الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اقتداء
التعريف فى اللغة:
اقتداء مصدر فعله اقتدى على وزن افتعل فهو مزيد فى الاصل بالهمزة والتاء. جاء فى لسان العرب: القدو - بفتح القاف وسكون الدال - أصل البناء الذى يتشعب. منه تعريف الاقتداء والقدوة - بضم القاف وكسرها - الأسوة يقال: فلان قدوة يقتدى به
(1)
. وجاء فى القاموس المحيط أن القدوة - مثلثة - وكعدة: ما تسننت به واقتديت به. ومن ذلك قولهم: تقدت به الدابة اذا لزمت سنن الطريق، وتقدى هو على الدابة كذلك
(2)
.
وعلى ذلك يقال اقتدى فلان بفلان اذا فعل مثل ما يفعل
(3)
. وجاء فى مختار الصحاح: آمّ القوم فى الصلاة يؤم وائتم به اذا اقتدى به والامام الذى يقتدى به
(4)
.
التعريف فى اصطلاح الفقهاء:
يسير الفقهاء فى تعبيرهم بالاقتداء مرتبطين بالمعنى اللغوى ولا يكادون يخرجون عليه فالاقتداء فى المفهوم الفقهى يعنى المتابعة غير أنها متابعة مخصوصة بأفعال الصلاة وأقوالها. ذكر الطحطاوى: أن الامامة ربط صلاة المؤتم بالامام بشروط. وجاء فى الحاشية تعليقا على ذلك هكذا نقله صاحب النهر عن أخيه. ولا يظهر أنه تعريف الاقتداء، وذلك لأن الامامة مصدر المبنى للمجهول، لأن الامام هو المتبع - بفتح الباء - ويدل على ذلك تعريف ابن عرفة لها بأنها اتباع الامام فى جزء من صلاته وأما الربط المذكور، فان كان مصدر ربط المبنى للمعلوم فهو صفة المؤتم فيكون بمعنى الائتمام أى الاقتداء وان كان مصدر المبنى للمجهول فهو صفة صلاة المؤتم لأنها هى المربوطة. وعلى كل حال: لا يصلح تعريفا للامامة بل للاقتداء
(5)
.
شروط الاقتداء فى الصلاة:
مذهب الحنيفة:
جاء فى بدائع الصنائع: أن الكلام عن شرائط جواز الاقتداء بالامام فى صلاته يتضح من البحث فى موضعين.
أحدهما: فى بيان ركن الاقتداء والثانى فى بيان شرائط الركن اما
(1)
لسان العرب للامام العلامة أبى الفضل جمال الدين بن مكرم بن منظور الافريقى المصرى ج 63 ص 171، ص 172 وما بعدها - مادة قدو طبع صادر دار بيروت سنة 1374 هـ، سنة 1955 م الطبعة الاولى.
(2)
القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادى المتوفى سنة 817 هـ ج 4 وص 376 مادة قدو طبع مؤسسة الحلبى وشركاه للنشر والتوزيع شارع جواد حسنى الفاهرة.
(3)
المعجم الوسيط اخراج مجمع اللغة العربية بمصر مادة قدو.
(4)
مختار الصحاح مادة أمم.
(5)
من حاشية العلامة الطحطاوى على الدر المختار شرح تنوير الابصار ج 1 ص 239، ص 240.
ركن الاقتداء فهو نية الاقتداء بالامام فان كان المصلى مقتديا فانه يحتاج الى ما يحتاج اليه المنفرد ويحتاج لزيادة نية الاقتداء بالامام لأنه ربما يلحقه الضرر بالاقتداء فتفسد صلاته بفساد صلاة الامام فشرط نية الاقتداء حتى يكون لزوم الضرر مضافا الى التزامه ثم تفسير نية الاقتداء بالامام هو أن ينوى فرض الوقت والاقتداء بالامام فيه أو ينوى الشروع فى صلاة الامام أو ينوى الاقتداء بالامام فى صلاته ولو نوى الاقتداء بالامام ولم يعين صلاة الامام ولا نوى فرض الوقت هل يجزيه عن الفرض اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجزيه لأن الاقتداء به يصح فى الفرض والنفل جميعا فلا بد من التعيين مع أن النفل أدناهما فعند الاطلاق ينصرف الى الأدنى ما لم يعين الأعلى وقال بعضهم يجزيه لأن الاقتداء عبارة عن المتابعة والشركة فيقتضى المساواة ولا مساواة الا اذا كانت صلاته مثل صلاة الامام فعند الاطلاق ينصرف الى الفرض الا اذا نوى الاقتداء به فى النفل ولو نوى صلاة الامام ولم ينو الاقتداء به لم يصح الاقتداء به لأنه نوى أن يصلى مثل صلاة الامام وذلك قد يكون بطريق الانفراد وقد يكون بطريق التبعية للامام فلا تتعين جهة التبعية بدون النية ومن مشايخنا من قال اذا انتظر تكبير الامام ثم كبر بعده كفاه عن نية الاقتداء لأن انتظاره تكبيرة الامام قصد منه الاقتداء به وهو تفسير النية وهذا غير سديد لأن الانتظار متردد قد يكون لقصد الاقتداء وقد يكون بحكم العادة فلا يصير مقتديا بالشك والاحتمال ولو اقتدى بامام ينوى صلاته ولم يدر أنها الظهر أو الجمعة أجزأ أيهما كان لأنه بنى صلاته على صلاة الامام وذلك معلوم عند الامام والعلم فى حق الأصل يغنى عن العلم فى حق التبع والاصل فيه ما روى أن عليا وأبا موسى الأشعرى رضى الله تعالى عنهما قدما من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقال صلى الله عليه وسلم بم أهللتما فقالا باهلال كاهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوز ذلك لهما وان لم يكن معلوما وقت الاهلال فان لم ينو صلاة الامام ولكنه نوى الظهر والاقتداء فاذا هى جمعة فصلاته فاسدة لأنه نوى غير صلاة الامام وتغاير الفرضين يمنع صحة الاقتداء، ولو نوى صلاة الامام والجمعة فاذا هى الظهر جازت صلاته لأنه لما نوى صلاة الامام فقد تحقق البناء فلا يعتبر ما زاد عليه بعد ذلك كمن نوى الاقتداء بهذا الامام وعنده انه زيد فاذا هو عمرو كان اقتداؤه صحيحا بخلاف ما اذا نوى الاقتداء بزيد والامام عمرو، ثم المقتدى اذا وجد الامام فى حال القيام يكبر للافتتاح قائما ثم يتابعه فى القيام ويأتى بالثناء وان وجده فى الركوع يكبر للافتتاح قائما ثم يكبر اخرى مع الانحطاط للركوع ويتابعه فى الركوع ويأتى بتسبيحات الركوع وان وجده فى القومة التى بين الركوع والسجود أو فى القعدة التى بين السجدتين يتابعه فى ذلك ويسكت ولا خلاف فى ان المسبوق يتابع الامام فى مقدار التشهد الى قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وهل يتابعه فى الزيادة عليه ذكر فى القدورى انه لا يتابعه عليه لان الدعاء مؤخر الى القعدة الاخيرة وهذه قعدة اولى فى حقه وروى ابراهيم بن رستم عن محمد انه قال يدعو بالدعوات التى فى القرآن وروى هشام عن محمد انه يدعو بالدعوات التى فى القرآن ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم وقال
بعضهم يسكت وعن هشام من ذات نفسه ومحمد بن شجاع البلخى انه يكرر التشهد الى أن يسلم الامام لأن هذه قعدة أولى فى حقه والزيادة على التشهد فى القعدة الاولى غير مسنونة ولا معنى للسكوت فى الصلاة الا الاستماع فينبغى أن يكرر التشهد
(1)
مرة بعد أخرى ..
وأما الموضع الثانى
(2)
وهو بيان شرائط الركن فأنواع منها الشركة فى الصلاتين واتحادهما سببا وفعلا ووصفا لأن الاقتداء بناء التحريمة على التحريمة فالمقتدى عقد تحريمته لما انعقدت له تحريمة الامام فكلما انعقدت له تحريمة الامام جاز البناء من المقتدى ومالا فلا وذلك لا يتحقق الا بالشركة فى الصلاتين واتحادهما وعلى هذا الاصل يخرج مسائل، المقتدى اذا سبق الامام بالافتتاح لم يصح اقتداؤه لأن معنى الاقتداء وهو البناء لا يتصورها هنا لان البناء على العدم محال وقال النبى صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه وما لم يكبر الامام لا يتحقق الائتمام به وكذا اذا كبر قبله فقد اختلف عليه، ولو جدد التكبير بعد تكبير الامام بنية الدخول فى صلاته اجزأه لأنه صار قاطعا لما كان فيه شارعا فى صلاة الامام كمن كان فى النفل فكبر ونوى الفرض يصير خارجا من النفل داخلا فى الفرض وكمن باع بألف ثم بألفين كان فسخا للأول وعقدا آخر كذا هذا ولو لم يجدد حتى لم يصح اقتداؤه هل يصير شارعا فى صلاة نفسه أشار فى كتاب الصلاة الى أنه يصير شارعا لأنه علل فيما اذا جدد التكبير ونوى الدخول فى صلاة الامام فقال التكبير الثانى قطع لما كان فيه واشار فى نوادر ايى سليمان الى انه لا يصير شارعا فى صلاة نفسه فأنه ذكر انه لو قهقه لا تنقض طهارته ثم من مشايخنا من حمل اختلاف الجواب على اختلاف موضوع المسألة فقال موضوع المسألة فى النوادر أنه اذا كبر ظنا منه أن الامام كبر فيصير مقتديا بمن ليس فى الصلاة كالمقتدى بالمحدث والجنب وموضوع المسألة فى كتاب الصلاة أنه كبر على علم منه ان الامام لم يكبر فيصير شارعا فى صلاة نفسه ومنهم من حقق الاختلاف بين الروايتين وجه رواية النوادر أنه نوى الاقتداء بمن ليس فى الصلاة فلا يصير شارعا فى صلاة نفسه كما لو اقتدى بمشرك أو جنب أو بمحدث وهذا لأن صلاة المنفرد غير صلاة المقتدى بدليل ان المنفرد لو استأنف التكبير ناويا الشروع فى صلاة الامام صار شارعا مستأنفا واستقبال ما هو فيه لا يتصور فدل على ان هذه الصلاة غير تلك الصلاة فلا
(1)
من كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج 1 ص 128، ص 129 الطبعة الأولى سنة 1327 هـ طبع مطبعة المطبوعات العلمية بمصر وهامش الفتاوى الهندية المسماة بالفتاوى الخانية لفخر الملة والدين قاضيخان محمود الاوزجندى ج 1 ص 83 الطبعة الثانية طبع المطبعة الاميرية ببولاق مصر المحمية سنة 1310 هـ.
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع الكاسانى ج 1 ص 138، 139 الطبعة السابقة.
يصير شارعا فى احداهما بنية الأخرى وجه ما ذكر فى كتاب الصلاة أنه نوى شيئين الدخول فى الصلاة والاقتداء بالامام فبطلت احدى نيتيه وهى نية الاقتداء لأنها لم تصادف محلها فتصح الاخرى وهى نية الصلاة وصار كالشارع فى الفرض على ظن انه عليه وليس بخلاف ما اذا اقتدى بالمشرك والمحدث والجنب لأنهم لبسوا من أهل الاقتداء بهم فصار بالاقتداء بهم ملغيا صلاته وأما هذا فمن أهل الاقتداء به والصلاة خلفه معتبرة فلم يصر بالاقتداء به ملغيا صلاته هذا اذا كبر المقتدى وعلم أنه كبر قبل الامام فأما اذا كبر ولم يعلم أنه كبر قبل الامام او بعده ذكر هذه المسألة فى الهارونيات وجعلها على ثلاثة أوجه ان كان أكبر رأيه أنه كبر قبل الامام لا يصير شارعا فى صلاة الامام وان كان أكبر رأيه انه كبر بعد الامام يصير شارعا فى صلاته لأن غالب الرأى حجة عند عدم اليقين بخلافه وان لم يقع رأيه على شئ فالاصل فيه هو الجواز ما لم يظهر أنه كبر قبل الامام بيقين ويحمل على الصواب احتياطا ما لم يستيقن بالخطأ كما قلنا فى باب الصلاة عند الاشتباه فى جهة القبلة ولم يخطر بباله شئ ولم يشك أن الجهة التى صلى اليها قبلة أم لا أنه يقضى بجوازها ما لم يظهر خطؤه بيقين ولو كبر المقتدى مع الامام الا أن الامام طول قوله حتى فرغ المقتدى من قوله الله اكبر قبل ان يفرغ الامام من قوله الله لم يصر شارعا فى صلاة الامام.
وجاء فى الهداية وشروحها فتح القدير والعناية: ولو ركع المقتدى قبل امامه فأدركه الامام فيه جاز وقال زفر لا يجزئه لان ما أتى به قبل الامام غير معتد به فكذا ما يبنيه عليه ويجب ان يعيد هذا الركوع فأن لم يعده لم تجزه كما لو رفع رأسه من هذا الركوع قبل ركوع الامام ولنا أن الشرط هو المشاركة فى جزء من الركن لانه ينطلق عليه اسم الركوع وقد وجد فيقع موقعه ويعتبر من حين المشاركة الركوع المقتدى فيه كأنه لم يوجد قبله شئ وهذا منع لقوله أنه بناء على فاسد بل هو ابتداء وما قبله لغو كأنه لم يوجد وقوله فى الطرف الاول يعنى ما لو ركع معه ورفع قبله حيث يجوز ويكره كذا هذا يجوز ويكره وهذا لان الركوع له طرفان طرف الابتداء وهو الاول وطرف الانتهاء فكما صحت مع مخالفته فى الأول كذا الثانى ويكره فيهما للنفى ولو سجد قبل امامه وأدركه فهو على هذا الخلاف وعن أبى حنيفة أنه لو سجد قبل رفع الامام من الركوع ثم ادركه الامام فيها لا يجزئه لأنه قبل أوانه فى حق الامام فكذا فى حقه لانه تبع له ولو أطال الامام فى السجود فرفع المقتدى فظن انه سجد ثانية فسجد معه ان نوى بها الاولى أو لم تكن له نية تكون عن الأولى وكذا ان نوى الثانية والمتابعة ترجيحا للمتابعة وتلغو نية غيره للمخالفة وان نوى الثانية لا غير كانت عن الثانية فان أدركه الامام فيها فهو على الخلاف مع زفر وعلى قياس ما روى عن ابى حنيفة فيمن سجد قبل رفع الامام من الركوع يجب أن لا يجوز لأنه سجد قبل أوانه فى حق الامام فكذا فى حقه لانه تبع له وفى الخلاصة المقتدى اذا أتى بالركوع والسجود قبل الامام هذه على خمسة أوجه اما أتى بهما قبله أو بعده أو بالركوع معه وسجد قبله او بالركوع قبله وسجد معه أو اتى بهما قبله ويدرك الامام فى آخر الركعات فان أتى بالركوع والسجود
قبل الامام فى كلها يجب عليه قضاء ركعة بلا قراءة ويتم صلاته واذا ركع معه وسجد قبله يجب عليه قضاء ركعتين واذا ركع قبله وسجد معه يقضى أربعا بلا قراءة وان ركع بعد الامام وسجد بعده جازت صلاته انتهى وانت اذا علمت أن مدرك أول صلاة الامام لاحق وهو يقضى قبل فراغ الامام ففى الصورة الاولى فاتته الركعة الاولى فركوعه وسجوده فى الثانية قضاء عن الاولى وفى الثالثة عن الثانية وفى الرابعة عن الثالثة ويقضى بعد الامام ركعة بلا قراءة لأنه لاحق وفى الثانية تلتحق سجدتاه فى الثانية بركوعه فى الاولى لانه كان معتبرا ويلغو ركوعه فى الثانية لوقوعه عقيب ركوعه الأول بلا سجود بقى عليه ركعة ثم ركوعه فى الثالثة مع الامام معتبر ويلتحق به سجوده فى رابعة الامام فيصير عليه الثانية والرابعة فيقضى ركعتين وقضاء الاربع فى الثالثة ظاهر، واذا رفع المقتدى رأسه من الركوع قبل الإمام ينبغى أن يعود ولا يصير ركوعين وكذا فى السجود ولو رفع الإمام من الركوع قبل أن يقول المقتدى سبحان ربى العظيم ثلاثا الصحيح أنه يتابعه ولو أدركه فى الركوع ويسبح ويترك الثناء وفى صلاة العيد يأتى بالتكبيرات فى الركوع ولو قام الى الثالثة قبل أن يتم المأموم التشهد يتمه وإن لم يتم وقام جاز وفى القعدة الثانية إذا سلم أو تكلم الإمام وهو فى التشهد يتمه ولو سلم قبل أن يفرغ من الصلاة أو الدعاء يسلم معه ولو أحدث قبل ان يفرغ من التشهد لا يتم لأنه لا يبقى بعد حدث الامام عمدا فى الصلاة بل يفسد ذلك الجزء ويبقى بعد سلامه وكلامه ولو سلم قبل الامام وتأخر الامام حتى طلعت الشمس فسدت صلاته وحده ويتابعه فى القنوت وفدمنا ما لو ترك الامام القنوت فى باب الوتر انه ان امكنه ان يقنت ويدرك الركوع قنت والا تابع وفى نظم الزندويستى خمسة اذا لم يفعلها الامام لا يفعلها القوم القنوت وتكبيرات العيد والقعدة الاولى وسجدة التلاوة اذا تلا فى الصلاة ولم يسجد أو سها ولم يسجد. وأربعة اذا فعلها الامام لا يفعلها المقتدى اذا زاد سجدة مثلا او زاد فى تكبيرات العيد ما يخرج به عن اقوال الصحابة وسمع التكبيرات من الامام لا المؤذن وخامسة فى تكبيرات الجنازة أو قام الى الخامسة ساهيا وتسعة اذا لم يفعلها الامام يفعلها القوم اذا لم يرفع يديه فى الافتتاح واذا لم يثن ما دام فى الفاتحة وان كان فى السورة فكذا عند ابى يوسف خلافا لمحمد وقد عرف انه اذا ادركه فى جهر القراءة لا يثنى واذا لم يكبر للانتقال أو لم يسبح فى الركوع والسجود واذا لم يسمع أو لم يقرأ التشهد واذا لم يسلم الامام، يسلم القوم وانه اذا احدث لا يسلمون بخلاف ما اذا تكلم من انه بالحدث تفسد من صلاتهم محله فينتفى محل السّلام
(1)
.
كذا روى ابن سماعة فى نوادره ويجب أن تكون هذه المسألة بالاتفاق اما على قول ابى حنيفة رحمه الله تعالى فلأنه يصح الشروع فى الصلاة بقوله الله وحده فاذا فرغ المقتدى من ذلك قبل فراغ الامام صار شارعا فى صلاة نفسه فلا يصير شارعا فى صلاة الامام وأما
(1)
فتح القدير للامام كمال الدين محمد ابن عبد الواحد المعروف بابن الهمام الحنفى على الهداية شرح بداية المبتدى وبهامشه شرح العناية على الهداية ج 1 ص 344، ص 345 الطبعة الأولى طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر سنة 1315 هـ.
على قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى فلأن الشروع لا يصح الا بذكر الاسم والنعت فلابد من المشاركة فى ذكرهما فاذا سبق الامام بالاسم حصلت المشاركة فى ذكر النعت لا غير وهو غير كاف لصحة الشروع فى الصلاة وعلى هذا لا يجوز اقتداء اللابس بالعارى لأن تحريمة الامام ما انعقدت بها الصلاة مع الستر فلا يقبل البناء لاستحالة البناء على العدم ولأن ستر العورة شرط لا صحة للصلاة بدونها فى الأصل الا انه سقط اعتبار هذا الشرط فى حق العارى لضرورة العدم ولا ضرورة فى حق المقتدى فلا يظهر سقوط الشرط فى حقه فلم تكن صلاة فى حقه فلم يتحقق معنى الاقتداء وهو البناء لأن البناء على العدم مستحيل ولا يصح اقتداء الصحيح لصاحب العذر الدائم لأن تحريمة الامام ما انعقدت للصلاة مع انقطاع الدم فلا يجوز البناء ولأن الناقض للطهارة موجود لكن لم يظهر فى حق صاحب العذر للعذر ولا عذر فى حق المقتدى ولا يجوز اقتداء القارئ بالأمى والمتكلم بالأخرس لان تحريمة الامام ما انعقدت للصلاة بقراءة فلا يجوز البناء من المقتدى ولان القراءة ركن لكنه سقط عن الأمى والأخرس للعذر ولا عذر فى حق المقتدى وكذا لا يجوز اقتداء الأمى بالاخرس لما ذكرنا من أن الاقتداء بناء التحريمة على تحريمة الامام ولا تحريمة من الامام أصلا فاستحال البناء الا أن الشرع جوز صلاته بلا تحريمة للضرورة ولأن التحريمة من شرائط الصلاة لا تصح الصلاة بدونها فى الاصل وانما سقطت عن الأخرس للعذر ولا عذر فى حق الأمى لانه قادر على التحريمة فنزل الأمى الذى يقدر على التحريمة من الأخرس منزلة القارئ من الأمى حتى انه لو لم يقدر على التحريمة جاز اقتداؤه بالأخرس لاستوائهما فى الدرجة ولا يجوز اقتداء من يركع ويسجد بالمومئ عند اصحابنا الثلاثة وعند زفر يجوز، وجه قوله ان فرض الركوع والسجود سقط الى خلف وهو الايماء وأداء الفرض بالخلف كأدائه بالأصل وصار كاقتداء الغاسل بالماسح والمتوضئ بالمتيمم، ويدل لنا أن تحريمة الامام ما انعقدت للصلاة بالركوع والسجود والايماء، وان كان يحصل فيه بعض الركوع والسجود لما أنهما للانحناء والتطأطؤ فى الايماء وقد وجد أصل الانحناء والتطأطؤ فى الايماء فليس فيه كمال الركوع والسجود تنعقد تحريمته لتحصيل وصف الكمال فلم يمكن بناء كمال الركوع والسجود على تلك التحريمة ولأنه لا صحة للصلاة بدون الركوع والسجود فى الاصل لانه فرض وانما سقط عن المومئ للضرورة ولا ضرورة فى حق المقتدى فلم يكن ما أتى به المومئ صلاة شرعا فى حقه فلا يتصور البناء وقد خرج الجواب عن قوله انه خلف لأنا نقول ليس كذلك بل هو تحصيل بعض الركوع والسجود الا أنه اكتفى بتحصيل بعض الفرض فى حالة العذر لا أن يكون خلفا بخلاف المسح مع الغسل والتيمم مع الوضوء لأن ذلك خلف فأمكن ان يقام مقام الاصل ولا يجوز اقتداء من يومئ قاعدا أو قائما بمن يومئ مضطجعا لان تحريمة الامام ما انعقدت للقيام أو القعود فلا يجوز البناء ثم صلاة الامام صحيحة فى هذه الفصول كلها الا فى فصل واحد وهو أن الأمى اذا أم القارئ أو القارئ والأميين فصلاة الكل فاسدة عند ابى حنيفة رحمه الله تعالى وعند ابى يوسف
ومحمد رحمهما الله تعالى صلاة الامام الأمى ومن لا يقرأ تامة وجه قولهما أن الامام صاحب عذر اقتدى به من هو بمثل حاله ومن لا عذر له فتجوز صلاته وصلاة من هو بمثل حاله كالعارى اذا أم العراة أو اللابسين وصاحب الجرح السائل يؤم الاصحاء وأصحاب الجراح والمومئ اذا أم المومئين والراكعين والساجدين انه تصح صلاة الامام ومن بمثل حاله كذا ها هنا ولأبى حنيفة رحمه الله تعالى طريقتان فى المسألة: احداهما ما ذكره القمى وهو انهم لما جاءوا مجتمعين لأداء هذه الصلاة بالجماعة فالأمى قادر على أن يجعل صلاته بقراءة بأن يقدم القارئ فيقتدى به فتكون قراءته قراءة له قال النبى صلى الله عليه وسلم من كان له امام فقراءة الامام له قراءة فاذا لم يفعل فقد ترك أداء الصلاة بقراءة مع القدرة عليها ففسدت بخلاف سائر الاعزار لأن لبس الامام لا يكون لبسا للمقتدى وكذا ركوع الامام وسجوده ولا ينوب عن المقتدى ووضوء الامام لا يكون وضوءا للمقتدى فلم يكن قادرا على ازالة العذر بتقديم من لا عذر له ولا يلزم على هذه الطريقة ما اذا كان الأمى يصلى وحده وهناك قارئ يصلى تلك الصلاة حيث تجوز صلاة الأمى وان كان قادرا على ان يجعل صلاته بقراءة بان يقتدى بالقارئ لأن هذه المسألة ممنوعة وذكر أبو حازم القاضى أن على قياس قول ابى حنيفة رحمه الله تعالى لا تجوز صلاة الأمى وهو قول مالك ولئن سلمنا فلأن هناك لم يقدر على أن يجعل صلاته بقراءة اذ لم يظهر من القارئ رغبة فى أداء الصلاة بجماعة حيث اختار الانفراد بخلاف ما نحن فيه والطريقة الثانية ما ذكره غسان وهو ان التحريمة انعقدت موجبة للقراءة فاذا صلوا بغير قراءة فسدت صلاتهم كالقارئين وانما قلنا ان التحريمة انعقدت موجبة للقراءة لأنه وقعت المشاركة فى التحريمة لانها غير مفتقرة الى القراءة فأنعقدت موجبة للقراءة لاشتراكها بين القارئين وغيرهم ثم عند أوان القراءة تفسد لانعدام القراءة بخلاف سائر الاعذار لأن لبس الامام لا يكون تنعقد مشتركة لان تحريمة اللابس لم تنعقد اذا اقتدى بالعارى لافتقارها الى ستر العورة والى ارتفاع سائر الأعذار فلم تنعقد مشتركة بخلاف ما نحن فيه فانها غير مفتقرة الى القراءة فأنعقدت تحريمة القارئ مشتركة فانعقدت موجبة للقراءة ولا يلزم على هذه الطريقة ما ذكرنا من المسألة لان هناك تحريمة الأمى لم تنعقد موجبة للقراء لانعدام الاشتراك بينه وبين القارئ فيها اما ها هنا فبخلافه ولا يلزم ما اذا اقتدى القارئ بالأمى بنية التطوع حيث لا يلزم القضاء ولو صح شروعه فى الابتداء للزمه القضاء لأنه صار شارعا فى صلاة لا قراءة فيها والشروع كالنذر ولو نذر صلاة بغير قراءة لا يلزمه شئ الا فى رواية عن ابى يوسف فكذلك اذا شرع فيها، ومن شروط صحة
(1)
الاقتداء أن لا يكون المقتدى عند الاقتداء متقدما على إمامه لقول النبى صلى الله عليه وسلم ليس مع الإمام من تقدمه ولانه اذا تقدم الإمام يشتبه عليه حاله أو يحتاج إلى النظر وراءه فى كل وقت ليتابعه فلا يمكن المتابعة ولأن المكان من لوازمه ألا ترى أنه إذا كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق لم يصح الاقتداء لانعدام التبعية
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 145، ص 164 الطبعة السابقة.
فى المكان
(1)
كذا هذا فاذا كان سوى الامام
(2)
ثلاثة فان الامام يتقدمهم لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الأمة بذلك وروى عن أنس ابن مالك رضى الله عنه أنه قال ان جدتى مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى طعام فقال صلى الله عليه وسلم قوموا لأصلى بكم فأقامنى واليتيم من ورائه وأمى أم سليم من ورائنا ولأن الامام ينبغى أن يكون بحال يمتاز بها عن غيره ولا يشتبه على الداخل ليمكنه الاقتداء به ولا يتحقق ذلك الا بالتقدم ولو قام فى وسطهم أو فى ميمنة الصف أو فى ميسرته جاز وقد أساء أما الجواز فلأن الجواز يتعلق بالأركان وقد وجدت وأما الاساءة فلتركه السنة المتواترة وجعل نفسه بحال لا يمكن الداخل الاقتداء وفيه تعريض اقتدائه للفساد ولذلك اذا كان سواه اثنان يتقدمهما فى ظاهر الرواية وروى عن أبى يوسف أنه يتوسطهما لما روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أنه صلى بعلقة والأسود وقام وسطهما وقال هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا ما روينا أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بأنس واليتيم واقامهما خلفه وهو مذهب على وابن عمر رضى الله تعالى عنهما، وأما حديث ابن مسعود فهذه الزيادة وهى قوله هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ترو فى عامة الروايات فلم يثبت وبقى مجرد الفعل وهو محمول على ضيق المكان كذا قال ابراهيم النخعى وهو كان أعلم الناس بأحوال عبد الله ومذهبه، وان كان مع الامام رجل واحد أو صبى يعقل الصلاة يقف عن يمين الامام لما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال بت عند خالتى ميمونة لأراقب صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال نامت العيون وغارت النجوم وبقى الحى القيوم ثم قرأ آخر آل عمران «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 3.}. من الأيات ثم قام الى شن
(4)
معلق فى الهواء فتوضأ وافتتح الصلاة فتوضأت ووقفت عن يساره فأخذ بأذنى وفى رواية بذؤابتى وأدارنى خلفه حتى اقامنى عن يمينه فعدت الى مكانى فأعادنى ثانيا وثالثا فلما فرغ قال ما منعك يا غلام أن تثبت فى الموضع الذى أوقفتك فيه فقلت أنت رسول الله ولا ينبغى لأحد أن يساويك فى الموقف فقال صلى الله عليه وسلم اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل فأعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم اياه الى الجانب الايمن دليل على أن المختار هو الوقوف عن يمين الامام اذا كان معه رجل واحد وكذا روى عن حذيفة رضى الله تعالى عنه انه قام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فحوله وأقامه عن يمينه ثم اذا وقف عن يمينه لا يتأخر عن الامام فى ظاهره الرواية وعن محمد أنه ينبغى أن تكون اصابعه عند عقب الامام وهو الذى وقع عند العوام ولو
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 45 الطبعة السابقة.
(2)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 158، ص 159 طبع مطبعة المطبوعات العلمية بمصر سنة 1310 هـ.
(3)
الاية رقم 190 ورقم 191 من سورة آل عمران
(4)
الشن القربة الخالق الصغيرة، ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير مادة شنن.
كان المقتدى أطول من الامام وكان سجوده قدام الامام لم يضره لان العبرة بموضع الوقوف لا موضع السجود كما لو وقف فى الصف ووقع سجوده أمام الامام لطوله ولو وقف عن يساره جاز لأن الجواز متعلق بالاركان الا ترى ان ابن عباس وحذيفة رضى الله تعالى عنهما وقفا فى الابتداء عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جوز اقتداءهما به ولكنه يكره لأنه ترك المقام المختار له ولهذا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس وحذيفة رضى الله تعالى عنهم ولو وقف خلفه جاز لما مر وهل يكره؟ لم يذكر محمد الكراهة نصا واختلف المشايخ فيه قال بعضهم: لا يكره لان الواقف خلفه أحد الجانبين منه على يمينه فلا يتم اعراضه عن السنة بخلاف الواقف على يساره وقال بعضهم: يكره لأنه يصير فى معنى المنفرد خلف الصف وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمنبذ خلف الصفوف وأدنى درجات النهى هو الكراهة وانما نشأ هذا الاختلاف عن اشارة محمد فانه قال وان صلى خلفه جازت صلاته وكذلك ان وقف عن يسار الامام وهو مسئ فمنهم من صرف جواب الاساءة الى آخر الفعلين ذكرا ومنهم من صرفه اليهما جميعا وهو الصحيح لأنه عطف احدهما على الآخر بقوله وكذلك ثم اثبت الاساءة فينصرف اليهما واذا كان مع الامام امرأة اقامها خلفه لأن محاذاتها مفسدة وكذلك لو كان معه خنثى مشكل لاحتمال انه امرأة ولو كان معه رجل وامرأة او رجل وخنثى اقام الرجل عن يمينه والمرأة والخنثى خلفه ولو كان معه رجلان وامرأة او خنثى أقام الرجلين خلفه والمرأة أو الخنثى خلفهما. ولو اجتمع الرجال والنساء والصبيان والخناثى والصبيات المراهقات فأرادوا أن يصطفوا للجماعة يقوم الرجال صفا مما يلى الامام ثم الصبيان بعدهم ثم الخناثى ثم الاناث ثم الصبيات المراهقات وكذلك الترتيب فى الجنائز اذا اجتمعت وفيها جنازة الرجل والصبى والخنث والانثى والصبية المراهقة وأفضل مكان المأموم اذا كان رجلا حيث يكون اقرب الى الامام لقول النبى صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها واذا تساوت المواضع فى القرب الى الامام فعن يمينه اولى لان النبى صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن فى الامور كلها واذا قاموا فى الصفوف تراصوا وسووا بين مناكبهم لقول النبى صلى الله عليه وسلم تراصوا والصقوا المناكب بالمناكب بخلاف الصلاة فى الكعبة لأن وجهه إذا كان الى الامام لم تنقطع التبعية ولا يسمى قبله بل هما متقابلان كما اذا حاذى امامه وانما تتحقق القبلية اذا كان ظهره الى الامام ولم يوجد وكذا لا يشتبه عليه حال الامام والمأموم، ومن شروط صحة الاقتداء
(1)
اتحاد مكان الإمام والمأموم لأن الاقتداء يقتضى التبعية فى الصلاة والمكان من لوازم الصلاة فيقتضى التبعية فى المكان ضرورة وعند أختلاف المكان تنعدم التبعية فى المكان فتنعدم التبعية فى الصلاة لانعدام لازمها ولأن اختلاف المكان يوجب خفاء حال الإمام على المقتدى فتتعذر عليه المتابعة التى هى معنى الاقتداء حتى أنه لو كان بينهما طريق عام يمر فيه الناس او نهر عظيم لا يصح الاقتداء لأن
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 145 الطبعة السابقة.
ذلك يوجب اختلاف المكانين عرفا مع اختلافهما حقيقة فيمنع صحة الاقتداء وأصله ما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان بينه وبين الامام نهرا أو طريقا أو صفا من النساء فلا صلاة له ومقدار الطريق العام ذكر فى الفتاوى انه سئل أبو نصر محمد بن محمد بن سلام عن مقدار الطريق الذى يمنع صحة الاقتداء فقال مقدار ما تمر فيه العجلة أو تمر فيه الاوقار أى الأحمال وسئل أبو القاسم الصغار عنه فقال مقدار ما يمر فيه الجمل وأما النهر العظيم فما لا يمكن العبور عليه الا بعلاج كالقنطرة ونحوها وذكر الامام السرخسى ان المراد من الطريق ما تمر فيه العجلة وما وراء ذلك طريقة لا طريق والمراد بالنهر ما تجرى فيه السفن وما دون ذلك بمنزلة الجدول لا يمنع صحة الاقتداء فان كانت الصفوف متصلة على الطريق جاز الاقتداء لأن اتصال الصفوف أخرجه من أن يكون ممر الناس فلم يبق طريقا بل صار مصلى فى حق هذه الصلاة وكذلك ان كان على النهر جسر وعليه صف متصل لما قلنا ولو كان بينهما حائط ذكر فى الأصل أنه يجزئه وروى الحسن عن أبى حنيفة أنه لا يجزئه وهذا فى الحاصل على وجهين إن كان الحائط قصيرا ذليلا بحيث يتمكن كل أحد من الركوب عليه كحائط المقصورة لا يمنع الإقتداء لأن ذلك لا يمنع التبعية فى المكان ولا يوجب خفاء حال الإمام ولو كان بين الصفين حائط إن كان طويلا وعريضا ليس فيه ثقب يمنع الإقتداء وإن كان فيه ثقب لا يمنع مشاهدة حال الإمام لا يمنع بالاجماع وان كان كبيرا فإن كان عليه باب مفتوح أو خوخة فكذلك وإن لم يكن عليه شئ من ذلك ففيه روايتان وجه الرواية الأولى التى قال لا يصح أنه يشتبه عليه حال امامه فلا يمكنه المتابعة وجه الرواية الأخرى الوجود وهو ما ظهر من عمل الناس فى الصلاة بمكة فإن الإمام يقف فى مقام ابراهيم صلوات الله عليه وسلامه وبعض الناس يقفون وراء الكعبة من الجانب الأخر فبينهم وبين الإمام حائط الكعبة ولم يمنعهم أحد من ذلك فدل على الجواز ولو كان بينهما صف من النساء يمنع صحة الاقتداء لما روينا من الحديث ولأن الصف من النساء بمنزلة الحائط الكبير الذى ليس فيه فرجة وذا يمنع صحة الاقتداء كذا هذا ولو اقتدى بالامام فى اقصى المسجد والامام فى المحراب جاز لأن المسجد على تباعد أطرافه جعل فى الحكم كمكان واحد ولو وقف على سطح المسجد واقتدى بالامام فان كان وقوفه خلف الامام أو بحذائه أجزأه لما روى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أنه وقف على سطح واقتدى بالامام وهو فى جوفه ولأن سطح المسجد تبع للمسجد وحكم التبع حكم الاصل فكأنه فى جوف المسجد وهذا اذا كان لا يشتبه عليه حال امامه فان كان يشتبه لا يجوز وان كان وقوفه متقدما على الامام لا يجزئه لانعدام معنى التبعية كما لو كان فى جوف المسجد وكذلك لو كان على سطح بجنب المسجد متصل به ليس بينهما طريق فاقتدى به صح اقتداؤه عندنا وقال الشافعى لا يصح لأنه ترك مكان الصلاة بالجماعة من غير ضرورة ولنا أن السطح اذا كان متصلا بسطح المسجد كان تبعا لسطح المسجد وتبع سطح المسجد فى حكم المسجد فكان اقتداؤه وهو عليه كاقتدائه وهو فى جوف المسجد اذا كان لا يشتبه عليه حال الامام ولو
اقتدى خارج المسجد بامام فى المسجد ان كانت الصفوف متصلة جاز والا فلا لأن ذلك الموضع بحكم اتصال الصفوف يلتحق بالمسجد هذا اذا كان الامام يصلى فى المسجد فاما اذا كان يصلى فى الصحراء فان كانت الفرجة
(1)
التى بين الامام والقوم قدر الصفين فصاعدا لا يجوز اقتداؤهم به لأن ذلك بمنزلة الطريق العام أو النهر العظيم فيوجب اختلاف المكان وذكر فى الفتاوى أنه سئل أبو نصر عن امام يصلى فى فلاة من الأرض كم مقدار ما بينهما حتى يمنع صحة الاقتداء قال اذا كان مقدار ما لا يمكن ان يصطف؟؟؟ فيه جازت صلاتهم فقيل له لو صلى فى مصلى العيد قال حكمه حكم المسجد ولو كان الامام يصلى على دكان والقوم اسفل منه أو على القلب جاز ويكره أما الجواز فلأن ذلك لا يقطع التبعية ولا يوجب خفاء حال الامام وأما الكراهة فلشبه اختلاف المكان وانفراد المقتدى خلف الامام عن الصف لا يمنع صحة الاقتداء عند عامة العلماء وقال أصحاب الحديث منهم أحمد بن حنبل يمنع. واحتجوا بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لا صلاة لمنفرد خلف الصف وعن وابصة أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى فى حجرة من الأرض فقال أعد صلاتك فانه لا صلاة لمنفرد خلف الصف - ولنا ما روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال اقامنى النبى صلى الله عليه وسلم واليتيم وراءه وأقام أمى ام سليم وراءنا جوز اقتداءها به عن انفرادها خلف الصفوف ودل الحديث على أن محاذاة المرأة مفسدة صلاة الرجل لانه أقامها خلفهما مع نهيه عن الانفراد خلف الصف فعلم انه انما فعل صيانة لصلاتهما وروى ان ابا بكر رضى الله تعالى عنه دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع فكبر وركع ودب حتى التحق بالصفوف فلما فرغ النبى صلى الله عليه وسلم من صلاته قال زادك الله حرصا ولا تعد أو قال لا تعد جوز اقتداءه به خلف الصف والدليل عليه أنه لو تبين أن من بجنبه كان محدثا تجوز صلاته بالاجماع وان كان هو منفردا خلف الصف حقيقة والحديث محمول على نفى الكمال والأمر بالاعادة شاذ ولو ثبت فيحتمل انه كان بينه وبين الامام ما يمنع الاقتداء وفى الحديث ما يدل عليه فانه قال فى حجرة من الأرض أى ناحية لكن الاولى عندنا أن يلتحق بالصف ان وجد فرجة ثم يكبر ويكره له الانفراد من غير ضرورة ولو انفرد ثم مشى ليلحق بالصف ذكر فى الفتاوى عن محمد بن سلمة أنه ان مشى فى صلاته مقدار صف واحد لا تفسد وان مشى أكثر من ذلك فسدت وكذلك المسبوق اذا قام الى قضاء ما سبق به فتقدم حتى لا يمر الناس بين يديه أنه ان مشى قدر صف لا تفسد صلاته وان كان أكثر من ذلك فسدت وهو اختيار الفقيه أبى الليث سواء كان فى المسجد أو فى الصحراء ومشى مقدار صف ووقف لا تفسد صلاته وقدر بعض اصحابنا بموضع سجوده وبعضهم بمقدار الصفين ان زاد على ذلك فسدت صلاته.
وجاء فى الفتاوى الهندية: أنه لا يجوز ان يأتم رجل من اهل السفينة بامام فى سفينة أخرى فان كانت السفينتان مقرونتين يجوز كذا فى الخلاصة وفى التوازل اذا كان بحال يقدر ان يثبت من أحداهما الى الأخرى من غير عنف فهما بمنزلة المقرونتين وتجوز صلاة الطائفتين
(1)
المرجع السابق.
كذا فى التتارخانية ومن اقتدى على الجد بامام فى السفينة او على العكس فانه ينظر ان كان بينهما طريق او طائفة من النهر لم يجز الاقتداء وان كان على العكس يجوز. واذا وقف على الاطلال يقتدى بالامام فى السفينة صح اقتداؤه الا ان يكون أمام الامام كذا فى المحيط، واذا استوثق السفينة وهو فى الصلاة استقبلها لانه عمل كثير كذا فى محيط السرخسى.
مذهب المالكية:
جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير: أن من شروط صحة اقتداء المأموم بامامه نية اقتدائه بالامام أول صلاته فلو أحرم منفردا ثم نوى الاقتداء بغيره بطلت لعدم نية الاقتداء اول الصلاة فمحط الشرطية قولنا أول صلاته ويتفرع عليه أن لا ينتقل منفرد لجماعة كما فعل ابن الحاجب قال الحطاب: هذا ظاهر من كلامهم عند التأمل فان النية لا بد وان تكون مقارنة الأول الفعل التى هى شرط فيه أو ركن. وقيل: لا تبطل صلاة من قصد أن يصلى فذا وأحرم منفردا ثم رأى اماما بين يديه يصلى فنوى الاقتداء به.
وحكى عن ابن حبيب فى امام كان يصلى بقوم فى السفر فرأى أمامه جماعة تصلى بامام فجهل وصلى بصلاتهم أنه قال: أجزأته صلاته لانه كان مأموما .. وأعاد من وراءه أبدا لانهم لا امام لهم .. قال: وقاله ابن القاسم ومن لقيت من أصحاب مالك وما نقله ابن حبيب، وعن ابن القاسم ومن لقيه من أصحاب مالك خلاف ما قاله عبد الوهاب ومثله فى سماع عيسى عن ابن القاسم ثم قال واذا قلنا بالمشهور من المذهب وانه لا بد من نية الاقتداء فقال الفقيه أبو عبد الله بن عبد السّلام عن شيوخ شيوخه يكفى فى ذلك ما يدل التزاما وهو انه لو قيل ما ينتظر بالتكبير أو بالركوع او الاحرام لقال انتظر الامام والذى قاله واضح وكلام المازرى نص أو كالنص فى ذلك لانه قال اذا قارنت الافعال يقصد لذلك وتعمد له فهذا معنى النية ولا بد من افتتاح بها لئلا يمضى جزء من الصلاة لم يقصد فيه المتابعة ولقد قال بعض الناس فى معارضة ذلك أن النية من باب القصد والارادة لا من باب الشعور والادراكات وهذا الذى قاله لا معارضة فيه بوجه لأن من جاء الى المسجد بقصد الصلاة وقعد فى المسجد ينتظر الامام لا يقال فيما فعل يشعر بمجيئه الى المسجد ولم يقصده أو شعر بانتظاره الامام ولم يرده بل قصد المسجد للائتمام وانتظر الامام بقصد وقام للصلاة وتهيأ للدخول للصلاة وبقى ينتظر الامام كل ذلك بارادة وقصد قال الدسوقى: هذا فى حق المأموم بخلاف الامام فليست نية الامام شرطا فى امامته ولا فى الاقتداء به ولو بجنازة اذ ليست الجماعة فيها شرط صحة بل كمال على التحقيق اى التحقيق ان الجماعة فيها مندوبة وقيل سنة وقال ابن رشد انها واجبة فان صلى عليها فرادى اعيدت ما لم تدفن والا فلا أعادة مراعاة للمقابل وعلى قول ابن رشد يجب نية الامام لكون الجماعة فيها شرط صحة الا فى صلاة جمعة فانه يشترط فيها نية الامامة لان الجماعة شرط صحة فيها فلو لم ينوها بطلت عليه وعليهم لانفراده الا اذا جمع بين الصلاتين ليلة المطر فقط لانه الذى يشترط فيه الجماعة فلابد فيه من نية الامامة فى
الصلاتين على المشهور وقيل فى الثانية فقط ولا بد فيه من نية الجمع ايضا وتكون عند الاولى فقط على الاصح ولا تبطل بتركها اذ هى واجب غير شرط بخلاف ترك نية الامامة فيهما فأنه يبطلهما وان تركها فى الثانية بطلت فقط.
وقال الحطاب
(1)
: يلزم الامام ان ينوى الامامة اذا جمع بين الصلاتين، وهذا فى الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر واما جمع عرفة أو جمع المسافر يجد به السير فيقدم أو جمع المريض يخاف أن يغلب على عقله فلا يشترط فيه ذلك لان هذه الصلوات تصح فيها الصلاة بدون جماعة. والا صلاة خوف أديت الصلاة فيه على الصفة الاتية من قسمهم طائفتين اذ لا يصح ذلك الا بجماعة فان لم ينوها بطلت عليه وعلى الطائفتين والا مستخلفا لأنه كان مأموما فلا بد من نية الامامة ليميز بين النيتين فان لم ينوها فصلاته صحيحة غايته أنه منفرد ما لم ينو أنه خليفة الامام مع كونه مأموما فتبطل صلاته لتلاعبه وأما الجماعة فان اقتدوا به بطلت فى الحالين والا فلا ولما كانت نية الامامة فى الأربع السابقة شرطا فى صحتها بحيث تنعدم بعدمه وكان فضل الجماعة كذلك ينعدم للامام بعدم نية الامامة عند الأكثر وان لم يكن شرطا فى صحة الصلاة صح تشبيهها بها وبهذا الاعتبار قال كفضل الجماعة فى الصلاة فانه لا يحصل عند الاكثر الا بنية الامامة ولو فى الاثناء فلو صلى منفردا ثم جاء من ائتم به ولم يشعر بذلك حصل الفضل لمأمومه لا له واختار اللخمى من عند نفسه فى هذا الفرع الاخير وهو قوله كفضل الجماعة خلاف قول الأكثر وان فضل الجماعة يحصل للأمام أيضا ورجح، والشرط الثانى
(2)
: من شروط الاقتداء المساواة بين الامام والمأموم فى عين الصلاة فلا تصح ظهر خلف عصر ولا عكسه فان لم تحصل المساواة بطلت وان كانت المخالفة بأداء وقضاء كظهر قضاء خلف ظهر بأداء واما صلاة ما لكى الظهر خلف شافعى فيها بعد دخول وقت العصر فصحيحه لانها فى الواقع أما اداء واما قضاء وقول المالكى أداء والشافعى قضاء انما هو بحسب ما ظهر له أو كانت المخالفة بظهرين مثلا من يومين مختلفين كظهر يوم السبت الماضى خلف ظهر الأحد فاستفيد من كلامه انه لا بد من الاتحاد فى يمين الصلاة وصفتها وزمنها فان لم تحصل مساواة بطلت الا نفلا خلف فرض كضحى خلف صبح بعد شمس وركعتين خلف سفرية او أربع خلف حضرية بناء على جواز النفل باربع فلو اقتدى متنفل بمفترض وترتب على الامام سهو فى الفرض اتباعه فى السجود كمسبوق لم يدرك موجبه ومقتد بمخالف كما لا يجوز اقتداء متيقن الفائته بشاك فيها لاحتمال براءة الشاك بالفعل وان وجب ظاهرا فيكون فرضا خلف نفل ولا ينتقل منفرد بصلاة لجماعة بالنية بحيث يصير مأموما لفوات محل نية الاقتداء وهو أول الصلاة فهذا من فوائد قوله وشرط الاقتداء نيته ولا ينتقل من جماعة للانفراد فان انتقل بطلت فيهما واما انتقال المنفرد لجماعة
(1)
التاج والاكليل لمخنصر خليل للمواق ج 1 ص 123 الطبعة المتقدمة.
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير مع تقريرات الشيخ عليش ج 1 ص 337، ص 339 ص 340 وص 341 الطبعة المتقدمة.
بحيث يصير اماما كان يقتدى بالمنفرد أحد فجائز وفى لزوم اتباع مريض اقتدى بمثله فصح المقتدى فقط فيلزمه اتباعه لكن من قيام وعدم لزومه بل يلزمه الانتقال عنه ويتمها فذا كمأموم طرأ لأمامه عذر قولان قيل يصح الاقتداء به وقيل لا ييصح وعلى الثانى لا يصح الاقتداء به لأنه كالمسبوق اذا قام لاكمال صلاته ويؤخذ منه أنه يحصل له فضل الجماعة وهو ظاهر ان كان فعل مع أمامه ركعة قبل صحته والا فلا فان اقتدى المريض بصحيح ثم صح المقتدى أو اقتدى المريض بمثله فصح الأمام أو اقتدى الصحيح. بمثله ثم مرض المأموم فتصح صلاته فى الصور الثلاث واما اذا اقتدى الصحيح بمثله فمرض الأمام فلا تصح صلاة المأموم الصحيح لان امامه عاجز عن ركن فيلزمه الانتقال ويتمها فذا، والشرط الثالث من شروط الاقتداء متابعة من المأموم لامامه فى احرام وسلام بأن يوقع كلا منهما بعد الامام فان سبقه ولو بحرف او ساواه فى البدء بطلت ولو ختم بعده فهذه ستة فان سبقه الامام ولو بحرف صحت ان ختم معه أو بعده لا قبله فتبطل فى سبع وتصح فى اثنين وسواء فعل ذلك عمدا أو سهوا فيهما الا من سلم سهوا قبل امامه فانه يسلم بعده ولا شئ عليه فان لم يسلم ثانيا بعده ولو سهوا. وطال أبطلت وقال الدسوقى لكن البطلان فى اربعة من السبعة باتفاق وهى ما اذا سبق الامام ولو بحرف وختم معه او قبله او بعده أو ساواه فى البدء والختم قبله واما اذا ساواه فى البدء وختم معه أو بعده فالبطلان فيهما على الراجح وهو قول ابن حبيب وأصبغ ومقابله لابن القاسم وابن عبد الحكم وكذلك اذا سبقه الامام فى البدء وختم قبل الامام فالبطلان فيها على المعتمد خلافا لاستظهار ابن عرفه الصحة فيها تبعا للبيان وحاصله أن الصور التسع المذكورة تجرى فى كل من الاحرام والسّلام عمدا او جهلا مطلقا وفى الساهى فيما يتعلق بالاحرام فيلغى احرامه معه او قبله سهوا واما ان سلم قبله سهوا فانه يسلم بعده ويحمل الامام السهو عنه فان لم يسلم بعده الا مع الطول بطلت والمساواة من المأموم لامامه فى الاحرام أو السّلام وأولى السبق وان يشك منهما أو من احدهما فى المأمومية والإمامية او الفذية مبطلة للصلاة ولو ختم بعده فاذا شك هل هو مأموم أو امام او فذ او فى مأمومية مع احدهما أو ساواه أو سبقه بطلت عليه وكذا لو شك كل منهما بطلت عليهما ان تساويا والا فعلى السابق ومفهوم قوله فى المأمومية انه اذا شك أحدهما فى الإمامية والفذية لا تبطل بسلامه قبل الآخر ما لم يتبين انه كان مأموما فى الواقع وكذا لو شك كل منهما فى الإمامية والفذية أو نوى كل منهما امامة الآخر صحت لكل منهما الا المساوفة أى المتابعة فورا فلا تبطل والافضل انه لا يحرم أو يسلم الا بعد سكوته كغيرهما أى غير الاحرام والسّلام من ركوع او سجود أو رفع منهما كعدم متابعته فى غيرهما فان السبق والمساواة لا يبطل لكن سبقه للامام عمدا ممنوع اى حرام والا يسبقه فى غيرهما بل ساواه كره فالمندوب أن يفعل بعده ويدركه فيه واما فعله بعد الفراغ من الركوع أو السجود فى غير الاولى فحرام كأن يسجد بعد رفعه وكذا استمراره ساجدا فى السجدة الاخيرة من الركعة الاخيرة حتى سلم وأمر
الرافع لرأسه من الركوع أو السجود قبل رفع امامه بعوده لما رفع منه ويرفع بعده ان علم المأموم ادراكه قبل رفعه والا لم يرجع لا ان خفض قبل امامه لركوع أو سجود فلا يؤمر بالعود بل يثبت كما هو حتى يأتيه الامام لأن الخفض ليس مقصودا لذاته بل للركوع أو السجود والمعتمد أنه يؤمر بالرجوع له كالرافع وهل العود سنة وهو لمالك أو واجب وهو للباجى ذكرهما خليل فى التوضيح ولم يرجح واحدا منهما ومحلهما ان اخذ فرضه مع الامام والا عاد وجوبا اتفاقا فان تركه عمدا بطلت وان تركه سهوا فكمن زوحم والموضوع أنه رفع أو خفض قبل ان يأخذ فرضه سهوا وأما لو رفع عمدا فتبطل بمجرد الرفع بخلاف من اخذ فرضه وجاز صلاة منفرد خلف صف ان تيسر عليه الدخول فيه والا كره ويحصل له فضل الجماعة مطلقا ثم قال ولا يجذب المنفرد خلف الصف احدا من الصف ولا يطيعه المجذوب وهو أى كل من الجذب والاطاعة خطأ منهما اى مكروه وعليه الدسوقى فى حاشيته على قوله ويحصل له أى لمن صلى خلف الصف وقوله مطلقا أى سواء صلى خلف الصف لتعسر الدخول عليه فيه أولا وأما فضيلة الصف فلا تحصل له الا اذا صلى خلفه لعدم فرجة فيه
(1)
.
وجاء فى التاج والأكليل
(2)
: أن الامام مالكا قال: من دخل المسجد وقد قامت الصفوف قام حيث شاء خلف الامام او عن يساره أو عن يمينه وتعجب مالك فيمن قام يمشى حتى يقف حذو الامام وان كانت طائفة عن يمين الامام أو حذوه فى الصف الثانى او الاول فلا بأس ان تقف طائفة عن يسار الامام فى الصف ولا تلصق بالطائفة التى عن يمينه قال ابن حبيب وهو كصف بنى عليه قال ابن عرفة تعقبه التونسى بأنه تقطيع وحمله ابن رشد على أنه بعد الوقوع ويكره ابتداء وكره مالك أن تقطع الصفوف ونهى عنه، وصلاة منفرده خلف صف ولا يجذب أحدا وهو خطأ منهما وجاء فى المدونة: قال مالك من صلى خلف الصفوف وحده أجزأه ولا بأس ان يصلى كذلك وهو الشأن ولا يجذب اليه احدا فان جذبه أحد ليقيمه معه فلا يتبعه وهذا خطأ من الذى يفعله .. ومن الذى جذبه قال ابن رشد من صلى وحده وترك فرجة بالصف أساء قال مالك فى رواية ابن وهب وبعيد أبدا والمشهور أنه أساء ولا اعادة عليه وجاز
(3)
اقتداء ذوى سفن بامام، ففى المدونة قال مالك السفن المتقاربة اذا كان الامام فى احدها وصلى الناس بصلاته أجزأتهم قال أبو اسحاق اذا سمعوا تكبيره ورأوا أفعاله وانظر ان فرقتهم الريح بعد دخولهم فى الصلاة قال ابن عبد الحكم عليهم ان يستخلفوا من يتم بهم قال: ابن يونس وهذا أصوب ثم قال مالك لا بأس بالنهر الصغير أو الطريق تكون بين الامام والمأموم، قال الحطاب
(4)
: علو المأموم على امامه جائز ولو كان المأموم فى سطح
(1)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 1 ص 337 الطبعة المتقدمة.
(2)
التاج والاكليل لمختصر خليل للمواق ج 2 ص 114 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق لمختصر خليل للمواق ج 2 ص 116، ص 117 الطبعة السابقة.
(4)
التاج والاكليل لمختصر خليل لأبى عبد الله بن يوسف مطبعة دار سعادات ج 2 ص 117، ص 118 الطبعة المتقدمة
والامام أسفل منه وهذا قول مالك الاول واختيار ابن القاسم ورجع مالك الى كراهة ذلك قال فى كتاب الصلاة الأول من المدونة وجائز أن يصلى فى غير الجمعة على ظهر المسجد بصلاة الامام والمأموم فى داخل المسجد ثم كرهه ابن القاسم قال عبد السّلام وتبعه خليل فى التوضيح وابن ناجى وغيرهم انما لم يكرهه ابن القاسم لحصول السماع للمأموم هناك غالبا وينبغى أن يكون خلافا فى حال وقال ابن بشير: اختلف قوله فى المدونة فى الامام يصلى فى المسجد ويصلى قوم فوق المسجد بصلاته فكرهه مرة وأجازه أخرى وعللت الكراهة بالبعد عن الامام أو تفرقه الصفوف وعدم التحقق لمشاهدة أفعال الامام وعلى هذا يكون الجواز اذا قرب أعلى المسجد من أسفله فيكون خلافا فى حال، ونقله ابن فرحون فقال لبعده عن الامام وقيل لكونه لا يشاهد أفعاله وقيل لتفريق الصفوف فعلى الأول لو كان السطح قريبا لم يكره وعلى الثانى ان شاهد افعال الامام أو المأمومين لم يكره وعلى الثالث يكره مطلقا، والظاهر التعليل بالبعد فلما رأى ابن القاسم ان هذا البعد يمكن معه مراعاة أفعال الامام بحصول السماع من غير تكلف أجازه واما عكس المسألة الاولى وهى أن يكون الامام على مكان اعلى من مكان المأموم فلا يجوز قاله الحطاب وابن غازى وغيرهما قال ابن بشير وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يصلى الامام على أنشز مما عليه أصحابه ومعنى انشز ارفع وذكر فى الطراز عن عمار بن ياسر رضى الله تعالى عنه أنه كان يصلى بالمدائن فأقيمت الصلاة فتقدم عمار وقام على دكان يصلى والناس أسفل منه فتقدم حذيفة وأخذ على يديه فتبعه عمار حين أنزله حذيفة فلما فرغ عمار رضى الله تعالى عنه من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا أم الرجل القوم فلا يقم فى مكان أرفع من مقامهم او نحو ذلك فقال عمار لذلك اتبعتك حين أخذت على يدى أخرجه ابو داود وقال ابن فرحون فى الشرح لأن الأمامة تقتضى الترفع فاذا انضاف الى ذلك علوه عليهم فى المكان دل على قصده الكبر واذا كان العلو
(1)
بقصد الكبر تبطل صلاتهم قال ابن رشد بعد ذكره الحديث المتقدم عنه وكأنه صلى الله عليه وسلم اشار بذلك الى ما أحدثه بعده بنو أمية من التكبر عن مساواة الناس وكانوا يتخذون موضعا مرتفعا عن محل من يقتدى بهم تكبرا وعبثا ولا خلاف فى المذهب أن القصد الى ذلك محرم وانه متى حصل بطلت الصلاة وكذلك قالوا لو صلى المقتدون على موضع مرتفع قصدا للتكبر عن المساواة فأن صلاة القاصد الى ذلك باطلة وان صلى الامام غير قاصد للتكبر فان كان الارتفاع يسيرا صحت الصلاة بلا خلاف وان كان الارتفاع كثيرا فللمتأخرين قولان صحة الصلاة وأخذ من قوله فى تعليل البطلان لان هؤلاء يعبثون وقيل بالبطلان لعموم النهى فى الحديث المتقدم وقال ابن فرحون قال ابن شاس ان من صلى على أرفع مما عليه أمامه أو أخفض من غير قصد الى التكبر صحت صلاته أن كان الارتفاع يسيرا كالشبر وعظم الذراع ونحوه
(1)
التاج والاكليل ج 2 ص 119 الطبعة المتقدمة.
فأن كان كثيرا فللمتأخرين فى بطلان صلاة المرتفع ثلاثة أقوال: البطلان ونفيه ومأخذهما النظر الى ظاهر العموم فى قوله عليه الصلاة والسلام لا يصلى الامام - الحديث: والتفرقة بينهما فيعتبر قصد التكبر فى المأموم وتبطل على الامام مطلقا من غير اعتبار قصد التكبر حسما للذريعة ولو قصد المرتفع منهما التكبر لعصى وبطلت صلاته وصلاة من خلفه ان كان هو الامام فعلم من ذلك بطلان صلاة من قصد الكبر اماما كان أو مأموما وانه ان كان اماما بطلت عليه وعليهم وقال فى التوضيح بعد ذكره لفظه التهذيب وظاهره أن الاعادة على الامام والمأموم وكذلك نقل التونسى وقيل لابى عمران هل يعيد الامام فقال ما هو بالقوى وقال ابن زرب فلا اعادة عليه لأنه لو ابتدأ الصلاة هناك وحده لم يكن عليه اعادة وما قاله ابن زرب غير ظاهر لأن من ابتدأها غير قاصد للكبر والكلام فيمن قصد الكبر وقال ابن غازى وأما ما ذكره فى المأموم فقد حكى عبد الحق فى التهذيب أن بعض شيوخه نحا الى أن المأمومين لو قصدوا الكبر بفعلهم لأعادوا لعبثهم وقد صرح ابن بشير وابن شاس بالبطلان ولم يحكيا فى ذلك خلافا اذا علمت الحكم فيما اذا قصد الكبر فاذا لم يقصد بالعلو الكبر فالمأموم متفق على عدم بطلان صلاته كما ذكره ابن غازى واما الامام ففيه القولان وقال ابو اسحاق انما تجب الاعادة على الامام والمأموم اذا فعل ذلك على وجه الكبر وأما لو ابتدأ لنفسه الصلاة على دكان فجاء رجل فصلى أسفل منه لجازت صلاتهما لأن الامام هنا لم يقصد الكبر وكذا اذا فعلوا ذلك للضيق وكذا حكى ابن يونس فى الضيق عن سحنون ويحيى بن عمر وأخذه فضل من قوله فى المدونة لانهم يعبثون، ولو افتتح
(1)
الامام الصلاة على موضع عال منفرد فجاء رجل فائتم به لم يكره لان الامام لم يقصد الى العبث والتكبر وصرح سند بأن ذلك ما لم تدع الضرورة الى ذلك فان دعت فلا بأس به ومحل الكراهة اذا لم تدع الى ذلك الضرورة فأما ان دعت الضرورة فلا بأس به روى على فى المجموعة عن مالك رحمه الله تعالى فى الامام يصلى فى السفينة وبعضهم فوقه وبعضهم تحته قال ان لم يجدوا بدا فذلك جائز وقال ابن عزم فى شرح الرسالة وان ضاق الموضع ودعت الضرورة الى صلاة الامام فى مرتفع ولا يسع زيادة عليه جاز، وقال فى الطراز لو كان الامام على شرف أو كدية ومن خلفه تحته فى وطاء وذلك قدر متقارب فقال ابن القاسم فى العتيبة لا بأس به لان كل هذا يعد أرضا واحدة ومكانا واحدا سيما اذا اتصلت الصفوف بخلاف السقف والارض فأنهما موضعان ومكانان مختلفان وهل يجوز الاقتداء ان كان الامام أعلى من المأمومين ومع الامام طائفة؟ ذكر ابن يونس أن بعض فقهائنا قال: اذا كان مع الامام قوم فلا شئ عليهم وصلاة الجميع تامة وذكر ابن بشير انه ان قصد المرتفعون مع الامام بذلك الارتفاع المتكبر بطلت صلاتهم وان لم يقصدوا ذلك ففى اعادة الصلاة قولان. وقال البرزلى
(2)
: بعد أن ذكر أن مذهب الجمهور جواز صلاة المسمع والاقتداء به وأنه جرى عليه العمل فى الامصار
(1)
التاج والاكليل لمختصر خليل للمواق ج 2 ص 120 نفس الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل لمختصر خليل للمواق ج 2 ص 121 الطبعة السابقة.
والعلماء متوافرون الى ان قالوا وبالجملة فما عليه السلف والخلف من جواز هذا الفعل حجة بالغة على من خالفهم ثم قال وكان يتقدم لنا: هل المسمع نائب ووكيل عن الامام أو هو علم على صلاته أو أن الاذن له نيابة بخلاف ما اذا لم يأذن له، وينبنى عليه تسميع الصبى والمرأة ومن على غير وضوء أو يكبر للاحرام ولا ينوى ذلك وان فى وجيز ابن غلاب على ما نقل أن حكمه حكم الامام فلا يجوز له التسميع حتى يستوفى شرائط الامامة وعلى من يقول انه علم ومخير فلا يحتاج الى ذلك وبالأول كان يفتى شيخنا ابو محمد الشبيبى رحمه الله تعالى ولم اراها منصوصة لغير من ذكر وقال ايضا وقد اختلف فى صلاة المسمع وذكر الستة اقوال المذكورة فى التوضيح وقول ابن عرفة وغيرهما ثم قال: وعلى القول بصحة الصلاة هل من شرطه أن يكون اهلا للامامة فلا يصح تسميع المرأة ولا الصبى ولا من على غير وضوء او فى غير صلاة كما يفعله بعض المؤذنين يسمع التكبير ثم ينشئ احراما؟ فالذى احفظه عن الوجيز لابن مخلد انه اشترط بعض هذه المذكورات فأبطل الصلاة بما ينافى الامامة ويجرى عليه بقية المسائل وبه كان يفتى بعض شيوخنا وأعرف لبعض متأخرى التونسيين فى الاخير منهما صحة الصلاة فنجرى البقية عليه وهذا هو الظاهر عندى لانه علم على معرفة افعال الامام خاصة لا انه نائب عنه ومن شرط اذن الامام جعله خليفة له فيجرى على حكم الامام وما قاله انه الظاهر عنده يظهر أنه صحيح والله أعلم، الا فيمن يسمع وهو على غير وضوء أو وهو فى غير صلاة فان الظاهر عدم صحة صلاة المقتدى به وذلك أن أهل المذهب قالوا مراتب الاقتداء أربعة اما رؤية
(1)
أفعال الأمام أو أفعال المأمومين أو سماع قوله أو سماع قولهم والاقتداء بمن على غير وضوء أو فى غير صلاة خارج عن الأربعة المذكورة وقد صرح فى المدخل ببطلان الصلاة فى الأخيرة لما ذكر فيحمل الآخر عليه ومنه أيضا اذا قال المسمع سلام عليكم بغير تعريف فان صلاة من سمعه تامة وفى صلاته هو قولان قال الحطاب: من جعله كالامام فى أحكامه فينبغى أن يجرى ذلك على مذهب من يرى بالارتباط وقال ايضا فى مسائل ابن قداح:
لا يجوز أن يسمع الصغير ومن اقتدى بتسميعه صحت صلاته وكذا لو سمع أحد بغير اذن الامام واحتيج اليه قال الحطاب: وفى كلامه هذا تدافع فى منعه تسميع الصغير ابتداء وصحته اذا وقع وكذا قوله فى البالغ اذا احتيج اليه والمشهور صحتها مطلقا هذا وقد ذكر فى المدخل فى فصل نية الامام والمؤذن انه اذا بطلت صلاة المسمع سرى البطلان الى صلاة من صلى بتبليغه قال البرزلى من سلم قبل المسمع وبعد سلام الامام صحت صلاته قال الحطاب ان سمع سلام الامام فهو الواجب ومن سلم حدسا فيتخرج على من سلم معتقدا عدم التمام ثم تبين التمام ثم قال فى الارشاد
(2)
ويحرم الامام بعد استواء الصفوف ويرفق بهم ويشركهم فى دعائه قال الشيخ زروق فى شرحه أما احرامه بعد استواء الصفوف فمستحب فان أحرم قبل
(1)
التاج والاكليل للمواق ج 2 ص 122 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل لمختصر خليل للمواق ج 2 ص 126، ص 172، ص 128 الطبعة المتقدمة.
ذلك ترك المستحب فقط واما رفقه بهم فلأمره صلى الله عليه وسلم بذلك ولانه كان يفعله وأمر صلى الله عليه وسلم أن يشركهم فى دعائه وروى ان لم يشركهم فيه فقد خانهم وقال الشيخ زروق من جهل الامام المبادرة للمحراب قبل تمام الاقامة والتعمق فى المحراب بعد دخوله والتنفل به بعد الصلاة وكذا الاقامة به لغير ضرورة ولا خلاف فى مشروعية الدعاء خلف الصلاة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمع الدعاء جوف الليل وأدبار الصلوات المكتوبات وخرج الحاكم على شرط مسلم من طريق حبيب بن مسلمة الفهرى رضى الله تعالى عنه لا يجتمع قوم مسلمون فيدعو بعضهم ويؤمن بعضهم الا استجاب الله تعالى دعاءهم وقد أنكر جماعة كون الدعاء بعدها على الهيئة المعهودة من تأمين المؤذن بوجه خاص وأجازه ابن عرفه والكلام فى ذلك واسع ورام ابن عرفة وأصحابه الرد عليه وحجتهم فى ذلك ضعيفة. وقال البرزلى فى مسائل الجامع، وسئل عز الدين عن المصافحة عقب صلاة الصبح والعصر أمستحبة هى أم لا، والدعاء عقيب السّلام مستحب للامام فى كل صلاة ام لا؟ وعلى الاستحباب فهل يلتفت ويستدبر القبلة أم يدعو مستقبلا لها، وهل يرفع صوته أو يخفض، وهل يرفع اليد ام لا فى غير المواطن التى ثبتت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه يرفع يده فيها؟ فأجاب: المصافحة عقيب صلاة الصبح والعصر من البدع الا لقادم يجتمع بمن يصافحه قبل الصلاة فان المصافحة مشروعة عند القدوم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى بعد السّلام بالاذكار المشروعة ويستغفر ثلاثا ثم ينصرف وقال البساطى فى المغنى: قال فى النوادر
(1)
عن ابن حبيب: اذا نزل بالناس نائبة فلا بأس ان يأمرهم الامام بالدعاء ورفع الأيدى. هذا والاختيار أن لا يحرم المأموم حتى يسكت الامام قاله الامام مالك رحمه الله تعالى ونقله ابن عرفه ثم قال اللخمى والمازرى عن ابن عبد الحكم اذا لم يسبقه امامه بحرف بطلت. ثم قال: قلت مفهوم قول ابن رشد: ان بدأ بعد بدئه التكبير صح وان أتم معه، وعموم مفهوم قول ابن عبد الحكم: ان لم يسبقه امامه بحرف وتأخر عنه فى التمام والأظهر بطلانها لأن المعتبر كل التكبير لا بعضه. وفى الجلاب: ان كبر المأموم فى أضعاف تكبير الامام لم يجزه قال البرزلى المنصوص عندنا ان سبق المأموم الامام بفعل الركن وعقده قبله فلا خلاف فى عدم الاجزاء وان كان يلحقه الامام قبل كماله فقولان المشهور الصحة وهى عندى تجرى على الخلاف فى الحركة الى الأركان هل هى واجبة لنفسها أو لغيرها فلا تجزئه على الاول لا الثانى وذكره ابن عرفة وابن العربى فى عارضته وظاهره سواء كان عمدا أو سهوا أو غفلة وهو كذلك اذ قال فى مختصر الواضحة فى كتاب الصلاة فى ترجمة صلاة المريض والكبير ما نصه وسئل مالك عن الأعمى يصلى خلف الامام فيركع قبل ركوع الامام ويسجد قبل سجوده ويسبح به فلا يفطن حتى اذا قضى صلاته أخبر بذلك قال يستأنف الصلاة وعن البرزلى أيضا فى
(1)
التاج والاكليل للمواق ج 2 ص 127، ص 128، ص 129 الطبعة السابقة.
لم تتنافذ أبوابها اليه أو لم يكن التنافذ على العادة فلا يعد الجامع بها مسجد واحد وان خالف فى ذلك البلقينى فيضر الشباك فلو وقف من ورائه بجدار المسجد ضر ووقع للأسنوى انه لا يضر والمنقول فى الرافعى أنه يضر، وعلو المسجد كسفله فهما مسجد واحد وكذا رحبته معه، والمساجد اللاصقة التى ينفذ أبواب بعضها الى بعض كالمسجد الواحد فى صحة الاقتداء وان بعدت المسافة واختلفت الأبنية وانفرد كل مسجد بأمام ومؤذن وجماعة نعم ان حال بينهما نهر قديم بأن حفر قبل حدوثها فلا تكون كمسجد واحد بل تكون كمسجد وغيره أما النهر الطارئ الذى حفر بعد حدوثها فلا يخرجها عن كونها كمسجد واحد وكالنهر فى ذلك الطريق ولو كان الامام والمأموم بفضاء أى فى مكان واسع كصحراء فشرط الاقتداء ألا يزيد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع تقريبا وقيل تحديدا ونسب الى أبى اسحاق المروزى وخالف فى ذلك الماوردى وقال انه غلط وان وقف صفان أو شخصان خلف الامام أو عن يمينه أو عن يساره اعتبرت المسافة المذكورة بين الأخير والأول من الشخصين أو الصفين لأن الاول فى هذه الحالة كامام الأخير وسواء فيما ذكر الفضاء المملوك والوقف والمبعض أى الذى بعضه ملك وبعضه وقف والموات الخالص والمبعض، وينتظم من ذلك ست مسائل ثلاثة فى الخالص وثلاثة فى المبعض بأن يأخذ كل واحد مشتركا مع ما بعده ولا بصر بين الشخصين أو الصفين الشارع المطروق والنهر المحوج الى سباحة على الصحيح لأن ذلك لا يعد حائلا فى العرف كما لو كانا فى سفينتين مكشوفتين فى البحر والقول الثانى ان ذلك يضر أما فى الشارع فقد تكثر فيه الزحمة فيعسر الاطلاع على أحوال الامام وأما النهر فقياسا على حيلولة الجدار ولا يضر جزما الشارع غير المطروق والنهر الذى يمكن العبور من أحد طرفيه الى الآخر من غير سباحة بالوثوب فوقه أو المشى فيه أو على جسر ممدود على حافيته فان كان الامام والمأموم فى بناءين كصحن وصفة أو بيت من مكان واحد كالمدرسة المشتملة على هذه الأمور أو مكانين كما دل عليه كلام الرافعى لكن مع مراعاة بقية الشروط من محاذاة الأسفل للأعلى يجزء منهما فطريقان أصحهما أنه ان كان بناء المأموم يمينا أو شمالا لبناء الامام وجب اتصال صف من أحد البناءين بالآخر كأن يقف واحد بطرف الصفة وآخر بالصحن متصلا به لأن اختلاف الأبينة يوجب الافتراق فاشترط الاتصال ليحصل الربط بالاجتماع والمراد ببناء المأموم موقفه عن يمين الامام أو يساره وان كان بناء المأموم خلف بناء الامام فوجهان. أحدهما منع القدوة لانتفاء الربط والصحيح صحة القدوة للحاجة بشرط الاتصال الممكن بين أهل الصفوف وهو الا يكون بين الصفين أو الشخصين أكثر من ثلاثة أذرع تقريبا لأن بهذا المقدار يحصل الاتصال العرفى بين الصفين أو الشخصين لامكان السجود والطريق الثانى لا يشترط الا القرب بألا يزيد ما بين الامام والمأموم على ثلاثمائة ذراع تقريبا سواء كان المأموم يمينا أم شمالا أو خلف بناء الامام كالفضاء ان لم يكن حائل يمنع الاستطراق او حال ما فيه باب نافذ فان حال ما يمنع المرور لا الرؤية كالشباك أو يمنع الرؤية لا المرور كالباب المردود فوجهان
ان يرفع فيثبت معه بحاله ولا يعود الى الركوع ولا الى السجود وهو محمول عند من أدركنا من الشيوخ على أنه مذهب مالك رحمه الله تعالى وقد رأيت له نحوه فى النوادر من رواية ابن القاسم وقد ورد فى الحديث اما يخشى الذى يرفع رأسه قبل الامام ان يحول الله رأسه رأس حمار قال الدميرى فى شرح سنن ابن ماجه قال الشيخ تقى الدين هذا التحويل يقتضى تغيير الصورة الظاهرة ويحتمل أنه يرجع الى امر معنوى على سبيل مجازى فأن الحمار موصوف بالبلادة ويستعار هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فرض الصلاة ومتابعة الامام قال وربما يرجع هذا المجاز بان التحويل فى الصورة الظاهرة لم يقع مع كثرة رفع المأمومين قبل الامام قال الدميرى وقيل المراد تحويل صورته يوم القيامة ليحشر على تلك الصورة، وروى صاحب التاج والاكليل:
عن ابن عرفه انه يستحب وقوف الرجل عن يمين امامه، واثنان خلفه والخنثى خلف الرجل مطلقا والانثى خلف الخنثى. وروى صاحب مواهب الجليل أن الجزولى قال: لو أقام الامام الصلاة مع رجل واحد ثم اتاه آخر فهل يتقدم الامام أم يتأخر الرجل؟ قال: رأينا بعض اهل الفضل صلى معه رجل ثم اتى رجل آخر فأخره عن يمينه. وقال الشبيبى فى شرح الرسالة فى مراتب المأموم مع الامام اذا كان امرأة أو نساء فيقفن وراءه الا أنه يكره له ان كان اجنبيا من النسوة ان يؤمهن للخلوة بهن وهو مع الواحدة أشد كراهة وقال ابن نافع عن مالك لا بأس أن يؤم الرجل النساء لا رجال معهن اذا كان صالحا قال ابن ناجى فى شرحه على الرسالة: والخنثى يكون بين صفوف الرجال والنساء، ثم قال الموافق
(1)
نقلا عن مختصر الطليطلى: لو أن رجلا جاء الى المنزل فوجد الامام راكعا وجب عليه ان يكبر تكبيرتين تكبيرة الاحرام وتكبيرة الركوع فان كبر واحدة، ونوى بها الاحرام فصلاته تامة وان نوى بها الركوع مضى مع الامام ثم يبتدئ الصلاة باقامة قال ابن رشد:
ولا يؤخر احرامه من دخل المسجد وان ادرك ما لم يعتد به. فان أحرم وركع وشك فى ادراك الركعة فقال مالك يقضى ركعة وتمت صلاته وقال ابن القاسم: يسلم مع الامام ويعيد الصلاة قال فى المدونة ومن أدراك بعض صلاة الامام فسلم الامام فان كان فى موضع جلوس له كمدرك ركعتين قام بتكبير ولفظ اللخمى ومن ادرك من صلاة الامام ركعتين كبر اذا استوى قائما ومفهوم قول خليل ان جلس فى ثانيته انه ان جلس فى غير الثانية اما فى الاولى أو الثالثة يقوم بلا تكبير وهو كذلك على المشهور وقال عبد الملك يكبر على كل حال قال الشيخ رزوق قال شيخنا ابو عبد الله الفورى وأنا أفتى به القوم لئلا يلتبس عليهم الامر ومثل مدرك التشهد مدرك السجود فقط قال فيه فى آخر رسم الصلاة الثانى من سماع أشهب يقوم بلا تكبير، ومن سبقه الامام بركعة وجلس معه فى غير محل المسبوق فانه يتشهد معه قاله أشهب فى أول رسم من سماعه من كتاب الصلاة ونصه وسئل عمن تفوته ركعة مع الامام فاذا صلى معه جلس الامام ليتشهد أيتشهد معه وهى له واحدة قال نعم يتشهد
(1)
التاج والاكليل للمواق ج 2 ص 127، ص 129، ص 130، ص 131. على مختصر خليل الشهير بالمواق الطبعة السابقة لابى عبد الله بن يوسف مطبعة السعادات بمصر الطبعة الاولى سنة 1328 هـ.
كان المأموم فى المسجد والامام خارجه اعتبرت المسافة من طرفه الذى يلى الامام، وان حال جدار لا باب فيه أو فيه باب مغلق منع الاقتداء لعدم الاتصال وكذا الباب المردود والشباك يمنع فى الاصح لحصول الحائل من وجه اذا الباب المردود مانع من المشاهدة والشباك مانع من الاستطراق والثانى لا يمنع لحصول الاتصال من وجه وهو الاستطراق فى الصورة الاولى والمشاهدة فى الثانية قال الأسنوى نعم قال البغوى فى فتاويه لو كان الباب مفتوحا وقت الاحرام فانغلق فى أثناء الصلاة لم يضر اما الباب المفتوح فيجوز اقتداء الواقف بحذائه والصف المتصل به وان خرجوا عن المحاذاة بخلاف العادة فى محاذاته فلا يصح اقتداؤه للحائل، والشرط الرابع من شروط الاقتداء هو نية الاقتداء من المأموم جاء فى مغنى المحتاج
(1)
: أن الشرط الرابع من شروط صحة الاقتداء أن ينوى المأموم مع التكبير للاحرام الاقتداء بالامام الحاضر لأن التبعية عمل فافتقرت الى نية اذ ليس للمرء الا ما نوى، ولا يكفى كما قال الاذرعى اطلاق نية الاقتداء من غير اضافة الى الامام واعتبر اقترانها بالتكبير كسائر ما يجب التعرض له من صفات صلاته وهذا فى غير من احرم منفردا ثم نوى متابعة الامام فانه جائز والجمعة كغيرها فى اشتراط النية المذكورة على الصحيح فيشترط مقارنتها للتكبير لتعلق صلاته بصلاة الامام فان لم ينو ذلك انعقدت صلاته منفردا الا فى الجمعة فلا تنعقد أصلا لاشتراط الجماعة فيها، والقول الثانى الذى يقابل الصحيح لا يشترط فيها ما ذكر لأنها لا تصح الا جماعة فكان التصريح بنية الجمعة مغنيا عن التصريح بنية الجماعة، فلو ترك هذه النية وتابعه فى جنس الأفعال أو تابعه وهو شاك فى النية المذكورة نظرت فان ركع معه أو سجد مثلا بعد انتظار كثير عرفا بطلت صلاته على الصحيح حتى لو عرض له الشك فى التشهد الأخير لم يجز ان يوقف سلامه على صلاته لأنه وقف صلاته على صلاة غيره من غير رابط بينهما والثانى يقول المراد بالمتابعة هنا أن يأتى بالفعل بعد الفعل لا لأجله أما اذا وقعت المتابعة اتفاقا لم يضر ومثله ما اذا ركع معه أو سجد بعد انتظار يسير عرفا فان ذلك لا يضر، ولا يؤثر شكه فيما ذكر بعد السّلام كما فى التحقيق وغيره، ويستثنى مما علم من أن الشك لا يبطل الصلاة بغير متابعة ما لو عرض فى الجمعة فيبطلها اذا طال زمنه لأن نية الجماعة فيها شرط، ولا يجب على
(2)
المأموم أن يعين الامام فى النية باسمه كزيد أو عمرو بل تكفى نية الاقتداء بالامام أو الحاضر أو نحو ذلك لأن مقصود الجماعة لا يختلف بالتعيين وعدمه بل قال الامام وغيره الأولى أن لا يعينه فى نيته لأنه ربما عينه فبان خلافه فتبطل صلاته فان عينه ولم يشر اليه وأخطأ كأن نوى الاقتداء بزيد فبان عمرا أو أعتقد أنه الامام فبان مأموما أو غير مصل بطلت صلاته أى لم تنعقد لربط صلاته بمن لم ينو الاقتداء به وقول الأسنوى بطلانها بمجرد الاقتداء غير مستقيم بل تصح صلاته منفردا لأنه لا امام له وتصح قدوة المؤدى بالقاضى والمفترض بالمنتقل وفى الظهر بالعصر وبالعكس أى تصح قدوة القاضى بالمؤدى والمتنفل بالمفترض وفى العصر بالظهر اذ لا يتغير نظم
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 251 نفس الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 251، ص 252 الطبعة السابقة
ذكره فى التوضيح عن ابن رشد وكذا ابن عرفه والشارح فى شروحه قال الشيخ زروق فى شرح الارشاد ولو تحقق أن ادراكه بعد رفع رأس امامه لم يعتد بتلك الركعة اتفاقا قالوا ولا يرفع رأسه بل يهوى لسجوده منه بعد امامه فان رفع فحكى الزهرى فى شرح قواعد عياض عن ابن القاسم الجزيرى صاحب الوثائق انه حكى البطلان وعزاه لمالك وسواء أتى بركعة بعد سلام الامام أو لم يأت بها واذا نسى المأموم تكبيرة الاحرام عند ركوعه ثم كبر للركوع ونوى عند الركوع بتكبيره للركوع العقد أى الاحرام أجزأه صرح به فى المدونة فان كان أوقع التكبيرة فى حال القيام فلا اشكال فى اجزائها وصحت الصلاة وان كبر فى حال الانحطاط فاختلف فى اجزائها وقيل يجزئه قال ابن ناجى وعلى ذلك حمل المدونة كثير من الشيوخ كالباجى وقال ابن المواز لا يجزئه حتى يكبر قائما وهو تأويل عبد الحق وابن يونس وابن رشد. قال فى التوضيح عن ابن عطاء الله وأما ان لم يكبر الا وهو راكع ولم يحصل شئ من التكبير فى حال القيام فلا اشكال فى أنه لا يعتد بهذه الركعة
(1)
وظاهره أن الخلاف فى انعقاد الصلاة بذلك التكبير الذى فى حال الركوع باق وانما نفى الاعتداد بالركعة نفسها وهو ظاهر واذا نسى تكبيرة الاحرام أيضا ونوى بتكبيرة الركوع والاحرام معا فيجزئه ذلك ايضا ذكره فى التوضيح عن صاحب النكت وجعله صاحب الطراز هو معنى لفظ المدونة. فاذا نسى تكبيرة الاحرام ثم كبر عند ركوعه ولم ينو بها الركوع والاحرام فنص ابن رشد على أنها تجزئه ونقله فى التوضيح أبو الحسن ولم يذكر فيه خلافا قال الوانوغى وهو خلاف ظاهرا لمدونة وقال ابن ناجى وهو كما ذكر ابن رشد جار على جواز تقديم النية بالزمن اليسبر وفيه الخلاف هذا وقد جاء فى المدونة انه ذكر بعد ما نوى أنه نسى تكبيرة الاحرام فان كبر للركوع ونوى بها تكبيرة الاحرام أجزاه فعلم منه أن فرض المسألة فيمن دخل مع الامام من أول الصلاة ظن انه أحرم معه لا فى المسبوق نعم يؤخذ منه حكم المسبوق من باب أحرى وقال فى المقدمات فان شك فيها أى فى تكبيرة الاحرام وهو وحده أو امام فقيل أنه يتمادى حتى يتم ويعيد فان كان اماما سأل القوم فان أيقنوا باحرامه صحت صلاتهم وان لم يوقنوا أعادوا الصلاة وقيل انه بمنزلة من أيقن يقطع متى علم وقيل أنه ان كان قبل أن يركع قطع وان كان قد ركع تمادى وأعاد الا ان يكون اماما فيوقن القوم أنه قد أحرم وفى رجوعه الى يقين القوم باحرامه واجتزائه بذلك دليل على اجازة تقديم النية على الاحرام قال الحطاب وان نسى تكبيرة الاحرام وكبر بنية الركوع فقط ولم ينو الاحرام ناسيا له فانه يتمادى المأموم مع امامه ويكمل صلاته مراعاة لمن يقول بصحة صلاته وانما ينعقد بذلك فلا يبطلها وفى هذا القسم حالات أن ذكر ذلك بعد رفعه من الركوع فالمذهب أنه ينمادى وقيل يقطع فان ذكر ذلك فى الركوع وعلم انه لو رفع وأحرم لم يدرك الامام ففى ذلك ثلاثة أقوال أشهرها
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 133
مذهب المدونة يتمادى ويعيد والثانى: يبتدئ والثالث هو بالخيار وان علم أنه لو رفع وأحرم أدرك الامام قبل رفعه ففى ذلك قولان فى الموازية والعتبية ويحرم وراءه خفيفا وأقطع للشك مع أنه الا يفوته شئ وقيل لا يقطع وهو الذى يؤخذ من المدونة. وهذه الأحوال حيث كبر للركوع فاما ان لم يكن كبر للركوع فانه يقوم ويكبر للاحرام قاله فى النوادر. وهل من شرط تماديه على مذهب المدونة أن يكون قد كبر فى حال القيام أم لا قولان هل بتمادى وجوبا وهو ظاهر المذهب وهو الذى يفهم من كلام خليل أو استحبابا وهو الذى فى الجلاب قاله أيضا فى التوضيح
(1)
ولو فاته ما ذكر فى غير الركعة الأولى قال فى المقدمات فحكمها كالأولى ان لم ينو الاحرام تمادى وأعاد بعد قضاء ما فاته وان نوى به الاحرام اجزأته صلاته وقضى الركعة بعد سلام الامام كذا روى على ابن زياد عن مالك وقال ابن حبيب بل يقطع ويبتدئ على كل حال ولا وجه له وظاهر كلامه لا فرق فى ذلك بين الجمعة وغيرها قال ابن ناجى وهو ظاهر المدونة ورواه ابن القاسم وقال مالك وابن حبيب فى الجمعة يقطع بسلام ثم يحرم لحرمة الجمعة بخلاف غيرها ذكر القولين ابن يونس ونقله عنه فى التوضيح. وقال فى المقدمات لو دخل مع الامام فى الاولى ونسى الاحرام وتكبير الركوع فى الأولى وكبر للركوع فى الثانية ولم ينو بها الاحرام فقال مالك يقطع والفرق عنده بين هذه والأولى أن مسألة المدونة تباعد ما بين النية وتكبيرة الاحرام وحيث أمر بالقطع فهل بسلام أم لا قولان حكاهما فى المقدمات وخصهما بما اذا ذكر بعد ركغة قال وان ذكر قبل ركعة قطع بغير سلام وذكر أن المنفرد فى ذلك كالمأموم ولقد اختلف المتأخرون فى نقل المذهب فى تكبير السجود هل هو كتكبير الركوع فاذا كبر للسجود ونوى بها الاحرام اجزأه وان نوى بها السجود دون الاحرام لم يجزه ويتمادى أو ليس كذلك بل ان نوى الاحرام اجزأه وان لم ينو لم يجزه ويقطع قال فى المقدمات وان لم يكبر للركوع وكبر للسجود قطع ما لم بركع الثانية كبر لها أو لم يكبر قاله فى كتاب ابن المواز فان ركع تمادى وأعاد بعض قضاء ركعة وان نوى بتكبيرة السجود والاحرام اجزأه وقضى ركعة بعد سلام الامام وقال سند لو لم يكبر فى الأولى للافتتاح ولا للركوع لم يجزه تكبيره للسجود ولا بعرف فى المذهب فيه خلاف الا ما يذكر من سماع ابن وهب وقال ابن عرفة بعد ذكر حكم تكبير الركوع قال الشيخ وفى كون تكبير السجود مثله ولغوه رواية محمد وأما اذا نوى بتكير السجود الاحرام ووافقه فى حال القيام فهذا يجزيه كما تقدم فى كلام ابن رشد وذكره فى الجلاب وما ذكره الحطاب عن ابن عبد السّلام من عدم الاجزاء ليس فى كلامه ما بدل عليه وقد صرح ابن الجلاب واللخمى بأنه اذا كبر للسجود والاحرام أنها تجزئه. قال الحطاب
(2)
: وان لم يكبر المأموم للاحرام حتى ركع امام ركعة وركعها معه ابتدأ التكبير وكان الان داخلا فى الصلاة
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 134 الطبعة السابقة.
(2)
التاج والاكليل لمختصر خليل للمواق ج 2 ص 135 طبع مطبعة السعادة بمصر الطبعة الأولى سنة 1328 هـ.
ويقضى ركعة بعد الامام قاله فى المدونة وقال فى التوضيح اذا لم يكبر للاحرام ولا للركوع ابتدأ حيثما ذكر لا نعلم فيه خلافا الا ما حكى عن مالك أن الامام يحمل عن المأموم تكبيرة الاحرام وهى رواية شاذة وجاء فى حاشية الدسوقى
(1)
أنه يندب للامام فى صلاة العيد ان يفتتح قبل القراءة بسبع تكبيرات بالاحرام أى بعدها منه فاذا اقتدى مالكى بشافعى فلا يكبر معه الثامنه ثم يفتح فى الركعة الثانية قبل القراءة بخمس غير تكبيرة القيام ولو اقتدى بحنفى يؤخر التكبير عن القراءة فلا يؤخر تبعا له خلافا للحطاب على ما سياتى: وكل واحدة من هذا التكبير سنة مؤكدة يسجد الامام او المنفرد لتركها سهوا أو يكون مواليا أى لا يفصل بين أحاده الا بتكبير المؤتم فيفصل الامام بلا قول حال فصله لتكبير المؤتم من تهليل او تحميد او تكبير أى يكره أو خلاف الأولى وتحراه مؤتم لم يستمع تكبير من امام ولا من مأموم وكبر ناسيه حيث تذكر فى أثناء القراءة أو بعدها واعاد القراءة ان لم يركع وسجد بعده أى بعد السّلام لزيادة القراءة التى أعادها فاستغنى بقوله وسجد بعده عن قوله وأعاد القراءة اذ لا سبب له سواها والا بأن ركع أى انحنى تمادى لفوات التدارك ولا يرجع للتكبير فان رجع له فاستظهر البطلان وسجد غير المؤتم وهو الامام والفذ قبله لنقص التكبير وأما المؤتم اذا تذكره وهو راكع فلا سجود عليه لأن الامام يحمله عنه ومدرك القراءة مع الامام يكبر وأولى مدرك بعض التكبير فيتابعه فيما أدركه منه ثم يأتى بما فاته ولا يكبر ما فاته فى خلال تكبير الامام واذا كان مدرك القراءة يكبر فمدرك قراءة الركعة الثانية يكبر خمسا غير الاحرام ثم فى ركعة القضاء يكبر سبعا بالقيام قاله ابن القاسم واستشكل بأن مدرك ركعة لا يقوم بتكبير وأجيب بأنه مبنى على القول بأنه يقوم بالتكبير وان فاتت الصلاة
(2)
بأن أدرك دون ركعة قضى الاولى بست وهل بغير القيام ظاهره انه يكبر للقيام قطعا والخلاف فى كونها تعد من الست وليس كذلك فلو قال وهل يكبر للقيام تأويلان لوافق النقل ووجه من قال أنه لا يكبر له مع ان مدرك دون ركعة يقوم بتكبير أن تكبيره للعيد بعد قيامه قام مقام تكبيرة القيام فلم يخل انتهاء قيامه من تكبير وقال الحطاب: لو كان الامام يرى ان التكبير فى صلاة العيد دون السبع فى الاولى ودون الخمس فى الثانية هل يتبعه المأموم أو يكمل التكبير لم أر فيه نصا صريحا وقال فى مختصر الواضحة لو جهل امام او سها أو حصر فلم يكبر السبع والخمس لوجب على الناس أن يكبروا وهذا يقتضى أن المأموم يكمل التكبير وقال ابن رشد فى رسم العرية من سماع عيسى لما ذكر مسألة المسبوق بالتكبير هل يكبر السبع أو واحدة وذكر القولين فى ذلك والمشهور انه يكبر السبع ووجهه بأن الامام لا يحمل التكبير ويعنى أن المأموم اذا كبر الامام كبر هو أيضا ولا ينصت كما فى
(1)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه وتقريرات الشيخ محمد عليش ج 1 ص 397 طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية طبع عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 1 ص 398 الطبعة السابقة.
(3)
التاج والاكليل لمختصر خليل للمواق ج 2 ص 191 الطبعة المتقدمة.
القراءة ورأيت فى تهذيب الطالب ما نصه قال ابن حبيب يقف فى تكبير صلاة العيد هنيهة قدر ما يكبر للناس وليس بين التكبيرتين دعاء قال بعض شيوخنا واما تكبير أيام التشريق فما استحسن فيه شئ من التربص وكأنه رأى أنه ليس مثل العيدين ولأنه فى العيدين من تابع التكبير خلط على القوم وأما تكبير التشريق فكل يكبر لنفسه وليس يعتبر فيه للامام ألا ترى أنه لو ترك الامام لكبر القوم وأما تكبير العيد فلا يكبروا الا بتكبيره لأنهم فى حال الصلاة معه لا يخالفونه وظاهر هذا يقتضى أن الامام اذا ترك بعض التكبير لا يكبر المأموم فتأمله ويحتمل أن يريد أنهم لا يسبقونه بالتكبير بل يتبعونه وهو الظاهر فلو كان الامام يرى التكبير فى الثانية بعد الركوع كالحنفية فالظاهر أن المأموم يؤخر التكبير تبعا للامام كما اذا أخر القنوت أو السجود القبلى ولو كان الامام يؤخر تكبير الثانية وينقص منه وقلنا انه يتبعه فى التكبير وكان ينقص منه فهل يتبعه فى النقص أيضا الأمر فيه محتمل.
مذهب الشافعية:
جاء فى مغنى المحتاج: أن للاقتداء سبعة شروط الشرط الأول منها ألا يتقدم المأموم على امامه فى الموقف ولا فى مكان القعود أو الاضطجاع لأن المقتدين بالنبى صلى الله عليه وسلم وبالخلفاء الراشدين رضى الله تعالى عنهم لم ينقل عن أحد منهم ذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم جعل الامام ليؤتم به والائتمام الاتباع والمتقدم غير تابع فان تقدم المأموم على الامام فى أثناء صلاته بطلت فى الجديد الاظهر أو عند التحريم لم تنعقد كالتقدم بتكبيرة الاحرام قياسا للمكان على الزمان ولان المخالفة فى الافعال مبطلة
(1)
.
وهذه المخالفة افحش، والقديم: لا تبطل مع الكراهة كما لو وقف خلف الصف وحده، نعم يستثنى من ذلك صلاة شدة الخوف فان الجماعة فيها أفضل وان تقدم بعضهم على بعض وعلى الجديد لو شك هل هو متقدم أو متأخر كأن كان فى ظلمة صحت صلاته مطلقا لأن الاصل عدم المفسد كما نقله المصنف فى فتاويه عن النص وصححه فى التحقيق وقال القاضى حسين، ان جاء من خلفه صحت صلاته وان جاء من امامه لم تصح عملا بالأصل فيهما والاول هو المعتمد الذى قطع به المحققون، وان قال ابن الرفعة أن الثانى أوجه ولا تضر مساواته لامامه لعدم المخالفة لكن مع الكراهة كما فى المجموع والتحقيق وان استبعده السبكى ويندب تخلف المأموم عن الامام قليلا اذا كانا ذكرين غير عاريين بصيرين أو كان الامام عاريا والمأموم بصيرا ولا ظلمة تمنع النظر استعمالا للادب والاعتبار فى التقدم وغيره للقائم بالعقب وهو مؤخر القدم لا الكعب فلو تساويا فى العقب وتقدمت اصابع المأموم لم يضر نعم ان كان اعتماده على رءوس الاصابع ضر كما بحثه الاسنوى ولو تقدمت عقبه وتأخرت اصابعه ضر لان تقدم
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للعلامة الامام الشيخ محمد الشربينى الخطيب وبهامشه متن المنهاج لأبى زكريا يحيى ابن شرف النووى ج 1 ص 244، ص 245 طبع المطبعة الميمنية بمصر سنة 1308 هـ.
يستلزم تقدم المنكب والمراد ما يعتمد عليها فلو اعتمد على احدى رجليه وقدم الاخرى على رجل الامام لم يضر ولو قدم احدى رجلين واعتمد عليهما لم يضر كما فى فتاوى البغوى والاعتبار للقاعد بالالية كما افتى به البغوى أى ولو فى التشهد أما فى حال السجود فيظهر أن يكون المعتبر رؤوس الأصابع ويشمل ذلك الراكب وهو الظاهر
وما قيل من أن الاقرب فيه الاعتبار بما اعتبروا به فى المسابقة بعيد اذ لا يلزم من تقدم احدى الدابتين على الأخرى تقدم راكبها على راكب الاخرى وفى المضطجع بالجنب وفى المستلقى بالرأس وهو احد وجهين يظهر اعتماده وفى المصلوب بالكتف وفى المقطوعة رجله ما اعتمد عليه وقال بعض المتأخرين الاعتبار بالكتف والجماعة يستديرون فى المسجد الحرام حول الكعبة ندبا لاستقبال الجميع ضاق المسجد أم لا خلافا للزركشى لكن الصفوف أفضل من الاستدارة ويندب أن يقف الامام خلف المقام ولو وقف صف طويل فى آخر المسجد بلا استدارة حول الكعبة جاز على ما جزم به الشيخان وان كانوا بحيث يخرج بعضهم عن سمتها لو قربوا خلافا للزركشى ولا يضر كونه أى المأموم أقرب الى الكعبة فى غير جهة الامام منه اليها فى جهته فى الأصح لأن رعاية القرب والبعد فى غير جهة الامام مما يشق بخلاف جهته ولا يظهر به مخالفة منكرة فلو توجه الامام الركن الذى فيه الحجر مثلا فجهته مجموع جهتى جانبيه فلا يتقدم عليه المأموم المتوجه له ولا لاحدى جهته وكذا لا يضر لو وقفا أى الامام والمأموم فى الكعبة أى داخلها واختلفت جهتاهما بأن كان وجهه الى وجهه أو ظهره الى ظهره أو ظهره الى جنبه أو وجهه الى جنبه قياسا لداخل الكعبة على خارجها ولا يضر كون المأموم أقرب الى الجدار الذى توجه اليه من الامام الى ما توجه اليه أما اذا اتحدت الجهة بأن يكون ظهر المأموم الى وجه الامام فلا تصح فى الأصح ولو وقف الامام فيها والمأموم خارجها لم يضر أيضا وله التوجه الى أى جهة شاء ولو وقف المأموم فيها والامام خارجها لم يضر أيضا لكن لا يتوجه الى الجهة التى توجه اليها الامام لتقدمه حينئذ عليه.
ويقف المأموم الذكر ندبا ولو صبيا اذا لم يحضر غيره عن يمين الامام لما فى الصحيحين أن ابن عباس رضى الله تعالى عنه قال بت عند خالتى ميمونة فقام النبى صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل فقمت عن يساره فأخذ برأسى فأقامنى عن يمينه فان وقف عن يساره أو وقف خلفه سن له أن يندار مع اجتناب الافعال الكثيرة فان لم يفعل قال فى المجموع سن للامام تحويله فان حضر ذكر اخر أحرم ندبا عن يساره ثم بعد احرامه وامكن كل من التقدم والتأخر يتقدم الامام أو يتأخران حالة القيام او الركوع وتأخرهما افضل من تقدم الامام لخبر مسلم عن جابر رضى الله تعالى عنه قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت عن يمينه تم جاء جابن بن صخر فقام عن يساره فأخذ بأيدينا جميعا حتى اقامنا خلفه ولان الامام متبوع فلا ينتقل من مكانه فان لم يمكن الا التقدم أو التأخر لضيق مكان مثلا من أحد الجانبين
فعل الممكن منهما وخرج بحالة القيام أو الركوع غيرهما فلا يتأتى التقدم أو التأخر فيه الا بادخال كثير وغالبا نعلم انه لا يندب للعاجزين عن القيام وانه لا يندب الا بعد احرام الثانى ولو لم يسع الجانى الثانى الموقف الذى عن يساره احرم خلفه ثم يتأخر اليه الأول، ولو حضر مع الامام ابتداء رجلان أو صبيان او رجل وصبى قاما صفا خلف الامام بحيث لا يزيد ما بينه وبينهما على ثلاثة اذرع اما الرجلان فلحديث جابر السابق واما الرجل والصبى فلما فى الصحيحين عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى بيت أم سليم فقمت انا ويتيم خلفه وأم سليم خلفنا فلو وقفا عن يمينه أو عن يساره أو احدهما عن يمينه والاخر عن بساره أو احدهما خلفه والاخر بجنبه أو خلف الاول كره كما فى المجموع عن الشافعى والنسوة يقمن خلفه لحديث انس السابق.
فان حضر ذكر وامرأة وقف الذكر عن يمينه والمرأة خلف الذكر أو امرأة وذكر ان وقفا خلفه وهى خلفهما أو ذكر وامرأة وخثى وقف الذكر عن يمينه والخنثى خلفهما لاحتمال انوثته والمرأة خلفه لاحتمال ذكورته
ويقف الرجال خلف الامام لفضلهم ثم الصبيان لانهم من جنس الرجال ثم الخناثى ثم النساء
(1)
.
لتحقق انوثتهم والاصل فى ذلك خبر ليلينى منكم أو لو الاحلام والنهى ثم الذين يلوثهم ثلاثا رواه مسلم قوله ليلينى بياء مفتوحه بعد اللام وتشديد النون وبحذف الياء وتخفيف النون روايتان وأولو أى أصحاب الاحلام جمع حلم بالكسر وهو التأنى فى الأمر والنهى جمع نهية بالضم وهى العقل قاله فى المجموع وغيره وفى شرح مسلم النهى العقول وأولو الاحلام العقلاء وقيل البلغين فعلى القول الأول يكون اللفظان بمعنى ولاختلاف اللفظ عطف احدهما على الآخر تأكيدا وعلى الثانى معناه البالغون العقلاء ومحل ما ذكر ما اذا حضر الجميع دفعة واحدة فلو سبق الصبيان بالحضور ولم يؤخروا للرجال اللاحقين كما لو سبقوا الى الصف الأول فانهم أحق به على الصحيح نقله فى الكفاية عن القاضى حسين وغيره وأقره لانهم من جنسهم بخلاف الخناثى والنساء وانما يؤخر الصبيان عن الرجال كما قال الأذرعى اذا لم يسعهم صف الرجال والأكمل بهم وقيل ان كان الصبيان أفضل من الرجال كأن كانوا فسقة والصبيان صلحاء قدموا عليهم قاله الدرامى وتقف امامتهن ندبا وسطهن لثبوت ذلك من فعل عائشة وام سلمة رضى الله تعالى عنهما رواه البيهقى باسناد صحيح اما اذا أمهن غير المرأة من رجل أو خنثى فانه يتقدم عليهن ومثل المرأة فى ذلك عار أم بصراء فى ضوء فلو كانوا عراة فان كانوا عميا أو فى ظلمة أو فى ضوء لكن امامهم مكتسى استحب أن يتقدم امامهم كغيرهم بناء على استحباب الجماعة لهم وان كانوا بصراء بحيث يتأتى نظر بعضهم بعضا فالجماعة فى حقهم وانفرادهم سواء فان صلوا جماعة فى هذه الحالة وقف الامام وسطهم قال
(1)
مغنى المحتاج ج 1 ص 247 وما بعدها المطبعة السابقة.
ابن الرفعة عن الامام والمتولى هذا اذا أمكن وقوفهم صفا والا وقفوا صفوفا مع غض البصر وبهذا جزم المصنف فى مجموعه فى باب ستر العورة واذا اجتمع الرجال مع النساء والجميع عراة لا يصلين معهم لا فى صف ولا فى صفين بل يتنحين ويجلسن خلفهم ويستدبرن القبلة حتى تصلى الرجال وكذا عكسه فان أمكن ان يتوارى كل طائفة بمكان آخر حتى تصلى الطائفة الأخرى فهو أفضل ذكره فى المجموع وأفضل صفوف الرجال ولو مع غيرهم والخناثى الخلص والنساء كذلك أولها وهو الذى يلى الامام وان تخلله منبر أو نحوه ثم الأقرب فالاقرب اليه وأفضلها للنساء مع الرجال أو الخناثى وللخناثى مع الرجال آخرها لأن ذلك أليق وأستر نعم الصلاة على الجنازة صفوفها كلها فى الفضيلة سواء اذا اتحد الجنس لأن تعدد الصفوف فيها مطلوب والسنة ان يوسطوا الامام ويكتنفوه من جانبيه وجهة يمينه أفضل ويسن سد فرج الصفوف وان لا يشرع فى صف حتى يتم الأول وان يفسح لمن يريده وهذا كله مستحب لا شرط فلو خالفوا صحت صلاتهم مع الكراهة. ويكره وقوف المأموم فردا عند اتحاد الجنس بل يدخل الصف ان وجد سعة وان لم يجد سعة فليجر ندبا فى القيام شخصا واحدا من الصف ليقف بجواره خروجا من خلاف من قال من العلماء لا تصح صلاته منفردا خلف الصف وليساعده المجرور ندبا بالموافقة لينال فضل المعاونة على البر والتقوى الشرط الثانى من شروط صحة الاقتداء
(1)
: انه يشترط علم المأموم بانتقالات الامام ليتمكن من متابعته بأن يراه المأموم أو يرى بعض صف أو يسمه أو يسمع مبلغا وان لم يكن مصليا وان كان كلام الشيخ أبى محمد فى الفروق يقتضى اشتراط كونه مصليا ويشترط ان يكون ثقة كما صرح به ابن الاستاذ فى شرح الوسيط والشيخ ابو محمد فى الفروق وان ذكر فى المجموع فى باب الأذان ان الجمهور قالوا يقبل خبر الصبى فيما طريقه المشاهدة أو بأن يهديه ثقة اذا كان أعمى أو أصم أو بصيرا فى ظلمه أو نحوها. والشرط الثالث
(2)
من شروط الاقتداء ان يكون الاقتداء بحيث يعد مجتمعين ليظهر الشعار والتوادد والتعاضد اذ لو اكتفى بالعلم بالانتقالات فقط كما قاله عطاء لبطل السعى المأمور به والدعاء الى الجماعة وكان كل احد يصلى فى سوقه أو بيته بصلاة الامام فى المسجد اذا علم بانتقالاته ولاجتماعهما أربعة احوال لأنهما اما أن يكونا بمسجد أو بغيره فى قضاء أو بناء أو يكون أحدهما بمسجد والآخر بغيره وبيان ذلك أنه اذا جمعهما مسجد صح الاقتداء وان بعدت المسافة بينهما فيه وحالت أبنية كبئر وسطح ومنارة تنفذ أبوابها وان أغلقت فلابد ان يكون لسطح المسجد باب من المسجد لانه كله مبنى للصلاة فالمجتمعون فيه مجتمعون لاقامة الجماعة مؤدون لشعارها ولا بد أن يكون التنافذ على العادة كما قاله بعض المتأخرين واعلم ان التسمير للأبواب بخرجها عن الاجتماع فان
(1)
المرجع السابق للشيخ محمد الشربينى الخطيب وبهامشه متن المنهاج لأبى زكريا يحيى ابن شرف النووى ج 1 ص 247 الطبعة السابقة
(2)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 247، ص 248 الطبعة المتقدمة
مسائل الصلاة مسألة من ظن أن امامه ركع فركع ثم ركع امامه فمن اعاد ركوعه مع الامام أو بقى راكعا حتى لحقه الامام فصلاته صحيحة وان رفع رأسه قبل ركوعه ولم يعد فلابد من اعادة الصلاة قال الحطاب لأنه عقد ركنا فى نفس صلاة الامام قبله انتهى. وقال الشيخ زروق فى شرح الرسالة فاذا ركع قبله ولم يفعل من الركوع معه قدر الواجب فهو كتارك الصلاة وقال فى المنتقى فان رفع رأسه قبل امامه ساهيا فلا يخاو اما ان يرفع رأسه من الركوع قبل ركوع امامه أو بعد ركوعه فان رفع قبل ركوعه فعليه الرجوع لاتباع امامه ان ادرك ذلك وحكمه حكم الناعس والغافل يفوته الامام بركعة فيتبعه ما لم يفت فان رفع من ركوعه فقد تبع الامام فى ركوعه بمقدار فرضه أو رفع قبل ذلك قال القاضى أبو الوليد فان رفع قبل ذلك فحكمه عندى حكم من رفع قبل ركوع الامام وان كان قد تبع الامام فى مقدار الفرض فركوعه صحيح لأنه قد تبع امامه فى فرضه ثم قال وهذا فى الرفع فاما الخفض قبل الامام لركوع أو سجود فانه غير مقصود فى نفسه بلا خلاف فى المذهب وانما المقصود منه الركوع أو السجود فأن أقام بعد ركوع الامام راكعا أو ساجدا مقدار فرضه صحت صلاته الا انه قد أساء فى خفضه قبل الامام وان لم يقم بعد ركوع امامه راكعا او ساجدا مقدار فرضه لم تصح صلاته وعليه ان يرجع لاتباع امامه بركوعه وسجوده انتهى. وفى نوازل سحنون من كتاب الصلاة قيل لسحنون أرأيت الرجل يصلى مع الامام فيسجد قبله ويركع قبله فى صلاته كلها قال: صلاته تامة وقد أخطأ ولا اعادة عليه ولو بعده قال محمد بن رشد: وهذا اذا سجد قبله وركع قبله فأدركه الامام بسجوده وركوعه وهو راكع وساجد فرفع برفعه من الركوع والسجود أو رفع قبله واما ان ركع ورفع والامام واقف قبل ان يرفع ويسجد ورفع من السجود أيضا قبل أن يسجد الامام ثم لم يرجع مع الامام فى ركوعه وسجوده وفعل ذلك فى صلاته كلها فلا صلاة له واختلف ان فعل ذلك فى ركعة واحدة او سجدة واحدة فقيل تجزئه الركعة وقيل لا تجزئه وقد بطلت عليه فيأتى بها بعد سلام الامام فان لم يفعل بطلت صلاته وقال ابن غازى الذى يظهر لى من نقولهم انه ان علم ادراك الامام فيما فارقه منه استوى فى ذلك الرافع والخافض فى الامر بالعود ولم تختلف الطرق فى هذا وانما اختلفت طريقه الباجى وابن رشد واللخمى فيما اذا لم يعلم ادراكه وما قيل من مساواة الخافض للرافع فيما اذا علم ادراك امامه صحيح ولا شك فيه قال فى رسم الصلاة الثانى من سماع اشهب من كتاب الصلاة وسألته عن الذى يسبق الامام بالسجود ثم يسجد الامام وهو ساجد أيثبت على سجوده أم يرفع رأسه ثم يسجد حتى يكون سجوده بعد الامام فقال بل يثبت كما هو على سجوده اذا أدركه الامام وهو ساجد قال القاضى ومثل هذا الذى يسبق الامام بلا ركوع يرجع ما لم يركع الامام فأن ركع الامام وهو راكع ثبت على ركوعه ولم يرفع رأسه حتى يكون ركوعه بعد ركوع الامام ولا كلام فى هذين الوجهين وانما الكلام اذا سبق الامام بالرفع من الركوع أو السجود فحكى ابن حبيب أن ذلك بمنزلة الذى يسبق الامام بالركوع والسجود يرجع راكعا أو ساجدا حتى يكون رفعه مع الامام الا أن يلحقه الامام قبل
أصحهما فى أصل الروضة عدم صحة القدوة فان حال بينهما حدار أو باب مغلق لم تصح القدوة باتفاق الطريقين وقال صاحب المنهاج: الطريق الثانى:
أصح واذا صح اقتداء المأموم فى بناء غير بناء الامام على الطريق الأول بشرط الاتصال أو الثانى بلا شرط صح اقتداء من خلفه أو بجنبه وان حال جدار بينه وبين الامام ويصير من صح اقتداؤه لمن خلفه أو بجنبه كالامام فلا يحرم قبل احرامه ولا يركع قبل ركوعه ولا يتقدم عليه وان كان متأخرا عن الامام وقضية هذا أنه لو فسدت صلاة من حصل به الاتصال بحدث أو غيره لم يكن له متابعة الامام لانقطاع الرابطة بينهما لكن فى فتاوى البغوى أنه لو احدث من حصل به الاتصال فى خلال الصلاة أو تركها عمدا جاز للغير متابعة الامام لأن الاتصال شرط لابتداء الانعقاد لا للدوام اذ يغتفر فى الدوام ما لا يغتفر فى الابتداء لأن حكم الدوام أقوى وفى فتاوى البغوى أيضا: لورد الريح الباب فى أثناء الصلاة فان أمكنه فتحه حالا فتحه ودوام على المتابعة والا فارقه، ويجوز ان يقال: انقطعت القدوة كما لو أحدث امامه فلو تابعه بطلت صلاته كذا نقله الاذرعى ولو وقف فى علو فى غير مسجد كصفة مرتفعة وسط دار مثلا وامامه فى سفل كصحن تلك الدار أو العكس فيشترط زيادة على ما مر من وجوب اتصال صف من أحدهما بالآخر محاذاة بعض بدن المأموم بعض بدن الامام بأن يحاذى رأس الأسفل قدم الأعلى مع اعتدال قامة الأسفل حتى لو كان قصيرا لكنه لو كان معتدلا لحصلت المحاذاة صح الاقتداء وكذا لو كان قاعدا ولو قام لحاذى كفى وقال الخطيب الشربينى
(1)
: المراد بالعلو البناء ونحوه أما الجبل الذى يمكن صعوده فداخل فى الفضاء لأن الأرض فيها عال ومستوفا لمعتبر فيه القرب فالصلاة على الصفا أو المروة أو على جبل أبى قبيس بصلاة الامام فى المسجد صحيحه وان كان أعلى منه كما نص عليه الشافعى رحمه الله تعالى وله نص آخر فيه بالمنع وحمل على ما اذا بعدت المسافة أو حالت أبنية، ولو كان الامام والمأموم فى سفينتين مكشوفتين فى البحر فكاقثداء أحدهما بالآخر فى الفضاء فيصح بشرط ألا يزيد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع تقريبا وان لم تشد احدهما بالأخرى فان كانت السفينتان مسقفتين او كانت احداهما مسقفة والأخرى مكشوفة فكاقتداء أحدهما بالآخر فى بيتين فيشترط مع قرب المسافة وعدم الحائل وجود الواقف بالمنفذ ان كان بينهما منفذ والسفينة التى فيها بيوت كالدار التى فيها بيوت والسرادقات بالصحراء كسفينة مكشوفة والخيام كالبيوت، ولو وقف المأموم
(2)
فى نحو موات كشارع وامامه فى مسجد متصل بنحو الموات فان لم يحل شئ بين الامام والمأموم فالشرط التقارب وهو ثلاثمائة ذراع ويعتبر ذلك من آخر المسجد لأن المسجد كله شئ واحد لأنه محل للصلاة فلا يدخل فى الحد الفاصل وقيل تعتبر المسافة من آخر صف فيه لأنه المتبوع فان لم يكن فيه الا الامام فمن موقفه قال الدارمى ومحل الخلاف اذا لم تخرج الصفوف عن المسجد فان خرجت عن المسجد فالمعتبر من آخر صف خارج المسجد قطعا فلو
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 249 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 250 نفس الطبعة السابقة.
قال القاضى وجه قوله لما جلس بجلوس الامام ولم يكن له موضع جلوس لقوله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه وجب ان يتشهد بتشهده وان لم يكن له موضع تشهد وبهذا احتج ابن الماجشون ومن أنه يقوم بتكبير فقال لما جلس بجلوس الامام صار ذلك له موضع جلوس يوجب ان يتشهد وان يقوم بتكبير وهذا لا يلزم ابن القاسم لانه لم يتشهد من اجل ان ذلك موضع جلوس وانما تشهد لما لزمه من اتباع الامام فاذا سلم الامام وجب ان يرجع الى حكم صلاته فلا يكبر اذ قد كبر حين رفع رأسه من السجدة ونقل صاحب التاج والاكليل عن المدونة قول مالك ما أدرك مع الامام فهو اول صلاته يريد فى القيام والجلوس قال الا أنه يقضى مثل الذى فاته يريد من القراءة قال ومن أدرك ركعة من المغرب صارت صلاته جلوسا كلها، وقال الحطاب اعلم انه ان خشى أن تفوته الركعة اذا تمادى الى الصف وظن أنه اذا كبر وركع يدركها ويدرك الصف بالدب اليه فى حالة الركوع قبل رفع الامام رأسه من الركوع ففى ذلك ثلاثة اقوال: عن مالك الأول مذهب المدونة أنه يكبر ويدرك الركعة ويدب الى الصف الثانى رواه اشهب انه لا يكبر حتى يأخذ مقامه من الصف: الثالث رواه ابن حبيب لا يكبر حتى يأخذ مقامه من الصف أو يقرب منه فان كان يعلم أنه لا يدرك الصف فى دبه فى حالة الركوع قبل رفع الامام رأسه وأنه يدركه بعد فلم يختلف قول مالك فى أنه لا يجوز له الركوع دون الصف اذا رفع بل يتمادى الى الصف وان فاتته الركعة فان فعل أساء وأجزأته صلاته ولا يمشى الى الصف اذا رفع رأسه من الركوع حتى يتم الركعة ويقوم فى الثانية وقال ابن القاسم فى المدونة يركع دون الصف ويدرك الركعة وصوب أبو اسحاق قول ابن القاسم وابن رشد قول مالك. وأما ان كان لا يدرك الصف لبعد ما بينه وبينه فلا يكبر ووافق أبو اسحاق على غالبه الا أنه قال فى هذا الأخير أعنى فيما اذا علم أنه لا يدرك الصف ولو دب اليه لبعده لا يكبر حتى يأخذ مكانه من الصف الا ان تكون الأخيرة يعنى أنه اذا نمادى فاتته فها هنا يكبر لانه اذا تمادى فاتته الركعة وفاته الصف جميعا ونحوه للخمى وهو تقييد حسن لا ينبغى ان يخالف فيه وصرح بالاتفاق عليه ابن عزم فى شرح الرسالة ونصه ومن دخل المسجد والامام راكع وخاف ان تمادى الى الصف فوات الركعة فأن علم أنها أخر الصلاة ركع موضعه باتفاق وان علم انها غير الاخيرة فالجمهور يركع بموضعه كالأول وقال الشافعى يتقدم باتفاق ثم ان كان قريبا دب الى الصف وقال ابن عرفة اثر نقله كلام ابن رشد الأخير هذا خلاف رواية الشيخ عن ابن نافع أنه ان خاف فوات الركعة ان دخل المسجد كبر وركع على بلاط خارجه. فيكون فيه قولان.
(1)
وروى الحطاب عن ابن حبيب أنه قال: أرخص مالك للعالم أن يصلى مع أصحابه بموضعه ببعد من الصفوف فان كانت فى الصفوف فرجا فليسدها وفى الصحيح من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله قال الشيخ زروق فى شرح الارشاد وان شك فى الادراك ألغى الركعة. ويسجد بعد السّلام
(1)
كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر أبى الضياء خليل لأبى عبد الله بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب فى كتاب مع التاج والاكليل لمختصر خليل لأبى عبد الله بن محمد يوسف الشهير بالمواق ج 2 ص 132 الطبعة السابقة.
الصلاة باختلاف النية واحتج الشافعى رضى الله تعالى عنه على اقتداء المفترض بالمتنفل بخبر الصحيحين ان معاذا رضى الله تعالى عنه كان يصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع الى قومه فيصلى بهم تلك الصلاة وفى رواية للشافعى رضى الله تعالى عنه هى له تطوع ولهم مكتوبة ومع صحة ذلك يسن تركه خروجا من الخلاف لكن محله فى غير الصلاة المعادة أما فيها فيسن كفعل معاذ، وكذا الظهر ونحوه كالعصر بالصبح والمغرب ويكون المقتدى حينئذ كالمسبوق يتم صلاته بعد سلام امامه ولا تضر متابعة الامام فى القنوت فى الصبح والجلوس الأخير فى المغرب كالمسبوق وله فراقه بالنية اذا اشتغل بالقنوت والجلوس مراعاة لنظم صلاته والمتابعة أفضل من مفارقته كما فى المجموع، ويجوز صلاة الصبح خلف الظهر وكذا كل صلاة هى أقصر من صلاة الامام فى الأظهر وقطع به كعكسه بجامع الاتفاق فى النظم والقول الثانى الذى يقابل الأظهر لا يجوز لأنه يحتاج الى الخروج عن صلاة الامام قبل فراغه ومحل الخلاف اذا لم يسبقه الامام بقدر الزيادة فان سبقه بها انتفى كما يؤخذ من التعليل فاذا قام الامام للثالثة ان شاء المأموم فارقه بالنية وسلم لانقضاء صلاته وان شاء انتظره ليسلم معه لفرض أداء السّلام مع الجماعة قال صاحب المنهاج وانتظاره أفضل، ومحل الانتظار فى الصبح اما لو صلى المغرب خلف رباعية فقام امامه الى الرابعة فلا ينتظره على الأصح فى التحقيق وغيره، وتصح صلاة العشاء خلف من يصلى التراويح - كما لو اقتدى فى الظهر بالصبح - فاذا سلم الامام قام الى باقى صلاته والأولى أن يتمها منفردا فان اقتدى به ثانيا فى ركعتين أخريين من التراويح جاز كمنفرد اقتدى فى أثناء صلاته بغيره ويصح الصبح خلف من يصلى العيد والاستسقاء وعكسه لتوافقهما فى نظم أفعالهما والأولى ألا يوافقه فى التكبير الزائد ان صلى الصبح خلف من يصلى العيد أو الاستسقاء ولا فى تركه ان عكس اعتبارا بصلاته ولا تضر موافقته فى ذلك لأن الأذكار لا يضر فعلها وان لم تندب ولا تركها ان ندبت، وان صلى الصبح
(1)
خلف من يصلى غيرها وأمكنه القنوت فى الثانية بأن وقف الامام يسيرا قنت ندبا تحصيلا لسنة ليس فيها مخالفة الامام وان لم يمكنه فانه يتركه خوفا من التخلف ولا يسجد للسهو لأن الامام يحمله عنه، وله فراقه بالنية ليقنت تحصيلا للسنة وتكون مفارقته بعذر فتركه أفضل فان لم ينو المفارقة وتخلف للقنوت وأدركه فى السجدة الأولى لم يضر وجاء فى المهذب
(2)
:
أنه لا بد للمأموم من نية الاتباع لأنه يريد أن يتبع غيره فلا بد له من هذه النية فإن رأى رجلين يصليان على الإنفراد فنوى الائتمام بهما لم تصح صلاته لأنه لا يمكنه أن يقتدى بهما فى وقت واحد وإن نوى الإقتداء بأحدهما بغير عينه لم تصح صلاته لأنه إذا لم يعين لم يمكنه الاقتداء به، وان كان أحدهما يصلى بالأخر فنوى الاقتدأء بالمأموم منهما لم تصح صلاته لأنه تابع لغيره فلا يجوز ان يتبعه غيره، فان صلى رجلان فنوى كل واحد منهما أنه هو الامام لم تبطل صلاته لأن كل واحد منهما يصلى لنفسه وان نوى كل واحد منهما أنه
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 253 الطبعة السابقة.
(2)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 94 طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
مؤتم بالآخر لم تصح صلاتهما لأن كل واحد منهما ائتم بمن ليس بامام ولو دخل المأموم
(1)
فى صلاة فرض الوقت منفردا ثم أقيمت الجماعة فالافضل ان يقطع صلاته ويدخل فى الجماعة فان نوى الدخول فى الجماعة من غير ان يقطع صلاته ففيه قولان قال فى الاملاء لا يجوز وتبطل صلاته لأن تحريمته سبقت تحريمة الامام فلم يجز كما لو حضر معه فى أول الصلاة فكبر قبله وقال فى القديم والجديد يجوز وهو الأصح لأنه لما جاز أن يصلى بعض صلاته منفردا ثم يصير اماما بأن يجئ من يأتم به جاز ان يصلى بعض صلاته منفردا ثم يصير مأموما، ومن أصحابنا من قال ان كان قد ركع فى حال الانفراد لم يجز قولا واحدا لأنه يغير ترتيب صلاته بالمتابعة، والصحيح أنه لا فرق لأن الشافعى رحمه الله تعالى لم يفرق ويجوز أن يغير ترتيب صلاته بالمتابعة كالمسبوق بركعة وإن أدرك المأموم الإمام فى القيام وخشى أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة لأنها فرض فلا يشتغل عنها بالنفل فان قرأ بعض الفاتحة فركع الامام ففيه وجهان أحدهما يركع ويترك القراءة لأن متابعة الامام آكد ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة والثانى يلزمه ان يتم القراءة لأنه لزمه بعض القراءة فلزمه اتمامها وان أدركه وهو راكع كبر للاحرام وهو قائم ثم كبر للركوع ويركع فان كبر تكبيرة واحدة نوى بها الاحرام وتكبيرة الركوع لم تجزئه عن الفرض لأنه أشرك فى النية بين الفرض والنفل وهل تنعقد له صلاة نفل؟ فيه وجهان أحدهما تنعقد والثانى لا تنعقد لأنه أشرك فى النية بين تكبيرة هى شرط وتكبيرة ليست بشرط وان أدركه ساجدا كبر للاحرام ثم سجد من غير تكبير ومن أصحابنا من قال يكبر كما يكبر للركوع والمذهب الأول وان أدركه فى آخر الصلاة كبر للاحرام وقعد فان أدرك معه الركعة الأخيرة كان ذلك أول صلاته فان كان ذلك فى صلاة فيها قنوت فقنت مع الامام أعاد القنوت فى آخر صلاته لأن ما فعله مع الامام فعله للمتابعة، واذا سها
(2)
المأموم لم يسجد لسهوه لأن معاوية ابن الحكم شمت العاطس فى الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس ولم يأمره بالسجود أما اذا سها الامام فان المأموم يلزمه حكم السهو لأنه لما تحمل عنه الإمام سهوه لزم المأموم ايضا سهوه فإن لم يسجد الإمام لسهوه سجد المأموم وقال المزنى وأبو حفص البابشامى لا يسجد لأنه أنما يسجد تبعا للامام وقد ترك الامام السجود فلم يسجد المأموم والمذهب الأول لأنه لما سها الإمام دخل النقص على صلاة المأموم لسهوه فإذا لم يجبر الإمام صلاته جبر المأموم صلاته، وإن سبقه الإمام ببعض الصلاة وسها فيما أدركه معه وسجد معه ففيه قولان قال فى الأم يعيد لأن الأول فعله متابعة لإمامه ولم يكن موضع سجوده وقال فى الاملاء والقديم لا يعيد لأن الجبران حصل بسجوده فلم يعد وان سها الامام فيما أدركه وسجد المأموم معه ثم سها المأموم فيما انفرد فيه فان قلنا لا يعيد السجود سجد لسهوه وان لم يسجد الامام او سجد وقلنا يعيد
(1)
المرجع السابق لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 94، ص 95 نفس الطبعة السابقة.
(2)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 91 الطبعة السابقة.
فالمنصوص أنه نكفيه سجدتان لأن السجدتين يجبران كل سهو، ومن اصحابنا من قال يسجد أربع سجدات لأن احداهما من جهة الامام والأخرى من جهته وان سها
(1)
الامام ثم أدركه المأموم فالمنصوص فى صلاة الخوف انه يلزم المأموم حكم سهوه لأنه دخل فى صلاة ناقصة فنقصت بها صلاته، ومن أصحابنا من قال لا يلزمه لأنه لو سها المأموم فيما انفرد به بعد مفارقة الامام لم يتحمل عنه الامام فاذا سها الامام فيما انفرد به لم يلزم المأموم وان صلى ركعة منفردا فى صلاة رباعية فسها فيها ثم نوى متابعة إمام مسافر فسها الإمام ثم قام إلى رابعته فسها فيها ففيه ثلاثة أوجه أصحها أنه يكفيه سجدتان والثانى: يسجد أربع سجدات لأنه سها سهوا فى جماعة وسهوا فى الإنفراد، والثالث يسجد ست سجدات لأنه سها فى ثلاثة أحوال وجاء فى مغنى المحتاج
(2)
أن الشرط الخامس من شروط الاقتداء: توافق نظم الصلاتين فى الأفعال الظاهرة كالركوع والسجود وان اختلفا فى عدد الركعات فان اختلف فعل الصلاتين كمكتوبة وكسوف أو مكتوبة وجنازة لم تصح القدوة فيهما على الصحيح لتعذر المتابعة باختلاف فعلهما والقول الثانى الذى يقابل الصحيح تصح لا مكانها فى البعض، ويراعى ترتيب نفسه ولا يتابعه ففى الجنازة اذا كبر الامام الثانية تخير بين ان يفارقه أو ينتظر سلامه ولا يتابعه فى التكبير وفى الكسوف يتابعه فى الركوع الأول ثم يرفع ويفارقه او ينتظره راكعا الى أن يركع ثانيا فيعتدل ويسجد معه ولا ينتظره بعد الرفع لما فيه من تطويل الركن القصير ومحل الأول اذا صلى الكسوف على الوجه الأكمل أما اذا فعلت ركعتين فقط كصلاة الصبح فتصح القدوة به.
قال الأسنوى ومنع الاقتداء بمن يصلى جنازة أو كسوفا مشكل بل ينبغى أن يصح لأن الاقتداء به فى القيام لا مخالفة فيه ثم اذا انتهى الى الأفعال المخالفة فان فارقه استمرت الصحة والا بطلت.
وقال البلقينى: وسجود التلاوة والشكر كصلاة الجنازة والكسوف، الشرط السادس من شروط الاقتداء: موافقة الامام فى أفعال الصلاة فان ترك الامام فرضا لم يتابعه فى تركه لأنه ان تعمده فصلاته باطلة وان لم يتعمده ففعله غير معتد به وان ترك الامام سنة أتى هو بها وان لم يفحش تخلفه لها كجلسة الاستراحة وقنوت يدرك معه السجدة الأولى لأن ذلك تخلف يسير، أما اذا فحش التخلف لها كسجود التلاوة والتشهد الأول فلا يأتى بها، لخبر:
انما جعل الامام ليؤتم به، فلو اشتغل به بطلت صلاته لعدوله عن فرض المتابعة الى سنة ويخالف سجود السهو والتسليمة الثانية لأنه يفعله بعد فراغ الامام، الشرط السابع من شروط الاقتداء متابعة الامام فى أفعال الصلاة لا فى أقوالها وكمال المتابعة يحصل بأن يتأخر ابتداء فعل المأموم عن ابتداء فعل الامام ويتقدم ابتداء فعل المأموم على فراغ الامام منه فقد ورد فى الصحيحين: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا واذا ركع فاركعوا وأفهم تحريم التقدم فى الأفعال وان
(1)
المرجع السابق لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 92 الطبعة السابقة
(2)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 253 الطبعة السابقة.
لم تبطل لأن سبقه بركن واحترز فى الأفعال عن الأقوال فى الصلاة كالتشهد والقراءة فانه يجوز فيها التقدم والتأخر الا فى تكبيرة الاحرام والا فى السّلام فيبطل تقدمه الا ان ينوى المفارقة ففيه الخلاف فيمن نواها وما وقع لابن الرفعة ومتابعيه من انه لا يبطل خلاف المنقول.
فان فارقه فى
(1)
فعل أو قول لم يضر أى لم يأثم لأن القدوة منتظمة لا مخالفة فيها نعم هى مكروهة ومفوتة لفضيلة الجماعة لارتكابه المكروه قال الزركشى ويجرى ذلك فى سائر المكروهات المتعلقة بالجماعة وضابطه أنه حيث فعل مكروها مع الجماعة من مخالفة مأمور به فى الموافقة والمتابعة كالانفراد عنهم فاته فضل الجماعة اذ المكروه لا ثواب فيه مع أن صلاته جماعة اذ لا يلزم من انتفاء فضلها انتفاؤها فان قيل فما فائدة حصول الجماعة مع انتفاء الثواب فيها أجيب بأن فائدته سقوط الاثم على القول بوجوبها اما على العين أو على الكفاية والكراهة على القول بأنها سنة مؤكدة لقيام الشعار ظاهرا وهل المراد بالمقارنة المفوتة لذلك المقارنة فى جميع الأفعال أو يكتفى بمقارنة البعض قال الزركشى: لم يتعرضوا له ويشبه ان المقارنة فى ركن واحد لا تفوت ذلك أى فضيلة كل الصلاة بل ما قارن فيه سواء أكان ركا أو أكثر وهذا ظاهر على ذلك فالمقارنة فى الفعل أو القول لا تضر أى لا توجب الاثم لأن القدوة منتظمة الا فى تكبيرة الاحرام قال الخطيب الشربينى: فانه ان قارنه فيها أو فى بعضها أو شك فى أثنائها أو بعدها ولم يتذكر عن قرب هل قارنه فيها أم لا كما صرح به فى أصل الروضة، أو ظن التأخر فبان خلافه لم تنعقد صلاته، هذا اذا نوى الائتمام مع التكبير لظاهر الاخبار ولأنه نوى الاقتداء بغير مصلى فيشترط تأخر جميع تكبيرته عن جميع تكبيرة الامام وفارق ذلك المقارنة فى بقية الأركان بانتظام القدوة فيها لكون الامام فى الصلاة وانما قيد البطلان بما اذا نوى الائتمام مع التكبير للاحتراز عمن أحرم منفردا ثم اقتدى فانه تصح قدوته وان تقدم تكبيره على تكبير الامام.
وان تخلف المأموم بركن فعلى عامدا بلا عذر بأن فرغ الامام منه والمأموم ما زال فيما قبله كأن ابتدا الامام رفع الاعتدال والمأموم فى قيام القراءة لم تبطل صلاته فى الأصح لأنه تخلف يسير سواء أكان طويلا كهذا المثال أم قصيرا كأن رفع الامام رأسه من السجدة الأولى وهوى من الجلسة بعدها للسجود والمأموم فى السجدة الأولى، والقول الثانى ان صلاته تبطل لما فيه من المخالفة من غير عذر، أما اذا تخلف بدون ركن كأن ركع الامام دون المأموم ثم لحقه قبل ان يرفع رأسه من الركوع أو تخلف بركن لعذر لم تبطل صلاته قطعا أو تخلف بركنين فعليين بأن فرغ الامام منهما وهو فيما قبلهما كأن ابتدأ الامام هوى السجود والمأموم فى قيام القراءة فان لم يكن عذر - كأن تخلف لقراءة السورة أو لتسبيحات الركوع والسجود - بطلت صلاته لكثرة المخالفة سواء أكانا طويلين كأن تخلف المأموم فى السجدة الثانية حتى قام الامام وقرأ وركع ثم شرع فى الاعتدال أم طويلا وقصيرا كالمثال المتقدم وأما كونهما
(1)
المرجع السابق للرملى ج 1 ص 254 الطبعة السابقة.
فصيرين فلا يتصور، وان كان عذر بأن أسرع الامام قراءته مثلا او كان المأموم بطئ القراءة لعجز لا لوسوسة وركع قبل اتمام المأموم الفاتحة ولو اشتغل باتمامها لاعتدل الامام وسجد قبله فقيل يتبعه لتعذر الموافقة وتسقط البقية للعذر فأشبه المسبوق وعلى هذا لو تخلف كان متخلفا بغير عذر، والصحيح أنه لا يتبعه بل يتمها وجوبا ويسعى
(1)
خلف الامام على نظم صلاة نفسه ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان بل بثلاثة فما دونها مقصودة فى نفسها وهى الطويلة أخذا من صلاته صلى الله عليه وسلم بعسفان، فلا يعد منها القصير وهو الاعتدال والجلوس بين السجدتين، وان قال الرافعى فى الشرح الصغير، والمصنف فى التحقيق أن الركن القصير مقصود فيسعى خلفه اذا فرغ من قراءة مالزمه قراءته قبل فراغ الامام من السجدة الثانية او مع فراغه منها بأن ابتدأ الرفع اعتبارا ببقية الركعة، فان سبق بأكثر من الثلاثة بأن لم يفرغ من الفاتحة الا والامام قائم عن السجود أو جالس للتشهد فقيل يفارقه بالنية لتعذر الموافقة والأصح لا تلزمه المفارقة بل يتبعه فيما هو فيه ثم يتدارك بعد سلام الامام ما فاته كالمسبوق لما فى مراعاة نظم صلاته من المخالفة الفاحشة، ولو لم يتم المأموم الفاتحة لشغله بدعاء الافتتاح او التعوذ وقد ركع الامام فمعذور فى التخلف لاتمامها كبطئ القراءة، وهذا كله فى المأموم الموافق وهو من ادرك مع الامام محل قراءة الفاتحة المعتدلة أما المسبوق فقد جاء فى مغنى المحتاج
(2)
:
ان المأموم اذا كان مسبوقا بأن ركع الامام أثناء قراءته الفاتحة فالأصح أنه ان لم يشتغل بالافتتاح والتعوذ او باحدهما ترك قراءته لبقية الفاتحة وركع مع الامام لأنه لم يدرك غير ما قرأه وهو بالركوع مع الامام مدرك للركعة كما لو أدركه فى الركوع فان الفاتحة تسقط عنه ويركع معه ويجزئه فان تخلف بعد قراءة ما أدركه من الفاتحة لاتمامها وفاته الركوع معه وأدركه فى الاعتدال بطلت ركعته لأنه لم يتابعه فى معظمها وكان تخلفه بلا عذر فيكون مكروها ولو ركع الامام قبل فاتحة المسبوق فحكمه كما لو ركع فيها، ولو شك هل أدرك زمنا يسع الفاتحة أو لا لزمه قراءتها لأن اسقاطها رخصة ولا يصار اليه الا بيقين والا بأن اشتغل بالافتتاح او التعوذ لزمه قراءة بقدر حروفه من الفاتحة لتقصيره بعدوله عن فرض الى نفل وفى ذلك تفصيل كثير ينظر فى مصطلح (مسبوق).
والثانى يوافقه مطلقا ويسقط باقيها لخبر اذا ركع فاركعوا) واختاره الاذرعى تبعا لترجيح جماعة والثالث يتم الفاتحة مطلقا لانه ادرك القيام الذى هو محلها فلزمته وعلى الأول متى ركع قبل وفاء ما لزمه عامدا عالما بطلت صلاته والا لم يعتد بما فعله ومتى ركع امامه وهو متخلف لما لزمه وقام من ركوعه فأتته الركعة على انه متخلف لغير عذر ومن غير بعذره نظر الى انه ملزوم بالقراءة كما اشار كذلك الشارع ثم اذا فرغ قبل هوىّ امامه لسجوده وافقه ولا يركع والا بطلت ان كان عامدا عالما وان فاته الركوع ولم يفرغ وقد أراد الامام الهوىّ للسجود فقد تعارض فى حقه
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 254، ص 255 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق للرملى ج 1 ص 255 الطبعة السابقة.
وجوب وفاء ما لزمه وبطلان صلاته بهوى الامام للسجود لما تقرر من كونه متخلفا من غير عذر فلا مخلص له عن هذين الا بنية المفارقة فتتعين عليه حذرا من بطلان صلاته عند عدمها بكل تقدير ويشهد له ما مر فى متعمد ترك الفاتحة وبطئ لوسوسة ظاهرة وما نقله الشيخ عن التحقيق واعتمده من لزوم متابعته فى الهوى حينئذ ويوجه بأنه لما لزمته متابعته حينئذ سقط موجب تقصيره من التخلف لقراءة قدر لحقه فغلب واجب المتابعة وعليه فلا يلزمه مفارقته بحسب ما فهمه من كلامه والا فعبارته صريحة فى تفريعه على المرجوح اما اذا جهل ان واجبه ذلك فهو بتخلفه لما لزمه متخلف بعذر قاله القاضى قال الفارقى وصورة تخلفه للقراءة أن يظن انه يدرك الامام قبل سجوده والا فليتابعه قطعا ولا يقرأ وذكر مثله الرويانى فى حليته والغزالى فى احيائه لكن الذى نص عليه فى الأم ان صورتها ان يظن انه يدركه فى ركوعه والا فتفارقه ويتم صلاته نبه على ذلك الاذرعى وهو المعتمد لكن يتجه لزوم المفارقة له عند عدم ظنه ذلك فان لم يفعل اثم ولكن لا تبطل صلاته حين يصير متخلفا بركنين وقضية التعليل بما ذكر انه اذا ظن ادراكه فى ركوعه فاتى بالافتتاح والقعود فركع امامه على خلاف عادته بان اقتصر على الفاتحة واعرض عن السنة التى قبلها والتى بعدها يركع معه وان لم يكن قرأ من الفاتحة شيئا ومقتضى اطلاق الشيخين وغيرهما عدم الفرق وهو المعتمد كما قال الشيخ لبقاء محل القراءة ولا نسلم ان تقصيره بما ذكر منتف فى ذلك اذ لا عبرة بالظن البين خطؤه ولا يشتغل المسبوق استحبابا بسنة بعد التحرم كدعاء افتتاح أو تعوذ بل يشتغل بالفاتحة فقط اذ الاهتمام بشأن الفرض أولى ويخففها حذرا من فواتها الا ان يعلم أى يظن ادراكها مع اشتغاله بالسنة فياتى به استحبابا بخلاف ما اذا جهل حاله أو ظن منه الاسراع وانه لا يدركها معه فيبدأ بالفاتحة ولو علم المأموم فى ركوعه أى بعد وجود أقله أنه ترك الفاتحة أو شك فى فعلها لم يعد اليها أى لمحلها فلو عاد له عامدا عالما بطلت صلاته لفوات محلها بل يصلى ركعة بعد سلام الامام تداركا لما فاته كالمسبوق فلو علم تركها أو شك فيه وقد ركع الامام ولم يركع هو قرأها لبقاء محلها وهو متخلف بعذر فياتى فيه ما مر وقيل يركع ويتدارك بعد سلام الامام ما فاته لاجل المتابعة ويأتى ذلك فى كل ركن علم المأموم تركه او شك فيه بعد تلبسه بركن بعده يقينا فيوافق امامه ويأتى بدله بركعة بعد سلام الامام وظاهر ذلك انه لو شك فى جلوسه للاستراحة أو فى نهوضه للقيام فى انه سجد عاد له وان كان امامه قائما ويظهر أن جلوس التشهد الاول كجلوس التشهد الاخير لكونه على صورته نظير ما مر آنفا ولو سبق امامه بالتحرم لم تنعقد صلاته بالاولى مما مر فى مقارنته له فيها وذكره هنا توطئه لما بعده. أو بالفاتحة أو التشهد بان فرغ من ذلك قبل ان يشرع امامه فيه لم يضر ويجزيه لأنه أتى به فى محله من غير مخالفة فاحشة وقيل لا يجزيه وتجب اعادته مع فعل الامام أو بعده وهو الأولى فان لم يعده بطلت لان (1) مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 256 الطبعة السابقة.
فعله يترتب على فعله فلا يعتد بما سبقه ويستحب مراعاة هذا الخلاف بل يستحب ولو فى سرية ان يؤخر جميع فاتحته عن فاتحة امامه ان ظن أن يقرأ بعدها وانما قدمنا رعاية هذا الخلاف على خلاف البطلان بتكرير الركن القولى لقوة هذا وعملا بالقاعدة كما يؤخذ من كلامهم أنه لو تعارض خلافان قدم أقواهما وهذا من ذلك وحديث فلا تختلفوا عليه يؤيده وهذا الذى قررناه أوجه مما فى الانوار فى التقدم بقولى أنه لا تسن اعادته للخروج من الخلاف لوقوعه فى هذا الخلاف وفيه أيضا أنه لو علم أن امامه يقتصر على الفاتحة أو سورة قصيرة ولا يتمكن من اتمام الفاتحة فعليه أن يقرأ الفاتحة مع قراءته لكن الذى افتى به الوالد رحمه الله تعالى عدم وجوب ذلك على المأموم الموافق فيها فقد قال صاحب الانوار كالشيخين وغيرهما والزحام والنسيان والبط ء فى القراءة واشتغال الموافق بدعاء الافتتاح والتعوذ أعذار فلو ركع الامام ولم تتم فاتحة المأموم للبط أو الاشتغال أو تذكر أنه نسى أو شك فى فواتها قبل الركوع وجبت القراءة والسعى خلف الامام ما لم يزد التخلف على ثلاثة اركان لقوله فعليه ان يقرأ الفاتحة معه مراده به الاستحباب فعلم من ذلك أن محل استحباب تأخير فاتحته، أن رجا أن امامه يسكت بعد الفاتحة قدرا يسعها أو يقرأ سورة تسعها وان محل ندب سكوت الامام اذا لم يعلم أن المأموم قرأها معه أو لا يرى قراءتها
(1)
.
ولو تقدم المأموم على امامه بفعل كركوع وسجود ان كان ذلك بركنين بطلت صلاته اذا كان عامدا عالما بالتحريم لفحش المخالفة فان كان ناسيا او جاهلا لم تبطل لكن لا يعتد بتلك الركعة بل يتداركها بعد سلام الامام.
ولو تقدم المأموم او تأخر بركنين أحدهما قولى والاخر فعلى لا يضر، فان كان التقدم بأقل من ركنين فلا تبطل صلاته لقلة المخالفة ولو تعمد السبق به لأنه يسير وله انتظاره فيما سبقه به، وقيل تبطل بركن تام فى العمد لمناقضته الاقتداء بخلاف التخلف اذ لا يظهر فيه فحش مخالفة.
