الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيْث العلاء بن عَبْد الرحمان (1) ، عن أبيه (2) ، عن أبي هُرَيْرَة، أن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) .
أخرجه عَبْد الرزاق (3) ، وابن أبي شيبة (4) ، وأحمد (5) ، والدارمي (6) ، وأبو
داود (7) ، وابن ماجه (8) ، والترمذي (9) ، والنسائي (10) ، والطحاوي (11) ، وابن حبان (12) ، والطبراني (13) ، والبيهقي (14) ، والخطيب (15) ، جميعهم من هَذِهِ
الطريق.
قَالَ أبو داود: ((لَمْ يجئ بِهِ غَيْر العلاء، عن أبيه)) (16) .
(1) هو أبو شبل العلاء بن عَبْد الرحمان بن يعقوب الحرقي المدني: صدوق ربما وهم، توفي سنة (138 هـ) . الثقات 5/247، وتهذيب الكمال 5/526-527 (5166) ، والتقريب (5247) .
(2)
هُوَ عَبْد الرحمان بن يعقوب الجهني المدني، مولى الحرقة: ثقة من الثالثة.
الثقات 5/108-109، وتهذيب الكمال 4/492 (3985) ، والتقريب (4046) .
(3)
في مصنفه (7325) .
(4)
في مسنده (9026) .
(5)
في مسنده 2/442.
(6)
الحافظ الإمام، أحد الأعلام، أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عَبْد الرحمان بن الفضل بن بهرام التميمي ثُمَّ الدارمي السمرقندي، ولد سنة (181 هـ) ، وتوفي سنة (255 هـ) . الثقات 8/364، تهذيب الكمال 4/189 (3371) ، وسير أعلام النبلاء 12/224.
والحديث في سننه (1747) و (1748) .
(7)
في سننه (2337) .
(8)
في سننه (1651) .
(9)
في جامعه (738) .
(10)
في الكبرى (2911) .
(11)
في شرح معاني الآثار 2/82.
(12)
في صحيحه (3590) و (3592) ، وفي طبعة الرسالة (3589) و (3591) .
(13)
في الأوسط (6859) ، وفي طبعة دار الكتب العلمية (6863) .
(14)
في الكبرى 4/209.
(15)
في تاريخ بغداد 8/48.
(16)
سنن أبي داود 2/301 عقب (2337) .
وَقَالَ النسائي: ((لا نعلم أحداً رَوَى هَذَا الْحَدِيْث غَيْر العلاء بن عَبْد الرحمان)) (1) .
وَقَالَ الترمذي: ((لا نعرفه إلا من هَذَا الوجه عَلَى هَذَا اللفظ)) (2) .
وأورده الحافظ أبو الفضل بن طاهر المقدسي (3) في أطراف الغرائب
والأفراد (4) .
وَقَدْ أنكره الحفاظ من حَدِيْث العلاء بن عَبْد الرحمان:
فَقَالَ أبو داود: ((كَانَ عَبْد الرحمان - يعني: ابن مهدي (5) - لا يحدّث بِهِ. قلت لأحمد: لِمَ؟ قَالَ: لأنَّهُ كَانَ عنده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يصل شعبان برمضان، وَقَالَ: عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خلافه)) (6) .
وَقَالَ الإمام أحمد: ((العلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هَذَا)) (7) .
وَقَالَ في رِوَايَة الْمَرُّوذِيِّ (8)
(1) السنن الكبرى 2/172 عقب (2911) .
(2)
الجامع الكبير 2/107 عقب (738) .
(3)
الإمام الحافظ الجوال الرحال أبو الفضل مُحَمَّد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي، من مصنفاته:"أطرف الأفراد"، توفي سنة (507 هـ) .
تاريخ الإِسْلَام: 169 وفيات (507 هـ) ، وسير أعلام النبلاء 19/361 و 364، والعبر 4/14.
(4)
5/218 (5209) .
(5)
هُوَ الإمام الحافظ الناقد المجود أبو سعيد عَبْد الرحمان بن مهدي العنبري، وَقِيْلَ: الأزدي، مولاهم البصري اللؤلؤي، ولد سنة (135 هـ) ، وتوفي (198 هـ) .
طبقات ابن سعد 7/297، والعبر 1/326، وسير أعلام النبلاء 9/192.
(6)
سنن أبي داود 2/301 عقب (2337) .
(7)
نصب الراية 2/441.
