السندي: قوله: "قُتل" على بناء المفعول. =

ص: 477

‌حَدِيثُ رَجُلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

16075 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ - وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا عَاصِبًا رَأْسَهُ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ:" أَمَّا بَعْدُ، يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ، وَأَصْبَحَتِ الْأَنْصَارُ لَا تَزِيدُ عَلَى هَيْئَتِهَا الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ، وَإِنَّ الْأَنْصَارَ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا، فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ "(1).

= "فأين"، أي: إذا كان دون صاحبه، ويكون المطلوب لحوقه به، فقد بطل صلاتُه وغيرها، بل هو فوق صاحبه بما فعل من الأعمال بعده، وبه ظهر فضيلة العمر إذا كان مع التوفيق.

(1)

إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو اليمان: هو الحكم ابن نافع الحمصي، وشعيب: هو ابن أبي حمزة الحمصي.

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 39، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وسيأتي برقم 5/ 224.

وفي الباب عن أنس عند البخاري (3799)، ومسلم (2510)(176)، وقد سلف (12650).

وعن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط"(3013).

وعن عائشة عند الدارمي 1/ 38، والبزار (2799)(زوائد)، والدارمي 1/ 38. =

ص: 478

‌حَدِيثُ خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

16076 -

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ - قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ خَادِمٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَقُولُ لِلْخَادِمِ: " أَلَكَ حَاجَةٌ؟ " قَالَ: حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ حَاجَتِي. قَالَ: " وَمَا حَاجَتُكَ؟ " قَالَ: حَاجَتِي أَنْ تَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: " وَمَنْ دَلَّكَ عَلَى هَذَا؟ " قَالَ: رَبِّي. قَالَ: " إِمَّا لَا فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ "(1).

= قال السندي: قوله: عاصباً، أي: شاد العصابة برأسه.

قوله: "تزيدون"، أي: مالاً وإقبالاً وأعواناً، وهذا إشارة إلى أن الملك فيهم، وبحتمل أن المراد أن الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام باقية، فيمكن الزيادة في المهاجرين بخلاف النصرة فقد انقطعت بوفاته صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن الزيادة في الأنصار، وإلى الأول يشير قوله:"على هيئتها" كما لا يخفى.

قوله: "عيبتي"، بفتح، فسكون.

قوله: "آويت، بالمد أو القصر، والثاني أظهر، أي: موضع الأسرار الذي جئت إليه ورجعت.

(1)

إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، غير زياد بن أبي زياد -واسمه ميسرة، وهو مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي- فمن رجال مسلم. عفان: هو ابن مسلم الصفار، وخالد الواسطي: هو ابن عبد الله، وعمرو بن يحيى الأنصاري: هو ابن عمارة المازني. =

ص: 479

‌حَدِيثُ وَحْشِيٍّ الْحَبَشِيِّ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

16077 -

حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ (2) - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو الضَّمْرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ، قَالَ لِي عُبَيْدُ اللهِ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

= وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 249، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

وقد سلف نحوه من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي برقم (16578) و (16579) فانظره.

قال السندي: قوله: "مما يقول"، أي: ممن يسأل عن حاجة الخادم.

"إمّا لا" بكسر الهمزة وتشديد الميم، بإدغام نون "إن" الشرطية في ميم "ما" الزائدة، والتقدير، أي: لا تترك هذه الحاجة، وفيه تعظيم لهذه الحاجة، وأنها تحتاج إلى معين، فكن أنت معيناً لي على قضائها بكثرة السجود.

(1)

قال السندي: وحشي بن حرب الحبشي، مولى بني نوفل، قيل: قتل حمزة يوم أحد، ثم شارك في قتل مسيلمة.

يكنى أبا سلمة، وقيل: أبو حرب.

شهد وحشي اليرموك، ثم سكن حمص، ومات بها، وقد عاش إلى خلافة عثمان.

(2)

في (س) و (م): أسامة، والمثبت من (ظ 12) و (ص) و (ق)، وهو الصواب.

