الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إطلاق
التعريف اللغوى:
اطلاق مصدر فعله أطلق المزيد بالهمزة فى أوله، فأصل مادته «طلق» .
فقد ذكر صاحب لسان العرب أنه يقال طلق الرجل امرأته وطلقت هى - بالفتح - تطلق طلاقا، وطلقت بالضم - أكثر وأطلق المرأة بعلها وطلقها. وأطلق الناقة من عقالها وطلقها فطلقت هى بالفتح.
قال أبو نصر: الطالق التى تنطلق الى الماء.
ويقال التى لا قيد عليها.
ونعجة طالق: مخلاة ترعى وحدها.
وحبسوه فى السجن طلقا اى بغير قيد ولا كبل.
وأطلقه فهو مطلق وطليق: سرحه.
والاطلاق فى القائمة: أن لا يكون فيها وضح.
والتطليق التخلية والارسال وحل العقد.
ويكون الاطلاق بمعنى الترك والارسال.
قال وطلق أعطى.
والطلق والطليق غير المقيد.
ويقال على الاطلاق أو مطلقا - أى على وجه لا استثناء فيه والمطلق ضد المقيد
(1)
.
التعريف عند الاصوليين:
جاء فى شرح
(2)
المنار لابن ملك: أذ المطلق هو الشائع فى جنسه بمعنى أنه حصة من الحقيقة محتملة لحصص كثيرة مندرجة تحت أمر مشترك من غير شمول ولا تعيين نحو قول الله تبارك وتعالى «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ»
(3)
.
والمقيد هو اللفظ الدال على الماهية من حيث ما يشخصها، أو هو الذى أخرج عن الشيوع بوجه ما نحو قول الله عز وجل «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ»
(4)
.
وبعضهم فرق بين المطلق والنكرة بأن الدال على الماهية مع وحدة متعينة هو النكرة والدال على الماهية فقط هو المطلق.
والأظهر أنه لا فرق بين النكرة والمطلق فى اصطلاح الأصوليين، لأن تمثيل جميع
(1)
لسان العرب للامام للعلامة أبى الفضل جمال الدين مكرم بن منظور الافريقى المصرى ج 40 ص 225 وما بعدها مادة طلق طبع دار صادر بيروت سنة 1374 هـ، سنة 1955 م الطبعة الاولى.
(2)
شرح المنار وحواشيه من علم الاصول للعالم العلامة عز الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز بن الملك على متن المنار فى أصول الفقه للشيخ الامام أبى البركات عبد الله بن أحمد المعروف بحافظ الدين النسفى ج 1 ص 558 طبع مطبعة دار سعادات المطبعة العثمانية سنة 1315 هـ بمصر.
(3)
الآية رقم 3 من سورة المجادلة.
(4)
الآية رقم 92 من سورة النساء.
العلماء المطلق بالنكرة فى كتبهم يشعر بعدم الفرق.
الا أن صاحب طلعة الشمس
(1)
: ذكر أن ابن السبكى فرق بينهما.
فعرف المطلق بأنه الدال على الماهية بلا قيد.
ثم قال: وعلى الفرق بين المطلق والنكرة أسلوب المنطقيين والاصوليين.
وكذا الفقهاء حيث اختلفوا فيمن قال لامرأته ان كان حملك ذكرا فأنت طالق فكان ذكرين.
قيل لا تطلق نظرا للتنكير المشعر بالتوحيد.
وقيل تطلق حملا على الجنس.
وقال ابن الحاجب
(2)
: المطلق عبارة عن النكرة فى سياق الاثبات، وذلك كقوله فى معرض الأمر اعتق رقبة أو مصدر الأمر كقوله «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» أو الاخبار عن المستقبل كقوله سأعتق رقبة.
ولا يتصور الاطلاق فى معرض الخبر المتعلق بالماضى كقوله رأيت رجلا ضرورة تعينه من اسناد الرؤية اليه.
وفى روضة الناظر
(3)
: أن المطلق هو المتناول لواحد لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه وهى النكرة فى سياق الأمر كقوله الله تبارك وتعالى «فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» .
وقد يكون فى الخبر لقول النبى صلى الله عليه وسلم «لا نكاح الا بولى» .
ثم قال: وقد يكون اللفظ مطلقا مقيدا بالنسبة كقوله تعالى «رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» فقيدت الرقبة بالايمان وأطلقت بالنسبة الى السلامة وسائر الصفات مثل الصحة والسقم والطول والقصر والنسب والبلد.
ويسمى الفعل مطلقا نظرا الى ما هو من ضرورته من الزمان والمكان والمصدر والمفعول به والآلة فيما يفتقر الى الآلة والمحل للافعال المتعدية.
وقد يقيد الفعل ببعض مفاعيله دون بعض كقولهم صم يوم الاثنين فالصوم مقيد من جهة ظرف الزمان.
وذكر فى طلعة الشمس
(4)
ان المطلق يخالف العام لأن المطلق يصدق على كل فرد من أفراد
(1)
من كتاب شرح طلعة الشمس على الالفية لناظمها فخر المتأخرين ومرجع المناظرين العالم العلامة أبى محمد عبد الله بن حميد السالمى وبهامشه بهجة الانوار شرح أنوار العقول فى التوحيد والثانى الحجج المقنعة فى أحكام صلاة الجمعة لابى محمد عبد الله بن حميد السالمى ج 1 ص 76 طبع مطبعة الموسوعات بباب الخلق بمصر.
(2)
الاحكام فى اصول الاحكام تأليف الشيخ الامام العلامة سيف الدين أبى الحسن على بن أبى على بن محمد الامدى ج 3 ص 2 طبع مطبعة المعارف بشارع الفجالة بمصر سنة 1914 م.
(3)
انظر من كتاب روضة الناظر وجنة المناظر فى أصول الفقه على مذهب الامام احمد بن حنبل لشيخ الاسلام موفق الدين أبى محمد عبد الله بن احمد بن قدامه المقدسى الدمشقى ج 2 ص 190 طبع المطبعة السلفية سنة 1342 هـ بمصر.
(4)
طلعة الشمس لعبد الله بن حميد السالمى ج 1 ص 75 الطبعة السابقة.
جنسه وصالح لأن يصدق عليه وليست دلالته على جميع الأفراد دفعة واحدة، وانما دلالته على ذلك باعتبار شيوع لفظه فى جميع الافراد.
وبهذا الاعتبار يختلف المطلق عن العام، لأن العام انما يتناول افراد الموضوع دفعة واحدة على سبيل الجمع والاستغراق لها.
وهل يحمل المطلق على المقيد أو لا يحمل عليه؟
قال ابن الحاجب
(1)
: اذا ورد مطلق ومقيد فان اختلف حكمهما فلا خلاف فى امتناع حمل أحدهما على الآخر سواء كانا مأمورين أو منهيين أو أحدهما مأمورا والآخر منهيا، وسواء اتحد السبب أو اختلف، لعدم المنافاة فى الجمع بينهما، مثل أطعم فقيرا واكس فقيرا تميميا، الا فى صورة واحدة وهى ما اذا قال مثلا فى كفارة الظهار: اعتقوا رقبة، ثم قال: لا تعتقوا رقبة كافرة فانه لا خلاف فى مثل هذه الصورة أن المقيد يوجب تقييد الرقبة المطلقة بالرقبة المسلمة.
وفى كشف الأسرار
(2)
اذا اطلق الحكم ثم ورد بعينه مقيدا فى موضع آخر فلا خلاف أنه يجب الحكم بتقييده لأن التقييد زيادة لا يفيدها الاطلاق كقول الله تبارك وتعالى فى موضع «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ»
(3)
الآية.
وقال فى موضع آخر: «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ»
(4)
.
وكذلك قول الله عز وجل «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ»
(5)
.
وقوله سبحانه وتعالى «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً»
(6)
.
وهكذا ذكر فى عامة نسخ أصحابنا وعامة نسخ أصحاب الشافعى من القواطع والمستصفى والمحصول وغيرها.
فتبين أن الحمل فى حكم واحد فى حادثة واحدة واجب.
وفى ذلك تفصيل كثير من حيث اختلاف الحكم، أو عدم اختلافه، واتحاد السبب أو اختلافه، وكون اللفظ دالا على الاثبات أو النفى وينظر ذلك فى مصطلح مطلق ومقيد.
والاطلاق
(7)
يكون فى الأمر الذى هو طلب الفعل.
(1)
الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ج 3 ص 3 الطبعة السابقة.
(2)
انظر من كتاب الجلد الثانى من كتاب كشف الاسرار لعبد العزيز البخارى على أصول الامام فخر الاسلام أبى الحسن على بن محمد ابن حسين البزدوى ج 2 ص 290 طبع مطبعة الصنايع لحسن حلمى البزدوى سنة 1307 هـ بمصر.
(3)
الآية رقم 43 من سورة النساء.
(4)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
(5)
الآية رقم 3 من سورة المائدة.
(6)
الآية رقم 145 من سورة الانعام.
(7)
مرآة الاصول فى علم الاصول ج 1 ص 39 طبع مطبعة.
وعلى ذلك اختلف الاصوليون.
هل الأمر المطلق يوجب التكرار أو لا يوجبه
فقد فهم أقرع بن الحابس - وهو من أهل اللسان - فهم التكرار من الأمر بالحج حيث قال أكل عام مرة يا رسول الله.
واختلف الأصوليون كذلك هل الأمر المطلق عن الوقت يوجب الفور أو لا يوجبه. ويرجع الى ذلك فى مصطلح «أمر» .
التعريف عند الفقهاء:
جاء فى كتاب الشرح الصغير
(1)
: أن المطلق هو ما دل على الماهية بلا قيد، كاسم الجنس وهو فى المعنى كالعام وتقييده كالتخصيص فيعمل بمقتضى التقييد، الا أن العام يتناول جميع الأفراد الصالح لها ذلك اللفظ دفعه، والمطلق لا يتناول ما يصلح له دفعة، بل على سبيل البدل، فعموم العام شمولى وعموم المطلق بدلى.
واللفظ فى المطلق والنكرة واحد، ويفرق بينهما بالاعتبار.
فان اعتبر فى اللفظ دلالته على الماهية بلا قيد فهو المطلق واسم الجنس وان اعتبر مع قيد الوحدة الشائعة سمى نكرة واستعمالات الفقهاء للفظ الاطلاق يسير على هذا المعنى.
ومن ذلك ما جاء فى المهذب
(2)
. من باب الاجارة: ان استأجر منفعة فى الذمة وأطلق وجبت المنفعة حالة كما اذا أسلم فى شئ وأطلق وجب حالا.
وما جاء فى الاقناع
(3)
فى باب البيوع: ان أمر المالك الوكيل بدفع ثوب الى قصار معين فدفعه ونسيه لم يضمنه.
وان اطلق المالك فدفعه الوكيل الى من لا يعرف عينه ولا اسمه ولا دكانه ضمنه الوكيل لتفريطه.
والامثلة فى ذلك كثيرة منتشرة فى أبواب الفقه ويرجع اليها فى مواضعها
والبحث بتفصيله يرجع اليه فى مصطلح مطلق ومقيد.
وتبين مما تقدم أن تعريف معنى الاطلاق فى استعمالات الاصوليين والفقهاء يكون عن طريق معرفة استعمالاتهم للفظ مطلق فى مواضعه المختلفة.
(1)
انظر من كتاب بلغة السالك لا قرب المسالك للامام الشيخ احمد الصاوى على الشرح الصغير للقطب الشهير بسيدى أحمد الدردير وبهامشه شرح القطب الشهير سيدى أحمد الدردير ج 2 ص 221 وما بعدها طبع المطبعة والمكتبة التجارية الكبرى بمصر سنة 1320 هـ.
(2)
انظر من كتاب المهذب للامام أبى اسحق ابراهيم على بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى وبهامشه النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب ج 1 ص 399 وما بعدها طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر دار احياء الكتب العربية سنة 1276 هـ بمصر.
(3)
انظر من كتاب الاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل تأليف قاضى دمشق شيخ الاسلام المحقق شرف الدين موسى الحجاوى المقدسى ج 2 ص 244 وما بعدها طبع المطبعة المصرية.
إعادة
التعريف فى اللغة:
الاعادة مصدر فعله أعاد المزيد بالهمزة فى أوله، فأصل مادته عاد.
قال الجوهرى يقال: عاد فلان الى مكانه يعود عودة وعودا اذا رجع اليه، وقد عاد له بعد ما كان أعرض عنه، وعاد اليه عودا وعيادا وأعاده هو.
ومن ذلك قول الله عز وجل «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ»
(1)
.
ويقال استعاده اياه سأله اعادته.
وقال الأزهرى: قال بعضهم العود تثنية الأمر عودا بعد بدء، يقال بدأ ثم عاد، ويقال أعاد الشئ واستعاده واعتاده وتعوده وعاده وعاوده معاودة وعوادا أى صار عادة له.
ومن ذلك قول ابى كبير الهذلى بصف الذئاب:
الا عواسل كالمراط معيدة: بالليل مورد أيم متغضف.
أى وردت مرات فليس تنكر الورود.
ويقال استعدت فلانا الشئ فأعاده اذا سألته أن يفعله ثانيا.
والمعاودة الرجوع الى الأمر الأول، يقال للشجاع بطل معاود، لأنه لا يمل المراس.
وقد يرد بمعنى صار، ومنه حديث معاذ رضى الله عنه قال له النبى صلى الله عليه وسلم: أعدت فتانا يا معاذ؟ أى صرت.
ومنه حديث كعب وددت أن هذا اللبن يعود قطرانا، أى يصير، والمعاد والمعادة المأتم يعاد اليه.
وأعاد فلان الصلاة يعيدها.
والمعيد: المطلق للشئ يعاوده.
ويقال هو معيد لهذا الشئ أى مطيق له، لأنه قد اعتاده
(2)
.
التعريف فى اصطلاح الفقهاء:
لا يكاد الفقهاء يخرجون بالاعادة على المعنى اللغوى فهى بمعنى فعل الشئ مرة ثانية وبمعنى الرجوع الى الشئ وهذا داخل فى المعنى اللغوى.
(1)
الآية رقم 27 من سورة الروم.
(2)
لسان العرب للامام العلامة أبى الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الافريقى المصرى ج 14 من ص 315 وما بعدها الى ص 323 مادة عود طبع مطبعة دار صادر بيروت للطباعة والنشر سنة 1374 هـ وسنة 1955 م.
الفرق بين القضاء والأداء والاعادة
قال صاحب الدر المختار
(1)
: الأداء فعل الواجب فى وقته، وبالتحريمة فقط بالوقت يكون أداء عندنا وبركعة عند الشافعى.
قال ابن عابدين: اعلم أنهم صرحوا بأن الأداء والقضاء من أقسام المأمور به.
والأمر قد يراد به لفظه أعنى ما تركب من مادة أم ر.
وقد يراد به الصيغة كأقيموا الصلاة وهى عند الجمهور حقيقة فى الطلب الجازم مجاز فى غيره.
وأما لفظ الأمر فقد أختلفوا فيه أيضا.
والتحقيق هو مذهب الجمهور أنه حقيقة فى الطلب الجازم أو الراجح، فاطلاق لفظ أمر على الصيغة المستعملة فى الوجوب أو الندب حقيقة.
فالمندوب مأمور به حقيقة وان كان استعمال الصيغة فيه مجازا.
وبهذا الاعتبار يكون المندوب أداء وقضاء.
لكن لما كان القضاء خاصا بما كان مضمونا والنفل لا يضمن بالترك اختص القضاء بالواجب.
ومنه ما شرع فيه من النفل فأفسده، فانه صار بالشروع واجبا فيقضى.
وبهذا ظهر ان الاداء يشمل الواجب والمندوب، والقضاء يختص بالواجب.
ولهذا عرفهما صدر الشريعة بأن الأداء تسليم عين الثابت بالأمر، والقضاء تسليم مثل الواجب به.
والمراد بالثابت بالأمر ما علم ثبوته بالأمر فيشمل النفل، لا ما ثبت وجوبه به، ولم يقيد بالوقت ليعم أداء غير المؤقت كأداء الزكاة والأمانات والمنذورات، وتمام تحقيق ذلك فى التلويح.
ثم قال ابن عابدين: وما ذكره الشارح من أنه بالتحريمة فقط بالوقت يكون أداء عندنا هو ما جزم به فى التحرير، وذكر شارحه أنه المشهور عند الحنفية.
ثم نقل عن المحيط أن ما فى الوقت أداء والباقى قضاء.
أما الاعادة فقد عرفها صاحب الدر المختار فقال: الاعادة فعل مثله فى وقته لخلل غير الفساد لقولهم: كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تعاد أى وجوبا فى الوقت وأما بعده فندبا.
قال ابن عابدين: والأولى اسقاط قوله فى وقته، لأنه خارج الوقت يكون اعادة أيضا بدليل قوله: وأما بعده فندبا أى فتعاد ندبا.
وقوله غير الفساد زاد فى البحر، وعدم صحة الشروع يعنى وغير عدم صحة الشروع.
وتركه الشارح، لأنه أراد بالفساد ما هو الأعم من أن تكون منعقدة ثم تفسد أو لم تنعقد أصلا.
(1)
الدر المختار شرح تنوير الابصار على رد المحتار للشيخ محمد امين الشهير بابن عابدين ج 1 ص 676 الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر سنة 1325 هـ.
ومنه قول الكنز: وفسد اقتداء رجل بامرأة.
ثم أن ما ذكر هنا فى تعريف الاعادة هو ما مشى عليه فى التحرير.
وذكر شارحه أن التقييد بالوقت قول البعض، والا ففى الميزان الاعادة فى عرف الشرع اتيان بمثل الفعل الأول على صفة الكمال بأن وجب على المكلف فعل موصوف بصفة الكمال فأداه على وجه النقصان وهو نقصان فاحش يجب عليه الاعادة، وهو اتيان مثل الأول ذاتا مع صفة الكمال.
وهذا التعريف يفيد أن ما يفعل خارج الوقت يكون اعادة ايضا، كما قال صاحب الكشف.
وأن الاعادة لا تخرج عن أحد قسمى الأداء والقضاء.
قال ابن عابدين أقول: لكن صريح كلام الشيخ أكمل الدين فى شرحه على أصول فخر الاسلام البزدوى عدم تقييدها بالوقت، ويكون الخلل غير الفساد، وبأنها قد تكون خارجة عن القسمين.
لأنه عرفها بأنها فعل ما فعل أولا مع ضرب من الخلل ثانيا،
ثم قال: ان كانت واجبة بأن وقع الأول فاسدا فهى داخلة فى الأداء أو القضاء.
وان لم تكن واجبة بأن وقع الأول ناقصا لا فاسدا فلا تدخل فى هذا التقسيم، لأنه تقسيم الواجب، وهى ليست بواجبة وبالأول يخرج عن العهدة وان كان على وجه الكراهة على الأصح فالفعل الثانى بمنزلة الجبر كالجبر بسجود السهو.
ثم قال ابن عابدين: وقول الشارح لقولهم كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تعاد: تعليل عليل اذ قولهم ذلك لا يفيد أن ما كان فاسدا لا يعاد، ولا أن الاعادة مختصة بالوقت.
بل صرح بعده بأنها بعد الوقت اعادة أيضا
على أن ظاهر قولهم: تعاد، وجوب الاعادة فى الوقت وبعده.
فالمناسب ما فعله فى البحر، حيث جعل قولهم ذلك نقضا للتعريف، حيث قيد فى التعريف بالوقت، مع أن قولهم بوجوب الاعادة مطلق.
قلت: ويؤيده ما قدمناه عن شرح التحرير وعن شرح أصول البزدوى من التصريح بوقوعها بعد الوقت.
وقال ابن عابدين وقول الشارح: تعاد أى وجوبا فى الوقت لم أر من صرح بهذا التفصيل سوى صاحب البحر، حيث استنبطه من كلام القنية.
حيث ذكر فى القنية عن الوبرى: أنه اذا لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالاعادة فى الوقت لا بعده.
ثم ذكر عن الترجمانى ان الاعادة أولى فى الحالين.
قال فى البحر: فعلى القولين لا وجوب بعد الوقت.
فالحاصل أن من ترك واجبا من واجباتها أو ارتكب مكروها تحريما لزمه وجوبا أن يعيد فى الوقت، فان خرج أثم، ولا يجبر جبر النقصان بعده، فلو فعل هذا فهو أفضل.
قال ابن عابدين ما فى القنية مبنى على الاختلاف فى أن الاعادة واجبة أولا.
وقدمنا عن شرح اصول البزدوى التصريح بأنها اذا كانت لخلل غير الفساد لا تكون واجبة.
وعن الميزان التصريح بوجوبها.
وقال فى المعراج: وفى جامع التمرتاشى لو صلى فى ثوب فيه صورة يكره وتجب الاعادة.
قال أبو اليسر: هذا هو الحكم فى كل صلاة أديت مع الكراهة.
وفى المبسوط ما يدل على الأولوية والاستحباب، فانه ذكر أن القومة غير ركن عندهما فتركها لا يفسد والأولى الاعادة.
وقال فى شرح التحرير: وهل تكون الاعادة واجبة؟ فصرح غير واحد من شراح أصول فخر الاسلام بأنها ليست بواجبة وأنه بالأول يخرج من العهدة وان كان على وجه الكراهة على الأصح وأن الثانى بمنزلة الجبر.
والأوجه الوجوب كما اشار اليه فى الهداية
وصرح به النسفى فى شرح المنار، وهو موافق لما روى عن السرخسى وأبى اليسر:
من ترك الاعتدال تلزمه الاعادة:
زاد أبو اليسر ويكون الفرض هو الثانى.
وقال شيخنا المصنف يعنى ابن الهمام:
لا اشكال فى وجوب الاعادة اذ هو الحكم فى كل صلاة أديت مع كراهة التحريم ويكون جابرا للأول، لأن الفرض لا يتكرر، وجعله الثانى يقتضى عدم سقوطه بالأول.
وفيه أنه لازم ترك الركن لا الواجب.
الا أن يقال المراد أن ذلك امتنان من الله تعالى اذ يحتسب الكامل وان تأخر عن الفرض لما علم الله سبحانه وتعالى أنه سيوقعه.
ومن هذا يظهر أنا اذا قلنا الفرض هو الأول فالاعادة قسم آخر غير الأداء والقضاء.
وان قلنا الثانى فهى احدهما.
قال ابن عابدين أقول: فتلخص من هذا كله أن الأرجح وجوب الاعادة.
وقد علمت أنها عند البعض خاصة بالوقت وهو ما مشى عليه فى التحرير، وعليه فوجوبها فى الوقت ولا تسمى بعده اعادة، وعليه يحمل ما مر عن القنية عن الوبرى.
وأما على القول بأنها تكون فى الوقت وبعده كما قدمناه عن شرح التحرير وشرح البزدوى فانها تكون واجبة فى الوقت وبعده أيضا على القول بوجوبها.
وأما على القول باستحبابها الذى هو المرجوح تكون مستحبة فيهما، وعليه يحمل ما مر عن القنية عن الترجمانى.
وأما كونها واجبة فى الوقت مندوبة بعده كما فهمه فى البحر وتبعه الشارح فلا دليل عليه.
وقد نقل الخير الرملى فى حاشية البحر عن خط العلامة المقدسى أن ما ذكره فى البحر يجب أن لا يعتمد عليه لاطلاق قولهم كل صلاة أديت مع الكراهة سبيلها الاعادة، لأنه يشمل وجوبها فى الوقت وبعده أى بناء على أن الاعادة لا تختص بالوقت، وظاهر ما قدمناه عن شرح التحرير ترجيحه.
وقد علمت أيضا ترجيح القول بالوجوب فيكون المرجح وجوب الاعادة فى الوقت وبعده.
ويشير اليه ما قدمناه عن الميزان من قوله يجب عليه الاعادة وهو اتيان مثل الأول ذاتا مع صفة الكمال، أى كمال ما نقصه منها، وذلك يعم وجوب الاتيان بها كاملة فى الوقت وبعده.
ثم هذا حيث كان النقصان بكراهة تحريم.
لما فى مكروهات الصلاة من فتح القدير:
أن الحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الاعادة أو تنزيه فتستحب؟ أى تستحب فى الوقت وبعده أيضا.
ثم نبه ابن عابدين الى أنه يؤخذ من لفظ الاعادة ومن تعريفها أنه ينوى بالثانية الفرض، لأن ما فعل أولا هو الفرض فاعادته فعله ثانيا.
أما على القول بأن الفرض يسقط بالثانية فظاهر.
وأما على القول الآخر فلأن المقصود من تكريرها ثانيا جبر نقصان الأولى.
فالأولى فرض ناقص.
والثانية فرض كامل مثل الأولى ذاتا مع زيادة وصف الكمال.
ولو كانت الثانية نقلا لزم أن تجب القراءة فى ركعاتها الأربع وأن لا تشرع الجماعة فيها ولم يذكروه.
ولا يلزم من كونها فرضا عدم سقوط الفرض بالأولى، لأن المراد أنها تكون فرضا بعد الوقوع، أما قبله فالفرض هو الأولى.
وحاصله توقف الحكم بفرضيته الأولى على عدم الاعادة.
وله نظائر كسلام من عليه سجود السهو يخرجه خروجا موقوفا.
وكفساد الوقتية مع تذكر الفائتة.
وكتوقف الحكم بفرضية المغرب فى طريق المزدلفة على عدم اعادتها قبل الفجر.
وبهذا ظهر التوفيق بين القولين، وأن الخلاف بينهما لفظى، لأن القائل أيضا بأن الفرض هو الثانية أراد به بعد الوقوع، والا لزم الحكم ببطلان الاولى بترك ما ليس بركن ولا شرط.
وعرف صاحب الدار المختار القضاء بأنه فعل الواجب بعد وقته واطلاقه على غير الواجب كالتى قبل الظهر مجاز
وقيل: القضاء فعل مثله بناء على المرجوح من أنه يجب بسبب جديد لا بما يجب به الاداء.
وجاء فى فواتح الرحموت
(1)
: شرح مسلم الثبوت: أن الواجب قسمان أداء وقضاء.
أما الأداء ففعل الواجب فى وقته المقدر له شرعا، ودخل فيه المؤدى فى الآخر من الوقت وغير الآخر فيشمل الواجب بنفس الوجوب وواجب الأداء فهذا معنى الاداء غير ما سبق.
وقيل الأداء فعل ابتدائه كالتحريمة عند الحنفية وركعة عند الشافعية فى وقته المقدر شرعا، ليدخل ما شرع فى الوقت وأتم خارجه.
ومن الأداء الاعادة وهو الفعل فيه أى فى وقته المقدر شرعا ثانيا لخلل واقع فى الفعل الأول غير الفساد، وكترك الفاتحة على مذهبنا.
واختلف فيه، فقيل مندوب، لأن الصلاة الواجبة قد تمت فلا جهة للوجوب مرة أخرى
والأصح أنه واجب اذا كان الخلل أداءها مع كراهية تحريم كثرك الواجب، لأن الذمة بقيت مشغولة بهذا الواجب المتروك فلا بد من أدائه واذا لم يعرف قربة الا فى ضمن صلاة فوجبب الصلاة ليكون الواجب مؤدى، فتكون هذه جابرة للأولى التى وقعت فرضا.
خلافا لأبى اليسر فانه يقول: الثانى يصير فرضا هذا وله وجه أيضا.
والقضاء فعل الواجب بعد الوقت المقدر شرعا استدراكا لما فات عمدا او سهوا تمكن من فعله كالمسافر أو لم يتمكن لمانع شرعا كالحيض أو عقلا كالنوم.
فعلى هذا العبادة الغير المؤقتة ليست أداء ولا قضاء اذ لا وقت مقدر هناك.
فتسمية الحج الصحيح بعد الفاسد قضاء مجاز فانه وان كان فعلا فى غير وقته الذى وجب اتمامه فيه بالاحرام لكن ليس ذلك وقته المقدر شرعا.
ومن جعل الاداء والقضاء فى غير الواجب بدل الواجب فى التعريف بالعبادة وقال:
الأداء فعل العبادة فى وقته، والقضاء فعل العبادة فى غير وقتها.
ثم أن هذين التفسيرين للأداء والقضاء لا يشملان الحقوق العبادية، وكذا تفسير القضاء للقضاء بمثل غير معقول.
والتفسير الجامع ما قال الامام فخر الاسلام البزدوى: الأداء تسليم عين الثابت
(1)
من كتاب المستصفى من علم الاصول للامام حجة الاسلام ابى حامد محمد بن محمد ابن محمد الغزالى ومعه كتاب فواتح الرحموت ج 2 ص 85، ص 86، 87 للعلامة عبد العلى محمد بن نظام الدين الانصارى بشرح مسلم الثبوت فى اصول الفقه للامام المحقق سنة 1324 هـ.
بالأمر كالعبادة فى وقتها، وتسليم عين المغصوب، والقضاء تسليم مثل الثابت بالأمر كالصوم للصوم أو الفدية له فى حق الشيخ الفانى، وتسليم قيمة الغرس المغصوب.
وجاء فى مختصر المنتهى
(1)
: أن الأداء ما فعل فى وقته المقدر له شرعا أولا.
والقضاء ما فعل بعد وقت الأداء استدراكا لما سبق له وجوب مطلقا، سواء أخره عمدا أو سهوا، وسواء تمكن من فعله كالمسافر أو لم يتمكن لمانع من الوجوب شرعا، كالحائض أو عقلا كالنائم.
وقيل: لما سبق وجوبه على المستدرك ففعل الحائض والنائم قضاء على الأول لا الثانى، الا فى قول ضعيف.
والاعادة ما فعل فى وقت الأداء ثانيا لخلل، وقيل لعذر.
أقول تقسيم آخر للحكم وهو أن الفعل قد يوصف بكونه أداء وقضاء واعادة.
فالأداء ما فعل فى وقته المقدر له شرعا أولا.
فخرج ما لم يقدر له وقت كالنوافل، أو قدر لا شرعا كالزكاة يعين له الامام شهرا وما وقع فى وقته المقدر له شرعا ولكن غير الوقت الذى قدر له أولا كصلاة الظهر، فان وقته الأول هو الظهر.
والثانى اذا ذكرها بعد النسيان فاذا اوقعها فى الثانى لم تكن أداء.
وليس قوله أولا متعلقا بقوله فعل فيكون معناه فعل أولا لتخرج الاعادة، لأن الاعادة قسم من الأداء فى مصطلح القوم، وان وقع فى عبارات بعض المتأخرين خلافه.
والقضاء ما فعل بعد وقت الأداء وهو المقدر له شرعا أولا استدراكا لما سبق له وجوب مطلقا.
فخرج ما فعل فى وقت الأداء واعادة المؤداة خارج وقتها، وما لم يسبق له وجوب كالنوافل.
وقيد الواجب بقوله مطلقا تنبيها على انه لا يشترط الوجوب عليه.
ثم لا فرق بين تأخيره عن وقت الأداء سهوا أو عمدا مع التمكن من فعله أولا، أو مع عدم التمكن لمانع من الوجوب شرعا، كالحيض أو عقلا كالنوم.
وقيل: هو ما فعل بعد وقت الأداء استدراكا لما سبق له وجوب على المستدرك.
والفرق بين التعريفين أن فعل النائم والحائض قضاء على الأول اذ سبق له وجوب فى الجملة.
وليس بقضاء وعلى الثانى اذ لم يجب على المستدرك لقيام المانع من الوجوب، الا فى قول، فان قول الله تبارك وتعالى «فَمَنْ شَهِدَ}
(1)
من حاشية العلامة سعد الدين التفتازانى وحاشية المحقق الشريف الجرجانى المالكى مع حاشية المحقق الشيخ حسن الهروى على حاشية السيد الجرجانى ج 1 ص 232 وما بعدها طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر المحمية الطبعة الاولى
{مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ»
(1)
، وهو ضعيف، لأن جواز الترك مجمع عليه وهو ينفى الوجوب قطعا.
والاعادة ما فعل فى وقت الأداء ثانيا لخلل، وقيل لعذر.
فالمنفرد اذا صلى ثانية مع الجماعة كانت اعادة على الثانى، لأن طلب الفضيلة عذر، دون الأول اذا لم يكن فيها خلل.
والحاصل أن الفعل لا يقدم على وقته، فان فعل فيه فأداء أو بعدها، فان وجد سبب وجوبه فقضاء، والا فغيرهما، ومن الأداء الاعادة لخلل أو عذر.
وجاء فى روضة الناظر
(2)
: أن الاعادة هى فعل الشئ مرة أخرى، وان الأداء هو فعله فى وقته المقدر له شرعا بخلاف ما ربط الأمر بفعله بوجود سببه، وذلك كانكار المنكر اذا ظهر.
وانقاذ غريق اذا وجد.
وكالجهاد اذا تحرك العدو، أو حصر البلد.
فان هذا كله فعل مأمور به، ولا يوصف بالأداء فى الاصطلاح، لعدم تقدير وقته.
وان كان قد يقال فى فاعله أنه أدى الواجب، بمعنى أنه امتثل أمر الله تعالى.
وبخلاف المقدر من العرف والعقل، فانهما لا تصرف لهما فى تقدير الأوقات فى العبادات الشرعية ولا غيرهما من أحكام الشرع.
والقضاء فعل الشئ بعد خروج وقته المعين شرعا.
فلو غلب على ظنه فى الواجب الموسع أنه يموت قبل آخر الوقت لم يجز له التأخير.
فان أخره وعاش لم يكن قضاء لوقوعه فى الوقت.
والزكاة واجبة، على الفور، فلو أخرها ثم فعلها لم تكن قضاء، لأنه لم يعين وقتها بتقدير وتعيين.
ومن لزمه قضاء صلاة على الفور فأخر لم نقل أنه قضاء القضاء.
فاذن اسم القضاء مخصوص بما عين وقته شرعا ثم فات الوقت قبل الفعل.
ولا فرق بين فواته بغير عذر أو لعذر، كالنوم والسهو والحيض فى الصوم والمرض والسفر.
وقال قوم: الصيام من الحائض بعد رمضان ليس بقضاء، لأنه ليس بواجب اذ فعله حرام ولا يجب فعل الحرام فكيف تؤمر بما تعصى به، ولا خلاف فى انها لو ماتت لم تكن عاصية.
وقيل فى المريض والمسافر لا يلزمهما الصوم أيضا.
(1)
الآية رقم 185 من سورة البقرة.
(2)
روضة الناظر وجنة المناظر فى أصول الفقه على مذهب الامام أحمد بن حنبل لشيخ الاسلام موفق الدين أبى محمد عبد الله أحمد ابن قدامه القدسى الدمشقى ج 1، ص 168، ص 169، ص 170، ص 171 طبع المطبعة السلفية بمصر لمحب الدين الخطيب سنة 1342 هـ.
وحاصل هذا القول: أن المأمور به ان كان فواته فى وقته لا لعذر، ففعله بعد الوقت يكون قضاء.
وان كان لعذر لم يكن فعله بعد الوقت قضاء كالحائض والمريض والمسافر يفوتهم صوم رمضان لعذر الحيض والسفر والمرض فيستدركونه بعد، فلا يكون ما يفعلونه بعد رمضان قضاء، وهذا فاسد لوجوه ثلاثة:
أحداها ما روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت: كنا نحيض على عهد رسول صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة، والآمر بالقضاء انما هو النبى صلى الله عليه وسلم.
ثانيها: أنه لا خلاف بين أهل العلم فى أن الحائض والمريض والمسافر ينوون القضاء.
وتقريره ان المذكورين اذا صاموا بعد زوال عذرهم تجب عليهم نية القضاء بالاجماع، وكل ما وجبت فيه نية القضاء فهو قضاء اذ لو كان أداء لم يجز أن ينووا القضاء، لأنهم حينئذ ينوون غير الواجب عليهم، فلا يكون لهم عملا بقوله صلى الله عليه وسلم «وإنما لكل امرئ ما نوى» .
ثالثها: أن العبادة متى أمر بها فى وقت مخصوص فلم يجب فعلها فيه لا يجب بعده.
ولا يمتنع وجوب العبادة فى الذمة بناء على وجود السبب مع تعذر فعلها كما فى النائم والناسى.
وكما فى المحدث تجب عليه الصلاة مع تعذر فعلها منه فى الحال.
وديون الآدميين تجب على المعسر مع عجزه عن ادائها.
وحاصل هذا أن ثبوت العبادة فى الذمة غير ممتنع.
كما أن ثبوت دين الآدمى فى الذمة غير ممتنع.
واذا كان ثبوتها فى الذمة جائزا كان فعلها خارج وقتها بعد ثبوتها فى الذمة قضاء كدين الآدمى.
ومنشأ الخلاف أن شرط القضاء هل هو تقدم وجوب الفعل أو تقدم سببه فقط؟
فعلى الاول لا يكون فعل الحائض للصوم بعد رمضان قضاء، لأنه لم يكن واجبا عليها، فانتفاء القضاء لانتفاء شرطه.
وعلى الثانى يكون قضاء، لأن حقيقة الوجوب وان انتفت لكن سبب الوجوب موجود، وهو اهليتها للتكليف.
ثم تقدم السبب قد يكون مع الاثم بالترك كالتارك المتعمد المتمكن من الفعل، وقد لا يكون مع الاثم كالنائم والحائض.
ثم المزيل للاثم قد يكون من جهة العبد كالسفر وقد لا يكون كالحيض.
ثم قد يصح معه الاداء كالمرض وقد لا يصح، اما شرعا كالحيض او عقلا كالنوم.
قال المحقق الطوفى: التحقيق أن التزام العبادة واجب حال العذر عملا بالخطاب السابق.
وايقاعها حينئذ غير واجب لأجل العذر.
حكم اعادة الطهارة
من وضوء وغسل ومسح وتيمم
مذهب الحنفية:
تجب اعادة الطهارة
(1)
بخروج النجس من بدن الانسان الحى لأن خروجه ينقض الطهارة كيفما كان عندنا.
وقيد بالخروج، لأن نفس النجاسة غير ناقضة ما لم توصف بالخروج، والا لما حصلت الطهارة لشخص ما.
والمراد بالبدن بدن الحى فانها ان خرجت من بدن الميت بعد غسله لا توجب اعادة الغسل بل توجب غسل ذلك الموضع.
وجاء فى الهداية وفتح القدير
(2)
: المعانى الناقضة للوضوء كل ما يخرج من السبيلين.
لقول الله تبارك وتعالى «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ»
(3)
.
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحدث؟ قال: ما يخرج من السبيلين، وكلمة ما عامة تتناول المعتاد وغيره.
وروى البيهقى فى الخلافيات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: يعاد الوضوء من سبع: من أقطار البول، والدم السائل والقئ، ومن دسعة تملأ الفم، ونوم المضطجع، وقهقهة الرجل فى صلاته، وخروج الدم.
قال صاحب الفتح: ولأن خروج النجاسة مؤثر فى زوال الطهارة شرعا.
وجاء فى الدر المختار
(4)
: أن مسح ربع الرأس مرة فرض فى الوضوء، وكذلك غسل جميع اللحية فرض على المذهب الصحيح المفتى به.
ولا يعاد الوضوء، بل ولا يعاد غسل المحل بحلق رأسه ولحيته، لأن المسح على شعر الرأس ليس بدلا عن المسح عن البشرة لأنه يجوز مع القدرة على مسح البشرة، ولو كان بدلا لم يجز. اهـ بحر.
أما بالنسبة للحية، فان كانت كثيفة فظاهر ما فى الدرر ان غسلها بدل عما تحتها، وذلك يقتضى اعادة غسله بحلق الشعر.
وما ذكر فى البحر الرائق يفيد أنه ليس ببدل
وكذلك لا يعاد غسل المحل، ولا يعاد الوضوء بحلق شاربه وحاجبه وقلم ظفره وكشط جلده،
(1)
العناية على الهداية للامام أكمل الدين محمد بن محمود البابرتى بهامش فتح القدير للكمال بن الهمام ج 1 ص 25 الطبعة الاولى طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة 1315 هـ.
(2)
المرجع السابق بهامش فتح القدير للكمال بن الهمام ج 1 ص 25 الطبعة السابقة.
(3)
الآية رقم 43 من سورة النساء.
(4)
الدر المختار شرح تنوير الابصار على رد المحتار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج 1 ص 70، ص 71، ص 72 الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر سنة 1325 هـ.
وكذا لو كان على أعضاء وضوئه قرحة كالدملة وعليها جلدة رقيقة فتوضأ وأمر الماء عليها ثم نزعها فلا يلزمه اعادة غسل على ما تحتها، وان تألم بالنزع على الأشبه، لعدم البدلية.
ونقل ابن عابدين
(1)
فى حاشيته عن التتارخانية وغيرها انه ان نزع الجلدة بعد ما برئ بحيث لم يتألم فعليه اعادة الغسل.
وان نزعها قبل البرء بحيث يتألم فلا اعادة.
قال ابن عابدين: والأشبه أنه لا يلزمه اعادة الغسل فيهما جميعا وهو المأخوذ به.
ثم قال: فحالة التألم لا خلاف فيها.
ولو كان فى رجله شق فجعل فيه الدواء يكفيه امرار الماء فوقه ولا يكفيه المسح.
ولو أمرة فسقط الدواء فان كان عن برء أعاد والا فلا.
وجاء فى الدر المختار
(2)
: وحاشية ابن عابدين عليه أن من شك فى ترك عضو من أعضاء وضوئه أعاد ما شك فيه لو كان فى خلال الوضوء ولم يكن الشك عادة له.
وان لم يكن الشك فى خلال الوضوء بل كان بعد الفراغ منه.
وان كان اول ما عرض له الشك أو كان الشك عادة له.
وان كان فى خلاله فلا يعيد شيئا قطعا للوسوسة عنه كما فى التتارخانية وغيرها.
وجاء فى بدائع الصنائع
(3)
: أنه لو توضأ ثم رأى البلل سائلا من ذكره أعاد الوضوء لوجود الحدث وهو سيلان البول.
وانما قال: رآه سائلا، لأن مجرد البلل يحتمل أن يكون من ماء الطهارة.
فان علم أنه بول ظهر فعليه الوضوء وان لم يكن سائلا
وان كان الشيطان يريه ذلك كثيرا ولم يعلم أنه بول أو ماء مضى على صلاته ولا يلتفت الى ذلك، لأنه من باب الوسوسة فيجب قطعها.
وقال النبى صلى الله عليه وسلم ان الشيطان يأتى أحدكم فينفخ بين اليتيه، فيقول أحدثت أحدثت فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
وجاء فى حاشية ابن عابدين
(4)
اذا فرغ من الوضوء ثم استأنف الوضوء فلا يكره بالاتفاق، ومثله فى الخلاصة.
(1)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 72 الطبعة السابقة.
(2)
الدر المختار شرح تنوير الابصار على رد المختار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج 1 ص 139 الطبعة السابقة.
(3)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 33 طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة 1328 هـ الطبعة الاولى.
(4)
حاشيه ابن عابدين على الدر المختار شرح تنوير الابصار على رد المحتار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج 1 ص 111 الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر سنة 1325 هـ.
وعارض فى البحر دعوى الاتفاق بما فى السراج من أنه مكروه فى مجلس واحد.
وأجاب فى النهر بأن ما مر فيما اذا أعاده مرة واحدة وما فى السراج فيما اذا كرره مرارا.
ولفظه فى السراج لو تكرر الوضوء فى مجلس واحد مرارا لم يستجب بل يكره لما فيه من الاسراف.
لكن فى شرح المنية الكبير قال: وفيه أشكال، لا طباقهم على أن الوضوء عبادة غير مقصودة لذاتها، فاذا لم يؤد به عمل مما هو المقصود من شرعيته كالصلاة وسجدة التلاوة ومس المصحف ينبغى أن لا يشرع تكراره قربة لكونه غير مقصود لذاته فيكون اسرافا محضا.
قال فى شرح المصابيح: انما يستحب الوضوء اذا صلى بالوضوء الأول صلاة كذا فى الشرعة والقنية.
وكذا ما قاله المناوى فى شرح الجامع الصغير للسيوطى عند حديث «من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات» من أن المراد بالطهر الوضوء الذى صلى به فرضا أو نفلا كما بينه فعل راوى الخبر وهو ابن عمر فمن لم يصل به شيئا لا يسن له تجديده.
قال ابن عابدين: ومقتضى هذا كراهته وان تبدل المجلس ما لم يؤد به صلاة أو نحوها.
لكن ذكر سيدى عبد الغنى النابلسى أن المفهوم من اطلاق الحديث مشروعيته ولو بلا فصل بصلاة أو مجلس آخر ولا اسراف فيما هو مشروع.
أما لو كرره ثالثا أو رابعا فيشترط لمشروعيته الفصل بما ذكر والا كان اسرافا محضا.
وجاء فى البحر الرائق
(1)
: ذكر محمد رحمه الله تعالى فى نوادر الصلاة: لو توضأ بسؤر الحمار وتيمم ثم أصاب ماء نظيفا ولم يتوضأ به حتى ذهب الماء ومعه سؤر الحمار فعليه اعادة التيمم، وليس عليه اعادة الوضوء بسؤر الحمار، لأنه اذا كان مطهرا فقد توضأ به.
وان كان نجسا فليس عليه الوضوء لا فى المرة الاولى، ولا فى الثانية كذا فى النهاية.
وفى الخلاصة: ولو تيمم وصلى ثم أراق سؤر الحمار يلزمه اعادة التيمم والصلاة، لأنه يحتمل أن سؤر الحمار كان طهورا.
وجاء فى البحر الرائق
(2)
: ان المجامع اذا أغتسل قبل أن يبول أو ينام ثم سال منه بقية المنى من غير شهوة يعيد الغسل عند أبى حنيفة
(1)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق للامام الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم وبهامشه حواشى منحة الخالق لابن عابدين ج 1 ص 142 الطبعة الاولى طبع المطبعة العلمية بمصر سنة 1310 هـ.
(2)
المرجع السابق للامام الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم وبهامشه حواشى منحة الخالق ج 1 ص 58 الطبعة السابقة وبدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 33 الطبعة السابقة.
ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يعيده عند أبى يوسف رحمه الله تعالى.
فلو خرج بقية المنى بعد البول أو النوم أو المشى لا يجب اعادة الغسل اجماعا، لأنه مذى وليس بمنى، لأن البول والنوم والمشى يقطع مادة الشهوة.
ولو جومعت المرأة
(1)
فاغتسلت ثم خرج منها منى الرجل لا يجب اعادة الغسل.
وجاء فى بدائع الصنائع
(2)
: أنه يجوز المسح على الجرموقين اذا لبسهما على الخف قبل أن يحدث.
ولو مسح على الجرموقين ثم نزع أحدهما مسح على الخف البادى وأعاد المسح على الجرموق الباقى فى ظاهر الرواية.
وقال الحسن بن زياد وزفر: يمسح على الخف البادى ولا يعيد المسح على الجرموق الباقى.
وروى عن أبى يوسف أنه ينزع الجرموق الباقى ويمسح على الخفين، واعتبر أبو يوسف الجرموق بالخف، ولو نزع أحد الخفين ينتزع الآخر ويغسل القدمين كذا هذا.
ووجه قول الحسن وزفر أنه يجوز الجمع بين المسح على الجرموق والمسح على الخف ابتداء بأن كان على أحد الخفين جرموق دون الآخر، فكذا بقاء، واذا بقى المسح على الجرموق البافى فلا معنى للاعادة.
ووجه ظاهر الرواية أن الرجلين فى حكم الطهارة بمنزلة عضو واحد لا يحتمل التجزى، فاذا انتقضت الطهارة فى احداهما بنزع الجرموق الباقى فلا معنى للاعادة.
وجاء فى موضع آخر
(3)
: الجبائر التى توضع على الجروح اذا سقطت عن الجرح فأما أن تسقط لا عن برء أو عن برء.
وكل ذلك لا يخلو من أن يكون فى الصلاة، أو خارج الصلاة.
فان سقطت لا عن برء فى الصلاة مضى عليها ولا يستقبل.
وان كان خارج الصلاة يعيد الجبائر الى موضعها ولا يجب عليه أعادة المسح.
وكذا اذا شدها بجبائر أخرى غير الاولى.
ولو مسح على الجبائر وصلى أياما ثم برأت جراحته لا يجب عليه اعادة ما صلى بالمسح.
وهذا قول أصحابنا، لما روينا من حديث على رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره بالمسح على الجبائر ولم يأمره باعادة الصلاة مع حاجته الى البيان.
(1)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 1 ص 60 الطبعة السابقة.
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 11 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 14 الطبعة السابقة.
وجاء فى الدر المختار
(1)
: يجوز التيمم قبل الوقت لاكثر من فرض،
وجاز التيمم لغير فرض كالنفل.
وجاز لخوف فوت صلاة جنازة أى كل تكبيراتها ولو جنبا او حائضا.
ولو جئ بأخرى فان أمكنه التوضؤ بينهما ثم زال تمكنه أعاد التيمم والا لا وبه يفتى كما فى المضمرات.
وعند محمد يعيد على كل حال كما فى القهستانى.
مذهب المالكية:
اختلف فى الموالاة فى الوضوء هل هى واجبة مع الذكر والقدرة؟
قال ابن يونس: الظاهر من قول مالك أن الموالاة مع الذكر واجبة.
وقال ابن رشد
(2)
: المشهور أن الفور فى الوضوء سنة، فان فرق وضوءه ناسيا فلا شئ، وان فرقه عامدا أعاد أبدا لتهاونه.
وذكر خليل فى حكم الموالاة قولين:
الأول: أنها واجبة مع الذكر والقدرة، ساقطة مع العجز والنسيان.
قال بن ناجى فى شرح المدونة وهو المشهور وعزاه ابن الفاكهانى لمالك وابن القاسم وشهره أيضا.
والقول الثانى: أنها سنة.
قال فى التوضيح وشهره فى المقدمات.
وقال الحطاب لكنه وافق فى التفريع عليه القول الأول فجعل التفريق عمدا يبطل الوضوء على قول ابن القاسم، قال فيها وأما الفور قفيه ثلاثة أقوال.
فرض على الاطلاق وهو قول عبد العزيز ابن أبى سلمة.
وسنة على الاطلاق وهو المشهور فى المذهب.
والثالث: فرض فيما يغسل سنة فيما يمسح، وهو أضعف الاقوال.
فعلى الأول يجب اعادة الوضوء والصلاة على من فرقه ناسيا أو عامدا.
وعلى الثانى أن فرقه ناسيا فلا شئ عليه.
وان فرقه عامدا ففى ذلك قولان.
أحدهما: أنه لا شئ عليه وهو قول محمد ابن عبد الحكم.
والثانى: أنه يعيد الوضوء والصلاة لترك سنة من سننها عامدا، لأنه كاللاعب المتهاون، وهذا مذهب ابن القاسم.
(1)
الدر المختار شرح تنوير الأبصار وحاشية ابن عابدين ج 1 ص 223 الطبعة السابقة.
(2)
الحطاب لمختصر أبى الضياء سيدى خليل وبهامشه التاج والاكليل للامام أبى عبد الله محمد بن وسف الشهير بالمواق ج 1 ص 223 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1328 هـ الطبعة الاولى.
ومن أصحابنا من يعبر على مذهبه هذا فى الفور أنه فرض بالذكر يسقط بالنسيان.
قال ابن ناجى وزعم عياض فى الاكمال أن القول بالسنية هو المشهور.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: قال: لما ذكر أن الموالاة واجبة مع الذكر والقدرة أخذ يبين حكم ما اذا ترك الموالاة نسيانا أو عجزا.
وبدأ بالنسيان فقال: وبنى بنية أن نسى مطلقا.
يعنى أن من نسى عضوا من أعضائه أو لمعة منه فانه يبنى على وضوئه المتقدم ويغسل ذلك العضو أو اللمعة مطلقا، طال أو لم يطل.
يريد ويعيد ما بعد ذلك العضو أو تلك اللمعة من أعضاء وضوئه مفروضة كانت أو مسنونه.
قاله فى النوادر ونقله الجزولى وغيره.
وهذا اذا كان بالقرب قبل جفاف أعضائه.
وان ذكر بعد الطول بجفاف أعضائه لم يعد ما بعد ذلك العضو ولا ما بعد تلك اللمعة.
قال فى الرسالة ومن ذكر من وضوئه شيئا مما هو فريضة منه فان كان بالقرب منه أعاد ذلك وما يليه.
وان تطاول ذلك أعاده فقط، وحد الطول الجفاف قاله فى المدونة.
وحكم المنكس والمنسى فى الاعادة سواء عند ابن القاسم، فان اعادة ما بعده انما هى لأجل الترتيب، فلو لم يعد ما بعده لم يكن عليه شئ، كما صرح بذلك ابن ناجى فى شرح الرسالة، والشيخ زروق والجزولى، والشيخ يوسف بن عمر.
واذا كانت اعادة ما بعد المنسى انما هى لأجل حصول الترتيب فتكون الاعادة سنة.
وهذا هو الذى يفهم من كلام الشيخ زروق.
وانما يعيد ما يليه اذا كان بالقرب للترتيب.
والمشهور أن الترتيب بين الفرائض سنة.
فلو ترك اعادة ما يليه لم يكن عليه شئ واعادة ما بعد المتروك مستحبة للترتيب ونحوه للجزولى، والشيخ يوسف بن عمر.
والظاهر عندى أن مرادهم بالاستحباب ما يقابل الوجوب فهو شامل للسنة.
وليس مرادهم بالمستحب الذى هو أحط رتبة من السنة بدليل قوله للترتيب.
ثم قال
(2)
: وحكم من ترك الموالاة عجزا كمن عجز ماؤه وقام لطلبه أنه يبنى ما لم يطل.
(1)
المرجع السابق وبهامشه التاج والاكليل لشرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 225 الطبعة السابقة.
(2)
الحطاب وبهامشه التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل الشهير بالمواق ج 1 ص 226 الطبعة السابقة.
وظاهره سواء أعد من الماء ما يكفيه فأهريق أو غصب أو ابتدأ الوضوء بما يظن أنه يكفيه فتبين عدم كفايته، وهو ظاهر المدونة عند الباجى وجماعة، واستظهره الفاكهانى.
قال فى المدونة ومن توضأ بعض وضوئه فعجز ماؤه فقام لطلبه فان قرب بنى وان تباعد وجف وضوؤه ابتدأ وضوءه.
قال عياض ذهب بعض الشيوخ الى أن معناه أنه لم يعد من الماء ما يكفيه فكان كالمفرط والمغرر ولو أعد ما يكفيه فأهريق له أو غصب لكان حكمه كالناسى.
وعلى هذا تحمل رواية ابن وهب انه يبنى اذا عجز وان طال.
وحمله الباجى على الخلاف.
وقال غيره وقد يحتمل أنهما سواء على قول من قال من أصحابنا أن الموالاة واجبة مع الذكر وهذا اذا ذكر نقله فى التوضيح
واذا قلنا
(1)
: انه يبنى فى النسيان مطلقا فتجب عليه المبادرة عند ذكره.
فان أخر ذلك عامدا بطل وضوؤه ان تفاحش، وان لم يتفاحش لم يبطل.
قال بن الحاجب فان أخر حين ذكره فكالمتعمد.
وقال فى النكت ولو أنه حين ذكر اللمعة لم يغسلها فى الوقت ثم غسلها بالقرب.
فان كان انما تراخى المقدار الذى لو فرق فيه طهارته لم يبتدئ الطهارة لقرب ذلك لم يبتدئ جميع طهارته، والا فعليه ابتداء طهارته من أولها، ونقله فى الطراز.
وان ذكر اللمعة أو العضو فى موضع لم يجد فيه ما يغسلها به فحكى فى النكت عن غير واحد من شيوخه ان حكمه حكم من عجز ماؤه ان طال طلبه للماء ابتدأ جميع طهارته ونقله فى التوضيح واقتصر عليه.
وحكى عبد الحق فى تهذيب الطالب له قولين.
أحدهما للابيانى أنه يبنى مطلقا وجد الماء قريبا أو بعيدا اذا لم يفرط ومضى مبادرا.
ثم قال
(2)
: ان من نسى عضوا أو لمعة ثم ذكر ذلك ثم نسى فهل يبنى فى النسيان الثانى كالأول أم لا؟ قولان ذكرهما الجزولى والشيخ يوسف بن عمر.
وقال ابن ناجى ظاهر المدونة انه لا يعذر بالنسيان الثانى.
قال فى المدونة: ومن ترك بعض فروض الوضوء أو بعض الغسل أو لمعة عامدا حتى صلى أعاد الوضوء والغسل والصلاة، فان ترك ذلك سهوا حتى طاول غسل ذلك الموضع
(1)
الحطاب وبهامشه التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 227 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 228 الطبعة السابقة.
فقط وأعاد الصلاة، فان لم يغسله حين ذكره استأنف الغسل أو الوضوء.
قال ابن ناجى: ظاهره ترك ذلك بعد ذكره ناسيا أو عامدا فلم يعذر بالنسيان الثانى.
ومثله فى الصيام المتتابع اذا أفطر ناسيا فانه يقضيه ويصله بآخر صومه، فان لم يصله ابتدأ، ظاهره ولو سهوا.
واذا كانت اللمعة من مغسول الوضوء غسل موضعها ثلاثا.
وكذلك ان نسى عضوا غسله ثلاثا.
فان كان ذلك بالقرب وأعاد ما بعده غسل ذلك مرة مرة.
وان ذكره بعد البعد غسل موضع اللمعة فقط ثلاثا قاله: عبد الحق فى تهذيبه، والفاكهانى فى شرح الرسالة، والجزولى والشيخ يوسف بن عمر والشبيبى.
قال الجزولى: الا أن يكون انما غسل تلك الأعضاء أولا مرة مرة فانه يعيدها مرتين مرتين.
واذا تحقق موضع اللمعة غسلها خاصة.
وان لم يتحقق موضعها غسل العضو كله.
ومن ذكر لمعة من غسله أو عضوا فحكمه حكم من ذكر ذلك من وضوئه.
الا أنه لا يعيد ما بعد ذلك، لأن الغسل لا ترتيب فيه، صرح بذلك الجزولى وغيره ولا يغسلها ثلاثا، لأن التثليث غير مستحب فى الغسل كما يفهم ذلك من كلام ابن بشير وغيره.
قال فى النوادر وأعرف
(1)
: لبعض أصحابنا فيمن ذكر لمعة من الوضوء من أحدى يديه لا يدرى من أى يد هى الا أنه يعلم موضعها من احدى اليدين، فان كان بحضرة الماء غسل ذلك الموضع من يده اليمنى، ثم غسل يده اليسرى وأعاد بقية وضوئه، وان طال غسل ذلك الموضع من اليدين جميعا.
فان ذكر مسح رأسه لم يجزه أن يمسحه بما فى ذراعيه أو لحيته من بلل لقلة ما يتعلق بذلك من الماء، الا أن تكون لحيته عظيمة بحيث يكون فيها من الماء ما فيه كفاية المسح، فأجاز ذلك ابن الماجشون.
ومنعه مالك فى المدونة.
وخرج ابن رشد وصاحب الطراز ذلك على حكم الماء المستعمل.
قال مالك فى المدونة: وان ذكر فى صلاته أنه نسى مسح رأسه قطع ولم يجزه مسحه بما فى لحيته من بلل.
ويستأنف مسحه ويبتدئ الصلاة.
ولا يعيد غسل رجليه ان كان وضوؤه قد جف
قال ابن ناجى: ظاهره أنه لو فعل أعاد أبدا وهو كذلك عزاه العتبى لابن القاسم وعزاه غيره لمالك.
(1)
المرجع السابق شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 229 الطبعة السابقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: قال ابن عرفة ولا يشترط طهارة المحل قبل ورود الماء لغسل الوضوء خلافا للجلاب، وأخذا من قول ابن مسلمة فى اشتباه الآنية ويغسل أعضاءه فما قبله يرد بكونه لاحتمال قصور وضوءه الثانى عن محل الأول.
واخذه من قول الباجى رأيت لابن مسلمة من كان بذراعه نجاسة فتوضأ ولم ينقها أعاد أبدا يرد بأن نصها فى النوادر بزيادة فكأنه لم يغسل محلها.
ولو كانت النجاسة برأسه أعاد فى الوقت، لأن ترك بعضه لا شئ فيه.
فهذا بين فى أن اعادته لترك محلها اذا كانت فى الرأس فى الوقت، لأنها فيه كصلاته بنجاسة.
وقال الأبى فى شرح مسلم فى شرح حديث ميمونة فى الغسل وان شاء نوى الجنابة عند غسل الأذى ولا يعيد غسل محله على المشهور فى أن طهارة الحدث ليس من شرطها أن ترد على الاعضاء وهى طاهرة.
وقال بن الجلاب: شرطها ذلك، واختاره جماعة.
وقال فى الخطاب
(2)
: قال فى الطراز فى باب ترتيب الوضوء وموالاته أما حكم اللمعة فالصحيح المشهور من المذهب وجوب ألا يعاب، وأنه ان ترك لمعة من مفروضاته لم يجزه.
وحكى الباجى عن محمد بن دينار فيمن لصق بذراعيه قدر الخيط من العجين وغيره فلا يصل الماء الى ما تحته فيصلى بذلك لا شئ عليه.
قال وقال ابن القاسم عليه الاعادة.
ووجه المذهب قول الله تبارك وتعالى «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ»
(3)
: وهذا لم يغسل وجهه وانما غسل وجهه الا لمعة.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «اسبغوا الوضوء» .
وقوله صلى الله عليه وسلم لمن ترك قدر ظفر على رجله أعد الوضوء والصلاة.
ووجه القول الثانى أن اسم الغسل بثبت بدون ذلك، لأنه لو سقط من الرأس فى مسحه هذا القدر لأجزأه فكذلك الوجه فان الكل من أعضاء الطهارة واغتفار ذلك القدر بين الأصابع والخاتم.
وما ذكره من ترك اليسير من المسح على خلاف المشهور.
وقال ابن ناجى فى شرح الرسالة: واختلف المذهب اذا كانت لمعة يسيره كالخيط الرقيق من العجين.
(1)
الحطاب وهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 183 الطبعة السابقة.
(2)
الحطاب وهامشه التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 200 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق للحطاب وهامشه التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء خليل للمواق ج 1 ص 207 الطبعة السابقة.
والمشهور اغتفاره ذكره فى باب جامع فى الصلاة.
وقال فى شرح المدونة أن الفتوى عندهم به
وصرح البرزلى أيضا بأنه المشهور.
وقال البرزلى فى أوائل مسائل الطهارة عن السبورى يزال القذى من أشفار العين اذا لم يشق جدا.
قال البرزلى: فان صلى به وكان يسيرا مثل خيط العجين والمداد فيه قولان المشهور فيه الاعادة، وأحفظ لابن دينار أنه مغتفر.
ونقل البرزلى أيضا عن بعض المتأخرين فيمن صلى ثم وجد فى عينه عمشا أنه قال:
صلاته صحيحة ان شاء الله تعالى ان ذلك عينيه بيديه فى وضوئه، ويحتمل انها صارت بعد الصلاة.
قال الحطاب والظاهر أن هذا ليس خاصا بالقذى بل لكل حائل حكمه كذلك واذا وجد بعد الوضوء وأمكن أن يكون طرأ بعد الوضوء فانه يحمل على أنه طرأ بعد الوضوء.
وهذا جار على المشهور فيمن رأى فى ثوبه منيا فانه انما يعيد من آخر نومة نامها.
وأما أثر الحناء فى اليدين والرجلين وغيرهما فليس بلمعة قال فى رسم الوضوء والجهاد من سماع أشهب من كتاب الوضوء.
وسئل مالك عن الحائض والجنب تخضب يديها فقال نعم وذلك مما كان النساء يتحرينه لثلا بنقض خضابهن الطهور للصلاة.
قال ابن رشد وهذا كما قال لا اشكال فى جوازه ولا وجه لكراهته، لأن صبغ الخضاب الذى يحصل فى يدها لا يمنع من رفع حدث الجنابة والحيض عنها بالغسل اذا اغتسلت.
ثم قال مالك فى المدونة ولا تمسح المرأة على خمارها ولا غيره فان فعلت أعادت الوضوء والصلاة.
قال فى الطراز يريد اذا أمكنها المسح على رأسها وهذا قول مالك.
وذهب بعض فقهاء المذهب الى الجواز اذا مسح بعض الرأس.
ومتعلقهم ما رواه مسلم والنسائى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار.
وما فى أبى داود أنه مسح على العمامة.
وفى بعض الروايات فى مسلم أنه مسح بمقدم رأسه وعلى العمامة.
فحجة من قال بالاعادة قول الله تبارك وتعالى «وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ»
(1)
والعمامة لا تسمى رأسا.
وقال سيبويه الباء للتأكيد كأنه قال امسحوا رءوسكم نفسها.
(1)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء، كما أمره الله تعالى فيغسل وجهه ويديه الى المرافق ويمسح برأسه» الحديث.
والحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا تقبل الصلاة الا به وكان قد مسح رأسه فيه لانه لو كان مسح على العمامة فيه لكان مسحها شرطا ولا قائل به،
وروى مالك فى الموطأ عن جابر أنه سئل عن المسح على العمامة فقال: لا حتى تمسح الشعر بالماء، ولم يعرف لذلك نكير، والقياس على الوجه واليدين.
وما رووه محمول على انه كان لعذر، فان مسحت على الخمار من غير عذر أعادت الصلاة.
وروى ابن وهب عن مالك أنها تعيد الوضوء.
قال سحنون: لأنها متعمدة، يريد أنها لم تكن تركته سهوا، وانما فعلته جهلا، والجاهل والعامد سواء.
قال الحطاب: وقوله فى المدونة أعادت الوضوء لا أشكال فى ذلك ان كانت عامدة.
وكذا ان كانت جاهلة، لأن الجاهل كالعامد على المشهور.
وقال بعضهم: انه كالساهى، وأما ان كانت ساهية فتمسح على رأسها فقط، والصلاة باطلة فى الوجوه كلها.
وأما ان علمت بذلك فبل الصلاة فان كانت ساهية مسحت رأسها متى ما ذكرت وأعادت غسل رجليها ان كان ذلك بالقرب وحده جفاف الاعضاء المعتدلة فى الزمن المعتدل.
فان كانت عامدة أو جاهلة فان كان ذلك بالقرب جدا، فانها تزيل الحائل، وتمسح على رأسها، وتعيد غسل رجليها.
وان طال ذلك أعادت الوضوء.
ولا يحد القرب هنا بجفاف الأعضاء، بل هو أقل من ذلك.
وقال فى الطراز فان وقع المسح على الحناء على الوجه الممنوع، فان كان ذلك جهلا ثم أخبر أنه لا يجوز فنزعه بالقرب مسح رأسه وأعاد غسل رجليه.
ولا يشبه من فرق وضوءه عبثا، لأنه كان يعتقد أنه يجزئه.
وان طال ابتداء الوضوء، لأن الجاهل كالعامد لا كالساهى.
وان كان سهوا مسح رأسه متى ما ذكر وغسل رجليه ان كان بالقرب والصلاة فى جميع ذلك فاسدة.
وقال صاحب الجمع ان مسحت على الوقاية أو حناء أو مسح رجل على العمامة وصلى لم تصح صلاته وبطل وضوؤه ان كان فعل ذلك عمدا.
وان فعله جهلا فقولان.
وقال ابن ناجى: يريد وكذلك الرجل لا يمسح على العمامة.
وبالجملة لا يمسح على حائل مع الاختيار وأما مع الضرورة فجائز.
قال فى الطراز
(1)
اذا كان فى الشعر صوف أو غيره مما يركب الشعر ويمنع مباشرته أو التصق بالشعر شمع ونحوه مما يمنع غسله ومسحه، فلما رأى ذلك بعد وضوئه قرضه بمقراض هل يجزئه وضوؤه؟
يخرج على أصل، وهو أن ما غسل من أعضاء الوضوء هل يرتفع حكم الحدث عنه ويطهر فى نفسه، أولا يرتفع حتى يكمل الجميع؟
فان قلنا يرتفع صلى بتلك الطهارة، لأنها لم يبق منها فعل.
وان قلنا لا يرتفع أعاد الطهارة، لأنها وقعت ناقصة وتعذر تمامها.
قال الحطاب: المشهور هو الثانى، أعنى أنه لا يطهر الا بغسل الجميع، الا أن قوله يعيد الطهارة مشكل.
والظاهر أنه يعيد غسل ذلك الموضع.
وقوله تعذر اتمامها غير ظاهر، لأن ما بقى من الشعر اذا قرض يقوم مقامه وان نتف من أصله فموضعه يقوم مقامه، وقال الشيخ ابو عمران الفاسى وأرخص للعروس أيام سابعها أن تمسح فى الوضوء والغسل على ما فى رأسها من الطيب وتتيمم ان كان فى جسدها، لأن ازالته من اضاعة المال.
وهذا خلاف المعروف من المذهب.
وقال فى الذخيرة حكى فى تعاليق المذهب أن رجلا جاء الى سحنون وقال: توضأت للصبح وصليت به الصبح والظهر والعصر والمغرب ثم أحدثت وتوضأت فصليت العشاء، ثم تذكرت أننى نسيت مسح رأسى من أحد الوضوءين لا أدرى أيهما هو فقال له امسح رأسك وأعد الصلوات الخمس، فذهب واعادها ونسى مسح رأسه فجاءه فقال له امسح رأسك وأعد العشاء وحدها ففرق بين الجوابين.
ووجه الفقه فى المسألة أنه أمره أولا باعادة الصلوات كلها لتطرق الشك للجميع والذمة معمورة بالصلوات حتى تتحقق البراءة، فلما أعادها بوضوء العشاء صارت الصلوات الأربع كل واحدة قد صليت بوضوءين الأول والثانى، وأحدهما صحيح جزما، لأنه انما نسى من أحدهما، وأما العشاء فصليت وأعيدت بوضوئها.
ويحتمل أن يكون النقص فيه فتجب اعادتها بعد المسح.
ولا فرق بين أن تكون الصلوات الأربع كلها بوضوء واحد أو كل واحدة بوضوء وهذا فرع لا يكاد يختلف العلماء فيه.
(1)
الحطاب وهامشه التاج والاكليل لمختصر ابى الضياء خليل للمواق ج 1 ص 209 الطبعة السابقة.
وقال ابن عرفة قال ابن رشد ومن صلى الخمس بوضوء واجب لكل صلاة فذكر مسح رأسه من وضوء أحدها مسحه وأعاد الخمس.
فلو أعادها ناسيا فجواب ابن رشد بمسحه واعادة العشاء فقط وتوهيمه من قال يعيد الخمس واضح الصواب.
وفى الحطاب
(1)
: أن من توضأ ثم قلم أظفاره بعد الوضوء أو حلق شعر رأسه فانه لا يعيد غسل موضع الأظفار ولا يعيد مسح رأسه.
وقال مالك فى المدونة ونصها على اختصار صاحب الطراز قال مالك فيمن توضأ ثم حلق رأسه أنه ليس عليه أن يمسحه ثانية.
وكذلك قال فيمن قلم أظفاره بعد ما توضأ.
قال الحطاب فيتحصل فى المسألة ثلاثة أقوال.
وكذا يحكى ابن عرفة فى المسألة ثلاثة أقوال فقال ولو حلقه ففى اعادة مسحه ثالثها يبتدئ الوضوء وعن الأول منها وهو اعادة مسحه فقط لنقل اللخمى عن عبد العزيز بن أبى سلمة واختيار اللخمى.
والثانى: وهو عدم اعادة مسحه للمذهب.
والثالث: وهو اعادة الوضوء لنقل عياض عن عبد العزيز.
ونقل ابن يونس عنه ايضا انه انتقض وضوؤه كنزع الخف.
وظاهر كلام ابن عرفة وابن ناجى أن الوضوء يبطل فى القول الثالث.
ولو أعاد غسل موضع الأظفار ومسح الرأس بالقرب وهو بعيد، الا على قول من قال ان الوضوء يبطل بنزع الخف وان غسل ما تحته بالقرب وهو ضعيف.
ولم أر من قال ان عبد العزيز يقول بذلك.
ولعل مراد ابن يونس وعياض بما نقلاه عنه أنه ينتقض وضوؤه مع الطول.
وكذلك من كانت له وفرة فحلقها قبل أن يصلى فانه يعيد المسح.
والمذهب أنه لا اعادة عليه.
ووجه المذهب أن الفرض قد سقط بمسح الرأس فلا يعود بزوال شئ منه كما اذا مسح وجهه فى التيمم أو غسله فى الوضوء ثم قطع أنفه.
ولأن الصحابة ومن بعدهم كانوا يحلقون بمنى ثم ينزلون الى طواف الافاضة ولم ينقل عنهم أن أحدا منهم أعاد مسح رأسه اذا حلقه لطهارة الوضوء، ولأنه لا يعيده لطهارة الجنابة وهى كانت أولى، لأن منابت الشعر لم تغسل وهى من البشرة المأمور بغسلها.
(1)
المرجع السابق للحطاب وهامشه التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل المعروف بالمواق ج 1 ص 215، ص 216. نفس الطبعة السابقة.
وظاهر كلام صاحب الطراز أن من حلق رأسه أو قلم ظفره بعد غسل الجنابة لم يعد غسل ذلك اتفاقا فانه ذكر ذلك فى موضع الاحتجاج به على المخالف.
وانما يصح الاحتجاج بما هو متفق عليه.
ومن حلق لحيته بعد وضوئه ففى اعادة غسل محلها قولان.
قال فى التوضيح قال ابن القصار ولا يغسل محلها.
وقال الشارفى يغسله.
وعزا ابن ناجى فى شرح المدونة عند الكلام على هذه المسألة الثانى لابن بطال.
وعزاه فى الكلام على الجبيرة لابن الطلاع قال وبه فتوى الشيوخ قياسا على الخفين.
والفرق بينهما وبين الرأس أن شعره أصلى بخلاف شعرها أى اللحية.
واقتصر ابن فرحون على الأول.
وقال الجزولى فى شرح الرسالة فى الكلام على قص الشارب أنه المشهور.
ونصه ومن حلق شاربه بعد ما توضأ هل يعيد غسله؟ قولان.
وكذلك اللحية والرأس والأظفار باب واحد.
وذكر القولين فى موضع آخر من غير ترجيح.
قال الحطاب والظاهر الأول.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أن من موجبات الغسل الدلك فمن اغتسل بغير تدلك فلا يجزيه وعليه اعادته.
والدليل على وجوبه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضى الله عنها: ودلكى جسدك بيدك والأمر على الوجوب.
وفى المدونة: واذا انغمس الجنب فى نهر ينوى به الغسل لم يجزه حتى يمر بيده على جميع جسده.
وقال اللخمى: وعلى المغتسل أن يمر اليد مع الماء فى حين غسله فان انغمس فى الماء فى حين غسله ولم يمر اليد مع ذلك لم يجزه الغسل عند مالك وعليه اعادته.
وجاء فيه أيضا
(2)
: قال الشيخ زروق فى شرح الرسالة المشهور أن الماء لا يكفى وحده فى شئ من المغسول حيث الامكان والقرب فان بعد استأنف الطهارة، وان صلى أعاد أبدا.
وجاء فى موضع آخر من الحطاب
(3)
:
قال والموالاة واجبة فى الغسل.
(1)
الحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 218 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 313 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق للحطاب ج 1 ص 225، ص 226 الطبعة السابقة.
ولما كانت الموالاة واجبة مع الذكر والقدرة أخذ يبين حكم ما اذا ترك الموالاة نسيانا أو عجزا وبدأ بالنسيان.
فقال: وبنى بنية ان نسى مطلقا يعنى أن من نسى عضوا من أعضائه أو لمعة منه فانه يبنى على غسله المتقدم ويغسل ذلك العضو أو اللمعة مطلقا طال أو لم يطل يريد ويعيد ما بعد ذلك العضو أو تلك اللمعة من أعضاء وضوئه مفروضة كانت أو مسنونة، قال فى النوادر، ونقله الجزولى وغيره، وهذا اذا كان ذكر بالقرب قبل جفاف أعضائه.
وان ذكر بعد الطول بجفاف أعضائه لم يعد ما بعد ذلك العضو ولا ما بعد تلك اللمعة.
قال فى الرسالة ومن ذكر من أعضاء غسله شيئا مما هو فريضة منه فان كان بالقرب منه أعاد ذلك وما يليه وان تطاول ذلك أعاده فقط وحد الطول الجفاف.
وحكم المنكس والمنسى فى الاعادة سواء عند ابن القاسم فان اعادة ما بعده انما هى لأجل الترتيب فلو لم يعد ما بعده لم يكن عليه شئ.
واذا كانت اعادة ما بعد المنسى انما هى لأجل حصول الترتيب فتكون الاعادة سنة.
وهذا هو رأى الشيخ زروق وابن بشر وغيرهما من أهل المذهب.
قال الشيخ زروق وانما يعيد ما يليه اذا كان بالقرب للترتيب.
والمشهور أن الترتيب بين الفرائض سنة فلو ترك اعادة ما يليه لم يكن عليه شئ.
وقال ابن بشير لما تكلم على حكم من ترك سنة من سنن الغسل أن السنن التى يتداركها ويأتى بها أربعة: المضمضة والاستنشاق ومسح داخل الأذنين والترتيب، ولا معنى لتداركه للترتيب الا اتيانه لما فعله فى محله.
وقال ابن ناجى فى شرح الرسالة: واعادة ما بعد المتروك مستحبة للترتيب ونحوه للجزولى والشيخ يوسف بن عمر.
والظاهر عندى أن مرادهم بالاستحباب ما يقابل الوجوب فهو شامل للسنة أى ولبس مرادهم بالمستحب الذى هو أحط رتبة من السنة بدليل قوله للترتيب ومثل هذا يقال فى اعادة المنكس.
ولما ذكر حكم من نسى الموالاة ذكر حكم من تركها عجزا فقال: كمن عجز ماؤه وقام بطلبه فيبنى ما لم يطل.
وظاهره سواء أعد من الماء ما يكفيه فأهريق أو غصب أو ابتدأ الغسل بما يظن أنه يكفيه فتبين عدم كفايته وهو ظاهر المدونة عند الباجى وجماعة واستظهره ابن الفاكهانى.
قال فى المدونة ومن اغتسل بعض غسله فعجز ماؤه فقام لطلبه فان قرب بنى وان تباعد وجف غسله ابتدأه.
قال عياض وذهب بعض الشيوخ الى أن معناه أنه لم يعد من الماء ما يكفيه فكان كالمفرط والمغرور.
ولو أعد ما يكفيه فأهريق له أو غصب لكان حكمه كالناسى.
ثم قال
(1)
: فان نسى عضوا أو لمعة من مكان غسله ثم ذكر ذلك ثم نسى فهل يبنى فى النسيان الثانى كالأول أم لا؟ قولان.
ذكرهما الجزولى والشيخ يوسف ابن عمر.
وقال ابن ناجى ظاهر المدونة أنه لا يعذر بالنسيان الثانى.
قال فى المدونة ومن ترك بعض مفروض الغسل أو لمعة عامدا حتى صلى أعاد الغسل والصلاة.
فان ترك ذلك سهوا حتى طاول غسل ذلك الموضع فقط وأعاد الصلاة، فان لم يغسله حين ذكره استأنف الغسل.
قال ابن ناجى ظاهره ترك ذلك بعد ذكره ناسيا أو عامدا فلم يعذر بالنسيان الثانى.
وجاء فى التاج والاكليل على الحطاب
(2)
:
ومن المدونة اذا أصاب الجنب كسر أو شجة فكان ينسكب عنها الماء لموضع الجبائر فاذا صح كان عليه أن يغسل ذلك الموضع.
قال ابن القاسم فان لم يغسله حتى صلى صلوات توضأ لها.
فان كان من غير أعضاء الوضوء كالظهر والصدر وقد كان مسح عليه من فوق الجبائر فى غسل الجنابة غسل الموضع فقط، وأعاد ما صلى من يوم برأ وطهر.
الا أن يكون تطهر لجنابة بعد برئه فانما يعيد ما صلى بعد برئه الى حين طهره.
قال ابن حبيب وهذا ان ترك غسله ناسيا.
وأما تهاونا أو عامدا فانه يبتدئ الغسل ويعيد الصلاة.
وجاء فى الحطاب
(3)
: قال فى الطراز اذا غسل خفيه بنبة الوضوء قال ابن حبيب يجزئه ويمسح لما يستقبل وليس بواجب فاستحب له الاعادة ليأتى بالمقصود مقصودا لا تبعا ونقله فى الذخيرة.
قال فى الطراز ومسح الطين أو غسله ليمسح الخف فى الوضوء فنسى المسح لم يجزه ويمسح ويعيد الصلاة لعدم نية الطهارة وانما نوى النظافة من الطين.
قال فان نوى بذلك ازالة الطين والوضوء جميعا لأجزأه على خلاف فيه.
وكأنه يشير الى الخلاف فيمن غسل النجاسة من أعضاء وضوئه بنية ازالة النجاسة ورفع الحدث وقد تقدم أن المشهور الاجزاء.
(1)
الحطاب وهامشه التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل المعروف بالمواق ج 1 ص 228 الطبعة السابقة.
(2)
الحطاب وهامشه التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 318 الطبعة السابقة.
(3)
الحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 322، ص 323 الطبعة السابقة.
ثم قال فى النوادر قال مطرف: ومن مسح ليدرك الصلاة ونيته أن ينزع ويغسل اذا صلى فذلك يجزئه.
ومن توضأ ومسح على خفيه ينوى اذا حضرت الصلاة نزع وغسل رجليه لم يجزه ويبتدئ الوضوء كتعمد تأخير غسلهما وقاله ابن الماجشون وعبد الملك واصبغ.
قال فى المدونة وان أخرج جميع قدمه الى ساق الخف وقد كان مسح عليهما غسل مكانه فان أخر ذلك ابتدأ الوضوء فمفهومه أن اخراج اكثر القدم لا يضره.
قال ابن الحاجب والموالاة فى المسح على الخفين واجبة فان نزع الخفين فأخر الغسل ابتدأ على المشهور.
قال فى التوضيح أى أخر قدر ما يجف فيه الوضوء.
ومقابل المشهور يأتى على أن الموالاة ليست بواجبة وقوله أخر يريد عامدا.
وأما الناسى فيبنى طال أو لم يطل.
وبالجملة فهو من فروع الموالاة ومفهومه أنه لو غسل فى الحال أجزأه وهو كذلك.
وروى عن مالك قول بعدم الاجزاء لبعد ما بين أول الطهارة وتمامها وهو يعيد والتحديد بجفاف الأعضاء تقدم انما هو مع العجز.
وأما مع العمد من غير عجز فتقدم عن ابن هارون أنه أقل من ذلك وأنه هو الظاهر خلافا لما قال ابن عبد السّلام وابن فرحون أنه يتجدد أيضا بالجفاف والحكم هنا كذلك.
وجاء فى موضع آخر من الحطاب
(1)
:
قال فى العتبية فى سماع سحنون من كتاب الطهارة قال فى الرجل يتوضأ فيمسح على الجبائر وهى فى مواضع الوضوء، ثم يدخل فى الصلاة فسقطت الجبائر قال يقطع ما هو فيه ويعيد الجبائر ثم يمسح عليها ثم يبتدئ الصلاة.
وكذا لو تيمم ومسح على الجبائر فلما صلى ركعة أو ركعتين سقطت الجبائر قال يعيدها ويمسح عليها ويبتدئ الصلاة.
قال ابن رشد وهذا كما قال لأن المسح على الجبيرة ناب عن غسل ذلك الموضع أو المسح عليه فى الوضوء أو التيمم فاذا سقطت فى الصلاة اتنقضت طهارة ذلك الموضع فلم يصح له التمادى على صلاته اذ لا تصح الصلاة الا بطهارة كاملة ولم يجز له أيضا أن يرجع الى الصلاة ويبنى على ما مضى منها بعد أن يعيد الجبائر ويمسح عليها كما لا يجوز البناء فى الحدث بخلاف الرعاف وهذا مما لا أعلم فيه فى المذهب خلافا، وانما يصح له أن يعيد الجبائر ويمسح عليها اذا فعل ذلك بالقرب، وان لم يفعل ذلك حتى طال الأمر استأنف الوضوء أو التيمم من أوله.
ومن لا يقدر أن يمسح على رأسه مباشرة عند الوضوء فيمسح فوق العمامة.
فان سقطت هى أو الجبيرة فى الصلاة وجب قطعها ومسح ذلك فى الحال.
(1)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 363، ص 364 الطبعة السابقة.
وان تأخر ذلك بطل وضوؤه لأنها لمعة.
ومن اغتسل من الجنابة وفى رأسه جرح مسح عليه ان قدر والا مسح على حائل فاذا زال الحائل مسح فى الحين على رأسه والا أعاد الغسل.
قال فى النوادر فى ترجيحه المسح على الجبائر من كتاب الوضوء.
ومن العتبية قال سحنون عن ابن القاسم قال ابن حبيب قال ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ فيمن تطهر فمسح على شجة أو كسر مستور ثم برأ فنسى غسله حتى صلى ولم يكن فى موضع يأخذه غسل الوضوء بعد ذلك فليغسله فقط ويعيد ما صلى.
ولو تركه جهلا أو تهاونا ابتدأ الغسل.
ومن كتاب آخر لبعض أصحابنا واذا سقطت الجبائر ولم يعلم أو نسى غسلها وقد كان مسح عليها فى غسل الجنابة.
فان كانت فى غير مواضع الوضوء غسل موضعها وأعاد ما صلى بعد سقوطها.
ولو تطهر للجنابة بعد ذلك لم يعد الا ما صلى قبل طهره الثانى، وما أدرك وقته مما صلى بعد طهره.
وكذلك ان كانت فى موضع يغسل من الوضوء أجزأه توضؤه بعد ذلك وأعاد ما صلى قبل توضئه هذا، وما أدرك وقته مما كان صلى.
فلو صح فى الصلاة قطع وغسل ما تحت الجبيرة أو مسحه وابتدأ الصلاة نص عليه ابن بشير.
وجاء فى الحطاب وهامشه
(1)
: قال خليل ولزم موالاته التيمم قال الحطاب يحتمل معنيين أحدهما أن يريد موالاة أفعال التيمم وعلى هذا حمله الشارح فى شروحه الثلاثة.
وقال ابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم والترتيب والموالاة فى التيمم كالوضوء قال فى التوضيح أى على المشهور فيهما.
قال خليل ويمكن أن يقال بالبطلان اذا فرق التيمم ناسيا من جهة اشتراط اتصاله بالصلاة لا من جهة الموالاة فتأمله.
وما قاله ظاهر صرح به سند قال فى شرح قوله فى المدونة قال ابن القاسم فيمن فرق تيممه وطال ذلك ابتدأ التيمم وان قرب أجزأ وهو عندى مثل الوضوء من نسى بعض تيممه حتى طال أعاد التيمم، لأنه لا يجوز أن يتقدم على الصلاة بأمر يطول وانما يكون متصلا بها ولهذا جزم فى المختصر بلزوم الموالاة فيه ولم يشبهه بالوضوء كما فعل بالغسل.
المعنى الثانى: أن يريد موالاته مع ما فعل له وعلى هذا حمل البساطى قال وانما حملناه على هذا لاستلزامه الموالاة بين أفعاله بخلاف العكس.
وجاء فى التاج والأكليل بهامش الحطاب
(2)
:
ولزم موالاة أفعال التيمم ومن المدونه من فرق تيممه وكان أمرا قريبا أجزأه،
(1)
الحطاب ج 1 ص 342، ص 343 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل للمواق بهامش الحطاب لسيدى أبى الضياء خليل للمواق ج 1 ص 342 الطبعة السابقة.
وان تباعد أعاد التيمم كالوضوء وتنكيس التيمم كالوضوء من لزوم اعادة ما بعد الفعل المنكس.
قال وفى العمدة لابن عسكر مختصر المدونة وللتيمم شرطان طلب الماء واتصاله بالصلاة فلا يجزئ قبل دخول الوقت ولا بعده متراخية عنه.
وقال سند فى شرح المدونة من تيمم للفريضة فصلى نافلة قبلها أنه يعيد التيمم.
ووجهه أن التيمم لا يرفع الحدث، وانما تستباح به الصلاة عند الحاجة الى فعلها فمتى وقع فى حالة يستغنى عنه فيها لم يصح.
فالذى يتيمم للظهر، ثم شرع فى غيرها قد تيمم لها فى وقت وهو مستغن عن التيمم لها فيه اذ الحاجة لها انما يكون عند الشروع فى فعلها.
قال البرزلى فى مسائل الصلاة وسئل السيورى عمن تيمم ثم دخل فى الفريضة ثم حصل له شك فى الاحرام فقطع هل يعيد التيمم فأجاب بأنه لا يلزمه اعادة التيمم.
قال البرزلى يريد اذا لم يطل فان طال فانه يبطل تيممه.
وعلم من هذا أن التيمم لا يضره أن يكون قبل الاقامة بل ذلك هو المطلوب فان اقامة المحدث مكروهة.
ثم جاء فى الحطاب
(1)
: وفى المدونة ومن تيمم لفريضة فصلاها، ثم ذكر أنه نسيها أعاد التيمم لها.
قال ابن ناجى قال بعض فضلاء أصحابنا وكذلك لو ذكرها قبل الصلاة أعاده أى التيمم لها وما ذكره عن بعض أصحابه جزم به سند على أنه المذهب.
قال فى شرح المسألة المذكورة فلو أنه لما فرغ من تيممه للأولى ذكر الثانية قبل أن يصلى الأولى.
فان كانت الثانية حكمها فى الترتيب قبل الأولى لم يجزه أن يصليها بذلك التيمم، لأنه لم يقصدها به فان فعل أعاد أبدا.
وقال ابن حبيب ونقله ابن يونس ونحوه لابن رشد فى المقدمات قال فيها: من ذهب الى أن الأصل ايجاب الوضوء لكل صلاة أو التيمم عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله بظاهر الآية وأن السنة خصصت من ذلك الوضوء وبقى التيمم على الأصل فلا يصح عنده صلاتان بتيمم واحد، وان اتصلتا ونواه لهما.
ولا صلاة بتيمم نواه لغيرها.
ولا صلاة بتيمم نواه لها اذا صلى به غيرها أو تراخى عن الصلاة به اشتغالا بما سواها.
فان فعل شيئا من ذلك وجبت عليه الاعادة فى الوقت وغيره وهو ظاهر ما فى المدونة
(1)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل لسيدى أبى الضياء خليل للمواق ج 1 ص 346، 347 الطبعة السابقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: قال ولزم المتيمم أن ينوى نية استباحة الصلاة التى يريدها أو الفعل الممنوع منه.
قال ابن عبد السّلام فاذا نوى استباحة الصلاة فلا بد أن يتعرض مع ذلك الى الحدث الأصغر أو الأكبر.
فان نسى وهو جنب أن يتعرض لذلك لم يجزه تيممه وعليه اعادته خلافا لابن الحاجب.
ويفهم منه أنه اذا نسى أن يتعرض لذلك وهو غير جنب أجزأه تيممه وصرح بذلك البساطى:
ثم قال
(2)
: ومن تيمم ثم طلع عليه ركب يظن أن معهم الماء فيجب عليه سؤالهم اذا طلعوا عليه قبل شروعه فان لم يجد معهم وجب عليه أن يعيد تيممه وكذلك لو رأى ماء فقصده فحال دونه مانع نقله سند.
وجاء فى التاج والاكليل للحطاب من المدونة
(3)
: قال مالك من اغتسل للجمعة غدوة ثم غدا الى المسجد وذلك رواحه فأحدث لم ينتقض غسله وخرج فتوضأ ورجع وان نغدى ونام بعد غسله أعاد حتى يكون غسله متصلا بالرواح.
قال ابن حبيب هذا اذا طال أمره وان كان شيئا خفيفا لم يعده.
وفى الحطاب
(4)
: قال فى المدونة فان اغتسل وراح ثم احدث أو خرج من المسجد الى موضع قريب لم ينقض غسله وان تباعد أو سعى فى بعض حوائجه أو تغدى أو نام انتقض غسله وأعاد.
قال ابن ناجى قال قال أبو عمران قوله ثم أحدث أى مغلوبا عليه ثم رجع فقال ذلك سواء.
وقال ابن مزين أما المتعمد فيعيد الغسل وهو أشد من النوم والغذاء.
ولو أجنب بعد غسله فالظاهر أن غسله ينتقض.
لأنهم قالوا اذا كان جنبا ونوى غسل الجمعة ناسيا للجنابة أو أنه ينوب عن غسل الجنابة لا يجزئه ذلك لا عن الجنابة ولا عن الجمعة.
قال فى التوضيح لأن شرط غسل الجمعة حصول غسل الجنابة.
وجاء فى بلغة السالك
(5)
: وندب ايثار
(1)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل ج 1 ص 345.
(2)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 357 الطبعة السابقة.
(3)
التاج والاكليل للحطاب وبهامشه شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 2 ص 174، ص 175 الطبعة السابقة.
(4)
الحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 2 ص 175 الطبعة السابقة.
(5)
انظر من كتاب بلغة السالك لاقرب المسالك للامام العالم الشيخ احمد الصاوى على الشرح الصغير للقطب الشهير سيدى احمد الدردير وبهامشه شرح القطب الشهير سيدى احمد الدردير ج 1 ص 182 طبع المطبعة والمكتبة التجارية الكبرى بمصر سنة 1220 هـ.
الغسل للميت أى جعله وترا ثلاثا أو خمسا لسبع ثم المدار على الانقاء.
ولا يعاد غسل الميت كوضوئه لا يعاد لخروج نجاسة بعده.
وغسلت النجاسة فقط ان خرجت بعد الوضوء أو الغسل.
وفى الحطاب
(1)
: قال ولم يعد الغسل كالوضوء لنجاسة وكذا لو وطئت الميتة بعد أن غسلت لم يعد غسلها نقله الأبى.
وفى التاج والاكليل
(2)
: قال المازرى ان خرج من الميت شئ بعد الفراغ من غسله فان الجمهور من العلماء على أن غسله لا يعاد.
وانما يغسل ذلك الموضع لأن الغسل قد صح فلا يبطل بالحدث كغسل الحى من الجنابة.
خلافا لأشهب.
وأما تكرار الوضوء فى الغسلات فقال أشهب يعاد وضوؤه فى الغسلة الثانية.
وأنكر ذلك سحنون.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(3)
: أنه اذا كان المرء محدثا فشك هل توضأ أم لا فتوضأ شاكا ثم بان أنه كان محدثا فانه يصح وضوءه بلا خلاف.
لأن الأصل بقاء الحدث والطهارة واقعة بسبب الحدث وقد صادفته.
قال البغوى فى هذه الصورة فلو توضأ ونوى ان كان محدثا فهو عن فرض طهارته والا فهو تجديد صح وضوءه عن الفرض حتى لو زال شكه وتيقن الحدث لا يجب اعادة الوضوء.
وبنى بعض الأصحاب هذين الوجهين على الوجهين فى الوضوء مستحبا.
ويلزم منه أنه لا يستحب اذ لا فائدة فيه بل يحدث ثم يتوضأ وجوبا ولا سبيل الى القول بذلك.
فالجواب ما أجاب به الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى قال: لا نقول بأنه لا يرتفع حدثه على تقدير تحقق الحدث.
(1)
التاج والاكليل للحطاب وبهامشه شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 2 ص 223 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل ج 2 ص 223 الطبعة السابقة.
(3)
انظر من كتاب المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى ويليه التلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير للامام الحافظ أبى الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى ج 1 وص 231، ص 332 طبع مطبعة التضامن الاخوى ادارة الطباعة المنيرة بمصر سنة 1324 هـ.
وانما نقول لا يرتفع على تقدير انكشاف الحال ويكون وضوءه هذا رافعا للحدث ان كان موجودا فى نفس الأمر ولم يظهر لنا للضرورة فاذا انكشف الحال زالت الضرورة فوجبت الاعادة بنية جازمة.
قال وهذا كما لو نسى صلاة من خمس فانه يصلى الخمس ويجزئه بنية لا يجزئ مثلها حال الانكشاف.
قلت ولو نسى صلاة من الخمس فصلى الخمس ثم علم المنسية فلم أر فيه كلاما لأصحابنا.
ويحتمل أن يكون على الوجهين فى هذه المسألة.
ويحتمل أن يقطع بأنه لا تجب الاعادة لأنا أوجبناها عليه وفعلها بنية الواجب ولا نوجبها ثانية.
بخلاف مسألة الوضوء فانه تبرع به فلا يسقط به الفرض وهذا الاحتمال أظهر.
واذا توضأ الانسان ثلاثا
(1)
: كما هو السنة فترك لمعة من وجهه فى الغسلة الأولى ناسيا فانغسلت فى الثانية أو الثالثة وهو يقصد بها التنفل فهل يسقط الفرض فى تلك اللمعة بهذا أم يجب اعادة غسلها فيه وجهان.
وكذا الجنب اذا ترك لمعة من بدنه فى الغسلة الاولى ناسيا فانغسلت فى الثانية ففيه الوجهان.
وكذا لو اغفل لمعة فى وضوئه فانغسلت فى تجديد الوضوء حيث يشرع التجديد ففى ارتفاع حدث اللمعة وجهان مشهوران.
قال ابو الطيب فى كتابه شرح الفروع الصحيح أنه لا يرتفع حدث اللمعة فى المسألتين
وقال جمهور الخراسانيين الأصح ارتفاع الحدث بالغسلة الثانية والثالثة
والاصح عدم الارتفاع فى مسألة التجديد لأن الغسلات الثلاث طهارة واحدة.
ومقتضى نية الأولى أن تحصل الغسلة الثانية بعد كمال الأولى فما لم تتم الأولى لا يقع عن الثانية.
وتوهمه الغسل عن الثانية لا يمنع الوقوع عن الاولى.
كما لو ترك سجدة من الركعة الأولى وسجد فى الثانية، فانه يتم بالأولى وان كان يتوهم خلاف ذلك.
وأما التجديد فطهارة مستقلة مفردة بنية لم توجه الى رفع الحدث أصلا.
هذا كله اذا غسل اللمعة معتقدا بها التنفل بالثانية أو الثالثة فى الوضوء أو الغسل.
فأما لو نسى اللمعة فى وضوئه أو غسله ثم نسى أنه توضأ أو اغتسل فأعاد الوضوء بنية رفع الحدث أو الغسل بنية رفع الجنابة فانغسلت تلك اللمعة، ثم تذكر الحال فانه يسقط عنه الفرض ويرتفع حدثه وجنابته بلا خلاف.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 332، ص 333 الطبعة السابقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: واذا نوى المتوضئ عند ابتداء غسل الوجه ولم ينو قبله ولا بعده صح وضوؤه بلا خلاف.
ولو غسل نصف وجهه بلا نية ثم نوى مع غسل باقيه لم يصح ما غسله منه بلا نية بلا خلاف لخلو بعض الفرض عن النية فيعيد غسل ذلك النصف قبل شروعه فى غسل اليدين.
وحكى صاحب التتمة والعدة وغيرهما وجهين.
أحدهما: هذا.
والثانى: أنه كما لو لم يغسل شيئا من الوجه فيكون فيه الخلاف السابق.
وقال صاحب البيان ان غسل ذلك الجزء بنية الوجه أجزأه قطعا والا ففيه الوجهان كما قال صاحبا التتمة والعدة.
وانفرد البغوى فقال الصحيح أنه لا يجزيه وان انغسل شئ من الوجه لأنه لم يغسله عن الوجه بدليل أنه لا يجزيه عن الوجه بل يجب غسله ثانيا وهذا قوى.
ولكن خالفه صاحب التتمة فقال يجزيه غسل ذلك المغسول من الوجه ولا تجب اعادته اذا صححنا النية.
ثم قال
(2)
وقت نية الغسل عند افاضة الماء على أول جزء من البدن ولا يضر عزوبها بعده ويستحب استصحابها الى الفراغ كالوضوء فان غسل بعض البدن بلا نية ثم نوى أجزأه ما غسل بعد النية ويجب اعادة ما غسله قبلها.
ويستحب أن يبدأ المتوضى
(3)
: باليمنى ثم باليسرى.
لما روى أبو هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اذا توضأ تم فأبدؤا بميامنكم فان بدأ باليسرى جاز لقول الله تبارك وتعالى «وأيديكم» ولو وجب الترتيب فيهما لما جمع بينهما.
قال ابن المنذر اجمعوا على أنه لا اعادة على من يبدأ بيساره وكذا نقل الاجماع فيه آخرون.
وذكر صاحب المجموع
(4)
: أن الامام الشافعى قال اذا غسل الأمرد وجهه غسله كله ولحيته وصدغيه الى أصول أذنيه.
واذا غسل الملتحى وجهه غسل ما أقبل من شعر اللحية الى وجهه وأمر الماء على الصدغ وما خلف الصدغ الى الأذن.
فان ترك من هذا شيئا أعاد هذا نصه بحروفه.
(1)
انظر كتاب المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 1 ص 319 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 1 ص 321 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 1 ص 382، ص 383 الطبعة السابقة.
(4)
كتاب المجموع لابى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 1 ص 396، ص 397 الطبعة السابقة.
ونقل الرويانى فى البحر نصه فى البويطى بحروفه قال قال أصحابنا أراد بالصدغ هنا العذار.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: واذا توضأ منكسا فبدأ برجليه ثم رأسه ثم يديه ثم وجهه لم يحصل له الا الوجه ان قارنته النية فان
توضأ منكسا ثانيا وثالثا ورابعا تم وضوؤه.
ولو توضأ ونسى أحد أعضائه ولم يعرفه استأنف الوضوء لاحتمال أنه الوجه.
ولو ترك موضعا من وجهه غسل ذلك الموضع وأعاد ما بعد الوجه.
فان لم يعرف موضعه استأنف الجميع.
ثم قال
(2)
أو التفريق اليسير لا يضر بالاجماع.
وأما الكثير فالصحيح فى مذهبنا أنه لا يضر.
وبه قال عمر بن الخطاب وابنه وسعيد بن المسيب وعطاء وطاووس والحسن البصرى والنخعى وسفيان الثورى وأحمد فى رواية وداود وابن المنذر.
وقالت طائفة يضر التفريق وتجب الموالاة حكاه ابن المنذر عن قتادة وربيعة والأوزاعى والليث وأحمد.
واحتج من أوجب الموالاة بما رواه أبو داود والبيهقى عن خالد بن معدان عن بعض اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى وفى ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة.
وعن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبى صلى الله عليه وسلم فقال ارجع فأحسن وضوءك فرجع ثم صلى رواه مسلم.
وعن عمر أيضا موقوفا عليه أنه قال لمن فعل ذلك أعد وضوءك وفى رواية اغسل ما تركت واحتج لمن لم يوجب الموالاة بأن الله تعالى أمر بغسل الأعضاء ولم يوجب موالاة.
وبالأثر الصحيح الذى رواه مالك عن نافع أن ابن عمر رضى الله تعالى عنه توضأ فى السوق فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دعى الى جنازة فدخل المسجد ثم مسح على خفيه يعد ما جف وضوؤه وصلى قال البيهقى هذا صحيح عن ابن عمر مشهور بهذا اللفظ وهذا دليل حسن فان ابن عمر فعله بحضرة حاضرى الجنازة ولم ينكر عليه.
والجواب عن حديث خالد أنه ضعيف الاسناد وحديث عمر لا دلالة فيه.
والأثر عن عمر روايتان احداهما للاستحباب والأخرى للجواز
(1)
كتاب المجموع لابى زكريا النووى ج 1 ص 448 الطبعة السابقة.
(2)
المجموع فى الفقه شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 1 ص 454 الطبعة السابقة.
وجاء فى المجموع
(1)
: أيضا: انه اذا كانت الكتابية تحت المسلم فاذا انقطع حيضها أو نفاسها لم يحل له الوط ء حتى تغتسل فاذا اغتسلت حل الوط ء للضرورة وهذا لا خلاف فيه.
فاذا أسلمت هل يلزمها اعادة ذلك الغسل.
فيه وجهان أصحهما عند الجمهور وجوبها.
وممن صححه الفورانى والمتولى وصاحب العدة والرويانى والرافعى وغيرهم.
وصحح امام الحرمين عدم الوجوب قال: لأن الشافعى رحمه الله تعالى نص أن الكافر اذا لزمه كفارة فأداها ثم أسلم لا يلزمه الاعادة.
قال ولعل الفرق بينهما أن الكفارة يتعلق مصرفها بالآدمى فتشبه الديون بخلاف الغسل.
قال المتولى ولا يحل للزوج الوط ء الا اذا اغتسلت بنية استباحة الاستمتاع كما لو ظاهر كافر وأراد الاعتاق لا يجزيه الا بنية العتق عن الكفارة فاذا لم ينو لم يحل له الاستمتاع.
وحكى الرويانى وجهين.
أحدهما هذا.
والثانى يحل الوط ء بغسلها بلا نية للضرورة.
قال وهذا أقيس واذا أغتسلت ثم أسلمت هل لزوجها الوط ء بهذا الغسل؟
قال المتولى هو على وجهين فى وجوب اعادة الغسل ان اوجبناها لم يحل الوط ء حتى تغتسل والا فيحل.
وذكر الرويانى طريقين.
أحدهما هذا.
والثانى القطع بعدم الحل قال وهو الأصح لزوال الضرورة.
ولو امتنعت زوجته المسلمة من غسل الحيض فأوصل الماء الى بدنها قهرا حل له وطؤها قطع به امام الحرمين وغيره.
قال امام الحرمين وهل يلزمها اعادة هذا الغسل لحق الله تعالى فيه الوجهان فى الذمية.
قال ويحتمل القطع بالوجوب لأنها تركت النية وهى من أهلها.
وجزم الغزالى بوجوب الاعادة.
ولم يصرح الامام باشتراط نية الزوج بغسله اياها الاستباحة.
والظاهر أنه على الوجهين الآتيين فى غسله المجنونة.
وأما المجنونة اذا انقطع حيضها فلا يحل لزوجها وطؤها حتى يغسلها فاذا غسلها حل الوط ء لتعذر النية فى حقها.
(1)
المجموع فى الفقه شرح المهذب للامام شرف الدين النووى ج 1 ص 330 الطبعة السابقة.
واذا غسلها الزوج هل يشترط لحل الوط ء أن ينوى بغسله استباحة الوط ء فيه وجهان.
نقل الامام الاتفاق على أن النية لا تشترط فقال ولم ينص أحد من أئمتنا على وجوبها بل لم يتعرضوا لها بنفى ولا أثبات ويكفى فى استحلالها ايصال الماء الى بدنها.
قال فاذا أفاقت فهل تعيده فيه خلاف كالذمية اذا أسلمت ويبعد عندى هنا وجوب الاعادة بخلاف الذمية - حكاهما الرويانى.
وقطع المتولى باشتراط النية.
وقطع الماوردى بعدم الاشتراط قال بخلاف غسل الميت فانه يشترط فيه نية الغسل على أحد الوجهين لأنه غسله تعبد وغسل المجنونة لحق الزوج فاذا أفاقت لزمها اعادة الغسل على المذهب الصحيح المشهور.
وذكر المتولى فيه وجهين كالذمية اذا أسلمت
قال وكذا الوجهان فى حل وطئها للزوج بعد الافاقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أن نية الصبى المميز صحيحة وطهارته كاملة.
فلو تطهر ثم بلغ على تلك الطهارة جاز أن يصلى بها.
وكذا لو أولج ذكره فى فرج أو لاط به انسان واغتسل الصبى ثم بلغ لا يلزمه اعادة الغسل بل وقع غسله صحيحا مجزيا.
والصبية اذا جومعت كالصبى فلو لم يغتسلا حتى بلغا لزمهما الغسل بلا خلاف.
وحكى المتولى عن المزنى أنه ذكر فى المنثور أن طهارة الصبى ناقصة فيلزمه الاعادة اذا بلغ وهذا غريب ضعيف جدا.
والصحيح المشهور ما قدمته.
وصرح صاحب الحاوى بأنه يجزيه طهارته فى الصبا ويصلى بها بعد البلوغ بلا خلاف فى مذهب الشافعى.
وجاء فى المهذب
(2)
: انه لا يجوز للعادم للماء أن يتيمم الا بعد الطلب لقول الله عز وجل «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا»
(3)
.
ولا يقال لم يجد الا بعد الطلب.
ولأنه بدل أجيز عند عدم المبدل فلا يجوز فعله الا بعد ثبوت العدم كالصوم فى الكفارة لا يفعله حتى يطلب الرقبة.
ولا يصلح الطلب الا بعد دخول الوقت لأنه انما يطلب ليثبت شرط التيمم وهو عدم الماء فلم يجز فى وقت لا يجوز فيه فعل التيمم.
(1)
المرجع السابق للامام شرف الدين النووى شرح المهذب ج 1 ص 233 الطبعة السابقة.
(2)
المهذب للشيرازى ج 1 ص 34، ص 35 الطبعة السابقة.
(3)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
وان طلب فلم يجد فتيمم ثم طلع عليه ركب قبل أن يدخل فى الصلاة لزمه أن يسألهم عن الماء.
فان لم يجد معهم أعاد التيمم، لأنه لما توجه عليه الطلب بطل التيمم.
وان طلب ولم يجد جاز له التيمم لقول الله تبارك وتعالى: «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا»
(1)
وجاء فى المجموع
(2)
: أن أصحابنا أتفقوا على استحباب تجديد الوضوء وهو أن يكون على وضوء ثم يتوضأ من غير أن يحدث.
ومتى يستحب؟
فيه خمسة أوجه.
أصحها ان صلى بالوضوء الأول فرضا أو نفلا استحب والا فلا وبه قطع البغوى.
والثانى: ان صلى فرضا استحب والا فلا وبه قطع الفورانى.
والثالث. يستحب ان كان فعل بالوضوء الاول ما يقصد له الوضوء والا فلا ذكره الشاشى فى كتابيه المعتمد والمستظهرى فى باب الماء المستعمل واختاره.
والرابع: ان صلى بالأول أو سجد لتلاوة أو شكر أو قرأ القرآن فى مصحف استحب والا فلا وبه قطع الشيخ أبو محمد الجوينى فى أول كتابه الفروق.
والخامس: يستحب التجديد ولو لم يفعل بالوضوء الأول شيئا أصلا حكاه امام الحرمين.
قال وهذا انما يصح اذا تخلل بين الوضوء والتجديد زمن يقع بمثله تفريق.
فأما اذا وصله بالوضوء فهو فى حكم غسلة رابعة.
وهذا الوجه غريب جدا.
وقد قطع القاضى أبو الطيب فى كتابه شرح الفروع والبغوى والمتولى والرويانى وآخرون بأنه يكره التجديد اذا لم يؤد بالأول شيئا
قال المتولى والرويانى وكذا لو توضأ وقرأ القرآن فى المصحف يكره التجديد.
قالا ولو سجد لتلاوة أو شكر لم يستحب التجديد ولا يكره والله أعلم.
أما الغسل فلا يستحب تجديده على المذهب الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور.
وفيه وجه أنه يستحب حكاه امام الحرمين وغيره.
أما التيمم فالمشهور أنه لا يستحب تجديده.
وفى وجه ضعيف يستحب.
وصورته فى الجريح والمريض ونحوهما ممن يصح تيممه مع وجود الماء.
(1)
الآية رقم 430 من سورة النساء.
(2)
المجموع فى الفقه شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبي زكريا محيى الدين شرف النووى المتوفى سنة 276 هـ ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى ج 1 ص 333
ويتصور فى غيرهما اذا لم نوجب الطلب ثانيا اذا بقى فى مكانه الذى صلى فيه.
فان قلنا بتجديد التيمم فيتصور للنافلة بعد الفريضة وكذا للفريضة بعد النافلة اذا قدم النافلة.
واحتج الأصحاب لأصل استحباب التجديد بما روى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات.
رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه والبيهقى وغيرهم.
ولكنه ضعيف متفق على ضعفه.
وممن ضعفه الترمذى والبيهقى.
واحتج البيهقى بحديث أنس رضى الله تعالى عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة وكان أحدنا يكفيه الوضوء ما لم يحدث.
رواه البخارى.
لكن لا دلالة فيه للتجديد لاحتمال انه كان يتوضأ عن حدث.
وهذا الاحتمال مقاوم لاحتمال التجديد فلا يرجح التجديد الا بمرجح آخر.
واذا توضأ الصحيح وهو غير المستحاضة ومن فى معناها ممن به حدث دائم فله أن يصلى بالوضوء الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل ما لم يحدث هذا مذهبنا.
ومذهب مالك وأبى حنيفة والثورى وأحمد وجماهير العلماء.
وحكى أبو جعفر الطحاوى وأبو الحسن ابن بطال فى شرح صحيح البخارى عن طائفة من العلماء أنه يجب الوضوء لكل صلاة وان كان متطهرا.
وحكى الحافظ أبو محمد على بن أحمد ابن سعيد بن حزم الظاهرى فى كتابه كتاب الاجماع هذا المذهب عن عمرو بن عبيد قال روينا عن ابراهيم يعنى النخعى أنه لا يصلى بوضوء واحد أكثر من خمس صلوات.
وحكى الطحاوى عن قوم أنه يجوز جمع صلوات بوضوء للمسافر دون الحاضر.
واحتج من اوجبه لكل صلاة وان كان طاهرا بقول الله تبارك وتعالى «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ»
(1)
الآية.
ودليلنا حديث بريدة رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات بوضوء واحد يوم فتح مكة ومسح على خفيه وقال له عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه فقال عمدا صنعته يا عمر. رواه مسلم.
وعن سويد ابن النعمان رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر ثم أكل سويقا ثم صلى المغرب ولم يتوضأ. رواه البخارى فى مواضع صحيحة.
(1)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
وعن عمرو بن عامر عن أنس رضى الله تعالى عنهما قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة قال كيف كنتم تصنعون قال يجزى أحدنا الوضوء ما لم يحدث.
رواه البخارى.
وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى امرأة من الانصار ومعه أصحابه فقدمت له شاة مصلية فأكل وأكلنا ثم حانت الظهر فتوضأ وصلى ثم رجع الى فضل طعامه فأكل ثم حانت العصر فصلى ولم يتوضأ. رواه الطحاوى باسناد صحيح على شرط مسلم.
وفى الصحيحين أحاديث كثيرة من هذا كحديث الجمع بين الصلاتين بعرفة وبمزدلفة وفى سائر الاسفار والجمع بين الصلوات الفائتات يوم الخندق وغير ذلك.
وأما الآية الكريمة فمعناها اذا قمتم الى الصلاة محدثين.
وانما لم يذكر محدثين، لأنه الغالب وبين النبى صلى الله عليه وسلم ذلك بفعله فى مواطن كثيرة وبتقريره أصحابه على ذلك.
أما المستحاضة وسلس البول والمذى وغيرهما ممن به حدث دائم فاذا توضأ أحدهم استباح فريضة واحدة وما شاء من النوافل ولا يباح له غير فريضة.
ويستحب المحافظة على الدوام على الطهارة وعلى المبيت على طهارة وفيها أحاديث مشهورة.
وقد ذكر المحاملى فى اللباب أنواع الوضوء المسنون فجعلها عشرة.
وزاد فيها غيره فبلغ مجموعها خمسة وعشرين نوعا.
منها تجديد الوضوء والوضوء فى الغسل والوضوء عند النوم والوضوء للجنب عند الأكل
…
الخ.
قال البغوى، قال القاضى: حسين لو نذر أن يتوضأ انعقد نذره وعليه تجديد الوضوء بعد أن يصلى بالأول صلاة.
فان توضأ وهو محدث لم يجزئه نذره لأنه واجب شرعا.
وان جدد الوضوء قبل أن يصلى بالأول لم يخرج عن نذره.
قال ومن أصحابنا من قال لا يلزم الوضوء بالنذر لأنه غير مقصود فى نفسه.
قال ولو نذر التيمم لا ينعقد قطعا لأنه لا يجدد هذا كلام البغوى.
وقد جزم المتولى فى باب النذر بانعقاد نذر الوضوء.
وحكى وجها فى انعقاد نذر التيمم فالمذهب انعقاد نذر الوضوء وعدم انعقاد نذر التيمم.
قال المتولى ولو نذر الوضوء لكل صلاة لزمه واذا توضأ لها عن حدث لم يلزمه الوضوء لها ثانيا بل يكفيه الوضوء الواحد لواجبى الشرع والنذر.
وجاء فى المجموع
(1)
: أنه اذا خرج من أحد فرجى الميت بعد غسله وقبل تكفينه نجاسة وجب غسلها بلا خلاف.
وفى اعادة طهارته ثلاثة أوجه مشهورة:
أصحها: لا يجب لأنه خرج عن التكليف بنقض الطهارة وقياسا على ما لو أصابته نجاسة من غيره فانه يكفى غسلها بلا خلاف
الثانى: يجب أن يتوضأ كما لو خرج من حى.
الثالث: يجب اعادة الغسل لأنه ينقض الطهر وطهر الميت غسل جميعه هذه العلة المشهورة.
وعلله المصنف وصاحب الشامل بأنه خاتمة أمره.
ورجح النووى فى كتابه الخلاف وفى التنبيه وسليم الرازى فى كتابه رؤوس المسائل والغزالى فى الخلاصة والعبدرى فى الكفاية وجوب اعادة الغسل.
وهو قول على بن أبى هريرة.
وبه قطع سليم الرازى فى الكفاية والشيخ أبو نصر المقدسى فى الكافى.
وهو مذهب أحمد بن حنبل.
وضعف المحاملى وآخرون هذا الوجه.
ونقل صاحب البيان تضعيفه عن الشيخ أبى حامد وايجاب الوضوء هو قول أبى اسحاق المروزى.
والصحيح عند أكثر الأصحاب غسل النجاسة صححه المحاملى فى التجديد والرافعى وآخرون.
وهو قول المزنى وغيره من مقتدى أصحابنا.
وهو مذهب أبى حنيفة ومالك والثورى.
وسبب أختلاف الأصحاب أن الشافعى قال فى مختصر المزنى ان خرج منه شئ أنقاه وأعاد غسله فقال المزنى والأكثرون اعادة الغسل مستحبة.
وقال ابن أبى هريرة واجبة.
وقال ابو اسحاق المروزى يجب الوضوء.
واذا خرجت النجاسة من الفرج بعد ادراجه فى الكفن فلا يجب وضوء ولا غسل بلا خلاف هكذا صرح به المحاملى فى
(1)
انظر كتاب المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى المتوفى سنة 276 هـ. ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى المتوفى سنة 623 هـ. ويليه التلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير للامام الحافظ أبى الفضل بن أحمد بن على بن حجر العسقلانى المتوفى سنة 52 هـ ج 5 ص 176، 177، 178 طبع مطبعة التضامن الاخوى ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة 1324 هـ.
التجريد، والقاضى أبو الطيب فى المجرد، والسرخسى فى الأمالى، وصاحب العدة.
واحتج له السرخسى بأنه لو أمر باعادة الغسل والوضوء لم يأمن مثله فى المستقبل فيؤدى الى ما لا نهاية له.
ولم يتعرض الجمهور للفرق بين ما قبل التكفين وبعده بل أرسلوا الخلاف.
ولكن اطلاقهم محمول على التفصيل الذى ذكره المحاملى وموافقوه.
أما اذا خرجت منه بعد الغسل نجاسة من غير الفرجين فيجب غسلها ولا يجب غيره بلا خلاف.
