المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَا يَجُوْزُ الْمَسْحُ إِلَاّ عَلَى مَا يَسْتِرُ مَحلَّ الفَرْضِ مِنَ - من بحوث ماهر الفحل - جـ ١٨

[ماهر الفحل]

فهرس الكتاب

وَلَا يَجُوْزُ الْمَسْحُ إِلَاّ عَلَى مَا يَسْتِرُ مَحلَّ الفَرْضِ مِنَ الرِّجْلَيْنِ، وَيثبتُ بِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ كَانَ جلوداً، أَوْ لبوداً (1) ، أَوْ خَشَباً، أَوْ زُجَاجاً. فَإِنْ كَانَ فِيْهِ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ القَدَمِ، أَوْ كَانَ الْمَقْطُوْعُ وَاسِعاً، بِحَيْثِ يُرَى مِنْهُ الكَعْبَانِ، أَوْ كَانَ الْجَوْرَبُ خَفِيْفاً يَصِفُ القَدَمَ، أَوْ وَاسِعاً يَسْقُطُ مِنْ رِجْلِهِ، لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ.

فَإِنْ لبي مَعَ الْجَوْرَبَيْنِ نَعْلَيْن فَثَبَتَا بِهِمَا، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، فَمَتَى خَلَعَ النَّعْلَيْن بَطُلَ وُضُوْءُ هُ.

وَلَا يَجُوْزُ الْمَسْحُ عَلَى اللَّفَائِفِ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُمَا نَعْلٌ؛ لأَنَّهَا لَا تثبتُ بِأَنفُسِها، وَإِنَّمَا تثبُتُ بِشَدِّهَا. وَإِذَا لَبِسَ الْجُرمُوقَ فَوْقَ الْخُفِّ، أَوْ الْخُفَّ فَوْقَ الْجَوْرَبِ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الفَوْقانِيِّ، سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي تَحْتَهُ صَحِيْحاً، أَوْ مُخَرَّقاً، إِذَا كَانَ قَدْ لَبِسَ الفَوْقانِيَّ قَبْلَ أَنْ يُحدثَ (2) فَمَسَحَ عَلَى الذي تَحْتَهُ.

وَمَنْ شَرَطَ جَوَازَ مَسْحِ العِمَامَةِ / 4 ظ / أَنْ تَكُوْنَ تَحْتَ الْحِنْكِ سَاتِرَةً لِجَمِيْعِ الرَّأْسِ إِلَاّ مَا جَرَتِ العَادَةُ بِكَشْفِهِ، كَمقدمِ الرَّأْسِ، وَالأُذُنَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحْتَ

(1) اللبدة: هُوَ الشعر المتراكب بَيْن كتفي الأسد، واللبادة: مَا يلبس مِنْها للمطر. انظر: الصحاح

2/523 (لبد) .

(2)

في المخطوط: ((أحدث)) .

ص: 1

الْحِنْكِ، بَلْ كَانَتْ مُدوَّرةً، لا ذُؤَابَةَ لَهَا، لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ ذُؤابَةٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ (1) .

وَالسُّنَّة أَنْ يَمْسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ، دُوْنَ أَسْفَلَيْهِ وَعَقِبهِ (2) ، فَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ الأَصَابِعِ، ثُمَّ يَجُرُّهَا إِلَى سَاقِهِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ الكَثِيْرِ مِنْ أَعْلاهُ أَجْزَأَهُ - وَكَذَلِكَ إِذَا مَسَحَ أَكْثَرَ العِمَامَةِ - وَقِيلَ: لا يُجْزِي إِلَاّ مَسْحُ جَمِيْعِهَا (3) ، وَلا يَجْزِي فِيْهِمَا مَا يُسَمَّى مَسْحاً إِلَاّ مِقْدَارَ ثَلاثَةَ أَصَابِعَ.

وَإِذَا ظَهَرَ قَدَمُهُ، أَوْ رَأْسُهُ، أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ، اسْتَأْنَفَ الوُضُوْءَ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى: يَجْزِيْهِ مَسْحُ رَأْسِهِ، وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ (4) .

(1) لحديث عَلِيّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ((لَوْ كَانَ الدين بالرأي، لكان باطن الخفّ أولى بالمسح من ظاهره، وقد رأيتُ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم يمسح عَلَى ظاهر خُفِّه)) . والحديث أخرجه ابن أبي شَيْبَة 1/181، وأبو دَاوُد (162) ، والدارقطني 1/199، والبيهقي 1/292، وابن حزم في المحلى 2/111.

(2)

جاء في الشرح الكبير 1/167: ((أحدهما: جوازه؛ لأنها لا تشبه عمائم أهل الذمة، إِذْ لَيْسَ من عادتهم الذؤابة، والثاني: لا يجوز، وَهُوَ الأظهر.

(3)

انظر: الحاوي الكبير 1/453، والمحرر 1/13، والشرح الكبير 1/165.

(4)

الأولى عن صالح وحنبل وأبو دَاوُد ويوسف بن موسى، والثانية عن مُحَمَّد بن دَاوُد وجعفر بن دَاوُد المصيصي والميموني، بلفظ (أرجو) ، كِتَاب الروايتين والوجهين 11/ب.

ص: 2

وَإِذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ بِالْجَبِيْرَةِ قَدرَ الْحَاجَةِ، مَسَحَ جَمِيْعَهَا، وَصَلَّى وَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلا مدخل لِلْحَائِل في الطَّهَارَةِ الكُبْرَى، إِلَاّ الْجَبِيْرَةَ لِلضَّرُوْرَةِ.

بَابُ مَا يَنقضُ الوضُوءَ

وَالَّذِي يَنْقُضُ الوُضُوءَ سَبْعَةُ (1) أَشْيَاءَ:

الْخَارِجُ مِنَ السَّبِيْلَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ طَاهِراً كَالرِّيْحِ، أَوْ نَجَساً كَالبَوْلِ، وَالغَائِطِ، وَالْمَذِيِ، وَالوَدِيِ، وَالدُّوْدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَلِيْلاً كَانَ أَوْ كَثِيْراً، نَادِراً أَوْ مُعْتَاداً.

(1) قَالَ صاحب المقنع (16) : ((هِيَ ثَمَانِيَة)) ، وكذلك صاحب المحرر 1/13، وَقَالَ صاحب حلية الأولياء 1/180:((والأحداث الموجبة للطهارة أربعة)) .

ص: 3

والثَّانِي: خُرُوجُ النَّجَاسَاتِ مِنْ بَقِيَّةِ البَدَنِ، إِنْ كَانَتْ بَوْلاً، أو عُذْرَةً، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيْلِهَا وكَثِيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ، لَمْ ينقضْ قَلِيْلُهَا، وينقضُ كَثِيْرُهَا، وَهُوَ مَا فحشَ في النَّفِسِ، وذَكَرَ أَبُو عَلِيِّ بن أَبِي مُوْسَى (1) في " الإِرْشَادِ ": أَنَّ في قَلِيْلِهَا رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أنَّهُ يَنْقُضُ، وَالأُخْرَى: لَا يَنْقَضُ (2) .

وَالثَّالِثُ: زَوَالُ العَقْلِ، إلاّ بالنَّوْمِ اليَسِيْرِ جَالِساً، أَوْ قَائِماً، أَوْ رَاكِعاً، أَوْ سَاجِداً، وَعَنْهُ: أَنَّ نَوْمَ الرَّاكِعِ والسَّاجِدِ يَنْقَضُ بكُلِّ حَالِ، وَعَنْهُ: أَنَّ النَّوْمَ ينقضُ في سَائِرِ الأَحْوَالِ، إلاّ اليَسِيْرَ في الْجُلُوسِ (3) .

(1) هُوَ أبو عَلِيّ مُحَمَّد بن أَحْمَد بن أحمد بن أبي موسى البغدادي الهاشمي الحنبلي الْقَاضِي الشريف، آلت إِليهِ رئاسة المذهب، أخذ عن أبي الحَسَن التميمي، وغيره، وحدث عن ابن المظفر، وله من التصانيف: شرح لكتاب ابن الخرقي، والإرشاد إلى سبيل الرشاد، وَهُوَ المذكور في هَذَا الكِتَاب، وله نسخة خطية في المكتبة الوطنية، باريس برقم: 1105، الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي 1/336. تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة 428 هـ. ينظر: المنهج الأحمد 2/4، شذرات الذهب 3/238.

