المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌مُقَدَمةُ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ - معجم المختلطين

[محمد بن طلعت]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مُقَدَمةُ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أما بعد:

فهذا بحث يتكلم عن الرواة الذين وُصفوا بالاختلاط أو التغير أو سوء الحفظ في آخر عمرهم.

وقد قمت بتجميع مادته من كتب الأئمة المتقدمين التى تتكلم عن الرجال، وكتب الأئمة المتأخرين التى تتكلم عن الرواة الموصوفين بالاختلاط.

وامتاز بحثي هذا أن به أقوال في الرواة الموصوفين بالاختلاط لا توجد في الكتب التى صنفت في هذا المجال.

انظر: ترجمة سعيد بن أبي عروبة وسفيان بن عيينة وأبي إسحاق السبيعي.

وقد وضعت في كتابي هذا كل راوٍ ذُكر في كتب المختلطين سواء صح وصفه عندي بالاختلاط أم لا.

فقد ذُكر بعض الرواة في كتب المختلطين بناءً على قول ليس معناه الاختلاط الاصطلاحي.

ص: 5

فالأئمة المتقدمون وصفوا بعض الرواة بأنهم مخلطين، فظن بعض الذين صنفوا في المختلطين أن مخلط بمعنى مختلط، وليس كذلك، فمخلط معناها سيء الحفظ للأسانيد والمتون ولا يأتي بها على وجهها.

فَيُردُّ حديث هذا المخلط لسوء حفظه، ولا ينبغي التفريق بين أول أمره وآخره.

انظر: ترجمة إسماعيل بن مسلم المكي وخصيف بن عبد الرحمن الجزري.

وكذلك قد وُصف بعض الرواة بالاختلاط، ولكن عند التحقيق نجد أنه لا يصح وصفهم بالاختلاط.

انظر: ترجمة أحمد بن جعفر بن حمدان، وإسماعيل بن عياش، وجرير ابن عبد الحميد، والحارث بن عمير، وخالد بن مهران الحذاء، وعاصم بن بهدلة، وعبد الله بن جعفر بن نجيح المديني، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وقيس ابن أبي حازم، ومحمد بن كثير بن أبي عطاء المصيصي، والمثنى بن الصباح.

وقبل الشروع في ذكر الرواة الموصوفين بالاختلاط أذكر أقوال العلماء في معنى الاختلاط وأسبابه وحكم رواية المختلط:

قال ابن حبان: وأما المختلطون في أواخر أعمارهم مثل الجريري، وسعيد بن أبى عروبة، وأشباههما، فإنا نروي عنهم في كتابنا هذا ونحتج بما رووا، إلا أنا لا نعتمد من حديثهم إلا ما روى عنهم الثقات من القدماء الذين نعلم أنهم سمعوا منهم قبل الاختلاط، وما وافقوا الثقات في الروايات التى لا نشك في صحتها وثبوتها من جهة أخرى، لأن حكمهم -وإن اختلطوا في أواخر أعمارهم وحمل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالهم- حكم الثقة إذا أخطأ

ص: 6

أن الواجب ترك خطه إذا علم، والاحتجاج بما نعلم أنه لم يخطئ فيه، وكذلك حكم هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات، وما انفردوا مما روى عنهم القدماء من الثقات الذين كان سماعهم منهم قبل الاختلاط سواء

(1)

.

وقال ابن الصلاح: النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات: هذا فن عزيز مهم لم أعلم أحدًا أفرده بالتصنيف واعتنى به مع كونه حقيقًا بذلك جدًا، وهم منقسمون:

فمنهم من خلط لاختلاطه وخرفه، ومنهم من خلط لذهاب بصره أو لغير ذلك، والحكم فيها أنهم يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط، ولا يقبل حديث من أخذ عنهم بعد الاختلاط، أو أُشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده

(2)

.

وقال العلائي: أما الرواه الذين حصل لهم الإختلاط في آخر عمرهم، فهم على ثلاثة أقسام:

أحدها: من لم يوجب ذلك له ضعفًا أصلًا، ولم يحط من مرتبته، إما لقصر مدة الاختلاط وقلته، كسفيان بن عيينة، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وهما من أئمة الإسلام المتفق عليهم.

وإما لأنه لم يرو شيئًا حال اختلاطه، فسلم حديثه من الوهم، كجرير بن حازم، وعفان بن مسلم ونحوهما.

(1)

مقدمة "صحيح ابن حبان": [ص 161].

(2)

"مقدمة ابن الصلاح"[ص 352].

ص: 7

والثاني: من كان متكلمًا فيه قبل الاختلاط، فلم يحصل من الاختلاط إلا زيادة في ضعفه، كابن لهيعة ومحمد بن جابر السحيمي ونحوهما.

والثالث: من كان محتجًا به، ثم اختلط، أو عُمَّر في آخر عمره، فحصل الاضطراب فيما روى بعد ذلك، فيتوقف الاحتجاج به على التمييز بين ما حدث به قبل الاختلاط عما رواه بعد ذلك

(1)

.

وقال العراقي: الحكم فيمن اختلط أنه لا يقبل من حديثه ما حدث به في حال الاختلاط، وكذا ما أبهم أمره وأشكل فلم يدر حدث به قبل الاختلاط أو بعده، وما حدث به قبل الاختلاط قُبِل، وإنما يتميز ذلك باعتبار الرواة عنهم فمنهم من سمع منهم قبل الاختلاط فقط، ومنهم من سمع بعده فقط، ومنهم من سمع في الحالين ولم يتميز

(2)

.

وقال برهان الدين ابن العجمي: الحكم في حديث من اختلط من الثقات التفصيل، فما حدث به قبل الاختلاط فإنه يُقبل، وإن حدث به فيه أو أُشكل أمره فلم يدر أأخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده فإنه لا يقبل

(3)

(4)

.

قال ابن حجر: والحكم فيه أن ما حدث به قبل الاختلاط إذا تميز قبل، وإذا

(1)

كتاب "المختلطين"[ص 3].

(2)

"فتح المغيث"[ص 466].

(3)

"نهاية الاغتباط"[ص 34].

(4)

وكذلك رجح هذا القول النووي في "التقريب"[2/ 372] مع تدريب الراوي، والصنعاني في "توضيح الأفكار"[3/ 503].

ص: 8

لم يتميز توقف فيه، وكذا من اشتبه الأمر فيه

(1)

.

قال السخاوي: وحقيقته فساد العقل وعدم انتظام الأقوال والأفعال، إما بخرف أو ضرر أو مرض أو عرض من موت ابن وسرقة مال كالمسعودي، أو ذهاب كتب كابن لهيعة، أو احتراقها كابن الملقن.

فما روى المتصف بذلك حال اختلاطه، أو أُبهم الأمر فيه وأُشكل بحيث لم نعلم أروايته صدرت في حال اتصافه به أو قبله سقط حديثه في الصورتين بخلاف ما رواه قبل الاختلاط لثقته، هكذا أطلقوه، ومذهب وكيع حسبما نقله عنه ابن معين كما سيأتي في ترجمة سعيد بن أبى عروبة قريبًا أنه إذا حدث في حال صحته فلم يخالفه أنه يقبل فليحمل إطلاقهم عليه، ويتميز ذلك بالراوي عنه، فإنه تارة يكون سمع منه قبله فقط أو بعده فقط أو فيهما مع التمييز وعدمه. وأفرد للمختلطين كتابًا الحافظ أبو بكر الحازمي حسبما ذكره في تصنيفه "تحفة المستفيد"، ولم يقف عليه ابن الصلاح فإنه قال: ولم أعلم أحدًا أفرده بالتصنيف واعتنى به مع كونه حقيقًا بذلك، والعلائي مرتبًا على حروف المعجم بالاختصار، وذيل عليه شيخنا، وللبرهان الحلبي "الاغتباط بمن رمى بالاختلاط" وأمثلته كثيرة

(2)

.

قال الصنعاني: قد يعرض للراوي عارض من العوارض يجعله غير ثقة، وذلك بأن يصيبه الكبر الشديد بأسقامه فيدعه عرضة للاختلاط، أو يذهب

(1)

"نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر"[ص 91].

(2)

"فتح المغيث"[4/ 371 - 372].

ص: 9

بصره أو تضيع كتبه وهو معتمد على القراءة فيها، ثم يحدث من حفظه بعد ذلك فتضيع الثقة بحديثه

(1)

.

قلت: الذى يظهر لي أن المختلط يُقبل من حديثه ما حدث به قبل اختلاطه، ويُرد ما حدّث به بعد اختلاطه، أما ما أُبهم أمره فلم يُدر حدث به المختلط قبل اختلاطه أو بعده فلا يُقبل، أو على الأقل يُتوقف فيه.

ويُقبل ما رواه المختلط بعد اختلاطه إذا تابعه عليه أحد الثقات كما قال ابن حبان رحمه الله.

وها هي بعض الأمثلة التى تبين أسباب الاختلاط وكيف يؤثر الاختلاط على الراوي:

قال ابن حبان: أخبرنى محمد بن صالح الحنبلى، حدثنا عبد الملك بن محمد قال: سمعت الحوضى يقول: دخلت على فلان

(2)

أريد أن أسمع منه وقد اختلط، فسمعته يقول: الأزد عريضة، ذبحوا شاة مريضة، أطعمونى فأبيت، ضربونى فبكيت، فتركته ولم أسمع منه شيئًا.

وقال ابن حجر: قال يزيد بن زريع: أول ما أنكرنا ابن أبي عروبة يوم مات سليمان التيمي، جئنا من جنازته فقال: من أين جئتم؟ قلنا: من جنازة سليمان التيمى، فقال: ومن سليمان التيمي؟

وقال ابن حجر: قال البخاري: كان لسهيل أخ فمات فوجد عليه فنسى كثيرًا من الحديث.

(1)

"توضيح الأفكار"[2/ 502].

(2)

فلان هو سعيد بن أبي عروبة كما سيأتى في ترجمته.

ص: 10

وقال ابن أبي حاتم: نا أحمد بن سنان الواسطي قال: سمعت الوليد بن أبان الكرابيسي يذكر عن أبى النضر هاشم بن القاسم، قال: إني لأعرف اليوم الذي اختلط فيه المسعودي، كنا عنده وهو يعزي في ابن له إذ جاءه إنسان فقال له: إن غلامك أخذ عشرة آلاف من مالك وهرب، ففزع وقام ودخل إلى منزله ثم خرج إلينا وقد اختلط، رأينا فيه الاختلاط.

نا أحمد بن عثمان بن حكيم الأزدي، قال: قال لى أبو نعيم: لو رأيت رجلًا في قباء سواد وشاسية وفي وسطه خنجر، ولا أعلم إلا قال -مكتوب بين كتفيه ببياض {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} كنت تكتب عنه؟ قال: لا، قال: فقد رأيت المسعودي في هذه الحالة.

قال أبو محمد: هذا بعد الاختلاط.

وقال الخطب البغدادي: أخبرنا العتيقي، حدثنا محمد بن العباس، أخبرنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب، قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: قال لي أبو خيثمة: كنت أنا ويحيى عند عفان، فقال لي: كيف تجدك؟ كيف كنت في سفرك؟ برَّ الله حجك. فقلت له: ما كنت حاجًا العام. قال: ما شككت أنك حاج.

ثم قلت له: كيف تجدك يا أبا عثمان؟ قال: بخير، الجارية تقول لى: أنت مصدع وأنا في عافية، فقلت له: إيش أكلت اليوم؟ فقال: أكلت اليوم أكلة رز وليس أحتاج إلى شيء إلى غد، أو بالعشي آكل أخرى وتكفيني لغد أو بعدها آكل أخرى تكفيني لبعد غد.

قال إبراهيم: فلما كان بالعشى جئت إليه فنظرت إليه كما حكى أبو خيثمة.

ص: 11

فقال له إنسان: إن يحيى يقول إنك قد اختلطت، فقال: لعن الله يحيى، أرجو أن يمتعني الله بعقلي حتى أموت.

قال إبراهيم: الخرف يكون ساعة خرفًا وساعة عقلًا.

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: كنت عند عارم فحدّث عن حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه أن ماعزًا الأسلمي سأل النبي صلى الله عليه وسلم في السفر.

فقلت له: حمزة الأسلمي، فقال: يا بني ماعز لا يشقى به جليسه. يعني أن عارم قال هذا وقد زال عقله.

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت محمد بن بكار يقول: قد كان أبو معشر تغير قبل أن يموت تغيرًا شديدًا، حتى إنه كان يخرج منه الريح ولا يشعر به.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أبو بكر بن أبي مريم ضعيف الحديث، طرقته لصوص فأخذوا متاعه فاختلط.

وقال الآجري: سألت أبا داود عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني، فقال: سمعت أحمد يقول: ليس بشيء.

قال أبو داود: سرق له حلي فأنكر عقله.

وقد اعتمدت في كتابي هذا على هذه المصادر التالية:

1 -

أحوال الرجال للجوزجاني.

2 -

الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي.

3 -

بيان الوهم والإيهام لابن القطان الفاسي.

4 -

تاريخ أبي زرعة الدمشقي.

ص: 12

5 -

التاريخ الأوسط للبخاري.

6 -

تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

7 -

تاريخ الدوري.

8 -

التاريخ الكبير للبخاري.

9 -

التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة.

10 -

التذييل على كتاب تهذيب التهذيب جمع وترتيب محمد بن طلعت.

11 -

تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان.

12 -

التمهيد لابن عبد البر.

13 -

تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني.

14 -

الثقات لابن حبان.

15 -

الثقات للعجلي.

16 -

جامع الترمذي.

17 -

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم.

18 -

الجعديات لأبي القاسم البغوي.

19 -

سنن الدارقطني.

20 -

سنن أبي داود.

ص: 13

21 -

السنن الصغرى للنسائي.

22 -

السنن الكبرى للبيهقي.

23 -

السنن الكبرى للنسائي.

24 -

سؤالات الأثرم للإمام أحمد.

25 -

سؤالات الآجري لأبي داود.

26 -

سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي.

27 -

سؤالات البرقاني للدارقطني.

28 -

سؤالات ابن الجنيد لابن معين.

29 -

سؤالات أبي داود الحديثية للإمام أحمد.

30 -

سؤالات أبي داود الفقهية للإمام أحمد.

31 -

سؤالات السلمي للدارقطني.

32 -

سؤالات ابن طهمان لابن معين.

33 -

سؤالات أبي عبد الله بن بكير للدارقطني.

34 -

سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة لابن المديني.

35 -

سؤالات ابن محرز لابن معين.

36 -

الضعفاء الصغير للبخاري.

ص: 14

37 -

الضعفاء الكبير للعقيلي.

38 -

الضغفاء والمتروكين للدارقطني.

39 -

الضعفاء والمتروكين للنسائي.

40 -

الطبقات الكبرى لابن سعد.

41 -

علل ابن أبي حاتم.

42 -

علل الترمذي الكبير.

43 -

علل الدارقطني.

44 -

العلل ومعرفة الرجال رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل.

45 -

العلل ومعرفة الرجال رواية المروذي وغيره.

46 -

فتح المغيث للسخاوي.

47 -

الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي.

48 -

الكفاية في علوم الرواية للخطيب البغدادي.

49 -

الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات لابن الكيال.

50 -

لسان الميزان لابن حجر العسقلانى.

51 -

المجروحين لابن حبان.

52 -

المختلطين للعلائي.

ص: 15

53 -

مسائل ابن هانئ للإمام أحمد.

54 -

مشاهير علماء الأمصار.

55 -

المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان.

56 -

مقدمة صحيح ابن حبان.

57 -

مقدمة ابن الصلاح.

58 -

المنتخب من العلل للخلال.

59 -

ميزان الاعتدال للذهبي.

60 -

النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد ذهبى العصر عبد الرحمن بن يحيى المعلمي لإبراهيم بن سعيد.

61 -

نهاية الاغتباط بمن رمى بالاختلاط لعلاء الدين علي رضا.

والله أسأل أن يتقبل مني هذا العمل، وأن ينفعني به والمسلمين، إنه بكل جميل كفيل، وهو نعم المولى ونعم النصير.

كتبه

محمد بن طلعت بن محمد

مصر - المحلة الكبرى

ص: 16

‌حرف الألف

‌1 - أحمد بن بشير القرشي المخزومي مولى عمرو بن حريث

قال ابن حجر: قال ابن الجارود: أحمد بن بشير القرشي المخزومى تغير، وليس حديثه بشيء

(1)

.

‌2 - أحمد بن جعفر بن حمدان أبو بكر القطيعي

قال الخطيب البغدادي: أحمد بن جعفر بن حمدان أبو بكر القطيعى روى عن عبد الله بن أحمد: [المسند، والزهد، والتاريخ، والمسائل، وغير ذلك]، وكان بعض كتبه غرق فاستحدث نسخها من كتاب لم يكن فيه

(1)

"تهذيب التهذيب". وفيه أيضًا: "قال ابن معين: لم يكن به بأس، وكان يقين. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: عطاء بن المبارك تعرفه؟ قال: من يروي عنه؟ قلت: ذاك الشيخ أحمد بن بشير. فتعجب وقال: لا أعرفه. قال عثمان: أحمد كان من أهل الكوفة، ثم قدم بغداد، وهو متروك. وقال الخطيب: ليس أحمد بن بشير مولى عمرو بن حريث هو الذى روى عن عطاء بن المبارك، ذاك بغدادى، وأما مولى عمرو بن حريث فليست حاله الترك، وإنما له أحاديث تفرد بروايتها، وقد كان موصوفًا بالصدق. وقال ابن نمير: كان صدوقًا حسن المعرفة بأيام الناس، حسن الفهم، إنما وضعه عند الناس الشعوبية. وقال أبو زرعة: صدوق. وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال النسائي: ليس بذاك القوي. وقال أبو بكر بن أبي داود: كان ثقة، كثير الحديث، ذهب حديثه فكان لا يحدث. وقال الدارقطني: ضعيف يعتبر بحديثه. وأورد له ابن عدي حديثين منكرين وقال: وله أحاديث آخر قريبة من هذين. وقال العقيلي: ضعيف. ونقل أبو العرب عن النسائي أنه قال: ليس به بأس". اهـ

وقال السلمي: سألت الدارقطني عن أحمد بن بشير الذى يروي عن مسعر فقال: لا بأس به. [سؤالات السلمي للدارقطني ص 56]

ص: 17

سماعه، فغمزه الناس، إلا أنا لم نر أحدًا امتنع عن الرواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به.

وقد روى عنه من المتقدمين الدارقطني، وابن شاهين، وحدثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه، ومحمد بن أبى الفوارس، ومحمد بن أحمد بن البياض، ومحمد بن الفرج البزار، وأبو بكر البرقاني، وعبد الملك بن محمد بن بشران، وأبو نعيم الأصبهانى، وجماعة كثيرة سواهم.

حُدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: كان ابن مالك القطيعي مستورًا، صاحب سُنّة، كثير السماع، سمع من عبد الله بن أحمد وغيره، إلا أنه خلط في آخر عمره، وكف بصره، وخرف حتى كان لا يعرف شيئًا مما يُقرأ عليه.

قال محمد بن أبي الفوارس: أبو بكر بن مالك كان مستورًا صاحب سُنّة، ولم يكن في الحديث بذاك، له في بعض "المسند" أصول فيها نظر، ذكر أنه كتبها بعد الغرق.

سمعت أبا بكر البرقاني وسُئل عن ابن مالك فقال: كان شيخًا صالحًا، وكان لأبيه اتصال ببعض السلاطين، فقرئ لابن ذاك السلطان على عبد الله بن أحمد "المسند"، وحضر ابن مالك سماعه، ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وإلا فهو ثقة.

وحدثني البرقاني قال: كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك حتى ثبت عندي أنه صدوق لا يشك في سماعه، وإنما كان فيه بله، فلما غرقت

ص: 18

القطيعة بالماء الأسود غرق شيء من كتبه، فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه، ولما اجتمعت مع الحاكم بن عبد الله بن البيع بنيسابور ذكرت ابن مالك ولينه فأنكر على، وقال: ذاك شيخي، وحَسّن حاله، أو كما قال

(1)

.

قال الذهبي: [صح]

(2)

أحمد بن جعفر بن حمدان أبو بكر القطيعي صدوق في نفسه مقبول تغير قليلًا. قال الخطيب: لم نر أحدًا ترك الاحتجاج به. وقال الحاكم: ثقة مأمون.

وقال أبو عمرو بن الصلاح: اختل في آخر عمره، حتى كان لا يعرف شيئًا مما يُقرأ عليه، ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات.

قلت: فهذا القول غلو وإسراف، وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه.

قال ابن أبي الفوارس: لم يكن في الحديث بذاك، له في بعض "مسند أحمد" أصول فيها نظر.

وقال البرقاني: غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وإلا فإنه ثقة، وكنت شديد التنقير عنه حتى تبين عندي أنه صدوق لا يشك في سماعه

(3)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [4/ 73 - 74].

(2)

قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان"[2/ 368] في ترجمة "الحارث بن محمد بن أبي أسامة": وقال الذهبى في "تلخيص المستدرك": ليس بعمدة، مع أنه في "الميزان" كتب مقابله: صح، واصطلاحه أن العمل على توثيقه.

(3)

"ميزان الاعتدال": [1/ 87 - 88].

ص: 19

قال العراقي: قوله: وأبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند أحمد وغيره اختل في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئًا مما يقرأ عليه انتهى. وفي ثبوت هذا عن القطيعي نظر، وهذا القول تبع فيه المصنف مقالة حكيت عن أبي الحسن بن الفرات لم يثبت إسنادها إليه، ذكرها الخطيب في "التاريخ" فقال: حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: كان ابن مالك القطيعى مستورًا صاحب سنة كثير السماع من عبد الله بن أحمد وغيره إلا أنه خلط في آخر عمره وكف بصره وخرف حتى كان لا يعرف شيئًا مما يقرأ عليه انتهى.

وقد أنكر صاحب "الميزان" هذا على ابن الفرات وقال: هذا غلو وإسراف. وقال أبو عبد الرحمن السلمى أنه سأل الدارقطني عنه فقال: ثقة زاهد سمعت أنه مجاب الدعوة. وقال الحاكم: ثقة مأمون. وسُئل عنه البرقاني فقال: كان شيخًا صالحًا غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم تكن سماعه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة. قال البرقاني: وكنت شديد التنقير عن حاله حتى ثبت عندي أنه صدوق لا شك في سماعه، وإنما كان فيه بله فلما غرقت القطيعة بالماء الأسود غرق شيء من كتبه فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه، قال: ولما اجتمعت مع الحاكم أبي عبد الله بن البيع بنيسابور ذكرت ابن مالك ولينته فأنكر علي.

وقال الخطيب: لم أر أحدًا امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به.

وقال أبو بكر بن نقطة: كان ثقة. وتوفي القطيعى لسبع بقين من ذي

ص: 20

الحجة سنة ثمان وستين وثلاث مائة. وعلى تقدير ثبوت ما ذكره أبو الحسن بن الفرات من التغير وتبعه المصنف فممن سمع منه في الصحة أبو الحسن الدارقطني وأبو حفص بن شاهين وأبو عبد الله الحاكم وأبو بكر البرقاني وأبو نعيم الأصبهاني وأبو علي بن المذهب راوي المسند عنه فإنه سمعه عليه في سنة ست وستين والله أعلم

(1)

.

قال ابن حجر: وإنكار الذهبى على ابن الفرات عجيب، فإنه لم ينفرد بذلك، فقد حكى الخطيب في ترجمة أحمد بن أحمد السيبى قال: قدمت بغداد وأبو بكر بن مالك حي، وكان مقصودنا درس الفقه والفرائض، فقال لنا ابن اللبان الفرضي: لا تذهبوا إلى ابن مالك فإنه قد ضعف واختل، ومنعت ابني السماع منه، قال: فلم نذهب إليه. قلت: كان سماع أبي علي بن المذهب منه لمسند الإمام أحمد قبل اختلاطه، أفاده شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين، والحكاية التى حكاها ابن الصلاح عن ابن الفرات قد ذكرها الخطيب في "تاريخه" عنه، والعجب من الذهبى يرد قول ابن الفرات، ثم يقول في آخر ترجمة الحسن بن على التميمي الراوي عن القطيعي ما سيأتي، فليتأمل!

(2)

قال المعلمي اليماني: في "تاريخ بغداد"[13/ 411]: أخبرنا بشري بن عبد الله الرومي ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان

".

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 465].

(2)

"لسان الميزان": [1/ 242 - 243].

ص: 21

قال الأستاذ (ص 141): مختلط فاحش الاختلاط.

أقول: قضية الاختلاط ذكرها الخطيب في "التاريخ"[ج 4 ص 73]، قال: "حُدثت عن أبي الحسن بن الفرات

".

وذكرها الذهبي في "الميزان" عن ابن الصلاح قال: "اختل في آخر عمره، حتى كان لا يعرف شيئًا مما يُقرأ عليه، ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات". والظاهر أن ابن الصلاح إنما أخذ ذلك مما ذكره الخطيب، ولا ندري من حدث الخطيب، ومع الجهالة به لا تثبت القصة.

لكن ابن حجر شدها بأن الخطيب حكى في ترجمة أحمد بن أحمد السيبى أنه قال: قدمت بغداد وأبو بكر بن مالك حى

فقال لنا ابن الفرضي: لا تذهبوا إلى ابن مالك فإنه قد ضعف واختل، ومنعت ابني السماع منه.

وهذه الحكاية في "التاريخ"[ج 4 ص 4]، لكن ليس فيها ما في تلك المنقطعة مما يقتضي فحش الاختلاط، وقد قال الذهبي في "الميزان" بعد ذكر الحكاية الأولى:"فهذا القول غلو وإسراف".

أقول: ويؤيد على أنه غلو وإسراف أن المشاهير من أئمة النقد في ذلك العصر كالدارقطني والحاكم والبرقاني لم يذكروا اختلاطًا ولا تغيرًا.

وقد غمزه بعضهم بشيء آخر. قال الخطيب: "كان بعض كتبه غرق فاستحدث نسخها من كتاب لم يكن فيه سماعه فغمزه الناس، إلا أنا لم نر أحدًا امتنع من الرواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به، وقد روى عنه من المتقدمين الدارقطني وابن شاهين

ص: 22

سمعت أبا بكر البرقاني سُئل عن ابن مالك فقال: كان شيخًا صالحًا .. ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه فغمزوه لأجل ذلك، وإلا فهو ثقة.

قال الخطيب: وحدثني البرقاني قال: كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك حتى ثبت عندي أنه صدوق لا يشك في سماعه، وإنما كان فيه بله، فلما غرقت القطيعة

(1)

بالماء الأسود غرق شيء من كتبه، فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه.

أجاب ابن الجوزي في "المنتظم"[ج 7 ص 93] عن هذا بقوله: "مثل هذا لا يُطعن به عليه لأنه يجوز أن تكون تلك الكتب قد قرئت عليه وعورض بها أصله، وقد روى عنه الأئمة كالدارقطنى وابن شاهين والبرقانى وأبي نعيم والحاكم".

أقول: وقال الحاكم: ثقة مأمون. ونسخه ما غرق من كتبه من كتاب ليس عليه سماعه يحتمل ما قال ابن الجوزي، ويحتمل أن يكون ذاك الكتاب كان أصل ثقة آخر كان رفيقه في السماع فعرف مطابقته لأصله والمدار على الثقة بصحة النسخة، وقد ثبت أن الرجل في نفسه ثقة مأمون، وتلك الحكاية تحتمل ما بيّنا في ذلك فكان هو الظاهر، ولا أدري متى كان غرق القطيعة بالماء الأسود.

(1)

قال الشيخ محمد بن عبد الرزاق حمزة: هي محال ببغداد أقطعها المنصور أناسًا من الأعيان ليعمروها ويسكنوها، وهي قطيعة إسحاق الأزرق وأم جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور، كما في القاموس، وإليها ينسب المترجم.

ص: 23

وقد فتشت أخبار السنين في "المنتظم" فلم أره ذكر غرقًا بالماء الأسود، وإنما ذكر أنه في شهر رمضان سنة 367 غرق بعض المحال منها قطيعة أم جعفر، فإن كان ذلك هو المراد فإنما كان من قبل وفاة القطيعي بنحو سنة واحدة، وقد سمع الناس منه الكتب كلها قبل ذلك مرارًا، وأُخذت منه عدة نسخ، والذين ذكروا الاستنساخ لم يذكروا أنه روى مما استنسخه، ولو علموا ذلك لذكروه لأنه أبين في التليين، وأبلغ في التحذير، وليس من لازم الاستنساخ أن يرويه عما استنسخه، ولا أن يعزم على ذلك، وكأنهم إنما ذكروا ذلك في حياته لاحتمال أن يروي بعد ذلك عما استنسخه.

وقد قال الخطيب في "الكفاية"[ص 109]: ومذاهب النقاد في الرجال غامضة ودقيقة، وربما سمع بعضهم في الراوي أدنى مغمز فتوقف عن الاحتجاج بخبره، وإن لم يكن الذى سمعه موجبًا لرد الحديث ولا مسقطًا للعدالة، ويرى السامع أن ما فعله هو الأولى رجاء إن كان الراوي حيًا أن يحمله على التحفظ وضبط نفسه عن الغميزة، وإن كان ميتًا أن ينزله من نقل عنه منزلته فلا يلحقه بطبقة السالمين من ذلك الغمز.

ومنهم من يرى أن من الاحتياط للدين إشاعة ما سمع من الأمر المكروه الذى لا يُوجب إسقاط العدالة بانفراده حتى ينظر هل من أخوات ونظائر

".

فلما ذكروا في حياة القطيعي أنه تغير، وأنه استنسخ من كتاب ليس عليه سماعه كان هذا على وجه الاحتياط، ثم لما لم يذكروا في حياته ولا بعد

ص: 24

موته أنه حدث بعد تغير شديد، أو حدث مما استنسخه من كتاب ليس عليه سماعه، ولا استنكروا له رواية واحدة، وأجمعوا على الاحتجاج به كما تقدم، تبين بيانًا واضحًا أنه لم يكن منه ما يخدش في الاحتجاج به. هذا وكتب الإمام أحمد كـ"المسند" و"الزهد" كانت نسخها مشهورة متداولة قد رواها غير القطيعى، وإنما اعتنوا بالقطيعي واشتهرت رواية الكتب من طريقة لعلو السند، ويأتي لهذا مزيد في ترجمة الحسن بن علي ابن المذهب، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

(1)

‌3 - أحمد بن أبي سليمان القواريري

قال الذهبي: أحمد بن أبي سليمان القواريري عن حماد بن سلمة والقدماء. كذبه الأزدي وغيره، فلا يفرح به، بقي إلى الستين ومائتين، روى عنه محمد بن مخلد، وقال الدارقطني: ضعيف

(2)

.

قال ابن حجر: قال الآجري: سألت أبا داود، ذُكر عن أحمد بن أبي سليمان -يعني القواريري- عن إسماعيل بن عياش، سمعت حريزًا يقول: كان على لا يؤمن على جاراته، فقلت له في ذلك؟ فقال: ولم لا أقول هذا؟ وقد سمعت الوليد بن عبد الملك يخطب به على المنبر، وجعل أبو داود يذم أحمد بن أبى سليمان.

وقال الخطيب: كذبه ظاهر، يغنى عن تعليل روايته، لجواز دخول الوهم

(1)

"التنكيل": [1/ 106 - 109].

(2)

"ميزان الاعتدال": [1/ 103].

ص: 25

والسهو عليه، وذلك أن محمد بن إسحاق توفي سنة إحدى وخمسين أو اثنين وخمسين ومائة، وقيل قبل ذلك، فكيف يكتب هذا عنه ومولده على ما ذكر سنة إحدى وخمسين؟! وأعجب من هذا ادعاؤه سماعه منه بالكوفة، ثم بالمدينة، وابن إسحاق إنما قدم الكوفة في حياة الأعمش، وذلك قبل مولد هذا الشيخ بسنين كثيرة، وفي بعض ما ذكرنا دلالة كافية على بيان حاله، وظهور تخليطه

(1)

.

وقال الأزدي: حدثنا نهشل بن دارم عنه بما لا يكون.

وقال نهشل: سألته عن عمره فقال: مائة وست وعشرة سنة.

وقال الدارقطني: روى عن حماد بن سلمة مقلوبات، كان مغفلًا، يترك ولا يحتج به.

وقال في "العلل": ضعيف

(2)

.

‌4 - أحمد بن عبد الرحمن بن وهب

قال العلائى: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب روى عنه مسلم في "صحيحه"، وأخذ عنه أبو زرعة وأبو حاتم قديمًا، ثم كثرت المناكير في حديثه بعد ذلك.

(1)

قول الخطيب: وظهور تخليطه لا يعني بها الاختلاط الإصطلاحي، والعلماء لم يفرقوا بين أول أمر أحمد بن أبي سليمان وبين آخر أمره. وإنما ذكرت أحمد بن أبي سليمان في كتابي هذا لأن بعض الذين كتبوا في المختلطين ذكروه فيهم.

(2)

"لسان الميزان": [1/ 282].

ص: 26

قال ابن عدي: رأيت شيوخ أهل مصر مجمعين على ضعفه

(1)

.

وقال ابن حجر في "التقريب": أحمد بن عبد الرحمن بن وهب صدوق تغير بآخره.

(1)

كتاب "المختلطين" للعلائي [ص 7].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال ابن أبى حاتم: سألت محمد بن عبد الحكم عنه فقال: ثقة ما رأينا إلا خيرًا. قلت: سمع من عمه؟ قال: إي والله. وقال أيضًا: سمعت أبي يقول: سمعت عبد الملك بن شعيب بن الليث يقول: أبو عبيد الله بن أخي ابن وهب ثقة. وقال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: أدركناه ولم نكتب عنه، قال: وسمعت أبا زرعة وأتاه بعض رفقائي فحكى عن أبي عبيد الله ابن أخي ابن وهب أنه رجع عن تلك الأحاديث، فقال أبو زرعة: إن رجوعه مما يحسن حاله، ولا يبلغ به المنزلة التى كان من قبل، قال: وسمعت أبي يقول: كتبنا عنه وأمره مستقيم، ثم خلط بعد، ثم جاء خبره أنه رجع عن التخليط، وسئل أبي عنه بعد ذلك فقال: كان صدوقًا. وقال ابن الأخرم: سمعت ابن أبي خزيمة وقيل له: لم رويت عن ابن أخي ابن وهب وتركت سفيان بن وكيع؟ فقال: لأن أحمد لما أنكروا عليه تلك الأحاديث وعرضوها عليه رجع عنها إلى آخرها إلا حديث مالك عن الزهري عن أنس: "إذا حضر العشاء" فإنه ذكر أنه وجده في درج من كتب عمه في قرطاس، وأما سفيان بن وكيع فإن وراقه أدخل عليه أحاديث فرواها، فكلمناه فلم يرجع عنها، فاستخرت الله وتركته. وقال ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، ومن كتب عنه من الغرباء لا يمتنعون من الرواية عنه، وسألت عبدان عنه فقال: كان مستقيم الأمر في أيامنا، ومن لم يلق حرملة اعتمد عليه في نسخ حديث ابن وهب. قال ابن عدي: ومن ضعفه أنكر عليه أحاديث وكثرة روايته عن عمه، وكل ما أنكروا عليه محتمل، وإن لم يروه غيره عن عمه، ولعله خصه به. وقال أبو سعيد بن يونس: لا تقوم بحديثه حجة. وقال هارون بن سعيد الأيلي: هو الذى كان يستملي لنا عند عمه، وهو الذى كان يقرأ لنا. وقال ابن الأخرم: نحن لا نشك في اختلاطه بعد الخمسين، وإنما ابتلي بعد خروج مسلم من مصر. وقال الدارقطني: تكلموا فيه.

فمما أُنكر عليه حديثه عن عمه، عن عيسى بن يونس الآتى في ترجمة نعيم بن حماد، فإن الحديث المذكور إنما يعرف به، وسرقه منه جماعة ضعفاء فرووه عن عيسى بن يونس، فلما =

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حدث به أحمد عن عمه أنكروا عليه.

وحديثه عن عمه عن عبيد الله بن عمر وابن عيينة ومالك، عن حميد، عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجهر بـ"بسم الله الرحمن الرحيم" في الفريضة.

وحديثه عنه عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا:"إذا كان الجهاد على باب أحدكم فلا يخرج إلا بإذن أبويه".

وحديثه عنه عن حيوة، عن أبي صخر، عن أبي حازم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا:"يأتي على الناس زمان يرسل إلى القرآن فيرفع من الأرض" تفرد أحمد برفعه.

وحديثه عنه، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا:"إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم وهى الوتر" وهو حديث موضوع على مالك.

وقد صح رجوع أحمد عن هذه الأحاديث التى أُنكرت عليه، ولأجل ذلك اعتمده ابن خزيمة من المتقدمين، وابن القطان من المتأخرين، والله الموفق.

وقال زكريا بن يحيى البلخي: ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، قال: قال أحمد بن صالح: بلغني أن حرملة يحدث بكتاب الفتن عن ابن وهب، فقلت له في ذلك وقلت له: لم يسمعه من ابن وهب أحد، ولم يقرأه على أحد، قال: فرجع من عندي على أنه لا يفعل، ثم بلغني أنه حدث به بعد، وقال: فقيل للبوشنجي: إن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب حدث به عن ابن وهب، قال: فهذا كذاب إذًا". اهـ

وقال البرذعي: وحملت معي من مصر جزءًا بخطى مما أنكرته من حديث أحمد بن عبد الرحمن بن أخي ابن وهب أبي عبيد الله ومما لديهم من الأسانيد والمتون، فدفعت الجزء إلى أبي زرعة، وكان علان بن عبد الرحمن المصري أعطاني حديث موسى بن يعقوب عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن إسحاق بن عبد الله أبي طلحة، عن أنس:"من كذب علي" ذكر أن ابن وهب حدثهم قال: نا موسى بن يعقوب أعطاني علان ذلك، فدفعه بخط ابن أخي ابن وهب، قال لي علان: كتب لي ذلك ابن أخي ابن وهب بخطه وقرأه علي، وحديث الزهري عن سحيم في الخسف، عن ابن وهب، عن يونس، فدفعت الرقعة أيضًا إلى أبي زرعة فجعل يقرأ ما في الكتاب، ويتعجب، ثم قال لي أبي زرعة: لا أرى ظهر بمصر منذ دهر أوضع للحديث =

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأجسر على الكذب من هذا، وكان مما كتبت في الجزء ما أنكرت من رواياته عن عمه، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم "من أكل من هذه الشجرة" فقال لي أبو زرعة: أي شئ أنكرت من هذا؟ قلت: أنكرته أنه إنما هو عن سعيد بن المسيب وحده، ليس أبو سلمة فقال لي: أصبت، ما هذا من حديث أبي سلمة، وأزيدك مما لست أراك أنك تهتدي إليه، قلت: لا أعلم إلا أني أنكرت فيه زيادته فيه عن أبي سلمة، لأن الحديث رواه جماعة عن إبراهيم بن سعد، فقال لي: رواه جماعة، وابن وهب لا أعلمه حدث عن إبراهيم بن سعد شيئًا أصلًا، ثم قال لي أبي زرعة: كان أبو حاتم يلقي إلى عنه أحاديث كنت أستحسنها، مثل حديث أبي الزعراء وغيره، فإذا هو آفة من الآفات، قلت: فتكتب بخطك إلى أصحابنا بمصر، فكتبت بخطه كلامًا غليظًا يأمر بهجرانه،، ومباينته، ونسبه إلى الكذب المصرح وكتب نحو ذلك أبو عبد الله محمد بن مسلم، وأبو حاتم، فأنفذت خطوطهم إلى علان وإبراهيم بن الأصم ثم قال لي أبو حاتم: شعرت أن ابن أخي ابن وهب كتب إلي وأنت بمصر يشكوك ويقول: إنك تعتب عليه، وكتبت إلي في كتابه: حدثنا عمي قال: نا عمر بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لو بغى جبل عن جبل إلا ذل الله الباغي منهما "فلما خرج ابني عبد الرحمن كتبت له إلى يونس وابن عبد الحكم ولم أكتب إليه، وقلت لعبد الرحمن: قل له: كتبت إلي في أمر البرذعي بما كفيتني مؤنة نفسك عندما ذكرت عن عمك، عن عمر بن محمد حديثًا لا أصل له بهذا الإسناد، فورد كتاب ابن أخي ابن وهب على أبي حاتم بعد أن ابني كتب إليك بهذا الحديث وغلط في إسناده، وليس هو من حديثي، وأنا أستغفر الله، وما حدثت بهذا الحديث أو نحو ذلك كلام هذا معناه أخبرني به أبو حاتم، وقال لي: ألا ترى ما كتب به ابن أخي ابن وهب، وكان معي فضل الصائغ عندما قال لي أبو حاتم هذه المقالة، فقال الفضل فيما أحسب أنه حدثني بهذا الحديث عن عمه، عن عمر بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم منذ كذا وكذا، وكان الفضل هناك مع أحمد بن صالح، ثم انصرف الفضل إلى منزله فعاد إلي ومعه كتابه، كتاب عتيق كتبه بمصر عنه فلم نلق هذا الحديث في أصل كتابه. وقد كان أبو حاتم كتب إليه معي: بلغني أنك رويت عن عمك، عن عيسى بن يونس، حديث عوف بن مالك "تفترق أمتي" وليس هذا من حديث عمك، ولا روى هذا عن عيسى أحد، غير نعيم بن حماد، وكتب إلي أيضًا كهل كان بمصر من أصحابنا يقال له أبو الحسين =

ص: 29

. . . . . . . . . . . . . . . .

= الأصبهاني، وكان من أصحاب الشافعي، فصرت أنا وأبو الحسين الأصبهاني إلى ابن أخي ابن وهب بكتاب أبي حاتم فقرأه، وقال: جزى الله أبا حاتم خيرًا لقد نصح، فوعظته أنا، وقلت له: هذا بحر بن نصر قد رفعه الله بمقدار عشرة آلاف حديث عنده عن عمك، فاتق الله فقال لي: ما حدثت بهذا الحديث قط، وأنا أعقله، وليس هذا الحديث من حديثي، ولا حديث عمي، وإنما وضعه لي أصحاب الحديث، ولست أعود إلى روايته حتى ألقى الله، وأنا تائب إلى الله أو نحو ما قال. فقلت له: هاهنا أحاديث عن هذا، قال: فاجمعها وآتني بها حتى أرجع عنها، فما مضى بي إلا عام، وكنت على أن أعود إليه، ومعي ما ينكر من حديثه حتى أتاني قوم ثقات من أصحابنا فحدثوني أنهم شهدوه في ذلك اليوم يحدث بحديث عيسى ابن يونس الذى قال لي ما قال عن عمه، فقصدت الرجل الذى قيل له أنه قرأ عليه الحديث، وكان جرجاني صديق لي، فقلت له: ابن أخي ابن وهب قرأ عليك حديث عيسى بن يونس؟ فقال لى: نعم، أخذ درهمين، وقرأه على ("سؤالات البرذعي، لأبي زرعة [2/ 709 - 716]).

وقال النسائي: أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي وهب كذاب. ("الضعفاء والمتروكين" للإمام النسائي).

وقال ابن حبان: أحمد بن عبد الرحمن بن أخي بن وهب يروي عن عمه، حدثنا عن شيوخنا ابن خزيمة وغيره، وكان يحدث بالأشياء المستقيمة قديمًا حيث كتب عنه ابن خزيمة وذووه، ثم جعل يأتي عن عمه بما لا أصل له كأن الأرض أخرجت له أفلاذ كبدها.

روى عمه عن مالك عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم وهي الوتر" فيما يشبه هذا مما لا خفاء على من كتب حديث ابن وهب من رواية الثقات. ("المجروحين" [1/ 149]).

وقال الحاكم: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري روى عنه مسلم أحاديث كثيرة احتج بها في المسند الصحيح.

قلت لأبي عبد الله محمد بن يعقوب الحاكم: أنه يحدث عن أحمد بن عبد الرحمن؟ فقال: إن أحمد بن عبد الرحمن ابتلي بعد خروج مسلم من مصر، فأما أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب فأنا لا أشك في اختلاطه بعد الخمسين وهو بعد خروج مسلم من مصر، والدليل عليه أحاديث جمعت عليه بمصر لا يكاد يقبلها العقل وأهل الصنعة، من تأملها علم أنها مخلوقة =

ص: 30

‌5 - أحمد بن أبي القاسم بن سنبلة البغدادي

قال الذهبي: أحمد بن أبي القاسم بن سنبلة البغدادي شيخ متأخر، مات سنة تسع عشرة وستمائة، اختلط قبل موته بأربع سنين

(1)

.

قال ابن حجر: أحمد بن أبي القاسم بن سنبلة سمع من أبي على الخراز، سمع منه ابن نقطة وغيره، وقال: إنه فسد حسه، بحيث أنه صار لا يجوز السماع منه

(2)

.

‌6 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حمدان الفارسي

قال الذهبي: قال الإدريسي: لم أكتب عن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حمدان الفارسي، خلط في شيء

(3)

.

‌7 - أبان بن صمعة

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن حنبل، نا علي بن المديني قال:

= أدخلت عليه فقبلها. ثم ذكر خمسة منها.

وقد عرض عليه أبو بكر محمد بن إسحاق منها عدة وأنكر بعضها، وأقر له بالبعض.

فأما أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس -رحمنا الله وإياه- فحدثونا عن ابنه أنه عرض كتاب أبيه على أحمد بن عبد الرحمن يسأله الرجوع عن أحاديث منها، فثبت عليه ولم يرجع عنه. فما يشبه حال مسلم معه إلا حال المتقدمين من أصحاب سعيد بن أبي عروبة. ("المدخل إلى الصحيح" للحاكم [4/ 130]).

(1)

"ميزان الاعتدال": [1/ 128].

(2)

"لسان الميزان": [1/ 348].

(3)

"ميزان الاعتدال": [1/ 129]. وقول الإدريسي "خلط في شيء": أي أخطأ في شئ، وليس معناه أنه اختلط بالمعنى الإصطلاحي.

ص: 31

سمعت يحيى القطان يقول: كان أبان بن صمعة قد تغير بآخره.

وقال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: أتيت أبان بن صمعة وقد اختلط البتة. قلت: قبل موته بكم؟ قال: بزمان.

نا ابن حنبل فيما كتب إلى قال: سألت أبي عن أبان بن صمعة فقال: صالح. فقلت له: أليس تغير بآخره؟ قال: نعم

(1)

.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبان بن صمعة كان أنكر في آخر أمره

(2)

.

قال الآجري: سألت أبا داود عن أبان بن صمعة فقال: أنكر في آخر عمره

(3)

.

قال ابن حجر: قال النسائى: أبان بن صمعة ليس به بأس إلا أنه كان اختلط.

وقال الحربي: اختلط بآخره

(4)

.

قال ابن عدي: وأبان بن صمعة له من الروايات قليل، وإنما عيب عليه اختلاطه لما كبر، ولم يُنسب إلى الضعف، لأن مقدار ما يرويه مستقيم، وقد روى عنه البصريون مثل سهل بن يوسف هذا، ومحمد بن أبى عدي

(1)

"الجرح والتعديل": [2/ 297].

(2)

"سؤالات أبي داود الفقهية" للإمام أحمد [ص 382].

(3)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [1/ 436].

(4)

"تهذيب التهذيب".

ص: 32

وأبو عاصم وغيرهم بأحاديث، وكلها مستقيمة غير منكرة، إلا أن يدخل في حديثه شيء بعد ما تغير واختلط

(1)

.

‌8 - إبراهيم بن خثيم بن عراك

قال الذهبي: قال أبو إسحاق الجوزجاني: كان إبراهيم بن خثيم بن عراك غير مقنع، اختلط بآخره.

وقال النسائي: متروك.

وروى شريح بن يونس، حدثنا إبراهيم بن خثيم، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعًا: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "مهلًا على الله مهلًا، فلولا شباب خشع، وشيوخ ركع، وأطفال رضع، وبهائم رتع، لصب عليكم العذاب صبًا". رواه أبو يعلي في "مسنده" عن شريح

(2)

(3)

.

(1)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [1/ 392]. وفي "تهذيب التهذيب": "قال ابن معين: أبان بن صمعة ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال العجلي والنسائي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وليس له عند مسلم سوى حديث واحد في الأدب". اهـ

وقال الحافظ في "التقريب": أبان بن صمعة صدوق تغير آخرًا، وحديثه عند مسلم متابعة.

(2)

"ميزان الاعتدال": [1/ 30].

(3)

قال ابن حجر في "لسان الميزان"[1/ 140]: قال أبو زرعة: إبراهيم بن خثيم بن عراك منكر الحديث. وقال الدوري: سمعت ابن معين يقول: كان الناس يصيحون به لا شيء، وكان لا يكتب عنه. وقال في موضع آخر: ليس بثقة ولا مأمون. وقال الساجي: ضعيف ابن ضعيف. وعده جماعة ممن ألف في الضعفاء. وأورد له العقيلي عن أبيه، عن جده، عن أبي

هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلًا في تهمة" وقال: لا يتابع على رفعه.

قلت: وسيأتي له ذكر في ترجمة إبراهيم بن زكريا. اهـ

ص: 33

‌9 - إبراهيم بن العباس السامري

قال الذهبى: قال محمد بن سعد: إبراهيم بن العباس السامري اختلط في آخر عمره وحجبه أهله حتى مات.

قلت: فما ضره الاختلاط، وعامة من يموت يختلط قبل موته، وإنما المضعف للشيخ أن يروي شيئًا زمن اختلاطه

(1)

.

قال العلائي: إبراهيم بن العباس السامري أخرج له النسائي ووثقوه. قال ابن سعد: اختلط في آخر عمره، فحجبه أهله حتى مات، يعني ولم يرو شيئًا حينئذ، فهو من القسم الأول

(2)

(3)

.

(1)

"ميزان الاعتدال": [1/ 39].

(2)

"كتاب المختلطين"[ص 5]. وقال العلائى [ص 3]: أما الرواة الذين حصل لهم الإختلاط في آخر عمرهم، فهم على ثلاثة أقسام:

أحدها: من لم يوجب ذلك له ضعفًا أصلًا، ولم يحط من مرتبته، إما لقصر مدة الاختلاط وقلته، كسفيان بن عيينة، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وهما من أئمة الإسلام المتفق عليهم.

وإما لأنه لم يرو شيئًا حال اختلاطه، فسلم حديثه من الوهم، كجرير بن حازم، وعفان بن مسلم ونحوهما.

والثانى: من كان متكلمًا فيه قبل الاختلاط، فلم يحصل من الاختلاط إلا زيادة في ضعفه، كابن لهيعة ومحمد بن جابر السحيمي ونحوهما.

والثالث: من كان محتجًا به، ثم اختلط، أو عُمِّر في آخر عمره، فحصل الاضطراب فيما روى بعد ذلك، فيتوقف الاحتجاج به على التمييز بين ما حدث به قبل الاختلاط عما رواه بعد ذلك.

(3)

في "تهذيب التهذيب": "قال أحمد: إبراهيم بن العباس السامري صالح الحديث. وقال مرة: ثقة لا بأس به. وقال أبو حاتم: شيخ. وقال الدارقطني: ثقة. وقال أبو عوانة =

ص: 34

‌10 - إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بابن راهويه

قال ابن حجر: قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: إسحاق بن راهويه تغير قبل أن يموت بخمسة أشهر، وسمعت منه في تلك الأيام فرميت به

(1)

.

قال الذهبي: وذكر لشيخنا أبى الحجاج حديث فقال: قيل إسحاق اختلط في آخر عمره.

قلت: الحديث ما رواه عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة في الفأرة، فزاد فيه إسحاق من دون أصحاب سفيان، وإن كان ذائبًا فلا تقربوه.

فيجوز أن يكون الخطأ ممن بعد إسحاق، وكذا حديث جعفر الفريابي، حدثنا إسحاق بن راهوية، حدثنا شبابة، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس. "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلَّى الظهر والعصر، ثم ارتحل". فهذا على نبل رواته منكر، فقد رواه مسلم عن الناقد، عن شبابة، ولفظه:"إذا كان في سفر وأراد الجمع أخر الظهر حتى يدخل وقت العصر، ثم يجمع بينهما".

تابعه الزعفرانى، عن شبابة، وأخرجه مسلم من حديث عقيل، عن ابن

= الإسفرائيني: حدثنا معاوية بن صالح الأشعري، حدثني إبراهيم بن أبى العباس بغدادي ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.

(1)

"تهذيب التهذيب".

ص: 35

شهاب، عن أنس، ولفظه:"إذا عجل به السير أخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما".

ولا ريب أن إسحاق كان يحدث الناس من حفظه فلعله اشتبه عليه، والله أعلم

(1)

(2)

.

‌11 - إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبى فروة كان صدوقًا، ولكنه ذهب بصره فربما لقن الحديث، وكتبه صحيحة، وكتب أبي وأبو زرعة عنه، ورويا عنه

(3)

.

(1)

قال ابن حبان في "الصحيح"[6/ 2668]: وهم في هذا الإسناد الدراوردي، حيث قال عن ابن عباس، وإنما هو عن أبي سعيد الخدري، وكان إسحاق يحدث من حفظه كثيرًا فلعله من وهمه أيضًا.

(2)

"ميزان الاعتدال": [1/ 183].

وانظر ما قاله العلائي في إسحاق في حاشية إبراهيم بن العباس السامري.

(3)

"الجرح والتعديل": [2/ 233].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم الرازي مرة: يضطرب. وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فوهاه جدًا، وقال: لو جاء بذاك الحديث عن مالك يحيى بن سعيد لم يحتمل له، ما هو من حديث عبيد الله بن عمر، ولا من حديث يحيى بن سعيد، ولا من حديث مالك. قال الآجري: يعنى حديث الإفك الذى حدث به الفروي عن مالك وعبيد الله عن الزهري. وقال النسائي: متروك.

وقال الدارقطني: ضعيف، وقد روى عنه البخاري ويوبخونه في هذا. وقال الدارقطني أيضًا لا يترك وقال الساجى: فيه لين، روى عن مالك أحاديث تفرد بها، وقال العقيلي: جاء عن مالك بأحاديث كثيرة لا يتابع عليها. وقال الحاكم: عيب على محمد إخراج حديثه وقد غمزوه". اهـ

وذكره بن حبان في الثقات وقال: يغرب ويتفرد. وقال الدارقطني: ضعيف، تكلموا فيه، =

ص: 36

‌12 - إسماعيل بن عياش

قال ابن حبان: أنبأنا إبراهيم بن عبد الواحد العنسي بدمشق، قال: سمعت مضر بن محمد الأسدي يقول: سألت يحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال: إذا حدث عن الشاميين عن صفون وجرير فحديثه صحيح، وإذا حدث عن العراقيين والمدنيين خلطه ما شئت. أخبرنا محمد بن زياد الزيادي، ثنا ابن أبي شيبة، قال: سمعت يحيى بن معين وذكر عنده إسماعيل بن عياش فقال: كان ثقة فيما يروي عن أصحابه أهل الشام، وما روى عن غيرهم يخلط فيه

(1)

.

قال أبو حاتم: كان إسماعيل بن عياش من الحفاظ المتقنين في حداثته، فلما كبر تغير حفظه، فما حفظ في صباه وحداثته أتى به على وجهه، وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء خلط فيه وأدخل الإسناد في الإسناد وألزق المتن بالمتن وهو لا يعلم، ومن كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر، خرج عن الاحتجاج به

= قالوا فيه كل قول. (الثقات: [8/ 114]، سؤالات الحاكم للدارقطني [ص 185]).

وقال الحافظ ابن حجر: في "هدي الساري": المعتمد فيه ما قال أبو حاتم: كان صدوقًا، ولكن ذهب بصره .... روى عنه البخاري في كتاب الجهاد حديثًا، وفي فرض الخمس آخر كلاهما عن مالك، وأخرج له في الصلح حديثًا آخر مقرونًا بالأويسي، وكأنها مما أخذه عنه من كتابه قبل ذهاب بصره.

(1)

قول ابن معين أن إسماعيل بن عياش يخلط في حديث العراقيين والمدنيين لا يعني الاختلاط الاصطلاحي، ولكن يعني أنه كان يخطئ في حديث العراقيين والمدنيين سواء كان ذلك في أول عمره أو آخره.

ص: 37

فيما لم يخلط فيه.

روى عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في هذه الأمة رجل يقال له الوليد هو أشد على هذه الأمة من فرعون على قومه، ويقال إنه الوليد بن عبد الملك، وهذا خبر باطل، ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، ولا عمر رواه، ولا سعيد حدث به، ولا الزهرى رواه، ولا هو من حديث الأوزاعى بهذا الإسناد

(1)

.

(1)

أخرجه أحمد (1/ 18) عن أبي المغيرة، عن إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي وغيره، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب قال: ولد لأخي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلام فسموه الوليد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سميتموه بأسماء فراعنتكم، ليكونن في هذه الأمة رجل يُقال له الوليد، لهو أشر على هذه الأمة من فرعون لقومه".

وأبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج الشامي ثقة، وخالف إسماعيل بن أبي إسماعيل أبو المغيرة فجعله عن ابن المسيب مرسلًا، رواه عنه الحارث بن أسامة في مسنده كما في "المطالب اعلالية"[ح 3104].

ورواه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"[3/ 450] عن محمد بن خالد بن العباس السبكي، عن الوليد بن مسلم، حدثنى الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلًا.

وتابع بشر بن بكر الوليد بن مسلم كما عند البيهقي في "دلائل النبوة": [6/ 505].

وخالفهم نعيم بن حماد كما عند الحاكم [4/ 494] فجعله عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

وسُئل الدارقطني في "العلل"[2/ 192] عن هذا الحديث، فقال: يرويه الأوزاعي واختلف عنه.

فرواه إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن عمر. =

ص: 38

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وغيره يرويه عن الأوزاعي، ولا يذكر فيه عن عمر، وهو الصواب.

وقال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد"[ص 20 - 26]: قول ابن حبان إنه باطل دعوى لا برهان عليها، ولا أتى بدليل يشهد لها، وقوله:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقله ولا عمر ولا سعيد ولا الزهري "شهادة نفي صدرت عن غير استقراء تام على ما سنبينه، فهي مردودة، وكلامه في إسماعيل بن عياش غير مقبول كله، فإن راويه إسماعيل بن عياش عن الشاميين عند الجمهور قوية وهذا منها، وإنما ضعفوه في روايته عن غير أهل الشام، نص على ذلك يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وعمرو بن على الفلاس وعبد الرحمن ابن إبراهيم دحيم والبخاري ويعقوب بن سفيان ويعقوب بن شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني والنسائي والدولابي وأبو أحمد بن عدي وآخرون، وقد وثقه بعضهم مطلقًا، والعجب أن ابن حبان موافق للجماعة على أن حديثه عن الشاميين مستقيم وهذه عبارته فيه، ثم ذكر كلام ابن حبان، ثم قال: فهذا كما تراه قيد كلامه بحديث الغرباء، وليس حديثه المتقدم من حديثه عن الغرباء، وإنما هو من روايته عن شاميين وهو الأوزاعي، وأما إشارته إلى أنه تغير حفظ واختلط فقد استوعبت كلام المتقدمين فيه في كتابي "تهذيب التهذيب" ولم أجد عن أحد منهم أنه نسبه الى الاختلاط، وإنما نسبوه إلى سوء الحفظ في حديثه عن غير الشاميين، كأنه كان إذا رحل إلى الحجاز أو العراق اتكل على حفظ فيخطئ في أحاديثهم. قال يعقوب بن سفيان: تكلم ناس في إسماعيل بن عياش، وإسماعيل ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشام، وأكثر ما قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين. انتهى

ومع كون إسماعيل بهذا الوصف وحديثه المتقدم عن شامي فلم ينفرد به كما قال ابن حبان وابن الجوزي، وإنما تفرد بذكر عمر فيه خاصة، على أن الرواة عنه لم يتفقوا على ذلك. ثم ذكر طريق إسماعيل بن أبي إسماعيل عن إسماعيل بن عياش ثم قال: نعم رواه سليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل عن إسماعيل بن عياش فذكر فيه عمر. حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن على الهاشمي ولفظه: أنا أبو الحزم بن أبي الفتح الحنبلي، قال: قرئ على مؤنسة بنت أبي بكر بن أيوب ونحن نسمع عن عفيفة بنت أحمد أنا عبد الواحد بن =

ص: 39

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= محمد، ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر ابن الخطاب فذكر مثل حديث أبي المغيرة، وزاد فيه بعد قوله "بأسماء فراعنتكم" غيروا اسمه، فسموه عبد الله فإنه سيكون، والبقية سواء.

وأما من تابع إسماعيل عن الأوزاعي فقد رواه عن الأوزاعي أيضًا الوليد بن مسلم الدمشقي وبشر بن بكر التنيسى والهقل بن زياد كاتب الأوزاعي ومحمد بن كثير، لكنهم أرسلوه فلم يذكروا فيه عمر كما وقع عند الحارث. ثم خرج رواية الوليد بن مسلم وبشر بن بكر ثم قال: وأما رواية محمد بن كثير والهقل بن زياد فأشار إليهما الذهبي في ترجمة الوليد ابن يزيد في "تاريخ الإسلام" ثم وجدتهما في ترجمة الوليد في "تاريخ ابن عساكر" أخرجهما من طريق الزهري في الزهريات ثنا الحكم بن موسى، ثنا الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: ولد لأخي أم سلمة غلام فسموه الوليد. الحديث.

قال: وحدثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري قال: ولد لآل أم سلمة ولد فسموه الوليد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"تسمون الوليد بأسماء فراعنتكم، فسموه عبد الله".

وتابع الأوزاعي على رواية له عن الزهري محمد بن الوليد الزبيدي -ويحتمل أنه الذى أبهمه إسماعيل بن عياش لأنه شامي أيضًا- ومعمر بن راشد البصري. وأما رواية الزبيدي فظفرت بها في بعض الأجزاء ولم يحضرني الآن اسم مخرجها.

وأما رواية معمر فرويناها في الجزء الثاني من أمالي عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب فذكره ولم يذكر عمر. قال البيهقي بعد تخريجه: هذا الحديث مرسل حسن.

قلت: هو على شرط الصحيح ولو صرح سعيد بن المسيب بسماعه له من أم سلمة أدركها وسمع منها.

ووقع لنا الحديث من روايتها من وجه آخر رواه ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها قالت: "دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعندي غلام من آل المغيرة اسمه الوليد، فقال: من هذا؟ قلت: الوليد. قال: قد اتخذتم الوليد حنانًا، غيروا اسمه فإنه =

ص: 40

وروى عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير نسائكم العفيفة الغلمة" أخبرناه عمر بن سعيد، ثنا محمد بن عون، ثنا أبو اليمان، ثنا إسماعيل بن عياش، أخبرنا محمد بن المسيب، ثنا عيسى بن خالد بن أخي أبي اليمان،

= سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له الوليد".

وهذا إسناد حسن، أخرجه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" له، ورواه محمد بن سلام الجمحي عن حماد بن سلمة فذكره معضلًا.

وروى الطبراني في "المعجم الكبير" من طريق عبد العزيز بن عمران عن إسماعيل بن أيوب المخزومي قصة موت الوليد بن الوليد بن المغيرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وهى تقول:

أبك الوليد بن الوليد أبا المغيرة بن الوليد

فقال: إن كدتم تتخذون الوليد حنانًا.

فهذا شاهد آخر لأصل القصة، وبدون هذا يعلم بطلان شهادة ابن حبان بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله، ولا سعيد بن المسيب حدث به، ولا الزهري ولا الأوزاعي.

وفي تصريح بشر بن بكر عن الأوزاعي بأن الزهري حدثه به ما يدفع تعليل من علله بتدليس الوليد بن مسلم تدليس التسوية، وغاية ما ظهر في طريق إسماعيل بن عياش من العلة أن ذكر عمر فيه لم يتابع عليه، والظاهر أنه من رواية أم سلمة لإطباق معمر والزبيدي عن الزهري، وبشر بن بكر والوليد بن مسلم عن الأوزاعي على عدم ذكر عمر فيه. والله أعلم

وأما رواية نعيم بن حماد له عن الوليد بذكر أبي بكر فيه فشاذة.

ومن شواهده ما روى الطبراني من طريق ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن معاذ بن جبل قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا فيه: قال: الوليد اسم فرعون، هادم شرائع الإسلام، يبوء بدمه رجل من أهل بيته.

ص: 41

ثنا أبو اليمان، ثنا إسماعيل مثله

(1)

(2)

.

‌13 - إسماعيل بن محمد بن أحمد بن ملة الأصبهانى

قال الذهبي: إسماعيل بن محمد بن أحمد بن ملة الأصبهاني صاحب تلك المجالس يروي عن ابن ريذة وجماعة. قال ابن ناصر: وضع حديثًا وأملاه، وكان يخلط

(3)

.

(1)

قال الشيخ الألباني رحمه الله في "الضعيفة"[ح 1498]: حديث "خير نسائكم العفيفة الغلمة" ضعيف جدًا. أخرجه ابن عدي [145/ 1] عن عبد الملك بن محمد الصنعانى، حدثنا زيد بن جبيرة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدًا من أجل ابن جبيرة، فإنه متروك كما تقدم آنفًا. وعبد الملك بن محمد الصنعانى من صنعاء دمشق، وهو لين الحديث كما قال الحافظ.

والحديث عزاه في "الجامع الصغير" للديلمي في مسند "الفردوس" فقط! بزيادة: "عفيفة في فرجها غلمة على زوجها".

فقال المناوي: "وفيه عبد الملك بن محمد الصنعاني، قال ابن حبان: لا يجوز أن يُحتج به.

عن زيد بن جبيرة، قال الذهبي: تركوه. ورواه ابن لال ومن طريقه أورده الديلمي مصرحًا فلو عزاه المصنف للأصل لكان أصوب".

قلت: وقد وجدت له طريقًا أخرى ولكنها معلولة أيضًا، فقال ابن أبي حاتم [1/ 396]: وسألت أبي عن حديث حدثنا به محمد بن عوف الحمصي قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس .. (فذكره).

فسمعت أبي يقول: إنما يروونه عن زيد بن جبيرة عن يحيى بن سعيد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وزيد بن جبيرة ضعيف الحديث.

قلت: وعلة هذا الطريق إسماعيل بن عياش، فإنه ضعيف في غير روايته عن الشاميين، وهذا منها. ا هـ

(2)

"المجروحين": [1/ 124 - 126].

(3)

"ميزان الاعتدال": [1/ 248].

ص: 42

قال ابن حجر: ولو ذكر ابن ناصر الحديث لأفاد، وأما سماع ابن ملة لمعجم الطبراني الكبير من ابن ريذة فقد وقفت على أصل سماعه بالضيائية، وقد وثقه أبو منصور اليزدي.

وقال ابن النجار: قد وصفه شيرويه الحافظ بالصدق، ولا أعلم لأحدٍ فيه طعنًا إلا ما حُكي عن ابن ناصر، والله أعلم بحقيقة الحال.

قلت: وقد أثنى عليه أيضًا الحافظ أبو نصر اليونارتي في معجمه، فقال: كان من الأئمة المرضيين، يرجع في كل فن من العلوم إلى حظ وافر، توفى في ربيع الأول سنة تسع وخمسمائة، روى عنه السلفي، وقال: هو من المكثرين

(1)

.

‌14 - إسماعيل بن مسلم المكي

قال ابن أبي حاتم: ثنا صالح بن أحمد بن حنبل، نا علي -يعني المدينى- قال: سمعت يحيى -يعني القطان- وسُئل عن إسماعيل بن مسلم المكي، قال: لم يزل مختلطًا

(2)

، يُحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب.

سألت أبي عن إسماعيل بن مسلم العبدي فقال: هو ضعيف الحديث مخلط.

قلت له: هو أحب إليك أو عمرو بن عبيد؟ قال: جميعًا ضعيفين،

(1)

"لسان الميزان": [2/ 128].

(2)

قال الشيخ المعلمي. في [م] مخلط.

ص: 43

وإسماعيل هو ضعيف الحديث، ليس بمتروك، يكتب حديثه

(1)

.

(1)

"الجرح والتعديل": [2/ 198].

وما ذكره يحيى القطان وأبو حاتم الرازي لا يقتضي وصف إسماعيل بن مسلم المكي بالاختلاط الإصطلاحي، إنما معناه أنه كان سيء الحفظ فيُخطئ في الأسانيد والمتون ولا يأتي بها على وجهها. فلا يصح وصف إسماعيل بأنه اختلط في آخر عمره.

وهناك رواة آخرين ذُكروا في كتب المختلطين لوصف العلماء لهم بالتخليط، ولا يصح وصفهم بالاختلاط الإصطلاحي، كـ (خصيف بن عبد الرحمن الجزري، وأبو جعفر الرازي).

وفي "تهذيب التهذيب": "قال عمرو بن على الفلاس: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن إسماعيل بن مسلم المكي. وقال إسحاق بن أبي إسرائيل عن ابن عيينة: كان إسماعيل يخطئ، أسأله عن الحديث فما كان يدري شيئًا. وقال أبو طالب عن أحمد: منكر الحديث.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما روي عن الحسن في القراءات، فأما إذا جاء إلى مثل عمرو ابن دينار أسند عنه أحاديث مناكير، ليس أراه بشيء، وكأنه ضعفه، ويسند عن الحسن عن سمرة أحاديث مناكير. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال ابن المديني: لا يُكتب حديثه. وقال الفلاس: كان ضعيفًا في الحديث يهم فيه، وكان صدوقًا يكثر الغلط، يُحدث عنه من لا ينظر في الرجال. وقال الجوزجاني: واه جدًا. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال البخاري: تركه يحيى وابن مهدي، وتركه ابن المبارك وربما ذكره. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال مرة: ليس بثقة. وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة، إلا أنه ممكن يُكتب حديثه. وقال ابن حبان: كان فصيحًا، وهو ضعيف يروي المناكير عن المشاهير ويقلب الأسانيد وقال الحربي: كان يُفتي، وفي حديثه شيء. وقال الحاكم عن أبي علي الحافظ: ضعيف.

وقال ابن خزيمة: أنا أبرأ من عهدته. وقال البزار: ليس بالقوي. وذكره الفسوي في باب من يرغب عن الرواية عنهم. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وذكره العقيلي والدولابي والساجي وابن الجارود وغيرهم في الضعفاء. وقال ابن سعد: قال محمد بن عبد الله الأنصاري: كان له رأي وفتوى وبصر وحفظ للحديث، فكنت أكتب عنه لنباهته". اهـ

وقال أبو داود عن أحمد: إسماعيل بن مسلم البصري الذى روى عن الحسن والزهري منكر الحديث جدًا، أهل البصرة تركوا حديثه، يحيى لم يحدث عنه.

وقال العقيلي: حدثنا الخضر قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: قلت لأبي عبد الله: =

ص: 44

‌15 - إسماعيل بن يزيد بن حريث

قال ابن حجر: إسماعيل بن يزيد بن حريث بن مردانبه القطان أبو أحمد روى عن سفيان بن عيينة، وبشر بن السري، ووكيع، وأنس بن عياض، ومعن بن عيسى، والوليد بن مسلم، وابن مهدي، وأبي داود الطيالسي، وعدة. روى عنه محمد بن حميد الرازي مع تقدمه، وأحمد بن الحسين الأنصاري، وغيرهما، وصنف المسند والتفسير، وكان يذكر بالزهد والعبادة، كثير الغرائب والفوائد.

قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان": اختلط عليه بعض حديثه في آخر أيامه، أخبرنا بذلك علي بن محمد الصائغ، عن أبي بكر الدشتى، أن يوسف بن خليل الحافظ أخبره، أنا مسعود الجمال، أنا الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا محمد بن جعفر بن يوسف، ثنا أحمد بن الحسين الأنصاري، ثنا إسماعيل بن يزيد القطان، ثنا الحسين بن حفص، ثنا عمر بن قيس المكي، عن الزهري، عن سعيد بن

= إسماعيل بن مسلم المكي ترك حديثه للقدر، أو من أجل حديثه؟ قال: لا، حديثه كما رأيت عن عمرو بن دينار والزهري. قلت: وعن الحسن ومحمد بن المنكدر؟ قال: نعم عجائب.

وقال الترمذي: ضعف محمد إسماعيل بن مسلم المكي جدًا.

وقال الآجري عن أبي داود: إسماعيل بن مسلم يحدث عن الحسن، ضعيف كان يتفقه.

("سؤالات أبي داود "للإمام أحمد [ص 171]، و"الضعفاء الكبير": [1/ 92]، و"علل الترمذى الكبير": [ص 237]، و"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 212، 52]).

ص: 45

المسيب، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حريم القليب العادية خمسون ذراعًا، والبادية خمسة وعشرون ذراعًا".

وقال سعيد بن المسيب من ذاته: وحريم الحرث ثلثمائة ذراع. وعمر بن قيس المكي هو الملقب بسندل ضعيف.

وذكر أبو الشيخ في "طبقات أصبهان" أنه يروي عن ابن عيينة، وكان سمع منه، وسمع من الحميدي عن ابن عيينة، فاختلط حديثه، ولم يتعمد الكذب. قال: وكان خيرًا كثير الفوائد والغرائب، توفي قبل الستين والمائتين. وقال أبو نعيم: مات سنة ستين أو قبلها بقليل.

وفي كتاب ابن أبي حاتم: إسماعيل بن يزيد غير منسوب روى عن السندي بن عبدويه، وإسحاق بن سليمان، روى عنه أبو حاتم، وسُئل عنه فقال: صدوق، وهو خال أبي حاتم، فأظن أنه هو القطان

(1)

.

‌16 - أشعث بن سوار الأثرم صاحب التوابيت

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت الأشعث الأثرم، قال أبي: يعني ابن سوار، قال: سمعت الشعبي، يحدث عن السنة بالنساء -يعني الطلاق والعدة-، قال شعبة: وذاك قبل أن يختلط الأشعث الأثرم

(2)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا بندار عن محمد بن جعفر غندر، وابن

(1)

"لسان الميزان": [1/ 137 - 138].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال": [2/ 160/ 161].

ص: 46

معاذ عن أبيه عن شعبة قال: سمعت الأشعث بن الأثرم قبل أن يخلط.

قال محمد: قبل أن يختلط

(1)

.

(1)

"المعرفة والتاريخ": [2/ 104].

وقد انفرد شعبة رحمه الله بوصف أشعث بن سوار بالاختلاط. ففي "تهذيب التهذيب": "قال الثوري: أشعث أثبت من مجالد. وقال يحيى بن سعيد: الحجاج بن أرطاة ومحمد بن إسحاق عندي سواء، وأشعث دونهما. وقال عمرو بن على: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه، ورأيت عبد الرحمن يخط على حديثه. وقال أبو موسى: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن سفيان عنه بشيء قط. وقال الدوري عن ابن معين: أشعث بن سوار أحب إلي من إسماعيل بن مسلم، وسمع من الشعبي، ولم يسمع من إبراهيم. وقال ابن معين مرة: ضعيف. وقال ابن الدورقي عنه: ثقة. وقال أحمد: هو أمثل في الحديث من محمد بن سالم، ولكنه على ذلك ضعيف الحديث. وقال العجلي: أشعث أمثل من محمد بن سالم. وقال أبو زرعة: لين. وقال النسائي والدارقطنى: ضعيف. وقال ابن عدي: ولأشعث بن سوار روايات عن مشايخه، وفي بعض ما ذكرت يخالفونه، وفي الجملة يكتب حديثه، وأشعث بن عبد الملك خير منه، ولم أجد له فيما يرويه متنًا منكرًا، إنما في الأحايين يخلط في الإسناد ويخالف. وقال الحافظ: إنما أخرج له مسلم في المتابعات. وقال البرقاني: قلت للدارقطني: أشعث عن الحسن، قال: هم ثلاثة يحدثون جميعًا عن الحسن: الحمراني وهو ابن عبد الملك أبو هانئ ثقة، وابن عبد الله بن جابر الحداني يعتبر به، وابن سوار يعتبر به وهو أضعفهم، روى عنه شعبة حديثًا واحدًا. وقال ابن حبان: فاحش الخطأ كثير الوهم. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا في حديثه. وقال العجلي: ضعيف يُكتب حديثه. وقل مرة: لا بأس به وليس بالقوي، قال: وقال ابن مهدي: هو أرفع من مجالد، قال: والناس لا يتابعونه على هذا، مجالد أرفع منه. وقال ابن شاهين في الثقات عن عثمان بن أبي شيبة: صدوق، قيل: حجة؟ قال: لا. وقال بندار: ليس بثقة. وقال الآجري قلت لأبي داود: أشعث وإسماعيل بن مسلم أيهما أعلى؟ قال: إسماعيل دون أشعث، وأشعث ضعيف. وقال البزار: لا نعلم أحدًا ترك حديثه إلا من هو قليل المعرفة. واستنكر له العقيلي روايته عن الحسن عن أبي موسى حديث: "الأذنان من الرأس" وقال: لا يتابع عليه. اهـ

ص: 47

‌17 - أصبغ مولى عمرو بن حريث

قال البخاري: قال ابن المبارك: حدثنا إسماعيل بن أبى خالد عن أصبغ، وأصبغ حى في وثاق قد تغير

(1)

.

