الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب: موسوعة القبائل العربية بحوث ميدانية وتاريخية
المؤلف: محمد سليمان الطيب
الناشر: دار الفكر العربي
(تعليق الشاملة): ذكر المؤلف في المقدمة أنها الطبعة الثالثة
وأعوام نشرها كالتالي، كما على أغلفة المجلدات
جـ 1 - 6: 1421 هـ - 2001 م
جـ 7: 1423 هـ - 2002 م
جـ 8: 1424 هـ - 2003 م
جـ 9 و 10: 1425 هـ - 2004 م
جـ 11 و 12: 1431 هـ - 2010 م
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق الله العظيم
[سورة الحجرات]
الإهداء
* إلى الشعب العربي الكريم متمثلًا في قبائله العربية الأصيلة والعريقة من بني عدنان وبني قحطان.
* إلى سائر الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج.
* إلى كلّ من يعتز بعشيرته، وقبيلته، وقومه، وبلاده العربية العزيزة، ويسعى دومًا لمجد أمته وعزتها ورفعتها بين الأمم.
* إلى هؤلاء جميعًا من بني جلدتي الأعزاء .. أهدي هذه الموسوعة لسرد تاريخ وأنساب القبائل العربية، بتجميع دقيق من أشهر الكتب والمخطوطات لكبار النسَّابين والمؤرخين حديثًا وقديمًا؛ مهتديًا بالبحوث الميدانية لتصحيح ما اعترى مصنفات بعض محققي العصر من خطأ أو سهو أو نسيان. وكذلك لإظهار الترابط الدموي والعرقي بين العناصر أو القبائل العربية في شتى البلاد العربية في المشرق والمغرب العربي في قارتي آسيا وإفريقيا، عبر ما يزيد على ألف وخمسمائة عام.
حفظ الله بلادنا العربية وعامة بلاد المسلمين.
محمد سليمان الطيب
تنويه
أُقدِّم اعتذاري للقارئ العزيز عن الطبعة الثانية للمجلَّدات من واحد إلى خمسة عام 1418 هـ / 1997 م من موسوعة القبائل العربية، وذلك لما اعتراها من سهو أو نقص في بعض المعلومات عن أنساب وتواريخ بعض القبائل المُرشَّحة في هذه المجلَّدات، فقد حالت ظروفي وإمكانياتي المتواضعة حينئذ أن أُلمَّ بجميع التفصيلات عن هذه القبائل في هذا المصنَّف الموسوعي الضخم، والذي سيكون منهلًا ترتوي منه الاجيال العربية في الحاضر والمستقبل إن شاء الله تعالى.
ويعلم الله سبحانه وتعالى كم كابدت وعانيت من جرَّاء الخوض في هذا العلم الشاف، وكم اعترضتني الصعاب والعقبات في طريقي الوعر .. ورغم هذه المعاناة فما زلت صادق العزم، بل ومُجنِّدًا نفسي لهذه الرسالة العلمية والتاريخية الخالدة لإخراج المزيد من المجلَّدات في الموسوعة خلال السنوات القادمة؛ لتجمع بإذن الله قبائل العرب من المحيط إلى الخليج.
وحقًّا، فقد كان نشر المجلَّد الأول في طبعته الأولى ثم ما تلاه من مجلَّدات في الطبعة الثانية بادرة خير، حيث تلقيت العديد من الملاحظات والإضافات والاستدراكات الهامة من أبناء القبائل في أنحاء وطننا العربي الكبير، مما دفعني إلى عمل المزيد من البحوث الميدانية خلال الثلاث سنوات المنصرمة، إلى جانب اقتناء العديد من المراجع التاريخية الهامة في هذا المضمار، وكانت نتيجة ذلك هو جني ثمرة هذا الجهد المضني والوافر وإخراج هذه الطبعة الثالثة المزيدة والمُنقَّحة التي بين أيديكم عام 1421 م / 2001 م.
وقد قُسِّمت الموسوعة في هذه الطبعة إلى قسمين: القسم الأول يتناول القبائل العربية التي لها امتداد في إفريقيا (مصر والسودان وبلاد المغرب العربي). وستكون في الوقت الحاضر ثلاثة مجلَّدات ضخمة، وسيستدرك بها مجلَّدين أو ثلاثة في المستقبل إن شاء الله لإكمال باقي القبائل العربية في بلاد المغرب والسودان.
أما القسم الثاني فيبدأ من المجلَّد الرابع حتى السابع ويتناول القبائل العربية في الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق وستكونا في الوقت الحاضر أربعة مجلَّدات ضخمة؛ وسيلحق بها ثمانية مجلَّدات أخرى مستقبلًا إن شاء الله لإكمال باقي القبائل في الأقطار العربية بالمشرق العربي.
وهكذا سنسير على الطريق بحول الله لإنتاج باقي مجلدات الموسوعة تباعًا، ومن سار على الدرب وصل.
والله المستعان وبه تعالى التوفيق،
(صاحب الموسوعة)
محمد سليمان الطيب
القاهرة في ديسمبر 2000 م/ شوال 1421 هـ
مقدمة الكتاب
قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلَّم العلم وعلَّمه"، وقال أيضًا:"أعوذ باللّه من علم لا ينفع" صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وإن شاء الله تعالى، هذا العلم الجليل القدر، والذي أخذني حب جارف للتعمق والغوص فيه، ونَهْل المزيد منه عبر سنوات طويلة، سوف ينفع الله بي بني أُمتي وبني جلدتي وقومي الأعزاء الذين أنا فرد منهم، يسعدني ما يسعدهم. وهذا العلم ينمي عند قومي - العرب - الاعتزاز بأنفسهم، وعروبتهم المجيدة، وجذورهم، وفعالهم، ومعدنهم الكريم، والفخر بتاريخ أجدادهم وماضيهم التليد؛ ليكون العرب بحق: خير أمة أخرجت للناس، بعد أن اختارهم الله ليرفعوا راية الحق والعدل والدين القويم لباقي الأمم، وليكن العرب أحرص ما ينبغي بينهم في السعي دومًا وراء الفضيلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليكونوا قدوة حسنة لسائر المسلمين بل والبشر أجمعين.
وإن علم النسب وتاريخ القبائل وتعريفه للناس أرى فيه العلم الذي يؤلف أبناء المجتمع ولا يُنفِّرهم، ويجعلهم كثر تماسكًا واحترامًا وتقديرًا لأنفسهم أولًا ولغيرهم من إخوانهم العرب ثانيًا، ويُقرِّبهم ولا يباعد بينهم. وإن ذلك نراه في حكمة الخالق سبحانه وتعالى أن جعل النّاس شعوبًا وقبائل مختلفة؛ ليتعارفوا فيما بينهم، ولعلَّ الهدف الأساسي الذي يرمز له مولانا سبحانه وتعالى من وراء هذا التعارف أو ذلك التآلف هو غاية نبيلة يأمرنا بها الله عز وجل، ألا وهي الاختلاط مع الآخرين وليس الانطواء والانعزال، لإثارة غريزة التنافس بين القبائل والشعوب في فعل الخير، وتقليد الشِّيم، والعادات الكريمة، ونبذ الآخرى غير المستحبة أو غير النبيلة؛ لأنَّ الله جَبَل النّاس على الخير وفعله وجعله في الفطرة الإنسانية؛ ولأن الشيء القبيح أو المكروه والسعى ينفر منه النّاس، وتزدريه النفوس البشرية، وتبغضه القلوب، وترفضه العقول، هذا في البشر بصفة عامة.
ونحن العرب أولى النّاس في التمسُّك بالخير، ونبذ الشر وكل ما هو مُشين بعد أن هدانا الخالق بنور القرآن وبعث فينا خير الوري، وقد اصطفاه منا - نحن العرب - دون سائر الأمم، ليظهر دين الحق ويبين الشريعة السمحاء التي يريدها
عزَّ وجلَّ لهداية البشرية، ونحمد الله على نعمائه أبين فَضَّلنا على سائر خلقه بنبيه خاتم وأشرف المرسلين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم من رب العالمين
…
وكما أن النّاس معادن مختلفة تنعكس دائمًا على طباعهم، فقد خلقهم تبارك وتعالى درجات بعضها فوق بعض، سواء في الرزق أو في البنين أو الجاه والسلطان أو في الحسب والأصل الكريم، وهذا التفاوت الطبقي بين النّاس حتى يُعرِّفنا الله الحامد من الساخط، والصالح من الطالح، والكريم من اللئيم، والشجاع من الرعديد، والجيد من الرديء، وحتى تسير مركب الحياة على كوكب الأرض بعبقرية إلهية وحكمة لا يدركها العقل البشري.
وكما يُقال وتؤكد التجربة بأن أصل الإنسان فعله
(1)
، أي أن الفعال الكريمة هي ترجمة حقيقية واقعية لنقاء الأصل والمعدن، وطيب الجذور، وكرم الحسب والنسب، فالتبر خير المعادن وفعل الرجال بأصلهم كانَ. وهذه بديهية مُسلَّم بها وقد قالها نبينا الكريم:"النّاس معادن وخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام لو فُقِّهوا". وفي نظري أن الفطرة تتغلب دائمًا على طباع النّاس، وتُحرِّك الحميَّة في دمائهم، وتثير النخوة في عقولهم، وتولِّد الإنفة والإباء والشمم في سدوكهم بصفة عفوية تلقائية، وكما يقول المثل العربي:"العرق يمد حتى سابع جد". فحتى لو كان أحدهم أو بعضهم جاهلًا لبعض نسبه، أو حسبه الرفيع، نجد أن الفطرة التي جُبِل عليها ذلك الفرد أو تلك الجماعة مهما كانت عوامل البيئة المحيطة تؤثر قطعًا في السلوك والوجدان، وغالبًا ما نرى بوضوح في مثل هؤلاء، الاعتزاز بالنفس والتحلي بالشِّيم الكريمة والطّوْلات المُشرِّفة التي ترفع الرءوس شامخة، وهذا دائما واضح المعالم عند ذوي المعادن الكريمة، والأحساب الرفيعة، والتي قد تكون مجهولة. لهم ولغيرهم من المخالطين لهم في المجتمع، وهذا لأنَّ المعدن الكريم والنفيس يبقى كما هو ولا يفقد قيمته مهما ران عليه الزمن، فالذهب مهما أحاط به الغُبار نفيس لا يعلوه صدأ، وإعادة البريق إليه وتنقيته سهلة ميسورة ولا تحتاج
(1)
يقول المثل العربي: أصل الفتى فعله.
وهناك مثل في معناه يقول: كلّ إناء ينضح مما فيه.
وقال قائل: ما يُبنى البيت إلَّا وله عمد
…
ولا عماد إذ لَمْ ترس أوتاد
إلى كبير عناء ولا غير الحدادين، بل فقط لمسات فنية رقيقة من أهل الجوهر والمعادن الكريمة؛ ولذلك فإن الباحثين والمحققين العرب من ذوي الفطن والنظرة الثاقبة لا يكلِّون ولا يتوانون عن البحث والتنقيب عن أصول وأحساب هذه العشائر أو تلك القبائل، لما أنَّها تشتهر بفعالها المكريمة، وقد يلحقها تضارب أو التباس أو تجنٍ أو تشكيك في نقاء وكرم عنصرها أو شرف نسبها - وحسبها بين العرب -.
والباحثون مهما اختلفوا في التحقيقات أو الإسناد التاريخي بخصوص أنساب أو تاريخ مثل هذه القبائل، فإنهم حتمًا بلا ريب يكملون بعضهم البعض كالبنيان المرصوص. فمن أبدع وتألق في السرد أو البحث عن قبيلة أو عن عدة قبائل معينة، وقد ترك قبيلة أو عدة قبائل أخرى دونما إيضاح في تاريخها أو حسم بيان عنصرها أو نسبها، حيتثذ يهبُّ باحث آخر يكمل ما نقص عنده، ويتألق في ذلك، كما تألق زميله؛ ومن هنا يكون الكمال والإنصاف شاملًا لجميع عناصر المجتمع القَبَلي؛ وهذا العدل من إعطاء كلّ ذي حق حقه، يرضاه الله قطعًا، ويحبه المجتمع وتسعد به نفوس النّاس من أبناء مجتمعنا الذي هو مثل العضو الواحد كما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما معناه: إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحُمى. وهكذا نجني الثمرة الطيبة وهي محو الغبن والضغينة بيننا نحن العرب، وأصعب غُبن هو ظلم النّاس في أنسابها أو التعاليِ عليهم رغم رفعتهم، وقال الله تعالى في كتابه العزيز: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ
…
(11)} [الحجرات: 11]. فإذا تجنبنا الغُبن بيننا في هذا الشيء كانت نعم المروءة، وأين تكون المروءة إن لَمْ تكن فينا نحن العرب؟! والباحثون هم الذين يحسمون أو يدفعون الظلم في هذا المجال، ولأن الباحث لابد له من التمسك بالحق لأنه قدوة المجتمع كله، فهو وأقرانه يفيضون بنفحات المُثل العليا والعلم، وذلك بعرض تلك الأمور في مصنفات كلّ منهم لكافة طوائف المجتمع، وهكذا العلماء والباحثون هم الذين ينيرون للمجتمع كله ويظهرون الحق، فبهم يهتدي الضال، ويعرف الجاهل ما لم يعرفه عن نفسه أو عشيرته أو مجتمعه ككل بتاريخه وتراثه ومبادئه، والباحثون كالنجوم في السماء كلّ يضيء بقدر علمهُ الذي علَّمه الله له .. وكما أن أي باحث مثله كسائر البشر مُعرَّض للسهو والخطأ
والنسيان وليس معصومًا، ولا يمكن أن يستبد مخلوق بعلم الأنساب أو التاريخ للقبائل القديمة والحديثة جمعاء، كما أن الباحث بشر كسائر البشر، وعقله البشري له طاقة معينة لا يتعداها، وكما أن هناك أنسابًا وتواريخ وأحداثًا لا يمكن أن يضل فيها أحد إلى عين اليقين التام أو التأكيد لها، وسوف تظل مثل هذه الأشياء وحتى يوم القيامة في علم الواحد القهار علَّام الغيوب والذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ومهما أوتي عالم في أي مجال من العلوم من فراسة أو فطنة فلن يصل إلى قطرة في بحر علم الله الذي لا حدود له ولا نهاية، وإنه بقدر مجهود الباحث وراء العلم وبقدر مجالدته وتفكيره يفتح الله على هذا الباحث كما يريد الله له وبقدر معلوم .. فسبحان الوهاب، يمنح لمن يشاء العلم، ويعطي لمن يشاء سحر البيان .. وحلاوة المنطق وجمال التعبير هما نعمة يهبهما الله ويمن بهما على بعض العلماء، لا كلهم، كي يكون علمهم غزيرًا وسلسبيلًا متدفقًا كالدرر، ويلقى في عقول النّاس استحسانًا وتهوي إليه قلوبهم وتتوق إلى النهل منه، والإقبال عليه، وقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن نفسه الكريمة ما معناه:"أنا مدينة العلم وعليٌّ بن أبي طالب بابها"، وقال أيضًا عن حلاوة المنطق وحسن الكلام:"إن من البيان لسحرًا" صدق رسول الله .. ولا بيان فوق القرآن العظيم الذي أعجز العرب أن يأتوا بآية واحدة مثله، وسيظل يعجزهم إلى آخر الزمان، رغم أن الله أعطاهم الفصاحة والبلاغة ونظم الشعر - بلغة الضاد - التي هي أقوى لغة تكلَّم بها بنو آدم على وجه الأرض، وندعوا ونبتهل إلى العلي القدير ونقول: اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا، وارزقنا بكل حرف من القرآن حلاوة وبكل كلمة كرامة وبكل آية سعادة وبكل سورة سلامة لنا في الدنيا والآخرة.
إن علم النسب من أصعب العلوم الإنسانية والاجتماعية مسلكًا، وأشدها وعورة، ومما يدلُّ على صعوبة هذا العلم الجليل القدر، هو أن أمة كبيرة كأمتنا العربية لَمْ يطرق منها باب هذا العلم سوى عشرات قلائل من الرجال، ومن تقصى منهم فقط هم الذين أفلحوا واشتهروا ونالوا أسمى آيات التشريف، وهم يُعدُّون على الأصابع، وما زالت مخطوطاتهم تُطبع أو تُحقق حتى الآن رغم مرور مئات السنين على بعضهم، وأبرزهم ابن الكلبي وابن حزم وابن خلدون والقلقشندي والسويدي وغيرهم فهم رجالات قلائل، أما أغلب الذين خاضوا في هذا العلم
فقد طواهم الزمان وخمد ذكرهم، وببساطة القول: "إن الأمر الواجب والحتمي لأي محقق أو باحث يريد التشريف والعرفان، والتقدير والخلود في التاريخ للأجيال أو أن يكتب له وسام بحروف من نور، لابد لهذا الباحث أن يتحرى جميع المصادر لا أن يتعصب لمصدرٍ واحد، وأن يمارس البحث الميداني بقدر المُستطاع كي يغوص في أخبار وأنساب القبائل وخاصة تلك الكيانات الحديثة في القرون الأخيرة، وحتى يأخذ البينة عن الثقات بعد أن يجمع رأيًا موحدًا في الروايات، والتي يتقارب فيها الصحيح المتفق عليه من عدة مصادر، وكما لابد للباحث في هذا المجال ميدانيًّا أن يتجنب أرباب الهوى الإمعات، حيث إن الشق الميداني هام ومفيد بالنسبة لمن يريد حسم الرأي فيما تضاربت فيه الأقوال، وتناقضت لتلك القبائل الحديثة التكوين والتي لَمْ يجمع فيها المحقِّقون رأيا مرجحًا على الأقل في أطوار نمائها الأولى. وكان دغفل بن حنظلة
(1)
النسابة الشهير الذي يُضرب به المثل في علمه وذكائه وجمال تعبيره في هذا الميدان، وتشبيهاته العبقرية لأسماء بطون وقبائل العرب في زمانه حتى يحفظها النّاس وتكون ممئر شهرة، ودغفل هو أحد بني شيبان ثم بني بكر بن وائل وهم من قبائل ربيعة بن نزار التي انضوت تحت اسم عَنزَة الآن.
ولما سأل معاوية بن أبي سفيان دغفل بن حنظلة بعد أن اختبره ووجده رجلًا علَّامة في أنساب العرب، فقال معاوية: بما نلت ذلك يا دغفل؟ أجاب بحكمة قائلًا: بلسان سئول وقلب عقول، وآفة العلم النسيان. ولدغفل موقف طريف ذكره التاريخ له وكتبه في مصنفه الريحان والريعان أبي القاسم محمد بن إبراهيم ابن خيره، فقد حكي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان في علم النسب للقبائل بالمقام الرفيع والجانب الأعلى والقدح المُعلَّي، وقد خرج مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوقف على قوم من ربيعة العدنانية فقال لهم أبو بكر: ممن القوم؟ قالوا له من ربيعة. قال: وأي ربيعة أنتم أمن هامتها أم لهازمها؟ قالوا من هاماتها العظمى. قال أبو بكر ومن أيِّها؟ قالوا من ذهل الأكبر قال أبو بكر: أفمنكم بسطام بن قيس ذو اللواء أبو القِرَى ومنتهى الأحياء؟ قالوا لا. قال: أفمنكم
(1)
هو دغفل بن حنظلة بن يزيد بن عبدة بن عبد الله بن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديله بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
المزدلف بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان الحر صاحب العمامة الفَرِدة؟ قالوا لا. قال: أفمنكم أخوال الملوك من كنْدة؟ قالوا: لا. قال: أفمنكم أصهار الملوك من لَخْم؟ قالوا: لا. فقال لهم أبو بكر: فلستم بذهل الأكبر بل ذهل الأصغر. حينئذ قام إليه دغفل الشيباني منتفضًا وكان لا يزال غلامًا - وسبحان الوهاب أن يناظر غلام حدث أبو بكر الصديق!! ولكنه ليس كأي غلام ونسبه في حي ليس كأي حي - إنه دغفل
(1)
الذي ستسمع به الدنيا وإنه لمن شيبان جبابرة بني عدنان. وقيل أن دغفل قد بقل وجهه، أي انتفخ وتغير لونه من شدة الغيظ من أبي بكر عندما أحرج أقاربه، فقال محتدًّا وفي نيته وقصده أن يثأر في الحال من أبي بكر رضي الله عنه وهو لا يعرفه، فقال دغفل لأبي بكر: إن على سائلنا أن نسأله والعبء لا تعرفه أو تحمله، يا هذا؟ إنك قد سألتنا ولم نكتمك شيئًا من خبرنا، فمن الرجل؟ فلما عرف دغفل أنه أبو بكر القُرَشي قال مكررًا سؤاله فمن أي القُرَشيين أنت؟ قال أبو بكر رضي الله عنه مجيبًا من ولد تيِّم بن مُرَّة. قال دغفل له: أمكنت واللّه من سواء الثغرة! (يعني أنه سوف يصيبه وينول مراده) ثم قال لأبي بكر سائلًا أفمنكم قُصي بن كلاب الذي جمع القبائل من قريش وكان يُدعى مُجمَّعا؟ قال: لا. قال: أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مُسْنتون عِجاف؟ قال: لا. قال: أفمنكم شيبة الحمد (يقصد عبد المطلب بن هاشم) مُطْعِمَ طير السماء الذي كأن وجهه قمر يضيء في الليلة الظلماء؟ قال: لا. قال: فمن أهل الحجابة أو السقاية أو الرفادة أنت؟ قال أبو بكر: لا. واجتذب أبو بكر رضي الله عنه زمام ناقته من وجه دغفل مندهشًا من براعته وفصاحته فقال دغفل محتدًّا بنخوة شيبانية فائقة فيها نبرة المنتصر الذي أخذ بحقه في التو قال:
صادف در السيل درًّا يدفعه
…
يهيضه حينًا وحينًا يصدعه
(1)
ذكر أبو عبيدة أن ما يقارب دغفل الشيباني من بكر بن وائل (ربيعة) فى علم النسب والنجوم، كان ابن الكيس النمري وهو من بني عوف بن سعد بن تغلب بن وائل (ربيعة)، أي كلاهما من وائل ربيعة العدنانية.
وذلك فقد قال مسكين بن عامر الشاعر:
فحكم دغفلًا وأرحل إليه
…
ولا تدع المطي من الكلال
أو ابن الكيس النمري زيدًا
…
ولو أمسى بمنخرق الشمال
ثم أردف قائلًا: لو تثبَّت يا أخا قريش لأخبرتك أنك من زمعات قريش أو رعيانها ولست من الذوائب أو ما أنا بدغفل!. فلما أتى أبو بكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أخبره بما جرى له مع دغفل ورجال ربيعة فتبسَّم النبي صلى الله عليه وسلم مسرورًا لما وجد في ربيعة من ولد عدنان هذا العلم وتلك النخوة والفصاحة التي أبداها دغفل في حواره ومناظرته مع الصدِّيق، فقال علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه: لقد وقعْتَ من الغلام على باقعة (أي داهية من دواهي العرب) يا أبا بكر .. فقال الصديق مجيبًا: أجل يا أبا الحسن ما من طامة إلَّا فوقها طامة، وإن البلاء موكل بالمنطق!!.
وإن هذه القصة نستشف منها أن العدنانيين من ربيعَة ومُضَر هما ندٌّ لبعضهما البعض وهما صخرتا العرب تكملان بعضهما البعض، فهما من نزار الذي كان من نسله النَّبِيّ المختار، وكل ملك جبار صيته في الآفاق طار، وكل فارس مغوار يضرب بسيف بتَّار ويحمي الذمار، فرحم الله نزار وإبنيه ربيعَة ومُضَر الأخيار، صفوة وصريحي معد بن عدنان من صلب إسفي عيل الذي كان بأبيه بار، فعليه السلام وعلى أبينا إبراهيم خليل الواحد القهَّار.
ومشكلات الأنساب والأحساب والوصول فيها إلى عين اليقين بين العرب قبل الإسلام وبعده كانت تدور رحاها بين نسَّابة القبائل العربية حين الأزمات التي تفوز النعرات القَبَلية، وقد تضاربت - على سبيل المثال - الأقوال في أشهر القبائل في تاريخ العرب، وهذا الشيء نجده منذ الجاهلية، وأبرز ذلك الخلاف في نسب قُضَاعة والذي هو مذبذب بين عدنان وحِمْير قحطان، ومن أشهر قبائل قُضَاعة: بلِّي وجُهَيْنة، وكذلك نسب ثَقيف، رغم أن التأكيد التاريخي يؤيد نسبهم إلى إياد العدنانيين، إلَّا أن جمهرة العَلماء يقولون: إنهم من هوازن - وهذا ما أخالفه - وسوف نشرح ذلك - إنْ شاء الله - بتحليل مطوَّل، وكذلك نسب خُزَاعة وجُذام وخَثْعم وبُجَيْلة، وبالمثل نرى أمثلة في القبائل التي ظهرت بعد الإسلام مثل: حرب وبني خالد وغيرهما ومما سوف نشرح عنهما في هذا المجلد من الموسوعة مثل: بني عطية والمساعيد والحبريطات. وما زالت الآراء تتضارب من محققي هذا القرن في كثير من القبائل، ويتأرجح رأي كلّ منهم لما يأخذ من إسناد تاريخي أو حجة أو قياس زمني أو بحث ميداني إلى غير ذلك. وسنوضح بتحليل تاريخي ومنطقي نسبها الراجح والأقرب للحق والصحة، واللّه سبحانه هو هادينا ومرشدنا، ونحن
واثقون في الله أنه سوف يعطينا الهداية والحق ولا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ومن يكله إلى نفسه سوف يجف ريقه ويلهث زائغ البصر وراء حاجته دون جدوي، وإننا نستعين باللّه وحده أن نحسم هذه المشكلات التي هي جسيمة على كاهل المحققين جميعًا وأنا فرد منهم، فدعواتنا للّه أن يوفقنا للحق، واللّه لا يخيِّب رجاء من طلب.
ونلفت نظر القارئ العزيز أنه رغم أن هناك قبائلَ عربية صريحة النسب سواء قحطانية أم عدنانية. ومعنى صراحة النسب هو: معرفة الجد المؤسس لمن يرتد في بطون العرب، والجد المؤسس هو الذي تتسمى به القبيلة وهو أب القبيلة التي يعود له تكون هيكلها وكيانها بداية من الأسرة ثم العائلة ثم العشيرة ثم القبيلة - ورغم صراحة النسب هذه - إلَّا أنه من المستحيل أن تظل قبيلة مقتصرة على ذرية جدها المؤسس لها ولا يدخلها عناصر أخرى خارج عمود نسبها، وكم نجد قبائل قحطانية بها عشائر عدنانية، وكم نجد قبائل عدنانية بها عشائر قحطانية؛ وهذا لأنَّ طبيعة المجتمع القَبَلي العربي منذ فجر التاريخ وحتى هذا القرن دائم التنقل والترحال، إما بحثًا عن موارد الحياة أو لظروف اجتماعية قَبَلية أو لظروف سياسية تتعرض لها بعض الكيانات.
ومنذ الجاهلية والعرب على هذا الحال، وطبقًا لهذه السمة السائدة قد نجد قبيلة أو عشيرة تنضم إلى قبيلة أخرى إما رغبة فيها أو رهبة منها، وتنضوي الأولى تحت اسم الثانية ويندثر اسم القبيلة المنضمة، وقد تنتقل قبيلة إلى ديار قبيلة أخرى بعد ضعفها ثم تتوسع في ديارها وتقطن منازلها التاريخية، وقد تنمو القبيلة من جد مؤسس لها في ديار قبيلة، ثم يتكاثر نسل هذا الجد، وقد يطغى اسمه على سائر القبيلة سواء كان يشترك معها في جذوره الأولى أم يختلف نهائيًّا .. وهكذا فقلما نجد قبيلة عربية صافية على عنصرها الأول أو مقتصرة على عمود نسب مؤسسها. ونعود لقوله تعالى في كتابه العزِيز: {
…
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} [الحجرات: 13].
فقد أعلن دستور السماء هذا المفهوم بوضوح تام في هذه الآية الكريمة، كي يعرف كلّ امرئ من أي قبيل هو، أما ميزته في المجتمع ومنزلته عند الله عز وجل فتتجلى بالتقوى والصلاح، وإذا كان على القبائل والشعوب أن تتعارف وتتآلف على اختلاف مذاهبها ومشاربها وميولها ولغاتها وأجناسها، فكيف بنا نحن العرب
أن نحجم عن التعارف والتآلف والتآخي ونحن أمة كرمها الخالق سبحانه وتعالى. ونؤكد أن علم النسب أداة للتعارف، لا أداة للتفاضل أو التعالي أو التباغض أو التنافر، بل هذا العلم هو الوسيلة النبيلة التي تنمي في الشعوب الألفة والترابط الاجتماعي، الذي يستمد منه المرء الحميَّة والنخوة والشهامة والقوة لإثبات ذاته أو كيانه الصغير المتمثل في أسرته وعشيرته التي تؤويه ومن ثم بقبيلته التي يُعزى إليها، وأخيرًا في قومه ومجتمعه العربي الكبير الذي يضم أبناء جنسه وجلدته، وهكذا ينمي هذا العلم بعطاء وجداني وعاطفي لكل إنسان عربي أصيل ويجدد العزم والبأس، ليهُبَّ دائمًا إذا دعا الداعي مع قومه ليحمي الحمى والذمار، ويصون المقدسات والحُرُمات، ويذود عن الأرض والعرض والكرامة في أنحاء وطننا العربي العزيز، وهذا ما يحتمه عصرنا في عالم اليوم الذي تتكتل فيه الشعوب والدول رغم اختلاف مشاربها وأجناسها ولغاتها، وذلك من أجل إظهار القوة والهيمنة على الآخرين وذلك بشتى الطرق والوسائل، إذن فلابد لنا - نحن العرب - في هذا العصر أن نطبِّق كلام الله عز وجل:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا .... } [آل عمران: 103]، وهذا هو الحل أن نطبق كلامه ونسير بروح القرآن العظيم، وأن نفرَّ إلى الخالق ليمنحنا الثبات والصبر، لننال العزة والرفعة دائمًا كما أرادها الله لنا ومَنَّ بها علينا دون سائر الأمم والشعوب.
إن الإنسان العربي الحر يميل بشدة إلى البحث عن هويته العربية، وحقيقة معدنه وجذوره وشجرة نسبه التي فيها حسبه وأصله وجنسه العربي السامي الكريم، وهذه سمة من سمات العرب منذ فجر التاريخ وحتى الآن، ولأن العرب هم في الأصل أُناس قَبَليون لا شعوبيون، أي لَمْ تذب فيهم الأرومات والأصول والأحساب والأنساب؛ ولذلك نجد أن عنصرهم يتميز بالنقاء، وتتضح الصورة جلية في شتى الأقطار العربية وكما نراها حتى اليوم في تلك الكيانات القبلية المتماسكة والتي ما زالت تحافظ على عنصرها وتراثها وجذورها ونقاء معدنها، وكما أننا نرى أيضًا أن لكل قبيلة عربية مجدها وتاريخها التليد الراسخ في أعماق أبنائها يفاخرون به قولًا أو نثرًا أو شعرًا، وسيظل ذلك التاريخ عن ماضي الأجداد مطبوعًا في العقول لا يُنسى جيلًا وراء جيل، كما كان متناقلًا عن الأسلاف كابرا عن كابر. وحقًّا، فالتنافس الشريف والنبيل بين قبائل العرب والذي يحث على
مكارم الأخلاق والتمسك بالشِّيم الكريمة والخصال الحصِدة، جدير بالقول والرضا من المولى عز وجل، وثانيًا فهو مرغوب من سائر المجتمع العربي من المحيط إلى الخليج، وكما أن الاحترام المتبادل بين القبائل العربية يُولِّد الألفة والمودة والمحبة بين أبناء تلك القبائل، وهذا ما يحبذه ديننا الإسلامي، وبالتالي تصبح الشعوب العربية في مجموعها في تعاضد وترابط متين أساسه الأصل واللغة والدين والطباع الواحدة والموطن الممتد والمصير المشترك، وهذا لأنَّ الترابط والالتحام والتآخي هو حجر الأساس القوي لبناء مجتمعنا العربي الإسلامي الحر الأبي، والذي يتمثل في بيت عربي واحد يحمل على كاهله أحمالا كالجبال الراسيات لا يميل ولا يتزعزع له ركن ولا ينقض
(1)
له جانب على مدى الدهر حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
إن سمو معدن العرب قد بينه الخالق سبحانه وتعالى عندما خلق الخلق واختار بني آدم وفضَّلهم على كثير من خلقه تفضيلًا، ثم اختار العرب وكرَّمهم واصطفى منهم سيد المرسلين، خير الورى محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليكون هداية لسائر البشرية بل وهداية الثقلين من الإنس والجن .. وعلى ذلك فإن بغض العرب نفاق من جهة الشرع، أما من جهة العقل فقد ثبت بالتواتر المحسوس المشاهد أن العرب أكثر النّاس سخاء ومروءة وشهامة وبلاغة وفصاحة، ولسانهم أتم الألسنة بيانًا وتمييزًا للمعاني، وذلك بتجميع المعاني الكثيرة باللفظ القليل، ويُميِّز بين كلّ لفظين متشابهين بلفظ آخر مختصر، إلى غير ذلك من حقائق اللسان العربي الفصيح الذي كرَّمه المولى عز وجل وجعل أهل الجَنَّة يتكلمون به، وعَدَنا وسائر المؤمنين بها إن شاء الله تعالى.
إن تراث ومجد كلّ قبيلة عربية هو في الحقيقة جزء من كلّ تراث ومجد الأمة العربية، وهذا التراث يسطع بنوره في كوكب الأرض، ويجعلنا نحن العرب من بدو وحضر نرفع هاماتنا بين سائر الأمم، ولتبقى بحول الله عروبتنا شامخة دائمًا وأبدًا لينطبق علينا قولٌ الحق تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
…
} [آل عمران: 110]. وهكذا فالحالة الوجدانية والعقلية عند أبناء القبائل العربية تمثل هوية شخصية تُشعر المجموعة المحلية بكيانها كشعب وأمة متماسكة مترابطة الجذور متضامنة مع نفسها متآزرة في السرَّاء والضرَّاء، وهكذا هم العرب
(1)
ينقض: يتقوض أو ينهار، حفظ الله أمتنا من الإنهيار ووفق ولاة أمورها لما فيه الخير والصلاح.
بشهامتهم الفائقة وشيمهم الرفيعة والنبيلة منذ فجر التاريخ وستظل - بإذن الله - ما دامت تشرق الشمس من المشرق.
ومما لا ريب فيه أن القبيلة في مفهومها ككيان متماسك، بعكس ما ينعتها البعض من المائلين إلى الشعوبية البحتة، والذين يخالفون قول الحق سبحانه وتعالى: {
…
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} [الحجرات: 13]، هنا ربنا عز وجل في كتابه العَزيز قد قرن القبائل مع الشعوب وذكر الأمة على حدة، مما يدلُّ على حتمية وجود الكيانات القَبَلية في المجتمع، ولأن الأمة تتكون من عنصرين: الشعوب والقبائل. وهؤلاء أيضًا ينعتون القبيلة بأنها أداة رجعية قديمة متخلفة تمثل تكتلًا اجتماعيًا موحدًا يكون قائمًا على رابطة الدم والأصل المشترك، للدفاع عن مصلحة مشتركة تهم هذا التكتل فقط في البيئة المحيطة به!، فهذا الرأي باطل ومرفوض؛ لأنَّ الإسلام نظَّم هذا الكيان المتمثل في القبائل وأزال عنه كلّ العادات المستهجنة مثل حمية الجاهلية الأولى، فأصبحت الحمية للحق والخير، هذا لمن ينهجون طبعًا أو يتمسكون بتعاليم الإسلام من شتى القبائل في الوطن العربي الكبير، ثانيًا فلابد من التعريف بأن الكيان القَبَلي كتجمُّع تلقائي متماسك البنيان إذا سخره الرجال المصلحون كان خيرًا للمجتمع بأثره، ولقد سخرهُ المجاهدون والأبطال في جزيرة العرب وجمعوا القبائل بحَميَّة الإسلام والعروبة وقد حَطَّموا أعتى الإمبراطوريات في الماضي قبل ثلاثة عشر قرنًا من الزمان، وقد فتح اللهُ على هذه القبائل التي أصبحت جماعة واحدة بعد أن كانت شتى ومتناحرة، وبفضل الإسلام فتح على أيديهم الأمصار والمدن في مشارق الأرض ومغاربها، وقد انتشر الدين الحنيف في بقاع الأرض على أيدي رجال وفرسان من عدنان وقحطان سجل لهم التاريخ صفحات كُتبت من نور، وكما سخر الكيانات القَبَلية زعماء وقادة العرب على مر تاريخ العرب بعد الإسلام وحتى منتصف هذا القرن، وذلك في مقاومة الغزوات الاستعمارية الشرسة على ترابنا العربي الطهور سواء في المشرق أم المغرب، ولا ينكر ناكر ولا يجحد جاحد بأن الفضل للّه ثم في هذا التكتل الاجتماعي التلقائي المتمثل في تماسك القبائل العربية في نواح كثيرة من البلاد العربية؛ وذلك في المحافظة على ديارنا العربية الإسلامية حُرَّة أبيَّة، كما نتمتع نحن أبناء هذا الجيل بها بعد زوال كابوس
المستعمرين الغرباء عن بلادنا في مختلف الأرجاء. وحقًّا، فقد كانت القبائل العربية وستظل حصنًا وملاذًا في الظروف الحالكة التي مرت بها أمتنا، كما كانت دومًا ينبوعًا وكنزًا ثمينًا يمد المقاومة العربية ضد حملات الغزاة بموجات وموجات من الرجال والأبطال، الذين اقتحموا غمرات الوغى بعزم صادق على أمل النصر أو الشهادة، وقد سقط الآلاف بل الملايين من أبناء العرب في هذين القرنين الأخيرين. فما بالنا في القرون الأولى فلن نحصر آلاف الشهداء العرب الأبرار الذين روت دماؤهم ثرى بلادنا الطهور، وقد سقطوا في ساحة الشرف والجهاد والحق، ذودًا عن الكرامة العربية وذودًا عن أهليهم وديارهم، ورغم بعض التناحر القَبَلي الذي كان فى جهات عديدة من بلادنا العربية وفي أزمان مختلفة، إلَّا أن هذا الشيء لَمْ يَفُت في عضد الأمة العربية في مجموعها وفي شكلها العام كأمة راسخة البنيان قوية الأركان، فالعربي من أقوى وأشد المتعصبين لأبناء قومه وجلدته، لا يقبل ولا ينام على ضيم حل بهم من أي جنس، ونجد أن الحمية والنخوة العربية تجري في عروق أي عربي مجرى الدم، فهذه فطرة فطرها الله لنا وجُبلنا عليها ونراها تترجم دائمًا بصورة تلقائية إلى طاقة هائلة وشحنة متقدة من هبتنا لحماية الذمار والديار العربية في أي وقت، ولا يأبه العربي باي خلاف جانبي عارض مع إخوانه الآخرين سواء عشيرة أم قبيلة أم حتى شعب بأكمله!، هذه المبادئ وتلك الصفات التي تغلب على طابعنا نحن العرب، وما أجملها من صفات، فحيَّا الله العرب على مر الزمان، وعاش كلّ من رفع لمجد وعزة العرب الرايات، وعروبتنا المجيدة - بعون الله تعالى - لن ينطفئ نجمها ولن يخمد ذكرها بين الأمم، ما دام أبناؤها البررة المصلحون يتحلون بالحق والإخلاص والجهاد في شتى الميادين. فلنضع نصب أعيننا تاريخ وأمجاد أجدادنا البهرام ليكونوا لنا قدوة، بهم نقتدي، وبمبادئهم نحتذي، وعلى عهدهم نسير، وعلى نهجهم نخطو في حاضرنا المشرق بالأمل والخير، ومستقبلنا الزاهر إن شاء الله، ونحمد الله .. فأُمتنا العربية ذاخرة دائمًا في كلّ العصور بالقادة والمصلحين والعلماء المفكرين والرجال المخلصين الذين يجعلون سائر الأمم يشيرون للعرب بالبنان ويعطونهم حقهم من التقدير والاحترام.
المؤلف
محمد سليمان الطيب
القاهرة "مصر العربية"
أهمية علم النسب
لقد جعل الله سبحانه وتعالى للعرب مكانة مرموقة ورفيعة بين الأمم، وكرَّمهم وأعلى قدرهم، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
…
(110)} [آل عمران: 110].
فعلم النسب للقبائل العربية له منزلة عليَّة ومكان رفيع وجلالة قدر بين العلوم الإنسانية والاجتماعية، وقد كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه - الجانب الأوفر والقدح المُعلَّى والمقام الرفيع في علم أنساب العرب، مما يؤكد شرف هذا العلم وأهميته. وقد حث عليه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة، وأهمية هذا العلم تبرز في عدة أمور منها:
أ - أن العلم بنسب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ضرورة مُلِحَّة لصحة الإيمان بأنه النَّبِيّ الهاشمي القرشي العدناني، وكان يسكن بمكة المكَرمة ثم هاجر إلى المدينة المنورة.
ب - حتمية هذا العلم للناس لحرمة أن ينسب أحد لغير آبائه، أو يُعْزى لغير أصله الذي نبع منه، حتى لو حالف أو دخل في عشيرة أو قبيلة أخرى تحت أي ظروف كانت، فلابد لمثل هذا أن يُلِمَّ أو يعرف جذوره وذوي قرابته وأرحامه. وعلى ذلك فلا يمكن ترتيب حكم الورَاثة إلَّا بمعرفة النسب، وكذلك النِّكَاح فلابد من معرفة ذوي المحارم، ولأجل ذلك فلابد من الرجوع إلى علم النسب.
ج - قال رسولنا الكريم محبِّذًا وجود. الحسب والأصل الكريم في المرأة المراد الزواج بها كما ورد في حديثه عليه الصلاة والسلام: "تنكح المرأة لأربع: لجمالها أو حسبها أو مالها أو دينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل أيضًا صلى الله عليه وسلم مؤكدًا ضرورة الحفّاظ على النسل وصيانته من أوباش النّاس فقد قال: "تخيروا لنطفكم فإن العِرق دساس". وقال عليه الصلاة والسلام: "إياكم وخضراء الدّمَنْ"، يعني البعد عن زواج المرأة الحسناء والجميلة التي تنبت في منبت السوء، أي في بيئة أو في وسط وضيع، سواء عائلة أم عشيرة حضرية أم بدوية، وأمثال هؤلاء هم سفلة المجتمعات لا حسب لهم ولا خُلُق ولا شرف ولا ذمة، ولا يخافون على تلويث سمعتهم أو المساس بشرفهم .. وبالطبع هنا نجد أن الأصل والحسب العريق مهم .. لماذا؟
والجواب ببساطة أن من له أسرة أو عشيرة أو قبيلة ذات شرف أو سمعة وحسب بين النّاس، فإن أي فرد فيها من رجل أو امرأة يُقدِّر جيدًا لأي تصرف يقدم عليه عضو هذه الأسرة أو تلك العشيرة؛ لأنه قد لا يخشى فقط على نفسه، ولكن ما يخشاه ويتحسب له قد يكون فيه البلاء والشر المستطير الذي يمكن أن يُشوِّه سمعة عائلته وعشيرته من جرَّاء ما اقترفه من إثم، وهذا ما يفكر فيه أهل الأحساب والأنساب في المجتمع العربي، وقطعًا يكونون أكثر حرصًا في أقوالهم وأفعالهم وأشد في كبح جماح أنفسهم، وإن كلّ نفس لأمَّارة .. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا.
د - وقد تكلَّم النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام في نسبه الشريف والرفيع وقال عن نفسه الذكية: "نحن بنو النضر بن كِنَانة" وهو بذلك يوضح أنه من كِنَانة وفرعه بني النضر أي قريش التي تناسلت منه. وكما قال أيضًا عن نفسه السامية: أنا خيار من خيار من خيار؛ يقصد أنه صلى الله عليه وسلم من أشراف العرب وسيطًا في قومه، أي صريح النسب من بني هاشم من قريش من عدنان. وهو عليه الصلاة والسلام من صريحي ولد إسماعيل ابن الخليل إبراهيم عليهما السلام. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: أنا سيد ولد آدم ولا فخر. صدق رسول الله فهو خير الورى حقًّا وصدقًا.
وقال الفاروق عمر رضي الله عنه: تعلموا من النجوم ما تهتدون به، ومن الأنساب ما تعارفون به وتَواصَلون عليه، ومن الأشعار ما تكون حِكَمًا وتدلكم على مكارم الأخلاق. وقال النسَّابة الشهير ابن حزم
(1)
الأندلسي.
إن علم النسب علم جليل رفيع إذ يكون به التعارف بين النّاس.
(1)
هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد ين حزم بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد (الفارسي الأصل)، مولى يزيد بن أبي سفيان بن حرب القرشي، أي قرشي بالولاء. وكان جده يزيد أول من أسلم س أجداد. وكان جده خلف أول من دخل الأندلس من آبائه ولد العلَّامة والنسَّابة الشهير في رمضان عام 384 هـ ونشأ في بلاد الأندلس في نعمة وجاه عريض وكان أبوه أحمد بن سعيد عالمًا جليلًا ووزيرًا من وزراء المنصور محمد أبي عامر وابنه المظفَّر، وتوفى ابن حزم عام 456 هـ بعد سجل حافل من المؤلفات، وروى ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد أربعمائة مجلد تحتوى على نحو ثمانين ألف ورقة".
ويذكر التاريخ أن معظم كتب ابن حزم قد أُحرق علانية ولم يبق سوى سبعة وثلاثين مؤلفًا في شتى العلوم من بينها علم النسب (جمهرة أنساب العرب).
أنواع العرب
معنى كلمة عرب بإيجاز واختصار:
قال العلَّامة والمؤرخ الكبير عبد الرَّحمن بن خلدون
(1)
:
إن كلمة العرب مشتقة من الإعراب وأُخذت من قولهم أعرب الرجل عن حاجته: أي أبانها، وسُموا عربًا؛ لأنَّ العرب قد اشتهروا بالفصاحة والبلاغة وسحر وروعة البيان بين سائر الأمم، وكل جنس عدا العرب فهو أعجمي.
والعرب نوعان: (عاربة)، و (مستعربة).
فالعاربة: أي الراسخون في العروبية؛ كما يقال: ليل لائل.
والمستعربة: هم الذين دخلوا في العروبة لأنهم ليسوا بخُلَّص. وقد اختلف الرأي فيما بعد في تعريف النوعين، فقال ابن إسحاق والطبرى: أن العاربة هم عاد وثمود وجُديس وجُرهم وغيرهم من تلك الأقوام البائدة، وفي رأيهم أن المستعربة هم بنو قحطان بن عابر وبنو إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام، وهذا لأنَّ بني قحطان تعلموا العربية من الأقوام القديمة البائدة قبلهم، وبالتالي تعلم منهم بنو إسماعيل (العدنانية). وقال ابن خلدون وأيده صاحب حماه أن العاربة هم القحطانية والمستعربة هم العدنانية.
(1)
عبد الرَّحمن بن خلدون - فيلسوف ومؤرخ عربي عظيم.
* أشهر مؤلفاته تاريخ العبر ومبتدأ الخبر (مجلد 14 جزءًا).
* أصله حضرمي من القحطانية (عرب اليمن).
* هاجرت أسرته من بلاد الأندلس بعد تغلب الفرنجة عليها في القرن الثامن الهجري إلى تونس، ثم ولد ابن خلدون بتونس عام 732 هـ - 1332 م.
* تجول في كثير من البلدان والأمصار ومات بمصر عام 808 هـ - 1406 م.
صورة تمثيلية لتعريف طبقات النسب
الشَعب: بفتح الشين وهو النسب الأبعد كعدنان وقحطان.
القبيلة: وهو ما انقسم فيه النسب كربيعَة ومُضَر، من بني عدنان وسميت قبيلة؛ لتقابل الأنساب فيها.
العمارة: وهي ما انقسم فيها أقسام القبيلة مثل قريش في كِنَانة وجمعه عمائر.
البطن: وهو ما انقسمت فيه العمارة إلى بطون كبني عبد مناف وبني مخزوم في قريش.
الفخذ: وهو ما انقسم فيه البطن إلى فخوذ كبني هاشم وبني أُمية من عبد مناف.
الفصيلة: وهي ما انقسم عليه الفخذ إلى فصائل كبني أبي طالب وبني العباس في بني هاشم.
وقيل رأي بأن الفصيلة هي العشيرة وهي رهط الرجل الأقربون. وقال الله تعالى عن ذلك: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13)} [المعارج: 13]، - ومعناها أي عشيرته التي تمنعه من النّاس ويكون أكثر التصاقًا بها وارتباطه معها مصيري.
موجز عن أصل البشر جميعًا على الأرض
أجمع المؤرخون والنسَّابون القدماء أن جميع الأمم الموجودة على الأرض بعد الطوفان هم من ذرية نوح عليه السلام، أما ما كان مع نوح في السفينة فقد روي أنهم كانوا ثمانين رجلًا
(1)
من الذين آمنوا به ولكنهم هلكوا عن آخرهم ولم يبق لهم من بقية وهذا شيء لا خلاف عليه من العلماء
(2)
.
(1)
وقيل أن نوحا عليه السلام لما نزل الأرض بنى قرية سماها قرية الثمانين على عدد من خرجوا من السفينة وهي إلى الآن في شمالي العراق بنفس الاسم قرب الموصل، والسفينة بعد الطوفان استقرت على جبل الجودي قرب الموصل وهو جبل عظيم ينبت فيه شجر البلوط ومسيرته ثلاثة أيام.
(2)
مما يدلُّ على أن جميع أهل الأرض من البشر من ذرية نوح لقوله تعالى {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)} [الصافات].
ولنوح عليه السلام بنون هم:
الأكبر (يافث)، والأوسط (سام)، والأصغر (حام).
- أما يافث فقد تناسلت منه أمم وشعوب كثيرة وهم كثر عددًا من نسل أخويه سام وحام، فمن يافث الترك ومن في جنسهم من القبجاق والتتر والغز أو السلاجقة والهياطلة والخلج والشركس والخزر والصقالبة والصين والإفرنج والقوط واليونان ويأجوج ومأجوج (الذين ينزلون من مقرهم من كلّ حدب ينسلون ويشربون المياه في طريقهم في آخر الزمان، وبنى عليهم ذو القرنين سورًا من الحديد والنحاس في مكان لا يعلمه إلَّا الله)، وقد اختلف الرأي في الروم
(1)
هل هم في نسل يافث أم من نسل عيصو بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، والله أعلم.
- وأما الابن الأوسط سام ففيه عمود النسب أي النبوة، ونسله أقلّ عددًا من أخويه يافث وحام ومنه العرب والآشوريون والسريان والفُرس والكُرد والكنعانيون والنبط والأرمن وغيرهم من الشعوب في المنطقة العربية كبني مدين
(2)
وبني يعقوب
(3)
(إسرائيل).
- أما حام بن نوح الابن الأصغر فتناسلت منه أمم وشعوب منها المصريون القدماء (القبط)، والكوش (السند والهند)، والسودان بأنواعها من الزنج والحبش والنوبة وزويلة، واختُلف في البربر الذين يسكنون بلاد المغرب حتى الآن هل هم من حام أم من غيره؟. وقيل رأي أنهم كنعانيون من ولد سام، وذهب نسَّابة إلى
(1)
نفى العلَّامة ابن حزم وجود نسل لعيصو (عيسو) أو مدين من ولد الخليل إبراهيم عليه السلام (الجمهرة) وعليه فالروم من يافث، وقال بعض العلماء: إن الأدوميين في شرق الأردن في زمن موسى عليه السلام من نسل عيسو.
(2)
بنو (مدين) هو ابن إبراهيم عليه السلام وهم أصهار سيدنا مرس عليه السلام.
(3)
بنو (يعقوب) عليه السلام وهو ابن اسحاق عليه السلام بن إبراهيم عليه السلام.
* قال ابن خلدون في العبر: كان لمدين مع بني اسرائيل (يعقوب) حروب بالشام، ثم تغلب عليهم بنو إسرائيل وانقرضوا جميعًا (ج 3 ص 81)، وكان مدين قد تزوج بابنة لوط وتناسلت منه قبائل سكنت معان وشمال الحجار فعتت مدين وكفرت وبخست الميزان فأرسل الله فيهم شعيبًا نبيًا وكان شعيب يُسمى خطب الأنبياء لفصاحته وبلاغته، وقال عنه صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس: ذاك خطيب الأنبياء .. فحص أهل مدين أمر الله فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
ردهم إلى درية إسماعيل من ولد بر بن قيدر، وقد عصى أباه فقال له أخرج يا بر إلى البر لست بر فسمي (بربر)، وقيل رأي آخر أنهم من اليمن من حِميَر قحطانيون. واللّه أعلم.
أصل جميع العرب
أجمع النسَّابون أن العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم من ولد سام بن نوح عليه السلام، وبعضهم وضح أنه من لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام، كما ذكر بعض العلماء أن عابر هو النَّبِيّ هود عليه السلام والله أعلم. ومن عابر تناسل القحطانيون وهو قحطان بن عابر، ومن عابر أيضًا تناسل سيدنا إبراهيم
(1)
في بابل من أرض العراق، وقد عبر الفرات للشام هربًا من النمرود حفاظًا على دينه، ومن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام تناسل العرب العدنانية، ومنه بني مدين بن إبراهيم شعب انقرض أو انصهر مع العرب، وكما هو واضح أن الأمة العربية بشقيها العدناني والقحطانن من جد واحد هو (عابر)، وكما قال القُضاعي الذي كان يستبعده العلماء من نسل العدنانية وهم جمهرة العلماء قال شاعرهم ليريح النّاس:(إلى عابر ألقى معدًا ويلقاني).
ويطلق النسابة على القحطانية اليمانية .. لما أنهم نشاوا في بلاد اليمن بعد انتقال أجدادهم من منبعهم في بلاد العراق من أحفاد عابر، وهذا لوفرة خيرات اليمن وكثرة أمطاره.
وأشهر فروع بنو قحطان هما: كَهْلان - حِمْيَر
(2)
وكلاهما ابنا
(1)
هو "إِبراهيم" عليه السلام بن تارح أو آزر بن ناحور بن شاروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر.
(2)
(حِمْيَر) هو ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، جد جاهلي قديم كان ملك اليمن ونسبه للحمْيَريين أي ملوك اليمن وأقياله له. وكان حِمْيَر شجاعًا مظفرًا، ويقول مؤرخو العرب: إنه حكم بعد أبيه سبأ وعاصمه ملكه صنعاء، وقد عزا وافتتح حتى بلغ بعض غزواته الصين، واتخذ تاجًا من المذهب فكان أول من تتوج به، ويذكرون وقائعه وقتاله لقبائل ثمود وكان مقامها في اليمن ففرقها فارتحلت إلى الحجاز، وأنه عاش خمسين سنة بعد أبيه وله أربعة أولاد مالك، عامر، سعد، وائل، ومن بطون حِميَر السكاسك وقيل أنهم من كِندة، والشعبيون، وبنو الريان، وعبد شمس، وقُضاعة رغم الخلاف من بعض المؤرخين عن قُضَاعة إلَّا أن الجمهرة يؤيدون نسب قضاعة لحمْيَر وله ينسب ملوك التابعة والأذواء والأقيال، كما يروي بعضهم أن حِمْيَر اسمه العرنجج ومعناها في اللغة اعرنجج في الأمر إذا وجد فيه، ولُقب بحِمْيَر لكثرة لبسه الثياب الحمر، وكان يكتب بالمسند على جميع سلاحه وفي الجبال التي يمر بها، ثم حوله إلى الخط الحمْيَري المنسوب إليه.
سبأ
(1)
بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وسبأ هو المذكور في القرآن الكريم، ومنهم بلقيس الملكة الشهيرة باليمن أيام سليمان عليه السلام.
وقبائل القحطانية كثيرون، وهناك قبائل حِمْيَر وكانت لهم مملكة في بلاد اليمن ظلت سنوات تتابع فيها ملوكهم على بلاد اليمن أشهرهم التبابعة، وهناك جمهرة من العلماء من يرون أن قُضاعة من حِمْيَر، وسوف نوضح ذلك في السرد عن قبائلهم في هذا المجلد إن شاء الله.
ودخل الحِمْيريون في اليهودية ثم في النصرانية وظل فيهم مُلك اليمن حتى جاء الأحباش واستعمروها اثنتين وسبعين عامًا كما ذكر ابن هشام، حتى حررها سيف بن ذي يزن الحِمْيَري بمساعدة الفُرس الذين حكموا اليمن بعد طرد الحبشة حتى جاء الإسلام، لتعود اليمن فى حكم العرب المسلمين مرّة أخرى بعد الحبش والفُرس.
ولملوك التبابعة سيطرة امتدت قديمًا بغزوات ملوكهم الحجار بلاد بني عدنان، ولم تخرج العدنانية من سيطرة وغلبة عرب اليمن إلا بعد موقعة (خزازى)
(2)
(1)
سبأ أصل اسمه (عبد شمس) وسمي كذلك؛ لأنَّه أول من ابتاع السبي في الحروب. وفي الجمهرة لابن حزم: سبأ هو (عامر).
(2)
(خزازى): كان ربيعة بن الحارث التغلبي سيد قبائل ربيعة بن نزار قبل الإسلام، وبعد موته خلفه ابنه كليب (وائل بن ربيعة) في السيادة، وكان لبيد بن عقية أحد عمال ملوك كندة القحطانية قد تزوج أخت كليب وتسمى الزهراء، وقد طغى على ربيعة بن نزار. وثقلت وطأته على قبائلها فأنكرت الزهراء على زوجها صنعه بقومها من ربيعة فقال لها: ما بال أخيك كُليب ينتصر لمضر العدنانية ويهدد الملوك كأنه يعز بغيرهم؟ فقالت الزهراء. ما عرف أعز من كليب أخي وهو كفؤ لها فغضب لبيد ولطمها لطمة قوية أعشت عينها فذهبت إلى أخيها وهي تقول شعرًا:
ما كنت أحسب والحوادث جمة
…
أنَّا عبيد الحي من قحطان
حتى أتتني من لبيد لطمة
…
فعشت لها من وقعها العينان
إن ترض أسرة تغلب ابنة وائل
…
تلك الدنية أو بنو شيبان
لا يبرحو الدهر الطويل أذلة
…
هدل الأعنَّة عند كل رهان
فلما سمعها كليب ورأى بها أثر اللطمة ثارت به حميته فهجم على لبيد وقتله بالسيف ثم قال شعرًا:
إن يكن قتلنا الملوك خطأ
…
أو صوابا فقد قتلنا لبيدا
وجعلنا من الملوك ملوكا
…
بجياد جرد تفل الحديدا
ذا شعار الحرب الذي يحلف النّاس
…
به قومكم ونذكي الوقودا
أو بردوا لنا الإتاوة والفيء
…
ولا نجعل الحروب وعيدا
إن تلمني عجائز من نزار
…
فأراني فيما فعلتُ مجيدا =
الشهيرة التي تزعمها كُليب (وائل) من تَغْلب ربيعة، وكان معه مُضَر وبعض قُضَاعة وقد صار ملكًا على العدنانية حتى قَتله جساس بن مُرَّة الشيباني من بكر بن وائل أخي تغلب بنو وائل، وكلتا القبيلتين من ربيعة العدنانية، ودامت الحرب بين الحيين أربعين عامًا. أما فرع القحطانية الآخر كهلان فمنه شعوب وقبائل كثيرة أغلبها نزح من اليمن بعد انهيار سد مأرب أشهرهم: الأزد بقبائلهم ومن الأزد الأنصار (الأوس والخزرج)، والغساسنة، وكان لهم مُلكًا بجنوبي الشام قبل الإسلام وكذلك هناك من قبائل كهلان الشهيرة غير الازد: خَوْلان - هَمَدان - طَيْئ - مَذْحِج - لَخْم - عَامِلة - جُذَام - كِنْدة
(1)
والأخيرة كان لها مُلْكًا في الحجاز واليمن، وعن لَخْم فكأَن لهم مُلكًا غربْ العراق بالحيرة وهم المناذرة اللخْميين، وقيل رأي آخر لنسَّابة مُضَر أيام الفاروق عمر رضي الله عنه أن النعمان بن المنذر وقومه هم أشلاء قنص بن معد بن عدنان، والذين انقرضوا قديمًا ودخلوا في القبائل، ولهذا حُسب النعمان وقومه من لَخْم خطأ، وقد اختلطت قبائل القحطانية
= فلما بلغ ملوك حِمْيَر باليمن جهزوا جيشًا كثيفًا وساروا به نحو ديار ربيعة، ولما عرف كُليب الخبر نادى في قومه بالغارة فأجابته ربيعَة ومُضَر وإياد، وبعض طيئ وقُضاعة رغم أنهما قحطانيتان، وعقد الألوية وتقدم برهطه الأراقم من تَغْلِب حتى غشي جيوش اليمن، فرقعت بينهم الوقائع الدامية وكانت قبائل اليمن قد نزلت بخزازى وعليهم عشرة أقيال من حِمْيَر فحمَّس كليب رجاله وحثهم على الثبات وجعل على كلّ قبيلة معه قائدًا، فجعل الأحوص بن جعفر (هوازن) على مُضَر - وجعل مرّة بن ذهل على ذهل وشيبان - وذهل بن حارثة على باقي ربيعة - وطرفة بن العبد على باقي قيس - وفي مقدمته سلمة بن خالد وهو المسمى السفاح التغلبي وأمره أن يعلو جبل خزازى ويوقد النار ليهتدي بها جيشه وإن غشيه العدو يوقد نارًا أخرى وتقدمت طلائع اليمن على ماء الذنايب فسار إليهم كليب وقتلهم عن آخرهم وهجمت كتائب أخرى من اليمن على السفاح فأوتد نارًا أخرى، وكان معظم المهاجمين من مذحج وقائدهم سلمة بن الحارث، فأقبل كليب في جموع من ربيعة فصبحهم والتقوا بخزازى واقتتلوا قتالًا، شديدًا دام أيامًا فانهزمت جموع اليمن وانتصرت نزار وبني عدنان نصرًا مؤزرًا فقال كليب:
لقد عَرفَت قحطان صبري ونجدتي
…
غداة خزازى والحتوف دوان
غداة شفيت النفس من ذل حِمْيَر
…
وأورثتها ذلا بصدق طعان
دلفت إليهم بالصفائح والقنا
…
على كلّ ليث من بني غَطَفان
ووائل قد جزَّت مقاديم يعرب
…
فصدفها فيّ صحوها الثقلان
(1)
(كنْدة) - فى معجم ما استعجم للبكري
دكر أنَّه يقال إن كندة بن عمير بن معد بن عدنان، ثم ذهب إلى بلاد اليمن ونسب إلى القحطانية، كما ذكر أن الكون والسكاسك أبناء أشرس بن ثورهم أيضًا من حيادة بن معد بن عدنان.
بقبائل العدنانية بأواصر المصاهرة أو الحلف وصاروا شعبًا واحدًا وقد انتهى أي شكل من التناحر منذ بزوغ الإسلام. وكان لحي الأنصار القحطانيين فضلًا في نصرته ونصرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الذي أوصى
(1)
بالأنصار دون سائر القحطانية لما لهم من الفضل والشرف والكرامة، ومن أراد المزيد عن تاريخ الأنصار المجيد فليطَّلع على سيرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لابن هشام وابن إسحاق.
(1)
قال صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بالأنصار فإن النّاس يزيدون والأنصار كما هم لا يزيدون.
وفي غزوة حنين لَمْ يعط النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار من الغنائم (الإبل والاغنام والماعز وغيرها من هوارن) وقد أعطى صلى الله عليه وسلم أُناسًا من بني عدنان لكي يؤلف قلوبهم فانتابهم ضيق، وقال حسان بن ثابت شعرًا منه:
كما رددنا ببدر دون ما طلبوا
…
أهل النفاق وفينا ينزل الظفَر
ونحن جندك يوم النعف من أحد
…
إذا حزبت بطرًا أحزابها مُضَر
ولا تهر جناة الحرب نادينا
…
ونحن حين تلظى نارها سُعُر
فجمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الأنصار (الأوس والخزرج) وقال لهم: ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب النّاس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار ولو سلك النّاس شِعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناه أبناه الأنصار، فبكى القوم حتى أخضَلوا لحاهم أيَ بلوها بالدموع، وقالوا رضينا برسول الله قِسمًا وحظًا.
العدنانيون
وهم من نسل عدنان، وقيل أن أباه أد (أدد)، وهناك خلاف كثير بين العلماء على تسلسل أسماء أجداد عدنان حتى إسماعيل ذبيح الله عليه السلام (صادق الوعد).
ونظرًا لحديث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعدم جواز رفع نسب عدنان إلى إسماعيل في قوله: لا ترفعوا ما بعد عدنان كذب النسَّابون (قالها ثلاثًا)، وقال: لو شاء أن يعلمه الله لنا لعلَّمه ولكن ما بين ذلك قرونًا كثيرة، واتفق العلماء في أن ذرية إسماعيل اندثرت فيما قبل عدنان ولم يعرف لها من بقية، وبذلك فعدنان هو الرجل الذي اختاره الله من ذرية إسماعيل، ولا يُعرف عدد الأجداد أو الزمن ما بين عدنان وإسماعيل، ولكن عدنان وابنه معد وأحفاده كانوا - طبعًا - مسلمين على دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام، وكل ما أكده العلماء أنه أول مَنْ غير دين نبي الله إبراهيم عليه السلام وذلك لما جاء في أحاديث نبوية - هو عمرو بن لُحَي الذي قال عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "رأيت عمرو بن لُحَي يجر قصبهُ
(1)
في النار".
وأخبر أن عمرو بن لُحي هو أول من وضع الأصنام في الكعبة، وكما يرى جمهرة النسَّابون أنه جد (خُزَاعة) والتي كانت تسيطر على مفاتيح الكعبة، حتى نزعها منهم قُصَي بن كلاب القرشي وهو جد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي في عمود نسبه.
وأما أشهر فروع (بنو عدنان)
(2)
وهم بني نِزَار بن مَعْد:
(أ) بنو إياد بن نزار.
(ب) بنو أنمار بن نزار.
(ج) بنو ربيعة بن نزار.
(د) بنو مُضَر بن نزار.
(1)
قصبهُ: أحشاءه.
(2)
كان لعدنان ولد اسمه (عك) وبقي منه نسل حتى بعثة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقبيلة عك تيامنت ومنها غافق شهدت فتح مصر.
* قال عباس بن مرداس السُّلَمي (بني سُلَيم العدنالية) يمتخر على معدي كرب فارس اليمن الشهير قاصدًا عك بن عدنان وعك بن عدنان تلقبوا
…
بغسان حتى طردوا كلّ مطرد
وقال شاعر عك مفتخرًا بقومه: وعك بن عدنان أبويا ومن يكن
…
أباه أبونا يغلب النّاس سؤددا
بنو إياد بن نزار
كان لهم شرف وعزة ومنعة وكثرة في تهامة في أوائل القرن الثالث الميلادي، وبعد انفراد بنو مُضَر برياسة الحرم اضطرت إياد أن تهاجر إلى العراق ونزلت بسواد الكوفة وغيرها من النواحي بأرض الجزيرة، وتكاثروا وكانوا يغيرون على من يليهم في البوادي ويغزون مع ملوك آل نصر
(1)
في غزواتهم، وحاربت إياد الأعاجم من الفُرس وهزمتهم، وغزاهم بعد ذلك أنوشروان أحد الأكاسرة فأصاب منهم ونفاهم من معظم البلاد التي قطنوها في العراق، فنزلوا في الموصل والجزيرة شمالًا، فأرسل كسري مالك بن حارثة ومعه فرقة من بني بكر بن وائل (ربيعة) فأخذهم على غِرَّة فلاذوا بالفرار، وأتبعهم الفرس حتى نزلوا في الشام في حمص وحلب وآسيا حتى أنقرة بتركيا وما صاقبها من البلاد التابعة للروم حينئذ، ودانت إياد لغسان وتنصَّروا أي دخلوا في النصرانية مثلهم مثل جَبَلة بن الأَيْهَم أحد ملوك غسان ومثلهم قُضَاعة ذلك الحين، وتفرقوا في أمصار الشام ولحق أغلبهم إلى بلاد أنقرة بعد اجتماع قُضَاعة وغَسَّان، وقد خاف هؤلاء أن يلحقهم ضَيْم من قُضَاعة وغَسَّان أو يصيروا يدًا واحدة عليهم، وكان بعضهم قد حارب مع الفُرس في موقعة عين تمر، وكما استعان بهم الروم عام 12 هـ لما اجتمع العرب المسلمون في الشام، وفي عام 16 هـ حاربوا المسلمين مع الروم شأنهم شأن قُضَاعة وتَغْلِب، ولما خرج الوليد بن عُقبة عام 17 هـ إلى بني تغلب وعرب الجزيرة أخذتهم حميَّة العروبة ضد الروم رغم أن أغلبهم كانوا نصارى على دين الروم، ولكن إيادًا فإنهم هربوا وقد دخلوا بلاد الروم، ولما قام هرقل الروم بآخر محاولة لاستعادة الشام من المسلمين كان جيشه يحتوي على عدد كبير من إياد، ولكن العرب المسلمين غزوا الجزيرة بمساعدة نصارى العرب وفتحوا، كريت، وقد فاوض خالد بن الوليد عرب المدن بالشام، مما أضعف قوة الروم وخاصة بعد انسحاب كثير من العرب من جيشهم، ولما حارب عرب الشام المتفاوضين مع خالد بن الوليد جيش الروم وهزموه، وقد دخلوا في الإسلام عدا إياد هؤلاء! فقد رجعوا مع جيش الروم
(1)
بنو نصر اللخميون جدهم نصر بن ربيعة بن عمرو من بني نمارة من لَخم القحطانية، ويقال المناذرة في بادية العراق والحيرة كانوا تابعين لملوك فارس ومدة ملكهم 522 عامًا، وذكر القلقشندي أن من بني نصر هؤلاء في البر الشرقي من أسيوط بالديار المصرية.
المهزوم إلى مدينة كليكية فتبعهم المسلمون وأفنوا أغلبهم، وأما بعض إياد في الجزيرة شمال العراق فبعد انتشار الإسلام ودخول القبائل فيه إلَّا أن إيادًا أيضًا هربت من هناك إلى مدن كباد وكيه بتركيا، وقد أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى هرقل عدة مصاحف للقرآن ليعرضها على العرب في بلاده مهددًا إياه أن لا يمنع عربي من دخول الإسلام ولا يحولن بينه وبين الخروج لبلاد العرب، وإن لَمْ يفعل ذلك فقد هدده الفاروق بتتبع النصارى في بلاد العرب وقتلهم، فلما عرض هرقل المصاحف ووجدها مثل الإنجيل ومتوافق ما فيها من كلام الله أسلموا ودخلوا أفواجًا ولكنهم بقوا على مسكنهم، ومن إياد بن نزار هؤلاء خطباء يُضرب بهم المثل وكان منهم قس بن ساعدة الذي يُضرب به المثل في البلاغة، وقال صاحب كتاب الأوائل: أن قسًّا أول من أظهر التوحيد بمكة مع ورقة بن نوفل، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم قسًّا وسأل عنه وفد إياد عندما جاءوا للنبي، فلما أخبروه أنه قد هلك قال صلى الله عليه وسلم لهم: إنه سوف تُعرض عليه أقواله في الآخرة وإن كان غرضهُ توحيد الله من قولها فسيكون في الجَنَّة، ومن إياد كعب بن مامة وكان يُضرب به المثل في الجود، فقد كان معه ماء ورفيقًا وكان سائرًا في طريق قفر فلما عطش رفيقه أعطاه الماء الذي معه ومات هو عطشًا في الفلاة!!، وقد تعلَّم العرب الخط من بني إياد وعرفوا أيضًا منهم أخبار وعلوم الأقوام القديمة كطسم وجديس.
وقيلت رواية عن إياد وسبب نفيهم من الحرم
(1)
هى أنهم كانوا في عزة وكثرة ويولد لأحدهم الولد كلّ بضعة أيام، وقد تغلبوا على جميع بني إخوتهم
(1)
قال أبو المنذر عن ابن عباس:
كان يولد لإياد بن نزار الولد في الليلة الواحدة العشرة وأكثر من ذلك!! ولا يولد لمُضَر وربيعَة في الشهر إلَّا الولد الواحد فكثرت قبائلهم وتلاحقت نابتتهم وكان فيهم الغمامتان والكردسان وهي قبائل من إياد، فبغت إِياد بكثرتها وقوتها على أخوانهم من مُضَر وربيعَة حتى كان الرجل من إياد يضع قوسه على باب المُضَري والربعي فيكون أحق بما فيه، فيقال والله أعلم أنهم سمعوا مناديًا في جوف الليل على رأس جبل وهو يقول:
(يا معشر إياد أظعنوا من البلاد لمُضَر الأنجاد قد عثتم في الفساد فحلوا بأرض سنداد فليس إلى تهامة من معاد)! ثم رمى الله إياد بقرح، وقال ابن شبه: أنه داء يقال له النخاع، فكان يموت منهم في اليوم والليلة المئة والمئتان، فقال رجل صالح منهم: يا معشر إياد إنما رماكم الله بما ترون لبغيكم على بني أبيكم فاشخصوا عن هذه البلاد فقد أمرتم بذلك لا يصيبكم الله بعذاب، وقيل أن إيادًا لَمْ تزل مع إخوتها بتهامة وما والاها حتى وقعت بينهم حرب فضعفوا فظهرت عليهم ربيعَة ومُضر فالتقوا بناحية من بلادهم يقال لها خانق وهي من بلاد كنانة بن خُزيمة فانتصرت ربيعةَ ومُضَر على إياد وأخرجوهم من تهامة، وقال أحد بني قيس عَيْلان (مُضَر) في ذلك النصر: =
من مُضَر وربيعَة وبغوا عليهم فأصابتهم بلوى في سنة واحدة هلك أغلبهم، فضعفوا فطردهم بنو مُضَر وبنو ربيعَة من تهامة، وهذا ملخص مبسَّط من معجم ما استعجم. وفي الأغاني. ذكر أنه: لما أصابتهم السنة تفرقت إياد إلى ثلاث فرق إحداها سلكت البحر فهلكت، وفرقة قصدت اليمن، وفرقة قصدت أرض بكر بن وائل (البحرين والجزيرة وسواد العراق).
وقبيلة ثقيف كما أيده البكري وبعض النسَّابين وباعتراف من قدمائهم شعرًا مثبوتًا أن جدهم يُسمَّى قُسي بن منبه بن النبيت بن منصور بن يقدم بن أُفصى بن دعمي بن إياد.
وكان قُسي قد تفتَّك على قومه من إياد الذين نزلوا باليمن، وقد تفتك أيضًا على من جاور قومه من حِمْيَر وهم أغلب أهل اليمن فنابذوه وقد انحاز عنهم، ثم قتل أحد جباة الضرائب لأَحد ملوك اليمن في حينه وكان معه النَّخع
(1)
ابن خالته والذي تيامن قومه من إياد ودخلوا في القحطانية. وهرب قُسي بن مُنَبه والنخع شمالًا تاركين قومهم من إياد في اليمن فنزل النخع في بيشة وتحول إلى الدثينة وكوَّن قبيلة نسبت خطأ في مَذْحج القحطانية، أما قُسي بن مُنَبه فنزل بوادي القِرَى لدى عجوزًا كانت على دين اليهودية وصار كابن لها، فلما ماتت أعطته ذهبًا كثيرًا وقضبانًا من العنب، فنزل في وادي ووج قرب الطائف فرأى فتاة ترعى غنمًا فطَمِعَ أن يقتلها ويأخذ أغنامها، فلما أحست بذكاء فطري قالت له طى ما في نفسه، قال: نعم هذا ما فكرت فيه، فقالت: بئس ما تنوي، إن الغنم لعامر بن الظرب العدواني
(2)
حكم من حكام العدنانية ومن كبار قيس عيلان وسوف تُقتل وتذهب نفسك ومالك إن أقدمت على ذلك فاذهب إلى عامر واستجر به يجرك هو أكرم
= إيادا يوم خانق قد وطئنا
…
بخيل مضمرات قد برينا
تعادي بالفوارس كل يوم
…
غضاب الحرب تحمي المحجرينا
فأنبا بالنهاب وبالسبايا
…
وأضحوا في الديار مجدلينا
(1)
النَّخع: هو جسر بن عمرو بن الطمثان بن عوذ مناة بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد بن نزار بن مَعَد بن عدنان (دخلوا في مَذْحج القحطانية).