(2)

ينظر في الروايتين: الشرح الكبير 1/178.

(3)

ينظر: كِتَاب الروايتين والوجهين 8/أ.

ص: 4

وَالرَّابِعُ: أنْ تَمَسَّ بَشَرَتُهُ بَشَرَةَ أُنْثَى لِشَهْوَةٍ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ لا تَنْقُضُ مُلَامَسَةُ النِّسَاءِ بِحَالٍ، وَعَنْهُ: تَنْقُضُ بكلِّ حَالٍ (1) . فأمَّا لَمْسُ الشَّعْرِ والسِّنِّ والظَّفَرِ والأَمْردِ، فَلا يَنْقُضُ، ويَتَخَرَّجُ أنْ يَنْقُضَ، إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ، وَفِي نَقْضِ وُضُوْءِ الْمَلْمُوسِ رِوَايَتَانِ (2) .

وَالْخَامِسُ: مَسُّ فَرْجِ الآدَمِيِّ (3) ، قُبُلاً كَانَ أَوْ دُبُراً، كَبِيراً كَانَ أَوْ صَغِيراً،

حَيّاً أَوْ مَيِّتاً، ولا فَرْقَ بَيْنَ بَطْنِ الكَفِّ وَظَهْرِهَا، ورَأْسِ الذَّكَرِ، وَأَصْلِهِ، في أصَحِّ الرِّوَايَتَينِ (4) . ولا ينقض / 5 و / مَسُّهُ بِذِرَاعِهِ، وعَنْهُ: أنَّهُ يَنْقُضُ (5) . وعَنْهُ: لا يَنْقُضُ مَسُّ الذكرِ الْمَقْطُوْعِ وَجْهَانِ (6) . وعَنْهُ: لا يَنْقُضُ مسُّ الفَرْجِ بِحَالٍ، فأمَّا لَمْسُ قُبُلِ الْخُنْثَى الْمشكل، فَيَنْبَنِي لَنَا عَلَى أَرْبَعَةِ أُصُولٍ:

أحدها: مَسُّ النِّسَاءِ.

وَالثَّانِي: مَسُّ الذَّكَرِ.

والثَّالِثُ: مَسُّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا، هَلْ يَنْقُضُ أمْ لا؟

والرَّابِعُ: هَلْ يَنْقُضُ وُضُوْءِ الْمَلْمُوسِ أمْ لَا؟

(1) ينظر: الشرح الكبير 1/186.

(2)

ينتقض، ولا ينتقض، انظر: الشرح الكبير 1/188.

(3)

فِيهِ ثلاث روايات عن الإمام أحمد: الأولى: لا ينقض، والثانية: ينقض بك حال - وهاتان الروايتان موجودتان في هَذَا الكِتَاب- والثالثة: لا ينقض إلاّ أن يقصد مسه. ينظر: الشرح الكبير 1/183-184.

(4)

الروايتان غَيْر موجودتين في " كِتَاب الروايتين والوجهين ".

(5)

ينظر: الشرح الكبير 1/184.

(6)

الأول: ينقض، لبقاء اسم الذكر، والثاني: لا ينقض، لذهاب الحرمة، فَهُوَ كيد المرأة. ينظر: الشرح الكبير 1/185.

ص: 5

وَجُمْلَتُهُ أنَّهُ مَتَى وُجِدَ في حَقِّهِ مَا يحتملُ النَّقْضَ وَمَا لا يحتملُ، تَمَسَّكْنَا بِيَقِينِ الطَّهَارَةِ، وَلَمْ نُزِلْهَا بالشَّكِّ، هَذَا إذَا قلنا: أنَّ الطَّهَارَةَ تَنْقُضُ باللَّمْسِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ النَّقْضُ إلَاّ إذَا مُسَّ الذَّكَرُ والقُبُلُ معاً.

فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: لا مَدخَلَ للّمسِّ في النَّقْضِ، فَلا مَعْنَى لِذَكَرِ الْخُنْثَى المشكل.

وَالسَّادِسُ: أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ، في أظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ (1) . فَإِنْ شَرِبَ مِنْ أَلْبَانِهَا فَعَلَى رِوَايَتَينِ (2) . وَإِنْ أَكَلَ مِنْ كَبِدِهَا أوْ طُحَالِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ (3) .

والسَّابِعُ: غَسْلُ الْمَيِّتِ.

ومَنْ تَيَقَّنَ مِنَ الطَّهَارَةِ وَشَكَّ في الْحَدَثِ، أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ في الطَّهَارَةِ، بُنِيَ عَلَى اليَقِيْنِ، فَإِنْ تَيَقَّنَهَا، وَشَكَّ في السَّابِقِ مِنْهُمَا، رَجَعَ إلى حَالِهِ قَبْلَهُمَا، فَإِنْ كَانَ مُحدِثاً، فَهُوَ مُتَطهِّراً فَهُوَ مُحْدِثٌ.

فَإِنْ تَيَقَّنَ أنَّه ابْتَدَأَ بِنَقْضِ الطَّهَارَةِ، وفعلها في وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَشَكَّ في السَّابِقِ مِنْهُمَا رجعَ إِلَى حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّراً، فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ، وإنْ كَانَ محدثاً، فَهُوَ عَلَى حَدَثِهِ. وَمَنْ أَحْدَثَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ، والطَّوَافُ، وَمَسِّ الْمُصْحَفِ.

بَابُ مَا يُوجِبُ الغُسْلَ

وَيَجِبُ الغُسْلُ [في](4) سَبْعَةِ أشْيَاءَ:

(1) في شرب لبن الجزور، وأكل كبده وطحاله وسنامه روايتان: الأولى نقلها صالح أن ينقض، والثانية نقلها عَبْد الله وحرب ويوسف بن موسى وأبو الحارث أنه لا ينقض كِتَاب الروايتين والوجهين 9/أ.

(4)

زيادة اقتضاها السياق.

ص: 6

خُرُوْجُ الْمَنِي عَلَى وَجهِ الدَّفْقِ واللَّذَّةِ، فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، نَحْو أَنْ يَخْرُجَ لِمَرَضٍ أَوْ إِبْرِدَةٍ (1) ، لَمْ يُوْجِبْ الغُسْلَ، فإِنْ أحَسَّ بانْتِقَالِ الْمَنِي عِنْدَ الشَّهْوَةِ، فأَمْسَكَ ذِكْرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَجَبَ الغُسْلُ في الْمَشْهُورِ مِنَ الرِّوَايتين (2) . فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الغُسْلِ فَهُوَ كَبَقِيَّةِ الْمَني، إذَا ظَهَرَ بَعْدَ الغُسْلِ، وَفِي ذَلِكَ ثَلاثُ رِوَايَاتٍ:

أَحَدُهَا: لا يَجِبُ الغُسْلُ.

وَالثَّانِي: يَجِبُ.

والثَّالِثُ: إنْ ظَهَرَ قَبْلَ البَوْلِ وَجَبَ الغُسْلُ وإِنْ ظَهَرَ بَعْدَهُ لَمْ يَجِبْ (3) .

وَالثَّانِي: بِتَغَيُّبِ الْحَشفَةِ في الفَرْجِ سَوَاء كَانَ قُبُلاً أَوْ دُبُراً مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ نَاطِقٍ، أَوْ بَهِيْمٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ حَيّاً أَوْ مَيِّتاً.

والثَّالِثُ: / 9 و / إسْلَامُ الكَافِرِ، سَوَاء كَانَ أصْلِيّاً، أَوْ مُرْتَدّاً، سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ.

(1) وَهِيَ برد النَّدى والثَّرى، اللسان 3/84 (برد) .

(2)

ينظر: المحرر 1/18، والشرح الكبير 1/199-200.

(3)

ذكر أبو يعلى الفراء أن المني يخرج بَعْدَ الغسل قَبْلَ البول فِيهِ روايتان، الروايتين والوجهين 9/أ، وذكر صاحب الشرح الكبير بثلاث روايات من غَيْر تقييد بالبول في الأولى والثانية، فذكر في الأولى عدم وجوب الغسل في كُلّ حال، والثالثة وجوب الغسل إن خَرَجَ قَبْلَ البول، إلا أنه ذكر في نهاية المسألة: إن الْقَاضِي ذكر في هاتين المسألتين: أنه إن خَرَجَ بَعْدَ البول لَمْ يَجِبُ الغسل رِوَايَة واحدة، وإنْ خَرَجَ قبله فعلى روايتين، الشرح الكبير 1/201-202.