قال النسائي: أصبغ مولى عمرو بن حريث قيل إنه كان تغير.

(2)

قال ابن حبان: أصبغ مولى عمرو بن حريث من أهل الكوفة تغير بآخره حتى كُبل بالحديد، لا يجوز الاحتجاج بخبره إلا بعد التخليص، وعلم الوقت الذى حدث فيه، والسبب الذى يؤدي إلى هذا العلم معدوم فيه

(3)

.

‌18 - أفضل بن أبي الحسن بن محفوظ الحفار

قال ابن حجر: أفضل بن أبي الحسن بن محفوظ الحفار متأخر، سمع من ابن الطلاية. قال ابن النجار: سمعت منه، وكان شيخًا لا بأس به، بلغني أنه تغير قبل موته. توفي رابع عشر شعبان سنة سبع وستمائة

(4)

.

‌19 - أنيس بن خالد

قال الذهبى: أنيس بن خالد شيخ روى عنه زيد بن الحباب. قال البخاري:

(1)

"التاريخ الكبير": [2/ 35]، و"الضعفاء الكبير" للعقيلي:[1/ 129].

(2)

"الضعفاء والمتروكين" للإمام النسائي.

(3)

"المجروحين": [1/ 173]. وفي "تهذيب التهذيب": "قال ابن معين والنسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ. وذكره العقيلي وابن الجارود في الضعفاء".

(4)

"لسان الميزان": [2/ 159].

ص: 48

ليس بذاك، سمع المسيب بن رافع ومحارب بن دثار

(1)

.

قال ابن حجر: قال ابن عدي: ليس بالمعروف، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال ابن أبي حاتم فيه: التميمي السعدي، روى عن عطاء وأبي إسحاق وجامع بن أبي راشد، وعنه أبو نعيم وأبو الوليد وأحمد بن يونس. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: أنيس بن خالد في حديثه شئ، من كتب عنه قديمًا فأحاديثه أشبه بالصواب

(2)

.

(1)

"ميزان الاعتدال"[1/ 277].

(2)

"لسان الميزان"[2/ 164].

ص: 49

‌حرف الباء

‌20 - بحر بن مرار

قال البخاري: قال يحيى بن القطان: رأيت بحرًا اختلط

(1)

.

قال النسائي: بحر بن مرار بن عبد الرحمن نكرة، تغير

(2)

.

قال ابن عدي: ولبحر بن مرار هذا غير ما ذكرت من الحديث شيء يسير ولا أعرف له حديثًا منكرًا فأذكره، ولم أر أحدًا من المتقدمين ممن تكلم في الرجال ضعفه إلا يحيى القطان، ذكر أنه كان قد خُولط، ومقدار ماله من الحديث لم أر فيه حديثًا منكرًا

(3)

.

قال ابن حبان: بحر بن مرار بن عبد الرحمن بن أبي بكرة اختلط بآخره حتى كان لا يدري ما يُحدّث، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز، تركه يحيى القطان

(4)

.

‌21 - بُرد بن علي بن بُرد أبو سعيد الأبهري

قال ابن حجر: قال أبو القاسم بن الطحان في ذيله على تاريخ الغرباء الذين

(1)

"التاريخ الكبير": [2/ 126].

(2)

"الضعفاء والمتروكين" للإمام النسائي.

(3)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [2/ 56].

(4)

"المجروحين": [1/ 194]. وفي "تهذيب التهذيب": "روى عنه القطان وأثنى عليه خيرًا فيما حكاه ابن المديني وقال: كان من أقدمهم. وقال ابن معين: ثقة. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكر العقيلي حديثه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه: مر بقبرين يعذبان، وقال: لا يتابع عليه. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم".

ص: 50

قدموا مصر: بُرد بن علي بن بُرد أبو سعيد الأبهري سمع معنا وقبلنا في رحلته من المشرق، قال: وكان قد اختلط قبل موته بشيء يسير، توفي في شهر رجب سنة ثمان وسبعين وثلثمائة. وفيها أرخها القراب عن أبي سعد الماليني، وقال: كان قد سمع وكتب، وقرأ القرآن، ومات بمصر

(1)

.

‌22 - بزغش بن عبد الله الرومي أبو منصور

قال ابن حجر: بزغش بن عبد الله روى عن أبى الحسن بن عبد السلام، والقاضي أبي الفضل الأرموي، والفضل بن سهل الإسفراييني. قال ابن النجار في "المشيخة المنذرية": كتبت عنه، وكان صحيح السماع صالحًا إلا أنه خرف في آخر عمره وتغيرت أحواله، ذكر لي أنه ولد تقريبًا سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، ومات في صفر سنة عشر وستمائة. قلت: روى عنه النجيب الحراني بالسماع وغيره

(2)

.

‌23 - بسر بن أرطاة

قال برهان الدين ابن العجمي: بسر بن أرطاة بن أبي أرطاة يُقال: إنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قُبض وهو صغير، هذا قول الواقدي وابن معين وأحمد وغيرهم، وقالوا: خرف في آخر عمره. وأما أهل الشام فيقولون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وقد ذكر بسر بن أرطاة الحاكم في "مستدركه" ونقل فيه عن خليفة -يعني ابن خياط شبابًا العصفري- أنه قال: مات في خلافة معاوية وقد خرف، توفي بالمدينة يكنى

(1)

"لسان الميزان": [2/ 191].

(2)

"لسان الميزان": [2/ 196].

ص: 51

أبا عبد الرحمن

(1)

.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 69].

وقال الذهبي في "الميزان": [1/ 309]: بسر بن أرطأة له صحبة فيما قيل، وقيل: لا، وأورده ابن عدي في "الكامل". وقال الواقدي: قُبض النبي صلى الله عليه وسلم وبسر صغير لم يسمع منه. وقال ابن معين: كان رجل سوء، أهل المدينة ينكرون أن يكون له صحبة. وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب":"بسر بن أرطأة، ويقال ابن أبي أرطأة مختلف في صحبته، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين أحدهما: "لا تُقطع الأيدي في السفر"، والآخر: "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها .. " الحديث. وعنه جنادة بن أمية وأيوب بن ميسرة بن حلبس وغيرهما قال ابن عساكر: سكن دمشق وشهد صفين مع معاوية، وكان على الرجالة، ولاه معاوية اليمن وكانت له بها أثار غير محمودة، وقيل أنه خرف قبل موته. وقال ابن يونس: بسر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد فتح مصر واختلط بها، وكان من شيعة معاوية، وكان معاوية وجهه الى اليمن والحجاز في أول سنة 40، وأمره أن يستقرأ من كان في طاعة علي فيوقع بهم، ففعل بمكة والمدينة واليمن أفعالًا قبيحة، وقد ولي البحر لمعاوية، وكان قد وسوس في آخر أيامه.

وقال ابن عدي: مشكوك في صحبته، ولا أعرف له إلا هذين الحديثين. وقال الدارقطني: له صحبة، ولم يكن له استقامة بعد النبى صلى الله عليه وسلم. وقال البخاري في "التاريخ الصغير": حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد، عن زياد، عن ابن إسحاق قال: بعث معاوية بسر بن أرطأة سنة 39 فقدم المدينة فبايع، ثم انطلق إلى مكة واليمن فقتل عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن عباس. وقال الدوري عن ابن معين: أهل المدينة ينكرون أن يكون بسر سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل الشام يروون عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وسمعت يحيى يقول: كان بسر بن أرطأة رجل سوء. وقال خليفة: مات في ولاية عبد الملك بن مروان وقد خرف.

قلت: حكى المسعودي في "مروج الذهب" أن عليًا دعا على بسر أن يذهب عقله لما بلغه قتل ابني عبيد الله بن العباس، وأنه خرف ومات في أيام الوليد بن عبد الملك سنة 86، وله في "مسند الشاميين" للطبراني حديث ثالث. وقال ابن حبان في "صحيحه": سمعت عبد الله ابن سلم يقول: سمعت هشام بن عمار يقول: سمعت محمد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس يقول: سمعت أبي يقول: سمعت بسر بن أرطأة يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها

" الحديث.

ص: 52

‌24 - بشر بن الوليد الكندي

قال الذهبي: [صح]

(1)

بشر بن الوليد الكندي الفقيه سمع عبد الرحمن بن الغسيل ومالك بن أنس، وتفقه بأبي يوسف، وروى عنه البغوي، وأبو يعلي، وحامد بن شعيب، وولي قضاء مدينة المنصور إلى سنة ثلاث عشرة ومائتين. وكان واسع الفقه متعبدًا، ورده في اليوم والليلة مائتا ركعة، كان يلزمها بعد ما فلج وشاخ، وقد سعى به رجل إلى الدولة أنه لا يقول القرآن مخلوق، فأمر به المعتصم أن يُحبس في منزله، فلما ولي المتوكل أطلقه، ثم إنه شاخ واستولى عليه الهرم، وفي آخر أمره يُقال: إنه وقف في القرآن، فأمسك أصحاب الحديث عنه وتركوه لذلك.

قال صالح بن محمد جزرة: هو صدوق، ولكنه لا يعقل، كان قد خرف. قال السليماني: منكر الحديث. وقال الآجري: سألت أبا داود: أبشر بن الوليد ثقة؟ قال: لا. وروى السلمي عن الدارقطني: ثقة

(2)

.

(1)

تقدم معنى [صح] عند الذهبي في ترجمة أحمد بن جعفر بن حمدان.

(2)

"ميزان الاعتدال": [1/ 326 - 327].

وقال الحافظ في "لسان الميزان": [2/ 223]: ذكره ابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحًا. وقال مسلمة: ثقة، وكان ممن امتُحن، وكان أحمد يُثني عليه. وقال البرقاني: ليس هو من شرط الصحيح.

ص: 53

‌حرف الجيم

‌25 - جرير بن حازم

قال ابن أبي حاتم: نا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: جرير بن حازم اختلط، وكان له أولاد أصحاب حديث فلما خشوا ذلك منه حجبوه، فلم يسمع منه أحد في اختلاطه شيء.

سمعت أبي يقول: تغير جرير بن حازم قبل موته بسنة

(1)

.

قال ابن سعد: جرير بن حازم ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره

(2)

.

قال الآجري: وسمعت أبا داود يقول: اختلط جرير بن حازم حتى حجبه ولده

(3)

. قال العقيلى: حدثنا حسين بن عبد الله الذراع، قال: حدثنا أبو داود، قال: جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي تغيرا فحُجب الناس عنهم

(4)

.

قال ابن حجر: قال أبو نعيم: جرير بن حازم تغير قبل موته بسنة

(5)

.

‌26 - جرير بن عبد الحميد

قال الذهبي: قال أبو حاتم: جرير بن عبد الحميد صدوق تغير قبل موته

(1)

"الجرح والتعديل": [2/ 505].

(2)

"الطبقات الكبرى": [7/ 205].

(3)

"سؤالات الآجري": لأبي داود [2/ 125].

(4)

"الضعفاء الكبير": [3/ 75].

(5)

"تهذيب التهذيب". وانظر ما قاله العلائي في حاشية إبراهيم بن العباس السامري.

ص: 54

وحجبه أولاده، كذا نقل أبو العباس النباتي هذا الكلام في ترجمة جرير ابن عبد الحميد، وإنما المعروف هذا عن جرير بن حازم كما قدمناه، لكن ذكر البيهقي في سننه في ثلاثين حديثًا لجرير بن عبد الحميد قال: قد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ

(1)

.

قال العلائي: جرير بن عبد الحميد من رجال الصحيحين. ذكر البيهقي أنه نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ.

قال أحمد بن حنبل: اختلط عليه حديث أشعث وعاصم الأحول حتى قدم عليه بهز فعرفه

(2)

.

(1)

"ميزان الاعتدال": [1/ 394].

(2)

"المختلطين": [ص 17 - 18].

وقول أحمد لا يفيد أن جرير اختلط بالمعنى الاصطلاحي، إنما يعني أنه اختلط عليه حديث أشعث وعاصم، ولم يستطع أن يميز حديث أشعث من حديث عاصم، حتى قدم عليه بهز فعرّفه حديث أشعث من حديث عاصم. ولما ذُكر لابن معين قول أحمد هذا، وقيل له: كيف تروي عن جرير؟ فقال: ألا تراه -أي بهز- قد بين له أمرها [تهذيب التهذيب].

وفي "تهذيب التهذيب" أيضًا: "قال ابن سعد: جرير بن عبد الحميد كان ثقة يرحل إليه.

وقال ابن عمار الموصلي: حجة كانت كتبه صحاحًا. وقال حنبل: سُئل أبو عبد الله: من أحب إليك: جرير أو شريك؟ فقال: جرير أقل سقطًا من شريك، وشريك كان يخطئ. وكذا قال ابن معين نحوه. وقال العجلي: كوفي ثقة نزل الري. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي الأحوص وجرير في حديث حصين، فقال: كان جرير أكيس الرجلين، جرير أحب إلي. قلت: يحتج بحديثه؟ قال: نعم جرير ثقة، وهو أحب إليَّ في هشام بن عروة من يونس بن بكير. وقال النسائي: ثقة. وقال ابن خراش: صدوق. وقال أبو القاسم اللالكائي: مجمع على ثقته. وذكر صاحب "الحافل" عن أبي حاتم أنه تغير قبل موته بسنة فحجبه أولاده =

ص: 55

‌حرف الحاء

‌27 - الحارث بن عمير

قال الحافظ بن حجر في "التقريب": الحارث بن عمير وثقه الجمهور، وفي أحاديثه مناكير ضعفه بسببها الأزدي، وابن حبان، وغيرهما، فلعله تغير حفظه في الآخر

(1)

.

= وهذا ليس بمستقيم، فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب "الحافل". وقال ابن حبان في "الثقات": كان من العباد الخشن. وقال أبو أحمد الحاكم: هو عندهم ثقة. وقال الخليلي في "الإرشاد": ثقة متفق عليه. وقال قتيبة: ثنا جرير الحافظ المقدم، لكني سمعته يشتم معاوية علانية". اهـ

قلت: لم أجد أحدًا من المتقدمين وافق البيهقى على وصف جرير بسوء الحفظ في آخر عمره، بل أطلق الأئمة المتقدمون القول بتوثيقه.

وقال الحافظ في "التقريب": جرير بن عبد الحميد ثقة صحيح الكتاب، قيل كان في آخر عمره يهم من حفظه. فذكر الحافظ ما نسب إلى جرير من سوء الحفظ في آخر عمره بصيغة التمريض، ولعل ذلك لضعف هذا القول عنده والله أعلم.

(1)

قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم عن سليمان بن حرب: كان حماد بن زيد يقدم الحارث بن عمير ويثني عليه، زاد غيره: ونظر إليه فقال: هذا من ثقات أصحاب أيوب. وقال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ثقة. وقال أبو زرعة: ثقة رجل صالح وقال البرقاني عن الدارقطني: ثقة، وكذا قال العجلي. وقال الأزدي: ضعيف منكر الحديث. وقال الحاكم: روى عن حميد الطويل وجعفر بن محمد أحاديث موضوعة. ونقل ابن الجوزي عن ابن خزيمة أنه قال: الحارث بن عمير كذاب. وقال ابن حبان: كان ممن يروى عن الأثبات الأشياء الموضوعات، وساق له عن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن على مرفوعًا: "أن آية الكرسي، وشهد الله أنه لا إله إلا هو، والفاتحة معلقات بالعرش يقلن: يا رب تهبطنا إلى أرضك، وإلى من يعصيك .. " الحديث بطوله، وقال: موضوع لا أصل له. وقد وقع لي هذا الحديث عاليًا جدًا، قرأته على أبي الفرج بن غزي، أخبركم يونس بن =

ص: 56

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي إسحاق أجازه إن لم يكن سماعًا ثم ظهر سماعه عن أبي الحسن بن الحسين البغدادي، أنا جعفر العباسي في كتابه، أنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعي، أنا أحمد بن إبراهيم، أنا محمد ابن إبراهيم الديبلي، ثنا محمد بن أبي الأزهر، ثنا الحارث فذكره. والذي يظهر لي أن العلة فيه ممن دون الحارث". اهـ

وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: الحارث بن عمير من أصحاب أيوب، ثقة ثقة، كان إسماعيل حدثنا عنه، وابن عيينة يحدث عنه. ("سؤالات أبي داود" للإمام أحمد [ص 235]، و"المعرفة والتاريخ" [2/ 196]).

وقال ابن محرز: سمعت أبا بكر بن شيبة وذكر أبا عمير -يعني الحارث بن عمير- فقال: كان ثقة. ("سؤالات ابن محرز" لابن معين [2/ 222]).

وقال المعلمي اليماني في "التنكيل"[1/ 228 - 233]: الحارث بن عمير وثقه أهل عصره والكبار. وقال أبو حاتم عن سليمان بن حرب: كان حماد بن زيد يقدم الحارث بن عمير ويثني عليه. زاد غيره: ونظر إليه مرة فقال: هذا من ثقات أصحاب أيوب. وروى عنه عبد الرحمن ابن مهدي، وقد قال الأثرم عن أحمد: إذا حدث عبد الرحمن عن رجل فهو حجة. وقال ابن معين والعجلي وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي والدارقطني: ثقة. زاد أبو زرعة: رجل صالح. وفي "اللالئ المصنوعة"[ص 118 - 119] عن الحافظ ابن حجر في ذكر الحارث: "استشهد به البخاري في "صحيحه"، وروى عنه من الأئمة عبد الرحمن بن مهدي، وسفيان ابن عيينة، واحتج به أصحاب السنن". وفيها بعد ذلك: "قال الحافظ ابن حجر في "أماليه": "أثنى عليه حماد بن زيد، وأخرج له البخاري تعليقًا".

ولم يتكلم فيه أحد من المتقدمين، والعدالة تثبت بأقل من هذا، ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح إلا بحجة وبينة واضحة كما سلف في القواعد.

فلننظر في المتكلمين فيه وكلامهم: أما الأزدي فقد تكلموا فيه حتى اتهموه بالوضع. راجع ترجمته في "لسان الميزان"[ج 5 رقم 464] مع لمع الرقم الذى يليه من قال الخطيب إلى آخر الترجمة فإنه كله متعلق بالأزدي.

وقال ابن حجر في ترجمة أحمد بن شبيب في الفصل التاسع من "مقدمة الفتح": "لا عبرة بقول الأزدي، لأنه هو ضعيف، فكيف يعتمد في تضعيف الثقات. وذكر نحو ذلك في =

ص: 57

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ترجمة خثيم بن عراك وغيرها".

وقال في ترجمة علي بن أبي هاشم: قدمت غير مرة أن الأزدي لا يعتبر بتجريحه لضعفه هو. على أن الأزدي استند إلى ما استند إليه ابن حبان وسيأتي ما فيه.

وأما ابن خزيمة فلا تثبت تلك الكلمة عنه بحكاية ابن الجوزي المعضلة، ولا نعلم ابن الجوزي التزم الصحة فيما يحكيه بغير سند، ولو التزم لكان في صحة الاعتماد على نقله نظر، لأنه كثير الأوهام. وقد أثنى عليه الذهبي في "تذكرة الحفاظ" كثيرًا ثم حكى عن بعض أهل العلم أنه قال في ابن الجوزي: كان كثير الغلط فيما يصنفه، فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره. قال الذهبي: نعم له وهمٌ كثير في تواليفه، يدخل عليه الداخل من العجلة والتحويل إلى مصنف آخر، ومن أجل أن علمه من كتب صحف ما مارس فيها أرباب العلم كما ينبغي. ثم ذكر عدة نصوص وهم ابن الجوزي في نقلها عن الأئمة، ثم قال:

وأما الحاكم فأحسبه تبع ابن حبان، فإن ابن حبان ذكر الحارث في "الضعفاء" وذكر ما أنكر من حديثه، والذي يستنكر من حديث الحارث حديثان:

الأول: رواه محمد بن زنبور المكي، عن الحارث، عن حميد.

والثاني: رواه ابن زنبور أيضًا عن الحارث، عن جعفر بن محمد. فاستنكرها ابن حبان وكان عنده أن ابن زنبور ثقة، فجعل الحمل على الحارث، وخالفه آخرون فجعلوا الحمل على ابن زنبور.

قال مسلمة في ابن زنبور: تكلم فيه لأنه روى عن الحارث بن عمير مناكير، لا أصول لها، وهو ثقة. وقال الحاكم أبو أحمد في ابن زنبور: ليس بالمتين عندهم، تركه محمد بن إسحاق بن خزيمة. وهذا مما يدل على وهم ابن الجوزي. وساق الخطيب في "الموضح" فصلًا في ابن زنبور فذكر أن الرواة عنه غيروا اسمه على سبعة أوجه، وهذا يشعر بأن الناس كانوا يستضعفونه، لذلك كان الرواة عنه يدلسونه.

وقال ابن حجر في ترجمة الحارث من "التهذيب": "قال ابن حبان: كان ممن يروى عن الأثبات الأشياء الموضوعات، وساق له عن جعفر بن محمد

"فذكر الحديث الثاني، وقول ابن حبان: "هذا موضوع لا أصل له"، ثم ساقه ابن حجر بسنده إلى محمد بن أبي الأزهر عن الحارث. وكذلك ذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" [ج 1 ص 118]. وابن أبي الأزهر =

ص: 58

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هو ابن زنبور. وأسند الخطيب في "الموضح" هذا الحديث في ترجمة ابن زنبور، ثم قال ابن حجر:"والذى يظهر لي أن العلة فيمن دون الحارث" -يعنى من ابن زنبور- وخالفهم جميعًا النسائى فوثق الحارث، ووثق ابن زنبور أيضًا. وقال مرة: ليس به بأس.

قال المعلمي: لو كان لابد من جرح أحد الرجلين لكان ابن زنبور أحق بالجرح، لأن عدالة الحارث أثبت جدًا وأقدم. لكن التحقيق ما اقتضاه صنيع النسائي من توثيق الرجلين، ويحمل الإنكار في بعض حديث ابن زنبور عن الحارث على خطأ ابن زنبور. وقد قال فيه ابن حبان نفسه في "الثقات":"ربما أخطأ". والظاهر أنه كان صغيرًا عند سماعه من الحارث كما يعلم من تأمل ترجمتهما. وقد تقدم في ترجمة جرير بن عبد الحميد أنه اختلط عليه حديث أشعث بحديث عاصم الأحول، فكأنه اختلط على ابن زنبور بما سمعه من الحارث أحاديث سمعها من بعض الضعفاء، ولم ينتبه لذلك كما تنبه جرير، فكأن ابن زنبور في أوائل طلبه كتب أحاديث عن الحارث ثم سمع من رجل آخر أحاديث كتبها في تلك الورقة ولم يسم الشيخ ثقة بأنه لن يلتبس عليه، ثم غفل عن ذلك الكتاب مدة ثم نظر فيه فظن أن تلك الأحاديث كلها مما سمعه من الحارث.

وقد وثق الأئمة جماعة من الرواة ومع ذلك ضعفوهم فيما يروونه عن شيوخ معينين منهم عبد الكريم الجزري فيما يرويه عن عطاء، ومنهم عثمان بن غياث وعمرو بن أبي عمرو وداود بن الحصين فيما يروونه عن عكرمة، ومنهم عمرو بن أبي سلمة فيما يرويه عن زهير بن محمد، ومنهم هشيم فيما يرويه عن الزهري، ومنهم ورقاء فيما يرويه عن منصور بن المعتمر، ومنهم الوليد بن مسلم فيما يرويه عن مالك. فهكذا ينبغي مع توثيق ابن زنبور تضعيفه فيما يرويه عن الحارث بن عمير.

فإن قيل: فأين أنت عما في "الميزان": "ابن حبان: حدثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمود بن غيلان، أنبأنا أبو أسامة، ثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال العباس: لأعلمن ما بقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فأتاه فقال: يا رسول الله لو اتخذنا لك مكانًا تكلم الناس منه، قال: بل اصبر عليهم ينازعوني ردائي ويطأون عقبي ويصيبني غبارهم حتى يكون الله هو يريحني منهم. رواه حماد بن زيد عن أيوب فأرسله أو أن ابن عباس قاله - شك".

فهذا الحديث لا شأن لابن زنبور فيه، وليس في سنده من يتجه الحمل عليه غير الحارث. =

ص: 59

‌28 - حبان بن يسار أبو روح الكلابي ويقال حبان بن زهير

قال البخاري: قال الصلت: رأيت حبان آخر عهده، فذكر منه الاختلاط

(1)

.

قال ابن عدي: ولحيان بن يسار أحاديث وليس بالكثير، وأحاديثه فيها ما فيها لأجل الاختلاط الذى ذُكر عنه

(2)

.

= قلت: ليس في هذا الحديث ما يُنكر، وقد رواه حماد بن زيد غير أنه شك في إسناده. وقد قال يعقوب بن شيبة:"حماد بن زيد أثبت من ابن سلمة، وكلٌ ثقة، غير أن ابن زيد معروف بأنه يقصر في الأسانيد ويوقف المرفوع، كئير الشك بتوقيه، وكان جليلًا لم يكن له كتاب يرع إليه، فكان أحيانًا يذكر فيرفع الحديث، وأحيانًا يهاب الحديث فلا يرفعه".

فأي مانع من أن يكون هذا مما قصر فيه حماد، وحفظه الحارث، وقد كان حماد نفسه يثني على الحارث ويقدمه كما مر. فإن شدد مشدد فغاية الأمر أن يكون الخطأ في وصله، وهل الخطأ من الحارث أو ممن بعده؟ وعلى فرض أنه من الحارث، وأظهر منه قد يقع للأكابر كمالك والثوري، والحكم المجمع عليه في ذلك أن من وقع منه ذلك قليلًا لم يضره، بل يحتج به مطلقًا إلا فيما قامت به الحجة على أنه أخطأ فيه، فالحارث بن عمير ثقة حتمًا، والحمد لله رب العالمين.

(1)

"التاريخ الكبير": [3/ 87].

(2)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [2/ 424]. كذا سماه ابن عدي حبان، وسماه البخاري وأبو حاتم حبان، وتبعهم على ذلك المزي وابن حجر في تهذيبهما.

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم: حبان بن يسار ليس بالقوي ولا بالمتروك. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو داود: لا بأس به".

قلت: فرّق ابن حبان بين حبان بن يسار وحبان بن زهير، فقال في "الثقات" [6/ 239 - 240]: حبان بن يسار أبو روح الكلابي يروي عن العراقيين، روى عنه مالك بن إسماعيل والتبوذكي. وقال في "المجروحين" [1/ 261]: حبان بن زهير يروى عن بريد بن أبي مريم ومحمد بن واسع، كنيته أبو روح الكلابي، روى عنه أبو همام الخاركي والبصريون، اختلط في آخره حتى كان لا يدرى ما يحدث، ولم يميز حديثه القديم من الحديث الذى حدث به في اختلاطه فبطل الاحتجاج به. =

ص: 60

‌29 - الحجاج بن محمد المصيصي الأعور

قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: كان حجاج بن محمد اختلط؟

قال: نعم، كان اختلط بآخره، في آخر عمره

(1)

.

= وتعقبه الدارقطني في "تعليقاته على المجروحين"[ص 81]، فقال: أبو روح الكلابي هو حبان ابن يسار، وليس في نسبه زهير، وكناه موسى بن إسماعيل، وهو ضعيف.

وجعلهما البخاري راوٍ واحد، فقال في "التاريخ الكبير" [3/ 85]: حبان بن يسار هو أبو روح الكلابي قاله موسى بن إسماعيل ومالك بن إسماعيل، وقال الصلت بن محمد: حبان بن زهير، سمع بريد بن أبي مريم ومحمد بن واسع وطلحة بن كريز وثابتًا وهشام بن عروة.

وترجم ابن أبي حاتم لحبان بن يسار ولم يترجم لحبان بن زهير فهما عنده واحد، فقال في "الجرح والتعديل" [3/ 270]: حبان بن يسار أبو روح الكلابي ويقال أبو رويحة روى عن بريد بن أبي مريم وهشام بن عروة ومحمد بن واسع وأبى مطرف عبيد الله بن طلحة، روى عنه بشر بن المفضل وعمرو بن عاصم الكلابي ومالك بن إسماعيل وموسى بن إسماعيل وعلى بن عثمان اللاحقي، سمعت أبي يقول ذلك.

وقال الذهبي في "الميزان"[1/ 448]: حبان بن زهير ويُقال ابن يسار أبو روح. قال ابن حبان: اختلط فلا يحتج به، لكن فرق ابن حبان بين ابن زهير وابن يسار.

وقال ابن حجر في "لسان الميزان"[2/ 375]: حبان بن زهير هو ابن يسار الذي أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي، فرق بينهما ابن حبان.

وقال المزي في "تهذيب الكمال"[5/ 347]: حبان بن يسار الكلابي أبو رويحة، ويقال أبو روح روى عن بريد بن أبي مريم السلولي، وثابت البناني، وعبيد الله بن طلحة بن عبيد الله، ومحمد بن واسع، وهشام بن عروة.

روى عنه إبراهيم بن الحجاج، وبشر بن المفضل، وحبان بن هلال، والصلت بن محمد، وعلي ابن عثمان، وعمرو بن عاصم، والعلاء بن عبد الجبار، وأبو غسان مالك بن إسماعيل، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل.

(1)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [2/ 317].

ص: 61

قال ابن سعد: الحجاج بن محمد الأعور كان ثقة صدوقًا إن شاء الله، وكان قد تغير في آخر عمره حين رجع إلى بغداد

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: أنبأنا أحمد بن محمد العتيقى، حدثنا محمد بن العباس الخزاز، أنبأنا سليمان بن إسحاق -أبو أيوب الجلاب- قال: قال إبراهيم الحربي: أخبرني صديق لي قال: لما قدم حجاج الأعور آخر قدمة إلى بغداد خلط، فرأيت يحيى بن معين عنده، فرآه يحيى خلط فقال لابنه: لا تُدخل عليه أحدًا، قال: فلما كان بالعشي دخل الناس فأعطوه كتاب شعبة فقال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن خيثمة عن عبد الله، فقال له رجل: يا أبا زكريا علي بن عاصم حدّث عن ابن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عبتم عليه، هذا حدّث عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عيسى بن مريم عن خيثمة فلم تعيبوا عليه؟

قال: فقال لابنه: قد قلت لك

(2)

.

قال العلائي: حجاج بن محمد المصيصي من رجال الصحيحين المتفق عليهم قال إبراهيم الحربي: حدثني صديق لي قال: لما قدم حجاج بغداد في آخر مرة خلط، فرآه ابن معين يخلط. فقال لابنه: لا تُدخل عليه أحدًا.

قلت: فهو من القسم الأول أيضًا

(3)

.

(1)

"الطبقات الكبرى": [7/ 240 - 340].

(2)

"تاريخ بغداد": [8/ 238].

(3)

كتاب "المختلطين"[ص 19]. وقد تقدم معنى القسم الأول في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

ص: 62

قال ابن حجر: قال إبراهيم الحربي: أخبرني صديق لي قال: لما قدم حجاج الأعور آخر قدمة إلى بغداد خلط، فرأيت يحيى بن معين عنده، فرآه حين خلط، فقال لابنه: لا تُدخل عليه أحدًا، قال: فلما كان بالعشي دخل الناس فأعطوه كتاب شعبة، فقال: حدثنا شعبة عن عمرو ابن مرة، عن عيسى بن مريم، عن خيثمة، فقال يحيى لابنه: قد قلت لك.

قلت: وسيأتي في ترجمة سنيد بن داود عن الخلال ما يدل على أن حجاجًا حدث في حال اختلاطه. وذكره أبو العرب القيرواني في الضعفاء بسبب اختلاطه

(1)

.

قال المعلمي اليماني: الحجاج بن محمد الأعور. في "تاريخ بغداد"[13/ 405] من طريق سنيد بن داود، حدثنا حجاج قال: سألت قيس ابن الربيع عن أبي حنيفة؟ قال: أنا أعلم الناس به

".

قال الأستاذ [ص 126]: سنيد إنما روى عن الحجاج بعد أن اختلط اختلاطًا شديدًا، وقد رآه أهل العلم يلقن الحجاج فيتلقن منه، والملقن كالمتلقن في السقوط عند أهل الفقه، وقال النسائي في سنيد: غير ثقة. أقول: أما سنيد فستأتي ترجمته، وأما الحجاج فمدار الكلام فيه على الاختلاط والتلقن، وههنا مباحث:

الأول: هل اختلط حجاج؟ وإن كان اختلط فهل حدّث بعد اختلاطه؟

(1)

"تهذيب التهذيب".

ص: 63

قال ابن سعد: كان قد تغير في آخر عمره حين رجع إلى بغداد. وقال إبراهيم الحربي: أخبرني صديق لي قال: لما قدم حجاج الأعور آخر عمره إلى بغداد خلط، فرأيت يحيى بن معين عنده، فرآه يحيى خلط، فقال لابنه: لا تُدخل عليه أحدًا، قال: فلما كان بالعشى دخل الناس فأعطوه كتاب شعبة فقال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عيسى بن مريم عن خيثمة! فقال يحيى لابنه: قد قلت لك.

فكلمة ابن سعد ليست صريحة في الاختلاط، لأن التغيير أعم من الاختلاط، وحكاية إبراهيم الحربي صريحة في الاختلاط لكن لا ندري من هو صديقه؟ وسكوت الحفاظ الأيقاظ كابن معين وأحمد وأبى خيثمة وكلهم بغداديون عن نقل اختلاط حجاج وبيان تاريخه وبيان من سمع منه فيه مع إطلاقهم توثيق حجاج وتوثيق كثيرين ممن روى عن حجاج يدل حتمًا على أحد أمرين، إما أن لا يكون حجاج اختلط، وإنما تغير تغيرًا يسيرًا لا يضر.

وإما أن لا يكون سمع منه أحد في مدة اختلاطه، والثانى أقرب، فكأن يحيى بن معين ذهب إلى حجاجا عقب قدومه فأحس بتغيره فقال لابنه: لا تُدخل عليه أحدًا. ثم عاد يحيى عشي ذاك اليوم في الوقت الذى جرت العادة بالدخول فيه على القادم للسماع منه خشية أن لا يعمل ابن حجاج بما أمره به، فوجد الأمر كذلك، أذن لهم الإبن فدخلوا، فدخلوا ويحيى معهم فسكت أولًا، فلما أخذ حجاج الكتاب فخلط، قال يحيى للابن: ألم أقل لك؟ فكأنهم قطعوا المجلس وحجبوا حجاجًا حتى مات فلم يسمع

ص: 64

منه أحد في الاختلاط. فلما وثق يحيى وبقية أهل العلم بذلك لم يروا ضرورة إلى أن يشيعوا اختلاط حجاج وبيان تاريخه، بل كانوا يوثقونه ويوثقون كثيرًا من الذين سمعوا منه مطلقًا، لعلمهم أن ما بأيدي الناس من روايته كله كان حال تمام ضبطه.

وفي ترجمة حجاج من مقدمة "الفتح": أجمعوا على توثيقه، وذكره أبو العرب الصقلي في الضعفاء بسبب أنه تغير في آخر عمره واختلط، لكن ما ضره الاختلاط، فإن إبراهيم الحربي حكى أن يحيى بن معين منع ابنه أن يُدخل عليه بعد اختلاطه أحدًا.

فأما قوله في "التهذيب": وسيأتي في ترجمة سنيد بن داود عن الخلال

" فستعلم ما فيه قريبًا.

المبحث الثاني: متى سمع سنيد من الحجاج؟

روى الأثرم وهو ثقة عن الإمام أحمد أنه قال: سنيد لزم حجاجًا قديمًا، قد رأيت حجاجًا يملي عليه، وأرجو أن لا يكون حدث إلا بالصدق. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: رأيت سنيدًا عند حجاج بن محمد وهو يسمع منه "كتاب الجامع" لابن جريج وفيه: أخبرت عن الزهري، وأخبرت عن صفوان بن سليم، قال: فجعل سنيد يقول لحجاج: يا أبا محمد قل: ابن جريج عن الزهري، وابن جريج عن صفوان بن سليم، قال: فكان يقول له هكذا. قال عبد الله: ولم يحمده أبي فيما رآه يصنع بحجاج، وذمه على ذلك. قال أبي: وبعض تلك الأحاديث التى كان يرسلها جريج أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا يبالى مما أخذها.

ص: 65

حكى هذا في "تهذيب التهذيب" ثم قال: وحكى الخلال عن الأثرم نحو ذلك ثم قال الخلال: ونرى أن حجاجًا كان هذا منه وقت تغيره، ونرى أن أحاديث الناس عن حجاج صحاح إلا ما روى سنيد.

أقول: هذا حدس يرده نص الإمام أحمد كما تقدم، ومبنى هذا الحدث على توهم أن في القصة ما يخدش في تثبيت حجاج، وإنما يكون الأمر كذلك لو كان إذا قيل: ابن جريج عن فلان يحمل على سماع ابن جريج عن فلان، وليس الأمر كذلك، لأن ابن جريج مشهور بالتدليس، فإذا قيل: ابن جريج عن الزهري ولم يجئ بيان السماع من وجه آخر، فإنه لا يحكم بالاتصال، بل يبنى على أوهن الاحتمالين، وهو أن بين ابن جريج وبين الزهري واسطة، وذلك لاشتهار ابن جريج بالتدليس، وعلى هذا فسيان قيل: ابن جريج أخبرت عن الزهري، وابن جريج عن الزهري. ولهذا قال الإمام أحمد: أرجو أن لا يكون حدث إلا بالصدق. وإنما ذكر في رواية عبد الله كراهيته لذلك، لأنه رآه خلاف الكمال في الأمانة.

وفي "الكفاية"[ص 187] من طريق عبد الله بن أحمد قال: كان إذا مر بأبي لحن فاحش غيره، وإذا كان لحنًا سهلًا تركه وقال: كذا قال الشيخ.

فأنت ترى أحمد يمتنع من تغيير اللحن فما ظنك بما تقدم؟

فإن قيل فما الحامل لسنيد على التماس ذلك من حجاج؟

قلت: طلب الاختصار والتزيين الصوري.

فتدبر ما تقدم يتبين لك أنه ليس في الحكاية ما يشعر بوهن في تثبيت

ص: 66

حجاج حتى يقوى الحدس بأنها كانت في وقت تغيره.

ويتضح لك أن ما تقدم من الدليل على أن حجاجًا لم يحدث في وقت تغيره وهو على إطلاقه.

المبحث الثالث: في التلقين.

التلقين القادح في الملقن هو أن يوقع الشيخ في الكذب ولا يبين، فإن كان إنما فعل ذلك امتحانًا للشيخ وبين ذلك في المجلس لم يضره، وأما الشيخ فإن قبل التلقين وكثر ذلك منه فإنه يسقط.

دخل حفص بن غياث ويحيى بن سعيد القطان على موسى بن دينار المكي فوجدا عنده أبا شيخ جارية بن هرم الفقيمي، فجعل حفص يقول لموسى امتحانًا: حدثتك عائشة بنت طلحة عن عائشة بكذا؟ وحدثك القاسم بن محمد عن عائشة بكذا؟ وحدثك سعيد بن جبير عن ابن عباس بكذا؟ ويذكر أحاديث قد علم أن موسى لم يسمعها ممن ذكر، فأجابه موسى بالإثبات، وكان أبو شيخ مغفلًا فكتبها، فلما فرغ حفص مد يده إلى ما كتبه أبو شيخ فمحاه وبين له الواقع.

[راجع ترجمة موسى وجارية في لسان الميزان].

وما وقع من سنيد ليس بتلقين الكذب، وإنما غايته أن يكون تلقينًا لتدليس التسوية؟

وتدليس التسوية: أن يترك الراوي واسطة بعد شيخه، كما حكى عن الوليد بن مسلم أنه كان عنده أحاديث سمعها من الأوزاعي عن رجل عن الزهري، وأحاديث سمعها الأوزاعي عن رجل عن نافع، فكان يقول

ص: 67

فيه: حدثني الأوزاعي عن الزهري، وحدثني الأوزاعي عن نافع! وهذا تدليس قبيح، لكنه في قصة سنيد وحجاج لا محذور فيه، لاشتهار ابن جريج بالتدليس كما مرَّ.

وبذلك يتبين أن حجاجًا لم يتلقن غفلة ولا خيانة، وإنما أجاب سنيدًا إلى ما التمسه لعلمه أنه لا محذور فيه، وكره أحمد ذلك لما تقدم.

ومن ثناء الأئمة على الحجاج: قال الإمام أحمد: ما كان أضبطه وأشد تعاهده للحروف. وقال المعلى الرازي: قد رأيت أصحاب ابن جريج ما رأيت فيهم أثبت من حجاج. وقال على بن المديني والنسائي: ثقة. وكذا وثقه مسلم والعجلى وابن قانع ومسلمة بن القاسم وغيرهم وغيرهم، واحتج به الجماعة

(1)

.

‌30 - الحسن بن الحسين الرهاوي

قال الذهبي: قال عبد العزيز الكتاني: الحسن بن الحسين الرهاوي المقرئ كان فيه تخليط، يُحدّث بما لم يسمع، ويركب على الشيوخ. روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر

(2)

.

قال ابن حجر: قال ابن عساكر: وجدت نسخته برسالة أبى بكر، وقد سمع فيها لنفسه على أبي محمد بن أبي نصر بسماعه زعم عن أبي الحسن

(1)

"التنكيل": [1/ 233 - 237].

(2)

"ميزان الاعتدال": [1/ 485]. قلت: وما أظن أن قول الكتاني "كان فيه تخليط" أى أنه اختلط بالمعنى الاصطلاحي.

ص: 68

صخر، ولم يلق أحدهما الآخر، وذكر أن سماعه بقراءته بخط ابن الحيان، وليس الخط خط ابن الحيان، نسأل الله السلامة

(1)

.

‌31 - الحسن بن عثمان التمتامي

قال الذهبي: الحسن بن عثمان التمتامي سبط تمتام حدّث بخراسان وما وراء النهر عن عبد الله بن إسحاق المدائني والبغوي، كتب عنه الحاكم، وقال: كان يحفظ وليس بالمعتمد، فإنه حدّث عن الباغندي والمدائني وعبد الله بن زيدان بأحاديث فلا يتابع عليها.

وقال الإدريسى: كان يخلط

(2)

.

(3)

.

قال ابن حجر: ساق له الحاكم عن أبي بكر محمد بن هارون عن سجادة عن يحيى الأسلمي عن برد بن سنان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فوضع يده اليمنى على يده اليسرى.

وقال الإدريسى: سمعت محمد بن أبي سعيد الحافظ يقول: كتبت عن الحسن بن عثمان التمتامي أحاديث لبهز بن حكيم، ثم ذهب فحدّث بها عن مشايخي

(4)

.

(1)

"لسان الميزان": [3/ 22].

(2)

"ميزان الاعتدال": [1/ 503].

(3)

قول الإدريسي: (كان يخلط) ليس معناه أنه اختلط بالمعنى الاصطلاحي، ولكن معناه أنه كان لا يضبط الأسانيد والمتون التي يرويها، ولا يأتي بها على الاستقامة.

(4)

"لسان الميزان": [3/ 43].

ص: 69

‌32 - الحسين بن الحسين الفانيدي

قال الذهبي: الحسين بن الحسين بن الفانيد الراوي عن أبي علي بن شاذان.

قال شجاع بن الوليد وغيره: تغير بآخره.

قلت: حدث عنه ابن ناصر والسلفي

(1)

.

قال ابن حجر: قال ابن السمعاني: سألت عبد الله بن طاهر بن فارس: هل سمعت من الفانيدي شيئًا؟ فقال: حضرت عنده، فسألت بعض أهل الحديث أن يقرأ عليه شيئًا، فقرأ حديثين، فجاء ابن خسرو فعرك أذني، وقال: هذا مجنون، كيف تسمع منه؟ فتركته.

وقد قال السلفي في "معجم شيوخه": لم نر له عن غير ابن شاذان، وكان صحيح السماع، ما روى غير جزءين أو ثلاثة، وتناقض عقله في آخر عمره. مات في شوال سنة ست وتسعين وأربعمائة، وأثني عليه عبد الوهاب الأنماطي

(2)

.

‌33 - الحسين بن علي النخعي

قال الذهبي: الحسين بن علي النخعي شيخ كتب عنه الإسماعيلي، عُمّر وتغيّر، لا يُعتمد عليه، وأتى بخبر باطل، قال: حدثنا العباس بن الوليد الخلال، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا سعيد، حدثنا قتادة، عن أنس مرفوعًا: "فضلت بأربع: بالسخاء، والشجاعة، وكثرة الجماع، وشدة

(1)

"ميزان الاعتدال": [1/ 533].

(2)

"لسان الميزان": [3/ 105 - 106].

ص: 70

البطن" رواه عنه الإسماعيلي

(1)

.

وتعقبه الحافظ فقال: هذا لا ذنب فيه لهذا الرجل، والظاهر أن الضعف من قِبل سعيد، وهو ابن بشير والله أعلم

(2)

.

‌34 - حصين بن عبد الرحمن السلمي

قال البخاري: قال أحمد عن يزيد بن هارون: طلبت الحديث وحصين حي بالمبارك، ويقرأ عليه وكان قد نسي

(3)

.

قال ابن طهمان: قلت لابن معين: عطاء بن السائب وحصين اختلطا، قال: نعم، قلت: من أصحهم سماعًا؟ قال: سفيان أصحهم -يعني الثوري، وهشيم في حصين. قلت: جرير أين مكانه؟ فلم يلتفت إليه

(4)

. قال ابن طهمان: سمعت يحيى يقول: عطاء بن السائب أنكروه بآخره، وما روى هشيم عن حصين، وسفيان، فهو صحيح، ثم أنه اختلط

(5)

. قال ابن رجب: قال أحمد في رواية الأثرم: هشيم لا يكاد يسقط عليه شئ من حديث حصين، ولا يكاد يدلس عن حصين

(6)

.

روى النسائي من طريق محمد بن فضيل، وشعبة، وعباد بن العوام،

(1)

"ميزان الاعتدال": [1/ 543].

(2)

"لسان الميزان": [3/ 131].

(3)

"التاريخ الكبير": [3/ 8].

(4)

"سؤالات ابن طهمان" لابن معين [ص 103].

(5)

"سؤالات ابن طهمان" لابن معين [ص 31].

(6)

"شرح علل الترمذى": [2/ 739].

ص: 71

وعبد العزيز بن مسلم عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، عن زاذان، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة:"اللهم اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الغفور حتى بلغ مائة مرة".

وخالفهم خالد بن عبد الله فرواه عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف، عن زاذان، عن عائشة به.

وفي حديث عباد، وعبد العزيز، وخالد بن عبد الله أنها صلاة الضحى.

ثم قال النسائي: حديث شعبة، وعبد العزيز بن مسلم، وعباد بن العوام أولى عندنا بالصواب من حديث خالد، وبالله التوفيق، وقد كان حصين ابن عبد الرحمن اختلط في آخر عمره

(1)

.

قال العقيلي: حدثنا محمد، حدثنا الحسن قال: قلت لعلي: حصين؟

قال: حصين حديثه واحد، وهو صحيح، قلت: فاختلط؟ قال: لا ساء حفظه، وهو على ذاك ثقة.

قال الحسن: سمعت يزيد بن هارون يقول: اختلط

(2)

.

قال أبو حاتم الرازي: حصين بن عبد الرحمن ثقة في الحديث، وفي آخر عمره ساء حفظه، صدوق

(3)

.

(1)

"السنن الكبرى": [6/ 32][ح 9935].

(2)

"الضعفاء الكبير": [1/ 314]. والحسن هو ابن على الخلال، وهو ثقة حافظ. ومحمد هو ابن إسماعيل بن سالم الصائغ، وهو صدوق.

(3)

"الجرح والتعديل": [3/ 193].

ص: 72

قال ابن رجب الحنبلي: وقد أخرجا في الصحيحين حديث حصين بن عبد الرحمن من رواية جماعة من أصحابه، منهم شعبة، وسفيان، وخالد الواسطي، وعبثر بن القاسم، وهشيم، وأبو عوانة، ومحمد بن فضيل. وخرج البخاري -أيضًا- حديثه من رواية زائدة، وحصين بن نمير، وسليمان بن كثير العبدي، وعبد العزيز بن مسلم، وعبد العزيز العمى، وأبي بكر بن عياش، وأبي كدينة.

وخرجه مسلم -أيضًا- من رواية أبي الأحوص سلام بن سليم، وزياد البكائي، وابن إدريس، وعباد بن العوام

(1)

.

نقل الذهبي توثيق أحمد، وابن معين، والعجلي، وأبي زرعة الرازي لحصين بن عبد الرحمن السلمى، ثم ذكر قول أبى حاتم، وقول يزيد بن هارون، ثم قال: وقال علي بن المديني وغيره: لم يختلط. ثم عقب بقوله: احتج به أرباب الصحاح، وهو أقوى من عبد الملك بن عمير، ومن سماك بن حرب، وما هو بدون أبي إسحاق.

والعجب من أبي عبد الله البخاري، ومن العقيلي، وابن عدي، كيف تسرعوا إلى ذكر حصين في كتب الجرح

(2)

.

وقال الذهبى أيضًا: حصين بن عبد الرحمن كان ثقة حجة حافظًا عالي

(1)

"شرح علل الترمذى": [2/ 739 - 740].

(2)

"سير أعلام النبلاء": [5/ 423]. ولم أقف على حصين بن عبد الرحمن في "الضعفاء الصغير" للبخاري.

ص: 73

الإسناد. قال أحمد: حصين ثقة مأمون من كبار أصحاب الحديث

(1)

.

قال العلائي: حصين بن عبد الرحمن الكوفي أحد الأعلام المتفق عليهم.

روى الحسن الحلواني عن يزيد بن هارون أنه اختلط بآخره، وأنكر ذلك ابن المديني.

فهو من القسم الأول أيضًا

(2)

.

قال العراقى: قد سمع من حصين بن عبد الرحمن قديمًا قبل أن يتغير سليمان التيمي وسليمان الأعمش وشعبة وسفيان والله تعالى أعلم

(3)

.

‌35 - حفص بن غياث

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: حفص بن غياث ساء حفظه بعد ما استقضى، فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح، وإلا فهو كذا

(4)

.

قال ابن حجر: قال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: كان حفص بآخره دخله نسيان وكان يحفظ

(5)

.

قال الخطيب البغدادي: أنبأنا محمد بن المقرئ، أنبأنا أبو مسلم بن مهران، أنبأنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سألت أبا علي صالح بن محمد عن

(1)

"تذكرة الحفاظ": [1/ 143].

(2)

كتاب "المختلطين": [ص 21]. وقد تقدم معنى القسم الأول في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

(3)

"التقييد والإيضاح"[ص 458].

(4)

"الجرح والتعديل": [3/ 186].

(5)

"تهذيب التهذيب".

ص: 74

حديث حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله الله عثرته يوم القيامة"، فقال أبو على: حفص ولى القضاء وجفا كتبه، وليس هذا الحديث في كتبه.

أنبأنا البرقاني والأزهري قالا: أنبأنا عبد الرحمن بن عمر بن الخلال، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، بن شيبة، حدثنا جدي قال: حفص ابن غياث ثقة ثبت إذا حدث من كتابه، ويتقى بعض حفظه

(1)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [8/ 196 - 197].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال إسحاق بن منصور وغيره عن ابن معين: ثقة.

وقال عبد الخالق بن منصور عن ابن معين: صاحب حديث له معرفة. وقال العجلي: ثقة مأمون فقيه، كان وكيع ربما سأل عن الشيء فيقول: اذهبوا إلى قاضينا فسلوه. وقال ابن نمير: كان حفص أعلم بالحديث من ابن إدريس. وقال أبو حاتم: حفص أتقن وأحفظ من أبي خالد الأحمر. وقال الدوري عن ابن معين: حفص أثبت من عبد الواحد بن زياد. وقال النسائي وابن خراش: ثقة. وقال ابن معين: جميع ما حدث به ببغداد من حفظه. وقال الآجري عن أبي داود: كان ابن مهدي لا يقدم بعد الكبار من أصحاب الأعمش غير حفص بن غياث. وقال داود بن رشيد: حفص كثير الغلط. وقال ابن عمار: كان لا يحفظ حسنًا وكان عسرًا. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي: ثبت فقبه البدن. وقال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: قلت لأبي عبد الله: من أثبت عندك شعبة أو حفص بن غياث -يعني في جعفر بن محمد- فقال: ما منهما إلا ثبت، وحفص أكثر رواية، والقليل من شعبة كثير. وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا كثير الحديث يدلس. ومما أنكر على حفص حديثه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: كنا نأكل ونحن نمشي. قال ابن معين: تفرد وما أراه إلا وهم فيه. وقال أحمد: ما أدري ماذا كالمنكر له. وقال أبو زرعة: رواه حفص وحده. وقال ابن المديني: انفرد حفص نفسه بروايته، وإنما هو حديث أبي البرزي. وكذا حديثه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه: من أقال مسلمًا عثرته. الحديث، قال ابن معين: تفرد به عن الأعمش. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ليس هذا الحديث في كتبه. وقال أحمد في حديث حفص عن ابن =

ص: 75

‌36 - حماد بن سلمة

قال ابن معين: حماد بن سلمة في أول أمره وآخر أمره واحد، وكان حماد بن سلمة رجل صدق، ومات يحيى بن سعيد -يعني القطان- وهو يُحدّث عنه

(1)

.

قال ابن أبي حاتم: سُئل أبي عن أبي الوليد وحجاج بن منهال، فقال: أبو الوليد عند الناس أكثر، كان يُقال سماعه من حماد بن سلمة فيه شيء، كأنه سمع منه بآخره، وكان حماد ساء حفظه في آخر عمره

(2)

.

= جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفرعًا: "خمروا وجوه موتاكم" الحديث: هذا خطأ وأنكره وقال: قد حدثناه حجاج عن ابن جريج عن عطاء مرسلًا". اهـ

وقال المروذي: قيل لأحمد: فحفص وعبدة؟ قال: أما عبدة فصدوق ثبت، وأما حفص فنفض يده، وقال: خله في حديثه.

وقال ابن هانئ: قيل لأحمد: فغندر وحفص بن غياث أيهم أحب إليك؟ قال: غندر أحب إليّ من حفص، حفص كان مخلطًا، وضعف أمره.

وقال يعقوب بن سفيان: حدثني محمد بن عبد الرحيم قال: قال علي: وكان يحيى يقول: حفص ثبت، فقلت له: إنه يهم؟ فقال: كتابه صحيح.

قال يحيى: لم أر بالكوفة مثل هؤلاء الثلاثة: حرام وحفص وابن أبي زائدة، كان هؤلاء أصحاب حديث. قال علي: فلما أخرج كتبه كان كما قال يحيى، إذا فيها ألفاظ وأخبار كما قال يحيى.

["العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره [ص 171] و"سؤالات ابن هانئ" للإمام أحمد [2/ 208]، و"المعرفة والتاريخ"[2/ 646].

(1)

"تاريخ الدوري": [4/ 312].

(2)

"الجرح والتعديل": [9/ 66].

ص: 76

قال ابن حبان: لم ينصف من جانب حديث حماد بن سلمة واحتج بأبي بكر بن عياش في كتابه وبابن أخى الزهري يخطئ فغيره من اقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجودًا، وأنى يبلغ أبو بكر حماد بن سلمة، ولم يكن من أقران حماد مثله في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنة مبتدع جهمى لما كان يظهر من السنن الصحيحة التى ينكرها المعتزلة، وأنى يبلغ أبو بكر بن عياش حماد بن سلمة في إتقانه أو في جمعه أم في علمه أم في ضبطه، وإنا نشيع الكلام في هذا الفصل في كتاب (الفصل بين النقلة) عند ذكرنا إياه إن شاء الله تعالى

(1)

.

قال البيهقي: حماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويجتنبون ما تفرد به عن قيس بن سعد خاصة وأمثاله

(2)

.

قال مغلطاي: وفي "الخلافيات" للبيهقى: حماد بن سلمة أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه، فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأما مسلم فإنه اجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ أكثر من اثنى عشر

(1)

"الثقات": [6/ 216].

(2)

"السنن الكبرى": [4/ 94].

ص: 77

حديثًا أخرجها في الشواهد دون الاحتجاج، وإذا كان الأمر على هذا فالاحتياط لمن راقب الله تعالى لا يحتج بما يجد في حديثه مما يخالف الثقات

(1)

.

‌37 - حماد بن أبي سليمان

قال أبو داود: قلت لأحمد: مغيرة أحب إليك في إبراهيم أو حماد؟

قال: أما ما روى سفيان وشعبة عن حماد، فحماد أحب إليّ، لأن في حديث الآخرين عنه تخليطًا

(2)

.

وقال أبو داود أيضًا: سمعت أحمد مرة أخرى يقول: حماد مقارب الحديث ما روى عنه سفيان، وشعبة، والقدماء.

قلت: هشام كيف سماعه؟ قال: قديم.

سألت أحمد مرة أخرى عن سماع هشام الدستوائى عن حماد، قال: سماعه صالح.

سمعت أحمد يقول: ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط يعني عن حماد بن أبي سليمان.

قال ابن أبي حاتم: نا سعيد بن أبي سعيد، قال: سُئل أحمد بن حنبل عن حماد بن أبي سليمان؟ قال: رواية القدماء عنه تقارب الثوري وشعبة

(1)

"إكمال تهذيب الكمال": [4/ 145]. وانظر: "تهذيب التهذيب"، وكتابي "الرواة الثقات المتُكلم فيهم".

(2)

"سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: [ص 290].

ص: 78

هشام، وأما غيرهم فجاؤا عنه بأعاجيب

(1)

.

قال المزي: قال أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال: أخبرني الحسين بن الحسن، قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث، قال: قيل لأبي عبد الله، وأخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا الأثرم، قال: سمعت أبا عبد الله قيل له: حماد بن أبى سليمان؟ قال: أما حماد فرواية القدماء عنه مقاربة: شعبة، والثوري، وهشام -يعني: الدستوائى- قال: وأما غيرهم فقد جاءوا عنه بأعاجيب. قلت له: حجاج، وحماد بن سلمة؟ قال: حماد على ذاك لا بأس به. قال أبو عبد الله: وقد سقط فيه غير واحد مثل محمد بن جابر، وذاك -وأشار بيده، فظننت أنه عنى سلمة الأحمر-، قال الأثرم: ولعله قد عنى غيره

(2)

.

قال ابن سعد: قالوا: وكان حماد ضعيفًا في الحديث، فاختلط في آخر أمره، وكان مرجئًا، وكان كثير الحديث

(3)

.

‌38 - حنظلة السدوسي أبو عبد الرحيم البصري

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، نا على بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد وذكر حنظلة السدوسي فقال: قد رأيته وتركته على عمد.

(1)

"الجرح والتعديل": [3/ 147].

(2)

"تهذيب الكمال": [7/ 272].

(3)

"الطبقات الكبرى": [6/ 325].

ص: 79

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وفي "تهذيب التهذيب": "قال القطان: حماد أحبَّ إليَّ من مغيرة، وكذا قال ابن معين، وقال: حماد ثقة. وقال أبو حاتم: هو صدوق لا يُحتج بحديثه، وهو مستقيم في الفقه، فإذا جاء الآثار شوش. وقال العجلي: كوفي ثقة، وكان أفقه أصحاب إبراهيم. وقال النسائي: ثقة إلا أنه مرجئ. وقال حماد بن سلمة: قلت له: قد سمعت من إبراهيم، فكان يقول: إن العهد قد طال بإبراهيم. وقال أبو نعيم عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت: سمعت أبى يقول: كان حماد يقول: قال إبراهيم، فقلت: والله إنك لتكذب على إبراهيم أو أن إبراهيم ليخطئ. وقال ابن عدي: وحماد كثير الرواية خاصة عن إبراهيم، ويقع في حديثه أفراد وغرائب، وهو متماسك في الحديث لا بأس به. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ. وقال أبو بكر بن عياش عن الأعمش: حدثنا حماد بن إبراهيم بحديث، وكان غير ثقة. قال أبو أحمد الحاكم: وكان الأعمش سئ الرأي فيه. وقال الذهلي: كثير الخطأ والوهم". اهـ

وقال الآجري: حدثنا أبو داود، ثنا أحمد بن سنان، حدثني سهل بن أبى حذوية، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سمعت سفيان يقول: حماد لم يكن بالحافظ، إسماعيل بن أبي خالد أحب أصحاب الشعبي إليّ. ("سؤالات الآجري" لأبى داود:[1/ 324]). وقال ابن أبى حاتم: نا على بن الحسين قال: نا إبراهيم بن عبد الله بن أبى حاتم الهروي، نا إسماعيل بن علية، عن شعبة قال: كنت أسأل حمادًا فيجيبني، فأقول: عن إبراهيم؟ فيقول: لا توقفني فإني لا أدري لَعَلي أن أكون قد نسيت. ("مقدمة الجرح والتعديل": [1/ 165]). وقال ابن أبي حاتم أيضًا: نا بشر بن مسلم بن عبد الحميد الحمصي: نا حيوة -يعني ابن شريح الحمصي-: نا بقية قال: قلت لشعبة: لم تروى عن حماد بن أبي سليمان وكان مرجئًا؟ قال: كان صدوق اللسان.

نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي، نا يحيى بن معين، نا حجاج الأعور عن شعبة قال: كان حماد أحفظ من الحكم.

حدثني أبي، نا نعيم بن حماد، نا ابن المبارك، عن شعبة قال: كان حماد بن أبي سليمان لا يحفظ.

قال أبو محمد: كان الغالب عليه الفقه، وأنه لم يرزق حفظ الآثار.

نا بشر بن مسلم بن عبد الحميد التنوخي الحمصي، نا حيوة -يعني ابن شريح الحمصي- =

ص: 80

قلت ليحيى: كان قد اختلط؟ قال: نعم

(1)

.

قال ابن معين: حنظلة السدوسي تغير في آخر عمره

(2)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا سليمان عن حماد عن حنظلة السدوسي عمل فيه السن وتغير

(3)

.

= نا بقية قال: قلت لشعبة: لم تروي عن حماد بن أبي سليمان وكان مرجئًا؟ قال: كان صدوق اللسان.

("مقدمة الجرح والتعديل": [1/ 137]).

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، نا علي -يعني ابن المدينى- قال: سمعت سفيان يقول: كان حماد أبطن بإبراهيم من الحكم.

نا ابن أبي خيثمة فيما كتب إلى، نا يحيى بن معين، نا حجاج الأعور، عن شعبة قال: كان حماد ومغيرة أحفظ من الحكم.

وقال أحمد: حماد بن أبى سليمان ثقة. ("العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 89]).

وقال العقيلي: قال محمد بن إسماعيل الصائغ: وما كنا نثق بحديث حماد بن أبي سليمان، وقال عبد الله بن غنام: وما كنا نصدقه.

("الضعفاء الكبير": [1/ 314]).

وقال ابن رجب: قال عثمان البتي: كان حماد إذا قال برأيه أصاب، وإذا قال: قال إبراهيم أخطأ. ("شرح علل الترمذي": [2/ 835]).

وقال الدارقطني: حماد بن أبى سليمان ضعيف.

("علل الدارقطني": [5/ 166]، و"سنن الدارقطني": [3/ 269]).

(1)

"الجرح والتعديل": [3/ 240 - 241] و"التاريخ الكبير": [3/ 43]، و"الضعفاء الكبير" للعقيلي:[1/ 289].

(2)

"تاريخ الدوري": [4/ 104].

(3)

"المعرفة والتاريخ"[2/ 126].

ص: 81

قال ابن حبان: كان حنظلة بن عبيد الله السدوسى اختلط بآخره حتى كان لا يدري ما يحدث، فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير، تركه يحيى القطان.

سمعت الحنبلى يقول: سمعت أحمد بن زهير يقول: سُئل يحيى بن معين عن حنظلة السدوسي عن أنس فقال: ضعيف

(1)

.

وأورد ابن عدي له أحاديث ثم قال: ولحنظلة غير ما ذكرت من الحديث عن أنس، وعن عكرمة، وعن شهر بن حوشب وغيرهم، وإنما أنكر من أنكر روايته لأنه كان قد اختلط في آخر عمره، فوقع الإنكار في حديثه بعد اختلاطه

(2)

.

(1)

"المجروحين": [1/ 266 - 267].

(2)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [2/ 423].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الميموني عن أحمد: ضعيف الحديث. وقال الأثرم عن أحمد: منكر الحديث، يحدث بأعاجيب. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: ضعيف الحديث، يروي عن أنس أحاديث مناكير، وقد روى عنه بعض الناس، وترك بعض الناس الرواية عنه. وقال ابن معين والنسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وذكره ابن حبان في الثقات، وسمى أباه عبد الله. وقال ابن حبان أيضًا في كتاب "الضعفاء": حنطة بن عبيد الله السدوسي، كنيته أبو عبد الرحمن، اختلط بآخره حتى كان لا يدري ما يحدث به، فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير، تركه يحيى القطان. قلت: كأنه عنده اثنان. وقال يحيى بن معين: حنظلة السدوسي أبو شريك معلم كتاب ليس بثقة، ولا دون الثقة. وقال الساجي: صدوق". اهـ وقال البرذعي: قلت لأبي زرعة: بلغك أن أحمد بن حنبل كان يضعف حنطة السدوسي؟ قال: هو ضعيف. وقال ابن عدي: ثنا أحمد بن علي بن بحر المطيري، ثنا ابن الدورقي، سمعت يحيى يقول: حنطة بن عبد الله السدوسى ليس حديثه بشيء. ["سؤالات البرذعي" لأبي زرعة الرازي: (2/ 380)، و"الكامل في ضعفاء الرجال": (2/ 422)].

ص: 82

‌39 - حيان بن عبيد الله بن حيان أبو زهير

قال الذهبي: حيان بن عبيد الله أبو زهير شيخ بصري. عن أبي مجلز.

قال البخاري: ذكر الصلت منه الاختلاط

(1)

.

(1)

"ميزان الاعتدال": [1/ 623].

وقال البخاري في "التاريخ الكبير"[3/ 58]: حيان بن عبيد الله أبو زهير ينزل بني عدي سمع أبا مجلز والضحاك، وعن أبيه، روى عنه موسى بن إسماعيل ومسلم، قال عباس بن طالب، حدثنا حيان بن عبيد الله بن زهير العدوي، سمع ابن بريدة ولاحقًا. اهـ

قلت: وأظن أن الذهبي وهم في نقل اختلاط حيان بن عبيد الله، وإنما نقل البخاري عن الصلت اختلاط حبان بن يسار. انظر ترجمته في هذا الكتاب.

ص: 83

‌حرف الخاء

‌40 - خالد بن إياس ويقال: ابن إلياس

قال برهان الدين ابن العجمي: الكلام في تضعيف خالد بن إياس معروف.

وقال أبو الحسن بن القطان كما نقله عنه الإمام جمال الدين الزيلعي في تخريج أحاديث الهداية في حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام كان ينهض في الصلاة على صدور قدميه. والأمر الذي علَّ به خالد هو موجود في صالح مولى التوأمة، قال: وهو الاختلاط. انتهى

(1)

(1)

"نهاية الاعتباط".

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أحمد: خالد بن إياس متروك الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء ولا يُكتب حديثه. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر الحديث. قيل له: يُكتب حديثه؟ فقال: زحفًا. وقال أبو زرعة: ضعيف ليس بقوي، سمعت أبا نعيم يقول: لا يسوى حديثه وسكت، ثم قال: لا يسرى حديثه فلسين. وقال البخاري: منكر الحديث ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال مرة: ليس بثقة ولا يُكتب حديثه. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها غرائب وأفراد ومع ضعفه يُكتب حديثه. وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يُرغب عن الرواية عنهم. وقال الترمذي: ضعيف عند أهل الحديث. وقال النسائي في "الكنى": مدني ضعيف. وقال ابن شاهين في "الضعفاء": ضعفه محمد بن عمار. وقال الساجي في "الضعفاء": سمعت ابن مثنى يقول: خالد بن إلياس يضعف في الحديث. قال الساجي: هو ضعيف الحديث جدًا وليس هو بحجة في أحكام. وقال أبو بكر البزار في "مسنده": ليس بقوي. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات حتى يسبق إلى القلب أنه الواضع لها لا يُكتب حديثه إلا على جهة التعجب وهو الذي روى "أن الله طيب يُحب الطيب نظيف يُحب النظافة". وقال الحاكم: روى عن ابن المنكدر وهشام بن عروة والمقبري أحاديث موضوعة، وكذا قال أبو سعيد النقاش. وقال ابن عبد البر: ضعيف عند جميعهم.

ص: 84

‌41 - خالد بن طهمان الخفاف

قال ابن عدي: حدثنا علان، ثنا ابن أبي مريم، قال يحيى بن معين: وخلط خالد الخفاف قبل موته بعشر سنين، وكان قبل ذلك ثقة، وكان في تخليطه كل ما جاؤوه به ورآه قرأه

(1)

.

‌42 - خالد بن مهران الحذاء

قال العقيلى: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: قلت لحماد بن زيد: ما لخالد الحذاء في حديثه؟ قال: قدم علينا قدمة من الشام، فكأنا أنكرنا حفظه

(2)

.

(1)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [3/ 19]. وفي "تهذيب التهذيب": "قال الدوري عن ابن معين: ضعيف. وقال أبو حاتم: هو من عتق الشيعة محله الصدق. وقال أبو عبيد: لم يذكره أبو داود إلا بخير. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ ويهم. وقال ابن الجارود: ضعيف. وقال ابن عدي: ولم أر له في مقدار ما يرويه حديثًا منكرًا". اهـ

وقال ابن معين: أبو العلاء الخفاف ضعيف. [تاريخ عثمان الدارمي: (ص 246)].

(2)

"الضعفاء الكبير": [2/ 4].

والحسن بن علي هو ابن محمد الخلال ثقة حافظ. ومحمد بن إسماعيل هو ابن سالم الصائغ صدوق.

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الأثرم عن أحمد: ثبت. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وكذا قال النسائي. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن سعد: ثقة مهيبًا كثير الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي: بصري ثقة. وحكى العقيلي في "تاريخه" من طريق يحيى بن آدم: عن أبي شهاب قال: قال لي شعبة: عليك بحجاج بن أرطأة ومحمد بن إسحاق فإنهما حافظان، واكتم على عند البصريين في خالد الحذاء وهشام. قال يحيى: وقلت لحماد بن زيد: فخالد الحذاء؟ قال: قدم علينا قدمة من =

ص: 85

‌43 - خصيف بن عبد الرحمن الجزري

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: خصيف صالح يخلط، وتكلم في سوء حفظه

(1)

.

(2)

.

= الشام فكأنا أنكرنا حفظه. وقال عباد بن عباد: أراد شعبة أن يقع في خالد فأتيته أنا وحماد ابن زيد، فقلنا له: مالك أجننت وتهددناه فسكت. وحكى العقيلي من طريق أحمد بن حنبل: قيل لابن علية في حديث كان خالد يرويه، فلم يلتفت إليه ابن علية، وضعف أمر خالد. قرأت بخط الذهبي: ما خالد في الثبت بدون هشام بن عروة وأمثاله.

قلت: والظاهر أن كلام هؤلاء فيه من أجل ما أشار إليه حماد بن زيد من تغير حفظه بآخره أو من أجل دخوله في عمل السلطان والله أعلم".

وقال الذهبي في "الميزان": [1/ 642 - 643]: خالد بن مهران الحافظ أحد الأئمة أورده العقيلي في كتابه، وروى من طريق يحيى بن آدم: حدثنا أبو شهاب، قال لي شعبة: عليك بحجاج بن أرطأة وابن إسحاق فإنهما حافظان، واكتم على عند البصريين في هشام وخالد. قلت: ما التفت أحد إلى هذا القول أبدًا.

وقال عباد بن عباد: أراد شعبة أن يضع من خالد الحذاء، فأتيت أنا وحماد بن زيد فقلنا له: مالك! أجننت! أنت أعلم، وتهددناه، فأمسك.

يحيى بن آدم، قلت لحماد بن زياد: ما لخالد الحذاء في حديثه! فقال: قدم علينا قدمة من الشام، فكأنا أنكرنا حديثه.

وقال أحمد: قيل لابن علية في هذا الحديث، فقال: كان خالد يرويه، فلم نكن نلتفت إليه. ضعف ابن علية أمر خالد.

قلت: ما خالد في الثبت بدون هشام بن عروة وأمثاله.

وعلق الذهبي في "السير"[6/ 191] على قول شعبة بقوله: هذا الاجتهاد من شعبة مردود، لا يلتفت إليه. بل خالد وهشام محتج بهما في الصحيحين، وهما أوثق بكثير من حجاج وابن إسحاق، بل ضعف هذين ظاهر، ولم يتركا.

(1)

"الجرح والتعديل": [3/ 403 - 404].

(2)

قول أبي حاتم "يخلط" لا يعنى الاختلاط الإصطلاحي، وإنما يعني أنه كان سيء الحفظ =

ص: 86

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيخطئ في الأسانيد والمتون ولا يأتي بها على التقويم، سواء كان ذلك في أول أمره أو آخره. ولم يصف أحد من المتقدمين خصيف بن عبد الرحمن الجزري بالاختلاط.

ففي "تهذيب التهذيب": قال أبو طالب عن أحمد: خصيف بن عبد الرحمن الجزري ضعيف الحديث. وقال حنبل عنه: ليس بحجة ولا قوي في الحديث. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بالقوي في الحديث، قال: وقال مرة: ليس بذاك. قال أبي: خصيف شديد الاضطراب في المسند. وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال مرة: ثقة. وقال النسائي: عتاب ليس بالقوي ولا خصيف. وقال مرة: صالح. وقال ابن عدي: ولخصيف نسخ وأحاديث كثيرة، وإذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه ورواياته، إلا أن يروي عنه عبد العزيز ابن عبد الرحمن فإن روايته عنه بواطيل، والبلاء من عبد العزيز لا من خصيف. وقال ابن سعد: كان ثقة. وقال ابن المديني: كان يحيى بن سعيد يضعفه. وقال الدارقطني: يعتبر به ويهم، قال أحمد: مضطرب الحديث. وقال جرير: كان متمكنًا في الأرجاء يتكلم فيه. وقال أبو طالب: سُئل أحمد عن عتاب بن بشير فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، روى بأحاديث بآخره منكرة، ومما أرى إلا أنها من قبل خصيف. وقال ابن معين: إنا كنا نتجنب حديثه. وقال ابن خزيمة: لا يحتج بحديثه. وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي. وقال الأزدي: ليس بذاك. وقال ابن حبان: تركه جماعة من أئمتنا واحتج به آخرون، وكان شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا، إلا أنه كان يخطئ كثيرًا فيما يروي، وينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته إلا أن الإنصاف فيه قبول مما وافق الثقات في الروايات، وترك ما لا يتابع عليه، وهو ممن استخير الله تعالى فيه، وقد حدث عبد العزيز عنه عن أنس بحديث منكر، ولا يعرف له سماع من أنس". اهـ

وقال عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف: قيل لمحمد: خصيف أي شيء حاله؟ قال: صدوق في الأصل. وقال أبو زرعة والعجلي: ثقة.

["التاريخ الأوسط": (2/ 35)، وعبد الله الخفاف هو راوي "التاريخ الأوسط" عن البخاري، و"الجرح والتعديل": (3/ 404)، و"ثقات العجلى": (ص 143)].