(8)
الإمام القدوة أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد بن الحجاج المروذي، صاحب الإمام أحمد بن حَنْبَل، ولد في حدود المئتين، وتوفي (275 هـ) .
طبقات الحنابلة 1/57، وسير أعلام النبلاء 13/173، والعبر 2/60.
: ((سألت ابن مهدي عَنْهُ فَلَمْ يحدثني بِهِ، وَكَانَ يتوقاه. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْد الله: هَذَا خلاف الأحاديث الَّتِيْ رويت عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم)) (1) .
واستنكره ابن معين أَيْضاً (2) .
وزعم السخاوي (3) أن العلاء لَمْ يتفرد بِهِ وأنّ لَهُ متابعاً في روايته عن أبيه، فَقَدْ رَوَى الطبراني (4) الْحَدِيْث قائلاً:((حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن نافع، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله ابن عَبْد الله المنكدري، حَدَّثَنِي أبي، عن أبيه، عن جده، عن عَبْد الرحمان ابن يعقوب الحرقي، عن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتصف شعبان فأفطروا)) .
قَالَ الطبراني عقبه: ((لَمْ يروِ هَذَا الْحَدِيْث عن مُحَمَّد بن المنكدر إلا ابنه المنكدر، تفرد بِهِ ابنه: عَبْد الله)) .
(1) علل الْحَدِيْث ومعرفة الرجال: 117-118 (تحقيق السامرائي) .
(2)
سبل السلام 2/642، ونيل الأوطار 4/260، والفتح الرباني 10/207. وصححه الترمذي وابن حبان وابن حزم وابن عساكر وأبو عوانة والدينوري.
انظر: الجامع الكبير (738) وصحيح ابن حبان (3590) و (3592)، والمقاصد الحسنة: 35، والفتح الرباني 10/205، وَلَكِنْ أقول: إن تصحيح هَؤُلَاءِ لا يقف عمدة في وجه استنكار ثلاثة من أساطين التعليل والنقد: ابن مهدي، وابن مَعِيْنٍ، وابن حنبل.
(3)
المقاصد الحسنة: 57.
(4)
في الأوسط (1957) في طبعة دار الكتب العلمية (1936)، وعزاه السخاوي في مقاصده: 35 إلى البيهقي في الخلافيات.
والحق أن هَذَا الْحَدِيْث لا يصلح للاستشهاد، فضلاً عن أن يشد عضد رِوَايَة العلاء؛ إذ هُوَ مسلسل بالضعفاء والمجاهيل: بدءاً من شيخ الطبراني وَهُوَ: أحمد بن مُحَمَّد بْن نَافِع، لَمْ أقف لَهُ عَلَى ترجمة، إلا مَا أورده الذهبي فِي ميزان الاعتدال (1) وَقَالَ: ((لَا أدري مَنْ ذا؟ ذكره ابن الجوزي مرة وَقَالَ: اتهموه. كَذَا قَالَ لَمْ
يزد)) (2) .
وعبد الله بن المنكدر – المتفرد بهذا الْحَدِيْث –، قَالَ فِيْهِ العقيلي:((عن أبيه، ولا يتابع عَلَيْهِ)) (3) .
وَقَالَ الذهبي: ((فِيْهِ جهالة، وأتى بخبر منكر)) (4) . وَقَالَ مرة: ((لا
يعرف)) (5) .
والمنكدر بن مُحَمَّد – الَّذِيْ لَمْ يرو هَذَا الْحَدِيْث عن أبيه غيره – قَالَ فِيْهِ أبو حاتم: ((كَانَ رجلاً صالحاً لا يقيم الْحَدِيْث وَكَانَ كثير الخطأ، لَمْ يَكُنْ بالحافظ لحديث أبيه)) (6) . وَقَالَ النسائي: ((ضعيف)) ، وَقَالَ مرة:((ليس بالقوي)) وبنحوه قَالَ أبو زرعة (7) . وَقَالَ ابن حبان: ((قطعته العبادة عن مراعاة الحفظ والتعاهد في الإتقان، فكان يأتي بالشيء الَّذِيْ لا أصل لَهُ عن أبيه توهماً)) (8) . وَقَالَ الذهبي: ((فِيْهِ لين)) (9) .
وبهذا تبين أن الشاهد غَيْر صالح للاعتبار، فهو جزماً من أوهام المنكدر بن مُحَمَّد. ويبقى الْحَدِيْث من أفراد العلاء بن عَبْد الرحمان، عن أبيه.
(1) 1/146 (569) .