ص: 7

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ (1) : لا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ الغُسْلُ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ.

وَالرَّابِعُ: الْمَوت.

فَهَذِهِ يَشْتَرِكُ فِيْهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ.

وَتَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِوُجُوبِ الغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ، والنِّفَاسِ، والوِلادَةِ، عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ (2) .

فأما الْمُغْمَى عَلَيْهِ والْمَجْنُونُ إذَا فَاقَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا يُلْزِمُهُمَا الغُسْلُ. والثَّانِي لا يُلْزِمُهُمَا.

(1) أبو بَكْر الفارسي: أحمد بن الْحُسَيْن بن سهل، من فُقَهَاء الشافعية صاحب " عيون المسائل في نصوص الشَّافِعيّ ". حكى عن محمود الخوارزمي أنه ذكر: انه تفقه عَلَى المزني، وَهُوَ أول من درس ببلخ. قَالَ: ويوافق هَذَا قَوْل من قَالَ إنه تُوُفِّي سنة خمس وثلاث مئة قَبْلَ ابن سريج.

انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 1/123، الأعلام 1/114، وطبقات الفُقَهَاء للعبادي:45.

وانظر قوله: المغني 1/206، والمحرر 1/17.

(2)

الظاهر أن الوجهين يعودان عَلَى الولادة فَقَطْ، فإن ابن قدامة قَالَ في المغني 1/208-209: ((ولا خِلَاف في وجب الغسل بالحيض والنفاس

فأما الولادة - إذَا عريت عن دم - فَلا يَجِبُ الغسل في ظاهر كلام الخرقي، وَقَالَ غيره: فِيْهَا وجهان)) . وَقَالَ صاحب الشرح الكبير 1/206 قَالَ: ((مسألة ((وَفِي الولادة وجهان)) يعني إذَا عريت من دمٍ)) .

ص: 8

والصَّحِيْحُ أنَّهُ إنْ لَمْ يُتَيَقَّنْ مِنْهُمَا الإْنْزَالُ، فَلا غُسْلَ عَلَيْهِمَا (1) .

وَمَنْ لَزِمَهُ الغُسْلُ حَرُمَ عَلَيْهِ قِرَاءةَ آيَةٍ فَصَاعِداً. فَأَمَّا قِرَاءةُ بَعْضِ آيَةٍ، فَعَلَى

رِوَايَتَينِ (2) . ولا يَحْرُمُ عَلَيْهِ العُبُورُ في الْمَسْجِدِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اللَّبْثُ فِيهِ، إلَاّ أَنْ يَتَوَضَّأَ.

بَابُ صِفَةِ الغُسْلِ

وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: كَامِلٌ وَمُجْزِئٌ، فَالْكَامِلُ يَأْتِي فِيهِ بِعَشَرَةِ أشْيَاءَ: النِّيَّةِ، والتِّسْمِيَةِ، وَغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلاثاً، وَغَسْلِ مَا بِهِ مِنْ أَذًى، والوُضُوءِ، وَأَنْ يُحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ يَرْوِي بِهَا أُصُوْلَ شَعْرِهِ، ويُفِيْضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثَلاثاً، وَيدلكُ بَدَنَهُ بِيَدِهِ، وَيَبْدَأُ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ، وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِع غُسْلِهِ فَيَغْسلُ قَدَمَيْهِ.

والْمُجْزِي: أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ، وَيَنْوِي، ويُسَمِّي، ويعم بَدَنَهُ بِالغُسْلِ، وَبِأيِّ قَدرٍ مِنَ الْمَاءِ أَسْبغ، أَجْزَأَهُ، غَيْرَ أنَّ الْمُسْتَحَبَّ أنْ لا يَنْقُصَ في غُسْلِهِ مِنْ صَاعٍ، ولا في

(1) قَالَ في المغني 1/211: ((ولا يَجِبُ الغسل عَلَى المجنون والمغمى عَلَيْهِ، إذَا أفاقا من غَيْر احتلام، ولا أعلم في هَذَا خلافاً

ولأن زوال العقل في نَفْسه لَيْسَ بموجب للغسل، ووجود الإنزال مشكوك فِيهِ، فَلا نزول عَلَى اليقين بالشك، فإن تيقن مِنْهُمَا الإنزال، فَعَلِيْهِمَا الغُسْلُ، لأنه يَكُون من احتلام، فيدخل في جملة الموجبات المذكورة)) .

(2)

الأولى يحرم والثاني لا يحرم، انظر: المحرر 1/20.

ص: 9

وُضُوئِهِ مِنْ مُدٍّ (1) .

إذَا اغْتَسَلَ يَنْوِي بِغُسْلِهِ الطَّهَارَتَيْنِ، أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا، في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى لا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَأْتِي بالوُضُوءِ، إِمَّا قَبْلَ الغُسْلِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ في ذَلِكَ وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ الأَصْغَرُ، أَوْ لَمْ يُوْجَدْ (2) . مثلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَكَّرَ، أَوْ نَظَرَ، فانْتَقَلَ الْمَني، فإِنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ غُسْلٌ لالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وغُسْلُ جَنَابَةٍ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُمَا عَلَى المَرْأَةِ غُسُلُ حَيضٍ، وغُسُلُ جَنَابَةٍ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُمَا أَحْدَاثٌ تُوجِبُ الوُضُوءَ كالنَّومِ، وَخُرُوجِ النَّجَاسَاتِ، واللَّمْسِ، فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ عَنْ أَحَدِهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ (3) : يَرْتَفِعُ مَا نَوَاهُ دُوْنَ مَا لَمْ يَنْوِهِ، وَقَالَ: تَرْتَفِعُ جَمِيْعُ الأَحْدَاثِ.

وَمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعُةِ، فَهَلْ يَجْزِيهِ عَنِ الْجَنَابَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَصْلُهُمَا: إذَا

نَوَى رَفْعَ تجديد (4) الوُضُوءِ، وَهُوَ مُحْدِثٌ، فَإنَّ حَدَثَهُ يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ في إِحْدَى الرِّوَايَتَين

(1) لرواية صفية بنت شَيْبَة عن عائشة رضي الله عنها وسالم بن أَبِي الجعد عن جابر: ((أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يغتسل بالصّاعِ ويَتَوضّأُ بالمُدِّ)) .

حَدِيث عائشة أخرجه البُخَارِيّ في الغسل (251) . وحديث جابر أخرجه البُخَارِيّ في الغسل (252) ، وَالنَّسَائِيّ 1/128.

(2)

الروايتان غَيْر موجودتين في " كِتَاب الروايتين والوجهين ". ينظر: المقنع: 18، والشرح الكبير 1/224.

(3)

هُوَ أبو بَكْر الفارسي، وقد مرت ترجمته في:23.

(4)

كَذَا في المخطوط.

ص: 10

/ 10 و / وَالأُخْرَى لا يَرْتَفِعُ (1) .

وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ، إذَا أَرَادَ أنْ يَطَأَ أُنْثَى، أَوْ يَأْكُلَ، أَوْ يَنَامَ، أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ (2) .

بَابُ الأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ

وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ غُسْلاً: لِلْجُمُعَةِ، والعِيْدَيْنِ، والاسْتِسْقَاءِ، والكُسُوفَيْنِ، والغُسْلُ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ، وغَسْلِ الْمَجْنُونِ والْمُغْمَى عَلَيْهِ، إذَا أفَاقَا مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ، وغُسْلُ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلاةٍ، والغُسْلُ للإحْرَامِ، وَلِدُخُولِ مَكَّةَ، والوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، والْمَبِيْتِ بِمُزْدَلِفَة، ولِرَميِ الْجِمَار، ولِلطَّوافِ.

بَابُ التَّيَمُّمِ (3)

(1) الروايتان غَيْر موجودتين في " كِتَاب الروايتين والوجهين ". انظر: الشرح الكبير 1/224.

(2)

انظر: المقنع: 18.

(3)

التيمم: القصد والتوخي والتعمد. تاج العروس 9/114 (يمم)(طبعة قديمة) .

وَفِي اصطلاح الفُقَهَاء: هُوَ القصد إلى مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد. الشرح الكبير 1/233.