ص: 87

‌44 - خطاب بن القاسم الحراني

قال البرذعي: سمعت أبا زرعة ذكر الخطاب بن القاسم الحراني فقال: منكر الحديث، يقال: إنه اختلط وتغير قبل موته

(1)

.

‌45 - خلف بن خليفة

قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: رأيت خلف بن خليفة وهو كبير فوضعه إنسان من يده، فلما وضعه صاح يعني من الكبر، فقال له إنسان: يا أبا أحمد حدثكم محارب وقص الحديث، فتكلم بكلام خفي علي، وجعلت لا أفهم ما يقول، فتركته ولم أكتب عنه شيئًا

(2)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكى، أخبرنا محمد ابن عبد الله بن خلف الدقاق، حدثنا عمر بن محمد الجوهري، حدثنا أبو بكر الأثرم قال: وسمعت أبا عبد الله يسأل عن خلف بن خليفة فقال: قد أتيته فلم أفهم عنه

(3)

.

(1)

"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة الرازي: [2/ 359]. وفي "تهذيب التهذيب": "قال عثمان الدارمي عن ابن معين: خطاب بن القاسم ثقة. وقال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: ثقة، وعن أبيه: يُكتب حديثه. وذكره ابن حبان في الثقات. أخرج له أبو داود حديثًا في النكاح في الجمع بين العمة والخالة، والنسائي آخر في الصيام في فضل التطوع، وقال عقبة: هذا حديث منكر، وخصيف ضعيف، وخطاب لا علم لي به". اهـ

وقال أحمد بن حنبل: خطاب بن القاسم لا بأس به. ["سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: (ص 272)].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 129].

(3)

"تاريخ بغداد": [8/ 320].

ص: 88

قال ابن سعد: خلف بن خليفة يكنى أبا أحمد مولى لأشجع، كان من أهل واسط فتحول إلى بغداد، وكان ثقة ثم أصابه الفالج قبل أن يموت حتى ضعف وتغير لونه واختلط، ومات ببغداد قبل هشيم في سنة إحدى وثمانين ومائة، وهو يومئذ ابن تسعين سنة أو نحوها

(1)

.

قال ابن شاهين: قال عثمان بن أبي شيبة: خلف بن خليفة صدوق ثقة، ولكنه كان خرف، فاضطرب عليه حديثه

(2)

.

قال ابن حجر: قال أبو الحسن الميموني: سمعت أبا عبد الله يُسأل هل رأى خلف بن خليفة عمرو بن حريث؟ قال: لا، ولكنه عندي شبه عليه هذا ابن عيينة وشعبة بن الحجاج لم يروا عمرو بن حريث ويراه خلف. وقال أحمد أيضًا: قد رأيت خلف بن خليفة وهو مفلوج سنة سبع وثمانين ومائة، قد حمل وكان لا يفهم فمن كتب عنه قديمًا سماعه صحيح. وحكى القراب اختلاطه عن إبراهيم بن أبي العباس، وكذا حكاه مسلمة الأندلسي ووثقه، وقال: من سمع منه قبل التغير فروايته صحيحة

(3)

.

(1)

"الطبقات الكبرى": [7/ 227].

(2)

"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين: [ص 118].

(3)

"تهذيب التهذيب": [ترجمة خلف بن خليفة].

وفي "تهذيب التهذيب" أيضا: "قال ابن معين والنسائي: ليس به بأس، وكذا قال ابن عمار، وزاد: ولم يكن صاحب حديث. وقال ابن معين أيضًا وأبو حاتم: صدوق. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، ولا أبرئه من أن يخطئ في بعض الأحايين في بعض رواياته. وقال العجلي: ثقة. وذكر الحاكم في "المدخل" أن مسلمًا إنما أخرج له في الشواهد". اهـ =

ص: 89

‌حرف الدال

‌46 - داود بن فراهيج

قال الذهبي: داود بن فراهيج عن أبي هريرة، وعنه شعبة وغيره. روى عباس عن يحيى قال: قد روى عنه شعبة وأبو غسان محمد بن مطرف، وهو ضعيف. وقال يحيى القطان: كان شعبة يضعف داود بن فراهيج. وقال يعقوب الحضرمي: حدثنا شعبة، عن داود، وكان قد كبر وافتقر. وعن ابن معين أيضًا: لا بأس به. ويروى عن ابن المديني، عن يحيى القطان: ثقة. وقال ابن عدي: لا أرى بمقدار ما يرويه بأسًا.

وله حديث فيه نكره. هشام بن عمار، حدثنا عبد الله بن يزيد البكري ح وحميد بن داود، حدثنا سوار بن عمارة، قالا: حدثنا أبو غسان، سمعت داود بن فراهيج، سمعت أبا هريرة -مرفوعًا:"ما حسن الله خَلْقَ رجل وخُلُقه فتطعمه النار".

قال أبو حاتم: تغير حين كبر، وهو ثقة صدوق

(1)

.

= وقال البخاري: خلف بن خليفة صدوق وربما وهم في الشيء. ["علل الترمذى الكبير" (ص 392)]. وقال محقق كتاب "المختلطين" للعلائي [ص 31]: وفي "مسند أحمد": دخلت على خلف ابن خليفة فرأيته قد اختلط، فلم أسمع منه.

(1)

"ميزان الاعتدال": [2/ 19]. والذى في "الجرح والتعديل"[3/ 422]: قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: داود بن فراهيج صدوق.

وقال الحافظ في "لسان الميزان"[3/ 268]: قال النسائي في "التمييز": داود بن فراهيج ليس بالقوي. وذكره ابن شاهين في الثقات. وروى له ابن حبان في "صحيحه". وقال الساجي: كان أحمد يضعفه. وقال ابن الجارود: ضعيف الحديث. وقال العجلي: لا بأس به.

ص: 90

‌حرف الراء

‌47 - ربيعة بن أبي عبد الرحمن

قال ابن الصلاح: ربيعة الرأي ابن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك، قيل: إنه تغير في آخر عمره وترك الاعتماد عليه لذلك

(1)

. قال العلائي: ربيعة بن أحمد بن عبد الرحمن أحد التابعين، شيخ الإمام مالك، وأحد أئمة الإسلام، اتفقوا على الاحتجاج به. وقال أبو عمرو بن الصلاح: قيل: إنه تغير في الآخر.

قلت: وكذلك ذكره ابن حبان في ذيل الضعفاء، ولم يلتفت إلى تضعيفه، فهو من القسم الأول

(2)

.

قال العراقي: ما حكاه المصنف من تغير ربيعة في آخر عمره لم أره لغيره، وقد احتج به الشيخان، ووثقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي ويحيى بن سعيد والنسائي وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم، ولا أعلم أحدًا تكلم فيه باختلاط ولا ضعف إلا أن النباتي أورده في ذيل "الكامل" وقال أن البستى وهو ابن حبان ذكره في الزيادات مقتصرًا على قول ربيعة لابن شهاب أن حالى ليست تشبه حالك، وأنا أقول برأيي، من شاء أخذه. وذكر البخاري قول ربيعة هذا في "التاريخ الكبير". وقال ابن سعد في "الطقات الكبرى" بعد توثيقه: كانوا يتقونه لموضع الرأي.

(1)

"مقدمة ابن الصلاح"[ص 455].

(2)

كتاب "المختلطين": [ص 32 - 33]. وقد تقدم معنى القسم الأول في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

ص: 91

قال ابن عبد البر في "التمهيد": وقد ذمه جماعة من أهل الحديث لاعترافه في الرأى ورووا في ذلك أخبارًا قد ذكرتها في غير هذا الموضع، قال: وكان سفيان بن عيينة والشافعى وأحمد بن حنبل لا يرضون عن رأيه لأن كثيرًا منه يوجد له بخلاف المسند الصحيح، لأنه لم يتسع فيه. وروى ابن عبد البر في كتاب "جامع بيان العلم" بإسناده إلى مالك قال: قال لي ابن هرمز: لا تمسك على شيء مما سمعت مني من هذا الرأي، فإنما افتجرته أنا وربيعة، فلا تتمسك به. وروى ابن عبد البر أيضًا فيه عن موسى بن هارون قال: الذين ابتدعوا الرأي ثلاثة وكلهم من أبناء سبابا الأمم وهم: ربيعة بالمدينة، وعثمان البتي بالبصرة، وفلان بالكوفة. قال ابن عبد البر: وذكر العقيلي في "التاريخ الكبير" بإسناده إلى الليث قال: رأيت ربيعة في المنام فقلت له: ما حالك؟ فقال: صرت إلى خير إلا أنى لم أحمد على كثير مما خرج مني من الرأي انتهى.

فهذا كما تراه إنما تكلم فيه من قبل الرأي لا من اختلاطه، فإنى لم أر أحدًا ذكره غير ابن الصلاح، على أن غير واحد قد برأوه من الرأي فروينا عن عبد العزيز بن أبي سلمة قال: يا أهل العراق تقولون ربيعة الرأي، والله ما رأيت أحدًا أحفظ لسنة منه. وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" قال: كان عبد العزيز بن أبى سلمة يجلس إلى ربيعة، فلما حضرت ربيعة الوفاة قال له عبد العزيز: يا أبا عثمان إنا قد تعلمنا منك وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئًا فنرى أن رأينا له خير من رأيه لنفسه فنفتيه، فقال ربيعة: أجلسوني، فجلس ثم قال: ويحك يا عبد العزيز لأن تمت

ص: 92

جاهلًا خير لك من أن تقول في شيء بغير علم لا لا لا ثلاث مرات

(1)

.

‌48 - رواد بن الجراح

قال البخاري: رواد بن الجراح كان قد اختلط، لا يكاد أن يقوم حديثه

(2)

.

قال أبو حاتم: رواد بن الجراح مضطرب الحديث، تغير حفظه في آخر عمره، وكان محله الصدق

(3)

.

قال النسائي: رواد بن الجراح أبو عاصم ليس بالقوي، روى غير حديث منكر، وكان قد اختلط

(4)

.

قال ابن حجر: قال أبو أحمد الحاكم: رواد بن الجراح تغير بآخره، فحدث بأحاديث لم يتابع عليها، وسنة قريب من سن الثوري، ولم يكن بالشام أكبر سنًا منه من أقرانه.

وقال محمد بن عوف الطائى: دخلنا عسقلان فإذا برواد قد اختلط

(5)

.

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 455 - 456].

(2)

"التاريخ الكبير": [3/ 336].

(3)

"الجرح والتعديل": [3/ 524]. وانظر "علل ابن أبي حاتم": [2/ 177].

(4)

"الضعفاء والمتروكين": [ص 176].

(5)

"تهذيب التهذيب".

وفي "التهذيب" أيضا: "قال الدوري عن ابن معين: لا بأس به، إنما غلط في حديث سفيان. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: صاحب سُنّة لا بأس به، إلا أنه حدّث عن سفيان أحاديث مناكير. وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة. وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: ثقة مأمون. قال معاوية: وذاكرة رجل بحديثه عن الثوري عن الزبير بن عدي الهمداني، عن أنس: "إذا صلت المرأة خمسها"، فقال: تخايل له سفيان، لم يحدثه سفيان هذا قط، إنما حدثه =

ص: 93

‌حرف الزاي

‌49 - زهير بن معاوية

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: زهير بن معاوية تغير.

قال حسن بن موسى: أنا فهمت تغيره، إنى سخنت له ماء فقال: ما أطيب البول في الماء الساخن

(1)

.

= عن الزبير: أتينا أنسًا نشكو الحجاج، وينبغي أن يكون إلى جانب سفيان عن الربيع بن الصبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه الناس عليه، وكان شيخًا صالحًا، وفي حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه يكتب حديثه. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ ويخالف. وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال أبو بكر بن زنجويه: قال لي أحمد: لا تحدث بهذا الحديث، يعني حديث رواد عن الثوري، عن الزبير بن عدي، عن أنس:"أربع من اجتنبهن دخل الجنة: الدماء والأموال والأشربة والفروج". وقال الساجي عنده مناكير، وقال الحفاظ: كثيرًا ما يخطئ، ويتفرد بحديث ضعفه الحفاظ فيه وخطئوه وهو:"خيركم بعد المائتين كل خفيف الحاذ". اهـ وروى البزار حديثًا من طريق رواد بن الجراح عن الثوري ثم قال: لا نعلمه عن الثوري إلا عن رواد، ورواد صالح الحديث ليس بالقوي، حدث عنه جماعة من أهل العلم. وقال أيضًا: رواد بن الجراح ليس بالقوي.

وقال الخليلي: رواد بن الجراح مشهور، قال الحفاظ: كثيرًا ما يخطئ. ("كشف الأستار": [2/ 177]، [ح 1463] [2/ 181] [ح /1473] و"الإرشاد في معرفة علماء الحديث": [2/ 470]).

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [1/ 343].

وهذا هو النص الوحيد الذي وقفت عليه يصف زهير بن معاوية بالاختلاط. وفي "تهذيب التهذيب": "قال معاذ بن معاذ: والله ما كان سفيان بأثبت من زهير. وقال شعيب بن حرب: كان زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة. وقال بشر بن عمر الزهراني عن ابن عيينة: عليك بزهير ابن معاوية فما بالكوفة مثله. وقال الميموني عن أحمد: كان من معادن الصدق. وقال صالح =

ص: 94

‌50 - زيد بن حبان الرقي

قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يذكر عن أبي جعفر السويدي عن معمر الرقي، قال: أنا سمعت من زيد بن حبان قبل أن يفسد أو يتغير

(1)

. وقال عبد الله بن أحمد أيضًا: سألت أبي عن زيد بن حبان الرقي، قال: حدثنا عنه معمر وتركنا حديثه، ثم قال: كان معمر يقول: حدثنا قبل أن يفسد

(2)

.

= ابن أحمد عن أبيه: زهير فيما روى عن المشايخ ثبت بخ بخ، وفي حديثه عن أبي إسحاق لين، سمع منه بآخره. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة: ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط. وقال أبو حاتم: زهير أحب إلينا من إسرائيل في كل شيء إلا في حديث أبي إسحاق، فقيل له: فزائدة وزهير؟ قال: زهير أتقن من زائدة، وهو أحفظ من أبي عوانة، وما أشبه حديثه بحديث زيد بن أبي أنيسة، وهو أحفظ من أبي عوانة، وزهير ثقة متقن صاحب سُنّة، وهو أحب إليّ من جرير وخالد الواسطي. وقال العجلي: ثقة مأمون. وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال ابن منجويه: كان حافظًا متقنًا، وكان أهل العراق يقدمونه في الإتقان على أقرانه. وقال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا مأمونًا كثير الحديث. وقال البزار: ثقة. وقال ابن حبان: كان حافظًا متقنًا وكان أهل العراق يقولون في أيام الثوري: إذا مات الثوري ففي زهير خلف، وكانوا يقدمونه في الإتقان على غيره، وعاب عليه بعضهم أنه كان ممن يحرس خشبة زيد بن علي لما صلب". اهـ

فأظن أن زهيرًا لم يحدث في وقت اختلاطه، أو أن وقت اختلاطه كان يسيرًا ولم يسمع منه أحد في هذه الفترة.

(1)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله": [1/ 563].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله": [3/ 102].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال حنبل عن أحمد: ترك حديثه، وليس يروى عنه، وزعموا كان يشرب حتى يسكر. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: لا شيء. وقال عثمان =

ص: 95

‌حرف السين

‌51 - سعيد بن إياس الجريري

قال البخاري: قال أحمد عن يزيد بن هارون: ربما ابتدأنا الجريري وكان قد أنكر، وسمعت من الجريري سنة إحدى أو اثنين وأربعين وبعد ذاك، أول سنة دخلت فيها البصرة

(1)

.

قال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون قال: سمعت من الجريري سنة اثنين وأربعين ومائة وهى أول سنة دخلت البصرة ولم ننكر منه شيئًا، وقد كان قيل لنا إنه قد اختلط، قال: وسمع إسحاق الأزرق بعدنا

(2)

.

قال ابن الجنيد: سألت يحيى قلت: يزيد بن هارون كتب عن الجريري، قال: نعم. قال يحيى: وكان كهمس بن الحسن يقول: إن الجريري اختلط بعد ذلك بكثير

(3)

.

قال ابن طهمان: قال ابن معين: يزيد بن هارون كتب عن الجريري بعد ما اختلط، أحسبه أنه قال: سمعت يزيد قال ذلك. وسمع يزيد من ابن

= الدارمي عن ابن معين: ثقة. وقال الدارقطني: ضعيف الحديث، لا يثبت حديثه عن مسعر. وقال ابن عدي: لا أرى برواياته بأسًا، يحمل بعضها بعضًا. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العقيلي: حدث عن مسعر بحديث لا يتابع عليه". اهـ

وقال ابن حبان في "المجروحين": [1/ 307]: زيد بن حبان الرقي كان ممن يخطئ كثيرًا حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد.

(1)

"التاريخ الكبير": [3/ 456]، و"التاريخ الأوسط":[2/ 64].

(2)

"الطبقات الكبرى": [7/ 193].

(3)

"سؤالات ابن الجنيد" لابن معين: [ص 281].

ص: 96

أبي عروبة قبل أن ينكر بالكوفة، وسماعه من الجريري مختلط.

قلت: فعبد الأعلى ويزيد بن زريع؟ قال: هؤلاء كتبوا قبل أن ينكرا على الجريري وسعيد

(1)

.

روى البيهقي حديثًا ثم قال: تفرد به سعيد بن إياس الجريري وهو من الثقات إلا أنه اختلط في آخر عمره، وسماع يزيد بن هارون عنه بعد اختلاطه، ورواه أيضًا حماد بن سلمة عن الجريري وليس بالقوي، وقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك

(2)

.

قال البخاري: قال لي علي: قال لي يحيى بن سعيد: الجريري بعد ما اختلط سنة إحدى أو اثنتين وأربعين.

قال يحيى: وقال لي كهمس بن الحسن: أنكرنا الجريري في الطاعون.

وقال يحيى: سألت الجريري فقلت: حدثك غنيم بن قيس عن أبي موسى: مثل القلب؟ فقال: نعم.

قلت: سمعت أبا عثمان، عن سلمان:"لولا أنكم تذنبون لجاء الله بقوم يذنبون فيغفر لهم؟ "، قال: نعم.

قلت: حدثك عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"بين كل أذانين صلاة؟ " قال: نعم.

فلقيت عدي بن الفضل فقال: هو عبد الله بن مغفل، فلقيته فقال:

(1)

"سؤالات ابن طهمان" لابن معين: [ص 103]، و"تاريخ الدوري":[4/ 285].

(2)

"السنن الكبرى"[9/ 360].

ص: 97

اجعله مرسلًا

(1)

.

(2)

.

قال ابن عدي: ثنا أحمد بن على المدائني، ثنا الليث بن عبدة، قال يحيى ابن معين، قال عيسى بن يونس: نهاني عن الجريري فتى بالبصرة، قال يحيى: يريد يحيى القطان.

قال له ابن أبى مريم: فمن سمع عنه قبل الاختلاط؟ قال: إسماعيل، وبشر بن المفضل، والثوري.

ثنا على بن سعيد، ثنا عباس بن عبد العظيم، حدثنى على بن المدينى، قال: وسمعته يقول: سماع يزيد بن هارون من الجريري مركوب

(3)

.

قال الدوري عن ابن معين: قال ابن أبى عدي: لا أكذب الله، سمعنا من الجريري وهو مختلط

(4)

.

(1)

"التاريخ الكبير": [3/ 456].

(2)

قال الشيخ المعلمي في تعليقه على "التاريخ الكبير": يريد يحيى أنه بعد أن سأل الجريري لقى عدي بن الفضل، فذكر عدي أن الحديث الأخير رواه الجريري أولًا عن ابن بريدة عن ابن مغفل على خلاف ما قال أخيرًا، فعاد يحيى إلى الجريري فأخبره فشك الجريري فقال: اجعله مرسلًا أي قل عن الجريري، عن ابن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا تسم الصحابي للشك فيه. وقد صحح المؤلف الحديث من رواية الجريري، عن ابن بريدة، عن ابن مغفل لأنه كذلك رواه الجريري قبل أن يتغير وتابعه غيره كما مر. اهـ

قلت: الحديث رواه البخاري [624، 627]، ومسلم [838]، من طريق الجريري وكهمس ابن الحسن، عن ابن بريدة، عن عبد الله بن مغفل به.

(3)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [3/ 392]،.

(4)

"تاريخ الدوري": [4/ 285]، و"سؤالات ابن محرز":[1/ 161].

ص: 98

وقال الدوري أيضًا عن ابن معين: قال لي ابن أبي عدي: كنا نأتي الجريري وهو مختلط، لا نكذب الله، فنلقنه الحديث مثل ما هو عندنا، فيجئ به مثل ما هو عندنا، أو نحو هذا من الكلام قال يحيى

(1)

.

قال ابن محرز: قيل لابن معين: الأنصاري -يعني محمد بن عبد الله قاضي البصرة- سمع من الجريري شيئًا؟ قال: سمع منه وهو مختلط

(2)

.

قال الدوري: سمعت يحيى يقول: قد سمع يحيى بن سعيد القطان من الجريري، وكان لا يروى عنه، قال عيسى بن يونس: قد سمعت من الجريري فقال لي يحيى بن سعيد القطان: لا ترو عنه.

قال أبو الفضل: إنما مذهب يحيى بن سعيد القطان عندنا في هذا يقول: إن الجريري قد كان اختلط، لا أنه ليس بثقة

(3)

.

قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: أيحفظ عن أبي هلال، عن قتادة، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم:"إذا بويع لخليفتين"؟ قال: هذا مرسل عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، حدثنا عفان، عن همام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو هلال مضطرب الحديث عن قتادة، وهذا إنما أسندوه عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، من حديث خالد، لا يرويه غيره.

(1)

"تاريخ الدوري": [4/ 146].

(2)

"سؤالات ابن محرز" لابن معين: [1/ 127].

(3)

"تاريخ الدوري": [4/ 163].

ص: 99

قلت: فإنهم يقولون: سماع خالد بعد الاختلاط؟ قال: لا أدري

(1)

.

قال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي قال: سألت ابن علية عن الجريري، فقلت له: يا أبا بشر: أكان الجريري اختلط؟ قال: لا، كبر الشيخ فرق

(2)

.

(1)

"المنتخب من العلل" للخلال: [ص 166].

قال الشيخ طارق بن عوض الله حفظه الله: الحديث أخرجه مسلم [1853] بلفظ: "إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الأخر منهما".

وأعله ابن القطان كما في "البدر المنير" لابن الملقن باختلاط الجريري. وقال الحافظ في مقدمة "الفتح"[ص 405]: لم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سمع خالد منه قبل الاختلاط أو بعد. اهـ

أخرج البخاري له حديثًا في الصحيح من رواية خالد عنه، لكنه بمتابعة بشر بن المفضل له.

وفي "السير" للذهبي [1/ 155]: ولا يصح من هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من وجه ثابت.

وقال أيضًا [3/ 457]: الرواية في هذا الباب غير ثابتة.

وقال الذهبي في "الميزان"[3/ 348]: فضالة بن دينار، عن ثابت البناني، عن أنس، وعنه عمار بن هارون.

قال العقيلي: منكر الحديث، روى عن ثابت، عن أنس حديث:"إذا بويع لخليفتين"، ولم يصح في هذا حديث.

فتعقبه الحافظ في "اللسان"[4/ 435] قائلًا: وهذا هو العجب العجاب! كيف يقول المؤلف هذا ويقر عليه، والحديث في صحيح مسلم، وإن كان من غير هذا الوجه، وقد راجعت كلام العقيلي فلم أر هذا الكلام فيه.

قلت: نعم الحديث في صحيح مسلم، ولكنه معلول كما سبق، والحافظ نفسه يلزمه من قوله الذى نقلناه عنه في مقدمة "الفتح" أن يتوقف في صحته.

وأما عما نقله الذهبي عن العقيلي فهو محفوظ في كتابه في ترجمة فضالة هذا، ولا أدري ما الفرق بين قول العقيلي: الرواية في هذا الباب غير ثابتة، وبين ما نقله الذهبي عنه:"لم يصح في هذا حديث".

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 302]، [2/ 354].

ص: 100

قال الآجري عن أبي داود: أرواهم عن الجريري ابن علية، وكل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد

(1)

.

روى أبو داود من طريق ابن المبارك عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعًا: "دعاء لبس الثوب"، ثم ذكر متابعة عيسى بن يونس ومحمد بن دينار لابن المبارك، ثم قال: عبد الوهاب الثقفي لم يذكر فيه أبا سعيد، وحماد بن سلمة قال: عن الجريري عن أبي العلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو داود: حماد بن سلمة والثقفي سماعهما واحد

(2)

.

وروى النسائي حديث "دعاء لبس الثوب" ثم قال: حماد بن سلمة في الجريري أثبت من عيسى بن يونس، لأن الجريري كان قد اختلط، وسماع حماد بن سلمة منه قديم قبل أن يختلط.

قال يحيى بن سعيد القطان: قال كهمس: أنكرنا الجريري أيام الطاعون.

وحديث حماد أولى بالصواب من حديث عيسى وابن المبارك، وبالله التوفيق

(3)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن الجريري -وهو ثقة

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [1/ 404].

(2)

"سنن أبي داود": [ح 4020].

(3)

"السنن الكبرى": [6/ 85][ح 10142]. وسيأتي تخريج حديث "دعاء لبس الثوب" عند ذكر كلام ابن القطان الفاسي في آخر الترجمة.

وقول كهمس مخرج في "الجرح والتعديل": [4/ 221].

ص: 101

أخذوا عنه- من سمع منه في الصحة، لأنه كان عمل فيه السن فتغير، وكان أهل العلم يسمعون، وسماع هؤلاء الذين بآخره فيه وفيه

(1)

.

قال العجلي: سعيد بن إياس الجريري ثقة اختلط بآخره، روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدي، وكلما روى عنه مثل هؤلاء فهو مختلط، إنما الصحيح عنه حماد بن سلمة وإسماعيل بن علية، وعبد الأعلى من أصحهم سماعًا، سمع منه قبل أن يختلط بثمان سنين، وسفيان وشعبة صحيح

(2)

.

قال ابن حبان: سعيد بن إياس الجريري كان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين، وقد رآه يحيى بن سعيد القطان وهو مختلط، ولم يكن اختلاطه اختلاطًا فاحشًا، فلذلك أدخلناه في الثقات

(3)

.

وقال ابن حبان أيضًا: وأما المختلطون في أواخر أعمارهم مثل الجريري، وسعيد بن أبي عروبة، وأشباههما، فإنا نروي عنهم في كتابنا هذا ونحتج بما رووا، إلا أنا لا نعتمد من حديثهم إلا ما روى عنهم الثقات من القدماء الذين نعلم أنهم سمعوا منهم قبل الاختلاط، وما وافقوا الثقات في الروايات التى لا نشك في صحتها وثبوتها من جهة أخرى؛ لأن حكمهم -وإن اختلطوا في أواخر أعمارهم وحمل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالهم- حكم الثقة إذا أخطأ أن الواجب ترك خطئه إذا علم،

(1)

"المعرفة والتاريخ"[2/ 115].

(2)

"الثقات": [ص 181].

(3)

"الثقات": [6/ 351]، ومشاهير علماء الأمصار ص 241 - 242.

ص: 102

والاحتجاج بما نعلم أنه لم يخطئ فيه، وكذلك حكم هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات، وما انفردوا مما روى عنهم القدماء من الثقات الذين كان سماعهم منهم قبل الاختلاط سواء

(1)

.

قال ابن القطان الفاسى: ذكر أبو محمد من طريق مسلم حديث أبي سعيد: "إذا بويع الخليفتين". ولم يبين أنه من رواية سعيد الجريري، وهو مختلط، يرويه عنه خالد بن عبد الله

(2)

.

وهذا من عمله متكرر، يصحح أحاديثه من غير اعتبار لقديم ما روي عنه من حديثه.

من ذلك أيضًا حديث: "أقصه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه"

(3)

.

(1)

مقدمة "صحيح ابن حبان": [ص 161].

(2)

تقدم الكلام عن هذا الحديث في أول الترجمة.

(3)

أخرجه أحمد [1/ 41]، والنسائي [8/ 34] من طريق إسماعيل بن علية، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي فراس، قال: خطب عمر بن الخطاب فقال: يا أيها الناس، ألا إنا إنما نعرفكم إذ بين ظهرانينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، ألا وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد انطلق، وقد انقطع الوحي، وإنما نعرفكم بما نقول لكم، من أظهر منكم خيرًا ظننا به خيرًا، وأحببناه عليه، ومن أظهر لنا شرًا ظننا به شرًا، وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنه قد أتى على حين وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده، فقد خيل إلي بأخره، ألا إن رجالًا قد قرؤوه يريدون به ما عند الناس، فأريدوا الله بقراءتكم، وأريدوه بأعمالكم.

ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفسي =

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بيده إذًا لأقصنه منه. فوثب عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين، أو رأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية، فأدب بعض رعيته، أئنك لمقتصه منه؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده، إذًا لأقتصنه منه، أنَّى لا أقصه منه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه؟ ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم.

وتابع إسماعيل أبو أسامة وأبو إسحاق الفزاري ومحمد بن أبي سليمان كما عند هناد في "الزهد"[877]، وأبي داود [4537]، والطيالسي [54].

ورواه الحاكم عن أبي العباس السياري عن أبي الموجه عن عبدان عن ابن المبارك عن الجريري به.

وعبدان هو عبد الله بن عثمان بن جبلة ثقة حافظ.

وقال الذهبي في "السير"[13/ 347]: أبو الموجه محمد بن عمرو الفزاري المروزي الشيخ الإمام محدث مرو اللغوي الحافظ.

وقال الذهبي أيضًا في "السير"[15/ 500]: أبو العباس القاسم بن القاسم بن مهدي السياري الإمام المحدث الزاهد شيخ مرو.

وقد تقدم أن ابن معين والعجلي قالا: أن سماع إسماعيل بن علية من الجريري قبل الاختلاط.

وأبو فراس النهدي روى عن عمر، وروى عنه أبو نضرة. قال أبو زرعة: لا أعرفه [تهذيب التهذيب].

وقال ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 544]: قال علي بن المديني في الحديث الذى رواه أبو فراس عن عمر: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه" إسناده حسن، لا نعلم في إسناده شيئًا يطعن فيه، وأبو فراس رجل معروف من أسلم، روى عنه أبو نضرة وأبو عمران الجوني.

وروى البخاري [2641] عن الحكم بن نافع، عن شعيب، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن عتبة، قال: سمعت عمر بن الخطاب قال: إن أناسًا كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شئ، الله يحاسب في سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال إن سريرته حسنة.

ص: 104

وحديث: "كان إذا استجد ثوبًا سماه باسمه قميصًا أو عمامة".

(1)

هو

(1)

أخرجه أحمد [3/ 30 - 50]، وعبد بن حميد [882]، وابن أبي شيبة [10/ 403] وابن سعد [1/ 356]، وأبو داود [4020، 4021، 4022]، والترمذى في "الجامع"[1767]، وفي "الشمائل المحمدية"[60، 62]، والنسائي في "الكبرى"[10141، 10142]، وأبو يعلى [1079، 1082]، وابن حبان [5420، 5421]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"[ص 102، 103]، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"[14، 15] والحاكم [4/ 192] من طريق ابن المبارك ويزيد بن هارون وعيسى بن يونس وعبد الوهاب ابن عطاء الخفاف، وخالد بن عبد الله الواسطي، وحماد بن أسامة، ومحمد بن دينار، ويحيى ابن راشد، والقاسم بن مالك المزني عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبًا سماه باسمه قميص أو عمامة، ثم يقول:"اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له".

قال الترمذى: هذا حديث حسن غريب صحيح.

وقال أبو داود: عبد الوهاب الثقفي لم يذكر فيه أبا سعيد، وحماد بن سلمة قال: عن الجريري عن أبي العلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحماد بن سلمة والثقفي سماعهما واحد.

ورواه النسائي في "الكبرى"[10142] من طريق حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي العلاء بن العلاء الشخير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

قال النسائي بعد أن روى الحديث من طريق عيسى بن يونس وحماد بن سلمة: حماد بن سلمة في الجريري أثبت من عيسى بن يونس لأن الجريري كان قد اختلط، وسماع حماد بن سلمة منه قديم قبل أن يختلط.

وذكر الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار"[1/ 123] كلام النسائي هذا ثم قال: وكذا أشار أبو داود إلى هذه العلة، وأفاد علة أخرى، وهى أن عبد الوهاب الثقفي رواه عن الجريري عن أبي نضرة مرسلًا، لم يذكر أبا سعيد، وغفل ابن حبان والحاكم عن علته فصححاه. وكل من ذكرناه سوى حماد والثقفي سمعوا من الجريري بعد الاختلاط، فعجب من الشيخ كيف جزم بأنه حديث صحيح.

ويحتمل أن يكون صحيح المتن لمجيئه من طريق آخر حسن أيضًا. والله أعلم. اهـ

قلت: وحماد بن سلمة وإن كان قد سمع الجريري قبل اختلاطه إلا أنه يخطئ في حديث =

ص: 105

من رواية ابن المبارك عن الجريري.

وحديثه: "النهي عن كثير من الإرفاه والأمر بالاحتفاء"

(1)

هو من رواية

= الجريري فتابعي هذا الحديث هو أبو نضرة، وجعله حماد أبي العلاء بن عبد الله بن الشخير. قال مسلم بن الحجاج في كتاب "التمييز" [ص 92]: وحماد بن سلمة يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت، كحديثه عن قتادة، وأيوب، ويونس، وداود بن أبي هند، والجريري، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم فإنه يخطئ في حديثهم كثيرًا.

(1)

أخرجه أحمد [6/ 22]، وأبو داود [4160] عن يزيد بن هارون عن الجريري عن عبد الله ابن بريدة أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر، فقدم عليه وهو بمصر، فقدم عليه وهو يمد ناقة له، فقال له: إني لم آتك زائرًا، إنما أتيتك لحديث بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوت أن يكون عندك منه علم، فرآه شعثًا فقال: مالي أراك شعثًا وأنت أمير البلد؟! قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه. ورآه حافيًا، فقال: مالي أراك حافيًا؟! قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نحتفي أحيانًا.

ورواه النسائي [8/ 185] عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية عن الجريري عن عبد الله بن بريدة: أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له عبيد قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثير من الإرفاه.

سُئل ابن بريدة عن الإرفاه؟ قال: منه الترجل.

ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"[2929] عن إبراهيم بن الحجاج، ورواه البيهقي في "الشعب"[6469]، وفي "الآداب" [698] عن أبي الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ عن الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفراييني عن الجريري عن عبد الله بن بريدة: أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أميرًا، وكان يمشى حافيًا ولا يدهن إلا أحيانًا، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن كثير من الإرفاه -وهو الإدهان- كل يوم، ويأمرنا أن نحتفي أحيانًا.

قال الدارقطني: إبراهيم بن الحجاج ثقة. وقال ابن قانع: صالح [تهذيب التهذيب].

وقال الذهبي في "السير"[17/ 305]: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن السقاء الإسفراييني الإمام الحافظ الناقد القاضي من أولاد أئمة الحديث.

وقال أيضًا في "السير"[15/ 535]: الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفراييني =

ص: 106

يزيد، عن الجريري.

وحديث: "أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم"

(1)

.

= الإمام الحافظ المجود.

وقال الخطيب في "تاريخ بغداد"[14/ 310]: يوسف بن يعقوب بن إسماعيل سمع سليمان بن حرب وكان ثقة.

وإسماعيل بن علية وحماد بن سلمة سمعا من الجريري قبل الاختلاط، لكنا لا ندري هل سمع ابن بريدة من هذا الرجل الذى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أم لا.

(1)

أخرجه أحمد [5/ 150]، وابن أبي شيبة [8/ 432]، والترمذى [1753]، والنسائي [8/ 139]، وابن ماجه [3622] من طريق الأجلح عن عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود عن أبي ذر.

والأجلح هو ابن عبد الله. قال يحيى القطان: في نفسي من الأجلح شيء. وقال أيضًا: ما كان يفصل بين الحسين بن علي، وعلى بن الحسين يعني أنه ما كان بالحافظ. وقال أحمد: أجلح ومجالد متقاربان في الحديث، وقد روى الأجلح غير حديث منكر. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما أقرب الأجلح من فطر بن خليفة. وقال ابن معين: صالح. وقال مرة: ثقة. وقال مرة: ليس به بأس. وقال العجلي: ثقة. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي: ضعيف ليس بذاك وكان له رأي سوء. وقال الجوزجاني: مفترى. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ويروي عنه الكوفيون وغيرهم، ولم أر له حديثًا منكرًا مجاوزًا للحد لا إسنادًا ولا متنًا، إلا أنه يُعد في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال عمرو بن علي: مستقيم الحديث صدوق. وقال أبو داود: ضعيف. وقال مرة: زكريا أرفع منه بمائة درجة. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا جدًا. وقال العقيلي: روى عن الشعبي أحاديث مضطربة لا يتابع عليها. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة، حديثه لين. وقال ابن حبان: كان لا يدري ما يقول جعل أبا سفيان أبا الزبير. [تهذيب التهذيب].

وقال الدارقطني: وأخرج البخاري من حديث داود أبي الفرات عن ابن بريدة عن أبي الأسود عن عمر: مر بجنازة فقال: وجبت.

وقال علي بن المديني في المسند: ابن بريدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود، ولم يقل في هذا الحديث سمعت أبا الأسود فيكون متصلًا. =

ص: 107

. . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال أبو الحسن: وقد روى هذا الحديث وكيع عن عمر بن الوليد الشني عن عبد الله بن بريدة قال: جلس عمر مرسلًا ورفعه ولم يذكر بين ابن بريدة وبين عمر أحدًا. ("التتبع" [ص 316] و"مسند الفاروق" لابن كثير [1/ 242]).

قلت: أخرج البخاري حديثًا من طريق عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود الدؤلي، وهو حديث رقم (1368). وأخرج البخاري هذا الحديث شاهد للحديث الذي قبله. وقال الحافظ في الفتح: لم أره من رواية عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود إلا معنعنًا. وقد حكى الدارقطني يروي عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود، ولم يقل في هذا الحديث سمعت أبا الأسود.

قلت: وابن بريدة ولد في عهد عمر، فقد أدرك أبا الأسود بلا ريب، لكن البخاري لا يكتفي بالمعاصرة، فلعله أخرجه شاهدًا واكتفى للأصل بحديث أنس الذي قبله والله أعلم.

ورواه عبد الرزاق [20174] عن معمر عن الجريري عن عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود عن أبي ذر. ومن طريقه أخرجه أحمد [5/ 147 - 150]، وأبو داود [4205]، وابن حبان [5474].

وخالفه عبد الوارث بن سعيد التنوري فرواه عن الجريري عن عبد الله بن بريدة مرسلًا.

قال ابن أبي حاتم في "العلل"[2/ 302]: سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن الجريري عن عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود الديلي عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم". قال أبي: إنما هو الأجلح وليس للجريري معنى. وسُئل الدارقطني كما في "العلل"[6/ 277] عن هذا الحديث فقال: يرويه عبد الله بن بريدة واختلف عنه، فرواه سعيد الجريري عن عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود عن أبي ذر، تفرد به معمر بن راشد عنه، وأغرب به.

قلت: سعيد الجريري بصري، ورواية معمر عن البصريين فيها مقال.

ورواه ابن سعد [1/ 439]، والنسائي في "المجتبى"[8/ 140]، وفي "الكبرى"[9354] من طريق كهمس عن ابن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

قلت: والصواب في هذا الحديث الإرسال، ومن وصله فقد وهم.

ورواه النسائي [8/ 139] من طريق غيلان بن جامع عن أبي إسحاق عن ابن أبي ليلى عن أبي ذر.

وتابع محمد بن جابر غيلان بن جامع عند ابن عدي في "الكامل"[6/ 151 - 152]. =

ص: 108

وحديث: "عليك السلام تحية الميت"

(1)

.

= ولم يذكر غيلان بن جامع في الذين سمعوا من أبي إسحاق قبل اختلاطه. وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث في الأحاديث التى استنكرها على محمد بن جابر. وأبو إسحاق السبيعي مدلس، وقد عنعن.

ورواه ابن سعد [1/ 339] عن عبد الوهاب بن عطاء قال: سُئل سعيد بن أبي عروبة عن الخضاب، فأخبرنا عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كان مغيرًا لابد فاخضبوا بالحناء والكتم".

وسيأتي الكلام عن رواية عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن سعيد بن أبي عروبة في ترجمة سعيد ابن أبي عروبة من هذا الكتاب.

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"[1/ 246]: نا أحمد بن سنان الواسطي، قال: كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا، ويقول: هي بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه.

(1)

أخرجه أحمد [3/ 482 - 483] عن إسماعيل بن علية، عن الجريري، عن أبي السليل، عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من قومه، قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة وعليه إزار من قطن منبتر الحاشية، فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال:"إن عليك السلام تحية الموتى، إن عليك السلام تحية الموتى، إن عليك السلام تحية الموتى، سلام عليكم" مرتين أو ثلاثًا هكذا. قال: سألت عن الإزار، فقال: أين أتزر؟ فأقنع ظهره بعظم ساقه، وقال: هاهنا اتزر، فإن أبيت فهاهنا أسفل من ذلك، فإن أبيت فهاهنا فوق الكعبين، فإن أبيت، فإن الله عز وجل لا يحب كل مختال فخور. قال: وسألته عن المعروف، فقال: لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تعطي صِلَة الحَبْلِ، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض، وإن سبك رجل بشيء يعلمه فيك وأنت تعلم فيه نحوه، فلا تسبه، فيكون أجره لك ووزره عليه، وما سر أذنك أن تسمعه، فاعمل به وما ساء أذنك أن تسمعه فاجتنبه".

وتابع عبد الوارث بن سعيد وجعفر بن عون إسماعيل بن علية عند النسائي في "الكبرى" =

ص: 109

وحديث: "يا أبا المنذر، أى آية من كتاب الله معك أعظم"

(1)

= [10149]، والحاكم في "المستدرك"[4/ 186] وسميا الصحابي جابر بن سليم.

وأبو السليل هو ضريب بن نفير ثقة. وأبو تميمة الهجيمي هر طريق بن مجالد ثقة.

وأخرجه أحمد [5/ 63]، وأبو داود [4075، 4084، 5209]، والترمذى [2722]، والنسائي في "الكبرى"[10150] من طريق عبيدة أبي خداش الهجيمي وأبي غفار المثنى بن سعيد عن أبي تميمة الهجيمي عن جابر بن سليم بنحوه.

وعبيدة أبي خداش مجهول. والمثني بن سعيد ليس به بأس.

وللحديث طرق أخرى راجعها في "المسند الجامع"[3/ 357].

وعبد الوارث بن سعيد من أصحاب أيوب السختياني، فعلى كلام أبي داود تكون روايته عن الجريري قبل الاختلاط، ورواية ابن علية عن الجريري قبل الاختلاط.

(1)

أخرجه مسلم [810]، وعبد بن حميد [178]، وأبو داود [1460]، وابن أبي عاصم [1847]، من طريق ابن أبي شيبة ومحمد بن المثنى عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن الجريري، عن أبي السليل، عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أُبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا المنذر! أتدري أى آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "يا أبا المنذر! أتدري أى آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم). قال: فضرب في صدري وقال: "والله ليهنك الله أبا المنذر".

زاد عبد بن حميد: "والذى نفس محمد بيده إن لهذه الآية للسانًا وشفتين تقدس الملك عن ساق العرش".

ورواه عبد الرزاق [6001] عن سفيان عن الجريري به. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد [5/ 141 - 142]. وعند عبد الرزاق الزيادة التي عند عبد بن حميد.

ورواه الطيالسي [552] عن جعفر بن سليمان عن الجريري عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أُبي بإسقاط أبي السليل، وعنده الزيادة التى عند عبد بن حميد.

ورواه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند"[5/ 141 - 142] عن عبيد الله القواريري عن جعفر بن سليمان عن الجريري عن بعض أصحابه عن عبد الله بن رباح عن أُبي. وعنده الزيادة التي عند عبد بن حميد.

ورواه الحاكم [3/ 304] من طريق يزيد بن هارون عن الجريري بمثل رواية مسلم. =

ص: 110

وحديث: "تعوذوا بالله من الفتن"

(1)

فأما حديث: "انتهى إلى نهر من ماء السماء في الصوم في السفر"

(2)

= ورواه أحمد [5/ 85] عن محمد بن جعفر عن عثمان بن غياث عن أبي السليل عن أبي ذر بإسقاط عبد الله بن رباح.

وعثمان بن غياث ثقة. وأبو السليل هو ضريب بن نقير ثقة من السادسة، ولم يسمع من أُبي. وقد ذكر ابن معين والعجلي أن سماع عبد الأعلى بن عبد الأعلى من الجريري كان قبل الاختلاط.

وذكر ابن معين أن سماع الثوري من الجريري كان قبل الاختلاط.

(1)

أخرجه أحمد [5/ 190]، وعبد بن حميد [254]، ومسلم [2867] من طريق يزيد بن هارون، وإسماعيل بن علية عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن زيد بن ثابت، قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار، على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، قال: كذا كان يقول الجريري، فقال: من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا. قال: فمتى مات هؤلاء، قال: ماتوا في الإشراك، فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذى أسمع منه، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر، قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال: تعوذوا بالله من فتنة الدجال، قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال.

وسماع ابن علية من الجريري كان قبل الاختلاط.

(2)

قال عبد الحق الأشبيلي في "الأحكام الوسطى"[2/ 232 - 233]: وذكر أبو بكر البزار من حديث أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره والناس صيام في يوم صائف والمشاه كثير، فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نهر من ماء السماء وهو على بغلة له، فوقف عليه حتى تتام الناس، فقال:"يا أيها الناس اشربوا" فجعلوا ينظرون إليه، فقال:"إني لست مثلكم، إني راكب وأنتم مشاة" فقالوا: لا نشرب حتى تشرب، فشرب وشرب الناس.

ص: 111

فإنه قد تبرأ من عهدته بذكر إسناده، وليس فيه من ينظر فيه إلا الجريري.

وذكر من عند مسلم حديث ابن مغفل: "بين كل أذانين صلاة". ثم قال: وفي رواية، قال في الرابعة:"لمن شاء" ولم يبين أن هذه الزيادة من رواية سعيد الجريري على غير لفظ كهمس في أنه قالها في الثالثة

(1)

.

= قال أبو بكر: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد الجريري وهو أبو مسعود ابن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد .... فذكره.

وقد ذكر ابن معين والعجلي أن عبد الأعلى بن عبد الأعلى سمع من سعيد قبل الاختلاط.

(1)

أخرجه أحمد [4/ 86]، [5/ 54 - 55]، والبخاري [627]، ومسلم [304]، [838]، والنسائي [2/ 28]، وابن ماجه [1162]، وابن خزيمة [1287]، وأبو عوانة [2/ 31، 264]، وابن حبان [1559، 1561، 5804]، والدارقطني [1/ 266] من طرق عن كهمس عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء".

وأخرجه أحمد [5/ 55]، والبخاري [1183 - 7368]، وأبو داود [1281]، وابن خزيمة [1289] من طريق عبد الوارث بن سعيد عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن عبد الله ابن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا قبل المغرب" قال في الثالثة: "لمن شاء" كراهية أن يتخذها الناس سنة.

وأخرجه ابن أبي شيبة [2/ 356 - 357]، والدارمي [1440]، والبخاري [624]، ومسلم [304]، [838]، وأبو داود [1283]، وابن خزيمة [1287]، وأبو عوانة [2/ 31]، وابن حبان [1560]، والدارقطني [1/ 266] من طريق يزيد بن هارون، وخالد بن عبد الله، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وإسماعيل بن علية، وسالم بن نوح، وحماد بن أسامة عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بين كل أذانين صلاة -ثلاثًا- لمن شاء".

ثلاثًا: أى قالها ثلاث مرات. وهذا لفظ البخاري، وعند مسلم من رواية عبد الأعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرابعة:"لمن شاء". =

ص: 112

وحديث عائشة: "هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبة"

(1)

وكلاهما من عند مسلم.

وذكر حديث عبد الرحمن بن سمرة في صلاة الكسوف من عند مسلم، ومن عند النسائي. وهو عندهما من رواية الجريري

(2)

.

= قال الحافظ في "الفتح"[2/ 126]، [ح 624]: والجريري هو سعيد بن إياس، ووقع مسمى في رواية وهب بن بقية عن خالد عند الإسماعيلي وهى إحدى فوائد المستخرجات، وهو معدود فيمن اختلط، واتفقوا على أن سماع المتأخرين منه كان بعد اختلاطه وخالد منهم، لكن أخرجه الإسماعيلي من رواية يزيد بن زريع وعبد الأعلى وابن علية وهم ممن سمع منه قبل اختلاطه، وهى إحدى فوائد المستخرجات أيضًا. اهـ

(1)

أخرجه أحمد [6/ 218]، ومسلم [75][717]، [115][732]، [172][1156]، وأبو داود [1292]، والترمذى [3657]، والنسائي في "المجتبى"[3/ 223]، [4/ 152]، وفي "الكبرى"[2495، 8210]، وابن ماجه [102]، وأبو يعلي [4732]، وابن خزيمة [1230، 2132]، وابن حبان [2527، 3580] من طريق إسماعيل بن علية، ويزيد بن هارون، ويزيد بن زريع، وعبد الوارث بن سعيد، وحماد ابن أسامة، وحماد بن سلمة، ووهيب بن خالد، وسالم بن نوح عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة. والحديث روي مختصرًا ومطولًا.

وتابع كهمس وخالد بن مهران الجريري عند أحمد [6/ 62، 31]، ومسلم [76][717]، [732]، [173][1156].

(2)

أخرجه أحمد [5/ 61]، ومسلم [25]، [26]، [27]، [913]، وأبو داود [1195]، والنسائي [3/ 124] من طريق إسماعيل بن علية، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وبشر بن المفضل، ووهيب بن خالد، وسالم بن نوح عن الجريري، عن حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة قال: بينما أنا أرمي بأسهمي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ انكشفت الشمس فنبذتهن، وقلت: لأنظرن إلى ما يحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في إنكساف الشمس اليوم، فانتهيت إليه وهو رافع يديه يدعو ويكبر ويحمد ويهلل، حتى جُلِّي عن الشمس فقرأ سورتين وركع ركعتين.

ص: 113

قال أبو أحمد: سبيله كسبيل سعيد بن أبي عروبة، فيمن روى عنه قبل الاختلاط وبعده.

وقال كهمس: أنكرناه أيام الطاعون.

وقد ذكروا أن حديث: "بين كل أذانين صلاة" مما تبين فيه اختلاطه.

قال عمرو بن علي الفلاس في "تاريخه": سمعت يحيى بن سعيد يقول: أتيت الجريري فقال: حدثنا عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن عمرو:"بين كل أذانين صلاة"، فلما خرجت قال لي رجل: إنما هو عن عبد الله بن المغفل، فرجعت إليه، فقلت له، فقال: عن عبد الله بن المغفل

(1)

.

(2)

.

وقال ابن القطان أيضًا: ذكر أبو محمد من طريق أبي داود، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم".

وسكت عنه، وإنما هو من رواية معمر، عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود، عن أبي ذر، والجريري مختلط

(3)

.

قال العراقي: الأمر الثاني أن الذين عرفوا أنهم سمعوا من الجريرى قبل الاختلاط إسماعيل بن علية، وهو أرواهم عنه والحمادان والسفيانان وشعبة وعبد الوارث بن سعيد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ومعمر ووهيب بن خالد ويزيد بن زريع، لأن هؤلاء الأحد عشر سمعوا من أيوب

(1)

تقدم الكلام عن حديث "بين كل أذانين صلاة" في كلام البخاري الذي في أول الترجمة.

(2)

"بيان الوهم والإيهام": [4/ 339 - 346].

(3)

"بيان الوهم والإيهام": [4/ 614].

ص: 114

السختياني، وقد قال أبو داود فيما رواه أبو عبيد الآجري: كل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد.

الأمر الرابع في بيان من أخرج له الشيخان أو أحدهما من روايته عن الجريري: فروى الشيخان من رواية بشر بن المفضل وخالد بن عبد الله الطحان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الوارث بن سعيد عنه.

وروى مسلم له من رواية إسماعيل بن علية وجعفر بن سليمان الضبعي وحماد ابن أسامة وحماد بن سلمة وسالم بن نوح وعبد الله بن المبارك وعبد الواحد بن زياد وعبد الوهاب الثقفي ووهيب بن خالد ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون

(1)

.

‌52 - سعيد بن حفص بن عمر .. ويُقال عمرو

قال ابن حجر: قال أبو عروبة الحراني: سعيد بن حفص بن عمر كان قد كبر ولزم البيت، وتغير في آخر عمره

(2)

.

‌53 - سعيد بن أبي سعيد المقبري

قال ابن سعد: وكان سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة كثير الحديث، ولكنه كبر وبقي حتى اختلط قبل موته بأربع سنين

(3)

.

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 447 - 448]، و"فتح المغيث"[ص 467].

(2)

"تهذيب التهذيب".

وفيه أيضًا: "روى عنه بقي بن مخلد وآخرون، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مسلمة بن القاسم: ثقة".

(3)

"الطبقات الكبرى": [5/ 341]، والجزء المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم من الطبقات [ص 147].

ص: 115

قال ابن حجر: قال يعقوب بن شيبة: سعيد المقبري قد كان تغير وكبر واختلط قبل موته بأربع سنين

(1)

.

قال ابن حبان: سعيد بن أبي سعيد المقبري كان قد اختلط قبل أن يموت بأربع سنين

(2)

.

وقال ابن حبان أيضًا: سعيد المقبري في سماع المتأخرين عنه الأوهام الكثيرة

(3)

.

قال ابن عدي: أخبرنا أبو العلاء الكوفي، ثنا أحمد بن عمران الأخنسي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة، ثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري بعد ما كبر قال: سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار".

ثنا على بن أحمد بن مروان، ثنا أبو قلابة، ثنا بشر بن عمر، ثنا شعبة أنا سعيد بن أبي سعيد المقبري وكان قد كبر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما كان أسفل من الإزار من الكعبين ففي النار".

ثنا محمد بن المنذر النيسابوري بمكة، ثنا سهل بن عمار، ثنا الجارود بن يزيد أو غيره، ثنا شعبة عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لأن يطأ أحدكم على جمر خير له من أن يطأ على قبر".

(1)

"تهذيب التهذيب".

(2)

"الثقات": [4/ 284 - 285].

(3)

"مشاهير علماء الأمصار": [ص 131].

ص: 116

قال الشيخ: وهذا لا أعلم يرويه عن شعبة غير الجارود، وليس لشعبة عن سعيد المقبري غير هذين الحديثين، الأول حديث الإزار مشهور، والحديث الثاني يأتي به الجارود عنه، وإنما ذكرت سعيد المقبري في جملة من اسمه سعيد لأن شعبة يقول: ثنا سعيد بعد ما كبر، وأرجو أن سعيد من أهل الصدق، وقد قبله الناس، وروى عنه الأئمة والثقات من الناس، وما تكلم فيه أحد إلا بخير"

(1)

.

قال ابن عبد البر: سعيد المقبري قيل إنه اختلط قبل وفاته بأربع سنين، وسماع ابن أبي ذئب منه قبل الاختلاط، وكذلك مالك

(2)

.

قال الذهبي: سعيد بن أبي سعيد المقبري صاحب أبي هريرة وابن صاحبه ثقة حجة، شاخ، ووقع في الهرم ولم يختلط.

ورُويَّ أن شعبة قال: حدثنا بعد ما كبر. وقال أحمد وابن معين: ليس به بأس. وقال ابن المديني وأبو زرعة والنسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن خراش وغيره: ثقة. وقال ابن سعد: ثقة لكنه اختلط قبل موته بأربع سنين.

قلت: ما أحسب أن أحدًا أخذ عنه في الاختلاط، فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل فلم يحمل عنه، وحدّث عنه مالك، والليث، ويُقال: أثبت الناس فيه الليث

(3)

.

(1)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [3/ 391].

(2)

"التمهيد": [4/ 150].

(3)

"ميزان الاعتدال": [2/ 139].

ص: 117

وقال الذهبي أيضًا: ما أحسبه روى شيئًا في مدة اختلاطه، وكذلك لا يوجد له شيء منكر

(1)

.

وقال أيضًا: وبعضهم يقول كبر واختلط قبل موته بأربع سنين، وحديثه في سائر الصحاح

(2)

.

قال ابن حجر: سعيد بن أبي سعيد المقبري مجمع على ثقته، لكن كان شعبة يقول: حدثنا سعيد المقبري بعد أن كبر، وزعم الواقدي أنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وتبعه ابن سعد ويعقوب بن شيبة وابن حبان، وأنكر ذلك غيرهم. وقال الساجي عن يحيى بن معين: أثبت الناس فيه ابن أبي ذئب. وقال ابن خراش: أثبت الناس فيه الليث بن سعد.

قلت: أكثر ما أخرج له البخاري من حديث هذين عنه، وأخرج أيضًا من حديث مالك، وإسماعيل بن أمية، وعبيد الله بن عمر العمري، وغيرهم من الكبار، وروى له الباقون، لكن لم يخرجوا من حديث شعبة عنه شيئًا

(3)

.

‌54 - سعيد بن سفيان الأندلسي

قال الذهبى: سعيد بن سفيان الأندلسي رحل وأدرك إسحاق الدبري.

قال ابن الفرضي: خلط في آخر عمره

(4)

.

(1)

"سير أعلام النبلاء": [5/ 217].

(2)

"تذكرة الحفاظ": [1/ 117].

(3)

"هدي الساري".

(4)

"ميزان الاعتدال": [2/ 140].

ص: 118

‌55 - سعيد بن عبد العزيز التنوخي

قال ابن معين: قال أبو مسهر: كان سعيد بن عبد العزيز قد اختلط قبل موته، وكان يعرض عليه قبل أن يموت، وكان يقول: لا أجيزها

(1)

.

قال ابن حجر: قال الآجري عن أبي داود: سعيد بن عبد العزيز التنوخي تغير قبل موته. وكذا قال حمزة الكناني

(2)

.

‌56 - سعيد بن أبي عروبة

[1]

رواية عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وأسباط بن محمد وأبي قطن عمرو بن الهيثم ومحمد بن سواء عن سعيد بن أبي عروبة.

(1)

"تاريخ الدوري": [4/ 479].

(2)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة سعيد بن عبد العزيز]، و"سؤالات الآجري" لأبي داود:[2/ 210].

وفي "التهذيب" أيضًا: "قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بالشام رجل أصح حديثًا من سعيد بن عبد العزيز، هو والأوزاعي عندي سواء. وقال ابن معين وأبو حاتم والعجلي: ثقة. وقال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم: من بعد عبد الرحمن بن يزيد بن جابر من أصحاب مكحول؟ قال: الأوزاعي وسعيد، قال: وقلت ليحيى بن معين وذكرت له الحجة، محمد بن إسحاق منهم؟ قال: كان ثقة، إنما الحجة عبيد الله بن عمر، ومالك، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز. وقال أبو حاتم: كان أبو مسهر يقدم سعيد بن عبد العزيز على الأوزاعي، ولا أقدم بالشام بعد الأوزاعي على سعيد أحدًا. وقال مروان بن محمد: كان علم سعيد في صدره. وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال الحاكم أبو عبد الله: هو لأهل الشام كمالك لأهل المدينة في التقدم والفضل والفقه والأمانة. وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله. وقال ابن حبان في "الثقات": كان من عُبّاد أهل الشام وفقهائهم ومتقنيهم في الرواية. وقال البخاري في "تاريخه": قال علي عن الوليد بن مسلم: أحدثكم عن الثقات صفوان بن عمرو وابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز".

ص: 119

قال ابن أبي حاتم: نا علي، سمعت ابن نمير يقول: عبد الوهاب بن عطاء قد حدث عنه أصحابنا، وكان أصحاب الحديث يقولون أنه سمع من سعيد بآخره -يعنى من سعيد- كان شبه المتروك

(1)

.

قال المروذي: قال أحمد: كان ابن بشر جيد الكتاب عن سعيد، سماعهم متقدم قلت: سعيد اختلط؟ قال: نعم، أما يحيى فكان يقول: من سمع منه قبل سنة خمس وأربعين، وأما عبد الوهاب فقد كان خولط - يعنى قبل سماعه

(2)

.

قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: أيهما أحب إليك في سعيد: الخفاف أو أسباط بن محمد؟ فقال: أسباط أحب إليّ لأنه سمع بالكوفة.

قلت لأبي: أيهما أحب إليك: الخفاف أو أبو قطن في سعيد، فقال: الخفاف أقدم سماعًا من أبي قَطَن

(3)

.

قال عبد الله أحمد بن حنبل: قال أبي: محمد بن سواء هو عند أصحاب الحديث أحلى من الخفاف؟ إلا أن الخفاف أقدم سماعًا

(4)

.

قال أبو داود: قيل لأحمد: ابن سواء أحب إليك أو روح في سعيد؟

قال: ما أقر بهما. قلت: الخفاف؟ قال: الخفاف إلا أنه أقدم منهما، وأعلم بسعيد

(5)

.

(1)

"مقدمة الجرح والتعديل": [1/ 324].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 58].

(3)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 302].

(4)

"العلل ومعرفة الرجال"[2/ 356].

(5)

"سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: [ص 348].

ص: 120

قال ابن سعد: سمعت عبد الوهاب بن عطاء قال: جالست سعيد بن أبي عروبة سنة ست وثلاثين ومائة، ومات سنة سبع وخمسين ومائة، وقال غيره: سنة ست وخمسين ومائة.

وقال ابن سعد أيضًا: عبد الوهاب بن عطاء العجلي الخفاف لزم سعيد بن أبي عروبة وعُرف بصحبته وكتب كتبه

(1)

.

قال الآجري: سُئل أبو داود عن السهمي والخفاف في حديث ابن أبي عروبة؟ فقال: عبد الوهاب أقدم.

فقيل له: عبد الوهاب سمع في الاختلاط؟ فقال: من قال هذا؟ سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن عبد الوهاب في سعيد بن أبي عروبة؟ فقال: عبد الوهاب أقدم.

سمعت أبا داود يقول: قال عبد الأعلى: تغير عند الهزيمة

(2)

.

قال ابن أبي حاتم: نا عبد الله بن أحمد فيما كتب إلي قال: سألت أبي عن الخفاف، فقال: أما أنا فأروي عنه، والخفاف أقدم سماعًا في سعيد من أبي قطن.

سمعت أبا زرعة يقول: سمعت يحيى بن معين وسُئل عن عبد الوهاب فقال: قدم عبد الوهاب البصرة، فقال يحيى بن سعيد: قوموا بنا إلى عبد الوهاب فإنه كان معنا عند سعيد بن أبي عروبة

(3)

.

(1)

"الطبقات الكبرى": [7/ 202، 240].

(2)

سؤالات الآجري لأبي داود.

(3)

"الجرح والتعديل": [6/ 72].

ص: 121

قال ابن رجب الحنبلي: قال جعفر الطيالسي: سمعت يحيى بن معين يقول: قلت لعبد الوهاب: سمعت من سعيد في الاختلاط؟ قال: سمعت منه في الاختلاط وغير الاختلاط، فليس أميز هذا من هذا

(1)

.

قال أبو داود: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، وحدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلب على قوم أقام بالعرضة ثلاثًا، قال ابن المثنى: إذا غلب قومًا أحب أن

الحديث.

قال أبو داود: كان يحيى بن سعيد يطعن في هذا الحديث، لأنه ليس من قديم حديث سعيد، لأنه تغير في سنة خمس وأربعين، ولم يخرج هذا الحديث إلا بآخره

(2)

.

[2]

رواية عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي عن سعيد بن أبي عروبة.

قال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي قال: قلت للسهمي: متى جالست سعيد بن أبي عروبة؟ قال: قبل الهزيمة بسنتين أو ثلاث.

قال أبي: وكانت الهزيمة سنة خمس وأربعين، وهذه هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن الذى خرج على أبي جعفر

(3)

.

(1)

"شرح علل الترمذي": [2/ 747].

(2)

"سنن أبي داود": [3/ 100]، [ح 2995].

(3)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 296].

ص: 122

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا محمد بن جعفر الراشدي، حدثنا أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد الله: أجد في حديث سعيد عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه أن رجلًا أعتق شقصًا، قال فيه أحد عن أبيه؟

فقال: قاله السهمي، وما أراه محفوظًا، روى عدة منهم إسماعيل وغيره، ليس فيه عن أبيه، وأظن هذا من حفظ سعيد، وأثنى أبو عبد الله على السهمي خيرًا.

قيل لأبي عبد الله: أين سماعه عندك من سماع محمد بن بكر عن سعيد، وذكر غير محمد بن بكر، فقال أبو عبد الله: هو عندي فوق هؤلاء كلهم.

قلت لأبي عبد الله: السهمي فوق هؤلاء؟ فقال: نعم.

قال أبو عبد الله: قال السهمي: سمعت من سعيد سنة اثنتين أو إحدى وأربعين

(1)

.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: كان يحيى بن سعيد يوقت فيمن سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الهزيمة، فسماعه صالح، والهزيمة كانت سنة خمس وأربعين ومائة. قال أبي: وهذه هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن الذى خرج على أبي جعفر

(2)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [9/ 422].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [1/ 355].

ص: 123

[3]

رواية يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: سماع يزيد بن هارون من سعيد بن أبي عروبة في الصحة إلا ثلاثة أحاديث أو أربع

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا محمد بن جعفر الراشدى، وأخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن خلف الدقاق، حدثنا عمر بن محمد الجوهري قالا: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله ذكر سماع يزيد بن هارون من سعيد بن أبي عروبة فضعفه -وقال: كذا وكذا حديثًا خطأ

(2)

.

قال ابن طهمان: قال ابن معين: سمع يزيد بن هارون من ابن أبي عروبة قبل أن ينكر بالكوفة.

قلت: فعبد الأعلى ويزيد بن زريع؟ قال: هؤلاء كتبوا قبل أن ينكرا على الجريري وسعيد.

(3)

قال ابن عدي: ثنا علان، ثنا ابن أبي مريم، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: يزيد بن هارون صحيح السماع عن سعيد بن أبي عروبة، كان يسمع منه بواسط وهو يريد الكوفة، وأثبت الناس سماعًا منه

(1)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 302].

(2)

"تاريخ بغداد": [14/ 388].

(3)

"سؤالات ابن طهمان" لابن معين: [ص 103].

ص: 124

عبدة بن سليمان

(1)

.

قال ابن معين: قال يزيد بن هارون: سمعت من سعيد بن أبي عروبة حين مر بنا، وسمعت من سعيد بن أبي عروبة سنة ثلاث وثلاثين، أو سنة ثنتين وثلاثين

(2)

.

قال العقيلي: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: لقيت ابن أبي عروبة قبل الأربعين بدهر، ورأيته سنة ثنتين وأربعين، فأنكرته.

قال الحسن: وقال القطان: إلى خمس وأربعين

(3)

.

[4]

رواية عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة.

قال مغلطاي: قال ابن خلفون: زعم بعضهم أن عبد الأعلى سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط وبعده.

(4)

قال ابن حجر: قال ابن أبي خيثمة: ثنا عبيد الله بن عمر، ثنا عبد الأعلى قال: فرغت من حاجتي من سعيد -يعني ابن أبي عروبة- قبل الطاعون، يعني أنه سمع منه قبل الاختلاط. وقال ابن خلفون: يقال إنه سمع من

(1)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [3/ 393].

(2)

"تاريخ الدوري": [4/ 220]. وقال في [4/ 285]: سمع يزيد بن هارون من سعيد بن أبي عروبة وهو يريد الكوفة، سمع منه سنة ثنتين وثلاثين.

(3)

"الضعفاء الكبير": [2/ 111]. والحسن هو ابن علي الخلال ثقة حافظ. ومحمد بن إسماعيل هو ابن سالم الصائغ صدوق.

(4)

"إكمال تهذيب الكمال": [5/ 330].

ص: 125

سعيد بن أبي عروبة قبل اختلاطه

(1)

.

وقد تقدم في الكلام عن رواية يزيد بن هارون عن سعيد أن ابن معين قال إن عبد الأعلى سمع من سعيد قبل الاختلاط.

[5]

رواية وكيع بن الجراح وأبي نعيم الفضل بن دكين والمعافى بن عمران عن سعيد بن أبي عروبة.

قال ابن أبي حاتم: نا علي، سمعت ابن نمير يقول: وكيع سمع من سعيد بن أبي عروبة بآخره، وأبو نعيم سمع من سعيد بآخره

(2)

.

قال المزي: قال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن سماع وكيع، فقال: بعد الهزيمة -يعني من سعيد بن أبي عروبة.

قال أبو داود: سمعت صالحًا الخندقي قال: سمعت وكيعًا قال: كنا ندخل على سعيد بن أبي عروبة فنسمع، فما كان من صحيح حديثه أخذناه، وما لم يكن صحيحًا طرحناه

(3)

.

قال ابن رجب الحنبلي: قال ابن عمار الموصلي: سمع وكيع والمعافى بن عمران من سعيد بعد الاختلاط، وليست روايتهما عنه بشئ

(4)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال: أنا أحمد بن

(1)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة عبد الأعلى بن عبد الأعلى].

(2)

"مقدمة الجرح والتعديل": [1/ 324] بتصرف.

(3)

"تهذيب الكمال"[11/ 10].

(4)

"شرح علل الترمذي": [2/ 747].

ص: 126

سلمان النجار، قال: ثنا جعفر بن أبي عثمان، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: قلت لوكيع بن الجراح: تحدث عن سعيد بن أبي عروبة، وإنما سمعت منه في الاختلاط، قال: رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستو

(1)

.

قال البخاري: قال أبو نعيم: كتبت عن سعيد بن أبي عروبة بعدما اختلط حديثين

(2)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، قال: أنا محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، قال: ثنا محمد بن إسماعيل السلمي، قال: سمعت أبا نعيم يقول: دخلت البصرة بعد ما خرج الثوري من عندنا، ودخل وكيع قبلي، فأتيت سعيد بن أبي عروبة فوجدته قد تغير فلا أحدث عنه، وسمعت من الثوري عن ابن أبي عروبة، فأخذت عن الثوري، ولا أُحدث عنه

(3)

.

(1)

"الكفاية في علوم الرواية": [ص 217].

(2)

"التاريخ الكبير": [3/ 505].

(3)

"الكفاية في علوم الرواية": [ص 217].

ومحمد بن إسماعيل السلمي هو ابن يوسف السلمي الترمذي. قال الحافظ: ثقة حافظ لم يتضح كلام أبي حاتم فيه.

وقال الخطيب في "تاريخ بغداد": [3/ 132]: محمد بن عمرو بن البختري ثقة ثبت. وقال أيضًا في [12/ 99]: علي بن محمد بن عبد الله المعدل كتبت عنه، وكان صدوقًا ثقة ثبتًا حسن الأخلاق.

ص: 127

[6]

رواية شعيب بن إسحاق وعبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة.

قال أبو داود: قلت لأحمد: سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نمسح ونحن مع نبينا؟ قال: أسأل الله العافية.

فقلت: شعيب بن إسحاق؟ قال: شعيب سمع منه بآخر رمق.

قال الحسين: يعني أن شعيب سمع من سعيد هذا الحديث بآخر رمق

(1)

.

وقال أبو داود أيضًا: سمعت أحمد ذكرت له عن شعيب بن إسحاق، عن ابن أبي عروبة، قال: شعيب سمع منه بآخر رمق، وسمع من ابن عون ومسعر

(2)

.

قال أبو زرعة الدمشقي: سألت يحيى بن معين عن سماع شعيب بن إسحاق من سعيد بن أبي عروبة؟ فقال لي: كل من لم يسمع من سعيد أيام يونس بن عبيد، فإنما سمع بعد ما اختلط. فذكر من سعيد اختلاطًا قديمًا.

قال أبو زرعة: فحدثت هشام بن عمار بما قال لي يحيى بن معين، فأخبرني أنه سمع شعيب بن إسحاق يقول: سمعت من سعيد بن أبي عروبة سنة أربع وأربعين ومائة.

قال أبو زرعة: فحدثت عبد الرحمن بن إبراهيم بما قال لي يحيى بن معين، وما أخبرني هشام بن عمار وسألته عن ذلك، فأخبرني أن سعيدًا

(1)

"سؤالات أبي داود الحديثية" للإمام أحمد [ص 157].

(2)

"سؤالات أبي داود الفقهية" للإمام أحمد ص 382.

ص: 128

اختلط مخرج إبراهيم سنة خمس وأربعين ومائة

(1)

.

قال ابن حبان: سعيد بن أبي عروبة كان قد اختلط سنة خمس وأربعين ومائة، وبقى خمس سنين في اختلاطه، وأحب إليّ أن لا يحتج به إلا بما روى عنه القدماء قبل اختلاطه مثل ابن المبارك ويزيد بن زريع وذويهما، ويعتبر برواية المتأخرين عنه دون الاحتجاج بهما، وكان سماع شعيب بن إسحاق منه سنة أربع وأربعين ومائة قبل أن يختلط بسنة، وقد قيل مات ابن أبي عروبة سنة خمس وخمسين ومائة

(2)

.

ذكر العراقي قول أحمد وأبي زرعة الدمشقي وابن حبان في رواية شعيب بن إسحاق عن سعيد بن أبي عروبة، ثم قال: وهذا الخلاف فيه مخرج على الخلاف في مدة اختلاطه، فإن ابن معين قال: إنه اختلط بعد سنة اثنتين وأربعين. وقال دحيم وغيره: سنة خمس وأربعين. ويمكن أن يجمع بين قول أحمد إنه سمع منه بآخر رمق وبين قول من قال سمع منه قبل أن يختلط أنه كان ابتداء سماعه منه سنة أربع وأربعين كما أخبر هو عن نفسه، ثم إنه سمع منه بعد ذلك بآخر رمق فإنه بقى إلى سنة ست وخمسين على قول الجمهور. وعلى هذا فحديثه كله مردود لأنه سمع منه في الحالين على هذا التقدير. ويحتمل أن يراد بآخر رمق آخر زمن الصحة، فعلى هذا يكون حديثه عنه كله مقبولًا إلا على قول ابن معين والله أعلم

(3)

.

(1)

"تاريخ أبي زرعة الدمشقي": [ص 212].

(2)

"الثقات": [3/ 321].

(3)

"التقييد والإيضاح"[ص 454].

ص: 129

[7]

رواية روح بن عبادة وعبد الرحمن بن مهدي عن سعيد بن أبي عروبة.

قال عبد الله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: قلت لروح بن عبادة: متى سمعت التفسير من سعيد، قبل الهزيمة؟ قال: إي والله

(1)

.

قال ابن أبي حاتم: نا علي بن أبي طاهر فيما كتب إليَّ، قال: نا الأثرم، قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: روح بن عبادة؟ فقال: حديثه عن سعيد صالح.

سألت أبي عن روح بن عبادة فقال: صالح محله الصدق. قلت له: فروح وعبد الوهاب الخفاف وأبو زيد النحوي أيهم أحب إليك في ابن أبي عروبة؟ فقال: روح أحب إليّ.

حدثني أبي، نا ابن أبي الثلج، قال: سمعت روح بن عبادة يقول وسأله رجل متى سمعت من سعيد بن أبي عروبة؟ قال: قبل الاختلاط، ثم غبت وقدمت وقيل إنه اختلط

(2)

.

قال الآجري: سألت أبا داود عن سماع روح من سعيد، فقال: سماعه قبل الهزيمة، كذا قال روح.

سألت أبا داود عن سماع عبد الرحمن بن مهدي من سعيد، فقال: بعد الهزيمة، وعبد الرحمن لا يروي عنه.

(1)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 321].

(2)

"الجرح والتعديل": [3/ 498، 499]. وابن أبي الثلج هو محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي الثلج، وهو صدوق كما في التقريب.

ص: 130

سألت أبا داود عن سماع ابن سواء من سعيد، فقال: قبل الهزيمة

(1)

.