ص: 480

وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، قَالَ: فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ حَمِيتٌ. قَالَ: فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ (1) فَرَدَّ عَلَيْنَا (2) السَّلَامَ، قَالَ: وَعُبَيْدُ اللهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: يَا وَحْشِيُّ، أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللهِ، إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قِتَالٍ ابْنَةُ أَبِي الْعِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا بِمَكَّةَ، فَاسْتَرْضَعَهُ. فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ، فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ. قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ ابْنَ عَدِيٍّ (3) بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ.

فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ يَوْمَ عِينِينَ - قَالَ: وَعِينِينُ جُبَيْلٌ تَحْتَ أُحُدٍ، وَبَيْنَهُ وَادٍ - خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا أَنْ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ قَالَ: خَرَجَ سِبَاعٌ: مَنْ مُبَارِزٌ (4)؟ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا سِبَاعُ، يا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ، يَا ابْنَ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ (5)،

(1) لفظ "عليه" ساقط من (م).

(2)

لفظ "علينا" ليس في (ظ 12) و (ص).

(3)

جاء في هامش (ظ 12) و (ص): ابن الخيار.

(4)

قال السندي: أي: هل من مبارز كما في البخاري، أو هي موصولة، وهو على التقديرين حال، أي: قائلاً ذلك.

(5)

في (م): فقال سباع بن أم أنمار يا ابن مقطعة البظور، وفيه سقط.

ص: 481

أَتُحَادُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ، وَأُكْمِنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، حَتَّى إِذَا مَرَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا أَنْ دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ، فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ. قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ الْعَهْدُ بِهِ.

قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ، قَالَ: فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلِ (1) قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: " آنْتَ وَحْشِيٌّ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ مَا بَلَغَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، إِذْ قَالَ:" مَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ عَنِّي وَجْهَكَ " قَالَ: فَرَجَعْتُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، قَالَ: قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ. قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ (2) مَا كَانَ، قَالَ: فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ، ثَائِرٌ رَأْسُهُ. قَالَ: فَأَرْمِيهِ بِحَرْبَتِي، فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، قَالَ: وَدبَّ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ.

(1) في النسخ الخطية و (م): للرسل، والمثبت من هامش (س)، وهو الموافق لرواية البخاري.

(2)

في البخاري: فكان من أمره.

ص: 482

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ: فَأَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ [يَقُولُ]: فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وَاأَمِيرَ (1) الْمُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ (2).

(1) في (م): أمير.

(2)

إسناده صحيح، رجاله ثقات الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى البخاري. عبد الله بن الفضل: هو الهاشمي.

وأخرجه البيهقي في "السنن" 9/ 97 - 98 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.

وأخرجه البخاري (4072)، والبيهقي في "الدلائل" 3/ 241 من طريق حُجين بن المثنى، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(2949) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، به.

وأخرجه بنحوه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(483)، والطبراني في "الكبير"(2950) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، و (2947)، وفي "الأوسط"(1821) من طريق محمد بن إسحاق، كلاهما عن عبد الله بن الفضل، به. وقد سقط من مطبوع ابن أبي عاصم اسم عبد الله بن الفضل من الإسناد، وفيه سليمان بن جعفر، وهو تحريف، صوابه سليمان عن جعفر. وتحرف كذلك في مطبوع الطبراني جعفر إلى حفص!

وأخرجه بنحوه الطيالسي (1314)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(484)، والبيهقي في "السنن" 9/ 97 عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار

فذكر الحديث.

قال الحافظ في "الفتح" 7/ 368: المحفوظ عن جعفر بن عمرو قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي

قال السندي: قوله: هل لك في وحشي، أي: رغبة في زيارته. =

ص: 483

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قوله: "حميت"، بفتح حاء مهملة وكسر ميم: زق كبير للسمن، أي: مثله، وكان سميناً.

قوله: "معتجر"، بكسر الجيم، أي: لف العمامة على رأسه من غير أن يديرها تحت حنكه، كذا ذكره العسقلاني، وقال غيره: الاعتجار بها أن يلفها على رأسه، ويرد طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه، وقال: وكأنه غطى وجهه بعد الاعتجار، وبه ظهر قوله: ما يرى وحشي .. إلخ.

قوله: "فاسترضع"، أي: طلب له من يرضعه.