مذهب الحنابلة:
جاء فى هداية الراغب
(2)
: أنه يصح اقتداء مأموم بامام وهما فى مسجد مطلقا أى سواء رأى المأموم امامه أو رأى من وراء الامام أولا أو كان بينهما حائل أولا وهذا ان سمع المأموم التكبير لأنه يتمكن من متابعة الامام لأنهم فى موضع الجماعة ويمكنهم الاقتداء بالامام بسماع التكبير وهو يشبه المشاهدة، وجاء فى كشاف القناع
(3)
ومثله فى منتهى الارادات
(4)
: ان المأموم ان لم يسمع التكبير ولم ير الامام ولم بر بعض من وراءه فلا تصح صلاة المأموم لعدم تمكنه
(1)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 2 ص 219، ص 220، ص 221 طبعة شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة 1372 هـ.
(2)
هداية الراغب لشرح عمدة الطالب لعثمان احمد النجدى الحنبلى ص 168 طبع مطبعة المدنى المؤسسة السعودية بمصر سنة 379 هـ
(3)
كشاف القناع على متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور بن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منتهى الارادات للشيخ منصور بن يوسف البهوتى ج 1 ص 317 طبع المطبعة العامرة الشرقية الطبعة الاولى سنة 1319 هـ.
(4)
المرجع السابق ج 1 ص 200 الطبعة السابقة.
من الاقتداء بامامه، وان كان الامام والمأموم خارجين عن المسجد أو كان المأموم وحده خارجا عن المسجد الذى به الامام ولو كان بمسجد آخر وأمكن الاقتداء صحت صلاة المأموم ان رأى الامام أو رأى بعض من وراءه ولو كانت جمعة فى دار أو دكان وذلك لانتفاء المفسد ووجود المقتضى للصحة وهو الرؤية وامكان الاقتداء ولو كانت الرؤية مما لا يمكن الاستطراق منه كشباك ونحوه كطاق صغيرة فتصح صلاة المأموم. وان لم ير المأموم الامام أو بعض من وراءه وكان المأموم والامام خارج المسجد لم يصح اقتداؤه به ولو سمع التكبير لقول عائشة رضى الله تعالى عنها لنساءكن يصلين فى حجرتها لا تصلين بصلاة الامام فانكن دونه فى حجاب، ولأنه لا يمكنه الاقتداء به فى الغالب قال صاحب الكشاف: قلت: والظاهر أن المراد امكان الرؤية لولا المانع ان كان فلو كان بالمأموم عمى أو كان فى ظلمة وكان بحيث يرى لولا ذلك فانه يصح اقتداؤه حيث أمكنته المتابعة ولو بسماع التكبير وأن كان المأموم وحده بالمسجد أو كان كل من الامام والمأموم بمسجد غير الذى به الآخر فلا يصح اقتداء المأموم اذن ان لم ير الامام أو ير بعض من وراءه وتكفى الرؤية فى بعض الصلاة كحال القيام أو الركوع لما روى عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل وجدار الحجرة قصير فرأى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أناس يصلون بصلاته - الحديث قال صاحب الكشاف: والظاهر أنهم انما كانوا يرونه فى حال قيامه، وسواء فى ذلك الجمعة وغيرها لعدم الفارق، ولا يشترط اتصال الصفوف فيما اذا كان خارج المسجد أيضا أى كما لا يشترط ذلك لو كانا فى المسجد اذا حصلت الرؤية المعتبرة وأمكن الاقتداء ولو جاوز ما بينهما ثلاثمائة ذراع، وان كان بين الامام والمأموم نهر لم تصح او كان بينهما طريق ولم تتصل فيه الصفوف عرفا أن صحت الصلاة فيه كصلاة الجمعة والعيد والاستسقاء والكسوف والجنازة لضرورة لم تصح فان اتصلت الصفوف اذن صحت وان اتصلت الصفوف فى الطريق وقلنا لا تصح الصلاة فيه أى فى الطريق - كالصلوات الخمس، أو انقطعت الصفوف فى الطريق سواء كانت الصلاة مما تصح فى الطريق أولا لم تصح صلاة المأموم لأن الطريق ليست محلا للصلاة فأشبه ما يمنع الاتصال واختار الموقف وغيره أن ذلك لا يمنع الاقتداء لعدم النص والاجماع قال صاحب الكشاف
(1)
: ومثله فى ذلك من بسفينة وامامه فى أخرى غير مقرونه بها لأن الماء طريق وليست الصفوف متصلة فى غير شدة خوف ولا يمنع ذلك الاقتداء فى شدة الخوف للحاجة ويكره أن يكون الامام أعلى من المأموم لما روى أبو داود عن حذيفة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اذا أم الرجل القوم فلا يقومن فى مكان أرفع من مكانهم، ومحله اذا كان كثيرا وهو ذراع فأكثر، ولا بأس بعلو يسير كدرجة منبر ونحوها مما دون ذراع جمعا بين ما تقدم وبين حديث سهل أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 318.
ثم نزل القهقرى فسجد وسجد معه الناس ثم عاد حتى فرغ ثم قال: انما فعلت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى .. قال صاحب الكشاف:
والظاهر أنه كان على الدرجة السفلى لئلا يحتاج الى عمل كثير فى الصعود والنزول فيكون ارتفاعا يسيرا ولا بأس بعلو مأموم ولو كان علوه كثيرا، ولا يعيد الجمعة من يصليها فوق سطح المسجد لأنه يمكنه الاقتداء فاشبه المتساويين ويكره للامام الصلاة فى المحراب اذا كان يمنع المأموم مشاهدته أشبه ما لو كان بينه وبينهم حجاب الا من حاجة كضيق المسجد وكثرة الجمع فلا يكره لدعاء الحاجة اليه، وذكر صاحب الكشاف:
أن السنة أن يقف المأمومون خلف الامام رجالا كانوا أو نساء لفعل النبى صلى الله عليه وسلم فقد كان إذا قام الى الصلاة قام الصحابة خلفه وقد روى أن جابرا وجبارا وقف أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه - رواه مسلم وأبو داود ولا ينقلهما الا الى الأكمل، الا امام العراة والا امامة النساء فوسطا وجوبا فى الأولى واستحبابا فى الثانية. فان وقف المأمومون قدام الامام ولو بقدر تكبيرة الاحرام ثم تأخروا لم تصح صلاتهم لقول النبى صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الامام ليؤتم به والمخالفة فى الأفعال مبطلة لكونه يحتاج فى الاقتداء الى الالتفات خلفه ولأنه لم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا هو فى معنى المنقول فلا يصح كما لو صلى فى بيته بصلاة الامام الى وجه الامام أو غير داخل الكعبة فى نفل اذا تقابلا بان كان وجه الامام الى وجه المأموم أو تدابرا بان جعل المأموم ظهره الى ظهر امامه لانه لا يعتقد خطأه وانما خصه بالنفل لما تقدم لان الفرض لا يصح داخلها ولا تصح أن جعل المأموم ظهره الى وجه الامام لتقدم المأموم على امامه ثم قال صاحب الكشاف.
وحول الكعبة اذا استدير الصف فلا بأس بتقديم الماموم اذا كان فى الجهة المقابلة للامام يعنى فى غير جهة الامام لأنه لا يتحقق تقدمه عليه، فان تقدم على الامام فى جهته فلا تصح، واذا اشتد الخوف
(1)
وأمكن للمأموم متابعة الامام فلا يضر فى هذه الحالة تقدمه عليه للحاجة اليه فان لم تمكن المتابعة لم يصح الاقتداء، وان وقف المأمومون مع الامام عن يمينه أو وقفوا من جانبيه صح وان كان المأموم واحدا وقف عن يمين الامام لادارة النبى صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابرا رضى الله تعالى عنهم لما وقفا عن يساره ويندب تخلفه قليلا خوفا من التقدم ومراعاة للمرتبة قاله فى المبدع فان بان عدم صحة مصافته لم تصح، فان وقف المأموم خلف الامام أو وقف عن يساره مع خلو يمينه وصلى ركعة كاملة بطلت صلاته نص عليه لما تقدم فى ادارة النبى صلى الله عليه وسلم ابن عباس وجابر رضى الله تعالى عنهم وعنه
(2)
تصح واختاره أبو محمد التميمى والموفق قال فى الفروع وهو أظهر وفى الشرح هو القياس كما لو كان عن يمينه وكون النبى صلّى الله عليه
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 312 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 315، ص 316، ص 317 الطبعة السابقة
وسلم أدار جابرا وابن عباس رضى الله تعالى عنهم لا يدل على عدم الصحة، واذا وقف المأموم عن يسار الامام سواء كان قد أحرم أو لم يحرم سن للامام ان يديره من ورائه الى يمينه ولم تبطل تحريمته لما سبق من فعل النبى صلى الله عليه وسلم بابن عباس وجابر، وان كبر مأموم وحده خلف الامام ثم تقدم عن يمينه أو جاء مأموم آخر فوقف معه أو تقدم الى الصف بين يديه أو كان المأمومان اثنين فكبر أحدهما للاحرام وتوسوس الآخر ثم كبر قبل رفع الامام رأسه من الركوع صحت صلاتهم وكذا لو أحرم واحد عن يمين الامام فأحس بآخر فتأخر معه قبل ان يحرم ثم احرم أو احرم واحد عن يسار الامام فجاء آخر فوقف عن يمينه قبل أن يرفع الامام رأسه من الركوع صحت لأنه لم يصل قدر ركعة ولا أكثرها فان وقف مأموم عن يمين الامام وآخر عن يساره أخرهما الامام خلفه لفعل النبى صلى الله عليه وسلم فان شق عليه تأخيرهما أو لم يمكن تقدم الامام عنهما ثم ان بطلت صلاة احدهما لسبوق الحدث تقدم الآخر الى يمين الامام والا نوى المفارقة والاعتبار فى التقدم والمساواة بمؤخر القدم وهو العقب، وان لم يكن تقدم بمؤخر القدم لم يضر كطول المأموم عن الامام لأنه لم يتقدم برأسه فى السجود، فلو استوى الامام والمأموم فى العقب وتقدمت أصابع المأموم لم يضر أى لم يؤثر فى صلاة المأموم لعدم تقدم عقبه على عقب امامه، وان تقدم عقب المأموم على عقب الامام مع تأخر أصابعه عن أصابع الامام لم تصح صلاة المأموم لتقدمه على امامه اعتبارا بالعقب، ولو قدم رجله
(1)
وهى مرتفعة عن الأرض لم يضر لعدم اعتماده عليها وكذا لو تأخر عقب المأموم فانه المعتبر وان تقدمت أصابعه. ومامر أن الاعتبار فى المساواة والتقدم انما يكون بمؤخر القدم انما هو حال القيام، وأما فى القعود فالأعتبار بالألية حتى ولو مد المأموم رجليه فى القعود وقدمهما على الامام لم يضر لعدم اعتماده عليهما وان كان أحدهما قائما والآخر قاعدا فلكل حكمه فلا يقدم القائم عقبه على مؤخر الية الجالس، وان أم رجل خنثى وقف الخنثى عن يمينه احتياطا لاحتمال ان يكون رجلا فان كان معهما رجل وقف الرجل عن يمين الامام والخنثى عن يساره أو عن يمين الرجل ولا يقفان خلفه لجواز ان يكون امرأة، وان كان معهم رجل آخر وقف الثلاثة خلفه صفا، وان أم رجل امرأة وقفت خلفه سواء كان معه رجل أو رجال أو لم يكن، وان أم خنثى امرأة وقفت خلفه لقول النبى صلى الله عليه وسلم «أخروهن من حيث أخرهن الله» فان وقفت عن يمين الرجل أو الخنثى فتصح وان وقفت عن يساره فان كان مع حلو يمينه لم تصح صلاتها بيساره والا صحت ويكره لها الوقوف فى صف الرجال لما تقدم من أمر النبى صلى الله عليه وسلم بتأخرهن فان وقفت فى صف الرجال لم تبطل صلاة من يليها
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 314، 315، 319، الطبعة السابقة.
ولا صلاة من خلفها، فصف تام من نساء لا يمنع اقتداء من خلفهن من الرجال ولا صلاة من أمامها ولا صلاتها كما لو وقفت فى غير صلاة والأمر بتأخيرها لا يقتضى الفساد مع عدمه.
وان
(1)
أم رجل رجلا وصبيا استحب أن يقف الرجل عن يمينه لكمال الرجل والصبى عن يساره أو أم رجلا وامرأة وقف الرجل عن يمينه والمرأة خلفه لحديث مسلم عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه فاقامنى عن يمينه وأقام المرأة خلفنا ولا بأس بقطع الصف عن يمين المأموم أو خلفه وكذا ان بعد الصف من الامام فلا بأس به نصا وأقرب الصف من الامام أفضل من بعده وكذا أقرب الصفوف بعضها من بعض وكذا توسطه الامام للصف أفضل لحديث أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطوا الامام وسدوا الخلل رواه أبو داود وان انقطع الصف عن يسار الامام فقال ابن حامد ان كان الانقطاع بعد مقام الثلاثة رجال بطلت صلاة المنقطعين عن الصف يسار الامام وجزم بمعناه فى المنتهى، وان اجتمع فى الصلاة أنواع من رجال وصبيان ونساء وخناثى سن تقديم رجال لما روى ابو داود عن عبد الرحمن ابن غنم قال قال أبو مالك الاشعرى الا أحدثكم بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم قال فأقام الصف فصف الرجال وصف الغلمان خلفهم ورواه أحمد بمعناه وزاد فيه هو والنسائى:
خلف الغلمان ويقدم من الرجال أحرار على أرقاء لمزيتهم بالحرية ثم عبيد بالغون الأفضل ثم الأفضل منهما لحديث أبى مسعود الانصارى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يليتنى منكم اولوا الاحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم رواه أبو داود ثم صبيان كذلك أى أحرار ثم عبيد الأفضل فالأفضل ثم خناثى هكذا فى المقنع لاحتمال أن يكونوا رجالا وهذا ان قلنا يصح وقوف الخناثى صفا وفى المنتهى وان وقف الخناثى صفا لم تصح وذلك لان الرجل مع المرأة فذ ثم نساء احرار بالغات ثم احرار غير بالغات ثم اماء غير بالغات الفضلى فالفضلى. ويقدم من الجنائز الى الامام عند اجتماع موتى فى المصلى ويقدم الى القبله فى قبر واحد حيث جاز دفن ميتين فأكثر فى قبر واحد رجل حر ثم عبد بالغ ثم صبى كذلك أى حر ثم عبد ثم خنثى حر ثم عبد بالغ ثم الصبى فيهما ثم امرأة حرة بالغة ثم أمة بالغة ثم صبية حرة ثم صبية أمة. وتقدم مع تعدد النوع الأفضل فالأفضل كما فى المصافة. ومن لم يقف معه الا امرأة وهو رجل ففذ أو لم يقف معه الا كافر أو مجنون أو خنثى أو محدث أو نجس يعلم مصافه ذلك أى أنه محدث أو نجس وكذا لو علم المصاف حدث أو نجس نفسه ففذ لانهم من غير أهل الوقوف معه ولأن وجود الكافر والمجنون والمحدث والنجس كعدمه، وكذا اذا وقف معه سائر من لا تصح صلاته قاله فى الشرح فدل أنه ان صحة صلاته صحت مصافته وكذا من لم يقف معه الا صبى فى فرض وهو رجل ففذ فأن كانت نفلا فليس بفذ لقول أنس فقام
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 318 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع ج 1 ص 312 الطبعة السابقة.
رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف صلى الله عليه وسلم متفق عليه. وكذا امرأة مع نساء اذا لم يقف معها الا كافرة او مجنونة او من يعلم حدثها او نجاستها ففذ أو وقف معها فى فرض غير بالغة ففذ، وان لم يعلم المحدث حدث نفسه فى الصلاة حتى انقضت ولا علمه مصافه كذلك فليس بفذ وكذا ان لم يعلم ما ببدنه أو ثوبه أو بقعة من نجاسة ولا علمه مصافه حتى انقضت فليس بفذ لانه لو كان اماما له اذن لم يعد فأولى اذا كان مصافا ومن وقف معه متنفل أو من لا يصح أن يؤمه كالأمى يقف مع القارئ، والأخرس يقف مع العدل ونحوه أى نحو ما ذكر فصلاتهما يقف مع القادر عليه، وناقص الطهارة العاجز عن اكمالها يقف مع تام الطهارة، والفاسق يقف مع العدل ونحوه أى نحو ما ذكر فصلاتهما صحيحة لأنه لا يشترط لها صحة الامامة ومن جاء فوجد فرجة (بضم الفاء) وهى الخلل فى الصف دخل فيه أو وجده أى الصف غير مرصوص دخل فيه نص عليه لقوله عليه الصلاة والسلام أن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصف قال ابن تميم فان كانت الفرجة بحذائه لزم أن يمشى اليها عرضا فان مشى الى الفرجة عرضا بين يدى بعض المأمومين كره له ذلك لما تقدم من حديث: لو يعلم الماربين يدى المصلى الحديث ولعل عدم التحريم هنا ما لأن سترة الامام سترة لمن خلفه أو للحاجة فان لم يجد موضعا فى الصف يقف فيه وقف عن يمين الامام ان امكنه ذلك لانه موقف الواحد فان لم يمكنه الوقوف عن يمين الامام فله ان ينبه بكلام أو بنحنحة أو اشارة من يقوم معه لما فى ذلك من اجتناب الفذية ويتبعه من نبهه وظاهره وجوبا لأنه من باب ما لا يتم الواجب الا به ويكره تنبيه بجذبه نصا لما فيه من التصرف بغير اذنه، ولو كان عبده أو ابنه لأنه لا يملك التصرف فيه حال العبادة كالأجنبى فان صلى فذا ركعة ولو امرأة خلف امرأة لم تصح لما روى على ابن شيبان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لفرد خلف الصف رواه أحمد ابن ماجه وعن وابصة بن معبد أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة رواه أحمد والترمذى وحسنه وابن ماجه واسناده ثقات قال ابن المنذر ثبت أحمد واسحق هذا الحديث ولأنه خالف الموقف أشبه ما لو وقف قدام الامام ولا فرق بين العالم والعامد وضدهما أو وقف عن يساره ولو كان المأموم جماعة مع خلو يمينه لم تصح اذا صلى ركعة كذلك لمخالفته موقفه ولو كان خلف الامام صف فلا تصح صلاة من صلى عن يساره مع خلو يمينه فان كبر فذا ثم دخل فى الصف طمعا فى ادراك الركعة أو وقف معه آخر قبل الركوع فلا بأس بذلك لأنه يسير وان ركع فذا ثم دخل فى الصف أو وقف معه مأموم آخر قبل رفع الامام من الركوع صحت صلاته لأنه أدرك فى الصف ما يدرك فى الصف ما يدرك به الركعة وكذا ان رفع الامام من الركوع فذا ولم يسجد حتى دخل الصف أو جاء آخر فوقف معه صحت صلاته لأن ابا بكرة (واسمه نفيع) ركع دون الصف فقال النبى صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصا ولا تعد رواه البخارى وفعل ذلك أيضا زيد
ابن ثابت وابن مسعود، وكما لو أدرك معه الركوع ولا تصح صلاته أن سجد امامه قبل دخوله فى الصف ومجئ آخر يقف معه لانفراده فى معظم الركعة وان فعله أى ركع ورفع فذا ثم دخل الصف وقف معه آخر لغير عذر بأن لا يخاف فوت الركعة لم يصح لان الرخصة وردت فى المعذور فلا يلحق به غيره ولو زحم فى الركعة الثانية من الجمعة فأخرج من الصف وبقى فذا فانه ينوى مفارقة الامام للعذر ويتمها جمعة لأنه أدرك منها ركعة مع الامام وان أقام على متابعة امامة ويتمها معه جمعة قد صحت جمعته فى وجه لأن الجمعة لا تقضى فاغتفر فيها ذلك وصحح فى تصحيح الفروع عدم الصحة ذكره فى الجمعة وهو ظاهر المنتهى وغيره ولو أمت امرأة امرأة واحدة أو أمت أكثر من امرأة كائنتين فأكثر لم يصح وقوف امرأة واحدة منهن خلفها مفردة كالرجل خلف الرجل وكذا لو وقفت عن يسارها ومن احكام الاقتداء أنه يسن دخول المأموم مع الامام كيف ادركه وان لم يعتد له بما ادركه فيه لحديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه مرفوعا «اذا جئتم الى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا» ومن أدرك الركوع مع الامام قبل رفع رأسه غير شاك فى ادراكه راكعا فقد أدرك الركعة ولو لم يدرك الطمأنينة اذا اطمأن هو ثم لحقه وان أدرك المسبوق الامام بعد الركوع لم يكن مدركا للركعة وعليه متابعته قولا وفعلا لقول النبى صلى الله عليه وسلم «إذا جئتم الى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا» والمراد بمتابعة الامام فى الأقوال ان يأتى بتكبير الانتقال عما أدركه فيه وما فى السجود من التسبيح وما بين السجدتين
(1)
وأما التشهد اذا لم يكن محلا لتشهده فلا يجب عليه، وان رفع الامام رأسه من الركوع قبل احرام المسبوق سن دخوله معه وعلى المسبوق ان يأتى بالتكبيرة فى حال قيامه لوجوب التكبير لكل انتقال يعتد به وينحط المسبوق الذى أدرك الامام بعد رفعه من الركوع بلا تكبير لانحطاطه لانه لا يعتد له به، ويقوم المسبوق للقضاء بتكبير ولو لم تكن الركعة التى قام اليها ثانية المسبوق لأنه انتقال يعتد به، فان قام المسبوق قبل ان يسلم الامام التسليمة الثانية بلا عذر يبيح المفارقة للامام لزمه العود ليقوم بعدها ولا تجوز مفارقته بلا عذر فان لم يرجع المسبوق انقلبت صلاته نفلا بلا امام وان ادرك المسبوق الامام فى سجود سهو بعد السّلام لم يدخل معه لأنه خرج من الصلاة ولم يعد اليها به فان دخل معه فى سجود السهو بعد السّلام لم تنعقد صلاته، وما أدرك
(2)
المسبوق مع الامام فهو آخر صلاته فان ادركه فيها بعد الركعة الأولى كالثانية أو الثالثة لم يستفتح وللم يستعد، وما يقضيه يعتبر أول صلاته يستفتح له ويتعوذ ويقرأ السورة، ويخير المسبوق اذا قضى مافاته فى الجهر بالقراءة فى صلاة الجهر غير الجمعة بعد مفارقة امامه، ويتورك المسبوق مع امامه فى موضع توركه لأنه آخر صلاته وان لم يعتد له كما يتورك المسبوق فيما يقضيه للتشهد الثانى فعلى هذا لو أدرك ركعتين من رباعية جلس مع الامام متوركا
(1)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 314 الطبعة المتقدمة.
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 229 الطبعة السابقة.
متابعة له للتشهد الاول وجلس بعد قضاء الركعتين أيضا متوركا لأنه يعقبه سلامه، ويكرر التشهد الأول حتى يسلم امامه التسليمتين، فان سلم الامام قبل اتمام المسبوق التشهد الأول قام المسبوق لقضاء ما فاته ولا يتم التشهد ان لم يكن واجبا عليه بأن يكون محل تشهده الأول قيمته لوجوبه عليه، ولا يجب فعل قراءة على مأموم روى ذلك عن على وابن عباس وابن مسعود وجابر وابن عمر رضى الله تعالى عنهم لقول الله عز وجل «وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا» 1}. قال أحمد فى رواية أبى داود: أجمع الناس على أن هذه الآية فى الصلاة، وعن أبى هريرة، إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا واذا قرأ فانصتوا» ولولا أن القراءة لا تجب على المأموم بالكلية لما أمر بتركها من أجل سنة الاستماع وعن عبد الله ابن شداد: من كان له امام فقراءه الامام له قراءة، وقال ابن مسعود: لا أعلم فى السنة القراءة خلف الامام والمراد بأنه لا قراءة على المأموم أنه يتحملها الامام عنه والا فهى واجبة عليه. نبه عليه القاضى، ويتحمل الامام عن المأموم ثمانية أشياء الفاتحة وسجود السهر اذا كان دخل معه فى الركعة الأولى، والسترة قدامه لأن سترة الامام سترة لمن خلفه والتشهد الأول اذا سبقه بركعة من رباعية لوجوب المتابعة وسجود تلاوة أتى بها المأموم فى الصلاة خلف الامام واذا سجد الامام لتلاوة سجدة قرأها الامام فى صلاة سر فان المأموم ان شاء لم يسجد، وقول سمع الله لمن حمده، وقول ملء السموات والأرض بعد التحميد
(2)
ودعاء القنوت فان كان يسمع الامام فيؤمن فقط والا قنت وتسن قراءة المأموم الفاتحة فى سكتات الامام ولو كان سكوته لتنفس ولا يضر تفريق الفاتحة وتسن قراءة المأموم فيما لا يجهر الامام فيه لما روى جابر بن عبد الله قال: كنا نقرأ فى الظهر والعصر خلف الامام فى الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ويسن للمأموم، أن يقرأ اذا كان لا يسمع الامام لبعده لأنه غير سامع لقراءته فان سمع المأموم قراءة الامام كرهت له القراءة للفاتحة والسورة وقال فى المغنى والشرح
(3)
وقال ابن زين فى شرحه وابن الجوزى فى المذهب وغيرهم: يستحب ان يشرع المأموم فى أفعال الصلاة بعد فراغ الامام مما كان فيه وذلك لحديث: انما جعل الامام ليؤتم به فاذا ركع فاركعوا واذا سجد فاسجدوا اذ الفاء للتعقيب، فلو سبق الامام المأموم بالقراءة وركع الامام تبعه المأموم وقطع القراءة لأنها فى حقه مستحبة والمتابعة وأجبة ولا تعارض بين واجب ومستحب بخلاف التشهد إذا سبق به الإمام وسلم فلا يتابعه المأموم بل يتمه اذا سلم امامه قبل ان يتمه ثم يسلم لعموم الأوامر بالتشهد، وان وافق المأموم الامام فى الأفعال كره لمخالفة السنة ولم تبطل صلاته سواء كانت فى الركوع أو غيره، وأما موافقة المأموم
(4)
الامام فى أقوال الصلاة فان كبر المأموم للاحرام
(1)
الآية رقم 204 من سورة الاعراف
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 300 الطبعة السابقة.
(3)
هداية الراغب لشرح عمدة الطالب ص 157، ص 158 وكشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 300 الطبعة السابقة.
(4)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 301 الطبعة المتقدمة.
مع امامه أو كبر المأموم قبل تمام احرام امامه لم تنعقد صلاته، عمدا كان أو سهوا لأنه أئتم بمن لم تنعقد صلاته وان سلم المأموم معه كره لمخالفة السنة وصحت صلاته لأنه اجتمع معه فى الركن، وان سلم قبله عمدا بلا عذر تبطل صلاته لأنه ترك فرض المتابعة متعمدا، ولا تبطل ان سلم قبل امامه سهوا فيعيد السّلام بعد سلام امامه لأنه لا يخرج من صلاته قبل امامه فان لم يعده بعده بطلت صلاته لأنه ترك فرض المتابعة أيضا والأولى ان يسلم المأموم عقب فراغ الامام من التسليمتين فان سلم المأموم التسليمة الأولى بعد سلام الامام التسليمة الاولى وقبل سلامه الثانية وسلم المأموم الثانية بعد ان سلم الامام الثانية جاز لأنه لا يخرج بذلك عن متابعة امامه الا أن الأول أبلغ فى المتابعة، لا ان سلم المأموم الثانية قبل سلام الامام الثانية حيث قلنا بوجوبها فلا يجوز له لتركه متابعة امامه بلا عذر، ولا يكره للمأموم ان يسبق الامام ولا موافقته بقول غير الاحرام والسّلام كالقراءة والتسبيح وسؤال المغفرة والتشهد قال فى الفروع اتفاقا ويحرم أن يسبق المأموم الامام بشئ من افعال الصلاة فان ركع أو سجد ونحوه قبل امامه عمدا حرم لقول النبى صلى الله عليه وسلم «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا واذا ركع فاركعوا واذا سجد فاسجدوا ولكن لا تبطل صلاته ان رفع ليأنى بما سبق به امامه معه ويدركه فيما سبق به لأنه سبق يسير وقد اجتمع معه فى الركن بعد فحصلت المتابعة فان لم يرجع ليأتى به مع امامه عمدا عالما بطلت صلاته لأنه ترك الواجب عمدا. وان ركع أو سجد قبل امامه جهلا أو سهوا ثم ذكره لم تبطل صلاته لما تقدم من انه سبق يسير ولحديث: عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان وعليه ان يرجع ليأتى بما سبق به امامه من ركوع أو سجود عقبه ليكون مؤتما بامامه، فان لم يفعل عمدا حتى أدركه امامه فيه بطلت صلاته وان سبقه
(1)
بركن فصلى بأن ركع ورفع قبل ركوع امامه عالما عامدا بطلت صلاته نصا لأنه سبقه بركن كامل هو معظم الركعة أشبه ما لو سبقه بالسلام وان كان ركوعه ورفعه قبل امامه جاهلا أو ناسيا بطلت تلك الركعة اذا لم يأت بما فاته مع امامه لأنه لم يقتد بامامه فى الركوع أشبه ما لو لم يدركه وعلم منه صحة صلاته لحديث:
عفى لامتى عن الخطأ والنسيان وان سبق المأموم الامام بركنين بأن ركع المأموم ورفع قبل ركوع الامام وهوى الى السجود قبل رفعه عالما عامدا بطلت صلاته لأنه لم يقتد بامامه فى أكثر الركعة وصحت صلاة جاهل وناس. ولا تبطل بسبق يركن غير ركوع ذكره فى المنتهى لأنه الذى يدرك به فى الركعة فتفوت بفواته، وظاهره ان السبق بركعتين يبطل مع العمد مطلقا وان تخلف المأموم عن امامه بركن بلا عذر من نوم أو زحام أو غفلة ونحوه فكالسبق به بركن على ما سبق تفصيله، وان تخلف عنه بركن لعذر من نوم أو غفلة فانه يفعله ويلحقه وجوبا لأنه أمكنه استدراكه من غير محدور فلزمه وتصح الركعة فيعتد بها وان لم يفعل ما فاته مع امامه ويلحقه لعدم تمكنه من فعل ذلك فلا تصح الركعة بل تلغى لفوات ركنها وان تخلف المأموم عنه بركعة فأكثر لعذر من نوم أو غفلة ونحوه كزحام فانه يتابع امامه فيما بقى من صلاته ويقضى ما تخلف
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 301، ص 302 الطبعة السابقة.
به بعد سلام امامه سواء كان ذلك فى الجمعة أو فى غيرها، قال الامام احمد رحمه الله تعالى فى رجل نعس خلف الامام حتى صلى ركعتين قال: كأنه أدرك ركعتين فاذا سلم الامام قضى ركعتين قال صاحب الكشاف: قلت: والمقضى هنا ليس أول صلاته دائما بل حكمه حكم ما فاته من صلاته معه وان تخلف المأموم بركنين لغير عذر بطلت صلاته لتركه متابعة الامام بلا عذر، وان كان تخلفه بالركنين فأكثر لعذر كنوم وسهو وزحام فان أمن فوت الركعة الثانية أتى بما تركه وتبعه لتمكنه من استدراكه بلا محذور وصحت ركعته فيتم عليها وان لم يأمن فوت الثانية ان أتى بما تركه تبعه لأن استدراكه الفائتة اذن يؤدى الى فوت ركعة غيرها فيتركه محافظة على متابعة امامه ولغت ركعته والتى تليها عوضها فيبنى عليها ولو زال
(1)
عذر من أدرك ركوع الأولى وقد رفع امامه من ركوع الثانية تابعه فى السجود فتتم له ركعة ملفقة من ركعتى امامه يدرك بها الجمعة فيأتى بعدها بركعة وتتم جمعته ولو أتى بما تخلف به وأدرك امامه فى ركوع الثانية تبعه وتمت جمعته وبعد رفعه من الركوع تبعه وقضى كمسبوق، وان زاد الامام
(2)
ركعة فلا يعتد بتلك الركعة الزائدة من صلاته المسبوق الذى دخل مع الامام فيها أو قبلها لأنها زيادة لا يعتد بها الامام فلا يعتد بها المأموم ولا يصح أن يدخل معه فيها من علم أنها زائدة لأنها سهو وغلط فلو دخل معه فيها مسبوق بجهل أنها زائدة تنعقد صلاته وهو الصحيح من المذهب ثم متى علم فى أثناء صلاته أنها زائدة لم يعتد بها وان علم بعد السّلام فكترك ركعة ويلزم المأمومين تنبيه الامام على ما يجب السجود لسهوه لارتباط صلاتهم بصلاته بحيث تبطل ببطلانها، وان قام الامام
(3)
لزائدة ولم يرجع الى قول الثقتين المنبهين له فان كان عدم الرجوع سهوا بطلت صلاة الامام وبطلت صلاة من أتبعه من المأمومين ان كان عالما ببطلان كما لو اقتدى بمن يعلم حدثه، ولا تبطل صلاة صلاته ذاكرا لأنه اقتدى بمن يعلم بطلان صلاته من اتبعه من المأمومين جاهلا أو ناسيا لأن الصحابة تابعوا النبى صلى الله عليه وسلم فى الخامسة حيث لم يعلموا وتوهموا النسخ ولم يؤمروا بالاعادة ووجبت مفارقة الامام القائم الى زائدة على من علم ذلك لاعتقاد خطئه ويتم المفارق صلاته لنفسه للعذر واذا نسى الامام التشهد الأول فقط أو نسيه مع الجلوس له ونهض لزمه الرجوع والاتيان به ما لم يستتم قائما ويلزم المأموم متابعته للامام اذا رجع الى التشهد ولو بعد قيامه وشروعه فى القراءة لحديث: انما جعل الامام ليؤتم به ويتابع المأموم الامام اذا قام سهوا ويسقط عن التشهد ويسقط عنه التشهد فى الجلوس ولو علم المأموم ترك الامام للتشهد قبل قيامه ولا يتشهد المأموم بعد قيام امامه سهوا للحديث السابق، وان شك الامام فى عدد الركعات بنى على اليقين وعنه يبنى على غالب ظنه ان كان المأموم اكثر من واحد وان لم يكن المأموم
(1)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 303 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 259، 260 الطبعة السابقه.
(3)
كشف القناع وبهامشه منتهى الارادات ج 1 ص 264، ص 265 الطبعة السابقة
أكثر من واحد بنى الامام على اليقين ولا يأخذ
(1)
مأموم عند شكه بفعل امامه اذا كان المأموم اثنين فأكثر لأنه يبعد خطأ اثنين واصابة واحد فال فى المبدع: وأما المأموم فيتبع امامه مع عدم الجزم بخطئه وان جزم بخطئه لم يتبعه ولم يسلم قبله وليس على المأموم سجود لسهو نفسه لحديث ابن عمر يرفعه ليس على من خلف الامام سهو فان سها الامام فعليه وعلى من خلفه رواه الدار قطنى وظاهره ولو كان أتى بما محل سجوده بعد السّلام الا ان يسهو الامام فيسجد المأموم معه سواء سها المأموم أولا، حكاه اسحاق وابن المنذر اجماعا لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا .. ولو لم يتم المأموم التشهد ثم يتمه بعد سجوده مع امامه متابعة له وكان المأموم مسبوقا سواء كان سهو امامه فيما أدركه المسبوق معه أو قبله وسواء سجد امامه قبل السّلام أو بعده لعموم ما تقدم فلو قام المسبوق لقضاء ما فاته بعد سلام امامه رجع وجوبا ان لم يستتم قائما فسجد معه لسهوه وان استتم قائما كره رجوعه» وان شرع فى القراءة لم يرجع أى حرم رجوعه كما لو نهض عن التشهد الاول هذا يعنى كلامه فى الشرح وان ادركه المسبوق فى احدى سجدتى السهو الأخيرة سجد معه السجدة التى أدركه فيها متابعة له فاذا سلم امامه أتى المسبوق بالسجدة الثانية من سجدتى السهو ليوالى بين السجدتين ثم قضى المسبوق صلاته، نصا لعموم قوله عليه الصلاة والسلام فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا وان ادركه المسبوق بعد سجود السهو وقبل السّلام لم يسجد المسبوق لسهو امامه لأن سهو الامام قد انجبر بسجوده قبل دخوله معه أشبه ما لو لم يسه ويسجد مسبوق لسلامه مع امامه سهوا لأنه صار منفردا بسلام امامه ويسجد مسبوق لسهوه مع امامه ويسجد مسبوق لسهوه
(2)
فيما انفرد به رواية واحدة قاله فى المبدع وظاهره ولو كان سجد مع امامه لسهوه كما يعلم مما صوروا به ست تشهدات فى المغرب حتى فيمن فارقه لعذر أى لوسها الامام أو المأموم وهو معه ثم فارقه لعذر يبيح المفارقة فانه يسجد للسهو لأنه صار منفردا ولا يعيد المسبوق السجود اذا سجد مع امامه لسهو امامه لانه قد سجد وانجبرت صلاته وظاهره ولو كان سها عليه فيما ادركه مع الامام وان لم يسجد المسبوق مع امامه لسهوه لعذر سجد المسبوق آخر الصلاة وجها واحدا قاله فى المبدع وان لم يسجد الامام لسهوه سهوا أو عمدا لاعتقاده عدم وجوبه سجد المأموم بعد سلامه ولا بأس من سجوده لأن صلاته نقصت بسهو امامه فلزمه جبرها وكما لو انفرد لعذر ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام فعليه وعلى من خلفه لكن يسجد المسبوق الذى لم يسجد امامه لسهوه اذا فرغ من قضاء ما فاته لان محل سجود السهو آخر الصلاة وانما كان يسجده مع الامام متابعة له وان ترك الامام سجود السهو الواجب قبل
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 266 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 214 الطبعة السابقة.
السّلام مع اعتقاده وجوبه عمدا بطلت صلاة الامام قال فى المبدع فى صلاتهم روايتان وفى الشرح وجهان .. قلت مقتضى مما تقدم بطلان صلاتهم وان كان محله بعد السّلام لم تبطل صلاته ولا صلاتهم. والمأموم الذى فارق الامام
(1)
لعذر فى القيام قبل قراءة الفاتحة قرأ لنفسه لصيرورته منفردا قبل سقوط فرض القراءة عنه بقراءة الامام، وان فارقه بعد قراءة الفاتحة فله الركوع فى الحال لأن قراءة الامام قراءة للمأموم، وان فارقه فى اثناء القراءة يكمل ما بقى من الفاتحة وان كان المأموم فى صلاة ظهر أو عصر أو فى الاخيرتين من العشاء مثلا وفارق الامام لعذر بعد قيامه وظن ان امامه قرأ لم يقرأ أى لم تلزمه القراءة اقامة للظن مقام اليقين والاحتياط القراءة، وان فارقه لعذر فى ثانية الجمعة وقد أدرك الأولى معه اتم جمعة لأن الجمعة تدرك بركعة وقد أدركها مع الامام، فان فارقه فى الركعة الأولى من الجمعة فكمزحوم فيها حتى تفوته الركعتان يتمها نقلا ثم يصلى الظهر وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة امامه لارتباطها بها لا عكسه أى لا تبطل صلاة امام ببطلان صلاة مأموم سواء كان بطلان صلاة الامام لعذر كأن سبقه الحدث أو لغير عذر كأن تعمد الحدث أو غيره من المبطلات للصلاة، فلا استخلاف للمأموم اذا سبق امامه الحدث، ولا يبنى المأموم على صلاة امامه حينئذ بل يستأنفها لبطلانها وعنه لا تبطل صلاة مأموم اذا كان بطلان صلاة الامام لعذر بأن يسبقه الحدث، واذا قلنا بعدم بطلانها فانهم يتمونها جماعة بغيره يستخلفونه أو يتمونها فرادى واختار القول بعدم بطلان صلاة المأموم ببطلان صلاة امامه لعذر جماعة من الأصحاب، وعلى هذا القول لو نوى أحد المأمومين الامامة لاستخلاف الامام له اذا سبقه الحدث صح ذلك منه للعذر لما روى البخارى أن عمر لما طعن أخذ بيد عبد الرحمن ابن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة ولم ينكر فكان كالاجماع ولفعل على أيضا وان سبق
(2)
اثنان فأكثر ببعض الصلاة ثم سلم الامام فأئتم أحدهما لصاحبه فى قضاء ما فاتهما صح، ولو أئتم مقيم بمثله فيما بقى من صلاتهما - اذا سلم امام مسافر - صح ذلك لأنه انتقال من جماعة الى جماعة أخرى لعذر فجاز كالاستخلاف وذلك يشبه قضية أبى بكر رضى الله تعالى عنه من حيث الانتقال من جماعة الى جماعة أخرى، لأن الصحابة كانوا مؤتمين بأبى بكر فصاروا مؤتمين بالنبى صلى الله عليه وسلم فكانت المشابهة فى الانتقال من جماعة الى أخرى، ومحل صحة اقتداء المسبوق بمثله اذا سلم الامام فى غير جمعة اذ لا يصح ذلك فى الجمعة لأنها اذا أقيمت بمسجد مرة لم تقم فيه مرة ثانية قاله القاضى، ومن أحكام الاقتداء النية بالنسبة للامام والمأموم فقد جاء فى كشاف القناع
(3)
: ان من شرط الجماعة ان ينوى الامام أنه مقتدى به وينوى المأموم أنه مقتد كالجمعة لأن الجمعة تتعلق بها أحكام وجوب
(1)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 215 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 216 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 213 الطبعة السابقة.
الأتباع وسقوط السهو عن المأموم وفساد صلاته بفساد صلاة امامه وانما يتميز الامام عن المأموم بالنية فكانت شرطا لصحة انعقاد الجماعة فلو نوى أحدهما دون صاحبه بأن نوى الامام دون المأموم أو بالعكس أو نوى كل واحد منهما أنه امام الآخر أو أنه مأمومه لم يصح لهما لأنه أم من لم يأتم به أو ائتم بمن ليس اماما، أو نوى امامة من لا يصح ان يؤمه كأمى نوى أن يؤم قارئا أو كأمرأة نوت أن تؤم رجلا ونحوه كعاجز عن شرط الصلاة نوى أن يؤم قادرا عليه لم تصح صلاتهما لأن كلا من الامامة والائتمام فاسدان أو نوى الائتمام بأحد الامامين لا بعينه لم تصح صلاته لعدم تعيينه أو نوى الائتمام بهما أى بالامامين لم تصح صلاته لأنه لا يمكنه الاقتداء بهما، أو نوى الائتمام بالمأموم أو بالمنفرد لم تصح صلاته لأنه ائتم بغير امام، أو شك فى الصلاة أنه امام أو مأموم لم تصح صلاته لعدم الجزم بنية الامامة أو الائتمام، ولو أحرم بحاضر فانصرف الحاضر قبل احرامه معه ولم يعد ولم يدخل غيره معه قبل رفعه من ركوعه لم تصح صلاته لأنه نوى الامامة بمن لم يأتم به، ولو عين اماما بأن نوى انه يصلى خلف زيد فأخطأ لم تصح صلاته ولو عين مأموما وقلنا لا يجب تعيين الامام أو المأموم - وهو الأصح - فأخطأ لم تصح صلاته، قدمه فى الفروع وغيره وعلى القول بانه يجب تعيين الامام والمأموم وأخطأ صحت صلاته لانه معذور فى التعيين لصحة صلاته والخطأ معفو عنه
(1)
، ولو نوى الامامة وهو لا يرجو مجئ احد يأتم به لم تصح صلاته ولو حضر من ائتم به لان الأصل عدم مجيئه ولو نوى الامامة ظانا حضور مأموم بأن يغلب على ظنه حضور من يأتم به صح ذلك كما لو علمه ولا تصح نية الامامة مع الشك فى حضور من يأتم به كما لو علم عدم مجيئه لانه الأصل، وان نوى الامامة ظانا حضور مأموم فلم يحضر لم تصح صلاته لانه نوى الامامة بمن لم يأتم به وكذا لو حضر ولم يدخل معه لا ان دخل معه فى الصلاة ثم انصرف قبل اتمامه صلاته فان صلاة الامام لا تبطل ويتمها منفردا، وان أحرم منفردا ثم نوى الائتمام فى أثناء الصلاة أو أحرم منفردا ثم نوى الامامة لم يصح سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا كالتراويح والوتر قال فى الانصاف هذا هو المذهب وعليه الجمهور قال فى الفروع اختاره الأكثر وقال المجد اختاره القاضى وأكثر أصحابنا، والمنصوص صحة الامامة ممن أحرم منفردا فى النفل وهو الصحيح عند الموفق ومن تابعه لحديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: بت عند خالتى ميمونة فقام النبى صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل فقمت عن يساره فأخذ بيدى فأدارنى عن يمينه - متفق عليه.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى
(2)
: أن من شروط صحة الاقتداء المتابعة ففرض على كل مأموم ألا يرفع ولا يركع ولا يسجد ولا يكبر ولا يقوم ولا يسلم قبل إمامه ولا مع إمامه فإن فعل عامدا بطلت صلاته انما يفعل ذلك
(1)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 214 الطبعة السابقة.
(2)
المحلى للعلامة أبى محمد على بن أحمد ابن سعيد بن الظاهرى ج 4 ص 60، ص 61 طبع مطبعة ادارة طباعة المنيرة سنة 1350 هـ الطبعة الاولى.
بعد تمام كل ذلك من إمامه فإن فعل ذلك ساهيا فليرجع ولا بد حتى يكون ذلك كله منه بعد كل ذلك من امامه وعليه سجود السهو فقد ورد فى الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خطب فقال: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال غير المغضوب عليهم فقولوا آمين يجبكم الله فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا فان الامام يركع قبلكم ويرفع قبلكم فتلك بتلك.
وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم فتلك بتلك. الخ ولا يحل
(1)
لأحد أن يكبر قبل امامه الا فى أربعة مواضع: أحدهما من دخل خلف امام فلما كبر الامام وكبر الناس ذكر الامام انه على غير طهارة فانه يشير الى الناس ان امكثوا ثم يخرج فيتطهر ثم يأتى فيبتدئ التكبير للاحرام وهم باقون على ما كبروا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضى الله تعالى عنهم والثانى: أن يكبر الامام ويكبر الناس
(2)
بعده ثم يحدث الامام فيستخلف من دخل حينئذ فيصير اماما مكانه ويكون المؤتمون به قد كبروا قبله والثالث:
أن يغيب الامام الراتب فيستخلف الناس من يصلى بهم ثم يأتى الامام الراتب فيتأخر المقدم ويتقدم هو فيصلى بالناس وقد كبر المأمومون قبله كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة اذ مضى صلى الله عليه وسلم الى بنى عمرو بن عوف ليصلح بينهم فقدم الناس للصلاة التى حضرت أبا بكر رضى الله تعالى عنه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأخر أبو بكر وتقدم الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس بانين على ما صلوا مع أبى بكر وكما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر صلاة صلاها بالمسلمين والرابع: من كان معذورا فى ترك حضور الجماعة او يئس عن ان يجد جماعة فبدأ الصلاة فلما دخل فيها أتى الامام فانه يدخل فى صلاة الامام ويعتد بتكبيره وبما صلى لانه كبر كما أمر وصلى ما مضى من صلاته كما أمر. وكذلك لا يحل لاحد أن يسلم قبل امامه الا فى صلاة الخوف او من كان له عذر فى ترك حضور الجماعة او يئس عن وجود جماعة فبدأ بالصلاة ثم أتى الامام فصار هذا مؤتما به وتمت صلاته قبل صلاة الامام فهذا مخير ان شاء سلم ونهض لأن صلاته قد تمت ولا يجوز له الائتمام بالامام فى أحوال يفعلها الامام من صلاته ولا يحل للمؤتم أن يزيدها فى صلاته فاذا لا يجوز له الائتمام بالامام فقد خرج عن امامته وتمت صلاته فيسلم، وكذلك المسافر الذى دخل خلف من يتم الصلاة اما لأنه مقيم واما لأنه متأول معذور بخطئه فاذا تمت للمأموم ركعتان بسجداتها فقد تمت صلاته فهو مخير بين ما ذكرنا من سلام أو يتمادى على الجلوس والدعاء وان شاء أن ينهض بعد صلاته فله ذلك وان شاء أن يصلى مع الامام باقى صلاته متطوعا فذلك له، وكل من استخلفه الامام المحدث
(3)
فانه لا يصلى الا صلاة نفسه لا على صلاة امامه
(1)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 63، ص 64 الطبعة السابقة
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 65، الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 67 الطبعة السابقة
المستخلف له ويتبعه المأمومون فيما يلزمهم ولا يتبعونه فيما يلزمهم بل يقفون على حالهم ينتظرونه حتى يبلغ الى ما هم فيه فيتبعونه حينئذ، وإذا سها
(1)
الإمام فسجد للسهو ففرض على المؤتمين أن يسجدوا معه إلا من فاتته معه ركعة فصاعدا فإنه يقوم إلى قضاء ما عليه فإذا أتمه سجد هو للسهو إلا أن يكون الإمام سجد للسهو قبل السلام ففرض على المأموم أن يسجدهما معه وإن كان بقى عليه قضاء ما فاته ثم لا يعيد سجودهما اذا سلم لأن النبى صلى الله عليه وسلم سها فسجد وسجد المسلمون معه بعلمه بذلك، وأما من عليه قضاء ركعة فصاعدا فإن الإمام إذا سلم فقد خرج من صلاته ولزم المأموم القضاء لقول النبى صلى الله عليه وسلم: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا فلا يجوز له الأشتغال بغير الأتمام المأمور به موصولا بما ادرك فلم يتم صلاته بعد والسجود للسهو لا يكون الا فى آخر الصلاة وبعد تمامها، وأما اذا سجد الامام قبل أن يسلم ففرض على المأموم الائتمام به فى كل ما يفعله الإمام فى موضعه، وإن كان موضعه للمأموم بخلاف ذلك وكذلك يفعل فى القيام والقعود والسجود، ومن صلى
(2)
مؤتما بامام مريض أو معذور وصلى الامام قاعدا لعذره فان المؤتم يتبعه فى ذلك ويصلى قاعدا، فان لم يقدر الامام على القعود ولا على القيام صلى مضطجعا وصلوا كلهم خلفه مضطجعين ولا بد وان كان فى كلا الوجهين مذكر يسمع الناس تكبير الامام صلى ان شاء قائما الى جنب الامام وان شاء صلى كما يصلى امامه قال ابو سليمان وأصحابنا يؤم المريض قاعدا الاصحاء ولا يصلون وراءه الا قعودا كلهم ولا بد قال على: وبهذا نأخذ الا فيمن صلى الى جنب الامام يذكر الناس ويعلمهم تكبير الامام فانه مخير بين أن يصلى قاعدا وبين أن يصلى قائما ودليل ذلك ما حدثناه عن عبد الرحمن بن عبد الله .. عن أنس رضى الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انما جعل الامام ليؤتم به، وذكر كلامه عليه السلام وفيه .. واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون، وما روى عن أبى الزناد عن ابى هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فأركعوا واذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد واذا سجد فاسجدوا واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون، وما روى عن جابر رضى الله تعالى عنه: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره فالتفت الينا فرآنا قياما فأشار الينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعودا فلما سلم قال: ان كدتم آنفا تفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود، قال على
(3)
: فهؤلاء ابو هريرة وجابر وأسيد وكل من معهم من الصحابة وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غير مسجده لا مخالف لهم يعرف من الصحابة رضى الله تعالى عنهم، كلهم يرى امامة الجالس للأصحاء
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 166 وص 167 الطبعة السابقة.
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 59، ص 63، ص 64 الطبعة السابقة.
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 3 ص 70 الطبعة السابقة.
ولم يرو عن أحد منهم خلاف لابى هريرة وغيره واما صلاة المريض
(1)
خلف الصحيح فان الصحيح يصلى قائما والمريض يأتم به جالسا أو مضجعا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر صلاة صلاها مع الناس فى جماعة صلى قاعدا خلف أبى بكر رضى الله تعالى عنه، وأبو بكر قائم وذلك بعد أمره صلى الله عليه وسلم بأن لا يختلف على الامام ولقول الله تعالى «لا يُكَلِّفُ اللهُ 2 نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» ومن دخل خلف
(3)
امام فبدأ بقراءة ام القرآن فركع الامام قبل أن يتم هذا الداخل ام القران فلا يركع حتى يتمها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مهما أسبقكم به اذا ركعت تدركونى به اذا رفعت» فان جاء والامام راكع فليركع معه ولا يعتد بتلك الركعة لانه لم يدرك القيام ولا القراءة ولكن يقضيها اذا سلم الامام فان خاف جاهلا فليتأن حتى يرفع الامام رأسه من الركوع فيكبر حينئذ ومن ظن
(4)
ان امامه قد سلم او نسى أنه فى امامة الامام فقام لقضاء ما لم يدرك او التطوع او الحاجة ساهيا فعليه أن يرجع متى ذكر ويجلس ويتشهد ان كان لم يكن تشهد ولا يسلم الا بعد سلام امامه وجالسا ولابد، فان حيل بينه وبين الجلوس سلم كما يقدر ويسجد للسهو فان انتقض
(5)
وضوؤه قبل ان يعمل ما ذكرنا ابتداء الصلاة ولا بد فلو تعمد شيئا مما ذكرنا ذاكرا أنه فى امامة الامام بطلت صلاته، ومن علم أن أمامه قد زاد ركعة أو سجدة فلا يجوز له أن يتبعه عليها بل يبقى علي الحالة الجائزة ويسبح بالامام وهذا لا خلاف فيه، ولا يتحمل
(6)
الامام سهو المأموم فاذا سها المأموم ولم يسه الامام ففرض على المأموم ان يسجد للسهو ومن شروط صحة الاقتداء الا يقف المأموم امام الامام، فلا يحل لأحد أن يصلى امام الامام الا لضرورة حبس فقط أو فى سفينة حيث لا يمكن غير ذلك ففى حديث جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنه قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال جابر: فتوضأت من متوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب جبار بن صخر يقضى حاجته فقام الرسول صلى الله عليه وسلم ليصلى ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدى فأدارنى حتى أقامنى عن يمينه ثم جاء جبار بن صخر فقام عن يسار الرسول صلى الله عليه وسلم فأخذ الرسول بأيدينا جميعا حتى أقامنا خلفه فوجب ان يكون الاثنان فصاعدا خلف الامام ولابد، وأن يكون الواحد عن يمين الأمام ولابد، فمن صلى بخلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فلا صلاة له وهذا بالنسبة للرجال اما بالنسبة للنساء فقد قال ابن حزم
(7)
:
ان صلت امرأة الى جنب رجل لا تأتم به ولا بامامه فذلك جائز فان كان لا ينوى أن يؤمها
(1)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 72 الطبعة السابقة وص 286 بعض الجزء.
(2)
الآية رقم 286 من سورة البقرة.
(3)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 3 ص 243 الطبعة السابقة.
(4)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 51 ص 52 الطبعة السابقة.
(5)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 51 ص 167 الطبعة السابقة.
(6)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 الطبعة السابقة.
(7)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 17، 18 الطبعة السابقة.
ونوت هى ذلك فصلاته تامة وصلاتها باطلة فان نوى أن يؤمها وهى قادرة على التأخر عنه فصلاتهما جميعا فاسدة فان كانا جميعا مؤتمين بامام واحد ولا تقدر هى ولا هو على مكان آخر فصلاتهما تامة، وأن كانت قادرة على التأخر وهو غير قادر على تأخيرها فصلاتها باطلة وصلاته تامة، فلو قدر على تأخيرها فلم يفعل فصلاتهما جميعا باطلة لما روى عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال: صلى بى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبامرأة من أهلى فاقامنى عن يمينه والمراة خلفنا فصح أن مقام المراة والمرأتين والاكثر انما هو خلف الرجال ولابد، لا مع رجل واحد أصلا ولا امامه وان موقف الرجل والرجلين والاكثر انما هو امام المرأة والمرأتين والأكثر ولابد، فمن تعدى موضعه الذى أمره الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيه وصلى حيث منعه الله كذلك فقد عصى الله عز وجل فى عمله ذلك ولم يأت بالصلاة التى أمر الله بها والمعصية لا تجزئ عن الطاعة،
(1)
وفرض على المأمومين تعديل الصفوف الأول فالأول والنراص فيها والمحاذاة بالمناكب والأرجل فان كان نقص كان فى آخرها، ومن صلى وامامه فرجة فى الصف يمكنه سدها بنفسه فلم يفعل بطلت صلاته فان لم يجد فى الصف مدخلا فليجتذب الى نفسه رجلا يصلى معه فان لم يقدر فليرجع ولا يصلى وحده خلف الصف الا أن يكون ممنوعا فيصلى ويجزئه وأيما رجل صلى خلف الصف بطلت صلاته ولا يضر ذلك المرأة شيئا وقد ورد فى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة،
(2)
وروى أن عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه قال: اذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فاعتدال الصف من تمام الصلاة كذلك لا يجوز أن يكون بين الامام والمأموم فاصل فقد قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه: من كان بينه وبين الامام نهر أو حائطا وطريق فليس مع الامام قال ابن حزم: هذا فعل الخليفتين بحضرة الصحابة لا يخالفهم فى ذلك أحد منهم، وجائز للامام
(3)
أن يصلى فى مكان جميع المأمومين وفى أخفض منه سواء فى كل ذلك العامة والأكثر والاقل فان أمكنه السجود فحسن والا فاذا أراد السجود فلينزل حتى يسجد حيث يقدر حتى يرجع الى مكانه، وذكر صاحب المحلى
(4)
: أنه لم يأت قط قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا قياس يوجب اتفاق نية الامام والمأموم وكل شريعة لم يوجبها قرآن ولا سنة ولا اجماع فهى غير واجبة وهذه شريعة لم يوجبها شئ مما ذكرنا فهى غير واجبة قال على: ومن المحال أن يكلفنا الله تعالى موافقة نية المأموم منا لنية الامام لقوله تعالى: لا يكلف الله نفسا الا وسعها وليس فى وسعنا علم ما غيب عنا من نية الامام
(1)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 52 الطبعة السابقة
(2)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 58 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 84 الطبعة السابقة
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 324 ص 225 الطبعة السابقة
حتى توافقها، اما حديث الرسول: انما جعل الامام ليؤتم به فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الخبر نفسه المواضع التى يلزم الائتمام بالامام فيها وهى قوله صلى الله عليه وسلم اذا كبر فكبروا واذا ركع فاركعوا واذا سجد فاسجدوا واذا صلى قاعدا فصلوا قعودا فهنا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالائتمام فيه لا فى النية التى لا سبيل الى معرفتها لغير الله تعالى ثم لناويها وحده وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فنص رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا جليا على أن لكل أحد ما نوى فصح يقينا أن للامام نيته وللمأموم نيته لا تعلق لأحداهما بالأخرى وما عدا هذا فباطل وقد ورد أن معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه كان يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع الى قومه فيصلى بهم تلك الصلاة وغير ذلك من الاحاديث فمن نسى صلاة فرض
(1)
أى صلاة كانت - فوجد أماما يصلى صلاة أخرى - أى صلاة كانت فى جماعة ففرض عليه ولا بد أن يدخل فيصلى التى فاتته وتجزئه ولا يبالى باختلاف نية الامام والمأموم وجائز صلاة الفرض خلف المتنفل والمتنفل خلف من يصلى الفرض وصلاة فرض خلف من يصلى صلاة فرض أخرى كل ذلك حسن وسنة، ولو وجد المرء جماعة تصلى التراويح فى رمضان ولم يكن صلى العشاء الآخرة فليصلها معه وينوى فرضه فاذا سلم الامام ولم يكن هو أتم صلاته فلا يسلم بل يقوم فان قام الامام الى الركعتين قام هو أيضا فائتم به فيهما ثم يسلم بسلام الامام وكذلك لو ذكر صلاة فائتة وجائز أن يصلى امام واحد بجماعتين فصاعدا فى مساجد شتى صلاة واحدة هى لهم فرض وكلها له نافلة سوى التى صلى اولا، وكذلك من صلى صلاة فرض فى جماعة فجائز له أن يؤم فى تلك الصلاة جماعة أخرى وجماعة بعد جماعة، ومن فاتته الصبح
(2)
فوجد قوما يصلون الظهر صلى معهم ركعتين ينوى بهما الصبح ثم سلم وصلى الباقيتين بنية الظهر ثم أتم ظهره وهكذا يعمل فى كل صلاة، ولا يجوز للمأموم
(3)
أن يقرأ خلف الامام شيئا غير أم القرآن لما ورد عن عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه قال: صلى بنا صلى الله عليه وسلم الفجر فلما انصرف قال: تقرأون خلفى قلنا نعم يا رسول الله قال: لا تفعلوا الا بأم الكتاب فانه لا صلاة الا بها، وفرض على
(4)
المأموم أن يسر بأم القرآن فى كل صلاة ولا بد فلو جهر بطلت صلاته لقول الله تعالى
(5)
: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
(6)
ولحديث: انما جعل الامام ليؤتم به.
(1)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 224 الطبعة السابقة
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 4 ص 224 الطبعة السابقة م 494 رقم
(3)
المرجع السابق ج 3 ص 236 الطبعة السابقة م 360 رقم
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى 4 ص 108 الطبعة السابقة م 443 رقم
(5)
المرجع السابق 4 ص 111 الطبعة السابقة
(6)
الاية رقم 204 من سورة الاعراف.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الازهار
(1)
:
أن من شروط صحة الاقتداء أن يكون الامام ممن يصح الاقتداء به - وسيأتى ذكر ذلك مفصلا - فاذا اقتدى بمن لا يصح الاقتداء به فسدت صلاته وفساد الصلاة حينئذ على المؤتم يحصل بنية الائتمام بالفاسق أو الصبى ونحوهما ممن سيأتى تفصيله ولا تفسد الصلاة على الامام فى هذه الحالات بمجرد نية الامامة الا حيث يكون بالصلاة مع الامامة وارادتها عاصيا وذلك نحو أن تؤم المرأة رجلا أو اللرجل امرأة منفردة أو يؤم قاعد قائما فأما اذا أم الفاسق مؤمنا فان كان مذهب المؤتم جواز الصلاة خلفه للم يلزم الامام النكير عليه وصحت صلاته ولو كان مذهب الامام أن ذلك لا يصح على خلاف فى ذلك وان كان مذهبهما جميعا أن ذلك لا يصح فان كان المؤتم عارفا بفسق هذا الامام أو نحو ذلك وأن الصلاة خلفه لا تصح كانت نية الامامة من الامام لغوا وقد انعقدت صلاته فرادى اللهم الا أن يكون فى صورة صلاة الجماعة فى تلك الحال تلبيس على اللاحق حيث يكون ممن يكون يقتدى به وذلك فى آخر الوقت احتمل أن لا تصح واحتمل خلافه وان كان المؤتم جاهلا بفسق هذا الامام فان كان الوقت موسعا ولا يخشى فوات تعريف المؤتم أن صلاته غير صحيحة صحت صلاة الامام ان قلنا ان الصلاة على الوجه الذى لا يصح مع عدم الاعتداد بها ليست منكرا فى نفسها والأقرب انها انما تكون منكرا مع علم المصلى لا مع جهله وان كان فى آخر الوقت أو يخشى فوات تعريف المؤتم ببطلانها فالاقرب أن صلاة الامام لا تصح من حيث دخل فيها وعليه واجب أضيق منها وهو تعريف المؤتم فأشبه من صلى وثم منكر يخشى فواته ويحتمل أن تكون هذه الصورة كالصورة التى تكون مذهب المؤتم صحة الصلاة خلف الفاسق ومذهب الامام خلافه لأن الجاهل بمنزلة المجتهد قال المهدى عليه السلام والأول أقرب وأصح، وتكره الصلاة
(2)
خلف من عليه صلاة فائتة، أن ذلك لا القاسم ولا يؤم من عليه فائتة، أن ذلك لا يصح ولم يفرق بين أول الوقت وآخره وبين أن يكون الفائت خمسا أو أكثر لكن حملة الاخوان على ان الكراهة ضد الأستحباب كما ذكرنا أو لم تكن عليه فائتة وهو مستكمل لشروط صحة الامامة لكن كره الصلاة خلفه الأكثر ممن يحضر الصلاة فان الصلاة خلفه حينئذ تكره لغير الكاره بشرط أن يكون الكارهون صلحاء لانهم اذا كانوا غير صلحاء لم يؤمن أن تكون كراهيتهم لذلك تعديا عليه وحسدا ونحو ذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة رجل أم قوما وهم له كارهون: وقال المنصور بالله لا تجوز الصلاة خلفه قال مولانا عليه السلام والأول أقرب وانما اعتبرنا الكثرة.
قال أبو مصر هذا اذا كانت الكراهية لأمر يرجع الى الصلاة كتطويل او نحوه لا للشحناء أو لغير ذلك قال مولانا عليه السلام وهذا أصح من قول أبى مضر لأنهم اذا كانوا صلحاء
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 288 الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة 1357 هـ
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 288، ص 890 الطبعة السابقة.
فالأقرب أنهم لا يشحنون عليه الا من باطل وتجب على
(1)
الامام نية الامامة وعلى المؤتم نية الائتمام. قيل واذا اختلف مذهب الامام
(2)
والمؤلم فى وجوب نية الامامة ولم ينوها الامام فان كان مذهب الامام عدم وجوب النية والمؤتم يوجبها جاء الخلاف هل الامام حاكم ام لا وان كان مذهبه الوجوب والمؤتم مذهبه عدم الوجوب فالعبرة بمذهب المؤتم أهـ لان صلاة الامام حيث لم ينو الامامة صحت لنفسه والمؤتم يرى صحة الائتمام به دون نية الامامة فصحت صلاتهما لقول النبى صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به ولا اتباع الا بنية.
قال المهدى عليه السلام اما المؤتم فلا خلاف فى ذلك فى حقه وأما الامام ففى ذلك ثلاثة أقوال.
الأول ما ذكره القاسم ومحمد بن يحيى وخرجه أبو طالب للهادى أن نية الامام شرط حتى روى فى الكافى عن المرتضى أنه اذا نوى أن يؤم بقوم باعيانهم لا يصح أن يؤم غيرهم.
القول الثانى: للمؤيد بالله وهو الصحيح عند الشافعى وهو قول المنصور بالله أن ذلك لا يجب حجتهم لأنه غير معلق صحة صلاته بصلاة غيره ولحديث ابن عباس قال بت عند خالتى ميمونة فجاء النبى صلى الله عليه وآله وسلم فتوضأ ووقف يصلى فقمت وتوضأت ووقفت عن يساره فأخذ بيدى وأقامنى عن يمينه والظاهر انه لم ينو الامامة قال فى الانتصار أفاد هذا الحديث عشرين حكما. ولا يضر تقديم نية المؤتم على الامام لانها من أفعال القلوب. لكن يقال على قول المؤيد بالله هل تكون صلاة الامام جماعة ينال بها فضيلة الجماعة اذا لم ينوها وجهان أصحهما أنه ينال بها فضيلة الجماعة. لأن الامام انما يكون اماما بالمتابعة سواء نوى أم لا. ولو صلى منفردا ثم ائتم به غيره صح على القول الثانى لا على القول الأول فلو نوى الامامة فى حال الصلاة قال البعض لا تصح وقال القاضى عبد الله الدوارى أنها تصح للضرورة كما فى المستخلف.
القول الثالث: ذكره فى شرح الابانة للناصر والقاسمية أن المرأة لا تدخل الا بنية من الامام وان لم ينو الامام الامامة ولا المؤتم الائتمام بطلت الجماعة لا الصلاة على أيهما وذلك حيث يتفق ركوعهما وسجودهما من دون انتظار واتباع، أو بطلت الصلاة على المؤتم فحسب حيث ينوى الائتمام ولم ينو الامام الامامة، فان نويا الامامة أى نوى كل واحد منهما أنه امام للآخر صحت الصلاة فرادى لأن كل واحد منهما لم يعلق صلاته بصلاة الغير فتلغو نية الامامة قال فى الشرح كما لو نوى المنفرد أنه يؤم وان نوى كل واحد منهما الائتمام بصاحبه بطلت صلاتهما أما عند الهادوية فلأن كل واحد منهما علق صلاته بمن لا تصح امامته وأما عند المؤيد بالله فقيل لا تصح أيضا عنده لأن كل واحد منهما لم يصح منفردا ولا مؤتما وذلك يؤدى الى الممانعة، قال على خليل: بل تصح على
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 291، 292 وص 193 الطبعة السابقة
(2)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار فى فقه الائمة الاطهار مع حواشيه للعلامة ابو الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 293، ص 294، ص 295 الطبعة الثانية مطبعة حجازى بالقاهرة سنة 1357 هـ
أصل المؤيد بالله كما لو لم ينو الامام الامامة قال مولانا المهدى عليه السلام وفى هذا القياس نظر بل ضعف كثير لأن هنا قد علق صلاته بصلاة غيره وفى مجرد الاتباع تردد أى حيث يتابع المصلى مصليا آخر من دون نية الائتمام فى ذلك تردد هل تفسد به الصلاة أم لا وحاصل الكلام فى ذلك أن المتقدم اما ان يكون عدلا أم لا فان كان عدلا ولم يقع من المتابع له انتظار بل اتفق ركوعهما وسجوهما فى وقت واحد لم يضر ذلك وان انتظر صحت عند ابو طالب وقال المؤيد بالله لا تصح فقال على خليل:
نحتمل ان لا تصح جماعة ولا فرادا لأجل الانتظار ويحتمل ان لا تصح جماعة واما فرادى فتصح ولا تبطل بالانتظار. قال مولانا عليه السلام بل الاحتمال الأول أقرب الى كلام المويد بالله وان كان المتقدم غير عدل فان كان المتابع له يوهم لم تصح صلاته سواء انتظر ام لا وان كان لا يوهم فحكمه حكم متابعة العدل ان لم ينتظر صحت صلاته وان انتظر فالخلاف، ويقف المؤتم الواحد على يمين امامه غير متقدم على الامام ولا متأخر عنه بكل القدمين فاما اذا تقدم أو تأخر ببعضهما أو بأحدهما فلا تفسد ويكون المؤتم الواحد مع ذلك غير منفصل عن امامه وقد قدر الانفصال المفسد بأن يكون بينهما قدر ما يسع واحدا هذا فى الذكر وأما المرأة اذا ائتمت بامرأة تخير بين وقوفها عن يمينها او شمالها. وقيل لا فرق. ذكره فى الاحكام وهو ظاهر. ويكره التأخر لأهل الفضل عن الصف الاول لأن الامام قد يحتاج للفتح والاستخلاف لقوله صلى الله عليه وسلم ليليتى أولى الفضل والنهى. ظاهرة ولو كان المؤتم مرتفعا فى القامة أو فى المسجد الا اذا كان محاذيا لمرأسه بحيث لو سقط المؤتم مكان قدمه فوق رأس الامام اذ لم يصدق عليه أنه أيمته فلا يصح. قال فى الاثمار ولا مفاوت كأن يقدم أحد رجليه ويؤخر الأخرى وظاهر الاظهار خلافه ومثله عن الشامى. وعبارة الازهار يقضى ان من تقدم على الامام بقدم وتأخر بقدم على الامام بأن يغنى مقدما رجلا ومؤخرا أخرى انها لا تفسد هذه الصلاة بذلك وان هذه صفة لا تعد تفسده لان مساواة الآداب هيئته. قال المقصود بالله اذا كثر المصلون بحيث لا يتمكن احدهم من ركوع ولا سجود ولم يكن أحد منهم سابق الى مكانه وجب عليهم اللخروج الجميع من وضع صلاته لأن كل واحد منهم مانع لسواه من الصلاة فقد اجتمع وجه القبح وهو وضع الغير منها ووجه الحسن وهو طلب العبادة فيغلب وجه القبح كما يغلب جنية الخطر على الاباحة فان خرج بعضهم وتمكن الباقون من الصلاة أجزأتهم فان عاد بعضهم بعد الخروج طلبا للصلاة كان أحق عن سواه بمكانه وان لم يقف المؤتم الواحد على هذه الصفة بل يتقدم أو يتأخر أو ينفصل أكثر من القدر المعفو أو يقف على اليسار بطلت صلاته أو قال البعض
(1)
لا تفسد بالتأخر، وفى حواشى الافادة للقاسم والناصر جواز ذلك الوقوف على يسار الامام من غير عذر ومثله عن أبى طالب والحقينى الا أن يقف المؤتم على يسار الامام أو نحو ذلك لعذر فأن صلاته تصح حينئذ. والعذر نحو أن لا يجد متسعا عن يمين الامام أو الصف المند ولا ينجذب له أحد أو يكون فى المكان مانع من نجاسه أو غيرها أو يكون عن
(1)
شرح الازهار ج 1 ص 294، ص 295 وص 296 الطبعة السابقة
يمين الامام من لا يسد الجناح من صبى أو فاسدة صلاة ولا يساعد الى الانفصال أو نحو ذلك قال فى الياقوته فان تعذر عليه الوقوف عن يمين الامام وقف عن يساره وقال فى شرح أبى مضر يقف خلفه الا فى التقدم على الامام فان صلاته مؤتما متقدما على امامه لا تصح سواء تقدم لعذر أو لغير عذر، ويقف الاثنان فصاعدا خلف الامام ولا يكفى كونهما من خلفه بل لا بد من أن يكونا فى سمته أى محاذيين له ولا يكونا يمينا ولا شمالا الا لعذر نحو أن يكون المكان ضيقا أو نحو ذلك جازت المخالفة أو لم يكن ثم عذر يبيح ترك المسامته له فان ذلك يجوز لتقدم صف سامته مثال ذلك أن ينقدم الامام ويصلى خلفه اثنان فصاعدا مسامتين له ثم يأتى أثنان أو أكثر فيقفان خلف ذلك الصف فى غير مقابلة الامام بل يمينا أو شمالا فان ذلك يصح قال البعض بل حكم هذا الصف حكم الصف الاول اذا لم يسامت على الخلاف
(1)
واعلم ان حكم الاثنين فصاعدا بعد الامام حكم الامام وواحد معه فى أنه لا يجوز انفصال احدهما عن الآخر ولا يجوز تقدم أحدهما ولا تأخره بكل القدمين وكذا سائر من فى الصفوف، واذا وقف الامام فى وسط الصف فقيل: انها تصح وتكره ذكره ابن أبى الفوارس وأبو جعفر وقال البعض انها لا تصح وقال يحيى أما اذا وقفوا خلفه غير مسامتين فلعل ذلك لا يضر وان كره وكذا ذكر البعض فلو كان خلف الامام صف ثم جاء صف آخر وقفوا فى أحد الجانبين غير مسامتين للصف الأول قال البعض هذا على الخلاف المتقدم وقال البعض بل هذا اجماع بصحة الصلاة وان كرهت واذا صلى فى الحرم حول الكعبة حلقة فظاهر كلام الهادى أنها لا تجوز وقال الناصر أنها تجوز مطلقا وقال البعض أنها تجوز بشرط أن لا يكون المأموم أقرب الى جدار الكعبة من الامام أما لو صلوا فى جوف الكعبة فظاهر المذهب أنه لا فرق بين ذلك المكان وغيره فى الاصطفاف وفى الزوائد عن الناصر والقاسمية تصح اذا لم يكن ظهر المؤتم الى الامام، ولا يضر قدر القامة ارتفاعا من المؤتم على الامام وكذا انخفاضا نحو أن يكون الامام فى مكان مرتفع على المؤتم قدر ذلك فانه لا يضر يعنى لا تفسد به الصلاة وكذا لا يضر قدر القامة فمادون بعدا بين الامام والمأموم وكذا لا يضر قدر القامة اذا وقع حائلا بين الامام والمأموم فى التأخر فأما لو حال بينهما فى الاصطفاف فعلى الخلاف فى توسط السارية، ولا يضر البعد من الامام والارتفاع والانخفاض والحائل ولو كان فوق القامة فى حالين لا سوى، أحدهما أن يكون ذلك البعد واخواته واقعا فى المسجد
(2)
فاذا كان فيه لم تفسد الصلاة، الحال الثانى: أن يكون ذلك فى المسجد فانه يعفى عن فوق القامة فى ارتفاع المؤتم على الامام أما لو كان المرتفع هو الامام
(1)
المرجع السابق لابن الحسين عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 296، ص 297 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 298 الطبعة السابقة 251 المرجع السابق لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 298، ص 299 الطبعة السابقة
(3)
شرح الازهار وهامشه ج 1 ص 315 الطبعة السابقة.
فلا يعفى وتفسد فيهما أى سواء كان فى المسجد أم فى غيره فانه اذا ارتفع فوق القامة فسدت على المؤتم وقال البعض وظاهر قول المنتخب أنه لا فرق بين ارتفاع المؤتم أو الامام فوق القامة فان ذلك تبطل به الصلاة ويقدم
(1)
من صفوف الجماعة؟؟؟ الرجال ثم اذا اتفق خناثى ونساء قدم الخناثى على النساء اذا كانت الخنوثة ملتبسة ثم بعد الخناثى يقف النساء وان اتفق صبيان مع البالغين فالمسنون أن يلى كلا من الصفوف صبيانه فيلى الرجال الأولاد وبعدهم الخناثى الكبار ثم الخناثى الصغار ثم النساء ثم البنات الصغار وهذا الترتيب فى الصبيان مسنون وفى الكبار واجب ولا تخلل المراة المكلفة قال فى شرح الابانة سواء كانت حرة أو محرما أم أجنبية فلا تخلل صفوف الرجال فى صلاة الجماعة مشاركة لهم فى الائتمام وفى تلك الصلاة بل تؤخر عنهم ولو وقفت وحدها وان لم تؤخر عنهم جميعا بل تخللت مشاركة لهم فسدت الصلاة عليها ذكر ذلك البعض وقال الناصر لا تفسد عليها وتفسد أيضا عندنا على من خلفها من الرجال وعلى من فى صفها منهم أيضا وانما تفسد عليهم عندنا ان علموا بتخللها لا ان جهلوا وقد زيد على هذه الشروط الثلاثة وهى كونها مكلفة وشاركت وعلموا. شرطان الأول ذكر البعض وهو ان يرضى بتخللها الجماعة فلو كانوا كارهين لم تفسد صلاتهم، الثانى ذكره فى الزوائد وهو ان ينويها الامام وهذا مبنى على حكايته من أن المرأة لا تنعقد صلاتها جماعة الا ان ينويها الامام والظاهر عن القاسمية أنه لا فرق بين الرجل والمرأة ويسد جناح المؤتم اذا تأخر عن الامام فانه يسد جناحه كل مؤتم منضم أى كل من قد دخل فى صلاة الجماعة أو لما يدخل فيها لكنه متأهب لها نحو ان يكون فى حال التوجه ولما يكبر تكبيرة الاحرام أو نحو ذلك فاذا كان مؤتم غير منضم نحو المرأة مع الرجل فانها لا تسد جناحه لأنها لا تنضم اليه بل تؤخر فيتقدم حينئذ الى جنب الامام وهى متأخرة عنهما وكذا اذا كان غير متأهب نحو ان يكون مقبلا من طرف المسجد للصلاة فانه لا يسد جناح المتأخر عن الامام حتى ينضم اليه الا الصبى فانه لا يسد الجناح على ما ذكره المؤيد بالله أخيرا وحكاه فى حواشى الافادة عن أبى طالب وصححه أبو مضر لمذهب الهادى وقال البعض أنه يسد الجناح بناء على ان صلاته تصح نافلة والا فسدت الصلاة فانه لا يسد الجناح أيضا ذكره أبو جعفر وقال المنصور بالله وعلى خليل أنه يسد وقد دخل تحت فاسد الصلاة المجبر عند من قال يكفره فانه انما لم يسد عند من قال بكفره لفساد صلاته لا لمجرد الكفر وما عدا هذين فانه يسد الجناح بالاجماع كالفاسق والمتنفل والمتأهب وناقص الطهارة لعذر وناقص الصلاة لمرض أقعده أو غيره قال البعض وذكر الأمير على ابن الحسين أن المستلقى يسد الجناح ويقف عند رجليه على قول الهادى وعلى قول المؤيد بالله يخير فينجذب ندبا من كان واقفا بجنب الامام أو فى صف مفسد أى لم يبق فيه متسع تصح الصلاة فيه فاذا كان كذلك انجذب اللاحق وهو الذى يأتى بعد استقامة الصف فانه اذا جاء وبجنب الامام واحد
(1)
شرح الازهار وهامشه 12 ص 299 الطبعة السابقة.
جذبه اليه وكذا اذا
(1)
جاء والصف مفسد جذب واحدا منهم لكن ينبغى ان يكون المجذوب من أحد الطرفين لئلا يفرق بين الصف ولا يجوز له جذب المقابل للامام واذا جذب غيره فينجذب له اذا كان ذلك اللاحق غير الصبى وفاسد الصلاة فان كان اللاحق صبيا أو فاسد صلاة لم يجز للمؤتم ان بنجدب له ولو جذبه وانما يعتد اللاحق بركعة أدركها مع الامام اذا أدرك الامام وهو فى ركوعها قبل ان يرفع رأسه من الركوع وتكون الركعة التى يدركها معه ويصح أن يعتد بها هى أول صلاته فى الأصح من المذهبين لأن فى ذلك مذهبين الأول وهو قول الناصر ان أول ركعة يدركها هى أو صلاته ولو كانت آخر صلاة الامام الثانى ما روى فى الكافى عن زيد ابن على أنها آخر صلاته كالامام قال البعض وفائدة الخلاف فى قنوت الفجر وفى القراءة والتسبيح وتكبير العيد وفى الجهر والمخافتة قال المؤيد بالله فى الزيادات ولا يحتاج الى ان ينوى أن الذى يدركه أول صلاته وفى الكافى عن الهادى والناصر الى ذلك قال البعض هذا فيمن يتردد فى ذلك ولا يتشهد التشهد الأوسط من فاتته الركعة الأولى من أربع لأن الامام يقعد له ولما يصل المؤتم الا ركعة وليس للمؤتم ان يقعد له فى ثانيته لأنها ثالثة للامام فاذا قعد ولم يقم بقيام الامام فقد أخل بالمتابعة فتعين تركه فتفسد ان لم يترك لأنه يخالفه بفعل كثير وزيادة ركن عمدا قال عليه السلام ومن ثم قلنا ويتابعه بعد ما دخل معه فيدخل حيث يقعد ولو كان غير موضع قعود له ويقوم بقيامه ولو فاته مسنون بمتابعته ويتم اللاحق ما فاته من الصلاة مع الامام بعد تسليم الامام ولا يجوز له ان يقوم للأتمام قبل فراغ تسليم الامام قال مولانا عليه السلام الذى يقتضيه ظاهر قول المؤيد بالله وهو الذى صحح ان المؤتم اذا قام قبل اتمام الامام للتسليمتين فسدت صلاته وقال يحيى ذلك مستحب والا فلو قام قبل التسليم على يساره لم تبطل صلاته وانما تبطل اذا قام عمدا قبل التسليمتين. نعم اما اذا قام قبل فراغ الامام من التشهد فان كان عمدا بطلت صلاته استمر أو عاد وان كان سهوا لم تبطل قال فى حواشى الافادة وينتظر قائما وذكر على عليل أنه ان عاد لم تفسد صلاته لأن قيام الساهى لا يعتد به قال البعض ان كان قد شاركه فى القعود لم يعد اليه فان عاد بطلت وان لم يشاركه فانه يعود اليه قال ابن معرف الذى ذكره أصحابنا المتأخرون لمذهب الهادى عليه السلام ان المؤتم يقوم لأتمام صلاته بعد التسليمتين ولا ينتظر سجود الامام للسهو وقواه البعض وروى المؤيد بالله عن المنتخب ان اللاحق لا يقوم الا بعد سجود الامام وكذا عن المنصور بالله قال القاضى زيد وعلى خليل فان قام قبل ذلك لم تفسد صلاته. قال البعض وذلك يدل على أنه مستحب فان أدركه قاعدا اما بين سجودين واما فى تشهد لم يكبر ذلك اللاحق تكبيرة الاحرام حتى يقوم الامام وقال
(3)
المؤيد بالله اذا أدركه فى قعوده للتشهد الأوسط كبر للافتتاح قائما ولم يقرأ حتى يقوم الامام قال البعض ويأتى مثله اذا أدركه ساجدا فى
(1)
المرجع السابق 1 صفحة 300
(2)
المرجع السابق 1 صفحة 301، 302
(3)
شرح الازهار ط ص 303، ص 304، ص 302
السجدة الأخيرة قال المنصور بالله وان قرأ جاز قال الحقينى ذكر المؤيد بالله الجائز والأفضل ان يقعد معه قيل فيه نظر لأنه بقعوده يزيد ركنا وذلك يفسد وندب للاحق اذا أدرك الامام قاعدا أو ساجدا ان يقعد ويسجد معه ومتى قام الامام ابتدأ للاحق صلاته فينوى ويكبر للاحرام وجوبا عند أبى طالب والبعض يقولون لا يستأنف تكبيرة الاحرام ان أدركه ساجدا وكبر وسجد معه بل يكفى التكبيرة الأولى وندب أيضا ان يخرج من أراد أن يلحق الجماعة فيها ولا يندب ذلك الا لخشية فوت الجماعة لو مما هو فيه من الصلاة اذا كانت نافلة أو فرضا تسبحيه عشرين، وجماعة النساء سواء كن له ان يخرج من هذه الصلاة التى كان قد دخل استمر فى الصلاة ذكر البعض قال مولانا عليه السلام وأصل المذهب يقتضيه قال مولانا عليه السلام وهكذا على أصلنا الا ان يخشى فوت الجماعة بذلك تركه ودخل مع الجماعة وندب أيضا لمن قد صلى وحده المفروض ثم وجد جماعة أخرى فى ذلك الفرض ان يدخل مع الجماعة ويرفض ما قد أداه منفردا أى ينوى أن الأولى نافلة والتى مع الجماعة فريضة نعم والأولى ترفض بالدخول فى الثانية بنية الرفض ذكره النجرانى ومثله فى الياقوتة وقال البعض بل بفراغه من الثانية صحيحة قال مولانا عليه السلام. لعله أراد مع نية الرفض لأنه قد حكى فى الزوائد الاجماع أنه ان لم يرفض الأولى كانت هى فريضة وفائدة الخلاف لو فسدت الثانية فانه يعيدها على القول الأول لا على قول الفقيه بحيى نعم هذا قول الهادى عليه السلام أعنى أن التى مع الجماعة هى الفريضة والأولى نافلة وقال زيد بن على والمؤيد بالله ان الأولى هى الفريضة والثانية نافلة وهكذا عن المنصور بالله والناصر واذا أحس الامام بداخل وهو راكع فان على الامام ان لا يزيد على القدر المعتاد له فى صلاته انتظارا منه للاحق وهذا رواه فى شرح أبى مضر عن القاضى زيد لمذهب يحيى عليه لسلام لأنه مأمور بالتخفيف والقدر المشروع الذى له أن يعتاد ما شاء منه قد تقدم وقال المؤيد بالله والمنصور بالله حتى يبلغ تسبيحه عشرين، وجماعة النساء سواء كن عاريات أو كاسيات وجماعة الرجال العراة تخالفان جماعة من عداهم بأنها لا تجزئ الا حيث هم صف واحد ولا تصح صفوفا وقال القاضى زيد والأستاذ أنها تصح جماعة النساء صفوفا كالرجال وقال مولانا عليه السلام وكذا لو كانوا عميانا وامامهم يقف فى وسط الصف والمأمومون من يمين وشمال ولا يتلاصق العراة فان تلاصقوا بطلت صلاتهم. ولا تفسد
(1)
الصلاة على مؤتم حيث فسدت على امامه بأى وجه من جنون أو لحن أو فعل أو حدث سهوا كان أم عمدا لكن ذلك ان عزل المؤتم صلاته فورا أى عقيب فساد صلاة الإمام ولم يتابعه بعد ذلك فى شئ من الصلاة وقال القاضى زيد أنها اذا فسدت صلاة الامام باللحن فسدت على المؤتم لأن قراءاته قراءة لهم قيل يعنى اذا لحن فى الجهرية لا فى السرية والتشهد لأنه لا يتحمل الا فى الجهربة وقال الكنى تبطل فيهما لأن صلاتهم متعلقة بصلاته والصحيح ما ذكره على خليل ان اللحن كالحدث وفى الكافى عن الناصر والصادق ان صلاة المؤتم تفسد اذا
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 304، 314، ص 310.
أحدث الامام سهوا كان أو عمدا قال مولانا عليه السلام وعلى هذا سائر المفسدات قياسا اذ لا فرق بين الحدث وغيره من المفسدات
(1)
وليستخلف غيره مؤتما به فى تلك الصلاة قال المؤيد بالله والاستخلاف على الفور ولا يجب وخالفه البعض فيهما وقال الفقيه على وحد الفور ما داموا فى الركن فلا يكون بين المؤيد بالله وبين الفقيه على بن يحيى خلاف وقيل بل يكون عقيب الحدث من غير تراخ وعن الفقيه على يعفى عن قدر خروج الامام من المسجد ولا بد من ان يكون الخليفة ممن صلح للابتداء بالامامة بحيث لو تقدم من أول الأمر صحت صلاة هؤلاء المؤتمين خلفه فلو قدم من لا يصلح مطلقا كالصبى والفاسق ونووا ان يتابعوه بطلت صلاتهم ولو قدم من يصلح للبعض دون البعض كمتيمم على متوضئين ومتيممين صحت للمتيممين دون المتوضئين وعلى هذا يقاس غيره نحو تقديم المقيم على المقيمين والمسافرين فتصح للمقيمين فقط فلو قدم من لا يحسن القراءة وخلفه من يحسن ومن لا يحسنها فالمذهب أنها تبطل على القراء ان نووا الائتمام به ولا تبطل على الأميين وقال المنصور بالله انها تصح للجميع اذا كان الامام الأول قد اتى بالقدر الواجب من القراءة وكانت مجهورا بها ويجب على الخليفة والمؤتمين تجديد النيتين فالخليفة يجدد نية الامامة والمؤتمين يجددون نية الائتمام به ولينتظر الخليفة المسبوق وهو الذى قد سبقه المؤتمون ببعض الصلاة مع الامام الأول فاذا قعدوا للتشهد الأخير انتظر قاعدا تسليمهم فاذا سلموا قام لاتمام صلاته فان قام قبل تسليمهم بطلت صلاته الا ان ينتظروا تسليمه يعنى الجماعة اذا تشهدوا ثم لم يسلموا انتظارا لاتمامه ليكون تسليمهم جميعا فانه حينئذ يجوز له القيام قبل تسليمهم اذا عرف أنهم منتظرون فان لم ينتظروا تسليمه قال المهدى أحمد بن الحسين تبطل صلاتهم قال فى منهج ابن معرف فان لم يعلم المتقدم كم صلى الامام الأول قدم غيره ذكره القاسم عليه السلام وكذا اذا قدم مننفلا ولا تفسد الصلاة على الامام بنحو اقعاد لعارض مأيوس أى لا يرجو زواله قبل خروج وقت تلك الصلاة التى هو فيها فيبنى على ما قد مضى منها ويتمها والمؤتمون يعزلون صلاتهم لأن صلاة القائم خلف القاعد لا تصح ومن نحو الاقعاد لو حصر عن القراءة قبل اتيانه بالقدر الواجب وكذا لو أعرى فان حكمهما كالاقعاد واذا لم تفسد صلاة الامام فى هذه الصورة فليس له ان يستخلص الا بفعل يسير فان لم يتمكن الا بفعل كثير جاز لهم الاستخلاف فيجوز للمؤتمين ان يقدموا احدهم يتم بهم ان تمكنوا من ذلك بفعل يسير كما يجوز لهم لو مات الامام ان يستخلفوا غيره أو لم يمت ولكنه لم يستخلف عليهم تفريطا منه فان لهم ان يستخلفوا، جاء فى شرح الأزهار
(2)
: أن من ائتم بامام فانه تجب عليه أن يتابعه فى الأركان والأذكار فى التسليم وتكبيرات العيد والاحرام والجنازة على معنى أن عليه ان يترك المخالفة فى ذلك إلا فى أمر مفسد للصلاة لو تقرر من فعل أو ترك نحو أن يزيد ركعة أو سجدة أو يترك أيهما أو نحو ذلك فإذا فعل الإمام ذلك لم تجب متابعته بل لا تجوز
(1)
المرجع السابق ص 1 ج 1 ص 306 الى 310.
(2)
شرح الازهار ح 1 ص 310، 311، 312 الى ص 314.
فيعزل المؤتم حينئذ صلاته ويتم فرادى أو فى قراءة جهر فانها لا تجب المتابعة هاهنا بل يخالفه وجوبا فيسكت فى حال جهر الإمام وهذا بناء على أن الإمام يتحمل وجوب القراءة عن المؤتم فى الجهريه إذا سمعه لا فى السرية وقال الناصر إنه لا يتحمل فيهما، ولو قرأ المؤتم فى حال جهر الإمام بطلت صلاته عند الهادويه قال المرتضى ولو كانت قراءته ناسيا قال البعض انما تفسد المعارضة فى القدر الواجب قال مولانا عليه السلام وعموم كلامهم يقتضى خلاف ذلك وفى الإفادة عن المؤيد بالله أن صلاة المؤتم لا تبطل بقراءته حال جهر الإمام الا ان يفوت سماع ذلك الجهر لبعده عن الامام حتى لم يسمع صوته أو لم يسمع صوته لأجل صمم أو لأجل تأخر عن الدخول معه فى الصلاة حتى لم يدرك ركعة الجهر فاذا فانه سماع الجهر لأى هذه الوجوه لم يجز له السكوت حينئذ فيقرأ جهرا فلو سمع المؤتم جملة القراءة دون التفصيل فعن الامام يحيى يجتزئ به وقال البعض لا يجتزى بذلك وقال البعض اما لو غفل عن السماع حتى لم يدر واقرأه الامام فلا خلاف فى أن ذلك لا يضر على قول من يقول يتحمل الامام ولا يسجد للسهو ومن شارك: امامه فى كل تكبيرة الاحرام - والمشاركة فى جميعها
ان يفتتحاها معا ويختماها معا - فهذه المشاركة تفسد صلاة المؤتم عند أبى طالب والمنصور بالله وقال المؤيد بالله لا تفسد أو شاركه فى آخرها فان صلاته تفسد بشرط ان يكون سابقا للامام بأولها لا اذا سبقه الامام بأولها فان المشاركة بآخرها لا تضر حينئذ أو اذا سبق المؤتم بها جميعها فان صلاته تفسد أو سبق المؤتم امامه بأخرها لأن أخرها منعطف على أولها فان صلاته تفسد ولو سبقه الامام بأولها فلو سبقه الامام بأخرها لم تبطل على المؤتم سواء سبقم المؤتم بأولها أو هو السابق أو اشتركا فى أولها واذا سبق المؤتم امامه بركنين فسدت صلاته فلو كان السبق بركن لم يضر عندنا سواء كان سهوا أو عمدا خفضا أو رفعا.
وهذا اذا لم يدركه قائما قبل ان يركع فاما اذا أدركه ثم ركع المؤتم وأدركه الامام معتدلا فانها تصح صلاته فظاهر الازهار عدم الصحة فى هذه الصورة وانما تبطل صلاة المؤتم بشروط ثلاثة:
الأول: ان يكون السبق بركنين فصاعدا، الثانى: ان يكون ذلك الركنان فعليين فلو كانا فعلا وذكرا كالقراءة والركوع لم يضر ذلك.
الثالث: أن يكونا متواليين نحو ان يسبق بالركوع ثم يعتدل قبل ركوع الامام فهذا ونحوه هو المفسد.
وهذا على ما يقتضيه كلام اللمع ومفهوم كلام الشرح أنه اذا سبق بأول الركوع واول الاعتدال فقد سبق بركنين ولو شارك الامام فى آخرهما او اذا تأخر المؤتم عن امامه بهما أى بركنين فعليين متواليين ولا بد من شرط رابع فى التقدم والتأخر وهو أن يكونا من غير ما استثنى للمؤتم التقدم به والتأخر عن امامه اما المستثنى فى التقدم فأمران أحدهما فى صلاة الخوف فانه يجوز للمؤتم سبق الامام بركنين فصاعدا وثانيهما الخليفة المسبوق فانه يجوز للمؤتم التسليم قبله اذا لم ينتظروا، واما المستثنى من المتأخر فصور ثلاث. الأول أن يترك الأمام فرضا فانه يجب على المؤتم التأخر له والعزل
على ما تقدم فأما لو ترك مسنونا كالتشهد الأوسط فانه لا يجوز للمؤتم التأخر لفعله فان قعد له بطلت صلاته عند أبى طالب وقال القاضى زيد والناصر لا تفسد قال البعض وهو القياس لأنه لا يسبق الا بركن واحد فقط قال البعض وهذا الخلاف اذا لم يقعد له الامام بالكلية فأما لو قعد له الامام وقام قبل المؤتم فبقى المؤتم قاعدا لاتمامه وأدرك الامام قائما لم تفسد صلاته بالاجماع قال البعض هذا اذا كان تأخره قدر التشهد الاوسط لا أكثر، الصورة الثانية:
ان يتأخر المؤتم عن التسليم مع الآمام فان ذلك لا يفسد مع أنه قد تأخر بركنين وهما التسليمتان. الصورة الثالثة:
حيث يتوجه المؤتم حتى كبر الامام وقرأ وركع ثم كبر المؤتم وادركه راكعا قبل أن يعتدل فان ذلك لا يفسد مع أنه قد تأخر بركعتين فعليين متواليين وهما القيام حال التكبيرة والقيام حال القراءة وقال البعض الركنان هما القيام والركوع يستحب لمن آتى الجماعة ان يمشى بالسكينة والوقار فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا، ويستحب الانتقال من موضع الفرض لفعل النقل قال القاضى زيد ولا فرق بين الامام وغيره وقال البعض ذلك يختص بالامام.
مذهب الإمامية:
جاء فى مستمسك
(1)
العروة: انه لابد للمأموم من نية الائتمام فلو لم ينوه لم تتحقق الجماعة فى حقه وان تابعه فى الاقوال والافعال، وحينئذ فان أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحت صلاته والا فلا، وكذا يجب وحدة الامام فلو نوى الاقتداء باثنين ولو كانا متقاربين فى الاقوال والافعال لم تصح جماعة وتصح فرادى ان أتى بما يجب على المنفرد ويجب على المأموم تعيين الامام بالاسم أو الوصف أو الاشارة الذهنية أو الخارجية، ويكفى التعيين الاجمالى كنية الاقتداء بهذا الحاضر أو بمن يجهر فى صلاته مثلا من الأئمة الموجودين ونحو ذلك. ولو نوى الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة وان كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك فى الاثناء أو بعد الفراغ ولو أخطأ تعيينه بطلت وان كان اهلالها، ولا يجوز
(2)
الاقتداء بالمأموم فيشترط الا يكون امامه مأموما لغيره ولو شك المأموم فى انه نوى الائتمام ام لا بنى على العدم وأتم منفردا وان علم أنه قام بنية الدخول فى الجماعة، نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام كالانصات ونحوه فالاقوى عدم الالتفات ولحوق أحكام الجماعة وان كان الأحوط الأتمام منفردا واما اذا كان ناويا للجماعة ورأى نفسه مقتديا وشك فى انه من اول الصلاة نوى الانفراد او الجماعة والامر أسهل اذ لا اعتماد فيه على ظهور حال ليتكلف فى اثبات حجيته
(3)
واذا نوى الاقتداء بشخص على انه زيد فبان انه عمرو فان لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته وصلاته ايضا اذا ترك
(1)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 7 ص 144 طبع مطبعة النجف الاشرف الطبعة الثالثة سنة 1381، سنة 1961 م والروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج 1 ص 117 طبع مطبعة دار الكتاب العربى بمصر سنة 3179 هـ
(2)
المرجع السابق شرح اللمعة الدمشقية ج 7 من ص 144 إلى ص 151 الطبعة السابقة والروضة البهية 1 ص 117 الطبعة السابقة
(3)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 149 الطبعة السابقة
القراءة أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد والا صحت على الأقوى وان التفت فى الأثناء ولم يقع منه ما ينافى صلاة المنفرد وأتم منفردا وان كان عمرو أيضا عادلا ففى المسألة صورتان احداهما أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيل أن الحاضر هو زيد وفى هذه الصورة تبطل جماعته وصلاته أيضا ان خالفت صلاة المنفرد والصورة الثانية
(1)
: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر ولكن تخيل أنه زيد فبان أنه عمرو وفى هذه الصورة الاقوى صحة جماعته وصلاته فالمناط ما قصده لا ما تخيله من باب الاشتباه فى التطبيق، واذا صلى اثنان وبعد الفراغ علم أن نية كل منهما الامامة للآخر صحت صلاتهما ولو شك كل منهما تارة يكون فى نية نفسه واخرى فى نية صاحبه وثالثة فيهما معا، أما فى الاولى لا شك فى صحة الصلاة على تقدير العلم بنية صاحبه للامامة، وانما الشك فى صحة الجماعة وفسادها لتردد نيته بين نية الامامة والمأمومية ولو علم بنية صاحبه للمأمومية كان الشك فى صحة الصلاة والجماعة معا لأنه ان كان قد نوى المأمومية ايضا فالصلاة والجماعة باطلتان، وان كان قد نوى الامامة فهما معا صحيحتان، فالمرجع فى اثبات صحة الصلاة قاعدة الفراغ، وفى اثبات صحتها مع الجماعة اصالة عدم نية المأمومية ولا تعارض بأصالة عدم نية الامامة لعدم الأثر لما عرفت من أن نية الامامة ليست شرطا فى صحة الجماعة فضلا عن صحة الصلاة، واما فى الصورة الثانية فلا شك فى صحة الصلاة على تقدير العلم بنية نفسه للامامة واما ان علم بنيته للمأمومية كان الشك فى صحة الصلاة والجماعة معا.
اما
(2)
لو علم أن نية كل منهما الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة اذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد، ولو شكا فيما أضمراه فالاحوط الاستئناف وان كان الاقوى الصحة اذا كان الشك بعد الفراغ أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك والاقوى
(3)
والاحوط عدم نقل نية المأموم عن امام الى امام آخر اختيارا وان كان الآخر افضل وارجح. نعم لو عرض للامام ما يمنعه من اتمام صلاته من موت أو جنون أو اغماء او صدور حدث بل ولو لتذكر حدث سابق جاز للمأمومين تقديم امام آخر واتمام الصلاة معه بل الاقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه من اتمامها مختارا كما لو صار فرضه الجلوس حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به لعدم جواز ائتمام القائم بالقاعد، ولا يجوز للمنفرد
(4)
العدول الى الائتمام فى الاثناء. وجاء فى الروضة البهية
(5)
: انه اذا أحرم المأموم بالنافلة وحضر الامام واحرم
(1)
المرجع السابق ج 7 ص 152 الى ص 154 الطبعة السابقة.
(2)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ح 1 ص 17 الطبعة السابقة
(3)
ومستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 158 الطبعة السابقة والروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 117 الطبعة السابقة
(4)
ومستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 159 الطبعة السابقة
(5)
والمرجع السابق للعروة الوثقى ج 7 ص 160 ص 151، ص 149.
بالفريضة قطع المأموم النافلة ودخل مع الامام وقيل يقطع الفريضة ايضا لو خاف الفوات واتمامها ركعتين ندبا حسن هذا اذا لم يخف الفوت والا قطعها بعد النفل الى النفل ولو كان قد تجاوز ركعتين من الفريضة ففى الاستمرار أو العدول الى النفل خصوصا قبل ركوع الثالثة وجهان وفى القطع قوة ولو أدرك الامام بعد الركوع بان لم يجتمع معه بعد التحريمة سجد معه بغير ركوع ان لم يكن ركع أو ركع طلبا لادراكه فلم يذكره ثم استأنف النية مؤتما ان بقى للامام ركعة أخرى منفردا بعد تسليم الامام ان ادركه فى الاخيرة بخلاف ادراكه بعد السجود فانه يجلس معه ويتشهد مستحبا ان كان يتشهد ويكمل صلاته فانها نجزئه
(1)
، وجاء فى المستمسك: انه اذا أدرك الامام راكعا يجوز له الائتمام والركوع معه ثم العدول الى الانفراد اختيارا وان كان الاحوط ترك العدول حينئذ خصوصا اذا كان ذلك من نيته أولا واذا نوى الانفراد بعد قراءة الامام وأتم صلاته فنوى الاقتداء به فى صلاة اخرى قبل ان يركع الامام فى تلك الركعة أو حال كونه فى الركوع من تلك الركعة جاز ولكنه خلاف الاحتياط ولو نوى الانفراد فى الاثناء لا يجوز له العودة الى الائتمام، واذا نوى الاقتداء بمن يصلى صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا كما اذا كانت نافلة او صلاة الآيات مثلا فان تذكر قبل الاتيان بما ينافى صلاة المنفرد عدل الى الانفراد وصحت وكذا تصح اذا تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد والا بطلت وجاء فى الروضة البهية: أنه تكره القراءة من المأموم خلف الامام فى الصلاة الجهرية التى يسمعها ولو همهمة ولا تكره له القراءة فى الصلاة السرية فان كانت الصلاة جهرية ولم يسمع ولو همهمة قرأ استحبابا وهو أحد الاقوال اما ترك القراءة فى الجهرية المسموعة فعليه الكل لكن على وجه الكراهة عند الاكثر اذا قرأ والتحريم عند البعض وذلك للأمر بالانصات لسامع القرآن واما مع عدم سماعها وان قل فالمشهور الاستحباب فى الركعتين الاوليين والاجود الحاق أخرييهما بهما وقيل يلحقان بالسرية، وأما الصلاة السرية فالمشهور كراهة القراءة فيها وهو الأجود خلافا لما قيل من عدم الكراهة ومن الاصحاب من أسقط القراءة وجوبا واستحبابا مطلقا وهو أحوط، وقد روى زرارة فى صحيحه عن الباقر عليه السلام قال كان امير المؤمنين عليه السلام يقول: من قرأ خلف امام يأتم به بعث على غير الفطرة، والمصلى خلف من لا يقتدى به لكونه مخالفا فانه يدخل فى الصلاة منفردا بصورة الاقتداء فان سبقه الامام بقراءة السورة سقطت وان سبقه بالفاتحة او بعضها قرأ الى حد الركوع وسقط عنه ما بقى، وان سبق هو الامام سبح الله استحبابا الى ان يركع وجاء فى مستمسك
(2)
العروة الوثقى: أن الامام لا يتحمل عن المأموم شيئا من افعال الصلاة غير القراءة فى الاولتين اذا أئتم به فيهما وأما فى الاخيرتين فلا يتحمل عنه بل يجب عليه بنفسه
(1)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 117 وص 118 الطبعة السابقة.
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 159 وما بعدها ص 235 الى ص 235 الطبعة السابقة
ان يقرأ الحمد او يأتى بالتسبيحات وان قرأ الامام فيهما وسمع قراءته، واذا لم يدرك الاولتين مع الامام وجب عليه القراءة فيهما لأنهما أولتا صلاته، وان لم يمهله الامام لاتمامها اقتصر على الحمد وترك السورة وركع معه وأما اذا أعجله عن الحمد أيضا فالاحوط اتمامها واللحوق به فى السجود أو قصد الانفراد ويجوز له قطع الحمد والركوع معه لكن فى هذه الحالة لا يترك الاحتياط باعادة الصلاة واذا أدرك الامام فى الركعة الثانية تحمل عنه القراءة فيها ووجب عليه القراءة فى ثالثة الامام وهى الثانية له، ويتابعه فى القنوت فى الاولى منه وفى التشهد، واذا امهله الامام فى الثانية له الفاتحة والسورة والقنوت أتى بها وان لم يمهله ترك القنوت لاستحبابه فلا يزاحم الواجب وهو المتابعة، وان لم يمهله للسورة تركها، وان لم يمهله لاتمام الفاتحة فأنه يتمها ويلحق الامام فى السجدة او ينوى الانفراد او يقطعها ويركع مع الامام ويتم الصلاة ويعيدها ويجب الاخفات فى القراءة خلف الامام وان كانت الصلاة جهرية سواء كان فى القراءة الاستحبابية كما فى الاولتين مع عدم سماع صوت الامام أو الوجوبية كما اذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين، ولو جهر جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته لصحيح زرارة عن أبى جعفر عليه السلام فى رجل جهر فيما لا ينبغى الاجهار فيه واخفى فيما لا ينبغى الاخفاء فيه قال أى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الاعادة نعم لا يبعد استحباب الجهر بالبسملة والمأموم المسبوق بركعة يجب عليه التشهد فى الثانية منه والثالثة للامام فيتخلف عن الامام ويتشهد ثم يلحقه فى القيام أو فى الركوع اذا لم يمهله للتسبيحات فيأتى بها ويكتفى بالمرة ويلحقه فى الركوع أو السجود، وكذا يجب عليه التخلف عنه فى كل فعل وجب عليه دون الامام من ركوع أو سجود أو نحوهما فيفعله ثم يلحقه الا ما عرف من القراءة فى الركعتين الأولين وجاء فى موضع
(1)
اخر: أنه لا بأس بالحائل المأموم مع الامام الى الركعة الثانية أو الثالثة مثلا فذكر أنه ترك من الركعة السابقة سجدة او سجدتين او تشهدا أو نحو ذلك وجب عليه العود للتدارك وحينئذ فان لم يخرج عن صدق الاقتداء وهيئة الجماعة عرفا فيبقى على نية الاقتداء والا فينوى الانفراد ويجوز للمأموم الاتيان بالتكبيرات الست الافتتاحية قبل تحريم الامام ثم الاتيان بتكبيرة الاحرام بعد احرام الامام وان كان الامام تاركا لها لعموم أدلة الاستحباب ولا يلزم منه الدخول فى الصلاة قبل الامام لان دخوله يكون بتكبيرة الاحرام وهى بعد تكبير الامام ولا يتابع المأموم الامام فى مثل ذلك وجاء فى مستمسك
(2)
العروة الوثقى: انه يشترط ان لا يكون بين الامام والمأموم حائل يمنع من مشاهدته، وذلك اجماع صريح محكى عن جماعة لصحيح
(3)
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 236، ص 237 الطبعة السابقة وص 238 وما بعدها
(2)
والمرجع السابق ج 7 ص 244 الطبعة السابقة
(3)
مستمسك العروة الوثقى 7 ص 179 الطبعة السابقة والروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 116 الطبعة السابقة
زرارة عن ابى جعفر عليه السلام المروى فى الكافى ان صلى قوم بينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام وأى صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذى يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليست تلك لهم بصلاة وان كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة الا من كان من حيال الباب، وهذه المقاصير لم تكن فى زمان أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون فليست لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة،
(1)
وكذا يشترط أن لا يكون الحائل بين بعض المأموميين مع الآخر ممن يكون واسطة فى اتصاله بالامام كمن فى صفه من طرف الامام أو قدامه اذا لم يكن فى صفه من يتصل بالامام فلو كان حائل ولو فى بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع او سجود بطلت الجماعة من غير فرق فى الحائل بين كونه جدارا أو غيره ولو شخص انسان لم يكن مأموما نعم انما يعتبر ذلك اذا كان المأموم رجلا أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الامام أو غيره من المأمومين مع كون الامام رجلا بشرط أن تتمكن من المتابعة بأن تكون عالمة بأحوال الامام من القيام والركوع والسجود ونحوها مع ان الاحوط فيها عدم الحائل، وأما اذا كان الامام امرأة أيضا فالحكم كما فى الرجل، وجاء فى موضع اخر: أنه لا بأس بالحائل القصير الذى لا يمنع من المشاهدة فى احوال الصلاة وان كان مانعا منها حال السجود كمقدار الشبر بل أزيد ايضا، نعم اذا كان مانعا منها حال الجلوس ففيه اشكال لا يترك مع الاحتياط ثم قال: واذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب فى وسطه مثلا أو حال القيام لثقب فى أعلاه أو حال الهوى الى السجود لثقب فى اسفله فالاحوط والاقوى عدم الجواز، بل وكذا لو كان الجميع لصدق الحائل معه أيضا، واذا كان
(2)
الحائل زجاجيا يحكى من ورائه فالاقوى عدم جوازه للصدق وعن كشف الغطاء جوازه لتحقق المشاهدة فيه المعتبر عدمها فى ظاهر النص وصريح الفتوى ولا بأس بالظلمة والغبار ونحوهما ولا تعد من الحائل وكذا النهر والطريق اذا لم يكن فيهما بعد ممنوع فى الجماعة. والشباك لا يعد من الحائل المانع من الاقتداء على المشهور، وان كان الاحوط الاجتناب معه خصوصا مع ضيق الثقب، بل المنع فى هذه الصورة لا يخلو عن قوة الصدق الحائل معه ثم قال
(3)
: ولا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض وان كان أهل الصف المتقدم الحائل لم يدخلوا فى الصلاة اذا كانوا متهيئين لها ولا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصف الأول أو أكثره للامام اذا كان ذلك من جهة استطالة الصف ولا أطولية الصف الثانى مثلا من الاول، ولو كان الامام فى محراب داخل فى جدار ونحوه لا يصح اقتداء من على اليمين أو اليسار ممن يحول الحائط بينه وبين الامام ويصح اقتداء من يكون مقابلا للباب لعدم الحائل بالنسبة اليه بل وكذا
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 182 مسألتى رقم 35/ 32 الطبعة السابقة ص 179 والمرجع السابق ج ص 179
مسألتى رقم 35/ 32 الطبعة السابقة.
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 192/ 193 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق 7 ص 194 الطبعة السابقة
من على جانبيه ممن لا يرى الامام لكن مع اتصال الصف على الاقوى وان كان الاحوط العدم. ثم قال
(1)
: وكذا الحال اذا زادت الصفوف الى باب المسجد فاقتدى من فى خارج المسجد مقابلا للباب ووقف الصف من جانبيه فان الأقوى صحة صلاة الجميع وان كان الاحوط العدم بالنسبة الى الجانبين، ولا يصح اقتداء من بين الاسطوانات مع وجود الحائل بينه وبين من تقدمه الا اذا كان متصلا بمن لم تحل الاسطوانة بينهم كما انه يصح اذا لم يتصل بمن لا حائل له، لكن لم يكن بينه وبين من تقدمه حائل مانع، ثم قال، ولو تجدد الحائل فى الاثناء فالاقوى بطلان الجماعة ويصير منفردا ولو دخل فى الصلاة مع وجود الحائل جاهلا به لعمى او نحوه لم تصح جماعة فان التفت قبل ان يعمل ما ينافى صلاة المنفرد أتم منفردا والا بطلت، ولا بأس بالحائل غير المستقر كمرور شخص بين انسان أو حيوان أو غير ذلك، نعم اذا اتصلت المارة لا يجوز وان كانوا غير مستقرين لاستقرار المنع حينئذ ولو شك فى حدوث الحائل فى الاثناء بنى على عدمه وكذا لو شك قبل الدخول فى الصلاة فى حدوثه بعد سبق عدمه، أما لو شك فى وجوده وعدمه مع سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول الا مع الاطمئنان بعدمه، واذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام ولكن يمنع عنها حال الركوع او حال الجلوس والمفروض زواله حال الركوع او الجلوس فهل يجوز معه الدخول فى الصلاة؟ فيه وجهان والاحوط كونه مانعا من الاول وكذا العكس لصدق وجود الحائل بينه وبين الامام، واذا تمت صلاة الصف المتقدم وكانوا جالسين فى مكانهم اشكل بالنسبة الى الصف المتأخر لكونهم حينئذ حائلين غير مصلين نعم اذا قاموا بعد الاتمام بلا فصل ودخلوا مع الامام فى صلاة أخرى لا يبعد بقاء قدوة المتأخرين اذ يكون حينئذ من قبيل الحائل غير المستقر. ثم قال: ويعتبر الثوب
(2)
الرقيق الذى يرى الشبح من ورائه حائلا لا يجوز معه الاقتداء، ومن شروط
(3)
الاقتداء: ان لا يكون موقف الامام أعلى من موقف المأمومين علوا معتدا به دفعيا لا انحداريا. على الاصح كالأبنية ونحوها. من غير فرق بين المأموم الأعمى والبصير خلافا لما عن ابى على حيث قال لا يكون الامام أعلى فى مقامه بحيث لا يرى المأموم فعله الا أن يكون المأمومون أضراء فان فرض البصراء الاقتداء بالنظر وفرض الاضراء الاقتداء بالسمع .. الخ قال صاحب مستمسك العروة الوثقى: بل ظاهره الخلاف فى ما نعية العلو غير المانع عن النظر ولا وجه له ظاهر ثم قال ولا فرق بين الرجل والمرأة ولا بأس بغير المعتد به مما هو دون الشبر ولا بالعلو الانحدارى حيث يكون العلو فيه تدريجيا على وجه لا ينافى صدق انبساط الارض، واما اذا كان مثل الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر فيه بل لعله المتعين للاصل ولا بأس بعلو المأموم
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 197، 198، 199 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 7 ص 200 الطبعة السابقة
(3)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 180، ص 181، 182 ص 184 الطبعة السابقة
(4)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 216 الطبعة السابقة.
على الامام ولو بكثير وهذا اجماع صريح كما عن الخلاف والتنقيح والمفاتيح وغيرها لما فى ذيل الموثق المتقدم من قوله: وسئل فان قام الامام اسفل من موضع من يصلى خلفه قال عليه السلام لا بأس قال وان كان الرجل فوق بيت او غير ذلك وكانا كأن أم غيره وكان الامام يصلى على الأرض أسفل منه جاز للرجل أن يصلى خلفه ويقتدى بصلاته وان كان ارفع منه بشئ كثير. وجاء فى الروضة البهية
(1)
: أنه لو كانت الارض منحدرة اغتفر فيها ولا بد من اشتراط عدم تقدم المأموم على امامه فى الصلاة والمعتبر العقب أثناء القيام فى الصلاة وأثناء القعود فالمعتبر هو الالية جالسا والجنب نائما وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(2)
: أن المستحب ان يقف المأموم عن يمين الامام ان كان رجلا واحدا وخلفه ان كانوا أكثر وعن المنتهى لو وقف يساره فعل مكروها اجماعا ووقوف المأموم عن يمين الامام هو مذهب علمائنا وعليه اجماع الفرقة، ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الامام على الجانب الايمن بحيث يكون سجودها محاذيا لركبة الامام او قدمه صرح باستحباب ذلك جماعة وعن المفاتيح نسبته الى المشهور ويدل عليه فى الجملة جملة من الأخبار كثيرة كخبر أبى العباس عن الرجل يؤم المرأة فى بيته قال نعم تقوم وراءه، مرسل ابن بكير فى الرجل يؤم المرأة قال عليه السلام نعم تكون خلفه وصحيح هشام «الرجل اذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه» وصحيح الفضيل: أصلى المكتوبة بأم على؟ قال عليه السلام: نعم تكون عن يمينك يكون سجودها بحذاء قدميك، والوجه فى حملها على الاستحباب مع ظهور كل منها فى الوجوب هو اما ما دل على جواز محاذاة المرأة للرجل فى الصلاة لعدم الفصل بينه وبين المقام كما يظهر مما حكى عن التذكرة والذكرى والبيان، بل عن القنية والتحرير الاجماع على عدم الفرق بين المأمومة وغيرها واما اختلاف نصوص المقام فيجعل قرينة على الاستحباب وأن الأفضل أن يكون مسجدها خلف موقفه كما هو ظاهر ما اشتمل على الخلف والوراء وانها صف، ودونه أن يكون مسجدها محاذيا لقدمه، ودونه ان يكون محاذيا لركبتيه. ولو كن ازيد وقفن خلفه ولو كان رجلا واحدا وامرأة واحدة او اكثر وقف الرجل عن يمين الامام والمرأة خلفه ولو كانوا رجالا ونساءا وقف الرجال خلف الامام ووقف النساء خلف الرجال هذا اذا كان الامام رجلا واما فى جماعة النساء فالاولى وقوفهن صفا واحدا أو أزيد من غير ان تبرز امامهن من بينهن لما تضمنه الصحاح وغيرها من انها تقوم وسطهن وهو فى الجملة مما لا اشكال فيه انما الاشكال فى جواز مساواتها لهن بناء على وجوب تقدم الامام كما هو أحد القولين ووجه الاشكال ان مقتضى الجمهور على ما فى النصوص جواز المساواة ومقتضى الظن بورودها مورد بيان الفرق بين امامة الرجل والمرأة كون الامر بوقوفها فى وسط النساء فى قبال بروزها قدامهن كما فى الرجل وهذا هو الاظهر.
ويشترط فى صحة الاقتداء ان لا يتباعد
(1)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج 1 ص 117 طبع دار الكتاب العربى بمصر سنة 1379 هـ ومستمسك ص 7 ص 286، 288
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 197
المأموم عن الامام بما يكون كثيرا فى العادة الا اذا كان فى صف متصل بعضه ببعض حتى ينتهى الى القريب او كان فى صف بينه وبين الصف المتقدم البعد المزكور وهكذا حتى ينتهى الى القريب، ولا يجوز أن
(1)
يكون بين الامام والمأمومين ولا بين الصفين ما لا يتخطى من مسافة أو بناء أو نهر لصحيح زرارة عن أبى جعفر عليه السلام «ان صلى قوم بينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام وأى صف كان اهله يصلون بصلاة الامام وبينهم وبين الصف الذى يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس لهم بصلاة، والاحوط احتياطا لا يترك ألا يكون بين موقف الامام ومسجد المأموم او بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من مقدار الخطوة التى تملأ الفرج وأحوط من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة والافضل بل الاحوط أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الانسان اذا سجد بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل، واذا كان أهل
(2)
الصفوف اللاحقة غير الصف الاول متفرقين بأن كان بين بعضهم مع البعض فصل أزيد من الخطوة التى تملأ الفرج، فان لم يكن قدامهم من ليس بينهم وبينه البعد المانع ولم يكن الى جانبهم ايضا متصلا بهم من ليس بينه وبين من تقدمه البعد المانع لم يصح اقتداؤهم للاكتفاء بالقرب من احدى الجهات ولو بتوسط المأمومين اجماعا ظاهرا واما الصف الاول فلابد فيه من عدم الفصل بين أهله فمع الفصل بين أهله لا يصح اقتداء من بعد عن الامام او عن المأموم من طرف الامام بالبعد المانع لأن البعد بين أبعاد الصف الاول مانع من الاقتداء كالبعد بين الصفوف اجماعا، ولو تجدد
(3)
البعد فى أثناء الصلاة بطلت الجماعة وصار منفردا وان لم يلتفت وبقى على نية الاقتداء، فان اتى بما ينافى صلاة المنفرد من زيادة ركوع مثلا للمتابعة أو نحو ذلك بطلت صلاته والا صحت، واذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين او عدلوا الى الانفراد فالأقوى بطلان اقتداء المتأخر لوجود البعد، هذا مع انصرافهم عن مواضعهم والا فالبطلان للحائل ايضا الا اذا عاد المتقدم الى الجماعة بلا فصل كما ان الامر كذلك من جهة الحيلولة ولا يضر الفصل لعدم دخول الصف المتقدم فى الصلاة بعد كونهم متهيئين للجماعة فيجوز لأهل الصف المتأخر الاحرام قبل احرام الصف المتقدم وان كان الاحوط خلافه كما ان الامر كذلك من حيث الحيلولة واذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخرين من جهة الفصل او من جهة الحيلولة وان كانوا غير ملتفتين للبطلان، نعم مع الجهل بحالهم تحمل على الصحة ولا يضر كما لا يضر فصلهم اذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم وان كانت باطلة بحسب تقليد الصف المتأخر، ولا يضر الفصل بالصبى المميز ما لم يعلم بطلان صلاته، واذا شك فى حدوث البعد فى الاثناء بنى على عدمه وان شك فى تحققه من الاول وجب احراز عدمه الا أن يكون مسبوقا بالقرب كما اذا كان قريبا من الامام
(1)
المرجع السابق للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 7 ص 184، 188 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 7 ص 200 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق للسيد محسن الطباطبأى الحكيم ج 7 ص 201 ص 202 الطبعة السابقة
الذى يريد ان يأتم به فشك فى أنه تقدم عن مكانه ام لا، ومن شروط صحة الاقتداء كذلك
(1)
: الا يتقدم المأموم على الامام فى الموقف فلو تقدم فى الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته ان بقى على نية الائتمام والاحوط تأخره عنه وان كان الاقوى جواز المساواة ولا بأس بعد تقدم الامام فى الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الامام فى ركوعه وسجوده لطول قامته ونحوه وان كان الاحوط مراعاة عدم التقدم فى جميع الاحوال حتى فى الركوع والسجود والجلوس والمدار على الصدق العرفى واذا تقدم
(2)
المأموم على الامام فى أثناء الصلاة سهوا او جهلا او اضطرارا صار منفردا ولا يجوز له تجديد الاقتداء نعم لو عاد بلا فصل لا يبعد بقاء قدومه، ويجوز على الاقوى الجماعة بالاستدارة حول الكعبة والاحوط عدم تقدم المأموم على الامام بحسب الدائرة وأحوط منه عدم اقربيته مع ذلك الى الكعبة وأحوط من ذلك تقدم الامام بحسب الدائرة واقربيته مع ذلك الى الكعبة، والظاهر أثناء جواز المساواة بحسب النية او الدائرة او عدمه على جواز مساواة المأموم للامام فى الموقف ومن شروط صحة
(2)
الاقتداء كذلك وجوب المتابعة فلا يجوز أن يتقدم المأموم على الامام فى الأفعال لخبر «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا واذا ركعوا فاركعوا واذا سجد فاسجدوا» وخبر ما يخشى الذى يرفع رأسه والامام ساجد ان يحول الله تعالى رأسه برأس حمار وتجب متابعة الامام بمعنى مقارنته أو تأخره عنه تاخر غير فاحش ولا يجوز التأخر الفاحش لمنافاته عرفا للائتمام، وهو ظاهر المشهور حيث فسروا المتابعة بالا يتقدم على الامام اذ المستفاد من الاحاديث التى ذكرت كون الامر بالركوع والسجود اذا ركع الامام أو سجد لأجل تحقق الائتمام الذى هو الغاية من الامامة وهو كما يتحقق فى صورة التأخر يتحقق مع المقارنة فمقتضى اطلاق الغاية جواز كل منهما قال صاحب مستمسك العروة الوثقى
(3)
: وجوب المتابعة تعبدى وليس شرطا فى الصحة فلو تقدم او تأخر فاحشا عمدا أثم ولكن صلاته صحيحة، وان كان الاحوط الاتمام والاعادة خصوصا اذا كان التخلف فى ركنين بل فى ركن، جاء فى هامش المستمسك تعليقا على ذلك: ظاهر المحكى عن كشف الالتباس ان المتابعة شرط فى بقاء الامامة فاذا تركها المأموم بطلت امامة امامه وصار هو منفردا مع صحة صلاته، لكن فى محكى الذكرى ولا يتحقق فوات القدوة بفوات ركن أو أكثر عندنا وفى محكى التذكرة: التوقف فى بطلان القدوة بالمتأخر بركن وان المروى بقاء القدوة.
رواه عبد الرحمن عن ابى الحسن عليه السلام فيمن لم يركع ساهيا حتى انحط الامام للسجود وكيف كان فعدم بطلان الامامة بترك المتابعة هو الذى يقتضيه أصالة بقاء الامامة، نعم لو تقدم
(1)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبأى الحكيم ج 7 ص 188، ص 89، ص 190 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق للسيد محسن الطباطبأى الحكيم ج ص 203 الطبعة السابقة.
(3)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 218 ص 219 الطبعة السابقة
أو تأخر على وجه تذهب به هيئة الجماعة بطلت جماعته، واذا رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا او لزعم رفع الامام رأسه وجب عليه العود والمتابعة، ولا يضر زيادة ركن حينئذ لانها مغتفرة فى الجماعة فى نحو ذلك وان لم يعد اثم وصحت صلاته لكن الاحوط اعادتها بعد الاتمام بل لا يترك الاحتياط اذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب ولم يتابع مع الفرصة لها وقد ورد فى صحيحة ابن يقطين
(1)
سئل ابو الحسن عليه السلام عن الرجل يركع مع الامام يقتدى به ثم برفع رأسه قال: يعيد ركوعه معه وفى صحيحة ربعى والفضيل عن ابى عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل صلى مع امام يأتم به ثم رفع أسمه من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال:
فليسجد، ولو ترك
(2)
المتابعة سهوا أو لزعم عدم الفرصة لا تجب الاعادة وان كان الرفع قبل الذكر، هذا ولو رفع رأسه عامدا لم يجز له المتابعة، وان تابع عمدا بطلت صلاته للزيادة العمدية ولو تابع سهوا فكذلك اذا كان ركوعا او فى كل من السجدتين وأما فى السجدة الواحدة فلا ولو رفع المأموم راسه من الركوع قبل الامام سهوا ثم عاد اليه للمتابعة فرفع الامام رأسه قبل وصوله الى حد الركوع فالظاهر بطلان الصلاة لزيادة الركن من غير ان يكون للمتابعة واغتفار مثله غير معلوم واما فى السجدة الواحدة اذا عاد اليها ورفع الامام رأسه قبله فلا بطلان لعدم كونه زيادة ركن ولا عمدية لكن الاحوط الاعادة بعد الاتمام ولو رفع رأسه من السجود فرأى الامام فى السجدة فتخيل انها الاولى فعاد اليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية وان تخيل انها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان انها الأولى حسبت متابعة والاحوط اعادة الصلاة فى الصورتين بعد الاتمام واذا ركع أو سجدا قبل الامام
(3)
عمدا لا يجوز له المتابعة لاستلزامه الزيادة العمدية وأما اذا كانت سهوا وجبت المتابعة بالعود الى القيام أو الجلوس ثم الركوع او السجود معه والاحوط الاتيان بالذكر فى كل من الركوعين او السجودين بأن يأتى بالذكر ثم يتابع وبعد المتابعة ايضا يأتى به ولا يجب تأخر المأموم
(4)
أو مقارنته مع الامام فى الاقوال فلا تجب فيها المتابعة لانها ليست شرطا فى بقاء القدوة وسواء الواجب منها والمندوب، والمسموع منها من الامام وغير المسموع وان كان الاحوط التأخر خصوصا مع السماع وخصوصا فى التسليم وعلى أى حال لو تعمد فسلم قبل الامام لم تبطل صلاته ولو كان سهوا لا تجب اعادته بعد تسليم الامام كما يقتضيه الاصل ويستفاد من النص وهذا كله فى غير تكبيرة الاحرام واما فى تكبيرة الاحرام فلا يجوز التقدم على الامام بل يتأخر عنه بمعنى الا بشرع فيها الا بعد فراغ الامامة منها وان كان فى وجوبه تأمل ولو أحرم قبل الامام سهوا أو
(1)
المرجع السابق ج 7 ص 220، ص 321 الطبعة السابقة
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 222 ص 223 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 7 ص 224، ص 225 الطبعة السابقة
(4)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 227 الطبعة السابقة
بزعم أنه كبر كان منفردا ان اراد الجماعة عدل الى النافلة وأتمها أو قطعها واذا ترك الأمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم الذى يقلد من يوجبها أو يقول بالاحتياط الوجوبى أن يتركها واذا ركع المأموم ثم رأى الامام يقنت فى ركعة لا قنوت فيها يجب عليه العود الى القيام لكن يترك القنوت وكذا لو راه جالسا يتشهد فى غير محله وجب عليه الجلوس معه لكن لا يتشهد معه، وجاء فى الروضة البهية
(2)
انه يجب على المأموم المتابعة لإمامه فى الأفعال إجماعا بمعنى لا يتقدمه فيها بل إما أن يتأخر عنه وهو الأفضل او يقارنه لكن مع المقارنة تفوت فضيلة الجماعة وإن صحت الصلاة وانما فضلها مع المتابعة اما الاقوال فقد قطع المصنف بوجوب المتابعة فيها ايضا وعدم الوجوب أوضح ألا فى تكبيرة الإحرام فيعتبر تأخره بها فلو قارنه أو سبقه لم تنعقد، ولا يجب
(3)
اتحاد صلاة الامام والمأموم بل يجوز الاقتداء من كل من الخمس بكل منها ويجوز اتيان القضاء جماعة سواء كان الامام قاضيا أيضا أو مؤديا بل يستحب ذلك ويجوز الاقتداء
(4)
فى كل من الصلوات اليومية بمن يصلى الاخرى أيا منها كانت وان اختلفا فى الجهر والاخفات والاداء والقضاء والقصر والتمام بل والوجوب والندب فيجوز اقتداء مصلى الصبح أو المغرب أو العشاء بمصلى الظهر أو العصر وكذا العكس ويجوز هذا بلا خلاف فيه فى الجملة بل عن المنتهى والتذكرة، والمعتبر لو صلى الظهر مع من يصلى العصر صح. ذهب اليه علماؤنا ويجوز اقتداء المؤدى بالقاضى والعكس والمسافر بالحاضر والعكس والمعيد صلاته بمن لم يصل والعكس ولا يجوز الاقتداء فى اليومية بصلاة الاحتياط فى الشكوك والاحوط ترك العكس ايضا وان كان لا يبعد الجواز بل الاحوط ترك الاقتداء فيها ولو بمثلها من صلاة الاحتياط حتى اذا كان جهة الاحتياط متحدة وان كان لا يبعد الجواز فى خصوص صورة الاتحاد ولا يجوز اقتداء مصلى اليومية او الطواف بمصلى الآيات أو العيدين أو صلاة الأموات وكذا لا يجوز العكس كما أنه لا يجوز اقتداء كل من الثلاثة بالآخر والأحوط عدم اقتداء مصلى العيدين بمصلى الاستسقاء وكذا العكس وان اتفقا فى النظم، ويجوز اقتداء أحد المجتهدين
(5)
أو المتقلدين أو المختلفين بالآخر مع اختلافهما فى المسائل الظنية المتعلقة بالصلاة اذا لم يستعملا محل الخلاف واتحدا فى العمل فمثلا اذا كان رأى احدهما - اجتهادا أو تقليدا - وجوب السورة ورأى الآخر عدم وجوبها فانه يجوز اقتداء الأول بالثانى اذا قرأها وان لم يوجبها، وكذا كان احدهما يرى وجوب تكبير الركوع أو جلسة الاستراحة أو ثلاث مرات فى التسبيحات فى الركعتين الأخيرتين يجوز (1) المرجع السابق ج 7 ص 231 الطبعة السابقة
(2)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 118 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 7 ص 139، ص 140 وص 141 الطبعة السابقة
(4)
والمرجع السابق ج 7 ص 142 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق ج 7 ص 254، ص 246 الطبعة السابقة.
له الاقتداء بالآخر الذى لا يرى وجوبها لكن يأتى بها بعنوان الندب، بل وكذا يجوز مع المخالفة فى العمل أيضا فى ماعدا ما يتعلق بالقراءة فى الركعتين الأوليين التى يتحملها الامام عن المأموم فيعمل كل على وفق رأيه هذا واذا احتمل اعتبار اتفاق الامام والمأموم فى العمل فى صحة الائتمام وجب البناء على اعتباره نعم قد يستفاد من صحيح جميل فى ما روى فيه فى امام قوم أجنب وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل ومعهم ما يتوضئون به أيتوضأ بعضهم ويؤمهم؟ قال: لا، لكن يتيمم الامام ويؤمهم فان الله جعل التراب طهورا، قد يستفاد من ذلك الاكتفاء فى صحة الاقتداء بصحة صلاة الامام لأن الظاهر من التعليل كونه تعليلا لصحة امامة الجنب كما يقتضيه ظاهر السؤال لصحة صلاة المتيمم فاذا كان المراد من طهورية التراب اباحته للصلاة كما هو المشهور أو الطهورية الناقصة كما هو الظاهر فقد دل على كلية جواز الائتمام بكل من تباح له الصلاة وتصح منه وان كانت ناقصة، وعليه فلابد
(1)
للمأموم فى جواز اقتدائه بامام من أن تصح صلاته عنده بحيث يرى المأموم صحتها ولا مانع من الاقتداء مع المخالفة فى العمل من دون فرق بين علم أحدهما ببطلان صلاة الاخر وعدمه وان كان لا يخلو من تأمل ولا يجوز اقتداء من يعلم وجوب شئ بمن لا يعتقد وجوبه مع فرض كونه تاركا له لأن المأموم حينئذ عالم ببطلان صلاة الامام فلا يجوز له الاقتداء به بخلاف المسائل الظنية حيث ان معتقد كل منهما حكم شرعى ظاهرى فى حقه فليس لواحد منهما الحكم ببطلان صلاة الاخر، واذا كان معتقد الامام عدم وجوب السورة والمفروض أنه تركها فيشكل جواز اقتداء من يعتقد وجوبها به، وكذا اذا كانت قراءة الامام صحيحة عنده وباطلة بحسب معتقد المأموم من جهة ترك ادغام لازم أو مد لازم أو نحو ذلك، نعم يمكن أن يقال بالصحة اذا تداركها المأموم بنفسه
(2)
كأن قرأ السورة فى الفرض الأول أو قرأ موضع غلط الامام صحيحا بل يحتمل أن يقال أن القراءة فى عهدة الامام ويكفى خروجه عنها باعتقاده لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بترك الاقتداء، واذا علم المأموم بطلان صلاة الامام من جهة من الجهات ككونه على غير وضوء أو تاركا لركن او نحو ذلك لا يجوز له الاقتداء به وان كان الامام معتقدا صحتها من جهة الجهل أو السهو أو نحو ذلك، واذا رأى المأموم فى ثوب الامام أو بدنه نجاسة غير معفو عنها لا يعلم بها الامام لا يجب عليه اعلامه وحينئذ فان علم أنه كان سابقا عالما بها ثم نسيها لا يجوز له الاقتداء به لان صلاته حينئذ باطلة واقعا لذا يجب عليه الاعادة او القضاء، اذا تذكر بعد ذلك، وان علم كونه جاهلا بها يجوز الاقتداء لانها حينئذ صحيحة ولذا لا يجب عليه الاعادة أو القضاء اذا علم بعد الفراغ بل لا يبعد جواز الاقتداء اذا لم
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 246 ص 247 الطبعة السابقة
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 246.
247، 249، ص 250 الطبعة السابقة.
يعلم المأموم ان الامام جاهل او ناسى هذا ولو رأى شيئا هو نجس فى اعتقاد المأموم بالظن الاجتهادى وليس بنجس عند الامام أو شك فى أنه نجس عند الامام أم لا بأن كان من المسائل الخلافية فالظاهر جواز الاقتداء مطلقا سواء كان الامام جاهلا او ناسيا أو عالما واذا تبين بعد الصلاة كون الامام فاسقا أو كافرا أو غير متطهر أو تاركا لركن مع عدم ترك المأموم له أو ناسيا لنجاسة غير معفو عنها فى بدنه أو ثوبه انكشف بطلان الجماعة لكن صلاة المأموم صحيحة اذا لم يزد للمتابعة ركنا أو نحوه مما يخل بصلاة المنفرد، واذا تبين ذلك فى الأثناء نوى الانفراد ووجب عليه القراءة مع بقاء محلها وكذا لو تبين أن الامام امرأة ونحوها ممن لا يجوز امامته للرجال خاصة أو مطلقا كالمجنون وغير البالغ ان قلنا بعدم صحة امامته لكن الأحوط اعادة الصلاة فى هذا الفرض بل فى الفرض الأول وهو كونه فاسقا أو كافرا، واذا نسى
(1)
الامام شيئا من واجبات الصلاة ولم يعلم به المأموم صحت صلاته حتى لو كان المنسى ركنا اذا لم يشاركه فى نسيان ما تبطل به الصلاة واما اذا علم به المأموم نبهه عليه ليتدارك ان بقى محله وان لم يكن او لم يمكن او لم يتنبه او ترك تنبيهه - حيث انه غير واجب عليه - وجب عليه نية الانفراد ان كان المنسى ركنا او قراءة فى مورد تحمل الامام مع بقاء محلها بان كان قبل الركوع وان لم يكن ركنا ولا قراءة او كانت قراءة وكان التفات المأموم بعد فوت محل تداركها كما بعد الدخول فى الركوع فالأقوى جواز بقائه على الائتمام وان كان الأحوط الانفراد أو الاعادة بعد الاتمام، واذا تبين للامام بطلان صلاته من جهة كونه محدثا او تاركا لشرط أو جزء أو ركن أو غير ذلك فان كان بعد الفراغ لا يجب عليه اعلام المأمومين وان كان فى الأثناء فالظاهر وجوبه، واذا دخل الامام
(2)
فى الصلاة معتقدا دخول الوقت والمأموم معتقد عدمه أو شاك فيه لا يجوز له الائتمام فى الصلاة نعم اذا علم بالدخول فى أثناء صلاة الامام جاز له الائتمام به، نعم لو دخل الامام نسيانا من غير مراعاة للوقت أو عمل بظن غير معتبر لا يجوز الائتمام به وان علم المأموم بالدخول فى الاثناء لبطلان صلاة الامام حينئذ واقعا ولا ينفعه دخول الوقت فى الأثناء فى هذه الصورة لأنه مختص بما اذا كان عالما أو ظانا بالظن المعتبر.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(3)
: أنه يشترط لصحة الاقتداء بامام النية وذلك بأن ينوى أداء فرضه مثلا مع الامام وان نوى مع الجماعة اصح وقيل
(1)
المرجع السابق ج 7 ص 256، ص 257 الطبعة السابقة
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 259 الطبعة لسابقة
(3)
كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 432، ص 433 وما بعدها طبع مطبعة يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة 1343 هـ
ينويهما وقيل يقول مع الامام ان كان فى الولاية ومع الجماعة ان لم يكن فى الولاية ومن الشروط ان يكون المأموم غير منزل جنس صلاة الامام عن جنس صلاته وذلك كمتنفل يؤم مفترضا وكمستن يؤم مفترضا وكمتنفل يؤم مستنا وأجاز بعض أن يصلى المأموم الثمانية الثانية مع الامام فى قيام رمضان وهى نافلة أثبتها أبو بكر رضى الله تعالى عنه وينويها أنها الثمانية الأولى له وهى سنة النبى صلى الله عليه وسلم فقد صلى سنة خلف مصل نفلا فان ما فعله غيره صلى الله عليه وسلم ليس سنة وانما تسمى تلك الثمانية سنة بالمعنى اللغوى أو لشبهها بالسنة وكذا ثمانية عمر ثم ظهر ان ثمانية أبى بكر وثمانية عمر من سنة النبى صلى الله عليه وسلم لأنه هو الذى فتح باب قيام رمضان ولم يحد لهم حدا وقيل بجواز تنزيل المأموم صلاة امامه عن صلاته كما ان ابن مسعود يصلى الفرض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يؤم أهله فى ذلك الفرض ومن شروط الاقتداء اتحاد الفرض المؤتم فيه والمراد الاتحاد فى نفس الصلاة ولو اختلفا قضاء وأداء فلا يصلى المأموم ظهرا خلف مصل صبحا كأن يكونا مسافرين أو كأن يكون المأموم مسافرا يقضى الظهر خلف مصل صبحا او يكونا مقيمين يصلى الامام الصبح والمأموم الظهر اذا سلم الامام قام المأموم للركعتين الباقيتين أو العكس فاذا صلى الامام ركعتين بالتحيات انتظره المأموم فيسلم اذا سلم سواء كانا قاضيين أو أحدهما قاضى والاخر مؤديا أو مؤديين كأن يكون أحدهما نام أو نسى ثم انتبه كل ذلك لا يجوز وقيل يجوز ولا يصح أن يصلى المأموم ظهرا خلف مصل عصرا أو غيره أو عصرا خلف مصل ظهرا وأجيز ذلك مثل أن تصلى ظهرا أخرته مع امام يصلى عصرا أو تصلى عصرا فى وقته مع امام يصلى ظهرا أخره لوقت العصر وقيل ان اتحدتا فرضا جاز ولو اختلفتا قضاء وأداء ويوما مثل أن يصلى الامام ظهر أمس والمأموم ظهر اليوم الذى قبل أمس، ومن شروط صحة الاقتداء المتابعة وهى ان يعمل المأموم كل ما يعمله الامام إلا ما يحمله عنه ويكون بعده لا معه ولا قبله وهل يتأخر عنه أو يليه؟ أشار بأنه يليه لا يصحبه ولا يسبقه ومن الشروط معرفة الامام فان احرم على امام فخرج اماما وأعاد ورخص أن لا يعيد واذا علمت أن الشرط ان لا تفوق صلاة المأموم صلاة الامام وفهمت جواز العكس فمن صلى فريضة واحدة أو مع جماعة ثم وجد جماعة تصلى فى مسجد أو غيره تلك الصلاة صلاها معهم واقتدى بهم ان لم تكن فجرا أو عصرا ونواها نافلة أو سنة أو احتياطا وقيل احتياطا وسلم بعد كل ركعتين او يسلم من ركعتين ويدعو ويخرج واما المغرب فيسلم من ركعتين فيه ويدعو ويذهب ويجوز ان يحرم بالثالثة ويزيد واحدة بعد سلام الامام ويقعد عند التحيات الأخيرة معه ساكتا فاذا سلم الامام قام ساكتا لأنه قام من السجود بتكبير نواه تكبير القيام أو يحرم بتلك الواحدة بناء على
جواز النفل بواحدة قياسا على الوتر ويجوز أن لا يسلم فى الرباعية عند التحيات الأولى لاجازة بعض التنفل بأربع وبعض بثلاث وكذلك ان صلى سنة ثم وجد الامام يصليها وقيل من صلى فلا يعيد ولو وجد الامام يصلى وقيل أنه يصليها الا المغرب وقيل الا المغرب والعصر وقيل الا المغرب والصبح وقيل الا الفجر والعصر فهو مذهبنا، روى الدارقطنى من صلى فى بيته فوجد الناس يصلون فليصل الا الصبح والعصر وان نوى المأموم
(1)
قبل دخوله فى الصلاة ان يقضى مضيعة او منتقضة او منسية او منوما عنها مضى مع الامام ان اتحدت الصلاتان بأن كانتا مثلا ظهرا وكذا ان كان الامام يقضى والمأموم يؤدى وأجيز ان تقطع الرباعية وراء الامام الى ركعتين للفجر قاضيا له قضاء ناويا قبل الاحرام ثم الى ركعتين للفجر الآخر كذلك اذا لزمك فجران فان تذكر بعد الدخول بنية النافلة او القضاء ان عليه مثل تلك الصلاة وهى صلاة وجبت عليه وهو فى وقتها اجزته التى عليه فيما زعم بعض والصحيح المنع لانه دخل الصلاة بنية صلاة غير التى قلب اليها نيته والنية تصاحب الفعل قبله متصلا به لا بعد الدخول فيه وما فات على نية لا يرجع لأخرى ومذهبنا ان الصلاة الاولى فرض والثانية نفل مسنون وقيل كلاهما فرض الأولى مسقطة للحرج لا مانعة من وقوع الثانية وقيل الفرض أكملهما وقيل الثانية اكمال للاولى ويدل لنا حديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم «انكم ستدركون بعدى ائمة يؤخرون الصلاة عن وقتها فاذا أدركتم ذلك فاجعلوا صلاتكم معهم سبحة وهو فى صحيح الربيع قال الربيع السبحة النافلة وحديث عبادة رضى الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم «ستكون أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة حتى يؤخروها عن وقتها أى وقتها المختار ويتركونها الى الضرورى فصلوها لوقتها قال رجل يا رسول الله اذا أدركتهم أصلى معهم قال نعم ان شئت يعنى نفلا لقوله حتى يؤخروها من وقتها رواه الربيع قال صاحب كتاب شرح النيل
(2)
ويقوم المأموم ثلاثة فأكثر خلف الامام وسن للواحد ان يقوم يمين الامام بحيث يسبقه الامام بمنكبه وقيل برجليه ولو ساواه برأسه وان سبقه بأقل أو أكثر جاز وان ساواه أو سبقه الامام بكله ففى الفساد قولان وكذا الكلام فى قيام غير الواحد يمينه وفى القيام يساره أو خلفه فاذا كان التقدم بالمنكب اعتبر قصر المأموم أو طوله فى تقدم الامام حتى يكون بالمنكب واذا كان بالرجلين فربما ساواه المأموم أو سبقه برأسه لطوله، قال وأعاد
(3)
ان خالف بأن قام يساره أو خلفه ورخص وانما يراعى فى التقدم تقدم
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 434، ص 435
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 440، 441 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 441 الطبعة السابقة.