[8]

رواية أبي أسامة حماد بن أسامة عن سعيد بن أبي عروبة.

قال ابن أبي حاتم: نا علي قال: سمعت ابن نمير يقول: زعم أبو أسامة أنه كتب عن سعيد بالكوفة

(2)

.

قال المروذي: سألت أحمد، قلت: سعيد بن أبي عروبة حين قدم الكوفة سمعوا منه وهو مختلط؟ قال: لا، سماعهم جيد، لم يكن مختلطًا

(3)

.

[9]

رواية محمد بن بشر وعبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة.

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: من سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الهزيمة فسماعه جيد، ومن سمع بعد الهزيمة كأن أبي يضعفهم. ثم قال: من سمع منه بالكوفة مثل محمد بن بشر وعبدة فهو جيد، ثم قال: قدم سعيد الكوفة مرتين قبل الهزيمة

(4)

.

قال ابن معين: سماع عبدة من سعيد بالكوفة، قبل الاختلاط بدهر

(5)

.

قال ابن عدي: ثنا ابن أبي عصمة، ثنا أحمد بن أبي يحيى، قال: سمعت سريج بن يونس يقول: سمعت عبدة يقول: سمعت من سعيد بن أبي عروبة في الاختلاط.

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [1/ 349].

(2)

"مقدمة الجرح والتعديل": [1/ 324].

(3)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 143].

(4)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [1/ 163].

(5)

"سؤالات ابن طهمان" لابن معين: [ص 110].

ص: 131

قال ابن عدي: والصواب إن شاء الله قبل الاختلاط

(1)

.

[10]

رواية سرار بن مجشر عن سعيد بن أبي عروبة.

قال ابن معين: سرار بن مجشر من أصحاب سعيد بن أبي عروبة القدماء، ولكنه مات قديمًا، ولذلك لم يكثر الناس عنه

(2)

.

قال أبو داود: سرار بن مجشر ثقة، كان عبد الرحمن يقدمه على يزيد بن زريع، وهو من قدماء أصحاب سعيد مات قديمًا

(3)

.

قال النسائي: سرار بن مجشر ويزيد بن زريع يقدمان في سعيد بن أبي عروبة، لأن سعيدًا كان تغير في آخر عمره، فمن سمع منه قديمًا، فحديثه صحيح

(4)

.

[11]

رواية محمد بن بكر البرساني عن سعيد بن أبي عروبة.

قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: قلت لمحمد بن بكر البرساني: متى سمعت من سعيد بن أبي عروبة؟ قال: قبل الهزيمة، قال: كنت أرى

(1)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [3/ 393]. وأحمد بن أبي يحيى أبو بكر له ترجمة في "الكامل": [1/ 195].

قال ابن عدي: سمعت موسى بن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشعث يقول: حدثني أبو بكر قال: سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي يحيى كذاب.

قال الشيخ: ولأبي بكر بن أبي يحيى هذا غير حديث منكر عن الثقات لم أخرجه هاهنا، وقد روى عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل تاريخًا في الرجال.

(2)

"تاريخ الدوري": [4/ 171].

(3)

"سؤلات الآجري" لأبي داود: [2/ 78].

(4)

"السنن الكبرى": [5/ 354][ح 9135].

ص: 132

خالد بن الحارث يعني سمع من سعيد. قال أبي: كان سعيد يقول: دقك بالمنحاز حبّ الفلفل يعني من شدة حفظه

(1)

.

[12]

رواية إسماعيل بن علية عن سعيد بن أبي عروبة.

قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: قلت لإسماعيل بن علية: متى سمعت من سعيد؟ قال: قبل الطاعون وبعد الطاعون، قلت له: فقبل الهزيمة أو بعد الهزيمة؟ قال: قبل الهزيمة وبعد الهزيمة، ثم قال: لا أدري، لا أدري، كأنه شك فيما سمع بعد الهزيمة، إلا أني كنت آتيه أنا وأصحاب لي فيملي علينا، وكان لا يفعل ذلك بكل أحد.

قال أبي: والطاعون قبل الهزيمة بأربع عشرة سنة، فسماع ابن علية من سعيد قديم.

قال أبي: وبلغني أن سعيدًا كان لا يستخف أصحاب أيوب، فكان إذا حدثهم يقول: ذكره قتادة، ذكره فلان، قال أبي: قال إسماعيل: وكان سعيد لا يقول: حدثنا قتادة

(2)

.

[13]

رواية يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة.

قال يعقوب بن سفيان: قال الفضل: قال أحمد: كل شيء روى يزيد بن زريع عن سعيد فلا تبالي سمعته من أحد، سماعه من سعيد قديم، وكان يأخذ الحديث بنية

(3)

.

(1)

"العلل ومعرفة الرجال": رواية عبد الله: [3/ 148].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال": رواية عبد الله: [2/ 353]، [3/ 295].

(3)

"المعرفة والتاريخ": [2/ 140]، و"الكامل في ضعفاء الرجال":[3/ 393 - 394].

ص: 133

وقد تقدم عند الكلام عن رواية يزيد بن هارون عن سعيد أن ابن معين قال إن سماع يزيد بن زريع من سعيد كان قبل الاختلاط. وتقدم أيضًا عند الكلام عن رواية سرار بن محشر عن رواية سرار بن محشر عن سعيد قول النسائي في رواية يزيد بن زريع عن سعيد. وانظر كلام الدارقطني الآتي في رواية خالد بن الحارث عن سعيد.

[14]

رواية عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة.

قال أبو داود: قلت لأحمد: سماع عيسى من ابن أبي عروبة؟ قال: سماعه جيد بالكوفة

(1)

.

[15]

رواية خالد بن الحارث عن سعيد بن أبي عروبة.

قال الدارقطني: أثبت أصحاب سعيد بن أبي عروبة: يزيد بن زريع، وخالد بن الحارث، ومن شاكلهم ممن سمع منه قبل الاختلاط

(2)

.

وانظر قول محمد بن بكر البرساني المتقدم في روايته عن سعيد بن أبي عروبة.

[16]

رواية محمد بن أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة.

قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يذكر عن يحيى بن سعيد قال: جاء ابن أبي عدي إلى ابن أبي عروبة بآخره -يعني وهو مختلط- فقلت لابن أبي عدي: كان سعيد يملي عليكم؟ قال: كنا إذا أردنا أملى علينا

(3)

.

(1)

"سؤالات أبي داود الفقهية" للإمام أحمد: [ص 382].

(2)

"سؤالات أبي عبد الله بن بكير" للدارقطني: [ص 57].

(3)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 77].

ص: 134

[17]

رواية عباد بن العوام عن سعيد بن أبي عروبة.

قال أبو داود: ذكرت لأحمد حديث عباد بن العوام، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه؟ فلم يعرفه، وقال: عند عبّاد عن سعيد غير حديث خطأ، فلا أدري سمعه منه بآخره أم لا، يعني: عن سعيد، عن قتادة، عن أنس قصة أم سليم، وإنما هي في كتب سعيد، عن عكرمة، يعني: عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، ويحدث عكرمة عن الفضل بن عباس، وذكر شيئًا، وإنما هى في كتب سعيد عن رجل، عن الحكم

(1)

.

[18]

رواية مروان بن معاوية الفزاري عن سعيد بن أبي عروبة.

قال أبو زرعة الدمشقي: حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم قال: سمعت مروان الفزاري يقول: سمعت من سعيد بن أبي عروبة بالكوفة منذ خمسين سنة. قال لنا الفزاري ذلك سنة سبع وثمانين ومائة، منذ أكثر من خمسين سنة، وكان مقدمه الكوفة سنة سبع وثلاثين ومائة.

قال أبو زرعة: قال أحمد بن حنبل: مات سعيد بن أبي عروبة سنة ست وخمسين ومائة

(2)

.

[19]

رواية محمد بن جعفر غندر عن سعيد بن أبي عروبة.

قال ابن الجنيد: قلت ليحيى بن معين: غندر سمع من سعيد بن أبي

(1)

"سؤالات أبو داود الفقهية" للإمام أحمد: [ص 400].

(2)

"تاريخ أبي زرعة الدمشقي": [ص 328].

ص: 135

عروبة في الاختلاط أو قبل؟ فقال لي يحيى: زعموا أنه لم يسمع منه إلا في الصحة، وأن أول من عرف اختلاط سعيد بن أبي عروبة غندر

(1)

.

قال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: سمعت عمرو بن العباس يقول: كتبت عن غندر حديثه كله إلا حديث سعيد بن أبي عروبة، فإن عبد الرحمن بن مهدي نهاني أن أكتبه، وقال: سمع غندر من سعيد بعد الاختلاط.

قال الشيخ: ذكرت قول ابن مهدي هذا لابن مكرم فقال لي: كيف يكون هذا، وقد سمعت عمرو بن علي يقول: سمعت غندرًا يقول: ما أتيت شعبة حتى فرغت من سعيد بن أبي عروبة

(2)

.

قال ابن حبان: سعيد بن أبي عروبة في سماع المتأخرين عنه مناكير وأوهام كثيرة

(3)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثني محمد بن عبد الرحيم قال: قال علي: قال يحيى بن سعيد: أنكرنا ابن أبي عروبة قبل هزيمة إبراهيم، وكانت الهزيمة سنة خمس وأربعين ومائة.

قال يحيى: أول ما أنكرناه قال: قتادة عن معاذة أو معاذة عن قتادة.

قال: قال علي: قال عبد الرحمن بن مهدي: أتيت سعيدًا فقلت: أسأله

(1)

"سؤالات ابن الجنيد" لابن معين: [ص 290].

(2)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [3/ 393]، [1/ 111].

(3)

"مشاهير علماء الأمصار"[ص 249].

ص: 136

عن شيء لا يختلط فيه، قلت له: وحججت مع قتادة، قال: أنا حججت مع قتادة! فلم يدر، وقال: بقى بعد الاختلاط دهرًا إلى سنة ثمان وخمسين ومائة

(1)

.

قال ابن القطان: وذكر أبو محمد من طريق الترمذى حديث سمرة: "سكتتان حفظتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم" وسكت عنه مصححًا له.

والحديث عنده من رواية عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن عنه. وسعيد بن أبي عروبة مشهور بالاختلاط، وعبد الأعلى لا يعرف متى سمع منه

(2)

.

ولم يتجنب أبو محمد من حديث سعيد شيئًا، بل ساق عنه ما لا يحصى من عند مسلم وغيره، ولم يعتبر في الرواة عنه من سمع منه قبل الاختلاط أو بعده، أو من لم يعرف متى سمع، كعبد الأعلى هذا.

وكذا فعل في حديث: "لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في

(1)

"المعرفة والتاريخ"[3/ 61].

(2)

أخرجه أحمد [5/ 7]، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام [277]، وأبو داود [779، 780]، وابن ماجه [844]، والترمذى [251]، وابن خزيمة [1578]، وابن حبان [1807]، والطبراني في "الكبير"[6875، 6776]، من طريق محمد بن جعفر، ويزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعباد بن العوام عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة.

وأخرجه أحمد [5/ 11، 15، 20، 21، 22، 23]، والدارمي [1246]، والبخارى في جزء القراءة خلف الإمام [278]، وأبو داود [777، 778]، وابن ماجه [845] من طريق يونس بن عبيد، ومنصور بن المعتمر، وحميد الطويل، وأشعث عن الحسن عن سمرة.

ص: 137

الاستسقاء" فإنه أيضًا من رواية عبد الأعلى عن سعيد

(1)

.

وكذلك حديث: "اعتكف العشر الأوسط من رمضاء يلتمس ليلة القدر"

(2)

.

وحديث ابن عباس في "أن البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة"

(3)

.

وكلاهما أيضًا من رواية عبد الأعلى، عن سعيد.

(1)

أخرجه أحمد [3/ 181، 282]، والدارمي [1543]، والبخاري [1031، 3565] ومسلم [7]، [895]، وأبو داود [1170]، والنسائي في "المجتبى"[3/ 158]، وفي "الكبرى"[1438، 1819]، وابن ماجه [1180]، وابن خزيمة [1719]، وأبو يعلي [2935، 2958، 2987، 3066]، وابن حبان [2863] من طريق يحيى القطان، ومحمد بن جعفر، وعبدة بن سليمان، ومحمد بن أبي عدي، ويزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس.

(2)

أخرجه أحمد [3/ 10]، ومسلم [217][1167]، وأبو داود [1383]، والنسائي في "الكبرى"[3405]، وابن خزيمة [2176]، وأبو يعلي [1076، 1324]، وابن حبان [3661، 3687] من طريق إسماعيل بن علية، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وخالد بن عبد الله عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد.

قلت: هذا الحديث من طريق سعيد بن الجريري، وليس من طريق سعيد بن أبي عروبة كما زعم ابن القطان.

(3)

أخرجه الترمذي [1103]، والطبراني [12/ 182]، والبيهقي [7/ 125] من طريق يوسف بن حماد البصري، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن جابر ابن زيد، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة". قال يوسف بن حماد: رفع عبد الأعلى هذا الحديث في التفسير، وأوقفه في كتاب الطلاق، ولم يرفعه.

قال الترمذي: حدثنا قتيبة، حدثنا غندر، عن سعيد بن أبي عروبة نحوه ولم يرفعه، وهذا أصح.

قال أبو عيسى: هذا حديث غير محفوظ لا نعلم أحدًا رفعه إلا ما روى عن عبد الأعلى عن سعيد، عن قتادة مرفوعًا، وروى عن عبد الأعلى عن سعيد هذا الحديث موقوفًا، والصحيح =

ص: 138

وقد ساق عنه ما هو من رواية من روى عنه بعد اختلاطه كحديث سعد بن هشام عن عائشة في صلاة الليل. ساقه من عند مسلم، وإنما هو عنده من رواية محمد بن أبي عدي عن سعيد. وقد نص العقيلي وغيره على أنه إنما سمع منه بعد الاختلاط كأبي نعيم

(1)

.

وأما ما ساق عنه مما هو من رواية يزيد بن زريع عنه فكثير، لم نتعرض لإحصائه وأذكر منه الآن حديث أبي هريرة:"الرؤيا ثلاث" من عند الترمذي

(2)

.

= ما روى عن ابن عباس قوله: "لا نكاح إلا ببينة".

هكذا روى أصحاب قتادة عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس: لا نكاح إلا ببينة، وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن أبي عروبة نحو هذا موقوفًا.

قال البيهقي: الصواب موقوف والله أعلم. قال الشافعي رحمه الله: وهو ثابت عن ابن عباس وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه العقيلي [4/ 312] من طريق الربيع بن بدر، عن النهاس بن قهم، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البغايا اللاتي تنكحن أنفسهن، لا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدين ومهر قل أو كثر.

قال العقيلي: وهذا يروى عن أبي هريرة من غير هذا الوجه مرفوعًا، وأوقفه قوم. وقصة البغايا والشاهدين والمهر فلا يثبت فيه شيء مرفوع.

قلت: والنهاس بن قهم ضعيف. والربيع بن بدر متروك.

(1)

أخرجه مسلم [746]، والنسائي في "المجتبى"[3/ 199]، وفي "الكبرى"[1335] من طريق محمد بن أبي عدي، ومحمد بن بشر، وعبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام عن عائشة.

وتابع شعبة، وهمام، وأبو عوانة، ومعمر، سعيد بن أبي عروبة على هذا الحديث عن قتادة عند مسلم [746]، وأبو داود [1342].

(2)

أخرجه الدارمي [2153، 2166]، والترمذى [2280]، والنسائي في "الكبرى"[10746] من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن سيرين =

ص: 139

قال ابن حبان: أخبرني محمد بن صالح الحنبلي، حدثنا عبد الملك بن محمد قال: سمعت الحوضى يقول: دخلت على فلان أريد أن أسمع منه وقد اختلط. فسمعته يقول: الأزد عريضة، ذبحوا شاة مريضة، أطعمونى فأبيت، ضربوني فبكيت، فتركته ولم أسمع منه شيئًا

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: ثنا عبد الملك بن محمد، قال:

= عن أبي هريرة.

وأخرجه الحميدي [1145]، وأحمد [2/ 269، 395، 507]، والبخارى [7017]، ومسلم [2263]، وأبو داود [5019]، وابن ماجه [3906، 3917، 3926]، والترمذى [2270، 2280، 2291] من طريق أيوب السختياني، وعوف بن أبي جميلة، وهشام بن حسان، والأوزاعي، وأبو بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة.

(1)

مقدمة "المجروحين"[ص 68]. ومحمد بن صالح الحنبلي لعله هو محمد بن صالح بن ذريح بن حكيم بن هرمز أبو جعفر العكبري البغدادي، ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد"[5/ 361]، والذهبي في "السير"[14/ 259].

قال الخطيب: سمع جبارة بن المغلس، وعثمان بن أبي شيبة، وهناد بن السري، وعبد الأعلى ابن حماد النرسي، وبشر بن معاذ العقدي، وأبا مصعب الزهري، وسفيان بن وكيع بن الجراح، وأبا ثور الفقيه، ومحمد بن طريف البجلي.

روى عنه أبو الحسين المنادي، وأبو على بن الصواب، وإسحاق بن محمد النعالي، وأبو حفص ابن الزيات، ومحمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت الدقاق، ومحمد بن المظفر، وكان ثقة. وذكر الذهبي أن أبا بكر الإسماعيلي روى عنه، وقال الذهبي: هو الإمام المتقن الثقة، وثقوه واحتجوا به.

وعبد الملك بن محمد هو أبو قلابة الرقاشي. قال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ، تغير حفظه لما سكن بغداد، من الحادية عشر. وانظر كلام العلماء فيه في ترجمته من هذا الكتاب.

ص: 140

سمعت أبا عمر الحوضى يقول: دخلت على سعيد بن أبي عروبة وأنا أريد أن أسمع منه، فلما رآني قال: الأزد عريضة، ذبحوا شاة مريضة، أطعموني فأبيت، ضربوني فبكيت، فعلمت أنه مختلط فلم أسمع منه شيئًا

(1)

.

قال العراقي: قد روى لسعيد بن أبي عروبة الشيخان من رواية خالد بن الحارث وروح بن عبادة وعبد الأعلى الشامي وعبد الرحمن بن عثمان البكراوي ومحمد بن سواء السدوسي ومحمد بن أبي عدي ويزيد بن زريع ويحيى بن سعيد القطان عنه.

وروى له البخاري فقط من رواية بشر بن المفضل وسهل بن يوسف وابن المبارك وعبد الوارث بن سعيد ومحمد بن عبد الله الأنصاري وكهمس بن المنهال عنه.

وروى له مسلم فقط من رواية ابن علية وأبي أسامة وسعيد بن عامر الضبعي وسالم بن نوح وأبي خالد الأحمر وعبد الوهاب بن عطاء وعبدة بن سليمان وعلي بن مسهر وعيسى بن يونس ومحمد بن بكر البرساني وغندر عنه

(2)

.

(1)

"الكفاية في علوم الرواية": [ص 216]. وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم له ترجمة في "تاريخ بغداد": [9/ 414] وفيها: قال حمزة السهمي: سئُل أبو الحسن الدارقطني عن أبي محمد عبد الله بن إسحاق الخراساني فقال: فيه لين.

(2)

"فتح المغيث"[ص 468 - 469]، و"التقييد والإيضاح"[ص 451].

ص: 141

قال ابن حجر: قال الأزدي: اختلط سعيد بن أبي عروبة اختلاطًا قبيحًا. وقال الذهلي عن عبد الوهاب الخفاف: خولط سعيد سنة 48 وعاش بعدما خولط تسع سنين. وقال الآجري عن أبي داود: كان سعيد يقول في الاختلاط: قتادة عن أنس أو أنس عن قتادة. وقال النسائي: من سمع منه بعد الاختلاط فليس بشيء. وقال يزيد بن زريع: أول ما أنكرنا ابن أبي عروبة يوم مات سليمان التيمي، جئنا من جنازته فقال: من أين جئتم؟ قلنا: من جنازة سليمان التيمي، فقال: ومن سليمان التيمي؟ قلت: والتيمي مات سنة 43 كما سيأتي. ويؤيد ذلك ما حكاه ابن عدي في "الكامل" عن ابن معين قال: من سمع منه سنة 42 فهو صحيح السماع، وسماع من سمع منه بعد ذلك ليس بشيئ، وأثبت الناس سماعًا منه عبدة ابن سليمان. وقال ابن قانع: خلط في آخر عمره. وقال ابن القطان: حديث عبد الأعلى عنه مشتبه لا يدري هو قبل الاختلاط أو بعده، وتعقب ذلك ابن المواق فأجاد. وقال ابن السكن: كان يزيد بن زريع يقول: اختلط سعيد في الطاعون -يعني سنة 132 - وكان القطان ينكر ذلك ويقول: إنما اختلط قبل الهزيمة. قلت: والجمع بين القولين ما قال أبو بكر البزار: أنه ابتداء به الاختلاط سنة 133 ولم يستحكم ولم يطبق به واستمر على ذلك، ثم استحكم به أخبرًا وعامة الرواة عنه سمعوا قبل الاستحكام، وإنما اعتبر الناس اختلاطه بما قال يحيى القطان والله أعلم

(1)

.

(1)

"تهذيب التهذيب".

ص: 142

‌57 - سعيد بن أبي هلال الليثي

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: سعيد بن أبي هلال ما أدري أي شيء حديثه، يخلط في الأحاديث، ثم قال: هو أيضًا يروي عن أبي الدرداء في السجود. قلت: حديث النجم؟ قال: نعم

(1)

.

قال ابن حجر في "تقريب التهذيب": سعيد بن أبي هلال الليثي صدوق لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفًا إلا أن الساجي حكى عن أحمد فيه أنه اختلط.

(1)

"سؤالات الأثرم" للإمام أحمد [ص 46].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم: سعيد بن أبي هلال لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله. وقال العجلي: مصري ثقة. ووثقه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي والخطيب وابن عبد البر وغيرهم، وأخرج له الجماعة. وقال الساجي: سعيد بن أبي هلال صدوق، كان أحمد يقول: ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث. وقال ابن حزم: ليس بالقوي، ولعله اعتمد على قول أحمد فيه". اهـ

وقال ابن رجب الحنبلي: ومن ذلك ما ذكره البرذعي قال: قال لي أبو زرعة: خالد بن يزيد المصري وسعيد بن أبي هلال صدوقان، وربما وقع في قلبي من حسن حديثهما.

وقال لي أبو حاتم: أخاف أن يكون بعضها مراسيل عن ابن أبي فروة وابن سمعان، انتهى. ومعنى ذلك أنه عرض حديثهما على حديث ابن أبي فروة وابن سمعان فوجده يشبه ولا يشبهه حديث الثقات الذين يحدث عنهم، فخاف أن يكون أخذا حديث ابن أبي فروة وابن سمعان ودلساه عن شيوخهما.

("شرح علل الترمذى": [2/ 867]، و"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة الرازي: [2/ 361]).

قلت: وقول أحمد "يخلط في الأحاديث" يعني أنه يخطئ في الأحاديث، ولا يقصد أحمد وصفه بالاختلاط الاصطلاحي، فلا ينبغي التفريق بين حديث سعيد بن أبي هلال الذي حدث به في أول عمره وحديثه الذى حدث به في آخر عمره، والله أعلم.

ص: 143

‌58 - سفيان بن عيينة

قال يعقوب بن سفيان: قال سلمة: وسمعت سعيدًا يقول: كان سفيان ابن عيينة يقول: عليكم بسماع المتقدم الذى سمعتم مني

(1)

.

قال ابن حبان: سمعت ابن خزيمة يقول: سمعت أبا موسى محمد بن المثنى يقول: سمعت رباح بن خالد الكوفي يقول لسفيان بن عيينة في المسجد الحرام: يا أبا محمد: أبا معاوية يُحدّث عنك بشيء لم تحفظه اليوم، ووكيع يُحدّث عنك بشيء لم تحفظه اليوم، قال: صدقهم فإني كنت قبل اليوم أحفظ مني اليوم

(2)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا البرقاني، أخبرنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، أخبرنا الحسين بن إدريس قال: سمعت ابن عمار قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: اشهدوا أن سفيان بن عيينة اختلط في سنة سبع وتسعين، فمن سمع منه في هذه السنة وبعد هذا فسماعه لا شيء

(3)

.

قال البيهقي: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبا الربيع بن سليمان، أنبا الشافعي، أنبا سفيان، عن طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنا خبأنا لك حيسًا، فقال: أما إني كنت

(1)

"المعرفة والتاريخ": [2/ 178]. وسعيد هو ابن منصور.

(2)

"الثقات"[8/ 242].

(3)

"تاريخ بغداد": [9/ 183].

ص: 144

أريد الصوم ولكن قربيه".

هكذا رواه جماعة عن سفيان بن عيينة، وكذلك رواه جماعة عن طلحة ابن يحيى لم يذكر أحد منهم القضاء في هذا الحديث.

وقد أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبا أبو محمد بن حيان الأصبهاني، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن جميل، ثنا محمد بن عمرو بن العباس، ثنا سفيان بن عيينة، عن طلحة بن يحيى، عن عمته، عن عائشة قالت: دخل النبى صلى الله عليه وسلم فقلت: خبأنا لك حيسًا، فقال: إني كنت أريد الصوم، ولكن قربيه وأقضي يومًا مكانه".

وكان أبو الحسن الدارقطني رحمه الله تعالى يحمل في هذا اللفظ على محمد بن عمرو بن العباس الباهلي هذا، ويزعم أنه لم يروه بهذا اللفظ غيره، ولم يتابع عليه، وليس كذلك فقد حدث به ابن عيينة في آخر عمره، وهو عند أهل العلم بالحديث غير محفوظ.

أخبرنا بذلك أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي، ثنا شافع بن محمد، أنبا أبو جعفر بن سلامة، ثنا المزني، ثنا الشافعي، أنبا سفيان فذكر هذا الحديث باللفظ الذى رواه الربيع وزاد في آخره سأصوم يومًا مكانه.

قال المزني: سمعت الشافعي يقول: سمعت سفيان عامة مجالسه لا يذكر فيه سأصوم يومًا مكانه، ثم عرضته عليه قبل أن يموت بسنة فأجاب فيه سأصوم يومًا مكانه.

قال الشيخ: وروايته عامة دهره لهذا الحديث لا يذكر فيه هذا اللفظ مع رواية الجماعة عن طلحة بن يحيى لا يذكره منهم أحد منهم سفيان الثوري

ص: 145

وشعبة بن الحجاج وعبد الواحد بن زياد ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد القطان ويعلي بن عبيد وغيرهم تدل على خطأ هذه اللفظة والله أعلم.

وقد روى من أوجه أخر عن عائشة ليس فيه هذه اللفظة

(1)

قال ابن حجر: محمد بن عاصم الثقفي الأصبهاني العابد صاحب ذاك الجزء العالي، روى عن سفيان بن عيينة، سمع منه بعد التغير

(2)

.

قال الذهبي: وروى محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة، فمن سمع منه فيها فسماعه لا شيء.

قلت: سمع منه فيها محمد بن عاصم صاحب ذاك الجزء العالي، ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع. فأما سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه أحد فيها، لأنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر.

وأنا أستبعد هذا الكلام من القطان، وأعده غلطًا من ابن عمار، فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز، فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان، ثم يشهد عليه بذلك، والموت قد نزل به، فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع، مع أن يحيى متعنت جدًا في الرجال وسفيان فثقة

(1)

"السنن الكبرى": [4/ 275].

(2)

"تهذيب التهذيب": [ترجمة محمد بن عاصم].

ص: 146

مطلقًا. والله أعلم

(1)

.

قال العلائي: قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، عن يحيى بن سعيد القطان، أنه قال: أشهد بالله أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وستين، فمن سمع منه فيها فسماعه لا شيء.

قلت: عامة من سمع منه إنما كان قبل سنة سبع، ولم يسمع منه متأخر في هذه السنة إلا محمد بن عاصم الأصبهاني، ولم يتوقف أحد من العالمين في الاحتجاج بسفيان.

فهو من القسم الأول، بل لعل هذا لا يصح عن يحيى بن سعيد، لأنه مات في صفر سنة ثمان وتسعين، ولم يكن حينئذ بالحجاز، والله أعلم

(2)

.

قال ابن حجر معلقًا على ما نقله ابن عمار عن يحيى القطان: قرأت بخط الذهبي: أنا أستبعد هذا القول وأجده غلطًا من ابن عمار، فإن القطان مات أول سنة 98 عند رجوع الحجاج وتحدثهم بأخبار الحجاز، فمتى يمكن من سماع هذا حتى يتهيأ له أن يشهد به، ثم قال: فلعله بلغه ذلك في وسط السنة. انتهى

وهذا الذى لا يتجه غيره لأن ابن عمار من الأثبات المتقنين، وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة ممن حج في تلك السنة، واعتمد

(1)

"ميزان الاعتدال": [2/ 170].

(2)

كتاب "المختلطين": [ص 45 - 47].

ص: 147

قولهم، وكانوا كثيرًا فشهد على استفاضتهم، وقد وجدت عن يحيى بن سعيد شيئًا يصلح أن يكون سببًا لما نقله عنه ابن عمار في حق ابن عيينة، وذلك ما أورده أبو سعد بن السمعانى في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذن من ذيل "تاريخ بغداد" بسند له قوي إلى عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قلت لابن عيينة: كنت تكتب الحديث وتحدث اليوم وتزيد في إسناده أو تنقص منه؟ فقال: عليك بالسماع الأول فإني قد سمنت. وقد ذكر أبو معين الرازي في زيادة كتاب "الإيمان" لأحمد أن هارون بن معروف قال له: أن ابن عيينة تغير أمره بآخره وأن سليمان بن حرب قال له: أن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب، وكذا ذكر .....

(1)

ثم قال الذهبي: سمع من ابن عيينة في سنة سبع محمد بن عاصم الأصبهاني صاحب الجزء العالي

(2)

.

قال المعلمي اليماني: "كان ابن عيينة بمكة والقطان بالبصرة، ولم يحج القطان سنة سبع فلعله حج سنة ست، فرأى ابن عيينة قد ضعف حفظه قليلًا، فربما أخطأ في بعض مظان الخطأ من الأسانيد، وحينئذ سأله فأجابه كما أخبر بذلك عبد الرحمن بن بشر، ثم كأنه بلغ القطان في أثناء سنة سبع أو أوائل سنة ثمان أن ابن عيينة أخطأ في حديثين فعد ذلك تغيرًا،

(1)

قال محقق "تهذيب التهذيب": بياض بالأصل.

(2)

"تهذيب التهذيب". وانظر ما قاله ابن الصلاح في ترجمة عبد الرزاق.

ص: 148

وأطلق كلمة اختلط على عادته في التشدد.

وقد كان ابن عيينة أشهر من نار على علم، فلو اختلط الاختلاط الاصطلاحي لسارت بذلك الركبان، وتناقله كثير من أهل العلم وشاع وذاع، وهذا "جزء محمد بن عاصم" سمعه من ابن عيينة في سنة سبع، ولا نعلمهم انتقدوا منه حرفًا واحدًا، فالحق أن ابن عيينة لم يختلط، ولكن كبر سنة فلم يبق حفظه على ما كان عليه، فصار يخطئ في الأسانيد التى لم يكن قد بالغ في إتقانها كحديثه عن أيوب، والذي يظهر أن ذلك خطأ هين، ولهذا لم يعبأ به أكثر الأئمة ووثقوا ابن عيينة مطلقًا". اهـ

(1)

‌59 - سلمة بن نبيط

قال العقيلى: حدثنا جعفر بن محمد السوسي، قال: حدثنا يزيد بن أخزم، قال: سمعت البخاري، قال: سلمة بن نبيط الأشجعي يُقال أنه كان اختلط في آخر عمره

(2)

.

(1)

"التنكيل": [1/ 272 - 273]. وانظر: "فتح المغيث" للسخاوي: [4/ 386].

(2)

"الضعفاء الكبير"[2/ 147].

ويزيد أخزم لم أقف له على ترجمة. وقال الذهبي في "السير"[14/ 109]: جعفر بن محمد بن يزدين أبو الفضل السوسي عن علي بن بحر القطان، وسهل بن عثمان. وعنه الحسن ابن رشيق، والمصريون، صدوق.

وقال البخاري في "التاريخ الكبير"[4/ 75]: سلمة بن نبيط بن شريط بن أنس أبو فراس الأشجعي الكوفي، سمع أباه والضحاك، كناه وكيع، سمع منه الثوري وأبو نعيم.

ولم أجده في "الضعفاء الصغير" للإمام البخاري، ولا في "التاريخ الأوسط".

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو طالب عن أحمد: ثقة، وكان وكيع يفتخر به يقول: =

ص: 149

‌60 - سليمان بن زياد

قال الذهبي: سليمان بن زياد مصري واهٍ. قال ابن يونس: في روايته عن ابن وهب نظر، يُقال إنه اختلط

(1)

.

قال ابن حجر: زاد بن يونس: كان مقبولًا عند القضاة، توفي سنة خمسين ومائتين، آخر من حدث عنه علان، وكان يعرف بالفراء

(2)

.

‌61 - سليمان بن موسى الدمشقي الفقيه

قال العقيلي: حدثني أحمد بن محمود الهروي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن مسعر، قال: سمعت على بن المديني يقول: سليمان بن موسى مطعون عليه

(3)

.

قال مغلطاي: وفي كتاب العقيلي عن ابن المديني: كان سليمان بن موسى من كبار أصحاب مكحول، وكان خولط قبل موته بيسير

(4)

.

= ثنا سلمة بن نبيط، وكان ثقة. وقال الآجري عن أبي داود: ثقة، وكذا قال ابن معين والعجلي والنسائي. وقال محمد بن عبد الله بن نمير: من الثقات، كان أبو نعيم يفتخر به. وقال أبو حاتم: صالح ما بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. وقع له ذكر في سند أثر علقه البخاري في أواخر الطلاق عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى: {ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} إشارة، وهذا وصله الثوري في تفسيره رواية أبي حذيفة عنه، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك بهذا. وأخرجه عبد بن حميد أيضًا عن غير الثوري عن سلمة مثله. وذكر ابن شاهين في الثقات أن عثمان بن أبي شيبة ثقة".

(1)

"ميزان الاعتدال": [2/ 207].

(2)

"لسان الميزان": [4/ 93].

(3)

"الضعفاء الكبير": [2/ 140].

(4)

"إكمال تهذيب الكمال"[6/ 100]، و"تهذيب التهذيب"[ترجمة سليمان بن موسى]. =

ص: 150

‌62 - سماك بن حرب

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: قال حجاج: قال شعبة: كانوا يقولون لسماك: عكرمة عن ابن عباس، فيقول: نعم، قال شعبة: وكنت أنا لا أفعل ذلك به.

سُئل أبي عن عطاء بن السائب وسماك، قال: ما أقر بهما، وسماك يرفعها عن ابن عباس، وعطاء عن سعيد عن ابن عباس، ما أقر بهما

(1)

.

قال العقيلي: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي

= وفي "تهذيب التهذيب" قال سعيد بن عبد العزيز: سليمان بن موسى كان أعلم أهل الشام بعد مكحول. وقال عطاء بن أبي رباح: سيد شباب أهل الشام سليمان بن موسى. وقال الزهري: سليمان بن موسى أحفظ من مكحول. وقال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة، وعن ابن معين: ثقة في الزهري. وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أفقه منه، ولا أثبت منه. وقال البخاري: عنده مناكير. وقال النسائي: أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث. وقال في موضع آخر: في حديثه شيء. وقال ابن عدي: وسليمان بن موسى فقيه راوٍ حدّث عنه الثقات، وهو أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث يتفرد بها لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت صدوق. وقال الدارقطني في "العلل": من الثقات، أثنى عليه عطاء والزهري. وقال ابن سعد: كان ثقة أثنى عليه ابن جريج. وقال ابن حبان في الثقات: كان فقيهًا ورعًا. وذكره ابن المديني في الطبقة الثالثة من أصحاب نافع. وقال يحيى بن معين ليحيى بن أكثم: سليمان بن موسى ثقة وحديثه صحيح عندنا". اهـ

وقال البخاري: منكر الحديث، أنا لا أروي عنه شيئًا، روى سليمان بن موسى أحاديث عامتها مناكير. وذكره أبو زرعة في كتاب "الضعفاء". وقال أبو أحمد الحاكم: في حديثه بعض المناكير. ("علل الترمذى الكبير": [ص 257]، وكتاب "الضعفاء" لأبي زرعة: [2/ 622]، و"الأسامي والكنى": [1/ 2889]).

(1)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [1/ 395].

ص: 151

الحارث، قال: حدثنا أحمد، عن حجاج، عن شعبة قال: حدثنى سماك أكثر من كذا وكذا مرة، يعني حديث عكرمة "إذا بنى أحدكم فليدعم على حائط جاره، وإذا اختلف في الطريف، وكان الناس ربما لقنوه فقالوا: عن ابن عباس، فيقول: نعم، وأما أنا فلم أكن ألقنه

(1)

.

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: قال شريك: كانوا يلقنون سماك أحاديثه عن عكرمة، يلقنونه: عن ابن عباس، فيقول: عن ابن عباس

(2)

.

قال ابن أبي حاتم: نا محمد بن حموية بن الحسن قال: سمعت أبا طالب ابن حميد قال: قلت لأحمد بن حنبل: سماك بن حرب مضطرب الحديث؟ قال: نعم

(3)

.

قال ابن عدي: ثنا علان، ثنا ابن أبي مريم، قال: سمعت يحيى يقول: سماك بن حرب ثقة، وكان شعبة يضعفه، وكان يقول في التفسير: عكرمة، ولو شئت أن أقول له ابن عباس لقاله.

قال يحيى بن معين: وكان شعبة لا يروي تفسيره إلا عن عكرمة

(4)

.

قال ابن رجب الحنبلي: قال ابن المديني: رواية سماك عن عكرمة مضطربة، سفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة، وغيرهما يقول عن ابن

(1)

"الضعفاء الكبير": [2/ 178]، و"المعرفة والتاريخ":[3/ 209].

(2)

"سؤالات أبي داود الفقهية" للإمام أحمد: [ص 440].

(3)

"الجرح والتعديل": [4/ 279].

(4)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [3/ 460].

ص: 152

عباس، إسرائيل، وأبو الأحوص

(1)

.

قال العجلي: سماك بن حرب البكري كوفي جائز الحديث، وكان له علم بالشعر وأيام الناس، وكان فصيحًا إلا أنه كان في حديث عكرمة ربما وصل عن ابن عباس، وربما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان عكرمة يحدّث عن ابن عباس، وكان سفيان الثوري يضعفه بعض الضعف

(2)

.

قال الدارقطني: سماك بن حرب إذا حدّث عنه شعبة والثوري وأبو الأحوص فأحاديثهم عنه سليمة، وما كان عن شريك بن عبد الله وحفص ابن جميع ونظرائهم ففي بعضها نكارة

(3)

.

قال ابن حجر: قال يعقوب بن شيبة: قلت لابن المديني: رواية سماك عن عكرمة؟ فقال: مضطربة. وقال زكريا بن عدي عن ابن المبارك: سماك ضعيف في الحديث. قال يعقوب: وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح وليس من المتثبتين، ومن سمع منه قديمًا مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم والذى قاله ابن المبارك إنما نرى أنه فيمن سمع منه بآخره. وقال النسائي: كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة، لأنه كان يلقن فيتلقن.

وقال البزار في مسنده: كان رجلًا مشهورًا لا أعلم أحدًا تركه، وكان قد

(1)

"شرح علل الترمذي": [2/ 797].

(2)

"الثقات": [ص 112].

(3)

"سؤالات السلمي" للدارقطني: [ص 90]. وانظر قول ابن المديني السابق في أبي الأحوص.

ص: 153

تغير قبل موته. وقال جرير بن عبد الحميد: أتيته فرأيته يبول قائمًا، فرجعت ولم أسأله عن شيء، قلت: قد خرف

(1)

.

‌63 - سنان بن ربيعة أبو ربيعة الباهلي

قال البخاري: سنان بن ربيعة أبو ربيعة سمع من أنسًا وشهر بن حوشب، روى عنه حماد بن زيد وعبد الوارث، بصري، قال ابن معين: سمع السهمي من سنان بن ربيعة بعد ما خرف

(2)

.

‌64 - سنان بن سعد

قال ابن القطان الفاسي: "قال ابن معين: "سمع عبد الله بن يزيد من سنان ابن سعد بعدما اختلط"

(3)

.

(1)

"تهذيب التهذيب".

(2)

"التاريخ الكبير": [4/ 164].

وقال الشيخ المعلمي: يريد عبد الله بن بكر السهمي كما يعلم من كتاب ابن أبي حاتم وغيره. وفي "تهذيب التهذيب": "قال الدوري عن ابن معين: سنان بن ربيعة ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: شيخ مضطرب الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: هو الذي يقال له صاحب السابري. وقال ابن عدي: له أحاديث قليلة، وأرجو أنه لا بأس به. روى له البخاري مقرونًا بغيره في الصحيح، وروى له في الأدب المفرد أيضًا". اهـ

وقال الدارمي: قلت لابن معين: فأبو ربيعة صاحب السابري كيف هو؟ فقال: ليس به بأس. وقال النسائي: سنان بن ربيعة ليس بالقوي. وقال الدارقطني: سنان أبو ربيعة ليس بالقوي. (تاريخ عثمان الدارمي: [ص 242]، و"الضعفاء والمتروكين"، للنسائي، و"سؤالات الحاكم" للدارقطني: [ص 221]).

(3)

بيان الوهم والإيهام (3/ 607).

قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب": "سعد بن سنان ويقال سنان بن سعد =

ص: 154

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الكندي المصري. روى عن أنس وعنه يزيد بن أبي حبيب وحده، فالليث بن سعد يقول عن يزيد عن سعد بن سنان وعمرو بن الحارث وابن لهيعة يقولان عن يزيد عن سنان بن سعد وروى ابن إسحاق عن يزيد عنه أحاديث سماه في بعضها سعد بن سنان وفي بعضها سنان بن سعد، وفي بعضها سعيد بن سنان، وقال ابن حبان في الثقات حدث عنه المصريون وأرجو أن يكون الصحيح سنان بن سعد. وقد اعتبرت حديثه فرأيت ما روى عن سنان بن سعد يشبه أحاديث الثقات وما روى عن سعد بن سنان وسعيد بن سنان فيه المناكير كأنهما اثنان وقال محمد بن علي الوراق عن أحمد بن حنبل لم أكتب أحاديث سنان بن سعد، لأنهم اضطربوا فيها فقال بعضهم سعد بن سنان وبعضهم سنان بن سعد وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه تركت حديثه لأنه مضطرب غير محفوظ قال وسمعته مرة أخرى يقول يشبه حديثه حديث الحسن لا يشبه حديث أنس. وقال بن أبي خيثمة: سألت بن معين عن سعد بن سنان الذي روى عنه يزيد بن أبي حبيب فقال ثقة وقال أبو داود قلت لأحمد بن صالح سنان بن سعد سمع أنسا فغضب من اجلاله له. وقال الجوزجاني: سعد بن سنان أحاديثه واهية. وقال النسائي: منكر الحديث. قلت: وقال ابن سعد: سنان بن سعد منكر الحديث. وقال البخاري سنان بن سعد وعنه أحمد ابن حنبل وحكى البخاري الخلاف في اسمه ثم قال: والصحيح: سنان وكذا صوبه بن يونس وذكر أن محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي روى عنه أيضا وقال بن معين: سمع عبد الله بن يزيد من سنان بن سعد بعدما اختلط" اهـ.

قال العقيلى: حدثنا محمد بن عيسى، قال: سمعت محمد بن علي الوراق، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في أحاديث يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس، قال: روى خمسة عشر حديثًا منكرة كلها، ما أعرف منها واحدًا. الضعفاء الكبير [2/ 119].

قال البخاري: سنان بن سعد صالح مقارب الحديث. [علل الترمذي الكبير ص 106].

قال العجلي: سعد بن سنان مصري تابعي ثقة. [تاريخ الثقات ص 179].

قال ابن عدي: ولسعد بن سنان غير ما ذكرت من الحديث عن أنس، والليث يروي عن يزيد ابن أبي حبيب فيقول عن سعد بن سنان، وعمرو ابن الحارث وابن لهيعة يرويان عن ابن أبي حبيب فيقولان عن سنان ابن سعد عن أنس، وهذه الأحاديث ومتونها وأسانيدها والاختلاف =

ص: 155

‌65 - سهيل بن أبي صالح

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن أبي بكر أبو مصعب الزهري، حدثنا الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد.

قال أبو داود: وزادني الربيع بن سليمان المؤذن في هذا الحديث، قال: أخبرني الشافعي عن عبد العزيز، قال: فذكرت ذلك لسهيل، فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه، ولا أحفظه.

قال عبد العزيز: قد كان أصابت سهيلًا علة أذهبت بعض عقله، ونسى بعض حديثه، فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عن أبيه.

حدثنا محمد بن داود الإسكندراني، حدثنا زياد -يعني ابن يونس-، حدثني سليمان بن بلال، عن ربيعة بإسناد أبي مصعب ومعناه.

قال سليمان: فلقيت سهلًا فسألته عن هذا الحديث، فقال: ما أعرفه.

= فيها يحمل بعضها بعضًا وليس هذه الأحاديث مما يجب أن تترك أصلًا كما ذكره ابن حنبل، أنه ترك هذه الأحاديث للاختلاف الذي فيه من سعد بن سنان وسنان بن سعد، لأن في الحديث وفي أسانيدها ما هو أكثر اضطرابًا منها في هذه الأسانيد ولم يتركه أحد أصلًا، بل ادخلوه في مسندهم وتصانيفهم. [الكامل في ضعفاء الرجال 3/ 362].

ذكر الدارقطني سعد بن سنان في الضعفاء والمتروكين وقال: وقيل: سنان بن سعد عن أنس، روى عنه يزيد بن أبي حبيب. [الضعفاء والمتروكين ص 144].

قلت وفي القلب شيء مما نقله ابن القطان عن ابن معين، وتبعه عليه الحافظ ابن حجر في التهذيب؛ فإن عبد الله بن يزيد لم يذكره في الرواة عن سنان بن سعد، ولعل الصواب سنان بن ربيعة. ووهم ابن القطان في اسمه. انظر: ترجمة سنان بن ربيعة السابقة.

ص: 156

فقلت له: إن ربيعة أخبرني به عنك، قال: فإن كان ربيعة أخبرك عني، فحدث به عن ربيعة عنى

(1)

.

قال العلائي: قال ربيعة: كان أصاب سهيلًا علة، أصيب ببعض حفظه، ونسى بعض حديثه، ومع ذلك فقد احتج به مسلم. فيمكن أن يكون من القسم الأول

(2)

.

قال برهان الدين ابن العجمي: ذكر الذهبى عن ابن القطان أن سهيل بن أبي صالح وهشام بن عروة اختلطا وتغيرا، وقد تعقبه في هشام، ذكر ذلك في "الميزان" وأقره على سهيل

(3)

.

(1)

"سنن أبي داود": [ح 3610 - 3611].

(2)

كتاب "المختلطين": [ص 50]. وقد تقدم معنى القسم الأول في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري. ولعل العلائي وهم في نقل اختلاط سهيل عن ربيعة، وإنما الذى وصف سهيل بالاختلاط هو عبد العزيز الدراوردي.

(3)

"نهاية الاغتباط": [ص 164].

وفي "تهذيب التهذيب": قال ابن عيينة: كنا نعد سهيلًا ثبتًا في الحديث. وقال حرب عن أحمد: ما أصلح حديثه. وقال أبو طالب عن أحمد: قال يحيى بن سعيد: محمد بن عمرو أحب إلينا، وما صنع شيئًا، سهيل أثبت عندهم. وقال الدوري عن ابن معين: سهيل بن أبي صالح والعلاء بن عبد الرحمن حديثهما قريب من السواء، وليس حديثهما بحجة. وقال أبو زرعة: سهيل أشبه وأشهر من العلاء. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إليّ من العلاء. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن عدي: سهيل شيخ، وقد روى عنه الأئمة، وحدث عن أبيه، وعن جماعة عن أبيه، وهذا يدل على تمييزه، كونه ميز ما سمع من أبيه، وما سمع من غير أبيه، وهو عندي ثبت لا بأس به، مقبول الأخبار. قال الحافظ: روى له البخاري مقرونًا بغيره. قلت: وعاب ذلك عليه النسائي، فقال السلمي: سألت الدارقطني: لم ترك البخاري حديث سهيل في كتاب "الصحيح"؟ فقال: لا أعرف له فيه عذرًا، فقد =

ص: 157

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كان النسائي إذا مر بحديث سهيل قال: سهيل والله خير من أبي اليمان، ويحيى بن بكير، وغيرهما. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال البخاري: كان لسهيل أخ فمات فوجد عليه فنسى كثيرًا من الحديث. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: لم يزل أهل الحديث يتقون حديثه. وذكر العقيلي عن يحيى أنه قال: هو صويلح، وفيه لين. وقال الحاكم في باب من عيب على مسلم إخراج حديثه: سهيل أحد أركان الحديث، وقد أكثر مسلم الرواية عنه في الأصول والشواهد، إلا أن أغلبها في الشواهد، وقد روى عنه مالك، وهو الحكم في شيوخ أهل المدينة الناقد لهم، ثم قيل في حديثه بالعراق أنه نسى الكثير منه وساء حفظه في آخر عمره. وقال أبو الفتح الأزدي: صدوق إلا أنه أصابه برسام في آخر عمره فذهب بعض حديثه". اهـ

وقال ابن طهمان: قيل لابن معين: إيما أحب إليك، قتادة عن الحسن عن سمرة، أو سهيل عن أبيه عن أبي هريرة؟ فقال: الحسن لم يسمع من سمرة، وكلاهما ليس بشيء، لو كان الحسن سمع من سمرة، كان أحبّ إليّ.

وقال الدوري: سمعت يحيى يقول: أبو صالح السمان كان له ثلاثة بنين: سهيل بن أبي صالح، وعباد بن أبي صالح، وصالح بن أبي صالح، كلهم ثقة.

وقال ابن المديني: وكان لأبي صالح ثلاثة بنين كلهم ثقة، سهيل بن أبي صالح، وعباد بن أبي صالح، وصالح بن أبي صالح، كلهم ثقة ثبت.

وقال العجلي: سهيل بن أبي صالح السمان مدني ثقة.

وقال الحاكم: قلت لأبي الحسن الدارقطني: احتج أبو عبد الرحمن النسائي بسهيل بن أبي صالح؟ فقال: إي والله.

حدثنى الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل، قال: سمعت أبا بكر محمد بن موسى المأمون الهاشمي يقول: سمعت رجلًا يسأل أبا عبد الرحمن: ما عندك في سهيل بن أبي صالح؟ فقال له أبو عبد الرحمن: سهيل بن أبي صالح خير من فليح بن سليمان، وسهيل بن أبي صالح خير من أبي اليمان، وسهيل بن أبي صالح خير من إسماعيل بن أبي أويس، وسهيل خير من حبيب المعلم، وسهيل أحب إلينا من عمرو بن أبي عمرو.

وقال الخليلي: سهيل بن أبي صالح ثقة. =

ص: 158

‌66 - سويد بن سعيد الحدثاني الأنباري

قال البخاري: سويد بن سعيد فيه نظر، كان أعمى فيلقن ما ليس من حديثه

(1)

.

قال الترمذي: ذكر محمد سويد بن سعيد فضعفه جدًا، وقال: كان ما لقن شيئًا لقنه وضعف أمره

(2)

.

قال الخطيب البغدادي: سويد بن سعيد كان قد كف بصره في آخر عمره، فربما لقن ما ليس من حديثه، ومن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه حسن. أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي وعلى بن أبي علي البصري وعبيد الله بن عبد العزيز بن جعفر البرذعي -قال البرذعي: أخبرنا، وقالا: حدثنا- محمد بن عبيد الله بن الشخير حدثنا أبو عيسى إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي -إملاء- حدثنا محمد بن يحيى الخزاز السوسي، قال: سألت يحيى بن معين عن سويد بن سعيد فقال: ما حدثك فاكتب عنه، وما حدث به تلقينًا فلا

(3)

.

= ("سؤالات ابن طهمان" لابن معين: [ص 119]، و"تاريخ الدوري": [3/ 182]، و"سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة" لابن المديني: [ص 110 - 111]، و"ثقات العجلي": [ص 210]، و"سؤالات الحاكم" للدارقطني: [ص 171]، و"الإرشاد في معرفة علماء الحديث": [1/ 217]).

(1)

"التاريخ الأوسط": [2/ 262].

(2)

"علل الترمذى الكبير": [ص 394].

(3)

قال الخطيب في "تاريخ بغداد": [6/ 395]: حدثني علي بن محمد بن نصر، قال: سمعت حمزة بن يوسف يقول: سألت الدارقطني عن إسحاق بن موسى بن سعيد - =

ص: 159

أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا جدي قال: سويد بن سعيد صدوق، ومضطرب الحفظ، ولاسيما بعد ما عمي

(1)

.

أخبرني محمد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الله بن مهران، قال: أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي، قال: سمعت أبا علي صالح بن محمد يقول: سويد بن سعيد صدوق، إلا أنه كان أعمى، فكان يلقن أحاديث ليس من حديثه

(2)

.

قال الدارقطني: سويد بن سعيد ثقة، ولكنه كبر، فربما قرأ القوم عليه بعد أن كبر، قرئ عليه حديث فيه بعض النكارة فيجيزه.

وأما حديث أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من عشق فعف، فكتم فمات، مات شهيدًا" فالبلية ممن رواه عن سويد لا منه، وهو شيخ يعرف بمحمد بن زكريا الخصيب، يضع الحديث

(3)

.

= أبي عيسى الرملي- فقال: ثقة.

وقال في [2/ 333]: محمد بن عبيد الله بن الشخير كان صدوقًا. سمعت أبا بكر البرقاني سُئل عن ابن الشخير، فقال: حذرنيه بعض أصحابنا، إلا أني رأيت أبا الفتح بن أبي الفوارس قد روى عنه في "الصحيح".

(1)

جد محمد بن أحمد بن يعقوب هو الإمام يعقوب بن شيبة.

(2)

"تاريخ بغداد": [9/ 228].

(3)

"تعليقات الدارقطني على المجروحين" لابن حبان: [ص 121].

ص: 160

قال ابن حجر: قال الحاكم أبو أحمد: سويد بن سعيد عمى في آخر عمره، فربما لقن ما ليس من حديثه، فمن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه حسن

(1)

.

(1)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة سويد بن سعيد].

وفي "التهذيب" أيضًا: قال عبد الله بن أحمد: عرضت على أبي أحاديث سويد عن ضمام بن إسماعيل، فقال لي: اكتبها كلها فإنه صالح، أو قال: ثقة. وقال الميموني عن أحمد: ما علمت إلا خيرًا. وقال البغوي: كان من الحفاظ، وكان أحمد ينتقي عليه لولديه فيسمعان منه. وقال: لا بأس به. وقال أبو حاتم: كان صدوقًا، وكان يدلس ويكثر. وقال البرذعي: رأيت أبا زرعة يسئ القول فيه فقلت له: فأيش حاله؟ قال: أما كتبه فصحاح، وكنت أتتبع أصوله فأكتب منها، فأما إذا حدث من حفظه فلا. قال: وسمعت أبا زرعة يقول: قلنا لابن معين: إن سويدًا يحدث عن ابن أبي الرجال عن ابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قال في ديننا برأيه فاقتلوه" فقال يحيى: ينبغي أن يبدأ بسويد فيقتل. وقيل لأبي زرعة: إن سويدًا يحدث بهذا الحديث عن إسحاق بن نجيح، فقال: نعم، هذا حديث إسحاق إلا أن سويدًا أتى به عن ابن أبي الرجال. قلت: فقد رواه لغيرك عن إسحاق، فقال: عسى قيل له فرجع. وقال النسائي: ليس بثقة، ولا مأمون. أخبرني سليمان بن الأشعث قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سويد بن سعيد حلال الدم. وقال عبد الله ابن على بن المديني: سُئل أبي عنه، فحرك رأسه وقال: ليس بشيء. وقال أبو بكر الأعين: هو سداد من عيش، هو شيخ. وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت جعفر الفريابي يقول: أفادني أبو بكر الأعين بحضرة أبي زرعة وخلق كثير حين أردت أن أخرج إلى سويد وقال: وقفه وثبت منه هل سمع هذا الحديث من عيسى بن يونس؟ فقدمت على سويد فسألته فقال: حدثنا عيسى بن يونس، عن حريز ابن عثمان، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك رفعه، قال:"تفترق هذه الأمة بضعًا وسبعين فرقة شرها فرقة قوم يقيسون الرأي يستحلون به الحرام ويحرمون به الحلال". قال الفريابي: وقفت عليه سويدًا بعدما حدثني ودار بيني وبينه كلام كثير. قال ابن عدي: وهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد، فتكلم الناس فيه من جراه، ثم رواه رجل من أهل خراسان يقال له: الحكم بن مبارك يكنى أبا صالح الخواستي ويقال: إنه لا بأس به، يعني عن عيسى، ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث منهم عبد الوهاب بن الضحاك، والنضر بن طاهر، وثالثهم سويد الأنباري، ولسويد أحاديث كثيرة، روى عن مالك الموطأ، ويقال إنه سمعه خلف حائط، فضعف في مالك =

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أيضًا، وهو إلى الضعف أقرب. وقال أبو بكر الإسماعيلي: في القلب من سويد شيء من جهة التدليس، وما ذكر عنه في حديث عيسى بن يونس الذى كان يقال تفرد به نعيم بن حماد. وقال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدارقطني عن سويد، فقال: تكلم فيه يحيى بن معين، وقال: حث عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد رفعه:"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة". قال ابن معين: وهذا باطل عن أبي معاوية. قال الدارقطني: فلم يزل يظن أن هذا كما قال يحيى حتى دخلت مصر في سنة سبع وخمسين، فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي المنجنيقي وكان ثقة، رواه عن أبي كريب، عن أبي معاوية كما قال سويد، وتخلص سويد. وقال العجلي: ثقة من أروى الناس عن علي بن مسهر. وقال ابن حبان: كان يأتي عن الثقات بالمعضلات، روى عن أبي مسهر -يعني عن أبي يحيى القتات-، عن مجاهد، عن ابن عباس رفعه:"من عشق وكتم وعف ومات مات شهيدًا". قال: ومن روى مثل هذا الخبر عن أبي مسهر تجب مجانبة روايته هذه إلى ما لا يحصى من الآثار ونيل الأخبار. وقال فيه يحيى بن معين: لو كان لي فرس ورمح لكنت أغزوه، قاله لما روى سويد هذا الحديث. وكذا قال الحاكم عن ابن معين أنه قال هذا في حق هذا الحديث. وقال أبو داود: سمعت يحيى بن معين وقال له الفضل بن سهل السراج: يا أبا زكريا: سويد، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، عن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى فرسًا لأبي جهل. فقال يحيى: لو أن عندي فرسًا خرجت أغزوه. وقال سلمة في "تاريخه" سويد ثقة ثقة، روى عنه أبو داود. وقال إبراهيم بن أبي طالب: قلت لمسلم: كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح؟ فقال: ومن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة". اهـ

وقال ابن محرز: قال ابن معين: سويد بن سعيد الأنباري مولى الجواسنة ليس بشيء. فقيل له: يا أبا زكريا، ما معنى مولى الجواسنة؟ قال: حدث بحديث الأعمش، عن إبراهيم، عن همام عن حذيفة:"لا يليكم بعد عمر إلا أصعر أبتر مولى الجواسنة"، فقيل له: إنما هو مولى الحق استه، فقال: اسكت حذيفة كان يسفه.

وقال الخليلي: سويد بن سعيد الحدثاني ثقة.

["سؤالات ابن محرز" لابن معين: (1/ 66)، و"الإرشاد في معرفة علماء الحديث": (1/ 247)].

ص: 162

‌حرف الشين

‌67 - شرحبيل بن سعد

قال ابن سعد: شرحبيل بن سعد كان شيخًا قديمًا روى عن زيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي إلى آخر الزمان حتى اختلط واحتاج حاجة شديدة، وله أحاديث وليس يُحتج به

(1)

.

(1)

"الطبقات الكبرى"[5/ 237].

وقد انفرد ابن سعد رحمه الله بوصف شرحبيل بن سعد بالاختلاط.

وفي "تهذيب التهذيب": "قال بشر بن عمر: سألت مالكًا عنه، فقال: ليس بثقة. وقال يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب: أنا شرحبيل وهو شرحبيل وقد بينا لكم. وقال ابن المديني: قلت لسفيان بن عيينة: كان شرحبيل بن سعد يفتي؟ قال: نعم، ولم يكن أحد أعلم بالمغازي والبدريين منه، فاحتاج فكأنهم اتهموه. وقال في موضع آخر عن سفيان: لم يكن أحد أعلم بالبدريين منه، وأصابته حاجة فكانوا يخافون إذا جاء إلى الرجل فلم يعطه أن يقول: لم يشهد أبوك بدرًا. وقال ابن معين: ليس بشيء، ضعيف. وقال أيضًا: كان أبو جابر البياضي كذابًا، وشرحبيل خير من ملأ الأرض مثله. وقال مرة: ضعيف يُكتب حديثه. وقال عمرو بن علي: سمعت يحيى القطان قال: قال رجل لابن إسحاق: كيف حديث شرحبيل؟ فقال: وأحد يُحدِّث عن شرحببل. قال يحيى: العجب من رجل يحدث عن أهل الكتاب، ويرغب عن شرحبيل. وقال أبو زرعة: لين. وقال النسائى: ضعيف. وقال الدارقطني: ضعيف يُعتبر به.

وقال ابن عدي: له أحاديث وليست بالكثيرة، وفي عامة ما يرويه نكارة. وذكره ابن حبان في الثقات. وخرّج ابن خزيمة وابن حبان حديثه في صحيحيهما. وقال حجاج الأعور عن ابن أبي ذئب: كان شرحبيل متهمًا. وقال ابن البرقي في باب من كان الأغلب عليه الضعف: ويقال إن الرجل الذي روى عنه مالك حديث: اصطدت بهما في كتاب الحج شرحبيل بن سعد، وهو يضعف، وإنما ترك مالك تسميته لذلك. وحكى مضر بن محمد عن ابن معين أنه ثقة". وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" [4/ 339]: سألت أبي عن شرحبيل بن سعد، وقيل له: في حديثه لين؟ قال نعم، ضعيف الحديث.

ص: 163

‌68 - شريك بن عبد الله النخعي

قال ابن أبى حاتم: نا أبو الحسين الرهاوي فيما كتب إلى قال: سمعت عبد الجبار بن محمد الخطابي قال: قلت ليحيى بن سعيد: يقولون إنما خلط شريك بآخره، فقال: ما زال مخلطًا

(1)

.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: عباد بن العوام وإسحاق -يعنى الأزرق- ويزيد كتبوا عن شريك بواسط من كتابه، قدم عليهم في حفر نهر.

قال أحمد: سماع هؤلاء أصح منه، يعنى سماع واسط. سمعت أحمد يقول: كأن حديث أهل واسط عن شريك لا يشبه حديث شريك

(2)

. وقال أبو داود أيضًا: قال أحمد: إسحاق الأزرق، وعباد بن العوام، ويزيد كتبوا عن شريك بواسط من كتابه، كان قد قدم عليهم في حفر نهر.

(1)

"الجرح والتعديل"[4/ 366].

وأبو الحسين الرهاوي هو أحمد بن سليمان ثقة حافظ. وعبد الجبار بن محمد الخطابي ذكره ابن حبان في الثقات [8/ 418] وقال: يروي عن ابن عيينة، روى عنه عبد الحميد بن محمد بن مستام.

وقول عبد الجبار بن محمد: يقولون إنما خلط شريك بآخره أي إنما ساء حفظه بآخره وكان أول أمره مستقيمًا.

وقول يحيى القطان "ما زال مختلطًا" أى أنه سيء الحفظ ويخلط في الأسانيد والمتون في أول أمره وآخره سواء.

(2)

"سؤالات أبي داود الفقهية" للإمام أحمد: [ص 430].

ص: 164

قال أحمد: كان شريك رجلًا له عقل فكان يُحدِّث الناس بعقله.

قال أحمد: سماع هؤلاء أصح عنه

(1)

.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: قال لي حجاج بن محمد: كتب عن شريك نحوًا من خمسين حديثًا عن سالم قبل أن يلي القضاء

(2)

.

قال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا شريك عن أبي معشر بأحاديث قبل أن يلي القضاء

(3)

.

قال ابن رجب: قال يعقوب بن شيبة: كتب شريك النخعي صحاح، وحفظه فيه اضطراب.

وقال محمد بن عمار الموصلي الحافظ: شريك كتبه صحاح، فمن سمع منه كتبه فهو صحيح، قال: ولم يسمع من شريك من كتابه إلا إسحاق الأزرق.

وقال أحمد في رواية الأثرم، وذكر سماع أبي نعيم من شريك، فقال: سماع قديم، وجعل أحمد يصححه

(4)

.

قال ابن محرز: سمعت يحيى وقيل له: سمع أبو نعيم من شريك قبل القضاء أو بعده؟ قال: قبل وبعد - كذا قال

(5)

.

(1)

"سؤالات أبي داود الحديثية" للإمام أحمد: [ص 321].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [2/ 549].

(3)

"الطبقات الكبرى": [6/ 355].

(4)

"شرح علل الترمذي": [2/ 759].

(5)

"سؤالات ابن محرز" لابن معين [1/ 160].

ص: 165

قال المزي: قال العجلي: شريك بن عبد الله النخعي كوفي ثقة وكان حسن الحديث، وكان أروى الناس عنه إسحاق الأزرق.

وقال ابن حجر: قال العجلي بعد ما ذكر أنه ثقة إلى آخره: وكان صحيح القضاء، ومن سمع منه قديمًا فحديثه صحيح، ومن سمع منه بعد ما ولي القضاء ففي سماعه بعض الاختلاط

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، قال: قرأت على محمد بن طالب بن علي -فأقر به- قال: قال أبو علي صالح بن محمد: شريك صدوق، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه، وقل ما يحتاج إليه في الحديث الذي يحتج به

(2)

.

قال ابن حبان: شريك بن عبد الله النخعي ولي القضاء بواسط سنة خمسين ومائة، ثم ولي الكوفة بعد ذلك، مات بالكوفة سنة سبع أو ثمان وسبعين ومائة، وكان في آخر أمره يخطئ فيما يروي، تغير عليه حفظه، فسماع المتقدمين منه الذين سمعوا منه بواسط ليس فيه تخليط، مثل يزيد بن هارون وإسحاق الأزرق، وسماع المتأخرين عنه بالكوفة فيه أوهام كثيرة

(3)

.

(1)

"تهذيب الكمال": [12/ 470]، و"تهذيب التهذيب"[2/ 497].

وفي المطبوع من ثقات العجلي: [ص 217 - 218] شريك بن عبد الله النخعي القاضي كوفي ثقة، وكان حسن الحديث، وكان أروى الناس عنه إسحاق بن يوسف الأزرق الواسطي، سمع منه تسعة آلاف حديث.

(2)

"تاريخ بغداد": [9/ 285].

(3)

"الثقات": [6/ 444].

ص: 166

قال الدوري عن ابن معين: قال أبو عبيد الله لشريك القاضي: أردت أن أسمع منك أحاديث، فقال: قد اختلطت علي أحاديثي، وما أدري كيف هي، فألح عليه أبو عبيد الله فقال: حدثنا بما تحفظ ودع ما لا تحفظ، فقال: أخاف أن تُجْرَح أحاديثي، ويضرب بها وجهي

(1)

.

قال ابن القطان الفاسي: "وجملة أمر شريك بن عبد الله القاضي أنه صدوق، ولي القضاء فتغير محفوظه فمن سمع منه قبل ذلك فحديثه صحيح. وهذا الحديث يرويه عنه أبو أحمد الزبيري، ولا أدري متى سمع منه. فهذه هى العلة المانعة من تصحيح هذا الخبر"

(2)

.

(1)

"تاريخ الدوري": [4/ 69].

(2)

بيان الوهم والإيهام (3/ 295).

وفي "تهذيب التهذيب": "قال صالح بن أحمد عن أبيه: سمع شريك من أبي إسحاق قديمًا، وشريك عن أبي إسحاق أثبت من زهير وإسرائيل وزكريا. وقال يزيد بن الهيثم عن ابن معين: شريك ثقة، وهو أحب إليّ من أبي الأحوص وجرير، وهو يروي عن قوم لم يرو عنهم سفيان الثوري. قال ابن معين: ولم يكن شريك عند يحيى القطان بشيء، وهو ثقة ثقة. وقال أبو يعلي: قلت لابن معين: إيما أحب إليك: جرير أو شريك؟ قال: جرير. قلت: فشريك أو أبو الأحوص؟ قال: شريك، ثم قال: شريك ثقة إلا أنه لا يُتقن ويغلط، ويذهب على نفسه على سفيان وشعبة. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: شريك أحب إليك في أبي إسحاق أو إسرائيل؟ قال: شريك أحب إليّ، وهو أقدم. قلت: شريك أحب إليك في منصور أو أبو الأحوص؟ فقال: شريك أعلم به. وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: شريك صدوق ثقة إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا منه. قال معاوية. وسمعت أحمد بن حنبل يقول شبيهًا بذلك. وقال عمرو بن علي: كان يحيى لا يُحدِّث عنه، وعبد الرحمن يُحدث عنه. وقال علي بن حكيم عن وكيع: لم يكن أحد أروى عن الكوفيين من شريك. وقال ابن المبارك: شريك أعلم بحديث الكوفيين من الثوري. وقال ابن المديني: شريك أعلم من إسرائيل، وإسرائيل أقل =

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . .

= خطأ منه. وقال يعقوب بن شيبة: شريك صدوق ثقة سيء الحفظ جدًا. وقال الجوزجاني: شريك سيء الحفظ، مضطرب الحديث مائل. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن شريك يُحتج بحديثه، قال: كان كثير الحديث صاحب وهم، يغلط أحيانًا. فقال له فضلك الرازي: إنه حَدّث بواسط بأحاديث بواطيل، فقال أبو زرعة: لا تقل بواطيل. قال عبد الرحمن: وسألت أبي عن شريك وأبي الأحوص أيهما أحبُّ إليك؟ قال: شريك، وقد كان له أغاليط. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن عدي: في بعض ما لم أتكلم عليه من حديثه مما أمليت بعض الإنكار، والغالب على حديثه الصحة والاستواء، والذى يقع في حديثه من النكرة إنما أتى من سوء حفظه لا أنه يتعمد شيئًا مما يستحق أن ينسب فيه إلى شيء من الضعف. وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا كثير الحديث، وكان يغلط. وقال إبراهيم بن سعيد الجوجري: أخطأ في أربعمائة حديث. وقال ابن المثنى: ما رأيت يحيى ولا عبد الرحمن حدثنا عنه بشيء. وقال محمد بن يحيى بن سعيد عن أبيه: رأيت في أصول شريك تخليطا. وقال أبو جعفر الطبري: كان فقيهًا عالمًا. وقال أبو داود: ثقة يخطئ على الأعمش، زهير فوته، وإسرائيل أصح حديثًا منه، وأبو بكر بن عياش بعده. وقال إبراهيم الحربي: كان ثقة. وقال محمد بن يحيى الذهلي: كان نبيلًا. وقال النسائي في موضع آخر: ليس بالقوي، وكذا قال الدارقطني. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين. وقال عبد الله ابن أحمد عن أبيه: حسن بن صالح أثبت من شريك، كان شريك لا يبالي كيف حدّث. وقال معاوية بن صالح: سألت أحمد بن حنبل عنه فقال: كان عاقلًا صدوقًا محدثًا شديدًا على أهل الريب والبدع، قديم السماع من أبي إسحاق. قلت: إسرائيل أثبت منه؟ قال: نعم. قلت: يحتج به؟ فقال: لا تسألني عن رأيي في هذا. وإنما يروى مسلم له في المتابعات. وقال الساجي: كان يُنسب إلى التشيع المفرط، وقد حكى عنه خلاف ذلك، وكان فقيهًا، وكان يقدم عليًا على عثمان. وقال يحيى بن معين: قال شريك: ليس يقدم عليًا على أبي بكر وعمر أحد فيه خير. وقال الأزدي: كان صدوقًا إلا أنه مائل عن القصد غالي المذهب سيئ الحفظ كثير الوهم، مضطرب الحديث. وأورد ابن عدي في مناكيره عن منصور، عن طلحة بن مصرف، عن خيثمة عن عائشة: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها ولم يقض من مهرها شيئًا. وقال سفيان بن عبد الملك: سألت ابن المبارك عن حديث زيد بن ثابت أنه قال في البيع بالبراءة: يبرأ من كل عيب، فقال: جاء به شريك على غير ما في كتابه، ولم نجد له أصلًا". اهـ =

ص: 168

. . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال العقيلي: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا صالح بن أحمد، قال: حدثنا علي بن عبد الله قال: سمعت يحيى يقول: قدم شريك مكة، فقيل له: أتيته؟ فقلت: لو كان بين يدي ما سألته عن شيء، وضعف يحيى حديثه جدًا، قال يحيى: أتيته بالكوفة فأملى علي، فإذا هو لا يدري.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: قال شريك عن أبي إسحاق، فقال: كان ثبتًا فيه قال شريك: وقال له إنسان: ما أكثر حديثك عن أبي إسحاق، فقال: وددت أنى كتبت تفسيره وكان يتلهف عليه.

وقال عبد الله بن أحمد أيضًا: قدمت الكوفة سنة ثلاثين ومائتين فعرضت على أبي أحاديث أبي بكر بن أبي شيبة عن شريك، فقال: عند أبي بكر بن أبي شيبة أحاديث حسان غرائب عن شريك لو كان هاهنا سمعناها منه.

وقال الترمذي: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا يزيد بن هارون، عن شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه -يعنى إذا سجد- قبل يديه

الحديث.

قال يزيد: لم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث الواحد.

قال أبو عيسى: وروى همام بن يحيى، عن شقيق، عن عاصم بن كليب شيئًا من هذا مرسلًا، لم يذكر فيه عن وائل بن حجر، وشريك بن عبد الله كثير الغلط والوهم.

وقال الدارقطني عقب هذا الحديث: تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به.

وقال أبو داود: قلت لأحمد: إسرائيل أحب إليك أو شريك؟ قال: إسرائيل إذا حدّث من كتابه لا يغادر ويحفظ من كتابه، شريك في حديثه اختلاف، وروى عن مغيرة أحاديث عبيدة.

وقال البزار: الحارث بن نبهان غير حافظ، وشريك يفوقه عند أهل الحديث، وإن كان غير حافظًا أيضًا.

("الضعفاء الكبير": [2/ 193]، و"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [1/ 251]، [3/ 350]، و"علل الترمذي الكبير": [ص 69]، و"جامع الترمذي": [1/ 66] [ح 46]، و"سنن الدارقطني": [1/ 345]، و"سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: [ص 311]، و"مسند البزار": [3/ 87]).

ص: 169

‌حرف الصاد

‌69 - صالح بن نبهان مولى التوأمة

قال أحمد: صالح مولى التوأمة ما أرى به بأس، من سمع منه قديما

(1)

.

قال المروذي: سألت أبا عبد الله عن صالح مولى التوأمة، فقال: قال مالك: قد رأيته مختلطًا ولم يحمل عنه، ثم قال: من سمع منه قبل الاختلاط، فكأنه

(2)

.

قال أبو داود: قلت لأحمد: صالح مولى التوأمة؟ قال: لقيه مالك -زعموا- بعدما كبر.

قلت لأحمد: هو مقارب الحديث؟ قال: أما أنا فاحتمله، وأروي عنه، وأما أن يقوم موضع مجد، فلا

(3)

.

قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثني أبي، نا ذويب بن عمرو السهمي المديني قال: سألت سفيان بن عيينة: هل سمعت من صالح مولى التوأمة شيئًا؟

قال: نعم هكذا وهكذا وهكذا، من الكبر-، وما علمت أحدًا من أصحابنا يحدث عنه لا مالك بن أنس ولا غيره.

قال عبد الرحمن: فقد بان أن ابن عيينة منتقد لرواة الأثار، فإني لا أعلمه

(1)

العلل ومعرفة الرجال رواية عبد الله بن أحمد [3/ 115].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 69].