وقال امام الحرمين اذا اوجبنا اعادة الغسل لنجاسة السبيلين ففى غيرها احتمال وهذا ضعيف أو باطل.
ولا فرق بين هذه النجاسة ونجاسة أجنبية تقع عليه.
وقد أتفقوا على أن يكفى غسلها ولو لمس اجنبية ميتة بعد غسلها أو أجنبية ميتا بعد غسله.
فان قلنا خروج النجاسة من السبيل لا يوجب غير غسل النجاسة لم يجب هنا شئ فى حق الميت والميتة بلا خلاف اذ لا نجاسة.
وان أوجبنا هناك الوضوء أو الغسل أوجبنا هنا أن قلنا ينتقض وضوء الملموس والا فلا هكذا قاله القاضى حسين والمتولى وآخرون.
وأطلق البغوى وجوبهما ومراده اذا قلنا ينتقض طهر الملموس كما صرح به شبخه القاضى حسين والمتولى وموافقهما.
ولو وطئت الميتة أو الميت بعد الغسل وقلنا باعادة الوضوء أو الغسل وجب هنا الغسل لأنه مقتضى الوط ء.
وان قلنا لا تجب الا ازالة النجاسة لم يجب هنا شئ هكذا أطلقه القاضى وصاحباه ومتابعوهم والرافعى وغيرهم وينبغى ان يكون فيه خلاف مبنى على نجاسة باطن الفرج والله أعلم.
أما اذا خرج منه منى بعد غسله.
فان قلنا فى خروج النجاسة يجب غسلها لم يجب هنا شئ لأن المنى طاهر.
وان قلنا بالوجهين الآخرين وجب اعادة غسله والله أعلم.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى
(1)
: أنه ان توضأ من الماء القليل وصلى ثم وجد فيه نجاسة أو توضأ من ماء كثير ثم وجده متغيرا بنجاسة وشك هل
(1)
المغنى لابن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين أبى الفرج بن أحمد بن قدامه المقدسى ج 1 ص 28، ص 38 الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1348 هـ، كشاف القناع على متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور بن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منته الارادات للشيخ منصور بن يوسف البهوتى ج 1 ص 32 طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة 1319 هـ الطبعة الاولى.
كان قبل وضوئه أو بعده فالأصل صحة طهارته.
وان علم أن ذلك كان قبل وضوئه بأمارة أعاد.
وان علم أن النجاسة قبل وضوئه ولم يعلم أكان دون القلتين أو كان قلتين فنقص بالاستعمال أعاد لأن الأصل نقص الماء.
وجاء فى كشاف القناع
(1)
: أن من فروض الوضوء الموالاة.
لقول الله تبارك وتعالى «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ»
(2)
: لأن الأول شرط والثانى جواب واذا وجد الشرط وهو القيام وجب أن لا يتأخر عنه جوابه وهو غسل الأعضاء.
يؤيده ما روى خالد بن معدان أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى وفى ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء.
وجاء فى المغنى
(3)
: أنه اذا توضأ وصلى الظهر ثم أحدث وتوضأ وصلى العصر ثم علم أنه ترك مسح رأسه أو واجبا فى الطهارة فى أحد الوضوءين لزمه اعادة الوضوء والصلاتين معا، لأنه تيقن بطلان أحد الصلاتين لا بعينها.
وكذا لو ترك واجبا فى وضوء احدى الصلوات الخمس ولم يعلم عينه لزمه اعادة الوضوء والصلوات الخمس لأنه يعلم أن عليه صلاة من خمس لا يعلم عينها فلزمته.
كما لو نسى صلاة فى يوم لا يعلم عينها.
وان كان الوضوء تجديدا لا عن حدث وقلنا ان التجديد لا يرفع الحدث فكذلك لأن وجوده كعدمه.
وان قلنا يرفع الحدث لم يلزمه الا الأولى لأن الطهارة الأولى ان كانت صحيحة فصلاته كلها صحيحة لأنها باقية لم تبطل بالتجديد.
وان كانت غير صحيحة فقد ارتفع بالتجديد.
وجاء فى كشاف القناع
(4)
: أنه لو توضأ من وجب عليه الاستنجاء أو تيمم قبله لم يصح وضوؤه أو تيممه.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث المقداد المتفق عليه يغسل ذكره ثم يتوضأ.
ولأن الوضوء طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء كالتيمم.
وان كانت النجاسة على غير السبيلين أو كانت عليهما غير خارجة منهما صح الوضوء والتيمم قبل زوالها.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 61 الطبعة السابقة.
(2)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
(3)
المغنى لابن قدامة ج 1 ص 96.
(4)
كشاف القناع ج 1 ص 50، ص 51 والاقناع ج 1 ص 18 الطبعة السابقة.
وجاء فى المغنى
(1)
: أنه ليس فى القهقهة وضوء روى ذلك عن عروة وعطاء.
وقال أصحاب الرأى يجب الوضوء من القهقهة داخل الصلاة دون خارجها.
وروى ذلك عن الحسن والنخعى والثورى لما روى أبو العالية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى فجاء ضرير فتردى فى بئر فضحك طوائف فأمر النبى صلى الله عليه وسلم الذين ضحكوا أن يعيدوا الوضوء، يدل أنه معنى لا يبطل الوضوء خارج الصلاة فلم يبطله داخلها كالكلام وأنه ليس بحدث ولا تفضى اليه فأشبه سائر ما لا يبطل لأن الوجوب من الشارع فلم يصح عن الشارع فى هذا ايجاب الوضوء ولا فى شئ يقاس هذا عليه وما رواه مرسل لا يثبت.
وقد قال ابن سيرين لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبى العالية لأنهما لا يباليان عمن أخذا.
والمخالف فى هذه المسألة يرد الأخبار الصحيحة لمخالفتها الأصول فكيف يخالفها ها هنا بهذا الخبر الضعيف عند أهل المعرفة.
وجاء فى المغنى
(2)
: أن الوضوء انما ينتقض بالكثير من الدم دون اليسير.
وقال بعض أصحابنا فيه رواية أخرى أن اليسير ينقض ولا نعرف هذه الرواية ولم يذكرها الخلال فى جامعه.
وقال القاضى لا ينتقض رواية واحدة وهو المشهور عن الصحابة رضى الله تعالى عنهم.
قال ابن عباس فى الدم اذا كان فاحشا فعليه الاعادة والدليل على ذلك ما روى عن الصحابة ولم نعرف لهم مخالفا.
وقد روى الدارقطنى باسناده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «ليس الوضوء من القطرة والقطرتين» .
ثم قال فى موضع آخر: والقلس كالدم ينقض الوضوء منه ما فحش قال الخلال الذى أجمع عليه أصحاب أبى عبد الله رضى الله عنه اذا كان فاحشا أعاد الوضوء منه.
وجاء فى كشاف القناع
(3)
: أن من توضأ قبل غسله يعنى أوفى أوله كره له اعادته بعد الغسل.
لحديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل.
رواه جماعة الا أن ينتقض وضوؤه بمس فرجه أو غيره.
وجاء فى المغنى
(4)
: أن من مسح على الخف ان خلع الخف قبل انقضاء المدة بعد المسح عليهما بطل وضوؤه وأعاد الوضوء.
وبه قال النخعى والزهرى ومكحول.
(1)
المغنى لابن قدامه المقدسى ج 1 ص 172، ص 173 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 181، ص 182 الطبعة السابقة.
(3)
كشاف القناع ج 1 ص 117 الطبعة السابقة.
(4)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 295، ص 296 الطبعة السابقة.
وان نزع العمامة بعد مسحها بطلت طهارته أيضا.
وعلى الرواية الاخرى يلزمه مسح رأسه وغسل قدميه ليحصل الترتيب.
ولو نزع الجبيرة بعد مسحها فهو كنزع العمامة.
الا أنه ان كان مسح عليها فى غسل يعم البدن لم يحتج الى اعادة غسل ولا وضوء لأن الترتيب والموالاة ساقطان فيه.
وجاء فى كشاف القناع
(1)
: أنه لا يصح المسح على خف مغصوب ولا حرير ولو فى ضرورة كمن هو فى بلد ثلج وخاف سقوط أصابعه بخلع الخف المغصوب أو الحرير فلا يستبح المسح عليه لأنه منهى عنه فى الأصل وهذه ضرورة نادرة.
فان صلى وقد مسح فعليه اذن اعادة الطهارة لبطلانها.
وجاء فى كشاف القناع
(2)
: أنه اذا اغتسلت الحائض والنفساء الكتابيتين لوط ء زوج مسلم أو سيد مسلم ثم أسلمتا فلا يلزمهما اعادة الغسل لصحته منهما وعدم اشتراط النية فيه للعذر.
وجاء فى موضع آخر
(3)
: واذا اغتسل الكافر لجنابة ثم أسلم وجب عليه اعادته لعدم صحته منه.
ثم قال
(4)
وان استدخلت المرأة الحشفة الأصلية من ميت وجب عليها الغسل دون الميت فلا يعاد غسله ويعاد غسل الميتة الموطوءة.
وجاء فى موضع آخر
(5)
: ولا نية فى الغسل بالنسبة للمجنونة من حيض ونفاس كالكافرة لعدم تعذرها مآلا بخلاف الميت وانما تعيده اذا أفاقت وأسلمت.
وجاء فى المغنى
(6)
: أن تجديد الوضوء مستحب نص أحمد عليه فى رواية موسى ابن عيسى ونقل حنبل عنه أنه كان يفعله، وذلك لما روينا.
وعن غطيف الهذلى قال رأيت ابن عمر يوما يتوضأ لكل صلاة فقلت أصلحك الله أفريضة أم سنة الوضوء عند كل صلاة؟ فقال لا، لو توضأت لصلاة الصبح لصليت به الصلوات كلها ما لم أحدث ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«من توضأ على طهر فله عشر حسنات وانما رغبت فى الحسنات» أخرجه أبو داود وابن ماجه.
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 85، ص 86 الطبعة السابقة والمغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 302 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 34 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع ج 1 ص 180 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 45 الطبعة السابقة.
(3)
كشاف القناع ج 1 ص 108 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 106 الطبعة السابقة.
(5)
كشاف القناع ج 1 ص 62 الطبعة السابقة.
(6)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 134، ص 135 الطبعة السابقة.
وقد نقل على بن سعيد عن أحمد، قال:
لا فضل فيه والأول أصح.
وجاء فى كشاف القناع
(1)
: أن من يغسل الميت يفيض الماء القراح على جميع بدنه فيكون ذلك غسلة واحدة يجمع فيها بين السدر والماء القراح يفعل ذلك ثلاثا.
فان لم ينق الميت بالثلاث غسلات غسله الى سبع.
فان لم ينق بسبع غسلات فالأولى غسله حتى ينقى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتى غسلن ابنته: اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك ان رأيتن.
ويقطع على وتر لحديث «ان الله وتر يحب الوتر» من غير اعادة وضوء.
وان خرج من الميت شئ من السبيلين أو غيرهما بعد الثلاث أعيد وضوؤه.
قال فى شرح المبدع والمنته وجوبا كالجنب اذا أحدث بعد غسله لتكون طهارته كاملة.
وعنه لا يجب الوضوء.
ووجب غسله كلما خرج منه شئ الى السبع.
لأن الظاهر أن الشارع انما كرر الأمر بغسلها من أجل توقع النجاسة.
ولأن القصد من غسل الميت أن يكون خاتمة أمره الطهارة الكاملة.
ألا ترى أن الموت جرى مجرى زوال العقل.
ولا فرق بين الخارج من السبيلين وغيرهما.
وان خرج من الميت شئ من السبيلين أو غيرهما بعد السبع غسلت النجاسة ووضئ ولا يعاد غسله بعد السبع لظاهر الخبر لكن يحشو المخرج بالقطن أو يلجم بالقطن، كما تفعل المستحاضة لأنه فى معناها.
فان لم يمسكه ذلك الحشو بالقطن أو التلجم به حشى المحل بالطين الحر الذى له قوة يمسك المحل ليمنع الخارج.
ولا يكره حشو المحل ان لم يستمسك لدعاء الحاجة اليه.
وان خيف خروج شئ كدم من منافذ وجهه فلا بأس أن يحشى بقطن.
وان خرج من الميت شئ بعد وضعه فى أكفانه ولفها عليه حمل ولم يعد غسل ولا وضوء سواء كان ذلك فى السابعة أو قبلها وسواء كان الخارج قليلا أو كثيرا دفعا للمشقة لأنه يحتاج الى اخراجه واعادة غسله وتطهير أكفانه وتجفيفها أو ابدالها فيتأخر دفنه وهو مخالف للسنة ثم لا يؤمن مثل هذا بعده وان وضع على الكفن.
وان لم يلف ثم خرج منه شئ أعيد غسله قاله ابن تميم.
(1)
كشاف القناع ج 1 ص 383، وص 389 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 216، ص 217 الطبعة السابقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: ويقص شارب الميت غير محرم ويقلم أظفاره ان طالا ويأخذ شعر ابطيه، لأن ذلك تنظيف لا يتعلق بقطع عضو أشبه ازالة الأوساخ والأدران ويعضد ذلك العمومات فى سنن الفطرة ويجعل ما أخذ من الشارب والأظفار وشعر الابطين مع الميت كعضو ساقط.
لما روى أحمد فى مسائل صالح عن أم عطية قالت تغسل رأس الميتة فما سقط من شعرها فى ايديهم غسلوه ثم ردوه فى رأسها، ولأن دفن الشعر والظفر مستحب فى حق الحى، ففى حق الميت أولى.
ويعاد غسل ما أخذ من الميت من شعر شارب وأظفار وشعر ابط.
لقول أم عطية فيما تقدم غسلوه ثم ردوه الى آخره لأنه جزء من الميت كعضو من أعضائه والمراد يستحب اعادة غسل المأخوذ قاله فى الفروع للاكتفاء بغسله أولا.
وجاء فى كشاف القناع
(2)
: أن الصغير اذا بلغ متيمما لزمه اعادة تيمم الفرض، لأن تيممه قبل بلوغه كان لنافلة، فلا يستبيح به الفرض، ولا يلزمه اعادة الوضوء ولا غسل جنابة.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(3)
: أنه فرض على كل مستيقظ من نوم - قل النوم أو كثر نهارا أو ليلا قاعدا أو مضطجعا أو قائما فى صلاة أو فى غير صلاة كيفما نام - أن لا يدخل يده فى وضوئه - فى أناء كان وضوءه أو من نهر أو غير ذلك - الا حتى يغسلها ثلاث مرات، ويستنشق ويستنثر ثلاث مرات.
فان لم يفعل لم يجزه الوضوء ولا تلك الصلاة، ناسيا ترك ذلك أو عامدا وعليه أن يغسلها ثلاث مرات ويستنشق كذلك ثم يبتدئ الوضوء والصلاة والماء طاهر بحسبه.
فان صب على يديه وتوضأ دون أن يغمس يديه فوضوؤه غير تام وصلاته غير تامة.
لحديث «اذا استيقظ أحدكم من نوم فلا يغمس - يعنى يده - حتى يغسلها ثلاثا فانه لا يدرى أين باتت يده» .
وان كان انتبه
(4)
: من نوم فغسل يديه ثلاثا واستنشق واستنثر ثلاثا فليس عليه أن يعيد ذلك لوضوء من حدث غير النوم.
ولا يجزئ
(5)
: غسل الجنابة فى ماء راكد
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 385 الطبعة السابقة، والاقناع ج 1 ص 217 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع ج 1 ص 158 والاقناع ج 1 ص 73.
(3)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 1 ص 206، ص 207 مسألة رقم 149 الطبعة السابقة.
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 2 ص 48 مسألة رقم 119 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق ج 1 ص 210 مسألة رقم 150 الطبعة السابقة.
فان اغتسل فيه فلم يغتسل، والماء طاهر بحسبه وله أن يعيد الغسل منه.
والدليل ما حدثنا عبد الله بن يوسف أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يغتسل أحدكم فى الماء الدائم وهو جنب» فقال كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال:
يتناوله تناولا، فهذا أبو هريرة لا يرى أن يغتسل الجنب فى الماء الدائم.
ثم قال ابن حزم
(1)
: لا يحل الوضوء بماء أخذ بغير حق ولا من اناء مغصوب أو مأخوذ بغير حق ولا يحل الغسل أيضا الا لصاحبه أو باذن صاحبه فمن فعل ذلك فلا صلاة له وعليه اعادة الوضوء والغسل.
برهان ذلك ما روى عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه: قعد النبى صلى الله عليه وسلم على بعيره فقال - وذكر الحديث وفيه ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فان الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه، فكان من توضأ بماء مغصوب أو أخذ بغير حق أو اغتسل به أو من اناء كذلك.
فلا خلاف بين أحد من أهل الاسلام أن استعماله ذلك الماء وذلك الاناء فى غسله ووضوئه حرام.
وبضرورة يدرى كل ذى حس سليم أن الحرام المنهى عنه هو غير الواجب المفترض عمله.
فاذ لا شك فى هذا فلم يتوضأ الوضوء الذى أمره الله تعالى به والذى لا تجزى الصلاة الا به بل هو وضوء محرم هو فيه عاص لله تعالى وكذلك الغسل.
ثم قال
(2)
: ومن مسح على ما فى رجليه ثم خلعهما لم يضره ذلك شيئا ولا يلزمه اعادة الوضوء ولا غسل رجليه بل هو طاهر، كما كان ويصلى كذلك.
وكذلك لو مسح على عمامة أو خمار ثم نزعهما فليس عليه اعادة وضوء ولا مسح رأسه بل هو طاهر كما كان ويصلى كذلك.
وكذلك لو مسح على خف ثم نزع الأعلى فلا يضره ذلك شيئا ويصلى كما هو دون أن يعيد مسحا.
وكذلك من توضأ أو اغتسل ثم حلق شعره أو تقصص أو قلم أظفاره فهو فى كل ذلك على وضوئه وطهارته ويصلى كما هو دون أن يمسح مواضع القص.
وهذا قول طائفة من السلف.
كما روينا عن عبد الرزاق عن سفيان الثورى عن الفضيل بن عمرو عن ابراهيم النخعى:
أنه كان يحدث ثم يمسح على جرموقين له من
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 216 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 105، ص 108، ص 109 مسألة رقم 219 الطبعة السابقة.
لبود، ثم ينزعهما فاذا قام الى الصلاة لبسهما وصلى:
ثم قال
(1)
: من الأشياء الموجبة للاغتسال:
ايلاج الحشفة أو ايلاج مقدارها من الذكر الذاهب الحشفة والذاهب أكثر من الحشفة فى فرج المرأة الذى هو مخرج الولد منها بحرام أو حلال، اذا كان تعمدا أنزل أو لم ينزل. فان عمدت هى أيضا لذلك فكذلك أنزلت أو لم تنزل.
فان كان احدهما مجنونا أو سكران أو نائما أو مغمى عليه أو مكرها فليس على من هذه صفته منهما الا الوضوء فقط اذا أفاق أو استيقظ الا أن ينزل.
فان كان أحدهما غير بالغ فلا غسل عليه ولا وضوء.
فاذا بلغ لزمه الغسل فيما يحدث لا فيما سلف له من ذلك الوضوء.
لما روى عن عائشة رضى الله تعالى عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اذا التقى الختانان وجب الغسل.
فلو أجنب كل من ذكرنا
(2)
: وجب عليهم غسل الرأس وجميع الجسد اذا أفاق المغمى عليه والمجنون وانتبه النائم وصحا السكران وأسلم الكافر وبالاجناب يجب الغسل.
برهان ذلك قول الله تبارك وتعالى. «وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا»
(3)
.
فلو اغتسل الكافر قبل أن يسلم والمجنون قبل أن يفيق والسكران لم يجزهم ذلك من غسل الجنابة وعليهم اعادة الغسل، لأنهم بخروج الجنابة منهم صاروا جنبا ووجب الغسل به.
ولا يجزى الفرض المأمور به الا بنية أدائه قصدا الى تأدية ما أمر الله به قال الله تبارك وتعالى: «وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ»
(4)
.
وكذلك لو توضئوا فى هذه الأحوال للحديث لم يجزهم ولا بد من اعادته بعد زوالها لما ذكرنا.
ثم قال ابن حزم
(5)
: ومن أولج فى الفرج وأجنب فعليه النية فى غسله ذلك لهما معا، وعليه الوضوء ولا بد ويجزيه فى أعضاء الوضوء غسل واحد ينوى به الوضوء والغسل من الايلاج ومن الجنابة.
فان نوى بعض هذه الثلاثة ولم ينو سائرها أجزأه لما نوى وعليه الاعادة لما لم ينوه.
برهان ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب الغسل من الايلاج وان لم يكن انزال، ومن الانزال وان لم يكن ايلاج.
(1)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 2 ص 1 مسألة رقم 170، وص 3، ص 5 مسألة رقم 171 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 4، ص 5 مسألة رقم 171 الطبعة السابقة.
(3)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
(4)
الآية رقم 5 من سورة البينة.
(5)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 2 ص 8 مسألة رقم 177 الطبعة السابقة.
وأوجب الوضوء من الايلاج فهى أعمال متغيرة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «انما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى» .
فلا بد لكل عمل مأمور به من القصد الى تأديته كما أمره الله تعالى.
ويجزئ من كل ذلك عمل واحد.
لأنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل غسلا واحدا من كل ذلك فأجزأ ذلك بالنص ووجبت النيات بالنص.
ولم يأت بأن نية لبعض ذلك تجزئ عن نية الجميع فلم يجز ذلك.
ثم قال ابن حزم
(1)
: لو أن رجلا أو امرأة أجنب وكان منهما وط ء دون انزال فاغتسلا وبالا أو لم يبولا ثم خرج منهما أو من أحدهما بقية من الماء المذكور أو كله فالغسل واجب فى ذلك ولا بد.
فلو صليا قبل ذلك أجزأتهما صلاتهما ثم لا بد من الغسل.
فلو خرج فى نفس الغسل وقد بقى أقله أو أكثره لزمهما أو الذى خرج ذلك منه - ابتداء الغسل ولا بد.
ولو أن امرأة وطئت ثم اغتسلت ثم خرج ماء الرجل من فرجها فلا شئ عليها لا غسل ولا وضوء لأن الغسل انما يجب عليها من انزالها لا من انزال غيرها.
والوضوء انما يجب عليها من حدثها لا من حدث غيرها.
وخروج ماء الرجل من فرجها ليس انزالا منها ولا حدثا منها فلا غسل عليها ولا وضوء.
وقد روى عن الحسن انها تغتسل وعن قتادة والأوزاعى أنها تتوضأ.
قال على: ليس قول أحد حجة دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أجنب يوم الجمعة
(2)
: من رجل أو امرأة فلا يجزيه الا غسلان غسل ينوى به الجنابة ولا بد، وغسل آخر ينوى به الجمعة ولا بد.
فلو غسل ميتا أيضا لم يجزه الا غسل ثالث ينوى به ولا بد.
فلو حاضت امرأة بعد أن وطئت فهى بالخيار ان شاءت عجلت الغسل للجنابة وان شاءت أخرته حتى تطهر.
فاذا طهرت لم يجزها الا غسلان، غسل تنوى به الجنابة وغسل آخر تنوى به الحيض.
فلو صادفت يوم الجمعة وغسلت مبتا لم يجزها الا أربعة اغسال كما ذكرنا.
فلو نوى بغسل واحد غسلين مما ذكرنا
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 7 الطبعة السابقة.
(2)
المحلى ج 2 ص 42 الطبعة السابقة.
فأكثر لم يجزه ولا لواحد منهما وعليه أن يعيدهما.
وكذلك ان نوى أكثر من غسلين.
ولو أن كل من ذكرنا يغسل كل عضو من أعضائه مرتين - ان كان عليه غسلان - أو ثلاثا - ان كان عليه ثلاثة اغسال - أو أربعا ان كان عليه أربعة أغسال - ونوى فى كل غسلة الوجه الذى غسله له أجزأه ذلك.
والا فلا.
فلو أراد من ذكرنا الوضوء لم يجزه الا المجئ بالوضوء بنية الوضوء مفردا عن كل غسل ذكرنا.
حاشا غسل الجنابة وحده فقط.
فانه ان نوى بغسل أعضاء الوضوء غسل الجنابة والوضوء معا أجزأه ذلك.
فان لم ينو الا الغسل فقط لم يجزه للوضوء ولو نواه للوضوء فقط لم يجزه للغسل ولا يجزئ للوضوء ما ذكرنا الا مرتبا.
برهان ذلك قول الله تعالى «وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» }.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنما الاعمال بالنيات ولكل أمرئ ما نوى» فصح يقينا أنه مأمور بكل غسل من هذه الاغسال.
فاذا قد صح ذلك فمن الباطل ان يجزئ عمل واحد عن عملين أو عن أكثر.
وصح يقينا أنه ان نوى أحد ما عليه من ذلك فانما له بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقة الذى نواه فقط وليس له ما لم ينوه.
فان نوى بعمله ذلك غسلين فصاعدا فقد خالف ما أمر به لأنه مأمور بغسل تام لكل وجه من الوجوه التى ذكرنا فلم يفعل ذلك والغسل لا ينقسم فبطل عمله كله.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» .
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(1)
: أنه اذا توضأ من يريد الصلاة بمتنجس ظنه طاهرا أو غصبا ظنه حلالا فانه يعتبر ما انتهت اليه الحال فى الانكشاف، لأن التعويل فى الأمور على الحقائق ولا تأثير للاعتقادات فى قلب الحقائق.
فان انكشف متنجسا أو غصبا ما ظنه طاهرا أو حلالا أعاد فى الوقت وبعده حيث نجاسته مجمع عليها.
بخلاف الغصب فانه يعيد فى الوقت لا بعده لأن فيه الخلاف.
ولا خلاف فى ذلك فى المتنجس.
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 62 طبع مطبعة حجازى بمصر سنة 1357 هـ.
فأما فى الغصب أو المتنجس فان المؤيد بالله اعتبر فيه الابتداء أعنى أنه ان أقدم معتقدا.
وتجب الاعادة حيث استمر الالتباس على القولين معا أنه حلال فقد أجزأ وان كان غصبا.
وان اعتقد أنه غصب لم يجزه وان انكشف حلالا لأنه أقدم غاصبا.
واختار الامام يحيى كلام الحقينى فى اعتبار الاتنهاء.
ثم قال فى شرح الأزهار
(1)
: ومن فروض الوضوء التسمية، جاء فى شرح الأزهار:«أن التسمية انما تجب على المتوضئ حيث ذكرها لا ان نسيها حتى فرغ من وضوئه فان ذكرها فيه سمى حيث ذكر» .
فان تركها عمدا أعاد من حيث ذكر.
فان نسيها حتى فرغ فقال البعض أنه يجب أن يعود الى حيث ذكر.
وقال النجرانى انه يعود الى آخر عضو وهو الرجل اليسرى.
وقيل ان ذكرها ثم غسل شيئا مع ذكره تاركا لها عاد اليه.
وان ذكرها ثم نسيها قيل أن يغسل شيئا حال ذكره فلا اعادة.
فلو التبس عليه العضو الذى ذكرها عنده فالأقرب أنه يعيد الوضوء من أوله وفى الغيث يعود الى آخر عضو وهى الرجل اليسرى.
ومن فروض الوضوء
(2)
: المضمضة مع ازالة الخلالة - وهو ما يتميز بين الأسنان من أثر اللحم أو غيره لأن بقاءه يمنع وصول الماء فلا يحصل الاستكمال - فان تعذر خروجها فلا تأخير.
فان زالت بعد الوضوء قبل الصلاة أعاد الوضوء كمن تغير اجتهاده.
فان خرجت حال الصلاة لم تجب عليه الاعادة.
وقيل تجب عليه الاعادة، لأن الدخول فيها ليس كفعلها.
فان خرجت بعد الصلاة فلا اعادة ولو كان الوقت باقيا ..
فان قلت ان من اصولهم أن مسائل الخلاف اذا خرجت وفى الوقت بقية وجبت الاعادة.
فالجواب أن الحجة الاجماع أن لا اعادة ولو الوقت باق
وجاء فى موضع آخر
(3)
: أنه يسن تجديد الوضوء لكل فريضة ويندب لكل مباح فاذا نوى الظهر والعصر مثلا فانه يسن له اعادته للعصر وان كان داخلا فى نية الأولى.
(1)
المرجع السابق لابى الحسن عبد الله ابن مفتاح وهامشه ح 1 ص 181 الطبعة السابقة.
(2)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار ج 1 ص 85، ص 86 الطبعة السابقة.
(3)
هامش شرح الازهار وحواشيه ج 1 ص 94، ص 95 الطبعة السابقة.
وذلك لقول الله تعالى
(1)
: «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ» فظاهره لكل فريضة ولذا أوجبه قوم منهم الناصر أبو الفتح الديلمى والامام القاسم وداود.
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الوضوء نور على نور وفى رواية البخارى والترمذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل فريضة.
فان نوى بالوضوء تجديده بعد كل مباح ثم بعد كماله ذكر أنه قد أحدث وجب عليه اعادة الوضوء، بل لا يجب اعادته لأنه قد نوى للصلاة فكفت هذه النية فان لم ينوه للصلاة بل نوى التجديد فقط لم يكف.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أن القهقهة فى الصلاة ناقضة للوضوء وتوجب الاعادة لأجل الخبر وهو ما روى أن ابن أم مكتوم وقع فى بئر فلما رآه أهل الصف الأول ضحكوا لوقعته وضحك لضحكهم أهل الصف الثانى فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أهل الصف الأول باعادة الصلاة وأهل الصف الثانى باعادة الوضوء والصلاة وتعمد القهقهة أيضا يوجب الوضوء.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من ضحك فى صلاته قرقرة فعليه الوضوء والقرقرة تقتضى التعمد لأنها تكرير الضحك.
وعند المؤيد بالله والبعض أنها تنقض وان لم يتعمد.
لما روى أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر من قهقه فى الصلاة باعادة الوضوء والصلاة.
قلنا محمول على أنه تعمدها.
بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم «الضاحك فى صلاته والمتلفت سواء» ومعلوم أن الالتفات فيها لا يوجب الوضوء وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «المقهقه يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء» .
ثم قال فى موضع آخر
(3)
: ولا يرتفع يقين الطهارة والحدث الا بيقين وقد تضمن هذا طرفين أحدهما أن من تيقن الطهارة لم ينتقل عن هذا اليقين بما يعرض له من شك أو ظن فيعمل بالطهارة حتى يتيقن ارتفاعها.
وقال البعض ان الشك بعد الوضوء يوجب اعادته.
وأما الطرف الثانى وهو فى حكم يقين الحدث اذا تعقبه شك أو ظن فى وقوع الطهارة
أما اذا تعقبه شك فانه لا يكفى بل يجب الوضوء قال فى الزوائد اجماعا.
وأما اذا تعقبه ظن الطهارة فعندنا أنه كالشك فمن لم يتيقن غسل عضو من أعضاء
(1)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
(2)
شرح الازهار المنتزع من الغيت المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 101 الطبعة السابقة.
(3)
شرح الازهار المنتزع من الغيت المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 102، ص 103، ص 104 وحواشيه الطبعة السابقة.
الوضوء قطعى. أى الدليل على وجوب غسله قطعى يفيد العلم لا الظن. أعاد غسل ذلك العضو وما بعده لأجل الترتيب.
ولو حصل له ظن بأنه قد غسله لم يكتف بذلك الظن بل يعيد فى الوقت المضروب للصلاة التى ذلك الوضوء لأجلها سواء كان قد صلى أو لم يصل فانه يعيده والصلاة مهما بقى الوقت مطلقا سواء حصل له ظن بفعله أو لم يحصل.
وبعد الوقت أيضا يعيد غسله.
والصلاة قضاء ان ظن تركه فيعيد صلاة يومه والأيام الماضية أيضا.
وكذا يعيد غسله بعد الوقت والصلاة قضاء.
وان ظن فعل الغسل لذلك العضو.
أوشك هل كان غسله أم لم يغسله الا للأيام الماضية فانه لا يقضى صلاتها اذا غلب فى ظنه أنه كان قد غسل ذلك العضو أو شك وانما يعيد صلاة يومه أداء وقضاء.
وقال البعض لا حكم للشك بعد انقضاء الوقت فلا يعيد من الصلاة الا ما بقى وقته.
وقال البعض اذا فرغ من صلاته فلا حكم لشكه فى الوضوء كما لا حكم لشكه فى الصلاة وبعد فراغه منها.
قال البعض هذا ليس بصحيح لأن الشاك فى عضو كالشاك فى جملة الصلاة والشاك فى جملتها يعيد مطلقا.
فأما من شك فى العضو الظنى وهو الذى دليل وجوب غسله ظنى أى يفيد الظن لا العلم فلا يعيد غسله الا فى وقت الصلاة التى غسله لأجلها الا بعد خروجه.
قال البعض والى ذلك أشرنا بقولنا فيعيده فى الوقت ان ظن المتوضئ تركه.
فان كان قد فعل الصلاة أعادها أيضا ان كان وقتها باقيا.
هذا حكم من عرض له بعد الطهارة ظن بأنه ترك عضوا ظنيا.
فأما من عرض له شك لا سوى فقد ذكر البعض حكمه ومن شك فى غسل عضو ظنى أعاد غسله وما بعده لصلاة مستقبله ليس ذلك المتوضئ داخلا فيها.
فأما المستقبلة التى قد دخل فيها فلا يعيده لها ان شك فى غسل ذلك العضو الظنى وقال أبو الفضل الناصر وللماضية أيضا أن بقى وقتها.
وجاء فى هامش شرح الأزهار
(1)
: واذا اغتسل الجنب ونسى غسل رجليه، ثم توضأ بعد ذلك وغسلهما للوضوء أجزأه ذلك للجنابة ويعيد الوضوء.
قال فيه أيضا واذا توضأ الجنب الناسى للجنابة كان ذلك مجزيا عن الجنابة فى تلك الأعضاء ولعل هذا يستقيم اذا نوى وضوءه للصلاة لا اذا نوى به رفع الحدث.
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 112 الطبعة السابقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه يمنع الصغيران اللذان اجتنبا من القراءة والكتابة ومس المصحف ودخول المسجد حتى يغتسلا فمتى اغتسلا جازت قراءة القرآن ونحوها ومتى بلغا أعادا الغسل.
قال عليه السلام هذا ذكره بعض متأخرى أصحابنا.
وفيه سؤال: وهو أن يقال انما تلزم الاعادة اذا كان الأول غير صحيح وقد حكمتم بصحته حيث أجزتم لهما القراءة ونحوها.
والجواب أنهما عند البلوغ لا يخلو اما أن يلتزما قول من يصحح نية الصغير أو قول من لا يصححها.
فان التزما الأول فلا اعادة عليهما.
وان التزما الثانى كان حكمهما حكم المجتهد اذا رجع عن الاجتهاد الأول فى حكم ولما يفعل المقصود به.
وقد قدمنا أنه يعمل فيه الاجتهاد الآخر.
والغسل انما يجب للصلاة فالغسل الأول صحيح فيصح كل ما يترتب عليه.
ثم لما التزما قول من لا يصحح نية الصغير صارا كما لو رجع المجتهد عن صحة الوضوء قبل الصلاة به فانه يلزمه اعادته.
وانما قلنا ذلك لأن صلاتهما فى صغرهما كلا صلاة عند من لا يصحح نيتهما وان لم يلتزما فالظاهر صحة الغسل بناء على أن حكمهما حكم من لا مذهب له.
قال المنصور بالله والبعض: لا يجب على الصغيرين اعادة الغسل بعد البلوغ من جنابة اصابتهما قبله.
ثم قال
(2)
: والكافر اذا أسلم فان كان قد اجتنب فى حال كفره ثم اغتسل فانه يعيد الغسل اذا أسلم.
وقال البعض: لا تجب عليه الاعادة.
وقال البعض: لا يلزم الغسل بعد الاسلام عن جنابة أصابته قبل الاسلام.
ويجب على الرجل دون المرأة - لأن مجرى منيها غير مجرى بولها - الممنى لا المولج من دون امناء أن يبول قبل الغسل لا قبل التيمم لأن التيمم لا يرفع الحدث.
ولأن دليل الوجوب ورد فى الغسل دون التيمم وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذا جامع الرجل فلا يغتسل حتى يبول والا تردد بقية المنى فيكون منه داء لا دواء له والنهى يدل على فساد المنهى عنه.
وعن ابن اصفهان أنه يجب قبل التيمم وربما قواه بعض المتأخرين.
وقال البعض رواه فى شرح الابانة عن زيد بن على أنه لا يجب تقديم البول مطلقا.
(1)
المرجع السابق لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 110.
(2)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 111، ص 112، ص 113 الطبعة السابقة.
فان تعذر خروج البول اغتسل الجنب آخر الوقت فلو اغتسل أوله لم يجزه.
وقال البعض وابنا الهادى ان كان قد تعرض واستقصى فى استنزال بقية المنى فلم يخرج شئ أجزأه الغسل فى أول الوقت، ولا يجب عليه بعد البول اعادة الغسل لا الصلاة ما لم يخرج شئ من المنى بعد الاغتسال.
وهذا الخلاف راجع الى قاعدة وهى بقاء المنى فى الاحليل.
فعند الهادى والمؤيد بالله أنه مقطوع ببقائه فيجب الانتظار الى آخر الوقت عند الهادى.
ويستحب عند المؤيد بالله.
وكرهه أبو مضر.
وأما عند على بن يحيى وموافقوه فلا يقطعون ببقائه بل يجوزون ببقاء بقية وعدم ذلك فيوجبون ابلاء العذر بالتعرض للبول والاستقصاء فى استنزال ذلك المجوز بالجذب لأجل الخبر فمهما لم يخرج شئ فالظاهر عدمه فيعملون على هذا الظاهر حتى ينكشف خلافه بأن يخرج المنى فيوجبون اعادة الغسل والصلاة عند أحمد بن الهادى.
واختلف الهادى والمؤيد بالله فى حكم الغسل مع القطع على بقاء المنى.
فعند الهادى عليه السلام أن بقية المنى تمنع من صحة الغسل كبقية الحيض.
فاذا أزف آخر الوقت ولم يحصل بول اغتسل وصلى بذلك الغسل تلك الصلاة التى خشى فوتها فقط ولا يفعل شيئا مما يترتب جوازه على الغسل من قراءة ودخول مسجد بعد الصلاة.
فأما قبلها فيجوز كما لو تيمم للصلاة فله أن يدخل المسجد للصلاة.
وقال المؤيد بالله بقية المنى لا تمنع من صحة الغسل.
فاذا اغتسل صح له فعل كل ما يترتب جوازه على الغسل حتى يبول.
ومتى بال أعاد الغسل عند الهادى والمؤيد بالله جميعا.
أما على أصل الهادى فلأن الغسل الأول غير صحيح.
وأما على أصل المؤيد بالله فلأنه خرج المنى مع البول قطعا وخروجه يوجب الغسل فيعيده لا الصلاة التى قد صلاها بذلك الغسل فلا يجب اعادتها عندهما.
وقال صاحب الوافى وعلى خليل يعيد الغسل والصلاة على أصل الهادى عليه السلام.
وجاء فى شرح الأزهار
(1)
: أنه ان كان الجنب فى المسجد فعلى الجنب الأقل من أمرين.
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وحواشيه ج 1 ص 109 الطبعة السابقة.
أحدهما الخروج من المسجد فورا أو التيمم.
فان كانت مدة التيمم أكثر من مدة قطع مسافة المسجد كان الواجب هو الخروج.
فان خشى التلف أو الضرر من الخروج وجب عليه التيمم وجاز النوم ويجب عليه اعادة التيمم بعد النوم ذكره المذاكرون.
وذكر الامام المهدى على بن محمد أنه لا يجب اعادة التيمم وهو المختار لأن النوم حدث مع الحدث الأول والتيمم لاستباحة المحظور لا لرفع الحدث.
وجاء فى شرح الأزهار وهامشه
(1)
: أنه ان ترك لمعة فى التيمم فان كان عامدا أعاد فى الوقت وبعده وان كان ناسيا أو جاهلا أعاد فى الوقت لا بعده.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أنه ان خرج من فرج الميت قبل التكفين بول أو غائط انتقض الغسل عندنا فتجب اعادته.
وانما يجب ذلك بشروط.
أحدها: أن يكون ذلك الحادث بولا أو غائطا.
فلو خرج من جسمه دم أو من الفرجين قال عليه السلام الأقرب أنه لا يوجب غسلا ويحتمل أن يكون حكمه حكم البول والغائط.
الشرط الثانى: أن يخرج ذلك قبل التكفين فلو خرج بعد ادراجه فى الكفن لم يعد الغسل لكن يحتال فى استمساكه.
الشرط الثالث: أن لا يكون خروجه بعد أن قد خرج مرتين وغسل لكل مرة حتى استكمل الغسلات سبعا فانه اذا خرج بعد ذلك لم تجب الاعادة.
نعم فاذا خرج هذا الحادث وقد كان غسل ثلاث مرات كملت الغسلات خمسا فيزاد بعد خروج الحدث غسلتان فتكمل خمسا بالثلاث الأول.
ثم اذا خرج بعد الخمس شئ كملت الخمس سبعا بأن يزاد غسلتان بعد الخامسة.
ثم اذا خرج شئ بعد السابعة لم تجب اعادة الغسل بل يحتال فيه بأن يرد فى دبره ويختم بالكرسف او نحوه.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الاسلام
(3)
: أن من فرائض الوضوء عند الإمامية: مسح الرجلين ويجب مسح القدمين من رءوس الأصابع الى الكعبين وهما قبتا القدمين ويجوز منكبيا وليس بين الرجلين ترتيب.
(1)
المرجع السابق وهامشه لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 134 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وحواشيه ج 1 ص 413، ص 414 الطبعة السابقة.
(3)
شرائع الاسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج 1 ص 27 طبع دار مكتبة الحياة ببيروت سنة 1290 هـ.
واذا قطع بعض موضع المسح مسح على ما بقى.
ولو قطع من الكعب سقط المسح على القدم.
ويجب المسح على بشرة القدم.
ولا يجوز على حائل من خف أو غيره الا للتقية او الضرورة.
واذا زال السبب أعاد الطهارة على قول.
وقيل لا يجب الا لحدث والأول أحوط.
والترتيب واجب فى الوضوء غسل الوجه قبل اليمنى واليسرى بعدها ومسح الرأس ثالثا والرجلين أخيرا فلو خالف أعاد الوضوء عمدا كان أو نسيانا. ان كان قد جف الوضوء وان كان البلل باقيا أعاد على ما يحصل معه الترتيب.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أن من تيقن الحدث وشك فى الطهارة أو تيقنهما وشك فى المتأخر تطهر، وكذا لو تيقن ترك عضو أتى به وبما بعده.
وان جف البلل استأنف وان شك فى شئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه لم يعد.
ولو ترك غسل موضع النجو أو البول وصلى أعاد الصلاة عامدا كان أو ناسيا أو جاهلا.
ومن جدد وضوءه بنية الندب ثم صلى وذكر انه أخل بعضو من احدى الطهارتين.
فان اقتصرنا على نية القرية فالطهارة والصلاة صحيحتان.
وان أوجبنا نية الاستباحة أعادهما ولو صلى لكل واحدة منهما صلاة أعاد الأولى بناء على الأول.
ولو أحدث عقب طهارة منهما ولم يعلمها بعينها أعاد الصلاتين.
وان اختلفتا عددا والا فصلاة واحدة ينوى بها ما فى ذمته.
وكذا لو صلى بطهارة ثم أحدث وجدد طهارة ثم صلى أخرى وذكر أنه أخل بواجب من احدى الطهارتين.
ولو صلى الخمس بخمس طهارات وتيقن أنه أحدث عقيب احدى الطهارات أعاد ثلاث فرائض ثلاثا واثنتين وأربعا.
وقيل يعيد خمسا.
والأول أشبه.
والغسل يجب على الكافر عند حصول سببه لكن لا يصح منه فى حال كفره فاذا أسلم وجب عليه ويصح منه.
ولو اغتسل ثم ارتد ثم عاد لم يبطل غسله.
وجاء فى الروضة البهية
(2)
: أنه يجب تخليل خفيف الشعر وهو ما ترى البشرة من
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 28، ص 29.
(2)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج 1 ص 24، ص 25 طبع مطبعة دار الكتاب العربى بمصر سنة 1370 هـ.
خلاله ويستوى فى ذلك شعر اللحية والشارب والخد والعذار والحاجب والعنقفة والهدب ثم غسل اليد اليمنى من المرفق الى أطراف الاصابع، ثم غسل اليسرى كذلك، ثم مسح مقدم الرأس بمسماه، ثم مسح بشرة ظهر الرجل اليمنى من رءوس الأصابع الى الكعبين وهما قبتا القدمين على الأصح.
وقيل الى أصل الساق وهو مختاره ثم مسح ظهر اليسرى كذلك بمسماه فى جانب العرض ببقية البلل الكائن على أعضاء الوضوء من مائه فيهما أى فى المسحين.
وفهم من اطلاقه المسح أنه لا ترتيب فيهما فى نفس العضو فيجوز النكس فيه دون الغسل للدلالة عليه بمن والى.
وهو كذلك فيهما على أصح القولين.
وفى الدروس رجح منع النكس فى الرأس دون الرجلين وفى البيان عكس ومثله فى الألفية مرتبا بين أعضاء الغسل والمسح بأن يبتدئ بغسل الوجه ثم باليد اليمنى ثم باليسرى ثم بمسح الرأس ثم الرجل اليمنى ثم اليسرى فلو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب مع بقاء الموالاة.
وأسقط المصنف فى غير الكتاب الترتيب بين الرجلين مواليا فى فعله بحيث لا يجف السابق من الأعضاء على العضو الذى هو فيه مطلقا على أشهر الأقوال.
والمعتبر فى الجفاف الحسى لا التقديرى
والشاك فى الوضوء فى أثنائه يستأنف
والمراد بالشك فيه نفسه فى الأثناء الشك فى نيته لأنه اذا شك فيها فالأصل عدمها ومع ذلك لا يعتد بما وقع من الأفعال بدونها وبهذا صدق الشك فيه فى أثنائه.
وأما الشك فى أنه هل توضأ أو هل شرع فيه أم لا فلا يتصور تحققه فى الأثناء.
وقد ذكر المصنف فى مختصريه: الشك فى النية فى أثناء الوضوء وأنه يستأنف ولم يعبر بالشك فى الوضوء الا هنا.
والشاك فيه بالمعنى المذكور بعد الفراغ لا يلتفت كما لو شك فى غيرهما من الأفعال
والشاك فى البعض يأتى بذلك البعض المشكوك فيه اذا وقع الشك على حال الوضوء بحيث لم يكن فرغ منه.
وان كان قد تجاوز ذلك البعض الا مع الجفاف للأعضاء السابقة عليه فيعيد لفوات الموالاة ولو شك فى بعضه بعد اتنقاله عنه وفراغه منه لا يلتفت والحكم منصوص متفق عليه.
وجاء فى شرائع الاسلام
(1)
: أنه اذا غسل المغتسل بعض أعضائه ثم أحدث يعيد الغسل من رأس وقيل يقتصر على اتمام الغسل وقيل يتمه ويتوضأ للصلاة وهو الأشبه.
(1)
شرائع الاسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج 1 ص 30 الطبعة السابقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه اذا تيمم الجنب بدلا من الغسل ثم أحدث أعاد التيمم بدلا من الغسل سواء كان حدثه أكبر أو أصغر.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(2)
:
قال فى المعتبر: لو طلب الماء فى الوقت فلم يجده وتيمم لم يعتد بطلبه وأعاد تيممه، ولو طلب بعد دخول الوقت اجتزأ به.
وقال فى المنته: لو طلب قبل الوقت لم يعتد به ووجبت اعادته لأنه طلب قبل المخاطبة بالتيمم فلم يسقط فرضه كالشفيع لو طلب قبل البيع.
ثم استدل له بمصحح زرارة المروى عن الكافى: اذا لم يجد المسافر الماء فليطلب مادام فى الوقت فاذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل.
وجاء فى موضع آخر
(3)
: اذا طلب الماء بعد دخول الوقت لصلاة فلم يجد ما يكفى لغيرها من الصلوات فلا يجب الاعادة عند كل صلاة ان لم يحتمل العثور مع الاعادة.
والا فالأحوط الاعادة.
وفى التحرير: لو دخل عليه وقت صلاة أخرى وقد طلب فى الأولى ففى وجوب الطلب ثانيا اشكال أقربه عدم الوجوب.
ولو انتقل من ذلك المكان وجب اعادة الطلب.
وجاء فى الروضة البهية
(4)
: أنه لو وجد المجنب بالانزال بللا - احترز بالانزال عن المجنب بالايلاج - فانه لا يجب عليه اعادة الغسل برؤية البلل مطلقا وان جوز الانزال واحتمل حركة المنى عن محله وخروجه، لأن اليقين لا يرفع بالشك على ما نقلنا عن الذكرى.
ويشكل باطلاق الروايات فى اعادة الجنب الغسل برؤية البلل قبل البول.
الا أن العدول عن الأصل بمجرد هذا الاطلاق يشكل - مشتبها بعد الاستبراء بالبول والاجتهاد مع تعذره لم يلتفت وبدون الاستبراء بأحد الأمرين يغتسل ولو وجده بعد البول من دون الاستبراء بعده وجب الوضوء خاصة.
أما الاجتهاد بدون البول مع امكانه فلا حكم له.
والصلاة السابقة على خروج البلل المذكور صحيحة لارتفاع حكم السابق والخارج حدث جديد وان كان قد خرج عن محله الى محل آخر.
(1)
المرجع السابق فى الفقه الجعفرى للمحقق الحلى ج 1 ص 39، ص 40 الطبعة السابقة.
(2)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محمد كاظم الطباطبائى اليزدى وعليها تعليقات لاشهر مراجع العصر وزعماء الشيعة الإمامية ج 4 ص 212 وما بعدها طبع مطبعة دار الكتب الاسلامية للشيخ محمد الاخوندى بطهران الطبعة الثانية سنة 1388 هـ.
(3)
المرجع السابق ج 4 ص 214 الطبعة السابقة.
(4)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج 1 ص 30 الطبعة السابقة.
وفى حكمه ما لو أحس بخروجه فأمسك عليه فصلى ثم أطلقه.
ويسقط الترتيب بين الأعضاء الثلاثة بالارتماس وهو غسل البدن أجمع دفعة واحدة عرفية.
وكذا ما أشبهه كالوقوف تحت المجارى والمطر الغزيرين لأن البدن يصير به عضوا واحدا ويعاد غسل الجنابة بالحدث الأصغر فى أثنائه على الأقوى عند المصنف وجماعة.
وقيل لا أثر له مطلقا.
وفى ثالث يوجب الوضوء خاصة وهو الأقرب.
أما غير غسل الجنابة من الاغسال فيكفى اتمامه مع الوضوء قطعا.
وربما خرج بعضهم بطلانه كالجنابة وهو ضعيف جدا.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه يستحب غسل الغاسل يديه مع كل غسلة الى المرفقين ومسح بطنه فى الغسلتين الأوليين قبلهما تحفظا من خروج شئ بعد اكمال الغسل نقل الشيخ عليه الاجماع.
وأنكره ابن ادريس لمساواة الميت بالحى فى الحرمة.
ولو خرجت نجاسة غسلت من غير اعادة الغسل للامتثال والأخبار.
خلافا لابن عقيل فانه أوجب اعادة الغسل لعدم القوة الماسكة الا الحامل التى مات ولدها فانها لا تمسح حذرا من الاجهاض.
مذهب الإباضية:
قال صاحب شرح النيل
(2)
: من فرائض الوضوء النية عند التلبس عند ارادة الاختلاط والشروع به وادامة حكمها بأن لا يقصد فى بعض أعضائه التنظيف أو التبرد مثلا وليس ذهوله بقطع.
وقيل ينوى عند ارادة غسل الفم.
وقيل عند غسل الوجه.
وقيل يجب أن يحضرها بقلبه مستمرة أو عند كل عضو الى أن يغسل وجهه الغسلة الواجبة.
ولا يكفى النية لكل عضو وحده عند من قال أنه فرض واحد.
ويكفى عند من قال كل عضو فرض على حدة.
وان قطعها قبل التمام أعاد لا بعده خلافا لبعض.
ولا تكفى النية ان عنى بها حدثا معينا وقد بقى آخر.
ولا تكفى ان نوى أن أحدثت، ثم صح أحداثه لعموم الجزم.
(1)
المرجع السابق شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج 1 ص 40 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 49، ص 50، ص 51 طبع مطبعة يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة 1343 هـ.
وقيل يكفى.
ومن مندوبات الوضوء ترتيب المسنون على المفروض حيث اجتمعا فى عضو بأن الغسل الأول فرض والثانى والثالث سنتان.
وكذا ان قلنا باستحباب مسح الرأس ثلاثا فالمسح الأول ينوى فرضا وغيره سنة.
وأما ما غسله سنة فانه ينوى غسله الأول سنة واجبة وغيره سنة مستحبة هذا ما ظهر لى لا كما قال السدويكشى.
ويدل لذلك قول بعض كما فى الديوان أنه ان بلغ الماء فى المرة الثانية أو الثالثة من غير عمد لم يلزمه اعادة وضوئه لأن ذلك نفل مسنون.
ثم قال
(1)
: والوضوء من الماء المشمس أو اناء ذهب أو فضة أو صفر
(2)
: وذلك كله للإسراف.
وقيل التوضؤ من الأولين الذهب والفضة حرام فيعاد.
ثم قال
(3)
: ومن تعمد ترك المضمضة والاستنشاق أعاد الوضوء اتفاقا فى المذهب.
وخلافا فى غير المذهب.
والحق جواز استدراكهما قبل تمام الوضوء أو عقبه عند من لا يشترط الترتيب وبعد الوضوء بانفصال عند من لا يشترط الموالاة ولو جف أو ان لم يجف على قول ولو بعد الصلاة فيعيدها بعد الاستدراك.
وقيل ان استدرك قبلها والا أعادها والوضوء.
ولعلهم اتفقوا على ذلك لأنه لم يدخل الوضوء على الاتمام بل دخله على نية النقص منه فلا اعتداد بما فعل منه لكن المصنف أراد أنه ترك ذلك ولم يعد اليه.
والذى فى القواعد ان تعمد تركهما حتى صلى أعاد اتفاقا وان نسى فخلاف يعنى أنه يجزيه وضوؤه لصلاته التى صلى ويعيده لما بعد أو يستدرك ما بقى منه على الخلاف.
وقيل لا يجزيه لصلاته التى صلى فيعيده أو يستدرك ثم يعيدها.
وأما ان تعمد الترك ثم استدرك قبل الصلاة فقيل يصح وضوؤه.
وقيل يعيده وهو كذلك.
ثم قال
(4)
: ومن تقايأ أو خرج دم من فيه أو نجس فوه بشئ ما وتوضأ قبل غسله أعاد الوضوء ولو مضمض ثلاثا بناء على أن النجس لا يطهر بدون ثلاث.
وهو قول أيضا فى مسألة الأنف اذا جعل فيه مع الفم ثلاثا.
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 53 الطبعة السابقة.
(2)
الصفر يضم فسكون النحاس ولو أبيض.
(3)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 55 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1، ص 96، ص 97 نفس الطبعة السابقة.
ولم يذكره المصنف ولا السدويكشى كما لم يذكر القول بعدم الاعادة ان جعل فى فمه على حدة وجعل لأنفه على حدة ثلاثا وقد رعف.
وذلك أن منهم من أجاز الدخول فى الوضوء، وفى عضو من أعضاء وضوئه نجس اذا بلغه طهره وتوضأ له، وهو ضعيف لا يعمل به، لأنه ينقضه النجس الحادث فكيف يتم معه.
وجوز الوضوء ان مضمض ثلاثا.
وفى المرتين أيضا قولان.
وفى الفم الابحاث المذكورة فى الأنف كلها من رؤية الأثر وعدم رؤيته ومن نيته رفع الحدث بغسلة مخصوصة وعدم ذلك وكون اليدين قبلهما ليستا من أعضاء الوضوء أو منها.
ويشترط أن لا يمس النجس حمرة الشفة أو يبنى على أنها من الفم والا لم يدخل الفم الماء الا وقد نجس بالشفة.
ايضاح ذلك. أن من قال ما احمر من الشفة هو من الفم فتطهر الشفتان اذا طهر الفم اذا قصدهما بالغسل معه ولا ينجس الماء عن الفم بمروره عنهما لأنهما جزؤه فيكفى ثلاث غسلات أو اثنتان مثلا.
وأما من قال أنه ليس من الفم فانه اذا نجستا غسلهما ثلاثا مثلا ثم يدخل الماء لفيه ويمضمضه ويخرجه ثم يغسلهما ثلاثا مثلا ثم يدخل الماء لفيه ويمضمضه ثم يخرجه ثم يغسلهما كذلك.
وفى نسخة أن لا يعيد
قال صاحب شرح النيل
(1)
من فروض الغسل الواجب وغير الواجب النية عند ارادة التلبس به.
وقيل لا يجب وان تذكرها فى وسطه ومضى لآخره أعاد ما قبلها فقط وقيل أعاد الكل وذلك مبنى على جواز الترتيب وعدم جوازه فمن لم يجز يقول يعيد.
ومن أجاز يقول لا يعيد ولكن يرجع الى ما مضى.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أن من موجبات الغسل خروج المنى من الذكر وان بتشه أو تذكر أو نظر أو بادخال بلا غيبوبة حشفة وكذا فرج الانثى عند بعض فلا يجب حتى يخرج أو وجود لذة المنى هما قولان.
فان انتقل المنى من أصل مجاريه بلذة وجب الغسل عند من قال موجبه اللذة ولو بلا خروج ثم ان خرج بدون اللذة فى وقت ما بعد غسل أو دونه، ففى اعادته ان غسل وايجابه ابتداء ان لم يغسل خلاف.
الايجاب عند من قال موجبه الخروج.
وعدم الايجاب عند من قال موجبه اللذة.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 96، 97.
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 103 - ص 105 الطبعة السابقة.
ومن أخذ بالقولين لم يلزمه أولا ولا آخرا.
أما أولا فلأنه لم يخرج عن الذكر.
وأما ثانيا فلأنه خرج ميتا بلا لذة لتقدم لذته قبل خروجه.
وقد قيل يلزم الغسل بخروجه عن الذكر واللذة معا فان لم يكن واحد لم يلزم.
والأحوط لزومه بوجود اللذة ولو لم يخرج ولزومه بوجودها مع الخروج ولزومه بخروجه مطلقا قارنته لذة عند الخروج اولا سبقته لذة أولا.
فعلى القول بلزومه بوجود اللذة عند انفصاله من مجاريه يلزم اذا انفصلت سواء خرجت من الذكر أو من ثقبه أو لم تخرج.
وقد اختلف فى لزوم الغسل بخروجها من ثقبة غير الذكر وهل تلحق بالذكر فى تلك الأحكام أم لا.
وعلى كل يجب عليه ازالة النجس والوضوء.
ويجب على الرجل أن يتخلص بانتفاء النطفة ان بال فانه ان بال وخرجت تبرأ لما بعد، لأنها لم تبق بعد.
وان بال ولم تخرج برئ من وجودها، والاستبراء من النطفة ببول ينظر هل يخرج.
فان خرج أخذ بأحد القولين.
فمن اغتسل قبل اعراض نفسه على البول أمكنته صفة مراودة أعاد الاغتسال بعد المراودة ولا يجزيه ما أدى بذلك الاغتسال لأنه لم يخرج ما أمكنه اخراجه.
وقيل لا كما لا يعيد ان لم تمكنه
وان لم تمكنه المراودة فاغتسل بدونها جرب عند الامكان عند من قال يعيد الغسل.
ولا يحتاج للتجريب عند من قال لا يعيد.
ويكون الاستبراء بليفة أى خرقة أو قطنة أو صوفة أو نحوها سوداء أو زرقاء أو حمراء أو خضراء ونحو ذلك مما يغابر لون البياض والسواد أفضل لأنه أتم مغايرة يبول عليها أول بولة قدر ما يظن خروج ما فى ذكره من نطفة لو كانت لا أكثر لئلا يذهبها البول فلا يعلم بها.
ويعيد الغسل عند الموجب بالخروج لا الصلاة خلافا لبعض ان وجد بها أى فيها شيئا من النطفة.
وان بال ولم يجرب وجب عليه الغسل عند بعض ان تعمد عدم التجربة ولا يجب ان لم يتعمد.
وقيل ثم حملان ولو تعمد.
وجوز لرجل أن يغتسل اذا كان قد انفصل منه منى خاف خروجه من ذكره فعصر ذكره فرد المنى داخلا.
وان لم يستبرئ فاذا خرج أعاد الغسل لما بعد وأجزأه ما مضى.
وقيل لا غسل عليه حتى يخرج كما قال.
ومن أوجبه بالخروج لم يوجبه عليه.
فان لم يخرج بل ذهب باطنا وتلاشى فلم يخرج ببول ولا دونه فلا غسل عليه.
وقيل يلزمه لانفصاله عن مجاريه باللذة
ثم قال
(1)
: ولا اعادة على مغتسلة من جماع بخروج نطفة دخلتها من زوجها بعد الغسل.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أنه يصح الدخول فى الاغتسال ولو كان النجس فى الجسد فاذا وصله غسله للتطهر وغسله للاغتسال.
وزعم بعض أنه كالوضوء ولا يصح الدخول فيه الا بعد غسل النجس والا أعاد الاغتسال بعد غسله.
ويرده أنه لو كان كذلك لا تنقض الاغتسال بعد تمامه بكل نجاسة تحدث.
وفى الأثر الأكثر على أنه يصح الاغتسال.
ولو كان فى البدن نجس يغسل اذا وصل اليه.
وقيل يجب تقديم غسل النجس والا أعاد ان تعمد.
وقيل مطلقا.
وقيل ان جف وتغافل عنه.
وقيل ان نسى موضعا أعاده والصلاة لا الوضوء.
وقيل الكل.
وقيل الغسل أيضا.
ولا يغتفر ترك قليل فى الوضوء والاغتسال.
وقيل يغتفر قدر درهم.
وقيل دينار.
وقيل ظفر.
ثم قال
(3)
: ومن شروط التيمم كغيره من الفروض البلوغ.
فلو تيمم طفل وبلغ ولم يقدر على الماء أعاد التيمم، لأنه تيمم وقتا لم يجب عليه التيمم ولم يضطر اليه، لأنه غير مكلف.
بخلاف الوضوء فانه يرتفع به عنه الحدث، لأنه غير ضرورى.
ومن شروط صحته الاسلام.
فلا يصح، تيمم المشرك.
ولو تيمم وأسلم أعاد التيمم بناء على أنه لا يجب عليه لأنه غير مخاطب بفروع الشريعة.
ولا يعيد بناء على وجوبه عليه لأنه مخاطب بها، قولان.
وقول ثالث وهو الحق أنه يجب عليه وأنه مخاطب بها لمن يعيده لوقوعه حال
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 106 نفس الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 305 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 213 الطبعة السابقة.
الشرك وغير هذا غير معمول به وأنه من متروك العلم.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه قال على الجنب العاجز عن غسل ووضوء تيمم متقدم لاستنجاء وجنابة.
وان نقض استنجاء أعاد للجنابة تيمما آخر.
وقيل وكذا كل ما قرن وتيمم آخر ثان لأن الوضوء لا يصح مع نجس لوضوء بعده يعنى أن ذلك مترجح عليه ومتأكد لا واجب وكذا الأقوال بعده بدليل قوله وان نوى الكل بواحد أجزأه عندهم.
وقيل ان نوى بالتيمم الأول استنجاء ووضوءا أو بالثانى جنابة صح بل يجب عليه هذا النوى عند صاحب القول فيما قال الشيخ.
والظاهر كلام المصنف بناء على أن تأخير اغتسال الجنابة عن الوضوء أو نوى لا واجب.
وقيل واجب فيجب تأخير تيمم الجنابة.
وقيل لكل من الاستنجاء والوضوء والاغتسال تيمم فذلك ثلاثة يقدم تيمم الاستنجاء فتيمم الوضوء وبعده تيمم الاغتسال.
وان قدم تيممه على تيمم الوضوء صح.
وظاهر قولهم يصح الدخول فى الاغتسال بالنجاسة جواز تقديم تيممه على تيمم الاستنجاء لكن الأخير غسل الجنابة لا غسل النجاسة ان دخل بها.
وجوز واحد للثلاثة وصحح الأول وهو أن لكل واحد تيمما على حدة لأن الجنابة يصح غسلها مع وجود النجس ثم يغسل موضع النجس للنجس ثم يعيده لرفع حدث الجنابة.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أن من تيمم للجنابة وحدها لم يعده اذا انتقض تيمم وضوئه أو استنجائه.
وان تيمم له ولغيره تيمما واحدا أعاد لهما اذا انتقض تيممه.
واذا تيمم لاستنجاء ووضوء تيمما واحدا فانتقض أعاد لهما.
وان تيمم للكل تيمما واحدا فانتقض تيمم وضوئه أعاده وحده.
وان انتقض تيمم استنجائه أعادهما، وهذا نقل صحيح.
وفهم السدويكشى أنه اذا تيمم للجنابة وأحدث حدثا صغيرا أنه يعيد لها.
والحق أن لا اعادة عليه كما لا يعيد لتيمم الصوم للجنابة بالحدث الأصغر.
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1، ص 215، ص 216 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 219 نفس الطبعة السابقة.
وجاء فى شرح النيل
(1)
: أنه ان أحدث الميت قبل تمام الغسل فليكفوا ويجففوه ويعيدوا.
وقيل: يبنون وان لم ينقطع تيمموا
وقبل: ان أحدث بما ينقطع مضوا فى غسله.
وقيل ان أحدث بغائط وقيل أو ببول.
وان ظهر نجس بعد تمام غسل الميت فقد رخص بعض أن يغسل النجس فقط ويغسل الميت بما هو القاعدة فيه.
وان انقطع نجس بعد تيمم قبل الصلاة غسلوه.
وان انقطع بعد الصلاة فلا عليهم.
وقيل يغسلونه ويعيدون الصلاة.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: ومن فرغ ماؤه فوجد الماء بعد الجفوف أن يعيد الغسل أو الوضوء.
وان توضأ طفل وبلغ أعاده.
وعندى أنه يجزيه لأنه تصح منه لعبادة كما أنه ان توضأ بالغ لنفل ولو قبل الوقت أجزى لفرض.
ثم قال: ومن تيمم وهو مشرك أو مجنون فأسلم أو صحا أعاد.
وان تيمم رجل لعلة ثم استراح ورجعت اليه أو جاءته أخرى فقولان فى اعادة التيمم.
حكم اعادة الاذان والاقامة
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع وفتح القدير
(3)
:
أن من سنن الأذان أن يرتب بين كلمات الأذان والاقامة حتى لو قدم البعض على البعض ترك المقدم ثم يرتب ويؤلف ويعيد المقدم، لأنه لم يصادف محله فلغا.
وكذلك اذا ثوب بين الأذان والاقامة فى الفجر فظن أنه فى الاقامة فأتمها ثم تذكر قبل الشروع فى الصلاة فالأفضل أن يأتى بالاقامة من أولها الى آخرها مراعاة للترتيب.
ومن السنة كذلك أن يوالى بين كلمات الأذان والاقامة حتى لو ترك الموالاة فالسنة أن يعيد الأذان.
ولو أذن فظن أنه الاقامة ثم علم بعد ما فرغ فالأفضل أن يعيد الأذان ويستقبل الاقامة مراعاة للموالاة.
وكذا اذا أخذ فى الاقامة وظن أنه فى الأذان ثم علم فالأفضل أن يبتدئ الاقامة.
وعلى هذا اذا غشى عليه فى الأذان والاقامة ساعة أو مات أو ارتد عن الاسلام ثم أسلم أو أحدث فذهب وتوضأ ثم جاء فالأفضل هو الاستقبال.
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 656، ص 657 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 594 الطبعة السابقة.
(3)
يدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 149 طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة 1328 هـ، فتح القدير للامام كمال الدين محمد بن عبد الواحد السكندرى المعروف بابن الهمام ج 1 ص 170 طبع المطبعة الكبرى.
والأولى له اذا أحدث فى أذانه أو اقامته أن يتمها ثم يذهب ويتوضأ ويصلى لأن ابتداء الأذان والاقامة مع الحدث جائز فالبناء أولى.
ولو أذن ثم ارتد عن الاسلام فان شاءوا أعادوا لأنه عبادة محضة والردة محبطة للعبادات فيصير ملحقا بالعدم.
وان شاءوا اعتدوا به لحصول المقصود وهو الاعلام.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: ومن السنة أن يكون المؤذن رجلا.
فيكره أذان المرأة باتفاق الروايات.
فاذا أذنت يستحب اعادة الأذان ليقع على وجه السنة وهو المروى عن أبى حنيفة.
ويكره أذان الصبى العاقل وان كان جائزا حتى لا يعاد، ذكره فى ظاهر الرواية لحصول المقصود وهو الاعلام لكن أذان البالغ أفضل لأنه فى مراعاة الحرمة أبلغ.
وأما أذان الصبى الذى لا يعقل فلا يجزئ ويعاد لأن ما يصدر لا عن عقل لا يعتد به كصوت الطيور.
ومن السنة أن يكون المؤذن عاقلا.
فيكره اذان المجنون والسكران الذى لا يعقل لأن الأذان ذكر معظم وهل يعاد؟
ذكر فى ظاهر الرواية أحب الى أن يعاد لأن عامة كلام المجنون والسكران هذيان فربما يشتبه على الناس فلا يقع به الاعلام.
وقال صاحب فتح القدير: يعاد أذان الصبى الذى لا يعقل والمرأة والسكران والمعتوه لعدم الاعتماد على أذان هؤلاء فلا يلتفت اليه.
ومن السنة أن يكون المؤذن على طهارة
(2)
لأنه ذكر معظم فاتيانه مع الطهارة أفرب الى التعظيم.
وان كان على غير طهارة بأن كان محدثا يجوز ولا يكره حتى لا يعاد فى ظاهر الرواية.
وروى الحسن عن أبى حنيفة أنه يعاد.
ووجهه أن للأذان شبها بالصلاة ولهذا يستقبل به القبلة كما فى الصلاة ثم الصلاة لا تجوز مع الحدث فما هو شبيه بها يكره معه.
ووجه ظاهر الرواية ما روى أن بلالا ربما أذن وهو على غير وضوء، ولأن الحدث لا يمنع من قراءة القرآن فأولى أن لا يمنع من الأذان
وان أقام وهو محدث ذكر فى الأصل:
وسوى بين الأذان والاقامة فقال: يجوز الأذان والاقامة على غير وضوء.
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 150 الطبعة السابقة وفتح القدير ج 1 ص 176 الطبعة السابقة.
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 151 الطبعة السابقة.
وروى أبو يوسف عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى أنه قال: أكره اقامة المحدث.
والفرق أن السنة وصل الاقامة بالشروع فى الصلاة فكان الفصل مكروها.
بخلاف الأذان الا أنها لا تعاد لأن تكرارها ليس بمشروع بخلاف الأذان.
أما الأذان مع الجنابة فيكره فى ظاهر الرواية حتى يعاد.
وروى عن أبى يوسف أنه لا يعاد لحصول المقصود وهو الاعلام.
والصحيح جواب ظاهر الرواية فى انه يعاد لأن أثر الجنابة ظهر فى الفم فيمنع من الذكر المعظم كما يمنع من قراءة القرآن بخلاف الحدث.
وكذا الاقامة تكره لكنها لا تعاد لما مر.
وجاء فى البدائع
(1)
: أنه لو صلى فى مسجد بأذان واقامة هل يكره أن يؤذن ويقام فيه ثانيا؟
فهذا لا يخلو من أحد وجهين:
اما أن يكون مسجدا له أهل معلوم، أو لا يكون له أهل معلوم.
فان كان له أهل معلوم فان صلى فيه غير أهله بأذان واقامة لا يكره لأهله أن يعيدوا الأذان والاقامة.
وان صلى فيه أهله بأذان واقامة أو بعض أهله فانه يكره لغير أهله والباقين من أهله أن يعيدوا الأذان والاقامة.
وان كان مسجد ليس له أهل معلوم بأن كان على شوارع الطريق لا يكره.
ووقت الأذان والاقامة
(2)
: هو وقت الصلوات المكتوبات حتى لو أذن قبل دخول الوقت لا يجزئه ويعيده اذا دخل الوقت فى الصلوات كلها فى قول أبى حنيفة ومحمد.
وقد قال أبو يوسف أخيرا لا بأس بأن يؤذن للفجر فى النصف الأخير من الليل.
وجاء فى حاشية ابن عابدين
(3)
: أن الاقامة تعاد اذا وقعت قبل الوقت أما بعده فلا تعاد ما لم يطل الفصل أو يوجد قاطع كأكل.
ونقل صاحب الدر المختار
(4)
: عن البزازية أنه ان صلى السنة بعد الاقامة أو حضر الامام بعدها لا يعيد الاقامة.
وفى شرح المنية لو أقام المؤذن ولم يصل الامام ركعتى الفجر يصليهما ولا تعاد الاقامة لأن تكرارها غير مشروع اذا لم يقطعها قاطع من كلام كثير أو عمل كثير مما يقطع المجلس فى سجدة التلاوة.
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 153 الطبعة السابقة.
(2)
بدائع الصنائع ج 1 ص 154.
(3)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 358.
(4)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه ج 1 ص 371 الطبعة السابقة.
مذهب المالكية:
جاء فى شرح الحطاب
(1)
: نقلا عن المدونة أنه ان أذن فأخطأ فأقام ساهيا ابتدأ الأذان.
قال ابن عرفة ولو أراد الأذان فأقام لم يجزه وعليه اعادته وفى العكس قولا مالك وأصبغ.
قال صاحب الطراز فى شرح مسألة المدونة النية معتبرة فى الأذان فان أراد أن يؤذن فغلط فأقام لم يكن ذلك أذانا من حيث الصفة.
ولا ينبغى أن يعتد به اقامة لأنه لم يقصد به الاقامة.
وان أراد أن يقيم فأذن لم يكن ذلك اقامة من حيث الصفة ولا ينبغى أن يصلى بغير اقامة.
ومن أخذ فى ذكر الله بالتكبير ثم بدا له عقب ما كبر أن يؤذن فانه يبتدئ الأذان.
ولم يقل أحد أنه يبنى على تكبيره الذى من غير قصد أذان فبان بذلك أن النية معتبرة فيه.
وقال فى الذخيرة قال الجلاب: ان اراد الأذان فأقام أو الاقامة فأذن أعاد حتى يكون على نية لفعله فيحتمل أن يريد نية التقرب لأنه قربة من القربات وقد صرح بذلك الأبهرى فى شرح مختصر ابن عبد الحكم، واحتج بأنه قربة فتجب فيه النية.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «انما الأعمال بالنيات» وكذلك صاحب تهذيب الطالب.
ويحتمل أن يريد نية الفعل وهى أعم من نية التقرب لوجودها فى المحرمات والمباحات بدون نية التقرب.
وكذلك يقول بعض الشراح يعيد حتى يكون على صواب من فعله.
والأول هو الأظهر من قول الأصحاب.
وقال أبو الطاهر:
وقيل ان أراد الأذان فأقام لا يعيد مراعاة للقول بأنها مثنى وهذا مما يؤيد عدم اشتراط نية التقرب فانه صحح الاقامة مع أنه لم يقصد التقرب بها.
فان نسى شيئا من أذانه قال فى الطراز ان ذكر ذلك بالقرب أعاد من موضع ما نسى ان كان ترك جل أذانه.
وان كان مثل حى على الصلاة مرة فلا يعيد شيئا.
وان تباعد لم يعد قل أو كثر قاله ابن القاسم وأصبغ.
ثم قال: لكن ينبغى ان كان ما ترك كثيرا أعاد الأذان وان كان يسيرا أجزأه.
(1)
مواهب الجليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل وبهامشه التاج والاكليل لمختصر خليل لابى عبد الله بن يوسف الشهير بالمواق ج 1 ص 424، 425 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1358 هـ الطبعة الاولى.
قال فى الذخيرة قال فى الجواهر ان نكس الأذان ابتدأ.
وقال أشهب فى المجموعة ان بدأ بأن محمدا رسول الله قبل أشهد أن لا اله الا الله فليقل بعد ذلك أشهد أن محمدا رسول الله ويجزئه قاله ابن ناجى على المدونة.
وقال الفاكهانى فى شرح الرسالة من صفات الأذان أن لا ينكسه فان فعل ابتدأ الأذان اذ لا يحصل المقصود منه الا بترتيبه ولأنه عبادة شرعت على وجه فلا تغير.
وقال المازنى فى شرح التلقين قال بعض أصحابنا لو قدم الشهادة بالرسالة على الشهادة بالتوحيد أعاد الشهادة بالرسالة فكأنه قيل ان ما قدم فى غير موضعه كالعدم فلا يمنع الاتصال ويعاد لتحصيل الترتيب.
قال ابن عرفة
(1)
وابن رشد مذهب مالك الترجيع وذكر عياض التخيير فيه لاحمد لاختلاف الأحاديث المجهول آخرها.
قال وذكر نحوه فى هذا الأصل عن مالك.
وما ذكره عن عياض هو الاكمال فان ترك الترجيع فيجرى على ما تقدم أن ذكر ذلك بالقرب أعاده وما بعده وان طال صح أذانه ولم يعد شيئا.
قال فى الطراز فان اغمى عليه فى بعض الأذان أو جن ثم أفاق بنى فيما قرب.
وان فصل بين كلمات الأذان بكلام أو سلام أو بشئ غير ذلك.
فان كان الفصل يسيرا كرد سلام أو كلام يسير فانه يبنى.
وان كان كثيرا فانه يستأنف الأذن من أوله.
قال فى النوادر، قال فى المجموعة ولا يتكلم فى أذانه فان فعل بنى الا أن يخاف على صبى أو أعمى أو دابة أن يقع فى بئر وشبهه فليتكلم ويبنى.
قال ابن حبيب وان عرضت له حاجة مهمة فليتكلم ويبنى.
قال اللخمى فى تبصرته ولا يتكلم فى أذانه.
فان فعل وعاد بالقرب بنى على ما مضى.
وان بعد ما بين ذلك استأنفه من أوله.
ومثله ان عرض له رعاف او غير ذلك مما يقطع أذانه.
أو خاف تلف شئ من ماله.
أو خاف تلف أحد أعمى أو صبى أن يقع فانه يقطع ثم يعود الى أذانه فيبنى ان قرب.
ويبتدئ ان بعد.
(1)
مواهب الجليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل وبهامشه التاج والاكليل لمختصر خليل لابى عبد الله محمد ابن يوسف الشهير بالمواق ج 1 ص 426، ص 427، ص 428 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1358 هـ الطبعة الاولى.
ثم قال: ويشترط فى الأذان أن يكون بعد تحقق دخول وقت الصلاة لأنه شرع للاعلام بذلك واذا قدم على الوقت لم يكن له فائدة.
فان أذن المؤذن قبل الوقت أعاد الأذان بعد دخول الوقت لأن الأذان الأول لم يجز.
وليعلم أهل الدور أن الأذان الأول كان قبل دخول الوقت فيعيد من كان قد صلى منهم.
قال ابن رشد فى سماع موسى بن معاوية من كتاب الصلاة وقد روى أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادى الا ان العبد نام فرجع فنادى الا ان العبد قد نام وهذا اذا علموا قبل أن يصلوا.
وأما لو صلوا فى الوقت ثم علموا أن الأذان قبل الوقت فلا يعيدون الأذان قاله ابن القاسم فى السماع المذكور.
قال ابن رشد مخافة أن يقبلوا الى الصلاة وقد صليت فيتعبوا لغير فائدة.
قال الحطاب ولأن الأذان انما هو للاجتماع للصلاة وهذا اذا وقعت الصلاة فى الوقت.
فان تبين أن الصلاة وقعت فى غير الوقت فيعيدون الأذان والصلاة.
وقال فى النوادر قال مالك فى المختصر ومن اذن فى غير الوقت فى غير الصبح أعاد الأذان.
قال عنه ابن نافع فى المجموعة ومن أذن قبل الوقت وصلى فى الوقت فلا يعيد قاله أشهب.
ولا يؤذن لصلاة قبل دخول وقتها الا الصبح فلا بأس أن يؤذن لها فى السدس الأخير من الليل ولا اعادة عليه.
ويشترط فى الأذان العقل.
قال الفاكهانى فلا يصح أذان المجنون ولا السكران ولا الصبى الذى لم يميز ولا خلاف فى ذلك.
وفى النوادر واذا أذن لقوم سكران أو مجنون لم يجزهم فان صلوا لم يعيدوا.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه يكره اقامة المعيد لصلاته.
وكذلك يكره أذان المعيد لصلاته.
والمراد من صلى تلك الصلاة سواء أذن لها أم لم يؤذن وسواء أراد اعادتها أو لم يرد ذلك.
قال ابن الحاجب ولا يؤذن ولا يقيم من صلى تلك الصلاة وهو نحو ما نقله ابن عرفة عن اللخمى عن أشهب.
ونصه روى اللخمى عن أشهب لا يؤذن لصلاة من صلاها ويعيدون الأذان والاقامة ما لم يصلوا ونقله أبو محمد والتونسى.
(1)
مواهب الجليل للحطاب ج 1 ص 460 الطبعة السابقة.
ثم قال
(1)
: من شروط الاقامة أن تعقبها الصلاة فان تراخى ما بينهما أعاد الاقامة.
وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم التوسعة فى ذلك.
وقال صاحب الطراز ان أتصال الاقامة بالصلاة مستحب لا شرط وهو خلاف ما تقدم فى كلام اللخمى.
لكن يمكن أن يحمل كلامه على الفصل اليسير فهو الذى يستحب تركه.
وأما ان طال الفصل فانه يعيد الاقامة فيكون موافقا لكلام اللخمى وكذا يحمل كلام القرافى.
وقد قال ابن عرفة روى بن القاسم ان بعد تأخير الاقامة عن الصلاة أعيدت الاقامة وفى اعادتها لبطلان صلاتها وان طال نقله عياض عن ظاهرها وعن بعضهم.
وعزا المازرى الأول لبعضهم أخذا من قولها من رأى نجاسة فى ثوبه قطع وابتدأ باقامة ولم يحك الثانى، وقد تقدم فى فصل ازالة النجاسة عن ابن ناجى أنه قال ظاهر المدونة أنه يبتدئ باقامة طال أم لا.
وعليه حملها بعضهم قائلا أن الاقامة الأولى كانت لصلاة فاسدة فبطلت ببطلانها.
وقال آخرون انما ذلك فى الطول وأما القرب فلا يفتقر لاقامة.
وقال فى النوادر ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك ومؤذن أقام الصلاة فأخره الامام لأمر يريده فان كان قريبا كفتهم تلك الاقامة وان بعد أعاد الاقامة.
وقال فى المختصر واذا أقام فتأخر الامام قليلا أجزأه فان تباعد أعاد الاقامة.
فتحصل من هذا أن اتصال الاقامة بالصلاة سنة.
وأن الفصل اليسير لا يضر.
والكثير يبطل الاقامة.
ثم قال
(2)
: ونقل ابن عرفة عن ابن العربى أنه اذا أقيمت الصلاة لامام معين فتعذر فأراد غيره أن يؤم أنها تعاد الاقامة وأنه جهل من خالفه فى ذلك.
قال ابن عرفة وفيه نظر.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(3)
: أنه لا يجوز الأذان لغير الصبح قبل وقتها خلافا لما ذكره الامام الشافعى فى الأم والأصحاب.
ولو وقع بعض كلمات الأذن لغير الصبح قبل الوقت وبعضها فى الوقت لم يصح بل
(1)
المرجع السابق للحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 464، 465 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 469 الطبعة السابقة.
(3)
المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ ابى زكريا محيى الدين شرف النووى ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل ابى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى ج 3 ص 87، 88، 89 طبع مطبعة التضامن الاخوى ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة 1234 هـ.
عليه استئناف الأذان كله، هذا هو المشهور، وقال الشيخ ابو محمد فى كتابه الفروق:
قال الشافعى: لو وقع بعض كلمات الأذان قبل الزوال وبعضها بعده بنى على الواقع فى الوقت.
قال ومراده قوله فى آخر الأذان الله اكبر الله أكبر الى آخره ولا يحتاج الى أربع تكبيرات.
وليس مراده أن غير ذلك يحسب له فان الترتيب واجب.
قال ولا يضر قوله لا اله الا الله بين التكبيرات لأنه لو خلل بينها كلاما يسيرا لا يضر فالذكر أولى.
ونقل الشيخ أبو على السنجى فى شرح التلخيص عن الأصحاب نحو هذا.
فمذهبنا جوازه قبل الفجر وبعده وبه قال مالك والأوزاعى وأبو يوسف.
وقال الثورى لا يجوز قبل الفجر.
وحكى ابن المنذر عن طائفة أنه يجوز أن يؤذن قبل الفجر ان كان يؤذن بعده.
واحتج بحديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما ان بلالا رضى الله تعالى عنه أذن قبل الفجر فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادى «ألا ان العبد نام ألا ان العبد نام ثلاثا» .
وأما حديث ابن عمر الذى احتجوا به فرده أبو داود والبيهقى وغيرهما وضعفوه.
وأما الاقامة فلا يصح تقديمها على وقت الصلاة ولا على ارادة الدخول فيها.
ولا بد من هذين الشرطين وهما دخول الوقت وارادة الدخول فى الصلاة.
فان أقام قبيل الوقت بجزء لطيف بحيث دخل الوقت عقب الاقامة ثم شرع فى الصلاة عقب ذلك لم تصح اقامته.
وان كان ما فصل بينهما وبين الصلاة لكونها وقعت قبل الوقت.
وقد نص فى الأم على هذا.
وان أقام فى الوقت وأخر الدخول فى الصلاة بطلت اقامته ان طال الفصل لأنها تراد للدخول فى الصلاة فلا يجوز الفصل.
ثم قال
(1)
: ولا يصح أذان كافر على أى ملة كان فان أذن هل يكون أذانه اسلاما ينظر ان كان عيسويا.
والعيسوية طائفة من اليهود ينسبون الى أبى عيسى اليهودى الاصبهانى يعتقدون اختصاص رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم بالعرب.
فهذا لا يصير بالأذان مسلما لأنه اذا نطق بالشهادتين اعتقد فيها الاختصاص.
وان كان غير عيسوى فله فى نطقه بالشهادة ثلاثة أحوال:
(1)
المرجع السابق ج 3 ص 99 الطبعة السابقة.
أحدها أن يقولها حكاية بأن يقول سمعت فلانا يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فهذا لا يصير مسلما بلا خلاف، لأنه حاك كما لا يصير المسلم كافرا بحكايته الكفر.
والثانى أن يقولها بعد استدعاء بأن يقول له انسان قل لا اله الا الله محمد رسول الله فيقولها فهذا يصير مسلما بلا خلاف.
والثالث أن يقولها ابتداء لا حكاية ولا باستدعاء فهل يصير مسلما؟ فيه وجهان مشهوران.
الصحيح منهما وبه قطع الأكثرون أنه يصير مسلما لنطقه بهما اختيارا.
والثانى لا يصير لاحتمال الحكاية.
وسواء حكمنا باسلامه أم لا، لا يصح أذانه.
وان حكم باسلامه فانما يحكم بعد الشهادتين فيكون بعض الأذان جرى فى الكفر.
ولو أذن المسلم ثم ارتد عقب فراغه اعتد بأذانه ويستحب أن لا يعتد به لاحتمال أن يكون عرضت له الردة قبل فراغه.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه لا يصح أذان المجنون والمغمى عليه لأن كلامهما لغو وليسا فى الحال من أهل العبادة.
وأما السكران فلا يصح أذانه على الصحيح كالمجنون.
وفيه وجه أنه يصح حكاه امام الحرمين والبغوى وغيرهما وصححه الشيخ أبو محمد فى كتابه الفروق والقاضى حسين فى الفتاوى بناء على صحة تصرفاته وليس بشئ.
وأما من هو فى أول النشوة فيصح أذانه بلا خلاف.
ويصح أذان الصبى المميز كما تصح امامته هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ونص عليه فى الأم كما ذكره المصنف قالوا ولأنه يقبل خبره فيما طريقه المشاهدة كما لو دل أعمى على محراب يجوز أن يصلى ويقبل قوله فى الأذن فى دخول الدار وحمل الهدية.
وفيه وجه أنه لا يصح أذانه حكاه صاحب التتمة وغيره.
فاذا قلنا بالمذهب أنه يصح قال الماوردى والبندنيجى وصاحب الشامل والعدة وغيرهم يكره.
ونقل المحاملى كراهته من نص الشافعى.
قال الماوردى وصاحب العدة سواء كان مراهقا أو دونه يكره أن يرتب للأذان.
ولا يصح أذان المرأة للرجال لما ذكره المصنف هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ونص عليه فى الأم.
ونقل امام الحرمين الاتفاق عليه.
(1)
المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى المتوفى سنة 676 هـ ويليه التلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير للامام الحافظ أبى الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى ج 3 ص 99 - ، ص 100 طبع مطبعة التضامن الاخوى ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة 1324 هـ.
وفيه وجه حكاه المتولى أنه يصح كما يصح خبرها.
وأما اذا أراد جماعة النسوة صلاة ففيها ثلاثة أقوال.
المشهور المنصوص فى الجديد والقديم وبه قطع الجمهور يستحب لهن الاقامة دون الأذان لما ذكره المصنف.
والثانى: لا يستحبان نص عليه فى البويطى.
والثالث: يستحبان حكاهما الخراسانيون.
فعلى الأول اذا أذنت ولم ترفع الصوت لم يكره وكان كذكر الله تعالى هكذا نص عليه الشافعى فى الأم والبويطى وصرح به الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الطيب والمحاملى فى كتابيه وصاحب الشامل وغيرهم.
وشذ المصنف والجرجانى فى التحرير فقالا يكره لها الأذان.
والمذهب ما سبق.
واذا قلنا تؤذن فلا ترفع الصوت فوق ما تسمع صواحبها اتفق الاصحاب عليه ونص عليه فى الأم.
فان رفعت فوق ذلك حرم كما يحرم تكشفها بحضرة الرجال لأنه يفتتن بصوتها كما يفتتن بوجهها.
وممن صرح بتحريمه امام الحرمين والغزالى والرافعى وأشار اليه القاضى حسين.
وقال السرخسى فى الأمالى رفع صوتها مكروه.
ولو أرادت الصلاة امرأة منفردة فان قلنا الرجل المنفرد لا يؤذن فهى أولى.
فعلى الأقوال الثلاثة فى جماعة النساء والخنثى المشكل فى هذا كله كالمرأة ذكره أبو الفتوح والبغوى وغيرهما.
ثم قال
(1)
: اتفقوا على اشتراط الترتيب فى الأذان.
فان نكسه فما وقع فى موضعه صحيح لوقوعه فى موضعه فله أن يبنى عليه فيأتى بالنصف الثانى.
ولو استأنف الأذان كان أولى ليقع متواليا.
ولو ترك بعض كلماته أتى بالمتروك وما بعده.
ولو استأنف كان أولى.
وأما الكلام فى الأذان فقال اصحابنا الموالاة بين كلمات الأذان مأمور بها.
فان سكت يسيرا لم يبطل أذانه بلا خلاف بل يبنى.
وان تكلم فى أثنائه فمكروه بلا خلاف.
قال أصحابنا وان عطس حمد الله فى نفسه وبنى.
(1)
المرجع السابق ج 3 ص 113، ص 114، 115 الطبعة السابقة.
وان سلم عليه انسان أو عطس لم يجبه ولم يشمته حتى يفرغ.
فان أجابه أو شمته أو تكلم بغير ذكر لمصلحة لم يكره وكان تاركا للفضل.
ولو رأى أعمى يخاف وقوعه فى بئر أو حية تدب الى غافل أو نحو ذلك وجب انذاره ويبنى على أذانه واذا تكلم فيه لمصلحة أو لغير مصلحة لم يبطل أذانه ان كان يسيرا.
لأنه ثبت فى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فى الخطبة فالأذان أولى أن لا يبطل فانه يصح مع الحدث وكشف العورة وقاعدا وغير ذلك من وجوه التخفيف.
وهذا الذى ذكرناه من أنه لا يبطل أذانه باليسير هو المذهب وبه قطع الأصحاب.
الا الشيخ أبا حامد فتردد فيه.
واذا وقع به سكوت طويل أو نام أو أغمى عليه فى الأذان ثم أفاق ففى بطلان أذانه طريقان:
أحدهما لا يبطل قولا واحدا وبه قطع العراقيون وهو نص الشافعى رحمه الله فى الأم.
والثانى: فى بطلانه قولان وهو طريقة الخرسانيين.
قالوا: والنوم والاغماء أولى بالابطال من الكلام والكلام أولى بالابطال من السكوت.
قال الرافعى الأشبه وجوب الاستئناف عند طول الفصل وحمل النص على الفصل اليسير.
قال أصحابنا والجنون هنا كالاغماء.
وممن صرح به القاضى أبو الطيب والماوردى والمحاملى والمتولى وغيرهم.
ثم فى الاغماء والنوم اذا لم نوجب الاستئناف لقلة الفصل أو مع طوله على قولنا لا يبطل الطويل يستحب الاستئناف.
نص عليه فى الأم واتفق الأصحاب عليه.
وكذا يستحب فى السكوت والكلام الكثيرين اذا لم نوجبه.
فان كان الكلام كثيرا لم يستحب الاستئناف على أصح الوجهين وبه قطع الأكثرون.
كما لا يستحب الاستئناف عند السكوت اليسير بلا خلاف.
والوجه الثانى يستحب ورجحه صاحب الشامل والتتمة لأنه مستغن عن الكلام بخلاف السكوت.
ثم اذا قلنا يبنى مع الفصل الطويل فالمراد ما لم يفحش الطول بحيث لا يعد مع الأول أذانا.
وحيث قلنا لا يبطل بالفصل المتخلل فله أن يبنى عليه بنفسه ولا يجوز لغيره على المذهب وهو المنصوص فى الأم وبه قطع العراقيون لأنه لا يحصل به اعلام.
وقال الخراسانيون ان قلنا لا يجوز الاستخلاف فى الصلاة فهنا أولى والا فقولان.
وأما اذا تكلم فى الاقامة كلاما يسيرا فلا يضر هذا مذهبنا وبه قال الجمهور.
وحكى صاحب البيان عن الزهرى أنه قال تبطل اقامته ودليلنا أنه اذا لم تبطل الخطبة وهى شرط لصحة الصلاة فالاقامة أولى.
قال الشافعى فى الأم ما كرهت له من الكلام فى الأذان كنت له فى الاقامة أكره.
قال فان تكلم فى الأذان والاقامة أو سكت فيهما سكوتا طويلا أحببت أن يستأنف ولم أوجبه.
أما اذا ارتد بعد فراغ أذانه والعياذ بالله فلا يبطل أذانه لكن المستحب أن لا يعتد به ويؤذن غيره نص عليه فى الأم، واتفق الأصحاب عليه، لأن ردته تؤثر شبهة فيه فى حال الأذان.
فان أسلم وأقام صح.
وان ارتد فى أثناء الأذان لم يصح بناؤه فى حال الردة.
فان أسلم وبنى فالمذهب أنه ان لم يطل الفصل جاز البناء والا فقولان.
الصحيح منعه.
وقيل فى جوازه قولان مطلقا.
وقال البندنيجى وغيره وجهان.
أصحهما الجواز.
واذا جوزنا له البناء ففى جوازه لغيره الخلاف السابق.
والمذهب أنه لا يجوز.
وكذا الحكم لو مات فى خلال الأذان فالمذهب أنه لا يجوز البناء.
وبه قطع صاحب الحاوى والدارمى.
ثم قال
(1)
: والمستحب لمن سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول.
الا فى الحيعلتين فإنه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله.
لما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذا قال المؤذن الله اكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر.
ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله.
ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله.
ثم قال حى على الصلاة، قال لا حول ولا قوة الا بالله.
ثم قال حى على الفلاح قال لا حول ولا قوة الا بالله.
ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر.
(1)
المجموع فى الفقه شرح المهذب للنووى ج 13 ص 115، ص 116 الطبعة السابقة.
ثم قال لا اله الا الله قال لا اله الا الله من قلبه دخل الجنة».
فإن سمع ذلك وهو فى الصلاة لم يأت بها فى الصلاة، فاذا فرغ أتى بها.
فان كان فى قراءة أتى بها ثم رجع الى القراءة لأنها تفوت والقراءة لا تفوت.
ثم يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم.
لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على فان من صلى على صلاة صلّى الله عليه بها عشرا.
ثم يسأل الله الوسيلة فيقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته.
لما روى جابر رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «من قال حين يسمع النداء ذلك حلت له شفاعتى يوم القيامة» .
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه يستحب لمن سمع الاقامة أن يقول مثل ما يقول إلا فى الحيعلة فإنه يقول لا حول ولا قوة الا بالله.
وفى لفظ الاقامة يقول أقامها الله وأدامها.
لما روى أبو امامة رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذلك.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(2)
: أنه يحرم أن يؤذن غير المؤذن الراتب الا باذنه الا أن يخاف فوت التأذين لها كالامام جزم به أبو المعالى.
ومتى جاء الراتب وقد اذن غيره قبله أعاد الراتب الأذان نص عليه قال فى الانصاف استحبابا.
وجاء فى المغنى
(3)
: أن من أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد اذا دخل الوقت.
ثم قال ويستحب للمؤذن أن يكون متطهرا من الحدث الأصغر والجنابة جميعا.
لما روى أبو هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «لا يؤذن الا متوضئ» رواه الترمذى وروى موقوفا على أبى هريرة وهو أصح من المرفوع.
فان أذن محدثا جاز لأنه لا يزيد على قراءة القرآن والطهارة غير مشروطة له وان أذن جنبا فعلى روايتين.
(1)
المرجع السابق لابى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 3 ص 122 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور بن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منته الارادات للشيخ منصور بن يوسف البهوتى ج 1 ص 167 طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة 1319 هـ الطبعة الاولى والاقناع ج 1 ص 79 طبع المطبعة المصرية بمصر سنة 1351 هـ.
(3)
المغنى لابن قدامة المقدسى ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين أبى الفرج بن أحمد بن قدامة المقدسى ج 1، ص 425، 428 الطبعة الأولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة 1348 هـ.
احداهما لا يعتد به وهو قول اسحاق.
والأخرى يعتد به.
قال أبو الحسن الآمدى هو المنصوص عن أحمد وقول أكثر أهل العلم، لأنه أحد المحدثين فلم يمنع صحته كالآخر.
ووجه الرواية الأولى ما روى عن وائل بن حجر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «حق وسنة أن لا يؤذن أحد الا وهو طاهر» ولأنه ذكر مشروع للصلاة فأشبه القراءة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه يكره ترك الأذان للصلوات الخمس، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كانت صلواته بأذان واقامة والأئمة بعده وأمر به.
قال مالك بن الحرث أتيت النبى صلى الله عليه وسلم أنا ورجل نودعه فقال اذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أكبركما متفق عليه.
وظاهر كلام الخرقى أن الأذان سنة مؤكدة وليس بواجب - لأنه جعل تركه مكروها.
وقال أبو بكر بن عبد العزيز هو من فروض الكفايات وهذا قول أكثر أصحابنا.
وقال عطاء والأوزاعى هو فرض، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر به مالكا وصاحبه وداوم عليه هو وخلفاؤه وأصحابه.
والأمر يقتضى الوجوب.
ومداومته على فعله دليل على وجوبه.
ولأنه من شعائر الاسلام الظاهرة فكان فرضا كالجهاد.
فعلى قول أصحابنا اذا قام به من تحصل به الكفاية سقط عن الباقين، لأن بلالا كان يؤذن للنبى صلى الله عليه وسلم فيكتفى به.
وان صلى مصل بغير أذان ولا اقامة فالصلاة صحيحة على القولين.
لما روى عن علقمة والأسود أنهما قالا دخلنا على عبد الله فصلى بنا بلا أذان ولا اقامة رواه الأثرم ولا أعلم أحدا خالف فى ذلك الا عطاء.
قال «ومن نسى الاقامة يعيد» .
والأوزاعى قال مرة يعيد ما دام فى الوقت.
فان مضى الوقت فلا اعادة عليه.
وهذا شذوذ.
والصحيح قول الجمهور.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(2)
: أنه لا يجوز أن يؤذن لصلاة قبل دخول وقتها.
الا صلاة الصبح فقط فانه يجوز أن يؤذن لها قبل طلوع الفجر الثانى بمقدار ما يتم المؤذن أذانه وينزل من المنار أو من العلو
(1)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 431، 432 الطبعة السابقة.
(2)
المحلى للعلامة ابن حزم الظاهرى ج 3 ص 117، ص 11 مسألة رقم 314 طبع مطبعة ادارة الطباعة المنيرية سنة 1350 هـ الطبعة الأولى.
ويصعد مؤذن آخر ويطلع الفجر قبل ابتداء الثانى فى الأذان.
ولا بد لها من أذان ثان بعد الفجر
ولا يجزئ لها الأذان الذى كان قبل الفجر لأنه أذان سحور لا أذان للصلاة.
ولا يجوز أن يؤذن لها قبل المقدار الذى ذكرنا.
وروى من طريق زبيد اليامى عن ابراهيم النخعى قال: كانوا اذا أذن المؤذن بليل قالوا له: اتق الله وأعد أذانك.
وعن عائشة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ولم يكن بينهما الا أن ينزل هذا ويصعد هذا.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه لا يجوز أن يؤذن ويقيم الا رجل بالغ عاقل مسلم مؤد لألفاظ الأذان والاقامة حسب طاقته.
ولا يجزئ أذان من لا يعقل حين أذانه لسكر أو نحو ذلك فاذا أذن البالغ لم يمنع من لم يبلغ من الأذان بعده.
برهان ذلك أن النساء لم يخاطبن بالأذان للرجال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فليؤذن لكم أحدكم فانما أمر بالأذان من من ألزم الصلاة فى جماعة وهم الرجال فقط لا النساء والصبى والمجنون والذاهب العقل بسكر غير مخاطبين فى هذه الأحوال.
وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة: فذكر الصبى والمجنون والنائم والأذان مأمور به لا تجزئ صلاة الفريضة فى جماعة بدونه فلا يجزئ أداؤه الا من مخاطب به بنية أدائه ما أمر به وغير الفرض لا يجزئ عن الفرض.
ثم قال
(2)
: وأما من لم يؤد ألفاظ الأذان متعمدا فلم يؤذن كما أمر ولا أتى بألفاظ الأذان التى أمر بها فهذا لم يؤذن أصلا.
وأما الكافر فليس أحدنا ولا مؤمنا وانما الزمنا أن يؤذن لنا أحدنا.
ثم قال
(3)
: وأما من لم يؤد ألفاظ الأذان الأذان فان فعل ولم يؤذن الا للأجرة لم يجز أذانه ولا أجزأت الصلاة به.
وجاء فى موضع آخر
(4)
: انه لا يجوز تنكيس الأذان ولا الاقامة ولا تقديم مؤخر منها على ما قبله فمن فعل ذلك فلم يؤذن ولا أقام ولا صلى بأذان ولا اقامة.
والكلام جائز
(5)
: بين الاقامة والصلاة، طال الكلام أو قصر.
(1)
المرجع السابق لابن حزم الطاهرى ج 3، ص 140 مسألة رقم 323 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لابى حزم الطاهرى ج 3 ص 141 الطبعة السابقة.
(3)
المحلى للعلامة ابن حزم الظاهرى ج 3 ص 145 مسألة رقم 327 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق للعلامة ابن حزم الظاهرى ج 3 ص 161 مسألة رقم 332.
(5)
المرجع السابق للعلامة ابن حزم الظاهرى ج 3 ص 162، ص 163 مسألة رقم 334 الطبعة السابقة.
ولا تعاد الاقامة لذلك.
ولا يوجد دليل يوجب اعادة الاقامة أصلا.
ولا خلاف بين الأئمة فى أن من تكلم بين الاقامة والصلاة أو أحدث فانه يتوضأ ولا تعاد الاقامة لذلك.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(1)
: أنه اذا كان المؤذن غير مستقبل للقبلة فان أذانه يصح.
وفى شرح الابانة اذا تعمده فى التكبير والشهادتين أعاد.
ثم قال
(2)
: ولا يقيم الا المؤذن قاله الناصر والبعض - فان تعذرت الاقامة من المؤذن أعاد غيره الأذان ثم أقام.
ولا يقيم
(3)
الا وهو متطهر ولا يضر احداثه بعدها.
يعنى أنه لو أحدث بعد الاقامة فقد أجزأت الاقامة أهل المسجد ولا تلزمهم الاعادة لها ذكره المؤيد بالله.
وهل يجزيه هو فلا يعيد الاقامة بعد الوضوء؟
ظاهر كلام المؤيد بالله أنها لا تجزيه.
لأنه قال ولو أحدث بعد الاقامة للجماعة كانت مجزئة لهم وبطل اجزاؤها له.
لكن ضعف ذلك المتأخرون لأن اقامته وقعت صحيحة فكما أنه لو أقام غيره اكتفى به ولو توضأ بعد اقامة المقيم فأولى وأحرى اذا أقام هو بنفسه اقامة صحيحة ثم أحدث بعدها.
وحمل قول المؤيد بالله على أنها انما فسدت عليه بطول الفصل بينها وبين الصلاة لا بمجرد الحدث.
وقد ذكر ذلك أبو جعفر.
قال مولانا عليه السلام وهذا يفتقر الى دليل أعنى أن طول الفصل يفسد الاقامة ويوجب اعادتها حتما ولا أعرف على ذلك دليلا وفوق كل ذى علم عليم.
وانما المعروف أنه يكره الفصل ولم يفرقوا بين طوله وقصره.
فاذا أقيم للعصر مثلا
(4)
فى أول وقتها أجزأ من صلى وقت الاضطرار فى ذلك المكان فلا يحتاج الى اعادة الاقامة لنفسه كما يجزى الأذان.
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار فى فقه الأئمة الاطهار مع حواشيه للعلامة أبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 220 الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة 1357 هـ.
(2)
المرجع السابق لابى الحسن عبد الله ابن مفتاح ج 1 ص 223 وهامشه الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 221، الطبعة السابقة.
(4)
هامش شرح الازهار ج 1 ص 222 الطبعة السابقة.
مذهب الإمامية:
جاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
: أنه يشترط فى الأذان والاقامة النية ابتداء واستدامة على نحو سائر العبادات.
فلو أذن وأقام لا بقصد القربة لم يصح.
وكذا لو تركها فى الأثناء.
نعم لو رجع اليها وأعاد ما أتى به من الفصول لا مع القربة معها صح ولا يجب الاستئناف.
ويعتبر تعيين الصلاة التى يأتى بالأذان والاقامة لها.
فلو لم يعين لم يكف.
كما أنه لو قصد بها صلاة لا يكفى لأخرى بل يعتبر الاعادة والاستئناف.
ثم قال
(2)
: ويشترط الترتيب بين الأذان والاقامة فيقدم الأذان على الاقامة.
قال فى الجواهر ويشترط الترتيب بين الأذان والاقامة نفسهما فمع نسيان حرف من الأذان يعيد من ذلك الحرف الى الآخر.
وفى موثق عمار: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل نسى من الأذان حرفا فذكره حين فرغ من الأذان والاقامة قال عليه السلام يرجع الى الحرف الذى نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف الى آخره.
ويشترط كذلك
(3)
الترتيب بين فصول كل من الأذان والاقامة.
ففى صحيح زرارة من سها فى الأذان فقدم وأخر أعاد على الأول الذى أخره حتى يمضى على آخره.
ولو قدم الاقامة على الأذان عمدا أو جهلا أو سهوا أعادها بعد الأذان ليحصل له الترتيب بينهما.
ثم قال
(4)
: واذا حصل الفصل الطويل المخل بالموالاة يعيد من الأول من غير فرق بين العمد وغيره لأن الموالاة بين الفصول من كل من الأذان والاقامة شرط.
وكذا بين الأذان والاقامة.
وبينهما وبين الصلاة.
فالفصل الطويل المخل بحسب عرف المتشرعة بينهما أو بينهما وبين الصلاة مبطل.
ويشترط الاتيان بالأذان والاقامة
(5)
: على الوجه الصحيح بالعربية.
فلا يجزئ ترجمتها.
(1)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 581 طبع مطبعة النجف الاشرف الطبعة الثانية سنة 1381 هـ، سنة 1961 م.
(2)
المرجع السابق للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 586 الطبعة السابقة.
(3)
مستمسك العروة الوثقى ج 5 ص 587.
(4)
المرجع السابق ج 5 ص 588.
(5)
المرجع السابق ج 5 ص 589.
ولا مع تبديل حرف بحرف.
ويشترط كذلك دخول الوقت.
فلو أتى بهما قبله ولو عن غير عمد لم يجتزئ بهما وان دخل الوقت فى الأثناء.
نعم لا يبعد جواز تقديم أذان الفجر للاعلام وان كان الأحوط اعادته بعده.
ويستحب عدم التكلم
(1)
فى أثناء الأذان والاقامة، بل يكره بعد قد قامت الصلاة للمقيم بل لغيره أيضا فى صلاة الجماعة الا فى تقديم امام بل مطلق ما يتعلق بالصلاة كتسوية صف ونحوه بل يستحب له اعادة الاقامة حينئذ.
لما فى صحيح ابن مسلم لا تتكلم اذا أقمت الصلاة فانك اذا تكلمت أعدت الاقامة.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: ومن ترك الاذان والاقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطع الصلاة لتداركها.
نعم اذا كان عن نسيان جاز له القطع ما لم يركع كما هو المشهور لصحيح الحلبى عن أبى عبد الله عليه السلام قال: اذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف فأذن وأقم.
وجاء فى مفتاح الكرامة
(3)
: أنه قيل أن تركهما ناسيا مضى فى صلاته ولا اعادة عليه وان تعمد رجع ما لم يركع.
وعن الحسن: من نسى الأذان فى الصبح أو المغرب قطع الصلاة وأذن وأقام ما لم يركع.
وكذا ان نسى الاقامة من الصلوات كلها رجع الى الاقامة ما لم يركع.
فان كان قد ركع مضى فى صلاته ولا اعادة عليه الا أن يكون تركه متعمدا استخفافا فعليه الاعادة.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(4)
:
أنه لو نام فى خلال الأذان والاقامة أو جن أو أغمى عليه أو سكر ثم أفاق جاز له البناء ما لم تفت الموالاة مراعيا لشرطية الطهارة فى الاقامة.
لكن الأحوط الاعادة فيها مطلقا خصوصا فى النوم وكذا لو ارتد عن ملة ثم تاب.
ولو أذن منفردا
(5)
: ثم بدا له الامامة يستحب له اعادتهما.
ولو أحدث فى أثناء الاقامة أعادها بعد الطهارة بخلاف الأذان.
(1)
المرجع السابق ج 5 ص 597، ص 598.
(2)
المرجع السابق للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 605 الطبعة السابقة.
(3)
مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة للسيد محمد بن محمد بن الحسينى العاملى ج 2 ص 301 بالمطبعة الرضوية.
(4)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 610، ص 611 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق ج 5 ص 612 الطبعة السابقة.
نعم يستحب فيه أيضا الاعادة بعد الطهارة.
وجاء فى مفتاح الكرامة
(1)
: أنه يكره للجماعة الثانية الأذان والاقامة ان لم تتفرق الاولى والا استحبا.
وفى المقنعة والتهذيب: اذا صلى فى مسجد جماعة لا يجوز أن يصلى فيه دفعة أخرى بأذان واقامة ويعيدهما
(2)
المنفرد لو أراد الجماعة أفتى بذلك الأصحاب كما فى الذكرى وجامع المقاصد.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(3)
: أنه يسقط الأذان والاقامة فى موارد.
أحدها: للداخل فى الجماعة التى أذنوا لها وأقاموا وان لم يسمعها ولم يكن حاضرا حينهما أو كان مسبوقا بل مشروعية الاتيان بهما فى هذه الصورة لا تخلو عن اشكال.
ويشهد لذلك موثق عمار عن أبى عبد الله عليه السلام عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلى وحده فيجئ آخر فيقول له: نصلى جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والاقامة؟
قال عليه السلام لا ولكن يؤذن ويقيم.
وخبر معاوية بن شريح عن أبى عبد الله عليه السلام: من أدرك الامام وهو فى الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ومن أدركه وقد رفع رأسه عن السجدة الأخيرة وهو فى التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولا اقامة ومن أدركه وقد سلم فعليه الأذان والاقامة.
وجاء فى الروضة البهية
(4)
: أنه يكره الكلام فى خلالهما - أى الأذان والاقامة - خصوصا الاقامة، ولا يعيده به ما لم يخرج به عن الموالاة، ويعيدها به مطلقا على ما افتى به المصنف وغيره، والنص ورد باعادتهما بالكلام بعدها.
ولا يعيد الأذان بالكلام اذا لم يخرج بالكلام عن الموالاة، ويعيد الاقامة بالكلام مطلقا خرج به عن الموالاة أم لم يخرج.
وجاء فى شرائع الاسلام
(5)
: أنه لا يؤذن الا بعد دخول الوقت وقد رخص تقديمه على الصبح لكن يستحب اعادته بعد طلوعه.
ومن أحدث فى الصلاة تطهر وأعاده، ولا يعيد الاقامة الا أن يتكلم.
(1)
من كتاب مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة للسيد محمد بن محمد بن الحسينى العاملى المجاور بالنجف الاشرف ج 2 ص 265 طبع مطبعة القاهرة المصرية بالمطبعة الرضوية سنة 1324 هـ بمصر.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 296 الطبعة السابقة.
(3)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 562 الطبعة السابقة.
(4)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج 1 ص 73 وهامشها طبع مطبعة دار الكتاب العربى بمصر سنة 1379.
(5)
شرائع الاسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق للحلى ج 1 ص 50، ص 51 طبع دار مكتبة الحياة ببيروت سنة 1295 هـ.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(1)
: أن من شروط الأذان دخول الوقت، ولا يجوز قبله لغير صبح اجماعا، ولا يجوز قبله لصبح وفيه خلاف.
فقد قيل: لا يؤذن قبله فان أذن له قبله أعاد الأذان كغير الصبح اذا أذن قبله أعاده عنده، وذلك لأن الأذان اعلام بوقت الصلاة وأمر بها.
وان أذن قبل الوقت ولم يتم حتى دخل الوقت أعاد.
وكذا الاقامة.
وقيل: لا يعيدها وقيل الصبح له أذان قبله أول السدس الآخر.
وقيل الثلث.
وقيل قدر ما يطهر الجنب وآخر عنده.
وقيل يجوز أن يؤذن عنده فاذا أذن قبله كفى عن الأذان عنده.
وقيل يؤذن قبله ويثوب عند ظهوره كثيرا.
والمختار أن يعيد الأذان ان تكلم معه أو أكل أو شرب.
وقيل لا يعيد.
وفى قول ثالث: أنه ان تكلم بغير حاجة أعاد.
وان تكلم بحاجة فلا اعادة عليه.
ووجوب الموالاة الا لضرورة كفصل عطسة أو سعال أو بكاء لأخروى أو لأمر اذا بكى ضرورة أو كتنجية لا يمكن الأذان معها أو لا يسمع.
وقيل يستأنف اذا نجى وكذلك ان أخذ فى الأذان، ثم استمسك به للحق فليجب ويستأنف.
ثم قال
(2)
: ويشترط فى الأذان أن يكون من قيام ويعيد ان قعد فى الأذان بلا عذر.
وقيل لا.
وقيل باشتراط ارتفاع المكان ان أمكن فان أذن على مكان منخفض أعاد أذانه.
وان غلط فى الأذان بحرف أو حرفين - قيل أو أكثر أعاد من هناك.
وجاز بلا كراهة مع التنقل من مكان لآخر لعذر ان لم يكن الى مكان لا يسمع منه والتنجية وان لمال الغير الذى لم يكن فى ضمانه.
وصح البناء مع التنقل والتنجية.
ولا يعيد الأذان ان انتقل الى مكان لا يسمع منه ويعيد حين يسمعه الناس ولا يشترط المكان الاول.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 323، 324 طبع مطبعة يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة 1343 هـ.
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 235 الطبعة السابقة طبع مطبعة يوسف البارونى.
وان أخذ فى الأذان طفلا ولم يتمه حتى بلغ بنى بخلاف ما اذا أخذ فيه مشركا أو مجنونا فأسلم المشرك وأفاق المجنون قبل تمامه فانه يعيد الأذان.
وكذا ان أذن بعضا أو لم يتمه أو مات فان الأذان يستأنف.
وان أخذ فى أذانه فجن ثم أفاق فى الوقت بنى وان أراد غيره استأنف اذا رآه تجنن.
وان ارتد فى أذانه ثم تاب فقيل يبنى.
وقيل يستأنف.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: ويقيم الفذ لنفسه ان صلى بوقت ومن أوجبها ألزم تاركها الاعادة، اعادة الصلاة باقامة وهى شرط كالوضوء على هذا ولا يعيدها عند من لم يوجبها.
وعند بعضهم ان لم يتعمد تركها بأن نسى حتى كبر تكبيرة الاحرام لا يعيد ولا اقامة عليه ان لم يصل بوقت.
ومن فسدت عليه الصلاة باخلال شرط فأعادها أى أراد اعادتها بوقتها أقام لا أن خرج.
وأن دخلها باكمال ثم انتقضت الصلاة دون الوضوء أعادها بدونها أى بدون الاقامة ولو فى الوقت.
وقيل يعيد باقامة.
وينقضها كلام قبل الاحرام وان قل.
وقيل ان كثر او تعمده أو تعمد.
وقيل ينقضها كلام العمد والأكل والشرب.
وقيل لا ينقضها الكلام لحاجة.
وقيل ينقضها ذلك كله ولو سهوا.
ولا تجوز بحدث أو فى موضع نجس أو بمماسة ما لا يصلى به كالنجاسة ويرفع صوته ويعيد ان أسر.
وقيل تجوز بمماسة ما لا يصلى به ولو نجسا ان كان يابسا لا ينقض الوضوء.
ولا ينتقل بمكان الى آخر لا تسمع منه الاقامة فى الأول ولا ينكس ولا يفرد أو يثلث.
وبنى ان ذهب لاصلاح الفساد ما لم يستدبر أو يذهب الى مكان لا تسمع منه ولم يرجع للأول.
وان انتقل حيث لا يسمع ولم يرجع أعاد.
وقيل لا كما فى الديوان.
وان تجنن فيها أو أحدث ببول أو نجو غائط أو اتصل به نجس من غيره أعادها لا ان أحدث بقئ او رعاف أو خدش بل يبنى معهن.
وقيل لا.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل للعلامة محمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 327، ص 328 الطبعة السابقة.
ثم قال
(1)
: وفى اعادة مقيمها لنفسه أو لجماعة ان قعد بعدها أو قعدوا قدر ما تصلى تلك الصلاة قولان.
وان قعد أو قعدوا أكثر أعيدت الاقامة.
ومن أقام بنية الثواب أو ذاهلا بلا نية لصلاة معينة أجزأته وان نوى بها صلاتين صحت للاولى.
وقيل لا تصح لواحدة وهو أصح.
