المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[49] عمر بن عبد الوهاب بن محمد بن طاهر بن - مشيخة ابن جماعة - تخريج البرزالي - جـ ٢

[علم الدين البرزالي]

فهرس الكتاب

[49] عمر بن عبد الوهاب بن محمد بن طاهر بن عبد العزيز بن علي القرشي الدمشقي المعروف بابن البراذعي، أبو البركات العدل الشروطي

شيخ مشهور بالعدالة، معروف بالشهادة، سمع من الْحَافِظ أبي القاسم ابن عساكر، والقاضي أبي سعد ابن أبي عصرون، وغيرهما، مولده تقديرا في سنة ستين وخمسمائة، وتوفي في خامس شهر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وستمائة بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير.

أخبرنا الشَّيْخُ الْعَدْلُ الْمُسْنِدُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ إِجَازَةً كَتَبَهَا إِلَيَّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَنَا السَّيِّدُ الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحَسِينِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلْوَانَ الْمَازِنِيُّ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرٍ التَّمِيمِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قثا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيُّ، ثنا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

ص: 447

حَوَالَةَ الأَزْدِيِّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَجْنَادًا؛ جُنْدًا بِالشَّامِ، وَجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا بِالْيَمَنِ، فَقَالَ الْحَوالِيُّ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ؛ فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بَيَمَنِهِ وَيَسْقِ مِنْ غُدُرِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ» .

فَكَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْتَفَتَ إِلَى ابْنِ عَامِرٍ، فَقَالَ: مَنْ تَكَفَّلَ اللَّهُ بِهِ فَلا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ.

وَقَعَ لَنَا هَذَا الْحَدِيثُ عَالِيًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مِسْهَرٍ الْغَسَّانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ، وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ كُلُّهُمْ دِمَشْقِيُّونَ لا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، وَأَبُو حَوَالَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الأَزْدِيُّ، مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَزَلُوا دِمَشْقَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ اسْمُهُ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ فِي «سُنَنِهِ» ، فَرَوَاهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ،

ص: 448

عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي قَتِيلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّ ابْنَ سَلْوَانَ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي دَاوُدَ.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الشَّرِيفِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَسِينِيِّ النَّسِيبِ، قَالَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ الأَهْوَازِيُّ، ثنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَتَّانِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا الأَعْمَشُ، ثنا خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ عز وجل لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ وَلا حَاجِبٌ يَحْجُبُهُ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَى إِلا شَيْئًا قَدَّمَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَمَامَهُ فَلا يَرَى إِلا النَّارَ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» .

حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الأَعْمَشِ مَوْلَى بَنِي كَاهِلٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي طَرِيفٍ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِيِّ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ. . .

ص: 449

حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِيهِ، كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الشَّرِيفِ النَّسِيبِ الْحَسِينِيِّ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَحَّالُ الْمُقْرِئُ بِمَكَّةَ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَرَجِ الْمُهَنْدِسُ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قثا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي: الأَنْصَارَ، لِيُقْطِعَهُمُ الْبَحْرَيْنِ أَوْ طَائِفَةً مِنْهَا، فَقَالُوا: لا حَتَّى تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُنَا، فَقَالَ:«أَمَا أَنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ الأَزْدِيِّ بِهِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدلًا.

وَاسْمُ أَبِي الرَّبِيعِ شَيْخِ الْبَغَوِيِّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَزْدِيٌّ عَتَكِيٌّ، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ، عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَيُقَالُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الشَّرِيفِ النَّسِيبِ، قَالَ: أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أنا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَيَانِجِيُّ، أنا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ الْخُتَّلِّيُّ

ص: 450

الْبَغْدَادِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزَّبِيدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجَارِيَةٍ كَانَتْ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى بِوَجْهِهَا سَفْعَةً فَقَالَ: «بِهَا نَظْرَةٌ، فَاسْتَرْقُوا لَهَا» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ الْخُتَّلِّيِّ الأَحْوَلِ، نَزِيلِ بَغْدَادَ مَاتَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجْ حَدِيثَهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ هُوَ بِابْنِ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ الْخَوَارِزْمِيِّ. فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ بِهِ. فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الشَّرِيفِ النَّسِيبِ، قَالَ: أَخْبَرَتْنَا كَرِيمَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيَّةُ، فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ مِنْ مِنًى، قَالَتْ: ثنا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرْخَسِيُّ، ثنا أَبُو لَبِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّامِيُّ، ثنا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ سَالِمِ

ص: 451

ابْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«أَمَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ؟» قَالُوا: نَحْنُ أَعْجَزُ مِنْ ذَلِكَ وَأَضْعَفُ، قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَزَّأَ الْقُرْآنَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ فَجَعَلَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ ".

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيِّ الْمَرْوَزِيِّ الْفَقِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ الْمُقَدَّمِيِّ الْبَصْرِيِّ الثَّقَفِيِّ مَوْلاهُمْ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، بِهِ. فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا. وَمَعْدَانُ هُوَ ابْنُ طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ، وَقِيلَ: ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 452

‌من اسمه عيسى رجل واحد

[50] عيسى بن محمد بن أبي القاسم بن محمد الكردي الهكاري، له كنيتان أبو محمد، وأبو العزائم، ولد الأمير أبي عبد الله

كان أحد الأمراء الأعيان ذوي المكارم والإحسان، من فرسان المسلمين وحماة الدين، وكذلك كان والده، لهما المواقف المشهورة، والمآثر المذكورة. سمع شيخنا هذا من الخطيب أبي الحسن علي بن محمد بن جميل المعافري، وأبي القاسم بن رواحة الأنصاري، وله إجازة ابن طبرزد، والكندي، مولده في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالقدس الشريف، وتوفي يوم السبت الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وستين وستمائة، ودفن يوم الأحد بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق سمعت عليه كتاب «اختصار الأحكام الشرعية من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره» ، جمع الإمام الْحَافِظ الفقيه المحدث أبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي، وكان قد تفرد بروايته عن الخطيب أبي الحسن بن جميل خطيب القدس عن المصنف وليس فيه حديث بإسناد نذكره، وهذه خطبة الكتاب:

أخبرنا الأمير الكبير الغازي المجاهد أبو محمد عيسى بن الأمير الكبير

ص: 453

الشهيد أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد الهكاري قراءة عليه وأنا أسمع في أواخر سنة ثلاث وستين وستمائة بالقاهرة، قال: أنا الشيخ الإمام الخطيب المحدث أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن جميل المعافري الخطيب بالمسجد الأقصى قراءة عليه وأنا أسمع، قال: حدثنا الفقيه المحدث الْحَافِظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي الإشبيلي قراءة علينا من لفظه في مدة آخرها شهر المحرم سنة ست وسبعين وخمسمائة، بمدينة بجاية قال: الحمد لله رب العالمين والصلاة والتسليم على محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى صحابته الطاهرين، وجميع عباد الله الصالحين.

أما بعد: وفقنا الله أجمعين لطاعته، وأمدنا بمعونته، وتوفأنا على شريعته، فإني جمعت في هذا الكتاب متفرقا من حديث رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في لوازم الشرع وأحكامه، وحلاله وحرامه في ضروب من الترغيب والترهيب وذكر الثواب والعقاب إلى غير ذلك مما تميز حافظها وتسعد العامل بها، وتخيرتها صحيحة الإسناد، معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات وتداولها الثقات، أخرجتها من كتب الأئمة وهداة الأمة: أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، وفيه أحاديث من كتب أخر أذكرها عند ذكر ما أخرج منها وإذا ذكرت الحديث لواحد ممن أخرجت حديثه فكل

ص: 454

حديث أذكره بعد ذلك فهو له، ومن كتابه، وعن ذلك الصاحب المذكور فيه حتى أذكر غيره، وأسمى سواه، وربما تخللها كلام في تفسير لغة، أو في شيء ما، وإذا ذكرت الحديث لأحدهم وقلت: زاد فلان كذا وكذا، وقال فلان كذا وكذا، فهو عن ذلك الصاحب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم أذكر الصاحب ولا النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان عن غيره سميته وذكرت عمن أخرجته، وربما وقع في هذا الكتاب ما قد تكلم فيه من طريق الإرسال أو التوقيف، أو تكلم في بعض نقلته، وليس كل كلام يقبل، ولا كل قول به يعمل، ولو ترك كل ما تكلم فيه؛ لم يبق بأيدي أهل هذا الشأن منه إلا القليل، وللكلام في هذا موضع آخر، وهذا النوع المعتذر عنه في هذا المجموع قليل، وربما نبهت على بعضه وكتبت هذه الأحاديث مختصرة الأسانيد؛ ليسهل على من أراد حفظها، ويقرب على من أراد التفقه فيها والنظر في معانيها إذ التفقه في حديث رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هو المعنى المقصود، والرأي المحمود، والعمل الموجود في المقام المحضور واليوم المشهود، وإلى الله عز وجل أرغب في أن يجعل ذلك خالصا لوجهه، مدنيا من رحمته، مقربا إلى جنته، معينا على أداء ما أوجب، منهضا إلى ما فيه رغب وإليه ندب برحمته، لا رب سواه وهو المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل ".

ص: 455

‌حرف الفاء رجلان

‌من اسمه الفضل رجل واحد

[51] الفضل بن علي بن نصر بن عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري الحموي الأديب الكاتب، أبو الخير بن أبي الحسن بن أبي المظفر

شيخ جليل من أعيان الأدباء، والشيوخ الرؤساء، كثير الأدب، خبير بنقد الشعر، جيد القول فيه، ولي نظر الشرقية بالديار المصرية مدة طويلة، سمع من الإمام أبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، ويحيى بن جعفر بن الدامغاني، وأبي الحسن علي بن محمود بن الصابوني، وأبي القاسم بن رواحة الحموي، وأجاز له أبو روح الهروي، وأبو الحسن الطوسي، وأم المؤيد بنت الشعري وغيرهم، وكتب عنه من أناشيده بعض شيوخنا، مولده في الثاني والعشرين من شوال سنة إحدى وستمائة، بمدينة حماة، وتوفي يوم الاثنين الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وثمانين وستمائة، بمدينة بلبيس، ودفن من الغد خارج باب الصحراء رحمه الله وإيانا.

ص: 457

أخبرنا الشَّيْخُ الْعَالِمُ الْفَاضِلُ الصَّدْرُ أَبُو الْخَيْرِ الْفَضْلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ رَوَاحَةَ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وَانْتِقَائِي لَهُ وَذَلِكَ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِمَدِينَةِ بِلْبِيسَ، قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكَ الشَّيْخُ الْجَلِيلُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ الأَنْصَارِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ، قَالَ: أنا الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّلَفِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ.

ح وَكَتَبَ إِلَيَّ الشَّيْخَانِ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ بْنِ عَلانَ الْقَيْسِيُّ، وَأَبُو الْفَضْلِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعِرَاقِيُّ، عَنِ الْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، قَالَ: أنا الشَّيْخُ الرَّئِيسُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودٍ الثَّقَفِيُّ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجُرْجَانِيُّ إِمْلاءً، قثا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الأَبِيوَرْدِيُّ الْغَازِيُّ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَ صَاحِبَكُمْ خَلِيلا، يَعْنِي: نَفْسَهُ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا ".

ص: 458

حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ الضَّرِيرِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا، وَأَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ الْجُشَمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الرَّئِيسِ الثَّقَفِيِّ، قثا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ إِمْلاءً، قثا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الأَسْوَارِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، ثنا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوْلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبَتْمُ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ» .

ص: 459

حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ الرَّوَاسِيِّ أَبِي سُفْيَانَ، بِهِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا، وَأَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الرَّئِيسِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: أَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ بِنَيْسَابُورَ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، أنا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنِ اشْتَكَى رَاسَهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» .

مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الأَشَجِّ، كِلاهُمَا عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الثَّقَفِيِّ، قثا أَبُو الْفَتْحِ هِلالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدَانَ بِبَغْدَادَ، قثا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ، قثا أَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قثا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ

ص: 460

أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَقَدْ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَلا قَالَ لِي لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: أَلا فَعَلْتَ كَذَا ".

حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَالٍ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَأَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِهِ.

فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا لِمُسْلِمٍ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

ص: 461

‌من اسمه فرج رجل واحد

[52] فرج بن عبد الله الحبشي الخادم، فتى الشيخ أبي جعفر أحمد بن علي القرطبي، أبو الغياث. عتيق المجد البهنسي

كان شيخًا صالحًا ثقة، خيرا، كثير السماع، حدث بالكثير ولم يزل على ذلك إلى حين وفاته، سمع من أبي طاهر الخشوعي، والحافظ أبي محمد القاسم ابن عساكر، وأبي القاسم أحمد بن تزمش الخياط، وأبي الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعد، والقاضي أبي المعالي محمد بن علي بن محمد بن يحيى القرشي، والقاضي أبي الطاهر محمد بن

ص: 462

محمد بن محمد بن بنان الأنباري، والإمام أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني، وأبي حفص بن طبرزد، وأبي علي حنبل الرصافي، وأبي بكر عبد الجليل ابن مندويه، وأبي بكر محمد بن يوسف بن أبي بكر الآملي الطبري، وأبي اليمن الكندي، والقاضي أبي القاسم ابن الحرستاني، وأبي يعقوب يوسف بن فيروز الخويي، وأبي حفص عمر بن محمد السهروردي، والحافظ أبي محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، وغيرهم، مولده قبل الثمانين والخمسمائة تخمينا، وتوفي إلى رحمة الله ليلة الثلاثاء رابع شوال سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وصلي عليه يوم الثلاثاء، بعد الظهر، ودفن بسفح جبل قاسيون.

أخبرنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُسْنِدُ أَبُو الْغِيَاثِ فَرَجُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَبَشِيُّ، فَتَى الْقُرْطُبِيِّ، إِجَازَةً صَدَرَتْ لَنَا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِدِمَشْقَ، قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ بَرَكَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ الْخُشُوعِيُّ.

ص: 463

قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَكْفَانِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ: أنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيِّ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ الْمِصْرِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا دِمَشْقَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ الْكَاتِبُ فِي مَنْزِلِهِ بِمِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ، قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قثا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ، يَعْنِي: يَبْكِي.

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي» الشَّمَائِلِ «، وَالنَّسَائِيُّ فِي» السُّنَنِ " عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ الطُّوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ

ص: 464

بِهِ. وَمُطَرِّفٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ وَقْدَانَ بْنِ الْحَرَشِيِّ.

ص: 465

‌حَرْفُ الْمِيمِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا

‌من اسمه محمد أربعة عشر رجلًا

[53] محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن الميمون القيسي التوزري، ثم المصري، ثم المكي المعروف، بابن القسطلاني، أبو بكر بن أبي العباس بن أبي الحسن

شيخ جليل فاضل نبيل، له محاسن جمة من زهد وديانة، وحسن خلق

ص: 467

وكرم سجية، وبذل مال، وبسط وجه، وتصوف، وحديث وفقه، ونسك، وشعر رقيق.