(3)

"سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: [ص 208].

ص: 170

روى عن صالح مولى التوأمة شيئًا

(1)

.

قال ابن عدي: ثنا علان، ثنا ابن أبي مريم، سمعت يحيى بن معين يقول: صالح مولى التوأمة ثقة حجة. قلت له: إن مالكًا ترك السماع منه، فقال لى: إن مالكًا أدركه بعد أن كبر وخرف، وسفيان الثوري إنما أدركه بعد أن خرف، فسمع منه سفيان أحاديث منكرات وذلك بعدما خرف، ولكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف

(2)

.

قال الدوري عن ابن معين: صالح مولى التوأمة ثقة، قد كان خرف قبل أن يموت، فمن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت

(3)

.

قال البخاري: قال ابن عيينة: لقيت صالح بن نبهان سنة خمس أو سبع وعشرين ومائة أو نحوها وقد تغير، فلقيه الثوري بعدي وجعلت أقول له: سمعت من ابن عباس؟ سمعت من أبي هريرة؟ أما سمعت من فلان؟ فلا يجئ بها، قال رجل عنده: إن الشيخ قد كبر أو نحوه

(4)

.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن بشر بن عمر زعم أنه سأل مالك بن أنس عن صالح مولى التوأمة، فقال: ليس بثقة.

قال أبي: مالك كان أدرك صالحًا وقد اختلط أو هو كبير، ما أعلم به بأسًا

(1)

مقدمة الجرح والتعديل [1/ 35].

(2)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [4/ 55].

(3)

"تاريخ الدوري": [3/ 176].

(4)

"التاريخ الكبير": [4/ 292]. وانظر "الجرح والتعديل": [4/ 417].

ص: 171

من سمع قديمًا، وقد روى عنه أكابر أهل المدينة

(1)

.

قال ابن المديني: صالح مولى التوأمة ثقة، إلا أنه خرف وكبر، فسمع منه قوم وهو خرف كبير، فكان سماعهم ليس بصحيح، سفيان الثوري ممن سمع منه بعدما خرف، وكان ابن أبي ذئب قد سمع منه قبل أن يخرف

(2)

.

قال الترمذي: حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر، عن ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، واجعل الماء بين أصابع يديك ورجليك".

سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن، وموسى ابن عقبة سمع من صالح مولى التوأمة قديمًا، وكان أحمد يقول: من سمع من صالح قديمًا فسماعه جيد، ومن سمع منه أخيرًا فكأنه يضعف سماعه.

قال محمد: وابن أبي ذئب سماعه منه أخيرًا، ويروى عنه مناكير

(3)

.

قال الجوزجاني: صالح مولى التوأمة تغير أخيرًا، وحديث ابن أبي ذئب

(1)

العلل ومعرفة الرجال [2/ 311].

(2)

"سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة" لابن المديني: [ص 86].

(3)

"علل الترمذي الكبير": [ص 34].

ص: 172

عنه مقبول لسنة وسماعه القديم، وأما الثوري فجالسه بعد التغير

(1)

.

قال ابن عدي: ابن أبي ذئب وابن جريج وزياد بن سعد وغيرهم سمع من صالح مولى التوأمة قديمًا، فأما من سمع منه بآخره فإنه سمع وهو مختلط ولحقه مالك والثوري وغيرهم بعد الاختلاط

(2)

.

قال ابن حبان: صالح مولى نبهان مولى التوأمة تغير في سنة خمس وعشرين ومائة، وجعل يأتي بالأشياء التى تشبه الموضوعات عن الأئمة الثقات، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز فاستحق الترك.

سمعت محمد بن المنكدر يقول: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: صالح مولى التوأمة قد كان خرف قبل أن يموت، فمن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت.

قال أبو حاتم رحمه الله: هذا الذى قاله أبو زكريا رحمة الله عليه هو كذلك لو تميز حديثه القديم من حديثه الأخير، فأما عند عدم التمييز لذلك واختلاط البعض بالبعض يرتفع به عدالة الإنسان حتى يصير غير محتج به ولا معتبر بما يرويه.

وقد روى صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى في المسجد على جنازة فلا شيء له".

(1)

"أحوال الرجال": [ص 144].

(2)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [4/ 58].

ص: 173

حدثناه أبو يعلي، ثنا على الجعد، ثنا ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، وهذا خبر باطل. كيف يخبر المصطفى أن المصلي في المسجد على الجنازة لا شئ له من الأجر، ثم يصلي هو صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء في المسجد

(1)

.

(2)

.

(1)

حديث سهيل بن بيضاء أخرجه مسلم [973] عن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها. فقالت: ما أسرع ما نسى الناس! ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد.

(2)

"المجروحين": [1/ 362].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الأصمعي: كان شعبة لا يُحدِّث عنه. وقال القطان: سألت مالكًا عنه، فقال: لم يكن من القراء. وقال عمرو بن علي عن القطان: لم يكن بثقة. وقال بشر بن عمر: سألت مالكًا عنه فقال: ليس بثقة. وقال عبد الله بن أحمد: سألت ابن معين عنه فقال: ليس بالقوي في الحديث. قلت: حدث عنه أبو بكر بن عياش؟ قال: لا، ذاك رجل آخر. وقال أبو زرعة والنسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم والنسائي أيضًا: ليس بالقوي. وقال النسائي مرة: ليس بثقة، قاله مالك. وقال ابن سعد: له أحاديث ورأيتهم يهابون حديثه. وقال العجلي: تابعي ثقة".

ص: 174

‌حرف العين

‌70 - عاصم بن بهدلة

قال ابن حجر: قال ابن قانع: قال حماد بن سلمة: خلط عاصم في آخر عمره

(1)

.

(1)

"تهذيب التهذيب".

وفيه أيضًا: "قال ابن سعد: كان ثقة إلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان رجلًا صالحًا قارئًا للقرآن، وأهل الكوفة يختارون قراءته وأنا أختارها، وكان خيرًا ثقة، والأعمش أحفظ منه، وكان شعبة يختار الأعمش عليه في ثبت الحديث. وقال أيضًا: عاصم صاحب قرآن، وحماد صاحب فقه، وعاصم أحب إلينا. وقال ابن معين: لا بأس به. وقال العجلي: كان صاحب سنة وقراءة، وكان ثقة رأسًا في القراءة، ويقال: إن الأعمش قرأ عليه وهو حدث، وكان يختلف عليه في زر وأبي وائل. وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب وهو ثقة. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: صالح، وهو أكثر حديثًا من أبي قيس الأودي، وأشهر وأحب إليَّ منه، وهو أقل اختلافًا عندي من عبد الملك بن عمير. قال: وسألت أبا زرعة عنه، فقال: ثقة، قال: وذكره أبي فقال: محله عندي محل الصدق، صالح الحديث، وليس محله أن يقال: هو ثقة، ولم يكن بالحافظ، وقد تكلم فيه ابن علية فقال: كأن كل من اسمه عاصم سيء الحفظ. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن خراش: في حديثه نكرة. وقال العقيلي: لم يكن فيه إلا سوء الحفظ. وقال الدارقطني: في حفظه شيء. أخرج له الشيخان مقرونًا بغيره. وقال أبو عوانة في صحيحه: لم يُخرّج له مسلم سوى حديث أبي بن كعب في ليلة القدر. وقال أبو بكر البزار: لم يكن بالحافظ، ولا نعلم أحدًا ترك حديثه على ذلك، وهو مشهور.

وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي. كان عثمانيًا. وقال ابن شاهين في الثقات: قال ابن معين: ثقة لا بأس به، من نظراء الأعمش. وقال الآجري: سألت أبا داود عن عاصم وعمرو بن مرة فقال: عمرو فوقه". اهـ

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني ابن خلاد قال: حدثني يحيى قال: سمعت شعبة =

ص: 175

‌71 - عباد بن منصور

قال العقيلي: حدثنا محمد بن أيوب، قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة، عن عباد بن منصور.

قال شعبة: قبل أن ينكر.

= يقول: حدثنا عاصم بن أبي النجود وفي النفس ما فيها.

وقال المروذي: قال أحمد: عاصم بن أبي النجود ليس به بأس، وكأنه ليّنه.

وقال ابن رجب: قال حنبل بن إسحاق: ثنا مسدد، ثنا أبو زيد الواسطي، عن حماد بن سلمة قال: كان عاصم يحدثنا بالحديث الغداة عن زر، وبالعشي عن أبي وائل.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال لي زهير بن حرب وذكر عاصم بن أبي النجود فقال: مضطرب أعرِضْ.

وروى النسائي حديثا في إسناده عاصم بن بهدلة، ثم قال: هذا الإسناد أيضًا ليس بذاك القوى، لأن أبا بكر بن عياش وعاصمًا ليسا بحافظين.

وقال ابن حبان: خالف نعيم بن أبي هند عاصم بن أبي النجود في متن هذا الحديث، فجعل عاصم أبا بكر مأمومًا، وجعل نعيم بن أبي هند أبا بكر أمامًا، وهما ثقتان حافظان متقنان. ("العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله:[3/ 227، 26]، و"رواية المروذي وغيره":[ص 70]، والسنن الكبرى للنسائي [3/ 32] [ح 2281] ط .. مؤسسة الرسالة. و"شرح علل الترمذي":[2/ 788]، و"صحيح ابن حبان":[5/ 2119]).

وأبو زيد الواسطي الذى في الإسناد الذى أورده ابن رجب لعله جبلة بن سليمان الواسطي الذى يروي عن عوف، ترجم له الذهبي في "المقتنى":[1/ 293]، وقال المحقق: لم أقف له على ترجمة.

قلت: ولا يصح وصف عاصم بن بهدلة عندي بالاختلاط، فإن عبد الباقي بن قانع متكلم فيه كما في ترجمته من هذا الكتاب، ولا ندري حال الذين بينه وبين حماد بن سلمة.

وأما ما ذكره ابن رجب عن حماد بن سلمة فإن صح عنه فيُحمل على سوء حفظ عاصم بن بهدلة، وليس فيه دليلًا أن عاصم كان منه ذلك في آخر عمره. والله أعلم.

ص: 176

وروى النسائي حديثًا في إسناده عاصم بن بهدلة، ثم قال: هذا الإسناد أيضًا ليس بذاك القوى، لأن أبا بكر بن عياش وعاصمًا ليسا بحافظين. حدثنا حسين بن عبد الله الذراع، قال: سمعت أبا داود قال: عباد بن منصور ولى قضاء البصرة خمس مرات وليس هو بذاك، وعنده أحاديث فيها نكارة، وقالوا تغير

(1)

.

قال الآجري: سُئل أبو داود عن عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، الأحاديث، فقال: كان عباد بن منصور قد تغير

(2)

.

قال الجوزجاني: عباد بن منصور كان يرى برأيهم -يعنى رأي البصريين- وكان سيء الحفظ فيما سمعه وتغير أخيرًا

(3)

.

قال النسائي: عباد بن منصور ليس بحجة في الحديث، وقيل: إن ريحان بن سعيد ليس بقديم السماع منه

(4)

.

(1)

"الضعفاء الكبير": [3/ 135 - 137].

ومحمد بن أيوب هو محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس. قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"[7/ 198]: روى عن أبي الوليد الطيالسي، كتبنا عنه وكان ثقة صدوقًا.

(2)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 137 - 138].

(3)

"أحوال الرجال": [ص 112].

(4)

"السنن الكبرى": [2/ 218][ح 3141].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال علي بن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: عباد بن منصور كان قد تغير؟ قال: لا أدري إلا أنا حين رأيناه كان لا يحفظ، ولم أر يحيى يرضاه. وقال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد: قال جدي: عباد ثقة لا ينبغي أن يُترك حديثه لرأي أخطأ فيه -يعني القدر. وقال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء، وكان يرمى بالقدر. وقال أبو زرعة: لين. وقال أبو حاتم: كان ضعيف الحديث، يُكتب حديثه، ونرى أنه أخذ هذه الأحاديث =

ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، عن عكرمة. وقال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد: قلت لعباد بن منصور: سمعت حديث "ما مررت بملأ من الملائكة"، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكحل ثلاثًا -يعني من عكرمة، فقال: حدثهن ابن أبي يحيى، عن داود، عن عكرمة. وقال الآجري: سألت أبا داود عن عمرو الأغضف، فقال: قاضي الأهواز ثقة، قال لعباد بن منصور: من حدثك أن ابن مسعود رجع عن قوله: "الشقي من شقى في بطن أمه".

قال: شيخ لا أدري من هو، فقال عمرو: أنا أدري من هو، قال: من هو؟ قال: الشيطان. وقال النسائي: ليس بحجة. وقال في موضع آخر: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: من جملة من يكتب حديثه. وقال ابن حبان: كان قدريًا داعية إلى القدر، وكلما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن الحصين عنه، فدلسها عن عكرمة. وقال الدوري عن ابن معين: حديثه ليس بالقوي، ولكن يُكتب. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال مهنأ عن أحمد: كانت أحاديثه منكرة، وكان قدريًا، وكان يدلس. وقال ابن أبي شيبة: روى عن أيوب وعكرمة، وكان يُنسب إلى القدر، وروى أحاديث مناكير. وقال البزار: روى عن عكرمة أحاديث ولم يسمع منه. وقال العجلي: لا بأس به، يُكتب حديثه. وقال مرة: جائز الحديث. وقال ابن سعد: هو ضعيف عندهم، وله أحاديث منكرة". اهـ

وقال البخاري: عباد بن منصور صدوق.

وقال أيضًا: عبّاد بن إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود، عن عكرمة، وربما دلسها فجعلها عن عكرمة.

وقال أبو حاتم: يُقال أن عباد بن منصور أخذ جزءًا من إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، فما كان من المناكير فهو من ذاك.

وقال الآجري. سُئل أبو داود: سمع عباد بن منصور من عكرمة؟ قال: شيئًا، والبقية لم يسمعها.

وقال ابن محرز: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة وذكر عباد بن منصور فقال: هذا رجل ليس بالقوي في الحديث.

("علل الترمذي الكبير": [ص 288]، و"التاريخ الكبير": [6/ 40]، و"علل ابن أبي حاتم": [2/ 260]، و"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 138]، و"سؤالات ابن محرز" لابن معين وغيره: [2/ 220]).

ص: 178

‌72 - عبد الله بن إبراهيم بن محمد القزويني الحلبي الحنفي

قال برهان الدين ابن العجمي: عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن أبي القسم بن محمد بن أبي بكر عمر القزويني المحتد الحلبي، أبو أحمد الحنفي، المنعوت بالجمال، المعروف بابن الهجيني ذكره الحافظ تقي الدين ابن رافع في معجمه، وأنه سمع وحدّث. سمع منه ابن شامة وغيره .... إلى أن قال:"طعن عليه شيخنا أبو محمد الحلبي من جهة الشهادة، لكن سماعه صحيح، واختلط في آخر عمره". ثم ذكر وفاته سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بالقاهرة، ودُفن بمقبرة باب النصر

(1)

.

‌73 - عبد الله بن جعفر بن غيلان

قال ابن حجر: قال النسائي. عبد الله بن جعفر بن غيلان ليس به بأس قبل أن يتغير. وقال هلال بن العلاء: ذهب بصره سنة 16، وتغير سنة 18، ومات سنة 220. وكذا أرخ وفاته أبو داود وغيره

(2)

.

قال ابن حبان: عبد الله بن جعفر بن غيلان مات يوم الأحد لسبع بقين من شعبان سنة عشرين ومائتين بالرقة، وكان قد اختلط سنة ثماني عشرة، وبقي في اختلاطه إلى أن مات، ولم يكن اختلاطه اختلاطًا فاحشًا حتى كان لا يدري ما يخرج منه، وكان قد عمى، ربما خالف

(3)

.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 185].

(2)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة عبد الله بن جعفر بن غيلان].

(3)

"الثقات": [8/ 351]. وفي "التهذيب": "قال أبو حاتم: ثقة، وهو أحب إليّ =

ص: 179

‌74 - عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني

قال ابن حجر: قال الساجي: قال ابن معين: عبد الله بن جعفر بن نجيح كان من أهل الحديث، ولكنه بلي في آخر عمره

(1)

.

= من على بن معبد الذي كان بمصر. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ثقة. ووثقه العجلي".

(1)

"تهذيب التهذيب".

وفي القلب من هذا النقل شيء. ولم يصف أحد من العلماء عبد الله بن جعفر بن نجيح بالاختلاط. وقال الشيخ المعلمي في "التنكيل"[2/ 116]: "الساجي لم يدرك ابن معين". وفي "تهذيب التهذيب": "قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان وكيع اذا أتى على حديثه قال: جز عليه. وقال في موضع آخر عن أبيه: كنا نختلف الى بهز أنا وابن معين وعلي بن المديني، وكان الذى ينتقي لنا علي، فأخرج يومًا كراسة فيها من حديث عبد الله بن جعفر، فقال يحيى: يا أبا الحسن تجاوزها فوضعها من يده. قال أحمد: فلحقني من ذلك حشمة، فلما خرجنا قلت: يا أبا زكريا: أين الرجل وما كان يضرنا أن نكتب منها خمسة أحاديث أو ستة؟ فقال: ما كنت أكتب من حديثه شيء بعد أن تبينت أمره. وقال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: سُئل يزيد بن هارون عنه فقال: لا تسألوا عن أشياء. وقال عمرو ابن علي: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدًا، يُحدّث عن الثقات بالمناكير، يُكتب حديثه ولا يُحتج به، وكان علي لا يُحدثنا عن أبيه، فكان قوم يقولون: علي يعق أباه، فلما كان بآخره حدّث عنه. وقال الجوزجاني: واهي الحديث، كان فيما يقولون: مائلًا عن الطريق. وقال عبدان الأهوازي: سمعت أصحابنا يقولون: حدّث علي عن أبيه، ثم قال: وفي حديث الشيخ ما فيه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال مرة: ليس بثقة. وقال ابن عدي: وعامة حديثه لا يتابعه أحد عليه، وهو مع ضعفه يُكتب حديثه. وقال أحمد بن المقدام: حدثنا عبد الله بن جعفر، وكان خيرًا من أبيه إن شاء الله تعالى. وحكى ابن البرقي في باب من نسب إلى الضعف قال: قال سعيد بن منصور: قدم عبد الله بن جعفر البصري، وكان حافظًا قلما رأيت من أهل المعرفة أحفظ منه، وكان ابن مهدي يتكلم فيه، وكان يقول: لو صح لنا عبد الله لم نحتج إلى حديث مالك. وقال الحاكم: حدثونا عن قتيبة قال: دخلت بغداد واجتمع =

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الناس وفيهم أحمد وعلي، فقلت: حدثنا عبد الله بن جعفر، فقام حدث من المجلس فقال: يا أبا رجاء: ابنه عليه ساخط، حتى يرضى عليه، وقال سليمان بن أيوب صاحب البصري: كنت عند ابن مهدي وعلي يسأله عن الشيوخ، فكلما مرَّ على شيخ لا يرضاه عبد الرحمن قال بيده: فخط على رأس الشيخ، حتى مرَّ على أبيه فقال بيده فخط على رأسه، فلما قمنا لُمته فقال: ما أصنع بعبد الرحمن. وروى غنجار في "تاريخ بخارى" عن صالح بن محمد قال: سمعت علي بن المديني يقول: أبي صدوق وهو أحب إليَّ من الدراوردي.

وقال الترمذي: ضعفه يحيى بن معين وغيره. وقال العقيلي: ضعيف. وقال أبو أحمد الحاكم: في حديثه بعض المناكير. وقال ابن حبان: كان ممن يهم في الأخبار حتى يأتي بها مقلوبة، ويخطئ في الآثار كأنها معمولة، وقد سُئل علي عن أبيه فقال: سلوا غيري، فأعادوا، فطرق ثم رفع رأسه فقال: هو الدين. قال ابن حبان: وقد كتبنا نسخته، وأكثرها لا أصول لها يطول ذكرها". اهـ

وقال العقيلي: حدثني الهيثم بن خلف الدوري، قال: حدثنا عمرو بن علي قال: سمعت أبا داود يقول: قدم علينا عبد الله بن جعفر فأتيته أنا وعبد الصمد بن عبد الوارث، فقلنا: سمعت من ضمرة بن سعيد شيئًا؟ فقال: لا، فقلنا له: سمعت من العلاء بن عبد الرحمن؟ فحدثنا بأحاديث قليلة، وعن عبد الله بن دينار بأحاديث، ثم خرج فعاد إلينا فقال: حدثنا ضمرة بن سعيد، وحدّث عن العلاء بأكثر من مائة حديث، وعبد الله بن دينار.

قال أبو حفص: فأتيت عبد الصمد فقال لي كما قال أبو داود.

وقال ابن خزيمة: عبد الله بن جعفر في القلب منه رحمه الله.

وقال الدارقطني: عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني والد علي كثير المناكير.

وقال الحاكم: عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني روى عن عبد الله بن دينار وسهيل بن أبي صالح أحاديث موضوعة، تُكلم فيه.

("الضعفاء الكبير": [2/ 239]، و"الجرح والتعديل": [5/ 23]، و"صحيح ابن خزيمة": [3/ 96] [ح 1692]، و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني: [ص 162]، و"المدخل الى الصحيح" للحاكم: [1/ 194]).

ص: 181

‌75 - عبد الله بن رجاء المكي أبو عمران البصري

قال العقيلي: حدثني الخضر بن داود، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن هانئ قال: قلت لأبي عبد الله: تحفظ عن عبد الله بن رجاء، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحلال بيّن والحرام بيّن" فقال: هذا حديث منكر، ما أرى هذا بشيء، وقال لي أبو عبد الله: إن ابن رجاء هذا زعم أن كُتُبَهُ كانت ذهبت، فجعل يكتب من حفظه، ولعله توهم هذا، وقد روى آخر عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه دُعى إلى جنازة فتيمم، وإنما هذا حديث إسماعيل بن مسلم، عن عبيد الله

(1)

.

(1)

"الضعفاء الكبير": [3/ 252].

وقال الذهبي في "الميزان": [2/ 421]: [صح] عبد الله بن رجاء [م، س، ت] المكي عن جعفر بن محمد وعبيد الله بن عمر وجماعة، وكان صدوقًا محدثًا.

قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم وأبو زرعة: صدوق. وقال الأزدي: عنده مناكير ذات عدد.

وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث بصريًا، انتقل إلى مكة، فنزلها إلى أن مات بها. اهـ وتقدم معنى [صح] عند الذهبي في ترجمة أحمد بن جعفر بن حمدان.

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الأثرم: سُئل أحمد عن عبد الله بن رجاء فحسّن أمره. وقال النسائي: عبد الله بن رجاء المكي والبصري ليس بهما بأس. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن أبي خيثمة: ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي، ثنا عبد الله بن رجاء المكي الحافظ المأمون. وقال الساجى: عنده مناكير، اختلف أحمد ويحيى فيه، قال أحمد: زعموا أن كتبه ذهبت فكان يكتب من حفظه، وعنده مناكير، وما سمعت منه إلا حديثين، وحكى نحوه العقيلي عن أحمد". اهـ

وقال الميموني: أكبر ظني أن أبا عبد الله ذكر عبد الله بن رجاء فوثقه وفضله، قلت: فما قصته؟

قال: كان ثم غلط ووهم، وقد حدّث يومًا بحديث، فقيل له: غلطت فيه، فقال: الله المستعان على غلطنا في غيره، أيضًا أو قد غلطنا. =

ص: 182

قال ابن حجر في "تقريب التهذيب": عبد الله بن رجاء المكي، أبو عمران البصري، نزيل مكة، ثقة تغير حفظه قليلًا.

‌76 - عبد الله بن سلمة

قال أبو حاتم: نا يونس بن حبيب، نا أبو داود، نا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: كان يجلس إلى عبد الله بن سلمة وقد كبر فيحدثنا فنعرف وننكر

(1)

.

قال يعقوب بن سفيان: قال على: قال شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة. قال عمرو: وكنت إذا رأيت عبد الله بن سلمة تعرف وتنكر، ويقول شعبة: لألقينه من عنقي وألقيه في أعناقكم

(2)

.

قال العجلي: لم يكن أحد أروى عن عبد الله بن سلمة من عمرو بن مرة، وعبد الله بن سلمة يُكنى أبا العالية، سمع منه بعد ما كبر

(3)

.

= قال لي أبو عبد الله: فإن كان الشيخ يقر بهذا تعلم أنه سليم، وربما خرج الشيء من الإنسان فيشهد له القلب بالصدق.

("العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 198]).

وقال يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ": [3/ 52]: عبد الله بن رجاء المكي المزني ثقة، سمعت صدقه يُحسن الثناء عليه ويوثقه.

(1)

"الجرح والتعديل": [5/ 73]، و"التاريخ الكبير":[5/ 99].

(2)

"المعرفة والتاريخ": [2/ 152]، وانظر "المنتقى" لابن الجارود:[ح 94].

(3)

"الثقات": [ص 370].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال العجلي: كوفي تابعي ثقة. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة يُعد من الطبقة الأولى من فقهاء الكوفة بعد الصحابة. وقال البخاري: لا يُتابع في حديثه. وقال =

ص: 183

‌77 - عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر الليثي المدني

قال ابن أبي حاتم: نا أبي، عن إبراهيم بن المنذر، عن أبي ضمرة، أن عبد الله بن عبد العزيز كان قد خلط

(1)

.

قال ابن حجر: قال الساجي: يُقال إن عبد الله بن عبد العزيز الليثي خلط

(2)

.

قال ابن حبان: عبد الله بن عبد العزيز الليثى كان ممن اختلط بآخره حتى كان يقلب الأسانيد وهو لا يعلم، ويرفع المراسيل من حيث لا يفهم، فاستحق الترك، وربما أدخل بينه وبين الزهري محمد بن عبد العزيز

(3)

.

= أبو حاتم: يعرف وينكر. وقال ابن عدي: لا بأس به. وقال الحاكم أبو أحمد: عبد الله بن سلمة مرادي يروي عن سعد، وعلي، وابن مسعود، وصفوان بن عسال، وعنه عمرو بن مرة، وأبو الزبير، حديثه ليس بالقائم. وعبد الله بن سلمة الهمداني إنما يعرف له قوله فقط، ولا نعرف له راويًا غير أبي إسحاق السبيعي، ثم قال ما معناه أن الغلط إنما وقع عند من جعلهما واحدًا بكنية من كنى المرادي أبا العالية -يعنى من المتأخرين- وإنما هي كنية الهمداني، قال: ولا أعلم أحدًا كنى المرادي، قال: وقد وقع الخطأ فيه لمسلم وغيره والله أعلم".

(1)

"الجرح والتعديل": [5/ 103]، و"التاريخ الكبير":[5/ 140].

(2)

"تهذيب التهذيب".

(3)

"المجروحين": [2/ 8].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو زرعة: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف الحديث، لا يشتغل به، ليس في وزن من يشتغل بخطأه، عامة حديثه خطأ، لا أعلم له حديثًا مستقيمًا، يُكتب حديثه. وقال إبراهيم الجوزجاني: يروى عن الزهري مناكير، بعيد عن أوعية الصدق. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وقال في موضع آخر: ليس بثقة. وقال محمد بن يحيى: في حديثه عن الزهري نكارة، وسألت =

ص: 184

‌78 - عبد الله بن لهيعة

قال العلائي: قال عمرو بن علي الفلاس: من كتب عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه كابن المبارك، والمقري -فهو أصح، يعني ممن كتب بعد ذلك، لأنه تخبط في الرواية بعد ذلك.

وذكر عثمان بن صالح السهمي أن جميع كتبه لم تحترق، ولكن بعض ما كان يقرأ منه احترق، قال: وأنا أخبر الناس بأمره، أقبلت أنا وعثمان بن عتيق بعد الجمعة فوافيناه أمامنا على حمار، فأفلج وسقط، فبادر ابن عتيق إليه فأجلسه، وصرنا به إلى منزله، وكان ذلك سبب علته.

وقال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل، وسُئل عن ابن لهيعة فقال: من كتب عنه قديمًا فسماعه صحيح.

وقال الدارقطني: يعتبر بما روى عنه العبادلة: ابن المبارك، والمقري، وابن وهب، والقعنبي

(1)

.

وقال خالد بن خداش: رآنى ابن وهب لا أكتب حديث ابن لهيعة فقال: إني لست كغيري في ابن لهيعة فاكتبها

(2)

.

= سعيد بن منصور عنه فقال: كان مالك يرضاه، وكان ثقة. وقال ابن عدي: خاصة حديثه عن الزهري مناكير. وقال الحاكم أبو أحمد: حديثه ليس بالقائم. وقال أبو إسحاق الحربي: غيره أوثق منه".

(1)

في "الضعفاء والمتروكين" للدارقطني [ص 164]: ابن المبارك، والمقري، وابن وهب، وليس فيهم القعنبي.

(2)

كتاب "المختلطين": [ص 65 - 67]. وقد تقدم قول العلائي في ابن لهيعة في ترجمة =

ص: 185

‌79 - عبد الله بن محمد بن سليمان النشاروي المكي

قال برهان الدين الحلبي: عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان النشاروي المكي سمعت عليه بالقاهرة، حين قدمها بعض الثقفيات وقرأت بعضها فكمل لى الجميع بسماع شيخنا لها على الشيخ رضى الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الطبري بسماعه لها من ابن الجميزي، وسمعت عليه غير ذلك، أخبرني بعض محدثي مكة وهو تاج الدين محمد بن الشيخ موسى المراكشي المكي أنه توفي سنة تسعين وسبعمائة، وأنه اختلط قبل موته بسنتين اختلاطًا خفيفًا، وأنه دفن بالمعلى من مكة شرفها الله تعالى ورحمه

(1)

.

= إبراهيم بن العباس السامري.

ولمزيد بيان في حال ابن لهيعة انظر: "تهذيب التهذيب"، وكتابي "التذييل على كتاب تهذيب التهذيب".

وقد قام الشيخ أحمد بن معبد حفظه الله في تعليقه على كتاب "النفح الشذي في شرح جامع الترمذي"، والشيخ طارق بن عوض الله حفظه الله في كتابه "النقد البناء في تخريج حديث أسماء في كشف الوجه والكفين للنساء" ببحثين نفيسين في حال عبد الله بن لهيعة، فارجع إليهما.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 198].

وقال المحقق: ترجمه الحافظ بن حجر في "أنباء الغمر": [6/ 300] وقال: "ولد سنة خمس وسبعمائة، وقيل: قبل ذلك، وسمع من الرضى الطبري، وأجاز له أخوه الصفى، وحدث بالكثير

". ونص ابن حجر على أنه حضر إلى القاهرة في أواخر عمره، وحدّث ثم رجع إلى مكة وتغير قليلًا، توفي في ذي الحجة سنة 790 هـ. كما له ترجمة أيضًا في "الدرر الكامنة": [2/ 300] ترجمة ممتعة. اهـ

ص: 186

‌80 - عبد الله بن محمد بن عقيل

قال المزي: قال يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني: قال سفيان بن عيينة: رأيت ابن عقيل يحدث نفسه، فحملته على أنه قد تغير

(1)

.

قال ابن حجر: قال مسعود السجزى عن الحاكم: عبد الله بن محمد بن عقيل عَمّر فساء حفظه فحدث عن التخمين.

وقال في موضع آخر: مستقيم الحديث

(2)

.

(1)

"تهذيب الكمال": [16/ 80 - 81].

(2)

"تهذيب التهذيب".

وفيه أيضًا: "قال ابن سعد: عبد الله بن محمد بن عقيل كان منكر الحديث، لا يحتجون بحديثه وكان كثير العلم. وقال بشر بن عمر: كان مالك لا يروي عنه. وقال علي بن المديني: كان يحيى بن سعيد لا يروي عنه. وقال يعقوب بن شيبة عن ابن المديني: لم يُدخله مالك في كتبه. قال يعقوب: وابن عقيل صدوق، وفي حديثه ضعف شديد جدًا، وكان ابن عيينة يقول: أربعة من قريش يُترك حديثهم فذكره فيهم. وقال عمرو بن علي: سمعت يحيى وعبد الرحمن يُحدثان عنه والناس يختلفون عليه، وقال أبو معمر القطيعي: كان ابن عيينة لا يحمد حفظه. وقال الحميدي عن ابن عيينة: كان في حفظه شيء فكرهت أن ألقاه. وقال يحيى بن سعيد في عاصم ابن عبيد الله: هو عندى نحو ابن عقيل. وقال حنبل عن أحمد: منكر الحديث. وقال الدوري عن ابن معين: ابن عقيل لا يُحتج بحديثه. وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف الحديث وقال مسلم: قلت لابن معين: ابن عقيل أحب إليك أو عاصم بن عبيد الله؟ قال: ما أحب واحدًا منهما. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس بذاك. وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن ابن المديني: كان ضعيفًا. وقال العجلي: مدني تابعي جائز الحديث. وقال الجوزجاني: الوقف عنه، عامة ما يرويه غريب. وقال أبو زرعة: مختلف عنه في الأسانيد. وقال أبو حاتم: لين الحديث، ليس بالقوي ولا ممن يُحتج بحديثه، وهو أحب إليّ من تمام بن نجيح، يُكتب حديثه. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه. وقال أبو أحمد الحاكم: =

ص: 187

وقال ابن حجر أيضًا في "تقريب التهذيب": عبد الله بن محمد بن

= كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه يحتجان بحديثه، وليس بذاك المتين المعتمد. وقال الترمذي: صدوق وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل، قال محمد بن إسماعيل: وهو مقارب الحديث.

وقال ابن عدي: روى عنه جماعة من المعروفين الثقات، وهو خير من ابن سمعان، ويكتب حديثه. وقال العقيلي: كان فاضلًا خيرًا موصوف بالعبادة، وكان في حفظه شيء. وقال ابن خراش: تكلم الناس فيه.

وقال الساجي: كان من أهل الصدق، ولم يكن بمتقن الحديث. وقال الخطيب: كان سيء الحفظ. وقال ابن حبان: كان ردئ الحفظ يحدث على التوهم فيجيء بالخبر على غير سننه، فوجب مجانبة أخباره. وقال ابن عبد البر: هو أوثق من كل من تكلم فيه، انتهى، وهذا إفراط". اهـ

وقال أبو داود عن أحمد بن حنبل: على بن زيد، وجعفر بن محمد، وعاصم بن عبيد الله، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ما أقربهم إلى السواء ننقاد بهم.

وقال أبو داود أيضًا: قيل لأحمد: حسين بن عبد الله صاحب عكرمة منكر الحديث؟ ففال برأسه، أي نعم فقيل: هو أحب إليك أو عاصم بن عبيد الله؟ قال: ما أقربهما، وعبد الله بن محمد بن عقيل.

وقال أيضًا: سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء.

وقال عبد الله بن أحمد: سُئل أبي عن عاصم بن عبيد الله وعبد الله بن محمد بن عقيل، فقال: ما أقربهما، وكان ابن عيينة يقول: كان الأشياخ يتقون حديث عاصم بن عبيد الله.

وقال المزي: قال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد بن حنبل -وذكر عاصمًا- فقال: حديثه وحديث ابن عقيل إلى الضعف ما هو.

وقال ابن أبي حاتم: قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: عبد الله ابن محمد بن عقيل ضعيف في كل أمره.

وقال العقيلي: حدثنا أحمد بن إبراهيم البسري، قال: حدثنا سعيد بن نصير، قال: قلت ليحيى بن معين: إن ابن عيينة كان يقول: أربعة من قريش يمسك عن حديثهم، =

ص: 188

عقيل صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بآخره.

‌81 - عبد الله بن مطر أبو ريحانة

قال ابن حجر: قال مسلم في "صحيحه": حدثنا علي بن حجر،

= قلت: من هم؟ قال: فلان، وعلي بن زيد، وفي يد بن أبي زياد، وعبد الله بن محمد ابن عقيل، وهو الرابع، فقال يحيى: نعم، قلت: فأيهم أحب إليك؟ قال: فلان، ثم علي بن زيد، ثم يزيد بن أبي زياد، ثم ابن عقيل.

وقال الحافظ في "التقريب": أحمد بن إبراهيم البسري صدوق.

وقال الآجري: قلت لأبي داود: إيما أحب إليك: علي بن زيد أو ابن عقيل؟ فقال: علي بن زيد.

وقال الدارقطني: عبد الله بن محمد بن عقيل ليس بالقوي.

("سؤالات أبي داود "للإمام أحمد: [ص 206 - 361]، و"سنن أبي داود": [1/ 146] [ح 287]، و"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [2/ 210]، و"تهذيب الكمال": [13/ 503] [ترجمة عاصم بن عبيد الله]، و"الجرح والتعديل": [5/ 154] و"الضعفاء الكبير": [2/ 298]، و"سؤالات أبي عببد الآجري" لأبي داود: [2/ 83] و"سنن الدارقطني": [1/ 83]، و"علل الدارقطني": [1/ 174]).

قلت: والراجح عندي في عبد الله بن محمد بن عقيل أنه ضعيف سواء كان في أول أمره أو آخر أمره. ولم يصف أحدًا من المتقدمين ابن عقيل بالاختلاط إلا ابن عيينة. ولعل ابن عقيل حدّث نفسه لأنه أصابه أمرًا من أمور الدنيا فجعله يُحدّث نفسه، ولعل ابن عيينة رأى ابن عقيل يُحدّث نفسه هذه المرة فقط.

وأما الحاكم فلعله كان يُحسن الظن به، فلما رأى مناكير في رواياته حملها على أنه حدّث بها في آخر عمره لمّا ساء حفظه.

والراجح أن ابن عقيل كان في حديثه مناكير سواء كان ذلك في أول أمره أو آخر أمره على حد سواء.

فعبد الله بن محمد بن عقيل ضعيف ولم يختلط في آخر عمره.

ص: 189

ثنا ابن علية، أخبرني أبو ريحانة وكأنه قد كبر، وما كنت أثق بحديثه.

وذكر ابن خلفون في "الثقات" أنه تغير، وأن من سمع منه قديمًا فحديثه صالح

(1)

.

‌82 - عبد الله بن واقد أبو قتادة الحراني

قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: كان يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن أبا قتادة الحراني كان يكذب، فعظم ذلك عنده جدًا، قال: هؤلاء -يعني أهل حران- يحملون عليه، كان أبو قتادة يتحرى الصدق، لربما رأيته يشك في الشئ، وأثنى عليه وذكره بخير.

قلت له: إنهم زعموا -أعني يعقوب وغيره- أنه دفع إليهم كتاب مسعر لأبي نعيم أو غيره فقرأ عليهم حتى بلغ موضعًا في الكتاب فيه شك أبو نعيم أو غير أبي نعيم فرمى بالكتاب، قال: لقد رأيته وهو يشبه أصحاب

(1)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة عبد الله بن مطر].

وفيه أيضًا: "قال ابن معين: صالح، وقال مرة: ليس به بأس. وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرة: لا بأس به. وقال ابن عدي: لا أعرف له حديثًا منكرًا فأذكره. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أخطأ". اهـ

وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: أبو ريحانة من روى عنه غير شعبة؟ قال: مؤمل وشعبة وعلي بن عاصم، عن عبد الله بن مطر أبي ريحانة. قلت: روى عنه غير هؤلاء؟ قال: نعم، هو معروف. قلت: كيف حديثه؟ قال: ما أعلم إلا خيرًا.

وقال ابن المديني: أبو ريحانة الذى يروي عن سفينة صالح وسط ليس به بأس.

("العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 136]، و"سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة" لابن المديني: [ص 76]).

ص: 190

الحديث أو يشبه الناس وأنكر هذا ودفعه.

قال: لعله كبر واختلط الشيخ، وقت ما رأيناه كان يشبه الناس، ما علمته كان يتحرى الصدق، ثم قال: خرج أبو قتادة إلى الأوزاعي فلما صار في بعض الطريق لقيه قوم قد رجعوا من عند الأوزاعى فقال لهم أبو قتادة: أسماع أم عرض؟ فقالوا له: لتعلمن -أظن مسكينًا أو غيره الذى قال لأبي قتادة هذا. قال أبي: كان إذا حدثنا يقول في رجل قال لرجل حتى ذكر الزاي من شدة ورعه، يقول حين ذكر الزاي. وقال أبي: أظن أبا قتادة كان يدلس والله أعلم

(1)

.

وقال عبد الله بن أحمد أيضًا: سمعت أبي وذكر أبا قتادة الحراني فقال: ما كان به بأس، رجل صالح يشبه أهل النسك والخير، إلا أنه كان ربما أخطأ، قيل له: إن قومًا يتكلمون فيه، قال: لم يكن به بأس.

قلت: إنهم يقولون إنه لم يكن يفصل بين سفيان ويحيى بن أبي أنيسة؟ فقال: باطل، كان ذكيًا.

قال أبي: ما كان في أبي قتادة شيء أكرهه، إلا أنه كان يلبس الثوب فلا يغسله حتى يتقطع

(2)

.

(1)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [2/ 54 - 55].

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [1/ 206، 207]. وقد تصحف قول أحمد في "التهذيب".

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الميموني عن أحمد: ثقة إلا أنه كان ربما أخطأ، وكان من أهل الخير يشبه النساك، وكان له ذكاء. وقال عبد الله بن أحمد عن يحيى بن معين: ليس بشئ. =

ص: 191

‌83 - عبد الله بن يوسف بن نامي

قال ابن حجر: عبد الله بن يوسف بن نامي المحدث الشهير أكثر عنه أبو محمد بن حزم. قال أبو جعفر بن صابر القيسى في "تاريخه": اختلط أخيرًا، توفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وكان صالحًا خيرًا مجودًا للقرآن خاشعًا وراكعًا بكاءًا. روى عن عباس بن أصبغ، ومحمد بن خليفة، وخلف بن القاسم، وغيرهم. وكان مولده سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة

(1)

.

= وقال الدوري عن ابن معين: ثقة. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه، فقلت: ضعيف الحديث؟ قال: نعم، لا يحدث عنه. قال: وسألت أبي عنه فقال: تكلموا فيه، منكر الحديث، وذهب حديثه. وقال البخاري: تركوه، منكر الحديث. وقال في موضع آخر: سكتوا عنه. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الجوزجاني: متروك الحديث. وقال ابن سعد: كان لأبي قتادة فضل وعبادة، ولم يكن في الحديث بذاك. وقال البزار: لم يكن بالحافظ، وكان عفيفًا متفقهًا بقول أبي حنيفة، وكان يغلط ولا يرجع إلى الصواب. وقال ابن حبان: كان من عباد الجزيرة فغفل عن الإتقان، وحدث على التوهم، فوقع المناكير في حديثه، فلا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال صالح جزرة: ضعيف مهين. وقال الجريري: غيره أوثق منه. وهذه العبارة يقولها الجريري في الذي يكون شديد الضعف. وقال أبو عروبة: كان يتكل على حفظه فيغلط. وقال ابن عدي: ليس هو عندي ممن يتعمد الكذب، إنما يخطئ. وقال أبو داود: أهل حران يضعفونه، وأحمد يحدثنا عنه وقال: إنما كان يؤتى من لسانه. وقال الحاكم أبو أحمد: حديثه ليس بالقائم. وقال أبو نعيم الأصبهاني: روى عن هشام وابن جريج منكرات". اهـ

وقال ابن معين: أبو قتادة الحراني ليس به بأس، إلا أنه كان يغلط في الحديث.

وفي رواية: لم يكن يكذب، ولكنه كان يخطئ.

("تاريخ الدوري": [4/ 383]، و"سؤالات ابن محرز" لابن معين: [1/ 67]).

(1)

"لسان الميزان": [4/ 376].

ص: 192

‌84 - عبد الباقي بن قانع صاحب معجم الصحابة

قال الخطيب البغدادي: سألت البرقاني عن عبد الباقي بن قانع فقال: في حديثه نكرة. وسُئل -وأنا أسمع- عنه فقال: أما البغداديون فيوثقونه، وهو عندنا ضعيف.

قلت: لا أدري لأي شيء ضعفه البرقاني، وقد كان عبد الباقي من أهل العلم والدراية والفهم، ورأيت عامة شيوخنا يوثقونه، وقد كان تغير في آخر عمره.

حدثني الأزهري عن أبي الحسن بن الفرات قال: كان عبد الباقي بن قانع حدث به اختلاط قبل أن يموت بمدة نحو سنتين، فتركنا السماع منه، وسمع منه قوم في اختلاطه.

حدثنى على بن محمد بن نصر الدينوري قال: سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول: سألت أبا بكر بن عبدان عن عبد الباقي بن قانع فقال: لا يدخل في الصحيح.

قال حمزة: وسأل أبو سعد الإسماعيلي أبا الحسن الدارقطني عن أبي الحسين ابن قانع فقال: كان يحفظ ويعلم، ولكنه كان يخطئ ويصر على الخطأ

(1)

.

قال السلمي: سألت الدارقطني عن عبد الباقى بن قانع، فقال: يعتمد حفظه، ويخطئ خطأ كثيرًا، ولا يرجع عنه

(2)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [11/ 89].

(2)

"سؤالات السلمي" للدارقطني ص 98.

ص: 193

قال ابن القطان الفاسي: ومن ذلك أنه ذكر في الصيام حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يصبح جنبًا ولم يجمع الصوم، ثم يبدو له فيصوم" وأعله بعلته، فكان منها أن قال في عبد الباقى بن قانع: إنه اختلط قبل موته بسنة.

ثم لم يلبث أن ساق من عند الدارقطني في قضاء الصوم حديث: "إن شاء فعل، وإن شاء تابع" ولم يبين أنه من رواية عبد الباقى بن قانع المذكور

(1)

.

قال ابن حجر: قال ابن حزم: اختلط ابن قانع قبل موته بسنة، وهو منكر الحديث، تركه أصحاب الحديث جملة.

قلت: ما أعلم أحدًا تركه، وإنما صح أنه اختلط فاجتنبوه.

وقال ابن حزم أيضًا: ابن سفيان في المالكيين نطر ابن قانع في الحنفيين، وجد في حديثهما الكذب البحت والبلاء المبين والوضع اللائع، فإما تغير أو إما حملًا عمن لا خير فيه من كذاب ومغفل يقبل التلقين، وإما الثالثة وهى أن تكون البلاء من قبلهما، وهى ثالثة الأثافي، نسأل الله السلامة، انتهى.

وابن سفيان هو محمد بن القاسم سيأتي. وقال ابن أبي الفوارس في "تاريخه": قيل إنه سمع منه قوم في اختلاطه، قال: وكان من أصحاب الرأي، وكان مولده سنة ست وستين ومائتين. وقال ابن فتحون في "ذيل

(1)

"بيان الوهم والإيهام": [4/ 158].

ص: 194

الإستيعاب": لم أر أحدًا ممن يُنسب إلى الحفظ أكثر أوهامًا منه، ولا أظلم أسانيد، ولا أنكر متونًا، وعلى ذلك فقد روى عنه الجلة، ووصفوه بالحفظ، منهم أبو الحسن الدارقطني فمن دونه.

قال: وكنت سألت الفقيه الحافظ أبا علي -يعني الصيرفي- في قراءة معجمه عليه، فقال لي: فيه أوهام كثيرة، فإن تفرغت إلى التنبيه عليها فافعل. قال: فخرجت ذلك وسميته "الإعلام والتعريف مما لابن قانع في معجمه من الأوهام والتصحيف"

(1)

.

‌85 - عبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي الحمصي أبو تقى

قال ابن أبي حاتم: سألت محمد بن عوف عن عبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي الحمصي، فقال: كان شيخًا ضريرًا لا يحفظ، وكنا نكتب من نسخه الذى كان عند إسحاق بن زبريق لابن سالم فنحمله إليه ونلقنه، فكان لا يحفظ الإسناد ويحفظ بعض المتن فيحدثنا، وإنما حملنا الكتاب عنه شهوة الحديث، وكان إذا حدث عنه محمد بن عوف قال: وجدت في كتاب ابن سالم ثنا به أبو تقى.

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي ذكر لي أبو تقى عبد الحميد بن إبراهيم فقال: كان في بعض قرى حمص فلم أخرج إليه، وكان ذكر أنه سمع كتب عبد الله بن سالم عن الزبيدي، إلا أنها ذهبت كتبه فقال: لا أحفظها، فأرادوا أن يعرضوا عليه فقال: لا أحفظ، فلم يزالوا به حتى لان،

(1)

"لسان الميزان": [4/ 379 - 380].

ص: 195

ثم قدمت حمص بعد ذلك بأكثر من ثلاثين سنة فإذا قوم يروون عنه هذا الكتاب وقالوا: عرض عليه كتاب ابن زبريق ولقنوه فحدثهم بهذا، وليس هذا عندي بشيء، رجلًا لا يحفظ وليس عنده كتب.

(1)

‌86 - عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان

قال المزي: قال أبو حاتم: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثقة. وقال في موضع آخر: يشوبه شيء من القدر، وتغير عقله في آخر حياته، وهو مستقيم الحديث

(2)

.

(1)

"الجرح والتعديل": [6/ 8].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم في موضع آخر: ليس ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات".

(2)

"تهذيب الكمال": [17/ 16].

والذى في "الجرح والتعديل"[5/ 219] عن أبي حاتم أنه قال: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثقة.

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الأثرم عن أحمد: أحاديثه مناكير. وقال محمد بن الوراق عن أحمد: لم يكن بالقوي في الحديث. وقال المروذي عن أحمد: كان عابد أهل الشام.

وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: صالح. وقال مرة عنه: ضعيف. وقال الدوري عن ابن معين والعجلي وأبو زرعة الرازي: لين. وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف. قلت: يُكتب حديثه؟ قال: نعم على ضعفه، وكان رجلًا صالحًا، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: لا شيء. وقال يعقوب بن شيبة: اختلف أصحابنا فيه، فأما ابن معين فكان يُضعفه، وأما علي فكان حسن الرأي فيه، وقال: ابن ثوبان رجل صدق لا بأس به، وقد حمل عنه الناس. وقال عمرو بن علي: حديث الشاميين ضعيف إلا نفرًا فاستثناه منهم. وقال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة يرمى بالقدر. وقال أبو داود: كان فيه سلامة، وليس به بأس وكان مُجاب الدعوة. وقال النسائي: ضعيف. وقال مرة: ليس بالقوي. وقال مرة: ليس بثقة. وقال صالح =

ص: 196

‌87 - عبد الرحمن بن أبي الزناد

قال ابن حجر في "تقريب التهذيب": عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق تغير حفظه لمّا قدم بغداد، وكان فقيهًا

(1)

.

= ابن محمد: شامي صدوق إلا أن مذهبه القدر، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه عن مكحول. وقال ابن خراش: في حديثه لين.

وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وكان رجلًا صالحًا، ويُكتب حديثه على ضعفه، وأبوه ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات". أخرج له البخاري في "الأدب المفرد". ووقع عنده في إسناد حديث علقمة في الجهاد فقال: ويذكر عن ابن عمر حديث: "جعل رزقي تحت ظل رمحي"، ووصله أبو داود من طريق عبد الرحمن ابن ثابت بن ثوبان، عن حسان بن عطية، عن ابن منيب الجرشي عن ابن عمر". اهـ

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"[5/ 219]: قرئ على العباس بن محمد الدوري، عن يحيى بن معين، قال: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان صالح الحديث.

سُئل أبو زرعة عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فقال: شامي لا بأس به.

(1)

في "تهذيب التهذيب": "قال سعيد بن أبي مريم عن خاله موسى بن عقبة: قدمت المدينة فأتيت مالك بن أنس فقلت له: إني قدمت إليك لأسمع العلم، واسمع ممن تأمرني به، فقال: عليك بابن أبي الزناد. وقال أبو داود عن ابن معين: أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن ابن أبي الزناد. وقال ابن محرز عن يحيى بن معين: ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشيء. وقال معاوية بن صالح وغيره عن ابن معين: ضعيف. وقال الدوري عن ابن معين: لا يحتج بحديثه، وهو دون الدراوردي. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: مضطرب الحديث. وقال محمد بن عثمان عن ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفًا. وقال عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون، ورأيت عبد الرحمن يخط على أحاديثه، وكان يقول في حديثه عن مشيختهم فلان وفلان وفلان، قال: ولقنه البغداديون عن فقهائهم. وقال صالح بن محمد: روى عن أبيه أشياء لم يروها غيره، وتكلم فيه مالك لروايته كتاب السبعة -يعنى الفقهاء، وقال: أين كنا عن هذا. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، وفي حديثه ضعف، سمعت علي بن المديني يقول: حديثه بالمدينة مقارب =

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وما حدث بالعراق فهو مضطرب. قال على: وقد نظرت في ما روى عنه سليمان ابن داود الهاشمي فرأيتها متقاربة. وقال عمرو بن علي: فيه ضعف، فما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد، كان عبد الرحمن يخط على حديثه. وقال في موضع آخر: تركه عبد الرحمن. وقال الساجي: فيه ضعف، وما حدّث بالمدينة أصح مما حدّث ببغداد. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه وعن ورقاء وشعيب والمغيرة أيهم أحب إليك في أبي الزناد؟ قال: كلهم أحب إليّ من عبد الرحمن ابن أبي الزناد. وقال النسائي: لا يحتج بحديثه. وقال ابن سعد: قدم في جامعه فسمع منه البغداديون، وكان كثير الحديث، وكان يضعف في روايته عن أبيه، وكان يفتي. وقال أبو طالب عن أحمد: يروى عنه، قلت: يحتمل؟ قال: نعم. وقال أيضًا فيما حكاه الساجي: أحاديثه صحيحة. وقال ابن معين فيما حكاه الساجي: عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة حجة. وقال الآجري عن أبي داود: كان عالمًا بالقرآن عالمًا بالأخبار وقال الترمذي والعجلي: ثقة. وصحح الترمذي عدة من أحاديثه، وقال في اللباس: ثقة حافظ. وقال ابن عدي: هو ممن يُكتب حديثه. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالحافظ عندهم". اهـ

وقال أحمد بن حنبل: ابن أبي الزناد كذا وكذا.

وقال البخاري: عبد الرحمن بن أبي الزناد كان مالك يشير به.

وقال البرذعي: قلت لأبي زرعة: فليح بن سليمان، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وأبو أويس، والدراوردي، وابن أبي حازم أيهم أحب إليك؟ قال: الدراوردي وابن أبي حازم أحب إليّ من هؤلاء كلهم. حدثنا محمد بن إسحاق، أنه سمع يحيى بن معين يقول: لا يسوى حديث ابن أبي الزناد فلسًا. وقال أبو حاتم الرازي: عبد الرحمن بن أبي الزناد يُكتب حديثه ولا يُحتج به، هو أحب إليّ من عبد الرحمن بن أبي الرجال، ومن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقال الترمذي: عبد الرحمن بن أبي الزناد ثقة، كان مالك يوثقه ويأمر بالكتابة عنه.

وقال ابن حبان: عبد الرحمن بن أبي الزناد كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات، وكان ذلك من سوء حفظه، وكثرة خطئه، فلا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، فأما فيما وافق الثقات فهو صادق في الروايات يُحتج به. ("العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله:[2/ 483]، و"علل الترمذي الكبير":[ص 390]، و"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة الرازي":[2/ 242]، و"الجرح والتعديل":[5/ 252]، و"جامع الترمذي":[4/ 234][ح 1756]، و"المجروحين":[2/ 56]).

ص: 198

‌88 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي

قال أحمد: المسعودي صالح الحديث، ومن أخذ عنه أول فهو صالح الأخذ

(1)

.

قال أحمد: سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديمًا وأبو نعيم أيضًا، وإنما اختلط المسعودي ببغداد، ومن سمع بالبصرة والكوفة فسماعه جيد

(2)

.

قال المروذي: سألت أحمد عن علي بن عاصم، فقلت: إن يحيى قال: كل عاصم في الدنيا ضعيف، قال: ما أعلم منه إلا خيرًا، كان حديثه صحيحًا، حديث شعبة والمسعودي ما كان أصحها

(3)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد يقول: سماع عاصم وأبي النضر وهؤلاء من المسعودي بعدما اختلط، ألا أنهم احتملوا السماع منه فسمعوا

(4)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرني أحمد بن عبد الله الأنماطي، حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا علي بن أحمد بن سليمان المصري، حدثنا

(1)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية المروزي وغيره ص 204.

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [1/ 325]، [3/ 50، 302].

(3)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 129].

(4)

"تاريخ بغداد": [10/ 220].

ص: 199

أحمد بن سعد بن أبي مريم، قال: وسألته -يعني يحيى بن معين- عن المسعودي، فقال: ثقة يُكتب حديثه.

قال يحيى: من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صالح السماع، ومن سمع منه في زمان المهدي فليس سماعه بشيء

(1)

.

قال ابن أبي حاتم: نا أحمد بن سنان الواسطي قال: سمعت الوليد بن أبان الكرابيسي يذكر عن أبي النضر هاشم بن القاسم، قال: إني لأعرف اليوم الذي اختلط فيه المسعودي، كنا عنده وهو يعزي في ابن له إذ جاءه إنسان فقال له: إن غلامك أخذ عشرة آلاف من مالك وهرب، ففزع وقام ودخل إلى منزله ثم خرج إلينا وقد اختلط، رأينا فيه الاختلاط.

نا أحمد بن عثمان بن حكيم الأزدي، قال: قال لي أبو نعيم: لو رأيت رجلًا في قباء سواد وشاسية وفي وسطه خنجر، ولا أعلم إلا قال - مكتوب بين كتفيه ببياض {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} كنت تكتب عنه؟ قال: لا، قال: فقد رأيت المسعودي في هذه الحالة.

قال أبو محمد: هذا بعد الاختلاط.

نا علي بن الحسين بن الجنيد قال: سمعت ابن نمير يقول: المسعودي كان ثقة، فلما كان بآخره اختلط، سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة، وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيم.

سألت أبي عن المسعودي فقال: تغير بآخره قبل موته بسنة أو سنتين،

(1)

"تاريخ بغداد": [10/ 221].

ص: 200

وكان أعلم بحديث ابن مسعود من أهل زمانه

(1)

.

قال عبد الله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: حدثنا أبو عبد الرحمن قال: سمعت من المسعودي إما ثمان وإما سبع وأربعين، ولا أعلم أني رأيته بعد سنة ثنتين وخمسين

(2)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا البرقاني، حدثنا ابن خميرويه الهروي، حدثنا الحسين بن إدريس، قال: قال ابن عمار: المسعودي من قبل أن يختلط كان ثبتًا، ومن سمع منه ببغداد فسماعه ضعيف

(3)

.

قال الآجري: سألت أبا داود عن سماع معاذ من المسعودي، بآخره

(4)

.

قال يعقوب بن سفيان: المسعودي مضطرب الحديث، وتغير بآخره

(5)

.

قال العقيلي: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي

(1)

"الجرح والتعديل": [5/ 251]. والوليد بن أبان الكرابيسي له ترجمة في "تاريخ بغداد"[13/ 471 - 472]، و"سير أعلام النبلاء"[10/ 548]. وأحمد بن سنان الواسطي ثقة حافظ كما في "التقريب". وأحمد بن عثمان بن حكيم ثقة كما في "التقريب".

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 474].

(3)

"تاريخ بغداد": [10/ 221].

(4)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 81].

قال المحقق: كذا في الأصل، والظاهر أن هناك سقطًا في الكلام، فإما أن كلمة بآخره جزء من السؤال فيكون الجواب لم يذكر، وإما أن يقال إن قوله بآخره هو الجواب فالصواب أن يقال: فقال: بآخره أو نحو هذا. اهـ

فلت: والوجه الثاني هو الذى يترجح عندي، وسيأتي أن سماع معاذ من المسعودي كان بآخره.

(5)

"المعرفة والتاريخ": [2/ 655].

ص: 201

كوفي تغير في آخر عمره، في حديثه اضطراب.

حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: سمعت يحيى يقول: رأيت المسعودي سنة رآه عبد الرحمن فلم أكلمه.

حدثنا محمد قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: سمعت معاذ بن معاذ، يقول: رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب -يعني أنه قد تغير حفظه.

وقال: حدثنا عمر، وقال: حدثنا أبو قتيبة قال: رأيت المسعودي سنة ثلاث وخمسين، وكتبت عنه وهو صحيح، ورأيته سنة سبع وخمسين والذر يدخل في أذنه، وأبو داود يكتب عنه! فقلت له: أتطمع أن تُحدِّث عنه، وأنا حى.

حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا صالح قال: حدثنا علي، قال: سمعت معاذ بن معاذ، قال: قدم علينا المسعودي قدمتين البصرة يُملي علينا إملاء، قال: ثم لقيت المسعودي ببغداد سنة أربع وخمسين، وما أنكر منه قليلًا ولا كثيرًا، فجعل يُملي عليّ ثم أذن لي في بيته ومعي عبد الله بن عثمان ما ننكر منه قليلًا ولا كثيرًا، قال: ثم قدمت عليه قدمة أخرى مع عبيد الله بن الحسن، فقلت لمعاذ: سنة كم؟ قال: سنة إحدى وستين، فقال يحيى بن سعيد لمعاذ وهو إلى جنبه: خرجت قبل أن يقدم سفيان؟ فقال معاذ: قبل سفيان بسنة، أو نحو ذلك، فقالوا: دخل عليه فذهب ببعض متاعه فأنكروه آنذاك، قال معاذ: فتلقانا يومًا، فسألته عن حديث القاسم فأنكره، وقال: ليس من حديثي، قال: ثم رأيت رجلًا جاءه

ص: 202

بكتاب عمرو بن مرة، عن إبراهيم، فقال: كيف، وفي كتابك؟ قال: عن علقمة، قال: وجعل يلاحظ كتابه، قال معاذ: فقلت له: إنك إنما حدثتنا عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن عبد الله، قال: فهو عن علقمة. فقال يحيى بن سعيد وهو إني جنب معاذ، وذلك في صفر سنة تسعين ومائة، آخر ما لقيت المسعودي سنة سبع أو ثمان وأربعين ثم لقيته بمكة سنة ثمان وخمسين، وكان عبد الله بن عثمان ذاك العام معي، وعبد الرحمن بن مهدي، قال يحيى: ولم أسأله عن شئ

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: قال ابن حبان: سماع أبي داود من المسعودي كان بعد أن اختلط

(2)

.

وقال ابن حبان أيضًا: المسعودي كان صدوقًا إلا أنه اختلط في آخر عمره اختلاطًا شديدًا حتى ذهب عقله، وكان يُحدِّث بما يجيئه فحمل، فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير، ولم يتميز فاستحق الترك.

أخبرنا الهمداني قال: حدثنا عمرو بن علي قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: رأيت المسعودي سنة رآه عبد الرحمن فلم أكلمه.

أخبرنا عمر بن محمد قال: حدثنا عمرو بن علي قال: سمعت أبا قتيبة يقول: رأيت المسعودي سنة ثلاث وخمسين وكتبت عنه وهو صحيح،

(1)

"الضعفاء الكبير": [2/ 336 - 337]. والجدعيات لأبي القاسم البغوي [2/ 768]، وتاريخ بغداد [10/ 219].

(2)

"ثقات" ابن حبان: [7/ 568].

ص: 203

ثم رأيته سنة سبع وخمسين والذر يدخل في أذنه وأبو داود يكتب عنه، فقلت: أتطمع أن تُحدِّث عنه وأنا حي

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرنى محمد بن علي المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: قرأت بخط محمد بن يحيى -يعنى الذهلي- قلت لأبي الوليد: سمع عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي بمكة شيئًا يسيرًا؟ قال: نعم. قلت: وأبو داود سمع منه ببغداد؟ قال: نعم. قلت: وكم كان بين قدومه مكة وبغداد؟ قال: أكثر من سنة وسنتين

(2)

.

قال ابن القطان الفاسي: المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ابن عبد الله مسعود، وهو مختلط، اشتد ما أصابه من ذلك حتى كان لا يعقل، فضعُف حديثه، ولم يتميز في الأغلب ما رُويَّ عنه بعد اختلاطه مما رُويَّ عنه في الصحة

(3)

.

ذكر العراقي قول أحمد السابق الذى نقله عبد الله ابنه عنه، ثم قال: وعلى هذا فتقبل رواية كل من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد وهم: أمية بن خالد وبشر بن المفضل وجعفر بن عون وخالد بن الحارث وسفيان بن حبيب وسفيان الثوري وأبو قتيبة سلم بن قتيبة وطلق

(1)

"المجروحين": [2/ 48]، و"تاريخ بغداد":[10/ 219].

(2)

"تاريخ بغداد": [10/ 218].

(3)

"بيان الوهم والإيهام": [4/ 176].

ص: 204

ابن غنام وعبد الله بن رجاء الغدانى وعثمان بن عمر بن فارس وعمرو بن مرزوق وعمرو بن الهيثم والقاسم بن معن بن عبد الرحمن ومعاذ بن معاذ العنبرى والنضر بن شميل ويزيد بن زريع.

الأمر الرابع: أنه قد شدد بعضهم في أمر المسعودي، ورد حديثه كله، لأنه لا يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير. ثم ذكر العراقي كلام ابن حبان وابن القطان، ثم قال: والصحيح ما قدمناه من أن من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد فسماعه صحيح كما قال أحمد وابن عمار، وقد ميز بعض ذلك والله أعلم

(1)

.

‌89 - عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن هندويه الفارسي

قال الذهبي: عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن هندويه سمع من أبي الحسين بن الطيوري، وكتب طبقته، كذبه ابن ناصر الحافظ

(2)

.

قال ابن حجر: يُقال اسم هندويه الحسن، وهو فارسي الأصل، سكن بغداد. قال أبو سعيد بن السمعاني: سمع الكثير، وكان يفهم، وخطه يُشبه خط الخطيب، غير أنه اختلط وتسودن، وعلقت عنه.

وقال ابن ناصر: سمع لنفسه من أبي الحسين بن الطيوري في طبقة، وذكر معه عبد الوهاب الأنماطي، فذكرت ذلك للأنماطي فحلف بالله أنه ما رآه عند أبي الحسين قط، وأرخ السماع سنة إحدى وخمسمائة، وأبو

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 454].

(2)

"ميزان الاعتدال": [2/ 587].

ص: 205

الحسين مات سنة خمسمائة.

قال ابن ناصر: وكان هذا قبل ذهاب عقله. وقال ابن الجوزي: أكل البلاذر فتغير عقله، ومات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة

(1)

.

‌90 - عبد الرحيم بن أحمد بن علي بن طلحة الأنصاري السبتي

قال ابن حجر: عبد الرحيم بن أحمد بن علي بن طلحة الأنصاري السبتي ابن عليم ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم بن بشكوال وابن حوط الله، ورحل إلى الآفاق فسمع بها من جماعة، ثم رجع واستوطن تونس، وحدَّث بها بالكثير، وكان صدوقًا صحيح السماع، لكنه اختلط في آخر عمره، توفي في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة، ولم يُحدِّث في حال اختلاطه بشيء

(2)

.

‌91 - عبد الرزاق بن همام الصنعاني

قال أبو زرعة الدمشقي: أخبرني أحمد بن حنبل قال: أتينا عبد الرزاق قبل المائتين وهو صحيح البصر، ومن سمع منه بعد ما ذهب بصره فهو ضعيف السماع

(3)

.

قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد الله يقول: حدث عبد الرزاق حديث أبي هريرة "النار جبار" إنما هو "البئر جبار" وإنما كتبنا كُتبه على الوجه،

(1)

"لسان الميزان": [4/ 425].

(2)

"لسان الميزان": [5/ 6].

(3)

"تاريخ أبي زرعة الدمشقي": [ص 215].

ص: 206

وهؤلاء الذين كتبوا عنه سنة ست ومائتين، إنما ذهبوا إليه وهو أعمى فلُقن فقبله ومرَّ فيه

(1)

.

قال ابن هانئ: سألته عمن سمع عبد الرزاق سنة ثمان؟ قال: لا يعبأ بحديث من سمع منه وقد ذهب بصره، كان يُلقن أحاديث باطلة، وقد حدّث عن معمر عن الزهري أحاديث كتبناها عنه من أصل كتابه وهو ينظر جاؤوا بخلافها

(2)

.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أحمد بن ثابث فرخويه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن سماك بن الفضل، عن أبي رشدين الجندي، عن سراقة بن مالك، عن النبَّيِّ صلى الله عليه وسلم:"إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، واتقوا مجالس اللعن والطل والماء وقارعة الطريق، واستمخروا الريح، واستثبوا على سوقكم، وأعدوا النبل".

قال أبي: إنما يروونه موقوفًا، وأسنده عبد الرزاق بآخره

(3)

.

قال النسائي: عبد الرزاق بن همام فيه نظر لمن كتب عنه بآخره

(4)

.

قال ابن رجب: قال أحمد: محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري قدم على عبد الرزاق مرتين: إحداهما بعدما عمي.

وذكر الأثرم عن أحمد أنه ذكر له حديث "النار جبار" فقال: هذا باطل

(1)

"مسائل ابن هانئ" للإمام أحمد: [2/ 202]، و"سنن الدارقطني":[3/ 153].

(2)

"مسائل ابن هانئ" للإمام أحمد: [2/ 233]، و"شرح علل الترمذي":[2/ 752].

(3)

"علل ابن أبي حاتم": [1/ 36 - 37].

(4)

"الضعفاء والمتروكين" للإمام النسائي.

ص: 207

ليس من هذا شئ.

ثم قال: ومن يُحدِّث به عن عبد الرزاق؟ قلت: حدثنى به أحمد بن شبويه. قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمى، كان يلقن فلقنه، وليس هو في كتابه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتابه، كان يلقنها بعدما عمى. قال أبو عبد الله: حكوا عنه عن الحلوانى أحاديث أسندها. وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدّث بأحاديث مناكير في فضل على وأهل البيت، فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعدما عمى، كما قاله الإمام أحمد، والله أعلم، وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح عنه.

وذكر عبد الله بن أحمد أنه سمع يحيى بن معين قيل له: تحفظ عن عبد الرزاق عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه مسح على الجبائر" فقال يحيى: هذا باطل، ما حدّث به معمر قط. ثم قال يحيى: عليه مائة بدنة مقلدة مجلدة إن كان معمر حدّث بهذا قط، هذا باطل، ولو حدّث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم، من حدّث بهذا عن عبد الرزاق؟ قالوا: فلان.

وفي بعض النسخ، قالوا: محمد بن يحيى. قال: لا والله ما حدّث به معمر، وعليه حجة من هنا إلى مكة إن كان معمر يُحدِّث بهذا.

قال عبد الله بن أحمد: هذا الحديث يروونه عن إسرائيل عن عمرو بن خالد، عن زيد بن على، عن آبائه، عن على، عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعمرو ابن خالد لا يساوي شيئًا.

وذكر بعضهم أن سماع الدبري من عبد الرزاق بآخره.

ص: 208

قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: قد تقدمت منا الحكاية عن بعض أهل العلم أن السماع يصح بحصول التمييز والإصغاء فحسب، ولهذا بكروا بالأطفال في السماع من الشيوخ الذين علا إسنادهم.

أخبرنا علي بن المحسن القاضي، ثنا محمد بن خلف بن محمد بن حيان الخلال، قال: سمعت أبا بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري يقول: سمعت إبراهيم الحربي يقول: مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين. قال الخطيب: روى الدبري عن عبد الرزاق عامة كتبه ونقلها الناس عنه وسمعوها منه

(2)

.

قال الذهبي: إسحاق بن إبراهيم الدبري الشيخ العالم المسند الصدوق.

سمع عبد الرزاق، سمع تصانيفه منه سنة عشر ومئتين باعتناء أبيه به، وكان حدثًا فإن مولده على ما ذكره الخليلي سنة تسعين ومئة، وسماعه صحيح

(3)

.

قال ابن الصلاح: وقد وجدت فيما روي عن الطبرانى عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدًا، فأحلت أمرها على ذلك، فإن سماع الدبري منه متأخر جدًا. قال إبراهيم الحربي: مات

(1)

"شرح علل الترمذي": [2/ 752 - 754].

(2)

"الكفاية في علوم الرواية": [ص 116].

(3)

"سير أعلام النبلاء": [13/ 416].

ص: 209

عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين. ويحصل أيضًا نظر في كثير من العوالي الواقعة عمن تأخر سماعه من سفيان بن عيينة وأشباهه

(1)

.

قال العراقى: وممن سمع من عبد الرزاق بعد ما عمي أحمد بن محمد بن شبويه قاله أحمد بن حنبل، وسمع منه أيضًا بعد التغير محمد بن حماد الطهراني، والظاهر أن الذين سمع منهم الطبراني في رحلته إلى صنعاء من أصحاب عبد الرزاق كلهم سمع منه بعد التغير، وهم أربعة أحدهم الدبري الذى ذكره المصنف وكان سماعه منه سنة عشر ومائتين، وكانت وفاة الدبري سنة أربع وثمانين ومائتين، والثاني من شيوخ الطبراني إبراهيم ابن محمد بن بري الصنعاني، والثالث إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن سويد، والرابع الحسن بن عبد الأعلى البوسي الصغاني. فهؤلاء الأربعة سمع منهم الطبراني في رحلته إلى اليمن سنة اثنتين وثمانين، وسماعهم من عبد الرزاق بآخره.

وممن سمع من عبد الرزاق قبل الاختلاط أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ويحيى بن معين ووكيع بن الجراح في آخرين أخرج لهم الشيخان من رواياتهم عن عبد الرزاق.

فممن اتفق الشيخان على الإخراج له عن عبد الرزاق: إسحاق بن راهويه وإسحاق بن منصور الكوسج ومحمود بن غيلان.

وممن أخرج له البخاري فقط عن عبد الرزاق مع علي بن المديني

(1)

"مقدمة ابن الصلاح": [ص 356].

ص: 210

وإسحاق بن إبراهيم السعدي عبد الله بن محمد المسندي ومحمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدنى ويحيى بن جعفر البيكندي ويحيى بن موسى البلخي الملقب خب.

وممن أخرج له مسلم عن عبد الرزاق مع أحمد بن حنبل أحمد بن يوسف السلمي وحجاج بن يوسف الشاعر والحسين بن علي الخلال وسلمة بن شبيب وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم وعبد بن حميد وعمرو بن محمد الناقد ومحمد بن رافع ومحمد بن مهران الحمال والله أعلم

(1)

.

وقال العراقي أيضًا: قد احتج بإسحاق بن إبراهيم الدبري أبو عوانة في صحيحه وغيره، وكأن من احتج به لم يبال بتغيره لكونه إنما يحدث من كتبه لا من حفظه

(2)

.

قال السخاوي: وممن سمع منه بعد ذلك إبراهيم بن منصور الرمادي، وأحمد بن محمد بن شبويه، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، ومحمد بن حماد الطهراني.

قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبري ست أو سبع سنين، وكذا قال الذهبي: اعتنى به أبوه فأسمعه من عبد الرزاق تصانيفه، وله سبعه سنين. ونحوه قول ابن عدي: إنه استصغر فيه. وقال ابن الصلاح: وقد وجدت فيما روى الدبري عن عبد الرزاق أحاديث استنكرها جدًا،

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 460 - 461].

(2)

"فتح المغيث"[ص 470].

ص: 211

فأحلت أمرها على الدبري، لأن سماعه منه متأخر جدًا.

ومع ذلك فقد احتج به أبو عوانة في صحيحه، وكذا كان العقيلي يصحح روايته، وأدخله في الصحيح الذى ألفه، وأكثر عنه الطبرانى، وقال الحاكم: قلت للدارقطني: أيدخل في الصحيح؟ قال: إي والله.

وكأنهم لم يبالوا بتغير عبد الرزاق لكونه إنما حدثه من كتبه لا من حفظه قاله المصنف.

وقال شيخنا: المناكير الواقعة في حديث الدبري إنما سببها أنه سمع من عبد الرزاق بعد اختلاطه، فما يوجد من حديث الدبري عن عبد الرزاق في مصنفات عبد الرزاق فلا يلحق الدبري منه تبعة إلا أن صحف وحرف.

وقد جمع القاضى محمد بن أحمد بن مفرج القرطبى الحروف التى أخطأ فيها الدبري وصحفها في مصنف عبد الرزاق. إنما الكلام في الأحاديث التى عند الدبري في غير التصانيف فهي التى فيها المناكير وذلك لأجل سماعه منه في حال اختلاطه

(1)

.