(2)
قبيلة عُدْوان: هو ابن عمرو بن قيس عَيْلان بن مُضَر ومنازلهم قديمًا بالطائف، ثم غلبتهم بني عامر (هوازن) عليها واتفقت مع ثقيف، ثم تغلبت ثقيف واستبدت بالطائف وقد بنت سورًا بمساعدة رجل =
لك سبيلًا وأسلم لنفسك، والقصة طويلة انتهت بأن قُسيا قد تزوج بنت عامر بن الظرب، وقد لُقِّب قُسي (بثقيف) لما أنه غرس قضبان العنب فأنتجت كرومًا قد ملكها، فقالت العرب من قيس أو عُدوان ما أثقفه حين ثقف عامر بن الظرب حتى أمنه وزوجه وأجاره عن عامة قومه، ثم نراه يزرع الكروم والأعناب!! ونذكر بيتين لأمية بن أبي الصلت من زعماء ثقيف المشاهير قديمًا قال:
فأما تسألي يا بُثن عني
…
وعن نسبي أخبرك اليقينا
فانا للنبيت بن قُسَي
…
لمنصور بن يقدم أقدمينا
لأُفْصى عصمة الهلاك
…
على أُفْصى بن دُعْمي بُنينا
ودُعْمي به يُكنى إياد أُفْصى
…
إليه تنسبي كي تعلمينا
وقال مالك بن عوف (بني نصر) زعيم هوازن كلها وحتى غزوة حُنين الشهيرة وذلك موجهًا ضعره إلى ثقيف قائلًا:
ألا أبلغ ثقيفًا حيث كانت
…
بأني ما حييت لكم معادي
فإني لستُ منكِ ولستِ مني
…
فحُلِّي في أحاظة
(1)
أو إيادِ
= من اليمن على الطائف، وعدوان منهم حتى الآن في نواحي الطائف ومنهم جماعة دخلوا مع زهران (الأزد القحطانية) في عسير بالسعودية والتي فيها الكثير من قيس، وإلى دوس من عدوان مع زهران ينتمي أبو هريرة رضي الله عنه، ومنهم عثمان بن عبد الرَّحمن المضايفي كان قائدًا من قواد الإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود في الدولة السعودية الأولى واشترك في قتال قوات محمد على باشا في الحجاز وهزمها في بداية الأمر قبل وصول الحملة التالية، وكان مع عبد الله بن سعود وذلك عام 1226 هـ (الجبرتى تاريخ مصر). ومن عدوان قبيلة في شمالي الأردن، ومنهم بالواد سوف في الجزائر حلفاء الهلالة وبني سُلَيم.
(1)
أحاظة: بطن من ذي الكلاع من حِميَر القحطانية ويضرب به العرب مثلًا في تباعد الرحم، وذكر مالك بن عوف هنا أحاظة لما أن قوم ثقيف دخلوا في حِمْيَر قديمًا ببلاد اليمن.
* في مروج الذهب للمسعودي قال المغيرة بن شعبة الثقفي:
ما لحي مَعْد على إياد فضل
إن ثقيفًا لَمْ تكن هوازنًا
ولم تناسب عامر ومازنا
إلَّا حديثًا وافق المحاسنا
فأجابه مسعود بن مَعْتِب الثقفي قائلا:
لا قيسكم منَّا ولا نحن منكم
…
ولكنا أولاد نبيت بن يقدُما
وإن أدع يومًا في أحاظة تأتي
…
كتائب خُرس لا أخاف التهضُّما
وقال غيلان بن سلَمَة بن مَعْتِب:
إني امرؤ من إياد غير مؤتشب
…
وأرى الزناد وقلل قيس عيلان
هم والدي وإليهم أنتمي صعدًا
…
والحي قيس هم صهري وجيراني
وقصة ثقيف طويلة تحتاج سردًا وتحليلًا تاريخيا لنفيِ الرأي القائل من جمهرة العلماء والنسَّابين بأنهم من هوازن - قيس عيلان - (مُضَر)!؟
ويقول صاحب ذات الفروع
(1)
عن إياد بن نزار:
كان إيادًا من نزار سمت بهم
…
فروع فخار حين تُعزى وتنسب
بنى لهموا مجدًا أبوهم مؤثلًا
…
توارثه يا مين قبل ويشجب
وثعلبة السامي الذي اكتسب العُلا
…
وكانت له فيها مفاخر تُحسب
وهم منعوا فيض العراق بجحفلٍ
…
مقانب يهديها إلى الروع مقنب
ومنهم ثقيف همو أكفاؤنا أنَّا منهمو
…
عقائل في فهر
(2)
تُصان وتُحجب
وما النَّخع الخيِّر بن عمرو بمقرفٍ
…
ولا بلئام نجرهم حين تنسب
توارث عمرو بن النبيت وراثة
…
له، من إياد وصلها لا يعصب
وبرد همو أهل المكارم والعلا
…
وأهل ابندا مالاح في الجو كوكب
ويقدم السامون في العز أنهم
…
لهم منصب فينا أعز وأرحب
وزهر همو قوم لقام يزينهم
…
إذا انتسبوا في شم عدنان منصب
(1)
هو المنصور بن حمزة الهاشمي، وقصيدة صاحب ذات الفروع مرسومة بذات الفروع وهي فخر لبني عدنان، وقد نشرها كاملة وله السبق الأديب السعودي والشيخ الفاضل الأستاذ حمد الحقيل في مصنفه كنز الأنساب، وتفضل مشكورًا بنشر النونية الكميتية نقلًا عن مجلة العرب السعودية للشيخ العلَّامة حمد الجاسر وهي للكُمّيت الذي قال هذه القصيدة مفتخرًا ببني نزار - العدنانية على القحطانية، وتسمى المذهبة في مفاخر بني عدنان، وقد رد على أشعار حكيم بن عياش الكلبي (قُضَاعة) الذى أولع بهجاء مُضَر - العدنانية شعرًا لمجرد الحقد الدفين في قلبه، فحسبهُ الله يوم الحشر.
(2)
فهر: أي قريش ويقصد هنا القُرَشيات اللائي تزوجن في ثقيف في الجاهلية.
بنو أنمار بن نزار
فإنهم لما تكاثر بنو نزار من ربيعَة ومُضَر حول الحرم في تهامة أخذوا طريقهم إلى بلاد اليمن وانقلبوا خطأ أو جهلًا من نسَّابيهم في القحطانية.
وقال ابن عباس رواية أخرى: وهي أن أنمار فقأ عين أخيه مُضَر وهرب إلى اليمن وعقَّب هناك وانتسب للقحطانية.
والثابت أن أنمار له ولدان أو منه فرعان شهيران هما: خَثْعم وبُجَيْلة، أما بُجيلة فقد حاربت كلب من قُضَاعة في موضع يقال له الفجار
(1)
، وكانت تسمى حرب الحدأة تفرقت بعدها بُجيلة
(2)
في قبائل العرب، وقال البجلي عن ذلك: لقد فرقتم في كلّ أوب .. كتفريق الإله بني مَعْد. وظلت بُجَيْلة ممزقة في كلّ حي من أحياء العرب حينًا من الدهر حتى جمعهم أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم واسمه الشليل
(3)
بن مالك، وبذلك تجمعت بُجيلة تحت إمرته، وأثناء الفتوحات دخل أغلب بُجيلة إلى العراق وبقي
(4)
منهم شراذم قليلة في سروات الحجاز واليمن، وفي يوم القادسية لَمْ يكن أحد من قبائل العرب المشاركين في القادسية أكثر امرأة من بُجيلة وقد بلغت ألفًا فصاهرت بُجيلة ألفًا من أحياء العرب، ولما خطَّت الكوفة
(1)
عن الجمهرة لابن حزم ص 390.
(2)
ذكر القلقشندي في صبح الأعشي: أن بُجيلة اسم أم القبيلة نسبوا لها.
(3)
الرأي الثابت أن الذي جمع بُجيلة هو جرير بن عبد الله أحد أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقد أصبح سيد القبيلة بسبب ذلك، وذكر ابن حزم في الجمهرة أن جريرا هو الشليل بن مالك؟ وقال صاحب حماة: أنه كان يقال عن جرير هذا يوصف الأمة لحسنه وجماله، وقال فيه أيضًا: لولا جرير هلكت بُجيلة .. نعم الفتى وبئس القبيلة!! وقد نافر جرير هذا رجل من اليمن إلى الأقرع بن حابس التميمي حكم العرب فقال:
يا أقرع ابن حابس يا أقرع إنك إن يُصرع أخوك تُصرع.
وقد جعل نفسه له أخًا وهو عدناني (يؤكد انتماء بُجيلة للعدنانية)، والسبب الحقيقي لجمع بُجيلة من القبائل التي تفرقت فيها هو حرب الأعاجم بفارس بسبب مصيبة الجسر وهي المعركة التي خسر فيها العرب أمام الفرس أثناء قتالهم في الفتح الإسلامي أيام الفاروق عمر رضي الله عنه. وكان ذلك عام 13 هـ، وحين ذلك قدم وفد من اليمن في ركب من بُجيلة فيه عرفجة بن هرمثة وهو سيد بُجيلة ذلك الوقت وهو حليفًا لهم من الأزد، ومع عرفجة جرير بن عبد الله البجلي فكلمهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال: إنكم علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم المسلمين في معركة الجسر بالعراق، فسيروا إليهم وأنا أخرج إليكم من كان منكم متفرقًا من بُجيلة في بطون العرب فأجمعهم إليكم، قالوا: نفعل يا أمير المؤمنين، ثم بعد جمعهم أمَّر على بُجيلة جرير بن عبد الله، فسار إلى الكوفة للقتال بمن معه إلى جانب جيش العرب المسلمين.
(4)
من أشهر قبائل بُجيلة (بنو مالك) وتقطن في السراة جنوب الطائف بين بلاد بلحارث شمالًا وزهران جنوبًا (سراة بُجيلة قديمًا) وهذا في بلاد عسير بالمملكة العربية السعودية.
سكنها كثير من البجليين هؤلاء وحاربوا إلى جانب علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - ضد معاوية بن أبي سفيان، وقد ذهب بعضهم إلى بلاد الشام وقطنوا هناك وهم قلة.
أما الفرع الثاني من أنمار فهو خَثْعم فقد ظل أغلبهم وهم كثيرون في ديارهم التي نشأوا فيها ما بين بيشة وتَرَبة وما صاقبها من البلاد، وهي من القبائل المعروفة حتى الآن في المملكة العربية السعودية جنوب غرب المملكة في السراة، ومن خَثْعم تفرعت قبيلة شهران (*) وهو شهران
(1)
بن حلف بن خَثْعم
(2)
، ومن شهران خميس مشيط أحد رؤسائهم وقد تسمَّت باسمه مدينة خميس مشيط في إقليم عسير
(*) ومع شهران العريضة: سكان شعف واراشة من عنز بن وائل (ربيعة) العدنانية.
(1)
نقلًا عن نهاية الأرب للقلقشندي، وفي الجمهرة هو شهران بن عفرش بن حلف بن أَقْيل وهو خَثْعم.
(2)
ذكر الأستاذ/ حمد الجاسر في مجلة العرب السعودية عن خَثْعم:
خَثْعم لا تزال معروفة في بلادها التي كانت تحلها عند ظهور الإسلام في أطراف السراة الشرقية الشمالية الواقعة بين غامد وبلاد قبائل الحجر وفي الأودية الممتدة شمالًا الواقعة بين بيشة وأبها، ومن أشهر فروع خَثْعم: شهران إلَّا أن شهران كثر وانتشر حتى أصبح لا يشمله الآن اسم خَثْعم الذي انحصر في قسم صغير من القبيلة تقع بلاده غربي شهران ويفصل بينه وبين هذا الفرع منازل قبيلة شمران، ومن فروع خَثْعم كلب ويسكن هؤلاء في قرية بيشة، وقد أصبح يطلق اسم خَثْعم على فرع صغير من فروع القبيلة، وبحيث اعتبر شهران هو أثري فروع القبيلة أو قبيلة قائمة بذاتها، وبلاد بني عامر هوازن العدنانية) تتصل ببلاد خَثْعم من الشمال حيث يخالطهم في أسافل أودية بيشة بنو سَلُول وبنو عقيل من عامر، ولهذا وقت حروب بين القبيلتين. قلت: وسَلُول وعقيل من عامر (هوازن) وسَلُول العدنانية هي من فروع شهران الآن، أي بالدخل والحلف مثل أكْلُب مع خَثْعم، ومن بلاد خَثْعم جسداء والعرقوب.
- وفي الجمهرة لابن حزم والقلائد للقلقشندي:
ومع خَثْعم بنو أَكْلُب بن ربيعَة بن نزار العدنانية. وحينئذ فتكون عدنانية. ومنها فروع مثل: خليجة - بنو هرز - بنو منه - الفرع - بنو فضله. معاوية - آل مهدي - بنو نصر - بنو حاتم - المواركة - آل نيار، وبلادهم بلاد خير وزرع.
في كنز الأسباب للأستاذ الحقيل:
* قال أبو مسلمة الكلابي: خَثْعم لقب أطلق على بطون تحالفت وهم بنو سعد الريث وهم الفزر وتيِّم رهط بن الدمنية (من تميم العدنانية) مع حاتم بن عفرس بن بُجيلة بن أنمار بن نزار بن مَعْد بن عدنان، وبنو الفزر وبنو قحافة ابنا عفرس بن أنمار، وقد غمست أيديها في الدم ثم وضعتها على جمل يقال له: الخثعم فتحالفت فسميت باسم الجمل جميع البطون التي وضعت أيديها عليه!
وفي تهذيب الأسماء واللغات ص 289:
* قال النووي: قيل: خَثْعم جبل سميت به لنزولها به وتعاقدها عليه.
* وقال ابن عبد ربه: إن خَثْعمًا اسمه أقيَل وخَثْعم جمل كان لهم نسبوا إليه.
ربيعَةَ ومُضَر بن نزار بن مَعْد بن عدنان
نوضح أن بني ربيعَةَ
(1)
وبني مُضَر قد أجمع النسَّابون أنهم صفوة العدنانية من صريحي ولد إسماعيل ابن الخليل إبراهيم عليه وعلى أبينا إسماعيل السلام، وقد تفرقت قبائلهم في البلاد قبل الإسلام وبعده، وهناك قصة ذكرت في الجمهرة ودوَّنها القلقشندي في نهاية الأرب وذلك لإيضاح سبب تسمية ربيعَة (بربيعَة الفرس) ومُضَر (بمُضَر الحمراء) وهي:
إنه لما حضر نزار بن مَعْد الوفاة، دعا أولاده فقال لإياد: خذ هذه الجارية الشمطاء وما أشبهها، وأعْط ربيعَةَ حبالًا سودًا من الشعر وقال: هذا وما أشبهه لك، وأعطى قبته الحمراء لمُضَر وقال: هذه وما أشبهها لك، وقال: إن اختلفتم في شيء فأتوا الأفعى الجرهمي ملك نجران، فأتوه بعد موته وأخبروه بوصية أبيهم نزار فقال لإياد: لك الغنم برعائها، وقال لأنمار: لك الأرض، وقال لربيعَةَ: لك الخيل الدهم وما أشبهها، فقيل له من ذلك الحين ربيعَةَ الفرس، وقال لمُضَر: لك الإبل الحمر، فقيل له مُضَر الحمراء.
(1)
ورد حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تسبُّوا ربيعَةَ فإنه كان حنيفًا مسلمًا على دين أبيه إبراهيم عليه السلام".
بنو ربيعَة
كان بنو ربيعَة بن نزار في بداية نشأهم يسكنون حول الحرم وتهامة في الحجاز مع بقية إخوانهم من ولد نزار، ولكن وقعت الحرب بين نزار وقُضَاعة وسوف نوضح ذلك في باب الشرح عن قُضَاعة في هذا المجلد، ولذلك التفرُّق من الحرب أو التكاثر الذي نتج عنه خروج ربيعة من منبعهم حول الحرم.
قال مُهلْهَل التَغْلِبي فارس ربيعة الشهير وقد تأثر من تفرُّق بني مَعْد بسبب الحروب وغيرها:
غنيت دارنا تهامة في الدهر
…
وفيها بنو مَعْد حلولا
فتساقوا كأسًا أمرت عليهم
…
بينهم يقتل العزيز الذليلا
وانتقل بنو ربيعة إلى نجد ونواحي البحرين وهجر، وحتى الكور الواقعة في الجزيرة والسواد فى العراق وتركيا والتي تسمى حتى الآن (ديار بني بكر).
وقد سكنت عَنَزة حينًا من الدهر بلاد اليمن وحالفوا خَثْعم بن أنمار، وظل باقيهم حتى الآن في جمسير، وهو إقليم مسمى باسم عسير بن عَنَزة، وهناك بطون مالك في شهران خَثعم، وأهل القرعة وجابرة كلها من عَنَزة (ربيعَة)، وكذلك رفيدة ومنهم المتاحمة في عسير أهل الرياسة حتى الآن، علاوة على أكْلُب التي سبق أن نوهنا عنها، فهي من ربيعة أيضًا وحالفت خَثْعم قديمًا، وأما سائر ربيعة الفَرس من قبائل بكر بن وائل وتغلب بن وائل وعَنَز بن وائل وغُفيلة وضُبيعة وعَنَزة وعبد القيس وغيرهم؛ فكانت مساكنهم في بلادهم من ظواهر نجد والحجاز وأطراف تهامة، حتى وقعت حرب البسوس
(1)
الشهيرة بين بني وائل من بكر
(1)
(حرب البسوس) بين تغلب وبكر ابني وائل (من ربيعة العدنانية) كانت تعود إلى بغي كيب التغلبي على قومه وتعالبه وكبريائه، وكانت الشعرة التي قسمت ظهر البعير هو قتله لناقة البسوس، وهي امرأة قيل أنَّها خالة صهره جساس بن مرّة الشيباني (بكر بن وائل)، وكان جساس بن مُرَّة قد أجارها، ولكن الناقة كانت جرباء وذهبت ترعى في وسط إبل كليب، فلما رآها رماها بالسهم في ضرعها فماتت، فصرخت العجوز تطلب من جساس أن يحيي لها ناقتها أو يقتل كليبًا زوج أخته الجليلة، ولما أن جساسًا كان يرى ظلم كليب لقومه أخذته حمية بني شيبان الذين لا يقبلون الهوان، فنادى على كليب وقال له: إني قاتلك فالتفت إلي، فتكبر كليب وقال: هيا تعال من وجهي إن كنت لي ندًّا يا فتي أو يا غلام، فرماه جساس بحربته من الخلف فخرجت من ظهره تلمع من صدره فوقع يحتضر، ويذكر التاريخ أن ابن عم جساس وهو عمرو بن =
وتغلب بسبب قتل جساس بن مُرَّة بن ذهل بن شيبان
(1)
من بني بكر لكليب وائل بن ربيعة التغلبي، فانضمت النمر وغفيلة إلى تَغْلِب بن وائل وصاروا معهم، ولحقت عَنَزة وضبيعة ببكر بن وائل، فلم تزل الحروب على مدى أربعين عامًا بين قبائل ربيعة، تنقلهم الوقائع الدامية بينهم من بلد إلى بلد ومن أرض إلى أرض وبني تَغْلِب ظاهرة على بكر، حتى التقوا يوم قُضة أو التحالق لما أن بني بكر حلقت شعورها لتُميِّز نفسها في الحرب والطعان الذي تشيب له الولدان، وكانت الوقعة قرب اليمامة وعلى مسير ثلاث ليالٍ منها، وكانت الدبرة والهزيمة على بني تَغْلِب، وانتصرت بنو بكر نصرًا حاسمًا مما جعل معظم تَغْلِب تتفرق في تجاه الشمال وسكنت الجزيرة شمال العراق، وانتشرت بكر وعَنَزة وضُيعة وعبد القيس في اليمامة وبلاد البحرين وبلاد الإحساء وحتى اطراف سواد العراق، وعن بعض تَغْلِب انضم إلى تلك القبائل وأقاموا معهم، أما عن كيان تَغْلِب لا يذكر الآن إلَّا
= الحارث شارك في الإجهاز على كليب راحتز راسه بعد أن سقط على الأرض من ضربة جساس.
وقيلت روايات أنه طلب الماء فرفض جساس وقال له: من عطشانًا كما بغيت علينا ومنعت إيلنا أن تشرب قبل أن تصدر جميع رعائك، فكتب كليب بدمه على حجر يوصي لأخيه مُهلْهَل أن لا يصالح شيبان بكر بن وائل) إلَّا بدم جساس أو أبيه مرّة أو أخيه همام!!
فلما طالبت تَغْلِب بذلك الأمر رفض مُرَّة وقال: الدية ندفعها لكم أو تأخذوا ولدًا آخر به غير جساس أو همام، فقامت الحرب بين بكر وتغلب أربعين عامًا لا تُلقَّح فيها فرس ولا ناقة، فكانت تسمى حرب البسوس وكان يقول العرب عن تلك المرأة مثلا في الشؤم، أي يقولون أشأم من البسوس، وحرب البسوس من أعظم حروب العرب في الجاهلية، وبعد قرابة أربعين عامًا انتهت بانتصار بكر بن وائل بعد تَغْلِب بني تَغْلِب بن وائل في أيام كثيرة، وكان يوم قُضة (التحالق) هو اليوم الحاسم الذي انكسرت فيه تَغْلِب وانتصفت منها بكر. فقال طرفة بن العبد البكري مفتخرًا بهذا النصر الغالي:
سائلوا عنا الذي يعرفنا
…
بقرانا يوم تحلاق اللمم
يوم تبدي البيض عن أسواقها
…
وتلف الخيل أعراج النعُم
* ذكر في العبر لابن خلدون أن بني شعبة بنواحي الطائف هم من تَغْلِب بني وائل (ربيعة) من ذرية مُهلْهَل بن ربيعة الفارس الشهير، وذكر فؤاد حمزة في قلب جزيرة العرب أن (بني شعبة) من أصل سوداني ويدعون أنهم من قحطان!! (وهذا خطأ من فؤاد كعادته). قلت: وشعبة بن مُهلْهَل هؤلاء كانوا يسكنون حتى القرن الثامن الهجري في الطائف وهم غير بني شعبة كِنَانة قرب مكة المكرمة والذين ذكرهم الشيخ حمد الجاسر وذكرهم الفيروزآبادي وصاحب معجم البلدان.
وذكر بني شعبة بن مُهلْهَل أيضًا القلقشندي في نهاية الأرب؛ ومُهلْهَل هو أخي كليب وشهرته الزير سالم وكلاهما ابنا ربيعة بن الحارث بن زهير بن جُشَم بن بكر بن غنم بن تَغْلِب بن وائل من ربيعة العدنانية.
ولا أدري عن بني شعبة هل لهم من بقية الآن في الطائف أم لا؟ وذكر فؤاد حمزة في قلب جزيرة العرب أنهم بدو رحَّل منهم فرعا آل حضرة وآل حثان ويقيمون حول أتود إلى مرتقى وادي ضلع.
(1)
قال ابن سلام الجُشَمي في شيبان: إذا كنت من بكر بن وائل ففاخر بشيبان وكاثر بشيبان وحارب بشيبان.
متمثلا ضمن قبيلة الدواسر، وتوجد أيضًا قبيلة باسم قيس بن مسعود يرجح المحقِّقون أنَّها من تَغْلِب وتسكن في عسير تهامة في مجموعة رجال ألمع، وفي القرون الأخيرة تجمَّع معظم بني ربيعة تحت مُسمَّى عَنَزة، وهو الأكبر غير عَنَز بن وائل وهو عَنَزة بن أسد بن ربيعة، وقد انضوت كثير من بطون بني بكر وأشهرها شيبان وبني حنيفة وبعض عَنَز بن وائل وتغلب بن وائل وعبد القيس كلها تحت اسم عَنَزة الآن، وأغلبهم لوائل وهو وائل بن قاسط بن هنب بن أُفصى بن دُعْمي بن جُديلة بن أسد بن ربيعة، وفي عَنَزة بقبائلها سالفة الذكر منذ القدم الملوك والفرسان الشجعان الذين يُضرب بهم المثل في الجبروت والقوة، وفي عَنَزة الشعراء المشاهير والعلماء الأفذاذ، وهيَ أكبر وأقوى قبيلة في الجزيرة العربية وتنسب العائلة المالكة آل سعود إلى أعرق وأشهر عشائر عَنَرة وأنبلها حسبًا وأكرمها نسبًا، وهم من المردة من المصاليخ المشهورين بالفروسية والإقدام من المنابهة
(1)
، وكم أنجبت عائلة آل سعود الكريمة على مدى عدة قرون الملوك والأمراء والفرسان والزعماء على مستوى العالم العربي والإسلامي، وقد ساهموا في التاريخ العربي بدور طليعي لا ينكره ولا يجحده عربي من المحيط إلى الخليج، ومن أبرز ما أنجبت العائلة السعودية هو الإمام جلالة الملك عبد العزيز
(2)
بن عبد الرَّحمن
(1)
المنابهة فرع من بني وهب من ضنا مسلَّم من عَنَزة من العدنانية، وعشائر المنابهة بعضها من بني حنيفة وبني شيبان (بكر بن وائل)، وآل سعود من بني حنيفة، ومع المنابهة ولد علي وهو فرع من بني وهب من مسلم من عَنَزة.
(2)
أعجبتني قصيدة نبطية قالها الشاعر العنزي عبد الرَّحمن بن معيتق من (الشملان - السلقا)، وهي في كنز الأنساب ومجمع الآداب للأستاذ الفاضل والأديب السعودي حمد الحقيل، وفيها يمدح صقر الجزيرة الإمام والملك عبد العزيز بن عبد الرَّحمن الفيصل آل سعود رحمه الله وقبيلة عَنَزة العدنانية وقال فيها:
لو أنت تخشى سطوة الحكم تنكيل
…
ما أسقطت واجب مرهبين القبائل
شيخ العرب ما حده الجدي لسهيل
…
عبد العزيز اللي مضى بالفعايل
الصارم المهدي على دين جبريل
…
الحاكم المأمون وافي الخصايل
شمس النهار ووصفه البدر بالليل
…
بحيلة وحبلاته ورانا يحايل
ستر العذارى لابسات الخلاخيل
…
هاف الخواصر حاويات الجدايل
حر وطلعه من ورى الشط والنيل
…
بغوص موجات البحر ما يسايل
نجد حموهاما عليهم مداخيل
…
بسيوف تقدي اللي عن الدرب عايل
سوالف الويلان (1) يا طير أبابيل
…
خله لها ما أنت شريك لوايل =
===
(1)
الويلان: أولاد وائل من قبائل ربيعة العدنانية (غزة).
وحقًّا فهم خير خلف لخير سلف، وكما نرى تلك العلامة المُشرِّفة بتسمية عاهل المملكة العربية السعودية نفسه خادمًا للحرمين، فأنعم به حاكمًا عربيًا يفخر به كلّ عربي، ودام الله نصره وعزه على عاهل تلك البلاد العزيزة على نفوسنا نحن العرب وجل المسلمين.
وكما أن عَنَزة أنجبت أيضًا قادة عرب معاصرين ونذكر آل خليفة حكام البحرين، ونزحوا للبحرين في القرن الحادي عشر الهجري من الهدَّار بقلب نجد، وكذلك حكام الكويت من آل الصباح، ونزحوا للكويت قبيل عام 1700 م تقريبًا.
قال صاحب ذات الفروع يفخر ببني ربيعة الفرس من العدنانية قائلًا:
وإن أدع يومًا في ربيعة يأتيني
…
شآبيب ودق مزنة يتحلَّب
هم النّاس لا ناس سواهم وأنهم
…
حصى الأرض طابوا حيث كانوا ونُجَّب
ربيعة بنو عمهم إلى المجد أنه
…
أخو الجود إني عز للجود مطلب
ربيعة أهل البأس والعز أنهم
…
هم الصفوة منَّا والصريح المهذَّب
تناول منهم أحمس بن ضُبيعة
…
مكانًا هو المستأهل المتربب
ولم أنس منهم حية الأرض وابنها
…
وإني بحبي لابن أُفْصى لمُصحب
تناول عبد القيس مجدًا مكانه
…
مكان السهى في المجد إذا يتصبب
لكيز بن أفْصى الأكرمون وبكرة
…
ليوث الشري لا قيل بيز يُلقَّب
وأين لقحطان وعدنان كلها
…
كبكرٍ إذا الداعي إلى الموت ينعب
سمت في ذري بكر علي برتبة
…
لها شرف في مجدنا مترتب
لجيم وصعب في علي هما هما
…
إذا اليوم أبزى بالكمأة العصبصب
بشيبان والذهلين من آل وائل
…
ويشكر يسمو من يرام ويصعب
وهم يوم ذي قار
(1)
جلوا عن وجههم
…
شآبيب ودق ودقة متصوِّب
(1)
ذي قار: اسم مكان وقعت به معركة ذي قار الشهيرة بين الفُرس وبني شيبان من بكر بن وائل وكانت بقيادة هانئ بن مسعود الشيباني والذي أجار ابنه النعمان وأهله بعد أن أودعهم لديه، وذلك بعد رفض النعمان تزويج ابنته لأحد أبناء كسرى لما أن دمه غير عربي ومن عبدة النار المجوس، ولما استنجد النعمان =
بهم ظهرت علينا نزار وجلبت
…
غياهيب يجلوها من الليل غيهب
أجاروا ابنه النعمان من أن ينالها
…
فتًى ليس بالأسنة يخطب
أَبو أن يبيحوا جارهم لعدوهم
…
وقد ثار نقع تحته الموت أشهب
أجارت على كِسْرى حجية وايل
…
يقينا وقد كانت حجية تغضب
ومنهم بنو النمر بن قاسط ذي العلا
…
وعنزي إذا عدَّ الفخار وتغلب
(1)
وعنزًا نفو نهد بن يزيد وجدعوا
…
معاطسهم بعد اصطلام فأوعب
وعَنَز هم أهل الأعنّة والقنا
…
وتغلب أعلى من نزار وأغلب
وإن يدعني الحيَّان من فرع يقدم
…
ويذكر يظهر ودي المتحدب
هم القوم أبناء الحروب سيوفهم
…
تعل فتروى من نجيع وتخضب
مصاليت أبطال بهاليل أنجم
…
مساعير في الهيجاء دومًا تغلب
وتاريخ ومجد قبائل ربيعة بن نزار حافل ومجيد، لا يسعه مجلد كبير لو جمع مرة واحدة في بحث مطول قبل الإسلام وبعده على مر القرون التي تلت منذ صدر الإسلام وحتى هذا القرن، وإننا كباحثين في هذا المجال نسعي في إخراج اللمحات التاريخية والأدبية الهامة وتجميعها وترتيبها في ثوب جميل يشد القارئ ويهز وجدانه، والحق يقال للتاريخ المعاصر أني لم أجد أجمل من الأديب والنسَّابة الفاضل الشيخ والأستاذ حمد إبراهيم الحقيل في سرده عن ربيعَة وعَنَزة، وحقًا فقد
= بالقبائل ولم يجبه أحد ذهب إلى كسرى بمفرده وأودع أهله عند هانئ بن مسعود، ثم حبسه كِسْرى وقتله تحت أرجل الفيلة وطلب من هانئ تسليمه أهل النعمان، فرفض هانئ بنخوة عربية متحديًّا كِسَرى رغم قوته وهزم جيشه في أول يوم تنتصف فيه العرب من العجم، وكان نقطة تحول للفتح الإسلامي فيما بعد على أيدي الصحابة والمسلمين لبلاد فارس.
(1)
كان العرب يطلقون على بكر وتغلب روقان العرب.
وكانوا يطلقون على بكر وتميم جفان العرب.
وأيضا على (شيبان) بكر وتغلب رضفات العرب.
قلت: وروقان ترمز إلى أنهما كالبيت الواحد - ويسمى في بيت الشعر أو خيمة البدو رواق، أي جنب الخيمة، وبكر وتغلب من رجل واحد. أما جفان فترمز إلى أن بكرًا وتميمًا مثل الجفن للعين، والعين بدون جفن لا تصلح فبكر جفن ربيعَة، وتميم جفن مُضَر، أما الرضف فيرمز إلى الحجارة التي يُحمى عليها فتصبح ملتهبة إلى جانب صلابتها الصخرية قبل الالتهاب، وهذا يعني أن بكرًا وتغلبًا لا طاقة لأحد معهم، فهم كالصخور الملتهبة.
تألق وأبدع، وتجميعه التاريخي رائع في مصنفه كنز الأنساب ومجمع الآداب، وإنني أوجه له تقديري من القاهرة فحياه الله وأكثر من أمثاله، وإنني أعرف كم عانى الأستاذ الحقيل ومَحْصَّ وكابد في المراجع والمخطوطات إلى جانب البحوث الميدانية الحديثة التي تيسر له الحصول عليها من داخل المملكة العربية السعودية، وهذا فيما يخص تلك العائلات المتحضرة أو العشائر المتفرقة، وإنها لمحة تاريخية مُشرِّفة للمجتمع العربي في ميدان الأنساب العربية وأهميتها في مجتمعنا وحياتنا العامة، وإن الأجيال ستذكر بالعرفان مجهود الحقيل
(1)
في مصنفه القيِّم.
وبخصوص البحث الموسَّع عن قبائل (ربيعَة وعَنَزة) قمنا بإدراجه في المجلد الرابع بالقسم الثاني من الموسوعة، نقلا عن أصدق الدلائل في أنساب بني وائل لابن عبَّار، وهو من أتم وأكمل ما كُتِب عن قبائل عَنَزة من ربيعة في هذا القرن.
وندعو الله أن يوفقنا حتى نكون ضياءً يهتدي به بني جلدتنا من المحيط إلى الخليج، وننول الرضا من الله سبحانه وتعالى ومن جميع أبناء مجتمعنا العربي الكريم.
(1)
حمد بن إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن سليمان بن محمد الحقيل ينسب إلى أسرة عربية من "وائل" ربيعة العدنانية، ولد في المُجَمْعَة عاصمة سدير عام 1338 هـ في بلاد نجد بالمملكة العربية السعودية، وقاضي سابق ثم تفرَّغ للأدب بعدما أحيل للتقاعد.
بنو مُضَر
مُضَر فيه عمود النسب، لما أن النَّبِيّ
(1)
المختار صلى الله عليه وسلم جاء من نسله، وكفى مُضَر فخرًا بذلك.
وديار مُضَر حيز الحرم إلى ما دون السراوات وما والاها من البلاد، ثم امتدت ديارهم بقرب شرق الفرات نحو حران والرقة وسروج، وكانت ديارهم بالجزيرة بين دجلة والفرات مجاورة للشام، وأشهر مدنهم في شرقي الفرات الرافقة، وكانت لهم رياسة الحرم بمكة المكرمة، وانقسمت مُضَر إلى جذمين قبل الإسلام بعدة قرون وهما:
أ - خِنْدف: وسموا أبناء خِنْدف (بأمهم) وهي ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحافي بن قُضَاعة وكانت تتخنَدف في مِشْيتِها فسميت كذلك، ومعني تخندف الرجل، أي يقلب رجليه كأنه يغرف بهما.
ب - قيس: وكان مشهورًا بقيس عَيْلان، وقيل أن عَيْلان فرسه وقيل خادمه.
- أما (خِنْدف) ففيه عمود النسب والبيت في مُضَر لما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من نسله من فرع مدركة، وكان الخندف ابنين أحدهما اسمه عمرو والثاني عامر وكانا في إبل لهما يرعيانها ومعهما صَيدًا قعدا يطبخانه، فَعَدت عادية على إبلهما فقال عامر لأخيه عمرو: تدارك الإبل فأدركها وظل عامر أخيه يطبخ الصيد، فلما عادا إلى أبيهما (إلياس) سماهما، وقال لعامر: أنت طابخة، وقال لعمرو: أنت مدركة، ومدركة فيه عمود النسب لما أن كِنَانة تتفرع منه والتي منها قريش رهط النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وعن فرع مُضَر الثاني (قيس):
قيس عَيْلان فيه العدد في مُضَر بل وسائر العدنانية في حدر الإسلام، مما جعل العرب يطلقون على العدنانيين قيس، أي قيسي وعلى القحطانيين يماني أي يمني من اليمن، وهكذا فاسم قيس غلب على سائر العدنانية في فترة زمنية من الدهر.
(1)
هو محمد صلى الله عليه وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (قُريش) بن مالك بن النضر بن كِنَانة بن خُزَيْمة بن مِدَركة بن إلياس بن مُضَر. ومُضَر بن نزار بن مَعْد بن عدنان أول من سن الحداء للإبل في العرب وكان من أحسن النّاس صوتًا.
دخل صعصعة بن ناجية المُجاشعي من بني تَميم
(1)
على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جد الفرزدق الشاعر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما علمك بمُضَر؟ قال صعصعة: أنا أعلم الناس بها:
* (تَمِيم): هامتها وكاهلها السديد الذي يُوثَق به ويُحْمَل عليه.
* (كِنَانة): وجهها الذي فيه السمع والبصر.
* (قَيْس): فرسانها ونجومها.
* (أسَدٌ): لسانها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقت.
ومن أشهر قبائل خِنْدف بفرعيها مِدْركة وطابخة هي:
كِنَانة - قُريش - تَمِيم - هُذَيْل - أسد - ضَبَّة - مُزَيْنة - (خُزَاعَة) لمن يؤيد من النسَّابين أنهم من عمرو بن لُحَي بن قُمْعَة بن خِنْدف.
ومن أشهر قبائل قيس
(2)
عَيْلان هي:
سُلَيْم - هَوَازِن - مَازِن - مُحَارب - غَطَفان - عُدْوَان - فَهْم - أَعْصُر (بَاهِلَة
(3)
، غَنِي)، وقد تفرَّقت معظم بطون هذه القبائل في الأمصار والأقطار العربية، سنوضح تفصيلًا عنها إن شاء الله في هذه الموسوعة، ونذكر من بقي من تلك القبائل في بلادها الأصلية بالمملكة العربية السعودية وهذا على سبيل المثال لا الحصر:
- من خِنْدف: قُرَيْش - الأَشْرَاف - كِنَانة - هُذَيْل
(4)
- تَمِيم - خُزَاعَة - مُزَيْنة
(5)
(تحت اسم حرب).
(1)
من تميم أمراء قطر (المعاضيد)، ومن تميم محمد عبد الوهاب مؤسس الدعوة الوهابية في الجزيرة العربية.
(2)
قال ابن سلام الجُشَمي (عن قيس): إذا كنت من قيس عَيْلان ففاخر بغَطَفان وكاثر بهوازن وحارب بسُلَيْم!، قلت: هَوَازن وسُلَيم ابنا منصور وأيضًا قبيلة مازن بن منصور وعددها قليل، أما غَطَفان فهو ابن سعد بن قيس عَيْلان بن مُضَر وفيه (أَشْجَع - عبس - فزارة وذبيان).
(3)
باهلة: اسم امرأة وتسمت به القبيلة.
(4)
هُذَيْل فيهم أكثر من سبعين شاعر في الجاهلية وصدر الإسلام.
(5)
مُزينة هم بنو عمرو بن أد بن طابخة نسبوا إلى أمهم مُزينة بنت كلب بن وبرة (قُضاعة).
- ومن قَيْس: سُلَيم (فَتيْة، حَبَش) - هَوَازِن: (عُتَيْبة، سعد، سُبَيْع، السُهُول، جِعدة، قُشَيْر، هلَال، سَلُول، عُقَيل، العَوَازِم) - غَطَفان: (مُطَير، بنو رشيد) - عُدْوان - فَهْمَ - بَاهِلَة.
قال صاحب ذات الفروع مفتخرا بمُضَر:
وفي مُضَر الحمراء عز ونائل
…
وبأس وفيهم للمخوفين مهرب
أبوهم أبو الياسين يسمو إلى العلا
…
له حسب في آل قيذر مثقب
وسن لعدنان الديات فأوسقت
…
لسنته والقائل الحق أغلب
وأبقى لإلياسٍ وعَيْلان مفخرًا
…
ومنزلة منها السما كان أقرب
وعَيْلان صفو الصفو من آل قيذر
…
إذا طاب في آل الذبيح التنسُّب
جواد إذا ما لغيث أخلف نوءه
…
وماج حريق بالأعاصير انكب
لعمري لقد أبقى لقيس شمائلًا
…
يقوم بها بيت الفخار المُطنب
هم القوم نبعة الجود منهمو
…
وغيرهمو فينا سلام وخُلَّب
وقد ملأت ما بين برقة
(1)
عنوة
…
إلى الشحر
(2)
من قيس ألوف مكتب
(1)
برقة: إقليم شرق ليبيا، ويقصد أن أغلب سكانه من قيس وهم من عرب سُلَيْم وهَوَازِن (هِلَال) وغَطَفان (فزارة) وغيرهم من قيس عيلان العدنانية.
(2)
الشحر: مدينة في حضرموت من بلاد اليمن.
* من قيس أغربة العرب: عنترة بن شداد العبسي أمه زبيبة (غَطَفان)، خفاف بن عمير الشريدي أمه ندبة (سُلَيم)، السليك بن عمير السعدي أمه السلكة (هَوَازِن).
* حكم مصر ثلاثة رجال من قيس عَيْلان (مُضَر)، منهم اثنان من بني فَهْم (الوليد بن رفاعة) وواحد من بني عَبْس (غَطَفان) - قبائل العرب لأحمد لطفي السيد.
* كان العرب يطلقون على سُلَيم وغَطَفان وهَوَازِن أثافي العرب - ما معناه أنهم دواهي العرب، أي ما معناه في شدة البأس، وقيل: أن أثافي تعني الجمع الكثير.
وكانوا يطلقون على قريش وكِنَانة وخُزاعة حمس العرب، ما معناه أنهم متشددون في الدين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا رجل أَحْمُسي، وكانت قبائل حمس لها شعائر خاصة في الحج.
وهم ما همو في كلّ يوم كريهة
…
إذا جن سبع بالمنايا تَغْلِب
وفيهم رِباط الأعوجبات القنا
…
وأسيافهم فيها القضاء المجرَّب
وهم جمرات الحرب لَمْ يلف مثلهم
…
إذا لَمْ يكن للناس في الأمر مذهب
سُلَيم وعُدْوان وفيهم تناولوا
…
مفاخر عز لَمْ تنلهن يَعْرُب
قبائل من قيس بن عَيْلان فخم
…
لهم في العدى ناب خضيب ومخلب
وقيسٌ هم الفرسان مازال منهم
…
إلى الموت خطَّارون والموت ينهب
ومن يلفني من يَعْصُر يلف يعصُرا
…
لها الصفو من أنسابنا حين تُنسب
غَنِي ومَعْن والطِفَاوة أنهم
…
لهم من نزار صفوها المتنخب
وعَبْس وذُبيان وأنمار أنهم
…
لهم في العُلا بيت الفخار المرتَّب
ومن مثل عبد الله والليث أَشْجَع
…
إذا قيل في يوم الهياج ألا أركبوا
بَنَت غَطَفان المجد وارتقت العلا
…
ونبعتها في قيس عَيْلان أصلب
وإن أدع في عليا هَوَازِن تأتني
…
قبائل أركي حين تُنمى وأحسب
فتلك على الحالات قيس ولم يزل
…
لها القدح في المجد الذي لا يخيَّب
وجمجمة العليا تَمِيم الذين همو
…
ثقال لأرحي خِنْدف حين أجلب
ومن كهُذَيْل النازلين بعقوة
…
لها قبس من ذروة المجد مثقب
كِنَانة صفوة الصفو والخيرة التي
…
تخير منها للنبوة منقب
هم صفوة الله الذين همْ هُم
…
و منهم عقيل المكرمات المهيَّب
فمنهم رسول الله طابت أرومة
…
أقر لها من أحمد الأم والأب
قريش همو فوم الرسول توارثوا
…
خلافته نعم المواريث تكسب
فأكرم بقوم ينزل الوحي فيهمو
…
كريم إلى أبياتهم يتصوَّب
أملنا في الله أن ننال التشجيع من أهل العلم والأدب وأصحاب الفضل من ذوي الفطن من قومي العرب الكرام من بني عدنان وبني قحطان، حتى يخرج هذا المصنّف بكامل مجلداته إلى حيز الوجود، وقد بدأنا بحول الله إعداد المجلد الأول من الموسوعة في ذي الحجة من عام 1411 هجرية - يونيه (حزيران) من عام 1991 ميلادية، وندعو الله العلي القدير أن نواصل العمل والبحث عن جميع قبائل العرب، ونطمح أن يكون الإلمام لكل قبيلة قديمة أو حديثة بجميع الجوانب التاريخية والأدبية، وعلى نسبها وفروعها ودورها في المجتمع قديمًا أو في عصرنا الحالي، وإن هذا الإنجاز يحتاج مجهودًا شاقًّا عبر السنوات القادمة، ولذلك أوجه ندائي إلى كلّ مثقف من أبناء القبائل من عدنان أو قحطان أن يقدم لنا مشكورًا وفَوْرًا أية معلومات يراها هامة، سواء تاريخية أو أدبية أو توضح فروعًا أو عشائر فيما يخص نسبها الحقيقي، وأن يرسلها لنا مشكورًا على عنوان أو فاكس دار الفكر العربي المدوَّن في صدر المجلد الأول، وهذا حتى نستطيع إتمام الموسوعة الكبرى في زمن قياسي لتكون عملًا إنسانيًّا وتاريخيًّا للأجيال العربية وإن شاء الله سوف نعمل على ترجمة هذه الموسوعة إلى عدة لغات على رأسها اللغة الإنجليزية، لنرسل منها بحول الله نسخًا إلى جميع دور الكتب في القارات الست في أنحاء العالم، وكذلك الجامعات الشهيرة، لتكون مرجعًا دقيقًا للدارسين في التاريخ العربي والإسلامي، وكذلك للمستشرقين الأجانب في الحاضر والمستقبل.
وقد بدأنا بعون الله بقبائل مصر وبلاد المغرب في القسم الأول بمجلداته الأول والثاني والثالث، وبعض هذه القبائل ما زال لها باقٍ في بلادها الأصلية بالمملكة العربية السعودية، مثل الحويطات والمساعيد وبني عطية وبني عُقبة وبلِّي وجُهَيْنة وسُلَيْم وهلَال ومُزَيْنة، وهذه القبائل لها امتداد كبير في مصر وشمال
إفريقيا وبلاد السودان وقد خالطتها ميدانيا وركزت عليها تاريخيًّا بتوسع، ولذلك رشحتها في القسم الأول من الموسوعة الكبرى، وحتى تكون هذه القبائل وغيرها من قبائل مصر منطلقًا نحو تناول جميع القبائل العربية الأخرى في الجزيرة العربية والشام والعراق وبلاد الخليج وباقي بلاد العرب الإفريقية، وبإذن الله تعالي ننال رضاء النّاس من بني قومي العرب الكرام ورضاء النّاس بالحق دائمًا من رضاء الله، ومن يرض عنه الخالق تبارك وتعالى فقد فاز في الدنيا والآخرة دار الخلود، والله المستعان وبه تعالى التوفيق.
الحويطات
موطن وديار الحويطات:
(أ) ديار القبيلة في المملكة العربية السعودية:
تبدأ ديار الحويطات في التَهَم على ساحل البحر الأحمر من جنوب مدينة العقبة ممتدة إلى الداخل حتى جبال السراوات، وتنتشر عشائر الحويطات على ساحل خليج العقبة وتمتد نحو الجنوب على شاطئ البحر حتى وادي داما
(1)
، ونحو الشرق حتى غرب حرَّتي الرهي وحِسْمى حيث تقع ديار بني عطية الموازية لديار الحويطات من جهة الشرق، أما جنوب وادي داما فتقع ديار قبيلة بلّي جيران الحويطات من جهة الجنوب (بشمالي غرب المملكة).
(ب) الحويطات جنوب بلاد الشام (الأردن وفلسطين):
تقطن عشائر الحويطات في المملكة الأردنية الهاشمية من جنوب قصر مشاش وجنوبي الكرك من غربه (شمالًا) وحتى المدوَّرة (جنوبًا)، مارة بجنوب البحر الميت حيث تسكن في جنوبه الشرقي بعض العشائر المحالفة للحويطات، وأما شمال الحويطات فتقع ديار قبيلة بني صخر، ومن الشرق قرب جبل طبيق تسكن عشائر الشرارات.
وفي شمالي وادي الحسا بالأردن نجد عشائر الحجايا والطراونة والنعيمات، ثم في الوادي وجنوبه الغربي تنزل عشائر الباطوش والوجدية والمجالي، أما في وادي عربة جنوب البحر الميت فنجد عشائر السعيديين وتمتد ديارهم في النقب في فلسطين، وهم من مخلفات الحويطات وانفصلوا عن كيان القبيلة في طور نماء الحويطات الأول، ويجاور السعيديون (عشائر الظُلَّام) وهم من مخلفات بلِّي والظُلَّام مع التياها أو ضمن قبيلة التياها في فلسطين، ثم تأتي ديار العزازمة حتى غرب النقب حيث يقطن الأحيوات إحدى فروع المساعيد المنفصلة ذاتيًّا عنهم.
(1)
وادي داما هو الحد الرسمي بين قبيلتي الحويطات وبلي، وهذه هي ديار الحويطات وحدودها القديمة مع قبيلة بلي في الحجاز بعد أن سيطرت على هذه الديار من بني عُقبة، ولكن الواقع أن عشائر الحويطات امتدت في الديار البلوية وسكنت مواضع كثيرة، بعد أن نزحت معظم بلّي إلى الديار المصرية في عهد المماليك والعثمانيين، ولذلك تجد أن بيوتات للحويطات تمتد قرب الساحل حتى وادي حرامل في مشارف مدينة الوجه حاضرة قبيلة بلّي.
نسب الحويطات
نظرًا للخطأ الوارد في العديد من مصنفات محققي العصر في هذا القرن، ووجود التباس وتناقض فيما بينها بشأن أصل الحويطات، قمنا بعمل بحث ميداني واسع النطاق بدقة من كبار البوادي وثقات الرواة من الحويطات، وقد كان الاتفاق العام من عدة مصادر لما تواتر عندهم وقد تناقلوه من أجدادهم وأسلافهم، وهو أن جدهم الأول حويط مؤسس قبيلة الحويطات من مدة خمسة قرون ونصف القرن تقريبًا، وأنه ينتمي إلى أشراف الحجاز بنواحي المدينة المنورة، وملخص الرواية هي: أن حويطًا جدهم كان مرافقًا لبعض ذويه من أشراف الحجاز في (حوالي نصف القرن التاسع الهجري)، وقد كان ذووه ضمن قافلة تجارية متجهة إلى بلاد الشام، وأثناء مرورها قرب العقبة داهم حويط مرض شديد، فلما قارب على الموت وقد يئس رفاقه من شفائه، ورأفة منهم عليه من مشقة الطريق نزلوا به على مضارب بني عطية قرب العقبة، وتركوه عند أحد البدو من العطاونة القاطنين في تلك الناحية، ولما أيقنوا بهلاك حويط طلبوا من العطوي أن يخط وَسْم
(1)
الأشراف على نصب قبره بعد موته في غيابهم، وظل حويط يصارع المرض الشديد أيامًا وليالي حالكة، ففكر الرجل العطوي الذي استضافه أن يُجرِّب معه بعض الأعشاب الصحراوية التي كان يجمعها من وديان الجبال في المنطقة القريبة منه علَّها تخفف الألم الذي يعاني منه حويط، واستمر العطوي بتطبيبه ورعايته، فشاء الله أن يبرأ من سقمه ويصح بدنه خلال فترة قصيرة، وقد امتثل للشفاء والعافية تمامًا، وكان حويط شابا فتيا وفطنا ذكيا، وقد أحب المكوث عند العطوي قرب العقبة لما لمس فيه النخوة وفعل الجميل والمعروف معه، وقد كان سببًا في إنقاذ حياته، فلما ظهرت علامات الشجاعة والإقدام على حويط ملك قلوب من حوله وزاد حب وتقدير العطوي وأهله له، فزوَّجه ابنته وشاركه ماله وحلاله
(2)
، وقد اعتبره فردًا من عشيرته له ما لهم وعليه ما عليهم، وهذا الشيء قد خلق الالتباس عند أحد الرحَّالة
(1)
وَسْم: علامة لكل قبيلة عربية توضع بكي النار على الإبل والغنم، وكذلك الحجارة لتحديد الأماكن وديار كلّ قبيلة، ومعني الموسومة، أي المعلَّمة، وفي النهاية لابن الأثير أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: سوموا فإن الملائكة قد سومت، أي اعملوا لكم علامة.
(2)
حلاله: المقصود بها أغنامه وإبله.
في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري ونقله خطأ من بعض البادية، لشيوع نسب حويط عند البعض من بني عطية ذاك الوقت، وقد ذكر في مخطوطه أن فصائل الحويطات ضمن لفيف بني عطية، وسنُفصِّل ذلك تباعًا ونرد على هذا الخطأ والالتباس، وتزوَّج حويط كما يذكر الرواة العديد من النساء أغلبهن من بني عطية وأنجب أولادًا كثيرين تزاوجوا بدورهم في أعمار الصبا من أخوالهم، وكل منهم صار عنده أسرة كبيرة وبارك الله في نسل حويط وأصبح أحفاده في بضع عشرات من السنين رهطًا كثيرين، وفي فترة قياسية من الزمن
(1)
أي قبيل منتصف القرن العاشر ظهروا في دنيا العشائر، وأصبح كيانهم العشائري لا بأس به ومنهم فصائل عديدة، وقد كونوا ديارًا خاصة بهم، وأكثرهم قد تجمَّعوا في زمرات حول العقبة وقليل من فصائلهم في التَهَم، وقد قويت شوكتهم رويدًا ثم زاد بأسهم وجرت سطوتهم في البوادي، ونافسوا القبائل الأقدم منهم مثل بني عطية وبني عقبة بفروعها والمساعيد وغيرهم، وذلك في التحكُّم في طرق الحجِّ بعد ما بات لهم التجمع حول العقبة وهي المدخل الرئيسي للحجاج القادمين من مصر وإفريقيا والشام، وأصبحت العقبة مركزًا حيويًّا ورئيسيًّا لأبناء حويط في طور نمائهم الأول، ثم بعد تكاثرهم في الحجاز فيما بعد القرن العاشر الهجري انتقلت فصائلهم المناطق عديدة في التَهَمة (المملكة العربية السعودية) وكذلك لشرق الأردن، وأصبح لهم الآن بالوقت الحاضر في بداية القرن الخامس عشر كيان قَبَلي كبير ومعروف باسم الحويطات في ثلاثة بلدان عربية، المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية ومصر، ويُدعى أحدهم حويطي نسبة إلى حويط مؤسسهم الذي ينتمي إلى شجرة الأشراف.
(1)
في الأعلام للزركلي مجلد 3 ص 262 ذكر أن ذرية العباس بن عبد المطلب من بني هاشم خلال قرنين ونيف أي عام 200 هـ قد بلغوا ثلاثين ألفًا، فليس من الغريب أن تصبح عشيرة الحويطات في قرن ونيف بضعة مئات، وعن تكاثر الحويطات في خلال خمسة قرون ونصف القرن، نشير إلى أن القبيلة قد انضمت إليها فخوذ وعشائر ليست من ذرية حويط الشريف، وليس مستغربًا عن نمو الحويطات منذ البداية وحتى النهاية في هذه الحقبة الزمنية، ونقيس نمو الحويطات وتكاثرهم بالسعادي من بني سُلَيْم العدنانية، فهذا البطن كان متزامنًا مع الحويطات ورغم ذلك فالسعادي في الوقت الحاضر يشكلون من الناحية العددية خمسة أمثال الحويطات بل يزيدون عن ذلك.
التحقيق الشامل لرواية الحويطات لتأكيدها تاريخيًّا وذلك في موسوعة القبائل العربية:
تم التحقيق لعدة مصنفاته (*) ومخطوطات خاصة بشجرة الأشراف، وقد تبين صحة رواية الثقاة من الحويطات، وحويط هو من نسل الأشراف
(1)
الحسينيين في المدينة المنورة، ومتوافق زمنيا مع تكوين عشيرة الحويطات قبيل منتصف القرن العاشر الهجري.
وحويط من نسل عبيد الله الأعرج من أحفاد الحسين السبط، ويُطلق على الأعرج بلهجة البدو الدارجة الكسيح سواء عند الأشراف أو غيرهم من القبائل العربية.
وعمود نسب حويط كما ورد في شجرة الأشراف الحسينيين المائلة كالتالي: حويط بن طراد بن قطن بن مشاري بن زكريا
(2)
بن موسي بن سند بن طفيل بن منصور بن جماز
(3)
بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن الحسين بن مهنا الأكبر بن داود بن القاسم بن عبيد الله بن طاهر بن يحيي النسابة ابن الحسن بن جعفر بن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن علي زين العابدين ابن الحسين السبط ابن علي رضي الله عنه، وذكر رواة الحويطات أن عدد أجدادهم من حويط حتى الوقت الحاضر حوالي سبعة عشر جدًّا، وهي المدة التنازلية من مؤسسهم حويط
(*) نذكر من المصنفات والمراجع بدار الكتب المصرية بالقاهرة:
(أ) زهرة المقول للشريف على بن الحسن الشدقمي.
(ب) الدرر الكامنة لابن حجر.
(ج) الدرر السنية للشريف البرادعي.
(1)
ذكر في مخطوط جفر الذهب قبل أربعة قرون ونصف أن الحويطات من الأشراف وكان شيخهم يُسمى حسن بن عميرة بن معن، وأكد بعض الرواة أن شيخ الحويطات بعد حسن بن عميرة كان يسمي أبو ظهير.
- كما ذكر الباحث الجيولوجي الإنجليزي ريتشارد فرانسيس بورتون في كتابه أرض مدين المطبوع في عام 1984 م بالإنجليزية على نفقة أحد أحفاده أنه أخبر من الشيخ أبو طقيقة عام 1878 م أن الحويطات من الأشراف وهم غير بني عقبة وبني عطية المجاورين لهم.
(2)
في الرسائل الكمالية ذكر أن زكريا اسمه زربان - انظر مجموعة الرسائل الكمالية (88) في الأنساب ص 468.
(3)
آل جماز منهم آل الطفيل ومن آل جماز من تولي إمارة المدينة حتى القرن التاسع الهجري وكذلك من أجداد جماز من تولي إمارة المدينة المنورة في سنوات عديدة قبل القرن التاسع الهجري.
حتى الآن في بداية القرن الخامس عشر الهجري، وبالقياس الزمني التقريبي
(1)
في أن المسافة الزمنية بين كلّ جد وآخر أعلى منه هي حوالي "اثنين وثلاثين عامًا"، وبذلك تصبح المسافة التقديرية هنا لسبعة عشر جدًّا حتى حويط مؤسس الكيان القَبَلي نحو خمسمائة وأربعة وأربعين عامًا، ثم بإضافة عشرة أو اثني عشر عامًا على هذه المدة التقديرية لمراعاة أن المسافة بين جد وآخر أعلى منه قد تزيد عن اثنين وثلاثين عامًا في بعض الأحيان، تصبح المدة الإجمالية بعد الإضافة خمسة قرون وستة وخمسين عامًا تقريبًا، أي أن حويط كان معاصرا حتى عام 856 هـ أو ما قبل ذلك بسنوات قلائل.
أما المدة التصاعدية من حويط حتى الحسين السبط فتكون لستة وعشرين جد حسب القياس التقريبي السابق ذكره حوالي ثمانمائة واثنين وثلاثين عامًا، ثم بإضافة ثلاثين عامًا على هذه المدة التقديرية لمراعاة أن المسافة بين جد وآخر أعلى منه قد تزيد على اثنين وثلاثين عامًا في بعض الأحيان، تصبح المدة الإجمالية بعد الإضافة ثمانية قرون واثنين وستين عامًا، وبجمع كلتا المدتين التصاعدية والتنازلية سابقة الذكر نجد أنَّها تستغرق أربعة عشر قرنا وثمانية عشر عامًا.
وبذلك يكون القياس الزمني صحيحًا وسليمًا، وتقدير رواة الحويطات أقرب إلى الحقيقة بأن عدد أجدادهم حتى حويط سبعة عشر جدًّا.
ولأن الحسين السبط كما هو معروف قد ولد بعد غزوة أُحد في العام الرابع للهجرة (شهر شعبان)، وبذلك فالقياس التقديري منطبقًا مع التاريخ الهجري، فإذا حذفنا ثلاث سنوات من ذلك التاريخ العام للهجرة يتبقى لنا نفس المدة الزمنية التي أشرنا إليها عاليه.
(1)
قدرنا القياس الزمني التقريبي بين كلّ جد وآخر أعلى منه باثنين وثلاثين عامًا لأنَّ الواقع الفعلي المُطَبق هو كذلك، وهناك طبعًا في بعض الأحيان أو المرات تشذ القاعدة وتزيد المسافة عن ذلك، ويرجع ذلك إلى أن الابن أو الجد في عمود النسب ليس بكر أبيه أي الحد الأعلى منه أو من أولاده الصغار، وهنا في شجرة الأشراف، فالمسافة بين الأب وابنه (الجد والجد الأعلى) تكون في حوالي الثلاثين عامًا أو أقلّ في الغالب الأعم؛ لأنَّ الأشراف في المدينة المنورة كانوا أغنياءً وميسوري الحال وزواجهم في العادة يكون مبكرًا وبالتالي فالإنجاب يكون مبكرًا وتبعًا لذلك فالمسافة بين الأجداد ليست كبيرة، وندلل بمثل فريد وهو قلة المسافة بين عمرو بن العاص وولده عبد الله فكانت ثلاثة عشر عامًا فقط، هذا طبعًا والمسافة أيام سيدنا إسماعيل بين الأجداد كبيرة لأنَّ الأعمار كانت طويلة.
وذكر العلَّامة ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع في تاريخ العبر قاعدة مؤكدة في أن لكل مائة عام ثلاثة أجداد، أي لكل جد ثلاثة وثلاثين عامًا، وهذا ما أشرنا إليه عاليه.
واسم حويط نادر في بطون العرب ومعناه اللغوي مختصرًا هو: "الفطن الذكي الماكر".
وحويط مثل عمير وزهير أو بالأحرى على وزن سويط.
التحليل التاريخي لما قيل عن الحويطات
مما يؤكد لنا صحة التأريخ في تقدير رواة الحويطات بأن جدهم كان معاصرًا في منتصف القرن التاسع الهجري، هو أنه لَمْ يتطرق لذكر الحويطات أحد من النسابة أو الرحَّالة قبل هذا الزمن، ولم يُكتب عن الحويطات إلَّا بعد منتصف القرن العاشر من قبل رحَّالة الحجِّ المصري المسمى عبد القادر محمد الجزيري، وذلك في مخطوطه "درر الفرائد المنظمة"، ونظرًا لقلة عدد الحويطات ولما أنهم كانوا في شكل عشيرة ذاك الوقت، بات من الصعب على ذلك الرحَّالة. ولا أقول النسَّابة - أن يُميِّز ما بين عنصر الحويطات عن باقي قبيلة بني عطية الأكثر عددًا ككيان قَبَلي أقدم من الحويطات بعدة قرون، وكذلك لأنَّ أبناء حويط هؤلاء كانوا بيوتًا وفصائل مبعثرة متخالطة في السكن مع عشائر بني عطية، وبعضهم قد جاور بلِّي أو عُقبة في التَهَم، ولكن أكثر فصائل الحويطات في منتصف القرن العاشر كانوا مندمجين بالمصاهرة أو الحلف مع بني عطية، وهذا طبعًا في فترة نمائهم الأولى أو بمعنى آخر في الطور الأول لبدء كيانهم العشائري في منتصف القرن العاشر الهجري، وبما أن بني عطية في هذه الحقبة كانت القبيلة الكبيرة الشهيرة الغالبة حتى على بني عُقبة صاحبة الديار التاريخية، وذلك لبدء ضعف الأخيرة شيئًا فشيئًا حتى اضمحلالها منذ قرنين، ولما أن رحالة الحجِّ المترددين والعابرين إلى الأراضي المقدسة لا يعرفون أو يسمعون إلَّا ببني عُقبة أو بني عطية، فقد أخطأ هذا الرحَّالة ربما لشيوع نسب الحويطات في بني عطية عند بعض أعراب البادية، لاختلاطهم في السكن والمصاهرة بل ونمائهم من البداية في وسط بني عطية، وكذلك فالرحَّالة كان عابرًا ولم يُمَحِّص في عدة مصادر حتى يعرف الحقيقة، ولكنه أخذ علمه بخصوص الأنساب بصفة عارضة، وقد ذكر عنصر الحويطات كفرقة من بني عطية حوطوا على النخيل في العقبة فسموا حويطات!!، وسوف تُعقِّب على ذلك تفصيلًا، ومما يؤكد ضعف رواية هذا الرحَّالة وخطأه الفادح وتعليله
الركيك هو تكرار خطئه في أنساب بعض العشائر والقبائل خلاف الحويطات، وذلك في ذات المخطوط المُسمَّى "درر الفرائد المنظمة" وسوف نصححها تاريخيًا.
ونود أولًا التوضيح بأن الجزيري هذا رحالة في طريق الحجِّ وليس نسَّابة متخصصًا في علم النسب، وقد شارك في عدة رحلات للحج إبان القرن العاشر الهجري، ودون في مخطوطه معلومات تاريخية وجغرافية، وهي معلومات قد جمعها من عدة مصادر مختلفة، أما ما ذكره عن أنساب بعض القبائل في شمال غرب الجزيرة بالمملكة العربية السعودية والتي مرَّ بها في طريقه للحج، فقد وضح من سرده أنه قد حصل على هذه المعلومات من مصادر غير ذي ثقة، لما فيها من تناقض وتضارب، وقد أهمل معظم الباحثين في هذا القرن ذلك المخطوط واستبعدوه نهائيا كمصدر ثقة في علم النسب في القبائل والعشائر التي تطرق إليها في مخطوطه، ومن جانبي كباحث في هذا الميدان أرفض ما ورد في هذا المخطوط كحجة نسب قاطعة؛ لأنَّ الجزيري تخبط بصورة جلية وذكر أن الحويطات ما هم إلَّا عشيرة من بني عطية، وبني عطية نفسها فرع من بني عُقبة، وأما المساعيد فتركهم في مهب الريح ولم يحسم أمرهم، فذكرهم مرّة كعشيرة من بني شاكر ومرة كعشيرة من بني عطية وتارة أخرى كبطن من بني عُقبة!!.
وقد فحصت وراجعت هذا المخطوط في دار الكتب المصرية بالقاهرة على شاشات الميكروفيلم، واتضح لي أن شق الأنساب بالذات قد اعتراه التناقض والالتباس، ولمحات الأنساب بالنسبة لمخطوطه الطويل السرد كثير التشعب، وقد اختلطت معلوماته الجغرافية عن المواضع والأماكن بمعلومات أخرى تاريخية وأشعار وقصص، والخطوط في مضمونه العام متشابك وليس به يسر أو سلاسة، وإن الرحَّالة لو ركز على النواحي الجغرافية وسرد أحداث الرحلة تَسْهُل على المرء فهمها واستيعابها، ولكن سرد الجزيري بالكم الهائل من المعلومات المتداخلة في بعضها وغير المنسقة تشتت العقول. وهذا يؤكد لنا أن معلوماته في الأنساب عارضة وليست هدفًا رئيسيا له، ولهذا كان نقله للأنساب بدون حرص أو عناية تذكر وبدون إدراك للمسئولية الجسيمة التي تمس أنساب وأحساب القبائل، وهذه المسئولية لا يدركها سوى النسَّابين المتخصصين في هذا العلم، فإنهم حتمًا يكونون أشد حرصًا في ذكر أنساب القبائل والتقصي عنها قبل تدوينها في مصنفاتهم،
ولذلك فخطأ النسَّابين نادر والمسئولية جد خطيرة أمام الله والمجتمع والأجيال التي تأتي بعد موت هذا المحقّق أو ذاك الباحث.
والرحَّالة أصلًا ليس باحثًا في الأنساب، والتقصي عن الحقيقة ليس هدفه إطلاقًا، ولذلك فأغلب المحققين في علم السلالات والأنساب يتجنبون الرحَّالة ولا يعتبرون كلامهم إسنادًا قويًا، لأنَّ الرحَّالة يدونون في مذكراتهم أو مخطوطاتهم أي معلومات تُلَقَّن إليهم أو يسمعوها من هنا أو هناك من أُناس غير ذي ثقة، يعني أنهم لا يتَّحرَّون أو يأخذون بالإجماع والاتفاق العام، والرحَّالة تتغلب عليهم الأهواء والعواطف تبعًا لما يلاقونه من معاملة من البادية، تختلف من مكان لمكان أو من قبيلة لقبيلة بين اللين والشدة، أما معلومات الرحَّالة بخصوص السرد عن المواضع والأماكن والأحداث فبالطبع تكون صحيحة؛ لأنَّها نابعة من علم ملموس بالمشاهدة ورؤية العين المجردة، وبالتالي فالعلم هنا على الطبيعة من حيث المكان أو الزمان.
والحقيقة لَمْ أجد من الباحثين في مصر من حقق مخطوط الجزيري المُسمَّى "درر الفرائد المنظمة في طريق مكة المعظمة"، وهو مثله كمثل عشرات المخطوطات الموضوعة على الرف، أي لا أهمية علمية تُذكر بالنسبة لشق الأنساب لقبائل العرب في مصر والحجاز.
وقد فحصت تحقيق الأستاذ الجاسر
(1)
عن هذا المخطوط، وأدهشني إعطاؤه كلّ هذه الأهمية العلمية، وتجاوزه عن تصحيح ما ورد به من أخطاء رغم وضوحها تمامًا في علم الأنساب للعشائر والقبائل في المنطقة الشمالية الغربية للمملكة العربية السعودية، والأستاذ حمد الجاسر له طبعًا الحق من وجهة نظره أن يتمسك بإسناد في هذا المخطوط أو غيره، ولنا نحن أيضًا الحق في بيان أو تصحيح ما ورد فيه من خطأ فادح؛ لأنَّ الرحَّالة الذي يكون مهزوزًا و متناقضًا وركيكًا في مجال ليس مجاله أصلًا فلا حاجة لنا به في مجال الأنساب أو أخذه كإسناد وحجة موثوق
(1)
نسَّابة ومؤرخ علَّامة شهير أثري الثقافة بمؤلفاته وتحقيقاته، ولد الشيخ حمد بن آل جاسر سنة 1328 هـ في قرية البرود بنجد (المملكة العربية السعودية) وتوفي رحمه الله في عام 1421 هـ / 2000 م في الرياض وهو من عشيرة الشبول ضمن قبيلة حرب، وذكر الحقيل أن الشبول من (بني سُلَيْم) كما يذكر الأستاذ حمد، أما البلادي العربي فيؤكد أن الشبول من حاضرة حرب وليسوا من بني سُلَيم العدنانيين، وهذا رأي خاطئ من البلادي.
بها، وقبل التصحيح أذكر مجرد مثل بسيط عن رحَّالة جاء بعد الجزيري في رحلات الحجِّ واسمه عبد السلام الدرعي المغربي فقد سرد هذا الرحَّالة في مخطوط له عن قبيلة بلِّي وقال عنها التالي:
إن أعراب بلِّي ما أكثرهم إلَّا أن الله تعالى أذلَّهم وفرَّقهم وفتحت كلّ قبيلة من قبائل الحجاز نتفة منهم، ولا يقيم لهم أحد من الأعراب وزنا، فهم ضعفة متضعفون دأبهم حمل الكراء والسرقات!! (انتهى).
ماذا لو أخذنا بكلام هذا الرحَّالة عن قبيلة عريقة معروفة منذ الجاهلية ولا تخفى على أحد، ولربما لو كانت بلِّي قبيلة حديثة مثل الحويطات لصدَّق على كلامه محقق هنا أو هناك، ولسار وراءه النّاس وصدَّقوا هذه الفرية، واطلعت على تحقيق الأستاذ الجاسر لهذا الرحَّالة المغربي، وقام مشكورًا في هامش المصنّف الذي أصدره باسم ملخص رحلتي عبد السلام الدرعي المغربي، قام بتصحيح تخبُّط هذا الرحَّالة وقال: إن بلِّي قبيلة متماسكة ليست مُفَرَّقة ولها منزلتها بين القبائل العربية.
والهدف من وراء ذكر هذا المثال عن هذا الرحَّالة لتوضيح أنهم ليسوا محل ثقة في مجال الأحساب والأنساب للعناصر أو القبائل في طريق الحجِّ؛ لأنهم سائرون وراء أهوائهم وحسب مزاج كلّ منهم، والجزيري مثله مثل الدرعي كلاهما في وتيرة وميزان واحد وارد عنهم التخبط والالتباس. ونلفت النظر إلى أن كبار النسَّابين وجهابذة عصرهم ورد عنهم الخطأ في نسب بعض القبائل، فما بالنا بهؤلاء الرحَّالة غير المتخصصين في هذا العلم، ولذلك فخطؤهم هيِّن عن النسَّابين، أي لهم العذر.
وأذكر مثالا مهما لإجماع كبار النسَّابين على نسب قبيلة حرب ورغم هذا الإجماع فهو خاطئ!!، ورغم ذلك إذا سار باحث وراء ابن حزم والقلقشندي والسويدي، وإذا تمسك بهذا النسب معتمدًا على أنَّ مثل هؤلاء هم فطاحل النسَّابين، علاوة على الإجماع منهم فإن هذا الباحث لا لوم عليه في هذه الحالة، وقول هؤلاء عن حرب كما هو معروف بأنهم من بني هلال بن عامر المشهورين، أي من (هَوَازِن) العدنانية!!.
وإذا قام باحث بتكذيب أو تصحيح ما قاله هؤلاء من كبار النسَّابين، طبعًا إن ذلك يكون ليس بالهيِّن على ذلك الباحث، وهنا لنا وقفة مع كبار النسَّابين المذكورين فيما يخص نسب حرب لبني هلال، فبالنظرة الثاقبة يتبين لنا أن السويدي اعتمد على القلقشندي، والقلقشندي اعتمد على ابن حزم الأندلسي، وابن حزم اعتمد على بعض من كانوا قبله، والخطأ الوارد من المصدر الأول الذي جاء به ابن حزم والباقي لهم عذرهم لأنهم قد اعتمدوا عليه كعلَّامة شهير، ومن وجهة نظري أنه لا يوجد علَّامة في أي علم؛ لأنَّ فوق كلّ ذي علم عليم
…
وعن القلقشندي
(1)
فهو علَّامة زمانه في مصر ورغم هذا فلقد نسي وأخطأ لبعض الأنساب وقد صححها وعدلها باستدراكه في المخطوط الأخير قبل وفاته والمُسمَّى قلائد الجمان.
ورغم صعوبة دحض ما قاله كبار النسَّابين وإجماعهم بنسب حرب لبني هلال، فقد هبَّ الأستاذ حمد الجاسر وقد صحح نسب حرب معتمدًا لما ورد في مخطوط الهمداني "الإكليل"، ورغم أن الهمداني لا يرقى إلى مستوى هؤلاء ولكن ما دام الحق والصح معه فلا ضير، ولنا وقفة مع الجاسر في فطنته وشجاعته العلمية وعدم انقياده وراء المشاهير - في الخطأ - لأنه حلل بعمق تاريخي الأسانيد وعرف الصحيح، وقول الهمداني عن حرب أنهم بطن كبير من خَوْلان القُضاعية القحطانية، جاءوا من بلاد اليمن في القرن الثاني الهجري إلى تهامة والحجاز ما بين مكة والمدينة وما يقرب ذلك من المواضع، وقد قارعوا بعض القبائل العدنانية وأجلوها عن بعض ديارها وسكنوها، مما اضطر بعض هذه القبائل أن تحالف حرب وقد انضوت تحت اسمها قبيلة مُزينة العدنانية وبعض الفروع من قبائل أخرى، وأقول أنَّها من بني سُلَيْم دخلت أيضًا في حرب، وهذا خلق الالتباس ودفع الرواة النسب حرب للعدنانية، أما كون ابن حزم نقل عن راوٍ خاطئ بأن حربًا من هلال بن عامر بالذات! فهذا أمر عجيب ولا يصح إلَّا الصحيح، وحرب لا يوجد بها عناصر من بني هلال إطلاقًا.
وأعود للجزيري الرحَّالة وأتساءل هل كما رأينا جهابذة علم النسب يخطئون؟ وهل الجزيري فوق كبار النسَّابين أم هو نابغة عصره؟ وما كان له من
(1)
هو أحمد أبي العباس القلقشندي نُسب إلى قلقشندة من قرى القليوبية بمصر وينتمي إلى بني فزارة من غَطَفان - قيس عَيْلان العدنانية.
مترك من قبل الأستاذ حمد الجاسر - عافاه الله، وذلك بتحليل أعمق مثل ما فعل مع حرب في المثل السابق، وهذا في تلك القبائل التي ذكر نسبها الجزيري خطأ مثل بني عطية والحويطات والمساعيد.