رجليه فاذا قدم رجليه صحت للمأموم ولو ساواه فى سجوده لطوله وقصر الامام أو سبقه كذلك وقيل لا بد أيضا من تأخير المأموم عن محاذاة الامام برأسه أيضا مع ذلك فان كان أطول منه سبقه الامام بأكثر من رجليه وان قصد السجود بلا مدلئلا يساويه وقد مد مدا مجزيا وسبقه الامام برجليه جاز ويجزى السبق بأقل من الرجل وان ساوى المأموم بالرجلين وسبقه بالرأس أو أقل أو أكثر لطوله وقصر المأموم أو لعدم مد الامام فلا يجوز الا على قول من لم يفسد صلاة مساوى الامام ولو بالرأس قال وسن لرجلين ان يصطفا خلف الامام وان صلى الامام بواحد ثم دخل عليه ثان دفع الداخل الامام للمحراب ان كان قدام المحراب او جانبه قريبا متصلا يمينا او يسارا وذلك يتصور بأن يجدهما يصليان بين المحراب فى الصف الأول لأن داخل المسجد يقصد يمينه ان لم يسبق اليه والصف الأول أولى أو يجدهما يصليان عند المحراب أو يسارا جهلا أو لعمران سائر الجهات بمسجد وجر اليه أى الى نفسه وصاحبه ان كان فى غيره أو فيه ولم يكن قدام محرابه على قول من أجاز الجماعة فى المسجد فى غير المحراب بعد ان يوجهه لا قبله لبعده عن الصلاة فلا يجيد من فيها بخلاف من وجهه فانه قريب منها وجوز ثم يحرم فيصطف معه يعنى ان يجبده ويتركه يجئ اليه فعقب احرامه يصل اليه وذلك ليكون قد اصطف مع من هو فى الصلاة مثله لا قبلها وان دفع الامام أو جر صاحبه بعد الاحرام أعاد وفى التاج لا اعادة عليهما وان تأخر اليه صاحبه لا يجراه أو تقدم الامام لا بدفع لم يضر وكذا ان قام بين الذى بيمين الامام وساواه أو تأخر عنه أو تقدم قليلا وقيل يعيد هذا الداخل وكذا الخلف فى صلاته وصلاة الامام اذا دفعه فى غير المسجد الى غير المحراب بأن كان غير مقابل له فاندفع باختياره وان دفعه فاندفع بدون اختيار لم تفسد على الامام وان دفع الامام أو جر المأموم ولم يندفع أو لم ينجر ولم يسع المقام الامام قدامهما واياهما خلفه صلى منفردا خارجا أو اذا صليا صلى وان اصطف
(1)
رجلان يمينه تقدمهما قليلا وجدهما الثالث ان جاء وان كانوا ثلاثة أو اربعة لا فوق فأحرم عليهم عن يمينه ففى اعادتهم الامام لاحرامه على ما لا يجوز والمأمومين لموافقتهم كما لا يجوز قولان اعتمد فى الديوان على الاعادة وان احرم على ثلاثة يمينه وجاء الرابع بعد فقام معهم أعاد الرابع ورخص وفى الثلاثة الخلف وان أحرم على واحد يمينه فدخل اثنان يمينه معا أعاد او قيل المتطرف ويعيد الثالث ان جاء وحده وهكذا فى الخمسة وما فوقها ورخص فى الكل ويعيد الخامس وحده دونهم فى قول ودون الامام لأنه لم يحرم عليه ان دخل عليه فى جهة واحدة معهم ورخص وهكذا فوق الخمسة وان اصطف اثنان او أكثر يساره ورجح فسادها
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 442، الى ص 447 الطبعة السابقة
وجوز الى عشرة وأكثر يمينا أو شمالا قاله فى الديوان وفسدت عليهم ان تابعوا خلفه واحدا واحدا ورخص والخلف فيه ان احرم عليهم كذلك ويجوز للداخل جر اثنين فأكثر كما يجر لواحد وقيل تفسد سواء جرهم مرة أو مرتين أو اكثر ان تعمد ذلك لأن الواحد يجزى فتعمده ما فوق الواحد زيادة مستغنى عنها ولو بمرة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا جررت اليك أخاك فذكر واحدا فمن ادعى جواز الاثنين فصاعدا فعليه البيان وأجاز بعضهم ان يتقدم الامام فى المسجد وغيره فى المحراب وغيره بنفسه أو تقديم غيره ولو وجد من يصلى معه والتأخر الى وراء ان وقف الداخل خلف الامام أو معه غيره ولم يجروا من عن يمينه فسدت على الداخلين وقيل لا واستحسن له ان يفرج بينه وبين الصف الاول قدر ما يبلغ يده ان احتاج الى استخلاف ولا ضير ان جاوز وقيل يفرج قدر مربط ثور أو شاة طولا وان بعد عن الصف اكثر من خمسة عشر ذراعا فسدت عليهم وعليه أيضا ان أحرم على ذلك وكذا ما بين الصفين وتتفرج الصفوف قدر السجود بلا تضرر أى بلا توقع ضرر كما اذا كان يحذر نفسه ان يصادمه بمقعدتيه من قدامه أو يصادم هو من خلفه أو كان ذلك يدعوه الى تأخير او تقدم فالتضرر تفعل للتوقع ويجوز ان يكون للمجانبة كالتأثم بمعنى مجانبة الاثم فمعنى التضرر مجانبة الضرر أى بلا مجانبة ضرر ولعدمه وقيل ان كان بين الصف والامام او بين الصفين فسدت وقيل لافساد ان بعدوا اكثر من خمسة عشر وان كانوا يسمعونه أو يسمعون الصف ولو تباعدوا عن الصف أكثر من خمسة عشر.
واختلف علماء الإباضية
(1)
فى اصطفاف المقتدين بالامام هل هو واجب أو مندوب فيجوز أن يصلوا خلفه بدون اصطفاف كأنهم فرادى يصلى كل حيث شاء قولان وصحح أولهما وقد أمر بتسوية الصفوف وترصيصها أى التصاق الواقفين فى الصف واذا كان ترصيص الصفوف واجبا بالحديث كانت واجبة وزعم بعض ان الصف غير واجب واذا فعلوه لزمهم الترصيص لأنه انما يكون الخلل محلا للشيطان اذا كان فى صف واذا كانت الخلل مقدار موقف رجل فسدت على تاليها البعيد عن الامام وعليهما ان كانا وراءه وقيل اذا بقيت مقدار ركعة وقيل عمل وقيل لا فساد حتى تتم الصلاة عليها أو باقيها وقيل يفسد الخلل ولو كان أقل من موقف رجل ومن زعم ان الصف غير واجب لم يحكم بفساد من يصلى وحده منقطعا عن الصف ولو لم يقابل صفا أو طرف صف وهو ضعيف والصحيح لزم الاصطفاف وسد الخلل والاتصال بالصف لأن ذلك مأمور به والامر للوجوب ولان ذلك هو المعمول به فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم وبعده وكون الاول كصدر الطير بأن يجعل الذى يقابل الامام منكبه الايمن أمام المنكب الايسر للذى عن يمينه ويجعل هذا عن يمينه منكبه لمن يليه كذلك وهكذا ويجعل ذلك المقابل للامام منكبه الايسر أمام المنكب الايمن
(1)
شرح النيل ج 1 ص 447/ 446.
للذى عن يساره ويجعل هذا الذى عن يساره منكبه لمن يليه كذلك وهكذا وان لم يفعلوا ذلك فلا بأس والصحيح ان يسووا الصف الاول كغيره ولا يفعل ذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم «سووا بين صفوفكم سووا بين صفوفكم سووا بين صفوفكم ثم لتقومن صفوفكم أو يخالف الله بين قلوبكم ولم يخص صفا من صف وقول ابن مسعود رضى الله تعالى عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوى بين مناكبنا ويقول استووا ولا تختلفوا ولم يخص ولم نجد المساجد مبنية على ذلك بل نجد سوارى الصف الأول على استقامة كغيره من الصفوف بل ذلك تختل به القبلة لان اهل الجهة اليسرى اذا فعلوا ذلك استقبلوا المشرق أو طرف الشمال ايضا ان طال الصف وأخطأوا القبلة واهل الجهة اليمنى اذا فعلوا ذلك استقبلوا الجنوب أو وطرف المغرب أيضا ان طال وان دخل رجل ولم يجد موضع وقوف جر الى نفسه بعد التوجيه وقبل الاحرام آخر من صف يصف معه يجبده ثم يتركه بتأخر اليه ويستحب الجبد من طرف الصف لئلا يحتاج الى سد الخلل ويجر المجبود رجليه بالأرض ولا يستدبر القبلة ويقرأ فى تأخره لان تحوله لصلاة أخيه فذلك شبيه لاصلاح صلاة نفسه وانما لم يجعلوا له ان يأمره بالتأخر لانه فى الصلاة فكما لا يتكلم لا يكلم له وكذا فى دفع الامام للمحراب وحيد الواحد المصلى يمينه وايضا الكلام أشغل للمصلى من الحيد اذ هو من جنس الكلام الذى يقول فى الصلاة أعنى كلا كلام فهو يزاحم مع القراءة وليساعده هذا المجرور وان لم يساعده فلا بأس وانما يساعده اذا ظن انه يجيده ليصطف معه وانه لم يجد مدخلا والا أعاد أن ساعد وان صلى خلف صف وحده ولم يجر اليه آخر من صف أعاد وجوز وهو الذى اعتمد عليه فى الديوان وان جره ولم يساعده فوقف وحده فلا اعادة عليه وقيل ان وقف بازاء الامام صحت ولو لم يجر اليه اخر والظاهر انه ان لم يجد الوقوف بازائه ووقف يمينا أو شمالا صح وقيل لا يعيد ولو وجد مدخلا فى الصف وان لم يجد خلف الصف
(1)
الا موقفه وحده ولم يجد مدخلا ولا مساعدا فالراجح الجواز ولو كان موقفه يمينا أو شمالا والظاهر ان المجرور، يجر رجليه ويقرأ وأنه ان لم يجرهما لم تفسد والمرأة فى جبد الاخرى كالرجل وكذا جبد محرمها أو صبى أو من لا تستتر منه وكذا جبد محرمها او من ذكر اياها وروى ابن ماجة لا صلاة خلف الصف وروى أبو داود من الإباضية عن وابصة بن معبد أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة ونصه هكذا:
ايها المصلى وحده ألا وصلت الى الصف فدخلت معهم أو جررت اليك رجلا ان ضاق بك المكان فقام معك أعد صلاتك فأنه لا صلاة لك هذا نص الطبرانى وللمرأة ان تجبد محرمها أو من يجوز لها الاصطفاف معه كصبى ومن لا يشتهى وكذا العكس وقيل لا يجبد الرجل امرأة ولا المرأة رجلا مطلقا وان قلت كيف الجمع بين أحاديث منع الصلاة خلف الصف وحديث أبى بكر أو أبى بكرة الحارثى زادك الله حرصا ولا تعد؟ قلت اجازته له صلاته خلف الصف
(1)
من كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد ابن يوسف اطفيش ج 1 ص 432، ص 433 المتقدمة.
ترخيص لا يجاوزه ألا ترى أنه قال لا تعد الى ذلك أو كان مكروها ثم نسخ ويسد الفرجة تاليها وهو الابعد من الامام يمينا وشمالا، والا فسدت صلاته وحده وان سدها القريب أو أحد من الصف أو من صف آخر او من غير صف اجزأ وان لم تسد فى الصف الاول فسدت من الأبعد الى آخر الصف لأنهم لم يقابلوا صفا ولم يتصلوا الى خلف الامام ولا تنقض صلاة بالفرجة الا أن كانت قدر مقام الرجل ولكن تتخلل فيه الشياطين كأولاد الضأن كما جاء الحديث به وان كانت خلفه سدها اللذان يليانها أو غيرهما والا فسدت صلاتهما وحدهما فى غير الصف الأول وان كان فى الصف الأول خلفه فسدت عن الصف الاول كله وجاز على قول للمصلى سده اياها ان رآها أمامه فى صف أو أعلم بها وأراد بامامه موضعا من الصفوف التى تكون بينه وبين الامام ولو فصل بينهما صف او كانت فى جهة يمينا أو شمالا منها وانما جاز له سدها فى ذلك كله وفى صفه
(1)
الذى هو فيه ولو لم تله وفى صف من صفوف خلفه اذا علم بها كما لا تفسد صلاته وكما لا يفسد صلاة غيره اذا مشى لاصلاحها لانهم امروا بتسوية الصفوف جميعا وكأنهم صف واحد واذا قصر احد فى صفه فليصلحه غيره ولانهم كواحد فى توفير الاجر ولان النبى صلى الله عليه وسلم ادار جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنه من يساره ورجلا من يمينه واوقفهما خلفه مع أنه لو تركه لفسدت صلاته دون صلاته صلى الله عليه وسلم ودون صلاة من فى يمينه وانما لم يجب عليه سدها اذا لم تله فى صفه لان المخاطب بهذا على الوجوب تاليها وليس مشيه فى مساجد المصلين بقاطع عليهم وكذا بينهم وبين مساجدهم الا أن مشى فى قفا الامام فالخلف فى القطع سواء مشى للسد أو لغيره أو جاء من خارج وانما جاز له التحول للسد مع أنه اذا يبقى مقامه فرجة لأنه يظن ان تاليه يسدها كما هو المعتاد والا لم يجز له التحول اذ لا تقضى الجنابة بالجنابة وان ذهب اليها فسدها غيره رجع لمكانه وان سد مكانه الذى انتقل منه للسد وقف مكانه الذى هو فيه بين الصفين ان امكنه الوقوف فيه وصلى فيه والا خرج لمحل لا يقطع فيه قفا الامام وقيل ولو يقطع ما لم يكن جنبا تيسرت له فيه الصلاة ولا ضير عليه فى المشى امام الصف ان لم يمش على مساجدهم او دونها بل لا ضير وان مشى على ذلك يمينا وشمالا ولم يمش قفا لأن الامام سترة ورخص ولو مش قفاه على ذلك كما مر ما لم يكن جنبا وان لم يجد خروجا بأن اتفق له ذلك حال السجود فتلاقوا لضيق المقام أو استغرق الصف الذى هو فيه المحل من حائط الى حائط فسبقه الامام بعمل أعادها وقيل يستدركه ان تيسر له محل وشرع فيما فيه الامام بعد ذلك وقبل السّلام ورخص له ايماء برأسه مكانه ان لم يجد محلا ولا خروجا قائما أو قاعدا قولان ويجر رجليه وهو يقرأ ان ذهب للسد فى صفه أو فى غير صفه وان ترك القراءة حين الذهاب فسدت ورخص ولا ضير ان رفع رجليه وقيل تفسد، وتقف امرأة خلف امام تلقاء كتفه الايسر وان وقفت تلقاء الايمن أو خلف الامام لا أيمن ولا أيسر أو حاذته من الجهة اليمنى ففى الفساد قولان وكذا ان حاذته من اليسرى والصحيح ما ذكر
(1)
من كتاب شرح النيل وشفاء العليل ج 1 ص 449 وما بعدها الطبعة السابقة.
من الوقوف خلف الكتف الايسر وذلك لان المرأة ناقصة فناسبها الايسر ولانه ان جاء رجل قام يمينا فتخلى له اليمين لعله يجئ. وتقف محرمة الامام
(1)
من الجانب الايمن للامام ان كانت وحدها أو يساره ولا يترجح لها الايسر لانها معه كالرجل لانها يصح لها ان تصف مع محرمها فى الصف وبين مسجدها وموقفه قدر صف يصف فيه الرجال اذا جاءوا ان كان المحل يقصد لصلاة الجماعة وان كان بينهما أقل أو أكثر على ما مر لم تفسد والامام سترتها ولا سترة عليها من خلفها وانما تصلى معه ان كانت محرمة منه ولا يصلى باجنبية وحدها فان أحرم عليها أعاد وقيل لا وكذا هى فيها الخلف وقيل من اشتهى منهما فى صلاته أعاد وقيل لا وهذا بناء على الخلف هل المعصية فى الصلاة تنقضها أم لا. وان صلى بها وحدها وبالحضرة من لم يدخل فى الصلاة معه جاز وان صلى بها مع امرأة اخرى أو مع رجل جاز وان صلى مع عجوز لا يشتهيها او مع من لا يشتهيها مطلقا كتهامية أو صلى مع امرأة تشتهى لكنه لا يشتهى لكبر أو مرض او علة أو لخلقه أو كان مستأصلا غير مشته أو لصغر جازت صلاته وصلاتها ولو انفرد بها وهى غير محرمة له فكذا ان كان مشتهيتين وكانا بحضرتهما من يستحيان منه غير مصل أو مصليا وحده أو مصليا مع امام او كان اماما، وان صلى بامرأتين أو أكثر صففن فى مقام الواحدة وان كن مع الرجال فخلفهم.
وان صلت محرمته من جانبه الايسر كما هو شأنها وجوز ان صلت يمينه انتقضت ان جاوز سجودها منكبه وقيل لا ما لم يتساويا وجوز ولو تساوى سجودهما واستحسن بعض ان صلت يسارا ان يحاذى سجوها ركبته والاجنبية كالمحرمة فى ذلك كله حيث قيل لصحة صلاتها وحدها معه ولا تصح الصلاة فى الجماعة، وأما بلا امامة فتصلى محرمته ولو قدامه وهو غير مصل أو مصل فذ من رجل خلف امرأة ولو زوجته ولا منها قدامه ولو كانت بينهما سترة أو حائط ان أحرما على ذلك والا بان كانت النساء يصلين فصف الرجال خلفهن بعد احرامهن أو أحرموا فصففن أمامهم ففى فساد صلاة السابقين أو السابقات قولان وفسدت صلاة المسبوق وفى فساد صلاة المسبوق والسابق اذا لم يعلما بالصف قولان ايضا وقيل اذا كانت السترة لم تفسد على السابق ولا على المسبوق وذلك كله فى الصلاة بالجماعة واما بغيرها فلا يضر صلاة المرأة فى جماعة صلاة رجل وحده أو مروره لأن الامام سترها وان صلت وحدها وجعلت سترة من خلفها لم يضرها ايضا مطلقا وان لم تجعل فسدت صلاتها على قدر الخلاف السابق فيما يقطع الصلاة من قدام وقد قيل لا تفسد ما لم يمس ثوبها أو ما لم يمس من جسدها وقيل لا ولو مس ثوبها الا أن وصل مسه بدنها من فوق الثوب بأن يلصق الثوب ببدنها فيعارضه بدنها ويقف الواحد يمين الامام لفضله والمرأتان خلف الواحد وكذا الثلاث فأكثر عند بعض وقيل ان الثلاث فأكثر خلف الامام وبينهن وبينه قدر صف بلا نقض أو واحدة خلف واحدة فخلاف وكذا ان فعلت
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 450، ص 451 الطبعة السابقة.
(2)
شرح النيل ص 451، ص 452
بزيد أو نقص وان وقفن يساره أو خلف يساره أو واحدة خلف واحدة فخلاف وكذا ان فعلت ذلك اثنتان او وقفت بعض فى جهة وبعض فى أخرى والمرأة الواحدة تقف خلف الواحد كذلك المذكور من المرأتين أو حيث شاءت من غير أن تحاذى الرجل او الامام وتستوى اذ لا صف عليها هنا اذ لم تجد من تصف معه فان استوت فقولان وفسدت ان سبقت أحدهما وان وقفت يمين الامام بينه وبين الرجل او يمين الرجل وأحرم الامام عليها كذلك اعاد الامام والمرأة على الصحيح ان علم الامام والا اعادت دونه وكذا الرجل قولان فى أعادته ان علم وقيل يعيد ولو لم يعلم أو فسدت عنه لفساد صلاة الامام وذلك كله صحيح المعنى ويقتدى بعض الصفوف ببعض ان كثرت وبعض الصف ببعضه وأجاز بعض المشارقة أن يجهر فى مقام الجهر تالى الأصم أو الأعمى أو يمسه عند الفعل بنفس الفعل لينتبه لا بعمل زائد وان احرم الامام على من لا تصح منه الصلاة كحائض او نفساء أو جنب أو مجنون أعاد الاحرام ان تعمده وان علمهم فى الصف وأخرجهم بنيته أو بها ويلفظه ولم يطردهم فقيل لا تفسد عليه وقيل تفسد ووجهها هل هم فرجة وهل استقلت صلاة الامام عن المأموم وصلاة المأموم عن الامام ولا يحرم الامام على معينين فان فعل وجاء غيرهم ففى فساد صلاة الغير قولان وعلى الفساد يخبره أنه لم يعنه خصوصا وأنه لم يعمم كما يشمله ليعيد الصلاة وان قلت يخبره لأن من شأن الامام أن يعمم كل من تجوز الصلاة به ولا يخص وانما يعتقد ان يصلى بكل من يصلى بصلاته ممن له صلاة ويعيد هو ومن خلفه الاحرام ان أحرم على فرجه بصف قدرها ما يقف الرجل وقيل يعبدون دونه وقيل يعيد تالياها وكذا ان كانت فى الصف امرأة أو حاذى صف نساء صف رجال عادوا هم وهن وقيل هن أن أحرم الامام على ذلك والا اعاد تاليهن وتاليتهم دون باقيهم وباقيتهم ان لم يكن محرما لهن ويعيد الصف الذى خلفهن ان احرم عليهن وقيل مطلقا وان احرم على صف نساء خلفه صف رجال اعاد من خلفهن ومن قدامهن والامام وهن وان لم يحرم عليه اعاد من خلفهن وهن ورخص بعض ان لا يعيد الصف خلفهن
(1)
ان كانت بينهم وبينهن سترة وكذا ان كانت بين صف الرجال وصف النساء فرجة فان احرم على ذلك اعاد الكل والا أعاد التالى والتالية فقط ان لم يكونا محرمين لأن الأصل ان لا يكون صف واحد بعضه رجال وبعضه نساء وان كانا محرمين لم يعيداهما ولا غيرهما ولو أحرم عليهما كذلك لأن الأصل فى المرأة ولو محرمة ان تنفصل عن الرجل وقد فعلت واما غير المحرمة فلا يجوز ان تكون فى صف الرجال ولو مفصولة فبطلت عنها وعن تاليها وقيل يعيدون مطلقا أى ولو كان المتواليان محرمين ان احرم على ذلك وعبارة الديوان واما ان كان الذى يلى النساء ذا محرم منهن فلا يعيد ان لم يحرم عليهم الامام على ذلك الحال ومنهم من يرخص ولو أحرم عليهم الامام على ذلك وكذلك ان كانت بينهم فرجة فلا بأس بصلاتهم ومنهم من يقول يعيدون صلاتهم ان احرم الامام على ذلك وكذلك ان كانت بينهم أمة أو حائط ومنهم من يشدد ان يعيد اللذان يليان الحائط والامة وان لم يحرم عليهم وكره لرجل محاذاة أجنبية لصلاة فى غير صف أما فى الصف
(1)
من كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 451، ص 452 الطبعة السابقة
فناقض كعكسه بلا نقض ان لم يتماسا ببدن ولو من فوق الثوب اذا وصل مسه اليها من فوقه فان تماسا أعادا الوضوء والصلاة وقال فى التاج ان صلت امرأة بحذاء رجل فسدت عليها ان لم تتأخر عنه لا عليه وان صلت مع زوجها سبقها برأسه وان بأقل فسدت عليه عند أبى عبد الله ونفى الفساد عنها ابن المسبح وان صلت قدام رجل كل وحده قطعت عليه عند الاكثر وقيل ان كان أقل من ستة اذرع وقيل من يصلى وحذاءه مصلية لصلاته او وحدها فسدت ان لم تكن ستة اذرع ومن صف مع اجنبية خلف الامام وحدهما وبينهما اقل من ستة اذرع فسدت عليه او عليها وعليهما، أو صحت لهما أو تمت لهما ان صلت قدامه أو ناحيته كل وحده أقوال، وان قعدت قدامه غير حائض لم تفسد عليه وتؤمر أن تكون المرأة خلف محرمها وان حاذى صفهن صفهم وبين الصفين سترة ولو حصيرا تمت للكل اذ لا صف عليهن ما لم يكن بينهما ستة أذرع وقيل الصف فيما بينهن وفى أقل تفسد على رجال بينهن وعلى تالية للصف وقيل عليهم دونهن وقيل تمت على الكل وقيل يجوز ذلك لمصلى بصلاة الامام السترة تجئ وتذهب وقيل لا وتفسد على من مرت عليه المرأة فى صف ولا يقطع جنب أو حائض من حاذاه الا ان مس بدنها بدنه وان كانت بين الرجال والنساء فرجة قدر مقام الرجل لم يقطعهن وقطع الاقل على تاليهن وان توسطن الرجال افسدن على تاليهن لا على تالى صفهن ويقطعن على الصف خلفهن لا على من خلفه وان وقف الخنثى فى صفهم افسد على تاليه وكذا فى صفهن ومن توسطه افسد على نفسه وتاليته، قيل وجاز ان يؤم رجل نساء أو عبيدا وصبيانا فى كل موضع وقيل لا الا فى مسجد يؤم فيه.
وان وقف الامام فى مكان مرتفع
(1)
وحده، من موضع صلاة القوم قدر ذراع او اكثر لا اقل فسدت على الكل وقيل فسدت عليه وحده وذلك لنهى الامام عن الارتفاع ولأن فيه كبرا أو لتعسر الاستخلاف عليه ولم يحدده بالشبر لأن الأرض يكثر ارتفاعها بنحو الشبر ولا حد بعد الشبر يلى الشبر الا الذراع فحدد الارتفاع به وعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال اذا أم احدكم القوم فلا يقم فى مكان ارفع من مكانهم وكان ينهى عن الصلاة فى مكان أعلى من المأموم والامام وفى الديوان ان كان الامام فوق السطح وكان احد معه فلا بأس وان كان اسفل والمأموم فوق السطح فلا بأس ولو لم يكن معه أحد وقيل ان ارتفع الامام بثلاثة أشبار فسدت عليه لا على من خلفه والخلف ان فصل بين الامام والصف هواء بحيث لا يجد الاستخلاف ولو تساووا معه وان تسفل منهم صحت ولو لم يقف معه أحد لأن التسفل اتضاع وقيل لا بد منه لاحتياجه للأستخلاف وان تسفل وحده فسدت وقيل يعلو ويعلى وقيل يعلو ولا يعلى وقيل لا ولا ورخص فى الجنب والمجنون ان لا يقطعا الصلاة ولو أخذا قفا الامام ولا يعدان فسحة ولا يعد الطفل فسحة ويجوز لمن يصلى قاعدا ان يقعدا ان يقعد وسط الصف ولو فى قفا الامام فى الصف الثانى وما بعده وكذا الأول لكن لا يحسن ذلك فى الأول بل يحسن أن يلى قفاه من يستخلف وفيمن له متاع فى أقصى مسجد
(1)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 454 الطبعة السابقة.
وصلى فيه وحده بصلاة الامام مخافة التلف ان لا تفسد وتقطع السارية وقيل ان كانت قدر رجل لا على من خلفها أو امامها أو خلف الامام ولو من صفها ولا يصلى رجل من داخل مسجد الى امام خارجه لئلا يكون المسجد تابعا والمختار جوازه وقيل يجوز لمريض وذى علة فقط وتجوز من خارجه لداخله ان لم يكن ستر وكان فيه كوة يبصر بها الامام أو من خلفه ولو صغيرة وقيل أكثر من ثلاثة أشبار وقيل مدخل رجل بلا معالجة وقيل تجوز الصلاة بامام لا تراه ولا ترى مأموما بعده لحائل كجدار لا كوة فيه ان كنت تسمع صوته أو صوت مأموم ولابد من أحد مع الامام داخلا أو خارجا للاستخلاف والا فسدت وقيل لا يلزم ذلك وقيل يلزم خارجا، ولا تنعقد
(1)
الصلاة على امامين فى صلاة واحدة لقوم متبعين لهما كاتباع الواحد امامه اتفاقا قال فى الديوان لا يصلى امامان باناس شتى فى مكان واحد فى صلاة واحدة أو صلوات فان فعلوا فلا يعيدون واما اذا كان امامان لصف واحد فاقتدوا بهما جميعا فانهم يعيدون وان لم يقتدوا الا بواحد فلا بأس واذا كان رجلان يصليان وظن كل واحد انه امام صاحبه فلا باس وان ظن كل واحد منهما أن صاحبه امامه اعادا وان حال بينه وبين من خلفه شارع طريق عامة أو نهر أو خليج أو بحر غير واسع أو ماء مطر جار ذلك الماء كله أو راكدا أو طريق لخاصة ولو غير نافذ أو مقبرة أو مزبلة أو نجس أو نحو ذلك فالارجح الاعادة ورخص. وجه الترخيص فى مسألة النجس أن الامام سترة على الاطلاق فلا تنقض على المأموم بنجس أو حائض أو نفساء أو أقلف بينه وبين امامه .. ما لم يمسه ووجه القول بالفساد أن قائله يقول انه سترة فى ذلك ما لم يقطع ذلك بينه وبين امامه، ولا ضير بصلاة
(2)
فذ وحده يسمع الامام ولو كان احدهما فى المسجد والاخر فى صحنه ورخص بعض وان حال بين قوم وامامهم مانع كنجس وغيره مما يفسد الصلاة من ركوع وسجود تحولوا يمينا أو شمالا أو خلفا واذا كان التحول يمينا أو شمالا أو خلفا واذا كان التحول يمينا أو شمالا فلابد ان يكون بعضهم على قفا الامام فيصفون خلف من هم على قفاه جانبا ان امكنهم فان لم يجدوا تحولا حتى سبقهم العمل اعادوا على قدر اختلافهم فى العمل وذلك اذا حدث لهم المانع والذى عندى أن يستدركوا واما ان دخلوا عليه فلا صلاة لهم فان احرم عليهم كذلك فسدت عليه وان كان منع الركوع والسجود مما لا يفسدها كهدم يقع قدامهم لعذر كماء أو طين أوموا قياما بالكسر والتخفيف جمع قائم وكذلك الامام ان كان له ذلك المانع يومئ والفرق بين هذه المسألة والتى قبلها ان نحو النجس قدام المصلى بينه وبين مسجده أو فى مسجده مفسد للصلاة ولو صلى قائما موميا لانه لو سجد لكانت تحت وجهه أو داخل اليه فلا يجزيهم الا التحول بخلاف نحو
(1)
من كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 455 نفس الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 457، ص 458 الطبعة المتقدمة.
الماء والطين فيجزى الايماء أومؤا قعودا ان حدث اليهم مرض وان رجعوا من قيام أو قعود الى اضطجاع افترقوا معه وأتموا فرادى وقيل يعيدون لأن السنة جاءت بصلاة المأموم خلف الامام قائما أو قاعدا لا مضطجعا وقيل يصلون معه مضطجعين لان الاضطجاع حدث لهم بعد الدخول فى الصلاة فجاز لهم اتمامها مضطجعين واذا استراحوا من ايماء قاموا وركعوا وسجدوا معه وان اضطجع الامام اتموا فرادى وقيل يعيدون وقيل فيمن صلى قائما أو قاعدا ثم اضطجع لعذر ثم استراح فأطاق القعود أو القيام أنه يستأنف والصحيح البناء.
من يصح الاقتداء به ومن لا يصح
.
مذهب الحنيفة:
جاء فى بدائع الصنائع أنه تجوز امامة العبد والاعرابى والاعمى وولد الزنا والفاسق وهذا قول العامة بدليل ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال صلوا خلف من قال لا اله الا الله وقوله صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بر وفاجر والحديث والله اعلم وان ورد فى الجمع والاعياد لتعلقهما بالامراء واكثرهم فساق لكنه بظاهره حجة فيما نحن فيه اذ العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وكذا الصحابة رضى الله تعالى عنهم كابن عمر وغيره والتابعون اقتدوا بالحجاج فى صلاة الجمعة وغيرها مع أنه كان أفسق أهل زمانه حتى كان عمر بن عبد العزيز يقول لو جاءت كل امة بخبيثها وجئنا بأبى محمد لغلبناهم وأبو محمد كنية الحجاج، وروى عن ابى سعيد مولى بنى أسيد أنه قال عرست فدعوت رهطا من أصحاب رسول الله عليه وسلم فيهم أبو ذر وحذيفة وأبو سعيد الخدرى فحضرت الصلاة فقدمونى فصليت بهم وأنا يومئذ عبد وفى رواية قال فتقدم أبو ذر ليصلى بهم فقيل له أتتقدم وانت فى بيت غيرك فقدمونى فصليت بهم وانا يومئذ عبد وهذا حديث معروف أورده محمد فى كتاب المأذون وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة بالمدينة حين خرج الى بعض الغزوات وكان أعمى ولان جواز الصلاة متعلق باداء الاركان وهؤلاء قادرون عليها الا أن غيرهم أولى لان مبنى الامامة على الفضيلة. ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم غيره ولا يؤمه غيره وكذا كل واحد من الخلفاء الراشدين رضى الله تعالى عنهم فى عصره ولان الناس لا يرغبون فى الصلاة خلف هؤلاء فتؤدى امامتهم الى تقليل الجماعة وذلك مكروه ولان مبنى أداء الصلاة على العلم والغالب على العبد والاعرابى وولد الزنا الجهل اما العبد فلانه لا يتفرغ عن خدمة مولاه ليتعلم العلم.
وامامة صاحب الهوى والبدعة مكروهة نص عليه أبو يوسف فى الامالى فقال اكره ان يكون الامام صاحب هوى وبدعة لان الناس لا يرغبون فى الصلاة خلفه وهل تجوز الصلاة خلفه .. قال بعض مشايخنا ان الصلاة خلف المبتدع لا تجوز وذكر فى المنتقى رواية عن أبى حنيفة أنه كان لا يرى الصلاة خلف المبتدع والصحيح انه ان كان هوى يكفره لا تجوز وان كان لا يكفره تجوز مع الكراهة وكذا المرأة تصلح للامامة
فى الجملة حتى لو أمت النساء جاز وينبغى ان تقوم وسطهن لما روى من عائشة رضى الله تعالى عنها أنها أمت نسوة فى صلاة العصر وقامت وسطهن وأمت ام سلمة نساء وقامت وسطهن ولأن مبنى حالهن على الستر وهذا استر لهما الا أن جماعتهن مكروهة عندنا والصبى العاقل يصلح اماما فى الجملة بأن يؤم الصبيان فى التراويح وفى امامته البالغين فيها اختلاف المشايخ فأما المجنون والصبى الذى لا يعقل فليسا من أهل الامامة اصلا لأنهما ليسا من أهل الصلاة
(1)
.
وجاء فى بدائع الصنائع
(2)
: أنه لا يجوز الاقتداء بالكافر ولا اقتداء الرجل بالمرأة لأن الكافر ليس من أهل الصلاة والمرأة ليست من أهل امامة الرجال فكانت صلاتها عدما فى حق الرجل فانعدم معنى الاقتداء وهو البناء ولا يجوز اقتداء الرجل بالخنثى المشكل لجواز ان يكون امرأة، ويجوز اقتداء المرأة بالمرأة لاستواء حالهما الا ان صلاتهن فرادى افضل لان جماعتهن منسوخة، ويجوز اقتداء المرأة بالرجل اذا نوى الرجل امامتها وعند زفر رحمه الله تعالى نية الامامة ليست بشرط وروى الحسن بن أبى حنيفة أنها اذا وقفت خلف الامام جاز اقتداؤها به وان لم ينو امامتها ثم اذا وقفت الى جنبه فسدت صلاتها خاصة لا صلاة الرجل وان كان نوى امامتها فسدت صلاة الرجل وهذا قول أبى حنيفة الأول ووجهه أنها اذا وقفت خلفه كان قصدها أداء الصلاة لا افساد صلاة الرجل فلا تشترط نية الامامة واذا قامت الى جنبه فقد قصدت افساد صلاته فيرد قصدها بافساد صلاتها الا أن يكون الرجل قد نوى امامتها فحينئذ تفسد صلاته لأنه ملتزم لهذا الضرر وكذا يجوز اقتداؤها بالخنثى المشكل لانه ان كان رجلا فاقتداء المرأة بالرجل صحيح وان كان امرأة فاقتداء المرأة بالمرأة جائز أيضا لكن ينبغى للخنثى أن يتقدم ولا يقوم فى وسط الصف لاحتمال ان يكون رجلا فتفسد صلاته بالمحاذاة وكذا تشترط نية امامة النساء لصحة اقتدائهن به لاحتمال انه رجل، ولا يجوز اقتداء الخنثى المشكل بالخنثى المشكل لاحتمال أن يكون الامام امرأة والمقتدى رجلا فيكون اقتداء الرجل بالمرأة على بعض الوجوه فلا يجوز احتياطا، واما الاقتداء
(3)
بالمحدث أو الجنب فان كان عالما بذلك لا يصح بالاجماع وان لم يعلم به ثم علم فكذلك عندنا، لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلّم صلى بأصحابه ثم تذكر جنابة فأعاد وأمر أصحابه بالاعادة فأعادوا وقال ايما رجل صلى بقوم ثم تذكر جنابة أعاد وأعادوا وقد روى نحو هذا عن عمر وعلى رضى الله تعالى عنهما حتى ذكر أبو يوسف فى الأمالى ان عليا رضى الله تعالى عنه صلى بأصحابه يوما ثم علم أنه كان جنبا فأمر مؤذنه أن ينادى ألا أن أمير المؤمنين كان جنبا فأعيدوا صلاتكم ولأن معنى الاقتداء وهو البناء هاهنا لا يتحقق لانعدام تصور التحريمة مع قيام الحدث والجنابة واما ما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل صلى بقوم ثم تذكر جنابته اعاد ولم يعيدوا فانه محمول على
(1)
بدائع الصنائع ص 156، ص 157 وما بعدها
(2)
من كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 140 طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة 1328 هـ الطبعة الاولى.
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 140، 141.
بدو الأمر قبل تعلق صلاة القوم بصلاة الامام على ما روى أن المسبوق كان اذا شرع فى صلاة الامام قضى ما فاته ثم يتابع الامام حتى تابع عبد الله بن مسعود أو معاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قضى ما فاته فصار شريعة بتقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز اقتداء العارى باللابس لأن تحريمة الامام انعقدت لما يبنى عليه المقتدى لأن الامام يأتى بما يأتى به المقتدى وزيادة فيقبل البناء، وكذا يجوز اقتداء العارى بالعارى لاستوائهما فتتحقق المشاركة فى التحريمة ثم العراة يصلون قعودا بايماء وقال بشر يصلون قياما بركوع وسجود وجه قوله انهم عجزوا عن تحصيل شرط الصلاة وهو ستر العورة وقدروا على تحصيل أركانها فعليهم الاتيان بما قدروا عليه وسقط عنهم ما عجزوا عنه ولأنهم لو صلوا قعودا تركوا أركانا كثيرة وهى القيام والركوع والسجود وان صلوا قياما تركوا فرضا واحدا وهو ستر العورة فكان أولى والدليل عليه حديث عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له صلى قائما فان لم تستطع فقاعدا فان لم تستطع فعلى الجنب فهذا يستطيع ان يصلى قائما فعليه الصلاة قائما، ولنا ما روى عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه أنه قال أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبوا البحر فانكسرت بهم السفينة فخرجوا من البحر عراة فصلوا قعودا بايماء، وروى عن ابن عباس وابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنهما فالا العارى يصلى قائما بالايماء والمعنى فيه أن للصلاة قاعدا ترجيحا من وجهين أحدهما انه لو صلى قاعدا فقد ترك فرض ستر العورة الغليظة وما ترك فرضا آخر أصلا لأنه أدى فرض الركوع والسجود ببعضهما وهو الايماء وأدى فرض القيام ببدله وهو القعود فكان فيه مراعاة الفرضين جميعا وفيما قلتم اسقاط احدهما أصلا وهو ستر العورة فكان ما قلناه أولى، والثانى ان ستر العورة أهم من أداء الأركان لوجهين، أحدهما: أن ستر العورة فرض فى الصلاة وغيرها. والثانى: أن سقوط هذه الاركان الى الايماء جائز فى النوافل من غير ضرورة كالمتنفل على الدابة وستر العورة لا تسقط فرضيته قط من غير ضرورة فكان أهم فكان مراعاته أولى فلهذا جعلنا الصلاة قاعدا بالايماء أولى غير أنه ان صلى قائما بركوع وسجود أجزأه لانه وان ترك فرضا آخر فقد كمل الأركان الثلاثة وهى القيام والركوع والسجود وبه حاجة الى تكميل هذه الأركان فصار تاركا لفرض ستر العورة الغليظة أصلا لفرض صحيح فجوزنا له ذلك لوجود أصل الحاجة وحصول الفرض وجعلنا القعود بالايماء أولى لكون ذلك الفرض أهم ولمراعاة الفرضين جميعا من وجه وقد خرج الجواب عما ذكروا من المعنى وتعلقهم بحديث عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه غير مستقيم لأنه غير مستطيع حكما حيث افترض عليه ستر العورة الغليظة ثم لو كانوا جماعة ينبغى لهم ان يصلوا فرادى لأنهم لو صلوا بجماعة فان قام الامام وسطهم احترازا عن ملاحظة سوأة الغير فقد ترك سنة التقدم على الجماعة والجماعة أمر مسنون فاذا كان لا يتوصل اليه الا بارتكاب بدعة وترك سنة أخرى لا يندب الى تحصيلها بل يكره تحصيلها وان تقدمهم الامام وأمر القوم بغض ابصارهم كما ذهب اليه الحسن البصرى لا يسلمون عن الوقوع فى المنكر أيضا فانه قلما يمكنهم غض البصر على وجه لا يقع على عورة الامام مع ان غض البصر فى الصلاة
مكروة أيضا نص عليه القدورى لما يذكر أنه مأمور ان ينظر فى كل حالة الى موضع مخصوص ليكون البصر ذا حظ من أداء هذه العبادات كسائر الأعضاء والأطراف وفى غض البصر فوات ذلك فدل أنه لا يتوصل الى تحصيل الجماعة الا بارتكاب أمر مكروه فتسقط الجماعة عنهم فلو صلوا مع هذه الجماعة فالأولى لامامهم ان يقوم وسطهم لئلا يقع بصرهم على عورته فان تقدم جاز أيضا وحالهم فى هذا الموضع كحال النساء فى الصلاة الا أن الأولى أن يصلين وحدهن وان صلين بجماعة قامت امامتهن وسطهن وان تقدمتهن جاز فكذلك حال العراة ويجوز اقتداء
(1)
صاحب العذر بالصحيح وبمن هو بمثل حاله وكذا اقتداء الأمى بالقارئ وبالأمى، ويجوز اقتداء المومئ بالراكع الساجد والمومئ لما مر.
ويستوى الجواب بين ما اذا كان المقتدى قاعدا يومئ بالامام القاعد المومئ وبين ما اذا كان قائما والامام قاعدا ولأن هذا القيام ليس بركن الا ترى ان الأولى تركه فكان وجوده وعدمه بمنزلة، ويجوز اقتداء الغاسل بالماسح على الخف لان المسح على الخف بدل عن الغسل وبدل الشئ يقوم مقامه عند العجز عنه أو تعذر تحصيله فقام المسح مقام الغسل فى حق تطهير الرجلين لتعذر غسلهما عند كل حدث خصوصا فى حق المسافر على ما مر فانعقدت تحريمة الامام للصلاة مع غسل الرجلين لانعقادها لما هو بدل عن الغسل فصح بناء تحريمة المقتدى على تلك التحريمة ولان طهارة القدم حصلت بالغسل السابق والخف مانع من سراية الحدث الى القدم فكان هذا اقتداء الغاسل بالغاسل فصح وكذا يجوز اقتداء الغاسل بالماسح على الجبائر لما مر انه بدل عن المسح قائم مقامه فيمكن تحقيق معنى الاقتداء فيه، ويجوز اقتداء المتوضئ بالمتيمم عند ابى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى وعند محمد لا يجوز، ويجوز اقتداء القائم الذى يركع ويسجد بالقاعد الذى يركع ويسجد استحسانا وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى والقياس ان لا يجوز وهو قول محمد وعلى هذا الاختلاف اقتداء القائم المومئ بالقاعد المومئ وجه القياس ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال: لا يؤمن أحد بعدى جالسا أى القائم لاجماعنا على أنه لو أم لجالس جاز ولأن المقتدى أعلى حالا من الامام فلا يجوز اقتداؤه به كاقتداء الراكع الساجد بالمومئ واقتداء القارئ بالأمى وذلك لما بينا من أن المقتدى يبنى تحريمته على تحريمة الامام وتحريمة الامام ما انعقدت للقيام بل انعقدت للقعود فلا يمكن بناء القيام عليها كما لا يمكن بناء القراءة على تحريمة الأمى وبناء الركوع والسجود على تحريمة المومئ وجه الاستحسان ما روى أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثوب واحد متوشحا به قاعدا وأصحابه خلفه قيام يقتدون به فانه لما ضعف فى مرضه قال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة لحفصه رضى الله تعالى عنهما قولى له أن أبا بكر رجل أسيف اذا وقف فى مكانك لا يملك نفسه فلو أمرت غيره فقالت حفصة ذلك فقال صلى الله عليه وسلم انتن صويحبات يوسف مروا أبا بكر يصلى بالناس فلما افتتح أبو بكر رضى الله تعالى عنه الصلاة وجد
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 140، ص 141، ص 142 نفس الطبعة السابقة.
رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه خفة فخرخ وهو يهادى بين على والعباس ورجلاه يخطان الارض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر رضى الله تعالى عنه حسه تأخر فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس يصلى وأبو بكر يصلى بصلاته والناس يصلون بصلاة أبى بكر يعنى ان ابا بكر رضى الله تعالى عنه كان يسمع تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكبر والناس يكبرون بتكبير ابى بكر فقد ثبت الجواز على وجه لا يتوهم ورود النسخ عليه ولو توهم ورود النسخ يثبت الجواز ما لم يثبت النسخ فاذا لم يتوهم ورود النسخ أولى ولأن القعود غير القيام واذا أقيم شئ مقام غيره جعل بدلا عنه كالمسح على الخف مع غسل الرجلين وانما قلنا انهما متغايران بدليل الحكم والحقيقة وأما الحقيقة فلان القيام اسم لمعنيين متفقين فى محلين مختلفين وهما الانتصابان فى النصف الاعلى والنصف الأسفل فلو تبدل الانتصاب فى النصف الأعلى بما يضاده وهو الانحناء سمى ركوعا لوجود الانحناء لأنه فى اللغة عبارة عن الانحناء من غير اعتبار النصف الأسفل لأن ذلك وقع وفاقا فاما هو فى اللغة فاسم لشئ واحد فحسب وهو الانحناء ولو تبدل الانتصاب فى النصف الاسفل بما يضاده وهو انضمام الرجلين والصاق الالية بالارض لسمى قعودا فكان القعود اسما لمعنيين مختلفين فى محلين مختلفين وهما الانتصاب فى النصف الاعلى والانضمام والاستقرار على الارض فى النصف الاسفل فكان القعود مضادا للقيام فى احد معنييه وكذا الركوع والركوع مع القعود يضاد كل واحد منهما للآخر بمعنى واحد وهو صفة النصف الاعلى واسم المعنيين يفوت بالكلية بوجود مضاد أحد معنييه كالبلوغ واليتم فيفوت القيام بوجود القعود أو الركوع بالكلية ولهذا لو قال قائل ما قمت بل قعدت وما ادركت القيام بل ادركت الركوع لم يعد مناقضا فى كلامه.
وأما الحكم
(1)
فلان ما صار القيام لأجله طاعة يفوت عند الجلوس بالكلية لان القيام انما صار طاعة لانتصاب نصفه الاعلى بل لانتصاب رجليه لما يلحق رجليه من المشقة وهو بالكلية يفوت عند الجلوس فثبت حقيقة وحكما أن القيام يفوت عند الجلوس فصار الجلوس بدلا عنه والبدل عند العجز عن الأصل أو تعذر تحصيله يقوم مقام الأصل ولهذا جوزنا اقتداء الغاسل بالماسح لقيام المسح مقام الغسل فى حق تطهير الرجلين عند تعذر الغسل لكونه بدلا عنه فكان القعود من الامام بمنزلة القيام لو كان قادرا عليه فجعلت تحريمة الامام فى حق الامام منعقدة للقيام لانعقادها لما هو بدل القيام فصح بناء قيام المقتدى على تلك التحريمة بخلاف اقتداء القارئ بالأمى لأن هناك لم يوجد ما هو بدل القراءة بل سقطت أصلا فلم تنعقد تحريمة الامام للقراءة فلا يجوز بناء القراءة عليه أما ههنا لم يسقط القيام أصلا بل اقيم بدله مقامه ألا ترى انه لو اضطجع وهو قادر على القعود لا يجوز ولو كان القيام يسقط أصلا من غير بدل وذا ليس وقت وجوب القعود بنفسه كان ينبغى انه لو صلى مضطجعا يجوز وحيث لم يجز دل انه انما لا يجوز لسقوط القيام الى
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 142، ص 243، ص 144 الطبعة السابقة.
بدله وجعل بدله كانه عين القيام وبخلاف اقتداء الراكع الساجد بالمومئ لما مر أن الايماء ليس عين الركوع والسجود بل هو تحصيل بعض الركوع والسجود الا انه ليس فيه كمال الركوع والسجود فلم تنعقد تحريمة الامام للفائت وهو الكمال فلم يمكن بناء كمال الركوع والسجود على تلك التحريمة وقد خرج الجواب عما ذكر من المعنى وما روى من الحديث كان فى الابتداء فانه روى أن النبى صلى الله عليه وسلم سقط عن فرس فجحش جنبه فلم يخرج أياما ودخل عليه أصحابه فوجدوه يصل قاعدا فافتتحوا الصلاة خلفه قياما فلما رآهم على ذلك قال استنان بالفرس والروم وأمرهم بالقعود «ثم نهاهم عن ذلك فقال لا يؤمن أحد بعدى جالسا الا ترى أنه تكلم فى الصلاة فقال استنان بفارس والروم وأمرهم بالقعود» فدل ان ذلك كان فى الابتداء حين كان التكلم فى الصلاة مباحا وما روينا آخر صلاة صلاها فانتسخ قوله السابق بفعله المتأخر وعلى هذا يخرج اقتداء المفترض بالمتنفل انه لا يجوز عندنا ويجوز اقتداء المنتفل بالمفترض عند عامة العلماء. ولنا ما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة الخوف وجعل الناس طائفتين وصلى بكل طائفة شطر الصلاة لينال كل فريق فضيلة الصلاة خلفه ولو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لأتم الصلاة بالطائفة الأولى ثم نوى النفل وصلى بالطائفة الثانية لينال كل طائفة فضيلة الصلاة خلفه من غير الحاجة الى المشى وأفعال كثيرة ليست من الصلاة ولأن تحريمة الامام ما انعقدت لصلاة الفرض والفرضية وان لم تكن صفة زائدة على ذات الفعل فليست راجعة الى الذات ايضا بل هى من الأوصاف الاضافية على ما عرف فى موضعه فلم يصح البناء من المقتدى بخلاف اقتداء المتنفل بالمفترض لأن النفلية ليست من باب الصفة بل هى عدم اذ النفل عبارة عن أصل لا وصف له فكانت تحريمة الامام منعقدة لما يبنى عليه المقتدى وزيادة؟ فصح البناء وقد خرج الجواب عن معناه فان كل واحد منهما يصلى صلاة نفسه لأنا نقول نعم لكن احداهما بناء على الأخرى وتعذر تحقيق معنى البناء وما روى من الحديث فليس فيه ان معاذا كان يصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم الفرض فيحتمل أنه كان ينوى النفل ثم يصلى بقومه الفرض ولهذا قال له النبى صلى الله عليه وسلم لما بلغه طول قراءته اما ان تخفف بهم والا فاجعل صلاتك معنا، على انه يحتمل انه كان فى الابتداء حين كان تكرار الفرض مشروعا وينبنى على هذا الخلاف اقتداء البالغين بالصبيان فى الفرائض انه لا يجوز عندنا لأن الفعل من الصبى لا يقع فرضا فكان اقتداء المفترض بالمتنفل اماما وعند الشافعى يصح بما روى ان عمر بن سلمة كان يصلى بالناس وهو ابن تسع سنين - ولا يحمل على صلاة التراويح لأن صلاة التراويح لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بجماعة فدل انه كان فى الفرائض والجواب ان ذلك كان فى ابتداء الاسلام حين لم تكن صلاة المقتدى متعلقة بصلاة الامام على ما ذكرنا ثم نسخ واما فى التطوعات فقد روى عن محمد بن مقاتل الرازى أنه أجاز ذلك فى التراويح والاصح ان ذلك لا يجوز عندنا لا فى الفريضة ولا فى التطوع لان تحريمة الصبى انعقدت لنفل غير
مضمون عليه بالافساد ونقل المقتدى البالغ مضمون عليه بالافساد فلا يصح البناء وينبغى للرجل ان يؤدب ولده على الطهارة والصلاة اذا عقلهما لقول النبى صلى الله عليه وسلم مروا صبيانكم بالصلاة اذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها اذا بلغوا عشرا ولا يفترض عليه الا بعد البلوغ.
(1)
ولا يجوز اقتداء مصلى الظهر بمصلى العصر ولا اقتداء من يصلى ظهرا بمن يصلى ظهر يوم غير ذلك اليوم عندنا لاختلاف سبب وجوب الصلاتين وصفتهما وذلك يمنع صحة الاقتداء روى عن أفلح بن كثير انه قال:
دخلت المدينة ولم أكن صليت الظهر فوجدت الناس فى الصلاة فظننت انهم فى الظهر ودخلت معهم ونويت الظهر فلما فرغوا علمت أنهم كانوا فى العصر فقمت وصليت الظهر ثم صليت العصر ثم خرجت فوجدت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرين فأخبرتهم بما فعلت فاستصوبوا ذلك وأمروا به فانعقد الاجماع من الصحابة رضى الله تعالى عنهم على ما قلنا، ولا يجوز اقتداء الناذر بالناذر بأن نذر رجلان كل واحد منهما ان يصلى ركعتين فاقتدى أحدهما بالآخر فيما نذر وكذا اذا شرع رجلان كل واحد منهما فى صلاة تطوع ثم أفسدها على نفسه حتى وجب عليه القضاء فاقتدى أحدهما بصاحبه لا يصح لأن سبب وجوب الصلاتين مختلف وهو نذر كل واحد منهما وشروعه فاختلف الواجبان وتغايرا وذلك يمنع صحة الاقتداء لما بينا بخلاف اقتداء الحالف بالحالف حيث يصح لأن الواجب هناك تحقيق البر لا نفس الصلاة فبقيت من الصلاتين فى حق نفسهما نفلا فكان اقتداء المتنفل بالمتنفل فصح وكذا لو اشتركا فى صلاة التطوع بأن اقتدى أحدهما بصاحبه فيها ثم افسداها حتى وجب القضاء عليهما فاقتدى أحدهما بصاحبه فى القضاء جاز لانها صلاة واحدة مشتركة بينهما فكان سبب الوجوب واحدا معنى فصح الاقتداء ثم اذا لم يصح الاقتداء عند اختلاف الفرضين فصلاة الامام جائزة كيفما كان لأن صلاته غير متعلقة بصلاة المقتدى واما صلاة المقتدى اذا فسدت عن الفرضية فهل يصير شارعا فى التطوع؟ ذكر فى باب الأذان انه يصير شارعا فى النفل وذكر فى زيادات الزيادات وفى باب الحدث ما يدل على أنه لا يصير شارعا فانه ذكر فى باب الحدث فى الرجل اذا كان يصلى الظهر وقد نوى امامة النساء فجاءت امرأة واقتدت به فرضا آخر لم يصح اقتداؤها به ولا يصير شارعا فى التطوع حتى لو حاذت الامام لم تفسد عليه صلاته فمن مشايخنا من قال فى المسألة روايتان، ومنهم من قال ما ذكر فى باب الأذان قول ابى حنيفة وابى يوسف رضى الله تعالى عنهما وما ذكر فى باب الحدث قول محمد رضى الله تعالى عنه وجعلوه فرعية مسألة وهى ان المصلى اذا لم يفرغ من الفجر حتى طلعت الشمس بقى فى التطوع عندهما الا انه يمكث حتى ترتفع الشمس ثم يضم اليها ما يتمها فيكون تطوعا وعنده يصير خارجا من الصلاة بطلوع الشمس وكذا اذا كان فى الظهر فتذكر انه نسى الفجر ينقلب ظهره تطوعا عندهما وعند محمد رحمه الله تعالى يصير خارجا من الصلاة وجه قول محمد أنه نوى فرضا عليه ولم يظهر أنه ليس عليه فرض
(1)
المرجع السابق للكاسانى ج 1 ص 144 الطبعة السابقة.
فلا يلغوا نية الفرض فمن حيث أنه لم يلغ نية الفرض لم يصر شارعا فى النفل ومن حيث أنه يخالف فرضه فرض الامام لم يصح الاقتداء فلم يصر شارعا فى الصلاة اصلا بخلاف ما اذا لم يكن عليه الفرض لأن نية الفرض لغت أصلا كأنه لم ينو وجه قولهما أنه بنى أصل الصلاة ووصفها على صلاة الامام وبناء الأصل صح وبناء الوصف لم يصح فلغى الوصف وبقى بناء الاصل وبطلان بناء الوصف لا يوجب بطلان بناء الأصل لاستغناء الأصل عن هذا الوصف فيصير هذا اقتداء المتنفل بالمفترض وأنه جائز وذكر فى النوادر عن محمد رحمه الله تعالى فى رجلين يصليان صلاة واحدة معا وينوى كل واحد منهما أن يؤم صاحبه فيها أن صلاتهما جائزة لأن صحة صلاة الامام غير متعلقة بصلاة غيره فصار كل واحد منهما كالمنفرد فى حق نفسه ولو اقتدى كل واحد منهما بصاحبه فيها فصلاتهما فاسدة لأن صلاة المقتدى متعلقة بصلاة الامام ولا امام هاهنا.
جاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أن اقتداء المقيم بالمسافر يصح فى الوقت وخارج الوقت لأن صلاة المسافر فى الحالتين واحدة والقعدة فرض فى حقه نفل فى حق المقتدى واقتداء المتنفل بالمفترض جائز فى كل الصلاة فكذا فى بعضها فهو الفرق ثم اذا سلم الامام على رأس الركعتين لا يسلم المقيم لأنه قد بقى عليه شطر الصلاة فلو سلم لفسدت صلاته لكنه يقوم ويتمها أربعا لقول النبى صلى الله عليه وسلم «أتموا يا أهل مكة فأنا قوم سفر، وينبغى للامام المسافر اذا سلم ان يقول للمقيمين خلفه أتموا صلاتكم فأنا قوم سفر اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم ولا قراءة على المقتدى فى بقية صلاته اذا كان مدركا أى لا يجب عليه لأنه شفع أخير فى حقه، ومن مشايخنا من قال ذكر فى الأصل ما يدل على وجوب القراءة فانه قال اذا سها يلزمه سجود السهو والاستدلال به الى العكس أولى لأنه الحقه بالمنفرد فى حق السهو فكذا فى حق القراءة ولا قراءة على المنفرد فى الشفع الأخير، ثم المقيمون بعد تسليم الامام يصلون وحدانا ولو اقتدى بعضهم ببعض فصلاة الامام منهم تامة وصلاة المقتدين فاسدة لأنهم اقتدوا فى موضع يجب عليهم الانفراد ولو قام المقيم الى اتمام صلاته ثم نوى الامام الاقامة قبل التسليم ينظر ان لم يقيد هذا المقيم ركعته بالسجدة رفض ذلك وتابع امامه حتى لو لم يرفض وسجد فسدت صلاته لأن صلاته صارت أربعا تبعا لامامه لأنه ما لم يقيد الركعة بالسجدة لا يخرج عن صلاة الامام ولا يعتد بذلك القيام والركوع لأنه لو وجد على وجه النفل فلا ينوب عن الفرض ولو قيد ركعته بالسجدة ثم نوى الامام الاقامة أتم صلاته ولا يتابع الامام حتى لو رفض ذلك وتابع الامام فسدت صلاته لأنه اقتدى فى موضع يجب عليه الانفراد، وعلى هذا اذا اقتدى المسافر بالمقيم فى الوقت ثم خرج الوقت قبل الفراغ من الصلاة لا تفسد صلاته ولا يبطل اقتداؤه به وان كان لا يصح اقتداء المسافر بالمقيم فى خارج الوقت ابتداء لانه لما صح اقتداؤه به وصار تبعا له صار حكمه حكم المقيمين وانما يتأكد وجوب الركعتين بخروج الوقت فى حق المسافر وهذا قد صار مقيما وصلاة المقيم لا تصير ركعتين بخروج الوقت
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 101، ص 102، ص 103 الطبعة السابقة
كما اذا صار مقيما بصريح نية الاقامة، ولو نام خلف الامام حتى خرج الوقت ثم انتبه اتمها أربعا لأن المدرك يصلى ما نام عنه كأنه خلف الامام وقد انقلب فرضه أربعا بحكم التبعية والتبعية باقية بعد خروج الوقت لأنه بقى مقتديا به على ما مر ولو تكلم بعد خروج الوقت أو قبل خروجه يصلى ركعتين عندنا، ولو أن مسافرا أم قوما مقيمين ومسافرين فى الوقت فأحدث واستخلف رجلا من المقيمين صح استخلافه لأنه قادر على اتمام صلاة الامام ولا تنقلب صلاة المسافر اربعا عند اصحابنا الثلاثة وعند زفر ينقلب فرضهم أربعا وجه قوله انهم صاروا مقتدين بالمقيم حتى تعلق صلاتهم بصلاته صحة وفسادا والمسافر اذا اقتدى بالمقيم ينقلب فرضه أربعا كما لو اقتدى به ابتداء ولأن فرضهم لو لم ينقلب أربعا لما جاز اقتداؤهم به لأن القعدة الأولى فى حق الامام نفل وفى حق المسافرين فرض فيصير اقتداء المفترض بالمتنفل فى حق القعدة ولهذا لا يجوز اقتداء المسافر بالمقيم خارج الوقت، ويدل لنا: أن المقيم انما صار اماما بطريق الخلافة ضرورة ان الامام عجز عن الاتمام بنفسه، فيصير قائما مقامه فى مقدار صلاة الامام اذ الخلف يعمل عمل الأصل كأنه هو فكانوا مقتدين بالمسافر معنى فلذلك لا تنقلب صلاتهم أربعا وصارت القعدة الأولى عليه فرضا لأنه قائم مقام المسافر مؤد صلاته وعلى هذا لو قدم مسافر فنوى المقدم الاقامة لا ينقلب فرض المسافرين لما قلنا واذا صح استخلافه ينبغى ان يتم صلاة الامام وهى ركعتان ويقعد قدر التشهد ولا يسلم بنفسه لأنه مقيم بقى عليه شطر الصلاة فتفسد صلاته بالسلام ولكنه يستخلف رجلا من المسافرين حتى يسلم بهم ثم يقوم هو وبقية المقيمين ويصلون بقية صلاتهم وحدانا لأنهم بمنزلة اللاحقين ولو اقتدى بعصهم ببعض فصلاة الامام منهم تامة لأنه منفرد على كل حال وصلاة المقتدين فاسدة لأنهم تركوا ما هو فرض عليهم وهو الانفراد فى هذه الحالة، ولو أن مسافرا صلى بمسافرين ركعة فى الوقت ثم نوى الاقامة يصلى بهم أربعا لأن الامام هاهنا أصل وقد تغيرت صلاته بوجود المغير وهو نية الاقامة فتتغير صلاة القوم بحكم التبعية بخلاف الفصل الأول فانه خلف عن الامام الأول مؤد صلاته لما بينا، ولو ان مسافرا
(1)
أم مسافرين ومقيمين فلما صلى ركعتين وتشهد فقبل ان يسلم تكلم واحد من المسافرين خلفه أو قام فذهب ثم نوى الامام الاقامة فانه يتحول فرضه وفرض المسافرين الذين لم يتكلموا اربعا لوجود المغير فى محله وصلاة من تكلم تامة لانه تكلم فى وقت لو تكلم امامه لا تفسد صلاته فكذا صلاة المقتدى اذا كان بمثل حاله ولو تكلم بعد ما نوى الامام الاقامة فسدت صلاته لأنه انقلبت صلاته اربعا تبعا للامام فحصل كلامه فى وسط الصلاة فوجب فسادها ولكن يجب عليه صلاة المسافرين ركعتان عندنا لانه صار مقيما تبعا وقد زالت التبعية بفساد الصلاة فعاد حكم المسافرين فى حقه ولو كان
(2)
الامام المحدث مسافرا وخلفه مقيمون ومسافرون فقدم مقيما جاز والأفضل ان لا يقدم مقيما ولو قدمه فالمستحب له ان لا يتقدم لأن غيره أقدر على اتمام صلاة الامام فانه لا يقدر على التسليم بعد القعود على رأس الركعتين غير أنه ان تقدم مع هذا جاز لأنه قادر على اتمام أركان صلاة الامام بالكلية وانما يعجز عن الخروج وهو ليس
(1)
المرجع السابق فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 102، ص 103 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 229
بركن فاذا اتم صلاة الامام وقعد قدر التشهد تأخر هو وقدم مسافرا لأنه غير عاجز عن الخروج فيستخلف مسافرا حتى يسلم بهم فاذا سلم قام هو وبقية المقيمين واتموا صلاتهم وحدانا كما لو لم يكن الأول أحدث ولو مضى الامام الثانى فى صلاته مع القوم حتى أتمها يعنى صلاة الاقامة فان كان قعد فى الثانية قدر التشهد فصلاته وصلاة المسافرين تامة اما صلاة الامام فلانه لما قعد قدر التشهد فقد تم ما التزم بالاقتداء لان تحريمته انعقدت على أن يؤدى ركعتين مع الامام وركعتين على سبيل الانفراد وقد فعل لأنه منفرد فى حق نفسه لا تتعلق صلاته بصلاة غيره واما المسافرون فلانهم انتقلوا الى النفل بعد اكمال الفرض وذا لا يمنع جواز الصلاة واما صلاة المقيمين ففاسدة لانهم لما قعدوا قدر التشهد فقد انقضت مدة اقتدائهم لأنهم التزموا بالاقتداء به ان يصلوا الأوليين مقتدين به والأخريين على سبيل الانفراد فاذا اقتدوا فيهما فقد اقتدوا فى حال وجوب الانفراد وبينهما مغايرة على ما ذكرنا فبالاقتداء خرجوا عن ما كانوا دخلوا فيه وهو الفرض ففسدت صلاتهم المفروضة وما دخلوا فيه دخلوا بدون التحريمة ولا شروع بدون التحريمة وان لم يقعد قدر التشهد فسدت صلاته وصلاة القوم كلهم لأن القعدة صارت فرضا فى حق الامام الثانى لكونه خليفة الأول فاذا ترك القعدة فقد ترك ما هو فرض ففسدت صلاته وصلاة المسافرين لتركهم القعدة المفروضة ايضا ولفساد صلاة الامام وفسدت صلاة المقيمين بفساد صلاة امامهم بتركه القعدة المفروضة، واذا اقتدى بالمسافر
(1)
ثم قام الى اتمام صلاته وسها هل يلزمه سجود السهو ذكر فى الاصل وقال أنه يتابع الامام فى سجود السهو واذا سها فيما يتم فعليه سجود السهو أيضا وذكر الكرخى فى مختصره أنه كاللاحق لا يتابع الامام فى سجود السهو واذا سها فيما يتم لا يلزمه سجود السهو لأنه مدرك لأول الصلاة فكان فى حكم المقتدى فيما يؤديه بتلك التحريمة كاللاحق ولهذا لا يقرأ كاللاحق والصحيح ما ذكر فى الاصل لأنه ما اقتدى بامامه الا بقدر صلاة الامام فاذا انقضت صلاة الامام صار منفردا فيما وراء ذلك وانما لا يقرأ فيما يتم لأن القراءة فرض فى الأوليين وقد قرأ الامام فيهما فكانت قراءة له وسهو الامام يوجب السجود عليه وعلى المقتدى لأن متابعة الامام واجبة قال النبى صلى الله عليه وسلم تابع امامك على أى حال وجدته «ولأن المقتدى تابع للامام والحكم فى التبع ثبت بوجود السبب فى الأصل فكان سهو الامام سببا لوجوب السهو عليه وعلى المقتدى ولهذا لو سقط عن الامام بسبب من الاسباب بان تكلم او احدث متعمدا أو خرج من المسجد يسقط عن المقتدى وكذلك اللاحق يسجد لسهو الامام اذا سها فى حال نوم اللاحق أو ذهابه الى الوضوء لأنه فى حكم المصلى خلفه
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 1 ص 229 الطبعة السابقة
ولكن لا يتابع الامام فى سجود السهو اذا انتبه فى حال اشتغال الامام بسجود السهو أو جاء اليه من الوضوء فى هذه الحالة بل يبدأ بقضاء ما فاته ثم يسجد فى آخر صلاته بخلاف المسبوق أو المقيم خلف المسافر حيث لا يتابع الامام فى سجود السهو ثم يشتغل بالاتمام.
مذهب المالكية:
جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير:
انه تبطل الصلاة باقتداء بامام ظهر فى الصلاة أو بعدها كافرا لأن شرط من يقتدى به أن يكون مسلما. وفى عد الاسلام من شروط الامام مسامحة اذ هو شرط فى الصلاة مطلقا ولا يعد من شروط الشئ الا ما كان خاصا به ولا يحكم باسلامه الا اذا علم منه النطق بالشهادتين ومن صلى خلف امام يظنه مسلما فظهر انه كافر فقيل يعيد مطلقا ولو كان زنديقا وطالت مدة صلاته اماما بالناس وقيل لا يعيد مأمومه ما جهر فيه ويعيدها ما أسر فيه وقيل ان كان آمنا واستمر على اسلامه بحيث طالت مدة صلاته اماما بالناس فالصلاة التى صليت خلفه صحيحة ولا اعادة للمشقة ورد هذا القول بانه قد صلى جنبا جاهلا وهذا الخلاف بالنسبة لاعادة الصلاة خلفه وعدم اعادتها وان كان يحكم باسلامه بحصول الصلاة منه اذا تحقق منه النطق فيها بالشهادتين على المعتمد، ولا يقال حيث حكم باسلامه صحت صلاته لانا نقول اسلامه أمر حكمى يعنى ليس اسلامه حقيقة وانما فائدته اجراء احكام المرتد عليه بعد، وكذا تبطل صلاة باقتداء بمن بان أنه امرأة ولو لمثلها فى فرض أو نفل او بان خنثى مشكلا ولو لمثله كذلك لأن شرطه تحقق الذكورة وصلاتهما صحيحة، ولو نوى كل الامامة او بان مجنونا مطبقا أو يفيق أحيانا وأم حال جنونه واما لو أم حال افاقته فصحيحة على التحقيق وليس فى ابن عرفة ما يخالفه كما وهم لأن شرطه العقل أو بان فاسقا بجارحة كزان وشارب خمر وعاق لوالديه ونحو ذلك لأن شرطه العدالة والمعتمد انه لا تشترط عدالته فتصح امامة الفاسق بالجارحة ما لم يتعلق فسقه بالصلاة كأن يقصد بتقدمه الكبر أو يخل بركن أو شرط او سنة على أحد القولين فى بطلان صلاة تاركها عمدا على أن عدم الاخلال بما ذكر شرط فى صحة الصلاة مطلقا وكذا تبطل
(1)
صلاة من اقتدى بمن بان مأموما بأن يظهر أنه مسبوق أدرك ركعة كاملة وقام يقضى أو اقتدى بمن يظن انه الامام فاذا هو مأموم وليس منه من ادرك دون ركعة فتصح امامته وينوى الامامة بعد ان كان نوى المأمومية لأن شرطه ان لا يكون مأموما أو بان محدثا ان تعمد الحدث فيها او قبلها وصلى عالما بحدثه أو تذكره فى أثنائها وعمل عملا
(1)
المرجع السابق للشيخ محمد عليش ج 1 ص 327 نفس الطبعة المتقدمة وحاشية الدسوقى على الشرح الكبير وبهامشة الشرح الكبير وتقريرات الشيخ محمد عليش ج 1 ص 325، ص 326 طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر
منها لا أن نسيه ولم يتذكر حتى فرغ منها أو سبقه او تذكر فى الاثناء فخرج ولم يعمل بهم عملا فهى صحيحه لهم ولو جمعة ويحصل لهم فضل الجماعة ان استخلفوا، وهو واجب فى الجمعة فقط أو لم يتعمد ولكن علم مؤتمه بحدثه فيها أو قبلها ودخل معه ولو ناسيا وليس كالنجاسة اذا علم بها قبلها ونسيها حين الدخول لخفتها وفى الخطاب
من صلى اماما بثوب نجس ولم يعلم هو ولا من خلفه حتى فرغ من صلاته فانه يعيد فى الوقت ويختلف فى اعادتهم والمشهور انهم لا يعيدون واما ان علم بالنجاسة هو أو أحد المأمومين فمن علم حكمه حكم من تعمد الصلاة بالنجاسة وكذا تبطل صلاة من اقتدى بعاجز عن ركن قولى أو فعلى الا ان يساوى المأموم امامه فى العجز كالقاعد يقتدى بمثله لعجز فانه يجوز. فالركن القولى كالفاتحة والفعلى كالركوع أو السجود أو القيام والفرض ان ذلك المقتدى قادر على ذلك الركن الذى لا يقدر عليه امامه ومثل العاجز عن ركن العاجز عن القيام لكن يقوم باعانة غيره كما نقله شيخنا عن بعض شيوخه أو بعاجز عن علم بما لا تصح الصلاة الا به من كيفية غسل ووضوء وصلاة لان شرطه القدرة على الاركان والعلم بما تصح به الصلاة والمراد بالعلم الذى هو شرط فى صحتها ان يعلم كيفية ما ذكر ولو لم يميز الفرض من غيره بان أخذ كلا من الوضوء والغسل والصلاة عن عالم ولكن لا يعرف الفرض من غيره وذلك بشرط أن يعلم أن فيها فرائض وسننا أو يعتقد ان الصلاة مثلا فرض على سبيل الاجمال وأما اذا اعتقد ان جميع اجزائها سنن أو أن الفرض سنة وكذا اعتقاد ان كل جزء منها فرض على قول فلا تصح له ولا لهم والأظهر فى هذا الأخير الصحة، قال الدسوقى: اذا أخذ صفتها عن عالم ولم يميز الفرض من غيره فان صلاته صحيحة اذا سلمت من الخلل سواء علم ان فيها فرائض وسننا أو اعتقد فرضية جميعها على الاجمال أو اعتقد ان جميع أجزائها سنن أو اعتقد ان كل جزء منها فرض وان لم تسلم صلاته من الخلل فهى باطلة فى الجميع هذا هو المعتمد كما قرره شيخنا ويدل له قول النبى صلى الله عليه وسلم، صلوا كما رأيتمونى أصلى فلم يأمرهم الا بفعل ما رأوا وأهل العلم نوابه صلى الله عليه وسلم فهم مثله فى الاقتداء بكل فكأنه قال «صلو كما رأيتمونى أصلى أو رأيتم نوابى يصلون، ويفهم من ذلك أن من اقتدى بشيخ مقوسى
(1)
الظهر لا تصح صلاته وهو ظاهر والمشهور أن المومئ لا يصح اقتداؤه بمومئ وذلك فى غير قتال المسايفة كمريض مضطجع صلى بمثله وأما فيه فيجوز وانما منع فى غيره لأن
(1)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير وتقريرات الشيخ محمد عليش ج 1 ص 328 الطبعة السابقة
الايماء لا ينضبط فقد يكون ايماء المأموم أخفض من ايماء الامام وهذا يضر وقد يسبق المأموم الامام فى الايماء وهذا المشهور من سماع موسى بن معاوية عن ابن القاسم ومقابلة لابن رشد والمازرى.
قال الحطاب: ويفهم من عموم ذلك جواز صلاة المريض المضطجع بالمرضى المضطجعين وعن ابن القاسم من كتاب الصلاة: اذا لم يستطيعوا القعود وكان امامهم لا يستطيع الجلوس فلا أعرف هذا ولا امامة فيه قال ابن رشد وأما امامة المضطجع المريض بالمضطجعين المرضى فمنع من ذلك فى الرواية والقياس أن ذلك جائز اذا استوت حالهم الا أن يريد أنهم لا يمكنهم الاقتداء به لأنهم لا يفهمون فعله لأجل اضطجاعهم فيكون لذلك وجه فان فعل أجزأته صلاته وأعاد القوم قال يحيى بن عمر وهو مبين بقول ابن القاسم، وربما يقال: انهم يمكنهم الاقتداء به بسماع تكبيره وقاله ابن فرحون قال فى حواشى البجائى قال أبو اسحق أن فهموا عنه بالاشارة جاز وقال ابن عرفة:
وروى موسى منع امامة مضطجع لمرضى مثله قال ابن رشد: القياس جوازه ان أمكن الاقتداء قال المازرى وعلى امامة الجالس قال أصحابنا:
لا يؤم مومئ اذ لا يأتم ذو ركوع وسجود بمن لا يفعلهما كفرض بجنازة قال ابن عرفة قلت:
مفهومه لو استويا جاز كابن رشد.
وكذا تبطل صلاة باقتداء من أمى بأمى ان وجد قبل الدخول فى الصلاة قارئ وتبطل عليهما مما جاء فى التوضيح
(1)
واشار ابن عبد السّلام الى ان الخلاف فى الأخرس والأمى مقيد بعدم وجود القارئ وأنهما اذا أمكنهما أن يصليا خلف القارئ فلا لان القراءة لما كان الامام يحملها كان تركهما الصلاة خلفه تركا للقراءة اختيارا وفيه نظر فقد قال سند ظاهر المذهب بطلان صلاة الأمى اذا امكنه الائتمام بالقارئ فلم يفعل وقال اشهب لا يجب الائتمام كالمريض الجالس لا يجب عليه ان يأتم بالقائم فعلم منه أن الخلاف انما هو فيما اذا وجد قارئ وأما اذا لم يوجد فالصحة اتفاقا فلو اقتدى الامى بمثله عند عدم القارئ فطرأ قارئ بعد الاقتداء لم يقطع له ان كان الوقت ضيقا والا قطع.
وكذا تبطل صلاة من اقتدى بقارئ بنحو قراءة ابن مسعود رضى الله تعالى عنه من كل شاذ مخالف لرسم المصحف العثمانى كقراءة «فامضوا الى ذكر الله» بدل «فاسعوا الى ذكر الله» وكقراءة «فبرئ» والله مما قالوا وكان عند الله وجيها أما ان كانت شاذة موافقة لرسم المصحف العثمانى فلا تبطل وان حرمت القراءة بالشاذ كقراءة أفلا ينظرون الى الابل كيف خلقت «بضم التاء فى الجميع» ومن اقتدى بعبد فى صلاة الجمعة فلا تصح صلاته لعدم وجوبها على العبد، وكذا تبطل صلاة من اقتدى بصبى وكان من اقتدى به بالغا وذلك يكون فى فرض لانه متنفل وبغير الفرض للبالغين تصح امامته
(1)
المرجع السابق وتقريرات الشيخ محمد عليش ج 1 ص 329 نفس الطبعة المتقدمة
وان لم تجز قال الدسوقى: اعلم أن الصبى اذا صلى فانه لا ينوى فرضا ولا نفلا وله ان ينوى النفل فان نوى الفرض فقيل تبطل صلاته لانه متلاعب اذ لا فرض عليه وقيل لا تبطل والظاهر من القولين القول الثانى كما قرر شيخنا رحمه الله تعالى هذا فى صلاته نفسه واما ان اقتدى به واحد فصلاة ذلك المقتدى به باطلة على الاطلاق اذا أم فى فرض فان أم فى النفل صحت الصلاة وان لم تجز ابتداء على المشهور وقيل بجواز امامته فى النافلة وكل هذا اذا كان المؤتم به بالغا واما امامته لمثله فجائزة ولو فى فرض وقيل تبطل الصلاة باقتداء بلاحن مطلقا بفاتحة أو غيرها سواء كان اللحن بغير المعنى أولا أو فى الفاتحة فقط أو ان غير المعنى كضم تاء أنعمت وقيل تصح مطلقا وهو المعتمد وان امتنع ابتداء مع وجود غيره عند اللخمى وهو الاظهر أو كره عند ابن رشد أو أجيز عند غيرهما فالأقوال ستة.
قال الحطاب
(1)
: ان فى صلاة المقتدى بالمحان ستة اقوال.
الأول: انها باطلة سواء كان لحنه فى الفاتحة او غيرها وسواء غير المعنى أولا وهذا القول الذى ذكره ابن يونس عن ابن القابسى وانه تأوله على المدونة وقال انه أصح قال خليل فى التوضيح وفى قول ابن الحاجب والشاذ الصحة اشارة الى ان المشهور البطلان لكن لا أعلم من صرح بتشهيره نعم قال القابسى وهو الصحيح واحتح له بقوله فى المدونة ولا يصلى من يحسن خلف من لا يحسن القراءة وهو أشذ من تركها قال ولم يفرق فى المدونة بين فاتحة وغيرها ولا بين من يغير المعنى وغيره ونقل ابن عرفة عن ابن يونس انه نقل هذا القول عن ابن القابسى وزاد فيه ان لم تستو حالهما قال الحطاب: ولم أقف فى كلام ابن يونس على هذه الزيادة فى هذا القول وانما ذكرها فى قول ابن اللباد وهذا القول هو الذى قدمه خليل معتمدا على تصحيح عبد الحق وابن يونس وان كان ابن رشد قد ضعفه ورده.
القول الثانى: ان كان لحنه فى أم القرآن لم يصح الاقتداء به وان كان لحنه فى غيرها صحت الصلاة خلفه وهذا قول ابن اللباد وابن أبى زيد وابن شبلون قال فى التوضيح قال ابن عبد السّلام وبهذا كان كثير من ادركنا يفتى. قال الحطاب قال ابن ناجى فى شرح المدونة وشاهدت شيخنا الشبيبى يفتى به بالقيروان. وكذلك أفتى به غير واحد وقيده ابن يونس بان لا تستوى حال الامام والمأموم كما تقدم فى كلامه وهذا هو القول الثانى فى كلام خليل.
القول الثالث. ان كان لحنه يغير المعنى لم تصح الصلاة خلفه وان لم يغير المعنى صحت أمامته وهذا قول ابن القصار والقاضى عبد الوهاب.
والقول الرابع: أن الصلاة خلفه مكروهة ابتداء فان وقع ونزل لم تجب الاعادة وهذا قول ابن حبيب وقال ابن رشد أنه أصح الاقوال كما تقدم.
القول الخامس: ان امامته ممنوعة ابتداء مع وجود غيره فان أم
(1)
الحطاب وبهامشة التاج والاكليل لمختصر خليل لابى عبد الله بن يوسف الشهير بالمواق ج 2 ص 101، ص 102 الطبعة الآية رقم 17 من سورة الغاشية 912
مع وجود غيره صحت صلاته وصلاتهم وهذا اختيار اللخمى كما تقدم.
القول السادس: ان الصلاة خلف اللحان جائزة ابتداء وهذا القول حكاه اللخمى كما تقدم وانكره المازرى وقال لم أقف عليه كما تقدم. وقال ابن عرفه قال المازرى نقل اللخمى الجواز مطلقا لا اعرفه قال ابن عرفة قال الحطاب: عزاه ابن رشد لابن حبيب واختاره قال ابن ناجى فى شرح المدونة وفيما قاله ابن عرفة نظر لأنه انما عز الابن حبيب الكراهة واذا وقع اللحن من المصلى فى الصلاة فلا يخلو اما ان يكون سهوا او غير سهو فان كان سهوا فلا شك أن ذلك لا يبطل الصلاة سواء وقع فى الفاتحة او فى غيرها وسواء غير المعنى أم لم يغيره لأن غايته أن يكون ذلك بمنزلة من تكلم فى الصلاة سهوا وذلك لا يبطلها وغايته أيضا ان يكون اللاحن أسقط من الفاتحة كلمة أو كلمتين أو ثلاثا سهوا لأن ذلك اكثر ما يمكن ان يقع فيه اللحن سهوا فى الغالب وذلك لا يبطلها لانه قد تقدم ان من ترك آية منها سجد للسهو ولا تبطل صلاته فكيف بالكلمتين والثلاثة فكيف بمن لم يترك ذلك حقيقة وان كان اللحن الواقع فى الصلاة على غير وجه السهو فلا يخلو اما ان يكون عمدا مع القدرة على الاتيان بالصواب او اتى به المصلى لعدم قدرته على الاتيان بالصواب فان كان ذلك مع القدرة على الاتيان بالصواب فلا شك فى بطلان صلاة فاعل ذلك وصلاة من اقتدى به لانه قد تكلم فى الصلاة بغير القرآن والذكر عمدا والكلمة الواحدة تبطل الصلاة وان كان اللحن لعدم القدرة على الاتيان بالصواب فان كان ذلك لعجز عن التعليم اما لعدم قبول ذلك طبعا كبغض الأعاجم وجفاة الاعراب وكثير من العبيد والاماء، أو كان لضيق الوقت عن التعليم مع عدم القدرة على الائتمام بمن لا يلحن فى الوجهين فلا شك فى صحة صلاته فى نفسه ويصير ذلك كاللكنة ويجرى الخلاف المتقدم فى صلاة المقتدى به وان كان ذلك مع القدرة على التعلم وامكانه وامكان الاقتداء فيجرى الخلاف فى صلاته هو على الخلاف فيمن عجز عن الفاتحة وقدر على الائتمام هل تبطل صلاته ام لا وتقدم ان فى ذلك قولين وان ظاهر المذهب البطلان واشار خليل فى التوضيح الى هذا وقال ابن الحاجب والظاهر ان من يمكنه التعلم كالجاهل فى البابين قال فى التوضيح يريد بالبابين اللحان والألكن ويعنى انه اذا امكن كل واحد منهما ان يتعلم فهو غير معذور وقد اختلف فى صلاة من اقتدى بمن لا يميز بين الضاد والظاء على قولين مشهورين وقد علمت مما تقدم ان الذى وقع فى كلام اكثر الشيوخ ان الصلاة صحيحة بل تقدم فى كلام ابن رشد انه لا خلاف فى ذلك ولم يقل بالبطلان فى ذلك الا القابسى والشيخ ابن ابى زيد وعنهما نقل البطلان فى التوضيح وانما قال خليل:
خلاف لتصحيح ابن يونس وعبد الحق لقول القابسى كما تقدم لكن القول بالصحة هنا أقوى لحكاية ابن رشد الاتفاق عليه
(1)
وقال الدسوقى وهل تبطل صلاة مقتد بغير مميز بين ضاد وظاء أو صاد وسين أو ذال وزاى مطلقاء أو تصح صلاة المقتدى به وأما صلاته هو فصحيحة على كل حال ما لم يفعل ذلك اختيارا وهو المعتمد؟ خلاف
(1)
حاشية الدسوقى ج 1 ص 329 وما بعدها
بقبد خلافا لما وقع فى بعض الشراح نعم هو فى غير المعتمد كما يفهم من قول المصنف غير مميز وأعاد بوقت اختيارى فى اقتداء بامام يدعى مختلف فى تكفيره والأصح عدم الكفر اما اذا كان متطوعا بكفره كمن يزعم ان الله لا يعلم الأشياء مفصلة بل مجملة فقط فالاقتداء به باطل ويعيد المقتدى به أبدا فان كان مقطوعا بعدم كفره كذى بدعة خفيفة كمفضل على على أبى بكر وعمر وعثمان رضى الله تعالى عنهم فهذا لا اعادة على من اقتدى به. وأعاد بوقت اختيارى أيضا من اقتدى بامام حرورى
(1)
وقدرى، ويكره الاقتداء
(2)
بأقطع وأشل ولو لمثله حيث لا يضعان العضو على الأرض والمعتمد عدم الكراهة مطلقا، ويكره الاقتداء باعرابى اذا كان المقتدى من الحضريين ولو بسفر وان كان الاعرابى اقرأ من مأمومه أى أكثر قرآنا أو أحكم قراءة، وكره اقتداء صحيح بذى سلس وقروح سائلة وكذا سائر المعفوات فمن تلبس بشئ منها كره له أن يؤم غيره ممن هو سالم وكره امامة من يكرهه أقل القوم غير ذوى الفضل منهم وأما اذا كرهه كل القوم أو جلهم أو ذو الفضل منهم وأن قلوا فيحرم هذا هو التحقيق، وكذا يكره اقتداء
(3)
من بأسفل السفينة بمن أعلاها لعدم تمكنهم من مراعاة الامام وقد تدور فيختل عليهم أمر صلاتهم بخلاف العكس وهو اقتداء من بأعلى السفينة بمن أسفلها فلا كراهة فيه وذلك لتمكنهم من مراعاة الامام وسهولة ضبط أفعاله وكذا يكره لمن على جبل أبى قبيس أن يقتدى بامام المسجد الحرام وذلك لبعد أبى قبيس من المسجد الحرام فيعسر على المأموم ضبط أفعال الامام وانتقالاته فان قلت صحة صلاة من بأبى قبيس مشكلة لأن من بمكة يجب عليه مسامتة عين الكعبة ومن كان بأبى قبيس لا يكون مسامتا لها لارتفاعه عنها. قلت: صحة صلاة من بأبى قبيس مبنية على أن الواجب على من بمكة استقبال هوائها وهو من الأرض للسماء أو يقال أن الواجب على من كان بأبى قبيس ونحوه أن يلاحظ أنه سامت للبناء وجاز بمرجوحية
(4)
اقتداء بأعمى اذ أمامة البصير المساوى فى الفضل للاعمى أفضل واقتداء بامام مخالف فى الفروع الظنية كشافعى وحنفى ولو أتى بمناف لصحة الصلاة كمسح بعض الرأس أو مسى ذكر لأن ما كان شرطا فى صحة الصلاة فالتعويل فيه على مذهب الامام وما كان شرطا فى صحة الاقتداء فالعبرة بمذهب المأموم فلا تصح خلف معيد ولا متنفل ولا مفترض بغير صلاة المأموم وتصح صلاة مالكى للظهر خلف شافعى فيها بعد دخول وقت العصر لاتحاد عين الصلاة والمأموم يراها أداء كما جاء فى الخرشى، واما ما كان ركنا داخلا فى ماهيتها فالعبرة فيه بمذهب المأموم مثل شرط
(1)
الحرورية قوم خرجوا على على رضى الله تعالى عنه بحروراء قرية من قرى الكوفة على ميلين منها نقموا عليه فى التحكيم وكفروا بالذنب
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير وتقريرات الشيخ محمد عليش ج 1 ص 329، 330 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق وتقريرات الشيخ محمد عليش ج 1 ص 331 الطبعة السابقة
(4)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 1 ص 333 الطبعة السابقة
الاقتداء فلو اقتدى مالكى بحنفى لا يرى ركنية السّلام ولا الرفع من الركوع فان أتى بهما صحت صلاة مأمومه المالكى وان ترك الامام الحنفى الرفع من الركوع أو خرج من الصلاة بأجنبى كانت صلاة مأمومه المالكى باطلة ولو فعل ذلك المأموم المذكور كذا قرر شيخنا العدوى وفى الحطاب عن ابن القاسم لو علمت ان رجلا يترك القراءة فى الاخيرتين لم أصل خلفه نقله عن الذخيرة، وجاز اقتداء سالم بامام الكن
(1)
سواء كان لا ينطق بالحروف البتة وينطق مغيرا كأن يجعل اللام ثاء مثلثة أو تاء مثناة أو يجعل الراء لاما أو غير ذلك وعمدة المؤلف فى الجواز قوله فى التوضيح نقل اللخمى ان لمالك فى المجموعة اجازة ذلك ابتداء وحكى فى الجلاب أيضا الجواز وحكى ابن العربى الجواز فى قليل اللكنة والكراهة فى بينها ولابن رشد فى الألكن لا يعيد مأمومه اتفاقا وتكره امامته مع وجود مرضى غيره لكن ابن عرفة قد صدر بالجواز وهذا يدل على رجحانه وجاز اقتداء بامام محدود بالفعل فى نحو شرب ان حسنت حالته بعد الحد وتاب بناء على أن الحدود زواجر والصحيح انها جوابر فيكفى الشرط الاول وهو لا يتضمن التوبة لأنه يوجد مع عدم العزم على أنه لا يعود مع عدم الندم على ما فعل اما اذا لم يكن محدودا بالفعل ولكنه فعل موجب الحد ولم يحد بالفعل ففيه تفصيل فان سقط عنه الحد بعفو فى حق مخلوق أو باتيان الامام طائعا وترك ما هو عليه فى حرابة جاز الاقتداء به ان حسنت حالته والا فلا، وكذا يجوز الاقتداء بامام عنين وهو من لا ينتشر ذكره أو من له ذكر صغير لا يتأتى به جماع ومن قام به داء الجذام الا أن يشتد جذامه بأن يؤذى غيره فلينح وجوبا عن الامامة وكذا عن الجماعة وجاز اقتداء صبى بمثله لا اقتداء بالغ به كما تقدم، وجاز اقتداء
(2)
ذوى سفن متقاربة ولو سائرة بامام واحد يسمعون تكبيره او يرون افعاله او من يسمع عنده ويستحب أن يكون الامام فى السفينة التى تلى القبلة، وجاز الاقتداء بالامام بسبب سماعه والافضل ان يرفع الامام صوته ويستغنى عن المسمع، او اقتداء برؤية للامام أو لمأمومه وان كان المأموم بدار والامام بمسجد او غيره قال الدسوقى:
ظاهره ولو كان المسمع صبيا او امرأة أو محدثا او كافرا وهو مبنى على أن المسمع علامة على صلاة الامام وأما على القول بأن المسمع نائب ووكيل عن الامام فلا يجوز له التسميع حتى يستوفى شرائط الامام واذا جاز الاقتداء بالامام بسبب رؤية له او لمأمومه فقد اشتمل كلامه على مراتب الاقتداء الاربع وهى الاقتداء برؤية الامام او المأموم والاقتداء بالامام بسبب سماع المسمع او سماع الامام وان لم يعرف عينه ولا يشترط معرفة عين الامام نعم لا يصح الاقتداء به ان كان فلانا لتردد النية لاحتمال أنه غيره ولا يضر ظنه فلانا مع عدم تعليق النية عليه ولو تبين غيره وهذا من شرح المجموع وضوء الشموع عليه، واذا كان المقتدى فى الأربع مراتب السابقة بدار والامام خارجها سواء كان بمسجد او غيره وسواء كان بينهما حائل أم لا قال اللخمى اذا اراد من فى الدار التى بقرب المسجد ان يصلوا بصلاة المسجد جاز ذلك اذا كان امام المسجد فى قبلتهم يسمعونه ويرونه
(1)
الالكن هو من لا يستطيع اخراج بعض الحروف.
(2)
حاشية الدسوقى ج 1 ص 336، 337، 338.
ويكره اذا كان بعيدا يرونه ولا يسمعونه لأن صلاتهم معه على التخمين والتقدير وكذلك اذا كانوا على قرب يسمعونه ولا يرونه لحائل بينهم لانهم لا يدرون ما يحدث عليه وقد يذهب عليهم علم الركعة التى هو فيها فان ترك جميع ذلك مضت وأجزأتهم صلاتهم ونقله أبو الحسن وأقره وبه نعلم أن المراد بالجواز هنا مطلق الاذن الشامل للكراهة.
جاء فى التاج والاكليل
(1)
: أنه ان اقتدى مقيم بمسافر فكل على سنته وروى عن المدونة ان مالكا رحمه الله تعالى قال ان صلى مقيم خلف مسافر فليتم المقيم بقية صلاته بعد سلام الامام المسافر وكره قال الباجى اذا اجتمع مسافرون ومقيمون فالأفضل ان يؤم المسافرين احدهم والمقيمين احدهم فان ام الجميع احدهم والمقيمين احدهم فان ام الجميع احدهم فالأفضل ان يتقدمهم مسافر لأنه لا تتغير صلاة من وراءه وكره مالك للمسافر ان يقتدى بالمقيم لأن فى اتمامه تغيير صلاته الا لمعان تقتضى ذلك فان ائتم فلا يعيد قال ابن رشد لأن فضيلة السنة فى القصر آكد من فضيلة الجماعة واستخف مالك للقوم السفر ان يقدموا مقيما يتم بهم اذا كان ذا سن وفضل لما فى الصلاة خلفه من الرغبة أو صاحب منزل لما فى ترك ائتمامه بهم من بخسه حقه اذ هو أحق بالامامة ذكر ابن رشد هذا كأنه المذهب وقال اللخمى الظاهر من قول مالك ان الجماعة أفضل من القصر لأن كليهما سنة وتزيد الجماعة بتفضيل الأجر والى هذا ذهب ابن عمر وكان سيدى ابن سراج رحمه الله تعالى يرشح هذا بالنسبة الى المسافرين فى زماننا ويقول الأفضل لهم والأولى ان يتحروا الصلاة فى المساجد التى يمرون بها فى أسفارهم مع الجماعة وجاء فى المدونة أن مالكا رحمه الله تعالى قال: اذا صلى المسافر خلف المقيم اتبعه وأتم معه قال وكذلك اذا ادرك المسافر ركعة واحدة من صلاة المقيم فانه يقضى ثلاث ركعات وانظر ان لم يدرك معه ركعة قال فى المدونة يصليها قصرا قال ابن حبيب ويبنى على احرامه ذلك صلاة سفر، انظر عكس هذا من أحرم فى الجمعة خلف الامام أثر رفعه من الركوع يظن انها الأولى فبان أنه فى الثانية روى محمد انه يبنى على احرامه أربعا واستحب ان يجدد احرامه بعد سلام الامام من غير قطع ولا اشكال ان ادرك الجلوس أنه يتم أربعا قال ابن رشد لأنه بهذه النية أحرم.
وانظر أيضا لو أدرك ركعة من الجمعة فبعد سلام الامام ذكر أنه أسقط منها سجدة فيأتى بسجدة بلا اشكال وحينئذ يقول ابن القاسم ما تمت له هذه الركعة الا بعد سلام الامام والجمعة لا تكون الا بامام فليبن على هذه الركعة ثلاث ركعات فتتم له ظهرا كمن جاء يوم الخميس يظنه يوم الجمعة لا يضره احرامه ليوم الجمعة وقال أشهب يتمها جمعة ولا يعد، والذى لابن رشد عن المذهب أن المسافر اذا أحرم على التمام عمدا أو ناسيا انه فى سفر أو جهلا أو متأولا أن صلاته صحيحة ويستحب ان يعيدها فى الوقت سفرية فان حضر فيها أعادها أربعا قال ابن القاسم ان رجع فى الوقت الى نيته أعاد أربعا قال محمد الوقت فى ذلك النهار كله وقال الايانى الوقت فى ذلك وقت الصلاة المفروضة كمأمومه قال سحنون مفسرا لقول مالك أن أحرم ناسيا أو لاقصاره أو متأولا وخلفه
(1)
التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لابى الضياء سيدى خليل ج 2 ص 150 - ، ص 151 الطبعة السابقة
مقيمون ومسافرون فانه يعيد هو ومن اتبعه فى الوقت ويعيد من لم يتبعه أبدا الا ترى أنهم لو سبحوا به حين قام من الركعتين فرجع اليهم وسلم بالمسافرين وأتم المقيمون ان عليهم الاعادة ابدا لأن صلاته على أول نيته، وجاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير
(1)
: أن الامام المسافر اذا استخلف مقيما على مسافرين ومقيمين واكمل صلاة الاول فان من خلفه من المقيمين يقومون لاتمام ما عليهم افذاذا ويسلمون لانفسهم لدخولهم على عدم السّلام مع الاول ولا يلزمهم أن يسلموا مع الثانى والمسافرون يسلمون لانفسهم عند قيام ذلك المستخلف المقيم لما عليه ولا ينتظرونه للسلام معه اذ لم يدخل هذا الخليفة المقيم على ان يقتدى بالاول فى السّلام حتى ينتظره المسافرون ليسلموا بسلامه ويقوم غيره للقضاء واطلاق القضاء على اتيانه بما بقى من صلاته هنا تسامح لانه مكمل لصلاته فهذا بناء لا قضاء لأن القضاء عبارة عن فعل ما فات قبل الدخول مع الامام وهذا لم يفته شئ مع هذا الامام ولا مع الأول لأنه دخل مع الامام المسافر من أول صلاته فان قلت لم لم يصح ان يقتدى المأموم المقيم بهذا المستخلف المقيم المساوى له فى الدخول مع الامام المسافر فيما بقى عليه مع ان كلا منهما بان فيه قلت لأنه يؤدى الى اقتداء شخص فى صلاة واحدة بامامين ثانيهما غير مستخلف عن الأول فيما يفعله لأنه لم يستخلفه على الركعتين اللتين يتم بهما المقيم صلاته. وأعلم أنه يصح لأجنبى من غير مأمومى مستخلف - بالكسر - أن يقتدى بالمستخلف بالفتح - فيما هو بان فيه سواء كان المستخلف - بالكسر - يفعله ام لا ولا يصح الاقتداء به فيما هو قاض فيه فاذا استخلف المسافر مقيما مسبوقا فى الركعة الثانية فيجوز الاقتداء بذلك المستخلف. بالفتح - فيما هو بان فيه مما كان يفعله الامام الأصلى وهى الركعة التى حصل الاستخلاف فيهما التى هى ثانية للاول وأولى للثانى المستخلف ومما لم يفعله وهما الركعتان بعد ركعة الاستخلاف لأن ذلك المستخلف بان فيهما واما الركعة الرابعة التى يأتى بها ذلك المستخلف بدلا عن الأولى التى فاتته قبل الدخول مع الامام وهى ركعة القضاء فلا يصح الاقتداء به فيها فاذا كان اقتدى به أجنبى فى شئ من ركعات البناء فانه يجلس اذا قام ذلك الخليفة لركعة القضاء فاذا أتى بها وسلم قام ذلك المقتدى الاجنبى لاتمام صلاته كذا ذكر عبد الباقى والحق خلافه وان ذلك الخليفة لا يصح اقتداء الاجنبى به الا فيما يبنى فيه مما يفعله المستخلف بالكسر - لا فيما لا يفعله ولا فيما هو فيه قاض فيصح للاجنبى ان يقتدى به فى الركعة التى حصل الاستخلاف فيها التى هى ثانية المستخلف واولى للخليفة وأما ما يفعله الخليفة دون المستخلف وهما الركعتان بعد ركعة الاستخلاف فلا يصح اقتداؤه به كما لا يصح اقتداؤه به فى الرابعة وهى ركعة القضاء كما ذكر ذلك شيخنا العلامة العدوى
(2)
.
(1)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير وتقريرات الشيخ محمد عليش عليه ج 7 ص 351 ص 357 الطبعة السابقة.
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير وتقريرات الشيخ محمد عليش ح 1 ص 338 الطبعة السابقة
مذهب الشافعية
جاء فى مفتى المحتاج
(1)
أنه لا يصح الاقتداء بمن يعلم بطلان صلاته كمن علم بكفره أو حدثه أو نجاسة ثوبه لأنه ليس فى صلاته فكيف يقتدى به، ولا يصح الاقتداء بمن يعتقد بطلانها كمجتهدين اختلفا فى القبلة او فى اناءين من الماء طاهر ونجس بأن ادى اجتهاد احدهما الى غير ما أدى اليه اجتهاد الآخر فى المسألتين وتوضأ كل منهما من انائه فى الثانية فليس لواحد منهما ان يقتدى بالاخر فى كل من المسألتين لاعتقاده بطلان صلاته فان تعدد الطاهر من الانية كأن كانت الأوانى ثلاثة والطاهر منها اثنان والمجتهدون ثلاثة وظن كل منهم طهارة انائه فقط فالأصح صحة اقتداء بعضهم ببعض ما لم يتعين اناء الامام للنجاسة فيصح الاقتداء فى مثالنا لكل منهم بواحد فقط لتعين الاناء الثالث للنجاسة فى حقه فان ظن واحد باجتهاده طهارة اناء غيره اقتدى به جوازا قطعا وان ظن نجاسته لم يقتد به قطعا كما فى حق نفسه، فلو اشتبه خمسة من الآنية فيها نجس على خمسة من أناس فظن كل منهم طهارة اناء منها فتوضأ به ولم يظن شيئا فى الأوانى الأربعة وأم كل منهم فى صلاة من الخمس الباقين مبتدئين بالصبح ففى الوجه الاصح السابق فى المسألة قبلها يعيدون العشاء لتعين النجاسة فى اناء امامها بزعمهم الا امامها فيعيد المغرب لتعين امامها للنجاسة فى حقه وضابط ذلك ان كل واحد يعيد ما كان مأموما فيه آخرا، والوجه الثانى يعيد كل منهم ما صلاه مأموما وهو اربع صلوات لعدم صحة الاقتداء لما تقدم ولو كان فى الخمسة اناء ان نجسان صح اقتداء كل منهم باثنين فقط او النجس منها ثلاثة فبواحد فقط وبذلك علم ان من كان تأخر منهم تعين الاقتداء به للبطلان كما علم من الضابط المتقدم ولو كان النجس اربعة امتنع الاقتداء بينهم ولو سمع صوت حدث بين جماعة وانكر كل منهم وقوعه منه فعلى ما ذكر فى الاوانى، ولو اقتدى شافعى بحنفى فعل ما يبطل الصلاة عندنا دونه كأن مس فرجه أو ترك الطمأنينة أو البسملة أو الفاتحة أو بعضها أو فعل مبطلا عنده دوننا كان افتصد فالاصح صحة الاقتداء فى الفصد دون المس ونحوه مما تقدم اعتبارا بنية اعتقاد المقتدى لأنه محدث عنده بالمس دون القصد المقتدى به والرأى الثانى غكس ذلك اعتبارا باعتقاد به لانه يرى انه متلاعب فى الفصد ونحوه فلا يقع منه نية صحيحة وحينئذ فلا يتصور جزم المأموم بالنية، ولو حافظ على الواجبات من يخالف فى الفروع كحنفى حافظ على واجبات الطهارة والصلاة عند الشافعى صح الاقتداء به وكذا لو شك فى اتيانه بها تحسينا للظن به فى أنه يراعى الخلاف ولا يضر عدم اعتقاده الوجوب وانما ضر فى الامام الموافق لعلم المأموم ببطلانها عندهما وقال الحليمى ان: اقتدى بولى الامر او نائبه صح مع تركه الواجبات عندنا لما فى المفارقة من الفتنة وقطع جماعة بعدم الصحة وهو المعتمد، ولا تصح قدوة بمقتد فى حال قدوته لانه تابع لغيره يلحقه سهوه ومن شأن الامام الاستقلال وان يتحمل
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للامام الشيخ محمد الشربينى الخطيب وبهامشه متن المنهاج للنووى ج 1 ص 236، ص 237 طبع المطبعة الميمنية بمصر سنة 1306 هـ
هو سهو غيره فلا يجتمعان وهذا اجماع وما فى الصحيحين من ان الناس اقتدوا بأبى بكر رضى الله تعالى عنه خلف النبى صلى الله عليه وسلم محمول على انهم كانوا مقتدين بالنبى صلى الله عليه وسلم وابو بكر يسمعهم التكبير كما فى الصحيحين ايضا، ولا تصح القدوة بمن توهمه أو ظنه مأموما كأن وجد رجلين يصليان جماعة وتردد فى أيهما الامام ومحله كما قال الزركشى ما اذا هجم فان اجتهد فى ايهما الامام واقتدى بمن غلب على طنه انه الامام فينبغى ان يصح كما يصلى بالاجتهاد فى القبلة والثوب والأوانى، وان اعتقد كل من المصليين انه امام صحت صلاتهما فان اعتقد كل منهما أنه مأموم بطلت صلاتهما لان كل منهما مقتد بمن يقصد الاقتداء به
(1)
ولا تصح القدوة بمن تلزمه الاعادة كمقيم تيمم لفقد الماء ولا بمن على بدنه نجاسة يخاف من غسلها وبمحدث صلى على حسب حاله لا كراهة او لفقد الطهورين ولو كان المقتدى مثله لعدم الاعتداد بصلاته كالفاسدة فان قيل لم يأمر النبى صلى الله عليه وسلم من صلى خلف عمرو بن العاص بالاعادة حيث صلى بالتيمم للبرد أجيب بأن عدم الأمر لا يقتضى عدم وجوب القضاء لأنه على التراخى وتأخير البيان لوقت الحاجة جائز ولجواز انهم كانوا عالمين أو انهم كانوا قد قضوا، ولا تصح قدوة قارئ بأمى على قول فى الجديد - وان لم يعلم حاله لأنه بصدد أن يتحمل القراءة عن المأموم المسبوق فاذا لم يحسنها لم تصح للتحمل وفى القديم يصح اقتداؤه به فى السرية دون الجهرية بناء على أن المأموم لا يقرأ فى الجهرية بل يتحمل الامام عنه فيها وذهب المزنى الى صحة الاقتداء به سواء كانت الصلاة سرية او جهرية ومحل الخلاف فيمن لم يطاوعه لسانه أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن فيه التعلم والا فلا يصح الاقتداء به قطعا. وحكى صاحب المهذب
(2)
:
فى صلاة القارئ خلف الأمى وهو من لا يحسن الفاتحة أو خلف الارت والأثغ قولين أحدهما يجوز لأنه ركن من أركان الصلاة فجاز للقادر عليه أن يأتم بالعاجز عنه كالقيام والثانى:
لا يجوز لأنه يحتاج أن يتحمل قراءته وهو يعجز عن ذلك فلا يجوز ان ينتصب للتحمل كالامام الأعظم اذا عجز عن تحمل أعباء الأمة، وقال صاحب مغنى المحتاج
(3)
: والمراد بالأمى هو من يخل بحرف أو تشديدة من الفاتحة لرخاوة لسانه ولو احسن أصل التشديد ولكن تعذرت عليه المبالغة صح الاقتداء به مع الكراهة كما فى الكفاية عن القاضى، ولا يجوز اقتداء
(4)
حافظ النصف الاول بحافظ النصف الثانى وعكسه أى حافظ النصف الثانى بحافظ النصف الأول لأن كلا منهما يحسن شيئا لا يحسنه
(1)
المرجع السابق الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 238، ص 236 الطبعة السابقة
(2)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج ص 8 غ، ومغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 1 ص 238 الطبعة السابقة
(3)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 1 ص 239 الطبعة السابقة
(4)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى 1 ص 98 طبعة مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر ومغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 238 الطبعة السابقة
الآخر، وتصح قدوة أمى بمثله ان اتفقا عجزا كحافظ النصف الأول من الفاتحة بحافظه وكأرت بأرت وكالثغ فى كلمة بالثغ فى نفس الكلمة لاستوائهما نقصانا كالمرأتين، فان اختلفا فى كلمتين فلا تصح قدوة احدهما بالاخر ولا تصح قدوة أرت بألثغ ولا ألثغ بأرت لأن كلا منهما فى ذلك يحسن ما لا يحسنه الاخر. وتكره القدوة بالتمتام - وهو من يكرر التاء - وكذلك تكره القدوة بالفأفاء - وهو يكرر الفاء - وقال فى البيان وكذا من يكرر الواو وكذا اللاحن بما لا يغير المعنى كضم هاء الله فتكره القدوة به فان لحن لحنا يبطل المعنى لا يجوز الاقتداء به على تفصيل فى ذلك وتصح قدوة القائم بالقاعد لأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى جالسا والناس خلفه قيام ويجوز للراكع والساجد ان يصلى خلف المومئ الى الركوع والسجود لأنه ركن من اركان الصلاة فجاز للقادر عليه أن يأتم بالعاجز عنه كالقيام وذكر صاحب المهذب
(1)
: انه يكره ان يصلى الرجل بقوم وأكثرهم له كارهون لما روى ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يرفع الله صلاتهم فوق رءوسهم فذكر فيهم رجلا أم قوما وهم له كارهون فان كان الذى يكرهه الاقل لم يكره ان يؤمهم لأن أحدا لا يخلو ممن يكرهه، ويكره ان يصلى الرجل بامرأة أجنبية لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلّم قال: لا يخلون رجل بامرأة فان ثالثهما الشيطان» وجاء فى مغنى المحتاج
(2)
: أنه لا تصح قدوة ذكر ولا خنثى بامرأة ولا خنثى على تفصيل فى ذلك، وقال فى المهذب
(3)
: ولا يجوز للرجل ان يصلى خلف المرأة لما روى جابر رضى الله تعالى عنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
لا تؤم امرأة رجلا. وقال فى مغنى المحتاج
(4)
وتصح القدوة للمتوضئ بالمتيمم الذى لا اعادة عليه، لكن صاحب المهذب لم يذكر قيد الاعادة فقال: يجوز للمتوضئ ان يصلى خلف المتيمم لأنه اتى عن طهارته ببدل فهو كغاسل الرجل اذا صلى خلف الماسح على الخف، وذكر صاحب المهذب: فى صلاة الطاهرة خلف المستحاضة وجهين احدهما يجوز كالمتوضئ خلف المتيمم والثانى لا يجوز لانها لم تأت بطهارة عن النجس ولأنها تقوم مقامها فهى كالمتوضئ خلف المحدث، وقيد فى مغنى المحتاج المستحاضة بغير المتحيرة فقال والاصح قدوة الطاهرة بالمستحاضة غير المتحيرة، اما المتحيرة فلا تصح قدوة غيرها بها لوجوب الاعادة عليها وذكر صاحب المغنى
(5)
انه تصح القدوة للبالغ الحر بالصبى المميز للاعتداد بصلاته وقال فى المهذب: لما روى عن عمرو بن سلمة رضى الله تعالى عنه قال:
أممت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 97، 98 الطبعة السابقة
(2)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 238، ص 239، ص 240 الطبعة السابقة
(3)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 67 الطبعة السابقة
(4)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للمرملى 1 ص 239 الطبعة السابقة
(5)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 1 ص 238 الطبعة السابقة.
وأنا
(1)
غلام ابن سبع سنين ثم قال فى المهذب:
وفى الجمعة قولان قال فى الأم لا يجوز امامته لأن صلاته نافلة وقال فى الاملاء يجوز لأنه يجوز ان يكون اماما فى غير الجمعة فجاز ان يكون اماما فى الجمعة كالبالغ وذكر صاحب مغنى المحتاج: انه تصح القدوة بالعبد لانه من أهل الفرض على تفصيل فى ذلك ثم قال:
والاصح قدوة السليم بالسلس، ولو اقتدى رجل او خنثى بخنثى فى ظنه أو اقتدى خنثى بامرأة فبان الامام رجلا فى المسألة الاولى وبان المأموم امرأة فى المسألة الثانية والثالثة أو بانا - أى الامام والمأموم - رجلين او امرأتين لم يسقط القضاء فى الأظهر لعدم صحة القدوة فى الظاهر لتردد المأموم فى صحة صلاته عندها فلا تكون النية جازمة والرأى الثانى انه يسقط القضاء اعتبارا بما فى نفس الأمر ولو بان للمأموم ان امامة كافر معلنا بكفره كذمى أو مخفيا كفره كزنديق وجبت الاعادة فى الكافر المعلن لأن المقتدى مقصر بترك البحث بخلاف مخفى الكفر فانه لا اطلاع عليه فلا تجب الاعادة فيه فى الأصح وقال صاحب المهذب
(2)
فى ذلك:
وان كان كفره - أى الامام - مستترا ففيه وجهان أحدهما لا تصح صلاته لأنه ليس من أهل الصلاة فلا تصح الصلاة خلفه كما لو كان متظاهرا بكفره. والقول الثانى تصح لأنه غير مفرط فى الائتمام به وجاء فى مغنى المحتاج
(3)
أنه ان بان الامام جنبا أو محدثا أو ذا نجاسة خفية فى ثوبه أو بدنه فلا تجب اعادة صلاة المؤتم به لانتفاء التقصير اللهم الا أن يكون ذلك فى الجمعة ففيه تفصيل، وهذا بخلاف النجاسة الظاهرة فتجب فيها الاعادة لتقصير المقتدى فى هذه الحالة وهذا ما جرى عليه الرويانى وغيره وان صح فى التحقيق التسوية بين الخفية والظاهرة فى عدم وجوب الاعادة وقال الاسنوى انه الصحيح المشهور والأحسن فى ضبط الخفية والظاهرة ما ذكره صاحب الانوار وهو ان الظاهرة ما تكون بحيث لو تأملها المأموم لرآها والخفية بخلافها وقضية ذلك كما قال الاذرعى الفرق بين المقتدى الأعمى والبصير حتى لا يجب القضاء على الأعمى مطلقا، ولو علم أن امامه محدث او ذو نجاسة خفية ثم اقتدى به ناسيا ولم يحتمل انه تطهر وجبت الاعادة، لكن صاحب المهذب
(4)
فصل بين ما اذا علم المأموم بان الامام جنب او محدث او ذو نجاسة خفية فى أثناء الصلاة وبين ما اذا علم بذلك بعد فراغه منها وذلك قوله: فان صلى خلفه ولم يعلم ثم علم فان كان ذلك فى أثناء الصلاة نوى مفارقته وأتم وان كان بعد الفراغ لم تلزمه الاعادة لانه ليس على حدثه أمارة فعذر فى صلاته خلفه وذكر صاحب المهذب: ان ذلك ان كان فى الجمعة فقد قال الشافعى رحمه الله تعالى فى الأم: ان تم العدد به لم تصح الجمعة لأنه فقد شرط
(1)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 97 الطبعة السابقة ومغنى المحتاج ج 1 ص 241 ص 241 الطبعة السابقة
(2)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 ص 97 الطبعة السابقة
(3)
مغنى المحتاج ج ص 240 الطبعة ص 79 الطبعة السابقة
(4)
المهذب لابى اسحاق الشيرازى ج 1 الطبعة السابقة.
الجمعة وان تم العدد دونه صحت لأن العدد وجد وحدثه لا يمنع صحة الجمعة، وجاء فى مغنى المحتاج
(1)
: انه لا يصح ان يقتدى بالمرتد ولو اقتدى بشخص فبان مرتدا أو أنه ترك تكبيرة الاحرام لا النية وان سها بترك تكبيرة الاحرام وجبت عليه الاعادة لأن ذلك لا يخفى فينسب الى تقصير، بخلاف النية لخفائها، ولو اقتدى بمن أسلم ثم قال بعد فراغه لم أكن أسلمت حقيقة او أسلمت ثم ارتددت فلا يلزمه القضاء لأن امامه كافر بذلك فلا يقبل خبره بخلاف ما لو اقتدى بمن جهل اسلامه او شك فيه ثم اخبره بكفره. ثم بين الخطيب الشربينى رحمه الله تعالى فى مغنى المحتاج بعد ذلك صفات الامام وان الأولى تقديم الاعدل والأفقه والاقرأ والأورع وغير ذلك ثم ذكر من يقدم على غيره ثم قال: وأما الحكم اذا استويا وفى ذلك تفصيل كثير ينظر فى مصطلح «امام» وجاء فى مغنى المحتاج
(2)
: انه لا يشترط للامام فى صحة الاقتداء به فى غير الجمعة نية الامامة لاستقلاله، بل تستحب النية ليحوز فضيلة الجماعة فان لم ينو لم تحصل له الفضيلة اذ ليس للمرء من عمله الا ما نوى، واذا نوى فى أثناء الصلاة حاز الفضيلة من حين النية ولا تنعطف نيته على ما قبلها، اما فى الجمعة فيشترط ان يأتى بها فيها فلو تركها لم تصح جمعته لعدم استقلاله فيها سواء أكان من الاربعين أم زائدا عليهم نعم ان لم يكن من أهل الوجوب ونوى غير الجمعة لم يشترط ما ذكر وظاهر ان الصلاة المعادة كالجمعة اذ لا تصح فرادى فلا بد من نية الامامة فيها، فان أخطأ الامام فى غير الجمعة وما الحق بها فى تعيين تابعه الذى نوى الامامة به لم يضر لأن غلطه فى النية لا يزيد على تركها اما اذا نوى ذلك فى الجمعة او ما الحق بها فيضر لأن ما يجب التعرض له يضر الخطأ فيه وجاء
(3)
فى نهاية المحتاج: أن من شروط القصر عدم اقتدائه بمتم ولو احتمالا فمتى اقتدى بمتم ولو مسافرا لحظة كأن أدركه فى أخر صلاته ولو تامة فى نفسها كصبح أو جمعة أو مغرب أو نحو عيد أو راتبة لزمه الاتمام لما صح عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما من أنه السنة والأوجه جواز قصر صلاة معادة صلاها أولا مقصورة وفعلها ثانيا اماما أو مأموما بقاصر ولو لزم الامام الاتمام بعد اخراج المأموم نفسه لم يجب عليه الاتمام لانه ليس بامام له فى تلك الحالة فيفيد ان الاتمام حال الاقتداء وتنعقد صلاة القاصر خلف متم جهل المأموم حاله وتلغونية القصر بخلاف المقيم لو نوى القصر لم تنعقد صلاته لانه ليس من أهل القصر والمسافر من أهله فأشبه ما لو شرع فى الصلاة بنية القصر ثم نوى الاتمام أو صار مقيما ولو رعف الامام المسافر القاصر واستخلف لبطلان صلاته برعافه
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 1 ص 240، ص 241 الطبعة السابقة
(2)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 251، ص 252 نفس الطبعة السابقة.
(3)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 2 ص 254، ص 255، وص 256 الطبعة السابقة.
لأنه لا يعفى عنه سواء أكان قليلا أم كثيرا - على خلاف فى ذلك - متما وان لم يكن مقتديا به أتم المقتدون المسافرون ولو لم ينووا الاقتداء به لصيرورتهم مقتدين به حكما بمجرد الاستخلاف ومن ثم لحقهم سهوه وتحمل سهوهم نعم لو نووا فراقه عند احساسه بأول رعافه أو حدثه قبل تمام استخلافه قصروا كما لو لم يستخلفه هو ولا المأمومون أو استخلف قاصرا وكذا لو عاد الامام واقتدى به يلزمه الاتمام لاقتدائه بمتم فى جزء من صلاته ولو استخلف المتمون متما والقاصرون قاصرا فلكل حكمة ولو لزم الاتمام مقتديا ففسدت بعد ذلك صلاته أو صلاة امامه أو بان امامه محدثا أو ما فى معناه من كونه ذا نجاسة خفية لما مر من صحة الصلاة خلف هؤلاء وحصول الجماعة بهم أتم لانها صلاة وجب عليه اتمامها فامتنع عليه قصرها كفائتة الحضر، ولو اقتدى بمن ظنه مسافرا فنوى القصر الذى هو ظاهر حال المسافر أنه نواه فبان مقيما يعنى متما وان كان مسافرا أتم حتما أما لو بان محدثا ثم مقيما أو بانا معا لم يلزمه الاتمام لعدم القدوة حقيقة باطنا لحدثه أو اقتدى ناويا القصر بمن جهل سفره بأن تردد فيه أو لم يعلم من حاله شيئا أتم لزوما وان بان مسافرا قاصرا لظهور شعار المسافر غاليا والأصل الاتمام ولو صحت القدوة بأن اقتدى بمن ظنه مسافرا ثم أحدث ثم بان مقيما أتم وان علم حدثه أولا وانما صحت الجمعة مع تبين حدث امامها الزائد على الاربعين للاكتفاء فيها بصورة الجماعة بل حقيقتها لقولهم أن الصلاة خاتمة جماعة كاملة ولو رأى مريد الاقتداء الامام جالسا وتردد فى حاله هل جلوسه لعجزه أم لا فانه يمتنع الاقتداء به.
كما مر ولم يكف بذلك فى ادراك المسبوق الركعة خلف المحدث لان تحمله عنه رخصة والمحدث لا يصلح له فاندفع ما للاسنوى هنا ولو علم المأموم امامه أو ظنه لانهم يطلقون العلم كثيرا ويريدون به ما يشمل الظن مسافرا وشك أى تردد فى نيته القصر لكونه غير حنفى فى أقل من ثلاث مراحل فجزم هو بنيته القصر قصر اذا بان قاصرا لأنه الظاهر من حاله ولا تقصير فان بان متما أتم واحترز بقوله وشك فى نيته عما لو علمه مسافرا ولم يشك كأن كان الامام حنفيا فى دون ثلاث مراحل فانه يتم لامتناع القصر عنده فى هذه المسافة ويتجه كما قاله الاسنوى أن يلحق به ما اذا أخبر الامام قبل احرامه بأن عزمه الاتمام ولا شك فيها أى فى نية امامه فقال معلقا عليها فى نيته ان قصر قصرت والا بان أتم أتممت قصر فى الأصح ان قصر ولا يضر تعليقها عملا بالقاعدة بان محل اختلال النية بالتعليق ما لم يكن تصريحا بمقتضى الحال والا فلا يضر والثانى لا يقصر للتردد فى النية أما لو بان امامه متما لزمه الاتمام وعلى الأول لو قال بعد خروجه من الصلاة كنت نويت الاتمام لزم المأموم الاتمام أو نويت القصر جاز له القصر فأن لم يظهر للمأموم مانواه الامام لزمه الاتمام احتياطا، ولو قام امامه لثالثة فشك أى تردد هل هو متم أو ساه أتم ولو تبين له كونه ساهيا كما لو شك فى نية نفسه وفارق هذا ما مر من نظيره فى الشك فى أصل النية حيث لا يضر لو تذكر عن قرب بان زمنه غير محسوب وانما عفى عنه لكثرة وقوعه مع قرب زواله غالبا بخلافه هنا فأن الموجود
حال الشك محسوب من الصلاة على كل حال سواء أكان نوى القصر أم الأتمام لوجود أصل النية فصار مؤدبا جزءا من صلاته على التمام كما مر فلزمه الاتمام وفارق أيضا ما مر فى شكه فى نية الامام المسافر ابتداء بأن ثم قرينة على القصر وهنا القرينة ظاهرة فى الاتمام وهو قيامه للثالثة ومن ثم لو كان امامه يوجب القصر بعد ثلاث مراحل كحنفى لم يلزمه الاتمام حملا لقيامه على انه ساه قال الشبراملسى فى حاشيته أى ويخير بين انتظار الامام
(1)
فى التشهد ونية المفارقة.
مذهب الحنابلة:
جاء فى هداية الراغب
(2)
(3)
وحديث ابن ماجة عن جابر رضى الله تعالى عنه مرفوعا «لا تؤمن امرأة رجلا ولا اعرابى مهاجرا ولا فاجرا مؤمنا الا ان يقهره بسلطان يخاف سوطه وسيفه وتصح خلف نائبه العدل، ولا يؤم فاسق فاسقا ويعيد من صلى خلف فاسق مطلقا يعنى سواء علم بفسقه قبل الصلاة أو بعدها وسواء كان فسقه فى الصلاة أو قبلها وجاء فى كشاف القناع
(4)
أنه ان قصر امام مسافر أتم المأموم المقيم ما بقى من صلاته ولم تكره امامته اذن كالعكس أى كاملة المقيم للمسافر، وان أتم المسافر كرهت امامته بالمقيم خروجا من الخلاف عند من منعها نظرا الى أن ما زاد على الركعتين نفل فيلزم اقتداء المفترض بالمتنفل، وان تابع المقيم الامام المسافر الذى أتم صلاته صحت صلاته لأن المسافر اذا نوى الاتمام لزمه فيصير الجميع فرضا، ولو كان الأعمى أصم صحت امامته لأن العمى والصمم فقد حاستين لا يخلان بشئ من أفعال الصلاة ولا بشروطها فصحت ولكن تكره امامته خروجا من الخلاف وجاء فى كشاف القناع
(5)
: أنه تصح الجمعة والعيد خلف فاسق بلا اعادة ان تعذرت خلف غيره لانهما يختصان بامام واحد فالمنع منهما خلفه يؤدى الى تقويتهما دون سائر الصلوات نعم لو أقيمتا فى موضعين فى أحدهما عدل فعلهما وراءه ونقل ابن الحكم أنه كان يصلى الجمعة ثم يصلى الظهر أربعا، وتصح الصلاة خلف من يجهل عدالته وفسقه اذا لم يتبين الحال ولم يظهر منه ما يمنع الائتمام به لأن الأصل فى المسلمين السلامة وتصح الصلاة خلف المخالف فى الفروع كأهل المذاهب الاربعة
(1)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج لابن شهاب الدين الرملى وحاشية الشبراملسى عليه ج 2 ص 257، ص 258 طبع شركة مكتبة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة 1357 هـ سنة 1938 م.
(2)
هداية الراغب لشرح عمدة الطالب لعثمان احمد النجدى الحنبلى ص 160، ص 161 طبع مطبعة المدنى المؤسسة السعودية بمصر سنة 1379 هـ وكشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 306، ص 307 الطبعة السابقة
(3)
الآية رقم 18 من سورة السجدة.
(4)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 306 الطبعة السابقة
(5)
كشاف القناع للعلامة الشيخ منصور ابن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منتهى الارادات للشيخ منصور ابن يوسف البهوتى ج ص 306، ص 307 طبع المطبعة العامرة الشرقية سنة 1319 هـ الطبعة الاولى
لصلاة الصحابة خلف بعضهم مع ما بينهم من الاختلاف فى الفروع ولا تصح الصلاة خلف من يصلى بأجرة قاله محمد بن تميم رحمه الله تعالى وقال ابو داود سمعت أحمد يسأل عن أمام قال اصلى بكم رمضان بكذا وكذا درهما قال: أسأل الله العافية من يصلى خلف هذا؟ فان دفع الى الامام شئ وبغير شرط فلا بأس نصا وكذا لو كان يعطى من بيت المال أو من وقف، ولا تصح الصلاة خلف كافر ولو كان كفره ببدعة مكفرة على ما هو مذكور فى الأصول فلو أسر الكفر وجهل المأموم كفره ثم تبين له فلا تصح كذلك لأن صلاته لا تصح لنفسه فلا تصح لغيره ولعموم قول النبى صلى الله عليه وسلم لا يؤمن فاجر مؤمنا والكفر لا يخفى غالبا فالجاهل به مفرط ولو صلى خلف من يعلمه مسلما فقال بعد الصلاة هو كافر لم يؤثر فى صلاة المأموم لانها كانت محكوما بصحتها وهو ممن لا يقبل قوله، ولو قال من جهل حاله لمن صلى خلفه بعد سلامه من الصلاة هو كافر وانما صلى تهزأ أعاد المأموم صلاته ومن ظن كفره أو حدثه فبان بخلافه أو ظن انه خنثى مشكل فبان رجلا فيعيد المأموم لاعتقاده بطلان صلاته، ولو علم المأموم من انسان حال ردة وحال اسلام وصلى خلفه ولكنه لم يعلم فى أى الحالين هو أعاد صلاته، ولو علم من انسان حال افاقة وحال جنون كره تقديمه فى المسألتين لاحتمال أن يكون على الحالة التى لا تصح امامته فيها فان صلى أحد خلفه ولم يعلم فى أى الحالين هو أعاد صلاة خلفه ولأن ذمته اشتغلت بالوجوب ولم يتحقق ما يبرأ به فبقى على الاصل وهذا أحد الوجوه فى المسألة قدمه فى الرعاية الكبرى وصححه فى مجمع البحرين، والوجه الثانى لا يعيد وصوبه فى تصحيح الفروع، والوجه الثالث ان كان قد علم قبل الصلاة اسلامه أو افاقته وشك فى ردته او فى جنونه فلا اعادة لان الظاهر بقاؤه على ما كان عليه وان علم ردته أو جنونه وشك فى اسلامه أو فى افاقته اعاد قال فى تصحيح الفروع وهو الصحيح من المذهب على ما أصطلحناه وجزم به فى المغنى والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وقطع به فى المنتهى. ومن علم كفره وقال
(1)
بعد الصلاة كنت أسلمت وفعلت ما يجب للصلاة فعلى من صلى خلفه ان يعيد صلاته لاعتقاده بطلان صلاته ولا تصح الصلاة خلف سكران لان صلاته لا تصح لنفسه فلا تصح لغيره ولا تصح الصلاة خلف أخرس ولو بأخرس مثله نصا لانه يترك ركنا وهو القراءة والتحريمة وغيرهما فلا يأتى به ولا يبدله بخلاف الأمى ونحوه فانه ياتى بالبدل ولا تصح الصلاة خلف من به رعاف لا يرقأ دمه وجروح سيالة الا بمثله لان فى صلاته خللا غير مجبورة ببدل لكونه يصلى مع خروج النجاسة التى يحصل بها الحدث من غير طهارة اشبه ما لو ائتم بمحدث يعلم حدثه وانما صحت صلاته فى نفسه للضرورة، ولا تصح الصلاة خلف عاجز عن ركوع او رفع منه كأجدب أو عاجز عن سجود أو قعود أو عن استقبال او اجتناب نجاسة أو عاجز عن الاقوال الواجبة ونحوه من الاركان والشروط الا بمثله لأنه أخل بركن أو شرط فلم يجز كالقارئ بالأمى ولا فرق بين امام الحى وغيره، وتصح
(1)
المرجع السابق للعلامة الشيخ منصور ابن ادريس الحنبلى ج 1 ص 308 الطبعة السابقة.
امامتهم بمثلهم لان النبى صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه فى المطر بالايماء ولا تصح الصلاة خلف عاجز عن القيام لانه عجز عن ركن من اركان الصلاة فلم يصح الاقتداء به كالعاجز عن القراءة الا بمثله الا امام الحى وهو كل امام مسجد راتب لما فى المتفق عليه من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار اليهم أن أجلسوا فلما انصرف قال: انما جعل الامام ليؤتم به .. الحديث الى قوله واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون وهذا اذا كان يرجى زوال علته التى منعته من القيام لئلا يفضى الى ترك القيام على الدوام او مخالفة الخبر وتصح الصلاة ايضا جلوسا وراء الامام الاعظم اذا مرض ورجى زوال علته للخبر قال فى الخلاف هذا استحسان والقياس لا يصح لان النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى مرض موته قاعدا وصلى أبو بكر والناس خلفه قياما متفق عليه من حديث عائشة وأجاب الامام احمد رحمه الله تعالى عنه انه لا حجة فيه لأن ابا بكر رضى الله تعالى عنه ابتدأ بهم قائما فيتمها كذلك فان صلوا قياما خلف امام الحى المرجو زوال علته صحت صلاتهم لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر من صلى خلفه قائما بالاعادة ولان القيام هو الاصل، وجاء فى هداية الراغب أن امام الحى اذا عجز عن القيام لمرض وكان يرجى زوال مرضه يصلى الناس وراءه جلوسا ندبا ولو مع قدرتهم على القيام وساق حديث عائشة السابق ثم قال: وان ابتدأ الامام الصلاة بالناس قائما وعجز عن القيام فى اثنائها لعلة حصلت له فجلس عجزا ائتموا خلفه قياما وجوبا لأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى مرض موته قاعدا وصلى ابو بكر رضى الله تعالى عنه والناس خلفه قياما متفق عليه من حديث عائشة وكان أبو بكر ابتدأ بهم الصلاة قائما كما أجاب به الامام أحمد رحمه الله تعالى فوجب أن يتموها كذلك وتصح الصلاة خلف من خالف فى فرع لم يفسق به أى بمخالفته فيه كالصلاة خلف من يرى النكاح بلا ولى لفعل الصحابة والتابعين مع شدة الخلاف ولم ينقل عن احد منهم انه ترك الصلاة خلف من خالفه فى شئ من ذلك ومن فعل ما يعتقد تحريمه فى غير الصلاة مما اختلف فيه كنكاح بلا ولى وشرب نبيذ ونحوه فان داوم عليه فسق بالمداومة ولا تصح الصلاة خلفه لفسقه، وان لم يداوم عليه فقال الموفق هو من الصغائر ولا بأس بالصلاة خلفه لان الفسق لا يحصل بالصغيرة بل بالمداومة عليها قال الله تعالى: «ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما
(2)
» وقال الشيخ تقى الدين: لو فعل الامام ما هو محرم عند المأموم دون الامام مما يسوغ فيه الاجتهاد صحت صلاته خلفه وهو المشهور عند احمد ولا تصح امامة امرأة برجال لما روى ابن ماجة عن جابر رضى الله تعالى عنه مرفوعا: لا تؤمن امرأة رجلا، ولانها لا تؤذن للرجال فلم يجز ان تؤمهم ولا تصح امامة خنثى مشكل برجال (1) هداية الراغب لشرح عمدة الطالب لعثمان احمد النجدى الحنبلى ج 1 ص 162 الطبعة السابقة وكشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 308، ص 309، ص 310 الطبعة السابقة
(2)
الاية رقم 31 من سورة النساء.
لاحتمال كونه أمرأة ولا امامة خنثى بخناثى مشكلين لاحتمال أن يكون امرأة وهم رجال وان لم يعلم المأموم يكون الامام امرأة أو خنثى الا بعد الصلاة اعاد صلاته لانه مفرط لأن ذلك لا يخفى غالبا، وتصح امامة المرأة بنساء لما رواه الدار قطنى عن ام ورقة رضى الله تعالى عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لها ان تؤم نساء أهل دارها
(1)
.
وان صلى
(2)
رجل خلف من يعلمه خنثى لكن يجهل اشكاله ثم بان الخنثى بعد الصلاة رجلا فعلى المأموم الاعادة كمن صلى خلف من يظنه محدثا فبان متطهرا وأن صلى خلف الخنثى وهو لا يعلم انه خنثى فبان بعد الفراغ رجلا فلا اعادة عليه لصحة صلاته فى نفس الامر وعدم شكه حال الفعل فيما يفسدها ولا تصح امامة مميز لبالغ فى فرض، نص عليه ورواه الأثرم عن ابن مسعود وابن عباس رضى الله تعالى عنهم وقال النبى صلى الله عليه وسلم «لا تقدموا صبيانكم ولأنها حال كمال والصبى ليس من اهلها وتصح امامة المميز للبالغ فى نفل ككسوف وتراويح وتصبح امامة مميز بمثله لانه متنفل يؤم متنفلا ولا تصح امامة محدث يعلم ذلك ولا امامة نجس يعلم ذلك لانه أخل بشرط الصلاة مع القدرة أشبه المتلاعب لكونه لا صلاة له فى نفسه فيعيد من صلى خلفه ولو جهل الحدث أو النجس المأموم وحده وعلمه الامام فيعيدون كلهم ولا فرق بين الحدث الأصغر والاكبر ولا بين نجاسة الثوب والبدن والبقعة، فان جهل الامام والمأمومون الحدث أو النجس حتى قضوا الصلاة صحت صلاة المأمومين وحدهم دون الامام لما روى البراء بن عازب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم وروى أن عمر رضى الله تعالى عنه صلى بالناس الصبح ثم خرج الى الجرف فاهراق الماء فوجد فى ثوبه احتلاما فأعاد الصلاة ولم تعد الناس وروى مثل ذلك عن عثمان وابن عمر رضى الله تعالى عنهم ولان الحدث مما يخفى ولا سبيل الى معرفته من الامام للمأموم فكان معذورا فى الاقتداء به الا فى الجمعة اذا كانوا اربعين بالامام فانها لا تصح اذا كان الامام محدثا أو نجسا وكذا لو كان احد المأمومين محدثا أو نجسا فى الجمعة وهم اربعون فقط فيعيد الكل لفقد العدد المعتبر فى الجمعة لان المحدث أو النجس وجوده كعدمه فان كانوا اربعين غير المحدث أو النجس فالاعادة عليه وحده، ولا تصح امامة أمى بقارئ ومضت السنة على ذلك قاله الزهرى لأن القراءة ركن مقصود فى الصلاة فلم يصح اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه كالطهارة والسترة وهو يتحملها عن الماموم وليس هو من أهل التحمل والأمى هو من لا يحفظ الفاتحة أو يدغم منها حرفا لا يدغم وهو الأرت وفى المذهب هو الذى فى لسانه عجلة تسقط بعض الحروف، أو يلحن فى الفاتحة لحنا يخل المعنى كفتح همزة اهدنا وضم تاء أنعمت أو كسرها أو كسر كاف اياك فان لم يخل المعنى كفتح
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 328، ص 329 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 306 الطبعة السابقة.
دال نعبد ونون نستعين فليس أميا، وان اتى باللحن المخل للمعنى مع القدرة على اصلاحه لم تصح صلاته لانه اخرجه عن كونه قرآنا فهو كسائر الكلام وحكمه حكم غيره من الكلام وأن عجز عن اصلاح اللحن المخل للمعنى قراه فى فرض القراءة لحديث اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استعطتم وما زاد عن الفاتحة تبطل الصلاة يعمد اللحن المحل للمعنى فيه واللحن لا يبطل الصلاة اذا لم يحل المعنى فأن احاله كان عمده كالكلام وسهوه كالسهو عن كلمته وجهله كجهلها ويكفر ان اعتقد اباحته اى اباحة اللحن المحيل للمعنى لادخاله فى القرآن ما ليس منه وان كان اللحن المحل للمعنى لجهل او نسيان أو آفة كسبق لسانه أو غفلته لم تبطل صلاته لحديث عفى لامتى الخطأ والنسيان ولم تمنع امامته لانه ليس بأمى وتصح امامة أمى بمثله لمساواته له، وان ام أمى أميا وقارئا فان كانا أى المأمومان عن يمين الامام او كان الامى فقط عن يمينه والقارئ عن يساره صحت صلاة الامام لانه نوى الامامة بمن يصح أن يأتم به وصحت صلاة المأموم الامى لانه اقتدى بمثله ووقف فى موقفه وبطلت صلاة القارئ لاقتدائه بأمى وان كان المأمومان الأمى والقارئ - خلف الامى أو كان المأموم القارئ وحده عن يمين الامام والمأموم الامى عن يساره فسدت صلاة الكل أما الامام فلأنه نوى الامامة بمن لا يصح ان يؤمه وأما القارئ فلاقتدائه بالامى وأما الامى فلمخالفته موقفه - قال صاحب الكشاف فى هذا نظر لان المأموم الامى لا تبطل صلاته بيسار امامه الا بركعة فصح اقتداؤه أولا بالامام وبطلان صلاته بعد لا يؤثر فى بطلان صلاة الامام
(1)
ثم قال:
(2)
ولا يصح اقتداء العاجز عن النصف الاول من الفاتحة بالعاجز عن النصف الاخير منها ولا اقتداء العاجز عن النصف الاخير من الفاتحة بالعاجز عن النصف الاول ولا يصح اقتداء من يبدل حرفا من الفاتحة بمن يبدل حرفا غيره منها لعدم المساواة، ومن لا يحسن الفاتحة ويحسن غيرها من القرآن بقدرها لا يصح أن يصلى خلف من لا يحسن شيئا من القرآن وجوزه الموفق وغيره لانهما أميان قال ابن تميم رحمه الله تعالى وفيه نظر، وان صلى خلف من يحسن دون السبع فوجهان، واذا اقيمت الصلاة وهو فى المسجد والامام ممن لا يصلح للامامة فأن شاء صلى خلفه واعاد قاله
(3)
فى الشرح وغيره قلت ولعل المراد أن خاف فتنة او اذى وان شاء صلى وحده جماعة بامام يصلح للعذر أو صلى وحده ووافقه فى افعاله ولا اعادة عليه وان سبق لسانه الى تغيير نظم القرآن بما هو منه على وجه يحيل معناه كقوله «ان المتقين فى ضلال وسعو» ونحوه لم تبطل صلاته لحديث عفى لا متى عن الخطأ والنسيان ولم يسجد له اذا كان سهوا عند المجد. وحكم من أبدل من الفاتحة حرفا بحرف لا يبدل كالالثغ الذى يجعل الراء غينا ونحوه حكم من لحن فيها لحنا يحيل المعنى فلا يصح ان يؤم من لا يبدله لما تقدم الاضاد المغضوب والضالين اذا أبدلها بظاء فتصح امامته بمن لا يبدلها ظاء
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 311 نفس الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 312 الطبعة السابقة
(3)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 313 نفس الطبعة السابقة.
لانه لا يصير اميا بهذا الابدال وظاهرة ولو علم الفرق بينهما لفظا ومعنى كما تصح امامته بمثله لان كلا من الضاد والظاء من اطراف اللسان وبين الاسنان وكذلك مخرج الصوت واحد قاله الشيخ فى شرح العمدة وان قدر على صلاح ذلك اى ما تقدم من ادغام حرف فى آخر لا يدغم فيه او ابدل حرفا بحرف غير ضاد المغضوب والضالين بظاء او على اصلاح اللحن المحيل للمعنى لم تصح صلاته ما لم يصلحه لانه اخرجه عن كونه قرآنا، وتكره ويصح امامة كثير اللحن الذى لا يحيل المعنى كجر دال الحمد ونصب هاء الله ونصب باء رب ونحوه سواء كان المؤتم مثله او كان لا يلحن لان مدلول اللفظ باق وهو كلام الله سبحانه وتعالى قال فى الانصاف وهو المذهب مطلقا المشهور عند الاصحاب، وقال ابن منجا فى شرحه فان تعمد ذلك لم تصح صلاته لانه مستهزئ ومتعمد، قال فى الفروع وهو ظاهر كلام ابن عقيل فى الفصول، وعلم من كلامه ان من سبق لسانه باليسير لا تكره امامته لانه قل من يخلو من ذلك امام او غيره، وتكره امامة من يأتبه الصرع وتصح وتكره امامة من اختلف فى صحة امامته قاله فى الفروع وتكره وتصح امامة الاقلف أما الصحة فلانه ذكر مسلم عدل قارئ فصحت امامته واما الكراهة فللاختلاف فى صحة امامته وتكره وتصح امامة أقطع اليدين او اقطع أحدهما أو اقطع رجلين أو اقطع احداهما قال فى شرح المنتهى ولا يخفى ان محل الصحة ما اذا امكن اقطع الرجلين القيام بأن يتخذ له رجلين من خشب او نحوه واما اذا لم يمكنه القيام فلا تصح امامته الا بمثله قال ابن عقيل وتكره امامة أقطع انف وتصح وتكره وتصح امامة الفأفاء الذى يكرر الفاء والتمتام الذى يكرر التاء ومن لا يفصح ببعض الحروف كالكاف والضاد، أما صحة امامته فلاتيانه بفرض القراءة والكراهة لعدم فصاحته ويكره أن يؤم الرجل انثى أجنبية فأكثر لا رجل معهن لأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى ان يخلو الرجل بالاجنبية ولما فيه من مخالطة الوسواس ولا بأس فى ان يؤم ذوات محارمه او أجنبيات معهن رجل فاكثر لان النساء كن يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ويكره أن يؤم الرجل قوما اكثرهم يكرهه نصا بحق لخلل فى دينه او فضله لحديث أبى امامة رضى الله تعالى عنه مرفوعا:
ثلاثة لا تجوز صلاتهم وآذانهم العبد الآبق حتى يرجع. وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وامام أم قوما وهم له كارهون. رواه الترمذى فان كرهه بعضهم لا يكره ان يؤمهم لمفهوم الخبر والأولى ان يؤمهم ازالة لذلك الاختلاف ذكره فى الشرح، ولا يكره الائتمام به حيث صلح للامامة لان الكراهة فى حق الامام دون المأمومين للاخبار وان كرهوه لدينه وسنته فلا كراهة فى حقه ولا بأس بامامة ولد زنا ولقيط ومنفى بلعان وخصى وجندى واعرابى اذا سلم دينهم وصلحوا لها لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤم القوم أقرؤهم الخ، وبصح ائتمام من يؤدى الصلاة بمن يقضيها رواية واحدة قاله الخلال لان الصلاة واحدة وانما اختلف الوقت، ويصح ائتمام من يقضى الصلاة بمن يؤديها ويصح ائتمام قاضى ظهر يوم آخر ويصح ائتمام متوضئ بمتيمم لانه اتى بالطهارة على الوجه الذى يلزمه والعكس اولى ويصح ائتمام ماسح
على حائل بغاسل تحت ذلك الحائل لان المسح رفع، ويصح ائتمام متنفل بمفترض لقول النبى صلى الله عليه وسلم: من يتصدق على هذا فقام رجل فصلى معه، ولا يصح ان يؤم من عدم الماء والتراب او به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بأحدهما بمن تطهر بأحدهما، ولا يصح ان يأتم مفترض بمتنفل لقول النبى صلى الله عليه وسلم «إنما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ولان صلاة المأموم لا تؤدى بنية الامام اشبهت صلاة الجمعة خلف من يصلى الظهر الا اذا صلى بهم فى خوف صلاتين لفعله صلى الله عليه وسلم، ولو صلى الفجر ثم شك هل طلع الفجر أولا لزمته الاعادة وعلى ذلك فله ان يؤم فيها من لم يصل لان الاصل بقاء الصلاة فى ذمته ووجوب فعلها أشبه ما لو شك هل صلى أولا ولا يصح ائتمام من يصلى الظهر بمن يصلى العصر او غيرهما كالعشاء ولا عكسه ومثله صلاة كل مفترض خلف مفترض بفرض غيره وقتا واسما لما تقدم من قول النبى صلى الله عليه وسلم فلا تختلفوا عليه لان الاختلاف فى الصفة كالاختلاف فى الوصف.