قوله: "قدميك"، أي: كأنهما مثل قدمي ذلك الغلام. قال الحافظ في "الفتح" 7/ 369: وبين الرؤيتين قريب من خمسين سنة، فدل ذلك على ذكاء مفرط، ومعرفة تامة بالقيافة.

قوله: "يوم عينين"، تثنية عين: اسم جبل عند أحد، والمراد عام وقعة أحد.

قوله: "مقطعة البظور": جمع بظر، وهي اللحمة تقطح من فرج المرأة عند ختانها، تعيير بأن أمه كان أمَةً ختَّانة للنساء.

قوله: "أتحادّ الله ورسوله"، أي: تعارضه وتعاديه.

قوله: "كأمس الذاهب"، أي: قتله، فلحق الماضي.

قوله: "وأُكمنت"، على بناء المفعول، أي: أُمرت بأن أختفي له، وفي البخاري: كمنت، بلا همزة، وهو كنصر أو سمع: اختفيت.

قوله: "رميته"، أي: بحربتي كما في الرواية.

قوله: "في ثنته"، بضم المثلثة، وتشديد النون، أي: في عانته.

قوله: "ذلك العهد به": كناية عن الموت.

قوله: "فشا"، أي: ظهر.

قوله: "فأرسل"، على بناء المفعول، أي: من الطائف. وفي البخاري: فأرسلوا، أي: أهل الطائف.

قوله: "لا يهيج"، بفتح حرف المضارع، أي: لا يزعجهم ولا ينالهم بمكروه. =

ص: 484

16078 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا نَأْكُلُ وَمَا (1) نَشْبَعُ! قَالَ: " فَلَعَلَّكُمْ (2) تَأْكُلُونَ مُفْتَرِقِينَ (3)، اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا

= قوله: "إذ قال"، أي: قال ما سبق حين قال هذا القول، فإذ ظرف للقول السابق.

قوله: "أن تغيب" بتشديد الياء.

قوله: "فأكافئ"، أي: أفعل من الحسنة ما يساوي قتل حمزة من السيئة.

قوله: "من أمرهم"، أي: أمر الناس من المحاربة العظيمة.

قوله: "ثلمة"، أي: خلل الجدار المكسور.

قوله: "جمل": في عظم الجثة.

قوله: "أورق": لونه كالرماد. وقال الحافظ: وكان ذلك من غبار الحرب.

قوله: "ثائر": منتشر شعر رأسه.

قوله: "ودب": أسرع ووثب.

قوله: "على هامته"، أي: رأسه.

لحوله: "وا أمير المؤمنين": لقبوا مسيلمة الكذاب بذلك.

وقال الحافظ في "الفتح" 7/ 371: في قول الجارية أمير المؤمنين نظر، لأن مسيلمة كان يدعي أنه نبي مرسل من الله، وكانوا يقولون له يا رسول الله ونبي الله، والتلقيب بأمير المؤمنين حدث بعد ذلك، وأول من لقب به عمر، وذلك بعد قتل مسيلمة بمدة، فليتأمل هذا. ثم قال: ويحتمل أن تكون الجارية أطلقت عليه الأمير باعتبار أن أمر أصحابه كان إليه، وأطلقت على أصحابه المؤمنين باعتبار إيمانهم به، ولم تقصد إلى تلقيبه بذلك، والله أعلم.

(1)

في (ق): فلا.

(2)

في (ق): لعلكم.

(3)

في (ق): متفرقين.

ص: 485

اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ " (1).

(1) حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف، الوليد بن مسلم يدلِّس تدليس التسوية، وقد عنعن. ووحشي بن حرب وأبوه حرب ذكرهما ابن حبان في "الثقات"، غير أن حرباً لم يرو عنه غير ابنه، ومع ذلك فقد حسنه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" 2/ 5.

وأخرجه أبو داود (3764)، وابن ماجه (3286)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(481)، وابن حبان (5224)، والطبراني في "الكبير" 22/ (368)، والحاكم 2/ 103، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 350، والبيهقي في "السنن" 5/ 258، وفي "الآداب"(566)، وفي "الشعب"(5835) من طرقٍ عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. ولم يصححه الحاكم ولا الذهبي. وأورده الحاكم شاهداً.