كما أوضح شيئًا آخر في أنني لَمْ أختلف مع الأستاذ حمد من ناحية الإيمان اليقيني الراسخ والمؤكد بما ورد في مخطوط الجزيري، وهذا واضح من أخي الجاسر عندما برهن على عدم إيمانه الكامل بما قاله في مجلة العرب الأعداد 85، 1986 ميلادية، وبما حققه في مجلد كبير لمخطوط درر الفرائد للجزيري، وقد أيد قول الجزيري لنسب الحويطات لبني عطية ونسب بني عطية لعُقبة، وهذا وجدناه في معجمه الجغرافي ص 12 وهو كلام مختلف نهائيا فقد ذكر التالي:
"إن بعض بني عطية والحويطات وبني عُقبة ينتمون وإن لَمْ يكن كلهم إلى بني عُذرة"! ومن المعروف أن عُذرة (قُضَاعة)، واستنتاج الجاسر هنا مبني على إسناد مكاني، لما أن عُذرة كانوا يسكنون بعض الديار التي فيها الآن تلك القبائل المشار إليها، والأستاذ حمد يقصد أن تلك القبائل قد خرجت من الأنقاض، أي هي مخلفات عُذرة، وكل باحث طبعًا له الحق أن يسرد ويحلل ما يحلوا له حسب ما يستند عليه من أسانيد تاريخية، ولكن أود أن أُعقِّب على نقطة هامة في إسناد الأستاذ الجاسر ورد أصول بني عطية والحويطات وبني عُقبة كلهم أو بعضهم إلى بني عُذرة (قُضَاعة) وذلك في معجمه الجغرافي ص 12، وأقول: إذا كان كلّ من قبيلتي بني عطية والحويطات محل إسناد مرّة لردهم هنا ومرة لردهم هناك فهذا جائز؛ لأنهما من الكيانات الحديثة، أما بني عُقبة فكلًّا .. وليس لأي باحث أن يشكك أو يستنتج نسبهم إلى أي كيان سوى أنهم مؤكدين لجُذام، وهو عُقبة بن محرمة بن حرام بن جُذام، وصححه القلقشندي في قلائد الجمان بحذف (مِحْرمة)، وبذلك فعُقبة بطن كبير من جُذام وتكوَّن في صدر الإسلام فلا مجال للخَوض فيه؛ لأنه ليس محل خلاف أو ريبة، وبني عُقبة هم أصحاب الديار الأصليين وديارهم مع قومهم جُذام كانت تقع شمال بني عُذرة مباشرة، أي أن نصف ديار الحويطات كانت لعُذرة والنصف الشمالي الموازي لشرق خليج العقبة كان لجُذام، وديار بني عطية كانت كلها لجُذام، إذا حتى لو أخذنا بالقياس المكاني فلا ينطبق معنا أن بني عطية والحويطات من عُذرة، ولكن الحقيقة أن عُذرة
انقرضت وعُقبة وجُذام اضمحلت أو انكمشت نحو الشام ومصر، وغلبت الحويطات وبني عطية على تلك الديار في شمال غربي المملكة العربية السعودية، وكلا العنصرين بني عطية والحويطات مختلفي الأصول كما سوف نوضح الحق والحقيقة في هذا المجلد من الموسوعة الكبرى.
والنقطة الثانية أنني كباحث لا أضع الاستنتاج أو القياس المكاني موضع يقين؛ لأنه ليس غالبًا في كلّ الأحوال في تطبيقه، وهذا لأنه لا يمكن أن تسيطر قبيلة على ديارها التاريخية كاملة مدى الدهر، وكما أوضحنا في المقدمة أن هناك قبائل كثيرة سيطرت على ديار قبائل أخرى بعد انتقالها من أماكن أخرى، أقربها بني حرب التي أشرنا إليها فقد انضوت تحت اسمها قبيلة مُزينة العدنانية وبعض العشائر العدنانية من سُلَيْم أو غيرهم، والأمثلة كثيرة لا يتسع المقام لسردها.
أما بخصوص تعليل الجزيري بتسمية الحويطات تبعًا لما أنهم أول من حَوَّط على النخيل في العقبة، أي أنهم فرقة من بني عطية وغلب عليهم اللقب من التحويط على النخيل، أُعقِّب التالي على هذا التعليل الركيك والخاطئ فأقول: إن الجزيري تناسى أو جهل أن التحويط على النخيل سمة معروفة وشهيرة لدى سكان الجزيرة العربية، ومنطقة العقبة شأنها شأن غيرها من الأماكن عَرفَ مَنْ قطنها هذه السمة منذ القدم وذلك نقلًا عن غيرهم أو تقليدًا منهم، كما أن النخيل لَمْ يخل مكان في الشمال الغربي للجزيرة منه تقريبًا وقد نرى أن النخيل يكثر في مكان ويقل في آخر ويكاد يكون نادًرا أو معدومًا في مواضع معينة، حسب جودة التربة أو ملاءمة الطقس أو وفرة المياه لهذا الشجر الحبيب إلى العرب منذ فجر التاريخ.
والمعنى المبسَّط للتحويط على النخيل أو البساتين عامة، هو بناء سور أو حوش من الطوب اللبن أو من الحجارة حول ما يملكه أحدهم أو بعضهم، لتحديد وإظهار ملكيتهم لهذه الأشجار أو هذا النخيل، وللتحكم فيما يسقط منها من ثمار، وأيضًا لتثبيت ملكيتهم وإشهار معالمها بالتحديد، لممارسة حقهم في عدم سكن أو مرور أحد فيها إلَّا بإذن أو رضاء مسبق من أصحاب تلك البساتين من نخيل أو غيره، وقد مارس أهل الطائف من قبيلة ثقيف قبل الإسلام هذه السمة، وضربوا المثل الأعلى عندما أحاطوا بالطائف بسور يطيف بها، فسميت بالطائف
تبعًا لذلك كما يرى جمهرة المؤرخين العرب، وكانت بنو عامر بن صعصعة (هَوَازِن) قد أعطت أرض الطائف لبني ثقيف على أنَّ يُعَمِّروها وزرعوها كرومًا وبساتين مقابل أن يقاسموهم خيراتها، ولكن بعد أن تحصَّنت ثقيف بالطائف بذلك السور منعت بدورها الثمار والكيل لبني عامر واستبدت بخيرات الطائف.
وكما عرف أهل خيبر - التي كان العرب يسمونها ريف الحجاز - التحويط على النخيل، وبالمثل عرفه أهل المدينة المنورة من الأوس والخزرج وغيرهم ممن سكن المدينة، وكانوا يسمون بستان النخيل حائط فلان وجمعها حوائط، أي أنهم كانوا يحددون ملكيتهم للنخيل بتلك الأحواش لأحدهم أو بعضهم، (انظر سيرة ابن هشام اليماني عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم) وقد عُرفت هذه السمة ليس في داخل الجزيرة ولكن في خارجها وظلت متناقلة بين النّاس حتى الآن.
وأرد على تعليل الجزيري الركيك في تسمية الحويطات بهذا الاسم تبعًا لهذه السمة أنه كان أولى بالعرب أن يُسمُّون ثقيف "الحويطات"؛ لأنهم حوطوا على بلدة أو قرية كبيرة وليس بعض النخيل، أو كانوا مثلًا يسمون الأوس والخزرج الحويطات لأنهم أكثر مراسًا للتحويط على النخيل، وأوضح أن هذه التسمية لا يمكن أن تتولد كلقب إلَّا في حالة الانفرادية أو الأسبقية لفعل معين، وفي العقبة وجد النخيل بالطبع قبل وجود الحويطات ووجدت بعض البساتين، وقد فعل أصحابها على تلك النخيل أحواشًا أو شيئًا من هذا القبيل بالطبع قبل وجود كيان الحويطات بعد منتصف القرن التاسع الهجري، وهذا التحويط أصلًا سمة معروفة وشهيرة لجميع القبائل والشعوب منذ القدم ومن غير المعقول أن يظل النّاس في عماء وغفلة ينتظرون حتى منتصف القرن العاشر الهجري، ثم يطلقون هذا اللقب على كيان عشائري لممارسته هذا الشيء المعروف.
كما أن الجزيري في تعليله الركيك لَمْ يكن عميق النظرة، حتى يعتمد على كتاب المسالك والممالك للبكري أو كتاب تقويم البلدان، كما ذكر الأستاذ الجاسر في مجلة العرب (ج 3، 4 رمضان شوال 1406 هـ يونيه 1986 م)، كما أن كلا المصنفين ليسا في علم الأنساب وإنما يخصان فقط سردا جغرافيا عن البلاد والأماكن والمواضع، وبذلك لا يصح ولا يجوز الاعتماد على تلك المصنفات في
نسب عشائر أو قبائل لمجرد تعقيب أو استنباط، أي لابد أن يكون الإسناد صريحًا فيها.
ثانيًا: فقد فحصت بعمق هذه المصنفات الجغرافية فيما يخص السرد عن العقبة، وهو مخطوط المسالك والممالك للبكري لَمْ يتبين لي تلميح مباشر أو غير مباشر في معنى التحويط على نخيل أو غيره، وكذلك تقويم البلدان الذي خطه عماد الدين إسماعيل بن محمد الشهير بأبي الفدا صاحب حماة المتوفي عام 732 هـ والذي طُبع مخطوطه في مدينة باريس بفرنسا عام 1850 م، لَمْ يذكر أي شيء عن التحويط على النخيل أو غيره في العقبة، والحقيقة أن هذا التعليل المزعوم هو من وحي خيال الجزيري، أو لربما قد قالها نقلًا عن احد أعراب البادية فتلقفها منه دون تمحيص، باستنتاج خاطئ لنماء النخيل على الساحل في منطقة العقبة لَمْ توجد قبل ذلك، ولكن استنتاجه غير صحيح؛ لأنَّ النخيل له أعمار مثل الإنسان أي افتراضية تنتهي بعدها وتندثر، ويمكن أن توجد في مكان ولظروف بيئية واجتماعية تنتهي ولا تجدد زراعتها إلَّا بعد أزمان طويلة وفي نفس المكان، وهكذا فما دامت هناك نخيل وجدت في القرن العاشر الهجري حتى لو لم توجد في القرون التي سبقت هذا القرن، لكن لابد أن تكون قد زرعت في نفس المكان في العقبة ودثرت ولم تجدد إلَّا في هذا القرن وليس معني عدم ذكر صاحب تقويم البلدان في القرن السابع والبكري قبله أن النخيل قد انعدمت في العقبة وما حولها قبل الإسلام أو في صدر الإسلام أو بعده لعدة قرون، والشيء الأقرب للصحة هو أن منطقة العقبة كانت من ديار جُذام، وبعد نزوح وانكماش بطون جُذام منذ ظهور الإسلام وحتى القرن الثالث الهجري بدت هذه المنطقة مهملة خَرِبة لعدة قرون وكان بعدها تدوين مخطوط تقويم البلدان والمسالك والممالك قبله فلم يذكرا نخيلًا أو زروعًا، ثم بعد ذلك أي فيما بعد القرن السابع الهجري بنماء عشائر بني عطية والمساعيد ثم ظهور الحويطات قد زرعوا من جديد تلك المناطق الساحلية بالنخيل وغيرها من الأماكن التي كانت لجُذام وقد تحيوفها بالعمران وغلبوا جُذام عليها أي على آخر قبيلة بقت في ديارها وهي بني عُقْبَة بن حرام بن جُذام، وكما هو الآن بالوقت الحاضر اضمحلت تلك القبيلة وانضمت بقاياها للحويطات وبني عطية.
وأقول مؤكدًا بتحليل تاريخي ومنطقي أن الحويطات كيان تسمَّى باسم مؤسسهم (حويط)، ولم يكن لقبًا أطلق عليهم تبعًا لتحويط على نخيل أو غيره ولا تبعًا لحيز جغرافي، وهذا ما تأكدنا منه تاريخيًا وميدانيًا.
ولا يفوتني تأكيد ذلك. والتدليل على تخبُّط الجزيري وتناقضه في ذات المخطوط "الدرر الفرائد المنظمة"، بذكر مثل آخر لإيضاح الصورة برَّاقة جليَّة لسحب الثقة منه في مجال الأنساب، فقد قال في مخطوطه ص 113 عبارة نصها التالي:
(وعادة أمير الركب الحجازي أن يكون لخيامه من الأبهة والحرمة؛ لأنه سائر بالوفد ومار على عربان مختلفة الأجناس كالعُقبي والبلويِّ والعطِّويِّ والحويطي وغيرهم المفسد والمتعرض للأذى). انتهي كلام الجزيري .... وبالنظر لهذه العبارة نجد تناقضًا فادحًا لقوله عربانًا مختلفة الأجناس!، وقد رأيناه في نفس المخطوط يذكر أن عُقْبَة أبٌ لبني عطية!، وأن الحويطات من بني عطية غلبهم اللقب!، ولهذا السبب نرفض وننفي بكل قوة ما ورد في مخطوط"الدرر المنظمة" للجزيري فيما يخص الأنساب، وحسب ما نهلنا سنوات طويلة من علم الأنساب والتاريخ العربي، وحسب ما توصلنا له من صلى الله عليه وسلم البادية وذلك بالبحث الميداني الدقيق والمتفق عليه في أماكن متفرقة في عدة بلاد عربية، والشق الميداني مهم للغاية؟ لأنه يجعل الباحث في هذا المجال لا يكرر الخطأ نقلَا عن غيره معتمدًا عليه في الإسناد التاريخي بثقة تامة، فلا يوجد إنسان معصوم من الزلل أو الخطأ.
وكما أوضح شيئًا هامًّا عن الجزيري ذلك الرحَّالة المشارك في رحلات الحجِّ بعد منتصف القرن العاشر، وهو أن الجزيري كان رجلًا حضريًا ليس له دراية في التعامل مع البوادي من قبائل العرب، والذين كانوا يمكرون به مكر الثعالب لغرضٍ في نفس أحدهم أو لمأرب يرمي إليه آخر، ولهذا غُرر به أثناء رحلاته فيما يخص مجال الأنساب؛ ولأنه مجرد رحَّالة لَمْ يتوخ الحرص اللازم أو الدقة وأخذ الروايات من الثقات أو تأكيدها من عدة مصادر بالإجماع أو الاتفاق العام على تفاصيلها. وهذا الأمر لابد أن يكون مُحَتَّمًا على الباحث في علم النسب أن يَتَّبعه بكل دقة؛ لأنَّ تلك مسئولية خطيرة تمس أنساب وأحساب القبائل العربية التي يقدسونها ويفتخرون بها كابرًا عن كابر وجيلًا وراء جيل، وإن مثل هذا الالتباس
يخلق الإحباط وضعف الانتماء عند تلك القبائل العنصرها الصحيح التي نبعت منه، وهذا الشيء لا يرضي الخالق سبحانه وتعالى، فقد قال عز وجل في كتابه الكريم مُحبِّذًا التمسك بالأصل الحقيقي للناس {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ
…
} [الأحزاب: 5]. كما هناك توقع لما حدث من التباس من قبل الجزيري في ذكره لنسب أو رد أصول بني عطية والحويطات والمساعيد إلى بني عُقبة جُذام، قد يعود هذا الشيء إلى أن تلك القبائل قد نمت وتكاثرت في ديار عُقبة وجُذام عمومًا فظن الجزيري حسب اطلاعه أنهم من عُقبة مثلهم مثل العناصر الأخرى كبني شاكر وبني واصل وبني راشد وغيرهم، وكما قلت أن هذا القياس خاطئ على الأنساب لأنه لا يمكن أن تسيطر قبيلة على ديارها مدى الدهر دون دخول عناصر أخرى خارج عمود نسبها في هذه الديار، والمبدأ ليس على بني عُقبة وجذام ولكن على جميع قبائل العرب القديمة، وأقول: الصحيح أن بني عطية والمساعيد والحويطات هي عناصر خارج بني عُقبة، ونمت في ديارها وتغلبت على تلك الديار التاريخية لعُقبة وجُذام، وذلك بسبب ضعف بني جُذام في هذه الديار بعد هجراتها المتوالية ونزوحها المستمر إلى الشام ومصر منذ فجر الإسلام أو بمعنى أصح منذ الفتوح الإسلامية، ولم يبق سوى بني عُقبة بعد القرن الثاني الهجري، وقد تفرَّق منهم الكثير بطريقة تدريجيَّة حتى القرن الثاني عشر الهجري، وهذا أبى إلى اضمحلال بني عُقبة وضعفهم في ديارهم، كما اندثرت باقي بطون جُذام بالحجاز، وكما نرى الآن بقايا عُقبة قد انضمت إلى كيان الحويطات القَبَلي في التَهَم وبعضهم إلى بني عطية شرق جبال السراوات.
ونؤكد أن هذا الشيء قد حدث مع قبائل أخرى قديمة، بالتهام قبائل حديثة لديارها وانضواء بقايا الأقدم تحت مُسمَّى الحديثة الغالبة، كما ألمحنا في المقدمة بأن ذلك يرجع إلى ظروف اجتماعية أو سياسية أو معيشية منذ الجاهلية وحتى العهد العثماني.
وهناك تحليل تاريخي هو أقرب للصحة في سبب خطأ الجزيري في نسب بعض قبائل العرب في شمال غرب الجزيرة، هو أن هذا الرحَّالة المصري قد احتك ببعض الشيوخ من ذوي النعرات القَبَلية المتعصبة لعنصرها، وذلك أثناء رحلاته في
مواسم الحجِّ بعد منتصف القرن العاشر الهجري، للأسف لقَّنه هؤلاء الشيوخ في حينه معلومات خاطئة فيما يخص أنساب بعض العناصر الصغيرة التي سوف نصححها تاريخيًا، وهذا لأهداف كامنة في نفوسهم، فكأن يَدَّعي شيخ من بني عطية مثلًا أن الحويطات ما هم إلَّا فرقة من العطاونة وغَلَب عليهم اللقب من التحويط على النخيل، "سبحان الله" وكأن باقي بني عطية لَمْ يُحوِّطوا على النخيل في حينه! وقد ذكر ذلك الجزيري في أثناء سرده قائلًا: إن هناك أحواشًا استجدت للحويطات وغيرهم من بني عطية، فلماذا غيرهم من بني عطية لَمْ يغلب عليهم اللقب من التحويط؟ حقًا هذا هراء واستخفاف بعقول النّاس!!، وكما يَدَّعي أيضًا شيخ بني عطية أن المساعيد. وغيرها من تلك الكيانات القَبَلية التي سوف نوضح عنها ونصححها - يَدَّعي أن مردها أصلًا لبني عطية ويُسِّجِل صاحب الدرر ببساطة!، ثم يجد الجزيري أيضًا شيخا آخر عُقبيا من بني شاكر يَدَّعي ويزعم أن العطيات والعبيات والمساعيد فروع من بني شاكر، أي هنا هذا الشيخ قد خطف المساعيد خطفًا ونسبهم لبني شاكر مثلما خطفهم العطوي ونسبهم لبني عطية!
ثم يجد الجزيري شيخًا آخر طموحًا من بني عُقبة، فلا يكتفي بضم عشائر إلى بني عُقبة بل يلتهم بني عطية كلها بعشائرها والمساعيد ويزعم أن أصلهم لبني عُقبة، والجزيري المسكين يُدوِّن وبثقة في مذكراته ثم ينقلها في مخطوطه "درر الفرائد المنظمة" وكأنه رجل من كبار النسَّابين، وهو لا يدري أنه خلط العناصر في بعضها البعض وقلب الدنيا رأسًا على عقب، وستأتي النّاس بعد موته ليطَّلعوا على ما ورد في مخطوطه وتملؤهم الحيرة والشك والالتباس. وطبعًا كلّ هذا واضح لكل مدقق وباحث متعمق، والجزيري لَمْ يعر أي اهتمام أو تمحيص، وقد نقل عن هؤلاء الشيوخ وهو لا يدري أن ما يكمن في نفوسهم هو شيء واحد وهو إظهار كلّ منهم بأنه هو الشيخ الأهم والأقوى في طريق الحجِّ، وأن أغلبية العشائر هي تابعة لكيانه القبلي هذا كي يخدع هؤلاء الشيوخ بمكر ودهاء أمثال هؤلاء الرحَّالة الحضر، ليتولى الرحَّالة بدورهم إشهارهم وإطراءهم وبيان قوتهم ونفوذهم، ولكثرة فروع كلّ منهم يزيد بالطبع النفوذ والقوة لأي منهم، وهذا لكي يضمن هؤلاء الشيوخ المزيد من العطايا والهدايا والخلع السلطانية من الحكومة المصرية في ذاك الوقت، وكذلك لزيادة الصُرَّة المقدمة إليهم؛ وهي عبارة عن رواتب
سنوية تُقدَّم لشيوخ القبائل عادة في طريق الحجِّ، وذلك لتأمين قوافل الحجِّ والتجارة من هجمات البدو من قبائل العرب وذلك في الفلاة بعيدًا عن العمران أو بمعنى أصح بعيدًا عن استطالة الدولة لأمثال هؤلاء الأشرار، والصُرَّة أصلًا من أجل المحافظة على الأمن في الطرق من وإلى جزيرة العرب.
إذن ما دمنا وصلنا لنوايا هؤلاء الشيوخ بتحليل تاريخي هو الأصح، من أين إذن يأتي الجزيري بالحقيقة وبالنسب الحقيقي الصحيح للعشائر أو القبائل التي تطرق لها في مخطوطه درر الفرائد المنظمة في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري؟ والإجابة ببساطة هي أن لا الجزيري ولا غيره سوف يعرف الحقيقة ما دامت المصالح المادية طاغية على النفوس في ذلك الوقت!
(تصحيح ما ورد من خطأ في مخطوط الدرر الفرائد المنظمة للجزيري) فيما يخص أنساب بعض العشائر والقبائل
1 -
ذكر الجزيري اسم المعَّازي كفرع قائم بذاته نزل بحِسْمي، رغم أن المعازي هو اسم عام وشامل لعموم بني عطية، وبصورة غالبة في الوقت الحاضر هنا في الديار المصرية، وحتى لو اعتبرنا أن المعازي اسم فرع وغلب على سائر بني عطية فيما بعد الجزيري، مثل فرع شَمَّر الذي طغى على باقي فروع طيئ في شمالي نجد وتسميه كلّ القبيلة من طيئ على اسم شَمَّر، فهنا الأمر يختلف تمامًا لأنَّ المعازي الذي ذكره الجزيري كفرع، ليس له وجود أو بقية الآن فكيف يكون فرعًا غالبًا؟ إذن هذا الأمر مستبعد، فاسم بني عطية هو الغالب الآن في المملكة العربية السعودية وفي المملكة الأردنية الهاشمية، ولربما ساد اسم المعازي على العطاونة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين بدليل ذكر الرحَّالة المغربي المسمى الدرعي (اسم المعازة) على بني عطية القاطنين في طريق الحجِّ بالحجاز. وسواء غلب هذا الاسم على بني عطية في فترات زمنية أو لَمْ يغلب، فالشيء المؤكد ميدانيًا وتاريخيًا أن المعازي ليس فرعًا إطلاقًا في قبيلة بني عطية التي تنتمي أصلًا لجد اسمه (معاز)، كما سوف نبين في السرد عن أصل بني عطية الحقيقي، مخالفين تخبُّط الجزيري في مخطوطه أنهم من بني عُقبة جُذام.
ولا أدري من أين أتي باسم المعازي كفرع نازل بحِسْمي، ولربما ذكر له أحد البدو أن هناك "معازة" نازلين بحِسْمي، على أنَّ الاسم يشمل بني عطية فلم يدر
الجزيري أن المعازي هو العطوي عمومًا، فَدوَّن المعازي كفرع خاص نزل بحِسْمي وهذا هو التوقع الصحيح لما حدث من لبس وخطأ من قِبَل الجزيري.
2 -
ذكر الجزيري في مخطوطه "درر الفرائد" أن العطيات والعُبيات والمساعيد من بني شاكر (عُقبة)، وهذا خطأ فادح؛ لأنَّ العطيات هم أوسط فروع بني عطية نسبًا وغير مشكوك إطلاقًا في انتمائهم لبني عطية، بل إن العطيات هؤلاء هم رءوس قبيلة بني عطية في المملكة العربية السعودية ومنهم الشيخ العام لعموم فروع بني عطية منذ فترات زمنية كبيرة.
وعن العُبيات فكل ما حققه الباحثون أنهم من عشائر الحويطات في المملكة العربية السعودية.
- وعن المساعيد فالمتواتر والمعروف أن جدهم هانئ بن مسعود الشيباني من بكر بن وائل. (انظر السرد التفصيلي عنهم)، والمساعيد قبيلة قديمة ظهرت منذ القرن السادس الهجري.
- كما نصحح التباس الجزيري عن بني شاكر الذي نسب العطيات والعبيات والمساعيد لهم، فنقول أن بني شاكر هؤلاء من بني راشد من عُقبة جُذام، كما ثبت من كبار المناسبين في القرن الثامن الهجري مثل القلقشندي والسويدي، وبعد نزوح بني عُقبة إلى الأردن وفلسطين ومصر اضمحلت تلك القبيلة، ودخل العديد من فخوذها في بني عطية والحويطات والمساعيد، كما سنسرد عنهم في مساعيد فلسطين.
وعن بني شاكر بالذات فقد انضموا إلى بني عطية في شرق الأردن، ويُطلق عليهم عطاونة هناك، وقد سكنوا الحسما مجاورين لعشائر حويطات الأردن .. هذه هي الحقيقة لا كما ذكرها الجزيري رحمه الله في القرن العاشر الهجري في مخطوطه "درر الفرائد المنظمة"، بأن جعل العطيات رأس بني عطية من بني شاكر، وجعل المساعيد فرعًا من بني شاكر وهم قبيلة كبيرة في عهد الجزيري، تنتشر في الشام ومصر وشمالي الحجاز.
- ذكر الجزيري كلًّا من الرتيمات والكعابنة والسواركة والوحيدات والترابين إلى قبيلة بني عطية.
وهذا شيء يدعو للسخرية، وخطأ فادح في ذات المخطوط للجزيري المُسمَّى "درر الفرائد المنظمة".
- عن الرتيمات
(1)
فهي عشيرة من عشائر قبيلة الجبارات بجنوب فلسطين (بئر السبع)، والجبارات أغلبهم من جُذام كما ذكر العارف في تاريخ بئر السبع، وعن الرتيمات بالذات فأصلهم من بني عُقيل وانضموا للجبارات بعد أن قدموا من نواحي البحرين، وعُقَيل كما هو معروف بطن كبير من هَوَازِن العدنانية، وكان لهم مُلك في البحرين ومنهم فروع في قبيلة بني خالد بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي.
وقد أيَّد نسب الرتيمات لبني عُقيل "تاريخ بئر السبع" لعارف العارف و"تاريخ سيناء" لنعوم شقير.
- وعن الكعابنة الذين ذكرهم الجزيري بشرق الأردن من بني عطية، فمن المعروف أن اسمهم الحميدات وأُطلق عليهم الكعابنة، وهم هنالك قسم من كعابنة تبوك في شمالي الحجاز وجاوروا قبيلة بني صخر وحالفوها وحسبوا منها في الأردن. وكانت مساكنهم قرب ساحل البحر الأحمر شمال غرب الحجاز قديمًا، وهم ليسوا من بني عطية أصلًا، وقد رجح الباحثون أنهم من كعب بن عدي من قريش
(2)
وخالطوا القبائل في شمال الحجاز، وينقسم الحميدات (الكعابنة) إلى فرعين في المملكة العربية السعودية هما: عيَّاد وعوَّاد فأما عاد ففيه فخوذ: الكسَّابين والغرضان والرشايدة والفوايرة والمطيرات، وعوَّاد فيه فخوذ: الغنَّامين والقديمات والزيادين. ووسمهم العرقاة ومطرق على صدغ البعير، وهو غير وسم العطاونة، ويعتبرون من أقدم سكان تبوك ولهم أملاك ومزارع فيها، وأغلبهم تجار في هذه المدينة السعودية. وفي الأردن مساكنهم الحشاش قرب مادبا وسحاب قرب عمان وأبو الرصاص شرق مادبا والزرقاء والموقر شرق سحاب، ومنهم في العوجا ويطا من قضاء الخليل بفلسطين مجاورين لعرب قيس. ومن عشائر الكعابنة في الأردن: الرملات، والزويديين، والعمور، والجمازيين، والرويعيين.
(1)
رجح أيضًا عارف العارف أن الرتيمات من الصايح من شَمَّر (طيئ) القحطانية، وأما "تاريخ سيناء" لنعوم شقير فقد ذكر أن الرتيمات من بني عُقيل من عامر بن صعصعة من هَوَازِن.
(2)
عن كنز الأنساب للأستاذ السعودي حمد الحقيل.
- وعن السواركة
(1)
فهم قبيلة حديثة التكوين بعد القرن الثامن الهجري، واتفق الباحثون أنهم من سلالة عكاشة بن محصن الأسدي من بني أسد العدنانية (انظر السرد عن السواركة).
وعن الوحيدات فهم كيان قَبَلي حديث التكوين أيضًا شأنه شأن السواركة والحويطات، وتكونت أو نمت عشيرة الوحيدات قبيل الحويطات بفترة قصيرة في شرق الأردن (منطقة الشراة)، وأكد تاريخ بئر السبع والبحث الميداني من الثقات أن الوحيدات جدهم المؤسس لكيانهم اسمه حسن الوحيدي، من أشراف الحجاز من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنه، وقدم مثل حويط إلى الشمال وتزوج من الليائنة وهم فخذ من بني عُقبة، وتناسلت منه عشائر نسبت إلى مؤسسهم الوحيدي فسموا وحيدات، فلما ظهرت الحويطات من أبناء علوان بن حويط في شرق الأردن، نافسوا الوحدات في الشراة واصطدموا معهم في معارك بسيطة، اضطر الوحيدات هؤلاء أن يتركوا الشراة، وسكنوا في فلسطين قرب ديار الترابين في نواحي غزة والنقب، وكذلك نزل بعضهم في سيناء. وذكر عارف العارف أن الوحيدات يلاقون الاحترام والتقدير من بدو فلسطين على رأسهم قبيلة الترابين؛ لأنهم من نسل الأشراف.
وعن الترابين فهم كيان قَبَلي حديث التكوين أيضًا، وذكر عارف العارف الفلسطيني النسابة المدقق الشهير أن الترابين هؤلاء معهم خليط من عدة عشائر منزوعة من قبائل عربية قحطانية وعدنانية، وضح بعضه في مصنفه "تاريخ بئر السبع" وترك عشائر دون ذكر أصولها، لأي بطون العرب ترتد، وذكر أن معظم الترابين ينتمون لبني عطية - ويقصد نجم بن عطية البقِّمي - وقد وضح أن هناك فروعًا في النجمات لا ينتمون إلى بني عطية، مثل الصانع وهم أيضًا من البقوم (الأزد) القحطانية، وهي قبيلة معروفة حتى الآن في المملكة العربية السعودية في بلدة تَرَبة
(2)
، وهي جنوب شرق مدينة الطائف، وكذلك فرع الشعوث فهم من بني زريق من ثعلبة طيئ، وفرع المحافظة وهم من أبناء عمومة السوالمة من سُلَيم،
(1)
يوجد فقط في السواركة بعض عائلات قليلة أصلها من بني عطية (المعازة).
(2)
قيل لي أن معظم عشائر الترابين من البقوم في تَربَة وغلب عليهم اسم البلدة فسموا ترابين.
ومن أراد التفصيل عن فروع الترابين هؤلاء فليرجع إلى "تاريخ بئر السبع" لعارف العارف الذي لَمْ يُفصِّل أي محقق عنهم في هذا القرن غيره.
4 -
ذكر الجزيري أن العميرات من بني عيَّاد!
وهذا خطأ؛ لأنَّ العميرات من حويطات التَهَم، وبالبحث الميداني لَمْ أجد أي تشكيك لنسب العميرات لحويط مؤسس الحويطات، والعميرات في القرنين الأخيرين تكاثروا وأصبحوا من أكبر عشائر الحويطات بالتَهَم بالمملكة العربية السعودية.
وأما عن بني عيَّاد المشار إليهم فهم قبيلة "العيايدة" من القبائل الحديثة بعد القرن الثامن الهجري، ومرجع نسبها إلى القحطانية، وقد كانت هذه القبيلة تسيطر على طريق الحجِّ من بلبيس حتى العريش، وقطن منهم في جنوبي سيناء ثم بعد تَغْلِب الطوَّرة على الجنوب رحلوا إلى شمالي سيناء، ونزل كثير من عشائر العيايدة إلى وادي النيل في القليوبية والجيزة والدقهلية وغيرها، ولهم دور في تاريخ مصر الحديث أيام الحملة الفرنسية فقد كانوا الد أعداء نابليون مع قبيلة بلِّي، وكانوا يعادون محمد علي باشا ويؤيدون الألفي بيك زعيم المماليك، ووهم من ظن أن العيايدة من بقايا العايد من جُذام؛ لأنَّ العايد ورؤساءهم الأباظية في الشرقية حتى الآن، ومصنفات كثيرة في هذا القرن ذكرت العايد والعيايدة كلّ على حدًا، أبرزها تاريخ سيناء" لنعوم شقير و "قبائل العرب" لأحمد لطفي السيد، وغيرها من الكتب التي سردت عن تاريخ مصر في القرون الأخيرة.
5 -
ذكر الجزيري اسم القرعان
(1)
والجواهرة
(2)
في حينه، أي بعد منتصف القرن العاشر الهجري وكانا عبارة عن فصائل صغيرة، قد نسبهم الجزيري إلى قبيلة بلِّي القضاعية، وهذا خطأ أيضًا؛ لأنَّ القرعان والجواهرة من حويطات التَهَم في المملكة العربية السعودية وقد سكن بعضهم منذ نماء الحويطات قرب الوجه من ديرة بلِّي، وخالطوا بعض عشائرهم في السكن أو الخلف، ولا يمتُّون من قريب أو من بعيد إلى البلِّوية.
(1)
القرعان من أولاد سويعد بن حويط وأقرب العشائر لهم عشيرتي الموسة والعميرات.
(2)
الجواهرة من أولاد سلامة أبو ريشة بن سويعد بن حويط.
6 -
ذكر الجزيري عن قبيلة بلِّي قائلًا العبارة التالية:
إن بلِّي من أولاد شهاب الدين أحمد بن ثعيليب!!؟
ولا أدري من هو شهاب الدين هذا الذي يقصده الجزيري، ولم أعلم لا في مصنفات ولا بحوث ميدانية أن هناك عشائر في بلِّي تنتمي إلى شهاب الدين، وبلِّي في المملكة العربية السعودية تنتمي إلى جذمين كبيرين منهما جميع عشائر بلِّي، وسنفصل عنها في باب السرد عن قُضَاعة - بلِّي وجُهينة.
7 -
ذكر الجزيري أن عُقبة جُذام هو والد بني عطية، وهذا خطأ منه لعدم ورود أي دليل تاريخي أو ميداني يؤيد هذا النسب لبني عطية، وقد ذكر كبار النسابون فروع عُقبة وجذام مثل بني واصل وبني راشد وبني شاكر، ولم يشذ الجزيري هذا عن كبار النسَّابين فحسب بخصوص نسب بني عطية، ولكن شذَّ عمن هم في طبقته من رحَّالة الحجِّ، سواء من جاء قبله أو بعده، فلم يذكر إطلاقًا أحد من الرحَّالة نسب بني عطية لبني عُقبة.
وبالبحث الميداني الدقيق في مصر والمملكة العربية السعودية من العديد لرواة. بني عطية الثقات، أنكروا جميعًا مزاعم الجزيري ونفوا بشدة نسبهم إلى (عُقبة) جُذام، وقال لي بعضهم: إن بقايا بني عُقبة هؤلاء مثل بني شاكر وغيرهم من بعض العشائر قد انضمت إلى العطاونة، وبعض بني عُقبة التحق بالحويطات أو المساعيد أو غيرها من قبائل الشام، وقالوا: إن ذكر ذلك من قِبَل هذا الرحَّالة لهو هراء وتخبُّط، لا يعترف به أحد من بني عطية في الحاضر أو الماضي على مدى القرون الماضية وإن هذا الرحَّالة مُخَرِّف!. وعن نسب الحويطات للعطاونة قالوا: هذا كلام عجيب وخطأ، والحويطي عنصر لا يمت لبني عطية في الأصل، سوي أنهم سمعوا روايات من كبار البادية أسلافهم أن حويطًا كان شابًا أو صبيًا تربي في وسط بني عطية، وصاهرهم في بداية نماء عشيرة الحويطات من عدة قرون، وبعضهم في مصر ذكر لي أن حويطًا من الأشراف وأخوال أبنائه من بني عطية، وفي المثل الدارج (أن العطوي خال الحويطي).
وذكر لي رجل عطوي بليغ عليه علامة الشهامة والجدية في الحديث قائلًا ومتسائلًا: "كيف الحويطات متجاورين مع بني عطية ولا نعرف أنهم من العطاونة؟ "
ولو كانوا في بلاد بعيدة كان أعقل للمنطق، واستطرد مُتَهكِّمًا إن الغزو بين العطاونة والحويطات على مر القرون التي مضت لَمْ تتوقف، وآخرها حرب البرقاء الشهيرة بين الطرفين، ولم يتم السلام التام بين العنصرين إلَّا في عهد المغفور له جلالة الملك والإمام عبد العزيز بن عبد الرَّحمن الفيصل آل سعود، والذي بتوحيده الجزيرة العربية في بداية القرن العشرين الميلادي قد قضى على الغارات والغزوات طبع الجاهلية الأولي، في أنحاء الجزيرة بين جميع قبائل العرب، وأصبحت الآن جميع القبائل في المملكة العربية السعودية تحت راية ابن سعود الإسلامية، التي شعارها "لا إله إلَّا الله محمد رسول الله"، وقد توحدت كلمة العرب وانتشر العدل وعم الخير على هذه البلاد الكريمة الطاهرة، وانطلقت الرحمة على العباد ودام الأمن والأمان على هذا البلد العزيز على العرب وجل المسلمين، وتحققت دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام على كامل التراب السعودي في هذا الزمان تحت حكم آل سعود، عندما قال مبتهلا عليه السلام إلى مولاه عز وجل:
"رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات" والحمد لله على نعمائه. قلت لهذا الرجل العطوي: صدقت ورب الكعبة، ولعمري ما قلته هو الحق فسلمك الله.
وعن زعم الجزيري لنسب المساعيد وغيرها من القبائل التي ذكرها بأنها تنتمي إلى بني عطية في مخطوط درر الفرائد المنظمة، قال رواة بني عطية: إنهم لا يعلمون شيئًا عن هذا التخريف، والعطوي معروف في الأردن ومصر عشائرهم منذ قرون في تلك الديار تعرف نسبها لقبيلة بني عطية، وحتي عشائر بني عطية المنضمة للحويطات أو غيرهم يعرفون نسبهم ولا يجحدوه عن أحد إذا جد الجد في إطراء الحسب والنسب.
وسنوضح تفصيلًا عن بني عطية في السرد عنها في هذا المجلد من الموسوعة الكبرى إن شاء الله تعالى.
وأقول مؤكِّدًا كباحث متعمق في هذا الميدان، أن مبدأ النّاس مأمونون على أنسابهم قد صانه الحويطات، رغم ما نالهم من تجنٍ والتباس في أصولهم أكثر من غيرهم، وأن العرب الأصلاء لا ينكرون نسبهم الحقيقي لكل متقص متعمق،
ولا يَدَّعي العربي الحر الأبي نسبًا لغير آبائه، ونراه يتعصب العنصره الصحيح الذي نبع منه، وأن الحويطات عنصر قَبَلي عربي كريم وعريق وشريف بلا ريب، يتميزون بخصال حميدة وعادات عربية رفيعة ونبيلة ونخوة واضحة المعالم في رجالاتهم، ويعتزون اعتزازًا كبيرًا بأنفسهم، وبذلك يستحقون مني كباحث عربي في أواخر القرن العشرين الميلادي كلّ إنصاف عن أصلهم وتاريخهم المُشَرِّف.
8 -
ذكر الجزيري ص 407 أن قبيلة مُزينة التي تقطن بلاد الطور بسيناء هي أصلا من العليقات من العائد!، وهذا غير صحيح وخطأ فادح في النسب لهذه القبيلة المعروفة منذ الجاهلية، فقبيلة مُزينة هي امتداد المزينة في الحجاز ضمن حرب كما أكده رواة مُزينة سيناء والحجاز، وذكر البلادي العربي في معجمه لقبائل الحجاز أن مُزينة هم حلفاء بني حرب في المراوحة من بني سالم ص 484، ومُزينة كما هو معروف بطن من طابخة العدنانية "من مُضَر".
9 -
ذكر الجزيري ص 407 أيضًا أن بني واصل من العليقات من العائد! وهذا خطأ، لما أنه قد ذكر متناقضًا مع نفسه في ذات المخطوط أن واصل بن حميد من بني عُقبة! والصحيح لما هو ثابت في نهاية الأرب وبالأدق "قلائد الجمان" للقلقشندي أن بني واصل من بني عُقبة جُذام، وقد أيده نعوم شقير في تاريخ سيناء.
10 -
ذكر الجزيري في عشائر جهينة المقابلة مع أن المقابلة من أعرق عشائر بلِّي، وهذا معروف حتى الآن للجميع ومن المقابلة قسم كبير في القليوبية والإسماعيلية وسيناء بمصر.
11 -
نقد بعض الأخطاء في مخطوط الجزيري "درر الفرائد المنظمة" الباحث السعودي الأستاذ عاتق بن غيث البلادي العربي في كتابه عن قبائل شمال الحجاز، وقال: إن الجزيري رحَّالة الحجِّ أخطأ في إلحاق فروع من القبائل بقبائل أخري، وأعطى أمثلة لذكر الجزيري أن الجعافرة من بلِّي رغم أنهم من عَنَزة، وأضاف قائلًا: إن علم النسب في القبائل المتخالطة في السكن والجوار أو المتحالفة لا يعرف حقيقة نسبها مضبوطًا سوى ابن البيئة المقيم، لا الرحَّالة المتنقل أو العابر مثل الجزيري وأقرانه.
قلت: قال الإمام مالك - رحمة الله عليه:
كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إليه إلَّا صاحب هذا القبر. وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق الإمام مالك فإن نبينا علم الهدى لا ينطق عن الهوى وإنما هو وحي يوحي علمه شديد القوي.
كما أوجه الشكر لأخي الباحث السعودي الكريم الأستاذ حمد الحقيل الوائلي في سرده عن قبيلة الحويطات، وقد أنصفها في مصنفه الشهير "كنز الأنساب ومجمع الآداب، وذكر نسبها الصحيح للأشراف، ورغم أن الأستاذ الحقيل لَمْ يُفصِّل وكان مقتضبًا نظرًا لشمول بحثه في قبائل كثيرة، ولكنه مشكورًا لَمْ يَسْر أو ينقاد وراء هؤلاء من ذوي المصنفات الأخرى الشهيرة قبله، ولم ينقل عنهم بجهل أو خطأ مكررًا الالتباس والتخبط عن الغير، وهذه براعة منه لما أنه كان يتابع بحوثًا ميدانية من الرواة مع بحوثه التاريخية، وقد برز من كبار الباحثين في الجزيرة العربية، والباحث إذا ما تبع الإسناد دون التمحيص فيه فإنه يكون خاطئا دائمًا أن ما بني على باطل فهو باطل، وقد ظهر للعديد من الباحثين في هذا القرن نقلهم عن الغير فكان سردهم ركيكًا ومصنفاتهم لا تقنع النّاس بما حوته، وإدبار النّاس عنها أكثر من إقبالهم عليها.
ونسب الحويطات للأشراف لَمْ أجده عند غالب الرواة من الثقات فحسب، ولكن وجدت ذلك عند الكثير من العامة في مصر والسعودية والأردن، ويتناقلون ذلك عبر أجيال طويلة قد مضت. ولقد أنكر الأستاذ فؤاد حمزة وذلك في مصنفه "قلب جزيرة العرب" الذي طبع لأول مرّة في القاهرة عام 1933 م، وتمادي في التجئي والظلم على هذه القبيلة العربية الأصيلة وذكر في هامش كتابه قائلًا:"إن الحويطات يدعون النسب للأشراف من نسل الحسن أو الحسين، ولكن هذا غير ثابت أو مؤكد وإنما هم من بقايا الأنباط والأقوام القديمة"!!، وإني واثق أن فؤاد حمزة لَمْ يذهب إلى رواة الحويطات، ولم يمحص بعمق عن أصولهم، ولم يبحث تاريخيًا عن جذورهم، وقوله مبني على اطلاع الرأي بعض المستشرقين بالظن والاستنتاج الخاطيّ، وإن مؤرخًا عربيًا يستند إلى ظن من مستشرقين فإنها حقًّا تكون مأساة علمية في التاريخ العربي، وخاصة عندما يكون هذا الإسناد ظلمًا وغبنًا في نسب وحسب قبيلة عربية من العرب الأقحاح ومن أشراف العرب.
وخطورة فؤاد حمزة تمثلت في سير بعض الباحثين في هذا القرن وراءه، لما نال من شهرة كمؤرخ في القرن العشرين من سبقه في الكتابة عن قبائل المملكة العربية السعودية القديمة والحديثة، وإن الحق يقال أن هذه الشهرة التي نالها ليست وليدة من تمحيصه ودقته في علم الأنساب، وإنما هي وليدة فقط من سبقه لغيره في هذا القرن في إصدار مصنف مختصر عن قبائل المملكة العربية السعودية، والتدليل على ذلك في نسيانه للعديد من القبائل الشهيرة في المملكة ولم يتطرق إليها نهائيًا، وكذلك لذكره السرد عن بعض القبائل وديارها وفروعها ولم يتطرق لنسبها، فكيف إذن يكون الباحث نسَّابة وهو يتجاهل ذلك عن الكيان القبلي وهو أهم شيء عنه!؟، كما أن فؤاد حمزة أخطأ في بعض القبائل ورد أصولها إلى منبع ليس صحيحا وهذا رغم شهرة هذه الكيانات!، وسوف نوضح تلميحات عن تلك الأخطاء في الهوامش ونصححها عبر مجلدات الموسوعة - إن شاء الله تعالى.
وأما ما حزَّ في نفسي فهو أن الدكتور جواد علي مؤلف كتاب "تاريخ العرب قبل الإسلام" قد حذا حذو فؤاد حمزة وذكر في عدة سطور عن الحويطات، ونقل طبعًا عن المستشرقين الأجانب زعما أن عرب الحويطات من بقايا النبط، وهذا الزعم الباطل لا أساس له من الصحة، وأنه مجرد هراء ولا يمت للحقيقة أو الحق في شيء، وأنه بدون سند تاريخي أو قياس زمني مقنع أو حجة ثابتة، وليت الدكتور جواد استند على استنتاج علمي أو إسناد منقول عن مؤرخين عرب لكان أهون، وأتعجب منطقيًّا أو زمنًّا كيف تكون قبيلة الحويطات من بقايا الأنباط؟ وهل كان الحويطات هؤلاء تحت الأرض في خفاء عن العالم وعن النّاس وعن المؤرخين العرب في القرون الماضية، حتى يقوم هؤلاء المستشرقون باكتشاف جذورهم في القرن الأخير؟!
إن الحويطات ككيان عشائري لَمْ يظهر في دنيا العشائر إلَّا قُبيل منتصف القرن العاشر الهجري، وهذا بشهادة النسَّابة والرحَّالة واتفاق الرواة، إذن المنطق يرفض والزمن ينفي والتاريخ ينكر دعوى وأباطيل هؤلاء المستشرقين وما قد استنتجوه من وحي عقولهم، ونحن العرب لا نحتاج إلى مثل هؤلاء الغرباء كي يخوضوا في جذورنا ليُعرِّفونا إياها؛ لأنَّ أنساب العرب معروفة ومثبوت أغلبها، والذي لَمْ يثبت معروف للجميع لا يخفى على أحد منا، وإني كباحث ليس معني
قولي هذا أنني منغلق على المؤرخين العرب متعصب لهم، ولكن فقط أرفض أخذ رأي غير قاطع لمجرد الظن، بدون دليل حاسم أو تعليل مُقنع أو حجة تاريخية ثابتة من هؤلاء الباحثين الأجانب، علم النسب ليس حفريات تُكتشف أو آثار تظهر، وإنما هو علم مبني على روايات في المجتمع العربي بعضها دُوِّن من قبل النسَّابين القدامي، والبعض الآخر تُرك لظرف معين أو لآخَرَ، يحتاج لتمحيص طبعًا قبل أن يُدوَّن من الباحثين في مصنفات تصدر خلال هذا العصر أو في العصور القادمة.
ونحن الباحثون العرب وكما قلت في مقدمة الكتاب كالبنيان المرصوص يشد بعضنا بعضًا ويكمل أحدنا الآخر، ولا حرج أن يُصحح زميل لزميله وله الثواب، فعلم النسب والتاريخ كالبحر الواسع ليس فيه كبير على أمواجه وأسراره، إذن كيف نحن العرب نُصحح لبعضنا البعض سواء الحديث للحديث أو الحديث للقديم، ثم نسير وراء هؤلاء المستشرقين الأجانب ونحن معصوبي المعينين، وكأن هذا الأجنبي هو الفطن الذكي المتعمق، إذا قال صُدِّق وإذا استنتج أصاب وإذا حلل لَمْ يعتره خطأ!؟.
كلَّا وألف كلَّا
…
فالفطنة والذكاء والمعرفة عندنا نحن العرب إذا اتبعنا الحق واستعنا بهداية الله، ويكفي أن الله أعطانا القرآن العظيم يتعلم منا جميع البشر بلغتنا نحن، لغة القرآن الكريم لغة الضاد .. لغة الفصاحة، ولو أن العرب تنقصهم الفراسة والفطنة والذكاء ما كرَّمهم الخالق عن جميع الخلق، فالتقدير الإلهي هو شهادة ووسام نتحلى به، وكي يكون عند أي باحث أو عالم عربي الثقة أن علمه الذي وهبه الله له في أي مجال سيكون هو الأصح إن شاء الله، بشرط الإخلاص والاستعانة بملك الملوك الذي يفيض بكل خير وكل علمً مفيد للإنسانية، ومازال هؤلاء الأجانب يتلهفون وراء القرآن ليكتشفوا أسرارًا تلو أسرار تخص الحياة والكون في مختلف العلوم، فالنعمة في حوزتنا والخبرات بين أيدينا، فهيا ننهل منها وهيا لكلام الله وهيا للسير على منهاجه، سنجد النور يتلألأ في أي علم نخوض فيه فلا نشقى ولا نتعب ولا تحتار.
وأعود إلى هؤلاء المستشرقين وأرد ببساطة وأوضح أن (الأنباط) قوم من الأقوام السامية في المنطقة العربية بالشرق الأوسط، وقد دثروا وتلاشوا شأنهم شأن
جميع الأقوام القديمة، مثل الكنعانيين والسريان والآشوريين والفينيقيين والأدوميين والمؤابيين والعمونيين والحشبسويين والبيسانيين والسومريين والكلدانيين والبابليين، وغيرهم الكثير من تلك الشعوب المنقرضة في البقعة العربية، وقد انقرض الأنباط وبادت دولتهم قبل الإسلام، وبقايا النبط هؤلاء في صدر الإسلام ذابوا وانصهروا في أهل الحضر من سكان الأمصار والمدن أو القرى العربية في الشام والعراق ومصر، وهذا لأنَّ أهل الحضر مثل الأنباط مائلين إلى الشعوبية، إذن فمن المستحيل أن يوجد كيان للأنباط في شكل قَبَلي متعصب متماسك كالحويطات أو غيرهم من الكيانات القَبَلية العربية؛ ولأن العرب قوم قَبَليون لا شعوبيون هي صفة مميزة لهم منذ فجر التاريخ، لا تذوب فيهم الأرومات والأنساب مثلما في الأنباط أو هؤلاء البشر من سكان البلاد العربية في المدن، أو غيرها من الشعوب والأمم من حولنا في كوكب الأرض.
ثم نتساءل لو وُجِدَ كيان قَبَلي مميز ومعروف من بقايا الأنباط هؤلاء، لماذا لَمْ يُكْتَشَف من قِبَل علماء ومؤرخي العرب في القرون التي مضت؟ وإن الشيء الذي لا يخفى على أحد أن العرب بالذات نبغوا في علم الاجتماع والأنساب والتاريخ والأدب والشعر أكثر من غيرهم، وكما لا يُذكر لا في عهد الدولة الأموية ولا العباسية ولا الفاطمية ولا الأيوبية وحتى العهد العثماني لَمْ يتطرق أي مؤرخ أو نسابة عربي لما يزعم به هؤلاء المستشرقون، بل حتى هؤلاء الرحَّالة في الحجِّ عبر القرون التي مضت لَمْ يذكر أحد منهم هذه الفرية
(1)
أو هذا الهراء عن وجود بقايا للأنباط متمثلًا في أي كيانات قبلية، بل إن هذه الدعوى لَمْ تظهر إلَّا من بعض المستشرقين وبالظن منهم في القرن الأخير، وللأسف تولى نقله وترويجه الأستاذ فؤاد حمزة، والدكتور جواد علي في هذا القرن، وقد نقل عن كليهما بعض المحققين الحديثين بضيق أفق وكأن المذكورين معصومان من الخطأ أو الزلل، وحاشا لله فلا معصوم إلَّا النَّبِيّ المختار صلى الله عليه وسلم.
وكما بتحليل ما ذكره الدكتور جواد علي في تنقيحه لتاريخ العرب قبل الإسلام نقلًا عن بعض المستشرقين، فنجد أنه قد قَرَن ذلك بكلمة يظن قائلًا ما هو نصه: (يظن جماعة من المستشرقين أن الحويطات الساكنين في منطقة حِسْمى في
(1)
الفرية: الاختلاق للشيء.
المناطق الشمالية من الحجاز التي كانت تسكنها جُذام هم من بقايا النبط). فلو نظرنا في بداية العبارة لوجدناها تبدأ بكلمة (يظن)، وهذه الكلمة تبعد اليقين عن هذا الادعاء، كما أن العبارة مقتضبة لَمْ يوضح فيها سند تاريخي، ولم يشر إلى أي تعليل أو تفسير يؤكد صحة ما ورد في هذه العبارة، التي هي نقل عن الغير بطريقة سلبية، وإن الظن عيب كبير عندنا نحن العرب أو بمعنى أصح القَبَليون منا، فالبينة على من ادعي، وادعاء بدون بينة فهو باطل يشوبه النقص العلمي والتاريخي يعتريه الخطأ، وكان على الدكتور جواد علي كباحث تاريخي كبير أن يتحقق بدراسة دقيقة وفحص شامل عن نسب وحقيقة عنصر هذه القبيلة العربية الحديثة التكوين، ولا يتهاون لحظة واحدة في الحصول على الدليل الحاسم والتاريخي لما نقله من رأي لبعض هؤلاء المستشرقين الأجانب، وكان أولى به أن يمتنع عن تدوين ذلك في مصنفه (تاريخ العرب) الشهير؛ لأنَّ ذكر عبارة مثل تلك تعتبر تشكيكًا في نسب عنصر قبلي عربي له كلّ إعزاز وتقدير في المجتمع العربي القَبَلي وله شيمته العربية الكريمة، ولربما تنقيح هذه الكلمات في مجلد كبير ضخم كان هيِّنًا على الدكتور جواد علي، ولكنه ليس بالهين على الحويطات المطلعين والمثقفين، وقد حزَّ في نفوسهم الخوض ظلمًا في جذورهم العربية الأصيلة ومعدنهم الكريم، وتسبب ذلك طبعًا في الألم والمرارة التي اعتصرت قلوب البعض منهم، بل وقد ضايق هذا الكثير من عشائر وقبائل العرب الأخرى الذين تصاهروا مع عنصر الحويطات متكافئين معهم في الحسب والنسب، أو الذين ارتبطوا مع الحويطات بأواصر الحلف أو الجوار أو الصداقة
…
إنها مسئولية خطيرة في أعناق جميع الباحثين والمحققين، فالحذر كلّ الحذر من مساس أنساب القبائل بالباطل أو التخبط في أحسابها وشرف عنصرها؛ لأنَّ ذلك لربما هو هيِّن في نظر رجل حضري كالدكتور جواد على أو الأستاذ فؤاد حمزة - رحمهما الله، ولكنه عظيم يهز مشاعر ووجدان القبائل العربية ومَنْ منها في البادية على الأخص بكل قوة وعنف.
وفي شرح تواريخ الأنباط تبين أن لسانهم أقرب إلى اللهجة الأعجمية ويختلف عن لسان قبائل العرب، وطباعهم مختلفة في شتى النواحي، وكانوا يسكنون قصورا مشيدة بقيت آثارها حتى الآن في شرق الأردن وشمال الحجاز بالمملكة العربية السعودية، وكان للأنباط دولة تتابع عليها عدة ملوك، وكان لهم
كيان منظَّم وجيش، وبالإضافة إلى ذلك أنهم كانوا يجيدون بعض الصناعات ويصدرونها إلى الأمصار القريبة من مساكنهم في نواحي الجزيرة العربية، وكانوا يعرفون القراءة والكتابة وتُعرف بالنبطية، وكل هذه الأمور لا تنطبق على الحويطات ولا على أي قبيلة عربية غيرهم، والحويطات كعنصر قَبَلي لا يختلفون قيد أُنملة عن جميع العناصر القَبَلية العربية الأخرى في المجتمع العربي، ولو كان يشوب أصل الحويطات شيئًا لنفر منهم العرب منذ بداية تكوينهم أو ظهورهم في المجتمع كعشيرة في منتصف القرن العاشر الهجري، ولما خالطتهم القبائل العربية الأقدم مثل بني عطية وبني عُقبة وبلِّي وجُهينة وغيرهم، وقد تزاوج أو صاهر الحويطات تلك القبائل العريقة أي أخذوا وأعطوا مما يؤكد تكافؤ النسب، والعرب في القرون الماضية هم أحرص من عرب اليوم، وكان أبناء القبائل يتمسكون بالأحساب ويتعصبون للأنساب في مخالطة البشر غيرهم، وهذا خير دليل على نقاء وسمو وعروبة قبيلة الحويطات. وكم من الصبر والحلم الذي يتحلى به الحويطات لِمَا دُوِّنَ عنهم من تجن وتشكيك في عروبتهم وفي شرف عنصرهم من قِبَل هؤلاء المحققين في القرن العشرين الميلادي.
وذكر لي أحد الحويطات المثقفين الأذكياء عندما ناقشته في دعوى أصل الحويطات للأنباط قائلًا: نحن واثقون من أنفسنا يا أخي في وسط جميع القبائل العربية، ومعروف معدننا وشيمتنا العربية ونقاء عنصرنا وشرف نسبنا، وقد قيل عن غيرنا من القبائل قديمًا وحديثًا الكثير من التجنِّي والظلم، وأدلل على مَثَل وهو قبيلة ثقيف، فقد كان البعض ينسبهم إلى (ثمود) الذين كفروا ولعنهم الله، وهنا الظلم على ثقيف أشد وأقوي، تلك القبيلة العربية العريقة النسب منذ الجاهلية والتي صاهرت رهط النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرها من القبائل العربية الشهيرة، ورغم أن الله أنصف ثقيف في قرآنه الكريم ونفى عنهم هذه الدعوة وتلك الفرية في قوله:{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} إلَّا أن الجهلاء والدهماء
(1)
تمسكوا بدعواهم الباطلة، وزعم بعض النسَّابين هذا النسب الظالم لتلك القبيلة العربية الكريمة، واستطرد قائلًا: نحن معشر الحويطات في حاجة ماسة من قبل باحث ينهج نهج الحق
(1)
ترمز كلمة الدهماء: للحمقى - وقال المثل العربي: الحُمق داء ماله دواء!.
ويحسم هذا الهراء وذلك الالتباس والظلم الذي قيل عنَّا، وإن ما نُجِ بالباطل لابد من محوه في أواخر هذا القرن الميلادي، الذي ظهر فيه الهَرج والمَرج والغلط والخلط عن نسبنا الذي كان محققًا بدون تمحيص يصدر رأيا من عنده خطأ، وإن هذا الموضوع بات حساسًا ومصيريًا لتقارب المسافات وتزايد المعارف ووسائل الاتصال والاحتكاك بين القبائل في أرجاء البلاد العربية، وهذه رغبة مشروعة لنا لتثبيت عنصرنا العربي الكريم.
وإن إيماني راسخ بما حققته ميدانيا وتاريخيا عن قبيلة الحويطات، وإنني بإعلاني هذا التحقيق في بداية الموسوعة أنفذ قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حديثه لمن يعرف الحق ولا يعلنه للناس قال:"الساكت عن الحق شيطان أخرس". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى في كتابه العزيز: {
…
وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283].
إيضاح عن التحليل التاريخي الماثل في نسب الحويطات الأشراف:
أولًا: بالنسبة لحويط الجد المؤسس للحويطات بعد منتصف القرن التاسع، بعد تتبع المخطوطات أو المصنفات المحققة عن شجرة الأشراف القرشيين تبين أن حويطًا من نسل الأشراف الحسينيين في المدينة المنورة، ولم يظهر نسل لحويط أو ذكر أبناء له إطلاقًا في شجرة الأشراف التي دونت حتى القرن العاشر الهجري، وهذا يؤكد التحقيق التاريخي والميداني لما تواتر عند ثقات الرواة من الحويطات في عدة بلاد عربية، أن جدهم حويط كان في عمر الصبا وقد تزوج في العقبة من بني عطية وتكاثر نسله بطريقة عجيبة وسريعة خلال بضع عشرات من السنين ظهروا الدنيا العشائر، وأبناء حويط لَمْ يكونوا سفهاء فلم ينسوا منبعهم الحقيقي في الأشراف، ولم ينصهروا في بني عطية رغم شيوع نسبهم عند البعض من العطاونة أنهم ضمن بني عطية، وذلك في طور نماء عشيرة الحويطات إبان القرنين التاسع والعاشر، مما خلق الالتباس عند الرحَّالة في الحجِّ وأولهم الجزيري في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري.
ولو كان لحويط زوجة وأولاد ونسل في المدينة المنورة عند ذويه من الأشراف لعاد إلى أولاده فعاطفة الأبوة تَغْلِب دائمًا، وما ظل في كنف بني عطية عند الرجل الذي عالجه من مرضه أثناء مروره قرب العقبة، ولربما ظن ذووه حينئذ والمرافقون له أنه توفي في غيابهم لما أنهم رحلوا عنه وهو في فراش الموت، أو قد يئسوا من العودة في التقصي عليه لما أنه كان في حالة الاحتضار حين تركوه متجهين إلى الشام.
- وقد سمعت رواية أخرى
(1)
في أن العطوي حين شفي حويط ولمس فيه الإقدام والفطنة أحبه وأبعده مع إبل له، ولما جاء رهطه من الأشراف أوهمهم بقبر قد وضع عليه حجرًا وقال: هذا ولدكم قد توفاه الله!، فكتبوا عليه وَسْم
(2)
الأشراف وانطلقوا عائدين آسفين لفراقه. والظاهر أن حويطًا طاب له العيش لما وجد من المعاملة الكريمة ومشاركة العطوي له في ماله وحلاله
(3)
، ثم تزويجه بابنته قد جعل حويطًا مشغولًا عن أهله بما كوَّن من أسرة جديدة. وأقرب قصة في زمان حويط أو قريبة العهد به هي قصة حسن الوحيدي، فقد جاء من نسل الأشراف ومكث في شرق الأردن وكوَّن عشيرة عرفت باسم الوحيدات، والراجح أنه من الأشراف الحسنيين بمكة المكرمة، وقدومه للأردن كان في أواخر القرن الثامن الهجري.
وهناك ملاحظة أنه ليس كلّ رجل يُصبح أبًا لقبيلة، ولكن هي إرادة الله أن يبارك في نسل رجل ولا يبارك في آخر في نفس الزمن، ولربما تندثر ذرية الثاني نهائيًا وهذا شيء معروف منذ القدم.
وعن الأشراف بالذات فمنهم أفراد كثيرون انطلقوا إلى عدة أماكن في الجزيرة وخارجها، وتكوَّنت منهم عشائر أو قبائل ملأت الآفاق، وبعد فحص عدة
(1)
وقبلت رواية أن العطوي وضع أعوادًا من الحطب على لَحْد أو قبر أحد الموتى، وقال لرهط حويط هذا المتوفى أبو عويدات مشيرًا إلى قَبْره يوهمهم بموته، ولكنهم قالوا له: إن كنت صادقًا فيرحمه الله وإن كنت كاذبًا يجعله الله خصيمك أنت وقومك ليوم القيامة، ثم وضعوا على حجر وَسْم الأشراف وكان رسم حيَّة ثم جعلوا الحجر على نصب قبره الوهمي وانطلقوا منصرفين، فسمِّي حويط أبو عويدات، وقد رأى حويط في منامه أنه يبول ذر، فأخبر العطوي فارتاع منه، وقال: الله يكفينا شرك، وحلمك يدلُّ أنك أبو قبيلة وتكثر في زمان قليل على قومنا من بني عطية!!.
(2)
وهي علامة توضع لكل قبيلة ويضعونها على الإبل والدواب عن طريق الكي بالنار أو تحفر على الحجارة.
(3)
وهي الإبل والغنم واللفظ أغلبه يطلق على الأغنام بلهجة القبائل العربية.
مخطوطات عن الأشراف وعلى رأسها مخطوط "عمدة الطالب في آل أبي طالب"، تبين أن هناك العديد من الأشراف من سلالة الحسن أو الحسين وباقي الهاشميين قد تفرقوا في البلاد، وحتى بلاد المعجم وخراسان والهند لَمْ تخل من وجود كيانات منهم تكونت من أناس قد مكثوا في تلك الديار، هذا طبعًا خلاف ما هو موجود في الأمصار العربية، وبعض الأشراف قد حُصر نسبه. وعُرف في مخطوطات نسابة الأشراف، والبعض الآخر انقطع ذكره أو حصره عند تاريخ معين، مثل حويط مؤسس الحويطات وحسن الوحيدي مؤسس الوحيدات وغيرهم، وهذا لظروف معينة، وكما مر ذكر قصة حويط مع بني عطية، واستقرار علم أهل حويط أنه قد توفي وانتهى وشاع أمره في حينه عند نسبة الأشراف في منتصف القرن التاسع، وكانت النهاية لذكر أي شيء عنه في أي مخطوط بعد القرن العاشر الهجري.
وما زال محققو الأشراف في العصور القريبة أو غيرهم من الباحثين العرب ما زالوا يحصرون في مصنفاتهم بعض القبائل أو العشائر التي تفرَّقت، ليس في خارج الجزيرة بل في داخل الجزيرة في المملكة العربية السعودية، وذكر نسابة
(1)
الأشراف أن الجرباء إحدى بطون شَمَّر وآل صويِّط
(2)
أشراف، وذكر الحقيل أن من الأشراف آل حسن وال بويت في قبيلة الظفير وبعض عشائر في بارق بعسير، وهناك عشائر اندمجت مع جُهَيْنة، وكذلك عشائر في بلدة صبيًا لَمْ يعرف على وجه اليقين النسب لها في شجرة الأشراف، وهناك العلجي في بني خالد لَمْ يؤكد نسبهم للأشراف، وكذلك من الأشراف آل سعدون رؤساء المنتفق في العراق، وآل مغامس كان لهم ذكر في الحساء حتى القرن السابع الهجري، وغيرهم الكثير لَمْ يعرف على وجه الدقة لأي فرع ينسبون في الأشراف، وكل ما قد عرفه الباحثون من البحث الميداني أو ثقات الرواة متبعين مبدأ أن النّاس مأمونون على أنسابهم بأن تلك العناصر من الأشراف، وطبعا القياس مُطَبَّق على الأشراف في البلاد العربية، ولربما اعترى بعض الكيانات التشكيك لنسبها إلى الأشراف، كما وضح مع الحويطات بصورة أليمة من قبل محققي العصر في القرن العشرين الميلادي.
(1)
هو الشريف البرادعي الحسيني وأيده الحقيل في أن كبار رواة الجرباء نسبهم للأشراف.
(2)
اختلف الحقيل مع البرادعي وذكر نسب آل صويط إلى "بني سُلَيم العدنانية الشهيرة".
ثانيًا: نوضح أنه بصدد التحقيق الجاري مع الحويطات فليس الإسناد معتمدًا فقط على ثقات الرواة، ولكن لوجود حويط في شجرة الأشراف الحسينيين بالمدينة المنورة ومناسب بالقياس الزمني لبدء تكوين ونماء عشيرة الحويطات.
وكما نؤكد أن اسم حويط هو اسم واحد في الشجرة الحسينية أو الحسنية ولم يتكرر هذا الشخص في أزمان لاحقة أو سابقة، مما يجعلنا أكثر اطمئنانًا لصحة التحقيق التاريخي عن أصل عنصر الحويطات للأشراف، كما تواتر عند رواتهم منذ أجيال طويلة قد مضت وتمسكهم بذلك النسب.
ثالثًا: نحيط القارئ العزيز عِلمًا بأن نسل الحسين السبط بن علي رضي الله عنه في جميع البلاد هم من ولَده الوحيد علي زين العابدين الذي نجا من مذبحة كربلاء بالكوفة من بلاد العراق، وقد قُتل جميع أبناء الحسين ومعهم ستة عشر من أهل بيته وستين من شيعته، ولا يخفى على أحد أن تلك المذبحة المروِّعة لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، على رأسهم سبط النَّبِيّ الحسين المحبوب إلى قلب جده المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت من تدبير الخليفة الظالم يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي، ومن تخطيط عامله على العراق (الوالي) عبيد الله بن زياد الأموي الفاجر، ومن تنفيذ قائد جيشه عمر بن سعد بن أبي وقاص القُرشي، الذي انجرف وراء الأمويين ظُلمًا وطمعًا في الدنيا، وقد استحلوا جميعًا دم الحسين ومن معه من آل البيت رغم قلتهم وضعفهم، وقد تنبأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حياته بمصير حفيده الحسين وقال صلى الله عليه وسلم: يُصْرع الحسين في بابل (أي بلاد العراق)، ثم قال: كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغُ في دم أهل بيتي!!، فقد صدقت رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم، لما أن المُحرِّض الأول أثناء معركة كربلاء في الإجهاز على الحسين كان شَمِر بن ذي الجوشن
(1)
، وكان أبرص ووجهه مسحوب ومدبب وعيناه مستديرتان قليلة البياض كأن وجهه كلب، وما به من برص يؤكد أنه هو ذلك الكلب الأبقع الذي أخبر عنه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وكان عمر بن سعد بن أبي وقاص القرشي أشد قسوة من شَمِر بن ذي الجوشن فقد أمر بالخيل أن تطأ بحوافرها جسد الحسين الطاهر بعد أن حَزَّ رأسه عدو الله سنان بن أنس، وقد ساوت الخيل جسده بالأرض في كَربُلاء!!، وحقًّا
(1)
شَمِر بن ذي الجوشن من بني كلاب (هَوَازِن).
التقشعر الأبدان ويهتز الوجدان ألمًا من هؤلاء الغادرين قُساة القلوب، الذين اقترفت أيديهم إثمًا وظلمًا عظيمين غضب لهما عرش الرَّحمن، ولم يرحم هؤلاء صرخات النساء من آل الحسين، لَمْ يرحموا بكاء الأطفال فأطلقوا سهامهم النارية على الخيام التي تؤوي الحريم، وصادف وجود الحسين يهدئ من روع طفل له فأصاب الطفل سهم أرداه قتيلا في حجر أبيه، ومات الطفل يصرخ رعبًا وعطشًا!!
ودافع الحسين دفاع الأبطال، ولكن هيهات فقد أحرقوا الخيام فصارت الأطفال والنساء في العراء في لهيب المعركة التي قُتل فيها جميع من مع الحسين، وقد قتلوا من أعدائهم أكثر من عددهم، وكان مع الحسين اثنان وسبعون وأعداؤه يزيدون على أربعة آلاف يقودهم عمر بن سعد، فلما استبد بالحسين العطش اتجه صوب الفرات ليرتشف الماء ويواصل القتال، ولكن أعداء الله حالوا بينه وبين ماء الفرات، فلم يستطع سوى أن يغترف غرفة واحدة سددوا نبالهم إلى حلقه، ففار الدم من فمه على نهر الفرات بعد أن نزع السهم من حلقه، وقد سارع سِنان بن أنس
(1)
وضربه بحربته ثم احتز رأسه بكل قسوة وغلظة!!، وسقط سيد شباب أهل الجَنَّة في هذا اليوم الكئيب في كربلاء، وسيقت حريمه وأخواته وبنات عمه كالسبايا، ثيابهم مُرمَّلة وخدودهم مُعفَّرة، تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح من كربلاء حتى الكوفة مقر ابن زياد، ثم من الكوفة حتى دمشق مقر اليزيد بن معاوية!!.
حقًّا وصدقًا إنها نقطة سوداء في تاريخ بني أمية القُرشيين، وكل من شارك في هذه المأساة يلقى حتى الآن الازدراء من المسلمين، وفي الآخرة يوم الحساب عذابهم أشد وأقوى من أحكم الحاكمين، فحسبي الله ونعم الوكيل.
وعلي زين العابدين بن الحسين الوحيد الذي نجا من تلك المذبحة، بسبب مرضه أثناء المعركة في كربلاء، ثم كاد أن يقتل من ابن زياد بعد أن كلَّمه ورد على زين العابدين بفصاحة، حقد وبغى وأمر بضرب عنقه بعد أن أمر أحد الجند أن يكشف عليه فوجده بلغ مبلغ الرجال، ولكن علي لما سمع أمر قتله رد بشجاعة عل ابن زياد وقال: مَنْ للحريم تبقي إن كنت مؤمنًا، فابعث معهم وليًّا يصحبهن بصحبة الإسلام، وهنا فزعت السيدة (زينب) عمته وتملكتها قوة لا يردها سلطان
(1)
سنان بن أنس النخعي من (مَذْحِج) القحطانية - عرب اليمن - (مروج الذهب للمسعودي - تاريخ العبر لابن خلدون).
ولا يرهبها سلاح، فاحتضنت ابن شقيقها وتعلَّقت به وصرخت في وجه الطاغية قائلة:
يا ابن زياد حسبك منَّا ما فعلت بنا، أما رويت من دمائنا؟ وهل أبقيت منا أحدًا!؟ أسألك بالله - إن كنت مؤمنًا - إن قتلته، فاقتلني معه!! فسكت الطاغية برهة. وقد أفزعته هذه الكلمات، فتراجع في خزي وخور وارتد مشدوها والتفت إلى من حوله وقال:
عجبًا للرحم! والله إني لأظن أنَّها ودت لو أني قتلته أن أقتلها معه، دعوا الغلام، ثم التفت إلى علي زين العابدين وقال: انطلق مع نسائك، وهكذا أنقذ الله زين العابدين من القتل، وقد نجا من الأيدي الآثمة التي فتكت بأبيه، لتكون إرادة الله، ولا تُمحي ذرية السبط الحسين بن علي رضي الله عنه.
وأم زين العابدين كانت فارسية، وهي بنت ملك فارس كِسْرَي يَزْدَجْرد الثالث، وقد أسرها العرب المسلمون أيام الفاروق عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، وكان معها أختًا لها تزوج بها عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكانت تُلَقَّب أم زين العابدين في المدينة المنورة (بسلافة)، ولكن اسمها الفارسي شهربانو وشهرته چيهان شاه، أي ملكة العالم بلغة فارس، ونشأ علي زين العابدين في المدينة تقيًّا وورعًا وعالمًا نحرير.
وقد ثأر الله لدم الحسين وذويه، فقد قصف الله عمر (يزيد بن معاوية) بعد ذلك بثلاث سنوات، وكان موته بعد رمية الكعبة بالمجانيق لإحدى عشرة ليلة، وتولى ثأر الحسين من قاتليه رجل من قبيلة (ثقيف) العدنانية اسمه المختار بن عبيد الثقفي، فقد تولى الكوفة قهرًا عن الأمويين، ثم طرد (ابن زياد) من العراق الذي استنجد بجيش أموي من الشام كي يسترد العراق من المختار، وبالرغم من قوة جيش ابن زياد فقد أرسل المختار الثقفي رجلًا قاد الجيش ضد ابن زياد اسمه الأشتر النَّخعي
(1)
، وقد استطاع النخعي أن يُحَمِّس رجاله ضد ابن زياد وتمكن منه، وقد ضربه بالسيف ضربة قدته نصفين، وقد وافق مقتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء، وهو نفس اليوم الذي قتل فيه الحسين ظُلمًا في كربلاء، فسبحان الله على القصاص الإلهي المنظم، وهو القاهر فوق عباده عز وجل.
(1)
هو: إبراهيم بن الأشتر من قبيلة النَّخع (إياد) ودخلوا في مَذْحِج القحطانية.