سمع من والده، والإمام أبي حفص عمر بن محمد السهروردي، وأبي علي الحسن بن المبارك ابن الزبيدي، وأبي الحسن علي بن أبي الكرم ابن البناء، وأقام بمكة مدة طويلة يفتي الناس، ويشار إليه في المشيخة والعلم، ورحل إلى الشام، والعراق، وسمع بدمشق وحلب ومعرة النعمان، وحران، ودنيسر، ودخل مدينة السلام، وسمع من جامعه من شيوخها، وزار البيت المقدس، وسمع به وحدث بدمشق في سنة تسع وأربعين وستمائة، ودخل إلى اليمن وحدث بها وأكرم مورده، وسمع منه جماعة من شيوخنا، وبعد موت أخيه الشيخ الإمام أبي الحسن على شيخ الحديث بالكاملية بالقاهرة طلب شيخنا هذا من مكة إلى القاهرة، وولي مكان أخيه فأقام بها، وكان يرد عليه كثير من الفقراء فيقوم بأمرهم ويحسن إليهم، ويلبس خرقة التصوف عن الشيخ أبي حفص السهروردي رضي الله عنه ويمد كل ليلة سماطا للفقراء بالدار الكاملية المذكورة وجمع له في أثناء الأمر مشيخة الإيوانين بدار الحديث المذكورة، وكان يقصد للزيارة والتبرك به، ويفتي على مذهب الشافعي رضي الله عنه. مولده في صبيحة الاثنين السابع والعشرين من ذي الحجة سنة أربع عشرة وستمائة بمصر، وتوفي بالقاهرة في ليلة السبت الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وثمانين وستمائة، ودفن يوم السبت بالقرافة الصغرى، وكان الجمع متوفرا جدا.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْقَسْطَلانِيِّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ، وَقَالَ: أنا وَالِدِي الإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَسْطَلانِيُّ ثُمَّ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ،

ص: 468

قَالَ: الشَّيْخُ الْعَلامَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرِيِّ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمَقْدِسِيُّ النَّحْوِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِمِصْرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا أَبُو صَادِقٍ مُرْشِدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ الْمَدِينِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، أنا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّاصِحِ الشَّافِعِيُّ الْفَقِيهُ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ دُحَيْمٌ، ثنا أَبِي، وَهِشَامٌ، وَمَحْمُودٌ، قَالُوا: ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: «أَنَّ إِهَلالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ» ، زَادَ أَبِي عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ.

صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ الشَّامِيِّ الْفَقِيهِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَاسْمُهُ أَسْلَمُ الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ، وَثَابِتٌ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيِّ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى التَّمِيمِيِّ الرَّازِيِّ، وَيُعْرَفُ بِالصَّغِيرِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَقَعَ لَنَا بَدَلًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ؛ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ» ، قَالَ أَبِي: ثَلاثًا، فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ ".

ص: 469

وَبِالإِسْنَادِ قَالَ يَحْيَى: فَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَحْلَمُ الْحُلُمَ أَخَافُهُ حَتَّى يَضْجِعَنِي فَلَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَحَدَّثَنِي بِهَذَا.

صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الأَوْزَاعِيِّ، وَالأَوْزَاعُ مِنْ حِمْيَرَ، وَقِيلَ: إِنَّ الأَوْزَاعَ قَبَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ. وَقِيلَ: الأَوْزَاعُ قَرْيَةٌ بِدِمَشْقَ خَارِجَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الطَّائِيِّ مَوْلاهُمُ الْيَمَامِيُّ، وَاسْمُ أَبِيهِ أَبِي كَثِيرٍ صَالِحُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَقِيلَ: يَسَارٌ. وَقِيلَ: دِينَارٌ. وَقِيلَ: نَشِيطٌ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وَثَابِتٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ الدِّمَشْقِيِّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ، كِلاهُمَا عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِإِسْنَادِهِ كَمَا أَخْرَجْنَاهُ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ الْقُدْوَةُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ابْنُ الْقَسْطَلانِيِّ الشَّافِعِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِالْقَاهِرَةِ،

ص: 470

قَالَ: أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْكَرَمِ نَصْرُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّيِّدِ الْمَكِّيُّ الْخَلالُ الْعِرَاقِيُّ الأَصْلِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ، قَالَ: أَنا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَهْلِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ الْكَرُوخِيُّ الْبَزَّازُ الصُّوفِيُّ الْهَرَوِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ: أنا الْمَشَايِخُ الثَّلاثَةُ: الْقَاضِي أَبُو عَامِرٍ مَحْمُودُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُهَلَّبِيُّ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ أَبِي حَامِدٍ الْغُورَجِيُّ الْهَرَوِيُّ التَّاجِرُ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ ثُمَامَةَ التِّرْيَاقِيُّ الْهَرَوِيُّ، قَالُوا: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَرَّاحِ بْنِ الْجُنَيْدِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبِ بْنِ فُضَيْلٍ التَّاجِرُ الْمَرْوَزِيُّ الْمَحْبُوبِيُّ، قَالَ: أنا الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الضَّحَّاكِ التِّرْمِذِيُّ بِهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قثا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالا: ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، عَنْ سَفِينَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 471

كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ».

أخبرنا بِهِ عَالِيًا الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ بْنِ نِعْمَةَ الْمَقْدِسِيُّ إِجَازَةً، عَنِ الْخَطِيبِ أَبِي الْفَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ إِذْنًا، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّرَّاجُ اللُّغَوِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِبَغْدَادَ، قثا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ، قثا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، قثا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ثنا أَبُو رَيْحَانَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَطَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَفِينَةُ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوَضِّيهِ الْمُدُّ، وَيَغْسِلُهُ الصَّاعُ مِنَ الْجَنَابَةِ» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، كِلاهُمَا عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، كِلاهُمَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ بِهِ.

وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ طَرِيقِهِ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.

ص: 472

[54] محمد بن أَحْمَد بن محمد بن عبد الله البكري الوائلي الشريشي المالكي، أبو بكر بن أبي العباس

أحد الأئمة الأعلام وشيوخ الإسلام، كان متسع العلم، ويعرف فنونا شتى من التفسير والحديث والفقه والفرائض والنحو والأصلين، وطرفا صالحًا من الحكمة.

سمع بالإسكندرية أول دخوله البلاد من محمد بن عماد الحراني، ودخل

ص: 473

الشام وسمع بدمشق من مكرم بن محمد بن أبي الصقر، والقاضي أبي نصر بن الشيرازي، وأبي الحسن بن المقير، وسمع بإربل من محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي، ودخل بغداد وأقام بها مدة؛ للتفقه، وسماع الحديث، وتحصيل العلوم، والتزيد من الفضائل، فسمع من أبي الحسن بن روزبة القلانسي، وأبي الحسن بن القطيعي، وأبي صالح نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وعبد العزيز بن دلف الخازن، وأبي بكر بن عمر بن كمال الضرير، وأبي بكر ابن بهروز، والحافظ أبي عبد الله محمد بن سعيد بن الدبيثي، وأبي محمد عبد الواحد بن نزار الحمال، والأنجب الحمامي، وجماعة كثيرة، ثم رجع إلى الشام وسمع في طريقه بحلب من ابن رواحة، وابن خليل، ويعيش النحوي، وغيرهم ووصل دمشق وسمع

ص: 474

بها أيضا من شيوخها، ومدحه إذا ذاك الشيخ العلامة أبو الحسن السخاوي بقصيدة كتب بها إليه ذكر فيها فضائله ومحاسنه، واستوطن بلاد الشرق مدة، واستوطن دمشق مدة، وباشر بها مشيخة الرباط الناصري بسفح قاسيون، وهو أول من درس فيه بحضور واقفه رحمه الله، ثم دخل الديار المصرية وأقام بها مدة يدرس بالمدرسة الفاضلية، ويفتي، ويقرئ العلوم، ثم رجع إلى البيت المقدس زائرا ومستوطنا فأقام به مدة، وعاد إلى دمشق ودرس بالرباط الناصري أيضا على قاعدته الأولى، وولي مشيخة الحديث بالتربة الصالحية، ثم طلب إلى ولاية القضاء بدمشق فامتنع من ذلك وتركه وباشر التدريس بالمدرسة النورية، والجامع، وبقي منصب القضاء شاغرا من أجله إلى أن مات، وكان مولده في سنة إحدى وستمائة بشريش بالمغرب، وتوفي يوم الاثنين بن الصلاتين الرابع والعشرين من شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة، ودفن ضحى يوم الثلاثاء بسفح جبل قاسيون بالقرب من الرباط الناصري الذي توفي فيه رحمه الله وإيانا.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْعَلامَةُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سجْمَانَ الْبَكْرِيُّ الشَّرِيشِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِالكلاسَةِ مِنْ

ص: 475

جَامِعِ دِمَشْقَ، قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ خَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَلِيلٍ الْجَوْسَقِيُّ الْخَطِيبُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَتْنَا الْكَاتِبَةُ، فَخْرُ النِّسَاءِ، شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ عُمَرَ الإِبَرِيِّ الدِّينَوَرِيِّ.

ح وَكَتَبَ إِلَيْنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَرَّجِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ الأُمَوِيُّ، عَنِ الشَّيْخَتَيْنِ؛ شُهْدَةَ الْكَاتِبَةِ، وَفَاطِمَةَ الْمَدْعُوَّةِ نَفِسيَةُ بِنْتُ أَبِي غَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَزَّازَةِ الْخَفَّافِ، قَالَتَا: أنا الشَّرِيفُ النَّقِيبُ أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الإِمَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ قَالَ: أنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 476

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْمُعَدَّلُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْدَعِيُّ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، قثا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا الْقُرَشِيُّ، قثا عَلِيُّ بْنُ جَعْدٍ، قثا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَوْسَطَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَوْسَطَ، سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه يَقُولُ: بَعْدَ مَا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَنَةٍ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ أَوَّلَ مَقَامِي هَذَا قَالَ: ثُمَّ بَكَى أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ:«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ، وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ، وَهُمَا فِي النَّارِ، وَسَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ شَيْئًا بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْمُعَافَاةِ وَلا تَقَاطَعُوا وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» .

أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الدِّرْهَمِيِّ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ.

وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهِ. وَكُنْيَةُ أَوْسَطَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْبَجَلِيُّ.

ص: 477

وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ فَقِيلَ: إِسْمَاعِيلُ كَمَا فِي رِوَايَتِنَا. وَقِيلَ: عَمْرٌو. وَقِيلَ: عَامِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَبِهَذَا الإِسْنَادِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، ثنا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قثا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَلَّ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ لأَصْحَابِهِ: «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ عَلَيْنَا بِهِ مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَارَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمُنَا» .

أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ «عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَاضِي إِفْرِيقِيَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه.

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَفْسَهُ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا، وَرُوِيَ أَيْضًا، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.

ص: 478

[55] محمد بن إسماعيل بن أَحْمَد بن أبي الفتح المقدسي المرداوي أبو عبد الله

شيخ جليل، فقيه عالم، ذو دين وورع، حسن السمت، كثير الخير، دائم السكون، أثنى عليه الْحَافِظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي، فقال: رجل دين، خير، ثقة، كثير المروءة، تفقه على الإمام أبي محمد بن قدامة، سمع بدمشق من أبي الحسين أحمد بن حمزة بن الموازيني، وأبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي، وأبي طاهر الخشوعي، وأبي عبد الله محمد بن علي بن صدقة الحراني، وسمع بالقاهرة من أبي طاهر إسماعيل بن صالح بن ياسين، وأبي الحسن علي بن حمزة بن طلحة البغدادي، وأبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجا الأنصاري الواعظ، وزوجته فاطمة بنت سعد الخير بن الأنصاري، وسمع بمصر من أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي، وكان رحمه الله خطيبا بقرية مردا من قرى جبل نابلس مدة طويلة. مولده تقريبا في سنة ست وستين وخمسمائة بقرية

ص: 479

مردا، وتوفي بها في العشر الأول من ذي الحجة سنة ست وخمسين وستمائة، ودفن بها.

أخبرنا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْخَطِيبُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ الْمَقْدِسِيُّ إِجَازَةً، قَالَ: أنا أَبُو الْفَرَجِ يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ الثَّقَفِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِدِمَشْقَ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيُّ، وَأَنْتَ حَاضِرٌ فَأَقَرَّ بِهِ، قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، ثنا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ يَزْدَادَ الْمَكِّيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ وَاسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ» .

صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْمَنَاسِكِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ. وَرَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَاجَهْ، عَنْ مُحْرِزِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، بِهِ. فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً لابْنِ مَاجَهْ فِي

ص: 480

مُحْرِزِ بْنِ سَلَمَةَ الْعَدَنِيِّ، وَمُحْرِزٌ هَذَا حَجَّ ثَلاثًا وَثَمَانِينَ حَجَّةً، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ مِنَ الأَئِمَّةِ غَيْرُ ابْنِ مَاجَهْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْخَطِيبُ الْمَرْدَاوِيُّ إِجَازَةً، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْبُوصِيرِيُّ بِفُسْطَاطِ مِصْرَ قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو جَعْفَرٍ يَحْيَى بْنُ الْمُشرفِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْخَضِرِ التَّمَّارُ وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِمِصْرَ قَالَ: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نَفِيسٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بُنْدَارِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بُنْدَارٍ قَاضِي أَذَنَةَ بِمِصْرَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِيلٍ الأَسَدِيُّ الْبَالِسِيُّ بِمَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ، قثا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قثا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: " أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَسْتَحْمِلُهُ،

ص: 481

فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُهُ، فَدَلَّهُ عَلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ، وَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ:«إِنَّ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ» .

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيِّ الْوَشَّاءِ، وَيُكْنَى أَبَا سُلَيْمَانَ أَيْضًا، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً، وَنَصْرٌ هَذَا رَوَى عَنْهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ.

أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ خَطِيبُ مَرْدَا إِجَازَةً، قَالَ: قُرِئَ عَلَى الشَّيْخَةِ أُمِّ الْكَرَمِ فَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الْخَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيِّ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ قِيلَ لَهَا: أَخْبَرَكُمْ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتِ حَاضِرَةٌ تَسْمَعِينَ فَأَقَرَّتْ بِهِ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو نَصْرٍ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحرمِينِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ يَعْقُوبُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى السِّمْسَارُ الْحَرْبِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُحِبِّ، قَالُوا سِتَّتُهُمْ: أنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَفَّافُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، ثنا قُتَيْبَةُ

ص: 482

ابْنُ سَعِيدٍ، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرْقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ رَفَعَهَا» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ بِهِ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً لَهُمَا.