أما اقتداء المقيم بالمسافر وعكسه فقد جاء فى كشاف القناع
(1)
: لو ائتم المسافر بامام يشك فى كونه مسافرا أو ائتم بمن يغلب على ظنه انه مقيم ولو بان الامام بعد مسافر الزم المأموم ان يتم لعدم الجزم بكونه مسافرا عند الاحرام وان صلى مقيم ومسافر خلف امام مسافر اتم المقيم اذا سلم امامه اجماعا واذا ام مسافر مقيمين فأتم بهم الصلاة صح لان المسافر يلزمه الاتمام بنيته ويسن أن يقول الامام المسافر للمقيمين اتموا فانا سفر للحديث ولئلا يلتبس على الجاهل عدد ركعات الصلاة، ثم قال
(2)
:
فان قصر امام مسافر قضى أى أتم المقيم كمسبوق ما بقى من صلاته ولم تكره امامته اذن كالعكس اى كأمامة المقيم للمسافر وان اتم المسافر كرهت امامته بالمقيم خروجا من خلاف من منعها نظرا الى أن ما زاد على الركعتين نفل فيلزم اقتداء المفترض بالمتنفل وجوابه المنع وان الكل فرض ولذلك قال وان تابعه أى الامام المسافر المقيم صحت صلاته لان المسافر اذا نوى الاتمام لزمه فيصير الجميع فرضا.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى: انه لا يجوز الائتمام بمن لم يبلغ الحلم لا فى فريضة ولا فى نافلة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان القلم رفع عن الصغير حتى يحتلم» فصح انه غير مأمور ولا مكلف ومن ائتم بمن لم يؤمر ان يؤتم به وهو عالم بحاله فصلاته باطلة فان لم يعلم بأنه لم يبلغ وظنه رجلا بالغاو فصلاة المؤتم به تامة كمن صلى خلف جنب او كافر لا يعلم بهما ولا فرق، ويجوز ان تؤم المرأة النساء ولا يجوز أن تؤم الرجال قال على اما منعهن من امامة الرجال فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر ان المرأة تقطع صلاة الرجل وان موقفها فى الصلاة خلف الرجال، والامام لابد له من التقدم أمام المؤتمين، أو من الوقوف عن يسار المأموم اذا لم يكن معه غيره فلو تقدمت المرأة امام الرجل لقطعت صلاته وصلاتها وكذلك لو صلت الى جنبه لتعديها
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 312 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق على متن الاقناع ج 1 ص 313 الطبعة السابقة
المكان
(1)
الذى امرت به فقد صلت بخلاف ما أمرت، واما امامتها النساء فان المرأة لا تقطع صلاة المرأة اذا صلت امامها أو الى جنبها ولم يأت بالمنع من ذلك قرآن ولا سنة وهو فعل خير وقد قال الله تعالى «وافعلوا الخير» وهو تعاون على البر والتقوى ولا يحل
(2)
لاحد ان يؤم وهو ينظر ما يقرأ به فى المصحف لا فى فريضة ولا فى نافلة فان فعل عالما بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته وصلاة من ائتم به عالما بأن ذلك لا يجوز.
قال
(3)
على من لا يحفظ القرآن فلم يكلف الله تعالى قراءة ما لا يحفظ لانه ليس ذلك فى وسعه قال الله تعالى «لا يكلف الله نفسا الا وسعها» فاذا لم يكن مكلفا فتكلفه ما سقط عنه باطل ونظره فى المصحف عمل لم يأت باباحته فى الصلاة نص، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان فى الصلاة لشغلا» ومن نسى صلاة فرض - اى صلاة كانت فوجد اماما يصلى صلاة اخرى أى صلاة كانت فى جماعة ففرض عليه ولا بد ان يدخل فيصلى التى فاتته وتجزئه ولا نبالى باختلاف نية الامام والمأموم، وقال على: من المحال ان يكلفنا الله تعالى موافقة نية المأموم منا لنية الامام لقول الله تعالى «لا
(4)
يكلف الله نفسا الا وسعها» وليس فى وسعنا علم ما غيب عنا من نية الامام حتى نوافقها وانما علينا ما يسعنا ونقدر عليه من القصد بنياتنا تأدية ما امرنا به كما امرنا وهذا برهان ضرورى سمعى وعقلى وبرهان آخر وهو قول الله تعالى «لا تكلف الا نفسك» وتجوز صلاة الفرض خلف المتنفل، والمتنفل خلف من يصلى الفرض، وصلاة فرض خلف من يصلى صلاة فرض اخرى كل ذلك حسن وسنة، والصلاة
(5)
خلف من يدرى المرء أنه كافر باطل له وكذلك خلف من يدرى انه متعمد للصلاة بلا طهارة او متعمد للعبث فى صلاته وهذا لا خلاف فيه من احد مع النص الثابت بان يؤم القوم اقرؤهم «وليؤمكم احدكم» والذى ورد فى حديث ابى موسى والكافر ليس احدنا وليس الكافر من المصليين ولا مضافا اليهم وليس العابث مصليا ولا فى صلاة فالمؤتم بواحد منهما لم يصل كما أمر، فان صلى خلف من يظنه مسلما ثم علم أنه كافر أو أنه عابث او انه لم يبلغ فصلاته تامة لانه لم يكلفه الله تعالى معرفة ما فى قلوب الناس فأمرنا اذا حضرت الصلاة أن يؤمنا بعضنا فى ظاهر أمره فمن فعل ذلك فقد صلى كما أمر وكذلك العابث فى نيته ايضا لا سبيل الى معرفة ذلك منه ومن تأول فى بعض ما يوجب الوضوء فلم ير الوضوء منه فالائتمام به جائز وكذلك من اعتقد متأولا ان بعض فروض صلاته تطوع لأنه معذور بجهله وقد اجاز النبى صلى الله عليه وسلم معاوية بن الحكم وهو قد تعمد الكلام فى صلاته جاهلا، والاعمى والبصير والخصى
(6)
والفحل والعبد والحر وولد الزنا
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 2 ص 217، ص 218، م 490 رقم الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 219 م. 491 رقم الطبعة السابقة
(3)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 223 الطبعة السابقة. مسألة رقم 493
(4)
الاية رقم 77 من سورة الحج
(5)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 51 م 489 الطبعة السابقة
(6)
المرجع السابق ج 4 ص 52 الطبعة السابقة
والقرشى سواء فى الامامة فى الصلاة كلهم جائز ان يكون اماما راتبا ولا تفاضل بينهم الا بالقراءة والفقه وقدم الخير والسن فقط، وتجوز امامة الفاسق كذلك ونكرهه الا أن يكون هو الأقرأ والأفقه أولى حينئذ من الافضل اذا كان انقص منه فى القراءة أو الفقه ولا احد بعد رسول الله صلى لله عليه وسلم الا وله ذنوب، قال الله عز وجل، فان لم تعملوا آباءهم فاخوانكم فى الدين ومواليكم «وقال الله تعالى» والصالحين من عبادكم وامائكم، فنص الله سبحانه وتعالى عن أن من لا يعرف له أب اخواننا فى الدين واخبران فى العبيد والاماء صالحين، ومن صلى
(1)
جنبا أو على غير وضوء عمدا أو نسيانا فصلاة من ائتم به تامة الا أن يكون علم ذلك يقينا فلا صلاة له لأنه ليس مصليا فاذا لم يكن مصليا فالمؤتم بمن لا يصلى عابث عاصى مخالف لما أمر به ومن هذه صفته فى صلاته فلا صلاة له، واما اذا لم يعلم فصلاته صحيحة لقول الله سبحانه وتعالى «لا يكلف الله نفسا الا وسعها» وليس فى وسعنا علم الغيب من طهارته قال على وعمدتنا فى هذا هو ما روى أن رسول الله صلم الله عليه واله سلم» دخل فى صلاة الفجر فكبر فأومأ اليهم أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم عليه الصلاة والسلام فلما قضى الصلاة قال صلى الله عليه وآله وسلم، انما انا بشر مثلكم وانى كنت جنبا قال على فقد اعتدوا بتكبيرهم خلفه وهو صلى الله عليه وآله وسلم جنبا وصلى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه بالناس وهو جنب فاعاد ولم يبلغنا ان الناس أعادوا.
وجاء فى المحلى
(2)
أن صلى مسافر بصلاة إمام مقيم قصر ولابد، وان صلى مقيم بصلاة مسافر اتم ولا بد، وكل أحد يصلى لنفسه، وإمامة كل واحد منهما للآخر جائزة ولا فرق. روينا من طريق عبد الرازق عن سعيد بن السائب عن داود بن ابى العاصم قال: سألت ابن عمر عن الصلاة فى السفر؟ فقال: ركعتان قلت:
كيف ترى ونحن ههنا بمنى؟ قال ويحك! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت به؟ قلت: نعم قال: فانه كان يصلى ركعتين فصلى ركعتين ان شئت او دع. وهذا بيان جلى بأمر ابن عمر المسافر أن يصلى خلف المقيم ركعتين فقط، ومن طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن عبد الرحمن بن تميم بن جذ لم قال: كان ابى اذا أدرك من صلاة المقيم ركعة وهو مسافر صلى اليها أخرى، واذا أدرك ركعتين اجتزأ بهما
(3)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الازهار
(4)
: انه لا يصح الاقتداء بالامام الفاسق او من فى حكمه فالفاسق ظاهر، والذى فى حكمه هو من يصر على معصية لا يفعلها فى الأغلب الا الفاسق ولو لم يعلم كونها فسقا وقد مثل على خليل ذلك بكشف العورة بين الناس والشتم الفاحش غير القذف والتطفيف فى الكيل والوزن يعنى
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 211، ص 212 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 4 ص 214، ص 215، ص 216 الطبعة السابقة.
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 5 ص 31 وص 32 الطبعة السابقة.
(4)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 284، 285 الطبعة السابقة.
باليسير قال البعض اما ما يرتكبه الفاسق وبعض المؤمنين فى العادة فلا يمنع من صحة الاقتداء به وقد مثل ذلك البعض بالغيبة والكذب لكن بشرط ان يتوضأ ان كان مذهبه أنهما ناقضان قال مولانا عليه السلام وهذا لا ينبغى اطلاقا بل يقيد بأنه لا يتخذ ذلك خلقا وعادة يعرف به بل غالب احواله التحرز ويصدر ذلك منه فى الندرة وفى الامور الخفيفة لانه اذا لم يكن كذلك فقد صار ذا جرأة ظاهرة فى دينه وقال البعض فى مثال ذلك أن يجمع بين الصلاتين بغير عذر قال عليه السلام وهذا المثال يفتقر الى تفصيل أيضا لانه اذا كان مذهبه جواز ذلك فليس بمعصية وان كان مذهبه انه غير جائز نظر فان كان يرى انه مجز فالمثال صحيح وان كان يرى انه غير مجز فهو بمثابة من اجترأ على ترك الصلاة وقال البعض فى المثال ان يكشف العورة للتوضؤ فى مواضيع مخصوصة قال عليه السلام وأقرب ما يصح التمثيل به على الاطلاق ما ذكرناه وهو من يجمع بين الصلاتين ومذهبه أن ذلك مجز غير جائز نعم أدعى فى الشرح اجماع اهل البيت عليهم السلام ان الصلاة خلف الفاسق لا تجزئ وهو قول الجعفرين وقال البعض أنها تجزئ وتكره وهو قول ابى على ومشايخ المعتزلة وكذا يترك الاقتداء بالامام اذا كان صبيا فان امامة الصبى لا تصح عندنا ومثله ما اذا كان الامام قد دخل فى تلك الصلاة مؤتما بغيره فان امامته حينئذ لا تصح عندنا هذا اذا كان غير مستخلف فاما اذا دخل مؤتما ثم استخلفه الامام فان امامته تصح حينئذ قال البعض انه يصح الائتمام باللاحق بعد انفراده فيما بقى اذ لا يحتاج الى نية لا عند يحيى الا ان ينوى الائتمام فيما لحق والامامة فيما بقى قال مولانا عليه السلام وفيه نظر لان الذى ذكره لا يتم الا ان تكون الهادوية عللت فساد امامة المؤتم فى اخر صلاته بعدم نية الامامة فحسب قال عليه السلام وانا اظن انهم يعللون بخلاف ذلك فينظر فيه فهؤلاء الثلاثة لا يصح ان يصلوا بغيرهم من الناس عندنا سواء كان اعلى منهم ام ادنى ولا يصح ان يقتدى الرجل فى الصلاة بامرأة مطلقا بالاجماع الا عن ابى ثور سواء كان الرجل محرما لها ام لا واما ان اقتدت المرأة بامرأة فذلك جائز سنة عندنا وقال البعض يكره ان تؤم المرأة النساء ولا يصح عكس ما تقدم وهو ان يصلى الرجل بالمرأة فان ذلك لا يصح عندنا ايضا سواء كان الرجل محرما لها ام لا الا حيث تكون المرأة المؤتمة مع رجل مؤتم بامامها فان صلاة الجماعة حينئذ تنعقد بهما فصاعدا لكن المرأة تقف خلف الرجل سواء كان الرجل محرما لها ام لا وكذا اذا كثر الرجال وقفت خلفهم نعم هذا الذى صححه السادة للمذهب أعنى ان الرجل لا يؤم نساء منفردات مطلقا وقال الهادى انه يصح ان يؤم الرجل بمحارمه النوافل وقال المنصور
(1)
بالله أنه يجوز للرجل ان يؤم بمحارمه ولم يفصل بين أن يكون فرضا أو نفلا هذا ولا يصح أن يقتدى بالمتنفل غيره سواء اتفقت صلاة الامام والمؤتم أم اختلفت فلا يصح عندنا غالبا احترازا من صلاة الكسوفين والاستسقاء والعيدين على الخلاف فانه يصح ان تصلى جماعة فأما حيث صلى المتنفل خلف المفترض
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار ج 1 ص 284، ص 285 لابو الحسن عبد الله ابن مفتاح الطبعة السابقة
فذلك جائز بالاجماع قال عليه السلام الا الرواتب فانها لا تصح خلف مفترض ولا متنفل ولا يصح ان يصلى من هو ناقص الطهارة او ناقص الصلاة بضده. اما ناقص الطهارة فكالمتيمم ومن به سلس البول وكذا من يمم بعض اعضاء التيمم وأما ناقص الصلاة فكمن يؤمئ أو يصلى قاعدا أو نحو ذلك فانه لا يصح أن يصلى بضده وهو كامل الطهارة والصلاة، فأما اذا استوى حال الامام والمؤتم فى ذلك جاز ان يؤم كل واحد منهما صاحبه ولو حضر
(1)
متيمم وسلس البول فقال البعض يقدم السلس وقال البعض تردد فى المسألة قال البعض الارجح أن لا يؤم أحدهما بصاحبه وقيل هما ناقصان فيؤم أحدهما بصاحبه وقيل يأتى على الخلاف ايهما أكمل فعلى قول الوافى ان السلس اكمل يقدم وعلى قول على خليل العكس. قال المهدى عليه السلام وهذا اقرب عندى، ولا يصح أن يصلى احد المختلفين فرضا بصاحبه وذلك نحو أن يكون فرض احدهما الظهر وفرض الآخر العصر فلا يصح أن يصلى احدهما فرضه خلف الآخر قال فى الكافى وكذا الفرض خلف من يصلى صلاة العيد أو الاستسقاء أو الجنازة او الكسوف فلا يجوز بالاجماع وكذا اذا اختلف الشخصان فى كون فرضهما ذلك أداء من أحدهما وقضاء من الآخر فانه لا يصح ان يصلى أحدهما بالآخر ذلك الفرض الذى اختلفا فيه وللمؤيد بالله قولان فى الشرح الصحيح منهما أنه لا يجوز فاما اذا كانا جميعا قاضيين والفرض واحد جاز أن يؤم كل واحد منهما صاحبه وقال البعض لا يصح ومثله ما اذا
(2)
اختلف الامام والمؤتم فى التحرى فانه لا يصح ان يؤم أحدهما صاحبه سواء تناول اختلافهما وقتا فقال احدهما قد دخل الوقت وقال الآخر لم يدخل او قبله فقال أحدهما القبلة هنا وقال الآخر بل هنا أو طهارة نحو ان تقع نجاسة فى ماء ولم تغيره فيقول احدهما هو كثير فيتطهر به وقال الآخر بل قليل او نحو ذلك لا اذا اختلف الشخصان فى المذهب فى مسائل الاجتهاد نحو ان يرى احدهما ان التأمين فى الصلاة مشروع والآخر يرى أنه مفسد أو ان الرعاف لا ينقض الوضوء والآخر يرى أنه ينقضه أو نحو ذلك فان المذهب وهو قول ابى طالب والمنصور بالله ان الامام حاكم فيصح ان يصلى كل واحد منهما بصاحبه وقال المؤيد بالله فى الافادة وحكاه فى حواشيها عن زيد بن على أن صلاة المؤتم لا تصح ان علم ان الامام يفعل ذلك على قليل هذا الخلاف اذا علم المؤتم قبل الدخول فى الصلاة ان هذا الامام يفعل ما هو عند المؤتم مفسد فالماموم يعلم الا بعد دخوله فى الصلاة فلا خلاف فى صحة الجماعة وان الامام حاكم. وجاء فى شرح الازهار:
(3)
أنه لا يصح ان يصلى المقيم بالمسافر فى الصلاة الرباعية الا فى الركعتين الأخيرتين اما الصلاة التى لا قصر
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 285، ص 286 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 1 ص 286، ص 287، ص 288 الطبعة السابقة.
(3)
شرح الازهار الجامع لمذاهب علماء الامصارج ج 1 ص 283، ص 284 الطبعة السابقة.
فيها فلا خلاف فى ان للمقيم ان يؤم المسافر والعكس واما فى الرباعية فلا خلاف أيضا فى ان للمسافر ان يؤم المقيم ويتم المقيم صلاته بعد فراغ المسافر وأما العكس وهو ان يصلى المسافر خلف المقيم ففيه أقوال الأول:
المذهب ذكره القاسم ويحيى عليهما السلام فى الأحكام وهى اختيار البعض أنه لا يصح أن يصلى خلفه فى الأولتين وأما الأخيرتين فتصح قال المنصور بالله وأبو مضر وعلى خليل بالاجماع لأنه لا يخرج قبل الامام وعن الحقينى أنه لا يجوز على كلام الأحكام قال مولانا عليه السلام وفيه ضعف جدا، القول الثانى: للمؤيد بالله والمنصور بالله انه يجوز فى الاولتين وفى أى الركعات شاء فان صلى غير الأخيرتين فله ان يسلم قبل الامام وان شاء انتظر فراغه.
القول الثالث: لزيد بن على والناصر انه يجوز ان يصلى معه فى الأولتين ويتم الأربع قال الناصر لان الترخيص قد بطل بدخوله مع الامام فلو فسدت صلى أربعا وقال زيد بل لان الامام حاكم فاذا بطلت قاصرا.
مذهب الإمامية
جاء فى الخلاف
(1)
: أنه يكره أن يؤم المسافر المقيم والمقيم المسافر وليس بمفسد للصلاة دليلنا اجماع الفرقة وايضا روى الفضل بن عبد الملك عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لا يؤم الحضرى المسافر ولا المسافر الحضرى فان ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما حاضرين فاذا أتم الركعتين سلم ثم أخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم واذا صلى المسافر خلف المقيم فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر، وجاء فى موضع آخر
(2)
: واذا احرم المسافر خلف المقيم لا يلزمه التمام بل عليه التقصير فاذا صلى لنفسه فرضه سلم سواء أدركه فى أول صلاته أو فى آخرها وقال كل من جعل المسافر بالخيار بين التقصير والتمام ومن أوجب عليه التقصير أنه يلزمه التمام سواء أدركه فى أول الصلاة أو فى آخرها الا الشعبى وطاووس فانهما قالا له القصر وان كان امامه متما، دليلنا قول الله تبارك وتعالى:«وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ 3» وهذا ضارب فى الأرض وأيضا قد بينا ان فرض المسافر القصر ولا يلزمه التمام الا مع نية المقام عشرا وهذا لم ينو المقام عشرا فلا يلزمه التمام واذا دخل
(4)
: المسافر فى الصلاة بنية القصر ثم عن له نية المقام وقد صلى ركعة تمم صلاة المقيم ولا يبطل ما صلى بل يبنى عليه، دليلنا ما رويناه من أن من نوى المقام عشرا كان عليه التمام ولم يفرقوا بين من يكون صلى بعض الصلاة وبين من لم يصل شيئا أصلا فوجب حملها على عمومها، واذا نوى فى خلال الصلاة التمام لزمه التمام على ما قلناه فان كان اماما تمم صلاته والمأمون ان كانوا مسافرين كان عليهم التقصير ولا يلزمهم التمام، دليلنا ما قدمناه
من أنه يجوز للمسافر ان يصلى خلف المقيم ولا يلزمه التمام واذا أحرم مسافر بمسافرين
(1)
الخلاف فى الفقه ج 1 ص 216 وما بعدها الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق فى الفقه ج 1 ص 227 الطبعة السابقة.
(3)
الاية رقم 101 من سورة النساء.
(4)
الخلاف فى الفقه ج 1 ص 228 الطبعة السابقة
ومقيمين فأحدث الامام فاستخلف مقيما أتم ولا يلزم من خلفه من المسافرين الاتمام، ومن صلى فى السفينة وأمكنه ان يصلى قائما وجب عليه القيام واقفة كانت السفينة أو سائرة، دليلنا أنه لا خلاف أن فرض الصلاة قائما فمن ادعى سقوط القيام فى هذه الحال فعليه الدلالة وأيضا روى عمران بن الحصين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صلى قائما فان لم تستطع فجالسا فان لم تستطع فعلى جنب ولم يفرق، وان احرم المسافر خلف مقيم عالما به أو ظانا له أولا يعلم حاله نوى لنفسه التقصير وكذلك ان نوى خلف مسافر عالما بحاله أو ظانا لسفره لزمه التقصير فى الأحوال كلها، دليلنا ما قدمناه من ان المسافر اذا صلى خلف مقيم لم يلزمه التمام.
وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
: انه يشترط فى الامام البلوغ ويدل عليه ان عليا عليه السلام كان يقول لا بأس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ولا يؤم حتى يحتلم فأن أم جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه وعن المبسوط والخلاف ومصباح السيد جواز امامة المراهق المميز العاقل وعن الذكرى نسبته الى الجعفى وقد يشهد له خبر طلحة عن جعفر عليه السلام عن على لا بأس ان يؤذن الغلام الذى لم يحتلم وأن يؤم وفى موثق سماعة تجوز صدقة الغلام وعتقه ويؤم الناس اذا كان له عشر سنين لكن الجميع غير مختص بالمراهق وحملها عليه لا شاهد له مع اباء الموثق عنه جدا نعم ظاهر محكى الخلاف من قوله دليلنا اجماع الفرقة فأنهم لا يختلفون فى أن من هذه صفته تلزمه الصلاة وقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم «مروهم بالصلاة لسبع» فأنه يدل على ان صلاتهم شرعية فالظاهر من ذلك أن الوجه فى الجواز كون عبادات الصبى شرعيته لكن فيه أن مجرد شرعية عباداته غير كاف فى صحة الائتمام بل الأصل عدمها الا ان يقوم عليه دليل بالخصوص مع أن شرعية عباداته لو اقتضت صحة الائتمام به لم يفرق بين المراهق وغيره، وكذلك يشترط فى الامام العقل وهذا اجماع مستفيض النقل حكاه جماعة ففى صحيح زرارة «لا يصلين أحدكم خلف المجنون وولد الزنا وفى مصحح أبى بصير خمسة لا يؤمون الناس على كل حال وعد منهم المجنون وولد الزنا والمشهور جواز الائتمام به حال افاقته وعن التذكرة والنهاية المنع منه ويشترط كذلك فى الامام الايمان والعدالة ففى الحدائق لا خلاف بين الأصحاب فى اشتراط عدالة امام الجماعة مطلقا ونقل اجماعهم على ذلك جمع كثير منهم، ويدل عليه موثق سماعة عن رجل كان يصلى فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال عليه السلام «ان كان اماما عدلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الامام فى صلاته كما هو وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلى ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ثم ليتمم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس شئ من التقية الا وصاحبها مأجور عليها ان شاء الله وقد يومئ الى ذلك النصوص الناهية عن الصلاة خلف العاق القاطع والمقارن للذنوب والمجاهر بالفسق والفاجر وغير الأمين وشارب النبيذ والخمر لأنه ضيع
(1)
مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج 7 من ص 259 الى ص 264 طبع مطبعة النجف الاشرف الطبعة الثانية سنة 1378 هـ.
من السنة أعظمها ويشترط كذلك فى الامام ان لا يكون ابن زنا اجماعا صريحا لما فى صحيح محمد بن مسلم، والمعروف التعبير عن هذا الشرط بطهارة المولد ومقتضاه عدم جواز الائتمام مع الشك لأصالة عدم الطهارة بخلاف التعبير بما فى النصوص فيجوز الائتمام معه لأصالة عدم كونه عن زنا، ويشترط كذلك فى الامام الذكورة اذا كان المأمومون أو بعضهم رجالا لما روى «لا تؤم امرأة رجلا فلو كان كلهم نساء فالمشهور جواز ائتمامهن بالمرأة لما فى موثق سماعة عن المرأة تؤم النساء قال عليه السلام لا بأس به وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن المرأة هل تؤم النساء قال تؤمهن فى النافله فأما المكتوبة فلا ولا تتقدمهن ولكن تقوم وسطهن، ثم قال صاحب المستمسك
(1)
الأحوط عدم امامة الاجذم والابرص فقد حكى المنع عنها عن الأصحاب بل عن الغنية وشرح جمل العلم والعمل وظاهر الخلاف الاجماع عليه ويشهد له صحيحه زراره قال أمير المؤمنين عليه السلام «لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص وفى رواية ابن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام: خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة فى جماعة: الأبرص والمجذوم ونحوهما رواية أبى بصير وعن الانتصار: مما انفردت به الإمامية، كراهية امامة الأبرص والمجذوم والمفلوج والحجة فيه اجماع الطائفة، والأحوط
(2)
كذلك عدم امامة المحدود بالحد الشرعى بعد التوبة فعن ظاهر جماعة من القدماء وبعض متأخرى المتأخرين المنع عن امامته للنهى عنها فى جملة من النصوص المعتبرة كروايات زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير وغيرهم وظاهرها ان جهة المنع كونه محدودا لا كونه فاسقا فلا وجه لحملها على ما قبل التوبة ولا لحملها على ما بعدها بحمل النهى عن الكراهة وقال فى المستمسك
(3)
. والأحوط عدم امامة الاعرابى الا لمثله بل مطلقا وان كان الأقوى الجواز.
وجاء فى الروضة البهية
(4)
:
أنه يشترط بلوغ الامام الا ان يؤم مثله أو أن تكون امامته فى نافلة ويشترط عدالته ويشترط عقله حال الامامة وان عرض له الجنون فى غيرها كذا الأدوار على كراهة قال فى مستمسك العروة الوثقى
(5)
: ان المشهور جواز الائتمام بالمجنون حال افاقته وعن التذكرة والنهاية المنع، وجاء فى الروضة البهية
(6)
:
أنه لا يقدح المخالفة فى الفروع الا ان تكون صلاة الامام باطلة عند المأموم، وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(7)
: انه لا يجوز ائتمام القائم بالقاعد ولا القاعد بالمضطجع قال فى الروضة البهية
(8)
: وكذا جميع المراتب لا يؤم الناقص فيها الكامل للنهى والنقض ولو
(1)
المرجع السابق للطباطبائى الحكيم ج 7 ص 270، ص 271 نفس الطبعة المتقدمة
(2)
المرجع السابق ج 7 ص 271 الطبعة السابقة
(3)
مستمسك العروة الوثقى للطباطبائى الحكيم ج 7 ص 271 الطبعة السابقة
(4)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 116 الطبعة السابقة
(5)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 261 الطبعة السابقة
(6)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 116 الطبعة السابقة
(7)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 263 الطبعة السابقة
(8)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 119 الطبعة السابقة
عرض العجز فى الاثناء انفرد المأموم الكامل حينئذ ان لم يمكن استخلاف بعضهم ويجوز اقتداء القاعد بالقاعد والمضجع لمثله، وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(1)
انه لا يجوز الائتمام بمن لا يحسن القراءة بعدم اخراج الحرف من مخرجه أو ابداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتى اللحن فى الاعراب وان كان لعدم استطاعته غير ذلك،
(2)
ولا بأس بالاقتداء بمن لا يحسن القراءة فى غير المحل الذى يتحملها الامام عن المأموم كالركعتين الأخيرتين على الأقوى وكذا لا بأس بالائتمام بمن لا يحسن ما عدا القراءة من الأذكار الواجبة والمستحبة التى لا يتحملها الامام عن المأموم اذا كان ذلك لعدم استطاعة غير ذلك، ولا تجوز امامة من لا يحسن القراءة لمثله اذا اختلفا فى المحل الذى لم يحسناه وأما اذا اتحدا فى المحل فلا يبعد الجواز وان كان الأحوط العدم بل لا يترك الاحتياط مع وجود الامام المحسن وكذا لا يبعد جواز امامة غير المحسن لمثله مع اختلاف المحل أيضا اذا نوى الانفراد عند محل الاختلاف فيقرأ لنفسه بقية القراءة لكن الأحوط العدم بل لا يترك مع وجود المحسن، ويجوز الاقتداء
(3)
بمن لا يتمكن من كمال الافصاح بالحروف أو كمال التأدبة اذا كان متمكنا من القدر الواجب فيها وان كان المأموم أفصح منه، وجاء فى الروضة البهية
(4)
أنه لا يؤم المؤف اللسان كالألثغ وهو الذى يبدل حرفا بغيره والتمتام والفأفأء وهو الذى لا يحسن تأدية الحرفين لا يجوز ان يؤم الصحيح. أما من لم تبلغ آفته اسقاط الحرف ولا ابداله ولا تكراره فتكره امامته بالمتقن خاصة، وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(5)
: أنه لا يجوز امامة الاخرس لغيره وان كان ممن لا يحسن نعم يجوز امامته لمثله وان كان الأحوط الترك خصوصا مع وجود غيره ولا بأس بالاقتداء بالعبد
(6)
اذا كان عارفا بالصلاة وأحكامها، ويكره امامة الأجذم
(7)
والأبرص والاغلف المعذور فى ترك الختان والمحدود بحد شرعى بعد توبته ومن يكره المأمومون امامته والحائك والحجام والدباغ الا لأمثالهم بل الأولى عدم امامة كل ناقص للكامل وكل كامل للأكمل وقال قبل ذلك فى المستمسك
(8)
ولا بأس بامامة المتيمم للمتوضى وذى الجبيرة لغيره ومستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره بل الظاهر جواز امامة المسلوس والمبطون لغيرهما فضلا عن مثلهما وكذا امامة المستحاضة للطاهرة ولا يجوز الاقتداء بامام يرى نفسه مجتهدا
(9)
وليس بمجتهد مع كونه عاملا برأيه وكذا لا يجوز الاقتداء بمقلد
(1)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 265 الطبعة السابقة والروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 119 الطبعة السابقة
(2)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 267 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 7 ص 268 الطبعة السابقة
(4)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 119 الطبعة السابقة
(5)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 269 الطبعة السابقة
(6)
المرجع السابق ج 7 ص 285، ص 285 السابقة
(7)
المرجع السابق ج 7 ص 285، ص 286، 286 الطبعة السابقة
(8)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 267 الطبعة السابقة
(9)
مستمسك العروة الوثقى ج 7 ص 258 الطبعة السابقة
لمن ليس أهلا للتقليد اذا كانا مقصرين فى ذلك بل مطلقا على الأحوط الا اذا علم ان صلاته موافقة للواقع من حيث أنه يأتى بكل ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء والشرائط ويترك كل ما هو محتمل المانعية لكنه فرض بعيد لكثرة ما يتعلق بالصلاة من المقدمات والشرائط والكيفيات وان كان آتيا بجميع أفعالها واجزائها ويشكل حمل فعله على الصحة على ما علم منه من بطلان اجتهاده أو تقليده.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(1)
.
أنه يشترط فى المقتدى به ان يكون أقرأ القوم للقرآن العظيم وذلك بأن يكون عنده من القرأن أكثر مما عند غيره وهو مجود له وغيره لا يجوده أو هو أكثر تجويدا له من غيره أو ان يكون لكل منهما مقدار ما للآخر أو يكون لأحدهما أكثر مما للآخر لكنه دونه فى التجويد وعنده القدر المجزى من التجويد وان يكون أعلمهم بالسنة وأورعهم وأكبرهم سنا وأقدمهم اسلاما وهذا شامل لمن تاب من المعاصى ولمن دخل فى الخواص وتعاطى أمرهم قبل الآخر فان استووا اختاروا فالمقيم والمتخذ أهلا والمراد المتزوج ولو فارقها الا أنها فى عدة الرجعة والبصير والمرتدى المتوشح وهو لابس الوشاح والمراد هنا ما يشمل الجبة والقميص والمغتسل أولى من مقابليها التى هى المسافر والذى لم يتزوج والأعمى والذى لم يتوشج والمتيمم وهل الأفقه أولى أو امامه الاقرأ - أقوال.
قيل امامة الافقة اولى لان الفقهاء ورثة الأنبياء وتظهر ثمرة امامته فى اكمال الصلاة على ما ينبغى ولأن الحاجة الى الفقة أهم اذ الحوادث فى الصلاة لا تنحصر والواجب فيها من القراءة محصور ولأنه صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر وغيره أحفظ منه ويرده ان حملة كتب الانبياء اعظم ارثا عن الأنبياء من غيرهم والحاجة الى القراءة كالحاجة الى الفقة اذ قد يعرض للمصلى فى قرائته ما يفسد صلاته من لحن أو وقف حيث يحرم الوقف أو الاقراء ورجح اذا كان عنده من الفقه ما يكفى.
وقيل بل امامة الاقراء واجبة اما امامة الصبى
فقيل تجوز وقيل تمنع ورجع وقيل تجوز فى النفل والسنة
وقيل تجوز مطلقا ان لم يوجد محسن للقراءة سواه واختاره بعض اصحابنا ومنع بعضهم امامة الأعمى ويقدم ذو الوجه الحسن وذو اللباس الحسن على غيره والصحيح جواز امامة الأعرابى والقروى أولى منه وابن الأب أولى من ابن الأم وقيل لا تجوز امامة ابن الأم وتجوز امامة ابن الملاعنة وفى الخصى قولان ويجوز امامة المجبوب مع كراهة ولا يجوز المنتسب لغير عشيرته واخذ الأجرة على صلاته وقيل بكراهة ومنع أبو عبد الله امامة الأعشى ليلا بمن ليس مثله وجازت امامة ناقص عضو ان صحت له الصلاة قائما وكرهها بعض من مقطوع اليد كراهة فقط وأجاز أبو الموثر ان يكون الامام مكسورا لا يعتمد على قدميه
(1)
من كتاب شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 436، ص 437 الطبعة السابقة
ومن بجبهته جرح لا يسجد عليها أو فى ركبته أو وركه ضرر لا يستقيم ومعه وفى الاقتداء بالعبد - سواء كان من اقتدوا به احرارا أو عبيدا - أقوال أولها المنع
وثانيها الجواز فى الفرض وغيره مما يصليه من غير اذن سيده
وثالثها الجواز باذن سيده مطلقا وفى اقتداء القاعد بعاجز لا يقدر على القيام وقد يشمل من لا يصل الارض برجليه معابل بواحدة وقل من نصف الاخرى على القول بأنه يصلى قاعدا وكذا غيره ممن نقص عضو من اعضائه السبع قولان
ثالثهما الجواز ان كان اماما عدلا
ورابعها الجواز نفلا وعلى جواز الاقتداء بالقاعد يصلى من خلفه قاعدا كما فى الديوان وان صح وقيل قائما والمختار جوازه أى جواز امامته بالأصحاء ان كان اماما عدلا اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم فيصلون وراءه قياما على الصحيح وقيل قعودا والا فالمنع الا ان حدث للامام القاعد مرض فيها فليتمها قاعدا هو ومن خلفه وقيل يقوم من خلفه وان كان غير عدل وان حدثت له الصحة قام وقاموا وان تعدد المرض والصحة فى صلاة واحدة فعلوا ما فعل وقيل يقومون ولا يصلى المضطجع اماما ويصلى مأموما وقيل لا وكذا الخلف فى اقتداء الصحيح بالعليل كمن لا يفارقه نجس وكمن يصلى قاعدا لكونه لا يصل الارض برجل أو يصلها بالقليل من واحدة وبالاخر على القول بأنه يصلى قائما ولا بس ثوب لا يصلى به ولم يجد سواه أو بجسده ما كذهب أى ما يشبه الذهب مما لا يصلى به تعذر نزعه فالارجح أن لا يصلى بغيره كما فى الديوان ورخص بمثله وقيل لا كما شمله قوله فالارجح ورخص أيضا فى صلاة كل ناقص بمثله ولو اختلفت العلة غير المضطجع فلا يصلى بمثله.
ومن النقصان
(1)
العور وقطع الاصبع والنساج والبقال والحجام والمولى وتجوز صلاة الناقص بغير الناقص والمتيمم بالمغتسل عند بعض ولم يجعل فى الديوان اقتداء العليل بالعليل رخصة بل جعله قولا مختارا فيما يظهر من العبارة ونصه ولا يصلى العليل الا بمن كان بمنزلته ومنهم من يقول لا يصلى العليل بالعليليين وانفهم فى العلة أو خالفهم، وجاز
(2)
لامرأة ان تنفل بنساء وتقعد أى تثت فيشمل القيام وغيره وسطهن لا تبرز عنهن لقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة هلا صليت بهن فقالت أيصح ذلك قال نعم يكن عن يمينك وشمالك وهو محمول على النفل لانه قال لها ذلك فى نفل وليس مراده ان يجعلن صفا واحدا بل لهن أن يجعلن صفوفا ولكن تكون وسط الاول ومراده بالوسط أن لا يكون هى اخرة الصف فيجوز أن تكون بعدها امرأة واحدة وقيل لابد من بروزها بقليل عنهن من غير أن تنفصل عن الصف وأجيز قعودها أمامهن وأجاز بعض غيرنا أن تصلى بهن الفرض ووجد مثله فى لفظ لاصحابنا ووجهه الحمل
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 438 نفس الطبعة المتقدمة
(2)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 438 الطبعة المتقدمة.
على الاصل فان الأصل استواء الذكر والانثى فى الاحكام الشرعية وحمل حديث أم سلمة السابق آنفا على العموم اعتبارا لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وقيل لا تصلى اماما ولو نافلة ولا تكون اماما للخنثى وفى الديوان ان صلت بهن الفريضة فعليهن الاعادة ولا تصلى بهن النفل الا قيام رمضان وصلاة الجنازة وقيل لا تصلى بهن فرضا ولا نفلا وان صلت بهن الفرض على المنع أعادت صلاتها مثلهن بناء على ان من أحرم على من لا تجوز الصلاة به أعاد ومن قال لا فلا ويكون الخنثى اماما لها قدامها لا للرجال ويكون اماما للخناثى قدامهم ولا ينفرد بالنساء ان لم يكن فيهن محرمته وان كان الامام رجلا لا يحسن القراءة فقرأت امرأة من خلفه أعادت وتمت له وتكره صلاة الرجل بأبيه ان لم يكن أفضل منه وصحت خلف مخالف ولو كان يرفع يديه بعد التكبير أو معه مطلقا أو ان كان ورعا فى مذهبه قولان
وقيل لا تجوز خلف من يرفعهما
(1)
مع التكبير أو بعده وقيل تجوز خلف من يرفعهما معه وفى الصلاة خلف من يزيد أمين قولان
الثالث الجواز ان لم يوجد سواه وخيف خراب المسجد وموت سنة الجماعة وكذا من يجعل يمينه على شماله اقامة فى الصلاة وهو المراد فى حديث تعجيل الفطور وتأخير السحور والأخذ باليمين على الشمال فى الصلاة ذكره الشيخ يحيى فى الصوم غير ان هذه الزيادة التى هى الأخذ باليمين على الشمال لم تثبت عندنا بسند ثقاة ولم يقوها أصل ولا حديث آخر بخلاف تعجيل الفطور وتأخير السحور وقد ذكرا فى حديث آخر صحاح السند ان لم يدخل فيها مفسدا لها ولم يقنت الا ان كان الداخل لا يدرى أنه يقنت وقيل تجوز ولو كان يعلم انه يقنت لان القنوت جائز فى مذهبه لم يفعله تشهيا وخروجا عن مذهبه لا خلف منافق موافق والفرق ان ما نافق به المخالف هو بديانته كبراءته مناوا دعائه الرؤية وما نافق به الموافق بغير ديانة وما بديانة وعامل بما لا يعامل به ما بالديانة كما رخص بعض أن تأخذ ثمن الجنزير من المشرك البائع له وكما لا يلزم منا نهى قومنا عن منكر دانوا به وأما المخالف الفاعل لما هو كبيرة عنده وعندنا فهو كالمنافق الموافق ففيه ما فى المنافق الموافق وجوز ان قدمه غير المصلى وراءه متعلق بالمصلى أن يجوز أن تصلى خلفه أن قدمه غيرك سواء كان الذى قدمه يصلى خلفه أم لا سواء أقدم لتلك الصلاة أو مطلقا جعله سلطان أو غيره أماما وجوزان تقدمه انت وتصلى وراءه ما لم يتبين ما يفسد صلاته وقيل لا تجوز خلف الموافق والمخالف المنافق مطلقا والصحيح الصحة ان لم يتبين مفسد لكن الصلاة خلف من لا ولاية له صلاة واحدة وقيل الصلاة خلف المنافق ناقصة عن صلاة الفذ وقيل ان خيف خراب المسجد او موت السنة فليصل خلف المخالف والمنافق الموافق ولا يلزم من اراد الصلاة خلف رجل ان يمتحنه فمن قدم منافقا خالف سنة السلف وخيف على الامام تحمل اوزار ما أفسد فيها فان الأئمة وفدنا الى ربنا ويجوز للمصلين تقديم رجل من اهل الجملة لم يظهر منه ما يتبرأ منه قال فى الديوان ولا يصلى خلف
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 439 الطبعة السابقة.
من يأخذ على صلاته الأجرة وان صلى فلا اعادة عليه.
ولا يصح الاقتداء بالجلال
(1)
لانه نجس ولو تاب ما لم تمضى المدة التى يطهر به فان تعمد فحتى يطهر ويتوب والا فحتى يطهر ويكون جلالا بالخمر بمرة ويكفر به نفاقا فذكر بعض شاربها المدمن عليها أى الملازم تخصيص بعد تعميم لأنه يدخل فى النفاق بمرة وذلك لمزيد قبحه وكفره ودخل فى النفاق. وايضا لا يصح الاقتداء بمن يأخذ على صلاته أجرا فى الديوان لا يصلى خلفه وان صلى فلا اعادة، ولا يصح الاقتداء بمن يأخذ على صلاته أجر فى الديوان وبالنساء خلفه ولا تصح الصلاة خلف الأقلف فى الأيام التى لا يعذر فيها هل يصلى فيهما اماما مطلقا أولا لمثله ممن يعذرو وتجوز صلاته الطفل الذى لم يختن بطفل مختون أو غير مختون لان تلك القلفة طاهرة ما لم يبلغ واذا بلغ كانت نجسة. ثم قال ولا تقبل صلاة امام لم يرض به ويعتبر فى الرضى أهل الخير وان اختلفوا حتى يتفقوا وقد قيل ينبغى ان لا يؤم فى مسجد من كرهه صالحان من اهل المسجد ممن يصلى
جاء فى شرح النيل:
(2)
أنه قد اشتهر ان المسافر المقتدى بالمقيم ينوى أنه يصلى صلاته ويقول ذلك وتكفى النية ولا ينويها قصرا ولا تماما ولا حضرية ولا سفرية وفى القواعد اذا كان المأموم مسافرا فلينو أن يصلى بصلاة الامام وليقل: صلاتى صلاة الامام مقيما كان أو مسافر وان لم يقل ذلك فوافق مسافرا فقيل بصحتها للموافقة وقيل بفسادها لعدم نية المماثلة وكذا المقيم المقتدى بمسافر ينوى ان صلاتى كصلاة الامام ويقول وتجزى النية وان لم ينو بطلت صلاته ومعنى كون صلاة هذا كصلاة هذا المماثلة فى الوجوب فى وقت معين وان اختلفت ذاتهما ووصفهما فى المقيم خلف المسافر ووصفهما فى العكس وان نوى واحد منهما كونه تابعا للامام فى صلاته بطلت صلاته لاقتضاء التبعية ذاتا وصفة بخلاف المماثلة فانها يكفى فيها الاتفاق ولو من وجه واحد وقيل لا فرق بين نية المماثلة والمتابعة والخليفة والمعية وهذا فى باب الحكم بما يوجبه سؤاله واما اذا قال عنيت بالمماثلة كذا وكذا او بالمتابعة كذا وكذا أو بالخليفة أو بالمعية فانه يحكم عليه بما نوى، ويجوز استخلاف مقيم لمسافر ولو جاوز المقيم صلاة المسافر لأن المسافر مخاطب بأربع اذا صلى المقيم فليست الركعتان الأخيرتان نفلا فضلا عن ان يقال كيف يؤم متنفل بمفترض أو كيف يبنى فرعا وزيادة على غير أصل ومن قال يجوز ان يؤم المتنفل بمفترض جاز استخلافه ولو سلم ان الأخيرتين فى حق المسافر نفل وانما أجازوا استخلافه قبل الفراغ من الأوليين مع أنه اذا فرغ منهما بعد الاستخلاف شرع فيما لم يجب عليه فى قول من قال لم تجب عليه الاخيرتان لانهما تبع للأوليين فصح الاقتداء به فيهما ممن وجبتا عليه ورب شئ يصح تبعا ولا يصح استقلالا واذا بنينا على القول بأن ما أدرك المأموم هو اول صلاته وفرضنا ان المسافر دخل
(1)
شرح النيل ح 1 ص 439، ص 440
(2)
شرح النيل ح 1 ص 484، 485، 486
على الامام قبل الخروج من الاوليين أو بعده فاستخلفه المقيم قبل ان يتم ركعتين من حيث دخل جاز بلا اشكال كعكسه وهو استخلاف المسافر مقيما ويصلى خليفة بصلاة الامام حتى انه لو استخلف مقيما اتم بهم صلاة سفر ثم قام هو ومن معه من المقيمين ان كان معه فيتمون ما بقى من صلاتهم فرادى، وقيل لا يستخلف المقيم مسافرا اذا جاوز المقيم حد صلاة المسافر وحدها الركعتان الاوليان من صلاة الظهر والعصر والعتمة ويدل لكون صلاته بالذات الركعتين الاوليين انه يقرأ السورة فى العتمة ولا سورة فى ثالثتهما ورابعتهما غير الفاتحة وانما يصلى اربعا تبعا للامام فلما كانت بالتبع أعنى الاخيرتين كانتا كالنفل وليستا نفلا فلم يجز أن يؤم فيهما من وجبتا عليه بالذات بخلاف ما اذا استخلف فى الاولى او الثانية فانه يتم بهم تبعا ومن اجاز استخلاف ولو فى الثالثة او الرابعة رائه انه قد دخل الصلاة ووجبت عليه أربعا فليتم بهم اربعا ولا خلاف فى استخلافه فى ثالثة المغرب لانها من صلاة المسافر ايضا وقال بعض المشارقة لا يصلى المسافر اماما للمقيم الا اذا كان اماما عدلا أو افضل من المقيم بنحو علم أو ورع او كان اماما راتبا فى موضع معين متوليا للصلاة فيه وحمله بعضنا على الاستحباب لجواز امامة المفضول بالفاضل قلت الظاهر أن قائل ذلك من المشازقة يقول بالفساد
(1)
ووقعت قال ابو زياد
(2)
: لا يؤم مسافر بمقيم ان لم يكن اماما او واليا فمن صلى خلف مسافر لا كذلك اعاد ان صلى قصرا وان صلى به تماما أعادا معا وان صلى به قصرا فاتم المقيم تمت قال خميس اجماعا وسواء فى ذلك الاستخلاف والابتداء من أول الصلاة واما دخول المسافر على المقيم فى الثالثة من الرباعية او الرباعية فقيل يجوز دخوله وقيل لا وان صلى بالمقيمين المسافر الذى استخلفه المقيم صلاة سفر بأن نوى صلاة سفر او سلم من اثنتين انتقضت صلاته مطلقا وانتقضت على الكل ان اقتدوا به فان حكمه ان يصلى بهم اربعا لانه خليفة من لصلى اربعا ويسلم ويسلموا واذا استخلفه المقيم نوى أن صلاته كصلاة الامام وصلى اربعا فان نوى سفرا وسلم من اثنتين أعاد وأعادوا ان اقتدوا به. وقيل ان صلى المسافر بالمقيمين من اول الامر صلى اربعا وان احدث امام مسافر والمقتدون به مسافرون ومقيمون فاستخلف الامام مقيما أتم بهم سفرية ثم يقوم هو والمقيمبون فيتمون فرادى ثم يسلم فيسلم الكل من المسافرين والمقيمين وان اقتدى به المقيمون أعادوا صلاتهم وأعاد صلاته ان عنى لهم الامامة وقيل لا يعيد ولا يعيدون وان استخلف المسافر مقيما وليس خلفه الا مسافرون غير هذا المقيم فاذا اتم صلاة المسافر قعدوا واتم هو فاذا سلم هو فيسلموا وان فاته الامام المسافر المستخلف له بركعة او بعضها او
(3)
بركعه وبعض اخرى بان دخل هذا المقيم على الامام المسافر وقد صلى الامام المسافر.
ركعة أو أقل أو أكثر على ما ذكرت ثم أحدث
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيشرح 1 ص 484، ص 485 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لمحمد ابن يوسف اطفيشرح 1 ص 486 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ح 1 ص 486، 487
الامام المسافر فى الركعة التى دخل المقيم اليه فيها واستخلفه المسافر فقيل يقعد المسافرون والمقيمون أى يمكثون مطلقا فان كانوا فى قيام حين الاستخلاف مكثوا قائمين أو فى الركوع مكثوا راكعبن أو فى القعود مكثوا قاعدين وهكذا خلفه ويقوم هو للركعة التى فاتتة مثلا فيستدركها ثم يأخذ بهم بالمقيمين والمسافرين من حيث استخلف حتى يتم بهم صلاة الامام صلاة السفر وهى ركعتان ويحسب ما صلى الامام قبله فيقعد المسافرون هناك ويمضى هو والمقيمون فيتمون فرادى فمن أتم قعد حتى يتموا ثم يسلم ويسلمون معا وقيل ان أتم الامام قبلهم سلم ومن أتم سلم وعلى الأول فانما يعلم تمامهم بالظن ولا ضير عليه ولا على من تباطى بالسلام عنه وقيل يمضى من حيث استخلف وهو أولى لأنه اتباع وترتيب ولأنه لا يشغب على المقيمين وفى القول الأول التشغيب اذ لا يدرون أنه رجع الى ما فاته حتى يتم السفرية بالمسافرين والمقيمين فيقعد المسافرون ثم يستدرك فائتته ويمضى المقيمون فرادى ولا يرتقبونه الا بالتسليم حتى يقضى الفائتة ثم الى اكمالها فاذا أكملها سلم وسلم المسافرون والمقيمون قال فى الديوان وان كان الامام مقيما فدخل اليه رجل مقيم أو مسافر وقد فاته بركعة فاستخلفه فليستدرك ما فاته به الامام ثم يصلى بهم ما استخلفه به الامام قال فى التاج ان صلى مسافر بمسافرين ركعة ثم استخلف مقيما فصلى بهم أخرى فان هذا المقيم يقدم رجلا يسلم بهم ويتم هو ومن معه من المقيمين بعد السّلام فرادى وان قدم المقيمون مسافرا من أول الأمر فصلى لهم أربعا فسدت عليهم وعليه وقيل لا عليه وان ادرك مسافر ركعة مع مقيمين استورك صلاة الباقى حضرية وقيل لا يدخل مسافر على حاضر اذا جاوز الركعتين الأوليين من الرباعية وقيل اذا صلى المسافر بالمقيم سلم من اثنتين فى حين تمامها فيتم المقيم فردا لا بامام
(1)
.
ما يقطع القدوة
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنايع
(2)
:
أما الاقتداء بالمحدث أو الجنب فان كان المأموم عالما بذلك لا يصح بالاجماع وان لم يعلم به ثم علم فكذلك عندنا لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلم صلى بأصحابه ثم تذكر جنابة فأعاد وأمر أصحابه بالاعادة فأعادوا وقال أيما رجل صلى بقوم ثم تذكر جنابة أعاد وأعادوا وقد روى نحو هذا عن عمر وعلى رضى الله تعالى عنهما حتى ذكر أبو يوسف فى الأمالى ان عليا رضى الله تعالى عنه صلى بأصحابه يوما ثم علم أنه كان جنبا فأمر مؤذنه ان ينادى الا ان أمير المؤمنين كان جنبا فأعيدوا صلاتكم ولأن معنى الاقتداء وهو البناء ها هنا لا يتحقق لانعدام تصور التحريمة مع قيام الحدث والجنابة وما رواه محمول على بدو الأمر قبل تعلق صلاة القوم بصلاة الامام على ما روى ان المسبوق كان اذا شرع فى صلاة الامام قضى ما فاته أولا ثم يتابع الامام حتى تابع عبد الله ابن مسعود أو معاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قضى ما فاته فصار شريعة بتقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء فى الفتاوى الخانية
(1)
شرح النيل ص 1 ص 485 وص 486، 487 الى 458 الطبعة
(2)
بدائع الصنائع ج 1 ص 140، 141
(1)
أن المقتدى اذا رأى على ثوب الامام نجاسه أقل من قدر الدرهم وعنده أنها مانعة جواز الصلاة وعند الامام أنها لا تمنع جازت صلاة الامام ولا يجوز صلاة المقتدى لأنه يعتقد فساد صلاة الامام وفساد الاقتداء به ولو كان رأى الامام ان النجاسة القليلة تمنع الا أنه لم يعلم بالنجاسة وفى رأى المقتدى أنها لا تمنع جازت صلاة المقتدى لأنه معتقد جواز صلاة الامام وصحة الاقتداء
(2)
به ولو ان رجلا صلى وحده فجاء قوم واقتدوا به بعد ما صلى الرجل ركعة أو ركعتين ثم سبق الامام الحدث فتأخر واسخلف واحدا من القوم ولا يدرى الامام الثانى كم صلى الامام الاول وكم بقى عليه ولا يعرف القوم أيضا وقد خرج الامام من المسجد قالوا ان كان الامام سبقه الحدث وهو قائم فان الثانى يصلى ركعة ويقعد قدر التشهد ثم يقوم ويتم صلاة نفسه ولا يتابعه القوم فى ذلك ولكن يسكن القوم الى ان يفرغ الامام الثانى من الصلاة فاذا فرغ قام القوم ويتمون صلاتهم وحدانا لأن الأمر يحتمل أنه كان بقى على الامام الأول آخر الركعات فحين صلى الثانى تلك الركعة يتم صلاة الامام فلو اقتدوا به بعد ذلك فيما بقى من صلاة القوم تفسد صلاتهم ولا يشتغلون أيضا بالقضاء وحدانا قبل ان يفرغ الثانى من صلاته لاحتمال أنه كان على الامام الأول أكثر من ركعة واحدة فلو اشتغلوا بالقضاء قبل اتمام صلاة الامام الأول تفسد صلاتهم فكان الأقرب الى الصواب ما قلنا، وذكر ابن عابدين
(3)
: أنه يكره كراهة تحريم بالنسبة للامام أن يطيل فى صلاته على المقتدين به زائدا على قدر السنة سواء كان ذلك فى قراءة أو ذكر وسواء رضى القوم بذلك أم لم يرضوا لاطلاق الأمر فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالتخفيف فقد ورد فى الصحيحين: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اذا صلى احدكم بالناس فليخفف فان فيهم الضعيف والسقيم والكبير واذا صلى لنفسه فليطول ما شاء وفى لفظ لمسلم: الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة قال الكمال بن الهمام والتطويل هو الزيادة على القراءة المسنونة فان النبى صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقراءته هى المسنونة فلابد من كون ما نهى عنه غير ما كان رأيه الا لضرورة وقراءة معاذ لما قال له النبى صلى الله عليه وسلم أفتان انت يا معاذ كانت بالبقرة على ما فى مسلم ان معاذ أفتتح بالبقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف فأخبر معاذ عنه فقال انه منافق فأتى الرجل النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال لمعاذ ما قال.
مذهب المالكية:
جاء فى مواهب الجليل للحطاب
(4)
:
أن المأموم اذا رأى نجاسة فى ثوب الامام أراه اياها ان قرب منه فان بعد كلمه قال سحنون ويبتدئى وقال ابن حبيب يبنى قال ابن ناجى قول ابن حبيب هو الجارى على قولها وعلى المشهور أن الكلام لاصلاحها لا يبطله وقول سحنون على أصله فيه وحكم من علم
(1)
الفتاوى الخانية ج 1 ص 92، ص 93 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 97 الطبعة السابقة
(3)
حاشية ابن عابدين ج 1 ص 396 الطبعة السابقة وفتح القدير ج 1 ص 248، ص 249 الطبعة السابقة
(4)
مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب 2 ص 136 الطبعة الثانية
بحدث امامه حكم من رأى النجاسة فى ثوب امامه وهو بعيد قاله ابن رشد وفى مسائل بعض الافريقيين من البرزلى اذا ذكر الامام فى ثوبه نجاسة فالجارى على قول ابن القاسم أنه يقطع ويقطعون وقيل يستخلف كذاكر الحدث وفيه اذا مات الامام فى المحراب أو اختطفه السبع قدموا رجلا بتم بهم، فعلى هذا قولهم كل ما أبطل صلاة الامام ابطل صلاة المأموم الا فى سبق الحدث ونسيانه ينبغى ان يزاد فى ذلك وفى ذكر النجاسة وسقوطها ويزاد ايضا الى ذلك مسألة اكشاف عورة الامام على قول سحنون ومسألة سجود المأموم للسهو عن ثلاث سنن وعدم سجود الامام ويضاف لذلك ايضا مسألة الامام يخاف تلف نفسه أو مال، وجاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير
(1)
: أن من علم بحدث امامه أو رأى النجاسة فى ثوب امامه فان أعلمه بذلك فورا فلا يضر وأما ان عمل عملا بعد ذلك ولو السّلام فقد بطلت عليه وفى الخطاب والتاج والاكليل
(2)
اذا صلى قاعدا بمثله قال ابن بشير: فاذا صح بعض المقتدين فيما يفعل ففى ذلك قولان:
قيل يقوم يتم لنفسه فذا لأنه افتتح بوجه جائز ولا يصح اتمامه مقتديا،
والثانى انه يتم معه الصلاة وهو قائم وهو تعويل على صحة الاقتداء أولا ومراعاة الخلاف
ويجرى قول ثالث انه يقطع الصلاة كالأمة تعتق فى الصلاة وليس معها ما يستر عورة الحرة
وقال مالك فى المدونة: من صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود فليخرج ويتركه قال ابن القاسم: من صلى برجل يقرأ بقراءة ابن مسعود فليخرج ويتركه قال ابن القاسم: فان صلى خلفه أعاد أبدا قال ابن يونس: لأنها مخالفة لمصحف عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه والمجتمع عليه.
مذهب الشافعية:
جاء فى مغنى المحتاج
(3)
:
أنه اذا خرج الامام من صلاته بحدث أو غيره انقطعت القدوة به لزوال الرابطة وحينئذ فيسجد لسهو نفسه ويقتدى بغيره ويقتدى غيره به فان لم يخرج الامام وقطعهها المأموم بنية المفارقة بغير عذر جاز مع الكراهة لمفارقته للجماعة المطلوبة وجوبا أو ندبا مؤكدا بخلاف ما اذا فارقه لعذر فلا كراهة لعذره وصحت صلاته فى الحالين لأنها اما سنة على قول فالسنن لا نلزم بالشروع الا فى الحج والعمرة واما فرض كفاية على الصحيح فكذلك الا فى الجهاد فصلاة الجنازة والحج والعمرة ولأن الفرقة الأولى فارقت النبى صلى الله عليه وسلم فى ذات الرقاع وفى الصحيحين ان معاذا صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل فصلى ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره بالقصة فغضب وانكر على معاذ ولم ينكر على الرجل ولم يأمره بالاعادة قال المصنف
(1)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 1 ص 327 الطبعة السابقة
(2)
مواهب الجليل شرح مختصر خليل لابى الضيا سيدى خليل للحطاب ج 2 ص 98 الطبعة السابقة.
وبهامشة التاج والاكليل لابى يوسف المعروف بالمواق الطبعة السابقة.
(3)
مغنى المحتاج ص 1 ص 257
كذا استدلوا به وهذا الاستدلال ضعيف اذ ليس فى الخبر انه فارقه وبنى بل فى رواية انه سلم ثم استأنفها فهو انما يدل على جواز الابطال لعذر وأجيب بأن البيهقى قال: ان هذه الرواية شاذة انفرد بها محمد بن عبادة عن سفيان ولم يذكرها أكثر اصحاب سفيان ثم بتقدير عدم الشذوذ أجيب بأن الخبر يدل على المدعى أيضا لانه اذا دل على جواز ابطال أهل العبادة فعلى ابطال صفتها أولى واختلف فى أى الصلاة كانت هذه القضية ففى رواية لأبى داود والنسائى انها كانت فى المغرب وفى رواية الصحيحين وغيرهما أن معاذا افتتح سورة البقرة وفى رواية للامام أحمد انها كانت فى العشاء فقرأ اقتربت الساعة. قال فى المجموع فيجمع بين الروايات بأن تحمل على انها قضيتان لشخصين ولعل ذلك كان فى ليلة واحدة فان معاذا لا يفعله بعد النهى ويبعد أنه نسيه وجمع بعضهم بين روايتى القراءة بأنه قرأ بهذه ركعة وبهذه فى أخرى، وفى قول قديم: لا يجوز ان يخرج من الجماعة لأنه التزم القدوة فى كل صلاته وفيه ابطال للعمل وقد قال الله تعالى «وَلا تُبْطِلُوا 1 أَعْمالَكُمْ» الا اذا كان الخروج لعذر فتبطل الصلاة بدون العذر وضبط العذر بما يرخص فى ترك الجماعة أى ابتداء ومن العذر تطويل الامام والمأموم لا يصبر على التطويل لضعف أو شغل لرواية الصحيحين فى قصة معاذ أن الرجل قال يا رسول الله ان معاذا افتتح سورة البقرة ونحن اصحاب نواضح نعمل بأيدينا فتأخرت وصليت وقال الخطيب الشربينى:
لا يجوز قطع الجماعة فى الركعة الاولى من الجمعة لأن الجماعة فى الركعة الأولى فيها شرط واما فى الثانية فليست بشرط فيها فيجوز الخروج فيها خلافا لما فى الكفاية من عدم الجواز ولو تعطلت الجماعة بخروجه وقلنا بأنها فرض كفاية فينبغى كما قاله بعض المتأخرين عدم الخروج منها لأن فرض الكفاية اذا انحصر فى شخص تعبن عليه ولو رأى لأموم الامام متلبسا بما يبطل الصلاة ولو لم يعلم الامام به كأن رأى على ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو رأى خفة تخرق وجب عليه مفارقته ولو أحرم منفردا ثم نوى القدوة فى أثناء صلاته قبل الركوع او بعده جاز فى الأظهر لقصة أبى بكر المشهورة لما جاء النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة اخرجوا انفسهم عن الاقتداء به واقتدوا بالنبى صلى الله عليه وسلم ولأنه يجوز ان يصلى بعض الصلاة منفردا ثم يقتدى به جماعة فيصير اماما فكذا يجوز ان يكون مأموما بعد ان كان منفردا وان كان فى ركعة اخرى اى غير ركعة الامام ولو متقدما عليه لكنه مكروه كما فى المجموع عن النص واتفاق الاصحاب والسنة ان يقلب الفريضة نفلا ويسلم من ركعتين اذا وسع الوقت كما مر والثانى لا يجوز وتبطل به الصلاة وما ذكره من جريان القولين مطلقا هو الراجح وقيل محلهما اذا اتفقا فى الركعة فأولى أو ثانية ان كان كل فى ركعة بطلت قطعا وقيل ان دخل قبل ركوعه صحت قطعا والقولان فيمن دخل بعده وقيل ان دخل بعد ركوعه بطلت قطعا والقولان فيما قبله، وقال الخطيب الشربينى
(2)
: انما قيد
(1)
الاية رقم (33) من سورة محمد
(2)
مغنى المحتاج ص 1 ص 258 وما بعدها
المصنف المسألة بما اذا احرم منفردا لأنه اذا افتتحها فى جماعة فيجوز بلا خلاف لما قاله فى المجموع ومثله بما اذا احرم خلف جنب جاهلا ثم نقلها عند التبين اليه بظهره او الى غيره او أحدث امامه وجوزنا الاستخلاف فاستخلف، ولو قام المسبوقون او المقيمون خلف مسافر لم يجز أن يقتدى بعضهم ببعض على ما فى الروضة فى باب الجمعة من عدم جواز استخلاف المأمومين فى الجمعة اذا تمت صلاة الامام دونهم وكذا فى غيرها فى الأصح لأن الجماعة حصلت فاذا أتموها فرادى نالوا فضلها لكن المعتمد الجواز فى غير الجمعة كما صححه فى التحقيق وكما فى المجموع وصح فى الانتصار المنع وعده فى المهمات تناقضا وجمع غيره بينهما بأن الأول من حيث الفضيلة والثانى من حيث جواز اقتداء المنفرد بدليل أنه فى التحقيق قال واقتداء المسبوق بعد سلام امامه كغيره ثم بعد اقتداء المأموم بالامام فانه يتبعه وجوبا فيما هو فيه قائما كان أو قاعدا أو راكعا أو ساجدا وان كان على غير نظم صلاته لو لم يقتد به رعاية للمتابعة فان فرغ الامام أولا فهو كالمسبوق فيتم صلاته وان فرغ هو أولا فان شاء فارقه بالنيه وأن شاء انتظره ليسلم معه وانتظاره أفضل على قياس ما مر فى اقتداء الصبح بالظهر وما أدركه المسبوق مع الامام فأول صلاته وما يفعله بعد سلام امامه أخرها لقوله صلى الله عليه وسلم «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» متفق عليه واتمام الشئ لا يكون الا بعد اوله فان قيل فى رواية مسلم «صلى ما ادركت واقض ما سبقك» اجيب بان ذلك محمول على أصل الفعل كما فى قول الله تبارك وتعالى:{فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ}
(1)
«وقول الله عز وجل» {فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ}
(2)
اذ الجمعة لا تقضى فلا يمكن حمل القضاء على الحقيقة الشرعية لانه عبادة عن فعل الصلاة خارج وقتها فيصير فى الباقى القنوت فى محله اذا صلى مع الامام الركعة الثانية من الصبح وقنت الامام فيها وفعله مع الامام مستحب للمتابعة ولو ادرك ركعة من المغرب مع الامام وأراد ان يتم صلاته تشهد فى ثانيته ندبا لانها محل تشهده الاول وتشهده مع الامام للمتابعة وهذا اجماع منا ومن المخالف وهو حجة لنا على ان ما يدركه أول صلاته فان قيل لو أدرك ركعتين مع الامام من الرباعية وفاتته قراءة السورة فيهما فانه يقرؤها فى الاخيرتين أجيب بأنه انما سن له ذلك لئلا تخلو صلاته منها، وان ادركه أى المأموم الامام راكعا ادرك الركعة لخبر من ادرك ركعة من الصلاة قبل أن يقيم الامام صلبه فقد أدركها «رواه الدارقطنى وصححه ابن حبان فى كتابه المسمى وصف الصلاة بالسنة وظاهر كلام المصنف انه يدرك الركعة سواء أتم الامام الركعة فأتمها معه أم لا كأن احدث فى اعتداله وسواء أقصر المأموم فى تحرمه حتى ركع الامام ثم أحرم أم لا كما صرح به الامام وغيره وهو كذلك وحكى ابن الرفعة عن بعض شروح المهذب أنه اذا قصر فى التكبير حتى ركع الامام لا يكون مدركا للركعة قلت بشرط ان يطمئن يقينا قبل ارتفاع الامام عن أقل الركوع والله أعلم. وجاء بعد ذلك تفصيل الكلام على ما يفوت المسبوق وما يفعل
(1)
الآية رقم 200 من سورة البقرة
(2)
الآية رقم 10 من سورة الجمعة
به وأحواله فى تفصيلات كثيرة تنظر فى مصطلح «مسبوق» .
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع ان القدوة تنقطع لعذر مبيح ترك الجماعة كتطويل امام وكمرض وكغلبة نعاس أو غلبة شئ يفسد صلاة المأموم كمدافعة احد الاخبثين أو خوف على أهل او خوف على مال أو خوف فوت رفقه أو خروج المأموم من الصف مغلوبا لشدة زحام ولم يجد من يقف معه أو نحو ذلك من الأعذار فأنه فى كل ذلك يصح انفراد المأموم وقطع القدوة ويتم المأموم صلاته منفردا لحديث جابر رضى الله تعالى عنه قال: صلى معاذ بقوم فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له قد نافقت، قال: ما نافقت ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فاتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فقال النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ: أفتان أنت يا معاذ. أفتان أنت يا معاذ - متفق عليه وكذلك تنقطع القدوة لو نوى الامام الانفراد لعذر ومحل اباحة المفارقة لعذر ان استفاد من فارق - لتدارك شئ يخشى فوته أو غلبة نعاس أو خوف ضرر ونحوه بمفارقته امامه تعجيل لحوقه لحاجته قبل فراغ امامه من صلاته ليحصل مقصوده من المفارقة فان كان الامام يعجل ولا يتميز انفراده عنه بنوع تعجيل لم يجز له الانفراد لعدم الفائدة فيه وأما من عذره الخروج من الصف فله المفارقة مطلقا لأن عذره خوف الفساد بالفذية وذلك لا يتدارك بالسرعة فان زال العذر والمأموم فى الصلاة فله الدخول مع الامام فيما بقى من صلاته ويتمه معه ولا يلزمه الدخول معه فان فارق المأموم لعذر مما تقدم فى قيام قبل قراءة الامام الفاتحة قرأ المأموم لنفسه لصيرورته منفردا قبل سقوط فرض القراءة عنه بقراءة الامام ان فارقة المأموم بعدها أى بعد قراءة الفاتحة فله الركوع فى الحال لان قراءة الامام قراءة للمأموم وان فارقه فى اثنائها أى فى اثناء القراءة يكمل ما بقى من الفاتحة لما تقدم وان كان فى صلاته كظهر وعصر أو فى الاخيرتين من العشاء مثلا وفارق الامام لعذر بعد قيامه وظن ان امامه قرأ لم يقرأ أى لم تلزمه القراءة اقامة للظن مقام اليقين قال صاحب كشاف القناع
(1)
والاحتياط القراءة فان فارق المأموم الامام العذر فى ثانية الجمعة وقد ادرك الاولى معه أتم جمعة لأن الجمعة تدرك بركعة وقد ادركها مع الامام فان فارقه فى الركعة الاولى من الجمعة فكمزحوم فيها حتى تفوته الركعتان يتمها نفلا ثم يصلى الظهر. اما قطع القدوة لغير عذر فلا يجوز. فقد جاء فى كشاف القناع: وان كان انفراد الماموم عن الامام لغير عذر لم يصح لقول النبى صلى الله عليه وسلم: لا تختلفوا على ائمتكم ولانه ترك متابعة امامه وانتقل الأعلى الى الأدنى بغير عذر اشبه ما لو نقلها الى النفل او ترك المتابعة من غير نية الانفراد وجاء فى هداية الراغب
(2)
: انه قال: وتبطل صلاة مؤتم ان انفرد
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص 214 الطبعة السابقة
(2)
هداية الراغب ج 1 ص 119 الطبعة السابقة
أى نوى الانفراد بلا عذر يبيح ترك الجماعة وجاء فى الكشاف: ان سبق الماموم الحدث أو فسدت صلاته لعذر أو غيره صار الامام منفردا نوى الانفراد او لم ينوه ويتم صلاته منفردا قال فى الفروع: واذا بطلت صلاة المأموم اتمها امامه منفردا قطع به جماعة لانها لا ضمنها ولا متعلقة بها بدليل سهوه وعلمه بحدثه وعنه تبطل وذكره فى المغنى قياس المذهب
(1)
.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حرم فى المحلى
(2)
: من طول عليه الامام تطويلا يضربه فى نفسه او فى ضياع ما له فله ان يخرج عن امامته ويتم صلاته لنفسه ويسلم وينهض لحاجته لحديث معاذ رضى الله تعالى عنه حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا أحمد ابن فتح حدثنا عبد الوهاب بن عيسى حدثنا أحمد ابن محمد حدثنا أحمد بن على حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا ابن عيينة عن ابن دينار عن جابر بن عبد الله قال:
كان معاذ يصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم ثم يأتى فيؤم قومه فصلى ليلة مع النبى صلى الله عليه وسلم العشاء ثم اتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف فقالوا له: أنا فقت يا فلان قال لا والله ولآية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انا اصحاب نواضح نعمل بالنهار وان معاذا صلى معك العشاء ثم أتى فأفتح بسورة البقرة فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاذ أفتان أنت؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذا، وفى رواية اخرى انه أمر، بسورتين من أوسط المفصل، قال ابن حزم:
وهذا اجماع من الصحابة رضى الله تعالى عنهم مع النص.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار
(3)
: ان المأموم اذا سبق الامام بالتسليم بطلت ولو لعذر للمخالفة قال البعض لا ان كان لعذر لقول على عليه السلام به وهو توقيف وقوله صلى الله عليه وآله وسلم، فاذا قعدت فقد تمت صلاتك، قلنا قاله على اجتهاد، والخبر متأول. واذا تأخر المأموم بركن واحد لم تفسد لمشقة الاحتراز، وبركنين متواليين فعليين تفسد للمخالفة لا ذكر بين كالتكبير والقراءة. لقوله صلى الله عليه وآله وسلم «من ادرك الركوع وروى عن زيد بن على عن أبيه عن جده عن على عليه السلام أنه قال «اذا أدركت الامام وهو راكع فركعت معه فاعتد بتلك الركعة فاذا ادركته ساجدا فسجدت معه فلا تعتد بتلك السجدة انتهى، وليس من كلام النبى صلى الله عليه وسلم لكن فى الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
من ادرك ركعة من الصلاة مع
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع ج 1 ص ص 215 الطبعة السابقة
(2)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 2 ص 64 وص 65 مسألة رقم 419
(3)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ج 1 ص 330 وص 331 الطبعة السابقة
الامام فقد أدرك الصلاة ولا التسليمتين اذ هما تحليل وخروج ولا بعدهما ما تجب المتابعة فيه ولا تفسد على المؤتم بفسادها على امامه بأى وجه ان لم يتابعه بعد الفساد قال البعض الا الاغماء فتفسد عليهم كما لو ائتموا بمجنون اذ يحدث قليلا قليلا قلنا: لا نسلم قال البعض تفسد عليهم بتعمده الحدث لتعلقها بصلاته قلنا تعلق متابعة فيما صح دون ما فسد للخبر من قوله صلى الله عليه وسلم يصلون لكم قال البعض تفسد عليهم بلحنه اذ قراءته قراءة لهم. قلنا تحملا فقط قال البعض تفسد عليهم بفسادها عليه مطلقا.
ولنا قوله صلى الله عليه وسلم وما فسد فعليكم دونهم «الخبر» ولا يؤتم
(1)
بمن عرف حدثه اجماعا قال البعض فان جهل اعيدت كما لو انكشف كافرا او امرأة قال البعض لا اذ لم يأمر صلى الله عليه وآله وسلم من افتتح معه يوم نسى الجنابة بالاعادة، بل قال على رسلكم قلت: لعله أمرهم بالبقاء فى الصف. قالوا قال: اذا سها الامام فصلى بقوم وهو جنب فقد قضيت صلاتهم ثم يغتسل هو ويعيد قلت يعنى اذا علم ولم يعلموا قالوا قال:
انكم تصلون بهم فما صلح فلكم ولهم وما فسد فعليكم دونهم. قلت: يعنى اذا لم يعملوا قال الامام ان علم الامام بحدثه اعادوا والا صحت، اذ هو معذور. لنا ما مر. وقيل ان كان جنابة أعادوا، واذ هى أغلظ قلنا العلة الحدث.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية:
(2)
أنه لو تبين للمأموم عدم الاهلية من الامام للامامة بحدث أو فسق او كفر فى الاثناء انفرد حين العلم وبعد الفراغ لا اعادة على الاصح مطلقا للامتثال وقيل يعيد فى الوقت لفوات الشرط، وجاء فى مستمسك العروة الوثقى
(3)
: أنه يجوز العدول من الائتمام الى الانفراد ولو اختيارا فى جميع أحوال الصلاة على الاقوى وان كان ذلك من نيته فى اول الصلاة لكن الاحوط عدم العدول الا لضرورة ولو دنيوية. واذا نوى الانفراد بعد قراءة الامام قبل الدخول فى الركوع لا يجب عليه قراءة بل لو كان فى اثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقى منها وان كان الاحوط استئنافها خصوصا اذا كان فى الاثناء، واذا ادرك الامام راكعا يجوز له الائتمام والركوع معه ثم العدول الى الانفراد اختيارا وان كان الاحوط ترك العدول حينئذ خصوصا اذا كان ذلك من نيته أولا، واذا نوى الانفراد بعد قراءة الامام واتم صلاته فنوى الاقتداء به فى صلاة اخرى قبل ان يركع الامام فى تلك الركعة أو حال كونه فى الركوع من تلك الركعة جاز ولكنه خلاف الاحتياط، ولو نوى الانفراد فى الاثناء لا يجوز له العود الى الائتمام نعم لو تردد فى الانفراد وعدمه ثم
(1)
البحر الزخار ج 1 ص 314 الطبعة السابقة
(2)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 119 الطبعة السابقة
(3)
مستمسك العروة الوثقى للطباطبائى الحكيم ج 7 ص 154 الطبعة السابقة
عزم على عدم الانفراد صح بل لا يبعد جواز العود اذا كان بعد نية الانفراد بل فصل وان كان الاحوط عدم العود مطلقا ولو شك فى انه عدل الى الانفراد ام لا بنى على عدمه.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل
(1)
: وإن حدث للمأمومين اثناء الصلاة مرض منعهم من القيام صلوا قعودا فان صلوا مضطجعين افترقوا مع امامهم واتموا فرادى وقيل يعيدون لان السنة جاءت بصلاة المأموم خلف الامام قائما او قاعدا لا مضطجعا وقيل يصلون معه مضطجعين لان الاضطجاع حدث لهم بعد الدخول فى الصلاة فجاز لهم اتمامها مضطجعين واذا استراحوا من ايماء قاموا وركعوا وسجدوا معه وان اضطجع الامام اتموا فرادى وقيل يعيدون وقيل فيمن صلى قائما او قاعدا ثم اضطجع لعذر ثم استراح فأطاق القعود او القيام انه يستأنف والصحيح البناء وجاء فى موضع آخر
(2)
وان مات الامام اثناء الصلاة فسدت على المأمومين وجاء فى موضع آخر: وان غشى على الامام أثناء صلاته بالقوم فوقع فقام مضى على صلاته وان حدث له الصراع فسدت عليه وعلى المأمومين وقيل يمضون ولا يستقبلوه وقيل تفسد ولو لم يصل الارض عليه قيل وعليهم وان حدث الامام بما لا يبنى معه من نجس أو عمل او غيرهما مما يفسدها انتقضت على من خلفه وفى هذه الحالة يجب على الامام ان يرفع صوته ويسمع من اقتدى به بانها فسدت صلاته حتى يسمعوا، وان صلى الامام بمن اقتدى به بجنابة او بلا وضوء او بثوب نجس أو فى مكان نجس ثم علم بالجنابة أو غيرها بعد الفراغ من الصلاة فسدت على من اقتدى به فى الجنابة عند الاكثر وقيل لا تفسد ولو فى الجنابة ويعيدون ولو خرج الوقت وان غابوا رجح القول بأنه يجب على الامام اعلام المقتدين به بكتابة او غيرها أن يعيدوا وقيل لا يجب على الامام اعلام المأمومين وقيل لا تفسد على المأمومين اذا علموا بعد افتراق الصف وقيل يعيدون ما لم يخرج الوقت وهل تفسد على المأمومين بالاخيرين وهما عدم الوضوء والثوب النجس ومثلهما الموضع النجس مطلقا كالجنابة فى قول الاكثرين فيها أولا مطلقا او تفسد ان تعمد الامام أو ان لم يخرج الوقت او ان لم تفترق صفوف المأمومين ان كانوا فى فحص او لم يخرجوا من باب المسجد او باب البيت ان كانوا فيه وان خرج واحد أو فارق واحد فسدت عليهم وذلك ان يخبرهم الامام بما فعل ويأخذون لانفسهم قولا وهذا أولى من ان يأخذ لهم فيجرى لهم على مقتضى مأخوذ فى الاخبار وعدمه واذا كان الفرق بين العمد وعدمه أخبرهم بالعمد ان كان وأخبرهم بالتوبة او دبر لهم كما يعيدون بلا اخبر بعمد سترا على نفسه أقوال وان علم
(3)
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيس ج 1 ص 458 الطبعة السابقة والمرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 460 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 462 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 463 الطبعة السابقة
بذلك من الجناية او غيرها فى أثنائها اى داخل الصلاة فسدت على الكل اى على الامام والمأمومين خلافا لا اتفاقا كما قيل فان من قال صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الامام يقول لا تفسد صلاتهم ولو دخل فيها من اول الامر كما لا يجوز ان لم يعلموا الا ان اراد اتفاق المغاربة هنا أو اتفاق من قال انها مرتبطة بصلاة الامام ولزم المأمومين قبول قول الامام ذلك المذكور من علمه بفسادها فى أثنائها بان يخبرهم ومن ذكره انه صلى بجنابة أو بنجس وان بان شرك الامام أعادوا ولو خرج الوقت وقيل لا ان خرج الوقت فلا اتفاق ولو ادعاه ابن بركة الا ان اراد اتفاق الاصحاب وان لم يصدقوا الامام فى اقراره بالشرك أو الجنابة وغيرها لم يعيدوا قال فى التاج ان أحدث فيها بمفسد او كان قبلها ولم يعلم ثم علم فى الصلاة خرج وبنوا بآخر أو فرادى والاكثر منا على هذا وقيل تفسد لارتباطها به والمختار الاول وقيل لا تفسد الا من فى قفا الامام ولو كان الامام جنبا، وجاء فى شرح النيل
(1)
: وان حال بين قوم وامامهم مانع كنجس وغيره مما يفسد الصلاة من ركوع وسجود تحولوا يمينا أو شمالا او خلفا واذا كان التحول يمينا أو شمالا فلابد ان يكون بعضهم على قفا الامام فيصفون خلف من هم على قفاه جانبا ان امكنهم فان لم يجدوا تحولا حتى سبقهم بعمل أعادوا على قدر اختلافهم فى العمل وذلك اذا حدث لهم المانع والذى عندى ان يستدركوا واما ان دخلوا عليه فلا صلاة لهم فان أحرم عليهم كذلك فسدت على الامام وان كان منع الركوع والسجود مما لا يفسدها كهدم يقع قدامهم لعذر كماء أو طين أوموءا قياما بالكسر والتخفيف جمع قائم وكذا الامام ان كان له ذلك المانع يومئ والفرق بين هذه المسئلة والتى قبلها ان نحو النجس قدام المصلى بينه وبين مسجده أو فى مسجده مفسد للصلاة ولو صلى قائما موميا لانه لو سجد لكانت تحت وجهه أو داخل اليه فلا يجزيهم الا التحول بخلاف نحو الماء والطين فيجزى الايماء أو قعودا
اقتراض
التعريف فى اللغة:
الاقتراض مصدر فعله اقترض المزيد بالهمزة والتاء فأصل مادته قرض. قال صاحب لسان العرب: القرض القطع، وجاء فى القاموس المحيط: قرض فلان فلانا يقرضه قطعه وجازاه كقارضة. والقرض بفتح القاف وكسرها ما أسلف الانسان من أساءة أو احسان وما يقدم من عمل يلتمس عليه الجزاء، وما تعطيه غيرك من مال على أن يرده اليك. قال الله تعالى:
«وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً 2» والعرب تقول لكل من فعل اليه خيرا: قد احسنت قرضى، وقد اقرضتنى قرضا حسنا، وفى الحديث:
أقرض من عرضك ليوم فقرك. يعنى: اذا نال عرضك رجل فلا تجازه ولكن استبق اجره موفرا لك قرضا فى ذمته لتأخذه منه يوم حاجتك اليه. ذكر سيبويه ان من المعانى التى يأتى لها الفعل الثلاثى على وزن افتعل التصرف باجتهاد ومبالغة وتعمل فى تحصيل اصل الفعل
(3)
،
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 1 ص 457، ص 458 الطبعة
(2)
الآية رقم 20 من سورة المزمل.
(3)
الكتاب لسيبويه ج 2 ص 241 واللمع للسيوطى ج 2 ص 162
فيكون معنى اقترض اجتهد فى تحصيل القرض وقال صاحب القاموس: اقترض منه اخذ القرض، ويقال: استقرض من فلان طلب منه القرض وفى حديث النبى صلى الله عليه وسلم أنه حضره الاعراب وهم يسألونه عن أشياء:
أعلينا حرج فى كذا، فقال عباد الله رفع عنا الحرج الا من اقترض أمرأ مسلما، وفى رواية الا من اقترض عرض مسلم. أراد بقوله اقترض أمرأ مسلما: أى قطعه بالغيبة والطعن عليه ونال منه
(1)
.
التعريف فى اصطلاح الفقهاء:
مذهب الحنفية:
جاء فى البحر الرائق: أن القرض اعارة وصلة فى الابتداء ومعارضة فى الانتهاء وجاء فى حاشية ابن عابدين على الدر المختار ان القرض شرعا ما تعطيه من مثلى لتتقاضى مثله، او هو عقد مخصوص بلفظ القرض ونحوه يرد على دفع مال مثلى لآخر ليرد مثله له
(2)
.
مذهب المالكية:
جاء فى بلغة السالك أن القرض اعطاء متمول فى نظير عوض مثماثل صفة وقدرا للمعطى فى الذمة لنفع المعطى فقط
(3)
. وجاء فى شرح منح الجليل على مختصر خليل أن القرض شرعا دفع متمول فى مثله غير معجل لنفع آخذه فقط لا يوجب عارية ممتنعة أفاده ابن عرفه رحمه الله تعالى
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج أن الاقراض هو تمليك الشئ برد مثله
(4)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى ان القرض نوع من السلف
(5)
. وجاء فى كشاف القناع أن القرض شرعا دفع مال ارفاقا لمن ينتفع ويرد بدله.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى ان القرض فعل خير وهو ان تعطى انسانا شيئا بعينه من مالك تدفعه اليه ليرد عليك مثله إما حالا فى ذمته وإما إلى أجل مسمى
(6)
.
(1)
لسان العرب للعلامة ابن منظور ج 9 ص 82 وما بعدها مادة (قرض) طبع دار الكتب المصرية بالقاهرة والقاموس المحيط للفيروز نادى ج 2 ص 341، ص 342 نفس المادة والمعجم الوسيط اخراج مجمع اللغة العربية بمصر ج 2 ص 733 مادة قرض
(2)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق للامام الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم وبهامشه حواشى منحة الخالق لابن عابدين ج 6 ص 133 الطبعة الاولى طبع المطبعة العلمية بمصر سنة 1310 هـ وحاشية ابن عابدين ج 4 ص 175 الطبعة الثالثة طبع بمطبعة الاميرية ببولاق مصر سنة 1325 هـ.
(3)
بلغة السالك لأقرب المسالك ج 2 ص 97
(4)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج لشمس الدين محمد بن ابى العباس الرملى الشهير بالشافعى الصغير فى كتاب مع حاشية الشبراملسى وبهامشه المغربى ج 4 ص 289 طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة 1357 هـ
(5)
المغنى لابن قدامه المقدس ج 4 ص 352 ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين ابى الفرج بن احمد بن قدامة المقدس ج المطبعة الاولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1367.
سنة 1948 م
(6)
المحلى لابن حزم الظاهرى - 8 ص 77 مسئلة رقم 190 طبع مطبعة ادارة الطباعة بمصر سنة 1350 هـ الطبعة الاولى
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الازهار أن القرض مشتق من القطع لما كان المقرض يقطع قطعة من ماله للمستقرض
(1)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى مفتاح الكرامة ان القرض كل مال لزم فى الذمة بعقد عوضا عن مثله
(2)
.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل أن الدين هو ما ترتب فى الذمة بمعاملة فدخل القرض والسلم.
وقال الفخر الرازى القرض ليس من الدين وتعريفه الخاص: ما ترتب بمعاملة من الاثمان فى الذمة الى أجل فى مقابلة مثمن مخالف له
(3)
.
حكم الاقراض
مذهب الحنفية:
جاء فى المبسوط
(4)
أن الاقراض جائز مندوب اليه لقول النبى صلى الله عليه وسلم القرض مرتين والصدقة مرة ولقوله صلى الله عليه وسلم الصدقة بعشر امثالها والقرض بثمانية عشر
مذهب المالكية:
جاء فى بلغة السالك وشرح منح الجليل على مختصر خليل أن القرض مندوب اليه فى الاصل لانه من التعاون على البر والمعروف وقد يعرض له ما يوجبه كالقرض لتخليص مستهلك او كاضطرار اليه لحفظ نفس أو مال ممن زاد عن حاجته، وقد يعرض له ما يجعله مكروها كالقرض ممن له فى ماله شبهة او كالاستعانة بالقرض على مكروه، وقد يعرض له ما يجعله حراما كاقتراض من جارية تحل للمقترض أو كالاستعانة به على معصية. قال صاحب منح الجليل: وتعسر اباحته لانه معروف
(5)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج ان الاقراض مندوب اليه، مستحب وهو من السنن المتأكدة للآيات الكثيرة والاخبار الشهيرة كخبر مسلم رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن اخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون اخيه وصح خبر:«من اقرض الله مرتين كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به» وروى البيهقى رضى
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج 3 ص 171 طبع مطبعة حجازى بمصر سنة 1357 هـ
(3)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن السيد محمد بن محمد بن الحسينى العاملى المجاور بالنجف الاشرف ج 5 ص 2 طبع مطبعة القاهرة سنة 1324 هـ بمصر.
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 19 طبع مطبعة يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة 1343 هـ
(4)
المبسوط للسرخسى ج 14 ص 30 الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1324 هـ طبع السلسى.
(5)
شرح منح الجليل على مختصر خليل للشيخ محمد عليش ج 3 ص 46
الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال قرض الشئ خير من صدفته وذلك لامتيازه عنها بأنه يصون ماء وجه من لم يعتد السؤال عن بذله لكل احد بخلاف الصدقة. وقد يعرض للقرض ما يجعله واجبا كما لو كان المقترض مضطرا وقد يعرض له ما يجعله حراما كما لو ظن المقرض ان آخذه سوف ينفقه فى معصيته وقد يعرض له ما يجعله مكروها وذلك اذا علم المقرض أو ظن ان المقترض سوف ينفقه فى مكروه. ويحرم على غير مضطر ان يقترض ان لم يرج وفاءه من سبب ظاهر ما لم يعلم المقرض بحاله، ويحرم على من أخفى غناه واظهر فاقته، ويؤخذ من ذلك ان المقرض لو علم حقيقة أمره لم يقرضه، ومن ثم لو علم المقترض أن ما يقرضه لنحو صلاحه أو علمه وهو فى الباطن بخلاف ذلك حرم عليه الاقتراض أيضا كما هو ظاهر
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى والشرح الكبير: ان القرض جائز بالسنة والاجماع، أما السنة فقد روى رافع رضى الله تعالى عنه أن النبى صلّى الله وسلم استسلف من رجل بكرا فقدمت على النبى صلى الله عليه وسلم ابل الصدقة فأمر أبا رافع ان يقضى الرجل بكره فرجع اليه أبو رافع فقال يا رسول الله لم أجد فيها الا خيارا رباعيا، فقال اعطه فأن خير الناس احسنهم قضاء، رواه مسلم، وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين الا كان كصدقة مرة، وأجمع المسلمون على جواز القرض. والقرض مندوب اليه فى حق المقرض مباح للمقترض لما روينا من الأحاديث، ولما روى أبو هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه «وليس بمكروه فى حق المقرض قال أحمد رحمه الله تعالى: ليس القرض من المسألة - يعنى ليس بمكروه - وذلك لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يستقرض بدليل حديث أبى رافع ولو كان مكروها لكان أبعد الناس منه، ولأنه انما يأخذه بعوضه فأشبه الشراء بدين فى ذمته.
قال ابن ابى موسى رحمه الله تعالى: لا احب أن يتحمل بأماتته من ليس عنده يعنى ما لا يقدر على وفائه. ومن اراد ان يستقرض فليعلم من يسأله القرض بحاله ولا يغره من نفسه الا أن يكون الشئ اليسير الذى لا يتعذر رد مثله قال احمد رحمه الله تعالى: اذا اقترض لغيره ولم يعلمه بحاله لم يعجبنى، وقال: ما احب أن يقترض بجاهه لاخوانه، قال القاضى يعنى اذا كان من يقترض له غير معروف بالوفاء لكونه تغريرا بمال المقرض واضرارا به أما اذا كان معروفا بالوفاء لم يكره لكونه اعانة له وتفريجا لكربته
(2)
.
(1)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ل 4 ص 215، ص 216 الطبعة السابقة
(2)
المغنى لابن قدامة المقدسى على الشرح الكبير ج 4 ص 352 الطبعة السابقة
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى أن القرض فعل خير وهو مجمع عليه
(1)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الازهار ان القرض من القرب المؤكدة، وفيه أخبار كثيرة، وقد يجب على كل من المقرض والمستقرض وذلك عند الضرورة الشديدة مثل التلف والضرر، وفيه كشف كربة وقد قال النبى صلّى الله عليه وسله: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب الآخرة وعنه صلى الله عليه وسلم من أقرض أخاه المسلم قرضا كتب الله له بكل مثقال ذرة منه كل يوم ألف حسنة، وروى عنه صلى الله عليه وسلم من استقرض قرضا فهم بأدائه حتى يؤديه فى عافية وراحة كتب من المفلحين وكتب له براءة من النار
(2)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى مفتاح الكرامة أن القرض فيه فضل كثير، وهو مندوب اليه مرغب فيه اجماعا كما فى التذكرة بل استحبابه ضرورى فقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: من شكى اليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم الله عليه الجنة يوم يجزى المحسنين. وهو افضل من الصدقة بمثل ذلك الشئ
(3)
.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل ان القرض سنة جارية بين الناس وهو من المعروف فيما بينهم ومن احتاج اليه أخوه المسلم فى قرض ولم يقرضه وهو يقدر عليه لم يدخل حظيرة الفردوس، وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم دان واستقرض
(4)
.
صفة عقد القرض واركانه
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع أن ركن القرض هو الايجاب والقبول. والايجاب ان يقول المقرض أقرضتك هذا الشئ أو خذ هذا الشئ قرضا ونحو ذلك، والقبول هو أن يقول المستقرض استقرضت أو قبلت أو رضيت أو ما يجرى هذا المجرى. وهذا قول محمد رحمه الله تعالى وهو احدى الروايتين عن أبى يوسف رحمه الله تعالى، وروى عن أبى يوسف رواية أخرى أن الركن فيه الايجاب، واما القبول فليس بركن حتى لو حلف لا يقرض فلانا فأقرضه ولم يقبل لم يحنث عند محمد رحمه الله تعالى وهو احدى الروايتين عن أبى يوسف لأن الواجب فى ذمة المستقرض بكسر الراء - مثل المستقرض - بفتح الراء - فلهذا اختص جوازه بما له مثل فأشبه البيع فكان القبول
(1)
المغنى لان حزم الظاهرى ج 8 ص 77 مسئلة رقم 1190 الطبعة السابقة
(2)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 3 ص 171 الطبعة السابقة.
(3)
مفتاح الكرامة ج 5 ص 31 الطبعة السابقة
(4)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 452، ص 453 الطبعة السابقة.
ركنا فيه كما فى البيع. وفى رواية اخرى عن ابى يوسف رحمه الله تعالى أنه يحنث لان الاقراض اعارة والقبول ليس بركن فى الاعارة وروى عن ابى يوسف فيمن حلف لا يستقرض من فلان فاستقرض منه فلم يقرضه أنه يحنث لأن شرط الحنث هو الاستقراض وهو طلب القرض كالاستيام فى البيع وهو طلب البيع، فاذا استقرض فقد طلب القرض فوجد شرط الحنث فيحنث
(1)
.
مذهب المالكية:
جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير أن أخذ الشئ - سواء كان عرضا أو حيوانا - فى مثله صفة وقدرا يكون قرضا، سواء كان وقع بلفظ البيع أو بلفظ السلم او بلفظ غيرهما كقرض أو السلف أو الاطلاق وهذا بالنسبة للعرض والحيوان اما اذا كان طعاما أو نقدا فلا يكون قرضا الا اذا وقع بلفظ القرض أو بلفظ السلف، فان وقع بلفظ البيع أو بلفظ السلم أو أطلق فانه لا يكون قرضا وذلك كما لو قال شخص لآخر: أبيعك هذا الدينار بدينار لشهر أو أبيعك هذا الاردب من القمح باردب من القمح لشهر، أو قال: أسلمك هذا الدينار فى دينار لشهر او أسلمك هذا الاردب فى اردب مثله لشهر فانه يمتنع. وكذا لو اطلق كأن قال: خذ هذا الدينار فى دينار آخذه منك بعد شهر، أو قال: خذ هذا الاردب من القمح وآخذه منك بعد شهر أردبا. قال الدسوقى قال شيخنا: ويعمل بالقرائن عند الاطلاق، فاذا لم يسموا شيئا وتعورف أنه اذا دفع دراهم فى مثلها يكون قرضا كان ذلك جائزا لا ممنوعا
(2)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج: أن صبغة القرض أشياء منها اقرضتك أو أسلفتك كذا أو أسلفتك هذا أو خذه بمثله ولو متقوما اذا ذكر المثل فيه نص فى مقصود القرض لأن وضعه على رد المثل صورة وبه فارق جعلهم «خذه بكذا» كتابة فى البيع، ومن صيغ القرض كذلك أن يقول: ملكتك هذا على أن ترد بدله أو خذه ورد بدله أو اصرفه فى حوائجك ورد بدله. فان قال له: خذه فانه يكون كناية عن الاقراص اذا كان قد سبقه قول المقترض أقرضنى، والا فهو كناية عن هبة. ويشترط فى غير القرض الحكمى قبوله فى الاصح كسائر المعاوضات ولهذا اشترط فيه شروط البيع فى العاقدين والصيغة كما هو ظاهر حتى موافقة القبول للايجاب، فلو قال: أقرضتك ألفا فقبل خمسمائة أو بالعكس لم يصح، وما اعترض به من وضوح الفرق بأن المقرض متبرع فلم يقدح فيه قبول بعض المسمى ولا الزيادة عليه .. هذا الاعتراض رد بمنع اطلاق كونه متبرعا كيف ووضع القرض انه تمليك الشئ برد مثله فساوى البيع اذ هو تمليك الشئ
(1)
بدائع الصنائع للكاسانى ج 7 ص 394 طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة 1328 هـ الطبعة الاولى
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير لشمس محمد بن عرفه الدسوقى فى كتاب على هامشه الشرح الكبير لابى البركات سعيد احمد الدردير ج 3 ص 905 طبع دار احياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبى فى مصر.
بثمنه فكما اشترط ثم الموافقة فكذا هنا، وكون القرض فيه شائبة تبرع لا ينافى ذلك لان المعاوضة فيه هى المقصودة، والقائل بأنه غير معاوضة هو مقابل الأصح، ومن ثم قال جمع: ان الايجاب فيه غير شرط أيضا وأختاره الأذرعى رحمه الله تعالى، وقال قياس جواز المعاطاة فى البيع جوازه هنا. أما القرض الحكمى فلا يشترط فيه صيغة كاطعام جائع وكسوة عار وانفاق على لقيط، ومنه أمر غيره باعطاء ما له غرض فيه كأعطاء شاعر او ظالم أو اطعام فقير، وكبع هذا وانفقه على نفسك بنية القرض ويصدق فيها
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى ان عقد القرض يصح بلفظ السلف والقرض لورود الشرع بهما وبكل لفظ يؤدى معناهما مثل أن يقول: ملكتك هذا على أن ترد على بدله، أو توجد قرينة دالة على ارادة القرض فان قال: ملكتك ولم يذكر البدل ولا وجد ما يدل عليه فهو هبة، فان اختلفا فالقول قول الموهوب له لان الظاهر معه لأن التمليك من غير عوض هبة. وحكمه فى الايجاب والقبول حكم البيع
(2)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى أن الأسماء كلها توقيف من الله تعالى، لا سيما أسماء احكام الشريعة التى لا يجوز فيها الاحداث، ولا تعلم الا بالنصوص قال الله تعالى: «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّ ما عَلَّمْتَنا}
(3)
وقال عز وجل: «إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ 4» ولا خلاف فى أن أمرءا لو قال لآخر: أقرضنى هذا الدينار واقضيك دينارا الى شهر كذا ولم يحدد وقتا فأنه حسن وأجر وبر، وعندنا أنه ان قضاه دينارين أو نصف دينار فقط ورضى كلاهما فحسن، ولو قال له:
بعنى هذا الدينار بدينار الى شهر، ولم يسم اجلا فانه ربا وأثم وحرام وكبيرة من الكبائر والعمل واحد وانما فرق بينهما الاسم فقط
(5)
أى أن الظاهرية لا يعتبرون القرض الا ما كان بلفظ القرض الذى سمى به ثم ان كان القرض الى أجل فقرض على المقرض والمستقرض أن يكتباه، وأن يشهدا على ذلك عدلين فصاعدا أو أن يشهدا عليه رجلا وامرأتين عدولا فصاعدا فان كان ذلك فى سفر ولم يجدا كاتبا فان شاء الذى له الدين أن يرتهن به رهنا فله ذلك وان شاء أن لا يرتهن فله ذلك وليس يلزمه شئ من ذلك فى الدين الحال، لا فى السفر ولا فى الحضر. برهان ذلك قول الله تبارك وتعالى:«يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه» الى قوله تعالى ولا تسأموا ان تكتبوه صغيرا أو كبيرا الى أجله» الى قوله تعالى
(1)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 4 ص 217، ص 218 الطبعة السابقة
(2)
المغنى على الشرح الكبير لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 353، ص 354 الطبعة السابقة
(3)
الاية رقم 31 من سورة البقرة
(4)
الاية رقم 23 من سورة النجم
(5)
المحلى لابى محمد على بن احمد بن سعيد بن حزم الظاهرى ج 8 ص 350 مسألة رقم 416 طبع ادارة الطباعة المنيرية فى مصر سنة 1350 هـ
{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ» الى قوله تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ»
(1)
.
وليس فى أمر الله تعالى الا الطاعة
(2)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الازهار وحواشيه نقلا عن البحر أن صيغة عقد القرض هى اقرضتك أو أعطيتك أو خذ هذا بمثله أو خذ هذا قرضا وفى اعتبار القبول وجهان أصحهما انه لا يفتقر الى القبول اذا قبض كالاذن بالاتلاف اذ ليس معاوضة محضة والوجه الثانى أنه متى قبضه المستقرض ملكه اذ له فيه بعد كل تصرف كالهدية، وقيل: لا يكفى القبض حتى يتصرف فيه ببيع أو هبة أو اتلاف او تلف فى يده اذ للمستقرض أن يرده عقيبه فلم يكن رضاء قلت: انما يلزم قبول الرد لوجوب قبول الايفاء كما لو رد مثله. وقيل: بل هو جائز من جهة المستقرض اذ لا عقد هناك يلزم، واما المقرض فلا يجوز له ان يرجع فى العين لانها خرجت عن ملكه بقبض المستقرض وقيل: له ان يرجع ايضا مهما بقيت العين.
وجاء فى حواشى شرح الازهار أن الاولى أن القرض لا يحتاج الى ايجاب وقبول بل يصح من دونهما بما يفيده عرفا، وقد ذكر معناه فى المعيار، وفائدة القبول ان المقرض ليس له الرجوع
(3)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية: أن صيغة القرض اقرضتك أو انتفع به أو تصرف فيه أو مكنك أو اسلفتك أو خذ هذا أو اصرفه وعليك عوضه وما أدى هذا المعنى لانه من العقود الجائزة وهى لا تنحصر فى لفظ بل تتأدى بما أفاد معناها وانما يحتاج الى ضميمة وعليك عوضه ما عدا الصيغة الأولى فانها صريحة فى معناه لا تفتقر الى انضمام أمر آخر، فيقول المقترض قبلت وشبهه مما يدل على الرضا بالايجاب
(4)
ما يصح فيه القرض وما لا يصح
مذهب الحنفية:
ذكر صاحب البحر الرائق نقلا عن المحيط أنه يجوز القرض فيما هو من ذوات الامثال كالمكيل والموزون والعددى المتقارب كالبيض والجوز لأن القرض مضمون بالمثل ولا يجوز فى غير المثلى لانه لا يجب دينا فى الذمة ويملكه المستقرض بالقبض كالصحيح والمقبوض بقرض فاسد يتعين للرد وفى القرض الجائز لا يتعين بل يرد المثل وان كان قائما، وعن أبى يوسف رحمه الله تعالى ليس له اعطاء غير الابرضاه وعارية ما جاز قرضه قرض وما لا يجوز قرضه عارية
(5)
: ويجوز استقراض الدقيق وزنا والاحتياط أن يبرئ كل صاحبه والجواز
(1)
الاية رقم (282) من سورة البقرة
(2)
المحلى لابى محمد على بن حزم الظاهرى ج 8 ص 80 مسئلة رقم 1198 الطبعة السابقة
(3)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 3 ص 174
(4)
الروضة البهية ح 1 ص 341
(5)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 6 ص 133 الطبعة السابقة
رواية عن أبى يوسف رحمه الله تعالى، ورواية الاصل بخلافه واستقراض الحنطة وزنا يجوز وعنهما خلافة ولو استقرض بخارى من سمرقندى حنطة بسمرقند ليدفعها فى بخارى فليس له أن يطالبه بسمرقند. واستقراض العجين فى بلادنا وزنا يجوز لاجزافا، ولم يتعرض لاستقراض الخميرة وينبغى الجواز من غير وزن، وسئل النبى صلى الله عليه وسلم عن خميرة يتعاطاها الجيران أيكون ربا فقال: ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن عند الله وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح.
والدبس من ذوات القيم فينبغى أن لا يجوز استقراضه
(1)
: ولو أنقرض الذمى خمرا من ذمى ثم أسلم أحدهما فان أسلم المقرض سقطت الخمر لأن اسلامه مانع من قبضها ولا شئ له من قيمتها على المستقرض لأن العجز جاء من قبله. وان أسلم المستقرض ففيه روايتان: فى رواية أنه كالأول وفى اخرى - وهو قول محمد رحمه الله تعالى - تجب قيمتها كذا فى البدائع
(2)
: وجاء فى المبسوط أنهم انما يختلفون فى اقراض الخبز فالذى روى عن الامام أبى حنيفة رحمه الله تعالى ان ذلك لا يجوز وزنا ولا عددا لأنه لا يوقف على حدة، على معنى أنه يتفاوت بالعجن والنضج عند الخبز ويكون منه الخفيف والثقيل وفى كل نوع عرف لا يحصل ذلك بالاخر، وما لا يوقف على حده لا يجوز القرض فيه، وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز وزنا ولا يجوز عددا لأن الخبز موزون عادة والاستقراض فى الموزونات وزنا يجوز ولا يجوز عددا لأنه متفاوت فيه الكبير والصغير. وروى عن محمد رحمه الله تعالى أنه يجوز اقراض الخبز عددا قال هشام رحمه الله تعالى: فقلت له وزنا فرأيته نفر من ذلك واستعظمه وقال من يفعل ذلك؟ وانما جوز محمد رحمه الله تعالى استقراض الخبز عددا لأنه صنع الناس وقد اعتادوه وقد نقل ذلك عن ابراهيم رحمه الله تعالى أنه سئل عمن استقرض رغيفا فرد أصغر منه أو اكبر قال: لا بأس به وهو عمل الناس. قال الكرخى رحمه تعالى: وانما استعظم محمد رحمه الله تعالى قول من يقول لانه لا يجوز أن يستقرض الخبز الا وزنا لأن اعلامه بالوزن أبلغ من اعلامه بذكر العدد فاذا جاز عنده أن يستقرض فيه عددا فلان يجوز الاستقراض فيه وزنا أولى. ومن اصحابنا رحمهم الله تعالى من قال، بل استعظم ان يجوز استقراضه وزنا لأن القياس فيه ما قاله الامام أبو حنيفة رحمه الله تعالى من أنه لا يوقف على حده، وانما ترك محمد رحمه الله تعالى هذا القياس لتعارف الناس وذلك فى استقراضه عددا، فبقى استقراضه وزنا على أصل القياس
(3)
: قال صاحب المبسوط:
وأما الحيوان فلا يجوز أن يستقرض شئ
(1)
المرجع السابق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 6 ص 134 الطبعة السابقة
(2)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 6 ص 77، ص 78 الطبعة السابقة
(3)
المبسوط للسرخسى ج 14 ص 31، 32 طبعة السابقة.
منه عندنا، وحجتنا فى ذلك أن هذا غير مضمون بالقيمة على من يستهلكه فلا يجوز أن يستقرض كالجوارى ولهذا تبين انه لا يمكن اثبات الحيوان دينا فى الذمة بمقابلة ما هو مال مع اعتبار المعادلة فى المالية لانه لا يصار فى المستهلكات الى القيمة الا عند تعذر ايجاب المثل، وموجب القرض ثبوت المثل فى الذمة بشرط المعادلة فى المماثلة، فاذا تعذر ذلك فى الحيوان لم يجز ان يستقرض، وبه فارق ثبوت الحيوان فى الذمة بدلا عما ليس بمال لأن ذلك ليس شرط المعادلة فى المماثلة مع أنه لا يثبت فى الذمة ثبوتا صحيحا حتى لو أتاها بالقيمة اجبرت على قبوله ولا مدخل لذلك فى القرض ابتداء وأما ما روى من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقرض بكرا ورد رباعيا وقال: خيركم أحسنكم قضاء فائما استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيت المالى حتى روى أنه صلى الله عليه وسلم قضاه من ابل الدصدقة وما كان صلى الله عليه وسلم بقضى ما استقرضه لنفسه من أبل الصدقة بيت المال يثبت له وعليه حقوق مجهولة. وقيل:
كان صلى الله عليه وسلم استسلف فى الصدقة بكرا فان الاستسلاف والاستقراض يتفاوت ثم لم تجب الزكاة على صاحب المال فرد بعد ما صار رباعيا وقيل هذا كان فى وقت كان الحيوان فيه مضمونا بالمثل ثم انتسخ ذلك. فان قبض الحيوان بحكم القرض وجب عليه ان برده، ولو باعه نفذ بيعه وعليه ضمان قيمته، لأن ما قبض بحكم قرض فاسد بمنزله ما قبض بحكم بيع فاسد، اذ الفاسد معتبر بالجائز لأنه لا يمكنه ان يجعل الفاسد أصلا فى معرفة حله، لأن الشرع لا يرد به فلابد من ان يعتبر بالجائز. وكذلك العقار والثياب حكم الاستقراض فيها كحكم الاستقراض فى الحيوان وفرق علماؤنا رحمهم الله تعالى بين السلم والقرض فى الثياب، فقالوا: الثياب لا تثبت فى الذمة ثبوتا صحيحا الا مؤجلا، والقرض لا يكون الا حالا. وحقيقة المعنى ان المعتبر فى المسلم فيه اعلام المالية على وجه لا يبقى فيه تفأوت الا يسيرا ليكون المقصود بالعقد معلوما للعاقد وذلك فى الثياب بذكر الوصف ممكن أما فى باب القرض فالشرط اعتبار المماثلة فى العين المقبوضة وصفة المالية وذلك لا يوجد فى الثياب بدليل انها لا تضمن بالمثل عند الاستهلاك فلهذا لا يجوز الاستقراض فيها وكذا لا يجوز اقراض الخشب والحطب والقصب والرياحين الرطبة والبقول، لأنها مضمونة بالقيمة عند الاستهلاك، فأما الحناء والوسمة والرياحين اليابسة التى تكال فأنه لا بأس بأن تستقرض لأنها مضمونة بالمثل عند الاستهلاك
(1)
. وجاء فى الفتاوى الهندية، أنه يجوز استقراض القرطاس عددا، ويجوز استقراض الجوز كيلا وكذا استقراض البازنجان عددا ونقل عن الفتاوى العتابية عن ابن سلام رحمه الله تعالى ان قرض اللبن - بكسر الباء - والأجر عددا يجوز اذا لم يتفاوت كذا فى التتار خائية ويجوز استقراض اللحم وهو الاصح كذا فى محيط السرفى وجاء فى فتاوى قاضيخان أن أقراض اللحم عند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز كما يجوز
(1)
المبسوط لشمس الدين للسرخسى ج 14 ص 32، 33 الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر
السلم فيه عندهما، وعن أبى حنيفة رحمه الله تعالى روايتان، وذكره فى المنتقى أنه يجوز قرض اللحم ولم يذكر فيه خلافا
(1)
- واستقراض الجمد وزنا يجوز، ولو استقرض فى الصيف وسلم فى الشتاء يخرج عن العهدة والجمد من ذوات القيم، ويجوز ان يستقرض الذهب والفضة وزنا ولا يجوز ذلك عددا - كذا فى التتار خانية - قال محمد رحمه الله تعالى فى الجامع: اذا كانت الدراهم ثلثها فضة وثلثاها صفرا فاستقرض رجل منها عددا وهى جارية بين الناس عددا فلا بأس به وان لم تجر بين الناس الا وزنا لم يجز ان تستقرض الا وزنا وان كانت الدراهم ثلثاها فضة وثلثها صفر الا يجوز ان تستقرض الا وزنا وان تعامل الناس التبايع بها عددا، وان كانت الدراهم نصفها فضة ونصفها صفرا لا يجوز ان تستقرض الا وزنا وسئل عن السرقين الذى يجوز بيعه، هل يجوز ان تستقرض أم هو من ذوات القيم؟ فقال الذى يجوز ان يباع من هذا الجنس يجوز ان يستقرض. وذكر فى واقعات حسام الدين ان السرقين من ذوات القيم، تجب القيمة على من يتلفه، وعلى هذا لا يجوز أن يستقرض.
مذهب المالكية:
جاء فى بلغة السالك ان كل ما يصح ان يسلم فيه يصح ان يقرض - من حيوان وعرض ومثلى - الا جارية تحل للمقترض فلا يجوز قرضها لما فيه من احتمال اعارة الفروج اذا رد عينه لأنه يجوز فى القرض رد العين المقترضة ويجوز رد مثلها، ولهذا التعليل أجاز ابن عبد الحكم رحمه الله تعالى قرضها اذا اشترط ان يرد مثلها لا عينها لكن المشهور أنه يمنع قرض الجارية التى تحل للمقترض مطلقا سواء كان اقتراضها للوط ء أو للخدمة، وسواء شرط رد عينها أو رد مثلها سدا للذريعة. هذا اذا كانت الجارية تحل للمقترض أما ان كانت لا تحل له كعمة وخالة أو كان المقترض امرأة مثلها فأن اقراضها يجوز، وكذلك يصح اقراضها اذا كان المقترض صبيا لا يتأتى منه الاستمتاع أو كان شيخا فانيا كما يصح اقراض الجارية التى لا تشتهى لصغر فى مدة الصغر. فان أفرض الجارية لمن تحل له وجب ان ترد الا أن تفوت عنده بوط ء أو غيبة عليها فظن وطؤها فيها أو تغير ذات أو حوالة سوق فالقيمة تلزم المقترض لا المثل ولا يجوز التراضى على ردها ان وطئها أو غاب عليها عيبة يظن بها الوط ء، وجاز التراضى على ردها ان فاتت بحوالة سوق ونحوه، اذ ليس فى الامضاء حينئذ تتميم للفاسد لأن ذاتها عوض عما لزمه من القيمة ولا محذور فى ذلك
(2)
. وروى صاحب التاج والاكليل: عن ابن بشير رحمه الله تعالى أنه قال: وكل ما يجوز ان يسلم فيه يجوز أن يقرض وهذا فى مراعاة رد
(1)
الفتاوى الهندية المسماه بالفتاوى العالمكرية فى كتاب على هامشه فتاوى قاضيخان ج 3 ص 201، ص 202 الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى ببولاق مصر سنة 1310 هـ الفتاوى الهندية ج 2 ص 118 الطبعة السابقة 410 والفتاوى الهندية ج 3 ص 201، ص 202 الطبعة السابقة
(2)
التاج والاكليل لمختصر خليل لابى عبد الله سيدى محمد بن يوسف بن أبى القاسم الشهير بالمواق فى كتاب على هامش مواهب الجليل ج 2 ص 93.
المثل اما فى مراعاة رد العين فتعرض فى القرض المحاذرة من عارية الفروج اذ من أحكام القرض ان برد بعينه ان شاء أو يرد مثله وقال ابن عرفه رحمه الله تعالى متعلق القرض ما صح ضبطه بصفة كليا، فيخرج تراب المعادن والصواغين والدور والأرضون والبساتين
(1)
. وجاء فى شرح مجموعة الفقهى وحاشينى حجازى والأمير عليها أنه يجوز القرض فى كل ما يقبل جنسه السلم فلا ينافى قرض المكيال المجهول، لان منع سلمه لعارض وهو الجهل - ولا ينافى جواز القرض فى جلد الأضحية ومدبوغ الميتة لاباحة الانتفاع وان لم يجز ان يسلم فيهما لان المعارضة عليهما لا تجوز، لكن جواز القرض فى جلد الميتة المدبوغ ان قلنا ان حرمة المعاوضة على النجس من خصوص البياعات لا مطلقا والا فلا يجوز أما قرض لحم الاضحية ففيه خلاف
(2)
رجاء فى المدونة أنه لا بأس فى قرض الخشب والبقول والرياحين والقضب والقصب وما أشبه ذلك، وذلك جائز فى قول مالك رحمه الله تعالى وكل شئ يقرض فهو جائز اذا كان معروفا الا الجوارى روى مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى رافع رضى الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فقدمت عليه ابل من الصدقة فأمر أبا رافع ان يعطى الرجل بكره فرجع اليه أبو رافع فقال: لم آخذ فيها الا جملا خيارا رباعيا فقال: أعطه أياه ان خيار الناس أحسنهم فضاء
(3)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى
(4)
نهاية المحتاج أنه يجوز اقراض كل ما يسلم فى نوعه لصحة ثبوته فى الذمة ولأن النبى صلى الله عليه وسلم اقترض بكرا، وقيس عليه غيره، وعلم أنه لا يرد على هذا امتناع السلم فى العين وجواز قرض المعين كالذى فى الذمة، فلو قال أقرضتك ألفا وقبل وتفارقا ثم أعطاه ألفا جاز ان قرب الفصل عرفا والا فلا يجوز، وان نازع فيه السبكى رحمه الله تعالى، أما لو قال أقرضتك هذه الألف مثلا وتفارقا ثم سلمها اليه لم يضر وان طال الفصل ويصح قرض كف من الدراهم ليتبين قدرها بعد ويرد مثلها ولا أثر للجهل بها حالة العقد. وقضية الضابط أنه يجوز اقراض النقد المغشوش لانه مثلى تجوز المعاملة به فى الذمة وهو ما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى واعتمده جمع متأخرون ولو جهل قدر غشه خلافا للسبكى فى تقييده بذلك، وخلافا للرويانى رحمه الله تعالى فى منعه مطلقا، وفى الروضة عن القاضى منع قرض المنفعة لامتناع السلم فيها، وفبها كأصلها فى الاجارة جوازهما وجمع الاسنوى وغيره أخذا من كلامهما بحمل المنع على منفعة محل معين وحمل الحل على
(1)
فتاوى ضيخان فى كتاب على هامش لشرح مختصر خليل لابى عبد الله محمد بن محمد المعروف بالحطاب ج 4 ص 545 الطبعة الاولى سنة 1329 هـ.
(2)
حاشيتى حجازى والامير على شرح مجموعة الفقهى ج 2 ص 93
(3)
المدونة الكبرى للامام مالك رواية الامام سحنون عن الامام عبد الرحمن بن القاسم، عن الامام مالك ج 9 ص 138، ص 139 الطبعة الأولى طبع بمطبعة السعادة فى مصر سنة 1321 هـ
(4)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 4 ص 220 وما بعدها الى ص 223 الطبعة السابقة.
منفعة فى الذمة، واعتمده الوالد رحمه الله تعالى فى فتاويه. ولا يجوز اقراض ماء القناة للجهل به، ولا يجوز اقراض الجارية التى تحل للمقترض فى الأظهر وان لم تكن مشتهاة مع أنه لو جعل رأس مال المسلم جارية يحل للمسلم اليه ان يطأها وكان المسلم فيه جارية أيضا جاز له ان يردها عن المسلم لأن العقد لازم من الجانبين. والقول الثانى الذى يقابل الأظهر يجوز اقراضها، ورد هذا القول بانه قد يطؤها ثم يردها فتصير فى معنى اعارة الجوارى للوط ء وهو ممتنع كما نقله مالك رحمه الله تعالى عن اجماع أهل المدينة وما نقل عن عطاء رحمه الله تعالى من جوازه رد بأنه مكذوب عليه، ولا ينافى ذلك أنه يجوز هبتها لفرعه مع جواز رجوعه فيها لجواز القرض من الجهنين ولأن موضوعه الرجوع ولو فى البدل فأشبه الاعارة بخلاف الهبة فيهما. هذا اذا كانت الجارية تحل للمقترض فان كانت تحرم عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة وكذا ملاعنه ونحو مجوسية ووثنية فان اقراضها له يجوز خلافا للأذرعى رحمه الله تعالى، أما ان كانت لا تحل له لكونها أخت زوجته فلا يجوز اقراضها لتعلق زوال مانعها باختياره كما بحثه الاسنوى رحمه الله تعالى وأشعر به كلام غيره وقضية التعليل الفارق بين المجوسية ونحو أخت الزوجة أن المطلقة ثلاثا يحل قرضها لمطلقها، وبحث بعضهم عدم حلها لقرب زوال مانعها بالتحليل ويحرم قرض رتقاء وقرناء ولو لنحو ممسوح لأن المحذور خوف التمتع وهو موجود وتعبير بعضهم بخوف الوط ء جرى على الغالب وما بحثه الأذرعى رحمه الله تعالى - من حل اقراضها لبعضه لأنه ان وطئها حرمت على المقرض والا فلا محذور بعيد اذ المحذور - وهو وطؤها ثم ردها موجود وتحريمها على المفرض أمر آخر لا يفيد نفيا ولا اثباتا وقرضها لخنثى جائز كبعد اتضاحه، فلو اتضحت ذكورته بان بطلان القرض اذ العبرة فى العقود بما فى نفس الأمر، ولو اقترض الرجل شكلا لم يصح لامتناع السلم فيه، والقول بحله لتعذر وطئه مادام خنثى خطأ كما قاله الزركشى رحمه الله تعالى وما لا يسلم فى نوعه لا يجوز اقراضه فى الأصح لأن مالا ينضب أو يعز وجوده يتعذر أو يتعسر رد مثله اذ الواجب فى المتقوم رد مثله صورة. والقول الثانى المقابل الأصح يجوز اقراضه كالبيع.
ويستثنى من ذلك جواز قرض الخبز والعجين ولو خميرا حامضا للحاجة، والمسامحة وان صحح البغوى صلى الله تعالى فى التهذيب المنع ويرده وزنا على الراجح وقيل: يرده عددا ورجحه فى الكافى ومن فهم اشتراط الجمع بينهما فقد أبعد، وكذا يستثنى جزء شائع من دار لم يزد على النصف كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى تبعا للسبكى لأن له حينئذ مثلا، يظهر أخذا من العلة أن النصفين متساويان - والمراد مساوى الاجزاء فيما جاز. والأوجه عدم صحة فرض خميرة اللبن الحامض تلقى عليه ليروب - وهى المسماة بالروبة - لاختلاف حموضتها المقصودة ووهم من فهم اتحادها بخميرة الخبز، ويجوز افراض المكيل وزنا وعكسه ان لم يتجاف فى المكيال كالسلم
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى أنه يجوز قرض المكيل والموزون بغير خلاف قال ابن المنذر
(1)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 4 ص 220 وما بعدها الى ص 223 الطبعة
رحمه الله تعالى أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض ماله مثل من المكيل والموزون والأطعمة جائز ويجوز قرض كل ما يثبت فى الذمة سلما سوى بنى آدم لأن النبى صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا وليس ذلك بمكيل ولا موزون، ولأن ما يثبت سلما يملك بالبيع ويضبط بالوصف فجاز قرضه كالمكيل والموزون. أما مالا يثبت فى الذمة سلما كالجواهر وشبهها فقال القاضى رحمه الله تعالى يجوز قرضها ويرد المستقرض القيمة لأن مالا مثل له يضمن بالقيمة والجواهر كغيرها فى القيم. وقال أبو الحطاب رحمه الله تعالى:
لا يجوز قرضها لأن القرض يقتضى رد المثل وهذه لا مثل لها، ولأنه لم ينقل قرضها ولا هى فى معنى ما نقل القرض فيه لكونها ليست من المرافق ولا يثبت فى الذمة سلما فوجب ابقاؤها على المنع، ويمكن بناء هذا الخلاف على الوجهين فى الواجب فى بدل غير المكيل والموزون فاذا قلنا: الواجب رد المثل لم يجز قرض الجواهر ولا قرض مالا يثبت فى الذمة سلما لتعذر رد مثلها وان قلنا الواجب رد القيمة جاز قرضه لامكان رد القيمة. هذا فى غير بنى آدم أما قرض بنى آدم فقال الامام أحمد رحمه الله تعالى: أكره قرضهم فيحتمل كراهية تنزيه ويصح قرضهم وهو قول ابن جريج والمزنى رحمهما الله تعالى لانه مال يثبت فى الذمة سلما فصح قرضه كسائر الحيوان ويحتمل أنه أراد كراهة التحريم فلا يصح قرضهم وهذا القول اختاره القاضى لأنه لم ينقل قرضهم ولا هو من المرافق ويحتمل ان يصح قرض العبيد دون الاماء الا ان يقرضهن من ذوى محارمهن لأن الملك بالقرض ضعيف، فأنه لا يمنعه من ردها على المقرض فلا يستباح به الوط ء كالملك فى مدة الخيار واذا لم يبح الوط ء لم يصح القرض لعدم القائل بالفرق، ولأن الأبضاع مما يحناط لها، ولو ابحنا قرضهن لأفضى الى أن الرجل سيقترض أمة فيطؤها ثم يردها من يومه، ومتى احتاج الى وطئها استقرضها فوطئها ثم ردها كما يستعير المتاع فينتفع به ثم يرده. ويدل لنا ان القرض عقد ناقل للملك فاستوى فيه العبيد والاماء كسائر العقود. ولا نسلم ضعف الملك فيه فانه مطلق لسائر التصرفات بخلاف الملك فى مدة الخيار.
ثم اننا لا نقول بردها وانما نقول: الواجب ان يرد القيمة، وعليه فلا يملك المقترض رد الأمة، وانما يرد قيمتها، وحتى لو سلمنا بأن للمقترض أن يردها فان المقترض متى قصد هذا لم يحل له أن يفعله ولا يصح اقتراضه كما لو اشترى أمة ليطأها ثم يردها بالمقايلة أو بعيب فيها وان وقع هذا بحكم الاتفاق لم يمنع الصحة كما لو وقع ذلك فى البيع وكما لو أسلم جارية فى أخرى موصوفة بصفاتها ثم ردها بعينها عند حلول الأجل، ولو ثبت ان القرض ضعيف لا يبيح الوط ء لم يمنع منه فى الجوارى كالبيع فى مدة الخيار، وعدم من يقول بالفرق ليس بشئ على ما عرف فى مواضعه وعدم نقله ليس بحجة فان أكثر الحيوانات لم ينقل قرضها وهو جائز. واذا اقترض دراهم أو دنانير غير معروفة الوزن لم يجز لأن القرض فيها يوجب رد المثل فاذا لم يعرف المثل لم يمكن القضاء، وكذلك لو اقترض مكيلا أو موزونا جزافا لم يجز لذلك ولو قدره بمكيال بعينه أو صنجة
بعينها غير معروفين عند العامة لم يجز لأنه لا يأمن تلف ذلك فيتعذر رد المثل فأشبه السلم فى مثل ذلك، وقال الامام أحمد رحمه الله تعالى فى ماء بين قوم لهم نوب فى أيام مسماة فاحتاج بعضهم الى ان يستقى فى غير نوبته فاستقرض من نوبة غيره ليرد عليه بدله فى يوم نوبته فلا بأس وان كان غير محدود كرهته فكرهه اذا لم يكن محدودا لأنه لا يمكنه رد مثله
(1)
. ويجوز قرض الخبز ورخص فيه أبو قلابة رحمه الله تعالى وذلك لأنه موزون فجاز قرضه كسائر الموزونات واذا أقرضه بالوزن ورد مثله بالوزن جاز وان أخذه عددا فرده عددا فقال الشريف أبو جعفر رحمه الله تعالى: فيه روايتان:
احداهما لا يجوز لأنه موزون أشبه سائر الموزونات.
والثانية يجوز. قال ابن أبى موسى رحمه الله تعالى اذا كان يتحرى ان يكون مثلا بمثل فلا يحتاج الى الوزن. والوزن أحب الى، ووجه الجواز ما روت عائشة رضى الله تعالى عنها قالت قلت يا رسول الله ان الجيران يستقرضون الخبز والخمير ويردون زيادة ونقصانا فقال:
لا بأس ان ذلك من مرافق الناس لا يراد به الفضل ذكره أبو بكر فى الشافى باسناده، وفيه أيضا باسناده عن معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه أنه سئل عن استقراض الخبز والخمير فقال: سبحان الله انما هذا من مكارم الأخلاق وخذ الكبير وأعط الصغير وخذ الصغير وأعط الكبير، خيركم أحسنكم قضاء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ولأن هذا مما تدعو الحاجة اليه ويشق اعتبار الوزن فيه وتدخله المسامحة فجاز كدخول الحمام من غير تقدير أجرة، الركوب فى سفينة الملاح وأشباه هذا.
(2)
فان شرط أن يعطيه أكثر مما أقرضه أو أجود أو أعطاه مثل ما أخذ وزاده كسرة كان ذلك حراما، وكذلك ان أقرضه صغيرا قصد أن يعطيه كبيرا لأن الأصل تحريم ذلك، وانما أبيح لمشقة امكان التحرز منه فاذا أقصد أو شرط أو أفروت الزيادة فقد امكن التحرز منه فحرم بحكم الأصل كما فعل ذلك فى غيره وجاء فى كشاف القناع أنه لا يصح قرض المنافع لأنه غير معهود، وجوزه الشيخ رحمه الله تعالى وذلك مثل أن يحصد معه انسان يوما ويحصد الآخر معه يوما بدله أو يسكنه دارا ليسكنه الاخر دارا بدلها كالعارية بشرط العوض (3).
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى ان القرض جائز فى كل ما يحل تملكه وتمليكه بهبة أو غيرها سواء جاز بيعه أولم يجز لأن القرض غير البيع اذ البيع لا يجوز الا بثمن ويجوز بغير نوع ما بعت، ولا يجوز فى القرض الا رد
(1)
المغنى لابن قدامة المقدس على الشرح الكبير ج 4 ص 355، ص 356 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس الحنبلى فى كتاب على هامشه شرح منتهى الارادات للشيخ منصور ابن يوسف البهوتى 2 ص 137 الطبعة الاولى طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة 1319 هـ
مثل ما اقترض لامن سوى نوعه اصلا
(1)
.
والقرض جائز فى الجوارى والعبيد والدواب والدور والأرضين وغير ذلك لعموم قول الله تبارك وتعالى «إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى»
(2)
فعم سبحانه وتعالى ولم يخص فلا يجوز التخصيص فى ذلك بالرأى بغير قرآن ولا سنة
(3)
. وكل ما يمكن وزنه او كيله أو عدده أو ذرعه لم يجز أن يقرض جزافا لأنه لا يدرى مقدار ما يلزمه أن يرده فيكون أكل مال بالباطل
(4)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى التاج المذهب أن من الأشياء ما يصح فرضه، ومنها ما لا يصح قرضه وقد أوضح ذلك الامام عليه السلام فى قوله، انما يصح القرض فى مثلى كالنقود، وكل ما قل التفاوت فيه وضبط بكيل أو وزن - أو قيمى وهو ما كثر التفاوت فيه ولم يضبط بكيل ولا وزن.
ولكن لا يصح القرض فيه مطلقا بل لا بد من أن يكون القيمى منقولا فلا يصح فى الاراضى والدور، وأن يكون جمادا أمكن وزنه ولو لم يوزن عند القرض أما الحيوان وما لا يمكن وزنه فلا يصح قرضهما، فعلى هذا فان القيمى الجماد مهما أمكن وزنه صح قرضه أما ما يعظم تفاوته من القيمى المذكور بأن زاد التفاوت فيما بينه على نصف عشر القيمة فلا يصح قرضه كالجواهر واللائى والفصوص والجلود ونحو ذلك، فان هذه الاشياء يعطم التفاوت فيما بينها فى الجودة والرداءة فيصعب ضبطها ليرد مثلها ولهذا لم يصح فرضها، وكذلك لا يصح قرض الحب اذا سيس
(5)
أو ابتل أو قلى، ولا العسل
(6)
والسمن المغشوش منها ولا الحب المخلوط بنوع آخر ولا الشعير والعلس المخلوطين ولا المخلوط بدقاق التبن ولا الدراهم والدنانير المغشوشة غشا غير معلوم لتحقق عدم رد المثل فيما ذكر. وكذلك لا يصح قرض المصنوعات التى يعظم التفاوت فيما بينها بالصنعة غالبا، أما ما تكون صنعتها يسيرة لا تخرجها عن حد الضبط كالخبز والفلوس المضروبة من النحاس والثياب والبسط المصنوعة على صفة لا يعظم التفاوت بينها فى النقش والصفاقة. وما كانت صنعته كذلك فانه يصح قرضه
(7)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى كتاب الخلاف:
أن كل ما يضبط بالوصف أو يصح السلم فيه يجوز اقراضه من المكيل والموزون والمذروع والحيوان وغيره لعموم الاخبار
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 77 مسئلة رقم 1191 الطبعة السابقة
(2)
الاية من سورة البقرة
(3)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 82 مسئلة رقم 1201 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 83 مسئلة رقم 1202 الطبعة السابقة
(5)
أى أكلته السوس السليط: كل دهن عصر من حب، والسليط الشيرج انظر المعجم الوسيط اخراط مجمع اللغة العربية فى القاهرة مادة (سلط)
(6)
العلس بفتح العين وسكون اللام:
ما يؤكل ويشرب، والعلس بفتح العين والملام شواء مأدوم بالسمن، وهو كذلك ضرب من البرتكون حبتان منه أو ثلاث فى قشرة وهو طعام أهل صنعاء: انظر المعجم الوسيط مادة (علس)
(7)
التاج المذهب لاحكام المذهب ج 2 ص 483، ص 484 الطبعة السابقة.
فى جواز القرض والحث على فعله والتخصيص يحتاج الى دلالة، وأيضا لان الاصل الاباحة والحظر يحتاج الى دليل، وبجوز استقراض الخبز لان الناس يستقرضون من عهد النبى صلى الله عليه وسلم الى يومنا الخبز من غير تناكر بينهم فمن خالف فقد خالف الاجماع.
هذا وليس لأصحابنا رضى الله تعالى عنهم نص فى جواز أقراض الجوارى. ولا أعرف لهم فيه فتيا، والذى يقتضيه الأصول أنه على الاباحة ويجوز ذلك سواء كان ذلك من أجنبى أو من ذى رحم لها، ومتى أقرضها ملكها المستقرض بالقرض، ويجوز له أن يطأها أن لم تكن ذات رحم محرم لأن الأصل الاباحة والحظر يحتاج الى دليل، وأيضا الاخبار التى رويت فى جواز القرض والحث عليه عامة فى جميع الاشياء الا ما أخرجه الدليل، وأيضا روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: الناس مسلطون على أموالهم. وقال: لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه، وقال الله تعالى: وأوفوا بالعقود: والقرض عقد بلا خلاف
(1)
.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل أن القرض يجوز فى المكيل والموزون فقط، وقيل بجوازه فى الامتعة والثياب والآنية وما أشبه ذلك مما كان معروفا على عادة الناس ومحاسنة الاخلاق فيما بينهم أنه يجوز مما يوصل الى رده ويضبط وكذلك ما يعد مثل الرمان وبيض الدجاج وما أشبه ذلك مما يوصل الى رده ويضبط والحيوان قيل بطل القرض فيه لانه لا يعرف استواءه، وقيل يجوز بالأشبار عرضا وطولا من عجم الذنب الى المنكب ومن الكعب الى الكعب لامكان ضبطه، وأبطلوه فى العبيد كذلك، وقيل جائز. واختلف فى قرض خدمة الحيوان والعبيد كالاختلاف فى قرضهما لعل أحدهما يخدم للآخر أكثر مما يخدم الحيوان الآخر، ولا يجوز القرض بالجزاف ولو فى مكيل أو موزون وقيل يجوز ويرد مثل ما أخذ، ولا يجوز قرض الدين، ويجوز أن يقرض ماله فى يد غيره وهو من ماله مالم يصل المستقرض، ويجوز قرض التسمية فى الدنانير والدراهم لا فى غيرها الا ما كان منها فوق الواحد فلا يجوز قالوه فى الديوان قلت وقيل بجواز قرض التسمية فى غيرها وفيها ولو فوق الواحد قيل لا يجوز قرض الدراهم وقضاؤها بالعدد لتفاضلها قلت: هذا اذا كانت تجرى بالوزن لا غير والا جاز ذلك بالعدد وكذا سائر السكة
(2)
.
شروط صحة القرض
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع أن شرائط القرض أنواع، بعضها يرجع الى المقرض - بكسر الراء - وبعضها يرجع الى المقرض - بفتح الراء - وبعضها يرجع الى نفس القرض. أما الشرائط: التى ترجع
(1)
من كتاب الخلاف فى الفقه للامام أبى جعفر محمد بن الحسن بن على الطوسى ج 1 ص 583 مسئلة رقم 288 وما بعدها الى ص 290 طبع بمطبعة تابان فى طهران عاصمة ايران الطبعة الثانية فى شهر ربيع الثانى سنة 1383 هـ
(2)
شرح وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 451، ص 452 الطبعة السابقة.
الى المقرض فهى أهليته للتبرع فلا يملك الاقراض من لا يملك التبرع من الأب والوصى والصبى والعبد المأذون والمكاتب، لأن القرض للمال تبرع، ألا ترى أنه لا يقابله عوض للحال فكان تبرعا للحال فلا يجوز الا من يجوز منه التبرع، وهؤلاء المذكورون ليسوا من أهل التبرع فلا يملكون القرض. واما الشرائط التى ترجع الى المقرض، فمنها القبض لأن القرض هو القطع فى اللغة، وسمى هذا العقد قرضا لما فيه من قطع طائفة من ماله، وذلك انما يكون بالتسليم الى المستقرض، فكان مأخذ الاسم دليلا على اعتبار هذا الشرط ومنها أن يكون الشئ المقرض. مما له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض مالا مثل له من المذروعات والمعدودات المتقاربة، لأنه لا سبيل الى ايجاب رد العين ولا الى ايجاب رد القيمة لانه يؤدى الى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل فيختص جوازه بماله مثل، ولا يجوز القرض فى الخبز لا وزنا ولا عددا عند أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى، وقال محمد يجوز القرض فى الخبز عددا. وما قالاه هو القياس، لتفاوت فاحش بين خبز وخبز لاختلاف العجن والنضج والخفة والثقل فى الوزن والصغر والكبر فى العدد ولهذا لم يجز السلم فيه بالاجماع فالقرض أولى لأن السلم أوسع جوازا من القرض والقرض أضيق منه، الا ترى انه يجوز السلم فى الثياب ولا يجوز القرض فيها فلما لم يجز السلم فيه فلأن لا يجوز القرض أولى الا أن محمدا رحمه الله تعالى استحسن جوازه عددا لعرف الناس وعادتهم فى ذلك وترك القياس لتعامل الناس فيه هكذا روى عن ابراهيم النخعى رحمه الله تعالى أنه جوز ذلك فقد روى أنه سئل عن أهل بيت يقرضون الرغيف فيأخذون أصغر أو أكبر فقال: لا بأس به. ويجوز القرض فى الفلوس لانها من العدديات المتقاربة كالجوز والبيض، ولو استقرض فلوسا فكسرت فعلية مثلها عند أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه، وعند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله: عليه القيمة. وجه قولهما أن الواجب فى باب القرض رد مثل المقبوض وقد عجز عن ذلك لأن المقبوض كان ثمنا وقد بطلت الثمنية بالكساد فعجز عن رد المثل فيلزمه رد القيمة كما لو استقرض رطبا فانقطع عن أيدى الناس فانه يلزمه قيمته لما قلنا، كذا هذا. ووجه قول أبى حنيفه رحمه الله تعالى:
ان رد المثل كان واجبا والفائت بالكساد ليس الا وصف الثمنية وهذا وصف لا تعلق لجواز القرض به، الا ترى أنه يجوز استقراضه بعد الكساد ابتداء وان خرج من كونه ثمنا فلأن يجوز بقاء القرض فيه أولى لأن البقاء أسهل وكذلك الجواب فى الدراهم التى يغلب عليها الغش لأنها فى حكم الفلوس. وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه أنكر استقراض الدراهم المكحلة والمزيفة وكره انفاقها وان كانت تنفق بين الناس لما فى ذلك من ضرورات العامة واذا نهى عنها وكسدت فهى بمنزلة الفلوس اذا كسرت ولو كان له على رجل دراهم جياد فأخذ منه مزيفة أو مكحلة أو زيوفا أو نبهرجة أو ستوقة جاز فى الحكم لأنه يجوز بدون حقه فكان كالحط عن حقه الا أنه يكره له ان يرضى
به وان ينفقه، وان بين وقت الانفاق لا يخلو عن ضرر العامة بالتلبيس والتدليس قال أبو يوسف رحمه الله تعالى: كل شئ من ذلك لا يجوز بين الناس فانه ينبغى ان يقطع ويعاقب صاحبه اذا أنفقه وهو يعرفه، وهذا الذى ذكره احتساب حسن فى الشريعة، ولو استقرض دراهم تجارية فالتقيا فى بلد لا يقدر فيه على التجارية فان كانت فى ذلك البلد فصاحب الحق بالخيار ان شاء انتظر مكان الأداء وان شاء أجله قدر المسافة ذاهبا وجائيا واستوثق منه بكفيل وان شاء أخذ القيمة لأنها اذا كانت نافقة لم تتغير بقيت فى الذمة كما كانت وكان له الخيار ان شاء لم يرض بالتأخير وأخذ القيمة لما فى التأخير من تأخير حقه وفيه ضرر به كمن عليه الرطب اذا انقطع عن أيدى الناس أنه يتخير صاحبه بين التربص والانتظار لوقت الادراك وبين ان يأخذ القيمة لما قالوا كذا هذا وان كان لا ينفق فى ذلك البلد فعليه قيمتها. وأما الشرائط التى ترجع الى نفس القرض فهو ان لا يكون فيه جر منفعة فان كان فيه جر منفعة لم يجز نحو ما اذا أقرضه دراهم غلة على ان يرد عليه صحاحا أو أقرضه وشرط شرطا له فيه منفعة لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قرض جر نفعا، ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا لأنها فضل لا بقابله عوض والتحرز عن حقيقة الربا وعن شبهة الربا واجب. هذا اذا كانت الزيادة مشروطة فى القرض، فأما اذا كانت غير مشروطة فيه، ولكن المستقرض أعطاه أجودهما فلا بأس بذلك لأن الربا اسم لزيادة مشروطة فى العقد، ولم توحد بل هذا من باب حسن القضاء وهو أمر مندوب اليه فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:
خيار الناس أحسنهم قضاء. وقال النبى صلى الله عليه وسلم عند قضاء دين لزمه للوزان: زن وأرجح. وعلى هذا تخرج مسئلة السفاتج
(1)
التى يتعامل بها التجار. فهى مكروهة لأن التاجر ينتفع بها باسقاط خطر الطريق فتشبه قرضا جر نفعا، فان قيل: أليس قد روى عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه كان يستقرض بالمدينة على أن يرد بالكوفة وهذا انتفاع بالقرض باسقاط خطر الطريق؟ فالجواب ان ذلك محمول على أن السفتجة لم تكن مشروطة فى القرض مطلقا ثم تكون السفتجة وذلك مما لا بأس به على ما بينا، والأجل لا يلزم فى القرض سواء كان مشروطا فى العقد أو متأخرا عنه بخلاف سائر الديون. والفرق بينهما من وجهين أحدهما ان القرض تبرع ألا يرى أنه لا يقابله عوض للحال وكذا لا يملكه من لا يملك التبرع فلو لزم فيه الأجل لم يبق تبرعا فيتغير المشروط بخلاف الديون. والثانى ان القرض يسلك به مسلك العارية والأجل لا يلزم فى العوارى، والدليل على أنه يسلك به مسلك العارية أنه لا يخلو من ان يسلك به مسلك المبادلة - وهى تمليك الشئ بمثله أو يسلك به مسلك العارية أما الأول فلا سبيل اليه لأنه تمليك العين بمثله نسيئة وهذا لا يجوز فتعين ان يكون عارية فجعل التقدير كأن المستقرض انتفع بالعين مدة ثم رد عين ما قبض وان كان يرد بدله فى
(1)
السفاتج جمع مفرده سفتجة بالسين المفتوحة والفاء الساكنة والتاء المثناة المفتوحة والجيم - وهى لفظة أعجمية يراد بها الكتاب الذى يرسله المقترض الى وكيله ليدفع لحامله ببلد آخر نظير ما يسلفه
الحقيقة، وجعل رد بدل العين بمنزلة رد العين بخلاف سائر الديون، وقد يلزم الأجل فى القرض بحال وذلك بأن يوصى بأن يقرض من ماله بعد موته فلانا ألف درهم الى سنة فأنه ينفذ وصيته ويقرض من ماله كما أمر وليس لورثته ان يطالبوا قبل السنة
(1)
.
مذهب المالكية:
جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير أنه يحرم على المقرض هدية المقترض اليه وليس المراد بالهدية حقيقتها فقط بل كل ما حصل به الانتفاع كركوب دابة المقترض والأكل فى بينه على طريق الاكرام أو شرب فنجان قهوة أو جرعة ماء والتظلل بجداره والمعتمد جواز لشرب والتظلل وكذلك الأكل ان كان لا جل الاكرام لا لأجل الدين كما قال شيخنا رحمه الله تعالى - وانما حرم ذلك لأنه مدين فيؤول للسلف بزيادة.
ثم الحرمة المتعلقة بأخذ الهدية ظاهرا وباطنا وأما المتعلقة بالدافع فهى باطلة فقط، وذلك ان قصد المهدى بهديته تأخيره بالدين ونحوه ووجب ردها ان لم تفت، والا بأن فاتت فالقيمة ومثل المثلى. وان قصد المهدى وجه الله تعالى فقط بهديته كانت الحرمة ظاهرا فقط فيقضى عليه بردها ان كانت قائمة أو رد قيمتها أو مثلها ان فاتت ولا حرمة عليه فيما بينه وبين الله. هذا اذا لم يتقدم قبل القرض مثلها فان تقدم مثلها - من المهدى الى المهدى له صفة وقدرا لم يحرم وكذا تكون الحرمة اذا لم يحدث ما يوجب الهدية من المدين لرب الدين كصهارة أو جوار وكان الاهداء لذلك لا للدين. وحرم فى القرض جر منفعة للمقرض ولو كانت تلك المنفعة قليلة - كشرط قضاء يفين بسالم والعادة كالشرط أو شرط قضاء دقيق أو كعك ببلد غير بلد القرض ولو لحاج لما فيه من تخفيف مؤنة حمله، ومفهومه أنه يجوز مع عدم الشرط وهو كذلك، وخالف ذلك بعض فى الطيب من جواز ذلك ولو مع الشرط للحاج ونحوه أو شرط قضاء خبز فرن بخبز ملة
(2)
لحسن خبزها على خبز الفرن. ويحرم قرض عين اذا عظم حملها ليأخذ بدلها بموضع آخر ليدفع عن نفسه أجرة الحمل وغرر الطريق كسفتجة الا ان يعم الخوف بأن يغلب سائر الطرق فلا حرمة بل يندب للأمن على النفس أو المال بل قد يجب. وكعين كرهت اقامتها عند مالكها خوف تلف بعتة أو سوس أو عفن، أو خوف ضياع فيحرم سلفها ليأخذ بدلها ان جرى شرط أو عرف الا أن يقوم دليل على ان القصد نفع المقترض فقط، أى لا نفع المقرض أو نفع المقترض والمقرض معا كقرض الملتزمين بالبلاد فلاحيهم البذر ليزرعوا ويدفعوا لهم الخراج. أو نفع أجنبى من ناحية المقرض بحيث يكون نفعة كنفه فيمنع فى الثلاثة
(3)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى حاشية البجيرمى على منهج الطلاب أنه يشترط فى المقرض - بكسر الراء - الاختيار. فلا يصح اقراض مكره بغير حق كسائر عقوده، أما لو أكره بحق فان
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 7 ص 394 وما بعدها الى ص 396 الطبعة السابقة.
(2)
الملة بفتح الميم اسم للرماد الحار الذى يخيز به أو للحسرة التى يجعل فيها الرماد الحار لذلك
(3)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 3 ص 225، ص 226 الطبعة السابقة
اقراضه يكون صحيحا، وذلك بأن يجب عليه الاقراض بنحو اضطرار مع انحصار الأمر فيه.