أما عمر بن سعد بن أبي وقاص فقد أمسك به المختار الثقفي قبل أن يهرب من الكوفة وقتله، وأتي برأسه أمام ابنه حفص فقال له: هل تعرف هذه الرأس يا حفص؟ قال أجل ولا خير للعيش بعده، قال المختار: صدقت، ثم أمر بضرب عنقه وقطع رأسه ووضعها جانب أبيه، فقال متشفيًا مشيرًا إلى الرأسين: هذا بالحسين وهذا بعلي الأكبر ابن الحسين، والله لو قتلت ثلاثة أرباع قريش ماوفوا أنملة من أنامل الحسين.
وأما الكلب الأبقع (شَمِر بن ذي الجوشن)، فقد قتله المختار الثقفي أيضًا وقطع رأسه، وأمر بالخيول أن تطأ جسده وظهره بحوافرها، حتى مزقته وصار أشلاء تساوت بالأرض مثلما فعل بالحسين بن علي في كربلاء.
وكذلك لَمْ يفلت من المختار (مالك بن بشير الكِنْدي) فقد أمر به المختار أن تُقطع رجليه ويديه وأُلقي به يضطرب حتى مات، وبالمثل فعل (بالخولي بن يزيد الأصبحي)
(1)
، فقد قتله المختار الثقفي أمام أهله وهم يشهدون، وأحرق جثته فصارت رمادًا.
ولا يفوتني ذكر هذه الكلمات المنظومة للحسين بن علي رضي الله عنه:
فإن تكن الدنيا تُعَدُّ نفيسة
…
فإن ثواب الله أغلى وأنبل
وإن تكن الأبدان للموت أُنشئت
…
فقتل امرئ في الله بالسيف أفضل
وإن تكن الأرزاق قسمًا مقدَّرًا .... فقلة حرص المرء في السعي أجمل
وإن تكن الأموال جمعها
…
فما بال متروك به المرء يبخل!
رابعًا: قصة حويط تشابه قصة قُسي بن مُنَبه (ثقيف) التي لخصناها في باب السرد عن (إياد) العدنانية، وكما رأينا أن أغلب قدماء ورواة ثقيف لَمْ ينسوا نسبهم إلى إياد، إلَّا أن اختلاط بنو ثقيف مع هَوَازِن في السكن والجوار والمصاهرة والحلف جعل البعض من ثقيف ينسب نفسه أو لربما غيرهم نسبوهم إلى هَوَازِن بن منصور بن عِكْرمَة بن خَصفَة بن قيس عَيْلان بن مُضَر بن نزار مَعْد بن عدنان.
(1)
الأصبحي منسوب إلى ولد أصبح بن عمرو بن الحارث بن أصبح بن مالك بن زيد بن الغوث بن سعد بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة وهو حمير الأصغر كانوا يقيمون في أبيَّن في بلاد اليمن.
وبالمثل في أبناء حويط أغلبهم قد عرفوا نسبهم إلى الأشراف من قريش، وبعضهم أو غيرهم للمخالطة مع بني عطية قد نسبوهم إلى العطاونة، في فترة من الزمن إبان نماء الحويطات أو في طور نشأتهم الأولي، والقصص مشابهة في قبائل العرب قد حدثت قبل الإسلام وبعده، وأذكر مختصر قصة ذكرت في سيرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لابن هشام المعافري اليماني فيها ملحمة، وهي قصة عوف بن لؤي القرشي قبل الإسلام:
فقد خرج عوف في ركب مع ذويه من قريش ونزلوا بأرض غَطَفان من قيس عَيْلان - من مُضَر مثل قريش - ثم أبطئ بعوف في حاجة له، فانطلق من كان معه من قومه، فأتاه رجل من غَطَفان اسمه ثعلبة بن سعد فحبسه وزوجه والتاطه، أي تبنَّاه وألحقه بنسبه وألصقه به، فشاع نسبه في ذُبيان وعموم غَطَفَان، فقال ثعلبة لعوف حين أُبطئ به وتركهـ قومه من قريش:
أحبس عليَّ ابن لؤي جملك
…
تركك القوم ولا مترك لك!
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن بني عوف بن لؤي وهم بنو (مُرّة بن عوف)، لو كنت مُلحقًا حيًّا من العرب بنا أي إلى قريش، لادعيت بني مُرّة بن عوف، وإنَّا لنعرف فيهم الأشباه مع ما نعرف من موقع الرجل حيث وقع - يقصد عوف بن لؤي، ومن العجيب أن بني مُرّة هؤلاء كان لو ذُكر أمامهم نسبهم إلى ذُبْيَان من غَطَفان، قالوا هذا النسب ما نكرهه وما نجحده وإنه أحب النسب إلينا!!.
ولكن حدث أن هرب الحارث بن ظالم بن جُذَيمة أحد بني مُرّة بن عوف من وجه النعمان بن المنذر ملك الحيرة (غرب العراق)، ثم لحق الحارث بقريش في مكة المكرمة، وهي طبعًا أصله ومنها نبع جده مؤسس قبيلة بني مُرّة في غَطَفان، وقد وجد الحارث نفسه آمنا عند قريش فقال شعرًا منه:
فما قومي بثعلبة بن سعد
…
ولا فزارة الشُعر الرقابا
وقومي إن سألت بنو لؤي
…
بمكة علموا مُضَر الضرابا
سُفِّهنا باتباع بني بغيض
(1)
…
وترك الأقربين لنا انتسابا
سفاهة مخلف لما تَروَّى
…
هُراق الماء واتبع السيرابا
(1)
يقصد بني ذبيان بن بغيض ومنهم (فزارة) بن ذبيان التي ينتمي لها العلَّامة القلقشندي بمصر =
ولكن الحُصين بن حمام المُرِّي من زعماء بني مُرة بن عوف لَمْ يؤيد قول الحارث، وأصر على انتسابه لغَطَفَان ورد على الحارث قاصدًا قريش فقال:
ألا لستم منا ولسنا إليكم
…
برئنا إليكم من لؤي بن غالب
أقمنا على عز الحجار وأنتم
…
بمعتلج البطحاء بين الأخاشب
ثم بعد ذلك ندم الحُصَيْن أشد الندم على هذا الشعر، وعلى نكران نسبه الحقيقي لقريش، وقد انتمى إليهم قائلًا بعد أن كذب نفسه:
ندمت على قول كنت قلته
…
تبينت فيه أنه قول كاذب
فليت لساني كان نصفين
…
بكيم ونصف عند مجرى الكواكب
أبونا كِنَاني بمكة قبره
…
بمعتلج البطحاء بين الأخاشب
وقد قال الفاروق عمر رضي الله عنه لرجال من بني مُرة إن شئتم أن ترجعوا إلى نسبكم في قريش فارجعوا إليه، ولكنهم كرهوا الرجوع إلى قريش لما أنهم كانوا أشرافًا في غَطَفان، وهم سادتهم وقادتهم ولهم صيت وذكر في غَطَفَان وسائر قيس عَيْلان من مُضَر، وقد أقاموا على نسبهم كما كانوا في غَطَفَان.
= ومن بغيض (بني عبس) بني بغيض قوم عنترة بن شداد - ومنهم الصحابي حُذيفة بن اليمان. ومن بني فزارة جماعة في مصر في القليوبية ذهبوا في القرى المصرية ولم يحافظوا على أصولهم منذ القرن التاسع الهجري، أي بعد موت القلقشندي في بداية القرن التاسع الهجري 821 هـ؛ لأنَّ القلقشندي مع أقاربه في قرية قلقشندة (بالقليوبية) كان يعرف نسبه إلى بني بدر - من فزارة وذكر ذلك في نهاية الأرب، وأغلب بطون فزارة هم الآن في محافظتي بني سويف والفيوم (مصر) وفي برقة (ليبيا) يحافظون على نسبهم وهم حلفاء أو ضمن بني سُلَيْم هناك، وسوف نوضح عنهم في السرد عن سُلَيم، وعن فزارة لَمْ يبق لهم كيان في بلادهم في نجد بالمملكة العربية السعودية. أما ابن بغيض الآخر من غَطَفان فهو (عبس) وهو بطن كبير من غَطَفان، وعبس من القبائل الشهيرة في الجاهلية ومن القبائل المحاربة ذات القوة والبأس ومنها الفارس والشاعر المعروف "عنترة بن شداد"، وعبس لها بقية حتى الآن في منطقة عسير، خلاف من تبقى منهم في بلادهم القديمة باسم بني رشيد "الرشايدة"، وقد جرت حرب شهيرة في الجاهلية دامت قرابة أربعين عامًا ما بين ابني بغيض من غَطَفان - قيس عَيْلان - وهما عبس. و فزارة بن ذبيان وتسمى تلك الحرب (داحس والغبراء) وهما اسمان الفرس تسمى الغبراء وحصان يسمي داحس كانا في سباق تسبب في الحرب بين الحيين من غَطَفان، وكانت لا تقل ضراوة عن حرب البسوس بين ابني وائل من بكر وتغلب.
- ومن عبس فرقة نواحي بلبيس من الشرقية والدقهلية والقليوبية وبلاد الصعيد (مصر) تعرف حتى الآن عرب عبس، ومالوا إلى الزراعة والفلاحة ونسوا بداوتهم.
تاريخ عرب الحويطات
(أ)(نماء بني حويط):
قال لي بعض الثقات أن حويطًا جدهم المؤسس لكيانهم القَبَلي كان له خمسة أولاد من بين أبناء له كثيرين، وهؤلاء الخمسة بنون هم رءوس جميع الفروع أو العشائر التي تكونت على مدى خمسة قرون ونصف القرن، أما أبناء حويط الآخرين فقد انضم نسلهم إلى تلك العشائر الرئيسية التي بدأت فصائلها تظهر في منتصف القرن العاشر الهجري، وكما أكد هؤلاء الرواة أن الأبناء الخمسة من أمهات من بني عطية "المعازة" وهم عمران وعلوان وسويعد وسعيد ومسيعيد.
أما سعيد فاتجه غرب وادي عربة في فلسطين وانفصل عن كيان الحويطات ومخلفاته السعيديين المعروفين في النقب، وقال عنهم عارف العارف في "تاريخ بئر السبع":"إنهم يعانون من الفقر الشديد ويأكلون نبات السَمْح في معظم الأوقات". وأما علوان فتناسل منه أبناء كثيرون واتجه جنوب الأردن ومنه حويطات العلاوين، وانفصمت منهم في عهود قريبة بعض العشائر تحت اسم الجازي نسبة إلى الشيخ جازي أحد رؤسائهم في شرق الأردن.
وأما سويعد ومسيعيد وعمران فقد تناسلت منهم عشائر حويطات التَهَم في شمالي غرب الحجاز بالمملكة العربية السعودية، وسوف نُفصِّل عن عشائرهم.
(ب) حويطات العلاوين وتاريخهم:
بعد تكاثر أبناء حويط في العقبة التي كانت المركز الرئيسي لهم والتي نشأ فيها مؤسسهم حويط (الشريف)، بدأ أبناء علوان بالنزوح شمالًا باتجاه جبال الشراة فاصطدموا بعشائر الوحيدات (أشراف)، والنعيمات، والشرارات، والصخور، وفي عام 1700 ميلادي تقريبًا، أي من ثلاثة قرون أصبحت عشيرة الحويطات في شكل كيان قَبَلي لا بأس به في إطار الحياة البدوية المحيطة بها، وانتشر الحويطات من أبناء علوان شمالًا معهم بعض أبناء عمران، وصارت ترعى مواشيهم من إبل وماعز وأغنام في تلك الربوع، وكانت عشيرة الوحيدات قد أصبحت ككيان قَبَلي لا بأس به في هذه الفترة المشار إليها وهم من نسل حسن الوحيدي من أشراف الحجاز أيضًا، وكان الوحيدات هؤلاء يسكنون غرب جبال الشراة، وقد قيل أن
الوحيدات عندما ترك ذويه من الأشراف وقطن في شرق الأردن تزوج من اللياثنة ويسكنون وادي موسي، ثم تكاثر أولاد الوحيدي وقويت شوكتهم وسيطروا على طريق الحجِّ وأصبحوا يتلقون المخصصات من الحكومة المصرية مقابل حماية الحجاج وقوافل التجارة، ولكن بتكاثر أولاد علوان الحويطات نافسوا الوحيدات ونشبت مصادمات بين الطرفين أدت إلى أن تهاجر معظم عشائر الوحيدات إلى فلسطين وسيناء وتركت جبال الشراة، وقد احتفظت فقط بحقوقها في تلال الشراة حتى عام 1902 ميلادية فتنازل شيخ الوحيدات العام عن تلك الحقوق إلى أولاد جازي (من علوان بن حويط)، وذلك لقاء مبلغ من المال قُدِّر بمائتي مجيدي وهي العملة السائدة في ذلك الوقت، وقد سُجلت ملكية أراضي الشراة الغربية باسم الحويطات (بني جاري) بموجب البراءات الصادرة عن الدولة العثمانية.
ولكن الوحيدات أطلقوا اسمهم على وادي الوحيدي غربي معان، كما أطلقوا نفس التسمية على جبل الوحيدي بسيناء قرب العريش.
وأما شرقي جبال الشراة فقد اصطدمت عشائر النعيمات بالحويطات من أولاد علوان، وأدى ذلك إلى انسحاب النعيمات نحو الشمال تاركين للحويطات كلّ السفوح الشرقية لجبال الشراة وذلك في عام 1700 ميلادية تقريبًا (أي منذ ثلاثة قرون تقريبًا)، ومن ثم فقد توجه أبناء علوان أو العلاوين حتى بطن الغول والمدورة شرقًا.
وقال بركهارت
(1)
الذي زار منطقة شرق الأردن عام 1800 ميلادية تقريبًا قال: إن الحويطات يسكنون جبال الشراة وحول مدينة ظانا والطفيلة والبصيرة، ولهم بروج وقلاع في كلّ التلال المشرفة على تلك المنطقة، وعلاقتهم حسنة مع أمراء العرب في الجزيرة العربية بالإضافة إلى علاقتهم الطيبة مع باشا مصر.
انقسام حويطات العلاوين إلى قسمين:
- القسم الأول: يتزعمه بنو جازي في منطقة الشراة وشيخهم جازي بن محمد وكان ابنه عرار يتقاضى راتبًا شهريًا من الحكومة المصرية، وقد برزت أهمية
(1)
يوهن لود بركهارت مستشرق سويسري رحَّالة من عام 1784 - 1817 م، يسميه الإنجليز چون لويس وكان يحمل الجنسية الإنجليزية.
عرار في حويطات العلاوين إلى أن أصبح شيخًا لجميع عشائر العلاوين في بداية القرن التاسع عشر الميلادي.
- القسم الثاني: وهم أبناء فرج بن علوان فقد أنشأوا عشيرة مستقلة في وقت مبكر وسكنوا شمال العقبة وتولوا حراسة قوافل الحجاج المصريين .. وفي عام 1872 م توجهت عشائر حويطات العلاوين نحو الجنوب من جبال الشراة حيث وقع صدام مع بني شاكر من بني عُقبة (ضمن بني عطية) في منطقة الحسما وقد استولى الحويطات على بعض نواحيها، واصطلح الفريقان على أن تقسم المنطقة بين الطرفين، وذكر هذه الحادثة رحَّالة إنجليزي اسمه كموكهان.
الحويطات والدولة العثمانية [في القرن التاسع عشر الميلادي]
في حوالي عام 1894 م كان بنو جازي (حويطات العلاوين) يقطنون جنوب الأردن، فأرادت الدولة العثمانية أن تمد الخط الحديدي الحجازي الشهير لتوفر الأمن وكي تضمن سلامة قوافل الحجاج والتجارة، ولكن الدولة العثمانية عند بدء هذا المشروع في شرق الأردن اصطدمت بمعارضة عشائر الحويطات، وكان عرار من أولاد جازي مسئولًا عن أفراد العشيرة حول معان والطفيلة والشراة، بينما عبطان مسئولًا عن البدو من الحويطات في الشرق، وعزز الأتراك العثمانيون قواتهم في معان لإخضاع المنطقة، خوفًا من امتداد النفوذ الإنجليزي بعد احتلال بريطانيا لمصر عام 1882 م.
وقام عِرار بمهاجمة القوات العثمانية التركية وقَتَل عددًا كبيرًا منهم ولم يسمح للعثمانيين بالتقدم في جنوب الأردن، ولكن متصرف الكرك العثماني لجأ إلى الحيلة فأرسل عددًا من الضباط الأتراك لمفاوضة عِرار الحويطي، ثم استطاع هؤلاء الضباط أن يعتقلوا عِرار ويودعوه سجن الكرك وذلك في نهاية 1894 م. وقد استمرت المناوشات ما بين عرب الحويطات والعثمانيين لمدة ثلاث سنوات بعد هذا التاريخ وقد تميزت تلك العمليات بين الطرفين بالاغتيال وتشتيت القوي ومصادرة الحلال من قبل العثمانيين العشائر الحويطات حتى عام 1897 م. ولما شعرت الحكومة
العثمانية بعدم استطاعتها إخضاع الحويطات قامت بإخلاء سبيل عِرار من سجن الكرك، ثم اتَّبعت أساليب خبيثة لبث الفتن بين شيوخ العشائر من حويطات الشمال (العلاوين) وذلك لتفتيت وحدة كيانها القَبَلي المتماسك.
ظهور عودة أبو تايه:
عند عودة عِرار من سجن الكرك وجد مركزه في العشيرة قد ضعف، وأن حرب أبو تايه الذي شغل منصب الشيخ العام قد أصبح أكثر نفوذًا، ولم يستطع عِرار أن يعيد سيطرته على قبيلة الحويطات (الشمال) ولاسيما أنه شاخ ومرض فانزوى في بيته حتى وافته المَنيَّة في عام 1901 م.
وعند وفاة عِرار تولي المشيخة رسميًّا حرب أبو تايه الذي كان عقيدًا للحويطات، أي قائد فرسانهم، وقاد الهجمات ضد القوات العثمانية خلال وجود عِرار في سجن الكرك، ولكن مشيخته هو الآخر لَمْ تستمر فقد توفي عام 1904 م. عندئذ بدأ النزاع بين عودة بن حرب أبو تايه وبين عبطان بن جازي حول رئاسة حويطات الشمال (العلاوين)، وكان عبطان الابن الأكثر نشاطًا وفتوة لعِرار الشيخ الأول والذي سجن في الكرك كما أشرنا، وكانت جماعة أبو تايه الذين نزعوا المشيخة من عِرار فيهم فقط عقيد الحرب أو حامل الراية حسب العرف العشائري عند القبائل العربية فلكل قبيلة عربية (عقيد).
وبعد ظهور الخلافات في عشائر الحويطات استغلت قبيلة الشرارات
(1)
الضعف والتفرُّق عند الحويطات وقامت بغزوهم في عام 1904 م، وحاصرت رجال الحويطات في الشراة مدة سبعة عشر يومًا، ولكن عودة أبو تاية عقيد الحويطات المُلهم بفروسيته النادرة ومهارته فقد فك طوق الحصار المضروب على الحويطات وحمَّس فرسانه بالهجوم من كلّ اتجاه، وقد هزم الشرارات في هذه المعركة هزيمة منكرة كما يقول الرواة.
(1)
ذكر حمد الجاسر في المعجم الجغرافي للمملكة العربية السعودية أن الشرارات هم بقايا "كلب" من قُضَاعة في ديارها القديمة - انظر عنهم في المجلد الخامس بالقسم الثاني من موسوعة القبائل العربية - طبعة دار الفكر العربي 1421 هـ/ 2001 م.
ويشتهر الشرارات بالصراحة وقول الحق ولو على أنفسهم والدليل شعر ابن ماضي الشراري في غزوة قومه على الحويطات العلاوين.
ويقول شاعر الشرارات واسمه ابن ماضي عقب هذه الوقعة:
لا عادت اليوم غزوتنا
…
على ديار الحويطات
أمس الضحا الخيل
…
لحقتنا تقول عرازيل
(1)
حولاتي
من كلّ الأشناق
(2)
ضبتنا
…
بزرا على الرأس ماذاتي
(3)
الذيب إذا جاء معاركنا
…
يلقى الولايش
(4)
كثيراتي
ويقول الرواة عن هذه المعركة: إن الشرارات لَمْ يعد منهم سوى رجل واحد
(5)
عفي الحويطات عنه ليعود إلى نسوة القتلى ويخبرهن مصير رجالهن!، وقد أسموها معركة أبو عمود، بعدها اكتسب عودة أبو تايه شهرة وقوة ليس داخل ذويه وعشيرته ولكن خارج نطاق الحويطات في القبائل المجاورة، وقد اكتسب صداقة مع شيخ سنجَّارة من شَمَّر وصاهره في ابنته وقيل أن اسمه (غضبان بن رمال)، وقد وقف أبو تايه معه ضد منافسيه على المشيخة.
محاولة قتل عودة أبو تايه من قبل الأتراك العثمانيين:
كان الحويطات يتلقون رواتب شهرية من باشا مصر باعتبارهم حرَّاس القوافل للحجيج ويحفظون المؤن في العقبة لتزويدهم بها، ومنذ عام 1882 م وقعت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي وظلَّت سيناء كلها منطقة تابعة للدولة العثمانية والتي حاولت بدورها أن تفرض على العشائر بها الضرائب إظهارًا لنفوذها، فأوعزت بذلك إلى متصرف الكرك الذي طالب عودة أبو تايه بضرائب سنتين متتاليتين، وكان المبلغ كبيرًا باعتبار أن الحويطات يقطنون في العقبة وسيناء والشراة والطفيلة ويدخل في حلف معهم كلّ العشائر الموجودة في المنطقة، فلما رفض عودة أبو تايه طلب الحكومة العثمانية أرسلت قواتها لتحصيل الضرائب بالقوة الجبرية، وقد أطلق جنديان تركيان النار على عودة الذي نجا بأعجوبة، وقد كرَّ مع فرسان الحويطات على القوة العثمانية وهزمها وقتل الجنديين اللذين أطلقوا النار عليه،
(1)
عرازيل: عناقيد.
(2)
الأشناق: الجهات أو الأركان الأربعة.
(3)
ماذاتي: الرصاص.
(4)
الولايش: الجثث.
(5)
وهذه الرواية مبالغ فيها والحقيقة غير ذلك، فقد ذكر تاريخ شرق الأردن عن هذه المعركة بكل حيادية (ص 324) أن خسائر الطرفين في هذه المعركة كانت قتيل، وأن النصر كان حليف أبو تايه ومن معه من الحويطات، كما ذكر أن هجوم الشرارات أصلًا على الحويطات كان ردًّا على اعتداءات مسبقة عليهم من أبو تايه.
وبقيت الحرب سجالًا بين عودة وجنود السلطان العثماني حتى الحرب العالمية الأولى، وسوف نُفصِّل هذا الموجز عن دوره في الثورة العربية الكبرى مع ذويه من الحويطات.
وقيل أن عودة أبو تايه
(1)
هذا أنه كان في جسده عشرات الإصابات، وقد تزوج ثمان وعشرين مُرّة، وقام بغزوات قرب حمص وحماة وحلب ودمشق حتى نهر الفرات وجمع مالًا كثيرًا اغتنى به أفراد عشيرته من الحويطات، مما أثار عليه حسد القبائل المجاورة والتي هي أقدم من الحويطات مثل بني صخر الجُذَاميين
(2)
، والصخور هم أقوى القبائل حتى ذلك الوقت من أوائل القرن العشرين الحالي، ولكن تكاثر عشائر الحويطات والثراء الفاحش قد جعلهم في مركز قوي وصار الصخور يحسبون لهم حسابًا، وقد بدأت المشاحنات ثم المصادمات العديدة بين الطرفين، وحين بدأ النزاع بين الحويطات والصخور لَمْ تتدخل الدولة العثمانية، وقد اتخذت إجراءات جديدة تتناسب مع أوضاع المنطقة حيث عينت مديرًا عسكريًّا لإدارة وادي موسى والشوبك وكانت في ذلك الحين تابعة لولاية دمشق (سنجق الكرك)، وكانت ديار الحويطات قد امتدت نحو الشمال حتى السواقة أثر مصادمتهم مع بني صخر، ونحو الشرق حتى جبل طبيق وكان يقطنه بنو شاكر وبعض الشرارات الذين اتجهت عشائرهم قرب وادي الجوف، وقسم منها اتجه صوب الغرب وهم العوازل في فلسطين والرماضنة في غور دامية، وقد مارسوا الفلاحة واشتغلوا بالزراعة.
ولهذا فقد تحالف الشرارات مع بني صخر ضد الحويطات الذين قد تزايد توسع ديارهم على حساب غيرهم، ولكن عصبية وتماسك عشائر الحويطات مكنتهم من الصمود ضد خصومهم في ذلك الوقت. ومن أشهر مصادمات الحويطات مع بني صخر هي معركة الطور وكانت في أثر مصادمات متكررة في أوائل هذا القرن العشرين الميلادي، وانتهى ذلك بالصلح بين عنصري الحويطات وبني صخر وصار كلّ منهم على خير ما يرام من الإخاء وحسن الجوار في شرق الأردن.
(1)
ذكر تاريخ شرق الأردن أن عودة أبو تايه قد توفي عام 1927 م.
(2)
بنو صخر ذكرهم ابن خلدون في تاريخه ج 2 ص 254: بنو صخر من طيئ وفي ج 6 ص 7 ذكر منازلهم في تيماء وفي مراجع أخرى مثل تاريخ شرق الأردن أن بلادهم في العلا شمال المدينة المنورة ثم نزحوا للبلقاء في شرق الأردن.
وبمناسبة معركة الطور الآنفة الذكر نظم الشاعر الحويطي (جوَّان المشهوري) قصيدة مطولة نذكر منها تلك الأبيات:
يا راكبًا حرا وضيحان منقَّاه
…
حر منقا بالوصايف عجيبي
مثل الوضيحي لا جفل من معشَّاه
…
ولا كما عرد الظبا المستريبي
خرجة التبوكي وافيًا زين معناه
…
وشداده اللِّي بالزهر ما يصيبي
كزه على ابن جاري لجيت تلقاه
…
ما قال اهلنا جال واحنا عزيبي
مثل الوزير وعسكر العز تبراه
…
متحزم بمطوعين الحريبي
وبني صخر هل المهاره المغَذَّاه
…
وصت لها شيخانها ما تغيبي
وحتن الضحي وثعولها تندفق ماه
…
كبت مطرها في نهار عطيبي
والظهر والله يخلف الراي برياه
…
وجموع ابن فايز تقفي هبريبي
من طاح ما فيه الرجا والمراجاه
…
حامن مرفعات السبيبي
ردوا عليهم ردة الذيب عالشاه
…
واشبع طيور موقعه بالرقيبي
وابن عطية سامعًا بطرياه
…
جتنا فعاله بالنفايل كسيبي
ولي غدير الموت والنار تصلاه
…
لما رموه وإذا حصانه صويبي
يوم أشرهوا طلَّابة الحمد عولاه
…
ثنا عليه اللي يعز الطنيبي
عبطان شوق أبو قرون مدلَّاه
…
سوق الغزال اللي وصوفه عجيبي
أما عن نزاعات الحويطات مع الكيانات الأقدم منهم فنلخِّص التالي:
- (بني عطية) كانت بعض النزاعات بين العنصرين وآخر المصادمات كما ذكر لي هي حرب البرقاء، وتم الصلح بين الطرفين وانتهي النزاع على الأرض فيما بين ديار القبيلتين، وأصبح العطاونة والحويطات في علاقة حسنة يسودها التآخي وحسن الجوار، وخاصة أن هناك الرحم والمصاهرة بين الطرفين لما أشرنا في قصة حويط مع بني عطية في بادية نشأته في العقبة.
- (بلِّي) بالطبع بعد - نماء كيان الحويطات إلى شمال بلِّي القبيلة القديمة كانت هناك مشاحنات آخرها كانت عام 1904 م، وقد استنجد الحويطات في التَهَم بحلفائهم الطوَّرة بجنوبي سيناء المصرية ضد خصومهم من بلِّي، ولما كان الشيخ
موسى بن نصير القرَّاشي شيخ الطوَّرة وقتئذ لَمْ ير مصلحة الطوَّرة في الاشتراك في هذا النزاع، علاوة على تصعيب السردارية في الحكومة المصرية على منع أي قبائل في سيناء بدخول الحجار، أي خارج نطاق الحدود المصرية، أحجم الطوَّرة من تلبية رغبة الحويطات بمد يد العون لهم، واتخذوها حجة بأنهم لا يستطيعون مخالفة الحكومة المصرية في ذلك الوقت، وحزَّ ذلك في نفوس الحويطات لخذلان حلفائهم في وقت الضيق والشدة.
فأرسل الشيخ عليان أبو طقيقة قصيدة طويلة للطوَّرة نذكر منها التالي:
يا راكبًا من فوق حمرا
(1)
طويله
…
ما فوقها إلَّا خرجها والعزالي
(2)
وصيِّتُ للطوري
(3)
حسبته قبيله
…
لقيته حُصني
(4)
لابد في الخمالي
حويطات لا تدنوا علينا الفشيله
…
بخيل وركب مالها أول وتالي
نابي تداوي عله مستطيله
…
من واحد قلَّع عيونه زوالي
يابي
(5)
بكابلنا وحِنَّا نكيله
…
واللِّي يريد الحرب يشبع نكالي
في منتصف داما رجال ذليله
…
يشرب من الحامض ويشي رفالي
(6)
اللِّي يدرج فاطره مع رويل
(7)
…
وإن ربَّعت ثلبه يسوق الريالي
(8)
فرد الطوَّرة بقصيدة على أبو طقيقة شيخ الحويطات نذكر منها:
اللِّي فتح باب الحرب يسدَّه
…
واللِّي يعطي الحكم راعيه!
(1)
الحمراء: الناقة.
(2)
العزالي: ما يحمل الرجل على بعيره.
(3)
الطوري: عشائر الطوَّرة بجنوب سيناء - مصر.
(4)
حُصني: الثعلب.
(5)
نابي: نبقي.
(6)
رفالي: بدون سلاح.
(7)
الرويلة: صغار الغنم.
(8)
ريالي المال مقابل الرعي وتُسمَّى رتاعة.
[حويطات العلاوين في القرن العشرين]
الشيخ العام وحتى الوقت الحاضر لجميع حويطات العلاوين بالمملكة الأردنية الهاشمية هو فيصل بن حمد الجازي
(1)
ومن قبله حمد باشا الجازي.
وفيصل عضو بمجلس النواب الأردني وله مركز مرموق في الأردن.
وعن حويطات الجازي (العلاوين) فكان لهم دور فعَّال إبان ثورة العرب الكبرى ضد الأتراك العثمانيين، وقد ساهموا في تدمير المنشآت التركية والخطوط الحديدية بشرق الأردن، كما كانوا على رأس القوة العربية مع الحلفاء التي اقتحمت مدينة العقبة وقلاعها وحاميتها العثمانية، وقد حُررت العقبة بفضل فرسان الحويطات ومن معهم من عشائر عَنَزة وبني عطية وكان مجموعهم ألفي فارس، وكان عقيد الحويطات عودة أبو تايه الذي بلغ شهرة كبيرة في مذكرات الضابط البريطاني لورنس والذي كان يُسمى لورنس العرب، وقد طبعت مذكراته في إنجلترا وترجمت من الإنجليزية إلى عدة لغات في غربي أوروبا، وقد ذكر لورنس مهارة عودة الحربية وشجاعته وإقدام ذويه من الحويطات في معركة العقبة وتحريرها من الأتراك، وقد ساهم عودة مع ذويه في تحرير القدس وفي فتح دمشق وطرد آخر حامية تركية في بلادنا العربية، وبسقوط الحامية العثمانية في دمشق وهي أكبر معقل لتركيا في الشام كانت نهاية للسيطرة البغيضة وانقشاعها عن ترابنا العربي العزيز، بعد أن جثم هذا الاستعمار العثماني التركي أربعة قرون متسترًا بالدين الإسلامي، وقد تسبب في ضعف الأمة العربية المجيدة عن ركب الحضارة والتقدُّم، وخاصة بعد أن حول مصطفى كمال أتاتورك الخلافة الإسلامية إلى إمبراطورية علمانية فقضى على رابطة الإسلام بين الترك والعرب ومن ثم بَغَضُه العرب وقد ثاروا على الحكام الذين نهجوا نهجه في الأقطار العربية، وقد زلزل الله البلاد التي حكمها الترك في شرق أوروبا بعد تخليهم عن روح الإسلام. وقد أسماهم الإنجليز بالرجل المريض - أي تركيا في آخر عهدها الإمبراطوري - في أوائل القرن العشرين الميلادي.
ولا يفوتنا أن نُسجِّل مفتخرين بأن أول صفعة للأتراك في جزيرة العرب كانت من صقر الجزيرة المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود، والذي كان الرجل الأول الذي تحدى الترك وقاتلهم رغم امتلاكهم الأسلحة القوية ونصره الله
(1)
توفي الشيخ فيصل رحمه الله هذه السنة 1421 هـ/ 2000 م.
وانسحب الأتراك من نجد والإحساء بعد معارك ضارية مع القوات السعودية الباسلة بقيادة البطل الإمام الملك عبد العزيز آل سعود الذي أحيا الدولة السعودية رغم أنف الأتراك ومن والاهم من العرب في نجد، وكان النصر حليف الملك عبد العزيز الذي كان يرفع راية الحق ويعيد المجد للعرب بعد قرون كان الأتراك هم أصحاب السيطرة على مقدساتنا وديارنا الغالية.
[حويطات - التَهَمة بالمملكة العربية السعودية]
الشيخ العام لحويطات السعودية هو (عبد الله بن محمد أبو طقيقة)
(1)
رحمه الله من عشيرة الطقيقات والتي فيها مشيخة الحويطات منذ أمد بعيد.
وقد نزل الكثير من حويطات السعودية إلى الديار المصرية منذ ما يزيد على قرنين ونصف قرن من الزمان، وللحويطات دور بارز ونشاط حيوي مع الوالي محمد علي باشا وأحفاده منذ أوائل القرن التاسع عشر الميلادي وحتى منتصف القرن العشرين الميلادي، وقد كان تقدير محمد علي باشا للحويطات كبيرًا لصدق ولائهم له ضد منافسيه من الغُز المماليك ومن عاون هؤلاء المماليك من الأعراب، ثم زاد إعزازه للحويطات بعد تأييدهم الرسمي والعلني لمحمد علي في بقائه بحكم مصر رغم عزله من السلطان العثماني بفرمان عال من إسطنبول بتركيا في بداية حكمه (أوائل القرن التاسع عشر الميلادي)، وقد تجلَّى أعلى مراتب التشريف لوفد شيوخ الحويطات عندما نزل محمد علي باشا حاكم مصر بنفسه إليهم في إمبابة وهي ما بين القاهرة والجيزة وذلك في عام 1220 هـ، وقد ضرب لهم المدافع تقديرًا وتحية وإجلالًا لموقفهم ومؤازرتهم له، ولأنه كان في حاجة لفرسان البادية شديدي المراس مثل الحويطات الذين لعبوا دورا هاما مع قواته في الصحراء الشرقية وغيرها، وقد أقطع محمد علي باشا عائلة الشدايدة (عشيرة الموسة) أرضًا كبيرة في محافظة القليوبية من أجود الأراضي الزراعية في الديار المصرية، واعتبر ابن شديد
(2)
عُمدة الحويطات في بر مصر كلها، وقد جعل تقاربه إلى محمد علي أن
(1)
وقد توفاه الله عام 1995 م - 1415 هـ وتولى ابنه الأكبر عون مكانه في المشيخة بموافقة الحكومة السعودية.
(2)
ابن شديد ذكر في تاريخ الجبرتي في مصر، (وهو من أوائل الحويطات في مصر نزلها حوالي عام 1105 هـ) وأقطع أرضًا كثيرة قرب السويس باعها أولاده. وقد منح الشيخ منصور شديد مائة فدان ناحية الصالحية وأجهور الصغرى بالقليوبية. وفي سنة 1240 هـ/ 1824 م صدر أمر بإعفاء الشيخ شديد من الضرائب على 148 فدان يزرعونها في صنافر وكفر أبو جمعة بالقليوبية.
اعتبره من بلاء مصر، وقيل لي رواية
(1)
أن شديدًا كان لقبًا وليس اسمًا لجد عائلة الشدايدة من عشيرة الموَسة، وملخصها أن جدهم ذهب إلى محمد علي في القلعة ممتطيًا فرسه، فلما رآه الوالي قال له: أنت رئيس عرب حويطات؟ قال: نعم في بر مصر فقط وبر الحجاز أبو طقيقة، قال: يعني أنت شديد؟ قال نعم يا حضرة الوالي شديد، ورفع يده قابضًا إياها ليؤكد ذلك، وقد أُطلق عليه اللقب بعد ذلك في مصر وصار أولاده يسمون الشدايدة وتوارثوا العُمديَّة
(2)
على الحويطات، وكان منهم متصرف في الأمور التجارية بميناء السويس مع حويطات التَهَم بالمملكة العربية السعودية وبالتعاون مع أبو طقيقة الشيخ العام.
ومن عائلة الشدايدة أعضاء في مجلسي الشعب والشورى المصريين ومنهم رجال بارزون في الحكومة المصرية، كما يوجد رجالات من عائلات أخرى من الحويطات كموظفين في الدولة المصرية.
ومن أقدم الفخوذ النازلة من بر الحجاز بالمملكة العربية السعودية إلى الديار المصرية هي فخوذ الموَسة مثل العِمَّاني والهليْمي إلى جانب فخوذ من العمران مثل السياحة والحميدات، وكذلك فخوذ من السلالمة والطقيقات والجواهرة وغيرهم قد نزلوا تباعًا من جميع العشائر بالتَهَم، وكان الحويطات يشاركون في سلاح الفرسان المصري أيام محمد علي وقد قُتل كثير منهم في معارك الجيش المصري خارج وداخل مصر، ولا تزال رفات الفرسان الذين قتلوا من الحويطات قابعة في مقابر
(3)
قيتباي في القاهرة قرب قلعة صلاح الدين الأيوبي التي غيَّر اسمها محمد علي
(1)
هذه الرواية غير صحيحة نفاها بعض كبار عائلة شديد وقالوا: إن شديد الموسي اسم لجدهم المؤسس وجاء منذ ثلاثة قرون لمصر وسكن القليوبية. وقد ثبت بوثيقة عثمانية أن شديد بن مرعي شيخ الحويطات توفي قبل محمد علي باشا بنصف قرن.
(2)
في مناسبة افتتاح جامعة الدول العربية عام 1945 م قام كبار شيوخ الحويطات بزعامة عمدة الحويطات وعائلته من الشدايدة في القليوبية بتشريف كبير لصقر الجزيرة العربية المغفور له جلالة الملك عبد العزيز آل سعود في أول زيارة له لمصر عام 1365 هـ/ 1946 م، وقد عمل له صيوان وسرادق كبير، وقد احتفل الحويطات بذبح مئات الإبل والأغنام وتجميع الخيول والفرسان وتقديم التحية للزعيم العربي السعودي، وقد صحب حينئذ الملك فاروق الأول ملك مصر الضيف الكبير إلى مقر الحفل في صحراء بلبيس بالشرقية وكانت بهجة كبيرة لدى الحكومتين المصرية والسعودية بهذه المناسبة التاريخية، وقد شاركت أيضًا قبيلة الهنادي إلى جانب الحويطات في هذا الحفل الكبير.
(3)
عاينت بنفسي قطعة رخامية تغطي مقبرة في قيتباي من أيام محمد علي باشا طولها متر وعرضها متر نُقشت عليها أسماء فرسان من الحويطات قُتلوا في معارك الشام والسودان مع الجيش المصري وأغلبهم من (عشيرة الموسة).
وأسماها باسمه، وهذه المقابر تشهد لعنصر الحويطات الفعَّال في تاريخ مصر الحديث.
وكان بدو الحويطات من سكنوا الصحراء الشرقية لمصر يشتهرون باقتفاء الأثر ويساهمون مساهمة فعَّالة مع سلاح الحدود الذي ظهر فيما بعد في عهود أحفاد محمد على باشا، كما كان يملك الحويطات الإبل الأصيلة التي جلبوها معهم من الحجاز بالمملكة العربية السعودية، وما زال الحويطات في البوادي المصرية يملكون الإبل والأغنام الكثيرة وغير ذلك ممن مارس الفلاحة والزراعة في الأرياف المصرية والقليل من تحضر في المدن على رأسها القاهرة والسويس وبلبيس وحلوان والجيزة وقليوب. وكان عرب الحويطات من أقوى وأحب البادية إلى قلب محمد علي باشا وخصوصًا لمؤازرتهم القوية له في بداية حكمه ضد منافسيه الأقوياء من المماليك بقيادة الألفي بيك ومن عاونه من قبائل بلِّي والعيايدة، وقد استطاع محمد علي أن يطيح برءوس المماليك
(1)
جملة واحدة وفي يوم واحد في مذبحة القلعة الشهيرة التي دبرها لهم بعد أن جمعهم في حفلة وجردهم من سلاحهم، ولم ينج سوي ملوك واحد قفز بجواده من فوق القلعة فمات الحصان ونجا هاربا إلى الصعيد أو لجأ إلى الأعراب في الصحراء المصرية، وبعد هذه الحادثة اندثر المماليك من مصر إلى الأبد. ولذلك لَمْ ينس محمد علي وقفة الحويطات معه في بداية تدعيم حكمه لمصر وكان مخلصًا بالمقابل معهم، وأبسط مثل من الوفاء هو أنه في عام 1221 هجري حدثت مشاحنة ما بين جماعة من الحويطات وأخرى من العيايدة بنواحي الخانكة بمحافظة القليوبية، وبعد أن انقطعت السُّبُل بين الطرفين وبدأ القتال بينهما وعلم شيخ البلد بذلك أسرع محمد علي باشا والي مصر بنفسه بعد أن وصله
(1)
يقول الرواة من الشدايدة من أبناء على نصار صالح شديد (عشيرة الموسة) في جزيرة النجدي بالقليوبية أنهم أقدم الحويطات في الديار المصرية، ولما سكنوا حول ولي الله محمد النجدي أيام المماليك وقد طلب الشواربي مساعدتهم ضد خصومه المماليك في قليوب، والشواربي من الأحامدة من سُلَيم وهم ضمن قبيلة حرب في الحجاز، وقد انتصر الحويطات بقيادة ابن شديد على فرسان المماليك وأوقعوا بهم بالتعاون مع فرسان الشواربية فزادت شهرتهم. ولما جاء محمد علي للحكم في مصر عام 1805 م استقطب الحويطات وطلب كبار الشدايدة وأعطاهم حوضا من الأرض بنواحي الجزيرة ثم تكاثروا وانتقل منهم قسم إلى أجهور الصغرى في القليوبية، فلما استمروا في مؤازرة محمد على باشا أقطعهم عدة أحواض بلغت ما يناهز أربعة آلاف فدان من أجود الأراضي الزراعية، وقد تصدر الشدايدة من ذاك الوقت زعامة الحويطات في مصر.
الخبر إلى تجهيز قوة عسكرية ونزل العدلية
(1)
للتدخُّل إلى جانب الحويطات، ولكن زعماء مصر وعلى رأسهم عمر مكرم
(2)
قد دخلوا بسرعة للصلح بين العربان حرصًا على دمائهم؛ ولأن. البلاد المصرية في حاجة إليهم، ولما نجحت الوساطة المصرية من كبراء البلد وبعض شيوخ الأزهر أمر محمد علي بسحب قواته من العدلية إلى القلعة.
وهكذا عبَّر والي مصر تعبيرًا جميلًا للوفاء بالجميل مع عرب الحويطات الذين قد أصبح رصيدهم لدى محمد علي وأحفاده من بعده يكبر، وصار صيتهم في الأوساط الشعبية يشتهر، وذلك لمساهمتهم القوية والفعَّالة على مدى عشرات السنين إبان القرن التاسع عشر الميلادي وذلك في بناء إمبراطورية مصرية عربية قوية حتى جاء الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 م، وهكذا كما ألمحنا بتلخيص مُبسَّط لدور الحويطات المُشَرِّف في تاريخ مصر والمجتمع العربي، وهذا عهد الحويطات دائما سبَّاقين لخدمة أمتهم العربية المجيدة في الجزيرة العربية وخارجها، وسيظل تاريخهم ناصعًا يشرف كلّ حويطي عبر الأجيال الحاضرة والمستقبلة.
حويطات سيناء المصرية
كما قلنا في بداية نماء الحويطات في العقبة وبعد تكاثرهم في تلك المنطقة انتقل قسم منهم إلى جنوبي الأردن وهم العلاوين وقسم آخر على ساحل خليج العقبة، وقد نزح قسم كبير من الحويطات بطريقة تدريجية منذ أوائل القرن الثاني عشر الهجري إلى الديار المصرية وخاصة من حويطات الساحل المسعودي بشمالي غرب الجزيرة، وتوطَّن أغلبهم في القليوبية وحول القاهرة وبعضهم أقام في وسط وغرب سيناء. ومن أشهر الفصائل في سيناء من عشائر الذيابين والدبور والعبيات والموسة والقرعان والجرافين وقد حالفوا الترابين والأحيوات والطوَّرة، وذكر نعوم شقير أن شيخهم عام 1914 م كان مسلم أبو نار.
والحويطات في سيناء هم أحدث عنصر قَبَلي هناك، وكانوا يحرسون القوافل التجارية ويقومون بنقل الحجاج مقابل مخصص مالي كان يأتيهم من باشا مصر
(1)
العدلية في العباسية بالقاهرة حاليًا.
(2)
عمر مكرم كان نقيب الأشراف بمصر.
محمد علي وأحفاده خلال القرن التاسع عشر للميلاد وحتى أوائل القرن العشرين.
وذكر الرحَّالة بركهارت الحويطات في سيناء
(1)
فقال:
"إن قافلة الحويطات التي كانت تسير بين بلاد الحجاز حتى العقبة ثم إلى مصر كانت تتجاوز أربعة آلاف جمل، إضافة إلى ما يتبعها من الأغنام التي تُنقل من البلاد الحجازية وجنوب الشام (الأردن وفلسطين) إلى الديار المصرية، وكان هؤلاء البدو من الحويطات يعودون إلى ديارهم يحملون الملابس والكشمير والحبوب والذرة إضافة إلى حملهم الحجاج في المواسم". انتهى قول بركهارت.
وقد ضايق خلفاء محمد علي باشا عرب الحويطات في وادي النيل وأرغموا الكثير من فصائلهم على الاستقرار في الأرياف المصرية وممارسة الزراعة والفلاحة، ولكن أغلب الحويطات في مصر كانوا دائمًا يميلون إلى حياة البداوة وممارسة رعي الإبل والأغنام والعيش في الصحراوات المصرية بالقاهرة وحلوان وبلبيس، وكان هدف أحفاد محمد علي من حكام مصر وقتئذ هو تسخير قبيلة الحويطات في خدمة الدولة كما كان يفعل محمد علي باشا وهذا من خلال تجميع هؤلاء العربان في القرى والأرياف ليسهل السيطرة عليهم، وهذا ما كان ينفر منه الحويطات وخاصة بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 م، ومن ثم سيطرة المندوب السامي البريطاني (القنصل) على الخديوي توفيق وما تلاه من الخديوية أو السلاطين أو الملوك من أحفاد محمد علي.
(1)
وقال نعوم شقير في تاريخ سيناء.
كان للحويطات جعل يُدعى الفرش وهو رطل عن كلّ ما يباع في سوقي نخل والعقبة، وكان دليل الحاج المصري من الحويطات.
نبذة عن فصائل الحويطات في مصر
توجد تجمُّعات من الحويطات
(1)
في الديار المصرية ويملك أغلبهم الأراضي الزراعية والعقارات ومنهم الكثيرون من الأثرياء وخاصة حويطات السعودية، أما حويطات العلاوين بالأردن فيوجد منهم أسر قليلة متفرقة في القاهرة والقليوبية عدا عشيرة كبيرة من العلاوين في مركز فاقوس بالشرقية سيأتي التفصيل عنها.
* وفي السويس أشهر الحويطات هم الدبور وكذلك بعض الغناميين والسليميين والعميرات والعبيات والموسة والفحامين والقرعان.
* وفي الإسماعيلية فصائل أخرى أشهرها القرعان والصريعيين والسليميين والشوامين والذيابين.
* وفي الشرقية يوجد تجمُّعات عديدة في بلبيس وخاصة في حجرة بلبيس شرق الحلوة (ترعة الإسماعيلية) وفي برشاق وبساتين بركات وشرق أبو حماد وأكثرهم من الصريعيين والسلامة والسليميين والغناميين والشواميين.
* وفي القليوبية يوجد تجمُّع للحويطات في جزيرة النجدي وأجهور وحول قلما وبهتيم وقها وغيرها أغلبهم من الموسة الفحامين والعبيات والقرعان والغناميين والمشاهير والرقابية والجواهرة والطقيقات والعمران والجرافين.
* وتوجد تجمُّعات في حلوان وقرى غمَّارة مركز الصف جيزة أغلبهم العميرات والغناميين، وفي الصعيد جماعات من القرعان والعمران في جرجا والبلينا والمنيا.
* وحول القاهرة في البساتين وحي السلام وعين شمس وعزبة النخل توجد فصائل كثيرة من الحويطات أغلبهم قد تَحضَّروا ولكنهم يحافظون على عادات
(1)
ذكر أحمد لطفي السيد عام 1935 م أن الحويطات منهم في المنوفية. قلت: ولا يوجد منهم إلَّا في أشمون جريس فقط، ومن أشهر رجالات الحويطات في عزبة أبو صلاح مركز أشمون أذكر الأستاذ الفاضل/ ماهر الحويطي مدير إدارة البورصات بالهيئة العامة المصرية لسوق المال بالقاهرة وأخوه المهندس/ محمود الحويطي، وأهم ما يلفت النظر في هذه العائلة هو تمسكها باسم الحويطي وهذا يدلُّ على عراقة ونبل هذه العائلة الكريمة من عشيرة الغناميين في المنوفية بالديار المصرية، وقال أحمد لطفي: من الحويطات في الصعيد حوالي 2405 وأن منهم فرقًا في الفيوم والغربية أيضًا.
قلت: وهناك بعض الحويطات توطنوا في شمالي السودان وقد هاجروا إليه من صعيد مصر وأغلبهم عمران وقرعان.
ولهجة البدو للآن، وأشهرهم القرعان والعبيَّات والموَسة والفحامين والسلالمة والسليميين والصريعيين والجواهرة والقبيضات والطقيقات والرقابية والمشاهير والعمران والغناميين والذيابين.
ولقبيلة الحويطات ديار صحراوية تحت مسئولية مشايخ عشائرها رسميًّا أمام الحكومة المصرية من أيام محمد علي باشا، ولعشائر الحويطات حق المنافع في محاجرها وحراسة ما يُستجد من منشآت فيها، ومثبت في خرائط المساحة المصرية مربَّع قبيلة الحويطات الصحراوي في الصحراء الشرقية ما بين البحر الأحمر ووادي النيل، وهي من ناحية الجنوب (من الغرب إلى الشرق) تبدأ غربًا من وادي حوف شمالي خلوان حتى عين السخنة على خليج السويس، أما من ناحية الشمال (من الشرق إلى الغرب) فتبدأ من جبال فايد على قناة السويس وتمتد غربًا بخط مستقيم حتى مصر الجديدة ثم ترد على خشم جبل المقطَّم.
(أ) عشائر كبيرة من الحويطات في قرى مصر في الجيزة والشرقية والقليوبية:
1 -
الكريِّمات:
وهي بلدة في آخر حدود محافظة الجيزة من الجنوب تقع شمال بني سويف على ضفاف نهر النيل، وبها عشيرة كبيرة تنسب إلى العمران الحويطات وقد تكاثروا في تلك البلدة والتي كانت تُسمى الكلبية حتى عام 1228 هـ وسميت فيما بعد بالكريمات.
ويؤكد كبار الكريمات أنهم منسوبون إلى جدهم كريِّم العمراني من الحويطات الذي كان مع إخوة له متجهين إلى الصعيد للتجارة، وكان ذلك قبل قرنين ونصف القرن وكانت جماعتهم من العمران يسكنون القليوبية وما زالوا حتى الآن، وقد ظل كريِّم في تلك النواحي ينتظر إخوته أو رفاقه، وصادف أن توقف مركب لإحدى محظيات أحد أمراء المماليك فطلبت الزواج منه فتزوجها وسكن تلك الناحية، وعقب أولادًا منها وتناسلوا وسميت القرية باسم مؤسسهم كريِّم فقالوا (الكريِّمات)، وكانت هذه القرية وما بها من عرب تابعين لعُمديَّة ابن شديد الحويطي في أجهور بالقليوبية وحتى عهد قريب.
2 -
التوايهة:
عشيرة كبيرة من حويطات العلاوين وأصلهم من عشيرة الصوالحيين
(1)
ونُسبوا لعقيد الحرب للحويطات أبو تايه فسموا توايهة في مصر. وقد نزل جدهم نصار العلواني الحويطي وأخوه زيادة قبل قرنين ونصف القرن في القليوبية بالديار المصرية قادمًا من الأردن، وقد جاور نصار العلواني وأخيه زيادة عائلة ابن شديد في قرية أجهور الصغرى وسكنوا مدة من الزمن وعقبوا أسرة، ثم حدثت مشاجرة معهم فقرروا الجلاء بموافقة عمدة الحويطات ابن شديد وسكنوا الشرقية في منطقة السعديين، وأقاموا في منطقة أبو الروس التابعة لمركز فاقوس ثم سموا أنفسهم التوايهة بدلًا من اسمهم الأول الصوالحيين من العلاوين لظروف جلائهم من دم كان عليهم، وظل الود متصلًا بينهم وبين ابن شديد عمدة الحويطات في أجهور حتى الآن، وقد ظلوا تابعين لعُمديَّة الحويطات وكان ابن شديد يحضر لهم في الشرقية بصفة مستمرة، كما زارهم عدة شيوخ من حويطات العلاوين بالأردن آخرها زيارة الشيخ عبطان العلواني منذ 130 عامًا وقد تكاثر
(2)
التوايهة في قرى سوادة (السعديين)، ويملكون أراضي زراعية يمارسون الزراعة في تلك المناطق وتبلغ تسعة وتسعين عزبة وقرية وكفر، وشيخ العشيرة في الوقت الحاضر سلامة محمد نصر الله خليل وقد توفي رحمه الله عام 1999 م.
ومن مساكن التوايهة الآن غير قرى السعديين (أبو شلبي) أذكر تل أبو الروس
(3)
والزغاوة والحمادة الصغيرة، ومنهم بعض الأسر في قرية سرابيوم بالإسماعيلية وكبيرهم عبطان حسن حسين، وقد ذكر الرواة أن العشيرة مكونة من ذرية حسين ومحمد أبناء صالح بن جويفل بن نصار علاوة على ذرية زيادة أخي نصار، وهذه العشيرة تحافظ على سلالتها العربية وقد صاهروا عشائر الطقيقات
(1)
يطلقون على أنفسهم في مصر إخوان صالحة هي جدتهم المسماة باسمها العشيرة وهي أخت صالح جد الصوالحيين في الأردن من حويطات العلاوين.
(2)
روي لي عبطان حسن حسين صالح جويفل نصار العلواني والحاج سلامة محمد نصر الله خليل عبد الرَّحمن حسن نصار العلواني أن عدد التوايهة (العلاوين) في مصر في منطقة السعديين يناهز عشرين ألفًا من ذكور وإناث، وهذا قول مبالغ فيه كثيرًا وهم أقلّ من ذلك بكثير.
(3)
تل أبو الروس: كان في الأصل بركة ماء يرتادها الصيادون وكان أجداد التوايهة من العلاوين وجدهم حسين صالح حتى أوائل هذا القرن يأتي بتجارة الإبل من عُقيل الشام وكان معه عبده بريج وذريته الآن البريجات، وكان بضع الإبل في تل الروس فسميت المناخة نسبة إلى أنَّها مناخ او مبرك للإبل، والبريجات تابعين للحويطات العلاوين ومن عاداتهم أنهم يأخذون رضاوة الزواج وهي مبلغ مالي يدفع لهم إذا تزوجت فتاة خارج العشيرة.
والعبيات من الحويطات والعكفان من الأحيوات والقديريين من العيايدة والجهمة من الترابين والطوَّرة والمعازة وغيرهم.
3 -
أبو عليّن:
هذه العشيرة هي أقلّ كثيرًا من التوايهة (الصوالحيين) من حيث العدد، ولكنها العنصر الثاني الذي يمثل حويطات العلاوين في مصر. ومن المؤكد أن نزول أجداد آل عليّن من حويطات الجازي العلاوين في جنوب الأردن قبل قرن ونصف قرن من الزمان، وهم صالح وسليمان وخضر أبناء عليّن وقد استقروا في نهاية الأمر في قرى القليوبية منها جزيرة النجدي وسهرة. ويؤكد رواتهم على رأسهم سليمان بن محمد أبو عليان أحد كبارهم والقاطن في عرب الجسر بضواحي القاهرة مع بعض الأسر من أبي عليان أن قدوم أجداده من الشام (من بادية حويطات الجازي) كان أيام الخديوي عباس، وقد انضم إلى أولاد عليان في رحلتهم عدة رجال جاليين من ثارات ودماء في عشائرهم، وهم سويلم وأخيه ناصر وهم من عشيرة الزلابية وأصلها من عَنَزة ودخلت في الحويطات (العلاوين)، وانضم لهم خليل أبو داغر وأخيه موسي من عشيرة العليين من قبيلة بني عطية المعازة، وكذلك أبو دوابة من عشيرة الصانع من قبيلة الترابين.
وهكذا صارت منهم عشيرة قوية يرأسهم أبو عليان الجازي العلواني الحويطي، وبعد فترة انضموا ومن معهم إلى عُمدية قبيلة الترابين في جنوب الجيزة بمصر لظروف اضطرتهم إلى ذلك، وقد حدثت حوادث خطيرة من هؤلاء البدو المشاغبين في أرياف وقرى القليوبية، وقبض على بعضهم أيام الخديوي عباس ومن جاء بعده، وقد أودع أغلبهم في الليمان وحُكم على بعضهم بالنفي إلى الوادي الجديد (الواحات)، ومن ثم أطلق على هذه الجماعة (المذنبين) - من قِبَل السلطات وقتئذ - وتحرَّفت إلى الزوانية بمرور الوقت؛ وهم يمثلون عائلات الرباعنَة من جدهم سويلم ولُقِّب ابنه بأبي ربع وهو مؤسس عائلتهم؛ ويقال أنه أكل ربع كيلة عجين دقيق) وهو طفل ولُقِّب هكذا؛ وكذلك أولاده، وعائلة النواصرة من ناصر أخي سويلم المذكور، وعائلة الدواغرة من خليل أبو داغر وأخيه موسى، وعائلة الدوابات من أبو دوابة، وقد تصاهروا وتحالفوا تحت اسم الزوانية رغم اختلاف أصولهم إلى عدة قبائل عربية كما أسلفنا، وأكثرهم في جزيرة النجدي وسهرة بالقليوبية.
وعائلة أبو عليان التي أصبحت في شكل عشيرة في الآونة الأخيرة منهم أفراد بلغوا درجة عالية من التعليم وتقلدوا وظائف مرموقة في الدولة المصرية، ومنهم الأساتذة والمهندسين والضباط، وأذكر منهم الدكتور سيد سليمان محمد مدرس اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس، وإخوانه محمد سليمان رائد شرطة، وصالح سليمان بالخارجية، وعصام بالسياحة، وأذكر من كبار العائلة في القاهرة عبد السلام عبد العزيز أبو طالب عليان تاجر سيارات وصاحب توكيل ألبان جُهَيْنة، وكان والده رحمه الله شيخ العشيرة، ومن رجالات أبو عليان في القليوبية أذكر صالح نعيم مستشار قانوني، وسيد نعيم بوزارة الخارجية.
(ب) شيوخ وعُمَد وبعض رجالات الحويطات في مصر:
1 -
الموَسة والفحامين:
العُمديَّة لقبيلة الحويطات في الديار المصرية من فخذ العمَّاني من الموَسة في عائلة الشدايدة من أولاد شديد بن مرعي بن نصر
(1)
، ويسكن قسم منهم في قرية أجهور الصغرى وما حولها وهم أبناء إبراهيم بن نصر
(2)
بن مرعي بن شديد، وقسم آخر في جزيرة النجدي وهم أبناء على وأخيه عبد الكريم ابني نصار بن صالح بن شديد وكلتا القريتين في محافظة القليوبية، كما يوجد فرع آخر من شدايدة أجهور في العياط بالجيزة أذكر منهم العميد شديد حسن شديد، وأذكر من رجالات الشدايدة الذين توفاهم الله وكان لهم شهرة: سعد بيك شديد، وعبد الكريم بيك شديد، وإسماعيل بيك شديد، وفهمي بيك شديد، واللواء محمود شديد، والسابق ذكرهم من شدايدة أجهور. وأذكر من شدايدة جزيرة النجدي الشيخ علي صالح شديد وكيل عموم قبيلة الحويطات وكان قاضيًا مشهورًا
(1)
ومرعي بن نصر العمَّاني الموسي هو أول شيخ للحويطات في مصر، قدم إلى القليوبية من بر الحجاز من منطقة شغب وأشواق قبل 320 عامًا وله من الأبناء شديد وهزاع وحسان؛ وذلك ثابت بوثائق عثمانية وعربية، ونصر العمَّاني هو ابن فحيمان بن هندي بن موسى الأصغر ابن عمرو بن غالي بن موسى الأكبر ابن عيد بن سويعد بن حويط من الأشراف.
(2)
نصر بن مرعي بن شديد ذكره الجبرتي في تاريخه قبل حكم محمد علي شيخ الحويطات، وقد عاصر الحملة الفرنسية وكان عاصيًا لنابليون بونابرت ثم صالحه قبل غزو الفرنسيين للشام وألزمهُ بحمل المؤن على الإبل للجيش الفرنسي. ونصر هذا مسمى على اسم جد جده مثل والده مرعي المُسمَّى على اسم جده (والد شديد) وهو مرعي بن نصر القادم من شمالي الحجاز قبل ثلاثة قرون ونيف.
في قبائل العرب في مصر والأردن، ومحمد عبد العزيز إسماعيل شديد عُمدة العرب في الجزيرة وقرية السد وما حولها من العزب والقري، ومن رجالات الشدايدة الحاليين بجزيرة النجدي مركز قليوب أذكر عمدة قبيلة الحويطات فيصل
(1)
ابن الشيخ علي محمد صالح علي نصار صالح شديد رحمه الله وكيل القبيلة العام، واللواء مهندس محمد مصطفي صالح شديد
(2)
نائب رئيس الهيئة القومية للإنتاج العربي، واللواء عبد الرَّحمن مصطفي حالح شديد عضو مجلس الشورى المصري، وسلامة مصطفى شديد آمين الحزب الوطني في قليوب، والعمدة إبراهيم محمد عبد العزيز شديد عمدة جزيرة النجدي والسد وما حولهما من العزب، وأخيه أحمد محمد عبد العزيز من الأعيان، وشديد سيد صالح شديد من أعيان القليوبية، ويحيى دسوقي صالح شديد، والعقيد مهندس فاضل يحيى دسوقي، ورأفت يحيي شديد مدير عام بالسياحة، وصلاح عبد الفتاح شديد كبير فرع عبد المطلب الشدايدة، وصادق علي حسن شديد من الأعيان، ومحمد أحمد صالح شديد وكيل قبيلة الحويطات، والمحامي أحمد مصطفى أبو طالب شديد، والدكتور مجدي شديد صالح شديد وشقيقه المهندس حسين شديد رجل أعمال، وعبد الرَّحمن أحمد صالح شديد، صاحب شركة توريدات ودعاية وإعلان، وسمير علي صالح شديد، وسيد علي صالح شديد، ومحمد علي صالح شديد، وجمال علي صالح شديد؛ والسابق ذكرهم من الأعيان وكبار الموظفين وهم أبناء الشيخ علي صالح وكيل القبيلة رحمه الله وأشقاء الشيخ فيصل عمدة الحويطات. ومن عزبة الشدايدة في أبي جابس أذكر اللواء شديد إبراهيم شديد رحمه الله، واللواء مصطفى محمد شديد، والعميد مصطفي طارق شديد، والرائد عبد الحميد سيد عبد الحميد شديد. ومن شدائدة جزيرة النجدي الكثير من الأعيان والرجالات الذين تقلدوا وظائف ومناصب كبيرة في الدولة ولا يتسع المقام لحصرهم.
ومن شدايدة أجهور أذكر اللواء محمد حسن شديد رحمه الله والمدرس السابق بكلية الشرطة ونائب محافظ القاهرة سابقا وكبير قضاء مجالس التحكيم
(1)
وقد رُشح الشيخ فيصل في شهر مارس 1997 م - ذي القعدة 1417 هـ من كبار وشيوخ الحويطات كعمدة للقبيلة رسميًّا وذلك في حفل كبير في ضيافة أولاد شديد بجزيرة النجدي بالقليوبية.
(2)
والدته حرم مصطفي صالح شديد رحمه الله من عائلة الغواص من الأشراف من نسل موسي الكاظم، ومقرها بقرية الدير - مركز طوخ بالقليوبية، وهي أيضًا والدة عبد الرَّحمن مصطفى شديد، وسلامة مصطفى شديد.
للعربان وأولاده الدكتور الجراح نبيل محمد حسن شديد، والعميد شرطة سعد محمد حسن شديد. وعبد الرَّحمن إسماعيل بالأزهر وكان والده إسماعيل بيك شديد رحمه الله عمدة الحويطات، ومحمود راغب شديد وكيل وزارة بالتعليم، ونادي شديد مدير عام بالسياحة، وسمير أحمد شديد مفتش بالتعليم، والمهندس محمد علي شديد، وعبد الحميد شديد وكيل وزارة بالتعليم.
وعائلة الشدايدة بأجهور بها نسبة كبيرة من المتعلمين قد نالوا مراكز أو مناصب في الدولة المصرية لا يتسع المقام لذكرهم جميعًا، وقد توطن أغلبهم في القاهرة والجيزة وعددهم كبير وبعضهم ما زال له أراض زراعية في منطقة أجهور وقرنفيل بمركز القناطر الخيرية بالقليوبية.
ومن فخذ العِمَّاني
(1)
أيضًا من فرع هزاع بن مرعي بن نصر في مصر أذكر من رجالاتهم السابقين الذي توفاهم الله إبراهيم هزاع مرعي كان من شيوخ الحويطات في القليوبية أيام الحكم العثماني، وسعد بن إبراهيم وأولاده وقد اشتهر منهم أحمد محمد محمد سعد، وعبد الرَّحمن محمد محمد سعد.
ومن رجالاتهم الحاليين محمد إسماعيل أحمد محمد محمد سعد ضابط بالقوات المسلحة وابنه أحمد إسماعيل ماجستير في القانون ويقيم بجزيرة النجدي، ووالده إسماعيل أحمد محمد محمد سعد رحمه الله كان من كبار العمَّانية، والشيخ محمد والشهير بحماسة ابن عبد الرَّحمن محمد محمد سعد شيخ عزبة عبد النَّبِيّ راشد بمركز قليوب ونائبًا لعمدة السد وجزيرة النجدي (ابن شديد)، وابنه كرم محمد عبد الرَّحمن محاسب بشركة أبو ستة لبراءة الاختراعات في السعودية واليمن، وحسين كمال أحمد محمد محمد سعد بمجلس الدفاع الوطني، وسلامة محمود حسن وهو كبير العمانية الساكنين في عزبتي عثمان ورستم بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، وابنه محسن سلامة مبرمج كمبيوتر في جامعة الدول العربية.
ومن أولاد حسان بن مرعي بن نصر العمدة درويش مرعي عمدة أجهور الصغرى مركز القناطر وكبير المراعوة في أجهور وأبناء عمومتهم الحسانية في قرنفيل بمحافظة القليوبية.
(1)
من العمانية عائلات في القليوبية وشبرا الخيمة وشبرا مصر، وكان لهم مشيخة الموسة في الحجاز قبل ثلاثة قرون، وكانوا يأخذون الرتاعة في الفراعة وحرَّة الرها من الفواضلة (بلِّي) ومن المدامية والمصابحة (بني عطية) حتى أوائل القرن العشرين.
ومن عشيرة الفحامين من الموَسة في مصر أذكر شيوخها السابقين عبد الله أبو حسين، ومِشْرف سعيد أبا لقاح رحمه الله وتولى ابنه عيد بن مشرف مشيخة الفحامين وعموم الموَسة في الصحراء الشرقية للقاهرة.
كما أذكر من العائلات العريقة من فخذ الهليمات من الموَسة في شبرا مصر عائلة رشيد نصار؛ ومن أعلامهم الدكتور محمد حسن محمد شديد رشيد نصار بوزارة الدفاع في دولة قطر حاليا، وابن عمه شريف عبد المنعم محمد شديد المحاسب بالجهاز المركزي للمحاسبات بالقاهرة.
2 -
القُرعان:
الشيخ العام عوده سلامة لويفي ولقبه المهيميم من فخذ البراهمية، وهو من كبار الأعيان ومن شيوخ الحويطات البارزين في الديار المصرية ومسكنه عزبة النخل بالقاهرة. وابن أخيه عواد هليل سلامة (ليسانس حقوق) ومن رجال الأعمال، وإخوانه سالم هليل وأحمد هليل أصحاب مدارس الهلال في عين شمس والمرج بالقاهرة، ومسلم هليل من الأعيان.
وأذكر من شيوخ القرعان من فخذ ذوي عتيق في سيناء إبراهيم عواد مبارك، وكذلك إبراهيم هويمل من الأعيان المعروفين في حجرة بلبيس بالشرقية.
كما أذكر من كبار فخذ الضباع في عرب العراقي بالقليوبية الشيخ عودة أبو ناصر رحمه الله من النواصرة وعائلته لها شهرة في عشيرة القرعان بمصر. ومنهم سمير سليمان أبو ناصر مدير عام بنك التعمير والإسكان فرع العبور شرق القاهرة وهو من المهتمين بتراث القبيلة، وعبد الله أحمد أبو ناصر رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للسلع الغذائية بالقاهرة.
3 -
العميرات:
الشيخ العام عيد محمد الشهبي مقره في عزبة الوالدة بحلوان.
4 -
الطقيقات وعموم الرَّيشة:
الشيخ العام محمود أبو طقيقة ويتولى مشيخة عشائر الرَّيشة من الطقيقات والرقابية والذيابين والمشاهير والجواهر ومسكنه عرب الجسر بالقاهرة، والشيخ
سيد بيومي عواد أبو طقيقة في شرقي بلدة قلما قليوبية وأخيه العميد سابق بالمخابرات العسكرية باب الله بيومي وابنه طارق باب الله بيومي نقيب بمباحث قليوب، كما أذكر من رجالات الطقيقات أيضًا في شبرًا مصر الشيخ سيد سويلم رحمه الله وإخوانه حسين سويلم ومحمد سويلم أصحاب مصانع سويلم للمواسير.
ومن الجواهرة سويلم سعد الشيخ مدير تأمينات بالقليوبية وأخوه سعد الشيخ - مقاول.
ومن الرقابية عيد أبو سمارة وإخوانه في نواحي سنديون بالقليوبية.
5 -
القبيضات:
الشيخ العام سليمان الأشيهب ومقره عرب القبيضات بحي السلام بالقاهرة، وابنه محمد سليمان الأشيهب من رجال الأعمال، ومن شيوخ القُبيصات القدامي في مصر أذكر أيضًا ابن جاسر.
6 -
الشوامين:
الشيخ العام حماد أبو فاضل مقره بلبيس محافظة الشرقية، ومن شيوخهم أيضًا في الشرقية سويلم بن فاضل.
7 -
العُبَّيات:
فيهم عدة شيوخ لفروعهم الأول سليمان أبو شعور للمقيمات بحي السلام بالقاهرة، والثاني ظويعن اللهيب للشعيِّرات، والثالث سُلَيم بن عتيقة للضيَّطة والأخيرين في السويس وسيناء.
8 -
العمران:
الشيخ العام محمد بن سالم الصانع المدبر من الدبور ومسكنه في عرب أبو سيال بالسويس، والشيخ ربيع سيد أبو حميد من الحميدات في قرية شرف الدين - قليوبية.
ومن رجالات العمران البارزين المهندس مسعد السيد سلامة أبو رحيِّم مدير عام بشركة القنال العامة للمقاولات من عائلة الرحايمة من عشيرة الدبور، والرحايمة لهم عزبة شرق بلدة سنديون بالقليوبية.
9 -
السلالمة:
لهم عدة شيوخ: سُلَيم بن رفيع السليلمي، ورفيع راشد رفيع وهو منقع دم في حقوق البادية ومسكنهما في برشاق مركز أبو حماد بالشرقية، والشيخ سالم بن حيَّان بن فرج في قليوب، والشيخ سلمان أبو حمدان السهيلات السليلمي في الشرقية.
10 -
الصريعيين:
الشيخ العام رفيع أبو مرزوق ومسكنه في فايد بالإسماعيلية وهو من أثرياء وكبار شيوخ الحويطات في مصر، وأخيه مرزوق أبو مرزوق رحمه الله وكان عضوا في مجلس الشعب المصري سابقًا، والشيخ حسن بن سُلَيم بن سالم الغديري في السويس، والشيخ دخيل الله أبو مدخَّل الغديري في بلبيس شرقية.
11 -
الغناميين:
شيخهم العام كان سالم اللجن، وتولى من بعده سويلم اللجن - رحمهما الله - ومقرهما في القليوبية، ونذكر من شيوخ الغناميين أيام محمد علي باشا حسين الشلح من الشلوح
(1)
وكان له تقدير وقدر جليل بسبب خدمات للدولة وقتئذ وذكر في تواريخ محمد علي في مصر، ومن مشايخهم حاليًا كليب أبو السباع الفرك ومسكنه في القاهرة والسويس، ومحمد أبو حسين اللجن وشهرته البِّلط ومسكنه عرب القبيضات بحي السلام بالقاهرة، وسويلم سلامة دخيل الله الجبري
(2)
بسيناء.
12 -
السليميين:
وفيهم شيوخ مثل ربيعة بن عواد بن عيَّاد، وسويلم فريج بن سعد من الكلالبة ومقرهما في برشاق بأبي حماد في الشرقية، وعودة أبو مسلم الطقطقي في بلبيس، وسالم بن حماد أبو دقيق في برشاق، وعايد سلامة أبو فرهودة في بلبيس بالشرقية، وربيع عودة الكلَّابي في قرية الحرية في برشاق مركز أبو حماد بالشرقية.
(1)
والشلوح من أكبر فخوذ عشيرة الغناميين في الديار المصرية ويبلغ تعدادها 15 ألف نسمة ومنهم في القليوبية والشرقية والإسماعيلية والسويس والقاهرة ومن أبناء الشلوح من نالوا وظائف هامة في الدولة المصرية.
(2)
ولسويلم الجبري خدمات للوطن وحصل على شهادات تقدير من القوات المسلحة في حربي 1967، و 1973 م.
التفصيل عن عشائر حويطات التَهَم بالمملكة العربية السعودية
-
الريشة:
وسُموا على اسم جدهم سلامة ولقبُه أبو ريشة بن سويعد بن حويط ويُدعى أحدهم ريشي، ومن الريشة خمس عشائر هي:
(أ) الطقيقات: وجدهم اسمه جويعد بن سلامة أبو ريشة ولقبُه أبو طقيقة ويُدعى أحدهم طقيقي، ومن عشيرة الطقيقات شيخ شمل قبيلة الحويطات في المملكة العربية السعودية، ومساكن الطقيقات في ضبا والخريبة وعينونة وشرمة والمسيبح، ومن فخوذهم التالي ذكرها: ذوي عليان ومنه الشيخ العام (شمل) للحويطات، والهرابكة (ذوي هربك)، وذوي عقل، والهشاشنة، والمطاوعية، وذوي صقر (الجيوش)، والعمايرة، والهرامسة، وذوي رفيع، وذوي فريج، وذوي سعد، والحسينات، والسموع، والدخايلة.
(ب) الجواهرة: وجدهم اسمه جوهر بن سلامة أبو ريشة ويُدعى أحدهم جوهري ومساكنهم في عشيران وجبل لِبْن وبعضهم في عينونة، ومن فخوذهم الروسان (أبو راس)، والبضايعة، والحضارية، والثراوين.
(ج) المشاهير: وجدهم اسمه مشهور بن سلامة أبو ريشة ويُدعى أحدهم مشهوري ومساكنهم في نزعان والبعض يسكن في عينونة ومن فخوذهم: الجوَّات، والفحاحمة، والوركان، والهطايعة.
(د) الذيابين: وجدهم اسمه ذيبان بن سلامة أبو ريشة ويُدعى أحدهم ذيباني ومساكنهم في شرق المويلح ووادي تريَّم وضواحيه، ومن فخوذهم: المصادير، والقراعطة، والمرزقيين، وذوي معمَّر، والعواديين، والزروق.