(2)
ونحوه في المغني في الضعفاء 1/57 (448) . وانظر: لسان الميزان 1/285.
(3)
الضعفاء الكبير 2/303 (880) .
(4)
ميزان الاعتدال 2/508.
(5)
ديوان الضعفاء والمتروكين 2/69.
(6)
الجرح والتعديل 8/406.
(7)
ميزان الاعتدال 4/191.
(8)
المجروحين 3/23-24.
(9)
الكاشف 2/298 (5651) .
قَالَ ابن رجب: ((واختلف العلماء في صحة هَذَا الْحَدِيْث ثُمَّ العمل بِهِ، أما تصحيحه فصححه غَيْر واحد، مِنْهُمْ: الترمذي، وابن حبان، والحاكم، وابن
عَبْد البر. وتكلم فِيْهِ من هُوَ أكبر من هؤلاء وأعلم. وقالوا: هُوَ حَدِيْث منكر، مِنْهُمْ: عَبْد الرحمان ابن مهدي، وأحمد، وأبو زرعة الرازي، والأثرم، ورده الإمام أحمد بحديث:((لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين)) ، فإن مفهومه جواز التقدم بأكثر من يومين)) (1) .
أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم النصف الثاني من شعبان)
اختلف الفقهاء في حكم صوم النصف الثاني من شعبان عَلَى النحو الآتي:
أولاً: ذهب قوم إلى كراهة الصوم بَعْدَ النصف من شعبان إلى رمضان. هكذا نقله الطحاوي (2) من غَيْر تعيين للقائلين بِهِ. وَهُوَ قَوْل جمهور الشافعية (3) . ونقله ابن حزم عن قوم (4) .
ثانياً: خص ابن حزم (5) - جمعاً بَيْنَ أحاديث الباب – النهي باليوم السادس عشر من شعبان (6) .
(1) لطائف المعارف: 142.
(2)
شرح معاني الآثار 2/82.
(3)
التهذيب 3/202، وفتح الباري 4/128، إلا أنه نقل عَنْهُمْ المنع، والظاهر أنه أراد بالمنع ما هُوَ الأعم من مفهومها الخاص وَهُوَ التحريم، بقرينة أنه أفرد الروياني ونقل عَنْهُ أنه قَالَ بالتحريم، فلو كَانَ مؤدى العبارتين واحداً لما فصل بينهما.
(4)
المحلى 4/26.
(5)
الإمام البحر، ذو الفنون والمعارف أبو مُحَمَّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، من مؤلفاته:
" المحلى " و " الإيصال إلى فهم الخصال " و " الأحكام "، ولد سنة (384 هـ) ، وتوفي سنة (456 هـ) .
سير أعلام النبلاء 18/184 و 193 و 213، وتاريخ الإِسْلَام: 403 وفيات (456 هـ) ، والأعلام 4/254.
(6)
المحلى 7/25.
ثالثاً: ذهب الروياني (1) من الشافعية إلى تحريم صوم النصف الثاني من شعبان (2) .
رابعاً: ذهب جمهور العلماء إلى إباحة صوم النصف الثاني من شعبان من غَيْر
كراهة (3) .
واستدل أصحاب المذاهب الثلاثة الأول بحديث عَبْد الرحمان بن العلاء، عَلَى اختلاف في تحديد نوع الحكم.
وأجاب الجمهور بتضعيف حديثه، وعدم وجود ما يقتضي التحريم أو
الكراهة، بَلْ وجود ما يعضد القَوْل بالاستحباب.
ومذهب الجمهور هُوَ الراجح في عدم الكراهة وجواز صيام النصف الثاني من شعبان لضعف حَدِيْث العلاء وعدم صحته. والأصل الجواز حَتَّى يأتي دليل التحريم أَوْ الكراهة.
..................
............
.....................
الدكتور
ماهر ياسين الفحل
…
العراق /الأنبار/الرمادي/ص. ب 735
al-rahman@uruklink.net...........................
(1) هُوَ الشيخ أبو المحاسن عَبْد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني، صنف الكتب المفيدة مِنْهَا:" حلية المؤمن " و " الكافي "، ولد سنة (415 هـ) ، وتوفي مقتولاً بجامع آمد سنة (501 هـ) أو (502 هـ) . سير أعلام النبلاء 19/260-261، وطبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة 2/287.
(2)
نقله ابن حجر في الفتح 4/129.
(3)
شرح معاني الآثار 2/82، وفتح الباري 4/129.