ويشترط فيه كذلك ان يكون أهلا للتبرع فيما يقرضه لأن فى الاقراض تبرعا بمنفعة الشئ المقرض تلك المدة، فلا يصح اقراض الولى مال محجوره بلا ضرورة لأنه ليس أهلا للتبرع فيه. نعم للقاضى أن يقرض مال محجوره بلا ضرورة أن كان المقترض أمينا موسرا خلافا للسبكى رحمه الله تعالى لكثرة اشتغاله بأحكام الناس فربما غفل عن المال فضاع، فيقرضه من غير ضرورة ليحفظه عند المقترض. ونقل عن ابن حجر رحمه الله تعالى أنه يجب على الولى اقراض المضطر من مال المولى عليه مع انتفاء هذه الشروط. وله أن يقرض مال المفلس أيضا اذا رضى الغرماء بتأخير القسمة ليجتمع المال.
ويشترط فى المقترض ان يكون مختارا وان يكون أهلا للمعاملة، وذلك بأن يكون بالغا عاقلا غير محجور عليه، فدخل العبد المأذون له وان لم يكن أهل تبرع كالمكاتب، فيقترض بلا اذن من سيده ولا يصح اقراضه لعدم أهليته للتبرع، ويصح اقتراض الولى لموليه لأنه أهل للمعاملة فى ماله وان لم يكن أهلا للتبرع
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع أنه يشترط معرفة قدر القرض بمقدار معروف من مكيال أو صنجة أو ذراع كسائر عقود المعاوضات، فلو اقترض دراهم أو دنانير غير معروفة الوزن لم يصح القرض للجهالة بمثلها فيتعذر رد مثلها، وان كانت الدراهم أو الدنانير عددية يتعامل بها عددا لا وزنا جاز قرضها عددا ويرد بدلها عددا عملا بالعرف، ولو اقترض مكيلا جزافا أو موزونا جزافا أو قدر المكيل بمكيل بعينه أو قدر الموزون لصنجة بعينها غير معروفين عند العامة لم يصح القرض لأنه لا يأمن تلف ذلك فيتعذر رد المثل كالسلم، أما ان كان للمكيال أو الصنجة عرف صح القرض لا التعيين.
ويشترط ان يكون وصفه معروفا ليتمكن من رد بدله، ويشترط كذلك ان يكون المقرض - بكسر الراء - ممن يصح تبرعه لأنه عقد ارفاق فلم يصح الا ممن يصح تبرعه كالصدقة، فلا يفرض نحو ولى يتيم من ماله ولا مكاتب وناظر وقف منه كما لا يحابى
(2)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى: أنه
(3)
لا يجوز للاب أن يقرض مال ولده سواء كان الولد صغيرا أو كبيرا ولا يجوز للوصى أن يقرض مال يتيمه سواء كان صغيرا أو كبيرا الا حيث يكون ذلك نظرا وحياطة للصغير، وان كان القرض الى أجل ففرض على المقرض والمستقرض أن يكتباه وأن يشهدا عليه عدلين فصاعدا، أو ان يشهدا رجلا وامرأتين عدولا فصاعدا،
(4)
فان كان القرض فى سفر ولم يجد المقرض والمستقرض كتابا، فان شاء الذى له الدين أن يرتهن به رهنا فله ذلك وان شاء أن لا يرتهن فله ذلك وليس يلزمه شئ من ذلك فى الدين الحال
(1)
حاشية البجيرمى على شرح منهج الطلاب ج 2 ص 351، ص 352، الطبعة السابقة
(2)
كشاف القناع ج 2 ص 36 وتنتهى الارادات على هامشه ج 2 ص 87
(3)
المحلى لابى محمد بن أحمد بن سعيد بن حزم ج 8 ص 102 مسئلة رقم 1221 طبع ادارة الطباعة بمصر الطبعة الاولى سنة 1350 هـ
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 80 مسئلة رقم 198 الطبعة السابقة.
لا فى السفر ولا فى الحضر. والدليل على ذلك قول الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ .. »
(1)
الآية ولا يجوز تعجيل بعض الدين المؤجل على أن يبريه من الباقى فإن وقع رد وصرف إلى الغريم ما أعطى لأنه شرط ليس فى كتاب الله تعالى
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل «فلو عجل الذى عليه الحق بعض ما عليه بغير شرط ثم رغب الى صاحب الحق أن يضع عنه الباقى أو ان يضع عنه بعضه فأجابه صاحب الحق الى ذلك أو وضعه عنه كله أو بعضه بغير رغبة منه فكل ذلك جائز حسن وكلاهما مأجور، لأنه ليس هنا شرط أصلا، لكن أحدهما سارع الى الخير فى أداء بعض ما عليه فهو محسن والآخر سارع الى الابراء من حقه فهو محسن.
قال الله عز وجل «وافعلوا الخير» وهذا كله خير
(2)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى البحر الزخار: أن القرض انما يصح ممن يملك التصرف والتبرع اذ هو تمليك، فلا يصح القرض من عبد ولا من صبى ولا من محجور ولا يصح من المضارب اذ فيه ابطال النمو. ومن وكل بشراء شئ لم يكن له ان يقرضه ولا أن يقرض ثمنه لمخالفة المقصود. ويجوز للمتولى ان يقرض فضلات المساجد لمصلحة اذ مقصودها المصالح الدينية حيث يكون المستقرض مليئا يوثق بأنه سوف يرد ما استقرض. ومن صح منه ان يقبل البيع صح ان يستقرض، اذ هو مفاوضة
(3)
. وجاء فى التاج المذهب أنه لا يجوز للعبد المأذون له فى التجارة أن يقرض الا اذا جرت العادة بمثل ذلك لمثله فانه يصح، ولا فرق فى ذلك بين العبد والصغير
(4)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية أنه انما يصح اقراض الكامل على وجه يرتفع عنه الحجر فى المال. والمراد بالكامل كمال المتعاقدين معا باضافة المصدر الى الفاعل والقابل
(5)
. ولا يجوز العبد ان يتصرف فى الدين بأن يستدين ولا فيما بيده من الأموال الا بأذن السيد سواء قلنا بملكه أم أهلناه فلو استدان باذنه أو اجازته فعلى المولى وان أعتقه، وقيل:
(6)
يتبع به مع العتق استنادا الى رواية لا تنهض حجة فيما خالف القواعد الشرعية فان العبد بمنزلة الوكيل وانفاقه على نفسه وتجارته باذن المولى انفاق لمال المولى فيلزمه كما لو لم يعتق ولو كانت الاستدانة للمولى فهو عليه قولا واحدا
(7)
. وجاء فى مفتاح
(1)
الآية رقم 282 من سورة البقرة
(2)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 83 ص 84 مسئلة رقم 1204 الطبعة السابقة
(3)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد بن يحيى المرتضى فى كتاب يليه كتاب الاخبار والاثار لمحمد بن يحيى بهران الصعدى ج 3 ص 392، ص 393 للطبعة السابقة
(4)
التاج المذهب لاحكام المذهب متن الازهار فى فقه الائمة الاطهار للقاضى أحمد ابن قاسم العنسى اليمانى ج 2 ص 463، ص 464 الطبعة الأولى طبع مطابع أحياء الكتب العربية فى مصر سنة 1366 هـ، سنة 1947
(5)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 2 ص 342 الطبعة
(6)
المرجع السابق ج 2 ص 347 الطبعة السابقة.
(7)
المرجع السابق ج 1 ص 347
الكرامة أنه لا بد فى القرض من ايجاب صادر عن أهله كقولك أقرضتك أو تصرف فيه أو انتفع به أو ملكتك وعليك ان ترد عوضه وشبه ذلك. قال فى التذكرة ومن ألفاظ الايجاب:
أسلفتك أو خذ هذا بمثله أو خذه وأصرفه فيما شئت ورد مثله. وقال جماعة ان الايجاب فى القرض لا ينحصر فى لفظ كالعقود الجائزة بل كل لفظ دل عليه كفى الا ان لفظ أقرضتك صريح فى معناه فلا يحتاج الى ضميمة عليك أن ترد عوضه ونحو ذلك. وغير القرض يحتاج الى ضميمة، ولا بد فيه كذلك مع الايجاب من قبول وهو ما يدل على الرضا قولا أو فعلا، قال فى جامع المقاصد: ظاهر عباراتهم أنه لابد من الايجاب القولى وعبارة التذكرة أدل على ذلك وعبارة الارشاد والتحرير ظاهرة فى اشتراط اللفظ فيهما. وعبارة التذكرة فى القبول كعبارة الكتاب صريحة فى أنه يكتفى فى القبول بالفعلى والقولى: قال فى الدروس:
والأقرب أنه يكتفى بالقبض لأن مرجعه الى الاذن فى التصرف. وحجة من يقول بأنه يشترط الايجاب والقبول القولين أنه لا خلاف فى افادته انتقال الملك أما بالعقد والقبض أو مع ضميمة التصرف على خلاف فى ذلك، فلا جرم وجب الاقتصار فيه لمخالفته الأصل على ما يتحقق به الانتقال بالاجماع والضرورة وهو ما اذا كان بعقد يتضمن الايجاب والقبول فلا تكفى المعاطاة فيه وان اكتفى بها فى حصول اباحة التصرف قال صاحب المفتاح: ويكتفى بها فى حصول الثواب
ولزوم العوض اذ يكفى فى ذلك القصد والاعطاء والقبص بذلك القصد ولا ينبغى النزاع فى ذلك كما فى مجمع البرهان وحجة من يقول بأنه يعتبر اللفظ فى الايجاب ويكتفى بالقبول الفعلى فى حصول الملك وترتب الأحكام كعدم جواز انتزاع العين للمقرض صدق اسم القرض لغة وعرفا والاصل عدم اعتبار أمر زائد عليه، وأنه لم ينقل عن العصر السالف اعتبار الصيغة مع استمرار الطريقة على ذلك فى الجليل والحقير، بل الظاهر أنهم كانوا يكتفون بمجرد الطلب والقرينة والاعطاء كما يرشد الى ذلك حديث استقراض على بن الحسين عليهما السلام فانه كالظاهر فى ذلك. وشرطه عدم الزيادة فى القدر أو الصفة سواء كانت العين المستقرضة ربوية أم كانت غير ربوية، فلو أقرضه شيئا وشرط عليه أن يرد عليه خيرا مما اقترض كان حراما وبطل القرض اجماعا، وقد استثنى جماعة من منع اشتراط الصفة ما لو شرط الصحاح عوض الدراهم المكسرة فانه جائز، وزاد الحلبى أيضا أنه يجوز اشتراط العين من النقدين بدل المصوغ منهما واشتراط الخالص بدل الغش.
وظاهر التحرير التردد. وظاهر المحقق الأردبيلى الميل الى ذلك وتعميم الحكم فى المنفعة الحكمية قال الشيخ: وأما اشتراط الزيادة وصفا مثل ان يشترط الصحيح عوضا عن المكسرة فنقل عن الشيخ والجماعة أنه بجوز وكأنه مثل اشتراط الجيد عوضا عن الردئ للأصل، وعدم ظهور دخوله تحت الربا، وعدم دليل آخر من اجماع ونحوه. وفى هذا القول - مع اطباق باقى الأصحاب على خلاف هذا القول أنه مصادم لاجماع الغنية والسرائر والمختلف، وان ثبوت البأس المدلول عليه بالمفهوم فى الأخبار مع الزيادة مطلقا أو مع الشرط كقول الصادق عليه
السّلام: اذا أقرضت الدراهم ثم جاءك بخير منها فلا بأس اذا لم يكن بينكما شرط. فلو شرط الزيادة فى قدر القرض أو فى صفته - كأثنى عشر فى عشرة والصحيحة فى المكسرة - فسد القرض للاجماع على ذلك. ولم يفد جواز التصرف وان لم يكن ربويا. ولو تبرع المقترض بالزيادة جاز اجماعا كما فى الغنية والتذكرة وغيرهما وفى القنية الاجماع على أنه لا فرق فى ذلك بين ان يكون ذلك عادة المقترض أو لم يكن
(1)
.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل أنه يجوز القرض بشرطين احدهما: أن لا يجر نفعا فان كانت المنفعة الدافع منع اتفاقا للنهى عنه وخروجه من باب المعروف وان كانت المنفعة للقابض جاز، وان كانت المنفعة بينهما لم تجز لغير ضرورة، واختلف فى الضرورة كمسئلة السفاتج وسلف طعام سوس أو معفون ليأخذه سالما أو مبلولا ليأخذه يابسا فيمنع فى غير المسغبة اتفاقا ويختلف معها والمشهور المنع، وكذلك من أسلف ليأخذه، فى موضع آخر يمنع فيما فيه مئونة حمل ويجوز ان يصطلحا على ذلك بعد الحلول لا قبله.
الشرط الثانى: أن لا ينضم الى السلف يعنى القرض عقد آخر كالبيع وغيره
(2)
.
تملك القرض
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع أن ثبوت الملك للمستقرض فى المقرض للحال وثبوت مثله فى ذمة المستقرض للمقرض للحال وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى فى النوادر أن القرض لا يملك بالقبض ما لم يستهلك، حتى لو أقرض كرا من طعام وقبضه المستقرض ثم انه اشترى الكر الذى عليه بمائة درهم جاز البيع وعلى رواية أبى يوسف رحمه الله تعالى لا يجوز البيع لأن المقرض باع المستقرض الكر الذى عليه وليس عليه الكر فكان هذا بيع المعدوم فلم يجز، كما لو باعه الكر الذى فى هذا البيت وليس فى البيت كر، وجاز فى ظاهر الرواية لأنه باع ما فى ذمته فصار كما اذا باعه الكر الذى فى البيت وفى البيت كر. وكذلك لو كان الكر المقرض قائما فى يد المستقرض كان المستقرض بالخيار ان شاء دفع اليه هذا الكر وان شاء دفع اليه كرا آخر. ولو اراد المقرض ان يأخذ هذا الكر من المستقرض، وأراد المستقرض أن يمنعه من ذلك ويعطيه كرا آخر مثله فان له ذلك فى ظاهر الرواية. وعلى ما روى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى فى النوادر أن لا خيار للمستقرض، ويجبر على دفع ذلك الكر اذا طالب به المقرض وجه رواية أبى يوسف رحمه الله تعالى أن الاقراض اعارة بدليل أنه لا يلزم فيه الأجل، ولو كان معاوضة للزم كما فى سائر المعاوضات وكذا لا يملكه الأب والوصى والعبد المأذون والمكاتب وهؤلاء لا يملكون المعاوضات وكذلك اقراض الراهم والدنانير لا يبطل بالافتراق قبل قبض البدلين ولو كان مبادلة لبطل لانه صرف والصرف يبطل بالأفتراق قبل قبض البدلين وكذا اقراض المكيل لا يبطل بالافتراق ولو كان مبادلة لبطل لأن بيع المكيل بمكيل مثله فى الذمة لا يجوز فثبت بهذه الدلائل ان الاقراض اعارة فبقى العين على حكم ملك المقرض. أما وجه
(1)
مفتاح الكرامة فى شرح قواعد العلامة للسيد محمد جواد بن محمد بن محمد الحسينى ج 5 ص 732 وما بعدها الى ص 36 سابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل ج 4 ص 450، ص 451 الطبعة السابقة
ظاهر الرواية فهى أن المستقرض بنفس القبض صار بسبيل من التصرف فى القرض من غير اذن المقرض بيعا وهبة وصدقة وسائر التصرفات، واذا تصرف نفذ تصرفه ولا يتوقف على اجازة المقرض، وهذه أمارات الملك، وكذا مأخذ الاسم دليل عليه فان القرض قطع فى اللغة فيدل على انقطاع ملك المقرض بنفس التسليم وأما قوله اعارة والاعارة تمليك المنفعة لا تمليك العين فنعم لكن ما لا يمكن للانتفاع به مع بقاء عينه بقيام عينه مقام المنفعة صار قبض العين قائما مقام قبض المنفعة والمنفعة فى باب الاعارة تملك بالقبض لأنها تبرع بتمليك المنفعة فكذا ما هو ملحق بها وهو العين
(1)
.
مذهب المالكية:
جاء فى بلغة السالك وشرح الدردير أن المقترض يملك القرض بالعقد فيصير مالا من أمواله يقضى له به وان لم يقبضه المقترض كالهبة والصدقة وكل معروف فانه يملك بالعقد ولكن لا يتم ذلك الا بالقبض والحيازة فان حصل مانع للمتصدق أو الواهب أو فاعل المعروف بغير القرض قبل الحوز بطل بخلاف القبض لأنه لا يتوقف على الحوز، فلو حصل للمقرض مانع قبل الحوز لم يبطل خلافا لما فى كلام التتائى من ان القرض كغيره ولا يتم الا بالحوز
(2)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج ومغنى المحتاج ان المقترض يملك القرض بالقبض وان لم يتصرف فيه، كالموهوب وأولى لأن للعوض مدخلا فيه ولأنه لو لم يملك بالقبض لامتنع عليه التصرف فيه، فيعتق عليه لو كان المقرض - بفتح الراء - اصله ويلزمه نفقته ان كان حيوانا وفى قول آخر: يملك القرض بالتصرف المزيل للملك رعاية لحق المقرض لان له أن يرجع فيه ما بقى فبالتصرف يتبين حصول ملكه بالقبض قال الشبراملسى: قضيته على هذا القول أن التصرف الذى لا يزيل الملك - كالاجارة والرهن وغيرهما - لا يملك القرض به ويجوز فى الاصح للمقرض بناء على القول الاول ان يرجع فى عينه ما دام باقيا فى ملك المقترض بحاله، بأن لم يتعلق به حق لازم، وان كان مؤجرا او معلقا عتقه بصفة أو مدبرا، لأن له تغريم بدله عند الفوات فالمطالبة بعينه أولى.
والقول الثانى الذى يقابل الاصح: لا يجوز له ان يرجع فيه، بل للمقترض ان يؤدى حقه من موضع آخر كسائر الديون. أما اذا تعلق به حق لازم كأن وجده مرهونا او مكاتبا او متعلقا برقبته أرش جناية فلا رجوع. ولو زال ملكه ثم عاد رجع المقرص فى أوجه الوجهين وكما هو قياس أكثر نظائره وبه جزم العمرانى وهو ظاهر كلام ابن المقرى فى روضه.
وللمقترض أن يرده عليه قهرا ولو وجده زائدا واتصلت الزيادة اخذه بها. قال الشبراملسى ظاهر هذا القول ان المقترض ان طلب رد البدل، وهو محتمل ان لم يخرج المقرض بالزيادة عن كونه مثل المقرض صورة. فلو أقرضه عجلة صغيرة فكبرت ثم طلبها المقرض لم يجب. فان لم تتصل الزيادة أخذه بدونها من ذلك ما لو أقرضه دابة حائلا وولدت عنده فيردها بعد وضعها بدون ولدها
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى 7 ص 396 الطبعة السابقة
(2)
بلغة السالك الى أقرب المسالك ج 2 ص 99 الطبعة السابقة
المنفصل اما اقراض الدابة الحامل فلا يصح لأن القرض كالسلم والحامل لا يصح السلم فيها. أما لو وجده ناقصا فان شاء أخذه مع أرشه ومثله سليما قاله الماوردى رحمه الله تعالى ويصدق فى أنه قبضه بهذا النقص كما أفتى به بعضهم، ويؤيده أن الاصل براءة ذمته وما سيأتى فى الغصب من ان الغاصب لورد المغصوب ناقصا، وقال قبضته هكذا صدق بيمينه فسقط بذلك القول بأنه يعارضه ان الاصل السلامة وان الاصل فى كل حادث تقديره بأقرب زمن
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى أن الملك فى القرض يثبت بالعقد، وهو عقد لازم فى حق المقرض جائز فى حق المقترض فلو اراد المقرض ان يرجع فى عين ماله لم يملك ذلك لأنه أزال ملكه بعوض من غير خيار، فلم يكن له ان يرجع فيه كالمبيع، ويفارق المغصوب والعارية فانه لم يزل ملكه عنهما، ولأنه لا يملك المطالبة بمثلهما مع وجودهما. فأما المقترض فله أن يرد ما اقترضه على المقرض اذا كان على صفته لم ينقص ولم يحدث به عيب لانه على صفة حقه فلزمه قبوله كالمسلم فيه، وكما لو أعطاه غيره ويحتمل أن لا يلزم المقترض قبول ما ليس بمثلى لأن القرض فيه يوجب رد القيمة على أحد الوجهين فاذا رده بعينه لم يرد الواجب عليه فلم يجب قبوله كالمبيع
(2)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى ان من استقرض شيئا فقد ملكه وله أن يبيعه ان شاء وأن يهبه وان يتصرف فيه كسائر ملكه وهذا لا خلاف فيه وبه جاءت النصوص
(3)
وذكر صاحب المحلى أنه ان ملك الانسان شيئا ما أى شئ كان مما يحل بيعه بسبب القرض جاز له ان يبيعه قبل أن يقبضه وكذا يجوز له أن يتصرف فيه بالاصداق والهبة والصدقة حاش القمح واما القمح فانه لا يحل له أن يبيعه حتى يقبضه بأن لا يحال بين المقترض وبين ذلك القمح الذى اقترضه
(4)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى التاج المذهب ان القرض انما يملك بالقبض من المستقرض اذا كان القبض باذن المقرض، ولا تكفى التخلية. ويملك بالقبض ولو قبض بدون ايجاب وقبول لانه يكفى فيه ما جرى العرف به فى القرض ولا يصح رجوع المقرض عنه بعد أن يقبضه المقترض
(5)
واذا ملك بالقبض ما يغنيه وكان فقيرا فانه يصير به غنيا وتلزمه زكاته ويلزمه الحج أيضا اذا صار به مستطيعا
(5)
. وفاسد القرض - واذا ملك بالقبض ما يغتنيه وكان فقيرا فانه كقرض الحيوان او غيره مما لا يصح قرضه يكون حكمه كحكم فاسد البيع من انه يملك بالقبض وتلزم فيه القيمة ويصح تصرف المستقرض فيه ببيع أو غيره فيمنع رد عينه
(1)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 4 ص 226، ص 227 الطبعة السابقة ومغنى المحتاج ج 2 ص 113، ص 114 الطبعة السابقة
(2)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 314، ص 315 الطبعة السابقة
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ص 8 ص 79 مسئلة رقم 1195
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 518 ص 1508 الطبعة المتقدمة
(5)
التاج المذهب ج 2 ص 485 الطبعة السابقة.
الاستهلاك الحكمى، وتطيب فوائده ويجوز الدخول فيه ويجوز التفاسخ فيه بالتراضى أو بالحكم ما لم يمنع مانع فيهما، ويملك القيمى منه بقيمته والمثلى بمثله. أما القرض الباطل وهو الذى يقتضى عقده الربا كأن يقرضه مائة على ان يقضيه مائة وعشرين فهذا أو نحوه باطل - فلا يملك بالقبض ويكون حكمه فى يد المستقرض حكم الغصب
(1)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية: أن المقترض يملك القرض بالقبض على المشهور لا بالتصرف: قيل لانه فرع الملك فيمتنع كونه شرطا فيه، والا دار وفيه منع تبعيته للملك مطلقا، اذ يكفى فيه اذن المالك وهو هنا حاصل بالعقد بل بالايجاب
(2)
. ونقل صاحب مفتاح الكرامة عن الوسيلة أن المقترض يملك القرض بالعقد قال:
ملكه بنفس القرض الآن - أراد بالقرض القبض والتسليم - ولعله نظر ان ابقى على ظاهره الى أنه عقد مملك صدر من أهله فى محله من غير وجود ما يمنع مع قصد التمليك فينبغى أن يترتب عليه أثره ولا يحتاج الى القبض وحده، وبذلك يظهر عدم الملك بالقبض وحده من دون عقد قبله. وقد يستدل على حصول الملك به وحده باستمرار الطريقة واطلاق بعض الفتاوى الصحيحة مضافا الى عدم الاقتصار على صيغة مخصوصة وعدم نقل ذلك وعدم وقوعه فى الزمان الاول - كما قيل - وعدم اعتبار القبول القولى عند جماعة فان هذه شواهد على أن مراد من اشترط الايجاب والقبول انما هو التمييز بين القرض وبين العطية، ولما كان هذا التمييز لا يتأتى بدون لفظ يدل عليه من الموجب اشترطوا الايجاب القولى بأى لفظ يدل على المطلوب ولم يشترطوا بعد القبض ازيد من ذلك
(3)
.
فليس للمقرض أن يرتجعه كما فى السرائر وجامع الشرائع والتذكرة وغير ذلك ونسبه فى الدروس الى الفاضل وجاء فى الكفاية أن ذلك هو الاشهر فى المسالك أنه المشهور وفى الرياض نسبة الى الأكثر وقال: ان عليه عامة من تأخر وقال أيضا: ربما يستشعر من كثير من العبارات انه مجمع عليه وهذه يكذبها الوجدان وقد تبع ذلك صاحب المسالك لكنه انما استشعر ذلك من عبارة الكتاب فقط وستعرف أنه وهم والمخالف الشيخ فى الخلاف والمبسوط فقد جوز فيهما انه يجود للمقرض ان يرتجعه وظاهر الاول انه مجمع عليه حيث قال: عندنا مع التصريح فيهما بأنه يملكه بالقبض، وفى السرائر: ليس على ما قاله دليل ولا دل عليه شئ يرتضى وفى التحرير أنه ضعيف واحتج اصحاب القول المشهور بأن فائدة الملك ان لا يتسلط عليه غيره والثابت بالعقد والقبض للمقرض انما هو البدل فيستصحب الحكم الى ان يثبت المزيل، وليس هناك سوى دعوى الاجماع التى ذكرت فى المسالك - على جواز العقد وهى مع فتوى الاكثر بعد جواز الرجوع فى العين موهونة
(4)
. ونقل صاحب مفتاح الكرامة عن التحرير ان عقد القرض عقد لازم من جهة المقرض جائز من جهة المقترض، على
(1)
التاج المذهب لاحكام المذهب ج 2 ص 486 الطبعة السابقة
(2)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 342 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 5 ص 50، الى 58 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق ج 5 ص 58
معنى ان للمقترض ان يرد العين او ان يرد المثل، ولو طلب المقرض العين لم يجبر المقترض على ان يدفعها. وتظهر الفائدة فيما اذا اقرضه عينا قيمية فعلى القول بأنه جائز من طرف المقترض يجوز للمقترض ان يردها بعينها ويجبر المقرض على القبول، وأما فى المثلى فلا تظهر فائدة عند التأمل
(1)
ثم انه فى المسالك قال: ان الحكم فى المسئلة مبنى على الخلاف السابق، فان قلنا ان المقترض لا يملك القرض الا بالتصرف بأى معنى اعتبرناه فانه على ذلك يجوز للمقرض ان يرجع فى العين قبل التصرف لانها ملكه. وان قلنا ان للمقترض يملك القرض بالقبض .. فهل يمكن القول بذلك؟ ظاهر القواعد: العدم، لأنه جعل هذه المسئلة مفرعة على تلك، فاذا استقرض انسان من ينعتق عليه فانه ينعتق عليه بالقبض عندنا كما فى التذكرة ومن قال بأن الملك فى القرض بالتصرف فانه ينعتق عنده بالتصرف
(2)
.
تعليق القرض على شرط
مذهب الحنفية:
جاء فى المبسوط أن اشتراط ايفاء بدل له حمل ومؤنة فى مكان آخر فيه تفصيل وان كان بطريق الاستقراض فهذا قرض جر منفعة وهو اسقاط خطر الطريق عن نفسه ومؤنة الحمل وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرض جر منفعة وسماه ربا، وروى عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنهما قالت أعطانى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وخمسين وسقا من تمر خيبر وعشرين وسقا من شعير فقال لى عاصم بن عدى أعطيك تمرا هنا وآخذ تمرك بخيبر فقالت لا حتى أسأل عن ذلك فسألت عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فنهانى عنه وقال: كيف بالضمان فيما بين ذلك وبه نأخذ وعن محمد بن سيرين قال أقرض عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه أبى بن كعب رضى الله تعالى عنه عشرة آلاف درهم وكانت لابى رضى الله تعالى عنه نخل بعجل، فأهدى أبى بن كعب رضى الله تعالى عنه رطبا لعمر فرده عليه فلقيه أبى فقال أظننت انى اهديت اليك لاجل مالك ابعث الى مالك فخذه فقال عمر رضى الله تعالى عنه لابى رد علينا هديتنا وبه نأخذ لأن عمر رضى الله تعالى عنه انما رد الهدية مع انه كان يقبل الهدايا لأنه ظن أنه أهدى اليه لاجل ماله فكان ذلك منفعة القرض فلما أعلمه أبى رضى الله تعالى عنه انه ما أهدى اليه لاجل ما له قبل الهدية منه وهذا هو الاصل ولهذا قلنا ان المنفعة اذا كانت مشروطة فى الاقراض فهو قرض جر منفعة وان لم يكن مشروطة فلا بأس به، حتى لو رد المستقرض أجود مما قبضه، فان كان
(1)
مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة السيد محمد بن محمد الحسينى العاملى ج 5 ص 52 الطبعة السابقة
(2)
والمرجع السابق ج 5 ص 51 الطبعة السابقة.
ذلك عن شرط لم يحل لانه منفعة القرض، وان لم يكن ذلك عن شرط فلا بأس به لانه أحسن فى قضاء الدين وهو مندوب اليه، بيانه فى حديث عطاء رضى الله تعالى عنه قال:
استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل دراهم فقضاه وارجح له فقالوا أرجحت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انا كذلك نزن. فاذا جاز الرجحان له من غير شرط فكذلك صفة الجودة قالوا وانما يحل ذلك عند عدم الشرط اذا لم يكن فيه عرف ظاهر، اما اذا كان يعرف أنه فعل ذلك لاجل القرض فالتحرز عنه أولى، لان المعروف كالمشروط
(1)
وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما انه كان يأخذ الورق بمكة على ان يكتب لهم الى الكوفة بها، وتأويل هذا عندنا انه كان عن غير الشرط فأما اذا كان مشروطا فذلك مكروه والسفاتج التى تتعامله الناس على هذا ان أقرضه بغير شرط وكتب له سفتجة بذلك فلا بأس به، وان شرط فى القرض ذلك فهو مكروه لانه يسقط بذلك خطر الطريق عن نفسه فهو قرض جر منفعة
(2)
. ولو أجله عند الاقراض مدة معلومة أو بعد الاقراض لا يثبت الأجل وله ان يطالبه به فى الحال لان المقرض متبرع فلو لزم الأجل فيه لصار التبرع ملزم المتبرع شيئا - وهو الكف عن المطالبة الى مضى الاجل - وذلك يناقض موضوع التبرع وشرط ما يناقض موضوع العقد به لا يصح وكذلك الحاقه به لا يصح، فلهذا لا يلزم الاجل فيه وان ذكر بعد العقد ولان القرض بمنزلة العارية والتوقيت فى العارية لا يلزم حتى ان المعير وان وقته سنة فله أن يسترده من ساعته فكذلك الاجل فى القرض
(3)
.
وذكر صاحب منحة الخالق على البحر الرائق نقلا عن الذخيرة أن مذهب محمد بن سلمة امام بلخ أنه ان كان لرجل سلع وكان اذا استقرض انسان منه شيئا كان يبيعه أولا سلعة بنمن غال ثم نفد منه بعض الدنانير الى تمام حاجته وكثير من مشايخ بلخ كانوا يكرهون ذلك وكانوا يقولون: هذا قرض جر منفعة، ومن المشايخ من قال: ان كانا فى مجلس واحد كره والا لا بأس به وكان الشيخ الامام شمس الائمة الحلوانى يفتى بقول الخصاف ومحمد ابن سلمة ويقول: هذا ما ليس بقرض جر منفعة، هذا بيع جر منفعة وهى القرض
(4)
.
وجاء فى الفتاوى الهندية: أنه اذا اقرض رجل رجلا دراهم أو دنانير ليشترى المستقرض من المقرض متاعا بثمن غال فهو مكروه وان لم يكن شراء المتاع مشروطا فى القرض ولكن المستقرض اشترى من المقرض بعد القرض بثمن غال فعلى قول الكرخى لا بأس به وذكر الخصاف فى كتابه وقال ما أحب له ذلك وذكر شمس الائمة الحلوانى رحمه الله تعالى
(1)
المبسوط كتاب المبسوط لشمس الدين السرفى ج 14 ص 35 الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1322 هـ طبع الساسى
(2)
المرجع السابق ج 14 ص 37 الطبعة السابقة
(3)
المبسوط لشمس الدين السرفى ج 14 ص 33، ص 34 الطبعة السابقة
(4)
منحة الخالق على البحر الرائق للسيد محمد أمين الشهير بابن عابدين ج 6 ص 134 ص 135 فى كتاب على هامش البحر الرائق كنز الدقائق للامام الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم وبهامشه حواشى منحة الخالق لابن عابدين الطبعة الأولى طبع المطبعة العلمية بمصر سنة 1310 هـ
انه حرام، وذكر محمد رحمه الله تعالى فى كتاب الصرف ان السلف رضوان الله تعالى عليهم كانوا يكرهون ذلك الا ان الخصاف لم يذكر الكراهة انما قال لا احب له ذلك فهو قريب من الكراهة لكنه دون الكراهة ومحمد رحمه الله تعالى لم ير بأسا فى ذلك فانه قال فى كتاب الصرف: المستقرض اذا أهدى للمقرض شيئا لا بأس به من غير فضل فهذا دليل على أنه رفض قول السلف.
قال شيخ الاسلام جواهر زاده رحمه الله تعالى ما نقل عن السلف محمول على ما اذا كانت المنفعة - وهى شراء المتاع بثمن غال - مشروطة - فى الاستقراض وذلك مكروه بلا خلاف وما ذكر محمد رحمه الله تعالى محمول على ما اذا لم تكن المنفعة وهى الهدية مشروطة فى القرض وذلك لا بكره بلا خلاف
(1)
، وجاء فى المنتقى عن محمد رحمه الله تعالى أنه لو قال رجل لآخر أقرضنى الفا على أن أغيرك أرضى هذه تزرعها ما دامت الدراهم فى يدى فزرع المقرض لا يتصدق بشئ وأكره له هذا. كذا فى المحيط
(2)
.
مذهب المالكية:
جاء فى المدونة انه اذا أقرض شخص الى آخر ثوبا فى ثوب مثله الى أجل فان كان المقرض والمستقرض انما اعتزيا منفعة المقرض او طلب المقرض منفعة ذلك لنفسه من غير أن يعلم بذلك صاحبه فلا يجوز. وكذلك لا يجوز ان أقرضه دنانير أو دراهم طلب المقرض المنفعة بذلك لنفسه ولم يعلم بذلك صاحبه الا أنه كره أن يكون فى بيته وأراد أن يحرزها فى ضمان غيره فأقرضها رجلا، ومثل الدنانير والدراهم فى ذلك الحكم العروض وما يكال أو يوزن وكل شئ يقرض وروى مالك رحمه الله تعالى ان رجلا اتى عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما فقال: يا ابا عبد الرحمن انى أسلفت رجلا سلفا واشترطت عليه افضل مما أسلفته فقال عبد الله ذلك الربا. قال فكيف تأمرنى يا ابا عبد الرحمن. قال: السلف على ثلاثة وجوه. سلف تريد به وجه الله فلك وجه الله.
وسلف تريد به وجه صاحبك فليس لك الا وجه صاحبك، وسلف تسلفه لتأخذ به خبيثا بطيب فذلك الربا. قال: كيف تأمرنى يا أبا عبد الرحمن قال أرى أن تشق الصحيفة فأن أعطاك مثل الذى اسلفته قبلته وان اعطاك دون ما أسلفته فاخذته اجرت وان هو اعطاك فوق ما أسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر شكره لك ولك أجر ما أنظرته. وروى ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن ابى حبيب عن أبى شعيب مولى الانصار انه لستسلف بافريقية دبنارا من رجل على ان يعطيه بمصر منقوشا فسأل ابن عمر رضى الله تعالى عنهما عن ذلك فقال: لولا الشرط الذى فيه لم يكن به بأس وقال ابن عمر: انما القرض متحد. وقال القاسم وسالم رحمهما الله تعالى: انه لا بأس به ما لم يكن بينهما شرط. قال ابن عمر رضى الله تعالى عنهما: من أسلف سلفا فلا يشترط الاقضاءه، فلو اقرض شخص آخر حنطة بالفسطاط على أن يوفيها اياه فى الاسكندرية
(1)
الفتاوى الهندية المسماه بالفتاوى العالمكرية وبهامشة فتاوى قاضيخان ج 3 ص 202، ص 203 الطبعة الثانية طبع مطبعة الأميرية بمصر سنة 1310 هـ
(2)
المرجع السابق وبهامشه فتاوى قاضيخان ج 3 ص 204 الطبعة السابقة
كان ذلك حراما قال مالك رحمه الله تعالى:
نهى عن ذلك عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وقال: فأين الجمال. ولو كان لرجل مزرعة عند أرض رجل، وللآخر عند مسكن ذلك الرجل أرض يزرعها فيحصدان جميعا فيقول احدهما لصاحبه: اعطنى هاهنا طعاما بموضعى الذى اسكن فيه من زرعك وانا أعطيك فى موضعك الذى تسكن فيه من زرعى قال الامام مالك رضى الله تعالى عنه: لا خير فى ذلك. ولو اتى الرجل الى الرجل قد استحصد زرعه ويبس وزرع الآخر لم يستحصد ولم ييبس وهو يحتاج الى الطعام فيقول له أسلفنى من زرعك هذا الذى قد يبس فدانا أو فدانين أحصدهما وأدرسهما وأذريهما وأكيلهما فأعطيك ما فيهما من الكيل. قال الامام مالك رحمه الله تعالى: اذا كان ذلك من السلف على وجه المرفق لصاحبه وطلب الاخر فلا بأس فى ذلك ومن ذلك انه يحصد الزرع القليل من الزرع الكثير فيقرض منه الشئ اليسير فليس يخف بذلك عنه مؤنة ولا ذلك طلب فلا ارى به بأسا وان كان يدرسه له ويحصده ويذريه له اذا كان ذلك من المسلف على وجه الاجر وطلب المرفق بمن اسلف وان كان انما اسلفه لان يكفيه مؤنته وحصاده وعمله فهذا لا يصلح
(1)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج انه لا يجوز قرض نقدا وغير نقد ان اقترن بشرط رد صحيح عن مكسر أو رد زيادة على القدر المقرض، أو رد جيد عن ردئ او غير ذلك من كل شرط جر منفعة للمقرض كرده ببلد آخر أو رهنه بدين آخر فان فعل فسد العقد لخبر فضالة بن عبيد رضى الله تعالى عنه: كل قرض جر منفعة أى شرط فيه ما يجر الى المقرض منفعة فهو ربا وروى مرفوعا بسند ضعيف لكن صحح الامام والغزالى رفعه وروى البيهقى معناه عن جمع من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم والمعنى فيه ان موضوع القرض الارفاق فاذا شرط فيه لنفسه حقا خرج عن موضعه فمنع صحته وشمل ذلك شرطا ينفع المقرض والمقترض فيبطل به العقد فيما يظهر، ومنه القرض لمن يستأجر ملكه أى مثلا باكثر من قيمته لاجل القرض ان وقع ذلك شرطا ينفع المقرض والمقترض فيبطل به العقد فيما يظهر، ومنه القرض لمن يستأجر ملكه أى مثلا بأكثر من قيمته لاجل القرض ان وقع ذلك شرطا اذ هو حينئذ حرام فالاجماع والاكراه عندنا وحرم عند كثير من العلماء قاله السبكى رحمه الله تعالى. فلو رد من اقترض لنفسه من ماله زائدا قدرا او صفة بلا شرط فحسن، ومن ثم ندب ذلك ولم يكره للمقرض الأخذ كقبول هديته ولو فى الربوى للخير المار وفيه ان خياركم أحسنكم قضاء. نعم الأولى - كما قاله الماوردى - تنزيهه عنها قبل رد البدل، ولو اقرض من عرف برد الزيادة قاصدا ذلك كره فى أوجه الوجهين قياسا على كراهة نكاح. من عزم على أنه يطلق اذا وطئ من غير شرط. وظاهر كلامهم ملك الزائد تبعا لأنه هبة مقبوضة ولا يحتاج فيه الى ايجاب وقبول ويمتنع على البازل ورجوعه فى الزائد كما أفتى به ابن عجيل رحمه الله تعالى
(1)
المدونة الكبرى للامام مالك بن أنس رواية الامام سحنون بن سعيد عن الامام عبد الرحمن بن القاسم ج 1339 وما بعدها الى ص 135 الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر طبعة سنة 121 هـ.
وهو ظاهر. ولو شرط أن يرد مكسرا عن صحيح أو أن يقرضه شيئا آخر غيره لغى الشرط فيهما ولم يجب الوفاء به والأصح انه لا يفسد العقد لان ما جره من المنفعة ليس للمقرض بل للمقترض والعقد عقد ارفاق فكأنه زاد فى الارفاق ووعده وعدا حسنا ولا يشكل هذا بما يأتى فى نظيره من الرهن حيث يفسده لقوة داعى القرض فانه سنة ولان وضعه جر المنفعة للمقترض فلم يفسد باشتراطهما والثانى يفسد لمنافاته مقتضى العقد. ولو شرط أجلا فهو كشرط مكسر عن صحيح ان لم يكن للمقرض غرض صحيح أوله والمقترض غير ملئ فيلغو الاجل لامتناع التفاضل فيه كالربا، ويصح العقد لانه زاد فى الارفاق بجره المنفعة للمقترض ولا اعتبار بجرها له فى الاخيرة لان المقترض لما كان معسرا كان الجر اليه أقوى فغلب وبين الوفاء باشتراط الاجل كما فى تأجيل الدين الحال. قال ابن الرفعة رحمه الله تعالى: وغير الاجل مما ذكر فى معناه، ولا تمتنع المطالبة بالحال مع اليسار الا بالوصية والنذر على ما فيه مما يأتى فى بابه فبأحدهما تتأخر المطالبة به مع حلوله، وان كان للمقرض غرض كزمن نهب والمقترض ملئ بالمقرض - بفتح الراء - أو بدله فيما يظهر فكشرط رد صحيح عن مكسر فيفسد العقد فى الاصح لان فيه جر منفعة للمفرض والثانى يصح ويلغو الشرط ويجوز للمقرض ان يشترط رهنا وكفيلا عينا على قياس البيع واقرارا به عند حاكم واشهادا عليه لان هذه الامور توثيقات لا منافع زائدة فله اذا لم يوف بها المقترض ان يفسخ وان كان له الرجوع بغير شرط كما سيأتى على أن فى التوثق بها مع افادته امن الجحد فى بعض وسهولة الاستيفاء فى بعض آخر صون العرض فان الحياء والمرؤة يمنعانه من الرجوع بلا سبب بخلاف ما اذا وجد فان المقترض اذا امتنع من الوفاء بشئ من ذلك كان المقرض معذورا فى الرجوع غير ملوم. قال ابن العماد رحمه الله تعالى: ومن فوائده أن المقترض لا يحل له أن يتصرف فى العين التى اقترضها قبل الوفاء بالشرط وان قلنا يملك بالقبض كما لا يجوز للمشترى ان يتصرف فى المبيع قبل دفع الثمن الا برضا البائع والمقرض ههنا لم يبح له التصرف الا بشرط صحيح وان فى صحة هذا الشرط حثا للناس على فعل القرض وتحصيل أنواع البر وغير ذلك
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى ان كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر رحمة الله تعالى: أجمعوا على أن للمسلف اذا شرط على المستسلف زيادة او هدية فاسلف على ذلك فان أخذ الزيادة على ذلك ربا وقد روى عن أبى بن كعب وابن عباس وابن مسعود رضى الله تعالى عنهم أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ولان عقد القرض عقد ارفاق وقربة فاذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضعه، ولا فرق بين الزيادة فى القدر او فى الصفة مثل ان يقرضه مكسرة ليعطيه صحاحا أو نقد اليعطيه خيرا منه. وان شرط ان يعطيه اياه فى بلد آخر وكان لحمله ومؤنة لم يجز لأنه زيادة وان لم يكن لحمله مؤنة جاز وحكاه ابن المنذر
(1)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 1 ص 225، ص 226 الطبعة السابقة.
عن على وابن عباس والحسن بن على وابن الزبير وابن سيرين وعبد الرحمن بن الاسود وايوب السختيانى والثورى وأحمد واسحاق رضى الله تعالى عنهم وكرهه الحسن البصرى وميمون بن أبى شبيب وعبدة بن ابى لبابة لانه قد يكون فى ذلك زيادة. وقد نص الامام أحمد رحمه الله تعالى على أن من شرط أن يكتب له بها سفتجة لم يجز - ومعنى السفتجة اشتراط القضاء فى بلد اخر - وروى عنه جوازها لكونها مصلحة لهما جميعا وقال عطاء رضى الله تعالى عنه: كان ابن الزبير يأخذ من قوم بمكة دراهم ثم يكتب لهم بها الى مصعب بن الزبير فى العراق فيأخذونها منه، فسئل عن ذلك ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فلم ير به بأسا. وروى عن على رضى الله تعالى عنه أنه سئل عن مثل هذا فلم ير به بأسا وممن لم ير به بأسا ابن سيرين والنخعى رواه كله سعيد، وذكر القاضى ان للوصى قرض مال اليتيم فى بلد ليفيه فى بلد أخرى ليربح خطر الطريق والصحيح جوازه لانه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما. والشرع لا يرد بتحريم المصالح التى لا مضرة فيها بل بمشروعيتها لان هذا ليس بمنصوص على تحريمه ولا فى معنى المنصوص، فوجب ابقاؤه على الاباحة وان شرط فى القرض أن يؤجره داره أو يبيعه شيئا او ان يقرضه المقترض مرة اخرى لم يجز لأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف «ولأنه شرط عقدا فى عقد فلم يجز كما لو باعه داره بشرط ان يبيعه الآخر داره.
وان شرط أن يؤجره داره بأقل من اجرتها او على أن يستأجر دار المقرض باكثر من اجرتها أو على أن يهدى له هدية أو يعمل له عملا كان أبلغ فى التحريم. وان فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء لم يقبله ولم يجز له أن يقبله الا ان يكافئه او يحسبه من دينه، الا ان يكون ذلك شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض لما روى الأنرم رحمه الله تعالى ان رجلا كان له على سماك عشرون درهما فجعل يهدى اليه السمك وبقومه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما فسأل ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فقال: أعطه سبعة دراهم وعن ابن سيرين رحمه الله تعالى ان عمر اسلف ابى بن كعب عشرة آلاف درهم.
فأهدى اليه ابى ابن كعب من ثمرة ارضه فردها عليه ولم يقبلها فأتاه ابى فقال: لقد علم أهل المدينة انى من اطيبهم ثمرة وانه لا حاجة لنا فبم منعت هديتنا؟ ثم اهدى اليه بعد ذلك فقبل. وعن زر بن حبيش رحمه الله تعالى قال:
قلت لابى بن كعب: انى اريد ان أسير الى أرض الجهاد الى العراق فقال: انك تأتى أرضا فاش فيها الربا فان أقرضت رجلا قرضا فأتاك بقرضك ليؤدى اليك قرضك ومعه هدية فأقبض قرضك واردد عليه هديته. رواهما الأثرم وروى البخارى عن ابى بردة عن ابى موسى رضى الله تعالى عنهم قال: قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام - وذكر حديثا - وفيه ثم قال لى: انك بأرض فيها الربا فاش فاذا كان لك على رجل دين فأهدى اليك حمل تبن أو حمل شعير او حمل قت فلا تأخذه فانه ربا.
قال ابن ابى موسى رحمه الله تعالى: ولو أقرضه قرضا ثم استعمله عملا لم يكن ليستعمله مثله قبل القرض كان قرضا جر منفعة ولو استضاف غريمه ولم تكن العادة جرت بينهما بذلك حسب له ما أكله لما روى ابن ماجه فى سننه عن انس رضى الله تعالى عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اقرض أحدكم قرضا فأهدى اليه او حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله الا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك
(1)
. وان شرط فى القرض أن يوفيه أنقص مما أقرضه وكان ذلك مما يجرى فيه الربا لم يجز لافضائه الى فوات المماثلة فيما هى شرط فيه. وان كان فى غيره، لم يجز أيضا لان القرض يقتضى المثل فشرط النقصان يخالف مقتضاه فلم يجز كشرط الزيادة
(2)
.
ولو افلس غريمه فأقرضه الفا ليوفيه كل شهر شيئا معلوما جاز لانه انتفع باستيفاء ما هو مستحق له، ولو كان له عليه حنطة فأقرضه ما يشترى به حنطة يوفيه اياها لم يكن محرما لذلك، ولو اراد رجل ان يبعث الى عياله نفقة فأقرضها رجلا على ان يدفعها الى عياله فلا بأس اذا لم يأخذ عليها شيئا ولو اقرض أكاره ما يشترى به بقرا يعمل عليها فى أرضه او بذرا يبذره فيها فان شرط ذلك فى القرض لم يجز لانه شرط ما ينتفع به فأشبه شرط الزيادة، وان لم يكن شرطا فقال ابن ابى موسى رحمه الله تعالى: لا يجوز لانه قرض جر منفعة قال ولو قال اقرضنى الفا وادفع الى ارضك أزرعها بالثلث كان خبيثا والاولى ان ذلك يجوز اذا لم يكن مشروطا لان الحاجة داعية اليه والمستقرض انما يقصد نفع نفسه، وانما يحصل انتفاع المفرض ضمنا فأشبه اخذ السفتجة به وايفاءه فى بلد آخر ولانه مصلحة لهما جميعا فأشبه ما ذكرنا
(3)
. قال احمد رحمه الله تعالى ولو اقرضه تسعين دينارا بمائة عددا والوزن واحد وكايت لا تنفق فى مكان الا بالوزن جاز وان كانت تنفق برؤسها فلا يجوز وذلك لانها اذا كانت تنفق فى مكان برؤسها كان ذلك زيادة لان التسعين من المائة تقوم مقام التسعين التى اقرضه اياها ويستفضل عشرة.
ولا يجوز اشتراط الزيادة واذا كانت لا تنفق الا بالوزن فلا زيادة فيها او ان كثر عددها.
قال ولو قال اقترض لى من فلان مائة ولك عشرة فلا بأس ولو قال: اكفل عنى ولك الف لم يجز وذلك لان قوله اقترض لى ولك عشرة جعالة على فعل مباح فجازت كما لو قال: ابن لى هذا الحائط ولك عشرة واما الكفالة فان الكفيل يلزمه الدين فاذا آداه وجب له على المكفول عنه فصار كالقرض فاذا أخذ عوضا صار القرض جارا للمنفعة فلم يجز
(4)
ولا يثبت فى القرض خيار ما لان القرض دخل على بصيرة أن الحظ لغيره فأشبه الهبة والمقترض متى شاء رده فيستغنى بذلك عن ثبوت الخيار له
(5)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى أنه لا يحل ان يشترط رد أكثر مما اخذ ولا اقل وهو ربا مفسوخ، ولا يحل اشتراط رد أفضل مما أخذ ولا أدنى وهو ربا ولا يجوز اشتراط نوع غير النوع الذى أخذ ولا اشتراط أن يقضيه فى موضع كذا
(1)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 319، ص 320، ص 321 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 322، ص 323 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 323 الطبعة السابقة
(4)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 324 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 314 الطبعة السابقة.
ولا اشتراط ضامن. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل ما بال اقوام يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله، من اشترط شرطا ليس فى كتاب فليس له وان اشترط مائة شرط، كتاب الله احق وشرط الله اوثق ولا خلاف فى بطلان هذه الشروط التى ذكرنا فى القرض
(1)
وهدية الذى عليه الدين الى الذى له عليه الدين حلال وكذلك ضيافته اياه، ما لم يكن شئ من ذلك عن شرط فان كان شئ من ذلك عن شرط فهو حرام لما روينا من طريق الليث بن سعد عن سعيد بن ابى سعيد المقبرى عن أبى شريح العدوى انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه جائزته يومه وليلته والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية وقال صلى الله عليه وسلم: لو اهدى الى ذراع لقبلت، فهذا عموم لم يخص صلى الله عليه وسلم من ذلك غريما من غيره
(2)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى التاج المذهب: انه يعتبر فى القرض أن يكون غير مشروط بما يقتضى الربا نحو أن يقرضه بلا شرط أو يشرط عليه أن يرد له مثله، وان لا يكن كذلك بل مشروطا بما يقتضى الربا فهو باطل نحو ان يقرضه كذا على أن يقضيه فى مكان كذا، وله منفعة بذلك الشرط او على ان يرد له اكثر مما اقرضه هذا مع الشرط وأما مع الاضمار فان كان المضمر هو الأخذ أضمر ان يزيد فلا تأثير لضميره وان كان المضمر هو المقرض فان كان ضميره انه يأخذ الزيادة ان حصلت مع انه لم يقصدها بالاقراض فهذا جائز وان كان لا يقرض الا لاجل الزيادة فلا يجوز لان المضمر فى الربا كالمظهر. واعلم ان من صور الربا ان يكون لرجل دين على غيره فيزيد من عليه الدين شيئا ليمهله او يكون له دراهم فيقول ان لم تسلمها لوقت كذا كان عليك بكل قدر من الدراهم كذا من الطعام أو من غيره ومن ذلك ايضا ان يقرض الحب الدفين المتغير او الذى قد أكلته السوس بحب سليم. وكذلك من صور الربا أن يكون له دين فيأكل من له الدين مع من عليه الدين على وجه الضيفة وقد عرف أنه ما أضافه الا لينظره فأما لو اضافه أو أهدى اليه مكافأة على الاحسان باقراضه أو تأجيله بالدين فيما مضى فان ذلك جائز ومن صور الربا ان يقرضه قدرا من الحب ويقول ما طلع من السعر على ذلك القدر فهو لى ولا يقبل منه مثله، قال المنصور بالله عليه السلام:
قرض الحب والمطالبة به وقت القضاء وان كان غاليا جائز واخذ القيمة بغير زيادة ودفع القيمة بلا محاباة جائزه وكذلك يجوز اقراض الحب السليم عند الخوف عليه من السوس والبلل ونحوه ولا يقال بأنه قرض جر منفعه لأن المنفعة هى من غير المستقرض كما لو قصد الثواب فى قرضه فان فيه منفعة وهو الأجر وكذلك يجوز القرض عند استواء المنفعتين فى القرض ومن ذلك ما يأخذ الشركاء من الزراع وغيرهم
(3)
. ولا يجوز القرض اذا اشترط
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 77 مسئلة رقم 1192 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 8 ص 85 وما بعدها الى ص 87 مسئلة رقم 1207 الطبعة السابقة
(3)
التاج المذهب لأحكام المذهب ج 2 ص 484، ص 485 الطبعة السابقة
فيه ان يقضيه فى البلد الآخر فاذا شرط المفرض ذلك لم يجز لأن كل قرض جر منفعة فهو ربا وكذا لو اضمر هذا الشرط لم يجز أيضا لان المضمر فى الربا كالمظهر الا اذا كانت المنفعة للمستقرض فقط جاز، ولو شرط، وكذا لو كانت المنفعة لهما معا واستوت المنفعتان جاز نحو ان يريد كل واحد منهما نقل ماله الى بلد الآخر فتقارضا كذلك ليسلما من مؤنة أو خوف الطريق.
مذهب الإمامية:
جاء فى شرائع الاسلام
(1)
انه لو شرط فى القرض النفع حرم ولم يفد الملك، نعم لو تبرع المقترض بزيادة فى العين او الصفة جاز فلو شرط الصحاح عوض المكسرة قيل: يجوز والوجه المنع، ولو شرط التأجيل فى القرض لم يلزم الشرط، كذا لو اجل الحال لم يتأجل وفيه رواية مهجورة تحمل على الاستحباب، ولا فرق بين ان يكون مهرا أو ثمن مبيع أو غير ذلك، ولو أخره بزيادة فيه لم يثبت الزيادة ولا الاجل. نعم يصح تعجيله باسقاط بعضه
(2)
. وجاء فى الروضة البهية انه لا يلزم اشتراط الاجل فيه لما له القرض لا له ولا لغيره لانه عقد جائز فلا يلزم ما يشترط فيه الحاقا لشرطه بجزئه، نعم لو شرط اجل القرض فى عقد لازم لزم وجاء فى هامش الروضة البهية توضيحا لهذه العبارة انه لو شرط الاجل لمال القرض فيه لم يلزم الشرط، وكذا لو شرط فيه تأجيل مال آخر غيره مؤجل كأن قال اقرضتك كذا على أن تؤجل المال كان ذلك على كذا وهذا الشرط كجزء العقد وكل من جزئيه وهما الايجاب والقبول غير لازم فالشرط الذى هو كأحدهما كذلك واحتمل فى المسالك لزومه عملا بالعموميات
(3)
وجاء فى مفتاح الكرامة أنه لو شرط على المقترض ان يرد المكسرة عوض الصحيحة أو يرد الانقص أو شرط تأخير القضاء لغة الشرط وصح القرض لانه شرط عليه لا له، وفاقا لما جاء فى التذكرة والدروس، ولو شرط رهنا او كفيلا جاز لانه احكام ماله وكذلك الحال فيما اذا أقرضه بشرط أن يشهد على ذلك او بشرط أن يقربه عند الحاكم لان ذلك كله من التوثيق واحكام الحجة وليست بمنافع مالية اما لو شرط رهنا بدين آخر فالأقرب انه يجوز وظاهر التذكرة
(4)
الاجماع عليه. وكذا يجوز لو اقرضه بشرط ان يقترض منه أو بشرط ان يقرضه أو ان يبيعه بثمن المثل أو بدونه أو ان يسلفه أو يستلف منه. وقد حرم ذلك الامام ملا محمد الباقر لان فتح هذا الباب يسد باب المعروف بالكلية ولان ذلك قرض يجر نفعا وكل قرض كذلك فهو حرام. وخلاصة الكلام فى المقام أن الاستاذ رضى الله تعالى عنه قال: لا يجوز ان يبيع المقرض من المستقرض بأزيد من ثمن المثل أو أن يشترى منه بأنقص او ان يصالح او يعاوض كذلك أو يملك منه عينا او منفعة بعقد هبة او غيرها وادعى على ذلك الوفاق تارة، وعدم الخلاف تارة أخرى وأن الروايات بذلك
(1)
شرائع الاسلام ج 2 ص 487، ص 488 الطبعة السابقة
(2)
شرائع الاسلام للمحقق المحلى ج 1 ص 191 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 191 الطبعة السابقة
(4)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 342 الطبعة السابقة.
متضافرة، ولكنا نقول: قال الفاضل الآبى اليوسفى فى كشف الرموز أن الشيخ ادعى الاجماع على أنه لمن يقرض غيره مالا ان يبتاع منه شيئا بأقل من ثمن المثل لا على وجه التبرع بل بسبب الاقراض وانه لا يعرف له مخالفا. وقال فى الخلاف: اذا باع دارا على أن يقرضه المشترى الف درهم أو يقرضه البائع ألف درهم فانه سائغ وليس بمحظور لاجماع الفرقة. وفى القنية: يجوز ان يقرض غيره مالا على أن يأخذه فى بلد آخر أو على ان يعامله فى بيع أو اجارة أو غيرهما بدليل اجماع الطائفة
(1)
. وجاء فى التحرير انه لو شرط فى القرض ان يؤجره داره او يبيعه شيئا او يقرضه مرة أخرى جاز اما لو شرط ان يؤجره داره بأقل او يستأجر منه بأكثر فالوجه التحريم، ومنع فيه أيضا من اشتراط رهن او كفيل على قرض آخر
(2)
ولو قال: اقرضتك بشرط ان أقرضك غيره صح ولم يجب الوعد بخلاف البيع لانه عقد لازم من الطرفين فما تضمنه من الشروط الصحيحة معتبرة فى العوضين فيلزم بخلاف القرض فانه جائز من الطرفين أو من طرف المقترض. ولا يجب الشرط لانه وعد عليه لا له ورضاه ثابت معه وبدونه بطريق أولى فلا يفسد العقد ولا يلزم الشرط، بل لو كان له كما اذا كان له زمان نهب او غرق صح العقد كما عرفت آنفا واحتمل المنع حينئذ فى الدروس احتمالا
(3)
.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل أن
(4)
الشيخ أحمد بن محمد بن بكر رحمهم الله تعالى قال فى كتاب الألواح: أن من أقرض لرجل شيئا معلوما فى مكان معلوم او فى وقت معروف على أن يعطيه فى مكان آخر أو فى وقت آخر مما كان فيه النفع لهما أو لغيرهما فذلك السلف الذى جر منفعة ولا يجوز لمن فعله وقيل بالرخصة وحكى ذلك عن الشيخ الربيع سليمان بن يخلف رضى الله تعالى عنه. وقال هاشم ومسج يجوز قرض طعام فى بلد واشتراط قضائه من بلد آخر. قال أبو سعيد رحمه الله تعالى اختلف فى مقترض ببلد شرط قضائه من آخر واختار أنه اذا لم تقع فيه منفعة للمقرض جاز وان وقعت لم يعجبه لثبوت النهى عن ذلك.
قال ابن عباس رضى الله تعالى عنه: من اقرض قرضا فلا يقبل من صاحبه كرامة ولا ركوب دابة. قال المغيرة: اقرض جيرانى الى العطاء فيجئ عطاؤهم أجود من دراهمى فقال: لا بأس ان لم تشترط، وعن الزبير عن عطاء رضى الله تعالى عنهما. اقرضت ابن عمر رضى الله تعالى عنهما الفى درهم فوزتنها فاذا هى تزيد مائتين فقلت لعله اراد اختبارى فأتيته فقلت له يا أبا عبد الرحمن انك بعثت الى بزيادة مائتين على حقى، فقال: هى لك. وهو قول الربيع رحمه الله تعالى، وروى خيركم احسنكم قضاء وروى المؤمن سمح اذا قضى سمح
(5)
اذا
(1)
مفتاح الكرامة فى شرح قواعد العلامة للسيد محمد جواد بن محمد الحسينى العاملى ج 5 ص 38، ص 39 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج 5 ص 39 الطبعة السابقة
(3)
المرجع السابق ج 5 ص 45، ص 46 الطبعة السابقة
(4)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 449، ص 450 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق ج 4 ص 450 الطبعة السابقة
اقتضى، وان اعطاه اقل فرضى جاز. وفى الديوان: وان اقرض الى أجل معلوم فالقرض حائز والاجل باطل، ومنهم من يقول: هو جائز الى ذلك الاجل.
حكم التوكيل بقبض القرض
مذهب الحنفية:
جاء فى بدائع الصنائع
(1)
: أنه يجوز التوكيل بالاقراض لا يملك الموكل ما استقرضه بالاستقراض لا يملك الموكل ما استقرضه الوكيل الا اذا بلغ على وجه الرسالة بأن يقول: أرسلنى فلان اليك ليستقرض كذا
(2)
وجاء فى البحر الرائق أنه يصح التوكيل بالاقراض لا بالاستقراض وفى القنية التوكيل بالاستقراض لا يصح والتوكيل بقبض القرض يصح وذلك بأن يقول لرجل أقرضنى ثم يوكل رجلا فى قبضه فانه يصح.
وجاء فى منحة الخالق على البحر الرائق: وعن أبى يوسف رحمه الله تعالى ان التوكيل بالاستقراض جائز وقال فى أواخر الفصل التاسع والعشرين من كتاب نور العين: بعث رجلا ليستقرضه فأقرضه فضاع فى يده، فلو قال: أقرض للمرسل ضمن مرسله، ولو قال أقرضنى للمرسل ضمن رسوله. والحاصل أن التوكيل بالاقراض جائز لا بالاستقراض، والرسالة بالاستقراض تجوز، ولو أخرج وكيل الاستقراض كلامه مخرج الرسالة يقع القرض للآمر ولو أخرجه مخرج الوكالة بأن أضافه الى نفسه يقع للوكيل، ولو أن يمنعه من أمره
(3)
وجاء فى تكملة فتح القدير أن المأمور بالاستقراض ان تصرف فى عبارة نفسه بأن قال للمقرض مثلا أقرضنى عشرة دراهم كان الاستقراض لنفسه لا للآمر فله أن يمنع العشرة من الآمر كما صرحوا به، وان تصرف المأمور فى عبارة الآمر بأن قال مثلا ان فلانا يستقرض منك عشرة دراهم ففعل المقرض كانت العشرة للآمر ولكن المأمور يصير فى هذه الصورة رسولا لا وكيلا والباطل هو الوكالة فى الاستقراض دون الرسالة فيه، فان الرسالة موضوعة لنقل عبارة المرسل والرسول معبر والعبارات ملك المرسل فقد أمره بالتصرف فى ملكه باعتبار العبارة فيصح فيما هو حقه، وأما الوكالة فغير موضوعة لنقل عبارة الموكل بل العبارة للوكيل فلا يمكننا تصحيح هذا الأمر باعتبار العبارة كما نص عليه فى الذخيرة، وروى صاحب تكملة فتح القدير عن صاحب العناية أن التوكيل بالاستقراض لا يصح لانه أمر بالتصرف فى مال الغير وهو لا يجوز. ثم رد صاحب التكملة هذا الرأى بقوله: أقول فيه بحث أما أولا فلأن الدليل الذى ذكره لبطلان التوكيل بالاستقراض - وهو الدليل المأخوذ من الذخيرة ومختار جمهور الشراح على ما ذكروا فى صدر كتاب الوكالة - ليس بتام عندى، لأن التصرف فى ملك الغير والأمر به انما لا يجوز لو كان بغير اذن المالك ورضاه
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 6 ص 23 الطبعة السابقة.
(2)
البحر الرائق شرح منحة الخالق ج 7 ص 156. ص 157 الطبعة السابقة
(3)
البحر الرائق شرح منحة الخالق ج 7 ص 156
كما لو غصب ملك الغير أو أمر بغصبه اما اذا كان باذنه ورضاه فيجوز قطعا الا يرى أن أن المستقرض لنفسه يقبض المال المستقرض الذى هو ملك المقرض ويتصرف فيه وكذا المستعير يقبض المستعار الذى هو ملك المعير ويستعمله ولا خلاف لاحد فى جواز ذلك.
والظاهر أن التوكيل بالاستقراض انما هو الأمر بالتصرف فى ملك المقرض باذنه ورضاه لا بالجبر والغصب فينبغى أن يجوز ايضا، واما ثانيا فلأن ما ذكره فى الرد له بالتوكيل فى الشراء من انه أمر بقبض المبيع وهو ملك الغير ليس بصحيح اذ لا نسلم ان التوكيل بالشراء أمر بقبض المبيع بل هو أمر بايجاد العقد وقبض المبيع من متفرعات العقد غير داخل فيه فلا يكون الأمر بالشراء أمرا بقبض المبيع سلمنا ان التوكيل بالشراء أمر بقبض المبيع ايضا لكنه أمر به بعد ايجاد العقد لا قبله كما لا يخفى والمبيع بعد ايجاد العقد ملك المشترى لا ملك الغير بخلاف الاستقراض فان المستقرض لا يكون ملك المستقرض بمجرد العقد بل بالقبض على ما صرحوا به فالصواب فى تمشية النقض بالتوكيل بالشراء ان يقال أنه أمر بتملك المبيع الذى هو ملك الغير كما ذكر فى الذخيرة وغيرها.
وأما ثالثا فلأنه ان أراد بقوله فى الجواب عن النقض المذكور أن محله هو الثمن فى ذمة الموكل ان محل التوكيل بالشراء هو نفس الثمن فلا نسلم ذلك لان نفس الثمن انما هو محل التوكيل بايفاء الثمن بعد تمام عقد الشراء لا محل التوكيل بالشراء نفسه وان اراد بذلك ان محله هو ايجاب الثمن فى ذمة الموكل كما هو الظاهر من قوله فى ذمة الموكل والمصرح به فى الذخيرة وغيرها فهو مسلم لكن لا يتم حينئذ جوابه عن الايراد الآتى فان معناه حينئذ هو أنه هلا جعل محله فى الاستقراض ايضا ايجاب البدل فى ذمة الموكل؟ ولا يتيسر الجواب عنه بأن ذلك محل ايفاء القرض لان محل ايفائه هو نفس البدل لا ايجابه فى ذمة الموكل بل الجواب الصحيح عنه ما ذكره فى الذخيرة وغيرها من ان البدل فى باب القرض انما يجب فى ذمة المستقرض بالقبض لا بعقد القرض فلابد من تصحيح الأمر بالقبض أولا حتى يستقيم الأمر بايجاب المثل فى ذمته والأمر بالقبض لم يصح بعد لكون المقبوض ملك الغير.
وأما رابعا فلان قوله فى الجواب عن النقض بالاتهاب والاستعارة ان المستعار والموهوب محل التوكيل بالاعارة والهبة لا الاستعارة والاتهاب وانما محله فيهما عبارة الموكل - غير تام فانه ان قال الوكيل بالاستعارة ان فلانا ارسلنى اليك يستعير منك كذا، وقال الوكيل بالاتهاب ان فلانا ارسلنى اليك يتهب منك كذا فانهما فى هذه الصورة كانا متصرفين فى عبارة الموكل ولكنهما لم يخرجا الكلام حينئذ مخرج الوكالة بل اخرجاه مخرج الرسالة والكلام هنا فى حكم الوكالة دون الرسالة فان الرسالة صحيحة فى الاستقراض أيضا حتى أن الوكيل بالاستقراض لو أخرج.
كلامه مخرج الرسالة فقال أن فلانا أرسلنى اليك ليستقرض منك كذا كان ما استقرضه للموكل ولا يكون للوكيل أن يمنع ذلك منه كما صرح به فى الذخيرة وغيرها.
مذهب المالكية:
جاء فى الشرح الكبير
(1)
وحاشية الدسوقى عليه أنه يصح للشخص أن يؤكل آخر فى قبض حق له على الغير وكذا يصح له أن يوكل آخر فى قضاء دين عليه.
وجاء فى شرح منح الجليل على مختصر خليل نقلا عن المدونة أنه لا بأس فى أن تأمر الوكيل أن يبتاع لك عبد فلان بطعام الوكيل هذا أو بثوبه هذا، ويكون ذلك الشراء من الوكيل بطعامه. أو بثوبه عبد فلان لك قرضا فيه تسليف من الوكيل الطعام أو الثوب لك، وعليك يا موكل مثل الطعام أو الثوب، ذكر ابن يونس رحمه الله تعالى أن بعض شيوخنا قال:
ولا بأس كذلك فى أن تأمر الوكيل أن يبتاع لك عبد فلان بجارية الوكيل الحاضرة وعليك يا موكل مثل الجارية
(2)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى حاشية الشبراملس
(3)
على نهاية المحتاج نقلا عن شرح الروض أن المقترض لو قال لغيره ادفع مائة قرضا على الى وكيلى فلان فدفع ثم مات الآمر فليس للدافع أن يطالب الآخذ لان الآخذ لم يأخذ لنفسه وانما هو وكيل عن الآمر وقد انتهت وكالته بموت الآمر وليس للآخذ الرد عليه ولو رد ضمن للورثة وحق الدافع يتعلق بتركة الميت عموما لا بما وقع خصوصا لانه لا يتعين حقه فيه بل له أن يأخذ مثله من التركة والا فله أن يأخذ ما دفع بعينه أخذا من قولهم له الرجوع فى عينه مادام باقيا بحاله بل يؤخذ من ذلك أن له أن يأخذه من الوكيل بعد رجوعه اذا كان فى يده ولا شئ على الوكيل فى دفعه له
(4)
. وجاء فى حاشيتى قليوبى وعميره على منهاج الطالبين أن المقترض لو أرسل وكيله ليقترض له ففعل فللمقرض أن يطالبه الوكيل ويرجع الوكيل اذا غرم على موكله بخلاف ما لو ارسله الى بزاز مثلا فيأتى له بثوب يسومه فتلف فى يده فالضامن المرسل لا الرسول لأنه ليس بعاقد ولا سائم. وجاء فى مغنى المحتاج لو قال لغيره خذ من مالى الذى لى فى جهة زيد الفا قرضا فأخذها منه فان كان ما فى جهة زيد دينا عليه لم يصح قرضا لان الانسان فى ازالة ملكه لا يصير وكيلا لغيره، وانما ذلك توكيل بقبض الدين فلابد من قرض جديد أو عينا كوديعة تصح قرضا قال الماوردى رحمه الله تعالى: ولو قال لغيره اقترض لى مائة ولك على عشرة فهو جعالة، فلو أن المأمور أقرضه من ماله لم يستحق العشرة ولو قال لغيره: ادفع مائة قرضا على الى وكيلى فلان فدفع ثم مات
(1)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه للشيخ محمد عرفة الدسوقى ج 3 ص 377، ص 378 طبع مطابع دار احياء الكتب العربية
(2)
شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل للشيخ محمد عليش فى كتاب على هامشه حاشيته المسماه تسهيل منح الجليل ج 3 ص 47 الطبعة السابقة.
(3)
حاشية الشبراملسى على نهاية المحتاج ج 4 ص 227 الطبعة السابقة
(4)
حاشيتى قليوبى وعميرة على منهاج الطالبين ج 2 ص 346 الطبعة السابقة
الآمر فليس للدافع أن يطالب الآخذ لانه لم يأخذه لنفسه وانما هو وكيل عن الآمر وقد انتهت وكالته بموته وليس للآخذ الرد عليه فان رد ضمنه للورثة، وحق الدافع يتعلق بتركة الميت عموما لا بما دفع خصوصا لأن الحق قد انتقل الى الغير
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشف القناع: أنه يصح التوكيل فى القرض لان النبى صلى الله عليه وسلم وكل فيه
(2)
. ويصح أن يقول مكلف رشيد لمثله: أخرج زكاة مالى وبينها له من مالك لانه اقتراض من مال الوكيل وتوكيل فى اخراجه
(3)
، وتبطل الوكالة باقتراض الوكيل المال الذى بيده للموكل كما تبطل الوكالة بتلفه، كما اذا دفع الموكل الى الوكيل دينارا وكله فى الشراء به فاستقرض الوكيل الدينار وتصرف فيه لنفسه فان الوكالة تبطل بذلك. ولو قال رجل لرجل آخر أسلف لى الفا من مالك فى كل طعام ففعل بأن اسلف له ألفا كذلك لم يصح لان المقترض لا يملك القرض الا بقبضه فلا يصح أن يتصرف فيه قبل القبض، فلا يصح توكيله. ولو قال:
أسلف لى ألفا فى كر طعام واقبض الثمن من مالك، أو اقبض الثمن من الدين الذى لى عليك صح لأنه وكله فى الشراء والاسلاف، وفى الاقتراض منه أو القبض من دينه والدفع عنه، وكل منها صحيح مع الانفراد فكذلك يصح مع الاجتماع. وجاء فى الاقناع أنه لو كان له على رجل دراهم فأرسل اليه رسولا يقبضها فبعث اليه مع الرسول دينارا فضاع مع الرسول ضمن مال الباعث لأنه لم يأمره بمصارفته، الا أن يخبر الرسول الغريم أن رب الدين أذن له فى أن يقبض الدينار عن الدراهم فيكون من ضمان الرسول ولو كان لرجل عند آخر دنانير وثياب فبعثها اليه رسولا فقال خذ دينارا وثوبا فأخذ دينارين وثوبين فضاعت فضمان الدينار والثوب الزائدين على الباعث الذى أعطاه الدينارين والثوبين ويرجع به على الرسول.
مذهب الظاهرية:
(4)
جاء فى المحلى أنه لو قال شخص لآخر أقرضنى كذا وكذا وادفعه الى فلان، أو قال له: زن عنى لفلان كذا وكذا، أو أنفق عنى فى أمر كذا فما انفقت فهو على أو ابتع لى أمر كذا فهذا جائز لازم لأنها وكالة وكله بما أمره به.
مذهب الزيدية:
جاء
(5)
فى شرح الأزهار وحواشيه أن التوكيل فى عقد القرض يصح وأن
(1)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للخطيب الشربينى ج 2 ص 114 الطبعة السابقة
(2)
كشاف القناع على متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس الحنبلى فى كتاب على هامش شرح منتهى الارادات للشيخ منصور بن يونس البهوثى ج 2 ص 233 الطبعة الاولى طبع العامرة الشرفية سنة 1319 هـ
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 234 الطبعة السابقة
(4)
المحلى لابى محمد بن حزم الظاهرى ج 8 ص 117، ص 118 مسئلة رقم 1232 الطبعة السابقة.
(5)
شرح الازهار المنتزع من الغث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح فى فقه الائمة الاطهار ج 4 ص 239 وما بعدها الى ص 252 الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة 1358 هـ
والمرجع السابق ج 4 ص 253 الطبعة السابقة
الحقوق فى عقد القرض لا تعلق بالوكيل لأن عقد القرض يفتقر الى أن يضاف الى الأصل. واذا قال الموكل للوكيل: اقبض كل دين لى فان هذا الكلام يتناول قبض الدين الثابت فى الحال، وكذا ما حصل من الدين فى المستقبل نحو أن يثبت له دين لم يكن قد ثبت من قبل فله أن يقبضه، وجه ذلك أن (كل) لعموم الاوقات واذا قال الوكيل قبضت الدين وضاع منى وجب أن يصدق فى القبض - الا أن يسبقه الموكل بعزله قبل دعواه القبض فانه لا يقبل منه حينئذ الا ببينة - وأن يصدق فى الضياع مع يمينه وسواء كان بأجره أم لا، الا أنه اذا كان مستأجرا ضمن الا أن يبين أنه ذهب بأمر غالب.
مذهب الإمامية:
جاء فى مفتاح
(1)
الكرامة أنه لو قال شخص لآخر: اشتر لى من مالك كر طعام لم يصح لانه لا يجوز أن يشترى الانسان بماله ما يملكه من غيره كما صرح بذلك كله فى التذكرة وجامع المقاصد لان المعاوضة تقتضى انتقال كل واحد من العوضين الى مالك العوض الآخر فكان كما لو قال الراهن للمرتهن: بع الرهن لنفسك فانه لا يصح اذ لا يتصور بيعه لنفسه، وفيه ان القرائن هنا والعادة تدلان على أنه من معاطاة القرض فيكون معناه: أنت وكيلى فى أن تستقرض لى من نفسك مائة درهم وتقبض ذلك عنى وتشترى لى بها كرا من طعام والعادة مستمرة على ذلك بل السوق مفهم بذلك، يرسل الرجل الجليل الى صديقه من أهل السوق اشتر لى كذا وكذا واحسب على كما نظروا الى القرائن والعادات فى جواز استفادة التوكيل للوكيل بترفعه عما وكل فيه. وفيه أنه لا باعث على ذلك مع أن اقباض الثمن من ماله من معاطاة القرض، ثم ان الصحة فيما نحن فيه ظاهر الجامع أو صريحه.
ولو قال اشتر لى فى ذمتك واقبض الثمن عنى من مالك صح - كما فى التذكرة وجامع المقاصد - قال فى التذكرة لأنه اذا اشترى فى الذمة حصل الشراء للموكل والثمن عليه - قال صاحب مفتاح الكرامة:
لأن الوكيل اذا اشترى فى ذمته ناويا أنه للموكل جاز ويجوز أن يؤدى الوكيل دين الموكل من مال الوكيل فيرجع الاول بالآخرة الى أنه اشترى فى ذمة الموكل وضمنه للبائع فى ذمته، ومرجع الثانى الى معاطاة القرض وفيهما من الصعوبة مالا يخفى والحال فى المسئلة الأولى أسهل فليتأمل.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح
(2)
النيل: أن من اقترض برسول فلما وصله قال انه فاسد فله أن يرده وللمقرض حجته
(3)
. واذا قال المقترض أقرض على فلان فلا شئ على الرسول وأن كانت العقدة عليه للمتسلف ثم جمع بينه وبين المسلف فأقر المتسلف بأنه عليه وقد قال
(1)
مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة للسيد محمد بن محمد الحسينى العاملى ج 7 ص 554، ص 555 طبع مطبعة الشورى فى مصر سنة 1336 هـ
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 453 طبع مطبعة البارونية فى مصر
(3)
المرجع السابق للشيخ محمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 405، ص 406 السابقة.
الرسول للمسلف انه لا يضمن له هذا السلف فليس عليه شئ الا ان أنكر المرسل أو مات، لأن العقد على الرسول فيتبع مال المرسل ان عقد على نفسه ولم يقل للمسلف انه على فلان دونى ولم أضمنه لك وأنما قال ارسلنى أتسلف عليه فأسلفه وسكتا على ذلك فهو على الرسول ويتبع به المرسل، وكذا فيمن قال لرجل. أرسلنى اليك فلان أن تقرضه كذا وكذا درهما ثم هلك فلان أو غاب وطالبه الرجل فاذا لم يقر المرسل حتى مات أو غاب فالرسول مأخوذ بما قبض الا ان صح حق المقرض فى مال المرسل دينا له من ماله فلا سبيل على الرسول وان لم يصح حق المقرض فى مال المرسل دينا له من ماله فعليه أن يرد ما قبض منه ويتبع هو مال مرسله الا ان أقر قبل موته أو غيبته أنه أرسل فلانا وأما ما تساغه عليه أو أقرضه فهو عليه فعند ذلك لا سبيل على الرسول. وأن قال لمن اسلفه أو أقرضه أعلمت أن ذلك ليس على لك بوجه سواء لقيت أنت فلانا فأقر لك به او لم تلقه أو مات قبل أن تلقاه أو غاب فقال له المقرض أو المتسلف: نعم لا حق له قبلك من قبل هذا وانما حقى فيه قبل فلان أن أقر لى به وان أنكر قولك ولم يصح عليه فلا حق لى عليك من قبل ذلك وأنت منى برئ عند الله وان لم يصل الى منه شئ فليس على هذا الرسول بعد هذا شئ وذلك ان كان المرسل صادقا وان كان كاذبا فلا براءة بهذه الشروط، ومن طلب رجلا بحق فقال له: أذنت لك أن تسلف على وتستوفيه فقيل ليس له ذلك وقيل له ذلك وجاز عليه اذا صح أنه داين عليه أو تسلف ومن وكل رجلا أن يقبض له دراهم له على آخر ويبعث بها اليه فطلبها اليه فقال له أسلفنى اياها الى أجل وأبعثه بالدراهم فأسلفه فهو مكروه
(1)
.
حكم شراء المستقرض
القرض من المقرض
مذهب الحنفية:
جاء فى حاشية ابن عابدين على الدار المختار أن حكم شراء المستقرض القرض من المقرض ييختلف تبعا لاختلاف حال القرض، فتارة يشترى المستقرض ما فى ذمته للمقرض وتارة يشترى ما فى يده أى عين ما استقرضه فان كان الأول ففى الذخيرة: لو اشترى المستقرض من المقرض الكر الذى له عليه بمائة دينار جاز لأنه دين عليه لا بعقد صرف ولا سلم، فان كان مستهلكا وقت الشراء فالجواز قول الكل لانه ملكه بالاستهلاك وعليه مثله فى ذمته بلا خلاف وان كان قائما فكذلك الحكم عند أبى حنيفة ومحمد رحمها الله تعالى وعلى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى ينبغى أن لا يجوز لأنه لا يملكه ما لم يستهلكه فلم يجب مثله فى ذمته فاذا أضاف الشراء الى الكر الذى فى ذمته فقد أضافه الى معدوم فلا يجوز، وان كان الثانى ففى الذخيرة أيضا: لو استقرض رجل من رجل كرا وقبضه ثم اشترى ذلك الكر بعينه من المقرض لا يجوز على قولهما لأنه ملكه بنفس القبض فيصير مشتريا ملك نفسه، أما على قول أبى يوسف فالكر باق على ملك المقرض فيصير المستقرض مشتريا ملك غيره فيصح أما اذا كان المستقرض هو الذى باع الكر من المقرض فانه يجوز على قولهما لانه باع ملك
(1)
المرجع السابق ج 4 ص 405، 406
نفسه، واختلفوا على قول أبى يوسف رحمه الله تعالى فقال بعضهم، يجوز لأن المستقرض - على قوله - وان لم يملك الكر بنفس القرض الا أنه يملك التصرف فيه بيعا وهبة واستهلاكا فيصير ممتلكا له وبالبيع من المقرض صار متصرفا فيه ويزال عن ملك المقرض فصح البيع منه
(1)
. قال فى منحة الخالق على البحر الرائق: ويشترط أن يقبض بدله فى المجلس، قال فى الذخيرة فان قبض المقرض الثمن من المستقرض قبل ان يتفوقا فالشراء ماض على صحته لأن الافتراق حصل بعد قبض أحد البدلين حقيقية فيما ليس بصرف: وان افترقا قبل القبض انتقض البيع وعاد الكردينا فى ذمة المستقرض لأن الافتراق حصل عن دين بدين. فان أدى الثمن فوجد بالكر عيبا رده أو رجع بنقصان العيب، قال الرملى: انما كان له رده أو الرجوع بنقصان العيب لانه اشترى ما فى ذمته ودفع له ثمنه على أنه سليم فبان معيبا فيرجع بنقصانه، واما الكر الموجود فليس هو المبيع، أما اذا اشتراه بكر مثله فانه يجوز ان كان عينا ولا يجوز ان كان دينا، فلو وجد بالمقروض عيبا لم يرجع بنقصان العيب لانه يكون ربا، اذ الربوى اذا بيع بجنسه فالشرط المساواة ويكون الزائد ربا مطلقا سواء كان سليما أو معيبا. ولو اشترى المستقرض كر المقرض بعينه لم يجز لأنه ملكه الا فى رواية عن أبى يوسف رحمه الله تعالى ولو باعه من المقرض جاز ولا ينفسخ القرض
(2)
.
مذهب المالكية:
جاء فى مواهب الجليل أنه ان أراد من عليه الدين سواء كان دينا فى بيع أو فى قرض أن يصارف صاحبه عليه جاز ان كان الدين قد حل ودفع اليه العوض الآخر فى ساعته قبل أن يفترقا فقد قال فى أول كتاب الصرف من المدونة ومن لك عليه دراهم الى أجل من بيع أو قرض فأخذت بها منه دنانير نقدا لم يجز ولو كانت الدراهم حالة جاز. وعلة المنع فى ذلك أن المعجل لما فى الذمة يعد سلفا
(3)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج
(4)
أنه لو استبدل المقترض عن القرض نفسه ان كان باقيا فى يد المقترض، أو دينه ان تصرف فيه فلزمه بدله جاز ان لم يكن ثم ربا فلا يؤثر زيادة تبرع بها المؤدى بأن لم يجعلها فى مقابلة شئ وذلك لاستقراره والعلم بالقدر هنا كاف ولو باخبار المالك اذ القصد الاسقاط دون حقيقة المعاوضة فاشتراط بعضهم نحو الوزن عند قضاء القرض وان علم قدره غير صحيح وفى اشتراط قرض البدل فى المجلس وتعيينه ما سبق من أنهما ان توافقا فى علة الربا اشترط قبضه والا اشترط تعيينه
(1)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 4 ص 240 طبع المطبعة العثمانية سنة 1326 هـ.
(2)
منحة الخالق على البحر الرائق لابن عابدين ج 6 ص 134 فى كتاب على هامش البحر الرائق لابن نجيم الطبعة السابقة
(3)
مواهب الجليل ج 4 ص 310 الطبعة السابقة
(4)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 4 ص 89 الطبعة السابقة.
قال السبكى رحمه الله تعالى: وكونه حالا ومراده أنه لا يجوز أن يستبدل عنها مؤجلا فسقط قول الاذرعى ان بدل هذين لا يكون الا حالا، ولو عوض عن دين القرض الذهب ذهبا وفضة كان باطلا كما افتى به الوالد رحمه الله تعالى قال لأنه من قاعدة مد عجوة ولا يخالف ذلك ما ذكروه فيما لو صالح عن ألف درهم وخمسين دينارا دينا له على غيره بألفى درهم حيث جعلوه مستوفيا لألف درهم اذ لا ضرورة الى تقدير المعاوضة فيه ومعتاضا عن الذهب بالألف الآخر. فعلم منه أنه لو قال فى مسئلة الصلح المذكورة: عوضتك هذين الالفين عن الالف درهم وخمسين دينارا لم يصح ولهذا لو كان المصالح عنه معينا لم يصح الصلح على ما جرى عليه ابن المقرى رحمه الله تعالى فى روضه لانه اعتياض فكأنه باع ألف درهم وخمسين دينارا بألفى درهم وهو من قاعدة مدعجوة كما نبهنا على ذلك فى باب الربا لكن المعتمد الصحة. وتعقب المغربى فى حاشيته صاحب نهاية المحتاج حيث أجاز الاستبدال عن القرض نفسه فقال: ان كانت صورة هذا الاستبدال أنه يقرضه شيئا وقبل ان يقبضه اياه يبدله له فيرد عليه ان القرض لا يملك الا بالقبض بل بالاستهلاك عند بعضهم والاستبدال لا يكون الا عن شئ مملوك كما أنه لا يصح الاستبدال عن الثمن الا بعد لزوم العقد. وان كانت الصورة أن المقترض هو الذى يبدله فيرد عليه ان المقترض يملك بالقبض ويلزم من ذلك ثبوت بدله فى الذمة فلم يقع الاستبدال الا عن دين القرض لا عن نفس القرض ألا ترى أن المقترض يجوز له ان يمسك العين المقترضة ويدفع بدلها للمقرض وان كانت باقية
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى انه اذا كان لرجل فى ذمة آخر طعام من قرض جاز ان يبيعه ممن هو فى ذمته فى الصحيح من المذهب لحديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما كنا نبيع الأبعرة بالبقيع بالدراهم فنأخذ مكانها الدنانير وروى أنه لا يصح كما لا يصح فى السلم والأول أولى، فان اشتراه منه بموصوف فى الذمة من غير جنسه جاز على ان لا يتفرقا قبل القبض لأنه يكون بيع دين بدين فأن أعطاه معينا مما يشترط فيه التقابض مثل ان أعطاه بدل الحنطة شعيرا جاز، ولم يجز التفرق قبل القبض وان أعطاه معينا لا يشترط فيه التقابض جاز التفرق قبل القبض كما لو قال: بعتك هذا الشعير بمائة درهم فى ذمتك ويحتمل ان لا يجوز التفرق قبل القبض لأن المبيع فى الذمة فلم يجز التفرق قبل القبض كالسلم
(2)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى ان من كان له عند آخر دنانير أو دراهم أو قمح أو شعير او ملح أو تمر ونحو ذلك مما يقع فيه الربا أو غير ذلك مما لا يقع فيه الربا أى شئ كان لا تحاش شيئا - اما من يبيع واما من قرض أو من سلم أو من أى وجه كان ذلك له عنده - حالا كان أو غير حال، فلا يحل له أن يأخذ
(1)
حاشية المغربى الرشيدى على نهاية المحتاج الى شرح المنهاج ج 4 ص 89 فى كتاب على هامش النهاية الطبعة السابقة
(2)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 120، ص 121 الطبعة السابقة
منه شيئا من غير ماله عنده أصلا، فان أخذ دنانير عن دراهم أو دراهم عن دنانير أو شعيرا عن بر او دراهم عن عرض او نوعا عن نوع لا تحاش شيئا فهو فيما فيما يقع فيه الربا ربا محض وفيما لا يقع فيه الربا حرام بحت وأكل مال بالباطل. وكل ذلك مفسوخ مردود أبدا محكوم فيه بحكم الغصب الا ان لا يقدر على الانتصاف البته فيأخذ ما أمكنه مما يحل تملكه لا تحاش شيئا بمقدار حقه ولا مزيد فهذا حلال له برهان ذلك ما ذكرنا قبل من تحريم النبى صلى الله عليه وسلم الذهب والفضة والبر والتمر والشعير والملح الا مثلا بمثل عينا بعين ثم قال صلى الله عليه وسلم:
فاذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد والعمل الذى وصفنا ليس يدا بيد، بل أحدهم غائب ولعله لم يخرج من معدنه بعد فهو محرم بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا فروينا من طريق مسلم حدثنا محمد بن رفح - حدثنا الليث بن أسعد رضى الله تعالى عنه عن نافع ان سمع أبا سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنهما يقول: أبصرت عيناى وسمعت أذناى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا تبيعوا الورق بالورق الا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضه على بعض، ولا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز الا يدا بيد لما روى من طريق البخارى رضى الله تعالى عنه عن شعبة قال أخبرنى حبيب بن أبى ثابت قال سمعت أبا المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضى الله تعالى عنهم عن الصرف فكلاهما يقول:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا
(1)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى التاج المذهب: أنه لو كان فى ذمة رجل لرجل طعام فقضاه من جنس ذلك الطعام أو من غير جنسه صح ولو كان فى التحقيق مشتريا لما فى ذمته بهذا الطعام ولهذا لو أتى بلفظ البيع صح وكذا ما فى الذمتين كالحاضر فيجوز ان يبيع ما فى ذمة صاحبه بما فى ذمته مع اختلاف الجنس أو النوع أو الصفة فأما مع الاتفاق فيتساقطان
(2)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى الروضة البهية أنه يصح بيع دين القرض بحال وان لم يقبض من المديون وغيره حالا كان هذا الدين أم مؤجلا ولا يمنع تعذر قبضة حال البيع من صحته لأن الشرط امكانه فى الجملة لا حالة البيع، ولا فرق فى بيعه بالحال بين كونه شخصا أو مضمونا على الأقوى للأصل وعدم صدق اسم الدين عليه هذا اذا بيع بحال أما اذا بيع بمؤجل فلا يصح لانه بيع دين بدين. وفيه نظرا لان الدين الممنوع منه ما كان عوضا حال كونه دينا، والمضمون عند العقد ليس بدين وانما يصير دينا بعده فلم يتحقق بيع الدين به، ولأنه يلزم مثله فى بيعه بحال، والفرق غير واضح، ودعوى اطلاق اسم الدين عليه ان اراد وان قبل العقد ممنوع أو بعده فمشترك واطلاقهم له عليه عرفا اذا بيع به فيقولون باع فلان ماله
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 503 مسئلة رقم 1492 الطبعة السابقة
(2)
التاج المذهب لاحكام المذهب ج 2 ص 379 الطبعة السابقة.
بالدين مجاز بقصد ان الثمن بقى فى ذمته دينا بعد البيع. وبصح بيعه بحال وبزيادة عن قدره ونقيصة الا ان يكون ربويا فتعتبر المساواة.
ومنع ابن ادريس من بيع الدين على غير المديون استنادا الى دليل قاصر، وتقسيم غير حاصر، والمشهور الصحة مطلقا لعموم الادلة
(1)
.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل ان العلماء اختلفوا فى القرض فقيل يجوز ان يؤخذ غير ما أقرض ان اتفقا عليه كبر بشعير وشعير بتمر أو تمر بصوف بتقويم وبدونه وبمساواة وزيادة ونقص لأن ذلك غير بيع فى نيتهما ولا فى لفظهما ولم ينوياه حين عقد القرض ولا لفظا به وقيل: يمنع فلا يصح أن يأخذ الا جنس ما أقرض بعينه حتى لا يجوز ما نزل منزلته فلا يجوز بر بشعير ولا بر بتمر ولا تمر بلح أو صوف ونحو ذلك لأنه فى صورة بيع ما لم تقبض وربح ما لم تضمن ان ربح، وبيع ما ليس معك، وبيع الطعام قبل أن يستوفى ان كان طعاما
(2)
. ومن اقترض شيئا ثم قال للمقترض لما طالبه لا أجده فخذ منى الثمن فعرض عليه بسعره فلم يقدر على الثمن حتى رخص الشئ فقال للمقرض خذ منى ما أقرضت لى - أعنى جنسه - وطلب المقرض الدراهم قال أبو سعيد له الدراهم لأنهما سعراه بها.
وقال هاشم له الجنس وتسعيرهما ليس بشئ
(3)
.
حكم رجوع المقرض فى القرض
مذهب الحنفية:
جاء فى المبسوط ان المقرض لو أجل القرض عند الاقراض مدة معلومة أو أجله بعد الاقراض لا يثبت الأجل، وله ان يطالبه به فى الحال لأن المقرض متبرع، ولهذا لا يصح الاقراض ممن لا يملك التبرع كالعبد والمكاتب، فلو لزم الأجل فيه لصار التبرع ملزما المتبرع شيئا - وهو الكف عن المطالبة الى مضى الأجل - وذلك يناقض موضوع التبرع وشرط ما يناقض موضوع العقد به لا يصح وكذا الحاقه به لا يصح فلهذا لا يلزم الأجل فيه وان ذكر بعد العقد، وكذا له ان يطالبه بالقرض فى الحال لأن القرض بمنزلة العارية والتوقيت فى العارية لا يلزم حتى ان المعير وان وقته سنة فله أن يسترده من ساعته فكذلك الأجل فى القرض
(4)
.
مذهب المالكية:
جاء فى التاج والاكليل ان ابن شاس قال: لو اراد المقرض ان يرجع فى قرضه منع من ذلك الا بعد ان تمضى مدة الانتفاع بالشرط أو العادة وقال ابن عرفة ان لم يكن أحدهما جرى على العارية وفيها خلاف
(5)
وذكر الدسوقى فى حاشيته على الشرح الكبير أن المقترض إذا قبض القرض فإن كان له أجل مضروب أو معتاد لزم المقترض
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 343 الطبعة السابقة
(2)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 391
(3)
المرجع السابق للشيخ محمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 542 الطبعة السابقة
(4)
المبسوط لشمس الدين السرخسى ج 14 ص 33، ص 34 أول طبعة مطبعة السعادة بمصر
(5)
مواهب الجليل على شرح مختصر سيدى أبى الضياء خليل ج 4 ص 548 الطبعة السابقة
أن يرده لمقرضه اذا انقضى ذلك الأجل وإن لم ينتفع به عادة أمثاله، فإن لم يكن ضرب له أجل ولم يعتد فيه أجل فلا يلزم المقترض ان يرده لمقرضه إلا إذا انتفع به عادة أمثاله خلافا لمن قال ان القرض إذا لم يؤجل بشرط أو عادة كان على الحلول فإذا طلبه المقرض قبل انتفاع المقترض به رد اليه
(1)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج أنه يجوز للمقرض - بناء على القول بأن المقترض يملك القرض بالقبض - أن يرجع فى عين القرض مادام باقيا فى ملك المقترض بحاله بأن لم يتعلق به حق لازم فى الأصح وان كان مؤجرا أو معلقا عتقه بصفة أو مدبرا لان له تغريم بدله عند الفوات فالمطالبة بعينه أولى. والقول الثانى المقابل للأصح: لا يجوز له أن يرجع فيه أما اذا تعلق به حق لازم كأن وجده مرهونا أو مكاتبا أو متعلقا برقبته أرش جناية فلا يصح الرجوع، ولو زال ملكه ثم عاد رجع المقرض فى اوجه الوجهين وكما هو قياس أكثر نظائره وبه جزم العمرانى وهو ظاهر كلام ابن المقرى فى روضه
(2)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى أن المقرض لو أراد أن يرجع فى عين ماله لم يملك ذلك: لأنه أزال ملكه بعوض من غير خيار فلم يكن له أن يرجع فيه كالمبيع، ويفارق المغصوب والعارية فانه لم يزل ملكه عنهما، ولأنه لا يملك المطالبة بمثلهما مع وجودهما، وفى مسئلتنا بخلافه
(3)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى أن للمقرض أن يرجع متى احب
(4)
فان كان الدين حالا كان للذى أقرض أن يأخذ به المستقرض متى أحب ان شاء اثر اقراضه اياه وان شاء أنظره الى انقضاء حياته فان طالبه صاحب الدين بدينه والشئ المستقرض حاضر عند المستقرض لم يجز أن يجبر المستقرض على أن يرد الذى أخذ بعينه ولابد لكن يجبر على رد مثله، اما ذلك الشئ واما غيره مثله من نوعه لانه قد ملك الذى استقرض وصار كسائر ماله ولا فرق ولا يجوز أن يجبر على اخراج شئ بعينه من ماله اذا لم يوجب عليه قرآن ولا سنة فان لم يوجد له غيره قضى عليه حينئذ برده لانه مأمور بتعجيل انصاف غريمه فتأخيره بذلك وهو قادر على الانصاف ظلم وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:(مطل الغنى ظلم) وهذا غنى فمطله ظلم
(5)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الازهار انه ليس للمقرض أن يسترجع القرض لأنه انما يملك بالقبض بعد قول المالك أقرضتك كذا وقبول المستقرض حيث يصير به غنيا وتلزمه زكاته ويتصرف فيه بما شاء. قال فى الزهور: ولو
(1)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للمواق ج 3 ص 226، ص 227 الطبعة السابقة
(2)
نهاية المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج للرملى ج 4 ص 227 الطبعة السابقة.
(3)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 314 الطبعة السابقة
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 9 ص 123 مسئلة رقم 1629 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 79، ص 80 مسئلة رقم 1196 ومسئلة رقم 1197 الطبعة السابقة
تفاسخا، ولعل وجهه أن ليس فيه عقد يقع الفسخ عليه ذكره فى التذكرة والكواكب الا أن يقع ايجاب وقبول فيصح الفسخ. وقيل: له أن يرجع مهما بقيت العين لكن بالحكم فى الاصح كالبيع الفاسد قلت:
الحق أنه ليس بجائز من الجهتين معا ووجوب قبول الرد لوجوب قبول الايفاء لا للجواز
(1)
مذهب الإمامية:
جاء فى الخلاف
(2)
أنه يجوز للمقرض أن يرجع فى القرض لانه عين ماله فكان له أن يرجع فيه لان المنع من رجوعه فيه يحتاج الى دليل، وجاء فى شرائع الاسلام أن للامامية فى حكم رجوع المقرض فى القرض قولين أحدهما يجوز له أن يرجع فيه ولو كره المقترض. ثانيهما: لا يجوز له ذلك وهو الأشبه لان فائدة الملك التسلط
(3)
.
حكم تأجيل القرض
مذهب الحنفية:
جاء فى البحر الرائق: أنه يصح تأجيل كل دين الا القرض لان الدين حقه فله أن يؤخره سواء كان ثمن مبيع أو غيره تيسيرا على من عليه الدين ألا ترى أنه يملك إبراءه مطلقا فكذا مؤقتا ولا بد من قبوله ممن عليه الدين فلو لم يقبله بطل التأخير فيكون حالا كذا ذكره الاسبيجابى. ويصح تعليق التأجيل بالشرط فلو قال رب الدين لمن عليه ألف حالة إن دفعت إلى غدا خمسمائة فالخمسمائة الاخرى مؤخرة عنك الى سنة فهو حائز، كذا فى الذخيرة.
وانما لا يصح أن يؤجل القرض لكونه إعارة وصلة فى الابتداء حتى يصح بلفظ الإعارة ولا يملكه من لا يملك التبرع كالصبى والوصى، ولكونه معاوضة فى الانتهاء، فعلى اعتبار الابتداء لا يلزم التأجيل فيه كما فى الإعارة إذ لا جبر فى التبرع وعلى اعتبار الانتهاء لا يصح التأجيل لأنه يصير بيع الدراهم بالدراهم نسيئة وهو ربا ومرادهم من الصحة اللزوم ومن عدم صحته فى القرض عدم اللزوم - وأطلقه فشمل ما اذا اجله بعد الاستهلاك أو قبله هو الصحيح، وليس من تأجيل القرض تأجيل بدل الدراهم أو الدنانير المستهلكة اذ باستهلاكها لا تصير قرضا والحيلة فى لزوم تأجيل القرض أن يحيل المستقرض المقرض على آخر بدينه فيؤجل المقرض ذلك الرجل المحال عليه فيلزم حينئذ كذا فى فتح القدير واذا لزم فان كان للمحيل على المحال عليه دين فلا اشكال والا أقر المحيل بقدر المحال به للمحال عليه مؤجلا اليه. أشار فى المحيط وفى الظهيرية: القرض المجحود يجوز تأجيله وفى القنية من كتاب المدانيات قضى القاضى بلزم الأجل فى القرض بعد ما ثبت عنده تأجيل القرض وقال ابن أبى ليلى: يصح ويلزم الاجل، وفى تلخيص الجامع من كتاب الحوالة لو كفل بالحال مؤجلا تأخر عن الاصيل وان كان قرضا لان الدين واحد قال ابن عابدين قال فى النهر: لكن فى السراج قال ابو يوسف رحمه الله تعالى: اذا أقرض رجلا مالا فكفل به رجل عنه الى وقت كان على الكفيل الى
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 3 ص 174 الطبعة السابقة
(2)
الخلاف فى الفقه 584 مسئلة رقم 292 الطبعة السابقة
(3)
شرائع الاسلام للمحقق الحلى 1 ص 191 الطبعة السابقة
وقته وعلى المستقرض حالا قال ابن نجيم: ولا يلزم ما أجل بعد الكفالة اذ موضوعها أن يضيف الى اللازم بالكفالة لا الدين حتى لو عكس تأخر عن الاصيل أيضا حذو الابراء. ولم يستثن المصنف رحمه الله تعالى من عدم صحة تأجيل القرض شيئا، واستثنى منه فى الهداية ما اذا أوصى أن يقرض من ماله ألف درهم فلانا الى سنة حيث يلزم من ثلثه ان يقرضوه ولا يطالبوه قبل المدة وصية بالتبرع بمنزلة الوصية بالخدمة والسكنى فيلزم حقا للموصى ولا ينحصر فى هذه الصورة بل كذلك اذا كان له قرض على انسان فأوصى ان يؤجل سنة صح ولزم كما فى القنية
(1)
.
مذهب المالكية:
جاء فى مواهب الجليل: اذا وعدت غريمك بتأخير الدين لزمك لانه اسقاط لازم للحق سواء قلت له: أؤخرك أو أخرتك. وذكر الخرشى أن الاجل فى القرض من حق من هو عليه وهو كذلك قاله ابن عرفة
(2)
. وجاء فى شرح منح الجليل على مختصر خليل نقلا عن ابن العربى رحمه الله تعالى أن الامام مالكا رحمه الله تعالى عنه انفرد باشتراط الاجل فى القرض لخبر صحيح البخارى: قال اللث حدثنى جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن ابى هريرة رضى الله تعالى عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا سأل بعض بنى اسرائيل أن يسلفه الف دينار فدفعها الى أجل مسمى وقال ابن عمر وعطاء رضى الله تعالى عنهم: اذا أجله فى القرض جاز
(3)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى حاشيتى
(4)
قليوبى وعميرة على منهاج الطالبين أن تأجيل القرض الحال لا يلزم بحال الا بالايصاء أو النذر ذكره فى القوت عن الاصحاب. قال السبكى رحمه الله تعالى: وما قاله الاصحاب من عدم صحة التأجيل ظاهر، لكن قولهم الوعد لا يجب الوفاء به مشكل لمخالفته ظاهر الآيات والسنة ولان خلفه كذب وهو من خصال المنافقين
مذهب الحنابلة:
(5)
جاء فى المغنى أن للمقرض أن يطالب ببدل القرض فى الحال لأنه سبب يوجب رد المثل فى المثليات فأوجبه حالا كالاتلاف.
ولو اقرضه تفاريق ثم طالبه بها جملة فله ذلك لان الجميع حال فأشبه ما لو باعه بيوعا حالة ثم طالبه بثمنها جملة. وان أجل القرض لم يتأجل وكان حالا، وكل دين حل أجله لم يصر مؤجلا بتأجيله - وبهذا قال الحارث العكلى؟ والاوزاعى وابن المنذر - والدليل على ما نقول: أن الحق يثبت حالا، والتأجيل تبرع من المقرض ووعد فلا يلزمه أن يفى به كما لو أعاره شيئا وهذا التبرع
(1)
البحر الرائق لابن نجيم ج 6 ص 132 الطبعة السابقة وحاشية ابن عابدين الطبعة السابقة
(2)
مواهب الجليل للخطاب ج 4 ص 48 الطبعة السابقة وشرح الخرشى ج 5 ص 232 الطبعة السابقة
(3)
شرح منح الجليل على مختصر خليل المسماه منح الجليل ج 3 ص للشيخ محمد عليش فى كتاب على هامشه 51 الطبعة السابقة
(4)
حاشيتى قليوبى وعميرة على منهاج الطالبين ج 2 ص 26 الطبعة السابقة
(5)
المغنى لابن قدامة ج 4 ص 355
والوعد لا يقع عليه اسم الشرط ولو سمى فلا يشمله قول الرسول صلى الله عليه وسلم (المؤمنون عند شروطهم) فالخبر مخصوص بالعارية.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى أن من كان له دين حال أو مؤجل فحل فرغب إليه الذى عليه الحق فى أن ينظره أيضا إلى (أجل مسمى ففعل أو انظره كذلك بغير رغبة وأشهده أو لم يشهد لم يلزمه من ذلك شئ والدين حال يأخذه به متى شاء وكذلك لو أن امرأ عليه دين مؤجل فأشهد على نفسه أنه قد اسقط الاجل وجعله حالا فانه لا يلزمه ذلك والدين الى أجله كما كان لان كل ما ذكرنا شرط ليس فى كتاب الله تعالى فهو باطل وليس شئ من هذا من العقود التى افترض الله تعالى الوفاء بها لان العقود المأمور بالوفاء بها منصوصة الاسماء فى القرآن، ولا خلاف فى أن كل العقود لا يلزم الوفاء بها كمن عقد أن يكفر أو أن يزنى، وكل عقد صح مؤجلا بالقرآن أو السنة فلا يجوز البتة أبطال التأجيل فيه الا بنص آخر، وكل عقد صح حالا بالقرآن أو السنة فلا يجوز البته ابطال الحلول فيه الا بنص آخر، ولا سبيل الى نص فى ذلك. ولا يناقض هذا ما قلنا به من انه أن عجل له ما عليه قبل الأجل فان ذلك لازم له لا رجوع فيه لانه قد خرج من حقه وصيره الى غيره ووهبه فهذا جائز ليعقد أمضاه وأما ما لم يمضه فانما هو وعد، وقد ذكرنا أن الوعد لا يلزم انجازه فرضا
(1)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى التاج المذهب أنه لا يصح الانظار فى القرض، فاذا قال المقرض للمستقرض قد أنظرتك مدة كذا لم يلزمه فاذا طلبه بعد ذلك فورا وجب رد مثله ولا حكم لانظاره، وسواء أنظره حال القرض أم بعده، وكذا لو نذر عليه بالتأجيل أو أوصى له به فانه لا يصح ولا يلزمه ولكن يجوز له الانظار ويستحب الوفاء بما أنظر فيه
(2)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى كتاب الخلاف
(3)
أن من كان له على غيره دين حال من ثمن متاع أو أجرة أو صداق فحط منه شيئا أو حط جميعه كان جائزا وان أجله لم يصر مؤجلا ويستحب له أن يفى به سواء كان ذلك ثمنا أو أجرة أو صداقا أو كان قرضا أو أرش جناية وان اتفقا على الزيادة لم يصح ولم يثبت وان حط من الثمن شيئا أو حط جميعه كان ذلك ابراء ولا يلحق بالعقد ويكون ابراء فى الوقت الذى ابرأه فيه لانه اذا ثبت الحق بأحد الاسباب المتفق عليه فالزيادة عليه والحاقها به يحتاج الى دلالة والأصل عدمه.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل أنه لا يصح عند الأكثر تأجيل قرض ولو اتفقا عليه حال العقد، فهو على الحلول، سواء أجل أو لم يؤجل، وتأجيله لا ينعقد وانما
(1)
المحلى لابن حزم ج 8 ص 84 مسئلة رقم 1205
(2)
التاج المذهب ج 2 ص 456 الطبعة السابقة
(3)
كتاب الخلاف ج 1 ص 584 مسئلة رقم 293
يجوز لهما أن يصطلحا على تأخير قبضه القرض بعد ثبوته - قاله الشيخ أحمد فى الجامع - بدون تأجيل، وذلك برضى رب القرض بالتأخير ما لم ير أثر عدم الرضا.
قال فى كتاب الألواح: وما من رجل أقرض لرجل شيئا معلوما فضرب له أجلا يوفيه ماله فان ذلك القرض لا يجوز ولا يحل سبيله سبيل الربا لأنه جر منفعة فهو حرام وذلك الأجل زيادة ونفع لمن أقرض له ذلك الشئ فاذا كان فى القرض زيادة معقود عليها كما هنا فهو ربا. وهذا من صاحب كتات الألواح رحمه الله تعالى يدل على أن الزيادة تكون ربا سواء كانت فى جانب المشترى أو فى جانب البائع وكذلك الحال فى النقص، وايضا هو فى جنب المقرض لأن للأجل قسطا من الثمن ويدل على جواز القرض الى أجل ولو من أول الامر حديث التسلف من يهودى الى وقت الصدقة. وجاء فى الديوان أنه ان أقرض الى اجل معلوم فالقرض جائز والاجل بأطل، ومنهم من يقول، جائز الى ذلك الأجل. وفى الأثر اختلف فى مقرض الى اجل فقيل: ليس له ان يطلب الشئ المقترض قبل الأجل لأنه من خلف الوعد وقيل: له ان يطالبه بلا اضرار بملازمة وللمقترض اداءه قبل الأجل لأن أجل القرض غير ثابت أى لو أبى المقرض من القبض هو ظاهر كلام الشيخ احمد رحمه الله تعالى المذكور فى كتاب الألواح أن النهى عن الجر للمنفعة الوارد فى الحديث يعم جانب المقرض والمقترض.
وروى فى صحيح البخارى باسناده عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا سأل بعض بنى اسرائيل أن يسلفه ألف دينار فدفعها اليه الى أجل مسمى أجله وقال ابن عمر وعطاء رضى الله تعالى عنهم، اذا أجل فى القرض جاز. وفى موضع آخر أن ابن عمر قال فى القرض الى أجل مسمى: لا بأس به وان أعطى أفضل من دراهم ما لم يشترط
(1)
.
حكم قضاء دين القرض واستيفائه
مذهب الحنفية:
جاء فى حاشية أبن عابدين على الدر المختار أنه لو استقرض شخص من الفلوس الرائجة والدراهم غالبة الغش فكسدت فعليه مثلها كاسدة اذا هلكت وان لم تكن هلكت فعليه أن يرد عينها اتفاقا كما فى صرف الشرنبلالية ولا يغرم قيمتها وكذا كل ما يكال أو يوزن لانه مضمون بمثله فلا عبرة بغلائه ورخصه ذكره فى المبسوط من غير خلاف وجعله فى البزازية وغيرها قول الامام وعند الثانى عليه قيمتها يوم القبض وعند الثالث عليه قيمتها فى آخر يوم رواجها وعليه الفتوى فلو قال اقرضنى دانق حنطه فأقرضه ربع حنطة فعليه أن يرد مثله، واذا استقر عشرة أفلس ثم كسدت لم يكن عليه الا مثلها فى قول أبى حنيفة رحمهم الله تعالى جميعا عليه قيمتها من الفضة يستحسن ذلك. وان استقرض دانق فلوس أو نصف درهم فلوس ثم رخصت أو غلت لم يكن عليه الا مثل عدد الذى اخذه وكذلك لو قال أقرضنى عشرة دراهم غلة
(1)
شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 450 الطبعة السابقة
بدينار فأعطاء عشرة دراهم فعليه مثلها ولا ينظر الى غلاء الدراهم ولا الى رخصها وكذلك كل ما يكال ويوزن فالقرض فيه جائز، وكذلك ما يعد من البيض والجوز.
وفى الفتاوى الهندية لو استقرض حنطة فأعطى مثلها بعد ما تغير سعرها يجبر المقرض على القبول. وكذا الخلاف اذا استقرض طعاما بالعراق فطلب صاحب القرض أن يأخذه بمكة فعليه قيمته بالعراق يوم اقتراضه عند الثانى، وعند الثالث يوم اختصما وليس عليه أن يرجع معه الى العراق فيأخذ مثل طعامه فى بلد القرض. ولو استقرض الطعام ببلد الطعام فيه رخيص فلقيه المقرض فى بلد الطعام فيه غال فأخذه الطالب بحقه فليس له أن يحبس المطلوب ويؤمر المطلوب بأن يوثق له بكفيل حتى يعطيه طعامه فى البلد الذى أخذه منه فيه قال فى الذخيرة ما نصه بشر عن أبى يوسف رحمهما الله تعالى لو أقرض رجل رجلا طعاما أو غصبه اياه وله حمل ومؤنة والتقيا فى بلدة أخرى الطعام فيها أغلى أو أرخص فان أبا حنيفة رحمه الله تعالى قال: يستوثق له من المطلوب حتى يوفيه طعامه حيث غصب أو حيث اقرضه، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى ان تراضيا على هذا فحسن، وأيهما طلب القيمة أجبر الآخر عليه - وهى القيمة فى بلد الغصب أو بلد الاستقراض - والقول فى ذلك قول المطلوب. وذكر القدورى فى شرحه أنه اذا استقرض دراهم بخارية والتقيا فى بلدة لا يقدر فيها على البخارية فان كان ينفق فى ذلك البلد فان شاء صاحب الحق أجله قدر المسافة ذاهبا وجائيا واستوثق منه وان كان البلد لا ينفق فيها وجب القيمة وبهذا ظهر أنه لو كانت الدراهم فضتها خالصة أو غالبة كالريال الفرنجى فى زماننا فالواجب رد مثلها وان كانا فى بلدة أخرى لأن ثمنية الفضة لا تبطل بالكساد ولا بالرخص أو الغلاء ويدل عليه ما قدمناه عن كافى
(1)
الحاكم من أنه لا ينظر الى غلاء الدراهم ولا الى رخصها. ولو استقرض شيئا من الفواكه كيلا أو وزنا ثم انقطع عن أيدى الناس قبل ان يقبضه الى المقرض فعند أبى حنيفة رحمه الله تعالى يجبر المقرض على ان يؤخر القبض الى ادراك الجديد ليصل الى عين حقه لأن الانقطاع بمنزلة الهلاك، ومن مذهبه ان الحق لا ينقطع عن العين بالهلاك. وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: هذا لا يشبه كساد الفلوس لأن هذا مما يوجد فيجبر المقرض على التأخير الا ان يتراضيا على القيمة وهذا فى الوجه كما لو التقيا فى بلد الطعام فيه غال فليس له حبسه ويوثق له بكفيل حتى يعطيه اياه فى بلده
(2)
. وجاء فى الفتاوى الهندية أنه لو استقرض الجمد فى الصيف وسلم فى الشتاء يخرج عن العهدة.
وقال صاحب الحمد لا آخذ العام منك قال أبو بكر الاسكاف لا أعلم هاهنا حيلة سوى ان يدفع الذى عليه الجمد مثل وزنه جمدا ويطرح فى مجمدة صاحبه حتى يبرأعما عليه وقال القاضى الامام فخر الدين رحمه الله تعالى المخرج عند أن يرفع الامر الى القاضى
(1)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 4 ص 180 الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر سنة 1325 هـ
(2)
الفتاوى الهندية المسماه بالفتاوى الفالمكرية ج 3 ص 202 الطبعة السابقة
حتى يجبره على قبول مثل ما كان عليه كما لو استقرض من أخر خنطة فأعطى مثلها بعد ما تغير سعرها فأنه يجبر المقرض على القبول كذا فى مختار الفتاوى
(1)
. ولو ان رجلا له على رجل دراهم فظفر بدراهم مدينة كان له أن يأخذ دراهم المدين اذا لم تكن دراهم المدين أجود أو لم تكن مؤجلة، وان ظفن بدنانيره فى ظاهر الرواية ليس له أن يأخذها وهو الصحيح. ولو قضى المدين الدين أجود مما عليه لا يجبر رب الدين على ان يقبله كما لو دفع اليه انقص مما عليه وان قبل جاز كما لو أعطاه خلاف الجنس وهو الصحيح ولو كان الدين مؤجلا فقضاه قبل حلول الأجل يجبر على القبول، وان أعطاه المدين أكثر مما عليه وزنا فان كانت الزيادة تجرى بين الوزنين جاز واجمعوا على ان الدانق فى المائة يسير يجرى بين الوزنين، وقدر الدرهم والدرهمين كثير لا يجوز واختلفوا فى نصف الدرهم قال أبو نصر الدبوسى رحمه الله تعالى: نصف الدرهم فى المائة كثير يرد على صاحبه. فان كانت الزيادة كثيرة لا تجرى بين الوزنين ان لم يعلم المدين بالزيادة يرد الزيادة على صاحبها وان علم المدين بالزيادة فأعطاه الزيادة اختيارا فان كانت الدراهم المدفوعة مكسرة أو كانت صحاحا لا يضرها التبعيض فانه لا يجوز للقابض ان يأخذ تلك الزيادة اذا علم الدافع والقابض هكذا فى فتاوى فاضيخان وأما اذا كانت الدراهم صحاحا يضرها الكسر فان كان الرجحان زيادة يمكن تمييزها بدون الكسر بأن كان يوجد فيها درهم خفيف يكون مقدار الزيادة لا يجوز وان كان الرجحان زيادة لا يمكن تمييزها بدون الكسر يجوز بطريق الهبة. ولو أقرضه بالكوفة على أن يوفيه بالبصرة لا يجوز كذا فى المحيط وتكره السفتجة الا ان يستقرض مطلقا ويوفى بعد ذلك فى بلد آخر من غير شرط كذا فى فتاوى قاضخان
…
وان اقرض النصرانى نصرانيا خمرا ثم أسلم المقرض سقطت الخمر، ولو أسلم المستقرض فعن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنها تسقط وعنه أن عليه قيمتها وهو قول محمد رحمة الله تعالى كذا فى البحر الرائق فى المتفرقات. ولو كان لرجل على رجل جياد فأخذ منه زيوفا أو نبهرجه أو مستوقة
(2)
ورضى بها جاز فان أنفقها كره وعن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه يكره استقراض المزيفة والنبهرجة وعلى المستقرض مثلها، فان كسدت كان عليه قيمتها ولو اقرض رجل رجلا ألف درهم وقبضها المستقرض، ثم ان المقرض قال للمستقرض اصرف الدراهم التى لى عليك بالدنانير فان عين له شخصا بأن قال له مع فلان ففعل جاز بالاجماع وان لم يعين شخصا ففعل قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يجوز على المقرض وقالا يجوز فان أراد الطالب ان يأخذ الدنانير من المستقرض ودفع اليه المستقرض باختياره جاز ذلك وهذا عندهم جميعا كذا فى المحيط. ولو كان لرجل على رجل ألف درهم قرضا فصالحه على مائة منها الى الأجل. صح الحط والمائة حالة وان كان المستقرض جاحدا للقرض فالمائة الى الأجل.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 203، ص 204 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ح 3 ص 205
مذهب المالكية:
جاء فى مواهب الجليل والتاج والاكليل: أنه يجوز قضاء القرض بالمساوى والأفضل فى الصفة سواء كان ذلك القرض عينا أو طعاما أو عرضا وسواء كان ذلك القرض حالا أو مؤجلا وحل أجله أو قضاه قبل الأجل قال المواق: وان قضى فى القرض أنقص جاز مطلقا سواء كان النقص فى العدد أو فى الصفة أو فيهما وهذا اذا حل الأجل وأما قبله فلا يجوز لأنه من باب ضع وتعجل. قال الحطاب جاء فى أواخر كتاب الصرف من المدونة ان من أقرضته قمحا فقضاك دقيقا مثل كيله جاز وان كان أقل من كيله لم يجز. قال أبو الحسن رحمة الله تعالى: قوله مثل كيله جاز يريد ما لم يكن الدقيق اجود عينا والا فيمتنع لانه باع فضل ربع القمح بجودة الدقيق وقوله وان كان أقل من كيله لم يجز خلافا لا شهب فى قوله ان ذلك جائز اما قضاء القرض بالازيد فى العدد فلا يجوز ولو قل على المشهور. وقال اللخمى رحمه الله تعالى: الصحيح فى المذهب انه يجوز ان يقضيه فى القرض اكثر عددا وأجازه عبد الوهاب، وفى الرسالة: أنه لورد فى القرض اكثر عددا فى مجلس القضاء فقد اختلف فى ذلك اذا لم يكن فيه شرط ولا رأى ولا عادة فأجازه أشهب رحمه الله تعالى وكرهه ابن القاسم ولم يجزه. قال الحطاب: وأما الزيادة فى الوزن فان كان التعامل بالوزن فلا يجوز الا كرجحان ميزان، واما ان كان التعامل بالعدد فجائز أن يقضى مثل العدد الذى عليه ولو كان أزيد فى الوزن قال فى التوضيح لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلم قال: ان خيار الناس أحسنهم قضاء ولهذا أجاز أصحابنا ذلك اذا كان التعامل بالعدد لمن استسلف عشرة دراهم ناقصة او انصافا ان يقضيه عشرة دراهم كاملة بغير خلاف. قال ابن بشير رحمه الله تعالى: ان قضاه فى القرض ازيد فى المقدار وكان التعامل وزنا فحكمه ما اذا قضاه أزيد عددا وقد تقدم نص الرسالة وقال اللخمى:
ان كانت الدراهم بالميزان جاز الرجحان اذا كان يسيرا ويكره ما كثر من ذلك. هذا قوله فى المدونة ثم رشح الجواز.
قال الامام مالك رحمه الله تعالى: ان اسلفت رجلا مائة درهم عددا ووزنها نصف درهم فقضاك مائة درهم وازنة على غير شرط جاز وان قضاك تسعين وازنة فلا خير فيه. ثم قال: وان اقرضك مائة درهم وازنة عددا فقضيته خمسين درهما أنصافا جاز، ولو قضيته مائة درهم أنصافا ونصف درهم لم يجز وان كانت اقل وزنا، واصل قوله انك اذا استقرضت دراهم عددا فجائز ان تقضيه مثل عددها سواء كانت مثل وزن دراهمه أو اقل أو أكثر ويجوز ان تقضيه أقل من عددها فى مثل وزنها أو أقل اذا اتفقت العيون وأن قضيته اقل من عددها فى اكثر من وزنها أو قضيته اكثر من عددها أقل من وزنها لم يجز. قال أبو الحسن رحمه الله تعالى فى شرح المسئلة الاولى: وهذا فى بلد تجوز فيه الدراهم عددا واما فى بلد لا تجوز فيه الدراهم الا وزنا فلا يجوز بيعها ولا قرضها الا وزنا فيجوز حينئذ ان يقضيك عن مائة أنصافا خمسين درهما عددا مثل وزنها ونقل ابن عرفة
رحمه الله تعالى عن بعض شيوخه انه نقل عن بعض شيوخه انهم اختلفوا فى مسئلة المدونة المذكورة فمنهم من قيد الجواز بكون الانقص معتبرا درهما بذاته لا نصف درهم والا منع كزيادة كثير فى العدد كخمسين قيراطا جديدة تونسية لا يصح عنها خمسون درهما جديدة تونسية، ومنهم من اطلق الجواز فيصح قضاء خمسين درهما عن خمسين قيراطا. وعلم من كلام المدونة انه لا يصح ان يقضيه عن المائة الدراهم مائتى درهم انصافا، ولا يصح ان يقضيه عن المائة نصف خمسين درهما، ولا ان يقضيه عن درهم واحد نصفين وهو ظاهر
(1)
. ومن اقرض فلوسا وكذا الدراهم والدنانير - ثم انه بطل التعامل بتلك الفلوس وصار التعامل بغيرها فانه يحب له الفلوس ما دامت موجودة ولو رخصت أو غلت فان عدمت بالكلية ولم توجد فله قيمة الفلوس من يوم يجتمع استحقاقها - اى وجوبها - وحلولها وعدمها - اى انقطاعها - ويحصل ذلك بالاخير منهما، فان كان الاستحقاق أولا فليس له القيمة الا يوم العدم وان كان العدم أولا فليس له القيمة الا يوم الاستحقاق وهذا كأقصى الاجلين فى المدة والعدم. قال البرزلى:
حكى ابن يونس عن بعض القرويين انه اذا أقرضه دراهم فلم يجدها فى الموضع الذى هو به الآن أصلا فعليه قيمتها بموضع ما أقرضه اياها يوم الحكم لا يوم دفعها اليه. قال البرزلى رحمه الله تعالى: لانها انما تجب له حينئذ فاذا فقدت وجهت قيمتها يومئذ لانه وقت يقضى بها ثم قال: ونزلت مسئلة من هذا المعنى وهى من تسلف دراهم فلوسا أو نقرة بالبلاد المشرقية ثم جاء مع المقرض الى بلد المغرب ووقع الحكم بأنه يلزمه قيمتها فى بلدها يوم الحكم وهذا نحو ما تقدم لابن يونس وابى حفص وظاهر المدونة فى الرهون، وعلى القول الآخر يلزمه قيمتها فى بلدها يوم فقدت وقطعت ويكون حينئذ قيمتها يوم خروجه من البلد التى هى جارية فيه اذ هو وقت فقدها وقطعها. ولو أنه بعد الوصول حالت السكة والفلوس فى تلك البلاد فقد وقعت الفتوى بأنه يعطى قيمة الفلوس أو الدراهم المقرضة فى تلك البلد يوم الحكم
(2)
ذهبا. وجاء فى حاشية الدسوقى
(3)
على الشرح الكبير انه تجوز المقاصه
(4)
فى دين العين مطلقا أى سواء كان الدينان من بيع أو من قرض أو كان أحدهما من بيع والأخر من قرض ان اتحدا قدرا - أى وزنا أو عددا - وصفة كمحمدية ومثلها سواء حل الدينان معا أم لا بأن كانا مؤجلين اتفق أجلهما او اختلف. وان اختلف دينا العين صفة - أى جودة ورداءة - مع اتحاد النوع كمحمدية ويزيدية أو مع اختلافه كذهب وفضه فالمقاصة جائزة كذلك ان حلا معا اذ هى مع اتحاد النوع مبادلة ومع اختلافه صرف ما فى الذمة وكلاهما جائز بشرط التعجيل فى الاول والحلول فى الثانى
(5)
. وأن لم يحلا أو
(1)
مواهب الجلبل والتاج والاكليل على هامش ج 4 ص 336 وما بعدها الى ص 338 الطبعة السابقة.
(2)
مواهب الجليل والتاج والاكليل ج 4 ص 340 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 3 ص 341 الطبعة السابقة.
(4)
المقاصة اسقاط مالك من دين على فريمك فى نظير ماله عليك من دين بشروط
(5)
المرجع السابق ج 3 ص 227، وما بعدها 229 مسئلة رقم 293 الطبعة السابق
حل أحدهما دون الاخر فلا تجوز المقاصة لانها مع اتحاد النوع بدل مستأخر ومع اختلافه صرف مستأخر. وتجوز المقاصة فى دينى الطعام من قرض ان اتفق الدينان صفة وقدرا سواء حلا أو حل احدهما أم لم يحلا كأن اختلفا صفة مع اتحاد النوع كسمراء ومحمولة أو مع اختلافه كقمح وفول فتجوز المقاصة ان حلا والا فلا كأن اختلفا قدرا
(1)
وتجوز المقاصة فى دينى الطعام اذا كان احدهما من بيع والآخر من قرض وذلك بشرطين الاول أن يتفقا فى القدر والصفة والثانى ان يكونا حالين معا لان الذى أسلم كأنه اقتضى عن طعام السلم الذى له طعام القرض الذى عليه من نفسه ولا محظور فى ذلك اما اذا لم يحلا او حل احدهما فقط فتمنع المقاصة عند ابن القاسم رحمه الله تعالى لاختلاف الاغراض باختلاف الاجل. واذا كان الدينان عرضين وهو ما قابل العين والطعام - فأن اتفقا فى النوع والصفة كثوبين هرويين أو مرويين او ثوبين من القطن جيدين او رديئين جازت المقاصة اذا حل أجلهما أو حل احدهما او لم يحلا واتفقا اجلا او اختلفا وسواء كان العرضان من قرض او من بيع او احدهما من بيع والآخر من قرض. وأن اختلفا فى النوع كثوب وكساء أو ثوب وجوخة - وجازت المقاصة كذلك اذا حل أجلهما أو كانا مؤجلين واتفقا أجلا أو حل أحدهما سواء كان العرضان من بيع أن من قرض أو مختلفين ولا تجوز الماصة اذا كانا مؤجلين وأختلفا أجلا سواء كانا من بيع أو من قرض أو مختلفين. اما أن اتحدا نوعا واختلفا فى الصفة كثوبين من القطن مختلفين فى الجودة والرداءة وكثوبين أحدهما هروية والأخرى مروية - فالمقاصة جائزة اذا حل العرضان أو كانا مؤجلين وأتفقا أجلا سواء كانا من بيع أو من قرض أو مختلفين بخلاف ما اذا كانا مؤجلين والأجل مختلف أو حل أحدهما دون الآخر سواء كانا من بيع أو من قرض أو كانا مختلفين فانه لا تجوز المقاصة فيه
(2)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى نهاية المحتاج أن القرض يرد حتما - حيث لا استبدال - المثل فى المثلى لانه اقرب الى حقه ولو فى نقد بطلت المعاملة به فشمل ذلك ما عمت به البلوى فى زماننا فى الديار المصرية من اقراض الفلوس الجدد ثم ابطالها واخراج غيرها وان لم تكن نقدا أما مع الاستبدال كأن عوضه عن بر فى ذمته ثوبا أو دراهم فلا يمتنع ويرد فى المتقوم المثل صورة لخبر مسلم رحمه الله تعالى أن النبى صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا
(3)
ورد رباعيا وقال ان خياركم احسنكم قضاء ومن لازم اعتبار المثلى الصورى اعتبار ما فيه من المعانى التى تزاد القيمة بها كحرفة الرقيق وفراهية
(4)
الدابة كما قاله ابن النقيب فيرد ما يجمع
(1)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 3 ص 227 وما بعدها الى ص 229 الطبعة السابقة.
(2)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 3 ص 229، ص 230 الطبعة السابقة.
(3)
البكر بفتح الباء هو الثنى من الابل وهو ماله خمس سنين ودخل فى السادسة والرباعى ما استكمل ست سنين ودخل فى السابقة.
(4)
الفاره من الناس الحاذق والملح الحسن ومن الدواب الجيد السير مختار الصحاح.
تلك الصفات كلها حتى لا يفوت عليه شئ ويصدق المقترض فيها بيمينه لانه غارم فان لم يتأت له ذلك اعتبر مع الصورة مراعاة القيمة قال شيخنا الزيادى رحمه الله تعالى: وعليه فلو لم يوجد عبد تبلغ قيمته قيمة العبد المقرض مع ملاحظة صفاته قيل: يرد قيمة العبد المقرض دراهم لتعذر رد مثله وقيل بل يرد مثله صورة ويرد معه من المال ما يبلغ به قيمة العبد المقرض وفيه نظر والظاهر الاول للعلة المذكورة اما ماجرت به العادة فى زماننا من دفع النقوط فى الافراح لصاحب الفرح فى يده أو فى يد ماذونه فقيل: يكون ذلك هبة لا قرضا وقيل: بل هو قرض أطلق الثانى جمع وجرى على الأول بعضهم وقال هذا البعض ولا أثر للعرف فيه لاضطرابه ما لم يقل خذه مثلا وينوى القرض وصدق فى نية ذلك هو ووارثه وعلى هذا يحمل اطلاق من قال بالثانى. وجمع بعضهم بين القولين بحمل القول الاول على ما اذا لم يعتد الرجوع به ويختلف بأختلاف الاشخاص والمقدار والبلاد وحمل القول الثانى على ما اعتيد وحيث علم اختلافه تعين ما ذكر من الجمع بين القولين وانه يكون قرضا حيث جرت العادة برد مثله ان قال خذه ونوى به القرض. قال الشهاب بن حجر رحمه الله تعالى: وافتى بعضهم فى أخ انفق على اخيه الرشيد وعياله سنين وهو ساكت ثم اراد الرجوع عليه بأنه يرجع أخذا من القول بالرجوع فى مسئلة النقوط وفيه نظر، بل لا وجه له لعدم العادة بالرجوع فى ذلك وعدم الاذن من المنفق عليه، والمسائل التى صرحوا فيها بالرجوع اما لكونه أنفق باذن الحاكم أو أنفق مع الاشهاد للضرورة كما فى هرب الجمال ونحوها واما لظنه ان الانفاق لازم له كما اتفق على مطلقته الحامل فبان أن لا حمل او نفى حمل الملاعنة ثم استلحقه فترجع بما انفقته عليه لظنها الوجوب فلا تبرع حينئذ ويرد فى المتقوم المثل صورة على ما تقدم بيانه وقيل: يرد القيمة يوم القبض واعلم أن أداء القرض كأداء المسلم فيه فى الصفة وفى الزمان والمكان فلو احضر المقترض القرض زمن النهب لا يجب على المقرض قبوله كما أنه لو احضر المسلم فيه قبل محله لا يلزمه القبول، وأن أحضر المقترض القرض فى زمن الأمن وجب قبوله. ولو ظفر المقرض بالمقترض فى غير محل الاقراض وللنقل من محله الى محل الظفر مؤنة ولم يتحملها المقرض طالبه بقيمة بلد الاقراض يوم المطالبة اذ الاعتياض عنه جائز فعلم انه لا يطالبه بمثله اذا لم يتحمل مؤنة حمله لما فيه من الكلفة وانه يطالب بمثل ما لا مؤنة لحمله وهو كذلك فالمانع من طلب المثل عند الشيخين رحمهما الله تعالى هو كثير مؤنة الحمل، وعند جماعة منهم ابن الصباغ هو كون قيمة بلد المطالبة أكثر من قيمة بلد الاقراض وهذا مأخوذ من كلامهما هنا، اما بقياس الاولى او المساواة فلا مخالفة بينهما كما افاده الوالد رحمه الله تعالى لان من نظر الى المؤنة ينظر الى القيمة بطريق الاولى لأن المدار على حصول الضرر وهو موجود فى الحالين. قال الأذرعى وكلام الشافعى رحمه الله تعالى يشير الى كل من العلتين فاذا أقرضه طعاما أو نحوه فى مصر ثم لقيه فى مكة لم يلزمه ان يدفعه اليه لأنه بمكة أغلى. كذا نص عليه الشافعى رحمه الله تعالى بهذه العلة
وبان فى نقله الى مكة ضررا فالظاهر أن كل واحدة منهما علة مستقلة وحيث اخذ القيمة فهى للفيصولة لا للحيلولة فلو اجتمعا فى بلد الاقراض لم يكن للمقرض ان يردها ويطلب المثل ولا للمقترض ان يستردها - قال الشبراملسى فى حاشيته وتعرف قيمة القرض ببلد الاقراض مع كونهما فى غيرها اما ببلوغ الأخبار أو باستصحاب ما علموه ببلد الاقراض قبل مفارقتها او بعد بلوغ الخبر - هذا اذا كانت له مؤنة اما اذا لم تكن له مؤنة أو كانت له وتحملها المقرض فيطالبه به. نعم النقد اليسير الذى يعسر نقله او تفاوتت قيمته بتفاوت البلاد يكون حكمه مثل حكم الذى لنقله مؤنة كما قاله الامام رحمه الله تعالى. ومثل الشبراملسى والرشيدى للنقد الذى يعسر نقله بما يخاف عليه الطريق او نحو ذلك وقال الرشيدى مثال النقد الذى تتفاوت قيمته بتفاوت البلاد، ما اذا اقرضه دنانير مثلا فى مصر ثم لقيه فى مكة وقيمة الذهب فيها اكثر كما هو الواقع فليس له ان يطالبه بالمثل وانما يطالبه بالقيمة ولو أن من اقترض لنفسه رد من ماله زائدا على القدر المقرض قدرا أو صفة بلا شرط فحسن ومن ثم ندب له ذلك، ولم يكره للمقرض ان يأخذ الزائد كقبول هديته ولو فى الربوى للخبر المروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم «إن خياركم احسنكم قضاء» نعم الاولى كما قال الماوردى رحمه الله تعالى ان يتنزه عنها قبل رد البدل ولو اقرض من عرف برد الزيادة قاصدا ذلك كره فى أوجه الوجهين قياسا على كراهة نكاح من عزم على أن يطلق اذا وطئ من غير شرط، وظاهر كلامهم ملك الزائد تبعا لانه هبة مقبوضة ولا يحتاج فيه الى ايجاب وقبول ويمتنع على من بذل الزيادة ان يرجع فيها لدخولها فى ملك الاخذ بمجرد الدفع كما افتى به ابن عجيل وهو ظاهر قال الشبراملسى سواء كان الزائد غير متميز أو كان متميزا عن مثل المقرض كأن اقترض دراهم فردها ومعها نحو سمن ويصدق الآخذ فى كون ذلك هدية لان الظاهر معه اذ لو اراد الدافع أنه انما اتى به ليأخذ بدله لذكره.
ومعلوم مما صورنا به رد المقرض والزيادة معا ثم ادعى ان الزيادة ليست هدية فيصدق الآخذ أما لو دفع الى المقرض سمنا أو نحوه مع كون الدين باقيا فى ذمته ثم ادعى أن ما دفعه اليه من الدين لا هدية فانه يصدق الدافع فى ذلك
(1)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى المغنى أنه يجوز للمقترض أن يرد ما أقترضه على المقرض اذا كان على صفته لم ينقص منه شئ ولم يحدث به عيب لأنه على صفة حقه فلزمه أن يقبله كالمسلم فيه وكما لو أعطاه غيره، ويحتمل أن لا يلزم المقرض أن يقبل ما ليس بمثلى لان القرض فيه يوجب رد القيمة على أحد الوجهين فاذا رده بعينه لم يرد الواجب عليه فلم يجب لذلك أن يقبله كالمبيع
(2)
ويجب أن يرد المثل فى
(1)
نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباس احمد بن حمزه بن شهاب الدين الرملى وحاشية أبى الضياء نور الدين على بن على الشبراملسى وحاشية الرشيدى ح 4 ص 223 وما بعدها الى ص 229 طبع مكتبة ومطبعة البابى الحلبى فى مصر سنة 1357 هـ سنة 1938 م.
(2)
المغنى لابن قدامة المقدى ح 4 ص 315 الطبعة السابقة.
المكيل والموزون لا نعلم فيه خلافا قال ابن المنذر رحمه الله تعالى أجمع كل من تحفظ عنه من أهل العلم على أن من أسلف سلفا مما يجوز ان يسلف فرد عليه مثله أن ذلك جائز وان للمسلف ان يأخذ ذلك ولأن المكيل والموزون يضمن فى الغصب والاتلاف بمثله فكذا ها هنا فأما غير المكيل والموزون ففيه وجهان.
أحدهما: يجب أن ترد قيمته يوم القرض لأنه لا مثل له فيضمنه بقيمته كحال الاتلاف والغصب.
والوجه الثانى: يجب أن يرد مثله، لأن النبى صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فرد مثله، ويخالف الاتلاف فانه لا مسامحة فيه فوجبت القيمة لأنها أحصر والقرض أسهل ولهذا جازت النسيئة فيه فيما فيه الربا ويعتبر مثل صفاته تقريبا فان حقيقة المثل انما توجد فى المكيل والموزون فان تعذر المثل فعليه قيمته يوم تعذر المثل لان القيمة ثبتت فى ذمته حينئذ واذا قلنا:
تجب القيمة وجبت حين القرض لانها حينئذ ثبتت فى ذمته
(1)
. وان اقرضه مطلقا من غير شرط فقضاه خيرا منه فى القدر أو فى الصفة، أو قضاه دونه برضاهما جاز وكذلك ان كتب له بها سفتجة او قضاه فى بلد اخر جاز، ورخص فى ذلك ابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن والنخعى والشعبى والزهرى ومكحول وقتادة رضى الله تعالى عنهم. وقال ابو الخطاب رحمه الله تعالى: ان قضاه خيرا منه او زاده زيادة بعد الوفاء من غير مواطأة فعلى روايتين. وروى عن ابى بن كعب وابن عباس وابن عمر رضى الله تعالى عنهم انه يأخذ مثل قرضه ولا يأخذ فضلا لانه اذا اخذ فضلا كان قرضا جر منفعة. ويدل لنا ما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا فرد خيرا منه، وقال خيركم أحسنكم قضاء ..
متفق عليه ولانه لم يجعل تلك الزيادة عوضا فى القرض ولا وسيلة اليه ولا الى استيفاء دينه فحلت كما لو لم يكن قرض. وقال ابن ابى موسى رحمه الله تعالى: اذا زاده بعد الوفاء فعاد المستقرض بعد ذلك يلتمس منه قرضا ثانيا ففعل لم يأخذ منه الا مثل ما اعطاه فان أخذ زيادة أو أجود مما اعطاه كان حراما، قولا واحدا، وان كان الرجل معروفا بحسن القضاء لم يكره اقراضه. وقال القاضى: فيه وجه آخر وهو أنه يكره لانه يطمع فى حسن عادته وهذا غير صحيح فان النبى صلى الله عليه وسلم كان معروفا بحسن القضاء فهل يسوغ لاحد ان يقول ان اقراضه صلى الله عليه وسلم مكروه؟ ولان المعروف بحسن القضاء خير الناس وأفضلهم، وهو اولى الناس بقضاء حاجته واجابة مسألته وتفريج كربته، فلا يجوز أن يكون ذلك مكروها وانما يمنع من الزيادة المشروطة ولو اقرضه مكسرة فجاءه مكانها بصحاح بغير شرط جازوان جاءه بصحاح أقل منها فأخذها بجميع حقه لم يجز قولا واحدا لان ذلك معاوضة للنقد بأقل منه فكان ربا
(2)
ولو اقترض من رجل نصف دينار فدفع اليه دينارا صحيحا وقال: نصفه قضاء ونصفه وديعة عندك أو سلما فى شئ صح وان امتنع المقرض من قبوله فله ذلك لان عليه فى الشركة ضررا ولو اشترى بالنصف الثانى من الدينار سلعة
(1)
المغنى لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 318 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 321، ص 322 الطبعة السابقة
جاز الا أن يكون ذلك عن شارطة فقال اقضيك صحيحا بشرط أنى اخذ منك بنصفه الباقى قميصا فانه لا يجوز لانه لم يدفع اليه صحيحا الا ليعطيه بالنصف الباقى فضل ما بين الصحيح والمكسور من النصف المقضى ولو لم يكن شرط جاز. فان ترك النصف الاخر عنده وديعة جاز وكانا شريكين فيه وان اتفقا على كسره كسراه فان اختلفا لم يجبر احدهما على كسره لانه ينقص قيمته
(1)
. ولو كان ما اقرضه موجودا بعينه فرده من غير عيب يحدث فيه لزم أن يقبله سواء تغير سعره او لم يتغير أما ان حدث به عيب فانه لا يلزمه ان يقبله.
وان كان القرض فلوسا أو مكسرة فحرمها السلطان، وتركت المعاملة بها كان للمقرض قيمتها، ولم يلزمه ان يقبلها سواء كانت قائمة فى يده او استهلكها لانها تعيبت فى ملكه نص على ذلك الامام احمد رحمه الله تعالى فى الدراهم المكسرة وقال يقومها: كم تساوى يوم أخذها ثم يعطيه وسواء نقصت قيمتها قليلا أو كثيرا قال القاضى: هذا اذا اتفق الناس على تركها فأما ان تعاملوا بها مع تحريم السلطان لها لزمه ان يأخذها، واما رخص السعر فلا يمنع ردها سواء كان كثيرا - مثل ان كانت عشرة بدانق فصارت عشرين بدانق أو قليلا لانه لم يحدث فيها شئ انما الذى حدث هو تغيير السعر فأشبه الحنطة اذا رخصت أو غلت
(2)
واذا أقرضه ما لحمله مؤنة ثم طالبه بمثله فى بلد اخر لم يلزمه ذلك لانه لا يلزمه ان يحمله له الى ذلك البلد. فان طالبه بالقيمة لزمه لانه لا مؤنة لحملها فان تبرع المستقرض بدفع المثل وأبى المقرض ان يقبله فله ذلك، لان عليه ضررا فى قبضه لانه ربما احتاج الى حمله الى المكان الذى اقرضه فيه وله أن يطالبه بقيمة ذلك فى البلد الذى اقرضه فيه، لان المكان الذى يجب عليه أن يسلم فيه وان كان القرض أثمانا أو مالا مؤنة فى حمله وطالبه بها وهما فى بلد آخر لزمه أن يدفعه اليه لان تسليمه اليه فى هذا البلد وغيره واحد
(3)
وان اقرض ذمى ذميا خمرا ثم أسلما أو أسلم أحدهما بطل القرض ولم يجب على المقترض شئ سواء كان هو المسلم أو الآخر لانه اذا أسلم لم يجز أن يجب عليه خمر لعدم ماليتها ولا يجب بدل الخمر، لانها لا قيمة لها، ولذلك لا يضمنها اذا أتلفها وان كان المسلم الآخر لم يجب له شئ لذلك
(4)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى ان المقترض ان تطوع عند قضاء ما عليه بأن يعطى أكثر مما أخذ أو أقل مما أخذ أو أجود مما أخذ أو أدنى مما أخذ فكل ذلك حسن مستحب والذى يعطى أكثر مما أقرض أو أجود مما اقترض مأجور، والذى يقبل أدنى مما أعطى أو أقل مما أعطى مأجور وسواء كان ذلك عادة أو لم يكن عادة ما لم يكن عن شرط وكذا ان قضاه فى بلد آخر ولا فرق فهو حسن ما لم يكن عن شرط لما روينا من طريق البخارى وموسى بن معاوية باسناده عن جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهم قال:
(1)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 323 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 324، ص 325 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 325 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج 4 ص 325 الطبعة السابقة.