ويعيد الاقامة من أقام للأولى الظهر أو المغرب ظانا أنه لم يصلها أو ظانا أنه صلاها كما لا تجوز فاذا هى صلاها أو صحت.
وكذا من تعمد بها ما صلى جهالة أو عبثا أو ظن فسادها فأعاد لها الاقامة ثم تبين له صحتها.
وقيل لا اعادة فى المسألتين.
حكم اعادة الصلاة للمتيمم
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(2)
: ان من كان بقرب العمران ولا يجد الماء للوضوء يجب عليه طلب الماء قبل التيمم حتى لو تيمم وصلى ثم ظهر الماء لم تجز صلاته، لأن العمران لا يخلو عن الماء ظاهرا وغالبا، والظاهر ملحق بالمتيقن فى الأحكام.
ولو كان بحضرته رجل يمكن أن يسأله عن قرب الماء ولكنه لم يسأله حتى تيمم وصلى، ثم سأله.
فان لم يخبره بقرب الماء فصلاته ماضية.
وان أخبره بقرب الماء توضأ وأعاد الصلاة لأنه تبين أن الماء بقرب منه ولو سأله لأخبره فلم يوجد شرط جواز التيمم وهو عدم الماء.
وان سأله فى الابتداء فلم يخبره حتى تيمم وصلى ثم اخبره بقرب الماء لا يجب عليه اعادة الصلاة لأن المتعنت لا قول له.
فان لم يكن بحضرته أحد يخبر بقرب الماء ولا غلب على ظنه أيضا قرب الماء لا يجب عليه الطلب عندنا.
وذكر الكرخى
(3)
: فى جامعه أن المصلى اذا رأى مع رفيقه ماء كثيرا ولا يدرى أيعطيه أم لا انه يمضى على صلاته، لأن الشروع قد صح فلا ينقطع بالشك.
فاذا فرغ من صلاته سأله فان أعطاه توضأ وأعاد الصلاة، لأن البذل بعد الفراغ دليل البذل قبله.
وان أبى فصلاته ماضية لأن العجز قد تقرر فان أعطاه بعد ذلك لم ينتقض ما مضى، لأن عدم الماء استحكم بالاباء، ويلزمه الوضوء لصلاة أخرى لأن حكم الاباء ارتفض بالبذل.
(1)
المرجع السابق للعلامة محمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 329 الطبعة السابقة
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 47 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 49 طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة 1328 هـ الطبعة الاولى.
وجاء فى العناية على الهداية
(1)
: أنه اذا صلى المسافر بالتيمم والماء فى رحلة فاما أن يكون عالما به بأن وضعه بنفسه أو وضعه غيره بأمره واما أن لا يكون عالما به بأن وضعه غيره بغير أمره.
فان كان الثانى فلا اعادة عليه بالاتفاق، لأن المرء لا يخاطب بفعل غيره.
وان كان الأول وصلى بالتيمم ظنا منه أن الماء قد فقد فعليه الاعادة بلا خلاف، لأن التفريط جاء من قبله وان كان نسيانا منه ثم تذكر فلا اعادة عليه عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى عليه الاعادة سواء تذكر فى الوقت أو بعده، لأن التيمم انما هو لعادم الماء وهذا ليس بعادم له بل هو واجد له عادة، لأن الماء فى رحله ورحله فى يده والنسيان لا يضاد الوجود بل يضاد الذكر فلا ينتفى به الوجدان فصار كما اذا كان فى رحله ثوب فنسيه وصلى عاريا ولأن رحل المسافر معدن الماء عادة وهذا ظاهر وكل ما هو معدن الماء عادة يفترض على المتيمم طلب الماء فيه.
وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، لا نسلم أنه واجد للماء لأن المراد بالوجود القدرة، ولا قدرة الا بالعلم وكذلك ماء الرحل معد للشرب لا للاستعمال.
وذكر الزيلعى
(2)
: أنه لا يعيد الصلاة من صلى بالتيمم ناسيا الماء فى رحله.
وقال أبو يوسف يعيده.
والخلاف فيما اذا وضع الماء بنفسه أو وضعه غيره بأمره أو بغير أمره بعلمه.
فان كان بغير علمه لا يعيد اتفاقا.
ولو ظن أن ماءه قد فنى فتيمم وصلى، ثم تبين أنه لم يفن يعيد بالاجماع لأنه قد علم به فكان الواجب عليه الكشف فلا يعذر بترك الكشف وخطأ الظن.
وجاء فى الدر المختار
(3)
: أن من عجز عن استعمال الماء لبعده أو لمرض أو برد أو لخوف عدو تيمم وصلى ثم ان كان الخوف نشأ بسبب وعيد عبد أعاد الصلاة والا لا لأنه سماوى.
قال ابن عابدين: اعلم أن المانع من الوضوء ان كان من قبل العباد كأسير منعه الكفار من الوضوء ومحبوس فى السجن.
(1)
العناية شرح الهداية للامام أكمل الدين محمد بن محمود البابرتى بهامش فتح القدير للكمال ابن الهمام ج 1 ص 97 طبع المطبعة الكبرى الأميرية بمصر سنة 1315 هـ الطبعة الاولى.
(2)
انظر من تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للامام العالم فخر الدين عثمان الزيلعى ج 1 ص 43 طبع المطبعة الكبرى ببولاق مصر المحمية الطبعة الاولى سنة 1317 هـ.
(3)
حاشية ابن عابدين والدر المختار شرح تنوير الابصار على رد المحتار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج 1 ص 217 الطبعة السابقة.
ومن قيل له: ان توضأت قتلتك جاز له التيمم ويعيد الصلاة اذا زال المانع كذا فى الدرر والوقاية.
أى وأما اذا كان من قبل الله تعالى كالمرض فلا يعيد.
وفى الخلاصة وغيرها أسير منعه العدو من الوضوء والصلاة يتيمم ويصلى بالايماء ثم يعيد فقيد بالايماء لأنه منع من الصلاة أيضا فلو منع من الوضوء فقط صلى بركوع وسجود.
ثم اعلم أنه اختلف فى الخوف من العدو هل هو من الله تعالى فلا اعادة أو من العبد فتجب الاعادة ذهب فى المعراج الى الأول وفى النهاية الى الثانى.
ووفق فى البحر بحمل الثانى على ما اذا حصل وعيد من العبد نشأ منه الخوف فكان من قبل العباد.
وحمل الأول على ما اذا لم يحصل ذلك أصلا بل حصل خوف منه فكان من قبل الله تعالى لتجرده عن مباشرة السبب وان كان الكل منه تعالى خلقا وارادة. وفى الغسل
(1)
اذا كانت المرأة بين رجال تتيمم وكذلك الرجل اذا كان بين نساء فانه يتيمم، والظاهر انه لا اعادة عليه ولا عليها لأن المانع شرعى وهو كشف العورة عند من لا يحل له رؤيتها والمانع منه الحياء وخوف الله تعالى وهما من الله تعالى لا من قبل العباد.
وفى البحر عن المنتقى: أجير لا يجد الماء الا فى نصف ميل لا يعذر فى التيمم وان لم يأذن له المستأجر تيمم وأعاد ولو صلى صلاة أخرى وهو يذكر هذه تفسد.
وجاء فى بدائع الصنائع
(2)
: ان من عجز عن استعمال الماء لمانع مع قرب الماء منه كما اذا كان على رأس بئر ولم يجد آلة الاستقاء.
أو كان بينه وبين الماء عدو أو لصوص أو سبع أو حية يخاف على نفسه الهلاك اذا أتاه.
أو كان معه ماء وهو يخاف على نفسه العطش.
أو كان به جراحة أو مرض يضره استعمال الماء فيخاف زيادة المرض باستعمال الماء.
فانه فى هذه الأحوال يتحقق العجز عن استعمال الماء فيباح له التيمم.
وكذا لو أجنب فى ليلة باردة ويخاف على نفسه الهلاك لو اغتسل ولم يقدر على تسخين الماء ولا على أجرة الحمام فى المصر تيمم وصلى ولا اعادة عليه عند أبى حنيفة.
لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعث سرية وأمر عليهم عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنه وكان ذلك فى غزوة ذات السلاسل فلما رجعوا شكوا منه أشياء من جملتها أنهم قالوا: صلى بنا وهو جنب فذكر
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 217 الطبعة السابقة.
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 47، 48 الطبعة السابقة.
النبى صلى الله عليه وسلم ذلك له فقال.
يا رسول الله أجنبت فى ليلة باردة فخفت على نفسى الهلاك لو اغتسلت فذكرت ما قال الله تعالى: «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً»
(1)
: فتيممت وصليت بهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترون صاحبكم كيف نظر لنفسه ولكم ولم يأمره بالاعادة.
وقال ابو يوسف ومحمد ان كان فى المصر لا يجزئه ووجه قولهما أن الظاهر فى المصر وجود الماء المسخن والدفء فكان العجز نادرا فكان ملحقا بالعدم.
والمحبوس فى المصر
(2)
فى مكان طاهر يتيمم ويصلى ثم يعيد اذا خرج.
وروى الحسن عن ابن حنيفة أنه لا يصلى بالتيمم وهو قول زفر.
وروى عن أبى يوسف أنه لا يعيد الصلاة.
ووجه رواية أبى يوسف أنه عجز عن استعمال الماء حقيقة بسبب الحبس فأشبه العجز بسبب المرض ونحوه فصار الماء عدما معنى فى حقه فصار مخاطبا بالصلاة بالتيمم فالقدرة بعد ذلك لا تبطل الصلاة المؤداة.
ووجه رواية الحسن أنه ليس بعادم للماء حقيقة وحكما.
أما الحقيقة فظاهرة.
وأما الحكم فلأن الحبس ان كان بحق فهو قادر على ازالته بايصال الحق الى المستحق وان كان بغير حق فالظلم لا يدوم فى دار الاسلام بل يرفع فلا يتحقق العجز فلا يكون التراب طهورا فى حقه.
ووجه ظاهر الرواية أن العجز للحال، قد تحقق الا أنه يحتمل الارتفاع فانه قادر على رفعه اذا كان بحق وان كان بغير حق فكذلك، لأن الظلم يدفع وله ولاية الدفع بالرفع الى من له الولاية فأمر بالصلاة احتياطا لتوجه الأمر بالصلاة بالتيمم، لأن احتمال الجواز ثابت، لاحتمال أن هذا القدر من العجز يكفى لتوجيه الأمر بالصلاة بالتيمم، وأمر بالقضاء فى الثانى، لأن احتمال عدم الجواز ثابت لاحتمال أن المعتبر حقيقة القدرة دون العجز الحالى فيؤمر بالقضاء عملا بالشبهين وأخذا بالثقة والاحتياط وصار كالمقيد انه يصلى قاعدا، ثم يعيد اذا أطلق كذا هذا.
وأما المحبوس فى مكان نجس لا يجد ماء ولا ترابا نظيفا فانه لا يصلى عند أبى حنيفة.
وقال أبو يوسف يصلى بالايماء ثم يعيد اذا خرج.
وجاء فى البحر الرائق
(3)
: أنه لو وجد بئرا فيها ماء ولا يمكنه النزول اليه وليس معه
(1)
الآية رقم 29 من سورة النساء.
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 50 الطبعة السابقة.
(3)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق للامام العالم فخر الدين عثمان الزيلعى ج 1 ص 150 الطبعة السابقة.
ما يدليه الا ثوبه أو عمامته لزمه ادلاؤه ثم يعصره ان لم تنقص قيمة الثوب اكثر من ثمن الماء فان زاد النقص على ثمن الماء تيمم وصلى.
ولا اعادة عليه.
وان قدر على استئجار من ينزل اليها بأجرة المثل لزمه ولم يجز التيمم والا جاز التيمم ولا اعادة عليه.
ولو كان معه ثوب ان شقه نصفين وصل الى الماء والا لم يصل فان كان نقصه بالشق لا يزيد على ثمن الماء وثمن آلة الاستقاء لزمه شقه ولم يجز التيمم والا جاز ولا اعادة عليه.
وجاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أن المصلى اذا كان مسافرا محدثا على ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم ومعه من الماء ما يكفى للوضوء فقط أو غسل الثوب فقط فانه يغسل به الثوب ويتيمم للحدث عند عامة العلماء.
فلو بدأ بالتيمم لا يجزئه وتلزمه الاعادة لأنه قدر على الماء ولو توضأ به تجوز به صلاته.
وان وجد الماء فى الصلاة فان وجده قبل أن يقعد قدر التشهد الاخير انتقض تيممه وتوضأ به واستقبل الصلاة عندنا، لأن طهارة التيمم انعقدت ممدودة الى غاية وجود الماء فتنته عند وجود الماء فلو أتم الصلاة لأتم بغير طهارة وهذا لا يجوز.
وهذا اذا وجد
(2)
: فى الصلاة ماء مطلقا.
فان وجد سؤر حمار مضى على صلاته، لأنه مشكوك فيه وشروعه فى الصلاة قد صح فلا يقطع بالشك بل يمضى على صلاته فاذا فرغ منها توضأ به وأعاد الصلاة لأنه ان كان مطهرا فى نفسه ما جازت صلاته وان كان غير مطهر فى نفسه جازت به صلاته فوقع الشك فى الجواز فيؤمر باعادة الصلاة احتياطا.
وان وجد نبيذ التمر انتقض تيممه عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى لأنه بمنزلة الماء المطلق عند عدمه عنده.
وعند ابى يوسف رحمه الله تعالى لا ينتقض لأنه لا يراه طهورا أصلا.
وعند محمد رحمه الله تعالى يمضى على صلاته ثم يعيدها كما فى سؤر الحمار.
هذا كله اذا وجد الماء فى الصلاة.
فأما اذا وجده بعد الفراغ من الصلاة فان كان بعد خروج الوقت فليس عليه اعادة ما صلى بالتيمم بلا خلاف.
وان كان فى الوقت فكذلك عند عامة العلماء لأن الله تبارك وتعالى علق جواز التيمم بعدم الماء فاذا صلى حالة العدم فقد أدى الصلاة بطهارة معتبرة شرعا فيحكم بصحتها فلا معنى لوجوب الاعادة.
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 75، ص 58 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 59 الطبعة السابقة.
وروى أن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تيمما من جنابة وصليا وأدركا الماء فى الوقت فأعاد أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر فقال النبى صلى الله عليه وسلم للذى أعاد أما أنت فقد أوتيت أجرك مرتين وقال للآخر أما أنت فقد أجزأتك صلاتك عنك، وهذا ينفى وجوب الاعادة.
وجاء فى الدر المختار
(1)
: أن من سنن الوضوء غسل اليدين الى الرسغين ولا يدخل يديه فى الاناء حتى لا يصير الماء مستعملا.
ولو كانت يداه نجستين ولم يمكنه الاغتراف تيمم وصلى ولا اعادة عليه.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(2)
أن طلب الماء عند القدرة على استعماله شرط فى صحة التيمم لكل صلاة عند القيام لها.
قال ابن رشد فى سماع أبى زيد لو ترك طلب الماء عند من يليه ممن يرجو وجوده عنده ويظن أنه لا يمنعه وتيمم وصلى لوجب عليه أن يعيد أبدا اذا وجد الماء.
ونقل اللخمى والمازرى عن اصبغ انه اذا لم يسأل فى الرفقة الكثيرة لم يعد وفى الرفقة الصغيرة يعيد فى الوقت وان كانوا رجلين أو ثلاثة أعاد أبدا.
وضعف اللخمى والمازرى قول اصبغ بأن توجه الخطاب بالطلب من النفر اليسير من الرفقة الكثيرة كتوجهه لو كانوا بانفرادهم.
قال فى التوضيح قال اللخمى ولا وجه أيضا لايجابه الاعادة بعد خروج الوقت اذا كانوا مثل الرجلين والثلاثة وقال أرى ان كان الغالب عنده أنهم يعطونه اذا طلب أن يعيد أبدا فى الموضعين.
وان أشكل الأمر ولم يطلب جاز أن يقال يعيد فى الوقت لأن الأصل الطلب.
فتحصل من هذا أنه اذا ترك الطلب ممن يليه ويغلب على ظنه أنه يعطيه أنه يعيد أبدا على ما قاله اللخمى وابن رشد سواء ترك ذلك من رفقة قليلة أو كثيرة، خلافا لأصبغ.
وان كان يشك فى اعطائهم يعيد فى الوقت على ما قال اللخمى من غير تفصيل أيضا خلافا لأصبغ فى تفصيله فتأمله.
وقال ابن عرفة أجيب عن تفرقة أصبغ بأن الثلاثة مظنة وجود الماء لامتناع اتكالهم على غيرهم لانفرادهم ورد بأنه لو كان لعلمه لأن علم حال الثلاثة الرفقاء أقرب من علم حال غيرهم.
ولو طلب الماء ممن يليه فقالوا ليس عندنا ماء فتيمم ثم وجد الماء عندهم فقال فى سماع ابن أبى زيد ان كانوا ممن يظن أنهم لو علموا بالماء لم يمنعوه فليعد فى الوقت.
(1)
رد المحتار على الدر المختار ج 1، 79 الطبعة السابقة.
(2)
من كتاب مواهب الجليل شرح مختصر أبى الصّياء سيدى خليل للحطاب وبهامشه التاج والاكليل لمختصر خليل لابى عبد الله محمد ابن يوسف الشهير بالمواق ج 1 ص 345، ص 347 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1358 هـ الطبعة الاولى.
وان كان يظن أنه لو كان معهم ماء منعوه فلا اعادة عليه.
قال ابن رشد وهذا كما قال لأن وجود الماء عند من يقرب منه فمن كان يلزمه طلبه بعد أن طلبه منه كوجوده عند نفسه فيعيد فى الوقت استحبابا لأنه فعل ما افترض عليه.
وقال أصبغ يعيد أبدا.
وقول مالك هو الصحيح.
قال البساطى
(1)
ان الحدث الأصغر لا يلزمه استحضاره حال التيمم بل يكفى فيه استباحة الصلاة من غير ذكر المتعلق وفى الحدث الأكبر لا بد من استحضار المتعلق فان ترك عامدا أعاد أبدا أو ناسيا أعاد فى الوقت هذا هو المشهور.
وقيل يعيد فى الوقت.
وقيل لا اعادة.
وما ذكره فى نية الحدث الأصغر هو ظاهر كلامهم.
وأما ما ذكره أنه هو المشهور فى الاعادة فخلاف المشهور.
قال ابن الحاجب فان نسى الجنابة لم يجزه على المشهور ويعيد أبدا.
قال ابن ناجى فى شرح المدونة وتعليله فيها بأن التيمم انما كان للوضوء لا الغسل يدل على أن الاعادة أبدا وهو قول مالك فى الواضحة.
وكل من كان مقصرا
(2)
فى طلب الماء فحكمه أن يعيد فى الوقت فان لم يعد فى الوقت فصلاته صحيحة.
وظاهر كلام خليل سواء ترك الاعادة فى الوقت ناسيا أو عامدا والمسألة فى المقدمات
وقال ابن الحاجب أنها مفروضة فى الناسى والظاهر أن العامد كذلك وصحت الصلاة ان لم يعد.
قال البساطى هذا مستغن عنه لأن الاعادة فى الوقت تدل عليه.
قال الحطاب ليس مستغنى عنه بل ذكر لينبه على المشهور فى المسألة فان من أمر بالاعادة فى الوقت فلم يعد فيه اختلف فى حكمه فالمشهور لا اعادة عليه.
وقال ابن حبيب يعيد.
قال ابن الحاجب وكل من أمر أن يعيد فى الوقت فنسى بعد أن ذكر لم يعد بعده.
وقال ابن حبيب يعيد ومن طلب الماء فلم يجده فتيمم ثم وجد الماء بقربه فانه يعيد فى الوقت لتقصيره فى الطلب.
قال فى سماع أبى زيد فيمن نزلوا بصحراء ولا ماء لهم ثم وجدوا الماء قريبا جهلوه يعيدون فى الوقت قال ابن رشد استحبابا وعزاه القرافى لسماع موسى وليس فيه وعزاه ابن عرفة لسماع أبى زيد وتواجده فى رحلة بعد أن كان ضل عنه فى رحله وطلبه فلم يجده.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 345، ص 346 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 357،
والمتردد فى لحوق الماء فانه يعيد ولو تيمم فى وقته المقدر له فأحرى اذا قدم.
أما المتردد فى وجوده فانه لا اعادة عليه مطلقا سواء تيمم فى وقته أو قدم ونص عليه فى التوضيح.
وقال فى الشامل وان قدم الشاك فى وجود الماء لم يعد وان قدم الشاك فى ادراكه فيعيد فى الوقت لتقصيره وصحت ان لم يعد كمريض عدم مناولا وناس ذكر بعد صلاته.
والمراد بالوقت فى هذه المسائل كلها الوقت المختار والناسى للماء ان علم به فى الصلاة قطع وان علم به بعد الصلاة أعاد فى الوقت.
قال
(1)
: والعاجز عن استعمال الطهارة لمرض أو عدو أو سبع أو عدم قدرة حتى لا يمكنه تطهير بماء أو تراب مختلف فيه على ستة أقوال:
الأول: قال مالك وابن نافع لا صلاة ولا قضاء.
الثانى: قال ابن القاسم يصلى ويقضى.
الثالث: يصلى ولا يعيد قاله أشهب.
الرابع: يصلى اذا قدر قاله اصبغ.
الخامس: لا يصلى ويعيد قاله الذى قال يومئ الى التيمم وهو أبو الحسن القابسى.
والسادس: يومئ الى التيمم أشار اليه متأخرا.
وان تيمم المصلى
(2)
: لنافلة أو قراءة مصحف ثم صلى المكتوبة أعاد صلاته أبدا فى الوقت وخارجه.
وقال ابن سحنون سئل ابن القاسم فيمن تيمم لركعتى الفجر فصلى به الصبح أو تيمم لنافلة فصلى به الظهر أنه يعيد فى الوقت.
وقال البرقى عن أشهب تجزئه صلاة الصبح بتيمم ركعتى الفجر ولا يجزئه اذا تيمم لنافلة أن يصلى به الظهر.
وقال ابن حبيب اذا تيمم لنافلة فصلى به فريضة أعاد أبدا.
وان تيمم لفريضة فتنفل قبلها أعاد فى الوقت وهو كلام ابن يونس ونحوه فى التوضيح ونقله ابن عرفة وغيره.
ومحصله أن يتيمم لفريضة فصلى قبلها نافلة أو ركعتى الفجر أو يتيمم لنافلة أو ركعتى الفجر ثم صلى بعد ذلك فريضة فقال فى الموازية يعيد أبدا فى الصورة الأولى فيعيد فى الثانية من باب أولى ثم رجع فقال يعيد فى الصورة الأولى فى الوقت وفى الثانية أبدا.
وقال ابن حبيب أيضا.
وقال سحنون يعيد فى الصورة الثانية.
(1)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 360 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق وهامشه التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل الشهير بالمواق ج 1 ص 340، 341 الطبعة السابقة.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب
(1)
: لا يجوز للعادم للماء أن يتيمم الا بعد الطلب.
لقول الله عز وجل: «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا»
(2)
.
ولا يقال لم يجد الا بعد الطلب.
ولأنه بدل أجيز عند عدم المبدل فلا يجوز فعله الا بعد ثبوت العدم كالصوم فى الكفارة لا يفعله حتى يطلب الرقبة ولا يصلح الطلب الا بعد دخول الوقت لأنه انما يطلب ليثبت شرط التيمم وهو عدم الماء فلم يجز فى وقت لا يجوز فيه فعل التيمم.
وان طلب فلم يجد فتيمم ثم طلع عليه ركب قبل ان يدخل فى الصلاة لزمه أن يسألهم عن الماء.
فان لم يجد معهم أعاد التيمم لأنه لما توجه عليه الطلب بطل التيمم.
وان طلب ولم يجد جاز له التيمم لقول الله تبارك وتعالى: «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا» }.
فان تيمم وصلى ثم علم أنه كان فى رحله ماء نسيه لم تصح صلاته وعليه الاعادة على المنصوص لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالنسيان كما لو نسى عضوا من أعضائه فلم يغسله.
وروى أبو ثور عن الشافعى رحمه الله تعالى أنه قال تصح صلاته ولا اعادة عليه لأن النسيان عذر حال بينه وبين الماء فسقط الفرض بالتيمم كما لو حال بينهما سبع.
وان كان فى رحله ماء فأخطأ رحله فطلبه فلم يجده فتيمم وصلى ففيه وجهان.
قال أبو على الطبرى رحمه الله تعالى لا تلزمه الاعادة لأنه غير مفرط فى الطلب.
ومن أصحابنا من قال تلزمه لأنه فرط فى حفظ الرحل فلزمته الاعادة.
وان لم يجد ماء ولا ترابا صلى على حسب حاله وأعاد الصلاة لان الطهارة شرط من شروط الصلاة فالعجز عنها لا يبيح ترك الصلاة كستر العورة وازالة النجاسة واستقبال القبلة والقيام والقراءة ولو تيمم المصلى
(3)
لعدم الماء ثم رأى الماء فان كان قبل الدخول فى الصلاة بطل تيممه لأنه لم يحصل المقصود فصار كما لو كان رأى الماء فى أثناء التيمم.
وان رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة نظرت.
فان كان فى الحضر أعاد الصلاة لأن عدم الماء فى الحضر عذر نادر غير متصل فلم يسقط معه فرض الاعادة كما لو صلى بنجاسة نسيها.
(1)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 34، ص 35 طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
(2)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
(3)
المرجع السابق لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 36، ص 37 الطبعة السابقة.
وان كان فى السفر نظرت فان كان فى سفر طويل لم يلزمه الاعادة، لأن عدم الماء فى السفر عذر عام فسقط معه فرض الاعادة كالصلاة مع سلس البول.
وان كان فى سفر قصير ففيه قولان.
أشهرهما أنه لا تلزمه الاعادة لأنه موضع يعدم فيه الماء غالبا فأشبه السفر الطويل.
وقال البويطى لا يسقط الفرض عنه، لأنه لا يجوز له القصر، فلا يسقط الفرض عنه بالتيمم، كما لو كان فى الحضر.
وان كان فى سفر معصية ففيه وجهان.
أحدهما تجب عليه الاعادة لأن سقوط الفرض بالتيمم رخصة تتعلق بالسفر والسفر معصية فلا يجوز أن تتعلق به رخصة.
والثانى لا يجب لأنا لما أوجبنا عليه ذلك صار عزيمة فلا تلزمه الاعادة.
وان كان معه فى السفر ماء ودخل عليه وقت الصلاة فأراقه أو شربه من غير حاجة وتيمم وصلى ففيه وجهان.
أحدهما تلزمه الاعادة. لأنه مفرط فى اتلافه.
والثانى: لا تلزمه الاعادة لأنه تيمم وهو عادم للماء فصار كما لو أتلفه قبل دخول الوقت.
وان رأى الماء فى أثناء الصلاة نظرت.
فان كان فى الحضر بطل تيممه وصلاته لأنه تلزمه الاعادة لوجود الماء وقد وجد الماء فوجب أن يشتغل بالاعادة.
وان كان فى السفر لم يبطل تيممه.
وقال المزنى يبطل.
والمذهب الأول لأنه وجد الأصل بعد الشروع فى المقصود فلا يلزمه الانتقال اليه كما لو حكم بشهادة شهود الفرع ثم وجد شهود الأصل:
وهل يجوز الخروج منها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز واليه أشار فى البويطى لأن ما لا يبطل بالطهارة والصلاة لم يبح الخروج منها كسائر الأشياء.
وقال أكثر أصحابنا يستحب الخروج منها كما قال الشافعى رحمه الله تعالى فيمن دخل فى صوم الكفارة ثم وجد الرقبة أن الأفضل أن يعتق.
فان رأى الماء فى الصلاة فى السفر ثم نوى الاقامة بطل تيممه وصلاته لأنه اجتمع حكم السفر والحضر فى الصلاة فوجب أن يغلب حكم الحضر ويصير كأنه تيمم وصلى وهو حاضر ثم رأى الماء.
وان رأى الماء فى أثناء الصلاة فى السفر فأتمها وقد فنى الماء لم يجز له أن يتنفل حتى يجدد التيمم لأن برؤيته الماء حرم عليه افتتاح الصلاة.
وان رأى الماء فى صلاة نافلة فان كان قد نوى عددا أتمها كالفريضة وان لم ينو عددا سلم من ركعتين ولم يرد عليهما.
وان تيمم للمرض وصلى ثم برئ لم تلزمه الاعادة، لأن المرض من الاعذار العامة فهو كعدم الماء فى السفر.
وان تيمم لشدة البرد وصلى ثم زال البرد فان كان فى الحضر لزمه الاعادة، لأن ذلك من الأعذار النادرة.
وان كان فى السفر ففيه قولان.
أحدهما: لا يجب لأن عمرو بن العاص تيمم وصلى لشدة البرد وذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بالاعادة.
والثانى: يجب لأن البرد الذى يخاف منه الهلاك ولا يجد ما يدفع ضرره عذر نادر غير متصل فهو كعدم الماء فى الحضر ومن صلى بغير طهارة لعدم الماء والتراب لزمه الاعادة لأن ذلك عذر نادر غير متصل فصار كما لو نسى الطهارة فصلى مع القدرة على الطهارة.
وجاء فى المجموع
(1)
أيضا أن المتطهر ان كان معه اناءان فأخبره رجل أن الكلب ولغ فى أحدهما قبل قوله ولم يجتهد، لأن الخبر مقدم على الاجتهاد كما نقوله فى القبلة.
وان اخبره رجل أنه ولغ فى هذا دون ذاك وقال آخر بل ولغ فى ذاك دون هذا حكم بنجاستهما لأنه يمكن صدقهما بأن يكون ولغ فيهما فى وقتين.
وان قال أحدهما ولغ فى هذا دون ذاك فى وقت معين وقال الآخر بل ولغ فى ذاك دون هذا فى ذلك الوقت بعينه فهما كالبينتين اذا تعارضتا.
وان قلنا انهما تسقطان سقط خبرهما وجازت الطهارة بهما لأنه لم يثبت نجاسة واحد منهما وان قلنا لا تسقطان أراقهما أو صب أحدهما فى الآخر، ثم تيمم.
قال القاضى أبو الطيب وصاحب الشامل والتتمة وغيرهم فعلى هذا يتيمم ويصلى ويعيد الصلاة لأنه تيمم ومعه ماء محكوم بطهارته.
ووجه جريان الوقف أنه ليس هنا ما يمنعه بخلاف القسمة والقرعة.
ووجه قول المصنف لا يجئ الوقف القياس على من اشتبه عليه اناءان واجتهد وتحير فيهما فانه يريقهما ويصلى بالتيمم بلا اعادة لأنه معذور فى الاراقة ولم يقولوا بالوقف فكذا هنا فهذا ما ذكره الأصحاب.
واختار الشيخ أبو عمرو بن الصلاح أنه يجتهد على جميع أقوال الاستعمال، لأن قول المخبرين على هذا القول مقبول وقد اتفقا على نجاسة أحد الاناءين دون الآخر فيجب العمل بذلك.
واذا اشتبه ماءان
(2)
طاهر ونجس ففيه ثلاثة أوجه.
الصحيح المنصوص الذى قطع به الجمهور وتظاهرت عليه نصوص الشافعى رحمه الله
(1)
انظر كتاب المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى المتوفى سنة 676 هـ ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعى ج 1 ص 177 طبع مطبعة التضامن الأخوى ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة 1324 هـ.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 180 وما بعدها الطبعة السابقة.
تعالى انه لا تجوز الطهارة بواحد منهما الا اذا اجتهد وغلب على ظنه بعلامة تظهر فان ظنه بغبر غلامة تظهر لم تجز الطهارة به.
والثانى: تجوز الطهارة به اذا ظن طهارته وان لم تظهر علامة بل وقع فى نفسه طهارته فان لم يظن لم تجز حكاه الخرسانيون وصاحب البيان.
والثالث: يجوز استعمال أحدهما بلا اجتهاد ولا ظن لأن الأصل طهارته حكاه الخرسانيون أيضا.
قال امام الحرمين وغيره الوجهان الاخيران ضعيفان.
والتفريع بعد هذا على المذهب وهو وجوب الاجتهاد واشتراط ظهور علامة.
وسواء عندنا كان عدد الطاهر أكثر أو أقل حتى لو اشتبه اناء طاهر بمائة اناء نجسة تحرى فيها وكذلك الأطعمة والثياب هذا مذهبنا.
وقال المزنى وأبو ثور يتيمم ويصلى ولا اعادة وان لم يرقه.
وقال عبد الملك بن الماجشون يتوضأ بكل واحد ويصلى بعد الوضوءين ولا يعيد الصلاة.
وقال محمد بن مسلمة يتوضأ بأحدهما ثم يصلى ثم يتوضأ بالآخر ثم يعيد الصلاة.
ونقل القاضى أبو الطيب عن أكثر العلماء جواز الاجتهاد فى الثياب.
فان قالوا انما جاز الاجتهاد فى الثياب لأن الضرورة تبيحها اذا لم يجد غيرها بخلاف الماء.
فالجواب من وجهين.
أحدهما: لا نسلم أن الثوب النجس تباح الصلاة فيه لعدم غيره بل يصلى عاريا ولا اعادة.
الثانى: لا يجوز اعتبار الاشتباه بحال الضرورة بحال الاختبار، وهما فيه سواء.
وحاصل ما ذكره ثلاثة أوجه.
أصحها عند أكثر الأصحاب لا يتحرى فى الباقى بل يتيمم ويصلى ولا يعيد، لأنه ممنوع من استعماله غير قادر على الاجتهاد فسقط فرضه بالتيمم.
والثانى: يتوضأ بلا اجتهاد.
والثالث: يجتهد فان ظهر له نجاسته تركه وتيمم وان ظن طهارته توضأ به ولا اعادة على التقديرين.
وان اجتهد فيهما فلم يغلب على ظنه شئ أراقهما أو صب أحدهما فى الآخر وتيمم فان تيمم وصلى قبل الاراقة أو الصب أعاد الصلاة، لأنه تيمم ومعه ماء طاهر بيقين.
واذا اجتهد
(1)
فلم يظهر له شئ فليرقهما أو يخلطهما ثم يتيمم ويصلى ولا اعادة عليه بلا خلاف.
(1)
المجموع ج 1 ص 185، ص 186، ص 187 الطبعة السابقة.
بخلاف ما لو أراق ماء تيقن طهارته فى الوقت لغير عذر وتيمم فانه يعيد الصلاة على وجه، لأنه مقصر وهنا معذور.
ولو أراق الماءين فى مسألتنا قبل الاجتهاد فهو كاراقة الماء الذى تيقن طهارته سفها.
فان كان قبل الوقت فلا اعادة.
وان كان فى الوقت فلا اعادة فى أصح الوجهين لكنه يعصى قطعا.
قال أصحابنا: ولو اجتهد فظن طهارة اناء فأراقه أو أراقهما فهو كالاراقة سفها على ما ذكرنا.
فأما اذا تيمم وصلى قبل الاراقة فتيممه باطل وتلزمه اعادة الصلاة لأنه تيمم ومعه ماء طاهر بيقين هكذا قطع به الجمهور وهو الصحيح.
وفى البيان وجه آخر أنه لا اعادة لأنه ممنوع من هذين الماءين فكانا كالعدم كما لو حال بينه وبينه سبع.
وهذا وان كان له وجه فالمختار الأول لأن معه ماء طاهرا وقد ينسب الى تقصير فى الاجتهاد وله طريق الى اعدامه بخلاف السبع.
وذكر صاحب الحاوى فى الاراقة المذكورة فيما اذا لم يغلب على ظنه شئ وجهين احدهما أنها واجبة ليصح تيممه بلا اعادة والثانى:
قال وهو قول جمهور أصحابنا لا تجب الاراقة لكن تستحب لأنه ليس معه ماء يقدر على استعماله فجاز له التيمم ويلزمه الاعادة لأن معه ماء طاهرا.
فلو كانا لو خلطا بلغا قلتين وجب خلطهما بلا خلاف.
فان تيقن أن الذى توضأ به كان نجسا غسل ما أصابه منه وأعاد الصلاة لأنه تعين له يقين الخطأ فهو كالحاكم اذا أخطأ النص.
هذا الذى ذكره من وجوب غسل ما أصابه منه وأعاد الصلاة هو المذهب الصحيح المشهور الذى قطع به الجمهور.
قال القاضى أبو الطيب ووافقنا أبو حنيفة فى هذه المسألة وهى اعادة الصلاة اذا تيقن استعمال النجس.
قول المصنف تيقن أن الذى توضأ به كان نجسا كذا عبارة أصحابنا.
واعلم أنهم يطلقون العلم واليقين ويريدون بهما الظن الظاهر لا حقيقة العلم واليقين فان اليقين هو الاعتقاد الجازم وليس ذلك بشرط فى هذه المسألة ونظائرها.
حتى لو أخبره ثقة بنجاسة الماء الذى توضأ به فحكمه حكم اليقين فى وجوب غسل ما أصابه وأعاد الصلاة وانما يحصل بقول الثقة ظن لا علم ويقين ولكنه نص يجب العمل به.
وان لم يتيقن ولكن تغير اجتهاده
(1)
فظن أن الذى توضأ به كان نجسا قال أبو
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 188 الطبعة السابقة.
العباس يتوضأ بالثانى كما لو صلى الى جهة بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده.
والمنصوص فى حرملة أنه لا يتوضأ بالثانى لأنا لو قلنا انه يتوضأ ولم يغسل ما أصابه من الماء الأول من ثيابه وبدنه أمرناه أن يصلى وعلى بدنه نجاسة بيقين وهذا لا يجوز.
وان قلنا انه يغسل ما أصابه من الماء الأول نقضنا الاجتهاد بالاجتهاد وهذا لا يجوز.
ويخالف القبلة فان هناك لا يؤدى الى الأمر بالصلاة الى غير القبلة ولا الى نقض الاجتهاد بالاجتهاد.
واذا قلنا بقول أبى العباس توضأ بالثانى وصلى ولا اعادة عليه.
وان قلنا بالمنصوص فانه يتيمم ويصلى.
وهل يعيد الصلاة؟ فيه ثلاثة أوجه.
أحدها: أنه لا يعيد لأن ما معه من الماء ممنوع من استعماله بالشرع فصار وجوده كعدمه كما لو تيمم ومعه ماء يحتاج اليه للعطش.
والثانى: يعيد لأنه تيمم ومعه ماء محكوم بطهارته.
والثالث: قول أبى الطيب بن سلمة ان كان قد بقى من الأول بقية أعاد لأنه معه ماء طاهر بيقين.
وان لم يكن قد بقى من الاول شئ لم يعد لأنه ليس معه ماء طاهر بيقين.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه ان اشتبه على متطهر ماء وبول أو نحوه انقطعت رائحته لم يجتهد فيهما على الصحيح، لأن الاجتهاد يقوى ما فى النفس من الطهارة الأصلية والبول لا أصل له فى الطهارة فامتنع العمل به وسواء أكان أعمى أم بصيرا.
والثانى يجتهد كالماءين وفرق الاول بما تقدم.
والمراد بقولهم له أصل فى التطهير وعدم استحالته عن خلقته الأصلية كالمتنجس والمستعمل فانهما لم يستحيلا عن أصل خلقتهما الى حقيقة أخرى.
بخلاف نحو البول وماء الورد فان كلا منهما قد استحال الى حقيقة أخرى بل يخلطان أو يراقان أو يراق من أحدهما فى الآخر.
ونبه بالخلط على بقية أنواع التلف فلا اعتراض عليه ثم يتيمم ويصلى بلا اعادة.
وعلم من تعبيره بثم أن الاراقة ونحوها متقدمة على التيمم فهى شرط لصحته لا لعدم وجوب الاعادة كما وقع لبعضهم.
وجاء فى نهاية المحتاج
(2)
: أنه اذا
(1)
المجموع شرح المهذب للامام الحافظ أبو زكريا محيى الدين شرف النووى المتوفى سنة 676 هـ ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم ابن محمد الرافعى ج 1 ص 80 وما بعدها الطبعة السابقة.
(2)
نهاية المحتاج للرملى الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن العباس الرملى الشهيد بالشافعى الصغير فى كتاب مع حاشية الشبراملسى وبهامشه المغربى ج 1 ص 83 وما بعدها الطبعة السابقة.
استعمل أى أراد أن يستعمل ما ظنه الطهور من الماءين بالاجتهاد أراق الآخر استحبابا لئلا يتشوش بتغير ظنه فيه ما لم يحتج اليه لنحو عطش وعلم أن الاراقة مقدمة على الاستعمال.
فان تركه من غير اراقة وتغير ظنه فيه من النجاسة الى الطهارة بسبب ظهور أمارة له واحتاج الى الطهارة لم يعمل بالثانى من ظنيه فيه على النص لئلا ينقض ظن بظن، بل يتيمم ويصلى بلا اعادة فى الأصح، لعدم حصول طاهر بيقين معه.
والثانى يعيد لأن معه طاهرا بالظن.
فان أراقه قبل الصلاة لم يعد جزما.
وعبر بقوله تغير ظنه دون اجتهاده تنبيها على عدم تسميته اجتهادا لفقد شرطه على رأى المصنف.
ويجوز أن يحمل كلامه أيضا ليأتى على طريقته على ما اذا بقى بعض الأول ثم تغير اجتهاده ثم تلف الباقى دون الآخر ثم تيمم اذ قضية كلام المجموع ترجيح عدم الاعادة فى ذلك أيضا.
ويجوز حمله على ما اذا بقى من الأول بقية.
ويقيد كلامه بما اذا خلطهما مثلا قبل التيمم ليصح على رأيه.
ويقيد عدم الاعادة بما اذا كان بمحل لم يغلب وجود الماء فيه ويكون ذلك مع قطع النظر عن قوله فى الأصح فمعه يتعين تخريجه على رأى الرافعى فقط لأنه طاهر بالظن ودعوى بعضهم تخالفها فى الاعادة وأنها على طريقة الرافعى لا تجب.
وعلى طريقة النووى تجب لأنه معه طهورا بيقين غفلة عن وجوب تقييد ما أطلقه هنا بما قدمه من أن الخلط أو نحوه شرط لصحة التيمم.
وهذا المسلك فى تقرير عبارته أولى من اطلاق بعضهم تخريج كلامه على الرأيين.
وبعضهم حصره على رأى الرافعى.
أما اذا بقى من الأول بقية وان لم تكفه لطهارته فانه يجب عليه اعادة الاجتهاد ان احتاج اليها لأن معه ماء متيقن الطهارة.
فان كان على طهارته لم تجب اعادته الا أن يتغير اجتهاده قبل الحدث فلا يصلى بتلك الطهارة لاعتقاده الآن بطلانها فهو كما لو أحدث واجتهد وتغير اجتهاده قاله ابن العماد وهو ظاهر.
ثم اذا اعاده فان اتفق الاجتهادان فذاك.
وان اختلفا بأن ظن طهارة ما ظن نجاسته أولا ففيه الخلاف السابق.
والأرجح منه عدم العمل بالثانى وان كان أوضح من الأول لما فيه من نقض الاجتهاد بالاجتهاد ان غسل ما أصابه الأول ومن الصلاة بنجاسة ان لم يغسله.
وبهذا فارق جواز العمل بالثانى فى نظيره من الثوب والقبلة.
واستنبط البلقينى من التعليل السابق أن محل عدم العمل بالثانى اذا لم يستعمل بعد الأول ماء طهورا بيقين أو باجتهاد غير ذلك الاجتهاد لانتفاء التعليل حينئذ الذى ذكروه فى هذا التصوير.
قال: ولم أر من تعرض له قلت وهو واضح وقد أفتى به الوالد رحمه الله تعالى.
وعلم مما تقدم وجوب اعادة الاجتهاد لكل صلاة يريد فعلها.
نعم ان كان ذاكرا لدليله الأول لم يعده.
بخلاف الثوب المظنون طهارته بالاجتهاد فان بقاءه بحاله بمنزلة بقاء الشخص متطهرا فيصلى فيه ما شاء حيث لم يتغير ظنه سواء أكان يستتر بجميعه أم يمكنه الاستتار ببعضه لكبره فقطع منه قطعة واستتر بها وصلى ثم احتاج الى الستر لتلف ما استتر به فلا يحتاج الى اعادة الاجتهاد كما اقتضاه كلام المجموع، وهو المعتمد خلافا لبعض المتأخرين.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(1)
: أن من خرج الى مزارع ومحتطبات بلده لحرث، أو صيد، أو احتطاب ونحوها كأخذ حشيش، وكما لو خرج لحصاد أو دياس ونحوه حمل الماء معه وجوبا ان أمكنه حمله، لأنه لا عذر اذن فى عدم حمله والواجب لا يتم الا به.
فان لم يمكنه حمله، ولا الرجوع الى محل الماء للوضوء أو نحوه الا بتفويت حاجته تيمم، لأنه عادم الماء، وصلى، ولا يعيد،
وكذا لو حمله وفقد، أو لم يحمله لغير عذر، كما لو كانت حاجته فى أرض قرية أخرى غير بلده ولو كانت قريبا. لأنه لا فرق بين بعيد السفر وقريبه، لعموم قول الله تبارك وتعالى:«أَوْ عَلى سَفَرٍ»
(2)
.
ولو مر بماء قبل الوقت أو كان معه الماء فأراقه قبل الوقت ثم دخل الوقت وعدم الماء فلا اثم عليه، لعدم تفريطه، لأنه ليس مخاطبا بالطهارة قبل دخول وقت الصلاة وصلى بالتيمم، لأنه عادم الماء، ولا اعادة عليه، لأنه أتى بما هو مكلف به.
ولو مر بالماء فى الوقت وأمكنه الوضوء ولم يتوضأ ويعلم أنه لا يجد غيره أو كان معه فأراقه فى الوقت حرم، لأنه وسيلة الى فوات الطهارة بالماء الواجبة، أو باعه فيه أو وهبه فيه حرم عليه ذلك ولم يصح البيع ولا الهبة، أو وهب له فلم يقبل حرم أيضا.
وان تيمم وصلى فى الجميع صح تيممه ولم يعد الصلاة لأنها صلاة بتيمم صحيح.
وهذا كله اذا كان الماء قد عدم.
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور بن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منته الارادات للشيخ منصور بن يوسف البهوتى ج 1 ص 124، ص 125 طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة 1319 هـ الطبعه الاولى والاقتاع فى فقه أحمد بن حنبل للشيخ شرف الدين موسى الحجاوى ج 1 ص 53 الطبعة السابقة.
(2)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
فان كان باقيا وقدر على تحصيله لم يصح تيممه ولا صلاته لقدرته على الماء ولم يقيد به لوضوحه.
وان نسى الماء وتيمم لم يجزئه.
قال فى الفروع ويتوجه أو ثمنه أى اذا كان الماء يباع ونسى ثمنه وتيمم وصلى لم يجزئه لأن النسيان لا يخرجه عن كونه واجدا، وشرط اباحة التيمم عدم الوجدان.
ولأنها طهارة تجب مع الذكر فلم تسقط بالنسيان كالحدث.
أو جهل الماء بموضع يمكنه استعماله وتيمم لم يجزئه لتقصيره.
كمصل عريانا ناسيا أو جاهلا بالسترة.
كمن يكفر بصوم ناسيا أو جاهلا وجود الرقبة.
كأن يجد الماء بعد ذلك - أى التيمم - فى رحله وهو أى رحله - فى يده المشاهدة أو الحكمية أو يجده ببئر بقربه أعلامها ظاهرة وكان يتمكن من تناوله منها فلا يصح تيممه اذن ولا صلاته.
فأما ان ضل عن رحله وفيه الماء وقد طلبه فان التيمم يجزئه ولا اعادة عليه، أو تيمم ثم وجد بئرا بقربه وكانت أعلام البئر خفية ولم يكن يعرفها قبل ذلك أو كان يعرفها وضل عنها فان التيمم يجزئه ولا اعادة عليه، لأنه ليس بواجد للماء وغير مفرط.
وان ادرج أحد الماء فى رحله ولم يعلم به حتى صلى بالتيمم، فانه يعيد لتفريطه بعدم طلبه فى رحله.
أو كان الماء مع عبده ولم يعلم به السيد ونسى العبد أن يعلمه حتى صلى بالتيمم فانه بعيد ما صلاه بذلك التيمم كما لو كان النسيان منه كنسيان رقبة مع عبده.
وقيل لا يعيد لأن التفريط من غيره، ويتيمم لجميع الأحداث.
أما الأكبر فلقول الله تبارك وتعالى:
(1)
: والملامسة الجماع وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم فقال ما منعك أن تصلى فقال أصابتنى جنابة ولا ماء فقال عليك بالصعيد فانه يكفيك» متفق عليه.
والحائض والنفساء اذا انقطع دمهما والكافر اذا أسلم كالجنب.
وأما الاصغر فبالاجماع وسنده قول الله تبارك وتعالى: «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ»
(2)
.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصعيد الطيب طهور المسلم» ولأنه اذا جاز للجنب جاز لغيره من باب أولى ولنجاسة على جرح وغيره على بدنه فقد تضره ازالتها أو يضره الماء الذى يزيلها به لعموم حديث أبى ذر ولأنها طهارة فى البدن تراد للصلاة فأشبهت الحدث.
واختار ابن حامد وابن عقيل لا يتيمم لنجاسة أصلا كجمهور العلماء، لأن الشرع
(1)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
(2)
الآية رقم 43 من سورة النساء.
انما ورد بالتيمم للحدث وغسل النجاسة ليس فى معناه لأن الغسل انما يكون فى محل النجاسة دون غيره.
وعلم من قوله فقط أنه لا يتيمم لنجاسة ثوبه ولا بعضه، لأن البدن له مدخل فى التيمم لأجل الحدث فدخل فيه التيمم لأجل النجس، وذلك معدوم فى الثوب والمكان، ولا يتيمم لنجاسة معفو عنها.
ولا اعادة لما صلاه بالتيمم للنجاسة على البدن كالذى يصليه بالتيمم للحدث.
وانما يتيمم لنجاسة البدن بعد أن يخفف منها ما أمكنه تخفيفه بحك يابسة ومسح رطبة لزوما أى وجوبا فلا يصح التيمم لها قبل ذلك، لأنه قادر على ازالتها فى الجملة.
لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .
وان تيمم
(1)
: حضرا أو سفرا خوفا من البرد ولم يمكنه تسخينه ولا استعماله على وجه لا يضره وصلى فلا اعادة عليه.
لحديث عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنه ولم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاعادة ولو وجبت الاعادة لأمره بها لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز وقيس الحضر على السفر.
ومن عدم الماء والتراب أو لم يمكنه استعمالهما أى الماء والتراب لمانع كمن به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بوضوء ولا تيمم صلى الفرض فقط على حسب حاله وجوبا.
لقول النبى صلى الله عليه وسلم «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ولأن العجز عن الشرط لا يوجب ترك المشروط كما لو عجز عن السترة والاستقبال.
ولا اعادة عليه لما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها استعارت من أسماء رضى الله تعالى عنها قلادة فضلتها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا فى طلبها فوجدوها فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل آية التيمم متفق عليه ولم يأمرهم بالاعادة ولأنه أحد شروط الصلاة فسقط عند العجز كسائر شروطها.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: ان الأقطع ان وجد من ييممه ولم يجد من يوضئه لزمه ذلك كالصحيح يقدر على التيمم دون الوضوء فان لم يجد من يوضئه ولا من ييممه بأن عجز عن الأجرة أو لم يقدر على من يستأجره صلى على حسب حاله ولا اعادة كفاقد الطهورين.
ثم قال
(3)
: واذا لم يجد من يريد الصلاة الا ثلجا وتعذر تذويبه لزمه مسح أعضائه الواجب غسلها به.
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 126 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 74، ص 75 لطبعة السابقة.
(3)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 127 الطبعة السابقة.
لقول النبى صلى الله عليه وسلم «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .
ولأنه ماء جامد تعذر أن يستعمل الاستعمال المعتاد وهو الغسل لعدم ما يذيبه فوجب أن يستعمل الاستعمال المقدور عليه ويعيد الصلاة ان لم يجر على الأعضاء بالمس، لأنه صلى مع وجود الماء فى الجملة بلا طهارة كاملة.
ومثله لو صلى بلا تيمم مع وجود طين يابس عنده لعدم ما يدقه به ليصير له غبار.
وان كان الثلج يسيل على الأعضاء اذا مس يده وغيرها من باقى الأعضاء لم يعد الصلاة حيث جرى بالمس لوجود الغسل المأمور به وان كان خفيفا.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: أنه يبطل التيمم بخروج الوقت وبوجود الماء لعادمه وبزوال عذر مبيح له.
فان وجد المتيمم الماء بعد صلاته أو طوافه لم تجب اعادته.
لما روى عطاء بن يسار قال خرج رجلان فى سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجد الماء فى الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال للذى لم يعد أجزأتك صلاتك وقال للذى أعاد لك الأجر مرتين رواه أبو داود، فتستحب الاعادة للخبر.
وان وجد الماء فى الصلاة أو الطواف بطلت صلاته وطوافه.
ولو اندفق الماء قبل استعماله لأن طهارته انتهت بانتهاء وقتها فبطلت صلاته وطوافه كما لو انقضت مدة المسح وهو فى الصلاة ووجبت الاعادة ان كانت الصلاة أو الطواف فرضا.
ومن حبس
(2)
: فى المصر أو قطع الماء من عدو أو غيره عن بلده صلى بالتيمم لأنه عادم للماء فأشبه المسافر بلا اعادة لأنه أدى فرضه بالبدل فلم يكن عليه اعادة كالمسافر.
وجاء فى المغنى
(3)
: واذا كان مع من يريد الصلاة ماء فأراقه قبل الوقت أو مر بماء قبل الوقت فتجاوزه وعدم الماء فى الوقت صلى بالتيمم من غير اعادة.
وقال الأوزاعى ان ظن أنه يدرك الماء فى الوقت كقولنا: والا صلى بالتيمم وعليه الاعادة لأنه مفرط.
ويدل لنا أنه لم يجب عليه استعماله فأشبه ما لو ظن أنه يدرك الماء فى الوقت.
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 129 الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل للشيخ شرف الدين موسى الحجاوى المقدسى ج 1 ص 56، ص 57 طبع المطبعة المصرية بمصر سنة 1351 هـ.
(2)
6 المرجع السابق ج 1 ص 131 الطبعة السابقة.
(3)
المغنى لابن قدامة المقدسى ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين أبى الفرج ابن أحمد بن قدامة ج 1 ص 245، ص 246.
وان أراق الماء فى الوقت أو مر به فى الوقت فلم يستعمله ثم عدم الماء يتيمم ويصلى وفى الاعادة وجهان:
أحدهما لا يعيد لأنه صلى بتيمم صحيح تحققت شرائطه فهو كما لو أراقه قبل الوقت.
والثانى يعيد لانه وجبت عليه الصلاة بوضوء وهو قد فوت القدرة على نفسه فبقى فى عهده الواجب.
وان وهبه بعد دخول الوقت لم تصح الهبة والماء باق على ملكه فلو تيمم مع بقاء الماء لم يصح تيممه وان تصرف فيه الموهوب له فهو كما لو أراقه.
واذا صلى ثم بان أنه كان بقربه بئر أو ماء نظرت فان كانت خفية بغير علامة وطلب فلم يجدها فلا اعادة عليه لأنه غير مفرط وان كانت أعلامه ظاهرة فقد فرط، فعليه الاعادة.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(1)
: أنه ينقض التيمم وجود الماء سواء وجده فى صلاة أو بعد أن صلى أو قبل أن يصلى فان صلاته التى هو فيها ينتقض لانتقاض طهارته ويتوضأ أو يغتسل ثم يبتدئ الصلاة ولا قضاء عليه فيما قد صلى بالتيمم.
واختلف فيما اذا وجد الماء اثر سلامه من الصلاة هل يعيد صلاته أم لا.
فقال سعيد ابن المسيب وعطاء وطاووس والشعبى والحسن أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه يعيد ما دام فى الوقت.
وقال على بن حزم
(2)
: لا يعيد لأنه لا تحل اعادة صلاة واحدة فى يوم مرتين لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقد روى عمرو بن شعيب عن سليمان بن يسار مولى ميمونة قال أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلون فقال: انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصلوا صلاة فى يوم مرتين فسقط الامر بالاعادة جملة.
ومن كان الماء
(3)
فى رحله فنسيه أو كان بقربه بئر أو عين لا يدرى بها فتيمم وصلى أجزأه لأن هذين غير واجدين للماء ومن لم يجد الماء يتيمم بنص كلام الله تعالى.
ومن أجنب
(4)
وعدم الماء فتيمم وصلى ثم وجد الماء فلا اعادة عليه.
لما روى عن عمران بن الحصين، قال:
كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى القوم جنب فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فتيمم وصلى ثم وجدنا الماء بعد ذلك فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل ولا يعيد الصلاة.
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 2 ص 122، ص 123 مسألة رقم 233، مسألة رقم 234 طبع مطبعة ادارة الطباعة المنيرية سنة 1350 هـ الطبعة الاولى.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 122، ص 123 الطبعة السابقة.
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 2 ص 123 مسألة رقم 232 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 2 ص 123، ص 124 الطبعة السابقة.
ومن كان محبوسا
(1)
: فى حضر أو سفر بحيث لا يجد ترابا ولا ماء أو كان مصلوبا وجاءت الصلاة فليصل كما هو، وصلاته تامة ولا يعيدها سواء وجد الماء فى الوقت أو لم يجده الا بعد الوقت.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(2)
: أن من شروط التيمم الطلب مع السؤال فلا بد من المشى فى طلبه مع السؤال اذا وجد من هو اخبر منه بتلك الجهة والا أعاد.
وان طلب ولم يسأل أعاد الصلاة بالوضوء ان انكشف للطالب وجود الماء بعد الوقت ذكره فى الوافى على رأى من اعتبر الحقيقة وبنى على أنه ترك السؤال عارفا لوجوبه.
فأما لو تركه جهلا فانه لا يعيد ان انكشف الوجود الا فى الوقت ومن اعتبر الابتداء ألزم العالم بوجوب السؤال الاعادة وان لم ينكشف الوجود.
والناسى للماء
(3)
: فى أى موضع هو ولو بين متاعه كالعادم له فيعيد ان وجده فى الوقت فقط وقال البعض وذكره القاضى زيد للمؤيد بالله أنه كالواجد فيعيد فى الوقت وبعده وقال البعض لا يعيد فى الوقت ولا يعده.
قال مولانا عليه السلام والتحقق عندنا أن الناسى له حالتان.
احداهما: أن ينسى وجود الماء فى ناحيته ولا يذكر أنه قد كان وجده فيها قبل النسيان ففرضه فى هذه الحالة فرض العادم ان جوز الوجود وجب الطلب بتلك الشروط.
الحالة الثانية: أن يعلم أنه موجود فى هذه الناحية ونسى موضعه منها فهو فى هذه الحالة يتحتم عليه الطلب الا لخوف فاذا وجد الماء بعد أن طلب فلم يجده فان كان فى الوقت أعاد وان كان بعد الوقت لم يجب فى الصورتين معا.
وجاء فى موضع آخر
(4)
: أنه جاء عن زيد بن على والناصر أنه اذا لم يكف الماء جميع بدنه لم يستعمله ويتيمم، لأن عدم بعض المبدل يبيح الانتقال الى بدله كالكفارة.
نعم فاذا كان الماء لا يكفى جميع بدنه استعمله فى غير أعضاء التيمم.
قال على خليل وجوبا لئلا يجمع بين البدل والمبدل منه.
وقال الكنى ان ذلك لا يجب وانما هو مندوب.
(1)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 2 ص 138 مسألة. رقم 246 الطبعة السابقة.
(2)
شرح الأزهار ج 1 ص 126، ص 127 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 128، ص 129 الطبعة السابقة.
(4)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار فى فقه الائمة الاطهار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 138، ص 139 الطبعة السابقة.
وفى الكافى عن المرتضى انه يغسل به أينما شاء وهو ظاهر قول المؤيد بالله فى التجريد.
واذا استعمله فى غير أعضاء التيمم او كفى جميع جسمه تيمم للصلاة آخر الوقت كما مر.
الا عند من يقول ان الطهارة الصغرى تدخل تحت الكبرى.
ثم اذا كفاه لجميع جسمه وبقى بقية أو لم يكن عليه حدث أكبر وبقى بقية بعد ازالة النجاسة استعملها لرفع الحدث الأصغر.
ثم ينظر فى الماء فان كفى المضمضة والاستنشاق وأعضاء التيمم وهو الوجه واليدان وذلك بعد غسل الفرجين ان كان هادويا فمتوض.
أى فذلك المستعمل للماء حكمه حكم المتوضئ فيصلى ما شاء وفى أى وقت شاء حتى يجد الماء ويبنى على وضوئه.
وهل يعيد ما قد صلى اذا كان فى الوقت بقية.
فعن الحقينى والمذاكرين لا تجب الاعادة قياسا على المستحاضة.
وعن الأمير يجب الاعادة وفرق بينه وبين المستحاضة بأنها قد عمت يعنى أعضاء الوضوء للطهارة لا هنا.
وذكر صاحب شرح الأزهار
(1)
: أن التيمم ينتقض بوجود الماء قبل كمال الصلاة فانه ينتقض التيمم بشرط أن لا يحتاجه لنفسه أو لبهائمه ولا يخشى من استعماله ضررا.
وسواء وجده قبل الدخول فى الصلاة أو بعده.
وسواء خشى فوت الصلاة باستعماله أم لا.
وسواء كان يكفيه لكمال الوضوء أم لا يكفيه عندنا.
وان وجد الماء بعد كمال الصلاة فانه يعيد الصلاتين بالوضوء ان أدرك الصلاة الاولى وركعة من الثانية قبل خروج الوقت بعد الوضوء.
وأن لا يبقى من الوقت ما يسع ذلك فالأخرى من الصلاتين يعيدها بالوضوء ان أدرك ركعة كاملة منها أى أن غلب فى ظنه أنه يدرك ذلك لزمته الاعادة والا لم تلزم هذا مذهب الهادوية.
فعلى هذا يعتبر فى المقيم أن يبقى له من النهار ما يتسع لخمس ركعات فيعيد الظهر والعصر وفى المسافر ما يتسع لثلاث ركعات وفى المغرب والعشاء ما يتسع لأربع مقيما كان أو مسافرا.
وان لم يبق الا ما يتسع لثلاث فقط فان كان مقيما صلى العشاء فقط.
وان كان مسافرا فقيل يصلى العشاء أولا ركعتين لأنه يأتى بها تامة ويدرك بعدها ركعة من المغرب.
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 146، ص 148 الطبعة السابقة.
وقال البعض بل يصلى المغرب لأن الترتيب واجب عند الهادوية.
وقال مولانا عليه السلام وهذا هو الصحيح مع وجوب الترتيب.
وقال المؤيد بالله أنه لا يلزم اعادة مالا يدرك الا بعضه.
فعلى أصله لو كان يدرك احدى الصلاتين والوضوء فقال على خليل يلزمه اعادة العصر.
قال على بن يحيى وروى عنه البعض أنه لا يوجب الاعادة الا اذا أدرك الصلاتين معا.
وقال مولانا عليه السلام والأول أصح وقال البعض أنه لا يلزمه الاعادة رأسا.
قال البعض وهذا مبنى على أن التيمم فى أول الوقت جائز.
وعن المؤيد بالله والبعض أن المتيمم فى الحضر اذا وجد الماء بعد الوقت أعاد لأنه من الاعذار النادرة.
مذهب الإمامية:
جاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
:
أن عادم الماء اذا ترك طلبه حتى ضاق الوقت فتيمم وصلى عصى لكن الأقوى صحة صلاته حينئذ وان علم أنه لو طلب لعثر.
لكن الأحوط القضاء خصوصا فى الفرض المذكور.
والمشهور كما فى المدارك صحة الصلاة.
وعن الروض نسبته الى فتوى الأصحاب كما يقتضيه قول الله تبارك وتعالى: «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً»
(2)
.
واطلاق مصحح زرارة السابق.
واحتمال انصرافهما الى خصوص صورة عدم التفريط ممنوع.
كما هو كذلك فى سائر موارد الابدال الاضطرارية.
وعلى هذا فما عن المشهور من شرطية الطلب للتيمم يراد بها الشرطية فى السعة لا فى الضيق، والا لم يكن وجه للصحة فى المقام.
وأما ما عن ظاهر النهاية والمبسوط والخلاف والسرائر والنافع والدروس من وجوب الاعادة فمجرده لا يقتضى خلافا منهم فى الصحة بل يحتمل خلافهم فى الاجزاء.
وحينئذ فضعفه أظهر لصراحة أدلة مشروعية التيمم فى اجزائه عن الطهارة المائية وعدم الحاجة الى الاعادة.
وان كان مقتضى الجمع بين ذلك وبين ما دل على تحريم تفويت الطهارة الالتزام بأن ما يفوت من الطهارة غير قابل للتدارك بالقضاء.
(1)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محمد كاظم الطباطبائى وعليها تعليقات لاشهر مراجع العصر وزعماء الشيعة الإمامية ج 4 ص 217 طبع مطبعة دار الكتب الاسلامية للشيخ محمد الاخوندى بطهران الطبعة الثانية سنة 1388 هـ.
(2)
الآية رقم 6 من سورة المائدة.
ويحتمل كما فى المدارك أن يكون مراد الشيخ من وجوب الاعادة صورة ما لو تيمم فى السعة الذى ادعى غير واحد الاجماع على وجوب الاعادة فيه.
ولو ترك طلب الماء حتى ضاق الوقت وتيمم وصلى ثم وجد الماء فى رحله أو مع أصحابه وجبت الاعادة وفى محكى البيان لو أخل بالطلب حتى ضاق الوقت عصى وصحت الصلاة بالتيمم فان وجده بعدها فى رحله أو مع أصحابه الباذلين أو فى الفلوات أعادها.
وفى المنته لو كان بقرب المكلف ماء وأهمل حتى ضاق الوقت فصار لو مشى اليه خرج الوقت فانه يتيمم وفى الاعادة وجهان أقربهما الوجوب.
ثم قال
(1)
: واذا ترك الطلب فى سعة الوقت وصلى بطلت صلاته وان تبين عدم وجود الماء.
نعم لو حصل منه قصد القربة مع تبين عدم الماء فالأقوى صحتها.
واذا طلب الماء بمقتضى وظيفته فلم يجد فتيمم وصلى ثم تبين وجوده فى محل الطلب عن الغلوة أو الغلوتين أو الرحل أو القافلة صحت صلاته ولا يجب القضاء أو الاعادة اتفاقا.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أن من يريد الصلاة اذا اعتقد ضيق الوقت عن الطلب فتركه وتيمم وصلى ثم تبين سعة الوقت لا يبعد صحة صلاته.
وان كان الأحوط الاعادة أو القضاء.
بل لا يترك الاحتياط بالاعادة.
وأما اذا ترك الطلب باعتقاد عدم الماء فتبين وجوده وأنه لو طلب لعثر فالظاهر وجوب الاعادة أو القضاء.
ثم قال
(3)
: والمحبوس فى مكان مغصوب يجوز أن يتيمم فيه على اشكال، لأن هذا المقدار لا يعد تصرفا زائدا بل لو توضأ بالماء الذى فيه وكان مما لا قيمة له يمكن أن يقال بجوازه والاشكال فيه أشد.
والأحوط الجمع فيه بين الوضوء والتيمم ثم اعادتها أو قضائها بعد ذلك اذا لم يكن عنده
(4)
: من التراب أو غيره ما يتيمم به ما يكفى لكفيه معا يكرر الضرب حتى يتحقق الضرب بتمام الكفين عليه.
وان لم يمكن يكتفى بما يمكن ويأتى بالمرتبة المتأخرة أيضا ان كانت ويصلى وان لم تكن فيكتفى به ويحتاط بالاعادة او القضاء.
وجاء فى موضع آخر
(5)
: أنه اذا وجد الماء فى أثناء الصلاة.
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 4 ص 218 الطبعة السابقة.
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 4 ص 220 مسألة رقم 12 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 4 ص 290 مسألة رقم 6 الطبعة السابقة.
(4)
مستمسك العروة الوثقى ج 4 ص 291 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق ج 4 ص 345 مسألة رقم 14 الطبعة السابقة.
فان كان قبل الركوع من الركعة الأولى بطل تيممه وصلاته كما روى عن النهاية ومجمع البرهان وان كان بعده لم يبطل ويتم الصلاة.
لكن الأحوط مع سعة الوقت الاتمام والاعادة مع الوضوء.
ولا فرق فى التفصيل المذكور بين الفريضة والنافلة على الأقوى.
وان كان الاحتياط بالاعادة فى الفريضة آكد من النافلة.
ثم قال
(1)
: وكذا لو وجد الماء فى أثناء صلاة الميت بمقدار غسله بعد أن يتيمم لفقد الماء فيجب الغسل واعادة الصلاة.
بل وكذا لو وجده قبل تمام الدفن.
واذا كان واجدا
(2)
للماء وتيمم لعذر آخر من استعماله فزال عذره فى أثناء الصلاة فهل يلحق بوجدان الماء فى التفصيل المذكور اشكال.
فلا يترك الاحتياط بالاتمام والاعادة اذا كان بعد الركوع من الركعة الاولى.
نعم لو كان زوال العذر فى أثناء الصلاة فى ضيق الوقت أتمها.
وكذا لو لم يف زمان زوال العذر للوضوء بأن تجدد العذر بلا فصل فان الظاهر عدم بطلانه وان كان الاحوط الاعادة.
وجاء فى موضع آخر
(3)
: أنه اذا تيمم بما يعتقد جواز التيمم به فبان خلافه بطل وان صلى به بطلت صلاته ووجبت الاعادة أو القضاء.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(4)
: ويتيمم خائف فوت رفقته باشتغال بوضوء ويجزئ ان تيقن عدم الماء لا مع جهل أو ظن به.
واذا علمت ذلك فهل يعيد الصلاة مسافر نسى ماء فى رحله
(5)
: فتيمم وصلى، ثم فكر ولو بعد الوقت أو لا يعيد ولو تفكر فى الوقت؟ قولان.
وكذا ان علم أن ماء فى رحله على أنه لغيره أو على أنه حرام والحرام لا يتوضأ به فبان خلاف ذلك.
وكذا ان تيمم ومعه ماء فظنه فاذا هو لم يكن.
والأظهر فى مسألة المسافر الناسى الماء فى رحله اعادته للصلاة بالوضوء أن تفكر فى الوقت وعدم الاعادة ان تفكر بعد الوقت والأقوال فى المذهب وكذا فى مذهب قومنا.
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 4 ص 350 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 4 ص 351 الطبعة السابقة.
(3)
مستمسك العروة الوثقى ج 4 ص 285 مسألة رقم 12 الطبعة السابقة.
(4)
شرح النيل وشفاء العليل للعلامة الشيخ محمد اطفيش ج 1 ص 225 طبع مطبعة يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة 1343 هـ.
(5)
الرحل ما يستصحبه المسافر من الاثاث.
وأما ان أدرجه فى رحله وجد فى طلبه منه فلم يجد فانه يعيد.
وقيل لا يعيد.
وان جد فى طلبه منه وخاف فوت الوقت يتيمم ولم يعد فى الوقت ولا بعده.
وان نسى من لزمته الاعادة فى الوقت أن يعيد حتى فات الوقت أعاد.
وقيل لا يعيد.
وان خرج انسان
(1)
: من قريته قبل الوقت وقد تطهر بمنزله، أو حمل ماء فانتقضت طهارته بعد دخول الوقت أو تلف الماء بعد دخول الوقت داخل الأميال او خارجهأ.
فعلى قول الأكثر لا يجزيه التيمم، لأنه ضيع لتأخيره قدر ما يصلى أو يتطهر ويصلى.
وعلى قول الأقل يجزيه، لأنه عندهم لا يعد مضيعا ما لم يخرج الوقت.
وان كان الخروج والانتقاض أو الخروج والتلف قبل الوقت ولم يمكنه الرجوع جاز له التيمم ولو فى داخل الأميال.
ويعيد الصلاة بعد وجود الماء لتظهره قبل أن يخاطب بالتطهر فلم يعذروه بوضوئه اذا كان قبل وجوبه وقد انتقض.
وقيل لا يعيد اذ لم يخاطب بالوضوء قبل الوقت.
وكل من فعل كما يجوز ذلك وصلى فلا اعادة عليه سواء كان مسافرا او مقيما.
وقيل يعيد المقيم فى مسائل الماء لا فى مسائل المرض.
ثم قال
(2)
: والمختار لمن تيقن عدم الماء أن يتيمم أول الوقت ولمن ظن وجوده أن يتيمم آخره. ولمن شك فيه أن يتيمم وسطه أو آخره.
وقيل يتيمم الظان والشاك آخر الوقت وان قدم ذو التأخير فوجد الماء المرجو فى الوقت اعاد فى الوقت وقيل يعيد أبدا.
وقيل المتيقن يعيد أبدا والراجى يعيد فى الوقت.
وقيل ان تيمم الآيس أول الوقت ثم وجد الماء فلا اعادة ان كان ما وجده هو غير الذى أيس منه وان كان الذى أيس منه بعينه أعاد.
وقيل لا.
وان قدم ذو التوسط لم يعد بعد الوقت.
وجاء فى موضع آخر
(3)
: أنه أختلف هل التيمم مبيح للصلاة للضرورة مع بقاء الحدث غير مرفوع فلكل صلاة تيمم
(1)
شرح النيل ج 1 ص 228، 229 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 231 الطبعة السابقة.
(3)
شرح النيل ج 1 ص 241 الطبعة السابقة.
أو ان جمعهما صارتا كصلاة واحدة فيجزيهما واحد وهو قول ثان فى كونه مبيحا أو رافع للحدث فيصلى به ما لم يحدث بما ينقضه قولان.
ورجح ثانيهما وهو كونه رافعا.
وان أراد على هذا القول تيمم لكل صلاة ليكون له نور على نور.
وينتقض التيمم بوجود الماء قبل الشروع فى الصلاة بتكبيرة الاحرام أو بعدها بالسلام اتفاقا عندنا.
وهذا مناف لقوله آنفا ان المختار أنه رافع للحدث فانه لا ينتقض على القول بأنه رافع وصحت صلاته لفراغه منها قبل وجود الماء وانما انتقاضه بوجوده بعدها لما بعد تلك الصلاة.
وفيه قول يعيدها لوجود الماء قبل خروج الوقت.
وقبل ان وجده قبل السّلام وبعد التشهد.
وقيل بعد الطيبات صحت وانما انتقاضه لما بعد.
والخلاف المذكور هو عندنا فى انتقاض التيمم بوجود الماء بعد الشروع فى الصلاة وقبل الخروج منها.
فقيل تمت له لشروعه فيها كما يجوز وانما انتقاضه لما بعدها.
وقيل لا بل انتقضت ويقطعها لحدوثه قبل الفراغ منها وكذا الخلاف عند غيرنا.
ومن جهل
(1)
فرض طلب الماء ولم يطلب وصلى بتيمم وخرج الوقت هلك ولو أيس لأن الله قادر أن يوجد الماء حيث لا يوجد.
وان طلب قبل الوقت قريبا من الوقت كفاه الطلب ان لم يحدث مثل المطر، وان حدث أو بعد وقت الطلب السابق اعاد فى الوقت.
وان لم يسأل أصحابه ورآهم يصلون بالتيمم فتيمم وصلى أعاد ولو خرج الوقت ولا كفارة عليه.
ثم قال ومن مر على بئر عليها ولو أول الوقت ولا يرجو غيرها وسار وقد قدر أن يتطهر فقد لزمه وصلى بالتيمم صحت صلاته.
وقيل يعيدها ولا كفارة عليه عندهم لسيره قلت عليه الكفارة ولا يلزم التطهر بماء وجد قريبا من الوقت.
ومن صلى بتيمم فى موضع لا يجد فيه الماء وخرج أعادها.
حكم اعادة الصلاة لفقدان الطهارة
مذهب الحنفية:
نقل صاحب البحر الرائق
(2)
عن الخلاصة أنه اذا تنجس طرف من أطراف الثوب ونسيه فغسل طرفا من أطراف الثوب من غير تحر حكم بطهارة الثوب وهو المختار.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 306، ص 307 الطبعة السابقة.
(2)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 1 ص 232 الطبعة السابقة.
فلو صلى مع هذا الثوب صلوات ثم ظهر أن النجاسة فى الطرف الآخر وجب عليه اعادة الصلوات التى صلى مع هذا الثوب.
وفى الظهيرية: المصلى اذا رأى على ثوبه نجاسة ولا يدرى متى أصابته فالمختار عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يعيد الا الصلاة التى هو فيها.
وجاء فى بدائع الصنائع
(1)
أنه لو صلى عريانا أو مع ثوب نجس وفى رحله ثوب طاهر لم يعلم به ثم علم قال بعض مشايخنا يلزمه الاعادة بالاجماع.
وجاء فى الفتاوى الهندية
(2)
: أنه لو كان باحدى رجلى المصلى بثرة فغسل رجليه ولبس الخفين ثم أحدث ومسح عليهما وصلى صلوات فلما نزع الخف وجد البثرة قد انشقت وسال منها الدم وهو لا يعلم أنه متى انشقت.
حكى عن الشيخ الامام أبى بكر محمد ابن الفضل ان كان رأس الجرح قد يبس وكان الرجل لبس الخف عند طلوع الفجر ونزعه بعد العشاء فانه لا يعيد صلاة الفجر ويعيد ما بعدها من الصلوات.
وان كان رأس الجرح مبتلا بالدم لا يعيد شيئا منها، وهكذا فى المحيط.
وجاء فى بدائع الصنائع
(3)
: أنه لو توضأ من بئر وصلى أياما ثم وجد فيها فأرة فان علم وقت وقوعها أعاد الصلاة من ذلك الوقت لأنه تبين انه توضأ بماء نجس.
وان لم يعلم فالقياس أن لا يعيد شيئا من الصلوات ما لم يستيقن بوقت وقوعها وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.
وفى الاستحسان ان كانت منتفخة أو متفسخة أعاد صلاة ثلاثة أيام ولياليها.
وان كانت غير منتفخة ولا متفسخة لم يذكر فى ظاهر الرواية.
وروى الحسن عن أبى حنيفة أنه يعيد صلاة يوم وليلة.
ولو اطلع على نجاسة فى ثوبه أكثر من قدر الدرهم ولم يتيقن وقت اصابتها لا يعيد شيئا من الصلاة كذا ذكر الحاكم الشهيد وهو رواية بشر المريسى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى.
وروى عن أبى حنيفة أنها ان كانت طرية يعيد صلاة يوم وليلة وان كانت يابسة يعيد صلاة ثلاثة ايام بلياليها.
وروى ابن رستم فى نوادره عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه ان كان دما لا يعيد.
وان كان منيا يعيد من آخر ما احتلم لأن دم غيره قد يصيبه.
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 49 الطبعة السابقة.
(2)
الفتاوى الهندية ج 1 ص 36 الطبعة السابقة.
(3)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع الكاسانى ج 1 ص 78 الطبعة السابقة.
والظاهر ان الاصابة لم تتقدم زمان وجوده.
فأما منى غيره فلا يصيب ثوبه فالظاهر أنه منيه فيعتبر وجوده من وقت وجود سبب خروجه حتى أن الثوب لو كان مما يلبسه هو وغيره فيستوى فيه حكم الدم والمنى.
ومشايخنا قالوا فى البول يعتبر من آخر ما بال وفى الدم من آخر ما رعف وفى المنى من آخر ما احتلم أو جامع.
ووجه القياس فى المسألة أنه تيقن طهارة الماء فيما مضى وشك فى نجاسته.
لأنه يحتمل أنها وقعت فى الماء وهى حية فماتت فيه.
ويحتمل أنها وقعت ميتة بأن ماتت فى مكان آخر ثم القاها بعض الطيور فى البئر على ما حكى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى انه قال: كان قولى مثل قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى الى أن كنت يوما جالسا فى بستانى فرأيت حدأة فى منقارها جيفة فطرحتها فى بئر فرجعت عن قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى فوقع الشك فى نجاسة الماء فيما مضى فلا يحكم بنجاسته بالشك وصار كما اذا رأى فى ثوبه نجاسة ولا يعلم وقت اصابتها أنه لا يعيد شيئا من الصلوات كذا هذا.
ووجه الاستحسان: أن وقوع الفأرة فى البئر سبب لموتها والموت متى ظهر عقيب سبب صالح يحال به عليه كموت المجروح فانه يحال به الى الجرح.
وان كان يتوهم موته بسبب آخر واذا أحيل بالموت الى الوقوع فى الماء فأدنى ما يتفسخ فيه الميت ثلاثة أيام ولهذا يصلى على قبر ميت لم يصل عليه الى ثلاثة ايام وتوهم الوقوع بعد الموت احالة بالموت الى سبب لم يظهر وتعطيل للسبب الظاهر وهذا لا يجوز فبطل اعتبار الوهم والتحق الموت فى الماء بالمتحقق الا اذا قام دليل المعاينة بالوقوع فى الماء ميتا فحينئذ يعرف بالمشاهدة أن الموت غير حاصل بهذا السبب ولا كلام فيه.
وجاء فى الفتاوى الهندية
(1)
: أن من وجد فى ثوبه نجاسة مغلظة أكثر من قدر الدرهم ولا يدرى متى أصابته لا يعيد شيئا من صلاته بالاجماع وهو الأصح كذا فى محيط السرخسى والجوهرة النيرة.
ولو صلى فى جبة محشوة
(2)
فوجد فى حشوها بعد الفراغ فأرة ميتة يابسة.
فان كان للجبة ثقب أو خرق أعاد صلاة ثلاثة أيام.
وان لم يكن للجبة ثقب أو خرق أعاد جميع ما صلى فى تلك الجبة كذا فى السراج الوهاج.
ولو دخل رجل فى الصلاة وفى كمه فرخة حية فلما فرغ من صلاته رآها ميتة.
(1)
الفتاوى الهندية ج 1 ص 60، ص 61 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 62 الطبعة السابقة.
فان كان غالب ظنه أنها ماتت فى صلاته تجب اعادة الصلاة.
وان لم يكن غالب ظنه ذلك بأن كان مشككا لا تجب عليه الاعادة كذا فى الخلاصة.
واذا تنجس طرف
(1)
: من أطراف الثوب ونسيه فغسل طرفا من أطراف الثوب من غير تحر حكم بطهارة الثوب وهو المختار فلو صلى مع هذا الثوب صلوات ثم ظهر أن النجاسة فى الطرف الآخر يجب عليه اعادة الصلوات التى صلاها مع هذا الثوب كذا فى الخلاصة.
وجاء فى الدر المختار
(2)
: أنه لو سجد على كمه أو على فاضل ثوبه صح لو كان المكان طاهرا والا لم يصح ما لم يعد سجوده على طاهر فيصح اتفاقا.
قال ابن عابدين: أى أن اعاد سجوده على طاهر صح اتفاقا ولم أر نقل هذه المسألة بخصوصها.
وانما رأيت فى السراج ما يدل عليها حيث قال: ان كانت النجاسة فى موضع سجوده فعن أبى حنيفة رحمه الله تعالى: روايتان.
احداهما: ان صلاته لا تجوز لأن السجود ركن كالقيام وبه قال ابو يوسف ومحمد وزفر رحمهم الله تعالى، لأن وضع الجبهة عندهم فرض والجبهة أكثر من قدر الدرهم فاذا استعمله فى الصلاة لم تجز وان أعاد تلك السجدة على موضع طاهر جاز عند اصحابنا الثلاثة.
وعند زفر لا يجوز الا باستئناف الصلاة.
والرواية الثانية عن أبى حنيفة أن صلاته جائزة لأن الواجب عنده فى السجود أن يسجد على طرف أنفه وذلك أقل من قدر الدرهم فقوله: وان أعاد .. الخ يدل على ما ذكره الشارح بالأولى لأن هذا فى السجود على النجس بلا حائل.
لكن فى المنية وشرحها ما يخالفه فانه قال: ولو سجد على شئ نجس تفسد صلاته سواء أعاد سجوده على طاهر أو لا عندهما.
وقال أبو يوسف: ان أعاده على طاهر لا تفسد وهذا بناء على أنه بالسجود على النجس تفسد السجدة لا الصلاة عنده.
وعندهما تفسد الصلاة لفساد جزئها وكونها لا تتجزى.
وفى امداد الفتاح: لا يصح لو أعاده على طاهر فى ظاهر الرواية.
وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى الجواز.
والخلاف على هذا الوجه هو المذكور فى الكافى والدرر والمواهب وغيرها.
(1)
الفتاوى الهندية ج 1 ص 43 الطبعة السابقة.
(2)
الدر المختار على رد المحتار المعروف بحاشية ابن عابدين عليه ج 1 ص 468 الطبعة السابقة.
ثم قال ابن عابدين وقد صرحوا باشتراط طهارة الثوب والبدن والمكان فلو وقف ابتداء على مكان نجس لا تنعقد صلاته.
وفى الخانية: اذا وقف المصلى على مكان طاهر ثم تحول الى مكان نجس، ثم عاد الى الأول ان لم يمكث على النجاسة مقدار ما يمكنه فيه أداء أو فى ركن جازت صلاته والا فلا.
وهذا كله اذا كان السجود أو القيام على النجاسة بلا حائل منفصل ولا يعتبر الحائل المتصل حائلا لتبعيته للمصلى ولذا لو قام على النجاسة وهو لابس خفا لم تصح صلاته وكذلك السجود ولو اعتبر حائلا لصحت سجدته بدون اعادتها على طاهر.
وجاء فى فتح القدير
(1)
: أنه لو احتلم فوجد اللذة ولم ينزل حتى توضأ وصلى ثم أنزل اغتسل ولا يعيد الصلاة.
وكذا لو احتلم فى الصلاة فلم ينزل حتى أتمها فأنزل فلا يعيد الصلاة ويغتسل.
ومن اغتسل بعد الجماع قبل النوم أو البول أو المشى ثم خرج منه المنى بلا شهوة فانه لا يعيد الصلاة التى صلاها بعد الغسل الأول قبل خروج ما تأخر من المنى اتفاقا.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(2)
أن من صلى بالنجاسة متعمدا عالما بحكمها أو جاهلا وهو قادر على ازالتها يعيد صلاته أبدا.
ومن صلى بها ناسيا لها أو غير عالم بها أو عاجزا عن ازالتها يعيد فى الوقت على قول من قال انها سنة، وقول من قال انها واجبة مع الذكر والقدرة.
قال ابن رشد فى رسم شك من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة المشهور فى المذهب قول ابن القاسم.
وروايته عن مالك أن رفع النجاسات من الثياب والأبدان سنة.
فمن صلى بثوب نجس على مذهبه ناسيا أو جاهلا بنجاسته أو مضطرا الى الصلاة أعاد فى الوقت.
وأما من صلى عالما غير مضطر متعمدا أو جاهلا أعاد أبدا لتركه السنة عامدا.
ومن أصحابنا من قال ان رفع النجاسات عن الثياب والأبدان فرض بالذكر ساقط بالنسيان وليس ذلك بصحيح عندى لأنه ينتقض بالمضطر لأنه ذاكر ولا يعيد الا فى الوقت.
وقال بعضهم فرض مع الذكر والقدرة تحرزا من هذا الاعتراض.
وقد روى البرقى عن أشهب أن من صلى بثوب نجس عامدا فلا اعادة عليه الا فى الوقت
(1)
فتح القدير للامام كمال الدين محمد ابن عبد الواحد السيواسى السكندرى المعروف بابن الهمام على الهداية، شرح بداية المبتدى لشيخ الاسلام برهان الدين على بن بكر المرغينانى وبهامشه شرح العناية على الهداية للامام اكمل الدين محمد بن محمود البابرتى وحاشية سعد الله بن عيسى المغنى الشهير بسعدى جلبى ج 1 ص 43 لطبعة السابقة.
(2)
الحطاب ج 1 ص 131، ص 132، ص 133 الطبعة السابقة.
وهو ظاهر قوله فى المدونة فيمن مسح المحاجم أنه يعيد فى الوقت ولم يفرق بين العمد والنسيان وعلى ذلك حملها أبو عمران قال للاختلاف فى المسح اذ قد روى عن الحسن أنه ليس عليه غسل موضع المحاجم.
وقال ابن زيد معناه ناسيا.
وممن رجح القول بالسنية عبد الحق فى تهذيب الطالب بل صرح بأنه المشهور فى ترجحه أقسام الطهارة وفى ترجحه من صلى بثوب نجس أو حرير وفى باب الرعاف.
ومع ذلك فكلامه فى غير موضع من كتابه يدل على أن من صلى بالنجاسة عامدا يعيد أبدا.
وصرح بذلك فى باب ذكر النجاسة فى الثوب والجسد.
هذا الذى ذكرناه من أن الخلاف انما هو فى التعبير بالسنية أو الوجوب انما ذلك حيث أردنا بيان الراجح من المذهب.
وأما ان لم نرد ذلك فلا شك فى وجود القول بعدم اعادة العامد أبدا على القول بأنها سنة كما ذكره القاضى عبد الوهاب فى المدونة والباجى فى المنتقى وعبد الحق فى التهذيب، وابن رشد فى رسم المكاتب من سماع يحيى.
واعلم أن الطرق اختلفت فى نقل المذهب فى حكم ازالة النجاسة.
واقتصر المصنف على قولين مشهورين.
وذكر ابن عرفة فى ذلك أربع طرق.
الأولى لابن القصار والرسالة والتلقين انها واجبة بلا خلاف.
وما وقع فى المذهب من الخلاف فى اعادة المصلى بها فعلى الخلاف فى شرطيتها.
الثانية للجلاب والقاضى عبد الوهاب فى شرح الرسالة والبيان والأجوبة لا خلاف أنها سنة.
والخلاف فى الاعادة مبنى على الخلاف فى الاعادة لترك السنن عمدا.
الثالثة للمدونة فيها روايتان بالوجوب والسنية.
الرابعة للخمى فيها ثلاثة أقوال الوجوب والسنية:
والثالث الوجوب مع الذكر والقدرة هو المشهور.
ثم قال والنجاسة تطلب ازالتها
(1)
: عن مكان المصلى أيضا كطلب ازالتها عن ثوبه وبدنه والمعتبر من المكان محل قيامه وسجوده وقعوده وموضع كفيه قاله غير واحد.
قال فى الجواهر وليكن كل ما يماس بدن المصلى عند القيام والجلوس والسجود طاهرا وقاله فى الذخيرة وزاد وأما ما لا يمسه فلا يضره - ولا يضره ما كان أمامه أو على يمينه أو شماله.
قال فى المدونة فى كتاب الصلاة الأول ومن صلى وبين يديه جدار مرحاض أو قبر فلا بأس به.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 135 الطبعة السابقة.
قال ابن ناجى ظاهره وان ظهر على الجدار نجاسة وهو كذلك لأن المعتبر محل قيام المصلى وقعوده وسجوده وموضع كفيه لا أمامه أو يمينه أو شماله.
وقال سند ان كان ظاهر الجدار نجسا فالمذهب أن الصلاة صحيحة.
وقال ابن حبيب من تعمد الصلاة الى النجاسة وهى أمامه أعاد الصلاة الا أن تكون بعيدة جدا أو يواريها عنه شئ فان كان دونها ما لا يواريها فذلك كلا شئ.
قال وان كان ظاهر الجدار طاهرا فلا خلاف أن الصلاة صحيحة الا أنه يكره ابتداء كما يكره أن يكون ذلك فى حائط قبلة المسجد ولا ينبغى أن يواجه المصلى شئ متنجس.
وفى رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب الصلاة والنهى عن الصلاة الى جدار المرحاض والمجنون والصغير والمرأة والكافر والمأبون فى دبره.
فان فات ذلك وصلى حذاءهم أوهم أمامه لم يعد الصلاة عامدا أو ناسيا أو جاهلا لا فى وقت ولا فى غيره.
قال ابن رشد لأن الشرع قد قرر تعظيم شأن القبلة فمن الاختيار للمصلى أن ينزه قبلته فى الصلاة عن كل مكروه.
قال ابن عرفة قال عياض وسقوط طرف المصلى على جاف نجاسة بغير محله لغو.
وقال ابن ناجى رحمه الله تعالى فى شرح المدونة فى كتاب الطهارة أنه ظاهر المدونة ولم يحك عياض غيره.
قال ابن عرفة ومثله لابن بشير فى كتاب التهذيب فانه قال أشار فى الكتاب الى أن النجاسة متى كانت فى موضع لا يلاقيه شئ من جسد المصلى فلا يعيد.
وقال البرزلى أحفظ فى الاكمال أن ثياب المصلى اذا كانت تماس النجاسة ولا يجلس عليها فلا تضره.
وفرع البرزلى
(1)
على ذلك أن من صلى الى جنب من يتحقق نجاسة ثيابه.
فان كان يعتمد عليها بحيث يجلس عليها أو يسجد ببعض أعضائه فلا يجوز.
وأما ان لا صقه فلا يضره.
وأما ان استند اليه ففى المدونة لا يستند المصلى لحائض ولا لجنب.
فقيل لأن المستند شريك المستند اليه.
وقيل لنجاسة ثيابه ويعيد ان فعل فى الوقت.
وذكر ابن ناجى فى شرح المدونة أثر كلامه السابق عن شيخه البرزلى أنه كان يخالف عياضا فيما قاله ويرى أنه بمنزلة من صلى على نجاسة.
قال وما ذكره ذهب اليه بعض فضلاء أصحابنا وبنى عليه أن من صلى على فراش يحاذى صدره منه ثقب بأسفله نجاسة لم تمسه
(1)
الحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 136 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1358 هـ الطبعة الاولى.
أنه يعيد صلاته، قال وهو بعيد جدا لأن المعتبر انما هو ما يباشره.
قال الحطاب وما قاله عياض وارتضاه ابن ناجى هو الظاهر وهو الذى يقتضيه كلام أهل المذهب ويكفيه قبول ابن عرفة له.
قال البرزلى
(1)
: اثر كلامه المتقدم فى مسألة ثياب المصلى اذا كانت تماس النجاسة.
قال البرزلى ومنه مسألة بيت الشعر أو الخباء اذا كان فى اطرافه نجاسة أو بول حيوان لا يؤكل لحمه فكان شيخنا ابن عرفة يقول:
ان كان سطح رأس المصلى يماس الخباء فهى كمسألة العمامة والا فهو كالبيت المبنى فلا يضره.
قال البرزلى ومنه مسألة السقف اذا كانت فيه كوة تقابل مرحاضا أو غيره من النجاسات أو كان فى الحصير ثقب لا تصل ثياب المصلى الى ما تحته من النجس لكنه بستقر المصلى على الأعلى.
فكان شيخنا ابن عرفة رحمه الله تعالى يقول تصح صلاة صاحب السقف والسرير ويعيد الثانى فى مسألة الحصير لشدة الاتصال.
وكان شيخنا أبو القاسم الغبرينى يفتى بصحة صلاة الجميع.
وقد تقدم عن ابن ناجى ما يؤيد فتوى الغبرينى وهو الظاهر.
وفى التاج والاكليل
(2)
: قال ابن القاسم وسحنون من رأى النجاسة فى صلاته فهم بالقطع فنسى فلا اعادة عليه الا فى الوقت وكذا لو رآها بعد صلاته فهم بالاعادة فى الوقت فنسى.
وروى الاخوان أنه يعيد أبدا.
وفى الحطاب
(3)
: قال ابن عرفة فلو رأى بمحل سجوده نجاسة بعد رفعه، فقال بعض أصحابنا يتم صلاته متنحيا عنه.
وقال الحطاب يقطع لاطلاق قوله من علم فى صلاته أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب قطع وابتدأ صلاته باقامة وان علم بعد صلاته أعاد فى الوقت.
وأخبرت عن بعض متأخرى فقهاء القيروان فيمن رأى بعمامته بعد سقوطها نجاسة فى صلاته يتمادى ويعيد فى الوقت.
وهذا جار على قول ابن الماجشون والجارى على المشهور وعلى ما اختاره ابن عرفة رحمه الله تعالى.
أما من رأى النجاسة قبل الدخول فى الصلاة فان ذلك لا أثر له فى ابطال الصلاة وهو كمن لم يرها على المعروف فيعيد فى الوقت.
وجاء فى التاج والاكليل
(4)
: نقلا عن
(1)
المرجع السابق وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 137 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 141 الطبعة السابقة.
(3)
الحطاب ج 1 ص 141.
(4)
التاج والاكليل ج 1 ص 141.
المدونة أن من رأى النجاسة قبل الدخول فى الصلاة زاد فى المبسوط ونسى حتى دخل قال هو مثل هذا كله يعنى ان صلى بذلك ولم يعلم أعاد فى الوقت وان ذكر فى الصلاة قطع سواء كان وحده أو مأموما وان كان اماما استخلف.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: قال الحطاب ولا يعفى عن موضع حجامة مسح فاذا برئ الماسح غسل وحكم الفصادة كذلك والا أعاد فى الوقت وأول بالنسيان.
ونقل عن المدونة أن المحتجم يغسل موضع المحاجم ولا يجزى مسحها فان مسحها وصلى أعاد فى الوقت بعد أن يغسلها يريد ان مسحها ساهيا.
وقال أبو عمران مسحها ساهيا أو عامدا فانما يعيد فى الوقت للاختلاف فى جواز المسح.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: من الحطاب:
أنه لو صلى بما غلب على الظن أنه طاهر ثم تغير اجتهاده فان كان الى اليقين فى اجتهاده الأول غسل ما أصابه سنة وأعاد الصلاة.
وان تغير الى الظن فيخرج على القولين فى نقض الظن بالظن كالمصلى الى القبلة باجتهاد ثم يغلب على الظن أنه أخطأ قاله فى الجواهر ونقله ابن عرفة عن المازرى فقال المازرى على التحرى ان تغير اجتهاده بعلم أعاد الصلاة وبظن قولان كنقض ظن الحاكم بظنه.
وقال فى الشامل وان تغير اجتهاده بعلم عمل عليه لا بظن على الأظهر
(3)
.
ثم قال: ولا خلاف فى وجوب غسل النجاسة المتحققة، أما ان شك فى اصابتها لثوب وجب نضحه.
قال الحطاب واذا قلنا بوجوب النضج فتركه وصلى فانه يعيد الصلاة كما يعيدها من ترك غسل النجاسة المتحققة فان كان عامدا أو جاهلا أعاد أبدا وان كان ناسيا أو عاجزا أعاد فى الوقت.
وقال فى التوضيح قال أشهب وابن نافع وابن الماجشون لا اعادة أصلا وعلله القاضى أبو محمد بأن النضح مستحب عندهم.
ورده ابن العربى بأن النضح واجب ولكنه فرض لا يؤثر فى الصلاة وفيه نظر، لأن وجوبه ليس الا للصلاة فيجب أن يكون مؤثرا فيها كالغسل بل هو أولى، لأنه تعبد محض.
قال فى التوضيح تنبيه قول ابن حبيب المتقدم بأن الجاهل والعامد يعيد أبدا بخلاف الناسى مقيد فى الواضحة بما اذا شك هل أصاب ثوبه شئ من جنابة أو غيرها من النجاسة.
(1)
الحطاب مع التاج والاكليل فى كتاب ج 1 ص 150 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 173 الطبعة السابقة.
(3)
الحطاب مع التاج والاكليل فى كتاب شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل ج 1 ص 165، ص 166 الطبعة السابقة.
وأما من وجد
(1)
: أثر الاحتلام فاغتسل وغسل ما رأى. وجهل أن ينضح ما لم ير وصلى فلا اعادة عليه لما صلى ولكن عليه أن ينضحه لما يستقبل قال وقاله ابن الماجشون.
واذا ترك نضح الجسد وصلى فالخلاف فيه كالخلاف فى الثوب ذكره ابن فرحون رحمه الله تعالى فى شرحه.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: من الحطاب:
ومن صلى بالنجاسة، ولم يكن ذاكرا لها عند الصلاة اما بأن لم يعلم بها أصلا أو علم بها ونسيها أو صلى بها عاجزا عن ازالتها فانه يعيد الصلاة فى الوقت الضرورى وهو فى الظهرين الى الاصفرار والمراد بالظهرين الظهر والعصر.
واذا رأت المرأة
(3)
: حيضا فى ثوبها ولم تدر وقت حصوله فتغتسل وتعيد الصلاة من آخر نومة وتعيد الصوم من أول يوم صامته فيه كذا قال الشيخ سالم والتتائى ففرقا بين الصوم والصلاة.
والمعتمد انه لا فرق بينهما.
قال ابن عرفة قال ابن القاسم من رأت فى ثوبها حيضا لا تذكر وقت اصابته ان كانت لا تترك ذلك الثوب أعادت الصلاة مدة لبسه لاحتمال طهرها وقت أول صلاة من أول يوم لبسته بأن أتّاها الدم دفعة واحدة وانقطع وان كانت لا تنزعه فى بعض الأوقات فمن آخر لبسة وتعيد صوم ما تعيد صلاته ما لم يجاوز عادتها والا اقتصرت عليها.
وجاء فى الحطاب
(4)
: نقلا عن المدونة أنه لا يجوز مسح أعلا الخف دون أسفله ولا مسح أسفله دون أعلاه الا أنه ان مسح أعلاه وصلى فأحب الى أن يعيد فى الوقت، لأن عروة كان يمسح بطونهما ففهم منه أن الاعلى والأسفل عنده واجبان، وان اقتصر فى ترك الأسفل على الوقت مراعاة للخلاف.
ونقله ابن ناجى بلفظ ولا يجزئ وقال ظاهره بعد الوقوع وأنه يعيد أبدا وهو مناف لقوله يعيد فى الوقت فهو أراد ولا يجوز ففيه مسامحة.
وقال الشيبى أختلف فى الواجب من مسحهما.
مشهورها وجوب مسح الأعلى واستحباب مسح الأسفل.
الثانى وجوبهما لابن نافع.
والثالث وجوب أحدهما من غير تعيين.
وقال فى القوانين الواجب مسح أعلاه ويستحب أسفله.
وقيل يجب.
(1)
المرجع السابق شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل ج 1 ص 167 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 138 الطبعة السابقة.
(3)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 1 ص 132، ص 133 الطبعة السابقة.
(4)
الحطاب مع التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل ج 1 ص 324، ص 325 الطبعة السابقة.
وهذا يقتضى أن مسح الأسفل مستحب فان مسح أعلاهما دون أسفلهما أعاد فى الوقت استحبابا.
وان أقتصر على مسح أسفلهما دون أعلاهما أعاد فى الوقت وبعده ايجابا وعلى هذا حمله الشارح فى الصغير والأول أظهر.
وان مسح أعلاه لا أسفله أعاد الصلاة فى الوقت ويعيد الوضوء أبدا وكل ذلك استحباب قاله الشيخ ابن أبى زيد ونقله ابن يونس وغيره.
وقال فى الطراز اذا قلنا يعيد فى الوقت فهل يعيد الوضوء كله أو أسفل الخف فقط قال ابن أبى زيد يعيد الوضوء ورأى أنه لما ترك ذلك جاهلا حتى طال كان فيه خرم الموالاة المشترطة.
ويتخرج فيه قول آخر أنه يمسح أسفله فقط ويعيد الصلاة والمراد بالوقت الوقت المختار قاله أصبغ ونقله ابن ناجى وغيره.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(1)
:، قال المصنف صاحب المهذب: اذا كان على بدنه نجاسة غير معفو عنها ولم يجد ما يغسل به صلى وأعاد، وان كان على فرجه دم يخاف من غسله صلى وأعاد.
وقال فى القديم لا يعيد، لأنها نجاسة يعذر فى تركها فسقط معها الفرض كأثر الاستنجاء.
والأول أصح، لأنه صلى بنجس نادر غير معتاد متصل فلم يسقط عنه الفرض كما لو صلى بنجاسة نسيها.
أما حكم المسألة فاذا كان على بدنه نجاسة غير معفو عنها وعجز عن ازالتها وجب أن يصلى بحاله لحرمة الوقت.
لحديث ابى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» رواه البخارى ومسلم وتلزمه الاعادة لما ذكره المصنف.
وقد سبق فى باب التيمم قول غريب أنه لا تجب الاعادة فى كل صلاة أمرناه أن يصليها على نوع خلل.
أما اذا كان على فرجه دم يخاف من غسله وهو كثير بحيث لا يعفى عنه ففى وجوب الاعادة القولان اللذان ذكرهما المصنف.
الجديد الأصح وجوبها.
والقديم لا يجب.
والمعتبر فى الخوف ما سبق فى باب التيمم من بط ء برء أو زيادة علة وقوله: كما لو صلى بنجاسة نسيها تلزمه الاعادة قولا واحدا.
وانما القولان عندهم فيمن صلى بنجاسة جهلها فلم يعلمها فقط.
(1)
المجموع فى الفقه للنووى ج 3 ص 136 وما بعدها الطبعة السابقة والمهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 60 وما بعدها الطبعة السابقة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: وأما طهارة الثوب الذى يصلى فيه فهى شرط فى صحة الصلاة والدليل عليه قول الله تبارك وتعالى:
«وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ»
(2)
.
فان كان على ثوبه نجاسة غير معفو عنها ولم يجد ماء يغسلها به صلى عريانا ولا يصلى فى الثوب
قال فى البويطى وقد قيل يصلى فيه ويعيد.
والمذهب الأول لأن الصلاة مع العرى يسقط بها الفرض ومع النجاسة لا يسقط فلا يجوز أن تترك صلاة يسقط بها الفرض الى صلاة لا يسقط بها الفرض وطهارة الثوب شرط لصحة الصلاة ودليله ما ذكره المصنف.
فان لم يقدر الا على ثوب عليه نجاسة لا يعفى عنها ولم يقدر على غسله فطريقان:
أحدهما: يصلى عريانا.
وأشهرهما على قولين.
أصحهما: يجب عليه أن يصلى عريانا ..
والثانى: يجب أن يصلى فيه ودليلهما فى الكتاب.
فان قلنا يصلى عريانا فلا اعادة.
وان قلنا يصلى فيه وجبت الاعادة.
ولو كان معه ثوب طاهر ولم يجد الا موضعا نجسا فوجهان مشهوران فى الابانة وغيره.
أصحهما يجب أن ينزعه فيبسطه ويصلى عليه ولا اعادة.
والثانى يصلى فيه على النجاسة ويعيد وجههما ما سبق.
ولو لم يجد الا ثوب حرير فوجهان:
أصحهما يجب أن يصلى فيه، لأنه طاهر يسقط الفرض به، وانما يحرم فى غير محل الضرورة.
والثانى: يصلى عاريا لأنه عادم لسترة شرعية ولا اعادة عليه ويلزمه لبس الثوب النجس والحرير فى غير الصلاة للستر عن الأعين وكذا فى الخلوة اذا أوجبنا الستر فيها.
فان اضطر الى لبس الثوب لحر أو برد صلى فيه وأعاد اذا قدر، لأنه صلى بنجس نادر غير متصل فلا يسقط معه الفرض كما لو صلى بنجاسة نسيها.
وان كان معه ثوبان طاهر ونجس واشتبها تحرى وصلى فى الطاهر على الأغلب عنده لأنه شرط من شروط الصلاة يمكن التوصل اليه بالاجتهاد فجاز التحرى فيه كالقبلة.
فان اجتهد فلم يؤد الاجتهاد الى طهارة أحدهما صلى عريانا وأعاد لأنه صلى ومعه ثوب طاهر بيقين وان أداه الاجتهاد الى
(1)
المجموع شرح المهذب للنووى ج 3 ص 142 وما بعدها والمهذب للشيرازى ج 1 ص 61 وما بعدها نفس الطبعة السابقة.
(2)
الآية رقم 4 من سورة المدثر.
طهارة أحدهما ونجاسة الآخر فغسل النجس عنده جاز أن يصلى فى كل واحد منهما.
فان لبسهما معا وصلى فيهما ففيه وجهان.
قال أبو اسحاق تلزمه الاعادة، لانهما صارا كالثوب الواحد وقد تيقن حصول النجاسة وشك فى زوالها، لأنه يحتمل أن يكون الذى غسله هو الطاهر فلم تصح صلاته.
كالثوب الواحد اذا أصابته نجاسة وخفى موضعها فتحرى وغسل موضع النجاسة بالتحرى وصلى فيه.
وقال أبو العباس لا اعادة عليه، لأنه صلى فى ثوب طاهر بيقين وثوب طاهر فى الظاهر فهو كما لو صلى فى ثوب اشتراه لا يعلم حاله وثوب غسله.
فان كانت النجاسة فى أحد الكمين واشتبه فوجهان.
قال أبو اسحاق لا يتحرى لأنه ثوب واحد.
وقال ابو العباس يتحرى لأنهما عينان متميزتان هما كالثوبين.
فان فصل أحد الكمين جاز التحرى فيه بلا خلاف.
وقال فى المجموع
(1)
: واذا اجتهد فتحير ولم يظهر له بالاجتهاد شئ لزمه أن يصلى عريانا لحرمة الوقت ويلزمه الاعادة لأنه صلى عريانا ومعه ثوب طاهر وعذره نادر غير متصل هذا هو الصحيح المشهور.
وفيه قول أنه يجب أن يصلى فى أحدهما وهو القول الضعيف الذى أشار اليه فى البويطى كما سبق أنه اذا لم يجد الا ثوبا نجسا صلى فيه وأعاد لئلا يكشف عورته.
وفيه وجه غريب حكاه صاحبا الحاوى والبيان أنه يصلى تلك الصلاة فى كل ثوب مرة ولا اعادة حينئذ.
وهذا ليس بشئ لأنه أمر بالصلاة بنجاسة بيقين.
والمذهب أنه يصلى عريانا ويعيد.
هذا اذا لم يكن معه ماء يغسل به أحدهما.
فان كان وجب عليه غسل أحدهما هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور.
وحكى المتولى وجها أنه لا يلزمه الغسل، لأن الثوب الذى يريد غسله لا يتيقن نجاسته ولا يمكن ايجاب غسل ما لم يعلم نجاسته.
وقد قال صاحب الشامل فى جواب هذا انما يجب غسل النجس، لأنه لا يمكنه الصلاة الا بغسله وهذا المعنى موجود هنا.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أنه لو ظن بالاجتهاد طهارة ثوب من ثوبين أو أثواب
(1)
المجموع فى الفقه للنووى شرح المهذب للشيرازى ج 3 ص 144، ص 145 الطبعة السابقة.
(2)
المجموع فى الفقه للنووى ج 3 ص 147 الطبعة السابقة.
وصلى فيه ثم دخل وقت صلاة أخرى هل يجدد الاجتهاد؟ فيه وجهان.
أحدهما وبه قطع المتولى يجدده كما يجدده فى القبلة على الصحيح.
وأصحهما وبه قطع صاحب الحاوى لا يجدده.
قال: ويخالف القبلة فانها تتغير بتغير المواضع ويختلف ادراكها باختلاف الأحوال.
فلو اجتهد وقلنا الاجتهاد واجب أو غير واجب فان لم يتغير اجتهاده أو ظهر له طهارة الذى كان يظن طهارته أولا صلى فيه.
وان تغير اجتهاده فظهر له طهارة الآخر لم تلزمه اعادة الصلاة الاولى بلا خلاف.
وكيف يصلى الآن؟ فيه وجهان مشهوران فى الحاوى وتعليق القاضى أبى الطيب والتتمة وغيرها.
أصحهما وهو الذى صححه المتولى وغيره يصلى فى الثوب الثانى وهو الذى ظهر له الآن انه الطاهر، ولا اعادة فيه.
كما انه اذا تغير اجتهاده فى القبلة يصلى الى الجهة الثانية.
والوجه الثانى وهو الذى صححه القاضى أبو الطيب وصاحب الحاوى لا يجوز أن يصلى فى واحد من الثوبين بل يصلى عريانا وتلزمه الاعادة.
أما اذا تيقن أن الذى صلى فيه أولا كان نجسا وتيقن أن الثانى طاهر فيصلى فى الثانى.
وفى وجوب اعادة الصلاة الأولى طريقان حكاهما الدارمى.
أحدهما: القطع بالوجوب كمن صلى بنجاسة نسيها على طريقة العراقيين.
والثانى: وهو المذهب وبه قطع الأكثرون فيه القولان فيمن صلى بنجاسة جهلها أصحهما الوجوب.
وجاء فى المهذب
(1)
: أنه ان كان عليه ثوب طاهر وطرفه موضوع على نجاسة كالعمامة على رأسه وطرفها على أرض نجسة لم تجز صلاته لأنه حامل لما هو متصل بنجاسة.
وجاء فى المجموع أيضا
(2)
: هذا الذى ذكره متفق عليه وسواء تحرك الطرف الذى يلاقى النجاسة بحركته فى قيامه وقعوده وركوعه وسجوده أم لم يتحرك هذا مذهبنا لا خلاف فيه.
ولو سجد على طرف عمامته ان تحرك بحركته لم تصح صلاته وان لم تتحرك صحت صلاته بلا خلاف.
والفرق ان المعتبر فى النجاسة أن لا يكون ثوبه المنسوب اليه ملاقيا لنجاسة وهذه العمامة ملاقية وأما السجود فالمأمور به أن يسجد على قرار وانما تخرج العمامة عن كونها قرارا
(1)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 62 وما بعدها الطبعة السابقة.
(2)
المجموع فى الفقه للنووى شرح المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 3 ص 148 الطبعة السابقة.
بحركته فاذا لم تتحرك فهى فى معنى القرار هذا مذهبنا.
وجاء فى المهذب
(1)
: ان طهارة الموضع الذى يصلى فيه شرط فى صحة الصلاة.
لما روى عمر رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سبعة مواطن لا تجوز فيها الصلاة المجزرة والمزبلة والمقبرة ومعاطن الابل والحمام وقارعة الطريق وفوق بيت الله العتيق فذكر المجزرة والمزبلة وانما منع من الصلاة فيهما للنجاسة فدل على أن طهارة الموضع الذى يصلى فيه شرط.
فان صلى على بساط وعليه نجاسة غير معفو عنها، فان صلى على الموضع النجس منه لم تصح صلاته، لأنه ملاق للنجاسة.
وان صلى على موضع طاهر منه صحت صلاته لأنه غير ملاق للنجاسة ولا حامل لما هو متصل بالنجاسة فهو كما لو صلى على أرض طاهرة وفى موضع منها نجاسة.
فان صلى على أرض فيها نجاسة فان عرف موضعها تجنبها وصلى فى غيرها.
وان فرش عليها شيئا وصلى عليه جاز، لأنه غير مباشر للنجاسة ولا حامل لما هو متصل بها.
وان خفى عليه موضع النجاسة فان كانت فى أرض واسعة فصلى فى موضع منها جاز، لأنه غير متحقق لها، ولأن الأصل فيها الطهارة.
وان كانت النجاسة فى بيت وخفى عليه موضعها لم يجز أن يصلى فيه حتى يغسله.
ومن أصحابنا من قال يصلى فيه حيث شاء كالصحراء وليس بشئ، لأن الصحراء لا يمكن حفظها من النجاسة ولا يمكن غسل جميعها والبيت يمكن حفظه من النجاسة فاذا نجس أمكن غسله واذا خفى موضع النجاسة منه غسله كله كالثوب.
وان كانت النجاسة فى أحد البيتين واشتبه عليه تحرى كما يتحرى فى الثوبين.
وان حبس فى حش
(2)
: ولم يقدر أن يتجنب النجاسة فى قعوده وسجوده تجافى عن النجاسة وتجنبها فى قعوده وأومأ فى السجود الى الحد الذى لو زاد عليه لاقى النجاسة ولا يسجد على الأرض لأن الصلاة قد تجزئ مع الايماء ولا تجزئ مع النجاسة واذا قدر ففيه قولان
قال فى القديم لا يعيد، لأنه صلى على حسب حاله فهو كالمريض
وقال فى الاملاء يعيد، لأنه ترك الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه كما لو ترك السجود ناسيا واذا أعاد ففى الفرض أقوال.
قال فى الأم الفرض هو الثانى، لأن الفرض به يسقط.
وقال فى القديم الفرض هو الأول، لأن الاعادة مستحبة غير واجبة فى القديم.
(1)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 61، ص 62 الطبعة السابقة.
(2)
الحش مكان الخلاء.
وقال فى الاملاء الجميع فرض، لأن الجميع يجب فعله فكان الجميع فرضا.
وخرج أبو اسحاق قولا رابعا أن الله تبارك وتعالى يحسب له بأيتهما شاء قياسا على ما قال فى القديم فيمن صلى الظهر ثم سعى الى الجمعة فصلاها فان الله تبارك وتعالى يحسب بأيتهما شاء.
واذا فرغ
(1)
من الصلاة ثم رأى على بدنه أو ثوبه أو موضع صلاته نجاسة غير معفو عنها نظرت فان كان جوز أن يكون حدث بعد الفراغ من الصلاة لم يلزمه الاعادة، لأن الأصل أنها لم تكن فى حال الصلاة فلم تجب الاعادة بالشك.
كما لو توضأ من بئر وصلى ثم وجد فى البئر فأرة، فان علم أنها كانت فى الصلاة.
فان كان قد علم أنها قبل الدخول فى الصلاة لزمته الاعادة، لأنه فرط فى تركها.
وان لم يعلم بها حتى فرغ من الصلاة ففيه قولان.
قال فى القديم لا يعيد لما روى أبو سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع نعليه فى الصلاة وخلع الناس نعالهم فقال مالكم خلعتم نعالكم فقالوا رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا فقال أتانى جبريل عليه السلام فأخبرنى أن فيهما قذرا أو قال دم حلمة
(2)
فلو لم تصح الصلاة لاستأنف الاحرام.
وقال فى الجديد يلزمه الاعادة، لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالجهل كالوضوء.
وجاء فى المهذب
(3)
: أن ماسح الخف ان شك هل أحدث فى وقت الظهر أو فى وقت العصر بنى الأمر على أنه أحدث فى وقت الظهر، لأن الأصل غسل الرجل فلا يجوز المسح الا فيما تيقنه وان لبس خفيه فأحدث ومسح وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم شك، هل كان مسحه قبل الظهر أو بعده بنى الأمر فى الصلاة أنه صلاها قبل المسح فتلزمه الاعادة لأن الأصل بقاؤه فى ذمته وبنى الأمر فى المدة أنها من الزوال ليرجع الى الأصل وهو غسل الرجلين.
وجاء فى المجموع
(4)
: أنه ان شك هل مسح فى الحضر أو السفر بنى الأمر على أنه مسح فى الحضر، لأن الأصل غسل الرجل والمسح رخصة بشرط، فاذا لم يتيقن شرط الرخصة رجع الى أصل الفرض وهو الغسل.
وان شك هل أحدث فى وقت الظهر أو فى وقت العصر بنى الأمر على أنه أحدث فى وقت الظهر، لأن الأصل غسل الرجل فلا يجوز المسح الا فيما تيقنه.
فان حصل له هذا الشك ثم تذكر أنه مسح فى السفر أو أنه لم تنقض المدة فله أن يصلى
(1)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 62، ص 63 الطبعة السابقة.
(2)
الحلمة بفتح الحاء واللام القراد العظيم.
(3)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 20، ص 21 الطبعة السابقة.
(4)
المجموع فى الفقه للنووى شرح المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 490، وص 491.
بذلك اللبس ويستبيح المسح الى تمام المدة التى تذكرها.