‌92 - عبد السلام بن سهل أبو علي السكري

قال الذهبي: عبد السلام بن سهل أبو علي السكري بغدادي حدّث بمصر عن يحيى الحماني والقواريري، وعنه ابن شنبوذ والطبراني. قال ابن يونس: من نبلاء الناس، وأهل الصدق، تغير في آخر أيامه

(2)

.

(1)

"فتح المغيث": [4/ 382 - 383].

(2)

"ميزان الاعتدال": [2/ 615].

ص: 212

‌93 - عبد المجيد بن الحسن بن كردوس المصري

قال ابن حجر: عبد المجيد بن الحسن بن كردوس أبو بكر مولى بني مخزوم المصري المؤدب عن فهد بن سليمان والربيع المرادي وغيرهما، حصل له اختلال فهم قبل موته بشهور، توفى في شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة، قاله ابن يونس

(1)

.

‌94 - عبد الملك بن عمير

قال أبو حاتم: عبد الملك بن عمير ليس بحافظ هو صالح، تغير حفظه قبل موته

(2)

.

قال العلائي: عبد الملك بن عمير الكوفى أحد التابعين، احتج به الشيخان وغيرهما. قال أبو حاتم: تغير حفظه. وقال ابن معين: مخلط

(3)

.

وذكر بعض الحفاظ إن اختلاطه احتمل، لأنه لم يأت فيه بحديث منكر، فهو من القسم الأول

(4)

.

قال ابن حجر: قال العجلي: عبد الملك بن عمير يقال له ابن القبطية، كان على قضاء الكوفة وهو صالح الحديث، روى أكثر من مائة

(1)

"لسان الميزان": [5/ 59].

(2)

"الجرح والتعديل": [5/ 361].

(3)

قول ابن معين (مخلط) لا يعني الاختلاط الاصطلاحي. وقد تقدم معنى مخلط في ترجمة إسماعيل بن مسلم المكى، وترجمة سعيد بن أبي هلال.

(4)

كتاب "المختلطين": [ص 76]. وتقدم معنى القسم الأول في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

ص: 213

حديث، تغير حفظه قبل موته

(1)

.

(1)

"تهذيب التهذيب".

وفي المطبوع من "تاريخ الثقات" للعجلي: عبد الملك بن عمير كوفي تابعي ثقة، ويقال له: ابن القبطية، وكان على قضاء الكوفة، وهو صالح الحديث، روى أكثر من مائة حديث، وهو ثقة في الحديث.

وفي "تهذيب التهذيب": قال البخاري عن علي بن المديني: له نحو مائتي حديث. وقال علي بن الحسن الهسنجاني عن أحمد: مضطرب الحديث جدًا مع قلة روايته، ما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها. وقال إسحاق بن منصور: ضعفه أحمد جدًا. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: سماك أصلح حديثًا منه، وذلك أن عبد الملك يختلف عليه الحفاظ. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: مخلط.

وقال ابن أبي حاتم: ثنا صالح بن أحمد، ثنا علي بن المديني: سمعت ابن مهدي يقول: كان الثوري يعجب من حفظ عبد الملك. قال صالح: فقلت لأبي: هو عبد الملك بن عمير؟ قال: نعم. قال ابن أبي حاتم: فذكرت ذلك لأبي فقال: هذا وهم، إنما هو عبد الملك بن أبي سليمان، وعبد الملك بن عمير لم يوصف بالحفظ. وقال البخاري: سُمع عبد الملك ابن عمير يقول: إني لأحدث بالحديث فما أترك منه حرفًا، وكان من أفصح الناس. ورواه الميموني عن أحمد، عن ابن عيينة، من عبد الملك بن عمير مثله.

وقال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا إسحاق الهمداني يقول: خذوا العلم من عبد الملك بن عمير. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان مدلسًا. وقال ابن نمير: كان ثقة ثبتًا في الحديث. وقال ابن عبد البرقي عن ابن معين: ثقة إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين". اهـ

وقال المروذي عن أحمد: مضطرب الحديث، قل ما روى عنه إلا اختلف عليه. قيل: فهو أحب إليك أو عاصم؟ قال: عاصم.

وقال يعقوب بن سفيان: روى عنه شعبة، ومسعر، ثقة.

("العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 118]، و"المعرفة والتاريخ": [3/ 87]).

ص: 214

‌95 - عبد الملك بن محمد بن عبد الله أبو قلابة الرقاشي

قال الخطيب البغدادي: أخبرني محمد بن علي المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، قال: سمعت أبا الحسن محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور يقول: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد

(1)

.

قال العراقي: أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي روينا عن الإمام ابن خزيمة أنه قال: حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج

(1)

"تاريخ بغداد": [10/ 426].

ومحمد بن الحسن بن الحسين بن منصور له ترجمة في "السير": [16/ 66]. وقال الذهبي: هو الحافظ المفيد، الإمام الحجة، أبو الحسن النيسابوري التاجر، أحد الأعلام كأبيه وعمه عبدوس بن الحسين.

ومحمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري له ترجمة في "السير": [16/ 498] أيضًا. قال الذهبي: هو العلامة الزاهد تفقه وبرع وأتقن علم الجدل والكلام والنظر، وأخذ النحو عن أبي عامر الزاهد، ودخل إلى اليمن، وتخرج به الأصحاب، وكان عابدًا متألهًا واعظًا مُجاب الدعوة، كثير التصانيف، منقبضًا عن أبناء الدنيا.

بالغ في تقريظه الحاكم وقال: ظهر له من مصنفاته أكثر من ثلاث مئة كتاب مصنف، وظهر لنا في غير شيء أنه مُجاب الدعوة.

ومحمد بن على المقرئ له ترجمة في "تاريخ بغداد": [3/ 106].

قال الخطيب: محمد بن على بن إبراهيم أبو بكر القارئ الدينوري سكن بغداد وحدَّث بها عن المظفر بن أحمد خطيب الدينور، وأبي بكر بن بلال الهمذاني، وغيرهما، كتبت عنه شيئًا يسيرًا، وكان رجلًا صالحًا ورعًا، كتب معنا الحديث من أبي عمر بن مهدي ومن بعده، وكتب قبلنا عن ابن الصلت المجبر.

ص: 215

إلى بغداد انتهى. وظاهر كلام ابن خزيمة أن من سمع منه بالبصرة قبل أن يخرج إلى بغداد فسماعه صحيح، وأن من سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط أو مشكوك فيه. فمن سمع منه بالبصرة أبو داود السجستانى وابن ماجة وأبو مسلم الكجي وأبو بكر بن أبي داود ومحمد بن إسحاق الصاغانى وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري وأبو عروبة الحسين بن محمد الحراني.

وممن سمع منه ببغداد أحمد بن سلمان النجاد وأحمد بن كامل بن سحرة القاضي وأحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي وأبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان واسماعيل بن محمد الصفار وحبشون بن موسى الخلال وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الخراسانى البغوي وأبو عمرو عثمان بن أحمد السماك وأبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي وأبو عيسى محمد بن علي بن الحسين التخاري بالتاء المثناة من فوق المضمومة وأبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري ومحمد بن مخلد الدوري وأبو العباس محمد بن يعقوب الأصم.

وما أخذناه من عبارة ابن خزيمة من أن من سمع منه بالبصرة فهو قبل الاختلاط. ومن سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط وليس صريحًا في عبارته بل هو ظاهر منها. وبعض من ذكرنا أنه سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط كأبي بكر الشافعي. وكذلك محمد بن يعقوب الأصم فقد ذكر الحاكم في "تاريخ نيسابور" أن الأصم لم يسمع بالبصرة حديثًا واحدًا

ص: 216

وأن أباه رحل به سنة خمس وستين على طريق أصبهان وذكر بقية رحلته للبلدان ثم دخل بغداد سنة تسع وستين إلى آخر كلامه

(1)

.

قال ابن الكيال: قال الأبناسى: أبو قلابة الرقاشي هو أحد شيوخ ابن خزيمة، فمن سمع منه بالبصرة قبل أن يخرج إلى بغداد، فسماعه صحيح، ومن سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط، أو مشكوك فيه.

فممن سمع منه بالبصرة: أبو داود السجستاني، وابن ماجه، وأبو مسلك الكجي، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأحمد بن يحيى البلاذري، وأبو عروبة الحسين بن محمد.

وممن سمع منه آخرًا ببغداد: أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك، وأحمد بن سليمان النجاد، وأحمد بن كامل بن شجرة القاضي، وأحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي، وأبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان، وإسماعيل بن محمد الصفار، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الخراسانى، وأبو بكر محمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، وأبو عيسى محمد بن علي بن الحسين التخاري، وأبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري، ومحمد بن مخلد الدوري، وأبو العباس محمد بن يعقوب الأصم.

قال الحاكم: إن الأصم لم يسمع بالبصرة حديثًا واحدًا، وإن أباه رحل به

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 462 - 463].

ص: 217

سنة خمس وستين، وتوفي أبو قلابة سنة ست وسبعين ومائتين ببغداد"

(1)

.

‌96 - عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي

قال العقيلي: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي تغير في آخر عمره.

حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا عقبة بن مكرم، قال: كان عبد الوهاب الثقفي قد اختلط قبل موته بثلاث سنين أو أربع سنين.

حدثنا الحسين بن عبد الله الذراع، قال: حدثنا أبو داود، قال: جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي تغيرا فحجب الناس عنهم

(2)

.

قال الآجري: سمعت أبا داود: عبد الوهاب اختلط حتى حجب الناس

(1)

"الكواكب النيرات": [ص 309 - 312].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الآجري عن أبي داود: أبو قلابة الرقاشي رجل صدق أمين مأمون كتبت عنه بالبصرة. وقال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان يُحدِّث من حفظه فكثرت الأوهام في روايته. وقال أبو جعفر بن جرير الطبري: ما رأيت أحفظ منه. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان يحفظ أكثر حديثه. وقال مسلمة بن القاسم: سمعت ابن الأعرابي يقول: كان أبو قلابة يملي حديث شعبة على الشيوخ، وما رأيت أحفظ منه، وكان من الثقات، وكان قد حدّث بسامرا وبغداد فما ترك من حديثه شيئًا، وأنكر عليه بعض أصحاب الحديث حديثه عن أبي زيد الهروي، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حتى تورمت قدماه".

وقال ابن الأعرابي: قدم علينا عبد العزيز بن معاوية أبو خالد الأموي من الشام فحدثنا به عن أبي زيد كما حدثنا أبو قلابة. وقال مسلمة: كان راوية للحديث متقنًا يحفظ حديث شعبة كما يحفظ السورة. وقال الحاكم عن الدارقطني: لا يحتج بما ينفرد به، وبلغني عن شيخنا أبي القاسم بن بنت منيع أنه قال: عندي عن أبي قلابة عشرة أجزاء ما منها مسلم إما في الإسناد وإما في المتن، كان يُحدِّث من حفظه فكثرت الأوهام فيه".

(2)

"الضعفاء الكبير": [3/ 75].

ص: 218

عنه، واختلط جرير بن حازم حتى حجبه ولده

(1)

.

قال ابن معين: كان عبد الوهاب الثقفي قد اختلط بآخره

(2)

.

قال البرذعي: قلت لأبي زرعة: عبد الوهاب الثقفى قد اختلط؟ قال: نعم، وقال لي أبو حاتم: اختلط قبل موته بسنة

(3)

.

قال الذهبي: قال أبو داود: عبد الوهاب بن عبد المجيد تغير، وذكره العقيلي فقال: تغير في آخر عمره، ثم روى قول عقبة بن مكرم ثم قال:

قلت: لكنه ما ضر تغيره حديثه، فإنه ما حدّث بحديث في زمن التغير.

قال العقيلي: حدثنا الحسين بن عبد الله الذراع، حدثنا أبو داود، قال: تغير جرير بن حازم، وعبد الوهاب الثقفي، فحجب الناس عنهم.

ومن أفراده أنه روى عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر حديث:"قضى باليمن مع الشاهد" وقد رواه مالك، والقطان، والناس - عن جعفر، عن أبيه مرسلًا.

قلت: الثقفى لا يُنْكر له إذا تفرد بحديث، بل وبعشرة، يقال: كانت غلته في العام أربعين ألفًا ينفقها على أصحاب الحديث. وقال ابن المديني: ليس في الدنيا كتاب عن يحيى بن سعيد الأنصاري أصح من كتابه.

وقال ابن معين وغيره: ثقة. وقال عمرو بن علي: اختلط قبل موته بسنتين

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 125].

(2)

"تاريخ الدوري": [4/ 107].

(3)

"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة: [2/ 444].

ص: 219

أو ثلاث، سمعته يقول: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان باختلاط شديد. وقال أحمد: عبد الوهاب أثبت وأعرف من عبد الأعلى الشامي

(1)

.

قال العلائى: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي من رجال الصحيحين.

قال عقبة بن مكرم: كان قد اختلط قبل موته بثلاث سنين أو أربع. وقال أبو داود: تغير، وكذلك قال العقيلي، وزاد: أن أهله حجبوه، فلم يرو شيئًا بعد ذلك، فهو من القسم الأول أيضًا

(2)

.

قال السخاوي: قال عباس الدوري عن ابن معين: عبد الوهاب الثقفى اختلط بآخره، وكذا وصفه بالاختلاط عقبة بن مكرم، وأنه كان قبل موته بثلاث سنين أو أربع، لكن قال الذهبي في "الميزان": إنه ما ضر تغير حديثه، فإنه ما حدّث في زمنه بحديث، واستدل لذلك بقول أبي داود: تغير جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفى فحجب الناس عنهما.

وكذا قاله العقيلى. ويخدش فيه قول الفلاس: إنه اختلط حتى كان لا يعقل، وسمعته وهو مختلط يقول: ثنا محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان باختلاط شديد، ولعل هذا كان قبل حجبه.

وقد اتفق الشيخان عليه من جهة محمد بن بشار بندار، ومحمد بن المثنى عنه.

(1)

"ميزان الاعتدال": [2/ 681].

(2)

كتاب "المختلطين": [ص 78 - 79].

وقد تقدم معنى القسم الأول في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

ص: 220

والبخاري فقط من جهة أزهر بن جميل، وعمرو بن على الفلاس، وقتيبة، ومحمد بن سلام، ومحمد بن عبد الله بن حوشب عنه.

ومسلم فقط من جهة إبراهيم بن محمد بن عرعرة، وإسحاق بن راهويه، وسويد بن سعيد، وأبي بكر بن أبي شيبة، وعبيد الله بن عمر القواريري، وأبي غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي، ومحمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ويحيى بن حبيب بن عربي عنه.

(1)

‌97 - عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار

قال ابن حجر: عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار أكثر عن يحيى بن بكير وطبقته، وحدّث، وكان ثقة صدوقًا. وقال ابن المنادي في "تاريخه": إنه تغير في آخر أيامه، قال: فكان على ذلك صدوقًا. وقال ابن مزاحم: كان أحد الثقات، ولم أكتب عنه في تغيره شيئًا.

قلت: فما ضره التغير ولله الحمد، مات سنة خمس وثمانين ومائتين.

وقال الخطيب: روى عن آدم بن أبي إياس، وسعيد بن أبي مريم، ودحيم، ونحوهم. وعنه المحاملي، وابن نجيح، وابن السماك، والشافعي، وآخرون. وقال الدارقطني: صدوق

(2)

.

‌98 - عبيد بن هشام أبو نعيم الحلبي القلانسي

قال الآجري: سألت أبا داود عن أبي نعيم الحلبي، فقال: ثقة إلا أنه تغير

(1)

"فتح المغيث": [4/ 381 - 382].

(2)

"لسان الميزان": [5/ 123].

ص: 221

في آخر أمره، لقن أحاديث ليس لها أصل. يقال له ابن القلانسى، لقن عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن أنس حديثًا منكرًا

(1)

.

‌99 - عبيدة بن معتب الضبي

قال العقيلي: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا علي بن مسلم، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرنى عبيدة قبل أن يتغير

(2)

.

قال النسائي: عبيدة بن معتب ضعيف، وكان قد تغير

(3)

.

قال ابن حبان: عبيدة بن معتب الضبي كان ممن اختلط بآخره حتى جعل

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 267].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم: عبيد بن هشام صدوق. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال الحاكم أبو أحمد: حدّث عن ابن المبارك، عن مالك بن أنس أحاديث لا يتابع عليها. وقال صالح جزرة: صدوق ولكنه ربما غلط، حكاه الحاكم في "تاريخه".

وقال أبو العرب القيرواني في "الضعفاء": قال أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عثمان: عبيد بن هشام ضعيف. وقال الخليلي: صالح. وأخرج الدارقطني في "الغرائب" عن ابن المبارك، عن مالك، عن محمد بن المنكدر، عن أنس رفعه:"من قعد إلى قينة يستمع منها صُبَّ في أذنيه الآنك يوم القيامة". قال الدارقطني: تفرد به أبو نعيم، ولا يثبت هذا عن مالك، ولا عن ابن المنكدر". اهـ

وقال الخليلي أيضًا في "الإرشاد"[2/ 477]: ثقة مرضي عندهم.

(2)

"الضعفاء الكبير": [3/ 129].

علي بن مسلم هو علي بن مسلم بن سعيد الطوسي ثقة. ومحمد بن موسى لعله أبو عبد الله النهرتيري، له ترجمة في "تاريخ بغداد":[3/ 241].

قال الخطيب: كان ثقة فاضلًا جليلًا، ذا قدر كبير ومحل عظيم.

(3)

"الضعفاء والمتروكين": [ص 213].

ص: 222

يُحدِّث بالأشياء المقلوبة عن أقوام أئمة، ولم يتميز حديثه القديم من حديثه الجديد فبطل الاحتجاج به

(1)

.

(1)

"المجروحين"[2/ 173].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أسيد بن زيد الجمال عن زهير بن معاوية: ما اتهمت إلا عطاء بن عجلان وعبيدة، قال: فذكرت ذلك لحفص بن غياث فصدقه في عطاء بن عجلان وكره ما قال في عبيدة. وقال أبو موسى: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن سفيان عنه شيئًا قط. وقال عمرو بن علي مثل ذلك، قال: ورآني يحيى بن سعيد أكتب حديث عبيدة فقال: لا تكتبه لا تكتبه. وقال أيضًا: كان عبيدة الضبي سيء الحفظ ضريرًا متروك الحديث. وذكره ابن المبارك فيمن يُترك حديثه.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ترك الناس حديثه، قال له رجل: هذا رأي إبراهيم؟ قال: لا إنما قست على رأيه، وقال أيضًا: سألت أبي عن عبيدة وجويبر ومحمد بن سالم فقال: ما أقرب بعضهم من بعض في الضعف. وقال ابن معين نحوه. وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف.

وقال الدوري عن يحيى: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن عدي: هو مع ضعفه يُكتب حديثه. وقال الساجي: صدوق سيء الحفظ يضعف عندهم، نهى عنه ابن المبارك. وقال يعقوب بن سفيان: حديثه لا يساوي شيئًا، وكان الثوري إذا روى عنه كناه، قال: أبو عبد الكريم، قال: وسفيان لا يكاد يكنى رجلًا إلا وفيه ضعف. وقال ابن معين: قال لي جرير: ما تصنع بهذا يضعفه. وقال ابن خزيمة: لا يجوز الاحتجاج بخبره عند من له معرفة بالأخبار، قال: وسمعت أبا قلابة يحكى عن هلال بن يحيى: سمعت يوسف بن خالد يقول: قلت لعبيدة بن معتب: هذا الذي ترويه عن إبراهيم سمعته كله؟ قال: منه ما سمعته ومنه ما لم أسمعه، أقيس عليه، قال: قلت: فحدثني بما سمعت فإني أعلم بالقياس منك". اهـ

وقال عثمان الدارمي: سألت يحيى عن عبيدة ما حاله في إبراهيم النخعي؟ فقال: ليس بشيء.

وقال ابن سعد: عبيدة بن معتب الضبى ضعيف جدًا.

("تاريخ عثمان الدارمي": [ص 59]، و"الطبقات الكبرى": [6/ 339]).

ص: 223

‌100 - عثمان بن عمير أبو اليقظان

قال ابن حبان: عثمان بن عمير أبو اليقظان كان ممن اختلط، لا يدري ما يُحدِّث به، فلا يجوز الاحتجاج بخبره الذي وافق الثقات، ولا الذي انفرد به عن الأثبات لاختلاط البعض.

أخبرني محمد بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثنا بعض أهل البصرة، عن شعبة قال: أتيت عثمان بن عمير أبا اليقظان فرأيته يخلط هذا بذاك وذاك بذا فرجعت ولم أكتب عنه

(1)

.

(1)

"المجروحين": [2/ 95].

وقد انفرد ابن حبان رحمه الله بوصف عثمان بن عمير بالاختلاط. وقول شعبة الذي ذكره ابن حبان لا يفيد أن عثمان بن عمير اختلط بالمعنى الاصطلاحي، إنما معناه أن شعبة لقيه فوجده سيء الحفظ فرجع ولم يكتب عنه شيئًا لذلك والله أعلم.

ففي "تهذيب التهذيب": "قال أحمد: ضعيف الحديث، كان ابن مهدى ترك حديثه. وقال الدوري عن ابن معين: ليس حديثه بشيء. وقال ابن أبي حاتم: ثنا أبي: سألت محمد بن عبد الله بن نمير عن عثمان بن عمير فضعفه. قال: وسألت أبي عنه فقال: ضعيف الحديث منكر الحديث، كان شعبة لا يرضاه، وذكر أنه حضره فروى عن شيخ، فقال له شعبة: كم سنك؟ فقال: كذا، فإذا قد مات الشيخ وهو ابن سنتين. وقال إبراهيم بن عرعرة عن أبي أحمد الزبيري: كان الحارث بن حصين وأبو اليقظان يؤمنان بالرجعة، ويقال: كان يغلو في التشيع. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الجوزجاني عن أحمد: منكر الحديث وفيه ذاك الداء، قال: وهو على المذهب منكر الحديث. وقال البرقاني عن الدارقطني: متروك. وقال الحاكم عن الدارقطني: زائغ لم يحتج به. وقال ابن عبد البر: كلهم ضعفه. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وقال ابن عدي ردئ المذهب، غالي في التشيع، يؤمن بالرجعة، ويُكتب حديثه مع ضعفه". اهـ

وقال ابن عدي: ثنا أحمد بن علي بن بحر قال: حدثنا عبد الله بن الدورقي قال: ثنا يحيى =

ص: 224

‌101 - عثمان بن الهيثم

قال أبو حاتم: عثمان بن الهيثم كان صدوقًا غير أنه بآخره كان يتلقن ما يلقن

(1)

.

‌102 - عطاء بن أبي رباح

قال يعقوب بن سفيان: حدثني محمد بن عبد الرحيم، قال: قال علي: كان عطاء اختلط بآخره فتركه ابن جريج وقيس بن سعد

(2)

.

وقال يعقوب بن سفيان أيضًا: سمعت سليمان بن حرب يذكر عن بعض

= ابن معين قال: أبو اليقظان عثمان بن عمير ليس بذاك.

حدثنا محمد بن علي، قال: ثنا عثمان بن سعيد قال: سألت يحيى بن معين عن عثمان أبي اليقظان قال: ليس به بأس.

وقال أبو زرعة: عثمان بن عمير أبو اليقظان ضعيف الحديث.

وقال البرقانى: قال الدارقطني: أبو اليقظان عثمان بن عمير ضعيف. قلت: فيترك؟ قال: لا، بل يخرج، رواه الناس قديمًا.

("الكامل في ضعفاء الرجال": [5/ 167]، و"تاريخ الدارمي": [ص 158]، و"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة الرازي: [2/ 430]، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني: [ص 49]).

(1)

"الجرح والتعديل": [6/ 172].

وفي "تهذيب التهذيب": "ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الساجي: صدوق ذكر عند أحمد بن حنبل فأومئ إلى أنه ليس بثبت، وهو من الأصاغر الذين حدثوا عن ابن جريج وعوف.

وقال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ. وفي الزهرة: روى عنه البخاري 14 حديثًا، وروى عن واحد عنه".

(2)

"المعرفة والتاريخ": [2/ 153].

ص: 225

مشيخته قال: رأيت قيس بن سعد قد ترك مجالسة عطاء، قال: فسألته عن ذلك فقال: إنه نسى أو تغير، فكدت أن أفسد سماعى منه

(1)

.

قال الذهبي: وروى محمد بن عبد الرحيم عن علي بن المديني، قال: كان عطاء بآخره قد تركه ابن جريج وقيس بن سعد.

قلت: لم يعن الترك الإصطلاحي، بل عنى أنهما بطلا الكتابة عنه، وإلا فعطاء ثبت رضى

(2)

.

‌103 - عطاء بن السائب

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، نا علي بن المدينى، قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: ما سمعت أحد من الناس يقول في عطاء بن السائب شيئًا في حديثه القديم، وما حدث سفيان وشعبة عن عطاء بن السائب صحيح إلا حديثين كان شعبة يقول: سمعتهما بآخره من زاذان.

نا محمد بن حمويه بن الحسن، قال: سمعت أبا طالب يقول: سألت أحمد ابن حنبل عن عطاء بن السائب، قال: من سمع منه قديمًا كان صحيحًا، ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء، سمع منه قديمًا شعبة وسفيان، وسمع منه حديثًا جرير، وخالد بن عبد الله، وإسماعيل بن علية، وعلى بن عاصم، فكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها.

(1)

"المعرفة والتاريخ": [3/ 467].

(2)

"ميزان الاعتدال": [3/ 70].

ص: 226

وقال: قال وهيب: لما قدم عطاء البصرة قال: كتبت عن عبيدة ثلاثين حديثًا، ولم يسمع من عبيدة شيئًا، فهذا اختلاط شديد

(1)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو بكر، حدثنا سفيان قال: سمعت عطاء يحدث عن عبد الله بن عبيد بن عمير، وربما قال سفيان فيه: لا أدري ذكر فيه عن أبيه أو لا، قال: قيل لابن عمر: مالنا لا نراك تستلم إلا هذين الركنين؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن استلام الركنين يحط الخطايا كما تتحات ورق الشجر.

قال سفيان: حدثني بهذا عطاء وأنا وهو في الطواف، قال: فكأنه لم يرنى أعجبت له، فقال: أتزهد في هذا يا ابن عيينة؟ فقال: حدثت الشعبى فقال: لو رحل في هذا الحديث كذا وكذا لكان أهلًا له.

حدثنا أبو بكر قال: ثنا سفيان قال: سمعت عطاء يكثر التلبية في الطواف وكان يحرم من الكوفة، وسمعت منه قديمًا، ثم قدم علينا قدمة فسمعته يحدث بعض ما كنت سمعت منه فيخلط فيه، فاتقيته واعتزلته

(2)

.

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: كان فلان بعض المحدثين -سماه أحمد- عند عطاء بن السائب فكان إذا حدّث عن أبيه أحاديثه المشهورة كتبها، وإذا حدّث بأحاديث ميسرة وزاذان والشيوخ لا يكتب، يعني:

(1)

"الجرح والتعديل": [6/ 333]، و"التاربخ الأوسط":[2/ 6]، و"جامع الترمذي":[5/ 122][ح 2816].

(2)

المعرفة والتاريخ [2/ 708]. وأبو بكر هو عبد الله بن الزبير الحميدي صاحب المسند.

ص: 227

حين أنكر عطاء.

سمعت أحمد قال: سماع ابن عيينة عنه مقارب -يعني: من عطاء بن السائب سمع بالكوفة.

قلت لأحمد: يشاكل أحد سفيان وشعبة في عطاء؟ قال: لا، قلما يختلف عنه سفيان وشعبة.

سمعت أحمد قال: أبو عوانة سمع منه بالكوفة والبصرة جميعًا، يعني من عطاء.

قلت لأحمد: عطاء بن السائب -أعني كيف حديثه؟ قال: من سمع منه بالبصرة فسماعه مضطرب. قلت: وهيب؟ قال: نعم.

قال غير أحمد: قدم عطاء البصرة قدمتين، فالقدمة الأولي سماعهم صحيح، وسمع منه في القدمة الأولى: حماد بن سلمة وحماد بن زيد وهشام الدستوائي.

والقدمة الثانية كان متغيرًا فيها، سمع منه: وهيب، وإسماعيل، وعبد الوارث، سماعهم منه فيه ضعف.

سمعت أبا عبد الله أحمد قال: قال عبد الرحمن بن مهدي: قال وهيب لعطاء بن السائب: سمعت من عبيدة؟ قال: نعم، أراد بذلك أن عطاء لقيه وهيب وقد تغير، لأن عطاء لا يُعرف له سماع من عبيدة ولا لقاء

(1)

.

قال الدوري عن ابن معين: حديث سفيان وشعبة بن الحجاج وحماد بن

(1)

"سؤالات أبي داود الفقهية" للإمام أحمد: [ص 382 - 383].

ص: 228

سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم، وحديث جرير بن عبد الحميد وأشباه جرير ليس بذاك، لتغير عطاء في آخر عمره

(1)

.

قال أبو القاسم البغوي: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كل شيء من حديث عطاء بن السائب ضعيف إلا ما كان من حديث شعبة وسفيان وحماد بن سلمة

(2)

.

قال الدوري: سمعت يحيى يقول: كان عطاء بن السائب قد اختلط، قال: سمعت من عبيدة ثلاثين حديثًا.

فقلت ليحيى: فما سمع منه جرير وذووه، أليس هو صحيح؟ قال: لا، ما روى هو وخالد الطحان كأنه يُضعفهم إلا من سمع منه قديمًا. قال يحيى: وقد سمع أبو عوانة منه في الصحة وفي الاختلاط جميعًا

(3)

.

قال ابن الجنيد: قال يحيى: جرير وابن فضيل وهؤلاء سمعوا من عطاء بن السائب بآخره. فقلت ليحيى: كان عطاء بن السائب قد خلط؟ فقال: نعم. قال يحيى: وحماد بن سلمة سمع من عطاء بن السائب قديمًا قبل الاختلاط

(4)

.

قال ابن عدي: حدثنا ابن أبي عصمة، ثنا أحمد بن أبي يحيى، قال:

(1)

" تاريخ الدوري": [3/ 309]. وانظر "سؤالات ابن طهمان": [ص 104]، و"الكامل في ضعفاء الرجال":[5/ 361].

(2)

الجعديات لأبي القاسم البغوي [1/ 468].

(3)

"تاريخ الدوري": [3/ 328 - 329].

(4)

"سؤالات ابن الجنيد" لابن معين: [ص 478].

ص: 229

سمعت يحيى بن معين يقول: ليث بن أبي سليم ضعيف، مثل عطاء بن السائب، وجميع من روى عن عطاء روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان

(1)

.

قال ابن محرز: سمعت علي بن المديني يقول: حدثنا يحيى بن سعيد قال: سألت أبا عوانة عن عطاء بن السائب، قال: سمعت منه قبل وبعد. قال علي: قبل الاختلاط وبعد. قال: فقلت: تفصل بينهما؟ قال: لا

(2)

.

قال البخاري: قال علي: سماع خالد بن عبد الله الواسطي من عطاء بن السائب أخيرًا، وسماع حماد بن زيد من عطاء صحيح

(3)

.

قال أبو حاتم: كان عطاء بن السائب محله الصدق قديمًا قبل أن يختلط، صالح مستقيم الحديث، ثم بآخره تغير حفظه، في حديثه تخاليط كثيرة، وقديم السماع من عطاء سفيان وشعبة، وحديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة لأنه قدم عليهم في آخر عمره، وما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب، رفع أشياء كان يرويه عن التابعين فرفعه إلى الصحابة

(4)

.

(1)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [5/ 361]. وقد تقدم في ترجمة سعيد بن أبي عروبة بيان حال أحمد بن أبي يحيى.

(2)

"سؤالات ابن محرز" لابن معين وغيره: [2/ 197].

(3)

"التاريخ الكبير": [3/ 160].

(4)

"الجرح والتعديل": [6/ 334].

ص: 230

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه شعبة، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن عبيدة، عن ابن الزبير، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أن رجلًا حلف بالله كاذبًا فغفر له.

قال أبي: رواه عبد الوارث وجرير عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى هو الأعرج عن ابن عباس أن رجلين اختصما إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأدعى أحدهما على صاحبه حقًا، فاستحلف النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم المدعى عليه، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له قبلي حق، قال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: غُفر كذبه بتصديقه بلا إله إلا الله.

قلت لأبي: أيهما أصح؟ قال: شعبة أقدم سماعًا من هؤلاء؟ وعطاء تغير بآخره

(1)

.

قال يعقوب بن سفيان: عطاء بن السائب ثقة، حديثه حجة، ما روى عنه سفيان وشعبة وحماد بن سلمة، وسماع هؤلاء قديم، وكان عطاء تغير بآخره، فرواية جرير وابن فضيل وطبقتهم ضعيفة

(2)

.

وقال يعقوب بن سفيان أيضًا: حديث عطاء بن السائب إذا حدّث عنه سفيان وشعبة قام مقام الحجة

(3)

قال البزار: حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا جرير، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس رضى الله عنهما -رفعه إلى

(1)

علل ابن أبي حاتم [1/ 441 - 442].

(2)

"المعرفة والتاريخ": [3/ 84].

(3)

"المعرفة والتاريخ": [3/ 94].

ص: 231

النبي صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الطواف حول البيت مثل الصلاة ولكنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير".

وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عباس، ولا نعلم أسند عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس غير هذا الحديث، ورواه غير واحد موقوفًا، وأسنده جرير وفضيل بن عياض، ولا نعلم أحدًا ترك حديث عطاء بن السائب، لأن عطاء ثقة كوفي مشهور، ولكنه كان قد تغير فاضطرب في حديثه

(1)

.

قال العجلي: عطاء بن السائب من سمع منه قديمًا فهو صحيح الحديث منهم سفيان الثوري، فأما من سمع منه بآخره فهو مضطرب الحديث مثل هشيم وخالد بن عبد الله الواسطي، إلا أن عطاء كان بآخره يتلقن إذا لقنوه في الحديث، لأنه كبر، صالح الكتاب

(2)

.

قال العقيلي: عطاء بن السائب يقال إنه تغير بآخره.

حدثنا أحمد بن علي الأبار، قال: حدثنا عيسى بن عامر، قال: حدثنا ابن أبي الطيب، قال: حدثنا ابن علية، قال: قال لي شعبة: ما حدثك عطاء بن السائب عن رجاله عن زاذان وميسرة وأبي البختري فلا تكتبه، وما حدثك عن رجل بعينه فاكتبه.

حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني، قال:

(1)

"مسند البزار"[11/ 127 - 128][ح 4853].

(2)

"الثقات": [ص 332].

ص: 232

حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا ابن علية، قال: قدم علينا عطاء بن السائب البصرة، وكنا نسأله، قال: فكان يتوهم، قال: فيقول له: من، فيقول: أشياخنا: ميسرة، وزاذان، وفلان، وفلان.

قال علي: قال وهيب: قدم علينا عطاء بن السائب، فقلت: كم حملت عن عبيدة؟ قال: أربعين حديثًا. قال علي: وليس يروي عن عبيدة حرفًا واحدًا، فقلت: فعلي ما يحمل هذا؟ قال: على الاختلاط، إنه اختلط. قال علي: قلت ليحيى: وكان أبو عوانة حمل عن عطاء بن السائب قبل أن يختلط، فقال: كان لا يفصل هذا من هذا، وكذلك حماد بن سلمة وكان يحيى لا يروي حديث عطاء بن السائب إلا عن شعبة وسفيان. قال يحيى: قلت لأبي عوانة، فقال: كتبت عن عطاء قبل وبعد، فاختلط علي.

حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الأسود، قال: سمعت إسماعيل بن علية يقول: كان عطاء بن السائب إذا سُئل عن الشيء، قال: كان أصحابنا يقولون، فيقال له: من؟ فيسكت ساعة، ثم يقول: أبو البختري، وزاذان، وميسرة، قال: وكنت أخاف أن يكون يجيء بهذا على التوهم، فلم أحمل منه شيئًا.

حدثنا محمد، قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان قال: كنت سمعت من عطاء بن السائب قديمًا، ثم قدم علينا قدمة فسمعته يُحدّث بعض ما كنت سمعت، فخلط فيه فاتقيته واعتزلته.

حدثنا إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا

ص: 233

النعمان، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: عطاء بن السائب تغير حفظه بعد، وحماد -يعني ابن زيد- سمع منه قبل أن يتغير.

حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا المفضل بن غسان، قال: قال يحيى: تغير عطاء بن السائب فمن سمع منه من الكبار صحيح، مثل سفيان، وشعبة، وأما جرير وأشباهه فلا

(1)

.

قال النسائي: عطاء بن السائب كان قد اختلط، وأثبت الناس فيه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج

(2)

.

وقال النسائى أيضًا: وهذا حديث منكر، ولا أرى جعفر بن سليمان إلا سمعه من عطاء بن السائب بعد الاختلاط، ودخل عطاء البصرة مرتين، فمن سمع منه أول مرة فحديثه صحيح، ومن سمع منه آخر مرة ففي حديثه شيء، وحماد بن زيد حديثه عنه صحيح

(3)

.

قال ابن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني، ثنا إبراهيم بن أبي داود، ثنا سليمان بن حرب، ثنا أبو النعمان، عن يحيى بن سعيد قال: سمع حماد بن زيد عن عطاء بن السائب قبل أن يتغير.

قال ابن عدي: وعطاء بن السائب اختلط في آخر عمره، فمن سمع منه قديمًا مثل الثوري وشعبة فحديثه مستقيم، ومن سمع منه بعد

(1)

"الضعفاء الكبير": [3/ 398 - 401].

(2)

"السنن الكبرى": [1/ 606][ح 1970].

(3)

"السنن الكبرى": [6/ 56][ح 10052].

ص: 234

الاختلاط فأحاديثه فيها بعض النكرة

(1)

.

قال ابن حبان: عطاء بن السائب كان قد اختلط بآخره، ولم يفحش خطؤه حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول بعد تقدم صحة ثباته في الروايات

(2)

.

قال الدارقطني: وعطاء بن السائب اختلط، ولم يخرجوا عن عطاء، ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه الأكابر شعبة والثوري ووهيب ونظرائهم، وأما ابن علية والمتأخرون ....

(3)

وقال الدارقطني أيضًا: دخل عطاء بن السائب البصرة وجلس، فسماع أيوب وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح، والرحلة الثانية فيه اختلاط

(4)

.

قال ابن القطان الفاسي: ومن ذلك أن أبا محمد ذكر من طريق النسائي عن علي، عن النبى صلى الله عليه وسلم:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قال: "ربع الكتابة". ثم قال: هذا حديث يرويه ابن جريج، عن عطاء بن السائب، ويقال: إنه لم يسمع منه إلا بعد الاختلاط، والصواب موقوف على عليّ

(5)

.

(1)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [5/ 361 - 365].

(2)

"ثقات ابن حبان": [7/ 251].

(3)

"علل الدارقطني": [11/ 143].

(4)

"سؤالات السلمي" للدارقطني: [ص 156].

(5)

"بيان الوهم والإيهام": [4/ 158].

ص: 235

وقال ابن القطان الفاسى أيضًا: وذكر أبو محمد عن عبد الله بن عبيد بن عمير، أن رجلًا قال: يا أبا عبد الرحمن، ما أراك تستلم إلا هذين الركنين، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مسحهما يحط الخطيئة

الحديث.

وسكت عنه وهو حديث إنما يرويه عطاء بن السائب من رواية حماد بن زيد عنه.

وقد تكرر سكوت أبي محمد عن أحاديث هي من رواية عطاء بن السائب لم يبين أنها من روايته.

منها أحاديث يُعرف أنها من رواية من روى عنه قديمًا قبل اختلاطه.

ومنها ما هو من رواية من روى عنه بعد الاختلاط، ومنها ما هو من رواية من لا يعرف متى روى عنه، أقبل الاختلاط أم بعده؟

فأما ما هو من رواية من روى عنه بعد الاختلاط، فحديث علي:"من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها" الحديث. أعله بالوقوف تارة، وبالرفع أخرى، ولم يعرض لكونه من رواية حماد بن سلمة عن عطاء، وهو إنما سمع منه بعد الاختلاط.

وحديث: "الحجر الأسود من الجنة". هو أيضًا من روايته عنه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وحديث: "الطواف حول البيت صلاة". ولم يقل بعده إلا أن غير عطاء وقفه، وهو إنما يرويه جرير، عن عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس. واقتطع إسناده من عند عطاء، والعلة إنما هى فيما قبله، فهو لو ذكر أنه

ص: 236

من رواية جرير عن عطاء برئت عهدته.

وقد نص هو في كتابه الكبير -إثر هذا الحديث- على اختلاط عطاء.

وذكر في كتاب "الأحكام" في باب التيمم حديث: "الرجل إذا كانت به جراحة". فقال بعده: إن يحيى بن معين قال: جرير إنما روى عن عطاء بعد الاختلاط.

وذكر أيضًا حديث: "نزل الحجر الأسود من الجنة أشد بياضًا من اللبن" وصححه بتصحيح الترمذي، وإنما هو رواية جرير عنه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

وذكر من عند أبي داود عن ابن عباس حديث: "لما نزلت: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} و {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} الحديث". وسكت عنه، ولم يبين أنه من رواية جرير عن عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير عنه.

فأما ما هو من رواية من لا يدري متى سمع منه، فالحديث الذى ابتدائنا بذكره من رواية حماد بن زيد عنه. وحديث:"إن للشيطان بابن آدم لمة". صححه بتصحيح الترمذي، وهو من رواية أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن مرة، عن عبد الله

(1)

.

قال العراقى: وقد استثنى غير واحد من الأئمة مع شعبة وسفيان حماد بن زيد. قال يحيى بن سعيد القطان: سمع حماد بن زيد من عطاء بن

(1)

"بيان الوهم والإيهام": [4/ 276 - 282].

ص: 237

السائب قبل أن يتغير. وقال النسائى: رواية حماد بن زيد وشعبة وسفيان عنه جيدة انتهى. وقال في موضع آخر: حديثه عنه صحيح. وصحح أيضًا حديثه عنه أبو داود والطحاوي كما سيأتى. ونقل الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خلف بن المواق في كتاب "بغية النقاد" الاتفاق على أن حماد بن زيد إنما سمع منه قديمًا.

واستثنى الجمهور أيضًا رواية حماد بن سلمة عنه أيضًا. فممن قاله: يحيى ابن معين وأبو داود والطحاوي وحمزة الكنانى. فروى ابن عدي في "الكامل" عن عبد الله بن الدورقى عن يحيى بن معين قال: حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم. وهكذا روى عباس الدوري عن يحيى بن معين. وكذلك ذكر أبو بكر بن أبي خيثمة عن ابن معين، فصحح رواية حماد بن سلمة عن عطاء. وسيأتى نقل كلام أبي داود في ذلك. وقال الطحاوي: وإنما حديث عطاء الذى كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم، وهم شعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد. وقال حمزة بن محمد الكنانى في "أماليه": حماد بن سلمة قديم السماع من عطاء بن السائب. نعم قال عبد الحق في "الأحكام" أن حماد بن سلمة ممن سمع منه بعد الاختلاط حسبما قاله العقيلي في قوله: إنما ينبغي أن يقبل من حديثه ما روى عنه شعبة وسفيان، فأما جرير وخالد بن عبد الله وابن علية وعلي بن عاصم وحماد بن سلمة وبالجملة أهل البصرة فأحاديثهم عنه مما سمع منه بعد الاختلاط لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره انتهى.

ص: 238

وقد تعقب الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن المواق كلام عبد الحق هذا بأن قال: لا يعلم ما قاله غير العقيلي، والمعروف عن غيره خلاف ذلك، قال: وقوله: لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره غلط، بل قدم عليهم مرتين، فمن سمع منه في القدمة الأولى صح حديثه عنه، قال: وقد نص على ذلك أبو داود فذكر كلامه الآتى نقله آنفًا.

قلت: وينبغي أيضًا استثناء سفيان بن عيينة أيضًا، فقد روى الحميدى قال: كنت سمعت من عطاء بن السائب قديمًا، ثم قدم علينا قدمته فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعت فخلط فيه فاتقيته واعتزلته انتهى.

فأخبر ابن عيينة أنه اتقاه بعد اختلاطه واعتزاله، فينبغي أن تكون روايته عنه صحيحه والله أعلم

(1)

.

قال ابن حجر: قال الدارقطني: دخل عطاء البصرة مرتين: فسماع أيوب وحماد بن سلمة في الرحلة الأول صحيح. وقال عبد الحق: سماع ابن جريج منه بعد الاختلاط. وقال الحربي في "العلل": بلغني أن شعبة قال: إذا حدّث عن رجل واحد فهو ثقة، وإذا جمع بين اثنين فاتقه. وقال الطبراني: ثقة اختلط في آخر عمره، فما روى عنه المتقدمون فهو صحيح مثل سفيان وشعبة وزهير وزائدة. وقال ابن الجارود في "الضعفاء": حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عنه جيد، وحديث جرير وأشباه جرير ليس بذاك.

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 443 - 446].

ص: 239

قلت: فيحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري وشعبة وزهير وزائدة وحماد وأيوب عنه صحيح، ومن عداهم يتوقف فيه إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم، والظاهر أنه سمع منه مرتين مرة مع أيوب كما يومئ إليه كلام الدارقطنى، ومرة بعد ذلك لما دخل إليهم البصرة وسمع منه مع جرير وذويه والله أعلم

(1)

.

قال السخاوي: وممن سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط فقط: إسماعيل بن علية، وجرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد الله الواسطي، وابن جريج، وعلى بن عاصم، ومحمد بن فضيل بن غزوان، وهشيم، وسائر من سمع منه من البصريين في قدمته الثانية دون الأولى.

وقد خرّج البخاري في تفسير سورة "الكوثر" من صحيحه من رواية هشيم عنه حديثًا واحدًا، لكنه مقرونًا بأبي بشر جعفر بن أبي وحشية أحد الأثبات، لم يخرج له في الأصول شيئًا

(2)

.

‌104 - عفان بن مسلم

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا العتيقي، حدثنا محمد بن العباس، أخبرنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب، قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: قال لي أبو خيثمة: كنت أنا ويحيى عند عفان، فقال لى: كيف تجدك؟ كيف كنت في سفرك؟ برَّ الله حجك. فقلت له: ما كنت حاجًا العام.

(1)

"تهذيب التهذيب".

(2)

"فتح المغيث": [4/ 373].

ص: 240

قال: ما شككت أنك حاج. ثم قلت له: كيف تجدك يا أبا عثمان؟ قال: بخير، الجارية تقول لي: أنت مصدع وأنا في عافية، فقلت له: إيش أكلت اليوم؟ فقال: أكلت اليوم أكلة رز وليس أحتاج إلى شيء إلى غد، أو بالعشي آكل أخرى وتكفيني لغد، أو بعدها آكل أخرى تكفيني لبعد غد. قال إبراهيم: فلما كان بالعشى جئت إليه فنظرت إليه كما حكى أبو خيثمة. فقال له إنسان: إن يحيى يقول إنك قد اختلطت، فقال: لعن الله يحيى، أرجو أن يمتعنى الله بعقلي حتى أموت.

قال إبراهيم: الخرف يكون ساعة خرفًا وساعة عقلًا.

أخبرنا الصميري، حدثنا علي بن الحسن الرازي، حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: سمعت أبي ويحيى ابن معين يقولان: أنكرنا عفان في سفر لأيام خلون منه سنة تسع عشرة ومئتين، ومات عفان بعد أيام.

وقال أبو بكر: توفي عفان ببغداد

(1)

.

قال الخليلي: عفان بن مسلم تغير قبل موته بأشهر

(2)

.

قال الذهبي: قال أبو خيثمة: أنكرنا عفان قبل موته بأيام.

قلت: هذا التغير هو من تغير مرض الموت، وما ضره، لأنه ما حدّث فيه بخطأ

(3)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [12/ 276].

(2)

"الإرشاد في معرفة علماء الحديث": [2/ 590].

(3)

"ميزان الاعتدال": [3/ 82].

ص: 241

قال العلائى: عفان بن مسلم أحد الأثبات، من شيوخ البخاري، متفق على الاحتجاج به.

قال أبو خيثمة زهير بن حرب: أنكرنا عفان قبل موته بأيام، والظاهر أن هذا تغير المرض، ولم يتكلم فيه أحد، فهو من القسم الأول

(1)

.

‌105 - علي بن إسماعيل بن حماد البزار

قال ابن حجر: علي بن إسماعيل البزار أبو الحسن عن علي بن أبي موسى والنقاش، والحسن بن عرفة ونحوهم، روى عنه أبو الحسن بن لؤلؤ، وأبو الحسين بن المظفر.

قال الخطيب: كان صدوقًا فهمًا، جمع حديث شعبة، وأصابه في آخر عمره اختلاط. وقال أبو أحمد الحاكم في كتاب "الكنى": تغير بآخره

(2)

.

‌106 - علي بن الحسن بن حفص العطار أبو الحسين

قال ابن حجر: قال ابن أبي الفوارس: توفي علي بن الحسن بن حفص العطار سنة ست وسبعين وثلثمائة، وكان مخلطًا في الحديث

(3)

.

(1)

"المختلطين": [ص 85 - 86]. وقد تقدم معنى القسم الأول في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

(2)

"لسان الميزان": [5/ 205].

(3)

"لسان الميزان": [5/ 218].

وقوله "مخلطًا" لا يعني مختلطًا بالمعنى الإصطلاحي، إنما يعني أنه كان سيء الحفظ فكان يخطئ في الأسانيد والمتون ولا يأتي بها على التقويم.

ص: 242

‌107 - علي بن الحسين أبو الفرج الأصبهاني

قال الذهبي: علي بن الحسين أبو الفرج الأصبهانى الأموي، صاحب كتاب "الأغاني" شيعي، وهذا نادر في أموي. كان إليه المنتهى في معرفة الأخبار وأيام الناس والشعر والغناء والمحاضرات، يأتى بأعاجيب بحدثنا وأخبرنا، وكان طلبه في حدود الثلثمائة، فكتب ما لا يوصف كثرة حتى لقد اتهم، والظاهر أنه صدوق.

وقد قال أبو الفتح بن أبي الفوارس: خلط قبل موته، ومات سنة ست وخمسين وثلثمائة في ذي الحجة، قال: ومولده سنة أربع وثمانين ومائتين. قلت: أكبر شيخ عنده مطين، ومحمد بن جعفر القتات، وآخر أصحابه على بن أحمد الرزاز، وتصانيفه كثيرة سائرة، وكان سريع البادرة.

قال الخطيب: حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن طباطبا العلوي، سمعت أبا محمد الحسن بن الحسين بن النوبختي كان يقول: كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس، كان يشترى شيئًا كثيرًا من الصحف، ثم تكون روايته كلها منه.

ثم قال العلوي: وكان أبو الحسن البتي يقول: لم يكن أحد أوثق من أبي الفرج الأصبهاني

(1)

.

قال ابن حجر: قد روى الدارقطني في "غرائب مالك" عدة أحاديث عن أبي الفرج الأصبهانى، ولم يتعرض له.

(1)

"ميزان الاعتدال": [3/ 123 - 124].

ص: 243

وقال أبو على التنوخى: كان يحفظ من الشعر والأغانى والأخبار المسندات ما لم أر قط من يحفظ مثله إلى ما يحفظ من اللغة والمغازي والنحو والسير، وله تصانيف عديدة

(1)

.

‌108 - علي بن الخضر السلمي الدمشقى

قال الذهبي: علي بن الخضر السلمي الدمشقي عن تمام الرازي. قال عبد العزيز الكتانى: روى أشياء لا سماع له فيها ولا إجازة وخلط تخليطًا عظيمًا. مات سنة خمس وخمسين وأربعمائة

(2)

.

قال ابن حجر: قال الكتاني: لم يكن هذا الشأن من صنعته

(3)

.

‌109 - علي بن زيد بن جدعان

قال عبد الله بن أحمد: حدثني ابن خلاد قال: سمعت يحيى القطان يقول: سمعت شعبة يقول: حدثنا علي بن زيد وكان رفاعًا.

حدثني عبيد الله بن معاذ قال: حدثنى أبي عن شعبة، عن علي بن زيد قبل أن يختلط

(4)

.

(1)

"لسان الميزان": [5/ 219 - 220].

(2)

"ميزان الاعتدال": [3/ 126].

قلت: وقول الكتاني "وخلط تخليطًا عظيمًا" لا يعني أن علي بن الخضر اختلط بالمعنى الاصطلاحي.

(3)

"لسان الميزان": [5/ 225].

(4)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [3/ 225].

ص: 244

قال العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني عبيد الله بن معاذ قال: حدثني أبي عن شعبة، عن علي بن زيد قبل أن يختلط

(1)

.

قال يعقوب بن سفيان: علي بن زيد بن جدعان اختلط في كبره

(2)

.

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: قال حماد بن زيد: ثنا على بن زيد وكان كثير التخليط

(3)

.

قال ابن حجر: قال ابن قانع: علي بن زيد خلط في آخر عمره

(4)

.

قال ابن القطان الفاسي: "وعلي بن زيد تركه قوم وضعفه آخرون ووثقه جماعة ومدحوه. وجملة أمره أنه كان يرفع الكثير مما يقفه غيره، واختلط أخيرًا ولا يتهم بالكذب وكان من الأشراف العليا"

(5)

.

قال ابن الجنيد: قال رجل ليحيى بن معين وأنا أسمع: علي بن زيد اختلط؟

قال: ما اختلط علي بن زيد قط

(6)

.

(1)

"الضعفاء الكبير": [3/ 230].

(2)

"المعرفة والتاريخ"[2/ 741].

(3)

"سؤالات الآجري" لأبي داود [2/ 100]: ووصف حماد بن زيد لعلي بن زيد بن جدعان بأنه كثير التخليط لا يعني أنه اختلط بالمعنى الاصطلاحي، بل كثير التخليط معناها أنه كان سيئ الحفظ فيخلط في الأسانيد والمتون التي يرويها، ولا يأتي بها على الصواب.

(4)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة علي بن زيد].

(5)

بيان الوهم والإيهام 3/ 334.

(6)

"سؤالات ابن الجنيد" لابن معين: [ص 456].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال ابن سعد: علي بن زيد ولد وهو أعمى، وكان كثير الحديث، وفيه ضعف ولا يُحتج به. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: ليس بالقوي، وقد روى عنه الناس. =

ص: 245

‌110 - عمر بن علي بن أحمد الوادي آشي

قال برهان الدين ابن العجمي: عمر بن الإمام أبي الحسن علي بن أحمد

= وقال عبد الله بن أحمد: سُئل أبي: سمع الحسن من سراقة؟ فقال: لا، هذا علي بن زيد -يعني يرويه- كأنه لم يقنع به. وقال أحمد: ليس بشيء. وقال حنبل عن أحمد: ضعيف الحديث.

وقال معاوية بن صالح عن يحيى: ضعيف. وقال عثمان الدارمى عن يحيى: ليس بذاك القوي.

وقال ابن أبي خيثمة عن يحيى: ضعيف في كل شئ. وفي رواية عنه: ليس بذاك. وفي رواية الدوري: ليس بحجة. وقال مرة: ليس بشيء. وقال مرة: هو أحب إليَّ من ابن عقيل ومن عاصم ابن عبيد الله. وقال العجلي: كان يتشيع لا بأس به. وقال مرة: يُكتب حديثه وليس بالقوي. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صالح الحديث، وإلى اللين ما هو. وقال الجوزجاني: واهي الحديث ضعيف، وفيه ميل عن القصد، لا يُحتج بحديثه. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال أبو حاتم: ليس بقوي يُكتب حديثه ولا يُحتج به، وهو أحب إليَّ من يزيد بن أبي زياد، وكان ضريرًا، وكان يتشيع.

وقال الترمذى: صدوق إلا أنه ربما رفع الشيء الذى يوقفه غيره. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه. وقال ابن عدي: لم أر أحدًا من البصريين وغيرهم امتنع من الرواية عنه، وكان يغلو في التشيع، ومع ضعفه يُكتب حديثه. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالمتين عندهم. وقال الدارقطني: أنا أقف فيه، لا يزال عندي فيه لين. وقال سليمان بن حرب عن حماد ابن زيد: ثنا علي بن زيد، وكان يقلب الأحاديث. وفي رواية: كان يحدثنا اليوم بالحديث، ثم يحدثنا غدًا فكأنه ليس ذلك. وقال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد يتقي الحديث عن علي بن زيد، حدثنا عنه مرة ثم تركه، وقال: دعه، وكان عبد الرحمن يحدث عن شيوخه عنه. وقال أبو معمر القطيعي عن ابن عيينة: كتبت عن علي بن زيد كتابًا كثيرًا فتركته زهدًا فيه. وقال يزيد بن زريع: رأيته ولم أحمل عنه لأنه كان رافضيًا. وقال أبو سلمة: كان وهيب يضعف علي بن زيد.

قال أبو سلمة: فذكرت ذلك لحماد بن سلمة فقال: ومن أين كان يقدر وهيب على مجالسة علي، إنما كان يجالس علي وجوه الناس. روى له مسلم مقرونًا بغيره. وقال الساجي: كان من أهل الصدق، ويحتمل لرواية الجلة عنه، وليس يجري مجرى من أجمع على ثبته. وقال ابن حبان: يهم ويخطئ، فكثر ذلك منه فاستحق الترك".

ص: 246

الوادي آشى شيخنا الحافظ الشهير بابن الملقن إمام عالم كثير الفوائد والمؤلفات اختلط قبل موته فيما بلغني بسبب احتراق كتبه

(1)

.

‌111 - عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي

قال ابن هانئ: سألت أحمد: أيما أثبت عندك في حديث أبي إسحاق؟

قال: شعبة، ثم سفيان الثوري. قال: زهير، وإسرائيل، ويونس بن أبي إسحاق بآخره

(2)

.

قال ابن رجب: قال الميموني: قلت لأبي عبد الله: كان أبو إسحاق قد تغير؟ قال: إي والله هؤلاء الصغار زهير وإسرائيل يزيدون في الإسناد وفي الكلام.

ونقل الأثرم عن أحمد قال: ما أقرب حديث زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق، ولكن سماعه عندي مع هؤلاء الذين سمعوه بآخره

(3)

.

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن حنبل قال: قال أبي: إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين، سمع منه بآخره

(4)

.

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن حنبل قال: قال أبي: سمع شريك من أبي إسحاق قديمًا، وشريك في أبي إسحاق أثبت من زهير

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 272].

(2)

"سؤالات ابن هانئ" للإمام أحمد: [2/ 220].

(3)

"شرح علل الترمذي": [2/ 710 - 711].

(4)

"الجرح والتعديل": [2/ 330].

ص: 247

وإسرائيل وزكريا

(1)

.

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد، قال: قال أبي: إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحب إليَّ في أبي إسحاق من إسرائيل. ثم قال: ما أقربهما وحديثهما عن أبي إسحاق لين، سمعا بآخره

(2)

.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زهير سمع بآخره من أبي إسحاق.

سمعت أحمد قال: زهير وزكريا وإسرائيل ما أقربهم في أبي إسحاق، في حديثهم عنه لين، ولا أراه إلا من أبي إسحاق، هو السبيعي.

قال: قلت لأحمد: شريك منهم؟ قال: شريك سمع قديمًا.

قال: قلت لأحمد: إسرائيل أحب إليك أو زهير في أبي إسحاق؟ قال: ما فيهما -بحمد الله- إلا يخطئ، وما أراه إلا من أبي إسحاق

(3)

.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: أيهما أحب إليك: السُدى أو أبو إسحاق؟ فقال: أبو إسحاق رجل ثقة صالح، ولكن هؤلاء الذين حملوا عنه بآخره

(4)

.

قال أبو داود: قلت لأحمد: كدير الضبي له صحبة؟ فقال: لا. قلت: زهير يقول: إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم أو إن أعرابيًا أتى النبي

(1)

"الجرح والتعديل": [4/ 366].

(2)

"الجرح والتعديل": [3/ 594].

(3)

"سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: [ص 309 - 310].

(4)

العلل ومعرفة الرجال [2/ 363 - 364].

ص: 248

صلى الله عليه وسلم -أعنى في حديث زهير عن أبي إسحاق عن كدير الضبي فقال: زهير سمع من أبي إسحاق بآخره

(1)

.

(2)

.

(1)

"سؤالات أبي داود الفقهية" للإمام أحمد ص 140.

(2)

قال البخاري في "التاريخ الكبير"[7/ 242]: كدير الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو إسحاق الهمداني، وروى عنه سماك بن سلمة وضعفه.

وقال في "الضعفاء الكبير" صـ 101: كدير الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، ليس بالقوي.

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"[7/ 147]: كدير الضبي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وروى عن علي رضى الله عنه، روى عنه أبو إسحاق الهمداني وسماك بن سلمة ويزيد ابن حيان، سمعت أبي يقول ذلك.

سألت أبي عنه فقال: محله الصدق، وقيل له إن محمد بن إسماعيل البخاري أدخله في كتاب الضعفاء، فقال: يحول من هناك.

وقال النسائي في "الضعفاء والمتروكين" صـ 228: كدير الضبي ضعيف.

وقال ابن عدي في "الكامل"[6/ 79 - 80]: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: كدير زائغ، وقال النسائي: كدير الضبي ضعيف.

ثم أورد له حديثًا، ثم قال: وهذا معروف بكدير الضبي، ويقال إن لكدير صحبة، وهو من الصحابة الذي لم يرو عنهم غير أبي إسحاق.

وقال ابن حبان في "المجروحين"[2/ 221]: كدير الضبي شيخ يروي المراسيل، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، منكر الرواية، على أن المراسيل لا تقوم عندنا بها الحجة، وهي وما لم يرو سيان، فلا يعجبني الاحتجاج بما انفرد به كدير من غير المراسيل إن وجد ذلك.

وقال الذهبي في "الميزان"[3/ 41]: كدير الضبي شيخ لأبي إسحاق، وهم من عده صحابيًا وكان من غلاة الشيعة.

وقال ابن حجر في "لسان الميزان"[6/ 70]: أثبت أبو نعيم صحبته، وقال ابن عبد البر: اسم أبيه قتادة، وحديثه عند أكثرهم مرسل.

ص: 249

قال أبو زرعة الدمشقي: حدثنى عبد الله بن جعفر عن عبيد الله بن عمرو قال: جئت محمد بن سوقة معى شفيعًا عند أبي إسحاق، فقلت لإسرائيل: استأذن لنا الشيخ، فقال لنا: صلى بنا الشيخ البارحة فاختلط، قال: فدخلنا عليه فسلمنا وخرجنا

(1)

.

قال الدوري عن ابن معين: زكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية وإسرائيل حديثهم عن أبي إسحاق قريب من السواء، وإنما أصحاب أبي إسحاق سفيان وشعبة

(2)

.

قال ابن طهمان عن ابن معين: زهير وإسرائيل وشريك وأبو عوانة، هؤلاء الأربعة في أبي إسحاق واحد، وإسرائيل أقدم من عيسى، ليس به بأس

(3)

.

قال الدارمي: قلت ليحيى بن معين: شريك أحب إليك في أبي إسحاق أو إسرائيل؟ فقال: شريك أحب إلي وهو أقدم

(4)

.

قال البرذعى: سمعت أبا زرعة يقول: سماع يونس بن أبي إسحاق وزكريا وزهير عن أبي إسحاق بعد الاختلاط.

قال أبو زرعة: إذا مات شعبة وسفيان فزهير خلف، ثم زائدة.

(5)

(1)

"تاريخ أبي زرعة الدمشقي" ص 223: وعبد الله بن جعفر هو عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي ثقة لكنه تغير بآخره فلم يفحش اختلاطه كما في "التقريب". وعبيد الله بن عمرو هو عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الرقي ثقة فقيه ربما وهم.

(2)

"تاريخ الدوري": [3/ 372].

(3)

"سؤالات ابن طهمان" لابن معين: [ص 55].

(4)

"تاريخ الدارمي": [ص 60].

(5)

"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة: [2/ 346]. =

ص: 250

قال ابن أبي حاتم: سألت أبى عن حديث رواه إسرائيل وزهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن على، رفعه إسرائيل، ووقفه زهير، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع سور.

قال أبى: إسرائيل أقدم سماعًا من زهير في أبي إسحاق.

قلت: فأيهما أشبه بالصواب موقوف أو مرفوع؟ قال: الله أعلم، يُقال: إن زهيرًا سمع من أبى إسحاق بآخره، وإسرائيل سماعه من أبى إسحاق قديم، وأبو إسحاق بآخره اختلط، فكل من سمع منه بآخره فليس سماعه بأجود ما يكون

(1)

.

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبي عن حديث رواه شريك وزهير عن أبي إسحاق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يلبي (لبيك اللهم لبيك). قال أبي: رواه سفيان وأبو الأحوص وإسرائيل وغيرهم لم يرفعوه.

قلت لأبي: أيهما أصح؟ قال أبي: سفيان وإسرائيل أتقن، وزهير متقن غير أنه تأخر سماعه من أبي إسحاق

(2)

.

قال أبو حاتم: أبو إسحاق السبيعي كبر وساء حفظه بآخره، فسماع

= وفي "شرح علل الترمذي": [2/ 710]: "قال أبو عثمان البرذعي: سمعت أبا زرعة يقول: سمعت ابن نمير يقول: سماع يونس، وزكريا، وزهير من أبي إسحاق بعد الاختلاط. وقال أبو زرعة: إذا مات شعبة وسفيان، فزهير خلف، ثم زائدة".

(1)

"علل ابن أبي حاتم": [2/ 103].

(2)

"علل ابن أبي حاتم": [1/ 283]، و"الجرح والتعديل":[3/ 589].

ص: 251

الثوري منه قديمًا.

وقال أبو زرعة: تأخر سماع زهير وزكريا من أبي إسحاق

(1)

.

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبى وأبا زرعة عن حديث رواه زكريا بن أبي زائدة وزهير، فقال أحدهما: عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون عن عبد الله، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

وقال لآخر: عن عمرو بن ميمون عن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ من خمس: من البخل والجبن وسوء العمر وفتنة الصدر وعذاب القبر، فأيهما أصح؟ فقالا: لا هذا ولا هذا، روى هذا الحديث الثوري فقال: عن أبي إسحاق: عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يتعوذ مرسل، والثوري أحفظهم.

وقال أبى: أبو إسحاق كبر وساء حفظه بآخره، فسماع الثوري منه قديمًا.

وقال أبو زرعة: تأخر سماع زهير وزكريا من أبى إسحاق

(2)

.

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه يونس بن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند منامه: "اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلمتك التامة .. " وذكرت لهما الحديث، فقالا: هذا حديث خطأ، رواه بعض الحفاظ عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل وهو الصحيح.

(1)

"علل ابن أبي حاتم": [1/ 166].

(2)

"علل ابن أبي حاتم": [1/ 166].

ص: 252

وقال أبي: روى عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة والحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وحديث الأول أشبه، لأن عمار بن رزيق سمع من أبي إسحاق بآخره

(1)

.

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبي عن حديث رواه أبو بكر بن عياش، عن أبى إسحاق قال: كنت جالسًا عند حجر بن عدي الكندي قال: فجاءت جاريته فقالت: إن ابنك دخل المخرج ولم يمس ماء، فقال: يا جارية هاتي تلك الصحيفة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما حدثني علي بن أبي طالب أن الطهور نصف الإيمان.

قال أبى: بين أبى إسحاق وحجر رجلين، يرويه الثقات عن أبي إسحاق عن آخر فمنهم عن غلام حجر عن حجر.

قال أبي: وسماع أبي بكر من أبي إسحاق ليس بذاك

(2)

.

قال الآجري: سألت أبا داود عن زهير وإسرائيل في أبى إسحاق، فقال: زهير فوق إسرائيل بكثير كثير

(3)

.

قال الترمذي: وسمعت أبا موسى محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتنى الذي فاتني من حديث سفيان الثوري عن أبي إسحاق إلا لما اتكلت به على إسرائيل، لأنه كان يأتي به أتم.

(1)

"علل ابن أبي حاتم"[2/ 165 - 166].

(2)

"علل ابن أبي حاتم"[1/ 34 - 35].

(3)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [1/ 224].

ص: 253

قال أبو عيسى: وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك، لأن سماعه منه بآخره.

سمعت أحمد بن الحسن الترمذى يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبالي أن لا تسمعه من غيرهما إلا حديث أبي إسحاق

(1)

.

قال الدارقطني: نا دعلج بن أحمد عن ابن خزيمة قال: سمعت أبا موسى يقول: كان عبد الرحمن بن مهدي يثبت حديث إسرائيل عن أبي إسحاق ويقول: إنما فاتني من حديث سفيان عن أبي إسحاق ما فاتني اتكالًا مني على حديث إسرائيل.

نا عبد الرحمن بن الحسن الهمداني القاضي، نا يحيى بن عبد الله بن ماهان، نا محمد بن مخلد السعدي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل مثل قول ابن سنان.

قال محمد بن مخلد: فقيل لعبد الرحمن: إن شعبة وسفيان يوقفانه على أبي بردة، فقال: إسرائيل عن أبي إسحاق أحب إليَّ من سفيان وشعبة

(2)

.

قال العجلي: زهير بن معاوية سمع من أبي إسحاق بآخره، هو وزكريا بن أبي زائدة، وإسرائيل. ويقال إن شريكًا أقدم سماعًا من أبي إسحاق من هؤلاء

(3)

.

(1)

"جامع الترمذي": [1/ 27][ح 17]، و"علل الترمذي الكبير":[ص 29].

(2)

"سنن الدارقطني": [3/ 220]، و"الكامل في ضعفاء الرجال":[1/ 422]. وقال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد": [8/ 388]: "دعلج بن أحمد كان ثقة ثبتًا".

(3)

"تاريخ الثقات": [ص 165، 166].

ص: 254

قال ابن حجر: قال أبو داود الطيالسي: لم يكن زائدة بالأستاذ في حديث أبي إسحاق

(1)

.

قال البخاري: قال علي: سمعت سفيان: دخلت على أبي إسحاق في سنة ست وعشرين، ومات سنة سبع وعشرين، وكان أصيب بصره

(2)

.

قال ابن محرز: سمعت يحيى بن معين يقول: قال حميد الرؤاسي: سمع ابن عيينة من أبي إسحاق بعد الاختلاط.

قال يحيى: قلت: كيف؟ قال: لأن أبا إسحاق حمل إلى يوسف بن عمر فأحدث على السرج فردوه، فسمع منه ابن عيينة بعد ذلك

(3)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو بكر الحميدي قال: قال سفيان: وحدثني أبو إسحاق سنة ست وعشرين ومائة -وحدّث ولا معي ولا معه أحد- قال: حدثني صلة بن زفر منذ سبعين سنة

(4)

.

وقال يعقوب بن سفيان أيضًا: وقال سفيان بن عيينة: حدثنا أبو إسحاق في مسجده -ليس معنا ثالث- فقال بعض أهل العلم: كان قد اختلط فإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه

(5)

.

(1)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة زائدة بن قدامة]. وقد تقدم قول أحمد في رواية زائدة عن أبي إسحاق.

(2)

"التاريخ الأوسط": [2/ 6].

(3)

"سؤالات ابن محرز" لابن معين: [1/ 161]، و"تاريخ الدوري":[3/ 371].

(4)

"المعرفة والتاريخ": [2/ 670].

(5)

"المعرفة والتاريخ": [3/ 75].

ص: 255

قال الخليلي: يُقال إن سماع ابن عيينة من أبي إسحاق السبيعي بعدما اختلط

(1)

.

قال الذهبى: عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعى من أئمة التابعين بالكوفة وأثباتهم، إلا أنه شاخ ونسى ولم يختلط. وقد سمع منه سفيان ابن عيينة، وقد تغير قليلًا

(2)

.

وقال الذهبي أيضًا: أبو إسحاق السبيعي ثقة حجة بلا نزاع، وقد كبر وتغير حفظه تغير السن، ولم يختلط

(3)

.

قال العلائي: لم يعتبر أحد من الأئمة ما ذكر من اختلاط أبي إسحاق، واحتجوا به مطقًا، وذلك يدل على أنه لم يختلط في شيء من حديثه، كما تقدم في عبد الملك بن عمير، فهو أيضًا من القسم الأول

(4)

.

‌روايات أبي إسحاق السبيعي في الصحيحين:

[أ] روايات أبي إسحاق السبيعي في صحيح البخاري:

‌1 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها سفيان الثوري عنه:

روى البخاري لأبى إسحاق السبيعي من رواية سفيان الثوري عنه هذه الأحاديث: [ح 960، 2700، 2873، 2874، 2912، 2934، 3249،

(1)

"الإرشاد في معرفة علماء الحديث": [1/ 355].

(2)

"ميزان الاعتدال": [3/ 270].

(3)

"سير أعلام النبلاء": [5/ 394].

(4)

كتاب "المختلطين": [ص 94]. وقد تقدم معنى (القسم الأول) في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

ص: 256

3341، 3376، 3838، 4109، 4315، 4492].

‌2 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها شعبة بن الحجاج عنه:

روى البخاري لأبي إسحاق السبيعي من رواية شعبة بن الحجاج عنه هذه الأحاديث: [ح 240، 593، 747، 1067، 1070، 1083، 1146، 1417، 1656، 1684، 2698، 2831، 2836، 2837، 3185، 3551، 3614، 3745، 3762، 3802، 3853، 3854، 3908، 3924، 3925، 3949، 3956، 3972، 4104، 4316، 4317، 4381، 4593، 4605، 4654، 4708، 4739، 4869، 4870، 4872، 4873، 4941، 4994، 4995، 5607، 5848، 6313، 6398، 6528، 6561، 6640، 7236، 7254].

‌3 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها إسرئيل بن يونس بن أبي إسحاق عنه:

روى البخاري لأبي إسحاق السبيعي من رواية إسرائيل بن يونس عنه هذه الأحاديث:

[ح 126، 399، 520، 811، 1683، 1844، 1915، 2439، 2808، 3042، 3345، 3545، 3577، 3632، 3652، 3958، 4039، 4043، 4110، 4150، 4251، 4364، 4380، 4471، 4472، 4508، 4512، 4594، 4839، 4863، 4874، 4900، 4901، 4904، 4965، 4990، 5836، 5901، 5923، 6299، 6399، 6562، 6744، 7252].

ص: 257

‌4 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها زهير بن معاوية عنه:

روى البخاري لأبي إسحاق السبيعي من رواية زهير بن معاوية عنه هذه الأحاديث: [ح 40، 156، 252، 254، 1022، 1675، 2739، 2930، 3039، 3552، 3615، 3957، 3960، 3986، 4067، 4151، 4404، 4486، 4561، 4871، 4903، 5011].

‌5 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها يوسف بن أبي إسحاق عنه:

روى البخاري ليوسف بن أبي إسحاق عن أبيه هذه الأحاديث: [ح 1781، 3184، 3549، 3763، 3917، 3950، 3970، 4040، 4106، 4349، 6642].

‌6 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها زكريا بن أبى زائدة عنه:

روى البخاري لزكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق هذه الأحاديث: [3022، 3023، 4038، 4384].

‌7 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها أبي الأحوص سلام بن سليم عنه:

روى البخاري لأبي الأحوص عن أبي إسحاق هذه الأحاديث: [ح 2856، 3034، 4461].

‌8 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها عمر بن أبي زائدة وجرير بن حازم عنه:

روى البخاري لعمر بن أبي زائدة وجرير بن حازم حديثين عن أبي إسحاق السبيعي: [ح 6404، 6620]

(1)

.

(1)

اعتمدت في حصر روايات أبي إسحاق السبيعي التى في صحيح البخاري على كتاب "روايات المدلسين في صحيح البخاري" للدكتور عواد الخلف.

ص: 258

[ب] روايات أبي إسحاق السبيعي في صحيح مسلم:

‌1 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها سفيان الثوري عنه:

روى مسلم لأبي إسحاق السبيعي من رواية سفيان الثوري عنه هذه الأحاديث:

1 -

كتاب "الصلاة"[1/ 345][ح 198].

2 -

كتاب "المساجد ومواضع الصلاة"[1/ 374][ح 11].