كان لى على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين فقضانى وزادنى، ولما روى من طريق وكيع باسناده عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال: استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سنا فأعطاه سنا فوق سنه وقال: خياركم محاسنكم قضاء. وهو قول السلف رضوان الله تعالى عليهم
(1)
. فأن قضاه من غير نوع ما استقرض لم يحل أصلا لا بشرط ولا بغير شرط مثل أن يكون أقرضه ذهبا فيرد عليه فضة أو غير ذلك، وهكذا فى كل شئ وذلك لقول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ألا أن تكون تجارة عن تراض منكم وهو اذا رد غير ما كان عليه فقد أخذ غير حقه، ومن أخذ غير حقه فقد أكل المال بالباطل. فان قالوا انما هو من باب البيع كأنه باع منه ما كان له عنده بما أخذ منه قلنا:
هذا حرام لا يحل لأنه ليس له عنده شئ بعينه ولا يحل البيع الا فى شئ بعينه وهو بيع ما ليس عندك وبيع ما لم يقبض، وكل هذا قد صح النهى عنه وهو فيما يقع فيه الربا ربا محض
(2)
. فان كان الدين حالا كان الذى أقرض ان يأخذ به المستقرض متى أحب ان شاء اثر اقراضه اياه وان شاء أنظره به الى انقضاء حياته
(3)
.
فان طالبه صاحب الدين بدينه والشئ المستقرض حاضر عند المستقرض لم يجز أن يجبر المستقرض على أن يرد الذى اخذ بعينه ولا بد لكن يجبر على ان يرد مثله اما ذلك الشئ وأما غيره مثله من نوعه لأنه قد ملك الذى استقرض وصار كسائر ماله ولا فرق ولا يجوز ان يجبر على اخراج شئ بعينه من ماله اذ لم يوجب عليه قرآن ولا سنة فان لم يوجد له غيره قضى عليه حينئذ برده لأنه مأمور بتعجيل انصاف غريمه فتأخيره بذلك وهو قادر على الانصاف ظلم، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:«مطل الغنى ظلم» وهذا غنى فمطله
(4)
ظلم ومن لقى غريمه فى بلد بعيد أو قريب وكان الدين حالا أو قد بلغ أجله فله أن يطالبه وان يأخذه بحقه ويجبره الحاكم على انصافه سواء كان الدين عرضا أو طعاما أو حيوانا أو دنانير أو دراهم، كل ذلك سواء ولا يحل ان يجبر صاحب الحق على أن لا ينتصف الا فى الموضع الذى تداينا فيه برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: مطل الغنى ظلم» وأمره صلى الله عليه وسلم ان يعطى كل ذى حق حقه ولأنه لا دليل من قرآن ولا سنة ولا قول صاحب ولا قياس على أنه لا يجوز أن يجبر على انصافه الا حيث تداينا
(5)
. وان أراد الذى عليه الدين المؤجل أن يعجله قبل أجله بما قل أو كثر لم يجبر الذى له الحق على أن يقبله أصلا وكذا لو أراد الذى له الحق أن يتعجل قبض دينه قبل أجله بما قل أو كثر لم يجز أن يجبر الذى عليه الحق على ان يؤديه سواء كان فى كل ذلك الدنانير والدراهم والطعام كله
(1)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 77 إلى وما بعدها الى ص 79 مسئلة رقم 1193 الطبعة السابقة.
(2)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 79 مسئلة رقم 1194 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 8 ص 79 مسئلة رقم 1196 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 79 مسئلة رقم 1197 الطبعة السابقة
(5)
المرجع السابق ج 8 ص 80، ص 81 مسئلة رقم 1199 الطبعة السابقة.
والعروض كلها والحيوان فلو تراضيا على تعجيل الدين أو تعجيل بعضه قبل ان يحل أجله أو اتفقا على تأخيره بعد حلول أجله أو على تأخير بعضه جاز كل ذلك وهو قول أبى سليمان وأصحابنا
(1)
. وكل ما اقترض مما يمكن وزنه أو كيله أو عدده أو زرعه معلوم العدد أو الزرع أو الكيل أو الوزن فان رد جزافا فكان ظاهرا متيقنا أنه أقل مما أقترض فرضى ذلك المقرض أو كان ظاهرا متيقنا أنه أكثر مما اقترض وطابت نفس المقترض بذلك فان كل ذلك جائز حسن فان لم يدر أهو مثل ما اقترض أم أقل أم أكثر لم يجز له لأنه لا يجوز مال أحد الا بطيب نفس منه ورضاه ولا بكون الرضا وطيب النفس الا على معلوم ولا بد لا على مجهول
(2)
. ولا يجوز تعجيل بعض الدين المؤجل على أن يبريه من الباقى فان وقع مثل ذلك وجب أن يرد وأن يصرف الى الغريم ما أعطى لأنه شرط ليس فى كتاب الله تعالى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل فلو عجل الذى عليه الحق بعض ما عليه بغير شرط ثم رغب الى صاحب الحق فى أن يضع عنه الباقى أو أن يضع بعض الباقى فأجابه الى ذلك أو وضعه عنه أو بعضه بغير رغبة فكل ذلك جائز حسن وكلاهما مأجور لأنه ليس هاهنا شرط أصلا لكن أحدهما سارع الى الخير فى أداء بعض ما عليه فهو محسن والآخر سارع الى الابراء من حقه فهو محسن وقد قال الله عز وجل «وافعلوا الخير» وهذا كله خير. وكل من مات وله ديون على الناس مؤجلة أو للناس عليه ديون مؤجلة فكل ذلك سواء وقد بطلت الآجال كلها وصار كل ما عليه من دين حالا وكل ماله من دين حالا سواء فى ذلك كله القرض والبيع وغير ذلك. برهان ذلك قول الله تعالى:
«ولا تكسب كل نفس إلا عليها» وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، وقال الله تعالى فى حكمه فى المواريث فذكر فرائض المواريث وقال عز وجل «من بعد وصية يوصى بها أو دين» فصح أن بموت الإنسان بطل حكمه عن ماله وانتقل إلى ملك الغرماء والموصى لهم والوصية بغير طيب أنفسهم فبطل حكم التأجيل فى ذلك، ووجب للورثة وللوصية أخذ حقوقهم وكذلك لا يحل للورثة إمساك مال غريم ميتهم إلا بطيب نفسه لأن عقده إنما كان مع المتوفى إذ كان حيا فلا يلزمه أن يبقى ماله بأيدى ورثة لم يعاملهم قط، ولا يحل لهم إمساك مال الذى له الحق عنه والله تعالى لم يجعل لهم حقا ولا للوصية إلا بعد انصاف أصحاب الديون
(4)
.
(1)
المرجع السابق ج 8 ص 81، ص 82 مسئلة رقم 1200 الطبعة السابقة
(2)
المرجع السابق ج ص 83 مسئلة رقم 1203 الطبعة السابقة.
(3)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 83، ص 84 مسئلة رقم 1204 الطبعة السابقة
(4)
المحلى لابن حزم الظاهرى ج 8 ص 84، ص 85 مسئلة رقم 1206 الطبعة السابقة
مذهب الزبدية:
جاء فى شرح الازهار أن المقترض متى قبض ملكه فيجب عليه للمقرض أن يرد مثله قدرا وجنسا وصفة وان رده بعينه جاز ولا يجب - والقول للمقترض فى قدره وجنسه وصفته وقيمته اذ الاصل براءة الذمة ولا يجب فوق المثل ولا دونه. ويجب على المستقرض أن يرد الى موضع القرض، واذا شرط أن يرد فى غير موضع القرض لغى الشرط ولا يلزم الانظار فيه فاذا قال المقرض للمستقرض قد أنظرتك مدة كذا لم يلزمه ذلك هذا مذهبنا وهو أحد قولى السيد أبى العباس وقال أبو طالب يحيى بن الحسين فى التذكرة والشرح: انه يصح ويلزم - وهو أحد قولى السيد أبى العباس - ولا فرق بين أن ينظره عند عقد القرض أو بعده فان فيه هذا الخلاف ذكر ذلك فى الشرح وذكر فى موضع آخر منه أنه ان أنظره حالة الاقراض لم يصح اجماعا اذ هو متبرع ولان التأجيل نقص فى العوض وموضوع القرض تماثلهما وانما الخلاف اذا أنظره بعد القرض
(1)
.
وجاء فى التاج المذهب أنه ليس لمن يتعذر عليه استيفاء حقه أن يحبس حق خصمه فمن كان له مال عند الغير سواء كان دينا أم غصبا وكان للغير عنده مال فليس له أن يحبس حق غيره اذا تعذر عليه استيفاء حقه الا بحكم الحاكم فله أن يحبس ذلك وللحاكم أن يحكم له بذلك عند تمرد غريمه او غيبته فان لم يوجد حاكم فعليه أن يستأذن من يصلح لذلك.
ومن تعذر عليه استيفاء حقه فانه لا يجوز له أيضا أن يستوفيه الا بحكم حاكم ولو كان غريمه موسرا متمردا ولو علم أن استيفاءه بالحكم يثير فتنة فليس له أن يأخذ من مال الغير بقدر حصته ولو كان من جنس ماله الا بحكم قال فى حاشية السحولى:
وهذا ما لم يكن الذى عند الغير هو عين حقه وديعة كان أو غصبا فيجوز له أن يأخذه من غير حكم ولا تراض فلو لم يمكنه الا بقتله جاز له قتله اذا لم يجد وسيلة الى أخذ حقه غير قتله
(2)
كل دينين استويا فى الجنس والنوع والصفة تساقطا فان كان على شخص دين قدر عشرين درهما مثلا وكان له على غريمه مثلها تساقط الدينان وبرئ كل واحد منهما اذا اتفق مذهبهما سواء تراضيا على التساقط أم لم يتراضيا وسواء اتفق أجل الدينين أم لم يتفق فلو كان أحد الدينين أكثر من الآخر مع الاتفاق فيما ذكر فان الزيادة فقط تبقى فى ذمة من هى عليه. واما اذا اختلف مذهبهما فلابد من التراضى أو حكم الحاكم
(3)
. ولو أن رجلا استقرض من رجل آخر دراهم والصرف على عشرين درهما بدينار ثم تزايد سعر الدينار لا لخفة ولا لغش فى الدرهم فليس على المستقرض الا مثل تلك الدراهم فان كان تزايد سعر الدينار لغش فى الدراهم أو لخفة فى وزنها لزم المستقرض ان
(1)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج 3 ص 174 وما بعدها الى ص 176 الطبعة السابقة.
(2)
التاج المذهب لاحكام المذهب ج 2 ص 488 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ح 2 ص 488، ص 489 الطبعة السابقة.
يرد مثل القرض سواء فان عدم المثل فى الناحية لزمت قيمته من الدنانير
(1)
. أما الدراهم المتعامل بها الآن سواء كانت خالصة أم كان فيها الغش المعتاد فانها مع ذلك ناقصة متعامل بها فهى مثلية يصح ثبوتها فى الذمة فى جميع عقود المعاملة فلو كسدت لم يجب على من هى عليه الا مثلها كسائر المثليات الثابتة فى الذمة وانما يرجع الى صرفها من الذهب حيث عدمت فحينئذ يرجع الى صرفها يوم الطلب ان قارن التسليم كما فى سائر المثليات اذا وجبت قيمتها لا الى صرفها يوم تثبت فى الذمة. قال الامام عليه السلام: والفلوس - وهى العملة المضروبة من النحاس الخالص قيمية حيث لا توزن لكنها وان كانت قيمية فحكمها كالنقدين من عملة الذهب والفضة فى انها تثبت فى الذمة كما يثبت النقدان وكذا يتساقط الدينان فيهما كما يتساقطان فى النقدين ويصح قرضها لامكان ضبطها بالوزن والصفة ويرد مثلها ولو بطل التعامل قال الامام عليه السلام: يجب أن يرد عوض القرض الى موضع الابتداء، لا على معنى انه يجب ان يسلم الى صاحب القرض فى منزل ابتداء قبض القرض. واذا طالب من له ذلك وجب التسليم ولو فى غير موضع الابتداء اذا كان ما يطلبه حاضرا، وأما اذا كان ما يطلبه غائبا فلا يجب التسليم الا الى موضع الابتداء
(2)
. ولا يبرأ من عليه الدين بالتخلية بين عوض الدين وبين من هو له، فلا تكفى التخلية، بل لا بد من القبول او القبض
(3)
. ويجب على من له الحق ان يقبض كل دين معجل حيث سلمه وعجله من هو عليه سواء كان مؤجلا او كان حالا، وسواء كان مما يجب ان يسلم الى موضع الابتداء ام لا، ولكن لا يلزم أن يأخذه الا بشروط خمسة الأول منها: أن يكون مساويا لحقه أو زائدا عليه فى الصفة ولم يخالف غرضه، أما لو كان ناقصا فى القدر او فى الصفة او فى النوع، أو كان زائدا فى النوع أو الصفة وخالف غرضه فانه لا يلزمه ان يقبضه، فلو كان زائدا فى القدر فيلزمه أن يأخذ قدر حقه اذا لم يكن لفصله مؤنة والزائد يكون اباحة فيخير فيه.
الشرط الثانى: أن لا يكون قبضه مع خوف الضرر فى الحال نحو أن يخاف لو قبض حقه من أن يأخذه عليه ظالم فحينئذ لا يلزمه أن يقبض حقه سواء كان حالا أو مؤجلا.
الشرط الثالث: أن لا يكون قبضه مع خوف غرامة تلحقه لو قبض حقه، ونحو ان تكون له مؤنة الى وقت حلول الأجل فانه اذا خشى الغرامة لا يلزمه أن يقبضه وهذا حيث كان الأجل لازما بالعقد لا بالقرض ونحوه فيجب ان يقبضه ولو لحقته غرامة الى حلول الأجل.
الشرط الرابع: أن لا يخشى عليه الفساد الى وقت حلول الأجل فان خشى عليه الفساد كان مؤجلا لم يلزمه أن يقبضه.
الشرط الخامس: أن لا يكون للمالك غرض فى تأخيره الى وقت حلول الأجل فان كان له غرض فى تأخيره لم يلزمه أن يقبضه وهذا اذا كان مؤجلا فان كان غير مؤجل لزمه أن يقبضه ولو كان له غرض
(1)
المرجع السابق 2 ص 489 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 498 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق 2 ص 490 الطبعة السابقة.
فى تأخيره. ويصح ويجوز أيضا ممن عليه حق مؤجل ان يعجله لصاحبه ولو بشرط حط البعض من ذلك الحق المؤجل وأما الحق المعجل اذا امتنع من عليه الحق من تسليمه واشترط الابراء فى البعض أو الحط أو الاسقاط فانه لا يبرأ مما حط عنه، ولو كان الحط بأى الفاظ التمليك لأنه لا يقابله عوض وانما هو تفاد لحقه فيبقى ما حط عنه فى ذمته اذ الامتناع محرم عليه
(1)
. والدين - وهو ما يثبت فى الذمة برضاء أربابه - يتضيق قضاؤه بالطلب ممن هو له سواء كان غير مؤجل أم كان مؤجلا وحصل الطلب بعد حلول الأجل، وكذا لو قال: اذا حل الأجل فأنا مطالب لك بتسليم الدين، فانه يتضيق الرد بعد حلول الأجل ان لم يطالبه، وكذا لو غلب فى ظنه أن صاحبه لا يرضى ببقاء الدين لديه، وانما ترك الطلب سهوا منه أو حياء أو خوفا، فانه يتضيق الرد ولو لم يطلب واذا كان الدين لصغير أو مجنون فانه يتضيق الرد عند الحاجة الى الدين بدون طلب،
(2)
واذا لم يحتج له فلا يتضيق الا بطلب من الولى. واذا كان صاحب الدين قد اشهد عليه فانه لا يجب قضاؤه الا مع حصول الشهود ولو كانوا غير الأولين أو فى حضور الحاكم. قال الامام: فيطلب من عليه الدين الخروج من الاثم من مطل بعد ان تضيق عليه الرد وهو متمكن من التخلص ويكفيه الرجوع والتسليم والاعتذار وان لم يقبل ولا يحتاج الى طلب الابراء من الممطول
(3)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى كتاب الخلاف أنه يجوز لمن اقترض من غيره مالا أن يرد عليه بدله خيرا منه مادام ذلك من غير شرط سواء كان ذلك عادة أو لم يكن لأن الأصل أنه يجوز والمنع يحتاج الى دليل ولأن عليه اجماع الفرقة وأخبارهم
(4)
. واذا لم يجد المستقرض مال القرض بعينه وجب عليه ان يرد مثله لأنه اذا قضى مثله برئت ذمته واذا رد قيمته لم يدل دليل على براءتها وأيضا لأن الذى أخذه عين مخصوصة فمن نقل الى قيمتها فعليه الدلالة
(5)
. وجاء فى الروضة البهية:
انه يجوز للمستقرض ان يرد مثل القرض مع وجود عينه وان كره المقرض لأن عين القرض - حيث قلنا يملكه وبالقبض تصير كغيرها من أمواله، والحق يتعلق بذمته فيتخير فى جهة القضاء. أما اذا قلنا بتوقف الملك على التصرف فانه يجب أن تدفع العين مع طلب مالكها، ويمكن القول بذلك ايضا وان ملكناه بالقبض بناء على أن القرض عقد جائز ومن شأنه رجوع كل عوض الى مالكه اذا فسخ كالهبة والبيع بخيار
(6)
ويجب على المدين أن ينوى القضاء سواء قدر على ادائه أم لم يقدر، على معنى أنه يعزم - وان عجز
(7)
- عن الأداء اذا قدر وسواء كان
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 490.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 491، ص 492
(3)
التاج المذهب لاحكام المذهب ج 2 ص 493 الطبعة السابقة.
(4)
الخلاف فى الفقه ج 51 ص 285، 583 مسئلة رقم 287 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق ج 1 ص 582، ص
(6)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد الجبعى العاملى ج 1 ص 342 الطبعة السابقة.
(7)
المرجع السابق ج 1 ص 342 الطبعة السابقة.
صاحب الدين حاضرا أم غائبا، لأن ذلك من مقتضى الايمان وجاء فى مفتاح الكرامة أن القرض ان كان مثليا يثبت فى الذمة مثله كالذهب والفضة وزنا والحنطة والشعير كيلا ووزنا والخبز وزنا وعددا للعرف، وغير المثلى تثبت قيمته وقت القرض لا يوم المطالبة وذلك لاختلاف الصفات فالقيمة أعدل، وقيل: انه يثبت مثله أيضا وفى الشرائع: لو قيل به ايضا كان حسنا لأنه أقرب الى الحقيقة، ولخبرين عامين واردين فى مطلق الضمان، أحدهما تضمن أنه صلى الله عليه وسلم أخذ قصعة امرأة كسرت قصعة امرأة أخرى والثانى أنه صلى الله عليه وسلم ضمن عائشة اناء حفصة وطعامها لما كسرته واختير فى التذكرة ضمان المثل الصورى فيما يضبطه الوصف وهو ما يصح السلم فيه وضمان ما ليس كذلك بالقيمة لخبرين عامين أحدهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقرض بكرا فرد بازلا وأنه استقرض بكرا فأمر برد مثله. وفيه أن مطلق الدفع أعم من الوجوب ولا ريب فى جوازه مع التراضى لأنه زاده خيرا وما أمر به النبى صلى الله عليه وسلم لم يقع اذ لم ينقل لأن المنقول أنه اقترض قرضا من رجل بكره فقدمت عليه ابل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضى الرجل بكره فرجع أبو رافع رضى الله تعالى عنه وقال: لم أجد الا جملا جبارا رباعيا، فقال صلى الله عليه وسلم: أعطه اياه، ان خير الناس أحسنهم قضاء. فلا يدل على تحقق البراءة بالكره بل يجوز كونه مشروطا بالتراضى
(1)
.
ولو تعذر المثل فى المثلى وجبت القيمة يوم المطالبة لأن الثابت انما هو المثل الى ان يطالبه ولعل المراد المطالبة مع التسليم، فلو فرضنا أنه طالبه ولم يسلم اليه ثم اتفق وجوده فالظاهر انحصار الحق لا فى القيمة، وقيل: تجب قيمته وقت القرض. وقيل: تجب قيمته وقت التعذر: وهو خيرة التحرير ونسب الى الشيخ فى النهاية
(2)
: وله ان يعجل المؤجل باسقاط بعضه مع التراضى ويدل على ذلك ما رواه الكلينى والشيخ فى الكافى والتهذيب عن أبار ابن تغلب فى الصحيح عمن حدثه عن أبى عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له على الرجل دين فيقول له قبل أن يحل الأجل. عجل النصف من حقى على أن أضع عنك النصف الآخر، أيحل ذلك لواحد منهما منه قال: نعم ونحوه حسنة. وكما يعتبر التراضى فى اسقاط البعض يعتبر التراضى فى تعجيله بغير اسقاط لأن الأجل أيضا حق لهما لتعلق غرض كل منهما به فان التعجيل قد لا يرضى به صاحب الحق لحصول ضرر بالقبض لخوف ونحوه وبالنسبة الى الآخر واضح لكن اسقاط الأجل بكفى فيه مجرد الرضا أما اسقاط بعض الحق فيحتمل كونه كذلك كما يقتضيه ظاهر اطلاقهم ويكون الرضا بالبعض قائما مقام الابراء
(3)
. ولو رد المقترض العين فى المثلى وجب على المقرض ان يقبلها وان رخصت كما فى التذكرة وغيرها - لأن الواجب أمر كلى فى الذمة والعين أحد أفراد الكلى والتعيين الى من عليه الحق. وكذا غير المثلى على اشكال منشؤه ايجاب قرضه القيمة والوجه الآخر من الاشكال مساواة المدفوع للمأخوذ
(1)
مفتاح الكرامة ج 5 ص 46، ص 47 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 5 ص 48 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 5 ص 55 ص 58 الطبعة السابقة.
وأن القيمة انما اعتبرت لتعذر المثل ونحوه على ما فى التذكرة والتحرير فى عدم الترجيح واختير عدم وجوب القبول فى الايضاح والتنقيح لأن الواجب فى قرض القيمى هو القيمة وقت القرض، فاذا دفع العين فقد دفع غير الواجب، فيكون القبول مشروطا بالتراضى
(1)
ويجوز للمقرض ان يطالب المقترض حالا بالجميع وان أقرضه تفاريق لأن الجميع حال فله ان يطالبه به، وكذلك الحال فى العكس كما لو اقرضه جملة فانه يجوز له أن يطالبه بها تفاريق. ولو أقرضه جملة فدفع اليه تفاريق وجب أن يقبله لأنه حق له استحق أخذه وليس كالبيع والثمن يجب تسليم جميعه نظرا الى اتحاد الصفقة، فليس له فيما نحن فيه أن يمتنع من أخذه الى أن يسلمه الجميع اذ لا صفقة هنا ويطالب بالباقى فى الحال ولا يجب على المقرض أن يؤخر وان قل الزمان الا مع الاعسار
(2)
. واذا اطلق القرض انصرف الى أداء المثل فى مكانه فلو شرط القضاء فى بلد آخر جاز سواء كان فى حمله مؤنة أم لا ولو طالبه المقرض من غير شرط فى غير البلد أو فيه مع شرط غيره وجب الدفع مع مصلحة المقترض، ولو دفع القرض فى غير بلد الاطلاق أو الشرط وجب أن يقبل مع مراعاة مصلحة المقرض
(3)
ولو اقترض نصف دينار فدفع دينارا صحيحا وقال:
نصفه قضاء ونصفه امانة جاز ولم يجب القبول لأن الشركة عيب، والالتزام بالوديعة تكليف فلابد من المراضاة فاذا تراضيا كان بينهما نصفين ولكل منهما ان يتصرف بنصفه مشاعا وان اتفقا على كسره جاز، وان اختلف لم يجبر الممتنع وان اتفقا على ان يكون نصفه قضاء ونصفه قرضا أو ثمنا لمبيع كان جائزا. ولو دفع المقترض ما اقترضه ثمنا عن سلعة اشتراها من المقرض فخرج الثمن زيوفا، فان كان المقرض عالما وكان الشراء بالعين صح البيع وعلى المقترض أن يرد مثل الزيوف
(4)
فان كان الشراء فى الذمة طالبه بالثمن سليما وللمشترى احتساب ما دفعه ثمنا عن القرض ولو لم يكن عالما وكان الشراء بالعين كان له أن يفسخ البيع. ولو اقترض ذمى من مثله خمرا ثم أسلما أو أسلم أحدهما سقط القرض، لأنه لا يجب على المسلم أن يؤدى الخمر ولا قيمته لأنه من ذوات الأمثال، فلا يجوز للمسلم ان يطالبه به، وقال فى الدروس:
الأقرب أنه يلزمه القيمة باسلام الغريم ولو كان القرض خنزيرا فالقيمة، وكذلك الحال فى آلة اللهو وعلى القول بضمان المثل فكالأول
(5)
ولو دفع المدين أعواضا على التفاريق من غير جنس الدين قضاء ثم تغيرت الأسعار كان له سعر يوم الدفع لا وقت المحاسبة وان كان مثليا
(6)
. ولو اقترض دراهم ثم أسقطها السلطان وجاء بدراهم غيرها لم يكن عليه الا الدراهم الأولى، وفى المفاتيح: انه مذهب الأكثر لأنها من ذوات الأمثال فكانت مضمونة بالمثل وخالف فى ذلك
(1)
المرجع السابق ج 5 ص 57 الطبعة السابقة.
(2)
مفتاح الكرامة ج 5 ص 57، ص 58 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق 5 ص 59، ص 60 الطبعة السابقة.
(4)
مفتاح الكرامة ج 5، 60، ص 61 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق 5 ص 61، ص 62 الطبعة السابقة.
(6)
المرجع السابق ج 5 ص 62 ص 63 الطبعة السابقة.
الصدوق فى المقنع حيث قال: وان استقرضت من رجل دراهم ثم سقطت تلك الدراهم وتغيرت فلا يباع بها شئ فلصاحب الدراهم التى تجوز بين الناس. وعلى القول الأول، فان تعذرت الدراهم الأولى وجب عليه قيمتها وقت التعذر ويحتمل وقت القرض من غير الجنس لا من الدراهم الثانية، حذرا من التفاضل فى الجنس المتحد، لأنه اذا بطل رواجها من حيث كونها دراهم لم يبق الا اعتبار النقد وهو أنقص باعتبار أن للسكة اعتبارا فتزيد بها القيمة واما مع المساواة فى الوزن فلا بأس.
وكذا لو جعل السلطان قيمة الدراهم اقل كان الحكم فيه كما فى اسقاطها فمع التعذر يأخذ القيمة من غير الجنس حذرا من الربا
(1)
.
مذهب الإباضية:
جاء فى شرح النيل: ان القرض ان كان حبا أو غيره مما يجوز فيه القرض غير العين وغير الحيوان فوق ما يحمله حامل على ظهره أدرك بمحل القرض سواء طلب القضاء من له الحق أو من عليه الحق وان لم يكن فوق ما يحمله حامل على ظهره، بل مقدار ما يحمله أو أقل أدركه صاحبه فى كل بلد طلبه صاحب الحق أو طلب من عليه الحق، غير الحجاز، وأما فى الحجاز فلا يدركه فيه ولو قل لانه طريق الحج والاحتياج الى الزاد وغيره الا ان كان وطنه فى الحجاز فان صاحب الحق يدرك عليه فى غير بلده من مواضع الحجاز ما هو اقل مما يحمله على ظهره، واما مقدار ما يحمله على ظهره أو أكثر فانه يدركه عليه فى محل القرض. وان كان القرض عينا او حيوانا فصاحبه يدركه حيث وجد من عليه الحق وان وجده فى الحجاز. وقيل ان استوت الاسعار أدرك الحب أو نحوه مما جاز فيه القرض مطلقا فى كل بلد الا فى الحجاز. ويدرك الدراهم فى الحجاز ايضا لأن المطالبة بها لا توقع غلاء الأسعار فيه بخلاف المطالبة بالحب. وان اختلفت الأسعار لم يدركه فى الموضع الذى كان فيه سعره أكثر لئلا يأخذ أكثر من حقه وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن كل قرض جر منفعة وظاهر الحديث انه ان اقرضه دنانير أو دراهم فى بلد لا يأخذها فى بلد آخر اذا كانت قيمتها فيه أزيد من قيمتها فى البلد الذى أقرضه فيه. قال صاحب شرح النيل: والذى يظهر لى انه يدرك عليه فى كل بلد ولو اختلفت الاسعار او تفاوتت النقود، لأن التفاوت بالبلد كلا تفاوت لأن ذلك مقدار واحد ترك فى بلد أو حمل منه وانما تزيد القيمة او تنقص بالحمل منه وانما يمنع ما اختلف جودة ورداءة وان رضيا جاز ان لم يقع شرط على ذلك
(2)
. وفى الأثر اختلف فى مقرض الى أجل، فقيل: ليس له ان يطلب القرض من المقترض قبل الأجل لأنه من خلف الوعد، وقيل يجوز له ان يطالبه بلا اضرار. ويصح للمقترض ان يؤدى القرض قبل الأجل لأن أجل القرض غير ثابت ولو أبى المقرض ان يقبضه
(3)
.
ويجوز أن يأخذ غير ما أقرض فيه أن لم يشترط ذلك وقيل لا يجوز وقيل يجوز أن يأخذ حبا فى حب وقيل: لا يجوز الا بقدر قيمته سواء كان من جنس الحب الذى أقرض أو من غير جنسه،
(1)
مفتاح الكرامة 5 ص 68، ص 69 السابقة.
(2)
شرح النيل ج 4 ص 447، ص 448 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 4 ص 450 الطبعة السابقة.
وقيل: لا يجوز الا من جنس حبه او قيمته دراهم أو دنانير يوم القضاء، وقيل: لا يجوز الا من جنس حبه ويجوز القرض بجراب بلاكيل واما جراب كيله كذا فلا يجوز اذ لم يقرض بالجراب وحده ولا بالكيل وحده وان عرف كم فى الأول جاز ويجوز ان يأخذ أفضل مما أقرض ان لم يشترط. ومن اقترض شيئا ثم قال للمقرض لما طالبه: لا أجده فخذ منى الثمن فعرضه عليه بسعره فلم يقدر عليه حتى رخص الشئ فقال للمقرض خذ منى ما اقرضت لى أعنى جنسه وطلب المقرض الدراهم قال ابو سعيد له الدراهم لأنهما سعراه بها وقال هاشم له الجنس وتسعيرهما ليس بشئ واذا كان المقرض والمقترض فى بلد واحد فعلى المقترض الايصال مطلقا
(1)
. ومن عليه قرض لرجل وله على ذلك الرجل قرض مع تخالف الجنس فلهما ان يتقاضا عند الأكثر فى الأثر: من أقرض دنانير فلا يأخذ الا اياها، وقيل: له ان يأخذ بها دراهم وبالعكس بالصرف بلا زيادة
(2)
. ويجوز أن يقضى الفرض بالزيادة والنقص اذا رضى صاحب الحق بالنقص من حقه كالذى عليه الحق ورضى من عليه الحق بالزيادة كالذى له الحق لحديث أبى رافع رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يعطى رباعيا خيارا أعرابيا اقترض منه بكرا. ولما روى من أن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما اقترض ألف درهم فرد ألفا ومائتين فقال: الألف فضاء لك والزيادة من عندى لك. واختلفوا هل تجوز الزيادة بلا تمييز لها من الحق الواجب أم لا ولا تجوز على الحق أيضا تقديم الزائد على الحق أيضا، وتجوز الزيادة بلا ذكر انها هبة أو صدقة ولكن بفعل ما يعلم أنه لم يغلظ
(3)
. وجاء فى شرح النيل أنه يصح تقاض بين متداينين ترتب لكل منهما على الآخر دين ولو كان الدينان طعاما لأنه ليس ذلك بيعا محضا فيتقاضى كل واحد من صاحبه بأن يمسك كل واحد منهما ما فى ذمته لنفسه بدل ماله على الآخر وذلك اذا تماثل الدينان فى نوع الدين والكمية والجنس ان يكون لكل على الاخر عشرون درهما أو عشرون دينارا أو عشرون حبة شعير أو عشرون شاة أو عشرون رطلا شحما أو عشرة أمداد برا أو نحو ذلك من الاعداد المتفقة والاجناس المتفقة الا ان تخالفا كما مثل أن كان يكون لاحدهما على الاخر عشرون وللآخر عليه عشرة أو تخالفا جنسا مثل ان يكون لاحدهما مائة درهم على الأخر والآخر عليه عشرة دنانير أو يكون لأحدهما شاة من الضأن وللآخر شاة من المعز أو يكون أحدهما حبة ونصف من شعير وللاخر حبة من بر لأنه ان تخالفا جنسا كان التقاضى أدخل فى الشبهة ببيع الدين بالدين وان تخالفا كما يصح ذلك وان كان بلا نية للتقاضى ولا لفظ به ما لم ينويا هما أو أحدهما انكارا ما لصاحبه عليه بأن ينوى أن يأخذ ماله ولا يعطى ما عليه فمن نوى منهما ذلك لم يحل له ما فى ذمته وانما يتصور عدم
(1)
المرجع السابق ج 4 ص 452 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 4 ص 533 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 4 ص 461، ص 461 الطبعة السابقة.
النية والتلفظ بأن ينسياهما أو أحدهما أن عليه للآخر كذا أو يتوهما هما أو أحدهما أنه قد خلص ما عليه أو أنه أبرأه صاحبه أو يتوهما هما أو احدهما أن من عليه مثل ماله لا يعطى ولا يأخذ أو نحو ذلك وكل ذلك يبرأ به مطلقا أى دينين كان الدينان سواء كانا قرضين أو سلمين أو أجرتين أو صداقين أو نحو ذلك
(1)
.
حكم ضمان القرض
مذهب الحنفية:
جاء فى الفتاوى الهندية أنه اذا أقرض شخص شخصا آخر على أن يكفل فلان جاز سواء كان حاضرا أو غائبا وسواء كفل أو لم يكفل
(2)
.
واذا أقرض الرجل صبيا أو معتوها فاستهلكه فانه لا ضمان عليه هكذا أطلق الحكم فى نسخ أبى حفص رحمه الله تعالى، أما فى نسخ أبى سليمان رحمه الله تعالى فانه قال، وهذا قول أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أما فى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى فهو ضامن لما استهلك وهو الصحيح وان أقرض عبدا محجورا عليه فاستهلكه لم يؤاخذ به حتى يعتق وهو على الخلاف الذى بينا. وان لم ينص عليه وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى.
يؤاخذ به فى الحال كما فى الوديعة، وان وجد المقرض ماله بعينه عند أحد من هؤلاء فهو أحق به ولو قال أقرض فلانا عنى أو أعطه عنى كان للمأمور أن يرجع على الآمر وان لم يقل الآمر على انى ضامن.
ولو أعطى غير ما أمره لم يرجع كذا فى التتارخانية ناقلا عن العتابية. ولو قال: أقرض فلانا ألف درهم فأقرضه لم يضمن الآمر شيئا سواء كان خليطا له أو لم يكن
(3)
. ولو اقرض رجل رجلا شاة وقبضها واستهلكها فضمنها رجل عنه لم يلزمه الضمان، لأنه ليس عليه الشاة، وكذا كل شئ لم يتعاوضه الناس فيما بينهم فهو مثل الشاة فى قياس قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى
(4)
. وجاء فى حاشية ابن عابدين أنه لو تكفل شخص بالدين الحال مؤجلا تأجل عن الكفيل وعن الأصيل لأن تأجيله على الكفيل تأجيل عليهما. ويستثنى من ذلك ما اذا اضاف الكفيل الأجل الى نفسه بأن قال أجلنى أو شرط الطالب وقت الكفالة الأجل للكفيل خاصة فلا يتأخر الدين حينئذ عن الأصيل، ويستثنى أيضا ما لو كفل بالقرض مؤجلا الى سنة مثلا فهو على الكفيل الى الأجل وعلى الأصيل حال وعلى ذلك فلو كان دين القرض مؤجلا على الاصيل فكفل به تأخر عنهما بالأولى وان لم يسم الأجل فى الكفالة كما صرح به فى الكافى وغيره
(5)
.
مذهب المالكية:
جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير أنه يصح ضمان الدين المؤجل حالا على الضامن بأن رضى المدين باسقاط
(1)
شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف اطفيش ج 4 ص 512، ص 513 الطبعة السابقة.
(2)
الفتاوى الهندية ج 3 ص 207 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 3 ص 206 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق ج 3 ص 269 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق ج 3 ص 392 الطبعة السابقة. وحاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 4 ص 285، ص 286 الطبعة الثالثة بالمطبعة الكبرى الاميرية ببولاق مصر سنة 1325 هـ.
حقه من الأجل ان كان الدين مما يجوز أن يجعل وهو العين مطلقا قرضا وغير قرض والعرض والطعام من قرض لا من بيع فلا يجوز لما فيه من حط الضمان وأزيدك توثقا بالضامن اذ هو مخصوص بالبيع فقط. ويصح عكسه وهو ضمان الحال مؤجلا كأن يقول شخص لرب دين حال أجل مدينك شهرا وانا أضمه لك فيصح بأحد أمرين أولهما أن أيسر غريمه بأن كان الغريم الذى عليه الدين موسرا هذا اذا كان يساره بالدين من قبل الاجل، بل ولو كان اليسار انما حصل له أول الاجل فقط أى حين الضمان لأن العبرة بالحالة الراهنة للسلامة من سلف جر نفعا فكأنه بالتأخير ابتدأ سلفا بضامن وبيسره يحصل بالضمان نفع فيكون التأخير محض سلف، وثانيهما ان يكون من عليه الدين معسرا والعادة أنه لم يوسر فى الاجل الذى ضمن الضامن اليه بل يمضى ذلك الاجل عليه وهو معسر فيجوز ضمانه لانه وان حصل نفع بالضمان لم يحصل سلف بتأخيره لوجوب انظار المعسر فان لم يعسر فى جميعه بل أيسر فى أثنائه كبعض أصحاب الغلات والوظائف كأن يضمنه الى اربعة أشهر وعادته اليسار بعد شهرين فلا يصح لان الزمن المتأخر عن ابتداء يساره يعد فيه صاحب الحق مسلفا لقدرة رب الحق على ان يأخذه منه عند اليسار هذا قول ابن القاسم رحمه الله تعالى بناء على أن اليسار المترقب كالمحقق، وأجازه أشهب لأن الاصل استصحاب عسره واذا كان الدين كله حالا والغريم موسر ببعضه ومعسر بالبعض الآخر صح أن يضمن مؤجلا بهذا أو هذا لا بالجميع لأنه سلف جر منفعة اذ هو سلف للموسر به لتأخير اياه بحميل به وانتفع بالضامن فى المعسر به فليست هذه الصورة كضمان المعسر به فقط، ومثل ضمان الجميع ضمان البعض من كل
(1)
.
مذهب الشافعية:
جاء فى مغنى المحتاج ان القرض اباحة تلف عنده ما أقترض من رشيد وأقبضه له لم يضمن الصبى لان المقبض هو المضيع لماله هذا فى الظاهر اما فى الباطن فيعرم الصبى بعد البلوغ كما نص عليه فى الأم فى باب الاقرار.
ولو اتلف الصبى او تلف عنده ما اقترضه من صبى آخر مثله ولم يأذن الوليان ضمن كل منهما ما قبض من الآخر وان كان ذلك باذن الوليين فالضمان عليهما فقط، لوجود التسليط منهما
(3)
. واقتراض العبد الذى لم يؤذن له فى التجارة لا يصح كما لا يصح شراؤه فان ما اقترضه فى يده تعلق الضمان بذمته فيطالب به بعد العتق لثبوته برضا مالكه ولم يأذن فيه السيد، والضابط فيما يتلفه العبد او يتلف تحت يده ان لزم بغير رضا مسحقه كاتلاف أو تلف بغصب تعلق الضمان برقبته، ولا يتعلق بذمته فى الاظهر وان لزم برضا مستحقه كما فى المعاملات فان كان بغير اذن السيد تعلق بذمته يتبع به بعد عتقه سواء رآه السيد فى يد العبد فتركه أم لا وان كان باذن السيد تعلق بذمته وكسبه ومال
(4)
.
(1)
حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 3 ص 331، ص 331 الطبعة السابقة.
(2)
مغنى المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج ج 2 ص 111 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 8 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق ج 2 ص 94 الطبعة السابقة.
تجارته وذكر صاحب مغنى المحتاج أنه لا يصح ضمان ما سيقرضه لفلان لان الضمان وثيقة بالحق. فلا يصح ان يسبق وجوب الحق وصحح فى القديم ضمان ما سيجب كضمان ما يستقرضه لان الحاجة قد تدعو اليه
(1)
.
والاصح انه يصح ضمان الحال مؤجلا أجلا معلوما لان الضمان تبرع والحاجة تدعو اليه فصحح على حسب ما التزمه، ويثبت الأجل فى حق الضامن على الاصح، فلا يطالب الضامن الا كما التزم، ولا نقول التحق الأجل بالدين الحال وانما يثبت عليه مؤجلا ابتداء لأن الحال لا يؤجل الا فى صورتين الأولى اذا أوصى ان لا يطالب الا بعد شهر مثلا فان الوصية صحيحة ويعمل بها والصورة الثانية اذا نذر ان لا يطالبه الا بعد سنة مثلا قاله المتولى رحمه الله تعالى والثانى لا يصح الضمان للمخالفة.
ووقع فى بعض نسخ المحرر تصحيحه قال فى الدقائق والاصح ما فى بقية النسخ والمنهاج ولو ضمن المؤجل مؤجلا بأجل أطول من الأول فكضمان الحال مؤجلا. والاصح انه يصح ضمان المؤجل حالا لانه تبرع بالتزام التعجيل فصح كأصل الضمان. والقول الثانى: لا يصح لما مر أن فيه مخالفة والاصح على القول الاول أنه لا يلزمه التعجيل كما لو التزمه الاصيل.
وفى قول آخر يلزمه التعجيل لان الضمان تبرع لزم فلزمته الصفة ولا لمستحق أو وارثه أن يطالب الضامن والاصيل بالدين اجتماعا وانفرادا أو يطالب أحدهما ببعضه والآخر بباقيه اما الضامن فلحديث الزعيم غارم:
وأما الاصيل فلان الدين باق عليه
(2)
.
مذهب الحنابلة:
جاء فى كشاف القناع أن من شأن القرض أن يصادف ذمة قال ابن عقيل رحمه الله تعالى:
الدين لا يثبت الا فى الذمم ومتى أطلقت الاعواض تعلقت بها، ولو عينت الديون من أعيان الاموال لم يصح فلا يصح قرض جهة كمسجد ونحوه من مدرسة ورباط وقال فى الفروع فى باب الوقف: يجوز للناظر أن يستدين عليه بلا اذن حاكم لمصلحة كما لو اشترى للوقف نسيئة او بنقد لم يعينه وفى باب اللقيط يجوز الاقتراض على بيت المال لنفقة اللقيط وكذا قال فى الموجز يصح قرض حيوان وثوب لبيت المال ولأحاد المسلمين نقله فى الفروع قلت: والظاهر ان فى الدين هذه المسائل يتعلق بذمة المقترض وبهذه الجهات كتعلق أرش الجناية برقبة العبد الجانى فلا يلزم المقترض أن يفى به من ماله بل من ريع الوقف وما يحدث لبيت المال أو يقال: لا يتعلق بذمته رأسا وما هنا بمعنى الغائب فلا ترد المسائل المذكورة لندرتها
(3)
. ولو قال شخص لآخر أعط فلانا ألفا ففعل لم يرجع على الآمر ولم يكن ذلك كفالة، ولا ضمانا الا ان يقول:
أعط فلانا عنى خليطا كان أو غيره
(4)
. ويجوز فى القرض ان يشترط المقرض ضمينا لأن النبى صلى الله عليه وسلم استقرض من يهودى شعير ورهنه درعه. متفق عليه. وما جاز فعله جاز شرطه ولأنه يراد للتوثيق بالحق والضمان كالرهن فلو عين الضمين وجاء
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 187 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 193، ص 194 الطبعة السابقة.
(3)
كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور ابن ادريس الحنبلى ج 2 ص 136، ص 137 الطبعة الأولى طبع المطبعة العامرة الشرقية سنه 1379 هـ.
(4)
المرجع السابق ج 2 ص 184 الطبعة السابقة.
المقترض بغيره لم يلزم المقرض ان يقبله وان كان ما أتى به خيرا من المعين، وحينئذ يخير المقرض بين فسخ العقد وبين امضائه بلا كفيل ولا ضمين
(1)
. وان قضى الضامن الدين أو أحال به متبرعا لم يرجع بشئ سواء ضمنه باذنه او بغير اذنه لأنه متطوع بذلك أشبه الصدقة. وان قضاه الضامن أو أحال به ناويا ان يرجع رجع على المضمون عنه لأنه قضاء مبرئ من دين واجب فكان من ضمان من هو عليه كالحاكم اذا قضاه عنه عند امتناعه فكان له ان يرجع عليه وسواء قبض الغريم من المحال عليه أو أبرأه أو تعذر عليه الاستيفاء لفلس أو مطل لأن نفس الحوالة كالاقباض ولو كان الضمان والقضاء بغير اذن المضمون عنه أو كان أحدهما بغير اذنه وان لم ينو الضامن حال القضاء أو الحوالة أن يرجع ولا ان يتبرع بل ذهل عن قصد الرجوع وعدمه لم يرجع الضامن على المضمون عنه بشئ كالمتبرع لعدم قصده الرجوع وكذلك حكم من ادى عن غيره دينا وأجبا كفيلا كان أو أجنبيا ان نوى الرجوع رجع ان لم ينو الرجوع لم يرجع ويرجع الضامن وكل من أدى عن غيره دينا واجبا بنية الرجوع حيث قلنا يرجع بأقل الأمرين مما قضى به الدين حتى قيمة عرض عوضه لرب الدين به أو قدر الدين لأنه ان كان الأقل هو الدين فالزائد لم يكن واجبا عليه فهو متبرع بأدائه وان كان المقضى أقل فهو انما يرجع بما عزم ولهذا لو أبراه غريمه لم يرجع بشئ. وللضامن ان يطالب المضمون عنه بتخليصه قبل الأداء اذا طولب بالدين ان كان ضمن باذنه لأنه شغل ذمته من أجله باذنه فلزمه تخليصها وان لم يطالب أو طولب أو كان ضمنه بغير اذنه فلا يلزمه تخليصه لأنه اذا لم يأذن له فهو الذى أدخل الضرر على نفسه وأن أذن له ولم يطالب به رب الحق فلا ضرر عليه يزيله
(2)
.
مذهب الظاهرية:
جاء فى المحلى أن القرض يتعلق فى ذمة المقترض يلزمه أن يرد على المقرض مثله اما حالا واما الى أجل مسمى
(3)
. فلو قال الذى عليه الحق لشخص آخر: اضمن عنى ما لهذا على، فاذا أديت عنى فهو دين لك على فهنا يرجع عليه بما أدى عنه - ليس لأنه ضامن فالضامن لا يرجع على المضمون عنه بما أدى - لأنه استقرضه ما أدى عنه فهو قرض صحيح مضمون على المقترض
(4)
. ولا يجوز ضمان مال لم يجب بعد كمن قال لآخر: أنا أضمن لك ما تستقرضه من فلان أو قال له:
اقترض من فلان دينارا وأنا أضمنه عنك، أو شرط ليس فى كتاب الله عز وجل فهو باطل ولأن الضمان عقد واجب ولا يجوز الواجب فى غير واجب وهو التزام ما لم يلزم بعد وهذا محال. وكل عقد لم يلزم حين التزامه فلا يجوز ان يلزم فى ثان وفى حين لم يلتزم فيه، وقد لا يقرضه ما قاله وقد يموت القائل لذلك قبل ان يقرضه ما أمره باقراضه، فصح بكل هذا أنه لا يلزم ذلك القول فان قال له: أقرضنى
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 139 الطبعة السابقة.
(2)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 2 ص 178 الطبعة السابقة.
(3)
المحلى لأبن حزم الظاهرى ج 8 ص 7 مسئلة رقم 1190 الطبعة السابقة.
(4)
المرجع السابق ج 8 ص 110 وما بعدها الى ص 117 مسئلة رقم 329 الطبعة السابقة.
كذا وكذا وادفعه الى فلان أوزن عنى لفلان كذا وكذا أو أنفق عنى فى أمر كذا فما أنفقت فهو على أو ابتع لى أمر كذا فهو جائز لازم لأنها وكالة وكله بما أمره به
(1)
.
مذهب الزيدية:
جاء فى شرح الأزهار: أن العبد المأذون له فى التجارة لا يجوز له أن يقرض فاذا أقرض فالرد الى سيده الا أن يجرى عرف بالرد اليه
(2)
. ومقبض السفتجة أمين فيما قبضه ضمين فيما أستهلك، كما لو ان رجلا احتاج فى بعض المواقع الى مال وعنده مال لغيره فيأذن له بالاقراض من تلك الأمانة ثم يطلب منه أن يقضيه من مال له فى بلد آخر فيكتب اليه به كتابا ولم يكن مضمرا لذلك عند القرض فان هذا الذى قبض المال وأعطى صاحبه الفستجة حين قبض المال يكون أمينا فيما قبض، ضمينا فيما استهلك، وحين اقترض منه بعد ذلك ليستهلكه صار ضمينا بعد النقل.
فلو أضرب عن الاقتراض بعد ان قبض المال بنية الاقتراض لم يبرأ من القرض بتركه الا أن يكون المودع أذن له بالرد ان استغنى عنه عادت يده أمانة وقيل: أنه يخرج عن ضمان ويبقى على ملك صاحبه لظاهر قوله (ضمين فيما استهلك)
(3)
.
مذهب الإمامية:
جاء فى مفتاح الكرامة ان القرض ان كان مثليا يثبت فى الذمة مثله كالذهب والفضة وزنا والحنطة والشعير كيلا ووزنا والخبز وزنا وعددا للعرف وان كان غير مثلى تثبت قيمته وقت القرض لا يوم المطالبة ولو تعذر المثل فى المثلى وجبت القيمة يوم المطالبة لأن الثابت انما هو المثل الى ان يطالبه
(4)
. أما ثبوت قيمة غير المثلى فى الذمة فهو المشهور وظاهر الخلاف انه يثبت مثله ايضا وفى الشرائع:
لو قيل به أيضا كان حسنا لأنه أقرب الى الحقيقة، ولخبرين عامين واردين فى مطلق الضمان أحدهما تضمن أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ قصعة امرأة كسرت قصعة أمرأة أخرى، والثانى أنه ضمن عائشة رضى الله تعالى عنها اناء حفصة رضى الله تعالى عنها وطعامها لما كسرته وقد عورضا بخبر آخر وارد فى معتق الشقص ومع ذلك فهما حكاية حال فلعل الغريم رضى بذلك، وتظهر الفائدة فيما اذا وجد مثله من كل الوجوه التى لها مدخل فى القيمة ودفعه الغريم فعلى هذا القول يجب بعد ذلك بقرض أو بيع أو شبههما لم تغيرت أسعار القيمى فعلى المشهور يوم القبض وعلى القول الآخر يوم دفع العوض واختير فى التذكرة ضمان المثل الصورى فيما يضبطه الوصف وهو ما يصح السلم فيه وضمان ما ليس كذلك بالقيمة لخبرين عامين أحدهما أن النبى صلى الله عليه وسلم استقرض بكرا فرد بازلا، وأنه استقرض بكرا فأمر برد
(5)
مثله ولو أن شخصا ضمن دينا لم يجب بعد ولكنه يجب بعد ذلك بقرض أو بيع أو شبههما لم يصح ولو قال لغيره: مهما أعطيت فلانا فهو على لم يصح أيضا عند علمائنا أجمع كما فى التذكرة
(6)
.
(1)
المرجع السابق ج 8 ص 117 مسئلة رقم 1232 الطبعة السابقة.
(2)
شرح الازهار وحواشيه ج 3 ص 150 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 3 ص 176 الطبعة السابقة.
(4)
مفتاح الكرامة ج 5 ص 46 وما بعدها الى ص 48 الطبعة السابقة.
(5)
المرجع السابق ج 5 ص 47 الطبعة السابقة.
(6)
المرجع السابق ص 5 ص 371 الطبعة السابقة
اقتراع - وقرعة
التعريف بالاقتراع وبالقرعة وبكيفيتها
- دليل مشروعيتها - موقف الفقه الاسلامى منها ومن اعتبارها وسيلة للاثبات:
أولا: التعريف بالاقتراع وبالقرعة وبكيفيتها:
الاقتراع هو الاختيار والاشتراك فى القرعة ويقال له: «الاستهام» أيضا، ويبدو أن ذلك بسبب ما كان يغلب على اجراء القرعة فى القديم من استعمال السهام، أو لأن الاقتراع يجرى عادة بين نصيبين أو أكثر، والنصيب يطلق عليه السهم. عادة. أما الاقراع «فهو اجراء القرعة، وكذلك الاسهام. واما أصل قرعة فهو من فعل:(قرع يقرع) من باب قطع يقطع وجمع يجمع ومعناه: الطرق والضرب وذلك لان اجراء القرعة كان فى المعتاد يجرى بطرق السهام او ما يشبهها وضربها ليخرج السهم الفائز منها بالقرعة وقد تسمى بالسهمة عند بعض الفقهاء مثل ابن رشد وأصل السهمة النصيب، كما جاء فى قول عبيد بن الابرص قد يوصل النازح النائى وقد يقطع ذو السهمة القريب.
وقد تحدثت كتب الفقه الاسلامى عن صور أخرى لاجراء القرعة مثل: وضع رقاع من الورق او نحوه تمثل الجوانب المختلفة التى تجرى بينها القرعة ثم تغلف بالطين او بالشمع او نحوهما، ثم تجفف بحيث تنتهى فى الظاهر الى اشكال متشابهة، ونسمى القطعة من هذه القطع:(بندقة) وهناك صور اخرى مماثلة لا تخرج كلها عن هذا المعنى وهو: اخفاء مضمون القرعة بشكل او آخر كاستعمال الخواتيم او ما يرمز للمشتركين فى القرعة على نحو ما، والمهم هو عنصر السرية والخفاء حتى لقد نص على أن يقوم بالسحب والاختيار شخص لم يكن حاضرا عملية الاخفاء لضمان السرية وسلامة القرعة
(1)
.
ثانيا دليل المشروعية:
وردت فى القرآن الكريم اشارتان للقرعة كأمر معروف سبق اتباعه لدى رسولين سابقين هما: يونس وزكريا عليهما السلام. اما يونس: {فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}
(2)
أى فاقترع فأخرجته القرعة. واما زكريا: فيقول عنه القرآن وعن قومه حين اقترعوا بالقاء الاقلام - كوسيلة من وسائل اجراء القرعة - على كفالة مريم والقيام بتربيتها: {وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}
(3)
«وواضح ان الاستدلال باشارة القرآن الى القرعة فى هذين الموضعين على مشروعيتها فى شرعنا الاسلامى انما يقوم على مبدأ اصولى وهو: ان «شريعة من قبلنا يعتبر شريعة لنا ما لم يرد فى شريعتنا ما ينسخها، ولم يرد فى الاسلام نهى صريح صحيح عن القرعة فتبقى مشروعيتها فى
(1)
انظر أساس البلاغة للزمخشرى مادة:
قرعة والقاموس المحيط باب العين فصل القاف والمختار من صحاح اللغة مادة قرع طبعة الشعب ج 7 ص 336 وتفسير القرطبى طبعة الشعب ج 1 ص 1329 والطرق الحكمية فى السياسة الشرعية طبعة أنصار السنة المحمدية ص 291، 292 وبداية المجتهد ونهاية المقتصد طبعة الحلبى الثالثة ج 2 ص 267، 268.
(2)
سورة الصفات الاية 141.
(3)
سورة ال عمران الانة 44 وأنظر تفسير الايتين لدى القرطبى، أو ابن كثير ثم أنظر الجامع الصحيح للبخارى طبعة الشعب ج 3 ص 237 وكذلك الام ج 7 ص 336 - 338.
الشرائع السابقة قائمة لدينا، وقد اشار القرآن الكريم الى هؤلاء الرسل السابقين فقال:«أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ 1 اقْتَدِهْ» ولكن هذا المبدأ الاصولى لم يسلم من مخالفة بعض العلماء له وجدالهم فيه
(2)
.
لكننا نجد الدليل بل الادلة الواضحة القوية على مشروعية الاقتراع والقرعة فى صحيح السنة النبوية، بل أن الامام البخارى قد عقد بابا خاصا بعنوان: باب القرعة فى المشكلات مبتدئا بالاستشهاد بالايتين القرآنيتين اللتين اسلفناهما، ثم راويا لطائفة من الاحاديث النبوية الصحيحة فى شأن القرعة
(3)
. كما نجد احاديث اخرى لرواة اخرين، فضلا عن أثار سلفية قوية، نكتفى بعرض هذه الطائفة منها جميعا، روى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: عرض النبى صلى الله عليه وسلم على قوم اليمين فأسرعوا
(4)
فأمر صلى الله عليه وسلم ان يسهم بينهم. انهم يحلف ومدلول هذا الحديث: الامر باجراء القرعة بين المتسابقين الى حلف اليمين. وروى عن خارجة ابن زيد الانصارى
(5)
. أن ام العلاء امرأة من نسائهم قد بايعت النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته ان عثمان بن مظعون طار له
(6)
.
سهمه فى السكنى حين اقرعت الانصار سكنى المهاجرين، قالت ام العلاء: فسكن عندنا عثمان بن مظعون، فاشتكى
(7)
فمرضناه حتى اذا توفى وجعلناه فى ثيابه، دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب
(8)
. فشهادتى عليك لقد أكرمك الله، فقال لى النبى صلى الله عليه وسلم: وما يدريك ان الله اكرمه؟ فقلت: لا ادرى بأبى انت وامى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما عثمان فقد جاءه والله اليقين، وانى لارجو له الخير، والله ما ادرى وانا رسول الله ما يفعل به. ومدلول هذا الحديث: وقوع القرعة بين الانصار بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم واقراره على ايواء المهاجرين بعد ان تسابقوا الى ايوائهم وتنافسوا فيه كرما وفضلا
(9)
. وروى عروة بن الزبير
(10)
. عن عائشة رضى الله عنها انها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفرا اقرع
(11)
. بين نسائه فايتهين خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها. ومدلول هذا الحديث:
(1)
سورة ال عمران الاية رقم 44
(2)
انظر اللمع فى فصول الفقه لابى اسحاق الشيرازى الطبعة الثالثة ص 35 والمستصفى من علم الاصول للغزالى الطبعة الاولى ج 1 ص 132، 133 ونيل الاوطار الطبعة الثالثة ج 7 ص 19.
(3)
البخارى الجامع الصحيح ج 3 ص 333
(4)
انظر اساس البلاغة للزمخشرى مادة الشوكانى نيل الاوطار ج 8 ص 311.
احد الائمة التابعين فى الصدر الاول والمشهورين باسم الفقهاء السبعة.
(5)
اى من نساء الانصار.
(6)
وفى رواية طار لهم أى لاسرتها وقومها.
أى مرض.
(7)
وفى كنية عثمان بن مظعون.
(8)
البخارى المرجع السابق ص 238.
(9)
احد الفقهاء السبعة أيضا.
(10)
أى أجرى القرعة بينهم.
(11)
انظر الجامع الصحيح للبخارى ج 3 ص 238، ج 4 ص 40، ج 5 ص 148 والام ج 7 ص 337 وسنن ابو داود طبعة الحلبى الطبعة الاولى ج 3 ص 463 وزاد المعاد فى هدى خير العباد لابن الغيم طبعة المطبعة المصرية ج 4 ص 19، 20 هـ ونيل الاوطار للشوكانى ج 6 ص 231 وسبل السّلام شرح بلوغ المرام من أدلة الاحكام للضعانى طبعة ثالثة للماكتبة التجارية ج 3 ص 199، 200.
اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرعة واجراؤه لها بين الزوجات. وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما فى النداء
(1)
والصف
(2)
الاول ثم لم يجدوا الا أن يستهموا
(3)
عليه لاستهموا ولو يعلمون ما فى التهجير
(4)
لاستبقوا اليه، ولو يعلمون ما فى العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا
(5)
ومدلول هذا الحديث: جواز القرعة واقرارها
(6)
.
(7)
وروى مسلم وابو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه: ومالك بن انس والشافعى واحمد بن حنبل عن عمران بن حصين: ان رجلا اعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم اثلاثا ثم اقرع بينهم فاعتق اثنين وأرق أربعة
(8)
. ومدلول هذا الحديث: اجراء القرعة لفرز الثلث المسموح بالوصية فيه من الميراث عند الشيوع.
(9)
وروى عن عبد الله بن رافع رضى الله عنه عن ام سلمة رضى الله عنها انها قالت: اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان فى مواريث. لهما لم تكن لهما بينة الا دعواهما، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: انما بشر، وانكم تختصمون الى، ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضى له على نحو ما اسمع منه
(10)
فمن قضيت له من حق اخيه بشئ فلا يأخذ منه شيئا فانما اقطع له قطعة من النار فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما
(11)
: حقى لك: فقال لهما النبى صلى الله عليه وسلم: اما اذ فعلتما فاقتسما وتوخيا الحق ثم استهما ثم تحالا
(12)
ومدلول هذا الحديث اجراء القرعة بين المتقاسمين عند انعدام البينة واستواء موقف الطرفين. وروى احمد بن حنبل فى رواية المروزى عن عروة بن الزبير قال: أخبرنى ابى الزبير (ابن العوام انه لما كان يوم أحد اقبلت امرأة تسعى، حتى كادت تشرف على القتلى قال: فكره النبى صلى الله عليه وسلم ان تراهم، فقال: (المرأة المرأة) قال الزبير:
فتوهمت انها أم صفية، قال:
فخرجت اسعى فادركتها قبل ان تنتهى الى القتلى. قال: فلهدت
(13)
فى صدرى ..
وقالت: اليك عنى لا أم لك، قال: فقلت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك،
(1)
الآذان.
(2)
فى صلاة الجماعة.
(3)
يقترعوا عليه.
(4)
صلاة الظهر.
(5)
أى كما يحبوا الطفل على يديه ورجليه
(6)
انظر الجامع الصحيح للبخارى ج 1 ص 159، 160، 167، 184، ج 4 ص 138.
(7)
مسلم وصحيح مسلم طبعة الحلبى ج 1 ص 86 الموطأ طبعة الحلبى ج 1 ص 66، 67، 116.
(8)
ونيل الاوطار ج 3 ص 202.
(9)
انظر صحيح مسلم ج 2 ص 33 والموطأ ج 2 ص 139 والام ج 7 ص 336، 337 وسنن ابى داود ج 3 ص 353 والطرق الحكمية ص 294 مع الهامش وقاء الضمانة بأداء الامانة للميزالى ج 2 ص 303 وفتح القدير طبعة المكتبة التجارية والفروق للقرأ فى الفرق الاربعون والمائتان طبعة تونس ج 4 ص 133 - 137.
(10)
وفى رواية فى مواريث وأشياء قد رست.
(11)
وفى رواية أنى انما أقضى بينكم برأيى فى ما لم ينزل عليه فى فيه.
(12)
أى فاقترعا ثم ليبرئ كل منكما ذمة أخيه.
(13)
أنظر سنن أبى داود ج 2 ص 270، 271، الجامع صحيح البخارى ج 3 ص 171، 172 صحيح مسلم ج 2 ص 60 مع ملاحظة.
أى ضربت ودفعت.
فرجعت واخرجت ثوبين معها فقالت:
هذان ثوبان جئت بهما لأخى حمزة فقد بلغنى مقتله فكفنوه فيهما قال فجئت بالثوبين ليكفن فيهما حمزة، فاذا أتى جنبه رجل من الانصار قتيل، قد فعل به كما فعل بحمزة، قال: فوجدنا غضاضة ان نكفن حمزة فى ثوبين والانصارى لا كفن له، قلنا: لحمزة ثوب وللانصارى ثوب، فقد رئاها فكان احدهما اكبر من الاخر فأقرعنا بينهما، فكفنا كل واحد فى الثوب الذى طار له
(1)
. وبالاضافة الى هذه الاحاديث الصحيحة فان هناك أثار الصحابة والتابعين رضى الله عنهم تثبت استقرار القضاء بينهم على استعمال القرعة والاعتداد بها والاعتماد عليها، بل ان بعض هذه الآثار يرقى الى درجة الاحاديث النبوية لما ورد فيها من وقوعها بعلم الرسول وبتقريره صلى الله عليه وسلم فى حياته وموافقته اياهم، كما ان بعض هذه الاثار يقنعنا باتفاق هؤلاء الصحابة والتابعين على الاعتداد بالقرعة والقضاء بها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم اتفاقا يرتفع فى نظر بعض الفقهاء والشراح الى مستوى الاجماع، وقال الشوكانى لقد كانت الصحابة تعتمد القرعة فى كثير من الامور وروى انه تشاح الناس
(2)
يوم القادسية فى الاذان فأقرع بينهم سعد
(3)
. وروى مالك بن انس وكذلك الشافعى عن عصر التابعين ايضا: أن رجلا فى امارة ابان بن عثمان أعتق رقيقا له كلهم
(4)
جميعا ولم يكن له مال غيرهم فأمر ابان بن عثمان بتلك الرقيق فقسمت اثلاثا ثم اسهم على ايهم يخرج سهم الميت فيعتقون فوقع السهم على احد الاثلاث فعتق الثلث الذى عليه السهم
(5)
ويذكر الشافعى: ان عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه قضى فى رجل اوصى بعتق رقيقه وفيهم الكبير والصغير فاستشار عمر رجالا منهم خارجة بن زيد بن ثابت
(6)
فأقرع بينهم قال ابو الزناد: وحدثنى رجل عن الحسن ان النبى صلى الله عليه وسلم اقرع بينهم
(7)
. ويقرر القرافى اجماع التابعين على ذلك حيث قال له عمر بن عبد العزيز: وخارجه ابن زيد وابان بن عثمان وابن سيرين وغيرهم ولم يخالفه من عصرهم احد
(8)
.
ثالثا موقف الفقه الاسلامى
من الاقتراع والقرعة
مذهب الحنفية:
القرعة كدليل اثبات
لا تجوز القرعة باعتبارها وسيلة من وسائل الاثبات عند الحنفية ولذلك قالوا لو ادعى اثنان عينا فى يد اخر كل واحد منهما يزعم
(1)
انظر الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ص 290، 291 الاوطار ج 5 ص 269.
(2)
اى تنافسوا ولم يتراضوا.
(3)
انظر الجامع الصحيح للبخارى ج 2 ص 159 ونيل الاوطار ج 5 ص 269.
(4)
هوابان بن عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنهما من عمداء رواية الحديث النبوى الشريف وفى مقدمة الرواد الاوليين لدراسة السيرة النبوية وقد تولى امارة المدينة المنورة فى عهد الخليفة الاموى عبد الملك سنة 75 هـ.
(5)
انظر الموطأ ج 2 ص 139 والام ج 7 ص 337.
(6)
أحد الفقهاء السبعة.
(7)
اى فى حادثة مماثلة وقد اسلفناها، انظر الشافعى والام ج 7 ص 337.
(8)
أنظر الفروق القرافى الفروق الفرق الاربعين والمائتان ج 4 ص 133 - 137 الهداية وفتح القدير وبها مشهما العناية ج 6 ص 217 باب ما يدعيه الرجلان.
انها له واقام كل واحد منهما البينة على دعواه قضى لهما بالعين المدعاة مناصفة بينهما ولا يقرع بينهما واستندوا فى ذلك الى حديث تميم بن طرفة الطائى وهو «ان رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ناقة واقام كل واحد منهما البينة فقضى بها بينهما نصفين والى ما رواه ابو الدرداء رضى الله عنه وهو أن رجلين اختصما بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شئ واقاما البينة فقال: ما أحوجكما الى سلسلة كسلسلة بنى اسرائيل كان داود عليه السلام اذا جلس لفصل القضاء نزلت سلسلة من السماء بعنق الظالم ثم قضى به رسولنا صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين والقرعة فى ذلك كانت جائزة فى ابتداء الاسلام وقت اباحة القمار ثم نسخت بتحريم القمار على اساس ان القرعة حرمت كوسيلة من وسائل اثبات الاستحقاق لانها قمار وذلك يقتضى ان تكون القرعة ممنوعة كوسيلة لتعيين المستحق لان ذلك من قبيل القمار ايضا.
ويلاحظ ان القضاء بالعين مناصفة بين الرجلين محله اذا كانت العين تقبل الاشتراك. فان كانت العين لا تقبل الاشتراك كالمرأة يدعى نكاحها رجلان لم يقض بواحدة من البينتين لتعذر العمل بهما لان المحل لا يقبل الاشتراك راجع مصطلح دعوى الرجلين.
القرعة فى القسم بين الزوجات فى السفر
اذا كان الرجل له اكثر من زوجة واراد أن يصطحب احداهن فى سفره فله ذلك ولا يجب عليه ان يقرع بينهن لانه قد يثق باحداهما فى السفر وبالاخرى فى الحضر. والقرار فى المنزل لحفظ الامتعة او لخوف الفتنة. وقد يمنع من سفر احداهما كثرة سمنها. وقد يترتب على القرعة تعيين من يخاف صحبتها فى السفر للسفر وفى هذا الزام للضرر الشديد وهو مندفع بالنافى للحرج فلم تكن القرعة واجبة لذلك وما فعله النبى صلى الله عليه وسلم من القرعة بين زوجاته اذا اراد سفرا كان استحبابا لان مطلق الفعل لا يقتضى الوجوب - خصوصا وان القسم لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ 1} . ونظرا لان القرعة بين الزوجات فى السفر فيها تطيب قلوبهن قال فقهاء الحنفية ان القرعة فى ذلك مستحبة وليس فيها هنا معنى القمار، واذا سافر بواحدة من غير قرعة ليس للباقيات من أن يحتسبن تلك المدة
(2)
. انظر مصطلح القسم بين الزوجات
القرعة فى قسمة الملك بين الشركاء
اذا قسم القاضى بين الشركاء العين المملوكة لهم وعين لكل منهم نصيبا من غير اقراع - بينهم جاز لان القسمة هنا فى معنى القضاء فيملك الالزام واذا اقرع بينهم فالقرعة جائزة لحصول التعامل بها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير منكر. والقرعة هنا ليس فيها معنى القمار لأن أصل الاستحقاق لا يتعلق بخروج القرعة لان القاسم لو قال: أنا عدلت فى القسمة فخذ أنت هذا الجانب وانت ذاك الجانب كان له ذلك ولكن القرعة تستعمل هنا لتطبيب قلوب
(1)
آية رقم 51 من سورة الاحزاب 33.
(2)
الهداية وفتح القدير وبهامشهما العناية ج 2 ص 519 باب القسمة.
الشركاء ونفى تهمة الميل عن نفسه وذلك جائز الا يرى ان يونس عليه السلام استعمل القرعة مع أصحاب السفينة مع علمه انه هو المقصود لانه لو القى نفسه فى الماء ربما نسب اليه ما لا يليق بالانبياء فاستعمل القرعة لذلك.
وكذلك استعمل زكريا عليه السلام القرعة مع الاحبار فى ضم مريم الى نفسه مع علمه بكونه أحق منهم لكون خالتها عنده تطييبا لقلوبهم
(1)
انظر مصطلح قسمة.
القرعة بين الائمة
اذا وجد أكثر من واحد يصلح للامامة فى الصلاة واستووا فى جميع ما به الترجيح مما هو مبين فى باب الامامة فى الصلاة فان للقوم الخيار فى تقديم احدهم. وجاز أن يقرع بينهم
(2)
(أنظر مصطلح امامة - الامامة فى الصلاة).
القرعة عند التزاحم
اذا وجد اكثر من واحد بين يدى القاضى كل يريد الادعاء او وجدوا بين يدى المفتى كل يريد السؤال طلبا للجواب. أو حضر كثير من طلبة العلم للدرس ولم يوجد مرجح كالسبق فى الحضور بان استووا فى المجئ فالاولى ان يقرع بينهم اذا تنازعوا كل يريد التقدم على غيره. اما اذا حضروا على التعاقب قدم الاسبق روى ان انصاريا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله وجاء رجل من ثقيف فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا أخا ثقيف ان الانصارى قد سبقك بالمسألة فاجلس كيما نبدأ بحاجة الانصارى قبل حاجتك. فعلم من ذلك ان تقديم الاسبق سنة عن النبى صلى الله عليه وسلم واول من تابع النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك ابن كثير - ولا فرق فى تقديم الاسبق بين ان يكون لكل من القاضى والمفتى والمعلم مرتب او لم يكن له. والفرق بين ذى الرتب وغيره اذا حضروا معا انه يقرع بينهم اذا كان له مرتب فان لم يكن له مرتب كان له ان يقدم من شاء
(3)
.
مذهب المالكية:
القرعة كدليل اثبات
جاء فى الشرح الصغير ما يفيد انه لو ادعى اتنان عينا فى يد آخر كل منهما يدعى أن العين له وأقام البينة على ذلك ولا مرجح لاحدى البينتين سقطت البينتان لتعارضهما وبقيت العين المدعاة فى يد حائزها
(4)
. وجاء فى الشرح الكبير: وان تعذر ترجيح لاحدى بينتين تعارضتا سقطتا وبقى التنازع فيه بيد حائزه
(5)
. وهذه النصوص تفيد أن القرعة لا تعتبر دليلا للاثبات عند فقهاء المالكية.
القرعة فى القسمه بين الزوجات فى السفر
لفقهاء المالكية أربعة أقوال فى القسم بين الزوجات فى السفر.
الأولى - للزوج أن يختار من شاء منهن للسفر فى اى سفر كان.
الثانى - عليه أن يقرع بينهن فى كل سفر.
الثالث - عليه أن يقرع بينهن فى الحج
(1)
الهداية وتكملة فتح القدير وبهامشهما العناية ج 8 ص 14 وما بعدها.
(2)
الدر المختار ورد المحتار ج 1 ص 522 الطبعة الثالثة باب الامامة.
(3)
الدر المختار ورد المحتار ج 1 ص 522 الطبعة الثالثة باب الامامة.
(4)
الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 347
(5)
الشرح الكبير مع حاشيته الدسواقى ج 2 ص 343.
والغزو فقط لأن المشاحة تعظم فى سفر القربات -
الرابع - الاقراع فى الغزو فقط لأن الغزو تشتد الرغبة فيه لرجاء فضل الشهادة
(1)
- أنظر مصطلح القسم بين الزوجات.
القرعة فى قسمة الملك بين الشركاء
يقول فقهاء المالكية: ان القسمة ثلاثة أقسام.
الأول - مهايأه وهذه تكون فى المنافع.
الثانى - وتراض أو مراضاه - وهى قسمة ذوات وتكون فيما تماثل أو اختلف.
الثالث - وقرعة وهى تمييز حق فى مشاع بين الشركاء. وهى تتعلق بالذوات أيضا.
ولا بد فى كل من المهايأة من رضا الشريكين فلا تفعل واحدة منهما الا يرضاهما ولا يجبر أحد الشريكين على واحدة منهما ان أباها بخلاف القرعة فانه اذا طلبها أحدهما وأباها الآخر وطلب المهايأة أو المراضاة فانه يجبر على القرعة من أباها ولقسمة القرعة أحكام وشروط مبينة فى موضعها
(2)
(انظر مصطلح قسمة).
القرعة بين الأئمة
اذا وجد أكثر من واحد يصلح للامامة فى الصلاة واستووا فى جميع ما به الترجيح مما هو مبين فى باب الامامة فى الصلاة وتنازعوا فى طلب التقديم ولم يكن التنازع لكبر (بسكون الباء) اقترعوا
(3)
. انظر مصطلح الامامة فى الصلاة).
الاقراع عند التنازع على تعيين القاضى
أو عند التزاحم فى الادعاء أو طلب الفتيا
أو العلم
.
اذا تنازع المتداعيان كل يريد الذهاب الى قاض ولم يوجد مرجح اجريت القرعة لتعيين القاضى الذى يذهبان اليه فمن خرج سهمه ذهبا اليه (انظر مصطلح دعوى).
واذا وجد أكثر من واحد بين يدى القاضى كل يريد الادعاء أولا ولم يوجد مرجع أو حضر أكثر من واحد بين يدى المفتى كل يريد السؤال طلبا للجواب أو حضر كثير من طلبة العلم للدرس ولم يوجد مرجع أجريت القرعة بينهم فى كل ذلك.
مذهب الشافعية:
القرعة كدليل اثبات
يقرر الامام الشافعى انه اذا تنازع خصمان على ميراث أو على ملكية شئ ليس فى حيازة أحدهما، أو على ملكية زرع فى أرض يحوزها شخص ثالث، أو على الاختصاص بقطعة من الارض الموات للبحث عن معادنها وذلك مع تساوى الأدلة والحجج فان القرعة تجرى للاثبات فى جميع هذه الحالات، ويقرر أن هذا هو ما استقر عليه قضاء السلف الصالح من الصحابة والتابعين وان بعضه مروى عن النبى صلى الله عليه وسلم
(4)
(انظر مصطلح دعوى الرجلين).
(1)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقى ج 4 ص 222.
(2)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقى ج 1 ص 345.
(3)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقى ج 4 ص 135، 143.
(4)
الامام الشافعى الام طبعة دار الشعب ج 3 ص 359، 360، 361، 362، 367 ج 4 ص 45، ج 2 ص 336 - 338 ثم ص 340 وما بعدها.
القرعة فى القسمة بين الزوجات فى السفر
اذا كان للرجل نسوة فأراد سفرا فليس بواجب أن يخرج بهن ولا بواحدة منهن، فان اراد الخروج بواحدة او اثنتين اقرع بين نسائه فايتهن خرج سهمها خرج بها ولم يكن له أن يخرج بغيرها لكن القرعة غير لازم اجراؤها، غير ان الزوج اذا خرج بواحدة منهن بغير قرعة كان عليه ان يقسم لمن بقى منهن أياما اخر بقدر مغيبه مع التى خرج بها (انظر مصطلح القسم بين الزوجات)
(1)
.
القرعة فى قسمة الملك بين الشركاء
اذا تنازع الشركاء فى قسمة شئ مملوك بينهم على اختيار نصيب دون آخر أو اجتهد القاضى فى التعديل بين الأنصبة ثم يجرى القرعة بينهم فيلتزمون بما تسفر عنه
(2)
(أنظر مصطلح قسمة).
القرعة عند المتزاحمين
اذا تنازع جماعة فى أمر من الامور التعبدية مثل الاذان وتشاحوا اقرع بينهم لقوله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما فى النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا
(3)
. وكذلك اذا كان التنازع فى امر من الامور الدنيوية كالتنازع بين اولياء المرأة المتساوين فى قرابتهم لها، ليتولى احدهم لمباشرة عقد زواجها. وكالتنازع بين أولياء المقتول، اذا تساووا فى قرابتهم له ليتولى احدهم مباشرة القصاص
(4)
.
مذهب الحنابلة:
القرعة كدليل اثبات
جاء فى كشاف القناع فى باب الدعاوى والبينات ما يفيد أنه اذا أدعى اثنان عينا وأقام كل واحد منهما البينة ولا مرجح لاحدى البينتين تعارضت البينتان وتساقطتا ويتحالفان ثم يحكم بها لهما مناصفة
(5)
وهذا يفيد ان القرعة لا تصلح دليلا للاثبات ولذلك يقول صاحب منتهى الارادات فى تعارض البينتين يقال: تعارضت البينتان اذا تقابلتا أى أثبتت كل منهما ما نفته الاخرى فلا يمكن العمل بواحدة منهما فتتساقطان
(6)
. وجاء فى منتهى الارادات ايضا ما يفيد انه لو تنازع اثنان عينا فى يد غيرهما ولا بينة لاحدهما ولا يوجد ظاهر يعمل به حلف كل منهما أنه لا حق للآخر فيها وقسمت بينهما مناصفة لاستوائهما فى الدعوى وليس أحدهما بها أولى من الآخر لعدم المرجح من يد وغيرها. ثم جاء فيه ما يفيد انه لو تنازعا جدارا بين ملكيها حلف كل منهما أن نصفه له ويقرع بينهما ان تشاحا فى المبتدى منهما باليمين لحديث البخارى عن أبى هريرة ان النبى صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر ان يسهم بينهم فى اليمين أيهم يحلف.
(1)
الام ج 5 ص 99، 100، 175، 176.
(2)
الام ج 6 ص 219، 220.
(3)
المهذب فى فقه الامام الشافعى طبعة الحلبى ج 2 ص 308، 310.
(4)
الشيرازى المهذب ج 1 ص 62.
والام ج 5 ص 13، 14.
والمرجع السابق ج 6 ص 17، 18.
(5)
كشاف القناع ج 4 ص 229.
(6)
كشاف القناع ج 3 ص 118.
القرعة فى القسمه بين الزوجات فى السفر
ليس للرجل ان يسافر باحدى ازواجه او باكثر من واحدة منهن الا بقرعة او رضاهن ورضاه لانه عليه الصلاة والسلام كان اذا اراد السفر أقرع بين نسائه
(1)
(أنظر مصطلح القسم بين الزوجات).
القرعه فى قسمه الملك بين الشركاء
القسمة عند الحنابلة نوعان احدهما قسمة نراض وحكم هذه القسمة كالبيع ولا تجوز الا برضى الشركاء الثانى قسمة اجبار وهى ما لا ضرر فيها على أحد من الشركاء ويعدل القاسم سهام القسمة باجزاء المقسوم ان تساوت كالمكيلات والموزونات والارض التى ليس بعضها أجود من بعض ولا بناء ولا شجر بها.
وتعدل السهام بالقيمة ان اختلفت سهام المقسوم قيمة كما تعدل السهام ايضا بالرد بأن يجعل لمن يأخذ القليل أو الردئ دراهم على من يأخذ اكثر او الجيد ثم يقرع بين الشركاء لازالة الابهام فمن خرج له سهم
(2)
صار له. (انظر مصطلح قسمة)
القرعة بين المؤذنين والائمة
اذا وجد أكثر من واحد يصلح للآذان أو للامامة فى الصلاة واستووا فى جميع ما به الترجيح مما هو مبين فى باب الاذان والامامة وتنازعوا كل يريد الاذان أو الامامة يقرع بينهم
(3)
.
مذهب الظاهرية:
القرعة كدليل اثبات
يرى ابن حزم أن القرعة تعتبر دليلا للاثبات اذا لم توجد بينة لهما أو لاحدهما ولم يكن الشئ المتنازع عليه تحت يدهما أو يد أحدهما فاذا تنازع مدعيان على ملكية شئ ليس فى أيديهما حيازته ولا بينة لهما وجب اجراء القرعة بينهما على اليمين فأيهما خرج سهمه حلف اليمين وقضى له به، ويستند فى ذلك الى ما روى عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختصم اليه رجلان فى متاع ليس لواحد فيهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (استهما على اليمين ما كان) احبا ذلك ام كرها. فلو أقام كل واحد منهما البينة وهو فى حيازة غيرهما قسم بينهما اذ ليست احدى البينتين أولى من الاخرى واذا لم تكن لهما بينة ولكنه فى حيازتهما معا فيقوم وضع أيديهما على الشئ المتنازع عليه مقام البينة منهما فيقسم بينهما ايضا.
القرعة فى قسمة الملك بين الشركاء
يرى ابن حزم أنه اذا كان المال المقسوم أشياء متفرقة فدعا أحد المقتسمين الى اخراج نصيبه كله بالقرعة فى شخص من اشخاص المال أو فى نوع من أنواعه قضى له بذلك، أحب شركاؤه أم كرهوا. ولا يجوز أن يقسم كل نوع ولا كل دار ولا كل ضيعه بين جميعهم الا باتقان جميعهم على ذلك
(4)
.
يرى ابن حزم أنه اذا تزاحم على الاذان اكثر من واحد «وهم
(1)
منتهى الإرادات على هامش كشاف القناع ج 4 ص 311.
(2)
كشاف القناع ج 3 ص 118
(3)
منتهى الإرادات على هامش كشاف القناع ج 4 ص 303.
(4)
المحلى ج 5 ص 436، 437.
سواء فى التأدية والصوت والفضل والمعرفة بالاوقات اقرع بينهم وكذلك الحال فى التزاحم على الصف الأول» استنادا الى الحديث الشريف «لو يعلم الناس ما فى النداء والصف الأول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا
(1)
واذا أوصى السيد بعتق رقيق له لم يسمه وكان له اكثر من واحد أجريت القرعة بينهم فمن خرج سهمه صح فيه العتق
(2)
.
مذهب الزيدية:
يرى فقهاء الزيدية أن القرعة تعتبر دليلا للاثبات واستندوا فى ذلك الى ما ورد عن سعيد ابن المسيب أنه قال اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمر فجاء كل واحد منهما بشهداء عدول عددهم سواء فأسهم بينهما صلى الله عليه وسلم وقال اللهم أنت تقضى بينهما فقضى للذى خرج له السهم وجاء فى الروض النضير القرعة طريق شرعية اعتبرت فى مواضع عديدة
(3)
.
مذهب الإمامية:
القرعة كدليل للاثبات
يرى الإمامية ان القرعة تعتبر وسيلة من وسائل الاثبات ويستندون فى ذلك الى ما روى عن على رضى الله عنه أنه أتاه رجلان يتازعان ملكية دابة وجاء كلاهما بشهود عددهم سواء فاقرع بينهما سهمين وعلم كل سهم بعلامة ثم قال: اللهم رب السموات السبع ورب الارضين السبع ورب العرش العظيم عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أيهما كان صاحب الدابة وهو أولى بها فأسألك أن تقرع وتخرج سهمه فخرج سهم أحدهما فقضى له بها
(4)
.
مذهب الإباضية:
القرعة كدليل للاثبات
يرى فقهاء الإباضية أن القرعة تعتبر دليلا للاثبات ويستندون فى ذلك الى ما ورد أن على بن أبى طالب رضى الله عنه قضى بين ثلاثة يتنازعون على نسب ولد فقال لهم:
أنتم شركاء متشاكسون وأنا مقرع بينكم فمن وقع له السهم فله الولد وعليه لكل من صاحبيه ثلث الدية، فأقر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك القضاء ولم يصح أنه أنكره
(5)
.
كذلك اذا تنازع اثنان شيئا ليس فى يد أحدهما ولا بينة لاحدهما، فيقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حلف واستحقه ويؤيد ذلك ما روى من طريق أبى رافع عن أبى هريرة أن رجلين اختصما فى متاع ولا بينة لواحد منهما فقال صلى الله عليه وسلم:
(استهما على اليمين ما كان أحبا ذلك أو كرها)(انظر مصطلح دعوى - دعوى الرجلين)
(6)
.
القرعة فى القسمة بين الشركاء
القسمة عند فقهاء الإباضية لها طرق ثلاثة
(1)
المحلى ج 8 ص 132، مسألة رقم 1253.
(2)
المحلى ج ص 122.
(3)
الروض النضير ج 3 ص 460، 462
(4)
أبو جعفر محمد الطوسى: الاستبصار فيما اختلف من الاخبار طبعة دار الكتب الاسلامية بالنجف ج 3 ص القسم الاول ص 39 - 41.
(5)
شرح كتاب النيل ج 5 ص 404.
(6)
المرجع السابق ج 5 ص 200.
احدهما قسمة القرعة وتسمى عندهم (القسمة الحقيقية) ولأن القرعة جعلت تطييبا للنفوس فان الحاكم يملك أن يفرضها على الشركاء المتنازعين وأن تراضوا على غيرها، وانما تجرى بعد تعديل الانصباء تحريا للعدل (أنظر مصطلح قسمة)
(1)
.
القرعة عند المتزاحمين
وتجرى القرعة كذلك بين المتساوين اذا تزاحموا على أمر من الأمور التعبدية مثل التزاحم على الاذان والصف الأول فى الصلاة ويستندون فى ذلك إلى قوله صلى الله عليه وسلم لو يعلم الناس ما فى الاذان والنصف الاول من الفضل لاستهموا عليهما
(2)
.
اقتصاد
المعنى اللغوى
يقال اقتصر على الشئ اذا لم يجاوزه والمادة تدل على خلاف الطول يقال قصر ككرم فهو قصير وقصره جعله قصيرا من باب ضرب وقصره على الأمر رده اليه - القاموس المحيط وقصرته حبسته وقصره عن الامر كفه عنه وهو يقدر عليه واقصر عن الباطل ابتعد عنه أساس البلاغه.
المعنى الاصطلاحى
نقل ابن نجيم فى الاشباه والنظائر عن المستصفى للغزالى أن الأحكام تثبت بطرق أربعة الاقتصار كما اذا انشأ الطلاق أو العتق وله نظائر جمة - والانقلاب وهو انقلاب ما ليس بعلة للحكم علة له كما اذا علق الطلاق أو العتق بالشرط فاذا قال شخص لزوجته ان دخلت الدار فأنت طالق لم يكن قوله: أنت طالق فى هذه العبارة علة لطلاقها قبل دخولها الدار وأنما ينقلب علة عند دخولها الدار - والاستناد وهو أن يثبت الحكم فى الحال ثم يستند الى زمن مضى فكان دائرا بين التبيين والاقتصار «راجع مصطلح استناد» .
والتبيين وهو أن يتبين فى الحال ان الحكم كان ثابتا قبل الآن مثل أن يقول فى اليوم ان كان زيد فى الدار فأنت طالق وكان وجوده فيها مجهولا عند ذلك ثم يتبين فى الغد وجوده فى الدار ذلك لليوم الماضى الذى حدث فيه التعليق فان الطلاق يقع فى ذلك اليوم الذى حدث فيه التعليق ومنه تبتدئ العدة وكما اذا قال لامرأته ان حضت فأنت طالق ثم رأت الدم فانها لا تطلق حتى يتبين ان الدم دم حيض وذلك بمرور المدة اللازمة لتحقق الحيض - وقد ذكر فقهاء الحنفية ان ما صح تعليقه بالشرط يقع فيه الحكم مقتصرا على وقت اجازته اذا كان موقوفا على الاجازة ومالا يصح تعليقه بالشرط يقع مستندا الى وقت وجود الشرط عند اجازته اذا ما صدر موقوفا على الأجازة - وعلى هذا اذا طلق أجنبى زوجة اخر بدون وكالة كان وقوع الطلاق موقوفا على أجازة الزوج فاذا أجازة بعد ذلك
(1)
المرجع السابق ج 5 ص 402
(2)
شرح النيل ج 5 ص 404.
بمدة طالت أو قصرت وقع الطلاق من وقت أجازة الزوج لا قبلها ذلك لأن الطلاق مما يصح تعليقه بالشرط واذا باع شخص سلعة لآخر بدون اذنه كان البيع موقوفا على اجازة المالك فاذا مضت مدة ولو طالت فأجاز المالك البيع نفذ من وقت العقد أى مستندا نفاذه الى وقت العقد ولذا كان للمشترى زوائد المبيع منفصلة كانت أو متصلة اذا حدثت بعد العقد ولا يرى الشافعية والظاهرية والشيعة صحة العقد أو الطلاق فى مثل ما ذكرنا لأن تصرف الفضولى عندهم باطل وهذه احدى روايتين عن أحمد.
ويرى المالكية هذا الرأى فى غير المعاوضات أما فى المعاوضات فيرون رأى الحنفية - راجع مصطلح فضولى -.
ومن أمثلة الاقتصار لو قال لزوجته أنت طالق قبل قدوم فلان بشهر فقدم بعد شهر وقع الطلاق مقتصرا على وقت قدومه اتفاقا لأن الزوج لا يملك ايقاع الطلاق فيما مضى من زمن لانعدامه وقت الايقاع فلا يتصور ايجاد أمر فى معدومة ولا يمكن تصحيحه اخبارا لتيقن الكذب فيه وكذلك اذا قال لها أنت طالق قبل موت زيد بشهر وقع مقتصرا على موت زيد عند الصاحبين خلافا لرأى أبى حنيفة اذ ذهب الى أنه يقع مستندا الى ما قبل موته بشهر وفائدة الخلاف تظهر فى ابتداء العدة وهذا اذا مات زيد لتمام شهر من وقت التطليق والا لم تطلق لعدم شهر قبل الموت والفرق بين الموت والقدوم عند أبى حنيفة أن الموت به التعريف بالوقت فلا يقتصر الجزاء عليه كما لو قال ان كان زيد فى الدار فأنت طالق فخرج منها اخر النهار طلقت من حين تكلم ذلك لأن الموت فى الابتداء يحتمل ان يقع قبل الشهر فلا يوجد الوقت اصلا واذا لم يوجد لم يقع الطلاق فاذا مضى شهر علمنا بوجوده قبل الموت الا ان الطلاق لا يقع فى الحال لأنا نحتاج الى شهر يتصل بالموت وانه غير ثابت والموت معرف له وهذا بخلاف القدوم لأن القدوم غير ثابت لا محالة فاذا حدث اقتصر عليه الطلاق راجع مصطلح (طلاق) وقد يثبت الحكم مستندا بالنسبة الى أمر ومقتصرا بالنسبة الى أمر اخر وذلك كما فى الملك المترتب على التضمين يثبت مستندا بالنسبة لزوائد التالف المتصلة ويثبت مقتصرا على وقت التضمين بالنسبة لزوائده المنفصلة ولذا يملك الضامن الزوائد المتصلة تبعا لتملك العين التالفة لاستناد الحكم الى ما قبل حدوثها وهو وقت التضمين وذلك كالسمن ولا يملك الزوائد المنفصلة بهذا التضمين بل يكفى ملكا لمالك العين المضمونة وذلك كالولد ونحوه راجع مصطلح تضمين
(1)
.
(1)
الاشباه والنظائر الفن الثالث صفحة 156 وما بعدها طبعة اسلامبولى البحر ج 4 ص 6، المحلى ج 8 ص 32 مسألة 1548، ج 10 ص 35 مسألة 1883، تحرير الاحكام ج 1 ص 164، ج 2 ص 6، الدر المختار وابن عابدين ج 2 ص 480 وما بعدها، فتح القدير ج 3 ص 64 وما بعدها ونهاية المحتاج ج 3 ص 360 وما بعدها.
اقتضاء
التعريف عند اللغويين:
اقتضاء مصدر فعله اقتضى المزيد بالهمزة والتاء، فاصل مادته قضى. جاء فى لسان العرب: القضاء الحكم يقال: قضى عليه يقضى قضاء وقضية، والقضاء الحتم والأمر ومنه قول الله عز وجل {(وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ)}
(1)
أى أمر ربك وحتم، وقال عز وجل {(فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ)}
(2)
وقد يكون بمعنى الفراغ تقول قضيت حاجتى وقضى عليه عهدا أوصاه وانفذه ومعناه الوصية وبه يفسر قوله عز وجل {(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ)}
(3)
أى عهدنا وهو بمعنى الاداء والانهاء، تقول قضيت دينى، ومنه قوله تعالى {(وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ)}
(4)
أى أنهيناه اليه وابلغناه ذلك
(5)
وحاء فى المعجم الوسيط: اقتضى الدين طلبه، واقتضى أمرا استلزمه، ويقال: افعل ما يقتضيه كرمك أى ما يطالبك به كرمك، واقتضى منه حقا أخذه، واقتضى الأمر الوجوب دل عليه
(6)
.
الاقتضاء عند الأصوليين:
لا يكاد يخرج الأصوليون فى تعريف الاقتضاء عن المعنى اللغوى فقد عرفوه بانه طلب الفعل
(7)
من المكلف، والاقتضاء بهذا المعنى أحد أقسام الحكم الشرعى فقد عرف بعض الاصوليين الحكم الشرعى
(8)
بانه عبارة عن خطاب الله تعالى المتعلق بافعال المكلفين بالاقتضاء او التخيير وعرفه البعض الآخر كما جاء فى شرح التوضيح
(9)
على التنقيح بانه خطاب الله تعالى المتعلق بافعال المكلفين بالاقتضاء او التخيير او الوضع أى وضع الشارع.
قال الامدى
(10)
واذا عرف الحكم الشرعى
(1)
الاية رقم 23 من سورة الاسراء
(2)
الاية رقم 14 من سورة سبأ
(3)
الاية رقم 4 من سورة الاسراء
(4)
الاية رقم 66 من سورة الحجر.
(5)
لسان العرب مادة (قضى) للامام العلامة ابى الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن متطور الافريقى المصرى دار صادر دار بيروت للطباعة والنشر - بيروت سنة 1955 م سنة 1374 هـ.
(6)
المعجم الوسيط ج 2 ص 749 مادة (قضى) اعداد مجمع اللغة العربية بمصر سنة 1381 هـ، سنة 1961 م.
(7)
شرح التوضيح على التنقيح لصدر الشريعة عبيد الله بن مسعود وعليه التلويح للامام سعد الدين التفتازانى وحاشية الغزى على التلويح وحاشية منلا خسرو وعبد الحكيم عليه ايضا ج 1 ص 86 الطبعة الاولى طبع المطبعة الخيرية بمصر سنة 1306 هـ.
(8)
الاحكام فى اصول الاحكام للشيخ الامام العلامة سيف الدين ابى الحسن على بن أبى على بن محمد الآمدى ج 1 ص 135 طبع مطبعة المعارف بمصر طبعة سنة 1332 هـ، 1914 م وشرح البدخشى المسمى مناهج العقول للامام محمد بن الحسن البدخشى ومعه شرح الاسنوى المسمى نهاية السول للامام جمال الدين عبد الرحيم الاسنوى فى كتاب وهما شرح منهاج الاصول فى علم الاصول للقاضى البيضاوى ج 1 ص 30، 31 طبع مطبعة محمد على صبيح وأولاده بمصر.
(9)
شرح التوضيح على التنقيح لصدر الشريعة فى كتاب مع التلويح للفتازانى ج 1 ص 87 الطبعة السابقة.
(10)
المرجع السابق ج 1 ص 137 الطبعة السابقة.
فهو اما أن يكون متعلقا بخطاب الطلب والاقتضاء لولا يكون فان كان متعلقا بخطاب الطلب والاقتضاء فالطلب اما ان يكون للفعل واما ان يكون للترك وكل واحد منهما اما جازم او غير جازم فالكم الذى يتعلق بالطلب الجازم للفعل هو الوجوب والذى يتعلق بغير الجازم منه هو الندب، والحكم الذى يتعلق بالطلب الجازم للترك هو الحرمة والذى يتعلق بغير الجازم منه هو الكراهة وان لم يكن الحكم متعلقا بخطاب الاقتضاء فاما أن يكون متعلقا بخطاب التخيير او غيره فان كان الاول فهو الاباحة وان كان الثانى فهو الحكم الوضعى كالصحة والبطلان ونصب الشئ سببا او مانعا او شرطا وكون الفعل عبادة وقضاء واداء وعزيمة ورخصة الى غير ذلك لكن الحنفية
(1)
يخالفون جمهور الاصوليين فى اعتبار أن طلب الفعل من المكلف ان كان على سبيل الجزم فهو للوجوب ويرادفه الفرض.
فالفرض والواجب عند جمهور الاصوليين بمعنى واحد لان الواجب عبارة عن خطاب الشارع بما ينتهض تركه سببا للذم شرعا فى حالة ما وهذا المعنى بعينه تحقق فى الغرض الشرعى أما الحنفية فانهم يعتبرون ان الطلب على سبيل الجزم ان كان دليله قطعيا فى الثبوت والدلالة مثل الكتاب والسنة المتواترة فهو الفرض كالصلوات الخمس، وان كان دليله ظنيا كخبر الواحد والقياس فهو الواجب كالوتر. وكذلك استعمل الاقتضاء عند الاصوليين بمعنى الدلالة حيث قسم الاصوليين الدلالات الى نوعين دلالات المنظوم اى ما تدل عليه الالفاظ نفسها من حيث صيغتها ووصفها ودلالات غير المنظوم من الفاظ الا من حيث صيغتها ووصفها بل من حيث فحواها
(2)
، والاقتضاء بمعنى الدلالة أحد اقسام النوع الثانى وهو دلالة غير المنظوم فقد قسم الامدى والغزالى دلالة غير المنظوم الى دلالة اقتضاء ولادلة تنبيه وايماء ودلالة المفهوم ودلالة الاشارة، والمقصود بدلالة الاقتضاء هو المقتضى الذى يكون من ضرورة اللفظ ولا يكون منطوقا به، جاء فى المستصفى
(3)
: ان ما يقتبس من الالفاظ لا من حيث صيغتها بل من حيث فحواها واشارتها خمسة أضرب:
الضرب الاول: ما يسمى اقتضاء وهو الذى يكون من ضرورة اللفظ اما من حيث لا يمكن لا يدل عليه اللفظ ولا يكون منطوقا به ولكن وجود الملفظ شرعا الاية أو من حيث يمتنع كون المتكلم صادقا الا به أو من حيث يمتنع ثبوته عقلا الا به اما المقتضى الذى هو ضرورة
(1)
الاحكام للآمدى ج 1 ص 140 الطبعة السابقة وشرح الاسنوى على منهاج الوصول فى علم الاصول ج 1 ص 30، 31 الطبعة السابقة، وشرح المنار ج 1 ص 580.
(2)
الاحكام فى اصول الاحكام للامام سيف الدين الامدى ج 2 ص 188 وج 3 ص 90 الطبعة السابقة ومن كتاب المستصفى من علم الاصول للامام ابى حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالى ومعه كتاب فواتح الرحموت للعلامة عبد العال محمد بن نظام الدين الانصارى شرح مسلم الثبوت فى اصول الفقه للشيخ محب الله بن عبد الشكور ج 2 ص 187 الطبعة الاولى طبع المطبعة الاميرية بمصر سنة 1322 هـ
(3)
المستصفى لابى حامد الغزالى فى كتاب مع فواتح الرحموت ج 2 ص 187 وما بعدها الطبعة السابقة.
صدق المتكلم فكقول رسول الله صلّى الله عليه فمعناه لا صيام صحيحا أو كاملا فيكون حكم فانه نفى الصوم والصوم لا ينتفى بصورته فمعناه لا صيام صحيحا او كاملا فيكون حكم الصوم هو المنفى لانفسه والحكم غير منطوق به لكن لا بد منه لتحقيق صدق الكلام فعن وهذا يصح على مذهب من ينكر الأسماء وهذا يصح على مذهب من ينكر الاسماء الشرعية ويقول لفظ الصوم باق على مقتضى اللغة فيفتقر فيه الى اضمار الحكم اما من جعله عبارة عن الصوم الشرعى فيكون انتفاؤه بطريق النطق لا بطريق الاقتضاء وعليه فالحديث ليس مما نحن فيه بل مثاله (لا عمل الا بنية) ورفع عن أمتى الخطأ والنسيان، وأما مثال ما ثبت اقتضاء لتصور المنطوق به شرعا فقول القائل (أعتق عبدى عنى فانه يتضمن الملك ويقتضيه ولم ينطق به لكن العتق المنطوق به شرط نفوذه شرعا تقدم الملك فكان ذلك مقتضى اللفظ وكذلك لو اشار الى عبد الغير وقال والله لاعتقن هذا العبد يلزمه تحصيل الملك فيه ان اراد البر وان لم يتعرض له لضرورة الملتزم، واما مثال ما ثبت اقتضاء لتصور المنطوق به عقلا فقوله عز وجل {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)}
(1)
فانه يقتضى اضمار الوط ء. أى حرم عليكم زواج امهاتكم لان الامهات عبارة عن الاعيان والاحكام لا تتعلق بالاعيان ولا بعقل تعلقها الا بافعال المكلفين فاقتضى اللفظ فعلا وصار ذلك هو الزواج من بين سائر الافعال وكذلك قوله سبحانه وتعالى {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}
(2)
و {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ}
(3)
أى الأكل ويقرب منه (وأسأل القرية) أى اهل القرية لانه لا بد من الاهل حتى يعقل السؤال فلا بد من اضماره ويجوز أن يلقب هذا بالاضمار دون الاقتضاء والقول فى هذا قريب، والثابت باقتضاء النص كالثابت بالنص فقد قال فى المنار
(4)
: أما الثابت باقتضاء النص أى بمقتضاه فاعلم أن النص اذا كان بحيث لا يصح معناه الا بشرط فلا شك فى أنه يقتضيه فهناك أمور أربعة المقتضى وهو النص والمقتضى وهو ذلك الشرط والاقتضاء وهو نسبة بينهما وحكم المقتضى وهو المراد من الثابت هنا وهو ثابت بالنص بواسطة الشرط الذى اقتضاه. وجاء فى كشف الاسرار
(5)
: أن المقتضى هو زيادة على النص ثبت شرطا لصحة المنصوص عليه لأن المنصوص عليه لما لم يستغن عنه وجب تقديره لتصحيح المنصوص عليه فقد اقتضاه النص فصار المقتضى بحكمه حكما للنص بمنزلة الشراء
(1)
الاية رقم 23 من سورة النساء.
(2)
الآية رقم 3 من سورة المائدة.
(3)
الآية رقم 1 من سورة المائدة.
(4)
الآية رقم 82 من سورة يوسف.
(5)
شرح المنار وحواشيه من علم الاصول للامام العلامة عز الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الملك على متن المنار فى اصول الفقه للشيخ الامام ابى البركات عبد الله بن احمد المعروف بحافظ الدين النسفى ج 1 ص 533 وما بعدها مع حاشية عزمى زاده وحاشية ابن ملك على شرح المنار طبع المطبعة العثمانية دار سعادات سنة 1315 هـ.
ومن كشف الاسرار لعبد العزيز البخارى على اصول الامام فخر الاسلام ابى الحسن على ابن محمد بن حسين البزدوى ج 1 ص 555، 556 طبع فى مكتبة الصنايع بمصر سنة 1307 هـ.
أوجب الملك والملك اوجب العتق فى القريب فصار الملك بحكمه حكما للشراء فصار الثابت به بمنزلة الثابت بنفس النظم، والثابت بالمقتضى يساوى الثابت بالنص الا عند المعارضة فان الثابت بالنص أو اشارته او دلالته يكون اقوى من الثابت بالمقتضى لأنه ثابت بالنظم أو بالمعنى اللغوى فكان ثابتا من كل وجه، والمقتضى ليس من موجبات الكلام لغة وانما يثبت شرعا للحاجة الى اثبات الحكم فكان ضروريا ثابتا من وجه دون وجه اذ هو غير ثابت فيما وراء ضرورة تصحيح الكلام فيكون الأول اقوى.
هل يدخل العموم اقتضاء النص؟: - ذكر صاحب كشف الاسرار
(1)
: انه اختلف فى عموم المقتضى فقال الحنفية لا عموم له أى لا يجوز اى يثبت له صفة العموم، وقال الشافعى رحمه الله تعالى له عموم أى يجوز ان يثبت فيه العموم لأن المقتضى بمنزلة النص حتى كان الحكم الثابت به بمنزلة الثابت بالنص لا بالقياس فيجوز فيه العموم كما يجوز فى النص والحنفية يقولون العموم من عوارض النظم وهو غير منظوم حقيقة فلا يجوز فيه العموم وذلك لأن ثبوت المقتضى للحاجة والضرورة حتى اذا كان المنصوص مفيدا للحكم بدونه لا يثبت المقتضى لغة ولا شرعا والثابت بالضرورة يتقدر بقدرها ولا حاجة الى اثبات صفة العموم للمقتضى فان الكلام مفيد بدونه فبقى فيما وراء موضع الضرورة وهو صحة الكلام على أصله وهو العدم فلا يثبت فيه العموم وهو نظير تناول الميتة لما ابيح للحاجة تقدر بقدرها وهو سد الرمق وفيما وراء ذلك من الحمل والتمول والتناول الى الشبع لا يثبت له حكم الاباحة بخلاف النص فانه عامل بنفسه فيكون بمنزلة حل الذكية يظهر فى حكم التناول وغيره مطلقا كذا ذكره شمس الائمة. وذكر الغزالى فى المستصفى انه لا عموم للمقتضى وانما العموم للالفاظ لا للمعانى التى تضمنتها ضرورة الالفاظ فقوله عليه السلام «لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل» ظاهره نفى صورة الصوم حسا لكن وجب رده الى الحكم وهو نفى الاجزاء والكمال وقد قيل انه متردد بينهما وهو مجمل وكذلك قوله عليه السلام رفع عن امتى الخطأ والنسيان معناه حكم الخطأ ولا عموم له ولو قال لا حكم للخطأ لأمكن حمله على نفى الاثم والغرم وغيره على العموم وفى بعض كتب اصحاب الشافعى انه متى دل العقل او الشرع على اضمار شئ فى كلام صيانة له عن التكذيب ونحوها وثمة تقديرات يستقيم الكلام بأيها لا يجوز اضمار الكل، وهو المراد من قولنا المقتضى لا عموم له. اما اذا تعين احد تلك التقديرات باى دليل افاد العموم او الخصوص كان مقدره كذلك. وبناء على رأى الحنفية
(2)
اذا قال انسان لغيره اعتق عبدك عنى بالف درهم فان هذا الكلام يتضمن البيع لضرورة صحة الاعتاق لأنه متوقف على الملك والملك متوقف على البيع فى هذه الصورة لتعينه سببا له بدلالة قوله على ألف ويثبت البيع متقدما على الاعتاق لأنه بمنزلة الشرط لنوقف صحة الاعتاق عليه
(1)
المرجع السابق من كشف الاسرار ج 1 ص 557 وما بعدها الطبعة السابقة.
(2)
كشف الاسرار ج 1 ص 558 مكتب الصنايع بمصر سنة 1307 هـ.
ولما كان شرطا كان تبعا اذ الشروط اتباع فيثبت بشروط العتق لا بشروط نفسه لأن الشئ اذا ثبت تبعا يعتبر فيه شرائط المتبوع اظهارا للتبعية ولذلك كان الشرط فى مثل هذا أن يكون الأمر أهلا للاعتاق حتى لو لم يكن أهلا له بأن كان صبيا عاقلا قد أذن له وليه فى التصرفات لم يثبت البيع بهذا الكلام كما أنه لا يشترط فى البيع الثابت اقتضاء فى مثل هذا القبول من الآمر كما أنه لا يثبت فى مثل هذا البيع خيار العيب والرؤية، ولو جعل المقتضى بمنزلة المذكور صريحا لثبت بأحكامه أى أعتبر فيه أهلية البيع لا غير وشرط فيه القبوا وثبت فيه الخياران ألا ترى أنه لو صرح الممأمور بالبيع فى هذه الصورة بأن قال بعته منك بألف واعتقه لم يجز عن الآمر لأنه ما أمره ببيعه مقصودا وانما أمره ببيع ثابت ضرورة العتق فاذا أتى به مقصودا لم يأت بما أمر به فتوقف على القبول فاذا اعتقه قبل القبول وقع عن نفسه ولم يقع عن الآمر فتبين بما ذكرنا أن المقتضى ليس كالمنصوص فيما وراء موضع الحاجة خلافا لزفر فى هذا المثال، ثم قال صاحب كشف الاسرار
(1)
:
ولا يلزم على ما ذكرنا ما اذا قال لامرأته تزوجى فانه لا يقتضى طلاقا الا بالنية لأنا انما أثبتنا المقتضى لتصحيح الملفوظ ولا يحصل ذلك هاهنا لأنا اذا حكمنا بوقوع الطلاق لا يصح الأمر بالتزوج فانها تتزوج بمالكيتها أمر نفسها لا بأمر الزوج فانه لا ولاية له عليها واذا لم يصح الأمر به لا يمكن اثباته اقتضاء ولأن من شرط تزوجها الفراغ عن الأول لا الطلاق فلم يصر مقتضيا له لانه لا يثبت الاقتضاء الا ضرورة، وقال ابو يوسف والشافعى رحمهما الله تعالى اذا قال اعتق عبدك عنى بغير شئ فاعتقه فانه يقع عن الآمر وتثبت الهبة اقتضاء كما يثبت البيع فى المثال السابق ولا يشترط فيها القبض لأن الملك بطريق الهبة ثابت بطريق الاقتضاء وبالاعتاق فيثبت بشروط الاعتاق ويسقط اعتبار شرط الهبة وهو القبض مقصودا كما يسقط اعتبار القبول فى البيع بل أولى لأن القبول ركن فى البيع والقبض شرط فى الهبة فلما سقط اعتبار ما هو الركن لكونه ثابتا باقتضاء العتق فلأن يسقط اعتبار ما هو شرط أولى، وقال أبو حنيفة
(2)
ومحمد رحمهما الله تعالى يقع العتق عن المأمور وهو القياس لانه لما طلب العتق بغير بدل ولا صحة للعتق الا بالملك صار طالبا للهبة والهبة لا توجب الملك الا بالقبض ولم يوجد أما حقيقة فظاهر، واما تقديرا: فلأن رقبة العبد، أى ما قيمته بحكم العتق تتلف على ملك المولى فى يده وذلك أى المتلف وهو المالية لا يصلح أن يكون مقبوضا للطالب ولا للعبد ولا هو محتمل للقبض لأنه هالك واذا لم يوجد ما هو شرط ثبوت الملك للآمر، لم يثبت العتق عنه، لأنه لا عتق فى غير الملك، فوقع عن المأمور، ثم قال صاحب كشف الاسرار
(3)
ومثال المقتضى الذى يجرى العموم فيه عند الشافعى ولا يجرى فيه عندنا
(1)
كشف الاسرار ج 1 ص 559 وما بعدها الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 560 الطبعة السابقة.
(3)
كشف الاسرار ج 1 ص 564 على اصول الامام فخر الاسلام البزدوى الطبعة السابقة.
قوله: ان أكلت فعبدى حر أو ان شربت ونوى خصوص الطعام أو الشراب أى نوى طعاما دون طعام أو شرابا دون شراب لم يصدق أصلا عندنا لاقضاء ولا ديانة لأن الأكل اسم للفعل والمأكول محل الفعل واسم الفعل لا يكون اسما للمحل ولا دليلا عليه لغة الا أن الفعل لا يكون بدون المحل فيثبت المحل مقتضى فكان ثابتا فى حق ما يلفظ به من الأكل دون صحة النية اذ هو فيما وراء الملفوظ غير ثابت فكانت النية واقعة فى غير الملفوظ فتلغو. وكذلك فى مسألة الخروج بان قال: ان خرجت فعبدى حر اذا نوى مكانا دون مكان بان نوى الخروج الى بغداد مثلا لم يصدق قضاء ولا ديانة لأن قوله ان خرجت وان دل على المصدر لغة لا يتناول مكانا من حيث اللغة وانما يثبت ذلك مقتضى لأن للخروج مكانا لا محالة فلا يصح تخصيصه بالنية وكذلك لو قال ان اغتسلت فعبدى حر اذا نوى تخصيص الاسباب بان قال عنيت الاغتسال عن الجنابة لم يصدق قضاء ولا ديانة: وعن ابى يوسف رحمه الله تعالى
(1)
انه يصدق ديانة لأنه نوى التخصيص فى المصدر. ويدل لأبى حنيفة ومحمد انه ذكر الفعل ولم يذكر السبب وانما ثبت السبب مقتضى لأن الاغتسال يقتضى سببا ولا عموم له فبطلت النية ولو قال ان اغتسل الليلة فى هذه الدار فعبدى حر فلم يسم الفاعل ونوى تخصيص الفاعل لم يصدق عند الحنفية بخلاف قوله ان اغتسل احد فانه اذا نوى فيه تحصيص الفاعل يصدق ديانة لا قضاء لأن الفاعل مذكور وهو نكرة وقعت فى موضع النفى فعمت فقبلت التخصيص وكذا اذا قال ان اغتسلت غسلا ونوى غسل الجنابة يصدق ديانة لأن الغسل اسم للفعل وضع له من قبل اسبابه وليس بمصدر وقد وقع فى موضع النفى منكرا فصح القول بالتخصيص لكنه خلاف الظاهر اذ الظاهر للعموم فلا يصدق قضاء، وفى هذه المسائل كلها خلاف الشافعى لأن للمقتضى عموما عنده فيقبل التخصيص.
الفرق بين المحذوف والمقتضى
قال صاحب كشف الأسرار
(2)
: - أعلم أن عامة الأصوليين من متقدمى الحنفية واصحاب الشافعى وغيرهم جعلوا المحذوف من باب المقتضى ولم يفصلوا بينهما فقالوا: المقتضى هو جعل غير المنطوق منطوقا لتصحيح المنطوق وهو يشمل الجميع، وانما اختلفوا فى عمومه فذهبت الحنفية الى انتفاء العموم عنه، وذهب الشافعى وعامة اصحابه. الى القول بالعموم، والامام ابو زيد رحمه الله تعالى تابع المتقدمين وجعل الكل قسما واحدا فقال: المقتضى زيادة على النص لم يتحقق معنى النص بدونها فاقتضاها النص ليتحقق معناه ولا يلغو. ففى تعريفه هذا دخل المحذوف ايضا. ثم قال ومثاله قول الله تبارك وتعالى: «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ»
(3)
اى اهلها اقتضاء لأن السؤال للتبيين فاقتضى موجب هذا الكلام أن يكون المسئول من أهل البيان ليفيد فثبت الأهل
(1)
كشف الاسرار ج 1 ص 562 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 563، 564 الطبعة السابقة.
(3)
الاية رقم 82 من سورة يوسف.
اقتضاء ليفيد، وذكر ايضا قوله عليه السلام «رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وعينها غير مرفوع فاقتضى ضرورة زيادة وهى الحكم ليصير مفيدا وصار المرفوع حكمها وثبت رفع الحكم عاما عند الشافعى فيشمل المؤاخذة فى الآخرة والصحة فى الدنيا. وعند الحنفية انما يرتفع حكم الآخرة لا غير لأن بهذا القدر يصير مفيدا فتزول الضرورة. وذكر ايضا قوله عليه السلام «الاعمال بالنيات» والمراد حكم الاعمال فان عينها تثبت بلا نية.
وعند الشافعى يتعلق كل حكم بالنية على سبيل العموم. وعند الحنفية لا يتعلق الا حكم الآخرة من الثواب فانه مراد بالاجماع، ولما ثبت هذا مرارا وصار الكلام مفيدا لم يتعد الى ما وراءه كأنه قال: ثواب الأعمال بالنيات .. ثم أن البزدوى رحمه الله تعالى لما رأى ان العموم متحقق فى بعض افراد هذا النوع مثل قوله طلقى نفسك وان خرجت فعبدى حر سلك طريقة اخرى وفصل بين ما يقبل العموم ومالا يقبله وجعل ما يقبل العمول قسما آخر غير المقتضى وسماه محذوفا ووضع علامة يتميز بها المحذوف عن المقتضى فقال وعلامة الفصل والفرق بينهما ان الذى أقتضى غيره وهو الذى نسميه مقتضيا ثبت عند صحة الاقتضاء اى تقرر عند التصريح بالمقتضى واذا كان الشئ محذوفا فقدر مذكورا انقطع ما أضيف الى المذكور وتعلق به عنه وانتقل الى المقدر لعدم الاشتباه والالتباس يعنى: الحذف انما يجوز اذا كان فى الباقى دليل عليه ولم يكن ملتبسا وليس ها هنا التباس فجاز الحذف ثم استوضح انه من قبيل المحذوف لا من قبيل المفتضى وأدرج فيه الدليل على الفرق بينهما فقال: ألا ترى انه متى ذكر الأهل فى الآية اى صرح به انتقلت اضافة السؤال الى القرية عنها الى الاهل فكان من قبيل المحذوف دون المقتضى لأن المقتضى لتحقيق المقتضى وتقريره لا لنقل المقتضى عن المذكور الى المحذوف، وضعف صاحب كشف الاسرار
(1)
: العلامة التى ساقها البزدوى للفرق بين المحذوف والمقتضى ثم قال: وحقيقة الفرق ان المحذوف امر لغوى والمقتضى امر شرعى.
ومن نظائر المحذوف قوله صلى الله عليه وسلم رفع عن امتى الخطأ والنسيان لما استحال العمل بظاهره واجراؤه عليه لأن ظاهرة يقتضى رفعها بالكلية عن جميع الأمة لكون الأمة عبارة عن جميع من آمن بالنبى عليه السلام الى يوم القيامة وكون الألف واللام فى الخطأ والنسيان للماهية أو للاستغراق اذ لا عهد بالاجماع والعمل به غير ممكن لافضائه الى الكذب فى كلام صاحب الشرع ضرورة تحققها فى حق الأمة فلابد من تقدير شئ يمكن اضافة الرفع اليه تصحيحا للكلام وهو الحكم لأنه هو الذى يقتضيه هذا الكلام لأن تصرف صاحب الشرع فى الاحكام ولما ثبت ان الحكم هو المقدر كان من قبيل المحذوف لا من قبيل المقتضى لتغير ظاهر الكلام على تقدير التصريح به من انتقال الفعل وهو الرفع عن الظاهر وهو الخطأ، وكذلك قوله عليه السلام الاعمال بالنيات فالمقدر فيه من قبيل المحذوف لا من قبيل المقتضى وذلك
(1)
كشف الاسرار ج 1 ص 565 على اصول فخر الاسلام البزدوى طبع مكتب الصنايع بمصر سنة 1307 هـ.
لأن العمل بظاهره لما اقتضى أن لا يوجد عمل بلا نية لدخول اللام المستغرقة للجنس فى الأعمال ثم الحكم بانها تفتقر الى النية وقد تعذر العمل به لتأديته الى الكذب الذى هو مستحيل فى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لتحقق كثير من الاعمال بدون النية لم يكن بد من ادراج شئ يصح به الكلام ويمكن العمل به وهو الحكم او الاعتبار وعلى ذلك التقدير يتغير الكلام لأن الحكم حينئذ يصير هو المبتدأ المحكوم عليه ويرتفع بالابتداء وينجر لفظ الاعمال الذى كان مرفوعا بالابتداء ومحكوما عليه بالاضافة فكان من قبيل المحذوف لا من قبيل المقتضى. ثم قال البزدوى
(1)
: وما حذف اختصارا وهو ثابت لغة كان عاما أى يقبل العموم لأن الاختصار احد طريقى اللغة فكان المختصر ثابتا لفظا والعموم من اوصاف اللفظ بخلاف الملقتضى فأنه أمر شرعى ثبت ضرورة مثل تحليل الميتة بالضرورة فلا يزيد عليها لأنها تندفع بالخاص فلا يصار الى العموم من غير ضرورة لأنه اثبات الشئ بلا دليل. وكلام الإباضية قريب من كلام المذاهب السنية فقد جاء فى شرح طلعة الشمس فى اصول المذهب الأباضى
(2)
: أن اللفظ الذى له معنى اما أن يدل على معناه بعبارته واما ان يدل عليه باشارته واما ان يدل عليه باقتضائه واما ان يدل عليه بدلالته
(3)
ثم قال: أما الدال باقتضائه فهو مضمر مقصود يتوقف عليه صدق الكلام او صحته العقلية أو الشرعية ولا يكون الا بطريق الاستلزام فمثال ما توقف عليه صدق الكلام لغة قوله صلى الله عليه وسلم «رفع عن امتى الخطأ والنسيان فان صدق هذا الكلام متوقف على مضمر محذوف تقديره رفع عن امتى اثم الخطأ والنسيان فلفظ الاثم هو المضمر المحذوف الذى احتاج اليه الكلام واقتضاه لأن الخطأ والنسيان موجودان فى الأمة وقطعنا بصدق الشارع فاحتاج كلامه الى المضمر المحذوف، ومثال ما توقف عليه صحة الكلام عقلا قوله تعالى «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها 4» فان العقل لا يجوز سؤال القرية نفسها فتوقفت صحة هذا الكلام عقلا على اضمار لفظ الأهل.
ومثال ما توقفت عليه صحة الكلام شرعا قوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد» و، «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل» ولولا تقدير الصحة فى الحديث الثانى والكمال فى الحديث الأول ما صح هذا الكلام شرعا. ومنه قولك: اعتق عبدك عنى بمائة اذ التقدير بع منى عبدك واعتقه عنى ولولا هذا المضمر المحذوف لما صح هذا الكلام شرعا اى لولا ذلك لما لزمه ثمن ولا كان العتق مجزيا عنه لكنه يجزئ عنه العتق ويلزمه الثمن بتقدير ذلك المحذوف وأما
(1)
كشف الاسرار على البزدوى ج 1 ص 566 الطبعة السابقة.
(2)
طلعة الشمس ج 1 ص 255 الطبعة السابقة.
(3)
المرجع السابق ج 1 ص 257 الطبعة السابقة.
(4)
الاية رقم 82 من سورة يوسف.
الدال بدلالته فهو ما دل عليه اللفظ لا فى محل النطق أى يكون حكما لغير المذكور وحالا من أحواله، اما كون العموم يدخل اقتضاء النص أو لا يدخله فقد قال صاحب شرح طلعة الشمس
(1)
: أما الدال باقتضائه فان اكتفى فى تقدير صحة الكلام وصدقه بما دون العموم فيه فلا عموم له وان لم يكتف بدون العموم فى استقامة الكلام صدقا أو صحة فانه يعم بحسب ذلك المقدر المقتضى. وتوضيحه انه اذا لم يستقم الكلام الا بتقدير محذوف وكان هنالك امور منها عام ومنها خاص وكل واحد منها يصلح لاستقامة الكلام فلا يصار الى تقدير العام فيه بل يجب أن يكون المقدر هو الخاص لانه انما قدر لضرورة اقضاء استقامة الكلام له واذا اندفعت الضرورة بشئ فلا يتجاوز الى غيره فى باب التقديرات واذا لم يستقم الكلام الا بتقدير العام تعين حينئذ تقديره وكان المقتضى عاما كما فى قولك: اعتقوا عبيدكم عنى على كذا حيث يثبت بيع كل واحد من العبيد له اذا عتقوا بقوله فيلزمه ثمن الجميع.
الاقتضاء عند الفقهاء
لا يكاد يخرج استعمال الفقهاء للفظ اقتضاء عن المعنى اللغوى فقد استعمل بمعنى طلب الحق وأخذه كما جاء فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله عبدا سمحا اذا باع سمحا اذا اشترى سمحا اذا قضى سمحا اذا اقتضى، قال المناوى فى فيض القدير
(2)
: سمحا اذا اقتضى أى طلب قضاء حقه ثم قال: والاقتضاء والتقاضى هو طلب قضاء الحق، ومن ذلك ما جاء فى الشرح الصغير
(3)
وحاشية الصاوى عليه: يضمن الضامن ان اقتضى الدين من الغريم ليوصله لربه سواء طلبه منه او دفعه له الغريم بلا طلب لكن على وجه البراءة منه كذلك استعمل الفقهاء الاقتضاء بمعنى الوجوب واللزوم فيقال هذا شرط يقتضيه العتق اى يوجبه ويستلزمه فقد جاء فى الهداية
(4)
وشروحها: كل شرط يقتضيه العقد كشرط الملك للمشترى لا يفسد العقد لثبوته بدون الشرط وكل شرط لا يقتضيه
(1)
طلعة الشمس شرح على الالفية المسماه بشمس الاصول للامام العالم أبى محمد عبد الله بن محمد السالمى ج 1 ص 528 وبهامشه كتاب بهجة الانوار شرح انوار العقول فى التوحيد والحجج المقنعة فى احكام صلاة
(2)
فيض القدير شرح الجامع الصغير للعلامة المناوى على كتاب الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوط ج 4 ص 76 وما بعدها الطبعة الأولى طبع مطبعة مصطفى محمد سنة 1356 هـ، 1938 م.
(3)
من كتاب بلغة السالك لا قرب المسالك للعالم الشيخ أحمد الصاوى على الشرح الصغير للقطب الشهير محمد بن احمد الدردير ج 2 ص 147 طبع المكتب التجارى بمصر.
(4)
من كتاب شرح فتح القدير للامام محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام ممع تكملة لنتائج الافكار فى كشف الرموز والاسرار لشمس الدين المعروف بقاضى زادة ج 5 ص 215 مع شرح العناية على الهداية وحاشية سعيد حلمى طبع المطبعة الكبرى الاميرية بمصر.
العقد وفيه منفعة لأخذ المتعاقدين او للمعقود عليه وهو من اهل الاستحقاق يفسده كشرط أن لا يبيع المشترى العبد المبيع لان فيه زيادة عارية عن العوض فيؤدى الى الربا او لأنه يقع بسببه المنازعة فيعرى العقد عن مقصوده الا ان يكون متعارفا لأن العرف قاض على القياس ولو كان لا يقتضيه العقد ولا منفعة فيه لأحد لا يفسده وهو الظاهر من المذهب كشرط ان لا يبيع المشترى الدابة المبيعة لأنه انعدمت المطالبة فلا يؤدى الى الربا ولا الى المنازعة، اذا ثبت هذا فنقول ان هذه الشروط لا يقتضيها العقد لأن قضيته الاطلاق فى التصرف والتخيير لا الالزام حتما والشرط يقتضى ذلك وفيه منفعة للمعقود عليه لكن ابن عابدين فرق بين الموجب والمقتضى وبين الحكم بالموجب والحكم بالمقتضى، جاء فى الدر المختار فى باب القضاء اذا رفع الى القاضى حكم قاض آخر نفذه الزم الحكم والعمل بمقتضاه لو كان مجتهدا فيه عالما باختلاف الفقهاء فيه وذلك بعد دعوى صحيحة من خصم على خصم حاضر، وقد تعارفوا فى زماننا القضاء بالموجب وعلق ابن عابدين على ذلك قائلا هذا من متعلقات اشتراط صحة الدعوى من خصم على خصم حاضر لصحة القضاء وبيانه انه اذا وقع تنازع فى موجب خاص من مواجب ذلك الشئ الثابت عند القاضى ووقعت الدعوى بشروطها كان حكما بذلك الموجب فقط دون غيره فلو اقر بوقف عقار عند القاضى وشرط فيه شروطا وسلمه الى المتولى
(1)
ثم تنازعا عند القاضى الحنفى فى صحته ولزومه فحكم بهما وبموجبه لا يكون حكما بالشروط فللشافعى أن يحكم فيها بمقتضى مذهبه ولا يمنعه حكم الحنفى السابق وتمامه فى الاشباه وذكر فى البحر أن القاضى اذا قضى لشئ فى حادثة بعد دعوى صحيحة لا يكون قضاء فيما هو من لوازمه الى أن قال فقد علمت من ذلك كثيرا من المسائل فاذا قضى شافعى بصحة بيع عقار وموجبه لا يكون حكما منه بأنه لا شفعة للجار لعدم حادثتها وكذا اذا قضى حنفى لا يكون حكما بأن الشفعة للجار وان كانت الشفعة من مواجبه لأن حادثتها لم توجد وقت الحكم ولا شعور للقاضى بها وكذا اذا قضى مالكى بصحة التعليق فى اليمين المضافة لا يكون حكما بانه لا بصح نكاح الفضولى المجاز بانفعل لعدمه وقته فافهم فان اكثر اهل زماننا عنه غافلون وكذا قال العلامة قاسم اما كون الحكم حادثة فهو احتراز عما لم يحدث بعد كما لو حكم بموجب اجارة لا يكون حكما بالفسخ بموت احد المتآجرين لأنه لم توجد فيه خصومة قلت وقد ظهر من هذا أن المراد بالموجب هنا الذى لا يصح به الحكم هو ما ليس من مقتضيات العقد فالبيع الصحيح مقتضاه خروج المبيع عن ملك البائع ودخوله فى ملك المشترى واستحقاق التسليم والتسلم فى كل من الثمن والمثمن ونحو ذلك فان هذه وان كانت من موجباته لكنها مقتضيات لازمة له فيكون
(1)
حاشية العلامة الفقية الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين المسماه رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار ج 4 ص 454 وما بعدها طبع المطبعة العثمانية دار سعادات بمصر سنة 1328 هـ.
الحكم به حكما بها بخلاف ثبوت الشفعة فيه للخليط او للجار مثلا فان العقد لا يقتضى ذلك أى لا يستلزمه فكم من بيع لا تطلب فيه الشفعة فهذا يسمى موجب البيع ولا يسمى مقتضى وهذا معنى قول بعض المحققين من الشافعية ان الموجب عبارة عن الأثر المترتب على ذلك الشئ وهو والمقتضى مختلفان خلافا لمن زعم اتحادهما اذ المقتضى لا ينفك والموجب قد ينفك فالأول كانتقال الملك للمشترى بعد لزوم البيع والثانى كالرد بالعيب والموجب أعم لأنه الأثر اللازم سواء كان ينفك اولا وهذا احسن مما قاله العلامة ابن الغرس من ان موجب الشئ ما أوجبه ذلك الشئ واقتضاه فالموجب والمقتضى فى الأصل واحد ولكن يلزم من بعض الصور ان الموجب فى باب الحكم اعم وهو التحقيق اذ لو باع مدبره ثم تنازعا عند القاضى الحنفى فحكم بموجب ذلك البيع صح الحكم ومعناه الحكم ببطلان ذلك البيع ومن المعلوم ان الشئ لا يقتضى بطلان نفسه فظهر ان الحكم فى هذه الصورة لا يكون حكما بالمقتضى والا كان باطلا وكان للشافعى نقضه والحكم بصحة البيع اذ لا مقتضى للبيع عند الحنفى لأنه باطل ويصح عند الحنفى ان يقال موجب هذا البيع البطلان وانما قلنا ان ما مر احسن لأنه يرد على ما قاله ابن الغرس انه كما يقال ان الشئ لا يقتضى بطلان نفسه فكذلك يقال انه لا يوجب بطلان نفسه فدعواه انهما فى الأصل بمعنى واحد وان هذا السبب هو الداعى الى الفرق بينهما هنا غير مسلم فالظاهر أن الفرق بينهما هو اشتراط عدم الانفكاك فى المقتضى لا فى الموجب فالموجب اعم فالحكم بالموجب عندنا لا يصح ما لم يكن حادثة بأن وقع فيه الترافع والتنازع عند الحاكم كما مر فاذا وقع التنازع فى صحة البيع ولزومه فحكم بموجب ذلك البيع كان حكما بصحته وبباقى مقتضياته الشرعية التى لا تنفك عنه كملك المشترى المبيع ولزوم دفع الثمن ونحو ذلك بخلاف موجبه المنفك عنه كاستحقاق الجار الأخذ بالشفعة لعدم الحادثة كما قلنا ثم اعلم ان ابن الغرس ذكر أن الموجب على ثلاثة أقسام.
لأنه اما أن يكون أمرا واحدا.
أو أمورا يستلزم بعضها بعضا أولا.
فالأول كالقضاء بالأملاك المرسلة والطلاق والعتاق اذ لا موجب لهذا سوى ثبوت ملك الرقبة للعين والحرية وانحلال قيد العصمة والثانى كما اذا ادعى رب الدين على الكفيل بدين له على الغائب المكفول عنه وطالبه به فانكر الدين فاثبته وحكم بموجب ذلك فالموجب هنا أمران.
لزوم الدين للغائب ولزوم ادائه على الكفيل.
والثانى يستلزم الأول فى الثبوت والثالث كما اذا حكم شافعى بموجب بيع عقار اقتصر الحكم على ما وقعت به الدعوى فلا يكون حكما بانه لا شفعة للجار وهكذا فى نظائره هذا حاصل ما قرره ابن الغرس وتبعه فى النهر
(1)
.
(1)
المرجع السابق لابن عابدين ج 4 ص 455 الطبعة السابقة.
اقتناء
تعريف الاقتناء لغة
اقتناء المال وغيره: اتخاذه، وهو مصدر اقتنى، تقول: أقتنى المال يقتنيه أقتناء، وهو ان يتخذه لنفسه لا للبيع، ويقال: هذه قنية واتخذها قنية للنسل لا للتجارة.
والقنوة - بالكسر والضم -، والقنية - بالكسر والضم - الكسبة، وأقتنيته: كسبته.
وقنوت العنز قنوا وقنوانا وقنوا: أتخذتها للحلب، وله غنم قنوة - بالكسر والضم - خالصة له ثابتة عليه.
والقنية - بالكسر والضم - ما اكتسب، وجمعها قنى. وقنى المال (كرمى) قنيا وقنيانا - بالكسر والضم -: اكتسبه. وقنى الغنم (كعنى): ما يتخذ منها للولد أو اللبن، وفى الحديث «نهى عن ذبح قنى الغنم» قال ابو موسى هى التى تقتنى للدر، واحدتها قنوة - بالكسر والضم -، وقنية - بالكسر والضم - قال الزمخشرى: القنى والقنية: ما أقتنى من شاة أو ناقة، وقد قناه الله تعالى وأقناه:
أعطاه ما يقتنى من القنية والنشب - المال - وفى التنزيل: «وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى 1» }.
أى
(2)
أعطى قنية يبقى أصلها وتزكو كالابل للنتاج والغنم فينتفع بقنيتها قاله الازهرى «وتقنى:
اكتفى بنفقته ففضلت منه فضلة فأدخرها.
تعريف الاقتناء اصطلاحا:
لم يخرج استعمال الفقهاء للاقتناء فى الجملة عن المعانى التى استعملها فيه أهل اللغة، فقد جاء فى حاشية ابن عابدين على الدر المختار أن شاة القنية هى التى تحبس فى البيوت لاجل النتاج، من أقتنيته أتخذته لنفس قنية اى للنسل لا للتجارة
(3)
. وفسر الخرشى - من المالكية - الاقتناء بالادخار فى موضع من كتابه
(4)
وفى موضع آخر قال: ان القنية هى الانتفاع بعين الشئ من سكنى وحمل وخدمة مثلا
(5)
والظاهر ان التعبير الاخير هو تعبير مجازى.
وذكر صاحب تحفة المحتاج - من الشافعية - ان الاتخاذ هو الاقتناء.
(6)
وقال صاحب أسنى المطالب وصاحب المهذب من الشافعية ايضا - ان القنية هى الامساك للانتفاع دون التجارة
(7)
وبمثل ذلك أيضا فسرها صاحب كشاف القناع
(8)
من الحنابلة
(1)
الآية رقم 48 من سورة النجم.
(2)
لسان العرب لابن منظور ج 20 ص 63 فادة «قنا» طبعة المطبعة الاميرية، طبعة اولى سنة 1307 هـ.
(3)
القاموس المحيط للفيروز ابادى ج 4 ص 373 مادة «قنوة» ، «قنية» طبعة المطبعة الاميرية، الطبعة الثالثة سنة 1302 هـ.
(4)
حاشيه ابن عابدين على الدر المختار شرح تنوير الابصار ج 4 ص 599 طبع مطبعة الحلبى، ط. ثانية 1386 هـ.
(5)
شرح الخرشى على مختصر خليل ج 1 ص 119 المطبعة الاميرية طبعة اولى سنة 1299 هـ.
(6)
المرجع السابق ج 2 ص 227 الطبعة السابقة.
(7)
تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر الهيتمى ح 1 ص 32، ط. اولى.
واسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الانصارى ج 1 ص 381، ط. اولى بالمطبعة الميمنية للحلبى سنة 1313 هـ.
المهذب للشيرازى ج 1 ص 159 طبع مطبعة الحلبى.
(8)
كشاف ط 1 ص 469.
وفسرها صاحب البحر الزخار - من الزبدية - بأنها ترك التصرف فى المال
(1)
.
ما يجوز اقتناؤه وما لا يجوز أثره
مذهب الحنفية
يجوز بالاتفاق اقتناء الكلب للصيد وحراسة الماشية والبيوت والزرع، لكن لا ينبغى أن يتخذه الشخص فى داره الا ان كان يخاف لصوصا أو اعداء أو غيرهم، وذلك للحديث الصحيح، وهو ما روى عن عبد الله بن عمر قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول:
«من أقتنى كلبا الا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان
(2)
.
ومثل الكلب فى ذلك سائر السباع كالاسد والفهد والضبع
(3)
هذا اذا كان الكلب غير عقور أما اذا كان عقورا فقد ذكر ابو يوسف أنه لا يجوز للانسان أقتناؤه، لانه مأمور بقتله.
(4)
وجاء فى الفتاوى الهندية: أنه لو كان لرجل كلب عقور يعض كل من يمر عليه فلاهل القرية ونحوها أن يقتلوه فان تقدم أهل القرية الى صاحب الكلب ولم يقتله ثم عض انسانا فهو ضامن، وان عضه قبل التقدم اليه لم يضمن، ذكر هذا صاحب الينابيع.
وفى أضحية النوازل: رجل له كلاب يقتنيها ولا يحتاج اليها ولجيرانه فيها ضرر فان أمسكها فى ملكه فليس لجيرانه منعه، وان أرسلها فى السكة فلهم منعه فان امتنع كان بها والا رفعوا أمره الى القاضى او الى صاحب الحسبة حتى يمنعه من ذلك. وكذلك من أمسك دجاجة او جحشا او عجولا فى القرية أو الريف وهو الارض فيها زرع وخصب - وكان فى ذلك ضرر لجيرانه فهو على هذين الوجهين ذكر هذا صاحب المحيط
(5)
.
وسواء كان الكلب مأذونا للشخص فى اقتنائه ام لا، سواء كان معلما او غير معلم يجوز بيعه لان ما يجوز الانتفاع به يجوز بيعه والكلب يمكن الانتفاع به معلما كان أو غير معلم، لان كل كلب يحفظ بيت صاحبه ويمنع الاجانب عن الدخول فى بيته ويخبر عن الجائى بنباحه فيجوز بيع الكلب، ولأنه يجوز تمليكه بغير عوض كالهبة والوصية فكذا يجوز بعوض وما ورد فى الاحاديث من النهى عن ثمنه محمول على أبتداء الاسلام فأنهم كانوا الفوا اقتناء الكلاب وكانت تؤذى الضيفان والغرباء فنهوا عن اقتنائها فشق ذلك عليهم فأمر بقتلها ونهى عن بيعها تحقيقا للزجر عن العادة المألوفة
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع ج 1 ص 469 المطبعة الاولى بالمطبعة العامرة الشرفية سنة 1319 هـ.
والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الا وبصار لابن المرتضى ج 2 ص 155 طبعة اولى بالمطبعة انصار السنة المحمدية بالقاهرة سنة 1368 هـ.
(2)
رواه البخارى فى كتاب الذبائح والصيد ج 3 ص 215، الطبعة الاولى بالمطبعة الشرفية بالقاهرة 1304 هـ.
(3)
فتح القدير للكمال بن الهمام على الهداية ح 5 ص 358 الطبعة الاولى بمطبعة مصطفى محمد سنة 1356 هـ.
(4)
وانظر ايضا الفتاوى الهندية ج 5 ص 360 - 361 الطبعة الثانية بالمطبعة الاميرية سنة 1311 هـ.
(5)
الاختيار لتعليل المختار لابن مودود الموصلى ج 1 ص 182 طبع مطبعة مصطفى البابى الحلبى سنة 1355 هـ.
والفتاوى الهندية السابق ج 5 ص 360 - 361. الطبعة السابقة.
ثم رخص لهم بعد ذلك. أو هو محمول على الكلاب التى لا نفع فيها وانما تقتنى للقمار والهراش - أى التحريش بينها وبين كلاب الآخرين - وروى الفضل بن غانم عن ابن يوسف ان بيع الكلب العقور - أى الجارح - لا يجوز لانه غير منتفع به، ولانه صلى الله عليه وسلم نهى عن اقتنائه وأمر بقتله، وعلى هذا مشى صاحب المبسوط وجوابه ان ذلك كان قبل ورود الرخصة فى اقتناء الكلب للصيد أو للماشية أو للزرع
(1)
وكذلك يجوز أجارة الكلب، واستظهر ابن عابدين تقييده بالمعلم، لوقوع الاجارة على المنافع ولو أتلفه انسان ضمن قيمته لصاحبه
(2)
سواء كان صاحبه يقتنيه لصيد أو حراسة ماشية أم لا وقال صاحب المبسوط ما ليس بكلب صيد ولا ماشية انما يضمن متلفه اذا كان بحيث يقبل التعليم حتى يكون مالا منتفعا به، فان كان عقورا لا يقبل التعليم فمتلفه لا يضمن شيئا، لانه ليس بمال منتفع به
(3)
.
وأقتناء البغل وركوبه جائز، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبه واقتناه ولو لم يجز لما فعله
(4)
.
وفى اقتناء الحمام فى البيوت قال صاحب تبيين الحقائق: لا بأس باقتناء الحمام فى البيوت والاستئناس به أو لحمل الكتب، ولا تسقط بذلك عدالة مقتنيه، لأن أمساك الحمام فى البيوت مباح الا ترى ان الناس - يتخذون بروجا للحمام من غير نكير الا اذا كانت تجر حمامات مملوكة لغيره من الناس فتفرخ فى برجه فان ما يأخذه من فراخها ليأكل أو يبيع لا يحل له، لانه ملك الغير، لان الفرخ يملك بملك الاصل فهو بمنزلة اللقطة فى يده الا أنه ان كان فقيرا يحل له أن يتناول لحاجته وان كان غنيا ينبغى له أن يتصدق بها على فقير ثم يشترى منه بشئ فيتناول
(5)
.
وكذلك لا يحل اقتناء الحمام وغيره من الطيور لاجل تطييرها واللعب بها، لان الغالب فيه أن يصعد الى السطوح ليطير طيره فينظر الى عورات النساء، وهو فسق تسقط عدالته بمثله
(6)
.
ويكره أقتناء التصاوير فى البيوت لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة»
(7)
. ولأن امساكها فيه تشبه بعبدة الاوثان. الا اذا كانت على البسط أو الوسائد الصغار التى تلقى على الارض ليجلس عليها فلا تكره لان دوسها بالأرجل أهانة لها فأمساكها فى موضع الاهانة
(1)
فتح القدين والعناية على الهداية السابق ج 5 ص 357 - 359.
(2)
تبيين الحقائق للزيلعى ج 4 ص 125 - 126 الطبعة الاولى بالمطبعة الاميرية سنة 1313.
(3)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج 1 ص 208 «بعد أحكام الدباغة» .
(4)
المبسوط لشمس الائمة السرخى ج 12 ص 20 - الطبعة الاولى مطبعة السعادة سنة 1324.
(5)
تبيين الحقائق للزيلعى ج 6 ص 31 الطبعة السابقة.
(6)
المرجع السابق ج 4 ص 223، والفتاوى الهندية السابق ج 5 ص 419.
(7)
رواه البخارى فى باب التصاوير عن ابن عباس عن أبى طلحة ج 4 ص 32 الطبعة السابقة.
لا يكون تشبها بعبدة الاصنام الا أن يسجد عليها فيكره، لحصول معنى التشبه.
ويكره ذلك على الستور وعلى الازر المضروبة على الحائط وعلى الوسائد الكبار وعلى السقف لما فيه من تعظيمها، ولو لم يكن لها رأس فلا بأس، لانها لا تكون صورة بل نقشا.
ثم المكروه صورة ذى الروح فأما صورة مالا روح له من الاشجار والقناديل ونحوها فلا بأس به
(1)
.
ولا بأس بأقتناء أوانى الذهب والفضة للتجمل من غير استعمال أصلا بل فعله السلف
(2)
نص محمد على ذلك، لأن المحرم الانتفاع والانتفاع بالأوانى يكون بالشرب ونحوه
(3)
.
وفيما عدا الذهب والفضة يجوز للانسان أن يقتنى ما شاء من الأوانى ويستعملها، فيجوز أتخاذها من نحاس أو رصاص أو بلور أو عقيق، ونحوه واتخاذها من الخزف أفضل اذ لا سرف ولا مخيلة، وفى الحديث: «من اتخذ أوانى بيته خزفا زارته الملائكة
(4)
.
وكذلك يجوز للانسان أن يبسط فى بيته ما شاء من الثياب المتخذة من الصوف والقطن والكتان المصبوغة وغيرها والمنقشة وغيرها
(5)
وله أن يزين بيته بالديباج بدون قصد التكبر والتفاخر والا فيكره
(6)
.
ويكره للشخص امساك شئ من آلات المعازف والملاهى وان كان لا يستعملها ويأثم بذلك، جاء ذلك فتاوى قاضيخان.
ولو أقتنى مسلم شيئا حراما لأجل غيره كالخمر ونحوه ففيه تفصيل:
فان اقتنى الخمر فى بيته للتخليل جاز ولا يأثم. وان امسك الحرام لمن يعتقد حرمته كالخمر يمسكها للمسلم لا يكره لان المسلم لا يستعمله استعمالا محرما وأن امسكه لن يعتقد أباحته كالخمر يمسكها لكافر يكره. ويعتبر من صغائر الذنوب اقتناء كلب لغير صيد أو حراسة ماشية، واقتناء خمر لغير تخليلها
(7)
ويمنع الشخص من أقتناء واتخاذ كل ما فيه ضرر بجاره أو فيه ضرر عام، فلو اتخذ رجل فى دار اسطبلا وكان قبل ذلك مسكنا وفى ذلك ضرر بجاره فأن كان وجه الدواب الى جدار داره لا يمنعه، وان كانت حوافرها الى جدار داره له أن يمنعه.
لو اتخذ خباز مثلا حانوتا فى وسط حوانيت لبيع الثياب مثلا يمنع من ذلك، أفتى بذلك أبو القاسم
(8)
وفى اقتناء الكتب
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 5 ص 126 - 127 طبع مطبعة الجمالية، الطبعة الاولى سنة 1328.
(2)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابق ج 6 ص 342 الطبعة السابقة.
(3)
الفتاوى الهندية ج 5 ص 443.
(4)
حاشية ابن عابدين على مختار ج 6 ص 342 - 343، والاختبار ج 3 ص 129.
(5)
الفتاوى الهندية ج 5 ص 359.
حاشية ابن عابدين السابقة ج 6 ص 304.