قالوا فان كان صلى فى حال الشك لزمه اعادة ما صلى فى حال الشك، لأنه صلى وهو يعتقد أنه يلزمه الطهارة فلزمه الاعادة كما لو تيقن الحدث وشك فى الطهارة وصلى على شكه ثم تيقن أنه كان متطهرا فانه يلزمه الاعادة بلا خلاف لأنه صلى شاكا من غير أصل يبنى عليه.
وكما لو صلى شاكا فى دخول الوقت بغير اجتهاده فوافقه يلزمه الاعادة.
وهذا الذى ذكرناه من وجوب اعادة ما صلى فى حال شكه فى بقاء مدة المسح متفق عليه.
قال أصحابنا ولا يجوز له أن يمسح فى مدة الشك بل ينزع الخف ويستأنف المدة.
فلو مسح مع الشك ثم تذكر أن المدة لم تنقض لم يصح ذلك المسح بل يلزمه اعادته وفى وجوب استئناف الوضوء قول.
وان لبس الماسح خفيه
(1)
: وأحدث ومسح وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم شك هل كان مسحه قبل الظهر أو بعده بنى الأمر فى الصلاة أنه صلاها قبل المسح فتلزمه الاعادة، لأن الأصل بقاؤها فى ذمته وبنى الأمر فى المدة أنها من الزوال ليرجع الى الأصل وهو غسل الرجل.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أنه ان لم يقدر الاقطع على الوضوء ووجد من يوضئه بأجر المثل لزمه كما يلزمه شراء الماء بثمن المثل.
فان لم يجد صلى وأعاد كما لو لم يجد ماء ولا ترابا.
فاذا لم يقدر على الوضوء لزمه تحصيل من يوضئه اما متبرعا واما بأجرة المثل اذا وجدها وهذا لا خلاف فيه.
فان لم يجد الأجرة أو وجدها ولم يجد من يستأجره أو وجده فلم يقتنع بأجرة المثل صلى على حسب حاله وأعاد.
كما يصلى ويعيد من لم يجد ماء ولا ترابا.
فالصلاة لحرمة الوقت والاعادة لاختلال الصلاة بسبب نادر.
هذا اذا لم يقدر الأقطع على التيمم.
فان قدر لزمه أن يتيمم ويصلى ويعيد لأنه عذر نادر.
هذا الذى ذكرناه من وجوب التيمم هو الصواب الذى نص عليه الشافعى وقطع به الأصحاب.
واتفق أصحابنا على أن من توضأ ثم قطعت يده من محل الفرض أو رجله أو حلق رأسه أو كشطت جلدة من وجهه أو يده لم
(1)
المرجع السابق شرح المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 493 وما بعدها الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 392 وما بعدها الطبعة السابقة.
يلزمه غسل ما ظهر ولا مسحه ما دام على تلك الطهارة وهذا لا خلاف فيه عندنا.
ونقله ابن الصباغ عن نص الشافعى رحمه الله تعالى فى البويطى.
وكذا رأيته أنا فى البويطى وهو قول جمهور السلف.
وجاء فى المهذب
(1)
: أن من رأى المنى فى فراش ينام فيه ولا ينام فيه غيره لزمه الغسل واعادة الصلاة من آخر يوم نام فيه.
قال صاحب المجموع
(2)
: نص عليه الشافعى رحمه الله تعالى فى الأم واتفق عليه الأصحاب.
الا وجها شاذا حكاه صاحب البيان أنه لا يجب عليه الغسل، وليس بشئ.
والصواب الوجوب، فعلى هذا قال أصحابنا يلزمه اعادة كل صلاة صلاها لا يحتمل حدوث المنى بعدها.
ويستحب أن يعيد كل صلاة يجوز أن المنى كان موجودا فيها.
وقال صاحب الحاوى هذا اذا رأى المنى فى باطن الثوب فان رآه فى ظاهره فلا غسل عليه لجواز أن يكون أصابه من غيره.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(3)
: أنه ان توضأ بماء، ثم علم نجاسته أعاد ما صلاه لبطلانه من الفروض حتى يتيقن براءته ليخرج من العهدة بيقين.
وان اشتبه طاهر غير مطهر بطهور لم يجتهد فى معرفة الطهور منهما.
كما لو اشتبه الطهور بالنجس وتوضأ منهما وضوءا واحدا من هذا غرفة ومن هذا غرفة تعم كل غرفة المحل من محال الوضوء ليؤدى الفرض بيقين ويجوز له هذا ولو كان عنده طهور بيقين لانه لو توضأ من ماء طهور بيقين وصلى صلاة واحدة أى فلا يلزمه أن يصلى الفرض مرتين قلت الغسل فيما تقدم كالوضوء.
وكذا ازالة النجاسة.
ولو توضأ من واحد منهما فقط ثم بان أنه مصيب أعاد ما صلاه لعدم صحة وضوئه.
وجاء فى موضع آخر
(4)
: أنه ان وجد منيا فى ثوب لا ينام فيه غيره قال أبو المعالى والأزجى لا بظاهره لجوازه من غيره قال فى الانصاف: وهو صحيح وهو مراد الأصحاب فيما يظهر فعليه الغسل لوجود موجبه واعادة المتيقن من الصلاة والمنى فى الثوب.
(1)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 29، ص 30 الطبعة السابقة.
(2)
المجموع شرح المهذب للنووى ج 2 ص 143.
(3)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 33 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 11، وص 12 الطبعة السابقة.
(4)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 104 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 43 الطبعة السابقة.
قال ابن قندس: الظاهر أنه يعيد ما تيقن أنه صلاه بعد وجود المنى وما شك فيه لا يعيده قال فى الرعاية واعادة الصلاة من آخر نومة نامها.
وفى المغنى لأبن قدامه
(1)
: أنه يعيد من آخر نومة نامها فيه الا أن يرى أمارة تدل على أنه قبلها فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها.
وفى بعض الفاظ الموفق
(2)
: من أحدث نومة.
زاد فى الرعاية: والأولى اعادة صلوات تلك المدة وهو ما يحصل به اليقين فى براءة الذمة.
ويصلى الانسان
(3)
: فى حرير ولو عارية لعدم غيره ولا يعيد لأنه مأذون فى لبسه فى بعض الأحوال كالحكة والجرب وضرورة البرد وعدم سترة غيره فليس منهيا عنه اذن.
ومن لم يجد
(4)
: الا ثوبا نجسا ولم يقدر على غسله صلى فيه وجوبا، لأن ستر العورة آكد من ازالة النجاسة لتعلق حق الآدمى به فى ستر عورته ووجوب الستر فى الصلاة وغيرها فكان تقديم الستر أهم وأعاد ما صلاه فى الثوب النجس وجوبا.
فان صلى عريانا مع وجود الثوب النجس أعاد الصلاة وجوبا لأنه فوت السترة مع قدرته عليها من وجه.
ولو كان نجس العين كجلد ميتة صلى عريانا من غير اعادة.
ومتى وجد على البدن والثوب والبقعة
(5)
:
نجاسة بعد الصلاة وجهل أنها كانت فى الصلاة صحت صلاته ولم يلزمه اعادتها، لأن الأصل عدم كونها فى الصلاة لاحتمال حدوثها بعد صلاته فلا تبطلها بالشك.
وان علم بعد صلاته أن النجاسة كانت فى الصلاة لكنه جهل فى الصلاة عينها بأن أصابه شئ ولم يعلم أنه نجس حال الصلاة ثم علمه أو علم أنها كانت فى الصلاة لكن جهل حكمها بأن اصابته النجاسة وعلمها وجهل أنها مانعة من الصلاة أو علم بعد سلامه أنها كانت فى الصلاة لكن جهل أنها كانت عليه بأن لم يعلم بها وقت اصابتها اياه أو علم بعد سلامه أنه كان ملاقيها ولم يكن يعلم ذلك فى صلاته أعاد، لأنها طهارة مشترطة فلم تسقط بالجهل كطهارة الحدث.
وأجيب بأن طهارة الحدث آكد لكونها لا يعفى عن يسيرها أو اصابته نجاسة وهو يصلى وعجز عن ازالتها سريعا أو نسيها أعاد
(1)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 206 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 104 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 184 الطبعة السابقة.
(4)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 185 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 185 الطبعة السابقة.
(5)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 197 والاقناع ج 1 ص 96 الطبعة السابقة.
وعنه لا يعيد وهو الصحيح عند أكثر المتأخرين.
وان علم النجس
(1)
: بعد تيممه وصلاته فلا اعادة كمن يتيمم لعدم الماء ثم وجده بعد أن صلى وعلم منه أنه اذا علم فى الصلاة وجب القطع والطهارة والاستئناف وكذا الطواف.
وان كان للمستحاضة
(2)
: عادة بانقطاع الدم زمنا يتسع للوضوء والصلاة تعين فعلهما فيه.
وان عرض هذا الانقطاع للدم فى زمن يتسع للوضوء والصلاة بعد طهارتها لمن عادتها اتصال دم الاستحاضة بطلت طهارتها ولزمها استنئافها فان وجد هذا الانقطاع قبل الدخول فى الصلاة لم يجز الشروع فيها حتى تتوضأ لبطلان وضوئها بالانقطاع.
فان خالفت وشرعت فى الصلاة واستمر الانقطاع زمنا يتسع للوضوء والصلاة فيه فصلاتها باطلة لتبين بطلان الطهارة بانقطاعه وان عاد دمها قبل مضى زمن يتسع للوضوء والصلاة فطهارتها صحيحة لأنه لا أثر لهذا الانقطاع وتجب اعادة الصلاة لأنها صليت بطهارة لم يكن لها أن تصلى بها فلم تصح كما لو تيقن الحدث وشك فى الطهارة وصلى ثم تبين أنه كان متطهرا.
وجاء فى المغنى
(3)
: أن الذى سبقه الحدث تبطل صلاته ويلزمه استئنافها فال أحمد يعجبنى أن يتوضأ ويستقبل.
والترتيب والموالاة
(4)
: فى احدى الروايتين غير واجب لذا قال لو تركهما فى وضوئه وصلى تمضمض واستنشق وأعاد الصلاة ولم يعد الوضوء.
لما روى المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بوضوء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم تمضمض واستنشق رواه أبو داود.
وان شك
(5)
: هل ابتدأ المسح فى السفر أو الحضر بنى على مسح حاضر، لأنه لا يجوز المسح مع الشك فى اباحته.
فان ذكر بعد أنه كان قد ابتدأ المسح فى السفر جاز البناء على مسح مسافر.
وان كان قد صلى بعد اليوم والليلة مع الشك ثم تيقن فعليه اعادة ما صلى مع الشك، لأنه صلى بطهارة لم يكن له أن يصلى بها، فهو كما لو صلى يعتقد أنه محدث ثم ذكر أنه كان على وضوء كانت طهارته صحيحة وعليه اعادة الصلاة، وان كان الخف محرم كالغصب والحرير لم يستبح المسح عليه فى الصحيح من المذهب.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 32 والاقناع ج 1 ص 11.
(2)
المرجع السابق ح 1 ص 151، 152 والاقناع ج 1 ص 70 الطبعة السابقة.
(3)
المغنى لابن قدامة المقدسى ح 1 ص 748 الطبعة السابقة.
(4)
المغنى لابن قدامة ج 1 ص 107 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق ج 1 ص 300، ص 301 الطبعة السابقة.
وان مسح عليه وصلى أعاد الطهارة والصلاة لأنه عاص بلبسه قلم تستبح به الرخصة.
وجاء فى كشاف القناع
(1)
: أن من شروط المسح على الخف اباحته لأن المسح رخصة فلا تستباح بالمعصية فلا يصح المسح على خف مغصوب ولا حرير ولو فى ضرورة كمن هو فى بلد ثلج وخاف سقوط أصابعه بخلع الخف المغصوب أو الحرير فلا يستبيح المسح عليه، لأنه منهى عنه فى الأصل وهذه ضرورة نادرة.
فان صلى وقد مسح عليه اذن أعاد الطهارة والصلاة لبطلانهما ويشترط طهارة عينه، لأن نجس العين منهى عنه فلا يصح المسح على نجس ولو فى ضرورة فيتيمم معها، أى الضرورة للرجلين بدلا عن غسلهما.
وكذا لو كان النجس عمامة أو جبيرة وتضرر بنزعها يتيمم لما تحتها ويعيد ما صلى به، لأنه حامل للنجاسة.
وجاء فى المغنى
(2)
: أنه ان صلى فى المقبرة أو الحش
(3)
: أو الحمام أو فى أعطان الابل أعاد.
واختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله تعالى فى الصلاة فى هذه المواضع فروى أن الصلاة لا تصح فيها بحال.
وعن احمد رواية أخرى أن الصلاة فى هذه صحيحة ما لم تكن نجسة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا» .
ويدل لنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «الأرض كلها مسجدا الا الحمام والمقبرة» . رواه أبو داود وهذا خاص مقدم على عموم ما رووه.
وعن جابر بن سمرة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنصلى فى مرابض الغنم؟ قال: «نعم» قال: أنصلى فى مبارك الابل؟ قال «لا» رواه مسلم:
وذكر بعض أصحابنا
(4)
: مع هذه المواضع المزبلة والمجزرة ومحجة الطريق وظهر بيت الله الحرام والموضع المغصوب.
لما روى ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة: ظهر بيت الله والمقبرة والمزبلة والمجزرة والحمام وعطن الابل ومحجة الطريق رواه ابن ماجه.
وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلى فى سبع مواطن وذكرها وقال: وقارعة الطريق ومعاطن الابل وفوق الكعبة
وقال: الحكم فى هذه المواضع السبعة كالحكم فى الأربعة سواء.
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 85، ص 86 الطبعة السابقة.
(2)
المغنى لابن قدامة ج 1 ص 720، ص 721، ص 722.
(3)
الحش هو المكان الذى يتخذ للغائط والبول فيمنع من الصلاة فيما هو داخل بابه.
(4)
المغنى لابن قدامة ج 1 ص 721، ص 722.
ولأن هذه المواضع مظنة النجاسات فعلق الحكم عليها دون حقيقتها كما يثبت حكم نقض الطهارة بالنوم ووجوب الغسل بالتقاء الختانين،
ويكره أن يصلى
(1)
: الى هذه المواضع فان فعل صحت صلاته نص عليه أحمد فى رواية أبى طالب وقد سئل عن الصلاة الى المقبرة والحمام والحش قال لا ينبغى أن يكون فى القبلة قبر ولا حمام فان كان يجزيه.
وقال ابو بكر: يتوجه فى الاعادة قولان:
أحدهما يعيد لموضع النهى وبه أقول:
والثانى: يصح لأنه لم يصل فى شئ من المواضع المنهى عنها.
وقال أبو عبد الله بن حامد أن صلى الى المقبرة والحش فحكمه حكم المصلى فيها اذا لم يكن بينه وبينهما حائل.
وان صلى
(2)
: على سطح الحش أو الحمام أو عطن الابل أو غيرها فذكر القاضى أن حكمه حكم المصلى فيها لأن الهواء تابع للقرار فيثبت فيه حكمه ولذلك لو حلف لا يدخل دارا فدخل سطحها حنث.
وان صلى
(3)
: وفى ثوبه نجاسة، وان قلت أعاد.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(4)
: ان من أصاب بدنه أو ثيابه أو مصلاه شئ فرض اجتنابه بعد أن كبر سالما فى كل ما ذكرنا مما أصاب بعد ذلك.
فان علم بذلك أزال الثوب وان بقى عريانا، ما لم يؤذه البرد وزال عن ذلك المكان وازالها عن بدنه بما أمر أن يزيلها به وتمادى على صلاته أجزأه ولا شئ عليه غير ذلك.
فان نسى حتى عمل عملا مفترضا عليه من صلاته ألغى، وأتم الصلاة وأتى بذلك العمل كما أمر ثم يسجد للسهو.
وان كان ذلك بعد أن سلم ما لم تنتقض طهارته.
فان انتقضت أعاد الصلاة متى ذكر فان لم يصبه ذلك الا فى مكان من صلاته لو لم يأت به لم تبطل به صلاته مثل قراءة السورة النى مع أم القرآن أو ما زاد على الطمأنينة فى الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين والرفع من الركوع والجلوس بعد التشهد فصلاته تامة وليس عليه الا سجود السهو فقط.
فان تعمد ما ذكر بطلت صلاته، وكان كمن لم يصل ولا فرق لا يقدر على الصلاة الا فى وقتها فصح الآن أن الناسى يعيد أبدا.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 723، 724 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 724.
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 728.
(4)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 203، 204، 205، 206 مسألة 344.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من نسى صلاة أو نام عنها فليصلها اذا ذكرها) والناسى هو الذى علم الشئ ثم نسيه وبعض الصلاة صلاة بنص حكم اللغة والضرورة.
وهكذا الحكم فيمن نسى الطهارة أو بعض أعضائه أو فى ستر عورته فان ابتدأ صلاته كذلك أعادها أبدا.
وصح أن العامد لا يقدر على الصلاة الا فى وقتها، وكل ما ذكرنا فى ذلك سواء.
وأما الجاهل وهو الذى لا يعلم الشئ الا فى صلاته أو بعدها كمن كان فى ثيابه أو فى بدنه أو فى مكانه شئ فرض اجتنابه لم يعلم به فانه يعيد كل ما صلى كذلك فى الوقت كذلك.
وكذلك من انكشفت عورته وهو لا يرى وكذلك من جهل فرضا من فروض طهارته أو صلاته ثم علمها فان هؤلاء لا اعادة عليهم الا فى الوقت فقط لا بعد الوقت.
برهان ذلك أن الصحابة رضى الله عنهم كانوا فى أرض الحبشة وغيرها والفرائض تنزل كتحويل القبلة والزيادة فى عددها وغير ذلك فلم يأمرهم عليه الصلاة والسلام باعادة شئ من ذلك اذ بلغه ذلك وأمر الذى رآه لم يتم صلاته أن يعيدها.
فصح بذلك أن يأتى بما جهل من كل ما ذكرنا اذا علمه ما دام الوقت قائما فقط.
وأما المكره والعاجز لعلة أو ضرورة فانه فى كل ما ذكرنا ان زال الاكراه أو الضرورة بعد الصلاة فقد تمت صلاته.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .
وان زال ذلك فى الصلاة بنى على ما مضى من صلاته فأتمها كما يقدر واعتد بما عمل منها قبل أن يقدر، ولا سجود سهو فى ذلك.
برهان ذلك ما ذكرناه قبل: ان كان عمل مأمور به فهو جائز كثر أو قل، وازالة ما افترض على المرء اجتنابه فى الصلاة مأمور به فيها فهو جائز فى الصلاة.
وأما قولنا: وان بقى عريانا، فلأنه قد اجتمع عليه فرضان أحدهما ستر العورة والثانى اجتناب ما أمر باجتنابه ولا بد له من أحدهما فان صلى غير مجتنب لما أمر باجتنابه فقد تعمد فى صلاته عملا محرما عليه، فلم يصل كما أمر، فلا صلاة له.
واذا لم يجد ثوبا أمر بالاستتار بمثله فهو غير قادر على الاستتار ولا حرج على المرء فيما لا يقدر عليه.
قال الله تبارك وتعالى: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها»
(1)
.
وقال عز وجل: «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» .
(2)
.
وليس المرء مضطرا الى لباس ثوب يقدر على خلعه ولا الى البقاء فى مكان يقدر على
(1)
الآية رقم 286 من سورة البقرة.
(2)
الآية رقم 119 من سورة الانعام.
مفارقته وهو مضطر الى التعرى اذا لم يجد ما أبيح له لباسه.
فان خشى البرد فهو حينئذ مضطر الى ما يطرد به البرد عن نفسه فيصلى به ولا شئ عليه لأنه مباح له حينئذ.
وأما قولنا ان نسى حتى عمل عملا مفترضا عليه فى صلاته ألغاه وأتم الصلاة وأتى بذلك العمل كما أمر.
وان كان بعد أن سلم ما لم تنتقض طهارته فلما قد ذكرناه من سقوط ما نسيه المرء فى صلاته وأن ذلك لا يبطل صلاته.
ولقول الله تبارك وتعالى: «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ»
(1)
.
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر من سها فى صلاته فزاد أو نقص بأن يتم صلاته ويسجد للسهو، وهذا قد زاد فى صلاته ساهيا ما لو تعمده لبطلت صلاته.
وأما قولنا: ان انتقضت طهارته أعادها أبدا متى ذكر فلقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذى قد ذكرناه.
«من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها اذا ذكرها» وبعض الصلاة صلاة عليه ففرض أن يصليها وأن يأتى بما نسى وبما لا يجزئ - اذا ما نسى الا به من وضوء أو غسل أو ابتداء الصلاة على ترتيبها الى أن يتم ما نسى من صلاته الا به.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(2)
: وهامشه:
ان ثوب المصلى ان كان حريرا يحرم لبسه مطلقا فى الصلاة وغيرها الا لارهاب أو ضرورة فيصح مطلقا.
فان صلى عاريا مع وجود الثوب الحرير لم تصح صلاته ويصلى بالثوب الحرير مع عدم غيره فى أول الوقت.
فان وجد ثوبا غير الحرير فى حال الصلاة وجب عليه الخروج من الصلاة فأن لم يخرج فسدت صلاته.
وان وجد الثوب بعد الصلاة وقد صلى بالحرير فلا يعيد الصلاة مطلقا فى الوقت وبعده.
وان كان ثوب المصلى متنجسا فان لم يتضرر المصلى صلى عاريا قاعدا موميا أدناه مطلقا فى خلاء أو ملاء.
وان كان يتضرر فيصلى به آخر الوقت موميا، لأنه أقل استعمالا.
فان صلى عاريا مع التضرر لم تصح صلاته.
وان كان ثوب المصلى غصبا فلا يصلى به الا مع خشية التلف وعدم تضرر مالكه فان تضرر مالكه صلى عاريا وان تلف.
(1)
الآية رقم 5 من سورة الاحزاب.
(2)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 177، ص 178 الطبعة السابقة.
ومن رأى فى ثوبه نجاسة
(1)
ولم يعلم أى وقت وقعت فيه فلا شئ عليه وان علم وقوعها أو ظن على قول المؤيد بالله أعاد ما بقى وقتها من الصلاة مطلقا وقضى ما فات.
وجاء فى البحر الزخار
(2)
: أن من نسى نجاسة فى ثوبه أو مكانه أو لم يعلمها حتى صلى ثم علم أعاد فى الوقت لا بعده قال البعض الا مجمعا عليها.
وجاء فى شرح الأزهار
(3)
: أنه اذا انقطع الدم والبول ونحوهما فانقطاعه ان كان بعد الفراغ من الصلاة لم تعد ما قد صلت ولو كان الوقت باقيا متسعا.
وأما لو انقطع قبل الفراغ من الصلاة وجب أن تعيد أى تستأنف الصلاة بوضوء آخر وتخرج مما قد دخلت فيها أن ظنت دوام انقطاعه حتى تتوضأ وتصلى فلا يسبل خلال ذلك فمتى حصل لها ظن بذلك لزمها الخروج مما هى فيه والاستئناف.
فان لم نخرج واستمر الانقطاع ذلك الوقت المقدر بطلت صلاتها فتستأنفها ولو عاد الدم بعده.
وان رجع الدم قبل الفراغ من الصلاة فذكر الفقيه يحيى بن أحمد احتمالين صحح ابنه شرف الدين أن العبرة بالحقيقة فتصح صلاتها قال مولانا عليه السلام وهو قوى.
هذا حكمها اذا ظنت دوام انقطاعه. فأما لو ظنت خلاف ذلك لم يلزمها الخروج من الصلاة بل تستمر، وأما اذا ظنت رجوعه من فوره، وأستمرت فى صلاتها فان رجع فلا كلام فى صحة صلاتها وان استمر انقطاعه.
وقال الفقيه محمد بن سليمان بن أبى الرجال. أنها تعيد لأنه انكشف لها أن ظنها غير صحيح.
وقال على بن يحيى يأتى على قول الابتداء والانتهاء.
قال مولانا عليه السلام وهو الأقرب عندى.
فان قلت فاذا حصل الظن بدوام انقطاعه وهى لا تدرك الصلاة كاملة فى وقتها.
قال البعض يحتمل أن يلزمها الوضوء كما لو لم يكن معها عذر.
فان ظنت دوام انقطاعه فخرجت لاستئناف الوضوء فلما أخذت فيه عاد عليها الدم وكذب ظنها قبل الفراغ من الوضوء المستأنف كفى الوضوء الأول لأنه انكشف أنه لم يزل العذر.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الاسلام
(4)
: أنه اذا أخل المصلى بازالة النجاسات عن ثوبه أو بدنه أعاد فى الوقت وخارجه فان لم يعلم ثم علم بعد الصلاة لم تجب عليه الاعادة.
(1)
المرجع السابق وهامشه ج 1 ص 188 الطبعة السابقة.
(2)
البحر الزخار ج 1 ص 216.
(3)
شرح الأزهار ج 1 ص 163، 164 الطبعة السابقة والبحر الزخار ج 1 ص 144 الطبعة السابقة.
(4)
شرائع الإسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج 1 ص 41 الطبعة السابقة.
وقيل يعيد فى الوقت والأول أظهر.
ولو رأى النجاسة وهو فى الصلاة فان أمكنه القاء الثوب وستر العورة بغيره وجب وأتم. وان تعذر الا بما يبطلها استأنف.
والمربية للصبى اذا لم يكن لها الا ثوب واحد غسلته فى كل يوم مرة وان جعلت تلك الغسلة فى آخر النهار أمام صلاة الظهر كان حسنا.
واذا كان مع المصلى ثوبان وأحدهما منهما منفردا على الأظهر وفى الثياب الكثيرة كذلك الا أن يتضيق الوقت فيصلى عريانا.
ويجب أن يلقى الثوب النجس ويصلى عريانا اذا لم يكن معه هناك غيره فان لم يمكنه صلى فيه وأعاد.
وقيل لا يعيد وهو الأشبه.
وجاء فى التنقيح فى شرح العروة الوثقى
(1)
: أنه يشترط فى صحة الصلاة واجبة كانت أو مندوبة ازالة النجاسة عن البدن حتى الظفر والشعر واللباس ساترا كان أم غير ساتر.
اتفقوا على اعتبار ازالة النجاسة عن البدن واللباس فى صحة الصلاة وهو مما لا كلام فيه.
وتدل عليه الأخبار الكثيرة المتواترة الا أنها وردت فى موارد خاصة من الدم والبول والمنى ونحوها.
ولم ترد رواية فى اعتبار ازالة النجاسة عن البدن واللباس فى الصلاة كى تكون جامعة لجميع أفراد النجس.
ففى صحيحة زرارة قلت له: أصاب ثوبى دم رعاف أو غيره أو شئ من منى فعلمت أثره الى أن أصيب له الماء فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت أن بثوبى شيئا وصليت ثم أنى ذكرت بعد ذلك قال: تعيد الصلاة وتغسله الحديث وهى كما ترى تختص بالمنى ودم الرعاف وغيره من الدماء ولا تشمل النجاسات بأجمعها.
نعم لو قرئ الضمير فى غيره مرفوعا بأن أرجعناه الى الدم لا الى الرعاف دلت على مانعية مطلق النجاسات فى الصلاة لكن يمكن استفادة ذلك من الأخبار الواردة فى جواز الصلاة فى مثل التكة والجورب والقلنسوة وغيرها من المتنجسات التى لا تتم فيها الصلاة: حيث أن ظاهرها أن الأشياء التى تتم فيها الصلاة يعتبر أن تكون طاهرة.
وانما لا تعتبر الطهارة فيما لا تتم فيه الصلاة بل يمكن استفادته مما ورد من أن الصلاة لا تعاد الا من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود، حيث دل على وجوب اعادة الصلاة بالاخلال بالطهور وهو بمعنى ما يتطهر به فيعم الطهارة من الحدث والخبث ويؤيد ذلك ارادة ما يعم الطهارتين.
ففى صحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه السلام: «لا صلاة الا بطهور ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار وبذلك جرت السنة.
فان نذييل حكمه عليه السلام ينفى الصلاة
(1)
التنقيح فى شرح العروة الوثقى ح 2 ص 255، ص 256 وما بعدها الطبعة السابقة.
من غير طهور، بتجويزه الاستنجاء بثلاثة أحجار قرينة واضحة على أن المراد بالطهور ما يعم الطهارة من الحدث والخبث.
وعلى ذلك فالحديث يدلنا على اعتبار الطهارة من كل الحدث والخبث فى الصلاة.
ولكن الصحيح هو اختصاص الطهور فى الحديث بالطهارة من الحدث، فاذا صلى فى النجس متعمدا وجبت اعادتها أو قضاؤها ولا يجب على الجاهل شئ.
وأما ناسى النجاسة فحاله عند الاكثر حال العالم بها فى وجوب الاعادة والقضاء.
وان ذهب شرذمة الى التفصيل بين الوقت وخارجه فحكموا بوجوب الاعادة دون القضاء استنادا الى رواية على بن مهريار.
وجاء فى موضع آخر
(1)
: قال أبو عبد الله عليه السلام اذا أصاب الثوب جنابة أو دم.
فان كان صاحبه قد علم أنه أصاب ثوبه جنابة أو دم قبل أن يصلى ثم صلى فيه فعليه أن يعيد ما صلى.
واذا كان الرجل يصلى وفى ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب فان كان لم يعلم فلا يعيد.
أما اذا صلى فى النجس عن جهل تقصيرى غير عذر فالصحيح أن صلاته باطلة وتلزمه اعادتها فى الوقت أو خارجه وذلك لأن مقتضى اطلاق ما دل على بطلان الصلاة مع النجس.
ولا يمنع عن ذلك حديث لا تعاد، وهو ما رواه الصدوق باسناده عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام أنه قال: لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود.
وأما التفصيل
(2)
بين من شك فى طهارة ثوبه أو بدنه ولم يتفحص عنها قبل الصلاة وبين غيره بالحكم بالاعادة فى الأول دون غيره بلا فرق فى ذلك بين أن يكون دخوله فى الصلاة مستندا الى اصالة عدم نجاسة ثوبه أو بدنه وبين أن يكون مستندا الى غفلته.
وجاء فى موضع آخر
(3)
: أنه اذا كان المصلى لم يعلم أن ثوبه أو بدنه لاقى البول - مثلا فان لم يلتفت أصلا
(4)
أو التفت بعد الفراغ من الصلاة صحت صلاته ولا يجب عليه القضاء بل ولا الاعادة فى الوقت وان كان أحوط.
وان التفت فى أثناء الصلاة فان علم سبقها وان وقع بعض صلاته مع النجاسة بطلت مع سعة الوقت للاعادة.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 341، ص 342.
(2)
التنقيح فى شرح العروة الوثقى ج 2 ص 354، 355 وما بعدها الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 357 الطبعة السابقة.
(4)
التنقيح فى شرح العروة الوثقى ج 2 ص 358، 359 وما بعدها الطبعة السابقة.
وان كان الأحوط الاتمام ثم الاعادة ومع ضيق الوقت ان أمكن التطهير أو التبديل - وهو فى الصلاة من غير لزوم المنافى فليفعل ذلك ويتم وكانت صحيحة.
وان لم يمكن أتمها وكانت صحيحة.
وان علم حدوثها فى الأثناء مع عدم اتيان شئ من أجزائها مع النجاسة أو علم بها وشك فى أنها كانت سابقا أو حدثت فعلا فمع سعة الوقت وامكان التطهير أو التبديل يتمها بعدهما ومع عدم الامكان يستأنف ومع ضيق الوقت يتمها مع النجاسة ولا شئ عليه.
مذهب الإباضية:
جاء فى الايضاح
(1)
: أنه لا تجوز الصلاة فى الثوب النجس ومن لم يجد الا ثوبا نجسا فانه يصلى به ولا يترك الفرض الواجب عليه لقول الله تبارك وتعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ» }.
(2)
.
واختلف فى هذه الحالة هل تجب عليه اعادة الصلاة أم لا؟
قال بعضهم ان صلى بالثوب النجس على الاضطرار أعاد صلاته اذا وجد الثوب الطاهر.
قال صاحب الايضاح والصحيح عندى أن من صلى بالثوب النجس عند عدم الثوب الطاهر لا تلزمه الاعادة فى الوقت ولا بعد الوقت، لأن العادم للثوب الطاهر لا يخلو أن يكون مأمورا بالصلاة أو غير مأمور بها.
فان كان مأمورا بها وصلى فى الوقت كما أمر فلا اعادة عليه الا بأمر ثان.
وان كان غير مأمور بها فأحرى أن لا تلزمه الاعادة أيضا كما لا تلزمه الاعادة المرأة الحائض بعد خروج الوقت لأنها غير مأمورة بها فى زمان الحيض.
ومن وجد ثوبا نجسا
(3)
: وثوبا من حرير قال الشيخ اسماعيل رحمه الله تعالى يصلى فى الحرير لأنه أولى ثم ان وجد غيره فى الوقت أعاد صلاته.
وجاء فى شرح النيل
(4)
: أنه ان وجدت ثياب نجسة بعضها تنجس بنطفة وبعضها تنجس بقئ وبعضها تنجس بدم وبعضها تنجس بخمر وبعضها تنجس بغائط فان الصلاة بما تنجس بالنطفة أولى، لأن النطفة ليست من أعيان الأنجاس عند بعضهم.
وعند بعض العلماء يجوز له أن يصلى بما شاء من هذه الثياب من غير أن يفرز نجسا من نجس، لأن هذه الأنجاس كلها تمنع صحة الصلاة فهى متساوية فى جهة الصلاة لتساويها فى المنع.
(1)
الايضاح ج 1 ص 351 الطبعة السابقة.
(2)
الآية رقم 110 من سورة البقرة.
(3)
الايضاح ج 1 ص 353 الطبعة السابقة.
(4)
شرح النيل ج 1 ص 342 الطبعة السابقة والايضاح ج 1 ص 354، ص 355 الطبعة السابقة.
وانما يجوز له أن يصلى بهذه الثياب اذا لم يجد ثوبا طاهرا يصلى به ولم يكن مفرطا
كمسافر خرج بطاهر فتبحس ولم يجد ما يغسله به.
وكمريض دخل فراشه وهو طاهر والثوب طاهر والموضع الذى فيه الفراش طاهر ثم حدث فى فراشه وثيابه ومكانه نجس وثقل عليه المرض حتى لا يستطيع أن ينتقل عن فراشه أو عن موضعه أو لا يستطيع أن يتحول عن ثيابه فانه يصلى على هذه الحال وليس عليه اعادة.
فان سافر بنجس مع وجود طاهر أو دخل المريض فراشه بنجس أو بطهارة فتنجس وقدر على التطهر ولم يتطهر حتى أصبح لا يقدر على التطهر أعاد.
وقيل لا يعيد.
وقيل يعيد المسافر والمريض كل صلاة صلاها بثوب نجس ولو بحيث يعذر.
وتسن الصلاة
(1)
على الأرض لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جعلت لى الأرض مسجدا وترابها طهورا وتجوز الصلاة على ما انبتت الأرض قياسا عليها.
والأصل أن الصلاة تجوز فى جميع الأماكن لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حيثما أدركتك الصلاة فصل الا ما قام الدليل على اخراجه من هذا العموم.
وقد خص الشرع مواضع وأخرجها من هذا العموم وهو ما روى من طريق ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا صلاة فى المقبرة ولا فى المجزرة ولا فى معاطن الابل.
فان صلى فى المقبرة أعاد صلاته.
وقيل لا يعيد ان صلى بين القبور لا على القبور.
وفى الاعادة ان صلى على ما انبتت المقبرة وقد أخرج منها أو صلى على ترابها كذلك قولان بالاعادة وعدمها.
والصحيح فسادها فى المقبرة مطلقا.
وان خلع ما دفن فيها أو أستؤصلت بسيل أو ريح أو غيرهما.
وكذلك ورد النهى عن الصلاة فى المزبلة والحمام والكنائس ولا تجوز الصلاة فى الموضع النجس سواء كان النجس ظاهرا أو باطنا اذا كان متصلا به يمسه المصلى أو يمس ما اتصل به فان صلى فى مكان نجس فسدت صلاته.
وفى الديوان اذا كان يصلى بثوبه وطرفه يمس النجس وهو يابس لا بأس بصلاته أما اذا كان النجس على طرف ثوبه فانه يعيد صلاته.
(1)
شرح النيل ج 1 ص 344 الطبعة السابقة والايضاح ج 1 ص 356 الطبعة السابقة.
وينهى عن الصلاة على ظهر الكعبة
(1)
.
قال مالك ان صلى عليها بعيد أبدا.
وقد وافق أصحابنا مالك لكن خص ذلك بالفرض.
وتجوز الصلاة على السقوف كلها الا ما كان منها نجسا أو كان النجس فى أساس الحائط الذى عليه ذلك السقف أو فى وسطه وسواء كان نجسا من أسفله أو من أعلاه أو من طرفه فان صلى عليه كذلك أعاد صلاته.
وان كان بين السقف والنجس هواء بأن كان النجس فى الأرض مثلا فلا اعادة عليه.
وفى صحة صلاة الغاصب فى الأرض المغصوبة قولان أما غير الغاصب فتصح صلاته فيها متى جاز له دخولها وفيه قول بالمنع الا أن يأذن له صاحبها.
وكرهت الصلاة فوق مسجد وأمامه بقرب والكراهة ثابتة أن يكن بيته وبين المسجد طريق او واد.
وكذلك تكره بباب المسجد وطريقه وبين عمده وداخل محرابه بلا اعادة وانما يقف الامام خارج المحراب ويسجد فيه.
وقيل يقف فيه.
وفى اعادة مصل وحده بمسجد عن يسار محرابه قولان وكذا يساره خارجا.
ورجحت الاعادة بيساره خارجا وذلك بقرب المحراب.
وجاء فى شرح النيل
(2)
: أنه لا تجوز الصلاة فى مكان ضيق بحيث لا يستوى فيه قيام الرجل وكان بحيث يبلغ ذقنه صدره فان صلى فيه أعاد صلاته فان لم يجد الا ذلك المكان صلى فيه ولا أعادة عليه.
وقيل يصلى فيه قاعدا.
ومن صلى مباشرا على هوام الأرض مما له أصل الدم.
اعاد صلاته فان صلى عليها غير مباشر لها بأن صلى فوق حائل قولان.
قيل يعيد صلاته.
وقيل لا يعيد ومن صلى مباشرا على ما لا أصل الدم له أعاد صلاته وان صلى عليها غير مباشر فلا اعادة عليه - الا فى المسجد الحرام فيجوز له السجود على الناس للازدحام.
ومن صلى على ظهر دابة بلا ضرورة راكعا ساجدا أعاد صلاته.
وقيل ان كان بينه وبين ظهرها شئ كبردعة وسرج وحمل فلا اعادة عليه.
وجاء فى الايضاح
(3)
: أنه لا يجوز الصلاة على المعادن التى لا تنبت مثل معدن
(1)
الايضاح ج 1 ص 358 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل ج 1 ص 346.
(3)
الايضاح ج 1 ص 360، ص 361 الطبعة السابقة.
الحديد والنحاس والرصاص والشب والمغرة والملح والزرنيخ والنورة وأشباه ذلك اذا صلى عليها مباشرة.
فاذا لم يباشر هذه الأشياء فلا بأس بالصلاة عليها مثل أن يبسط عليه حصيرا فيصلى عليه.
وجاء فى شرح النيل
(1)
: أن ما غسل وبقى فيه رائحة النجس فنجس على الصحيح.
نعم ان كانت لا تزول فهو طاهر.
واذا وقع النجس فى البئر ولم يعلم متى وقع النجس فانه يعيد صلاته من حين وجد رائحته وان لم يتبين الريح فانه يعيد من حين اخرج النجس أو من حين علم أنه فيها.
وقيل يعيد خمس صلوات اذا تغير اللون ولم يعلم أول وقت تغيره.
وقيل ثلاثة أيام بدل خمس صلوات.
واذا وجد المنى فى الثوب
(2)
: ولم يجد ماء فقيل يوضع عليه التراب ان كان رطبا حتى يلتزق به وينفض مرة أو ثلاثا ويجزيه عند فقد الماء.
وان لم يعرف محل النجس يترب كله وفى اعادة ما صلى بالثوب بعد تتريبه قولان.
وجاء فى موضع آخر
(3)
: انه اذا انقطع الدم قبل تمام أقل الحيض على الخلاف فى أقله.
والصحيح أنه ثلاثة أعادت الصلاة وصلت ولو بقيت صفرة وعلمت أن ذلك ليس حيضا وان تم أقل الحيض علمت أنه حيض وتحسب من أول مجئ الدم لا من حين زوال ذلك الحال.
والواضح عندى أنه لا تترك الصلاة قبل تمام الثلاثة ولا بعدها لظهور أنها خرجت بالسبب الا أن ترى فيه صفة دم الحيض.
واذا انقطع قبل الثلاثة لكن قد دام بعد زوال الحال فمن يوجب الاغتسال من الاستحاضة لكل صلاة أو صلاتين ألزمها غسلا واحدا لما بعد ومن لا يوجب ذلك لم يلزمها ذلك.
وعلى ما ذكره المصنف ان لم تترك الصلاة وانقطع قبل تمام أقل الحيض فهل تعيد ما صلت أو صامت وهل تكفر أقوال.
ثم قال
(4)
: وهل تحسب من حيضتها تلك الأيام.
ان لم ينقطع الدم على تمامها أى الثلاثة فتكون تلك الأيام وما زاد عليها وقتا لحيضها، لأنها ولو كانت لسبب لكن انكشف بالزيادة على الثلاثة أنها حيض.
فاذا كانت وقتا أعادت ما صامت فيها من أداء أو قضاء وأعادت ما قضت فيها من صلاة لازمة لها من قبل.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 299 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 304 الطبعة السابقة.
(3)
شرح النيل ج 1 ص 118 الطبعة السابقة.
(4)
شرح النيل ج 1 ص 119 الطبعة السابقة.
ولا اعادة عليها على القول الثانى المشار البه بقوله أولا تحسبها.
وهو الأنظر الأوفق للنظر، لأنها من سبب ولو بان بالزيادة أنها تترك الصلاة والصوم، لأنها لا تحسب ما كان بسبب ميقاتا للترك فتكون قد تركت ما تيقن بوجوبه بأمر معلوم أنه سبب شك فى كونه حيضا شكا.
بخلاف الزيادة فانها تترك لها الصلاة والصوم من حيضها.
فعلى هذا القول ان لم تتم ثلاثة زائدة على الثلاثة الأولى أعادت صلاة ما زاد عليها.
ومن قال أقل الحيض يومان أعتبر لها بعد الثلاثة يومين.
ومن قال يوم اعتبر بعدها يوما وهكذا قولان ثالثهما أنها ان رأت صفة دم الحيض تركت الصلاة والصوم من حين رأتها.
لعموم الأحاديث فى الأمر بترك الصلاة والصوم اذا رأت صفة الحيض.
ودماء الشبهة
(1)
التى تعذر فى ترك العبادة بها بعض عذر لأجل الاشتباه ان جهلت سبعة.
فان تركت بها جاهلة حكمها هو عدم اعتبارها بأن تبقى على حكم الطهر فريضة فلتعد ما تركت فى الأيام من الصلاة كالصوم.
واذا رأت المرأة الدم البليغ فى الحمرة تركت الصلاة والصوم وكان حيضا ان دام ثلاثة أيام أو يومين على قول من قال أقل الحيض يومان أو يوما على القول بأن أقله يوم.
وان انقطع قبلها فليس حيضا فلتعد الصلاة كالصوم.
وقيل لا تعيد.
وعلى كلا القولين هل تغتسل ان انقطع لما بعد من الصلاة والصوم أو لا؟ قولان:
وهكذا الخلاف فى كل دم استحاضة اذا لم يعلم أنه دم استحاضة الا بالانقطاع ثم قال:
ودم النفاس
(2)
أقله عشرة أيام على الصحيح وقبل الدفعة واذا لم يتم أقل النفاس فى كل قول من أقوال أقله أعادت ما تركت من الصلاة كما فى الحيض.
ومن نفست أول نفاسها
(3)
: فدام بها الدم الى ثلاثة وعشرين فطهرت فصلت ما كانت تصلى ثم نفست نفاسا آخر فتركت الصلاة الى تسعة وثلاثين يوما فطهرت واغتسلت وصلت فلتعد صلاة السبعة الأيام الزائدة على الثلاثة والعشرين وعلى ثلاثة الانتظار.
وكذا لو نفست نفاسها الأول فدام عشرة ثم نفست نفاسا ثانيا فتركت الصلاة للدم ستة عشر فانها تعيد صلاة ثلاثة أيام.
وكذا ان انتظرت لغير الدم يوما على عشرة فنفست نفاسا آخر فانتظرت بعد عشرة لغيره
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 120، ص 121 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 133، ص 134، ص 135 ص 136 الطبعة السابقة.
(3)
شرح النيل ج 1 ص 135، ص 136.
وزادت على انتظارها الأول مرة أو مرتين أو أكثر فلتعد ما زادت.
وكذا ان كان وقتها أربعين يوما.
وكذلك الحائض اذا زادت على انتظارها الأول.
قال فى الديوان
(1)
: فى التى تترك الصلاة أيام الحيض وتصلى أيام الصلاة الطهر وغير الطهر، ثم تحرك فيها الولد أو أسقطت حيا فمات او ميتا تام الخلق انما تعيد ما تركت من الصلاة فى أربعة أشهر وعشر.
وان اتهمت نفسها بالحمل ولم ينقطع عنها حيضها فى وقته فانها تترك أيام حيضها وتصلى ما كانت تصلى أى استصحابا للأصل حتى يتحرك الولد فتعيد ما تركت من الصلاة فى أربعة أشهر وعشر.
وان ولدت حيا فعاش أعادت ما تركت من الصلاة فيما دون ستة أشهر وان أسقطت مضغة أو عضوا غير مخطط لا عظم فيه أعادت ما تركت من الصلاة فى ثمانين يوما.
وان أسقطت علقة فلتعد ما تركت من الصلاة فى أربعين يوما وان عارضها غير العلقة من الدم أو غيره فلا اعادة عليها.
وان أسقطت عضوا مخططا أعادت ما تركت فى أربعة أشهر.
وان تحرك قبل أربعة أشهر من أيام تركها للصلاة اعادتها.
وأيام الانتظار
(2)
: فى الحيض فى حكم الحيض على الاصح.
وهو قول ابن عباس رضى الله تعالى عنه.
ويدل له حديث استظهرى بثلاثة أيام ثم اغتسلى وصلى فلم يأمرها بالاعادة.
وكذا أيام الانتظار فى النفاس فى حكم النفاس.
حكم اعادة الصلاة لعدم ستر العورة
مذهب الحنفية:
جاء فى البحر الرائق
(3)
: أن من شروط الصلاة ستر العورة لقول النبى صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة حائض الا بخمار أى البالغة والتقييد بالحائض يخرج التى دون البلوغ.
قال فى المحيط: مراهقة صلت بغير وضوء أو عريانة تؤمر بالاعادة وان صلت بغير قناع فصلاتها تامة استحسانا لقول النبى صلى الله عليه وسلم لا تصلى حائض بغير قناع فلا يتناول غير الحائض.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 149، ص 150 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل ج 1 ص 173 الطبعة السابقة.
(3)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم للامام الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم وبهامشه حواشى منحة الخالق لابن عابدين ج 1 ص 282، 283 الطبعة الاولى طبع المطبعة العلمية بمصر سنة 1310 هـ.
وجاء فى الداية وفتح القدير
(1)
: أن عوره الرجل ما تحت السرة الى الركبة والركبة من العورة وبدن الحرة كلها عورة الا وجهها وكفيها وقدميها فان صلت وربع ساقها أو ثلثه مكشوف فانها تعيد الصلاة عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.
وان كان أقل من الربع لا تعيد.
قال فى الفتح يعنى اذا استمر الانكشاف زمانا كثيرا الا اذا كان قليلا وقدر الكثير ما يؤدى فيه ركن والقليل دونه فلو انكشفت فغطاها فى الحال لا تفسد.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا تعيد الصلاة ان كان أقل من النصف، لأن الشئ انما يوصف بالكثرة اذا كان ما يقابله أقل منه اذ هما من أسماء المقابلة.
وفى النصف عنه روايتان فاعتبر الخروج عن حد القلة أو عدم الدخول فى ضده.
ولأبى حنيفة ومحمد أن الربع يحكى حكاية الكمال كما فى مسح الرأس والحلق فى الاحرام.
ومن رأى وجه غيره يخبر عن رؤيته وان لم ير الا أحد جوانبه الأربعة.
والشعر والبطن والفخذ على هذا الاختلاف الذى تقدم ذكره من أن الربع مانع أو النصف لأن كل واحد عضو على حدة وجعل الشعر من الأعضاء للتغليب والمراد به النازل من الرأس.
وجاء فى البحر الرائق
(2)
: ان الأصح أن الركبة مع الفخذ عضو واحد وهو المختار وانما جعلت عورة تبعا للفخذ احتياطيا.
فعلى هذا لو صلى وركبتاه مكشوفتان والفخذ مغطى فانه يجوز.
وفى الزيادات لو أن امرأة صلت فانكشف شئ من فخذها وشئ من ساقها وشئ من صدرها وشئ من عورتها الغليظة ولو جمع بلغ ربع عضو صغير منها لم تجز صلاتها لأن جميع الأعضاء عند الانكشاف كعضو واحد فيجمع كالنجاسة المتفرقة فى مواضع.
وما كان عورة من الرجل
(3)
: فهو عورة من الأمة وبطنها وظهرها عورة وما سوى ذلك من بدنها ليس بعورة.
وفى المجتبى أن الأمة لو صلت شهرا بغير قناع ثم علمت بالعتق منذ شهر فانها تعيد الصلاة من ذلك الوقت.
وفى فتاوى قاضيخان اذا انكشفت عورته وأدى ركنا معه فسدت علم بذلك أو لم يعلم.
والخنثى اذا كان رقيقا فعورته عورة الأمة.
(1)
الهداية وفتح القدير ج 1 ص 180، الطبعة الاولى طبع المطبعة الكبرى ببولاق مصر المحمية سنة 1316 هـ.
(2)
البحر الرائق ج 1 ص 286 الطبعة السابقة.
(3)
فتح القدير ج 1 ص 183 الطبعة السابقة والبحر الرائق ج 1 ص 287، ص 288 الطبعة السابقة.
وان كان حرا أمرناه أن يستر جميع بدنه لجواز أن يكون امرأة.
فان ستر ما بين سرته الى ركبته وصلى قال بعضهم تلزمه الاعادة لجواز أن يكون امرأة.
وقال بعضهم لا تلزمه الاعادة لجواز أن يكون رجلا.
ومن لم يجد ما يزيل به النجاسة من ثوبه صلى معها ولم يعد وهذا على وجهين:
ان كان ربع الثوب أو أكثر منه طاهرا يصلى فيه ولو صلى عريانا لا يجزئه، لأن ربع الشئ يقوم مقام كله.
وان كان الطاهر أقل من الربع فكذلك عند محمد رحمه الله تعالى، لأن فى الصلاة فيه ترك فرض واحد وفى الصلاة عريانا ترك الفروض.
وعند أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى يتخير أن يصلى عريانا وبين أن يصلى فيه وهو الأفضل، لأن كل واحد منهما مانع جواز الصلاة حالة الاختيار ويستويان فى حق المقدار فيستويان فى حكم الصلاة، وترك الشئ الى خلف لا يكون تركا، والأفضلية لعدم اختصاص الستر بالصلاة واختصاص الطهارة بها.
والمصلى اذا عجز عن السترة
(1)
: وصلى عاريا ينبغى أن تلزمه الاعادة اذا كان العجز لمنع من العباد، كما اذا غصب ثوبه.
لما صرحوا به فى كتاب التيمم من أن المنع من الماء اذا كان من قبل العباد يلزمه الاعادة.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والاكليل
(2)
: أن ابن شاس قال أن ستر العورة من شروط الصلاة على خلاف فى كيفيته وحدوده.
وروى ابن محرز عن الأكثر أن ستر العورة مدة الصلاة سنة.
وجاء فى التلقين أن ستر العورة من فروض الصلاة.
وقال ابن بشير المذهب على قول واحد فى وجوب الستر وبناء على الخلاف فى ستر العورة هل هو من شروط صحة الصلاة أم لا.
قام الخلاف فى اعادة الصلاة.
قال ابن رشد فرائض الصلاة على ما فى التلقين أربعة أقسام.
فرض مطلقا غير شرط فى صحة الصلاة كالخشوع والاعتدال وترك الصلاة فى الدار المغصوبة.
(1)
البحر الرائق ج 1 ص 290 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل ج 1 ص 497، 498 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1328 هـ الطبعة الأولى.
وفرض مشترط فى صحة الصلاة كالنية والطهارة.
وفرض مشترط فى صحة الصلاة مع القدرة كالتوجه وستر العورة.
وفرض مشترط فى صحة الصلاة مع الذكر كترك الكلام والصلاة بالنجس على المشهور.
قال ابن القاسم لو سقط ساتر عورة امامه فى ركوعه فرده بالقرب بعد رفع رأسه لكونه لم يقدر على رده قبل أن يرفع لا شئ عليه.
قال ابن رشد فلو لم يرده بالقرب لأعاد فى الوقت بناء على أصله من أن ستر العورة من سنن الصلاة.
أما على القول بأنها من فرائض الصلاة فيجب أن يخرج ويستخلف فان تمادى واستتر بالقرب فصلاته وصلاتهم فاسدة.
قال ابن رشد ساوى ابن القاسم بين صلاة المرأة دون خمار وبين صلاتها بخمار رقيق يبين قرطها وعنقها أو فى درع رقيق يصف جسدها للحديث نساء كاسيات عاريات أى كاسيات فى الاسم والفعل عاريات فى الحكم والمعنى.
وقال انها تعيد الصلاة الى الاصفرار لا الى الغروب لأن الاعادة مستحبة فأشبهت النافلة ولذلك لم ير أن تصلى فى وقت لا تصلى فيه نافلة.
قال الباجى عن مالك من صلى فى ثوب خفيف يشف أو رقيق يصف أعاد رجلا كان أو امرأة.
قال ابن حبيب ألا أن يكون رقيقا ضعيفا لا يصف الا عند ريح فلا يعيد.
قال القرافى ومن نقلا عن المدونة قال مالك من لم يكن معه غير ثوب نجس صلى به فان وجد غيره أو ما يغسله به أعاد فى الوقت.
قال فى سماع ابن القاسم والاعادة تكون فى الظهرين الى الغروب وفى العشاءين الى طلوع الفجر وفى الصبح الى طلوع الشمس انته من كلام ابن يونس.
وقال أشهب ان لم يجد الا ثوبا نجسا فصلى عريانا أعاد فى الوقت بذلك الثوب النجس.
وقال بعض أصحابنا انما يعيد فى الوقت ان ظن أن صلاته بالنجس لا تجزئه.
وأما ان علم أن عليه أن يصلى بالنجس فصلى عريانا فهذا يعيد.
وفى المدونة من لم يكن معه غير ثوب نجس وثوب حرير فليصل بالحرير ويعيد فى الوقت.
قال ابن يونس لأن النجس غير مباح لأحد الصلاة به والحرير مباح للنساء لبسه والصلاة به وللرجل فى الجهاد فهو أخف.
وقال أشهب الأخص مقدم على الأعم فيقدم النجس فى الاجتناب.
وفى الفرق الخامس والثلاثين سئل ابن القاسم عمن صلى عريانا ثم وجد ثوبا فى الوقت قال لا اعادة عليه.
قال ابن رشد هذا صحيح اذا قلنا ان ستر العورة من فرائض الصلاة، لأن الفرض قد سقط عنه لعدم القدرة عليه فى الوقت الذى صلاها فيه اذ هو وقت الوجوب على الصحيح من الأقوال.
وأما ان قلنا ان ستر العورة فرض فى الجملة لا يختص بالصلاة فلا شك أنه لا اعادة عليه أصلا.
قال ابن شاس الستر واجب عن أعين الناس.
وهل يجب فى الخلوات أو يندب قولان.
واذا قلنا لا يجب هل يجب للصلاة فى الخلوة أو يندب اليه فيها.
وذكر ابن بشير فى ذلك قولين عن اللخمى.
قال ابن بشير وليس كذلك انما هو المذهب على قول واحد وهو وجوب الستر.
قال الباجى
(1)
: من لم يكن عنده ما يستر به عورته سقط عنه فرضها وصلى قائما وأجزأه قال مالك ويركع ويسجد ولا يومئ ولا يصلى قاعدا.
قال ابن القاسم ولا يعيد ان وجد ثوبا فى الوقت ولم يحك ابن رشد غير هذا.
وقال المازرى المذهب يعيد فى الوقت.
وفى الكافى ان صلى عريانا ثم وجد فى الوقت ثوبا فلا شئ عليه.
ومن لم يجد الا ثوبا نجسا صلى به وأعاد فى الوقت ويعيد من صلى فى ثوب الحرير صلاته اذا وجد غيره فى الوقت.
وأما ان صلى بثوب الحرير
(2)
مختارا فقد نص ابن الحاجب على أنه عاص فان كان معه ساتر غيره، فقال ابن القاسم وسحنون يعيد فى الوقت.
وقال ابن وهب وابن الماجشون لا اعادة عليه.
قال ابن عرفة ونقل ابن الحاجب عدم صحة الصلاة لا أعرفه فانظر قول خليل وعصى وصحت هل يريد ويعيد فى الوقت لأن الاعادة فى الوقت فرع الصحة أو يكون بنى على قول ابن وهب وابن الماجشون.
وأما ان صلى بثوب حرير بلا ساتر معه فقال ابن وهب وابن الماجشون أيضا لا اعادة عليه وقال أشهب يعيد فى الوقت.
وقال ابن حبيب يعيد أبدا داخل الوقت وخارج الوقت.
وعبارة ابن يونس من صلى بخاتم ذهب أو ثوب حرير وعليه ما يواريه غيره فليعد
(1)
الحطاب شرح أبى الضياء سيدى خليل وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج 1 ص 502 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل لمختصر أبى الضياء سيدى خليل لابى عبد الله محمد بن يوسف ج 1 ص 504 الطبعة السابقة.
فى الوقت وقال أشهب لا اعادة عليه الا أن يكون عليه غيره فليعد فى الوقت.
وقال ابن حبيب اذا كان عليه غيره أجزأه وقد أثم واذا لم يكن عليه غيره أعاد أبدا.
قال ابن يونس فصار فيمن صلى بثوب حرير عامدا ثلاثة أقوال.
قال ابن وهب لا اعادة عليه.
وقال أشهب يعيد فى الوقت.
وقال ابن حبيب يعيد ابدا.
قال المازرى يلزم ابن حبيب أن يعيد أبدا من صلى فى دار مغصوبة أو ثوب مغصوب والمعروف خلافه.
وقال ابن القاسم
(1)
: فى الأمة تعتق بعد ركعة ممن الفريضة ورأسها منكشف فان لم تجد من يناولها خمارا ولا وصلت اليه لم تعد الصلاة وأما ان قدرت على أخذه ولم تأخذ أعادت فى الوقت وكذلك العريان يجد ثوبا.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(2)
: أنه لو صلى فى سترة ثم بعد الفراغ منها علم أنه كان فيها خرق تبين منه العورة وجبت اعادة الصلاة وعلى المذهب سواء كان علمه ثم نسيه أم لم يكن علمه.
فان احتمل حدوث الخرق بعد الفراغ من الصلاة فلا اعادة عليه بلا خلاف.
واذا لم يجد سترة
(3)
: يجب لبسها وجب عليه ان يصلى عريانا ولا اعادة عليه هذا مذهبنا.
وبه قال عمر بن عبد العزيز ومجاهد رضى الله عنهما.
وقال ابن عمر وعطاء وعكرمة وقتادة والأوزاعى والمزنى رحمهم الله تعالى يصلى قاعدا.
واذا عدم السترة الواجبة
(4)
فصلى عاريا أو ستر بعض العورة وعجز عن الباقى وصلى فلا اعادة عليه سواء كان من قوم يعتادون العرى أم غيرهم.
وحكى الخراسانيون فيمن لا يعتادون العرى وجها أنه يجب الاعادة، وهو ضعيف ليس بشئ.
وقد قال الشيخ أبو حامد فى التعليق لا أعلم خلافا يعنى بين المسلمين أنه لا يجب الاعادة، على من صلى عاريا للعجز عن السترة.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 507 الطبعة السابقة.
(2)
المجموع فى الفقه للنووى ج 3 ص 166 طبع مطبعة التضامن الاخوى ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة 1334 هـ.
(3)
المرجع السابق شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين بن شرف النووى ج 3 ص 182، ص 183 الطبعة السابقة.
(4)
المجموع فى الفقه للنووى ج 3 ص 182، ص 183 الطبعة السابقة.
واذا وجد السترة فى أثناء صلاته لزمه الستر بلا خلاف لأنه شرط لم يأت عنه ببدل بخلاف من صلى بالتيمم، ثم رأى الماء فى أثناء صلاته.
قال أصحابنا فان كانت قريبة ستر وبنى والا وجب الاستئناف على المذهب وبه قطع العراقيون.
وقال الخرسانيون فى جواز البناء مع البعد القولان فيمن سبقه الحدث.
قالوا فان قلنا بالقديم أنه يبنى فله السعى فى طلب السترة كما يسعى فى طلب الماء.
وان وقف حتى أتاه غيره بالسترة نظر ان وصلته فى المدة التى لو سعى لوصلها فيها أجزأه وان زاد فوجهان.
الأصح لا يجوز وتبطل صلاته ولو كانت السترة قريبة ولا يمكن تناولها الا باستدبار القبلة بطلت صلاته اذا لم يناوله غيره ذكر القاضى أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما.
ولو كانت السترة بقرب ولم يعلمها فصلى عاريا ثم علمها بعد الفراغ أو فى أثناء الصلاة ففى صحة صلاته طريقان حكاهما القاضى أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما.
أحدهما: وبه قطع المصنف وآخرون فيه قولان فيمن صلى بنجاسة جاهلا بها.
والثانى: تجب الاعادة هنا قولا واحدا لأنه لم يأت ببدل ولأنه نادر وبهذا الطريق قطع الشيخ أبو حامد والمحاملى.
ويستحب للأمة أن تستر فى صلاتها ما تستره الحرة فلو صلت مكشوفة الرأس فعتقت فى أثناء صلاتها باعتاق السيد أو بموته اذا كانت مدبرة أو مستولدة.
فان كانت عاجزة عن الستر مضت فى صلاتها وأجزأتها بلا خلاف.
والا فهى كمن وجد السترة فى أثناء صلاته فى كل ما ذكرنا.
ولو جهلت العتق فهى كجهلها وجود السترة فتكون على الطريقين.
ويستحب لمن كان معه ثوب
(1)
أن يعيره لمحتاج اليه للصلاة.
ثم قال ولو رجع المعير فى العارية فى أثناء الصلاة نزعه وبنى على صلاته ولا اعادة عليه بلا خلاف ذكره صاحب الحاوى وغيره.
واذا لم يجد العارى
(2)
: الا ثوبا لغيره فان أمكن استئذان صاحبه فعل والا حرمت الصلاة فيه وصلى عريانا ولا اعادة عليه.
وهذا وان كان واضحا فقد صرح به صاحب الحاوى سواء كان صاحبه حاضرا أو غائبا لا تجوز الصلاة فيه الا باذنه.
وان عجز عن الاذن صلى عاريا ولا اعادة.
(1)
المرجع السابق للنووى ج 3 ص 187 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 3 ص 188 الطبعة السابقة.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى
(1)
: أنه ان انكشفت عورة المصلى من غير عمد فسترها فى الحال من غير تطاول الزمان لم تبطل صلاته لأنه يسير من الزمان أشبه اليسير فى القذر.
وقال التميمى فى كتابه ان بدت عورته وقتا واستترت وقتا فلا اعادة عليه لحديت ابن عمر وابن سلمة رضى الله تعالى عنهما ولم يشترط اليسير ..
ولا بد من اشتراطه لأن الكثير يفحش انكشاف فيه ويمكن التحرز منه فلم يعف عنه كالكثير من القذر.
ولا يجب ستر المنكبين جميعها
(2)
: بل يجزئ ستر بعضها.
ويجزئ سترها بثوب خفيف يصف لون البشرة لأن وجوب سترها بالحديث.
ولفظه: لا يصلى الرجل فى الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شئ وهذا يقع على ما يعم المنكبين وما لا يعمها.
وقد ذكرنا نص أحمد فيمن احدى منكبيه مكشوفة فلم يوجب عليه الاعادة.
فان طرح على كتفه حبلا أو نحوه فظاهر كلام الخرقى أنه لا يجزئ كقوله شيئا من اللباس وهذا لا يسمى لباسا وهو قول القاضى.
وقال بعض أصحابنا يجزئه لأن هذا شئ فيكون الحديث متناولا له.
وقد روى عن جابر رضى الله تعالى عنه أنه صلى فى ثوب واحد متوشحا به كأنى أنظر اليه كان على عاتقه ذنب فأرة.
وعنه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا لم يجد أحدهم ثوبا ألقى على عاتقه عقالا وصلى.
والصحيح أنه لا يجزئه لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فى ثوب واحد فليخالف بين طرفيه على عاتقه» .
وجاء فى كشاف القناع
(3)
: أن العريان اذا قدر على الستر بعد الفراغ من الصلاة سواء صلى قائما أو جالسا كفاقد الطهورين وفى الرعاية يعيد.
وجاء فى المغنى
(4)
: أنه اذا انكشف من المرأة الحرة شئ سوى وجهها أعادت الصلاة لا يختلف المذهب فى أنه يجوز للمرأة كشف وجهها فى الصلاة وأنه ليس لها كشف ما عدا وجهها وكفيها وفى الكفين روايتان.
(1)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 622، 623، 624 الطبعة الاولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة 1348 هـ
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 624.
(3)
كشاف القناع على متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور بن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منته الارادات للشيخ منصور بن يوسف البهوتى ج 1 ص 186 طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة 1391 هـ الطبعة الاولى والاقناع ج 1 ص 89 الطبعة السابقة.
(4)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 640، ص 642 الطبعة السابقة.
واختلف أهل العلم فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلى مكشوفة الوجه.
وأجمع أهل العلم على أن للمرأة الحرة أن تخمر رأسها اذا صلت وعلى أنها اذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها الاعادة.
وقال بعض أصحابنا المرأة كلها عورة لأنه قد روى فى حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة» رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح.
لكن رخص لها فى كشف وجهها وكفيها لما فى تغطيته من المشقة.
وأبيح النظر اليه لأجل الخطبة لأنه مجمع المحاسن وهذا قول أبى بكر بن الحارث ابن هشام.
فان انكشف من المرأة شئ
(1)
: يسير من غير الوجه والكفين فلا أعلم فيها قولا صحيحا صريحا.
وظاهر كلام الخرقى اذا انكشف من المرأة شئ سوى وجهها وكفيها أعادت يقتضى بطلان الصلاة بانكشاف اليسير لأنه شئ يمكن حمل ذلك على الكثير.
لما قررناه فى عورة الرجل أنه يعفى فيها عن اليسير فكذا ها هنا.
ولأنه يشق التحرز من اليسير فعفى عنه قياسا على يسير عورة الرجل.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(2)
: أن ستر العورة فرض عن عين الناظر، وفى الصلاة جملة سواء كان هناك أحد أو لم يكن قال الله تبارك وتعالى:
«قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ»
(3)
.
«وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ»
(4)
.
فمن أبدى فرجه لغير من أبيح له فقد عصى الله تعالى وقال الله تبارك وتعالى:
«خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ»
(5)
.
فاتفق على أنه ستر العورة، وانما هذا للعامد
(6)
.
وأما من لا يجد ثوبا أبيح له الصلاة به أو أكره أو نسى: فصلاته تامة.
لقول الله تبارك وتعالى: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها»
(7)
.
وقول الله عز وجل «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ}
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 642.
(2)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 209، 210، 217، 225، 226 مسألة 346 ورقم 347 ومسألة رقم 348 ومسألة رقم 349 ومسألة رقم 350 الطبعة السابقة.
(3)
الاية رقم 30 من سورة النور
(4)
الاية رقم 31 من سورة النور
(5)
الاية رقم 31 من سورة الاعراف
(6)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 209، ص 210 مسألة رقم 347 الطبعة السابقة.
(7)
الاية رقم 286 من سورة البقرة
{فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ»
(1)
:
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» .
الا أن القول فى الغاء ما عمل من فرائض صلاته مكشوف العورة ناسيا والمجئ بها كما أمر والبناء على ما صلى مغطى العورة.
والسجود للسهو وجواز الصلاة بما صلى كذلك فى حال من صلاته لو أسقطها تمت صلاته وسجود السهو لذلك كما قلنا فى الصلاة غير مجتنب لما افترض علينا اجتنابه سواء سواء ولا فرق.
فلو ابتدأ التكبير مكشوف العورة
(2)
:
أو غير مجتنب لما افترض عليه اجتنابه - عامدا أو ناسيا أو جاهلا - فلا صلاة له، لأنه لم يدخل فى الصلاة كما أمر ولا يصح له منها شئ يبنى عليه.
ولا يجوز فى الصلاة تقديم مؤخر قبل ما هو فى الرتبة قبله.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» .
والعورة المفترض سترها
(3)
: على الناظر فى الصلاة من الرجل: الذكر وحلقة الدبر فقط وليس الفخذ منه عورة وهى من المرأة جميع جسمها حاشا الوجه والكفين فقط، الحر والعبد والحرة والأمة سواء فى كل ذلك ولا فرق.
لما روى عن أم عطية رضى الله تعالى عنها.
قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أن نخرجهن فى الفطر والأضحى: العواتق والحيض وذوات الخدور قالت: قلت يا رسول الله احدانا لا يكون لها جلباب قال لتلبسها أختها من جلبابها» قال على وهذا أمر بلبسهن الجلابيب للصلاة والجلباب فى لغة العرب التى خاطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما غطى جميع الجسم لا بعضه فصح ما قلنا نصا.
وقال أبو سليمان النسيان
(4)
: فى ذلك مرفوع فان انكشف شئ من العورة عمدا بطلت الصلاة والعراة بعطب أو سلب أو فقر يصلون كما هم فى جماعة فى صف خلف امامهم يركعون ويسجدون ويقومون ويغضون أبصارهم.
ومن تعمد فى صلاته تأمل عورة رجل أو امرأة محرمة عليه بطلت صلاته فان تأملها ناسيا لم تبطل صلاته ولزمه سجود السهو.
فان تأمل عورة امرأته فان ترك الاقبال على صلاته عامدا لذلك بطلت صلاته كما لو فعل ذلك لسائر الأشياء ولا فرق وان لم
(1)
الاية رقم 5 من سورة الاحزاب.
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 210 مسألة رقم 348 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 3 ص 210 مسألة رقم 349 الطبعة السابقة.
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 225 مسألة رقم 350.
يترك لذلك الاقبال على صلاته فصلاته تامة ولا شئ عليه.
برهان ذلك قول الله تبارك وتعالى «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها»
(1)
.
وقول الله عز وجل: «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ»
(2)
.
فاذ هم غير مكلفين ما لا يقدرون عليه من ستر العورة فهم مخاطبون بالصلاة كما يقدرون وبالامامة فيها فى جماعة فسقط عنهم ما لا يقدرون عليه وما ليس فى وسعهم وبقى عليهم ما يستطيعون عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .
وأما من تأمل فى صلاته عورة لا يحل له النظر اليها فان صلاته تبطل، لأنه عمل فيها عملا لا يحل له فلم يصل كما أمر ومن لم يصل كما أمر فلم يأت بالصلاة التى أمره الله تعالى بها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» .
فان فعل ذلك ناسيا فعليه سجود السهو، لأنه زاد فى صلاته نسيانا ما لو عمده لبطلت صلاته.
وأما اذا تأمل عورة أبيح له النظر اليها فهى من جملة الأشياء التى لا بد له من وقوع النظر على بعضها فى الصلاة ولا فرق بين مباح ومباح.
فان اشتغل بشئ من ذلك كله عن صلاته عمدا فقد عصى الله تعالى ولم يصل كما أمر.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(3)
: أن من شروط الصلاة ستر جميع العورة فى جميع الصلاة بحيث أنه لو انكشف منها شئ فى أى حالات الصلاة بطلت.
وقال البعض اذا انكشف بعد أن أدى الواجب من الركن وسترها قبل أن يأخذ فى ركن آخر لم تبطل وهو قول المنصور.
قال عليه السلام والعورة تكون بحيث لا ترى الا بتكلف أى يلبس الثوب لبسة يستر بها جميع عورته حتى لو أراد الرائى أن يراها لم يرها الا بتكلف منه.
فعلى هذا لو التحف ثوبا وصلى فى مكان مرتفع على صفة لو مر تحته مار رأى عورته من دون تكلف لم تصح صلاته.
ويجب ستر العورة من الثياب بما لا يصف لون البشرة لرقة فيه فان كان يصف لم تجز.
وقال الأمير ذلك يختلف بالمكان والزمان وهو قول البعض أن الظلمة ساترة وانما تجزئ بثوب صفيق غير خشن وقد قدر واحد الصفاقة أن لا تنفذ من جسد المصلى الشعرة بنفسها فان كانت تنفذ بنفسها لا بمعالجة لم تجز الصلاة به وحده.
والعورة بالنظر الى الصلاة دون سائر الأحوال هى من الرجل ومن لم ينفذ عتقه من المماليك الذكور والاناث فيدخل فى ذلك
(1)
الاية رقم 286 من سورة البقرة.
(2)
الاية رقم 119 من سورة الانعام.
(3)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 172، ص 173 طبع مطبعة حجازى بمصر سنة 1357 هـ
المدبر والكاتب وأم الولد، فهى من الرجل الركبة الى تحت السرة بمقدار الشفة.
فاذا بدا شعرة من هذا القدر فسدت الصلاة.
والعورة من الحرة بالنظر الى الصلاة جميع جسمها وشعرها غير الوجه والكفين.
وزاد القاسم القدمين ذكره البعض عنه فيجب عليها ستر ما عدا هذه.
فلو ظهرت شعرة من رأسها فسدت صلاتها وكذلك سائر جسمها.
وعورة الخنثى المشكل كعورة المرأة ترجيحا لجانب الحظر.
ويجب على المصلى أن يستر من غير العورة ما لا يتم ستر العورة الا بسترة كبعض الساق فيكمل سترة الركبة.
وجاء فى البحر الزخار
(1)
: واذا لم تعلم الامة بالعتق وصلت حاسرة ثم علمت بالعتق اعادت الصلاة فى الوقت لا بعده.
مذهب الإمامية:
جاء فى مستمسك العروة الوثقى
(2)
:
أنه اذا بدت العورة كلا أو بعضا لريح أو غفلة لم تبطل الصلاة لكن ان علم به فى أثناء الصلاة وجبت المبادرة الى سترها وصحت أيضا.
وان كان الأحوط الاعادة بعد الاتمام خصوصا اذا احتاج سترها الى زمان معتد به.
واذا نسى ستر العورة
(3)
: ابتداء أو بعد التكشف فى الاثناء فالاقوى صحة الصلاة.
وان كان الأحوط الاعادة.
وكذا لو تركه من أول الصلاة أو فى الأثناء غفلة والجاهل بالحكم كالعامد على الأحوط.
وجاء فى جواهر الكلام
(4)
: أنه فرق فى التحرير بين استمرار الغفلة الى تمام الصلاة وعدمه فقال لو انكشفت عورته فى الأثناء ولم يعلم صحت صلاته.
ولو علم فى الأثناء سترها سواء طالت المدة قبل علمه أو لم تطل أدى ركنا أولا.
ولو علم به ولم يستره أعاد سواء انكشف ربع العورة أو أقل أو أكثر.
ولو قيل بعدم الاجتزاء بالستر كان وجها لأن الستر شرط وقد فات او يكون قد اكتفى باحتمال عدم الاجتزاء بالستر عن احتمال البطلان مع استمرار الغفلة.
(1)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الامصار للامام أحمد بن يحيى المرتضى ج 1 ص 232 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1367 هـ الطبعة الأولى وهامش شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 73 الطبعة السابقة.
(2)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 196 طبع مطبعة النجف الاشرف الطبعة الثانية سنة 1381 هـ، 1961 م.
(3)
المرجع السابق ج 5 ص 270، ص 271 الطبعة السابقة
(4)
جواهر الكلام فى شرح شرائع الاسلام للشيخ محمد حسن النجفى ج 8 ص 180 وما بعدها، طبع مطبعة دار الكتب الاسلامية بالنجف الاشرف، الطبعة السادسة سنة 1377 هـ.
وجاء فى صحيح على بن جعفر عن أخيه الذى رواه الشيخ وابن ادريس فى المحكى عن مستطر فانه نقلا عن كتاب محمد بن على بن محبوب قال سألته عن الرجل يصلى وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه اعادة لصلاته أو ما حاله؟ قال لا اعادة عليه وقد تمت صلاته.
واطلاقه يقتضى عدم الفرق بين انكشاف جميع العورة أو بعضها وبين الخروج فى تمام الصلاة أو بعضها واستمر الى الفراغ وبه ينقطع الأصل المزبور فى ذلك كله وفى غيره مما يندرج فيه خصوصا بعد عدم الخلاف فيه فيما أجد الا ما سمعته من احتمال التحرير ولا ريب فى ضعفه وأنه كالاجتهاد فى مقابلة النص.
وفى الذكرى بعد أن حكى عن ابن الجنيد لو صلى وعورتاه مكشوفتان غير عامد أعاد فى الوقت.
وعن المبسوط فان انكشفت عورتاه فى الصلاة وجب عليه سترهما ولا تبطل صلاته سواء ما انكشف عنه قليلا أو كثيرا بعضه أو كله والمعتبر لو انكشفت العورة ولم يعلم سترها ولم يبطل صلاته تطاولت المدة قبل علمه أو لم تطل كثيرا كان الكشف أو قليلا لسقوط التكليف مع عدم العلم.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
:
أن المبعضة كالحرة مطلقا فى وجوب التستر فى الصلاة فلو أعتقت فى أثناء الصلاة وعلمت به ولم يتخلل بين عتقها وستر رأسها زمان صحت صلاتها بل وان تخلل زمان اذا بادرت الى ستر رأسها للباقى من صلاتها بلا فعل مناف وأما اذا تركت سترها حينئذ بطلت صلاتها وكذا اذا لم تتمكن من الستر الا بفعل المنافى.
ولكن الأحوط الاتمام ثم الاعادة.
نعم لو لم تعلم بالعتق حتى فرغت صحت صلاتها على الأقوى بل وكذا لو علمت لكن لم يكن عندها ساتر أو كان الوقت ضيقا.
وأما اذا علمت عتقها لكن كانت جاهلة بالحكم وهو وجوب الستر فالأحوط اعادتها.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(2)
: أنه تصح الصلاة بلباس وان صلى بدونه ناسيا اعاد عندنا.
وأقل اللباس ثوب طاهر ساتر عورة مصل وظهره وصدره.
وقيل ومنكبيه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلى أحدكم بثوب واسع ليس على منكبيه منه شئ فلا بد أن يستر أعلى صدره الى أسفل العنق من الجوانب وقدام وخلف.
(1)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 263، 264، 265، طبع مطبعة النجف الاشرف، الطبعة الثالثة سنة 1381 هـ، سنة 1961 م
(2)
شرح النيل وشفاء العليل للعلامة الشيخ محمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 329، ص 330 الطبعة السابقة
وقيل يشترط ستر العورة فقط فى القيام والركوع وغيرهما وحد العورة من الرجل والأمة السرة والركبة وما بينهما فمن أسقط الريح أو غيرها ثوبه من جسده فبانت عورته فسدت صلاته وعليه الاعادة.
وقيل يلبسه ويبنى.
وقيل ان بقى على جسده منه شئ مثل أن تبقى متعلقا بكتفه وبانت عورته صحت ويسترها وان لم يبق عليه شئ فسدت وقد شدد
(1)
: بافساد صلاة المرأة وعليها اعادتها فى كشف غير وجهها وكفيها مثل أن تكشف رأسها أو شعرها ولو على الوجه أو ذراعها أو رجلها أو عنقها وغير ذلك.
وقيل لا بد من ستر قدمها فى الصلاة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وهو دليل على قول بأن القدم عورة.
وقيل ظاهره عورة وفى باطنه قولان.
والصحيح ان ظاهره عورة كما روى فيه وكما أمرت بارخاء الثوب شبرا أو ذراعا.
ولا بأس ان صلت المرأة بلا خمار فى بيتها.
وان اطلع غير محرم على حال لا يراها فيه فسدت صلاتها ولزمتها الاعادة.
وكذا ان رآها محرمها بحال لا يراها فيه فى غير الصلاة وأنها تفسد وان صلت بحال تستحى بها فى غير بيتها كصحراء ولم يرها أجنبى صحت وقيل لا.
والأمة ليست كالحرة بل كالرجل
(2)
.
ولا تصلى الحرة وساقها بارز وجوز أن تصلى وهو بارز الى الركبة ان لم يكن معها أحد يراها وجوزت صلاتها ولو انكشف فخذها أو اليتها ما لم ينكشف أحدهما كله وهو خطأ.
وقيل تفسد وعليها الاعادة بقدر ظفر فصاعدا.
وقيل بالربع.
وقيل بأكثر لا به وكذا الرجل.
وقيل ما لم تظهر عورة الرجل الكبرى كلها أو كان الخرق مقابل الدبر أو الذكر فلا بأس وان قابل الخرق ذلك أو خرج الذكر فسدت الصلاة.
والصحيح منع ذلك.
وقيل لا تبرز من يديها أو رجليها الا موضع السوار أو الخلخال فسافلا.
وهل يعيد الرجل صلاته
(3)
: ان صلى بلا تلح أولا وهو الراجح عند الشيخ والمرجوح عند غيره قولان.
(1)
المرجع السابق للعلامة الشيخ محمد ابن يوسف اطفيش، ج 1 ص 331، ص 332 نفس الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 333
(3)
المرجع السابق للعلامة الشيخ محمد ابن يوسف اطفيش ج 1 ص 337 نفس الطبعة السابقة.
وفى الديوان ان خرج وسط رأسه فى الصلاة من الكرزية أو العمامة أو الشاشية وغطى ذلك بالثوب أو بغيره فانه يعيد الصلاة فى هذا وفيها رخصة.
وان دخل الصلاة ونسى التلحى فلا يجعله فى صلاته وان جعله فيها أعاد ولا يلزم تلح وتغطية وسطه ان شده بعمامة لمرض أو برد.
وفى اعادة متلثم متنقب وهو مغطى الفم سواء تلثم للحية أو لغيرها لغير عذر قولان.
حكم اعادة الصلاة
لمن لم يستقبل القبلة
مذهب الحنفية:
جاء فى البحر الرائق
(1)
: أن من شرائط الصلاة استقبال القبلة والخائف يصلى الى أى جهة قدر.
والخوف يشمل الخوف من عدو أو سبع أو لص وسواء خاف على نفسه أو على دابته وأراد بالخائف من له عذر فيشمل المريض اذا كان لا يقدر على التوجه الى القبلة.
يشمل كذلك ما اذا كان على لوح فى السفينة يخاف من الغرق اذا انحرف اليها.
ويشمل ما اذا كان فى طين ودغة لا يجد على الأرض مكانا يابسا.
أو كانت الدابة جموحا لو نزل لا يمكنه الركوب الا بمعين.
أو كان شيخا كبيرا لا يمكنه أن يركب الا بمعين ولا يجده فكما تجوز له الصلاة على الدابة ولو كانت فرضا وتسقط عنه الأركان كذلك يسقط هنا التوجه الى القبلة ولا تلزم الاعادة حين القدرة لأن الطاعة بحسب الطاقة.
وجاء فى فتح القدير
(2)
: أن من اشتبهت عليه القبلة وليس بحضرته من يسأله عنها اجتهد وصلى، لأن الصحابة رضوان الله عليهم تحروا وصلوا ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلو صلى من اشتبهت عليه القبلة بلا تحر فعليه الاعادة الا ان علم بعد الفراغ أنه أصاب فلا اعادة عليه.
أما لو تحرى وصلى الى غير جهة التحرى فلا تجزئه وان أصاب مطلقا خلافا لأبى يوسف رحمه الله تعالى.
وان صلى فى الصحراء الى جهة من غير شك ولا تحر فان تبين أنه أصاب أو كان أكبر رأيه أو لم يظهر من حاله شئ حتى ذهب عن
(1)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 1 ص 302 الطبعة السابقة
(2)
فتح القدير للامام كمال الدين محمد ابن عبد الواحد السيواسى السكندرى، المعروف بابن الهمام على الهداية، شرح بداية المبتدى لشيخ الاسلام برهان الدين على ابن أبى بكر المرغينانى وبهامشه شرح العناية على الهداية ج 1 ص 189، 190، طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر المحمية سنة 1316 هـ الطبعة الاولى
الموضع فصلاته جائزة وان تبين أنه أخطأ أو كان أكبر رأيه فعليه الاعادة.
ومن تحرى وصلى وعلم أنه أخطأ بعد ما صلى فليس عليه الاعادة لأنه ليس فى وسعه الا التوجه الى جهة التحرى والاستخبار فوق التحرى فيترك به التحرى فان لم يخبره المستخبر حين سأله فصلى بالتحرى ثم أخبره لا يعيد لو كان مخطئا.
وجاء فى الفتاوى الهندية
(1)
: أنه ان كان بحضرة المصلى من يسأله عنها فلم يسأله وتحرى وصلى فان أصاب القبلة جازت صلاته والا فلا.
ولو صلى الى جهة من غير أن يشك فى أمر القبلة ثم شك بعد ذلك فهو على الجواز حتى يعلم فساده بيقين فيجب عليه الاعادة كذا فى الخلاصة.
ولو دخل رجل مسجدا لا محراب له وقبلته مشكلة فصلى بالتحرى، ثم ظهر أنه أخطأ كان عليه الاعادة، لأنه قادر على السؤال من الأهل وان تبين أنه أصاب جازت صلاته كذا فى فتاوى قاضيخان.
ومن اشتبهت عليه القبلة بمكة بأن كان محبوسا ولم يكن بحضرته من يسأله فصلى بالتحرى ثم تبين أنه أخطأ روى عن محمد رحمه الله تعالى أنه لا اعادة عليه وهو أقيس وكذلك اذا كان بالمدينة هكذا فى الظهيرية.
وجاء فى البدائع
(2)
: أنه ان كان وجه المريض الى غير القبلة وهو لا يجد من يحول وجهه الى القبلة ولا يقدر على ذلك بنفسه فانه يصلى كذلك لأنه ليس فى وسعه الا ذلك.
وهل يعيدها اذا برئ؟
روى عن محمد بن مقاتل الرازى رحمه الله تعالى أنه يعيدها.
وأما فى ظاهر الجواب فلا اعادة عليه لأن العجز عن تحصيل الشرائط لا يكون فوق العجز عن تحصيل الأركان والعجز عن تحصيل الأركان لا يوجب الاعادة فها هنا أولى.
وجاء فى المبسوط
(3)
: أن المريض اذا اشتبهت عليه القبلة فتحرى الى جهة وصلى اليها ثم تبين أنه أخطأ القبلة تجوز صلاته وان تعمد لا تجوز لحديث على رضى الله تعالى عنه أنه قال قبلة المتحرى جهة قصده.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(4)
: أن من شروط الصلاة مع الأمن والقدرة والذكر استقبال عين الكعبة.
(1)
الفتاوى الهندية المسماه بالفتاوى العالمكرية ج 1 ص 64 الطبعة السابقة
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 107 الطبعة السابقة
(3)
المبسوط للسرخسى ج 1 ص 215 الطبعة السابقة
(4)
الحطاب مع التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل ج 1 ص 507، 508 الطبعة السابقة
قال ابن عرفة واستقبال الكعبة فرض فى الفرض الا لعجز قتال أو مرض أو ربط أو هدم أو خوف لصوص أو سباع.
قال ابن بشير فان عجز المريض عن استقبال القبلة بنفسه حول اليها فان عجز عن تحويله سقط حكم الاستقبال فى حقه كالمسايف.
وفى الكتاب اذا صلى لغير القبلة أعاد فى الوقت بمنزلة الصحيح.
وأما من صلى وهو قادر على التحول والتحويل فينبغى أن يعيد صلاته أبدا.
وأما من لم يقدر على ذلك لفقد من يحوله فينبغى أن يختلف فى اعادته كما اختلف فى المريض يعدم من يناوله الماء فيتيمم ثم يجد من يناوله، وفى الواضحة اذا لم يجد المريض من يحوله للقبلة صلى على حاله.
ومن المدونة وليصل المريض بقدر طاقته ولا يصلى الا الى القبلة فان عسر تحويله اليها احتيل فيه فان صلى الى غيرها أعاد فى الوقت اليها.
فال ابن يونس ووقته فى الظهر والعصر الغروب كمن صلى بثوب نجس لا يجد غيره.
قال اصبغ فى الواضحة هذا اذا لم يستطع التحويل الى القبلة ولم يجد من يحوله فيصلى كما هو فاذا قدر أو وجد من يحوله أعاد فى الوقت قال ابن يونس يريد ولو كان واجدا من يحوله فتركه وصلى الى غير القبلة أعاد أبدا كالناسى.
وجاء فى التاج والاكليل
(1)
: روى عن المدونة أنه ان علم بعد الصلاة أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب أعاد فى الوقت ووقته فى الظهرين اصفرار الشمس وفى العشاءين طلوع الفجر وفى الصبح طلوع الشمس.
وهل يعيد الناسى أبدا داخل الوقت وخارج الوقت؟
قال ابن رشد المشهور اعادة من استدبر أو شرق أو غرب باجتهاد أو نسيان بغير مكة فى الوقت من أجل أنه يرجع الى اجتهاد من غير يقين بخلاف من صلى لغبر القبلة بموضع فعاينها فيعيد أبدا لأنه رجع الى يقين وقال القابسى الناسى يعيد أبدا بخلاف المجتهد.
وجاء فى موضع آخر
(2)
: أنه روى عن المدونة أن من صلى فى الكعبة فريضة ناسيا أعاد فى الوقت قال ابن يونس رحمه الله تعالى لأنه جعله كمن صلى لغير القبلة وبالاطلاق.
قال اللخمى اختلف بعد القول بالمنع من الصلاة فى الكعبة فى وقت الاعادة ان فعل ففى المدونة يعيد ما دام فى الوقت وبطل الفرض على ظهر الكعبة.
قال ابن عرفة الفرض على ظهرها ممنوع.
(1)
التاج والاكليل على الحطاب شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 510 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 513
قال الباجى فان صلاه أعاد أبدا قاله مالك وأشهب وابن حبيب.
قال الجلاب ولا بأس بنفله عليها.
وقال ابن حبيب ان النفل عليها ممنوع.
وأما استقبال القبلة بالنسبة لصلاة الخوف.
قال ابن عرفة صلاة الخوف حين قتال العدو بقدر الطاقة دون ترك ما يحتاج اليه من قول أو فعل ان دهمهم فيها العدو والا فلا.
قال ابن حبيب ومحمد كذلك آخر وقتها قال محمد وكذلك بالبحر.
وعبارة ابن يونس يؤخرون الصلاة لآخر الوقت ثم يصلون حينئذ على خيولهم يومئون مقبلين ومدبرين ان احتاجوا الى الكلام فى ذلك لم يقطع الكلام صلاتهم.
وعن المدونة قال مالك من خاف ان نزل من سباع أو غيرها صلى على دابته ايماء أينما توجهت به فان أمن فى الوقت فأحب الى أن يعيد بخلاف العدو قال ابن يونس ووقته وقت الصلاة المفروضة وان لغيرها.
ثم قال
(1)
: وعن المدونة اذا أشتد الخوف صلوا على قدر طاقتهم يركعون ايماء مستقبلين القبلة أو غيرها ويقرأون وان أمن أعاد الخائف بوقت.
واذا اجتهد فى مكة
(2)
: فأخطأ القبلة لزمته الاعادة لوجود النص واذا اجتهد فى غير مكة لم يعد لأن الاجتهاد لم ينقض بالاجتهاد.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(3)
: أن الأعمى يعتمد المحراب بمس اذا عرفه بالمس حيث يعتمده البصير وكذا البصير فى الظلمة وفيه وجه أن الأعمى انما يعتمد محرابا رآه قبل العمى ولو اشتبه على الأعمى مواضع لمسها صبر حتى يجد من يخبره فان خاف فوت الوقت صلى على حسب حاله وتجب الاعادة.
ولو صلى بالاجتهاد
(4)
: ثم حضرت صلاة أخرى فاجتهد لها سواء أوجبنا الاجتهاد ثانيا أم لا فتغير اجتهاده يجب أن يصلى الصلاة الثانية الى الجهة الثانية بلا خلاف ولا يلزم اعادة شئ من الصلاتين حتى لو صلى أربع صلوات الى أربع جهات باجتهادات فلا اعادة فى شئ منهن هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور.
وحكى الخراسانيون وجها أنه يجب اعادتهن.
(1)
التاج والاكليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل للمواق ج 1 ص 514 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لابى الضياء سيدى خليل ج 1 ص 518 الطبعة السابقة
(3)
المجموع فى الفقه للنووى ج 3 ص 304 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق فى الفقه للنووى ج 3 ص 218، ص 220، ص 221 الطبعة السابقة.
قال القاضى حسين هو قول الأستاذ أبى اسحاق الاسفرايينى.
وحكوا وجها ثالثا أنه تجب اعادة غير الأخيرة.
والصواب الأول.
ولو تغير اجتهاده فى أثناء الصلاة ففيه وجهان مشهوران وقيل قولان ذكر المصنف دليلهما.
أحدهما يجب استئناف الصلاة الى الجهة الثانية.
وأصحهما عند الأصحاب لا يستأنف بل ينحرف الى الجهة الثانية ويبنى.
قال أصحابنا وعلى هذا الثانى لو صلى أربع ركعات من صلاة واحدة الى أربع جهات باجتهادات صحت صلاته ولا اعادة كالصلوات.
وخص صاحب التهذيب الوجهين بما اذا كان الدليل الثانى أوضح من الأول قال فان استويا أتم صلاته الى الجهة الأولى ولا اعادة.
والمشهور اطلاق الوجهين واذا دخل فى الصلاة باجتهاد ثم شك فيه ولم يترجح له شئ من الجهات أتم صلاته الى جهته ولا اعادة نص عليه فى الأم واتفقوا عليه.
قال المصنف
(1)
: وان صلى، ثم تيقن الخطأ ففيه قولان.
قال فى الأم يلزمه أن يعيد لأنه تعين له يقين الخطأ.
وان صلى الى جهة ثم رأى القبلة فى يمينها أو شمالها لم يعد لأن الخطأ فى اليمين والشمال لا يعلم قطعا فلا ينتقض به الاجتهاد.
أما حكم الفصل فقال أصحابنا رحمهم الله تعالى: اذا صلى بالاجتهاد ثم ظهر له الخطأ فى الاجتهاد فله أحوال.
أحدها أن يظهر الخطأ قبل الشروع فى الصلاة.
فان تيقن الخطأ فى اجتهاده أعرض عنه واعتمد الجهة التى يعلمها أو يظنها الآن.
وان لم يتيقن بل ظن أن الصواب جهة أخرى فان كان دليل الثانى عنده أوضح من الأول اعتمد الثانى وان كان الأول أوضح اعتمده وان تساويا فوجهان.
أصحهما يتخير فيهما.
والثانى يصلى الى الجهتين مرتين.
الحال الثانى ان يظهر الخطأ بعد الفراغ من الصلاة فان تيقنه قولان.
أصحهما عند الأصحاب تجب الاعادة.
والقولان جاريان سواء تيقن مع الخطأ جهة الصواب أم لا.
وقيل القولان اذا تيقن الخطأ ولم يتيقن الصواب.
فأما اذا تيقنهما فتلزمه الاعادة قولا واحدا.
(1)
المرجع السابق شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 3 ص 322، ص 223، ص 224 الطبعة السابقة.
وقيل القولان اذا تيقن الخطأ وتيقن الصواب.
أما اذا لم يتيقن الصواب فلا اعادة قولا واحدا.
والمذهب الأول.
ولو تيقن خطأ الذى قلده الأعمى فهو كما لو تيقن المجتهد خطأ نفسه.
أما اذا لم يتيقن الخطأ ولكن ظنه فلا اعادة حتى لو صلى أربع صلوات الى أربع جهات فلا اعادة على المذهب كما سبق.
الحال الثالث: أن يظهر الخطأ فى أثنائها وهو ضربان.
أحدهما يظهر الخطأ ويظهر الصواب مقترنا به فان كان الخطأ متيقنا بنيناه على تيقن الخطأ بعد الفراغ فان قلنا بوجوب الاعادة بطلت صلاته والا فوجهان.
وقيل قولان.
أصحهما ينحرف الى جهة الصواب ويبنى.
والثانى: تبطل صلاته وان لم يكن الخطأ متيقنا بل مظنونا ففيه هذان الوجهان أو القولان كما سبق.
واذا خفيت الأدلة
(1)
على المجتهد لغيم أو ظلمة أو تعارض الأدلة أو غيرها ففيه أربع طرق أصحها فيه قولان.
أصحهما لا يقلد.
والثانى يقلد.
والطريق الثانى يقلد قطعا.
والثالث لا يقلد قطعا والرابع ان ضاق الوقت قلد والا فلا، وذكر المصنف دليل الجميع.
فان قلنا لا يقلد صلى على حسب حاله ووجبت الاعادة لأنه عذر نادر.
وان قلنا يقلد فقلد وصلى فلا اعادة عليه على الصحيح وبه قطع الجمهور.
ثم قال
(2)
: والمريض الذى يعجز عن استقبال القبلة ولا يجد من يحوله الى القبلة لا متبرعا ولا بأجرة مثله وهو واجدها يجب عليه أن يصلى على حسب حاله وتجب الاعادة لأنه عذر نادر.
والمربوط على خشبة والغريق ونحوهما تلزمهما الصلاة بالايماء حيث أمكنهم وتجب الاعادة لندوره وفيه خلاف سبق والصحيح وجوب الاعادة.
(1)
المجموع شرح المهذب للامام الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى، المتوفى سنة 676 هـ ج 3 ص 230 طبع مطبعة التضامن الأخوى ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة 1324 هـ
(2)
المرجع السابق للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 3 ص 243 الطبعة السابقة
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير
(1)
: أنه اذا صلى بالاجتهاد الى جهة ثم أراد صلاة أخرى لزمه اعادة الاجتهاد فان تغير اجتهاده عمل بالثانى ولم يعد ما صلى بالأول كما لو تغير اجتهاد الحاكم عمل بالثانى فى الحادثة الثانية ولم ينقض حكمه الأول وهذا لا نعلم فيه خلافا.
فان تغير اجتهاده فى الصلاة استدار الى الجهة الثانية وبنى على ما مضى من صلاته، نص عليه أحمد فى رواية الجماعة.
وقال ابن أبى موسى والآمدى لا ينتقل ويمضى على اجتهاده الأول لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد.
يدل لنا أنه مجتهد أداه اجتهاده الى جهة فلم يجز له الصلاة الى غيرها، كما لو أراد صلاة أخرى، ولأنه أداه اجتهاده الى غير هذه الجهة فلم يجز له الصلاة اليها كسائر محال الوفاق وليس هذا نقضا للاجتهاد وانما يعمل به فى المستقبل كما فى الصلاة الأخرى.
وانما يكون نقضا للاجتهاد لو ألزمناه اعادة ما مضى من صلاته ولم نعتد له به فان لم يبن اجتهاده وظنه الى الجهة الاولى، ولم يؤده اجتهاده الى الجهة الأخرى فانه يبنى على ما مضى من صلاته، لأنه لم يظهر له أخرى يتوجه اليها.
فان بان له تعين الخطأ فى الصلاة بمشاهدة أو خبر عن يقين استدار الى جهة الصواب وبنى كأهل قباء لما أخبروا بتحويل القبلة استداروا اليها وبنوا.
وان شك فى اجتهاده لم يزل عن جهته لأن الاجتهاد ظاهر فلا يزول عند الشك.
وان بان له الخطأ ولم يعرف جهة القبلة كرجل كان يصلى الى جهته فرأى بعض منازل القمر فى قبلته ولم يدر أهو فى المشرق أو المغرب واحتاج الى الاجتهاد بطلت صلاته لأنه لا يمكنه استدامتها الى غير القبلة وليست له جهة يتوجه اليها فبطلت لتعذر اتمامها.
واذا اختلف المجتهدان
(2)
: ففرض كل واحد منهما الصلاة الى الجهة التى يؤديه اجتهاده اليها أنها القبلة لا يسعه تركها ولا تقليد صاحبه سواء كان أعلم منه أو لم يكن كالعالمين يختلفان فى الحادثة.
ولو أن أحدهما اجتهد فأراد الآخر تقليده من غير اجتهاد لم يجز له ذلك ولا يسعه الصلاة حتى يجتهد سواء اتسع الوقت أو كان ضيقا يخشى خروج وقت الصلاة كالحاكم لا يسوغ له الحكم فى حادثة بتقليد غيره.
وقال القاضى ظاهر كلام أحمد فى المجتهد الذى يضيق الوقت عن اجتهاده أن له تقليد غيره وأشار الى قول أحمد فيمن هو فى مدينة فتحرى فصلى لغير القبلة فى بيت يعيد، لأن
(1)
المغنى لأبن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين أبى الفرج بن أحمد بن قدامه المقدسى ج 1 ص 470، ص 471 الطبعة الاولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة 1348 هـ
(2)
المرجع السابق ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين أبى الفرج ابن احمد بن قدامة المقدسى ج 1 ص 472 ص 473 الطبعة السابقة.
عليه أن يسأل قال: فقد جعل فرض المحبوس السؤال وهذا غير صحيح.
وكلام أحمد انما يدل على أنه ليس لمن فى المصر الاجتهاد لأنه يمكنه التوصل الى القبلة بطريق الخبر والاستدلال بالمحاريب بخلاف المسافر.
وليس فيه دليل على أنه يجوز له تقليد المجتهدين فى محل الاجتهاد عند ضيق الوقت.
ألا ترى أن أبا عبد الله لم يفرق بين ضيق الوقت وسعته مع اتفاقنا على انه لا يجوز له التقليد مع سعة الوقت ولأن الاجتهاد فى حقه شرط لصحة الصلاة فلم يسقط بضيق الوقت مع امكانه كسائر الشروط.
والمجتهد اذا صلى بالاجتهاد
(1)
الى جهة ثم بان أنه صلى الى غير جهة الكعبة يقينا لم يلزمه الاعادة.
وكذلك المقلد الذى صلى بتقليده لما روى عامر بن ربيعة عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فى ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزل «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ»
(2)
: رواه ابن ماجه والترمذى، وقال حديث حسن الا أنه من حديث أشعث السمان وفيه ضعف.
وعن عطاء عن جابر رضى الله تعالى عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى مسيرة فأصابنا غيم فتحيرنا فاختلفنا فى القبلة فصلى كل رجل منا على حدة وجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأمر بالاعادة وقال: «قد أجزأتكم صلاتكم» رواه الدارقطنى وقال رواه محمد بن سالم عن عطاء.
ويروى أيضا عن محمد بن عبد الله العمرى عن عطاء وكلاهما ضعيف وقال العقيلى لا يروى هذا الحديث من وجه يثبت.
وروى مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلى نحو بيت المقدس فنزلت: «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ»
(3)
. فمر رجل ببنى سلمة وهم ركوع فى صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى ألا ان القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو البيت ومثل هذا لا يخفى على النبى صلى الله عليه وآله وسلم ولا يترك انكاره الا وهو جائز، وقد كان ما مضى من صلاتهم بعد تحويل القبلة الى الكعبة وهو صحيح، ولأنه أتى بما أمر فخرج عن العهدة، كالمصيب، ولأنه صلى الى غير الكعبة للعذر فلم تجب عليه الاعادة كالخائف يصلى الى غيرها، ولأنه شرط عجز عنه فأشبه سائر الشروط.
(1)
المغنى لابن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير ج 1 ص 485، ص 486، ص 487، ص 490، الطبعة السابقة.
(2)
الاية رقم 115 من سورة البقرة
(3)
الاية رقم 144 من سورة البقرة
وأما المصلى قبل الوقت فانه لم يؤمر بالصلاة وانما أمر بعد دخول الوقت ولم يأت بما أمر بخلاف مسألتنا فانه مأمور بالصلاة بغير شك ولم يؤمر الا بهذه الصلاة وسائر الشروط اذا عجز عنها سقط كذا ها هنا.
وأما اذا ظن وجودها فأخطأ فليست فى محل الاجتهاد فنظيره اذا اجتهد فى مسألتنا فى الحضر فأخطأ.
ولا فرق بين أن تكون الأدلة ظاهرة مكشوفة فأشبهت أو مستورة بغيم أو شئ يسترها عنه بدليل الأحاديث التى رويناها فان الأدلة استترت عنهم بالغيم فلم يعيدوا ولأنه أتى بما أمر به فى الحالين وعجز عن استقبال القبلة فى الموضعين فاستويا فى عدم الاعادة.
أما البصير
(1)
: اذا صلى الى غير الكعبة فى الحضر ثم بان له الخطأ فعليه الاعادة سواء صلى بدليل أو غيره لأن الحضر ليس محلا للاجتهاد، لأن من فيه يقدر على المحاريب والقبل المنصوبة ويجد من يخبره عن يقين غالبا فلا يكون له الاجتهاد كالقادر على النص فى سائر الأحكام.
فان صلى من غير دليل فأخطأ لزمته الاعادة لتفريطه.
وان أخبره مخبر فأخطأ فقد غره وتبين أن خبره ليس بدليل.
فان كان محبوسا لا يجد من يخبره فقال أبو الحسن التميمى هو كالمسافر يتحرى فى محبسه ويصلى من غير اعادة لأنه عاجز عن الاستدلال بالخبر والمحاريب فهو كالمسافر.
وأما الأعمى فان كان فى حضر فهو كالبصير لأنه يقدر على الاستدلال بالخبر والمحاريب فان الأعمى اذا لمس المحراب وعلم أنه محراب وأنه متوجه اليه فهو كالبصير.
وكذلك اذا علم أن باب المسجد الى الشمال أو غيرها من الجهات جاز له الاستدلال به ومتى أخطأ فعليه الاعادة.
وحكم المقلد حكم الأعمى فى هذا وان كان الأعمى أو المقلد مسافرا ولم يجد من يخبره ولا مجتهد يقلده فظاهر كلام الخرقى أنه يعيد سواء أصاب أو أخطأ لأنه صلى من غير دليل فلزمته الاعادة.
وان أصاب كان كالمجتهد اذا صلى من غير اجتهاد.
وقال أبو بكر يصلى على حسب حاله وفى الاعادة روايتان سواء أصاب أو أخطأ.
احداهما: يعيد لما ذكرنا.
الثانية: لا اعادة عليه لأنه أتى بما أمر فأشبه المجتهد ولأنه عاجز عن غير ما أتى به فسقط عنه كسائر العاجزين عن الاستقبال ولأنه عادم للدليل فأشبه المجتهد فى الغيم والحبس.
وقال ابن حامد ان أخطأ أعاد وان أصاب فعلى وجهين.
(1)
المغنى لابن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير عليه ج 1 ص 492، ص 493، ص 494، ص 495 الطبعة السابقة.
وحكم المقلد لعدم بصيرته كعادم بصره فأما ان وجد من يقلده أو من يخبره فلم يستخبره ولم يقلد أو خالف المخبر والمجتهد فصلاته باطلة بكل حال وكذلك المجتهد اذا صلى من غير اجتهاد فأصاب أو أداه اجتهاده الى جهة فصلى الى غيرها فان صلاته باطلة بكل حال سواء أخطأ أو أصاب لأنه لم يأت بما أمر به فأشبه من ترك التوجه الى الكعبة مع علمه بها.
وجاء فى كشاف القناع
(1)
: أنه ان اشتبهت عليه القبلة فى السفر وكان عالما بأدلتها ففرضه الاجتهاد فى معرفتها فاذا اجتهد وغلب على ظنه جهة صلى اليها فان تركها وصلى الى غيرها أعاد ما صلاه الى غيرها وان أصاب.
وان تعذر عليه الاجتهاد لغيم ونحوه كما لو كان مطمورا أو كان به مانع من الاجتهاد كرمد ونحوه أو تعادلت عنده الأمارات صلى على حسب حاله بلا اعادة كعادم الطهورين.
وكل من صلى من هؤلاء قبل فعل ما يجب عليه من استخبار أو اجتهاد أو تقليد أو تحر فعليه الاعادة وان أصاب.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(2)
: أن استقبال جهة الكعبة بالوجه والجسد فرض على المصلى حاشا المتطوع راكبا.
فمن كان مغلوبا بمرض أو بجهد أو بخوف أو باكراه فتجزيه صلاته كما يقدر وينوى فى كل ذلك التوجه الى الكعبة.
ولا خلاف بين أحد من الامة فى أن امرءا لو كان بمكة بحيث يقدر على استقبال الكعبة فى صلاته فصرف وجهه عامدا عنها الى أبعاض المسجد الحرام من خارجه أو من داخله فان صلاته باطلة.
وأما المريض والجاهل والخائف والمكره فان الله تعالى يقول: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها»
(3)
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .
ومن صلى الى غير القبلة
(4)
ممن يقدر على معرفة جهتها - عامدا أو ناسيا بطلت صلاته ويعيد ما كان فى الوقت ان كان عامدا ويعيد أبدا ان كان ناسيا لأن هذين مخاطبان بالتوجه الى المسجد الحرام فى الصلاة فصليا بخلاف ما أمرا به ولا يجزئ ما نهى الله تعالى عنه عما أمر عز وجل به.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(5)
أنه لا يضر المتحرى اذا انكشف له خلاف متحراه بأن يفرغ وفى الوقت بقية فانه لا يضره بقاء الوقت
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 206 الطبعة السابقة والاقناع فى الفقه ج 1 ص 102 الطبعة السابقة
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 227 مسألة رقم 351 الطبعة السابقة
(3)
الاية رقم 286 من سورة البقرة
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 228 مسألة رقم 353 الطبعة السابقة
(5)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 135، ص 136 الطبعة السابقة.
مع بقاء العذر فلا يلزمه الاعادة، لأنا لو أوجبنا عليه الاعادة لم يأمن أن يفرغ أيضا قبل الوقت فيعيده مرة أخرى ثم كذلك قال على بن يحيى.
هذا اذا عرف بقاء الوقت بعد الفراغ من الصلاة.
فأما لو عرفه قبل الفراغ لزمه الخروج والاعادة ولو أدى الى اعادة واعادة الاعادة لأنه بمنزلة تغير الاجتهاد قبل العمل به وكما أنه يرفضه ويعمل بالثانى كذلك هنا.
ومن خشى
(1)
: فوت الوقت بالتحرى عمل باجتهاد غيره ومن عمل باجتهاد غيره عالما بوجوب التحرى عليه أعاد فى الوقت وبعده فأما الجاهل والناسى فيعيدان فى الوقت لا بعده.
وجاء فى شرح الأزهار وحواشيه
(2)
: أنه لو حصل له ظن بالتحرى بعد أن صلى وانكشف فى الوقت بقية فقيل يعيد، لأن الظن فرض من كان فى جهتها فتجب الاعادة اذا حصل كمن وجد الماء.
واذا لم يحصل ظن بالاصابة رأسا
(3)
:
وجب الخروج واعادة التحرى فان حصل له ظن عمل به والا انتظر الى آخر الوقت وصلى الى أى الجهات شاء.
هذا حيث لم ييأس من امكان التحرى.
فان أيس أتم صلاته الى حيث يشاء ولا تفسد عليه بنحو اقعاد مأيوس ولا يعيد المتحرى المخطئ الا فى الوقت ان تيقن الخطأ.
أما من صلى بغير تحر فانه يعيد فى الوقت وبعده الا أن يعلم الاصابة فانها تجزئه عند من اعتبر الانتهاء لا عند من اعتبر الابتداء وهو الأظهر من قولى المؤيد بالله
(4)
.
وأما المتحرى المصيب فانه لا يعيد ولو صلى الى غير متحراه ان تيقن الاصابة عند البعض لا عند المؤيد بالله فان انكشف له الخطأ بعد خروج الوقت فانه لا ينقض ولو تيقن الخطأ.
واذا صلى الأعمى
(5)
: الى جهة بقول غيره ثم رجع اليه بصره فى حال الصلاة فان حصل له العلم بصحة قوله أتمها وان لم يحصل واحتاج الى التحرى أعادها والمذهب أنه يتحرى ويبنى.
(1)
المرجع السابق فى فقه الائمة الاطهار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 192 الطبعة السابقة
(2)
شرح الازهار فى فقه الائمة الاطهار وحواشيه ج 1 ص 195، ص 196 الطبعة السابقة.
(3)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار وحواشيه ج 1 ص 196 الطبعة السابقة.
(4)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 1 ص 196، ص 197 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق ج 1 ص 197
مذهب الإمامية:
جاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
:
أنه اذا ظن بعد الاجتهاد أن القبلة فى جهة فصلى الظهر مثلا اليها ثم تبدل ظنه الى جهة أخرى وجب عليه اتيان العصر الى الجهة الثانية.
والأقوى وجوب اعادة الظهر اذا كان مقتضى ظنه الثانى وقوع الأولى مستدبرا أو الى اليمين أو اليسار واذا كان مقتضاه وقوعها ما بين اليمين واليسار لا يجب الاعادة.
واذا انقلب ظنه فى أثناء الصلاة الى جهة أخرى انقلب الى ما ظنه الا اذا كان الأول الى الاستدبار أو اليمين واليسار بمقتضى ظنه الثانى فيعيد بل الاعادة فى الفرض الثانى أولى للعلم بفساد الثانية هنا على كل حال.
ومن وظيفته التكرار
(2)
الى الجهات اذا علم أو ظن بعد الصلاة الى جهة أنها القبلة لا يجب عليه الاعادة لموافقتها للتحرى المأمور به الجاهل مع أنه لو أعاد لأعاد اليها بلا فائدة.
ولو علم أو ظن بعد الصلاة الى جهتين أو ثلاث أن كلها الى غير القبلة فان كان فيها ما هو ما بين اليمين واليسار كفى والا وجبت الاعادة.
واذا صلى من دون الفحص عن القبلة
(3)
:
الى جهة غفلة أو مسامحة يجب اعادتها الا اذا تبين كونها القبلة مع حصول قصد القربة منه.
ولو أخل بالاستقبال
(4)
: عالما عامدا بطلت صلاته مطلقا وان أخل بها جاهلا أو ناسيا أو غافلا أو مخطئا فى اعتقاده أو فى ضيق الوقت فان كان منحرفا عنها الى ما بين اليمين واليسار صحت صلاته ولو كان فى الأثناء مضى ما تقدم وأستقام فى الباقى من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه لكن الأحوط الاعادة فى غير المخطئ فى اجتهاده مطلقا.
وان كان منحرفا الى اليمين واليسار أو الى الاستدبار فان كان مجتهدا مخطئا أعاد فى الوقت دون خارجه أما الاعادة فى الوقت فمما لا اشكال فيه ولا خلاف اذ يقتضيها مضافا الى أدلة الشرطية والى حديث لا تعاد الصلاة ونحوه.
وان كان الأحوط
(5)
: الاعادة مطلقا لا سيما فى صورة الاستدبار بل لا ينبغى أن يترك فى هذه الصورة وكذا ان كان فى الأثناء.
(1)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 200، مسألة رقم 8، 9 طبع مطبعة النجف الاشرف الطبعة الثالثة سنة 1381 هـ، سنة 1961 م
(2)
المرجع السابق ج 5 ص 211 مسألة رقم 15.
(3)
المرجع السابق للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 5 ص 213 مسألة رقم 17 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق ج 5 ص 227 مسألة رقم 1، ص 230: ص 231 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق ج 5 ص 233، ص 234 الطبعة السابقة
وان كان جاهلا أو ناسيا أو غافلا فالظاهر وجوب الاعادة فى الوقت وخارجه.
وجاء فى شرائع الأسلام
(1)
: أن الأعمى يرجع الى غيره فى تحديد القبلة لقصوره عن الاجتهاد فان عول على رأيه مع وجود المبصر لأمارة وجدها صح والا فعليه الاعادة.
واذا صلى الى جهة اما لغلبة الظن أو لضيق الوقت ثم تبين خطأه فان كان منحرفا يسيرا فالصلاة ماضية والا أعاد فى الوقت.
وقيل ان بان أنه استدبرها أعاد وان خرج الوقت، والأول أظهر.
فأما ان تبين الخلل وهو فى الصلاة فانه يستأنف على كل حال الا أن يكون منحرفا يسيرا فانه يستقيم ولا اعادة.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(2)
: أن من صلى لغير القبلة خطأ مثل أن يدخل بيتا أو دارا لغيره فظن أن القبلة فى جهة فصلى اليها فتبين خلاف ذلك وما أشبه ذلك فانه يعيد أبدا داخل الوقت وخارجه.
وقيل يعيد ان تبين فى الوقت.
وقيل لا يعيد أصلا.
وان تحير اجتهد وصلى وهل يعيدها ان بان خطؤه أقوال.
أولها أن يعيد فى الوقت أو بعده.
وثانيها أنه لا يعيد فى الوقت أو بعده.
وثالثها المختار أن يعيد ان لم يخرج الوقت لا ان خرج، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر المخطئ بالاعادة اذ سأله بعد خروج الوقت.
ورابعها: أن يعيد ان استدبر القبلة ولو بعد الوقت وان شرق أو غرب لم يعد بعده وينحرف عن غير القبلة ان بان خطؤه فيها أى الصلاة بلا اعادة.
وقيل يقطعها ويستأنف وهو الصحيح كما بينته فى الشامل.
وان بان خطؤه بأمين واحد.
وقيل وان بغيره ويقطعها ويستأنف اجماعا ان اختار اجتهادا آخر من نفسه فاتبعه وانحرف.
ومعرفة أدلة القبلة فرض كفاية على الصحيح.
وقيل فرض عين.
وعلى الأول يعذر ما لم يخط القبلة.
وعلى الثانى لا يعذر الا أن علم ولا يكفيه أن يقلد غيره بلا ادراك لدليل الكعبة.
وقيل الا المحاريب فيقلدها.
فمن أمكنه أن يجتهد بأدلة القبلة وظهرت فقيل لا بد له من أن يجتهد.
(1)
شرائع الاسلام ج 1 ص 47 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل وشفاء العلايل للعلامة الشيخ محمد بن يوسف أطفيش ج 1، ص 353، ص 354، 355 الطبعة السابقة.
وقيل يكفى نظر غيره ويقتدى متحير بمهتد وان كان غير أمين فى أحواله لكنه مأمون فى القبلة.
وقيل لا يعيد ان وافقها وان أخطأها أعاد اتفاقا.
وانما يتم هذا الاتفاق نظرا الى الأقوال المصرح بها، والا فمن قالوا أن الامين الواحد لا يكون حجة يختلفون فيقول بعض أنه يعيد نظرا لخطئه.
ويقول بعض لا يعيد نظرا الى أنه يؤمر بالاجتهاد فقد اجتهد وعذر فلم يضره بيان المخالفة.