3 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1401][ح 81].

4 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1419][ح 109].

5 -

كتاب "الفضائل"[4/ 1818][ح 91].

6 -

كتاب "فضائل الصحابة"[4/ 1855][ح 4].

7 -

كتاب "فضائل الصحابة"[4/ 1911][ح 111].

8 -

كتاب "فضائل الصحابة"[4/ 1882][ح 55].

9 -

كتاب "الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"[4/ 2087][ح 72].

10 -

كتاب "الجنة وصفة نعيمها وأهلها"[4/ 2182][ح 22]

(1)

.

‌2 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها شعبة عنه:

روى مسلم لأبي إسحاق السبيعي من رواية شعبة عنه هذه الأحاديث:

(1)

عدد الأحاديث التى أخرجها الشيخان لسفيان والثوري عن أبي إسحاق أقل بكثير من الأحاديث التي أخرجاها لشعبة عن أبي إسحاق، وذلك لأن سفيان الثوري كان مُقلًا عن أبي إسحاق. فقد قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في العلل ومعرفة الرجال [1/ 267] سمعت أبي يقول: قال يحيى بن سعيد: قال سفيان الثوري: وأي شيء حدثتكم عن أبى إسحاق، ما حدثتكم إلا ما علق به قلبي.

ص: 259

1 -

كتاب "الإيمان"[1/ 196][ح 363].

2 -

كتاب "الإيمان"[1/ 200][ح 377].

3 -

كتاب "الحيض"[1/ 259][ح 55].

4 -

كتاب "المساجد ومواضع الصلاة"[1/ 405][ح 105].

5 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 523][ح 172].

6 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 548][ح 241].

7 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 565][ح 281].

8 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 572][ح 301].

9 -

كتاب "الفرائض"[3/ 1236][ح 11].

10 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1401][ح 80].

11 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1409][ح 90].

12 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1410][ح 91].

13 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1419][ح 108].

14 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1430][ح 125].

15 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1447][ح 143].

16 -

كتاب "الإمارة"[3/ 1494][ح 99].

17 -

كتاب "الإمارة"[3/ 1508][ح 141].

18 -

كتاب "الصيد والذبائح"[3/ 1592][ح 29].

19 -

كتاب "الأشربة"[3/ 1592][ح 90].

20 -

كتاب "الأشربة"[3/ 1592][ح 91].

ص: 260

21 -

كتاب "الفضائل"[4/ 1818][ح 91].

22 -

كتاب "الفضائل"[4/ 1827][ح 120].

23 -

كتاب "فضائل الصحابة"[4/ 1855][ح 4].

24 -

كتاب "فضائل الصحابة"[4/ 1882][ح 55].

25 -

كتاب "فضائل الصحابة"[4/ 1916][ح 126].

26 -

كتاب "البر والصلة والآداب"[4/ 2012][ح 102].

27 -

كتاب "الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"[4/ 2074][ح 39].

28 -

كتاب "الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"[4/ 2083][ح 58].

29 -

كتاب "الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"[4/ 2087][ح 70].

30 -

كتاب "الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"[4/ 2087][ح 72].

31 -

كتاب "الزهد والرقائق"[4/ 2282][ح 22].

32 -

كتاب "التفسير"[4/ 2319][ح 23].

‌3 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها زهير بن معاوية عنه:

روى مسلم لأبي إسحاق السبيعي من رواية زهير بن معاوية عنه هذه الأحاديث:

1 -

كتاب "الصلاة"[1/ 345][ح 197].

2 -

كتاب "المساجد ومواضع الصلاة"[1/ 433][ح 190].

3 -

كتاب "المساجد ومواضع الصلاة"[1/ 452][ح 254].

4 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 484][ح 21].

5 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 510][ح 129].

6 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 510][ح 130].

ص: 261

7 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 547][ح 240].

8 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 565][ح 280].

9 -

كتاب "الزكاة"[2/ 703][ح 66].

10 -

كتاب "الحج"[2/ 916][ح 218].

11 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1400][ح 78].

12 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1447][ح 144].

13 -

كتاب "الفضائل"[4/ 1822][ح 106].

‌4 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها أبو الأحوص سلام بن سليم عنه:

روى مسلم لأبي إسحاق السبيعي من رواية أبي الأحوص عنه هذه الأحاديث:

1 -

كتاب "الإيمان"[1/ 43][ح 14].

2 -

كتاب "الإيمان"[1/ 58][ح 49].

3 -

كتاب "الإيمان"[1/ 200][ح 376].

4 -

كتاب "الحيض"[1/ 258][ح 54].

5 -

كتاب "المساجد ومواضع الصلاة"[1/ 374][ح 11].

6 -

كتاب "المساجد ومواضع الصلاة"[1/ 433][ح 189].

7 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 483][ح 20].

8 -

كتاب "الفضائل"[4/ 1826][ح 119].

9 -

كتاب "الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"[4/ 2083][ح 58].

‌5 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها زكريا بن أبي زائدة عنه:

روى مسلم

ص: 262

لأبي إسحاق السبيعي من رواية زكريا بن أبي زائدة عنه هذه الأحاديث:

1 -

كتاب "الفرائض"[3/ 1237][ح 12].

2 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1401][ح 79].

3 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1410][ح 92].

4 -

كتاب "الجهاد والسير"[3/ 1418][ح 107].

5 -

كتاب "الإمارة"[3/ 1509][ح 144].

‌6 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها عمار بن رزيق عنه:

روى مسلم لأبي إسحاق السبيعي من رواية عمار بن رزيق عنه هذه الأحاديث:

1 -

كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"[1/ 510][ح 130].

2 -

كتاب "الطلاق"[2/ 1118][ح 45].

3 -

كتاب "الطلاق"[2/ 1118][ح 46].

4 -

كتاب "الفرائض"[3/ 1237][ح 13].

‌7 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها يوسف ابنه عنه:

روى مسلم لأبي إسحاق السبيعي من رواية ابنه يوسف عنه هذه الأحاديث:

1 -

كتاب "الحج"[2/ 848][ح 44].

2 -

كتاب "الفضائل"[4/ 1819][ح 93].

3 -

كتاب "فضائل الصحابة"[4/ 1911][ح 110].

‌8 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد ورقبة ابن مصقلة عنه:

روى مسلم حديثين للأعمش عن أبي إسحاق السبيعي: (كتاب "الإيمان"[1/ 196][ح 364]، وكتاب "البر والصلة"

ص: 263

[4/ 2023][ح 136]).

وروى حديثين لإسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق السبيعي: ("كتاب الحج" [2/ 938] [ح 291]، وكتاب "الفرائض" [3/ 1236] [ح 10]).

وروى حديثين لرقبة بن مصقلة عن أبي إسحاق السبيعي: (كتاب "الفضائل" [4/ 1850] [ح 171]، وكتاب "القدر" [4/ 2050] [ح 29]).

‌9 - أحاديث أبي إسحاق التى رواها مالك بن مغول ومنصور بن المعتمر وسليمان بن معاذ ومسعر بن كدام عنه:

روى مسلم حديثًا لأبي إسحاق من رواية مالك بن مغول عنه: (كتاب "الإيمان" [1/ 201] [ح 378]).

وروى حديثًا لأبي إسحاق من رواية منصور بن المعتمر عنه: (كتاب "صلاة المسافرين وقصرها" [1/ 523] [ح 172]).

وروى حديثًا لأبي إسحاق من رواية سليمان بن معاذ عنه: (كتاب "الطلاق" [2/ 1119] [ح 46]).

وروى حديثًا لأبي إسحاق من رواية مسعر بن كدام عنه: (كتاب "الإمارة"[3/ 1509][ح 142]

(1)

.

(1)

اعتمدت في حصر روايات أبي إسحاق السبيعي التى في صحيح مسلم على كتاب "روايات المدلسين في صحيح مسلم" للدكتور عواد الخلف.

ص: 264

‌112 - عمرو بن عيسى بن سويد أبو نعامة العدوي

قال ابن أبي حاتم: نا علي بن أبي طاهر فيما كتب إليّ: نا أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ذكر أبا نعامة العدوي فقال: ثقة إلا أنه اختلط قبل موته

(1)

.

‌113 - عنبسة بن سعيد القطان

قال ابن أبي حاتم: نا محمد بن إبراهيم، نا عمرو بن علي الصيرفي بأن عنبسة القطان أخا أبي الربيع كان مختلطًا لا يروى عنه، قد سمعت منه وجلست إليه

(2)

.

قال ابن عدي: حدثنا محمد بن علي قال: قال عمرو بن علي: عنبسة القطان أخو أبي الربيع السمان قد سمعت منه وكان مختلطًا لا يروى عنه، متروك الحديث، وكان صدوقًا لا يحفظ

(3)

.

(1)

"الجرح والتعديل": [6/ 251].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال ابن معين والنسائي: عمرو بن عيسى بن سويد ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وذكره ابن حبان في"الثقات". ووثقه العجلي. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا".

(2)

"الجرح والتعديل": [6/ 399].

(3)

"الكامل في ضعفاء الرجال": [5/ 264].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الدوري عن ابن معين: ضعيف. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يأتي بالطامات. وقال محمد بن المثنى: ما سمعت عبد الرحمن يحدّث عن عنبسة القطان. وقال الآجري عن أبي داود: ثنا المخرمي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا عنبسة بن سعيد ذاك المجنون. قال أبو داود: كان أشد الناس في السُنَّة، وكان أحيانًا عاقلًا وأحيانًا مجنونًا. قال الآجري: فسألت أبا داود عن عنبسة وأشعث -يعني أخاه، فقال: عنبسة أمثلهما. وقال في موضع آخر: سألت أبا داود عن =

ص: 265

‌114 - العلاء بن الحارث بن عبد الوارث

قال ابن سعد: العلاء بن الحارث كان قليل الحديث، وكان عالمًا بالقراءة في دهره يقرأ عليه القرآن، مات سنة خمس وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وهو ابن سبعين سنة

(1)

.

قال الآجري: سألت أبا داود عن العلاء بن الحارث، فقال: دمشقي تغير عقله وكان ثقة يرى القدر

(2)

.

= عنبسة فقال: ثقة. وقال ابن عدي: بعض أحاديثه مستقيمة، وبعضها لا يتابع عليه". اهـ

وقال الآجري: سألت أبا داود عن عنبسة العبدي، فقال: هو القطان، ضعيف.

وقال البزار: عنبسة بن سعيد القطان حدّث بأحاديث لم يتابع عليها، وهو لين الحديث.

("سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 159]، و"كشف الأستار": [1/ 419] [ح 884]).

(1)

"الطقات الكبرى": [7/ 321].

(2)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 206].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال معاوية بن صالح عن أحمد: العلاء بن الحارث صحيح الحديث، وكذا قال المفضل الغلابى. وقال الدوري عن ابن معين ثقة. قيل له: في حديثه شيء؟ قال: لا، ولكن يرى القدر. وقال ابن المديني: ثقة. وقال يعقوب بن سفيان: ثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث وهو ثقة. وقال عثمان الدارمي عن دحيم: كان مقدمًا على أصحاب مكحول ثقة. وقال أبو حاتم: لا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أوثق منه. وقال الكتاني: سألت أبا حاتم عنه، فقال: كان يرى القدر، كان دمشقيًا من خيار أصحاب مكحول صدوق في الحديث ثقة. وقال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم: العلاء بن الحارث وثابت بن ثوبان أيهما أثبت؟ قال: العلاء أفقه حديثًا وثابت بن ثوبان قليل الحديث، قلت له: إن أبا مسهر قال: أنبل أصحاب مكحول ثابت بن ثوبان، والعلاء بن الحارث، وأعدت عليه تقدم سن ثابت ولقيه سعيد بن المسيب فلم يدفعه عن ثقة وتقدم، وقدم العلاء بن الحارث لفقهه. وقال أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز: إن كتاب مكحول في الحج أخذه من العلاء، وقال أبو مسهر: إليه أوصى مكحول. وقال يعقوب بن سفيان: سألت هشام بن عمار: أي أصحاب مكحول أرفع؟ قال: سليمان بن موسى. قلت: فمن يليه؟ قال: العلاء بن الحارث".

ص: 266

‌حرف الفاء

‌115 - الفضل بن محمد بن الفضل النيسابوري

قال ابن حجر: الفضل بن محمد بن الفضل أبو القاسم التاجر النيسابوري سمع الكثير وحدّث.

قال الحاكم: أصيب بعقله في أواخر عمره، توفي في رجب سنة خمس وثمانين وثلاثمائة

(1)

.

‌116 - فطر بن حماد

قال الأجري: سمعت أبا داود يقول: الأنصاري تغير -يعني محمد بن عبد الله- وفطر بن حماد تغيرًا شديدًا

(2)

.

(1)

"لسان الميزان": [6/ 28].

(2)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 158].

وفي "لسان الميزان"[6/ 34]: "قال أبو حاتم: فطر بن حماد ليس بالقوي، سمع مالك بن أنس. وقال أبو زرعة: ثقة".

ص: 267

‌حرف القاف

‌117 - القاسم بن عيسى بن إبراهيم

قال ابن حجر: قال الآجري عن أبي داود: القاسم بن عيسى بن إبراهيم تغير عقله

(1)

.

‌118 - القاسم بن منده الأصبهاني

قال الذهبي: القاسم بن منده الأصبهاني عن سليمان الشاذكوني تُكلم فيه ولم يُترك

(2)

.

قال ابن حجر: قال أبو الشيخ: القاسم بن منده بن كوشيد الضرير يروي عن سعدويه والشاذكوني، وكان يقرأ عليه ولم يعقل، ثم سألناه متى كتبت عن سعدويه، فقال: لا أدري، فأخرج عن أبي همام، فقيل: أين سمعت منه؟ فقال: ما يدرينى، قال: فحضرت مجلسه ثم لم أعد إليه وتركته.

وقال أبو نعيم: اختلط في آخر عمره، وضعفوا أمره

(3)

.

(1)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة القاسم بن عيسى].

وفي "التهذيب" أيضًا: "ذكره ابن حبان في "الثقات". وأفرط أبو محمد بن حزم كعادته فقال: مجهول لا يُدْرى من هو".

(2)

"ميزان الاعتدال": [3/ 380].

(3)

"لسان الميزان": [6/ 48].

ص: 268

‌119 - القاسم بن هانئ الأعمى المصري

قال الذهبي: القاسم بن هانئ الأعمى. مصري. قال العقيلى: لا يقيم الحديث، يروي عن الليث بن سعد

(1)

.

قال ابن حجر: ساق له العقيلي عن الليث عن يحيى بن سعيد، عن أنس (رفعه:"من مات له ثلاث من الولد كنت أنا وهو في الجنة كهاتين" وقال: ولا يتابع عليه. وقال ابن يونس: منكر الحديث، لأنه كان يُحدّث حفظًا، وكان قد اختلط، توفي في ذي القعدة سنة سبع وعشرين ومائتين

(2)

.

‌120 - قرة بن حبيب

قال البرذعي: قلت لأبي زرعة: قرة بن حبيب تغير؟ فقال: نعم، كنا أنكرناه بآخره، غير أنه كان لا يحدث إلا من كتابه، ولا يحدث حتى يحضر ابنه، ثم تبسم. فقلت: لم تبسمت، قال: أتيته ذات يوم وأبو حاتم، فقرعنا عليه الباب واستأذنا عليه فدنا من الباب ليفتح لنا، فإذا ابنته قد خفت، وقالت له: يا أبة إن هؤلاء أصحاب الحديث ولا آمن أن يغلطوك، أو يدخلوا عليك ما ليس من حديثك، فلا تخرج إليهم حتى يجيء أخي -تعنى علي بن قرة-، فقال لها: أنا أحفظ، فلا أمكنهم

(1)

"ميزان الاعتدال": [3/ 381].

(2)

"لسان الميزان": [6/ 49].

ص: 269

من ذلك. فقال: لست أدعك تخرج، فإني لا أمنهم عليك، فما زال قرة يجتهد ويحتج عليها حتى غلبت عليه ولم تدعه.

قال أبو زرعة: فانصرفنا وقعدنا حتى وافه ابنه على.

قال أبو زرعة: فجعلت أعجب من صرامتها وصيانتها أباها

(1)

.

(2)

.

‌121 - قريش بن أنس

قال البخاري: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب، قال: مات قريش بن أنس سنة تسع وخمسين، وكان قد اختلط ست سنين في البيت

(3)

.

قال ابن أبي حاتم: قريش بن أنس يُقال إنه تغير عقله، وكان سنة ثنتين ومائتين صحيح العقل، ومات سنة ثمان ومائتين، سمعت أبي يقول ذلك. قال ابن أبي حاتم: سُئل أبي عن قريش بن أنس، فقال: لا بأس به

(4)

.

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: قريش بن أنس تغير. سمعت أبا

(1)

"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة الرازي [2/ 575، 5796].

(2)

قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب": "قرة بن حبيب روى عنه البخاري في "كتاب الأدب" وغيره، وروى في الصحيح عن الحسن غير منسوب عنه، وأبو داود السجستاني في غير السنن وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، ويعقوب بن سفيان، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وآخرون.

قال أبو حاتم: كان صدوقًا ثقة غزا مع الربيع بن صبيح، كتبنا عنه أيام النصاري، ثم بقى حتى كتبنا عنه أيام أبي الوليد. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الدارقطني: ثقة. وروى ابن خزيمة في صحيحه عن ابنه علي عنه".

(3)

"التاريخ الأوسط": [2/ 223].

(4)

"الجرح والتعديل": [7/ 142].

ص: 270

داود يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن حبيب يقوله

(1)

.

قال ابن حبان: قريش بن أنس الأنصاري كان سخيًا صدوقًا إلا أنه اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يُحدّث به، وبقى ست سنين في اختلاطه فظهر في رواياته أشياء مناكير لا تشبه حديثه القديم، فلما ظهر ذلك من غير أن يتميز مستقيم حديثه من غيره لم يجز الاحتجاج به فيما انفرد، فأما فيما وافق الثقات فهو المعتبر بأخباره تلك

(2)

.

قال ابن حجر: سماع المتأخرين عن قريش بن أنس بعد الاختلاط مثل ابن أبى العوام، ويزيد بن سنان البصري، وبكار القاضي، وأبي قلابة، والكديمي

(3)

.

‌122 - قنبر مولى علي

قال الذهبي: قنبر مولى علي بن أبي طالب (لم يثبت حديثه).

قال الأزدي: يُقال: كبر حتى كان لا يدري ما يقول أو يروي.

قلت: قلَّ ما روى.

قال ابن أبي حاتم: قنبر عن علي - ثم بيض

(4)

.

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 158 - 159].

(2)

"المجروحين": [2/ 220].

(3)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة قريش بن أنس].

وفيه أيضًا: "قال علي بن المديني: كان ثقة. وقال النسائي: ثقة".

وقال ابن الجنيد: سألت يحيى بن معين عن قريش بن أنس؟ فقال: ليس به بأس. وقد كتب عنه يحيى بن معين. ("سؤالات ابن الجنيد" لابن معين: [ص 449]).

(4)

"ميزان الاعتدال": [3/ 392].

ص: 271

قال ابن حجر: الأزدي لم يقل ذلك من قبله، وإنما رواه من طريق القاسم ابن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

وروى الخطيب حديثًا من طريق قنبر بن أحمد، عن أبيه، عن جده، وقال: كلهم مجهولون.

وأخرج الخطيب في "المؤتلف" من طريق عثمان بن واقد عن قرة العين بنت جون الضبية، قالت: كنت عند عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فجاء قنبر فسلم عليه فقال له: لا سلم الله عليك، فقلت له: تقول هذا لمولى عمك! قال: إن هذا يأتى الكوفة -يعني يتنقص عثمان- وأنا سمعت عليًا رضي الله عنه يقول: قاتل الله هؤلاء، إنى أرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى:{إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}

(1)

.

‌123 - قيس بن أبي حازم

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا محمد بن الهيثم بن حماد، حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي، حدثني يحيى بن أبي غنية، حدثنا إسماعيل بن خالد، قال: كبر قيس بن أبي حازم حتى جاز المائة بسنين كثيرة، حتى خرف وذهب عقله، قال: فاشتروا به جارية سوادء أعجمية قال: وجعل في عنقها قلائد من عهن وودع وأجراس من نحاس، قال: فجعلت معه في منزله، وأغلق عليه باب قال: فكنا نطلع إليه من وراء

(1)

"لسان الميزان": [6/ 57 - 58].

ص: 272

الباب وهو معها، قال: فيأخذ تلك القلائد فيحركها بيده ويعجب منها، ويضحك في وجهها

(1)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [12/ 455].

ويحيى بن أبي غنية هو يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، وثقه أحمد وابن معين وابن سعد وأبو داود والدارقطني. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال النسائي: ليس به بأس. وأخرج له الشيخان. وقال ابن عدي: بعض حديثه لا يُتابع عليه، وهو ممن يُكتب حديثه. "تهذيب التهذيب".

ويحيى بن سليمان الجعفي هو يحيى بن سليمان بن يحيى بن سعيد الجعفي. قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم: شيخ. وقال النسائي: ليس بثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربما أغرب. وقال الدارقطني: ثقة. وقال مسلمة بن القاسم: لا بأس به. وكان عند العقيلي ثقة وله أحاديث مناكير".

وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ.

وقال الحافظ في "هدي الساري": يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي نزيل مصر أكثر عن ابن وهب، لقيه البخاري، وروى الترمذي عن رجل عنه، وكان النسائي سيء الرأي فيه، قال: إنه ليس بثقة، وأما الدارقطني والعقيلي فوثقاه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربما أغرب.

قلت: لم يُكثر البخاري من تخريج حديثه، وإنما أخرج له أحاديث معروفة من حديث ابن وهب خاصة.

وقال الحافظ في "التقريب": محمد بن الهيثم بن حماد ثقة حافظ.

وقال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"[3/ 132]: محمد بن عمرو بن البختري ثقة ثبتًا.

وقال أيضًا في [12/ 98 - 99]: علي بن محمد بن عبد الله المعدل كتبنا عنه وكان صدوقًا ثقة ثبتًا حسن الأخلاق.

وقال الذهبي في "الميزان"[3/ 392]: [صح] قيس بن أبي حازم [ع] عن أبي بكر وعمر. ثقة حجة، كاد أن يكون صحايبًا، وثقه ابن معين والناس. وقال علي بن عبد الله عن يحيى بن =

ص: 273

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سعيد: منكر الحديث، ثم سمى له أحاديث استنكرها فلم يصنع شيئًا، بل هي ثابتة، لا ينكر له التفرد في سعة ما روى، من ذلك حديث كلاب الحوءب. وقال يعقوب السدوسي: تكلم فيه أصحابنا، فمنهم من حمل عليه، قال: وله مناكير، فالذين أطروه عدوه غرائب. وقيل: كان يحمل على عليّ (إلى أن قال يعقوب: والمشهور أنه كان يُقدم عثمان. ومنهم من جعل الحديث عنه من أصح الأسانيد. وقال إسماعيل بن خالد: كان ثبتًا، قال: وقد كبر حتى جاوز المائة وخرف.

قلت: أجمعوا على الاحتجاج به، ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه، نسأل الله العافية وترك الهوى، فقد قال معاوية بن صالح عن ابن معين: كان قيس أوثق من الزهري. اهـ

وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب": "قال يعقوب بن شيبة: قيس بن أبي حازم متقن الرواية، وقد تكلم أصحابنا فيه، فمنهم من رفع قدره وعظمه وجعل الحديث عنه أصح الأسانيد ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير، والذين أطروه حملوا هذه الأحاديث على أنها عندهم غير مناكير، وقالوا: هي غرائب، ومنهم من حمل عليه في مذهبه، وقالوا: كان يحمل على عليّ (، والمشهور عنه أنه كان يُقدم عثمان، ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه. وقال ابن خراش: كوفي جليل، وليس في التابعين أحد روى عن العشرة إلا قيس ابن أبي حازم. وقال أبو سعيد الأشج: سمعت أبا خالد الأحمر يقول لعبد الله بن نمير: يا أبا هشام أما تذكر إسماعيل بن أبي خالد وهو يقول: حدثنا قيس هذه الاسطوانة - يعني في الثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ

قلت: ما أظن أن وصف قيس بن أبي حازم بالتغير يصح عن إسماعيل بن أبي خالد، وإن صح فما أظن أن أحدًا سمع منه في هذا الوقت وقد جاوز المائة بسنين كثيرة.

ص: 274

‌حرف اللام

‌124 - ليث بن أبي سليم

قال ابن أبي حاتم: نا أبو الحسين الرهاوي أحمد بن سليمان فيما كتب إلى قال: سمعت مؤمل بن الفضل قال: قلنا لعيسى بن يونس: لم تسمع من ليث بن أبي سليم؟ قال: قد رأيته وكان قد اختلط، وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن

(1)

.

قال البزار: حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا جرير، عن ليث، عن طاوس أو مجاهد، عن ابن عباس رفعه قال:"منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا".

وكان ليث قد أصابه شبه الاختلاط، ولم يثبت ذلك عنه، فقد بقى في حديثه لين بذلك السبب.

وهذا الحديث ما لا نعلمه يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم من وجه أحسن من هذا

(2)

.

قال ابن حجر: قال البزار: ليث بن أبي سليم كان أحد العُبّاد إلا أنه أصابه اختلاط فاضطرب حديثه، وإنما تكلم فيه أهل العلم بهذا، وإلا فلا نعلم أحدًا ترك حديثه

(3)

.

(1)

"الجرح والتعديل": [7/ 177].

وأبو الحسين الرهاوي أحمد بن سليمان ثقة حافظ. ومؤمل بن الفضل صدوق.

(2)

"مسند البزار"[11/ 148 - 149].

(3)

"تهذيب التهذيب".

ص: 275

قال ابن حبان: ليث بن أبي سليم كان من العُبّاد، ولكن اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يُحدّث به، فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ويأتى عن الثقات بما ليس من أحاديثهم، كان ذلك منه في اختلاطه، تركه يحيى القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين

(1)

.

(1)

"المجروحين": [2/ 231].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث. وقال أيضًا: ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأيًا منه في ليث بن أبي سليم وابن إسحاق وهمام، لا يستطع أحد أن يراجعه فيهم. وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت جريرًا عن ليث ويزيد بن أبي زياد وعطاء بن السائب، فقال: كان يزيد أحسنهم استقامة ثم عطاء وكان ليث أكثر تخليطًا. وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن هذا، فقال: أقول كما قال. وقال أحمد بن سنان عن ابن مهدي: ليث أحسنهم حالًا عندي. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ليث أحب إليَّ من يزيد، كان أبرأ ساحة، وكان ضعيف الحديث، قال: فذكرت له قول جرير، فقال: أقول كما قال، قال: وقلت ليحيى بن معين: ليث أضعف من يزيد وعطاء؟ قال: نعم. وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف إلا أنه يُكتب حديثه. وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري عن يحيى بن معين: كان يحيى بن سعيد لا يُحدّث عنه، وكذا قال عمرو بن علي وابن المثنى وعلي بن المديني، وزاد عن يحيى: مجالد أحب إليَّ من ليث وحجاج بن أرطأة. وقال أبو معمر القطيعي: كان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم. وقال الميموني عن ابن معين: كان ليث ضعيف الحديث عن طاوس، فإذا جمع إلى طاوس غيره فالزيادة هو ضعيف. وقال علي بن محمد: سألت وكيعًا عن حديث من حديث ليث، فقال: ليث ليث، كان سفيان لا يسمى ليثًا. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: ليث لا يشتغل به، هو مضطرب الحديث، قال: وقال أبو زرعة: ليث بن أبي سليم لين الحديث لا تقوم به حجة عند أهل العلم بالحديث، قال: وسمعت أبي يقول: ليث عن طاوس أحب إليَّ من سلمة بن وهرام عن =

ص: 276

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= طاوس، قلت: أليس تكلموا في ليث؟ قال: ليث أشهر من سلمة، ولا نعلم روى عن سلمة إلا ابن عيينة وربيعة. وقال الآجري عن أبي داود، عن أحمد بن يونس، عن فضيل ابن عياض: كان ليث أعلم أهل الكوفة بالمناسك. قال أبو داود: وسألت يحيى عن ليث، فقال: لا بأس به، قال: وعامة شيوخه لا يعرفون. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، قد روى عنه شعبة والثوري، ومع الضعف الذى فيه يُكتب حديثه. وقال البرقانى: سألت الدارقطني عنه فقال: صاحب سُنّة يخرّج حديثه، ثم قال: إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد فحسب. وقال ابن سعد: كان رجلًا صالحًا عابدًا، وكان ضعيفًا في الحديث، يقال: كان يسأل عطاء وطاوس ومجاهد عن الشيء فيختلفون فيه، فيروي أنهم اتفقوا من غير تعمد. وقال الترمذي في "العلل الكبير" عن البخاري: قال أحمد: ليث لا يُفرح بحديثه. قال البخاري: وليث صدوق يهم. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم. وقال الحاكم أبو عبد الله: مجمع على سوء حفظه. وقال الجوزجاني: يضعف حديثه. وقال يعقوب بن شيبة: صدوق ضعيف الحديث. وقال ابن شاهين في "الثقات": قال عثمان بن أبي شيبة: ليث صدوق، ولكن ليس بحجة. وقال الساجي: صدوق فيه ضعف، كان سيء الحفظ، كثير الغلط، كان يحيى القطان بآخره لا يُحدّث عنه. وقال ابن معين: منكر الحديث، وكان صاحب سُنّة، روى عنه الناس، إلى أن قال الساجي: وكان أبو داود لا يدخله في كتاب "السنن" الذي صنفه. كذا قال، وحديثه ثابت في السنن، لكنه قليل، والله أعلم".

ص: 277

‌حرف الميم

‌125 - محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم الجرجاني الغطريفى

قال العراقي: وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين أبو أحمد الغطريفي الجرجاني وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة، ذكر الحافظ أبو علي البرذعي ثم السمرقندي في معجمه أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما انتهى. وأما الغطريفي فلم أر من ذكره فيمن اختلط غير ما حكاه المصنف عن الحافظ أبي على البرذعي وقد ترجمه الحافظ حمزة السهمي في "تاريخ جرجان" فلم يذكر عنه شيئًا من ذلك وهو أعرف به فإنه أحد شيوخ حمزة وقد حدث عنه الحافظ أبو بكر الإسماعيلى في صحيحه إلا أنه دلس اسمه فقال مرة: حدثنا محمد بن أبي حامد النيسابوري، وقال مرة: حدثنا محمد بن أحمد العبقسي، وقال مرة: حدثنا محمد بن أحمد الوردي، وقال مرة: حدثنا محمد بن أحمد البغوي، وقال مرة: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين، ولم ينسبه. ونسبة الغطريفي إلى أحد أجداده فإنه محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن السري بن الغطريف الغطريفي الجرجاني الرباطي ولم يدلسه الإسماعيلي لضعفه، ولكن لكونه ليس في مرتبة شيوخه، وإنما هو من أقرانه وكان نازلًا في منزل الإسماعيلي، وتوفى الإسماعيلي قبله في سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة في غرة شهر رجب، وتأخر الغطريفي ست سنين فتوفى في سنة سبع وسبعين في شهر رجب أيضًا، فلذلك أبهم نسبه فإن كان قد حصل

ص: 278

للغطريفي تغير فهو بعد موت الإسماعيلي.

وآخر من بقى من أصحاب الغطريفي القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، وهو أيضًا سمع منه قبل التغير إن كان حصل له تغير فإن القاضي أبا الطيب رحل إلى جرجان سنة إحدى وسبعين في حياة الإسماعيلي فقدمها يوم خميس فاشتغل بدخول الحمام ثم أصبح فأراد الاجتماع بالإسماعيلي والسماع عليه، فقال له ابنه أبو سعد إنه شرب دواء لمرض حصل له فتعال غدًا للسماع عليه، فجاء من الغد يوم السبت فوجده قد مات فلم يحصل للقاضي أبي الطيب لقى الإسماعيلي، وسمع في تلك السنة من الغطريفي، فإنه كان نازلًا في منزل الإسماعيلي.

ولم يذكر الذهبي في "الميزان" الغطريفى فيمن تغير، ولكن ذكر السمعاني في الأنساب أنهم أنكروا على الغطريفي حديثًا رواه من طريق مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى جملًا لأبي جهل. قال السمعاني: وكان يذكر أن ابن صاعد وابن مظفر أفاداه عن الصوفي هذا الحديث قال: ولا يبعد أن يكون قد سمع إلا أنه لم يخرج أصله. قال: وقد حدث غير واحد من المتقدمين والمتأخرين بهذا الحديث عن الصوفي. قال السمعاني: وأنكروا عليه أيضًا أنه حدث بمسند إسحاق بن إبراهيم الحنظلى عن ابن شيرويه من غير الأصل الذى سمع فيه. وقال حمزة السهمي: سمعت أبا عمرو الرزجاهي يقول: رأيت سماع الغطريفي في جميع كتاب ابن شيرويه والله أعلم.

قلت: وثم آخر يوافق الغطريفي في الاسم واسم أبيه واسم بلده وتقاربا

ص: 279

أيضًا في اسم الجد وهما متعاصران وقد اختلط في آخر عمره، فيحتمل أن يكون اشتبه الغطريفي به واسم الغطريفي محمد بن أحمد بن الحسين الجرجاني كما تقدم. واسم الآخر محمد بن أحمد بن الحسن، وقد بين الحاكم في "تاريخ نيسابور" اختلاط هذا فقال: ولقد سافر معي وسبرته في الحضر والسفر نيفًا وأربعين سنة فما اتهمته في الحديث قط، ثم تغير بآخره وخلط والله يغفر لنا وله، وينتقم ممن أفسد علمه، وتوفى عشية يوم الإثنين الرابع من جمادي الأولى سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة

(1)

.

قال ابن حجر: محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف، أبو أحمد الجرجاني الحافظ سمع من عبد الله بن شيرويه، وأبي خليفة، وزكريا الساجي، وقاسم المطرز، وجماعة.

روى عنه أبو نعيم وأبو الطب، وغيرهما.

قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: لا أعرفه إلا صوامًا قوامًا.

قلت: حدّث عنه الإسماعيلي في "صحيحه"، وهو أكبر منه، وقد أنكروا على الغطريفي حديثه عن الصوفي، عن سويد، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، عن أبي بكر رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى جملًا لأبي جهل".

قال السهمي: فكان يذكر أن ابن صاعد وابن مظاهر أفاداه هذا الحديث، ولكنه لم يُخْرِج أصله.

(1)

"التقييد والإيضاح"[ص 463 - 464].

ص: 280

قال: وأنكروا أيضًا على الغطريفى أنه حدّث بمسند إسحاق بن راهويه من غير أصله. وقد تفرد عن أبي العباس بن سريج بأحاديث لم يروها عنه غيره.

قلت: هو ثقة ثبت من كبار حفاظ زمانه، خرج على صحيح البخاري، وجمع الأبواب. توفي في رجب سنة سبع وسبعين وثلثمائة. وقد ذكرت علة الحديث المذكور في ترجمة أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي من هذا الكتاب. وقد ذكر حمزة السهمى في "تاريخ جرجان" معظم ما في هذه الترجمة وقال فيها: سمعت أبا عمرو الرزجاهي يقول: رأيت سماع أبي أحمد الغطريفي في جميع كتاب ابن شيرويه.

وقد ذكره ابن الصلاح في "علوم الحديث" في النوع الثاني والستين "معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات"، فقال: وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين أبو أحمد الغطريفي الجرجاني، وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة.

فقد ذكر الحافظ أبو علي البرذعي في "معجمه" أنهما اختلطا في آخر عمرهما.

قال شيخنا في "النكت": فأما الغطريفي فلم أر من ذكره فيمن اختلط إلا هذا. وقد ترجمه حمزة السهمي في "تاريخ جرجان" فلم يذكر شيئًا من ذلك، وهو أعرف به، فإنه من شيوخه

(1)

.

‌126 - محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الإيادي

قال ابن حجر: محمد بن أحمد بن عبد الرحيم أبو سعيد الإيادي عن

(1)

"لسان الميزان": [6/ 112 - 113].

ص: 281

أحمد بن نجدة بن العريان، وعنه أبو ذر الهروي، وقال: كان ضعيفًا وتغير بآخره

(1)

.

‌127 - محمد بن أحمد بن عثمان أبو طاهر المديني

قال الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان، أبو الطاهر الأموي المديني من موالي عثمان بن عفان ذكره ابن يونس في الشعراء

(2)

، وقال: كان يحفظ ويفهم، روى مناكير، أراه كان اختلط، لا تجوز الرواية عنه. وقال ابن عدي: يغلط ويثبت عليه ولا يرجع.

وقال أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم في كتاب "الضعفاء": وما كان في الكتاب عن أبي طاهر المديني فإن محمد بن عبد العزيز ومحمد بن بسطام حدثاني عن أبي الطاهر.

قلت: يروي عن حرملة وطبقته بمصر، وعن يعقوب بن كاسب، توفي سنة ثلاث وثلثمائة، روى عنه ابن عدي، ومؤمل، ويحيى، وعدة

(3)

.

قال ابن حجر: قال الدارقطني: لم يكن بالقوي، وأخرج له في "غرائب مالك" عن أبي هبيرة الدمشقي، عن سلامة بن بشر، عن يزيد بن السمط، عن الأوزاعي، عن مالك، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة"، وقال: لم يقل فيه عن

(1)

"لسان الميزان": [6/ 122].

(2)

في "لسان الميزان": [الغرباء].

(3)

"ميزان الاعتدال": [3/ 456].

ص: 282

مالك غير أبي طاهر، وكان ضعيفًا، وإنما رواه يزيد بن السمط عن الأوزاعي، عن الزهري، ليس فيه مالك.

وكذا أخرج له عن حرملة وعيسى الغافقي، عن ابن وهب، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر في تقبيل الحجر، وقال: لم يروه غير أبي طاهر ولم يكن بالقوي، والمحفوظ عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث، عن زيد بن أسلم.

وقال في الحديث الثانى والعشرين بعد المائة من ترجمة نافع عن ابن عمر: أبو الطاهر ضعيف. وقال ابن عدي: ولأبي عثمان هذا غير حديث منكر وكنا نتهمه فيها

(1)

.

‌128 - محمد بن إبراهيم الجرجاني الكيال

قال الذهبي: محمد بن إبراهيم الجرجاني الكيال وضع على أبي العباس الأصم حديثًا، وليس بالمشهور، إنما المشهور في مسند أصبهان أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي الجرجاني صدوق أملى مجالس عدة، ووقع لنا منها. يروى عن الأصم، ومحمد بن الحسين وطبقتهما. روى عنه الرئيس الثقفي، وسليمان الحافظ، وخلق. مات سنة ثمان وأربعمائة

(2)

.

قال ابن حجر: ذكر عبد الغافر بن إسماعيل النيسابوري في "ذيل تاريخ

(1)

"لسان الميزان": [6/ 113 - 114].

(2)

"ميزان الاعتدال": [3/ 452].

ص: 283

نيسابور" صاحب الترجمة فقال: محمد بن إبراهيم بن أحمد بن على أبو الفضل النيسابوري الجرجانى، أضر به الفقر فاختلط في آخر عمره، كان يُحدّث بالمناكير من حفظه، روى عن الأصم ما لم يروه الأصم، ولم يسمعه قط. ثم روى له حديثًا في وصية علي، وفضل الشيعة

(1)

.

‌129 - محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده

قال الذهبى: قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان": ابن منده حافظ من أولاد المحدثين، اختلط في آخر عمره، فحدّث عن ابن أسيد، وابن أخي أبي زرعة الرازي، وابن الجارود، بعد أن سُمع منه أن له عنهم إجازة، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالًا في المعتقدات لم يعرفوا بها، نسأل الله الستر والصيانة.

قلت: لا نعبأ بقولك في خصمك للعداوة السائرة، كما لا نسمع أيضًا قوله فيك، فلقد رأيت لابن منده حطًا مقنعًا على أبى نعيم وتبديعًا، وما لا أحب ذكره، وكل منهما فصدوق في نفسه، غير متهم في نقله بحمد الله

(2)

.

(1)

"لسان الميزان": [6/ 107].

(2)

"سير أعلام النبلاء": [17/ 34].

وقال الذهبي في "السير" أيضًا: ابن منده الإمام الحافظ الجوال، مُحدِّث الإسلام لم أعلم أحدًا كان أوسع رحلةً منه، ولا أكثر حديثًا منه مع الحفظ والثقة، فبلغنا أن عدة شيوخه ألف وسبع مئة شيخ.

وانظر باقي ترجمته في "السير"، وترجمته في "ميزان الاعتدال":[3/ 479 - 480]، و"لسان الميزان":[6/ 145 - 146].

ص: 284

‌130 - محمد بن إسماعيل بن مهران النيسابوري

قال الذهبي: محمد بن إسماعيل بن مهران النيسابوري صدوق مشهور، ولكنه أُسكت قبل موته بست سنين، فالآخذ عنه فيها ضعيف

(1)

.

قال ابن حجر: قال الحاكم في ترجمته: أحد أركان الحديث بنيسابور كثرة ورحلة واشتهارًا، سمع من إسحاق بن راهويه، وعبد الله بن الجراح وغيرهما، وبالعراق من أبي كريب وعقبة بن مكرم، وبالحجاز من أبي مصعب، وابن أبي عمر، ويعقوب بن حميد، وأقرانهم، وبمصر من هارون بن سعيد، وعيسى بن زغبة، ومحمد بن رمح، وغيرهم، وبالشام من هشام بن عمار، ومحمد بن مصطفى، ودحيم، وأقرانهم.

روى عنه إبراهيم بن أبي طالب، ومحمد بن إسحاق السراج، وهما من أقرانه، جمع حديث الزهري وجوده.

قال ابنه أحمد: مرض أبي في صفر سنة تسع وثمانين، وبقي في مرضه إلى أن توفي في ذي الحجة سنة خمس وتسعين ومائتين.

قال الحاكم: عهدت مشايخنا لا يصححون سماع الذين سمعوا من الإسماعيلي -يعني هذا- بعد التسع والثمانين، فإنه كان لا يقدر أن يحرك لسانه إلا بـ (لا)، فكان إذا قُرئ عليه قيل له: كما قرأنا، قال: لا.

وسمعت عبد الله بن سويد الثقة المأمون يتأسف غير مرة على ما فاته من الإسماعيلي، ثم يقول: أدركناه وقد أخذته اللقوة وبقى فيها إلى آخر عمره.

(1)

"ميزان الاعتدال": [3/ 485].

ص: 285

قلت له: بلغني أنه كان يشير برأسه؟ فقال: ما كان يقدر أن يُحرك رأسه.

قال الحاكم والإسماعيلي: ثقة مأمون

(1)

.

‌131 - محمد بن جابر بن سيار اليمامي

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: أيوب بن جابر ليس به بأس، هو أخو محمد بن جابر.

قلت لأحمد وأنا أسمع: من أمثل: هو أو أخوه؟ قال: ما أدري، كان ضعف أمره في آخر أمره، كان ذهب بصره

(2)

.

قال الدوري: سمعت يحيى يقول: كان محمد بن جابر أعمى. قلت ليحيى: فإنما حديثه كذا لأنه كان أعمى؟ قال: لا، ولكنه عمي واختلط عليه، وكان محمد بن جابر كوفيًا، انتقل إلى اليمامة.

قلت: أيوب أخوه، كيف حديثه؟ قال: ليس بشيء، ولا محمد.

قلت: أيهما كان أمثل؟ قال: لا، ولا واحد منهما

(3)

.

قال أبو حاتم: محمد بن جابر ذهب كتبه في آخر عمره وساء حفظه وكان يُلقن، وكان عبد الرحمن بن مهدي يُحدث عنه ثم تركه بعد وكان يروي أحاديث مناكير، وهو معروف بالسماع جيد اللقاء، رأوا في كتبه لحقًا، وحديثه عن حماد فيه اضطراب، روى عنه

(1)

"لسان الميزان": [6/ 155 - 156].

(2)

"سؤالات أبي داود" للإمام أحمد ص 257.

(3)

"تاريخ الدوري": [4/ 541].

ص: 286

عشرة من الثقات

(1)

.

(1)

"الجرح والتعديل": [7/ 219].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان محمد بن جابر ربما ألحق أو يلحق في كتابه يعني الحديث. وقال عمرو بن علي: صدوق كثير الوهم، متروك الحديث.

وقال ابن أبي حاتم عن محمد بن يحيى: سمعت أبا الوليد يقول: نحن نظلم محمد بن جابر بامتناعنا من التحديث عنه. قال: وسمعت أبي وأبا زرعة يقولان: من كتب عنه باليمامة وبمكة فهو صدوق، إلا أن في أحاديثه تخاليط، وأما أصوله فهي صحاح. وقال أبو زرعة: محمد بن جابر ساقط الحديث عند أهل العلم، قال: وسُئل أبي عن محمد بن جابر وابن لهيعة فقال: محلهما الصدق، ومحمد بن جابر أحب إليَّ من ابن لهيعة. وقال البخاري: ليس بالقوي، يتكلمون فيه، روى مناكير. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن عدي: روى عنه من الكبار أيوب، وابن عون، وسرد جماعة. قال: ولولا أنه في ذلك المحل لم يرو عنه هؤلاء، وقد خالف في أحاديث، ومع ما تكلم فيه من تكلم يُكتب حديثه. وقال ابن المبارك في "تاريخه": مررت به وهو بمنى يُحدّث الناس، فرأيته لا يحفظ حديثه. فقلت له: أيها الشيخ: إنك حدثتني بكذا وكذا، قال: فجاءني إلى رحلي ومعه كتابه فقال لي: انظر فنظرت، فإذا هو صحيح، فقلت: لا تُحدِّث إلا من كتابك. وقال محمد بن عيسى بن الطباع: سمعت ابن مهدي يُضعفه، قال: وقال لي أخي إسحاق بن عيسى: حدثت محمد يومًا بحديث، قال: فرأيته في كتابه ملحقًا بين سطرين بخط طري. وقال يعقوب بن سفيان والعجلي: ضعيف. وقال الذهلي: لا بأس به. وقال ابن حبان: كان أعمى يلحق في كتبه ما لبس من حديثه، ويسرق ما ذُوكِر به فيُحدِّث به. وقال أحمد بن حنبل: لا يُحدِّث منه إلا من هر شرٌ منه. وقال الدارقطني: هو وأخوه يتقاربان في الضعف، قيل له: يُتركان؟ فقال: لا، بل يُعتبر بهما. وأورده الخطيب في ترجمة القاسم العباس من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل، عن محمد بن جابر، عن الأعمش، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد حديث:"منا السفاح والمنصور والقائم والمهدي .. الحديث". وفيه وأما القائم فتأتيه الخلافة لا يهراق فيها محجمة دم .. الحديث، وهو منكر جدًا". اهـ

وقال ابن معين: كل من حدّث يشتهي أن يجوز عنه كل شئ، وهذا إسحاق بن أبي إسرائيل يُحدّث عن محمد بن جابر وليس بثقة. وقال في رواية: ليس بشيء. =

ص: 287

‌132 - محمد بن الحسين بن الأعرابي أبو جعفر الحافظ

قال ابن حجر: ذكر ابن المنادى أن محمد بن الحسين بن الأعرابي تغير قبل موته، وقد كتب الناس عنه على سداد، وكان كثير السماع، ثم تغير قبل موته بسبب موت ابنه، وكان يحفظ الحديث، فحزن عليه فلم يزل حتى توفي في شهر رمضان سنة سبعين ومائتين، وقد سمع هذا من أسود بن عامر شاذان ويونس بن محمد المؤدب، وأبي غسان، وغيرهم. روى عنه ابن صاعد، وابن مخلد، وغير واحد. قال الخطيب: كان ثقة

(1)

.

‌133 - محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد

قال الخطيب البغدادي: محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد أبو خازم يُعرف بابن الفراء سمع أبا الفضل الهروي وعلي بن عمر

= ("سؤالات ابن الجنيد" لابن معين [ص 331]، و"تاريخ عثمان الدارمي":[ص 202]، و"تاريخ الدوري":[4/ 91].

وقال عبد الله بن أحمد: سألت يحيى بن معين عن محمد بن جابر، فذمه وقال: ما يُحدِّث عنه إلا من هو شرٌ منه.

("العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله: [1/ 374]، وكذا قال أحمد في: [1/ 389]).

وقال سفيان بن يعقوب: حدثنا أبو الوليد، ثنا محمد بن جابر، ثنا أيوب بن عتبة ضعيفان لا يُفرح بحديثهما، وكذلك قال أيوب بن جابر، وأيوب أمثل من محمد بن جابر.

قال أبو الوليد: أفادني ابن المبارك عن محمد بن جابر أربعة أحاديث، فأتيته فسألته فحدثني بها عن غير الذي أفادني عنه ابن المبارك، فرجعت الى ابن المبارك فأخبرته فقال: ليس بشيء غلط فيها، قال: فمحوته. ("المعرفة والتاريخ": [2/ 121]).

وانظر ما قاله العلائي في محمد بن جابر في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

(1)

"لسان الميزان": [6/ 212].

ص: 288

السكري وأبا عمر بن حيويه وأبا الحسن الدارقطني وأبا حفص بن شاهين وعلي بن حسان الرقمي وموسى بن محمد بن جعفر بن عرفة ومحمد بن عبد الله بن أخي ميمي ومن بعدهم، كتبنا عنه وكان لا بأس به، رأيت له أصولًا سمعه ثم بلغنا عنه أنه خلط في التحديث بمصر واشترى من الوراقين صحفًا فروى منها، وكان يذهب إلى الاعتزال

(1)

.

‌134 - محمد بن دينار الأزدي الطاحي

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: قال علي: كان تغير قبل أن يموت -يعني محمد بن دينار الطاحي

(2)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [2/ 252].

(2)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 111].

وفي "تهذيب التهذيب": قال ابن أبى خيثمة عن ابن معين: ليس به بأس، وكان على مسائل سوار العنبري، ولم يكن له كتاب. وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف، وقال ابن أبى حاتم: سأل أبو زرعة عنه، فقال: صدوق، وقال أبي: لا بأس به. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال في موضع آخر: ضعيف. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن عدي: ولمحمد بن دينار غير ما ذكرت، وهو مع هذا كله حسن الحديث، وعامة حديثه يتفرد به. وقال البرقاني عن الدارقطني: ضعيف. وقال مرة: متروك. وقال البرقاني: سألت أبا الحسين بن المظفر عنه فقال: لا بأس به. وقال العقيلي: في حديثه وهم. وقال العجلى: لا بأس به. وقال النسائي في حديث عائشة "كان يقبلها ويمص لسانها": هذه اللفظة لا توجد إلا في رواية محمد بن دينار". اهـ

وقال أبو داود: قال أحمد: محمد بن دينار كان زعموا لا يحفظ، كان يتحفظ لهم. ذكر له حديث المصة، فأنكره، وذكرت له حديث ابن عمر في الحيوان، فقال: ليس فيه ابن عمر، هو عن زياد بن جبير موقوف. =

ص: 289

‌135 - محمد بن زهير أبو يعلي الأبلى

قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عن محمد بن زهير بن الفضل أبي يعلى بالأيلة فقال: ما كان به بأس، أخطأ في أحاديث. سألت أبا محمد الحسن بن علي البصري عن أبي يعلي بن زهير، فقال: اختلط في آخر عمره قبل موته بسنتين، ومات في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، وأدخل عليه فتى من أهل حران يفهم يقال له ابن علوان حديث الرداد

(1)

.

قال الذهبي: محمد بن زهير أبو يعلي الأبلى حدّث عنه أزهر بن أحمد السرخسي وغيره.

= وقال ابن الجنيد: وسأل ابن الغلابي يحيى بن معين وأنا أسمع عن محمد بن دينار الطاحي فقال: ليس به بأس. فعاوده فقال: ليس بالقوي. وفي رواية: ليس بذاك القوي.

وقال البرذعي: سمعت أبا زرعة يقول في حديث ذكرناه فقال: هذا محمد بن دينار الطاحي يقوله، وهو ضعيف جدًا.

وقال البزار: محمد بن دينار ليس بالحافظ.

وقال ابن حبان: محمد بن دينار الطاحي أبو بكر بن أبي الفرات كان يخطئ، لم يفحش خطؤه حتى استحق الترك، ولا سلك سنن الثقات فيسلك به مسلك العدول، فالإنصاف في أمره ترك الاحتجاج بما وافق الأثبات.

سمعت الحنبلي يقول: سمعت أحمد بن زهير يقول: سُئل يحيى بن معين عن محمد بن دينار الطاحي فقال: ضعيف.

("سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: [ص 352]، و"سؤالات ابن الجنيد" لابن معين: [ص 409 - 427]، و"سؤالات البرذعى" لأبي زرعة الرازي: [2/ 732]، و"مسند البزار": [6/ 140] [ح 2180]، و"المجروحين": [2/ 272]).

(1)

"سؤالات حمزة السهمي" للدارقطني ص 115.

ص: 290

قال الدارقطنى: أخطأ في أحاديث، ما به بأس. وقال ابن غلام الزهري: اختلط قبل موته بسنتين.

مات سنة ثماني عشرة وثلثمائة، أدخل عليه شخص حراني حديثًا

(1)

.

‌136 - محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب

قال الذهبي: محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب عاش مائة سنة، وسماعه صحيح، لكنه يتشيع، ثم إنه قد اختلط قبل موته بعامين، فيعتبر تاريخ السامع منه

(2)

.

قال ابن حجر: سمع في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة أبا علي بن شاذان، وبشرى الفاتني، والحسين بن دوما، وأبا الحسين الصابى -وهو جده لأمه- وغيرهم.

روى عنه حفيده محمد بن أحمد، ومحمد بن جعفر بن عقيل، والسلفي وعيسى بن محمد الكلوذانى، وعبد المنعم بن كليب، وهو آخر من حدّث عنه في الدنيا.

ذكره ابن السمعاني فقال: شيخ عالم فاضل مسن من ذوي الهيئات، وهو آخر من حدّث عن ابن شاذان ولى منه إجازة.

وقد ضعفه ابن ناصر لمكان التشيع، وقال: كان سماعه صحيحًا، وقال: إنه رأى سماعاته بخط الخطيب، وبقى قبل موته بسنة ملقى على ظهره لا

(1)

"ميزان الاعتدال": [3/ 551].

(2)

"ميزان الاعتدال": [3/ 566].

ص: 291

يعقل، فمن قرأ عليه في تلك الحال فقد أخطأ وكذب عليه، فإنه لم يكن يفهم ولا يعقل ما يُقرأ عليه في أول سنة إحدى عشرة وخمسمائة.

قلت: تاريخ سماع ابن كليب منه في سنة تسع وخمسمائة، فهو قبل تغيره.

وقال ابن ناصر أيضًا: لم يكن من أهل الحديث، وكان في أول أمره على معاملة الظلمة.

وقال ابن السمعاني: سمعت أبا العلاء بن عقيل يقول: كان شيخنا ابن نبهان إذا مكث عنده أصحاب الحديث طويلًا يقول: قوموا فإن عندي مريضًا. فبقي على هذا عدة سنين فكانوا يقولون: مريض ابن نبهان لا يبرأ

(1)

.

‌137 - محمد بن عبد الله بن المثنى

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: الأنصاري تغير -يعني محمد بن عبد الله- وفطر بن حماد تغيرًا شديدًا

(2)

.

(1)

"لسان الميزان": [6/ 247 - 248].

(2)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 158].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال النسائى: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في "الثقات".

وقال زكريا الساجى: رجل جليل عالم لم يكن عندهم من فرسان الحديث مثل يحيى القطان ونظرائه، غلب عليه الرأي، قال: وحُدّثت عن ابن معين قال: كان محمد بن عبد الله الأنصاري يليق به القضاء فقيل له: يا أبا زكريا فالحديث؟ قال للحديث رجال. وقال عبد الله ابن أحمد: قال أبي وأبي خيثمة: أنكر معاذ بن معاذ ويحيى بن سعيد حديث الأنصاري =

ص: 292

‌138 - محمد بن عبد القادر بن عثمان الجعفري

قال برهان الدين ابن العجمي: بلغني أن محمد بن عبد القادر بن عثمان الجعفري النابلسي الحنبلي شيخنا الإمام شمس الدين اختلط قبل موته بسبب موت ابنه صاحبنا الإمام شرف الدين عبد القادر الحنبلي قاضي دمشق

(1)

.

قال ابن حجر: محمد بن عبد القادر بن عثمان عالم أهل نابلس، كان حنبليًا، وقد سمع الحديث. وحدّث وأفتى وانتفع به الناس، وكانت له عناية بالحديث ويقظة فيه، وقد اختلط عقب وفاة ولده شرف الدين. توفي في شوال سنة 797

(2)

.

= عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس:"احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم". وقال الأثرم عن أحمد: ما كان يصنع الأنصاري عند أصحاب الحديث إلا النظر في الرأي، وأما السماع فقد سمع، قال: وقد سمعت أبا عبد الله ذكر الحديث الذي رواه الأنصاري، عن حبيب بن الشهيد فضعفه، وقال: كانت ذهبت للأنصاري كتب، فكان بعد يُحدّث من كتب غلامه أبي حكيم، أراه قال: فكان هذا من ذاك. وقال يعقوب بن سفيان: سألت علي بن المديني عن حديث الأنصاري عن حبيب بن الشهيد، قال: ليس من ذلك شيء، إنما أراد حديث حبيب، عن ميمون، عن يزيد بن الأصم:"تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة محرمًا".

وقال ابن سعد: كان صدوقًا. وقال معاذ: ما رأيته عند الأشعث قط. وقال الساجي: سمعت محمد بن المثنى يقول: سمعت الأنصاري يقول: من زعم من أصحاب أشعث ممن كان يلزمه أنه كان لا يراني إلى جنبه فهو من الكاذبين -كأنه يُعرّض بمعاذ بن معاذ- وعلى هذا فقد تعارضا فتساقطا". اهـ

وقال الترمذي في "جامعه"[5/ 46][ح 2678]: ثقة.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 330].

(2)

"إنباء الغمر": [3/ 272].

ص: 293

قال ابن العماد الحنبلى: محمد بن عبد القادر بن عثمان كان من الفضلاء الأكابر، وكاب يُلقب بالجنة لكثرة ما عنده من العلوم. ولما مات ولده قاضى القضاة شرف الدين عبد القادر المتقدم ذكره حصل له اختلاط، وسُلب عقله، واستمر على ذلك إلى أن مات ببلده نابلس في شوال

(1)

.

‌139 - محمد بن علي بن محمود بن الصابوني

قال ابن حجر: محمد بن علي بن محمود جمال الدين ابن الصابونى، أبو حامد مُحدّث مشهور حافظ. قرأت بخط الذهبى: قال لي شيخنا ابن أبي الفتح: اختلط قبل موته بسنة ونصف، مات سنة ثمانين وستمائة، وكان والده من المسنين، سمع السلفى وغيره، وولد له أبو حامد في سنة أربع وستمائة فأسمعه من ابن الحرستاني، وابن ملاعب، وابن البقاء، وعنى هو بالحديث، فقرأ بنفسه وكتب، وسمع ببلاد الشامات ومصر والحجاز.

وكان مليح الخط، وحسن الخلق، ذَيّل على "المشتبه" لابن نقطة، أجاد فيه، وحَدّث بالكثير من مروياته بمصر ودمشق، روى عنه ابن الحاجب وهو من أقرانه، والدمياطي مع تقدمه، والمزي، والبرزالى، وابن صصري وغيرهم، وعاش ستًا وسبعين سنة

(2)

.

(1)

"شذرات الذهب": [6/ 349].

(2)

"لسان الميزان": [6/ 369].

ص: 294

‌140 - محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة

قال الذهبي: محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة يروي عن جده وجماعة.

قال الحاكم: مرض في الآخر، وتغير بزوال عقله سنة أربع وثمانين، وعاش بعدها ثلاث سنين، قصدته فيها فوجدته لا يعقل.

قلت: ما عرفت أحدًا سمع منه أيام عدم عقله فالله أعلم

(1)

.

قال العراقي: وأما محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة فقد بين الحاكم في "تاريخ نيسابور" مدة اختلاطه فقال: إنه مرض وتغير بزوال العقل في ذى الحجة من سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، فإني قصدته بعد ذلك غير مرة فوجدته لا يعقل، وكل من أخذ عنه بعد ذلك فلقلة مبالاته بالدين وتوفي ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادي الأولى من سنة سبع وسبعين وثلاث مائة انتهى. فعلى هذا تكون مدة اختلاطه سنتين وخمسة أشهر أو مع زيادة بعض شهر آخر.

وأما نقل صاحب "الميزان" عن الحاكم أنه عاش بعد تغيره ثلاث سنين فنقل غير محرر. وهكذا قال في "العبر": اختلط قبل موته بثلاثة أعوام فتجنبوه. قال في "الميزان" ما عرفت أحدًا سمع منه أيام عدم عقله والله أعلم

(2)

.

(1)

"ميزان الاعتدال": [4/ 9].

(2)

"التقييد والإيضاح"[ص 463 - 465].

ص: 295

قال ابن حجر: وفي تحديد مدة اختلاطه تجوز، فإن الحاكم قال: مرض وتغير بزوال العقل في ذي الحجة سنة أربع وثمانين، إلى أن قال: وتوفي في جمادي الأولى سنة سبع وثمانين.

قال شيخنا في "النكت" على ابن الصلاح: فعلى هذا يكون مدة اختلاطه سنتين ونصفًا ينقص أياما.

وقد أعاد الذهبي كلامه في "العبر" فقال: اختلط قبل موته بثلاثة أيام فتجوز. وأما كونه لم يُحدّث في الاختلاط فإن كلام الحاكم يدل على أنه حدّث في أيام اختلاطه، فإنه قال بعد قوله (فوجدته لا يعقل): وكل من أخذ عنه بعد ذلك فلقلة مبالاته بالدين. وعاب عليه الحاكم أيضًا بيعه لأصوله، وبحديثه من الناس

(1)

.

‌141 - محمد بن الفضل عارم أبو النعمان البصري

قال البخاري: محمد بن الفضل أبو النعمان تغير بآخره

(2)

.

قال أبو حاتم: اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله، فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح، وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة، ولم أسمع منه بعدما اختلط. فمن كتب عنه قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد، وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين.

(3)

(1)

"لسان الميزان": [6/ 398].

(2)

"التاريخ الكبير": [1/ 208].

(3)

"الجرح والتعديل": [8/ 59].

ص: 296

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: كنت عند عارم فحدّث عن حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه أن ماعزًا الأسلمي سأل النبي صلى الله عليه وسلم في السفر. فقلت له: حمزة الأسلمي، فقال: يا بني ماعز لا يشقى به جليسه. يعني أن عارم قال هذا وقد زال عقله

(1)

.

قال النسائي: أبو النعمان اسمه محمد بن الفضل ولقبه عامر، وكان قد اختلط في آخر عمره.

وقال سليمان بن حرب: إذا وافقني أبو النعمان فلا أبالي من خالفني يعني عارم.

قال أبو عبد الرحمن: وكان أحد الثقات قبل أن يختلط

(2)

.

وقال النسائي أيضًا: عارم أبو النعمان ثقة، إلا أنه تغير، فمن سمع منه قديمًا فسماعه جيد، ومن سمع منه بعد الاختلاط فليسوا بشيء

(3)

.

قال العقيلي: محمد بن الفضل السدوسي أبو النعمان ولقبه عارم اختلط في آخر عمره.

حدثني حسين بن عبد الله الذراع، حدثنا أبو داود، قال: بلغنا أن عارم أنكر سنة ثلاث عشرة، ثم راجعه عقله، واستحكم به الاختلاط سنة ست عشرة ومائتين.

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 67].

(2)

"السنن الكبرى": [5/ 467][ح 9593].

(3)

"السنن الكبرى"[3/ 69][ح 2368] ط. مؤسسة الرسالة.

ص: 297

قال أبو جعفر: وعلي بن عبد العزيز سمع منه سنة تسع عشرة ومائتين.

ومن حديثه ما حدثناه محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد العزيز، قالا: حدثنا عارم أبو النعمان، قال علي: سنة سبع عشرة ومائتين، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس لأمر من شيء فاتقوا النار ولو بشق تمرة".

حدثنا جدي، قال: حدثنا عارم سنة ثمان ومائتين، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر مثله.

قال جدي: حججت سنة خمس عشرة، ورجعت إلى البصرة وقد تغير عارم، فلم أسمع منه بعد شيء حتى مات، ومات سنة أربع وعشرين ومائتين.

قال جدي: فحججت من قابل سنة خمس وعشرين ومائتين بعد موت عارم بسنة فلم أرجع إلى البصرة بعد.

وحدثنا محمد بن إسماعيل، قال: قام رجل إلى عفان، فقال: يا أبا عثمان حدِّثنا بحديث حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اتقوا النار ولو بشق تمرة". فقال له عفان: إن أردته عن حميد، عن أنس، فاكتري زورقًا بدرهمين، وانحدر إلى البصرة يُحدِّثك به عارم، عن حميد، عن أنس، فأما نحن فحدثناه عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اتقوا النار ولو بشق تمرة". حدثنا سعيد بن عثمان أبو أمية الأهوازي، حدثنا عارم سنة سبع عشرة ومائتين، قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول:

ص: 298

أيها الطالب علمًا

ائت حماد بن زيد

فالتمس علمًا وحلمًا

ثم قيده بقيد

قال أبو أمية: كان عارم يردد هذا البيت الآخر، ويُطوله جدًا، وكان قد تغير.

قال أبو جعفر العقيلي: فمن سمع من عارم قبل الاختلاط فهو أحد ثقات المسلمين، وإنما الكلام فيه بعد الاختلاط

(1)

.

قال العجلي: عارم بن الفضل السدوسي خولط قبل أن يموت بسنة أو سنتين

(2)

.

قال ابن حبان: محمد بن الفضل السدوسي عارم اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدري ما يُحدِّث به، فوقع المناكير الكثيرة في روايته، فما روى عنه القدماء قبل اختلاطه إذا علم أن سماعهم عنه كان قبل تغيره فإن احتج به مُحتج بعد العلم بما ذكرت أرجو أن لا يحرج في فعله ذلك. وأما رواية المتأخرين عنه فيجب التنكب عنها على الأحوال. وإذا لم يعلم التمييز بين سماع المتقدمين والمتأخرين منه يترك الكل ولا يحتج بشيء منه. هذا حكم كل من تغير آخر عمره واختلط، إذا كان قبل الاختلاط صدوقًا وهو ممن يُعرف بالكتابة والجمع والإتقان

(3)

.

قال الدارقطني: عارم أبو العنان ثقة وتغير بآخره، وما ظهر منه بعد

(1)

"الضعفاء الكبير": [4/ 121 - 123].

(2)

"الثقات": [ص 239].

(3)

"المجروحين": [2/ 294].

ص: 299

اختلاطه حديث منكر

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرني على بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: جئت عارم بن الفضل فطرح لي حصيرًا على الباب، ثم خرج إليّ فقال لي: مرحبًا إيش كان خبرك؟

ما رأيتك منذ مدة؟ قال إبراهيم: وما كنت جئته قبل ذلك، فقال لي: قال ابن المبارك:

أيها الطالب علمًا

إئت حماد بن زيد

فاستفد علمًا وحلمًا

ثم قيده بقيد

والقيد بقيد

قال: وجعل يشير بيده على أصبعه مرارًا، فعلمت أنه قد اختلط، فتركته وانصرفت.

قال الخطيب: وقد كان أبو العباس محمد بن يونس الكديمي يروى عن عارم ما سمعه منه قبل اختلاطه، ويبين ذلك، فإذا تميز للطالب ما سمعه ممن اختلط في حال صحته جاز له روايته وصح العمل به

(2)

.

قال الذهبي: قال الدارقطني: محمد بن الفضل عارم تغير بآخره، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة.

قلت: فهذا قول حافظ العصر الذى لم يأتي بعد النسائي مثله، فأين هذا

(1)

"سؤالات السلمي" للدارقطني: [ص 136].

(2)

"الكفاية في علوم الرواية": [ص 217].

ص: 300

القول من قول ابن حبان الخساف المتهور في عارم؟ فقال: اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدري ما يُحدّث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا تُرك الكل، ولا يُحتج بشيء منها.

قلت: ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثًا منكرًا، فأين ما زعم؟ بل مفرداته: عن حماد، عن حميد، عن أنس مرفوعًا:"اتقوا النار ولو بشق تمرة".

وقد كان حدّث به قبل عن حماد، عن حميد، عن الحسن مرسلًا، وهو أصح لأن عفان وغيره هكذا رووه عن حماد

(1)

.

قال ابن حجر: قال أبو داود: بلغنا أنه أنكر سنة ثلاث عشرة ثم راجعه عقله، ثم استُحكم به الاختلاط سنة ست عشرة

(2)

.

قال ابن الصلاح: عارم محمد بن الفضل أبو النعمان اختلط بآخره، فما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذًا عنه قبل اختلاطه

(3)

.

قال العلائي: قال ابن حبان: محمد بن الفضل عارم اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدري ما الحديث، فوقع في حديثه المناكير، وإذا لم

(1)

"ميزان الاعتدال": [4/ 8].

(2)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة محمد بن الفضل عارم].

(3)

"مقدمة ابن الصلاح": [ص 256].

ص: 301

يُعلم هذا من هذا تُرك الكل، ولم يُحتج بشئ منه.

قلت: هذا غلو وإسراف من ابن حبان، فقد روى عنه البخاري الكثير في الصحيح، وأحمد بن حنبل، وعبد بن حميد، والناس، واحتج به مسلم. وقال فيه الدارقطني: تغير بآخره، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة. فهذا معارض لقول ابن حبان، والله أعلم

(1)

.

قال العراقي: وأما من سمع من عارم قبل الاختلاط فأحمد بن حنبل وعبد الله ابن محمد المسندي وأبو حاتم الرازي وأبو علي محمد بن أحمد بن خالد الزريقي. وكذلك ينبغي أن يكون من حدث عنه من شيوخ البخاري أو مسلم وروى عنه في الصحيح شيئًا من حديثه. ومع كون البخاري روى عنه في الصحيح، فقد روى في الصحيح أيضًا عن عبد الله بن محمد المسندي عنه، وروى مسلم في الصحيح عن جماعة وهم أحمد بن سعيد الدارمي وحجاج ابن الشاعر، وأبو داود سليمان بن سعيد السنجي، وعبد بن حميد وهارون بن عبد الله الحمال.

وأما من سمع منه بعد الاختلاط فأبو زرعة الرازي كما قال أبو حاتم، وعلي بن عبد العزيز على قول أبي داود أنه استحكم به الاختلاط سنة ست عشرة، وذلك أن سماع على بن عبد العزيز كان في سنة سبع عشرة كما قاله العقيلي، فأما على قول أبي حاتم المتقدم فسماع علي بن عبد العزيز البغوي منه كان قبل اختلاطه والله أعلم، وجاء إليه أبو داود فلم

(1)

كتاب "المختلطين": [ص 116 - 117].

ص: 302

يسمع منه لما رأى من اختلاطه، وكذلك إبراهيم الحربي

(1)

.

قال السخاوي: وممن سمع من عارم قبل الاختلاط أحمد بن حنبل، وعبد الله بن محمد المسندي، وأبو علي محمد بن أحمد بن خالد الزريقي فإنه قال: حدثنا قبل أن يختلط، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي كما تقدم، والبخاري فإنه إنما سمع منه في سنة ثلاث عشرة قبل اختلاطه بمدة، ولذا اعتمده في عدة أحاديث، بل روى له أيضًا بواسطة المسندي فقط، ومحمد بن يحيى الذهلي فإنه قال ثنا عارم، وكان بعيدًا عن العرامة، صحيح الكتاب، وكان ثقة، ومحمد بن يونس الكديمي كما قاله الخطيب. وقد قال ابن الصلاح: ما رواه عنه البخاري والذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه

(2)

.

‌142 - محمد بن كثير بن أبي عطاء الصنعاني

قال ابن سعد: محمد بن كثير، ويكنى أبا يوسف، وكان من أهل صنعاء ونشأ بالشام ونزل المصيصة، وكان ثقة، روى عن معمر والأوزاعي وغيرهما، ويذكرون أنه اختلط في آخر عمره

(3)

.

(1)

"التقييد الإيضاح"[ص 462].

(2)

"فتح المغيث": [4/ 380 - 381].

(3)

"الطبقات الكبرى": [7/ 339].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال البخاري: ضعفه أحمد وقال: بعث إلى اليمن فأتى بكتاب فرواه. وقال عبد الله بن أحمد: ذكر أبي محمد بن كثير فضعفه جدًا، وضعف حديثه عن معمر جدًا، وقال: هو منكر الحديث، وقال: يروي أشياء منكرة. وقال صالح بن أحمد =

ص: 303

‌143 - محمد بن محمد بن مواهب الخراساني البغدادي

قال الذهبي: محمد بن محمد بن مواهب أبو العز الخراساني ثم البغدادي

= عن أبيه: لم يكن عندي ثقة، بلغني أنه قيل له: كيف سمعت من معمر؟ قال: سمعت منه باليمن، بعث بها إليّ إنسان من اليمن. وقال حاتم بن الليث عن أحمد: ليس بشيء، يُحدّث بأحاديث مناكير ليس لها أصل. وقال يونس بن حبيب: قلت لابن المديني: أن محمد بن كثير حدّث عن الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس، قال: "نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وعمر فقال: هذان سيدا كهول أهل الجنة

" الحديث. فقال علي: كنت أشتهي أن أرى هذا الشيخ، فالآن لا أحب أن أراه. وقال الآجري عن أبي داود: كان لا يفهم الحديث. وقال أبو حاتم: كان رجل صالحًا سكن المصيصة وأصله من صنعاء، وفي حديثه بعض الأنكار. وقال أبو حاتم أيضًا: دفع إلى محمد بن كثير كتابًا من تحديثه عن الأوزاعي فكان يقول في كل حديث منها: ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، وهو محمد بن كثير. وقال صالح بن محمد صدوق كثير الخطأ. وقال البخاري: لين جدًا. وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: كان صدوقًا. وقال عبيد بن محمد الكشوري عن ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: سمعت الحسن بن الربيع يقول: محمد بن كثير اليوم أوثق الناس، وينبغي لمن يطلب الحديث لله تعالى أن يخرج إليه، كان يكتب عنه وإسحاق الفزاري حي، وكان يُعرف بالخير مذ كان. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يُخطئ ويُغرب. وقال النسائي: ليس بالقوي كثير الخطأ. وقال الساجي: صدوق كثير الغلط. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وقال ابن عدي: له أحاديث لا يتابعه عليها أحد". اهـ

وقال العقيلي في "الضعفاء الكبير"[4/ 129]: حَدّث عن معمر بمناكير لا يُتابع منها على شيء.

وقال الحاكم في "المستدرك"[3/ 77]: صدوق.

وقال الخليلي في "الإرشاد"[2/ 478]: ثقة مرضي عندهم.

قلت: والراجح عندي أن محمد بن كثير الصنعاني ضعيف، سواء كان في أول أمره أم في آخره. ولعل ابن سعد أحسن به الظن فوثقه، وحمل المناكير التى رواها على أنه حدّث بها في آخر عمره. لكن الأئمة لم يفرقوا بين أول أمره وآخره ونسبوه إلى الضعف وكثرة الخطأ. فمحمد بن كثير الصنعاني ضعيف، ولم يختلط في آخر عمره.

ص: 304

في زمان شهدة يروي عن أبي الحسين بن الطوري، روى عنه البهاء المقدسي وغيره، ولم يسمع منه ابن الدبيثي لأنه كبر وأصابه غفلة ونسيان

(1)

.

قال ابن حجر: محمد بن محمد بن مواهب ذكره ابن الدبيثي في "تاريخه"، وقال: سمعت منه وتركته لتغيره، وأجازني قبل أن يتغير ذهنه، وله تصانيف أدبية في العَروض وغيره، قرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي. قال العماد الكاتب: له ديوان في خمسة عشر مجلدًا، ومات سنة ست وسبعين وخمسمائة

(2)

.