(هـ) الرقابية: وجدهم اسمه سليمان ولقبُه الرقابي ابن سلامة أبو ريشة، ومساكنهم في الخريبة وشرمة والمسيبح، ومن فخوذهم: الغوازية (ذوي غازي)، والطوايرة، والمراشدة، والمحيسنيين.
-
العمران:
وسموا باسم جدهم عِمْران بن حويط ويُدعى أحدهم عمراني: والعمران من أكثر بطون الحويطات عددًا، ومنهم عائلات تسكن جنوب الأردن وأغلب
العمران في المملكة العربية السعودية تقطن في حقل وحوله وفي عَلَقان والظَّهر وطيب اسم والشريح ووادي صريم والشرف والمجيفل والسرَّ ووادي اليتم (يتم العمران) ويسمي صابط وشمال حسما.
ينقسم العمران إلى عدة عشائر هي:
(أ) الحميدات
(1)
: وأهم فخوذهم: الفرجات والشماسين والطور والعمارين
(2)
، وأشهر شيخ في العمران من الحميدات وهو دياب بن مقبول.
(ب) أولاد بسَّام بن عمران: وأهم فخوذهم: العصابين والغدايرة والرضاوين والمباركيين والمحيسنيين والحوامدة والسويلميين، وشيخهم ابن غدير من الغدايرة، ومعظم فخوذ بسَّام وعلى الأخص المصابين يسكنون حقل وحتى الحميضة ووادي جبل مبرك.
(ج) أولاد غازي بن عمران: ومنه فرعان هما: الربعيين والسياحة. فمن الفرع الأول أولاد ربَّاع (الربعيين) فخوذ أهمها: الغوانمة، والسماعين، والمحيسنيين، والشكاشكة، والرجيلات، والسواحلة، والمسّكة.
أما الفرع الثاني أولاد سيَّاح (السيايحة) فمنه فخوذ أهمها: النْخَرة وشيخهم سالم عيد النخيري وخلف والده عبيد النخيري رحمه الله، والقراشمة، والقبيضات
(3)
، والبدراوي، والقرعان
(4)
.
(د) العبادلة: وأهم فخوذها: المشاعلة، والزيادين، والفضول وفيهم الطبِّرة والوقيلي والشهبان، ومعظم العبادلة يسكنون حقل وما حوله من المواضع.
(هـ) الزملة.
(و) الدبور
(5)
: وأهم فخوذها: عيَّاد، وأبو رجل، والحمايطة.
(1)
الحميدات: يقال أن جدهم حميد العمراني، ويوجد على ساحل خليج العقبة مكان يسمى رأس الشيخ حميد، وكان له قبر يزار حتى عهد قريب من الحويطات ويتباركون به ويقول عنه البدو من الحويطات "حميد فكاك القيد" ويتخون له بلهجتهم الدارجة قائلين: ياحميد يا منخي.
(2)
العمارين: أصلهم من قبيلة العمارين من بني عطية (المعازة) وسكنوا في ديار العمران قديمًا.
(3)
القبيضات: انفصم معظم القبيضات عن العمران وكونوا عشيرة في نواحي أشواق والشفا.
(4)
القرعان: وهم فخذة حديثة وهم غير القرعان القديمة وهي عشيرة من أولاد سويعد بن حويط.
(5)
الدبور: عشيرة أصلها مع عشيرة الغناميين واحد من مسيعيد بن حويط وسكنت مع عشائر العمران قديمًا.
عشائر أغلبها من سويعد بن حويط، ومسيعيد بن حويط:
(أ) الموَسة
(1)
: واحدهم موسي، ويسكن أغلب فخوذ الموَسة في المناطق الجبلية من ديرة الحويطات في المملكة العربية السعودية، ومنهم في وديان شغب وأشواق وفي العين وبحار، ومن الموَسة فخوذ كبيرة هي: الحفاة، والعدون، والقدود
(2)
، والنزيان، والزبون ومنه فروع العويضات
(3)
والسروح والشيبان، والنشايطة ومنه فروع الحواشين والمغاربة والعرادين، والهفاة.
(ب) الفحامين
(4)
: واحدهم فحيماني ومساكنهم حول شغب وأشواق وفي
(1)
يذكر بعض الرواة من الموَسة أنهم من نسل موسى الكاظم من الأشراف من ذرية الحسين بن علي في نواحي المدينة، ومن المعروف أن موسى الكاظم هو ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، وكان موسى الكاظم من الأئمة الاثني عشر الأشراف وكان على زي البدر مائلًا للسواد (عن نهاية الأرب للقلقشندي)، وقد ذكر لي اللواء محمد حسن شديد من عائلة الشدايدة من عشيرة الموَسة في مصر أن أجداده أولاد شديد كان يأتيهم مبلغ مالي سنوي من وقف الأشراف في الحجاز؛ وهذا لأنهم مثبوتون من القدم في شجرة الأشراف في مصر أو مدرج اسمهم عند نقيب الأشراف في عهد محمد علي وماتلاه، وقد أطلعني على حجة لملكية قطعة أرض في قرية قرنفيل في القليوبية تؤكد وجود أجداده من عام 1140 هـ في مصر، وقد تملك الشدايدة فيما بعد هذا التاريخ أملاكًا شاسعة في القليوبية والسويس وغيرهما، وقد أقطعهم محمد علي أراض كثيرة تعد بآلاف الأفدنة لَمْ يبق منها مع عائلة الشدايدة سوى بضعة مئات من الأفدنة، واطلعت على حجة قديمة في عهد محمد علي تؤكد تولية جده سعد بيك شديد الذي كان من نبلاء مصر إمارة المحمل المصري للحج عدة سنوات، وقد أخذ الباكوية واشتهر في الوجه البحري من كبار عُمد العربان في الديار المصرية، وحصل على الباكوية العديد من عائلة شديد في قرية أجهور بالقليوبية، وهناك فرع كبير من الشدايدة في جزيرة النجدي شرق بلدة السد بالقليوبية.
(2)
القدود: فأصل فخذهم كان يسمى الهليمات أقرب الفخوذ للنزيان؛ ومعظم الهليمات الآن في مصر وتحضروا وسكنوا شبرا بالقاهرة وبعضهم في القليوبية ولهم أكثر من قرنين من الزمان، والهليمات كان لهم بأس وقوة أيام الحكم العثماني ومن آثارهم قصر الهليمي جنوب مدينة ضبا قرب قلعة الأزلم القريبة من ساحل البحر الأحمر.
(3)
ومن العويضات مشيخة عموم الموَسة وهو حاليًا سلامة عيد بن عويضة.
** ومن الموَسة فرق كثيرة من الأفخاذ المذكورة حول القاهرة وفي القليوبية وهناك فرقة تسمى العجاجات حالفت قبيلة العيايدة أغلبهم في القليوبية والشرقية والإسماعيلية وهم في مشيخة الفحامين والموسة في مصر وأصلهم من فخذ الجرادين.
(4)
الفحامين: ذكر البعض أن جدهم الأول اسمه فحيمان بن هندي وهو أخي سلامة بن هندي وهندي هو ابن موسي الأصغر ابن عمرو بن غالي بن موسي الأكبر، ومن نشيط وسلامة بن هندي فخوذ الموَسة، وبعضهم يقول أن فحيمان هو ابن هندي شقيق سلامة بن هندي وكلاهما أبناء موسى الأصغر جد عموم الموَسة والفحامين ابن عمرو بن غالي بن موسي الأكبر ابن عيد بن سويعد بن حويط، وقد انفصم فحيمان عن الموَسة وكوّن عشيرة لقبت بالفحامين منذ عدة قرون وصارت كثيرة العدد، وفي السعودية=
الفَرَعة وأهم فخوذهم: الحسينات
(1)
، والجرادين، والعودات، والظفارين
(2)
، والجميعات، والوكاري، والعمَّانية
(3)
.
(ج) القرعان
(4)
: واحدهم قرعاني ومساكنهم في رزيقان وداما والجوخة والأزنم والمويلح وتريَّم وادي العين ومصيفهم أقيال ومنهم في وادي حرامل قرب الوجه، ومن فخوذهم: البراهمية، والنوَّاقة، والضباع، وذوي عتيق، وذوي سلمان، وذوي حمود، والعمور.
(د) الغنامين
(5)
: واحدهم غنامي ومساكنهم شواق والديسة وقرعة شواق وغيرها من المواضع الجبلية الداخلية من ديرة الحويطات، ومن أشهر فخوذهم: الغوَّلة، والجماعين، والضباعين، والشلوح.
= وانقسموا فرعين أطلق على الأول فحامين الوكاري وهم أقلّ عددًا وقد سكنوا التَهَم من ديار الحويطات، وخالطوا عشائر الحويطات وأكثر مخالطتهم مع فخوذ الموَسة باعتبار التقارب القديم ما بين الموَسة والفحامين.
أما الفرع الثاني من الفحامين وهو الأكثر عددًا وجميع فخوذ الفحامين المذكورة هي منه، ويُطلق عليهم فحامين الشفا ويسكنون في منطقة الفرَعة قرب ديار بلِّي في الجنوب وبني عطية من الشرق، وقد خالطوا بالمصاهرة قبائل بلِّي وبني عطية وخاصة عشائر الفواضلة ووابصة والقواعين من بلِّي، ومن الفحامين فرقة مع جُهَيْنة، وفرقة كبيرة تقيم في شمالي نجد قرب حائل يقال لهم الفحامان وأصلهم من فخذ الجرادين وجلوا من دم قديمًا من منطقة الشفا (الفرعَة)، والجرادين فيهم مشيخة الفحامين قديمًا وما زالت منهم المشيخة في مصر ومنهم رجالات اشتهروا بالفروسية والدهاء.
(1)
الحسينات: من الحسينات اشتهر في الفحامين على بن سلمان صرهيد، وتولى مشيخة العشيرة وكان له دور كبير في حل النزاعات بين القبائل، وكان من أول الوافدين على طلائع جيش الملك عبد العزيز آل سعود في الحمرة في ضبا، وكان في مقابلته يرافقه خمسة من وجهاء عشيرته وأهدى عشرة من الإبل فيها خمسة ركاب وعاهد أمير الجيش على السمع والطاعة والولاء للملك عبد العزيز، وظل وفيا للعهد حتى وفاته، وكان هذا الرجل من حكماء البادية ومن أهل الفطنة ونادرا ما توجد في أبناء عصره، وتولى ابنه عطا الله مشيخة الفحامين الآن.
ومن رجالات الحسينات من الفحامين الأستاذ سلامة عباس نائب مدير مكتبة تبوك بالسعودية وقد قدم بحوا مطولة ووثائق هامة عن قبيلة الحويطات.
(2)
الظفارين: أصل تسميتهم العزايزة ولُقِّبوا بهذا الاسم.
(3)
العمانية: فخذ قديم وكان فيهم مشيخة الموَسة والفحامين في العهد العثماني ونزحوا إلى مصر ومن بقاياهم في الحجاز الخنادرة وأولاد ختين.
(4)
القرعان منهم في سورية وقرب الحدود الأردنية السورية، ومنهم جماعة قرب الرياض في السعودية، ويذكر رواة القرعان في الرياض أنهم من أبناء الشريف محمد المُلقَّب بالأقرع وأولاده وهم حمد وفياض "شنان" وحسن، وينتهي نسبه إلى إبراهيم المرتضي من موسي الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، والصحيح أن القرعان من الحويطات من قريعان بن غالي بن موسى الأكبر ابن عيد بن سويعد بن حويط.
(5)
الغنامين: تنطق من بعض الحويطات الغناميين وقيل أن جدهم اسمه سعد بن غنام من مسيعيد بن حويط و عقب ولدين منهم جميع فخوذهم وهما عمرو، وغدير وأشهر فخوذهم في مصر الآن الضباعين والقعوص واللجن والشلوح والذوانحة والمسوح والفروك والمريفات والعرونات والحميدات والفراعين، والمعروف أن الغناميين لهم قرابة مع عشيرتي السليميين والدبور والأخيرة مع العمران من زمن بعيد.
(هـ) الجرافين: واحدهم جرفاني ومساكنهم بوادي داما وشرق المويلح وحول ضبا، ومن فخوذهم: البسسة، والعمريين، والذنيبات، والشهيبي، والفطوح.
(و) العميرات
(1)
: واحدهم عميري ومساكنهم في ضواحي البدع ووادي عفال والشرف وجبل اللوز وجبل زهد والكوز والعصيلية، ومن فخوذهم: الجعاثنة، والفوَّسة، والسعافين، والعودات، والقريبي، والسنيجات، والسهيلات، والشرمان، والشهابنة، والرققة، وبني راشد (الرواشدة)، والربيعات، والسواعدة، والفريجات، والركابات، والحوَّمة، والمرادحة، والمحالسنة، والمطيري، والشمسان، والبدين، والريسي، والفحوف، وأبو مزروع. والفخوذ الثلاثة الأخيرة كلها بمصر والأردن وليس لها بقية في السعودية.
(ز) السلالمة
(2)
: واحدهم سليلمي ويسكنون وادي داما وقرب ضبا وما بين جبال الدبغ شمالًا وجبل شار جنوبًا، ومن فخوذهم: الحيَّانية (أبو حيان)، والسهيلات ومنهم المعاتقة والنوافلة والجواسرة.
(ح) السليميين: واحدهم سليمي ويسكنون في الديسة ووادي داما والنابع والخريطة وسليسل، ومن فروعهم: الكلالبة، والأراملة، والرقايقة، والطقاطقة، والدقايقة
(3)
، والشوامين
(4)
، والنجادا، والأرينبات
(5)
، والنويجعات
(6)
.
(1)
يؤكد الرواة أن العميرات والقرعان والموسة والفحامين من أولاد غالي بن موسى الأكبر بن عيد بن سويعد بن حويط، وكما يقال أن عمرًا قبره معروف في الشفا في نقبان في رأس ضربة، أما غالي بن موسى فقبره في التَهَمة في قيقيب حد جبل نزغان أو شمال بدا، ويروي العميرات أن جدهم عمير بن غالي عقب ثلاثة منهم جميع فخوذ العميرات وهم حسن وسرور وونيس. وأذكر من مشايخ العميرات سليمان خضر الشهبي، وسالم مسعود راشد الراشدي وأحد أبنائه من أشهر شعراء، البادية في الحويطات وهو خضر سالم الراشدي، ومن فرسان العميرات في القرن الماضي راشد الراشدي ومسعود وأخيه مسيعيد الراشدي وللأول حسنى مع الظلَّام في فلسطين وله ثلاث بيضا في الشرف والقصير بالحجاز وفي النقب المصري.
(2)
السلالمة: منهم قاضي الفصل في الدم عند عشائر الحويطات وهذا في القضاء العرفي طبعًا وهو سائد في البوادي أو بين القبائل العربية وفي الديار المصرية حتى الآن.
(3)
الدقايقة من فخوذهمْ: العشيان والشناترية والفويرعات.
(4)
الشوامين من فخوذهم: العوادين والسحامين. ومن أعلامهم الدكتور مسعد بن شامان رئيس قسم اللغات الشرقية بجامعة الملك سعود بالرياض حاليًّا.
(5)
ومن الأرينبات الفطيْمات.
(6)
قيل أن أصلهم من الأحيوات المساعيد.
(ط) الزماهرة
(1)
: واحدهم زمهري ويسكنون في وادي غر وعلو شرفة، ومن فخوذهم: السراحين والخضرة والمهوك والرواضين.
(ي) القبيضات
(2)
: واحدهم قبضي ومساكنهم في شواف وشهود وضواحيهما، ومن فخوذهم: الملاسين والجواسر.
(ك) العبيَّات: واحدهم عبيواني ومساكنهم الدبوب ووادي العين وشرف الوجه، فروعهم: الشعيرات والمقيمات والضيَّطة، وتتفرع هذه الفروع إلى فخوذ عديدة.
(ل) الصريعيين
(3)
: واحدهم صريعي ومساكنهم في ضواحي ضبا وبعضهم شرق حقل ومقنا، ومن فخوذهم: الغدايرة والعيينات وأبو مرزوق والزبون والربَّقة والشلالخة والخباتين.
(1)
الزماهرة عشيرة انفصمت من السلالمة.
(2)
القبيضات عشيرة انفصمت من عمران بن حويط.
(3)
شيخ الصريعيين بالمملكة العربية السعودية حاليًا هو عطا الله سلامة حسين بطي.
* ومن الفخوذ التي دخلت من بني عطية مع الحويطات العطاطرة والخفرة والعداسين، والحويطات شأنهم شأن جميع القبائل العربية دخل فيهم فخوذ بل عشائر منزوعة من قبائل عربية مثل حرب وبني عطية والأحيوات وجهينة وبلي وغيرهم. كما مع الحويطات عشيرة من الجعافرة من عَنَزة تسكن التَهَم وتدعى الذنيِّبات. ومن الحويطات قسم كبير تحضَّر في مدينة تبوك، وكذلك في ضبا وحقل في شمالي غرب المملكة العربية السعودية.
الحويطات في المملكة الأردنية الهاشمية
(أ) حويطات العلاوين فيهم العشائر التالية:
الخضيرات - السرورس - البدول - الصقور - الغيالين - القدمان - الصوالحين - المناجعة - المحاميد - المقابلة - السلاميين - السلامات - العواحة - العزاجين - الركيبات - السمحيين (*) - المرايعة
(1)
- النعيمات - النجادات - العودات - النواصرة - الفريجات - ولد سليمان
(2)
- الهدايات - العطوي - الخمايلة.
(ب) حويطات (ابن جازي) وسُمِّيت باسم أحد المشايخ من علوان بن حويط أو من العلاوين، ومن عشائر الجازي:
المطالقة - الدراوشة
(3)
- العمامرة - الدمانية
(4)
- العطون - التوايهة - الفتتة - الزلابية
(5)
- الهدبان - الزوايدة - المصبحيين
(6)
- المرابع.
ومساكن عشائر العلاوين بالوقت الحاضر في جنوبي الأردن ويوجد جزء من بعض العشائر بالضفة الغربية في فلسطين.
(*) السمحيين أصلهم من مصر
(1)
المرايعة من مريع بن علوان بن حويط.
(2)
سليمان ومنه السليمانيين وهم من سليمان بن علوان بن حويط.
(3)
الدراوشة من درويش بن سلامة بن علوان بن حويط، وإخوتهم التوايهة أبناء فرج بن سلامة بن علوان بن حويط، والجازي أبناء مطلق بن سلامة بن علوان بن حويط.
(4)
الدمانية، العطون، الأذينات، الهدايات، العطوي كلها عشائر تنتمي في الأصل إلى قببلة بني عطية ودخلت في حويطات الأردن (عن تاريخ شرق الأردن).
(5)
الزلابية، والزوايدة هما فرعان من الخمايلة وأصلهم من قبيلة عَنَزة وقد انضموا إلى حويطات الأردن (عن تاريخ شرق الأردن وعن خمسة أعوام في شرق الأردن).
(6)
المصبحيين من أعقاب حاج مصر (عن تاريخ شرق الأردن لفردريك ج بيك).
- قلت: وحويطات الأردن لا يوجد منهم أي فخوذ مع حويطات السعودية ولا يوجد أي ترابط عشائري بين كليهما منذ تكون قيلة الحويطات، والرابطة الوحيدة التي تجمعهم هي اسم الحويطات المنسوب إلى "حويط" مؤسس القبيلة في منطقة العقبة كما أسلفنا.
وتظهر الصورة جلية في استقلالية حويطات الأردن عن حويطات السعودية في وجود شيخ عام الحويطات بالأردن وشيخ شمل حويطات السعودية منذ عدة قرون، أو بمعنى أصح منذ ظهور عشيرة الحويطات في القرن العاشر الهجري.
بيان آخر - بأسماء العشائر عن حويطات الأردن وأماكنها:
[اسم العشيرة]-[المكان]
الجازي - الشراة والفجيج
العودات - أطراف معان والشراة
الذيابات - الشراة والفجيج
أهل الوضحى - الشراة والفجيج
الشراتحة - الشراة والفجيج
الهدبان - الشراة والفجيج
البطونية - الشراة والفجيج
الدمانية - الشراة والفجيج
الدراوشة - الشراة والفجيج
مراعية الشمال - الشراة الشمالية
مراعية الجنوب - الشراة الجنوبية
السليمانيين - الشراة الجنوبية
النعيمات - الشراة الجنوبية
المصبحيين - الفجيج والشراة الجنوبية
السمحيين - الفجيج والشراة الجنوبية
الطقاطقة - الشراة ورأس النقب
الزوايدة - الشراة رم والديسة
الزلابية - الشراة رم والديسة
العطون - الشراة الجنوبية
المناجعة - الشراة
السعديين - الشراة ووادي عربة
التوايهة - الشراة والجفر
عيال صبَّاح - الفجيج والجفر
عيال جازي - الفجيج والجفر
عيال عباس سلامة التوايهة - الفجيج والجفر
الخشمان - الفجيج والجفر
[اسم العشيرة]-[المكان]
النواصرة - الفجيج والجفر
الفتنة - الفجيج والجفر
الفراحين - الشراة
المحلف - القويرة
النجادات - القويرة
البدول - حميمة
الفحامين - الفجيج
الصويمليين - رم
القدمان - وادي اليتم الشمالي
القلاعية - وادي اليتم الجنوبي
الربعيين - رم صابط
الدبور - تتن
المناعين - جرف الدراويش والحسا
العقار - جرف الدراويش
السعودية - جرف الدراويش ووادي لاوي
المراعية - الحسا
أبو هويمل - جرف الدراويش والحسا
الصواوية - الحسا
الحجايا - الحسا وحجي
الهدايات - الحسا وحجي
العلياني - الحسا وقطرانة
بني عطية - القطرانة وقصور البشير
* هناك فروع كثيرة من المذكورة عاليه هي مجرد حليفة للحويطات من العلاوين أو الجاري وليست من علوان بن حويط ونذكر منها مثلا: بني عطية، الحجايا، الصواوية، العقار، السعودية، المناعين، القلاعية، العلياني، المحلف، الفراحين، النحدين، الخشمان.
** من حويطات الأردن العديد من الرجالات الباررين في الجيش الأردني وفي مجلس النواب والبرلمان، وقد تقلد العديد من أبناء هذه القيلة مركز مرموقة في المملكة الأردنية الهاشمية، وللحويطات تقدير كبير لدى العاهل الأردني جلالة الملك حسين بن طلال رحمه الله وبلاطه الملكي.
حويطات فلسطين
أولا: مساكن الحويطات في الوقت الحاضر بقضاء طولكرم بالضفة الغربية لنهر الأردن وأشهرها العشائر التالية:
1 -
المناجعة
(1)
: شيخها نصر الله سليم أبو جراد رحمه الله وكان شيخًا لعشائر الحويطات كلها في الديار الفلسطينية، كما كان مرجعًا كبيرًا في القضاء العشائري وكان بيته ملاذًا الكثير من الذين يطلبون العون، ويحظى باحترام تقدير جميع سكان المنطقة من بدو وحضر، ويعدُّ الشيخ نصر الله من أعيان فلسطين وله مواقف مشرِّفة أيام الحكم العثماني وما تلاه من عهود، وكان له علاقات مع مشايخ الحويطات في الأردن مثل حمد باشا الجازي رحمه الله كما كان له علاقات بحويطات الحجار ومصر ومع رؤساء القبائل في صحراء النقب وبئر السبع بجنوبي فلسطين، وتوفي الشيخ نصر الله عام 1974 م عن عمر يناهز المائة عام وقد ترك أثرًا وسمعة طيبين في نفوس الناس، وتولى بعد وفاته ابنه عثمان أبو جراد، وبعد وفاته تولى الشياخة ابنه الثاني أحمد نصر الله مكان والده منذ عام 1975 م ومقره في مخميم السخنة في لواء الزرقاء بشمالي الأردن، ومن أولاده أيضًا أذكر الشيخ علي نصر الله أبو جراد وهو رئيس لجنة الإصلاح بلواء طولكرم حاليًا، والشيخ عبد المالك نصر الله أبو جراد ويحمل ليسانس حقوق من جامعة دمشق وشغل مناصب إدارية ومالية رفيعة وله علاقات حميمة مع رؤساء ومشايخ القبائل في البلاد العربية، وله اهتمامات بتاريخ العرب وخاصة القبائل البدوية، ويعتبر مرجعًا في هذا الأمر، وأبناء الشيخ نصر الله سائرون على طريق والدهم في مساعدة الناس والصلح بينهم وعمل الخير، ومن أولادهم الآن الدكتور والمهندس والمحامي ورجل الأعمال.
2 -
النجادات
(2)
: ويعرفون بعشيرة الحويطي وكان شيخهم محمد عيد الحويطي رحمه الله.
(1)
المناجعة من جعيل بن علوان بن حويط.
(2)
النجادات من نجاد بن علوان بن حويط ومنهم في جنوبي الأردن عشيرة قوية.
3 -
المَوسة: وهم من موسة مصر وهاجروا لفلسطين، وكان شيخهم مرضي أحمد أبو مرضي رحمه الله.
4 -
العميرات: وهم من عميرات شمال الحجاز بضواحي البدع، وشيخهم سلامة سليمان القحافي.
5 -
الجَبَهة
(1)
: وشيخهم عيد حسين الجبيهي وخلفه ابنه عيد الجبيهي - رحمهما الله.
6 -
الرشايدة
(2)
: وفيهم فخوذ أبو سِلْمي، والهزهوري، والشايب، وأبو أمفرِّج، وأبو جمعة وكان شيخهم إسماعيل أبو سِلْمي رحمه الله، كما كان عميد فخذ الشايب محمد الشايب رحمه الله وعميد الهزاهزة حسان الهزهوزي، وعميد أبو جمعة محمد أبو جمعة، وعميد أبو مفرج سلَّام أبو مفرج.
7 -
أبو عتيق: وكان كبيرهم محمود أبو عتيق رحمه الله.
8 -
أبو عتيِّق: وكان كبيرهم سلمان أبو عتيِّق رحمه الله.
9 -
أبو سلَّام: وكان كبيرهم محمد أبو سلَّام رحمه الله.
10 -
القرعان: وهم يقطنون منطقة قلقيلية وبعضهم فى مدينة قلقيلية في قضاء طولكرم.
وجميع العشائر السابقة تقطن أيضًا منطقة طولكرم بالضفة الغربية الفلسطينية، وكانوا أهل بيت شعر مستقرين في أراضيهم ويشتغلون أيضًا بالزراعة وتربية الماشية ثم سكنواهي العصور المتأخرة بيوت الحجر، وتعلَّم أبناؤهم وأخذوا مراكز جيدة فمنهم الدكتور والمهندس والمحامي والمدرس ورجل الأعمال وغير ذلك.
11 -
أبو مريفة
(3)
: وأصلهم من الغناميين في الحجاز، وهم يقطنون في منطقة جنوب فلسطين وخاصة بئر السبع، وكذلك في قطاع غزة وخاصة في دير البلح.
(1)
يذكرون أن أصلهم من قبيلة بلِّي ودخلوا في حويطات فلسطين.
(2)
الرشايدة من جعيل بن علوان بن حويط وأقرب لهم من العشائر المناجعة والطقاطقة.
(3)
وبعض أبو مريفة دخلوا مع الزريعي في قبيلة الترابين في بئر السبع.
12 -
أبو راشد: يقيمون في منطقة بئر السبع ثم تفرقوا.
13 -
أبو طاحون: كانوا في قزازة غرب مدينة القدس الشريف وتفرقوا.
14 -
السوالمة: وهم في العوجا قرب يافا قسم كبير منهم ينسبون للحويطات، وقد انتقلوا إلى نابلس وشمال الأردن.
ويذكر كبار عشيرة السويطات في أقصى شمال فلسطين أنهم من أصل الحويطات، ويدَّعي أفراد عشيرة اللهيب في الشمال الشرقي الفلسطيني وبالتحديد في منطقة بيسان وطبريا بأنهم من قبيلة الحويطات، كما أن عرب القبيضات شرق مدينة صور في جنوب لبنان هم من العمران من قبيلة الحويطات، وكانوا إلى عهد قريب يضعون وَسْم الحويطات على إبلهم.
وهناك عائلات متفرقة من الحويطات في قضاء عكا أو سكنوا في قرى عديدة بفلسطين أو انضموا إلى عشائر أخرى وعلى سبيل المثال: عائلة زيدان التي تعيش مع غرب التركمان، وعشيرة حماد في سلواد بقضاء رام الله وغيرها.
ثانيا: السعيديون في جنوب فلسطين:
ونسب السعيديون إلى سعيد بن حويط تقع منازلهم في شمالي وادي عربة في منطقة التقب بفلسطين المحتلة وينقسمون إلى أربعة عشائر هي:
1 -
حمايطة: وتضم حمايطة وسويات ومطور ورشوديين ودبيحان.
2 -
رمامنة: وتضم حرابية وطلاحين وخضرة ودغافقة ورمامنة.
3 -
مذاكير: وتضم نواصرة وعيال عيد وعويضات وقسارين ومذاكير.
4 -
روابضة: وتضم عيال راضي وعيال رويضي ونكوز وحمدات.
وذكر عارف العارف في كتابه "تاريخ بئر السبع وقبائلها" المطبوع عام 1934 م أن كبير الحمايطة وقتئذ في بداية القرن العشرين كان الشيخ سويلم بن حميطة، وكبير الرمامنة الشيخ سويلم بن رمان، وكبير المذاكير الشيخ علي بن ذكر، وكبير الروايضة الشيخ سالم بن رويضي.
وديارهم من الشمال إلى الجنوب في جنوب فلسطين: عين العروس وعين البيضاء وعين الخنزير وعين القصب وعين النقرة وأبو العزبلات وعين الخرار وعين الحصب.
ووسم السعيديون العامود يرسم على طول الفخذ الأيسر للبعير، والمطرق يرسم وراء الأذن اليسرى والشاهد يرسم على صدغ البعير الأيسير.
عددهم في بداية القرن العشرين يقرب من ألف نسمة، لا يكترثون بالزراعة والسبب في ذلك عدم توطنهم ونزولهم في بقاع وعرة ومنازل قريبة من وادي العربة وتخوم شرق الأردن واضطرارهم لأن يكونوا دومًا على أهبة الطعن والنزال مع بني عطية وغيرهم من عربان تلك البلاد، والسعيديون لم يألفوا الحكومة إلا قبل زمن قريب ولا يذكر أنهم دفعوا شيئًا من الضرائب قبل عام 1928 م والضريبة الوحيدة التي دفعوها للحكومة هي ضريبة الحيوانات. ولقد كانوا أرباب مواش وأصحاب ثروة وحلال، ليس لهم أرض مفتلحة سوى (قاع السعيديين) على الحد بين شرق الأردن وفلسطين، وما كان يضاهيهم في الكرم وحب الضيف أحد، إلا أنهم أصبحوا على جانب عظيم من الفقر يعيشون عيشة التقتير ويأكلون الحب المعروف بالسمح وهو ينبت من تلقاء تفسه في الوديان، وبعد أن كانوا من حيث الكثرة والهمة بدرجة يحسب لها بنو عطية حسابًا فقد تضاءل عددهم هذا بسبب الجوع والمحل وقد فتكت في أجسادهم الحمى التي تفتك عادة بسكان الغيران وهم في حالة يرثى لها.
وأضاف العارف: السعيديون من أحلاف قبيلتي العزارمة والترابين، وهناك حول مزيريب عشيرة اسمها السعيد وهي ذات صلة قربى مع السعيديين. وكانت لهؤلاء السعيديين منازل بين عرعرة وتل الفارعة وكانوا يقطنون أيضًا في هرابة الرأس بالقرب من اللقية، وكان لهم حتى قبل رمن قريب أرض بالقرب من بئر السقاطي المشهور وهي لا تزال تكنَى حتى يومنا هذا (بخور السعيديين) ويظهر أنهم رحلوا عن منازلهم هذه أثناء الحروب الأهلية التي نشبت بين القبائل فاستوطنوا وادي العربة المعروف بوادي النار.
وأعداء السعيديين هم بنو عطية والحجايا والصخور وقد كانوا في اقتتال وحرب دائمين حتى قبل عام 1929 م يوم نجحت الحكومتان الفلسطينية والأردنية في وضع حد لاقتتالهم هذا وأبرمتا بينهم وبين خصومهم صلحًا لم تشبه بعد ذلك التاريخ سوى حوادث نهب طفيفة من هنا وهناك.
ويقول البعض أن السعيديين كانوا بادئ ذي بدء في التيه فأغار عليهم الأعداء سبع مرات ونهبوهم فرحلوا عنهم ونزلوا شرقي الأردن ومن هناك انتشروا.
ومن فرسانهم المشهورين (عيد انكيز) ويُلقِّبونه (مزوِّج العزبان) ومنهم (حميد) و (سويري) جد الرمامنة و (غنام) جد الجبارين. ولهذا الأخير قبر في غرندل يزورونه من وقت إلى آخر ويحلفون برأسه وينذرون له النذور.
وهناك حويطات الحضر وأشهرهم:
(أ) عشيرة العريقات: ومساكنهم في قرية أبو ديس بقضاء القدس ولهم رعامة قرى الوادية من القدس حتى نهر الأردن، وكان شيخهم كامل العريقات رحمه الله الذي كان قائدًا للجهاد المقدس في نواحي القدس وضواحيها بعد استشهاد الشهيد عبد القادر الحسيني حيث كان مساعدًا له أثناء حياته رحمهما الله، كما أن السيد كامل عريقات كان رئيس مجلس النواب الأردني لعدة سنوات، ومنهم اللواء رشيد عريقات في الجيش الأردني، والدكتور صائب عريقات وزير الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية، وغيرهم الكثير من أبناء هذه العشيرة الكريمة.
(ب) عشيرة الطقاطقة: ومساكنهم في قرية بيت فَجَّا وقضاء الخليل، وتد انحدروا أصلًا من الطقاطقة من جعيل بن علوان في الأردن وهم أبناء عمومة عشيرة المناجعة.
(جـ) عشيرة أبو حجلة: ويذكرون أصلهم إلى المصبحيين في جنوب الأردن ويقطنون سلفيت ونابلس، ولهم علاقات حتى الآن بأقاربهم في الأردن.
(د) عشيرة آل الفاهوم: ومقرها في مدينة الناصرة ولهم رئاسة بلديتها لسنوات طويلة ومنهم خالد الفاهوم، ويذكرون أنهم من حويطات مصر.
(هـ) أبو عشائر: ويقطنون في قرية سفارين بقضاء طولكرم وعميدهم الشيخ أحمد أبو عشائر، وكان رجل إصلاح معروفًا في طولكرم.
(و) شديد: ويقطنون في قرية علار بقضاء طولكرم، ويذكرون أنهم من حويطات مصر.
(ز) حامد: ويقطنون في قرية سفارين بقضاء طولكرم.
(ح) أبو سالم: ويقطنون قرية يبنا بقضاء الرملة، ويذكرون أنهم من حويطات مصر.
(ط) إِعْمَرْ: ويقطنون في قرية فرعون بقضاء طولكرم، ونزحوا من قرية سفارين بطولكرم.
وسم الحويطات
تختلف الوسوم لكل بطن من الحويطات، فمثلًا العلاوين والجازي يضعون الأفيحج
(1)
والعمران يضعون مطرق
(2)
والأفيحج ويسمونه الشعبة، والريَّشة يضعون ثلاثة مطارق وساع، وكذلك معظم عشائر التَهَمة مثل الموسة والفحامين والقرعان والعميرات والعبيات والجرافين وغيرهم يضعون ثلاث مطارق أضيق من الريشة، أما الغناميين والسلميين فيضعون مطرقين فقط، وبعض العشائر من الحويطات تختلف بعلامات لكل منها أو زيادت مثل الزناد
(3)
للموسة والفحاهين يوضع أسفل كفخذ الأيسر للبعير، بملاحظة أن الوَسْم عبارة عن كي بالنار ويوضع على رقبة البعير من الجهة اليسرى بالنسبة للحويطات.
(1)
الأفيحج عبارة عن رقم 8.
(2)
المطرق عبارة عن رقم 1.
(3)
الزناد عبارة عن [رسم].
قال سِلْمي سلامة الغنَّامي الحويطي
قصيدة نبطية بعنوان
"الموت والفناء"
يا عبد يا طمعان طمعة الشاه
…
طمعان في دنيا رخيصة ومنكاد
الموت ما ينساك لو صرت تنساه
…
بينك وبين الموت للروح ميعاد
والروح فيك شيء يعلم بها الله
…
وإن عازها تمشي من دون ترداد
تنسل منك سل السيف من جواه
…
وانت الجفير إن ظل وين عازته عاد
من يوم قالوا فلان الله توفاه
…
جابوا الكفن واقفيت منها بلا زاد
وربعك يحفروا بير يرموك جواه
…
ويقفوا عنك ما ينفعك مال وأولاد
ما ينفعك المخلوق غير مد يمناه
…
لو اهني اللِّي على الخير معتاد
يدفع زكاة المال والفرض صلاه
…
ونفسه محاسبها وما نم في عباد
ويفرح لجاره يوم يرزق حولاه
…
ويقول أعوذ بالله من كل حسَّاد
ونفسه في رزقه ليس مالًا تعداه
…
ولا نوت في رزق واحد استكراد
وما خاب ظن اللِّي توكل على الله
…
وعند الشدايد يجعل الصبر مركاد
حِنَّا ورانا يوم شدة ومأساه
…
نلز عـ نيران فيها السنا قاد
وأختم سردي عن الحويطات بقصيدة رواها
(1)
حويطي من عشيرة الفحامين بالمملكة العربية السعودية يعتز ببلاده وحكومته الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود المفدى حفظه الله للعروبة والإسلام.
الله يا موجود يا حي يا دوم
…
كاشفًا ضمير العبد تعلم بماله
في بلادنا موجود ملبس ومطعوم
…
ورزق من الله ما تجمَّع فضاله
وفهدنا المحبوب بيدعي كل محروم
…
ناصر المظلوم وزن العداله
عند ربه والمخاليق مكروم
…
نفسه أبية وكل السعودية في جاله
وعاهلنا راجح عقله ومفهوم
…
إن شاء الله موفق والسعادات فاله
خادم الحرمين ما عنده مضيوم
…
والكل في ظله ينعدل حاله
بالله يا من تبعث الخلق وتقوم
…
تعطينا كثير أفعاله
وجيش السعودية شديد البأس دوم
…
حامي عرينه ومجهَّز في كل حاله
السعودات شجعان لا تحسبها علوم
…
يقهر عدوّه لو أبو زيد خاله
جيَّابة النوماس من قبل واليوم
…
ويعلمون الناس درس الرجاله
أحياء عند الله في سر مكتوم
…
هرج صحيح وصادقًا في أحواله
(1)
القصيدة قالها سليمان حمدان الزيت القراشي ضاعر الطوَّرة، وقد عدَّل فيها الحويطي لتناسب الظروف التي كانت تمر بها المملكة العربية السعودية في كارثة الخليج 1990 م التي هزت وجدان الحرب من المحيط إلى الخليج، وندعو الله أن يجمع شمل الأمة العربية ويؤلف بين قلوب العرب مرة أخرى وهو سبحانه على كل شيء قدير.
(المؤلف)
جُذام
جُذام: بضم الجيم هو عمرو بن عدي، والنسبة إلى قبيلة جُذام جُذامي، والجُذام هو مرض معروف قيل أن عمرو بن عدي دُعي بهذا المرض لإصابته به، وقيل أنه من الجذم وهو القطع والله أعلم.
والراجح عند جمهرة العلماء أن جُذامًا
(1)
من القحطانية ببلاد اليمن وهو: جُذام (عمرو) بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
ولجُذام ولدان هما حرام وجُشم، وكانت بطون جُذام تنزل بحسْمى وجبالها ومساكنها من أرض مدين إلى تبوك إلى أذرح، وكان منها فخوذًا في طبرية ونواحي عكا بفلسطين الشام، وجُذام أول من سكنوا مصر بعد فتح العرب لها على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان منهم قوم في الإسكندرية ذي قوة وعدد وأهل شجاعة وإقدام وضرب بالسيف ورشق بالسهام، وصار أغلبهم في الحوف في شرق الدلتا بمصر عام 803 هجري، وكانوا مع لَخْم أبناء عمومتهم من اكبر أنداد قبائل قيس عيلان في تلك المناطق من الديار المصرية.
وقيل رأي لبعض النسابة أن جُذاما من مَدْين ابن الخليل إبراهيم أو هم بقايا بني مدين في ديارهم غرب تبوك، وقد استشهد هؤلاء النسَّابة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم لوفد جُذام عام 7 هجري عندما قال لهم:"مرحبًا بقوم شعيب وأصهار موسى"، وشعيب
(2)
هو من مدين كما هو مذكور في القرآن الكريم ولا تزال آثار لبني مدين في نواحي البدع بشمال المملكة العربية السعودية تسمى "مغاير النبي شعيب".
(1)
زعم نسابة مُضَر العدنانية أن جُذام من مُضَر، وزعم روح بن زنباع الجُذامي وقد تولى فلسطين في عهد معاوية أن جُذام من مُضر العدنانية، ولكن نائل بن قيس زعيم جُذام الثاني عارض قول روح بن زنباع وشاتمه وحاطب يزيد بن معاوية وقال له: إننا لا نقر أبدا بما قاله روح ونحن قوم من قحطان، وساعده شاعر من (عاملة) وهي قبيلة مثل لَخْم قريبة النسب لجُذام وكان اسم هذا الشاعر: عدي بن الرقاع.
(2)
وذكر جمهرة الباحثون أن شعيبا كان أحد بني وائل جُذام، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يموت المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام بعد نزوله في أرض الميعاد بالشام إلا بعد أن يتزوج في جُذام ويولد له. وهذا في آخر الزمان طبعًا وهي من علامات الساعة.
وقال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان هكذا وهكذا بني جُذام صلوات الله على جُذام يقاتلون الكفار على رءوس الشعف ينصرون الله ورسوله" وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان يمان حتى جبال جُذام وبارك الله في جُذام". وكان معاش جُذام يأتيهم عن طريق التجارة التي تصل جزيرة العرب بالشام ومصر، وكانوا يرشدون القوافل في الطرق ويأخذون أجرًا على ذلك.
وعاونت جُذام العرب في الفتوح الإسلامية وتركوا جيش الروم تباعًا بعد هزائم الروم، وبنخوة العروبة التي تغلبت على معظم قبائل العرب في الشام التي كانت تحت لواء هرقل في بادئ الأمر، مثل بلِّي وبَهْراء وجُهَيْنة وعَاملة ولَخْم وكَلب وتَغْلِب.
وتفصيل تاريخ جُذام والسرد عن فروعها يحتاج إلى فصل خاص ليس بالمقام متسع في هذا المجلَّد، وسوف نرشح بعض قبائل جُذام في هذه الموسوعة.
بنو عُقبة (جُذام)
لا تزال عشائر لبني عُقبة تحمل اسمهم منضمة لقبيلة الحويطات وبعضها إلى بني عطية وغيرها، وسوف نوضح بعض منها مما عرف أصله لعُقبة.
قال القلقشندي في "قلائد الجمان": بنو عُقبة بن حرام بن جُذام وديارهم من الشوبك إلى حِسْمى إلى تبوك إلى تيماء ثم إلى الحريداء وهي شرق الحجاز.
وقال في "العبر" لابن خلدون: ديارهم من الكرك إلى الأزلم في برية الحجاز وعليهم درك الطريق ما بين المدينة النبوية إلى حدود غزة من بلاد الشام.
وقال في "مسالك الأبصار"
(1)
: وعليهم درك الحجيج من العقبة إلى داما، وكان آخر أمرائهم (شطي)، وكان السلطان الناصر محمد بن قلاوون في مصر قد أقبل عليه إقبالا أجَلَّه فوق السماكين وألحقه بأمراء آل الفضل وآل مراد، وأقطعه الإقطاعيات الجليلة وألبسه التشريف الكبير، وأجذل له العطاء والجباء وعمَّر له ولأهل البيت والخباء.
(1)
مسالك الأبصار: للنسَّابة الشهير المقر ابن فضل الله الشهابي هو من المخطوطات القيِّمة في علم الأنساب.
وقال الحمداني: من بني عُقبة فرقة بالحجاز الشريف.
وقال في مسالك الأبصار: منهم فرقة تسمى بني واصل في الحجاز. (انظر عن بني واصل في قبائل بلاد الطور وبلاد الصعيد بمصر).
وقال في العبر: ومن بني عُقبة جماعات في طرابلس الغرب (ليبيا) ينتجعون أو يظعنون مع ذُباب من عرب بني سُلَيْم بن منصور العدنانية.
قلت: وبني واصل من عُقبة جُذام في المنيا وجرجا بصعيد مصر حتى اليوم، وبني واصل نزلوا قبل ثمانية قرون إلى سيناء ثم بعد تغلُّب عشائر الطوَّرة عليها نزحوا إلى الصعيد المصري.
ونذكر أعقاب بني عُقبة في فلسطين ويقال لهم بنو مَخْرمة، وعائلة عمرو في جبال الخليل وآل الحاج محمد في جبال نابلس، وكذلك عشيرة باسم بني عُقبة ضمن قبيلة التياها من قبائل بئر السبع بنقب فلسطين، وعشيرة أخرى باسم بني عُقبة ضمن قبيلة الجبارات قرب غزة فلسطين، وهناك عرب السواحرة في بيت لحم وعشيرة التثبيت في رام الله، ومن بني عُقبة عائلات في قلنسوة بطولكرم، خلاف عشائر بني عُقبة المنضمة لمساعيد فلسطين (انظر السرد عنهم في قبيلة المساعيد).
وهناك الشبول والربيع في الأردن من بني عُقبة أيضًا.
وذكر المقريزي في البيان والإعراب، والجزيري في الدرر المنظمة أن بنو حميدة (في شرق الأردن الآن) هم بني عُقبة من جُذام ومنهم بني واصل الذين تقدم ذكرهم.
* ذكر القلقشندي في نهاية الأرب أن الحمداني: ذكر أن بني شاكر (عُقبة) منهم جماعة في بلاد الحوف من الديار المصرية شرق الدلتا.
* ذكر تاريخ شرق الأردن: أن الشبول في قرية الشجرة (الرمثا) بمنطقة عجلون أنهم من التثبيت من بني عُقبة.
* يذكر أفراد عشيرة العمرو في الكرك بالمملكة الأردنية أنهم ينتمون إلى بني عُقبة من جُذام، وقد حكموا الكرك مدة طويلة غير أن كثرة مظالمهم أضعفت أمرهم وتغلب عليهم غيرهم، ومنازلهم في وادي ابن حماد الشمالي وبعض أنحاء وادي الموجب، ونزل العمرو هؤلاء قسم من أفخاذهم إلي مدينة الخليل منذ ثلاثة قرون وكانت لهم سيطرة في تلك النواحي، ولهم أبناء عم في غزة ويافا والناصرة ونواح أخرى في فلسطين مثل السلط وبتيللو وسردا.
* يوجد نجع العقيبة في دشنا (محافظة قنا) بصعيد مصر.
* ذكر أحمد لطفي السيد في قبائل العرب أن هناك جماعة من بني عُقبة (جُذام) في سوريا حول =
وديار قبيلة "بنو حميدة" في بلاد الكرك والطفيلة ومادبا في المملكة الأردنية الهاشمية، ومن فروعها نذكر: المطارفة والفواضلة والتوايهة واللبادنة وهذه مساكنها في بلاد مادبا، وكذلك فروع العطاعطة والحمايدة ومساكنهم بلاد الطفيلة، وفروع بني حميدة في بلاد الكرك يُطلق عليهم الحمايدة ومنهم في مادبا والكرك والطفيلة بهذا الاسم.
وفي كتاب "قبائل العرب" لأحمد لطفي السيد هذا القرن ذكر أن قبيلة الكبابيش الشهيرة في السودان من بني عُقبة جُذام، وهي من أقوى قبائل العرب في بادية كردفان ومن مراكزها آبار صافية وكجمر وعين حامد، وقد انقسم الكبابيش إلى عدة عمائر وأفخاذ وقيل أنه كان يبلغ عددهم مائتين وخمسين ألفًا!
فجاءت الثورة المهدية فنكَّلت بهم حتى لم يبق إلا ربع هذا العدد أي حوالي ستين ألفا.
عشائر بني عُقْبَة في منطقة تبوك شمال كرب المملكة العربية السعودية
(1)
الجبور ومساكنهم في مقنا قرب ساحل خليج العقبة.
(2)
الخشيمات في مقنا.
(3)
الدحادحة في مقنا وبعضهم في المويلح قرب ساحل البحر الأحمر.
(4)
العبيدات في مقنا.
وبالإجمال توجد فصائل من بني عُقبة ما نجين مقنا وحقل الشيخ حميد على خليج العقبة بالمملكة العربية السعودية، ولبني عُقبة شيخ عام لا يتبع لأبي طقيقة رغم أن ديرة عُقبة مُحاطة من كل اتجاه بديار الحويطات.
= دمشق .. كما ذكر أن هناك فرقة من بني عُقبة انضمت إلى بني هِلَال أثناء وجودهم في مصر، وأن المقريزي حدد مكانهم بين أسفون وإسنا وأن آخرين انطلقوا إلى شمالي السودان ثم كردفان وكونوا نواة الكبابيش.
* في نهاية الأرب ذكر القلقشندي عن الحمداني: أن فرقة من بني واصل (عُقبة) نزلت أجا وسلمى (جبلي طيئ). قلت: وعلّهم دخلوا الآن في شَمّر ونسوا أصلهم وحسبوا من شَمَّر (طيئ) في السعودية، وذكر المغيري في المنتخب والبلادي الحربي في معجم قبائل الحجاز أن واصل انضموا لقبيلة مُطير في السعودية.
ومن بني عُقبة قاضي العُتبي وهو ما يخص الحريم في عشائر شمال الحجار، وكما هو معروف أن عُقبة من جُذام القحطانية وقد هاجر أغلبهم إلى الأردن ومصر وصارت بلادهم القديمة هي ديار الحويطات والمساعيد وبني عطية منذ عدة قرون وحتى الوقت الحاضر.
وعُقبة
(1)
هم أصحاب الديار الأقدم في شمالي الحجاز، وكما يقال: إن بلاد العُقبي قديمًا كانت من شاما إلى داما، أي من بلاد الشام حتى وادي داما شمال مدينة الوجه على الساحل السعودي.
وبنو عُقبة قديمًا كانوا حلفاء للمساعيد وبني عطية ثم الحويطات، وقد انضمت فروع من عُقبة إلى تلك القبائل وحسبت منها ولكن أغلبهم يذكرون نسبهم إلى قبيلة بني عُقبة، ومن شيوخهم بالسعودية أذكر عبد الرازق العُقبي، وتحضَّر أكثر بقايا عُقبة بالوقت الحاضر في المدن السعودية مثل تبوك وضبا، ومنهم من التحق بوظائف في الحكومة السعودية.
ومن بني عُقبة عائلات منتشرة في الديار المصرية نزحوا إليها من بر الحجاز في حقبة زمنية ليست بالبعيدة (أيام الملكية في مصر) وتملَّكوا الأراضي الزراعية، وقطنوا في البعالوة في قرية أبو نشابة ك 72 طريق مصر الإسماعيلية، وفي حي السلام بمحافظة الإسماعيلية، وكبيرهم الآن جبر سليم سليمان العُقبي وهو خليفة والده الشيخ سليم رحمه الله من أشهر شيوخ العربان في مصر، وابنه العقيد فهد بن جبر بتبوك في المملكة العربية السعودية، ومن بني عُقبة أيضًا عائلات في القناطر الخيرية بالقليوبية، وفي عرب العيايدة بالخانكة وفي منطقة الصف بالجيزة، والسويس وغيرها من المحافظات في مصر.
(1)
يسكن مع بني عُقبة في مقنا عشيرة الفوايدة من جُهينة وقد نزلوا على بني عُقبة وصاهروهم وخالطوهم في السكن، وفخوذ الفوايدة الصغايرة والعوايطة والجوافلة.
المساعيد
نسب القبيلة:
بعد البحث الميداني الدقيق ذكر شيوخ قبيلة المساعيد بالاتفاق العام في مصر والسعودية لما تواتر عند أجدادهم أن قبيلة المساعيد من نسل هانئ بن مسعود
(1)
الشيباني من بكر بن وائل من ربيعة العدنانية.
وأكد العارفون بتاريخ القبيلة من المساعيد في الديار المصرية أن أبناء هانئ كانوا في شكل عشيرة من شيبان أو بكر وكان مقرهم حتى أواخر القرن الخامس الهجري في الأحساء أو شرق نجد وجنوب غرب العراق، وكما هو معروف أن بطون شيبان
(2)
وعموم بني بكر بن وائل قد تفرقت بعد الإسلام وسكنت نواحي كثيرة من الجزيرة العربية والعراق والشام وحتى بلاد تركيا والمسماة هناك ديار بكر حتى الآن، وقد انفصم المساعيد من نسل هانئ بن مسعود كعشيرة من شيبان وقد سكنوا شرق نجد بديار مُطير الغَطَفانية، ثم بعد نماء أمر العشيرة انتقلوا إلى شمال غرب الحجاز معهم فرقة من مُطير، وقد جاوروا بني عُقبة من جُذام وخالطوهم أو حالفوهم في ديار جُذام القديمة (بلاد مدين)، ثم نزح أغلب المساعيد وبني عقبة في القرن السابع الهجري إلى بلاد فلسطين، وسلكوا وادي عربة كما سنُفصِّل عن ذلك في موضعه.
وفي منتصف القرن السابع الهجري تقريبًا دخل المساعيد دنيا القبائل القوية ويدل ذلك على ذكر الحمداني في دفاتر التشريفات السلطانية اسم المساعيد كقبيلة من عرب الحجاز في أواخر القرن السابع الهجري، وقد نقل عنه القلقشندي في أواخر القرن الثامن وأول القرن التاسع الهجري ومن بعده السويدي في أوائل القرن
(1)
هناك قبيلة من سلالة قيس بن مسعود من شيبان من بكر بن وائل وقد هاجرت إلى بلاد عسير جنوب غرب المملكة العربية السعودية ودخلت في رجال ألمع، وذكر الحقيل صاحب "كنز الأنساب" أن هذه القبيلة من تغلب بن وائل وهاجرت قديمًا من بلاد ربيعة إلى عسير.
(2)
بنو شيبان وبنو حنيفة وعموم بكر بن وائل هم ضمن قبيلة عَنَزة العدنانية الآن، وعَنَزة تحتوي على تجمع كبير من قبائل ربيعة العدنانية الشهيرة في صدر الإسلام والتي عُرفت باسم عَنَزة بعد نهاية الدولة العباسية بعد بدء اندثار أسماء كثيرة من قبائل ربيعة كبكر وتغلب وعبد القيس وعَنَز وضُبيعة وغيرها.
الثالث عشر عن المساعيد في مخطوطاتهم
(1)
، وتكاثر المساعيد في فلسطين وامتدت ديرتهم من نابلس حتى غزة وعُرفت باسمهم منطقة - فارعة المسعودي، وقد أممبح المساعيد يشكلون تجمعًا قبليّا قويًّا مُهاب الجانب من شتى العشائر والبطون في الشام وشمال الحجاز، وقد ظل نفوذ المساعيد ممتدا إلى أرض مدين بالبدع وأقيال بشمالي الحجاز وقرب العقبة لعودة فروع كثيرة منهم إلى تلك المنطقة بعد مذبحة المنطار كما سنُفصِّل عنها، وقد خالطت هذه الفروع بقايا بني عُقبة وبني عطية الذين نما أمرهم كقبيلة قوية منذ مطلع القرن الثامن الهجري ثم بعدهم الحويطات في القرن العاشر الهجري، كما حالفوا مدة طويلة بني عُقبة ثم بعدهم بني عطية (المعازة)، ثم جددوا في مراحل تالية في عهد العثمانيين حلفًا مع الحويطات والترابين في سيناء ومصر وفلسطين، وكان لعشائر المساعيد القوية في الشام وشمالي الحجاز رواتب من الولاة العثمانيين وذلك للحفاظ على طرق الحاج المصري والشامي وغيره، وكذلك على قوافل التجارة الداخلة والخارجة من الجزيرة عبر طريق الحجاز - العقبة.
دلائل عراقة المساعيد
ذكر لي كبار وشيوخ المساعيد في الديار المصرية وأيدهم كبار المساعيد في الديار السعودية، وعلى رأسهم الشيخ إبراهيم بن سِلْمي، والشيخ سليم بن حسن، والشيخ حسين بن عقيل وكلهم من الأمراء، والشيخ حمد بن سليمان من الدغيمات، والشيخ عيد بن غنَّام بن حمدي من الرواشدة، والشيخ أبو حجاج من النصيرات، والشيخ محمد البريدي، ذكروا جميعًا بالإجماع أن عراقة نسب
(1)
لا يحتج بإغفال القلقشندي ومن بعده السويدي في أواخر القرن الثامن الهجري وأوائل القرن التاسع الهجري عن نسب المساعيد الصحيح لهانئ بن مسعود الشيباني، وهذا يرجع إلى اعتماد القلقشندي كليًا على دفتر تسجيلات الضيافة من القبائل إلى حكام مصر في القرن السابع الهجري والذي كان يتولى أمر كتابته وتدوينه مهمندار الديار المصرية المسمى بالحمداني، وقد اعتمد السويدي على القلقثشدي والمصدر الوحيد لكثير من الأنساب وقتئذ كان الحمداني، وقد أغفل الحمداني كما هو معروف نسب بطون كثيرة عريقة النسب مثل شمر والدواسر والنعام وغيرهم، وقد نقل تواتر نسب المساعيد إلى هانئ بن مسعود في بداية هذا القرن نعوم بك شقير في تاريخ سيناء وعارف العارف في قبائل بئر السبع، وقد أخطأ كلاهما في النقل عن البدو وذكروا أن المساعيد من مسعود بن هانئ، والصحيح هانئ بن مسعود الشيباني الذي حارب الفُرس في أواخر عصر الجاهية وهزمهم في موقعة ذي قار وهو أول يوم تنتصف فيه العرب من العجم.
وقد ذكر الباحث راشد بن حمدان الأحيوي المسعودي من الأردن في مجلة الحرب السعودية أن أصل المساعيد في شمالي الحجاز والشام ومصر هم من بني مسعود من ذرية الصحابي عبد الله بن مسعود من هذيل العدنانية ولكني لم أجد أي نص قديم في أي مرجع يؤيد ما ذهب إليه الأحيوي وكذلك لم يقر بذلك الرأي شيوخ المساعيد في مصر والسعودية.
المساعيد لهانئ بن مسعود الشيباني لا جدال فيه؛ لأنه أمر قد عرفوه من آبائهم وأجدادهم وتناقلوه جيلًا وراء جيل، وذكروا أمورًا عن المساعيد ومناقب لهم بين قبائل العرب منها:
أ - أن القضاء كله في قبائل العرب في شمالي الحجاز والشام ومصر في قبيلة المساعيد وفيهم المنشد أو المنهى لجميع القضايا في عرف البوادي، وقد أعطى أجداد المساعيد بعض العلوم في القضاء وفرَّقوها على بعض العشائر التي قيل أن بعضهم فيهم خؤولة المساعيد مثل قطع أو قصاص الدم للسليلمي في عشيرة السلالمة من الحويطات، وحق الدلال للقهوة المُسمَّى الوجيكات عند عشيرة العمران من الحويطات، وحق الإبل وهو ما يُسقَى الضَريْبي عند السواركة أو الرميلات أو السلميين الحويطات، وحق البيت عند الأحمدي البلوي، وحق العُتبي وهو الحريم عند بني عُقبة، وحق الصوف عند الترابين، وحق الحطب عند بني عطية، وإن صار خلاف في قطع الحق أو حكم هؤلاء القضاة المذكورين كل فيما يخصه، يعود راعي الحق المتضرر إلى المنهى أو المنشد وهو المسعودي وهو بمثابة المحكمة العليا في قضاء البوادي أو في قبائل العرب، ولا قضاء أو لا حكم بعد القاضي المسعودي ولا يرفع قاضٍ مسعودي إلا لقاضٍ مسعودي مثله لأي ظرف حدث، وقد احتفظ المساعيد بحق الشرف أو العرض وحق الوجه وحق العطواء أو الجيرة وكافة قضايا المال، وكل هذا ليس من فراغ قد اكتسبه المساعيد ولكن يعود إلى شرف نسبهم ورفعتهم وسمو معدنهم وكرم خصالهم، ويعدُّ منقبة لهم ووسامًا يتحلَّون به بين القبائل العربية.
وكما يقول الرواة: أن رجلًا أراد أن يتعدى على المساعيد ويحكم في قضاء المنهى بفلسطين، فقال له آخر عندما وجده لا يحسن قطع الحقوق مثل المساعيد:
"دع الحكم لراعيه والقضاء لأهله فإن الحكومة من شيبان" أي كما قال الشاعر:
دع الحكومة لست من أهلها
…
إن الحكومة في بني شيبان
قتلوا كليبا
(1)
برمْح جارهم
…
يا قوم كِسْرى لست بيهجان
(1)
الأعشى الشاعر هنا لا يقصد كليب بن ربيعة بن مُرَّة أخي المُهْلهَل من تغلب بن وائل ولكنه كليب آخر كان قائدًا لقوات الفُرس حين قال القصيدة.
وتعني هنا المساعيد من هانئ بن مسعود الشيباني فارس بني ربيعة وزعيم عدنان كلها هي شرق جزيرة العرب.
ب - أن الإبل تبصم للمسعودي وخاصة من هو رد في رد أي من أب مسعودي وأم مسعودية، وأكد لي بعضهم أن البصم في نسل أولاد سليمان أي الأمراء، ومعنى تبصم أي تتوقف عن المضغ والهدبلة في المساء، ويقول البدو عن ذلك (هدبل جِرَّة)، فعند الغروب تبدأ في رد ما في جوفها من الطعام وتعيد مضغه ثانية بين أسنانها طوال الليل، ويقول الرواة أن الإبل وخاصة الأصيلة، أي الصافية إذا اشتمت رائحة المسعودي تتوقف عن الهدبلة والمضغ وترفع رأسها على الفور!! وسألت في هذا الأمر فقال لي بعض العارفين من قبائل بلِّي والحويطات وبني عطية (المعازة) وغيرهم: أنهم سمعوا هذا وجربوه مع المساعيد وخاصة من هم في ربع أو في نسل الأمير سليمان وثبت صحته، وقال لي أحد الحويطات من البوادي أنه رأى ذلك كثيرًا وقال: المساعيد فيهم نسل طيب ومبروك أو جدهم كان وليًّا لله، يقصد الأمير سليمان المنطار، وحظهم عند الله جيد وهذا شيء من الله سبحانه وتعالى كرامة لهم في الدنيا بين قبائل العرب.
جـ - أكد الرواة من المساعيد أن أحد أجدادهم ويسمي هانئ بن قبيصة حفيد هانئ بن مسعود قد علَّق حق القرايا والعنايا مع كل من هو من نسل هانئ بن مسعود الشيباني الوائلي، ومعنى حق القرايا أن القرى التي كانت تقع قديمًا قرب ديار المساعيد تصبح آمنة وعليهم حق حمايتها من كل أذى أمام الحكام والولاة في الأقطار العربية، أما العنايا فهم القبائل المستضعفة وهم يلجأون إلى المساعيد لأخذ حقوقهم من المعتدي عليهم.
د - ذكرت مقولة شهيرة عن المساعيد
(1)
ويعرفها غيرهم من القبائل وتؤكد نسب المساعيد لشيبان من بكر بن وائل، والمقولة هي: مساعيد من طرفة ومساعيد
(1)
ذكر الرواة أن المساعيد ما زال لهم بقية في بلادهم القديمة في العراق والكويت وتفرق منهم في دول الخليج وعُمان ومنهم قم مع قبائل عَنَزة، وبعضهم سكن ديار بكر في تركيا، ومن المساعيد في دولة الكويت الصحفي عبد العزيز المساعيد صاحب مجلة النهضة ودار الرأي بالكويت.
* ذكر لي عن حلف المساعيد مع الحويطات والترابين فقال الشيخ إبراهيم بن سِلمي بن بنية من أولاد الأمير سليمان المسعودي في مصر: أن الحويطات أغلبهم من الأشراف، أما الرابين من بني بقم (البقوم - القحطانية)، وقد حالفهم المساعيد في القرون الأخيرة بعد مذبحة الأمير سليمان المُلقَّب بالمنطار في شرق =
من غضا ومساعيد ترعى في ظراهم اللفايف أو العمايم، وتعني مساعيد من طرفة أن هناك مع المساعيد قديمًا في نجد فرقة من نسل طرفة بن العبد البكري الشاعر الشهير في الجاهلية، ومعنى مساعيد من غضا، أي هناك فرقة من شيبان أو بكر بن وائل انضوت مع المساعيد من نسل هانئ بن مسعود وكانت هذه الفرقة تسكن وادي الغضا في ذي قار وهو واد من وديان بكر بن وائل كان يشتهر بأشجار الغضا، ومعنى مساعيد ترعى في ظراهم اللفايف أو العمايم أي تنزل في حماهم العشائر والفخوذ من قبائل العرب الضعيفة وهو ما يسمونه بالطنب والجوار، وهؤلاء يمثلون أولاد الامير سليمان المنطار وأبناء عمومته الذين سنُفصِّل عنهم في موضعه.
هـ - ذكر بعض الرواة أن ما يؤكد أن المساعيد من شيبان هو تمسك جميع الرواة أن المساعيد جدهم هانئ بن مسعود، فلو سألت رجلًا من مساعيد الحجاز أو من مساعيد سيناء أو وادي النيل أو فلسطين لرد على الفور:(نحن من هانئ بن مسعود). ودلل بعضهم أن هناك فرقة من المساعيد في صعيد مصر تسمى الشيبانية حتى الوقت الحاضر، وذكر لي أن هناك نياشين تركية أهديت قديمًا لبعض فرسان المساعيد نُقش عليها الشيخ فلان المسعودي الشيباني.
التفصيل عن تاريخ نماء المساعيد وحروبهم
بعد أن استقر المساعيد في شمالي الحجاز إثر قدومهم من بلاد نجد
(1)
ومعهم فرقة من مُطَيْر ساكنو بني عُقبة من جُذام القحطانية وحالفوهم، وفي الديار التي استوطنوا منطقة العقبة ووادي اليتم، فكان بنو عُقبة يسكنون جانبه الأيمن وفي سيل السحاقي وامتدت مساكنهم إلى ساحل البحر، فيما كان المساعيد يسكنون الجانب
= مدينة غزة بفلسطين، وبالتالي تفرَّق المساعيد والأحيوات إلى سيناء والشرقية من الديار المصرية إلى جانب من ذهب إلى نابلس وقتئذ. وقال: وكانت قيلة المساعيد تحالف بني عُقبة ثم حاربوهم في وادي العربة ثم حالفوا فترة قبيلة بني عطية في الحجاز بعد عودة فرق من المساعيد إلى ديار بني عطية (أرض مدين) ثانية بعد وقعة المنطار، وقد كانت بني عطية هي الغالبة على عُقبة التي ضعفت وتفرقت إلى الام، وقد انتهت أحلاف المساعيد مع بني عطية في أطوار قديمة ولم تستمر ولم يبق سوى حلف الحويطات والترابين وخاصة في سيناء ومصر، وأضاف: إن هذا الحلف داداما حتى يوم القيامة طول ما الماء بحر والكف ما ينبت شعر!!
(1)
ذكر أن المساعيد قد سكنوا وادي الحرير أو الجرير فترة من الزمن وهو في نجد حاليًّا وانتقلوا لوادي الليف لعد ذلك في شمال الحجاز، ورافقتهم فرقة من مُطير نجد وتسمى بني عطا.
الأيسر وفي صدر الهويتة مع امتداد مساكنهم إلى ساحل البحر، ومن الآثار التي تعود إلى ذلك العهد دِمْس العُقبية وهي صخرة ضخمة كانت تقبع في بطن وادي اليتم، ولم يبق منها في يومنا هذا إلا جزء يسير بعد تحطيمها عند إنشاء طريق العقبة عبر اليتم، وقد نسبت هذه الصخرة لفتاة من بني عُقبة وفي رواية أقوى أنها ابنة شيخ بني عُقبة، قالوا: وكانت الفتاة العُقبية بكرًا لم تتزوج وكانت تصعد هذه الصخرة فنُسبت إليها، فلما تزوجت وحملت ثم ولدت ثم إنها عادت بعد ذلك لتصعد صخرتها - على سابق عهدها كما كانت تفعل قبل ذلك كعادتها - فلم تستطع الصعود، فعادت وسارت نحو مقعد الرجال في بيت أبيها وخاطبت قومها بهذه النصيحة قائلة:
يا بني عُقبة حيلوا الخيل
…
اثرى الطنى يهد الحيل
أي يا بني عُقبة امنعوا خيلكم من الحمل بمنعها من التلاقح، وقد نصحت العُقبية قومها بذلك، لأن الطنى أي الضنى وهو لغة عند بعض القبائل العرب حتى يومنا هذا، يذهب بالحيل أي القوة، فهي تريد من قومها منع خيولهم من الحمل بعدم تلاقحها لتظل بكامل قواها؛ لأن الحمل والولادة يذهبان بالقوة والجهد والحيل وقد جربت ذلك بنفسها.
وكان المساعيد حين قدموا من شرقي نجد بلاد بني بكر بن وائل وقد انفصموا عن قومهم بنو شيبان من بكر، وسكنوا بلاد مُطَيْر حقبة من الزمن، رافقهم فوقة من مُطير أثناء مسيرهم نحو شمال غرب الحجاز (لبلاد مدين القديمة) والتي تسكنها عُقبة من جُذام وقتئذ بعد أن رحل معظم جُذام إلى الديار الشامية والمصرية وغيرها، وقد عاشت هذه الفرقة من مُطير في حمى المساعيد وقد فُوض عليهم ضريبة يؤدونها لأمير المساعيد وتُعرف عند العرب بالخاوة، فلما استقروا بشمال الحجاز وخالف المساعيد بني عُقبة وساكنوهم رأى عرب مُطير أن يطنبوا على بني عُقبة حلفاء المساعيد، لأنهم رأوا في هذا ظلمًا واستبدادًا بهم وهم قوم أحرار في بلادهم الأصلية، مما دفعهم إلى الالتجاء لبني عُقبة مستغيثين بهم ليتخلصوا من خاوة المساعيد كلها أو بعضها تحت حماية بني عُقبة، فلم يجد هؤلاء بُدًّا على حسب عادات وأعراف العرب وتقاليدهم ونخوتهم إلا أن يُرحِّبوا بمُطير الذين
أطنبوا عليهم. وقيل أن المساعيد حين قدموا من شرق نجد كانوا يتألفون من أربعة عشر فخذًا ولكل فخذ رئيس أو شيخ وكذلك له بيرق، أي راية، وكان ارتحالهم ومسيرهم يتم بقرع الطبول لإعلام كافة المساعيد، وذهب علي نصوح الطاهر إلى أنه كان مع الأمير المسعودي سبع عشائر، قلت: بل كانوا سبعة بطون تفرع منها أربعة عشر فخذا ولهم سبعة رؤساء يديرون شئونهم، ويبدو أن منطقة شمال غرب الحجاز في العقبة ونواحيها قد ضاقت بالمساعيد وبني عُقبة بعد حين من الدهر وقد كثرت مواشيهم دهابلهم وأنعامهم، وأجدبت البلاد في شمالي الحجاز كعادتها فقرروا الارتحال إلى بلاد غزة
(1)
بفلسطين بعد أن استهوتهم كثرة خيراتها ومراعيها، وكانت الديار الغزيّة وقتئذ مكانا طيبًا لهجرة وامتداد القبائل العربية من شمال الحجاز أو الاتجاه منها نحو الديار المصرية، فانطلق المساعيد وبنو عُقبة من العقبة إلى ديار غزة التي قيل أنها في هذه الفترة بالذات قد أخصبت خصبًا لا مثيل له من قبل، فطار صيت مراعيها وارتادها الرواد من كل جانب، وهناك قول أنهم ساروا لشراء القمح من غزة، والصحيح أنهم ارتحلوا رحيلًا كاملًا بقصد الاستيطان هناك فارتحلوا عبر وادي عربة قاصدين بلاد غزة بفلسطين.
وقيل أنه أثناء ارتحال المساعيد من شمالي الحجاز تخلَّف منهم فريق يسمى الضمادية فظلُّوا في وادي عربة وقيل في نواحي العقبة، ثم إن باقي المساعيد واصلوا مسيرهم ليحطُّوا الرحال عند عين الحصب ووادي قصيب والمدرة ونواحيها في شمالي غرب وادي عربة طلبًا للماء والكلا وطلبًا للراحة عند ورودهم لماء الحصب، ولكي يرسلوا عيونًا منهم تجس بلاد غزة فأقاموا في تلك النواحي لبعض الوقت، ثم اتفق زعماء المساعيد وبني عُقبة على إرسال عيون على هيئة رعاة إلى غزة وأنحائها ليعسُّوا البلاد والناس، فأرسل المساعيد عدة رجال وكذلك فعل بني عُقبة، وكان من عيون بني عُقبة رجل من مُطير الذين أطنبوا عليهم فساروا وتفرقوا لمعرفة أحوال البلاد والناس، وكانت الدولة في غزة من المماليك الأتراك الجنس الذين قدموا في عهد الدولة الأيوبية، وقد علم حاكم غزة بارتحال هذه القبائل من
(1)
غزة سميت أيام الجاهلية باسم غزة هاشم (جد النبي صلى الله عليه وسلم) لما أنه كان مع قومه من قريش في رحلة الصيف للشام ومرض فاستند على عصاه في كثيب من الرمال أو غز عصا. وفاضت روحه، فسماها العرب غزة هاشم نسبة إليه.
شمالي الحجاز فخشى أن تفسد عليه البلاد والطرق والعربان الساكنين في فلسطين، فأرسل من يتربص بأخبار هذه القبائل وقد عرف أمر الجواسيس الذين أرسلوهم إلى غزة لجس البلاد وقد أرسل عساكره للقبض على هؤلاء، وقيل أن الشخص المُطَيْري المُرسل لبني عُقبة هو الذي أوشى عليهم وقد سار إلى حاكم غزة وأخبره الخبر، فلما سأله عن سبب هجرة هذه القبائل نحو غزة وأعدادها وزعمائها وأمزجتهم فهاله ما علمه من كثرة أعدادهم ورجالهم وخيولهم، وقال المُطَيري أنهم عبروا نقب الصفا نحو غزة ولن يردهم شيء، ونقب الصفا هو المدخل من شمالي غرب وادي عربة إلى بلاد بئر السبع وغزة بفلسطين.
وبعد تفكير ومشورة سأل حاكم غزة المملوكي الرجل المُطَيْري أن يفتن بين القوم بعضهم ببعض بعد ما علم بصغر من أمير المساعيد وميله الشديد وحبه للنساء والجمال، وأغرى الحاكم ذلك المُطَيْري بالمال الوفير والعطاء الجزيل والسماح له ولعشيرته بالتوطن في ديار غزة، فأخبره المُطَيْري أنه يستطيع فتنة القوم ذلك أنه طنيب على أمير بني عُقبة داود وأن له ابنة جميلة سيزينها ويجعل أمير المساعيد يراها بحضور أمير بني عُقبة، وهكذا كان فقد أعطى الحاكم للمُطَيْري ألبسة وزينة لابنته البدوية ليزينها ويسحر بها أمير المساعيد لتقوم الفتنة بينه وبين صديقه أمير بني عُقبة، فعاد المُطَيْري إلى القوم شأنه كشأن العيون الآخرين المُرسلة إلى غزة ولم يعلم أحد بشيء مما تم التخطيط له.