وان خالف اجتهاده وصلى ولا مرشد له فكالخلاف مع الأمين حيث خالفه باجتهاده.
وظاهر الديوان اختيار الاعادة هنا وعدمها فى مخالفة الأمين.
وان خالف غير الأمين لم يعد ان لم يتبين خطأه.
وقيل يعيد بناء على أن غير الامين هنا حجة وأن حكمه حكم الأمين والمتحير ولا مرشد له يصلى الصلاة الواحدة أربع مرات لأربع نواح كل ناحية باستقبال وسقط الاستقبال قيل بشدة خوف وان كان الخوف على مال أو نفس لغيره ان خاف ضمان مال الغير وذلك بحيث لو استقبل قتل أو ضرب أو أخذ المال وان لم يمكنه الا احرام اليها أحرم وأعاد كما أمكن.
حكم اعادة الصلاة
لعدم دخول الوقت
مذهب الحنفية:
جاء فى حاشية ابن عابدين
(1)
: انه يشترط لصحة الصلاة دخول الوقت واعتماد دخوله كما فى نور الايضاح وغيره فلو شك فى دخول وقت العبادة فأتى بها فبان أنه فعلها فى الوقت لم يجزه كما فى الأشباه فى بحث النية.
ويكفى فى الاخبار بدخول الوقت أذان الواحد لو عدلا والا تحرى وبنى على غالب ظنه.
وجاء فى حاشية الطحاوى
(2)
: أنه يشترط اعتقاد دخول وقت الصلاة لتكون عبادته بنية جازمة لأن الشاك ليس بجازم حتى لو صلى وعنده أن الوقت لم يدخل فظهر أنه كان قد دخل لا تجزيه صلاته، لأنه لما حكم بفساد صلاته بناء على دليل شرعى وهو تحريه لا ينقلب جائزا اذا ظهر خلافه ويخاف عليه فى دينه.
وجاء فى بدائع الصنائع
(3)
أنه لو صلى
(1)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج 1، 343 الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر سنة 1325 هـ
(2)
حاشية العلامة الطحطاوى على الدر ج 1 ص 125.
(3)
بدائع الصنائع ج 1 ص 95 طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة 1382 هـ.
الصبى الفرض فى أول الوقت ثم بلغ تلزمه الاعادة عندنا.
والمسلم اذا صلى ثم ارتد عن الاسلام والعياذ بالله ثم أسلم فى الوقت فعليه اعادة الصلاة عندنا.
لقول الله تبارك وتعالى: «وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ»
(1)
.
وقول الله عز وجل: «وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ»
(2)
.
علق حبط العمل بنفس الاشراك بعد الايمان.
وجاء فى بدائع الصنائع
(3)
: أن من صلى العشاء على غير وضوء وهو لا يعلم ثم توضأ فأوتر ثم تذكر أعاد صلاة العشاء بالاتفاق ولا يعيد الوتر فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى، لأن الوتر لما كان واجبا عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى كان أصلا بنفسه فى حق الوقت لا تبعا للعشاء فكلما غاب الشفق دخل وقته كما دخل وقت العشاء الا أن وقته بعد فعل العشاء الا أن تقديم أحدهما على الآخر واجب حالة التذكر، فعند النسيان يسقط كما فى العصر والظهر التى لم يؤدها حتى دخل وقت العصر يجب ترتيب العصر على الظهر عند التذكر ثم يجوز تقديم العصر على الظهر عند النسيان كذا هذا.
والدليل على أن وقته ما ذكرنا لا ما بعد فعل العشاء أنه لو لم يصل العشاء حتى طلع الفجر لزمه قضاء الوتر كما يلزمه قضاء العشاء ولو كان وقتها ذلك لما وجب قضاؤها اذ لم يتحقق وقتها لاستحالة تحقق ما بعد فعل العشاء بدون فعل العشاء.
وعند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يعيد لأنه لما كان سنة كان وقته ما بعد وقت العشاء لكونه تبعا للعشاء كوقت ركعتى الفجر.
ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك الحديث زادكم صلاة وجعلها لكم ما بين العشاء الى طلوع الفجر ووجود ما بين شيئين سابقا على وجودهما محال.
والجواب أن اطلاق الفعل بعد العشاء لا ينفى الاطلاق قبله.
وعلى هذا الاختلاف اذا صلى الوتر على ظن أنه صلى العشاء ثم تبين أنه لم يصل العشاء يصلى العشاء بالاجماع ولا يعيد الوتر عنده.
وعندهما يعيد.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(4)
: أن المصلى ان شك فى دخول الوقت لم تجز صلاته ولو وقعت فيه.
(1)
الآية رقم 5 من سورة المائدة.
(2)
الاية رقم 88 من سورة الانعام.
(3)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 272 الطبعة السابقة.
(4)
الحطاب مع التاج والاكليل لمختصر خليل لابى عبد الله محمد بن يوسف ج 1 ص 405 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1328 هـ الطبعة الاولى
قال فى الارشاد ومن شك فى دخول الوقت لم يصل وليجتهد ويؤخر حتى يتحقق أو يغلب على ظنه دخوله وان تبين الوقوع قبله أعاد.
وما ذكره من العمل على غلبة الظن لم نقف عليه لغيره لكن مسائلهم تدل على اعتبار الظن الذى فى معنى القطع.
وفى الجواهر ما يدل عليه ثم مع التحقيق أو فى معناه فان كشف الغيب عن خلافه بطلت كما اذا صلى شاكا ولو صادف.
ولو صلى الصبى
(1)
: ثم بلغ فى الوقت لما يدرك فيه ركعة بعد الطهارة لزمه اعادة الصلاة كما صرح به فى الارشاد وغيره.
وقال أبو الحسن الصغير فى الصبى:
اذا صلى الصلاة فى أول الوقت ثم احتلم فى آخر الوقت أنه اختلف هل عليه أن يعيد الصلاة أم لا على قولين.
قال ابن عرفة وسمع عيسى ابن القاسم من احتلم بعد العصر صلى الظهر والعصر وان كان قد صلاهما.
قال ابن رشد لأنهما قبل بلوغه نفل.
قال ابن عرفة قال الحطاب نقل ابن بشير عدم اعادتهما عن المذهب لا أعرفه قال الحطاب ونقله ابن شاس عن السليمانية فلينظر.
وجاء فى التاج والاكليل
(2)
: أن وقت الوتر بعد الشفق وصلاة العشاء الى الفجر وفعله قبل صلاة العشاء ولو سهو الغو.
قال فى المدونة
(3)
: ومن أوتر قبل أن يصلى العشاء أو بعد أن صلاها على غير وضوء أعاده بعدها ونقل البرزلى عن مسائل ابن قداح من ذكر الظهر بعد أن صلى العشاء وأوتر صلاها وأعاد المغرب والعشاء وفى اعادة الوتر قولان.
وقال فيمن سلم من الوتر ثم ذكر أنه سلم من ثلاث فى صلاة النهار فانه يعيد الظهر والعصر ويعيد العشاء الآخرة للترتيب.
وفى اعادة الشفع والوتر قولان لسحنون ويحيى بن عمر.
سبيه تعارض عمومين قوله اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا وقوله لا وتران فى ليلة ولم يذكر اعادة المغرب.
والظاهر انه يعيدها أيضا.
واذا كان جالسا فى الوتر فذكر سجدة ولا يدرى من أى الصلوات هى أعاد الصلوات كلها ويشفع ويوتر.
وفى النوادر فى باب اعادة الصلاة فى جماعة قال ابن القاسم ومن صلى العشاء فى بيته وأوتر فلا يعيدها فى جماعة.
(1)
الحطاب ج 1، ص 410 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل ج 2 ص 75 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 2 من ص 75 الى ص 76 الطبعة السابقة
قال ابن عبدوس قال سحنون فان فعل فليعد الوتر.
وقال يحيى بن عمر لا يعيد الوتر.
قال ابن القاسم ومن ذكر المغرب بعد أن صلى العشاء وأوتر فليصل المغرب ثم يعيد العشاء والوتر فانظره لم يحك فى مسألة اعادة الصلاة لأجل الترتيب الا أنه يعيد الوتر.
وذكر البرزلى عن ابن قداح وبعض العصريين القولين ولم يحكهما فى النوادر الا فى اعادة العشاء فى الجماعة.
وابن الحاجب وابن عرفة لم يحكيا القولين الا فى اعادة العشاء فى جماعة.
وكذلك حكاهما ابن رشد فى آخر مسألة من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة.
وعلل قول سحنون بأنه لما احتمل أن تكون الثانية فرضه فقد بطل فرضه فيعيد احتياطا.
وعلل قول يحيى بن عمر بأنه لما احتمل أن تكون الأولى صلاته لم تبطل بالشك ولئلا يقع وتران فى ليلة.
والحاصل أن ابن القاسم نص على أنه يعيد الوتر اذا أعاد العشاء لأجل الترتيب ولم يذكروا له مخالفا الا ما تقدم من كلام ابن قداح ومن معه ومثله من أعاد العشاء لصلاته اياها بنجاسة.
قال سحنون
(1)
: ومن ذكر صلاة بعد أن ركع الفجر صلاها وأعاد ركعتى الفجر وقبله ابن يونس.
وقال المازرى فى قضاء الفوائت قال سحنون فيمن ذكر صلاة نسيها بعد أن ركع الفجر فانه يعيد ركعتى الفجر اذا صلى المنسية كما يعيد الصبح اذا صلاها فأعطى ركعتى الفجر حكم صلاة الصبح فى الترتيب كما لو كانت متعلقة بها وذكره الجزولى فى شرح الرسالة أيضا ولم يذكر خلافه.
وذكر أيضا أن من صلى الفجر ثم ذكر الوتر أنه يصلى الوتر ويعيد الفجر قال لأنه حال بينه وبين صلاة الصبح بصلاة سنة.
وقال التلمسانى فى شرح الجلاب الظاهر من المذهب أنه لا يعيدها لأن الترتيب انما يقع بين الفرائض.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(2)
: أنه اذا اشتبه وقت الصلاة لغيم أو حبس فى موضع ظلم أو غيرهما لزم المصلى الاجتهاد فيه.
واذا وجب الاجتهاد وصلى بغير اجتهاد لزمه اعادة الصلاة وان صادف الوقت لتقصيره وتركه الاجتهاد الواجب.
قال فى التتمة لو ظن دخول الوقت فصلى بالظن بغير علامة ظهرت فصادف الوقت
(1)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 2 ص 77 الطبعة السابقة.
(2)
المجموع شرح المهذب للامام العلامة الحافظ أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 3 ص 72، ص 73، وينظر نهاية المحتاج ج 1 ص 425، 426، 421 الطبعة السابقة
لا تصح صلاته لتفريطه بترك الاجتهاد والعلامة.
واذا لم تكن له دلالة أو كانت فلم يغلب على ظنه شئ لزمه الصبر حتى يظن دخول الوقت والاحتياط أن يؤخر الى أن يتيقنه أو يظنه ويغلب على ظنه أنه لو أخر خرج الوقت نص عليه الشافعى رحمه الله تعالى واتفق الأصحاب عليه.
واذا قدر على الصبر الى استيقان دخول الوقت جاز له الاجتهاد على الصحيح وهو قول جمهور أصحابنا.
وفيه وجه اختاره أبو اسحاق الاسفرايينى وهو نظير مسألة الأوانى اذا اشتبه اناءان ومعه ثالث يتيقن طهارته.
ولو كان فى بيت مظلم وقدر على الخروج لرؤية الشمس فهل له الاجتهاد فيه وجهان حكاهما صاحب التتمة وغيره.
احداهما: لا لقدرته على اليقين.
والصحيح الجواز كما للصحابى اعتماد رواية صحابى وفتواه وان كان قادرا على سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحصيل العلم القطعى بذلك.
وحيث جاز الاجتهاد فصلى به ان لم يتبين الحال فلا شئ عليه.
وان بان وقوع الصلاة فى الوقت أو بعده فلا شئ عليه وقد أجزأته صلاته لكن الواقعة فيه أداء والواقعة بعده قضاء على أصح الوجهين.
فعلى هذا لو كان مسافرا وقصرها وجبت اعادتها تامة اذا قلنا لا يجوز قصر المقضية.
وان بان وقوعها قبل الوقت وأدركه وجبت الاعادة بلا خلاف.
وان لم يدركه فقولان.
الصحيح وجوب الاعادة وبه قطع الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الطيب فى تعليقهما والبندينجى.
والثانى: لا يجب وهذا الخلاف والتفصيل كنظيره فيمن اشتبه عليه شهر رمضان.
ولو أخبره ثقة أن صلاته وقعت قبل الوقت فان أخبره عن علم ومشاهدة وجبت الاعادة كالحاكم اذا وجد النص بخلاف حكمه فانه يجب نقض حكمه، وان أخبره عن اجتهاد فلا اعادة بلا خلاف.
ولو علم المنجم الوقت بالحساب حكى صاحب البيان أن المذهب أنه يعمل به نفسه ولا يعمل به غيره.
واذا صلى المسلم
(1)
ثم ارتد ثم أسلم ووقت تلك الصلاة باق لم يجب اعادتها واحتج أصحابنا بقول الله تبارك وتعالى: «وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ»
(2)
. فعلق الحبوط بشرطين
(1)
المجموع شرح المهذب للامام العلامة أبى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 3 ص 5 الطبعة السابقة
(2)
الاية رقم 217 من سورة البقرة
الردة والموت عليها والمعلق بشرطين لا يثبت بأحدهما.
قال الشافعى والأصحاب يلزم المرتد اذا أسلم أن يقضى كل ما فاته فى الردة أو قبلها وهو مخاطب فى حال الردة بجميع ما يخاطب به المسلم واذا أسلم لا يلزمه اعادة ما كان فعله قبل الردة من حج وصلاة وغيرهما.
ثم قال
(1)
: ان الجنون والاغماء وما فى معناهما مما يزيل العقل بغير معصية يمنع وجوب الصلاة ولا اعادة سواء كثر زمن الجنون والاغماء ونحوهما أم قل حتى لو كان لحظة أسقط فرض الصلاة ويتصور اسقاط الفرض بجنون لحظة واغماء لحظة فيما اذا بلغ مجنونا وقد بقى من وقت الصلاة لحظة ثم زال الجنون عقب خروج الوقت.
واذا بلغ الصبى
(2)
: فى أثناء الصلاة بالسن فثلاثة أوجه الصحيح الذى عليه الجمهور وهو ظاهر النص أنه يلزمه اتمام الصلاة ويستحب اعادتها ولا يجب وهو الظاهر من المنصوص.
والدليل عليه أن صلاته صحيحة وقد أدركه الوجوب وهو فيها فلزمه الاتمام ولا يلزمه أن يعيد، لأنه صلى الواجب بشر وطه فلا يلزمه الاعادة.
وعلى هذا لو صلى فى أول الوقت ثم بلغ فى آخره أجزأه ذلك عن الفرض، لأنه صلى صلاة الوقت بشروطها فلا يلزمه الاعادة.
وحكى عن أبى العباس ابن سريج مثل قولى أبى اسحاق والثانى يستحب الاتمام وتجب الاعادة.
فعلى هذا لو صلى فى أول الوقت وبلغ فى آخره لزمه أن يعيد لأن ما صلى قبل البلوغ نفل فاستحب اتمامه فيلزمه أن يعيد لأنه أدرك وقت الفرض ولم يأت به فيلزمه أن يأتى به.
والثالث: قاله الاصطخرى ولم يذكره المصنف ان بقى من الوقت ما يسع تلك الصلاة وجبت الاعادة.
ولو صلى وفرغ منها وهو صبى ثم بلغ فى الوقت مثلا فثلاثة أوجه الصحيح تستحب الاعادة ولا تجب والثانى: تجب سواء قل الباقى من الوقت أم كثر، والثالث: قاله الاصطخرى ان بقى من الوقت ما يسع تلك الصلاة بعد بلوغه وجبت الاعادة والا فلا.
وقد ذكر المصنف توجيه الجميع.
هذا كله فى غير الجمعة.
أما اذا صلى الظهر يوم الجمعة ثم بلغ وأمكنه ادراك الجمعة فان قلنا فى سائر الايام تجب الاعادة وجبت الجمعة والا فوجهان مشهوران حكاهما المصنف فى باب صلاة الجمعة.
أحدهما: وبه قال ابن الحداد يجب أيضا لأنه كان مأمورا بالجمعة.
والصحيح لا تجب كالمسافر والعبد اذا صليا الظهر ثم زال عذرهما وأمكنهما لا يلزمها بلا خلاف والله أعلم.
(1)
المرجع السابق لابى زكريا محيى الدين شرف النووى ج 3 ص 7 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 3 ص 12.
ومذهبنا المشهور المنصوص أن الصبى اذا بلغ فى أثناء الوقت وقد صلى لا يلزمه الاعادة.
وجاء فى نهاية المحتاج
(1)
: أنه ان أوتر ثم تهجد أو عكس أو لم يتهجد أصلا لم يعده أى لا تطلب اعادته.
فان أعاده بنية الوتر عامدا عالما حرم عليه ذلك ولم ينعقد، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لخبر «لا وتران فى ليلة» وهو خبر بمعنى النهى وقد قال فى الاحياء: صح النهى عن نقض الوتر ولأن حقيقة النهى التحريم، ولأن مطلق النهى يقتضى فساد المنهى عنه ان رجع الى عينه أو جزئه أو لازمه، والنهى هنا راجع الى كونه وترا وللقياس على ما لو زاد فى الوتر على احدى عشرة كما صرح ببطلان الزيادة فى العزيز والأنوار.
نعم ان اعاده جاهلا أو ناسيا وقع نفلا مطلقا كاحرامه بالظهر قبل الزوال غالطا.
ولا يكره التهجد بعد الوتر لكن ينبغى أن يؤخر عنه قليلا.
وقيل يشفعه بركعة أى يصلى ركعة ليصيره شفعا ثم يعيده ليقع الوتر آخر صلاته كما فعله جمع من الصحابة ويسمى نقض الوتر.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(2)
: أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت فمن شك فى دخول الوقت لم يصل حتى يغلب على ظنه دخوله، لأن الأصل عدم دخوله فان صلى مع الشك فعليه الاعادة وان وافق الوقت لعدم صحة صلاته كما لو صلى من اشتبهت عليه القبلة من غير اجتهاد.
فان غلب على ظنه دخول الوقت بدليل من اجتهاد أو تقليد عارف أو تقدير الزمان بقراءة أو صنعة كمن جرت عادته بقراءة شئ الى وقت الصلاة أو بعمل شئ مقدر من صنعته الى وقت الصلاة جاز له أن يصلى ان لم يمكنه اليقين بمشاهدة الزوال ونحوه أو اخبار عن يقين، لأنه أمر اجتهادى فاكتفى فيه بغلبة الظن كغيره ولأن الصحابة كانوا يبنون أمر الفطر على غلبة الظن والأولى تأخيرها قليلا احتياطا حتى يتيقن دخول الوقت ويزول الشك الا أن يخشى خروج الوقت أو تكون صلاة العصر فى يوم غيم فيستحب التكبير.
لحديث بريدة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة فقال بكروا بصلاة
(1)
نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباس الرملى الشهير بالشافعى الصغير فى كتاب مع حاشية الشبراملسى وبهامشه المغربى ج 2 ص 110 طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبى وشركاه بمصر سنة 1357 هـ.
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور ابن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منته الارادات للشيخ منصور ابن يوسف البهوتى ج 1 ص 177 طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة 1319 هـ، الطبعة الاولى، والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل للشيخ شرف الدين موسى الحجاوى المقدسى ج 1 ص 84 طبع المطبعة المصرية بمصر سنة 1351 هـ
العصر فى اليوم الغيم فان من فاتته صلاة العصر حبط عمله رواه البخارى.
قال الموفق ومعناه والله أعلم التبكير بها اذا حل فعلها بيقين أو غلبة ظن وذلك، لأن وقتها المختار فى زمن الشتاء ضيق فيخشى خروجه.
وقال فى الانصاف فعلى المذهب يستحب التأخير حتى يتيقن دخول الوقت قاله ابن تميم وغيره.
والأعمى ونحوه كالمطمور يقلد العارف فى دخول الوقت.
وفى الجامع للقاضى والأعمى يستدل على دخول وقت الصلاة كما يستدل البصير فى يوم الغيم لأنه يساويه فى الدلالة وهو مرور الزمان وقراءة القرآن والرجوع الى الصنائع الراتبة.
فاذا غلب على ظنه دخول الوقت جاز له أن يصلى.
والاحتياط التأخير كما تقدم فى البصير.
ويفارق التوجه الى القبلة حيث قالوا لا يجتهد له، لأنه ليس معه الآلة التى يدركها بها وهى حاسة البصر وليس كذلك دخول الوقت لأنه يستدل عليه بمضى المدة ومعناه فى المبدع.
فان عدم الأعمى ونحوه من يقلده وصلى أعاد ولو تيقن أنه أصاب كمن اشتبهت عليه القبلة فيصلى بغير اجتهاد.
وقال فى المنته وشرحه ويعيد أعمى عاجز عن معرفة وقت تلك الصلاة.
فان اخبر الجاهل: بالوقت سواء أعمى كان أو غيره مخبر عارف بدخول الوقت عن يقين لا ظن قبل قوله وجوبا ان كان ثقة لانه خبر دينى فقبل فيه قول الواحد كالرواية أو سمع أذان ثقة عارف، لأن الأذان شرع للاعلام بدخول وقت الصلاة، فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكمة التى شرع الأذان لها ولم تزل الناس يجتمعون للصلاة فى مساجدهم، فاذا سمعوا الأذان قاموا الى الصلاة وبنوا على قول المؤذن من غير مشاهدة للوقت، ولا اجتهاد فيه من غير نكير، فكان اجماعا.
وان كان الاخبار بدخول الوقت عن اجتهاد لم يقبله، لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه وتحصيل من ظنه أشبه حال اشتباه القبلة.
زاد ابن تميم وغيره اذا لم يتعذر عليه الاجتهاد فان تعذر عليه الاجتهاد عمل بقول المخبر عن اجتهاد.
ومتى اجتهد
(1)
: من اشتبه عليه الوقت وصلى فبان أنه وافق الوقت أو ما بعده أجزأه ذلك فلا اعادة عليه، لأنه أدى ما خوطب وفرض عليه.
وان وافق ما قبل الوقت لم يجزه عن فرضه لأن المكلف انما يخاطب بالصلاة عند
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 158 الطبعة السابقة.
دخول وقتها ولم يوجب بعد ذلك ما يزيله ولا ما يبرئ الذمة منه فبقى بحاله وكانت صلاته نفلا وعليه الاعادة - أى فعل الصلاة اذا دخل وقتها.
واذا بلغ الصغير
(1)
: فى أثناء الصلاة فى وقتها لزمه اعادة الصلاة أو بلغ بعد الصلاة فى وقتها لزمه اعادتها لأنها نافلة فى حقه فلم يجزئه عن الفرض كما لو نواها نفلا ويلزمه اتمام الصلاة اذا بلغ فيها قدمه أبو المعالى فى النهاية وتبعه ابن عبيدان.
وقال فى الفروع وغيره وحيث وجبت لزمه اتمامها والا فالخلاف فى النفل، أى ان قلنا تجب الصلاة على ابن عشر فبلغ فيها لزمه اتمامها واعادتها.
وجاء فى الشرح الكبير والمغنى
(2)
:
ان وقت الوتر ما بين صلاة العشاء الى طلوع الفجر كذلك ذكره شيخنا فى كتاب المغنى.
وذكر فى الكافى أنه الى صلاة الصبح لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«ان الله زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء الى صلاة الصبح» رواه الامام أحمد فى المسند.
ووجه الأول ما روى عن معاذ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
«زادنى ربى صلاة وهى الوتر ووقتها ما بين العشاء الى طلوع الفجر» رواه الامام أحمد فان أوتر قبل العشاء لم يصح وتره.
وقال الثورى: ان صلاه قبل العشاء ناسيا لم يعد.
والأول أولى لما ذكرنا من الحديثين، ولأنه صلاة قبل الوقت أشبه ما لو صلاه نهارا.
وان أخره حتى طلع الفجر احتمل أن يكون أداء لحديث أبى نصرة، وهو قول على وابن مسعود رضى الله تعالى عنهما.
قال شيخنا والصحيح أن يكون قضاء لحديث معاذ، ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«فاذا خشى أحدكم الصبح يصلى ركعة فأوترت له ما قد صلى» وقال:
«واجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» متفق عليه.
وقال: «أوتروا قبل أن تصبحوا» رواه مسلم.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(3)
: أنه لا يحل لأحد أن يقدم صلاة قبل وقتها ولا يجزئه ان فعل
(4)
.
فكل من قدم صلاة قبل وقتها الذى حده الله تعالى لها وعلقها به وأمر بأن تقام فيه ونهى عن التفريط فى ذلك أو أخرها عن
(1)
كشف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 158 الطبعة السابقة.
(2)
الشرح الكبير والمغنى لابن قدامه المقدسى ج 1 ص 713، ص 714 الطبعة السابقة.
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 165 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 3 ص 179.
ذلك الوقت فقد تعدى حدود الله تعالى فهو ظالم عاص.
وهذا لا خلاف فيه من أحد من الحاضرين من المخالفين.
ومن كبر لصلاة فرض
(1)
وهو شاك هل دخل وقتها أم لا لم تجزه، سواء وافق الوقت أم لم يوافقه، لأنه صلاها بخلاف ما أمر، وانما أمر أن يبتدئها فى وقتها.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» .
فلو بدأها وهو عند نفسه موقن بأن وقتها قد دخل فاذا بالوقت لم يكن دخل لم تجزه أيضا لأنه لم يصلها كما أمر، ولا يجزئه حتى يوقن أنه الوقت ويكون الوقت قد دخل.
وجاء فى المحلى
(2)
: ان من كان فى صلاة الصبح: فذكر أنه نسى الوتر تمادى فى صلاته تلك حتى يتمها ثم يصلى التى ذكر فقط لا تجوز له غير ذلك ولا يعيد التى ذكرها فيها قال الله تبارك وتعالى: «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ»
(3)
: فهذا فى عمل قد نهى عن ابطاله.
وقال ابن حزم
(4)
: والوتر فى آخر الليل أفضل ومن أوتر فى أوله فحسن والصلاة بعد الوتر جائزة ولا يعيد وترا آخر ولا يشفع بركعة.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار
(5)
: أن المصلى يتحرى فى الغيم ولو بأوراد ونحوها.
ومن أعوزه الاجتهاد قلد.
قال البعض: فان صلى دونهما أعاد ولو أصاب.
قلت: المذهب لا يلزم مع تيقن الاصابة.
ويقلد المؤذن العارف فى الصحو لا الغيم فان وقت بتسيير الفلك لم يقبل اذ ليس شرعيا قال البعض الا لنفسه.
وجاء فى شرح الأزهار وهامشه
(6)
:
أنه اذا أخبر المؤذن بدخول الوقت ثم بان خلافه وجب على مقلده الاعادة ولو بعد الوقت، لأنه لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت بالاجماع.
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ح 3 ص 195 مسألة رقم 339، ص 196 مسألة رقم 340
(2)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 179، ص 180 مسألة رقم 478 الطبعة السابقة.
(3)
الاية رقم 33 من سورة محمد.
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 49 الطبعة السابقة.
(5)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الامصار للامام أحمد بن يحيى المرتضى ج 1 ص 195 طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1367 هـ، سنة 1948 م.
(6)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 219 وهامشه الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة 1357 هـ.
وجاء فى البحر الزخار
(1)
: أنه لا يكلف الصبى الصلاة حتى يبلغ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رفع القلم» الحديث.
قال البعض أمر بها.
قلنا: تمرينا فيلزم الولى الأمر.
قالوا: تصح كالوضوء.
قلنا: لا نسلم الأصل سلمنا فهو شرط لا أصل فاغتفر فيه ولا يصح اسلامه وعبادته فيعيدها ان بلغ وأسلم فى الوقت.
قال البعض مأمور فيصحان.
قلنا لا نسلم ما لم يكمل عقله وان كمل ولا امارة شرعية كلف بالعقليات فحسب
وجاء فى البحر الزخار
(2)
: أن الوتر بعد فعل العشاء الى الفجر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلاة العشاء الى طلوع الفجر» .
الخبر ونحوه عن خارجة بن حذافة قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: قد أمركم الله بصلاة هى خير لكم من حمر النعم، وهم الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء الآخرة الى طلوع الفجر أخرجه أبو داود والترمذى.
وعن أبى سعيد رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«أوتروا قبل أن تصبحوا» أخرجه مسلم والترمذى والنسائى ونحوه.
وقال البعض: بعد دخول وقت العشاء وان قدم.
وقال البعض: بعد الثلث قلنا معارض بما ذكرنا.
قال البعض: فان قدمه على العشاء أعاد.
قلنا: كالفرض والأفضل تأخيره لمن يتهجد والا فالتقديم لقوله من خاف الخبر فان قدمه ثم تهجد لم يعده لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا وتران» .
وقال البعض يعيد لقوله فليوتر آخر الليل.
قلنا يعنى ان لم يقدمه.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية
(3)
: أنه يعول فى الوقت على الظن المستند الى ورد يصنعه أو درس ونحوهما مع تعذر العلم أما مع امكانه فلا يجوز الدخول بدونه.
فان صلى بالظن حيث يتعذر العلم ثم انكشف وقوعها فى الوقت أو دخل وهو فيها أجزأه على أصح القولين.
(1)
البحر الزخار ج 1 ص 149 الطبعة السابقة.
(2)
البحر الزخار فى فقه الائمة الاظهار ج 1، 163، ص 164 الطبعة السابقة.
(3)
الروضة البهية ج 1 ص 57 الطبعة السابقة.
وان تقدمت عليه بأجمعها أعاد وهو موضع وفاق.
وجاء فى جواهر الكلام:
(1)
: أنه ان انكشف له فساد الظن حتى بان أن صلاته تماما وقعت قبل دخول الوقت استأنف الصلاة اجماعا محصلا ومنقولا ونصوصا.
منها صحيح زرارة عن أبى جعفر عليه السلام فى رجل صلى الغداة بليل غره من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس فأخبر أنه صلى بليل قال يعيد الصلاة بناء على عدم الفرق بين انكشاف فساد الظن وبين الجهل المركب وعلى أنه تبين له ذلك بحيث علم أن صلاته وقعت بليل.
والا فلا عبرة بالشك فى مثل الوقت بعد الفراغ، بل ولا الظن.
اللهم الا أن يدعى أن مخبر العدل فضلا عن شهادة العدلين كاف فى ذلك مع فرض كون المخبر فى الفرض عدلا.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(2)
:
أنه لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت فلو صلى قبله بطلت صلاته بلا خلاف ولا اشكال.
ويقتضيه مضافا الى ما دل على اعتبار الوقت رواية أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام من صلى فى غير وقت فلا صلاة له وحديث لا تعاد الصلاة الا من خمسة الذى هو أحدها واطلاق الجميع يقتضى عدم الفرق بين الكل والجزء.
ثم قال
(3)
: اذا شك بعد الدخول فى الصلاة فى أنه راعى الوقت وأحرز دخوله أم لا؟
فان كان حين شكه عالما بالدخول فلا يبعد الحكم بالصحة والا وجبت الاعادة بعد الاحراز.
واذا شك بعد الفراغ من الصلاة فى أنها وقعت فى الوقت أولا.
فان علم عدم الالتفات الى الوقت حين الشروع وجبت الاعادة.
وان علم أنه كان متلفتا ومراعيا له ومع ذلك شك فى أنه كان داخلا أم لا بنى على الصحة.
وكذا ان كان شاكا فى أنه كان ملتفتا أم لا.
هذا كله اذا كان حين الشك عالما بالدخول والا لا يحكم بالصحة مطلقا.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(4)
:
ان وقت نافلة العشاء وهو الوتيرة يمتد بامتداد وقتها والأولى كونها عقيبها من غير فصل معتد به.
(1)
جواهر الكلام ج 7 ص 275 الطبعة السابقة.
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 5 ص 148، ص 149 مسألة رقم 1 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 5 ص 160، ص 161 مسألة رقم 6، 7 الطبعة السابقة.
(4)
مستمسك العروة الوثقى ج 5، ص 109، ص 115 مسألة رقم 5 ورقم 6، 7 ورقم 8 الطبعة السابقة.
واذا أراد فعل بعض الصلوات الموظفة فى بعض الليالى بعد العشاء جعل الوتيرة خاتمتها ووقت نافلة الصبح بين الفجر الأول وطلوع الحمرة المشرقية.
ويجوز دسها فى صلاة الليل قبل الفجر ولو عند النصف بل ولو قبله اذا قدم صلاة الليل عليه.
الا أن الأفضل اعادتها فى وقتها.
واذا صلى نافلة الفجر فى وقتها أو قبله ونام بعدها يستحب اعادتها.
ووقت نافلة الليل وهى الوتر ما بين نصفه والفجر الثانى.
والأفضل اتيانها فى وقت السحر وهو الثلث الأخير من الليل وأفضله القريب من الفجر.
واذا قدم ركعة الوتر
(1)
: قبل وقتها ثم اتنبه فى وقتها فليس عليه الاعادة.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(2)
: أن من فرائض الصلاة دخول الوقت فمن صلى ثم تبين له بعد ما فرغ من الصلاة أنه صلى قبل دخول الوقت أعاد صلاته.
واذا لم يقدر على الوقت لنوم أو نسيان فيصلى بعده أو كان حيث لا يقدر على الوقت فتحين جهده فصلى وتبين له بعد خروج الوقت أنه صلى قبل الوقت وجبت عليه الاعادة لفساد صلاته.
ومن أحرم قبل الوقت
(3)
: ولم يعلم حتى خرج الوقت فهى بذمته وتلزمه اعادتها.
وان بلغ طفل
(4)
: أو أفاق مجنون أو طهرت حائض أو نفساء فى وقت لا يدركونها فيه بوظائفها فغير مدركين لها فلا تلزمهم ولا يقصرونها كغيرهم لأنهم خوطبوا فى وقت لا يسعها.
أى صيروا بحال من يخاطب وهو البلوغ والطهارة عن الحيض والنفاس والصحو والا فهم غير مخاطبين بتلك الصلاة والخطاب يتعلق بالممكن اجماعا وبغير الممكن عند بعضهم.
وقيل لم يخاطبوا بها.
وقيل خوطبوا ولزمتهم فليقصروها كلما أمكنهم أو يتموها.
وجاء فى شرح النيل
(5)
: أنه سن الوتر بوجوب وقيل بتأكيد وهو الصحيح لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الوتر واجب على دونكم» ووقته ما بين العشاء والفجر.
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 5 ص 120 مسألة رقم 11 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف أطفيش ج 1 ص 585، ص 586 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 605 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 607 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 607، ص 608، ص 609 الطبعة السابقة.
وأجازه بعضهم بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الفجر فناسيه يصليه اذا ذكره. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«من نسى الوتر فليوتر اذا ذكرها» وهذا يعضد القول بوجوب الوتر.
لكن لا يقاوم أدلة عدم الوجوب فهو سنة غير واجبة تستدرك اذا ذكرت.
فان ذكره بعد طلوع الفجر صلاه وقيل اذا طلع لم يلزمه وقيل يصليه بعد طلوع الشمس وقيل فى الليلة المقبلة.
وكذا من نام عنه فيه الخلاف وان تركه عمدا حتى خرج الوقت لم يعده.
وقال من قال بفرضه يعيده.
وركعتا الفجر
(1)
وقتهما دخول النصف الآخر من الليل ولكن ان صلاهما قبل الفجر ونام أو جامع قيل ولو بعده أعادهما الا أن أحدث بغير نوم أو جماع.
وأجاز أبو الحوارى النفل بينهما وبين الغرض قبل الفجر ما لم ينم أو يوتر ومن صلاهما بعد طلوع الفجر فى ظنه أعادهما بعده.
وقيل لا يعيدهما.
والصحيح الأول.
حكم اعادة الصلاة
لمن ترك الاقامة لها
مذهب الحنفية:
جاء فى المبسوط
(2)
: أنه ان صلى أهل المصر بجماعة بغير أذان ولا اقامة فقد أساءوا لترك سنة مشهورة وجازت صلاتهم لأداء أركانها والأذان والاقامة سنة ولكنهما من أعلام الدين فتركهما ضلالة.
هكذا قال مكحول: السنة سنتان سنة أخذها هدى وتركها لا بأس به وسنة أخذها هدى وتركها ضلالة كالأذان والاقامة وصلاة العيدين.
وعلى هذا قال محمد رحمه الله تعالى اذا أصر أهل المصر على ترك الأذان والاقامة أمروا بهما فان أبوا قوتلوا على ذلك كما يقاتلون عند الأصرار على ترك الفرائض والواجبات.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: المقاتلة بالسلاح عند ترك الفرائض والواجبات فأما فى السنن فيؤدبون على تركها ولا يقاتلون على ذلك ليظهر الفرق بين الواجب وغير الواجب.
ومحمد رحمه الله تعالى يقول ما كان من أعلام الدين فالاصرار على تركه استخفافا بالدين فيقاتلون على ذلك لهذا.
وجاء فى بدائع الصنائع
(3)
: أن عامة
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف أطفيش ج 1 ص 611 الطبعة السابقة
(2)
لمبسوط ج 1 ص 133 الطبعة السابقة
(3)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 147 الطبعة السابقة
المشايخ قالوا: انهما سنتان لما روى أبو يوسف رحمه الله تعالى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى: أنه قال فى قوم صلوا الظهر أو العصر فى المصر بجماعة بغير أذان ولا اقامة فقد أخطئوا السنة وخالفوا وأثموا.
ومما ذكر فى مذهب الحنفية يستفاد منه أن من صلى بدون اقامة فلا اعادة عليه.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(1)
: أن الاقامة سنة ولا خلاف أعلمه فى عدم وجوبها وان وقع الاستغفار لتاركها.
وقال ابن ناجى فى شرح المدونة قال فى الاكمال روى عندنا اعادة الصلاة لمن تركها عمدا.
ووجه من يقول بعدم الاعادة أنها سنة منفصلة لا تفسد بفسادها الصلاة فوجب أن لا تفسد بتركها.
بينما قال الآخرون أنها سنة من سنن الصلاة كالتى من صلب الصلاة فتركها عمدا لعب بالصلاة فوجب أن لا يجزئه.
ولم يعزه اللخمى الا لابن كنانة ونصه ومن ترك الاقامة عمدا أو سهوا أجزأته صلاته.
وقال ابن كنانة يعيد الصلاة اذا تركها عمدا.
والأول أحسن.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(2)
: أن المشهور من مذهبنا أن الأذان والاقامة سنة لكل الصلوات فى الحضر والسفر للجماعة والمنفرد لا يجبان بحال فان تركا صحت صلاة المنفرد والجماعة.
وقال ابن المنذر ان الأذان والاقامة فرض فى حق الجماعة فى الحضر والسفر.
وعن الأوزاعى رواية أنه يعيد ما دام الوقت باقيا.
وقال مجاهد ان نسى الاقامة فى السفر أعاد الصلاة.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير
(3)
: انه يكره ترك الأذان للصلوات الخمس، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت صلاته بأذان واقامة والأئمة بعده وأمر به.
قال مالك بن الحرث أتيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنا ورجل نودعه فقال: «اذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أكبركما» متفق عليه.
وظاهر كلام الخرقى أن الأذان سنة مؤكدة وليس بواجب لأنه جعل تركه مكروها، لأنه دعاء الى الصلاة فأشبه قوله الصلاة جامعة.
(1)
الحطاب ج 1 ص 461، 462 الطبعة السابقة
(2)
المجموع فى الفقه شرح المهذب ج 3، ص 82 الطبعة السابقة
(3)
المغنى والشرح الكبير لابن قدامه المقدى ج 1 ص 431، ص 432 الطبعة السابقة.
وقال أبو بكر بن عبد العزيز هو من فروض الكفايات وهذا قول أكثر أصحابنا.
وقال عطاء ومجاهد والأوازعى: هو فرض، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر به مالكا وصاحبه وداوم عليه هو وخلفاؤه وأصحابه والأمر يقتضى الوجوب ومداومته على فعله دليل وجوبه ولأنه من شعائر الاسلام الظاهرة فكان فرضا كالجهاد.
فعلى قول أصحابنا اذا قام به من تحصل به الكفاية سقط عن الباقين، لأن بلالا رضى الله تعالى عنه كان يؤذن للنبى صلى الله عليه وآله وسلم فيكتفى به.
وان صلى مصل بغير أذان ولا اقامة فالصلاة صحيحة على القولين، لما روى عن علقمة والأسود أنهما قالا دخلنا على عبد الله فصلى بنا بلا أذان ولا اقامة رواه الأثرم ولا أعلم أحدا خالف فى ذلك الا عطاء.
قال ومن نسى الاقامة يعيد.
والأوزاعى قال مرة يعيد ما دام فى الوقت فان مضى الوقت فلا اعادة عليه وهذا شذوذ.
والصحيح قول الجمهور لما ذكرنا أن الاقامة أحد الأذانين فلم تفسد الصلاة بتركها كالآخر.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(1)
: قال ابن حزم:
لا تجزئ صلاة فريضة فى جماعة - اثنين فصاعدا - الا بأذان واقامة سواء كانت فى وقتها أو كانت مقضية لنوم عنها أو لنسيان متى قضيت السفر والحضر سواء فى كل ذلك.
فان صلى شيئا من ذلك بلا أذان ولا اقامة فلا صلاة لهم حاشا الظهر والعصر بعرفة والمغرب والعتمة بمزدلفة فانهما تجمعان بأذان لكل صلاة واقامة للصلاتين معا للأثر فى ذلك.
وروى عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر الحديث وفيه أن عليه السلام قال لهم «ارجعوا الى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتمونى أصلى، فاذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم» .
فصح بهذا وجوب الأذان ولا بد وأنه لا يكون الا بعد حضور الصلاة فى وقتها عموما لكل صلاة ودخلت الاقامة فى هذا الأمر.
وروينا عن عبد الرزاق عن ابن جريج قلت لعطاء: صليت لنفسى الصلاة فنسيت أن أقيم لها قال: عد لصلاتك، أقم لها ثم أعد.
وروينا من طريق محمد ابن المثنى: حدثنا ابن فضيل عن ليث بن أبى سليم عن مجاهد قال: اذا نسيت الاقامة فى السفر فأعد الصلاة.
(1)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 122 مسألة رقم 315 الطبعة السابقة
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(1)
: أن الأذان والاقامة واجبان على الرجال دون النساء فانه لا يجب عليهن اجماعا وتردد البعض فى الاستحباب.
وكلام أبى جعفر فى شرح الابانة يدل على أنه لا يستحب.
وروى فى الكافى عن زيد بن على والناصر أن الأذان والاقامة سنة.
نعم ولا يجب الأذان لكل صلاة وانما يجب فى الخمس المكتوبة فقط.
وجاء فى الروض النصير
(2)
: أن المسافر اذا ترك الأذان عامدا أو ناسيا أجزأته صلاته.
وكذلك لو ترك الاقامة عندهم لم تكن عليه اعادة صلاته وقد أساء ان تركها عامدا قاله ابن عبد البر.
ومثله فى الجامع الكافى عن محمد ابن منصور.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية
(3)
: أن الأذان والاقامة يجبان فى الجماعة لا يمضى اشتراطهما فى الصحة بل فى ثواب الجماعة على ما صرح به الشيخ فى المبسوط.
ولو نسيهما المصلى ولم يذكر حتى افتتح الصلاة تداركهما ما لم يركع فى الأصح.
وقيل يرجع العامد دون الناسى - فلو لم يرجع حتى أتم صلاته فعليه الاعادة.
وجاء فى جوهر الكلام
(4)
: ان من ترك الأذان أو الاقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها لتداركها.
نعم اذا كان عن نسيان جاز له القطع ما لم يركع، وذلك لخبر زرارة عن أبى عبد الله عليه السلام قلت له رجل ينسى الأذان والاقامة حتى يكبر قال عليه السلام يمضى على صلاته ولا يعيد.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(5)
: أن الاقامة سنة مؤكدة.
وقيل فرض.
وقيل نفل مسنون حتى أنه على هذا القول لا يلزم العبد.
قال فى الديوان وليس على النساء اقامة وكذا العبيد.
وفى العبيد قول آخر.
ومن أوجبها ألزم تاركها اعادة الصلاة باقامة وهى شرط كالوضوء على هذا.
(1)
شرح الازهار ج 1 ص 217، 281، الطبعة السابقة
(2)
الروض النضير ج 1 ص 386 الطبعة السابقة
(3)
الروضة البهية ج 1 ص 71 الطبعة السابقة.
(4)
جواهر الكلام ج 2 ص 605 مسألة رقم 4 الطبعة السابقة
(5)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف أطفيش ج 1 ص 326، ص 327 الطبعة السابقة.
ولا يعيد الصلاة عند من لم يوجبها.
وعند بعضهم ان لم يتعمد تركها بأن نسى حتى كبر تكبيرة الاحرام لا يعيد.
ومن فسدت عليه الصلاة باخلال شرط فأراد اعادتها بوقتها أقام لا ان خرج الوقت.
وان دخلها باكمال ثم انتقضت الصلاة دون الوضوء اعادها بدونها أى أعاد الصلاة بدون الاقامة ولو فى الوقت.
وقيل يعيد الصلاة باقامة.
حكم اعادة الصلاة لترك شئ منها
مذهب الحنفية:
جاء فى متن كنز الدقائق
(1)
: أن فرائض الصلاة هى التحريمة والقيام والقراءة والركوع والسجود والقعود الأخير قدر التشهد والخروج بصنعه.
قال صاحب البحر: ثم اعلم أن هذه الفرائض اذا أتى بها نائما فانها لا تحتسب ولا يعتد بها بل يعيدها كما اذا قرأ نائما أو ركع نائما.
والحاصل أنهم أختلفوا فى قراءة النائم فى صلاته فقيل يعتد بها واختاره الفقيه أبو الليث، لأن الشرع جعل النائم كالمستيقظ فى الصلاة تعظيما لأمر المصلى.
واختار فخر الاسلام وصاحب الهداية وغيرهما أنها لا تجوز.
ونص فى المحيط والمبتغى على أنه الأصح، لأن الاختيار شرط لأداء العبادة ولم يوجد حالة النوم.
قال فى فتح القدير: والأوجه اختيار الفقيه والاختيار المشروط قد وجد فى ابتداء الصلاة وهو كاف ألا يرى أنه لو ركع وسجد ذاهلا عن فعله كل الذهول أنه يجزئه.
وهذا يفيد أنه لو ركع وسجد حالة النوم يجزئه وقد نصوا على أنه لا يجزئه.
قال فى المبتغى ركع وهو نائم لا يجوز اجماعا.
وفرقهم بين القراءة والركوع والسجود بأن كلا من الركوع والسجود ركن أصلى بخلاف القراءة لا يجدى نفعا.
وعرف من هذا ايضا جواز القيام حالة النوم أيضا وان نص بعضهم على عدم جوازه.
أما القعدة الأخيرة نائما ففى منية المصلى اذا نام فى القعدة الأخيرة كلها فلما انتبه عليه أن يقعد قدر التشهد وان لم يقعد فسدت صلاته.
ويخالفه ما فى جامع الفتاوى أنه لو قعد قدر التشهد نائما يعتد بها.
وفى المحيط لو نام فى ركوعه وسجوده لا يعيد شيئا لأن الرفع والوضع حصل بالاختيار.
(1)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 1 من ص 306 إلى ص 311 الطبعة السابقة، وانظر حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 424 الطبعة السابقة.
وجاء فى حاشية ابن عابدين
(1)
: أن القيام فى الصلاة فرض فى الفرض لقادر عليه وعلى السجود فلو قدر عليه دون السجود ندب ايماؤه قاعدا وكذا من يسيل جرحه لو سجد.
وقد يتحتم القعود كمن يسيل جرحه اذا قام أو يسلس بوله أو يبدو ربع عورته أو يضعف عن القراءة أصلا، فانه فى ذلك يتحتم عليه القعود أى يلزمه الايماء قاعدا لخلفيته عن القيام الذى عجز عنه حكما اذ لو قام لزم فوت الطهارة أو الستر أو القراءة بلا خلف حتى لو لم يقدر على الايماء قاعدا كما لو كان بحال لو صلى قاعدا يسيل بوله أو جرحه ولو صلى مستلقيا لا يسيل منه شئ فانه يصلى قائما بركوع وسجود كما نص عليه فى المنية.
قال شارحها لأن الصلاة بالاستلقاء لا تجوز بلا عذر كالصلاة مع الحدث فيترجح ما فيه الاتيان بالأركان.
وعن محمد أنه يصلى مضطجعا ولا اعادة عليه فى شئ مما تقدم اجماعا
(2)
.
وتعاد الصلاة وجوبا بترك الواجبات أو ترك واحد منها وينبغى تقييد وجوب الاعادة بما اذا لم يكن الترك لعذر كالأمى أو من أسلم فى آخر الوقت فصلى قبل أن يتعلم الفاتحة فلا تلزمه الاعادة.
وهل تجب الاعادة بترك سجود السهو لعذر كما لو نسيه أو طلعت الشمس فى الفجر؟ لم أره والذى يظهر الوجوب.
وجاء فى البحر الرائق
(3)
: ومن واجبات الصلاة قراءة الفاتحة ولا تفسد الصلاة بتركها عامدا أو ساهيا بل يجب عليه سجود السهو جبرا للنقصان الحاصل بتركها سهوا والاعادة فى العمد والسهو اذا لم يسجد لتكون مؤداة على وجه لا نقص فيه فاذا لم يعدها كانت مؤداة أداء مكروها كراهة تحريم (وهذا هو الحكم فى كل واجب تركه عامدا أو ساهيا).
وبهذا ظهر ضعف ما فى المجتبى من قوله قال أصحابنا: اذا ترك الفاتحة فى الصلاة يؤمر باعادة الصلاة ولو ترك قراءة السورة لا يؤمر بالاعادة. اذ لا فرق بين واجب وواجب الا أن يقال انه ترك السورة وقرأ ثلاث آيات وهو بعيد جدا.
وجاء فى موضع آخر
(4)
: ويقرأ المصلى اذا كان اماما أو منفردا على وجه الوجوب الفاتحة وسورة أو ثلاث آيات لكن الفاتحة أوجب حتى يؤمر بالاعادة بتركها دون السورة كذا ذكره الشارح وقد تبع فيه الفقيه.
وفيه نظر لأن كلا منهما واجب اتفاقا وبترك الواجب تثبت كراهة التحريم.
(1)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 415 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 425 الطبعة السابقة
(3)
البحر الرائق نجيم ج 1 ص 312 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 331 الطبعة السابقة.
وقد قالوا كل صلاة أديت مع كراهة التحريم يجب اعادتها.
فتعين القول بوجوب الاعادة عند ترك السورة وما يقوم مقامها كترك الفاتحة.
نعم الفاتحة آكد فى الوجوب من السورة للاختلاف فى ركنيتها دون السورة.
والآكدية لا تظهر فيما ذكره لأن وجوب الاعادة حكم ترك الواجب مطلقا لا الواجب المتأكد وانما يظهر فى الاثم لأنه قول بالتشكيك.
ثم قال
(1)
: ومن واجباتها تعديل الاركان وهو تسكين الجوارح فى الركوع والسجود حتى تطمئن مفاصله وأدناه مقدار تسبيحة وهو واجب على تخريج الكرخى وهو الصحيح، كما فى شرح المنية.
والذى نقله الجم الغفير أنه واجب عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.
فرض عند ابى يوسف رحمه الله تعالى مستدلين له ولمن وافقه بحديث المسئ صلاته حيث قال: أرجع فصل فإنك لم تصل ثلاث مرات وأمره له بالطمأنينة فالأمر بالاعادة لا يجب الا عند فساد الصلاة ومطلق الأمر يفيد الافتراض.
ولهما قوله تعالى: «اِرْكَعُوا وَاسْجُدُوا»
(2)
: واللفظان خاصان معلوم معناهما فلا تجوز الزيادة عليهما بخبر الواحد، لأنه لا يصلح ناسخا للكتاب ويصلح مكملا فيحمل بأمره بالاعادة والطمأنينة على الوجوب ونفيه للصلاة على نفى كمالها.
وعن السرخسى من ترك الاعتدال تلزمه الاعادة.
ومن المشايخ من قال تلزمه الاعادة ويكون الفرض هو الثانى، ولا اشكال فى وجوب الاعادة «اذ هو الحكم فى كل صلاة أديت مع كراهة التحريم» .
وجاء فى حاشية ابن عابدين
(3)
: أنه قد شدد القاضى الصدر فى شرحه فى تعديل الأركان جميعها تشديدا بليغا فقال: واكمال كل ركن واجب عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فيمكث فى الركوع والسجود وفى القومة بينهما حتى يطمئن كل عضو منه.
هذا هو الواجب عند أبى حنيفة ومحمد حتى لو تركها أو شيئا منها ساهيا يلزمه السهو ولو عمدا يكره أشد الكراهة ويلزمه أن يعيد الصلاة وتكون معتبرة فى حق سقوط الترتيب ونحوه كمن طاف جنبا تلزمه الاعادة، وكل صلاة أديت
(4)
: مع كراهة التحريم تجب اعادتها والمختار أنه جابر للأول لأن الفرض لا يتكرر.
والظاهر أن ذلك يشمل نحو مدافعه الاخبثين مما لم يوجب سجود أصلا وأن
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 316.
(2)
الاية رقم 77 من سورة الحج
(3)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 433 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 425 الطبعة السابقة
النقص اذا دخل فى صلاة الامام ولم يجبر وجبت الاعادة على المقتدى ايضا.
وانه يستثنى منه الجمعة والعيد اذا أديت مع كراهة التحريم الا اذا أعادها الامام والقوم جميعا.
وفد ذكر فى الامداد بحثا أن كون الاعادة بترك الواجب واجبة لا يمنع أن تكون الاعادة مندوبة بترك سنة ونحوه فى القهستانى.
بل قال فى فتح القدير والحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الاعادة أو تنزيه فتستحب.
قال ابن عابدين بقى هنا شئ وهو أن صلاة الجماعة واجبة على الراجح فى المذهب أو سنة مؤكدة فى حكم الواجب وصرحوا يفسق تاركها وتعزيره وأنه يأثم.
ومقتضى هذا أنه لو صلى منفردا يؤمر باعادتها بالجماعة وهو مخالف لما صرحوا به فى باب ادراك الفريضة من أنه لو صلى ثلاث ركعات من الظهر ثم أقيمت الجماعة يتم ويقتدى متطوعا فانه كالصريح فى أنه ليس له اعادة الظهر بالجماعة مع أن صلاته منفردا مكروهة تحريما أو قريبة من التحريم فيخالف تلك القاعدة.
الا أن يدعى تخصيصها بأن مرادهم بالواجب والسنة التى تعاد بتركه ما كان من ماهية الصلاة وأجزائها فلا يشمل الجماعة لأنها وصف لها خارج عن ماهيتها أو يدعى تقييد قولهم يتم ويقتدى متطوعا بما اذا كانت صلاته منفردا لعذر كعدم وجود الجماعة عند شروعه فلا تكون صلاته منفردا مكروهة.
والأقرب الأول ولذا لم يذكروا الجماعة من جملة واجبات الصلاة، لأنها واجب مستقل بنفسه خارج عن ماهية الصلاة.
ويؤيده أيضا انهم قالوا: يجب الترتيب فى سور القرآن فلو قرأ منكوسا أثم لكن لا يلزمه سجود السهو لأن ذلك من واجبات القراءة لا من واجبات الصلاة لكن قولهم
(1)
:
كل صلاة أديت مع كراهة التحريم يشمل ترك الواجب وغيره.
ويؤيده ما صرحوا به من وجوب الاعادة بالصلاة فى ثوب فيه صورة بمنزلة من يصلى وهو حامل الصنم.
وقال صاحب البحر الرائق
(2)
: ومن واجبات الصلاة التشهد قال فى البحر:
لأنهم جعلوا التشهد واجبا وعينوه فى تشهد ابن مسعود ولا يزيد عليه.
قال فى السراج الوهاج: ويكره أن يزيد فى التشهد حرفا أو يبتدئ بحرف قبل حرف.
قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لو نقص من تشهده أو زاد فيه كان مكروها لأن أذكار الصلاة محصورة فلا يزاد عليها.
(1)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 426 الطبعة السابقة
(2)
البحر الرائق لابن نجيم ج 1 ص 344 الطبعة السابقة
واذا قلنا بتبعية للوجوب كانت الكراهة تحريمية وهى المحمل عند اطلاقها ولا يزيد على تشهد ابن مسعود فى القعدة الأولى فلا يأتى بالصلاة على النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيها وهو قول أصحابنا.
قال الطحاوى: من زاد على هذا فقد خالف الاجماع فان زاد فيها فان كان عامدا فهو مكروه ولا يخفى وجوب اعادتها.
وان كان ساهيا فقد اختلفت رواية المشايخ.
والمختار أنه يجب سجود السهو.
وجاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أن الترتيب فى أفعال الصلاة ليس بشرط عند أصحابنا الثلاثة.
وعند زفر شرط.
وعلى ذلك لو تذكر سجدة فى الركوع وقضاها أو سجدة فى السجدة وقضاها فالأفضل أن يعيد الركوع أو السجود الذى هو فيهما ولو اعتد بهما ولم يعد أجزأه عندنا.
وعند زفر لا يجوز له أن يعتد بهما وعليه اعادتهما.
ووجه قول زفر أن المأتى به فى هذه المواضع وقع فى غير محله فلا يقع معتدا به كما اذا قدم السجود على الركوع وجب عليه اعادة السجود لما قلنا كذا هذا.
ولنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا فان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بمتابعة الامام فيما أدرك بحرف الفاء المقتضى للتعقيب بلا فصل ثم أمر بقضاء الفائتة والأمر دليل الجواز.
وكذلك جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهما فى الأمر بحرف الواو وأنه للجمع المطلق فأيهما فعل يقع مأمورا به فكان معتدا به.
وجاء فى فتح القدير
(2)
: ان الأصل عندنا أن المشروع فرضا فى الصلاة أربعة أنواع: ما يتحد فى كل الصلاة كالقعدة أو فى كل ركعة كالقيام والركوع وما يتعدد فى كلها كالركعات أو فى كل ركعة كالسجود.
والترتيب شرط بين ما يتحد فى كل الصلاة وجميع ما سواه مما يتعدد فى كلها كالركعات أو فى كل ركعة وما يتحد فى كل ركعة حتى لو تذكر بعد القعدة قبل السّلام أو بعده قبل أن يأتى بمفسد - ركعة أو سجدة صلبية أو للتلاوة فعلها وأعاد القعدة وسجد للسهو.
وكذا يشترط الترتيب بين ما يتحد فى كل ركعة كالقيام والركوع.
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 137، 138 الطبعة السابقة.
(2)
فتح القدير ج 1 ص 194 الطبعة السابقة والبحر الرائق، شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 1 ص 305 الطبعة السابقة
أما قول النهاية بأن الترتيب ليس بشرط بين ما يتعدد فى كل الصلاة يعنى الركعات:
أو يتحد فى كل ركعة وبين ما يتعدد فى كل ركعة فليس على اطلاقه بل بين السجود والمتحد فى كل ركعة تفصيل.
ان كان سجود ذلك الركوع بأن يكون ركوعا وسجودا من ركعة واحدة فالترتيب شرط.
وان كان ركوعا من ركعة وسجودا من أخرى بأن تذكر فى سجدة ركوع ركعة قبل هذه السجدة قضى الركوع مع سجدتيه وان تذكر على القلب بأن تذكر فى ركوع أنه لم يسجد فى الركعة التى قبلها سجدها.
وهل يعيد الركوع والسجود المتذكر فيه؟
ففى الهداية أنه لا يجب اعادته بل يستحب معللا بأن الترتيب ليس بفرض بين ما يتكرر من الأفعال.
والذى فى فتاوى قاضيخان وغيره انه يعيده معللا بأنه ارتفض بالعود الى ما قبله من الأركان، لأنه قبل الرفع منه يقبل الرفض.
ولهذا ذكر هو فيما لو تذكر سجدة بعد ما رفع من الركوع أنه يقضيها ولا يعيد الركوع لأنه بعد ما تم بالرفع لا يقبل الرفض.
فعلم أن الاختلاف فى اعادتها ليس بناء على اشتراط الترتيب وعدمه بل على أن الركن المتذكر فيه هل يرتفض بالعود الى ما قبله من الأركان أولا.
وقال فى الدر المختار
(1)
: ولو ترك سورة أوليى العشاء ولو عمدا قرأها وجوبا وقيل ندبا مع الفاتحة جهرا فى الأخريين لأن الجمع بين جهر ومخافتة فى ركعة شنيع ولو تذكر أى السورة فى ركوعه قرأها بعد عودته الى القيام وأعاد الركوع.
قال ابن عابدين لأن ما يقع من القراءة فى الصلاة يكون فرضا فيرتفض الركوع ويلزمه اعادته، لأن الترتيب بين القراءة والركوع فرض حتى لو لم يعده تفسد صلاته.
بل لو قام لأجل القراءة ثم بدا لم فسجد ولم يقرأ ولم يعد الركوع قيل تفسد وقيل لا والفرق بين القراءة وبين القنوت حيث لا يعود لأجله لو تذكره فى ركوعه ولو عاد لا يرتفض هو ما ذكرنا أن القراءة تقع فرضا أما القنوت اذا أعيد فيقع واجبا.
ولو ترك الفاتحة فى الأوليين لا يقضيها فى الأخريين للزوم تكرارها ولو تذكر قرأها وأعاد السورة.
ولا بأس أن يقرأ سورة
(2)
فى ركعة ويعيدها فى الثانية غير أنه يكره تنزيها هذا اذا لم يضطر فان اضطر بأن قرأ فى الأولى قل أعوذ برب الناس أعادها فى الثانية ان لم يختم، لأن التكرار أهون من القراءة منكوسا أما لو ختم القرآن فى ركعة فانه يقرأ فى الثانية من البقرة.
(1)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين ج 1 ص 499، ص 500 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 510 الطبعة السابقة.
وقال صاحب البحر الرائق
(1)
: السّلام من واجبات الصلاة ومن السنة أن يبدأ السّلام باليمين ثم اليسار فلو بدأ باليسار عامدا أو ناسيا فانه يسلم عن يمينه ولا يعيده على يساره ولا شئ عليه.
ولو سلم عن يمينه ونسى عن يساره حتى قام فانه يرجع ويقعد ويسلم ما لم يتكلم أو بخرج من المسجد.
مذهب المالكية:
جاء فى حاشية الدسوقى والشرح الكبير
(2)
: أنه يجب بصلاة الفرض قيام استقلالا فان لم يقدر على القيام استقلالا فاستنادا فى قيامه لكل شئ ولو حيوانا لا لجنب وحائض محرم فيكره لهما ان وجد غيرهما والا استند لهما.
وأما الغير محرم فلا يجوز لمظنة اللذة.
وان استند للحائض أو الجنب مع وجود غيرهما أعاد بوقت ضرورى.
ولا غرابة فى اعادة الصلاة لارتكاب أمر مكروه كالاستناد للحائض والجنب مع وجود غيرهما ألا ترى الصلاة فى معاطن الابل فانه مكروه وتعاد الصلاة لأجله فى الوقت.
فاندفع قول بعضهم أن الكراهة لا تقتضى الاعادة أصلا فلعل هناك قولا بالحرمة والاعادة هنا كالاعادة للنجاسة فتعاد الظهران للاصفرار والعشاءان لطلوع الفجر والصبح لطلوع الشمس.
وجاء فى الحطاب
(3)
: نقلا عن المدونة أن السجود على الجبهة والأنف جميعا فان سجد على الأنف دون الجبهة أعاد صلاته أبدا داخل الوقت وخارجه.
وفى الطراز من سجد على جبهته دون أنفه يجزيه قال فى الاشراف استحببنا له الاعادة فى الوقت.
وقال ابن حبيب لا يجزئ ومشهور المذهب ما اختاره صاحب الاشراف.
وقال ابن رشد
(4)
: فى رسم نذر ستة من سماع ابن القاسم روى عن يحيى بن يحيى وعيسى بن دينار أنهما قالا من صلى الفريضة فركع وسجد ولم يذكر الله فى ذلك أعاد الصلاة فى الوقت وبعده وهذا على طريق الاستحسان لا على طريق الوجوب.
وقال ابن شعبان قال الله تعالى: «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ»
(5)
.
فحق على كل قائم الى الصلاة أن يقول:
(6)
.
(1)
البحر الرائق، شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 1 ص 352 الطبعة السابقة
(2)
حاشية الدسوقى والشرح الكبير عليه ج 1 ص 255، 257 الطبعة السابقة.
(3)
الحطاب ج 1 ص 521 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 538 الطبعة السابقة
(5)
الاية رقم 48 من سورة الطور
(6)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 1 ص 539 الطبعة السابقة
والمطلوب فى القنوت الاسرار به وهذا هو المشهور.
وقيل انه يجهر به.
ونقل البرزلى عن التونسى أنه سئل عمن جهر بالقنوت أو التشهد فى الفرض أو النفل فقال الجهر بالقنوت والتشهد لا يجوز ويعيد من تعمد ذلك ويسجد الساهى الا أن يكون خفيفا.
وكذلك القراءة وان كان قد اختلف فيها اذا جهر.
فعن ابن نافع لا يعيد فالقنوت عليه أخف ولا شئ عليه على هذا.
وأما النافلة فلا شئ عليه.
ثم قال
(1)
: والسنن المؤكدة التى يسجد لها ثمان.
قال فى المقدمات لما ذكر سنن الصلاة فمن هذه السنن ثمان مؤكدات يجب سجود السهو للسهو عنها واعادة الصلاة على اختلاف لتركها عمدا.
وهى السورة التى مع أم القرآن.
والجهر فى موضع الجهر.
والاسرار فى موضع الاسرار.
والتكبير سوى تكبيرة الاحرام.
وسمع الله لمن حمده.
والتشهد الأول.
والجلوس له.
والتشهد الآخر.
وسائرها لا حكم لتركها فلا فرق بينها وبين الاستحباب الا فى تأكيد فضائلها حاشا المرأة أن تصلى بغير قناع فان الاعادة فى الوقت مستحبة لها.
ثم قال
(2)
: اذا قرأ السورة على غير سنتها ثم تذكر فأعادها على سنتها فلا سجود عليه وأما لو قرئت هى والفاتحة على غير سنتها من الجهر أو الاسرار فأعيدتا أو قرئت الفاتحة وحدها على غير سنتها فأعيدت لسجد أما الأول فواضح.
قال ابن الحاجب وان جهر فى السرية سجد بعد وعكسه قبله.
فان ذكر قبل الركوع أعاد وسجد بعده فيهما انته.
وأما الثانى فقال فى التوضيح وقال أصبغ فيمن ترك الجهر فى قراءة الفاتحة ثم ذكر فأعادها جهرا لا سجود عليه وحسن أن فيهما.
وقال مالك فى العتبية يسجد.
والأول رواه أشهب.
قال فى البيان والقولان قائمان من المدونة.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 15، ص 16 الطبعة السابقة.
(2)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 1 ص 25 و 26 الطبعة السابقة
وفى النوادر من العتبية من سماع أشهب عن مالك.
ومن قرأ فى الجهر سرا ثم ذكر فأعاد القراءة فلا سجود عليه.
ولو قرأ أم لقرآن فقط فى ركعة من الصبح فأسر بها فلا يعيد الصلاة لذلك ويجزئه ولا سجود عليه.
قال عيسى عن ابن القاسم وان قرأها سرا ثم أعادها جهرا فليسجد بعد السّلام قال ابن المواز عن أصبغ لا يسجد وان سجوده لخفيف حسن.
وان ترك تكبيرة غير تكبيرة الاحرام أو تحميدة فلا سجود عليه فلو ترك تكبيرة وأبدل موضعها سمع لله لمن حمده أو ترك تحميدة فأبدل موضعها تكبيرة ففى سجوده تأويلان.
وأما لو أبدل فى الموضعين فلا كلام فى السجود.
والتأويلان مذكوران فى شراح المدونة ولهم فيها كلام طويل فيما اذا تذكر قبل السجود هل يعيد الذكرين أم لا.
ولا يأتى التأويلان فيمن أبدل موضع سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد مرة واحدة لانتفاء العلة.
وروى عن البرزلى من مسائل الصلاة من نسى التكبيرة فى صلاته سوى تكبيرة الاحرام فى صلاته شهرا أعادها كلها.
قال الحطاب على المشهور أنه سنن ومن يقول أن التكبير كله سنة فلا يعيد.
ومن نسى سمع الله لمن حمده فى صلاته شهرا وهو مسافر فانه يعيد المغرب ثلاثين مرة.
قال الحطاب يجرى على ما مر.
ولو نسى ذلك فى الحضرية فلو كان يضيف لها ربنا ولك الحمد فلا اعادة عليه والا أعادها سوى الصبح سائر الشهر.
قال ابن رشد
(1)
: واذا نسى المأموم تكبيرة الاحرام وكبر للركوع ولم ينو بها تكبيرة الاحرام تمادى مع الامام وأعاد.
وان نسيها الفذ والامام فلا بد لهما من استئناف الصلاة.
فان نووا بتكبيرة الركوع الاحرام أجزأت المأموم ولم تجز الفذ والامام وعليهما استئناف الصلاة.
ثم قال
(2)
: اذا سجد السجود القبلى لترك سنة فانه يعيد التشهد ليقع السّلام عقب تشهده.
وهذا القول هو المشهور وهو اختيار ابن القاسم.
ودليله ما رواه الترمذى وحسنه من حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلّى الله عليه
(1)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 2 ص 32 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق مع التاج والاكليل ج 2 ص 17، ص 18 الطبعة السابقة
وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم فانه لم يعد التشهد عمدا أو سهوا فالظاهر أنه لا شئ عليه.
والقول بعدم اعادة التشهد لمالك أيضا واختاره عبد الملك.
ووجهه أن سنة السجود الواحد أن لا يكرر فيه التشهد مرتين.
ومن ترك السّلام
(1)
يعيد التشهد ويسجد ان انحرف عن القبلة.
قال اللخمى ناسى سلامه ان ذكر بمحله ولا طول استقبل القبلة وأعاد سلامه دون تكبير وتشهد وسجد لسهوه.
وان ذكر بعد فراقه اياه دون طول فقال محمد وابن القاسم ومالك يكبر وقال المازرى وهو المشهور.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج
(2)
: أنه يشترط فى المصلى نصب فقاره بفتح الفاء أى عظامه التى هى مفاصله لأن اسم القيام دائر معه فلا يضر أطراق الرأس بل يسن ولا الاستناد الى نحو جدار وان كان بحيث لو رفع لسقط لوجود اسم القيام لكن يكره الاستناد.
نعم لو استند بحيث يمكن رفع قدميه بطلت صلاته لأنه معلق نفسه وليس بقائم ومنه يؤخذ صحة قول العبادى يجب وضع القدمين على الأرض.
فلو أخذ اثنان بعضده ورفعاه فى الهواء حتى صلى لم تصح.
ولا يضر قيامه على ظهر قدميه من غير عذر خلافا لبعضهم، لأنه لا ينافى اسم القيام وانما لم يجز نظيره فى السجود لأن اسمه ينافى وضع القدمين المأمور به ثم.
وخرج بالفرض النفل وبالقادر العاجز.
واستثنى من كلامه مسائل.
منها: أنه لو خاف راكب سفينة غرقا أو دوران رأس فانه يصلى قاعدا ولا اعادة عليه كما فى المجموع.
زاد فى الكفاية وان امكنته الصلاة على الارض.
وقول الماوردى تجب الاعادة يحمل على ما اذا كان العجز للزحام لندرته.
ولو كان به سلس بول ولو قام سال بوله وان قعد لم يسل فانه يصلى قاعدا وجوبا كما فى الأنوار ولا اعادة عليه.
ولو كان للغزاة رقيب يرقب العدو ولو قام لرآه العدو أو جلس الغزاة فى مكمن ولو قاموا لرآهم العدو لهم وفسد تدبير الحرب صلوا قعودا ووجبت الاعادة لندرة ذلك.
بخلاف ما لو خافوا قصد العدو لهم فلا اعادة عليهم كما فى التحقيق ونقله فى الروضة عن تصحيح المتولى.
(1)
المرجع السابق مع التاج والاكليل ج 2 ص 45، ص 46 الطبعة السابقة
(2)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 1 ص 446 الطبعة السابقة
وان نقل الرويانى عن النص اللزوم.
والفرق على الأول شدة الضرر فى قصد العدو.
وقد يمنع استثناء ذلك بأن من ذكر عاجز لضرورة التداوى أو خوف الغرق أو الخوف على المسلمين أو نحو ذلك فكلامه متناول لها.
واذا وقع المطر
(1)
: وهو فى بيت لا يسع قامته وليس هناك مسكن غيره فهل يكون ذلك عذرا فى أن يصلى فيه مكتوبة بحسب الامكان ولو قعودا أم لا الا اذا ضاق الوقت كما فهم من الروضة فى مسألة المقام أم يلزمه أن يخرج منه ويصلى قائما فى موضع يصيبه المطر.
فان قيل بالترخيص فهل يلزمه الاعادة أم لا.
قال أبو شكيل ان كانت المشقة التى تحصل عليه فى المطر دون المشقة التى تحصل على المريض لو صلى قائما لم يجز له أن يصلى قاعدا.
وان كانت مثلها جاز له أن يصلى فى البيت المذكور قاعدا.
نعم هل الأفضل له التقديم أو التأخير ان كان الوقت متسعا فيه ما فى التيمم فى أول الوقت اذا كان يرجو الماء فى آخر الوقت.
والأصح أن التقديم أفضل ولا اعادة عليه لأن المطر من الاعذار العامة ولذلك يجوز الجمع به ولا تجب الاعادة.
وقال ابن العراقى لا رخصة فى ذلك بل القيام شرط فعليه فعل الصلاة قائما.
والأول أوجه.
فان عجز المصلى
(2)
: عن القعود بأن ناله منه المشقة الحاصلة بالقيام صلى لجنبه الأيمن فان عجز عن الجنب فمستلقيا على ظهره وأخمضاه للقبلة كالمحتضر ورأسه أرفع بنحو وسادة ليتوجه بوجهه القبلة.
قال فى المهمات
(3)
: هذا فى غير الكعبة أما فيها فالمتجه جواز استلقائه على ظهره وعلى وجهه لأنه كيفما توجه فهو متوجه لجزء منها.
نعم ان لم يكن لها سقف اتجه منع الاستلقاء أى على ظهره والمسألة محتملة ولعلنا نزداد فيها علما أو نشهد فيها نقلا وما ذكره ظاهر وان رده ابن العماد.
ولو قدر المصلى على الركوع فقط كرره للسجود.
ومن قدر على زيادة على أكمل الركوع تعينت تلك الزيادة للسجود لأن الفرق واجب بينهما على المتمكن.
ولو عجز عن السجود الا أن يسجد بمقدم رأسه أو صدغه وكان بذلك أقرب الى الأرض وجب.
(1)
المرجع السابق الى معرفة الفاظ المنهاج ج 1 ص 449 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق الى معرفة الفاظ المنهاج 1 ص 450، ص 451 الطبعة
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 450، ص 475، ص 476 الطبعة السابقة
ويكره من غير عذر على الأيسر كما فى المجموع فان عجز أومأ برأسه والسجود اخفض من الركوع.
فان عجز عن الايماء برأسه فبطرفه أى بصره ومن لازمه الايماء بجفنه وحاجبه.
وظاهر كلامهم أنه لا يجب هنا ايماء للسجود أخفض وهو متجه خلافا للجوهرى لظهور التمييز بينهما فى الايماء بالرأس دون الطرف.
ثم أن عجز عن الايماء بطرفه صلى بقلبه بأن يجرى أركانها وسننها على فلبه قولية كانت أو فعليه ان عجز عن النطق أيضا بأن يمثل نفسه قائما وقارئا وراكعا لأنه الممكن ولا اعادة عليه والقول بندرته ممنوع.
ولا يلزم نحو القاعد والمومئ اجراء نحو القيام والركوع والسجود على قلبه كما قاله الامام.
وعلم مما تقرر أنه لا تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتا لوجود مناط التكليف.
ولو قدر فى أثناء صلاته على القيام أو القعود أو عجز عنه أتى بمقدوره وبنى على قراءته ويستحب له اعادتها لتقع حال الكمال.
وان قدر على القيام أو القعود قبل القراءة قرأ قائما أو قاعدا ولا تجزئه قراءته فى نهوضه لقدرته عليها فيما هو أكمل منه فلو قرأ فيه شيئا أعاده.
ومن أركان الصلاة الركوع للكتاب والسنة والاجماع.
وأقله فى حق القائم المعتدل الخلقة أن ينحنى انحناء خالصا لا انخناس فيه قدر بلوغ راحتيه ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما فلا يحصل بانخناس ولا به مع انحناء ولو طالت يداه أو قصرتا أو قطع شئ منهما لم يعتبر ذلك.
ولو عجز عنه الا بمعين أو اعتماده على شئ أو انحناء على شقه لزمه والعاجز ينحنى قدر امكانه.
فان عجز عن الانحناء
(1)
أصلا أومأ برأسه ثم بطرفه.
ولو شك هل انحنى قدرا تصل به راحتاه ركبتيه لزمه اعادة الركوع لأن الأصل عدمه.
ومن أركان الصلاة
(2)
الترتيب فان تركه عمدا كان قدم ركنا فعليا كأن يسجد قبل ركوعه أو يركع قبل قراءته.
ومثل ذلك ما اذا قدم ركنا قوليا يضر نقله كسلامه قبل تشهده بطلت صلاته بالاجماع لكونه متلاعبا.
فان قدم ركنا قوليا غير سلامه كتشهد على سجود أو قوليا على قولى كالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على التشهد لم تبطل لكن لا يعتد بما قدمه بل عليه اعادته فى محله فلو تيقن
(3)
فى آخر صلاته أو بعد
(1)
نهاية المحتاج، شرح الفاظ المنهاج ج 1 ص 476، ص 477 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 519 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 521 الطبعة السابقة.
سلامه ولم يطل الفصل عرفا ولم يطأ نجاسة ترك سجدة من الركعة الأخيرة سجدها وأعاد تشهده لوقوع تشهده قبل محله.
ويعذر فى اليسير
(1)
عرفا من التنحنح ونحوه كسعال وعطاس وان ظهر به حرفان ولو من كل نحو نفخة للغلبة لعدم تقصيره وهى راجعة للجميع وتعذر القراءة الواجبة ومثلها غيرها من الأركان القولية الواجبة المضرورة وهذا راجع للتنحنح.
فان كثر فى التنحنح ونحوه للغلبة وظهر به حرفان فأكثر وكثر عرفا بطلت صلاته كما قالاه فى الضحك والسعال والباقى فى معناهما لقطع ذلك نظم الصلاة.
وهذا محمول على حالة لم يصر ذلك فى حقه مرضا مزمنا.
فان صار كذلك بحيث لم يخل زمن من الوقت يسع الصلاة بلا نحو سعال مبطل لم تبطل كسلس الحدث ولا اعادة عليه حينئذ ولو شفى بعد ذلك.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(2)
: أن من نسى ركنا غير تكبيرة الاحرام لعدم انعقاد الصلاة بتركها.
وكذا النية على القول بركنيتها فذكره بعد شروعه فى قراءة الركعة التى بعد الركعة المتروك منها الركن بطلت الركعة التى تركه منها فقط نص عليه، لأنه ترك ركنا ولم يمكنه استدراكه لتلبسه بالركعة التى بعدها فلغت ركعته وصارت التى شرع فيها عوضا عنها ولا يعيد الاستفتاح نص عليه فى رواية الأثرم.
فان كان الترك من الاولى صارت الثانية أولته والثالثة ثانيته والرابعة ثالثته ويأتى بركعة وكذا القول فى الثانية والثالثة.
وعلم منه أنه لا يبطل ما مضى من الركعات قبل المتروك ركنها.
وقال ابن الزاغونى يلى وبعده ابن تميم وغيره فان رجع الى ما تركه عالما عمدا بطلت صلاته لأنه ترك الواجب عمدا.
وان رجع سهوا أو جهلا لم تبطل صلاته لكنه لا يعتد بما يفعله فى الركعة التى ترك منها لأنها فسدت بشروعه فى قراءة غيرها فلم تعد الى الصحة بحال ذكره فى الشرح.
وان ذكر الركن المنسى قبل شروعه فى القراءة التى يعيدها عاد لزوما فأتى بالمتروك نص عليه لكون لقيام غير مقصود فى نفسه لأنه يلزم منه قدر القراءة الواجبة وهى المقصود ولأنه أيضا ذكره فى موضعه.
كما لو ترك سجدة من الركعة الأخيرة فذكرها قبل السّلام فانه يأتى بها فى الحال
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 36، ص 37 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع وبهامشه منته الارادات ج 1 ص 263، 264 الطبعة السابقة موالا قناع فى فقه الامام احمد بن حنبل ج 1 ص 140 الطبعة السابقة
وأتى بما بعدها نصا من الأركان والواجبات لوجوب الترتيب.
فلو ذكر الركوع وقد جلس أتى به وبما بعده.
وان سجد سجدة ثم قام قبل سجوده الثانية ناسيا.
فان كان جلس للفصل بين السجدتين سجد الثانية ولم يجلس له وان لم يكن جلس للفصل جلس له ثم سجد الثانية.
تداركا لما فاته.
وان كان جلس بعد السجدة الأولى للاستراحة لم يجزئه جلوسه عن جلسته للفصل كنيته بجلوسه نفلا فانه لا يجزئه عن جلسة الفصل لوجوبها.
فان لم يعد الى الركن المتروك من ذكره قبل شروعه فى قراءة الأخرى عمدا بطلت صلاته لتركه الواجب عمدا.
وان لم يعد سهوا أو جهلا بطلت الركعة فقط لأنه فعل غير متعمد أشبه ما لو مضى قبل ذكر المتروك حتى شرع فى القراءة.
فان علم بالمتروك بعد السّلام فهو كتركه ركعة كاملة لأن الركعة التى لغت بتركها ركنها غير معتد بها فوجودها كعدمها.
فاذا سلم قبل ذكرها فقد سلم من نقص يأتى بها أى بالركعة مع قرب الفصل عرفا.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(1)
: ان من نسى القعود أو شيئا من أم القرآن حتى ركع اعاد متى ذكر فيها وسجد للسهو ان كان اماما او فذا.
فان كان مأموما الغى ما قد نسى الى أن ذكر واذا أتم الامام قام يقضى ما كان الغى ثم سجد للسهو.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(2)
: إذا كان الانسان فى حال صلاة أو وضوء فتغيرت حاله التى هو عليها بعد أن أخذ فى الصلاة أو الوضوء فانه يبنى ما فعله بعد تغير الحال على ما قد فعله قبل التغير ولا يلزمه الاستئناف.
هذا اذا كان الذى فعله قبل تغير الحال هو الأعلى.
وذلك نحو أن يكون دخل فى الصلاة من قيام فلما تم له ركعة مثلا عرض له علة لم يستطع معها القيام فانه يأتى بباقى الصلاة من قعود ويحتسب منها بتلك التى من قيام ولا يستأنف.
وكذلك فى الوضوء لو غسل وجهه واحدى يديه ثم عرض له مانع من استعمال الماء فانه ييمم الباقى من اعضاء التيمم.
(1)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 250 مسألة رقم 364 الطبعة السابقة
(2)
شرح الازهار ج 1 ص 262، ص 263 وص 264 الطبعة السابقة
ولا يلزمه الاستئناف الا اذا تغير حاله من ادنى الى أعلى فانه لا يبنى على الأدنى.
وذلك نحو ان يكون به علة فبدخل فى الصلاة من قعود فلما تم له ركعة من قعود زالت تلك العلة وأمكنه القيام فانه لا يبنى على تلك الركعة التى أتى بها من قعود.
وانما يستأنف الصلاتين من قيام ان كان فى الوقت بقية تسع صلاة الاولى وركعة من الثانية.
فان كان الوقت دون ذلك استأنف الصلاة الثانية فقط ان كان فى الوقت ما يسع ركعة منها.
وان لم يبق ما يسع ذلك لم تلزمه الاعادة وقد صحت الصلاة من قعود هذا مذهب الهادوية فى هذه المسألة.
وقال المنصور بالله انه يجوز لمن تغير حاله البناء على ما قد فعل سواء كان أعلى أو أدنى.
قال البعض وهكذا مذهب المؤيد بالله.
وكذا حكى فى الروضة عن المؤيد بالله.
وقال البعض بل مذهب المؤيد بالله كالهادوية لكنه يخالف الهادوية اذا زال العذر بعد الصلاة فلا استئناف عنده كالمستحاضة وعندهم يستأنف مع بقاء الوقت كالمتيمم.
هذان المذهبان فى الانتقال من الأدنى الى الأعلى.
وأما العكس فلا كلام فى صحة البناء اذا كان فى آخر الوقت.
وأما فى أوله فظاهر كلام اللمع أنه يصح أيضا اذا كان آيسا من زوال العذر فى الوقت.
بخلاف من تغير حاله قبل الدخول فى الصلاة فانه يؤخر عند الهادوية.
قال البعض وعن النجرانى انه لا يصح الا فى آخر الوقت وحمل حكاية اللمع على ذلك.
فأما فى أول الوقت فتفسد الصلاة بذلك لوجوب التأخير على من صلاته ناقصة والشك
(1)
: بعد الفراغ من الصلاة لا يوجب اعادتها.
ولا سجود سهو اذا كان مجرد شك أما لو حصل له ظن بالنقصان فعليه الاعادة.
وعن أحمد بن يحيى أن مجرد الشك يوجب الاعادة كما لو شك فى فعل الصلاة جملة.
فأما اذا عرض الشك قبل الفراغ من الصلاة فاختلف الناس فى ذلك.
فقال البعض أن الشاك يبنى على اليقين مطلقا سواء شك فى ركعة أم فى ركن قال فى الانتصار وهو يحكى عن على عليه السلام وأبى بكر وعمر وابن مسعود.
وقال البعض ان المبتدى يعيد والمبتلى يعمل بظنه ان حصل له والا بنى على الأقل.
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 323، ص 324، ص 325، ص 326، ص 327، ص 328 الطبعة السابقة.
وقال المؤيد بالله أخيرا وهو قول المنصور بالله أنه يعمل بظنه مطلقا من غير فرق بين الركعة والركن والمبتدئ والمبتلى.
فان لم يحصل له ظن أعاد المبتدئ وبنى المبتلى على الأقل.
قال البعض الا أن يكون ممن يمكنه التحرى ولم يحصل له ظن اعاد كالمبتدئ.
والمذهب التفصيل المذكور فى الأزهار.
فاذا كان الشك فى ركعة نحو أن يشك فى صلاة الظهر هل قد صلى ثلاثا أم أربعا فانه يعيد المبتدئ.
وان لم يكن ذلك الشاك مبتدئا بل مبتلى فان الواجب أن يتحرى المبتلى اذا كان يمكنه التحرى.
قال فى الشرح والمبتدئ هو من يكون الغالب من حاله السلامة من الشك وان عرض له فهو نادر والمبتلى عكسه.
وقال ابن معرف المبتلى من يشك فى الاعادة واعادة الاعادة فيشك فى ثلاث صلوات.
قال مولانا عليه السلام والأول هو الصحيح.
وأما حكم من لا يمكنه التحرى فانه يبنى على الأقل بمعنى أنه اذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا بنى على أنه قد صلى ثلاثا والذى لا يمكنه التحرى هو الذى قد عرف من نفسه أنه لا يفيده النظر فى الأمارات ظنا عند عروض الشك له وذلك يعرف بأن يتحرى عند عروض الشك فلا يحصل له ظن ويتفق له ذلك مرة بعد مرة فانه حينئذ يعرف من نفسه أنه لا يمكنه التحرى.
واما حكم من يمكنه التحرى فى العادة الماضية وهو الذى يعلم أنه متى ما شك فتحرى حصل له بالتحرى تغليب أحد الأمرين اللذين شك فيهما ولكنه تغيرت عادته فى هذه الحال بأن لم يفده التحرى فى هذه الحال ظنا فانه يعيد الصلاة أى يستأنفها.
واما اذا كان الشك فى ركن من اركان الصلاة كركوع أو قراءة أو تكبيرة الافتتاح أو نية الصلاة فكالمبتلى.
أى فان حكم الشاك فى الركن سواء كان مبتدئا أو مبتلى حكم المبتلى بالشك اذا شك فى ركعة، هذا فيما يتابع فيه المأموم الامام.
فأما فى تكبيرة وتسليمة وتسبيحة فيتحرى لنفسه.
وليعد متظنن وهو الذى عرض له الشك فى صلاته فتحرى فظن النقصان فبنى على الأقل ثم انه لما بنى على الأقل ارتفع اللبس وتيقن الزيادة أى علم علما يقينا فحكمه بعد هذا اليقين حكم المتعمد للزيادة ذكره البعض.
وقال البعض ليس المتظنن كالعامد فلا تحب عليه الاعادة.
قال مولانا عليه السلام ولعل الخلاف حيث تيقن الزيادة والوقت باق.
فأما لو لم يتيقنها حتى خرج الوقت فالأقرب أنه لا يعيد الصلاة اتفاقا.
ويكفى الظن فى أداء الظنى.
يعنى أن ما وجب بطريق ظنى من نص أو قياس ظنيين أو نحوهما كفى المكلف فى الخروج عن عهدة الأمر به أن يغلب فى ظنه أنه قد أداه ولا يلزمه تيقن أدائه وذلك كنية الوضوء وترتيبه وتسميته والمضمضة وقراءة الصلاة والاعتدال ونحو ذلك.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الاسلام
(1)
: أن تكبيرة الاحرام ركن لا تصح الصلاة من دونها ولو أخل بها ناسيا.
وصورتها أن يقول الله أكبر.
ولا تنعقد بمعناها.
ولو أخل بحرف منها لم تنعقد صلاته فان لم يتمكن من التلفظ بها كالأعجم لزمه التعلم ولا يتشاغل بالصلاة مع سعة الوقت فان ضاق الوقت أحرم بترجمتها.
والترتيب فيها واجب ولو عكس لم تنعقد صلاته.
والمصلى بالخيار فى التكبيرات السبع أيها شاء جعلها تكبيرة الافتتاح.
ولو كبر ونوى الافتتاح ثم كبر ونوى الافتتاح بطلت صلاته.
وان كبر ثالثة ونوى الافتتاح انعقدت الصلاة أخيرا.
ويجب أن يكبر قائما فلو كبر قاعدا مع القدرة أو وهو آخذ فى القيام لم تنعقد صلاته.
والقيام للصلاة ركن مع القدرة فمن أجل به عمدا أو سهوا بطلت.
واذا أمكنه القيام مستقلا وجب والا وجب أن يعتمد على ما يتمكن معه من القيام.
وروى جواز الاعتماد على الحائط مع القدرة.
ولو قدر على القيام فى بعض الصلاة وجب أن يقوم بقدر مكنته والا صلى قاعدا.
والقراءة فى الصلاة واجبة ويتعين بالحمد فى كل ثنائية وفى الاوليين من كل رباعية وثلاثية ويجب قراءتها أجمع.
ولا تصح الصلاة مع الاخلال ولو بحرف واحد منها عمدا حتى التشديد وكذا اعرابها والبسملة آية منها تجب قراءتها معها ولا يجرئ للمصلى ترجمتها.
ويجب ترتيب كلماتها وآيها على الوجه المنقول.
فلو خالف عمدا أعاد وان كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع وان ركع مضى فى صلاته ولو ذكر.
ومن لا يحسنها يجب عليه التعلم.
فان ضاق الوقت قرأ ما تيسر من غيرها أو سبح الله وهلله وكبره بقدر القراءة ثم يجب عليه التعلم وقراءة سورة كاملة بعد الحمد
(1)
شرائع الاسلام للمحقق الحلى ج 1 ص 51، ص 52، ص 53، الطبعة السابقة.
فى الأوليين واجب فى الفرائض مع سعة الوقت وامكان التعلم للمختار.
وقيل لا يجب.
والأول أحوط.
ولو قدم السورة على الحمد أعادها أو غيرها بعد الحمد.
والموالاة فى القراءة شرط فى صحتها فلو قرأ فى خلالها من غيرها استأنف القراءة وكذا لو نوى قطع القراءة وسكت.
وفى قول يعيد الصلاة.
أما لو سكت فى خلال القراءة لا بنية القطع أو نوى القطع ولم يقطع مضى فى صلاته وان خافت فى موضع الجهر، أو عكس جاهلا أو ناسيا لم يعد الصلاة.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
:
أنه اذا تحرك حال القراءة قهرا بحيث خرج عن الاستقرار فالأحوط اعادة ما قرأة فى تلك الحالة.
أما اذا شك فى صحة قراءة آية أو كلمة يجب اعادتها اذا لم بتجاوز ويجوز بقصد الاحتياط مع التجاوز ولا بأس بتكرارها مع تكرر الشك ما لم يكن عن وسوسة.
واذا عين البسملة
(2)
: لسورة ثم نسيها فلم يدر ما عين وجب اعادة البسملة لأى سورة أراد ولو علم أنه عينها لسورتين من الحمد والتوحيد ولم يدر أنه لأيتهما أعاد البسملة وقرأ احداهما ولا تجوز قراءة غيرهما.
واذا بسمل من غير تعيين سورة فله أن يقرأ ما شاء.
ولو شك فى أنه عينها لسورة معينة أولا فكذلك.
لكن الأحوط فى هذه الصورة اعادتها.
بل الأحوط اعادتها مطلقا.
ولو كان بانيا من أول الصلاة أو أول الركعة أن يقرأ سورة معينة فنسى وقرأ غيرها كفى ولم يجب اعادة السورة وكذا لو كانت اعادته سورة معينة فقرأ غيرها.
والركوع واجب
(3)
: فى كل ركعة مرة الا فى الكسوف والآيات وهو ركن فى الصلاة وتبطل بالاخلال به عمدا وسهوا.
والسجود واجب فى كل ركعة سجدتان وهما ركن فى الصلاة تبطل بالاخلال بهما من كل ركعة عمدا وسهوا ولا تبطل بالاخلال بواحدة سهوا.
والسجود على سبعة أعضاء الجبهة والكفان والركبتان وابهاما الرجلين ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه فلو سجد على كور عمامته لم يجز وعليه اعادة الصلاة.
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 6، ص 255 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 6 ص 163 الطبعة السابقة
(3)
شرائع الاسلام للمحقق الحلى ج 1 ص 54 الطبعة السابقة
والتشهد واجب فى كل ثنائية مرة وفى الثلاثية والرباعية مرتين ولو أخل بهما أو بأحدهما عامدا بطلت صلاته ولزمته الاعادة.
ومن لم يحسن التشهد وجب عليه الاتيان بما يحسن منه مع ضيق الوقت ثم يجب عليه تعلم ما لا يحسن منه والتسليم واجب على الأصح ولا يخرج من الصلاة الا به فان تركه كان عليه اعادة صلاته.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
:
أنه اذا شك فى أنه سجد سجدتين أو واحدة بنى على الأقل الا اذا دخل فى التشهد.
وكذا اذا شك فى أنه سجد سجدتين أو ثلاث سجدات.
وأما ان علم بأنه زاد سجدة وجب عليه الاعادة كما انه اذا علم انه نقص واحدة أعاد ولو نسى ذكر السجود وتذكر بعد الرفع لا يبعد عدم وجوب الاعادة وان كان أحوط.
ولا فرق فى بطلان الصلاة
(2)
بزيادة ركعة بين أن يكون فد تشهد فى الرابعة ثم قام الى الخامسة أو جلس بمقدارها كذلك أولا وان كان الأحوط فى هاتين الصورتين اتمام الصلاة.
ولو تذكر قبل الفراغ من اعادتها.
واذا سها عن الركوع حتى دخل فى السجدة الثانية بطلت صلاته وعليه الاعادة لخبر ابى بصير سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل.
نسى أن يركع قال عليه السلام عليه الاعادة
أما ان تذكر قبل الدخول فيها رجع وأتى به وصحت صلاته ويسجد سجدتى السهو لكل زيادة.
ولكن الأحوط مع ذلك اعادة الصلاة لو كان التذكر بعد الدخول فى السجدة الاولى.
ولو نسى السجدتين ولم يتذكر الا بعد الدخول فى الركوع من الركعة التالية بطلت صلاته.
ولو تذكر قبل ذلك رجع وأتى بهما وأعاد ما فعله سابقا مما هو مرتب عليهما بعدهما.
وكذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الاخيرة حتى سلم واتى بما يبطل الصلاة عمدا وسهوا كالحدث والاستدبار.
وان تذكر بعد السّلام قبل الاتيان بالمبطل فالأقوى أيضا البطلان لكن الأحوط التدارك ثم الاتيان بما هو مرتب عليهما ثم اعادة الصلاة وان تذكر قبل السّلام أتى بهما وبما بعدهما من التشهد والتسليم وصحت صلاته وعليه سجدتا السهو لزيادة التشهد أو بعضه وللتسليم المستحب.
ولو نسى
(3)
ما عدا الأركان من أجزاء الصلاة لم تبطل صلاته وحينئذ فان لم يبق محل التدارك وجب عليه سجدتا السهو
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7، ص 460 مسألة رقم 14 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 7، ص 321 الطبعة السابقة
(3)
مستمسك العروة الوثقى ج 7، ص 331 الطبعة السابقة.
للنقيصة وفى نسيان السجدة الواحدة والتشهد يجب أعادتهما أيضا بعد الصلاة قبل سجدتى السهو.
وان بقى محل التدارك وجب العود للتدارك ثم الاتيان بما هو مرتب عليه مما فعله سابقا وسجدتا السهو لكل زيادة وفوت محل التدارك اما بالدخول فى ركن بعده على وجه لو تدارك المنسى لزم زيادة الركن واما يكون محله فى فعل خاص جاز محل ذلك الفعل كالذكر فى الركوع والسجود اذا نسبه وتذكر بعد رفع الرأس منهما واما بالتذكر بعد السّلام الواجب.
فلو نسى القراءة أو الذكر أو بعضهما أو الترتيب فيهما أو اعرابهما أو القيام فيهما أو الطمأنينة فيه وذكر بعد الدخول فى الركوع فات محل التدارك فيتم الصلاة ويسجد سجدتى السهو للنقصان اذا كان المنسى من الأجزاء لا لمثل الترتيب والطمأنينة مما ليس بجزء.
وان ذكر قبل الدخول فى الركوع رجع وتدارك وأتى بما بعده وسجد سجدتى السهو لزيادة ما أتى به من الأجزاء نعم فى نسيان القيام حال القراءة أو الذكر ونسيان الطمأنينة فيه لا يبعد فوت محلهما قبل الدخول فى الركوع أيضا لاحتمال كون القيام واجبا حال القراءة لا شرط فيها.
وكذا كون الطمأنينة واجبة حال القيام لا شرط فيه.
وكذا الحال فى الطمأنينة حال التشهد وسائر الأذكار.
فالأحوط العود والاتيان بقصد الاحتياط والقربة لا بقصد الجزئية.
ولو نسى الذكر فى الركوع أو السجود أو الطمأنينة حاله وذكر بعد رفع الرأس منهما فات محلهما.
ولو تذكر قبل الرفع أو قبل الخروج عن مسمى الركوع وجب الاتيان بالذكر.
ولو كان المنسى الطمأنينة حال الذكر فالأحوط اعادته بقصد الاحتياط والقربة.
وكذا لو نسى وضع أحد المساجد حال السجود.
ولو نسى الانتصاب من الركوع وتذكر بعد الدخول فى السجدة الثانية فات محله.
وأما لو تذكر قبله فلا يبعد وجوب العود اليه لعدم استلزامه الا زيادة سجدة واحدة وليست بركن.
كما انه كذلك لو نسى الانتصاب من السجدة الاولى وتذكر بعد الدخول فى الثانية لكن الأحوط مع ذلك اعادة الصلاة.
ولو نسى الطمأنينة حال أحد الانتصابين احتمل فوت المحل وان لم يدخل فى السجدة كما مر نظيره.
ولو نسى السجدة الواحدة أو التشهد وذكر بعد الدخول فى الركوع أو بعد السّلام فات محلهما ولو ذكر قبل ذلك تداركهما.
ولو نسى الطمأنينة فى التشهد فالحال كما مر من أن الاحوط الاعادة بقصد القربة والاحتياط والاحوط مع ذلك اعادة الصلاة أيضا لاحتمال كون التشهد زيادة عمدية حينئذ خصوصا اذا تذكر نسيان الطمأنينة فيه بعد القيام.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(1)
: أنه يسن التوجيه بتأكيد على الاصح.
وقيل هو فرض.
وقيل نفل غير سنة ويعيد الصلاة تارك التوجيه على القول الثانى:
وقال بعض أصحاب القول الأول يعيد الصلاة تاركه.
وقال بعض أصحاب القول الثانى لا يعيدها ان تركه سهوا.
وقيل يعيد الصلاة لو تركه سهوا ولا يسجد للسهو عنه لأنه قبل الاحرام وصيغته سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وندب ضم توجيه ابراهيم عليه السلام الى التوجيه المذكور وهو توجيه النبى صلى الله عليه وسلم.
والصحيح أن توجيه ابراهيم قبله وقيل بعده وهو انى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين.
وتكبيرة الاحرام
(2)
هى الله أكبر - فرض وزعم بعض انها سنة كسائر التكبير.
وقيل ان سائره فرض.
ثم قال: ومن تعمد فيها لحنا وأراد بتعمد اللحن قصد ما هو لحن بالعمد ولو لم يعرف أنه لحن والجهل عمد أعاد الصلاة على الصحيح.
وقيل لا وان لم يتعمد اللحن فقولان.
ومن أحرم
(3)
قبل وقت الصلاة وان بلحظة أعاد.
وان أسر بها فذ أو مأموم أو امام بأن لم يسمعوا أذانهم وان فى صلاة سر أعادها ورخص بعضهم.
وقيل فسدت صلاة الامام ان لم يسمع غيره ويكره الاجهار المفرط وان فاق المأموم الامام فى الجهر أعاد، وقيل: لا، وكذا فى غير التكبير ولا غير ان فاق الامام المأمومين وان كبر ولم ينوبه الاحرام لم يجزه.
وفى اعادتها ان شك فيها بعد الشروع فى القراءة قولان وعلى الاعادة يعيد القراءة.
وقيل ان شك قبل الشروع فى الحد الثالث رجع أو بعده لم يعد ووجبت قبل الشروع اتفاقا ان استعاذ قبل الاحرام.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف أطفيش، ج 1 ص 372، ص 373، ص 374، ص 375، ص 376، ص 377، الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 382، ص 383 الطبعة السابقة
(3)
شرح المنيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف أطفيش ج 1 ص 384، ص 385 الطبعة السابقة
واما ان استعاذ بعده فان شك فيها بعد الدخول فى الاستعاذة فقيل يعيد وقيل لا.
والاستعاذة سنة
(1)
: قيل هو الصحيح.
وقيل فرض وهو الصحيح عندى لقراءة القرآن فى الصلاة وغيرها.
وعليه تعاد الصلاة بتركها عمدا مطلقا وبتركها سهوا ان بلغ حدا ثالثا ودخله.
وقيل ندب فلا تعاد الصلاة بتركها ولو عمدا ولا تقال فى غير محلها اذا نسيت وذكرت.
وعلى أنها سنة فان تركت عمدا أعيدت الصلاة.
وان نسيت قيلت سرا حيث ذكرت ولو كان الناسى اماما ولو ذكرت فى تحية أو ركوع أو سجود.
وقيل لا تقال فيهما.
وقراءة البسملة
(2)
: فى أوائل السور فى الصلاة قيل: فرض.
وقيل: سنة.
وقيل: واجبة فى الفاتحة فقط وهو يعيد.
وقيل: أنها سنة فى أوائل السور لا يجوز تركها كأول الفاتحة.
وقيل: سنة يجوز تركها أول الفاتحة أيضا.
وعلى انها سنة تقرأ على حدة اثم ما بعدها على حدة.
وعلى أنها فرض تقرأ على أنها جزء مما بعدها.
وقيل فى البسملة انها واجبة مع الذكر والقدرة ساقطة مع العجز والنسيان.
وعبارة الديوان قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فى الصلاة فرض ومن تركها متعمدا لتركها اعاد صلاته وان نسى قراءتها فلا اعادة عليه.
ولعل وجهه تجنب ايهام مذهب من يرى انها ليست من القرآن أو لأن ذلك منه جفاء لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء بعده يقرأونها فى أول كل سورة هى فيه اذا بدءوا من أولها.
وكذا يعيد صلاته ان نسى نصف الفاتحة فأكثر.
وان نسى أقل لم تفسد.
والصحيح الفساد.
وان تعمد ترك بعضها ولو قليلا أعاده واذا تذكر ما نسى منها قبل السّلام قاله ان لم يكن فى ركوع أو سجود وان كان فيهما فحتى يخرج منهما.
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 377، ص 378 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 388، ص 389 الطبعة السابقة
وقيل: لا يقوله فى غير القيام فيمضى حتى يقف فيقوله ثم يقرأ فاتحة الكتاب فى الركعة الحاضرة.
وقيل: اذا تذكره وقف وقاله ورجع.
وقيل ان نسى بعض الفاتحة حتى جاوز الحد الثالث فسدت صلاته.
وان تذكر البسملة
(1)
: فى ركوع انحناء للتعظيم مضى ولا تفسد صلاته.
وهل يرجع إليها إن ذكرها فى قراءة للفاتحة مبدأها هذه البسملة المنسية ما لم يتم الفاتحة أو ما لم يتم السورة؟ قولان.
ويعيد ما قرأ ان رجع.
وفى اعادة الصلاة
(2)
: ان قرأ سورة أو بعضها عمدا مع الفاتحة حيث لا سورة قولان.
وقيل: ان قرأها سرا فلا اعادة.
ويدل على انه لا اعادة مطلقا ما رواه الصنابحى قال دنوت من أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه فى الركعة الثالثة من المغرب فسمعته يقرأ بام القرآن.
وقول الله تبارك وتعالى: «رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ»
(3)
.
وان نسى ثم تذكر حيث لا يجوز الوقف أتمه متعمدا لأن اتمامه أوكد من ترك قراءة القرآن مع الفاتحة لورودها فى حديث الصنابحى.
وفى الديوان: ان قرأ فاتحة الكتاب وسورة غيرها أى أو بعض سورة سرا ففيه قولان.
وان جهر بالسورة أعاد صلاته أى وقيل لا.
وقيل ان قرأ فى الأوليين من الظهر والعصر سرا فلا بأس وفى آخرة المغرب وآخرتى العشاء يعيد ولو أسر.
وعن بعض أنه يقرأ خلف امامه ما تيسر له ويجهر.
وندب الترتيل
(4)
: وهو الامهال فى القراءة عند الاكثر مقابلة بالوجوب.
وان هجى القراءة أعاد صلاته.
وكذا ان هجى من غير أن يجوز بالقراءة.
وان كان انما يقرأ حرفا ثم يهجيه بعد ذلك فانه لا بأس بصلاته.
وقيل يعيدها قاله فى الديوان لكن تكلم على ذلك فى الفاتحة فقط.
ولا بأس بالتهجى للتعلم بأن لا يطيق على غير ذلك.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 389 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف أطفيش ج 1 ص 392، ص 393 الطبعة السابقة
(3)
الاية رقم 8 من سورة أل عمران.
(4)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 394، ص 395 الطبعة السابقة.
وينبغى السكوت
(1)
: بين الاحرام والقراءة.
وان استعاذ بعد الاحرام سكت بين الاحرام والاستعاذة.
وبتأكيد بين الختم والركوع.
وهل قدر تنفس أو بلع ريق؟ قولان فى الديوان.
وان سكت أكثر أعاد الصلاة.
وقيل: لا يعيد الا ان سكت قدر العمل المتصل به بلا عذر الا الامام فيسكت قدر ما ينقض تكبير القوم الذين ابتدؤا التكبير عقب فراغه ولو كان أكثر من بلع الريق أو التنفس، وذلك بحسب مدهم الصوت ولكن يؤمرون بالتوسط.
وان سكت المكبر أكثر فالخلاف المذكور.
ثم قال: وان زاد عمدا أعاد الصلاة الا أن كانت الزيادة لعذر.
وان جهل الفاتحة
(2)
: لزمه تعلمها.
وان حضر الوقت قبل تعلمها ولا بدرك فيه التعلم والصلاة صلى بالتكبير المذكور سبع تكبيرات لكل صلاة أو خمس أو ست أو أربع أو لكل صلاة ما فيها من تكبير قاعدا.
وقيل: قائما راكعا ساجدا يقول سائر أقوال الصلاة ويسكت قائما قدر ما يقرأ الانسان فى الركعة ثم يركع ويعيد.
قيل بعد التعلم.
وقيل: لا.
وقيل من لم يعرف القراءة سبح مكانها وصلى قائما أو قاعدا وليجتهد فى التعلم.
وان عرف سورة قرأها بدل الفاتحة وقرأها ثانيا فى محل الجهر.
وفى الاعادة بعد التعلم القولان.
وقيل لا تكون السورة عوضا عن الفاتحة.
والسجدتان
(3)
: ركنان أو ركن والتسبيحات الثلاث سنة واحدة، والقيام منها الى التحيات أو الى القيام ليس منهما.
وقيل الهوى ركن. والتسبيح ركن، والرفع ركن.
قال فى التاج: ومن نسى سجدة فذكرها فى آخر صلاته سجدها حيث كان.
وان نسى الاخيرة الى التحيات سجدها ثم يقرأها.
وان نسى الأولى أعاد صلاته:
وقيل لا ويرجع اليها كالأخيرة.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 395، ص 396 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 399، ص 400 الطبعة السابقة
(3)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 411 الطبعة السابقة
وان ذكرها فى الدعاء سجدها ثم يعيد التحيات.
وقيل لا يعيدها.
وأقوال الصلاة غير القراءة وتكبير الاحرام والتكبير الذى بعد التشهد وقراءة التحيات سنة.
فتكبيرات غير الاحرام لا تفسد الصلاة الا بترك أكثرها.
وقيل: تفسد بترك ثلاث.
وقيل: بترك تكبيرتين.
وكذا فى الزيادة.
وقيل: لا تفسد بالزيادة ولو كثرت وذلك كله بالسهو.
وقيل من نسى تكبيرة قالها حيث ذكرها وان لم يقلها صحت صلاته.
وقيل يعيد وان تذكر بعد التحيات الاخيرة.
وان سجد مرة
(1)
: وشك فى الثانية فانه يعيد صلاته.
وقيل يسجد مرة أخرى.
وان ظهر له أنه سجد ثلاثا اعاد صلاته.
وكذا ان شك هل ركع؟ أعاد.
وقيل: يركع.
ومن كان فى التشهد الأخير وتذكر انه لم يسجد الا واحدة سجد وأعاد التشهد.
وكذا ان تذكر بعد السّلام وقبل التكلم أو الانتقال أو الاستدبار.
وان تعمد ترك التسبيح والتعظيم لا لعذر ومضى ترك التسبيح والتعظيم السكوت عنهما قبل ان يشرع فيهما او بعد أن شرع فيهما بطلت صلاته.
وقيل: ان قعد فى الركوع والسجود قدر ما يعظم أو يسبح فيه أو أتم التعظيم أو التسبيح ولم يرفع رأسه لا له لا لعذر، ورفع بعد فسدت صلاته ولا تجزئه.
وقيل لا الا أن ترك رفع الرأس مقدار ما يسبح أو يعظم.
وحاصل ذلك انه ان سجد أو ركع وسكت بلا تسبيح أو تعظيم ثم سبح أو عظم أو سبح أو عظم وترك الرفع ثم رفع أعاد صلاته.
وقيل: لا حتى يمكث مقدار ما عزم عليه من تسبيح أو تعظيم بتعجيل أو ترتيل.
وقيل: أن سكت بعد التعظيم أو ترك الرفع.
بعد التسبيح مقدار ما يرفع الا أن يستوى قائما فسدت.
وقيل لا اعادة فى شئ من تلك المسائل كلها الا أن سكت او ترك الرفع مقدار الركعة التامة.
وقيل: مقدار ما بقى منها.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 412، ص 413 الطبعة السابقة.
وقيل: مقدار الصلاة.
وكذا من سكت بعد الاحرام أكثر من التنفس فقيل يعيد.
وقيل أن سكت قدر ما عزم عليه من القراءة فى الركعة.
وقيل: مقدار الركعة.
وقيل: مقدار الصلاة.
وهكذا كلما سكت حين لا يجوز أو أكثر مما يجوز يعيد.
وقيل ان سكت مقدار العمل وهو الركعة أو ما بقى من الصلاة أو ما يليه من قراءة أو خفض أو رفع أو تعظيم أو تسبيح أو تحيات هذه ثلاثة أقوال وسواء فى ذلك العمد والنسيان.
وقيل تفسد بذلك اذا كان عمدا ولو قليلا ولا فساد بعذر كتنجية ولصلاح فساد.
قال ومن لم يقدر على السجود على الجبهة فعلى جانبها الذى يحاذيه الجانب فوقه أو مقدم الرأس والجانب الأيمن قبل غيره.
وقيل: على أنفه.
وان قدر أن يمس الأرض بجبهته مسها مسا وأجزأه.
وان لم يفعل أعاد صلاته.
وكذا ان أمكنه وأومأ ايماء.
وان لم يمكنه وأومأ ايماء ولم يسجد على مقدم الرأس أو الجانب أجزأه.
ولا يعتمد فى القيام من السجود على جبهته بل على يديه وركبتيه.
وان اعتمد على راحتيه أو ظهر كفيه أعاد ان لم يكن له عذر أو شيخا كبيرا.
حكم اعادة الصلاة
اذا وقع أثنائها ما يبطلها
مذهب الحنفية:
جاء فى فتح القدير
(1)
: أن من سبقه الحدث فى الصلاة انصرف.
فان كان اماما استخلف وتوضأ وبنى.
والقياس أن يستقبل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قاء أو رعف أو أمذى فى صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم» .
والاستئناف أفضل تحرزا عن شبهة الخلاف.
وقيل ان المنفرد يستقبل، والامام والمقتدى يبنى صيانة لفضيلة الجماعة.
وان سبقه الحدث
(2)
بعد التشهد توضأ وسلم، لان التسليم واجب، فلا بد من التوضأ ليأتى به.
(1)
فتح القدير ج 1 ص 270 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 273 الطبعة السابقة
وان تعمد الحدث فى هذه الحالة أو تكلم أو عمل عملا ينافى الصلاة تمت صلاته لانه يتعذر البناء.
وجاء فى البحر الرائق
(1)
: انه لو أحدث المصلى فى ركوعه أو سجوده توضأ وبنى وأعادهما، لأن اتمام الركن بالانتقال، ومع الحدث لا يتحقق، فلا بد من الاعادة.
أما على قول محمد فظاهر.
وأما عند أبى يوسف فالسجدة وان تمت بالوضع لكن الجلسة بين السجدتين فرض عنده ولا تتحقق هى بغير طهارة، والانتقال من ركن الى ركن فرض بالاجماع.
وذكر المصنف فى الكافى أن التمام على نوعين: تمام ماهية وتمام مخرج عن العهدة، فالسجدة وان تمت بالوضع ماهية لم تتم تماما مخرجا عن العهدة، والاعادة هنا على سبيل الفرض، وهى مجاز عن الأداء، لأنهما لم يصحا، فلذا لو لم يعد فسدت صلاته.
ولو كان اماما فقدم غيره ودام المقدم على ركوعه وسجوده لأنه يمكنه الاتمام بالاستدامة عليه.
ولهذا قال فى الظهيرية: ولو أحدث الامام فى الركوع، فقدم غيره فالخليفة لا يعيد الركوع ويتم كذلك ذكره شمس الأئمة السرخسى.
وقيد فى الكافى بناءه بما اذا لم يرفع مريدا الأداء.
فلو سبقه الحدث فى الركوع فرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده فسدت صلاته وصلاة القوم.
ولو رفع رأسه من السجود وقال: الله أكبر مريدا به أداء ركن فسدت صلاة لكل.
وان لم يرد به أداء الركن ففيه روايتان عن أبى حنيفة.
ولو ذكر راكعا أو ساجدا سجدة فسجدها لم يعدهما لأن الانتقال مع الطهارة شرط وقد وجد، لأن الترتيب ليس بشرط فيما شرع مكررا من أفعال الصلاة.
ومن تكلم فى صلاته
(2)
: ناسيا أو عامدا أو مخطئا أو قاصدا استقبل الصلاة.
لما رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمى قال: بينا أنا أصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ عطس رجل من القوم فقلت له يرحمك الله فرمانى القوم بأبصارهم فقلت: وا ثكل أماه ما شأنكم تنظرون الى فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فعلمت أنهم يسكتوننى، فلما فرغ النبى صلى الله عليه وسلم، دعانى، فبأبى هو وأمى، فو الله ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فو الله ما قهرنى ولا ضربنى ولا شتمنى، ولكن قال: ان صلاتنا هذه
(1)
البحر الرائق، شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 1 ص 404، ص 405 الطبعة السابقة.
(2)
المبسوط للسرخسى ج 1 ص 170، الطبعة السابقة وفتح القدير ج 1 ص 280، وما بعدها الطبعة السابقة
لا يصلح فيها شئ من كلام الناس، انما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
فقد جعل الحديث عدم الكلام فيها من حقها.
كما جعل وجود الطهارة فيها من حقها.
فكما لا يجوز مع عدم الطهارة لا يجوز مع وجود الكلام.
وقد أجابوا بأنه لا يصلح دليلا على البطلان، بل انه على محظور، والحظر لا يستلزم البطلان، ولذا لم يأمره بالاعادة، وانما أعلمه أحكام الصلاة.
قلنا: ان صح فانما بين الحظر حالة العمد والاتفاق على أنه حظر يرتفع الى الافساد.
وما كان مفسدا حالة العمد كان كذلك حالة السهو لعدم المزيل شرعا كالأكل والشرب.
فان أن فى صلاته أو تأوه أو بكى فارتفع بكاؤه فان كان من ذكر الجنة أو النار لم يقطعها.
وان كان من وجع أو مصيبة قطعها لأن فيه اظهار الجزع والتأسف فكان من كلام الناس.
وعن أبى يوسف رحمه الله تعالى أن قوله آه لا يفسد الحالين.
ومن عطس فقال له آخر يرحمك الله وهو فى الصلاة فسدت صلاته، لأنه يجرى فى مخاطبات الناس فكان من كلامهم.
بخلاف ما اذا قال العاطس أو السامع الحمد لله على ما قالوا، لأنه لم يتعارف جوابا.
وفى المبسوط
(1)
: وان قهقه فى صلاته استقبل الصلاة والوضوء ناسيا كان أو عامدا، لأن القهقهة أفحش من الكلام عند المناجاة.
لما روى أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن منصور بن زادان الواسطى عن الحسن عن معبد بن أبى معبد الخزاعى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: بينما هو فى الصلاة اذ أقبل أعمى يريد الصلاة فوقع فى زبية فاستضحك القوم فقهقهوا فلما انصرف صلى الله عليه وآله وسلم قال: من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة.