‌144 - محمد بن محمد بن هبة الله الشيرازي

قال الذهبي: ومات بالمزة ليلة عرفة مسند الوقت، شمس الدين أبو النصر محمد بن محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي الدمشقي عن أربع وتسعين سنة وشهرين. سمع من جده القاضي أبي نصر والسخاوي وجماعة، وبمصر من العلم ابن الصابوني وابن قميرة، وأجاز له أبو عبد الله بن الزبيدي، والحسن بن السيد، وقاضي حلب ابن شداد، وخلق. وله مشيخة وعوال، وروى الكثير، وكان ساكنًا وقورًا منقبضًا عن الناس، له كفاية، وكبر سنه وأكثر ولم يختلط

(3)

.

(1)

"ميزان الاعتدال": [4/ 31].

(2)

"لسان الميزان": [6/ 425].

(3)

"ذيول العبر في خبر من غَبَر": [4/ 68 - 69].

ص: 305

قال برهان الدين ابن العجمي: محمد بن محمد بن هبة الله بن مميل، الشيرازي الأصل، الدمشقي المولد والدار، ذكره ابن رافع الحافظ تقي الدين في "ذيل تاريخ بغداد" فأطال في ترجمته، وفي آخرها قال: قال الذهبي: حصل له غفلة وتغيرًا يسيرًا في آخر أيامه في بعض الأحايين. انتهى

(1)

‌145 - محمد بن المبارك بن مشق البغدادي

قال الذهبي: محمد بن المبارك بن مشق البغدادي من طلبة الحديث أدرك السماع من الأرموي. وقد اختلط قبل موته بثلاثة أعوام، فما حدّث فيها بشيء

(2)

.

قال ابن حجر: قال ابن النجار: محمد بن المبارك عمل فهرست على أسامى مسموعاته بسندها وطرقها فجاء في ست مجلدات، ولم يُحدّث إلا باليسير، وكان صدوقًا، وكان قليل المعرفة والحفظ، وفي خطه عجائب. ثم ذكر اختلاطه، وأنه مات في شعبان سنة خمس وستمائة. قال: وبلغني أنه ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة

(3)

.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 346].

وقال المحقق: وفي قول الذهبي في "العبر": (ولم يختلط) معنى أنه تغير وهى التى ذكرها عنه البرهان رحمه الله في المتن من هذا الكتاب. اهـ

قلت: ولعل لم يسمع منه أحد في أيام تغيره.

(2)

"ميزان الاعتدال": [4/ 23].

(3)

"لسان الميزان": [6/ 413].

ص: 306

‌146 - محمد بن معاوية بن أعين النيسابوري أبو علي

قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن محمد بن معاوية نزيل مكة فقال: كان شيخًا صالحًا إلا أنه كلما لقن يلقن، وكلما قيل أن هذا من حديثك حدّث به، يجيئه الرجل فيقول: هذا من حديث معلى الرازي وكنت أنت معه فيحدّث به على التوهم، وترك أبو زرعة الرواية عنه، ولم يقرأ علينا حديثه.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن محمد بن معاوية فقال: روى أحاديث لم يتابع عليها، أحاديث منكرة، فتغير حاله عند أهل الحديث

(1)

.

(1)

"الجرح والتعديل": [8/ 104].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال مسلمة بن شبيب: سألت أحمد عنه، فقال: نعم الرجل يحيى بن يحيى. وقال ابن محرز عن ابن معين: ليس بثقة. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: كذاب. وقال عبد الله بن على بن المديني: سألت عنه أبي فضعفه. وقال عمرو بن علي: فيه ضعف، وهو صدوق، وقد روى عنه الناس. وقال البخاري: روى أحاديث لا يُتابع عليها. وقال مسلم: متروك الحديث. وقال الساجي: ليس بثقة، متروك الحديث. وقال الساجي: ليس بمتقن في الحديث، تكلموا فيه. وقال حرب: كان الرجل ثقة في نفسه إلا أنه كان يغلط في الأسانيد. وقال الدارقطني: كذاب يضع الحديث. وقال أبو الطاهر المدني: كذاب يضع الحديث. وقال الأثرم عن أحمد: رأيت له أحاديث موضوعة. وقال صالح بن محمد: تركوا حديثه وكان رجلًا صالحًا وكل أحاديثه مناكير. وقال أبو أحمد الحاكم: حدّث بأحاديث لم يُتابع عليها. وقال الخليلي: ضعيف جدًا. وقال ابن قانع: ضعيف متروك. وقال محمد بن إدريس وراق الحميدي: ما كتبت عن محمد بن معاوية إلا من أصله، وكان معروفًا بالطلب، وكان يحدّث حفظًا فلعله يغلط".

ص: 307

‌147 - محمد بن موسى بن اللخمي الشافعي

قال برهان الدين ابن العجمي: محمد بن موسى بن محمد اللخمي الشافعي ابن سند الحافظ شمس الدين شيخنا بلغني اختلاطه قبل موته بمدة تزيد على سنة اختلاطًا فاحشًا

(1)

.

‌148 - محمد بن ميمون أبو حمزة السكري

قال أحمد: من سمع من أبي حمزة السكري -وهو مروزي- قبل أن يذهب بصره فهو صالح، سمع منه علي بن الحسن قبل أن يذهب بصره، وسمع عتاب بن زياد منه بعد ما ذهب بصره

(2)

.

قال النسائي: أبو حمزة محمد بن ميمون مروزي لا بأس به، إلا أنه كان ذهب بصره في آخر عمره، فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه جيد

(3)

.

قال ابن حجر: ذكر ابن القطان الفاسي أبي حمزة السكري فيمن اختلط

(4)

.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 348].

(2)

"سؤالات أبي داود" للإمام أحمد: [ص 359].

(3)

"السنن الكبرى"[2/ 122][ح 2677].

(4)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة محمد بن ميمون].

وفي "تهذيب التهذيب" أيضًا: "قال الأثرم عن أحمد: ما بحديثه عندي بأس، وهو أحب إلينا من حسين بن واقد. وقال النسائي: ثقة. وقال حفص بن حميد عن ابن المبارك: حسين ابن واقد ليس بحافظ، ولا يترك حديثه، وأبو حمزة صاحب حديث أو نحو هذا. وقال سفيان ابن عبد الملك: قال ابن المبارك: السكري وابن طهمان صحيحا الكتاب. وقال ابن عبد البر =

ص: 308

‌149 - المثنى بن الصباح

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، نا علي -يعني ابن المديني- قال: سمعت يحيى بن سعيد -يعني القطان- وذكر عنده المثنى بن الصباح، فقال: لم نتركه من أجل حديث عمرو بن شعيب، ولكن كان اختلاطًا منه في عطاء

(1)

.

قال ابن أبي خيثمة: وزعم علي قال: ذكر عنده -يعنى عند يحيى- مثنى بن الصباح، قال: لم يتركه من أجل حديث عمرو بن شعيب، ولكن كان الاختلاط منه في عطاء

(2)

.

قال ابن حبان: المثنى بن الصباح كان ممن اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يُحدّث به، فاختلط حديثه الأخير الذى فيه الأوهام والمناكير بحديثه العظيم الذى فيه الأشياء المستقيمة عن أقوام مشاهير، فبطل الاحتجاج به

(3)

.

= في "التمهيد": ليس بقوي، ذكره في ترجمة سمى".

وقال ابن معين: ثقة. ("تاريخ الدوري": [4/ 355]).

(1)

"الجرح والتعديل": [8/ 324].

(2)

"التاريخ الكبير"[1/ 247].

(3)

"المجروحين": [3/ 20]. ويحيى القطان لا يصف المثنى بالاختلاط هنا، إنما يصفه بأنه يخلط في حديث عطاء، أي أنه لم يكن حافظًا لحديث عطاء، وكان سيء الحفظ له.

وفي "تهذيب التهذيب": "قال عمرو بن علي: كان يحيى وعبد الرحمن لا يُحدثان عن المثنى بن الصباح. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: لا يساوي حديثه شيئًا، مضطرب الحديث. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ضعيف، وكذا قال معاوية بن صالح عن ابن معين =

ص: 309

‌150 - مجالد بن سعيد

قال أبو محمد بن أبي حاتم: نا أحمد بن سنان، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: حديث مجالد عند الأحداث يحيى بن سعيد وأبي أسامة ليس بشيء، ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم وهؤلاء القدماء.

قال أبو محمد: يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره

(1)

.

= وزاد: يُكتب حديثه ولا يُترك. وقال الدوري عن ابن معين: مثنى بن الصباح مكي، ويعلي بن مسلم مكي، والحسن بن مسلم مكي، وجميعًا ثقة. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه، فقالا: لين الحديث. قال أبي: يروي عن عطاء ما لم يروه عنه أحد، وهو ضعيف الحديث. وقال الجوزجاني: لا يقنع بحديثه. وقال الترمذي: يضعف في الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال في موضع آخر: متروك الحديث. وقال ابن عدي: له حديث صالح عن عمرو بن شعيب، وقد ضعفه الأئمة المتقدمون، والضعف على حديثه بيّن. وقال ابن سعد: له أحاديث وهو ضعيف. وقال علي بن الجنيد: متروك الحديث. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن عمار: ضعيف. وقال الساجي: ضعيف الحديث جدًا، حدّث بمناكير يطول ذكرها، وكان عابدًا يهم. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وضحفه أيضًا سحنون الفقيه وغيره. وذكره العقيلي في الضعفاء". اهـ

وقال ابن معين: المثنى بن الصباح ضعيف الحديث، هو أقوى من طلحة بن عمرو. ("سؤالات ابن الجنيد" لابن معين:[ص 307]).

قلت: والمثنى بن الصباح قد ضعفه الأئمة المتقدمون، وخالفهم ابن حبان فقال إنه كان ثقة في أول أمره، ثم اختلط فوقعت المناكير في رواياته.

والذي يظهر لي أن المثنى بن الصباح لا يصح وصفه بالاختلاط، وأنه ضعيف في أول أمره وآخره والله أعلم.

(1)

"الجرح والتعديل": [8/ 361].

ص: 310

قال العجلي: مجالد بن سعيد كوفي جائز الحديث، حسن الحديث، إلا أن عبد الرحمن بن مهدي كان يقول: أشعث بن سوار أقوى منه، والناس لا يتابعونه على هذا، كان مجالد أرفع من أشعث بن سوار.

وقال يحيى بن سعيد: كان مجالد يُلقن الحديث إذا لقن، وقد رآه وسمع منه، صالح الكتاب، يروي عن قيس بن أبي حازم والشعبي

(1)

.

(1)

"الثقات": [ص 420].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال البخاري: كان يحيى بن سعيد يُضعّف مجالد، وكان ابن مهدي لا يروي عنه، وكان أحمد بن حنبل لا يراه شيئًا. وقال ابن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: مجالد؟ قال: في نفسي منه شيء. وقال عمرو بن علي: سمعت يحيى بن سعيد يقول لبعض أصحابه: أين تذهب؟ قال: إلى وهب بن جرير أكتب السيرة عن أبيه عن مجالد، قال: تكتب كذبًا كثيرًا، لو شئت أن يجعلها لي مجالد كلها عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله فعل.

وقال أبو طالب عن أحمد: ليس بشيء، يرفع حديثًا كثيرًا لا يرفعه الناس، وقد احتمله الناس. وقال الدوري عن ابن معين: لا يُحتج بحديثه. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف واهي الحديث، كان يحيى بن سعيد يقول: لو أردت أن يرفع لي مجالد حديثه كله رفعه. قلت: ولما يرفعه؟ قال: للضعف. وقال ابن أبي حاتم: سُئل أبي: يُحتج بمجالد؟ قال: لا، وهو أحب إليّ من بشر بن حرب، وأبي هارون العبدي، وشهر بن حوشب، وعيسى الخياط، وداود الأودي، وليس مجالد بقوي في الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه مرة. وقال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر، وعامة ما يرويه غير محفوظ. حديثه عند مسلم مقرون. وقال يعقوب بن سفيان: تكلم الناس فيه وهو صدوق. وقال الدارقطني: يزيد بن أبي زياد أرجح منه، ومجالد لا يعتبر به. وقال الساجي: قال محمد ابن المثنى: يحتمل حديثه لصدقه. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا في الحديث. وقال البخاري: صدوق. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقال الذهبي: أورد البخاري في كتاب "الضعفاء" في ترجمة مجالد حديثًا من طريق مجالد عن الشعبي عن ابن عباس في فضل =

ص: 311

‌151 - مجاهد بن جبر

قال العجلي: دخلت على أحمد بن حنبل، وأحمد بن نوح، وهما محبوسان بالصور، فسألت أحمد بن نوح: كيف كان يفسده؟ يعني أحمد -وأحمد قريب منا يسمع. قال: لما امتُحن أحمد جمع له كل جهمي ببغداد، فقال بعضهم: إنه مُشبه، فقال إسحاق بن إبراهيم والي بغداد: أليس يقول: "ليس كمثله شيء"؟ قال: بلى، وهو السميع البصير، قالوا: شبه، قال: أي شيء أردت بهذا؟ قال: ما أردت شيئًا، قلت كما قال القرآن، فسألوه عن حديث جامع بن شداد "وكنت في الذكر" قال: كان محمد بن عبيد يحكي فيه قال: إن محمد بن عبيد يقول: وخلق في الذكر ثم تركه.

= فاطمة وهو موضوع صريح ما كان ينبغي أن يُذكر في ترجمة مجالد، فإن المتهم به راوٍ رواه عن عبد الله بن نمير والآفة من الراوي المذكور فيه". اهـ

وقال المروذي: سألت أحمد عن مجالد بن سعيد كيف هو؟ فقال: كذا وكذا، وقال: روى عنه يحيى، قلت: يُحتج به؟ فتكلم بكلام لين.

وقال المروذي أيضًا: وذكروا لأحمد أشياء عن مجالد عن الشعبي، فقال: كم من أعجوبة لمجالد.

وقال الميموني: قال رجل لأبي عبد الله: ابن أبي ليلى؟ قال: ضعيف، والحجاج أكثر في نفسي منه، إلا أنه -يعني ابن أبي ليلى- في حديثه عن المنهال كأنه. قال له رجل: أين مجالد منهما؟ قال: هذا تمييز شديد.

وقال علي بن المديني: مجالد في الشعبي فوق أشعث بن سوار، وفوق أجلح الكندي.

وقال الدارقطني: مجالد بن سعيد ليس بالقوي.

("العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره: [ص 61، 238، 245]، و"المعرفة والتاريخ": [3/ 16]، و"الضعفاء والمتروكين" للإمام الداراقطني: [ص 236]).

ص: 312

وسألوه عن حديث مجاهد "إلى ربها ناظرة" وحديث آخر عن مجاهد، قال: قد اختلط في آخره

(1)

.

قال الذهبي: ومن أنكر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: يُجلسه معه على العرش

(2)

.

‌152 - مسلم بن كيسان الأعور

قال الدوري: سمعت يحيى قال: قال جرير: مسلم الأعور اختلط

(3)

.

قال ابن أبي حاتم: نا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلى قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مسلم الأعور يُقال إنه اختلط

(4)

.

قال ابن حبان: مسلم بن كيسان الأعور اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يُحدّث به، فجعل يأتي بما لا أصل له عن الثقات فاختلط حديثه ولم يتميز، تركه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين

(5)

.

(1)

"ثقات العجلي": [ص 49](ترجمة الإمام أحمد بن حنبل).

(2)

"ميزان الاعتدال": [3/ 439].

(3)

"تاريخ الدوري": [3/ 311].

(4)

"الجرح والتعديل": [8/ 192].

(5)

"المجروحين": [3/ 8].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد وابن مهدي لا يُحدثان عن مسلم الأعور، وكان شعبة وسفيان يُحدثان عنه، وهو منكر الحديث. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان وكيع لا يسميه. قلت: لم؟ قال: لضعفه. وقال أيضًا: سُئل أبي عنه، فقال: هو دون ثور وليث بن أبي سليم ويزيد بن أبي زياد، وكان يضعف. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: لا شيء. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: يتكلمون =

ص: 313

‌153 - موسى بن دهقان

قال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، نا علي -يعني ابن المديني- قال: سمعت يحيى القطان وذكر موسى بن دهقان فقال: أفسدوه بآخره

(1)

.

قال البخاري: موسى بن دهقان يقولون تغير بآخره

(2)

.

= فيه، وهو ضعيف الحديث. وقال البخاري: يتكلمون فيه. وقال في موضع آخر: ضعيف ذاهب الحديث، لا أروي عنه. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال الترمذي: يضعف. وقال في موضع آخر: ليس بالقوي. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أيضًا: متروك، وكذا قال علي بن الحسين بن الجنيد. وقال الجوزجاني: غير ثقة. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال مرة: مضبوط الحديث [كذا في المطبوع من "التهذيب"، ولعل الصواب: (مضطرب الحديث)]. وقال الفلاس أيضًا: متروك الحديث. وقال أحمد أيضًا: لا يُكتب حديثه. وقال يحيى بن معين أيضًا: ليس بثقة. وقال ابن المديني والعجلي: ضعيف الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم. وقال الساجي: منكر الحديث، وكان يقدم عليًا على عثمان. حدثنا أحمد بن محمد بن خالد المخزومي، حدثنا يحيى القطان، حدثني حفص بن غياث، قال: قلت لمسلم الملائي: ممن سمعت هذا؟ قال: من إبراهيم بن علقمة، قلت: علقمة عن من؟ قال: عن عبد الله، قلت: عبد الله عن من؟ قال: عن عائشة -يعني أنه لا يدري ما يُحدّث به. ومن منكراته حديثه عن أنس في الطير، رواه عنه ابن فضيل، وابن فضيل ثقة، والحديث باطل". وقال البزار: مسلم الملائي ليس به بأس، يروى عنه شعبة والثوري والأعمش وإسرائيل وجماعة كثيرة، واحتملوا حديثه.

("كشف الأستار": [1/ 242] [ح 495]).

(1)

"الجرح والتعديل": [8/ 421]، و"التاريخ الكبير":[7/ 282].

(2)

"التاريخ الكبير": [3/ 272].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: =

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= شيخ ليس بالقوي. وقال الآجري: قيل لأبي داود: كان موسى بن دهقان ساحرًا؟ قال: كان عرافًا. وقال النسائي والدارقطني: ضعيف. وقال ابن عدي: ليس له كثير حديث. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال المروذي عن أحمد: لين الأمر. وقال العقيلي: قال ابن معين: ضعيف الحديث. وذكره ابن البرقي في باب من كان الغالب عليه الضعف في حديثه وترك بعض أهل العلم حديثه.".

ص: 315

‌حرف النون

‌154 - نجيح بن عبد الرحمن أبو معشر المدني

قال ابن أبي خيثمة: سمعت محمد بن بكار يقول: قد كان أبو معشر تغير قبل أن يموت تغيرًا شديدًا، حتى إنه كان يخرج منه الريح ولا يشعر به

(1)

.

قال الخليلي: أبو معشر نجيح مدني وله مكان في العلم والتاريخ، وتاريخه مما يحتج به الأئمة في كتبهم، وضعفوه في الحديث، ولم يتفقوا عليه. وروى عنه الكبراء مثل ابن المبارك، ويونس المؤدب، ووكيع، وابنه محمد ابن أبي معشر. ويتفرد بأحاديث وأمسك الشافعي عن الرواية عنه. وكان أبو معشر تغير قبل أن يموت تغيرًا شديدًا، حتى كان يخرج منه الريح ولا يشعر به

(2)

.

قال النسائي: أبو معشر المدني نجيح ضعيف، ومع ضعفه أيضًا كان قد اختلط، عنده أحاديث مناكير، منها عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ما يين المشرق والمغرب قبلة".

ومنها هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقطعوا اللحم بالسكين، ولكن انهشوا نهشًا". وغير ذلك

(3)

.

(1)

"التاريخ الكبير"[2/ 350]، و"تاريخ بغداد":[13/ 460].

(2)

"الإرشاد في معرفة علماء الحديث": [1/ 300 - 302].

(3)

"المجتبى": [ح 2242].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال عمرو بن عون عن هشيم: ما رأيت مدنيًا يشبهه ولا أكيس =

ص: 316

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= منه. وقال أبو زرعة الدمشقي عن أبى نعيم: كان كيسًا حافظًا، وعن يزيد بن هارون قال: سمعت أبا جزء نصر بن طريف يقول: أبو معشر أكذب من في السماء ومن في الأرض. قال يزيد: فوضع الله تعالى أبا جزء، ورفع أبا معشر. وقال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد لا يُحدّث عنه ويضعفه ويضحك إذا ذكره، وكان ابن مهدي يُحدّث عنه. وقال عبيد بن فضالة: يعرف وينكر. وقال الأثرم عن أحمد: حديثه عندي مضطرب لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه أعتبر به. وقال أحمد بن أبي يحيى عن أحمد: يُكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب في التفسير. وعن يحيى بن معين: كان أميًا ليس بشيء. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان صدوقًا لكنه لا يقيم الإسناد ليس بذاك، وعن يحيى بن معين: ليس بقوي في الحديث. وقال أبو حاتم: كان أحمد يرضاه ويقول: كان بصيرًا بالمغازي. وقال: كنت أهاب حديثه حتى رأيت أحمد يحدث عن رجل عنه فتوسعت بعد فيه. قيل له: فهو ثقة؟ قال: صالح لين الحديث محله الصدق. وقال ابن أبي مريم عن ابن معين: ضعيف يكتب من حديثه الرقاق، وكان أميًا يتقى من حديثه المسند. وقال الدوري عن ابن معين: ضعيف، إسناده ليس بشيء، يُكتب رقاق حديثه. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس بشيء أبو معشر ريح. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي وأبو داود: ضعيف. وقال الترمذي: تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه، قال محمد: لا أروي عنه شيئًا. وقال صالح بن محمد: لا يسوى حديثه شيئًا. وقال أبو زرعة: صدوق في الحديث وليس بالقوي. وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن علي بن المديني: كان ضعيفًا ضعيفًا، وكان يُحدّث عن محمد بن قيس، وعن محمد بن كعب بأحاديث صالحة. وكان يُحدّث عن نافع وعن المقبري بأحاديث منكرة. وقال عمرو بن علي الفلاس نحو ذلك، وزاد مع نافع: هشام بن عروة وابن المنكدر، وزاد: لا يُكتب. وقال ابن عدي: حدّث عنه الثقات، ومع ضعفه يُكتب حديثه. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفًا. وقال أبو داود أيضًا: له أحاديث مناكير. وذكره ابن البرقي فيمن احتملت روايته في القصص، ولم يكن متين الرواية. وقال الساجي: منكر الحديث، وكان أميًا صدوقًا إلا أنه يغلط. وقال ابن نمير: كان لا يحفظ الأسانيد. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالمتين عندهم. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال أبو نعيم الأصبهاني: روى عن نافع، وابن المنكدر، وهشام بن عروة، ومحمد بن عمرو الموضوعات لا شيء. =

ص: 317

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: أفحش فيه القول فلم يصب وصفه". اهـ

وقال ابن رجب: قال مضر بن محمد عن يحيى بن معين: يُكتب حديثه مما روى عن محمد بن قيس، وعن محمد بن كعب، وعن مشايخه.

وأما ما روى عن المقبري، وعن نافع، وعن هشام، فهو فيه ضعيف لا يُكتب.

وقال يزيد بن الهيثم عن يحيى بن معين: اكتبوا عن أبي معشر حديث محمد بن كعب في التفسير، وأما أحاديث نافع وغيرها فليس بشيء، التفسير حسن.

يعني ما يرويه عن محمد بن كعب القرظي في تفسير القرآن، وغالبه أو جميعه من كلامه غير مرفوع.

("شرح علل الترمذي": [2/ 805]، و"سؤالات ابن طهمان" لابن معين: [ص 90]).

ص: 318

‌حرف الهاء

‌155 - هاشم بن القاسم بن شيبة

قال ابن حجر: قال أبو عروبة: كتبنا عن هاشم بن القاسم بن شيبة قديمًا ثم عاش بعد ذلك إلى أن كبر وتغير

(1)

.

‌156 - هشام بن عروة

قال ابن رجب: قال أحمد في رواية الأثرم: كأن رواية أهل المدينة عن هشام بن عروة أحسن، أو قال: أصح، وقال: كان يحيى بن سعيد يرسل الأحاديث التى يسندونها، يعني أنه كان يرسل عن هشام كثيرًا. قال: فقلت له: هذا الاختلاف عن هشام، منهم من يرسل، ومنهم من يسند عنه، من قبله كان؟ فقال: نعم. وذكر أن عيسى بن يونس أسند عنه ما كان يرسله الناس، كحديث الهدية وغيره.

وقيل له: علي بن مسهر؟ قال: كان علي بن مسهر قد ذهب بصره، فكان يُحدثهم من حفظه.

وقال الأثرم أيضًا: قال أبو عبد الله: ما أحسن حديث الكوفيين عن هشام ابن عروة، أسندوا عنه أشياء. قال: وما أرى ذلك إلا على النشاط، يعنى أن هشامًا ينشط تارة فيسند، ثم يرسل تارة أخرى.

قلت لأبي عبد الله: كان هشام تغير؟ قال: ما بلغنى عنه تغير.

(1)

"تهذيب التهذيب"، وفيه:"قال ابن أبي حاتم: كتب إليَّ وإلى أبي ببعض حديثه محله الصدق. وذكره ابن حبان في الثقات".

ص: 319

وقال أبو عبد الله: ما كان أروى أبا أسامة، يعنى عن هشام، روى عنه أحاديث غرائب.

قال: ومالك يرسل أشياء كثيرة يسندها غيره، وقال أيضًا: ما رأيت أحدًا أكثر رواية عن هشام بن عروة من أبي أسامة ولا أحسن رواية منه، ثم ذكر حديث تركة الزبير فقال: ما أحسن ما جاء بذلك الحديث وأتمه، قال: وحديث الإفك حسنه وجوده.

وقال الدارقطني: أثبت الرواة عن هشام بن عروة الثوري، ومالك، ويحيى القطان، وابن نمير، والليث بن سعيد. وقال ابن خراش في "تاريخه": هشام بن عروة كان مالك لا يرضاه، وكان هشام صدوقًا، تدخل أخباره في الصحاح، بلغني أن مالكًا نقم عليه حديثه لأهل العراق قدم الكوفة ثلاث قدمات، قدمة كان يقول: حدثني أبي، قال: سمعت عائشة، وقدم الثانية فكان يقول: حدثني أبي، عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة، يعنى لا يذكر السماع.

قال: وسمع منه بآخره وكيع، وابن نمير، ومحاضر. انتهى

وهذا مما يؤيد ما ذكره الإمام أحمد أن حديث أهل المدينة عنه كمالك وغيره، أصح من حديث أهل العراق عنه.

وذكر العقيلي بإسناده عن ابن لهيعة، قال: كان أبو الأسود يعجب من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، وربما مكث سنة لا يكلمه.

وعن ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: لم يكن عروة يرفع حديث أم زرع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقطع به الطريق.

ص: 320

قال العقيلي: لم يأت بحديث أم زرع غير هشام، وأبو الأسود يتيم عروة أوثق من هشام.

وقال ابن أبي خيثمة: رأيت في كتاب علي بن المديني، قال: قال يحيى بن سعيد: رأيت مالك بن أنس في النوم فسألته عن هشام بن عروة، فقال: أما ما حدّث به وهو عندنا فهو، أي كأنه صححه، وما حدّث به بعد ما خرج من عندنا فكأنه يوهنه.

قال القاضي إسماعيل المالكي: بلعني عن علي بن المديني أن يحيى القطان كان يضعف أشياء حدّث بها هشام بن عروة في آخر عمره، لاضطراب حفظه بعدما أسن، والله أعلم.

وسمعت على بن نصر وغيره يذكرون نحو هذا عن يحيى بن سعيد

(1)

.

قال الخطيب البغدادي: أخبرني الأزهري، حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا جدي قال: هشام بن عروة ثبت ثقة، لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية، فأنكر ذلك عليه أهل بلده.

قال جدي: والذي يرى أن هشامًا يتسهل لأهل العراق، أنه كان لا يُحدّث عن أبيه إلا بما سمعه منه، فكان تسهله أن أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه

(2)

.

(1)

"شرح علل الترمذي": [25/ 678 - 682].

(2)

"تاريخ بغداد": [14/ 40].

ص: 321

قال ابن رجب: قال يعقوب بن شيبة: هشام مع تثبته ربما جاء عنه بعض الاختلاف، وذلك فيما حدث بالعراق خاصة، ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما يفحش، يسند الحديث أحيانًا ويرسله أحيانًا، لا أنه يقلب إسناده كأنه على ما يذكر من حفظه يقول: عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتقنه أسنده، وإذا هابه أرسله.

قال ابن رجب: وهذا فيما نرى أن كتبه لم تكن معه في العراق فيرجع إليها، والله أعلم

(1)

.

قال مغلطاي: قال الآجري عن أبي داود: لما حدّث هشام بن عروة بحديث أم زرع هجره أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن وقال: لم يُحدّث عروة بهذا، إنما كان يُحدثنا بهذا يقطع السفر

(2)

.

قال الذهبي: هشام بن عروة أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكبر تناقص حفظه، ولم يختلط أبدًا، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرا.

نعم الرجل تغير قليلًا ولم يبق حفظه كهو في حال الشيبة، فنسى بعض محفوظه أو وهم، فكان ماذا! أهو معصوم من النسيان!

ولما قدم العراق في آخر عمره حدّث بجملة كثيرة من العلم في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع

(1)

"شرح علل الترمذي": [2/ 769].

(2)

"إكمال تهذيب الكمال": [12/ 150].

ص: 322

ولكبار الثقات، فدع عنك الخبط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين، فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان، وكذا قول عبد الرحمن بن خراش: كان مالك لا يرضاه، نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم الكوفة ثلاث مرات: قدمة كان يقول: حدثني أبي، قال: سمعت عائشة، والثانية كان يقول: أخبرني أبي عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي، عن عائشة. يعني يرسل عن أبيه

(1)

.

قال العلائي: هشام بن عروة أحد الأعلام المتفق عليهم.

ذكر ابن القطان في أثناء كلام له أن هشامًا هذا تغير واختلط، وهذا القول لا عبرة به، لعدم المتابع له، بل هو حجة مطلقًا، وإن كان وقع شيء ما فهو من القسم الذى لم يؤثر فيه شيء من ذلك

(2)

.

قال ابن حجر: قال أبو الحسن بن القطان: هشام بن عروة تغير قبل موته، ولم نر له في ذلك سلفًا

(3)

.

قال المعلمي اليماني معقبًا على ما قاله الذهبي في "الميزان": أما النسيان فلا يلزم منه خلل في الضبط، لأن غايته أنه كان أولًا يحفظ أحاديث

(1)

"ميزان الاعتدال": [4/ 301 - 302].

(2)

كتاب "المختلطين": [ص 126].

والقسم الذى أشار إليه العلائي هو القسم الأول، وقد تقدم معناه في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري.

(3)

"تهذيب التهذيب": [ترجمة هشام بن عروة].

ص: 323

فحدّث بها ثم نسيها فلم يُحدّث بها.

وأما الوهم فإذا كان يسيرًا يقع مثله لمالك وشعبة وكبار الثقات فلا يستحق أن يُسمى خللًا في الضبط ولا ينبغي أن يُسمى تغيرًا، غاية الأمر أنه رجع عن الكمال الفائق المعروف لمالك وشعبة وكبار الثقات، ولم يذكروا في ترجمته شيئًا نُسب فيه إلى الوهم إلا ما وقع له مرة في حديث أم زرع، والحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبيه عن عائشة قالت: "جلس إحدى عشرة امرأة

". فساقت القصة بطولها. وفيها ذكر أم زرع، وفي آخره: "قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت لك كأبي زرع لأم زرع".

وهذا السياق صحيح اتفاقًا ولكن رواه هشام مرة أخرى فرفع القصة كلها وقد تُوبع على ذلك كما في "الفتح" ولكن الأول أرجح.

واستدل بعضهم على رفع القصة كلها بأن المرفوع اتفاقًا وهو قوله صلى الله عليه وسلم:

"كنت لك كأبي زرع لأم زرع" مبنى على القصة، فلابد أن يكون صلى الله عليه وسلم بدأ فذكر القصة ثم بنى عليها تلك الكلمة، أو بدأ بتلك الكلمة فسألته عائشة فذكر القصة.

وأجيب باحتمال أن تكون القصة كانت مما يحكيه العرب، وكان صلى الله عليه وسلم قد سمعهم يحكونها، وعلم أن عائشة قد سمعتها فبنى عليه تلك الكلمة.

وعلى كل حال فهذا وهم يسير قد رجع عنه هشام

(1)

.

(1)

"التنكيل": [1/ 517].

ص: 324

‌157 - هشام بن عمار

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هشام بن عمار لما كبر تغير، وكلما دفع إليه قرأه، وكلما لُقن تلقن، وكان قديمًا أصح، كان يقرأ من كتابه.

قال ابن أبي حاتم: سُئل أبي عنه، فقال: صدوق

(1)

.

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار عن مروان الفزاري عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير ابن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخره"؟ فقال أبي: هذا حديث باطل، إنما يروى عن قيس قوله.

قلت: ممن هو؟ قال: من هشام بن عمار، كان هشام بآخره كانوا يُلقنونه أشياء فيُلقن، فأرى هذا منه

(2)

.

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: هشام بن عمار كيّس.

قال أبو داود: وأبو أيوب -يعني سليمان بن بنت شرحبيل- خير منه. يعني من هشام، حدّث هشام بأرجح من أربعمائة حديث ليس لها أصل مسندة، كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر وغيره يلقنها هشام بن عمار. قال هشام بن عمار: حديثي قد روى فلا أبالي

(1)

"الجرح والتعديل": [9/ 66].

(2)

"علل الحديث": [2/ 135].

ص: 325

من حمل الخطأ

(1)

.

قال ابن حجر: قال الإسماعيلي عن عبد الله بن محمد بن سيار: كان هشام بن عمار يلقن، وكان يلقن كل شيء ما كان من حديثه، وكان يقول: أنا قد أخرجت هذه الأحاديث صحاحًا، وقال الله تعالى:{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} وكان يأخذ على كل ورقتين درهمين ويشارط، ولما لمته على التلقين قال: أنا أعرف حديثي، ثم قال لي بعد ساعة: إن كنت تشتهي أن تعلم فأدخل إسناد في شيء، فتفقدت الأسانيد التى فيها قليل اضطراب فسألته عنها فكان يمر فيها. وقال القزاز: آفته أنه ربما لُقن أحاديث فتلقنها

(2)

.

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 191].

(2)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة هشام بن عمار].

وفيه أيضًا: "قال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم عن يحيى بن معين: كيّس كيّس. وقال العجلي: ثقة. وقال مرة: صدوق. وقال أحمد بن خالد الخلال عن يحيى بن معين: حدثنا هشام بن عمار وليس بالكذوب. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الدارقطني: صدوق كبير المحل. وقال عبدان: ما كان في الدنيا مثله. وقال ابن عدي: سمعت فلسطين يقول: حضرت مجلس هشام فقال له المستملي: من ذكرت؟ فقال: حدثنا بعض مشايخنا ثم نعس. فقال المستملي: لا تنتفعون به، فجمعوا له شيئًا فأعطوه، فكان بعد ذلك يملي عليهم. وقال ابن وارة: عزمت زمانًا أن أمسك عن حديث هشام لأنه كان يبيع الحديث. وقال صالح بن محمد: كان يأخذ على الحديث ولا يُحدّث ما لم يأخذ. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال مسلمة: تكلم فيه وهو جائز الحديث صدوق. وقال أحمد بن أبي الحواري: إذا حدثت في بلد فيها هشام بن عمار فيجب للحيتي أن تُحلق. قال: وقال هشام بن عمار: نظر يحيى بن معين في حديثي كله إلا حديث سويد بن عبد العزيز فإنه =

ص: 326

‌158 - الهيثم بن جميل أبو سهل البغدادي

قال الحافظ في "تقريب التهذيب": الهيثم بن جميل البغدادي أبو سهل ثقة من أصحاب الحديث، وكأنه ترك فتغير

(1)

.

= قال: سويد ضعيف، وقد حدّث هشام بن عمار عن ابن لهيعة بالإجازة. وقال أبو زرعة الرازي: من فاته هشام بن عمار يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث. وقال المروذي: ذكر أحمد هشامًا فقال: طياش خفيف، وذكر له قصة في اللفظ بالقرآن، أنكر عليه أحمد حتى أنه قال: إن صلوا خلفه فليعيدوا الصلاة. وقال في الزهرة: روى عنه البخاري أربعة أحاديث".

(1)

قال المزي في "تهذيب الكمال"[30/ 367 - 368]: "قال محمد بن سعد: سمعت موسى بن داود يقول: أفلس الهيثم بن جميل في طلب الحديث مرتين، وكان من أهل بغداد، تحول فنزل أنطاكية حتى مات بها، وكان ثقة.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي وذكر الهيثم بن جميل، فقال: كان من أصحاب الحديث ببغداد هو وأبو كامل يعني مظفر بن مدرك، وأبو سلمة الخزاعي، وكان الهيثم أحفظ الثلاثة، وكان أبو كامل أتقن للحديث منه.

وقال في موضع آخر: الهيثم بن جميل ثقة.

وقال العجلي: ثقة صاحب سُنة، بغدادي، سكن أنطاكية.

وقال سليمان بن إسحاق الجلاب: سُئل إبراهيم الحربي: مِن مَن كان الهيثم بن جميل؟ فقال: كان من أبناء خراسان، وكان ببغداد، ثم انتقل إلى الشام، وهو ثقة.

فقيل لإبراهيم: كان صدوقًا في الحديث؟ قال: أما الصدق فلا يدفع.

وقال الدارقطني: ثقة حافظ. وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ

وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب": "قال ابن عدي: الهيثم بن جميل ليس بالحافظ، يغلط على الثقات، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب. وقال أبو نعيم الأصبهاني: متروك، ذكر ذلك في "أماليه"، ونقله الذهبي في ترجمة أحمد بن يوسف المنبجي". اهـ

وقال الذهبي في "الكاشف": [3/ 202]: "الهيثم بن جميل الحافظ أبو سهل البغدادي عن حماد بن سلمة ومالك، وعنه الذهلي ومحمد بن عوف، حجة صالح، مات سنة 213". اهـ والذي يظهر لي أن الهيثم بن جميل ثقة ولم يتغير.

ص: 327

‌159 - هلال بن خباب

قال ابن أبي حاتم: نا أبي قال: قال عبد الله بن أبي الأسود عن يحيى بن سعيد القطان، قال: أتيت هلال بن خباب وكان قد تغير قبل موته من كبر السن

(1)

.

قال العقيلي: حدثنا محمد، قال: حدثنا صالح، قال: حدثنا علي، قال: سمعت يحيى، قال: رأيت هلال بن خباب، وكان قد تغير قبل موته

(2)

.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هلال بن خباب، فقال: ثقة صدوق، وكان يُقال تغير قبل موته من كبر السن

(3)

.

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن هلال بن خباب كان ينزل المدائن ثقة إلا أنه تغير، عمل فيه السن

(4)

.

قال العقيلي: هلال بن خباب أبو العلاء في حديثه وهم وتغير بآخره

(5)

.

قال ابن حبان: هلال بن خباب كان ممن اختلط في آخر عمره فكان يُحدّث بالشيء على التوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وأما فيما وافق الثقات فإن احتج به مُحتج أرجو أن لا يحرج في فعله ذلك.

(1)

"الجرح والتعديل": [9/ 75]، و"التاريخ الكبير":[8/ 210]، و"الضعفاء الكبير" للعقيلي:[4/ 347].

(2)

"الضعفاء الكبير": [4/ 347].

(3)

"الجرح والتعديل": [9/ 75].

(4)

"المعرفة والتاريخ": [3/ 90].

(5)

"الضعفاء الكبير": [4/ 347].

ص: 328

وهو الذي روى عن عكرمة عن ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتالية طاويًا وأهله لا يجدون عشاء، وكان عامتهم يأكلون خبز الشعير".

وروى عن عكرمة عن ابن عباس قال: "دخل عمر بن الخطاب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا؟ فقال: يا عمر مالى وللدنيا أو ما للدنيا ولى، والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سارٍ في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة ثم راح وتركها".

أخبرنا بالحديثين جميعًا عبد الله بن قحطبة قال: حدثنا عبد الله بن معاوية الجهني قال: حدثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب

(1)

.

قال ابن حجر: قال الساجي والعقيلي: هلال بن خباب في حديثه وهم وتغير بآخره. وقال الحاكم أبو أحمد: تغير بآخره

(2)

.

(1)

"المجروحين": [3/ 87].

(2)

"تهذيب التهذيب"[ترجمة هلال بن خباب].

وفيه أيضًا: "قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: شيخ ثقة. وقال ابن أبي خيثمة وغيره عن ابن معين: ثقة وليس بينه وبين يونس بن خباب قرابة. وقال ابن البرقي عن ابن معين: هلال بن خباب وصالح بن خباب أخوان ثقتان. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يُخطئ ويُخالف.

وقال ابن عمار الموصلي والمفضل بن غسان الغلابي: ثقة، زاد ابن عمار: وأخوه يونس ضعيف.

وقال الخطيب: وهم ابن عمار، لا نعلم بين هلال ويونس نسبة. قال الخطيب: وزعم الجوزجاني أن هلال بن خباب، ويونس بن خباب، وصالح بن خباب أخوة ووهم في ذلك أيضًا. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به".

ص: 329

‌حرف الواو

‌160 - وهيب بن خالد

قال الآجري عن أبي داود: وهيب بن خالد ذهب بصره وتغير وهو ابن ثمان وخمسين سنة إن شاء الله

(1)

.

وقال الآجري أيضًا عن أبي داود: تغير وهيب بن خالد، ووهيب ثقة

(2)

.

(1)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [1/ 393].

(2)

"سؤالات الآجري" لأبي داود: [2/ 159].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال صالح بن أحمد عن أبيه: ليس به بأس. وقال الفضل بن زياد: سألت أحمد عن وهيب وابن علية إذا اختلفا؟ قال: كان عبد الرحمن يختار وهيبًا. قلت: في حفظه؟ قال: في كل شيء، وإسماعيل ثبت. وقال معاوية بن صالح: قلت لابن معين: من أثبت شيوخ البصريين؟ قال: وهيب وذكر جماعة. وقال ابن المديني عن ابن مهدي: كان من أبصر أصحابه بالحديث والرجال، وقال عمرو بن علي: سمعت يحيى بن سعيد ذكره فأحسن الثناء عليه. وقال يونس بن حبيب عن أبي داود: ثنا وهيب وكان ثقة. وقال العجلي ثقة ثبت.

وقال أبو حاتم: ما أنقى حديثه لا تكاد تجده يُحدّث عن الضعفاء، وهو الرابع من حُفاظ البصرة، وهو ثقة، ويُقال: إنه لم يكن بعد شعبة أعلم بالرجال منه، وكان يُقال: إنه يخلف حماد بن سلمة. وقال ابن سعد: كان قد سُجن فذهب بصره، وكان ثقة كثير الحديث حجة، وكان يُملي من حفظه، وكان أحفظ من أبي عوانة. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان مُتقنًا. وقال ابن المديني: قال يحيى بن سعيد: إسماعيل أثبت من وهيب". اهـ

قلت: وأخرج له الجماعة.

ص: 330

‌حرف الياء

‌161 - يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد الأندلسي

قال الذهبي: يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد الأندلسي أبو الحسين بن البياز المقرئ أسند القراءات عن عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي ومكي والداني قرأ عليه أبو عبد الله بن سعيد الداني وجماعة.

وقال ابن بشكوال: سمعت بعضهم يضعفه وينسبه إلى الكذب وإلى ادعاء الرواية عمن لم يلقه، ويشبه أن يكون ذلك في وقت اختلاطه لأنه اختلط أخيرًا

(1)

.

‌162 - يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ

قال العقيلي: يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري عن محمد بن إسحاق، في حديثه مناكير وأغاليط، وكان ضريرًا فيما بلغني أنه يُلقن.

حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه كعب بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا

وروى بهذا الإسناد عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة من بني فزارة يُقال لها أم قرفة جهزت ثلاثين راكبًا

(1)

"ميزان الاعتدال": [4/ 360].

ص: 331

من ولدها، وولد ولدها، فقال: اقدموا المدينة فاقتلوا محمدًا، فقال: اللهم أثكلها ولدها، وبعث إليهم زيد بن حارثة، فقتل بني فزارة، وقُتل ولد أم قرفة، وبعث بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبه إلى رمحين، قالت عائشة: فأقبل زيد حتى قدم المدينة، قالت عائشة: ورسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة في بيتي فقرع الباب فخرج إليه يجر ثوبًا عريانًا، والذي بعثه بالحق ما رأيت عريته قبل ذلك ولا بعدها حتى اعتنقه وقبله.

أما الأول فقد روي من غير هذا الطريق، وأما الثاني فلا يُعرف إلا به

(1)

.

‌163 - يحيى بن يمان

قال يعقوب بن سفيان: وسألت ابن نمير أن يخرّج إليَّ حديث يحيى بن اليمان فأخرج إليَّ أجزاء ثم رأيته يتثاقل، فقلت له: ما هذا؟ قال: تخفف فإن حديثه لا يُشبه حديث أصحابنا، يتوهم الشيء فيُحدّث به، وخاصة لما أفلج، فامتنع على أن يُخرّج بقية سماعه منه

(2)

.

قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن ابن معين: يحيى بن يمان كان يضعف في آخر عمره في حديث

(3)

.

قال عبد الله بن علي بن المديني: سكت أبي عن يحيى بن اليمان فقال:

(1)

"الضعفاء الكبير": [4/ 427 - 428].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقاله الساجي: في حديثه مناكير وأغاليط، وكان فيما بلغني ضريرًا يُلقن".

(2)

"المعرفة والتاريخ": [1/ 722].

(3)

"تاريخ بغداد": [14/ 123].

ص: 332

صدوق وكان قد أفلج فتغير حفظه

(1)

.

قال ابن حجر: قال العجلي: يحيى بن اليمان كان من كبار أصحاب الثوري، وكان ثقة جائز الحديث متعبدًا معروفًا بالحديث صدوقًا، إلا أنه فلج بآخره فتغير حفظه، وكان فقيرًا صبورًا

(2)

.

(1)

"تاريخ بغداد": [14/ 122].

(2)

"تهذيب التهذيب".

وفي المطبوع من ثقات العجلي: يحيى بن يمان العجلي كان من كبار أصحاب الثوري، وكان ثقة جائز الحديث، وليس فيه ذكر لاختلاط يحيى.

وفي "تهذيب التهذيب": "قال زكريا الساجي: ضعفه أحمد، وقال: حدث عن الثوري بعجائب. وقال حنبل بن إسحاق عن أحمد: ليس بحجة. وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: ليس بثبت، لم يكن يبالي أي شيء حدث، كان يتوهم الحديث، قال: وقال وكيع: هذه الأحاديث التى يُحدّث بها يحيى بن يمان ليست من أحاديث الثوري. وقال عثمان الدارمي عن يحيى بن معين: أرجو أن يكون صدوقًا. وقال عبد الخالق بن منصور عن ابن معين: ليس به بأس. وقال أبو بكر بن عفان الصوفي عن وكيع: ما كان أحد من أصحابنا أحفظ منه، ثم نسى فلا أعلم بالكوفة أحفظ من داود ابنه. وقال الآجري عن أبي داود: يُخطئ في الأحاديث ويقلبها. وقال النسائي: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أخطأ وكان متقشفًا. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وهو في نفسه لا يتعمد الكذب، إلا أنه يخطئ ويشتبه عليه. وقال ابن أبي شيبة: كان سريع الحفظ سريع النسيان". اهـ

وقال ابن أبي حاتم: نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: سمعت أبي يقول: وكيع أثبت من يحيى بن يمان، يحيى يضطرب في بعض حديثه.

قرئ على العباس بن محمد الدوري، قال: سُئل يحيى بن معين عن يحيى بن يمان فقال: لا يشبه حديثه عن الثوري أحاديث غيره عن الثوري.

وقال ابن محرز عن ابن معين: ليس به بأس، صدوق، ليس هو بذاك القوي.

وقال الدوري: سمعت يحيى يقول: ربما عارضت أحاديث يحيى بن يمان أحاديث الناس، =

ص: 333

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فما خالف فيه الناس ضربت عليه. وقد ذكرت لوكيع شيئًا من حديث سفيان، فقال وكيع: ليس هذا سفيان الذى سمعنا نحن منه.

وقال ابن عدي: ثنا علان، ثنا ابن أبي مريم، سألت يحيى بن معين عن يحيى بن يمان، فقال: ضعيف الحديث.

وقال ابن الغلابي عن ابن معين: يحيى بن اليمان ضعيف.

وقال أبو زرعة الرازي: يحيى بن يمان لم يكن عندي ممن يكذب، ولكن كان يخيل إليه الشيء حدّث عن سفيان عن سلمة بن كهيل، عن عباية بن ربعي، عن علي "له دعوة الحق" فقال يحيى: وألزمهم كلمة التقوى.

وقال أبو زرعة أيضًا: يهم كثيرًا.

وقال ابن سعد: يحيى بن اليمان العجلي كان كثير الحديث كثير الغلط، لا يُحتج به إذا خُولف. وقال يعقوب بن شيبة: ويحيى بن اليمان كان صدوقًا كثير الحديث، وإنما أنكر أصحابنا عليه كثرة الغلط، وليس بحجة إذا خالف، وهو من متقدمي أصحاب سفيان في الكثرة عنه، ويُعد من أصحاب سفيان مع أبي أحمد الزبيدي، ومؤمل بن إسماعيل، وقبيصة بن عقبة، ومحمد ابن يوسف الفرياني، ونظرائهم من المتأخرين، ويعد في كثرة الرواية عن سفيان مع الأشجعي والمتقدمين [وتصحف قول يعقوب في التهذيب]

وقال ابن أبي حاتم: نا أبي قال: رأيت محمد بن عبد الله بن نمير يضعف يحيى بن يمان ويقول: كأن حديثه خيال. سألت أبي عن يحيى بن يمان فقال: مضطرب الحديث، في حديثه بعض الصنعة، ومحله الصدق.

وقال الأثرم: كان يحيى بن اليمان عندهم ممن لا يحفظ الحديث ولا يكتبه، وكان يُحدّث من حفظه بأعاجيب، وهذا من أنكر ما روى.

وقال العقيلي: يحيى بن يمان لا يُتابع على حديثه.

حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا محمد بن المثنى، قال: ذكرت لعبد الرحمن حديث سفيان، عن منصور، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ أحرام هو؟ قال: لا يُحدث بهذا.

حدثنا محمد بن سعيد بن بلج، قال: سمعت أبا عبد الله -يعني عبد الرحمن بن الحكم بن =

ص: 334

‌164 - يزيد بن ربيعة الرحبي الدمشقي

قال ابن أبي حاتم: حدثني أبي قال: سألت دحيمًا عن يزيد بن ربيعة فقال:

كان في بدء أمره مستقيمًا ثم اختلط قبل موته.

قيل له: فما تقول فيه؟ قال: ليس بشيء، وأنكر أحاديثه عن أبي الأشعث.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن يزيد بن ربيعة فقال: ضعيف الحديث، منكر الحديث، واهي الحديث، وفي روايته عن أبي الأشعث عن ثوبان تخليط كثير

(1)

.

= بشير بن سلمان يقول: استأذنت نوفل في إتيان يحيى بن يمان، فقال: لا تعني نفسك فيه.

حدثنا أحمد بن محمود، حدثنا عثمان بن سعيد، قال: قلت ليحيى بن معين: فيحيى بن يمان في الثوري، قال: أرجو أن يكون صدوقًا.

قلت: كيف هو في حديثه؟ قال: ليس بالقوي.

وقال الخليلي: يحيى بن يمان ثقة، الا أنه كثير الخطأ، لم يتفقوا عليه.

("الجرح والتعديل": [9/ 199]، و"سؤالات ابن محرز" لابن معين: [1/ 68]، و"تاريخ الدوري": [3/ 319]، و"الكامل في ضعفاء الرجال": [7/ 236]، و"تاريخ بغداد": [14/ 123]، و"سؤالات البرذعي" لأبي زرعة الرازي: [2/ 442، 393]، و"الطبقات الكبرى" [6/ 363]، و"ناسخ الحديث ومنسوخه": [ص 176] و "الضعفاء الكبير": [4/ 433]، و"تاريخ عثمان الدارمي": [ص 62]، و"الإرشاد في معرفة علماء الحديث": [1/ 285]).

(1)

"الجرح والتعديل": [9/ 261].

ومعنى قول أبي حاتم "تخليط كثير" أي أوهام كثيرة.

وقال الذهبي في "الميزان"[4/ 422]: "قال البخاري: أحاديثه مناكير. وقال أبو حاتم وغيره: ضعيف. وقال النسائي: متروك. وقال أبو مسهر: كان يزيد بن ربيعة فقيهًا غير =

ص: 335

‌165 - يزيد بن أبي زياد

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو بكر، ثنا سفيان، حدثنا يزيد بن أبي زياد بمكة، أنه سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى، يحدث عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه، ثم قدمت الكوفة فلقيته بها فسمعته يحدثه، فزاد فيه: ثم لا يعود، فظننت أنهم لقنوه، وكان بمكة حين لقيته أحفظ منه حين لقيته بالكوفة إذا حفظه قد ساء، أو قال: قد تغير

(1)

.

قال ابن أبي حاتم: نا أبي، نا الحميدي، نا سفيان، نا يزيد بن أبي زياد بمكة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه قال سفيان: فلما قدمت الكوفة سمعته يحدث به فزاد فيه: ثم لا يعود، فظننت أنهم لقنوه، وكان بمكة يومئذ أحفظ منه يوم رأيته بالكوفة، وقالوا لي إنه قد تغير حفظه

(2)

.

= متهم، ما ننكر عليه أنه أدرك أبا الأشعث، ولكن أخشى عليه سوء الحفظ والوهم. وقال الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة. وأما ابن عدي فقال: أرجو أنه لا بأس به". وقال اين حجر في "لسان الميزان" [7/ 354]: "قال أبو زرعة: رأيت دحيمًا وهشامًا يبطلان حديثه. وقال النسائي في "التمييز": ليس بثقة. وقال العقيلي: متروك الحديث شامي. وقال الدارقطني: دمشقي متروك. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم. وذكره ابن الجارود في "الضعفاء".

(1)

"المعرفة والتاريخ"[2/ 711].

(2)

مقدمة الجرح والتعديل [1/ 43 - 44].

ص: 336

قال ابن سعد: يزيد بن أبي زياد يُكنى أبا عبد الله كان ثقة في نفسه إلا أنه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب

(1)

.

قال يعقوب بن سفيان: يزيد بن أبي زياد وإن كان قد تكلم الناس فيه لتغيره في آخر عمره، فهو على العدالة والثقة وإن لم يكن مثل منصور والحكم

(2)

.

وقال يعقوب بن سفيان أيضًا: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن يزيد عن أبي زياد أبو عبد الله مولى بنى هاشم، روى عنه شعبة وشريك، داعية أهل الكوفة، وهو ثقة إلا أنه كبر وتغير حفظه

(3)

.

قال العجلي: يزيد بن أبي زياد مولى بني هاشم كوفى جائز الحديث، وكان بآخره يُلقن

(4)

.

قال ابن حبان: يزيد بن أبي زياد مولى بني هاشم كنيته أبو زياد، وقد قيل أبو عبد الله، واسم أبيه ميسرة، وكان صدوقًا إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، فكان يتلقن ما لقن، فوقع المناكير في حديثه من تلقين غيره إياه وإجابته فيما ليس من حديثه لسوء حفظه، فسماع من سمع منه قبل دخوله الكوفة في أول عمره سماع صحيح، وسماع من سمع منه في آخر

(1)

"الطبقات الكبرى": [6/ 330].

(2)

"المعرفة والتاريخ": [3/ 81].

(3)

"المعرفة والتاريخ": [3/ 94].

(4)

"الثقات": [ص 479].

ص: 337

قدومه الكوفة بعد تغير حفظه وتلقنه ما يلقن سماع ليس بشيء

(1)

.

قال الدارقطني: يزيد بن أبي زياد لا يُخرّج عنه في الصحيح، ضعيف يُخطئ كثيرًا، ويتلقن إذا لُقن

(2)

.

وقال الدارقطني أيضًا: لُقن يزيد في آخر عمره، وكان قد اختلط

(3)

.

قال البيهقي: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، أنبأ سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء ابن عازب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه.

قال سفيان: ثم قدمت الكوفة فلقيت يزيد فسمعته يحدث بهذا وزاد فيه: ثم لا يعود - فظننت أنهم لقنوه.

قال سفيان: هكذا سمعت يزيد يحدثه، ثم سمعته بعد يحدثه هكذا ويزيد فيه "ثم لا يعود".

قال الشافعي رحمه الله: وذهب سفيان إلى أن يغلط يزيد في هذا الحديث يقول كأنه لقن هذا الحرف فتلقنه، ولم يكن يذكر سفيان يزيد بالحفظ. كذلك أخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الإسفرائينى، أنبأ أبو بحر محمد بن الحسن البربرهاري، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا

(1)

"المجروحين": [3/ 99 - 100].

(2)

"سؤالات البرقاني" للدارقطني: [ص 13].

(3)

"سنن الدارقطني": [1/ 294].

ص: 338

سفيان، ثنا يزيد بن أبي يزيد بمكة فذكر هذا الحديث ليس فيه "ثم لا يعود".

وقال سفيان: فلما قدمت الكوفة سمعته يحدث به فيقول فيه "ثم لا يعود" فظننت أنهم لقنوه، وقال لي أصحابنا: إن حفظه قد تغير، أو قالوا: قد ساء.

قال الحميدي: قلنا لقائل هذا -يعنى المحتج بهذا- إنما رواه يزيد، ويزيد يزيد.

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو الحسن بن عبدوس، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، قال: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: لا يصح عنه هذا الحديث.

قال: وسمعت يحيى بن معين يُضعّف يزيد بن أبي زياد.

قال أبو سعيد الدارمي: ومما يحقق قول سفيان أنهم لقنوه هذه الكلمة أن سفيان الثوري وزهير بن معاوية وهشيمًا وغيرهم من أهل العلم لم يجيئوا بها، إنما جاء بها من سمع منه بآخره

(1)

.

(1)

"السنن الكبرى"[2/ 76].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال النضر بن شميل عن شعبة: كان رفاعًا. وقال علي بن المنذر عن ابن فضيل: كان من أئمة الشيعة الكبار. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس حديثه بذاك. وقال مرة: ليس بالحافظ. وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ليس بالقوي. وقال أبو يعلي الموصلي عن ابن معين: ضعيف. قيل له: أيما أحب إليك هو أو عطاء بن السائب؟ فقال: ما أقربهما. وقال عثمان بن أبي شيبة عن جرير: كان أحسن حفظًا من عطاء. وقال =

ص: 339

‌166 - يعقوب بن أحمد بن يعقوب الحلبي

قال برهان الدين ابن العجمي: يعقوب بن أحمد بن يعقوب الحلبي المعقلي أبو أحمد وأبو يوسف الشافعي المعروف قديمًا بابن المقرئ، وبابن الإمام، والمشهور بابن الصابوني سمع بدمشق وبالقاهرة، وأجاز له اليلداني وغيره وحدّث، وسمع منه البرذالي سنة ثمانية وستمائة، وحدّث بغالب مروياته تولى مشيخة الحديث بالمنكوتمرية، وكان ذا سمت وعقل وديانة، مولده تخمينًا سنة خمسين وستمائة بحلب. وقال الذهبى: سنة أربع وأربعين. قال ابن رافع في "معجمه": ولعله وَهِمْ.

= أحمد بن سنان القطان عن ابن مهدي: ليث بن أبي سليم، وعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، ليث أحسنهم حالًا عندي. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال الجوزجاني: سمعتهم يضعفون حديثه. وقال الآجري عن أبي داود: لا أعلم أحدًا ترك حديثه، وغيره أحب إليَّ منه. وقال ابن عدي: هو من شيعة الكوفة، ومع ضعفه يُكتب حديثه. وقال ابن المبارك: إرم به، كذا هو في "تاريخه". ووقع في أصل المزي: أكرم به، وهو تحريف، وقد نقله على الصواب أبو محمد بن حزم في "المحلى"، وأبو الفرج بن الجوزي في "الضعفاء" له. وقال وكيع: يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله: حديث الرايات ليس بشيء. وقال أبو أسامة: لو حلف لي خمسين يمينًا قسامة ما صدقته -يعني في هذا الحديث. وقال ابن قانع: ضعيف. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم. وقال ابن شاهين في "الثقات": قال أحمد بن صالح المصري: ثقة، ولا يعجبني قول من تكلم فيه. وقال البرديجي: ليس بالقوي. وقال ابن خزيمة: في القلب منه. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال مسلم في مقدمة كتابه: فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم كعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم ونظرائهم من حُمَّال الآثار إلى آخر كلامه، وهو موافق لما تقدم عن ابن مهدي في الجمع بين هؤلاء الثلاثة، وتفضيله ليث على الآخرين".

وقال البخاري: يزيد بن أبي زياد صدوق ولكنه يغلط. ("علل الترمذي الكبير": [ص 331]).

ص: 340

قال ابن رافع في "معجمه" -نقلًا-: وكان مرض مرضة طويلة نحو سنة ونصف، وتغير ذهنه فيها. وتوفي يوم الخميس ثاني عشرين رجب من سنة عشرين وسبعمائة بالقاهرة، ودفن بمقبرة باب النصر. انتهى

(1)

.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 380].

وقال الذهبي في "تدكرة الحفاظ"[4/ 1505]: وسمعت من المُحدّث العالم العدلي المفيد كاتب "الحكم" شرف الدين يعقوب بن أحمد بن الصابوني روى عن أحمد بن علي الدمشقي، والنجيب، وابن علاق، وابن أبي الخير، وخلق، ونسخ الأجزاء وساد في الشروط، مات بمصر في سنة عشرين وسبع مائة عن ست وسبعين سنة رحمه الله تعالى.

ص: 341

‌الكنى

‌167 - أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي بقول: أبو بكر بن أبي مريم ضعيف الحديث، طرقته لصوص فأخذوا متاعه فاختلط

(1)

.

قال ابن حجر: قال أبو داود: سُرق لأبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم حُليّ فأنكر عقله

(2)

(1)

"الجرح والتعديل": [2/ 405].

(2)

"سؤالات الآجري" لأبي داود [2/ 233 - 234].

وفي تهذيب التهذيب: "قال حرب بن إسماعيل عن أحمد: ضعيف، كان عيسى لا يرضاه. وقال الآجري عن أبي داود: قال أحمد: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: ليس بالقوي. وقال النسائي والدارقطني: ضعيف. وقال ابن حبان: كان من خيار أهل الشام لكن كان رديء الحفظ، يُحدّث بالشيء فيّهم فيكثر ذلك منه حتى استحق الترك. وقال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم: من الثبت؟ قال: صفوان وبحير وحريز وأرطأة. قلت: فابن أبي مريم؟ قال: دونهم. وقال عثمان الدارمي عن دحيم: حمصي من كبار شيوخهم، في حديثه بعض ما فيه. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفًا. وقال ابن عدي: الغالب على حديثه الغرائب، وقلما يوافق الثقات. وقال الدارقطني: متروك". اهـ

وقال ابن معين: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو بكر بن أبي مريم، وحريز بن عثمان الرحبي، هؤلاء ثقات.

وفي رواية: ليس بشيء.

وقال البزار: أبو بكر بن أبي مريم ثقة.

("سؤالات ابن الجنيد" لابن معين: [ص 399]، و"تاريخ الدوري": [4/ 437]، و"كشف الأستار": [1/ 106] [ح 189]).

ص: 342

‌168 - أبو بكر بن عبد الحكم العسقلاني

قال برهان الدين ابن العجمي: أبو بكر بن عبد الحكم بن أبي العز العسقلاني المقرى الرجل الصالح الزاهد، مولده بحران في حدود سنة 632، وسمع من الجمال البغدادي وغيره، ذكره الذهبى في معجم شيوخه، فقال: تغير ذهنه بعد سماعنا منه بمدة، وذلك قبل موته بعامين، وآواه أولاد أخته، توفي في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، أخرج عنه حديثًا

(1)

.

‌169 - أبو بكر بن عياش

قال البيهقي: وقرأت في كتاب الطحاوي فصلًا في حمله حديث ابن عمر على أنه صار منسوخًا، واحتجاجه في ذلك بحديث أبي بكر بن عياش عن حصين، عن مجاهد قال:"صليت خلف ابن عمر فلم يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة".

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر مكرم بن أحمد القاضي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن حصين، عن مجاهد قال:"ما رأيت ابن عمر يرفع يديه إلا في أول ما يفتح الصلاة".

وقد تكلم في حديث أبي بكر بن عياش محمد بن إسماعيل البخاري

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 381].

ص: 343

وغيره من الحفاظ بما لو علمه المحتج به على الثابت عن غيره.

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن موسى البخاري، قال: حدثنا محمود بن إسحاق، قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل البخاري قال: والذي قال أبو بكر بن عياش عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عمر في ذلك قد خولف فيه عن مجاهد.

قال وكيع عن الربيع بن صبيح: رأيت مجاهدًا يرفع يديه.

وقال عبد الرحمن بن مهدي عن الربيع: رأيت مجاهدًا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع.

وقال جرير عن ليث، عن مجاهد: أنه كان يرفع يديه، وهذا أحفظ عند أهل العلم. قال: وقال صدقة: إن الذي روى حديث مجاهد أنه لم يرفع يديه إلا في أول تكبيرة، كان صاحبه قد تغير بآخره -يريد أبا بكر بن عياش.

قال البخاري: والذي رواه الربيع وليث أولى مع رواية طاوس، وسالم، ونافع، وابن الزبير، ومحارب بن دثار، وغيرهم، قالوا: رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع.

قال البيهقي: هذا الحديث في القديم كان يرويه أبو بكر بن عياش عن حصين، عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلًا وموقوفًا.

ثم اختلط عليه حين ساء حفظه فروى ما قد خولف فيه، فكيف تجوز دعوى النسخ في حديث ابن عمر بمثل هذا الحديث الضعيف

(1)

.

(1)

"معرفة السنن والآثار": [1/ 555 - 557].

ص: 344

قال ابن حبان: أبو بكر بن عياش كان من الحفاظ المتقنين، وكان يحيى ين القطان وعلي بن المديني يسيئان الرأي فيه، وذلك أنه لما كبر ساء حفظه فكان يهم إذا روى، والخطأ والوهم شيئان لا ينفك عنهما البشر، فلو كثر خطأه حتى كان الغالب على صوابه لاستحق مجانبة رواياته، فأما عند الوهم يهم والخطأ يخطئ لا يستحق ترك حديثه بعد تقدم عدالته وصحة سماعه، وكان شريك يقول: رأيت أبو بكر بن عياش عند أبي إسحاق يأمر وينهي كأنه رب بيت.

والصواب في أمره مجانبه ما علم أنه أخطأ فيه، والاحتجاج بما يرويه سواء وافق الثقات أو خالفهم لأنه داخل في جملة أهل العدالة، ومن صحت عدالته لم يستحق الترك ولا الجرح إلا بعد زوال العدالة عنه بأحد أسباب الجرح، وهذا حكم كل محدّث ثقة صحت عدالته وتبين خطأه

(1)

.

(1)

"الثقات": [7/ 669 - 670].

وفي "تهذيب التهذيب": "قال الحسن بن عيسى: ذكر ابن المبارك أبا بكر بن عياش فأثنى عليه. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: صدوق صالح صاحب قرآن. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثقة وربما غلط. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: فأبو الأحوص أحب إليك في أبي إسحاق أو أبو بكر بن عياش؟ قال: ما أقربهما. قلت: الحسن بن عياش أخو أبي بكر كيف حديثه؟ قال: هو ثقة. قال عثمان: هما من أهل الصدق والأمانة، وليسا بذاك في الحديث. قال: وسمعت محمد بن عبد الله بن نمير يضعف أبا بكر في الحديث. قلت: كيف حاله في الأعمش؟ قال: هو ضعيف في الأعمش وغيره. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي بكر بن عياش وأبي الأحوص؟ فقال: ما أقربهما لا أبالي بأيهما بدأت. قال: وسُئل أبي عن شريك وأبي بكر بن عياش أيهما أحفظ؟ فقال: هما في الحفظ سواء، غير أن أبا بكر أصح كتابًا. قلت لأبي: أبو بكر أو عبد الله بن بشر الرقي؟ قال: أبو بكر أحفظ منه وأوثق. =

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال ابن عدي: أبو بكر هذا كوفي مشهور، وهو يروي عن أجلة الناس وحديثه سنذكره، وهو من مشهوري مشائخ الكوفة وقرائهم، وهو في كل رواياته عن كل من روى عنه لا بأس به، وذلك أني لم أجد له حديثًا منكرًا إذا روى عنه ثقة، إلا أن يروي عنه ضعيف. وقال العجلي: كان ثقة قديمًا، صاحب سُنة وعبادة، وكان يُخطئ بعض الخطأ، تعبد سبعين سنة. وقال ابن سعد: كان من العُبّاد، وكان ثقة صدوقًا عارفًا بالحديث والعلم، إلا أنه كثير الغلط. وقال ابن عبد البر: كان الثوري وابن المبارك وابن مهدي يثنون عليه، وهو عندهم في أبي إسحاق مثل شريك وأبي الأحوص، إلا أنه يهم في حديثه، وفي حفظه شيء. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالحافظ عندهم. وقال مهنأ: سألت أحمد: أبو بكر بن عياش أحب إليك أو إسرائيل؟ قال: إسرائيل. قلت: لم؟ قال: لأن أبا بكر كثير الخطأ جدًا. قلت: كان في كتبه خطأ؟ قال: لا، كان إذا حدّث من حفظه. وقال يعقوب بن شيبة: شيخ قديم معروف بالصلاح البارع، وكان له فقه كثير وعلم بأخبار الناس، ورواية للحديث يُعرف له سنة وفضل، وفي حديثه اضطراب. وقال الساجي: صدوق يهم. وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: لو كان أبو بكر بن عياش حاضرًا ما سألته عن شيء. وقال يحيى: إسرائيل فوق أبي بكر، وكان يحيى بن سعيد إذا ذُكر عنده كلح وجهه. وقال أبو نعيم: لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطًا منه. وقال البزار: لم يكن من الحفاظ، وقد حدّث عنه أهل العلم، واحتملوا حديثه". اهـ

وقال ابن أبي حاتم: نا أبي، نا علي بن ميسرة، نا صالح بن أبي خالد، عن عثمان بن أبي زائدة قال: قلت لسفيان: إلى من أجلس بعدك؟ فأطرق ساعة ثم قال: ما أعرف أحدًا. فقلت: الله الله، أو كما قلت، قال: لا عليك أن تكتب الحديث من ثلاثة، من زائدة بن قدامة وأبي بكر بن عياش وابن عيينة. ("الجرح والتعديل":[1/ 73]، [9/ 349]).

وصالح بن أبي خالد لم أقف على أحدٍ ترجم له إلا ابن أبي حاتم، ونقل عن أبي زرعة أنه قال: صالح بن أبي خالد كان ينزل الأزدان، وكان أبوه أبو خالد من أصحاب الثوري. ("الجرح والتعديل":[4/ 400]).

وقال أبو حاتم: علي بن ميسرة صدوق. ("الجرح والتعديل": [6/ 206]).

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: نا أحمد بن سنان الواسطي، نا موسى بن داود، قال: سمعت عثمان ابن زائدة الرازي قال: قدمت الكوفة قدمة، فقلت لسفيان الثوري: من ترى أن أسمع منه؟ =

ص: 346

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال: عليك بزائدة وسفيان بن عيينة، قال قلت: فأين أبو بكر بن عياش؟ قال: إن أردت التفسير فعنده. ("الجرح والتعديل": [1/ 80]، [9/ 349]).

وموسى بن داود هو الضبي الطرطوسي وثقه ابن نمير، وابن سعد، وابن عمار، والعجلي. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الدارقطني: كان مصنفًا مكثرًا مأمونًا. وقال أبو حاتم: شيخ في حديثه اضطراب. وقال الخليلي: شيخ صدوق، سمع مالكًا والثوري، وله غرائب، رضيه الحفاظ. ("تهذيب التهذيب"، و"الإرشاد في معرفة علماء الحديث" [1/ 435]). وأحمد بن سنان الواسطي ثقة حافظ.

قال الفضل بن زياد: قال أحمد: أبو بكر بن عياش كان يضطرب في حديث هؤلاء الصغار، فأما عن أولئك الكبار ما أقربه. قلت: الحديث الذي رواه أبو بكر بن عياش، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة. قال: ما أدري أيش هذا، أبو بكر يضطرب عن هؤلاء. ("المنتخب من العلل" للخلال:[ص 181]).

قال يعقوب بن سفيان: حدثني الفضل قال: قال أبو عبد الله: أبو بكر يضطرب في حديث هؤلاء الصغار، فأما حديثه عن أولئك الكبار وما أقربه عن أبي حصين وعاصم، وإنه ليضطرب عن أبي إسحاق أو نحو ذا. ("المعرفة والتاريخ":[2/ 172]).

قال ابن طهمان: سُئل يحيى عن حديث رواه أبو بكر بن عياش فلم يلتفت إليه، قال: لم يروه شعبة ولا سفيان، لو رووه كان أبو بكر صدوقًا ("سؤالات ابن طهمان" لابن معين:[ص 34]).

قال ابن معين: حديث معاذ: "إذا سقت السماء" ليس يرويه إلا أبو بكر بن عياش، وليس هو بالقوي. ("سؤالات ابن طهمان" لابن معين:[ص 39 - 40]).

وقال ابن معين أيضًا: أبو بكر بن عياش رجل صدوق، ولكنه ليس بمستقيم الحديث. وفي رواية: ليس به بأس، صدوق. ("سؤالات ابن محرز" لابن معين:[1/ 69، 82]).

وقال ابن الغلابي: سألت ابن معين عن أبي بكر بن عياش فضعفه. ("تاريخ بغداد": [14/ 378]).

وقال أبو داود: شريك ثقة يُخطئ عن الأعمش، زهير وإسرائيل فوقه. إسرائيل أصح حديثًا من شريك. أبو بكر بن عياش بعد شريك. ("سؤالات أبي عبيد الآجري" لأبى داود:[1/ 175]).

وقال الآجري: قلت لأبي داود: أبو بكر بن عياش كان يغلط؟ فقال: سمعت =

ص: 347

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحمد بن حنبل يقول: كان أبو بكر يُحدّث بخت بن بخت.

قال أبو داود: أبو بكر ثقة. ("سؤالات أبي عبيد الآجري": لأبي داود: [1/ 298]).

وقال الترمذي: أبو بكر بن عياش كثير الغلط. ("جامع الترمذي": [4/ 697] [ح 2567]).

وروى النسائي من طريق أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرنى أن أخذ مما سقت الماء العسر، ومما سقى بالدوالي نصف العشر.

قال النسائي: هذا الإسناد أيضًا ليس بذاك القوي؛ لأن أبو بكر بن عياش وعاصمًا ليسا بحافظين. ("السنن الكبرى" [3/ 32] [ح 2281] ط. مؤسسة الرسالة).

ص: 348

‌النساء

‌170 - سكن بنت عبد الله المُلقبة "قطر البنات

"

قال برهان الدين ابن العجمي: سكن بنت عبد الله المُلقّبة "قطر البنات" عتيقة جمال الدين محمد بن علي بن عبد النور الشاذولي سمعت علي أبي الطاهر إسماعيل بن إبراهيم بن قريش المخزومي وعلي بن يونس بن عبد القوي الدبوسي. توفيت في رمضان سنة خمس وثمانين وسبع مائة بالقاهرة، أخبرت أنها اختلطت قبل وفاتها، قرأت عليها ما قرب سنده لابن شاهين، وجزءًا من حديث ابن رزقويه، الأول بسماعها على ابن قريش، والثاني بسماعها على الدبوسي، وذلك في المحرم سنة اثنتين وسبعمائة بمسكنها بالقاهرة رحمها الله تعالى

(1)

.

(1)

"نهاية الاغتباط": [ص 390].

ص: 349