وَقَالَ صاحب الشرح الكبير 1/233: ((وأجمعت الأمة عَلَى جواز التيمم في الجملة)) .

والأصل فِيهِ الكِتَاب والسنة والإجماع، أما الكِتَاب فلقوله تَعَالَى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْه} (المائدة: 6) والسنة لحديث عَمَّار رضي الله عنه قَالَ: بعثني رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأجنبت - فلم أجد الماء - فتمرغت في الصعيد، كَمَا تمرغ الدابة الدابة، ثُمَّ أتيت النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:((أينما كَانَ يكفيك أن تَقُوْل بيديك هكذا)) ثُمَّ ضرب بيديه عَلَى الأرض ضربة واحدة. ثُمَّ مسح الشمال عَلَى اليمين. وظاهر كفيه ووجهه. رَواهُ البُخَارِيّ، باب إذَا خاف الجنب عَلَى نَفْسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم 1/95-96 (346)، وَمُسْلِم 1/193 (368) (110) أما الإجماع ((فَقَدْ أجمعت الأمة عَلَى جواز التيمم في الجملة)) . انظر: الشرح الكبير 1/233.

ص: 11

وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَنْ جَمِيْعِ الأَحْدَاثِ، عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، أَوْ خَوْفِ الضَّرَرِ باسْتِعْمَالِهِ، ولا يَتَيَمَّمُ إلاّ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوَجْهِ، فإنْ خَالَطَهُ مَا لَا يَجُوْزُ التَّيَمُّمُ بِهِ كَالنُّوْرَةِ (1) والزِّرْنِيخِ والْجُصِّ ونحوِهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ إذَا خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ.

(1) النّورة من الحجر الذي يحرق ويسوى من الكلس. اللسان (نور) 5/244.

ص: 12

وَمَنْ أَرَادَ التَّيَمُّمَ لَزِمَهُ أَنْ يَنوِيَ بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ صَلاةٍ مَفْرُوْضَةٍ، فإِنْ نَوَى نَفْلاً، أَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ، لَمْ يُجِزْ أَنْ يُصَلِّيَ إلاّ نَافِلَةً، وإِنْ كَانَ جُنُباً، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْويَ الْجَنَابَةَ والْحَدَثَ، ثُمَّ يُسَمِّي، وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ - وهُمَا مَفْرُوْجَتَا الأَصَابِعِ - ضَرْبَةً وَاحِدةً عَلَى التُّرَابِ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، وَظَاهِرِ كَفَّيْهِ، بِبِاطِنِ رَاحَتَيْهِ، هَذَا هُوَ الْمَسْنُونُ عَنْ أَحْمَدَ (1) رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا (2) : هَذَا صِفَةُ الإجْزَاءِ (3)، فَأَمَّا الْمَسْنُونُ فَهُوَ: أَنْ يَضْرِبَ ضَرْبَتَيْنِ (4) . يمسح بإِحْدَاهُمَا جَمِيْعَ مَا يَجِبُ غُسْلُهُ مِنَ الوَجْهِ، مِمَّا لا يشقُّ، وَيَمْسَحُ بِالأُخْرَى يَدَيْهِ إلى الْمِرْفَقَيْنْ (5) ، فَيَضَعُ بُطُوْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ اليُسْرَى عَلَى ظُهُوْرِ أَصَابِعِ يَدِهِ اليُمْنَى، وَيَمُرُّها عَلَى ظَهْرِ الكَفِّ فَإِذَا بَلَغَ

(1) جاء في الشرح الكبير 1/276 ((المسنون عن أحمد رحمه الله التيمم بضربة واحدة، قَالَ الأثرم: قُلْتُ لأبي عَبْد الله: التيمم ضربة واحدة؟ فَقَالَ: نعم للوجه والكفين)) . لحديث عَمَّار بن ياسر رضي الله عنه الموجود بهامش الصفحة 28 من هَذَا الكِتَاب.

(2)

هُوَ أبو يعلى الفراء، وقد ذكرنا ترجمته في مقدمة التحقيق الصفحة:، والمنهج الأحمد 2/13، وطبقات الحنابلة 2/193، وتاريخ بغداد 2/256، وشذرات الذهب 3/306. وانظر قوله في المغني 1/245.

(3)

يعني (المفروض) .

(4)

وذهب الشَّافِعيّ رحمه الله إلى أنَّ التيمم لا يُجْزِئ إلا بضربتين. الأم 1/49.

(5)

وَهُوَ الغرض، لقوله تَعَالَى:{فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مِنْهُ} المائدة: 6.

ص: 13

الكُوعَ (1) ، قَبَضَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى حَرْف الذراع، ثُمَّ يَمُرُّهَا إلى مِرْفَقِهِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلى بَطْنِ الذِّرَاعِ، وَيَمُرُّ عَلَيْهِ، ويَرْفَعُ إبْهَامَهُ، فَإِذَا بَلَغَ الكُوْعَ أَمَرَّ الإِبْهَامَ عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ يَدِهِ اليُمْنَى، ثُمَّ يَمْسَحُ بِيَدِهِ اليُسْرَى كَذلِكَ، ثُمَّ يَمْسَحُ إِحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بالأُخْرَى، ويُخَلِّلُ بَيْنَ أَصَابِعِهِمَا.

وَيَجِبُ تَرْتِيبُ الوَجْهِ عَلَى اليَدَيْنِ، والْمُوَالَاةِ، / 11 ظ / في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (2) .

(1) الكوع: طرف الزند الذي يلي أصل الإبهام. اللسان 8/316 (كوع) .

(2)

أحال صاحب الشرح الكبير 1/258 في اختلاف الرِّوَايَة في وجوب الترتيب والموالاة وعدمه إلى باب الوضوء. قَالَ: ((والتيمم مبني عَلَيْهِ [الوضوء] لأنه بدل مِنْهُ ومغيب عَلَيْهِ)) وجاء في 1/119: ((إن الترتيب في الوضوء – كَمَا ذكر الله تَعَالَى – واجب في قَوْل أحمد، قَالَ شَيْخُنا: لَمْ أر فِيهِ اختلافاً

وحكى أَبُو الخطاب رِوَايَة أخرى: أنه غَيْر واجبٍ)) وجاء في " كِتَاب الروايتين والوجهين "[5/ب]

((واختلف في وجوب ترتيب الوضوء

فنقل أبو طالبٍ وإسحاق بن إبراهيم وجوب الترتيب

ونقل أبو دَاوُد وإبراهيم بن الحارث سقوط الترتيب)) .

ص: 14

وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّم لنافِلَةٍ في وَقْتٍ نُهِيَ عَنْ فِعْلِهَا فِيهِ، ولا لِفَرِيْضَةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا. فإِذا دَخَلَ وَقْتُهَا، وَجَبَ عَلَيْهِ طَلَبُ الْمَاءِ في رَحْلِهِ، ورُفْقَتِهِ، وَمَا قَرُبَ عَنْهُ، فَإِنْ بُذِلَ لَهُ مَاءٌ، أَوْ بِيعَ مِنْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ زِيَادَةٍ يَسِيْرَةٍ لا تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وإنْ دَلَّ عَلَى مَاءٍ، لَزِمَهُ قصدُهُ، مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ، ومَالِهِ، وَلَمْ يَفتِ الوَقْتُ. فإِنْ وُجِدَ مَا يَحْتَاجُ إِليهِ للعَطَشِ، أَوْ بِيعَ مِنْهُ الْمَالُ بِزِيَادَةٍ كَثيرَةٍ، فَهُوَ كَالعَادِمِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ لا يَجِبُ الطَّلَبُ (1) .

ويُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلى آخِرِ الوَقْتِ، إِنْ رَجَا وُجُوْدَ الْمَاءِ، وإِنْ يَئِسَ مِنْ وُجُوْدِهِ، اسْتُحِبَّ تَقْديْمُهُ.

فَإِذَا تَيَمَّمَ، صَلَّى صَلاةَ الوَقْتِ، وَقَضاءَ الفَوَائِتِ، وَجَمعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ، وتَنَفَّلَ حَتَّى يَخْرُجَ الوَقْتُ، فَإِذَا خَرَجَ اسْتَأْنَفَ التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ الأُخْرَى، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: يُصَلِّي بِهِ حَتَّى يُحْدِثَ (2) . فَيَتَخَرَّجُ مِنْ هذِهِ الرِّوَايَةِ: أنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عِنْدَ الْمَاءِ، وأنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الوَقْتِ، وأنَّهُ إذَا نَوَى مُطْلَقاً، جَازَ أنْ يُصَلِّيَ بِهِ الفَرْضَ، ويُصَلِّي بِهِ مَا شَاءَ مِنَ الصَّلَوَاتِ في الوَقْتِ.