واقعة المُطَيْرية
حدثت هذه الواقعة في شمالي غرب وادي عربة إلى الجنوب الغربي من البحر الميت في الجزء الواقع بأرض فلسطين من وادي عربة، في موضع يعرف هناك باسم عين الحصب وحصى المدرة عند مصب نقب غارب إلى الجنوب الشرقي منه، وعلى عين الحصب كان ثمة شجرة سدر قديمة ضخمة تُعرف بشجرة الحصب لوقوعها على عين الحصب، وقد ذكر الدبَّاغ فقال في حديثه عن عين الحصب: أنها تقع على بعد 36 كيلو من البحر الميت وسبعة كيلو مترات من الحدود الأردنية، قال: وقيل أن فيها شجرة قديمة عملاقة لها من العمر آلاف السنين. وقال قسطنطين خمار يذكرها عند ذكره لعين الحصب: توجد بقربها شجرة ضخمة جدًّا
يزيد عمرها على ألف عام. وقال علي نصوح طاهر الذي زار عين الحصب عام 1946 م: وكان فيها شجرة ضخمة يبلغ قطر امتداد فروعها ما لا يقل عن عشرين مترًا!، وكانت هذه الشجرة. الوافرة بظلالها وقربها من الماء مقر لقاء أمير المساعيد وشيخ بني عُقبة، وكانوا يلتقون لتبادل الآراء والتشاور بشأن ارتحالهم إلى الديار الغزيَّة بانتظار عودة عيونهم والذين أُرسلوا للتجسس، وكانوا أثناء لقاءاتهم تحت ظلال شجرة الحصب يلعبون لعبة المنقلة التي يعرفها بدو اليوم باسم السيجة، وهي من الألعاب التي تعتمد على الذكاء والخبرة، ولم يمض وقت طويل حتى عاد الرسل وأخبروا المساعيد وبني عُقبة بوفرة خيرات غزة وبخصب مراعيها وضعف عربانها، وقد عاد المُطَيْري إلى قومه ليُنفِّذ اتفاقه مع حاكم غزة المملوكي ثم إنه أعطى ابنته اللباس والزينة والحلي التي جلبها من الحاكم، وقد زعم أنه اشتراها فتزينت الفتاة وتميزت عن غيرها بذلك فعُرفت بأنها المُطَيْرية في أوساط بني عُقبة، وذات يوم أمرها أبوها أن تسير إلى عين الحصب ساعة التقاء أميري المساعيد وبني عُقبة تحت شجرة الحصب فتَرِد الماء لتشرب وتكشف عن وجهها وجمالها للأمير المسعودي المغرم بالنساء عله يطلب يدها ويتزوجها، وهكذا نُفَّذت الخطة الجهنَّمية المرسومة بين المُطَيْري وحاكم غزة، فلما التقى الأميران أمير المساعيد سعود بن مسعود وأمير بني عُقبة داود العُقبي تحت الشجرة تجالسا وتحدثا ثم لعبا لعبة المنقلة (السيجة) كعادتهما، حينئذ مرت ابنة شيخ مُطيْر بهودج على جمل وقد تزينت بألبستها وحليها فوردت الماء وأخذت تشرب الماء وهي سافرة الوجه أي غير مُلثَّمة كغيرها من فتيات البدو، فبدت فاتنة جميلة ولا أحد يعلم أنها حيَّة رقطاء تريد دس السم الزعاف وتفتن القبائل لتقع الحرب وتسيل الدماء الغزيرة وتُرمَّل النساء وتُيتَّم الأطفال!.
ولما كانت تلك الفتاة بديعة الجمال رشيقة القد تنثني كالخيرزان، فما إن رآها الأمير المسعودي أُعجب بها وفُتن بجمالها ودلالها فصار ينظر إليها وتنظر إليه، فأخذ الأمير المسعودي يضع حجارة "حصى" السيجة فوق بعضها البعض دون وعي منه لما يفعل لانشغاله بالنظر إليها، فلما شربت الفتاة أخذت بالانصراف فتابعها ببصره وقد وقع في هواها ولم يدر من هي فأنشد يقول:
ما قال ابن مسعود شاف نظره
…
غزال بين الحنايا شقى بها
وفي رواية أنه قال:
وش شفت لي بين الحنايا شوفه
…
ياشوفه كِنْ عاد قلبي شقى بها
فالتفت الأمير العُقبي إلى الفتاة المُطَيْرية ليرى التي فتنت صديقه المسعودي فعرفها بزينتها وعرف أنها ابنة شيخ فرقة مُطَيْر الذين أطنبوا عليه وقال:
مُطيرية يا أمير ما هي لنا من سمية
…
وطنيبها داود الذي ما يعيبها
وفي رواية أخرى أنه قال:
مُطيرية يا أمير ما هي لنا من قبيلة
…
ولا هي من حمانا لك نجيبها
وهنا يوضح العُقبي أن الفتاة ليست من بني عُقبة ليعطوه أو يزوجوه إياها ولكنها طنيبة على بني عُقبة والتفريط بالطنيب صعب على العرب.
فقال الأمير المسعودي مهددًا:
نجيبها بالسُرد والمُرد والقنا
…
وضرب يعدي جارها مع طنيبها
فأجابه العُقبي بحزم صارم:
ياما دونها يا أمير من طعن سابق
…
وحربة تقد الجوف حامي لهيبها
نرعى بها حِسْمى وشقرة ونعمة وعاجات* ونثني ونعديها عن كل وبش يريدها
مُطيرية يا أمير ما هي لنا من قبيلة
…
وطنيبة لداود الذي ما يعيبها
إن شاف الغر
(1)
يجنب ثوبها
…
لا يسأل عنها ولا يعتني بها
يا مادونها يا أمير من طعن سابق
…
وكم عودة في الميدان ما ينسخي
(2)
بها
وهنا قوله نرعى بها حِسْمي وشقرة ونعمة وعاجات فهي مواضع في شمالي الحجاز من ديار جُذام ثم بني عقبة أحد بطونهم القديمة، فحِسْمي هي دار جُذام القديمة قبل الإسلام، وشقرة ونعمة من مياه حسمى، أما عاجَات فهي مرتفعات جبلية كانت من ديار بني عُقبة وهي جبال بارزةَ بين شروري شرقًا وبئر ابن هرماس غربًا شمال مدينة تبوك.
(1)
الغر: الشق في الثوب لو حدث لا يفتنه.
(2)
ينسخي: يكرم أو يجاد لها.
وفي رواية أخرى أن العُقبي قال:
ياما دونها يا أمير من طعن سابق
…
وعودة في الميدان ما ينسخي بها
ياما دونها يا أمير من طعن سابق
…
وحربة يا أمير ياضى
(1)
لهيبها
ياما دونها يا أمير من طعن سابق
…
وعين تغُض
(2)
البكا علي حبيبها
فأجابه الأمير المسعودي قائلا بكل تحدٍ:
من لامني يبلى بحرب مِسْمة
…
والا بحية نايمة في كتيبها
وإن كان له ولدين يعدم خيارهم
…
والثاني يقرط له العصا ما يجيبها
وإن كان له بنتين يعدم خيارهن
…
والثانية يلقى عليها طنيبها
فافترق الأميران غاضبين للاستعداد للقتال وقد أخذ كل منهما يجمع جموعه ورجاله أو فرسانه استعدادًا للحرب والنزال، ثم إن الجمعين بعد انتهاء استعداداتهما التقيا في معارك حامية الوطيس في وادي سيف بفرَعة وادي الحصب عندما يميل إلى وادي الفقرة، قالوا:
ولكي يُجرِّئ بعضهم بعضا على القتال وعدم الهرب وضع الأمير داود وراء رجاله النساء ليرمين كل من تحدثه نفسه بالهرب من صف القتال بالنبلة وكذلك فعل أمير المساعيد، وقد احتدم قتال عنيف بين الجانبين في وادي سيف وحصى المدرة، وأسفرت المعركة عن انتصار المساعيد وانهزام بني عُقبة بعد أن استحر القتل في فرسانهم، وقد تم دفن القتلى في منطقة حصى المدرة، وقال نعوم شقير في تاريخ سيناء:"وفي حصى المدرة إلى الآن أي حتى عام 1914 م قبور قديمة قيل أنها مدافن قتلى واقعة المساعيد مع بني عُقبة"، وقد قُتل في هذه الواقعة كما يقول الرواة شيخ أو رئيس من المساعيد يُسمى سيف المسعودي وقد سُمي الموضع الذي قُتل فيه بودي - تصغير وادي - سيف وهو بجوار الحصب إلى الشمال الغربي وهذا الوادي يلتقي بوادي قصيب قبيل وصوله إلى وادي عربة، وفي هذا الوادي رجوم - أي حجارة وعلامات: كثيرة ذكرى تلك المذبحة الشرسة أو المعركة الدامية.
(1)
ياض: يضيئ كالنار الشديدة.
(2)
تغُض: أي تكثر.
ويقال أن بعد انتصار المساعيد واندحار بني عُقبة سبى الأمير المسعودي الفتاة المُطَيْرية التي هي السبب في البلاء والحرب واصطحبها أسيرة إلى بيته وتزوجها واستمتع بجمالها عدة أيام، وقيل: أنه لم يلحق منها شيء، فعندما أدخلها بيته وعرفت أمه أنها الفتاة التي فتنت القوم تشاءمت منها وقالت هذه حيَّة خربت البيوت، وخرجت مُغْضبة، فلما سألها ابنها (أمير المساعيد) لماذا غضبت وخرجت من البيت؟
أجابت قائلة: لا أقيم تحت سقف واحد مع عروسك فلا تعجبك بزينتها وجمالها تراها صَلَبية!!، هنا قول المرأة على المُطَيرية هكذا لأنها تكرهها فأرادت ذمها وحتى يكرهها ابنها، وفعلًا طردها هي وأهلها إرضاءً لأمه وظلَّت بكرًا ولم يمسها!
فلما عرفت المُطَيْرية السبب وسمعت مقالة أم أمير المساعيد غضبت وتنكدت من هذا الظلم الواقع عليها وعلى أهلها من سب أصلها وهي تعتبر نفسها من قبيلة مُطَيْر المعروفة بنجد بقوتها وأصالتها بين العرب، فأخذت تخاطب الأمير المسعودي مدافعة عن أصلها ونسبها وأنها ليست من الصَّلَب وأنشدت تقول:
تقول المطيريه يا أمير ماني خفية
…
ولاني من اللِّي خافيات جدودها
أهلي أهل المرابيش والقنا
(1)
…
وقومي حربة يرموا وراء الجب عودها
منزل أهلي بين الظفير وشمَّر
(2)
…
على مثل صلوا النار حامي وقودها
قَنَّاصهم يقنص بيومه وينثني
…
ويجيب من لحم الجوازي عضودها
وتقصد في البيت الأخير أن قومها مُطَيْر أهل نجدة وحمية يغزون القبائل ويرجعون سالمين ويعودون بالإبل والغنائم بحد السيف البتَّار، وقد مثلتهم بقناص أو صياد يرجع في نفس اليوم على عَجَل ويأتي بالغزلان في رحْله أو في صيده وهذا دليل مهارته وتفوته.
(1)
هنا تقصد أن مُطَيرًا أهل حرب وفروسية.
(2)
هنا تقصد أن مُطيرًا بلادهم تقع بين قبائل شَمَّر (طيئ) في شمال نجد وبين قبيلة الظفير جنوبًا غرب الكويت (شمال وادي الحفر).
ما بعد انتهاء واقعة المطيرية
انقسم عرب مُطَيْر على أنفسهم فرافق قسم منهم بني عُقبة وعُرف هذا بالمطيريين، وقد استوطنوا البلقاء وديارهم اليوم في منطقة المشقر على نحو 30 كيلو مترًا جنوبي عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، وعشرة كيلو مترات شمالي مادبا حيث يشكلون اليوم أهم بطون قبيلة العجارمة هناك، أما شيوخ العجارمة فهم الشهوان (اليسفة) وأصلهم بطن من اللحاوي من قبيلة الشراراث، ومن مُطَيْر فريق آخر وقتئذ سلك على بلاد الخليل من فلسطين، أما القسم الأكبر من مُطَيْر فقد دخل في أوائل القرن السابع الهجري إلى شمالي سيناء ومنهم الدواغرة، أما بقيتهم فنزلوا إلى الشرقية وتفرقوا في جهات الجيزة وأسيوط من الديار المصرية (انظر السرد عنهم).
أما بني عُقبة
(1)
فقد ساروا نحو الشراة من بلاد الأردن باتجاه الجنوب الشرقي نحو بلاد الشوبك عبر نقبي نملا والضحل. وقد ذكرهم الحمداني عام 700 هـ - 1301 م، أي في أواخر القرن السابع الهجري، فقال: وعُقبة ديارهم من الشوبك إلى حِسْمى إلى تبوك إلى تيماء إلى الحريداء وهي شرق الحجار، ثم توسعوا فيما بعد في بلاد الكرك والطفيلة في شرق الأردن.
أما المساعيد فإنهم توجهوا مرتحلين تجاه بلاد غزة عبر نقب صفى وهو من أهم المداخل نحو بلاد بئر السبع وغزة من منطقة شمال غرب وادي عربة، وهذا النقب يقع إلى الشمال الغربي من عين الحصب في الطريق إلى غزة، وقد أخذ المساعيد يفرضون هيمنتهم على العشائر والقبائل الصغيرة القاطنة في بلاد فلسطين وقتئذ في آخر القرن السابع الهجري، أو فرضوا على أغلبها الخاوة، فلما وصلوا إلى بلاد غزة فرض عليهم حاكمها من دولة المماليك الأتراك وقتئذ ضريبة، بعدما
(1)
يؤكد الرواة أن أمير بني عُقبة ومعه أغلب قومه عادوا ثانية إلى ديارهم شمال الحجاز وظلوا حتى القرن العاشر الهجري.
علم أن المساعيد وحدهم القادمون وأن تحالفهم مع بني عُقبة قد فض، بعدما كانوا مجتمعين يشكلون خطرًا جسيمًا على الدولة أو على ولاية غزة على الأخص، وقد فرض الحاكم المملوكي ضريبة سنوية على أمير المساعيد وهي فرس من جياد خيله يقدمه المساعيد للحاكم كل سنة، كما فرض عليهم دفع العشور. وقال نعوم شقير: إن المساعيد ساروا إلى بلاد غزة فضرب عليه حاكمها فرسًا من جياد خيله يقدمه كل سنة، وقد ظلَّ المساعيد يؤدون الضريبة والعشور حقبة من الزمن؛ لأنهم لا طاقة لهم بحرب الحاكم بعدما فقدوا خيرة فرسانهم في معركة المُطَيْرية علاوة على أنهم فقدوا تحالفهم مع بني عُقبة، حتى تولى إمرتهم الأمير سليمان بن عمرو الشهير بالمنطار والذي يسميه أهل غزة باسم على أبو سليمان الشهير بالمنطار وفي أحيان أخرى يسمونه الأمير أبو علي المنطار.
ولما تولى الأمير سليمان المسعودي إمرة المساعيد في أوائل القرن الثامن الهجري، وقال نعوم بك شقير:(بقى المساعيد يؤدون هذه الضريبة حتى قام عليهم أمير يُدعى سليمان المنطار فاستثقل الضريبة وأبى دفعها وجاهر بالعداوة للدولة في حينه).
وصار المساعيد بأمر من الأمير سليمان كلما جاءهم جباة الدولة لأخذ الضريبة يقومون بضربهم وطردهم فيعودون بلا فائدة، ثم تداعى بهم الأمر إلى أن يقوم من المساعيد أنفسهم جباة للضرائب بدلًا من الدولة وصاروا يأخذون العشور من العربان والأهالي في القرى الفلسطينية، فزاد حنق الحاكم في غزة على المساعيد الذين زادت سطوتهم على الدولة وشكلوا هم حكومة لا تدين بالولاء للمماليك، فقرر في نفسه شيئًا حينما تواتيه الفرصة، كما سنرى في سرد الأحداث التالي ذكرها.
حرب المساعيد وجَرْم (فُضَاعة) ومقتل المنطار
ذكر رواة المساعيد لما تواتر عن أجدادهم وأيده مخطوط جفر الذهب
(1)
ومفاده أن المساعيد بعد أن نشرهم الله في بلاد فلسطين أيام الأمير سليمان بن عمرو المسعودي ونسله ما يعرف بالأمراء حتى الوقت الحاضر، وكانت حينئذ قبيلة بني جَرْم
(2)
(وهم بنو جَرْم بن رَبَّان بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قُضَاعة) كانت هذه القبيلة قبل القرن السابع الهجري عزيزة الجانب ومساكنها في جبال الشراة من شرق الأردن ثم هاجرت إلى فلسطين، وقد بأن عليها الانقراض وبدأ عليها الضعف في تلك الحقبة الزمنية، فنزل شيخ بني جَرم واسمه عَقِيل الجَرمي يرافقه ظعن من البدو من قومه على قبيلة المساعيد القوية التي امتد نفوذها من شرق غزة حتى مشارف نابلس، وبعد تسعين يومًا من الضيافة والكرم من عشائر البادية المساعيد لهؤلاء القوم من جَرْم الذين طنبوا عليهم، وذات صباح جاء الشيخ عقيل الجَرْمي ضيفًا على الأمير سليمان بن عمرو المسعودي، وبعد تناوله القهوة العربية أراد الأمير سليمان أن يتأكد من حسبه ونسبه ويعرف فطنته ومدى علمه ومعرفته، فقال للشيخ عَقِيل متسائلًا عن أصله ونسبه: هل أنت من كبار الجهود صغار الوهود قَتَّالة الفُرس واليهود؟ ويقصد هنا الأمير المسعودي قبيلة المساعيد لما
(1)
هذا المخطوط يسمى جفر الذهب في أنساب العرب في الجاهلية والإسلام وقيل أنه كان في مكتبة ابن سيناء وقد وجد منه بقية بعد إحراقها في نواحي غزة، وقد عثر عليه حسين بن مسلم المسعودي كما روى لي أحد المساعيد في الديار المصرية، وكان هذا المخطوط محفوظًا في حجر مجوَّف ملحوم عليه يشبه الطين الطفلي في مكان غرب مدينة العريش وكانت هذه المنطقة أو ما زال فيها جماعة من المساعيد، ثم أهداه إلى عائلة من الأمراء في فلسطين وظل عندهم فترة من الزمن ثم أهداه أحد عائلة الهايل سرور إلى أحد المساعيد في مصر، وقيل أنه أهدى صورًا منه وقد كان الأصل مكتوبًا على ورق بردي وجلد غزال بماء مذهب ورسم على مقدمته دلة أو بكرج قهوة ومكتوب على مقدمته لعن الله من يقرأ المخطوط وهو جالس!! واطلعت على بعض صور منه تؤكد نسب المساعيد لشيبان وتاريخ كتابة هذا المخطوط تعود إلى 450 عاما ولربما بعضها فقط والآخر كتب قبل ذلك، وقد سرد عن قصة المساعيد من تاريخهم في شمال الحجار حتى قتل سليمان المنطار المسعودي في غزة في أوائل القرن الثامن الهجري ثم تفرق المساعيد في البلاد عقب هذه الوقعة بعد مقتل أميرهم الشهير.
(2)
بني جَرْم هنا قُضَاعة، أما جرم طيئ القحطانيون فكانوا أقوياء في هذه الفترة وهم في ساحل فلسطين شمال غزة، وقد تحاربوا أيضًا مع المساعيد في مرحلة زمنية لاحقة بعد مقتل المنطار بفترة زمنية، وسنبين ذلك في موضعه أثناء السرد عن تاريخ المساعيد.
أنهم اشتهروا بقلة متاعهم وفي نفس الوقت بزيادة جودهم وكرمهم وسخائهم مع ضيفهم، ومعني قَتَّالة الفُرس يقصد شيبان الذين منهم المساعيد وقد انتصروا على الفُرس بقيادة جد المساعيد الأول هانئ بن مسعود في ذي قار آخر عهد الجاهلية، فأجاب الجَرْمي بفطنة وقال: مساعيد يا أمير ولا أنا منهم، فقال الأمير سليمان: هل أنت من مكَرْمين الضيوف شاهرين السيوف حافظين الجميل والمعروف؟ قال الجَرْمي: عَنَزة ربيعة ولا أنا منهم. قال: هل أنت من ساهرين المنام قليلين الكلام معروفين بالجرأة والإقدام؟ قال الجَرْمي: عُتَيبة هوازن يا أمير ولا أنا منهم. ثم قال له: هل أنت من مضمدين الجراح ضرَّابين الرماح؟ قال: هُذَيْل يا أمير ولا أنا منهم. قال: هل أنت من ساقيين الحليب مكَرْمين الطنيب؟ قال: شَمَّر طيئ يا أمير ولا أنا منهم. قال: هل أنت من لبَّاسين البشوت قليلين البخوت؟ قال: عُقْبَة جُذام يا أمير ولا أنا منهم. قال: هل أنت من خيل دز لباسين القز؟ قال: بقوم يا أمير ولا أنا منهم. قال: هل أنت من راكبين الدهايا
(1)
آخذين الخطايا
(2)
؟ قال: تياها يا أمير ولا أنا منهم. قال: هل أنت من وجوه السماح ضرَّابين الرماح؟ قال: تَميم يا أمير ولا أنا منهم. قال: هل أنت من ساترين العريان شتاعين الجوعان؟ قالَ: شيبة قريش يا أمير ولا أنا منهم. قال: هل أنت من عيون ظر صنقور الشر؟ قال: .... ولا أنا منهم. قال: هل أنت من قطَّاعين الطريق خائنين الرفيق؟ قال: .... ولا أنا منهم. قال: هل أنت من كبار العمايم قليلين الذمايم؟ قال: .... ولا أنا منهم، ومضى الأمير المسعودي يسأل والشيخ عَقيل الجَرْمي القُضاعي يجيب بدهاء وفطنة وسعة معرفة حتى وصل إلى تسعة وتسعين سؤالًا
(1)
الدهايا: الخيل.
(2)
الخطايا: الصغار.
* وزادهم بعض الرواة أن الأمير المسعودي قال للجَرْمي متسائلًا: هل أنت من شدادين الحقب لاحقين الطلب؟، هل أنت من قصيرين الملبوس طويلين الدبوس؟، هل أنت من كبار الذقون قليلين الذهون؟، هل أنت من أهل العك اللي طلبتهم ما تنفك؟ وكانت الإجابة على ذلك من الجَرمي بالنفي، ولكن بعض الرواة لم يؤكدوا هذه الأسئلة لأنها تنطبق على قبائل جاءت للوجود بعد عهد الأمير سليمان المسعودي في أواخر القرن السابع الهجري.
* * امتنعنا عن ذكر أسماء بعض القبائل في حوار الأمير المسعودي مع الشيخ الجَرْمي حرصًا على عدم المساس بسمعة أي قبيلة أو التشهير بها أو وصفها لصفات قد لا تكون فيها.
وأخيرًا رد وقال: جَرْمي أنا جَرْمي يا أمير سليمان، وأسألك بحق رب الأنام وبحق النبي العدنان، وبحق جدك هانئ بن مسعود ومعه همَّام فرسان شيبان، وبحق المُسنَّا والمُعنَّا وهانئ بن قبيصة الشغموم وعمرو بن كلثوم
(1)
وبسطام الضرغام
(2)
، وبحق رب الوجود والنبي صادق الوعد والعهود، وبحق بني مسعود وشيبان الأحرار محاربين عَبَدة النار في ذي قار ومعهم ربيعة الجمار اللِّي ضربوا رءوس الفُرس بالسيف البتَّار، أريد أن أطانبك يا مسعود يا نسل أهل الجود قصدي أقيم معك العهد والعهود. وبعد هذا الكلام المنظوم من الشيخ عَقِيل الجَرْمي قال الأمير سليمان بن عمرو المسعودي مجيبًا إياه: قبلت طنبك يا ابن جَرْم بشرط أن لا تُطنِّب عليك ولا تجير معك أحدًا من غير علمي، قال الجَرْمي: قبلت الشرط يا أمير المساعيد. وعقد المساعيد وجَرْم حلفًا قويا وعهدًا وميثاقا، وصاروا يغزون القبائل الأخرى ويأخذون عُشر المال وشاة المرعى وهي حق الرتاعة على كثير من القبائل الأخرى في فلسطين، وهذا الشيء أثار عليهم القبائل العربية من غيرهم في تلك النواحي، وقد دعا القبائل إلى التآمر لضرب التحالف ما بين المساعيد وجَرْم بأي ثمن، فقام بعض شياطين هؤلاء القوم بتدبير حيلة لبث الفتنة بين المساعيد وبني جَرْم، فأرسل هؤلاء المتآمرون المعادون أو الكارهون لوحدة القبيلتين عجوزًا وكانت داهية من دواهي نساء العرب، فصحبت ابنتها الشابة وكانت على قدر كبير من الجمال وفي نيتها تنفيذ الضغينة وإشعال نار الفتنة حسبما توجهت بالمال من شيوخ العشائر المعادية، فنزلت بعد الغروب على عَقِيل الجَرْمي وأطنبت عليه فقبل طنبها وكسر الشرط المعقود بينه وبين الأمير المسعودي وأخذه الغرور ووقع في المحظور، وكما هو العرف السائد بين قبائل العرب أن الطنيب لا يُطنِّب غيره ولذلك كتم
(1)
عمرو بن كلثوم أشجع فرسان زمانه وهو وائلي من تَغْلِب من أبناء عمومة شيبان من بكر بن وائل، وهو قاتل عمرو بن هند في دار ملكه لما أهينت أمه في بيته وهو القائل في بني وائل من ربيعة عدنان:
إذا بلغ الفِطام لنا وليدًا
…
تَخِرُّ له الجبابر ساجدينا
لنا الدنيا ومن أضحى عليها
…
ونبطش حين نبطش قادرينا
إذا ما المُلك سام الناس خسفًا
…
أبَينا أن نقر الذل فينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا
…
ويشرب غيرنا كدرًا وطينا
(2)
بسطام بن قيس هو فارس شهر من فرسان شيبان من بكر بن وائل، ومعنى ضرغام، أي الأسد القوي الجسور.
عَقِيل الجَرْمي طنب المرأة العجوز وابنتها، ولِما أنهن من النساء فقد خجل رد طنبهن عليه وأخذته العزة ولم يحب أن يظهر بمظهر الضعف أمامهن ويطلب الإذن من أمير المساعيد، ومرت الشهور وأجدبت البلاد في فلسطين وقلَّت المراعي وانتقل عرب المساعيد ومعهم بني جَرْم إلى مناطق جديدة بحثًا عن الكلأ والمراعي في مناطق الرابية وغيرها حول نابلس، فسبقت العجور هي وابنتها الظعن وأرادت أن تظهر نفسها لأمير المساعيد كي تُعرِّفه أنها طنيبة شيخ جَرْم بدون علمه، ولحقت بالأمير سليمان والشيخ عَقِيل اللذَيْن سبقا ظعن العرب على عادة الرؤساء أن يتبع الظعن آثارهم، فهم أدرى بمكان الرعي والإقامة، وقد جلس كلاهما تحت ظل بعض الأشجار في الخلاء، ولما قدمت المرأة وابنتها على هيئة غير هيئة نساء المساعيد أو بني جَرْم عرف الأمير المسعودي - وكان رجلًا بالغ الذكاء - أن هذه المرأة غريبة، فسأل صاحبه الجَرْمي عنهن فكان في غاية الحرج والضيق، وقبل أن يجيب أو يكذب بادرت العجوز بالجواب كي تثير الفتنة وقالت: أنا يا أمير المساعيد طنيبة على أمير جَرْم ولم أجد غيره في هذه البلاد ورحب بي ولم يردني أنا وابنتي اليتيمة، فقال الأمير سليمان بحدة: أيتها المرأة ألا تعلمي أن أمير جَرْم هذا بنفسه هو وقومه طُنباء عليَّ وعلى قومي المساعيد والطنيب لا يُطنِّب غيره؟ قالت: العفو والسماح يا أمير أنا وابنتي غرباء عن الديار ولا نعلم شيئًا عن العربان وحسبنا أن بني جَرْم هم أسياد البلاد والبوادي، قال لها الأمير المسعودي: كذب والله من أخبرك بهذا الهُراء. وحتى تزيد الفتنة قالت: أنا من ذا الحين طنيبة في وجهك يا أمير المساعيد وطَنَبي على الجَرْمي مردود عليَّ، فلما سمع شيخ بني جَرْم هذا القول من المرأة شعر بالهوان والمذلة أمام المرأتين، وانسحب من أمام أمير المساعيد يملؤه الخزي والعار لما أنه كسر الشرط والعهد معه أن لا يجير أحدا من البشر إلا بعلم سابق منه، وثانيًا أنه كشف عن فعلته القناع بطريقة لا يتوقعها ولا يدري عنها ولا يحسب أنها مقصودة ومُخطط لها من القبائل المعادية، وهكذا نجحت المؤامرة المدبَّرة وقامت الفتنة بين المساعيد وبني جَرم بعد أن تخاصم الأمير سليمان والشيخ عَقِيل، واندلع القتال بين فرسان المساعيد وفرسان بني جَرمِ، ولم يطل ذلك أكثر من ساعات فقد انتصر المساعيد نصرًا حاسمًا وشتتوا شمل جَرْم ومزقوهم شر ممزق
ونقضوا الحلف معهم، بعد ذلك استجار الشيخ عَقِيل بحاكم غزة أو ما كان يُسمَّى الأغا سنجق ويقال أن اسمه وقتئذ كان (أمين جور) تابع لدولة المماليك
(1)
في مصر، وكان هذا الحاكم يكره المساعيد وأميرهم كما أسلفنا لامتناعهم عن دفع ضريبة الدولة، فأراد أن يجمع القبائل المعادية للمساعيد مع بني جَرْم ليفرض عليهم الصلح كما يزعم أمام المساعيد وهو يكن شيئًا آخر ويضمر حقدًا ويتأهب للغدر بهم، فأرسل الحاكم إلى الأمير سليمان بن عمرو المسعودى يطلب منه الحضور للصلح بمعرفة الدولة الممثلة فيه، ولما توجه الأمير سليمان إلى قصر الحاكم ومقر الحكم في ديوان السلطة للبت في أمر التصالح وجد خيولًا عربية وليست مملوكة للحكومة، فعرف أنها لشيوخ قبائل من فلسطين تجمعوا على يد الحاكم، وأيقن أن هؤلاء هم المدبرون للفتنة من البداية، وهم الآن يدُسُّون للحاكم الضغط على المساعيد، مستغلين بغضه له ولقومه المساعيد، فكره الصلح والجلوس في حضرة الوالي ما دام هؤلاء الأعداء يُدبرون له ولقومه الدسائس، وأن الصلح لن ينفع وسيصبح امتهانًا له أمام الحاكم الذي أفسد رأيه هؤلاء، فقرر أن يقهر هؤلاء الرجال ويظهر بمظهر القوة وأنه لا يخشى الحاكم ولا يعمل لهم أي ورن أو مقدار، فأمر رفاقه بالانتظار خارج القصر ودخل ممتطيا جواده بعد أن أخرج الشلفا (حربة) ووضع سنها في بول فرسة أنثى كان يركبها أحد رفاقه بالخارج، ثم أطلق العنان لجواده ولكزه واقتحم على الحاكم ديوانه، فقال له الحاكم لما رآه ممتطيا جواده ولم يُوَقِّر أحدا: انزل يا أمير سليمان كي أصلحك مع بني جَرْم فقال له: يا سلطان لو كان بنو جَرْم هؤلاء وحدهم عندك لجلست للصلح والصفا بيننا، ولكن رجال القبائل الأخرى المعادين والحاقدين علينا وهم الذين دبروا الفتنة موجودون فلن أجلس إلا بعد مشورة جوادي. فقال الحاكم: شاور جوادك بما تريد يا أمير سليمان، فسحب الشلفا (الحربة) ووضعها عند أنف الجواد، فلما أروَّح أو اشتم رائحة البول للفرسة الأنثى بخارج القصر وبعادته الغريزية بدأ يصهل. ويقف على أرجله الخلفية، فقال الحاكم: ماذا جواب حصانك؟ فقال الأمير سليمان المسعودي أن جواده أخبره وقال له: مَسْكني روس الروابي وأداوي عِلَّتي بيدي تبرأ .. ولا
(1)
المماليك هم أجناس تركية وجركسية وأرمينية في الأناضول وبلاد التركمان جنوب غرب روسيا وحكموا مصر والشام بعد نهاية الدولة الأيوبية.
أطيع ولا أشاور ولا أنا تحت حكم كل ابن امرأة كانت عذرا .. واللِّي يريد الحرب يلحق بي!!، ففهم الحاكم فحوى ما يقصد الأمير المسعودي ورفضه التفاهم فقال له: إنك لا تريد السلام يا شيخ الساعيد - ولم يقل له يا أمير المساعيد - وأراك لا تُوَقِّر أحدا، وزاد غبنه وغله أن يجد العنجهية من رجل من البادية لا يحكم سوى قبيلة واحدة فكيف به وهو حاكم وسيد البلاد كلها، فدبر في نفسه شيئًا لكي يقضي على هذا الرجل المعارض له، وأما الشيخ سليمان أمير المساعيد فقد عاد إلى مضارب قومه وقد أمر الفرسان بحمل السلاح ليل نهار والتزام الحذر، وبعد ستين يومًا أرسل الحاكم رسالة للأمير سليمان يسترضيه ويطيِّب خاطره ويهدئ من ثورته، وطلب إليه الحضور ليعقد صلحًا واتفاقًا جديدًا بين حاكم غزة والساعيد لتحديد العلاقة بينهما وفقًا للتطورات الأخيرة، وذلك في موضع خان الزيت وهو موضع بداخل غزة، فتم الصلح مؤقتًا وتم بموجبه إلغاء الضريبة المفروضة على المساعيد، فهدأت ثورة الأمير سليمان المسعودي فيما كان الحاكم وجنوده يبيتون أمرًا آخر يقوم على الفتك بالمساعيد والغدر بهم بعد اطمئنانهم، وذات يوم جرى احتفال كبير مدبَّر فوجه حاكم غزة الدعوة لشيوخ المساعيد وكبارهم لحضور الاحتفال والذي تم التخطيط له كما يلي:
(أ) أن تقام مأدبة غذاء كبيرة يحضرها وجهاء المساعيد وكبارهم في غزة داخل المدينة التي كانت مسوَّرة ولها أبواب، وقد أعدَّت الدولة صواوين لأجل المأدبة واستقبال المدعوين.
(ب) إجراء سباق للخيول قبل الغذاء يشترك فيه رؤساء المساعيد وفرسانهم في ظاهر المدينة من الجنوب الشرقي.
وقد لبى المساعيد الدعوة حيث ذهب الأمير سليمان على رأس مجموعة من شيوخ وكبار المساعيد إلى ظاهر مدينة غزة للمشاركة في سباق الخيول، بينما كان فريق آخر من المساعيد وكبارهم قد أخذوا يتقاطرون نحو المدينة زرافات ووحدانا ليدخلوها عبر بواباتها، ليحلُّوا ضيوفًا على الدولة ممثلة في حاكم غزة بانتظار ساعة الغداء ليجتمعوا جميعًا للغداء، فكانوا يدخلون غزة عبر بوابات سورها، في الوقت الذي كان الحاكم وجنده قد أعدوا العدة لذبح الداخلين واحدًا إثر آخر أو مجموعة تلو أخرى دون إحداث شيء يظهر ذلك لباقي المساعيد.
ولم يتسرَّب الخبر إلى باقي المساعيد ولم يأخذ أي أحد منهم حذره، وقد تم قتل أربعة وأربعين رجلًا من كبار وشيوخ المساعيد الذين دخلوا المدينة دون أن يشعر الأمير سليمان ومن معه بهذا الغدر المبيت وهذا ما حدث بالفعل، فرأى رجل غزِّي تلك المكيدة وذلك الغدر فهاله الأمر واستاء فقال:"يا حسرتاه عليكي عرب لكي خاش أي داخل ولا لكي طالع"، وهنا يتحسر ويتلهف هذا الرجل على المساعيد فمن يدخل منهم المدينة لا يخرج لأنه يُقتل من عسكر المماليك، ويقال أن هذا الرجل كان مؤذنا فصعد على مأذنة أحد المساجد بغزة وأنذر الناس بتلك المكيدة، فتنبه المساعيد الباقين خارج البوابات للمدينة بعد فوات الأوان، أما الذين كانوا في السباق للخيول وعلى رأسهم الأمير سليمان المسعودي فلما حان موعد الغذاء تركوا خيولهم في خارج القصر المُعَدُّ لهم فيه الموائد وأخذوا سيوفهم معهم، فقال لهم الحاكم: هيَّا إلى الطعام؛ لأن الطعام يسبق الكلام، ويقصد أمر الصلح مع بني جَرْم، فلما جلسوا لم يقربوا المائدة إلا بعد أن يمد أميرهم يده فيها، فلما مدَّ الأمير سليمان المسعودي يده وأخذ لقمة فذاقها فلم يجد فيها ملح فعرف أن هناك غدرًا سيقع بهم في حضرة الوالي أو حاكم غزة وأنه نوى الغدر، والغدر من شيمة المماليك وعموم الأتراك ولا خير فيهم، فقال الأمير المسعودي صارخًا في رجاله: هيا اخرجوا من القصر على عَجَل قبل أن يفتك بكم السنجق الغادر، فخرجوا مسرعين نحو باب القصر مندفعين شاهرين سيوفهم، فلما همُّوا بركوب صهوات خيولهم في الخارج وجدوها مقطَّعة السروج، وكان الرجل منهم يضع قدمه على صهوة جواده أو فرسه فيقع من فوره على الأرض، وحينئذ داهمهم جنود المماليك على حين غرة فقتلوا أغلبهم، واستطاع بعضهم أن يمتطوا خيولهم أعراء وقد شقوا بحرابهم صفوف الجند وقاتلوا قتالًا مريرًا، وقد امتد القتال والمطاردة لهؤلاء الرجال وعلى رأسهم أميرهم المسعودي الذي أصابته الجراحات حتى وادي البها على نحو 16 كيلو مترًا جنوب شرق غزة، وطبعًا انتهى القتال غير المتكافئ بانتصار جند الحاكم وأصيب المساعيد بهزيمة فادحة قضت على خيرة فرسانهم، وقُتل فيها الأمير سليمان بن عمرو المسعودي في هذه المذبحة البشعة التي سميت بمذبحة غزة، وقد سقط هذا الفارس عند - تل - شرقي مدينة غزة عرف فيما بعد بتل المنطار وهو من النقاط المشهورة بظاهر غزة حتى الآن، وبعد
مقتل الأمير المسعودي أخذ باقي من نجا من المساعيد يهرب في شتى الاتجاهات بلا وعي أو تخطيط وقد أصابهم الهلع واضطرب جمعهم، وهذا راجع إلى أن جميع الرؤساء والقادة قد قتلوا مع الأمير سليمان في المجزرة الأليمة (مذبحة غزة).
وقال نعوم بك شقير: فلما تمرَّد الأمير سليمان المسعودي واستثقل الضريبة وأبى دفعها وجاهر بالعداوة للدولة، فجردت عليه وقتلته في واقعة مشهورة قرب غزة. وقيلت رواية أخرى أن الأمير سليمان لم يُقتل في حينه، وإنما هرب إلى قومه في البادية ومعه بعض الرجال الذين نجوا من المذبحة في غزة، وجمع فرسان من بعض حلفاء له وظل صامدًا نحو ثلاثة وثلاثين يومًا، وقد قلَّد النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة المكرمة، فأمر كل فارس معه بإشعال ناره في الليل كي يوهم أعداءه بكثرة عددهم، فكان المماليك يتركون عددًا من قوتهم خوفًا من الكمائن من الخلف أثناء المعارك في النهار، وهكذا استطاع أن يمد النزال عدة أسابيع وقد أباد عددًا وفيرًا من عسكر المماليك الترك، ثم قُتل شرق غزة أخيرًا في أحد المعارك الضارية مع أعدائه وكان عند تل عال ودفنه ابنه عمرو
(1)
هناك هو والباقي من أولاده.
سبب تسمية الأمير سليمان المسعودي بالمنطار
قال الرواة: بعد مقتل الأمير المسعودي سليمان بن عمرو ومن معه من فرسان المساعيد فقد ظلت جثث قتلاهم ملقاة على الأرض ومنها جثة الأمير سليمان عند التل، فلما حل الظلام في الليلة الأولى بعد المعركة رأى الجند نورًا عند الجثث فظنوا أن أحدًا قد جاء للجثث من المساعيد فبلَّغوا عن ذلك، فطلب إليهم أن يحرسوا الجثث للتحقيق في أمر هذا الضوء عند الجثث بجوار التل، فظل الجنود ينطرون، أي يحرسون منتظرين إلى أن حل الظلام ولم يأت أحد، وقد تأكدوا من رؤية الضوء أو النور يضيء الظلام على جثة هؤلاء الشهداء الذين قُتلوا بالحيلة والغدر، وقيل أن الضوء كان واضحا على جثة الأمير سليمان المسعودي
(1)
قيل أن عمرو ابن الأمير سليمان استطاع أن يصمد بعد مقتل أبيه وثأر من المماليك وكان معه عدة رجال ممن تبقوا ولهم في المساعيد سلالات مثل سليمان الأدغم ومنه الدغيمات وراشد ومنه الرواشدة ومربد ومنه المرابدة وعيهور ومنه العواهير وجد الأحيوات وقيل اسمه معلى، أما سلالة الأمراء فانحصرت في ذرية عمرو بن سليمان بن عمرو الشهير بالمنطار وسموا (أولاد سليمان) الأمراء من المساعيد.
فوق التل وكان من أهل الصلاح والتقوى ولا يخشى في الحق لومة لائم. وقال نعوم شقير عن ذلك: وكان سليمان المذكور من أهل الصلاح والتقوى فرأى الترك قنديلًا أضاء فوق جثته. وثمة إشارة يوردها الدكتور عبد الكريم رافق حول الضريبة التي فُرضت على المساعيد وتمرد الأمير سليمان الولي الصالح بقوله: ولا ندري إذا كان المنطار هذا هو نفسه الذي أعطى اسمه إلى ضريبة منطقة عُرفت بضريبة ولي الله تعالى الشيخ أبو علي المنطار، وكانت ظاهر غزة من الجهة الشرقية.
قلت: والشيخ أبو علي هو سليمان بن عمرو المسعودي وعلي أكبر أبنائه، ولا توجد له سلالة والظاهر أنه قُتل معه.
قال الرواة: وبعد تأكد الجند المماليك من الضوء تركوا الجثث للكلاب، فلما اقتربت الكلاب إلى الجثث لتأكلها وأرادت افتراس جثث الأمير سليمان ومن معه فرَّت وهي تنبح!، فلما تبين لهؤلاء الجند كرامة هؤلاء وكبيرهم الأمير سليمان قاموا بدفن هذه الجثث بإكرام، وقيل قاموا ببناء قبة على الأمير سليمان عند التل الذي كانوا ينطرونه بالأمس، أي يحرسونه فسمي سليمان المنطار
(1)
وعُرف هذا التل بتل المنطار أيضًا وهو تل يرتفع نحو 170 قدمًا عن سطح البحر، ولا تزال القبة قائمة حتى الآن والعرب من أهل قطاع غزة يزورونه حتى الوقت الحاضر.
وقال نعوم بك شقير: فدفنوه بإكرام وبنوا قبة فوق قبره لا تزال قائمة والعرب تزورها إلى اليوم.
وقال عارف العارف في ذكر تل المنطار: وفيه مزار الشيخ علي وكنيته سليمان، وعلى قول اسمه سليمان وكنيته أبو علي واشتهر بالمنطار، وكان جامعا واليوم مزار فقط.
وقد كان لأهل غزة موسم يحتفلون فيه بزيارة الأمير سليمان الشهير بالمنطار في أوائل الربيع من كل سنة في يوم الخميس ويسمونه بخميس المنطار، حيث كانوا يخرجون جميعًا رجالا ونساء وأولادًا من صباح الخميس حتى العصر.
(1)
قيلت رواية أخرى عن تسمية المنطار وهي: أنه عندما قُتل الأمير سليمان وقد ضربه أحد فرسان المماليك الأتراك طارت رأسه من جثته فوق تل عال ولم يجدوها لكي يأخذونها إلى السنجق أو الحاكم، وقد جاءت التسمية عندما سأل الجنود عن أعجوبة اختفاء الرأس وشيوع أنها طارت فقالوا مَنْ طار؟ أي يسألون عن رأس مَنْ التي طارت ويبحث عنها القادة فسمي المنطار .. والله أعلم.
وقال الدبَّاغ: للغزيين موسم يحتفلون به في أوائل الربيع يعرف باسم موسم المنطار. وقال الرحَّالة التركي نعمان قسطلي في رحلته حين مرَّ بتلك المنطقة: في خميس المنطار يخرج أهل غزة لمحل مرتفع على تلة شرقي المدينة وبها مقام يسمونه بالشيخ أبو علي المنطار، وكان مقامًا له جامع يقصده الرواد من أنحاء بلاد وقرى غزة ويسمونه المنطار، أي الذي طار، ثم أضاف قائلًا: أما هذا المحل فهو أعلى تل مرتفع في جهات غزة وعلوه ينصرف أي يعلو المائة قدم من سطح البحر، وفي يوم عيده تخرج جميع أهالي غزة رجالًا ونساءً وأولادًا لزيارته إلا ما ندر منهم، ودائمًا يكون خروجهم صباحًا ويبقون هناك لما بعد الظهر بساعتين وأكثر، وتصير سوق لبيع المأكولات والحلوى، وقد خرجتُ في ذلك النهار فلم أجد شيئًا من أسباب الطرب الذي يتوهمون به في ذلك المحل، ولكن قد تبين لي بأنه حيث يصير لهم حرية ليرون بعض النساء أو الفتيات
(1)
ويعتبرون هذا الشيء طربًا لهم إذ إن كل صاحب غاية من رواد هذا المحل يفوز بمقاصده!!.
ويعود بنا الحديث عن باقي المساعيد السالمين من مذبحة غزة
(2)
فقد أخذوا يبتعدون عن بلاد غزة هاربين من سطوة وعنف الدولة وبطشها بعد أن ظهرت قسوتها لأقصى درجة بقبيلتهم العزيزة المرهوبة الجانب، وقد تفرَّق المساعيد في شتى الاتجاهات فرارًا بأنفسهم من وجه حاكم غزة وزبانيته، وقد غيَّرت نساؤهم براقعهن الطويلة اللاتي كن يتميزن بها، وجعلنها على هيئة براقع نساء عربان ديار غزة لكيلا يُعرف المساعيد بزيِّهم، وكانت براقع المسعوديات تصل إلى السُّرَّة، وقد أخذ المساعيد يجمعون أنفسهم بعد ابتعادهم عن الديار الغزية، فقادهم الأمير عمرو ومن معه من أبناء عمومته الذين صمدوا في قتال المماليك مع الشهيد المنطار، وقد عاد بعضهم إلى حيث أتوا من شمالي الحجاز في منطقة العقبة ووادي عربة والبدع، وبعضهم نزل جنوب سيناء وهم بعض الأمراء ثم نزحوا إلى الشرقية في جوار من سبقوهم من المساعيد الآخرين، وإلى جانب من تفرق من المساعيد في فلسطين والأردن وجنوب سوريا، وسنوضح عن كل قسم من هؤلاء بالتفصيل.
(1)
وزيارة الأولياء أو القبور للنساء هي بدعة ابتدعها بعض المسلمين وهي حرام قطعًا، وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهذه العادات راجعة إلى عصور الجهل والظلام في عهود ما بعد الخلافات الإسلامية وتغلُّب الأجناس الغريبة على العرب في بلادهم.
(2)
ذكر لي أحد الرواة في سيناء أن من المساعيد حتى الآن عائلات قوية وثرية في منطقة النصيرات بقطاع غزة القلسطيني.
زمان أحداث حروب المساعيد
مما لا ريب فيه أن الأحداث السابق ذكرها عن المساعيد قد وقعت في القرن السابع وأوائل القرن الثامن للهجرة وندلل على ذلك بالتالي:
1 -
أن الحمداني وهو من رجال القرن السابع للهجرة وتوفي في آخر القرن السابع في عام 700 هـ، قد ذكر أن بني عُقْبَة يقطنون في بلاد الشوبك ونقل عنه القلقشندي في آخر القرن الثامن، وقال عن بني عُقْبَة وديارهم من الشوبك إلى حِسْمى إلى تبوك إلى الحريداء وهي شرقي الحجاز. وقال ابن فضل الله العمري عام 700 - 743 هـ وأكد ما ذكره الحمداني فقال: وعُقْبَة من جُذام وديارهم من الشوبك إلى حِسْمى إلى تبوك إلى تيماء إلى برد ورواف إلى الحريداء.
ومعلوم أن بني عُقْبَة جُذام بعد افتراقهم عن المساعيد على أثر واقعة المُطَيْرية اتجهوا نحو بلاد الشوبك بشمالي غرب معان أو غرب جبال الشراة بالمملكة الأردنية الهاشمية، وما ذكره الحمداني يعدُّ أول إشارة حول وجود بني عُقبَة ببلاد الشوبك التي لم يكن لعُقْبَة وجود فيها في القرن السادس الهجري.
2 -
يذكر رواة المساعيد أن دولة غزة التي فتكت بهم كان جندها مماليك
(1)
من الأتراك، وأشار نعوم شقير الذي قال في ذكر الأمير سليمان المنطار: وكان سليمان المذكور من أهل التقوى فرأى الترك قنديلًا أضاء فوق جثته فدفنوه بإكرام، والمقصود هنا بالترك هم المماليك وليس بالأتراك العثمانيين، والمعروف أن المماليك الأتراك هؤلاء قد تولوا بلاد مصر ونواحي الشام، وقامت دولتهم عام 648 هـ بعد الدولة الأيوبية، وقد استمروا حتى زحف العثمانيون من الأناضول على بلاد العرب في أوائل القرن العاشر الهجري أي عام 923 هـ.
(1)
قال قائل يؤكد أن المماليك الذين تولوا بعد موت شجر الدر والتي هي آخر ملوك الدولة الأيوبية يؤكد أنهم من الأتراك (بلاد التركمان) ويقصد هنا بالملك المظفر سيف الدين قُطز الذي هزم التتار في عين جالوت:
غلب التتار على البلاد فجاءهم
…
من مصر تركي يجود بنفسه
بالشام أهلكهم وبدد شملهم
…
ولكل شيء آفة من جنسه
3 -
أن المساعيد كانوا من القبائل القوية منذ مطلع القرن السابع الهجري وكانوا يتقاضون أموالا من سلاطين المماليك، وكان المساعيد من قبائل الربع الأول في درب الحاج الذي امتد من بركة الحاج بأطراف القاهرة إلى العقبة الأردنية، كما كانوا من قبائل الربع الثاني الذي امتد من العقبة إلى الأزلم على ساحل الحجاز (المملكة العربية السعودية).
قلت: وهذا ما حدث بعد أن أخذ المساعيد يمتدون نحو الديار المصرية في بداية القرن الثامن الهجري بعد أحداث مذبحة غزة.
4 -
أننا نجد قبيلة أولاد سليمان من الأمراء المساعيد تتكاثر في جنوب الطور في خلال القرن الثامن والتاسع والعاشر الهجري، وقد ورد ذكر لبني سليمان ووجودهم في بلاد الطور منذ أوائل القرن الثامن الهجري، وهذا يؤكد أن أحداث المساعيد مع بني عُقبة قد دارت رحاها في القرن السابع الهجري، وأحداث مذبحة غزة ومقتل المنطار في آخر القرن السابع أو مطلع القرن الثامن الهجري.
التفصيل عن المساعيد في الديار المصرية
تمهيد:
ذكر الجزيري في منتصف القرن العاشر الهجري أن المساعيد من قبائل الشرقية وعدهم من بدنات صبي الباب وهو نائب أمير العايد (جُذام) في الشرقية وعادتهم ثلث حمل السويس وكامل حمل الأزلم وغالب حمل عقبة إيلة، وذكر أن قبيلة أخرى من المساعيد تقطن بنواحي رأس النقب والعقبة في شمال غرب الحجاز قال:"ومن أكابرهم عتيق بن مسعود بن دغيم وعليان بن مشور وعمران بن حويران من الحوارنة". وقال في موضع آخر: "وأما عربان المساعيد فهم أصحاب درك مُبشِّر الحاج في العود، منهم عتيق بن مسعود بن دغيم وعيسى قريبه وعليان بن مشور بن دغيم، ولهم عن درك الباب والضبة بخان عقبة إيلة قديمًا سبعة وأربعون دينارا، وهي مستمرة الصرف إلى تاريخه، ثم تقرر لمسعود بن دغيم في الأيام المُظَفرية إنعامًا عليه خمسون دينارًا استمرت بيد ولده من بعده، واعلم أنه مُبشِّر الحاج لهذه الطائفة، فمتى جهز أمير الركب مُبشِّره إلى القاهرة بالعود ولم يدفع لهم عادتهم ويرضي خاطرهم على ذلك توجهه على خطر كبير، كما اتفق مثل ذلك مرارًا عديدة وعاد الجاويش وهو مسلوب ومجروح ولم يقدر على التوجه
منهم، وذكر أن لهم الربع الثاني من درك النقب لعقبة إيلة الممتد من سفح عقبة إيلة إلى المناخ، كما ذكر أن المساعيد أولاد الأمير سعيفان كانوا ممن يتعرضون للجمال التي فرغت من الحمل وهي متوجهة إلى القاهرة ينتهبونها من أربابها، وتكرر ذلك منهم وتوالى شرهم واعتمادهم لذلك بين الأزلم والقاهرة. وما ذكره الرحالة الجزيري هنا يفيد التالي:
(1)
أن مساعيد الشرقية يتصلون بمساعيد العقبة من خلال وصولهم إليها، وأن مساعيد الشرقية من عربان الحمل ومساعيد الحجاز من عربان الدرك على درب الحاج والبشير بعودته.
(2)
أن وجود المساعيد في سيناء قديم يعود لعهد الأيام المُظَفَّرية بل إلى ما قبل ذلك، حيث تبين أن عتيق بن مسعود بن دغيم من أكابر المساعيد في عهد الجزيري فيما أباه مسعود بن دغيم أدرك الأيام المُظَفَّرية نسبة للمظفر أبو السعادات أحمد بن شيخ الذي تسلطن على مصر لشهور قليلة سنة 824 هـ.
(3)
أن مساعيد فلسطين وبلاد الكرك كان أهم تواجد في ديار المساعيد ككل في الحجاز ومصر حيث كانوا يعترضون إبل المحمل حين عودتها، كما مر.
(4)
أن مساعيد الديار المصرية كانوا ينالون خمسين دينارًا عن ربع درك النقب، وسبعة وأربعين دينارًا عن درك الباب والضبة بخان عقبة إيلة، ثم نال شيخهم مسعود بن دغيم إنعامًا عليه خمسين دينارًا، كما كان إخوانهم في الشرقية يشاركون في حمل السويس وحمل العقبة.
وقد كان سلاطين المماليك في مصر جعلوا بعض القبائل تقوم بحراسة درب الحاج، كل قبيلة في ديارها مقابل مبالغ معينة تدفعها الدولة لهذه القبائل، ومن قبائل الربع الأول من درب الحاج التي تولت خفارة هذا القسم وهي أقوى قبائل هذا القسم الممتد من بركة الحاج إلى إيلة (العقبة) قبيلة المساعيد، وكانوا يقبضون اثنين وأربعين دينارًا ما زالت تزداد حتى وصلت لخمسمائة، وكان إخوانهم مساعيد الحجاز من قبائل الربع الثاني من درب الحاج الممتد من إيلة (العقبة) إلى الأزلم على ساحل البحر في الحجاز، وكانوا ينالون المرتبات الوافرة ولهم خاصة مائتان وعشرون دينارًا.
مساعيد [أولاد سليمان]
قال نعوم شقير في حديثه عن تفرُّق المساعيد بعد واقعتهم مع الدولة في غزة في كتاب تاريخ سيناء عام 1916 م: "تفرَّق المساعيد ثلاث فرق: فرقة ذهبت شرقًا فسكنت فارعة المسعودي ووراء حوران، وفرقة ذهبت غربًا فسكنت جنوب سيناء وأرض مصر وعُرفت بأولاد سليمان، وبقي منها بقية في بر قطيَّة غرب العريش حافظت على اسم المساعيد، وفرقة عادت إلى البدع قرب وادي الليف على نحو خمسين ميلًا من مدينة العقبة، والبدع من القرى الشمالية الغربية في المملكة العربية السعودية، وقال في حديثه عن عربان بر قطيَّة: "هي فروع من القبائل المعروفة الأسماء في مديريتي الشرقية والقليوبية إلا المساعيد فإن إخوانهم في مصر يعرفون بأولاد سليمان، وقال يذكر وجودهم في جنوب سيناء:
وأما عرب بني سليمان فالظاهر أنهم كانوا قبيلة قوية في الجزيرة ولعلَّهم دخلوا الجزيرة مع بني واصل وكانوا حلفاءهم ثم ضاق بهم العيش، فرحلوا إلى مصر وسكنوا مديرية الشرقية ولم يبق منهم في جزيرة سيناء سوى بيت واحد انضم إلى القرارشة ضمن تحالف الصوالحة.
ونقل عن نشرة قانون العربان الرسمية المؤرخة في 7/ 2/ 1906 م أن بني سليمان من قبائل الشرقية، ومما يدل على قوة نفوذهم قديمًا في بلاد الطور جنوبي سيناء ما ورد في وثيقة مؤرخة بيوم 3 محرم 1002 هـ الموافق 29/ 4/ 1593 م وفيها: أنه بتاريخ 11 رجب عام 1001 هـ الموافق 13/ 4/ 1593 م تم مسك شيخ العرب مرعي بن يحيى السليماني من أولاد سليمان شيخ الدرك ببندر الطور المعمور؛ لأنه من أهل الفساد وأهل الحرام على قطع حبال مركب الوزير حسن المتولي باليمن وغيرها، واقتضى الحال مسكه وإرساله إلى مصر لمن له ولاية ذلك وكان له سوابق ولواحق مع مكاسر عباس ناصر ومن جميع المكاسر، وقد فرَّ بمساعدة عبده الذي تصدى لعسكر السلطان إلا أنه تم إمساكه وإرساله إلى مصر، ومن بني سليمان (سعد بن سعد الله) السليماني الذي ورد اسمه شاهدًا على حجة بيع في طور سيناء في غُرة محرم 1058 هـ الموافق 27/ 2/ 1648 م.
وذكر الكاتب الإنجليزي ج. دبليو موري في كتابه الصادر في عام 1935 م وقال في حديثه عن قبيلة المساعيد: ارتحل المساعيد إلى جوار غزة وتفرقوا إلى ثلاث فرق بعد حادثة هناك مع الدولة، الفرقة الأولى أولاد سليمان الذين اتجهوا إلى مصر وظل منهم قسم استقر في قطيَّة حافظ على اسم المساعيد، أما الفرقة الثانية من أولاد سليمان فقد اتجهوا إلى حوران، أما الفرقة الثالثة فكان منهم الأحيوات.
قلت: الفرقة التي اتجهت إلى بلاد حوران لا تزال تعرف باسم المساعيد حتى يومنا هذا، وهم فريقان فريق يقطن شمال الأردن وجنوب سورية في ضواحي جبل العرب، وفريق يقطن غرب نهر الأردن في فلسطين.
وأضاف ج. دبليو موري يقول: المساعيد احتفظوا بالاسم الأصلي فيما ذهب أولاد سليمان إلى مصر واستقرت الأحيوات في سيناء، وقال: أولاد سليمان الشرقيون قسم من المساعيد المستقرين في الشرقية وحوران، وأكد أنه لا علاقة لهم بأولاد سليمان من المرابطين
(1)
وأنه يجب عدم الخلط بينهما.
ويذكر الألماني أوبنهايم أن أولاد سليمان
(2)
قسم من مساعيد سيناء وذلك في كتابه الصادر عام 1943 م.
(1)
أولاد سليمان ذكرهم من المرابطين هنا وهذا ليس صحيحًا وإنما أولاد سليمان في بلاد المغرب (ليبيا والجزائر) هم من بني سُلَيم العدنانية، ومن أولاد سليمان (سُلَيْم) قسم في مصر في الوقت الحاضر.
(2)
ذكر لي رواة المساعيد أن رجلًا من أولاد سليمان المساعيد (الأمراء) تخلَّف عن الظعن المتجه إلى سيناء، وقد كانت معه أخت جميلة تسمى (عنقا) فلما مر ببلاد التيه نزل ضيفًا على التياها وقبل أن ينزل على العرب صبغها باللون الأسود كي لا يطمع فيها أحد من العربان ويحسبوها جارية، فلما دخلت تساعد الحريم على أنها جارية وذلك في طهو الطعام فعرقت من وجهها فمسحت العرق عن عينيها فكشفت الطلاء فعرفتها العجوز صاحبة الدار وأعلمت صاحب الدار وكان شيخًا كبيرًا من التياها فطمع في الفتاة من حسنها، وقال للمسعودي بعد أن فرغ من طعامه وقد طلب صاحبته قال له التيهي: اذهب واتركها لأجعلن الأبيض، أي السيف يلحق عظامك، فخرج وجمع فرسانا من قومه بعد أن لحق بهم بعد عدة سنوات وهجم على التياها على حين غرة وفتك بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، وقد قاومهم التيهي مقاومة عنيفة ولكن فرسان المساعيد تغلبوا عليه وقتلوه، وظل المسعودي من الأمراء يبحث عن أخته ويقتل يمينًا وشمالًا في التياها، فلما رأت نساء التياها ثورته قالوا له على مكانها، وكان التيهي العجوز قد تزوج بها وعقب منها فلما سمعت بقدوم أخيها خافت على أولادها فقامت واحتضنتهم بين أرجلها ووضعت يديها مائلة عليهم، فقيل مثل عُرف في البادية حتى الآن من جميع قبائل العرب:"عنقا ضكت على جراها" أي عنقا المسعودية منعت أطفالها وضمت أرجلها عليهم، ويقال أن أولادها كانوا ثلاثة أخذهم المساعيد وحسبوا ضمن القبيلة وهم معروفون بينهم للآن. (وقصة عنقا المسعودية لها حواشٍ وذيول عند رواة المساعيد).
وقد ذكرهم الدكتور عباس مصطفى عمَّار في كتابه الصادر عام 1946 م فقال: المساعيد تركت منطقة العقبة إلى غزة حيث تفرقت فسارت بطون منها جنوبا إلى العربة والحجاز، وسارت بطون أخرى عبر سيناء إلى وادي النيل حيث عُرفت هناك بأولاد سليمان، وتخلَّف منها شرقي القنطرة عدد ظل محتفظًا بتسميته الأصلية حتى الآن، وقال: بنو سليمان هؤلاء يفخرون بأنهم القبيلة الأصلية في سيناء ويرجح أنهم سكنوها مع بني واصل من عُقبة في زمان متقارب يرجح أن يكون في أوائل القرن الثامن الهجري بعد مذبحة غزة بعدة سنوات. ولقد قاسى أولاد سليمان من غارات الصوالحة والعليقات بعد ظهورهم بسيناء في القرن العاشر
(1)
وكثيرًا ما اشتبكوا مع أولاد سليمان المساعيد في حروب انتهت بتغلُّب الصوالحة والعليقات.
وأضاف عباس مصطفى عمار يقول: وضعف نفوذ بني سليمان في سيناء فهاجرت غالبيتهم إلى مديرية الشرقية بعد أن ضاق العيش بهم، والجماعة القليلة الباقية منهم في سيناء مركزة الآن في عدة عائلات صغيرة تسكن حول الطور منذ منتصف القرن الثامن عشر. وإذا كان بوكوك قد ذكر أن بطونًا من بني سليمان تنزل حول السويس فلعل هذه كانت بقية من بقاياها سكنت هناك، على حين هاجرت الغالبية العظمى إلى الشرقية، كما أشار عباس عمَّار إلى أن العلاقة بين بني سليمان في الطور وإخوانهم في الشرقية وثيقة فقال:
فطبيعي أن تكون تلك الفلول من قبائل بني واصل والنفيعات وبني سليمان المساعيد التي توجد قبائلها الكبرى الآن في وادي النيل متصلة كل الاتصال، وأن تقوم هناك علاقات قوية بين بني واصل في سيناء وقبائل بني واصل في أخميم بجرجا بصعيد مصر، وبين النفيعات بسيناء وبطونها في الشرقية، وبين بني سليمان وبطونهم من المساعيد في الشرقية أيضا.
وقال الجزيري رحَّالة الحج المتوفى عام 977 هـ عن بني سليمان المساعيد فقال عام 940 هـ: وأقاموا بنخل أياما وأكرت الحجاج كراءً ثانيًا مع بني سليمان، كما
(1)
والصحيح أن ظهور هذه القبائل كان في نهاية القرن الثامن الهجري بسيناء وخاصة الصوالحة.
ذكر أن بني سليمان (المساعيد) المقيمين في الشرقية من القبائل المشاركة في الحمل، والمقيمين في بلاد الطور كانوا من عربان الحمل قديمًا ثم عصوا وامتنعوا عن ذلك. كما ذكرهم الرحالة بيركهارت فيما كتبه بتاريخ 18/ 5/ 1816 م حيث قال في كلامه عن البدو الذين يقطنون بلاد الطور جنوبي سيناء آنذاك: أولاد سليمان أو بني سليمان في الوقت الحاضر اقتصر وجودهم على بعض العائلات التي استوطنت الطور والقرى المجاورة له، كما قال مشيرًا إلى حروبهم مع الصوالحة والعليقات بعد حروب طويلة منها ضد بني سليمان بأنهم نجحوا في هذه الحروب فيما رحل الآخرون إلى وادي النيل وظلت منهم بقية تقطن بجوار الطور، وهم يفتخرون بأنهم أسياد شبه جزيرة سيناء.
كما ذكر أولاد سليمان كرنيليوس فنديك الأمير كاني في القرن الماضي وقال: وفي التيه بين جبل موسى وحدود فلسطين عدة قبائل من عرب البادية، منهم الصوالحة وأولاد سليمان، كما ورد لهم ذكر في عهد محمد علي حيث ذكر أن منهم فرع في بلاد الفيوم ويسمون أولاد سليمان منازلهم بالفيوم ورئيسهم محمد الكافي عام 1830 م وعدد فرسانهم مائة، وعدد مشاتها نحو ثلاثمائة رجل.
وحين ذكرهم علي نصوح طاهر نسبهم لقبيلة المساعيد قال: وبني سليمان من نسل الأمير سليمان المنطار المسعودي المدفون شرقي غزة وهم يعرفون بالأمراء ومعهم في الشرقية مساعيد آخرون ليسوا من نسل الأمراء.
قلت: سنبين عنهم في موضعه.
نبذة عن أولاد سليمان في الفيوم
(1)
وبني سويف
هناك للآن جماعة من أولاد سليمان شرق نهر النيل في بني سويف، ثم ارتحل فريق منهم إلى الفيوم بسبب نزاع مع قومهم واستقروا بنواحي الفيوم غربًا، ولأن هذا الفريق قدم من ناحية الشرق أسماهم الناس هناك (المشارقة) وهم فرع من بني سليمان، ومن قراهم التي يقطنون فيها:
1 -
بلدة أبو عوض بمركز إطسا بين أبو جندير وكوم مدينة ماضي.
2 -
بلدة مغني بمركز إطسا بين أبو جندير وطبهار في الشمال الشرقي.
3 -
بلدة خلف بمركز إطسا بجوار بلدة مغني.
كما يقطنون ضواحي أبو جندير وضواحي كوم مدينة ماضي وضواحي الغرق السلطاني، أما فروعهم كما يلي:
آل ريان، وآل محمد وهم أكبر الفروع وأكثرها عددا، وآل سلومة، وآل رزق وهم يلون آل محمد عددا، وآل صابر.
ديار المساعيد في سيناء المصرية
أشرنا إلى مساكن بطون المساعيد في وادي النيل، أما في سيناء فهي في الركن الشمالي الغربي حيث تمتد ديار المساعيد من القنطرة الشرقية شرقي قناة السويس باتجاه الشمال الشرقي إلى نواحي كيلو 29 حيث يحادون هناك قبيلة الأخارسة، وتمتد ديارهم من قلعة الفرما على ساحل البحر المتوسط شرقًا وحتى نواحي بورسعيد الشرقية غربًا حيث يحدهم في هذه الأماكن شمالًا البحر المتوسط، وفي النواحي الشرقية تمتد ديارهم من تل حبوة إلى العلو حيث يحادون قبيلة العيايدة، وكما يحاددهم العقايلة والبياضية في منطقة واسط عند حدوده الشمالية الشرقية وتكاد ديارهم تلتقي بديار الصفايحة والأحيوات في جبل الشيخ حميد، وأهم مراكزهم في سيناء قرية جلبانة وخر وخرير والدويدار والحسية والطابق والبرج وأبو سمارة وهي مراكز غنية بالنخيل.
(1)
ويوجد مساعيد من البحيرات في نقطة سيلة بالفيوم، كما يوجد نجوع باسم المساعيد في صعيد مصر أهمها نجع المساعيد في الحاجر الشرقي لنهر النيل ما بين أرمنت شمالا وإسنا جنوبًا.
فروع المساعيد ومواطنهم في الديار المصرية
تمهيد:
تعتبر قبيلة المساعيد إحدى أهم قبائل الشرقية وشمالي سيناء، وقد ذكرهم نعوم بيك شقير: أن درك المساعيد على طريق العريش الذى يسير في شمال سيناء يمتد من تل حبوة شرقي قناة السويس حتى بئر الديدار على طريق العريش، كما ذكر أيضًا أن المساعيد كانوا إحدى قبائل إقليم الشرقية التي تتناوب عاما بعد آخر مع قبائل القليوبية في الالتزام بتقديم الإبل للمحمل المصري، وكان عليهم الالتزام بحفظ المحمل إلى العقبة إلا أن جمالهم كانت تسير مع المحمل إلى مكة المكرمة، وقال: وهم أقوى قبائل منطقة العريش بعد السواركة.
فروع (أرباع) المساعيد في الديار المصرية
أ - الأمراء
(*):
أشهر عشائر الأمراء هم: البنايين وشيخهم إبراهيم بن سِلْمي بن عقيل بن عودة بن سلامة أبو بنية، وهو الشيخ العام للأمراء في مصر ومقره الجبل الأخضر بالقاهرة.
العقايلة وشيخهم حسين سالم عقيل، والعمايرة وشيخهم عميرة سلامة عميرة، والحصينات وشيخهم حسين عمرو سلامة، وأولاد أبو محسن (المحاسنة) فيهم أولاد الشاعر، والمطالحة وشيخهم سِلْمي عيد سليم، والدعادرة وشيخهم سليم سويلم، والجابيرة وشيخهم عيد حميد، والجراجرة
(1)
وشيخهم محمد سِلْمي
(*) يتبع الأمراء عبيدهم وصاروا الآن أحرارا وأشهرهم الدخاللة في جلبانة والقنطرة، والحواضرة في جلبانة والقنطرة، وآل سعود في المنايف بالإسماعيلية.
(1)
الجراجرة عشيرة كبيرة منهم في الجيزة بمنطقة الصف وأطفيح وفي سيناء وكبيرهم الشيخ جديد بن حمود أبو جرجور، وقد دخلوا في العليقات - أي من هم في سيناء فقط - وكانوا في وفاق معهم ثم نازعوهم وانفصلوا عنهم، ويقيمون في صدر الحيطان ونواحيه غرب سيناء بجوار الصفايحة، (الأحيوات)، ومن فخوذ الجراجرة: السعوديون، والنواجعة، والنواجحة، وأغلب هذه الفخوذ تسكن في الباغة من نواحي صدر غرب بلاد التيه، وذكرهم موري في كتابه عام 1935 - 1354 هـ من عشائر العليقات فلما نازعوهم انفصلوا عنهم، وفي استطلاع لمجلة الفيصل السعودية عام 1406 هـ حول جنوب سيناء ذكر الجراجرة كإحدى عشائر جنوب سيناء.
أبو شتيوي والشيخ جديد، والبحيرات
(1)
وشيخهم سليم مسلم البحيري، والطرافية (العماوية)
(2)
وشيخهم سليمان الطرفاوي، والدهينات
(3)
وشيخهم سليم أبو مبارك الدهينة، والظراطنة وشيخهم إبراهيم سليمان الظرطي، وآل شيبان شيخهم إبراهيم سِلْمي شيخ البنايين أيضًا.
وتسكن عشائر الأمراء في القرى والبلاد المصرية
(4)
التالية:
جلبانة وهي بلدة في بر سيناء تابعة للإسماعيلية بعد تقسيم سيناء إلى محافظتين - بعد تحريرها بالكامل - عام 1985 م، وتبعد عن القنطرة شرق إلى جهة الشمال الشرقي منها بنحو 20 كيلو متر، وجلبانة هي عاصمة المساعيد في مصر، كما يقيم الأمراء في القنطرة شرق وفي قرى ذهب ومنشية الطور وفي غمازة باي غرب طرود ووادي الهيرة وفي صدر، وفي القنطرة غرب القناة في عرب المساعيد، وفي المنايف من أطراف مدينة الإسماعيلية، وفي مناطق عديدة من محافظة الشرقية منها بحر البقر وجزيرة سعود
(5)
مركز الحسنية وجزيرة الزويليين وتل الدقيق والصالحية والقرين والخطَّارة والبرد وبنك السكر، وفي أتمي الأمديد دقهلية، وفي السويس بمناطق مثل الشلوفة وعرب أبو سيال، وفي مناطق كثيرة من الجيزة مثل العياط وجنوب الصف، وفي بني سويف، وفي الفيوم، وفي المحلة بالغربية، وفي مطوبس وفوة بكفر الشيخ، وفي القليوبية حول قها وعزبة عثمان بشبرا الخيمة وغيرها، وفي القاهرة على الأخص في الجبل الأخضر.
(1)
البحيرات هم من بطون المساعيد القديمة وذكرهم الرحَّالة الجزيري في مخطوط در الفرائد المنظمة في القرن العاشر الهجري وقال:
منهم تركي بن عيسي ومتيريك بن متروك بن بحير. قلت: وكبير البحيرات هو سليمان البحيري ومن فخوذهم أولاد راشد، وأولاد سليمان، وأولاد عمرو وكلهم في سيلا بالفيوم، وأولاد حسن في بني سويف، وأولاد مسعد في الصف، ومن البحيرات فرع يقطن البدع وتبوك شمال غرب المملكة ولهم شيخ خاص يوقع لهم في تبوك، خلاف باقي المساعيد فشيخهم العام الطرفاوي ويدير للباقين شئونهم.
(2)
العماوية من أشهر فروع الطرافية الأمراء في مصر ومنهم في قها بالقليوبية، وهم ضمن الطرافية في السعودية ومنهم قسم كبير الآن في البدع شمال السعودية.
(3)
الدهينة الأمراء لهم فرع في البدع بالسعودية.
(4)
توجد قرية باسم المساعيد غرب مدينة العريش، والصحيح أن هذه القرية السياحية الآن سميت من عهد عمرو بن العاص عندما زحف على مصر ووصل إلى مشارف قلعة الرومان وانتصر عليهم، واستبشر أن حلم فتح مصر سوف يتحقق وحل عليه الليل وهو فرح مسرور، ومن حسن الطالع أن وافق ليلة عيد الأضحى فقال: هذا المساء عيد لنا، فتصايح جنود الله المساعيد (ثم حُرِّفت المساعيد).
(5)
جزيرة سعود ليست جزيرة بوسط الماء، ولكنها اسم موضع على الأرض.
الأمراء في صعيد مصر:
أهم عشائر الأمراء هي: أولاد صابر، وأولاد عبد الكريم الحسن، وأولاد كامل (الكواملة)، وأولاد دياب، وأولاد أبو دومة، وأغلب هذه العشائر في قرى مركز البياضية جنوب الأقصر (محافظة قنا)، وعشيرة ولاد ناصر في نجع ولاد ناصر في الطوابية بقنا، وقد تفرَّق فخوذ من المساعيد في فرشوط والأقصر بقنا، وكذلك في جرجا بسوهاج، وفي أبو تيج بأسيوط، وبأدفو بأسوان، وسميت قرى بأسماء المساعيد أغلبهم من الأمراء مثل نجع المساعيد في أدفو ونجع المساعيد في جرجا ونجع المساعيد في أسوان ونجع المسعودي في أبو تيج بأسيوط.
وذكر لي الرواة أن بعض المساعيد من الأمراء دخلوا في الأُبيِّض بإقليم كردفان غرب بلاد السودان.
ب - العواهير
(1)
:
يؤكد الرواة أن ربع أو بطن العواهير أصله من الأمراء وانفصم منذ وقت غير بعيد يرجحه الرواة بنصف قرن أو يزيد قليلًا، أي أن العواهير حتى أوائل هذا القرن كانوا ضمن رئاسة الأمراء، وفي العواهير عشائر مثل: الهواشلة وشيخهم محمد شحاتة هويشل، والصبيحات وشيخهم سلامة سعيد سلامة.
والغنادرة
(2)
وشيخهم سالم سليم الغندور، والقناطرة وشيخهم سالم محمد القنطري، والعذرات وشيخهم سويلم سليم أبو عذارة، كما هناك عشائر أخرى أذكرها مثل العفوش، والغوانمة، وأولاد عيسى، والمصابحة، واللاوافية.
وكبير العواهير أذكر الشيخ منصور بن سالم بن سلامة المسعودي. ومساكن العواهير أغلبها في جلبانة، ومنشية أبو أعمر المشهورة بتل الدقيق، وفي بحر البقر
(1)
يتبع العواهير عبيدهم سابقًا وصاروا الآن أحرارًا وهم: أبو نويجع (النويجعات) في الظاهرية بمركز الحسنية شرقية، والجبيلات في منشية أبو أعمر في الحسنية أيضًا، وأولاد حسين في القنطرة غرب في الإسماعيلية وفي منيا القمح شرقية أيضًا.
(2)
الغنادرة منهم فريق بالطور وفريق في البدع بشمالي السعودية ضمن قبيلة المساعيد، وهم من ضمن فخوذ ذوي مسلم من الفراحين.