وللحديث شواهد:

أولها: حديث جابر عند أبي يعلى (2045)، والطبرانى فى "الأوسط"(7313)، وأبي الشيخ في "الثواب"، بلفظ:"إن أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 21: فيه عبد المجيد بن أبي رواد، وهو ثقة، وقد ضعِّف، وأشار المنذري إلى توثيقه بعد أن أورد الحديث في "الترغيب والترهيب" 3/ 134.

وثانيها: حديث عمر عند ابن ماجه (3287) بلفظ: "كلوا جميعاً ولا تتفرقوا، فإن البركة مع الجماعة"، قال المنذري: وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، واهي الحديث.

وثالثها: حديث أنس بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده"، قال الحافظ العراقي: رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" بسندٍ ضعيف.

ورابعها: حديث أنس أيضاً قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضَغَفٍ، أي: اجتماع الناس، وإسناده صحيح، وقد سلف (13859).

وخامسها: حديث جابر، بلفظ: "طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام =

ص: 486

‌حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ مُكَيْثٍ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

16079 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ بَعْضِ بَنِي رَافِعِ بْنِ مَكِيثٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ مَكِيثٍ (2) - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" حُسْنُ الْخُلُقِ نَمَاءٌ، وَسُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ، وَالْبِرُّ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ، وَالصَّدَقَةُ تَمْنَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ "(3).

= الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية"، وهو عند مسلم برقم (2059)، وقد سلف (14222).

(1)

قال السندي: رافع بن مكيث، جهني، شهد بيعة الرضوان، وكان أحد من حمل راية جهينة يوم الفتح.

(2)

قوله: عن رافع بن مكيث، ليس في النسخ الخطية و (م)، والتصويب من ترجمة الحديث، ومن "أطراف المسند" 2/ 338 ومصادر التخريج.

(3)

إسناده ضعيف، لإبهام راويه عن رافع بن مَكِيث، ولجهالة عثمان بن زفر -وهو الجهني- فلم يرو عنه سوى اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحافظ في "التقريب": مجهول. وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، غير أن صحابيه لم يرو له سوى أبي داود. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد البصري.

وأخرجه القضاعي في "مسنده"(244) من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. بلفظ:"حسن الملكة نماء، وسوء الملكة شؤم".

وهو عند عبد الرزاق في "المصنف"(20118)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (5162)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2562)، وأبو يعلى (1544)، والطبراني في "الكبير"(4451)، والقضاعي (245)، وابن الأثير في =

ص: 487

‌حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِر

16080 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ (1) عَبْدَ الْمُنْذِرِ لَمَّا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَى اللهِ عز وجل أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي، وَأُسَاكِنَكَ، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ عز وجل وَلِرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ "(2).

= "أسد الغابة" 2/ 200. ولفظ رواية عبد الرزاق: "حسن الملكة نماء" بدل حسن الخلق، وجاءت عند أبي داود "يمن" بدل: "نماء".

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 22، وقال: رواه أحمد من طريق بعض بني رافع، ولم يسمه، وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 302 من طريق عبد الله -وهو ابن المبارك- عن معمر، به.

وأخرجه أبو داود (5163) من طريق بقية -وهو ابن الوليد- عن عثمان بن زفر، عن محمد بن خالد بن رافع بن مكيث، عن عمه الحارث بن رافع بن مكيث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال المنذري في "مختصر السنن"(5000): هذا مرسل، الحارث بن رافع تابعي، وفي إسناده بقية بن الوليد، وفيه مقال.

قال السندي: قوله: "نماء" بفتح ومد، أي: زيادةٌ في الخير.

"زيادة في العمر"، أي: سببٌ لها.

(1)

سقط لفظ "بن" من (م).

(2)

هو مكرر (15750) سنداً ومتناً.