(1) رِوَايَة الوجوب عن صالح وابن منور، ورواية الاستحباب عن الميموني. الروايتين والوجهين 10/ أ.

(2)

الأولى: عن جَمَاعَة مِنْهُمْ أبو طالب والمروذي وأبو دَاوُد ويوسف بن موسى، والثانية: عن الميموني والفضل بن عَبْد الصمد. الروايتين والوجهين 10/أ.

ص: 15

وَإِذَا نَسَى الْمَاءُ بِمَوْضِعٍ يُمكنهُ اسْتِعْمَالُهُ، وصَلَّى بالتَّيَمُّمِ، لَمْ يَجْزِهِ. وإِذَا تَيَمَّمَ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الدُّخُولِ في الصَّلاةِ، بَطُلَ تَيَمُّمُهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الفَراغِ مِنْها، أَجْزأتْهُ صَلاتُهُ، وإنْ كَانَ فِيْهَا، لَزِمَهُ الْخُرُوجُ، وقِيْلَ: في ذَلِكَ رِوَايَتَانِ (1) .

وإِذَا أَوْجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِبَعْضِ بَدَنِهِ، لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي، إنْ كَانَ جُنُباً. وإنْ كَانَ مُحْدِثاً، فَهَلْ يَلْزمُهُ اسْتِعْمَاله؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (2) .

وَإِذَا كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ قَرِيْحاً غسل الصَّحِيحَ، وَتَيَمَّمَ لِلْقَرِيحِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى جرحِهِ نَجَاسَةٌ يستضرُّ بإِزَالَتِهَا، تَيَمَّمَ، وَصَلَّى، ولا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وإِذَا تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَصَلَّى، لَزِمَهُ الإِعَادَةُ عِنْدِي. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا تَلْزَمُهُ الإِعَادَةُ (3) .

(1) الأولى عن أبي طالب المروذي وغيرهما، والثانية عن ابن منصور والميموني، وسبب وجود الاختلاف في الروايتين وعدم وجوده هُوَ رجوع الميموني عن قوله بالمعنى. الروايتين والوجهين 10/أ.

(2)

ينظر: الروايتين والوجهين ق1/ب – ق11/أ.

(3)

ينظر: المغني 1/274.

ص: 16

وَإذَا خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ (1) ، وتَبَاطُؤَ (2) البَرْءِ باسْتِعْمَالِ الْمَاءِ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ، وإذَا خَافَ مِنْ شِدَّةِ [البَرْدِ](3) ، تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُسَافِراً، وَإِنْ كَانَ حَاضِراً، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ (4) .

وَإِذَا حُبِسَ في الْمِصْرِ صَلَّى بالتَّيَمُّمِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ (5) . وإِذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْمَكْتُوبَةِ في الْحَضَرِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الْجَنَازَةِ فَعَلَى / 12 و / رِوَايَتَيْنِ (6) .

وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَاباً صَلَّى، وَهَلْ تَلْزَمهُ الإِعَادَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (7)

(1) جاء في "كِتَاب الروايتين والوجهين"10/ب: ((إن المريض إذَا خاف زيادة المرض فيْه روايتان الأولى جواز التيمم، ونقلت عن الميموني، والثانية مَا نقل عن الأثر من كلام يدل عَلَى أنه لا يجوز حَتَّى يخاف التلف)) .

(2)

تباطئ) في المخطوط.

(3)

زيادة اقتضاها السياق والمقام.

(4)

ينظر: الروايتين والوجهين ق10/أ.

(5)

جاء في المحرر 1/23 ((ومن حبس في المصر صلى بالتيمم، وَلَمْ يعد، ويتخرج أن يعيد، وعنه:

لا يُصَلِّي حَتَّى يجد الماء، أَوْ يسافر)) .

(6)

غَيْر موجودتين في " كِتَاب الروايتين والوجهين ".

(7)

الأولى: يعيد، وَهِيَ رِواية الميموني وأحمد بن الْحُسَيْن، وَقَالَ أبو يعلى الفراء:((وَهِيَ أصح)) .

الثانية: لا يعيد، وَهِيَ رِوَايَة أبي الحارث، الروايتين والوجهين ق10/أ.

ص: 17

وَمَنْ تَوَضَّأَ، وَلَبِسَ خُفَّيْنِ، أَوْ عِمَامَةً، ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَيَمَّمَ، ثُمَّ خَلَعَ الْخُفَّ، أَوْ العِمَامَةَ، بَطُلَ تَيَمُّمَهُ، وإِذَا اجْتَمَعَ جُنُب، وَمَيِّت، وَمَنْ عَلَيْهَا غُسْلُ الْحَيْضِ، فَلَمْ يَجِدُوا مِنَ الْمَاءِ إلَاّ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمْ، فَالْمَيِّتِ أَوْلَى بِهِ في إِحْدَى الروايتين، والأُخْرَى: الْحَي أَوْلَى بِهِ (1) . وَهَلْ يُقَدَّم الْجُنُبُ عَلَى الْحَائِضِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْجُنُبُ؛ لأنَّ غَسْلَهُ وَجَبَ بِنَصِّ القُرْآنِ، وغسل الْحَائِضِ بالاجْتِهَادِ.

والثَّانِي: الْحَائِضُ لأنَّهَا تَقْضِي حَقَّ اللهِ –تَعَالَى– وَحَقَّ زَوْجِهَا في جَوَازِ

وَطْئِهَا (2) .

بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ

(1) الأولى والثانية نقلهما مهنّا، وَقَالَ أبو يعلى الفراء:((وَهُوَ أصح [تقديم الميت] ، لأنَّ الغسل خاتمة عمله)) . الروايتين والوجهين ق11/أ. =

= وَقَالَ صاحب المغني 1/277: ((إن كَانَ ملكاً لأَحَدِهِم فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لأنَّهُ يحتاج إِليهِ لنفسه، فَلا يجوز لَهُ بذله لغيره، سَوَاء كَانَ مالكه الميت أو أحد الحيّين.

(2)

ينظر: المغني 1/277.

ص: 18

لا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ في نَجَاسَةِ الكَلْبِ، والْخِنْزِيْرِ، وَمَا تولّدُ مِنْهُمَا؛ إذَا أَصَابَتْ غَيْرَ الأَرْضِ، أَنَّهَا يَجِبُ غَسْلُهَا سَبْعاً، إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ (1) . فَإِنْ جُعِلَ بَدَلُ التُّرَابِ أَشْنَاناً، أَوْ صَابُوناً، أَوْ غسلهِ ثَامِنَةً، لَمْ تَطْهُرْ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَتَطْهُرُ في الآخِرِ (2) .

(1) لحديث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إذَا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبع مراتٍ، أولاهن بالتراب)) . أخرجه أحمد 2/427، وَمُسْلِم 1/، كِتَاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، الحَدِيْث، وأبو دَاوُد 1/57: كِتَاب الطهارة، باب الوضوء بسؤر الكلب، وجاء في كِتَاب الروايتين والوجهين ق4/أأن الرِّوَايَة اختلفت في عدد مرات الغسل ففي رِوَايَة سبعة –وَقَالَ عَنْهَا صاحب الكِتَاب:(وَهُوَ أصح) – وَفِي أخرى ثَمَانِيَة، قَالَ:((لما روي في خبر آخر: وليعفر الثامنة بالتراب)) .

(2)

الروايتان غَيْر موجودتين في الروايتين والوجهين، وهما موجودتان في المغني 1/46.

ص: 19

واخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ فَرُوِيَ: إِيْجَابُ غَسْلِهَا سَبْعاً، وَهَلْ يشترط التُّرَابُ عَلَى وَجْهَيْن (1)، وَرُوِيَ: أَنَّهَا تَكَاثُرُ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ، كَالنَّجَاسَاتِ كُلِّهَا، إذَا كَانَتْ عَلَى الأَرْضِ (2) .