(6)
الفتاوى الهندية السابقة ج 5 ص 373.
(7)
المرجع السابق ج 5 ص 373 - 374.
(8)
من مجموعة رسائل احمد بن نجيم بنهاية الاشباه والنظائر ح 2 ص 94 رسالة رقم 34.
الخارجة عن الدين المستقيم الزائفة عن الطريق القويم المشحونة بالشرك: والضلال قال الشيخ الامام صدر الدين ابو الليث لا يجوز امساك تلك الكتب كما لا يجوز النظر فيها، كيلا تحدث الشكوك وحتى لا يتمكن الوهن فى العقائد.
أما الكتب التى تحتوى على بعض المسائل الخاطئة فلا بأس بأمساكها والنظر فيها لمن وقف على المسائل المذكورة وعرف وجه الخطأ فيها
(1)
.
وأن أشترى شخص شاة قنية للدر والنسل فلابد من رؤية جميع جسدها مع ضرعها، لان ذلك هو المعروف للمقصود فلا يسقط خيار المشترى فى ردها على بائعها بدون ذلك. ومثل الشاة فى ذلك البقرة الحلوب والناقة الحلوب التى تشترى للقنية.
وشاة القنية هى التى تحبس فى البيوت لاجل النتاج، من أقتنيته أتخذته لنفسى قنية للدر والنسل لا للتجارة واشتراط رؤية جميع جسدها مع ضرعها هو ما ذكره صاحب البحر الرائق نقلا عن الفتاوى الظهيرية وعلق عليه بقوله: فليحفظ فان فى بعض العبارات ما يوهم الاقتصار على رؤية ضرعها فقط.
قال ابن
(2)
عابدين: لكن قال صاحب النهر الظاهر أنه لو اقتصر على رؤية ضرعها فقط كفاه كما جزم به غير واحد
(3)
.
مذهب المالكية:
لا يجوز اقتناء الكلب فى الدور، سواء كانت الدور فى الحضر أو فى البادية، وعدم جواز ذلك محمول على الكراهة ان لم يكن الكلب عقورا فان كان عقورا يحرم اقتناؤه حينئذ.
ويجوز اقتناء الكلب فى ثلاث صور:
الأولى: أن يتخذه لأجل حراسة زرع موجود فعلا أو سيوجد فى المستقبل ومثل الزرع فى ذلك سائر الثمار
الثانية: أن يتخذه لأجل حراسة ماشية - وهى الغنم - يصحبها فى الصحراء ثم يرجع يبيت معها حيث باتت وجاز ذلك بالنسبة للغنم لضعفها، اذ لا تقدر على الدفع عن نفسها، وغير الغنم من الماشية ان احتاج الى الكلاب فهو مثلها وهذا اذا كانت الماشية فى الصحراء.
أما لو كانت فى الدور فانه يكره اتخاذه حينئذ الا أن يخاف عليها فى الدور من الذئب أو غيره ثم اختلف هل يتقيد جواز اقتناء الكلب بزمن هذه الاشياء المذكورة ويطلب اخراجه من حوزه بعد الاستغناء أولا يتقيد الجواز بذلك قولان؟
الثالثة: أن يتخذه لأجل صيد يصطاده لعيشه - أى قوته وقوت عياله - وجواز اقتناء الكلب فى هذه الصورة محمول على الوجوب اذا كان الاصطياد لقوته وقوت عياله، ومحمول على الندب اذا كان ذلك
(1)
المرجع السابق ج 5 ص 377.
حاشية ابن عابدين السابقة ج 4 ص 598 - 599.
(2)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم بحاشية ابن عابدين ج 6 ص 32 الطبعة الاولى بالمطبعة العلمية.
(3)
فتح القدير على الهداية لابن الهمام ج 5 ص 143 طبعة مصطفى محمد.
للتوسعة عليهم. وكذلك يجوز اقتناء الكلب للصيد بدون كراهة اذا كان الاصطياد للتفكه أو لزيادة الاموال.
أما اذا اقتناه ليصطاد به لا لعيشه ونحوه بل للهو واللعب فلا يجوز - أى يكره ذلك - وأجاز بعضهم اقتناء الكلب لحراسة البيوت والأمتعة، ويذكر أن عبد الله بن أبى زيد القيروانى صاحب الرسالة - وقع حائط داره وكان يخاف على نفسه من الشيعة فاتخذ كلبا لذلك فاحتج عليه البعض فى ذلك فقال: لو أدرك الامام مالك زماننا لأتخذ أسدا ضاريا
(1)
. وقال أبو عمر فى تمهيده:
وكذا عندى يجوز اقتناء الكلاب للمنافع كلها ودفع المضار فى غير البادية من المواضع المخوف فيها السرقة
(2)
. ولا يجوز اقتناء الخمر الا عند من أجاز تخليلها فانه سهل فى امساكها ليخللها
(3)
. وكذلك لا يجوز اقتناء القرد
(4)
.
والكلب الذى لم يؤذن فى اقتنائه يجوز قتله بل يندب على ما ذكره الحطاب فلا يلزم من قتله شئ، سواء قتله بعد أن أخذه قهرا ممن اقتناه أو قتله ابتداء، وسواء كان مقتنيه عالما بعدم جواز اقتنائه أم كان جاهلا به.
وينبغى منع قتل الكلب الذى يجوز اقتناؤه فلو قتله شخص فانه يلزمه قيمته بحسب ما يقدره أهل المعرفة بذلك ولا يتقدر ذلك بقدر معين خلافا لبعضهم حيث جعل فى كلب الماشية شاة، وفى كلب الصيد أربعين درهما وفى كلب الزرع فرقا من طعام - الفرق (بفتحتين) اناء بالمدينة يسع تسعة عشر رطلا.
ولا يصح بيع الكلب الذى لا يجوز اقتناؤه بدون خلاف أما ما يجوز اقتناؤه فالمشهور أنه لا يصح بيعه أيضا، للنهى عن بيع الكلب مطلقا، ففى الحديث: «نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغى وحلوان الكاهن
(5)
» وأجاز سحنون بيع الكلب الذى يجوز اقتناؤه حيث قال: أبيعه وأحج بثمنه. قال ابن نافع وابن كنانة: هذا هو الصحيح فى النظر لأنه اذا جاز الانتفاع به وجب أن يجوز بيعه وان لم يحل أكله
(6)
كالحمار الأهلى يجوز بيعه ولا يحل أكله. وكذا لا يجوز بيع القرد، نقل الجزولى عن ابن يونس: ثمن القرد حرام كاقتنائه، وكل ما لا يصح ملكه لا يصح بيعه بالاتفاق كالخمر والخنزير والدم والميته وما أشبه ذلك
(7)
.
(1)
حاشية العدوى على شرح ابى الحسن المسمى «كفاية المطالب الربانى لرسالة ابن أبى زيد القيروانى ج 2 ص 433 طبع مطبعة عبد الحميد احمد حنفى.
(2)
التاج والاكليل بهامش الحطاب ج 4 ص 467 الطبعة الاولى بمطبعة السعادة سنة 1328 هـ.
(3)
مواهب الجليل لشرح مختصر خليل المعروف باسم الحطاب ج 4 ص 363.
(4)
المرجع السابق ج 3 ص 238.
(5)
الحديث رواه الجماعة عن ابى مسعود عقبة بن عمرو (انظر: نيل الاوطار ج 5 ص 243 وما بعدها الطبعة الأولى بالمطبعة العثمانية سنة 1357 هـ وانظر ايضا شرح الخرشى على مختصر خليل بحاشية العدوى ج 5 ص 17 الطبعة الاولى بالمطبعة الاميرية سنة 1299 هو ج 6 ص 157. والشرح الكبير على مختصر خليل بحاشية الدسوقى ج 3 ص 11، 452 الطبعة الاولى مطبعة السعادة سنة 1328.
(6)
التاج والاكليل بهامش الحطاب السابق ج 4 ص 267.
(7)
الحطاب السابق ج 3 ص 238.
والكلب المأذون فى اقتنائه تصح هبته بخلاف غيره مما لا يجوز اقتناؤه، لأنه لا يملك فلا تصح هبته
(1)
.
وان اقتنى شخص كلبا عقورا أى شأنه العقر أى الجرح بلا سبب، ويعلم ذلك بتكرره منه بقصد قتل شخص معين وقتله فعلا فانه يقتص ممن اتخذه لذلك، سواء تقدم له انذار عن اتخاذه هذا الكلب عند القاضى أو غيره كاشهاد الجيران أم لا.
وان قتل الكلب شخصا آخر غير المعين فلا قصاص وتجب الدية.
وكذلك تجب الدية ان اتخذ الكلب لقتل أى شخص فقتل شخصا، سواء تقدم له فيه انذار أم لا.
وأما اذا اتخذه ولم يقصد بذلك ضرر أحد فقتل انسانا فان كان اتخذه لوجه جائز كدفع سبع أو صائل فلا شئ عليه ان لم يتقدم له فيه انذار. فان تقدم له فيه انذار قبل القتل ضمن الدية.
وان اتخذه لوجه غير جائز ضمن ما أتلف سواء تقدم له فيه انذار أم لا، وذلك اذا كان عالما بأنه عقور - أما اذا كان جاهلا بذلك فلا يضمن، لأن فعله حينئذ كفعل العجماء اذا ترتب عليه تلف شئ يكون هدرا لا عوض له
(2)
.
وقال ابن سهل: لم يوجب ابن القاسم ضمان ما أصاب العقور الا بوجهين.
(أحدهما) أن يتقدم اليه فيه انذار.
(والثانى) اتخاذه بموضع لا يجوز له اتخاذه فيه، وقال ابن لبابة ان كان الكلب متخذا بموضع لا يجوز اتخاذه به فصاحبه ضامن لما نقص الرداء مثلا، ويقوم الرداء صحيحا ويقوم ممزقا فما كان بين القيمتين ضمنه، ويوفيه صاحب الكلب
(3)
.
ويجوز اقتناء الدواب التى لا يمكن حراستها كالحمام والنحل، ولا ضمان على أربابها فيما أتلفته ولا يمنعون من اقتنائها وعلى أرباب الزروع حفظها.
ومحل جواز اقتنائها اذا لم يلزم عليه أخذ ملك الغير بأن يتخذ برجا أو جبحا - خلية النحل بعيدا عن برج أو جبح الغير بحيث لا يلزم عليه دخول ما فى برج غيره فى برجه. فقد جاء فى المدونة: «ولا يصاد حمام الأبرجة، ومن صاد منه شيئا رده ان عرف صاحبه والا أرسله ولا يأكله، واذا دخل حمام برج مملوك لشخص برج شخص آخر ردها الى صاحبها ان قدر والا فلا شئ عليه. بخلاف ما يدخل برجه المصنوع فى الجبل أو يصيده من الجبل فانه يجوز» .
أما الدواب التى يمكن حراستها فيضمن أصحابها ما أفسدت من الزروع والثمار بالليل ولا شئ عليهم فيما أفسدت بالنهار الا اذا كانت الدواب معروفة بالعداء فصاحبها يضمن جميع ما أتلفته ليلا أو نهارا بشرط سبق انذاره لأنها صارت كالكلب العقور
(4)
.
(1)
الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج 4 ص 88 الطبعة الاولى بالمطبعة الخيرية سنة 1304.
(2)
المرجع السابق ج 4 ص 216 يفس الطبعة.
(3)
حاشية العدوى على شرح ابى الحسن لرسالة ابى زيد الفيروزابادى ج 2 ص 314 الطبعة السابقة.
(4)
التاج والاكليل بهامشه الحطاب السابق ج 4 ص 267.
ويجوز بيع الحيوان الذى براد للقنية لكثرة منفعته بطعام كبقرة وبعير باردب قمح ولو لأجل ويجوز استئجار الأرض به وأخذه لما استؤجرت الارض به من دراهم وأخذ الطعام قضاء عن ثمنه وذلك لأنه لما كان مقتنى لمنافع غير الأكل صار غير طعام لا حقيقة ولا حكما.
ويجوز بيع حيوان يراد للقنية لكثرة منافعه بمثلة كبقرة ببعير أو بعير ببعير لأنهما لا يقدر ان طعاما بل هما من العروض وسواء كان البيع نقدا أو الى أجل
(1)
.
ولا يجوز بيع الحيوان بحيوان من جنسه لا منفعة فيه الا اللحم - كخصى معز أو قلت منفعته كخصى ضأن الا اذا اقتناه لصوفه فيجوز بيعه حينئذ بحيوان من جنسه يتخذ للاقتناء وله منفعة كثيرة ومثله خصى المعز كما يفيده المعنى وهو العلة، وذلك أنه اذا اقتنى الضأن لصوفه صار فيه منفعة كثيرة غير اللحم وذلك موجود فيما اذا اقتنى المعز لشعره
(2)
.
ويجوز اقتناء الحلى واستعماله للنساء أما الذكر المكلف وغير المكلف على الارجح فلا يجوز له استعماله الحلى ولا المحلى بذهب أو فضة وهو ما جعل فيه شئ منهما متصل كنسج وطراز ومنفصل كزر وكذا يحرم عليه اقتناؤه بقصد استعماله هو وان لم يستعمله فانه يحرم مثل استعماله بالفعل أما اقتناؤه لعاقبة الدهر أو لزوجة يتزوجها أو بنت مثلا أو بدون قصد شئ فلا حرمة ويحرم استعماله اناء من ذهب أو فضة فلا يجوز فيه أكل ولا شرب ولا طبخ ولا طهارة وان صحت الصلاة.
وكذلك يحرم اقتناؤه - أى ادخاره - بقصد استعماله فى المستقبل ولو لعاقبة الدهر أو للاجارة ونحوها، لأن الاقتناء ذريعة الى الاستعمال وسد الذرائع واجب وفتحها حرام.
ولا فرق فى حرمة كل من الاستعمال والاقتناء للاناء المذكور بين الذكر والأنثى.
وحرمة اقتنائه حتى ولو لعاقية الدهر هو مقتضى النقل ويشعر به التعليل وهو الذى ينبغى الجزم به. اذ الاناء لا يجوز بحال لرجل ولا امرأة فلا معنى لاقتنائه وادخاره للعاقبة بخلاف الحلى بقتنيه الرجل للعاقبة فجوازه ظاهر، لأنه يجوز للنساء فيباع لهن أو لغيرهن.
وكذلك يحرم اقتناؤه للتجمل أى للتزين به على رف ونحوه.
وجملة القول أن اقتناء آنية الذهب والفضة ان كان بقصد الاستعمال فحرام بالاتفاق.
وان كان بقصد عاقبة الدهر أى التجميل أو بدون قصد شئ ففى كل قولان، والمعتمد المنع وأما اقتناؤه لأجل كسره أو لفك أسير به فجائز.
هذا محصل ما ذكره أبو الحسن على المدونة وارتضاه البنانى وفى حرمة اقتناء واستعمال الاناء من أحد النقدين - الذهب أو الفضة - المغشى ظاهره بنحاس أو رصاص ونحوه نظرا لباطنه واباحته نظرا لظاهره قولان والراجح الحرمة.
(1)
الشرح الكبير على مختصر خليل بحاشية الدسوقى ج 3 ص 54 - 55 طبع مطبعة السعادة سنة 1328 هـ. وانظر ايضا الشرح الصغير على مختصر خليل بحاشية الصاوى ج 2 ص 33 - 34 طبع المطبعة الاميرية سنة 1289.
(2)
شرح الخرشى على مختصر خليل بحاشية العدوى ج 5 ص 79 طبع المطبعة الاميرية سنة 1299.
وفى حرمة اقتناء واستعمال الاناء المتخذ من الحديد أو النحاس كالقدور والصحون والمباخر والركاب المطلى ظاهرها بذهب أو فضة نظرا لظاهره واباحته نظرا لباطنه عكس ما قبله قولان مستويان.
واستظهر بعضهم الثانى وهو الاباحة نظرا لقوة الباطن - أى لأن المعتبر والملتفت له الباطن لا الظاهر.
ونص الحطاب على أن الاظهر فى الاناء المطلى بالذهب أو الفضة الاباحة اما المنع فبعيد وان كان قد استظهر فى الاكمال.
وفى حرمة اقتناء واستعمال الاناء من الخشب أو الفخار ونحوه المضبب أى المشعب كسره بخيوط ذهب أو فضة أو المجموع بصفيحة منهما وجوازه قولان.
ومثل ذلك اللوح يجعل له حلقة والمرآة تجعل لها حلقة من ذهب أو فضة والاناء يجعل فيه ذلك ففيه أيضا قولان والراجح الحرمة فى هذا وفى المضبب، نص الحطاب على أن الأصح من القولين فى المضبب وذى الحلقة المنع صرح به ابن الحاجب وابن الفاكهانى قال فى التوضيح وهو اختيار القاضى أبى الوليد.
واختار القاضى ابو بكر الجواز. والقول بأن المقابل للمنع فيهما هو الكراهة لا يعول عليه بل المعول عليه أن القول المقابل للمنع والحرمة فى هاتين المسألتين هو الجواز.
أما الجوهر كالياقوت والزبرجد واللؤلؤ والبلور فلا يحرم اقتناؤه ولا استعمال أوانيه على الراجح ولا يلزم من نفاسته حرمة استعماله، لان علة حرمة النقدين تضييق المعاملة على العباد فلا يقاس عليها الجواهر.
وخالف البعض فى ذلك فقالوا: لا يجوز استعمال أوانيه وهو ضعيف جدا
(1)
. ويكره اجارة الحلى بذهب أو فضة أو غيرهما حالا أو مؤجلا اذا كان محرم الاستعمال والا منع.
وكذلك يكره اجارة الدف وجميع أنواع المعازف لعرس - أى نكاح سواء قلنا ان استعمالها فى العرس جائز أو غير جائز.
ولا يلزم من جوازها جواز اجارتها بل اجارتها فيه مكروهة سدا للذريعة اذ لو جاز كراؤها أيضا فى العرس لتوصل به لاجارتها فى غيره
(2)
.
والراجح أن الدف والطبل جائزان لعرس مع كراهة اجارتهما فيه خلافا لمن قال بكراهتهما فيه أما باقى المعازف فالراجع أن استعمالها فى العرس حرام فيحرم اجارتها فيه خلافا لمن قال بكراهة استعمالها فيه ولمن قال بجوازها فيه
(3)
.
وأما استعمال الجميع فى غير النكاح كالعقيقة والختان والقدوم من سفر ونحوه فحرام قولا واحدا فيحرم اجارتها لشئ من ذلك أيضا
(4)
.
ويجوز اقتناء التمثال - أى الصورة - ان كان لغير حيوان كالشجر ونحوه، وان كان لحيوان فماله ظل وصنع من مادة تدوم طويلا كحجر فهو حرام بالاتفاق وكذا ان صنع من مادة لا تدوم طويلا كالعجين
(1)
الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج 1 ص 54 - 56 الطبعة السابقة.
(2)
وايضا شرح الخرشى بحاشية العدوى ج 2 ص 117، 119 - 120 الطبعة السابقة.
(3)
وانظر ايضا الشرح الصغير بحاشية الصاوى ج 1 ص 29 الطبعة السابقة.
(4)
الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج 4 ص 17 - 18 طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية بمصر.
خلافا لأصبغ. وما لا ظل له ان كان فى وضع غير ممتهن فهو مكروه، ويكره جعلها فى الاسرة والقباب والجدران وان كان فى وضع ممتهن فخلاف الاولى.
وهذا فى الصور الكاملة، وأما ناقص عضو من الاعضاء الظاهرة فيباح النظر اليه. ويستثنى من المحرم لعبة على هيئة بنت صغيرة لتلعب بها البنات الصغار فيجوز استصناعها وصناعتها وبيعها وشراؤها لأن فى ذلك تدريب البنات الصغار على حمل الاطفال.
ويحرم ذلك للكبار
(1)
.
واقتناء الحرير لتعليقه وجعله ستارة من غير جلوس عليه جائز
(2)
.
مذهب الشافعية:
اقتناء الشى النجس فى نفسه ينظر فيه فان لم يكن فيه منفعة مباحة كالخمر والميتة والعذرة والكلب الذى لا منفعة فيه لم يجز اقتناؤه لما روى أنس قال: سأل رجل النبى صلى الله عليه وسلم عن الخمر تصنع خلا فكرهه وقال «أهرقها»
(3)
ولأن اقتناء مالا منفعة فيه سفه فلم يجز.
فان كان فيه منفعة مباحة كالكلب جاز اقتناؤه لمن يصيد به أو يحفظ به ماشية أو زرعا بلا خلاف لما روى سالم عن ابيه - عبد الله بن عمر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتنى كلبا الا كلب صيد او ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان
(4)
وفى حديث أبى هريرة الا كلب صيد أو ماشية أو زرع
(5)
ولان الحاجة تدعو الى الكلب فى هذه المواضع فجاز اقتناؤه فيها.
وفى جواز اقتناء الكلب لحفظ الدور والدروب وجهان مشهوران: احدهما لا يجوز للحديث المذكور والثانى يجوز لانه حفظ مال فأشبه الزرع والماشية وهذا هو الاصح وهو المنصوص عليه فى المختصر قال الشافعى لا يجوز اقتناء الكلب الا لصيد أو ماشية أو زرع وما فى معناها هذا نصه فى المختصر. ولو أراد شخص اقتناء الكلب ليصطاد به مستقبلا اذا اراد ولا يصطاد به الآن أو ليحفظ الزرع أو الماشية اذا صار له ذلك فى المستقبل ففيه وجهان أيضا (احدهما) يجوز الحديث السابق وهو الاصح (والثانى) لا يجوز لانه لا حاجة تدعو اليه الآن اما اذا اقتنى كلب صيد ولا يريد أن يصطاد به فى الحال ولا فيما بعد فظاهر كلام الجمهور القطع بتحريمه وذكر صاحب الشامل أن الشيخ ابا حامد حكى عن القاضى أبى حامد فيه وجهين
(احدهما) يجوز لانه كلب صيد وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم الا كلب الصيد
(والثانى) لا يجوز وهو الاصح لانه اقتناء لغير حاجة فأشبه غيره من الكلاب ومعنى
(1)
حاشية العدوى على شرح ابى الحسن ج 2 ص 402 - 403 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 389 الطبعة السابقة.
(3)
رواه احمد وابو داواد واخرجه الترمذى من طريقين (انظر نيل الأوطار للشوكانى ج 8 ص 187 طبع المطبعة العثمانية سنة 1357.
(4)
رواه البخارى ج 3 ص 261 الطبعة الاولى بالمطبعة الشرقية بالقاهرة سنة 1304 هـ
(5)
رواه الجماعة (انظر نيل الاوطار السابق ج 8 ص 127 - 128) الطبعة السابقة.
الحديث الا كلبا يصطاد به وممن حكى الوجهين صاحب البيان أيضا
(1)
وقال الشبراماسى فى حاشيته على نهاية المحتاج لو اقتنى الشخص كلبا لحفظ ماشية بيده فماتت أو باعها وفى نيته تجديد بدلها لم يجز له اقتناء الكلب وبقاؤه فى يده الى أن يحصل التجديد بل يلزمه رفع يده عنه. والى هذا مال البعض لأن ظاهر اطلاق مشايخ المذاهب انه لا يجوز اقتناء الكلب الا ان كانت الحاجة اليه ناجزة.
ويعتبر من الحاجة الناجزة احتياج الشخص للكلب فى بعض فصول السنة دون البعض فلا يكلف رفع يده عنه خلال مدة عدم احتياجه اليه
(2)
.
وفى جواز اقتناء الكلب فى السفر للحراسة قال القاضى حسين فيه وجهان أصحهما الجواز وفى جواز اقتناء الجرو «بتثليث الجيم ولد الكلب والسباع» وتربيته للصيد او للزرع أو غيرهما مما يباح اقتناء الكبير له وجهان مشهوران (احدهما) لا يجوز لانه ليس فيه منفعة يحتاج اليها حالا (والثانى) يجوز - وهو الاصح - لانه اذا جاز اقتناء الكلب للصيد جاز اقتناؤه لتعليم ذلك
(3)
.
ويشترط اقتناء الجرو ولذلك أن يكون من نسل كلب معلم كذا ذكره البغوى فى التدريب ولم يذكر فيه خلافا
(4)
.
واتفق الاصحاب على انه يجوز اقتناء الكلب الكبير لتعليم الصيد وغيره وانما الوجهان فى اقتناء الجرو لذلك
(5)
وقد يجب على الشخص اقتناء الكلب وذلك اذا علم أنه يقتل لولا اقتنائه لحراسته
(6)
ويجوز اقتناء الفهد والقرد والفيل وغيره مما فيه نفع ولو كان متوقعا منه فى المستقبل.
وكذلك يجوز اقتناء السرقين (الزبل) وتربية الزرع والبقول والوقود به ولكن مع الكراهة وهى كراهة تنزيه لما فيه من مباشرة النجاسة ومحل الكراهة حيث يصلح النبات بدونه أما لو توقف صلاح النبات عادة على التربية به فلا كراهة وليس من صلاح النبات زيادته فى النمو على أمثاله.
وأشار الرويانى الى وجه انه مباح لا مكروه
(7)
.
والزرع النابت على السرقين قال الأصحاب ليس هو نجس العين واذا سنبل فحباته الخارجة طاهرة قطعا ولا حاجة الى غسلها وهكذا القثاء
(1)
المهذب للشيرازى ج 1 ص 261 طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى بالقاهرة، والمجموع شرح المهذب للنوى ج 9 ص 234 - 235 طبع مطبعة التضامن الاخوى سنة 1349 هـ.
(2)
نهاية المحتاج الى شرح المنهاج بحاشية الشبراماس ج 3 ص 18 طبع المطبعة الاميرية.
(3)
المهذب السابق ج 1 ص 261 والمجموع ج 9 ص 234.
(4)
أسنى المطالب شرح روض الطالب للانصارى بحاشية الرملى الكبير ج 2 ص 9 الطبعة الاولى بالمطبعة الميمنية بالقاهرة سنة 1213 هـ.
(5)
المجموع شرح المهذب للنووى ج 9 ص 234 الطبعة السابقة.
(6)
نهاية المحتاج الى شرح المنهاج بحاشية الشبراملسى ج 3 ص 17 الطبعة السابقة.
(7)
المرجع السابق ص 18 ومغنى المحتاج للخطيب ج 2 ص 11 طبع مطبعة مصطفى محمد والمجموع ج 9 ص 234.
والخيار ونحوهما يكون ظاهرا ولا حاجة الى غسله
(1)
.
وكذلك يجوز اقتناء كل ما ينتفع به من النجاسات كالزيت النجس وجلد الميتة والسماد
(2)
اما الكلب العقور فلا يجوز اقتناؤه وكذلك الكلب الكلب - أى المجنون - ويستحب قتلهما الا اذا تعين دفاعا عن النفس وغيرها فيجب للحديث الصحيح «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل خمس فواسق فى الحل والحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور»
(3)
.
وان لم يكن الكلب عقورا ولا كلبا لم يجز قتله سواء كان فيه منفعة أم لا وسواء كان أسود أم لا وهذا كله لا خلاف فيه بين اصحابنا ومن صرح به القاضى حسين وامام الحرمين قال امام الحرمين: الأمر بقتل الكلب الاسود وغيره منسوخ فلا يحل قتل شئ منها اليوم لا الأسود ولا غيره الا الكلب العقور والكلب
(4)
. والغواسق الخمس المذكورة لا تعصم ولا تملك ولا اثر لليد فيها باختصاص لعدم احترامها للأمر بقتلها والحق بها الامام الحرمين المؤذيات بطباعها كالأسد والذئب
(5)
ويحرم اقتناء الفواسق كلها.
وكذلك
(6)
لا يجوز اقتناء الخنزير مطلقا سواء احتاج اليه الانسان ام لا وسواء كان فيه عدوى تعدو الناس أم لم يكن لكن ان كان فيه عدوى وجب قتله قطعا والا فوجهان.
(أحدهما) يجب قتله.
(والثانى) يجوز قتله ويجوز ارساله وهذا الخلاف وجوب قتله أما اقتنائه فلا يجوز بحال.
(7)
ولا يجوز اقتناء النمس ونحوه من الحيوانات عدا الهرة وكذلك لا يجوز اقتناء الحشرات لكن لا يندب قتلها الا اذا كان فيها ضرر كالحية.
(8)
واقتناء الحمام للبيض أو الفرخ أو الانس به أو حمل الكتب مباح ويكره اقتناؤه للعب به بالتطير والمسابقة الا أن ذلك يقتضيه العقد كشرط الملك للمشترى لا يفسد ذلك اللهم الا اذا انضم اليه قمار أو نحوه فترد به الشهادة حينئذ
(9)
.
وسئل القفال عن اقتناء الطيور وحبسها فى اقفاص لسماع اصواتها وغير ذلك فأجاب بالجواز اذا تعهد مالكها بما تحتاج اليه لانها كالبهيمة تربط
(10)
.
والخمر نوعان محترمة وغير محترمة فغيرا المحترمة وهى ما اتخذ عصيرها بقصد الخمرية - يحرم اقتناؤها ويجب اراقتها لما سبق ذكره
(1)
المجموع ج 3 ص 573 الطبعة السابقة.
(2)
المهذب للشيرازى ج 1 ص 452 الطبعة السابقة.
(3)
رواه البخارى ومسلم واحمد عن عائشة (انظر نيل الاوطار ج 5 ص 26 الطبعة السابقة).
(4)
المهذب السابق ج 2 ص 241 والمجموع السابق ج 9 ص 235.
(5)
نهاية المحتاج السابق ج 3 ص 18 والمجموع ج 9 ص 233.
(6)
نهاية المحتاج السابق ج 3 ص 18 والمجموع ج 9 ص 233.
(7)
حاشية البجيرمى على شرح الخطيب المسمى بالاقتناع ج 1 ص 265 طبع مطبعة دار الكتب العربية بالقاهرة.
(8)
اسنى المطالب شرح رمض الطالب السابق ج 4 ص 173 الطبعة السابقة.
(9)
الاشباه والنظائر للسيوطى ص 150 طبعة الحلبى سنة 1378 هـ.
(10)
اسنى المطالب السابق ج 4 ص 344 مغنى المحتاج السابق ج 4 ص 192.
فى الحديث فلو لم يرقها ممسكها حتى تخللت فانها تصبح طاهرة ولا يلزمه اراقها لان النجاسة للشدة وقد زالت وانتقلت من حال الى حال.
وحكى الرافعى وجها انها لا تظهر لانه عاص بامساكها فصار كالتخليل والمذهب الاول.
وأما الخمر المحترمة فامساكها لتصير خلا جائز وهذا هو الصواب الذى قطع به الاصحاب وحكى امام الحرمين عن بعض الخلافين وجها أنه لا يجوز وهذا غلط مردود
(1)
.
والخمر المحترمة التى يجوز امساكها هى ما اتخذت بدون قصد الخمرية فيشمل ذلك ما عصر بقصد جعله خلا أو عسلا أو بقصد شرب عصيرها أو بدون قصد شئ أو انتقلت ليمسكها بنحو هبة أو ارث أو وصية أو عصرها من لا يصلح قصده فى العصر كصبى ومجنون أو عصرها بقصد الخمرية ثم مات أو عصرها كافر بقصد الخمرية ثم أسلم
(2)
.
والاتخاذ يكون فى الابتداء بشرط الا يطرأ بعده قصد يفسده فلو طرأ قصد الخمرية زال الاحترام وعكسه بالعكس.
واذا استحكمت الخمر المحترمة وأيس أهل الصنعة من عودها خلا الا يصنع آدمى قال ابن الرفعة الاشبه فيما نظنه أنه لا يجوز امساكها حينئذ وعلق على ذلك الرملى الكبير فى حاشيته على أسنى المطالب بقوله قد يقال لما كانت محترمة لا يمتنع امساكها لمنافع قد تعرض من اطفاء نار وعجن طين مثلا
(3)
واذا أمسك شخص خمرا عمدا مع علمه بحرمتها ولزوم اراقتها فان ذلك لا يوجب رد شهادته لانه ربما قصد امساكها لتصير خلا
(4)
.
ويجوز امساك ظروف الخمر والانتفاع بها واستعمالها فى كل شئ اذا غسلت وكان غسلها ممكنا
(5)
.
وبناء على جواز امساك الخمر المحترمة فاذا غصبت من ممسكها يجب ردها اليه مادامت العين باقية اما غير المحترمة فتراق ولا ترد عليه فان تلفت الخمر ولو محترمه فى بد الغاصب فلا ضمان عليه لانتقاء قيمتها كسائر النجاسات
(6)
.
ومن اقتنى خمرا وأظهرها وزعم أنها خمر خل لم يقبل منه كما نقله امام الحرمين عن طوائف والا لاتخذ الفساق ذلك وسيلة الى اقتناء الخمر باظهارها وأنهم عصروها للخلية ولو شهدت علامات بأنها محترمة لم يتعرض لها وكذلك ان غصب شخص كلبا فيه منفعة لزمه رده على صاحبه لانه يجوز اقتناؤه للانتفاع به فلزمه رده فان حبسه عن صاحبه مدة لمثلها أجرة فالصحيح أنه لا أجرة له
(7)
.
والصحيح أيضا عدم جواز استئجار الكلب
(1)
المجموع شرح المهذب السابق ج 2 ص 576 - 577، ج 9 ص 234 واسنى المطالب ج 1 ص 515.
(2)
نهاية المحتاج الى شرح المنهاج السابق ج 4 ص 122 - 123 واسنى المطالب ج 2 ص 344.
(3)
اسنى المطالب وحاشيته الرملى عليه ج 2 ص 158.
(4)
المراجع السابق ج 4 ص 346.
(5)
المجموع شرح المهذب السابق ج 4 ص 578.
(6)
نهاية المحتاج الى شرح المنهاج ج 4 ص 122 - 123.
(7)
مغنى المحتاج ج 2 ص 285 ونهاية المحتاج ج 4 ص 123 الطبعة السابقة.
المعلم لان اقتناؤه الا لحاجة وهو الصيد وحفظ الماشية وغيرها مما سبق وما لا يقوم غير الكلب فيه مقامه الا بمؤنة والدليل عليه ما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم «من اقتنى كلبا الا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان» وما أبيح للحاجة لم يجز أخذ العوض عليه كالميته ولانه لا تضمن منفعته بالغصب فى الصحيح فدل ذلك على أنه لا قيمة له وقيل: يجوز استئجاره لان فيه منفعة مباحة فجاز استئجاره كالفهد
(1)
.
وما يحل اقتناؤه ويجوز الانتفاع به من النجاسات كالسماد والزيت النجس وجلد الميته وشحمها والخمر محترمة وكلب الصيد ولو جروا يرجى الانتفاع به مستقبلا تصح الوصية به لثبوت الاختصاص فيها وانتقالها من يد الى يد بالارث وغيره.
ويعتبر فى الموصى له بالكلب المنتفع به فى صيد أو حراسة زرع أو ماشية أن يكون صاحب صيد أو زرع أو ماشية والا فقضية ما صححه النووى فى مجموعه من أنه يمتنع عليه اقتناؤه عدم الصحة قال الاذرعى وهو الاقرب وتبعه الزركشى.
وقال الرملى الكبير: الاقرب هو صحة الوصية وينقل الموصى له اليد فيه لمن يجوز له اقتناؤه.
اما لا يحل اقتناؤه ولا الانتفاع به كالخنزير والخمر الغير محترمة والكلب العقور فلا تصح الوصية به لانه لا يحل الانتفاع به ولا تقر اليد عليه فلم تجز الوصية به
(2)
.
وأما بيع الكلب فلا يصح سواء كان معلما يحل اقتناؤه أم لا ومثل الكلب فى ذلك الخمر ولو محترمة والخنزير والسرقين - الزبل - وما أشبه ذلك من كل ما هو نجس العين والاصل فيه ما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان الله تعالى حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام
(3)
.
وروى أبو مسعود وأبو هريرة «أن رسول الله صلى عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب
(4)
فنص على الكلب والخنزير والخمر والميتة وقسنا عليها سائر الأعيان النجسة
(5)
.
ولو وهب شخص لاخر كلبا أو خمرا ولو محترمة أو جلد ميتة قبل دبغة لم يصح كالبيع هذا اذا اريد بالهبة التمليك أما اذا أريد بها نقل اليد لا التمليك فيجوز
(6)
.
ولو التقط شخص كلبا يجوز اقتناؤه عرفه سنة لأن الكلب الذى يجوز افتناؤه مصلحة دائمة فهو كالمال الكثير وقيل: يعرفه بما يليق به من زمن ثم يختص به فان ظهر صاحبه أخذه ان وجده والا فلا شئ له وان التقط خمرا فعليه اراقتها الا ان علم أنها محترمة فيعرفها سنة
(1)
المهذب للشيرازى السابق ج 1 ص 374، 394 الطبعة السابقة.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 452 واسنى المطالب ج 3 ص 35 - 36 الطبعة السابقة.
(3)
الحديث رواه الجماعة (انظر نيل الاوطار ج 5 ص 142).
(4)
الحديث رواه الجماعة (انظر نيل الاوطار ج 5 ص 142).
(5)
المهذب للشيرازى ج 1 ص 261 واسنى المطالب ج 2 ص 8 - 9 الطبعة السابقة.
(6)
اسنى المطالب بحاشية الرملى الكبير ج 2 ص 481.
كالكلب المحترم
(1)
. وان اقتنى شخص بداخل داره كلبا عقورا أو دابة رموحا أى ترفس برجلها ودخلها رجل باذنه ولم يعلمه صاحب الدار بحال الكلب او الداية فعضه الكلب أو رفسته الدابة فانه يلزم الضمان صاحب الدار حتى ولو كان الداخل بصيرا. اما أن دخل الدار بغير اذن صاحبها أو أعلمه صاحبها بحال الكلب أو الدابة وعضه الكلب أو رفسته الدابة فلا ضمان لأن الداخل هو الذى تسبب فى هلاك نفسه
(2)
.
وهذا اذا كان الكلب العقور بداخل الدار اما اذا ربطه بباب داره أو دهليزها - ما بين الباب والدار - ودعا اليه رجلا فعقره الكلب فمات فلا ضمان على من اقتنى الكلب لأن الكلب ظاهر يمكن دفعه بعصا ونحوها ولأنه يفترس باختياره
(3)
.
ويحرم على الرجال والنساء أوانى الذهب وأوانى الفضة بالاتفاق.
وكذلك يحرم اقتناؤهما ولو من غير استعمال فى الأصح لما روى حذيفة بن اليمان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «وتشربوا فى آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا فى صحافها فانها لهم فى الدنيا ولكم فى الاخرة»
(4)
ولأن اقتناء ذلك يجر الى استعماله غالبا كألة اللهو. وقيل يجوز اقتناء ذلك بدون استعمال لان الشرع ورد بتحريم الاستعمال دون الاقتناء. وكذلك يحرم استعمال واقتناء الاناء المضبب بفضه وذلك اذا كانت الضبة كبيرة وكلها أو بعضها وان قل لزينة اما اذا كانت الضبة صغيرة وكلها للزينة أو بعضها للزينة وبعضها لحاجة أو كانت الضبة كبيرة وكلها للحاجة فيكره اقتناؤه واستعماله.
وان كانت الضبه صغيرة ولحاجة لا لزينة فلا كراهية فى اقتنائه ولا فى استعماله.
اما الاناء المضبب بذهب فيحرم اقتناؤه واستعماله مطلقا لان الخيلاء فى الذهب أشد من الفضة والضبة هى ما يصلح به خلل الاناء من صفيحة او غيرها ومن الضبة مسامير العصا والقبقاب فيجرى فيها التفصيل المذكور.
ويحل اقتناء واستعمال نحو نحاس طلى بذهب أو فضة ولا يحل عكسه بأن طلى ذهب أو فضة بنحو نحاس وذلك ان لم يتحصل من ذلك شئ متمول بالعرض على النار فيهما لقلة المطلى به فكأنه معدوم بخلاف ما اذا تحصل من شئ وبها لكثرته.
ويجوز اقتناء واستعمال الاناء من غير الذهب والفضة ان جعل له حلقة من فضة او سلسلة فضة لانه منفصل عن الاناء لا يستعمل.
ويعتبر من الاناء المكحلة والملعقة والصندوق وغطاء الكوز المجوف والابرة والمشط والكراسى وفيما عدا أوانى الذهب والفضة يحل استعمال واقتناء كل اناء طاهر ولو كان من جوهر نفيس فى ذاته فى الاظهر كياقوت ومرجان وعقيق وزبرجد وبلور لان ما فيه من الخيلاء وكسر قلوب الفقراء لا يدركه الا الخواص.
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 490 - 494 الطبعة السابقة.
(2)
اسنى المطالب السابق ج 4 ص 137 الطبعة السابقة.
(3)
المراجع السابق ج 4 ص 10.
(4)
رواه البخارى ومسلم واحمد كما رواه بقية الجماعة الا حكم الاكل منه خاصة قال ابن منده مجمع على صحيحه (انظر نيل الاوطار ج 1 ص 66).
نعم يكره اقتناء استعمال اناء الياقوت ونحوه لنفاسته الذاتية اما اذا كانت نفاسة عرضية كأناء زجاج أو خشب محكم الصنعة لخرط أو نحوه فلا يكره اقتناؤه ولا استعماله.
وروى حرملة أنه لا يجوز اقتناء الاناء من جوهر نفيس لانه أعظم فى السرف من الذهب والفضة فهو بالتحريم أولى
(1)
.
ويحرم على الرجل المكلف والخنثى استعمال حلى الذهب والفضة وكذلك يحرم على كل منهما اقتناء ذلك بدون استعمال اذا قصد بالاقتناء أن يستعملها.
أما المرأة والصبى فيجوز لهما استعمال ذلك واقتناؤه وسيأتى تفصيل ذلك فى «اثر الاقتناء فى سقوط الزكاة»
(2)
اما اقتناء الحرير والديباج بدون لبس فأفتى ابن عبد السّلام بأنه حرام على الرجل المكلف والخنثى لكن اثمه دون اثم اللبس
(3)
والمعتمد أنه لا يحرم ولعل الفرق بينه وبين الاناء من الذهب أو الفضة مع أن الاقتناء هنا وهناك يجر الى الاستعمال هو ضيق النقدين - الذهب والفضة فى اقتناء الاناء دون الحرير
(4)
.
ومحل حرمة اقتناء الحرير بدون استعماله الذى افتى به ابن عبد السّلام ما اذا كان الاقتناء على صورة محرمة كما اذا اقتناه وعزم على لبسه فالحرمة ظاهرة لعزمه على فعل معصية واثمة دون اثم من فعلها
(5)
.
وفصل بعضهم فى اقتناء ذلك فقال ان كان اقتناؤه لقصد استعماله حرم وان كان بقصد اجارته او اعارته لمن يحل له استعماله فلا يحرم هذا فى اقتناء الحرير اما استعماله فى اللبس والجلوس وغيرهما من سائر وجود الاستعمال فيحرم على الرجل المكلف والخنثى فى حال الاختيار ويجوز لضرورة كحر وبرد مضرين فيجوز لبسه ازالة للضرورة ويجوز ايضا لفجأته حرب ولم يجد غيره يقوم مقامة فى الجهاد ويجوز ايضا لحاجة كجرب ودفع قمل مثلا لانه صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن ابن عوف والزبير بن العوام فى لبس الحرير محكة كانت بهما وفى رواية شكوا الى النبى صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما فى قمص الحرير فى غزاة لهما
(6)
ويجوز لمحارب لبس ديباج وان كان يجد غيره لكنه لا يقى وقايته للضرورة وسواء فى ذلك الحضر والسفر ويؤخذ من جواز استعمال الحرير فى اللبس فى هذه الاحوال جواز استعماله فى غيره بطريق الأولى لأنه أخف
(7)
.
هذا بالنسة للرجل المكلف أما المرأة والصبى فيحل لهما لبس الحرير واستعماله بفرش او
(1)
حاشية البجرمى على الاقناع للخطيب ج 1 ص 92 - 96 الطبعة السابقة.
(2)
حاشية البجرمى فى شرح منهج الطلاب ج 1 ص 31 - 34 الطبعة الثالثة بالمطبعة الاميرية سنة 1309.
(3)
المهذب للشيرازى.
(4)
المهذب للشيرازى ج 1 ص 11 - 12 الطبعة السابقة.
(5)
اسنى المطالب شرح روض الطالب ج 1 ص 378.
(6)
اسنى تحفة المحتاج فى شرح المنهاج لابن حجر ج 1 ص 366 - 367 الطبعة الاولى بالمطبعة الوهبية سنة 1282 هـ.
(7)
اسنى الطالب السابق ج 1 ص 276.
الحديث رواه الجماعة والرواية الثانية بلفظ الترمذى (انظر نيل الاوطار ج 2 ص 88) الطبعة السابقة.
غيره وبالاولى يجوز لهما اقتناؤه بدون استعمال
(1)
. ويكره للرجال وغيرهم تزين البيوت بالثياب ويحرم تزينها بالحرير وذلك لعموم الأخبار الواردة فيها
(2)
ويحرم اقتناء كل آلات اللهو كالشبابة ومزمارة الرعاة والطنبور والبربط - العود - وصور نقشت على غير ممتهن لان لا يجوز استعماله لا يجوز اقتناؤه
(3)
.
ولا بأس باقتناء صور على بسط تداس ومخدة يتكأ عليها أو بصور ممتهنة بالاستعمال لمحلها كطبق وقصعة وكذا ان كانت مرتفعة لكن قطع رأسها لأن ما يداس ويطرح مهان مبتذل ومقطوع الرأس لا يشبه حيوانا فيه روح بخلاف المنصوب فانه مرتفع يشبه الأصنام
(4)
.
ويجوز اقتناء صور شجر وكل ما لا روح فيه أما الحيوان فلا يجوز الا اذا كان للعب النبات لان عائشة كانت تلعب بها عنده صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم وحكمته تدريب البنات بأمور التربية.
وكذلك لا يؤثر حمل النقد الذى عليه صورة كاملة لأنه للحاجة ولأيها ممتهنة بالمعاملة بها ولأن السلف كانوا يتعاملون بها من غير نكير ومن لازم ذلك عادة حملهم لها
(5)
.
ويحرم الحضور ولو لوليمة عرس واجبة الاجابة فى بيت يقتنى فيه صاحبه كلبا لا يجوز اقتناؤه أو مغصوبا أو مسروقا كما يحرم ذلك اذا كان يقتنى فيه صورة لحيوان توجد على سقف أو جدار أو وسائد أو ثياب أو ستر أو كان يقتنى فيه آنية ذهب أو فضة سواء استعملها فى طعام الوليمة وشرابها أم لم يستعملها على الاصح لأن اقتناء كل ذلك منكر والحضور حينئذ يكون كالرضا بالمنكر وللنهى عن ذلك فى الاخبار الصحيحة.
وقاعدة ذلك على ما ذكره الرملى الكبير فى حاشيته على اسنى المطالب هو ان كل ما حرم اقتناؤه وكان وجوبه فى بيت الداعى عذرا فى عدم اجابة المدعو الدعوة.
والاعمى حكمه فى دخول هذا البيت حكم البصير.
ونقل الاذرعى عن ابن ابى عصرون قوله فى كتابه الانتصار: اذا كان فى البيت كلب فانه لا يحرم دخوله والجلوس فيه قال الاذرعى وظاهر كلامه أن ذلك ليس بعذر فى اجابة الدعوة مطلقا.
ومن ملك دراهم مغشوشة كره له امساكها بل يسبكها ويصفيها
(6)
.
قال القاضى ابو الطيب: الا اذا كانت دراهم البلد مغشوشة فلا يكره امساكها ذكره فى المجموع
(7)
.
(1)
حاشية البجرمى على شرح منهم الطلاب ج 1 ص 377 - 378 الطبعة السابقة.
(2)
حاشية البجرمى على شرح الخطيب منهج الاقناع ج 2 ص 213 - 215 الطبعة السابقة.
(3)
اسنى الطالب السابق ج 1 ص 277.
(4)
تحفة المحتاج السابق ج 1 ص 32 والمهذب للشيرازى السابق ج 1 ص 12.
واسنى المطالب السابق ج 3 ص 22.
226.
(5)
وتحفة المحتاج السابق ج 3 ص 215 - 216 الطبعة السابقة.
(6)
اسنى المطالب وحاشية الرملى عليه ح 3 ص 225 الطبعة السابقة.
(7)
المرجع السابق ج 1 ص 377.
مذهب الحنابلة:
لا يجوز اقتناء الكلب الا كلب الصيد أو الماشية أو الحرث لما روى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «من اتخذ كلبا الا كلب صيد أو ماشية أو زرع نقص من اجره كل يوم قيراط»
(1)
.
وعن ابن عمر قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول «من اقتنى كلبا الا كلب ضار لصيد أو كلب ماشية فانه ينقص من أجره كل يوم قيراطان»
(2)
.
وان اقتناه الانسان لحفظ البيوت ونحوها لم يجز للحديث المذكور قال صاحب المغنى ابن قدامة ويحتمل الاباحة لأن حفظ البيوت ونحوها فى معنى الأمور الثلاثة المذكورة فى الحديث فيقاس عليها والأول أصبح لأن قياس غير الثلاثة عليها يبيح ما يتناول الحديث تحريم اقتنائه. وليس ذلك فى معنى الأمور الثلاثة أيضا على ما قاله القاضى فقد يحتال اللص لاخراجه من البيوت بشئ يطعمه اياه ثم يسرق المتاع وأما الذئب فى الصحراء - حيث يحرس الكلب الماشية منه فلا يحتمل فى حقه أن يحتال على الكلب - لابعاده عن الماشية التى يحرسها ولان اقتناءه فى البيوت يؤذى الماره بخلاف الصحراء.
وأما اقتناء الجرو - ولد الكلب الصغير وتربيته لأحد الأمور الثلاثة وهى الصيد وحراسة الماشية والزرع فيجوز فى أقوى الوجهين لأنه قصده لذلك وهو مباح فيأخذ حكمه ولأنه لو لم يتخذ الصغير ما أمكن جعل الكلب للصيد اذ لا يصير معلما الا بالتعليم ولا يمكن تعليمه الا بتربيته واقتنائه مدة يعلمه فيها، قال الله تعالى» {وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ 3} . ولا يوجد كلب معلم بغير تعليم.
والوجه الثانى لا يجوز لأن اقتناء الجر وليس من الأمور الثلاثة المذكورة.
ومن اقتنى كلبا لصيد ثم ترك الصيد مدة وهو يريد العود اليه لم يحرم اقتناؤه فى مدة تركه الصيد لأن ذلك لا يمكن التحرز منه.
وكذا من اقتنى كلبا لحراسة زرع لو حصد الزرع أبيح اقتناؤه حتى يزرع زرعا آخر.
وكذا لو هلكت ماشية اقتنى لحراستها كلبا أو باعها وهو يريد شراء غيرها فله امساك كلبها لينتفع به فى التى يشتريها لما سبق ذكره.
فأما ان اقتنى كلب الصيد من لا يصيد به ففيه احتمالان
أحدهما: الجواز لان النبى صلّى الله عليه
(4)
وسلم استثنى كلب الصيد مطلقا.
والثانى: عدم جواز ذلك لأنه اقتناه لغير حاجة أشبة غيره من الكلاب التى لا يجوز
(1)
الحديث رواه الجماعة ووافق على زيادة الزرع سفيان بن أبى زهير وعبد الله بن المغفل (انظر نيل الاوطار ح 8 ص 128).
(2)
الحديث رواه البخارى ح 3 ص 215 - 126 وضار من ضرى الكلب بالصيد ضراوة اى تعود الطبعة الاولى بالمطبعة الشرقية سنة 1304 هـ.
(3)
الاية رقم 4 من سورة المائدة
(4)
المغنى لابن قدمه وبهامشه الشرح الكبير ح 4 ص 14، 301 - 302 الطبعة الثانية مطبعة المنار بالقاهرة سنة 1347 هـ.
اقتناؤها والمراد كلب الصيد المستثنى فى الاحاديث أى كلب يصيد به فعلا.
وهكذا يجرى الاحتمالان ايضا فيمن اقتنى كلبا ليحفظ له زرعا أو ماشية ان حصلت أو ليصيد به ان احتاج الى الصيد وليس له فى الحال زرع ولا ماشية يحتمل الجواز لقصده وذلك كما لو حصد الزرع وأراد أن يزرع غيره
(1)
.
وانما يجوز اقتناء الكلب للصيد وحراسة الماشية والزرع ان لم يكن أسود بهيما - والبهيم هو الذى لا يخالط لونه لون سواه فيحرم اقتناؤه وتعليمه للصيد ويجب قتله ولو كان معلما.
ودليل تحريم اقتنائه ووجوب قتله ما روى عن عبد الله بن المغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الاسود البهيم
(2)
وروى مسلم فى صحيحه باسناده عن جابر قال «أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتل كل الكلاب حتى ان المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال:
عليكم بالاسود البهيم ذو النقطتين فانه شيطان
(3)
قال عبد الله بن الصامت سألت أبا ذر فقلت: ما بال الاسود من الاحمر والابيض؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتنى فقال: الكلب الاسود شيطان
(4)
سماه الرسول شيطانا وأمر بقتله وما وجب قتله حرم اقتناؤه وتعليمه ولا يؤكل ما يصيد بواسطة الكلب الاسود البهيم ولو كان معلما لانه كلب يحرم اقتناؤه فلم يبح صيده كغيره المعلم ولأن النبى صلى الله عليه وسلم سماه شيطانا ولا يجوز اقتناء الشيطان واباحة الصيد المقتول رخصة فلا تستباح بمحرم كسائر الرخص وان كان أسود فيه نكتتان فوق عينه لم يخرج بذلك عن كونه بهيما لما سبق ذكره فى الحديث ويحرم ايضا اقتناء الكلب العقور لأذاه ويجب قتله حتى ولو كان معلما ليدفع شره عن الناس. لما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن فى الحل والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور
(5)
.
وعلى قياس الكلب العقور كل ما آذى الناس وضرهم فى انفسهم وأموالهم يباح قتله لأنه يؤذى بلا نفع فأشبه الذئب.
وأما الكلب الذى يباح اقتناؤه فحرام قتله وفاعله مسئ ظالم لأنه مجل منتفع به يباح اقتناؤه فحرم اتلافة كالشاة ولا ضمان على قاتله لانه محل يحرم أخذ عوضه لخبثه فلم يجب ضمانه باتلاف كالخنزير وانما يحرم اتلافه لما فيه من الاضرار وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الضرر والاضرار
(6)
.
(1)
رواه الخمسة وصحيحه الترمذى (انظر نبل الاوطار ح 8 ص 128 الطبعة السابقة
(2)
رواه احمد ومسلم (أنظر نيل الاوطار ح 8 ص 128 الطبعة السابقة.
(3)
رواه مسلم.
(4)
كشاف القناع السابق ح 2 ص 9 وح 4 ص 131 - 132 والمغنى السابق ح 11 - 12، 14.
(5)
سبق تخريج هذا الحديث من مذهب الشافعية.
(6)
المغنى السابق ح 4 ص 301.
وكذلك يحرم اقتناء الخنزير والانتفاع به ويمن قتله وقيل يباح
(1)
.
ولا يجوز للمسلم اقتناء الخمر والمنصوص عن احمد وابن المبارك أنه ليس فى الخمر شئ محترم لا خمرة الخلال ولا غيرها لأن فى افتناء الخمر ولو للتخليل ما قد يفضى الى شربها كما أن شرب قليلها يدعو الى كثيرها فنهى عن ذلك
(2)
.
ويباح اقتناء بهيمة الأنعام سواء كانت طاهرة كالخيل أو مختلفا فى نجاستها كالبغل والحمار وكذلك يباح اقتناء سباع البهائم وجوارح الطير التى تصلح للصيد كالفهد والصقر والبازى والشاهين والعقاب والطير المقصود صوته كالهزار والبلل والببغاء وأشباه ذلك
(3)
.
وبيع الفهد والصقر المعلم جائز لانه حيوان ابيح اقتناؤه وفيه نفع يباح من غير وعيد فى اقتنائه فأبيح بيعه كالبغل والحمار فانه لا خلاف فى اباحة بيعها واما الكلب فان الشرع توعد على اقتنائه وحرمه الا فى حال الحاجة فصارت اباحته ثابتة بطريق الضرورة فلا يجوز بيعه بخلاف غيره وقال ابن ابى موسى وابو بكر ابن عبد العزيز لا يجوز بيع الفهد والصقر ونحوهما لانها نجسة فلم يجز بيعها كالكلب فان كان الفهد والصقر ونحوهما مما ليس بمعلم ولا يقبل التعليم لم يجز بيعه لعدم النفع به.
وان اقتنى شخص الحمام لطلب فراخها أو لحمل الكتب أو للانس بها من غير أذى يتعدى الى الناس لم ترد شهادته وقد روى عبادة بن الصامت أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فشكى اليه الوحشة فقال: اتخذ زوجا من الحمام.
اما ان اقتناها للعلب بها يطيرها فلا شهادة له وذلك لانه سفه ودناءة وقلة مروة ويتضمن أذى الناس والجيران بطيره واشرافه على دورهم ورميه اياهم بالحجارة وقد رأى النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يتبع حمامه فقال: شيطان يتبع شيطانه
(4)
.
ويجوز اقتناء دود القز وبزره لتملك ما يخرج منه فأشبه البهائم
(5)
.
ولا يجوز بيع الكلب سواء كان مباح الاقتناء أم لا لأنه ليس بمال لأن المال الشرعى هو ما يباح نفعه مطلقا أو يباح اقتناؤه بلا حاجة والكلب لا يباح اقتناؤه الا لحاجة ولما روى أبو مسعود عقبة بن عمرو قال «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البعض وحلوان الكاهن
(6)
.
وعن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثمن الكلب خبيث»
(7)
(1)
كشاف القناع السابق ح 4 ص 132.
132.
(2)
مجموعة فتاوى ابن تيمية ح 2 ص 10 - 11 طبع مطبعة كروستان العلمية بالقاهرة سنة 1326.
(3)
المغنى والشرح الكبير السابق ح 4 ص 302 وشرح المنتهى بهامش كشاف القناع ح 2 ص 4.
(4)
الحديث رواه ابى هريرة أحمد وابو داود وابن ماجه وقال يتبع شيطانا (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 5 ص 282.
(5)
المغنى والشرح الكبير السابق ح 12 ص 38337.
(6)
رواه الجماعة (انظر نيل الاوطار السابق ح 5 ص 143.
(7)
رواه احمد وابو داود والترمذى وصححه النسائى واخرجه ايضا مسلم (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 5 ص 285.
ولا تجوز اجارته ايضا - نص عليه أحمد - لأنه حيوان يحرم بيعه لخبثه فحرمت اجارته كالخنزير ولأن اباحة الانتفاع به لم تجز بيعه فذلك اجارته.
ويتخرج جواز اجارة الكلب الذى يباح اقتناؤه لأن فيه نفعا مباحا يجوز له اعارته فجازت اجارته له كغبره
(1)
.
ومن مات وفى يده كلب يباح اقتناؤه فورثته أحق به كسائر الاختصاصات
(2)
.
وان أوصى بكلب يباح اقتناؤه صحت الوصية لأن الوصية تبرع فتصح فى المال وفى غير المال من الحقوق وان كان مما لا يباح اقتناؤه لم تصح الوصية به
(3)
.
وتصح هبة الكلب الذى يباح اقتناؤه لأن الهبة نقل لليد فيه من غير عوض. وقال القاضى لا تصح لانها تمليك فى الحياة فأشبه البيع.
والاول هو الاصح وتفارق الهبة البيع لان البائع يأخذ عوض الكلب وهو محرم
(4)
.
وذكر الخلال أنه يجوز اهداء الكلب الذى يباح اقتناؤه ولا بأس بالاثابة عليه لا على وجه البيع
(5)
.
وان اقتنى شخص كلبا عقورا فعقر إنسانا أو دابة ليلا أو نهارا أو خرق ثوب انسان فانه يلزم صاحبه ضمانه ما تلف لانه مفرط باقتنائه هذا الكلب فلزمه الضمان.
الا أن يكون دخل منزله بغير اذنه لأنه متعد بالدخول فقد تسبب الى اتلاف نفسه بجنايته فان أتلف الكلب شيئا بغير العقر مثل أن لفه فى اناء انسان او بال فيه لم يضمنه مقتنيه أن هذا لا يختص الكلب العقور
(6)
.
قال القاضى: وان اقتنى سنورا - أى هرا يأكل فراخ الناس ضمن ما أتلفه كالكلب العقور ولا فرق بين الليل والنهار فان لم تكن له عادة بذلك لم يضمن صاحبه جنايته كالكلب الذى ليس بعقور.
ولو ان الكلب العقور أو السنور حصل عند انسان من غير اقتنائه ولا اختياره وأفسد شيئا على أحد لم يضمنه لأنه لم يحصل الاتلاف بسببه
(7)
.
وان اقتنى شخص حماما أو غيره من الطير فأرسله نهارا فلقط حبا لم يضمنه لأن العادة ارساله. وقيل فى الكلب روايتان فى الجملة أحدهما يضمن صاحبه سواء كان فى منزله أو خارجا وسواء دخل المعقور باذن صاحب المنزل أو بغير أذنه لأن اقتناء الكلب العقور سبب للعقر وأذى الناس فيضمن صاحبه.
والثانية لا يضمن لقوله صلى الله عليه وسلم «العجماء جرجها جبار» أى هدر ولأنه أتلف من غير ان تكون يد صاحبه عليه أشبه سائر البهائم
(8)
.
(1)
المرجع السابق ح 6 ص 137.
(2)
كشاف القناع السابق ح 2 ص 9.
(3)
المغنى والشرح الكبير السابق ح 6 ص 584.
(4)
المرجع السابق ح 4 ص 200.
(5)
كشاف القناع ح 2 ص 9 وانظر ايضا المحرر فى الفقه لابى البركات ح 1 ص 284 طبع مطبعة السنة المحمدية سنة 1369 هـ
(6)
الحديث رواه الجماعة عن أبى هريرة وله طرق والفاظ (انظر نيل الاوطار ح 4 ص 147).
(7)
المغنى والشرح الكبير ح 5 ص 445 - 446، ح 10 ص 358 الطبعة السابقة
(8)
المرجع السابق ح 5 ص 447، 454.
وان دخل طائر برج شخص فأغلق عليه الباب ناويا امساكه لنفسه ضمنه لأنه أمسك مال غيره لنفسه فهو كالغاصب وان لم ينو ذلك فلا ضمان عليه لأنه يتصرف فى برجه كيف شاء فلا يضمن مال غيره بتلفه ضمنا لتصرفه الذى لم يتعد فيه.
ويحرم اقتناء آنية الذهب والفضة ولو بدون استعمال واسصناعها وكذا استعمالها على الرجال والنساء جميعا.
اما تحريم الاقتناء فلان ما حرم استعماله مطلقا حرم اقتناؤه على هيئة الاستعمال كالماهى نحو الطنبور وأما بتحريم استعمالها فلما روى حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
لا تشربوا فى آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا فى صحافها فانها لهم فى الدنيا ولكم فى الآخرة
(1)
.
وروت أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «ان الذى يشرب فى آنية الذهب والفضة انما بجرجر فى بطنه نار جهنم»
(2)
- والجرجرة صوت وقوع الماء بانحداره فى الجوف.
فتوعد عليه بالنار فدل على تحريمه ولأن فى ذلك سرفا وخيلاء وكسر قلوب الفقراء وتضييق النقدين وغير الأكل والشرب من سائر الاستعمال فى معناها لأن ذكرهما خرج مخرج الغالب فلا يتقيد الحكم به وفى معنى الآية فى تحريم الاقتناء والاستعمال الالة كالقلم والميل بكسر الميم ما يكتحل به والمجمرة والمدخنة والدواة والمشط والسكين والكرسى والسرير والقنديل والملعقة والابواب والرفوف فيحرم اقتناؤه واستعمال كل ذلك من الذهب والفضة.
ويحرم اقتناء واستعمال اناء ونحوه مموه بذهب أو فضة بأن يذاب الذهب أو الفضة ويلقى فيه الاناء من نحاس أو نحوه فيكتسب منه لونه.
ويحرم اقتناء واستعمال اناء ونحوه مطعم بذهب أو فضة بأن يحفر فى اناء من خشب أو غيره حفرا ويوضع فيه قطع ذهب أو فضة على قدرها.
وكذلك المضبب بهما أن كان كثيرا فهو محرم بكل حال اقتناؤه واستعماله لحاجة أو لغيرها لأن فيه سرفا وخيلاء فأشبه الخالص. أما ان كان يسيرا فلا يحرم لأنه لا يوجد فيه المعنى المحرم.
قال صاحب المغنى: اذا ثبت هذا فاختلف أصحابنا قال ابو بكر: يباح اليسير من الذهب والفضة لما ذكر وأكثر أصحابنا على أنه لا يباح اليسير من الذهب ولا يباح منه الا ما دعت الضرورة اليه كأنف الذهب وما ربط به أسنانه
(3)
.
وأما الفضة فيباح منها اليسير لما روى أنس أن قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة
(1)
رواه احمد والبخارى ومسلم كما رواه بقية الجماعة الا حكم الاكل منه خاصة قال ابن المندة مجمع على صحته (انظر نيل الاوطار ح 1 ص 66)
(2)
رواه احمد والبخارى ومسلم وأخرجه أيضا الطبرانى وزاد الا ان يتوب (انظر نيل الاوطار ح 1، ص 67 - 68).
(3)
رواه البخارى والشعب مع الصدع والشق (انظر نيل الاوطار ح 1 ص 69 الطبعة السابقة.
(1)
ولأن الحاجة تدعو إليه وليس فيه سرف ولا خيلاء.
قال القاضى أبو يعلى: يباح ذلك مع الحاجة وعدمها.
وقال أبو الخطاب: لا يباح اليسير إلا لحاجة ومعنى الحاجة أن تدعو الحاجة الى فعله به وان كان غيره يقوم مقامه.
ويحرم اقتناء واستعمال اناء ونحوه مطلى بذهب أو فضة بأن يجعل الذهب أو الفضة كالورق ويطلى به الحديد ونحوه.
ويحرم اقتناء واستعمال اناء ونحوه مكفت ونحوه كالمنقوش من الذهب والفضة أو من أحدهما والتكفيت أن يبرد الاناء من حديد أو نحوه حتى يصير فيه شبه المجارى فى غاية الدقة ثم يوضع فيها شريط دقيق من ذهب أو فضة ويدق عليه حتى بلصق وذلك لما روى ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من شرب فى اناء ذهب أو فضة أو أناء فيه شئ من ذلك فانما يجرجر فى بطنه نار جهنم ولأن العلة التى لاجلها حرم الخالص منهما وهى الخيلاء وكسر قلوب الفقراء وتضييق النقدين موجودة فى المموه ونحوه.
وقيل: أن كان لو حل لاجتمع منه شئ وحرم والا فلا.
ولا يختص تحريم كل ذلك بالذكر بل يشمل الذكر والانثى والخنثى مكلفا كان أو غير مكلف بمعنى أن ولى غير المكلف يأثم بفعل ذلك له لعموم الأخبار وعدم المخصص وانما أبيح التحلى بالحلى النساء لحاجتهن اليه لاجل التزين للزوج وهذا ليس بموجود فى الأنية فتبقى على التحريم.
وقيل يباح اقتناء كل ذلك دون الاستعمال لتخصيص النهى فى الاحاديث المذكورة بالاستعمال ولأنه لا يلزم من تحريم الاستعمال تحريم الاقتناء كما لو اقتنى الرجل ثياب الحرير.
قال صاحب المغنى: ذكر هذا بعض أصحابنا وجها فى المذهب.
هذا فى آنية الذهب والفضة أما ما عدا ذلك فيباح اقتناء واستعمال كل اناء طاهر سواء كان ثمينا - أى كثير الثمن - كالمتخذ من جوهر وياقوت وزمرد وبلور وعقيق وصفر.
أو غير ثمين كالمتخذ من الخشب والخزف والجلد والحجارة والحديد لما روى عن عبد الله بن زيد قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء فى تور من صفر فتوضأ والتور - الطشت والصفر النحاس.
وروى أبو داود فى سننه عن عائشة قال:
كنت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى تور من شبه
(2)
والشبه هـ أرفع أنواع الصفر يشبه الذهب فى لونه - ولأن الاصل الحل فيبقى عليه. ولا يصح قياس آنيه الجواهر على آنية الذهب والفضة لوجهين.
أحدهما أن الجواهر الثمينة لا يعرفها الا خواص الناس فلا يؤد استعمالها الى كسر قلوب الفقراء لكونهم لا يعرفونها ولا يحصل
(1)
رواه الدارقنطى واخرجه البيهقى (نيل الاوطار ح 1 ص 68) الطبعة السابقة.
(2)
رواه البخارى وابو داود وابن ماجة (انظر نيل الاوطار ح 1 ص 69 (الطبعة السابقة.
باقتنائها تضييق النقدين لانها لا تكون منها دراهم ولا دنانير.
والثانى ان هذه الجواهر لقلتها لا يحصل اتخاذ الآنية منها الا نادرا فلا تقضى اباحتها الى اتخاذها واستعمالها ولو اقتنيت كانت مصونة لا تستعمل ولا تظهر غالبا بخلاف آنية الذهب والفضة فانها فى مظنة الكثرة فكان التحريم متعلقا بالمظنة فلم يتجاوزه كما تعلق حكم التحريم فى اللبس بالحرير وجاز استعمال القصب من الثياب وان زادت قيمته على قيمة الحرير.
(1)
وان كسر شخص آنية ذهب أو فضة لأخر لم يضمنها لأن اقتناءها محرم.
وحكى أبو الخطاب رواية اخرى انه يضمن نقل ذلك عنه مهنا.
(2)
وأما الحلى من الذهب أو الفضة فيجوز اقتناؤه واستعماله للنساء.
(3)
اما الرجل فيحرم عليه استعماله فى الجملة كما يحرم عليه اقتناؤه فى بعض الاحوال دون البعض كما سيأتى مفصلا فى اثر الاقتناء فى سقوط الزكاة
(4)
اما ثياب الحرير فلا يحرم اقتناؤها للرجال أو النساء لانه يباح لهما التجارة فيها ولا يلزم من تحريم استعماله على الرجل تحريم اقتنائه.
أما استعمال الحرير فهو حرام لبسه وافتراشه فى الصلاة وغيرها على الرجل ولو كافرا وذلك لحديث عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تلبسوا الحرير فانه من لبسه فى الدنيا لم يلبسه فى الاخرة
(5)
ولما روى حذيفة أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يلبس الحرير والديباج وأن يجلس عليه
(6)
وكذلك يحرم على الرجل تعليقه فى بيته وستر الجدربه وتوسده واستناده اليه واتكاؤه عليه الا من ضرورة فلا يحرم معها لبس ما كله حرير ولا افتراشه ونحوه.
ويباح لبس الحرير للرجل أيضا فى حرب مباح ولو كان لبسه لغير حاجة لأن المنع من لبسه لما فيه من الخيلاء وذلك غير مذموم فى الحرب كما يباح لبسه لحكة أى جرب - ومرض ينفع فيه لبس الحرير.
أما المرأة فيباح لها الحرير مطلقا
(7)
لما روى عن أبى موسى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أحل الحرير والذهب للاناث من أمتى وحرم على ذكورها.
(8)
وكذلك يحرم اقتناء واستعمال آلات الملاهى كالطنبور والمزمار والناى والعود وزمارة الراعى ونحوها لا يستثنى من ذلك سوى
(1)
رواه أبو داود فى سنته (انظر سنن ابى داود بهامش شرح الزرقانى على صحيح الموطأ للامام مالك ح 1 ص 36) المطبعة الخيرية.
(2)
كشف القناع وشرح المنتهى بهامشه ح 1 ص 34 - 36 والمغنى والشرح الكبير ح 1 ص 54 - 58، 64 - 66 وفتاوى ابن تمية ح 2 ص 356.
(3)
المغنى السابق ح 5 ص 446 ..
(4)
كشاف القناع السابق ح 1 ص 464 - 467 والمغنى ح 2 ص 607 - 611.
(5)
رواه احمد والبخارى ومسلم (انظر نيل الاوطار ح 2 ص 81) -
(6)
رواه البخارى ح 2 ص 87.
(7)
كشاف القناع السابق ح 1 ص 190 - 192 والمغنى ح 1 ص 64، 630.
(8)
رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه واخرجه ايضا أبو داود والحاكم وصححه (انظر نيل الاوطار ح 2 ص 83 - 84).
الدف لاستعماله فى الزواج حتى يشتهر ويعرف وسواء فى ذلك الرجال والنساء
(1)
وان كسر شخص آلة لهو كمزمار لشخص اخر لم يضمنه لانه لا يحل بيعه فلم يضمنه كالميته.
(2)
ولقول النبى صلى الله عليه وسلم «بعثت بمحق القينات والمعازف»
(3)
ولا تصح الوصية بمزمار ولا طنبور ولا عود من عيدان اللهو وكذا آلات اللهو كلها لانها محرمة وسواء كانت فيها الاوتار أو لم تكن لانها مهيأة لفعل المعصية دون غيرها فأشبه ما لو كانت بأوتارها وان أوصى له بطبل حرب أو صيد أو حجيج صحت الوصية به لأن فيه منفعة مباحة.
ولا تصح بطبل لهو لا يصلح للحرب وقت الوصية لأنه لا منفعة فيه مباحة فان كان الطبل يصلح للحرب واللهو معا صحت الوصية به لقيام المنفعة المباحة به.
وكذلك تصح الوصية ان كان الطبل من جوهر نفيس ينتفع برضاضه - اى فتوته - كالذهب والفضة صحت الوصية به نظرا الى الانتفاع بجوهرهما دون جهة التحريم كآنية الذهب والفضة وقياس ذلك صحة بيعه أيضا.
(4)
وتعليق ما فيه صورة حيوان فى البيوت وستر الجدر به حرام على الذكور والاناث وتصويره على ستار وسقف وحائط وسرير ونحوها كبيرة لحديث أبى طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تصاوير
(5)
قال فى المبدع والمراد به كل منهى عن اقتنائه.
وفى الأداب هل يحمل على كل صورة أم
(6)
صورة منهى عنها، قال صاحب كشاف القناع:
الأظهر الثانى. أما اقتناء ما فيه صورة حيوان لافتراشه وجعله مخدة مثلا فيجوز بلا كراهة قال: فى الفروع لانه عليه الصلاة والسلام اتكأ على مخدة فيها صورة رواه أحمد ولأنها أى الصور - اذا كانت تداس وتبتذل لم تكن معززة ولا معظمة فلا تشبه الأصنام التى تعبد وتتخذ آلهة فلا تكرم.
فالمباح منها ما كان مبسوطا والمكروه منها ما كان معلقا بدليل ما روت عائشة قالت:
قدم النبى صلّى الله عليه وسله من سفر وقد سترت لى سهوة بنمط فيه تصاوير فلما رآه قال: أتسترين الخدر بستر فيه تصاوير، فهتكه قالت: فجعلت منه منيذتين كأنى أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على احداهما
(7)
رواه ابن عبد البر والسهوة بيت
(1)
الغنى والشرح الكبير ح 10 ص 344 وكشاف القناع السابق ح 3 ص 12، 109.
(2)
المغنى والشرح ح 5 ص 445 - 446.
(3)
رواه احمد قال البخارى فيه على بن زيد وهو ضعيف انظر نيل الاوطار ح 8 ص 99) الطبعة السابقة.
(4)
المغنى والشرح الكبير ح 6 ص 585 وكشاف القناع ح 2 ص 519.
(5)
رواه البخارى انظر صحيح البخارى بشرح القسطلانى ح 4 ص 32 الطبعة الاولى.
(6)
كشاف القناع السابق ح 1 ص 190.
(7)
رواه البخارى أيضا بدون زيادة الاتكاء.
صغير منحدر فى الارض شبيه بالمخدع - والخزانة وقيل هو كالصفة تكون بين يدى البيت وقيل: شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشئ (النهاية غريب الحديث ح 2 ص 197) والنمط ثوب من الصوف والمنبذة الوسادة.
وان ازيل من الصور ما لا تبقى الحياة معه كالرأس أو لم يكن لها رأس فلا بأس به - أى فلا كراهة فى المنصوص ولا بأس بلعب الصغيرة اذا كانت غير مصورة أو مقطوع رأسها.
وتباح صورة غير حيوان كشجر وكل ما لا روح فيه كما يباح ستر الحيطان بستور غير مصورة ان كان لحاجة من وقاية حر أو برد لانه يستعمله فى حاجته فأشبه الستر على الباب وما يلبسه على بدنه وان كان لغير حاجة يكره واذا وجد المدعو فى منزل الداعى شيئا لا يجوز اقتناؤه فهو منكر يخرج المدعو من اجله وعذر له فى ترك اجابة الدعوة.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم: لا يحل اقتناء كلب أسود بهيم أو ذى نقطتين لا لصيد ولا لغيره، ولا يحل تعليمه ولا أكل ما قتل من الصيد أصلا الا أن تدرك ذكاته لما روى عن جابر ابن عبد الله قال:«أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم نهى عن قتلها وقال: عليكم بالأسود البهيم ذى النقطتين فانه الشيطان»
(1)
ولما روى عن عبد الله بن المغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لولا أن الكلاب أمة من الامم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسواد البهيم»
(2)
وقال تعالى:
«وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ»
(3)
فاذا حرم عليه الصلاة والسلام الأسود البهيم أو ذا النقطتين فلا يحل اقتناؤه واذ لا يحل اقتناؤه فاقتناؤه معصية والذكاة بالجارح طاعة ولا تنوب معصية الله تعالى عن طاعته والعاصى لم يذك كما أمر فهى ميتة.
وكذلك لا يحل اقتناء كلب سوى ذلك أصلا الا لزرع أو ماشية أو صيد
(4)
أو حائط واسم الحائط يقع على البستان وجدار الدار فقط -
(5)
أو ضرورة خوف لما روى عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أقتنى كلبا ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض فانه ينقص من أجره قيراطان كل يوم وتدخل الدار فى جملة الارض لأنها أرض.
ولما روى أيضا عن عبد الله بن المغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما قوم اتخذوا كلبا ليس بكلب حرث أو صيد أو ماشية فانه ينقص من أجره كل يوم
(1)
رواه احمد ومسلم (انظر نيل الاوطار ح 8 ص 128.
(2)
رواه الخمسة وصححه الترمذى (انظر نيل الاوطار ح 8 ص 128).
(3)
الاية رقم 119 من سورة الانعام.
(4)
المحلى لابن حزم ح 8 ص 227 مسألة رقم 1096 الطبعة الاولى بمطبعة الاتحاد العربى بالقاهرة سنة 1389.
(5)
المرجع السابق ح 9 ص 617 مسألة رقم 1514.
قيراط»
(1)
فهذين الحديثين فيهما نص ما ذكر من أحكام
(2)
.
واباحة اقتناء الكلب لا يترتب عليها اباحة بيعه فلا يحل بيع كلب أصلا لا المباح اقتناؤه ولا غيره وبرهان ذلك ما روى رافع بن خديج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«ثمن الكلب خبيث ومهر البغى خبيث وكسب الحجام خبيث.
(3)
وما روى عن أبى مسعود الانصارى «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغى وحلوان الكاهن»
(4)
وصح أيضا من طريق أبى هريرة وجابر وأبى جحيفة فهو نقل تواتر فلا يسع تركه ولا يحل خلافه.
فان اضطر الشخص الى الكلب لحراسة ماشية مثلا فله أخذه ممن يستغنى عنه بلا ثمن فان لم يجد من يعطيه اياه فله ابتياعه وهو حلال للمشترى حرام على البائع والثمن باق على ملك المشترى ينتزعه من البائع متى قدر كالرشوة فى دفع الظلم وفداء الاسير ومصانعه الظالم ولا فرق لأنه أخذ مال بالباطل
(5)
ولقوله تعالى «وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»
(6)
فما لا يحل بيعه وتحل هبته فامساك الفضل الزائد عن الحاجة هو مضطر اليه ظلم له.
(7)
وكذلك لا يحل بيع الهر فمن اضطر اليه لأذى الفأر فواجب - على من عنده زائد عن حاجته أن يعطيه منها ما يدفع به الله تعالى عنه الضرر كما قلنا فى من اضطر الى الكلب ولا فرق لما روى عن أبى الزبير قال: سألت جابر بن عبد الله عن ثمن الكلب والسنور فقال: زجر النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك
(8)
ويجوز أجارة الكلب والسنور - الهر - كما يجوز الاستئجار بهما - أى جعلهما أجرة فيستأجر الدار بكلب أو كلب موصوف فى الذمة أو بهر لانه يجوز الاستئجار بكل ما يحل ملكه وان لم يحل بيعه.
(9)
ولا يحل قتل الكلاب التى يباح اقتناؤها فمن قتلها ضمنها بمثلها أو بما يتراضيان عليه عوضا منه. لقوله تعالى «وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها»
(10)
أما الكلب الذى لا يباح اقتناؤه وهو الكلب الاسود ذو النقطتين اينما كانت النقطتان من جسده. فقتله واجب حيث وجد وقد أحسن
(1)
حديث ابن المغفل فى صحيح مسلم ح 1 ص 461 وفيه زيادة وحديث أبى هريرة فى صحيح مسلم ح 1 ص 462.
(2)
المحلى لابن حزم السابق ح. ص 622 - 623.
(3)
رواه احمد وابو داود والترمذى وصححه (نيل الاوطار ح 5 ص 284).
(4)
رواه الجماعة نيل الاوطار ح 5 ص 143.
(5)
المحلى لابن حزم السابق ح 8، 8 ص 229 مسألة رقم 1098.
وانظر ايضا ح 9 ص 617 - 618 - 621 مسألة رقم 1514.
(6)
المحلى السابق رقم 237 سورة.
البقرة.
(7)
المحلى السابق ح. ص 622 مسألة 1514.
(8)
رواه مسلم (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 5 ص 144) وقد اخرجه أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة بلفظ اخر، المحلى لابن خرم السابق ح 9 ص 623 مسألة رقم 1515.
(9)
المرجع السابق ح 9 ص 13، 17 مسألة رقم 1286، 13000
(10)
الآية رقم 42 من سورة الشورى
من قتله فلا شئ فيه أصلا - فان كانت نقطة واحدة أو أكثر من اثنين لم يجز قتله.
وكذلك لا شئ من الضمان أصلا على من قتل كلبا لا يغنى زرعا ولا ضرعا ولا صيدا لان هذين الكلبين ينهى عن اقتنائهما جملة.
(1)
ولا يحل اقتناء كل ما يحرم شربه
(2)
وهو النقطة فما فوقها الى اكثر المقادير من كل شئ أسكر كثيره أحدا من الناس كالخمر ونبيذ التين وشراب القمح والسكران - نبت دائم الخضرة وشراب القمح والسكران - نبت دائم الخضرة ونقيعه وشرابه طبخ كل ذلك أو لم يطبخ ذهب أكثره أو أقله سواء فى كل ما ذكرنا ولا فرق.
وكذلك يحرم ملكه وبيعه لا لمؤمن ولا لكافر وشربه والانتفاع به بأى وجه من الوجوه
(3)
فمن خلله فقد عصى الله عز وجل وحل أكل ذلك الخل الا أن ملكه قد سقط عن الشراب الحلال اذا أسكر وصار خمرا فمن سبق اليه من أحد بغلبة أو بسرقة فهو حلال الا ان يسبق الذى خلله الى تملكه فهو حينئذ له كما لو سبق اليه غيره ولا فرق وذلك لما روى عن أبى سعيد الخدرى قال «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة قال: يا أيها الناس ان الله تعالى يعرض بالخمر ولعل الله سينزل فيها أمرا فمن كان عنده منها شئ فليبعه ولينتفع به فما لبثنا الا يسيرا حتى قال النبى صلى الله عليه وسلم: ان الله حرم الخمر فمن ادركته هذه الآية وعنده منها شئ فلا يشرب ولا يبع:
قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها فى طريق المدينة فسفكوها
(4)
ولا يحل كسر أوانى الخمر ومن كسرها من حاكم أو غيره فعليه ضمانها لكن تهرق وتغسل سواء كانت من الفخار أو الحجر أو العيدان لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بذلك حين سفكوها ولنهيه عليه الصلاة والسلام عن اضاعة المال والكسر أو الخرق اضاعة للمال ومتلف مال غيره معتد فيضمن.
(5)
ومثل الخمر فى ذلك كل شئ حرام فلا يحل امساك واقتناء الحرام أصلا
(6)
ومتى حرم شئ حرم ملكه وبيعه والتصرف فيه وأكله وقد حرم الله تعالى الخنزير والميتة والدم والأصنام فحرم ملك كل ذلك وشربه والانتفاع به وبيعه لمؤمن أو لكافر.
(7)
ولبس المرأة الحرير والذهب فى الصلاة وغيرها حلال لما روى عن أبى موسى الاشعرى «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال» ان الله أحل لاناث أمتى الحرير والذهب وحرمه على ذكورها
(8)
والتحلى بالفضة واللولؤ
(1)
المحلى السابق ح. ص 617 مسألة رقم 1514، ح 8 ص 228 مسألة رقم 1097، ح 12 ص 321 مسألة 2105
(2)
المرجع السابق ح 8 ص 229 مسألة 1104
(3)
المرجع السابق ح 8 ص 230 مسألة رقم 1099.
(4)
المرجع السابق ح 8 ص 299 مسألة رقم 1104.
(5)
المرجع السابق ج 8 ص 580 مسألة رقم 1105.
(6)
المرجع السابق ج 8 ص 580 مسألة رقم 1261.
(7)
المرجع السابق ج 9 ص 614 - 615 مسألة رقم 1513
(8)
المرجع السابق ج 11 ص 310، 317 مسألة رقم 1513
والياقوت والزمرد حلال فى كل شئ للرجال والنساء.
(1)
ولا تحل الصلاة للرجل خاصة فى ثوب فيه حرير أكثر من أربع أصابع فى طول الثوب والا الرقعة والتكفيف حول الزيل فهما مباحان.
وكذلك لا تحل فى ثوب فيه ذهب ولا لابسا ذهبا من خاتم أو غيره.
ولو حمل ذهبا له فى كمه ليحرزه أو حريرا فصلاته تامة.
(2)
ومن كسر حلية فضة فى سرج أو لجام أو مهاميز أو سيف أو تاج أو غير ذلك أو حلى ذهب لامرأة أو لرجل يعده لاهله أو للبيع كلف اعادته صحيحا كما كان فان تراضيا جميعا على أن يضمن له ما بين قيمته صحيحا ومكسورا جاز ذلك.
(3)
ولا يحل الأكل ولا الشرب فى آنية الذهب أو الفضة لا لرجل ولا لامرأة فان كان مضببا بالفضة جاز الأكل والشرب فيه للرجال والنساء لأنه ليس اناء فضة فان كان مضببا بالذهب أو مزينا به حرم على الرجال، لأن فيه استعمال ذهب، وحل للنساء لأنه ليس اناء ذهب.
(4)
أما اذا كان الاناء من صفر أو نحاس أو رصاص أو قزوير أو بللور أو زمرد أو ياقوت أو غير ذلك فمباح الأكل فيه والشرب والوضوء والغسل فيه للرجال والنساء
(5)
.
ولا يحل بيع آنية ذهب ولا فضة الا بعد كسرها، لصحة نهى النبى صلى الله عليه وسلم عنها وهو ما روى عن أم سلمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«ان الذى يأكل ويشرب فى آنية الذهب والفضة انما يجرجر فى بطنه نار جهنم»
(6)
فلا يحل تملكها، واذ لا يحل تملكها فلا يحل بيعها لأنها أكل مال بالباطل.
(7)
ومن كسر اناء فضة أو اناء ذهب فلا شئ عليه وقد أحسن وكذلك من كسر صليبا أو أهرق خمرا لمسلم أو لذمى.
(8)
ولا يحل اقتناء الصور الا ما كان رقما فى ثوب، ولا يحل بيع الصور الا للعب الصبايا فقط فان اقتناءها لهن حلال وحسن وما جاز ملكه جاز بيعه الا أن يخص شيئا من ذلك نص فيوقف عنده، وذلك لما روى عن أبى طلحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ..
(9)
فحرام علينا تنفير الملائكة عن بيوتنا وهم رسل الله عز وجل،
(1)
نفس المرجع 11 ص 318 مسألة رقم 1924.
(2)
المرجع السابق ج 4 ص 50 مسألة رقم 395.
(3)
المرجع السابق ج 8 ص 588 مسألة رقم 1268.
(4)
المرجع السابق ج 8 ص 124 مسألة رقم 1016
(5)
المرجع السابق ج 2 ص 304 مسألة رقم 272.
(6)
رواه مسلم واخرجه ايضا الطبرانى وزاد الا أن يتوب (انظر الاوطار ج 1 ص 68.
(7)
المحلى السابق ج 9 ص 584 مسألة رقم 1503، ج 2 ص 303
(8)
المرجع السابق ج 8 ص 586 مسألة رقم 1267
(9)
رواه البخارى انظر البخارى وشرح القسطلانى ج 4 ص 32 الطبعة الاولى طبع المطبعة الشرفية بالقاهرة سنة 1304 هـ
وروى عن عائشة قالت: «كنت ألعب بالبنات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يأتينى صواحبى فكن يتقمصن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسر بهن الى»
فوجب استثناء البنات للصبايا من جملة ما نهى عنه من الصور.
وأما
(1)
الصلب فبخلاف ذلك ولا يحل تركها فى ثوب ولا فى غيره، لما روى عن عائشة:
«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع فى بيته ثوبا فيه تصليب الا تقضه» رواه البخارى وابو داود وأحمد وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كره الستر المعلق فيه التصاوير فجعلت له منه وسادة فلم ينكرها، فصح أن الصور فى الستور مكروهة غير محرمة، وفى الوسائد وغير الستور ليس مكروها. استخدامها
(2)
وبيع الشطرنج والمزامير والعيدان والمعازف والطنابير حلال كله، ومن كسر لآخر شيئا من ذلك ضمنه، لأنها مال من مال مالكها، الا أن يكون صورة مصورة فلا ضمان على كاسرها وكذلك يحل تملك أى اقتناء - المعازف، لانه لم يأت عن الله تعالى ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم تفصيل بتحريم شئ مما ذكرنا تملكا أو استعمالا، فصح أنه كله حلال مطلق، وقد روينا عن طريق مسلم عن عائشة أم المؤمنين أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان وتضربان ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه فانتهزهما ابو بكر فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وقال:«دعهما يا أبا بكر فانها أيام عيد» .
وفى رواية فدخل أو بكر فانتهرنى وقال لى: أمزمار الشيطان فى بيت رسول الله فقال: له الرسول صلى الله عليه وسلم:
دعهما.
(3)
وما روى من تجنبه عليه الصلاة والسلام سماعه فهو كتجنبه أكثر المباح من أكثر امور الدنيا كتجنبه الأكل متكئا وأن يبيت عنده دينار أو درهم وتجنبه ان يعلق الستر فى بيته.
(4)
اما النرد فلا يحل تملكها - أى اقتناؤها وبيعها حرام لما روى عن ابى موسى الأشعرى «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله»
وما روى عن عائشة أم المؤمنين: أنها بلغها أن أهل بيت فى دارها كانوا سكانا فيها أن عندهم نردا فأرسلت اليهم لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من دارى وأنكرت عليهم.
(5)
ويجوز تملك - أى اقتناء وبيع النحل ودود الحرير والضب والضبع لان الضب والضبع حلال أكلها وصيد من الصيود وما جاز تملكه جاز بيعه. وأما النحل ودود
(1)
رواه البخارى (انظر صحيح البخارى وشرح القسطلانى ح 4 ص 32) الطبعة الاولى بالمطبعة الشرفية بالقاهرة سنة 1304.
(2)
المحلى لابن حزم السابق ح 9 ص 646 مسألة رقم 1538.
(3)
رواه البخارى ومسلم فى صحيحهما (انظر نيل الاوطار للشوكانى السابق ح 8 ص 106).
(4)
المحلى السابق ح 9 ص 701 وما بعدها مسألة رقم 1566.
(5)
المرجع السابق ح 9 ص 642 - 643 وما بعدها مسألة رقم 1533
الحرير فلهما منفعة ظاهرة وهما مملوكان فبيعهما جائز.
ومن دعى الى وليمة عرس ونحوه فليرجع ولا يجلس ان كان فى الدار حرير مبسوط أو كان هناك خمر ظاهر أو كان الطعام مغصوبا
(1)
.
مذهب الزيدية:
يجوز اقتناء الكب للصيد وحراسة والماشية لما أخرجه مالك والبخارى ومسلم والترمذى والنسائى عن ابن عمر رضى الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من اقتنى كلبا الا كلب صيد أو ماشية فانه ينقص من أجره كل يوم قيراطان» .
واخرجه البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة وقال: «الا كلب حرث أو ماشية» .
(2)
وقد استثنى الثلاثة فى حديث عبد الله بن مغفل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:
لولا أن الكلاب أمة من الام لأمرت بقتلها فأقتلوا منها كل أسود بهيم وما من أهل البيت يرتبطون كلبا الا نقص من عملهم كل يوم قيراط الا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم
(3)
أما اقتناء الكلب لحفظ الدور ونحوها ففيه وجهان.:
احدهما
(4)
يصح قياسا على الزرع ورجح هذا صاحب البحر الزخار بقوله: القياس مشروع.
والثانى لا يصح اذ لم تخص فى الحديث الا الثلاثة وهى الصيد والزرع والماشية.
فأما اقتناؤه لغير ذلك فلا يصح اتفاقا لما روى عن بريدة رضى الله عنه قال: احتبس جبريل عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وسلم فقال له: ما حبسك؟ فقال: انا لا ندخل بيتا فيه كلب
(5)
وقد روى أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:
لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس
(6)
جاء فى النهاية لابن الأثير: الجرس هو الجلجل الذى يعلق على الدواب قيل انما كرهه لأنه يدل على أصحابه بصوته وكان عليه السلام يحب الا يعلم العدو به حتى يأتيهم فجأة وقيل غير ذلك
(7)
ولا يصح بيع الكلب مطلقا سواء كان يجوز اقتناؤه أو لا يجوز لانه نهى عن اقتناء الكلاب مطلقا الا ما ذكر ولقوله صلى الله عليه وسلم «من السحت
(1)
المرجع السابق ح 9 ص 656 - 657 وما بعدها مسألة 1547.
(2)
انظر نيل الاوطار ح 8 ص 127 - 128 وصحيح البخارى بشرح القسطلانى ح 3 ص 215 - 216.
(3)
رواه الترمذى وقال حديث حسن ورواه ابن ماجه وقال قيراطان (انظر نيل الاوطار السابق).
(4)
رواه احمد وقال الحافظ ورواته محتج بهم فى الصحيح ورواه مسلم ايضا بلفظ آخر (انظر نيل الاوطار ح 1 ص 37).
(5)
أخرجه مسلم وابو داود والترمذى
(6)
من البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الامصار لابن المرتضى ح 3 ص 307 - 308 الطبعة الاولى بمطبعة انصار السنة المحمدية سنة 1368.
(7)
تتمه الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير ص 299 - 300 طبعة مطبعة السعادة
كسب الحجام وثمن الكلب ومهر البغى
(1)
» وسوق هذه الاحاديث نعرف ان علة النهى عن أقتناء الكلب وتحريم ثمنه هو كونه مانعا من دخول الملائكة ومن مصاحبتهم لا كونه نجسا
(2)
وقد روى احمد وأبو داود من حديث ابن عباس قال: «نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وقال: ان جاء يطلب ثمن الكلب فأملأ كفه ترابا» .
(3)
وروى احمد ومسلم وأبو داود من حديث جابر بن عبد الله «أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور»
(4)
وروى ابو داود من حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يحل ثمن الكلب ولا حلوان الكاهن ولا مهر البغى»
(5)
فهذا الحديث قد أفاد أن ما نعية حل ثمنه كونه ثمن كلب، فكونه ثمن كلب مانع من الحل ومن صحة البيع.
وكان مقتضى القياس أن ما صح اقتناؤه صح بيعه لولا حديث النهى عن ثمن السنور
(6)
وقال الناصر والقاسم
(7)
وأبو طالب: يصح بيع الكلب الذى يجوز اقتناؤه للصيد أو للزرع أو الماشية لما روى جابر قال: «نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب الا كلب صيد»
(8)
ولقوله صلى الله عليه وسلم «لغير زرع وماشية» ويتفقون فى جواز هبته والنذر والوصية به ولا يحل اقتناء هر مملوك يضر بقتل الدجاج والحمام وتقطيع الثياب والبول عليها.
ولا يحل
(9)
قتله لاخباره صلى الله عليه وسلم بتعذيب المرأة التى حبست الهرة حتى ماتت وهذا اذا أمكن دفع ضرره بغير القتل أما مالا يندفع ضرره الا بقتله فلا بأس به وقيل: يقتل لضرره سواء لم يمكن دفع ضرره الا بالقتل أم لا.
ولا يحل اقتناء الذئب ويقتل ايضا لضرره.
(10)
ولا يجوز اقتناء الدم والميتة والخمر والخنزير والعذرة والبول كما لا يجوز بيعها لما روى عن جابر بن عبد الله قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح: ان الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام فقيل: يا رسول الله رأيت شحوم الميتة فانه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال: لا هو حرام ثم قال
(1)
اخرجه الحازمى فى الناسخ والمنسوخ (انظر نيل الاوطار السابق ح 5 ص 284).
(2)
رواه الخمسة وقال الترمذى حديث حسن صحيح واخرجه أيضا البيهقى وصححه البخارى والعقيلى وابن خزيمة وابن حبان (نيل الاوطار ح 1 ص 35)
(3)
انظر نيل الاوطار ح 5 ص 143
(4)
انظر نيل الاوطار ح 5 ص 143
(5)
المرجع السابق.
(6)
انظر نيل الاوطار ح 5 ص 284
(7)
تتمه الروكن النضير ص 209 - 300
(8)
اخرجه النسائى قال فى الفتح ورجال اسناده ثقات الا انه طعن فى صحته (انظر نيل الاوطار ح 5 ص 144).
(9)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابن مفتاح ح 3 ص 32 الطبعة الثانية بمطبعة حجازى سنة 1357 هـ والتاج المذهب ح 2 ص 341.
(10)
البحر الزخار السابق ح 5 ص 341.
رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قاتل الله اليهود ان الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه.
(1)
وروى عن على قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الخمر والخنازير والعذرة وقال هى ميتة وعن أكل ثمن شئ من ذلك.
فالحديث يدل على تحريم بيع الخنزير وهو مجمع عليه وعلى تحريم اقتنائه كما يدل على تحريم الخمر والعلة فى ذلك الاجماع على نجاستها كما أن العلة فى تحريم الميته هى النجاسة ايضا.
وخص البيع بالذكر فى الحديث لأنه الغالب فى الوجود والا فيقاس عليه سائر التمليكات ويدل الحديث أيضا على تحريم بيع العذرة اذ هى من الخبائث وللاجماع على نجاستها.
(2)
أما زبل مالا يؤكل لحمه فقال: الامام يحيى يكره ادخاره واصلاح الأرض به لمباشرة النجاسة فأن ادخره حتى صار رمادا جاز أما بيعه فلا يجوز لنجاسته لقول النبى صلى الله عليه وسلم ان الله اذا حرم على قوم أكل شئ حرم عليهم ثمنه.
(3)
هذا بالنسبة للبائع أما المشترى فله أن يشترى ما ينتفع به من هذه الاشياء النجسة كالزبل لاصلاح المال والكلب للصيد لأنه يتوصل الى المباح وهو الصيد مثلا بالمباح وهو دفع المال.
قال ذلك الفقيه يحيى
(4)
ولا يجوز للبائع استهلاك الثمن بل يجب عليه رده للمشترى والظاهر ان جواز شراء المشترى لذلك يكون عند الضرورة.
ويجوز اقتناء الحمام للأنس برنتها وهديلها لأمره صلى الله عليه وسلم من شكا الوحشة - الهم والخلوة والخوف - باتخاذ زوج من الحمام.
وقول الهادى والناصر بأن اقتناء ذلك يجرح عدالة مقتنيه محمول على اقتنائها للمسابقة على جهة القمار ويجوز استنتاجها لأكل أولادها وللتجارة كغيرها.
(5)
ويصح بيع كل حيوان ذى نفع بلحمه أو فعله كالفهد والنسر والصقر والهر والقرد لان كل ذلك يقبل التعليم كما يصح بيع الحيوان الذى ينتفع بصوته كالقمرى - نوع من الحمام - أو ينتفع بلونه كالطاووس. والمذهب صحة بيع ما فيه نفع بذرقة - أى ما يخرج منه - كالنحل ودودة القز - اى الحرير ولو بدون عسل أو قز للانتفاع بهما فى المستقبل.
ولا يصح فيما لا ينتفع فيه كالاسد والنمر والرخم - طائر - ونحوها.
(6)
ولا يحل امساك الخير لتخليلها بعلاج لأمره صلى الله عليه وسلم باهراق خمر اليتيم ولم
(1)
المرجع السابق ح 3 ص 308 والحديث رواه الجماعة وجعلوه بفتح الجيم والميم أى اذابو انظر نيل الاوطار ح 5 ص 141 - 143.
(2)
الروض النضير ح 3 ص 246 وما بعدها.
(3)
البحر الزخار السابق ح 3 ص 308 والحديث رواه احمد وابو داود عن ابن عباس (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 5 ص 142)
(4)
شرح الازهار السابق ح 3 ص 32 الطبعة السابقة.
(5)
البحر الزخار السابق ح 5 ص 26 الطبعة السابقة.
(6)
المرجع السابق ح 3 ص 321
يأمر بتخليلها فان فعل حرم خلها ولم يطهر لتحريمه لعينه كالميتة
(1)
.
ولخبر اللعن وهو ما روى عن أنس بن مالك قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة اليه وبائعها ومبتاعها وواهبها وآكل ثمنها. وقال الامام يحيى والمؤيد بالله بل يطهر ويحل فان تخللت بنفسها طهرت لعدم العلاج.
قال صاحب البحر الزخار: والأكثر من أصحابنا على أنها لا تطهر كعلاجها
(2)
ويجب على متولى الحفظ الحيوان من مالك أو مستأجر أو مستعير أو مرتهن لزمه الحفظ ضمان جناية غير الكلب ليلا لانهارا فلا ضمان فاذا جنى الحيوان فى الليل سواء كان عقورا أم لا ضمن متولى الحفظ حيث فرط لأن الحفظ فى الليل واجب عليه حيث جرى العرف بحفظها فى الليل وارسالها فى النهار فان جرت العادة بعكس ذلك انعكس الحكم. ولا شئ من الضمان اذا جرت العادة بعدم حفظ الدواب.
واما الكلب فانه يرسل فى الليل ولا يضمن مقتنيه أو متولى حفظه ما جناه ولو فى الطريق ونحوها لانه محتاج الى ارساله بالليل للحفظ دون النهار حيث يجب حفظه بربطه خلال النهار فان جنى بالنهار ضمنت جنايته ولو غير عقور حيث لا يعتاد ارساله فى النهار
(3)
.
وعلى متولى الحفظ ضمان جناية البهيمة العقور من كلب او فرس أو ثور أو بهيمة أو نحوها وانما يضمن حيث كان مفرطا فى حفظه حفظ مثله مع علمه بأنه عقور مطلقا - اى سواء كانت الجناية فى مرعاها أم فى غيره ليلا أم نهارا فى غير الكلب حتى ولو جنى ذلك العقور على أحد فى ملك صاحبه كان قد دخل باذن المالك لأنه مع الاذن غار له بالدخول اذا لم يخبره أن العقور فيه فان كان جاهلا وجوده فى ذلك المكان أو جاهلا كونه عقورا أو دخل الداخل بغير اذن لم يضمن مقتنيه أو من عليه حفظه.
(4)
ويحرم استعمال آنية الذهب والفضة للرجال والنساء اجماعا لما روى عن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تشربوا فى آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا فى صحافها فانها لهم فى الدنيا ولكم فى الآخره.
(5)
وعن أم سلمة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ان الذى يأكل أو يشرب فى اناء الذهب والفضة بحرجر فى بطنه نار جهنم.
(6)
وفى علة التحريم وجهان: هل لعين الذهب والفضة أم للخيلاء، الوجه الأول:
ويقاس على الأكل والشرب سائر الاستعمالات كالوضوء وغيره ويصح التوضؤ منها وان عصى لانفصال الطاعة وكذلك يقاس على
(1)
المرجع السابق ح 3 ص 321
(2)
المرجع السابق ح 4 ص 350، 351
(3)
المرجع السابق ح ص 11.
(4)
التاج المذهب لاحكام المذهب ح 4 ص 321 - 322 الطبعة الاولى بمطبعة دار احياء الكتب العربية سنة 1366.
(5)
رواه احمد والبخارى ومسلم كما رواه بقية الجماعة الا حكم الا كل مدة خاصة (انظر نيل الاوطار ح 1 ص 66.
(6)
رواه مسلم واخرجه ايضا الطيرانى وزاد الا ان يتوب (انظر نيل ح 1 ص 68)
الآنية سائر الآلات كالمجامر والملاعق والسرج ونحوه.
ويحرم ايضا استعمال الآنية المذهبة والمفضضة اذا عم الاناء وكان ينفصل لرواية ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من شرب فى اناء ذهب أو فضة أو اناء فيه شئ من ذلك فانما يجرجر فى بطنه نار جهنم
(1)
ولأنه حيث عمل بها فهو مستعمل للذهب والفضة.
فان كان فى بعضه فاليسير يحل كالضبة فى السيف والسكين والخنجر والقصعة وما يجبر به الكسر وان كان مستهلكا لا ينفصل كالمموه فذلك جائز.
وكذلك يحرم استعمال الآنية المتخذة مما يشبه الذهب والفضة فى النفاسة كالجواهر واليواقيت فأنه لا يجوز استعماله كالذهب والفضة والجامع الخيلاء.
والمذهب أنه يجوز اقتناء كل ذلك لان المحرم هو الاستعمال لأن الخيلاء فى الاستعمال قوى فيتعلق النهى به.
وقال الامام يحيى: لا يجوز اقتناء كل ذلك للخيلاء. ولا يحرم اقتناء ولا استعمال ما غلا قدره لصنعته لا لجوهره كالزجاج والخشب والنحاس اذا اعظم قدرها بالصنعة والزخرفة وهذا هو المذهب وقال الامام يحيى: لعدم جواز اقتناء واستعمال ذلك ايضا للخيلاء.
اذ لا دليل وكذلك العقيق والمرجان يجوز اقتتنائهما واستعمال آنيتهما لبقائهما على أصل الاباحة ولا تحريم فى استعمال واقتناء آنية النحاس بأنواعه والرصاص ونحو ذلك من المعادن اجماعا اذ الأصل الأباحة. ويجوز التجميل بالآية التى يحرم استعمالها فى المنازل والحوانيت ونحوها
(2)
ويجوز للنساء لبس الحلى بسائر أنواعها والحرير بسائر أنواعه لقوله صلى الله عليه وسلم فى الذهب والحرير «ان هذين حرام على ذكور امتى حل لاناثها»
(3)
ولهن افتراش الحرير كلبسه.
ولا يجوز ذلك للرجال اتفاقا فيما عدا افتراش الحرير فقد اختلف فيه.
فقال القاسم وأبو طالب والمنصور بالله:
يجوز للرجال افتراش الحرير اذ هو موضع
(4)
اهانة.
وقال الناصر والمؤيد بالله والامام يحيى: لا يجوز ذلك لعموم الدليل وهو قوله صلى الله عليه وسلم: هذان حرام أى الحرير والذهب.
(5)
ويحرم اقتناء أو أستعمال تمثال حيوان كامل مستقل له ظل لما روى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم.
(6)
(1)
رواه الدار قطنى وأخرجه أيضا البيهقى
(2)
البحر الزخار السابق ح 1 ص 21 - 42 طبع مطبعة السعادة، ح 4 ص 352 - 353 طبع ايضا مطبعة انصار السنة المحمدية.
(3)
التاج المذهب السابق ح 3 ص 478 - 479 الطبعة السابقة.
(4)
رواه احمد وابو داود والنسائى وابن ماجة وابن حبان عن على بن ابى طالب (انظر نيل الاوطار ح 2 ص 84).
(5)
البحر الزخار السابق ح 4 ص 355، 362، 365
(6)
رواه احمد والبخارى ومسلم (انظر نيل الاوطار ح 2 ص 104، 105).
ويجب تغييره ويكفى قطع الرأس لقول جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم من حديث طويل فمر برأس التمثال الذى فى باب البيت يقطع يصير كهيئة الشجرة.
(1)
وما لا ظل له من الصور فمكروه اقتناؤه أو استعماله.
قال صاحب البحر الزخار يحرم اقتناء أو استعمال الصور المنسوجة فى الثياب أو الملصقة بها الا للافتراش لقول جبريل عليه السلام «وأمر بالستر وقطع فيجعل وسادتين منتبذتين توطآن»
(2)
ولا تكره تصاوير الشجر ونحوها من الجماد اجماعا لما روى عن ابن عباس وقد جاءه رجل فقال: انى أصور هذه التصاوير فأقتنى فيها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مصور فى النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا تعذبه فى جهنم، فان كنت لا بد فاعلا فاجعل الشجر مالا نفس له»
(3)
ويحرم اقتناء واستعمال آلات الملاهى والمعازف كالطنبور.
(4)
ويجوز للمسلم ادخار قوت السنة كفعله صلى الله عليه وسلم بعد التوسعة.
(5)
مذهب الإمامية:
يجوز اقتناء الكلب للصيد ولحراسة الماشية أو الزرع أو الحائط (البستان) ان احتاج اليه لقوله صلى الله عليه وسلم «من اتخذ كلبا الا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من اجره كل يوم قيراط»
(6)
ولأن الأصل الاباحة والمنع يحتاج الى دليل.
ولو اقتناه لحفظ البيوت فالاقرب الجواز لانه فى معنى الماشية والزرع والبستان ومنع بعضهم اقتناءه لحفظ البيوت لعموم النهى.
ولو اقتناه للصيد ثم ترك الصيد مدة لم يحرم اقتناؤه مدة ترك الصيد وكذا لو حصد الزرع أو هلكت الماشية أو خرجت عن ملكه أو خرج من البستان لم يحرم اقتناؤه الى ان يصيد أو يزرع آخر أو يشترى ثمرة اخرى ما لم يطل الزمان بحيث يلحق بكلب الهراش.
ولو اقتنى كلب الصيد من لا يصيد جاز لاستثنائه صلى الله عليه وسلم كلب الصيد فى الحديث السابق وقال البعض: لا يجوز لانه اقتناه لغير حاجة فأشبه غيره اذ معنى كلب الصيد كلب يصيد فعلا.
وكذلك يجوز اقتناء الجرو القابل للتعليم اماما عدا ذلك من الكلاب كالكلب البرى أو العقور فلا يجوز اقتناؤه.
ويحرم قتل ما يباح اقتناؤه من الكلاب اجماعا أما الكلب العقور فيباح قتله اجماعا.
(7)
(1)
رواه احمد وابو داود والترمذى وصححه واخرجه ايضا النسائى عن ابى هريرة (انظر نيل الاوطار ح 2 ص 103
(2)
هذا جزء من حديث ابى هريرة السابق تخريجه من نيل الاوطار ح 2 ص 103
(3)
البحر الزخار السابق ح 4 ص 362 - 368، والحديث المذكور رواه احمد والبخارى ومسلم (انظر نيل الاوطار السابق ح 2 ص 104 - 105)
(4)
البحر الزخار السابق ح - 1 ص 42
(5)
المرجع السابق ح 4 ص 347.
(6)
رواه الجماعة عن ابى هريرة (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 8 ص 127 - 128).
(7)
الخلاف فى الفقة للطواسى ح 1 ص 586 طبعة اولى مطبعة رنكين بطهران سنة 1377 هـ، الروضة البهية فى شرح اللمعة الدمشقية للعاملى ح 1 ص 271
ولو أتلف شخص كلبا للصيد لزمه ضمانه أربعون درهما على الاشهر وقيل تلزمه قيمته وفى كلب الغنم كبش وقيل عشرون درهما وفى كلب البستان وما فى معناه عشرون درهما على المشهور وفى كلب الزرع قفيز من طعام أى من الحنطة.
ولا قيمة لما عدا ذلك من الكلاب ولا يضمن قاتلها شيئا ويشمل اطلاق ذلك كلب الدار على الاشهر.
(1)
ولا يجوز بيع شئ من الكلاب الا كلب الصيد وفى كلب الماشية والزرع والبستان تردد والأشبه أنه لا يجوز بيعه أيضا لما روى عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم «نهى عن ثمن الكلب والسنور الا كلب الصيد»
(2)
ويجوز اجارة كلب الصيد وكذا كلب الماشية والزرع والبستان.
(3)
وكذلك لا يجوز اقتناء ولا بيع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير والدم وأرواث وأبوال مالا يؤكل لحمه وان فرض لكل ذلك نفع فلو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير لم يصح اجماعا لقوله تعالى فى الخمر «فاجتنبوه» وفى غيرها قال الله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ»
(4)
والاعيان لا يصح تحريمها وأقرب مجاز اليها هو تحريم جميع وجوه الانتفاع بها وأعظمها البيع لكان حراما ولقول جابر «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكه يقول: ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام.
(5)
ولو أتلف شخص لذمى خمرا أو خنزيرا ضمنه ولو كان مسلما ويشترط فى الضمان الاستتار بذلك فلو أظهر الذمى شيئا من ذلك فلا ضمان على المتلف مسلما كان أو كافرا ولو كان ذلك لمسلم لم يضمن المتلف على جميع التقديرات.
(6)
واقتناء الحمام للأنس وأنقاذ الكتب ليس بحرام وان اقتناه للفرجة والتطيير فهو مكروه وان اقتناه للرهان فهو حرام لانه قمار.
(7)
وان اقتنى شخص كلبا عقورا أو دابة صائلة فانه يجب عليه حفظها فلو أهمل ضمن جنايتها.
ولو جهل حالها أو علم ولم يفرط فلا ضمان وفى ضمان جناية الهرة المملوكة تردد قال الشيخ يضمن بالتفريط مع الضراوة وهو بعيد اذ لم تجر العادة بربطها نعم يجوز قتلها.
(8)
واذا دخل رجل دار قوم باذنهم فعقره كلبهم كان عليهم ضمانه.
(9)
واذا جنت الماشية على الزرع ليلا ضمن صاحبها اما لو كان نهارا لم يضمن والاقرب
(1)
المرجع السابق ح 2 ص 449، شرائع الاسلام للحلى ح 2 ص 310 طبع مطابع دار مكتبة الحياة ببيروت.
(2)
اخرجة النسائى قال فى الفتح:
ورجال اسناده ثقات الا انه طعن فى صحته نيل الاوطار ح 5
(3)
شرائع الاسلام السابق ح 1 ص 164 والخلاف فى الفقة السابق ح 1 ص 586
(4)
الاية رقم 90 من سورة المائدة. (7) والآية رقم 3 من سورة المائدة.
(5)
تذكرة الفقهاء السابق ح 7 ص 15 والحديث رواه الجماعة (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 5 ص 141 - 142) والروضة البهية ح 1 ص 271
(6)
شرائع الاسلام السابق ح 2 ص 310 والروضة البهية ح 2 ص 449
(7)
شرائع الاسلام السابق ح 2 ص 233
(8)
المرجع السابق ح 2 ص 9، 295
(9)
الخلاف فى الفقه السابق ح 2 ص 499
اشتراط التفريط فى موضع الضمان ليلا كان او نهارا.
(1)
ويحرم استعمال أوانى الذهب والفضة فى الأكل والشرب والوضوء والغسل وغيره من سائر الاستعمالات لحديث «لا تشربوا فى آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا فى صحافها فانها لهم فى الدنيا ولكم فى الآخرة»
(2)
وحديث «ان الذى يأكل ويشرب فى اناء الذهب والفضة انما يجرجر فى بطنه نار جهنم.
(3)
وكذلك يحرم وضعها على الرفوف للتزيين بلا حلاف ويحرم تزين المساجد والمشاهد المشرفة بها بل يحرم ايضا اقتناؤها من غير استعمال أصلا على الاظهر وفاقا للمشهور بين الاصحاب نقلا وتحصيلا لان حرمة الاستعمال تستلزم حرمة اقتنائها على هيئة الاستعمال كالطنبور وغيره مر آلات اللهو وهو المناسب لما قيل فى حكمة تحريمها من حصول الخيلاء وكسر قلوب الفقراء والاسراف أو لأن مراد الشارع من النهى عن استعمالها النهى عن أصل وجودها فى الخارج مستعدة للاستعمال فيحرم حدوثها كما يحرم بقاؤها. ولم يعرف فى حرمة اقتنائها خلاف الا من مختلف الفاضل للطوسى فانه قال: لا يحرم اقتناؤها واستحسنه بعض متأخرى المتأخرين.
والخلاف فى ذلك ينبنى على ظهور دليل النهى عن الآنية فى حرمة نفسها وحرمة استعمالها فعلى الاول يحرم الاقتناء وعلى الثانى يحل الأصل.
وبناء على حرمة الاقتناء مطلقا يحرم بيعها وشراؤها وصياغتها وأخذ الأجرة عليها بل نفس الاجرة حرام لانها عوض المحرم واذا حرم الله شيئا حرم ثمنه ويحرم أيضا سائر أنواع نقلها بل رهنها واعارتها وغير ذلك وبناء على حرمة اقتنائها ايضا يجب على صاحبها كسرها أما غير صاحبها فان علم إن صاحبها يقلد من يحرم اقتناءها فكذلك يجب علية نهيه وإن توقف على الكسر يجوز له كسرها ولا يضمن قيمة صياغتها لسقوط الهيئة نعم لو تلف الأصل ضمن.
وإن احتمل أن يكون صاحبها ممن يقلد من يرى جواز الإقتناء أو كانت هو محل خلاف فى كونه آنية أم لا يجوز التعرض له.
والمرجع فى الاناء والآنية والأوانى الى العرف والظاهر ان المراد من الاوانى ما يكون عر قبيل الكأس والكوز والقدر والفنجان وما يطبخ فيه القهوة وامثال ذلك مما لم يوضع على صورة متاع البيت الذى يعتاد استعماله عند اهله وكذا مما لا أسفل له يمسك ما يوضع فيه أو لاحواش له كذلك والأحوط فى الظرف ونحوه الاجتناب كقراب بالسيف والخنجر والسكين وقاب الساعة وظرف العطر والكحل والعنبر والمعجون لان الموجود فى الاخبار لفظ الأنية وكونها مرادفا للظرف غير معلوم بل معلوم العدم.
ولا بأس بالمنضض والمطلى والمموه باحدهما اقتناء واستعمالا نعم يكره استعمال
(1)
شرائع الاسلام ح 2 ص 310
(2)
رواه احمد والبخارى ومسلم (انظر نيل الاوطار ح 1 ص 66) عن حذيفة.
(3)
رواه مسلم (انظر نيل الاوطار ح 1 ص 68) عن أم سلمة.
المفضض بل يحرم الشرب منه إذا وضع فمه على موضع الفضة بل الأحوط ذلك فى المطلى ايضا لاحتمال دخوله فى المفضض ولا يحرم الممتزج من أحدهما مع غيرهما إذا لم يكن بحيث يصدق عليه اسم احدهما اما الممتزج منهما فيحرم وان لم يصدق عليه اسم احدهما بل وكذا ما كان مركبا منها بأن كان مركبا منها بأن كان قطعة منه من ذهب وقطعة منه من فضة. والنحاس وغيره الملبس بأحدهما يحرم استعماله كما هو المشهور إذا كان على وجه لو انفصل كان إناء مستقلا وأما إذا لم يكن كذلك فلا يحرم كما اذا كان الذهب أو الفضة قطعات منفصلات لبس بهما الاناء من النحاس داخلا أو خارجا.
ولا بأس بأقتناء واستعمال غير الأوانى اذا كان من أحدهما كاللوح من الذهب أو الفضة او الحلى كالخلخال وان كان مجوفا ومثل القنديل ونقش الكتب والسقوف والجدران بهما.
ولا فرق فى الذهب والفضة بين الجيد منها والردئ والمغشوش والخالص اذا لم يكن الغش يخرجهما عن صدق الاسم وإن لم يصدق الخلوص لان الحرمة معلقة على صدق الاسم والذهب المعروف بالفرنكى لا بأس بما صنع منه لأنه فى الحقيقة ليس ذهبا وكذا الفضة المسماه بالورشر فانها ليست فضة بل هى صفر أبيض.
ولا يحرم اقتناء ولا استعمال الاوانى من غير الذهب والفضة من أنواع المعادن والجواهر الغالية كالياقوت والفيروزج ولو تضاعف أثمانها بلا خلاف وذلك لعدم ادراك العامة نفاستها ولانها لقلتها لا يحصل اتخاذ الآنية منها الا نادرا فلا تقضى اباحتها الى اتخاذها واستعمالها بخلاف الأثمان.
(1)
اى الذهب والفضة.
ولا يجوز للرجل لبس الذهب اجماعا سواء التختم أو التحلى به ولا تجوز الصلاة فى الساتر منه بلا خلاف والمراد ما تعارف الناس اتخاذه منه من حلى أو نسج أو تمويه أو نحو ذلك.
ولا بأس فى المحمول منه - مع المصلى - سواء فى ذلك المسكوك وغيره والمتخذ للمنفعة وغيره فالمبطل للصلاة ما يحرم لبسه منه.
(2)
ويباح للرجل استعماله فى نحو سكين أو منطقة أو حلية سيف وسيأتى ذلك مفصلا فى البحث التالى وهو «أثر الاقتناء فى الزكاة» .
ولا يجوز
(3)
لبس الحرير الخالص للرجال اجماعا ولا الصلاة فيه اذا كان مما تتم به الصلاة سواء كان ساترا ام لا الا فى حال
(1)
مستمسك العروة الوثقى للطباطبائى ح 2 ص 139 - 154 الطبعة الثانية بمطبعة النجف الاشرف سنة 1376، جواهر الكلام فى شرح شرائع الاسلام احمد حسن النجفى ح 6 ص 328 - 344 الطبعة السادسة بمطبعة النجف الاشرف سنة 1379.
(2)
شرائع الاسلام ح 2 ص 233 وجواهر الكلام ح 8 ص 109، 112 - 113.
(3)
الخلاف فى الفقه ح 1 ص 340 مسألة رقم 101
الحرب وعند الضرورة كالبرد المانع من نزعه فيجوز لبسه حينئذ بلا خوف.
(1)
واذا مزج بشئ مما يجوز فيه الصلاة حتى خرج من كونه حريرا خالصا جاز لبسه والصلاة فيه سواء كان اكثر من الحرير أو اقل منه.
هذا كله فى الرجال والا فيجوز لبسه للنساء مطلقا فى حال الصلاة وغيرها.
(2)
والمنع فى الحرير انما هو من حيث اللبس والا فيجوز كل ما عداه مما لا يدخل تحت اسمه ومنه الركوب عليه وافتراشه والاتكاء عليه فى الاصح وفقا للاكثر بل المشهور نقلا وتحصيلا.
ومنع ذلك أيضا ابن حمزة قال: وما يحرم لبسه يحرم فرشه والتدثر به والاتكاء عليه واسباله سترا. ويحرم اقتناء آلات اللهو كالطنبور والعود والمزمار والصنج - نحاستين يضرب باحدهما على الاخرى كما يحرم استعمالها كما يحرم استعمال آلات القمار كالشطرنج والنرد وغير ذلك سواء قصد اللهو أو الحذق - التمرن عليه طلبا للمهارة والتفوق - أو القمار وتجوز مع الكراهية الصلاة فى ثوب به تماثيل أو خاتم فيه صورة ويكره أن يصلى وبين يديه تصاوير.
(3)
مذهب الإباضية:
يجوز اقتناء الكلب غير المعلم لحراسة زرع مثلا كما يجوز اقتناؤه ليحفظ النساء والصبيان والانعام.
ويجوز اقتناء الكلب المعلم لصيد وغيره من المنافع كحراسة عيال صغار وأمهات وجدات ونحوهن من كل من يخاف عليه ولو أجانب أو رجالا.
وأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن اقتناء الكلب فانما هو فيما يقتنى منها لا لجلب نفع ولا لدفع ضر.
كما روى أبو عبيده عن جابر عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من اقتنى كلبا لا لزرع ولا لضرع نقص من أجره كل يوم قيراط» وفى رواية قيراطان.
(4)
وحملوا على الزرع والضرع سائر المنافع ودفع المضار وأما اقتناء المعلم للصيد فمنصوص عليه وقيل: لا يحل اتخاذ الكلاب الا لما ذكر فى الحديث وللصيد وقد ذكر الصيد فى أحاديث متعددة غير هذا.
(1)
جواهر الكلام السابق ح 8 ص 114، 119، 127 وشرائع الاسلام ح 1 ص 48
(2)
مستمسك العروة للوثقى ح 2 ص 141، شرائع الاسلام ح 2 ص 323 - 233.
(3)
جواهر الكلام السابق ح 8 ص 270.
(4)
شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد اطفيش ح 4 ص 14 طبع مطبعة البارونى وشركاه بالقاهرة.
وقيل: النهى لامتناع الملائكة من الدخول او ما يلحق المارين من الاذى أو لأن بعضها شياطين أو لو لوغها فى الاوانى فربما ينجس الطاهر منها فيستعمله الغافل فى العبادة فلا يقع موقع الظاهر.
وقيل: يقتل الكلب غير المأذون فى اقتنائه.
وقيل: لا يقتل الا الكلب العقور.
ويجوز تربية الجرو لما يؤذن باقتناء الكلب فيه وان سرق كلبا رده ولا يضمنه الا ان كان لراع أو لصيد ونحوهما ويجوز ايضا اقتناء الهر بأن يشتريه من مالكه أو يوهب له او تلده فى داره هرة أو فى ارض غير مملوكة لاحد لم يعرف مالك الهرة.
ولا بأس على مطعم هر غيره ان لم يحبسه عن صاحبه ومن سرقه رده وما نقصه لصاحبه ان حبسه وقيمته ان تلف
(1)
وان أوى سنور لمنزل ولم يعلم أهل المنزل ان له مالكا جاز لهم امساكه واقتناؤه ويجوز اقتناء كل حيوان حلال كالحمام وعلى من يقتنى ذلك كف ضرره فلا يجوز اقتناء هر يأكل اطعمة الناس ولحومهم ولكن له أن يؤلف هرا يأتيه ان لم يعرفه مملوكا لاحد ولا يلزمه ضمان ما أكل من الناس لانه لم يملكه.
(2)
ويحرم ثمن الكلب غير المعلم ويحل ثمن المعلم وأجاز الشيخ أخذ ثمن الكلب اذا باعه الشخص لمن يقتنيه لضرع أو لزرع أو صيد.
ولا يشترط الشيخ فى بيع الكلب لمن يصيد به ان يكون يريد تعليمه لبقاء منفعة اخرى وهى الصيد.
وروى عن ابن عباس عن رسول الله صلي الله عليه وسلم» انه نهى عن ثمن الكلب».
(3)
وعن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم «ان جاء يطلب ثمن الكلب فأملؤا كفه ترابا» .
(4)
وروى عن ابى هريرة «لا يحل ثمن الكلب» والعلة نجاسته.
ومذهبنا هو أنه يحرم ثمن الكلب غير المعلم وانه يجوز اقتناء الكلب مطلقا لنحو زرع فتلك الاحاديث يخص عمومها بحديث جابر بن عبد الله «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب الا كلب صيد»
(5)
وللمعلم قيمته على قاتله وهى ما بلغت عند عدول الصيد بالكلاب.
وقيل اربعين درهما.
(1)
المرجع السابق ح 4 ص 15
(2)
المرجع السابق ح 4 ص 16
(3)
رواه احمد وأبو داود ورجاله ثقات (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 5 ص 143)
(4)
هذه الجملة جزء من الحديث السابق وتكمله له.
(5)
اخرجه النسائى قال فى الفتح: ورجال اسناده ثقات الا انه طعن فى صحته وأخرجه نحو الترمذى من حديث ابى هريرة (نيل الاوطار ح 5 ص 144).
وكذا كلب الراعى أو الزرع أو الضرع او نحوه قيمته على قاتله
وقال البعض: قيمته ثمانية دراهم وقيل:
كبش.
ودية السنور أربعة دراهم وقيل: ثمانية وعشرون.
قال صاحب شرح النيل: والحق عندى الا يفرق بين هرة وولده اجزما ما لم يستغن عنها بل يستحسن عدم التفريق بينهما بعد الاستغناء.
والحق عندى ايضا أن الكلب المعلم طاهر بخلاف ما قيل بنجاسة الكلب مطلقا. وعلة المنع من بيع الكلب عند من لا يرى نجاسته هى النهى عن اقتنائه والآمر بقتله ولذلك خص منه ما اذن فى اقتنائه.
ويحرم ثمن ذى ناب او مخلب من سباع الوحش والطير الا أن فيه خلافا فمن حلله حلل الثمن ومن حرمه حرم ومن قال بكراهته كره ثمنه وهذا الخلاف موجود فى الكلب والمشهور الصحيح فى الكلب هو ما سبق ذكره عن اصحابنا.
(1)
وقال صاحب الايضاح والسابق الى نفسى ان كل محرم فيه اكثر من منفعة واحدة فأباح الله سبحانه لنامنه منافعه أنه لا يجوز بيعه لتلك المنفعة المحللة منه كالكلب لمن اراد ان يقتنيه لضرع أو لزرع أو لصيد وكذلك السنور - الهر - لمن ارد ان يقتنيه على هذا الحال.
وكذلك ايضا يدخل فى هذا الاختلاف الزبول لانها مختلطة بالنجس وفيها منفعة تستعمل فى البساتين وللبقول وغيرها وفى الحديث «لعن الله العرة ومشتريا»
(2)
والعرة هى العذرة.
وهذا اذا كانت خالصة لم يخالطها شئ وأما ان خالطها شئ وكان البيع واقعا فيما خالطها فلا بأس وفى الأثر وان اختلطت العذرة مع السماد وكان البيع فى السماد فلا بأس (والسماد هو الزبل مع الرماد).
(3)
ولا يجوز للرجل والمرأة جميعا الأكل والشرب فى اناء من ذهب أو فضة لأن الأكل والشرب فيهما أكل وشرب للنار.
(4)
وكذلك يكره التوضؤ من إناء ذهب أو فضة أو صفر - نحاس - ولو أبيض للاسراف.
وقيل التوضؤ من آنية ذهب والفضة حرام فيلزم من فعل ذلك ان يعيد وضوءه والقولان فى الرجل والمرآة جميعا لأن المحلل للنساء هو لبس الذهب لا الشرب فيه ونحوه بدليل كراهة الفضة وتحريمها ايضا عليها وعلى الرجال فى الوضوء.
(5)
(1)
شرح النيل وشفاء العليل السابق ح 4 ص 139 - 14 الطبعة السابقة.
(2)
رواه ابو داود والترمذى والنسائى.
(3)
الايضاح للشيخ عمر بن على الشماخى ح 3 ص 17 - 18 الطبعة الاولى بمطبعة الوطن ببيروت سنة 1390
(4)
شرح النيل لمحمد بن يوسف اطفيش ص 218 المطبعة السلفية سنة 1343 هـ
(5)
شرح النيل السابق ح 1 ص 330 - 54
ولا يجوز استعمال الاناء المموه كله بذهب أو فضة اما الاناء المصنوع من احدهما مع غيره فيجوز استعماله فى الاكل والشرب ونحوه اذا كان أكثره غير فضة ولا ذهب.
(1)
وكذلك يجوز استعمال الأوانى المتخذة من غير الذهب والفضة حتى ولو كانت من معدن أو جوهر أعلى من الذهب والفضة.
(2)
وقال
(3)
صاحب شرح النيل: ان ما فيه فحر يكره ايضا مثل اناء القذدير فيكره مطلقا ولو لم يفخر به سدا للذريعة.
ويحرم على الرجال لبس الحرير والذهب مطلقا قليلا كان أو كثيرا فى الصلاة وغيرها.
ويجوز قدر أوقية من حرير بثوب بلا مس للحرير وقيل يمنع أكثر من أربعة دراهم.
وروى اجازة موضع أصبعين طولهما وعرضهما بالثوب والأولى غير الثياب
(4)
وافتراش الحرير وتوسده والتغطية به ذلك كله جائز لما روى أن عائشة مزقت ثوبا به صور الحيوان وجعلنه فراشا مع أنه من حرير بعد أن أرادته للتزين ونهاها عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وقيل: لا يجوز ذلك أيضا وقد قيل افتراشه لبس لحديث انس «انه عمد الى حصير قد اسود من طول ما لبس» أى من طول افتراشه.
ويجوز استعمال واقتناء الحرير والذهب للنساء مطلقا فى الصلاة وغيرها قليلا كان أو كثيرا الا فى الاحرام بحج او عمرة فلا تلبسها.
وفى الصلاة فى ثوب فيه تصاوير قولان سواء كانت الصورة للرأس وحده او مع الجسد وسواء نسجت الصورة أو خيطت أو صبغت والمجيز استدل بقوله صلى الله عليه وسلم «الا ما كان رقما فى ثوب» والمنع من ذلك أصبح لان أصل منع الحرير جاء فى ثوب لعائشة.
وفى قول ثالث يجوز ذلك ان لم تكن الصورة برأس وان كان الرأس وحده لم يجز أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم الصورة الرأس
(والرابع) جواز صورة غير الحيوان لقوله صلى الله عليه وسلم فى المصورين «انه يقال لهم يوم القيامة أحيوا ما خلقتم» .
والخامس جواز ما فيه صورة غير الحيوان وسير النبات والشجر ولا يجوز اقتناء آلات اللهو والتصرف فيها بيعا وغيره فقد جاء فى شرح النيل ان على الحاكم ونحوه ان يجعل على كل سوق قائما بمصالحة يعد على التجار موازينهم ويكسر المزمار والطبل ونحوه
(5)
(1)
المرجع السابق ح 1، 330
(2)
المرجع السابق ح 1 ص 331
(3)
المرجع السابق ح 1 ص 330
(4)
وسبق تخريج الاحاديث المذكورة.
(5)
شرح النيل ح 7 ص 200
أثر الاقتناء فى الزكاة:
مذهب الحنفية:
لا تجب الزكاة فيما يقتنيه الانسان لاستخدامه فى حاجته الاصلية فليس فى دور السكن وثياب البدن وما يتجمل به فى منزله من لؤلؤ أو فرش ومتاع لم ينوبه التجارة ودواب الركوب وسلاح الاستعمال وكسوة الاهل وطعامهم زكاة لانها مشغولة بجاجته الاصلية لانه لا بد له من دار يسكنها وثياب يلبسها
(1)
ولان هذه الاموال ليست بنامية.
وعلى هذا الكتب من أى علم كانت لا تجب فيها الزكاة وان كانت تساوى نصيبا اذا لم تعد للتجارة ولا فرق بير كون مقتنى الكتب من اهلها - أى يحتاج اليها لتدريس وحفظ وتصحيح أم من غير اهلها فلا زكاة فيها. وكذلك لا تجب الزكاة فى آلات المحترفين وان حال عليها الحول ولم ينوبها التجارة بل اقتناها لحرفته
(2)
. واذا كان مع الشخص دراهم أمسكها بنية صرفها الى حاجته الأصلية لا تجب الزكاة فيها اذا حال الحول وهى عنده قرر هذا ابن ملك لكن اعترض هذا صاحب البحر الرائق بقوله:
ويخالفه ما فى معراج الدراية فى فصل زكاة العروض أن الزكاة تجب فى النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة وكذلك فى البدائع.
قال بن عابدين: واقره فى النهر والشر نبلالية وشرح المقدس ونحوه قول صاحب السراج: سواء امسكها للتجارة أو غيرها وكذا قوله فى التتار خانية: نوى التجارة أولا ولكن حيث كان ما قاله ابن ملك موافقا لظاهر عبارات المتون وقال البعض انه الحق الأولى التوفيق بحمل ما فى البدائع وغيرها على ما اذا امسكه لينفق منه كل ما يحتاجه فحال الحول وقد بقى معه منه نصاب فانه يزكى ذلك الباقى وان كان قصده الانفاق منه ايضا فى المستقبل لعدم استحقاق صرفه الى حوائجه الاصلية وقت حولان الحول
(3)
بخلاف ما اذا حال الحول وهو مستحق الصرف اليها (انظر مصطلح زكاة).
هذا اذا ضرب كل منها - أى جعل دراهم أو دنانير يتعامل بها - اما يعمل منها من نحو حلية سيف أو منطقة أو لجام سرج أو الكواكب فى المصاحف والاوانى وغيرها اذا كانت تخلص بالاذابة وتبلغ نصابا ففيه الزكاة.
وكذلك تجب الزكاة فى الحلى منها مطلقا سواء كان للرجال أو للنساء وسواء كان مباح الاستعمال كخاتم من الفضة أم غير مباح كخاتم من الذهب للرجال والاوانى مطلقا ولو من فضة وتبرهما ونقرتهما النقرة - القطعة المذابة من الذهب والفضة وسواء كان يقتنى ذلك للتجارة أو للنفقة أو للتجمل -
(1)
شرح فتح القدير على الهداية للكمال ابن الهمام وبهامشة شرح العناية على الهداية ح 1 ص 487 طبع مطبعة مصطفى محمد سنة 1356.
(2)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابق ح 5 ص 265 - 266 وفتح القدير السابق ح 1 ص 489
(3)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابق ح 2 ص 262.
اى التزين بها فى البيوت من غير استعمال أو لم ينو شيئا من ذلك
(1)
فعلى أى وجه امسك المالك الذهب والفضة للنفقة تجب عليه الزكاة فيه ولو كان للابتذال لانهما خلقا أثمانا فيزكيهما كيفما كان.
(2)
وهذا بخلاف ما اذا كان للشخص أوان من اللؤلؤ والياقوت والجواهر فانه لا زكاة فيها اذا لم يمسكها للتجارة لأن وجوب الزكاة فيها باعتبار عينها والعين لا تتبدل بالصنعة ولا بالاستعمال.
(3)
ولو اشترى الشخص سلعة من السلع ونوى اقتناءها للاستعمال دون التجارة لا تكون للتجارة ولا تجب فيها الزكاة سواء كان الثمن من مال التجارة أو من غير مال التجارة لان الشراء بمال التجارة ان كان دلالة التجارة فقد وجد صريح نية الاستعمال ولا تعتبر الدلالة مع التصريح
(4)
.
ولو اشترى شيئا للقنية ناويا أنه ان وجد ربحا باعه لا زكاة عليه لانه يشترط نية التجارة فى العروض ولا بد من مقارنتها لعقد التجارة وهو كسب المال بالمال بعقد شراء أو أجارة أو استقراض.
والنية هنا لم تقارن عقد الشراء فلم تجب الزكاة.
(5)
ولو اشترى عروضا للاقتناء والاستعمال ثم نوى بعد ذلك أن تكون للتجارة لا تصير للتجارة ما لم يبعها فعلا فيكون بدلها للتجارة وهذا بخلاف ما اذا كان له مال للتجارة فينوى أن يكون للاقتناء والاستعمال حيث يخرج عن كونه للتجارة بمجرد النية وان لم يستعمله والفرق أن النية لا تعتبر ما لم تتصل بالفعل وهو ليس بفاعل فعل التجارة فقد خلت النية عن فعل التجارة فلا تعتبر للحال بخلاف ما اذا نوى الاقتناء للاستعمال لأنه نوى ترك التجارة وهو تارك لها فى الحال فافترنت النية بعمل هو ترك التجارة فاعتبرت.
ولو ملك عروضا بغير عقد أصلا بأن ورثها ونوى التجارة لم تكن للتجارة فلا زكاة فيها لأن النية تجردت عن العمل أصلا فضلا عن عمل التجارة لأن الموروث يدخل فى ملكه بغير صنعه.
ويلحق بالميراث ما لو دخل له من حبوب أرضه حنطة مثلا تبلغ قيمتها نصابا ونوى امساكها للتجارة فأمسكها حولا ثم باعها بعد ذلك لا تجب فيها الزكاة.
(6)
ولو ملك العروض بعقد ليس مبادلة أصلا كالهبة والوصبة والصدقة أو بعقد هو مبادلة
(1)
المرجع السابق ح 2 ص 298 والبدائع ح 2 ص 17
(2)
المبسوط لشمس الدين السرخسى ح 2 ص 192 الطبعة الاولى بمطبعة السادة سنة 1324
(3)
المرجع السابق ح 3 ص 37
(4)
بدائع الصنائع السابق ح 2 ص 12
(5)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابق ح 2 ص 273 - 274 قبل باب السائمة.
(6)
بدائع الصنائع السابق ح 2 ص 12
مال بغير مال كالمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد ونوى التجارة يكون للتجارة عند ابى يوسف لان التجارة عقد اكتساب لمال وما لا بدخل فى ملكه الا بقبوله فهو حاصل بكسبه فكانت نيته مقارنة لفعله فأشبه قرانها بالشراء والاجارة فتجب فيه الزكاة بعد الحول.
(1)
(2)
وعند محمد لا يكون للتجارة فلا تجب فيه الزكاة وهو الاصح لأن التجارة كسب المال ببدل هو مال والقبول هنا اكتساب المال بغير بدل اصلا أو ببدل غير مال فلم يكن من باب التجارة فلم تكن النية مقارنة لعمل التجارة ورجح صاحب فتح القدير القول الأول.
(3)
(4)
ويستثنى من اشتراط نية التجارة ما يشتريه المضارب فانه يكون للتجارة مطلقا - اى وان لم بنوها أو نوى الشراء للنفقة حتى لو اشترى دواب بمال المضاربة ثم اشترى لها جلالا وآنية للسقى وعلفا كان الكل للتجارة وتجب الزكاة فى الكل لأن المضارب لا يملك المضاربة غير التجارة بخلاف المالك اذا اشترى لها ذلك لا يكون للتجارة لأن المالك كما يملك الشراء للنفعة والاستعمال وله أن ينفق من مال التجارة وغير مال التجارة فلا يتعين للبجارة الا بدليل زائد
(5)
ولو اشترى شخص قد روا من صفر - نحاس - يسكها ويؤجرها لا تجب فيها الزكاة كما لا تجب فى بيوت الغلة.
(6)
وظروف أمتعة التجارة وقوارير العطارين ولجم الخيل والحمير المشتراه للتجارة ومقاودها وجلالها وبراذعها ان كانت لاتباع معها ولكن تمسك وتحفظ بها الدواب فهى من آلات الصناع والمحترفين فلا تكون مال تجارة اذا لم ينو التجارة عند شرائها فلا تجب فيها الزكاة.
وان كانت تباع معها عادة تكون للتجارة لانها معدة لها ففيها الزكاة.
(7)
واذا كان على الرجل دين وله مال تجب فيه الزكاة ومال قنية لا تجب فيه الزكاة كثياب البذلة وأثاث المنزل ودور السكنى فان الدين يصرف أولا الى مال الزكاة سواء كان من جنس الدين أم لا ولا يصرف الى غير مال الزكاة وان كان من حنس الدين.
(8)
وقال زفر: يصرف الدين الى الجنس وان لم يكن مال زكاة لأن قضاء الدين من الجنس أيسر فكان الصرف اليه أولى فعلى القول الاول لو تزوج على دار غير معينة وله مائتا درهم ودار فدين المهر يصرف الى المائتين دون الدار عند ابى حنيفة وصاحبيه لأن غير مال الزكاة يستحق للحوائج ومال الزكاة فاضل عنها. فكان الصرف اليه أيسر وأنظر بأرباب الاموال ولهذا لا يصرف
(1)
فتح القدير السابق ح 1 ص 492 - 493.
(2)
البحر الرائق لابن نخيم بحاشية ابن عابدين ح 2 ص 225 الطبعة الاولى بالمطبعة العلمية.
(3)
بدائع الصنائع السابق ح 2 ص 12
(4)
فتح القدير السابق ح 1 ص 492.
(5)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابق ح 2 ص 268 والبدائع ح 2 ص 13
(6)
الفتاوى الهندية ح 1 ص 180 الطبعة الثانية بالمطبعة الاميرية سنة 1310 هـ.
(7)
بدائع الصنائع السابق ح 2 ص 13
(8)
وفتح القدير السابق ح 1 ص 489.
الى ثياب بدنه وقوته وقوت عياله وان كان من جنس الدين وأما اذا لم يكن له مال زكاة فانه يصرف الدين الى مال القنية من عروض البذلة والمهنة أولا ثم الى العقار.
(1)
واذا اقتنى الشخص الدواب للعلف فى مصر أو غير مصر فلا زكاة فيها لأن المؤنة تعظم على صاحبها لو أوجينا فيها الزكاة
(2)
وذلك ما لم تكن للتجارة والا ففيها زكاة التجارة لأن الاعداد والامساك للتجارة دليل النماء والزيادة عن الحاجة.
(3)
وكذلك لا زكاة فيها اذا اقتناها وأعدها للعمل كاثارة الارض بالحراثة وكالسقى ونحوه أو أعدها للحمل والركوب لان مال الزكاة هو ما يطلب النماء من عينه لا من منافعه الا ترى الى دار السكنى وعبد الخدمة لا زكاة فيها
(4)
كذلك لا زكاة فيها ان اقتناها وأسامها للحم أو الحمل أو الركوب أما اذا أسامها للدر والنسل فتجب فيها الزكاة اذا كانت ابلا أو بقرا أو غنما وجوب الزكاة فيها باعتبار خفة المؤنة لأن لخفة المؤنة تأثيرا فى ايجاب حق الله تعالى.
(5)
.
وكذلك لا زكاة فى الخيل وان كانت سائمة عند الصاحبين أبى يوسف ومحمد وعليه الفتوى لقوله صلى الله عليه وسلم «ليس على المسلم فى عبده وفرسه صدقة» وزاد مسلم «الا صدقة الفطر»
(6)
ولا زكاة فى بغال أو حمير اجماعا ولا فى حمل - ولد الشاه - وفصيل ولد الناقة - وعجل - ولد البقرة - وذلك اذا لم تكن للتجارة والا فتجب فيها الزكاة على كل الأحوال
(7)
ولاستيفاء كل أحكام ذلك (انظر مصطلح زكاة)
مذهب المالكية:
لا زكاة فى الحلى الجائز اقتناؤه حتى وان تكسر على وجه يمكن اصلاحه وعوده على ما كان عليه اذا نوى اصلاحه وكذلك ان لم ينو شيئا لا زكاة فيه على المعول عليه.
اما ان نوى عدم اصلاحه فالزكاة تجب فيه.
وكذلك تجب فيه الزكاة اذا تهشم بحيث لا يمكن اصلاحه الا بسبكه ثانيا لانه بالتهشم صار كالتبر وسواء نوى اصلاحه أو عدم اصلاحه أو لم ينو شيئا.
وكذلك لا زكاة فى الحلى حتى وان تكسر أو كان لرجل اذا اقتناه لمن يجوز له استعماله كزوجته وابنته وخادمه الموجودات عنده حالا وكن يصلحن للتزين به لكبرهن.
وكذا اذا اقتناه أو اتخذه لنفسه كخاتم وأنف وأسنان وحلية مصحف وسيف ونحوه مما يجوز له استعماله.
اما اذا اقتناه لمن سيوجد أو لمن سيصلح مستقبلا لاستعماله بسبب لصغره الآن عن
(1)
بدائع الصنائع ح 2 ص 8 وحاشية ابن عابدين على الدر المختار ح 2 ص 264.
(2)
المبسوط للسرخسى ح 2 ص 65
(3)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ح 2 ص 282 من زكاة الغنم والبدائع ح 2 ص 21، 34
(4)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ح 2 ص 282، من زكاة الغنم والبدائع ح 2 ص 21، 34.
(5)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ح 2 ص 282، والمبسوط ح 2 ص 165.
(6)
رواه الجماعة عن ابى هريرة (انظر نيل الاوطار للشوكانى ح 4 ص 136).
(7)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار ح 2 ص 282 من زكاة الغنم.
التزين به فتجب فيه الزكاة ما دام معدا لما ذكر من يوم اقتنائه له حتى يتولاه من أعد له بخلاف اقتناه المرأة لمر يحدث لها من بنت أو حتى تكبر فلا زكاة عليها كما فى الشامل.
ولو كان السيف محلى واقتنته المرأة لزوجها قال الناصر اللقانى: لا زكاة فيه كما اذا اقتنى الرجل لنسائه بلا فرق.
واستظهر الشيخ العدوى فى حاشيته على شرح الخرشى وجوب الزكاة فيه لآن الشأن والعادة اقتناء الرجل الحلى لنسائه لا العكس.
والمشهور وجوب الزكاة فى الحلى اذا اقتناه الشخص لعاقبة الدهر - أى حوادثه - ابتداء أو - انتهاء كما لو اتخذته المرأة للباس وزينة فلما كبرت اتخذته للعاقبة ولا فرق فى ذلك بين الرجل والمرأة.
وقيل: لا تجب فيه الزكاة وهو مقابل المشهور.
والمشهور ايضا وجوب الزكاة فى الحلى اذا اقتناه الرجل ليدفعه مهرا لامرأة يريد أن يتزوجها أو يشترى أمة يتسرى بها خلافا لمن قال بسقوط الزكاة فيه.