وان كان قهقه بعد ما قعد قدر التشهد قبل أن يسلم لم تفسد صلاته كما لو تكلم فى هذه الحال، لأنه لم يبق عليه شئ من أركان الصلاة ولكن يلزمه الوضوء لصلاة أخرى عندنا.
لا عند زفر رحمه الله تعالى.
وان سال
(2)
: من دمل به دم توضأ وغسل وبنى على صلاته كما لو رعف.
ومراده من هذا اذا سال بغير فعله.
فأما اذا عصره حتى سال أو كان فى
(1)
المبسوط للسرخسى ج 1 ص 171 الطبعة السابقة، وبدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى، ج 1 ص 32 الطبعة السابقة، وفتح القدير ج 1 ص 34 الطبعة السابقة
(2)
المبسوط للسرخسى ج 1 ص 196
موضع ركبتيه فانفتح من اعتماده على ركبتيه فى سجوده فهذا بمنزلة الحدث العمد فلا يبنى على صلاته.
وان أصابته بندقة فشجته فسال منه دم لم يبن على صلاته فى قول أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: يبنى اذا توضأ، لأن عمر رضى الله تعالى عنه لما طعن فى المحراب استخلف عبد الرحمن بن عوف رحمه الله تعالى ولو فسدت صلاته لفسدت صلاة القوم فلم يستخلفه ولأن الحدث سبقه بغير صنعه فهو كالحدث السماوى.
ولنا أن الحدث كان بصنع العباد فيمنعه كما لو كان بصنعه، لأن هذا ليس فى معنى المنصوص عليه فان الحدث السماوى العذر المانع من المضى ممن له الحق وهنا العذر من غير من له الحق وبينهما فرق فان المريض يصلى قاعدا، ثم لا يعيد اذا برأ والمقيد يصلى قاعدا، ثم تلزمه الاعادة عند اطلاقه.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والإكليل
(1)
نقلا عن المدونة قال مالك ان قهقه المصلى قطع وابتدأ الصلاة وان كان مأموما تمادى مع الامام فاذا فرغ الامام أعاد الصلاة.
قال سحنون: واذا ضحك الامام ناسيا فان كان شيئا خفيفا سجد لسهوه وان كان عامدا أو جاهلا أفسد عليه وعليهم.
وقال ابن بشير قال الأشياخ فى المصلى وهو يدافع الحدث ان منعه الحدث من اتمام الفرض أعاد أبدا داخل الوقت وخارجه وان منعه من اتمام السنن اعاد فى الوقت ولا يعيد بعده، وان منعه من اتمام الفضائل فلا اعادة عليه
وفى المدونة ما خف من حقن أو قرقرة صلى به.
قال الباجى وان ضم بين وركيه قطع قاله بعض الأصحاب.
ونقل عن
(2)
: المدونة قول مالك النفخ فى الصلاة كالكلام ويبطل الصلاة.
قال ابن القاسم فان نفخ عامدا أو جاهلا أعاد الصلاة وان كان ساهيا سجد لسهوه.
قال سحنون
(3)
: ومن أدرك التشهد الاخر فضحك الامام فأفسد فأحب الى المدرك التشهد أن يبتدئ احتياطا ألا تراه أنه قد عقد أول صلاته اتباعا له.
وكذلك من أدرك ركعة فاستخلفه الامام فأتم بهم قام يقضى لنفسه فضحك فأحب الى ان يعيد القوم احتياطيا وكأنه لم يوجبه فى المسألتين.
(1)
التاج والاكليل ج 2 ص 34، ص 35 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 36 الطبعة السابقة
(3)
الحطاب ج 3 ص 83 الطبعة السابقة
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(1)
اذا تكلم المصلى ناسيا ولا يطول كلامه فمذهبنا انه لا تبطل صلاته وبه قال جمهور العلماء.
وقال أصحابنا ومن الدليل لما حديث معاويه بن الحكم فانه تكلم جاهلا بالحكم ولم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاعادة.
قال فى المجموع
(2)
: فى مذاهب العلماء فى الأكل والشرب فى الصلاة.
قال ابن المنذر اجمع العلماء على منعه منهما وانه ان أكل أو شرب فى صلاة الفرض عامدا لزمه الاعادة.
فان كان ساهيا قال عطاء لا تبطل وبه أقول.
وقال الأوزاعى وأصحاب الرأى تبطل.
قال: واما المتطوع فروى عن ابن الزبير وسعيد بن جبير أنهما شربا فى صلاة التطوع.
وقال طاووس لا بأس به قال ابن المنذر لا يجوز ذلك ولعل من حكى ذلك عنه فعله سهوا.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى
(3)
: أنه اذا أكل أو شرب فى الفريضة عامدا بطلت صلاته رواية ولا نعلم فيه خلافا.
قال ابن المنذر أجمع أهل العلم علي أن المصلى ممنوع من الأكل والشرب وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن من أكل أو شرب فى صلاة الفرض عامدا أن عليه الاعادة وأن ذلك يفسد الصوم الذى لا يفسد بالافعال فالصلاة أولى.
فان فعل ذلك فى التطوع أبطله فى الصحيح من المذهب وهو قول أكثر الفقهاء، لأن ما أبطل الفرض أبطل التطوع كسائر مبطلاته.
وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يبطلها.
ويروى عن ابن الزبير وسعيد بن حبير أنهما شربا فى التطوع.
وعن طاووس أنه لا بأس به.
وكذلك قال اسحاق لأنه عمل يسير فاشبه غير الأكل.
فأما ان أكثر فلا خلاف فى أنه يفسدها لأن غير الأكل من الأعمال يفسدها اذا كثر فالأكل والشرب أولى.
وان أكل أو شرب فى فريضة أو تطوع ناسيا لم يفسد وبهذا قال عطاء.
(1)
المجموع فى الفقه لابى اسحاق الشيرازى ج 4 ص 85، ص 86 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 4 ص 90 الطبعة السابقة.
(3)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 716، ص 717.
وقال الأوزاعى تفسد صلاته، لأنه فعل فبطل من غير جنس الصلاة فاستوى عمده وسهوه كالعمل الكثير.
ويدل لنا عموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان» ولأنه يستوى بين قليله وكثيره حال العمد ويعفى عنه فى الصلاة كالعمل من جنسها ويشرع لذلك سجود المهود فان ما يبطل عمده الصلاة اذا عفى عنه لاجل السهو شرع له السجود كالزيادة من جنس الصلاة ومتى كثر ذلك أبطل الصلاة بغير خلاف لأن الأفعال المعفو عن يسيرها اذا كثرت ابطلت فهذا أولى.
واذا تكلم المصلى
(1)
فى صلاته ناسيا وذلك نوعان.
أحدهما: أن ينسى أنه فى صلاة ففيه روايتان.
احداهما لا تبطل الصلاة، لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم تكلم فى حديث ذى اليدين ولم يأمر معاوية بن الحكم بالاعادة اذ تكلم جاهلا وما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان.
الثانية: تفسد صلاته وهو قول النخعى وقتادة وحماد بن أبى سليمان وأصحاب الرأى لعموم أحاديث المنع من الكلام ولأنه ليس من جنسه ما هو مشروع فى الصلاة فلم يسامح فيه بالنسيان كالعمل الكثير من غير جنس الصلاة.
النوع الثانى: أما أن يظن أن صلاته تمت فلكلم فهذا ان كان سلاما لم تبطل الصلاة رواية واحدة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم فعلوه وبنوا على صلاتهم ولأن جنسه مشروع فى الصلاة فأشبه الزيادة فيها من جنسها.
وان لم يكن سلاما فالمنصوص عن أحمد فى رواية جماعة من أصحابه أنه اذا تكلم بشئ مما تكمل به الصلاة أو شئ من شأن الصلاة مثل كلام النبى صلى الله عليه وآله وسلم ذا اليدين لم تفسد صلاته.
وان تكلم بشئ من غير أمر الصلاة كقوله يا غلام أسقنى ماء فصلاته باطلة.
وقال فى رواية يوسف بن موسى من تكلم ناسيا فى صلاته يظن أن صلاته قد تمت ان كان كلامه فيما يتم به الصلاة بنى به على صلاته كما كلم النبى صلى الله عليه وآله وسلم ذا اليدين.
واذا قال يا غلام اسقنى ماء أو شبهها أعاد.
ومن تكلم بعد أن سلم وأتم صلاته أى وهما يظنان أنهما أتما صلاتهما الزبير وابناه عبد الله وعروة رضى الله تعالى عنهم وصوبه ابن عباس رضى الله تعالى عنه ولا نعلم عن غيرهم فى عصرهم خلافه.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 705، ص 706 الطبعة السابقة
وفيه رواية ثانية ان الصلاة تفسد بكل حال.
قال فى رواية حرب: أما من تكلم اليوم أعاد الصلاة وهذه الرواية اختيار الخلال.
وقال: على هذا استقرت الروايات عن أبى عبد الله بعد توقفه.
واذا تعلق الكلام
(1)
فى الصلاة بحق آدمى الا أنه لسبب من غير الصلاة مثل أن يعطس فيحمد الله أو تلسعه عقرب فيقول بسم أو يسمع أو يرى ما يعمه فيقول: «إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ»
(2)
أو يرى عجبا فيقول سبحان الله فهذا لا يستحب فى الصلاة ولا يبطلها نص عليه أحمد فى رواية الجماعة فيمن عطس فحمد الله لم تبطل صلاته.
وقال فى رواية مهنا فيمن قيل له وهو يصلى ولدلك غلام فقال الحمد لله أو قيل له احترق دكانك، فقال لا اله الا الله، أو ذهب كيسك فقال لا حول ولا قوة الا بالله فقد مضت صلاته.
ولو قيل له مات أبوك فقال «إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» فلا يعيد صلاته وذكر حديث على حين أجاب الخارجى.
وقد روى عن أحمد فيمن قيل له ولد لك غلام فقال الحمد لله رب العالمين أو ذكر مصيبة فقال «إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» قال يعيد الصلاة.
وقال القاضى هذا محمول على من قصد حطاب آدمى.
ويدل لنا ما روى عامر ابن ربيعة قال عطس شاب من الانصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حتى يرضى ربنا وبعد ما يرضى من أمر الدنيا والآخرة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من قائل الكلمة؟ فانه لم يقل بأسا ما تناهت دون العرش» رواه أبو داود.
ثم قال
(3)
: ان شك فى أثناء الصلاة هل نوى أولا أو شك فى تكبيرة الاحرام استأنفها لأن الأصل عدم ما شك فيه.
فان ذكر انه كان قد نوى أو كبر قبل قطعها أو أخذ فى عمل فله البناء لأنه لم يوجد مبطل لها.
وان عمل فيها عملا مع الشك فقال القاضى تبطل.
وقال ابن حامد: لا تبطل ويبنى.
ولو زال حكم النية لبطلت الصلاة كما لو نوى قطعها.
ثم قال
(4)
: وبأى تشهد تشهد مما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم جاز نص عليه أحمد فقال تشهد عبد الله أعجب الى وان تشهد بغيره فهو جائز لأن النبى صلّى الله عليه
(1)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1، ص 713 الطبعة السابقة
(2)
الاية رقم 156 من سورة البقرة
(3)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 1 ص 515 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 579 الطبعة السابقة.
وآله وسلّم لما علمه الصحابة مختلفا دل على جواز الجميع كالقراءات المختلفة التى اشتمل عليها المصحف.
قال القاضى: وهذا يدل على أنه اذا أسقط لفظة هى ساقطة فى بعض التشهيدات المروية صح تشهده.
فعلى هذا يجوز أن يقال أقل ما يجزى من التشهد: التحيات لله السّلام عليك أيها النبى ورحمة الله السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أو ان محمدا رسول الله.
وقد قال أحمد فى رواية أبى داود اذا قال وأن محمدا عبده ورسوله ولم يذكر وأشهد أرجو أن يجزيه.
وقال ابن حامد. رأيت بعض أصحابنا يقول لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصلاة، لقول الأسود فكنا تنحفظه عن عبد الله، كما تنحفظ حروف القرآن والأول أصح لما ذكرنا.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(1)
: أن كل حدث ينقض الطهارة بعمد أو نسيان - فانه متى وجد بغلبة أو باكراه أو بنسيان فى الصلاة ما بين التكبير للاحرام لها الى أن يتم سلامه منها فهو ينقض الطهارة والصلاة معا، ويلزمه ابتداؤها، ولا يجوز له البناء فيها، سواء كان اماما، أو مأموما، أو منفردا، فى فرض كان، أو فى تطوع، الا انه تلزمه الاعادة فى التطوع خاصة.
وما عمله المرء
(2)
: فى صلاته مما أبيح له من الدفاع عنه وغير ذلك فهو جائز، ولا تبطل صلاته بذلك.
وكذلك المحاربة للظالم واطفاء النار العادية وانقاذ المسلم وفتح الباب قل ذلك العمل أو كثر.
وكل ما تعمد المرء عمله فى صلاته مما لم يبح له عمله فيها بطلت صلاته بذلك قل ذلك العمل أم كثر.
والاحرام بالتكبير فرض لا تجزئ الصلاة الا به.
لما روى عن أبى هريرة أن رسول الله صلى لله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى فذكر الحديث وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أرجع فصل فإنك لم تصل ثلاث مرات، فقال والذى بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر فقد أمر بتكبير الاحرام، فمن تركه فلم يصل كما أمر، ومن لم يصل كما أمر فلم يصل كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن نسى
(3)
: التعوذ أو شيئا من أم
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 1 ص 135 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 3 ص 73 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 3 ص 350 الطبعة السابقة.
القرآن حتى ركع أعاد متى ذكر فيها وسجد للسهو، ان كان اماما أو فذا.
فان كان مأموما ألغى ما قد نسى، واذا أتم الامام قام يقضى ما كان ألغى ثم سجد للسهو.
ولقد ذكرنا برهان ذلك فيمن نسى فرضا فى صلاته فانه يعيد ما لم يصل كما أمر ويعيد ما صلى كما أمر.
والركوع فى الصلاة
(1)
فرض والطمأنينة فى الركوع حتى تعتدل جميع أعضائه ويضع فيه يديه على ركبتيه فرض ولا صلاة لمن ترك شيئا من ذلك عامدا.
ومن ترك ذلك ناسيا الغاه وأتم صلاته كما أمر ثم سجد للسهو.
والتكبير للركوع فرض.
والقيام أثر الركوع فرض.
وقول سمع الله لمن حمده عند القيام من الركوع فرض على كل مصل.
والسجدتان فرض.
والطمأنينة فيهما فرض.
ووضع الجبهة والأنف واليدين والركبتين وصدور القدمين على ما هو قائم عليه فرض.
والجلوس بين السجدتين فرض.
ولا تجزئ صلاة لأحد بأن يدع من هذا كله عامدا شيئا فان لم يأت به ناسيا ألغى ذلك وأتى به كما أمر.
ولا يحل تعمد الكلام
(2)
مع أحد من الناس فى الصلاة لا مع الامام فى اصلاح الصلاة ولا مع غيره فان فعل بطلت صلاته.
ولو قال فى صلاته رحمك الله يا فلان بطلت صلاته.
ولا يجوز لأحد أن يفتى الامام
(3)
الا فى أم القرآن وحدها.
فان التبست القراءة على الامام فليركع او فلينتقل الى سورة أخرى.
فمن تعمد افتاءه وهو يدرى أن ذلك لا يجوز له بطلت صلاته.
وفرض على المصلى
(4)
: أن يغض بصره عن كل ما لا يحل له النظر اليه لقول الله تبارك وتعالى: «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ»
(5)
فمن فعل فى صلاته ما حرم عليه فعله ولم يشتغل بها فلم يصل كما أمر فلا صلاة له اذا لم يأت بالصلاة التى أمر بها.
وفرض عليه أن لا يضحك ولا يبتسم عمدا فان فعل بطلت صلاته وان سها بذلك فسجود السهو فقط.
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 254 الطبعة السابقة
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 2 مسألة رقم 377
(3)
المرجع السابق ج 4 ص 3 مسألة رقم 379
(4)
المرجع السابق ج 4 ص 7 الطبعة السابقة.
(5)
الآية رقم 30 من سورة النور.
أما القهقهة فأجماع وأما التبسم فضحك قال الله عز وجل: «فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً»
(1)
.
ومن ضحك فى صلاته فلم يخشع، ومن لم يخشع فلم يصل كما أمر.
ويقطع صلاة المصلى
(2)
كون الكلب بين يديه مارا أو غير مار صغيرا أو كبيرا حيا أو ميتا أو كون الحمار بين يديه كذلك أيضا وكون المرأة بين يدى الرجل مارة أو غير مارة صغيرة أو كبيرة الا أن تكون مضطجعة معترضة فقط فلا تقطع الصلاة حينئذ ولا يقطع النساء بعضهن صلاة بعض.
وذلك لما روى من طريق الحجاج بن المنهال حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن بكر بن عبد الله المزنى قال: كنت أصلى الى جنب ابن عمر فدخل بينى وبينه - يريد جروا فمر بين يدى، فقال لى ابن عمر: أما أنت فأعد الصلاة وأما أنا فلا أعيد لأنه لم يمر بين يدى.
وعن عبد الله بن الصامت قال: صلى الحكم بن عمرو الغفارى بالناس فى سفر وبين يديه سترة فمرت حمير بين يدى أصحابه فأعاد بهم الصلاة.
ومن تعمد فى
(3)
الصلاة وضع يده على خاصرته بطلت صلاته.
وكذلك من جلس فى صلاته متعمدا أن يعتمد على يده أو يديه.
ولا يحل
(4)
للمصلى أن يفترش ذراعيه فى السجود فمن فعل فلا صلاة له.
ولا يحل
(5)
لأحد أن يقرأ القرآن فى ركوعه ولا فى سجوده فان تعمد بطلت صلاته.
فان كان ذلك بعد ان اطمأن وسبح كما أمر أجزأه سجود السهو وتمت صلاته لأنه زاد فى صلاته ساهيا ما ليس منها.
وان كان ذلك فى جميع ركوعه وسجوده الغى تلك السجدة او الركعة وكان كان لم يأت بها وأتم صلاته وسجد للسهو لأنه لم يأت بذلك كما أمر.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
ولا تجوز القراءة
(6)
فى مصحف ولا فى غيره لمصل اماما كان أو غيره.
فان تعمد ذلك بطلت صلاته
(7)
.
ومن تعمد فرقعة أصابعه أو تشبيكها فى الصلاة بطلت صلاته.
ومن صلى معتمدا على عصا أو على جدار أو على انسان أو مستندا فصلاته باطلة.
(1)
الاية رقم 19 من سورة النمل
(2)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 8
(3)
المرجع السابق ج 4 ص 18
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 21
(5)
المرجع السابق ج 4 ص 42 الطبعة السابقة
(6)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 46 الطبعة السابقة
(7)
المرجع السابق ج 4 ص 49، مسألة رقم 405 الطبعة السابقة 1
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار وهامشه
(1)
: أن من الأمور التى توجب اعادة الصلاة القهقهة فبها مطلقا لأجل الخبر وهو ما روى أن ابن أم مكتوم وقع فى بئر فلما رآه أهل الصف الأول ضحكوا لوقعته وضحك لضحكهم أهل الصف الثانى فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أهل الصف الأول باعادة الصلاة وأهل الصف الثانى باعادة الوضوء والصلاة.
مذهب الإمامية:
جاء فى مستمسك العروة الوثقى
(2)
: انه اتى بفعل كثير أو بسكوت طويل وشك فى بقاء صورة الصلاة ومحوها معه فلا يبعد البناء على البقاء.
لكن الأحوط الاعادة بعد الاتمام.
واذا شك المأموم
(3)
: فى انه كبر للاحرام أم لا.
فان كان بهيئة المصلى جماعة من الانصات ووضع اليدين على الفخذين ونحو ذلك لم يلتفت على الأقوى وان كان الاحوط الاتمام والاعادة.
واذا صلى
(4)
منفردا أو جماعة واحتمل فيها خللا فى الواقع وان كانت صحيحة فى ظاهر الشرع يجوز بل يستحب أن يعيدها منفردا أو جماعة.
وأما اذا لم يحتمل فيها خللا فان صلى منفردا، ثم وجد من يصلى تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة اماما كان أو مأموما.
بل لا يبعد جواز اعادتها جماعة.
اذا وجد من يصلى غير تلك الصلاة.
ولا فرق فى بطلان الصلاة
(5)
: بزيادة ركعة بين أن يكون قد تشهد فى الرابعة ثم قام الى الخامسة أو جلس بمقدارها كذلك أولا.
وان كان الأحوط فى هاتين الصورتين اتمام الصلاة لو تذكر قبل الفراغ ثم اعادتها.
واذا سها عن الركوع حتى دخل فى السجدة الثانية بطلت صلاته.
وان تذكر قبل الدخول فيها رجع وأتى به وصحت صلاته ويسجد سجدتى السهو لكل زيادة.
ولكن الأحوط مع ذلك اعادة الصلاة لو كان التذكر بعد الدخول فى السجدة الأولى.
ولو نسى السجدتين ولم يتذكر الا بعد الدخول فى الركوع من الركعة التالية بطلت صلاته.
(1)
شرح الازهار وهامشه ج 1 ص 101 الطبعة السابقة
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 6 ص 511 مسألة رقم 44 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 7 ص 360 مسألة رقم 15 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 7 ص 303 مسألة رقم 19 وما بعدها الطبعة السابقة
(5)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 321 وما بعدها مسألة رقم 13، 14 الطبعة السابقة
ولو تذكر قبل ذلك رجع وأتى بهما وأعاد ما فعله سابقا مما هو مرتب عليهما بعدهما.
وكذا تبطل الصلاة لو نسيهما من الركعة الأخيرة حتى سلم وأتى بما يبطل الصلاة عمدا أو سهوا كالحدث والاستدبار.
وان تذكر بعد السّلام قبل الاتيان بالمبطل فالأقوى أيضا البطلان.
لكن الأحوط التدارك ثم الاتيان بما هو مرتب عليهما ثم اعادة الصلاة.
وان تذكر قبل السّلام أتى بهما وبما بعدهما من التشهد والتسليم وصحت صلاته وعليه سجدتا السهو لزيادة التشهد أو بعضه وللتسليم المستحب.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(1)
: انه يوجب نقض الصلاة زيادة ونقص.
فمن الزيادة تكرير الفاتحة فى الفرض أو بعضها عمدا لا لفساد وضعف فى القراءة الأولى فذلك مفسد.
ولا فساد بتكرير الفاتحة فى النفل أو بعضها ولو مرارا.
ومن الزيادة تحريك الأجفان فى الصلاة وتفسد به عمدا بلا ضرورة.
فمن أدخل فى الصلاة ما ليس منها لا لاصلاحها أعاد صلاته.
وان كان لاصلاحها كتنبيه الامام وكالانتقال لاصلاحها ومثلها الانتقال للتنجية وكضرب المرأة يدها بفخذها فى تنبيه الامام.
وقيل لا يعيدها ان ذكره على نص الكتاب مثل أن يذكر الحمد لله بعد عطسه.
وان قال الله أكبر أو زاد معه الحمد لله فقد رخص بعض أيضا فى السهو ما لم يرد به كأمر أو نهى أو سؤال أو جواب فاذا أراد به ذلك فسدت صلاته الا أن أراده سهوا فلا فساد.
وقيل فسدت وقيل لا تفسد الصلاة بزيادة، ما أشبه ما فى القرآن أو ما هو من جنس الصلاة ولو عمدا.
كما روى أن أبا عبيدة قال لا بأس بالتعظيم والتسبيح والتحميد بعد تكبيرة الاحرام يعنى داخل الصلاة عقب الاحرام أو عقب القراءة أو غير ذلك أو فى القراءة.
وفى الديوان من جهر فى الصلاة لمن استأذن أو تنحنح له أعاد الصلاة.
وان كان الجواب بالقرآن أعاد صلاته.
ومن أكره على الكلام تكلم وأعاد صلاته.
وذكر ابن زياد انه من تكلم لاصلاح الصلاة عمدا قيل يعيد صلاته.
وقيل لا يعيد.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد (1) بن يوسف اطفيش ج 1 ص 555، ص 556 الطبعة السابقة
وان تكلم لغير اصلاحها عمدا اعاد الصلاة اجماعا.
وان تكلم لغير اصلاحها سهوا ففى الاعادة قولان.
ومن تعمد الكلام لكن ظن أنه قد أتم الصلاة فاذا هى لم تتم أو تعمد الكلام فى صلاة فرض أو سنة لتذكر أنه قد صلاها فاذا هو لم يصلها أو لظنه أنه بلا وضوء أو بلا طهارة مكان أو ثوب فاذا الأمر بخلاف ذلك وما أشبه ذلك فبعض يقول انتقضت وهو الصحيح.
وبعض يقول لا يعد ذلك عمدا فلا يقول بانتقاضها.
والصحيح انه عمد.
وقال الشيخ ان ذلك غير عمد فى قصة ذى اليدين.
وان رأى الأعمى
(1)
قارب هلاكا فان كان يدركه بالمشى اليه مشى وأعاد صلاته ورخص أن لا يعيد والا تكلم وأعاد.
وان كان المصلى أخرس وأشار لا لاصلاح الصلاة أعاد.
وقيل ان كان لتنجية وكذا غير الأخرس.
وان تلفظ بما ليس كلاما لغة لكنه صوت غير مبين فسدت ..
وقيل لا ان لم يتعمد وان ألقى سمعه وقطع القراءة لخوف كعدو أو لمهم لم تفسد وان كان لغير مخيف فسدت ولو لم يقطعها كرعد وكلام وصوت هامة.
وقيل لا.
واجيز ان استمع لقراءة أو وعظ أو نحوهما ولم يقطع.
والصحيح الفساد.
وقيل من قطع ولو لمهم أعاد الصلاة.
وقيل لا تفسد الا أن قطع وأصغى لغير الصلاة قدر ثلاث تسبيحات أعاد الصلاة.
وينقض الصلاة والوضوء
(2)
قهقهة وفى الضحك بدون قهقهة قولان، هل ينقضهما أو ينقض الصلاة فقط.
وكان أنس يقول أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالوضوء من القهقهة حين ضحك القوم من وقوع شخص فى حفرة وهم فى الصلاة وقال من ضحك فليعد الوضوء والصلاة.
وكان جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنه يقول من ضحك فى الصلاة فليعد الصلاة لا الوضوء.
قال: وانما أمر أصحابه صلى الله عليه وسلم بالوضوء لكونهم ضحكوا خلفه وليس ذلك الحكم لغيره من الخلفاء.
وأقول الأصل عدم الخصوصية وانما تثبت بدليل ولعله فسد وضوء هؤلاء الضاحكين لأن
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 558 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 561 الطبعة السابقة
ضحكهم معصية ولو خارج الصلاة لأنه عند مصيبة ولعل الضحك فيها لعظم شأنها ناقض للوضوء مطلقا فكيف اذا كان معصية خارجها أيضا وقال ابن بركة لا ينقض الصلاة ولا الوضوء.
وتنقض الصلاة
(1)
أفعال ظاهرة ان لم تكن منها وان كانت مباحة فى غير الصلاة أو فيها لا لمهم شرعا.
ولا ينقضها فعل ظاهر منها ولا لمهم كاصلاح صلاة وتنجية ولا ينقضها تكرير أفعالها سهوا أو تكريرها لخلل فيها.
ولا ينقضها فعلان من غيرها لا منها ولا لمهم شرعا.
وقيل ينقضانها.
وقيل ينقضها ثلاثة.
وقيل لا ينقضها ولو أكثر.
وفى التاج تفسد بالعبث.
وقيل لا ان كان من جهل.
وجاز فعل خفيف ان كان فى أمرها وان كخطوة أو خطوتين لصعوبة موضعه مع القدرة عليه ما لم يرفع قدما.
وقيل ولو رفعها.
وفى التاج وفسدت قيل على من تقدم أو تأخر قدر خطوة بعد الاحرام لا لعذر.
وقيل لا وله ذلك الى خمس أو يمينا أو شمالا.
وقال ابن محبوب ان تقدم مسجده أو تأخر عن موقفه اعاد الصلاة ويعنى انه صار موقفه مسجده أو مسجده موقفه ولا يعيد بدون ذلك ان لم يتعمد أو تعمد لمهم.
وقيل يعيد.
ولو كان ذلك اذا كان لمهم أو بلا عمد وان لم يمكنه الا لمهم لم تفسد ولو بأكثر من ذلك ولزمه فعل ما أن لم يفعله انتقضت صلاته كشد ازار لو انحل لظهرت عورته وكالقاء طرف ثوبه على كتفه الأيسر اذا وقع منها وكان ان لم يرده انكشفت عورته اذا ركع أو سجد من جيبه.
واذا دخل الصلاة بثوب تنكشف به عورته اذا ركع أو سجد سهوا أو جهلا للانكشاف فله عندى أن يلبس ساترا أو يشد على وسطه فوق سرته فلا تنكشف.
وفى الديوان يشتمل بثوبه لبرد أو يزيل اشتماله أو يرسله فيبقى فى قميص لحر وان كان موضوعا فأخذه فلبسه أعاد الصلاة.
قلت وقيل لا ان كان لعلة.
وقولان فى الاعادة ان غطى رأسه احتشاما ومن ألقاه لعلة ورد لحر أو برد جاز ويرد كرزيته فى رأسه ولا يرشقها.
وان أخرج ثوبه من رأسه
(2)
رفعه عليه أو
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 562 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 564 الطبعة السابقة
ارتدى أو التحف أو سوى ثيابه متمسكا بها فلا عليه ان كان ذلك من جهة اللباس ولا يعتاده فيها.
وقيل يعيد صلاته.
ومن استرخى ازاره حتى نظر عورته أعاد الصلاة.
وان انحل وتماسك تركه.
قال أبو المؤثر لا يرفعه حتى يخاف سقوطه.
ومن لم يلو بعض عمامته على حلقه ثم ذكر فنشر طرفها ولواه ظانا جوازه تمت وان أراد السنة أعاد الصلاة عند الأكثر.
وقيل ان علم لزومه وفعله لمصالحها استحسن اعادتها بلا فساد.
وجاز ازالة أذى ومسح حصى لسجود وتسوية محله وان مسحه مرة أخرى لا لحادث مانع أعاد صلاته.
وقيل لا.
وان تعمد قبل الاحرام تأخير التسوية الى السجود فسدت.
وقيل لا ان لم يسوه واحتال للسجود.
ومن شك فى الركعة الأولى فمس جبهته ليجد فيها ترابا فلا عليه.
ومن عد الآيات أو التكبيرات بأصابعه أعاد صلاته فى الفرض لا غيره وان كره وجاز عدها فى نفسه.
والالتفات والنظر الى السماء
(1)
عمدا لا يفسد الصلاة الا من نظر من خلفه.
والصحيح الفساد بذلك.
وقال بعض قومنا الخفيف غير ناقض ولو متعددا مرارا من نوع أو أنواع ككاسر حبه تين أو عنب فى فيه لا يعيد صلاته ان تعمد
وقيل يعيد الصلاة وذلك بالسهو.
وأما لو كسرها لضرورة التقاء أسنانه عليها لقراءة أو لبلع ريق أو نحو ذلك مما يجمع الأسنان فلا فساد وان بلغها ولو غير مكسورة فسدت مطلقا لأن الأكل أعظم.
وفى الديوان
(2)
يرد بصره، ثم يحرم ويفتح يده ثم يحرم.
أعاد الصلاة.
وان أحرم وقد فتح بصره أو قبض يده
وقيل يرد بصره ويمد يده وصحت صلاته ويجعل بصره فيما رد سجوده اليه.
وقيل على وجنتيه.
وان أحد بصره فى شئ أعاد صلاته ورخص.
وان تعمد النظر قدام موضع سجوده اعاد صلاته.
ورخص ان مد بصره الى ما يلى القبلة.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 565، ص 566 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 567 الطبعة السابقة
وان مد الى غير القبلة أعاد الصلاة ورخص ان لم يتعمد.
وقيل له ان يجعل بصره حيث شاء قدامه فى قرب أو بعد لكن لا يجد نظرا.
ويجوز فتح العين وغضها
(1)
حيث جازا أو جاز احدهما ورخص.
ولو دخل فيها على ذلك وهو لا يطيقه بل يحتاج لغض أو فتح أو غيرهما أن يفعل ما أمكنه من غض وفتح ولا يعيد صلاته.
وان احتاجا ذو رمد للفتح والاغلاق فعل ما أمكن وكذا الأحول وان فعلا ما لم يحتاجا اليه فسدت صلاته وان نفى فى الصلاة شيئا بأنفه أو فيه منهما.
وجاء للمصلى
(2)
قصد ناحية خلفه عن موضعه ان قابله كأعمى والمراد معارضته ولو من جانب والذى هو كالأعمى قليل النظر ومن لا يحسن الى أين يذهب ان دفعه.
والأعرج والمريض الذى يشق عليهما الدفع ومن فى موضع شديد الظلمة اذ لا يدفع من ذكر كصحيح وأعاد صلاته ان قصد دفعه.
لا أن خاف ان يضره نحو الأعمى ويعلم أن يذهب وهو الصحيح عندى فيدفعه اذ لا يضره الدفع ففى نسخة للمصنف جاز له تنح ان قابله كأعمى وخاف أن يضر الأعمى بالعرف فيضل أو يصادم حائطا مثلا.
وقيل لا يعيد.
وقيل بجواز دفعه ان لم يضره الدفع ويدفع الصحيح.
وأجاز بعض الذهاب الى دفعه الى خمس خطوات والصحيح أنه يرده ان بعد باشارة قيل أو تسبيح.
وان جهر اعلاما له أو لغيره أعاد.
وقيل لا وانما يرده بأسهل وجه وان أبى فبأشد وان ضره لم يضمن عند بعض ولا يدخل
(3)
الصلاة بثوب يقطر ماء ان اتسع الوقت واجيز وان كان لا يقطر لكنه مبلول صلى به ولو اتسع الوقت واذا دخلها به أرخى ثوبا آخر وهو على نفسه صونا للمبلول عن الأرض ففى اعادة الصلاة قولان.
والصحيح عدم الفساد بدخولها ببدن قاطر أو ثوب قاطر ولو لم يتلطخ ولا سيما ان كان لا يتلطخ كما فى حصير وحصباء لأنه صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مباشرا به التراب.
قال فى الديوان ان أخذ الطفل ثدى امرأة فمصه فلا بأس بصلاتها وان أعطته هى أعادت صلاتها.
وفرائض الصلاة
(4)
: طهارة الثوب والجسد والمكان والنية واستقبال القبلة والوقت والقيام مع القدرة مع ارسال اليدين
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 571 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 580 الطبعة السابقة
(3)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف أطفيش ج 1 ص 581 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 585 الطبعة السابقة
فلو غلهما لعنقه بلا عذر وصلى، كذلك أعاد صلاته وان غلهما لعذر أو غلهما غيره لم يعد الصلاة.
ولا يصلى
(1)
مدافع لأخبثين وهما البول والغائط فان صلى كذلك أعاد الصلاة.
ولا يصلى
(2)
عاقص شعره لأجل الصلاة جمعه بضفر أو فتل أو بدونهما فى الصلاة خلف فقاه أو جانبا ولا عاقده أمامه أو جامعه بلا عقد قبل الصلاة أو فيها على القولين ولو امرأة وان فعل أعاد صلاته.
وقيل لا ان فعل قبلها مطلقا أو جمعه فيها أو كفه خلف أو امام فيها بلا صفر أو فتل.
حكم اعادة الصلاة الحاضرة
بالنسبة لعدم ترتيب الفوائت:
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(3)
: أنه يجب مراعاة الترتيب بين الصلاة الوقتية والصلاة الفائتة.
وكذلك يجب مراعاة الترتيب بين الفوائت اذا كانت الفوائت فى حد القلة.
أما وجوب الترتيب بين الصلاة الوقتية والصلاة الفائتة فلما روى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: من نسى صلاة فلم يذكرها الا وهو مع الامام فليصل مع الامام وليجعلها تطوعا، ثم ليقض ما تذكر، ثم ليعد ما كان صلاه مع الامام.
وهذا عين مذهبنا أنه تفسد الفرضية للصلاة اذا تذكر الفائتة ويلزمه الاعادة.
وأما وجوب الترتيب بين الفوائت اذا كانت فى حد القلة فلما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شغل عن أربع صلوات يوم الخندق قضاهن بعد هوى من الليل على الترتيب ثم قال: صلوا كما رأيتمونى أصلى.
ويبنى على هذا اذا ترك الظهر والعصر من يومين مختلفين ولا يدرى أيتهما أولى فانه يتحرى، لأنه أشتبه عليه أمر لا سبيل الى الوصول اليه بيقين وهو الترتيب فيصار الى التحرى فان مال قلبه الى شئ عمل به.
وان لم يستقر قلبه على شئ وأراد الأخذ بالثقة يصليهما ثم يعيد ما صلى أولا أيتهما كانت الا أن البداءة بالظهر أولى، لأنها أسبق وجوبا فى الأصل فيصلى الظهر ثم العصر ثم يعيد الظهر، لأن الظهر لو كانت هى التى فاتت أولا فقد وقعت موقعها وجازت، وكانت الظهر التى أداها بعد العصر ثانية نافلة له.
ولو كانت العصر هى المتروكة أولا كانت الظهر التى أداها قبل العصر نافلة له فاذا أدى العصر بعدها فقد وقعت موقعها وجازت.
(1)
شرح النبيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ج 1 ص 589 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 590 الطبعة السابقة
(3)
بدائع الصنائع ج 1 ص 132 الطبعة السابقة
ثم اذا أدى الظهر بعدها وقعت موقعها وجازت فيعمل كذلك ليخرج عما عليه بيقين وهذا قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى.
وقال ابو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا نأمره الا بالتحرى كذا ذكره أبو الليث ولم يذكر أنه اذا استقر قلبه على شئ كيف يصنع عندهما.
وذكر الشيخ الامام صدر الدين أبو المعين أنه يصلى كل صلاة مرة واحدة.
وقيل: لا خلاف فى هذه المسألة على التحقيق، لأنه ذكر الاستحباب على قول أبى حنيفة وهما ما بينا الاستحباب وذكر عدم وجوب الاعادة على قولهما.
وأبو حنيفة ما أوجب الاعادة.
هذا اذا شك
(1)
فى صلاتين فأكثر.
فأما اذا شك فى صلاة واحدة فائتة ولا يدرى أية صلاة هى فانه يجب عليه التحرى.
فان لم يستقر قلبه على شئ فانه يصلى خمس صلوات ليخرج عما عليه بيقين، وهو الأحوط، لأن من الجائز أن يكون عليه صلاة أخرى كأن تركها فى وقت آخر.
ولو نوى ما عليه ينصرف الى تلك الصلاة أو يقع التعارض، فلا ينصرف الى هذه التى يصلى فيعيد صلاة يوم وليلة ليخرج عن عهدة ما عليه بيقين.
قال صاحب البحر الرائق
(2)
: فى التجنيس وغيره: لو أن رجلا فاتته صلاة من يوم واحد ولا يدرى أى صلاة هى فانه يعيد صلاة يوم وليلة لأن صلاة يوم كانت واجبة بيقين فلا يخرج عن عهدة الواجب بالشك واذا شك فى صلاة أنه صلاها أم لا فان كان فى الوقت فعليه أن يعيد، لأن سبب الوجوب قائم وانما لا يعمل هذا السبب بشرط الأداء قبله وفيه شك.
وان خرج الوقت ثم شك فلا شئ عليه لأن سبب الوجوب قد فات.
ولو شك
(3)
فى اتمام صلاته فأخبره عدلان أنك لا تتم أعاد وبقول الواحد لا تجب الاعادة.
وعلى هذا لو ترك سجدة
(4)
من صلب مكتوبة ولم يدر أية صلاة هى فانه يؤمر باعادة خمس صلوات، لأنها من أركان الصلاة فصار الشك فيها كالشك فى الصلاة.
ويسقط الترتيب بين الفوائت والوقتية بالنسيان.
لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب يوما ثم قال: رآنى أحد منكم صليت العصر؟ فقالوا: لا، فصلى العصر ولم يعد المغرب ولو وجب الترتيب لأعاد.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 133، ص 124 الطبعة السابقة
(2)
البحر الرائق ج 2 ص 87 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 88 الطبعة السابقة
(4)
بدائع الصنائع ج 1 ص 134 الطبعة السابقة.
وعلى هذا لو صلى الظهر على غير وضوء وصلى العصر بوضوء وهو ذاكر لما صنع فأعاد الظهر ولم يعد العصر وصلى المغرب وهو يظن أن العصر تجزئه أعاد العصر ولم يعد المغرب، لأن أداء الظهر على غير وضوء والامتناع عنه بمنزلة فوات شرط أهلية الصلاة فحين صلى العصر صلى وهو يعلم أن الظهر غير جائزة.
ولو لم يعلم وكان يظن أنها جائزة لم يكن هذا الظن معتبرا، لأنه نشأ عن جهل والظن انما يعتبر اذا نشأ عن دليل أو شبهة دليل ولم يوجد فكان هذا جهلا محضا، فقد صلى العصر وهو عالم أن عليه الظهر، فكان مصليا العصر فى وقت الظهر، فلم يجز.
ولو صلى المغرب قبل اعادتهما جميعا لا يجوز لأنه صلى المغرب وهو يعلم أن عليه الظهر فصار المغرب فى وقت الظهر فلم يجز.
فأما لو كان أعاد الظهر ولم يعد العصر فظن جوازها ثم صلى المغرب فانه يؤمر باعادة العصر، ولا يؤمر باعادة المغرب، لأن ظنه أن عصره جائز ظن معتبر، لأنه نشأ عن شبهة دليل.
وفى القدورى الكبير: ترك الظهر وصلى العصر ذاكرا حتى فسد ثم قضى الظهر وصلى المغرب قبل اعادة العصر صح مغربه.
ولو علم أن عليه اعادة العصر لم تجز مغربه.
ولم يفصل فى الأصل بين ما اذا كان عالما أو جاهلا.
قال رحمه الله وهذا معنى قولهم: الفاسد يوجب الترتيب.
وقد ذكر فى المحيط معزيا الى النوادر:
لو صلى الظهر على ظن أنه متوضئ ثم توضأ وصلى العصر ثم تبين يعيد الظهر خاصة لأنه بمنزلة الناسى فى حق الظهر فلم يلزمه مراعاة الترتيب.
ولو صلى الفجر وهو ذاكر أنه لم يوتر فهى فاسدة عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى، خلافا لهما.
وهذا بناء على ان الوتر واجب عنده، وسنة عندهما ولا ترتيب فيما بين الفرائض والسنن.
وعلى هذا اذا صلى العشاء ثم توضأ وصلى السنة والوتر ثم تبين أنه صلى العشاء بغير طهارة.
فعند أبى حنيفة رحمه الله تعالى يعيد العشاء والسنة دون الوتر. لأن الوتر فرض على حدة عنده.
وعندهما يعيد الوتر أيضا لكونه تبعا للعشاء.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والإكليل
(1)
: نقلا عن ابن عرفه أن ترتيب ما لم يخرج وقته كنهاريتى يومه واجب قبل فعلهما.
فان نكس ناسيا أعاد فى الوقت.
(1)
التاج والاكليل ج 2 ص 8، ص 9 الطبعة السابقة
فان لم يعد حتى خرج الوقت فلا اعادة على المشهور.
قال ابن رشد وسواء كان ترك الاعادة فى الوقت عمدا أو جهلا بالحكم أو جهلا ببقاء الوقت أو نسيانا.
وان نكس جاهلا وجبت اعادته أبدا اتفاقا.
قال ابن رشد يجب على مذهب مالك ترتيب الفوائت فى القضاء الأول فالأول.
فان ترك الترتيب ناسيا فلا اعادة عليه.
وان تركه عامدا أو جاهلا بالصواب مثل أن يكون نسى الظهر والعصر فيذكر ذلك بعد أيام فيصلى العصر وهو ذاكر للظهر، فعلى قول ابن القاسم أنه لا اعادة عليه، لأنه اذا صلاها فقد خرج وقتها، وكأنه وضعها فى موضعها.
وقد قال فى المدونة فيمن نسى صلوات بسيرة فصلى قبلها ما هو فى وقته جاهلا أو عامدا أنه لا اعادة عليه الا فى الوقت.
وروى عن المدونة أن مالكا قال من ذكر صلوات يسيرة فى وقت صلاة بدأ بهن، وان فات وقت الحاضرة.
خلافا لأشهب وابن وهب.
وهل أربع أو خمس خلاف؟
وعبارة المدونة أن ذكر أربع صلوات فأدنى بدأ بهن فان لم يذكرهن حتى صلى فليصل ما ذكر ويعيد التى صلى ان كان فى وقتها.
وان ذكر خمس صلوات فأكثر بدأ بالحاضرة ثم يصلى ما ذكر بعد ذلك ولا يعيد الحاضرة وان كان فى وقتها.
وكذلك لو ذكرهن بعد ما صلى الحاضرة.
قال ابن القاسم
(1)
ان لم يذكر الامام الفائتة حتى سلم أجزأتهم وأعاد هو بعد قضاء التى ذكر.
قال سحنون وقد كان يقول ويعيدون هم فى الوقت.
قال ابن يونس الأول أبين.
قال المازرى مذهب المدونة أن من صلى صلاة ذاكرا لأخرى لم تفسد صلاته بل يعتد بها وانما يعيدها فى الوقت استحبابا.
قال مالك ان ذكر فذ صلاة نسيها وهو فى فريضة غيرها قطع ما لم يركع وصلى ما نسى ثم يعيد التى كان فيها.
وان صلى ركعة شفعها ثم قطع.
وان ذكرها وهو فى شفع سلم ثم صلى ما نسى وأعاد التى كان فيها.
وأن ذكرها بعد ما صلى من هذه ثلاثا أتمها أربعا ولا يجعلها نافلة.
قال ابن القاسم وأن يقطع بعد ثلاث أحب الى ثم يصلى التى ذكر ثم يعيد ما كان فيه.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 10 الطبعة السابقة.
وروى عن المدونة قال مالك ان ذكر الامام صلاة نسيها فليقطع ويعلم المأمومين فيقفون.
قال ابن يونس ولم يستخلف هنا، لأنها صلاة تصح على قول بعض الناس وتجزئ المأمومين فاذا قطعها فقد أفسد عليهم.
وان ذكر المأموم صلاة وهو خلف امام تمادى معه، فاذا سلم الامام سلم معه، ثم صلى ما نسى، ويعيد ما كان فيه مع الامام.
الا أن يكون صلى قبلها صلاة فيدرك وقتها أو وقت التى صلى مع الامام فيعيدهما جميعا بعد الفائتة.
مثل أن يذكر الصبح وهو مع الامام فى العصر فانه اذا سلم الامام صلى الصبح، ثم أعاد الظهر والعصر.
قال مالك وكذلك اذا ذكر صلاة وهو خلف امام فى المغرب فليتمادى معه، فاذا سلم الامام سلم معه، ولا يشفعها، ثم قضى ما نسى وأعاد المغرب ووقت المغرب والعشاء فى ذلك الليل كله.
وكذلك لو ذكر خلف امام فى العصر أنه نسى الظهر فليمتادى معه، فاذا فرغ صلى الظهر ثم أعاد العصر ولو جمعة.
قال ابن القاسم من نسى صلاة الصبح يوم الجمعة فلم يذكر حتى صلى الجمعة صلى الصبح ثم صلى الجمعة أربعا.
قال ابن المواز الوقت فى ذلك النهار كله وهو من قوله ان أعاد الظهرين للاصفرار.
قال ابن رشد فلو ذكر الصبح وهو فى الجمعة مع الامام خرج ان أيقن أنه يدرك من الجمعة ركعة بعد صلاة الصبح وان لم يوقن ذلك تمادى مع الامام وأعاد ظهرا أربعا، لأن الجمعة لما كانت بدلا من الظهر ووقت الظهر قائم بعد وجب أن يعيد الجمعة ظهرا أربعا، لتعذر اقامتها جمعة، خلافا لأشهب.
انته ما ينبغى أن تكون به الفتوى اذ جعله ابن رشد المذهب.
ولا مدخل للفذ هنا.
ويبقى حكم الامام اذا ذكر صلاة وهو فى صلاة الجمعة.
ومقتضى ما لابن عرفة أنه لا فرق بين الجمعة وغيرها فيقطع مطلقا هو ومأمومه على المشهور .. ومن نوازل ابن الحاج من ذكر صلاة الصبح أثناء الخطبة فانه يقوم ويصليها.
وأما أثناء صلاتها فيتمادى وفى اعادتها ظهرا قولان.
ونقل هذا البرزلى فى نوازله ولم يزد عليه شيئا.
وان نسى صلاة
(1)
وثانيتها صلى ستا وندب تقديم ظهر وقد تقدم أنه اذا ترك الترتيب فى
(1)
التاج والاكليل ج 2 ص 10 الطبعة السابقة.
الفوائت متعمدا أو جاهلا فالصواب أنه لا اعادة عليه اذ بالفراغ منها خرج وقتها.
فعلى هذا بخمس صلوات تبرأ الذمة فهذا التفريع على القول الآخر.
وقد قال ابن رشد فى المدونة من نسى صلوات يسيرة فصلى قبلها ما هو فى وقته جاهلا أو متعمدا أنه لا اعادة عليه الا فى الوقت.
قال فليزم على هذا فيمن ذكر صلاتين لا يدرى أيتهما قبل صاحبتها مثل أن يذكر الظهر والعصر من يومين لا يدرى أيتهما قبل صاحبتها أنه ليس عليه أن يصلى الا صلاتين الظهر والعصر خاصة.
وأما على القول أن عليه اعادة الصلاة التى صلى وان خرج وقتها يأتى قولهم أنه يصلى ثلاث صلوات ظهرا بين عصرين أو عصرا بين ظهرين.
قال المازرى ومن هذا الباب لو نسى صلاة، وثانيتها ولا يدرى ماهما فانه يصلى الخمس صلوات على رتبتها فى الشريعة.
ويبدأ
(1)
بالصبح ثم يعيدها اذا فرغ من الخمس فالصلاة التى تليها حاصلة فى هذا الترتيب كيفما قدرت وباعادة الصبح يتحقق اتيانه بما نسى، لأنا نجوز أن تكون المنسية العتمة ثم الصبح فلو لم يعد الصبح لم يتحقق براءة الذمة.
وقال ابن بشير وقيل يبدأ بالظهر.
وهذا على الخلاف فيما بين الفجر وطلوع الشمس هل هو من الليل أو من النهار.
ان قلنا أنه من الليل بدأ بالظهر والا بدأ بالصبح.
قال الشيخ: المعروف عن مالك أن الصبح من صلاة النهار.
قال ابن عرفة بدؤه بالصبح أولى من الظهر.
وفى ثالثتها أو رابعتها أو خامستها كذلك يثنى بالمنسى.
قال المازرى لو كان نسى صلاة وثالثتها ولا يدريهما أيضا فانه يصلى أيضا ست صلوات يبدأ بالصبح ثم ثالثتها وهى العصر ثم الثالثة من هذه وهى العشاء ثم الثالثة من هذه وهى المغرب ثم يعيد الصبح لما قدمناه من جواز أن تكون المنسية المغرب وثالثتها الصبح فلولا الاعادة لم تتحقق براءة الذمة. ومن نسى صلاتين من يومين معينين لا يدرى السابقة صلاهما واعاد المبتدأة ومع الشك فى القصر أعاد اثر كل صلاة حضرية سفرية.
قال الجلاب ومن نسى صلاتين من يوم وليلة ولا يدرى الليل قبل النهار أم النهار قبل الليل صلى ست صلوات وبدأ بالظهر اختيارا.
وان بدأ بغيره أجزأه.
وأى صلاة بدأ بها أعادها.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 12 الطبعة السابقة.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج
(1)
: لو شرع فى الحاضرة ثم ذكر الفائتة وهو فيها وجب اتمام الحاضرة ضاق وقتها أم اتسمع ثم يقضى الفائتة ويسن له اعادة الحاضرة.
ولو دخل فى الفائتة معتقدا سعة الوقت فبان ضيقه وجب قطعها والشروع فى الحاضرة.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(2)
أن المصلى ان شك فى صلاة هل صلى قبلها ودام شكه حتى فرغ من صلاته فبان أنه لم يصل أعاد الفائتة، ثم الحاضرة ليحصل الترتيب.
وان نمى صلاة من يوم بليلته يجهل عينها بأن لم يدر أظهر هى أم غيرها صلى خمسا بنية الفرض أى ينوى بكل واحدة من الخمس الفرض الذى عليه.
ولو نسى ظهرا وعصرا من يومين وجهل السابقة منهما بدأ باحداهما بالتحرى.
فان لم يترجح عنده شئ بدأ بأيهما شاء للعذر.
ولو علم أن عليه من يوم الظهر وصلاة أخرى لا يعلم هل هى المغرب أو الفجر لزمه أن يصلى الفجر ثم الظهر ثم المغرب اعتبارا بالترتيب الشرعى.
وان ترك عشر سجدات من صلاة شهر قضى صلاة عشرة أيام لجواز تركه كل يوم سجدة ذكره أبو المعالى، وجزم بمعناه فى المنته.
ومن شك فيما عليه وتيقن سبق الوجوب أبرأ ذمته يقينا نص عليه والا ما يتعين وجوبه.
ولو شك مأموم هل صلى الامام الظهر أو العصر اعتبر بالوقت فان أشكل فالأصل عدم الاعادة.
وجاء فى المغنى والشرح الكبير
(3)
: أن المصلى اذا خشى فوات الوقت قبل قضاء الفائتة واعادة التى هو فيها سقط الترتيب حينئذ ويتم صلاته فحسب.
هذا هو الصحيح من المذهب.
وهكذا لو لم يكن دخل فيها لكن لم يبق من وقتها قدر يصليهما جميعا فيه فانه يسقط الترتيب وتعذر الحاضرة.
وهو قول سعيد بن المسيب والحمن والاوزاعى والثورى واسحاق وأصحاب الرأى.
وعن أحمد رواية أخرى أن الترتيب واجب مع سعة الوقت وضيقه اختارها الخلال.
وهو مذهب عطاء والزهرى والليث.
(1)
نهاية المحتاج ج 1 ص 363، ص 364 وص 365 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع ج 1 ص 180 الطبعة السابقة.
(3)
المغنى والشرح الكبير ج 1 ص 647، 648، 649، 650 الطبعة السابقة.
ولا فرق بين أن تكون الحاضرة جمعة أو غيرهما.
قال أبو حفص: هذه الرواية تخالف ما نقله الجماعة.
فاما ان يكون غلطا فى النقل واما أن يكون قولا قديما لأبى عبد الله.
وقال القاضى: وعندى أن المسألة رواية واحدة أن الترتيب يسقط لأنه قال فى رواية مهنا فى رجل نسى صلاة وهو فى المسجد يوم الجمعة عند حضور الجمعة يبدأ بالجمعة هذه يخاف فوتها فقيل له كنت أحفظ عنك أنه اذا صلى وهو ذاكر لصلاة فائتة أنه يعيد هذه وهذه فقال كنت أقول هذا.
فظاهر هذا أنه رجع عن قوله الأول.
وفى رواية ثالثة ان كان وقت الحاضرة يتسع لقضاء الفوائت وجب الترتيب وان كان لا يتسع سقط الترتيب فى أول وقتها.
نقل ابن منصور فيمن يقضى صلوات فوائت فتحضر صلاة أيؤخرها الى آخر الوقت، فاذا صلاها يعيدها؟ فقال لا بل يصليها فى الجماعة اذا حضرت اذا كان لا يطمع أن يقضى الفوائت كلها الى آخر وقت هذه الصلاة التى حضرت.
فان طمع فى ذلك قضى الفوائت ما لم يخش فوت هذه الصلاة ولا قضاء عليه اذا صلى مرة.
وهذه الرواية احتيار أبى حفص العكبرى.
وعلل القاضى هذه الرواية بأن الوقت لا يتسع لقضاء ما فى الذمة وفعل الحاضرة فسقط الترتيب وان كان يمكنه القضاء والشروع فى أداء الحاضرة كذا هاهنا.
ويمكن أن تحمل هذه الرواية على أنه قدم الجماعة على الترتيب مشروطا بضيق الوقت من قضاء الفوائت جميعها.
واذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء
(1)
: ما لم يلحقه مشقة فى بدنه أو ماله فان لم يعلم قدر ما عليه فانه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته.
قال أحمد فى رواية صالح فى الرجل يضيع الصلاة: يعيد حتى أنه لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع.
فان نسى صلاة من يوم لا يعلم عينها أعاد صلاة يوم وليلة نص عليه وهو قول أكثر أهل العلم وذلك لأن التعيين شرط فى صحة الصلاة المكتوبة ولا يتوصل الى ذلك هاهنا الا باعادة الصلوات الخمس فلزمه.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(2)
أن من سكر حتى خرج وقت الصلاة أو نام عنها حتى خرج وقتها أو نسيها حتى خرج وقتها ففرض على هؤلاء خاصة أن يصلوها أبدا.
(1)
المغنى والشرح الكبير ج 1 ص 650 الطبعة السابقة.
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 2 ص 234 الطبعة السابقة.
قال الله تبارك وتعالى: «لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ»
(1)
.
فلم يبح الله تعالى للسكران أن يصلى حتى يعلم ما يقول.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: انه ليس فى النوم تفريط انما التفريط فى اليقظة فاذا نسى أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها اذا ذكرها.
ومن ذكر فى نفس صلاته
(2)
: أى صلاة كانت أنه نسى صلاة فرض واحدة أو أكثر من واحدة أو كان فى صلاة الصبح فذكر أنه نسى الوتر تمادى فى صلاته تلك حتى يتمها ثم يصلى التى ذكر فقط لا يجوز له غير ذلك ولا يعيد التى ذكرها فيها.
قال الله تبارك وتعالى: «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ»
(3)
.
فهذا فى عمل قد نهى عن ابطاله.
فان ذكر صلاة وهو فى وقت أخرى فان كان فى الوقت فسحة فليبدأ بالتى ذكر سواء كانت واحدة أو خمسا أو عشرا أو أكثر يصلى جميعها مرتبة ثم يصلى التى هو فى وقتها، سواء كانت فى جماعة أو فذا.
وحكمه ولا بد أن يصلى تلك الصلاة مع الجماعة من التى نسى.
فان قضاها بخلاف ذلك أجزأ.
فان كان يخشى فوت التى هو فى وقتها بدأ بها ولا بد لا يجزئه غير ذلك سواء كانت التى ذكر واحدة أو أكثر فاذا أتم التى هو فى وقتها صلى التى ذكر لا شئ عليه غير ذلك.
فان بدأ بالتى ذكر وفات وقت التى ذكرها فى وقتها بطل كلاهما وعليه أن يصلى التى ذكر ولا يقدر على التى تعمد تركها حتى خرج وقتها
(4)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(5)
: واذا التبس الظهر والعصر فينوى أنها ظهر وتجزيه أن انكشف الاتفاق والا فلا.
قال المؤيد بالله: ويكفى فى المحتاط وهو الذى يؤدى صلاة يشك فى صحتها وأراد أن يعيدها احتياطا وعليه فائت من جنسها أن ينوى أصلى آخر ما على من صلاة كذا نحو أن يشك فى صلاة الظهر فيقول فى الاعادة:
أصلى آخر ما على من صلاة الظهر، فانه اذا لم تكن الأولى صحيحة فهى آخر ما عليه، وان كانت صحيحة كانت من آخر ما فات عليه من جنسها.
(1)
الاية رقم 43 من سورة النساء.
(2)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 179 الطبعة السابقة.
(3)
الآية رقم 33 من سورة محمد
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 1 ص 181
(5)
شرح الازهار ج 1 ص 229 الطبعة السابقة
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(1)
: لو خرج يوم الجمعة وفى الوقت أربعا ان دخل الصلاة بخلل مفسد لها وان أحدث وأعاد فى الوقت صلاها ركعتين.
وان صلى المقيم خلف المسافر غير الجمعة وبان فسادها صلاها حضرية مطلقا، لأنه لم يقصر خلف المسافر، بل يتم.
وان صلى مسافر خلف الامام الجمعة فان دخلها بخلل مفسد أعاد فى الوقت ركعتين بالفاتحة على نية صلاة السفر.
وان حدث خلل أعادها صلاة جمعة فى الوقت أو بعده بسورة جهرا، وكذا ان دخلها بخلل ولم يتبين له حتى خرج الوقت.
حكم الاعادة فى صلاة الجماعة
مذهب الحنفية:
جاء فى حاشية ابن عابدين
(2)
: أنه يجب على الامام أن يجهر فى القراءة بحسب الجماعة فان زاد عليها أساء،
ولو أئتم به بعد الفاتحة أو بعضها سرا أعادها جهرا أى وجوبا، لأنه حكم الامام فى الصلاة الجهرية ووجهه أن الجهر فيما بقى صار واجبا بالاقتداء، والجمع بين الجهر والمخافتة فى ركعة واحدة شنيع.
والعلة تقتضى أنه لو أئتم به بعد قراءة بعض السورة أنه يعيد الفاتحة والسورة والا لزم الاسرار بعد وجوب الجهر أو الأمر الشنيع.
لكن فى آخر شرح المنية: لو ائتم به بعد الفاتحة يجهر بالسورة أن قصد الامامة والا فلا يلزمه الجهر.
قال ابن عابدين هذا قول آخر.
وقد حكى القولين القهستانى حيث قال:
ان الامام لو خافت ببعض الفاتحة أو كلها أو المنفرد ثم اقتدى به رجل أعادها جهرا كما فى الخلاصة.
وقيل لم يعد وجهر فيما بقى من بعض الفاتحة أو السورة كلها أو بعضها كما فى المنية.
وعزا فى القنية القول الثانى الى القاضى عبد الجبار.
ولعل وجهه أن فيه التحرز عن تكرار الفاتحة فى ركعة وتأخير الواجب عن محله وهو موجب لسجود السهو فكان مكروها وهو أسهل من لزوم الجمع بين الجهر والاسرار فى ركعة على أن كون ذلك الجمع شنيعا غير مطرد لما ذكره فى آخر شرح المنية أن الامام لو سها فخافت بالفاتحة فى الجهرية ثم تذكر يجهر بالسورة ولا يعيد.
ولو خافت بآية أو أكثر يتمها جهرا ولا يعيد.
(1)
شرح النيل ج 1 ص 599 الطبعة السابقة
(2)
حاشية ابن عابدين ج 1 ص 497، وحاشية الطحطاوى ج 1 ص 335
وجاء فى فتح القدير
(1)
: أن من اقتدى بامام ثم علم أن امامه محدث أعاد.
بامام ثم علم أن امامه محدث أعاد.
بذلك قبله لم يجز الاقتداء به اجماعا.
وانما تلزم الاعادة لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ثم تذكر جنابة فأعاد صلاته وقال: من أم قوما ثم ظهر أنه كان محدثا أو جنبا أعاد صلاته وأعادوا.
ونحن نعتبر معنى التضمين وذلك فى الجواز والفساد
وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الامام ضامن.
والمراد ضامن فى الصحة والفساد على معنى أنه يتحمل السهو والقراءة عن المقتدى وتفسد صلاة المقتدى بفساد صلاة الامام.
وأخرج عبد الرازق عن حسين بن مهران عن أبى أمامة قال صلى عمر رضى الله تعالى عنه بالناس جنبا فأعاد ولم يعد الناس، فقال له على رضى الله تعالى عنه قد كان ينبغى لمن صلى معك أن يعيد قال فرجعوا الى قول على.
قال القاسم، وقال ابن مسعود مثل قول على.
ويثبت المطلوب أيضا بالقياس على ما لو بان أنه صلى بغير احرام لا تجوز صلاتهم اجماعا والمصلى بلا طهارة لا احرام له.
ولو صلى امام بقوم زمانا ثم قال انه كان كافرا أو صليت مع العلم بالنجاسة المانعة أو صليت بلا طهارة فليس عليهم اعادة، لأن خبره غير مقبول فى الديانات لفسقه باعترافه.
وجاء فى الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه
(2)
: وكذا الحكم بالنسبة لكل مفسد فى رأى المقتدى فالحدث ليس بقيد.
فلو ظهر أن بامامه ما يمنع صحة الصلاة من الاخلال بشرط أو ركن أعاد.
والعبرة برأى المقتدى حتى لو علم من امامه ما يعتقد أنه مانع والامام خلافه أعاد وفى عكسه لا اذا كان الامام لا يعلم ذلك.
ولو اقتدى بآخر فاذا قطرة دم وكل منهما يزعم أنها من صاحبه أعاد المقتدى لفساد صلاته على كل حال.
جاء فى المبسوط
(3)
: أنه لو أحدث امام فقدم رجلا على غير وضوء فصلاته وصلاة القوم فاسدة لأن المحدث لا يصلح للاستخلاف فاشتغاله باستخلاف من لا يصلح خليفة له أعراض منه عن صلاته فتفسد صلاته وصلاة القوم.
وهذا عندنا فان حدث الامام اذا تبين بعد الفراغ فصلاتهم فاسدة فكذلك فى حالة الاستخلاف.
(1)
فتح القدير ج 1 ص 265 الطبعة السابقة
(2)
حاشية ابن عابدين ج 1 ص 553 الطبعة السابقة
(3)
المبسوط ج 1 ص 180 الطبعة السابقة
ودليلنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أم قوما ثم ظهر أنه كان محدثا أو جنبا أعاد صلاته وأعادوا، وقد روى نحو هذا عن عمر وعلى.
وكذلك لو قدم الامام المحدث صبيا فسدت صلاتهم وصلاته، لأن صلاة الصبى تخلق واعتياد أو نافلة فلا يصلح هو خليفة للامام فى الفرض، كما لا يصلح للامامة فى هذه الصلاة أصلا بنفسه.
وكذلك ان قدم الامام المحدث امرأة فصلاته وصلاتها وصلاة القوم كلهم فاسدة لأن المرأة لا تصلح لامامة الرجال.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فاشتغاله باستخلاف من لا يصلح خليفة له أعراض منه عن الصلاة فتفسد صلاته.
وبفساد صلاته تفسد صلاة القوم، لأن الامامة لم نتحول منه الى غيره.
وعند زفر رحمه الله تعالى صلاة النساء صحيحة انما تفسد صلاة الرجل، لأن المرأة تصلح لامامة النساء وانما لا تصلح لامامة الرجال.
وجاء فى حاشية ابن عابدين
(1)
على الدر المختار: أنه اذا اقتدى أمى وقارئ بأمى تفسد صلاة الكل للقدرة على القراءة بالاقتداء بالقارئ سواء علم به أو لم يعلم نواه أو لم ينوه على المذهب، وهذا عنده.
وعندهما صلاة القارئ فقط هى التى تفسد، لأنه تارك فرض القراءة مع القدرة.
وله أن الأميين أيضا تركاها مع القدرة عليها اذا كانا قادرين على تقديم القارئ حيث حصل الاتفاق فى الصلاة والرغبة فى الجماعة.
وكذلك لو استخلف أميا فى الأخريين ولو فى التشهد - أما بعده فتصح لخروجه بصنعه - تفسد صلاتهم لأن كل ركعة صلاة فلا تخلو عن القراءة ولو تقديرا أى ولا تقدير فى حق الأمى لانعدام الأهلية فقد استخلف من لا يصلح للامامة ففسدت صلاتهم.
أما صلاة الامام فلأنه عمل كثير وصلاة القوم مبنية عليها.
وجاء فى فتح القدير
(2)
: أن من انته الى الامام فى ركوعه فكبر ووقف حتى رفع الامام رأسه لا يصير مدركا لتلك الركعة لأن الشرط هو المشاركة فى أفعال الصلاة ولم يوجد لا فى القيام ولا فى الركوع.
وزفر يقول يصير مدركا لتلك الركعة لأنه أدرك الامام فيما له حكم القيام فصار كما لو أدركه فى حقيقة القيام.
ولو ركع المقتدى قبل امامه فأدركه الامام فيه جاز.
وقال زفر لا يجزئه لأن ما أتى به قبل
(1)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 554 الطبعة السابقة
(2)
فتح القدير ج 1 ص 344، ص 345 الطبعة السابقة
الامام غير معتد به فكذا ما يبنيه عليه ويجب أن يعيد هذا الركوع.
فان لم يعده لم تجزه كما لو رفع رأسه من هذا الركوع قبل ركوع الامام.
ولنا أن الشرط هو المشاركة فى جزء من الركن لأنه ينطلق عليه اسم الركوع وقد وجد فيقع موقعه.
ولو سجد قبل امامه وأدركه الامام فى السجود فهو على هذا الخلاف.
ولا يجوز للرجال
(1)
: أن يقتدوا بامرأة أو صبى.
أما المرأة فلقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: أخروهن من حيث أخرهن الله، فلا يجوز تقديمها.
وأما الصبى فلأنه متنفل فلا يجوز اقتداء المفترض به.
ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء لأن محاذاة النساء مفسدة فيؤخرن.
فان حاذته امرأة وهما مشتركان فى صلاة واحدة فسدت صلاته دون صلاتها ان نوى الامام امامتها.
والقياس أن لا تفسد.
ووجه الاستحسان هو ما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
وقد يستدل بحديث امامة انس واليتيم
حيث قامت العجوز من وراء أنس واليتيم فقد قامت منفردة خلف الصف وهو مفسد كما هو مذهب أحمد رحمه الله تعالى
(2)
للأمر بالاعادة أو لا يحل وهو معنى الكراهة لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم:
«ولا تعد، ولو حل مقامها معهما لمنعها» .
وبدلالة الاجماع على عدم جواز أمامتها للرجل أما لنقصان حالها أو لعدم صلاحيتها للامامة مطلقا أو لفقد شرط أو لترك فرض المقام.
وان لم ينو امامتها لم تضره ولا تجوز صلاتها لأن الاشتراك لا يثبت دون النية.
خلافا لزفر رحمه الله تعالى.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(3)
نقلا عن القرافى أنه لا نزاع أن الصلاة من الصلحاء والعلماء والكثير من أهل الخير أفضل من غيرهم، لشمول الدعاء وسرعة الاجابة، وكثرة الرحمة، وقبول الشفاعة.
وانما الخلاف فى زيادة الفضيلة التى لأجلها شرع الله تعالى الاعادة.
فالمذهب أن تلك الفضيلة لا تزيد وان حصلت فضائل أخرى لكن لم يدل دليل على جعلها سببا للاعادة.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 253 الطبعة السابقة
(2)
فتح القدير ج 1 ص 255، ص 256، ص 257 الطبعة السابقة
(3)
الحطاب ج 2 ص 82، ص 83 وما بعدها الطبعة السابقة
وابن حبيب يرى ذلك وقال الباسطى أظن أن معنى قولهم الجماعة لا تتفاضل أن من صلى مع أقل الجماعة لا يعيد مع أكثر منها أو أحسن، لأن من صلى مع فساق ثلاثة كمن صلى مع مائة من الأولياء.
وجاء فى المدونة أن من صلى وحده فله اعادة الصلاة فى جماعة.
وقال المشذالى فى حاشيته هنا مسألة لا أعلمها منصوصة لأهل الفروع بل لأئمة الأصول وهى لو صلى وحده مثلا ظهر يوم الأحد ثم وجد جماعة ترتبت عليهم تلك الصلاة بعينها من يومها.
فقد نص ابن رشد وغيره أنه يصح لهم قضاؤها جماعة يوم اتفاقا.
ومن يومين قولان فهل يصح له اعادتها معهم؟
ظاهر الكتاب يجوز.
وعرضته على ابن عرفة فقال طاهر المدونة كما قلت.
والذى عندى أنه لا يفعل قال لأن تعليلهم الاعادة بتحصيل فضيلة الوقت يقتضى اختصاص الاعادة بالوقت.
قال المشذالى انما عللوا الاعادة بتحصيل فضيلة الجماعة وذلك مقتضى الاعادة فى المسألة المفروضة.
ويمكن أن يقال الاعادة لتحصيل فضيلة الجماعة وذلك انما هو فى الوقت.
أما لو صلى شخص فى الوقت وحده ثم وجد جماعة يصلون تلك الصلاة بعد الوقت فالظاهر أنه لا يطالب بالاعادة معهم.
فكذلك من صلى ظهر يوم الأحد ثم وجد جماعة يصلون تلك الصلاة، لأنهم قد صرحوا بأن السّلام من الفائتة يخرج وقتها وله اعادة الفذ فى جماعة ما دام وقت الصلاة ولا يعيد اذا خرج الوقت.
وقال ابن عرفة والمذهب لمن صلى جماعة أن يعيد فى جماعة بأحد المساجد الثلاثة لا غيرها.
ونقله أبو عمر بن عبد البر فى التمهيد فى الحديث التاسع عشر لزيد بن أسلم عن مالك.
أما من صلاها فى أحد المساجد الثلاثة فذا فلا يعيدها فى جماعة.
وقال الرجراجى من صلى فى جماعة بأحد المساجد الثلاثة فلا خلاف بين كل مخالف وموافق أنه لا يعيدها فى جماعة لحصول المقصود بالمضعفة.
فاذا كنا نقول ان صلاها فى أحد المساجد الثلاثة فذا أنه لا يعيدها فى جماعة فى غيرها فاذا صلاها فى جماعة أولى.
فان صلاها فى ثلاثة فى غير المساجد الثلاث ثم أدرك تلك الصلاة فى أحد المساجد الثلاث فلا اشكال أنه يعيدها، لأنا نأمره بالاعادة فى الجماعة اذا صلى فذا ليحصل له خمس وعشرون درجة فكيف لا نأمره بالاعادة فى الجماعة اذا صلى فذا ليحصل له الألف والمئون.
فان صلاها فى جماعة ثم أدركها فى جماعة أخرى فى غير المساجد الثلاثة فهل يعيدها فهذا مما اختلف فيه فقهاء الأمصار.
فذهب مالك وأبو حنيفة الى أنه لا يعيدها. وذهب أحمد وداود الى أنه يعيد.
قال فى النوادر، ومن صلى فى بيته أو غير بيته مع رجل فصاعدا، ثم أتى المسجد هو والذى معه فأقيمت الصلاة فليخرج ولا يصليها معهم.
وكذلك من صلى فى جماعة فى مسجد أو غير مسجد لم يعدها فى جماعة الا أن تكون التى صلى فى جماعة بمكة أو المدينة أو بايلياء ثم دخل المسجد الحرام أو مسجد النبى صلى الله عليه وسلم أو بيت المقدس فوجدهم فى الصلاة أو أقيمت عليه تلك فانه يؤمر أن يصلى معهم وذلك لفضل الصلاة فيها على غيرها.
واستحب مالك لمن صلى فى جماعة فى غير هذه المساجد الثلاثة ثم دخل هذه المساجد وهم فى الصلاة أن يصليها معهم.
وكذلك قال مالك أيضا فيمن أتى مسجدا فوجد أهله قد فرغوا من الصلاة فطمع أن يدركها فى مسجد آخر أو فى جماعة يجمعها معهم فلا بأس أن يخرج ان أحب ويذهب الى حيث يرجو ادراك الصلاة فيه مع الجماعة.
الا أن يكون ذلك فى أحد المساجد الثلاث المفضلة فلا يخرج منها، وليصل وحده فيها، فان صلاته فيها فذا خير من الجماعة فى غيرها.
قال الأقفهسى
(1)
لو صلى خلف امام ثم تبين أنه محدث فان صلاة المأموم صحيحة ولا يطلب منه اعادتها فى جماعة.
ولو تبين أن المأموم محدث فهل يعيد الامام فى جماعة أم لا قولان.
قال الجزولى اذا ذكر المأموم أنه صلى بلا وضوء فان الامام يعيد فى جماعة.
وبعضهم توقف.
وقال أبو بكر بن عبد الرحمن
(2)
: صلاة الصبى نافلة من صلى معه له أن يعيد فى جماعة.
وأما من صلى بزوجته فقال أبو عمران لا يعيد.
وقال جماعة من القرويين وروى عن مالك أن له أن يعيد فى جماعة.
وذهب الى هذا ابو الحسن القابسى التونسى.
وله أن يعيد
(3)
متوضئا مأموما قال الحطاب هذا هو المشهور من الأربعة الأقوال.
كذا شهره ابن الفاكهانى.
الا أنه قال ومع التفويض لا بد من نيه الفرض.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 85 وما بعدها الطبعة السابقة
(2)
التاج والاكليل ج 2 ص 85 الطبعة السابقة
(3)
الحطاب مع التاج والاكليل فى كتاب ج 2 ص 86 وما بعدها الطبعة السابقة
وظاهر كلام غيره أن نية التفويض لا ينوى بها فرض ولا غيره.
وقال فى الذخيرة واذا أعاد لا يتعرض لتخصيص نية أو ينوى الفرض أو النفل أو اكمال الفريضة، أربعة أقوال.
وقال فى سماع محمد بن خالد من كتاب الصلاة قال محمد سألت ابن القاسم عن عمن صلى العصر فى بيته، ثم أتى المسجد فوجد القوم لم يصلوا هل ينتفل.
قال ان أحب أن ينتظر الصلاة فلا ينتفل وان أحب أن ينصرف فلينصرف.
قال ابن رشد وهذا كما قال.
قال لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة بعد العصر للغروب وبعد الصبح للطلوع.
وهذا فى النوافل عند مالك.
وانما يعيد العصر فى جماعة بعد أن صلى وحده بنية الفريضة ولا يدرى أيتهما صلاته.
ومن جعل الأولى صلاته والثانية نافلة لا يجوز له اعادة العصر والصبح فى جماعة اذ لا نافلة بعدهما.
وسئل عن الرجل يصلى فى بيته، ثم يأتى المسجد فيجد الناس فى تلك الصلاة فيصلى معهم فيذكر عند فراغه أن التى صلاها على غير وضوء، ولم يعمد صلاح تلك بهذه التى صلى مع الامام، فقال صلاته التى صلى على الظهر مجزئة عنه وليس عليه اعادة قاله ابن القاسم، ورواه عن مالك.
ولأشهب أن صلاته باطلة وعليه الاعادة فوجه قول ابن القاسم. وروايته عن مالك أنه لم يدخل مع الامام بنية النافلة وانما دخل معه بنية الاعادة لصلاته.
وان كان قد صلاها فوجب أن تجزئه ان بطلت الأولى وأن تجزئه الأولى اذا بطلت هذه لأنه صلاهما جميعا بنية الفرض كالمتوضئ يغسل وجهه مرتين أو ثلاثا.
فان ذكر أنه لم يعم فى بعضها أجزأه ما عم به منهما.
ويؤيد هذا قول عبد الله بن عمر للذى سأله أيهما يجعل صلاته أو أنت تجعلها انما ذلك الى الله تعالى.
وقد قيل انهما جميعا له صلاتان فريضتان
وهو الذى يدل عليه قول مالك أنه لا يعيد المغرب فى جماعة لأنه اذا أعادها كانت شفعا.
ووجه قول أشهب ان جعل الأولى صلاته اذ انما دخل مع الامام لفضل الجماعة مع ما قد جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم أنها له نافلة.
وليس قوله بجار على المذهب.
اذ لو كانت الأولى هى صلاته على كل حال والثانية نافلة لما جاز لمن صلى الصبح أو
العصر وحده أن يعيدهما فى جماعة اذ لا يتنفل بعدهما.
وقد قيل أنه اذا أعاد فى جماعة ودخل فيها فقد بطلت الأولى وحصلت هذه فان يطلت عليه لزمه اعادتها.
وقد قيل أنها لا تبطل عليه الأولى حتى يفعل من الثانية ركعة أو أكثر.
واذا ذكر الامام
(1)
بعد فراغه من الصلاة أنه أجنب أعاد وحده وصلاة من خلفه تامة.
فان ذكر ذلك قبل تمام صلاته استخلف.
فان تمادى بعد ذكره جاهلا أو مستحييا أو دخل عليه ما يفسد صلاته ثم تمادى أو ابتدأ بهم الصلاة ذاكرا لجنابته، فقد أفسد على نفسه وعليهم.
وتلزم من خلفه الاعادة متى علموا أو من علم بجنابته ممن خلفه والامام ناس لجنابته فتمادى معه فصلاته فاسدة يعيدها أبدا.
قال ابن ناجى وهذا هو المشهور.
وقيل انها باطلة قاله أبو بكر الأبهرى.
قال ابن الجهم ان قرءوا خلفه أجزأتهم وان لم يقرؤا لم تجزهم.
ويجرى فيها قول بعدم الاجزاء وان قرءوا قياسا على أحد قولى ابن القاسم فيما اذا ذكر الامام منسية.
وقال فى الطراز بعد ذكره قول ابن الجهم والمذهب أنه يجزئهم من قرأ ومن لم يقرأ لأن ما يتعلق بالصلاة من طهارة الامام انما ينبنى فى حقهم على حكم اعتقادهم.
فان اعتقدوا فساد طهارته ثم أئتموا به لم تجزهم صلاته وان كانت طهارته صحيحة.
فكذا اذا اعتقدوا صحتها تجزئهم صلاته وان كانت صلاته باطلة.
وقال فى الطراز أيضا فى امامة صاحب السلس أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الامام.
قال ابن عطاء الله فى شرح المدونة فى كتاب الطهارة فى امامة الجنب اختلف فى صلاة المأموم هل هى مرتبطة بصلاة الامام أم لا على ثلاثة أقوال.
أحدهما أنها مرتبطة بصلاة الامام متى فسدت عليه، فسدت عليهم قاله ابن حبيب.
الثانى أن كل مصل يصلى لنفسه قاله الشافعى.
الثالث قول مالك أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الامام الا فى سهو الأحداث.
قال الشيخ وهذه العبارة نقض وانما ينبغى أن يقال فى سهو الطهارة لأن الامام لو صلى بثوب نجس ساهيا أجزأت من خلفه.
وأما لو نسى الامام النية أو تكبيرة الاحرام لم تجزهم صلاته، لأنه لم يحصل منه شئ يدخل به فى الصلاة.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 96، ص 97 الطبعة السابقة.
ونقله اللخمى عن مالك فى نسيان تكبيرة الاحرام.
وقال لو ذكر الامام بعد فراغه من الصلاة أنه لم يقرأ فى جميع صلاته أعاد هو ومن خلفه ابدا.
والفرق أن القراءة من نفس الصلاة بخلاف الوضوء أو الغسل وأيضا فان القراءة يحملها عنهم ولا يحمل الطهارة ولأن الأصل أن كل ما أفسد صلاة الامام أفسد صلاة المأموم وخرج بالسنة من ذكر أنه محدث بقى ما عداه.
وكذا الحكم فى امام يصلى بثوب نجس ولم يعلم هو ولا من خلفه حتى فرغ من صلاته فانه يعيد فى الوقت.
ويختلف فى اعادتهم على الخلاف المتقدم فى الاعادة خلف الجنب.
فعلى المشهور لا يعيدون.
وعلى قول ابن الجهم يعيدون.
وان لم يقرءوا على القول الآخر يعيدون، لكن الاعادة هنا فى الوقت.
وأما ان علم بالنجاسة هو أو أحد المأمومين فمن علم حكمه حكم من تعمد الصلاة بالنجاسة.
قال فى المدونة واذا تعمد الامام قطع صلاته أفسد على من خلفه.
ومن أحدث بعد التشهد وقبل السّلام أعاد الصلاة.
وروى عن ابن القاسم فى أنه لو أحدث الامام بعد التشهد فتمادى حتى سلم متعمدا تجزئ من خلفه صلاتهم.
وقال عيسى يعيد ويعيدون.
وقال ابن رشد مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك فى المدونة وغيرها أن الامام اذا أحدث فتمادى بالقوم متعمدا أو جاهلا أو مستحييا فقد أفسد عليهم الصلاة ووجب عليهم اعادتها فى الوقت وبعده.
خلافا لأشهب وابن عبد الحكم فى قولهما أن صلاتهم جائزة، ولا اعادة عليهم، من أجل أنه ليس له أن يوجب عليهم بقوله صلاة سقطت عنهم بأدائهم لها على الوجه الذى أمروا وحصل هو ضامنا لها.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الامام ضامن.
لا من أجل أن صلاتهم غير مرتبطة بصلاته.
اذ لا خلاف فى المذهب فى أن صلاة القوم مرتبطة بصلاة امامهم.
قال ابن القاسم
(1)
: وان صلى من يحسن القرآن خلف من لا يحسنه أعاد الامام والمأموم أبدا.
وقد قال مالك اذا صلى امام بقوم فترك القراءة انتقضت صلاته وصلاتهم وأعادوا أبدا.
(1)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 2 ص 98، ص 99 الطبعة السابقة
قال ابن القاسم فالذى لا يحسن القرآن أشد من هذا.
قال ابن المواز ويعيد الامام والمأموم أبدا لأن الامام صلى بغير قراءة وقد وجد قارئا يأتم به فتركه يريد فاذا بطلت على الامام بطلت على المأموم.
قال سحنون فان ائتم به أميون مثله فصلاتهم تامة.
وهذا ان لم يجدوا من يصلون خلفه ممن يقرأ وخافوا ذهاب الوقت.
فأما اذا وجدوا فصلاتهم فاسدة.
قال ابن القاسم من صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود فليخرج ويتركه فان صلى خلفه أعاد صلاته أبدا داخل الوقت وخارجه.
قال ابن يونس لأنها مخالفة لمصحف عثمان رضى الله تعالى عنه المجتمع عليه.
قال مالك رحمه الله تعالى ولا بؤم العبد فى حضر فى مساجد القبائل ولا فى جمعة أو عيد.
قال ابن القاسم فان أمهم فى جمعة أو عيد أعادوا اذ لا جمعة عليه ولا عيد.
قال مالك ولا بأس أن يؤم العبد فى قيام رمضان ويؤم فى الفرائض فى سفر اذا كان أقرأهم من غير أن يتخذ اماما راتبا.
قال ابن عرفة وشرط الامام بلوغه.
وقال ابن حبيب من صلى خلف امرأة أو صبى أعاد فى الوقت وخارج الوقت، قال مالك:
واذا أيقنت أن الامام قدرى أو حرورى أو غيره من أهل الأهواء فلا تصل خلفهم ولا الجمعة.
فان اتقيته وخفته فصلها معه وأعدها ظهرا.
ووقف مالك فى اعادة من صلى خلف مبتدع.
وقال ابن القاسم يعيد فى الوقت.
قال ابن يونس انظر قوله أعدها ظهرا مع وقفه فى اعادة من صلى خلف مبتدع.
والفرق بين ذلك أن الذى صلى تقاة صلى على أن يعيد ومن صلى على أن يعيد لا تجزئه الأولى.
وأما الذى وقف فيه مالك فقد قصد الائتمان به على أن هذا فرضه ولا يعيد فالصواب أن تجزئه.
والأغلف
(1)
لا تكره امامته وانما يكره ترتبه للامامه.
وهكذا قال ابن الحاجب.
قال مالك لا أرى أن يؤم الأغلف ولا المعتوه.
قال سحنون فان أمهم الأغلف
(2)
فلا اعادة عليهم.
وأما المعتوه
(3)
فيعيدون.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 105 الطبعة السابقة
(2)
الاغلف هو الذى لم يختتن
(3)
المعتوه الذاهب العقل
وقال ابن رشد: أن المعتوه لا تصح منه نية فيعيد من أئتم به أبدا.
وأما الأغلف فلا يخرجه ترك الاختتان عن الاسلام ولا يبلغ به مبلغ التفسيق كشارب الخمر وقاتل النفس فلا تجوز امامته ابتداء، لأن الامامة أرفع مراتب الاسلام فلا يؤم الا أهل الكمال:
فان أم لم تجب الاعادة على من ائتم به لأن صلاته اذا جازت لنفسه جازت لغيره.
وفى الذخيره
(1)
: أن من شروط الامامة موافقة مذهب الامام فى الواجبات.
قال ابن القاسم فى العتبية لو علمت أن أحدا يترك القراءة فى الأخيرتين لم أصل خلفه.
وقال أشهب عند ابن سحنون من صلى خلف من لا يرى الوضوء من مس الذكر لا شئ عليه بخلاف القبلة يعيد أبدا أى داخل الوقت وخارجه.
وقال سحنون يعيد فيهما فى الوقت.
قال صاحب الطراز وتحقيق ذلك أنه متى تحقق فعله للشرائط جاز الاقتداء به وان كان لا يعتقد وجوبها والا لم تجز.
فالشافعى مسح جميع رأسه سنة فلا يضر اعتقاده.
بخلاف ما لو أم فى الفريضة بنية النافلة أو مسح رجليه.
قال المازرى قد حكى الاجماع فى الصلاة خلف المخالف فى الفروع المذهب.
وانما يمتنع فيما علم خطؤه كنقض قضاء القاضى.
قال ويدل على ذلك تفرقة أشهب بين القبلة ومس الذكر.
وكلام القرافى فى الفرق السادس والسبعين اجازة الصلاة خلف المخالف وان رآه يفعل ما يخالف مذهبه.
قال
(2)
: وعلو المأموم على امامه جائز.
ولو قصد مصل
(3)
أن يصلى فذا وأحرم ونيته ذلك ثم رأى اماما بين يديه يصلى بجماعة فهل له أن يبتدئ الاقتداء به ويتم خلفه مأموما أم لا.
المشهور أن ذلك لا ينبغى وتبطل صلاته ان فعل.
وقيل تصح.
وقال ابن عرفة
(4)
: من ائتم به غيره ولم ينو الامامة فى جماعة فعليه الاعادة.
والظاهر على قول الأكثر أنه لا يشترط أن تكون نية الامامة من أول الصلاة.
(1)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 2 ص 114 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 117، ص 118 الطبعة السابقة
(3)
الحطاب مع التاج والاكليل فى كتاب ج 2 ص 122 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 2 ص 117، ص 118 الطبعة السابقة.
فمن صلى وحده ثم دخل شخص خلفه فنوى أن يؤمه فى بقية صلاته فالظاهر أنه يحصل له فضل الجماعة.
ومن شروط الاقتداء
(1)
المساواة فى الصلاة ومن دخل مع قوم يظنهم فى الظهر فلما صلى ركعة أو ركعتين تبين له أنها العصر فحكى ابن رشد فى المسألة الثالثة من كتاب الصلاة لمالك قولين.
أحدهما أنه يقطع بتسليم ثم يستأنف الصلاتين.
والثانى أنه ان كان صلى معه ركعة أو ثلاثا فليشفع بأخرى.
قال وهو الذى يأتى على ما فى المدونة فى الذى يذكر الظهر وهو مع الامام يصلى العصر أنه يتمادى معه، ثم يعيد.
ولو علم ساعة دخل مع القوم فى صلاتهم أنها العصر لتمادى مع الامام الى تمام ركعتين على الثانى.
ولم يتم معه على القول الأول.
قال فى النوادر فى كتاب الصلاة الثانى فى باب نية الامام والمأموم: وقال سحنون فى رجلين شك أحدهما فى ظهر أمس وذكر الآخر نسيانه أن الموقن اذا ائتم بالشاك أعاد المأموم خاصة وان تقدم الموقن أجزأتهم.
وقال البرزلى
(2)
: فى أثناء كتاب الصلاة المنصوص عندنا ان سبق الامام بفعل الركن وعقده قبله فلا خلاف فى عدم الأجزاء.
وان كان يلحقه الامام قبل كماله فقولان.
المشهور الصحة.
وهى عندى تجزئ على الخلاف فى الحركة الى الأركان هل هى واجبة لنفسها أو لغيرها فلا تجزئه على الأول لا الثانى.
وذكره ابن عرفة وابن العربى فى عارضته.
وظاهره سواء كان عمدا أو سهوا أو غفلة وهو كذلك اذ قال فى مختصر الواضحة فى كتاب الصلاة فى ترجمة صلاة المريض والكبير ما نصه: وسئل مالك عن الأعمى يصلى خلف الامام فيركع قبل ركوع الامام ويسجد قبل سجوده ويسبح به فلا يفطن حتى اذا قضى صلاته أخبر بذلك قال لا تجزئه وعليه الاعادة.
وذكر البرزلى أيضا فى مسائل الصلاة أن من ظن أن أمامه ركع فركع ثم ركع امامه، فمن أعاد ركوعه مع الامام أو بقى راكعا حتى لحقه الامام فصلاته صحيحة وان رفع رأسه قبل ركوعه ولم يعد فلا بد من اعادة الصلاة.
وقال مالك
(3)
اذا صلى المسافر ركعة ثم نوى الاقامة شفعها وسلم وكانت له نافلة وابتدأ صلاة مقيم.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 125 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 127 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 150، ص 151 الطبعة السابقة
قال ابن القاسم وان كان اماما قدم غيره وخرج وأنشأ هو الصلاة معهم وبعدها أعاد فى الوقت من المدونة.
قال مالك من نوى الاقامة بعد تمام الصلاة لم أر الاعادة عليه واجبة وأحب الى أن يعيد.
وفى التفريع لا يجب أعادتها فى وقت ولا بعده.
وقد قيل يعيد فى الوقت صلاة مقيم استحبابا.
قال ابن المواز ان أحرم المسافر بالعصر عند غروب الشمس فبعد ركعة نوى الاقامة ان كان ركع قبل غروب الشمس صيرها نافلة وابتدأ صلاة مقيم.
وان ابتدأها بعد غروب الشمس لم تضره نية الاقامة.
وان اقتدى مقيم بمسافر فكل على سنته.
وقال مالك ان صلى مقيم خلف مسافر فليتم المقيم بقية صلاته بعد سلام الامام المسافر وكره.
انظر هذا مع ما يتقرر فانه يجرى على أن نقيض المستحب مكروه كعكسه وتأكد.
قال الباجى اذا اجتمع مسافرون ومقيمون فالأفضل أن يؤم المسافرين أحدهم والمقيمين أحدهم.
فان أم الجميع أحدهم فالأفضل أن يتقدمهم مسافر لأنه لا تتغير صلاة من وراءه.
وكره مالك للمسافر أن يصلى وراء المقيم لأن فى اتمامه تغير صلاته الا لمعان تقتضى ذلك فان ائتم به فلا يعيد.
وان أئتم مسافر نوى اتماما وان سهوا سجد.
والأصح اعادته.
والذى لابن رشد عن المذهب أن المسافر اذا أحرم على التمام عمدا أو ناسيا أنه فى سفر او جهلا أو متأولا ان صلاته صحيحة ويستحب أن يعيدها فى الوقت سفرية فان حضر فيه أعادها أربعا.
وفى كتاب محمد رجع ابن القاسم فى ناسى سفره عن الاكتفاء بسجود السهو.
قال سحنون ولو كان عليه سجود سهو لكان عليه فى عمده أن يعيد أبدا.
ونص المدونة من صلى فى السفر أربعا أعاد فى الوقت ركعتين.
قال ابن القاسم ان رجع فى الوقت الى نيته أعاد أربعا.
قال محمد الوقت فى ذلك النهار كله.
وقال الابيانى الوقت فى ذلك وقت الصلاة المفروضة.
قال ابن رشد
(1)
: ان أحرم مسافر خلفه مسافرون بنية ركعتين فأتم عامدا وجلس من خلفه ولم يتبعوه فانهم يعيدون فى الوقت
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 152 الطبعة السابقة.
وبعده، لأنه قد أفسد عليهم الصلاة بافساده اياها على نفسه فى المشهور من الأقوال.
قال ابن رشد وكذا أيضا ان اتبعوه سواء أتم ساهيا أو جاهلا.
ونقل عن المدونة أن مالكا قال اذا صلى مسافر بالمسافرين فقام من اثنتين فسبحوا فتمادى وجهل فلا يتبعوه ويقعدوا ويتشهدوا.
قال ابن القاسم فاذا سلم الامام سلموا بسلامه ويعيد فى الوقت وحده.
وقال مالك فيمن دخل مع قوم يظنهم سفرا فاذا هم مقيمون قال يعيد أحب الى.
قال سحنون وذلك اذا كان هذا الداخل مسافرا.
وقول مالك يعيد أحب الى يريد فى الوقت وبعده أتم صلاته بعد سلام الامام أو سلم معه من الركعتين على ما اختاره ابن المواز.
وقاله ابن القاسم فى سماع عيسى قال ابن رشد أما اذا دخل المسافر مع القوم وهو يظنهم حضريين فألفاهم مسافرين سلموا من ركعتين قال مالك تجزئه صلاته.
وهذا خلاف هذه المسألة وخلاف مذهبه فى المدونة أنها لا تجزئه.
واذا عزم
(1)
المسافر على الرحيل فجمع جمع تقديم تم بدا له عن السير فلم يرتحل وأقام بالمنهل فانه يعيد الصلاة الثانية فى وقتها.
وقال فى الطراز لو جمعهما فى أول الوقت وهو فى المنهل ولم يرحل قال على عن مالك يعيد الأخيرة ما كان فى الوقت وهذا لأن السفر سبب الضرورة ولهذا تعلق به الفطر والقصر فتعلق به الوقت الضرورى فلا يعيد من صلى فيه أبدا.
الا أن محض الضرورة لما لم يكمل استحبت الاعادة فى الوقت.
فلو جمع أول الوقت لشدة السير ثم بدا له فأقام بمكانه أو أتاه أمر ترك له جد السير.
قال ابن كنانة فى المجموعة لا اعادة عليه وهو بين قال لأن الصلاة وقعت فى حال الضرورة التامة فتعلقت بالوقت الضرورى ووقعت موقعها فزوال الضرورة بعد ذلك لا يؤثر فى صحتها ولا يوجب اعادتها.
كما لو جمع فى الحضر للمطر ثم كفت المطر بعد الجمع.
وكما لو أمن بعد صلاة الخوف.
ومن جمع لجد سير ثم أقام بمكانه فقال ابن كنانة: لا اعادة عليه.
قال ابن عرفة يعارض هذا اعادة من جمع خوف فوات عقله ونصه اذا جمع لخوف فوات عقله فسلم فنص أصبغ وغيره أنه يعيد.
وفى الرسالة جمعه تخفيف.
قال الجزولى بل هو تثقيل، لأنه ان سلم أعاد.
(1)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 2 ص 154، ص 155 الطبعة السابقة
واذا جمع بين المغرب والعشاء
(1)
ثم جلس فى المسجد حتى غاب الشفق فانه يعيد العشاء.
وقال الشيخ زروق فى شرح الرسالة فى قوله ثم ينصرفون وعليهم اسفار قبل مغيب الشفق والشفق الاسفار البياض الباقى من النهار.
وقوله قبل مغيب الشفق تفسير فلو قعدوا الى مغيب الشفق أعادوا العشاء.
وقيل لا يعيدون وثالثها قعد الجل أعادوا لا الأقل.
وفى أول رسم من سماع أشهب أنهم لا يعيدون.
ونصه: وسئل عن جمع المغرب والعشاء فى رمضان فى ليلة المطر أرأيت ان جمعوا بينهما ثم قنتوا قال هم من ذلك فى سعة قال ابن رشد هذا يقتضى أنه لا اعادة.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(2)
: أنه اذا صلى الانسان الفربضة منفردا ثم أدرك جماعة يصلونها فى الوقت استحب له أن يعيدها معهم.
وفى وجه شاذ يعيد الظهر والعصر فقط ولا يعيد الصبح والعصر، لأن الثانية نافلة والنافلة بعدهما مكروهة ولا المغرب، لأنه لو أعادها لصارت شفعا هكذا عللوه.
وينبغى أن تعلل بأنها يفوت وقتها تفريعا على الجديد.
وهذا الوجه غلط وان كان مشهورا عند الخراسانيين.
وحكى وجه ثالث وهو أنه يعيد الظهر والعصر والمغرب.
وهو ضعيف أيضا.
أما اذا صلى جماعة ثم أدرك جماعة أخرى فقيه أربعة أوجه.
الأول الصحيح منها عند جماهير الأصحاب يستحب اعادتها للحديث ولحديث من يتصدق على هذا.
والثانى: لا يستحب لحصول الجماعة.
قالوا: فعلى هذا تكره اعادة الصبح والعصر ولا يكره غيرهما.
والثالث: يستحب اعادة ما سوى الصبح والعصر.
والرابع: ان كان فى الجماعة الثانية زيادة فضيلة لكون الامام أعلم أو أورع أو الجمع أكثر أو المكان أشرف استحب الاعادة والا فلا.
والمذهب استحباب الاعادة مطلقا.
وممن صرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد ونقل أنه ظاهر نصه فى الجديد والقديم.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 2، 1579 وما بعدها الطبعة السابقة.
(2)
المجموع للنووى ج 4 ص 223، ص 224 الطبعة السابقة
وصححه أيضا القاضى أبو الطيب والبندنيجى والماوردى والمحاملى وابن الصباغ والبغوى وخلائق كثيرون لا يحصون.
ونقله الرافعى عن الجمهور.
واذا استحببنا الاعادة لمن صلى منفردا أو فى جماعة فأعاد ففى فرضه قولان ووجهان.
الصحيح من القولين وهو الجديد فرضه الأولى لسقوط الخطاب بها.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فانها لكما نافلة «يعنى الثانية» .
وفى صحيح مسلم عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال فى الأئمة الذين يؤخرون الصلاة قال: «صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة» (رواه مسلم من طرق).
والقول الثانى وهو القديم ان فرضه احدهما لا بعينها ويحتسب الله بما شاء منهما.
وعبر بعض أصحابنا عن هذا القول بأن الفرض أكملها وأحد الوجهين كلاهما فرض حكاه الخراسانيون وهو مذهب الأوزاعى.
ووجهه أن كلا منهما مأمور بها والأولى مسقطة للحرج لا مانعة من وقوع الثانية فرضا.
وهذا كما قال أصحابنا فى صلاة الجنازة اذا صلتها طائفة سقط الحرج عن الباقين فلو صلت طائفة أخرى وقعت الثانية فرضا أيضا وتكون الأولى مسقطة للحرج عن الباقين لا مانعة من وقوع فعلها فرضا وهكذا الحكم فى جميع فروض الكفايات.
والوجه الثانى: الفرض أكملهما.
وأما كيفية النية فى المرة الثانية فان قلنا بغير الجديد نوى بالثانية الفريضة أيضا.
وان قلنا بالجديد فوجهان.
أصحهما عند الأصحاب وبه قال الأكثرون ينوى بها الفرض أيضا.
قالوا ولا يمتنع أن ينوى الفرض وان كانت نقلا هكذا صححه الأكثرون.
ونقل الرافعى تصحيحه عن الأكثرين.
والثانى ينوى الظهر أو العصر مثلا ولا يتعرض للفرض وهذا هو الذى اختاره امام الحرمين وهو المختار الذى تقتضيه القواعد والأدلة.
فعلى هذا ان كانت الصلاة مغربا فوجهان حكاهما الخراسانيون.
الصحيح منهما أنه يعيدها كالمرة الأولى.
والثانى يستحب اذا سلم الامام أن يقوم بلا سلام فيأتى بركعة أخرى ثم يسلم لتصير هذه الصلاة مع التى قبلها وتراكما اذا صلى المغرب وترا.
وهذا الوجه غلط صريح ولولا خوف الاغترار به لما حكيته.
ولا تصح الصلاة
(1)
خلف أحد من الكفار على اختلاف أنواعهم.
وكذا المبتدع الذى يكفر ببدعته.
فان صلى خلفه جاهلا بكفره فان كان متظاهرا بكفره كيهودى ونصرانى ومجوسى ووثنى وغيرهم لزمه اعادة الصلاة بلا خلاف عندنا.
وقال المزنى لا يلزمه.
فان كان مستترا كمرتد ودهرى وزنديق ومكفر ببدعة يخفيها وغيرهم فوجهان مشهوران ذكر المصنف دليلهما.
الصحيح منهما عند الجمهور وقول عامة أصحابنا المتقدمين وجوب الاعادة.
وصحيح البغوى والرافعى وطائفة قليلون أنه لا اعادة.
والمذهب الوجوب.
وممن صححه الشيخ أبو حامد والماوردى والقاضى أبو الطيب والبندنيجى والمحاملى وصاحب العدة والشيخ نصر وخلائق.
قال أبو حامد والمنصوص لزوم الاعادة وهو المذهب.
وقلل الماوردى مذهب الشافعى وعامة أصحابه وجوب الاعادة.
قال وغلط من لم يوجب الاعادة.
واذا صلى الكافر الأصلى اماما أو مأموما أو منفردا أو فى مسجد أو غيره لم يصر بذلك مسلما سواء كان فى دار الحرب أو دار الاسلام نص عليه الشافعى فى الأم.
واتفق أصحابنا
(2)
على أنه لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبى خلف امرأة حكاه عنهم القاضى أبو الطيب والعبدرى ولا خنثى خلف امرأة ولا خنثى.
وتصح صلاة المرأة خلف الخنثى.
وسواء فى منع امامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح وسائر النوافل هذا مذهبنا.
ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف رحمهم الله.
وحكاه البيهقى عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين.
قال أصحابنا فان صلى خلف المرأة ولم يعلم أنها امرأة ثم علم لزمه الاعادة بلا خلاف.
وان صلى رجل خلف خنثى أو خنثى خلف خنثى ولم يعلم أنه خنثى ثم علمه لزمه الاعادة.
فان لم يعد حتى بان الخنثى الامام رجلا فهل تسقط الاعادة؟ فيه قولان مشهوران عند الخراسانيين.
أصحهما عندهم لا تسقط الاعادة وهو مقتضى كلام العراقيين.
(1)
المرجع السابق للنووى ج 4 ص 251 الطبعة السابقة
(2)
المجموع للنووى ج 4 ص 255 الطبعة السابقة
قالوا ويجرى القولان فيما لو اقتدى خنثى بخنثى فبان المأموم امرأة. وفيما لو اقتدى خنثى بامرأة فبان الخنثى امرأة.
ولو بان فى أثناء الصلاة ذكورة الخنثى الامام أو أنوثة الخنثى المصلى خلف امرأة أو خنثى ففى بطلان صلاته وجواز اتمامها القولان كما بعد الفراغ.
وحكى الرافعى وجها شاذا أنه لو صلى رجل خلف من ظنه رجلا فبان خنثى لا اعادة عليه.
والمشهور القطع بوجوب الاعادة.
ثم اذا صلت المرأة بالرجل أو الرجال فانما تبطل صلاة الرجال.
وأما صلاتها وصلاة من وراءها من النساء فصحيحة فى جميع الصلوات.
الا اذا صلت بهم الجمعة فان فيها وجهين حكاهما القاضى أبو الطيب وغيره.
واذا صلى الامام
(1)
محدثا فان كان الامام عالما بحدثه لم تصح صلاة المأمومين وان كان ساهيا صحت.
ونقل صاحب التلخيص فيما اذا تعمد الامام قولين فى وجوب الاعادة وقال هما منصوصان للشافعى.
قال القفال فى شرح التلخيص قال أصحابنا غلط فى هذه المسألة.
ولا يختلف مذهب الشافعى أن الاعادة لا تجب وان تعمد الامام.
وانما حكى الشافعى مذهب مالك أنه ان تعمد الامام لزم المأموم الاعادة.
وفى بعض نسخ شرح التلخيص قال القفال قال الأكثرون من أصحابنا لا تجب الاعادة وان تعمد.
وقال بعض أصحابنا فيها قولان.
وقال الشيخ أبو على السنجى فى شرح التلخيص أنكر أصحابنا على صاحب التلخيص وقالوا المعروف للشافعى أنه لا اعادة وان تعمد الامام.
قلت: الصواب اثبات قولين.
وقد نص على وجوب الاعادة فى البويطى.
ورأيت النص فى نسخة معتمدة منه.
ونقله أيضا صاحب التلخيص وهو ثقة وامام فوجب قبوله.
ووجهه الشيخ أبو على بأن الامام العامد للصلاة محدثا متلاعبا ليست أفعاله صلاة فى نفس الأمر ولا فى اعتقاده فلا تصح الصلاة وراءه كالكافر وغيره ممن لا يعتقد صلاته صلاة.
وأما قولهم أن الحدث يخفى فيجاب عنه بأنه وان خفى فتعمد الامام الصلاة محدثا نادر والنادر لا يسقط الاعادة.
(1)
المرجع السابق للنووى ج 4 ص 256، 257، 258، الطبعة السابقة.
وكيف كان فالمذهب الصحيح المشهور أنه لا اعادة اذا تعمد الامام.
أما اذا بان امام الجمعة محدثا فان تم العدد به فهى باطلة وان تم دونه فطريقان.
أصحهما أنها صحيحة وهو المنصوص فى الأم وغيره وبه قطع المصنف والأكثرون.
والثانى: فى صحتها - قولان ذكرهما صاحب التلخيص.
المنصوص أنها صحيحة.
والثانى: خرجه من مسألة الانفضاض عن الامام فى الجمعة أنه تجب الاعادة.
وهذا الطريق مشهور فى كتب الخراسانيين.
وذكره جماعة من العراقيين منهم القاضى أبو الطيب فى تعليقه لكنه حكاه وجهين.
قال الشيخ أبو على فى شرح التلخيص هذا القول خرجه أصحابنا عن أبى العباس من مسألة من نسى تسبيح الركوع فرجع اليه ليسبح فأدركه مأموم فيه فانه لا تحسب له تلك الركعة على المذهب.
وأما قول المصنف فى التنبيه من صلى خلف المحوث جاهلا به لا اعادة عليه فى غير الجمعة وتجب فى الجمعة فمحمول على ما اذا تم العدد به ليكون موافقا لقولهم هنا ولنص الشافعى ولما قطع به الجمهور.
ولو بان امام الجمعة
(1)
محدثا وتم العدد بغيره فجمعه المأمومين صحيحة على الصحيح.
فعلى هذا ليس للامام اعادتها لأنه قد صحت جمعة فلا تصح أخرى بعدها.
فان قلنا انها لا تصح لزم الامام والقوم أن يعيدوا الجمعة.
ولو بان الامام متطهرا والمأمومون كلهم محدثين وقلنا بالصحيح فصلاة الامام صحيحة ذكره صاحب البيان.
قال بخلاف ما لو كانوا عبيدا أو نساء لأن ذلك سهل الوقوف عليه.
وكذا قال صاحب التتمة لو بان الامام وبعض القوم متطهرين وبعض القوم محدثين ولم يتم العدد الا بهم.
فان قلنا تكون الصلاة جماعة فلا اعادة على الامام والمتطهرين والا فعليهم الاعادة.
ولو علم المأموم بحدث الامام ثم لم يفارقه ثم صلى وراءه ناسيا علمه بحدثه لزمه الاعادة بلا خلاف لتفريطه.
ولو بان الامام مجنونا وجبت الاعادة بلا خلاف على المأموم، لأنه لا يخفى.
فلو كان له حالة جنون وحالة افاقة أو حالة استلام وحالة ردة واقتدى به ولم يدر فى أى حالة كان فلا اعادة عليه لكن يستحب نص عليه فى الأم واتفقوا عليه.
(1)
المجموع للنووى ج 4 ص 259 وما بعدها الطبعة السابقة
ولو صلوا خلف من يجهلون اسلامه فلا اعادة نص عليه فى الأم.
وكذا لو شكوا أمسلم هو أم كافر أجزأتهم.
صلاتهم، لأن اقدامه على الصلاة بهم دليل ظاهر على اسلامه ولم يقع خلافه.
ولو صلى خلف من أسلم فقال بعد الفراغ لم أكن أسلمت حقيقة أو قال كنت أسلمت ثم ارتددت فلا اعادة أيضا، لأن قوله مردود صرح به الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الطيب والأصحاب.
ولو صلوا خلف من علموه كافرا ولم يعلموا اسلامه فبان بعد الفراغ أنه كان مسلما قبل الصلاة لزمهم الاعادة بالاتفاق نص عليه فى الأم قال: لأنه لم يكن لهم أن يقتدوا به حتى يعلموا اسلامه.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير
(1)
: أن من صلى فرضه ثم أدرك تلك الصلاة فى جماعة استحب له اعادتها أى صلاة كانت بشرط أن تقام وهو فى المسجد أو يدخل المسجد وهم يصلون، وهذا قول الحسن وأبى ثور.
فان أقيمت صلاة الفجر أو العصر وهو خارج المسجد لم يستحب له الدخول
واشترط القاضى لجواز الاعادة فى وقت النهى أن يكون مع امام الحى.
ولم يفرق الخرقى بين امام الحى وغيره
ولا بين المصلى جماعة وفرادى.
وكلام أحمد يدل على ذلك أيضا.
قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عمن صلى فى جماعة ثم دخل المسجد وهم يصلون أيصلى معهم؟ قال نعم، وذكر حديث أبى هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم انما هو نافلة فلا يدخل فان دخل صلى وان كان قد صلى فى الجماعة.
قيل لأبى عبد الله والمغرب؟
قال نعم الا أنه فى المغرب يشفع.
يدل لنا ما روى جابر بن يزيد الأسود عن أبيه رضى الله تعالى عنهم قال: شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الفجر فى مسجد الخيف وأنا غلام شاب فلما قضى صلاته اذ هو برجلين فى آخر القوم لم يصليا معه فقال على بهما فأتى بهما ترعد فرائصهما فقال ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا يا رسول الله قد صلينا فى رحالنا قال: «لا تفعلوا اذا صليتما فى رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فانها لكم نافلة» رواه أبو داود والترمذى وقال حديث حسن صحيح رواه الأثرم.
وروى مالك فى الموطأ عن زيد بن أسلم عن بسر بن محجن عن أبيه أنه كان جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأذن
(1)
المغنى والشرح الكبير ج 1 ص 754، ص 755، ص 756 وما بعدها الطبعة السابقة.
للصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى ثم رجع ومحجن فى مجلسه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«ما منعك أن تصلى مع الناس ألست رجل مسلم» فقال: بلى يا رسول الله ولكنى قد صليت فى أهلى فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اذا جئت فصل مع الناس وان كنت قد صليت» .
وعن أبى ذر قال: ان خليلى يعنى النبى صلى الله عليه وآله وسلم أوصانى أن أصلى الصلاة لوقتها «فاذا أدركتها معهم فصل معهم فانها لك نافلة» رواه مسلم وفى رواية: فان أدركتها معهم فصل ولا تقل انى صليت فلا أصلى. رواه النسائى.
وهذه الأحاديث بعمومها تدل على محل النزاع.
وحديث يزيد بن الأسود صريح فى اعادة الفجر والعصر مثلها.
والأحاديث بأخلاقها تدل على الاعادة سواء كان مع امام الحى أو غيره.
وسواء صلى وحده أو فى جماعة.
وقد روى أنس قال صلى بنا أبو موسى الغداة فى المربد فانتهينا الى المسجد الجامع فاقيمت الصلاة فصلينا مع المغيرة ابن شعبة.
وعن صلة عن حذيفة أنه أعاد الظهر والعصر والمغرب وكان قد صلاهن فى جماعة رواهما الأثرم.
واذا أعاد المغرب شفعها برابعة نص عليه أحمد.
وبه قال الأسود بن يزيد والزهرى.
وروى صلة عن حذيفة أنه قال لما أعاد المغرب قال ذهبت أقول فى الثالثة:
فأجلسنى، وهذا يحتمل أنه أمره بالاقتصار على ركعتين لتكون شفعا.
ويحتمل أنه أمره بالصلاة مثل صلاة الامام.
ولنا أن هذه الصلاة نافلة ولا يشرع التنفل بوتر غير الوتر فكان زيادة ركعة أولى من نقصانها لئلا يفارق امامه قبل تمام صلاته.
واذا صلى الامام
(1)
بالجماعة محدثا أو جنبا غير عالم فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة فصلاتهم صحيحة وصلاة الامام باطلة.
روى ذلك عن عمر وعثمان وعلى وابن عمر رضى الله تعالى عنهم، ولاجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم.
فقد روى أن عمر رضى الله تعالى عنه صلى بالناس الصبح ثم خرج الى الجرف فأهراق الماء فوجد فى ثوبه احتلاما فأعاد ولم يعد الناس.
وعن محمد بن عمرو بن المصطلق الخزاعى أن عثمان صلى بالناس صلاة الفجر فلما أصبح وارتفع النهار فاذا هو بأثر الجنابة فقال كبرت
(1)
المغنى لابن قدامه المقدسى ج 1 ص 744:، ص 745، ص 746 الطبعة السابقة.
والله كبرت والله فأعاد الصلاة ولم يأمرهم أن يعيدوا.
وعن على أنه قال: اذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة آمره أن يغتسل ويعيد ولا آمرهم أن يعيدوا.
وعن ابن عمر انه صلى بهم الغداة ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا رواه كله الأثرم وهذا فى محل الشهرة ولم ينقل خلافه فكان اجماعا.
وعن البراء بن عازب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «اذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم» أخرجه أبو سليمان محمد بن الحسن الحرانى فى جزء.
ولأن الحدث مما يخفى ولا سبيل للمأموم الى معرفته من الامام فكان معذورا فى الاقتداء.
وبه يفارق ما اذا علم الامام حدث نفسه لأنه يكون مستهزئا بالصلاة فاعلا لما لا يحل.
وكذلك ان علم المأموم فانه لا عذر له فى الاقتداء به.
وقياس المعذور على غيره لا يصح.
والحكم فى النجاسة كالحكم فى الحدث سواء لأنها احدى الطهارتين فأشبهت الأخرى ولأنها فى معناها فى خفائها على الامام والمأموم بل حكم النجاسة أخف وخفاؤها أكثر.
الا أن فى النجاسة رواية أخرى أن صلاة الامام تصح أيضا اذا نسيها.
واذا علم بحدث نفسه فى الصلاة أو علم المأمومون لزمهم استئناف الصلاة نص عليه.
قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن رجل صلى بقوم وهو غير طاهر بعض الصلاة فذكر.
قال: يعجبنى أن يبتدئوا الصلاة.
قلت له: يقول لهم: استأنفوا الصلاة؟
قال: لا ولكن ينصرف ويتكلم ويبتدئون هم الصلاة.
وقال ابن عقيل: فيه عن أحمد رحمه الله تعالى رواية أخرى اذا علم المأمومون أنهم يبنون على صلاتهم.
يدل لنا أنه ائتم بمن صلاته فاسدة مع العلم منهما أو من احداهما أشبه ما لو ائتم بامرأة.
وانما خولف هذا فيما اذا استمر الجهل منهما للاجماع ولأن وجوب الاعادة على المأمومين حال استمرار الجهل يشق لتفرقهم بخلاف ما اذا علموا فى الصلاة.
وان علم بعض المأمومين دون بعض فالمنصوص أن صلاة الجميع تفسد.
والأولى أن يختص البطلان بمن علم دون من جهل لأنه معنى مبطل اختص به فاختص بالبطلان كحدث نفسه.
وان أم أمى
(1)
أميا وقارئا
(2)
أعاد القارئ وحده فلا يجوز لغير الأمى أن يأتم بالأمى، ويصح لمثله أن يأتم به.
ولذلك خص الخرقى القارئ بالاعادة فيما اذا أم أميا وقارئا.
وقال القاضى هذه المسألة محمولة على أن القارئ مع جماعة أميين حتى اذا فسدت صلاة القارئ بقى خلف الامام اثنان فصاعدا.
فان كان معه أمى واحد وكانا خلف الامام أعادا جميعا، لأن الأمى صار فذا.
والظاهر أن الخرقى انما قصد بيان من تفسد صلاته بالائتمام بالأمى وهذا يخص القارئ دون الأمى.
ويجوز أن تصح صلاة الأمى لكونه عن يمين الامام أو كونهما جميعا عن يمينه أو معهم.