(1) وَهِيَ رِوَايَة حَنْبَل وأبي طالب، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وصالح لا يَجِبُ فِيْهَا العدد، لأنها لَيْسَ من شرط إزالتها التراب. الروايتين والوجهين ق3/ب – ق4/أ.

(2)

جاء في المغني 1/45-46: ((وَقَالَ أبو حَنِيْفَة لا يَجِبُ العدد في شيء من النجاسات، إنما يغسل حَتَّى يغلب الظن نقاؤه من النجاسة، لأنَّه روي عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنها نجاسة، فلم يَجِبُ فِيْهَا العدد، كَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الأرض)) .

وجاء في المقنع: 19، أنها ثلاث روايات، الثالثة: غسلها ثلاثاً، وكذلك هُوَ في المحرر 1/4.

ص: 20

وَلَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ بِالاسْتِحَالَةِ، إِلَاّ الْخَمْرَ إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا، فَإنْ خُلِّلَتْ لَمْ تَطْهُرْ (1) . وَقِيلَ: وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بِالذَّكَاةِ، وَلَا تَطْهُرُ جُلُوْدُ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالأُخْرَى يَطْهُرُ مِنْها جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِراً في حَالِ الْحَيَاةِ (2) . وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ وَإِنْفَحَتُهَا (3) نَجَسٌ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَطَاهِرٌ في الأُخْرَى (4) .

وعظمُ الْمَيْتَةِ وَقَرْنِهَا وَظُفُرُهَا نَجَسٌ، وَيحتملُ كَونَهَا كَالشَّعْرِ. وَصُوفُهَا، وَشَعْرُهَا، وَرِيْشُهَا طَاهِرٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَنُقِلَ عَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَجَسٌ (5) .

وَلَا يَنْجَسُ الآدَمِيُّ بِالْمَوْتِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، ويَنْجَسُ بالأُخْرَى (6) .

وَمَا لَا نفسَ لَهُ سَائِلَةٌ، كَالذُّبَابِ، وَالبَقِّ، وَالعَقَارِبِ، والْخَنَافِسِ، والزَّنَابِيْرِ لا يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ، وكذلك السَّمَكُ، والْجَرَادُ.

(1) ينظر: المحرر 1/6.

(2)

وَهِيَ عن جَمَاعَة مِنْهُمْ صالح وعبد الله والأثرم وحنبل وابن منصور وأبو الصقر. والثانية عن الصاغاني، الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق4/ب) .

(3)

شيء يستخرج من بطن الجدي الرضيع أصفر، فيُعصر في صُوفةٍ مبتلَّةٍ في اللبَنِ، فيغلظ كالجبن. التاج 7/190-191 (نفح) .

(4)

الروايتان غَيْر موجودتين في الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين. وانظر: المحرر 1/6 في اختلاف الرِّوَايَة.

(5)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق4/أ-ب) .

(6)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين: (ق34/أ-ب) ، والمحرر 1/6، وَلَمْ يرد في المقنع: 20 إلا عدم نجاسة الآدمي بالموت.

ص: 21

وَمَنِيُّ الآدَمِيِّ، وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ نَجَسٌ (1) . ويُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ.

وَيُجْزِئُ في بَولِ الغُلامِ، والَّذِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ النَّضْحُ (2) . وَإِذَا أَصَابَ أَسْفَلَ الْخُفِّ، أَوْ الْحِذَاءِ / 13 و / نَجَاسَةٌ وَجَبَ غَسْلُهُ، وَعَنْهُ: - يُجْزِئُ دَلْكُهُ بِالأَرْضِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلهُ مِنَ البَوْلِ والعَذْرَةِ، ويُجْزِئُ دَلْكُهُ من غَيْرِ ذَلِكَ (3) .

ولا يُعفَا عَنِ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ إِلَاّ الدَّمَ والقَيْحَ وأَثَرَ الاسْتِنْجَاءَ. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ في رِيْقِ البَغْلِ، والْحِمَارِ، وسِبَاعِ البَهَائِمِ، وَجَوَارِحِ الطَّيْرُ، وَعَرَقِهِمْ، وَبَولِ الْخُفَّاشِ والنَّبِيْذِ وَالْمَنِي، إذَا قُلْنَا: أَنَّهُ نَجَس، فَرُوِيَ: أَنَّهُ لا يُعْفَى عَنْ يَسِيْرِ ذَلِكَ. وَرُوِيَ: أَنَّهُ كَالدَّمِ (4) .

(1) ينظر: المحرر 1/6.

(2)

فعن أم قيسٍ بنت محصن، أنها أتت بابن لها صَغِير لَمْ يأكل الطعام، فأجله رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم في حجره، فبال قَالَ فلم يرد عَلَى أن نضح بالماء)) . أخرجه البُخَارِيّ 1/326، كِتَاب الوضوء: باب بول الصبيان، حَدِيث (223) ، وَمُسْلِم وأبو دَاوُد (374) .

(3)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق24/ب) .

(4)

الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق24/أ)، والمقنع: 20، والمحرر 1/7.

ص: 22

وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَرَوْثُهُ، طَاهِرٌ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ نَجَسٌ، كَبَوْلِ مَا لا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ (1) . و [أسَايِرِ](2) سِبَاعِ البَهَائِمِ، وَجَوارِحِ الطَّيْرِ، وَالبَغْلِ، والْحِمَارِ الأَهْلِيِّ، نَجَسَة، وَعَنْهُ: أَنَّهَا طَاهِرَةٌ، مَا عَدَا الكَلْبَ والْخِنْزِيْرَ (3)، وَعَنْهُ: في البَغْلِ والْحِمَارِ أَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيْهِمَا، إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَ سُؤْرِهِمَا، تَيَمَّمَ مَعَهُ (4) .

وسُؤْرُ الْهِرِّ، وما دُوْنَهَا (5) في الْخِلْقَةِ (6) ، طَاهِرٌ.

وَسَائِرُ الدِّمَاءِ نَجَسَةٌ إِلَاّ الكَبدَ، والطّحَالَ وَدَمَ السَّمَكِ، فأمَّا دَمُ البَرَاغِيْثِ، والبَقُّ، والذُّبَابِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ (7) .

(1) غَيْر موجودتين في " الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين "، وانظر: المقنع: 20، والمحرر 1/6.

(2)

هكذا وردت، والظاهر أنها جمع سؤر، إلا أننا لَمْ نجد جمع سؤر عَلَى أساير أو أسائر وإنما يجمع عَلَى:(أسْآر) ومقلوبه: آسار، ينظر: التاج 11/483 (سأر) .

(3)

الأولى عن حَنْبَل وصالح، والثانية عن إِسْمَاعِيْل بن سعيد وأبي الحارث. الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق3/ب) .

(4)

الأولى: النجاسة، عن صالح وعبد الله وحنبل، والثانية: نقلها حرب، الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق3/ب) . وقوله تيمم مَعَهُ، يعني مَعَ المَوْضُوْع من هَذَا الماء.

(5)

في المخطوط: (وما دونهما) بالتثنية.

(6)

جاء في المغني 1/44: ((السنور، وما دونها في الخلقة، كالفأرة وابن عرس، فهذا ونحوه من حشرات الأرض، سؤر طاهر)) .

(7)

غَيْر موجودتين في " الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ". وينظر: المحرر 1/6.

ص: 23

وَمَا لا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مِنَ الْمَائِعَاتِ لا يُزِيْلُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ، وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تُزَالُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيْلٍ كَالخَلِّ، وَنَحْوِهِ (1) .

وَمَا أُزِيْلَ بِهِ النَّجَاسَةُ فَانْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ فَهُوَ طَاهِرٌ، إذَا كَانَ الْمَحَلُّ أَرْضاً، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَرْضٍ، فَعَلَى وَجْهِيْنِ، أصَحُّهُمَا: أنَّهُ طَاهِرٌ (2) . فَإِن انْفَصَلَ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ، فَهُوَ نَجَسٌ بِكُلِّ حَالٍ.

بَابُ الْحَيْضِ (3)

وَكُلُّ دَمٍ تَرَاهُ الأُنْثَى قَبْلَ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَبَعْدَ خَمْسِيْنَ سَنَةً (4) ، فَلَيْسَ بِحَيْضٍ،

وأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَعَنْهُ يَوْمٌ (5) . وأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَقِيلَ: سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً (6) .