ص: 488

‌حَدِيثُ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ غُلَامٍ مِنْ أَهْلِ قُبَاءٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

16081 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَطَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ غُلَامٍ مِنْ أَهْلِ قُباءٍ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ شَيْخًا أَنَّهُ قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبَاءٍ، فَجَلَسَ فِي فَيْءِ الْأُجُمِّ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَاسْتَسْقَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسُقِيَ، فَشَرِبَ، وَأَنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَأَنَا أَحْدَثُ الْقَوْمِ فَنَاوَلَنِي، فَشَرِبْتُ، وَحَفِظْتُ أَنَّهُ صَلَّى بِنَا يَوْمَئِذٍ الصَّلَاةَ وَعَلَيْهِ نَعْلَاهُ لَمْ يَنْزِعْهُمَا (1).

(1) إسناده ضعيف، مجمع بن يعقوب إنما رواه عن محمد بن إسماعيل ابن مجمع، عن بعض أهله، عن الصحابي من أهل قباء، كما سيرد في الرواية 4/ 221، وفيها أن هذا الصحابي هو عبد الله بن أبي حبيبة. وراويه عنه مبهم.

وسيرد تخريجه هناك، ونذكر أحاديث الباب ثمة. العطاف في هذا الإسناد: هو ابن خالد المخزومي.

وسيكرر بهذا الإسناد والمتن 4/ 334.

الأُجم: بالضم، وبضمتين، وبالتحريك، جمع أجمة، وهي الشجر الكثير الملتف. وقد وقع في النسخ: الأحمر بدل الأجم، وهو خطأ، وجاء على الصواب في الرواية 4/ 334، وفي "أطراف المسند" 8/ 321، لكن جاء فيهما كلمة فناء بدل فيء، وفيء أشبه.

ص: 489

‌حَدِيثُ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ

(1)

16082 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ: " تَصَدَّقْنَ، وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ " قَالَتْ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ، فَقَالَتْ: لَهُ أَيَسَعُنِي أَنْ أَضَعَ صَدَقَتِي فِيكَ وَفِي بَنِي أَخِي، أَوْ بَنِي أَخٍ لِي يَتَامَى؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: سَلِي عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ، تَسْأَلُ عَمَّا أَسْأَلُ عَنْهُ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا بِلَالٌ، فَقُلْنَا: انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَلْهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا تُخْبِرْ مَنْ نَحْنُ. فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" مَنْ هُمَا؟ " فَقَالَ: زَيْنَبُ. فَقَالَ: " أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ " قَالَ: زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ، وَزَيْنَبُ الْأَنْصَارِيَّةُ، فَقَالَ:" نَعَمْ، لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ "(2).

(1) قال السندي: زينب امرأة عبد الله، ثقفية، اختلف في اسم أبيها، قيل: معاوية، وقيل: أبو معاوية، وقيل: عبد الله بن معاوية، وزوجها ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين. سليمان: هو ابن مهران الأعمش، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(2364) و (9201)، وفي "المجتبى" 5/ 92 - 93 من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. =

ص: 490

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطيالسي (1653)، والدارمي 1/ 389، والترمذي (636)، والطبراني في "الكبير" 24/ (725) من طرق عن شعبة، به.

وأخرجه البخاري (1466)، ومسلم (1000)، والنسائي في "الكبرى"(9202)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 22 من طرق عن الأعمش، به.

وأخرجه البخاري (1466)، وابن خزيمة (2464)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 22، والطبراني في "الكبير" 24/ (729) من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبيدة، عن عمرو بن الحارث، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (730) من طريق عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، به.

وسيأتي بالأرقام (16083) و (16084) و 6/ 363، وبنحوه برقم (16085) و (16086) من حديث رائطة امرأة عبد الله وهي زينب، ويقال لها رائطة كذلك. قال الحافظ في "الفتح" 3/ 328: ويقال: هما ثنتان عند الأكثر، وممن جزم به ابن سعد، وقال الكلاباذي: رائطة هي المعروفة بزينب، وبهذا جزم الطحاوي، فقال: رائطة هي زينب لا يعلم أن لعبد الله امرأة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرها.

وقد سلف من حديث عبد الله بن مسعود برقم (3569)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.

قال السندي: قوله: "تصدقن": أمر من التصدق.

قولها: "من حليكن" بضم فكسر فتشديد، أي: لو لم تتيسَّر الصدقة إلا من الحلي، لكان مطلوباً، فكيف لو تيسر من غيرها.