ويدل لنا على الأول أنه ائتم بعاجز عن ركن سوى القيام يقدر عليه المأموم، فلم تصح كالمؤتم بالعاجز عن الركوع والسجود، ولأن الامام يتحمل القراءة عن المأموم وهذا عاجز عن النحمل للقراءة الواجبة على المأموم فلم يصح له الائتمام به، لئلا يفضى الى أن يصلى بغير قراءة.
ويدل على صحة صلاة الامام أنه أم من لا يصح له الائتمام به فلم تبطل صلاته كما لو أمت امرأة رجلا ونساء.
وقولهم أنه يلزم القراءة عن القارئ لا يصح لأن الله تعالى قال: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها»
(3)
ومن لا تجب عليه القراءة عن نفسه فعن غيره أولى.
وان أم الأمى قارئا واحدا لم تصح صلاة واحد منهما لأن الأمى نوى الامامة وقد صار فذا.
واذا صلى القارئ خلف من لا يعلم حاله فى صلاة الاسرار صحت صلاته لأن الظاهر أنه لا يتقدم الا من يحسن القراءة ولم ينخرم الظاهر فانه أسر فى موضع الاسرار.
وان كان يسر فى صلاة الجهر ففيه وجهان.
أحدهما لا تصح صلاة القارئ ذكره القاضى، لأن الظاهر أنه لو أحسن القراءة لجهر.
والثانى تصح، لأن الظاهر أنه لا يؤم الناس الا من يحسن القراءة.
واسراره يحتمل أن يكون نسيانا، أو لجهله، أو لأنه لا يحسن أكثر من الفاتحة فلا تبطل الصلاة بالاحتمال.
فان قال قد قرأت فى الاسرار صحت الصلاة على الوجهين، لأن الظاهر صدقه.
ويستحب الاعادة احترازا من أن يكون كاذبا.
(1)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 2 ص 31، 32 الطبعة السابقة
(2)
الامى من لا يحسن الفاتحة أو بعضها أو يخل بحرف منها وان كان يحسن غيرها.
(3)
الاية رقم 286 من سورة البقرة
ولو أسر فى صلاة الاسرار ثم قال: ما كنت قرأت الفاتحة لزمه ومن وراءه الاعادة.
وقد روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه صلى بهم المغرب فلما سلم قال: أما سمعتمونى قرأت قالوا: لا، قال: فما قرأت فى نفسى فأعاد بهم الصلاة.
ولا تصح الصلاة خلف الكافر
(1)
بحال سواء علم بكفره بعد فراغه من الصلاة أو قبل ذلك وعلى من صلى خلفه الاعاده.
وقال أبو ثور والمزنى لا اعادة على من صلى خلفه وهو لا يعلم لأنه ائتم بمن لا يعلم حاله فأشبه ما لو ائتم بمحدث.
ويدل لنا أنه ائتم بمن ليس من أهل الصلاة فلم تصح صلاته كما لو ائتم بمجنون.
وأما المحدث فيشترط أن لا يعلم حدث نفسه والكافر يعلم حال نفسه.
وأما المرأة فلا يصح أن يأتم بها الرجال بحال فى فرض ولا نافلة فى قول عامة الفقهاء.
وقال أبو ثور: لا اعادة على من صلى خلفها وهو قياس قول المزنى.
وقال بعض أصحابنا يجوز أن تؤم الرجال فى التراويح وتكون وراءهم.
لما روى عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها رواه أبو داود وهذا عام فى الرجال والنساء.
ويدل لنا قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تؤمن امرأة رجلا» ولأنها لا تؤذن للرجال فلم يجز أن تؤمهم كالمجنون».
وحديث أم ورقة انما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها كذلك رواه الدارقطنى.
وهذه زيادة يجب قبولها ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه لأنه أذن لها أن تؤم فى الفرائض بدليل أنه جعل لها مؤذنا والأذان انما شرع فى الفرائض.
ولا خلاف فى أنها لا تؤمهم فى الفرائض ولأن تخصيص ذلك فى التراويح واشتراط تأخرها بحكم من يخالف الأصول بغير دليل فلا يجوز المصير اليه.
ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة لكان خاصا لها بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا اقامة فتختص بالامامة لاختصاصها بالأذان والاقامة.
وأما الخنثى فلا يجوز أن يؤم رجلا يحتمل أن يكون امرأة.
ولا يؤم خنثى مثله لأنه يجوز أن يكون الامام امرأة والمأموم رجلا.
ولا يجوز أن تؤمه امرأة لاحتمال أن يكون رجلا.
قال القاضى رأيت لأبى حفص البرمكى أن الخنثى لا تصح صلاته فى جماعه.
(1)
المغنى لابن قدامه المقدسى ج 2 ص 33 ص 34 الطبعة السابقة.
لأنه ان كان مع الرجال احتمل أن يكون امرأة.
وان قام مع النساء أو وحده أو ائتم بامرأة احتمل أن يكون رجلا. وان أم الرجال احتمل أن يكون امرأة.
وان أم النساء فقام وسطهن احتمل أنه رجل.
وان قام بين أيديهن احتمل أنه امرأة ويحتمل أن تصح صلاته فى هذه الصورة.
وفى صورة أخرى وهو أن يقوم فى صف الرجال مأموما فان المرأة اذا قامت فى صف الرجال لم تبطل صلاتها ولا صلاة من يليها.
وجاء فى كشاف القناع
(1)
أن الامام ان ترك ركنا عنده وحده كالطمأنينة.
أو ترك الامام واجبا عنده وحده كالتشهد الأول.
أو ترك الامام شرطا عنده وحده دون المأموم كستر أحد العاتقين فى الفرض بأن كان المأموم لا يرى المتروك ركنا ولا واجبا ولا شرطا.
أو كان المتروك ركنا أو واجبا أو شرطا عنده وعند المأموم حال كون الامام عالما بما تركه أعادا لبطلان صلاة الامام بتركه الشرط أو الركن أو الواجب عمدا وبطلان صلاة المأموم ببطلان صلاة امامه.
وان كان الترك سهوا.
فان كان المتروك واجبا صحت صلاتهما ولا اعادة.
وان كانت الطهارة صحت لمأموم وحده.
وان كان ركنا وأمكن تداركه قريبا فعلى ما تقدم فى سجود السهو.
وان كان شرطا غير طهارة الحدث والخبث لم تنعقد لهما وأعادا.
وان كان المتروك ركنا أو شرطا أو واجبا عند المأموم وحده كالحنبلى اقتدى بمن مس ذكره أو ترك ستر أحد العاتقين أو الطمأنينة فى الركوع ونحوه أو تكبيرة الانتقال فى الركوع ونحوه متأولا أو مقلدا من لا يرى ذلك مفسدا فلا اعادة على الامام ولا على المأموم لأن الامام تصح صلاته لنفسه فجازت خلفه كما لو لم يترك شيئا.
ومن ترك ركنا أو شرطا مختلفا فيه بلا تأويل ولا تقليد أعاد ذكره الآجرى كتركه فرضه ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذى ترك الطمأنينة بالاعادة.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(2)
: أنه يستحب لمن صلى اذا وجد جماعة تصلى تلك الصلاة أن يعيد تلك الصلاة معهم.
ويكره ترك الاعادة فى كل صلاة سواء كان صلى منفردا لعذر أو فى جماعة.
(1)
كشاف القناع مع منته الارادات ج 1 ص 308، ص 309 الطبعة السابقة.
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 2، ص 258، ص 259 مسالة رقم 284.
وليصلها ولو مرات كلما وجد جماعة تصليها.
واستدل ابن حزم
(1)
بما روى عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر رضى الله تعالى عنه قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف أنت اذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها. قلت: فما تأمرنى؟ قال صل الصلاة لوقتها فان أدركتها فيهم فصل فانها لك نافلة.
وفى مسلم حدثنى زهير بن حرب حدثنا اسماعيل عن أيوب السختيانى عن أبى العالية البراء قال: أخر ابن زياد الصلاة فجاء عبد الله ابن الصامت فذكرت له صنيع ابن زياد فقال سألت أبا ذر كما سألتنى فقال انى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتنى فضرب فخذى وقال: صل الصلاة لوقتها فان ادركتك الصلاة معهم فصل ولا تقل انى قد صليت فلا أصلى.
قال ابن حزم فهذا عموم منه صلى الله عليه وسلم لكل صلاة ولمن صلاها فى جماعة أو منفردا لا يجوز تخصيص شئ من ذلك بالدعوى بلا دليل.
وأخذ بهذا جماعة من السلف.
كما روينا عن أبى ذر أنه أفتى بذلك.
وان صلت امرأة
(2)
الى جنب رجل لا تأتم به ولا بامامه فذلك جائز.
فان كان لا ينوى أن بؤمها ونوت هى ذلك فصلاته تامة وصلاتها باطلة.
فان نوى أن يؤمها وهى قادرة على التأخر عنه فصلاتهما جميعا فاسدة.
فان كانا جميعا مؤتمين بامام واحد قادر على تأخيرها فصلاتها باطلة وصلاته تامة.
وان كانت قادرة على التأخر وهو غير قادر على تأخيرها فصلاتها باطلة وصلاته تامة.
فلو قدر على تأخيرها فلم يفعل فصلاتهما جميعا باطلة.
وذلك لما روى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى بهم، قال أنس: فصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف، فصح أن مقام المرأة والمرأتين والأكثر انما هو خلف الرجال.
والصلاة خلف من يدرى
(3)
أنه كافر باطلة.
وكذلك خلف من يدرى أنه متعمد للصلاة بلا طهارة أو متعمد للعبث فى صلاته.
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 2 ص 262 الطبعة السابقة رقم 284
(2)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 17 الطبعة السابقة رقم 387.
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 51 مسألة رقم 411، 412 الطبعة السابقة.
وهذا لا خلاف فيه من أحد مع النص الثابت.
فان صلى خلف من يظنه مسلما ثم علم أنه كافر أو أنه عابث أو أنه لم يبلغ فصلاته تامة.
وأيما رجل صلى
(1)
خلف الصف بطلت صلاته.
ولا يضر ذلك المرأة شيئا.
ومن صلى وأمامه فرجة فى الصف يمكنه سدها بنفسه فلم يفعل بطلت صلاته.
فان لم يجد فى الصف مدخلا فليجتذب الى نفسه رجلا يصلى معه.
فان لم يقدر فليرجع ولا يصلى وحده خلف الصف الا أن يكون ممنوعا فيصلى وتجزئه.
لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده فامره أن يعيد الصلاة.
ولا تجزئ
(2)
صلاة فرض أحدا من الرجال اذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها الا فى المسجد مع الامام فان تعمد ترك ذلك بغير عذر بطلت صلاته.
فان كان بحيث لا يسمع الأذان ففرض عليه أن يصلى فى جماعة مع واحد اليه فصاعدا ولا بد.
فان لم يفعل فلا صلاة له الا أن لا يجد أحدا يصليها معه فتجزئه حينئذ.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار
(3)
: أنه تصح صلاة أمامة المجهول بناء على الظاهر فان لم يجهر فى الجهرية أعاد المؤتم ان لم يعزل.
قال البعض الا أن يقول قرأت سرا.
قلت على أصله أنه غير واجب.
وان أم الكافر
(4)
مسلما يعزر وتعاد الصلاة.
فان ادعى الامام أنه ارتد حال الصلاة لم تعد اذ لا يصدق قلت.
بخلاف ما لو قال أنسيت الحدث فيصدق لعدالته.
وجاء فى البحر الزخار
(5)
أأنه لا يؤتم بمن عرف حدثه اجماعا.
قال البعض فان جهل أعيدت كما لو انكشف كافرا أو امرأة ..
قال البعض لا، اذ لم يأمر النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «من افتتح معه يوم نسى الجنابة بالاعادة بل قال على رسلكم.
(1)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى مسألة رقم 415 الطبعة السابقة ج 4 ص 52.
(2)
المحلى لابن حزم ج 4 ص 118 م رقم 485
(3)
البحر الزخار ج 1 ص 307 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 311 الطبعة السابقة.
(5)
البحر الزخار ج 1 ص 414 الطبعة السابقة
قلت لعله أمرهم بالبقاء فى الصف.
قالوا قال: اذا سها الامام فصلى بقوم وهو جنب فقد قضيت صلاتهم ثم يغتسل هو ويعيد.
قلت يعنى اذا علم ولم يعلموا.
قالوا قال: انكم تصلون بهم فما صلح فلكم ولهم وما فسد فعليكم دونهم.
قلت يعنى اذا لم يعلموا.
قال البعض ان علم الامام بحدثه أعادوا والا صحت اذ هو معذور، لنا ما مر.
وقيل ان كان جنابة أعادوا اذ هى أغلظ.
قلنا العلة الحدث
قلت وحيث الاعادة مختلف فيها والمؤتم لا مذهب له فى المسألة لا يلزم الامام اعلامه اذ قد أجزأته حينئذ.
مذهب الإمامية:
جاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
:
أنه اذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو فان لم يكن عمرو عادلا بطلت صلاته أيضا وعليه الاعادة وان كان عمرو ايضا عادلا ففى المسألة صورتان.
احداهما أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيل أن الحاضر هو زيد.
وفى هذه الصورة تبطل جماعته وصلاته أيضا ان خالفت صلاة المنفرد وعليه الاعادة.
الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر ولكن تخيل أنه زيد فبان أنه عمرو.
وفى هذه الصورة الأقوى صحة جماعته وصلاته فالمناط ما قصده لا ما تخيله من باب الاشتباه فى التطبيق.
ولو ركع
(2)
المأموم بتخيل ادراك الامام راكعا ولم يدرك بطلت صلاته بل وكذا لو شك فى ادراكه وعدمه.
والأحوط فى صورة الشك الاتمام والاعادة للصلاة أو العدول الى النافلة والاتمام ثم اللحوق فى الركعة الأخرى وتجب منابعة المأموم لامامه.
واذا رفع
(3)
المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا أو لزعم رفع الامام رأسه وجب عليه العود والمتابعة ولا يضره زيادة الركن حينئذ لأنها مفتقرة فى الجماعة فى نحو ذلك وان لم يعد أثم وصحت صلاته.
لكن الأحوط اعادتها بعد الاتمام.
بل لا يترك الاحتياط اذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب ولم يتابع مع الفرصة لها.
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 147 مسألة رقم 12 الى ص 150 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 7 ص 165 مسألة 25 الطبعة السابقة
(3)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 220، ص 222 وما بعدها الطبعة السابقة.
ولو ترك المتابعة حينئذ سهوا أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الاعادة وان كان قبل الذكر هذا ولو رفع رأسه عامدا لم يجز له المتابعة وان تابع عمدا بطلت صلاته للزيادة العمدية.
ولو تابع سهوا فكذلك اذا كان ركوعا أو فى كل من السجدتين.
وأما فى السجدة الواحدة فلا.
ولو رفع رأسه من الركوع قبل الامام سهوا ثم عاد اليه للمتابعة فرفع الامام رأسه قبل وصوله الى حد الركوع فالظاهر بطلان الصلاة لزيادة الركن من غير أن يكون للمتابعة واغتفار مثله غير معلوم.
وأما فى السجدة الواحدة اذا عاد اليها ورفع الامام رأسه قبله فلا بطلان لعدم كونه زيادة ركن ولا عمديه.
لكن الأحوط الاعادة بعد الاتمام.
ولو رفع رأسه من السجود
(1)
فرأى الامام فى السجدة فتخيل أنها الأولى فعاد اليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية.
وان تخيل أنها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان أنها الأولى حسبت متابعة والأحوط اعادة الصلاة فى الصورتين بعد الاتمام.
وجاء فى الروضة البهية
(2)
: أنه لو تبين للمأموم عدم الأهلية من الامام للامامة بحدث أو فسق أو كفر فى الأثناء انفرد حين العلم والا فعليه الاعادة لصلاته.
وان تبين ذلك للمأموم بعد الفراغ من الصلاة فلا اعادة عليه على الأصح مطلقا اللامتثال.
وقيل يعيد فى الوقت لفوات الشرط وهو ممنوع مع عدم اقضائه الى المدعى.
ولو عرض للامام فخرج من الصلاة لا يخرج عن الأهلية كالحدث استناب هو.
وكذا لو تبين كونه خارجا ابتداء لعدم الطهارة ويمكن شمول المخرج فى العبارة لهما.
وجاء فى شرائع الاسلام
(3)
: أنه تجب متابعة الامام فلو رفع المأموم رأسه عامدا استمر وان كان ناسيا أعاد صلاته.
ويستحب أن يقف المأموم عن يمين الامام ان كان رجلا واحدا وخلفه ان كانوا جماعة أو امرأة.
ولو كان الامام امرأة وفقت النساء الى جانبها.
وكذا لو صلى العارى بالعراة جلس وجلسوا عن سمته ولا يبرز الا بركبتيه.
ويستحب أن يعيد المنفرد صلاته اذا وجد من يصلى تلك الصلاة جماعة اماما كان أو مأموما.
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 223 الطبعة السابقة
(2)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للعاملى ج 1 ص 119 الطبعة السابقة
(3)
شرائع الاسلام للمحقق الحلى ج 1 ص 70 الطبعة السابقة
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
:
أنه اذا صلى منفردا أو جماعة واحتمل فيها خللا فى الواقع وان كانت صحيحة فى ظاهر الشرع يجوز بل يستحب أن يعيدها منفردا أو جماعة.
وأما اذا لم يحتمل فيها خللا فان صلى منفردا ثم وجد من يصلى تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة اماما كان أو مأموما.
ويدل عليه جملة من النصوص كصحيح هشام بن سالم عن أبى عبد الله فى الرجل يصلى الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلى معهم ويجعلها الفريضة ان شاء ونحوه حسن حفص مقتصرا فيه على قوله ويجعلها الفريضة.
وصحيح زرارة لا ينبغى للرجل أن يدخل مع قوم فى صلاتهم وهو لا بنويها صلاة بل ينبغى له أن ينويها وان كان قد صلى فان له صلاة أخرى.
وموثق عمار عن الرجل يصلى الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز له أن يعيد الصلاة معهم قال ليس به بأس.
ولا يبعد جواز اعادتها جماعة اذا وجد من يصلى غير تلك الصلاة.
كما اذا صلى الظهر فوجد من يصلى العصر جماعة.
لكن القدر المتيقن الصورة الأولى.
وأما اذا صلى جماعة اماما أو مأموما فيشكل استحباب اعادتها.
وكذا يشكل اذا صلى اثنان منفردان ثم أرادا الجماعة فاقتدى أحدهما بالآخر من غير أن يكون هناك من لم يصل.
واذا ظهر بعد اعادة الصلاة جماعة أن الصلاة الأولى كانت باطلة يجتزأ بالمعادة.
وفى الصلاة المعادة اذا أراد نية الوجوب ينوى الندب لا الوجوب على الأقوى.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(2)
: أن من صلى فريصة وحده أو مع جماعة ثم وجد جماعة أخرى تصلى فى مسجد أو غيره تلك الصلاة صلاها باعادة معهم ان لم تكن فجرا أو عصرا ونواها نافلة او سنة أو احتياطا.
وقيل احتياطا وسلم بعد ركعتين أو يسلم من ركعتين ويدعو ويخرج.
وأما المغرب فيسلم من ركعتين فيه ويدعو ويذهب.
ويجوز أن يحرم بالثالثة ويزيد واحدة بعد سلام الامام ويقعد عند التحيات الأخيرة معه ساكتا فاذا سلم الامام قام ساكتا لأنه قام من السجود بتكبير نواه تكبير القيام أو يحرم بتلك الواحدة بناء على جواز النفل بواحدة قياسا على الوتر.
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 303، ص 304، ص 305 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 433، ص 434 الطبعة السابقة
ويجوز أن لا يسلم فى الرباعية عند التحيات الأولى لاجازة بعض التنفل بأربع وبعض بثلاث.
وكذلك ان صلى سنة لم وجد الامام يصليها.
وقيل من صلى فلا يعيد ولو وجد الامام يصلى.
وقيل أنه يصليها الا المغرب.
وقيل الا المغرب والعصر.
وقيل الا المغرب والصبح.
وقيل الا الفجر والعصر فهو مذهبنا وهو مراد المصنف.
روى الدارقطنى من صلى فى بيته فوجد الناس يصلون فليصل الا الصبح والعصر.
وقيل ان صلاها أولا فى جماعة فلا يصليها فى جماعة أخرى.
وان صلى وحده أو وجد جماعة تصليها صلاها.
وزعم بعض أنه ان صلى فى جماعة ورأى جماعة تصلى صلى ونوى الأولى نفلا.
وقيل ينوى الأولى فرضا والثانية نفلا الا صلاة الجمعة فانه اذا صلى أربعا فى بيته يظن أن الامام قد فرغ فوجده قائما اليها أو لم يفرغ منها فانه يصلى معه ركعتين فرضا.
وما ذكر من اعادة الصلاة فى جماعة لزيادة الفضل لأن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة.
وروى بسبع وعشرين درجة.
وذلك خاص بالرجل
(1)
.
بخلاف المرأة لقوله: صلاة المرأة بمخدعها
(2)
أفضل من صحن
(3)
بيتها وكذا صحن الدار.
ودارها أفضل من المسجد ولو مع الامام فيه ولا تصح فى غير ذلك ولو لم يمر أجنبى خلفها الا بسترة من خلفها.
ومن شروط الاقتداء
(4)
المتابعة وهو أن يعمل المأموم كل ما يعمله الامام إلا ما يحمله عنه ويكون بعده لا معه ولا قبله فيبقى أن ينبه هل يتأخر عنه أو يليه.
ويشترط معرفة الامام فان أحرم على امام فخرج اماما سواه أعاد.
ورخص أن لا يعيد.
والمرأة لا تصلى بنساء
(5)
مثلها ولو نافلة ولا تكون اماما للخنثى.
وفى الديوان ان صلت بهن الفريضة فعليهن الاعادة ولا تصلى بهن النفل الا قيام رمضان وصلاة الجنازة.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 588 الطبعة السابقة
(2)
المراد الموضع الذى هو أشد سترا فى بيتها
(3)
وسطه.
(4)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 433 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق ج 1 ص 438 وما بعدها الطبعة السابقة
وقيل لا تصلى بهن فرضا ولا نفلا.
وان صلت بهن الفرض على المنع أعادت مثلهن بناء على أن من أحرم على من لا تجوز الصلاة به أعاد ومن قال: لا فلا ويكون الخنثى اماما لها قدامها لا للرجال ويكون اماما للخناثى قدامهم ولا ينفرد بالنساء ان لم يكن فيهن محرمته.
وان كان الامام رجلا لا يحسن القراءة فقرأت امرأة من خلفه أعادت وتمت له.
وان اصطف رجلان
(1)
يمين الامام تقدمهما قليلا وجرهما الثالث ان جاء.
وان كانوا ثلاثة أو أربعة لا فوق فأحرم عليهم عن يمينه ففى اعادتهم قولان.
اعتمد فى الديوان على الاعادة.
أما الامام فلاحرامه على ما لا يجوز.
وأما المأمومون فلموافقتهم على ما لا يجوز وان أحرم على ثلاثة يمينه وجاء الرابع بعد فقام معهم أعاد الرابع ورخص وفى الثلاثة الخلاف.
وان أحرم على واحد يمينه فلاخل اثنان يمينه معا أعادا وقيل المتطرف وبعيد الثالث ان جاء وحده.
وهكذا فى الخمسة وما فوقها.
ورخص فى الكل.
ويعيد الخامس وحده دونهم فى قول ودون الامام لأنه لم يحرم عليه ان دخل عليه فى جهة واحدة معهم ورخص وهكذا فوق الخمسة.
وان دخل
(2)
فى الجماعة ولم يجد موضع وقوف جر الى نفسه آخر.
وان صلى خلف صف وحده ولم يجر اليه آخر من صف أعاد.
والذى اعتمد عليه فى الديوان أن الاعادة جائزة وان جره ولم يساعده فوقف وحده فالقولان.
وقيل ان وقف وحده بلا جر أعاد.
وأن جره ولم يساعده فوقف وحده فلا اعادة عليه.
وقيل ان وقف بازاء الامام صحت ولو لم يجر اليه آخر.
والظاهر أنه ان لم يجد الوقوف بازائه ووقف يمينا أو شمالا صح.
وقيل لا يعيد ولو وجد مدخلا فى الصف
(3)
وان لم يجد خلف الصف الا موقفه وحده ولم يجد مدخلا ولا مساعدا فالراجح جواز الاعادة ولو كان موقفه يمينا أو شمالا.
(1)
المرجع السابق لابن يوسف أطفيش ج 1 ص 442 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1، ص 447 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 448 الطبعة السابقة
وروى أبو داود من قومنا عن وابصة بن معبد أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده فقال له أيها المصلى وحده ألا وصلت الى الصف فدخلت معهم أو جررت اليك رجلا ان ضاق بك المكان فقام معك أعد صلاتك فانه لا صلاة لك هذا نص الطبرانى.
ولا يصلى الامام
(1)
بأجنبية وحدها فان أحرم عليها أعاد صلاته.
وقيل لا يعيد الصلاة.
وقيل من اشته منهما فى صلاته اعاد.
وقيل لا.
وهذا بناء على الخلاف هل المعصية فى الصلاة تنقضها أم لا.
والواحدة تقف
(2)
خلف الواحد أو حيث شاءت من غير أن تحاذى الرجل أو الامام.
وتستوى اذ لا صف عليها هنا اذا لم تجد من تصف معه.
فان استوت فقولان وفسدت صلاتها وعليها الاعادة ان سبقت أحدهما.
وان وقفت يمين الامام بينه وبين الرجل أو يمين الرجل وأحرم الامام عليها كذلك أعاد الامام والمرأة على الصحيح ان علم الامام والا أعادت دونه.
وكذا الرجل قولان فى اعادته للصلاة ان علم.
وقيل يعيد ولو لم يعلم أو فسدت عنه لفساد صلاة الامام وذلك كله صحيح المعنى.
وان أحرم الامام على من لا تصح منه الصلاة كحائض أو نفساء أو جنب أو مجنون أعاد الاحرام ان تعمده وان علمهم فى الصف وأخرج بنيته أو بها وبلفظه ولم يطردهم فقيل لا تفسد عليه.
وقيل تفسد ووجهها هل هم فرجة وهل استقلت صلاة الامام عن المأموم وصلاة المأموم عن الامام ولا يحرم على معينين فان فعل وجاء غيرهم ففى فساد صلاة الغير قولان.
وعلى الفساد يخبره أنه لم يلعنه خصوصا وأنه لم يعمم كما يشمله ليعيد الصلاة وان قلت يخبره لأن من شأن الامام أن يعم كل من تجوز الصلاة به ولا يخص وانما يعتقد أن يصلى بكل من يصلى بصلاته ممن له صلاة ويعيد هو ومن خلفه الاحرام.
ان أحرم على فرجة بصف قدر ما يقف الرجل.
وقيل يعيد دونه.
وقيل يعيد تاليها.
وكذا ان كانت فى الصف امرأة أو حاذى صف نساء صف رجال عادوا هم وهن.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 449 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لابن يوسف أطفيش ج 1 ص 451، ص 452 وما بعدها الطبعة السابقة.
وقيل هن ان أحرم الامام على ذلك والا أعاد تاليهم وتاليتهم دون باقيهم وباقيتهم ان لم يكن محرما لهن.
ويعيد الصف الذى خلفهن ان أحرم عليهن.
وقيل مطلقا.
وان أحرم على صف نساء خلفه صف رجال أعاد من خلفهن ومن قدامهن والامام وهن.
وان لم يحرم عليه أعاد من خلفهن وهن ورخص بعض أن لا يعيد الصف خلفهن ان كانت بينهم وبينهن سترة.
وكذا ان كانت بين صف الرجال وصف النساء فرجة.
فان أحرم على ذلك أعاد الكل.
والا أعاد التالى والتالية فقط ان لم يكونا محرمين لأن الأصل أن لا يكون صف واحد بعضه رجال وبعضه نساء.
وان كانا محرمين لم يعيداهما ولا غيرهما ولو أحرم عليهما لأن الأصل فى المرأة ولو محرمة أن تنفصل عن الرجل وقد فعلت.
وأما غير المحرمة فلا يجوز أن تكون فى صف الرجال ولو مفصولة فبطلت عنها وعن تاليها.
وقيل يعيدون مطلقا ولو كان المتواليان محرمين ان أحرم على ذلك.
ومنهم من يقول يعيدون صلاتهم ان أحرم الامام على ذلك.
وكذلك ان كانت بينهم أمة أو حائط.
ومنهم من يشدد أن يعيد اللذان يليان الحائط والأمة وان لم يحرم عليهم.
وان وقف الامام بمرتفع
(1)
وحده من موضع صلاة القوم قدر ذراع أو أكثر لا أقل فسدت على الكل وعليهم الاعادة.
وقيل عليه وحده.
وذلك لنهى الامام عن الارتفاع ولأن فيه كبر أو لتعسر الاستخلاف عليه.
قال فى الديوان
(2)
: ولا يصلى امامان بأناس شتى فى مكان واحد فى صلاة واحدة أو صلوات فان فعلوا فلا يعيدون.
وأما اذا كان امامان لصف واحد فاقتدوا بهما جميعا فانهم يعيدون.
وان لم يقتدوا الا بواحد فلا بأس.
واذا كان رجلان يصليان وظن كل واحد انه أمام صاحبه فلا بأس.
وان ظن كل واحد منهما أن صاحبه امامه أعادا.
وان حال بين الامام وبين من خلفه شارع أو نهر أو طريق لخاصة ولو غير نافذ أو مقبرة
(1)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 454 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لابن يوسف أطفيش ج 1 ص 455 الطبعة السابقة
أو مزبلة أو نجس أو نحو ذلك فالأرجح الاعادة.
وان حال بين قوم وامامهم
(1)
مانع كنجس وغيره مما يفسد الصلاة من ركوع وسجود تحولوا يمينا أو شمالا أو خلفا.
واذا كان التحول يمينا أو شمالا فلا بد أن يكون بعضهم على فقا الامام فيصفون خلف من هم على قفاه جانبا ان أمكنهم.
فان لم يجدوا تحولا حتى سبقهم بعمل أعادوا صلاتهم على قدر اختلافهم فى العمل وذلك اذا حدث لهم المانع.
والذى عندى أن يستدركوا.
وأما ان دخلوا عليه فلا صلاة لهم.
فان أحرم عليهم كذلك فسدت عليه.
وان حدث للمأمومين مرض وان رجعوا من قيام أو قعود الى اضطجاع افترقوا معه وأتموا فرادى.
وقيل يعيدون لأن السنة جاءت بصلاة المأموم خلف الامام قائما أو قاعدا أو مضطجعا.
وقيل يصلون معه مضطجعين لأن الاضطجاع حدث لهم بعد الدخول فى الصلاة فجاز لهم اتمامها مضطجعين واذا استراحوا من ايماء قاموا وركعوا وسجدوا معه.
وان اضطجع الامام أتموا فرادى.
وقيل يعيدون.
وقيل فيمن صلى قائما أو قاعدا ثم اضطجع لعذر ثم استراح فأطاق القعود أو القيام أنه يستأنف.
والصحيح البناء.
وان مات
(2)
رجل فى صف أعاد تالياه ان كان فى قفا الامام ومقابله فى الصف خلفه.
وقيل الا تالياه وان لم يكن فى قفاه أعاد الأبعد عن الامام.
وفيمن خلف الميت قولان.
وقيل يعيد صفه كله ان كان فى قفاه.
وان كان فى طرف صف أعاد تاليه ان مس بدنه.
وفيمن خلفه قولان.
وان لم يكن الا مقابله أو كان غيره ولم يحمله الغير بعد الفراغ تحول ان أمكنه ولو الى قدام وأتم صلاته.
وان لم يتحول وصلى مع امكان التحويل أو مع عدمه اختيرت الاعادة للصلاة.
وأجاز بعضهم لمن قابله أن يؤم فى مكانه ان لم يجد حيث يسجد ولا ينظر فراع القوم ورفعهم الميت.
وان غشى
(3)
على الامام فوقع فقام مضى على صلاته وان صرع فسدت عليه وعليهم.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 457، ص 458 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لابن يوسف أطفيش ج 1 ص 461 الطبعة السابقة
(3)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 462 الطبعة السابقة
وقيل يمضون ولا يستقبلوه على حد ما ذكر فى الميت.
وقيل تفسد عليه ولو لم يصل الأرض.
قيل وعليهم.
قال بعض اذا أصلح المصلى فساد مال أو نفس أعاد الصلاة.
قال أبو عبد الله ان صلت جماعة فى ظلام والامام مستقبلا لمن خلفه حتى أتموا ولم يعلموا تمت لهم وان علم فيها تحول.
وان صلى الامام بمأمومين وكان به جنابه أو كان بلا وضوء أو كان بثوبه نجاسة أو كان فى مكان نجس ثم علم بالجنابة أو غيرها بعد الفراغ من الصلاة فسدت عليهم فى الجنابة عند الأكثر.
وقيل لا تفسد ولو فى الجنابة ويعيدون ولو خرج الوقت.
وان غابوا رجح القول بأنه يجب على الامام اعلامهم بكتابة أو غيرها أن يعيدوا.
وقيل لا يجب عليه اعلامهم.
وقيل لا تفسد عليهم اذا علموا بعد افتراق الصف.
وقيل يعيدون ما لم يخرج الوقت.
وقيل تفسد عليهم بعدم الوضوء والثوب النجس ومثلهما الموضع النجس مطلقا كالجنابة فى قول الأكثرين فيها.
وقيل لا تفسد مطلقا.
وقيل تفسد ان تعمد.
وقيل تفسد ان لم يخرج الوقت أن لم تفترق صفوفهم ان كانوا فى فحص أو لم يخرجوا من باب المسجد أو باب البيت ان كانوا فيه.
وان خرج واحد أو فارق واحد فسدت عليهم وذلك أن يخبرهم الامام بما فعل ويأخذون لأنفسهم قولا وهذا أولى من أن يأخذ لهم فيجرى لهم على مقتضى مأخوذه فى الاخبار وعدمه.
واذا كان الفرق بين العمد وعدمه أخبرهم بالعمد ان كان وأخبرهم بالتوبة أو دبر لهم كما يعيدون بلا اخبار بعمد سترا على نفسه أقوال.
وان علم بذلك
(1)
المذكور من الجنابة أو غيرها فى أثنائها داخل الصلاة فسدت على الكل خلافا لا اتفاقا كما قيل.
فان من قال صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الامام يقول لا تفسد صلاتهم ولو دخل فيها من أول الأمر.
كما لا يجوز ان لم يعلموا.
الا أن أراد اتفاق المضاربة هنا أو اتفاق من قال انها مرتبطة.
ولزمهم قبول قوله ذلك المذكور من علمه بفسادها فى أثنائها بأن يخبرهم ومن ذكر أنه صلى بجنابة أو نجس وان بان شرك الامام أعادوا ولو خرج الوقت.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 463 وما بعدها الطبعة السابقة
وقيل لا اعادة ان خرج الوقت فلا اتفاق ولو ادعاه ابن بركة الا أن أراد اتفاق الأصحاب.
وان لم يصدقوا الامام فى اقراره بالشرك أو بالجنابة وقيرها لم يعيدوا.
قال فى التاج ان أحدث الامام فى الصلاة بمفسد أو كان قبلها ولم يعلم ثم علم فيها خرج وبنوا بآخر أو فرادى.
والأكثر منا على هذا.
وقيل تفسد لارتباطها به والمختار الأول.
وقيل: لا تفسد الا من فى فقا الامام ولو كان الامام جنبا.
ومن تعمد سبق
(1)
الامام أعاد صلاته.
وان اشتغل الامام بعطاس أو تثاؤب أو نحو ذلك وقد أدرك المأموم محله من القراءة أمسك حتى يرجع الامام الى القراءة فيقرأ بعده.
وقال بعض ان المأموم يسبق الامام بالفاتحة.
وفى التاج من تعمد رفع رأسه قبله فسدت عليه وعليه الاعادة.
وقيل: لا حتى يرفعه مرتين وان بلا توال.
وقيل يصطحبان فى القراءة.
وقيل ان اصطحبا أعاد.
ومن نسى رجع لمحل خرج منه وأعاد ما فعل مثل ان سبقه بالرفع من الركوع فانه يرجع ويعيد التعظيم وتكبير الرفع.
وقيل لا يعيد الا ما سبقه اليه فقط كتكبير الرفع.
وقيل يمسك مكانه حتى يدركه لئلا يزيد فى صلاته.
والصحيح أن يرجع الى الحد الذى خرج منه.
ولا بأس بما سبق اليه سهوا فلا لوم عليه فيه ولا يعد مجزيا لأنه فعل قبل وقته فليعد فى وقته وهو وقت شروع الامام فيه وما بعده.
ولا يعيد ما خرج عنه قبل الامام كالتعظيم.
كما لا يعيد ما خرج كتكبير الرفع.
وقيل يعيد ما خرج عنه.
وان سبقه الى الركوع بلا عمد فعظم ثلاثا فمن قال يرجع الى الامام قال لا يعيد التعظيم اذا شرع الامام فى التعظيم.
ومن قال لا يرجع قال لا يعيد التعظيم اذا كان الامام يعظم.
وقيل يعيده ..
وفى اعادة مصطحب به قولان.
ولو فى تكبير الاحرام أو فعلا أو فيهما قولان.
ثالثهما أنه لا فضل جماعة له ومن لم يتقرب بصلاته فسدت.
(1)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 464، ص 465 الطبعة السابقة
وقيل: لا لكن لا أجر له.
وقيل: له أجر دون أجر المتقرب.
ولا اعادة على من لم يتعمد الاصطحاب.
ووجه القول بالاعادة قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الامام يركع قبلكم ويسجد قبلكم.
ووجه القول بعدمها أنه حمل هذا الحديث على الوجه الأحسن وهو ارشاد للمصلحة.
والصحيح الاعادة لهذا الحديث وحديث انما جعل الامام ليؤتم به.
وان اختلفت
(1)
نية المأموم مع امامه كظهر بعصر مثل أن يصلى الامام الظهر والمأموم العصر وقد صلى الظهر قبل أخر الامام الظهر الى وقت العصر أو قدم المأموم العصر عن وقته المعتاد ففى الفساد قولان.
مثارهما: منشأهما هل صلاته مرتبطة بصلاة امامه فتفسد وهو الصحيح لحديث الأئمة ضمناء.
أولا: فلا تفسد قولان.
وفى الديوان: ان قدموا امامهم للأولى وقد صلاها فصلى بهم العصر أعادوا.
وقيل: هم. وقيل هو.
قلت وقيل: لا هم ولا هو.
قال: وان تعمدوا ذلك أعادوا.
قلت: وقيل لا.
وان قال الامام بعد ما صلى بناس لم أحرم عليكم لم يشتغلوا به.
وان قال أولا لا أحرم عليكم فلا يصلوا به. وان قال ذلك لبعض فقط صلوا به.
وقيل: لا.
وقيل يعيد
(2)
منبه الامام ما نبهه به كبعض الفاتحة ان نبهه به وكتكبير اذا نبهه به وكسلام اذا قام فى محل السّلام، لأنه فعل ذلك تنبيها لا أداء وهو الصحيح فلا يكون أيضا متقدما على الامام.
وقيل: لا يعيد.
وقيل: انما ينبهه فى الكل من جهره فى سر وعكسه وقيام فى قعود وعكسه وترك السجدة الثانية فى التسليم فى غير محله ونحو ذلك كقراءة سورة فى الثانية فوق سورة الأولى وكنوم وسكوت بسبحان الله ولا ينبهه بسبحان الله اذا كان لا يتنبه به مثل أن يتوقف له حرف وان أراد تنبيهه بالتسبيح فغلط الى غيره مثل: بسم الله ففى صلاة المنبه قولان.
وعلى الفساد تلزمه اعادة الصلاة.
وان كان أصم فرماه بحصاة فسدت على الرامى.
(1)
المرجع السابق لابن أطفيش ج 1 ص 467 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1، ص 471 الطبعة السابقة.
وقيل لا: لأنه فى اصلاحها.
وان ظن المأموم أن الامام غالط فنبهه فتبعه الامام أعاد الامام ان تعمد.
وان اتبعه سهوا فلا اعادة عليه ان رجع.
وان نبه الامام
(1)
من ليس معه فى الصلاة فاقتدى به من غير تذكر أعاد.
وقيل: لا.
وكذا المأموم اذا نبهه أحد.
وكذا الفذ.
وذلك فى القراءة.
قال فى الديوان ان وقف له حرف فأخبره من لم يكن معه فى الصلاة فاقتدوا به أعاد الا أن ذكره فلا بأس ورخص.
وان أحدث
(2)
الامام فاستخلف وصلى بموضع وضوئه كره له بلا اعادة.
الفرق أن الامام ليس اماما بعد استخلافه ولا مأموما لأنه دخل الصلاة اماما لا مأموما فلم يجب عليه الرجوع وصحت صلاته فذا ولو لم يفرغ خليفته من الصلاة بخلاف المأموم فقد دخلها مأموما فاذا فرغ فليرجع مأموما ولا ينقض ما دخل به.
وان استخلف المأموم بعد رجوعه أو الامام بعد رجوعه لحدوث ما يبنى عليه بالامام جاز وان لم يفرغ منها الخليفة.
وان أحدث الامام ومن خلفه ثم توضئوا اقتدوا به فى موضعهم ولا ينتظرهم ان توضأ قبلهم وان انتظرهم أعاد.
وقيل ان انتظرهم قدر العمل والصحيح الأول وبه يعمل فمن توضأ منهم دخل اليه واستدرك ما فاته به ان فاته وان توضأ قبله انتظروه أقل مما يصلون فيه ما بقى من صلاتهم.
وان انتظروه قدر ما يصلون فيه بقى منها أعادوا، الواجب أن ينتظروه أقل من القدر بقليل.
وان لم ينتظروه أو انتظروه أقل مما يخافون أن يزيد على ذلك القدر وتوضأ قبل فراغهم منها أعادوا.
وأيضا ان توضأ قبل فراغهم.
وقيل يعيدون وان توضأ يعد فراغهم.
قال أبو زياد
(3)
: لا يؤم مسافر بمقيم ان لم يكن اماما أو واليا.
فمن صلى خلف مسافر لا كذلك أعاد ان صلى قصرا.
وان صلى به تماما أعادا معا.
وان صلى به قصرا فأتم المقيم تمت قال خميس اجماعا.
(1)
المرجع السابق لابن يوسف أطفيش ج 1 ص 474، ص 475 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لابن يوسف أطفيش ج 1 ص 483 وما بعدها الطبعة السابقة
(3)
شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 486 وما بعدها الطبعة السابقة
وسواء فى ذلك الاستخلاف والابتداء من أول الصلاة.
وان صلى بالمقيمين المسافر الذى استخلفه المقيم صلاة سفر بأن نوى صلاة سفر أو سلم من اثنتين انتقضت صلاته مطلقا.
وانتقضت على الكل ان اقتدوا به فان حكمه أن يصلى بهم أربعا، لأنه خليفة من يصلى أربعا ويسلم ويسلموا.
واذا استخلفه المقيم نوى أن صلاته كصلاة الامام وصلى أربعا.
فان نوى سفرا وسلم من اثنتين أعاد وأعادوا ان اقتدوا به.
وقيل ان صلى المسافر بالمقيمين من أول الأمر صلى أربعا.
وان أحدث امام مسافر خلفه مسافرون ومقيمون فاستخلف مقيما أتم بهم سفرية ثم يقوم هو والمقيمون فيتمون فرادى ثم يسلم فيسلم الكل من المسافرين والمقيمين.
وان اقتدى به المقيمون أعادوا صلاتهم وأعاد صلاته ان عنى لهم الامامة.
وقيل لا يعيد ولا يعيدون.
حكم الاعادة فى صلاة الجمعة
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أن من سنن الخطبة أن يكون الخطيب على طهارة، وأن يكون مستقبل القبلة.
ولذلك يستحب اعادة الخطبة لفقد الطهارة أو الاستقبال كذا ذكر فى نوادر أبى يوسف أنه يعيدها.
وان لم يعدها جاز لأنه ليس من شرطها.
وجاء فى البحر الرائق
(2)
: أن الموالاة بين خطبة الجمعة والصلاة ليست شرطا.
لذا قالوا ان الخطبة تعاد على وجه الأولوية لو تذكر الامام فائتة فى صلاة الجمعة ولو كانت الوتر حتى فسدت الجمعة لذلك فاشتغل بقضائها.
وكذا لو كان أفسد الجمعة فاحتاج الى اعادتها أو افتتح التطوع بعد الخطبة.
وان لم يعد الخطبة أجزأه.
وكذا اذا خطب جنبا.
كذا فى فتح القدير ولم يفرق بين الفصل القليل والكثير.
وفرق بينهما فى الخلاصة فقال: ولو خطب محدثا أو جنبا ثم توضأ أو اغتسل وصلى جاز.
ولو خطب ثم رجع الى بيته فتغذى أو جامع واغتسل ثم جاء استقبل الخطبة.
وكذا فى المحيط معللا بأن الأول من أعمال الصلاة بخلاف الثانى فان ظاهره ان الاستقبال فى الثانى لازم والا فلا فرق بين الكل.
(1)
بدائع الصنائع ج 1 ص 263 الطبعة السابقة
(2)
البحر الرائق ج 2 ص 158، ص 159 الطبعة السابقة.
وقد صرح فى السراج الوهاج بلزوم الاستئناف وبطلان الخطبة وهذا هو الظاهر لأنه اذا أطال الفصل لم يبق خطبة للجمعة بخلاف ما اذا قل.
وجاء فى بدائع الصنائع
(1)
: قال أبو حنيفة وأبو يوسف أن فرض الوقت فى يوم الجمعة هو الظهر لكن يسقط الظهر بالجمعة ولهذا يجب قضاء الظهر بفوت الجمعة فالظهر هو الأصل.
وزفر يعتبر أن الأصل هو الجمعة لأنه لما وجب القضاء بعد خروج الوقت بأداء الظهر دل على أنه بدل عن الجمعة.
وعلى هذا فمن يصلى الظهر يوم الجمعة وهو غير معذور قبل صلاة الجمعة ولم يحضر الجمعة بعد ذلك ولم يؤدها يقع فرضا عند علمائنا الثلاثة حتى لا تلزمه الاعادة.
وأما عند زفر لما كان الظهر بدلا عن الجمعة.
وانما يجوز البدل عند العجز عن الأصل كما فى التراب مع الماء وهاهنا هو قادر على الأصل فلا يجزئه البدل وتلزمه الاعادة.
وجاء فى المبسوط
(2)
: أنه لو صلى الظهر ثم سعى الى الجمعة فوجد الامام قد فرغ منها فان كان خروجه من بيته بعد فراغ الامام منها فليس عليه اعادة الظهر وان كان قبل فراغ الامام منها فعليه اعادة الظهر عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى.
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ليس عليه اعادة الظهر ما لم يفتتح الجمعة مع الامام.
ووجه قولهما أنه أدى فرض الوقت بأداء الظهر فلا ينتقض الا بما هو أقوى منه وهو الجمعة فأما مجرد السعى فليس بأقوى مما أدى، ولا يجعل السعى اليها كمباشرتها فى ارتفاض الظهر به.
ووجه قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى أن السعى من خصائص الجمعة، لأنه أمر به فيها دون سائر الصلوات، فكان الاشتغال بما هو من خصائصها كالاشتغال بها من وجه فيصير به رافضا للظهر، ولكن السعى اليها انما يتحقق قبل فراغ الامام منها لا بعده.
وجاء فى بدائع الصنائع
(3)
: أنه يفسد الجمعة ما يفسد غيرها من سائر الصلوات من الحدث العمد والكلام وغير ذلك فاذا فسدت استقبل الجمعة عند وجود شرائطها.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والاكليل
(4)
: أن من كان من أهل الجمعة وخشوا فوات الوقت فصلوا الظهر ثم جاء الامام فى الوقت لزمتهم الاعادة لأنهم مخطئون فيما ظنوه.
(1)
بدائع الصنائع ج 1 ص 257 الطبعة السابقة.
(2)
المبسوط ج 2 ص 33 الطبعة السابقة.
(3)
بدائع الصنائع ج 1 ص 269 الطبعة السابقة
(4)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 2 ص 159 الطبعة السابقة
وان جاء بعد الوقت لم تلزمهم الاعادة لأن فرضهم قد سقط بفعل ما أمروا من الظهر.
بخلاف الأول.
ألا ترى أنهم فى الأول لما علموا بأنه يأتى لم يجز لهم أن يصلوا فصلاتهم غير معتد بها.
وفى الثانى لو علموا بأنه فى وقته صلوا ولم يلزمهم تأخير فرضهم وهو ظاهر من قول مالك صلوا لأنفسهم الظهر أربعا ويتنفلون معه فجعلها نافلة والنافلة لا تلزم.
وعلى قول ابن القصار أن من أخر الظهر الى الغروب لا يأثم فيجب أن لا تجزئهم وان تلزمهم الاعادة لأن التأخير كان لهم جائزا.
واذا قلنا لا تلزمهم الاعادة فان أعادوا فليعيدوا بنية الجمعة وذلك بمنزلة من صلى الظهر فرادى ثم أعادها جماعة فانه يعيدها بنية الظهر.
قال اللخمى
(1)
: ان كان فى المصر جامعان أقيمت الجمعة فى الأقدم.
وان أقيمت فى الأحدث وحده أجزأت، وان أقيمت فيهما معا أجزأت من صلاها فى الأقدم وأعاد الآخرون.
ونقل عن المدونة
(2)
أن مالكا قال:
اذا جهل الامام فصلى بهم قبل الخطبة أعاد الصلاة وحدها.
واذا قصر الامام فى الخطبة فلم يتكلم الا بمثل الحمد لله ونحوه أعادوا الخطبة والصلاة.
وان أحدث الامام
(3)
فى الخطبة فلا يتمها ولكن يستخلف من شهدها فيتم بهم.
وكذلك لو أحدث بعد الخطبة أو بعد ما أحرم.
وان استخلف من لم يشهدها فصلى بهم أجرأتهم.
وان مضى الامام ولم يستخلف لم يصلوا أفذاذا ويستخلفون من يتم بهم وأحب الى أن يقدموا من شهد الخطبة.
فان كان لم يشهدها أجزأتهم.
وان صلوا الجمعة أفذاذا أعادوا.
وان تقدم بهم رجل من تلقاء نفسه ولم يقدموه ولا امامهم أجزأتهم.
والجمعة وغيرها فى هذا سواء.
ولا يجمع الظهر الا لعذر.
قال الحطاب قال ابن رشد أن المصلين الجمعة ظهرا حيث تجب الجمعة أربع طوائف.
طائفة لا تجب عليهم الجمعة وهم المرضى والمسافرون وأهل السجون.
فهؤلاء يجمعون الا على رواية شاذة جاءت عن ابن القاسم أنهم لا يجمعون لعذر.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 261 الطبعة السابقة
(2)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 2 ص 165 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 172، ص 173 الطبعة السابقة
فان جمعوا على هذه الرواية لم يعيدوا.
وطائفة تخلفت عن الجمعة لعذر.
فاختلف هل يجمعون أم لا على ما جاء فى هذه الرواية مع الخلاف بين ابن القاسم وابن وهب.
فان جمعوا على مذهب ابن وهب لم يعيدوا.
وطائفة فاتتهم الجمعة.
فهؤلاء المشهور انهم لا يجمعون.
وقد قيل يجمعون.
وروى ذلك عن مالك وبعض أصحابه فان جمعوا لم يعيدوا.
وطائفة تخلفت عن الجمعة بغير عذر فهؤلاء لا يجمعون.
واختلف ان جمعوا فقيل يعيدون.
وقيل لا يعيدون.
وقال أيضا فى قرية تقام فيها الجمعة وحولها منازل على ميلين أو ثلاثة أميال تفوتهم الجمعة انهم يصلون أفذاذا.
قال فان صلوا ظهرا جماعة فبئس ما صنعوا ولا اعادة عليهم.
قال ومثله من كان فى المصر.
قال ابن رشد قوله فى الذين تجب عليهم الجمعة أنهم لا يجمعون اذا فاتتهم هو المشهور فى المذهب.
وقولا: لا اعادة عليهم ان جمعوا صحيح لأنهم انما منعوا من الجمع للمحافظة على الجمعة أو لئلا يكون ذريعة لأهل البدع فاذا جمعوا وجب أن لا يعيدوا على كل واحد من العلتين.
وقد روى عن مالك انهم يجمعون وهو قول ابن نافع وأشهب.
وكذلك من تخلف عن الجمعة لغير عذر غالب المشهور أنهم لا يجمعون الا انهم ان جمعوا فاختلف فيه.
فروى يحيى عن ابن القاسم فى أول رسم من هذا الكتاب أنهم يعيدون.
وقال ابن القاسم فى المجموعة أنهم لا يعيدون.
وقاله أصبغ فى المتخلفين من غير عذر وهو الأظهر اذا قيل أنهم يجمعون وان كانوا تعذروا فى ترك الجمعة فلا يحرموا فضل الجماعة.
وجاء فى موضع آخر
(1)
أنه لا يصلى العبد بالقوم الجمعة.
قال ابن القاسم فان فعل أعادوا وأعاد لأن العبد لا جمعة عليه.
(1)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج ص 105 ص 106 الطبعة السابقة.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(1)
: أن المصلين اذا انفضوا عن الامام فى صلاة الجمعة بعد فراغ الخطبة.
فان عادوا قبل طول الفصل صلى الجمعة بتلك الخطبة بلا خلاف.
وان عادوا بعد طول الفصل ففيه خلاف مبنى على اشتراط الموالاة بين الخطبة والصلاة وفيه قولان مشهوران.
أصحهما وهو الجديد الاشتراط.
فعلى هذا لا تجوز صلاة الجمعة بتلك الخطبة.
والثانى: لا يشترط.
فعلى هذا يصلى بها.
وهل تجب اعادة الخطبة وصلاة الجمعة أم لا.
قال المزنى فى المختصر قال الشافعى أحببت أن يبتدئ الخطبة ثم يصلى الجمعة فان لم يفعل صلى بهم الظهر.
واختلف أصحابنا فى معنى كلامه هذا على ثلاثة أوجه حكاها المصنف بعد هذا والأصحاب وهى مشهورة.
أصحها وبه قال ابن شريح والقفال وأكثر أصحابنا تجب اعادة الخطبة ثم يصلى بهم الجمعة لتمكنه من ذلك.
الوجه الثانى: وبه قال أبو اسحاق المروزى: لا تجب اعادة الخطبة لكن تستحب وتجب صلاة الجمعة.
أما وجوب الجمعة فلقدرته عليها.
وانما لم تجب الخطبة لأنه لا يؤمن انفضاضهم ثانيا فصار ذلك عذرا فى سقوطها.
الثالث وبه قال أبو على الطبرى فى الافصاح لا تجب اعادة الخطبة ولا تجب الجمعة أيضا لكن يستحبان.
قال ابن الحداد اذا صلى الصبى الظهر ثم بلغ والوقت باق لزمه الجمعة.
وان صلى غيره من المعذورين لم تلزمه الجمعة لأن ما صلى الصبى ليس بفرض وما صلى غيره فرض.
والمذهب الأول لأن الشافعى نص على أن الصبى اذا صلى فى غير يوم الجمعة الظهر ثم بلغ والوقت باق لم تجب عليه اعادة الظهر فكذلك الجمعة
(2)
.
مذهب الحنابلة
جاء فى المغنى
(3)
: أن من صلى الظهر يوم الجمعة ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الامام أعادها بعد صلاته ظهرا.
(1)
المجموع للنووى ج 4 ص 507، 508 الطبعة السابقة
(2)
المجموع للنووى ج 4 ص 492، ص 493 الطبعة السابقة
(3)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 2 ص 197 الطبعة السابقة
يعنى من وجبت عليه الجمعة اذا صلى الظهر قبل أن يصلى الامام الجمعة لم يصح ويلزمه السعى الى الجمعة ان ظن أنه يدركها، لأنها مفروضة عليه.
فان أدركها معه صلاها.
وان فاتته فعليه صلاة الظهر.
وان ظن أنه لا يدركها انتظر حتى يتيقن أن الامام قد صلى ثم يصلى الظهر.
دليلنا أنه صلى ما لم يخاطب به وترك ما خوطب به فلم تصح كما لو صلى العصر مكان الظهر ولا نزاع فى أنه مخاطب بالجمعة فسقطت عنه الظهر كما لو كان بعيدا وقد دل عليه النص والاجماع.
فان صلى الظهر
(1)
ثم شك هل صلى قبل صلاة الامام أو بعدها لزمه اعادتها لأن الأصل بقاء الصلاة فى ذمته فلا يبرأ منها الا بيقين.
ولأنه صلاها مع الشك فى شرطها فلم تصح.
كما لو صلاها مع الشك فى طهارتها.
وان صلاها مع صلاة الامام لم تصح لأنه صلاها قبل فراغ الامام منها.
أشبه ما لو صلاها قبله فى وقت يعلم أنه لا يدركها.
وعلى القول
(2)
بأن اذن الامام شرط فى اقامة الجمعة، فان لم يأذن الامام فيه لم يجز أن يصلوا جمعة وصلوا ظهرا.
وان أذن فى اقامتها ثم مات بطل اذنه بموته.
فان صلوا ثم بان أنه قد مات قبل ذلك فهل تجزيهم صلاتهم؟
على روايتين.
أصحهما أنها تجزيهم لأن المسلمين فى الأمصار النائية عن بلد الامام لا يعيدون ما صلوا من الجمعات بعد موته ولا نعلم أحدا أنكر ذلك عليهم فكان اجماعا ولأن وجوب الاعادة يشق لعمومه فى أكثر البلدان.
وان تعذر اذن الامام لفتنة فقال القاضى ظاهر كلامه صحتها بغير اذن على كلتا الروايتين.
فعلى هذا يكون الاذن معتبرا مع امكانه ويسقط اعتباره بتعذره.
وما كان شرطا لوجوب
(3)
الجمعة فهو شرط لانعقادها فمتى صلوا جمعة مع اختلال بعض شروطها لم يصح ولزمهم أن يصلوا ظهرا ولا يعيد فى الأربعين الذين تنعقد بهم الجمعة من لا تجب عليه.
ويعتبر استدامة
(4)
الشروط فى جميع الصلاة فان نقص العدد قبل كمالها فظاهر كلام أحمد أنه لا يتمها جمعة.
(1)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 2 ص 198 الطبعة السابقة
(2)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 2 ص 174 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 175، 176 الطبعة السابقة
(4)
المغنى لابن قدامه المقدسى ج 2 ص 177، ص 178، ص 179، ص 181، ص 182، ص 183 الطبعة السابقة
وهذا أحد قولى الشافعى لأنه فقد بعض شرائط الصلاة فأشبه فقد الطهارة.
وقياس قول الخرقى أنهم ان انفضوا بعد ركعة أنه يتمها جمعة.
قال المزنى الأشبه عندى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك من الجمعة ركعة أضاف اليها أخرى» ، ولأنهم أدركوا ركعة فصحت لهم جمعة كالمسبوقين ولأن العدد شرط يختص الجمعة فلم يفت بفواته فى ركعة.
كما لو دخل وقت العصر وقد صلوا ركعة لأنهم لم يدركوا ركعة كاملة بشروط الجمعة فأشبه ما لو انفض الجميع قبل الركوع فى الأولى.
اذا ثبت هذا فكل موضع قلنا لا يتمها جمعة فقياس قول الخرقى أنها تبطل ويستأنف ظهرا الا أن يمكنهم فعل الجمعة مرة أخرى فيعيدونها.
قال أبو بكر: لا أعلم خلافا عن أحمد ان لم يتم العدد فى الصلاة والخطبة أنهم يعيدون الصلاة.
وقياس قول أبى اسحاق بن شاقلا أنهم يتمونها ظهرا وهذا قول القاضى.
وقال قد نص عليها احمد فى الذى زحم عن أفعال الجمعة حتى سلم الامام يتمها ظهرا.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(1)
: أن الظهر هو الأصل والجمعة بدل عنه فى الأصح وهذا هو قول أبى طالب والبعض.
وقال على بن يحيى والمؤيد بالله ان الجمعة هى الأصل والظهر بدل.
ويتفرع على هذا فروع.
الأول لو صلى المعذور الظهر قبل أن يجمع الامام ثم زال عذره وقامت الجمعة فانه يجب عليه صلاة الجمعة ان قلنا هى الاصل لا ان جعلنا الظهر الأصل ذكر هذا البعض.
وقال فى الانتصار المختار أنه لا يجب عليه اعادة الجمعة اجماعا لأنه قد فعل ما هو مخاطب به كالمستحاضة اذا انقطع دمها بعد الفراغ من الصلاة.
الفرع الثانى: لو صلى الظهر من ليس بمعذور عن الجمعة فمن قال ان الجمعة هى الأصل لم يجزه الظهر.
وأما من قال ان الظهر هو الأصل قيل فيحتمل أن يجزيه الظهر ويحتمل أن لا يجزيه.
قال مولانا عليه السلام وهو الأقرب عندى.
الفرع الثالث: لو انكشف خلل الجمعة بأمر مختلف فيه وقد خرج وقت اختيار الظهر.
(1)
شرح الازهار وحاشيته ج 1 ص 356، ص 357، ص 358، ص 359 الطبعة السابقة
قال المذاكرون لم يعد الظهر ان جعلنا الجمعة أصلا ويعيد ان جعلنا الظهر أصلا.
ومتى أقيم جمعتان فى مكانين فى بلد واحد كبير بينهما دون الميل فان لم يعلم تقدم أحدهما بل علم وقوعهما فى حالة واحدة والتبس الحال أعيدت الجمعة.
وقال فى منهاج ابن معرف اذا وقعتا فى حالة واحدة صحت جمعة من فيهم الامام الأعظم. فان علم تقدم أحدهما ولم يلتبس المتقدم أعاد الآخرون ظهرا لأن جمعتهم غير صحيحة. قال البعض ولو كان فيهم الامام الأعظم.
وقال فى الانتصار اذا كان فيهم الامام الأعظم صحت جمعتهم.
فان التبس المتقدمون بالمتأخرين بعد أن علم أن أحد الفريقين متأخر أعادوا جميعا ظهرا ولا تعاد جمعة، ذكره البعض وأطلقه للمذهب فى التذكرة.
وقال فى الانتصار والفقيه يحيى بن على يعيدون جميعا الجمعة لا الظهر نعم وبماذا يكون التقدم هل بالفراغ أم بالابتداء.
قال فى الانتصار العبرة بالسبق بالخطبة لا بالصلاة.
وقال على بن يحيى أشار فى اللمع ان العبرة بالشروع.
قال عليه السلام أظنه يعنى فى الصلاة فأى الصلاتين شرع فيها أولا فهى المتقدمة.
وقال يحيى: العبرة بالفراغ فأيهما يقدم فراغه فهى المتقدمة.
مذهب الإمامية:
جاء فى الخلاف
(1)
: ان أقل ما تكون الخطبة أن يحمد الله ويثنى عليه ويصلى على النبى صلى الله عليه وآله وسلم، ويقرأ شيئا من القرآن، ويعظ الناس فهذه أربعة أجناس لا بد منها.
فان أخل بشئ منها ثم صلى لم تجزه وأعاد الصلاة والخطبة.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(2)
أن امام الجمعة ان خطب للجمعة بلا طهارة أعادها وأعاد الصلاة ان صلى ولو صلى بطهارة على الصحيح.
وكذا ان أحدث بما لا يبنى عليه.
ويبنى ان أحدث بما يبنى معه.
ورخص بعضهم فيها على غير طهارة.
وان أحدث بعد فراغ من خطبة بما يبنى معه.
وقيل أو بما لا يبنى معه استخلفوا مصليا بصلى بهم ركعتين مطلقا.
وقيل لا يستخلف الا من حضر الخطبة أو بعضها.
وأعادوا ان استخلف من لا تلزمه واقتدوا به يعيدونها أربعا.
(1)
الخلاف فى الفقه للطوسى ج 1 ص 244 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل ج 1 ص 514، ص 515 الطبعة السابقة.
وان لم يستخلف صلوا أربعا.
وان انتظروه وجاء وصلى بلا اعادة خطبة أعادوها أربعا وكذا هو وذلك للفصل بينها وبين الخطبة.
حكم الاعادة فى صلاة الخوف
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أن من شرائط جواز صلاة الخوف أن لا يقاتل وهو فى الصلاة فان قاتل فى صلاته فسدت صلاته عندنا.
ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم شغل عن أربع صلوات يوم الخندق فقضاهن بعد هوى من الليل وقال: شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قلوبهم وبطونهم نارا.
فلو جازت الصلاة مع القتال لما أخرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأن ادخال عمل كثير ليس من أعمال الصلاة فى الصلاة مفسد فى الأصل فلا يترك هذا الأصل الا فى مورد النص والنص ورد فى المشى لا فى القتال.
ولا يجوز أن يركب عند انصرافه الى وجه العدو، فلو ركب عند انصرافه الى وجه العدو فسدت صلاته عندنا سواء كان انصرافه من القبلة الى العدو أو من العدو الى القبلة، لأن الركوب عمل كثير وهو مما لا يحتاج اليه بخلاف المشى فانه أمر لا بد منه حتى يصطفوا بازاء العدو.
وكذا أخذ السلاح أمر لا بد منه لارهاب العدو والاستعداد للدفع ولأنهم لو غفلوا عن أسلحتهم يميلون عليهم على ما نطق به الكتاب.
والأصل أن الاتيان بعمل كثير ليس من أعمال الصلاة فيها لأجل الضرورة فيختص بمحمل الضرورة.
ولو كان الخوف أشد ولا يمكنهم النزول عن دوابهم صلوا ركبانا بالايماء لقول الله تبارك وتعالى: «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً»
(2)
.
ثم ان قدروا على استقبال القبلة يلزمهم الاستقبال والا فلا بخلاف التطوع اذا صلاها على الدابة حيث لا يلزمه الاستقبال.
ثم قال: واذا فسدت الصلاة يجب اعادتها ما دام الوقت باقيا لأنها اذا فسدت اتصفت بالعدم فبقى وجوب الأداء بالذمة فيجب تفريغها عنه بالأداء.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والإكليل
(3)
نقلا عن المدونة أنه اذا اشتد الخوف صلى القوم على قدر طاقتهم ركبانا ومشاة مستقبلى القبلة أو غيرها ويركعون ايماء.
(1)
بدائع الصنائع ج 1 ص 244 الطبعة السابقة
(2)
الاية رقم 44 من سورة الانفال
(3)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 2 ص 188 الطبعة السابقة.
قال مالك ولا اعادة عليهم ان أمنوا فى الوقت.
وقال أشهب فى القوم نظروا الى سواد فظنوه عدوا فصلوا صلاة الخوف طائفتين ثم تبين أن ذلك السواد ابل أو غيرها ان صلاتهم تامة واستحب محمد الاعادة.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(1)
: أن المسلمين اذا رأوا سوادا ابلا أو شجرا أو غيره فظنوه عدوا فصلوا صلاة شدة الخوف فبان الحال ففى وجوب الاعادة قولان مشهوران.
أحدهما تجب الاعادة لعدم الخوف فى نفس الأمر وهو نصه فى الأم والمختصر.
والثانى: لا اعادة وهو نصه فى الاملاء لوجود الخوف حال الصلاة.
واختلفوا فى محل القولين.
فقالت طائفة هما اذا أخبرهم ثقة بالخوف فبان خلافه.
فان ظنوا العدو من غير اخبار وجبت الاعادة قولا واحدا.
وقال الجمهور هما جاريان مطلقا وهو ظاهر اطلاق المصنف وغيره.
وحكى القاضى حسين فى تعليقه والبغوى فى المسألة ثلاثة أقوال.
الجديد تجب الاعادة.
والثانى قاله فى الاملاء لا اعادة.
والقديم ان كان فى دار الاسلام وجبت الاعادة وان كان فى دار الحرب فلا لأن الخوف غالب فيها.
واذا ضم اليها الطريق السابق صارت أربعة أقوال.
أحدهما يعيدون.
والثانى لا يعيدون.
والثالث يعيدون فى دار الاسلام.
والرابع يعيدون ان لم يخبرهم ثقة وهو نصه فى الاملاء.
واختلفوا فى الأصح من الخلاف.
فصحح المصنف هنا وفى القنية والمحاملى فى المجموع والمقنع والشيخ نصر فى تهذيبه وصاحبا العدة والبيان عدم الاعادة.
وصحح الشيخ حامد والماوردى والغزالى فى البسيط والبغوى والرافعى وغيرهم وجوب الاعادة.
قال امام الحرمين لعله الأصح.
وقال جماعة من أصحابنا وهو اختيار المزنى.
وقال الشيخ أبو حامد ليس هو مذهب المزنى بل هو الزام له على الشافعى لأن مذهب المزنى أن كل من صلى بحسب طاقته لا اعادة عليه.
قلت الصحيح وجوب الاعادة مطلقا لأنهم تيقنوا الغلط فى القبلة.
(1)
المجموع للنووى ج 4 ص 431، ص 432 الطبعة السابقة.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(1)
: أنه يجوز حمل نجس ولو غير معفو عنه لولا الخوف فى هذه الحالة وحمل ما يخل ببعض أركان الصلاة للحاجة اليه ولا اعادة كالمتيمم فى الحضر لبرد.
ومن صلى
(2)
صلاة الخوف لسواد ظنه عدوا فلم يكن عدوا أو كان عدوا وهناك مانع بينه وبين العدو كبحر ونحوه أعاد الصلاة لأنه لم يوجد المبيح.
أشبه من ظن الطهارة ثم علم بحدثه.
وسواء اسند ظنه لخبر ثقة أو غيره.
وان بان أنه عدو ولكن يقصد غيره لم يعد لوجود سبب الخوف بوجود عدو ويخاف هجمه أو خاف من التخلف عن الرفقة عدوا فصلى سائرا ثم بان أمن الطريق لم يعد لعموم البلوى بذلك.
ومن خاف
(3)
كمينا أو مكيدة أو مكروها كهدم سور أو طم خندق ان اشتغل بصلاة الأمن من صلى صلاة خوف ولا اعادة فى ظاهر كلامهم.
قال القاضى فان علموا أن الطم والهدم لا يتم للعدو الا بعد الفراغ من الصلاة صلوا صلاة أمن.
وكذلك الأسير اذا خاف الكفار على نفسه ان صلى، والمختفى فى موضع يخاف أن يظهر عليه صلى كل منهما كيفما أمكنه.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(4)
: أنه لا يجوز أن يصلى صلاة الخوف بطائفتين من خاف من طالب له بحق.
ولا أن يصلى أصلا بثلاث طوائف فصاعدا.
لأن فى صلاتهما بطائفتين عملا لكل طائفة فى صلاتها هى منهية عنه ان كانت باغية، ومن عمل فى صلاته ما لم يؤمر به فلا صلاة له اذ لم يصل كما أمر.
وكذلك من صلى راكبا أو ماشيا أو محاربا أو لغير القبلة أو قاعدا خوف طالب له بحق، لأنه فى كل ذلك عمل عملا قد نهى عنه فى صلاته وهو فى كونه مطلوبا بباطل عامل من كل ذلك عملا أبيح له فى صلاته تلك.
ولم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم قط بثلاث طوائف.
ولولا صلاته عليه الصلاة والسلام بطائفتين لما جاز ذلك لأنه عمل فى الصلاة ولا يجوز عمل فى الصلاة الا ما أباحه النص لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان فى الصلاة لشغلا.
(1)
كشاف القناع ج 1 ص 339 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 188 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 340 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 188 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 340 الطبعة السابقة
(4)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 5 ص 41، ص 42 الطبعة السابقة.
ومن صلى كما ذكرنا هاربا عن كافر أو عن باغ بطلت صلاته أيضا الا أن ينوى فى مشيه ذلك تحرفا لقتال أو تحيزا الى فئة فتجزئه صلاته حينئذ لقول الله تبارك وتعالى:
«إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» الآية.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(1)
: أن صلاة الخوف وهى حالة المسايفة والحتام القتال المصلى لخيال كاذب نحو أن يخيل اليه أن العدو صال للقتال فينفتل لقتاله انفتالا طويلا فاذا ذلك الوهم كاذب فانه فى هذه الحال يعيد الصلاة ولا يبنى اذا فعل ذلك لغير أمارة صحيحة وقصر فى البحث.
ومثل ذلك لو انصرف العدو فظنت الطائفة الأولى أنه لم ينصرف فعزلوا صلاتهم بناء على الخوف فانها تفسد عليهم الصلاة فيعيدون اذا كان ذلك بتقصير فى البحث لا لو لم يقصروا.
وتفسد أيضا صلاة الخوف على الأولين وهم الطائفة الاولى اذا رأوا وحشا أو سوادا فظنوه عدوا فافتتحوا الصلاة - أى صلاة الخوف وهو خيال كاذب - فانها تفسد عليهم بفعل صلاة الخوف للخيال الكاذب ذكر ذلك على بن يحيى.
قال أبو طالب والمسألة مبنية على أن الأولين كان يمكنهم أن يتعرفوا أن الذى تخايل لهم ليس بعدو وقصروا فى ذلك ولم يبحثوا عنه.
وأما اذا لم يكن منهم تقصير وبحثوا عنه وكان هناك أمارات الخوف لم تلزمهم الاعادة.
مذهب الإمامية:
جاء فى الخلاف
(2)
: أن صلاة شدة الخوف وهى حالة المسابفة والتحام القتال يصلى حسب الامكان ايماء وغير ذلك من الانحاء قائما أو ماشيا مستقبل القبلة أو غير مستقبل القبلة.
فاذا أمن فلا تجب عليه الاعادة.
واذا رأى سوادا فظن أنه عدو فصلى صلاة شدة الخوف ايماء، ثم تبين أنه لم يكن عدوا وانما كان وحشا أو ابلا أو بقرا أو قوما تارة لم يجب عليه الاعادة، وانما يعيد احتياطا.
واذا رأى العدو
(3)
وصلى صلاة شدة الخوف، ثم تبين له أن بينهم خندقا أو نهرا كبيرا لا يصلون اليهم لا يجب عليه الاعادة. وقيل الاعادة.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(4)
: ان من صلى صلاة خوف، ثم حصل الأمن والوقت باق
(1)
شرح الازهار وحاشيته ج 1 ص 374 ص 375 الطبعة السابقة
(2)
الخلاف فى الفقه ج 1 ص 257 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 258
(4)
شرح النيل ج 1 ص 547 الطبعة السابقة
فلا يعيد على الراجح اذ صلاها بوجه جائز.
وهل يقطعون صلاة الخوف على أى صورة ان حصل لهم أمن فيها.
أو يتمونها صلاة أمن وتكفيهم.
أو يتمونها صلاة خوف، ثم يعيدونها.
أو لا يعيدونها
وعلى التمام بأوجهه يتمها بهم الامام.
ولكن اذا تم العدد فى حقه قام من خلفه وصلى ما فاته فيه وفى ذلك تردد.
ولو نظروا سوادا فصلوا صلاة خوف ثم تبين أنه غير عدو، قال محمد أحب أن يعيدوا.
حكم الاعادة فى صلاة الجنازة:
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أنه لا يصلى على ميت الا مرة واحدة لا جماعة ولا وحدانا عندنا.
الا أن يكون الذين صلوا عليها أجانب بغير أمر الأولياء، ثم حضر الولى فحينئذ له أن يعيد الصلاة عليه.
لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صلى على جنازة، فلما فرغ جاء عمر ومعه قوم فأراد أن يصلى ثانيا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الصلاة على الجنازة لا تعاد، ولكن ادع للميت واستغفر له. وهذا نص فى الباب.
وروى أن ابن عباس وابن عمر رضى الله تعالى عنهما فاتتهما صلاة على جنازة فلما حضرا ما زادا على الاستغفار له.
وكذلك الأمة توارثت ترك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى الخلفاء الراشدين والصحابة رضى الله تعالى عنهم.
ولو جاز لما ترك مسلم الصلاة عليهم خصوصا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه فى قبره كما وضع فان لحوم الأنبياء حرام على الأرض.
وتركهم ذلك اجماعا منهم دليل على عدم جواز التكرار.
ولأن الفرض قد سقط بالفعل مرة واحدة لكونها فرض كفاية.
ولهذا فان من لم يصل لو ترك الصلاة ثانيا لا يأثم.
واذا سقط الفرض فلو صلى ثانيا كان نفلا والتنفل بصلاة الجنازة غير مشروع.
أما غير الولى اذا تقدم وصلى صلاة الجنازة فان للولى أن يصلى عليه ثانيا، لأنه اذا لم يجز الأول تبين أن الأول لم يقع فرضا لأن حق التقدم كان له، فاذا تقدم غيره بغير اذنه كان له أن يستوفي حقه في التقدم.
(1)
بدائع الصنائع ج 1 ص 315 الطبعة السابقة
أما ما روى من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعاد صلاة الجنازة حين مر بقبر جديد فسأل عنه، فقيل: قبر فلانة، فقال: هلا آذنتمونى بالصلاة عليها، فقيل:
أنها دفنت ليلا فخشينا عليك هو ام الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
اذا مات انسان فآذنونى فان صلاتى عليه رحمة وقام وجعل القبر بينه وبين القبلة وصلى عليه.
فان النبى صلى الله عليه وآله وسلم انما أعاد لأن ولاية الصلاة كانت له، فانه كان صلى الله عليه وآله وسلم أولى الأولياء لقول الله تبارك وتعالى
(1)
: «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» }.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لا يصلى على موتاكم غيرى ما دمت بين أظهركم فلم يسقط الفرض بأداء غيره.
وهذا أيضا هو تأويل ما حدث من الصحابة حين صلوا على النبى صلى الله عليه وآله وسلم جماعة بعد جماعة.
فان الولاية كانت لأبى بكر رضى الله تعالى عنه لأنه هو الخليفة الا أنه كان مشغولا بتسوية الأمور وتسكين الفتنة فكانوا يصلون على النبى صلى الله عليه وآله وسلم، قبل حضوره، فلما فرغ صلى عليه ثم لم يصل بعد ذلك عليه.
وعلى هذا قال أصحابنا لا يصلى على ميت غائب.
ولا يحتج بصلاة النبى صلى الله عليه وآله وسلم على النجاشى لأنه يحتمل أنه كان دعاء لأن الصلاة تذكر ويراد بها الدعاء.
وشروط صحة صلاة الجنازة
(2)
:
الطهارة الحقيقية والحكمية واستقبال القبلة وستر العورة والنية.
حتى أنهم لو صلوا على جنازة والامام غير طاهر فعليهم اعادتها لأن صلاة الامام غير جائزة لعدم الطهارة فكذا صلاتهم لأنها بناء على صلاته.
ولو كان الامام على الطهارة والقوم على غير طهارة جازت صلاة الامام ولم يكن عليهم اعادتها لأن حق الميت تأدى بصلاة الامام.
دلت المسألة على أن الجماعة ليست بشرط فى هذه الصلاة.
ولو تحروا على جنازة وأخطئوا القبلة جازت صلاتهم لأن المكتوبة تجوز فهذه أولى.
وان تعمدوا خلافها لم تجز، كما فى اعتبار شرط القبلة لأنه لا يسقط حالة الاختيار كما فى سائر الصلوات.
ولو صلى راكبا أو قاعدا من غير عذر لم تجزهم استحسانا.
(1)
الآية رقم 6 من سورة الاحزاب
(2)
بدائع الصنائع ج 1 ص 351 الطبعة السابقة
والقياس أن تجزئهم كسجدة التلاوة ولأن المقصود منها الدعاء للميت وهو لا يختلف والأركان فيها التكبيرات، ويمكن تحصيلها فى حالة الركوب كما يمكن تحصيلها فى حالة القيام.
ووجه الاستحسان أن الشرع ما ورد بها الا فى حالة القيام فيراعى فيها ما ورد به النص.
ولهذا لا يجوز اثبات الخلل فى شرائطها فكذا فى الركن بل أولى لأن الركن أهم من الشرط.
ولو كان ولى الميت مريضا فصلى قاعدا وصلى الناس خلفه قياما أجزأهم فى قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى.
وقال محمد يجزئ الامام ولا يجزئ المأموم بناء على اقتداء القائم بالقاعد.
ولو ذكروا بعد الصلاة على الميت أنهم لم يغسلوه فهذا على وجهين.
أما أن يذكروا قبل الدفن أو بعده.
فان ذكروا ذلك قبل الدفن غسلوه وأعادوا الصلاة عليه لأن طهارة الميت شرط لجواز الصلاة عليه.
كما أن طهارة الامام شرط لأن الميت بمنزلة الامام فتعتبر طهارته فاذا فقدت لم يعتد بالصلاة التى صلوها فيغسل وتعاد الصلاة عليه.
وان ذكروا بعد الدفن أنه لم يغسل لم ينبشوا عنه لأن النبش حرام حقا لله تعالى فيسقط الغسل.
ولا تعاد الصلاة عليه لأن طهارة الميت شرط جواز الصلاة عليه لما بينا.
وروى عن محمد رحمه الله تعالى أنه يخرج ما لم يهيلوا عليه التراب لأن ذلك ليس بنبش.
فان أهالوا عليه التراب لم يخرج، لكن تعاد الصلاة عليه لأن تلك الصلاة التى صلوها لم تعتبر لتركهم الطهارة مع الامكان والآن فات الامكان فسقطت الطهارة فتعاد الصلاة عليه.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والاكليل
(1)
: قال القاضى عياض من فروض صلاة الجنازة القيام للتكبير والدعاء والسّلام.
قال سند، قال أشهب: ان صلوا قعودا لا يجزئ الا من عذر.
وهو مبنى على القول بوجوبها.
وعلى القول بأنها من الرغائب ينبغى أن تجزئهم.
وقال أشهب فى المجموعة اذا صلوا عليها وهم جلوس أو ركوب فلا تجزئهم وليعيدوا الصلاة.
وهذا مبنى على القول أن من أركانها القيام مع القدرة.
(1)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 2 ص 215 الطبعة السابقة.
ويستخلف الامام ان ذكر فى الصلاة أنه جنب أو رعف فيها.
واذا قهقه بطلت عليه وعليهم.
وان ذكر بعد الفراغ أنه جنب لم يعد.
فان كان هو ومن خلفه على غير طهارة أعادوا.
قال اللخمى الجماعة لصطلاة الجنازة سنة ليس بشرط، وقاله فى المعونة.
وشرط صاحب المقدمات وغيره فيها الجماعة.
قال وان فعلت بغير امام أعيدت.
ثم قال فى الشامل وهل تستحب الاعادة أن تبين أنه صلى لغير القبلة قبل الدفن لا بعده أو تجب فيهما أو تعاد مطلقا أقوال ونقله فى التوضيح وأصله فى سماع موسى.
والتكبيرات
(1)
لصلاة الجنازة أربعة فان سلم بعد ثلاث أعاد.
وقال الحطاب قال ابن الحاجب: فان سلم بعد ثلاث كبرها ما لم يطل فتعاد ما لم يدفن.
وقال يحيى
(2)
سألت ابن القاسم عن الميت ينبش قال لا يعاد غسله والصلاة الأولى تجزئة، ولكن يكفن ويدفن ثانيا.
مذهب الشافعية:
جاء فى مغنى المحتاج
(3)
: أن من صلى على ميت منفردا، أو فى جماعة لا يعيدها أى لا يسن له اعادتها على الصحيح لأن الجنازة لا يتنفل بها. والثانية تقع نفلا.
نعم فاقد الطهورين اذا صلى ثم وجد ماء يتطهر به فانه يعيد، كما أفتى به القفال.
والثانى يسن له أعادتها فى جماعة سواء أصلى منفردا أم فى جماعة كغيرها من الصلوات.
والثالث ان صلى منفردا ثم وجد جماعة سن له الاعادة معهم لحيازة فضيلتها والا فلا.
الرابع تكره أعادتها.
والخامس تحرم.
قال الزركشى
(4)
: معناه أن الصلاة لا تفعل مرة بعد أخرى.
أى من صلاها لا يعيدها.
أى لا يطلب منه ذلك.
ولكن سيأتى أنه لو أعادها وقعت له نافلة.
وكان هذا مستثنى من قولهم ان الصلاة اذا لم تكن مطلوبة لا تنعقد.
(1)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 2 ص 217 الطبعة السابقة
(2)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 2 ص 281 الطبعة السابقة
(3)
مغنى المحتاج ج 1 ص 353 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 335 الطبعة السابقة
هذا فى الصلاة على القبر، حيث قال أن صحة الصلاة على القبر ممن كان من أهلها فرضها وقت الموت دون غيره لأنه يؤدى فرضا خوطب به.
وأما غيره فمتطوع وهذه الصلاة لا يتطوع بها.
قال فى المجموع أنه لا يجوز الابتداء بصورتها من غير جنازة.
وجاء فى المجموع
(1)
: أنه لو صلى على الميت بودر بدفنه ولا ينتظر حضور من يصلى عليه.
الا الولى فانه ينتظر اذا لم يخش على الميت التغير.
فان خيف عليه التغير لم ينتظر.
وان حضر من لم يصل عليه صلى عليه.
وان حضر من صلى مرة فهل يعيد الصلاة مع من يصلى فيه وجهان.
أحدهما يستحب كما يستحب فى سائر الصلوات أن يعيدها مع من يصلى جماعة.
والثانى لا يعيد لأنه يصليها نافلة وصلاة الجنازة لا يتنفل بمثلها.
واذا صلى على الجنازة
(2)
: جماعة أو واحد، ثم صلت عليها طائفة أخرى فأراد من صلى أولا أن يصلى ثانيا مع الطائفة الثانية ففيه أربعة أوجه.
أصحها باتفاق الأصحاب لا يستحب له الاعادة بل المستحب تركها.
والثانى يستحب الاعادة.
والثالث يكره الاعادة وبه قطع الفورانى وصاحب العدة وغيرهما.
والرابع حكاه البغوى ان صلى أولا منفردا أعاد وأن صلى جماعة فلا.
والصحيح الأول صححه الأصحاب فى جميع الطرق وقطع به صاحب الحاوى والقاضى حسين وأمام الحرمين والغزالى وغيرهم.
وادعى امام الحرمين فى النهاية اتفاق الأصحاب عليه.
فعلى هذا لو صلى ثانيا صحت صلاته وان كانت غير مستحبة هذا هو المشهور فى كتب الأصحاب.
وقال امام الحرمين ظاهر كلام الأصحاب أنها صحيحة.
وقال وعندى فى بطلانها احتمال.
والمذهب صحتها.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(3)
: أن الصلاة على الميت تبطل اذا لم يغسل ولم ييمم لعدم
(1)
المجموع ج 5 ص 244 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 5 ص 246 الطبعة السابقة
(3)
كشاف القناع ج 1 ص 126 الطبعة السابقة
الماء والتراب بوجود ما يغسل به أو ييمم به بعد الصلاة عليه.
وتعاد الصلاة على الميت بعد أن يغسل أو ييمم وجوبا للقدرة عليها بشرطها.
ويجوز نبشه بعد دفنه لأحدهما - أى الغسل أو التيمم - مع أمن تفسخه لأنه مصلحة بلا مفسدة.
فان خيف تفسخه لم ينبش.
وان بدر أجنبى
(1)
: وصلى بغير اذن الولى أو صلى البعيد بغير اذن القريب صح لأن مقصود الصلاة الدعاء للميت، وقد حصل وليس فيها كبير افتيات تشح بها الأنفس عادة.
بخلاف ولاية النكاح.
فان صلى الولى خلف الأجنبى صار اذا لدلالته على رضاه بذلك كما لو قدمه للصلاة.
وان لم يصل الولى وراءه فله أن يعيد الصلاة لأنها حقه.
ويسن لمن صلى أن يعيد تبعا له.
ومن صلى
(2)
على ميت كره له اعادة الصلاة عليه.
قال فى الفصول: لا يصليها مرتين كالعيد الا على من صلى عليه بالنية كالغائب اذا حضر جزم به ابن تميم وابن حمدان واقتصر عليه فى الفروع.
أو وجد بعض ميت صلى على جملته فتسن اعادة الصلاة فيهما مرة ثانية.
أو صلى على الميت بلا اذن من هو أولى منه بالصلاة مع حضور الأولى وعدم اذنه ولم يصل معه فتعاد الصلاة عليه تبعا للولى لأنها حقه ذكره أبو المعالى.
وظاهره لا يعيد غير الولى قاله فى الفروع.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(3)
: أن المصلى ان زاد على خمس تكبيرات فسدت اذا فعل ذلك عمدا فان فعله سهوا لم تفسد ولا سجود للسهو فيها.
قال المهدى عليه السلام ولعل الزيادة على الخمس لا تفسد اذ لم يزدها تظننا فقد تقدم أن المتظنن اذا تيقن الزيادة أعاد.
أو اذا نقص من الخمس التكبيرات فسدت أيضا مطلقا أى سواء نقص عمدا أو سهوا
واذا فسدت بزيادة أو بنقص أو نحوها أعاد المصلى الصلاة على الجنازة اذا انكشف فسادها قبل الدفن.
لا اذا انكشف بعده فانه لا ينبش للاعادة.
(1)
المرجع السابق ج 6 ص 394 الطبعة السابقة
(2)
كشاف القناع ج 1 ص 400 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 227، ص 228 الطبعة السابقة
(3)
شرح الازهار وحاشيته ج 1 ص 434 الطبعة السابقة
ولا يصلى على القبر عندنا.
ولو صلى
(1)
على جماعة كفى قصدهم وان لم يعرف عددهم.
فلو نوى الصلاة ولم يعينه، ثم صلى على الباقين كذلك لم تصح.
ولو اعتقد أنهم عشرة فبانوا أحد عشر أعاد الصلاة على الجميع لأن فيهم من لم يصل عليه وهو غير معين.
ولو اعتقد أنهم أحد عشر فبانوا عشرة فالأظهر الصحة.
ويجب
(2)
أن تعاد الصلاة على الميت اذا صلى بالناس غير الأولى بالامامة ان لم يأذن له بالتقدم من هو الأولى بها ذكره أبو جعفر.
والوجه فى الاعادة أن الأجنبى عاص بالتقدم فلم تصح صلاته.
ومن صلى
(3)
: على الميت فانه لا يعيد الصلاة عليه اجماعا دفن أم لا.
مذهب الإمامية:
جاء فى الخلاف أنه يسقط الفرض بصلاة واحد على الميت ولا تعاد ثانيا بجماعة ومن صلى على جنازة يكره له أن يعيد صلاته ثانيا.
وجاء فى شرائع الاسلام
(5)
: أنه اذا سبق المأموم بتكبيرة أو ما زاد استحب له اعادتها مع الامام.
واذا صلى على جنازة بعض الصلاة، ثم حضرت أخرى كان مخيرا ان شاء استأنفت الصلاة عليها.
وان شاء أتم الأولى على الأول واستأنفت للثانى.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(6)
: أنه لو تيمم المصلى للصلاة على الميت لعدم الماء ثم وجد الماء قبل دفنه قيل تعاد الصلاة.
وقيل لا تعاد.
وجزم أبو العباس أنه مضى لسبيله كما هو واضح، لأنه كحى تيمم وصلى، ثم وجد الماء.
وأنه ان تيمموا له العدم الماء فبان أنه عندهم غسلوه وان بعد الصلاة فلا يغسلونه.
وقيل يغسلونه ويعيدون الصلاة عليه.
وان نسوا الماء أنه عندهم فتذكروا
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 428 الطبعة السابقة
(2)
شرح الازهار وحاشيته ج 1 ص 428 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 442 الطبعة السابقة
(4)
الخلاف فى الفقه الجعفرى للطوسى ج 1 ص 295 مسألة رقم 81 الطبعة السابقة
(5)
شرائع الإسلام ج 4 ص 64 الطبعة السابقة
(6)
شرح النيل ج 1 ص 659 الطبعة السابقة.
بعدها أعادوا الصلاة على الميت بعد غسله.
وقيل لا تعاد ولا يغسل.
وان
(1)
: انقطع نجس بعد تيمم قبل الصلاة غسلوه.
وان انقطع بعد الصلاة فلا عليهم.
وقيل يغسلونه ويعيدون الصلاة عليه.
وان كفن الميت
(2)
فى نجس وصلوا عليه ثم وجدوا طاهرا أعادوا الصلاة عليه وقيل: لا.
حكم الاعادة فى صلاة العيد:
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(3)
: أنه لو صلى الامام صلاة العيد، ثم تبين أنه يوم عرفة فعلى الامام أن يعيد الصلاة من الغد، لأنه تبين أن الصلاة وقعت قبل الوقت فلم تجز.
وان تبين أن الامام كان على غير وضوء فان علم قبل أن يتفرق الناس فانه يعيد بهم الصلاة باتفاق الروايات.
وان تفرق الناس عن الامام، ثم علم بعد ذلك فقد ذكر فى بعض الروايات أن الصلاة لا تعاد.
وروى أنه ينادى بهم حتى يجتمعوا ويعيد بهم الصلاة.
وجاء فى فتح القدير
(4)
: ان من دخل مع الامام فى صلاة العيد فى التشهد فانه يقضى بعد فراغ الامام صلاة العيد بالاتفاق.
ولو قرأ الفاتحة أو بعضها فذكر أنه لم يكبر، كبر وأعاد القراءة.
وان ذكر بعد ضم السورة كبر ولم يعد، لأن القراءة تمت بالكتاب والسنة فلا يحتمل النقص.
بخلاف ما قبله فانها لم تتم اذ لم يتم الواجب فكأنه لم يشرع فيها فيعيد رعاية للترتيب.
وجاء فى بدائع الصنائع
(5)
: أنه لو ركع الامام بعد فراغه من القراءة فى الركعة الأولى فتذكر أنه لم يكبر فانه يعود ويكبر، وقد انتقض ركوعه، ولا يعيد القراءة، لأنها تمت بالفراغ عنها، والركن بعد تمامه والانتقال عنه غير قابل للنقض والابطال، فبقيت على ما تمت.
هذا اذا تذكر بعد الفراغ من القراءة.
فاما أن تذكر قبل الفراغ عنها بأن قرأ الفاتحة دون السورة ترك القراءة ويأتى بالتكبيرات، لأنه اشتغل بالقراءة قبل أوانها فيتركها ويأتى بما هو الأهم، ليكون
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 657 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل ج 1 ص 664 الطبعة السابقة
(3)
بدائع الصنائع ج 1 ص 73، ص 74 الطبعة السابقة
(4)
فتح القدير ج 1 ص 428 الطبعة السابقة
(5)
بدائع الصنائع ج 1 ص 278 الطبعة السابقة.
المحل محلا له، ثم يعيد القراءة، لأن الركن متى ترك قبل تمامه ينتقض من الأصل
وجاء فى الفتاوى الهندية
(1)
أنه لو صلى الامام بالناس صلاة العيد يوم الفطر على غير وضوء، ثم علم بذلك قبل الزوال أعاد الصلاة.
وان علم بعد الزوال خرج من الغد وصلى، فان لم يعلم حتى زالت الشمس من الغد لم يخرج.
وان كان ذلك فى عيد الأضحى فعلم بعد الزوال، وقد ذبح الناس جاز ذبح من ذبح ويخرج من الغد ويصلى.
وكذا ان علم فى اليوم الثانى صلى بالناس ما لم تزل الشمس.
فان زالت يخرج من الغد ويصلى ما لم تزل الشمس فان علم بعد ما زالت فى اليوم الثالث لا يصلى بعد ذلك فان علم يوم النحر قبل الزوال نادى فى الناس بالصلاة.
وجاء فى بدائع الصنائع
(2)
: أنه اذا فسدت صلاة العيد بالحدث العمد وغير ذلك مما يفسد به سائر الصلاة فانه يستقبل الصلاة.
وان فسدت بخروج الوقت أو فاتت عن وقتها مع الامام سقطت.
وجاء فى العناية على فتح القدير
(3)
: أن الخطبة فى العيد تكون بعد الصلاة فلو قدمت قبل الصلاة جازت ولا تعاد بعد الصلاة الا أنه يكون مخالفا للسنة.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(4)
: نقلا عن المدونة أنه لا يؤم العبد فى الحضر ولا فى مساجد القبائل ولا فى جمعة أو عيد.
فان أمهم فى جمعة أعاد وأعادوا اذ لا جمعة عليه ولا عيد.
وما ذكر أنه لا يؤم فى العيد هو المنصوص.
وخرج اللخمى والمازرى جوازه على قول ابن الماجشون يعنى فى الفريضة
وذكره ابن الجلاب لاشهب نصا.
ويرد التخريج بكثرة من يحضر العيد من الناس فهو اظهار لأئمة الاسلام.
فان أم فى الجمعة فظاهر الكتاب أنهم يعيدون مطلقا فى الوقت وخارجه وهو كذلك.
وظاهر الكتاب فى العيد أنهم يعيدون وهو خلاف نقل اللخمى عن ابن القاسم أنها تجزئ.
وفى التاج والاكليل
(5)
: قال ابن عرفة
(1)
الفتاوى الهندية ج 1 ص 152 الطبعة السابقة
(2)
بدائع الصنائع ج 1 ص 279 الطبعة السابقة
(3)
العناية على فتح القدير ج 1 ص 428 الطبعة السابقة.
(4)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 2 ص 105، ص 106 الطبعة السابقة
(5)
التاج والاكليل مع الحطاب فى كتاب ج 1 ص 196، ص 197 الطبعة السابقة
خطبة العيد أثر الصلاة سنة، قال أشهب من بدأ بالخطبة قبل الصلاة أعادها بعد الصلاة وان لم يفعل أجزأه وقد أساء.
مذهب الشافعية:
جاء فى مغنى المحتاج
(1)
: أنه لو شك المصلى فى عدد التكبيرات أخذ بالأقل، كما فى عدد الركعات.
ولو كبر ثمانيا وشك هل نوى الاحرام فى واحدة منها أستأنف الصلاة، لأن الأصل عدم ذلك أو شك فى أيها أحرم جعلها الأخيرة وأعادهن أحتياطا.
ولو نسيها فتذكرها قبل الركوع وشرع فى القراءة ولو لم يتم الفاتحة لم يتداركها، لأن الفائت قد يقضى فلو عاد لم تبطل صلاته.
بخلاف ما لو تذكرها فى الركوع وبعده وعاد الى القيام ليكبر فان صلاته تبطل ان كان عالما متعمدا.
والجهل كالنسيان والعمد أولى ولو تركها وتعوذ ولم يقرأ كبر.
بخلاف ما لو تعوذ قبل الاستفتاح لا يأتى به، لأنه بعد التعوذ لا يكون مفتتحا.
وفى القديم يكبر ما لم يركع لبقاء محله وهو القيام.
وعلى هذا لو تذكره فى أثناء الفاتحة قطعها وكبر ثم أستأنف القراءة أو بعد فراغها كبر وندب اعادة الفاتحة.
ولو أدرك الامام راكعا لم يكبر جزما.
وجاء فى المجموع
(2)
: أنه اذا فرغ الامام من الصلاة والخطبة، ثم علم أن قوما فاتهم سماع الخطبة أستحب أن يعيد لهم الخطبة سواء كانوا رجالا أم نساء.
وممن صرح به من أصحابنا البندنيجى والمتولى، واحتجوا له بحديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «خطب يوم العيد فرأى أنه لم يسمع النساء فأتاهن فذكرهن ووعظهن وأمرهن بالصدقة» رواه البخارى ومسلم.
ولو خطب قبل صلاة العيد فهو مسئ وفى الاعتداد بالخطبة احتمال لامام الحرمين.
والصحيح بل الصواب أنه لا يعتد بها لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«صلوا كما رأيتمونى أصلى» وقياسا على السنة الراتبة بعد الفريضة اذا قدمها عليها.
وهذا الذى صححته هو ظاهر نص الشافعى فى الأم.
ونقله أيضا القاضى أبو الطيب فى التجريد عن نصه فى الأم. قال فان بدأ بالخطبة قبل الصلاة رأيت أن يعيد الخطبة بعد الصلاة.
(1)
مغنى المحتاج ج 1 ص 306 الطبعة السابقة
(2)
المجموع ج 5 ص 24، ص 25 الطبعة السابقة
فان لم يفعل لم يكن عليه اعادة صلاة ولا كفارة كما لو صلى ولم يخطب هذا نصه بحروفه.
وهو ظاهر فى أن الخطبة غير محسوبة، ولهذا قال كما لو صلى ولم يخطب.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى
(1)
: أنه لا تبطل الصلاة بترك التكبيرات والذكر عمدا ولا سهوا، لأن التكبيرات والذكر بينها سنة وليس بواجب ولا أعلم فيه خلافا.
فان نسى التكبير وشرع فى القراءة لم يعد اليه.
قال ابن عقيل لأنه سنة فلم يعد اليه بعد الشروع فى القراءة كالاستفتاح، وقال القاضى: فيها وجه آخر أنه يعود الى التكبير، وهو قول أبى ثور، لأنه ذكره فى محله فيأتى به كما قبل الشروع فى القراءة، وهذا لأن محله القيام وقد ذكره فيه.
فعلى هذا يقطع القراءة ويكبر، ثم يستأنف القراءة لأنه قطعها متعمدا بذكر طويل.
وان كان المنسى شيئا يسيرا احتمل أن يبنى، لأنه لم يطل الفصل أشبه ما لو قطعها بقول آمين.
واحتمل أن يبتدئ لأن محل التكبير قبل القراءة ومحل القراءة بعده فيستأنفها ليأتى بها بعده.
وان ذكر التكبير بعد القراءة فأتى به لم يعد القراءة وجها واحدا، لأنها وقعت موقعها.
وان لم يذكره حتى ركع سقط وجها واحدا لأنه فات المحل.
واذا شك فى عدد التكبيرات بنى على اليقين.
فان كبر ثم شك هل نوى الاحرام أولا ابتدأ الصلاة هو ومن خلفه، لأن الأصل عدم النية الا أن يكون وسواسا فلا يلتفت اليه.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار وحواشيه
(2)
:
أنه لو قدم التكبير اعاده بعد القراءة والا أعاد الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صلوا كما رأيتمونى أصلى» .
مذهب الإمامية:
جاء فى الخلاف
(3)
: أنه اذا نسى المصلى التكبيرات حتى ركع مضى فى صلاته ولا اعادة عليه.
(1)
المغنى لابن قدامه المقدسى ج 2 ص 242، ص 243 الطبعة السابقة.
(2)
شرح الازهار وحواشيه ج 1 ص 379 الطبعة السابقة
(3)
الخلاف فى الفقه ج 1 ص 264، ص 265 الطبعة السابقة
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(1)
: أن من تعمد زيادة أو نقصا فى تكبيرات العيد على العدد المذكور فى الأقاويل أعاد صلاته.
حكم الاعادة فى الزكاة
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(2)
: أنه لا يجوز صرف الزكاة الى غير مستحقيها والمستحقون هم الذين ورد ذكرهم فى قول الله تبارك وتعالى:
(3)
.
فقد جعل الله سبحانه وتعالى الصدقات للأصناف المذكورين بحرف اللام وأنه للاختصاص فيقتضى اختصاصهم باستحقاقها فلو جاز صرفها الى غيرهم لبطل الاختصاص وهذا لا يجوز.
والآية خرجت لبيان مواضع الصدقات ومصارفها ومستحقيها.
واذا دفع الزكاة
(4)
الى من لم يعلم حاله فهذا على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنه على الجواز حتى يظهر خطؤه.
وذلك أن يدفع زكاة ما له الى رجل ولم يخطر بباله وقت الدفع ولم يشك فى أمره فدفع اليه فهذا على الجواز الا اذا ظهر بعد الدفع أنه ليس محل الصدقة فحينئذ لا يجوز، لأن الظاهر أنه صرف الصدقة الى محلها حيث نوى الزكاة عند الدفع والظاهر لا يبطل الا باليقين.
فاذا ظهر بيقين أنه ليس بمحل الصدقة ظهر أنه لم يجز وتجب عليه اعادة الزكاة.
وليس له أن يسترد ما دفع ويقع تطوعا.
حتى أنه لو خطر بباله بعد ذلك وشك فيه ولم يظهر له شئ لا تلزمه الاعادة لأن الظاهر لا يبطل بالشك.
والوجه الثانى: هو على الفساد حتى يظهر صوابه وذلك أنه خطر بباله وشك فى أمره لكنه لم يتحر ولا طلب الدليل أو تحرى بقلبه لكنه لم يطلب الدليل فهو على الفساد.
الا اذا ظهر أنه محل بيقين أو بغالب الرأى فحينئذ يجوز لأنه لما شك وجب عليه التحرى والصرف الى من وقع عليه تحريه.
فاذا ترك لم يوجد الصرف الى من أمر الصرف اليه فيكون فاسدا الا اذا ظهر أنه محل فيجوز.
والوجه الثالث: أنه ان خطر بباله وشك فى أمره وتحرى ووقع تحريه على أنه محل
(1)
شرح النيل ج 1 ص 629، الطبعة السابقة
(2)
بدائع الصنائع ج 2 ص 42 الطبعة السابقة
(3)
الاية رقم 60 من سورة التوبة
(4)
بدائع الصنائع ج 2 ص 50 الطبعة السابقة
الصدقة فدفع اليه جاز بالاجماع وكذا ان لم يتحر ولكن سأل عن حاله فدفع اليه أو رآه فى صف الفقراء أو على زى الفقراء فدفع اليه فان ظهر أنه كان محلا جاز بالاجماع وكذا اذا لم يظهر حاله عنده.
وأما اذا ظهر أنه لم يكن محلا بأن ظهر أنه غنى أو هاشمى، ذلك أنه مأمور بالصرف الى من هو محل عنده وفى ظنه واجتهاده لا على الحقيقة اذ لا علم له بحقيقة الغنى والفقر لعدم امكان الوقوف على حقيقتهما وقد صرف الى من أدى اجتهاده أنه محل فقد أتى بالمأمور فيخرج عن العهدة.
واستدل أبو حنيفة ومحمد فى الصرف الى ابنه وهو لا يعلم به بالحديث المشهور.
وهو ما روى أن يزيد بن معن دفع صدقته الى رجل وأمره أن يأتى المسجد ليلا فيتصدق بها فدفعها الى ابنه معن فلما أصبح رآها فى يده فقال له: لم أدرك بها فاختصما الى رسول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا معن لك ما أخذت ويا يزيد لك ما نويت.
وروى محمد بن شجاع عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى فى الوالد والولد والزوجة أنه لا يجوز كما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى.
ومن شرائط ولاية
(1)
أخذ الزكاة وجود الحماية من الامام حتى لو ظهر أهل البغى على مدينة من مدائن أهل العدل أو قرية من قراهم وغلبوا عليها فأخذوا صدقات سوائمهم وعشور أراضيهم وخراجها ثم ظهر عليهم امام العدل فلا يأخذ منهم. ثانيا: لأن حق الأخذ للامام لأجل الحفظ والحماية ولم يوجد الا أنهم يفتون بينهم وبين ربهم أن يؤدوا الزكاة والعشور ثانيا وسكت محمد عن ذكر الخراج.
واختلف مشايخنا.
قال بعضهم: عليهم أن يعيدوا الخراج كالزكاة والعشور.
وقال بعضهم: ليس عليهم الاعادة لأن الخراج يصرف الى المقاتلة وأهل البغى يقاتلون العدو ويذبون
(2)
عن حريم الاسلام ولا يؤخذ من المسلم اذا مر على العاشر فى السنة الامرة واحدة لأن المأخوذ منه زكاة والزكاة لا تجب فى السنة الامرة واحدة.
وكذلك الذمى.
وكذلك الحربى الا اذا عشره فرجع الى دار الحرب ثم خرج فانه يعشره ثانيا.
وان خرج من يومه ذلك لأن الأخذ من أهل الحرب لمكان حماية ما فى أيديهم من الأموال وما دام هو فى دار الاسلام فالحماية متحدة ما دام الحول باقيا فيتحد حق الأخذ وعند دخوله دار الحرب ورجوعه الى دار الاسلام تتجدد الحماية فيتجدد حق الأخذ.
ولو مر على عاشر الخوارج
(3)
فى أرض
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 36 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 37 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 38 الطبعة السابقة.
غلبوا عليها فعشره ثم مر على عاشر أهل العدل فانه يعشر ثانيا لأنه بالمرور على عاشرهم ضيع حق سلطان أهل العدل وحق فقراء أهل العدل بعد دخوله تحت حماية سلطان أهل العدل فيضمن.
وجاء فى البحر الرائق
(1)
: أنه لو شك رجل فى الزكاة فلم يدر أزكى أم لا فانه يعيد الزكاة.
ولو شك هل أدى جميع ما عليه من الزكاة أم لا بأن كان يؤدى متفرقا ولا يضبطه فهل يلزمه اعادتها؟
مقتضى ما ذكرنا لزوم الاعادة حيث لم يغلب على ظنه دفع قدر معين لأنه ثابت فى ذمته بيقين فلا يخرج عن العهدة بالشك.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والاكليل
(2)
: عن ابن الحاجب أنه لو أخرج المزكى زكاة نعمه بعد الحول وقبل مجئ الساعى لم تجزه على المشهور وعليه اعادتها.
وقال اللخمى تفريق زكاة الماشية والعين والحرث الى أئمة العدل دون أصحاب الأموال.
فان كان قوم ليس لهم امام أو كان غير عدل كان انفاذها الى أصحاب الأموال.
وان مكنوا منها الامام اذا كان غير عدل مع القدرة على اخفائها عنه لم تجز ووجب اعادتها.
قال اللخمى
(3)
: ان أعطاها لغنى أو لعبد أو لنصرانى وهو عالم لم تجز وان لم يعلم وكانت الزكاة قائمة بأيديهم انتزعت منهم وصرفت لمن يستحقها.
فان أكلوها غرموها على المستحسن من القول لأنهم صانوا بها أموالهم.
وقال أبو عمر اختلف قول مالك وأصحابه وأهل المدينة قبلهم فيمن أعطى زكاته غنيا أو عبدا أو كافرا وهو لا يعرف قيل انه اجتهد ولا شئ عليه.
وقيل انه لا تجزئه وهو قياس قول مالك فى كفارة اليمين.
وأما عدم اجزاء الزكاة ان طاع لدفعها لجائر فقال ابن العربى هل يجوز ان تحتجز من زكاته عن الوالى ما يعطى للمحتاج؟ قولان، وبالجواز أقول، لأنه قادر على استخراج حق مسلم من يد غاصب فوجب عليه شرعا.
قال اللخمى اذا كان الامام غير عدل ومكنه صاحبه منها مع القدرة على اخفائها عنه لم تجزه ووجب اعادتها.
ونحو هذا عبارة التونسى.
قال ابن رشد الأصح قوله فى المدونة وأحد قوليه فى سماع عيسى.
(1)
البحر الرائق ج 2 ص 228 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل ج 2 ص 272 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 359 الطبعة السابقة.
وقول ابن وهب وأصبغ أن ما يأخذه الولاة من الصدقات تجزئ وان لم يضعوها موضعها لأن دفعها اليهم واجب لما فى منعها من الخروج عليهم المؤدى الى الهرج والفساد فاذا وجب أن تدفع اليهم وجب أن تجزئ.
وزكاة العين والماشية
(1)
: اذا قدمت قبل الحول فانها تجرئ.
وهذا هو المشهور اذا قدمت قبل الحول بيسير.
وقال أشهب لا تجزئ قبل محلها كالصلاة ورواه عن مالك نقله ابن رشد قال فى التوضيح ورواه ابن وهب قال ابن يونس وهو الأقرب وغيره استحسان قال فى البيان وحمل ابن نافع قول مالك عليه وهو رأى أنها لا تجزئ قبل محلها بيوم واحد ولا بساعة واحدة وهو ضامن لها حتى يخرجها بعد محلها.
وفى سماع أشهب
(2)
فى الذى يعجل زكاة ماله أنه كمن صلى الظهر قبل الزوال أو الصبح قبل طلوع الفجر أليس يعيد صلاته قال فكذلك الذى يؤدى زكاة ماله قبل أن يحول على ماله الحول.
قال ابن رشد ظاهر هذه الرواية أنها لا تجزئه وان كان قرب الحول قال ابن نافع ولو ساعة.
وقال ابن المواز تجزئه ان أخرجها قبل الحول بيوم أو يومين.
قال ابن حبيب أو عشرة.
وروى عيسى عن ابن القاسم أو شهر أو نحوه.
وفى المبسوط الشهران ونحوهما.
قال ابن رشد الأظهر أنها تجزئه اذا أخرجها قبل الحول بيسير، لأن الحول توسعة فليس كالصلاة.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(3)
: أنه اذا عجل زكاة ماله ثم هلك النصاب أو هلك بعضه قبل تمام الحول خرج المدفوع عن كونه زكاة بلا خلاف، لأن شرط الزكاة الحول ولم يوجد.
وهل يثبت له الرجوع فيما دفع ان كان الدافع هو المالك الذى وجبت عليه الزكاة وبيّن عند الدفع انها زكاة معجلة وقال: ان عرض مانع من وجوبها استرجعتها فله الرجوع بلا خلاف.
وان اقتصر على قوله هذه زكاة معجلة أو علم القابض ذلك ولم يذكر الرجوع فطريقان.
أصحهما القطع بجواز الرجوع.
فان كانت العين باقية بحالها بغير زيادة ولا نقص رجع فيها ودفعها أو دفع غيرها الى
(1)
التاج والاكليل ج 2 ص 360، ص 361 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 360 الطبعة السابقة
(3)
المجموع ج 6 ص 149، ص 150 والمهذب ج 1 ص 166 الطبعة السابقة.
مستحقى الزكاة ان بقى الدافع وماله بصفة الوجوب ولا يتعين صرف عين المأخوذ فى الزكاة لأن الدفع لم يقع عن الزكاة المجزئة فهو باق على ملك المالك وعليه الزكاة فله اخراجها من حيث شاء.
وان كان الدافع هو الامام أخذ المدفوع وهل يصرفه الى المستحقين بغير اذن جديد من المالك؟ فيه وجهان.
أصحهما الجواز وبه قطع البغوى.
وجاء فى المجموع أيضا
(1)
: أن المزكى ان عجل الزكاة فدفعها الى فقير فمات الفقير أو ارتد قبل الحول لم يجزه المدفوع عن الزكاة وعليه أن يخرج الزكاة ثانيا، لأن شرط كون المعجل زكاة مجزئا بقاء القابض بصفة الاستحقاق الى آخر الحول.
فلو ارتد أو مات أو استغنى بغير المال المعجل قبل الحول لم يحسب عن الزكاة بلا خلاف.
وان استغنى بالمدفوع من الزكوات أو به وبغيره لم يضر ويجزئه المعجل بلا خلاف.
واذا طرأ مانع من كون المعجل زكاة فينظر ان كان الدافع أهلا للوجوب وبقى فى يده نصاب لزمه الاخراج ثانيا.
وان كان دون نصاب أو كان لا يبلغ الباقى مع المسترد نصابا لا زكاة بلا خلاف.
واذا استرد المعجل وتم بالمسترد النصاب ففيه ثلاثة أوجه مشهورة فى كتب العراقيين،
أحدهما: يستأنف الحول ولا زكاة للماضى لنقص ملكه عن النصاب.
والثانى ان كان ماله نقدا زكاه وان كان ماشية فلا.
وأصحهما عندهم تجب الزكاة لما مضى مطلقا لأن المدفوع كالباقى على ملكه.
وبهذا قطع البغوى، بل لفظه يقتضى وجوب الاخراج ثانيا قبل الاسترداد اذا كان المخرج بعينه باقيا فى يد القاضى.
ولو عجل
(2)
بنت مخاض عن خمسة وعشرين بعيرا فبلغت بالتوالد ستة وثلاثين قبل الحول لم يجزئه بنت المخاض المعجلة وان كانت قد صارت بنت لبون فى يد القابض بل يستردها ويخرجها ثانيا.
ولو عجل الزكاة
(3)
فمات المدفوع اليه قبل الحول فقد سبق أنه لا يقع المدفوع زكاة ويسترد من تركة الميت وتجب الزكاة ثانيا على المالك هذا اذا كان الميت موسرا.
فلو مات معسرا لا شئ له ففيه ثلاثة أوجه.
أحدها وهو القياس الذى يقتضيه كلام الجمهور أنه يلزم المالك دفع الزكاة ثانيا الى
(1)
المجموع ج 6 ص 154، 155 والمهذب ج 1 ص 167 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 6 ص 156 الطبعة السابقة
(3)
المجموع للنووى ج 6 ص 157 الطبعة السابقة
المستحقين، لأن القابض ليس من أهل الزكاة وقت الوجوب.
والثانى: يجزئه هذا المعجل هنا مراعاة لمصلحة التعجيل والرفق بالمساكين فلو لم نقل بالاجزاء نفر الناس عن التعجيل خوفا من هذا.
والثالث: أن الامام يغرم للمالك من بيت المال قدر المدفوع ويلزم المالك اخراج الزكاة جمعا بين المصلحتين.
وجاء فى المجموع
(1)
: ان فى زكاة الأموال الظاهرة وهى الماشية والزروع والثمار والمعادن قولين.
ففى القديم يجب دفعها الى الامام فان فرقها بنفسه لم يجزئه وعليه دفعها ثانيا الى الامام أو نائبه لقول الله تبارك وتعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها»
(2)
لأنه مال للامام فيه حق المطالبة فوجب الدفع اليه كالخراج والجزية.
وقال فى الجديد يجوز أن يفرقها بنفسه لأنها زكاة فجاز أن يفرقها بنفسه كزكاة المال الباطن.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير
(3)
:
أنه اذا أخذ الخوارج والبغاة الزكاة أجزأت عن صاحبها.
وقال أبو عبيد فى الخوارج يأخذون الزكاة على من أخذوا منه الاعادة لأنهم ليسوا بأئمة فأشبهوا قطاع الطريق.
ويدل لنا قول الصحابة من غير خلاف فى عصرهم علمناه فيكون اجماعا.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(4)
: أنه اذا أخرج المزكى زكاته وعزلها ليدفعها الى المصدق أو إلى أهل الصدقات فضاعت الزكاة كلها أو بعضها فعليه اعادتها كلها ولا بد لأنه فى ذمته حتى يوصلها إلى من أمره الله تعالى بايصالها اليه.
ولا يجوز تعجيل الزكاة
(5)
قبل تمام الحول ولا بطرفة عين فان فعل لم يجزه وعليه اعادتها ويرد اليه ما أخرج قبل وقته لأنه أعطاه بغير حق.
ولا يجزئ
(6)
أداء الزكاة اذا أخرجها المسلم عن نفسه أو وكيله بأمره الا بنية أنها الزكاة المفروضة عليه.
فان أخذها الامام أو ساعيه أو أميره أو ساعيه فبنية كذلك لقول الله تبارك وتعالى:
{وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ»
(7)
.
(1)
المجموع ج 6 ص 164، ص 165 الطبعة السابقة.
(2)
الاية رقم 103 من سورة التوبة
(3)
المغنى لابن قدامه ج 2 ص 509، ص 510 الطبعة السابقة
(4)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 5 ص 263 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق ج 6 ص 95 الطبعة السابقة
(6)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 6 ص 91 الطبعة السابقة
(7)
الآية رقم 5 من سورة البينة
ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انما الأعمال بالنيات.
فلو أن امرءا أخرج زكاة مال له غائب فقال:
هذه زكاة مالى ان كان سالما والا فهى صدقة تطوع لم يجزه ذلك عن زكاة ماله ان كان سالما ولم يكن تطوعا لأنه لم يخلص النية للزكاة محضة كما أمر.