واذا اقتنى انسان حليا لأجل تأجيره أو اعارته فلا زكاة فيه سواء كان مقتنيه لذلك رجلا أو امرأة وسواء كان بباح له استعماله كأساور أو خلخال لامرأة أو كان لا يباح له استعماله كأساور أو خلخال لرجل وهذا هو المعتمد خلافا لما قاله الباجى من أن محل كون الحلى المتخذ للتأجير لا زكاة فيه اذا كان يباح لمالكه استعماله كأساور أو خلخال لأمرأة أما لو كان ذلك لرجل فانه تجب فيه الزكاة.
واما ما يحرم اقتناؤه واستعماله عليهما - اى الرجل والمرأة - كالأوانى من ذهب أو فضة والمباخر ومكحلة ومرود ودواه وعدة فرس من لجام وسرج فانه تجب فيه الزكاة وكذلك اذا اقتنى الحلى ناويا به التجارة - أى البيع بقصد الربح - وجبت فيه سواء كان لرجل أو امرأة ويزكيه ايضا لو كان عنده أولا للاقتناء ثم نوى به التجارة فيزكى وزنه بعد مضى عام من حين نوى به التجارة اذا كان نصابا.
وخالف فى هذا البنانى فقال: انه اذا اتخذ الحلى للقنية ابتداء أو كان موروثا ثم نوى به التجارة فلا زكاة فيه وأما اذا اتخذه للتجارة ثم نوى به الأقتناء فلا ينتقل بها ولا عبرة بتلك النبة لأنها ناقلة عن الاصل والنية انما تنقل للأصل ولا تنقل عنه وان لم ينو اقتناء ولا تجارة فالراجح وجوب الزكاة فيه وهو قول ابن القاسم خلافا لأشهب.
(1)
ولا زكاة على أحد فى فرسه وداره المتخذين للاقتناء ولا فيما يتخذ للاقتناء أيضا من الرباع والعروض لحديث الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المسلم فى عبده ولا فرسه صدقة»
(2)
ويقاس على ذلك كل الاشياء التى تقتنى ولا زكاة فى عينها.
والمراد بالعروض فى باب الزكاة ما قابل الذهب والفضة فيشمل الرقيق والعقار والدور والثياب والحديد والنحاس وكذلك القمح وجميع الحبوب والثمار والحيوان اذا لم تجب الزكاة فى عينها بقصورها عن النصاب أو لأنه
(1)
الشرح الكبير على مختصر خليل بحاشية الدسوقى ح 1 ص 429 - 430 الطبعة الاولى بمطبعة السعادة سنة 1329 هـ.
(2)
شرح الخرشى على مختصر خليل بحاشية العدوى ح 2 ص 211 - 212 الطبعة الاولى بالمطبعة الاميرية سنة 1299 هـ.
سبق تخريج هذا الحديث فى مذهب الحنفية من هذا البحث.
لم يمر عليها الحول أو لأنه زكى عنها فلا يزكيها مرة أخرى.
(1)
وتجب الزكاة فى العرص اذا ملك بمعاوضة مالية مع نية تجارة مجردة او نوى به عند المعاوضة عليه التجارة والاقتناء معا كأن ينوى الانتفاع بعينه من ركوب أو حمل عليه أو سكنى وهذا هو الاقتناء وان وجد ربحا باع وهذه هى التجارة لأن مصاحبة نية الاقتناء لنية التجارة لا تؤثر فى عدم الزكاة على المختار عند اللخمى والمرجح عند ابى يوسف وفاقا للاشهب ورواية عن مالك خلافا لابن القاسم وابن المواز.
(2)
وكذلك تجب الزكاة فيه اذا نوى به التجارة والغلة معا بأن ينوى عند شرائه أن يؤجره وان وجد ربحا باع لأن مصاحبة نية الاقتناء لنية التجارة لم يترتب عليها عدم الزكاة فأولى مصاحبة نية الغلة لنية التجارة لان نية الاقتناء أقوى من نية الغلة فاذا لم يؤثر مصاحبة الأقوى فأولى مصاحبة الاضعف.
أما ان ملك هذا العرض بلا نية لشئ فانه لا زكاة فيه لأن نية الاصل فى العروض الاقتناء الى ان ينوى بها غيره وكذلك اذا اشتراه بنية الاقتناء فقط أو نية الغلة فقط أو نية الاقتناء والغلة معا بأن ينوى عند شرائه أن يؤجره وينتفع به بنفسه بركوب أو حمل عليه لأن الشراء للغلة هو معنى الاقتناء
(3)
وعروض التجارة سواء منها المدار والمحتكر ينتقل كل منها للاقتناء بمجرد النية فاذا اشترى عرضا بنية الادارة أو بنية الاحتكار ثم نوى به الاقتناء فان ذلك ينتقل اليها على المشهور فلا يزكى ومقابلة ما رواه ابن الجلاب من عدم النقل وأنه يزكى.
اما اذا كان عنده عرص للاقتناء ثم نوى به التجارة - احتكارا او ادارة فانه لا ينتقل لواحد منها بمجرد النية حتى ولو كان قبل الاقتناء للتجارة على المشهور كما اذا كان عنده عرض للتجارة ثم نوى به الاقتناء وانتقل اليه ثم نوى بعد ذلك التجارة فانه لا ينتقل اليها بمجرد النية على المشهور لأن الأصل فى العروض الاقتناء والنية وان نقلت للاصل وما أشبهه لا تنقل عنه لأنها سبب ضعيف
(4)
وكساد السلعة عند التاجر المدير لا ينقلها الى حكم سلعة الاقتناء التى لا تجب فيها الزكاة بل تبقى على ادارتها فيقومها على نفسه قيمة عدل كل عام ويزكى القيمة حتى ولو ظلت كاسدة عنده سنينا كلها او بعضها.
والتاجر المدير هو الذى يبيع عروضه بالسعر الحاضر ثم يخلفها بغيرها ولا ينتظر رواج سوق ليبيع ولا كساده ليشترى كأرباب الحوانيت والطوافين بالسلع والجالبون لها من البلدان.
(5)
واذا تجددت للانسان فائدة عن مال غير مزكى كثمن عرض كان مخصصا للاقتناء فانه
(1)
حاشية العدوى على شرح ابى الحسن لرسالة ابن زيد القيروانى ح 1 ص 404، 409 طبع مطبعة عبد الحميد احمد حنفى.
(2)
شرح الخرشى السابق ج 2 ص 226 - 227 الطبعة السابقة.
(3)
الشرح الكبير للدردير السابق ح 1 ص 442 - 443.
(4)
شرح الحرشى بخاشية العدوى ح 2 ص 230، الشرح الصغير بحاشية الدسوقى ح 1 ص 446.
(5)
شرح الحرشى بخاشية العدوى ح 2 ص 228 - 229 الطبعة السابقة.
يجب عليه ان يزكيها ويستأنف بثمن ما ذكر حولا من يوم قبض الثمن وسواء ملك ما ذكر بشراء أو غيره كهبة وارث فيستأنف من يوم قبض الثمن حتى ولو أخر قبضه من مشتريه فرار امن الزكاة خلافا لمن قال: ان اجره فرارا زكاه لكل عام مضى.
واذا استأجر شيئا للاقتناء كالسكنى والركوب فأجره لأمره حدث فانه يستأنف بالغلة الحاصلة له من ذلك حولا بعد قبضها لانها من الفوائد.
(1)
واذا اقترض عرضا للاقتناء ثم بدا له ان يتاجر فيه فالجول فيه مر يوم بيع ذلك العرض
(2)
واذا كان عنده عرض للاقتناء باعه بعرض نوى به التجارة ثم باعه فانه يزكى ثمنه لحول أصله الثانى لا حول أصله الاول.
والمراد بأصله الثانى عرض التجارة وبأصله الاول عرض الاقتناء.
وتظهر ثمرة ذلك فيما اذا مضى حول من أصله الاول ولم يمض حول من اصله الثانى فلا زكاة.
وان كان أصله عرضا ملك بلا معارضة مالية كارث وهبة وخلع وصداق أستأنف بثمنه حولا من يوم قبضه
(3)
وان ترتب الدين عن عرض مشترى للاقتناء بثمن حال كأن اشترى بعيرا للاقتناء بدينار وباعه بثمن مؤجل يبلغ نصابا فأكثر وآخر قبضه بعد مضى الاجل فرارا من الزكاة أو باعه بثمن حال وأخر القبض فرارا فانه يزكيه لكل عام مضى من يوم بيعه قاله ابن رشيد وهو ضعيف. والمتعمد أنه يستأنف به حولا من يوم قبضه حتى لو باعه على الحولول وأخر قبضه فرارا. اما لو اشترى عرضا للاقتناء بعرض ملكة بارث أو نحو هبة ثم باعه بدين فانه يستأنف به حولا بعد قبضه حتى عند ابن رشد.
وحاصل ما لابن رشد على ما فى المواق: انه اما أن يبيع العرض المشترى للاقتناء بثمن حال أو مؤجل وفى كل اما ان يترك قبضه فرارا من الزكاة أولا.
فان باعه بحال ولم يؤخره فرارا استأنف حولا من يوم قبضه وان باعه بمؤجل ولم يؤخره فرارا زكاه لعام من يوم بيعه وان فر بتأخيره زكاه لكل عام من يوم البيع مطلقا سواء باعه بحال أو مؤجل.
لكن ما قاله ابن رشد فى قصد الفرار قال أبو الحسن: هو خلاف ظاهر كلام ابن يونس وجزم ابن ناجى فى شرح المدونة بأن قصد الفرار كعدمه.
وما قاله فى البيع لأجل دون قصد الفرار قال ابن عرفه: طريقة مخالفة لطريقة اللخمى حيث قال المشهور أنه يستأنف بالثمن من يوم قبضه.
(4)
ومن له مال من الذهب أو الفضة تجب فيه الزكاة - نحو ان يكون عنده عشرون دينارا -
(1)
الشرح الصغير بحاشية الصاوى ح 1 ص 249 - 250، شرح الخرشى ح 2 ص 215 - 216.
(2)
حاشية العدوى على شرح للخرشى ح 2 ص 214.
(3)
الشرح الكبير السابق ح 1 ص 443.
(4)
المرجع السابق ح 1 ص 438 - 439
وعليه دين مثل الذى له او عليه دين بنقص المال الذى معه عن القدر الذى تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه فى الصورتين الا ان يكون عنده شئ مما لا يزكى من عروض مقتناة أو حيوان أو عقار أو رباع مقتناة فيه وفاء لدينه فليجعله فى مقابلة ما عليه من الدين على المشهور بشرط أن يحول عليها الحول عند صاحبها وان تكون مما يباع مثله فى الدين ويزك ما بيده من المال فان لم توف عروضه المقتناة بدينه حسب بقية دينه فى الذى بيده من المال فان بقى بعد ذلك شئ فيه الزكاة زكاة.
(1)
ومن كان عنده نصاب ماشية للاقتناء فأبدلها بنصاب عين - ذهب أو فضة - أو بنصاب من نوعها فانه يبنى على حول الأصل - اى من يوم ملك رقابها أو زكاها.
ولو أبدلها بدون نصاب من العين فانه لا زكاة عليه اتفاقا وكذا اذا ابد لها بدون نصاب من نوعها فان لم تكن ماشية الاقتناء المبدلة نصابا كأن مع من الابل فان ابد لها بدون عين استأنف الحول وان أبدلها بنصاب من نوعها بنى كعشرين بقرة للقنية أبدلها بثلاثين جاموسا فيزكيه على حول من يوم ملك البقر.
وان أبدل ماشية الاقتناء أو التجارة بنوع مخالف كابل ببقر او غنم فانه يستأنف الحول عند ابن القاسم وروايته عن مالك قال ابن رشد: قياسا على الماشية تشترى بالدراهم والدنانير ومقابل ذلك ما فى الجلاب من روايته بأيه يبنى على حول الاصل.
وهذا كله حيث كان فى البدل نصاب والا فلا زكاة عليه اتفاقا.
وقال التونسى: ينبغى اذا كانت نصابا فباعها بدون النصاب - ان يضيف ذلك الى ماله ويبنى وان اشترى ماشية للاقتناء أو التجارة بنصاب من عين بعد ثلاثة أشهر مثلا فانه بستأنف بالماشية حولا من يوم اشتراها ولا يبنى على حول الثمن.
ولو كان عنده نصاب عين ولو لقنية فابدله بعين فيبنى أيضا على حول الأصل فان كان العين دون نصاب أبدلها بعين فكذلك أيضا ان كانت الاصلية للتجارة فان كانت للقنية استأنف الحول بالبدل.
(2)
وان كان استئجار الأرض والزرع كلاهما بقصد الاقتناء فانه يستأنف بثمن ما حصل من زرعها حولا بعد قبضه لانه كفائدة وكذلك الحكم ان كان احدهما للاقتناء والآخر للتجارة
(3)
ويلزم الانسان ان يخرج زكاة الفطر من عبيده وامائه ولا فرق بين كونهم للاقتناء أو للتجارة.
(4)
مذهب الشافعية:
من ملك مصوغا من الذهب أو الفضة فان قصد اقتناءه وكنزه ولم يقصد به استعالا محرما ولا مكروها ولا مباحا مثل ان يدخره ليبيعه عند الاحتياج الى ثمنه فالمذهب الصحيح
(1)
حاشية العدوى على شرح ابى الحسن لرسالة ابى زيد القيروانى ح 1 ص 407.
(2)
شرح الخرشى السابق ح 2 ص 181 والشرح الكبير السابق ح 1 ص 407 - 408
(3)
الشرح الكبير ح 1 ص 436.
(4)
شرح الخرشى ح 2 ص 268
المشهور هو وجوب الزكاة فيه لان الاقتناء والكنز صرف له عن الاستعمال فصار مرصد للنماء بذلك كغير المصنوع من الدراهم والدنانير المضروبة ولا فرق فى هذه الصورة بين الذكر والانثى وان قصد اقتناءه للاستعمال ففيه تفصيل:
فان كان الاستعمال محرم وجبت فيه الزكاة وذلك كالاوانى من الذهب أو الفضة والملاعق والمجامر والمدهنة والمشقط والمكحلة والميل وحلية السكين والمقراض والدواة والمرآة وحلية المصحف فى الأصح وباقى الكتب بالاتفاق وحلية الدواب فى سرج أو لجام ونحوه وتمويه سقف البيت وجداره ونحو ذلك وكذلك تجب الزكاة فيما يكره اقتناؤه واستعماله من الذهب والفضة كضبة الاناء الكبيرة ولو لحاجة والصغيرة اذا كانت للزينة ولا فرق فى كل ذلك بين الرجل والمرأة.
ويحرم على الرجل خاصة سائر حلى النساء من الذهب أو الفضة كالسوار والخلخال والطوق ان لبسها فعلا أو لم يلبسها ولكنه قصد بذلك اقتناءها، كما يحرم عليه اقتناء حلى الرجال كالسيف المحلى بفضة - لاستعمال نسائه وبناته كما يحرم عليه خاتم الذهب وكل حلية من الذهب ولو فى آلة الحرب.
ويحرم على الرجل خاصة سائر حلى النساء أو سيف أو اقتناء ذلك بقصد أن تلبسه هى أو تلبسه لابنتها أو غيرها من النساء كما يحرم عليها اقتناء حلى النساء لزوجها وأبنائها وغيرهم من الرجال ومن المحرم عليها أيضا الدراهم والدنانير المثقوبة اذا جعلتها فى قلادتها بناء على ما فى الروضة وأصلها من تحريمها عليها على المعتمد وأيضا ما تنخذه من تصاوير الذهب والفضة فى قلادتها ونحوها اذا كانت الصورة على شكل حيوان يعيش بتلك الهيئة بخلاف صورة الشجر ونحوه وحيوان مقطوع الرأس تجب الزكاة فى كل ذلك ان بلغ وحده نصابا أو بانضمام مال آخر اليه اذا كان من جنسه.
والوجه فى وجوب الزكاة فى كل ذلك أنه بالاستعمال المحرم عدل به عن أصله بفعل غير مباح فسقط حكم فعله وبقى على حكم الأصل.
وان كان لاستعمال مباح كحلى النساء من الذهب أو الفضة كالطوق والعقد والخاتم والسوار والخلخال والدمالج والقلائد وكل ما يتخذ فى العنق وغيره وكل ما يعتدن لبسه وان تعدد كل ذلك ما لم يؤد الى سرف وما اقتنى لهن وخاتم الفضة للرجل وان تعدد وحلية آلات الحرب له من الفضة كحلية سيف ورمح ودرع ومنطقة وغيرها مما فى معناها وما أبيح له من الذهب للحاجة وهو الانف والسن والأنملة دون غيرها ففى وجوب الزكاة فى كل ذلك فولان مشهوران: أحدهما: لا تجب فيه الزكاة وهو الاصح لما روى جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال
(1)
: ليس فى الحلى زكاة ولأنه معد للاستعمال مباح فلم تجب فيه الزكاة ككل ما يقتنى للاستعمال لا للنماء مثل ثياب البدن وأثاث البيت والعوامل من الابل والبقر وصح عن ابن عمر أنه كان يحلى بناته بالذهب
(1)
رواه الطبرى.
ولا يخرج زكاته وصح نحوه عن عائشة وغيرها وما ورد مما ظاهره يخالف ذلك فأجابوا عنه بأن الحلى كان محرما فى أول الاسلام أو بأن فيه اسرافا.
والثانى: تجب فيه الزكاة - واستخار الله فيه الشافعى واختاره - لما روى أن امرأة من اليمن جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معها ابنتها فى يدها مسكفان - أى أسورتان غليظتان من الذهب فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعطين زكاة هذا فقالت: لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار فخلعتهما والقتهما الى النبى صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله
(1)
ولأنه من جنس الأثمان فأشبه الدراهم والدنانير.
(2)
ولو اتحذ حليا مباحا فى عينه لكن لم يقصد به استعمالا ولا كنزا واقتناء بأن اطلق أو اقتناءه بقصد تأجيره لمن يباح له استعماله بلا كراهة فالمذهب أن فيه وجهان أصحهما أنه لا زكاة فيه، اما فى الاولى فلانه الصياغة للاستعمال غالبا والظاهر افضاؤها اليه ويخالف هذا قصد اقتنائه حيث تجب فيه الزكاة على ما سبق لأن قصد الاقتناء بصرف هيئة الصياغة عن الاستعمال فيصير مستغنى عنه كالدراهم المضروبة وأما فى الثانية فكما لو اقتناه ليعيره لمن يباح له استعماله لأنه لو اقتناه ليعيره لمن يباح له استعماله فلا زكاة فيه قولا واحدا - ولا عبرة بالاجرة كأجرة الماشية العوامل.
وقيل: تحب فيه الزكاة وهو مقابل الأصح - لانه ليس له استعماله فى الصورة الأولى ولأنه معد للنماء فى الصورة الثانية.
(3)
ويستثنى من اطلاقهم أنه لا زكاة فى الحلى المباح ما لو ورث شخص حليا مباحا ولم يعلم به الا بعد مضى عام فانه تجب زكاته حتى ولو كان الوارث ممن يحل له استعماله لأنه لم ينو امساكه - لاستعمال مباح، ذكر ذلك الرويانى وذكر عن والده احتمال وجه آخر وهو عدم زكاته اقامة لنية مورثه مقام نيته ويشكل الرأى الأول بالحلى الذى اتخذه بلا قصد شئ والذى لا زكاة فيه على الأصح كما سبق وقد يفرق بأن فى تلك اتخاذا دون هذه والاتخاذ مقرب من الاستعمال بخلاف عدمه.
(4)
وحكم القصد الطارئ بعد الصياغة فى جميع ما ذكر هو حكم المقارن فلو اقتنى حليا بقصد استعمال محرم أو مكروه ابتدأ الحول من حين قصده فان قصد بعد ذلك استعمالا مباحا بطل
(1)
المجموع شرح المهذب للنوى ج 6 ص 35 - 42 طبع مطبعة التضامن الاخوى سنة 1348 هـ، المهذب للشيرازى ج 1 ص 158 - 159 طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى بالقاهرة، شرح منهج الطلاب بحاشية البجرمى ج 2 ص 28 الطبعة الثالثة بالمطبعة الاميرية سنة 1309، حاشية البجرمى على شرح الخطيب المسمى بالاقناع ج 2 ص 276 طبع مطبعة دار الكتب العربية الكبرى بالقاهرة.
(2)
اسنى الطالب شرح روض الطالب للانصارى بحاشية الرملى الكبير ج 1 ص 378 الطبعة الاولى بالمطبعة الاميرية اليمنية سنة 1312 - (1) رواه أبو دواد وهو ضعيف قاله الترمذى وابو عبيد.
(3)
المجموع للنووى السابق ج 6 ص ح 3 واسنى المطالب ج 1 ص 378 ومغنى المحتاج ج 1 ص 381.
(4)
مغنى المحتاج الى معرفة معانى الالفاظ المنهاج للشربينى الخطيب ج 1 ص 381.
الحول ولو قصد استعماله ثم قصد كنزه واقتناءه بدون استعمال ابتدأ الحول وكذا نظائره.
(1)
وقال صاحب البحر: لو اقتنى الحلى لاستعمال محرم فاستعمله فى وقت فان الزكاة تجب فيه وان عكس ففى وجوب الزكاة فيه احتمالان قال الرملى: أوجههما عدم الوجوب نظرا لقصد الابتداء. فان طرأ على ذلك قصد محرم ابتدألها حولا من حينئذ - أما ان اقتناه للاستعمالين المحرم والمباح وجبت فيه الزكاة قطعا.
(2)
واذا قلنا بالمذهب أنه لا زكاة فى الحلى المباح الاستعمال فانكسر فله أحوال:
أحدهما: أن ينكسر بحيث لا يمنع الاستعمال فلا تأثير لانكساره بلا خلاف فلا زكاة فيه فى الأصح الثانى: أن ينكسر بحيث يمنع الاستعمال وأحوج انكساره الى اعادة سبكه وصوغه فتجب زكاته وينعقد حوله من حن انكساره هذا هو المذهب لأنه غير مستعمل ولا معد للاستعمال الثالث: أن ينكسر بحيث يمنع الاستعمال لكن لا يحتاج الى صوغ وسبك ويقبل الاصلاح بالالحام فان لم يقصد اصلاحه بل قصد جعله تبرا أو دراهم أو قصد اقتناءه وكنزه (أى ادخاره بدون استعمال لا فى محرم ولا فى غيره كما لو أدخره ليبيعه عند الاحتياج لثمنه - انعقد عليه الحول من يوم الانكسار وان قصد اصلاحه فوجهان مشهوران أصحهما لا زكاة فيه وان دارت عليه أحوال لبقاء صورة الحلى وقصد الاصلاح وبهذا قطع صاحب الحاوى.
وان لم يقصد هذا ولا ذاك ففيه قولان أصحهما وجوب الزكاة فيه.
هذا اذا علم بانكساره فان لم يعلم بانكساره الى بعض مضى عام أو اكثر فقصد اصلاحه فلا زكاة فيه لأن القصد يبين أنه كان مرصدا له وبه صرح فى الوسيط.
ولو علم بانكساره ولم يقصد اصلاحه حتى مضى عام وجبت زكاته فان قصد بعد ذلك اصلاحه فالظاهر أنه لا وجوب فى المستقبل.
(3)
وفيما عدا هذا التفصيل فى الذهب والفضة لا زكاة فيما يقتنى للاستعمال لا للنماء والتجارة فلا زكاة فى غير الذهب والفضة من سائر الجواهر ونحوها كياقوت وفيروزج ولؤلؤ وعنبر ومسك (العظم والقرون والعاج تتخذ منها الأساور والخلاخيل) لانها معدة للاستعمال - ولأن الأصل عدم الزكاة الا فيما اثبتها الشرع فيه.
(4)
وتجب الزكاة فيما يقتنى من الابل والبقر والغنم اذا كانت سائمة (اى ترعى فى كلأ مباح) واقتناها صاحبها للدر والنسل لأنها لكثرة منافعها وقلة مؤتها تحتمل المواساة بالزكاة.
ولا تجب فيما سوى ذلك مما يقتنيه الشخص من المواشى كالخيل والبغال والحمير لغير تجارة لما روى أبو هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم
(1)
المجموع للنووى السابق ج 6 ص 37
(2)
اسنى المطالب بحاشية الرملى السابق ج 1 ص 378.
(3)
المجموع السابق ج 6 ص 37 - 38 واسنى المطالب السابق ج 1 ص 378 وحاشية البيجرمى على شرح المنهج ج 2 ص 28
(4)
اسنى المطالب ج 1 ص 376.
قال: «ليس على المسلم فى عبده ولا فرسه صدقة» ولأن هذا يقتنى للزينة والاستعمال لا للنماء فلم يحتمل الزكاة كالعقار (وهو الأرض والدور) والاثاث (وهو ما فى البيت من الأوانى والثياب وغيرها.)
(1)
ولا زكاة أيضا فيما يقتنى من الابل والبقر وغيرها ولو سائمة للعمل للمالك ولو بأجره فى حرث أو نضح وهو حمل الماء للشرب - أو غيره ولو محرما كحمل خمر عليها أو قطع الطريق بها لخبر البيهقى وغيره ليس فى البقر العوامل شئ ولأنها لا تقتنى للنماء بل للاستعمال كثياب البدن ومناع الدار والفرق بين الانعام المستعملة فى محرم حيث لا تجب فيها الزكاة وبين الحلى المستعمل فى محرم حيث تجب فيه الزكاة أن الأصل فى الأنعام الحل وفى الذهب والفضة الحرمة الا ما رخص فيه فاذا استعملت الانعام فى المحرم رجعت الى أصلها ولا ينظر الى الفعل الخسيس واذا استعمل الحلى فى ذلك فقد استعمل فى أصله
(2)
وهذا هو الصحيح من احد وجهين والثانى تجب فيها الزكاة حكاه جماعات من الخراسانيين لوجود السوم وكونها عاملة زيادة انتفاع لا يمنع الزكاة بل هى أولى بالوجوب والمذهب الأول.
(3)
وكذلك لا تجب الزكاة فى الابل والبقر والغنم اذا كانت معلوفة
(4)
ومتى ملك الشخص عرضا بمعاوضة بقصد التجارة تهيأ لوجوب الزكاة بعد مضى حولها المنعقد حينئذ وسواء اشتراه بنقد أو عرض اقتناءه ولا يحتاج الى تجديد قصد التجارة فى كل تصرف بل يستمر ما لم ينو بمال التجارة الاقتناء فان نوى الاقتناء بمال التجارة كله أو بعضه المعين صار للاقتناء بمجرد نيته حتى ولو كثر جدا بحث تقضى العادة بأن مثله لا يقتنى للانتفاع به ويترتب على صيرورته للاقتناء انقطاع الحول وعدم وجوب الزكاة فيه.
ويصدق فى دعواه الاقتناء حتى ولو دلت القرينة على خلاف ما ادعاه وسواء نوى بالاقتناء استعمالا جائزا أم محرما كلبسه الحرير الذى يتجر فيه وقطعه الطريق بالسيف الذى يتجر فيه على الراجح كما جاء فى التتمة أما اذا اشترى عروضا للاقتناء ثم نوى بها التجارة لا تصير للتجارة ولا ينعقد حولها حتى يتصرف فيها بمعاوضة مقرونة بنية التجارة والفرق ان الاقتناء هو الامساك للانتفاع وقد وجد واقترنت نيته به فرتبنا عليه أثره بمجرد النية والتجارة هى تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح ولم يوجد ذلك بمجرد النية لان النية لا تحصله - وأيضا لان الاقتناء هو الأصل فى العروض فيكفى ادنى صارف اليه بخلاف التجارة فانها عارضة كما أن المسافر يصير مقيما
(1)
سبق تخريج هذا الحديث فى مذهب الحنفية من هذا البحث
(2)
المهذب للشيرازى ج 1 ص 141 - 142
(3)
المرجع السابق ص 142 واسنى المطالب السابق ج 1 ص 355.
والمجموع للنووى السابق ج 5 ص 358.
(4)
اسنى المطالب السابق ج 1 ص 354، والمهذب ج 1 ص 142.
بمجرد النية عند جمع والمقيم لا يصير مسافرا بمجرد النية اتفاقا بل لا بد من الفعل.
(1)
وخالف فى هذا الكرابيس فقال: اذا ملك عرضا للاقتناء أو بدون قصد شئ ثم نوى به التجارة صار للتجارة بمجرد النية كما اذا كان عنده متاع للتجارة ثم نوى به الاقتناء صار الاقتناء بالنية والمذهب الأول
(2)
ولو نوى التاجر اقتناء بعض عروض تجارته ولم يعينه ففى تأثير ذلك فى الزكاة وجهان قال الماوردى أقربهما المنع وهو القياس وقال الناشرى: وقال ايضا الأقرب التأثير ويرجع فى تعين ذلك البعض اليه ووافقه على ذلك الرملى.
ولو لبس ثوب التجارة بدون نية اقتنائه فهو مال تجارة فان نواه به فلا يكون مال تجارة.
والمراد بالمعارضة المقرونة بالنية التى تجعل المال للتجارة دون الاقتناء هى المعاوضة المحضة كالبيع والشراء والاجارة والهبة بشرط العوض وكذا المعارضة غير المحضة كالمهر والمال المصالح عن دم العمد وعوض الخلع فى الأصح.
ولو اقترض مالا ناويا به التجارة لا يصير مال تجارة لأنه لا يقصدها وانما مقصوده الأصلى الارفاق قاله القاضى حسين تفقها وجزم به الروياتى وقيل: هو معاوضة يصير بها وبالنية مال تجارة. واما الهبة بلا عوض والوصية والميراث والاحتطاب والاصطياد والاحتشاش فليست من أسباب التجارة ولا أثر لاقتران النية بها ولا يصير العرض للتجارة بلا خلاف لفوات الشرط وهو المعاوضة ولو مات المورث عن مال تجارة فان حوله بنقطع ولو لم ينو الوارث اقتناءه ولا بنعقد حوله حتى يتصرف فيه بنية التجارة ذكر ذلك الرافعى وكذلك السائمة لا يستأنف الوارث حولها من الموت بل لا يستأنفه حتى يقصد اسامتها وأفتى البلقينى بأن حكم التجارة يستمر على مالها الموروث ولا ينقطع حوله ما لم ينو الوارث اقتناءه.
وكذلك الاسترداد بعيب أو اقالة أو افلاس لا يعتبر معاوضة بل هو فسخ لها فمن اشترى بعرض الاقتناء عرضا للتجارة أو للاقتناء أو اشترى لعرض التجارة عرضا للاقتناء ثم رد عليه بعيب أو اقالة لم يصر ماله تجارة وان نوى به التجارة للانتفاء المعاوضة فلا يعود ما كان للتجارة مال تجارة بخلاف ما اذا كان كلاهما للتجارة وحصل رد فانه يبقى حكم التجارة وان اشترى عرض تجارة بعرض اقتناء كحلى مباح أو سائمة فمن يوم الشراء يبدأ حولها لأن ما ملكه قبله لم يكن مال زكاة له حول يبنى عليه فيما اذا اشترى بغير سائمة واذا اشترى بسائمه فلاختلاف الزكاتين قدرا ومتعلقا.
(3)
وان ملك عرض التجارة يعرض للاقتناء قومناه بغالب نقد البلد من الدراهم والدنانير اذ هو الاصل فى التقويم فان بلغ به نصابا زكاه والا فلا.
فان غلب فى البلد نقدان على التساوى
(1)
اسنى المطالب ج 1 ص 381 - 382 وحاشية البيجرمى على شرح المنهج ج 2 ص 35 ومغنى المحتاج ج 1 ص 388.
(2)
المهذب ج 1 ص 159.
(3)
اسنى المطالب ج 1 ص 381 - 382 وتحفة المحتاج ج 1 ص 373 - 374 ومغنى المحتاج ج 1 ص 388.
قوم بما بلغ به منهما نصابا فان بلغ نصابا المالك فيقوم بأيهما شاء وان ملكه بنقد وعرض للاقتناء كان اشتراه بمائتى درهم وعرض اقتناء قوم ما قابل النقدية والباقى بالغالب من نقد البلد.
(1)
وان زرع زرعا للاقتناء فى أرض اشتراها للتجارة فلكل منهما حكمه فتجب زكاة العين فى الزرع وزكاة التجارة فى الأرض بلا خلاف فيهما.
(2)
وان استأجر أرضا ليؤجرها بقصد التجارة فان أجرها بعرض نوى اقتناؤه أو استهلكه فلا زكاة فيه
(3)
ويصح بيع عرض التجارة قبل اخراج زكاته وان كان بعرض للاقتناء لأن متعلق زكاته القيمة وهى لا تفوت بالبيع.
(4)
واذا كان مال التجارة لا تجب الزكاة فى عينه كالمعلوفة من الغنم والخيل والحمير وشجر تفاح ومشمش فهل يكون نتاجها مال تجارة فيه وجهان مشهوران أصحهما يكون مال تجارة لأن الولد جزء من أمه فتجب زكاته.
(5)
وقيل: للنتاج والثمرة حكم الأصل ولا يفرد ان يحول كنتاج السائمة وسائر الزوائد ومثلها الصوف والوبر والريش والشعر والورق والاغصان ونحوها.
(6)
وما يدخر ويقتات من كل ما تخرجه الارض بانبات الأدمى تجب فيه الزكاة كالحنطة والشعير والذرة والارز والدخن وما أشبه ذلك ولا تجب فيما سوى ذلك كالتين والتفاح والمشمش والرمان والخضروات لأن كل ذلك ليس من الأموال المدخرة المقتاتة.
(7)
واقتناء الشخص لثياب متعددة لائقة به يحتاجها ولو للتجمل فيها فى بعض ايام السنة لا يخرجه عن كونه مسكينا أو فقيرا يستحق صرف الزكاة اليه كما لا يخرجه عن ذلك اقتناؤه لأثاث يحتاجه فى بيته وكذلك حكم اقتناء الكتب التى يحتاجها ولو نادرا لعلم شرعى.
ونقل النووى عن الغزالى فى اقتناء الكتب بقوله: لكن ينبغى أن يحتاط فى فهم الحاجة الى الكتاب فالكتاب يحتاج اليه لثلاثة أغراض: التفرج بالمطالعة والتعليم والاستفادة فالتفرج لا يعد حاجة لاقتناء كتب الشعر والتواريخ ونحوها مما لا ينتفع به فهذا يباع فى الكفارة وزكاة الفطر ويمنع اطلاق اسم المسكين على مقتنيه. وأما حاجة التعليم فان كان للكسب كالمؤدب والمدرس بأجرة فهذه آلة فلا يباع فى زكاة الفطر كآلة الخياط.
ولا يسلبه اسم المسكنة لانها حاجة مهمة.
وأما حاجة الاستفادة والتعلم من الكتاب
(1)
مغنى المحتاج ج 1 ص 389 - 390 واسنى المطالب ج 1 ص 384.
(2)
اسنى المطالب ج 1 ص 385 وانظر أيضا المجموع للنووى ج 6 ص 53
(3)
تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر ج 1 ص 373 الطبعة الاولى بالمطبعة الوهبية بالقاهرة سنة 1282.
(4)
اسنى المطالب ج 1 ص 384.
(5)
المجموع للنووى ج 6 ص 74.
(6)
اسنى المطالب ج 1 ص 383.
(7)
المهذب للشيرازى ج 1 ص 152،
كادخاره كتاب طب ليعالج به نفسه أو كتاب وعظ ليطالعه ويتعظ به فان كان فى البلد طبيب واعظ فهو مسغن عن الكتاب وان لم يكن فهو محتاج. ثم ربما لا يحتاج الى مطالعة الا بعد مدة فينبغى أن يضبط فيقال: مالا يحتاج اليه فى السنة فهو مستغن عنه فيقدر حاجة أثاث البيت وثياب البدن بالسنة فلا تباع ثياب الشتاء فى الصيف ولا ثياب الصيف فى الشتاء والكتب بالثياب أشبه.
وان كان عنده نسختان أو أكثر من كتاب واحد فلا حاجة له الا الى احداهما فان كانت احدى النسختين أصح والأخرى أحسن قيل له:
اكتف بالاصح وبع الاخرى لاقتنائه بالصحيحه وان تكرر عنده كتابان من فن واحد وكان احدهما مبسوطا والاخر موجزا فان كان قصده الاستفادة اكتفى بالمبسوط وباع الآخر الا ان كان فيه ما ليس فى المبسوط فيما يظهر وان كان قصده التدريس يبقيها لانه يحتاج لكل منهما فى التدريس.
قال النووى: وهو حسن الا قوله فى كتاب الوعظ: انه يكتفى بالواعظ فليس كما قال لانه ليس كل أحد ينتفع بالواعظ كانتفاعه فى خلوته على حسب ارادته وكذا قوله فى كتاب الطب:
انه يكتفى بالطبيب ينبغى ان يكون محله اذا كان فى البلد طبيب متبرع فان لم يكن الا بأجرة فهو محتاج اليه فلا يكلفه بيعه ولا استئجاره عند الحاجة.
(1)
وقال النووى أيضا لو كان فقيها وله كتب فهل يلزمه بيعها للحج قال القاضى: ابو الطيب ان لم يكن له من كل كتاب الا نسخة واحدة لم يلزمه وان كان له نسختان لزمه بيع احداهما فانه لا حاجة به اليهما.
وقال القاضى حسين: يلزم الفقيه بيع كتبه لم يلزمه وان كان له نسختان لزمه بيع احداهما ضعيف وهو تفريع منه على طريقته الضعيفة فى وجوب بيع المسكن والخادم للحج. فالصواب هو ما قاله القاضى أبو الطيب فهو الجارى على قاعدة المذهب وعلى ما قاله الأصحاب فى المسكن والخادم فى باب الحج وعلى ما قالوه فى باب الكفارة وباب الافلاس
(2)
(انظر مصطلح افلاس وكفارة).
ويجرى هذا كله على المحترف بالنسبة لما يقتنيه من آلة حرقته والجندى بالمرتزقة بالنسبة لخيله وسلاحه ان لم يعطه الامام بدلهما من بيت المال وكذلك الجندى المتطوع ان احتاجهما وتعين عليه الجهاد.
ويؤخذ من ذلك أيضا صحة اقتناء بعضهم بأن ما تقنيه المرأة من الحلى اللائق بها المحتاجة للتزين به عادة لا يمنع فقرها واستحقاقها صرف الزكاة اليها.
(3)
مذهب الحنابلة
لا زكاة فى حلى مباح لرجل أو امرأة من ذهب او فضة معد للاستعمال مباح أو اعارة وان
(1)
المجموع للنووى ج 6 ص 192 - 193 واسى المطالب ج 1 ص 395 وتحفة المحتاج ج 3 ص 92، الاشباه والنظائر للسيوطى ص 374 - 375 طبع مطبعة الحلبى بالقاهرة.
(2)
الاشباه والنظائر للسيوطى ص 375 - 376.
(3)
تحفة المحتاج السابق ج 3 ص 92.
لم يستعمله أو يعره فى ظاهر المذهب وكذلك لا زكاة فيه لو كان الحلى لمن يحرم عليه كرجل يقتنى حلى النساء ليحلى به أهله أو يعيره لغيرهن أو امرأة تقتنى حلى الرجال لاعارتهم لما روى جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
«ليس فى الحلى زكاة» رواه الطبرى وهو قول ابن عمر وعائشة وأسماء بنتى أبى بكر، ولانه مرصد للاستعمال المباح فلم تجب فيه الزكاة كثياب الاقتناء والعوامل من الماشية.
وما صح من قوله عليه الصلاة والسلام «فى الرقة ربع العشر» لا يعارض ما ذكرناه لأن الرقة هى الدراهم المضروبة أو مخصوص بغير الحلى.
وان كان الحلى ليتيم لا يستعمله فلوليه اعارته فان فعل فلا زكاة فيه والا ففيه الزكاة ايضا ذكره جماعة وكذلك لا تسقط الزكاة عمن اتخذ حليا مباحا فرارا من الزكاة بل تلزمه.
ويباح للنساء اتخاذ كل ما جرت عادتهن بلبسه من الذهب والفضة مثل السوار - والخلخال - والقرط والخاتم وما يلبسنه على وجوههن وفى اعناقهن وأيديهن وأرجلهن وآذانهن وما أشبه ذلك سواء قل او كثر أو كان دراهم أو دنانير فى قلادة أو غيرها لقوله صلى الله عليه وسلم «أحل الذهب والحرير للاناث من امتى وحرم على ذكورها»
(1)
وهى محتاجة للتجمل والتزين لزوجها. أما ما لم تجر عادتهن بلبسه كالنعال المذهبة فلا يباح لهن لانتفاء التجمل فلو اتخذته حرم فيه الزكاة وكذا اذا اتخذت المرأة حليا ليس لها اتخاذه كما اذا اتخذت حلية الرجال كحلية السيف والمنطقة فهو محرم وعليها زكاته كما لو اتخذ الرجل حلى المرأة.
ويباح للذكر من الفضة خاتم وقبيعة سيف وهى ما يجعل على طرف القبضة وحلية منطقة وهى ما يشد به الوسط لانها كالخاتم وكذلك الدرع والخوذة والحمائل ورأس الرمح وشعيرة السكين ونحو ذلك لأنه يساوى المنطقة معنى فوجب أن يساويها حكما. وقال الشيخ تقى الدين بن تيمية لاحد للمباح من ذلك ولو اتخذ الرجل لنفسه عدة خواتيم او عدة مناطق ونحوها فالاظهر جوازه ان لم يخرج عن العادة والاظهر عدم وجوب زكاته ايضا لأنه حلى أعد لاستعمال مباح. ويباح للرجل من الذهب ما دعت اليه الضرورة كربط سن وأسنان به واتخاذ انف منه وان امكن اتخاذه من فضة وكذلك تباح قبيعة السيف منه.
ويباح للرجل والمرأة النحلى بالجوهر ونحوه كاللؤلؤ والياقوت ولو فى حلى ولا زكاة فيه لأنه معد للاستعمال كالثياب المقتناة للبذلة.
وكل ما كان اتخاذه محرما من الذهب والفضة كطوق الرجل وسواره وخاتمه الذهب وحلية مراكب الحيوان المرجل والمرأة ولباس الخيل كاللجم والسروج وقلائد الكلاب وحلية الركاب والمرآة والمشط والمكحلة والميل والمسرجة والمروحة والمرية والمدهنة والمسقط والمجمرة والملعقة والقنديل والآنية وحلية كتب العلم وحلية الدواة والمقلمة ونحوها ففيه الزكاة.
(1)
رواه احمد والنسائى والترمذى وصححه عن ابى موسى واخرجه أبو داود والحاكم وصححه الطبرانى (انظر نيل الاوطار للشوكانى ج 2 ص 83).
وكذلك الحلى المعد للاجارة كحلى المواشط سواء حل لمقتنيه لذلك لبسه أو لم يحل له وكذا الحلى المعد لتجارة أو اقتناء أو ادخار أو نفقة اذا احتاج اليه أو لم يقصد به شيئا تجب فيه الزكاة لأن الزكاة انما اسقطت فى المباح المعد للاستعمال لصرفه عن جهة النساء فيبقى ما عداه على مقتضى الاصل.
وقال المجد: ان كانت الفلوس للنفقة فلا زكاة فيها كعروض الاقتناء وان كانت لغير النفقة فهى كعروض التجارة تجب فيها زكاة القيمة كباقى العروض ولا يجزى اخراج زكاتها منها.
وكل ما يحرم اتخاذه ففيه الزكاة اذا بلغ نصابا بالوزن أو يكون عنده ما يبلغ نصابا يضمها اليه وان زادت قيمته لصناعته فلا عبرة بها لانها حصلت بواسطة صنعة محرمة يجب اتلافها شرعا فلم تعتبر.
وان كان الحلى مباحا ووجب زكاته لنية اقتنائه وعدم استعماله أو لعدم اعارته أو نحوه فالاعتبار يؤدى الى فوات ما يقابل الصنعة على الوزن يؤدى الى فوات ما يقابل الصنعة على الفقراء وهو ممتنع.
واذا انكسر الحلى المباح كسرا لا يمنع الاستعمال واللبس كانشقاقه ونحوه فهو كالصحيح لا زكاة فيه الا أن ينوى اقتناءه وترك لبسه أو ينوى كسره وسبكه أو لم ينو شيئا ففيه الزكاة حينئذ لأنه نوى صرفه عن الاستعمال.
وان كان الكسر يمنع الاستعمال واللبس ونوى اصلاحه فلا زكاة فيه ان لم يحتج فى اصلاحه الى سبك وتجديد صنعته وقيل: تجب فيه الزكاة لأنه صار بمنزلة النقرة - القطعة المذابة من الذهب أو الفضة والتبر - الذهب والفضة أو فتاتها قبل ان يصاغا.
وان كان الكسر يحتاج الى سبك وتجديد صنعته وجبت فيه الزكاة الى ان يجدد صنعته كالسبيكة أى القطعة المذوبة - التى يراد جعلها حليا.
(1)
ولا زكاة فى عروض الاقتناء وهى التى يمسكها الانسان للانتفاع بها دون التجارة
(2)
حيوانا كانت كالرقيق والطيور والخيل والبغال والحمير والظباء، سائمة كانت أولا أو غير حيوان - كالآلئ والجواهر والثياب والسلاح وآلات الصناع وأثاث البيوت والاوانى والعقار من الدور والارض سواء كانت للسكنى او للتأجير لما روى عن ابى هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس على المسلم صدقة فى عبده ولا فرسه»
(3)
ولابى داود «ليس فى الخيل والرقيق زكاة الا زكاة الفطر» وقيس على ذلك باقى المذكورات.
ولأن الأصل عدم الوجوب الا لدليل ولا دليل فيها.
(4)
(1)
كشاف القناع عن متن الاقناع لابن ادريس وبهامشة شرح المنتهى للبهوتى ج 1 ص 464 - 504 - 507 الطبعة الاولى بالمطبعة الشرقية سنة 1319، والمغنى لابن قدوامة ومعه الشرح الكبير ج 2 ص 605 - 612 الطبعة الثانية بمطبعة المنار بمصر سنة 1347 هـ.
(2)
كشاف القناع السابق ج 1 ص 465، 469.
(3)
رواه الجماعة (انظر نيل الاوطار للشوكانى ج 4 ص 136) الطبعة السابقة.
(4)
كشاف القناع السابق ج 1 ص 426.
والاقتناء لطلب الدر والنسل والتسمين هو سبب وجوب الزكاة فى السائمة من الابل والبقر والغنم فقط من بهيمة الأنعام والسائمة هى التى ترعى مباحا كل الحول أو أكثره.
فلا زكاة فيها ان اقتناها للدر والنسل وعلفها وكذلك ان اقتناها لغير الدر والنسل كالعمل ولو كانت سائمة نصا فلا تجب الزكاة فى العوامل اكثر السنة ولو لاجارة كالابل التى تؤجر والبقر التى تقتنى للحرث أو الطحن وغيره ونحوه لحديث عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم «ليس فى العوامل صدقة» رواه الدار قطنى.
ولو نوى بالسائمة العمل لم تؤثر نيته بمجردها ما لم يوجد العمل فلا لأن الأصل عدمه فلا يصار اليه بمجرد النية لضعفها وينقطع السوم شرعا بقطع الماشية عنه ولو بقصد غير مباح كقصد قطع الطريق بالماشية أو جلب خمر عليها ونحوه.
(1)
والأصل فى العروض الاقتناء فلا زكاة فيها الا اذا صارت للتجارة ولا تصير العروض للتجارة الا بشرطين.
احدهما أن يملكها بفعله بمعاوضة محضة كالبيع والاجارة والهبة المشروطة فيها عوض معلوم واسترداد المبيع باقالة أو لاعارة المشترى بالثمن ونحوه بنية التجارة أو معاوضة غير محضة كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو بغير معاوضة كالهبة المطلقة التى لم يشترط فيها عوض والغنيمة والوصية والاحتشاش والاحتطاب والاصطياد.
والثانى أن ينوى عند تملكه أنه للتجارة فان لم ينو كذلك لم يضر للتجارة ويكون للاقتناء حتى وان نوى التجارة به بعد ذلك كما أن ما خلق للتجارة - الذهب والفضة - لا يصير للاقتناء الا بنيته.
وكذلك يكون للاقتناء لا للتجارة ما يدخل فى ملكه من العروض بدون فعله كالارث او اللقطة بعد مضى حول التعريف والمهر ان عادت اليه عروضه بطلاق قبل الدخول أو فسخ من قبل الزوجة قبل الدخول لانه ملكه بغير فعله جرى مجرى الاستدامة ولو نوى بذلك التجارة لا يكون لها بمجرد النية لأن مالا تتعلق الزكاة به من أصله لا يصير محلا لها بمجرد النية كالمعلوفة ينوى سومها ولأن الأصل فى العروض الاقتناء فلا تنتقل عنه بمجرد النية لضعفها
(2)
كالمقيم ينوى السفر لم يثبت له حكم بدون الفعل ولا يختلف المذهب فى أنه اذا نوى بعرض التجارة الاقتناء أنه يصير للاقتناء بمجرد النية وتسقط الزكاة منه لأن الاقتناء هو الأصل ويكفى فى الرد الى الأصل مجرد النية كما لو نوى المسافر الاقامة ولأن نية التجارة شرط لوجوب الزكاة فى العروص فاذا نوى الاقتناء زالت نية التجارة ففات شرط الوجوب بخلاف السائمة اذا نوى علفها فان الشرط السوم دون نيته فلا ينتفى الوجوب الا بانتفاء السوم
(3)
وسواء نوى اقتناءه لاستعمال مباح أو محرم كما اذا نوى اقتناء ثياب التجارة الحرير للبس
(1)
المرجع السابق ج 1 ص 435، 469، 460 - 462، 469.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 468 - 469، 509 والمغنى والشرح الكبير ج 2 ص 623، 625.
(3)
المغنى السابق ج 2 ص 631 وكشاف القناع السابق ج 1 ص 469، 509.
محرم أو نوى اقتناء دواب التجارة لقطع الطريق ونحوه.
(1)
واذا صار العرض للاقتناء بنيته فنوى به التجارة لم يصر للتجاة بمجرد النية ولا زكاة فيه حتى يبيعه ويستأنف بثمنه حولا.
وذهب ابن عقيل وأبو بكر الى أن عرض الاقتناء يصير للتجارة بمجرد النية وحكوه رواية عن احمد قال بعض الاصحاب هذا على أصح الروايتين لأن نية الاقتناء بمجردها كافية فكذلك نية التجارة بل أولى لأن الايجاب يغلب على الاسقاط احتياطا ولأنه أحظ للمساكين ولما روى أن سمرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع.
(2)
وهذا داخل فى عمومه.
(3)
واتفقوا على أن الحلى المقتنى للبس والاعارة اذا نوى بها التجارة تصير لها بمجرد النية لأن التجارة أصل فى الحلى فاذا نواه للتجارة فقد رده الى أصله.
(4)
وان أبدل عرض التجارة بعرض للاقتناء بطل الحول وان اشترى عرضا للتجارة بعرض للاقتناء انعقد عليه الحول من حين ملكه ان كان نصابا لأنه اشتراه بمالا زكاة فيه فلم يكن بناء الحول عليه فان رد عليه يعيب أو غيره انقطع الحول لقطعه نية التجارة بخلاف ما لو استرده هو لعيب فى الثمن ونحوه بنية التجارة
(5)
ولو ملك أرضا للتجارة فزرعت فعليه زكاة تجارة فقط لأن الزرع جزء ما خرج من الارض فوجب أن يقوم مع الاصل سواء كان البذر للتجارة أو للاقتناء.
(6)
وفى
(7)
المبدع لو زرع بذر الاقتناء فى أرض للتجارة فواجب الزرع العشر وواجب الارض زكاة القيمة لأنها مال تجارة وان زرع بذر التجارة فى أرض الاقتناء زكى الزرع زكاة القيمة لأنه مال تجارة الا اذا لم تبلغ قيمته نصابا بأن نقص عن عشرين مثقالا ذهبا وعن مائتى درهم فضة فيزكى الزرع بما وجب فيه لئلا تسقط الزكاة ومن ملك نصابا - سائمة من الابل أو البقر أو الغنم لتجارة نصف حول مثلا ثم نوى اقتناءها واسامتها استأنف حولا للسوم لأن حول التجارة انقطع بنية الاقتناء وحول السوم لا ينبنى على حول التجارة.
والاشبه بالدليل الوارد فى وجوب زكاتها من حديث وغيره أنها متى كانت سائمة من اول الحول وجبت الزكاة فيها عند تمامه لأن السوم سبب لوجوب الزكاة وقد وجد فى جميع الحول خاليا عن معارض فوجبت به الزكاة كما لو لم ينوى التجارة.
(8)
وان اشترى نصاب سائمة لتجارة بنصاب سائمة لاقتناء بنى على حوله.
ومن ملك نصاب سائمة لتجارة فحال عليه الحول والسوم ونية التجارة موجودان فعليه زكاة تجارة دون زكاة سوم لأن وضع التجارة
(1)
كشاف القناع السابق ج 1 ص 461، 435.
(2)
رواه أبو داود.
(3)
المغنى والشرح الكبير السابق ح 2 ص 631.
(4)
كشاف القناع ج 1 ص 469.
والمغنى ج 2 ص 628.
(5)
كشاف القناع ج 1 ص 471.
(6)
المرجع السابق ج 1 ص 470، 511.
511.
(7)
المغنى السابق ج 2 ص 632 وشرح المنتهى بهامش كشاف القناع ج 1 ص 511.
(8)
كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه ج 1 ص 469، 510.
على التقليب فهى تزيل سبب زكاة السوم وهو الاقتناء لطلب النماء معه ولأن زكاة التجارة أحظ للمساكين لأنها تجب فيما زاد بالحساب.
(1)
ولا زكاة فيما يقتنيه التجار من أوعية عروض التجارة كأكياس وأجربة وقوارير لعطار وزيات وعسال الا أن يريد بيعها بما فيها فيزكى الكل لأنه مال تجارة وكذا آلات دواب التجارة كسرج ولجام وبرذعة ومقود ان كانت لحفظها ولاتباع معها فلا زكاة فيها لانها للاقتناء وان كان يبيعها معها فهى مال تجارة تجب عليه زكاتها.
(2)
ومن كان له عروض للاقتناء تباع لو حجر عليه لافلاس كعقار وأثاث فاضل عن حاجته الاصلية وكان ثمنها يفى بما عليه من الدين ومعه مال تجب فيه الزكاة كرجل عليه مائتا درهم وعنده مائتا درهم وعروض للاقتناء تساوى مائتين جعل الدين فى مقابل ما معه من المال الذى تجب فيه الزكاة فلا يزكيه لئلا يخل بالمساواة ولأن عروض الاقتناء كلمبوسه فى أنه لا زكاة فيه
(3)
قال ابن قدامة هذا هو ظاهر كلام احمد فانه قال فى رجل عنده ألف وعليه ألف وله عروض بألف ان كانت العروض للتجارة زكاها وان كانت لغير التجارة فليس عليه شئ لأن الدين يقضى من جنسه عند التنازع فجعل الدين فى مقابلة اولى.
وقال القاضى: يجعل الدين فى مقابلة العروض.
قال ابن قدامة: ويحتمل ان يحمل كلام أحمد على ما اذا كان العرض تتعلق به حاجته الاصلية ولم يكن فاضلا عن حاجته فلا يلزم صرفه فى وفاء الدين لأن الحاجة اهم ولذلك لم تجب الزكاة فى الحلى المعد للاستعمال ويكون قول القاضى محمولا على من كان العرض فاضلا عن حاجته وهذا أحسن لأنه فى هذه الحالة مالك لنصاب فاضل عن حاجته وقضاء دينه فلزمته زكاته كما لو لم يكن عليه دين.
(4)
وتجب الزكاة فى كل ما يدخر ويكال من الخارج من الارض من الزرع والثمار والمعادن وما هو فى حكم ذلك كعسل النحل سواء كان قوتا كحفظه كحنطة وأرز أو غير قوت كبزر الكنان والقطن لأن غير المدخر لا تكمل فيه النعمة لعدم النفع به مالا.
ولا تجب فيما عدا ذلك كسائر الفواكه كالتفاح والخوخ وسائر الخضر كفجل وكرنب لأن العادة لم تجر بادخاره وهو شرط ذكره فى المبدع
(5)
انظر مصطلح زكاة.
ومن له كتب يحتاجها للحفظ والمطالعة لا يمنعه ذلك من استحقاقه الزكاة واخذها ما دام محتاجا وكذا من لها حلى للبس أو تأجير تحتاج اليه فلا يمنعها ذلك من أخذ الزكاة.
(6)
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم الزكاة واجبة فى حلى الفضة والذهب سواء حل اقتناؤه أو لم يحل سواء كان حلى امرأة أو حلى
(1)
المغنى ج 2 ص 629.
(2)
كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه 470، 511.
(3)
كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه ج 1 ص 431، 453.
(4)
المغنى لابن قدامة والشرح الكبير ج 2 ص 637.
(5)
كشاف القناع ج 1 ص 447 - 448.
(6)
المرجع السابق ج 1 ص 487.
رجل وكذلك حلية السيف والمصحف وكذلك حلية السيف والمصحف والخاتم وكل مصوغ منهما وذلك اذا بلغ كل واحد منهما نصابا وأتم عند مالكه عاما قمريا، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما من صاحب ذهب لا يؤدى ما فيه الا جعل له يوم القيامة صفائح من نار يكوى بها» فوجبت الزكاة فى كل ذهب بهذا النص. وصح يقينا بلا خلاف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يوجب الزكاة فى الذهب والفضة كل عام» والحلى فضة أو ذهب فلا يجوز اسقاط الزكاة عنهما بدون نص فى ذلك ولا اجماع
(1)
ولا تجب الزكاة فى عروض التجارة ولا فى الخيل وغيرها من الحيوان سوى الابل والبقر والغنم
(2)
ولاستيفاء أحكام كل ذلك (انظر: مصطلح زكاة).
مذهب الزيدية:
تجب الزكاة فى الحلى من الذهب أو الفضة المحظور اقتناؤه واستعماله اذا بلغ نصابا بالاتفاق كالخاتم الثانى ومعاضد الرجال وكذلك تجب فى الحلى المباح سواء كان ملبوسا أم لا «لأمره صلى الله عليه وسلم بتزكية السوارين»
(3)
.
وقال الناصر: لا زكاة فى كل حلية مباحة.
كما تجب فى حلية السيف أو غيره منهما اذا أمكن انفصالهما فأما اذا صارا مموهين فى غير جنسهما فلا شئ فيهما. لأنه فى حكم المستهلك
(4)
.
وكذلك ما تعذر فصله من زخرفة البيت من الذهب والفضة لم يجب تغييره، اذ هو اضاعة ولا يجب تزكيته، اذ هو كالتالف
(5)
وتجيب الزكاة ايضا بالاتفاق فى الآلات والأوانى المتخذة من الذهب والفضة لقول الله تعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ»
(6)
وكذلك تجب فيما يجبر به السن والأنف وكسر الاناء من الذهب أو الفضة
(7)
اما الجواهر من غيرهما فقال الهادى والقاسم:
يزكى ما قيمته نصاب منها، لعموم قوله تعالى «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً»
(8)
فلا يخرج الا ما خص وكالذهب لنفاسة جوهرها.
وقال المؤيد بالله: لا زكاة فيها، اذ هى للاقتناء كالعقار.
قال صاحب البحر الزخار: العقار خصه الدليل بعدم وجوب الزكاة فيه دون الجواهر
(1)
المحلى لابن حزم ج 6 ص 92، 100، 101 مسألة رقم 684 الطبعة الاولى بمطبعة دار الاتحاد العربى للطباعة سنة 1388 هـ.
(2)
المرجع السابق ج 5 ص 308 مسألة رقم 640، 641.
(3)
سبق ذكر هذا الحديث وتخرجه فى مذهب الحنابلة من هذا البحث.
(4)
شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابن مفتاح ج 1 ص 466 الطبعة الثانية بمطبعة حجازى بالقاهرة سنة 1357 هـ. البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد بن يحيى المرتضى ج 2 ص 152 الطبعة الاولى بمطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1367 هـ.
(5)
المرجع السابق ج 2 ص 152.
(6)
الاية رقم 34 من سورة التوبة.
(7)
البحر الزخار السابق ج 2 ص 152.
(7)
شرح الازهار السابق ج 1 ص 466
(8)
الاية رقم 103 من سورة التوبة.
فان قالوا: لا تلزم لأصل البراءة، قلنا:
بل تلزم للعموم الا ما خص
(1)
.
ولا تجب الزكاة فى عروض الاقتناء كالعقار والثياب والسلاح والنحاس والحديد ما لم يكن ذلك للتجارة أو للاستغلال ولا تصير العروض للتجارة الا اذا نواها الشخص للتجارة عند ابتداء ملكه بالاختيار مثل الشراء والاتهاب والصدقة. وتصير العروض للاستغلال اما بنية الاستغلال عند ابتداء الملك كالتجارة أو بالتأخير لها بالنية أى اذا لم يكن نواها للاستغلال عند ابتداء استغلالها وأنه قد يصير للاستغلال بوجه أخر وهو ان يؤجر الدار ونحوها بنية ابتداء استحلالها وأنه قد صيرها لذلك فلا تكفى النية وحدها فيهما بدون التصرف بخلاف الاقتناء حيث تكفى فيه النية وحدها، لأن الاقتناء ترك التصرف.
ولو نوى أن يكون المال للتجارة أو للاستغلال سنة ثم يصير للاقتناء فان هذا التقييد لا تفسد به النية بل يصح ويصير المال للتجارة أو للاستغلال حتى تمضى السنة ثم يصبح للاقتناء هذا اذا كانت النية مقيدة الانتهاء فيهما.
أما اذا كانت مقيدة الابتداء فان التقييد لا يصح بل يلغو وتصح النية، لذلك نحو أن ينوى عند الشراء ان يكون المال المشترى للاقتناء أولا ثم بعد مضى سنة أو بعد ان يحج بالدابة أو يحرث بالثور يكون للتجارة أو للاستغلال فان هذا التقييد يلغو ويصير المال للتجارة أو للاستغلال (لا للاقتناء). من يوم العقد ان كان صحيحا ومن يوم القبض ان كان فاسدا، ووجه ذلك ان من لازم الاقتناء نية تأييد استبقائه الا لمانع فاذا نوى كون الشئ الى مدة كذا للاقتناء بطل كونه لذلك بتقييد النهاية، فاذا بطلت هذه ثبت كونه للتجارة من حين ابتداء الملك. فيحسب حول مال التجارة أو الاستغلال من الوقت الذى نوى فيه كونه لذلك، فمتى كمل له من ذلك اليوم حول وجبت فيه الزكاة ولو لم يجر فيه تصرف من بعد النية.
(2)
ولو نوى بعض المال للاقتناء وبعضه الآخر أو ما زاد على كفايته للتجارة من غير تعيين يصير الكل للتجارة كما لو اشترى الدار للسكنى والاجارة والفرس للركوب والتأجير أو الغنم ونحوها للانتفاع لصوفها لنفسه وبيع لبنها وأولادها أو العكس كان ذلك كله للاستغلال ولا حكم لنية الانتفاع لنفسه فتجب الزكاة عند الهادى
(3)
ويخرج المال عن كونه للتجارة والاستغلال بالاضراب عن ذلك فاذا كانت معه بهيمة للتجارة أو للتأجير فأضرب عن جعلها لذلك بطل كونها للتجارة أو للاستغلال بمجرد نية الاضراب بشرط ان يكون ذلك مطلقا غير مقيد بوقت أو شرط، فأما لو كانت السلفة للتجارة فنوى ترك التجارة بها مدة سنة أو أكثر لم تبطل كونها للتجارة بذلك وكذلك الاستغلال
(4)
هذا فيما يدخل فى ملكه باختياره.
(5)
(1)
البحر الزخار السابق ج 2 ص 154
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 147، 155
(3)
وشرح الازهار السابق ج 1 ص 476 - 479
(4)
شرح الأزهار ج 1 ص 477.
(5)
المرجع السابق ج 1 ص 479.
أما ما يدخل فى ملكه بغير اختياره كالميراث وكانت التركة من المثليات فانه ولو نوى كونه للتجارة عند ابتداء ملكه لم يصر للتجارة سواء كان الوارث واحدا أو أكثر.
وأما اذا كانت التركة من القيميات وكان الوارث أكثر من واحد فانه يصح أن ينوى ما صار اليه من نصيب شريكه للتجارة عند القسمة لانها بيع، ذكره الفقيه يحيى.
(1)
ولا تجب الزكاة فى آلات التجارة والاستغلال أو مؤنهما ولو بلغت قيمتها نصابا وذلك كالحانوت والبهيمة التى يستعان بها فى الحمل والركوب والاقفاص والجوالق والموازين ونحوها وكذا علف بهائم التجارة ونفقة العبيد الذين يرابح فيهم وكسوتهم، وما يزين به العبد والبهيمة ليرغب فيه لأن كل ذلك ليس من أموال التجارة والاستغلال
أما الصباغ - وهو ما يصبغ به - والاخشاب والحجارة فتجب فيه الزكاة، اذ ليس بمؤنة لأنه يتناوله عقد المعاوضة، ولأن الصباغ والاخشاب هى من جملة مال التجارة، وجزء الشئ ليس بمؤنة وكذلك الاحجار حيث كان مراده أن بيعها أو يجعلها حوانيت ويبيعها لا ليسكنها أو يحفظ فيها مال للتجارة فلا زكاة فيها قبل العمارة.
(2)
ولا تجب الزكاة فيما يقتنى للعمل من الابل والبقر لما روى على قال: «عفا النبى صلى الله عليه وسلم عن الابل العوامل تكون فى المصر فاذا رعت وجبت فيها الزكاة»
(3)
ولا زكاة فيما يقتنى للعلف من الابل والبقر والغنم
(4)
ولا تجب فى الحمير والبغال اجماعا، ولا فى الخيل عند العترة كالحمير والبغال اذ لا نماء فيها كالعقار
(5)
ولو بذر بحب التجارة أرضا للاقتناء وهو غير مضرب عن التجارة فاذا حصده وجب عليه العشر لاجل الحصاد، ومتى تم عليه الحول منذ ملكه بنية التجارة زكاه زكاة التجارة وهى ربع العشر لاجل الحول
(6)
.
وكتب المطالعة والتدريس التى يقتنيها العالم لا يصير غنيا بها كالمنزل وأثاثه فلا تخرجه عن كونه مسكينا أو فقيرا يستحق صرف الزكاة اليه قال ذلك الامام يحيى، وكذلك المؤيد بالله فى أحد قوليه وفى قول آخر له: يصير غنيا بها فلا تصرف الزكاة اليه
(7)
مذهب الإمامية:
لا تجب الزكاة فى الحلى سواء كان يحل اقتناؤه واستعماله كالسوار والخلخال والطوق للمرأة وحلية السيف والمنطقة للرجل، أو يحرم
(1)
شرح الازهار السابق ج 1 ص 477.
(2)
المرجع السابق ج 1 ص 479 - 480 والبحر الزخار ج 2 ص 156.
(3)
البحر الزخار ج 2 ص 147.
(4)
المرجع السابق ج 2 ص 157.
(5)
المرجع السابق ج 2 ص 145.
(6)
المرجع السابق ج 2 ص 156 وشرح
(7)
شرح الازهار السابق ج 1 ص 464.
والبحر الزخار ج 2 ص 186.
ذلك كالخلخال للرجل والمنطقة للمرأة والأوانى المتخذه من الذهب والفضة وآلات اللهو لو عملت منهما وان بلغت ما بلغت لخبر رفاعة سمعت أبا عبد الله وقد سأله بعضهم عن الحلى فيه زكاة قال: لا وان بلغ مائة ألف، وفى مرسل ابن أبى عمير «زكاة الحلى أن يعار» .
(1)
ولا زكاة فى السبائك المتخذة من الذهب والفضة وتبرهما ونقارهما - أى القطع غير المضروبة منهما لان ما ليس بدراهم ولا دنانير منقوشة لا تجب فيها الزكاة.
(2)
ولو اتخذ الدراهم أو الدنانير المنقوشة بكتابة أو غيرها آلة للزينة وغيرها ففى الروضة وشرحها للاصفهانى لم يتغير الحكم أى تتعلق بها الزكاة سواء زادها الاتخاذ لذلك فى قيمتها أو نقصها مادامت المعاملة بها ممكنة على وجه من الوجوه لاطلاق الادلة والاستصحاب نعم لو تغيرت بالاتخاذ لذلك ثقب ونحوه بحيث لا تبقى المعاملة بها اتجه عدم وجوب الزكاة فيها حينئذ لانتفاء الشرط الذى هو المعاملة بصنفها
(3)
.
واذا قصد الشخص بالسبك للدراهم والدنانير أو بجعلهما الفرار من الزكاة فالمشهور بين المتأخرين سقوط الزكاة.
وقيل: اذا قصد ذلك وجبت الزكاة ولو كان ذلك قبل مضى الحول أما ان قصد ذلك بعد الحول فتجب الزكاة اجماعا
(4)
.
واذا ترك الشخص نفقة لأهله وعياله من الدراهم أو الدنانير تبلغ قدر نصاب فما زاد وهو لا يعلم زيادتها على قدر الحاجة وحال عليها الحول فالمشهور شهرة عظيمة أن الزكاة تسقط عنها اذا كان المالك غائبا وتجب عليه زكاتها لو كان حاضرا.
وقال ابن ادريس تجب فيها الزكاة على التقديرين أى سواء كان المالك حاضرا أم غائبا والرأى الأول مع أنه مشهور مروى فى الموثق عن أبى الحسن.
(5)
ولا تستحب الزكاة فى المساكن ولا فى الثياب والاثاث والالات والامتعة المتخذة للاقتناء باجماع العلماء.
اما العقار المتخذ للنماء فتستحب الزكاة فى حاصله بدون خلاف ان بلغ نصابا وحال عليه الحول والمراد بالعقار هنا ما يعم البساتين والدكاكين والخانات والحمامات ونحوها على ما صرح به الاصحاب كما فى المدارك
(6)
.
والقدر المخرج ربع العشر مثل النقدين.
(7)
(1)
جواهر الكلام فى شرح شرائع الاسلام لمحمد حسن النجفى ج 15 ص 183 الطبعة السادسة بمطبعة النجف الاشرف بالعراق سنة 1379 هـ.
(2)
جواهر الكلام السابق ج 15 ص 184 والخلاف فى الفقه للطوسى ج 1 ص 334، 335 رقم 89 - 90 الطبعة الثانية مطبعة زنكين بطهران سنة 1377.
(3)
جواهر الكلام السابق ج 15 ص 182 والروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج 1 ص 125.
(4)
المرجع السابق ج 15 ص 184 - 185.
(5)
المرجع السابق ج 15 ص 202.
وجواهر الكلام السابق ج 15 ص 291 - 292.
(6)
مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة لمحمد الجواد الحسينى العاملى ج 3 ص 128 طبع مطبعة الشورى بالقاهرة سنة 1326 هـ.
(7)
مستمسك العروة الوثقى السابق ج 8 ص 188.
وكذلك تستحب الزكاة من مال التجارة وهو المال الذى ملك بعقد معاوضة وقصد به الاكتساب عند التملك فلو ملكه بعقد معاوضة لكن لا بقصد التجارة والتكسب بل بقصد الاقتناء ابتداء او انتهاء او بقصد التصدق به أو بدون قصد شئ فانه لا تستحب زكاته وان قصد به التجارة بعد ذلك لم يصير للتجارة بمجرد النية
(1)
. لأن من اشترى شيئا للاقتناء لا يقال: انه تاجر ولا يقال: انه اتجر فلا يصدق على المال الذى اشتراه للاقتناء اذا نوى بعد ذلك بيعه باكثر من ثمنه انه مال تجارة تستحب فيه الزكاة
(2)
اما لو اشترى امتعة للتجارة ثم نوى اقتناءها ولو يوما من الحول صحت نيته وصارت الأمتعة للاقتناء فلا زكاة فيها بلا خلاف والفرق بين نية الاقتناء ونية التجارة - حيث يحصل قطع التجارة بالاولى اتفاقا ولا يحصل قطع الاقتناء بالثانية على المشهور - هو ان الأصل فى الأمتعة الاقتناء والتجارة عارضة وبمجرد النية يعود حكم الاصل ولا يزول حكم الاصل بمجردها بدون تصرف كما لا تكفى نية سوم الماشية بدون اسامتها فعلا ولان التجارة عمل. هذا هو ما ذهب اليه علماء المذهب وأكثر العامة.
وقال بعض العامة: تكفى نية التجارة المجردة فى جعل امتعة الاقتناء للتجارة فتزكى استحبابا لان التربص والانتظار تجارة، ولانه كما تعمل نية الاقتناء فى قطع التجارة اتفاقا فكذا تعمل نية التجارة فى قطع الاقتناء جاء هذا فى المعتبر واستدل عليه باطلاق النصوص ولعله لذلك كان اختيار البيان وظاهر اللمعة البهية. واستحسنه فى المسالك وقواه صاحب الروضة البهية
قال صاحب جواهر الكلام: وهذا عندى قوى لان نية التجارة هو أن يطلب بتملك الامتعة زيادة على رأس ماله وينوى بها البيع كذلك فتجب الزكاة ولا نسلم ان الزكاة تتعلق بالفعل الذى هو البيع بل يكفى اعداد السلعة لطلب الربح وذلك يتحقق بالنية. وكذلك لا زكاة فى المال لو انتقل اليه بغير عقد كالميراث وحيازة المباحات ونحو ذلك أو بعقد لكن ليس عقد معاوضة كالهبة والصدقة والوقف ونحو ذلك. كما لا زكاة فى المهر وعوض الخلع
(3)
أو انتقل اليه بعقد معاوضة لكن لا بقصد التكسب بل للاقتناء فانه لا يزكيه وان قصد به التكسب بعد ذلك ضرورة عدم مقارنته لحال الانتقال اليه. ولو اشترى عرضا للتجارة بعرض للاقتناء فرد عليه عرض الاقتناء بالعيب انقطع حول التجارة لان الاقتناء كان فى العين وقد استردت ولو كان عنده عرض للتجارة فباعه بعرض للاقتناء ثم رد عليه عرضه لم يكن مال تجارة لانقطاعها بنية الاقتناء فى بدله.
ولو اشترى عرضا للاقتناء بمثله ثم رد ما اشتراه بعيب، أو رد عليه ما باعه فأخذه على قصد التجارة لم يصر مال تجارة بناء على اعتبار مقارنة قصد التجارة للتملك بعقد المعاوضة
(1)
جواهر الكلام السابق ج 15 ص 259 - 260 مفتاح الكرامة السابق ج 3 ص 113 - 114 والخلاف ج 1 ص 346.
(2)
مستمسك العروة الوثقى السابق ج 8 ص 177.
(3)
جواهر الكلام السابق ج 15 ص 259 - 260 مفتاح الكرامة السابق ج 3 ص 113 - 114.
وعدم كون الفسخ بالعيب عقد معاوضة فاشبه الموروثة.
وكذلك الفسخ بالخبار المشروط مثلا والاقالة ونحوها.
وهذا بخلاف ما اذا كان المدفوع والمأخوذ كلاهما للتجارة كما اذا تعارض التاجران ثم ترادا لعيب ونحوه فان المتاعين جاريان فى التجارة كما صرح به فى البيان لتعلقها بالمالية لا بالعين.
هذا كله على القول بأن مجرد نية التجارة لا تكفى فى جعل عروض الاقتناء للتجارة أما على القول الآخر - المختار عند البعض - فلا اشكال فى شئ من ذلك، لأنه يكتفى فيه بالنية والاعداد للتجارة.
(1)
واذا اشترى عرضا للتجارة فان كان الذى اشترى به عرضا للاقتناء مثل شئ من متاع البيت من أثاث وفرش وغير ذلك كان حول العرض من حين اشتراه للتجارة.
وان كان الذى اشتراه نصابا تجب فيه الزكاة من الماشية فانه يستأنف الحول ولا يبنى على حولها السابق.
(2)
ولو اشترى أرضا للتجارة وزرعها ببذر القنية وجبت المالية فى الزرع، ولم يسقط استحباب زكاة التجارة فى الأرض، أما وجوب المالية فى الزرع دون زكاة التجارة فلأن البذر للقنية. وأما عدم سقوط استحباب زكاة التجارة عن الارض بأداء العشر فقد حكى عليه الاجماع فى التذكرة
(3)
.
ولا زكاة فى البغال والحمير والخيل الذكور - أما الخيل الاناث فتستحب فيها.
وكذلك لا زكاة فى المعلوفة من الابل والبقر والغنم وكذا العوامل منها ولو سائمة بلا خلاف
مذهب الإباضية
تجب الزكاة فى الحلى سواء كان يحل استعماله أم لا وسواء كان للنساء أو للرجال.
(4)
لما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم «انه دخلت عليه امرأتان عليهما سواران فقال لهما أتحبان أن يسور كما الله بسوارين من نار؟ فقالتا لا قال: فأديا زكاتهما. رواه الترمذى والدار قطنى وما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى يدى ثلاث فتخات من ورق أو قالت من ذهب فقال صلى الله عليه وسلم ما هذا؟ فقلت أتزين لك به يا رسول الله فقال: أتؤدين زكاتهن؟ فقلت: لا فقال حسبك من النار، اعلمى أن فيهن الزكاة» رواه أبو داود والدار قطنى.
فهذا دليل فاطع فى زكاة الحلى
(5)
(1)
الخلاف فى الفقه السابق ج 1 ص 344 - 345 فقرة رقم 111، رقم 107.
(2)
مفتاح الكرامة السابق ج 3 ص 127.
وجواهر الكلام السابق ج 15 ص 74 - 75، 92، 110.
(3)
جواهر الكلام السابق ج 15 ص 263، ومفتاح الكرامة السابق ج 3 ص 11404.
(4)
كتاب الذهب الخالص لمحمد بن يوسف اطفيش ص 225 طبعة المطبعة السلفية بالقاهرة سنة 1343 هـ.
(5)
الايضاح لعامر بن على الشماخى ج 2 ص 11 - 12 الطبعة الاولى بمطبعة الوطن ببيروت 1390 هـ.
والفتخات جمع فتخة وهى الخاتم الكبير يكون فى اليد والرجل أو حلقة من فضة كالخاتم. وكذلك تجب الزكاة فى حلية السلاح وغيره.
(1)
وأوانى الذهب والفضة كما تجب فى السبائك غير المصوغة من التبر ونحوه وبالجملة كل ما وقع عليه اسم الذهب والفضة اذا تم فيه النصاب وجبت فيه الزكاة.
(2)
(3)
أما ما عدا الذهب والفضة من الجواهر كاللؤلؤ والمسك بفتح الميم والسين الأسورة والخلاخيل من العظام - والعنبر فلا زكاة فيها الا أن قصد بها التجارة فتزكى زكاة عروض التجارة ولا زكاة فى عروض الاقتناء ولو اقتناها الانسان بقصد أنه ان رأى فائدة فى بيعها باعها
(4)
وجاء فى شرح النيل: ان العروض المتخذة للانتفاع والتجارة معا مثل ان يشترى دابة ليحمل عليها مثلا وليبيعها فيربح فالظاهر لزوم الزكاة.
(5)
ويرد مال التجارة الى الكسب - أى الاقتناء بالنية ولا يرد مال الكسب الى التجارة بالنية وحدها لان التجارة فى اللغة المكاسبة ولا تعقل المكاسبة بالنية غير ان قوله صلى الله عليه وسلم «انما لأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى»
(6)
يدل على جواز ذلك.
(7)
قال صاحب شرح النيل: وهو الصحيح عندى.
وجاء فى القواعد من اشترى أكسية للتجارة ثم بداله أن يجعلها للباس أو اشتراها للباس ونواها للتجارة فلا زكاة عليه عند البعض وذكر البعض أن هذا هو المذهب ووجهه أن الأصل فى العروض الكسب والتجارة عارضة فمجرد النية يعود حكم الاصل.
واذا ثبت لم يزل بمجرد النية وقال آخرون بغير ذلك.
وذكر صاحب الديوان أيضا الاختلاف فى هذه المسألة.
(8)
وجاء فى قناطر الخيرات: أن من نوى التجارة فى مال قنية فلا ينعقد الحول بمجرد نيته حتى يشترى به شيئا ومهما قطع نية التجارة قبل تمام الحول فليؤد زكاة تلك السنة
(9)
.
وان كانت العروض المقتناه من غلته أو وهبت له أو ورثها فقيل يقومها ويزكيها ان قصد بها التجارة وقيل: لا يزكيها حتى يبيعها بالعين (الذهب) ويحول الحول فيزكى العين.
(10)
(1)
الذهب الخالص السابق ص 225.
(2)
قناطر الخيرات لاسماعيل بن موسى الجيطالى النفوسى ج 2 ص 14 الطبعة الاولى بالمطبعة البارونية بالقاهرة سنة 1307 هـ.
(3)
شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد اطفيش ج 2 ص 9 طبع مطبعة البارونى وشركاه بالقاهرة.
(4)
الذهب الخالص السابق ص 226.
(5)
شرح النيل السابق ج 2 ص 77.
(6)
رواه البخارى عن عمر بن الخطاب (انظر نيل صحيح البخارى بشرح القسطلانى ج 1 ص 14) الطبعة الاولى بالطبعة الشرقية بالقاهرة سنة 1304 هـ.
(7)
الايضاح السابق ج 2 ص 77 وشرح النيل السابق ج 2 ص 84.
(8)
شرح النيل السابق ج 2 ص 84.
(9)
شرح النيل السابق ج 2 ص 84.
وقناطر الخيرات السابق ج 2 ص 15.
(10)
شرح النيل السابق ج 2 ص 76.
ومن ملك ما لا لم يعلم به كأرث لم يطلع عليه بأن لم يعلم ان مورثه مات أو لم يعلم أنه ترك مالا فوقت زكاته من حين دخل ملكه على الصحيح لا من حين علم به.
فان كان الموروث أنعاما تجب فيها الزكاة - وهى الابل والبقر والغنم - ولم ينوها للتجارة ولا للكسب لعدم علمه بالارث مثلا حتى جاء وقت زكاة أنعامه من جنس الانعام التى ورثها وجبت عليه زكاة الكل. وان علم من قبل فعليه أن ينويها للكسب أو للتجارة فيزكى على الكسب أو التجارة.
وان كان الموروث لا زكاة فيه فلا يلزمه ان يزكيه حتى ينويه للتجارة.
وهذا كله على القول بوجوب زكاة الحيوان ولو لم يقبض.
(1)
وان اشترى حبا لتجارة بعشرين دينارا فحرثه - زرعه - فحصد منه ما تجب فيه الزكاة ادى على ما جعل فيه من الدنانير نصف دينار وأدى العشر أو نصفه ايضا على ما حصد وقيل:
يؤدى عن الحبوب العشر أو نصفه فقط واذا جاء وقت زكاته زكى الحب بقيمته لا بما جعل فيه وقيل يؤدى على العشرين التى جعلت فى الحب فقط.
ومن اشترى حبا للتجارة ثم بداله أن يزرعه لنفقة عياله أو نحوها مما ليس بتجارة فانما عليه زكاة الحبوب اذا أدركت عشرا أو نصف عشر وان اشتراه لزرع دون تجارة فزرعه ثم أراد التجارة فعليه زكاة الحبوب واذا حل وقت زكاة النقد زكى ما حصد على حسب قيمته.
وكذلك الحكم ان
(2)
اشترى أربعين شاة بأربعين دينارا ونوى بالشياه الكسب والتجارة ففيها الخلاف المتقدم.
ومن اشترى أربعين شاة للتجارة فحال عليها الحول فضيع ولم يؤد حتى استفاد غنما للكسب فقيل: يؤدى عنها شاه ويؤدى أيضا على ما جعل ثمنا لها من ذهب أو فضة.
وقيل يؤدى عن ثمنها دون الفائدة ان كان للكسب ويؤدى عنها ان كانت للتجارة.
وان ضيع زكاة غنم الكسب حتى استفاد غنما للتجارة ففيه القولان السابقان أيضا.
(3)
والجمال التى يحمل عليها للتجارة يؤدى زكاتها والتى يحمل عليها للكسب لا زكاة عليها
(4)
وان اشترك اثنان فى أربعين شاة مثلا أحدهما لتجارة والآخر لكسب أتم الكاسب بالتاجر فيزكى الكاسب على سهمه من الغنم فيلزمه نصف شاة ان كانت شركتهما انصافا والا فبقدرها ولا يتم التاجر بالكاسب لأن زكاة التاجر انما هى على الذهب أو الفضة المدفوع ثمنا فى الغنم أو على ما تساوى بالسعر والنقدان لا يستتم فيهما الشريك بشريكه.
(5)
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 50
(2)
المرجع السابق ج 2 ص 86 - 87
(3)
المرجع السابق ج 2 ص 115 - 116
(4)
المرجع السابق ج 2 ص 92
(5)
المرجع السابق ج 2 ص 102 - 103.
وتجب الزكاة فيما يقتنى من الابل والبقر والغنم ان كانت سائمة أى راعية - بالاتفاق وأما الابل والبقر والغنم التى يعلفها صاحبها بعلف من عنده أو يجيئ اليها بالحشيش ونحوه من المباحات ففى وجوب الزكاة فيها خلاف.
فقيل: تجب الزكاة فى هذه الاصناف سائمة كانت أو غير سائمة، والسوم جار على الغالب لا قيد، وهو الصحيح وقال بعضهم: لا زكاة فى غير السائمة.
واختلف ايضا فى الابل والبقر التى تقتنى للعمل كحمل القوت ونحوه لاصحابها لا للتجارة فقيل: تجب فيها الزكاة اذا كانت نصابا.
وقيل: لا تجب فيها، وهو الصحيح، واختار بعض الأصحاب الأول
(1)
والأصح عدم وجوب الزكاة فى الابل الجارة - وهى التى تجر بزمام أى حبل - ذاهبة وراجعة بقوت العيال أو كسوتهم أو حمل ما يحتاج اليه البيت أو حمل آلات البيت أو غير ذلك من الاعمال كالحرث والسقى والحمل بالأجرة
(2)
وذلك أنه روى فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا صدقة فى الابل الجارة» رواه الدار قطنى والحاكم والبيهقى وسميت جارة بمعنى مجرورة
(3)
.
واذا اقتنى الانسان الابل والبقر بقصد العمل والتناسل وجبت زكاتها.
ولا تجب الزكاة فيما يقتنى من غير الابل والبقر والغنم من الحيوان كالخيل والحمير حتى وان قصد باقتنائها النسل
(4)
.
اختلاف الزوجين فيما يقتنى
من متاع البيت
مذهب الحنفية:
اختلاف الزوجين ولا بينة لاحدهما فى متاع البيت ولو ذهبا أو فضة اما ان يكون بين الزوجين فى حال حياتهما واما ان يكون بين ورثتهما بعد وفاتهما واما ان يكون فى حال حياة احدهما وموت الآخر. فان كان فى حال حياتهما فاما ان يكون فى حال قيام النكاح واما ان يكون بعد زواله بالطلاق. فان كان فى حال قيام النكاح فما كان يصلح للرجال كالعمامة والقلنسوة والسلاح والمنطقة والكتب والفرس وغيره فالقول فيه قول الزوج مع يمينه لان الظاهر شاهد له. وما يصلح للنساء مثل الخمار والملاءة والاساور وخواتم النساء والحلى والخلخال وأمثال ذلك فالقول فيه قول الزوجة مع اليمين لأن الظاهر شاهد لها. قال الامام التمرتاشى: الا أن يكون الرجل صائغا والموجود عدد من أساور وخواتيم النساء والحلى والخلخال وأمثال ذلك فحينئذ لا يكون لها مثل هذه الأشياء ويكون القول له. وكذا اذا كانت المرأة تاجرة تتجر فى ثياب الرجال والنساء أو فى ثياب الرجال وحدها لا يقبل قوله فيها وما يصلح للرجل والمرأة كالدراهم والدنانير والفرش والأمتعة والأوانى والسط
(1)
المرجع السابق ج 2 ص 3 - 4 والايضاح ج 2 ص 12
(2)
شرح النيل ج 2 ص 9
(3)
الايضاح ج 2 ص 12
(4)
شرح النيل ج 2 ص 9
والمواشى والحبوب ونحوها فالقول فيه قول الزوج عند أبى حنيفة ومحمد لان يد الزوج على ما فى البيت أقوى من يد المرأة لان يده يد متصرفة ويدها يد حافظة ويد التصرف أقوى من يد الحفظ الا أن فيما يصلح لها عارض هذا الظاهر ظاهر أقوى منه وهو يد الاختصاص بالاستعمال فسقط اعتباره وقال أبو يوسف: القول قول المرأة الى قدر جهاز مثلها والقول قول الزوج فى الباقى لان الظاهر يشهد للمرأة الى قدر جهاز مثلها لان المرأة لا تخلو عن الجهاز عادة فكان الظاهر شاهدا لها فى ذلك القدر، فكان القول فى هذا القدر قولها مع اليمين والظاهر يشهد للرجل فى الباقى فكان القول قوله فى الباقى مع يمينه. وقال زفر - فى قول المشكل بينهما نصفان. وفى قول آخر: الكل بينهما نصفان لأن كل واحد من الزوجين ثابتة على ما فى البيت فكان الكل بينهما نصفين وهو قياس قوله الا أنه خص المشكل بذلك فى قول. لان الظاهر يشهد لاحدهما فى غير المشكل. وان اختلفا بعد ما طلقها ثلاثا أو بائنا فالقول قول الزوج لانها صارت اجنبية بالطلاق فزالت يدها والتحقت بسائر الأجانب هذا ما ذكره صاحب البدائع وجاء مثله فى لسان الحكام. ولكن الذى مشى عليه الشراح هو انه لا فرق بين ما اذا كان الاختلاف فى حال قيام النكاح أو بعد ما وقعت الفرقة وهذا كله اذا لم لم تقر المرأة ان هذا المتاع اشتراه الزوج فان أقرت بذلك سقط قولها لأنها اقرت بالمالك لزوجها ثم ادعت الانتقال اليها فلا يثبت الانتقال الا بالنية وكذا اذا ادعت انها اشترته منه ولو برهن على شرائه كان كاقرارها بشرائه فلا بد من بينة على الانتقال اليها بهبة أو نحو ذلك. ولا يكون استمتاعها بما اشتراه من متاع ورضاه بذلك دليلا على انه ملكها ذلك كما تفهمه النساء والعوام وسكوت الزوج عند نقلها ما يصلح لهما لا يبطل دعواه. ولو أقاما بينة يقضى ببينة المرأة لانها خارجة معنى هذا اذا اختلف الزوجان قبل الطلاق او بعده فاما اذا ماتا فأختلف ورثتهما فى المشكل الصالح لهما فالقول قول ورثة الزوج عند أبى حنيفة ومحمد وعند ابى يوسف القول قول ورثة المرأة الى قدر جهاز مثلها وقول ورثة الزوج فى الباقى لأن الوارث يقوم مقام المورث فصار كأن المورثين اختلفا بأنفسهما وهما حيان.
وان مات أحدهما واختلف الحى وورثة الميت فان كان الميت هو المرأة فالقول قول الزوج عند ابى حنيفة ومحمد لأنها لو كانت حية لكان القول قوله فبعد الموت أولى. وعند ابى يوسف لقول قول ورثتها لى قدر جهاز مثلها وان كان الميت هو الزوج فالقول قولها عند أبى حنيفة فى المشكل وعند ابى يوسف القول قولها فى قدر جهاز مثلها وعند محمد: القول قول ورثة الزوج، ووجه قول ابى يوسف ومحمد ظاهر لأن الوارث قائم. مقام المورث ووجه قول أبى حنيفة ان المتاع كله كان فى يدهما اثناء حياتهما فينبغى ان يكون بينهما نصفين كما قال زفر ولان يد الزوج كان اقوى فسقطت يدها بيد الزوج فاذا مات الزوج فقد زال المانع فظهرت يدها على المتاع.
ولو طلقها فى مرضه ثلاثا أو بائنا فمات ثم اختلفت هى وورثة الزوج فان مات بعد انقضاء العدة فالقول قول ورثة الزوج لان القول قول
الزوج فى المشكل بعد الطلاق فكان القول قول ورثته بعده ايضا وان مات قبل انقضاء العدة فالقول قولها عند ابى حنيفة فى المشكل وعند ابى يوسف فى قدر جهاز مثلها وعند محمد القول قول ورثة الزوج لان العدة اذا كانت قائمة كان النكاح قائما من وجه فصار كما لو مات الزوج قبل الطلاق وبقيت المرأة وهناك القول قولها عند ابى حنيفة فى المشكل وعند أبى يوسف فى قدر جهاز مثلها وعند محمد القول قول ورثة الزوج كذا هنا.
ولا فرق فى كل هذا بين الزوجين المسلمين والمسلم مع الذمية لأن الكفر لا ينافى أهلية الملك وكذلك لا فرق بين يكون الزوجان كبيرين أو صغيرين والصغير بجامع ولا بين ان يكون البيت ملكا لهما أو لأحدهما خاصة لان العبرة لليد لا للملك.
(1)
هذا كله فى اختلاف الزوجين. اما اذا اختلف نساء الزوج دونه فان متاع النساء يكون بينهن على السواء ان كن فى بيت واحد. وان كانت كل واحدة منهن فى بيت على حدة كما فى بيت كل امرأة منهن يكون بينها وبين زوجها على التفصيل المذكور ولا يشترك بعضهن مع بعض.
(2)
(3)
واذا اختلف الأب مع ابنه فيما فى البيت قال فى الخزانة قال أبو يوسف: اذا كان الأب فى عيال الابن فى بيته فالمتاع كله للابن كما لو كان الابن فى بيت الاب وعياله فمتاع البيت للاب ثم قال: قال محمد: رجل زوج بنته وهى وختنه - أى صهره - فى داره وعياله ثم اختلفوا فى متاع البيت فهو للاب لانه فى بيته وفى يده ولهم ما عليهم من الثياب واذا اختلف أسكافى وعطار مثلا فى آلة الأسكافة أو آلة العطارين وهى فى ايديهما فانه يقضى به بينهما ولا ينظر الى ما يصلح لأحدهما لانه قد يتخذه لنفسه او للبيع فلا يصلح مرجحا.
وكذلك اذا اختلف الزوجان فى غير متاع البيت وكان فى أيديهما فأنهما كالاجنبيين يقسم بينهما.
واذا اختلف المؤجر والمستأجر فى متاع البيت فان القول فيه للمستأجر مع يمينه لكون البيت مضافا الى المستأجر بالسكنى
(4)
.
مذهب المالكية:
اذا اختلف الزوجان فى متاع البيت الموجود فيه سواء كان ذلك الاختلاف قبل الدخول أو بعده وسواء كان قبل الطلاق أو بعده او بعد الفرقة بلعان أو ايلاء أو فسخ وسواء كانا مسلمين أو كافرين ولا بينة لواحد منهما فانه يرجع فى ذلك الى العرف فما كان يصلح للنساء كالحلى وما يناسبها من الملابس ونحوها فالقول فيه قولها بيمين وهذا اذا لم يكن المتاع فى حوز الرجل الخاص به وادعاه ولم تكن المرأة فقيرة معروفة بالفقر والا فلا يقبل قولها فى الصورة الاولى وكذا فى الثانية اذا ادعت ما تزيد قيمته على المقبوض من صداقها.
(1)
بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج 2 ص 308 - 310 الطبعة الاولى بمطبعة شركة المطبوعات العلمية بمصر سنة 1327 هـ.
(2)
تكملة فتح القدير والعناية على الهداية ج 6 ص 209 - 201 الطبعة الاولى بمطبعة مصطفى محمد بالقاهرة سنة 1356 هـ.
(3)
حاشيه ابن عابدين على الدر المختار شرح تنوير الابصار ج 5 ص 563 وما بعدها الطبعة الثانية بمطبعة البابى الحلبى سنة 1386 هـ.
(4)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج 7 ص 246 الطبعة الاولى بالمطبعة العلمية بالقاهرة سنة 1311 هـ.
وما كان يصلح للرجال فقط كالسلاح وآلة الفلاحة والحرث ونحوها أو كان يصلح للرجال والنساء معا كالطشت وسائر الأوانى والألحفة وخواتم الذهب بالنسبة للبلاد التى يلبسها فيها الرجال والنساء ونحو ذلك فالقول فيه للرجل مع يمينه سواء جاز استعماله أم لا لأن البيت بيته الا أن يكون ذلك فى حوزها الخاص بها أو كان لا يشبه أنه لا يملكه لفقره فلا يقبل قوله ويكون للزوجة.
واذا تنازع الزوجان فى متاع البيت فادعى الرجل شيئا يشبه ان يكون للنساء كالحلى أنه له وأقام البينة على أنه اشتراه من غيرها أو اشتراه فقط فانه يحلف مع البينة انه اشتراه لنفسه لا لزوجته وانها لم تدفع اليه ثمنه ولا شيئا منه ان ادعت ذلك ثم يقضى له به فلو شهدت البينة أنه ورثه أو وهب له أو اشتراه لنفسه أو اشتراه منها فانه يقضى له به من غير يمين.
وكذلك المرأة اذا ادعت شيئا من متاع البيت يشبه أن يكون للرجال كالسيف فقالت هو لى وأقامت على شراء ذلك بينة فانه يقضى لها به وفى حلفها اليمين مع بينتها تأويلان فقيل ليس عليها يمين بخلاف الرجل لأن الرجال قوامون على النساء وحيث كان كذلك فالشأن أن المرأة ما اشترت ذلك الا لنفسها لا للزوج لانها ليست قوامة على زوجها وقيل: بل عليها اليمين وسكت عنها فى المدونة اجتزاء بذكر يمين الرجل عن يمينها
(1)
وورثة كل من الزوجين بمنزلته فى الحلف لكن يحلفون على نفى العلم لا على البت.
ومثل الزوجين فى جميع هذه الصور القريبان كرجل ساكن مع محرمه تنازع معها فى متاع البيت ولا بينة لهما.
مذهب الشافعية:
لو اختلف الزوجان فى متاع بيت يسكنانه ولو بعد الفرقة ولا اختصاص لأحدهما بيد فمن أقام بينة على شئ فهو له وان لم تكن هناك بينة فان كان فى ايديهما حلف كل منهما صاحبه وان حلف كل منهما للآخر جعل بينهما نصفين لأن يد كل واحد منهما ثابتة على نصف ما فى الدار فقضى له به ويحلف الآخر عليه وان حلف أحدهما دون الآخر قضى للحالف وان كانت اليد على المتاع لأحدهما حسا أو حكما كان القول قوله فيه مع يمينه وسواء فى كل ذلك ما يصلح للزوج كيف ومنطقة أو يصلح للزوجة كحلى أو يصلح لهما معا كدراهم ودنانير أولا يصلحلهما كمصحف وكتاب وهما أميان. وسواء كانت الدار ملكا للزوج أو ملكا لهما أو مستأجرة واختلاف ورثتهما أو ورثة أحدهما والآخر على ذلك التفصيل
(2)
.
مذهب الحنابلة:
ان تنازع زوجان أو تنازع ورثتهما بعد موتها أو تناول احدهما وورثة الآخر فى متاع البيت من فرش وملبوس ونحوهما واوان وغيرها
(1)
شرح الخرشى على مختصر خليل بحاشية العدوى ح 3 ص 350 - 351 الطبعة الاولى بالمطبعة الاميرية والشرح الكبير للدردير على مختصر خليل ح 2 ص 342، 343 الطبعة الاولى.
(2)
اسنى المطالب شرح روض الطالب للانصارى بحاشية الرملى الكبير ح 4 ص 424 ونهاية المحتاج الى شرح المنهاج الرملى بحاشية الشبراملسى ج 8 ص 340 - 341.
أو تنازعا فى بعض ذلك بأن قال كل منهما:
هذه العين لى فان كان لأحدهما بينة عمل بها والا فيما يصلح للرجال كالعمامة والسيف فللرجل مع يمينه أو ورثته مع يمينهم وكذا قمضان الرجال واقبيتهم وجبابهم والسلاح وأشباهه وما يصلح للنساء كحليهن وثيابهن ومقانعهن ومغازلهن وأشباهما فللمرأة مع يمينها أو ورثتها مع يمينهم والمصحف للرجل اذا كانت لا تقرأ فان كانت تقرأ فهو لهما. وكذا ينبغى فى كتب العلم. وما يصلح للرجال والنساء كالفرش والأوانى والقماش الذى لم يفصل واشباه ذلك سواء كان فى أيديهما من طريق الحكم أو من طريق المشاهدة وسواء اختلفا فى حال الزوجية أو بعد البينونة فهو بينهما. وان كان المتاع فى يد غيرهما ولم تكن بينة لآحدهما أقرع بينهما فمن خرجت قرعته منهما حلف واحدة وان اقام أحدهما بينة دفع المتاع اليه لترحجه بها.
وكذا لو اختلف صانعان فى آلة وكان لهما حكم بآلة كل صنعة لصانعها فالة العطارين للعطار وآلة النجارين للنجار سواء كانت الآلة فى أيديهما من طريق الحكم أو من طريق المشاهدة لأن هذا هو الظاهر كما فى قماش البيت عند تنازع الزوجين فان لم يكن الصانعان فى دكان واحد واختلفا فى عين لم يرجع احدهما بصلاحية العين له وكذا لو تنازع رجل وامرأة سواء كانت زوجة له أم لا فى عين غير قماش بينهما فلا ترجيح لاحدهما بصلاحية العين له. بل ان كانت فى أيديهما فهى بينهما وان كانت فى بد أحدهما فهى له بيمينه وان كانت فى يد غيرهما ولم ينازع اقترعا عليها.
(1)
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم: اذا تنازع الزوجان فى متاع البيت فى حال الزوجية أو بعد الطلاق أو تنازع أحدهما مع ورثة الآخر بعد الموت أو ورثتهما جميعا بعد موتهما فكل ذلك سواء وكل ذلك بينهما نصفان مع أيمانهما أو يمين الباقى منهما أو ورثة الميت منهما أو أيمان ورثتهما معا وسواء فى ذلك السلاح والحلى وسواء ما يصلح للرجال فقط أو للنساء فقط أو للرجال والنساء جميعا الا ما على ظهر كل واحد منهما فهو له مع يمينه. وبرهان ذلك ان يد الرجل ويد المرأة على ما فى البيت الذى يسكنانه أو دار سكناهما فصح أنهما فيه سواء فليس أحدهما أولى به من الآخر فهو لهما اذ هو فى أيديهما ولكل منهما اليمين على الآخر فيما ادعى مما بيده ولا ننكر ملك المرأة السلاح كما لا ننكر ملك الرجل الحلى
(2)
.
مذهب الزيدية:
اذا تنازع الزوجان وكذا ورثتهما فى آلة البيت ومتاعه ولا بينة لأحدهما حكم للزوج
(1)
كشاف القناع على متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس وبهامشه شرح المنتهى ج 4 ص 230 - 231 الطبعة الاولى بالمطبعة العامرة الشرفية بالقاهرة سنة 1313 هـ
(2)
المحلى لابن حزم ج 11 ص 722 مسألة رقم 2014، ج 10 ص 620 مسألة رقم 1798 الطبعة الاولى بمطبعة دار الاتحاد العربى للطباعة سنة 1390 هـ.
بما يختص بالرجال وللمرأة بما يختص بالنساء وقد أومأ اليه القاسم قال أبو طالب: وهو الصحيح عندنا وذلك لثبوت أيديهما فرجع الى الترجيح ويد كل على ما يليق به أقوى فحكم له به وهذا مقيد بعدم البينة.
اما ما يصلح للرجال والنساء جميعا فانه يكون بينهما نصفين وحكاه فى البحر للمذهب وهو قول المؤيد بالله
(1)
.
مذهب الإمامية:
اذا تداعى
(2)
الزوجان فى متاع البيت فقال كل واحد منهما: المتاع كله لى قضى به لمن قامت له البينة ولو لم يكن مع أحدهما بينة فبد كل واحد منهما على نصفه. قال فى المبسوط: يحلف كل واحد منهما لصاحبه ويكون بينهما بالسوية سواء كان مما يخص الرجال كالسيف والدرع الحديد أو يخص النساء كالحلى أو يصلح لهما وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما وسواء كانت الزوجية باقية بينهما أو زائلة ويستوى فى ذلك تنازع الزوجين والوارث.
وقال فى الخلاف: ان لم يكن مع أحدهما بينة نظر فيه فما يصلح للرجل القول قوله مع يمينه وما يصلح للنساء القول قولها مع يمينها وما يصلح لهما يقسم بينهما. وقد روى أيضا ان القول فى جميع ذلك قول المرأة مع يمينها لآنها تأتى بالمتاع من عند أهلها والأول أحوط.
قال صاحب شرائع الاسلام: وما ذكره الطوسى فى الخلاف أشهر فى الروايات وأظهر بين الاصحاب.
مذهب الإباضية:
اذا اختلف
(3)
الزوجان فى متاع البيت ولا بينة لأحدهما فللزوج ما يليق بالرجل كالرمح والكتاب مع يمينه. وللزوجة ما يليق بالمرأة كالحلى وكل ما لا يلبسه الرجل.
واما ما يليق بهما كالأوانى ونحوها فقيل:
يحلفان ويقتسمانه.
وقيل: يحلف الزوج ويأخذه، وبه العمل، واليمين فى تلك المسائل على الزوجين.
وفى التاج: من كان مع امرأته فى دار وكان يعمرها ويحوزها فلا يحكم له بها حتى يشهد أنها له.
وقيل فى الأزواج: اذا تنازعا يأخذ الزوج ما ينسب الى الرجال وتأخذ المرأة ما ينسب الى النساء.
وقيل: يأخذ الزوج الكل. لان البيت له وهو المشهور.
اثر الاقتناء فى ثبوت الملكية.
اذا تنازع واضع اليد مع غيره فى ثبوت الملكية فهل يكون وضع اليد دليلا على الملكية - انظر مصطلح حيازة
(1)
الروض النضير ج 3 ص 483 - 484 والبحر الزخار ج 4 ص 400 - 401
(2)
شرائع الاسلام للحلى ج 4 ص 119 الطبعة الاولى بمطبعة الاداب فى النجف الاشرف بالعراق سنة 1389 والخلاف فى الفقه للطوسى ج 2 ص 645 الطبعة الثانية بمطبعة تابان فى ظهران ص 683 - 684 طبع مطبعة البارونى بالقاهرة ايران سنة 1383 هـ
(3)
والخلاف فى الفقه للطوسى ج 2 ص ص 683، 684.
روعى فى ترتيب الأعلام أن تكون مجردة عن ابن وأب وأم وآل التعريف.
وما نشر من الأعلام بالأجزاء السابقة اكتفينا هنا بالإشارة إلى موضعه فيها.
حرف الالف:
الآمدى:
أنظر ح 1 ص 347.
الابيض بن جمال:
أنظر ح 4 ص 359.
ابن الأثير:
أنظر ح 1 ص 247.
الأجهورى:
أنظر ح 3 ص 335.
الامام احمد:
أنظر «ابن حنبل» ح 1 ص 255.
احمد بن الحسن:
المؤيد بالله.
أحمد بن عيسى:
أحمد بن عيسى بن جعفر العلوى العمرى ثقة من أصحاب العياشى وصف بالزهد، وثقه ابن داود صاحب الحاوى.
أحمد بن عيسى: أبن محمد بن عيسى بن عبد الله ابن سعد بن مالك بن الاحوص ابن السائب بن مالك بن عامر يكنى ابا جعفر القمى وأول من سكن قم من آبائه سعد بن مالك الأحوص وكان السائب ابن مالك وفد على النبى صلى الله عليه وسلم وهاجر الى الكوفة وأقام بها وأبو جعفر شيخ قم ووجهها وفقيهها غير مدافع ولقى أبا الحسن الرضا عليه السلام وصنف كتبا منها كتاب التوحيد - وكتاب فضل النبى صلى الله عليه وسلم وآله. كتاب المتعة - كتاب النوادر.
الاصفهانى (توفى سنة 322 هـ):
محمد بن بحر الاصفهانى.
أبو مسلم وال، من أهل اصفهان، معتزلى من كبار الكتاب، كان عالما بالتفسير وبغيره من صنوف العلم، من كتبه جامع التأويل فى التفسير أربعة عشر مجلدا ومجموع رسائله.
الاصفهانى (توفى سنة 688 هـ):
محمد بن محمود بن عياد السلمانى أو عبد الله شمس الدين الاصفهانى قاصد من فقهاء الشافعية باصفهان ولد وتعلم بها، توجه الى مصر وولى قضاء قوص فقضاء الكرك، واستقر اخيرا فى القاهرة مدرسا، توفى بها، له كتب، منها: شرح المحصول فى أصول الفقه، والقواعد فى الاصول والدين، والمنطق والجدل.
اصيرم بن عبد الاشهل:
اصيرم بن ثابت الانصارى الأوسى الأشهلى عده جمع من الصحابة وقال انه قتل يوم أحد وشهد له النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة ونعتبره حسنا والانصارى نسبة الى الانصار وهم أهل المدينة المشرفة الذين نصروا النبى صلى الله عليه وسلم وينقسمون الى الأوس والخزرج نسبة الى بنى عبد الأشهل فخد من الأوس الاكبر.
الألوسى:
(انظر ح 3 ص 337)
امام الحرمين:
(انظر ح 1 ص 249).
ابو امامة التيمى:
التابعى ويقال أبو أميمة روى عن عمر بن الخطاب وروى عنه شعبة والعلاء بن المسيب والحسن بن عمر التيمى قال يحيى بن معين وهو ثقة لا يعرف اسمه وقال أبو زرعة هو كوفى لا بأس به.
الاوزاعى:
انظر ح 1 ص 249
الاوزجندى:
محمود بن عبد العزيز شمس الائمة الأوزجندى جد قاضيخان تفقه على السرخسى.
اياس بن عبد:
اياس بن عبد المزنى الكوفى وقيل الحجازى روى حديث النهى عن بيع الماء ووقع فى المهذب بأياس بن عمرو وفى رواية الترمذى اياس بن عبد الله وكلاهما خطأ.
أبو ايوب (توفى سنة 52 هـ):
خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة أبو أيوب الانصارى من بنى النجار، صحابى شهد العقبة وبدرا وأحدا وسائر المشاهد، عاش الى أيام بنى أمية وكان يسكن المدينة ورحل الى الشام روى له البخارى ومسلم.
حرف الباء:
البابرتى:
أنظر ح 1 ص 249
الباجى:
أنظر ح 1 ص 250
البجيرمى:
أنظر ح 1 ص 250
البخارى:
أنظر ح 1 ص 250
ألبدخشى:
أنظر ح 2 ص 345
البراء بن عازب:
أنظر ح 2 ص 345
ابو بردة:
أنظر ح 2 ص 345
ابن برهان (توفى سنة 456 هـ):
عبد الواحد بن على بن عمر بن اسحاق بن ابراهيم بن برهان (بفتح الباء) وهو النحوى صاحب العربية واللغة والتواريخ وأيام العرب، كان حنبليا فتحول حنفيا، من كتبه:
الاختيار فى الفقه.
ابن برهان (توفى سنة 518 هـ):
احمد بن على بن برهان (بفتح الباء) أبو الفتح، فقيه بغداد.
غلب عليه علم الاصول، من تصانيفه البسيط والوسيط والوجيز فى الفقه والأصول مولده ووفاته ببغداد.
البزدوى:
أنظر ح 1 ص 250
البساطى (المتوفى سنة 842 هـ):
محمد ابن احمد بن عثمان الطائى البساطى ابو عبد الله شمس الدين: فقيه مالكى من القضاة ولد فى بساط «من الغريبة بمصر» وانتقل الى القاهرة فتفقه واشتهر ودرس وناب فى الحكم من كتبه، شفاء الغليل فى مختصر الشيخ خليل، وحاشيته بنى المعلول، ومقدمة فى أصول الدين.
ابن بطال:
أنظر ح 2 ص 345
البغوى:
أنظر ح 2 ص 345
ابو بكر الباقلانى:
أنظر الباقلانى ح 1 ص 250
ابو بكر الرازى:
أنظر الجصاص ح 1 ص 252
ابو بكر الاسكافى:
المتوفى بعد سنة 260 هـ:
هو الأثرم صاحب الامام أحمد. واسمه ابو بكر أحمد ابن محمد بن هانى الاسكافى حدث عنه النسائى وغيره كان جليل القدر حافظا ذو تيقظ عجيب. له كتاب نفيس فى السنن.
ابو بكر الصديق:
أنظر ح 1 ص 250
بلال:
أنظر ح 3 ص 328
بلال (توفى سنة 60 هـ):
أبن الحارث ابن عصم أبن سعد بن قرة بن خلاوة بن ثعلبة بن ثور أبو عبد الرحمن المزنى من اهل المدينة أقطعه النبى صلى الله عليه وسلم العقيق وكان صاحب لواء مزنية يوم الفتح وكان يسكن وراء المدينة ثم تحول الى البصرة.
أحاديثه فى السنن وصحيحى ابن خزيمة وابن حبان.
ابن البناء (توفى سنة 721 هـ):
أحمد بن محمد بن عثمان الازدى العدوى. أبو عباس، رياضى باحث من أهل مراكش مولدا ووفاة كان أبوه بناء ونشأ هو منصرفا الى العلم فنبغ فى علوم شتى، له حاشيته على الكشاف ومنتهى السول فى علم الاصول.
البيضاوى:
أنظر ح 1 ص 251.
البيهقى:
أنظر ح 1 ص 251
حرف التاء:
الترمذى:
أنظر ح 1 ص 251
تقى الدين:
أنظر ابن تيمية ح 1 ص 251
التمرتاشى:
أنظر ح 3 ص 338
تميم الدارى (توفى سنة 40 هـ):
تميم بن اوس بن خارجة الدارى ابو رقية، صحابى، نسبته الى الدار ابن هانئ من لخم، اسلم سنة تسع هجرية وكان يسكن المدينة ثم انتقل الى الشام بعد مقتل عثمان ابن عفان فنزل بيت المقدس وهو أول من أسرج السراج بالمسجد، روى له البخارى ومسلم، وكان عابد أهل فلسطين ومات بها.
التميمى:
أنظر ح 3 ص 389
التونسى:
أنظر ح 1 ص 251
ابن تيمية:
أنظر ح 1 ص 251
حرف الثاء:
ابن الثلجى (توفى سنة 266 هـ:
محمد بن شجاع بن الثلجى البغدادى أبو عبد الله، فقيه العراق فى وقته من أصحاب أبى حنيفة وهو الذى شرح فقهه واحتج له وقواه بالحديث وكان فيه ميل الى المعتزلة.
ابو ثور:
أنظر الى ح 1 ص 252.
الثورى:
أنظر الى ح 1 ص 252
حرف الجيم:
جابر رضى الله عنه:
صحابى أنظر ح 3 ص 339.
أبو جعفر:
أنظر ح 7 ص 387
جعفر بن محمد:
أنظر ح 2 ص 347
ابو جعفر الهندوانى:
انظر ح 1 ص 253
أبو الجهم:
(توفى سنة 70 هـ):
عامر أو عمير، ابو عبيد بن حذيفة بن غانم من قريش من بنى عدى بن كعب أحد المعمرين أسلم يوم فتح مكة واشترك فى بناء الكعبة مرتين الأولى فى الجاهلة والثانية حين بناها الزبير سنة 64 هـ ومات فى تلك الفينة وهو أحد الاربعة الذين دفنوا عثمان وله خبر مع معاوية.
الجلال:
أنظر جلال الدين المحلى ح 1 ص 253
الجوهرى:
ح 4 ص 260.
حرف الحاء:
الحاكم:
أنظر ح 1 ص 253
ابن حامد:
أنظر ح 2 ص 348
ابو حامد: أنظر الغزالى ح 1 ص 270
ابو حامد:
الاسفرايينى:
أنظر الاسفرايينى ح 1 ص 48
ابو حامد:
المروزى:
أنظر المروزى ح 1 ص 275
ابن حبيب:
أنظر ح 1 ص 253
ابن حزم:
أنظر ح 1 ص 254
الحسن:
أنظر ح 2 ص 349
ابو الحسن الرضا:
أنظر ح 2 ص 349
الحسن بن زياد:
أنظر ح 1 ص 254
الحسن بن صالح (توفى سنة 168 هـ):
كان من كبار الشيعة الزيدية وعظمائهم وعلمائهم. وكان فقيها متكلما وقد أرخ بعضهم موت الحسن بسنة 154 وآخر بسنة 63 أو ثالث بسنة 167، ورابع بسنة 149.
الحطاب:
أنظر ح 1 ص 254.
حلاس:
«حلاش» حلاش بن عمرو الهجرى عده الشيخ فى رجاله من أصحاب على عليه السلام وعد حلاش بن عمرو من دون وصفه بالهجرى من اصحاب الحسين عليه السلام وحلاش بالحاء المهملة واللام المشددة والالف والشين المعجمة وفى بعض نسخ رجال الشيخ حلاس بالسين المهملة بدل الشين.
الحلبى:
أنظر ح 6 ص 384
شمس الائمة الحلوانى:
أنظر ح 1 ص 255
حمزة بن عمرو الاسلمى:
أنظر ح 2 ص 350
حنبل بن اسحاق ابن حنبل:
أنظر ح 4 ص 360
ابن حفصة:
أنظر محمد بن الحنفية ح 4 ص 371
حمنة بنت جحش صحابية:
أنظر ح 5 ص 386
الحموى:
أنظر ح 2 ص 350
الامام حميد:
أنظر ح 3 ص 342
ابو حنيفة:
أنظر ح 1 ص 255
حرف الخاء:
خالد الجهنى:
هو خالد بن عدى الجهنى، يعد فى أهل المدينة وكان ينزل الاشعر وروى حديثه أحمد وابن أبى شيبة والحارثى وأبى يعلى والطبرانى من طريق بسر أبن سعيد عن خالد بن عدى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جاءه من أخيه معروف من غير اسراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده فانما هو رزق ساقه الله اليه.
الخيرى (سنة 476 هـ):
عبد الله بن ابراهيم بن عبد الله الخيرى أبو حكيم عالم بالادب والفرائض والحساب.
من فقهاء الشافعية. نسبته الى الخير (بفتح فسكون) من قرى شيراز، بفارس، اشتهر وتوفى ببغداد. من كتبه «شرح ديوان الحماسة» وكان حسن الخط، وبينما هو قاعد يكتب فى مصحف مات.
الخرقى:
أنظر ح 1 ص 256
الخصاف:
أنظر ح 1 ص 256
أبو الخطاب:
أنظر ح 1 ص 256
الخلال:
أنظر ح 1 ص 256
خليل:
أنظر ح 1 ص 256
الخوارزمى:
أنظر ح 7 ص 390
خواهر زادة:
أنظر ح 1 ص 257
حرف الدال:
داود:
(أنظر ح 1 ص 257)
ابو داود:
(أنظر ح 1 ص 257)
الدارقطنى:
(أنظر ح 1 ص 257)
أبو الدرداء:
(أنظر ح 1 ص 257)
الدردر:
أنظر ح 1 ص 257
دريد بن الصمة المتوفى سنة 8 هـ):
أنظر ح 7 ص 390
الدسوقى:
أنظر ح 1 ص 257
ابن دقيق العيد:
(أنظر ح 1 ص 257)
ابن ابى الدم (المتوفى سنة 642 هـ):
ابراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم الحموى، شهاب الدين أبو اسحاق، المعروف بابن أبى الدم، مؤرخ بحاث. من علماء الشافعية، مولده ووفاته بحماة فى سورية. تفقه ببغداد، وسمع بالقاهرة وحدث بها وبكثير من بلاد الشام، وتولى قضاء حماة ومن تصانيفه:
التاريخ المظفرى، أدب القاضى وغير ذلك.
حرف الذال:
ابن ذؤيب:
ويقال ابن أبى ذؤيب، اسماعيل بن عبد الرحمن روى عن ابن عمر وعطاء، وعنه ابن أبى نجيح وسعيد بن خالد القارظى، وثقه أبو زرعة والدارقطنى.
ابو ذر:
(المتوفى سنة 32 هـ):
أنظر ح 3 ص 344
الذهبى:
(المتوفى سنة 32 هـ): أنظر ح 3 ص 344
حرف الراء:
الرافعى:
أنظر ح 1 ص 258
الربيع:
أنظر ح 1 ص 258
الربيع: أنظر ح 3 ص 344
ربيعة الرأى:
أنظر ح 1 ص 258
الرحمتى:
أنظر ح 2 ص 352
ابن رشد:
أنظر ح 1 ص 258
الرشيد:
أنظر ح 3 ص 352
الرملى:
أنظر ح 1 ص 259
الرضى عليه السلام:
أنظر ح 1 ص 259
ريحانة:
بنت شمعون بن زيد وقيل زيد بن عمرو بن قناقة أو خناقة من بنى النضير وقال ابن اسحاق من بنى عمر بن قريظة وقال ابن أبى مسعد ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خناقة بن شمعون بن زيد من بنى النضير وكانت متزوجة رجلا من بنى قريظة يقال له الحكم ثم روى ذلك عن الواقدى قال ابن اسحاق فى الكبرى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سباها فأبت الا اليهودية فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه فبينما هو مع اصحابه اذ سمع وقع نعلين خلفه فقال: «هذا ثعلبة بن شعبة يبشرنى باسلام ريحانة» فبشره وعرض عليها ان يعتقها ويتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت يا رسول الله بل تتركنى فى ملكك فهو أخف على وعليك فتركها وماتت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة عشر.
حرف الزاى:
الزبير بن باطا:
الزبير بن باطا اليهودى مذكور فى المهذب فى كتاب السير فى نزول أهل القلعة على حكم حاكم هو الزبير بفتح الزاى وكسر الباء بلا خلاف بين العلماء وكلهم مصرحون به وممن نقل الاتفاق عليه صاحب مطالع الانوار وباطا بموحدة بلا همز ولا مد قال صاحب المطالع
ويقال باطيا وهو والد عبد الرحمن بن الزبير المذكور فى المهذب فى باب الرجعة وقتل الزبير بن باطا الزبير بن العوام رضى الله عنه صبرا.
الزبير:
أنظر الزبير بن العوام ح 1 ص 259.
الزركشى:
انظر ح 1 ص 259
زروق توفى سنة 899 هـ:
أحمد بن أحمد بن محمد البرنس الفاسى، فقيه محدث صوفى، من أهل فاس بالمغرب، تفقه بها وقرأ بمصر والمدينة من كتبه: شرح مختصر خليل فى فقه المالكية، وشرح رسالة أبى زيد القيراونى والقواعد فى التصوف وغيرها توفى فى تكرين من أعمال طرابلس المغرب.
زفر:
انظر ح 1 ص 259
زكريا الساجى (توفى سنة 243 هـ):
زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن ابن محمد بن عدى الضبى البصرى الساجى أبو يحيى محدث البصرة فى عصره كان من الحفاظ لثقات له كتاب جليل فى حلل الحديث يدل على تبحره من كتبه اختلاف الفقهاء توفى بالبصرة.
ابو زيد:
انظر دبوسى ح 1 ص 257
القاضى زيد:
انظر ح 1 ص 260
زيد بن ثابت:
انظر ح 1 ص 260
زيد بن على:
انظر ح 1 ص 260
الزيلعى:
انظر ح 1 ص 360
زينب بنت جحش:
صحابية انظر ح 8 ص 374
زينب بنت رسول الله:
(توفيت سنة 8 هـ) انظر ج 10 ص 396
حرف السين:
السائب بن الاقرع:
انظر ح 9 ص 374
سالم:
انظر ح 2 ص 353
سالم بن عبد الله بن عمر (توفى سنة 106 هـ) انظر ح 3 ص 344
السالمى توفى سنة 1332 هـ:
انظر ح 10 ص 345
السبكى:
انظر ح 1 ص 260
سحنون:
انظر ح 1 ص 261
السرخسى:
انظر ح 1 ص 261
سعد بن عبادة (توفى سنة 16 هـ):
سعد بن عبادة بن وليم الانصارى، سيد الخزرج يكنى ابا سالم، شهد العقبة وكان أحد النقباء وكان مشتهرا بالجود هو وأبوه وجده، وكان يحمل راية الانصار فى المعارك، مات بالبصرة وهى اول مدينة فتحت بالشام.
سعد بن معاذ (توفى سنة 5 هـ):
أنظر ح 3 ص 345
سعد بن أبى وقاص:
انظر ح 2 ص 353
سعيد بن جبير:
انظر ح 1 ص 261
سعيد بن زيد:
انظر ح 1 ص 261
سعيد بن المسيب:
أنظر ح 1 ص 261
سعيدة بنت عمير المتوفاة سنة 885 هـ):
سعيدة جارية أبى عبد الله الصادق وقنة أختا محمد بن أبى عمير.
سفيان الثورى:
أنظر ح 1 ص 252
سفيان بن عيينة:
أنظر ح 1 ص 261
ام سلمة:
أنظر ح 1 ص 261
ابن سلمون:
أنظر ح 2 ص 354
ام سليم (توفيت سنة 30 هـ):
أم سليم بنت ملحان بن خالد ابن زيد بن حرام الانصارية واختلف فى اسمها وهى أم أنس بن مالك خادم الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت هى واختها خالتين لرسول الله من جهة الرضاع.
سمرة بن جندب (المتوفى قبل سنة 60 هـ):
ابن هلال بن جريج الغزارى يكنى ابا سليمان كان من خلفاء الانصار وكان غلاما على عهد النبى صلى الله عليه وسلم نزل البصرة وكان زياد يستخلفه عليها اذا سار الى الكوفة وكان شديدا على الخوارج.
سمرة بن جناده ابن جندب:
له صحبة وكان مع سعد بن أبى وقاص بالمدائن وتزوج أخت سعد ثم نزل الكوفة ومات فى ولاية عبد الملك.
ابن السمعانى (توفى سنة 510 هـ):
محمد بن منصور بن عبد الجبار، التميمى السمعانى أبو بكر، فقيه محدث له علم بالتاريخ والانساب وله كتب فى الحديث والوعظ مولده ووفاته بمرو، من كتبه الامالى مائة وأربعون مجلدا، وهو والد عبد الكريم صاحب الانساب.
ابن السمعانى (توفى سنة 562 هـ):
عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمى السمعانى مؤرخ رحالة من حفاظ الحديث مولده ووفاته بمرو من كتبه الانساب وتذييل تاريخ بغداد. وتاريخ وفاة للمتأخرين من الرواة، وله كتاب تبيين المعانى فى لطائف القرآن الكريم.
سند:
أنظر ح 3 ص 347
سهل بن سعد:
أنظر ح 3 ص 347
سهل بن بيضاء:
أنظر ح 9 ص 375
سهيل:
أنظر ح 2 ص 354
سودة:
زوج الرسول عليه الصلاة والسلام أنظر ح 2 ص 354
سيرين:
أخت مارية القبطية أنظر ج 9 ص 375
ابن سيرين:
أنظر ح 1 ص 262
السيوطى:
أنظر ح 1 ص 262
حرف الشين:
ابن شاس:
أنظر ح 2 ص 354
الشاشى:
أنظر القفال ح 1 ص 272
الشافعى:
أنظر ح 1 ص 262
الشبراملسى:
أنظر ح 1 ص 262
الشرنبلالى:
أنظر ح 1 ص 262
شريح:
أنظر ح 1 ص 263
شريك (توفى سنة 177 هـ):
شريك بن عبد الله بن الحارث النخعى الكوفى أبو عبيد الله عالم بالحديث فقيه اشتهربقوة ذكائه وسرعة بديهته استقضاه المنصور العباسى على الكوفة سنة 153 هـ ثم عزله واعاده المهدى فعزله موسى الهادى وكان عادلا فى قضائه مولده فى بخارى ووفاته بالكوفة.
الشروانى:
الشيخ عبد الحميد الشروانى نزيل مكة له حاشية على تحفة المحتاج بشرح المنهاج كتب فى آخرها وكان الفراغ من مسودة هذه الحاشية فى النصف الثانى من ربيع الثانى سنة 1289.
شعبة:
أنظر ح 1 ص 363
الشعبى:
أنظر ح 1 ص 263
شمس الائمة السرخسى:
أنظر «السرخس» ج 1 ص 261.
شهاب الدين احمد:
أنظر «القرافى» ح 1 ص 272
ابن شهاب (توفى سنة 350 هـ):
ابراهيم بن محمد، من علماء الكلام، من اهل بغداد، له كتاب مجالس الفقهاء ومناظرتهم نحو 40 ورقة.
ابن شهاب (توفى سنة 428 هـ):
الحسن بن شهاب بن الحسن ابن على القلبرى، من العلماء العارفين بالفقه والادب. له مصنفات فى الفقه والفرائد.
الشوكانى:
أنظر ح 1 ص 263
حرف الصاد:
الصادق:
أنظر ح 1 ص 263
صالح:
أنظر صالح بن احمد ح 1 ص 264.
الصاوى:
أنظر ح 1 ص 264
ابن الصباغ:
أنظر ح 2 ص 355
الصدر الشهيد:
أنظر ح 1 ص 264
الصدفى (توفى سنة 264 هـ):
أنظر يونس بن عبد الاعلى
الصدوق:
أنظر ح 2 ص 355
صعصعة بن صوحان (توفى سنة 60 هـ):
صعصعة بن صوحان بن حجر ابن الحارث العبدى من سادات عبد القيس من أهل الكوفة، كان خطيبا بليغا، شهد صنين مع على رضى الله عنه، مات فى البحرين، وقيل مات فى الكوفة.
الصفار:
أنظر ح 3 ص 348
الصفتى:
أنظر ح 1 ص 264
الصيرفى:
أنظر ح 1 ص 264
الصيدلانى:
أنظر ح 4 ص 367
الصيمرى:
أنظر ح 7 ص 393
حرف الضاد:
الضحاك:
أنظر ح 5 ص 372
الضحاك (المتوفى سنة 106 هـ):
أنظر ح 5 ص 372
ضباعه بنت الزبير:
أنظر ح 3 ص 348
حرف الطاء:
طارق المحاربى:
صحابى أنظر ح 9 ص 377
ابو طالب:
أنظر ح 1 ص 264
طاووس:
أنظر ح 2 ص 356
الطبرانى:
أنظر ح 1 ص 265
الطحاوى:
أنظر ح 1 ص 265
طلحة بن عبد الله (صحابى):
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب القرشى، ويكنى بأبى محمد ويعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض ولما قدم طلحة المدينة آخى الرسول بينه وبين كعب ابن مالك، لم يشهد بدر او شهد أحدا وما بعدها ووقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أحد وهو احد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى، قتله مروان بن الحكم يوم الجمل وقد نيف على الستين من عمره.
ابو طلحة:
صحابى توفى سنة 31 هـ وقيل 51 هـ أنظر ح 3 ص 349
الشيخ الطوسى:
أنظر ح 1 ص 265
ابو طيبة (صحابى):
أنظر ح 3 ص 349
الطحطاوى:
أنظر ح 1 ص 365
حرف العين:
السيدة عائشة:
أنظر ح 1 ص 265
العاصمى:
أنظر ح 1 ص 386
عامر بن ربيعة (توفى سنة 32 هـ):
عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة بن عامر بن سعد ابن عبد الله بن الحارث ابن رفيدة بن عنز بن وائل العنزى وقيل فى نسبة غير ذلك وعنز بسكون النون أخو بكر بن وائل ابو عبد الله حليف بنى عدى ثم الخطاب والد عمر ومنهم من ينسبه الى مذجح كان أحد السابقين الاولين وهاجر الى الحبشة ومعه امرأته ليلى بنت أبى خيثمة ثم هاجر الى المدينة أيضا وشهد بدرا وما بعدها وله رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم من طريق أبيه عبد الله ومن طريق عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وأبى اسامة بن سهل وغيرهم وذلك فى الصحيحين وغيرهما وكان صاحب عمر لما قدم الجابية واستخلفه عثمان على المدينة لما حج مات سنة اثنين وثلاثين وقيل ان موته كان بعد مقتل عثمان بأيام وقيل فى وفاته غير ذلك
أبو العالية (المتوفى سنة 93 هـ):
السياحى مات سنة 93 تابعى رفيع بن مهران البصرى الفقيه المقرى مولى - رأى أبا بكر وقرأ القرآن على بن كعب وسمع عليا وعائشة وعنه كثيرون.
العاملى:
أنظر ح 1 ص 265
ابن عباده (المتوفى سنة 181 هـ):
أنظر ح 5 ص 372
ابو العباس:
أنظر ح 1 ص 266
ابن عباس:
أنظر «عبد الله بن عباس» ح 1 ص 267.
عبد الباقى (توفى سنة 1099 هـ):
عبد الباقى بن يوسف بن احمد الزرقانى: فقيه مالكى، ولد ومات بمصر من كتبه «شرح مختصر سيدى خليل» فقه، اربعة اجزاء و «شرح الغربة» و «رسالة فى الكلام على اذا» .
ابن عبد البر:
أنظر ح 1 ص 266
عبد الحق:
أنظر ح 6 ص 387
العبدرى (المتوفى سنة 582 هـ):
أنظر ح 10 ص 399
عبد الرحمن:
أنظر ابن القاسم ج 1 ص 271
ابن عبد الرحمن (توفى سنة 589 هـ):
أنظر ح 9 ص 379
عبد الرحمن بن ايزى (صحابى):
عبد الرحمن بن ابزى الخزاعى مولاهم واما عبد الرحمن فقال خليفة ويعقوب ابن سفيان والبخارى والترمذى وآخرون له صحبة وقال أبو حاتم أدرك النبى صلى الله عليه وسلم خلفه وقال البخارى هو كوفى واخرج بن سعد وابو داود بسند حسن الى عبد الرحمن ابن ابزى أنه صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم «الحديث» وقال ابن السكن استعمله النبى صلى الله عليه وسلم على خراسان واسند من طريق جعفر ابن ابى المغيرة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى قال:
شهدنا مع على ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة ثمانمائة نفس بصفين.
فقتل منا ثلاثمائة وستون نفسا وذكره ابن سعد فيمن
مات مع النبى صلى الله عليه وسلم وهم أحداث وثبت فى صحيح البخارى من رواية بن أبى المجالد انه سأل عبد الرحمن بن ابزى وبن أبى أو فى عن السلف فقالا كنا نصيب الغنائم مع النبى صلى الله عليه وسلم وفى صحيح مسلم ان عمر قال لنافع بن عبد الحرث الخزاعى من استعملت على مكة قال عبد الرحمن بن ابزى قال استعملت عليهم مولى قال انه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض واخرجه أبو على من وجه آخر وفيه انى وجدته اقرءهم لكتاب الله وافقههم فى دين الله وسكن عبد الرحمن بعد ذلك بالكوفة.
ابن عبد السّلام:
أنظر «عز الدين بن عبد السّلام» ح 1 ص 268
ابن عبد السّلام: أنظر محمد بن عبد السّلام ابن يوسف المالكى ح 1 ص 266
عبد العزيز بن عبد الله بن اسيد:
صحابى أنظر ح 10 ص 399
ابن عبد العزيز:
أنظر ح 9 ص 379
ابو عبد الله:
أنظر ح 6 ص 387
عبد الله بن ابى أوفى:
أنظر ح 6 ص 387
عبد الله بن حميد:
أنظر ح 10 ص 399
ابو عبد الله: أنظر «أحمد بن حنبل» ح 1 ص 255
عبد الله بن جعفر:
أنظر ح 3 ص 350
عبد الله بن الحارث:
أنظر ح 4 ص 368
عبد الله الحسين (توفى سنة 412 هـ):
ابن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث التميمى المعلم امام مسجد بن زغبان احد فقهاء الحنابلة. حدث عن بن سماك والنقاش.
عبد الله بن عباس:
أنظر ح 1 ص 267
ابو عبيد (توفى سنة 319 هـ):
ابو عبيد بن عربوية على بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادى الشافعى وهو من ائمة اصحاب الشافعى واصحاب الوجوه قاضى مصر وهو من تلامذة ابى ثور وداود الظاهرى توفى ببغداد وصلى عليه ابو سعيد الاصطخرى.
ابو عبيد بن سلام البغدادى وهو معدود فيمن اخذ الفقه عن الشافعى وكان اماما فى علوم كثيرة منها القراءات والحديث والتفسير والفقه واللغة اقام ببغداد وولى قضاء طرسوس ثم سكن مكة حتى مات بها وقد صنف كثيرا من الكتب فى كل فن.
ابن عتبة:
سنة 98 هـ:
أنظر ح 2 ص 357
عتبة بن ابى وقاص:
أنظر ح 2 ص 357
عثمان بن مظعون:
أنظر ح 1 ص 268
العدوى:
أنظر الدردير ح 1 ص 257
عدى بن ثابت المتوفى سنة 116 هـ):
الانصارى الكوفى تابعى كوفى روى عن البراء بن عازب وعنه أبو اسحاق السبيعى والأعمش وشعبة وغيرهم كان من الثقاة مات فى ولاية خالد على العراق سنة 116 هـ.
عدى بن حاتم الطائى:
أنظر ح 1 ص 268
ابن عرفة:
أنظر ح 1 ص 268
عروة بن الزبير (المتوفى سنة 94 هـ):
أنظر ح 5 ص 373
عطاء:
أنظر ح 2 ص 357
عطاء الخراسانى:
أنظر ح 2 ص 358
عطاء بن ابى رباح:
أنظر ح 2 ص 358
عقبة بن عامر:
أنظر ح 3 ص 351
عقبة بن ابى معيط:
أنظر ح 9 ص 280
على بن ابراهيم:
على بن ابراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن على بن الحسن بن على بن ابى طالب ابو الحسن الجوانبى بفتح الجيم وتشديد الواو ثقة صحيح الحديث خرج مع ابى الحسن عليه السلام الى خرسانة.
على بن جعفر:
أنظر ح 10 ص 400
على خليل:
أنظر ح 10 ص 400
على بن ابى طالب:
أنظر ح 1 ص 269
ابو على الطبرى توفى سنة (350 هـ):
انظر ح 10 ص 400
ابو على النجاد:
أنظر ح 4 ص 373
على بن يحيى الوشلى توفى سنة 777 هـ:
على بن يحيى بن حسن بن راشد الوشلى الزيدى العلامة المذاكر من ذرية سلمان الفارسى رضى الله عنه كان علامة حجة فى المذهب مولده سنة 662 هـ وله تصانيف منها الزهرة على اللمع وقيل ان له اللمعة غير لمعة الجلال وقال انه لم يضع شيئا فى كتبه الا ما كان مذهبا للهادى وكان الفقيه على رحمه الله صاحب فضل وورع كبير توفى بصعدة سنة سبعمائة وسبع وسبعين قال الفقيه يوسف من ورعه انه وعد رجلا بكراء حانوت لمسجد سعدة فجاء آخر فبدل زيادة فاكراه من الاول وفاء بما وعد وكان يسلم الزائد من ماله رحمه الله.
ابن العماد:
انظر ح 3 ص 352
العمادى:
أنظر ح 6 ص 389
عمار بن موسى الساباطى:
عمار بن موسى الساباطى كان فطحيا له كتاب كبير جيد معتمد رويناه بالاسناد الاول عن سعد وقد عده الشيخ المفيد رحمه الله فى رسالته فى الرد على اصحاب العدد من الفقهاء اصحاب ابى جعفر وابى عبد الله والاعلام الرؤساء والمأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق الى ذم واحد منهم وهم اصحاب الاصول المدونة والمصنفات المشهورة.
عمر بن الخطاب:
أنظر ح 1 ص 269
ابن عمر:
أنظر عبد الله ح 1 ص 267
ابو عمر:
انظر ح 2 ص 359
عمران بن الحصين:
انظر ح 2 ص 359
عمران بن على:
عمران بن على بن ابى شعبة الحلبى الكوفى من اصحاب الصادق وثقه النحاشى وفى الخلاصة انه ثقة لا يطعن عليه وكنيته ابو الفضل.
عمرو بن حزم:
أنظر ح 1 ص 269
عمرو بن العاص:
أنظر ح 3 ص 352
عياض:
أنظر القاضى عياض ح 2 ص 362
عيسى بن دينار:
أنظر ح 2 ص 359
عيسى بن علال:
أنظر ح 2 ص 359
عيسى بن عبد الرحمن السكتانى:
أنظر ح 2 ص 359
العينى:
أنظر ح 1 ص 270
حرف الغين:
ابن غازى (المتوفى سنة 919 هـ):
محمد بن احمد بن محمد بن على بن غازى العثمانى المكناس ابو عبد الله، مؤرخ، حاسب فقيه من فقهاء المالكية من بنى عثمان ولد فى مكناسة بالمغرب الاقصى واقام زمنا فى كتامة ومات بفاس له: الروض الهتون فى اخبار مكناسة، الفهرسة المباركة فى اسماء محدثى فاس وكتابها، وكليات فقهية على مذهب المالكية.
ونظم نظائر رسالة القيروانى.
الغامدية:
أنظر ح 2 ص 360
الغزالى:
أنظر ح 1 ص 267
الغزى:
أنظر ح 6 ص 389
غيلان بن سلمة توفى (سنة 23 هـ):
غيلان بن سلمة الثقفى حكيم شاعر، أدرك الاسلام واسلم يوم الطائف وعنده عشر نسوة فأمره النبى صلى الله عليه وسلم فاختار اربعا فصارت سنة وهو ممن وفد على كسرى واعجب كسرى بكلامه.
حرف الفاء:
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنظر ح 1 ص 271
فاطمة بنت ابى حبيش:
أنظر ح 5 ص 274
الفارابى:
أنظر ح 6 ص 389
الفاكهانى المتوفى سنة 734 هـ:
أنظر ح 5 ص 374
الامام فخر الاسلام المتوفى سنة 482 هـ:
أنظر ح 5 ص 374
الفراء:
أنظر ح 1 ص 271
الفنرى:
أنظر ح 2 ص 360
ابن ابى الفوارس:
أنظر ح 2 ص 360
حرف القاف:
ابن القاسم:
أنظر ح 1 ص 271
القاسم:
أنظر ح 1 ص 271
القاسم بن عبد الرحمن:
أنظر ح 4 ص 370
القاسم بن محمد:
أنظر ح 3 ص 352
القاضى:
أنظر ح 2 ص 261
القاضى ابو بكر (توفى سنة 361 هـ):
محمد بن احمد بن شاهويه ابو بكر القاضى الفارسى سمع ابا خليفة القاضى وزكريا بن يحيى الساجى واقرأنهما وقد كان امام نيسابور زمانا ثم خرج الى بخارى وكان يدرس فى مدرسة أبى حفص الفقيه ثم انصرف الى نيسابور وحدث بها ومات بنسابور.
القاضى ابو بكر الباقلانى:
أنظر الباقلانى ح 1 ص 250
القاضى اسماعيل:
أنظر ح 4 ص 370
القاضى حسين:
أنظر ح 5 ص 376
القدورى:
أنظر ح 1 ص 272
القرافى:
أنظر ح 1 ص 272
ابن القصار:
أنظر ح 3 ص 354
ابن القطان:
أنظر ح 3 ص 354
القفال:
أنظر ح 1 ص 272
القمى (المتوفى سنة 1231 هـ):
ابو القاسم بن محمد حسين القمى فقيه من علماء الامامية، يلقب بالميرزا القمى، له مؤلفات كثيرة بالعربية والفارسية منها: القوانين فى الاصول والغنائم فى الفقه ومعين الخواص مختصر فى الفقه وكتاب القضاء، وله رسائل كثيرة جدا.
القهستانى:
أنظر ح 2 ص 362
قيس بن الحارث:
أنظر ح 4 ص 370
ابن القيم:
أنظر ح 1 ص 273
حرف الكاف:
الكاسانى:
أنظر ح 1 ص 273
الكافى:
أنظر ح 5 ص 376
الكردرى (المتوفى سنة 642 هـ):
محمد بن محمد بن عبد الستار ابو الوجد شمس الائمة العمادى الكردرى من علماء الحنفية، من اهل بخارى ووفاته بها من كتبه الرد والانتصار فى الذب عن الامام أبى حنيفة وذكر مناقبه، ومختصر فى فقه الحنفية.
الكرخى:
أنظر ح 1 ص 273
الكرمانى:
أنظر ح 3 ص 354
الكمال:
أنظر ح 1 ص 273
ابن كمال باشا:
أنظر ح 6 ص 390
الكنى:
أنظر ح 6 ص 390
حرف اللام:
اللخمى:
أنظر ح 1 ص 274
اللقانى:
أنظر ح 1 ص 391
لقمان الحكم:
أنظر ح 8 ص 380
لقيط بن صبره:
أنظر ح 8 ص 381
ابو الليث:
أنظر ح 1 ص 274
ابن لهيعة (المتوفى سنة 174 هـ):
عبد الله بن لهيعة بن فرعان الحضرمى المصرى ابو عبد الرحمن: قاضى الديار المصرية وعالمها ومحدثها فى عصره.
قال الامام احمد بن حنبل ما كان محدث مصر الا ابن لهيعة وقال الذهبى كان ابن لهيعة من الكتاب للحديث والجماعين للعلم والرحالين فيه توفى بالقاهرة.
حرف الميم:
المؤيد بالله:
أنظر ح 1 ص 275
مالك:
أنظر ح 1 ص 275
الماوردى:
أنظر ح 1 ص 278
مسلم:
أنظر ح 1 ص 276
ابو مسعود الانصارى (المتوفى سنة 40 هـ):
عقبة بن عمرو بن ثعلبة الانصارى البدرى أبو مسعود من الخزرج صحابى شهد العقبة واحد وما بعدها ونزل بالكوفة وكان من اصحاب على فاستخلفه عليها وتوفى فيها.
له مائة حديث وحديثان.
مطرف:
أنظر ح 2 ص 364
معاذ:
أنظر ح 1 ص 276
ابن المنذر:
أنظر ح 1 ص 277
المنصور بالله:
أنظر ح 1 ص 277
ابن منظور (المتوفى سنة 711 هـ):
مكرم بن على، ابو الفضل جمال الدين بن منظور الانصارى الافريقى صاحب لسان العرب، الامام اللغوى الحجة من نسل رويفع بن ثابت الانصارى ترك بخطة نحو خمسمائة مجلد وعمى فى آخر عمره، من كتبه: لسان العرب ومختار الأغانى ومختصر مفردات ابن البيطار وغير ذلك.
منلا خسرو (المتوفى سنة 885 هـ):
محمد بن فراموز بن على، المعروف بملا، او منلا او المولى - خسرو عالم بفقه الحنفية والاصول، رومى الاصل اسلم أبوه ونشأ هو مسلما فتبحر فى علوم المعقول والمنقول، وتولى التدريس فى زمان السلطان محمد بن مراد، من كتبه: درر الحكام فى شرح غرر الاحكام ومرقاة الوصول فى علم الاصول وحاشية على التلويح فى الاصول وغير ذلك
المهدى أحمد بن الحسين (المتوفى سنة 656 هـ):
احمد بن الحسين بن احمد بن القاسم الحسنى الامام المهدى الشهيد، بايعه الناس رغبة ورهبة ثم نكثوا بيعته وحاربوه وقتلوه، له كرامات عظيمة، سيرته مشهورة، كان مجتهدا.
ابن المواز:
أنظر ح 1 ص 278
المواق:
أنظر ح 1 ص 365
موسى بن بكر الواسطى:
فقيه امامى، من اصحاب الصادق والكاظم أصله كوفى، له كتاب روى عن أبى عبد الله
ابو موسى الاشعرى:
أنظر ح 1 ص 278
موسى بن على:
أنظر ح 6 ص 292
الميرغينانى:
أنظر ح 1 ص 275
حرف النون:
الناصر:
أنظر ح 1 ص 278
الناطفى:
أنظر ح 1 ص 278
نافع:
أنظر ح 1 ص 278
ابن نجيم:
أنظر ح 1 ص 279
النسائى:
أنظر ح 1 ص 279
نصر بن يحيى (المتوفى سنة 268 هـ):
نصر بن يحيى البلخى أخذ الفقه عن ابى سليمان الجوزجانى عن محمد بن الحسن وكان معاصرا لمحمد بن سلمة وزامله فى الدرس على الجوزجانى.
النهروانى (المتوفى سنة 556 هـ):
ابراهيم بن دينار بن أحمد النهروانى الرزاز ابو حكيم فرضى. اى من المتخصصين فى التوريث - من فقهاء الحنابلة من أهل بغداد له تصانيف فى الفقه والفرائض منها «شرح الهداية وغيرها»
النهروانى (المتوفى سنة 917 هـ):
أنظر المعانى النهروانى ح 1 ص 276
النووى:
أنظر ح 1 ص 279
حرف الهاء:
الهادى عليه السلام:
أنظر ح 1 ص 280
أبو هريرة:
أنظر ح 1 ص 280
الهندوانى:
أنظر ابو جعفر ح 1 ص 253
حرف الواو:
وائل بن حجر:
أنظر ح 4 ص 374
وابصه بن معبد:
أنظر ح 10 ص 404
واقد بن عمر:
هو واقد بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب روى عن ابيه حديث لا تمنعوا النساء المساجد.
الولواجى:
أنظر ح 8 ص 382
ابن وهب:
أنظر ح 2 ص 366
حرف الياء:
يحيى بن حمزه:
أنظر ح 1 ص 280
يحيى بن يحيى:
أنظر ح 1 ص 281
ابن يسار:
أنظر ح 2 ص 366
يعقوب بن بختان:
أنظر ح 2 ص 366
ابو يوسف:
أنظر ح 1 ص 281
ابن يونس:
أنظر ح 1 ص 281