ص: 483

[56] محمد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن شبل بن علي المقدسي، ثم المصري، أبو الحسين بن أبي الطاهر بن أبي محمد بن أبي الحجاج الكاتب

كان أبوه وجده يخدمان في كتابة الجيش بديار مصر، ولهم تقدم وحشمة، ورئاسة، وشيخنا أبو الحسين هذا ذكره ابن النجار في «تاريخ بغداد» ، وقال: هو أديب فاضل له معرفة بالتواريخ وأخبار الأدباء، وسمع حديثًا كثيرًا بمصر، ودمشق، وقدم بغداد في سنة خمس وستمائة، وسمع من شيوخها مثل أبي أحمد ابن سكينة، وأبي حفص ابن طبرزد، والأفضل بن أبي الحسن الحفار، وريحان بن تيكان الضرير، ومظفر بن أبي يعلى ابن جحشويه، وأبي عبد الله الحسين بن سعيد ابن شنيف، والحافظ أبي محمد عبد العزيز ابن الأخضر، وأبي منصور عبد الملك بن المبارك بن عبد الملك القاضي، وأبي الفرج محمد بن هبة الله بن كامل الوكيل، وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن أيوب، وأبي العباس أحمد بن الحسن بن العاقولي وانحدر إلى واسط من أبي الفتح ابن المندائي، وغيره، وقدم دمشق

ص: 484

في أواخر عمره صحبه الملك الصالح ابن الكامل، وكان صاحب ديوان الجيش، وحصل كتبا عظيمة، وكان له في علم التاريخ يد باسطة مع الدين والتواضع، ولم يزل في تحصيل الفوائد والفضائل إلى آخر عمره، مولده ليلة الأربعاء تاسع صفر سنة أربع وسبعين وخمسمائة بمصر، واستشهد رحمه الله في وقعة المنصورة بمنود من طعنة طعنها من الإفرنج في ليلة الخامس من ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة، وحمل إلى القاهرة، ودفن بسفح المقطم في التاسع من الشهر المذكور رحمه الله.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْمُحَدِّثُ الصَّدْرُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمَقْدِسِيُّ الْمِصْرِيُّ الْكَاتِبُ الْمُؤَرِّخُ رحمه الله إِجَازَةً، قَالَ: أنا الشَّيْخُ الإِمَامُ شَيْخُ الشُّيُوخِ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الأَمِينُ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ سُكَيْنَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيُّ بِبَغْدَادَ، قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجًّا، قَالَ: أنا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ، أنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 485

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ، وَلَمْ تَعْمَلْ بِهِ، أَوْ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيِّ الْفَرَاهِيدِيِّ بِهِ، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَنْبَرٍ الدَّسْتُوَائِيِّ بِهِ، فَوَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ.

وَبِهَذَا الإِسْنَادِ إِلَى الْكَنْجَرُوذِيِّ، قَالَ: أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوَاصِلُ؟، قَالَ:«إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ اللَّهِ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» .

ص: 486

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْكُوفِيِّ، كَمَا أَخْرَجْنَاهُ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً لَهُمَا.

وَبِهَذَا الإِسْنَادِ إِلَى الْكَنْجَرُوذِيِّ، قَالَ: أنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ، أنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَالُ الصَّالِحُ، وَالْفَالُ الصَّالِحُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيِّ الْبَصْرِيِّ الْقَصَّابِ الشَّحَّامِ. فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً، وَمُسْلِمٌ هَذَا مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ لِعَشْرِ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْبَصْرَةِ.

ص: 487

[57] محمد بن الحسين بن رزين بن موسى بن عيسى بن موسى بن نصر الله بن هبة الله العامري الحموي الشافعي أبو عبد الله بن أبي علي بن أبي البركات

أحد الأئمة الأعلام وقضاة الإسلام، كان عارفا بالفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه معرفة تامة، وإماما في التفسير وما يتعلق به من العربية، وعلم البيان، وله معرفة بالأصول ومشاركة في غير ذلك، وقدم إلى دمشق من بلده، وقد اشتغل بها وبحلب، فصحب الإمام أبا عمرو ابن الصلاح وقرأ عليه «الوسيط» مذاكرة، وقرأ بالروايات على الإمام أبي الحسن السخاوي وولي تدريس المدرسة بظاهر دمشق، وولي وكالة بيت

ص: 488

المال بالشام، ثم إنه سافر إلى الديار المصرية فولي الإعادة بمدرسة الشافعي، وناب في الحكم بمصر مدة يسيرة، ثم درس بالمدرسة الظاهرية بين القصرين بالقاهرة، ثم ولي القضاء بالقاهرة مدة ثم أضيف إليه قضاء مصر، ثم عزل عنهما وولي تدريس مدرسة الشافعي، ثم أعيد إليه القضاء مضافا إلى المدرستين، وكان معروفا بالدين في أحكامه وولاياته، متبعا للشريعة في حركاته وسكناته، حسن الأجوبة في الفتاوى، له مكانة في قلوب الناس وجلالة، وروى لنا الحديث عن شيخه الإمام أبي عمرو ابن الصلاح، والشيخ أبي القاسم عبد الرحيم بن علي بن يحيى بن الخلوف الفاسي، وأبي العباس أحمد بن يوسف التلمساني، وأم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب القرشية، مولده يوم الثلاثاء ثالث شعبان سنة ثلاث وستمائة بحماة وتوفي بالقاهرة في ليلة الأحد ثالث رجب سنة ثمانين وستمائة، ودفن بالقرافة الصغرى رحمه الله وإيانا.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْعَلامَةُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَيْخُ الْمَذَاهِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ رَزِينٍ الشَّافِعِيُّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وستين وَسِتِّمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ قَالَ: أنا الإِمَامُ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ أَبِي نَصْرٍ الشَّهْرُزُورِيُّ الشَّافِعِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّلاحِ.

ح وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ، قَالا: أنا الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ الْمُعَمَّرُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ وهُوَ ابْنُ طَبَرْزَدَ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ

ص: 489

عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْمَكِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَاسِيٍّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَجِّيّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا هِجْرَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ» . أَوْ قَالَ: ثَلاثَ لَيَالٍ.

حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَالٍ، وَأَنَسٌ فَمَنْ دُونَهُ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ بَصْرِيُّونَ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي» الصَّحِيحَيْنِ " فِي آخِرِ حَدِيثِ:«لا تَبَاغَضُوا» مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَاجِبِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبِ، عَنِ الزَّبِيدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ.

فَكَأَنَّ الْبَرْمَكِيَّ سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ.

ص: 490

[58] محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الشافعي، أبو عبد الله

كان إماما في علم النحو خبيرا باللغة متضلعا منها، مقدما في علم القراءات المشهورة، وغير المشهورة، مبرزا في علم التصريف، متثبتا في نقله، صادق اللهجة، لا يجترئ أن يقول فيما لا يعرفه شيئًا، حسن السمت، مهيبا، طاهر اللسان، يعتني بالفقراء من طلبته، عزيز الدمعة، كان يكثر البكاء عند قراءة القرآن العظيم والحديث النبوي، ويقوم بالقرآن ليلا، ويديم صيام الاثنين والخميس، وكان شريف النفس، منقطعا عن الناس، ومن مصنفاته

ص: 491

كتاب «تسهيل الفوائد» و «الشافية الكافية» إرجوزة نحو من ألفين وسبعمائة بيت، و «شرحها» و «الخلاصة» ألف بيت، و «العمدة» و «إكمال العمدة» و «شرحها» ومن مصنفاته في اللغة:«إكمال الإعلام بتثليث الكلام» وآخر «منظوم» و «المقصور والممدود» منظوم مشروح و «فعل وأفعل» و «النظم الأوجز فيما يهمز وما لا يهمز» ، و «أراجيز في الظاء والضاد» . . . . . . . . . .

ص: 492

وكتاب «وفاق الاستعمال» ، وسمع الحديث على أبي صادق الحسن بن يحيى بن صباح المصري والعلامة أبي الحسن علي بن محمد السخاوي، وأبي المفضل مكرم بن محمد بن أبي الصقر، وأبي بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني، والإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي الفضل السلمي المرسي. مولده سنة إحدى وستمائة، وتوفي ليلة الأربعاء ثاني عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة بدمشق، ودفن من الغد بسفح قاسيون بتربة القاضي ابن الصائغ.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْعَلامَةُ حُجَّةُ الْعَرَبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيُّ الْجِيَّانِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ، قَالَ: أنا الشَّيْخُ الأَمِينُ أَبُو الْمُفَضَّلِ مُكْرَمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ الْقُرَشِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ قَالَ: أنا أَبُو الْحَسَنِ

ص: 493

عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُقَاتِلِ بْنِ مَطْكُودٍ السُّوسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالشَّاغُورِ مَحَلَّةٍ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ، قَالَ: أنا الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ شُعَيْبٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَه الأَصْبَهَانِيُّ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَامِرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبِي، ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ الرَّازِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطَلَعَ الْقَمَرُ فَقَالَ: «لَيَنْظُرَنَّ قَوْمٌ إِلَى رَبِّهِمْ، لا يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْقَمَرِ» .

ص: 494

حَدِيثُ الرُّؤْيَةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ طَرِيقِ مُتَعَدِّدَةٍ كُلُّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ الأَحْمَسِيِّ مَوْلاهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ فَقِيلَ: سَعْدٌ. وَقِيلَ: هُرْمُزُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 495

[59] محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن محمد بن قاسم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الكوفي الأصل المصري المعروف والده بالحلبي الحسيني، أبو عبد الله بن أبي القاسم بن أبي الحسن

شريف جليل، فاضل خطير، من أمثل أسرته علما وأدبا ورئاسة، موصوف بالعقل والجلالة، من سادات عترته وقارا ودينا، قطع زمانه بطاعة الله والصيانة وما توجبه الديانة، سمع من القاضي الأثير أبي الطاهر محمد بن محمد بن بنان الأنباري، وأبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وأبي صابر حامد بن أبي القاسم الأهوازي، وغيرهم. مولده في عشية السادس والعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بالقاهرة، وتوفي بها في ضحوة السادس من صفر سنة ست وستين وستمائة يوم الأربعاء، ودفن من يومه بسفح المقطم.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ السَّيِّدُ الْجَلِيلُ تَاجُ الشَّرَفِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسِينِيِّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِمَنْزِلِهِ بِالْقَاهِرَةِ، قَالَ: أَنَا الْقَاضِي الأَثِيرُ

ص: 496

أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَنَّانٍ الأَنْبَارِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ: أنا وَالِدِي ثِقَةُ الْملكِ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ بَنَّانٍ، قَالَ: أنا الْحَافِظُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَبَّالُ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَالِكِيُّ الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَرْدِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ الزُّهْرِيُّ مَوْلاهُمُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَرْقِيِّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَيُّوبَ الذُّهْلِيُّ بِمِصْرَ، ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْبَقِيعِ فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَاسِي وَأَنَا أَقُولُ: وَا رَاسَاهْ، فَقَالَ:«بَلْ أَنَا وَاللَّهِ يَا عِائِشَةُ وَا رَاسَاهْ» ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: «وَمَا ضَرَّكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَقُمْتُ عَلَيْكِ وَكَفَّنْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، وَدَفَنْتُكِ؟» قَالَتْ: قُلْتُ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي بِكَ لَوْ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ؟ قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَتَامَّ بِهِ وَجَعُهُ وَهُوَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ، حَتَّى اسْتَعَزَّ بِهِ، وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَدَعَى نِسَاءَهُ فَاسْتَاذَنَهُنَّ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأَذِنَ لَهُ ".

ص: 497

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا: عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ الْحَافِظِ، عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا

وَبِالإِسْنَادِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى نَزَلْنَا بِهَا أَصْلا مَعَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلامٌ لَهُ أَهْدَاهُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ، ثُمَّ الضّبينِيُّ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: جُذَامٌ أَخُو ..................

ص: 498

لَخْمٍ. قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَضَعُ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ، فَقُلْنَا، هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَلا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ شَمْلَتَهُ الآنَ لَتَحْتَرِقُ عَلَيْهِ فِي النَّارِ، كَانَ غَلَّهَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ خَيْبَرَ» . قَالَ: فَسَمِعَهَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ. . . . . .

ص: 499

شِرَاكَيْنِ لِنَعْلَيْنِ لِي، قَالَ: فَقَالَ: «يُقَدُّ لَكَ مِثْلُهُمَا مِنَ النَّارُ» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ بِهِ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا.

وَبِالإِسْنَادِ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَهْدَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي هَدَايَاهُ جَمَلا لأَبِي جَهْلٍ فِي رَاسِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ لَيَغِيظَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ» .

ص: 500

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ كَمَا أَخْرَجْنَاهُ.

وَبِهِ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:" خَرَجْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الأسّودِ إِلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ نَتَعَاهَدَهَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: فُعِدِّيَ عَلَيَّ تَحْتَ اللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي فَفُدِعَتْ يَدَايَ مِنْ مِرْفَقِي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اسْتَصْرَخَ عَلَيَّ صَاحِبَايَ، فَأَتَيَانِي فَسَأَلانِي: مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ؟ فَقُلْتُ: لا أَدْرِي، قَالَ: فَأَصْلَحَا مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَدِمَا بِي عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ يَهُودَ، ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا، وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَفَدَعُوا يَدَيْهِ، كَمَا قَدْ بَلَغَكُمْ، مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى الأَنْصَارِيِّ قَبْلَهُ، لا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُ، لَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ، فَأَخْرَجَهُمْ ".

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِهِ. فَوَقَعَ عَالِيًا.

وَبِهِ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ فِي

ص: 501

سَفَرِهِ ذَلِكَ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَكَانَ الَّذِي زَوَّجَهُ إِيَّاهَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ".

أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ تَزْوِيجَ الْعَبَّاسِ، عَنْ هَنَّادِ بْنِ السُّرِّيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، بِهِ.

ص: 502

[60] محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد الأنصاري الشافعي، أبو المفاخر بن أبي محمد

أحد العلماء المشهورين، والقضاة المشكورين، نشأ في الاشتغال بالعلم والديانة والصيانة إلى أن درس بالشامية ظاهر دمشق، وأفتى، ثم ولي وكالة بيت المال مدة يسيرة، ثم ولي قضاء القضاة بالشام، وكان مشكور السيرة، حسن السمت، مليح الوجه، ظاهر الوضاءة، كثير التقشف، عظيم السياسة، كثير الاهتمام بأمر القضاء والأمور المتعلقة به من أموال اليتامي والصدقات والأسرى وجهات البر، مثابرا على النظر في ذلك، وفي أمر

ص: 503

الغرباء والفقهاء وأهل الخير، واضعا الصدقات في مواضعها، مقربا لأهل الخير والصلاح، سمع بدمشق من أبي المنجى عبد الله ابن اللتي، وأبي الحسن السخاوي، والإمام أبي عمرو ابن الصلاح، وغيرهم، وبالقاهرة من الإمام أبي الحسن ابن الجميزي، وبحلب من أبي الحجاج يوسف بن خليل الْحَافِظ، والإمام أبي سالم بن طلحة النصيبي، وصقر بن يحيى الفقيه قاضي منبج، مولده في سنة ثمان وعشرين وستمائة بدمشق وتوفي عشية الأحد تاسع شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة بظاهر دمشق، ودفن من الغد بسفح قاسيون رحمه الله وإيانا.

أخبرنا الإِمَامُ الْعَلامَةُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْمَفَاخِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ خَلِيلٍ الأَنْصَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ قَاضِيهَا قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِدِمَشْقَ، قَالَ: أنا الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ بِحَلَبَ، قَالَ: أنا أَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَصْفهند بِأَصْبَهَانَ، أنا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ اللَّبيكِيُّ، أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَسْرُورٍ الزَّاهِدُ، أنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَجِّيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا،

ص: 504

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَذَلِكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ ".

أَخْبَرَنَاهُ عَالِيًا الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرَّانِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ، قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُبَارَكُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الْمَعْطُوشِ الْحَرِيمِيُّ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْخَطِيبُ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْمَكِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَاسِيٍّ الْبَزَّازُ، قثا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَجِّيُّ فَذَكَرَهُ.

حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَالٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْفِتَنِ مِنْ «جَامِعِهِ» ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمُؤَدِّبِ الْبَغْدَادِيِّ، عَنِ الأَنْصَارِيِّ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا.