قولها: "خفيف اليد"، أي: قليل الأموال التي تصاحب اليد، فالمراد بذات اليد الأموال.

قولهما: "ولا تخبر"، أي: من نفسك، وإلا فبعد السؤال منه صلى الله عليه وسلم تعيَّن الإخبار. =

ص: 491

16083 -

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ، قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ:" تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (1).

16084 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، عَنْ زَيْنَبَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ " فَذَكَرَهُ (2).

= قوله: "زينب"، أي: كل منهما زينب.

قوله: "نعم": عدم التعرض لكون الصدقة فرضاً أو تطوعاً يدل على جواز الفرض، وهو الموافق لإطلاق {إنما الصَّدَقاتُ للفُقَراء} [سورة التوبة: 60] من غير فرق بين الفقير القريب والبعيد، لكنْ كثير من أهل العلم يحمله على التطوع، فلعله يجيب عن عدم التعرض بظهور أنها تطوع عنده.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، منصور -وهو ابن المعتمر- لم يدرك عمرو بن الحارث، وقد روي عن ابن نمير، عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو بن الحارث، به، متصلاً كما سيأتي في التخريج.

فقد أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 111، وابن خزيمة (2463)، والطبراني في "الكبير" 24/ (727)، والبيهقي في "السنن" 4/ 178 من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو بن الحارث، بهذا الإسناد.

وقد سلف برقم (16082).

(2)

إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر (16082) غير أن شيخ أحمد هنا هو عبد الرزاق الصنعاني، وشيخه هو سفيان الثوري.

ص: 492

‌حَدِيثُ رَائِطَةَ (1) امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

16085 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ. وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ رَائِطَةَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ - وَكَانَتْ امْرَأَةً صَنَاعًا، وَكَانَتْ تَبِيعُ وَتَصَدَّقُ - فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللهِ يَوْمًا: لَقَدْ شَغَلْتَنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ مَعَكُمْ. فَقَالَ: مَا أُحِبُّ - إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ - أَنْ تَفْعَلِي، فَسَأَلَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ "(2).

(1) قال السندي: رائطة، ويقال: ريطة بنت عبد الله بن معاوية، ثقفية، امرأة ابن مسعود، قيل: اسمها زينب ورائطة لقب لها فهي السابقة، وقيل: هما ثنتان. قلنا: وجزم الطحاوي أن رائطة هي زينب كما سلف، وقال الحافظ في "التعجيل" 2/ 652 - 653. ومما يقوي ذلك أن الحديث واحد، أخرجه أحمد من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة [في المطبوع: عبد الله بن عبد الله الثقفي!]،

عن رائطة في الصدقة بالحلي، وأخرجه الشيخان وغيرهما من رواية زينب الثقفية امرأة ابن مسعود.

قلنا: وقد سلف برقم (16082).

(2)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن أبي الزناد: وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، فهو مختلف فيه، حسن الحديث، وقد توبع كما في تخريج الرواية الآتية برقم (16086)، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن داود: وهو الهاشمي، فقد روى له البخاري في "خلق أفعال العباد"، وأصحاب السنن، وهو ثقة، وقد توبع كذلك. =

ص: 493

16086 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ رَائِطَةَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ - وَكَانَتْ امْرَأَةً صَنَاعَ الْيَدِ قَالَ: فَكَانَتْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ مِنْ صَنْعَتِهَا - قَالَتْ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ شَغَلْتَنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ عَنِ الصَّدَقَةِ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ مَعَكُمْ بِشَيْءٍ. فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللهِ: وَاللهِ مَا أُحِبُّ - إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ - أَنْ تَفْعَلِي. فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا، وَلَيْسَ لِي وَلَا لِوَلَدِي وَلَا لِزَوْجِي نَفَقَةٌ غَيْرَهَا، وَقَدْ شَغَلُونِي عَنِ الصَّدَقَةِ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِيمَا أَنْفَقْتُ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ لَكِ فِي ذَلِكَ أَجْرَ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ "(1).

= وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (666) من طريق سليمان بن داود الهاشمي، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3468)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 7/ 121 من طريق ابن أبي أُويس، عن ابن أبي الزناد، به.

وسيأتي برقم (16086)، وقد سلف نحوه برقم (16082).