(1) غَيْر موجودتين في " الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ". وينظر: المقنع: 19.

(2)

غَيْر موجودتين في الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين.

(3)

الحيض: دم طبيعةٍ، يخرج مَعَ الصِّحَّة من غَيْر سبب ولادةٍ من قعر الرحم، يعتاد أنثى إذَا بلغت في أوقات معلومة. انظر: كشاف القناع 1/196.

(4)

جاء في المقنع: 20: أكثر من تحيض بِهِ المرأة خمسون سنة، وَعَنْهُ: ستون في نساء العرب.

(5)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق 13/أ)، وجاء فِيهِ: ((ويحتمل قوله: أن أقله يوم، أراد بِهِ بليلته؛ فتكون المسألة روايةٌ واحدةٌ.

واليوم عِنْدَ العرب مقداره من طلوع الشمس إلى غروبها. أو من طلوع الفجر الصادق إلى غروبها. وهذا الأخير هُوَ الحد الشرعي. التاج 9/115 (يوم)(الطبعة القديمة) .

(6)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق13/أ) ، وذكر صاحب أن رِوَايَة الخمسة عشر أصح.

ص: 24

وَأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَقِيلَ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً (1) . ولا حَدَّ لأَكْثَرِهِ والْمُسْتَحَاضَةُ تَرْجِعُ إلى عَادَتِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا عَادَةٌ، وَرَجَعَتْ إلى تَمْيِيزِهَا (2) ، فَكَانَ حَيْضُهَا أَيَّامَ الدَّمِ الأَسْوَدِ، واسْتِحَاضَتُهَا زَمَانَ الدَّمِ الأَحْمَرِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ ولا تَمْيِيْزٌ، وَهِيَ الْمُبْتَدِأَةُ (3) فَأَنَّهَا تَجْلِسُ أقَلَّ الْحَيْضِ في إِحْدَى الرِّوَايَاتِ، والثَّانِيَةِ:

غَالِبَهُ (4) . والثَّالِثَةِ: أَكْثَرَهُ. والرَّابِعَةِ: عَادَةَ نِسَائِهَا، /14 ظ/ كَأُمِّهَا، وَأُخْتِهَا، وَخَالَتِهَا، وَعَمَّتِهَا (5) .

فَإِنْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ فَنَسِيَتْ وَقْتَهَا، وَعَدَدهَا، فَهِيَ: الْمُتَحَيِّرَة، فَتَجْلِسُ أَقَلَّ الْحَيْضِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى: غَالِبَهُ (6) .

وَقَالَ شَيْخُنَا (7) : هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبْتَدِأَةِ؛ لأَنَّهَا لا عَادَةَ لَهَا، ولا تَمْيِيْزَ.

(1) جاء في المقنع: 20: أكثر من تحيض بِهِ المرأة خمسون سنة، وَعَنْهُ: ستون في نساء العرب.

(2)

التمييز: أن يتميز أحد الدمين عن الآخر في الصفة. انظر: المغني 1/326.

(3)

المبتدأة: هِيَ من كَانَتْ في أول حيضٍ، أَوْ نفاس، أَوْ هِيَ التي لَمْ يتقدم لها حيض قَبْلَ ذَلِكَ. انظر: حاشية ابن عابدين 1/19 (طبعة دار إحياء التراث العربي) ، كشاف القناع 1/204 (علام الكُتُب 1983م) .

(4)

يعني: ستة أيام، أو سبعةً.

(5)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق 12/أ – ب) .

(6)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق 12/ب) .

(7)

هُوَ: أبو يعلى الفراء. وَلَمْ نعثر عَلَى قوله في كتابه " الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ".

ص: 25

فَإِنْ كَانَتْ نَاسِيَةً الوَقْتَ ذَاكِرَةً لِلْعَدَدِ، فَقَالَتْ: حَيْضِي خَمْسٌ مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ الأَوَّلِ، لا أَعْلَمُ عَيْنَهَا، قلنا: اجْلِسِي مِنْهُ خَمْساً بِالتَّحَرِّي في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَفِي الآخِر تَجْلِسُ الْخَمْسَ الأُوَلَ مِنْهُ (1) . فإنْ قَالَتْ: حَيْضِي مِنْهُ عَشْرَةٌ، لا أَعْلَمُ عَيْنَهَا، قلنا: الْخَمْسَةُ الأَوَاسِطُ (2) حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَبَقِيَّةُ الشَّهْرِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، والنِّصْفِ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِيْنٍ.

فَإِنْ قَالَتْ: حَيْضِي مِنْهُ أَحَدَ عَشَرَ يوماً، قلنا لَهَا (3) : سَبْعَةُ أيَّامٍ حَيْضٌ بِيَقِيْنٍ، وَهِيَ: مِنَ الْخَامِسِ إلى الْحَادِي عَشَرَ. وكَذَلِكَ كُلَّمَا زَادَ عَلَى ربع الشَّهْرِ، أَضْعَفْنَاهُ، وَجَعَلْنَاهُ حَيْضاً بِيَقِيْن، والبَاقِي مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا كُلُّ زَمَانٍ لا يَصْلُحُ لِغَيْرِ الْحَيْضِ، فَهُوَ حَيْضٌ. وَكُلُّ زَمَانٍ لا يَصْلُحُ لِغَيْرِ الطُّهْرِ، فَهُوَ طُهْرٌ. وَكُلُّ زَمَانٍ يَصْلُحُ لَهُمَا، فَإِنَّهَا تَجْلِسُ مِنْهُ قَدْرَ عَادَتِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ (4)، وَقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا: تَجْلِسُ مِنْ أَوَّلِهِ قَدْرَ عَادَتِهَا.

(1) غَيْر موجودتين في الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين. وانظر: المغني 1/340.

(2)

في المخطوط: ((الأوسط)) .

(3)

في المخطوط: ((لَكَ)) .

(4)

هُوَ أبو بَكْر الفارسي مرت ترجمته: 23.

ص: 26

وَإِنْ كَانَتْ ذَاكِرَةً لِلْوَقْتِ نَاسِيَةً لِلْعَدَدِ فَلابُدَّ أنْ تَذْكُرَ أَحَدَ طَرَفَيْهِ، وتَنْسَى الآخَرَ، فَإِنْ قَالَتْ: كُنْتُ أوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ حَائِضاً، ولا أَعْلَمُ آخِرَهُ، فَالنِّصْفُ الثَّانِي مِنَ الشَّهْرِ طُهْرٌ بِيَقِيْنٍ، واليَوْمُ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ حَيَضٌ بِيَقِيْنٍ، وَتَمَامُ النِّصْفِ الأَوَّلِ مَشْكُوكٌ فِيهِ؛ فَحُكْمُهَا فِيهِ حُكْم الْمُتَحَيِّرَةِ؛ تَجْتَهِدُ فَتَجْلِسُ مِنْهُ غَالِبَ الْحَيْضِ أَوْ أَقَلُّهُ عَلَى اخْتِلافِ الرِّوَايَتَيْنِ (1) ، فَيَكُونُ ذَلِكَ حَيْضاً مَشْكُوكاً فِيهِ، وَبَقِيَّةُ النِّصْفِ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَتْ: كُنْتُ آخِرَ يَومٍ مِنَ الشَّهْرِ حَائِضاً، ولا أَعْلَمُ أَوَّلَهُ، فَمَعْنَى الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ، وإِنْ اخْتَلَفَتْ صُوْرَتُهُمَا.

وَحُكْمُ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ، إذَا جَلَسَتْ مِنْهُ شَيْئاً بِالتَّحَرِّي، أَوْ كَوْنَهُ أوَّلاً عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الوَجْهَيْنِ، حُكْمُ الْحَيْضِ بِيَقِيْنٍ في تَرْكِ العِبَادَاتِ (2) . وَكَذَلِكَ حُكْمُ الطُّهْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ / 15 و / حُكْمُ الطُّهْرِ بِيَقِيْنٍ في فِعْلِ العِبَادَاتِ.

وَمَتَى رَأَتْ يَوْماً طُهْراً، وَيَوْماً دَماً، وَلَمْ تُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، فَإِنَّهَا تَضُمُّ الدَّمَ إلى الدَّمِ فَيَكُونُ حَيْضاً، والبَاقِي طُهْرٌ. وإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِهَا. والْحَامِلُ لا تَحِيْضُ.