ص: 505

[61] محمد بن علي بن محمود بن أَحْمَد بن علي بن أحمد بن عثمان بن موسى المحمودي الصابوني، أبو حامد بن أبي الحسن بن أبي الفتح بن أبي العباس بن أبي جعفر

شيخ جليل، حسن الهيئة، من أهل هذا الشأن، له معرفة بأسماء الرجال، حسن التخريج، مليح الخط، جيد الضبط، له تعاليق مفيدة وتخرجات حسنة، وكان ثقة ثبتا، سمع الكثير وحصل الأصول، وكتب بخطه جملة صالحة من أجزاء الحديث، وهو من بيت العلم والمشيخة والتصوف، فمن شيوخه القاضي أبو القاسم ابن الحرستاني، وأبو البركات بن ملاعب، وأبو الفتوح ابن البكري، وأبو القاسم أَحْمَد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار

ص: 506

السلمي، وأبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء الصوفي، وأبو القاسم الحسين بن صصرى، وأبو محمد الحسن بن علي ابن البن، وأبو البركات الحسن بن محمد بن عساكر، وأبو الحسين غالب بن عبد الخالق بن أسد الحنفي، والقاضي أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قاضي حلب، والإمام أبو حفص عمر بن محمد السهروردي، وأبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح المصري، والقاضي أبو نصر محمد بن هبة الله ابن الشيرازي، وغيرهم، ورحل إلى حلب، وسمع من الإمام أبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، وابن الدامغاني، وجماعة، وتردد إلى الديار المصرية مرات كثيرة، وأقام بها مدة وحصل بها كثيرًا من المسموعات والشيوخ، وأدرك بها أبا بكر عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن باقا، فمن بعده، كانت له إجازات كثيرة من أصبهان، ونيسابور، ومرو، وهراة، وهمذان، وبغداد، والموصل، وغيرها من البلاد، وكتب الناس عنه قديما، وممن كتب عنه الصاحب أبو القاسم عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي المؤرخ. مولده في ليلة الاثنين ثاني عشر شهر رمضان سنة أربع وستمائة بدمشق وتوفي بها في ليلة الخميس منتصف ذي القعدة سنة ثمانين وستمائة، ودفن من الغد بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق رحمه الله.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْمُحَدِّثُ الْحَافِظُ الْعَدْلُ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الصَّابُونِيِّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْجَامِعِ الْعَتِيقِ بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ، قَالَ: أنا قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الأَنْصَارِيُّ الْحَرَسْتَانِيُّ

ص: 507

قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أنا أَبُو الْمُظَفَّرِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ الأُسْتَاذِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيِّ إِجَازَةً، قَالَ: أنا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْدَى جَمَلا لأَبِي جَهْلٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَانَ اسْتَلَبَهُ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ» .

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي «السُّنَنِ» بِنَحْوِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، الضَّرِيرِ، بِالإِسْنَادِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ بِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ هَذَا تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَفِيهَا أَيْضًا تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ أَخُو حَجَّاجٍ.

ص: 508

[62] محمد بن عمر بن الحسن بن خواجا إمام الفارسي أبو عبد الله

كان شخصا صالحًا من الفقهاء الأخيار، منقطعا عن الناس، حسن السمت، ظاهر الخير، سمع من محمد بن الحسين بن الخصيب، وأبي حفص عمر بن محمد بن طبرزد، وغيرهما. مولده في سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وتوفي في سابع شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وستمائة، ودفن بسفح جبل قاسيون.

أخبرنا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَارِسِيُّ إِجَازَةً كَتَبَهَا إِلَيْنَا فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الرِّضَا بْنِ الْخَصِيبِ بْنِ زَيْدٍ الْقُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ بِدِمَشْقَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أنا جَمَالُ الإِسْلامِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ، أنا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ، قَالَ: أنا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرِ بْنِ هِلالٍ السُّلَمِيُّ، قثا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

ص: 509

قَالَ: أنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ الْخُطْبَةَ مَرْوَانُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ، خَالَفْتَ خَالَفَ اللَّهُ بِكَ، قَالَ: يَا فُلانُ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلَسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ فِي كِتَابَيْهِمَا، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، بُنْدَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، كِلاهُمَا، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ نَحْوَ أَخْرَجْنَاهُ.

ص: 510

[63] محمد بن محمد بن الحسين بن عبدك بن إبراهيم الكنجي الصوفي أبو عبد الله

شيخ مبارك، أحد طلاب الحديث المكثرين من الكتابة والسماع، سافر بسبب الرواية والإسناد إلى الشام، وديار مصر، والعراق، وبلاد الشرق، وأخذ عن شيوخ تلك الديار، وحج إلى بيت الله الحرام، وسمع بالحجاز، وجاور بالبيت المقدس مدة طويلة، وحدث ببلاد كثيرة، ومن شيوخه أبو الحسن السخاوي، وشيخ الشيوخ أبو محمد بن حموية الجويني وأبو الحسن ابن المقير، وأبو الحسن ابن الجميزي، وأبو محمد ابن رواج، وأبو القاسم ابن القميرة الأزجي، وكان رجلًا صالحًا كثير التعبد ملازما لسماع الحديث وكتابته وجمعه، وله في التصوف قدم راسخ، وطريقة مرضية، توفي يوم الخميس ثالث عشر شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وستمائة بالقدس الشريف ودفن يوم الجمعة بمقبرة ماملا رحمه الله.

أخبرنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْكنجِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعِينَ

ص: 511

وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا الشَّيْخَانِ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْقُرْطُبِيُّ، قَالا: أنا الشَّيْخُ الزَّكِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ صَدَقَةَ الْحَرَّانِيُّ التَّاجِرُ قَدِمَ عَلَيْنَا دِمَشْقَ، قَالَ: أنا الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ الْفَرَاوِيُّ بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْخَبَّازِيُّ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَفْصِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، قَالا: أنا أَبُو الْهَيْثَمِ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَرَّاعٍ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَطَرٍ الْفَرَبْرِيُّ، أنا الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُعْفِيُّ الْبُخَارِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، قثا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: " دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَرِيضٌ فَتَوَضَّأَ فَصَبَّ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: صَبُّوهُ عَلَيْهِ، فَعَقَلْتُ، فَقُلْتُ: لا يَرِثُنِي إِلا كَلالَةٌ فَكَيْفَ الْمِيرَاثُ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ.

ص: 512

هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي» صَحِيحِهِ "، وَقَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذَا الإِسْنَادِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَمَّدِينَ، وَيُعَدُّ ذَلِكَ مِنَ الْمُسَلْسَلاتِ الْحِسَانِ، وَلَهُ مَزِيَّةٌ بِتَكْرِيرِ اسْمِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَلا يَقَعُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ إِلا الْقَلِيلُ.

ص: 513

[64] محمد بن محمد بن سعد الله بن إبراهيم بن رمضان الكلابي الحنفي، المعروف بابن الوزان

كان أحد المعدلين بدمشق، دينا، كثير السكون عليه الوقار، فقيها يدرس بالمدرسة الأسدية ظاهر دمشق، سمع بالإسكندرية من أبي القاسم بن موقى وبالقاهرة من أبي الحسن ابن نجا، وزوجته فاطمة بنت سعد الخير، وحماد بن هبة الله الحراني، وبمصر من أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي، وبدمشق من حنبل بن عبد الله الرصافي، مولده ليلة الأربعاء سادس صفر سنة ثمان وستين وخمسمائة، وتوفي يوم الأحد ثامن عشر محرم سنة خمسين وستمائة بدمشق، ودفن يوم الاثنين بمقبرة باب الفراديس.

أخبرنا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَزَّانِ الْحَنَفِيُّ إِجَازَةً كَتَبَهَا لِي فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا

ص: 514

أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَكِّيِّ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ مُوَقَّى بْنِ عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ.

ح وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ بِالْقَاهِرَةِ، قَالَ: أنا أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ صَالِحِ بْنِ يَاسِينَ الشَّارِعِيُّ، قَالا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ بِانْتِخَابِ الْحَافِظِ السِّلَفِيِّ لَهُ، قَالَ: أنا الْقَاضِي أَبُو عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُضَاعِيُّ بِمِصْرَ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْكَاتِبُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا بَهْزٌ، ثنا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ زَهْدَمٌ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» قَالَ عِمْرَانُ: فَلا أَدْرِي أَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ، أَوْ ثَلاثَةً؟ "، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

ص: 515

أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنْ زَهْدَمِ بْنِ مُضَرِّبٍ الْجَرْمِيِّ الْبَصْرِيِّ، بِهِ.

ص: 516

[65] محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي، أبو المكارم بن أبي عبد الله بن أبي محمد

أحد الأكابر المذكورين، كان يدرس بالمدرسة السيفية بحلب، وينوب في القضاء عن ابن عمه ويباشر قضاء العساكر في الأيام الناصرية، ثم إنه بعد موت ابن عمه ولي قضاء القضاة بحلب إلى حين وفاته، وكان رئيسا جليلا فاضلًا من بيت العلم والدين، سمع حضورا من ثابت بن مشرف البغدادي، وسمع من جده، والقاضي أبي المحاسن بن شداد، والإمام أبي الحسن ابن الأثير الجزري، وأبي الحسن بن روزبة، والقاضي أبي المجد القزويني، وأبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، ورحل إلى دمشق، وسمع بها من أبي نصر ابن الشيرازي القاضي، وأبي صادق ابن صباح، وأبي الفرج عبد الرحمن بن نجم ابن الحنبلي، وأبي الغنائم المسلم بن أحمد المازني، وأبي الحسن علي بن المبارك ابن باسويه الواسطي، وغيرهم، مولده في شعبان سنة اثني عشرة وستمائة بحلب، وتوفي بها في يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وستمائة، ودفن من يومه بتربة جده.

ص: 517

أخبرنا قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْمَكَارِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلْوَانَ الأَسَدِيُّ الْحَلَبِيُّ قَاضِيهَا، قَدِمَ عَلَيْنَا دِمَشْقَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا الشَّيْخُ أَبُو الْمُفَضَّلِ مُكْرَمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ الْقُرَشِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، قَالَ: أنا الشَّيْخُ الرَّئِيسُ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ أَسَدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو الْفَرَجِ سَهْلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِينِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الطَّفَّالِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ الْعَسْكَرِيُّ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، قثا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ، أنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قثا إِسْمَاعِيلُ، قثا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ:«إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَأَنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التِّسْعِ وَالسَّبْعِ، وَالْخَمْسِ» .

هَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي «سُنَنِهِ» بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ إِلَى حُمَيْدٍ.

ص: 518

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

أخبرنا الْقَاضِي الإِمَامُ أَبُو الْمَكَارِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلْوَانَ قَاضِي حَلَبَ، رحمه الله، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِدِمَشْقَ، قَالَ: أنا الْمَشَايِخُ الثَّلاثَةُ؛ الْعَلامَةُ أَبُو الْبَقَاءِ يَعِيشُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَعِيشَ النَّحْوِيُّ، وَالإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ حَامِدُ بْنُ أَبِي الْعَمِيدِ بْنِ أَمِيرِيٍّ الْقَزْوِينِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ يَحْيَى الْكُبَارِيُّ بِحَلَبَ، قَالُوا: أنا الْخَطِيبُ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ بِالْمَوْصِلِ.

حَ وَأَجَازَ لَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ بْنِ نِعْمَةَ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ، عَنِ الْخَطِيبِ الطُّوسِيِّ، قَالَ: أنا أَبُو أَحْمَدَ مَنْصُورُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ حَيْدٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أنا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ ابْنِ حَيْدٍ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«خَيْرُكُمُ الْمُدَافِعُ عَنْ عَشِيرَتِهِ مَا لَمْ يَاثَمْ» .

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الأَدَبِ مِنْ «سُنَنِهِ» ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ بِهِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا وَللَّهِ الْحَمْدُ.

ص: 519

[66] محمد بن هارون بن محمد بن هارون بن علي بن حميد الثعلبي أبو عبد الله

أحد الفقهاء الصلحاء وأهل الحديث، سمع من الْحَافِظ أبي محمد القاسم بن علي بن عساكر، والقاضي أبي المعالي محمد بن علي القرشي، وأبي طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي، وشيخ الشيوخ عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعد، وجماعة كثيرة، مولده في سنة تسعين وخمسمائة بقرية أرزونا من غوطة دمشق، وتوفي يوم الجمعة ثالث عشر رمضان سنة ست وخمسين وستمائة بدمشق.

أخبرنا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ الْمُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ إِجَازَةً كَتَبَهَا إِلَيَّ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا شَيْخُ الشُّيُوخِ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا دِمَشْقَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ.

ح وَقَرَاتُ عَلَى أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَلِيٍّ

ص: 520

الْحَرَّانِيِّ بِالْقَاهِرَةِ، قَالَ: أَنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُبَارَكُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَطَّارُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أنا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ الْهَاشِمِيُّ، قَالا: أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْمَكِيُّ الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَاسِيٍّ الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الأَنْصَارِيُّ، ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ الرَّبِيعَ عَمَّتُهُ لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ سِنَّهَا، فَعَرَضُوا عَلَيْهِمُ الأَرْشُ فَأَبَوْا، وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ، فَجَاءَ أَخُوهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكْسَرُ سِنُّ الرَّبِيعِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا تُكْسَرُ سِنُّهَا، قَالَ:«يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» ، فَعَفَا الْقَوْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ» .

حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَالٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصُّلْحِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالدِّيَاتِ مِنْ «صَحِيحِهِ» ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الأَنْصَارِيِّ نَحْوَ مَا رَوَيْنَاهُ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ، وَهُوَ أَحَدُ ثُلاثِيَّاتِهِ.

ص: 521

‌مَنِ اسْمُهُ مَحْمُودٌ رَجُلٌ وَاحِدٌ

[67] محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر بن عيسى المراغي الشافعي، أبو الثناء

شيخ جليل من أعيان العلماء المشهورين في وقته، جامع لفنون من الفقه والأصلين والخلاف، عنده تصوف وتزهد وأخلاق رضية، ونفس سمحة، كثير التودد والتواضع، من أكابر المفتين، عنده تحر فيما يفتي به، واشتغل عليه جماعة وانتفعوا به، وكان كثير الديانة، محببا إلى الناس قائما بحقوقهم، لا يغضب في المناظرة ولو أوذي، ذا سكينة ووقار، لا يزاحم أحدا، ولا يقصد الترفع في المجالس، ويسمح بمكانه لمن هو دونه، لا ينافس أحدا، قد قنع بما هو فيه، وله مروءة غزيرة وفضيلة وافرة.

ص: 522

سمع بحلب من أبي القاسم بن رواحة، والقاضي أبي محمد ابن الأستاذ، ويوسف بن خليل الْحَافِظ، وبدمشق من شيخ الشيوخ أبي محمد بن حموية الجويني، مولده في ليلة الاثنين ثالث رجب سنة خمس وستمائة بالمراغة من بلاد أذربيجان، وتوفي ليلة الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وستمائة، وَصُلِّيَ عليه من الغد، ودفن بمقابر الصوفية ظاهر مدينة دمشق المحروسة رحمه الله وإيانا.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْعَلامَةُ الْمُفْتِي أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرَاغِيُّ الشَّافِعِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ، قَالَ: أنا قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلْوَانَ الأَسَدِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِحَلَبَ، قَالَ: أنا أَبُو الْفَرَجِ يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ الثَّقَفِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِحَلَبَ قَالَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَدَّادُ الْمُقْرِئُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَفِيهَا مَاتَ، قَالَ: أنا الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الأَصْبَهَانِيُّ، قثا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، قثا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ الدَّبَرِيُّ، قَالَ: قَرَانَا عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بِنْ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاةِ فَاتُوهَا وَأَنْتُمْ

ص: 523

تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا».