قال السندي: قوله: وكانت امرأة صناعاً: في "القاموس": امرأة صناع اليدين -كسحاب- حاذقة ماهرة بعمل اليدين، وامرأتان صناعان، ونسوة صُنعُ ككتب.

(1)

حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، ابن إسحاق، قد صرح بالتحديث هنا فانتفت شبهة تدليسه، وهو صدوق، وقد توبع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. =

ص: 494

‌حَدِيثُ أُمِّ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ

16087 -

حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ يَقُولُ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا (1)، وَلَا يُصِيبُ بَعْضُكُمْ، وَإِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَارْمُوهَا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ " فَرَمَى بِسَبْعٍ، وَلَمْ يَقِفْ، وَخَلْفَهُ رَجُلٌ يَسْتُرُهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ (2).

= وأخرجه أبو عبيد في "الأموال"(1877)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 23 - 24 من طريق الليث بن سعد، وابن حبان (4247)، والطبراني في "الكبير" 24/ (669) من طريق عمرو بن الحارث، والطبراني في "الكبير" 24/ (667) من طريق أبي أويس، و 24/ (668) من طريق مسلمة بن قعنب القعنبي، و 24/ (670) من طريق حماد بن سلمة، والبيهقي في "السنن" 4/ 178 - 179 من طريق أنس بن عياض، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 13/ 13 من طريق وهيب بن خالد، سبعتهم عن هشام بن عروة، به.

وأخرجه عبد الرزاق (19696) عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن امرأة

وأورده الهيثمي في "المجمع " 3/ 118، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، ولكنه ثقة، وقد توبع.

وقد سلف برقم (16085).

(1)

لفظ "بعضاً" سقط من (م).

(2)

حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف يزيد -وهو ابن أبي زياد القرشي الهاشمي- ولجهالة حال سليمان بن عمرو بن الأحوص، فقد روى عنه اثنان، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال ابن القطان: مجهول، وقال =

ص: 495

16088 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أُمِّهِ - وَكَانَتْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَهُوَ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَارْمُوهَا

= الحافظ في "التقريب": مقبول. وابنُ فضيل: هو محمد، وهو ثقة من رجال الشيخين.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" 25/ (389) من طريق محمد بن عبد الله بن الزبير، عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.

وأخرجه مطولاً ومختصراً وبألفاظٍ مختلفة ابن سعد 8/ 306، وابن أبي شيبة 8/ 51 - 52 و 11/ 92، وعبد بن حميد في "المنتخب"(1567)، وأبو داود (1966) و (1967) و (1968)، وابن ماجه (3028) و (3031) و (3532)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3291) و (3292)، و (3293)، والطبراني 25/ (386) و (387) و (388)، والبيهقي في "السنن" 5/ 130، وفي "الدلائل" 5/ 444 من طرق عن يزيد بن أبي زياد، به.

وسيأتي بنحوه في الأرقام (16088) و (16089) و 5/ 290 و 379 و 6/ 376 و 379. وقد سُمِّيت الصحابية في بعض هذه الروايات أم جندب.

وسيكرر بإسناده ومتنه 6/ 379.

ولرمي النبيِّ صلى الله عليه وسلم جمرةَ العقبة من بطن الوادي شواهد، منها حديث ابن مسعود، سلف برقم (3548)، وذكرنا هناك بقية الشواهد.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف" شواهد: منها حديثُ ابن عباس، وقد سلف برقم (1851).

وحديث الفضل بن عباس، وقد سلف برقم (1794) و (1796).

وحديثُ رجل اسمه معاذ: سيرد 4/ 61

وحديث جابر: عند مسلم (1299).

ص: 496

بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ " (1).

16089 -

حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا سَمِعَتْهُ يَقُولُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وَارْمُوا الْجَمْرَةَ - أَوِ الْجَمَرَاتِ - بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ "(2).

(1) إسناده ضعيف، سلف الكلام عليه في الرواية السابقة.

(2)

إسناده ضعيف، سلف الكلام عليه في الرواية (16087).

وأخرجه الطيالسي (1660)، والطبراني في "الكبير" 25/ (385) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.

ص: 497