وانما يجزئه ان أخرجها على أنها زكاة ماله فقط.
فان كان المال سالما أجزأه لأنه أداها كما أمر مخلصا لها.
وان كان المال قد تلف.
فان قامت له بينة فله أن يسترد ما أعطى.
وان فاتت أدى الامام اليه ذلك من سهم الغارمين لأنهم أخذوها وليس لهم أخذها فهم غارمون بذلك.
وهذا كمن شك أعليه يوم من رمضان أم لا؟
وهل عليه صلاة فرض أم لا؟
فصلى عدد ركعات تلك الصلاة وقال:
ان كنت أنسيتها فهى هذه والا فهى تطوع.
أو صام يوما فقال:
ان كان على يوم فهو هذا والا فهو تطوع فان هذا لا يخرجه عن تلك الصلاة ولا عن ذلك اليوم ان ذكر بعد ذلك أنهما عليه.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(1)
: أن من أعطى زكاته غير مستحق لها اجماعا.
أو غير مستحق لها فى مذهب المخرج ولو وقع فيه خلاف.
وأعطاه مع كونه عالما أن مذهبه أنه لا يستحق أعاد أى لزمه اخراج زكاته مرة ثانية ولا يعتد بالأولى فليست زكاة.
والذين لا يستحقون بالاجماع هم الكفار والأصول والفروع والغنى غنى مجمعا عليه.
قال فى الزهور وهو أن يكون معه نصاب يكفيه الحول.
فهؤلاء اذا دفع اليهم لزمته الاعادة سواء دفع اليهم عالما بالتحريم أم جاهلا وسواء دفع اليهم ظنا منه أن الكافر مسلم والولد والوالد أجنبيان والغنى فقير أم لم يظن ذلك فانه يعيد بكل حال.
وأما الذين هم مختلف فيهم فنحو القرابة الذين تلزم نفقتهم.
والغنى غنى مختلف فيه.
فانه اذا دفع اليهم ومذهبه أنه لا يجوز ودفع اليهم عالما بأنهم القرابة وأن مذهبه المنع لزمته الاعادة كالمجمع عليه.
وان دفع اليهم جاهلا بالتحريم أو جاهلا بكونه مذهبه أو ظنا منه أنهم أجانب وأن الغنى
(1)
شرح الازهار وحاشيته ج 1 ص 526 وص 527، ص 529 الطبعة السابقة
فقير لم تلزمه الاعادة لأن الجاهل كالمجتهد فى الأصح.
هذا ذكره المؤيد بالله أعنى أنه يجزئ ان كان جاهلا فى مسائل الخلاف لا فى المجمع عليه.
وهذا يحكى أيضا عن زيد بن على ويحيى والبعض.
وقال البعض انه يعيد بكل حال.
سواء أعطى غير مستحق مجمعا عليه أم مختلفا فيه جاهلا أم عالما.
وهو ظاهر قول على بن يحيى.
ومن أخرج من زكاته الى غير الامام بعد أن وقع الطلب من الامام لم يجزه التى أخرجها ولزمه أعادتها.
ولو كان حال الاخراج جاهلا بكون أمرها الى الامام أو جاهلا بمطالبته ذكره أبو طالب قال لأن جهله بالواجب لا يكون عذرا فى الاخلال به.
ولو عجل فطرة
(1)
الزوجة الناشزة.
وجاء يوم الفطر وهى مطيعة لم تجب الاعادة.
وقيل تجب الاعادة ولو عجل فطرته وهو فقير.
ثم جاء يوم الفطر وهو غنى فانه لا تلزمه الاعادة بل قد أجزته.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الاسلام
(2)
: أنه يشترط فى أوصاف من يستحق الزكاة الايمان فلا يعطى كافرا ولا معتقدا لغير حق.
ومع عدم المؤمنين يجوز صرف الفطرة خاصة الى المستضعفين وتعطى الزكاة أطفال المؤمنين دون أطفال غيرهم.
ولو أعطى مخالف زكاته أهل نحلته ثم استبصر أعاد زكاته.
وجاء فى الروضة البهية
(3)
: أن المخالف يعيد الزكاة لو أعطاها مثله بل غير المستحق مطلقا ولا يعيد باقى العبادات التى أوقعها على وجهها بحسب معتقده.
والفرق أن الزكاة دين وقد دفعه الى غير مستحقه والعبادات حق الله تعالى وقد أسقطها عنه رحمة كما أسقطها عن الكافر اذا أسلم.
ولو كان المخالف قد تركها أو فعلها على غير الوجه قضاها.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(4)
: أن الزكاة تدفع لعامل المزكى ولو فاسقا ان كان الامام هو متولى.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 558 الطبعة السابقة
(2)
شرائع الإسلام ج 1 ص 88 الطبعة السابقة
(3)
الروضة البهية ج 1 ص 130 الطبعة السابقة
(4)
شرح النيل وشفاء العليل ج 2 ص 138، ص 139 الطبعة السابقة
وألا يكون الامام متولى فلا تعطى العامله.
وان كان عاملة أمينا لأنه يؤديها الى غير الأمين.
ولو كان بوجه يسوغ لهذا العامل مثل أن يكون الامام عنده متولى ان لم يكن خوف على عدم اعطائها له ومن دفعها لعامل غير المتولى ولو كان العامل متولى تقية للخوف أعادها فى المسلمين.
وقيل اذا أخذها الامام الجائر أو عامله أو جبار يدعى التقدم والسلطنة فليس عليه أن يعيدها.
وان أعطاها له برضاه بلا قهر أو أخذه منه مشرك أعادها.
ورخص
(1)
سعيد بن جبير والزهرى وابراهيم النخعى والأوزاعى وغيرهم فى تقديم الزكاة عن وقتها.
وقال الثورى الأحب أن لا يعجلها.
وكره مالك والليث بن سعيد تعجيلها.
وقال الحسن البصرى وبعض أصحابنا من عجلها أعادها فى وقتها كالصلاة.
وقيل تجزئ ان اشتدت حاجة الفقراء مطلقا.
قيل ان اشتدت وبقى شهر أو شهران وعليه بعضنا.
وقيل ان أداها للامام أجزأت مطلقا لا ان أداها للفقراء ولو اشتدت الحاجة لأن الامام أحق بها والفقير قد يستغنى قبل دخول حولها.
وقيل تجزئ قبل وقتها مطلقا بشرط أن لا يموت الفقير قبل الحول ولا يستغنى بغيرها قبله والا أعادها.
حكم الاعادة فى الحج:
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(2)
: أن من شرائط فرضية الحج البلوغ والعقل فلا حج على الصبى والمجنون لأنه لا خطاب عليهما فلا يلزمها الحج حتى لو حجا ثم بلغ الصبى وأفاق المجنون فعليهما حجة الاسلام.
وما فعله الصبى قبل البلوغ يكون تطوعا.
وقد روى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أيما صبى حج عشر حجج ثم بلغ فعليه حجة الاسلام.
ومنها الاسلام فى حق أحكام الدنيا بالاجماع حتى لو حج الكافر ثم أسلم يجب عليه حجة الاسلام.
ولا يعتد بما حج فى حال الكفر.
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أيما أعرابى حج ولو عشر حجج
(1)
شرح النيل وشفاء العليل ج 2 ص 171، ص 172 الطبعة السابقة
(2)
بدائع الصنائع ج 2 ص 120، ص 121 الطبعة السابقة
فعليه حجة الاسلام اذا هاجر يعنى أنه اذا حج قبل الاسلام ثم أسلم.
ومنها الحرية فلا حج على المملوك لما روى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
أيما عبد حج عشر حجج فعليه حجة الاسلام اذا أعتق.
وسواء أذن له المولى بالحج أولا لأنه لا يصير مالكا الا بالاذن فلم يجب الحج عليه.
فيكون ما حج فى حال الرق تطوعا ولأن ما روينا من الحديث لا يفضل بين الاذن وعدم الاذن فلا يقع حجه عن حجة الاسلام بحال.
بخلاف الفقير لأنه لا يجب عليه الحج فى الابتداء.
ثم اذا حج بالسؤال من الناس يجوز ذلك عن حجة الاسلام.
حتى لو أيسر لا يجب عليه حجة أخرى.
ولو أحرم الصبى ثم بلغ قبل الوقوف بعرفة فان مضى على أحرامه يكون حجه تطوعا عندنا.
فلو جدد الاحرام بأن لبى أو نوى حجة الاسلام ووقف بعرفة وطاف طواف الزيارة يكون عن حجة الاسلام بلا خلاف.
وكذا المجنون اذا أفاق.
والكافر اذا أسلم قبل الوقوف بعرفة فجدد الاحرام.
ولو أحرم العبد ثم عتق فأحرم بحجة الاسلام بعد العتق لا يكون ذلك عن حجة الاسلام.
بخلاف الصبى والمجنون والكافر.
والفرق ان احرام الكافر والمجنون لم ينعقد أصلا لعدم الأهلية.
واحرام الصبى العاقل وقع صحيحا.
لكنه غير لازم لكونه غير مخاطب فكان محتملا للانتقاض.
فاذا جدد الاحرام بحجة الاسلام انتقض
فأما احرام العبد فانه وقع لازما لكونه أهلا للخطاب فانعقد احرامه تطوعا فلا يصح احرامه الثانى بفسخ الأول وأنه لا يحتمل الانفساخ.
قال محمد
(1)
: اذا اشتبه يوم عرفه على الناس فوقف الامام والناس يوم النحر.
وقد كان من رأى الهلال وقف يوم عرفة لم يجزه وقوفه.
وكان عليه أن يعيد الوقوف مع الامام لأن يوم النحر صار يوم الحج فى حق الجماعة.
ووقت الوقوف لا يجوز أن يختلف فلا يعتد بما فعله بانفراده.
وكذا اذا أخر الامام الوقوف لمعنى
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 126 الطبعة السابقة
يسوغ فيه الاجتهاد لم يجز وقوف من وقف قبله.
فان شهد شاهدان عند الامام بهلال ذى الحجة فرد شهادتهما لأنه لا علة بالسماء.
فوقف بشهادتهما قوم قبل الامام لم يجز وقوفهم.
لأن الامام أخر الوقوف بسبب يجوز العمل عليه فى الشرع فصار كما لو أخر بالاشتباه.
والطهارة
(1)
من الحدث والجنابة والحيض والنفاس ليست بشرط لجواز طواف الزيارة عندنا.
بل واجبة.
فاذا طاف من غير طهارة فما دام بمكة تجب عليه الاعادة لأن الاعادة جبر له بجنسه وجبر الشئ بجنسه أولى.
لأن معنى الجبر وهو التلاقى فيه أتم.
ثم ان أعاد فى أيام النحر فلا شئ عليه وان أخره عنها فعليه دم فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى.
وان لم يعد ورجع الى أهله فعليه الدم.
وأما ستر العورة فهو مثل الطهارة من الحدث والجنابة أى أنه ليس بشرط الجواز وليس بفرض لكنه واجب عندنا حتى لو طاف عريانا فعليه الاعادة ما دام بمكة.
فان رجع الى أهله فعليه دم.
قال محمد:
ومن طاف تطوعا على شئ من هذه الوجوه فأحب الينا ان كان بمكة أن يعيد الطواف.
وان كان قد رجع الى أهله فعليه صدقة.
ومن واجبات الطواف أن يطوف ماشيا لا راكبا الا من عذر.
حتى لو طاف راكبا من غير عذر فعليه الاعادة ما دام بمكة.
وان عاد الى أهله يلزمه الدم وذلك لقول الله تبارك وتعالى: «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ»
(2)
.
والراكب ليس بطائف حقيقة.
وعلى هذا يخرج ما اذا طاف زحفا أنه ان كان عاجزا عن المشى أجزأه ولا شئ عليه لأن التكليف بقدر الوسع.
وان كان قادرا فعليه الاعادة ان كان بمكة وعليه الدم ان كان رجع الى أهله لأن الطواف مشيا واجب عليه.
ولو أوجب على نفسه أن يطوف بالبيت زحفا وهو قادر على المشى وجب عليه أن يطوف ماشيا لأنه نذر ايقاع العبادة على وجه غير مشروع فلغت الوجه وبقى النذر بأصل العبادة.
كما اذا نذر أن يطوف للحج.
(1)
بدائع الصنائع ج 2 ص 129 المطبعة السابقة
(2)
الآية رقم 29 من سورة الحج
وذكر القاضى فى شرحه مختصر الطحاوى.
أنه اذا طاف زحفا أجزأه لأنه أدى ما أوجب على نفسه فيجزئه.
وأما ابتداء الطواف من الحجر الأسود فليس بشرط من شرائط جوازه.
بل هو سنة فى ظاهر الرواية.
حتى لو افتتح بغيره من غير عذر أجزأه مع الكراهة لقول الله تبارك وتعالى:
«وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» مطلقا عن شرط الابتداء بالحجر الأسود الا أنه لو لم يبدأ يكره لأنه ترك السنة.
وذكر محمد رحمه الله تعالى فى الرقيات اذا افتتح الطواف من غير الحجر لم يعتد بذلك الشوط الا أن يصير الى الحجر فيبدأ منه الطواف.
وأما الابتداء من يمين الحجر الأسود لا من يساره فليس من شرائط الجواز بلا خلاف بين أصحابنا حتى يجوز الطواف منكوسا لقول الله تبارك وتعالى: «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» مطلقا من غير شرط البداية باليمين أو باليسار.
وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم محمول على الوجوب وبه نقول أنه واجب
كذا ذكره الامام القاضى فى شرحه مختصر الطحاوى أنه تجب عليه الاعادة ما دام بمكة.
وان رجع الى أهله يجب عليه الدم.
وكذا ذكر فى الأصل.
ومكان الطواف
(1)
: هو حول البيت لقول الله عز وجل: «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ، والطواف بالبيت هو الطواف حوله.
ولو طاف حول المسجد وبينه وبين البيت حيطان المسجد لم يجز لأن حيطان المسجد حاجزة فلم يطف بالبيت لعدم الطواف حوله بل طاف بالمسجد.
ولو طاف فى داخل الحجر فعليه أن يعيد الطواف لأن الحطيم لما كان من البيت فاذا طاف فى داخل الحطيم فقد ترك الطواف ببعض البيت والمفروض هو الطواف بكل البيت لقول الله تبارك وتعالى: «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» }.
والأفضل أن يعيد الطواف كله مراعاة للترتيب.
فان أعاد على الحجر خاصة أجزأه لأن المتروك هو لا غير، وقد استدركه.
ولو لم يعد حتى عاد الى أهله يجب عليه الدم لأن الحطيم ربع البيت فقد ترك من طوافه ربعه.
وأما مقدار الطواف فالمقدار المفروض منه هو أكثر الأشواط وهو ثلاثة أشواط وأكثر الشوط الرابع.
فأما الاكمال الى سبعة أشواط فواجب وليس بفرض.
(1)
بدائع الصنائع ج 2 ص 131، ص 132 الطبعة السابقة
ولو طاف ثلاثة أشواط فهو والذى لم يطف سواء لأن الأقل لا يقوم مقام الكل.
وان طاف جنبا أو على غير وضوء أو طاف أربعة أشواط، ثم رجع الى أهله فان كان قد طاف جنبا فعليه أن يعود الى مكة لا محالة هو العزيمة باحرام جديد حتى يعيد الطواف، وذلك لتفاحش النقصان بالجنابة فيؤمر بالعود واعادة الطواف.
كما لو ترك أكثر الأشواط وتجديد الاحرام لأنه حصل التحلل بالطواف مع الجنابة على أصل أصحابنا والطهارة عن الحدث والجنابة ليست بشرط.
فاذا حصل التحلل صار حلالا والحلال لا يجوز له دخول مكة بغير احرام.
فان لم يعد الى مكة، لكنه بعث بدنة جاز لأن البدنة تجبر النقص بالجنابة لأن العزيمة هو العود، لأن النقصان فاحش، فكان العود أجبر له لأنه جبر بالجنس.
وان كان قد طاف محدثا.
أو كان قد طاف أربعة أشواط.
فان عاد وطاف جاز.
لأنه جبر النقص بجنسه.
وان بعث شاة جاز أيضا لأن النقص يسير فيجبر بالشاة.
والسعى
(1)
: بين الصفا والمروة واجب من واجبات الحج، ومن شرائط جوازه البداية بالصفا والختم بالمروة.
وفى الرواية المشهورة حتى لو بدأ بالمروة وختم بالصفا لزمه اعادة شوط واحد، وذلك لأن الترتيب ها هنا مأمور به.
لما روى أنه لما نزل قول الله عز وجل:
«إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ 2:}
قالوا بأيهما نبدأ يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ابدءوا بما بدأ الله تعالى به» .
وأيضا فعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم فانه بدأ بالصفا وختم بالمروة وأفعال النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى مثل هذا موجبة.
واذا لزمت البداية بالصفا فاذا بدأ بالمروة الى الصفا فلا يعتد بذلك الشوط.
فاذا جاء من الصفا الى المروة كان هذا أول شوط فيجب عليه أن يعود بعد ستة أشواط من الصفا الى المروة حتى يتم سبعة أشواط.
وروى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أن ذلك ليس بشرط ولا شئ عليه لو بدأ بالمروة.
ووجه هذه الرواية أنه أتى بأصل السعى وانما ترك الترتيب فلا تلزمه الاعادة، كما لو توضأ فى باب الصلاة وترك الترتيب.
ورمى الجمار
(3)
واجب من واجبات الحج.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 134 الطبعة السابقة
(2)
الآية رقم 158 من سورة البقرة
(3)
بدائع الصنائع ج 2 ص 133، ص 139 الطبعة السابقة.
ووقت الرمى أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق.
ومكان الرمى فى يوم النحر عند جمرة العقبة، وفى الأيام الأخر عند ثلاثة مواضع عنده الجمرة الأولى والوسطى والعقبة.
فان ترك الرمى كله فى سائر الأيام الى آخر أيام الرمى وهو اليوم الرابع فانه يرميها فيه على الترتيب وعليه دم عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى.
وعند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا دم عليه السلام.
فان ترك الترتيب فى اليوم الثانى فبدأ بجمرة العقبة فرماها ثم بالوسطى، ثم بالتى تلى المسجد ثم ذكر ذلك فى يومه، فانه ينبغى أن يعيد الوسطى وجمرة العقبة وان لم يعد أجزأه، ولا يعيد الجمرة الأولى، أما اعادة الوسطى وجمرة العقبة فلتركه الترتيب فانه مسنون، لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم رتب الرمى.
فاذا ترك المسنون تستحب الاعادة ولا يعيد الأولى لأنه اذا أعاد الوسطى والعقبة صارت هى الأولى، وان لم يعد الوسطى والعقبة أجزأه لأن الرميات مما يجوز أن ينفرد بعضها من بعض.
والرمى يكون بسبع حصيات.
فان رمى كل جمرة بثلاث حصيات، ثم ذكر ذلك فانه يبدأ فيرمى الأولى بأربع حصيات حتى يتم ذلك لأن رمى تلك الجمرة غير مرتب على غيره فيجب عليه أن يتم ذلك بأربع حصيات ثم يعيد الوسطى بسبع حصيات لأن قدر ما فعل حصل قبل الأولى فيعيد مراعاة للترتيب.
ألا ترى أنه لو فعل الكل يعيد، فاذا رمى الثلاث أولى أن يعيد وكذلك جمرة العقبة.
فان كان قد رمى كل واحدة أربع حصيات فانه يرمى كل واحدة بثلاث، ثلاث لأن الأربع أكثر الرمى فيقوم مقام الكل فصار كأنه رتب الثانى على رمى كامل، وكذا الثالث.
وان استقبل رميها فهو أفضل ليكون الرمى فى الثلاث البواقى على الوجه المسنون وهو الترتيب.
ولو نقص حصاة لا يدرى من أيتهن نقصها أعاد على كل واحدة منهن حصاة اسقاطا للواجب عن نفسه بيقين.
كمن ترك صلاة واحدة من الصلوات الخمس لا يدرى أيتها هى فانه يعيد خمس صلوات ليخرج عن العهدة بيقين كذا هذا.
وطواف الصدر
(1)
: هو آخر نسك الحج، لكن النفر من مكة على فور الطواف ليس من شرائط جوازه حتى لو طاف للصدر، ثم تشاغل بمكة بعده لا يجب عليه اعادة طواف الصدر.
فان قيل: ألم يقل النبى صلى الله عليه وآله وسلم من حج هذا البيت فليكن آخر
(1)
بدائع الصنائع ج 2 ص 143 الطبعة السابقة
عهده به الطواف، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت، ولما تشاغل بعده لم يقع الطواف آخر عهده به فيجب أن لا يجوز اذ لم يأت بالمأمو به.
فالجواب أن المراد منه آخر عهده بالبيت نسكا لا اقامة، والطواف آخر مناسكه بالبيت وان تشاغل بغيره.
وروى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال اذا طاف للصدر، ثم أقام الى العشاء فأحب الى أن يعيد الطواف لثلا يحول بين طوافه وبين نفره حائل.
وكذا الطهارة عن الحدث والجنابة ليست بشرط لجواز طواف الصدر.
فيجوز طوافه اذا كان محدثا ويعتد به.
لكن الأفضل أن يعيد الطواف طاهرا.
فان لم يعد جاز وعليه شاة ان كان جنبا لأن النقص كثير فيجبر بالشاة.
كما لو ترك أكثر الأشواط وان كان محدثا ففيه روايتان عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى.
فى رواية عليه صدقة وهى الرواية الصحيحة وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، لأن النقص يسير فصار كشوط أو شوطين.
وفى رواية أخرى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى عليه شاة لأنه طواف واجب فأشبه طواف الزيارة.
مذهب المالكية:
ومن أحرم بالعمرة
(1)
قبل أن يخرج الى الحل فان احرامه بها ينعقد على المعروف من المذهب ويؤمر بالخروج الى الحل قبل أن يطوف ويسعى لها.
فان طاف وسعى للعمرة قبل خروجه الى الحل فطوافه وسعيه كالعدم ويؤمر باعادتهما بعد الخروج الى الحل.
وجاء فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه
(2)
:
أن للطواف مطلقا ركنا أو واجبا مندوبا شروطا: أولها كونه أشواطا سبعة وابتداؤه من الحجر الأسود واجب فان ابتدأه من الركن اليمانى مثلا لغاما قبل الحجر، وأتم اليه فان لم يتم اليه أعاده واعاد سعيه بعده ما دام بمكة والا فعليه دم.
وثانى الشروط كونه متلبسا بالطهارة من الحدث والخبث.
فان شك فى الأثناء، ثم بان الطهر لم يعد الطواف، كما فى الصلاة.
والشرط الثالث ستر العورة.
ذكر ابن معلى
(3)
: فى منسكه عن النووى أن المرأة المكشوفة اذا طافت وهى مكشوفة
(1)
التاج والاكليل ج 3 ص 29 الطبعة السابقة
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج 2 ص 30، ص 31 الطبعة السابقة
(3)
الحطاب ج 3 ص 68، ص 69 الطبعة السابقة.
الرجل أو شئ منها أو شعر رأسها لم يصح طوافها.
وان طافت كذلك ورجعت، فقد رجعت بلا حج ولا عمرة.
قال ابن معلى وظاهر مذهبنا فى هذه المسألة صحة حجها لأن مالكا قال فى المدونة اذا صلت الحرة بادية الشعر أو الوجه أو الصدر أو ظهور قدمين أعادت فى الوقت.
والاعادة انما هى من باب الاستحباب
نعم ان كانت بمكة أو حيث يمكنها الاعادة فلتعد على جهة الاستحباب.
قال الحطاب والظاهر أنها لا يستحب لها الاعادة ولو كانت بمكة لأن بالفراغ من الطواف خرج وقته.
وقال الحطاب ان طهارة الحدث شرط فى ابتداء الطواف ودوامه فمن أحدث فى أثناء طوافه، فقد بطل طوافه ولا يجوز له البناء على ما مضى منه اذا تطهر ولو كان قريبا.
وسواء كان حدثه غلبة أو سهوا أو عمدا.
وسواء كان الطواف واجبا أو تطوعا.
فان كان الطواف واجبا توضأ واستأنفه.
وان كان تطوعا لم يكن عليه اعادته الا أن يتعمد الحدث فان توضأ وبنى على ما طافه فهو كمن لم يطف هكذا قال ابن القاسم.
ومن انتقض وضوؤه قبل أن يصلى الركعتين يتوضأ ويعيد الطواف.
فان توضأ وصلى الركعتين وسعى فانه يعيد الطواف والركعتين والسعى ما دام بمكة أو قريبا.
فان تباعد من مكة فليركعهما بموضعه ويبعث بهدى.
قال ابن المواز لا تجزئة الركعتان الأوليان.
ومن طاف
(1)
: بنجاسة ولم يذكرها الا بعد فراغه من الطواف وركعتيه فانه يعيد الركعتين فقط ان كان قريبا هكذا نقله ابن يونس وابن رشد فى سماع اشهب عن ابن القاسم وزاد فيه قيدا آخر وهو أن لا ينتقض وضوؤه.
فان انتقض وضوؤه أو طال فلا شئ لزوال الوقت.
ولم يبين ابن يونس وابن رشد وهل أعادتهما بالقرب على جهة الوجوب أو الاستحباب.
وذكر خليل فى التوضيح أن ابن القاسم يقول يعيدهما استحبابا.
وأصبغ يقول بنفى الاعادة.
من طاف
(2)
: فى سقائف المسجد.
لزحام فان طوافه جائز.
(1)
الحطاب مع التاج والاكليل ج 3 ص 79 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 3 ص 80 الطبعة السابقة
قال فى المدونة ومن طاف وراء زمزم أو سقائف المسجد من زحام الناس فلا بأس.
وان طاف فى سقائفه بغير زحام ونحوه أعاد الطواف.
وقال أشهب لا يصح الطواف فى المقائف ولو لزحام وهو كالطواف من خارج المسجد.
قال سحنون ولا يمكن أن ينته الزحام الى السقائف، وان طاف فى السقائف لا لزحام بل لحر أو مطر أو نحو ذلك فانه لا يجزئه وبعيد طوافه ما دام بمكة.
فان رجع الى بلده لم يرجع لأجل الطواف ولا دم عليه.
أما ما ذكره من عدم وجوب الدم فهو جائز على ما نقله ابن عبد السّلام عن الباجى وتبعه فى التوضيح والذى نقله ابن بشير وابن شاس وجوب الدم.
قال ابن بشير ولا يطوف من وراء زمزم ولا من وراء السقائف، فان فعل مختارا أعاد ما دام بمكة.
فان عاد الى بلده فهل يجزئه الهدى أو يرجع؟ للأشياخ قولان.
أحدهما الاجزاء لأنه قد طاف بالبيت.
ثانيهما يرجع لأنه قد طاف فى غير الموضع الذى شرع فيه الطواف.
وان لم
(1)
يستحضر طواف القدوم ونوى أنه يطوف لحجه فان كان يعتقد أن المحرم بالحج اذا دخل مكة يجب عليه الطواف والسعى ونوى بطوافه ذلك، فالظاهر أنه يجزئه وان لم يعلم ذلك فيعيد ما دام بمكة.
وكذلك لو نوى الطواف ولم يستحضر شيئا فهذا يعيد ما دام بمكة.
وقال مالك: فيمن طاف ليلا أو أخر السعى حتى أصبح فان كان بطهر واحد أجزأه.
وان كان قد نام وانتقض وضوؤه فبئس ما صنع وليعد الطواف والسعى والحلق ثانية ان كان بمكة.
وان خرج من مكة أهدى وأجزأه، وهذا يدل على أن اعادة المريض استحسانا لأن هذا فرق وهو قادر على أن يسعى قبل أن يصبح فرآه مجزيا عنه ولا اعادة عليه ان لم تنتقض طهارته.
واذا انتقضت طهارته فانه يعيد استحسانا.
وجاء فى حاشية الدسوقى
(2)
:
ان العاجز يستنيب من يرمى عنه ولا يسقط عنه الدم برمى النائب وفائدة الاستنابة سقوط الاثم فيتحرى العاجز وقت الرمى عنه ويكبر لكل حصاة، كما يتحرى وقت دعاء نائبه ويدعو ويعيد العاجز كالمريض
(1)
المرجع السابق ج 3 ص 86 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 48 الطبعة السابقة
والمغمى عليه الرمى ان صح قبل الفوات الحاصل بالغروب من اليوم الرابع.
فان أعاد العاجز الذى رمى عنه جمرة العقبة قبل غروب الأول فلا دم.
وان أعاد بعد الغروب فالدم كما أنه لو أعاد رمى اليوم الثانى قبل الغروب فلا دم عليه، وبعده فالدم، وكذا يقال فى رمى اليوم الثالث.
وجاء فى التاج والاكليل
(1)
:
ان الظاهر أن الاعادة على الوجوب، فقد قال ابن عبد السّلام أنه كالناسى.
ولو رمى من الغد، ثم ذكر قبل مغيب الشمس أنه نسى حصاة من الجمرة الأولى بالأمس فيرمى الأولى بحصاة والثنتين بسبع، سبع ثم يعيد رمى يومه لأنه فى بقية من وقته.
وفى الطراز فى المسألة السابعة عشر واعادته لرمى ما حضر وقته على جهة الاستحباب كاعادة الصلاة الوقتية اذا صلاها قبل منسية.
قاله ابن هارون فى شرح المدونة وحكى ابن شاس قولا آخر أنه لا يعيد ما رماه فى يومه.
قال ابن بشير
(2)
: فان ترك حصاة فلا يخلو أن يذكر موضعها أو يشك فان ذكر موضعها فهل يعيد الجمرة من أصلها ويكفيه رمى حصاة واحدة؟ ثلاثة أقوال.
أحدها أنه لا يعيد بل يرمى حصاة واحدة وهذا هو المشهور.
والثانى أنه يعيد الجمرة من أصلها.
والثالث اذا ذكرها يوم الأداء أعادها خاصة وان ذكرها يوم القضاء أعاد الجمرة من أصلها.
وسبب الخلاف هل الموالاة فى الجمرة الواحدة واجبة أو مستحبة فمن أوجبها أوجب الاعادة للكل، ومن لم يوجبها اجترأ برمى ما نسى، خاصة ومن فرق فلأنه رأى أن حكم القضاء والأداء مختلفان فلا يجتمعان فى جمرة واحدة.
وان لم يدر موضعها فقولان.
أحدهما: أنه يرمى عن الأولى الحصاة ثم يعيد ما بعدها.
والثانى أنه يرمى عن الجميع ولا يعتد بشئ.
وقد تردد أبو الحسن اللخمى هل هذا الخلاف يوجب الاختلاف اذا علم موضعها أو يكون هذا بخلاف ذلك وهو مقتضى الكتاب والفرق أنه اذا علم الموضع قصد بتلك الحصاة ذلك الموضع وأعاد ما بعده وان لم يعلم الموضع فلم تحصل له صورة يعول فيها على الترتيب فأعاد الجميع فى قول انته.
وقال ابن الحاجب: فلو كانت حصاة لم يكتف برمى حصاة على المشهور.
(1)
التاج والاكليل ج 3 ص 131، ص 134 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 3 ص 135 الطبعة السابقة.
وثالثها: ان كانت فى يوم القضاء اكتفى.
قال فى التوضيح
(1)
: ولو كان المنسى حصاة من احدى الثلاث ويذكر من يوم أو من الغد لم يكتف برمى حصاة على المشهور، بل لا بد من اعادة الجمرة كلها وقيل يكتفى برمى حصاة ويعيد بست فى الجمرة الأولى بناء على أن الفور فى الجمرة واجب أو مستحب.
وذكر خليل أن المشهور عدم الاكتفاء وفيه نظر.
فقد صرح الباجى وابن بشير بأن الاكتفاء هو المشهور، وكذلك قال ابن راشد وغيره وبه صدر فى الجواهر.
وجاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير
(2)
: وأسقطت الردة صلاة وصياما وزكاة كانت عليه قبل ردته فلا يطلب بها ان عاد للاسلام وان كان فعلها سقط ثوابها.
ولا اعادة ان أسلم بعد وقتها وأسقطت بمعنى أبطلت حجا تقدم منه فيجب عليه اعادته اذا أسلم لبقاء وقته وهو العمر، كما لو صلى صلاة، ثم ارتد، ثم رجع للاسلام قبل خروج وقتها.
مذهب الشافعية:
جاء فى المجموع
(3)
: أن الحاج اذا أحدث فى طوافه فان كان عمدا فطريقان.
أحدهما وهو المشهور فى كتب الخراسانيين وذكره جماعة من العراقيين فيه قولان.
أصحهما وهو الجديد لا يبطل ما مضى من طوافه فيتوضأ ويبنى عليه.
والثانى وهو القديم يبطل فيجب الاستئناف.
والطريق الثانى وبه قطع الشيخ أبو حامد وبأو على البندنيجى والماوردى والقاضى أبو الطيب فى تعليقه وابن الصباغ وآخرون من العراقيين ان قرب الفصل بنى قولا واحدا وان طال فقولان الأصح الجديد يبنى والقديم يجب الاستئناف.
واحتج الماوردى فى البناء على قرب باجماع المسلمين على أن القعود اليسير فى أثناء الطواف للاستراحة لا يضر.
وهذا للاستدلال ضعيف لأن المحدث عمدا مقصر ومع منافاة الحدث فحشه. هذا كله فى الحدث عمدا.
قال الماوردى وغيره وحكم الحدث سهوا كالعمد.
وأما سبق الحدث فان قلنا يبنى العامد فهذا أولى والا فقولان كسبق الحدث فى الصلاة.
أحدهما يبنى.
والثانى يستأنف.
وقال الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الطيب وغيرهما ان قلنا سبق الحدث لا يبطل الصلاة، فالطواف أولى ان لا يبطل.
(1)
التاج والاكليل ج 3 ص 136 الطبعة السابقة.
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 307 الطبعة السابقة
(3)
المجموع للنووى ج 8 ص 48 الطبعة السابقة
وان قلنا يبطلها فهو كالحدث فى الطواف عمدا.
وذكر امام الحرمين نحو هذا، قال والفرق أن الصلاة فى حكم خصلة واحدة بخلاف الطواف، ولهذا لا يبطل بالكلام عمدا وكثرة الأفعال.
وقطع البغوى بأن من سبقه الحدث يبنى على طوافه.
وقال الدارمى: ان أحدث الطائف فتوضأ وعاد قريبا بنى، نص عليه.
وقال ابن القطان والقيصرى فيه قولان كالصلاة، قال فعلى هذا يفرق بين العمد والسبق كالصلاة.
قال ومنهم من قال قولا واحدا كما نص عليه فهذه طرق الأصحاب وهى متقاربة ومتفقة على أن المذهب جواز البناء مطلقا فى العمد والسهو وقرب الزمان وطوله قاله الشافعى والأصحاب، وحيث لا نوجب الاستئناف فى جميع هذه الصور فنستحبه.
واذا قطع الطواف فى أثنائه بحدث أو غيره وقلنا يبنى على الماضى فظاهر عبارة جمهور الأصحاب أنه يبنى من الموضع الذى كان وصل اليه.
وقال الماوردى فى الحاوى ان كان خروجه من الطواف عند اكمال طوفة بوصوله الى الحجر الأسود عاد فابتدأ الطوفة التى تليها من الحجر الأسود وان كان خروجه فى أثناء طوفة قبل وصوله الى الحجر الأسود فوجهان.
أحدهما يستأنف هذه الطوفة من أولها لأن لكل طوفة حكم نفسها وأصحهما يبنى على ما مضى منها.
والترتيب عندنا
(1)
: شرط لصحة الطواف بأن يجعل البيت عن يساره ويطوف على يمينه تلقاء وجهه فان عكسه لم يصح وبه قال جمهور العلماء.
وقال الشافعى
(2)
: رضى الله تعالى عنه: فى الاملاء ولو اعتمر أو حج فلما فرغ من الطواف شك هل طاف متطهرا أم لا أحببت أن يعيد الطواف ولا يلزمه ذلك.
قال أبو حامد وهذا صحيح وانما قلنا لا يعيد الطواف لأنه لما فرغ منه حكمنا بصحته فى الظاهر ولا يؤثر فيه الشك الطارئ بعد الحكم بصحته فى الظاهر.
وجاء فى مغنى المحتاج
(3)
:
أن من سعى بعد طواف القدوم لم تسن له أعادته، بعد طواف الافاضة، كما قاله فى المحرر لأنها لم ترد ولأن السعى ليس قربة فى نفسه كالوقوف بخلاف الطواف فانه عبادة بتقريب بها وحدها.
فان أعاده فخلاف الأولى.
وقيل مكروه.
(1)
المرجع السابق ج 8 ص 60 الطبعة السابقة
(2)
المجموع للنووى ج 1 ص 494 الطبعة السابقة
(3)
مغنى المحتاج ج 1 ص 477 الطبعة السابقة.
وقيل تستحب الاعادة.
نعم يجب على الصبى اذا بلغ بعرفة اعادته وعتق العبد كبلوغ الصبى.
وجاء فى المجموع
(1)
: أنه ينبغى أن يقع طواف الوداع بعد جميع الأشغال ويعقبه الخروج بلا مكث.
فان مكث نظر ان كان لغير عذر أو لشغل غير أسباب الخروج كشراء متاع أو قضاء دين أو زيارة صديق أو عيادة مريض لزمه اعادة الطواف.
وان اشتغل بأسباب الخروج كشراء الزاد وشد الرحل ونحوهما فهل يحتاج الى اعادته فيه طريقان.
وان كان سعى فى حال
(2)
الصبا والرق ففى وجوب اعادته وجهان.
أحدهما لا يجب كما لا يجب اعادة الاحرام وبهذا قطع الشيخ أبو حامد، قال أبو الطيب وهو قول ابن سريج.
وأصحهما يجب وبه قطع أبو على الطبرى فى الافصاح والدارمى وآخرون.
ورجحه القاضى أبو الطيب والرافعى وآخرون لأنه وقع فى حال النقص فوجبت أعادته بخلاف الاحرام فانه مستدام، وأما السعى فانتقض بكماله فى حال النقص.
قال أصحابنا
(3)
: ولو سعى، ثم تيقن انه ترك شيئا من الطواف لم يصح سعيه فيلزمه أن يأتى ببقية الطواف ان قلنا يجوز تفريقه وهو المذهب والا استأنف فاذا أتى ببقية الطواف أو استأنفه أعاد السعى.
وقال الشافعى والأصحاب
(4)
اذا أتى بالسعى بعد طواف القدوم وقع ركنا ولا يعاد بعد طواف الافاضة فان أعاده كان خلاف الأولى.
وقال الشيخ أبو محمد الجوينى وولده امام الحرمين وغيرهما يكره أعادته لأنه بدعة.
ودليل المسألة حديث جابر رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة الا طوافا واحدا طوافه الأول، رواه مسلم يعنى بالطواف السعى لقول الله تبارك وتعالى:«فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما»
(5)
.
ومذهبنا أنه لو سعى راكبا جاز ولا يقال مكروه لكنه خلاف الأولى ولا دم عليه وبه قال أنس بن مالك.
وقال أبو ثور لا يجزئه ويلزمه الاعادة.
واذا رمى النائب
(6)
: ثم زال عذر المستنيب وأيام الرمى باقية فطريقان.
(1)
المجموع للنووى ج 8 ص 55 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 8 ص 58، ص 59 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 8 ص 73 الطبعة السابقة
(4)
المجموع للنووى ج 8 ص 76، ص 77 وما بعدها الطبعة السابقة
(5)
الاية رقم 158 من سورة البقرة
(6)
المجموع للنووى ج 8 ص 45
أصحهما وهو المنصوص وبه قطع المصنف والجمهور لا يلزمه اعادة الرمى بنفسه.
لكن يستحب له وانما لم يلزمه لأن رمى النائب وقع عنه فسقط به الفرض.
والطريق الثانى فيه قولان.
أحدهما يلزمه اعادة الرمية بنفسه ولا يجزئه فعل النائب.
والثانى لا يلزمه، قالوا وهما كالقولين فى المعضوب اذا حج عنه، ثم برئ، والمريض ينظر فيه
(1)
فان كان غير مأيوس منه لم يجز أن يحج عنه غيره لأنه لم ييأس من فعله بنفسه فلا تجوز النيابة عنه فيه كالصحيح.
فان خالف وأحج عن نفسه، ثم مات فهل يجزئه عن حجة الاسلام؟ فيه قولان.
أحدهما يجزئه لأنه لما مات تبينا أنه كان ميئوسا منه.
والثانى لا يجزئه لأنه أحج وهو غير مأيوس منه فى الحال فلم يجزه كما لو برأ منه.
وان كان مريضا مأيوسا منه جازت النيابة عنه فى الحج لأنه مأيوس منه فأشبه الزمن والشيخ الكبير فان أحج عن نفسه، ثم برئ من المرض ففيه طريقان.
أحدهما أنه كالمسألة التى قبلها وفيها قولان.
والثانى أنه يلزمه الاعادة قولا واحدا لأنا تبينا الخطأ فى الاياس.
ويخالف ما اذا كان غير مأيوس منه فمات لأنا لم نتبين الخطأ لأنه يجوز أنه لم يكن مأيوسا منه. ثم زاد المرض فصار مأيوسا منه ولا يجوز أن يكون مأيوسا منه ثم يصير غير مأيوس منه.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع
(2)
:
أنه اذا استناب اثنان واحدا فى عام فى نسك فأحرم عن أحدهما بعينه ولم ينسه صح ولم يصح احرامه للآخر بعده.
فان نسى عمن أحرم منهما وتعذرت معرفته فان فرط النائب أعاد الحج عنهما لأنه لا يكون لأحدهما لعدم أولويته.
واذا فرغ
(3)
المتمتع من العمرة والحج ثم علم أنه كان على غير طهارة فى أحد الطوافين وجهل الطواف الذى كان فيه على طهارة لزمه الأشد ليبرئ ذمته بيقين.
والأشد كونه بلا طهارة فى طواف العمرة فلم تصح لفساد طوافها، ولم يحل منها بالحلق لفساد الطواف فيلزمه دم للحلق لبقاء احرامه.
(1)
المرجع السابق ج 7 ص 112، ص 113 الطبعة السابقة
(2)
كشاف القناع ج 1 ص 571 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 354 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 609 الطبعة السابقة
ويكون قد أدخل الحج على العمرة فيصير قارنا.
ويجزئه طواف الافاضة عن الحج والعمرة كالقارن فى ابتداء احرامه.
قلت الذى يظهر لزوم اعادة الطواف لاحتمال أن يكون المتروك فيه الطهارة هو طواف الحج فلا يبرأ بيقين الا باعادته.
ولو قدرناه أى الطواف بغير طهارة من الحج لزمه اعادة الطواف لوقوعه غير صحيح.
ويلزمه اعادة السعى على تقديرين لأنه وجد بعد طواف غير معتد به لأنا قدرنا كونه وقع بغير طهارة.
وان كان
(1)
وطئ بعد حله من العمرة وقد فرضنا طوافها بلا طهارة حكمنا بأنه أدخل حجا على عمرة فاسدة فلا يصح ادخال الحج عليها ويلغو ما فعله من أفعال الحج لعدم صحة الاحرام به ويتحلل بالطواف الذى قصده للحج من عمرته الفاسدة، وعليه دمان دم للحلق ودم للوط ء فى عمرته.
ولا يحصل له حج ولا عمرة لفساد العمرة بالوط ء فيها وعدم صحة ادخال الحج عليها اذن، ولو قدرناه أى الطواف بلا طهارة من الحج لم يلزمه أكثر من اعادة الطواف والسعى للحج ويحصل له الحج والعمرة لحصول الوط ء زمن الاحلال.
واذا أراد الخروج
(2)
من مكة لم يخرج حتى يودع البيت بالطواف.
فان ودع ثم اشتغل بغير شد رحل أو اتجر أو أقام أعاد الوداع وجوبا، لأن طواف الوداع انما يكون عند خروجه ليكون آخر عهده بالبيت.
ولا يعيد الوداع ان اشترى حاجة فى طريقه أو اشترى زادا أو شيئا لنفسه أو صلى لأن ذلك لا يمنع ان آخر عهده بالبيت الطواف.
وان فعل
(3)
السعى قبل الطواف عالما أو ناسيا أو جاهلا أعاده لأن من شرط السعى وقوعه بعد الطواف.
وترمى الجمرات فى أيام التشريق وهى أيام منى الثلاثة التى تلى يوم النحر كل يوم بعد الزوال.
لقول جابر رضى الله تعالى عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرمى الجمرة ضحى يوم النحر ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتأخذوا عنى مناسككم.
وقال ابن عمر رضى الله تعالى عنهما كنا تنحين اذا زالت الشمس رمينا وأى وقت رمى بعد الزوال أجزأه الا أن المستحب المبادرة اليها حين الزوال لقول ابن عمر رضى الله تعالى
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 609 الطبعة السابقة والاقناع 1 ص 387 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع ج 1 ص 624، ص 625 الطبعة السابقة والاقناع ج 1 ص 394، ص 395 الطبعة السابقة
(3)
كشاف القناع ج 1 ص 621 الطبعة السابقة والاقناع 1 ص 392 الطبعة السابقة
عنه الا السقاة والرعاة فلهم الرمى ليلا ونهارا للعذر ولو كان رميهم فى يوم واحد أو فى ليلة واحدة من أيام التشريق.
وان رمى غير السقاة والرعاة قبل الزوال أو ليلا لم يجزئه الرمى فيعيده
وجاء فى المغنى
(1)
: والترتيب فى هذه الجمرات واجب فان نكس فبدأ بجمرة العقبة ثم الثانية ثم الأولى أو بدأ بالوسطى ورمى الثلاث لم يجزه الا الأولى وأعاد الوسطى والقصوى نص عليه أحمد وان رمى القصوى ثم الأولى ثم الوسطى أعاد القصوى وحدها.
والترتيب واجب لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رتبها فى الرمى، وقال:
«خذوا عنى مناسككم» ولأنه نسك متكرر فاشترط الترتيب فيه.
ومن كان مريضا
(2)
لا يرجى برؤه أو شيخا لا يستمسك على الراحلة أقام من يحج عنه ويعتمر وقد أجزأ عنه ان عوفى.
ومتى أحج هذا عن نفسه ثم عوفى لم يجب عليه حج آخر.
وقال ابن المنذر يلزمه حج آخر لأن هذا بدل اياس فاذا برأ تبينا أنه لم يكن مأيوسا منه فلزمه الأصل كالآيسة اذا اعتدت بالشهور ثم حاضت لا تجزئها تلك العدة.
ولنا أنه أتى بما أمر به فخرج عن العهدة أو نقول انه أدى حجة الاسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان كما لو حج بنفسه ولأن هذا يفضى الى ايجاب حجتين عليه ولم يوجب الله سبحانه وتعالى عليه الا حجة واحدة.
فأما ان عوفى قبل فراغ النائب من الحج فينبغى أن لا يجزيه الحج لأنه قدر على الأصل قبل تمام البدل فلزمه كالمتيمم اذا رأى الماء فى صلاته ويحتمل أن يجزئه.
وان برأ قبل احرام النائب لم يجزئه بحال.
ثم قال: ومن حج
(3)
وهو غير بالغ فبلغ أو حج وهو عبد فعتق فعليه الحج.
قال ابن المنذر أجمع أهل العلم الا من شذ عنهم ممن لا يعتد بقوله خلافا - على أن الصبى اذا حج فى حال صغره والعبد اذا حج فى حال رقه ثم بلغ الصبى وعتق العبد أن عليهما حجة الاسلام اذا وجدا اليه سبيلا.
كذلك قال ابن عباس وعطاء والحسن والنخعى والثورى واسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأى.
قال الترمذى وقد أجمع أهل العلم عليه.
وقال الامام أحمد عن محمد بن كعب القرطبى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انى أريد أن أجدد فى صدور المؤمنين عهدا أيما صبى حج به أهله فمات أجزأت عنه فان أدرك فعليه الحج وأيما مملوك حج به أهله فمات أجزأت عنه فان أعتق فعليه الحج رواه سعيد فى سننه.
(1)
المغنى لابن قدامة ج 3 ص 477 الطبعة السابقة
(2)
المغنى لابن قدامة ج 3 ص 177، ص 178 الطبعة السابقة
(3)
المغنى لابن قدامة ج 3 ص 200 الطبعة السابقة
ولأن الحج عبادة بدينة فعلها قبل وقت وجوبها فلم يمنع ذلك وجوبها عليه فى وقتها كما لو صلى قبل الوقت، وكما لو صلى، ثم بلغ فى الوقت.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(1)
: أنه ان بلغ الصبى فى حال احرامه لزمه أن يجدد احراما ويشرع فى عمل الحج.
فان فاتته عرفة أو مزدلفة فقد فاته الحج ولا هدى عليه ولا شئ.
أما تجديده الاحرام فلانه قد صار مأمورا بالحج وهو قادر عليه فلزمه أن يبتدئه لأن احرامه الأول كان تطوعا والفرض أولى من التطوع.
ومن حج أو اعتمر
(2)
ثم ارتد ثم هداه الله تعالى واستنقذه من النار وأسلم فليس عليه أن يعيد الحج ولا العمرة.
لأن المرتد اذا أسلم والكافر الذى لم يكن أسلم قط اذا أسلما فقد أسلما على ما أسلفا من الخير.
وقد كان المرتد اذا حج وهو مسلم فقد أدى ما أمر به وما كلف كما أمر به فقد أسلم الآن عليه فهو له كما كان.
ومن حج
(3)
وأراد أن يخرج عن مكة فليجعل آخر عمل يعمله أن يطوف بالبيت سبعا ثم يخرج أثر تمامه موصولا به ولا بد.
فان تردد لأمر ما أعاد الطواف اذا أراد الخروج عن مكة.
ومن ترك من طواف الافاضة ولو بعض شوط حتى خرج
(4)
ففرض عليه الرجوع حتى يتمه فان خرج ذو الحجة قبل أن يتمه فقد بطل حجه.
ويبطل الحج تعمد الوط ء فى الحلال من الزوجة والأمة ذاكرا لحجه أو عمرته.
وان وطئ وعليه بقية من طواف الافاضة أو شئ من رمى الجمرة فقد بطل حجه.
لقول الله تبارك وتعالى: «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج» .
فصح أن من رفث ولم يكمل حجه فلم يحج كما أمر.
واذا بطل حجه فليس عليه أن يتمادى على عمل فاسد باطل لا يجزئ عنه لكن يحرم من موضعه.
فان أدرك تمام الحج فلا شئ عليه غير ذلك.
وان كان لا يدرك تمام الحج فقد عصى وعليه الحج.
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 7 ص 277 الطبعة السابقة
(2)
المحلى لابن حزم ج 7 ص 277، ص 278 مسألة رقم 917 الطبعة السابقة
(3)
المحلى لابن حزم ج 7 ص 119 الطبعة السابقة
(4)
المحلى لأبن حزم ج 7 ص 189 الطبعة السابقة
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(1)
: أنه يجب كل طواف على طهارة كطهارة المصلى.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الطواف بالبيت صلاة الا أن الله عز وجل أباح لكم أن تتكلموا فيه» .
وان طاف وهو على غير طهارة ناسيا أو عامدا وجب عليه أن يعيد الطواف اذا لم يكن قد لحق بأهله هذا نص المذهب.
وظاهره وسواء قد كان خرج من الميقات أم لا.
وقال البعض المراد به ما لم يخرج من الميقات.
فأما اذا خرج لم يجب عليه الرجوع للاعادة لأن فى ذلك مشقة من حيث أنه لا يدخل الا باحرام.
قال مولانا عليه السلام والظاهر من كلام أهل المذهب خلافه ومجرد المشقة لا يسقط بها الواجب والا سقط كثيرا من الواجبات.
فان لحق بأهله ولم يعد الطواف فشاة يجب عليه اهداؤها ولا يجب عليه الرجوع للاعادة لأن الشاة تجبر ما نقص من الطهارة الكبرى أو الصغرى فى طواف القدوم والوداع فقط.
واذا طاف للزيارة
(2)
وهو جنب أو محدث ثم لحق بأهله وكفر بالبدنة أو الشاة فانه يجب عليه أن يعيد الطواف ان عاد الى مكة فلا يسقط وجوب قضائه باخراج الكفارة.
فأما طواف القدوم والوداع فلا يجب عليه أن يعيدهما بعد أن كفر ولو عاد الى مكة بل يستحب فقط فتسقط البدنة التى لزمت من طاف جنبا أو حائضا ثم لحق بأهله.
وانما تسقط عنه ان أخرها حتى عاد الى مكة فأعاد ذلك الطواف وتلزم شاة لأجل تأخيره ذكره البعض.
وقال البعض لا يلزم ويجب أن يعيد طواف الوداع من فعله ثم لم يسر من حينه بل أقام بمكة بعده أياما، وذلك لأنه قد بطل وداعه باقامته.
وظاهر كلام البعض أنه لا يبطل باقامته يوما أو يومين لأنه قال أياما وأقل الجمع ثلاثة.
واذا حصل له ظن
(3)
بالنسبة للوقوف بعرفة فالواجب عليه أن يعمل بظنه.
ويستحب له أن يقف يومين ليأخذ باليقين ثم فى هذه الصورة لا يخلو.
أما أن يقف يوما أو يومين ان وقف يوما واحدا فلا يخلو من أن ينكشف له الخطأ أم لا.
فان لم ينكشف له الخطأ أجزأه.
(1)
شرح الازهار ج 2 ص 133، ص 134 الطبعة السابقة
(2)
شرح الازهار 2 ص 134، ص 135 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 132 الطبعة السابقة
وان انكشف له الخطأ وهو أنه وقف الثامن وكان ظنه تاسعا فان علم ذلك يوم عرفة لزمه الاعادة.
وان علم بعد مضيه فقد أجزأه وقوف الثامن على ما دل عليه كلام البعض.
وقال البعض لا يجزئه.
واذا حج المسلم
(1)
ثم ارتد ثم أسلم فالمذهب وهو قول البعض أنه تلزمه اعادة الحج.
وقال البعض لا تلزمه الاعادة.
ومن شروط الحج
(2)
أن يحج بنفسه فلا يصح أن يحج عنه غيره.
ويستنيب أى يتخذ نائبا يحج عنه اذا كان لعذر مأيوس نحو أن يكون شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة.
فان حج من غير عذر أو من عذر يرجى زواله وزال كحبس أو مرض لم يجزه بلا خلاف.
فاذا لم يزل العذر المرجو زواله فان حج قبل حصول اليأس من زواله لم يصح ولو أيس من بعد على ما صححه الأخوان للمذهب.
وقال البعض بل يجزئه.
واذا حجج لعذر مأيوس لزمه أن يعيد الحج ان زال ذلك العذر الذى كان مأيوس الزوال على ما صححه الأخوان.
وقال البعض ان الاعادة لا تلزمه
(3)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الاسلام
(4)
: أن من اغتسل للاحرام وأكل أو لبس ما لا يجوز للمحرم أكله ولا لبسه أعاد الغسل استحبابا.
ويجوز له تقديمه على الميقات اذا خاف عوز الماء فيه ولو وجده استحب له الاعادة ويجرى الغسل فى أول النهار ليومه وفى أول الليل لليلته ما لم ينم.
ولو أحرم بغير غسل أو صلاة ثم ذكر تدارك ما تركه وأعاد الاحرام.
والسعى
(5)
ركن من تركه عامدا بطل حجه.
ولو كان ناسيا وجب عليه الاتيان به.
فان خرج عاد ليأتى به فان تعذر استناب فيه ولا يجوز الزيادة على سبع ولو زاد عامدا بطل ولا تبطل بالزيادة سهوا ومن تيقن عدد الأشواط وشك فيما به بدأ فان كان فى المزدوج على الصفا فقد صح سعيه لأنه بدأ به.
وان كان على المروة أعاد.
(1)
شرح الازهار ج 2 ص 116، ص 117 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 68، ص 69 الطبعة السابقة
(3)
شرح الأزهار ج 1 ص 59، ص 60 الطبعة السابقة
(4)
شرائع الإسلام ج 1 ص 121
(5)
المرجع السابق ج 1 ص 134
وينعكس الحكم مع انعكاس الفرض.
ومن لم يحصل عدد سعيه أعاده.
ومن لم يتيقن النقيصة أتى بها.
ولو دخل وقت وهو فى السعى قطعه وصلى ثم أعاده وكذا لو قطعه فى حاجة له أو لغيره.
ولا يجوز تقديم السعى على الطواف.
كما لا يجوز تقديم طواف النساء على السعى.
فان قدمه طاف ثم أعاد السعى.
ولو ذكر فى أثناء السعى نقصانا من طوافه قطع السعى وأتم الطواف ثم أتم السعى.
ويشترط فى الطواف
(1)
طهارة البدن والثوب.
فمن طاف وذكره أنه لم يتطهر أعاد فى طواف الفريضة دون طواف النافلة.
ويعيد صلاة الطواف الواجب واجبا والندب ندبا. ويجب
(2)
تقديم التقصير على زيارة البيت لطواف الحج والسعى ولو قدم ذلك على التقصير عامدا جبره بشاة ولو كان ناسيا لم يكن عليه شئ وعليه اعادة الطواف على الأظهر.
ويشترط فى الطواف النية والبدء بالحجر والختم به أن يطوف على يساره وأن يدخل الحجر فى الطواف وأن يكمله سبعا وأن يكون بين المقام والبيت ولو مشى على أساس البيت أو حائط الحجر لم يجزه وعليه الاعادة.
وجاء فى الروضة البهية
(3)
: أنه يجب تقديم مناسك منى الثلاثة على طواف الحج.
فلو أخرها عنه عامدا فشاة ولا شئ على الناسى.
ويعيد الطواف كل منهما العامد اتفاقا، والناسى على الأقوى.
وفى الحاق الجاهل بالعامد والناسى قولان.
أجودهما الثانى فى نفى الكفارة ووجوب الاعادة وان فارقه فى التقصير.
ولو قدم السعى أعاده أيضا على الأقوى.
ولو قدم الطواف أو هما على التقصير فكذلك.
ويجب فى الرمى
(4)
الترتيب بين الجمرات الثلاث يبدأ بالأولى وهى أقربها الى المشعر تلى مسجد الخيف ثم الوسطى ثم جمرة العقبة.
ولو نكس فقدم مؤخرا عامدا كان أو ناسيا بطل رميه أى مجموعه من حيث هو مجموع.
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 132 الطبعة السابقة
(2)
شرائع الإسلام ج ص 130، ص 131
(3)
الروضة البهية ج 1 ص 199 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 201 الطبعة السابقة
وأما رمى الأولى فانه صحيح.
وان تأخرت لصيرورتها أو لا فيعيد على ما يحصل معه الترتيب.
فان كان النكس محضا كما هو الظاهر أعاد على الوسطى وجمرة العقبة.
وهكذا يحصل الترتيب بأربع حصيات.
بمعنى أنه اذا رمى الجمرة بأربع وانتقل الى ما بعدها صح وأكمل الناقصة بعد ذلك.
وان كان أقل من أربع استأنف التالية
وفى الناقصة وجهان.
أجودهما الاستنئاف أيضا.
وكذا لو رمى الأخيرة دون أربع ثم قطعه لوجوب الولاء.
هذا كله مع الجهل أو النسيان.
أما مع العمد فيجب اعادة ما بعد التى تكمل مطلقا للنهى عن الاشتغال بغيرها قبل اكمالها واعادتها ان لم تبلغ الأربع والا بنى عليها واستأنف فى الباقى.
ويظهر عدم الفرق بين العامد وغيره وبالتفصيل قطع فى الدروس.
ولو نسى رمى جمرة أعاد على الجميع ان لم يتعين لجواز كونها الأولى فيبطل الأخريان.
ولو حج مسلما ثم ارتد
(1)
: ثم عاد الى الاسلام لم يعد حجه السابق على الأقرب للأصل والآية والخبر.
وقيل يعيد لآية الاحباط.
ومنع عدم كفره للآية المثبتة للكفر بعد الايمان وعكسه.
وكما لا يبطل مجموع الحج كذا بعضه مما لا يعتبر استدامته حكما كالاحرام فيبنى عليه لو ارتد بعده.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(2)
: أن من قد رأى أنه فرغ من الحج فجامع وهو لم يرم أو لم يزر سواء اعتقد تمام الحج قبل الرمى أو نسى لزمه دم وتم حجه وتنبغى له الاعادة ان وجد ميسرة.
ومن أفرد الاحرام بالحج فأصاب امرأته ذبح ورجع للحد فيعيد الاحرام ويحج من قابل.
وقال الأكثر يهدى بدنة وتم حجة وكذا فى التمتع.
وقال بعض بذلك أيضا فى الاقران وان أعاد الوط ء أعاد مثل ذلك.
وقيل غير ذلك.
وان شهد قوم بالهلال
(3)
وكذبوا أنفسهم أو
(1)
الروضة البهية ج 1 ص 163 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل ج 2 ص 327 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 371، ص 372 الطبعة السابقة
قالوا اشتبه لنا أعاد الناس ما فعلوا وأدركوا فيتمون وقوفهم الى الغروب ويفيضون للمزدلفة.
واذا صلوا الفجر وذكروا الله عندها دفعوا الى منى للرمى عند الطلوع ثم يرجعون الى عرفات ويعيدون ذلك.
ومن شهدا بالهلال زورا فحج الناس بهما وتابا لم يلزمهما اظهار ذلك لأنه لا يقبل قولهما.
واعتبرت رؤية الحاج لأهل بلادهم أو غيرهم ان قالوا عند الرجوع سبق الهلال أو تأخر.
وقيل ان ثبتت رؤيتهم قبل رؤية الحجاج وصحت بعدول أعادوا حجم.
والصحيح الأول.
قال أبو عبيدة وأبو نوح والربيع
(1)
:
لا حج لمن فاته الوقوف بعرفة وليصنع كالناس أى يفعل ما بقى من أفعال الحج ويجعله عمرة ثم يحل من احرامه الا أن قال محلى حيث حبست فليحل من حيث حبس فان كان الاحرام فى الواجب أعاده.
وقيل يعيده ولو فى غير الواجب.
واذا أهل المحصر
(2)
عن العمرة بالعدو فليس عليه اعادة العمرة.
وقيل عليه الاعادة.
والمرأة
(3)
تسرع المشى ولا ترمل.
وقيل لا يلزم الرجل الارمال ان نسيه وعد تاركا للفضل.
وقيل ان ترك الارمال أعاد السعى ولا عليه وان تركه وقصر قدم.
وان ترك القليل فلكل شوط تركه فيه اطعام مسكين.
وان لم يحل أيضا أعاد ولا عليه.
ومن ترك السعى شوطا أو شوطين فليسع ما بقى وقال الأبدلانى من لم يهرول فى سعيه لزمه دم ان قصر.
والا أعاد ولا دم.
وان ترك الهرولة فى أكثر سعيه لزمه دم ان حل.
والا أعاد ما عليه.
وان ترك الأقل أعاد قبل الاحلال ولا عليه بعده.
ومن بدأ بالمروة وختم بالصفا وقصر فدم وان لم يقصر أعاده ولا عليه.
وان مرض فى أثناء السعى استراح وبنى ولو وسط شوط وكذا ان خرج لمهم لا يقطع نية السعى ويعيد ان قطعها.
ومن سعى قبل الطواف ولم يعده حتى جامع أو حلق أو قصر لم يجزه ولزمه دم.
وان أعاده قبل ذلك فلا عليه.
(1)
شرح النيل ج 2 ص 406 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 407 الطبعة السابقة
(3)
شرح النيل ج 2 ص 357، ص 358 الطبعة السابقة
وسن فى السعى
(1)
: الترتيب والموالاة ولا تترك الا لمهم ويبنى على ما سعى وأن لم يوال وخرج من المحل عبثا أعاد.
وفى التاج
(2)
: ان ذكر عند الصفا أنه سعى ثمانية رجع الى المروة فينصرف عنها ويقصر ولا شئ عليه فيما زاد.
ومن بدأ بها ختم بالصفا وقصر فدم واعادة سعى.
وان لم يقصر أعاد ولا دم.
ويعيد شوطا واحدا.
ومن طاف شوطين أو ثلاثا
(3)
: فأعجله الوضوء ثم عاد بنى ان بلغ اليمنى أو الحجر.
وقيل يهمل ما لم يبلغ فيه اليمنى ويبتدئ من ركن الحجر.
ومن طاف من وراء زمزم أو بقرب من ظلة المسجد أو من ظلته وان بلا مزاحمة أجزأه على خلاف مروان.
لا ان طاف من خلف المسجد لأنه حينئذ طاف بالمسجد لا بالكعبة.
فان فعل فعليه اعادته.
ومن شك فى الطواف بنى على ما تيقن حتى يتم سبعا ثم يركع ثم يعيده على اليقين.
والأول نفل.
وذكر الشيخ اسماعيل أن من طاف للزيارة ستا وأصاب أهله أو الصيد قبل اعادة السابع فسد حجه.
وان هناك قولا متروكا هو تمام حجه ولا يجزئ فيه التنكيس لكله أو بعضه فان نكس أعاد.
وفى التاج
(4)
: لزم بترك ركعتى الطواف دم واعادة الطواف والسعى.
قال محبوب ان اعتمر لزمه دم وان أفرد لزمه حج قابلا لا دم ولا اعادة الطواف.
وقيل يعيده والركوع والسعى ويذبح.
وان ركعهما بعد العصر وقصر اعادة الطواف، وهو قول أبى عبيدة.
وقال فيمن ركعهما بمنى بعد العصر بعد ما سعى ثم خرج لبلده فأرجو أن يتم حجه ولا يعيد السعى ولا الركوع.
وأقل ما يلزمه بدنة.
وقيل عليه أن يرجع ويركع خلف المقام أو حيث أمكنه فى المسجد.
ويعيد السعى ولا شئ عليه.
ومن طاف ثمانية ركع، ثم طاف ستة ثم ركع وهذا فى التطوع.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 415 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل ج 2 ص 416 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 412 الطبعة السابقة
(4)
شرح النيل ج 2 ص 414 الطبعة السابقة.
وأما الزيارة وهو الفرض فانه يعيده.
وان طاف لفرض ستة ويراها سبعة فلما أحل ذكر أتم السابع وركع وذبح.
وقيل يعيده ويذبح لخطئه ان أحل.
وقيل من نسى شوطا حتى ركع أتمه وركع وان طاف لفرض أعاد حتى يتم السبعة ثم ركع.
ومن طاف للفرض
(1)
بعد العصر وركع وقصر وجامع قبل أن يسعى قبل الغروب أعاد الركعتين بعده وعليه دم لوطئه ودم لتقصيره قبل السعى.
وقيل يجزيه واحد.
وان لم يجامع أعادهما بعده أيضا وذبح.
وسن الترتيب
(2)
بين رمى جمرات العقبة وهى الأولى والوسطى والأخيرة.
وندب اعادة منكس بأن بدأ من الأخيرة ثم الوسطى وختم بالأولى.
أو بدأ من الوسطى ثم الأخيرة وختم بالأولى.
أو بدأ من الأخيرة ثم الأولى وختم بالوسطى.
أو بدأ بالوسطى ثم الأولى وختم بالأخيرة.
أو بدأ بالأولى ثم الأخيرة وختم بالوسطى.
وان لم يعد فلا عليه.
وقيل تجب الاعادة وان لم يعد قدم.
ومن رمى الوسطى
(3)
يوم النحر وظنها العقبة فذبح وحلق ثم علم غدا أنه أخطأ لزمه دم وقيل دمان وأعاد الرمى.
وان رمى عن مريض وليه ثم قدر على الرمى فان لم يعد أجزأه ولا فساد فى الزيادة فى الرمى ولا شئ عليه وان تعمدها أساء.
وقيل يعيد المتعمد.
قال فى التاج وهو مستحسن.
وان نسى التكبير مع الرمى حين الرمى أعاد الرمى بتكبير.
وان فاته التكبير المأمور باعادته مع الرمى أو فاته الرمى المأمور باعادته مع التكبير أهدى قيل شاة وقيل لا اعادة عليه بترك التكبير ولا اهداء ووقت فوت التكبير وقت فوت الرمى.
وان نسى تكبيرة واحدة أو ضعفها
(4)
أو ثلاثا أعاد ذلك الرمى الذى ترك فيه التكبير ولو تذكر بعد حينه ولا يجزيه صنع معروف.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 415 الطبعة السابقة
(2)
شرح اليل ج 2 ص 403 وما بعدها الطبعة السابقة
(3)
شرح النيل ج 2 ص 419، ص 420 الطبعة السابقة
(4)
رجع السابق ج 2 ص 421 الطبعة السابقة.
وقيل يعيد رمى حصاة أو حصاتين أو أكثر به أى بالتكبير ان ذكر فى حينه قبل الانصراف والادبار والا صنع معروفا ويجزيه عن اعادة بتكبير ولو تذكر فى يومه.
وفى التاج من ترك التكبير عند الرمى يوم النحر أعاد رميه به.
فان ذبح وحلق قبله لزمه دم.
وان لم يذكر الا بعد النحر ندب له أن يذبح شاة.
ومن أخذ احدى وعشرين حصاة فرمى الجمار وبقيت بيده حصاة لم يدر من أيهن رمى بها الأولى وأعاد على الباقيتين سبعا سبعا.
وقال أهل مكة يجزيه أن يرمى كلا بحصاة.
وكذا ان بقيت بيده حصاتان أو ثلاث.
وان بقى أربع أو أكثر أعاد الرمى لكل بسبع، وكره الرمى بحصى رمى به سواء رمى به هو أو غيره قيل بلا اعادة ان كان من حصى الحرم.
والصحيح أن الرمى به كعدم الرمى وهو مختلف فيه كاختلافهم فى رفع حدث الجنابة أو الحيض أو النفاس أو الحدث الأصغر بماء قد رفع به حدث من جنسه أو من جنس آخر ووقع عن الأعضاء فجمع.
حكم اعادة الاضحية
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أنه لا يجوز تقديم الأضحية على صلاة العيد فى حق أهل المصر.
وذلك لما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من ذبح قبل الصلاة فليعد أضحيته.
وروى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال فى حديث البراء بن عازب رضى الله تعالى عنه: من كان منكم ذبح قبل الصلاة فانما هى غدوة أطعمه الله تعالى انما الذبح بعد الصلاة.
فقد رتب النبى صلى الله عليه وآله وسلم الذبح على الصلاة.
وليس لأهل القرى صلاة العيد فلا يثبت الترتيب فى حقهم.
وان أخر الامام صلاة العيد فليس للرجل أن يذبح أضحيته حتى ينتصف النهار.
فان اشتغل الامام فلم يصل العيد أو ترك ذلك متعمدا حتى زالت الشمس فقد حل الذبح بغير صلاة فى الأيام كلها لأنه لما زالت الشمس فقد فات وقت الصلاة.
ولو ذبح والامام فى خلال الصلاة لا يجوز.
(1)
بدائع الصنائع ج 5 ص 73، الطبعة السابقة.
وكذا اذا ذبح قبل ان يقعد قدر التشهد.
ولو ذبح بعد ما قعد قدر التشهد قبل السّلام قالوا على قياس قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى لا يجوز كما لو كان فى خلال الصلاة.
وعلى قياس قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز بناء على أن خروج المصلى من الصلاة بصنعه فرض عنده.
وعندهما ليس بفرض.
ولو ضحى قبل فراغ الامام من الخطبة أو قبل الخطبة جاز، لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم رتب الذبح على الصلاة لا على الخطبة. حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم أول نسكنا فى يومنا هذا الصلاة، ثم الذبح فدل على أن العبرة للصلاة لا للخطبة.
ولو صلى الامام صلاة العيد وذبح رجل أضحيته، ثم تبين أنه يوم عرفة فعلى الامام الصلاة من الغد وعلى الرجل أن يعيد الأضحية لأنه تبين أن الصلاة والأضحية وقعتا قبل الوقت فلم يجز.
فان علم ذلك قبل أن يتفرق الناس فانه يعيد بهم الصلاة باتفاق الروايات.
وهل يجوز ما ضحى قبل الاعادة؟
ذكر فى بعض الروايات أنه يجوز، لأنه ذبح بعد صلاة يجيزها بعض الفقهاء، لأن فساد صلاة الامام لا يوجب فساد صلاة المقتدى عنده، وكانت تلك صلاة معتبرة عنده.
فعلى هذا يعيد الامام وحده ولا يعيد القوم وذلك استحسانا.
وذكر فى اختلاف زفر رحمه الله تعالى أنه يعيد بهم الصلاة ولا يجوز ما ضحى قبل اعادة الامام.
وان تفرق الناس عن الامام ثم علم بعد ذلك فقد ذكر فى بعض الروايات أن الصلاة لا تعاد وقد جازت التضحية عن المضحى لأنها صلاة قد جازت فى قول بعض الفقهاء فترك اعادتها بعد تفرق الناس أحسن من أن ينادى الناس أن يجتمعوا ثانيا وهو أيسر من أن تبطل أضاحيهم.
وروى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه تعاد الأضحية، ولا تعاد بهم الصلاة، لأن اعادة الأضحية أيسر من اعادة الصلاة.
وروى أيضا أنه ينادى بهم حتى يجتمعوا ويعيد بهم الصلاة.
قال البلخى رحمه الله تعالى فعلى هذا القياس لا تجزئ ذبيحة من ذبح قبل اعادة الصلاة، الا أن تكون الشمس قد زالت فتجزئ ذبيحة من ذبح فى قولهم جميعا وسقطت عنهم الصلاة.
ولو شهدناس عند الامام بعد نصف النهار وبعد ما زالت الشمس أن ذلك اليوم هو العاشر من ذى الحجة جاز لهم أن يضحوا ويخرج الامام من الغد فيصلى بهم صلاة العيد.
وان علم فى صدر النهار أنه يوم النحر فشغل الامام عن الخروج أو غفل فلم يخرج
ولم يأمر أحدا يصلى بهم فلا ينبغى لأحد أن يضحى حتى يصلى الامام الى أن تزول الشمس.
فاذا زالت قبل أن يخرج الامام ضحى الناس.
وان ضحى أحد قبل ذلك لم يجز.
هذا اذا كان من عليه الأضحية فى المصر والشاة فى المصر.
فان كان هو فى المصر والشاة فى الرستاق أو فى موضع لا يصلى فيه وقد كان أمر أن يضحوا عنه فضحوا بها بعد طلوع الفجر قبل صلاة العيد فانها تجزيه.
وعلى غكسه لو كان هو فى الرستاق والشاة فى المصر وقد أمر من يضحى عنه فضحوا بها قبل صلاة العيد فانها لا تجزيه.
وانما يعتبر فى هذا مكان الشاة لا مكان من عليه الأضحية.
هكذا ذكر محمد رحمه الله تعالى فى النوادر.
وقال: انما أنظر الى محل الذبح ولا أنظر الى موضع المذبوح عنه.
وهكذا روى الحسن عن أبى يوسف رحمه الله تعالى يعتبر المكان الذى يكون فيه الذبح ولا يعتبر المكان الذى يكون فيه المذبوح عنه.
وانما كان كذلك لأن الذبح هو القربة فيعتبر مكان فعلها لا مكان المفعول عنه.
وان كان الرجل فى مصر وأهله فى مصر آخر فكتب اليهم أن يضحوا عنه.
روى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه أعتبر مكان الذبيحة، فقال: ينبغى لهم ان لا يضحوا عنه حتى يصلى الامام الذى فيه أهله فان ضحوا عنه قبل أن يصلى لم تجزه الأضحية.
وهو قول محمد رحمه الله تعالى
وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى:
انتظرت الصلاتان جميعا.
ومحل التضحية نوعان:
أحدهما سلامة المحل عن العيوب الفاحشة فلا تجوز العمياء ولا العوراء البين عورها ولا العرجاء البين عرجها ولا المريضة البين مرضها ولا العجفاء التى لا تنقى وهى المهزولة التى لا نقى لها ولا مقطوعة الأذن والالية بالكلية والتى لا أذن لها فى الخلقة.
وسئل محمد رحمه الله تعالى عن ذلك فقال أيكون ذلك؟ فان كان لا يجزى.
والأصل فى أعتبار هذه الشروط ما روى عن البراء بن عازب رضى الله تعالى عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تجزئ من الضحايا أربع العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها والعجفاء التى لا تنقى.
وروى أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يضحى بعصباء الأذن.
ولو اشترى أضحية وهى صحيحة.
ثم اعورت عنده وهو موسر أو قطعت أذنها كلها أو اليتها أو ذنبها أو انكسرت رجلها فلم تستطع أن تمشى فلا تجزئ عنه وعليه مكانها أخرى.
والثانى من محل التضحية هو ملك المحل وهو أن تكون الأضحية ملك من عليه الأضحية
فان لم يكن فلا تجوز لأن الأضحية قربة ولا قربة فى الذبح بملك الغير بغير اذنه.
وعلى هذا يخرج ما اذا اغتصب شاة فضحى بها عن نفسه أنها لا تجزئه لعدم الملك.
ولا تجزئ عن صاحبها لعدم الأذن.
ثم ان أخذها صاحبها مذبوحة وضمنه النقصان فكذلك لا تجوز عن التضحية وعلى كل واحد منهما أن يضحى بأخرى.
وكذلك الشاة المستحقة بأن أشترى شاة ليضحى بها فضحى بها ثم استحقها رجل بالبينة أنه ان أخذها المستحق مذبوحة لا تجزى عن واحد منهما.
وعلى كل واحد منهما أن يضحى بشاه أخرى ما دام فى أيام النحر.
وان مضت أيام النحر فعلى الذابح أن يتصدق بقيمة شاة وسط.
مذهب المالكية:
جاء فى الحطاب
(1)
: أن وقت الأضحية بعد الصلاة والخطبة وبعد ذبح الامام.
وقال ابن دقيق العيد فى شرح العمدة والحديث نص على اعتبار الصلاة ووقت الخطبتين فاذا مضى ذلك دخل وقت الأضحية.
قال فى التوضيح وأما ان لم يذبح الامام فالمعتبر صلاته.
قال فى الذخيرة اذا ذبح أهل المسافر عنه راعوا امامهم دون امام بلد المسافر نقله ابن عرفة وغيره.
قال ابن المواز
(2)
: من ذبح الامام فلا أضحية له وتلزمه الاعادة الا المتحرى أقرب امام كان لم يبرزها وتوانى بلا عذر قدره وبه انتظر للزوال.
ونقل عن المدونة قال مالك وليتحر أهل البوادى، ومن لا امام لهم من أهل القرى صلاة أقرب الأئمة اليهم وذبحه فيذبحون بعده.
قال ابن القاسم فان تحروا فذبحوا أجزأهم ولا اعادة عليهم.
وذبح الانسان أضحيته بيده أفضل.
سمع ابن القاسم أحب الى أن يلى ذكاة أضحيته بيده.
وروى محمد لا يلى ذبحها غير ربها الا لضرورة أو ضعف.
(1)
الحطاب ج 3 ص 242
(2)
المرجع السابق ج 3 ص 243، ص 244 الطبعة السابقة
قال ابن حبيب أو كبر أو رعشه فان أمر مسلما غيره دون عذر فبئس ما صنع.
وروى ابن حبيب وأحب الى أن يعيد بنفسه صاغرا.
والاستنابة
(1)
فى ذبح الأضحية مع القدرة على ذبح الانسان أضحيته مكروهة.
والأولى ذبحه بنفسه.
فان استناب من تصح منه القربة جاز اذا كان مسلما.
فان أمر رجلا يظن أنه مسلم، ثم تبين أنه نصرانى فعن مالك أنه يعيد ذكاته.
فان غر اليهودى أو النصرانى بأن تزيا بزى المسلمين الذين يذبحون ضمن ذلك وعاقبه السلطان.
وموضع المنع أن يلى الذمى الذبح.
فأما السلخ وتقطيع اللحم فلا شئ عليه.
قال الحطاب
(2)
: ويؤخذ من هذا أن زكاة من لم يصل المشهور فيها أنها تؤكل.
قال ابن عرفة، قال اللخمى ان استناب من يضيع الصلاة أستحب أن يعيد للخلاف فى صحة ذكاته.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب
(3)
: ان وقت الأضحية يدخل اذا مضى بعد دخول وقت صلاة الأضحى قدر ركعتين وخطبتين.
فان ذبح قبل ذلك لم يجزه لما روى البراء ابن عازب رضى الله تعالى عنه قال خطب النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا، فقد أصاب سنتنا ومن نسك قبل صلاتنا فذلك شاة لحم فليذبح مكانها.
وعن أنس رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد الذبح رواه البخارى ومسلم.
وعن جندب بن عبد الله بن شفيق قال شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقام رجل، فقال ان ناسا ذبحوا قبل الصلاة، فقال من ذبح منكم قبل الصلاة فليعد ذبيحته رواه مسلم.
ولا تجزئ ما فيه عيب بنقص اللحم كالعوراء والعمياء والجرباء والعرجاء التى تعجز عن المشى فى المرعى لما روى البراء ابن عازب رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: لا يجزى فى الأضاحى العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها والكسيرة التى لا تنقى فنص على هذه الأربعة لأنها تنقص اللحم فدل على أن كل ما ينقص اللحم لا يجوز.
وجاء فى مغنى المحتاج
(4)
: أنه يدخل
(1)
التاج والاكليل ج 3 ص 251 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 3 ص 252 الطبعة السابقة
(3)
المهذب ج 1 ص 237، ص 238 الطبعة السابقة
(4)
مغنى المحتاج ج 4 ص 263 الطبعة السابقة
وقت ذبح الأضحية اذا ارتفعت الشمس كرمح من يوم النحر وهو العاشر من ذى الحجة، ثم مضى قدر ركعتين خفيفتين وخطبتين خفيفتين.
فان ذبح قبل ذلك لم تقع أضحية لخبر الصحيحين أول ما نبدأ به فى يومنا هذا نصلى، ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا.
ومن ذبح قبل ذلك فانما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك فى شئ.
ويستثنى من ذلك ما لو وقفوا بعرفة فى الثامن غلطا وذبحوا فى التاسع، ثم بان ذلك أجزأهم تبعا للحج ذكره فى المجموع عن الدارمى.
وهذا انما يأتى على رأى مرجوح وهو أن الحج يجزئ.
والأصح أنه لا يجزئ فكذا الأضحيه لا تجزئ.
ومن نذر أضحية معينة فقال لله على أن أضحى بهذه البقرة مثلا أو جعلتها أضحية أو هذه أضحية أو على أن أضحى بها زال ملكه عنها ولزمه ذبحها فى هذا الوقت السابق بيانه لأنه جعلها أضحية فتعين ذبحها وقت الأضحية فان ذبحها الناذر قبل الوقت لزمه التصدق بجميع اللحم ولزمه أيضا أن يذبح فى وقتها مثلها بدلا عنها.
ثم قال
(1)
: وشرط الأضحية المجزئة سلامة من كل عيب بها ينقص لحما أو غيره وهذا الشرط معتبر فى وقوعها على وجه الأضحية المشروعة فلو نذر التضحية بمعيبة أو صغيرة أو قال جعلتها أضحية وجب ذبحها فدية ويفرق لحمها صدقة ولا تجزئ عن الأضحية.
وعلى ذلك فلا تجزئ فى الأضحية عجفاء ولا مجنونة ولا مقطوعة بعض الأذن ولا ذات عرج ولا ذات عور ولا ذات مرض ولا ذات جرب.
لما روى الترمذى وصححه أربع لا تجزئ فى الأضاحى العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها والعجفاء التى لا تنقى.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير
(2)
: ان أول وقت ذبح الأضحية كما قال الخرقى هو اذا مضى من نهار يوم العيد قدر تحل فيه الصلاة وقدر الصلاة والخطبتين تامتين فى أخف ما يكون فاذا مضى ذلك فقد حل وقت الذبح ولا يعتبر نفس الصلاة.
ولا فرق فى هذا بين أهل المصر وغيرهم.
فان ذبح قبل ذلك الوقت لم تجزئه الأضحية ولزمه البدل.
وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ذبح قبل أن يصلى فليعد
(1)
المرجع السابق ج 4 ص 262 الطبعة السابقة
(2)
المغنى والشرح الكبير ج 11 من ص 112 الى 115 الطبعة السابقة
مكانها أخرى ولأنها نسيكة واجبة، وقد ذبحها قبل وقتها فلزمه بدلها.
كالهدى اذا ذبحه قبل محله ويجب أن يكون بدلها مثلها أو خيرا منها لأن ذبحها قبل محلها اتلاف لها.
وظاهر كلام
(1)
الامام أحمد ان من شرط جواز التضحية فى حق أهل المصر صلاة الامام وخطبته.
وروى هذا عن الحسن والأوزاعى واسحاق لما روى جندب بن عبد الله البجلى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم، قال.
من ذبح قبل أن يصلى فليعد مكانها أخرى.
وعن البراء بن عازب رضى الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن ذبح قبل أن يصلى فليعد مكانها أخرى.
وفى لفظ قال: ان أول نسكنا فى يومنا هذا الصلاة ثم الذبح فمن ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم قدمها لأهله ليس من النسك فى شئ وظاهر هذا اعتبار نفس الصلاة.
قال فى المغنى انها عبادة ووقتها فى حق أهل المصر بعد اشراق الشمس فلا تتقدم وقتها فى حق غيرهم كصلاة العيد.
فان لم يصل الامام فى المصر لم يجز الذبح حتى تزول الشمس لأنها حينئذ تسقط فكأنه قد صلى.
وسوا ترك الصلاة عمدا أو غير عمد لعذر أو غيره.
وان صلى الامام فى المصلى واستخلف من صلى فى المسجد فمتى صلوا فى أحد الموضعين جاز الذبح لوجود الصلاة التى تسقط بها الفرض عن سائر الناس.
فان ذبح بعد الصلاة قبل الخطبة أجزأ فى ظاهر كلام أحمد لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم علق المنع على فعل الصلاة فلا يتعلق بغيره ولأن الخطبة غير واجبة.
ثم قال فى المغنى
(2)
: وكلام الخرفى ومن أطلق من أصحابنا محمول على الأضحية الواجبة بنذر أو تعيين.
فان كانت الأضحية غير واجبة بواحد من الأمرين فهى شاة لحم ولا بدل عليه الا أن يشاء لأنه قصد التطوع فأفسده فلم يجب عليه بدله كما لو خرج بصدقه تطوع فدفعها الى غير مستحقها.
وحديث النبى صلى الله عليه وآله وسلم من ذبح قبل أن يصلى فليعد مكانها أخرى يحمل على أحد أمرين اما الندب وأما على التخصيص بمن وجبت عليه.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(3)
: ان وقت ذبح الأضحية هو أن يمهل حتى تطلع الشمس من يوم
(1)
المرجع السابق ج 11 ص 113 الطبعة السابقة.
(2)
المغنى والشرح الكبير ج 11 ص 115 الطبعة السابقة
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 7 ص 373، مسألة رقم 978 الطبعة السابقة
النحر، ثم تبيض وترتفع ويمهل حتى يمضى مقدار ما يصلى ركعتين يقرأ فى الأولى بعد ثمان تكبيرات أم القرآن وسورة ق، وفى الثانية بعد ست تكبيرات أم القرآن وسورة اقتربت الساعة وانشق القمر، بترتيل، ويتم فيها الركوع والسجود، ويجلس ويتشهد ويسلم، ثم يذبح أضحيته أو ينحرها.
البادى والحاضر وأهل القرى والصحارى والمدن سواء فى كل ذلك.
فمن ذبح أو نحر قبل ما ذكرنا ففرض عليه أن يضحى ولا بد بعد دخول الوقت المذكور ولا معنى لمراعاة صلاة الامام ولا لمراعاة تضحيته.
برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أول ما نبدأ به فى يومنا هذا أن نصلى ثم نرجع فننحر» .
وما روى عن أبى جحيفه عن البراء ابن عازب قال: ذبح أبو بردة قبل الصلاة فقال له النبى صلى الله عليه وآله وسلم:
«أبدلها» .
ومن طريق حماد بن زيد عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم صلى ثم خطب فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ذبحا.
وما روى عن طريق وكيع حدثنا سفيان الثورى عن الأسود بن قيس، قال سمعت جنديا يقول:«مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» يوم النحر على قوم قد نحروا وذبحوا، فقال من نحر وذبح قبل صلاتنا فليعد، ومن لم يذبح أو ينحر فليذبح ولينحر باسم الله.
ومن طريق مسلم حدثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا ينحروا حتى ينحر النبى صلى الله عليه وآله وسلم» فالوقت الذى حددنا هو وقت صلاة النبى صلى الله عليه وآله وسلم.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار
(1)
: ان أول وقت الأضحية بعد دخول وقت صلاة العيد بما يسعها وخطبتين.
وقال البعض وهى ركعتان خفيفتان وخطبتان كذلك لتبادر الأضحية قال البعض بل كاملتان اذ المأخوذ فى العبادات أكملها.
قال البعض تكون الصلاة بقدر سورة ق والقمر، اذ قرأهما صلى الله عليه وآله وسلم فى صلاة العيد، وخطب خطبتين متوسطتين وعلينا التأسى به.
قال البعض فهذا أول وقتها صلى أم لم يصل مصريا كان أم سودانيا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من نسك قبل صلاتنا فتلك شاة لحم فليذبح مكانها.
وقول رسول الله صلّى الله عليه وآله
(1)
البحر الزخار ج 4 ص 315، ص 316 الطبعة السابقة
وسلم، ومن صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الاسلام
(1)
: ان وقت الأضحية بمنى أربعة أيام أولها يوم النحر وفى الأمصار ثلاثة أيام فلو ذبحها قبل وقتها فعليه تجديدها، ثم قال ولا تجزئ العوراء ولا العرجاء البين عرجها ولا التى انكسر قرنها الداخل ولا المقطوعة الاذن ولا الخصى من الفحول ولا المهزولة وهى التى ليس على كليتها شحم.
ولو اشتراها على انها مهزولة فخرجت كذلك لم تجزه.
ولو خرجت سمينة أجزأته.
وكذا لو اشتراها على أنها سمينة فخرجت مهزولة.
ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم يجزه وعليه تجديدها.
حكم اعادة اللعان:
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(2)
: انه انما يبدأ القاضى بالرجل فى أيمان اللعان لقول الله سبحانه وتعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ}
(3)
: والفاء للتعقيب فيقتضى أن يكون لعان الزوج عقيب القذف فيقع لعان المرأة بعد لعانه.
وكذا روى أنه لما نزلت آية اللعان وأراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجرى اللعان على ذينك الزوجين بدأ بلعان الرجل وهو صلى الله عليه وآله وسلم قدوة لأن لعان الزوج وجب حقا لها لأن الزوج ألحق بها العار بالقذف فهى بمطالبتها اياه باللعان تدفع العار عن نفسها.
ودفع العار عن نفسها حقها.
وصاحب الحق اذا طالب من عليه الحق بايفاء حقه لا يجوز له التأخير.
فان أخطأ الحاكم فبدأ بالمرأة ثم بالرجل فينبغى له أن يعيد اللعان على المرأة لأن اللعان شهادة والمرأة بشهادتها تقدح فى شهادة الزوج فلا يصح قبل وجود شهادته.
ولهذا فى باب الدعوى يبدأ بشهادة المدعى، ثم بشهادة المدعى عليه بطريق الدفع له كذا ها هنا.
فان لم يعد الحاكم لعان المرأة حتى فرق بينهما نفذت الفرقة لأن تفريقه صادف محل الاجتهاد لأنه يزعم أن اللعان ليس بشهادة بل هو يمين.
(1)
شرائع الاسلام ج 1 ص 128 الى ص 130 الطبعة السابقة
(2)
بدائع الصنائع ج 3 ص 273 الطبعة السابقة
(3)
الاية رقم 6 من سورة النور
ويجوز تقديم احدى اليمينين على الأخرى كتحالف المتداعين حيث لا يلزم مراعاة الترتيب فيه.
بل يجوز تقديم أحدهما أيهما كان فكان تفريقه فى موضع الاجتهاد فنفذ.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والاكليل
(1)
: ان الزوج يبدأ بالحلف بالصيغة المعروفة فى اللعان.
قال ابن عرفة فلو بدأت المرأة بالحلف ففى لزوم اعادة أيمانها بعده قولان.
الأول لنقل عياض عن المذهب.
والثانى لابن القاسم فى الموازية والعتبية.
وجاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير
(2)
: أن فى وجوب اعادة المرأة ايمانها ان بدأت بالحلف قولان: أحدهما ان الاعادة واجبة لتقع ايمانها بعد الرجل فيتوقف تأييد التحريم على اعادتها وهو الراجح.
والثانى عدم الوجوب فيتأبد بلعانه بعدها، كما لو حلف المدعى قبل نكول المطلوب فانه لا يجزئ ويعيد يمينه ثانيا.
مذهب الشافعية:
جاء فى المهذب
(3)
: ان الزوج يبدأ باللعان لأن الله تبارك وتعالى بدأ به وبدأ به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى لعان هلال بن أمية.
ولأن لعانه بينة لاثبات الحق ولعان المرأة بينه الانكار فقدمت بينه الاثبات.
فان بدأ بلعان المرأة لم يعتد به لأن لعانها لاسقاط الحد والحد لا يجب الا بلعان الزوج فلم يصح لعانها قبله.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى
(4)
: ان من شروط اللعان أن يبدأ بلعان الزوج قبل المرأة.
فان بدأ بلعان المرأة لم يعتد به.
وبه قال أبو ثور وابن المنذر لأنه أتى باللعان على غير ما ورد به القرآن والسنة فلم يصح، كما لو اقتصر على لفظة واحدة، ولأن لعان الرجل بينته لاثبات زناها ونفى ولدها، ولعان المرأة للانكار فقدمت بينة الاثبات كتقديم الشهود على الايمان، ولأن لعان المرأة لدرء العذاب عنها ولا يتوجه عليها ذلك الا بلعان الرجل.
فاذا قدمت لعانها على لعانه، فقد قدمته على وقته فلم يصح كما لو قدمته على القذف.
(1)
التاج والاكليل ج 4 ص 137 الطبعة السابقة
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 2 ص 465 الطبعة السابقة
(3)
المهذب ج 2 ص 126 الطبعة السابقة
(4)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 9 ص 27، ص 28 الطبعة السابقة
ومن شروطه أن يذكر نفى الولد فى اللعان فاذا لم يذكر لم ينتف الا أن يعيد اللعان ويذكر نفيه وهذا ظاهر كلام الخرقى.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(1)
: ان من قذف امرأته بالزنا فواجب على الحاكم أن يجمعهما فى مجلسه ويسأل الزوج البينة على ما رمى زوجته به.
فان لم يأت بالبينة قيل له التعن فيقول بالله انى لمن الصادقين يكرر ذلك أربع مرات.
ويقول فى الخامسة على لعنة الله ان كنت من الكاذبين.
فاذا أتم هذا قيل لها بعده التعنى فتقول بالله انه لمن الكاذبين تكرر ذلك أربع مرات.
ثم تقول: وعلى غضب الله ان كان من الصادقين.
وذلك لقول الله تبارك وتعالى
(2)
:
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار
(3)
: أنه يجب تقديم الزوج فى التحليف على الزوجة.
فان قدمها أعاد أى أستأنف التحليف وقدم الزوج ثم أعادت المرأة.
وفى المسألة قولان.
الأول رواه أبو جعفر والبعض أنه يقدم الزوج على سبيل الوجوب.
وقال البعض لا يجب وانما هو سنة.
وأختلف الأولون لو قدم الزوجة.
فعند البعض أنه يعيد.
قال البعض هذا ما لم يحكم.
فان كان قد حكم نفذ لأن المسألة اجتهادية.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية
(4)
: أنه يجب التبرئة من الرجل بالشهادة ثم اللعن.
وفى المرأة بالشهادة ثم الغضب.
وكما يجب الترتيب المذكور تجب الموالاة بين كلماتها.
فلو تراضى بما يعد فصلا أو تكلم خلاله بغيره بطل ولزمتهم اعادته.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(5)
: أن الرجل يقوم فى اللعان على المرأة.
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 10 ص 143 الطبعة السابقة
(2)
الاية رقم 6 من سورة النور
(3)
شرح الأزهار ج 2 ص 510 الطبعة السابقة
(4)
الروضة البهية ج 2 ص 85 الطبعة السابقة
(5)
شرح النيل ج 3 ص 541 الطبعة السابقة
فلو قدمت المرأة باليمين قبل الرجل جاز.
وقيل تعيد اليمين بعد حلف الرجل.
وان ذكر الغضب أو ذكرت اللعنة فى خامسيتهما أعاد من فعل ذلك اللعان.
الا أن كان فى مكانهما فليعد الخامسة فقط ان لم تطل المدة.
والا ان ذكرت كليهما أو ذكرهما فلا أعادة على ذكرهما.
وأجاز بعض بدء المرأة باللعان قائلا ان المبدأ فى الآية بالزوج ليس على الوجوب.
يلاحظ أن الأعلام الواردة فى هذا الجزء روعى فى ترتيبها أول حرف منها دون اعتداد بألفاظ: أب وأم وابن وال التى للتعريف.
وقد أشرنا بالنسبة للأعلام التى وردت بهذا الجزء وسبق ورودها بالأجزاء السابقة إلى موضعها هناك.
بسم الله الرحمن الرحيم
حرف الألف:
ابراهيم النخعى:
انظر ح 1 ص 249
الأبهرى:
انظر أبو بكر ج 7 ص 287
الابيانى:
انظر ح 1 ص 247
الأزهرى:
انظر ح 2 ص 343
أصبغ:
انظر ح 1 ص 249
أحمد بن الهادى:
أحمد بن هاشم الهادى بن محسن الحسنى من نسل الهادى الى الحق: امام زيدى يمانى نشأ فى قرية «ديس» من بلاد كوكبان وتفقه بصنعاء وبويع بالامامة فى صعدة سنة 1264 فلبث نحو عام واضطرب أهلها فقاتلهم ثم خرج يطوف فى البلاد اليمنية فجمع جيشا واقتحم صنعاء فى أواخر سنة 1266 فثار عليه جنده يريدون مرتباتهم فرحل سنة 1267 هـ الى هجرة «دار على» من بلاد أرحب وتوفى فيها ولأحد معاصريه كتاب فى سيرته.
اشهب:
انظر ح 1 ص 246
اقرع بن حابس:
الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان التميمى المجاشعى الدارمى قال ابن اسحاق: وفد على النبى صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مكة وحنينا والطائف وهو من المؤلفة قلوبهم وقد حسن اسلامه وقال الزبير فى النسب كان الأقرع حكما فى الجاهلية وروى ابن شاهين من طريق المدائنى عن رجاله قالوا لما أصاب عيينة بن حصن من بنى العنبر قدم وحدهم فذكر القصة وفيها تكلم الأقرع بن حابس رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السبى وكان بالمدينة قبل قدوم السبى فنازعه عيينة بن حصن وفى ذلك يقول الفرزدق يفخر بعمه الأقرع:
وعند رسول الله قال ابن حابس
…
بخطة أسوار الى المجد حازم
له أطلق الأسرى التى فى قيودها
…
مغللة أعناقها فى الشكائم
وكان شريفا فى الجاهلية والاسلام واستعمله عبد الله بن عامر على جيش الى خراسان فأصيب بالجوزجان هو والجيش وذلك فى زمن عثمان وذكر الكلبى أنه كان مجوسيا قبل أن يسلم قتل الأقرع بن حابس باليرموك فى عشرة من بنيه.
الأقفهسى:
انظر ح 3 ص 373
الشيخ اكمل الدين:
انظر البابرتى ح 1 ص 393
امامة:
انظر ح 10 ص 393
الأمير:
انظر ح 1 ص 249
الأوزاعى:
انظر ح 1 ص 249
حرف الباء:
الباجى:
انظر ح 1 ص 250
الباسطى:
انظر ح 5 ص 365
البرزلى:
انظر ح 5 ص 365
البرقى:
أحمد بن محمد بن خالد أبو جعفر ابن أبى عبد الله البرقى من أهل برقة «من قرى قم» توفى سنة 274 هـ أصله من الكوفة له نحو مائة كتاب منها المحاسن جزءان فى الفقه والآداب الشرعية والبلدان، واختلاف الحديث والانساب، وأخبار الأمم وكان مطعونا فى روايته للحديث عند الامامية قالوا يأخذ عن الضعفاء.
البراء بن عازب:
انظر ح 2 ص 345
أبو بردة:
انظر ح 2 ص 345
ابن بشير:
انظر ح 4 ص 361
بشر المريسى:
انظر ح 4 ص 361
البزدوى:
انظر ح 1 ص 250
ابن بطال:
انظر ح 2 ص 345
البغوى:
انظر ح 2 ص 345
أبو بكر الأبهرى:
ح 7 ص 387
أبو بكر بن الحارث بن هشام:
انظر ح 8 ص 371
أبو بكر بن عبد العزيز:
انظر ح 2 ص 345
أبو بكر محمد بن الفاضلى:
انظر ح 8 ص 371
البندنيجى:
انظر ح 4 ص 361
البيهقى:
انظر ح 1 ص 251
حرف الثاء:
الثورى:
انظر ح 1 ص 252
حرف الجيم:
جابر بن سمرة:
انظر ح 4 ص 362
أبو جحيفة:
توفى سنة 64 هـ: هو وهب بن عبد الله بن مسلم بن جناده بن حبيب ابن سواء السوائى بضم السين المهملة وتخفيف الواو والمد ابن عامر بن صعصعة أبو جحيفة السوائى قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى أواخر عمره وحفظ عنه ثم صحب عليا بعده وولاه شرطة الكوفة لما ولى الخلافة وفى الصحيح عنه رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن على يشبهه وأمر لنا بثلاثة عشر قلوصا فمات قبل أن يقبضها وكان على يسميه وهب الخير روى عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن على والبراء بن عازب وروى عنه ابنه وعون والشعبى وأبو اسحاق السبيعى وسلمة ابن كهيل واسماعيل بن أبى خالد وعلى ابن الأرقم والحكم بن عيينه وغيرهم قال الواقدى مات فى ولاية بشر على العراق وقال ابن حبان سنة أربع وستين.
الجزولى توفى سنة 741 هـ:
هو عبد الرحمن ابن عفان أبو زيد فقيه مالكى معمر من أهل فاس كان أعلم الناس فى عصره بمذهب مالك وكان يحضر مجلسه أكثر من ألف فقيه معظمهم يستظهر المدونة، عاش أكثر من مائة وعشرين سنة وما قطع التدريس حتى توفى.
ابن الجلاب:
انظر ح 8 ص 372
جندب بن عبد الله:
انظر ح 13 ص 359
أبو الجهم:
انظر ح 10 ص 394
حرف الحاء:
ابن الحاجب:
انظر ح 1 ص 254
ابن الحاج:
انظر ح 9 ص 371
ابن الحداد:
توفى سنة 344 هـ: محمد بن أحمد بن محمد جعفر الكنانى قاض من فقهاء الشافعية من أهل مصر ولى فيها القضاء والتدريس، وكان قوالا بالحق ماض الأحكام فصيحا متعبدا له كتاب الفروع فى فقه الشافعية شرحه كثيرون والباهر فى الفقه مائة جزء وأدب القاضى أربعون جزءا والفرائض نحو مائة جزء مات بالقاهرة ودفن سفح المقطم.
ابن حبيب:
انظر ح 1 ص 253
الحطاب:
انظر ح 1 ص 254
الحسن بن زياد:
انظر ح 1 ص 254
القاضى حسين:
انظر القاضى حسين ح - 2 ص 261
الحسن:
انظر ح 1 ص 254
أبو الحسن التميمى:
انظر ح 7 ص 388
حسين بن مهران:
الحسين بن مهران ذكره أبو محمد الخلال فيمن روى عن أحمد
أبو الحسن القابسى التونسى:
انظر ح 1 ص 251
الحقينى:
انظر ح 10 ص 395
الحاكم الشهيد:
انظر ح 1 ص 253
حذيفة:
انظر ح 1 ص 254
ابن حامد:
انظر ح 2 ص 348
أبو حفص:
انظر ح 3 ص 341
أبو حفص البرمكى:
انظر ح 3 ص 341
حرف الخاء:
خالد بن معدان:
توفى سنة 104 هـ: خالد ابن معدان بن أبى كرب الكلامى أبو عبد الله تابعى ثقة ممن أشتهروا بالعبادة أصله من اليمن واقامته فى حمص بالشام وكان يتولى الشرطة ليزيد بن معاوية قال ابن عساكر فى ترجمته كان اذا أمر الناس بالغزو يجعل فسطاطه أول فسطاط يضرب وكان كثير التسبيح فلما مات بقيت أصبعه تتحرك كأنه يسبح.
الخرقى:
انظر ح 1 ص 256
خليل:
انظر ص 1 ص 256
حرف الدال:
الدارمى:
انظر ح 5 ص 369
ابن دقيق العيد:
انظر ح 1 ص 257
داود:
انظر الظاهرى ح 1 ص 257
حرف الراء:
الرجراجى:
انظر ح 13 ص 361
ابن رشد:
انظر ح 1 ص 258
الرافعى:
انظر ح 1 ص 258
الرويانى:
انظر ح 2 ص 352
حرف الزاى:
زروق:
انظر ح 3 ص 344
زفر:
انظر ح 1 ص 259
الزهرى:
انظر ح 1 ص 260
زهير بن حرب:
توفى سنة 243 هـ:
زهير بن حرب بن شداد النسائى البغدادى أبو خيثمة، محدث بغداد فى عصره أصله من «نسا» وشهرته ببغداد قال الخطيب البغدادى كان اسم جده أشتال فعرب وجعل شداد له كتاب العلم أكثر الامام مسلم من الرواية عنه.
زيد بن اسلم:
انظر ح 12 ص 400
زيد بن على:
انظر ح 1 ص 260
حرف السين:
ابو السائب:
توفى سنة 350 هـ: عتبة ابن عبد الله بن موسى الهمزانى أبو السائب قاض: من أهل همزان غلب عليه فى ابتداء أمره علم التصوف والميل الى أهل الزهد وقصد بغداد وتفقه على مذهب الشافعى وسافر الى المراغة فتقلد الحكم بها وبأذربيجان ونشبت فتنة فعاد الى بغداد وعرف فضله فتقلد أعمالا حليلة بالكوفة وديار مضر والأهواز ثم كان قاضى القضاة ببغداد سنة 338 هـ وأستمر الى أن توفى قال السبكى وهو أول من ولى قضاة القضاة من الشافعية ببغداد.
ابن السبكى:
انظر ح 1 ص 261
سحنون:
انظر ح 1 ص 216
السختبانى:
توفى سنة 131 هـ: ايوب بن أبى تميمة السختيانى البصرى أبو بكر سيد فقهاء عصره: تابعى من النساك
الزهاد، من حفاظ الحديث كان ثبتا ثقة روى نحو ثمانمائة حديث.
السرخسى:
انظر ح 1 ص 261
سفيان الثورى:
انظر الثورى ح 1 ص 252
سعيد بن جبير:
انظر ح 1 ص 261
أبو سلمة بن عبد الرحمن:
انظر ح 3 ص 346
سليمان بن يسار:
انظر ابن يسار ج 2 ص 366
سيبويه:
انظر ح 4 ص 365
السيورى:
انظر ح 12 ص 401
حرف الشين:
الشبيبى:
انظر ح 8 ص 376
شرف الدين:
انظر ح 2 ص 354
ابن شكيل:
توفى سنة 605 هـ: احمد بن يعيش بن شكيل الصوفى أبو العباس شاعر أندلسى من اهل شريش له ديوان شعر قال ابن الأبار توفى معتبطا أى بلا علة.
حرف الصاد:
ابن الصباغ:
انظر ح 2 ص 255
الامام صدر الدين أبو المعين:
انظر ح 1 ص 265
حرف الطاء:
أبو الطيب:
انظر ح 10 ص 398
المحقق الطوفى:
انظر ص 7 ص 393
ابن الطلاع:
توفى سنة 497 هـ: محمد بن الفرج القرطبى المالكى أبو عبد الله بن الطلاع ويقال الطلاعى مفتى الأندلس ومحدثها فى عصره من أهل قرطبة كان أبوه مولى لمحمد بن يحيى البكرى «الطلاع» فنسب اليه له كتاب فى أحكام النبى صلى الله عليه وسلم وكتاب فى الشروط وغير ذلك.
حرف العين:
ابن عابدين:
انظر ح 1 ص 265
العبدرى:
انظر ح 10 ص 399
ابو عبيدة:
انظر ح 1 ص 267
ابو العباس:
انظر ح 1 ص 266
عبد الحق:
انظر ح 6 ص 387
ابن عبد الحكم:
انظر ح 1 ص 266
عبد الرحمن بن أبى بكرة:
انظر ح 12 ص 402
عبد الرزاق:
انظر ح 2 ص 356
ابن عرفة:
انظر ح 1 ص 268
عبد العزيز بن ابى مسلمة:
توفى سنة 184 هـ:
عبد العزيز بن أبى حازم بن دينار المدنى أبو تمام فقيه محدث قال ابن حنبل لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه من ابن أبى حازم.
ابن عطاء الله:
انظر ح 10 ص 400
عبد الغنى النابلسى:
انظر ح 12 ص 402
ابن عقيل:
انظر ح 2 ص 358
على خليل:
انظر ح 10 ص 400
على رضى الله عنه:
انظر ح 1 ص 269
أبو على السنجى:
انظر ح 6 ص 388
ابن العماد:
انظر ح 3 ص 352
عامر بن ربيعه:
انظر ح 10 ص 398
عبد الله بن يوسف:
توفى سنة 761 هـ:
عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف أبو محمد جمال الدين بن هشام من أئمة العربية مولده ووفاته بمصر قال ابن خلدون ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه من تصانيفه مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب «ط ع» وعمدة الطالب فى تحقيق تصريف ابن الحاجب مجلدان ورفع الخصاصة عن قراء الخلاصة أربع مجلدات والجامع الصغير نحو والجامع الكبير نحو وشذور الذهب والاعراب فى
قواعد الاعراب وقطر الندى والتذكرة خمسة عشر جزءا والتحصيل والتفصيل لكتاب التدييل، وأوضح المسالك الى الفية ابن مالك ونزهة الطرف فى علم الصرف وموقد الأذهان فى الألغاز النحوية.
على بن يحيى:
توفى سنة 249 هـ: على بن يحيى الأرمنى أبو الحسن قائد من الأمراء فى العصر العباسى أصله من الأرمن استعرب أبوه فنشأ فى بيئة عربية وولى الثغور الشامية ثم أرمينية وأذربيجان ومصر وكان شديد الوطأة على الروم له فيهم غزوات وفتوح وقتل فى احدى وقائعه معهم بالثغور الجزرية.
عمر رضى الله عنه:
انظر ح 1 ص 268
أبو عمر بن عبد البر:
انظر أبن عبد البر ج 1 ص 266
ابن عمر:
انظر ح 1 ص 267
عمران بن الحصين:
انظر ح 2 ص 359
عمرو بن سلمة:
عمرو بن سلمة بكسر اللام الحرمى، يكنى أبا زيد واختلف فى ضبطه فقيل بموحدة ومهملة مصغرا وقيل بتحتانية وزاى وزن عظيم روى عن أبيه قصة اسلامه وعوده الى قومه الحديث وفيه انهم قدموا عمرو بن سلمة أماما مع صغره لأنه كان أكثرهم قرآنا أخرجه البخارى لكن أخرج ابن مندة من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن عمرو بن سلمة قال كنت فى الوفد وهو غريب مع ثقة رجاله.
عمرو بن شعيب:
انظر ح 1 ص 270
أبو عمران الفاسى:
انظر ح 8 ص 375
عياض:
انظر القاضى عياض ح 2 ص 362
حرف الغين:
غطيف الهزلى:
غطيف بن حارثة بن سعد بن سعد بن الحشرج من طئ جد جاهلى كان قبل ظهور الاسلام من أحفاده ملحان ابن زياد بن غطيف.
حرف الفاء:
ابن فرحون:
انظر ح 1 ص 271
أبو الفضل الناصر:
انظر ح 1 ص 278
الفضيل بن عمرو:
توفى سنة 187 هـ:
الفضيل بن عياض بن مسعود التميمى اليربوعى أبو على شيخ الحرم المكى من أكابر العباد الصلحاء كان ثقة فى الحديث أخذ عنه خلق منهم الامام الشافعى ولد فى سمرقند ونشأ بأبيدرد ودخل الكوفة وهو كبير وأصله منها ثم سكن مكة وتوفى بها، من كلامه «من عرف الناس استراح» .
الفورانى:
انظر ح 2 ص 345
حرف القاف:
ابن القاسم:
انظر ح 1 ص 260
الامام القاسم:
انظر ح 1 ص 271
القرافى:
انظر ح 1 ص 272
القفال:
انظر ح 1 ص 272
حرف الكاف:
أبو كبير الهزلى:
عامر بن الحليس الهزلى أبن كبير من بنى سهل بن هزيل شاعر فحل من شعراء الحماسة قيل أدرك الاسلام وأسلم وله خبر مع النبى صلى الله عليه وسلم له ديوان شعر مع ترجمة فرنسية وشرح لأبى سعيد السكرى وفى مقدمته بعض أخباره بالفرنسية.
حرف اللام:
اللخمى:
انظر ح 1 ص 274
الكنى، توفى سنة 1306 هـ:
على الكنى الطهرانى أديب من فقهاء الامامية ولد فى قرية كن على فرسخين من شمالى طهران ورحل فى طلب الفقه والحديث والأدب رحلة طويلة وعاد فى أواخر أيامه الى طهران فتوفى بها من كتبه القضاء والشهادات ثلاث مجلدات وتوضيح المقال فى علم الدراية والرجال وتحقيق الدلائل فى شرح تلخيص المسائل المتن والشرح له ويعرفان بكتاب القضاء.
حرف الميم:
المؤيد بالله:
انظر ح 1 ص 275
المتولى:
توفى سنة 1313 هـ: محمد بن أحمد بن عبد الله الشهير بمتولى وينعت بشيخ القراء عالم بالقراءات مصرى أزهرى ضرير أسندت اليه مشيخة الاقراء سنة 1293 هـ مولده ووفاته بالقاهرة من كتبه بديعة المغرر فى أسانيد الأربعة عشر وغيرها وتحقيق السان فى عد آى القرآن.
الشيخ أبو محمد الجوينى:
انظر الجوينى
محمد بن دينار توفى سنة 512 هـ:
من الطبقة الخامسة: أبو محمد عيسى بن دينار بن وهب القرطبى الفقيه العابد صلى الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة وعن طريقه وطريق يحيى بن يحيى انتشر علم مالك بالأندلس لم يسمع من مالك وسمع من ابن القاسم وصحبه وعول عليه وله عشرون كتابا فى سماعه ألف فى الفقه كتاب الهدية عشرة أجزاء أخذ عنه ابنه أبان وغيره وكان مجاب الدعوة مات فى طليطلة سنة 512 هـ.
محمد بن سالم:
توفى سنة 966 هـ: محمد ابن سالم الطبلاوى ناصر الدين من علماء الشافعية بمصر عاش نحو مائة سنة وانفرد فى كبره باقراء العلوم الشرعية وآلاتها كلها حفظا ولم يكن فى مصر احفظ لهذه العلوم منه له شرحان على البهجة الوردية فى فقه الشافعية وله منظومة من محفوظات دار الكتب المصرية لم يذكرها مترجموه، انظر خطه فى آخر صفحاتها نسبته الى طبلية من قرى المنوفية.
محمد بن سيرين:
انظر ح 1 ص 262
محمد بن كعب القرطبى:
انظر ح 1 ص 272
محمد بن عبد الله العمرى توفى سنة 738 هـ:
محمد بن عبد الله الخطيب العمرى أبو عبد الله ولى الدين التبريزى عالم بالحديث له مشكاة المصابيح للبغوى وقرغ من تأليفه سنة 737 هـ والاكمال فى أسماء الرجال بها من المشكاة.
محمد بن عبد الحكم:
انظر ص 1 ص 266
المشذالى:
انظر ح 13 ص 365
المازرى:
انظر ح 1 ص 275
أبو مضر:
انظر ح 4 ص 372
المزنى:
انظر ح 1 ص 276
ابن منصور:
انظر ح 2 ص 264
معاذ:
انظر ح 1 ص 276
أبو المعالى:
أبو عبد الله محمد بن أبى المعالى عبد الله بن جامع بن البناء الصوفى.
المغيره بن شعبة:
انظر ح 3 ص 357
ابن أم مكتوم:
انظر ج 3 ص 357
مالك بن الحرث:
انظر ح 4 ص 371
مالك:
انظر ح 1 ص 275
ابن المنذر:
انظر ح 1 ص 277
المناوى:
توفى سنة 1301 هـ: محمد بن عبد الروءف بن تاج العارفين بن على بن زين العابدين الحدادى ثم المناوى القاهرى زين الدين من كبار العلماء بالدين والفنون، عاش فى القاهرة وتوفى بها. من كتبه كنوز الحقائق فى الحديث والتيسير فى شرح الجامع الصغير مجلدان اختصره من شرحه الكبير فيض القدير وأحكام الأساس اختصر به أساس البلاغة ورتبة كالقاموس.
ابن المواز:
انظر ح 1 ص 278
الماوردى:
انظر ح 1 ص 275
المهدى على بن محمد:
انظر ح 2 ص 365
حرف النون:
ابن ناجى:
انظر ح 5 ص 379
الناصر أبو الفتح الديلمى:
انظر ح 1 ص 278
ابو نصر الفراهى:
هو مسعود بن أبى بكر ابن حسين الأديب اللغوى صاحب كتاب الصبيان الذى اعتنى بشرحه جمع من
الفضلاء حتى حكى أن السيد الشريف الجرجانى كتب عليه تعليقه والفراهى نسبة الى فراهة كسحابة قرية بسجستان.
الشيخ نصر:
نصر بن محمد بن مقلد القضاعى الشيزرى أبو الفتح، مرتضى الدين فاضل، له شعر منه البيت المشهور
«بقدر الصعود يكون الهبوط
…
فاياك والرتب العالية»
كان مدرسا بتربة الامام الشافعى «بمصر» ودفن بسفح المقطم.
حرف الهاء:
ابن الهمام:
انظر الكمال بن الهمام ح 1 ص 273
هلال بن أمية:
انظر ح 2 ص 366
حرف الواو:
وائل بن حجر:
انظر ح 4 ص 374
ابن وهب:
انظر ح 2 ص 366
حرف الياء:
الامام يحيى:
انظر ح 1 ص 280
يحيى بن أحمد:
توفى سنة 875 هـ: يحيى بن أحمد بن على بن عماد الدين بن مظفر فقيه، من علماء الزيدية، توفى فى هجرة حمدة من البدن باليمن له كتب فيها البيان الشافى والدر الصافى المنتزع من البرهان الكافى والجامع المفيد الداعى الى طاعة الحميد المجيد والكوكب على التذكرة.
أبو اليسر:
انظر ح 8 ص 383
يوسف بن عمر:
توفى سنة 832 هـ: يوسف ابن عمر الأنفاس أبو الحجاج امام جامع القرويين بفاس، كان صالحا متفقها بالمالكية له تقييد على رسالة أبى زيد القيروانى، تداوله الناس فى أيامه قال زروق: ليس بتأليف وانما هو تقييد للطلبة فى زمان قراءتهم.
أبو يونس:
انظر ح 1 ص 281