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ نَافِعٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي عُرْوَةَ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ كَمَا أَخْرَجْنَاهُ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ» .

ص: 524

‌من اسمه المظفر رجل واحد

[68] المظفر بن محمد بن إلياس بن عبد الرحمن بن علي الأنصاري الدمشقي المعروف بابن الشيرجي، أبو غالب بن أبي بكر

أحد العدول الأكابر، من الدمشقيين، ومن أهل الفضل والجلالة والرياسة التامة والحرمة الوافرة، كان محمود السيرة، مرضي الطريقة، حسن السمت، من سروات الناس وأماثلهم، وأماجد أهل بيته وأفاضلهم، كثير الخير، واسع النفس، مهذب الأخلاق، سمع من أبي طاهر الخشوعي، وعبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعد، وحنبل الرصافي، وأبي حفص بن طبرزد وأبي اليمن الكندي، وأبي المفضل محمد بن الخصيب، وغيرهم، مولده في شهر رمضان سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وتوفي ليلة الأربعاء سلخ ذي الحجة سنة سبع وخمسين وستمائة بدمشق رحمه الله وإيانا.

أخبرنا الشَّيْخُ الْجَلِيلُ الصَّدْرُ، الْكَبِيرُ الْعَدْلُ أَبُو غَالِبٍ الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِلْيَاسٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الشِّيرَجِيِّ إِجَازَةً كَتَبَهَا لِي فِي آخِرِ سَنَةِ

ص: 525

سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ بَرَكَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ الْخُشُوعِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَكْفَانِيِّ، قثا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ، أنا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِيُّ بِأَصْبَهَانَ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ الأَزْدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ رضي الله عنه " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ يَوْمًا فَقَالَ: «هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ» ، فَقَالَ: لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يُرْفَعُ الْعِلْمُ، وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ كُنْتَ لأَحْسَبُكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ» ، ثُمَّ ذَكَرَ ضَلالَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، عَلَى

ص: 526

مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفٌ، أَلا أُخْبِرُكَ بِأَوَّلِ ذَلِكَ يُرْفَعُ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: الْخُشُوعُ، حَتَّى لا تَرَى خَاشِعًا.

أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، بِهِ.

ص: 527

‌من اسمه مكي رجل واحد

[69] مكي بن المسلم بن مكي بن خلف بن أحمد بن محمد ابن علان القيسي الدمشقي، أبو محمد بن أبي الغنائم

شيخ حسن، كثير التودد، بشوش الوجه، يقضي الحقوق، ويشهد عند القضاة، وعليهم، سمع من الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر، وأبي المعالي علي بن هبة الله بن خلدون، وأبي الفهم ابن أبي العجائز، وتفرد بالرواية عنهم في آخر عمره، وأجاز له الْحَافِظ أبو طاهر السلفي، وأبو عبد الله محمد بن علي الرحبي، وغيرهما، وقد حدث والده، وأخواه، وجماعة من

ص: 528

أهله، سمع من شيخنا هذا جماعة من العلماء والحفاظ، منهم: الْحَافِظ أبو عبد الله البرزالي، وأخرج عنه في «معجمه» وكناه أبا الحرم، وحدث عنه ومات قبله بمدة، مولده يوم السبت مستهل رجب سنة ثلاث وستين وخمسمائة بدمشق، وتوفي بها يوم الجمعة العشرين من صفر سنة اثنتين وخمسين وستمائة، ودفن بمقابر باب الصغير رحمه الله وإيانا.

أخبرنا الشَّيْخُ الْجَلِيلُ الْعَدْلُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ بْنِ مَكِّيِّ بْنِ خَلَفٍ ابْنُ عَلانَ الْقَيْسِيُّ إِجَازَةً كَتَبَهَا إِلَيْنَا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أنا الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ مِنْ لَفْظِهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.

ح وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ الْمُؤَدِّبُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالا: أنا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، أنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلانَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَابِدُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سُهَيْلٍ، وَقَالَ سُرَيْجٌ فِي حَدِيثِهِ: أنا أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

ص: 529

«إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» .

حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّوْمِ مِنْ كِتَابَيْهِمَا، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْعَابِدِ، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ ثَلاثَتُهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً عَالِيَةً لِمُسْلِمٍ، وَبَدَلا لِلْبَاقِينَ، وَأَخْرَجُوهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّوْمِ مِنْ «صَحِيحِهِ» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ السَّمِينِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَلالِ الْحُلْوَانِيِّ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ

ص: 530

سَعْدٍ الزُّهْرِيِّ، ثَلاثَتُهُمْ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَ مَا أَخْرَجْنَاهُ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا، وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ كَانَ ابْنُ الْحُصَيْنِ سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ، وَللَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

أخبرنا أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ بْنِ مَكِّيٍّ ابْنُ عَلانَ الْقَيْسِيُّ إِجَازَةً، قَالَ: أنا أَبُو الْمَعَالِي عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ خَلْدُونٍ الْوَاعِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ: أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ فِي دَارِهِ بِدِمَشْقَ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ يُوسُفَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ فَارِسٍ الْمَيَانَجِيِّ، وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ شَادِلٍ الْهَاشِمِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ بها، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ:«لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ سَأَلَنِي هَؤُلاءِ لأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ» ، يَعْنِي: أُسَارَى بَدْرٍ، قَالَ: سُفْيَانُ: وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 531

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجِ، نَزِيلِ نَيْسَابُورَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ.

أخبرنا أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ ابْنُ عَلانَ إِجَازَةً، قَالَ: أنا أَبُو الْمَجْدِ الْفَضْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَانِيَاسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أنا الأَخَوَانِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ، وَأَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدٌ ابْنَا الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيِّ، قَالا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلْوَانَ الْمَازِنِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ، قثا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنِ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، قثا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الثُّلُثَ» .

رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَه الأَصْبَهَانِيُّ الْحَافِظُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الأَصَمِّ، كِلاهُمَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، فَكَأَنَّ شَيْخَ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنْهُ، وَمَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ زِيَادِ

ص: 532

ابْنِ جَارِيَةَ فَقِيلَ: زَيْدٌ وَالصَّحِيحُ زِيَادٌ، كَمَا فِي رِوَايَتِنَا، وَإِسْنَادُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ دِمَشْقِيُّونَ.

أخبرنا أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ بْنِ مَكِّيٍّ ابْنُ عَلانَ، وَأَبُو الْفَضْلِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعِرَاقِيُّ إِجَازَةً، قَالا: أنا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّلَفِيُّ فِي كِتَابِهِ إِلَيْنَا مِنْ ثَغْرِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قَالَ: أنا أَبُو الْخَطَّابِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْبَطِرِ الْقَارِئُ فِيمَا قَرَاتُ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانُ الْبَزَّارُ الْعُكبرِيُّ بِعُكْبَرَا، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، يَعْنِي: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ إِلا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَامَ خَصْمُهُ، وَكَانَ أَفْقَهُ مِنْهُ، فَقَالَ: صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ وَائْذَنْ لِي فَأَتَكَلَّمُ؟ فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، وَإِنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي إنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمُ. فَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ

ص: 533

عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ؛ فَارْجِمْهَا» فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا ".

وَبِالإِسْنَادِ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ:«كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

وَبِهِ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيِّ، وَمُسَدَّدِ بْنِ مُسَرْهَدٍ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ.

ص: 534

وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَهِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، كَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ، إِلا الْبُخَارِيَّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ شِبْلا أَسْقَطَهُ عَلَى عَمْدٍ؛ لأَنَّهُ خَطَّاءٌ قَالَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ، فَوَقَعَ إِلَيَّ بَدَلًا عَالِيًا للأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ، كِلاهُمَا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدٍ. فَوَقَعَ إِلَيَّ عَالِيًا، وَكَأَنَّ السِّلَفِيَّ سَمِعَهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ، فَرَوَاهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ خَشْرَمٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَوَقَعَ عَالِيًا كَأَنَّ شَيْخَيَّ رَوَيَاهُ عَنِ النَّسَائِيِّ وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِالإِسْنَادِ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 535

قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَوَقَعَ إِلَيَّ بَدَلا عَالِيًا لِلأَئِمَّةِ الثَّلاثَةِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ أَيْضًا: مِنْهَا مَا رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيِّ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْمِصْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ ابْنَ أَبِي هِلالٍ.

فَاعْتِبَارُ هَذَا الْعَدَدِ إِلَى الزُّهْرِيِّ كَأنَ شَيْخَيَّ رَوَيَاهُ عَنِ النَّسَائِيِّ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا.

ص: 536

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ، قثا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلاتِ» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي «سُنَنِهِ» ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. كَمَا رَوَيْنَاهُ، فَوَقَعَ إِلَيَّ بَدَلًا عَالِيًا لِثَلاثَتِهِمْ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ أَيْضًا، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي جَمْعِهِ «حَدِيثُ مَالِكٍ» أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَوَقَعَ إِلَيَّ عَالِيًا وَكَأَنَّ السِّلَفِيَّ سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ، فَقَالَ:«وَمَا أَهْلَكَكَ؟» ، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، قَالَ:«عِنْدَكَ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً؟» قَالَ: لا. قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ

ص: 537

تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟»، قَالَ: لا. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لا، قَالَ:" اجْلِسْ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ "، قَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ هُمْ أَفْقَرُ مِنَّا. قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ:«خُذْهُ وَاذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ عِيَالَكَ» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدِ بْنِ مُسَرْهَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ابْنُ الطَّبَّاعِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، وَأَبِي عَمَّارٍ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 538

مَنْصُورٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَوَقَعَ إِلَيَّ بَدَلًا عَالِيًا لِلأَئِمَّةِ السِّتَّةِ.

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ كِلاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيِّ، عَنِ النَّصْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكٍ. فَبِاعْتِبَارِ هَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ كَأَنَّ شَيْخَيَّ رَوَيَاهُ عَنِ النَّسَائِيِّ.

وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إِنِّي أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِي الْكُفْرُ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي أَحْشُرُ النَّاسَ، وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ، فَوَقَعَ إِلَيَّ بَدَلًا عَالِيًا لَهُمَا.

ص: 539

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَوَقَعَ إِلَيَّ عَالِيًا، وَكَأَنَّ السِّلَفِيَّ سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ.

وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَنْزِلُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، يَكْسَرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَقْبِضُ الْمَالَ، حَتَّى لا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. فَوَقَعَ إِلَيَّ بَدَلًا عَالِيًا لَهُمَا. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ، وَعَبْدِ بْنِ

ص: 540

حُمَيْدٍ، ثَلاثَتُهُمْ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَوَقَعَ إِلَيَّ عَالِيًا كَأَنَّ السِّلَفِيَّ سَمِعَهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ.

وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَتَانِي جِبْرِيلُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَتَانِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ حَتَّى عَدَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: اتَّقِ اللَّهَ وَانْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ. قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ فِي كِتَابِ» حَدِيثِ مَالِكٍ " عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَوَقَعَ إِلَيَّ عَالِيًا كَأَنَّ السِّلَفِيَّ سَمِعَهُ مِنَ النَّسَائِيِّ.

وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ،

ص: 541

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي الدَّمِ؛ تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ، وَإِنْ أَتَاهَا فِي الصُّفْرَةِ؛ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ دِينَارٍ» .

أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَوَقَعَ إِلَيَّ بَدَلًا عَالِيًا لَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّدِ بْنِ مُسَرْهَدٍ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلاسِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بُنْدَارٍ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، زَادَ بُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ثَلاثَتُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مِقْسَمٍ، بِهِ، مَرْفُوعًا فَبِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ إِلَى مِقْسَمٍ كَأَنَّ السِّلَفِيَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ.

وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادٍ، سَمِعَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه يَقُولُ:«بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ» .

ص: 542

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ، فَوَقَعَ إِلَيَّ بدلا عَالِيًا لَهُمَا.

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ سَلامِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نُحَيْلَةَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالأَوَّلُ أَشْهَرُ، عَنْ جَرِيرٍ بِهِ، فَوَقَعَ إِلَيَّ عَالِيًا، كَأَنَّ شَيْخَيَّ رَوَيَاهُ عَنِ النَّسَائِيِّ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

ص: 543

‌من اسمه منصور رجل واحد

[70] منصور بن سليم بن منصور بن فتوح الإسكندري الهمداني الشافعي، المعروف بابن العمادية، أبو المظفر

سمع ببلده من محمد بن عماد الحراني، وابن الصفراوي، وجماعة، ورحل إلى الديار المصرية، والشام، والعراق، وسمع بها وبطريقها من البلاد

ص: 544

التي اجتاز بها، وأقام ببغداد مدة يسمع ويشتغل بالفقه، فمن شيوخه ببغداد: أبو الحسن بن روزبة، وابن القطيعي، وأبو بكر بن بهروز، وأبو بكر محمد بن يحيى بن الجبير الفقيه، وأبو الفرج عثمان بن أبي نصر المسعودي. ثم عاد إلى بلده يفيد الناس وولي تدريس مدرسة السلفي المعروفة بالعادلية، والحسبة بالثغر و «خرج لنفسه» و «لشيوخ بلده» وصنف وأملى، وكان فاضلًا، كثير السماع، جيد الانتقاد، وجمع «تاريخا للإسكندرية» في عدة أسفار، مولده في ثامن صفر سنة سبع وستمائة بمرج الشيخ محلة بالإسكندرية، وتوفي ليلة السبت الحادي والعشرين من شوال سنة ثلاث وسبعين وستمائة بالإسكندرية، ودفن يوم السبت بعد الظهر بين الميناوين، وصلي عليه خارج باب البحر، وحضره خلق كثير، رحمه الله وإيانا.

أخبرنا الإِمَامُ الْحَافِظُ الْمُؤَرِّخُ أَبُو الْمُظَفَّرِ مَنْصُورُ بْنُ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ الْهَمْدَانِيُّ إِجَازَةً كَتَبَهَا إِلَيْنَا مِنْ ثَغْرِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْلَى الْحَرَّانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِثَغْرِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ غَدِيرٍ السَّعْدِيُّ

ص: 545

فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْخُلَعِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ النَّحَّاسِ، أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ بِشْرِ بْنِ دِرْهَمٍ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْمَخْرَمِيُّ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْكَمَأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» .

ص: 546

أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي الطِّبِّ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الْبَغْدَادِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْجَرْجَرَائِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، بِهِ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا لَهُ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، بِهِ. وقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، بِهِ.