(1) رِوَايَة أقل الحيض، وَهُوَ يوم وليلة، رواها حَنْبَل، وغالب الحيض، وَهُوَ ستة أيام أو سبعة، رواها

مُحَمَّد بن الحكم وعبد الله، الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق 12/ ب) .

(2)

انظر: المغني 1/341.

ص: 27

وَيَجُوْزُ أنْ تَسْتَمْتِعَ مِنَ الْحَائِضِ بِمَا دُوْنَ الفَرْجِ (1) ، فَإِنْ وَطِئَهَا في الفَرْجِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ دِيْناَراً، أَوْ نِصْفَ دِيْنَارٍ (2) في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى لا شَيْءَ عَلَيْهِ،

وَيَسْتَغْفِر الله – تَعَالَى – (3) .

والْحَيْضُ يَمْنَعُ فِعْلَ الصَّلاةِ، وَوُجُوبِهَا، وفِعْلَ الصِّيَامِ، دُوْنَ وُجُوبِهِ، وَقِرَاءةَ القُرْآنِ، وَمَسَّ الْمُصْحَفِ، واللَّعْثَ في الْمَسْجِدِ، والطَّوَافَ بِالبَيْتِ، والوَطْءَ في الفَرْجِ، وسنّةُ الطَّلاقِ، والاعْتِدَادِ بِالأَشْهرِ. وَيُوْجِبُ الغُسْلَ، وَالبلُوْغَ والاعْتِدَادَ بِهِ.

وإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ أُبِيْحَ لَهَا فِعْلُ الصَّوْمِ، وَلَمْ تُبِحْ بَقِيَّةُ الْمُحَرَّمَاتِ حَتَّى تَغْتَسِلَ.

(1) لقوله تَعَالَى: {فاعتزلوا النساء في المحيض} البقرة: 222، وقوله صلى الله عليه وسلم:((اصنعوا كُلّ شيء إلا النكاح)) . أخرجه مُسْلِم 1/169 (302)(16)(273) ، الحَدِيْث (2052) ، وأحمد 3/132، وأبو دَاوُد الطَيَالِسِيّ (258) .

(2)

لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذَا وقع الرجل بأهله – وَهِيَ حائض – إن كَانَ دماً أحمر فليتصدق بدينار، وإن كَانَ أصفر فنصف دينار)) . أخرجه أحمد 1/229-230، والدارمي 1/254، وأبو دَاوُد (264) ، وَالنَّسَائِيّ 1/153.

وجاء في التهذيب 1/441: ((إن كَانَ في أول الدم يتصدق بدينار، وإن كَانَ في آخره، أَوْ بعدما انقطع الدم – قَبْلَ الغسل – بنصف دينار، وَهُوَ قَوْل الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق)) .

(3)

انظر: الروايتين والوجهين (ق12/أ) .

ص: 28

وتَغْسلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا، وَتَعْصبُهُ، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتُصَلِّي مَا شَاءتْ مِنَ الفَرَائِضِ، والنَّوافِلِ؛ وكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ، أَوْ الرِّيْحُ، والْمَذِي، والْجَرْحُ الذي لا يَرْقَى دَمُهُ، وَمَنْ بِهِ الرُّعَافُ (1) الدَّائِمُ.

ولا يُبَاحُ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ في الفَرْجِ إذَا لَمْ يَخَفِ العَنَتَ عَنْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، ويُبَاحُ في الأُخْرَى (2) .

بَابُ النِّفَاسِ (3)

وأَقَلُّ النِّفَاسِ قَطْرَةٌ. وأَكْثَرُهُ أَرْبَعُوْنَ يَوْماً. فَإِنْ جَاوَزَ الدَّمَ الأَكْثَرَ، وَصَادَفَ زَمَانَ عَادَةِ الْحَيْضِ. فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ عَادَةً؛ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَلَا تَدْخُلْ الاسْتِحَاضَةُ في مُدَّةِ النِّفَاسِ.

وَحُكْمُ النُّفَسَاءِ حُكْمُ الْحَائِضِ في جَمِيْعِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا، وَيَسْقُطُ عَنْهَا.

وإِذَا انْقَطَعَ دَمُ النُّفَسَاءِ في مُدَّةِ الأرْبَعِيْنَ، ثُمَّ عَادَ؛ فَالأَوَّلُ (4) نِفَاسٌ، وَالثَّانِي مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ نِفَاسٌ (5) .

(1) الرعاف: خروج الدم من الأنف. اللسان 9/123 (رعف) .

(2)

انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق12/ب)، والعنت هنا: الزنا.

(3)

النفاس: اسم لدم يخرج عقيب الولادة؛ وحكمه حكم الحيض، غَيْر أنهما يختلفان بالتقدير. انظر: التهذيب 1/477.

(4)

في المخطوط ((والأول)) بالواو.

(5)

غَيْر موجودتين في الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين. وانظر: المقنع: 22 وفيه: وعَنْهُ: أنه مشكوك فِيهِ، تصوم وتصلي، وتقضي الصوم المفروض.

ص: 29

وَيُكْرَهُ الوَطْءُ في مُدَّةِ الانْقِطَاعِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ مُبَاحٌ (1) .

وَإِذَا وَلَدَتْ تَوْأَمِيْنِ؛ فَالنِّفَاسُ مِنَ الأَوَّلِ، وآخِرِهِ مِنْهُ، وَحُكِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ مِنَ الأَخِيْرِ (2) ، والأَوَّلُ أَصَحُّ.

كِتَابُ الصَّلَاةِ

/ 16 ظ / الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ (3) ، وَفِي حَقِّ الْمَرْأَةِ شَرْطٌ رَابِعٌ، وَهُوَ: خُلُوُّهُمَا مِنَ الْحَيْضِ، والنِّفَاس.

فَأَمَّا الكَافِرُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ سَوَاءٌ كَانَ أَصْليّاً، أَوْ مُرْتَدّاً وَقَدْ خَرَّجَ أَبُو إِسْحَاق بنُ شَاقْلا (4) في الْمُرْتَدِّ: رِوَايَةً أُخْرَى: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ (5) .

(1) غَيْر موجودتين في الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين. ولا في الشرح الكبير، إلا أنه ورد فِيهِ: أن الْقَاضِي ذكر في تحريمه رِوَايَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيح أنه لا يحرم. إلا أن صاحب المحرر ذكر الرِّوَايَتَيْنِ 1/27.

(2)

الظاهر: أن الرِّوَايَة اختلفت في الآخر، كَمَا جاء في الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين (ق 13/ أ) . وزاد:((فعلى هذِهِ الرِّوَايَة [الثانية] يَكُون آخره من الولد الثَّانِي، وإن زاد عَلَى الأربعين من ولادة الأول. وعلى الرِّوَايَة الأولى؛ إذَا كَانَ بَيْن الولدين أربعين يوماً؛ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الثَّانِي نفاس)) .

(3)

لقوله تَعَالَى {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} النساء: 103.

(4)

شيخ الحنابلة، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن عُمَر بن حمدان بن شاقلا البغدادي البزاز، كَانَ رأساً في الأصول والفروع يعرف بابن شاقلا، نِسْبَة إلى جده المذكور. تُوُفِّي في رجب سنة (369هـ) ، وله 54 سنة.

(5)

انظر: الشرح الكبير 1/378 – 379.

ص: 30

وَمَتَى صَلَّى الكَافِرُ حَكَمْنَا بِإِسْلامِهِ؛ سَوَاءٌ كَانَ في دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ في دَارِ الإِسْلَامِ، أَوْ صَلَّى جَمَاعَةً، أَوْ فُرَادَى (1) .

وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ (2) ؛ فَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ سَكَرٍ، أَوْ شربِ دَوَاءٍ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ.

(1) لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا؛ فذلك المُسْلِم)) . البُخَارِيّ 1/108 (391) ، والنَّسَائِيّ 8/105. وَفِي الكبرى (11728) ، والبيهقي 2/3.

(2)

لحديث النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: ((رُفِعَ القلم عن ثلاث: عن الصبي حَتَّى يَبْلُغ، وعن النائم حَتَّى يستيقظ، وعن المجنون حَتَّى يفيق)) . أخرجه أحمد 6/100-101، والدارمي 2/171، وأبو دَاوُد (4398) ، وَالنَّسَائِيّ 6/156.

ص: 31