وفي الظواهرية في مركز الحسنية بالشرقية، وفي قرية نجيلة شمال سيناء، وفي البساتين
(1)
بأطراف القاهرة جنوبًا وغيرها.
جـ - المرابدة
(2)
:
وأهم عشائرهم التالي ذكرها:
البريِّديين وشيخهم محمد عيد البريِّدي والذي يعتبر كبير المرابدة في الديار المصرية، والهروش وشيخهم عبد الرحمن مسلم، والنواصرة وشيخهم سعد سليم نصر الله، والرواشدة
(3)
وشيخهم سليمان حسن سلامة راشد، والعرابين وشيخهم سليمان عريبان سويلم، والعكالية وشيخهم رحيِّل سليم، والدوايدة وشيخهم حمدي سليمان سالم داود، وصرَّار وشيخهم محمد سليمان صرار. وأغلب عشائر المرابدة تسكن في جلبانة، وعرب الجزيرة بالقنطرة غرب، وأتمي الأمديد في السنبلاوين بالدقهلية، والمناجاة الكبرى في عرب الحصا في الشرقية، ومطوبس وفوة بكفر الشيخ.
د - الدغيمات:
وأشهر عشائرهم التالي ذكرها:
أبو عامر وشيخهم محمد عبد الله زيدان عامر
(4)
، والعزازمة
(5)
وشيخهم حسن بن مبارك أبو حميد، والجمايلة وشيخهم حامد أبو جميل الصهابين ومنهم
(1)
الفرقة الوحيدة التي تسكن البساتين من العواهير هي الغوانمة.
(2)
ويتبع المرابدة عبيدهم سابقا وصاروا أحرارًا الآن وهم:
أولاد داود في جزيرة سعود بالحسنية شرقية، وقرية السادات في مديرية التحرير، والسعيدات في السبيل بالصالحية وفي عرب الجزيرة بالقنطرة غرب، وأولاد عودة وعيادة في أبو خليفة بالإسماعيلية والقنطرة غرب وغرب الجزيرة وفي الجناين بالسويس، وأولاد عياد في المنايف بالإسماعيلية وجزيرة المساعيد بالشرقية، والسحاجنة في الفولي بالظواهرية مركز الحسنية شرقية.
(3)
الرواشدة هنا فخذة خلاف ربع الرواشدة من أرباع قبيلة المساعيد.
(4)
عامر انفصل منه عشيرتي العزازمة والجمايلة.
(5)
العزازمة هم من نسل عزام ويُطلق عليهم أولاد عزام وهم غير قبيلة العزازمة الفلسطينية التي لها فرع في القليوبية وقنا، وعزام عائلة مشهورة في الجيزة، ومنهم عائلة في المطرية بالدقهلية وعائلة بجلبانة في سيناء وكبيرهم صقر أبو رشيد، ومنهم فرقة أولاد حسن أبو عزام في حوران بسوريا، وهذه العشيرة من نسل عزام فيهم البركة للحواية من أذى الثعابين والهوام، أى على مذهب الرفاعية كما ذكر لي بعض المساعيد فى مصر.
الغوانمة، وشيخ الصهابين محمد عطية جودة، وشيخ الغوانمة عودة أبو مغنم والشيخ العام جابر بن حسين، وأبو عياد وشيخهم حمد سليمان نصر ويعتبر كبير الدغيمات كلها، والجغاغمة وشيخهم عيد سليمان مسلم الجغَّام، واللبايدة وشيخهم رفيع سليم اللبيدي
(1)
، والبطاروة وشيخهم سعيد محمد البطراوي، والشقمان وشيخهم السيد علي سويلم، وأبو صالح وشيخهم محمد درويش سويلم، وأبو حرب وشيخهم سليمان حماد أبو حرب، والبعران
(2)
وشيخهم محمد أحميدان نجم، والدراوشة، وأولاد أبو زايد، والنواصرة، والصوالحة.
وأغلب عشائر الدغيمات تسكن جلبانة وجزيرة المساعيد وجزيرة أبو مطاوع وكلها في الشرقية، وفي كيلو/ 4 بالإسماعيلية، وفي جبر والحسية شمال غرب سيناء، وفي عرب الجزيرة غرب القنطرة الغربية، وفي الجفجافة ببلاد التيه بوسط سيناء، وكان الدغيمات هم شيوخ المساعيد في نقب العقبة ونواحيها وفي سيناء إبان القرن العاشر للهجرة، ومن أعلام الدغيمات وقتئذ: عتيق بن مسعود بن دغيم المسعودي، وعيسى بن دغيم المسعودي، وعليان بن أمشور بن دغيم المسعودي، ومسعود بن دغيم المسعودي.
هـ - الفراحين:
أشهر عشائر الفراحين الخضَّرة والوزيغات وأبو عشيبة والكيلات ويُطلق على الوزيغات وأبو عشيبة اسم القناونة
(3)
وأحدهم قنوي، ومن الفراحين فرق كثيرة
(1)
اللبايدة فرقة قائمة بذاتها في السعودية من مساعيد البدع، ومنهم حول مدينة قها بالقليوبية ومنهم الخشمان أيضًا في شبرا بالقليوبية والمنيا بصعيد مصر.
(2)
البعران قيل أنهم من النجمات من عشيرة الشوافين من نسل سعد صادق الوعد من قبيلة الأحيوات المنفصمة قديمًا عن المساعيد بعد مذبحة المنطار في غزة، وقيل دخل البعران في الدغيمات.
(3)
سُمي بعض الفروع من الفراحين باسم القناونة نسبة إلى مقنا وهي بلدة سعودية على ساحل خليج العقبة، وقيل أنهم كانوا يشتهرون بتقنية النخيل للمساعيد في وادي البدع والله أعلم؛ والظاهر أن الفراحين من أقدم الفروع التي عادت إلى بلاد مدين في البدع بعد مذبحة غزة وقد تبعتهم فروع أخرى مثل الجغاغمة والضمادية والبحيرات، وقيل أن الفروع الأخيرة هي التي حجرت في البلاد بشمال السعودية ويُرجح الرواة أن ذلك يقارب سبعة قرون من الزمان، وقال المستشرق الألماني أوبنهايم: أن المساعيد في البدع قسمان الأول يُسمَّى الفراحين وهم سكان قيال والثاني البداعين سكان البدع، أي هنا نسب القسم الأخير إلى البدع وطبعًا هذا ليس صحيحا ولا يوجد بطن من المساعيد يسمى هكذا، وهذا يدلل لنا أن تسمية القناونة في الأصل إلى بلدة مقنا أو إلى تقنية النخيل تسمية خاطئة وهو لقب وليس اسمًا على تلك الفروع من الفراحين.
نزلت من البدع إلى الديار المصرية بوادي النيل وسكن بعضهم القليوبية قرب مدينة قها وما حولها من القرى، وقسم آخر سكن سيناء، وقسم سكن في المسيد وهي منطقة بمركز أطفيح شرق النيل بالجيزة، وهناك قرية تُسمَّى الوزيغات باسم هذا الفخذ من القناونة (الفراحين) وتتفرق عائلة القناونة حتى قرى بني سويف، وفي القليوبية أذكر سالم أبو معوَّض رحمه الله كان من كبار الفراحين ويسكن في نواحي قها، كما أذكر حماد بن حسين من كبار الكيلات
(1)
في نواحي قها بالقليوبية، كما يوجد فخذ الحراولة
(2)
في نواحي الطور وشرم الشيخ وكبيرهم الشيخ عودة مِصَفْرة المسعودي، وكما يوجد أيضًا ذوي عمر وهم في قرية دهب على الساحل الشرقي لسيناء أو ساحل خليج العقبة الغربي المواجه لبلدة مقنا السعودية، ومن ذوي عمر
(3)
فرقة تسكن حول قها بالقليوبية، وكما يوجد فريق من ذوي عبد الله
(4)
يقطن في قها بالقليوبية أيضًا، ويوجد فريق يسمى الغضيَّات في قرية أجهور بالقليوبية وكبيرهم ناصر أبو غضيَّة.
و - الرواشدة
(5)
:
والشيخ العام للرواشدة في الديار المصرية هو حسين أبو غنَّام بن حمدي ومقره الحالي في القنطرة، ومن الرواشدة جماعة في قرية أبو سلطان بالإسماعيلية وكبيرهم حماد غنيم، ومنهم فرقة تحضَّرت وسكنت النعام بعين شمس والمطرية بضواحي القاهرة، وكان كبيرهم حماد حسين
(6)
وحاليًّا ابنه عباس حماد، ويسكن الرواشدة في جنوب مركز الصف أو شرق أطفيح واختلط مع الرواشدة فخوذ من
(1)
الكيلات منهم فرقة في البدع ضمن ذوي سلمان من الفراحين.
(2)
الحراولة منهم فرقة في البدع ضمن ذوي مسلم من الفراحين.
(3)
ذوي عمر منهم فرقة في البدع ضمن ذوي مسلم من الفراحين.
(4)
ذوي عبد الله منهم فرقة في البدع ضمن الفراحين.
(5)
الرواشدة هنا بطن أو ربع في قبيلة المساعيد وهو غير فخذة الرواشد في ربع المرابدة كما أسلفنا.
(6)
حماد حسين رحمه الله كان رجلًا مشهورًا في النعام بعين شمس من ضواحي القاهرة وكان صيَّادًا ماهرًا للبرنس يوسف أيام الملكية في مصر، وقد خرج في رحلات كثيرة معه إلى أدغال إفريقيا وكان رجلًا جسورًا وفي نفس الوقت كان مرحًا وضاحك السن ومخضرمًا، وقد صاهر القريوي أحد كبار قبيلة العيايدة القاطن في تلك الناحية من أطراف القاهرة.
(*) ذكر سليمان الوحيشي المسعودي قائلًا أن جد الرواشدة هو راشد الراجودي وغادر قومه المساعيد في البدع قاصدًا جماعته المساعيد في مصر، وأثناء مروره بالعقبة إلى الشمال الغربي من البدع أقام لبعض =
القناونة، وكبير الرواشدة أذكر أحمد سالم سليمان الهزهوزي ويقيم في منشية الأشراف بمركز الصف، ومن الرواشدة فخذة أولاد سلامة ويقيم أغلبهم في حاجر منشية الأشراف شرق النيل، ومن الرواشدة فرق وعائلات متفرقة في هرم ميدوم بمركز الواسطى بمحافظة بني سويف.
نبذة لفروع أخرى للمساعيد في مصر
(1)
الحجايجة (أبو حجاج): وشيخهم كان سويلم أبو حجاج وكان قاضيا مشهورًا في قضاة البدو ويسكن في قرية شرف الدين ما بين بلدة طنان ومدينة قها بالقليوبية. ومن الحجايجة جماعة في بلبيس بالشرقية في الحجرة شرق الحلوة (ترعة الإسماعيلية).
ويؤكد رواة الحجايجة في السعودية وعلى رأسهم علي بن حسن أبو حجاج في البدع أن النصيرات ما هم إلا فرع من الحجايجة والأخيرين هم الأصل، والنصيرات طلعوا الخمسة في حادثة "مقتل الفرحاني" على يد أحد الحجايجة وهذا معروف لدى عموم مساعيد الحجاز.
= الوقت مع الأحيوات من المساعيد وتزوج منهم، ثم إنه سار نحو المساعيد في وادي النيل وقد أنجب راشد من زوجته الأحيوية ولدين هما: أسليم (سُليم) أي تصغير لسليم وهو جد الوحيشات وقد غادر سُليم ديار قومه المساعيد في الديار المصرية إلى ديار فلسطين الجنوبية ببلاد السبع ونواحيها فدخل في قبيلة الترابين هناك وتزوج منهم فأعقب ولدين هما: سلمان بن سُليم بن راشد، وعودة بن سُليم بن راشد وهما جدود الوحيشات، وكان أولاد سُليم المذكورين يجتنبون الناس أو يعتزلونهم فسميا بالوحيشات أو بمعنى أصح لُقبا بهذا اللقب ودخلوا في عشيرة النعيمات من الترابين واستوطنوا ديار غزة، وإلى عهد غير بعيد ظلت صلاتهم بمساعيد البدع شمالي الحجاز قوية جدا، فقد كان وديَّان الوحيشي المسعودي يذهب من ديار السبع بفلسطين إلى البدع في السعودية ليأخذ شيئا من تمر نخيل أجداده في وادي البدع وأقيال ضمن أملاك الرجيدات من مساعيد البدع. أما جد الرواشدة في مصر فيقال أن اسمه عطية بن راشد، والشيخ من فترة كان حماد بن غنام وصار حسين بن غنام في الوقت الحاضر، وكان يقال للرواشدة وقت الحرب (عساكر العرب) وهكذا يذكرنا
بالعساكرية من بطون المساعيد إبان القرن العاشر الهجري، ومن فروع الرواشدة كما ذكر الراوي فى الديار المصرية:
1 -
الصنَّاع: ويسكنون أبو سلطان بالإسماعيلية وحلمية الزيتون في القاهرة، وذكر الرحَّالة الجزيري الصنَّاع هؤلاء ضمن فخوذ المساعيد إبان منتصف القرن العاشر الهجري.
2 -
الحمادين: ويسكنون في المناجاة الكبري وفي السبيل بالصالحية من محافظة الشرقية.
3 -
العلاوين: ويسكنون في جلبانة وفي الطوابي في قصاصين الشرق بالشرقية.
4 -
العوادات: ويسكنون في الطوابي بالشرقية واسمهم الرفايعة، والرواشدة لهم عبيد سابقًا وأصبحوا أحرارًا الآن وهم القواسمة في السبيل بالصالحية والبساتين وأبيس في التحرير.
(2)
الظهور: يقطنون في الطور جنوب سيناء.
(3)
الذراعات: يقطنون في الطور وفي نواحي قها بالقليوبية.
(4)
السراجات: يقطنون في الحسنية بالشرقية.
لمحة عن تاريخ المساعيد في هذا القرن
أهم ما يُذكر للمساعيد إبان الحرب العالمية الأولي عام 1914 م هو تحالفهم مع الأتراك ضد الإنجليز ومن حالفهم كعصبية لدين الإسلام، وقد خسر المساعيد بعض رجالهم وفقدوا الأموال في سبيل نصرة جيش الأتراك ضد الإنجليز، ولما كانت هزيمة تركيا في سيناء وفلسطين تعرض بعض شيوخ المساعيد للسجن والآخر للغرامة من السلطة المصرية - وقتئذ - بسبب تعاون المساعيد مع الأتراك ورفضهم التعاون مع سلطات الاحتلال البريطاني وقتئذ.
نبذة عن عادات مساعيد مصر وطباعهم
يعمل أغلب عشائر المساعيد في الزراعة والتجارة والمقاولات وبعضهم من يسكن القرى وبعضهم في البادية، وأهم ما يلفت النظر عن المساعيد في القرى أو المدن هو تمسكهم الشديد بعادات البدو والقبائل العربية ولهجتهم التي لم تتغير، وكثير من المساعيد تقلدوا الوظائف الحكومية، ويتميز المساعيد في الديار المصرية بالترابط العشائري المتين والغيرة على أبناء عنصرهم وسمعة قبيلتهم بين القبائل العربية، وقد عرفت أن تماسك هذه القبيلة يترجم بالأفعال دائمًا هو قيام شيوخهم بعمل جمعية خيرية لأبناء القبيلة تقوم على تغطية نفقات اللوازم الهامة لجميع أبناء المساعيد، ويشتهر أغلب المساعيد بالتديُّن والصلاح، وقد أقام المساعيد الكثير من الزوايا أو المساجد على نفقتهم الذاتية في مختلف الجهات بمصر، وكما يتميز المساعيد بالاحترام الشديد لبعضهم والتآلف وعدم التفكك واجتماع الرأي الواحد في الخير أو الشر أي في الضيق والشدة، كما يتميز المساعيد بالصراحة والوضوح وإعلان ما في السريرة، وتجد الفرد منهم يظهر على ملامح وجهه وطريقة كلامه ما في نفسه، وقبيلة المساعيد من القبائل المحافظة على طباع الإسلام، ومن الأشياء الملفتة في أفراحهم أنه قلَّما توجد زغاريد للنساء، وذكر لي بعضهم أن هذا يرجع إلى اعتبار الزغاريد عورة للمرأة!، كما لا يوجد عويل أو بكاء على الموتى
عندهم، كما يتميز عرب المساعيد بحب الضيف، وكما يقال المثل في مصر أن الضيف
(1)
لا يخرج من عند المساعيد ساخطًا أو غضبان؛ لأن المساعيد يبالغون في تحية الضيوف وقضاء الواجب معهم أيًّا كانوا، ويقال عنهم أيضا:"صغار الوهود كبار الجهود"، أي مهما كان الرجل منهم قليل المتاع فدائمًا جهده كبير مع ضيفه، وهي شيمة غالبة على عنصر المساعيد في بلاد العرب.
القضاء المسعودي
في المساعيد قضاة عدة وأغلب الشيوخ المذكورين سلفًا في عشائر المساعيد هم قضاة، ولا أبالغ لو قلت أن المساعيد مدرسة القضاء العرفي عند القبائل، ويشكلون المحكمة العليا لجميع القضاء، لأن فيهم المنهى والمنشد كما أسلفنا في السرد عن مناقب هذه القبيلة العريقة، وقضاء المساعيد صارم وحكيم ولذلك رضي عنه العرب في القديم، وما زالوا يرضون حكم المساعيد حتى الآن كحكم نهائي لا نقض فيه ولا إبرام، ويعتبر واجب النفاذ بعد قطع الحق من القاضي المسعودي مباشرة.
المنشد: قال نعوم شقير: المنشد ويعرف بالمسعودي؛ لأن أهم قضاته من قبيلة المساعيد التابعة للعريش وقتئذ، أي حين تأريخ نعوم بيك لكتاب تاريخ سيناء قبيل عام 1916 م، وقال المسعودي: يحكم دائمًا في المسائل الشخصية الخطيرة مثل قطع الوجه والتسويد ومس الشرف أو العرض والإهانة الشخصية وحرمات البيوت. وقال أحمد أبو كف: قضايا الاعتداء على المنازل اشتهرت في هذا النوع من القضاء قبيلة المساعيد، كما قال أيضًا وقضايا النخيل اشتهرت فيها أيضًا قبيلة المساعيد. قلت: ويختص المساعيد بمعرفة الصنوف وهو نزاع في نسب طفل بين طرفين كل يدَّعيه لنفسه بحيث يختص المساعيد بمثل هذا النزاع الخطير، وكذلك يختص المساعيد برمي الوجوه
(2)
بين المتخاصمين لفض النزاع حتى يتم حله، أي
(1)
واشتهرت أيضا قبائل الطوَّرة بالكرم وقيل عنهم مثل: أن الطوَّرة ربيع الضيف، وذكر ذلك نعوم شقير في تاريخ سيناء، والطوَّرة هنا تعني مجموعة قبائل الطور القاطنة في جنوبي سيناء.
(2)
الوجوه هي ما تسمى بالعطواء وهو مبلغ من المال عادة يدفع كضامن مبدئي بين العائلات أو العشائر المتنازعة لحين الفصل في القضية ويسمى العمار بين العشائر أو العائلات، وإذا فرض وقطع الطرف الآخر حق الوجه قبل المدة المحددة لأيام الوجه يحكم القاضي المسعودي عليه بحق الوجه أي تقطيعه وعادة يكون باهظًا، لأنه يعتبر غدرًا لعهد من العهود المتفق عليها لأنه يزعزع بالتالي النظام القبائلي المتبع بين العربان.
إيقاف النزاع، ويختص المساعيد أيضًا بقطع الوجه على من ينتهك حرمة رامي الوجه أو تقطيع الوجه، وفي المال
(1)
يعتبر القاضي المسعودي هو آخر قاضٍ يحكم ويختص بأي نزاع كان، فهو عندهم آخر منتهى قضائي حيث يقال في اللغة الدارجة:"ما بعد حق المسعودي حق" وخاصة في قضايا العرض والشرف أو ما تسمى (الصائحة).
- والوَسْم العام للمساعيد في الديار المصرية هو العمود والمطرق والحنيك، والعمود عبارة عن مطرق عمودي يَسِمون به البعير على فخذه الأيمن.
مساعيد شمال الحجاز (أرض مدين) بالمملكة العربية السعودية
ما قاله الباحثون الأجانب والعرب:
حينما زار جورج أوغست فالين شمال الحجاز في شباط عام 1848 م ذكر المساعيد وكتب يقول: هناك قبيلة عددها ليس كبيرًا تدعى المساعيد ولا تمت للحويطات بأي صلة، وقد نزحت في البدء إلى وادي الليف وعادتها النزول قرب مقنا، ومقنا هذه مكان قيل لي أنه مجموعة أكواخ من الخوص (بكاكير) على يومين
(2)
إلى الجنوب من العقبة. وفي حديثه عن تفرق المساعيد بعد واقعة لهم في غزة قال نعوم بك شقير: "تفرق المساعيد ثلاث فرق: فرقة ذهبت شرقًا فسكنت فارعة المسعودي ووراء حوران بسوريا، وفرقة ذهبت غربًا فسكنت أرض سيناء ثم دخلت وادى النيل بمصر وعرفت بأولاد سليمان (الأمراء)، وبقي منهم بقية في بر قطيَّة غرب العريش حافظت على اسم المساعيد - كما أسلفنا في التفصيل، وفرقة ذهبت جنوبًا بشرق فسكنت وادي الليف قرب البدع من أعمال الحجاز على نحو خمسين ميلًا من العقبة، وتخلَّف من هذه الفرقة قوم في وادي الجرافي
(3)
ففرغ زادهم فأخذوا يقتاتون بالحوَّي فسموا الأحيوات". وقال الكاتب الألماني أوبنهايم في كتابه الصادر عام 1943 م: ينقسم المساعيد الآن إلى ثلاثة فروع: اتجه إلى
(1)
قال سانت جون فلبي: ديار المساعيد في فلسطين والأردن والسعودية ومصر وسوريا ويمتلكون وادي الأبيض بشمال الحجاز بنخيله، واشتهروا بالقضاء في قضايا المال على اختلاف حالاتها.
(2)
هنا المسافة يومين سيرًا على الأقدام كما كان فى عهد فالين.
(3)
وادي الجرافي متفرع من وادي عربة في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة.
الشمال فرع وقد استقر في وادى الفارعة (نابلس - فلسطين) وفرع اتجه غربًا وهم مساعيد العريش وسيناء الذين تفرع منهم أولاد سليمان في مصر، والفرع الثالث هم مساعيد شمال الحجاز الذين تفرَّع منهم الأحيوات، وقال في حديثه عن مساعيد الحجاز: لا توجد صلة تدل على انتساب المساعيد للحويطات بل ليست هناك أي علاقة قربى بينهم، وأضاف يقول أن المساعيد يذكرون أنهم نزحوا لوادي الليف قديمًا، وقال: إن المساعيد هم القبيلة الأم لكل من مساعيد وأحيوات سيناء ومساعيد الطور. وفي رحلته إلى أرض مدين شمالي الحجاز في شباط عام 1951 م قال سنت جون فلبي المعروف بعبد الله فلبي يذكر المساعيد في حديثه عن وادي عفال قال: "بدو المساعيد هم أصحاب النخيل والوادي بأسره". وأضاف قائلًا: أن أحد شيوخ المساعيد ويسمى محسن قد دعانا لزيارة خيمته التي تبعد قليلًا في أسفل وادي عفال، ولكنه بات من الضروري عليَّ أن أتجاهل هذه الدعوة لأنني دعوت سعدًا ورجاله لتناول طعام العشاء معنا، وأضاف يقول: أنه قد عيَّن دليلًا جديدًا عوضًا عن زيد وكان اسمه عيد محيسن من قبيلة المساعيد، وذكر فلبي فيما كتبه عن أحداث يوم 16 شباط 1951 م فقال: وقد تقدمنا من البدع على امتداد سلسلة جبال درك لإلقاء نظرة أخيرة على بئر موسى
(1)
والتقينا في الطريق بالشيخ محسن من المساعيد الذي أصر على دعوتنا للغداء في مضارب قبيلته، ولكن الوقت كان يقارب الثانية بعد الظهر ولم أجد بدًّا من أن أرفض دعوته مرة أخرى، ومع ذلك فقد أرفقت رفضي هذه المرة لهذا الكرم منه بهدية مناسبة له جعلت الشيخ يغادرنا مسرورًا. قلت: الشيخ محسن الذي ذكره فلبي هو محسن محمد الطرفاوي من الطرافية الأمراء، وكان شيخ عام للمساعيد في بر الحجاز بالمملكة العربية السعودية وقتئذ وقد تولى ابنه الآن مكانه بعد وفاته، وأشار فلبي إلى بعض الأماكن التي تحمل اسم المساعيد ومنها جبل عظيمة المساعيد وهضاب المساعيد الواقعة غربي منطقة بئر ابن هرماس وإلى الجنوب الشرقي من محطة ذات حاج.
(1)
بئر موسى كان حتى عهد قريب معروفًا في أرض مدين قرب البدع وهو الذي استسقي منه موسى بن عمران عليه السلام أغنام بنات النبي شعيب، وقيل أن غطاء البئر لا يحركه عشرة رجال من أولي القوة وقد رفعه نبي الله موسى؛ لأن الله جعل قوة كل نبي بأربعين رجلًا كما ورد في الأحاديث.
تخبُّط الباحثين في هذا القرن ونسبهم المساعيد للحويطات
أخطأ العديد من الباحثين في المملكة العربية السعودية وغيرها وذكروا أن المساعيد عشيرة ضمن عشائر الحويطات شمال الحجاز، وهذا خطأ فادح؛ لأن المساعيد قبيلة عريقة أقدم من الحويطات وبني عطية، ومساعيد السعودية لا يشكلون عُشر القبيلة التي تملأ الشام ومصر بالوقت الحاضر، ولا يعترف المساعيد إطلاقًا بأي صلات نسب تجمعهم مع الحويطات، ويشكل حساسية بالغة لهم من هؤلاء الذين لا يسْلَمون من الوهم والخطأ في نسب المساعيد المعروف عندهم. وذكر الدكتور حمود ضاوي القثامي من عُتيبة في كتابه معجم القبائل والمواضع والحكومات الطبعة الأولى أن المساعيد من عشائر الحويطات!! فقال: الحويطات منهم العمران والمساعيد والعميرات والذيابين والزماهرة والطقيقات والسليمانيين والجرافين والعبيات والموسة والمشاهير والقرعان والجواهرة والقبيضات والفحامين، وهذا من الدكتور حمود خطأ فادح ونقل حرفي عن فؤاد حمزة في كتابه "قلب جزيرة العرب الشهير عن قبائل المملكة العربية السعودية" المطبوع عام 1933 م والمملوءة بالأخطاء رغم أنه كتيب مختصر جدا في سرده عن القبائل، والقثامي هنا لم يشر في كتابه إلى أن نقل هذا عن فؤاد حمزة، بل ذكر أنه أخذ معلوماته من بعض شيوخ الحويطات وهم الشيخ محمد بن غدير والشيخ مقبول بن ذياب، ومقبل حمد الطبير وكلهم من العمران في نواحي حقل، وكان الترتيب لعشائر الحويطات وفق ما ذكره فؤاد حمزة قصيدة شعرية يحفظها الناس عن ظهر قلب ويرددها الباحثون بعده في هذا القرن، وفي هذا تلفيق وتخبُّط في أنساب القبائل بدون علمها، وخداع وتضليل للمجتمع العربي على مر الأجيال القادمة وفي هذا العهد على حياة من قالوا كَذِبًا على الله والناس بدون استحياء.
وقال باحث أجنبي يسمى لويس موسل عن المساعيد: منهم اللبايدة والطرافية والجراجرة والفراحين ويقطنون المنطقة من وادي الحبط إلى قيال، وذكر أوبنهايم أن المساعيد فرعان وهما البداعين سكان البدع: الفراحين سكان أقيال.
فروع المساعيد ومساكنهم في المملكة العربية السعودية
تسكن عشائر المساعيد في البدع
(1)
ويملكون نخيله، وتمتد ديرتهم حتى وادي قيال، وقيال قرية وهي على شط البحر آخر الوادي الممتد والذي يقع جنوب غرب البدع في التَهَم غرب جبال زهد الشامخة، ولقبيلة المساعيد الغالبية العظمى من نخيله أيضًا عدا بعض النخيل للقرعان وتسمى نقرة القرعان من الحويطات، أو غيرها من البساتين التي شراها بعض الحويطات من المساعيد، وقيل أن القرعاني كان ابن أخت شيخ من المساعيد في عهد قديم وسمع حاج مغربي ينظر في بقعة منخفضة من وادي قيال ويقول:"إيه عليكي من نقيرة في النخل" أى ما أحلاكي في زرع النخيل كباقي الوادي أو أين أهلك يزرعونك!؟ فسمع القرعاني وهو يرعى إبله أو أغنامه ذاك المغربي فأسرع من حينه إلى خاله المسعودي فطلب منه قطعة الأرض من الوادي ليزرعها، فوهبها له فسميت نقرة القرعان، وهناك بيوتات من القرعان يجاورون قيال بالوقت الحاضر، أما أغلبهم فديرتهم في ضبا ووادي حرامل شمالي الوجه (انظر السرد عن الحويطات). وقد زرت هذه المنطقة في عام 1412 هـ شهر رجب وقد رأيت نخيلًا قديمًا في قيال وبعضها قد تكسَّر ولكن ما زال أغلبها مثمرا، وعلى شاطئ البحر بأقيال رأيت مراكب قديمة من عهد الأتراك قد دفنتها الرمال، وأشجار كثيرة من الدوم قيل أنها قديمًا كانت غابة تعيش فيها الذئاب وتفترس الأغنام في وضح النهار، كما يسكن بعض المساعيد في مقنا قرب البحر وبعضهم في الخبت، والخبت الآن منطقة في التَهَم غرب وادي قيال وقد رأيتها جرداء قليلة العشب، وهناك نسبة كبيرة من المساعيد في تبوك وتحضَّر أغلبهم كباقي القبائل السعودية في العهود الأخيرة.
(1)
تجاور المساعيد في ضواحي البدع عشيرة العميرات من الحويطات.
* أجمع الباحثون أن ديار المساعيد في البدع وقيال وعفال وعينونا ونواحيها. وقال الباحث المسعودي عاتق بن غيث البلادي. قبيلة المساعيد تسكن حول البدع (مدين) إلى سيف الخليج وإلى عينونا جنوبا.
عشائر المساعيد في البدع وقيال في شمالي الحجاز بالمملكة العربية السعودية
(1)
الطرافية: وفخوذهم العودات، والجعلان، والعماوية. وكما أسلفنا أن الطرافية عشيرة من الأمراء المساعيد، ومنهم الشيخ العام للمساعيد في السعودية وهو سليمان محسن محمد الطرفاوي في البدع.
(2)
الجغاغمة: وهم أصلًا من الدغيمات، ومنهم عمدة المساعيد في البدع حسين سالم رشيد الجغَّام.
(3)
اللبايدة
(1)
: وفخوذهم بنو محيسن، وذوي رشيدة، وذوي إبراهيم، والغمَّضة، والصواوين
(2)
، وابن سعد، وذوي علي، وابن رفيع، وذوي موسى.
(4)
الدهينات
(3)
: وفخوذهم أبو رقيبة، والوسطي، وذوى سالم، وذوي حسن، والعفصان، والجداعين.
(5)
النصيرات: وأصلهم من الحجايجة وانفصلوا عنهم من مدة ليست بعيدة.
(6)
الحجايجة: ويقال أنهم من الضمادية المساعيد المشهورين.
(7)
البحيرات: وفخوذهم الجرابعة، والسلاميون، والسراحين، وقد ذكرنا سالفا أن البحيرات من الأمراء وثمة رأي آخر يرجعهم إلى الضمادية.
والبحيرات في السعودية لهم شيخ يوقع لهم ويدبر شئونهم ومقره بتبوك، وخاصة أن من البحيرات عددًا كبيرًا في نواحي تبوك وهو سليمان علي البحيري المسعودي.
(1)
اللبايدة كما أسلفنا فهم من الدغيمات، ويرى رأي آخر أن اللبايدة من الضمايدة المساعيد وسبق أن ذكرناهم في الرد عن انتقال المساعيد من شمال الحجاز إلى وادي عربة، ومن اللبايدة في مصر كما أسلفنا.
(2)
الصواوين قال البلادي الحربي: الصواوين وادٍ قرب البدع وهو منسوب الى أهله الصواوين من المساعيد سكان البدع. قلت: ومن الصواوين جماعة في عرب العليقات وعرب العيايدة في القليوبية بالديار المصربة.
(3)
الدهينة منهم فرقة نزلت لمصر وقد ذكرناهم من الأمراء.
(8)
الفراحين وفروعهم التالية:
- ذوي سلمان وفيه فخوذ الرجول، والرواجيد، والمجادرة، والكيلات
(1)
، والغضيات
(2)
.
- ذوي مسلم وفيه فخوذ الديان، والسحوب، وذوي رشيد، والغنادرة
(3)
، والحروالة، وذوي عمر، والصبيحات
(4)
.
- ذوي عبد الله وفيه فخوذ أبو راس وأبو ظهر.
وهناك فروع أخرى أقل عددًا ومنها التالي:
الجراجرة، الرواشدة، الدغيمات، العقايلة، العفوش، ذوي حمود، العزايمة، الروسة، البداعين، الجلاوية، الغدايرة، ابن نجم.
ووَسْم المساعيد في السعودية هو العمود على الفخذ الأيمن للبعير والمطرق على العنق.
وقاعدة المساعيد الرئيسية هي البدع وعُرف ببَدْع المساعيد، وقال أحد الحجاج يذكر بَدْع المساعيد:
شدِّيتها بين غزة ونوران
…
ومقيلها خشم اعيهده من شمالِ
تَمْرق عالعُقبية عاقبة بالمكيلة
…
والكل منامه ارقالِ
تلفي عالبَدْع بَدْع المساعيد
…
يشرون ملاح الضيف لو كان غالي
وفي البيت الأخير وصف الشاعر المساعيد
(5)
بالكرم والسخاء وهو شيء معروف عنهم للقاصي والداني في بلاد العرب.
(1)
الكيلات منهم في نواحي قها في القليوبية بمصر.
(2)
الغضيّات منهم في أجهور في القليوبية بمصر، ومنهم فرقة في نواحي بساتين بركات بالشرقية.
(3)
الغنادرة منهم في الشرقية بمصر وهم من العواهير.
(4)
الصبيحات منهم في الشرقية بمصر وهم من العواهير.
(5)
من أقدم المساعيد الذين حجروا وسكنوا بلاد مدين وعمروها البحيرات والضمادية والجغاغمة، أما الفراحين فهم قدماء ولكن حجرهم جاء تالي للعشائر المذكورة، والظاهر أن فروع المساعيد تقاطرت زرافات إلى البدع في أوائل القرن الثامن الهجري بعد مذبحة غزة، وعودتهم لهذا المكان بالذات يعود إلى خبرتهم به، لأنهم سكنوا تلك البلاد منذ القرن السادس الهجري وظلوا فترة مع بني عُقبة كما أسلفنا. وقد كانت المساعيد قبيلة قوية إبان القرن العاشر الهجري في شمالي الحجاز يدلل لنا أن المساعيد كان نماؤهم سريعًا خلال قرنين ونصف قرن من الزمان فيما بعد تفرقهم للشام ومصر في أوائل القرن الثامن الهجري.
وقال عنيز الترباني من ترابين سيناء المصرية، وعنيز أبو سالم من أشهر شعراء البادية في سيناء كلها قال:
يا راكب اللِّي ما تهاب المواريد
…
واقلِّ ما ترظم عليها يحالِ
من مصر تصبح غير بَدْع المساعيد
…
تلفي على اللِّي يبهرون الدلالي
وفي البيت الأخير أيضًا يؤكد عنيز كرم المساعيد، لأنهم يهتمون بأهم شيء للضيف وهو القهوة ويكثرون عليها البهار رغم غلاء ثمنه.
- وأكد لي الكبار من شيوخ المساعيد في السعودية أنهم متفقون مع جماعتهم من مساعيد مصر ونسبهم إلى جدهم الأول هانئ بن مسعود
(1)
من شيبان، وقد نزحوا إلى نواحي البَدْع بديار بني عُقبة في شمالي الحجاز وغادروها لفلسطين، ثم عادوا إليها بعد مذبحة أميرهم سليمان المنطار في آخر القرن السابع الهجري.
لمحة عن البدع (بلاد مدين) شمال غرب المملكة العربية السعودية
البَدْع إمارة صغيرة بها مركز حكومي يتبع منطقة (تبوك) بالمملكة العربية السعودية، وتقع البَدْع شرق خليج العقبة وتبعد عن مدينة تبوك إلى الغرب منها بحوالي 250 كيلو مترًا، وعن العقبة إلى الجنوب الشرقي بحوالي 50 ميلًا أو 125 كيلو مترا، وهذه البلدة هي ديرة قبيلة المساعيد الرئيسية في المملكة ويجاور المساعيد في ضواحي البدع عشيرة العميرات من الحويطات. والبَدْع يسميها المحدثون أرض مدين وهي التي ذكرها القرآن عدة مرات والتي لجأ إليها نبي الله موسى عليه السلام وعاش فيها عدة سنوات قيل سبعة أو ثمانية حجج، وكان يرعى لشعيب الأغنام في تلك الديار، وكان هاربًا من وجه فرعون بعد قتله لرجل من آل فرعون، وقد عاد إلى مصر عبر سيناء بعدما تزوج بابنة شعيب ونزلت عليه الرسالة في طور سيناء، وقيل أن بئر موسى والذي كان يسقي منه أهل مدين أو قوم شعيب كان موجودًا حتى عهد قريب وكان عليه غطاء من الحجر ثقيلًا، والظاهر
(1)
هانئ بن مسعود بن عامر بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة، بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جُديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
أنه دثر أو دفنته الرمال، وكانت بعثات ورحالة أجانب يزورون هذه المنطقة حتى منتصف هذا القرن العشرين الميلادي، وعرَّف الرحالة مع الحجاج هذه الديار باسم مغاير شعيب أو النبي شعيب.
والبَدْع تعتبر واحة خصيبة تتوسط وادي عفال ذو المياه الدافقة العذبة إلى الغابة الباردة إلى النهاية الجارية والتي يوجد بها نخيل بطرفها، وطول الوادي حوالي 180 كم، ومن روافده وادي الأبيض وطوله 112 ميلا، وهذه الواحة ذات شهرة ضعيفة كمنتجع للصحة، وفيها آبار ضحلة عديدة ويبلغ عمق الواحد منها ثلاث أو أربع قامات، وتتلقى مياهها من الوادي. وقد اتصفت البَدْع بجمال موقعها وهي اليوم بها زرع لا بأس به على آبار ضخ ارتوازية، وقد سُميت البَدْع بهذا الاسم؛ لأن المساعيد عندما جاءوا عائدين إليها بعد موقعة غزة ومقتل أميرهم سليمان المنطار شرق مدينة غزة بعد سنوات طويلة، وكانوا يسكنوها منذ القرن السادس الهجري ولكنهم رحلوا إلى الشام، وبعد عودتهم إليها في أوائل القرن الثامن ابتدعوا فيها زراعات جديدة أو أمورًا كانت غير موجودة مثل حفر الآبار وقيام المزارع فسميت البَدْع، وتحيط بالبَدْع ثلاث صفراوات جبلية تُشرف الأولي من الشمال الشرقي وهي جبال طينية، والثانية من الشرق وهي ضخمة ممتدة بامتداد وادي عفال، والثالثة صفراء شعيب وتشرف من الغرب وفيها حفائر شعيب الأثرية القديمة، وعليها أسلاك الآن تحفظها من قبل هيئة الآثار السعودية، وكان بداخلها توابيت عليها جثث مُكَفَّنة بقماش أبيض كما يقول الرواة من سكان البَدْع من المساعيد، ويقع إلى الغرب من البَدْع بلدة قيال في وادي قيال، وهي قرية صغيرة تقع على خليج العقبة وفيها بعض المزارع والنخيل القديمة ولها مئات السنين وكلها لقبيلة المساعيد وبعض الحويطات، ويتبع للبَدْع ثلاث قرى وفيها ستة عشر موردًا للبادية في تلك المنطقة، وكان عدد سكان البَدْع عام 1974 م نحو 3463 ولعلَّهم في عام 1993 م يناهزون الخمسة آلاف نسمة أغلبهم من المساعيد، وتبرز أهمية المنطقة في كونها ذات آثار ضاربة في جذور التاريخ وقد خطى على ثراها الطهور الأنبياء، وفيها مغائر شعيب الأثرية ومصلى شعيب وبئر موسى، كما أن مقابر وأضرحة نبطية لا تزال لها آثار باقية مما يؤكد امتداد مملكة الأنباط البائدة إلى تلك النواحي، ومن المعروف أن أشهر آثار الأنباط في البتراء جنوب المملكة الأردنية الهاشمية.
التفصيل عن المساعيد في فلسطين وتاريخهم وحروبهم
بعد ارتداد المساعيد نحو ديارهم في شمال الحجاز على أثر مذبحة غزة استوطنوا شمال غرب الحجاز بنواحي البَدْع ومقنا والمويلح وذات حاج والعقبة، ثم أخذوا بالانتشار في مختلف الأنحاء فاستوطن فريق منهم جبل العرب بجنوب سوريا وعرفوا بعرب الجبل، وفريق اتجه لبلاد الطور وهم أولاد سليمان كما أسلفنا عنهم، وفريق أخذ بالامتداد عبر وادي عربة فاستوطن بلاد الشوبك والكرك ونواحيهما مع الامتداد نحو القدس والخليل، واتجه فريق نحو الشرقية بالديار المصرية فيما استقر فريق حول العقبة مع الامتداد نحو الحجاز، ومن هذا الفريق الأحيوات، أما الفريق المسعودي الذي اتجه واستقر ببلاد الشوبك والكرك وهم موضع هذا الفصل فإنني أقدم معلومة متوفرة تذكر وجودهم في الشوبك عام 932 هـ الموافق لعام 1525 - 1526 م ثم ذكرهم الرحَّالة الجزيري عام 977 هـ في درر الفرائد وكان يعمل كاتبًا في ديوان إمرة الحج في مصر قال: وأما المساعيد فمنهم بدنات كثيرة وفروع غزيرة فلنذكر منها عشرين بدنة (فرقة) ومنهم أمراء أصحاب مرتبات لاتقاء شرورهم لا على درك .. ويعني هنا أنهم ليسوا أصحاب درك الحج كبني عُقبة أو بني عطية، وهم أولاد الأمير مرعب وإخوته قضيب وبديع وجماعتهم، وعادتهم يحضر منهم أو من جماعتهم من يقابل أمير الحاج بعقبة إيلة في الذهاب فيقبض ما هو معين له بالدفتر السلطاني، ويتوجه فلا يعود إلا في السنة المستقبلة، وكذلك بدناتهم (فروعهم) على ما نذكره: النجادية وشيخهم الأمير مرعب بن سعيفان، والعساسفة من الهويدفية منهم محمد بن حميد، والحياجات: رباعة مرعب آل شطي منهم زعر بن معقل، والحوادرة منهم عنيز المسعودي، والمغايثة منهم حجاج، والمواهرة منهم بكر بن أبي بكر وطوق بن طلحة وقراد وأخوه، والشرشيدية، والنجادية منهم شكم بن صعب ومرعي أبو مخطوم، والدويسات والهبر منهم زويد، والبراغشة منهم أحمد بن بذال، والهويدفية منهم علوى، والصنَّاع منهم عبيد بن كحيل، والعساكرية، والنضرة ومنهم درع، والنويجعية منهم كلَّاب، والقيوس منهم ميَّاس، والحوه: منهم زين سعيدة، والحطاطبة منهم مربط. وقال: المساعيد المذكورين عادتهم يحضر أحد أولاد الأمير سعيفان أو قاصده بعقبة إيلة، ويقبض مالهم بالدفتر السلطاني له ولجماعته مائتان
وعشرون دينارًا غير التشاريف السلطانية، وذكر الجزيري أن المساعيد أولاد الأمير سعيفان وغيرهم صاروا يتعرضون للجمال التي فرغت للحمل وهي متوجهة للقاهرة فينهبونها من أربابها، وتكرر ذلك منهم وتوالى شرهم واعتمادهم كذلك بين الأزلم والقاهرة، فضجر عربان الحمل من ذلك وشكوا لأمراء الركب المرة بعد الأخرى فلم يفدهم ذلك ولم يزدهم إلا خسارة!. وقد استقر المساعيد ببلاد الشوبك والكرك مع امتدادهم نحو البلقاء بشمالي الأردن، وكان يقطن في هذه معهم قبائل أخرى كالوحيدات والحماديين وغيرهم، وفي القرن التالي وقعت أحداث قَبَلية أدت إلى هجرة بعض قبائل تلك المنطقة كالمساعيد والوحيدات إلى أنحاء أخرى في البلقاء وفلسطين، وكان من أهم وأقوى هذه النزاعات نزاع وحرب المساعيد مع العمرو من بني عُقبة، ونزاع وحرب الوحيدات مع العمرو أيضًا وذلك بعد قدوم العمرو من شمال غرب الحجاز وتحالفهم مع أعداء كلا القبيلتين في القرن الحادي عشر للهجرة، وعن بني عُقبة قال الجزيري عام 977 هـ / 1569 - 1570 م في شمال الحجاز خلال القرن العاشر الهجري: أن العمرو من بني عُقبة - جُذام هم جماعة عيون القصب وهي عينونة الواقعة إلى الجنوب من البَدْع على نحو 55 كيلو، ويمتدون شمالًا حيث يجاورهم بطن آخر من بني عُقبة وهم الخرشة، ويجاور العمرو جنوبًا امتدادًا من عيون القصب، أي عينونا الى حدرة دامة بطن آخر من بني عقبة وهم المسالمة، وداما هو وادٍ يقع إلى الجنوب من مدينة ضبا على نحو 28 كيلو، وذكر الجزيري من بدنات أو فروع العمرو: المتاريك والعوامرة والمزايدة.
وفي العهد التالي للجزيري في نهاية القرن العاشر الهجري حدث نزاع دموي بين بطون بني عُقبة، كان نتيجته أن طرد المسالمة أخوتهم العمرو الذين أخذوا في الارتحال شمالًا نحو بلاد الطُفيّلة والكرك، حيث توجد بطون أخرى من بني عُقبة كالخرشة إلى جانب قبائل المساعيد والوحيدات. وقد ذكر جورج أوغست فالين فيما كتبه في شباط عام 1848 م حين مرَّ بالمويلح في شمالي غرب الحجاز والتقي ببني عُقبة القاطنين في نواحي المويلح وذكر هذا النزاع فقال:
يروي بنو عُقبة أنهم كانوا في الماضي البعيد قبيلة كبيرة ذات نفوذ وتملك الأراضي الممتدة من شاما إلى داما، وشاما تعني صحراء سوريا، وداما هو وادٍ
شمال بلدة الوجه بين ضبا واسطبل عنتر في شمال غرب المملكة العربية السعودية، ويقولون: إن القبيلة انقسمت في صدر الإسلام قسمين كبيرين هما: المسالمة وبني عمرو، وجدهما واحد اسمه معروف، وبسبب خلافات عائلية بين شيخ بني عمرو وزوجته عييفة شقيقة علي بن نجدي زعيم البطن الآخر من بني عُقبة (يعني المسالمة) نشبت نزاعات انتهت بأن المسالمة القوية طردت بني عمرو من ضواحي المويلح؛ وأرغمتهم على اللجوء إلى قبيلة الحجايا من شمَّر في ضواحي الطُفيلة، فاندمجوا بها وصاروا معها منذ ذلك قبيلة واحدة ولكنهم ظلوا يكنون العداء للمسالمة. قلت: ومعروف أن جد المسالمة والعمرو هو جد عموم المعاريف من بني عُقبة جُذام القحطانية الذين تفرع منهم المسالمة والعمرو. وقد ذكرهم الجزيري وأسماهم بنو عُقبة المعاريف وذكر أنهم من عربان الحمل للحج، أما علي بن نجدي شيخ المسالمة المذكور فقد تولى زعامة المسالمة بعد أبيه نجدي بن أبي بكر بن نجدي شيخ المسالمة في عهد الجزيري في أواخر القرن العاشر الهجري، وقد ذكره من زعماء المسالمة في عهده نجدي بن أبي بكر وأولاده علي بن نجدي ومن معهم وذكر أنهم من النجادة المسالمة وقال: النجادة منهم نجدي بن أبي بكر بن نجدي وغدير بن علي بن نجدي وأبو بكر ومن معهم من النجادة، وهذا يوضح لنا أن النزاع بين المسالمة والعمرو حدث بعد أن تسلَّم علي بن نجدي بن أبي بكر بن نجدي زعامة المسالمة بعد أبيه وهذا ما حدث في نهاية القرن العاشر للهجرة بعد وفاة الجزيري في عام 977 هـ. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نذكر أن العمرو لم يندمجوا مع الحجايا وكل ما بين القبيلتين هو أن العمرو أخوال للحجايا، وبعد نزاع المسالمة والعمرو ارتحل العمرو شمالًا باتجاه بلاد الطفيلة والكرك. وذكر علي نصوح الطاهر من العمرو قائلًا: إن هجرة العمرو من الحجاز كانت في القرن السابع عشر عام 1629 م - 1039 هـ، ويبدو أنهم أخذوا بالارتحال منذ عام 1038 هـ - 1628 م. وذكر أوبنهايم أن هجرة بني عُقبة إلى بلاد الكرك كانت في القرن السابع عشر الميلادي وهو يعني بني عُقبة العمرو، وذكر فردريك بيك وجود العمرو في بلاد الكرك قبل منتصف القرن السابع عشر أي قبل عام 1650 م، وهو ما أشار إليه الأب جورج سابا وروكسي بن زائد العزيزي، وقد ورد لهم ذكر في أحداث بلاد الكرك خلال القرن السابع عشر الميلادي.
وعندما دخل العمرو بلاد الشوبك ونواحيها وجدوا الوحيدات يسيطرون على المنطقة وعربانها، وكانت الوحيدات تقطن منطقة غربي جبال الشراة ويُنسب إليهم وادي الوحيدي غربي معان، ومن ديارهم في تلك البلاد تلاع الوحَيْدي وهي تلك التلاع المقابلة لقرية الطيبة من الجهة الجنوبية الغربية، كما استوطنوا شمالي الشوبك ومن ديارهم المقارعية شمال غرب الشوبك، وفي ذكره للوحيدات قال عارف العارف
(1)
: أنهم جاءوا من جبال الشراة في شرق الأردن ولهم هناك أراضي تدعى العجيج فيها عيون أهمها أَذْرح، كما كانت عشائر الوحيدات تملك منطقة أَذْرح والجرباء وما حولها وما زالت أغلب أراضي هذه المنطقة تسمى تلاع الوحيدي وثبت أنهم استوطنوا معان واتجهوا شمالًا لأَذْرح بالشوبك ثم البلقاء بالأردن، وبلغ من شأنهم ما يرويه شيوخ الطراونة المعروفين في بلاد الكرك ومعان أن الوحيدي كان ظالمًا وكان يجر جدهم الطرو على الشوك عاريًا!، وكان الطراونة يقطنون وادي موسى، وقد وردت أخبار للوحيدات تدل على مشاركتهم القوية بأحداث بلاد الشوبك والكرك عام 1022 هـ الموافقة لعام 1613 م، ومنذ أن دخلت العمرو من بني عُقبة إلى تلك المنطقة اصطدموا بالوحيدات فدار نزاع امتد حتى الطفيلة، ففي عام 1039 هـ - 1629 م سار العمرو نحو الطفيلة فاحتلوها وذبحوا أميرها الوحيدي المُلقَّب بالمنصوري فجلا الوحيدات من المنطقة. وقال علي نصوح طاهر: إن العمرو اتجهوا نحو الطفيلة وكان حاكمها ظالمًا ويُعرف بالوحيدي ويسميه أهل الطفيلة بالمنصوري، فحاصروها وقتلوا الوحيدي بعد أن اقتحموا البلدة عنوة، ففرت عشيرة الوحيدات إلى شمال سيناء وغزة للالتحاق بباقي أقاربهم النازلين هناك في تلك المناطق.
وقد ذكر الأب جورج سابا وروكسي بن زائد العزيزي أن العمرو عندما قدموا لبلاد الطفيلة لم يحل دون تقدمهم في البلاد واصطدامهم بالوحيدات سكان الطفيلة والكرك بل ألجأوهم إلى الارتحال إلى غزة فحلوا محلهم، وما إن استقر العمرو ببلاد الشوبك والطفيلة وقد استقطبوا كثيرًا من العشائر ضد قبائل المنطقة الأقدم وجودًا والتي كانت تسيطر على تلك الأنحاء، فاتجهوا نحو بلاد الكرك
(1)
وقال عارف العارف عن الوحيدات أنهم سادة أشراف من ذرية الحسن بن علي وأن الترابين في غزة يبجلون الوحيدي شيخ الوحيدات لشرف نسبه، وهذا يؤكده الرواة في سيناء أيضًا.
ليخوضوا حروبًا طويلة ضد المساعيد، وقد استمرت وقائع المساعيد مع العمرو وغيرهم من بني عُقبة عدة سنين امتدت حوالي ثماني سنوات من 1041 هـ حتى 1047 هـ الموافق 1631 - 1638 م، وكان الفريق العُقبي الأقدم وجودًا ببلاد الكرك قد آزر المساعيد ضد العمرو ومنهم الحناحنة والخرشة والقياصمة، ويذكر الشيخ مدلله بن غافل شيخ العمرو قال: إن ابن قيصومة وابن وادي وابن شريتح حالفوا المسعودي ضد العمرو.
قلت ابن وادي هو شيخ الخرشة وابن شريتح شيخ الحناحنة وابن قيصومة شيخ القياصمة، كما انضم إلى المساعيد فريق من المسالمة ضد إخوتهم العمرو، وقد عرفت هذه الوقائع بذبحة العمرويين، وقد نتج عنها ارتحال
(1)
المساعيد ومن حالفهم من الحناحنة نحو البلقاء، فيما ارتحل القياصمة نحو بيت ساحور بفلسطين وعرفوا هناك بالسواحرة فيما تبقي الخرشة ببلاد الكرك، أما المسالمة فقد ارتحلوا إلى بلاد غزة وهم اليوم في عداد التياها ويعرفون ببني عُقبة حتى الآن، وقد نزلوا في البداية على الوحيدات أعداء العمرو وصاهروهم وهم ينتسبون إلى علي بن نجدي شيخ المسالمة. وقد ذكر عارف العارف أن بني عُقبة ببلاد بئر السبع ينتسبون إلى علي بن نجدي قال: وقد نزل هذه البلاد مع الوحيدي. وقال الطاهر: أن الشيخ علي بن نجدي العُقبي صمم على الاتجاه إلى بلاد غزة، واتجه إليها فعلًا مع أولاده وحل بين عشيرة الوحيدي ورحب به الوحيدي ولقد تصاهر الوحيدي والعُقبي، وأضاف: وبعد مضي فترة من الزمن اختلف العُقبي وأولاده مع الوحيدي وانضم بجماعته إلى قبيلة التياها وأصبح يعتبر منهم.
انتقال المساعيد من شمالي الأردن إلى فلسطين
أما المساعيد فقد استقروا ببلاد البلقاء ثم انتقلوا غرب نهر الأردن في منطقة الفارعة التي سُمِّيت باسمهم. قال إحسان النمر في ذكر المساعيد: جاءوا من وادي الحرير
(2)
في الحجاز ونزلوا في جهات الكرك، ثم رحلوا على أثر فتنة وقعت هناك ثم نزلوا في غور نابلس المعروف بغور الفارعة وتفرَّقوا ولم يبق مع أميرهم أبو
(1)
الارتحال هنا من عادات القبائل المنتصرة.
(2)
الحرير: الراجح أنه وادي الحرير فى نجد ولا يوجد وادٍ بهذا الاسم في الحجاز، وهجرة المساعيد جاءت من شرق البلاد النجدية إلى هذا الوادي من فترة زمنية يرجحها الرواة فى آخر القرن السادس الهجري.
الفيتا إلا القليل وهو المُلقَّب بخرفان. ويشير العبَّادي إلى الحروب بين المساعيد والعمرو فيقول: المسعودي الذي نزح منهم قسم إلى شمالي الأردن وآخر إلى الجفتلك في غور الأردن الشمالي من غرب النهر بعد حروب بينه وبين ابن ثبيت شيخ العمرو، ويشير إلى أن الحروب الداخلية أبادت كثيرًا من العشائر وهذه الحروب كانت خاصة بين ابن ثبيت والمسعودي وأتباعهما، وقال: والمسعودي قد هاجر إلى الجفتلك في غور الأردن الشمالي غربي مجرى نهر الأردن. وقال علي نصوح طاهر: ذهب الأمير المسعودي برجاله معتصمًا بالبلقاء واستقر أخيرًا في غور الجفتلك من أراضي قضاء نابلس، وقد استقر المساعيد في البلقاء غربي السلط وفي سهل كبد ونواحيه، ومن ديارهم خور المساعيد الواقع في معاريب السلط ويطل على عيرا وبرقا، وقد نتج عن الحروب القَبَلية في بلاد الكرك سيطرة العمرو على المنطقة واستبدادهم وطغيانهم مما أدى إلى ثورة العشائر وتحالفها عليهم. قال إحسان النمر: فثارت عليهم عشائر الكرك ووقعت حرب أهلية امتدت إلى البلقاء ومعان ودارت فيها الدائرة على العمرو، قال: وتعطلت طريق الحج وامتد التمرُّد حتى حوران بجنوب سوريا فقُتل أمير الحج موسى باشا التركماني عام 1081 هـ، مما دفع الدولة العثمانية بتكليف الأمير يوسف النمر لقيادة حملة من نابلس لإخماد الثورة فأخمدها وأخذ على ما يقول إحسان يجلي العشائر التي ثبت أنها أصل الثورة، فأجلى التميمية إلى الخليل بفلسطين فعرفوا بالمجالي وأجلى الجرادات
(1)
أكبر عشائر العمرو إلى جبل الخليل وجبل نابلس، فسيطرت الدولة حينذاك على زمام الأمور إلا أن هذا لم يمنع قيام نزاعات قَبَلية فيما بعد.
وقد ظلَّ المساعيد في ديارهم شرقي النهر في البلقاء حتى تنازعوا مع بني جَرْم
(2)
من (طيئ القحطانية) في غرب النهر بفلسطين ثم استولوا على ديارهم،
(1)
الجرادات كما ذكرهم عارف العارف أنهم من المشاعلة من جُهينة وهذا هو الأرجح والثابت أن الجرادات كانوا من حلفاء العمرو فظن إحسان النمر أنهم يعودون بالأصل للعمرو من عُقبة جُذام وقد ذكر العارف عشائر العمرو والظاهر أنها خليط من الأحلاف معظمها منضمة للعمرو قديمًا، وذكر تاريخ شرق الأردن أن الجرادات ليسوا من العمرو وإنما منضمين لهم وهو الصحيح، وقد ذكر أن العمرو من بقايا آل عمرو من غزيَّة القحطانية وهو ينقل عن القلقشندي في مخطوطه رقم 50 - 1.
(2)
ذكرنا سالفًا حرب المساعيد مع بني جَرم قُضَاعة فيجب التفريق بين جَرْم قُضَاعة وجَرْم طيئ والحروب مع الأولى في أواخر القرن السابع الهجري والثانية في القرن الحادي عشر الهجري.
والسبب هو أن رجلًا من بني جَرْم أطنب على أمير المساعيد وكان يقطن آنذاك سهل كبد شرقي النهر بالبلقاء، وقد شكى إليه الرجل ظلم أمير بني جَرْم الذي استولى على أملاكه وأرضه، فجمع الأمير شيوخ وأمراء المساعيد واستشارهم في أمر هذا الطنيب الذي يجب عليهم حسب تقاليد البدو أن يسعوا لاسترداد حقه ورده إليه وهم أهل النخوة والشجاعة والمروءة، ومن العار إن ترد المساعيد جوار وطنب هذا الرجل المظلوم حتى لو دخلت في حرب مع جَرْم تفنى فيه فرسانهم جميعًا، فلما عرف كبار المساعيد رأى أميرهم الخطير أشاروا عليه بإرسال رسول إلى الأمير الجَرْمي لمطالبته برد حقوق الطنب عليهم، فلم يرد الجَرْمي على الرسول ولم يوقِّره فعادوا الكرَّة وأرسلوا رسولًا آخر، فبغى أمير بني جَرْم وزاد في الظلم والجبروت وقتل رسول المساعيد!، فأعلن أمير المساعيد على جَرْم الحرب فورًا واقتحم فرسان المساعيد بخيولهم سهل الكبد نحو الجفتلك وقطعوا النهر انطلاقًا إلى الفارعة في الغرب الشمالي حيث معقل بني جَرْم في تلك الديار من الجفتلك، وكان بنو جَرْم يقيمون غرب النهر في الفارعة وأريحا والعوجا، ويحكمون المنطقة من مشارف نابلس ومشارف القدس إلى البحر الميت وبعض قرى رام الله، وكانت علاقة بني جَرْم مع العمرو وثيقة للغاية حيث كانت تقيم في أوساطهم عشيرة المتاريك وهؤلاء كان منهم شيوخ العمرو في عهد الجزيري في القرن العاشر الهجري، وحدثت معارك بين المساعيد وبين بني جَرْم وحلفاؤهم المتاريك وامتدت هذه المعارك الضارية حتى فصايل إلى الجنوب الغربي من الفارعة، فانهزم فرسان بنو جَرْم وهرب أميرهم الطاغي إلى عقرباء فطارده الأمير المسعودي بفرسانه من المساعيد وقد طعنه بالرمح فخرَّ صريعًا عند أحد بوابات عقرباء
(1)
فسُمِّيت تلك البوابة التي سقط عندها أمير بني جَرْم باسم بوابة الجَرْمي، وقد تفرَّق بنو جَرْم والمتاريك عقب هذه الوقعة مع المساعيد، فسكن بنو جَرْم نواحي يافا وغزة وهم الجرامنة فيما سار المتاريك نحو بيسان في الشمال واستوطنوا هناك، فتم للمساعيد السيطرة على ديار بني جَرْم وأملاكهم وحدائقهم الغنَّاء وقد وضع المساعيد يدهم على أفضل الديار وهي التي عُرفت بغور الفارعة أو بغور المساعيد
(2)
، وقد ظلَّ
(1)
عقرباء قرية كبيرة من قرى قضاء نابلس.
(2)
غور المساعيد أو ما يسمى بفارعة المسعودي غرب نهر الأردن ضمن أراضي نابلس بالضفة =
عبيد بني جَرْم وهم الرحايلة وكذلك عبيد المتاريك وهم البراهمة، وكما ظلَّت بقية قليلة من جَرْم عند المساعيد أيضًا وكان من أعقابهم امرأة تزوجها الأمير عبد الله بن ضامن بن بركات بن خليل المسعودي فيما بعد.
ما قاله المؤرخون العرب والأجانب في مساعيد فلسطين:
بعد أن آلت ديار جَرْم طيئ القحطانية إلى المساعيد العدنانيين من نسل هانئ بن مسعود من بني شيبان من بكر بن وائل في أرض الميعاد بفلسطين، أخذوا بالانتشار في أنحاء نابلس وأريحا والقدس والغور، كما امتدوا نحو ساحل حيفا وفي جبل الكرمل ومرج بني عامر الخصيب خلال القرن الثامن عشر الميلادي، وفيما يلي نصوص المؤرخين التي ذكرت قبيلة المساعيد بأرض فلسطين:
1 -
ذكر الكاتب الفرنسي أميديه جوبير أحد كُتَّاب الحملة الفرنسية عام 1798 م معلومات عن المساعيد منذ قرابة قرنين من الزمان فقال في وصف مصر المترجم من الأستاذ زهير الشايب:
- الأمارة: وهم يقيمون في ضواحي اللد والرملة والعدد المفترض لفرسانهم نحو 200 - 300 فارس ويقوم الأمارة هؤلاء بحراسة الأشخاص الذاهبين للحج إلى بيت المقدس وفي عام 1799 م كان شيخهم يُسمى سلامة الأمير.
- عرب المسعودي: ويقيمون مجاورين لقبيلة العدوان بضواحي القدس الشريف وعددهم قليل.
- المساعيد: ويقيمون في جبل الكرمل وفرسانهم نحو 200 فارس.
- المساعيد: ويقيمون في نواحي أريحا واسمهم مساعيد الأمارة وعرب الوهايب.
= الغربية الفلسطينية، والغور عبارة عن شريط أخضر من الغور ويتخلله وادي فارعة المسعودي ويبلغ طول غور المساعيد 11 كم 2 أما عرضه فيتراوح ما بين 1 كم - 8 كم وهو من أخصب أراضي الغور وأهمها وتجري فيه المياه طوال السنة وتصب في نهر الأردن. وحتى عام 1967 م كان فيه 30 بئرًا ارتوازيا تستخدم في سبيل الزراعة الناتجة للحبوب والحمضيات، وتبلغ مساحة غور المساعيد نحو 80475 دونمًا منها 35 ألف دونم مزروعة، وتقع في هذه المنطقة حوالي 14 قرية ومنطقة وهي قرى الفوقار والتحتار وزور علَّان وجسر دامية المغروق وعجوز وزور الشطية وأم حريرة والكرنتينا وقرى المسعودي.
قلت: الكرمل سلسلة جبال تمتد من حيفا على شط البحر بساحل فلسطين على البحر الأبيض في الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي باتجاه جبال نابلس، وقد كان المساعيد يمتدون نحو الجنوب الشرقي تجاه مدينة نابلس، ومن ديارهم قرية عانين الواقعة بجوار أم الفحم في جنوبها الشرقي على بعد 2 كيلو، وتقع إلى الغرب من جنين وكان سكانها من قبيلة المساعيد وقد جلوا عنها.
2 -
تحدث الكاتب الألماني أوبنهايم عن المساعيد فقال: يعتبر مساعيد وادي الفارعة من أشهر قبائل فلسطين، وقد كانت عائلة الشيخ تلقَّب بالأمارة، وقال حسب ما أورده بيركهاردت في كتابه ملاحظات عن البدو والوهابيين ص 26، 27 فإن لقب الأمير المسعودي هو أمير القدس، ولا يعني بهذا أمير مدينة القدس ولكن أمير مقاطعة جبل القدس وفي هذه المنطقة ورثوا إمارة بني جَرْم، وأمير المساعيد لا يزال للآن مشهورًا ومُبجَّلًا، وقد امتدت حدود المساعيد في بداية القرن التاسع عشر الميلادي إلى تخوم البحر الميت، ولكنها تقلصت الآن إلى وادي الفارعة في منطقة نابلس حيث يمارس أغلب أفراد المساعيد الزراعة وبعضهم في القرى، وفي فصل الصيف يرتحلون بقطعانهم إلى الجبال والمناطق المرتفعة إلى الشرق من نابلس.
3 -
ذكر المساعيد عمر رضا كحالة السوري نقلًا عن مصادر علمية فرنسية ومنها أن المساعيد من قبائل فلسطين الشمالية تقيم في منطقة القدس وعلى السواحل الغربية لنهر الشريعة والبحر الميت.
4 -
ذكر المساعيد أيضا القنصل البريطاني تشارلز ود في تقرير له بتاريخ 26 تشرين الأول عام 1969 م وفيما ذكره أن قبيلة المساعيد عدد بيوتها 100 بيت وشيخها يُسمى الدريعي أبو حميد.
5 -
كما تحدث عن المساعيد مصطفى مراد الدبَّاغ فقال: عرب المساعيد يقطنون فيما يُعرف باسم غور الفارعة الذي تبلغ مساحته نحو 80475 دونمًا منهم 638 للطرق والوديان، وتحيط بأراضيه نهر الأردن وأراضي قرى طوباس وطمون وبيت دجن وبيت فوريك وعقرباء، ويزرع في أراضي غور المساعيد القمح والشعير والفول والخضروات وفيها نسبة من أشجار الزيتون والموز، ويعتمد السكان هناك
على زراعة ما ذكر وعلى الرعي ويسكنون في بيوت الشعر وأما بيوتهم الحجرية فقليلة، وبلغت الضريبة المطلوبة منهم عام 1943 م 229 جنيها 340 مليما.
وكان عدد نفوس عزب المساعيد في عام 1922 م 726 شخصًا، وفي عام 1931 م بلغوا 1183 نسمة منهم 666 ذكرًا، 517 أنثى جميعهم مسلمون، وفي نيسان من عام 1945 م قُدِّروا بحوالي 1680 نفسًا؛ يرحلون في الصيف لشدة الحر إلى الأراضي المرتفعة المجاورة ومعهم خليط من السود والفلاحين، وأما السادة أو الأمراء المساعيد فهم قلة ويقدرون بنحو 100 شخص!
وأما غير هؤلاء السادة فيعودون بنسبهم إلى شرق الأردن ومختلف القرى وفي 18/ 11/ 1966 م بلغ عدد سكان غور الفارعة 2423 نفسًا بينهم 1248 من الذكور، 1175 من الإناث.
وينقسم غور الفارعة إلى ثلاثة أقسام: أم حريرة وقراوي وهي قسمان قراوى الفوقا وقراوي التحتا، وقال في ذكر قراوي: تعرف أيضًا باسم قراوي المسعودي.
6 -
وذكر قبيلة المساعيد محمد عزة دروزة فقال: المساعيد منازلهم في غور الفارعة بين السلط ونابلس ومعظمهم يشتغلون بالزراعة، وشيوخهم يتلقبون بالأمارة، ولهم صلة بالمساعيد النازلين في منطقة العريش، وأضاف يقول: وقد ذكرها عارف العارف في كتابه تاريخ بئر السبع وقبائله دون أن يصف شيوخها بالأمارة وهو ما نعرفه يقينا. وقد ذكرهم آخرون غير هؤلاء لا يتسع المقام بذكر نصوصهم جميعًا وفي هذا القدر كفاية.
صلات الأمراء بفلسطين بالأمراء المساعيد في مصر:
الأمارة من المساعيد في بلاد فلسطين والذين يقطنون غور المساعيد وفارعة المسعودي غرب نهر الأردن، وهذا الفريق وحده الذي احتفظ بالأمارة فزعيمهم يدعى بالأمير المسعودي، ولا يبعدون عن الأمارة في الديار المصرية بأكثر من ثمانية جدود ذلك أن جد الأمراء المساعيد في فلسطين هو الأمير محمد أبو الفيتا المُلقَّب بخرفان الذي ولد الأمير خليل فولد الأمير خليل الأمير بركات الذي شارك بجموعه في الحرب الأهلية في نابلس عام 1272 هـ الموافق لسنة 1857 م، وقد ولد الأمير بركات الأمير ضامن الذي ولد الأمير علَّان، وقد ذكر سالم بن عيد
الحوَّات الأحيوي أنه ليس بين أمراء المساعيد في فلسطين وبين الأمارة المساعيد في مصر على عهد الأمير علَّان الضامن المسعودي إلا خمسة جدود، نقلًا عن سعيد البعيَّرة من مساعيد مصر، فإذا ما عددنا جدودهم على عهد الأمير علَّان وجدنا ما يلي:
الأمير علَّان بن ضامن بن بركات بن خليل بن محمد أبو الفتيا المسعودي؛ وبعد هذا نجد أن عدد الجدود وهو خمسة وهم لم يزيدوا منذ عهد الأمير علَّان الضامن إلا جيلين أو ثلاثة على الأكثر، أي أن مساعيد فلسطين لا يبعدون عن الأمارة في مصر إلا بثمانية جدود على الأكثر.
وإذا كنا قد وجدنا أن الأمير بركات المسعودي قد شارك في الحرب الأهلية عام 1272 هـ الموافقة لسنة 1857 م فإن أباه الأمير خليل يعد من رجال أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر للهجرة، أي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر للميلاد؛ في حين أن جده الأمير محمد أبو الفيتا هو من رجال القرن الثاني عشر للهجرة أو الثامن عشر للميلاد، وقد ذُكر في بحث للأستاذ راشد بن حمد الأحيوي المسعودي في مجلة العرب سنة 21 ص 816 - 820 نقلًا عن مصادر فرنسية إن المساعيد من قبائل جبل الكرمل وشواطئ نهر الأردن في نهاية القرن الثامن عشر للميلاد حوالي عام 1799 م، وهذا كله يؤكد أن بطون المساعيد قد أخذت بالهجرة من ديار فلسطين باتجاه الديار المصرية وغيرها، وتبقَّى من الأمارة بقايا احتفظت بالأمارة إلى يومنا هذا. ومما توفر لدينا من معلومات نستطيع القول أن أمراء المساعيد في الديار النابلسية في فلسطين ومشارقها باتجاه نهر الأردن هم أصلًا من بطن من الأمارة من المساعيد الذين استقروا في الديار المصرية بعد مذبحة غزة وقتل الأمير سليمان بن عمرو الشهير بالمنطار في أواخر القرن السابع للهجرة.
وكان أمراء المساعيد في القرن العاشر الهجري يأخذون أموالًا طائلة إنعامًا عليهم دون درك
(1)
، وكانت ديارهم ببلاد الكرك وحول القدس الشريف وببلاد الخليل إبراهيم عليه السلام.
(1)
دون درك أي ليس عليهم حراسة للحجاج وخاصة من هم في فلسطين والأردن.
التفصيل عن فروع المساعيد في فلسطين
تتألف قبيلة المساعيد في فلسطين بالذات من عناصر كثيرة من الأحلاف والعبيد، أما المساعيد الأصليون وهم الأمراء فإنهم قلة في قلب عشائر ذات أصول مختلفة كما سيجيء، وقد روى الأمير فياض بن فاضل بن علَّان بن فاضل بن خليل بن محمد أبو الفيتا المسعودي والمقيم في مدينة السلط الأردنية بالوقت الحاضر، ومنذ عام 1967 م فقد هاجر
(1)
أغلب الأمراء من فلسطين إلى شمال الأردن أي من غرب النهر في نابلس إلى شرق النهر في البلقاء، وقال عن فروع المساعيد:
1 -
الأمارة (*):
وهم المساعيد الأصوليون ومنهم آل بركات وهم بنو بركات بن خليل بن خرفان، وخرفان لقبه محمد أبو الفيتا وينقسم آل بركات إلى فخذين آل الضامن وآل الضمين، آل فاضل وهم بنو فاضل بن خليل بن خرفان، وآل أسعد وهم بنو أسعد بن خرفان ومنهم آل الدريعي وآل فياض.
وبرز من الأمارة الأمير بركات المسعودي الذي شارك في الحرب الأهلية في نابلس عام 1272 هـ، وقد ذكر إحسان النمر عددًا من أمرائهم الذين أخذ عنهم في كتابه ومنهم الأمير سعود الدريعي والأمير علَّان الضامن والأمير صالح الضامن والأمير حسين الدريعي والأمير فياض الفضيل المسعودي والأمير حسين السعود.
وذكر أوبنهايم الألماني عن الأمراء المساعيد في نابلس فذكر من أمرائهم الدريعي. وقد ذكر أكرم زعيتر أن اللجنة القومية تلقت الدعوة لحضور المؤتمر القروي العام على رأس نهر الفارعة وكتب يقول: وتلقت اللجنة القومية دعوة من
(1)
قلت: أزاح الله غربته هو وجماعته وجميع أهل فلسطين بعد تحريرها بإذن الله في يوم قريب مهما طال وكما قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يومًا أراد الحياة
…
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
…
ولابد للقيد أن ينكسر
(*) قال أوبنهايم في كتابه عن البدو: تعتبر المساعيد من بين القبائل الأكثر شهرة في فلسطين وقد كانت عائلة الشيخ تُلقَّب بالأمير، ويضيف قائلًا: وطبقًا لمعلوماتنا لم يعط العثمانيون لقب الأمير لأحد غير المساعيد!.
هيئة مشاريق البيتاوي موقَّعة بتوقيع الأمير علَّان الضامن إلى حضور مؤتمر قروي في قرية قصرة يوم 4 آيار 1936 م فتقررت التلبية، وذكر أن اللجنة القومية اجتمعت وتلي كتاب الأمير علَّان الضامن المسعودي باسم هيئة المشارق وقد عقد الاجتماع في الفارعة في 14 صفر 1355 هـ الموافق 5/ 5/ 1936 م. أما الأمير عبد الله الضامن فقد ذكره عجاج نويهض فقال الأمير عبد الله الضامن هو شيخ عرب المساعيد في الغور وأشهر مآثره وقوفه في وجه اليهود وهم يحاولون التسلل إلى الغور فقطع الطريق عليهم وأوقعهم في الخيبة، وكان خبيرًا حكيمًا في فصل الخصومات على الطرائق العشائرية، وكان ألمع شخصية في الغور كله وتوفي عام 1952 م عن أكثر من 90 سنة، ومن أمراء المساعيد ذياب الدريعي وهو مختار عرب المساعيد، وفي حديثه عن الشيخ مشهور الضامن قال مرسي الأشقر وهو من أسرة كريمة ترجع إلى أمراء آل الضامن المشهورين في الكرم وحسن الوفادة ودماثة الأخلاق فقال في ذكر شاهر الضامن: عشيرة المساعيد التي منها الأستاذ شاهر الضامن مشهورة بكرمها ورفعتها وعزتها وهي معروفة بانكبابها على الناحية الإنتاجية والعمل النافع للفرد والمجتمع، والسيد شاهر هو نجل الأمير ضامن البركات رحمه الله.