ص: 547

‌حرف الياء فيه رجلان اسم كل واحد منهما يحيى

[71] يحيى بن علي بن عبد الله بن مفرج بن أبي الفتح الأموي النابلسي الأصل، المصري، المالكي، أبو الحسين بن أبي الحسن الْحَافِظ، المعروف بالعطار

أحد أئمة هذا الشأن الذين أدركناهم، حافظ للحديث، عارف به، متقن لأسماء المحدثين وكناهم ومقدار أعمارهم، حسن التخريج، جيد التصنيف، من أهل الإتقان والضبط، والثقة والعدالة، والأمانة والديانة، حسن الطريقة، وجميل السيرة، وقد ذكره في حداثة عمره الْحَافِظ أبو بكر ابن نقطة

ص: 549

البغدادي في بعض «تصانيفه» ، فقال: هو ثقة ثبت ضابط، سمع بمصر البوصيري، وفاطمة، وحمادا، وقد سمع أيضا من أبي الحسن علي بن حمزة بن علي بن طلحة البغدادي، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني، وأبي محمد العثماني، وجماعة. وسمع بمكة من أبي علي ناصر بن عبد الله المصري الفقيه. ورحل إلى الشام وسمع من العلامة أبي اليمن الكندي، والقاضي ابن الحرستاني، والإمام أبي محمد بن قدامة، وجماعة، وكانت له إجازة من الخشوعي، والحافظ عبد الغني، وابن طبرزد، وجماعة كبيرة، وذكره أبو الفتح بن الحاجب الأميني في «معجم شيوخه» ، فقال: هو إمام عالم حافظ، حسن الأخلاق، مأمون الصحبة، كثير التحري في الرواية، حسن الضبط، مليح الخط، سريع القراءة مع صحة، كثير التحصيل، حلو العبارة، مولده في شعبان سنة أربع وثمانين وخمسمائة بمصر، وتوفي بها يوم الاثنين قبيل العصر ثاني جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وستمائة، ودفن من الغد بالقرافة رحمه الله.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْحَافِظُ بَقِيَّةُ الْحُفَّاظِ أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْمِصْرِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْجَامِعِ الْعَتِيقِ بِمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ، قَالَ: أنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَلِيٍّ الْغَزْنَوِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أنا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الطَّبَرِيُّ الشَّيْبَانِيُّ بِمَكَّةَ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ الصَّاهكِيُّ بِمَكَّةَ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعَدَةَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الإِسْمَاعِيلِيُّ.

ص: 550

ح وَبِهِ قَالَ: الْغَزْنَوِيُّ: وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْكَرَمِ الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّهْرُزُورِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: أنا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّصْرَأَبَاذِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ بِمَكَّةَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُنْدِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، قثا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، قَالا: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ، إِلا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ

ص: 551

أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَمَنْ نَطَقَ؛ فَلا يَنْطِقْ إِلا بِخَيْرٍ».

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قثا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ حَمَّةَ، قَالا: ثنا أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ هُوَ السَّكْسَكِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ، فَمَنْ نَطَقَ، فَلا يَنْطِقْ إِلا بِخَيْرٍ» .

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الْمُفَضَّلِ، قثا صَامِتُ بْنُ مُعَاذٍ، قثا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ، فَأَقِلُّوا فِيهِ مِنَ الْكَلامِ» .

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْحَجِّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ طَاوُسٍ، بِهِ. قَالَ: التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا، وَلا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ، وَلَمْ يُسَمِّ ابْنَ عَبَّاسٍ.

ص: 552

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيِّ، قثا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّقِيقِيُّ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ وَهُوَ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْحَجَرَ وَاسْتَلَمَهُ وَوَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ، فَبَكَى طَوِيلا، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَبْكِي خَلْفَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَبَا حَفْصٍ، هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ» .

أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي الْحَجِّ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ خَالِهِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ، بِهِ، فَوَقَعَ بَدَلًا.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيِّ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيرٍ الأَيْلِيُّ، ثنا سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْحَزْوَرَةِ، وَهُوَ يَقُولُ لِمَكَّةَ: وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضٍ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ ".

ص: 553

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ بِهِ. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ أَيْضًا، بِهِ. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، بِهِ.

وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ، زُغْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، بِهِ.

وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 554

[72] يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ رَافِعِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنُ الْحُبَيْشِيِّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّيْرَفِيِّ الْحَرَّانِيِّ الْحَنْبَلِيِّ، أَبُو زَكَرِيَّا

أَحَدُ الْفُقَهَاءِ الصَّالِحِينَ، وَالأَئِمَّةِ الْمُفْتِينَ، كَانَ رحمه الله، شَيْخًا جَلِيلا، كَثِيرَ الْفَوَائِدِ، قَدْ جَالَسَ الْعُلَمَاءَ، وَأَخَذَ عَنْهُمْ، وَصَحِبَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْفِقْهِ مِنْ أَجْلاءِ شُيُوخِ مَذْهَبِهِ، سَمِعَ بِبَلَدِهِ مِنَ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيِّ، وَبِدِمَشْقَ مِنَ الْعَلامَةِ أَبِي الْيُمْنِ الْكِنْدِيِّ، وَابْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ، وَابْنِ الْجُلاجِلِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْبَنَّاءِ، وَبِالْمَوْصِلِ مِنْ أَبِي الثَّنَاءِ مَحْمُودِ بْنِ مَوْدُودِ بْنِ بلدجِيٍّ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَعَالِي بْنِ منينَا وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدِ بْنِ النَّاقِدِ، وَأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَوْصِلِيِّ، وَأَبِي سَعْدٍ ثَابِتِ بْنِ مشرفٍ، وَالإِمَامِ أَبِي الْبَقَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعُكْبَرِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ

ص: 555

ابْنِ الْغَزَالِ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّهْرَوَرْدِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ مُدَّةً طَوِيلَةً لِلتَّفَقُّهِ وَالاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ، مَوْلِدُهُ بِحَرَّانَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ عَشِيَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ رَابِعَ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِمَقْبَرَةِ بَابِ الْفَرَادِيسِ ظَاهِرَ دِمَشْقَ.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْعَلامَةُ الْمُفْتِي الزَّاهِدُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ الْحَرَّانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، قَالَ: أنا الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّهَاوِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ بِحَرَّانَ، قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَسِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَيْشُونِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أنا الْقَاضِي أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الرُّويَانِيُّ إِجَازَةً قَالَ: أنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ الْغَزْنَوِيُّ، قَالَ: أنا الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ دَاسَةَ التَّمَّارُ، قَالَ: أنا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ

ص: 556

الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ، قَالا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ فَسَلَّمْنَا، فَقُلْنَا: أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ: قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ:«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنَّ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ» .

أَخْبَرَنَاهُ عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ. وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ سَعَادَةَ الْبَغْدَادِيُّ الرُّصَافِيُّ الْمُكَبِّرُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ، قَالَ: أنا الْقَاسِمُ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْحُصَيْنِ الشَّيْبَانِيُّ بِبَغْدَادَ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُذْهِبِ التَّمِيمِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا

ص: 557

أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي رضي الله عنه فَذَكَرَهُ.

حَدِيثٌ شَامِيُّ الإِسْنَادِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ. فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً عَالِيًا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلْمِ مِنْ «جَامِعِهِ» عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَلالِ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ وَحْدَهُ، عَنِ الْعِرْبَاضِ رضي الله عنه.

أخبرنا الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ بن الصَّيْرَفِيُّ الْحَرَّانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أنا الإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّهَاوِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ نَسِيمٍ الْعَيْشُونِيُّ، أنا الْقَاضِي أَبُو الْمَحَاسِنِ الرُّويَانِيُّ كِتَابَةً، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغَزْنَوِيُّ، أنا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ دَاسَةَ، أنا أَبُو دَاوُدَ.

ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ يَحْيَى الْبَغْدَادِيُّ الْمُؤَدِّبُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، أنا أَبُو الْفَتْحِ مُفْلِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدُّومِيُّ الْوَرَّاقُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ، أنا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ قَرَاتُ عَلَى الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيِّ بِالْبَصْرَةِ، أنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أبو داود، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ:

ص: 558

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ ".

وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا الرِّوَايَةَ مِنْ طَرِيقِهِ.

أخبرنا الإِمَامُ الْقُدْوَةُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ الْحَنْبَلِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّهَاوِيُّ الْحَافِظُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ نَسِيمٍ الْعَيْشُونِيُّ مَوْلاهُمْ، أنا الْقَاضِي أَبُو الْمَحَاسِنِ الرُّويَانِيُّ الْفَقِيهُ إِجَازَةً، أنا أَبُو نَصْرٍ الْغَزْنَوِيُّ، أنا الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ دَاسَةَ، أنا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ فَضَاءٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ

ص: 559

عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُكْسَرَ سِكَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْحائِزَةُ بَيْنَهُمْ إِلا مِنْ بَاسٍ» .

أَخْبَرَنَاهُ عَالِيًا بِثَلاثِ دَرَجَاتٍ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرَّانِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُبَارَكُ بْنِ أَبِي الْمَعَالِي بْنِ الْمَعْطُوشِ الْحَرِيمِيُّ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ الْهَاشِمِيُّ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْمَكِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَاسِيٍّ الْبَزَّازُ، قثا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ الْبَصْرِيُّ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فَضَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُكْسَرَ سِكَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْحَائِزَةُ بَيْنَهُمْ إِلا مِنْ بَاسٍ، أَنْ يُكْسَرَ الدِّرْهَمُ فَيُجْعَلَ فِضَّةً، أَوْ يُكْسَرَ الدِّينَارُ فَيُجْعَلَ ذَهَبًا» .

حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هِلالٍ رضي الله عنه. تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ فَضَاءِ بْنِ خَالِدٍ

ص: 560

الْجَهْضَمِيُّ الأَزْدِيُّ أَبُو بَحْرٍ الْبَصْرِيُّ الْمُعَبّرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، لا يُعْرَفُ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ بَصْرِيُّ الإِسْنَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فَضَاءٍ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ كَمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَدَثَانِيِّ، وَأَبِي الْقَاسِمِ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ كُلُّهُمْ عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَاءٍ، بِهِ. وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا.

ص: 561

‌ومن أصحاب الكنى رجل واحد

[73] أبو بكر بن محمد بن أبي بكر بن عبد الواسع بن علي بن العجمي الهروي، كنيته أبو محمد

شيخ صالح مسند معمر، كان كثير الحج إلى بيت الله الحرام، ويبيع ويشتري، سمع من ابن طبرزد، وحنبل الرصافي، وأبي اليمن الكندي، والقاضي أبي المعالي بن المنجى، وأبي المعالي محمد بن وهب بن سلمان السلمي، سمع منه أبو الفتح بن الحاجب بطريق الحجاز، وكتب عنه في «معجمه» وقال: اسمه كنيته، مولده في مستهل شوال سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وتوفي يوم الثلاثاء مستهل رجب سنة ثلاث وسبعين وستمائة، وصلي عليه عصر النهار، ودفن بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق.

أخبرنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُسْنِدُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْهَرَوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَجَمِيِّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ، قَالَ: أنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بِنْ مَعْمَرِ بْنِ طَبَرْزَدَ الْمُؤَدِّبُ الدَّارَقَزِّيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ بَغْدَادَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْحُصَيْنِ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلانَ الْبَزَّازُ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ

ص: 562

عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَسَاكِنُ، فَأَوْصَى بِثُلُثِ مسَاكِنِ؟ فَقَالَ: لا تُجْمَعُ لَهُ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرٍو الْعَقَدِيِّ، بِهِ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا عَالِيًا لَهُ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِالإِسْنَادِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، قثا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا الْقَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:«طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَرَمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» .

ص: 563

حَدِيثٌ صَحِيحٌ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ فِي الْحَجِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ، وَاتَّفَقَ الأَئِمَّةُ عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ حَدِيثِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي اللِّبَاسِ مِنْ «صَحِيحِهِ» ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ السَّعْدِيِّ الْبُخَارِيِّ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْحَجِّ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنْ أَبِي سَهْلٍ عَبْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارِ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيِّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ الْكُوفِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمُؤَدِّبِ الْبَغْدَادِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالسّمينِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ السَّلُولِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ يُوسُفَ كِلاهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ وَلَهُ كُنْيَتَانِ؛ أَبُو حَفْصٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ الأَسْوَدِ وَلَهُ أَيْضًا كُنْيَتَانِ؛ أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. فَبِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ كَأَنَّ شَيْخِي لَقى مُسْلِمًا وَسَمِعَهُ مِنْهُ، وَكَأَنَّ ابْنَ طَبَرْزَدَ شَيْخَ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا.

ص: 564

وَبِهِ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ الْبَزَّازُ، ثنا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلا ".

وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بُنْ يُونُسَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ كَلِمَةً وَبَعْدَهَا بَدَنَتُهُ، وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلا.

حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ الطَّلْحِيِّ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، فِيهِ مِنْ كِتَابَيْهِمَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ كِلاهُمَا عَنْ أَفْلَحَ، نَحْوَ مَا رَوَيْنَاهُ فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً عَالِيَةً لِمُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَبَدَلا لِلْبُخَارِيِّ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا فِي الْحَجِّ مِنْ» صَحِيحِهِ " عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجِ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ ذَكْوَانَ الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِيِّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا، وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ كَأَنَّ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَصَافَحَهُ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِالإِسْنَادِ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْوَاسِطِيُّ،

ص: 565

ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا الْحَجَّاجُ، يَعْنِي: ابْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:«نُهِينَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الْقَسِّيِّ، وَعَنِ الْمِيثَرَةِ» .

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ سَعِيدِ بْنِ الْحَكَمِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِصْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَهِ، عَنْ

ص: 566

أَبِي سَهْلٍ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْيَمَامِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ الْفَدَكِيِّ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ كِلاهُمَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، فَبِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ إِلَى عَلِيٍّ كَأَنَّ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنَ النَّسَائِيِّ، وَكَأَنَّ ابْنَ طَبَرْزَدَ شَيْخَ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ. وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا بِحَمْدِ اللَّهِ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحَرْبِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بِنْ أَبِي الْحُسَامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» .

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَاشِمٍ الطُّوسِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ

ص: 567

الْحَجَّاجِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الصَّلاةِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ هِشَامٍ الْعَطَّارِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ الإِمَامِ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، كِلاهُمَا عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها، نَحْوَ مَا أَخْرَجْنَاهُ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا، وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ كَأَنَّ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنَ النَّسَائِيِّ. وَمِنْ صَاحِبِ مُسْلِمٍ وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الصَّائِغُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تُحِبُّ هَذِهِ النِّعَالَ السَّبْتِيَّةَ وَتَسْتَحِبُّ الْخَلُوقَ، وَلا تَسْتَلِمُ مِنَ الرُّكْنَيْنِ إِلا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ؟ فَقَالَ: أَمَّا هَذِهِ النِّعَالُ السَّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، وَأَمَّا الْخَلُوقُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ أَحَبَّ الطِّيبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُ إِلا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ.

ص: 568

حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ» صَحِيحِهِ «عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ التِّنِّيسِيِّ، وَفِي اللِّبَاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمَنَاسِكِ مِنْ» صَحِيحِهِ «عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِيهِ مِنْ» سُنَنِهِ «عَنِ الْقَعْنَبِيِّ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي» الشَّمَائِلِ «عَنْ أَبِي مُوسَى إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيِّ الْخَطْمِيِّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى الْقَزَّازِ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِيمَا جَمَعَهُ مِنْ» حَدِيثِ مَالِكٍ "، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْبَغْدَادِيِّ، يُقَالُ لَهُ: مَيْمُونٌ عَنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْمِصْرِيِّ، خَمْسَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، نَحْوَ مَا رَوَيْنَاهُ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا، وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ كَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي نَصْرٍ ابْنِ الْكَسَّارِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّسَائِيِّ رَاوٍ وَاحِدٌ وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِالإِسْنَادِ قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ إِمْلاءً يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، قثا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ أَبُو الْعَلاءِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجَشُونُ، عَنْ

ص: 569

صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اسْتَاذَنَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْأَلْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَدَخَلَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ اللاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ» ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» .

وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اسْتَاذَنَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ. فَدَخَلَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، فَقَالَ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ اللاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ بَادَرْنَ

ص: 570

الْحِجَابَ» فَأَقْبَلَ عَلَيْهِنَّ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُنَّ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهْبَنْنَيِ وَلا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلا سَلَكَ غَيْرَ فَجِّكَ.

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ مِنْ «جَامِعِهِ» الصَّحيِحِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ الْحَافِظِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي فَضْلِ عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ «صَحِيحِهِ» عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، ثَلاثَتُهُمْ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيِّ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْهَادِ، كِلاهُمَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، نَحْوَ

ص: 571

مَا أَخْرَجْنَاهُ. فَوَقَعَ لَنَا عِالِيًا، وَبِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ كَأَنَّ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنْ صَاحِبِ النَّسَائِيِّ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ.

ح وَبِهِ قَالَ: الشَّافِعِيُّ: وثنا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا سَيْفُ بْنُ مِسْكِينٍ، ثنا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ مِهْرَانَ يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَاتِينِي الرَّجُلُ يَطْلُبُ مِنِّي الْبَيْعَ، وَلَيْسَ عِنْدِي، أَفَأَشْتَرِيهِ لَهُ؟ فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» .

هَكَذَا قَالَهُ يُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ.

ص: 572

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبُيُوعِ مِنْ «جَامِعِهِ» عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَلالِ، وَعَبْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِيهِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ الْبَصْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ الْبَصْرِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ حَكِيمٍ، نَحْوَ مَا رَوَيْنَاهُ، وَبِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ كَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ شُيُوخِ الْكَرُوخِيِّ، رَاوِي التِّرْمِذِيِّ وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِهِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُضَرَ الثَّقَفِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ رَبُّكُمْ عز وجل: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنَ رَأَتْ، وَلا أُذُنَ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، وَلِمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ فَمَا تَنْقَطِعُ

ص: 573

اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} .

رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنْ مُحَمَّدِ بِنْ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. نَحْوَ مَا رَوَيْنَاهُ، وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ كَأَنَّ ابْنَ طَبَرْزَدَ شَيْخَ شَيْخِي سَمِعَهُ مِنَ النَّسَائِيِّ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُحَمَّدٍ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

وَبِهِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثنا يَزِيدُ، يَعْنِي: ابْنَ هَارُونَ، أنا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَيرفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» .

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الصَّلاةِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ

ص: 574

مُحَمَّدٍ الْخَلالِ، وَأَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ حُمْرَانَ الْقُومسِيِّ الْبِسْطَامِيِّ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ مِنْ «جَامِعِهِ» عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنِيرٍ الْمَرْوَزِيِّ الزَّاهِدِ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الْعَبْدِيِّ النُّكْرِيِّ الدَّوْرَقِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَلالِ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِيهِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى الْقُومسِيِّ، وَأَبِي يَعْقُوبَ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِيهِ مِنْ «سُنَنِهِ» عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَلالِ، كُلُّهُمْ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا لأَرْبَعَتِهِمْ.

وَبِهِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ الْمِنْقَرِيُّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرَاشٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: بَعَثَنِي بَنُو مُرَّةَ ابْنِ عُبَيْدٍ بِصَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ إِلَى

ص: 575

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَأَتَيْتُهُ بِإِبِلٍ كَأَنَّهَا عُرُوقُ الأَرْطَاةِ، فَقَالَ:«مَنِ الرَّجُلُ؟» ، فَقُلْتُ: عِكْرَاشُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، قَالَ:«ارْفَعْ فِي النَّسَبِ» ، فَقُلْتُ: ابْنُ حَرْقُوصِ بْنِ جَعْدَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ النَّزَّالِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَهَذِهِ صَدَقَاتُ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عُبَيْدٍ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: " هَذِهِ إِبِلُ قَوْمِي، هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِي فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوسَمَ بِمَيْسَمِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَتُضَمُّ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ فَأُتِينَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَذْرِ، فَأَقْبَلْنَا نَاكُلُ مِنْهَا، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَجَعَلْتُ أَخْبِطُ فِي نَوَاحِيهَا، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ قَالَ:«يَا عِكْرَاشُ، كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ» ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ رُطَبٍ أَوْ تَمْرٍ، شَكَّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرَاشٍ رُطَبًا كَانَ أَوْ تَمْرًا فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدِي، وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّبَقِ، ثُمَّ قَالَ:«يَا عِكْرَاشُ، كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ لَوْنٍ وَاحِدٍ» ، ثُمَّ أُتِينَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِبَلَلِ كَفَّيْهِ وَجْهَهُ، وَذِرَاعَيْهِ، وَرَاسَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا عِكْرَاشُ هَكَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ.

ص: 576

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِطُولِهِ فِي الأَطْعِمَةِ مِنْ جَامِعِهِ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بَعْضَهُ فِيهِ مِنْ سُنَنِهِ "، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بُنْدَارٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْفَضْلِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا لَهُمَا، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ الْعَلاءِ، وَقَدْ تَفَرَّدَ الْعَلاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ هُوَ ابْنُ حَرْبٍ تَمْتَامٌ، قثا يَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ، قثا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ» .

مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَقَعَ لَنَا عَالِيًا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ هَاشِمِ بْنِ كَثِيرٍ السِّمْسَارِ، عَنْهُ.

ص: 577

‌ومن النساء امرأة واحدة

[74] ست القضاة ماه ست بنت أبي الفوارس بن أبي بكر بن أبي علي بن الحسن بن أبي الحديد الدمشقية، أم إسماعيل

سمعت من الإمام أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني، وست الكتبة بنت علي بن يحيى بن الطراح وحدثت عنهما، وكان سماعها بإفادة زوجها المحدث أبي منصور عبد الرحمن بن نسيم وقراءته، سمع منها جماعة من أهل الحديث، وقرئ عليها في شوال سنة ست وخمسين وستمائة بمنزلها بالديماس من دمشق.

أَخْبَرَتْنَا الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ سِتُّ الْقُضَاةِ ماه ست ابْنَةُ الأَمِيرِ أَبِي الْفَوَارِسِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ السُّلَمِيِّ إِجَازَةً صَدَرَتْ مِنْهَا لَنَا فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِدِمَشْقَ، قَالَتْ: أنا الإِمَامُ الْعَلامَةُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ الأَصْبَهَانِيُّ الْكَاتِبُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو الْمَكَارِمِ الْمُبَارَكُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السِّمِّذِيِّ بِمَدِينَةِ

ص: 578

السَّلامِ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ فِي حَادِي عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قثا الْخَطِيبُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ هَزَارَ مَرْدَ الصَّرِيفِينِيُّ مِنْ حِفْظِهِ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ بَعْدَ الصَّلاةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَادِسَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ حُبَابَةَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ فَاعِلا، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ".

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ الْخُرَاسَانِيِّ نَزِيلِ عَسْقَلانَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا لِلْبُخَارِيِّ وَعَالِيًا لِمُسْلِمٍ.

وَأَخْبَرَتْنَا سِتُّ الْقُضَاةِ ماه ست ابْنَةُ أَبِي الْفَوَارِسِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ إِجَازَةً وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالا: أَخْبَرَتْنَا سِتُّ الْكَتَبَةِ نِعْمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ الطَّرَّاحِ قِرَاءَةً

ص: 579

عَلَيْهَا وَنَحْنُ نَسْمَعُ، قَالَتْ: أنا جَدِّي أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّرَّاحِ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أنا الشَّرِيفُ أَبُو الْغَنَائِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمَامُونِ الْهَاشِمِيُّ، أنا الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِيٍّ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثنا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الإِسْلامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ فِي كُتُبِهِمْ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبَانِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْقُرَشِيِّ الأُمَوِيِّ، كَمَا أَخْرَجْنَاهُ، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً عَالِيًا لِثَلاثَتِهِمْ، وَللَّهِ الْحَمْدُ.

ص: 580

‌وهذه أخبار وحكايات نختم بها الكتاب

أخبرنا الشَّيْخَانِ؛ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ بْنِ أَبِي الْعِزِّ بْنِ دَاوُدَ بْنِ عِزُّونَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيِّ قِرَاءَةً عَلَيْهِمَا مُجْتَمِعَيْنِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ، قَالا: أنا الشَّيْخَانِ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُعُودٍ الأَنْصَارِيُّ الْبُوصِيرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدِ بْنِ حَامِدٍ الأَرْتَاحِيُّ، قَالا: أنا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ الْمَوْصِلِيُّ الْفَرَّاءُ، قَالَ: الْبُوصِيرِيُّ بِقَرَاءَةِ السِّلَفِيِّ عَلَيْهِ فِي سَنَةٍ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالْفُسْطَاطِ، وَقَالَ الأَرْتَاحِيُّ إِجَازَةً، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الْغَسَّانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ، قثا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الدِّينَوَرِيُّ الْمَالِكِيُّ الْقَاضِي، ثنا عُمَيْرُ

ص: 581

ابْنُ مِرْدَاسٍ، قثا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: " دَخَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا هُوَ بِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ: يَا سَالِمُ، سَلْنِي حَاجَةً، فَقَالَ: إِنِّي أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ تبارك وتعالى أَنْ أَسْأَلَ فِي بَيْتِ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ فِي أَثَرِهِ، فَقَالَ لَهُ: الآنَ قَدْ خَرَجْتَ فَسَلْنِي حَاجَةً؟ فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ: مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا أَمْ مِنْ حَوَائِجِ الآخِرَةِ؟ فَقَالَ: مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ: أَمَا وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُ الدُّنْيَا مَنْ يَمْلِكُهَا فَكَيْفَ أَسْأَلُ مَنْ لا يَمْلِكُهَا ".

وَبِهِ إلى الدينوري، قثا علي بن الحسن الرازي، قثا ابن خبيق

ص: 582

الأنطاكي، قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: " أوحى الله تبارك وتعالى إلى نبي من الأنبياء: قل لهم يخفون لي أعمالهم وعلي أن أظهرها لهم "

وبه إلى الدينوري، قثا الحسين بن الفهم، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: رأيت أبا معاوية الأسود، وهو يلتقط الخرق من المزابل ويغسلها ويلفقها ويلبسها، فقيل له: يا أبا معاوية إنك تكسى خيرا من هذه، فقال: ما ضرهم ما أصابهم في الدنيا، جبر الله لهم بالجنة كل مصيبة. فجعل يحيى بن معين يحدث بهذا ويبكي.

قال: وغلظ لأبي معاوية رجل في الكلام، وهو لا يعرفه، فقال له أبو معاوية: استغفر الله من ذنب سلطك به علي "

وبه إلى الدينوري، قثا أحمد بن يوسف التغلبي، قثا عثمان بن الهيثم، قثا الحسن بن أبي جعفر، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: رأيت الحسن في المنام مسرورا شديد البياض، تبرق مجاري دموعه من شدة بياضها، فقلت: يا أبا سعيد ألست من الموتى؟ قال: بلى. قلت: فماذا صرت إليه بعد الموت في الآخرة فوالله لقد طال حزنك وبكاؤك أيام الدنيا؟ فقال: مبتسما: رفع والله لنا ذلك الحزن والبكاء علم الهداية إلى طريق منازل الأبرار فحللنا بثوابه مساكن المتقين وايم الله إن ذلك إلا من فضل الله

ص: 583

علينا، قلت: فما تأمرني به؟ قال: ماذا آمرك؟! أطول الناس حزنا في الدنيا أطولهم فرحا في الآخرة ".

وبه إلى الدينوري، قثا محمد بن أحمد البغدادي، قثا عبد المنعم بن إدريس، ذكره، عن أبيه، عن وهب بن منبه قال: لم يسمع السامعون بمصيبة قط أعظم بمصيبة من دخل النار ".

وبه إلى الدينوري، قثا محمد بن يونس القرشي، قثا الحميدي، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول في قول الله تبارك وتعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ، قال: ملكان بين نابي الإنسان.

وبه إلى الدينوري، قثا محمد بن أحمد البغدادي، قثا عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلا كان يسمع خفقان قلبه من بعد خوفا لله عز وجل.

وبه إلى الدينوري، قثا إبراهيم بن حبيب الهمداني، قثا عبد الله بن خبيق، قال: سمعت يوسف بن إسباط يقول: ورث داود الطائي عشرين دينارا فأكلها في عشرين سنة.

وبه إلى الدينوري، قثا أبو إسماعيل الترمذي، قثا أبو نعيم، قال: كان داود الطائي يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز، فقيل له في ذلك فقال: بين مضغ الخبز، وشرب الفتيت قراءة خمسين آية.

ص: 584

وبه إلى الدينوري، قثا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو عبيد، ثنا يحيى بن زكريا، عن يحيى بن سعيد، عن عمر بن عبد العزيز: أنه خطب الناس بعرفات فقال: إنكم أنضيتم الظهر وأرملتم النسوان، وليس السابق من سبق بعيره، أو فرسه، ولكن السابق من غفر له.

وبه إلى الدينوري، قثا أحمد بن عبدان الأزدي، ثنا محمد بن منصور البغدادي، قال: دخلت على عبد الله بن طاهر وهو في سكرات الموت، فقلت: السلام عليك أيها الأمير. فقال: لا تسمني أميرا، وسمني أسيرا، ولكن اكتب عني بيتين عرضت بقلبي، ما أراهما إلا آخر بيتين أقولهما، ثم أنشأ يقول:

بادر فقد أسمعك الصوت

إن لم تبادر فهو الفوت

من لم تزل نعمته قبله

زال عن النعمة بالموت

وبه إلى الدينوري، قثا أحمد بن محمد البغدادي، ثنا عبد المنعم،

ص: 585

عن أبيه إدريس، عن وهب، قال: " قرأت في بعض الكتب: يقول الله تبارك وتعالى: «عبدي ما يزال ملك كريم يصعد إلي بعمل قبيح، عبدي أتقرب إليك بالنعم وتتمقت إلي بالمعاصي، عبدي خيري إليك نازل وشرك إلي صاعد.

وبه إلى الدينوري، قثا إبراهيم بن دازيل الهمذاني، ثنا الحميدي، عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت ابن شبرمة يقول: عجبت لمن يحتمي من الطعام والشراب مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار.

وَبِهِ إِلَى الدِّينَوَرِيِّ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسُوحِيُّ، ثنا هُدْبَةُ بْنُ

ص: 586

خَالِدٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ صَبَاحٍ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْحَفَظَةِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا لِحَفْرِ الأَنْهَارِ، وَلا لِغَرْسِ الأَشْجَارِ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أُحِبُّ الْبَقَاءَ لِمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ، وَظَمَإِ الْهَوَاجِرِ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ.

وبه إلى الدينوري، قثا عبد الرحمن بن مرزوق أبو عوف البزوري، ثنا عبد الوهاب، عن سعيد بن أبي عروبة، قال: حج الحجاج فنزل بعض المياه بين مكة والمدينة، ودعا بالغداء، فقال: لحاجبه انظر من يتغدى معي وسله عن بعض الأمر، فنظر نحو الجبل فإذا هو بأعرابي بين شملتين من شعر نائم، فضربه برجله فقال: ائت الأمير، فأتاه فقال له الحجاج: اغسل يدك وتغدى معي. فقال له: إنه دعاني من هو خير منك فأجبته، قال: ومن هو؟ قال: الله تبارك وتعالى دعاني إلى الصوم فصمت. قال: في هذا الحر الشديد؟ قال: نعم، صمت ليوم هو أشد حرا من هذا اليوم، قال: فافطر وتصوم غدا، قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد؟ قال: ليس ذاك إلي، قال: فكيف تسألني عاجلا بآجل لا تقدر عليه؟ قال: إنه طعام طيب. قال: لم تطيبه أنت ولا الطباخ، وإنما طيبته العافية.

وبه إلى الدينوري، قثا عبد الله بن روح المدائني، ثنا شبابة بن سوار،

ص: 587

عن عبد الرحمن، عن رجل من آل عاصم الجحدري، قال: رأيت عاصما الجحدري بعد موته بسنتين في منامي فقلت: أليس قد مت؟ قال: بلى، قلت: فأين أنت؟ قال: أنا والله في روضة من رياض الجنة مع نفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فنتلاقي أخباركم قلت: أجسامكم أم أرواحكم؟ فقال: هيهات بليت الأجساد، وإنما تتلاقى الأرواح.

وبه إلى الدينوري، قثا زيد بن إسماعيل، ثنا داود بن رشيد، قال: قيل: لحبيب الفارسي في مرضه الذي مات فيه: ما هذا الجزع الذي ما كنا نعرفه منك؟ فقال: سفري بعيد بلا زاد، وينزل بي في حفرة من الأرض موحشة بلا مؤنس، وأقدم على ملك جبار قد قدم إلي العذر.

وبه إلى الدينوري، قثا أحمد بن علي الوراق، ثنا الحماني، عن المحاربي، عن عبد الملك بن عمير قال: " قيل: للربيع بن خيثم في مرضه الذي مات فيه: ألا ندعو لك طبيبا؟ قال: انظروني حتى أتفكر، ثم فكر فقال: إن عادا {وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} ، قد كانت فيهم أطباء فما أرى المداوي بقي ولا المداوى.

ص: 588

وبه إلى الدينوري، قثا أبو بكر بن أبي الدنيا، ثنا محمد بن الحسين، ثنا أبو عمر الضرير، عن عقبة بن عبد الله الأصم، قال: سمعت فرقدا السبخي يقول: بلغنا أن الأعمال كلها توزن إلا الدمعة تخرج من عين العبد من خشية الله تعالى، فإنه ليس لها وزن، ولا قدر، وإنه ليطفئ بالدمعة الواحدة البحور من النار.

وبه إلى الدينوري، قثا أبو بكر أخو الخطاب، ثنا خالد بن خداش، ثنا حماد بن زيد، عن موسى بن أعين الراعي وكان يرعى الغنم لمحمد بن أبي عيينة قال: كانت الغنم والأسد والوحش ترعى في خلافة عمر بن عبد العزيز في موضع واحد فعرض لشاة منها ذئب قال: فقلت: أنا لله، ما أرى الرجل الصالح إلا وقد هلك. قال: فحسبتنا فوجدناه قد هلك في تلك الليلة ".

وبه إلى الدينوري، قثا محمد بن عبد العزيز، قال: قال: خلف بن تميم، ثنا عبد الجبار بن كليب، قال: كنا مع إبراهيم بن أدهم في سفر فعرض لنا السبع، فقال: إبراهيم قولوا: اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا في كنفك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا تهلكنا وأنت رجاؤنا يا الله يا الله يا الله، قال: فولى السبع عنا. قال: خلف: فأنا منذ سمعت

ص: 589

هذا أدعو به عند كل شدة وكرب فما رأيت إلا خيرا.

وبه إلى الدينوري، قثا أحمد بن علي الخزاز، قال: سمعت أبي يقول: قال الحكم بن عثمان: قال المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين عند موته: " اللهم إنك تعلم أني قد ارتكبت من الأمور العظام جرأة مني عليك، وإنك تعلم أني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك، شهادة لا إله إلا الله مخلصا، منا منك لا منا عليك، قال: ثم خرجت نفسه.

وبه إلى الدينوري، قثا عباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: قال عبد الله بن إدريس: عجبا لمن ينقطع إلى رجل من أهل الدنيا ويدع أن ينقطع إلى من له السموات والأرض.

وَبِهِ إِلَى الدِّينَوَرِيِّ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الْبَغْدَادِيِّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ رُشَيْدٍ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه: فَلَمَّا أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْجَبَّانِ الْتَفَتَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْقُبُورِ!

ص: 590

يَا أَهْلَ الْبَلا، يَا أَهْلَ الْبَلاءِ! يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ! مَا الْخَبَرُ عِنْدَكُمْ، فَإِنَّ الْخَبَرَ عِنْدَنَا، قَدْ قُسِّمَتِ الأَمْوَالُ وَأَيْتَمَتِ الأَوْلادُ، وَاسْتُبْدِلَ بِالأَزْوَاجِ، فَهَذَا الْخَبَرُ عِنْدَنَا فَمَا الْخَبَرُ عِنْدَكُمْ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا كُمَيْلُ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْجَوَابِ لَقَالُوا: إِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: يَا كُمَيْلُ، الْقَبْرُ صُنْدُوقُ الْعَمَلِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ يَاتِيكَ الْخَبَرُ.

وبه إلى الدينوري، قثا محمد بن عبد العزيز، ثنا أبي، عن الوليد، عن عثمان بن أبي العاتكة، قَالَ: كان داود عليه السلام يقول في مناجاته: إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتد إلي، روحي سبحانك إلهي! أتيت أطباء عبادك ليداووا خطيئتي فكلهم عليك يدلني.

وبه إلي الدينوري، قال: حدثني الحارث بن أبي أسامة، قال: سئل يزيد بن هارون وأنا أسمع، فقيل له: من الأبدال؟ فقال: أهل العلم.

وَبِهِ إِلَى الدِّينَوَرِيِّ، قثا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا الْعَلاءُ بْنُ عَمْرٍو الْحَنَفِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ وَهُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَهُوَ رُفَيْعٌ الرِّيَاحِيُّ، قَالَ كُنْتُ آتِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَقُرَيْشٌ حَوْلَهُ فَيَاخُذُ بِيَدِي فَيُجْلِسُنِي مَعَهُ فِي السَّرِيرِ، فَتَغَامَزَتْ بِي قُرَيْشٌ، فَفَطَنَ لَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَقَالَ: هَكَذَا هَذَا الْعِلْمُ يَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفًا، وَيُجْلِسُ الْمَمْلُوكَ عَلَى الأَسِرَّةِ ".

ص: 591

وبه إلى الدينوري، قثا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا الرياشي، قال: سمعت الأصمعي يقول: دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك بن مروان وهو على سريره وحواليه الأشراف من كل بطن وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته، فلما بصر به قام إليه فسلم عليه وأجلسه معه على السرير، وقعد بين يديه، وقال له: يا أبا محمد حاجتك؟ فقال يا أمير المؤمنين! اتق الله في حرم الله وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور؛ فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين، فإنك وحدك المسؤول عنهم، واتق الله فيمن على بابك لا تغفل عنهم، ولا تغلق دونهم بابك، فقال له: أفعل. ثم نهض وقام، فقبض عليه عبد الملك فقال يا أبا محمد! إنما سألت حوائج غيرك، وقد قضيناها فما حاجتك؟ فقال ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك السؤدد ".

وَبِهِ إِلَى الدِّينَوَرِيِّ، قثا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: " كَلِمَاتٌ لَوْ رَحَّلْتُمْ فِيهِنَّ الْمَطِيَّ

ص: 592

لأَنْضَيْتُمُوهُنَّ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكُوا مِثْلَهُنَّ: لا يَرْجُو عَبْدٌ إِلا رَبَّهُ، وَلا يَخَافَنَّ إِلا ذَنْبَهُ، وَلا يَسْتَحْيِي مَنْ لا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلا يَسْتَحْيِي إِذَا سُئِلَ عَمَّا لا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْزِلَةَ الصَّبْرِ مِنَ الإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّاسِ مِنَ الْجَسَدِ، فَإِذَا ذَهَبَ الرَّاسُ؛ ذَهَبَ الْجَسَدُ، وَإِذَا ذَهَبَ الصَّبْرُ؛ ذَهَبَ الإِيمَانُ ".

وبه إلى الدينوري، قثا محمد بن عبد العزيز، قال: سمعت أبي يقول: سمعت ابن السماك يقول: " كتب رجل إلى أخ له: يا أخي إنك قد أوتيت علما فلا تطفين نور علمك بظلمة الذنوب، فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم.

وبه إلى الدينوري، قثا يوسف بن عبد الله، ثنا محمد بن بشر، ثنا ابن المبارك، قال: سمعت محمد بن النضر الحارثي يقول: " ثلاث كلمات نفعني الله بهن سمعته يقول: إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل، وسمعته يقول: لا يستقيم طلب الآخرة إلا بالمبادرة إليها، وسمعته يقول: إنما

ص: 593

تنتظرون ثلاثًا، فما يجلسكم عن العمل؟، إما نعمة تزول، وإما مصيبة تنزل وإما منية تقضى ".

وبه إلى الدينوري، قثا إبراهيم بن دازيل الهمذاني، قال: سمعت الحميدي يقول: سمعت سفيان يقول: كان بالكوفة ثلاثة لو قيل لأحدهم: إنك تموت غدا لم يقدر أن يزيد في عمله: محمد بن سوقة، وأبو حيان التيمي، وعمرو بن قيس الملائي، قال سفيان: وكان محمد بن سوقة لا يحسن يعصي الله عز وجل ".

وبه إلى الدينوري، قثا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، قال: سمعت سفيان الثوري يقول: " ليس شيء من الكلام يضاعف مثل قول الرجل: الحمد لله، ولا شيء أقطع لظهر إبليس من قول لا إله إلا الله ".

وَبِهِ إِلَى الدِّينَوَرِيِّ، قثا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَازِيلٍ الْهَمَذَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَفِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ يَقُولُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: خَطَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «ابْنُ آدَمَ اعْلَمْ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكَ لَمْ يَزَلْ يَخْلُفُكَ وَيَتَخَطَّى إِلَى غَيْرِكَ مُنْذُ أَنْتَ فِي الدُّنْيَا، وَكَأَنَّهُ قَدْ تَخَطَّى

ص: 594

غَيْرَكَ إِلَيْكَ وَقَصَدَكَ، فَخُذْ حِذْرَكَ، وَاسْتَعِدَّ لَهُ، وَلا تَغْفَلْ؛ فَإِنَّهُ لا يَغْفَلُ عَنْكَ، وَاعْلَمِ ابْنَ آدَمَ، إِنْ غَفَلْتَ عَنْ نَفْسِكَ وَلَمْ تَسْتَعِدَّ؛ لَمْ يَسْتَعِدَّ لَهَا غَيْرُكَ، وَلا بُدَّ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلا تَكِلْهَا إِلَى غَيْرِكَ وَالسَّلامُ»

أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن أَحْمَد بن علي ابن القسطلاني بقراءتي عليه بالقاهرة، قال: أنا أبو المعالي محمد بن وهب بن سلمان السلمي بالحرم الشريف بمكة شرفها الله، قال: أنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن القشيري في «كتابه» إلينا من نيسابور، قَالَ: أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن الْحَافِظ، قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله الطبري، يقول: قال رجل لأبي محمد الجريري:

ص: 595

كنت على بساط الأنس، وفتح لي طريق إلى البسط، فزللت زلة فحجبت عن مقامي، فكيف السبيل إليه دلني على الوصول إلى ما كنت عليه؟، فبكى أبو محمد الجريري، فقال: يا أخي الكل في قهر هذه الخطة لكني أنشدك أبياتا لبعضهم وأنشأ يقول:

قف بالديار، فهذه آثارهم

تبكي الأحبة حسرة وتشوقا

كم قد وقفت بها أسائل مخبرا

عن أهلها، أو صادقا، أو مشفقا

فأجابني داعي الهوى في رسمها

فارقت من تهوى فعز الملتقى

وبه إلى أبي صالح المؤذن، قال: سمعت أحمد بن عبد الله بن إسحاق يقول: سمعت أبا سعيد عبد الله بن محمد الرازي يقول: سمعت أبا العباس بن عطاء يقول: «من ألزم نفسه آداب السنة؛ عمر الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب في أوامره وأفعاله وأخلاقه، والتأدب بآدابه، قولا، وفعلا، ونية، وعقدا» .

وبه إلى أبي صالح المؤذن، قال: سمعت محمد بن الحسين السلمي يقول: سمعت منصور بن عبد الله يقول: قال محمد بن علي الترمذي:

ص: 596

«ليس الفوز هناك بكثرة الأعمال، إنما الفوز هناك بإخلاص الأعمال وتحسينها» ، وقال:«كفى بالمرء عيبا أن يسره ما يضره» وقال: «من شرائط الخدام التواضع والاستسلام» ، وقال:«ليس في الدنيا حمل أثقل من البر، من برك؛ فقد أوثقك، ومن جفاك؛ فقد أطلقك» .

وبه إلى صالح المؤذن، قثا الشيخ أبو زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، ثنا أبو بكر بن أبي دارم، ثنا عمرو بن الحسين بن نصر بن حاجب قاضي حلب، قال: سمعت محمد بن عمران، قال: " قيل لحاتم الأصم: علام بنيت أمرك هذا من التوكل؟، قَالَ: على أربع خلال؛ علمت أن رزقي ليس بآكله غيري فلست أشتغل به، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني بعين

ص: 597

الله في كل حال، فأنا مستحي منه ".

وبه إلى أبي صالح المؤذن، قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله الطبري، يقول: سمعت إبراهيم بن علي المرثدي، يقول: سمعت أبا حمزة البغدادي يقول: «من المحال أن تحبه ثم لا تذكره، ومن المحال أن تذكره ثم لا يوجدك طعم ذكره، ومن المحال أن يوجدك طعم ذكره ثم يشغلك بغيره» .

وبه إلى أبي صالح المؤذن، قال: أنا الحسن بن محمد القاري، ثنا أحمد بن محمد الهروي، قال: سمعت أبا القاسم يوسف بن يحيى الأشناني يقول: سمعت الجنيد بن محمد يقول: «اللهم إني أسألك

ص: 598

الأمن يوم الخوف، والسعادة يوم الشقاوة، والظل يوم الحرور، والري يوم الظمأ، والربح يوم الخسران، والنعيم يوم العذاب، اللهم اكشف عني بلاءك، ودواني بدوائك، لست أعرف ربا سواك، اللهم متعني بسمعي وبصري إلى منتهى أجلي، وهب لي العافية في باطني وفي ظاهري وفي أهلي، واحملني على عجزي إلى منتهى أجلي».

آخر المشيخة، والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فرغ من كتابها يوم الثلاثاء سابع شوال سنة ثمان وتسعين وستمائة على يد محمد بن محمد بن علي الصيرفي.

ص: 599