2 -
الحناحنة:
قال الأمير فياض الفاضل: أصلهم كما يقولون من العمرو من بني عُقبة، قلت: وهم من جماعة ابن قيصومة حليف الأمير المسعودي ضد العمرو حين حروبهم ببلاد الكرك كما أسلفنا، وعَدَّ من فخوذهم: الودادنة، والحليتم، والعيلات، وأبو الحمايل، والخليفات، والبنادقة، والصوافين، والفقير (المضيان)، والحروب، والمرازيق: والمرازيق يذكرون أنهم من الطلوح من قبيلة عَنَزة العدنانية.
قلت: وقد ذكر الحناحنة هؤلاء أوبنهايم الألماني في حديثه عن عرب المساعيد في غور الفارعة وعَدَّ فروعهم وذكر شيوخهم فقال: الحناحنة منهم الشريتح وشيخهم حسن الشريتح، والحليتم وشيخهم عبودة الحليتم، وأبو الحمايل وشيخهم ذياب بن كابد، والخليفات وشيخهم عقلة الخليفات، والعبلات وشيخهم عيد العبلات، والبنادقة وشيخهم أحمد السلامة، والصفيات وشيخهم رحيِّل الصفيات، والفقير (مضيات) وشيخهم عقلة بن مضيات، والحرب وشيخهم محمد الباير، وذكر أن أصلهم يرجع إلى بني عُقبة. كما ذكر الدبَّاغ في ذكره لزور
الحناحنة فقال: الحناحنة أو زور الحناحنة دُعي بذلك نسبة إلى عشيرة الحناحنة التي تقيم فيها بيوت من الشعر، وتقع أراضيهم على نهر الأردن على بعد نحو ثلاثة كيلو مترات للجنوب من جسر دامية، وبلغ عدد هؤلاء العرب حوالي 145 شخصًا بينهم 73 ذكرا و 72 أنثي، وذكر أن هذا الإحصاء يعود إلى 18/ 11/ 1961 م، وجاء في وثيقة تعود لعام 1922 م أن عشيرة الحناحنة وشيخهم أبو الحمايل وعدد أفرادها شخصا وعدد مضاربها وهذا العدد يشمل الحناحنة وغيرهم من فروع المساعيد. وذكرهم العبَّادي واسماهم ابن شريتح، والمعروف أن الحناحنة والشريتح فرع من الحناحنة فقال: ابن شريتح ويتألفون من الأقسام التالية: أبو الحمايل والصوافين والخليفات والمرازيق والودادنة والعيلات والحروب وابن حليتم والزغيبات والبنادقة والربيع والحناحنة، وفيما ذكره العبَّادي
(1)
ما يوحي أن الحناحنة يقطنون مع العمرو ببلاد الكرك والصحيح أنهم يقطنون غور المساعيد غربي نهر الأردن، أما الربيع الذين أوردهم العبَّادي ذكرهم فردريك ج بيك في حديثه عن المشالحة الذين يقطنون غور دامية فقال: الربيع يغلب على الظن أنهم من بني عُقبة ومنازلهم بجوار جسر دامية في الغور.
3 -
الصعايدة:
قال الأمير فياض الفاضل المسعودي عنهم: أنهم يقولون أن أصلهم من صعيد مصر وفخوذهم هم قوم عواد، والعميريين، ويتبعهم الدقيان، وللصعايدة عبيد وهم قوم مبارك، وقوم مبروك وهم اليوم أحرار. قلت: وقد ذكرهم رضا كحالة السوري نقلا عن مصدر فرنسي فقال: الصعايدة من قبائل فلسطين الشمالية منازلها وادي الملح، قلت: الصحيح المالح.
4 -
الدَّعاس:
قال الأمير فياض: جاء جدهم الدَّعاس من غور الغزاوية ولجأ إلى الأمير المسعودي في الفارعة وصاروا في عداد المساعيد، وقد كانوا يعملون في الرعي عند الأمير السعودي ولهم صلات نسب ورحم مع الغريب، وذكرهم الأستاذ فايز أبو فردة وقال: الدَّعاس وهي عائلة ليست بالصغيرة كانت تعد قبيل عام 1948 م
(1)
كاتب أردني ينسب إلى قبيلة عباد العدنانية في البلقاء.
عشرين بيتًا، ويقال بأنهم قدموا إلى غور الفارعة قبل مدة ليست بالقصيرة من منطقة غور الشونة الشمالية، ويقال بأنهم من الغزاوية ومنهم من يقول بأنهم من بني حسن في منطقة جرش بالبلقاء في شمال الأردن.
5 -
الغريب:
قال الأمير فياض عنهم: أن أصلهم من أريحا وقد سُموا بذلك؛ لأنَّ جدهم قدم إلى الأمير المسعودي فسماه بالغريب، وكانوا يعملون في الرعي عند الأمير المسعودي ولهم علاقات وثيقة مع الدَّعاس السالفة الذكر بسبب التزاوج بينهم. وذكرهم أبو فردة وقال: الغريب وهي عائلة ليست صغيرة إذا ما قيست بغيرها وكانت تعد عشرة بيوت ويقال: بأنهم من أريحا أصلًا ارتحلوا إلى جهات الفارعة في نهاية القرن الماضي ولقد عرفت منهم أناسا كانوا من خير البشر على الإطلاق كرمًا وشهامة وأخلاقًا.
6 -
المليكات:
قال الأمير فياض: أصلهم من كعابنة المزفرة في نواحي الخليل، وكانوا يعملون في الرعي عند الأمير المسعودي، وقال أبو فردة: ارتحلوا إلى الغور منذ فترة غير معلومة وانضموا لعشائر الأمير المسعودي.
7 -
الدعيسات: قال الأمير فياض: أصلهم من المشالحة وهم يتبعون المساعيد.
8 -
الجبيلات:
قال الأمير فياض: أن أصلهم من عبيد بني حميدة
(1)
وهم يتبعون الأمير المسعودي. قلت: وهم اليوم أحرار، وذكرهم أبو فردة وقال: الجبيلات من العائلات التي سكنت غور الفارعة واستقرت فيه وهم ليسوا بالكثيري العدد، ويقال بأنهم قدموا من شرقي الأردن وهم أصلًا من بني حميدة في منطقة مادبا والكرك ويطلق عليهم اسم القبيلات أيضًا.
(1)
بني حميدة من قبائل الكرك من الأردن. يرجحها الباحثون أنَّها من بني عُقبة، وقد أسلفنا عنها من قبائل بني عُقبة من جُذام.
9 -
الكسَّاب:
قال الأمير فياض: أصلهم من عبيد بني جَرْم
(1)
وهم يتبعون المساعيد. قلت هم اليوم أحرار. وقال أبو فردة: هم من بقايا الجرامنة الذي استقل بمكانهم الأمير المسعودي بعد مصاولات عديدة.
10 -
الجوارشة:
قال الأمير فياض: أصلهم من جوريش بجهات نابلس ونُسبوا إلى تلك القرية، وهم يتبعون الأمراء المساعيد ويقرون بعبوديتهم، قلت: وهم اليوم أحرار. وقال أبو فردة: يقال أنهم من قرية جوريش من أعمال نابلس نزلوا الجفتلك في بداية القرن الحالي وأصبحوا من بطانة الأمير المسعودي ويُقدَّر عددهم قبيل نكبة 1967 م بخمسة بيوت.
11 -
البراهمة:
قال الأمير فياض: أصلهم من عبيد المتاريك (والمتاريك من بني عُقبة جُذام) حلفاء بني جَرْم وهم يتبعون الأمير المسعودي.
12 -
السميرات:
قال الأمير فياض: هم من عبيد الأمارة المساعيد ويقولون إنهم من بني حسن. قلت: وهم اليوم أحرار، وقد ذكرهم أوبنهايم في كلامه عن عبيد المساعيد فقال: السميرات وأسماهم المقابلة وشيخهم خليل السميري.
قلت: ومنهم الشيخ خليل عبد الرَّحمن بن خليل السميرات وقد استشهد في ثورة 1936 م العارمة في فلسطين وكان هو ويوسف الزواهرة شهيدي المساعيد في تلك الثورة، وقد قاد عبد الرَّحمن بن خليل السميرات عشر مجاهدين من غور نابلس بسلاح حسن. وذكرهم أبو فردة قائلًا: السميرات وهم من أشهر من سكن هذه المنطقة استطاعوا مقارعة الأمير المسعودي في القرن الحالي، وقد استملكوا الكثير من الأراضي الزراعية التي زُرعت بالخضروات وأشجار الحمضيات بفضل
(1)
بني جَرْم هنا هم جَرْم طيئ واسم جرم ثعلبة بن عمرو بن الغوث - بني طيئ - القحطانية، ومنهم قوم في مصر أيام صلاح الدين الذين نزلوا الشرقية والصعيد وباقيهم ظل في فلسطين وكان لهم ذكر عند الدولة.
شيخهم وكبيرهم خليل السميرات، ويقال بأن هذه العائلة من سميرات بني حسن في شرقي الأردن، وأعدادهم قليلة نسبيًّا وقد صاهروا عائلات نابلس وسكنوها شأنهم شأن الأمارة المساعيد.
13 -
الشطِّي:
قال الأمير فياض: هم من عبيد الأمارة وهم فروع منها النواتية وأصلهم من الشام، والرماح وهم من عبيد الأمارة، والصبيحات وأصلهم من أريحا وجدهم عبد للأمير المسعودي، والعطايات وأصلهم من عبيد أبو محلوس والكليبات وأصلهم من عبيد الحمايدة، والفقرة وأصلهم من عبيد البلاونة (بلِّي)، والرحايلة وهم عبيد بني جَرْم طيئ وتبعوا للأمير المسعودي، والشطية ذكرهم أوبنهايم وقال: أنهم عبيد الأمارة وشيخهم خضر النوَّاق، قلت: جميعهم اليوم أحرار، وقد ذكرهم فردريك بيك فقال: الشطية يقال أنهم قدموا من غور المزرعة بالكرك ومنازلهم بجوار مقام أبي عبيدة في غور دامية، لربما أنهم سموا بذلك لأنهم كانوا يعيشون أولًا على شاطئ البحر الميت واليوم على شواطئ الأردن، وينسب إليهم زور الشطية في غور نابلس، وقال فردريك في حديثه عن الخنازرة من عشائر الكرك: خرج أجدادهم قديمًا إلى شاطئ البحر الميت حيث التقوا بعبد اسمه نواش كان هاربًا من سيده أحد أفراد عشيرة الشطيَّة، فسألوه عن أماكن الطعام فقادهم إلى منازل الشطيَّة، فنزلوا عليهم على حين غرة وقتلوا منهم ما يقارب التسعين نفسًا ثم نهبوا جميع ماشيتهم وأرغموا من سلم منهم على الرحيل إلى غور دامية حيث يعيشون الآن، ومنهم المشاعلة من عشائر الغوارنة سكان غور الصافي وغور المزرعة ببلاد الكرك. وقال فردريك: إن المشاعلة هؤلاء أبناء عبد من عشيرة الشطية بغور دامية. وذكر الشطية أبو فردة وقال: الشطي هم خليط من العشائر المختلفة المنابت وقد سموا بذلك لسكناهم لزور الشطية ولوجودهم على ضفاف نهر الأردن واستقرارهم فيه، وقد يكون الشطي من الشطية الذين هجروا موطنهم على شواطئ البحر الميت في غور المزرعة بسبب سيطرة الخنازرة عليه، وقد سكن كثير منهم في غور دامية على الشاطئ الشرقي لنهر الأردن مقابل غور الفارعة، ويمكن تقسيم عائلات وعشائر الشطية إلى:
- الصبيحات: ويقولون أنهم من منطقة أريحا وما جاورها وارتحلوا إلى غور الفارعة طلبا للرزق وسعة في العيش.
- الرماح (أبو رمح): وهم من بطانة الأمير المسعودي الذين جاءوا معه عند قدومه لهذه المنطقة.
- النواتية: وهم جاءوا إلى هذه البلاد من مناطق الشام ولكنهم لا يحددون منطقة بعينها وسكنوا غور الفارعة في القرن التاسع عشر الميلادي، والنواتي جمع نوتي وهو الملَّاح الذي يدير السفينة في البحر.
- الكليبات: يقولون أنهم من بني حميدة قدموا إلى غور الفارعة في القرن التاسع عشر الميلادي، ومنهم من يقول بأنهم من الحجايا.
- الفقرة: وهم من بطانة البلاونة في غور شرق الأردن أو ما يسمى باسمهم.
- العطيات (أبو عطايا): وهم إحدي عائلات حاشية الأمير المسعودي يقال بأنهم كانوا من بطانة أبي محلوس أحد رجالات الديوك المساعيد.
14 -
قوم سعيد:
قال الأمير فياض: هم من عبيد الأمير الدريعي المسعودي الذي اشتراهم بماله. قلت: وهم اليوم أحرار.
15 -
العقايلة:
قال الأمير فياض: أصلهم عبيد للحوري من قبيلة عبَّاد ويتبعون الأمير المسعودي، قلت: وهم اليوم أحرار، وقال أبو فردة: قدموا إلى ديار الأمير المسعودي في القرن الماضي ويقولون بأنهم من عبَّاد في العارضة.
16 -
قوم سمور:
قال الأمير فياض: هم عبيد للأمير المسعودي وهم من مصر، قلت: وهم اليوم أحرار، قال أبو فردة: وهذه العائلة صغيرة يقولون أنهم من مصر ونزوا الفارعة في القرن التاسع عشر الميلادي.
17 -
قوم الصالح:
قال الأمير فياض: هم عبيد من برما بجهات جَرَش، قلت: هم اليوم أحرار، وقال أبو فردة: هي عائلة صغيرة قدمت إلى تلك المنطقة من لواء جرش وبالأخص من قرية برما واستقروا ضمن المساعيد.
18 -
العنيزات:
قال الأمير فياض: هم أحرار ويتبعون المساعيد، وقال أبو فردة: وهم من العائلات الصغيرة ويقال أنهم من عَنَزة العدنانية.
19 -
الثليجات:
قال الأمير فياض: أصلهم من عمالقة المشالحة وقد عملوا في الحراثة عند أمراء الضامن، وقال أبو فردة: هي عائلة صغيرة فيها عدة بيوت وهم من علاقمة الغور الذين يتبعون المشالحة والذين يسكنون غور دامية.
20 -
الزواتين:
قال الأمير فياض: هم عبيد من المغرب لجأوا إلى الأمير المسعودي، قلت: وهم اليوم أحرار، وقال أبو فردة: هؤلاء ليسوا بالكثرة بمكان قدموا إلى غور الفارعة منذ نهاية القرن الماضي ويقال بأنهم من المغرب.
21 -
الرحيل:
قال الأمير فياض: أصلهم عبيد الأمير المسعودي وهم اليوم أحرار، وقال أبو فردة: وهذه عائلة صغيرة ليست بذاك الحجم يقال بأنهم قدموا مع الأمير المسعودي منذ مجيئه ويعدون من بطانته.
22 -
المواهرة:
قال الأمير فياض: أصلهم من عبيد المهيرات من عبَّاد ولجأوا إلى الأمير المسعودي، قلت: وهم اليوم أحرار، وقال أبو فردة: وهم من المهيرات إحدى عشائر عبَّاد قدموا إلى الفارعة منذ زمن واختلطوا بعشائر المسعودي.
23 -
الشطرات:
قال الأمير فياض: أصلهم من عبيد الأمير المسعودي وهم اليوم أحرار، وقال أبو فردة: يسمون أبو شطارة وهم من بطانة الأمير، وكان يعمل قهوجيًّا في مصافة الأمير.
24 -
السعيدين:
قال الأمير فياض: إنهم عبيد أصلهم من المواهرة ويتبعون الأمير المسعودي، قلت: وهم اليوم أحرار، وقال أبو فردة: وهم من المهيرات أيضًا ويعدُّون أربعة بيوت.
25 -
العيسى:
قال الأمير فياض: أصلهم من عبيد الأمير المسعودي وأصبحوا أحرارا.
26 -
الطلوح:
قلت وهم من المرازيق الذين ذكرناهم في حديثنا عن الحناحنة، قال الأمير فياض: يقولون أن أصلهم من الطلوح من عَنَزة، قلت: والطلوح بطن من عَنَزة، وقد ذكرهم أوبنهايم في ذكره لعشائر المساعيد وذكر أن أصلهم من عَنَزة العدنانية وشيخهم صالح المرزوق.
27 -
الفحيلي:
ذكرهم أوبنهايم في ذكره لعشائر المساعيد وذكر أن شيخهم ساكت الفحيلي وأصلهم من الفحيلية العشيرة المشهورة ببلاد الشام، وذكرهم الأمير فياض ممن يتبعون المساعيد.
28 -
الوحوش:
ذكرهم أبو فردة وقال: الوحوش (أبو وحش) وهم من الغور أصلًا وانضموا إلى الأمير المسعودي في نهاية القرن الماضي.
29 -
الحدايدة.
30 -
الزقادوة.
31 -
أبو ريحان.
32 -
الهواشلة.
33 -
أبو صلاح.
34 -
آل الفارع.
35 -
الرباع:
وقال عنهم أبو فردة أن أصلهم من القرى المجاورة ويعتقد أنهم من عقرباء.
36 -
أبو دومة.
فروع من المساعيد الأصليون في فلسطين
بعد انتشار المساعيد في أنحاء مختلفة من فلسطين لَمْ يبق منهم في ديارهم بغور المساعيد أو فارعة المسعودي إلَّا الأمراء الذين ذكرناهم سالفًا وذكرنا توابعهم الستة والثلاثين وأشهر هذه الفروع هي:
أ - حمولة دار الديك: ويقطنون بلدة كفر الديك الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة نابلس، وذكرهم الدباغ فقال: حمولة دار الديك ويذكرون أنهم من عرب المساعيد وقال: كانوا أصحاب سلطة وشأن، حتى أن القرية سميت باسمهم، قلت: ومنهم دار الديك في الناصرة ومن هؤلاء دار بلوطين.
ب - الضراغمة: وهم ليسوا جميعًا من المساعيد بل عائلات منهم، قال الدبَّاغ: حمولة الدراغمة وتشمل نحو نصف سكان طوباس
(1)
وعائلاتها كثيرة ويعودون بأصلهم إلى شرق الأردن والخليل وعرب المساعيد والطفيلة ومختلف القرى، وقد ذكرهم علي نصوح الطاهر ونسبهم للمساعيد فقال: الضراغمة (طوباس) بنو مسعود ونخوتهم عند القتال "ولد مسعود".
(1)
طوباس: قرية كبيرة شمال نابلس ووادي الفارعة.
حرب عام 1967 م وآثارها على المساعيد في فلسطين
ذكر عارف العارف بيانًا حول دور المساعيد التي هدمت في حرب 1967 م بعد احتلال الضفة الغربية الفلسطينية، فقد قامت إسرائيل بهدم دور كثيرة لقبيلة المساعيد عدد 800 في غور الجفتلك بتاريخ 7/ 1/ 1967 م، كما أورد بيانًا بعدد البيوت العربية التي هدمها الجيش الإسرائيلي بين غور الجفتلك بمنطقة نابلس وأريحا بعد وقف القتال من 11 يونيه حزيران 1967 م وبكشف بيانه كالتالي:
عدد البيوت المهدمة لكل عشيرة
…
اسم العشيرة
…
الموقع
30 بيتًا
…
آل الضامن الأمراء
…
طريق الجفتلك - أريحا بمنطقة أبو العجاج
100 بيتًا
…
المساعيد
…
طريق الجفتلك - أريحا بمنطقة المخروق
100 بيت
…
المساعيد
…
من مثلث الجفتلك - أريحا بمنطقة المخروق
100 بيت
…
المساعيد
…
من المصفح إلى أريحا بمنطقة المصفح
نبذة عما قاله بعض الرواة عن الأمراء المساعيد بفلسطين
ذكرت أرحام الضامن من الأمراء المساعيد بعض المعلومات حول قبيلتها فقالت: أما المنطقة المحازية للنهر المسماة (حوض النهر) فتدعى الزور، وقد كانت حتى أوائل الستينيات مراعٍ لعشيرة الأمراء من المساعيد والعشائر الأخرى في المنطقة المنضمة لها وهي عشائر الحناحنة والنصيرات والصعايدة وغيرها، وكانت هذه العشائر تدفع أجرًا عينيا للأمراء المساعيد مقابل الرعي وهذا الأجر العيني كان يُسمَّى الرتاعة أو شاة المرعي، وأضافت أرحام في ذكر عشائر غور المساعيد أو عشيرة الأمراء المساعيد وقالت: إن شيوخ هذه العشيرة بالذات هم ملاكو الأراضي في الغور، أما عن العشائر الأخرى المنضمة للمساعيد فهي لا تملك الأراضي وتعتمد على تربية المواشي في المنطقة وهي عشائر الحناحنة والصعايدة والنصيرات، وذكرت أيضًا أن هناك قادمين أو ما يسمون بالوافدين في فصل الشتاء ومعظمهم من القرى المجاورة بمنطقة نابلس وهم يزرعون عند قبيلة المساعيد (الأمراء)، وأشهر القرى التي يأتي منها هؤلاء هي عقرباء وبيت فوريك وبيت دجن وبيتا، ويقوم الوافدون بزراعة الأراضي الشاسعة للأمراء ويتقاضون نصف الإنتاج والنصف الآخر لأصحاب الأراضي من الأمراء، وأهم الزراعات هي الحبوب والخضروات، ويعود هؤلاء الوافدون إلى قراهم في نهاية الموسم الزراعي.
وقفة مع التاريخ لبيان الحقيقة عن المساعيد
(أ) زعم غير واحد أن نخوة المساعيد وكنيتهم هي بني عُقبة، فقال سعيد أبو محمد في مقالة التكني عند العرب: المساعيد في غور الفارعة يقال لهم بنو عُقبة. وقال علي نصوح طاهر في حديثه عنهم قال: ونخوتهم يا آل عُقبة. قلت: الصحيح أن نخوة يا آل عُقبة تخص فقط الفروع التي تتبع المساعيد الأمراء وكما ألمحنا أن أصل بعضهم يعود للعمرو من بني عُقبة مثل الحناحنة والربيع وغيرهم، ولا علاقة البتة للمساعيد ببني عُقبة جُذام من ناحية الأصل والنسب. وذكر أوبنهايم الألماني أن نخوة الأمراء المساعيد من آل بركات هي (خيال الوادي)، ونخوة الأمراء المساعيد من آل الدريعي هي (راعي الراشيدة أحمدي)، كما ذكر أن نخوة السميرات هي (عبيد صبحا)، ونخوة الشطِّي هي (عبيد الأمارة)، وذكر
الأمير فياض الفاضل المسعودي أن نخوة المساعيد هي: (راعي الراشدة العبدلي .. قطاع الزر دومة الأحمدي) وبهذا اتضح القول بأن نخوة المساعيد يا آل عُقبة هو زعم باطل مما قاله من هؤلاء الباحثين المذكورين سالفًا.
(ب) بسبب مشاركة الأمير بركات المسعودي عام 1272 هـ في الحرب الأهلية إلى جانب آل ريان وغيرهم من ذوي النعرة اليمانية القحطانية ضد القيسية (1)، أي العدنانية، بسبب هذه المشاركة ظن بعض الباحثين في فلسطين أن المساعيد من عناصر الصف اليماني القحطاني، فقال محمد عزة دروزة: وكان المساعيد يمانين النعرة فحاربوا إلى جانب الصف اليماني القحطاني الأصل الذي كان يترأسه بنو طوقان.
قلت: وهذا رأي خاطئ والمساعيد عدنانيون من شيبان وجدهم هانئ بن مسعود زعيم العدنانية كلها في غرب العراق، وحارب الفُرس في ذي قار بنخوة العدنانية من ربيعة بن نزار بن مَعْد بن عدنان، وقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: هذا يوم انتصف فيه العرب من المعجم بفرسان بكر بن وائل من ربيعة وبي نصرواه". وقيل أن شعارهم كان وا محمداه، فكان النصر حليفهم ومزقوا صفوف المعجم في صحراء ذي قار غرب العراق.
والمساعيد يعرفون أن دماءهم عدنانية ولا يخفى عليهم، ولذلك فهم قيسيو النعرة فهم ممن ينحاز إلى القيسية، وقال أبو فردة: المساعيد حلفاء للقيسية ضد العرب اليمانية (القحطانية) في حروب كثيرة حدثت في فلسطين بسبب هذه النعرة.
مساعيد الجبل في سورية والأردن
يعرف مساعيد جبل العرب وضواحيه جنوب سوريا وشمال الأردن بأهل الجبل، أو عرب الجبل أو الجبيلات، وقد شمل هذا الاسم قبائل أخرى منها الشرفات والحواسين والعظامات والحسن والشنابلة والسردية والجوابرة والربيدات
(1)
القيسية: نسبة إلى قيس عَيْلان من مُضَر العدنانية وأُطلق على سائر عدنان، وهناك قبيلة القيسية والآن هم في بلاد الخليل بفلسطين.
والغانم وعشائر أخري، ولكن هذا الاسم يعني غالبًا المساعيد والعظامات، وقبيلة المساعيد أكبر قبائل الجبل ويعرف مساعيد هذه البلاد بمساعيد الجبل، ووجودهم بهذه الديار قديم جدًّا يرجع إلى القرن التاسع للهجرة، وقد قال أحمد وصفي زكريا يذكر أنهم موجودون في الجبل قبل الدروز، أي قبل 1112 هـ، وقال نعوم شقير: إن فرقة المساعيد اتجهت إلى بلاد حوران بعد واقعتهم في الديار الغزية وهو ما ذكره موري. وقد ذكرنا أن أحداث المساعيد وواقعتهم في غزة كانت في أواخر القرن السابع للهجرة؛ لذا فإنه على الغالب اتجه فريق من المساعيد في أوائل القرن الثامن الهجري نحو بلاد حوران، وقد ذكرنا أيضًا سالفًا نصًّا في مخطوط الجزيري من أهل القرن العاشر للهجرة الذي يذكر فيه تواجد كبير للمساعيد
(1)
ببلاد الكرك وحول القدس الشريف وبلاد الخليل إبراهيم في فلسطين مما يعني أن لهم وقتئذ امتدادًا نحو الجبل في سورية وهو ما يسمى جبل العرب
(2)
ونواحيه، وأول ذكر للمساعيد في جبل العرب كان في مطلع القرن العاشر للهجرة وقد ورد ذكرهم باسم عرب الجبل، فقال محمد بن طولون المتوفي عام 953 هـ في ذكر حوادث رجب عام 917 هـ فقال: وفي يوم الجمعة رابع عشرينه عقب صلاتها سافر النائب والعسكر إلى عرب آل علي وعرب الجبل وفي حبيحة يوم الثلاثاء ثامن عشرينه دقت البشائر بدمشق لنصرته عليهم وشاع بها أنه غنم منهم جمالًا كثيرة وغنمًا وغير ذلك ثم رجع إلى دمشق في اليوم المذكور، وقال يذكرهم مرّة أخرى: وفي عشية يوم الأربعاء سادس المحرم سنة ثماني عشرة وتسعمائة سافر النائب إلى قرية الشبعا ثم إلى نهب عرب الجبل وبني صخر
(3)
وظفر بهم وأخذ غنمًا كثيرة وإبلًا وأثاثًا.
(1)
توجد فرقة تسمى المسعودي ضمن الحجايا في شرق الأردن وفخوذها الدغيمات، والجررة، والحواملة، والبنيان، والرويسات، والمتابعة، والعجاجرة، والنواصرة، كما توجد فرقة أخرى مع العزازمة في نقب فلسطين تسمى المسعوديون ومن فخوذها فضلات وحمامدة وقلوع ومحيسنون وتسكن مرطبة والشقيب والرملة والعوسجي ووادي الخليل وأم حلقوم.
(2)
جبل العرب: في أطلس العربي السعيد الصباغ بيروت - لبنان يذكره بهذا الاسم، أما في أطلس العربي في مصر فيذكر جبل العرب باسم جبل الدروز، والدروز سكنوا بعد العرب كما أكده المؤرخون في سوريا وعموم بلاد الشام.
(3)
قبيلة بني صخر هي سكان البلقاء شمالي الكرك بالأردن وأصلها من جُذام القحطانية.
ثم ذكرهم الصفدي في حوادث ربيع الأول عام 1024 هـ الموافقة لعام 1515 م وذكر في حوادث ربيع أوك عام 1030 هـ الموافقة لعام 1620 م أن عرب الجبل في اللجاة وقال: وصارت عرب الجبل تتطاول على قرايا الغوطة فركب عسكر الشام بكبسهم فما أمكنهم لحاقهم وعادوا، وذكر في حوادث ربيع الأول عام 1033 هـ الموافقة 1623 م صدامًا بين عرب الجبل وعسكر الشام فقال: وفي الشهر المذكور أرسل مصطفى باشا سوباشي القنيطرة ومعه من البلوكباشيه الذين راحوا مع أستاذه من بعلبك عمر بلوكباشي، فكبسوا مشايخ عرب الشام أولاد أبي قيس فانهزمت العرب وغنموا في الأسباب والمواشي، وكانوا نازلين على بركة الملاحة من بلاد صفد فوصلوا إلى نزلهم صبيحة النهار فلم يجدوا منهم واحدم ولكنهم صبروا عليهم إلى أن وصلوا إلى جسر يعقوب، فلحقوهم وتصايحوا عليهم من كلّ جانب وتبعوهم فكسروا السوباشي والسكمانية، الذين معه وأخذوا خيولهم وسلاحهم وعادوا إلى الشام أزلامًا وثيابهم عنهم، منتزعة، وبعد ذلك بعشرة أيام عُيِّن مصطفى باشا طريفي حسن كتخدايري معه خمسمائة خيال من يكجرية الشام. ومن السكمانية التي عنده وأرسلهم ليكبسوا عرب الجبل لكثرة أذاهم للقرايا التي بأطراف الشام، ففعلوا هؤلاء أيضًا كما فعل أولاد أبي قيس وأخلوا لهم حتى كبسوا فردوا عليهم وهزموهم وانكسروا وما ثبت غير بلبوكباشي يقال له قرق أوغلي بلوكباشي، وقد كان نفرًا من السكمانية الذين توجهوا من بعلبك وفتح بيرقًا جديدًا في الشام فقتل من طائفته ثمانية أنفار في تلك المعركة وعاد العسكر المذكور إلى الشام غير منصور. ومساعيد الجبل ذكرهم غير واحد فقد ذكرهم القنصل الإنجليزي في الشام في تقرير بتاريخ 26 تشرين الأول 1869 م، وذكر في حديثه عن عرب حوران أن عدد بيوت المساعيد 250 بيتًا وشيخهم فريوان السرور ويقطنون ضواحي الجبل، ثم ذكرهم حنَّا أبو راشد في كتابه الصادر عام 1925 م وفيه أن المساعيد 300 بيت والعصافير 300 بيت وهم فرقة من المساعيد، وذكر أن المساعيد وغيرهم من عشائر الجبل تشترك مع الدروز في السراء والضراء حتى على عرب السلوط والقاطنة اللجاة قال: وكلها تسكن الخيم والخرب المهجورة في ضواحي قرى الجبل أو على الحدود السورية الأردنية.
وتحدث أحمد وصفي زكريا عن المساعيد حديثًا صافيًا فقال: قال البعض من الرواة أن أصل المساعيد من غرب العراق
(1)
وهم أقدم من الدروز في سكن الجبل، أي قبل عام 1112 هـ يشتون في تل الأصفر على بعد ثمانية عشر كيلو عن عانات جنوبي الجبل أي في حرَّة الراجل أو أرض الجبانة، وربما بلغوا الأزرق أو محطة الأجفور في الحماد ضمن الحدود الأردنية، ويقيظون على هيئة زرافات صغيرة في قرى المقرن القبلي حول القرية وعين وعيون ومنهم من يصل إلى قضاء درعًا في حوران كما ذكرناه، وعددهم 600 بيت وعندهم 1500 بعير و 4000 شاة و 20 فرسًا، وتعدُّ المساعيد من أكبر عشائر الجبل عددًا وأغناها بوفرة الماشية ويذكر أن نصف ماشية الجبل في يدهم، وهم أصدقاء عشائر الجبل وأعداء للروَّلة وبني صخر والعيسى والسرحان والشرارات، وطالما عقدت مؤتمرات لمصالحتهم مع هؤلاء وآخرها في أربد مركز لواء عجلون عام 1348 هـ - 1928 م، وهم ينقسمون إلى جزءين: العصافير والسميران، ففرق العصافير في السرور والمدلج والمواشة والشبار والكونش والتويني والهديب والمرشود والحطاب والمداحلة، وفرق السميران هي الغوانم والخاتم ورئيسهم الأعلى عودة السرور كبير. فرقة العصافير، وهو رجل ذكي وذو حرمة كبيرة في عشيرته وبين دروز الجبل ولا سيما لدى أسرتي جربوع وأبو عسلي في السويداء، وهو كثيرًا ما يُنتخب حكمُا في اختلافات عشائر هذه الأنحاء ويليه في الوجاهة عواد البريكة كبير السميران، وقد نكبت هذه العشيرة في ربيع عام 1347 هـ - 1929 م بنكبة كبيرة وذلك أن عشيرة الشرافات كانت غزت بني صخر في البلقاء بشمال الأردن وغنمت قسمًا كبيرًا من مواشيهم، فلحقتهم قوة نظامية أردنية من شرق الأردن بقيادة شاكر بن زيد الهاشمي رحمه الله مع سيارات ومدرعات وطائرات إنجليزية، فلم تجد هذه القوة أي أثر للشرافات في نواحي جبل العرب بل صادفت المساعيد مخيمين غربي أم الجمال، فأصلتهم القوة والطائرات نارًا جعلتهم يفرون تاركين مواشيهم وبيوتهم وأمتعتهم بعد أن حاولوا
(1)
قلت: وذكر وصفي زكريا أن المساعيد من غرب العراق قول صحيح، لأنَّ سلالة هانئ بن مسعود من بني شيبان كانت تسكن غرب العراق وجنوبه وما زال لهم بقية حتى الآن ويُطلق عليهم المساعيد ومنهم في الكويت وعُمان كما أسلفنا.
الدفاع وقُتل منهم وجرح كثيرون، فأصبحوا مدقعين على بقية البدو من العرب والدروز مدة مديدة إلى أن لموا شعثهم، وذكر أنهم يشتون في الحرَّة (حرَّة الراجل) وفي الصيف أو في القيظ يذهبون إلى قضاء درعًا، وأنهم من العشائر الجمَّالة أي أهل الإبل وهم البدو الأقحاح الرُحَّل أهل الوبر وكانوا يأخذون الخاوة من صُلَيْب
(1)
، وذكر أنه في 12 ايلول 1925 م قام أحد المساعيد المشاركين في الأحداث ضد الفرنسيين بقتل الرئيس كارنتيه قائد سرية الهجانة الذي كان يقوم بحراسة قافلة سيارات بشارع بغداد، وقد شيد الفرنسيون للقتيل نصبًا في وسط الشارع بدمشق وجعلوا تحته سبيل ماء!!
والمساعيد يقطنون اليوم محافظة المفرق، ولهم قرى عديدة منها أم الجمال والروضة وعمرة وعميرة ومنشية السلطة ودير الكهف والرفاعيات وبرك السحيم والسعيدية والنهضة (الردم) وأبو الفرش وقاسم والعاقب والجبيَّة.
مساعيد الجبل في شمالي الأردن
مساعيد الجبل في جنوب غرب سورية لهم امتداد عبر الحدود في الديار الأردنية، واتصال الطرفين وثيق جدًّا للغاية، مع ملاحظة أن القسم الأكبر من المساعيد يقطنون الجانب الأردني في الوقت الحاضر، ومن مناطق تواجدهم أيضًا نواحي الأزرق وأم السرب والمنيصة والمنارة والزبيدات والأجفور ودير القن وأم القطين والأجفايف وتل رماح والجدعة والقطاني.
فروع مساعيد الجبل في سورية والأردن
(1)
البسطة.
(2)
التوينة: وقد ذكرهم أو عدَّهم صاحب عشائر الشام من فرق العصافير ومن فروع التوينة: الجنيبات ويقيمون في أم الجمال
(2)
، والخضير وهم في الروضة، الشبَّار ويقال الشبابير وهم في أم الجمال والروضة، والعطنان وهم في أم الجمال، الهزاع وهم في الزرقاء
(3)
.
(1)
صُلَيْب من البدو لا أصول عربية معروفة تعرف لهم.
(2)
،
(3)
قرى أم الجمال والزرقاء والمفرق في شمال الأردن.
(3)
الجنوبيين: وهم في الرفاعيات.
(4)
الحليل: وهم في عمرة وعميرة.
(5)
الرحمات: ومن فروعهم: الدويان، والرحمات، والشويعر وهم شيوخ الرحمات ويقيمون في النهضة (الردم).
(6)
السحيم: ومن فروعهم: البخيتان وهم في أم الجمال والروضة، والبليشي وبقيتهم بيت واحد، والجوعان وهم في أم الجمال، والحامد، والقليتات، والحمد، وقد ذكرهم عمر رضا كحالة السوري فقال السحيم فخذ من المساعيد عدد بيوته 50 ومراكزه الرئيسية المناطق المجاورة لصلخد وبُصْرى
(1)
الشام ومناطق تجوله الأراضي الأردنية في أم الجمال.
(7)
السرور: ويقطنون قرى أم الجمال وعمرة والروضة، وفيهم شياخة المساعيد ومنهم الشيخ هايل بن عودة بن فريوان السرور المسعودي شيخ المساعيد وكان عضوًا في مجلس الأعيان الأردني سابقًا، ومنهم المهندس سعد بن هايل عضو مجلس النواب عن بدو الشمال وهو أحد وزراء الحكومة الأردنية، ومن فروع السرور: الحصين وهم في الروضة، والغوطان وهم في أم الجمال والرحمات، والمزعل وهم في عمرة، والوادي وهم في أم الجمال وعمرة والروضة وحارة عصفور في المفرق، والوشل وهم في أم الجمال، وقد عدَّهم وصفي زكريا من فريق العصافير المساعيد.
(8)
السمارات: و من فروعهم: البريك وهم في دير الكهف، وقاسم وهم شيوخ السمارات، وكان من أبرزهم الشيخ عواد البريك، والبنيان وهم في الجبيَّة والحاتم وذكرهم صاحب عشائر الشام وعدَّهم من فرق السمارات، والذياب، والزبيدي، والسميرات وهم في دير الكهف وأم الجمال والرفاعيات والزرقاء وحارة عصفور في المفرق والخالدية وقد ذكرهم عمر رضا كحالة فقال: السميرات فخذ من المساعيد عدد بيوته 75 ومراكزه الرئيسية المناطق المجاورة لصَلْخد وبُصرى الشام ومناطق تجوله الأراضي الأردنية في أم الجمال، والسوالمة وهم في الرفاعيات،
(1)
بُصْرى: ورد حديث عنها في سيرة ابن هشام للنبي صلى الله عليه وسلم: أن آمنة ام الرسول رأت في منامها في أثناء حملها بالمصطفى أن خرج منها نورًا أضاء قُصور بُصْرى في الشام.
والعمَّان وهم في الروضة والعاقب والرفاعيات، والعميش والفراخ وهم في العاقب، والمسارحة وهم في الرفاعيات وأبو الفرث والمفرق، والمصاولة والملوِّح في أم الجمال، والنعيمات وهم في الرفاعيات. وقاسم والمفرق.
(9)
السهيل ومن فروعهم: السعيد ومنهم الثماني ويقيمون في منشية السلطة، ذكرهم عمر رضا كحالة فقال: السعيد فخذ من المساعيد عدد بيوته 40 ومراكزه الرئيسية المناطق المجاورة لصَلْخد وبُصْرى الشام ومناطق تجوله الأراضي الأردنية في أم الجمال، والسهيلات وهم في منشية السلطة، والغديِّر وهم في منشية السلطة.
(10)
الصويدر.
(11)
العريبين: وهم في الرفاعيات.
(12)
الغانم: وهم في قاسم والرفاعيات، وذكرهم رضا كحالة نقلًا عن مصدر فرنسي فقال: الغانم عشيرة من المساعيد استقلت عنها منذ مائة عام وتعد نحو 20 بيتًا وتقضي الشتاء في شرقي جبل الدروز والصيف في قرية سعوت وبلاطة، وذكرهم أحمد وصفي زكريا فقال: الغانم هؤلاء فرقة من المساعيد استقلوا عنهم منذ زمن وصاروا يشتون لوحدهم في شرقي الجبل في وادي الراجل، ويقطنون حول قرية سالة وطربا من مشاريق الجبل، وهم 20 بيتًا وبعضهم شركاء سليمان نصار من سالة ورئيسهم نهاب الغانم.
(13)
الغنيم: وهم في عمرة وذكرهم رضا كحالة فقال: الغنيم فخذ من المساعيد بمحافظة السويداء بسوريا عدد بيوته 50 ومراكزه الأراضي المجاورة لصَلْخد وبُصْرى الشام ومناطق تجوله الأراضي الأردنية.
(14)
الغوانم: عدَّهم أحمد وصفي زكريا من فرق السمارات، وقد ذكرهم رضا كحالة نقلًا عن مصدر فرنسي فقال: الغوانم فرع من المساعيد إحدى قبائل محافظة جبل الدروز ومن فروعهم البويضات وهم في الرفاعيات، والجيجة وهم في الرفاعيات وقاسم، والحطاب وهم في الروضة وعدَّهم وصفي زكريا الحطاب من فرق العصافير والصحيح أن الخطاب من الغوانم من السميرات، والخضير وهم
في أم الجمال والروضة، والراشد وهم في الرفاعيات، والسنينات وهم في قاسم وأبو الغرث، والسويدات وهم في أم الجمال، والعبدون وهم شيوخ الغوانم وهم في الروضة وعمرة والرفاعيات، والعطعط في الرفاعيات، والقريَّان وهم في أم الجمال، والقطيفان، وذكرهم رضا كحالة وسماهم القطيف فقال: القطيف فخذ من المساعيد بمحافظة السويداء بسوريا وعدد بيوته 50 ومراكزه الرئيسية الأراضي المجاورة لصَلْخد وبُصْرى الشام والأراضي الأردنية، والمرابدة وهم في الرفاعيات، والمسحان وهم في الرفاعيات وأبو الفرث، والهجر وهم في الرفاعيات.
(15)
الفواغنة: بطن من المساعيد وذكرهم رضا كحالة فقال: الفواغنة فخذ من المساعيد بمحافظة السويداء عدد بيوته 100، مراكزه الرئيسية الأراضي المجاورة الصَلْخد وبُصْرى الشام ومناطق تجوله الأراضي الأردنية بأم الجمال.
(16)
القطيش: وهم بنوقطيش بن حيدر وهم فروع منها: الجهيلات وهم في الروضة، والحسان وهم بالروضة، والحماد وهم بديار المساعيد بجنوبي سوريا، والحمد وهم في عمرة وعميرة والروضة وأم الجمال والحلابات الشرقية، والحمود وهم في الروضة، والسعيد وهم في الروضة، والعريان في الروضة وأم الجمال، والمناع، والنصار وهم في عمرة وعميرة وأم الجمال والروضة.
(17)
الفقرة.
(18)
القنيص: ويقطنون العاقب والرفاعيات وفروعهم البنيات والفراج.
(19)
القورة: ومن فروعهم: الحمادة، والشهاب، والقورة، والهديب، وقد عدهم صاحب عشائر الشام من فرق العصافير، والصحيح أنهم من القورة وهم في أم الجمال وعمرة والروضة.
(20)
المدابرة: وفروعهم: البنوة وهم في أم الجمال وعمرة، والرحيبة وهم في أم الجمال وعمرة، والسماحات وهم في أم الجمال، والصلمان، والعساف وهم في أبو الفرث.
(21)
المداحلة: ومن فروعهم: الذبيان وهم في أم الجمال، والصالح في أم الجمال، والمعابرة وهم في أم الجمال، وعدَّهم وصفي زكريا من فرق العصافير وذكر عمر رضا كحالة نقلًا عن مصدر فرنسي فقال: المداحلة فرقة من العصافير من المساعيد إحدى عشائر محافظة جبل الدروز تعد 40 خيمة.
(22)
الكوتش: ذكرهم وصفي زكريا، ولعل الكوتش تصحيف القطيش نقلًا عن مصدر غربي.
(23)
المدلج: وعدَّهم أحمد وصفي زكريا من فرق العصافير المساعيد وفروعهم الشيبات أو الشياب وفخوذهم السليحي والسلايحة، وهم في أم الجمال وعمرة، والعبيد الله في أم الجمال والروضة، والعياش وهم في الروضة والسعيدية ومنهم الشاعر النبطي المعروف خلف عياش العياش، واللاحم وهم في أم الجمال وعمرة، والعيسى وهم في عمرة، والقاسم وهم في عمرة وعميزة والسعيدية شرقي عمرة ومنهم الزعامة، والمسلط وهم في عمرة، والهلال وهم في عمرة أيضًا.
(24)
المسيلم: عدَّهم وصفي زكريا من فرق العصافير وفخوذهم الشمال وهم في الروضة، والصويت (الصويتية) وهم في الروضة وعمرة وعميرة، والقليتات، واللوبيد وهم في الروضة، والمسيلم وهم في عمرة والروضة.
(25)
المرشود: عدَّهم وصفي زكريا من فرق العصافير وفخوذهم الحساب والمرشود وهم في عمرة وعميرة.
(26)
المعاذرة: وهم في الرفاعيات.
(27)
المواشة: وذكرهم وصفي وعدَّهم من فرق العصافير.
- وهناك فرع صغير يسمى التوينة المساعيد يعدُّ مع الماضي من العيسي، وقال العبَّادي عنهم: أما التوينة فهم أصلًا من المساعيد وجاءوا عند الماضي في الثلاثينيات حيث قدم شخص اسمه زعل محمد التوينة وعقَّب ثلاثة أولاد وهم سليمان وسلامة ومحمد وهؤلاء لهم أعقاب وذرية ويعتبرون الآن من العيسى.
- وتجدر الإشارة هنا أن نؤكد أن مساعيد الجبل بسوريا والأردن يأتون في المركز الثاني بعد مساعيد مصر من حيث العدد.
وسم مساعيد الشام
ووَسْم المساعيد في سوريا هو كما يلي:
1 -
مطرق طولي على الفخذ الأيمن للبعير، وهذا المطرق يضعه مساعيد الجبل ويسمونه الباهل، أما مساعيد شمال الحجاز في البدع فيسمونه العمود وكذلك مساعيد سيناء.
2 -
مطرق على الذراع الأيمن للبعير، وهذا مشترك بين مساعيد الجبل ومساعيد البدع في شمال غرب السعودية.
3 -
مطرق على الرقبة، وهذا مشترك بين مساعيد الجبل ومساعيد البدع وسيناء.
4 -
مطرق طولي على الحنك (الفك) السفلي للبعير، وهذا مشترك بين مساعيد الجبل ومساعيد الديار المصرية في شمالي غرب سيناء والشرقية، وكذلك الأحيوات من بطون المساعيد في سيناء والعقبة.
الأحيوات
تمهيد:
كان بين الهاربين الناجين من مذبحة غزة (معلَّى المسعودي) الذي أصيب بإصابات مختلفة في القتال بين المساعيد وجند حاكم غزة المملوكي، وقد قُتل في تلك الواقعة أخوه وابن أخيه وولداه، وكان برفقة معلَّى المسعودي امرأتي ولديه وحفيده سعد بن علي بن معلَّى وكان ابنه علي ممن قُتل مع الأمير سليمان بن عمرو المسعودي، وكان سعد ابن إحدى المرأتين وكان مع الأخرى حفيدة أخرى لمعلى وابنة عم لسعد بن علي بن معلَّى، ولكون معلى مصابًا فقد تأخر عن اللحاق بالمساعيد وقد توجه ابتداءً بمن معه غربًا نحو الديار المصرية للحاق بفريق من المساعيد اتجهوا نحو سيناء، وظلُّوا سائرين غربًا ثم حطُّوا رحالهم في نخيل العريش بسبب ازدياد الم إصابات معلَّى وجراحه، فمرَّ بهم رجل ملَّاحي طلبت إليه المرأتان معالجة جراح معلَّى فأقام عنده يعالجه لبعض الوقت ثم إن المرأتين تَرْكْنَ معلَّى عند الملّاحي وسارتا غربًا علّهن يجدن خبرًا عن المساعيد حتى وصلتا موضع بئر قريب، وبسبب الإرهاق الشديد والتعب والظمأ انهارت قوى أم سعد؛ فتركت سعدًا وظلت سائرة تنظر نحو الغرب ولم تبتعد كثيرًا حتى ارتدت إلى طفلها بسبب بكائه، ومكثنا هناك وبسبب الظمأ أخذت المرأتان تحفران ثميلة في الأرض بحثًا عن ماء فخرج الماء بعد حفر قليل
(1)
فلما خرج الماء شربتا وارتوتا ثم عادتا إلى معلَّى في منطقة النخيل قرب الساحل وقد أحضروه للإقامة على الماء في الموضع الذي حُفر، ولأن سعد بن علي بن معلَّى كان السبب في حفر المرأتين للماء لشدة ظمئه وبكائه وكان خروج الماء في الموضع الذي ترك فيه فقد سموه سعد صادق الوعد
(2)
وفي أحيان أخرى سعد جيد الوعد. وقد طُوِّرت هذه الثميلة
(1)
لاحظ أن طبيعة الأرض في تلك المنطقة تخرج الماء بعد حفر قليل فالمنطقة في الجفار، وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: سميت بالجفار لكثرة الجفار بأرضها ولا شرب لسكانها. والجفار لغة جمع جفر والجفر هو البئر القريبة القعر الواسعة لَمْ تطو، وقد أطلق مؤرخو العرب على معظم بلاد العريش الساحلية اسم الجفار لكثرة الحفار بأرضها.
(2)
هنا المساعيد يشبهون الطفل بجدهم إسماعيل ابن الخليل إبراهيم عليه السلام عندما كان طفلًا في صحراء مكة مع أمه وقد ضرب بقدمه فنبع الماء بقدرة من الله وسمي بئر زمزم وهو عند الكعبة المشرفة كما هو معروف، وكان سيدنا إسماعيل عليه السلام يسمى صادق الوعد؛ ولذلك فقد قال الأحيوات من المساعيد على سعد جدهم صادق الوعد لأنَّ ظروفه تشبه إسماعيل عليه السلام من حيث إنه طفل في صحراء العريش =
فيما بعد وقد عُرف باسم بئر المسعوديات نسبة للمرأتين، واشتهر هذا البئر أيضًا باسم بئر المساعيد ولكنه يعرف للآن عند بدو سيناء بالمسعوديات، وقد أشار إلى هذا البئر غير واحد من شعراء البدو، وقال سلامة الحوَّات الأحيوي المسعودي وقد حضر عرسًا عند سالم بن حمدان النجمات، وكلاهما من الأحيوات قال يصف بيت سالم بن حمدان وهو بيت شعر:
بيت مبني في الحمضة
…
وحباله في المسعوديات
بين الواسط والواسط
…
للطرمبيل أربع ساعات
(1)
وقال البدَّاع سلامة أبو مزيد بعد حضوره لعرس عام 1942 م عند الأحيوات يصف بيت صاحب الفرح ويقول ذاكرًا بئر المسعوديات أيضًا:
الميخر في المسعوديات
…
والمقدم في شعف شايح
وذكر البئر الشيخ عبد الغني النابلسي في رحلته إلى مصر وكان قد مر به يوم 13 ربيع الثاني 1105 هـ فقال رحمه الله: فلما نزلنا سائرين إلى أن وصلنا إلى بئر المساعيد وهناك سبيل مُعمَّر بجدران الحجر فاستقينا منه وشربنا وسقينا الدواب وملأنا الركاوي ثم سرنا إلى أن وصلنا قبر الساعي. انتهى قول النابلسي. ونعود إلى معلَّى المسعودي ومن معه فقد أقامت المرأتان وعمهما معلَّى وطفليهما على الماء لبعض الوقت بانتظار شفاء معلَّى من إصاباته، فلما خفَّت آلامه بعض الشيء استأجرت المرأتان ناقة من الملَّاحي لنقل معلَّى إلى الشرق للبحث عن المساعيد بعد أن عجزوا عن اللحاق بمن توجهوا إلى الغرب، وقد اتجهوا إلى العقبة فساروا نحو الجنوب الشرقي وتزودوا بالماء والطعام فساروا عبر وادي العريش ثم تركوه فقطعوا وادي قريَّة حتى أشرفوا على النقيبات، ثم ساروا ووصلوا إلى وادي الحمض إلى الغرب من الكنتلا شرق بلاد التيه في سيناء فأقاموا هناك لبعض
= وقد أخرج الماء كرامة من الله له وهذا بحفر من المرأتين للثميلة، أما كرامة نبي الله فتختلف طبعًا لأنه ضرب الأرض برجله فزمزم الماء في الحال بدون حفر، وقيل أن جبريل عليه السلام قد ضرب بجناحه تحت موضع قدم إسماعيل. والفارق لا يحتاج إلى مقارنة بين سعد وبين نبي الله إسماعيل عليه السلام.
(1)
هنا يبالغ في اتساع البيت في قوله بين الواسط، أي رواق البيت أو خيمة الشعر سير أربع ساعات بالأتومبيل أي السيارة!، ثم قال في البيت الأول مبني في الحمضية وحبال أوتاده عند بئر المسعوديات وكله مجاز مرسل لاتساع الخيمة عند الأحيوات وهذا كناية على العز والقوة.
الوقت بسبب تضاعف آلام إصابات معلَّى من جراء السير والإرهاق، وتركهم الملَّاحي وفي تلك الأثناء فرغ زادهم فأخذوا يقتاتون بالجوى وغيره من النباتات الربيعية وقتئذ.
وقال نعوم شقير: والحوى هو نبت ربيعي يأكله البدو زهرًا وورقًا قيل وأول من أكله في سيناء الأحيوات من المساعيد فسموا به. وقال في ذكر تفرُّق المساعيد بعد واقعة غزة: وتخلف من هذه الفرقة قوم في وادي الجرافي ففرغ زادهم فأخذوا يقتاتون بنبت الحوى فسموا الأحيوات وكبيرهم إذ ذاك سعد صادق الوعد. قلت: والصحيح أنهم كانوا في وادي الحمض من فروع الجرافي وسعد صادق الوعد كان ما زال طفلًا مع جده معلَّى المسعودي. وقال الدباغ: "الحوي نبت ربيعي ينبت في وادي عربة يأكله البدو زهرا وورقا، وقيل أن قبيلة الأحيوات في ديار السبع نسبت إلى الحوى. قلت: وفي أثناء إقامتهم بوادي الحمض وكانوا يقتاتون بالجوى وغيره ويشربون من الغدران في تلك المنطقة، تضاعفت آلام معلى وأدرك قرب المنية فأوصاهن بدفنه على ربوةٍ
(1)
في جنب وادي الحمض وأمرهن بالسير في وادي الجرافي، فيما بعد وأوصفهن جبال وادي عربة الشرقية وأخبرهن أن المساعيد في سفوح الجبال الغربية في وادي عربة حول العقبة، ولم يلبث طويلًا حتى توفي إلى رحمة الله تعالى وقد دفتاه المرأتان في وادي الحمض الذي عرف (بوادي معلَّى) حتى الآن، ولمعلَّى المسعودي قبر زار من بدو التيه في سيناء ويذبحون عنده الذبائح عنده الاحتفالات في مواسم الزيارة، ولا يزال أعقابه من الأحيوات ينتخون به في الشدائد قائلين: يا معلَّى. ثم إن المرأتين وطفليهما سارتا عبر وادي الجرافي ثم اتجهنا نحو الجبال الشرقية كما أوصاهن معلَّى، ثم انحدرتا إلى وادي عربة قرب العقبة على رأس الخليج فوصلتا إلى المساعيد وقد عرفوا قصتهم وأكلهم النبات الحوى الصحراوي، فسمى المساعيد المرأتين بالأحيوات وكذلك سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى أسموه الأحيوي أو أبو حوَّاه فعرف أعقابه من المساعيد
(1)
جرت العادة أن البدو يدفنون أولياءهم أو رؤساءهم بجانب عيون وآبار لأنهم يقومون بزيارة قبورهم والاحتفال في مواسم معينة بها، ويلاحظ هنا قبر معلَّى المسعودي كان في وادٍ ليس بقربه ماء وذلك السبب وفاته فجأة أثناء سير المرأتين للحاق بقومهما من المساعيد حول العقبة شرف وادي عربة، ونظرًا لأنَّ المرأتين غير عارفتين بتلك المواقع فقد دفنتاه في الوادي وقبره إلى اليوم مزار مشهور ويخصه بالتبجيل ذريته الأحيوات من المساعيد.
باسم الأحيوات، وسعد هذا هو جد بني سعد من الأحيوات ذلك الاسم الذي شمل فيما بعد بعض الفروع من المساعيد مثل الصفائحة، وهم من ذرية سيف المسعودي الذي ذكرناه سالفًا وقد قتل في معركة المطيرية بين المساعيد وبني عُقبة، كما شمل اسم الأحيوات أيضًا بعض فروع من الضمادية المساعيد، ومن أعقاب الضمادية هؤلاء في الأحيوات فرع الخواطرة وسنُفصِّل عنهم في موضعه.
مساكن الأحيوات
تقطن عشائر الأحيوات العقبة ووادي اليتم ووادي عربة بجنوب الأردن، وحدودهم شرقًا سلسلة جبال الشراة وشمالًا بلاد السعيديين (الحويطات)، وتمتد ديارهم عبر جنوب فلسطين ووسط سيناء، وحدودهم بوسط سيناء من بلدة نويبع على ساحل خليج العقبة الغربي جنوبًا ثم يمتدون شمالًا حتى جبل عريف الناقة الذي يفصل بين الأحيوات وبين التياها
(1)
هذا من الجهة الشرقية، ويمتدون إلى غرب جبل أم خشيب ومن الجنوب يمتدون من نقب الراكنة عبر سلسلة جبال العجمة إلى بلدة نويبع على ساحل خليج العقبة الغربي، ومن أهم مراكز الأحيوات في سيناء جبل المغارة والجفاجفة وسر الحقيب والأحيقبة وعين صدر وجبل بضيع الجدي وجبل سحابة وغرب جبل أم لاطية جنوب حماير وجبل العرف والكنتلة ورأس النقب
(2)
، ومن ديارهم وادي الحيسي ووادي قرية والبروك والمهشم وبئر جديد
(3)
. أما في جنوبي فلسطين فوادي الردادي والقطا، والرخمة والبيانة واللحيانة والعقفي وأبو قضابة والجرافي والمصري والمحسرات، إلَّا أنه لا يوجد من الأحيوات أحد الآن في فلسطين المحتلة إلَّا بعض العائلات البسيطة العدد لا تتعدى ثلاث عائلات يقطنون في وادي عربة امتدادًا من قاع السعيديين إلى مدينة العقبة الأردنية.
تاريخ نماء قبيلة الأحيوات من المساعيد
نشأ سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي بين قومه المساعيد، فلما كبر تزوج بابنة عمه فأنجب منها ولده الأكبر علي بن سعد، ثم تزوج بأخرى من
(1)
عن عباس عمار في المدخل الشرقي ص (174).
(2)
انظر سيناء موقع وتاريخ لعبده مباشر وإسلام توفيق ص 21.
(3)
عن أبناء إسماعيل المري ص 249.
الضمادية المساعيد فأنجب منها ولديه حمد وسويلم، وقد اشتهر علي بن سعد باسم الشوفان وإنما سُمي بشوفان لأنه شاف أي رأى امرأة عجوز دخلت على عروس لأحد أخويه بسحر فأخبر أحد أخويه فقال له أخوه: شافها شوفان أبو كذبانة ثم تبين صحة ما ذكره علي فُلقِّب بشوفان، وكان لشوفان ولدان هما غانم وهو جد أولاد غانم وغنيم جد الغنيمات، علاوة على حمد بن سعد جد الحمدات، وسويلم جد الكرادمة وقد عرفوا باسم الأحيوات وسنُفصِّل عنهم في موضعه. وأول ذكر للأحيوات كان في القرن العاشر الهجري حينما ذكرهم الجزيري في مخطوط الدرر المنظمة فقال: الأحيوات ومنهم أولاد "أبو سنينة"
(1)
أصحاب درك الدلالة على المياه والأحطاب من عُقبة إيلة إلى شرفة بني عطية ولهم مقرر قديم من الخزائن السلطانية عشرة دنانير. قلت: وشرفة بني عطية الآن تعرف بالشرف وهي جبال مرتفعة يصل ارتفاعها إلى نحو 1763 مترًا وتقع على خط عرض 29 وخط طول 35.8، والشرف على نحو 80 كيلو إلى الجنوب الشرقي من العقبة وعلى نحو 50 كيلو إلى الجنوب الشرقي من حقل وعلى نحو 62 كيلو إلى الشمال الشرقي من البدع معقل المساعيد بشمال الحجار بالمملكة العربية السعودية وأغلب أهل الشرف من المساعيد بالوقت الحاضر، والشرف وحقل هي ثغور المملكة العربية السعودية في حدودها الشمالية الغربية مع المملكة الأردنية الهاشمية والتي تقع شمال حقل بحوالي 8 كيلو في نقطة الدِرَّة السعودية.
وقد وجدنا ذكرًا لبني سعد فلعلهم بنو سعد الأحيوات فقد قال الدرعي المغربي الذي حج عام 1211 هـ: ثم من المويلح فمررنا في مضيق طويل بين جبلين وعقبات صغار وبه وقع بالليل بنو سعد على رجل نائم على ظهر بغلته، ثم لا يُدْرى ما فعل به ولا بمركوبه ثم نزلنا اصطبل عنتر.
(1)
أولاد أبو سنينة لَمْ تتوافر معلومات أكيدة عنهم في الوقت الحاضر وليس لهم عقب أو انقرضوا وهم على الأرجح فرع قديم لأولاد شوفان أو أولاد حمد أو أولاد سويلم من الأحيوات من المساعيد، وقد بقي اسم أولاد أبو سنينة حتى الآن علمًا لجبال مشهورة في ديار الأحيوات القديمة إبان القرن العاشر الهجري (أيام رحلات الجزيري) وتعرف باسم أم السنينات، وقال القثامي العتيبي الدكتور حمود بن ضاوي في معجم البلاد والحكومات: أم سنينات جبال إلى الشمال الغربي من الشرق وفي غرب وادي المجيفل وبين جبال الشرف وجبال أم السنينات سهل علو السر المنخفض بين جبال أم سنينات وجبال الشرف وجبل المجيفل، ومن جبال أم سنينات تنحدر كثير من الأودية غربًا في اتجاه البحر مثل وادي الحشا شرف خليج العقبة.
وفي ديار الأزلم قال: وقد وقع بنو سعد على طائفة تأخرت عن الركب فأخذوا منهم الإبل وما عليها وقتلوهم أو جرحوهم. وقد علَّق الباحث السعودي عاتق بن غيث البلادي العربي على قول الدرعي فقال: ذكر الدرعي في رحلته بني سعد قرب الأزلم من الساحل ولعلهم هم المساعيد أهل البدع اليوم.
قلت: وكلام البلادي هنا صحيح لأنَّ بني سعد هم الأحيوات من المساعيد. وقال مري في أبناء إسماعيل: الأحيوات فرع انبثق عن المساعيد ويشكلون الآن قبيلة قائمة بذاتها مشهورة بغزواتها وضراوتها في القتال. وقال عباس مصطفي عمار في المدخل الشرقي: حق طريق الحجِّ من نخل إلى العقبة وهو حق ظل للأحيوات يتمسكون به، ويعتبرون أنفسهم لهذا سادة نخل في قلب سيناء في عهد محمد علي باشا، وكانوا يؤكدون أحقيتهم في حراسة القلعة ويطالبون الباشا بضريبة مقابل تلك الخدمة، وكان الباشا يدفع تلك الضريبة حتى لا يتخذون امتناعه عن دفعها حجة يعتدون من أجلها على القوافل الصغيرة التي كانت تقطع وسط سيناء، وأقدم من ذكر الأحيوات هو الجزيري كما أسلفنا، والأحيوات عبارة عن تَجمُّع مسعودي، ولا يتسع المقام بذكر جميع نصوص الباحثين حول الأحيوات وقد ذكرهم بيركهارت ونعوم شقير وعباس مصطفي عمار ولويس موسل وأوبنهايم وبراملي وأوين وموري وكلنتن بيلي وفرانك ستيوارت وچورچ أوغست فالن وجوسن وروبنسن وفرتر فرانك وكولفيل وكاسلرية وبيك هولند وكثير غيرهم من العرب والأجانب.
التفصيل عن فروع الأحيوات
ينقسم الأحيوات إلى قسمين كبيرين هما: الشوافين وهو الاسم الذي شمل كلّ أولاد سعد صادق الوعد، والصفايحة وهم القسم الثاني، كما هناك بطون أخرى سيأتي ذكرها بعد استيفاء الحديث حول هذين القسمين الأساسيين.
أولًا: أولاد سعد صادق الوعد أو جيد الوعد وينقسم أولاد سعد إلى ثلاثة فروع وهي كما يلي التفصيل عنها:
1 -
الحمدات: وهم بنو حمد بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي وينقسم الحمدات إلى عشائر كبيرة هي
أ - الطوَّال: وهم من الفروع القديمة جدًّا من الحمدات ومنهم سدَّاح الطويل الذي قتل طعيمة كبير قبيلة العليقات قبل قرنين من الزمان وفيه كان الأحيوات يَحْدون
(1)
ويقولون:
طعيمة قتله سدَّاح .. طعيمة قتلوه وراح .. يا ناقة دوري المسراح.
وينقسم الطوَّال إلى عدة فروع وهي:
البدارة
(2)
: وخبرهم أنه كان رجل من الطوَّال قد ولد له ولد لُقِّب بالبدري وكانا يقيمان في العقبة ويعملان في صيد السمك، ثم إن البدري تزوج وكان أبوه قد توفي، وقد خلف البدري ولد أسماه ربَّاع، فلما كبر ربَّاع انتقل بأبيه إلى وادي قصيب واستقر على الساحل جنوبي وادي أبو مغرة وإلى الشمال من صوير، وقد مكثا زمنًا كبر فيه البدري وصار رجلًا عاجزًا، وكان ولده ربَّاع يعمل في صيد السمك الذي يقوم بتشريحه ثم تمليحه ونشره على الشجر لبيعه على المسافرين، وذات يوم مر بهما رجال من العليقات فأبصر أحدهم عند ربَّاع قِدرًا من النحاس طمع فيها وأراد أخذها بالقوة، فمنعه ربَّاع البدري وعرض عليه أن يأخذ سمكَا بدل القدر، ثم إن رفاقه من العليقات أخذوا رجلهم منعًا للنزاع وساروا مبتعدين إلَّا أن الرجل فارقهم عائدًا لأخذ القدر النحاسية بالقوة لمفرده، فقتله ربَّاع في سيل قصيب عند الساحل، ثم إن ربَّاع حمل أباه وسار به غربًا مصعدًا عبر وادي قصيب، أما العليقات فإنهم لما استبطأوا أخاهم عادوا إليه فوجدوه مقتولًا، فساروا بأثر ربَّاع البدري للثأر منه إلَّا أنهم قد وجدوه قد توعر في الجبال داخل بلاد التيه، ووجدوا من آثاره أنه كان يقطع ثمار اللصف التي كانت عروقها تحمل آثار الدم التي كانت على السكين، وكان ربَّاع يطعم أباه ثمار اللصف وقد عاد العليقات إلى ديارهم ولم يظفروا به، أما ربَّاع البدري فإنه واصل سيره وظل يتنقل بأبيه حتى وصل إلى عرب العيايدة في منطقة السقي في العجمة جنوبي بلاد التيه، فأقام عندهم وتزوج
(1)
الحِدَاء: هو ترنيم بالكلام المنظوم وترديده كالغناء، والحداء مقرون عادة بركوب الإبل لأنَّها تستحسن الحداء، وأول من سن الحداء للإبل هو مُضَر بن نزار بن مَعْد بن عدنان من ذرية إسماعيل ابن خليل الله إبراهيم عليهما السلام من رب الأنام.
(2)
البدارة (البداري) ذكر هم نعوم شقير من قبائل سيناء الأصلية وهم في بلاد التيه قرب جبال العجمة، (انظر قبائل جنوب سيناء والسرد عنهم).
منهم فكان من أعقابه البدارة، وقد وضع البدارة وسم قومهم الأحيوات وهو الحنيك على الفك السفلي للبعير والمحلة وهذا وسمها H على ورك البعير وهو وَسْم أخوالهم من العيايدة، ولما ارتحل العيايدة نحو شمال غرب سيناء عند باقي قومهم هناك ظل البدارة هؤلاء في ديارهم كما هم، فودع العيايدة السقي مع البدارة وهو في وادي العريش ببلاد العجمة ويُدعى اليوم سقي البدارة، وكانوا يصنعون منها الرحايا السقاويات، ومن ديارهم أيضًا بارود العيايدة وهي مقبرة قديمة للعيايدة، وفي عام 1936 م تنازع البدارة مع قبيلة التياها الذين أرادوا الاستيلاء على مزارع للبدارة، فذهب ركب من البدارة بقيادة الشيخ سالم بن سعد الزريقات إلى قومهم من الأحيوات في وادي الحبسي شرقيهم في جنوب شرقي بلاد التيه، فانتصر لهم وقام من دونهم أحد كبار الحمدات وهو الحاج عتيق بن الويفي شيخ العواودة الحمدات حيث تم فض النزاع مع التياها وكف أطماعهم في أملاك البدارة.
والبدارة يشكلون كيانًا مستقلًا قائمًا بذاته ويقطنون جنوبي بلاد التيه في نواحي يرقا والمالحة وأبو متيقنا وحجية والبربري ووادي السقي وغيره، وعدد البدارة قليل لا يزيد على مائتي بيت منهم مائة بيت فقط في سيناء في الوقت الحاضر وتفرق الباقي وفيهم: الحوامدة، والدلاوي، والزريقات، والظقيطات، والعرابدة، والقطيفات، والوطوط والأخير من بني عمومة البدارة وأصلهم من المساعيد. ومما ورد عن البدارة أن رجلًا ملَّاحيًا من الملالحة تبادع في دحيَّة
(1)
مع الدلاوي من البداري فقال الملَّاحي:
خذني معك يا الأحيوي
…
خبرني بلاد اللقاليق
فأجابه الدلَّاوي البدري قائلًا:
بلاد اللقاليق بعيدة
…
ما تصمد يا لخيط الرقيق
(1)
تبادع في دحيَّة: وهي نوع من الشعر النبطي أو الكلام المنظوم يغني به الرجال في صفوف متراصة ويصفقون بطريقة معينة في المساء، وبعض البدر ترقص فتاة أو امرأة لا يظهر منها شيئًا أمامهم في الأفراح ويسمونها دحيَّة وهي كلمة مشتقة من التصفيق وتشبه الدبكة اللبنانية السورية.
وهنا يقصد أن الملَّاحي
(1)
ليس من القبائل القوية في سيناء. وقد كانت للبدارة مزارع في العمرو مع قومهم الأحيوات، والعمرو هي شمالي شرق سيناء المصرية.
- الدغاجنة: وهؤلاء أقرباء النْشِّرَة الآتي ذكرهم ومنهم محمد الدغنجة الذي قتله بنو عطية (المعازة) عام 1840 م في واقعة بين الأحيوات وبني عطية انتصر فيها الأحيوات كما ذكره نعوم شقير في تاريخ سيناء، والدغاجنة اليوم يقطنون الأزرق شمالي الأردن وهم يزيدون على 30 بيتًا.
- الطوال: وهؤلاء أيضًا فرع صغير احتفظ باسم الطوَّال الأصلي وقد قُتل أحدهم في واقعة ودعات بين الأحيوات والشرارات عام 1873 م حيث قطعوا يديه فأمسك رسن ناقته بفمه فقتلوه.
- النْشِّرَة: وخبرهم أن نفرًا من الطوال كانوا يقيمون في البحير على ساحل خليج العقبة فأصابهم مرض يسميه البدو الخراقي
(2)
وهو مرض الكوليرا، مما أدى إلى موتهم ولم يبق منهم إلَّا طفل صغير عند رجل من أهل العقبة حضري، فمر بهم قوم من الخمايسة من بني عطية (المعازة) في نواحي تبوك وكان فيهم خضر الهلولي فلما علم ما حل بهم أخذ الطفل معه، وكان الخمايسة هؤلاء عائدين من رحلتهم إلى مصر ومتوجهين إلى مساكنهم في وادي عفال شمال غرب السعودية الآن، فنشأ الطويل عند بني عطية وشبَّ فيهم ثم صادف أن الخمايسة انطلقوا غزاة من وادي عفال إلى جهة أخرى فجاء من بعدهم غزاة آخرون سلبوا إبلهم وأغنامهم ولم يكن في الديار غير الطوالي الأحيوي ونفر قليل من بني عطية وكان ذلك ليلًا، ففزع الطوال، أي استصرخ الرجال المتواجدين من بني عطية وسبقوا الغزاة
(1)
الملَّاحي: منسوب إلى قبيلة الملالحة وهي قبيلة صغيرة في شمالي سيناء: ذكرهم نعوم شقير في تاريخ سيناء وقال عنهم: قبيلة ضعيفة تسكن العجرة مع قبيلتي الترابين والسواركة. والملالحة أصل ديارهم في فلسطين، وقبيلة قديمة ومعروفة في هذه الديار، وذكرهم عدة رحَّالة أجانب وذكرهم اميديه جوبير في وصف مصر من عرب الشام.
ومما هو متواتر لدى الملالحة أنهم من ذرية الصحابي الجليل للنبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة رضي الله عنه ومن المعروف أن أبا هريرة من دوس وأصلهم من عُدْوان من قيس عَيْلان العدنانية ودخلوا في الأزد وخاصة في قبيلة زهران بن كعب، والملالحة قبيلة اشتهرت بالتدُّين ولين العريكة في فلسطين وسيناء المصرية.
(2)
الخراقي مشتقة من الخراج بالجيم المخففة، أي شدة الإسهال.
الذين سلبوا الإبل وقعدوا لهم في وادي الأبيض (شمال السعودية) يرصدونهم فأشار الطوال الأحيوي عليهم أن ينتشروا في أنحاء الوادي حتى إذا ما جاءهم الغزاة أطلقوا عليهم النار من بواريدهم
(1)
من كلّ مكان فيظنون أنهم قوم كثيرون، وهكذا تم ما أشار به الطوال، فما أن وصل الغزاة بالإبل حتى انطلقت عليهم النار من كلّ اتجاه ففروا تاركين ما سلبوه طالبين النجاة، ومن آثار تلك الوقعة رجوم في وادي الأبيض ذكرى تلك الحادثة، وقد عاد الرجال بالإبل والأغنام إلى ديارهم في عفال فلما عاد خضر الهلولي وقومه من الخمايسة وعلموا بما جرى لقبوا الطوال الأحيوي بالنشاري؛ لأنه أمر الرجال بالانتشار فكان سببًا في إعادة الأسلاب، ثم إن خضر الهلولي زوَّج ابنته حسينة للنشاري وكان له منها سبعة أولاد هم أجداد النْشِّرَة بالوقت الحاضر، ووَسْم النْشِّرَة الحنيك على الفك السفلي للبعير وهو نفس وَسْم قومهم الأحيوات، والدارع وهو مطرق عمودي على ذراع البعير وهو مأخوذ من وَسْم بني عطية أخوالهم. وذكر بعض الباحثين في السعودية وبعض الباحثين الأجانب النْشِّرَة وعدَّهم بيك باشا من عشائر الخمايسة من بني عطية، وذكرهم قلبي واستدل بأحدهم أي أخذه دليلًا بنواحي جبل اللوز الشاهق (في شمال غرب السعودية) وقال: كان دليلنا الجديد يدعى زيد وهو من فخذ النشارة التابع لقبيلة بني عطية، وقال أيضًا: أخبرني زيد صدفة عن مجرى ماء شعب حجيَّة على أنَّه يؤدي من عفال إلى جبل اللوز. كما ذكرهم حمد الجاسر الباحث المسعودي المعروف وقال: النشارة بطن من بني عطية يسكن غرب تبوك وقد عدَّهم من الخمايسة. وقال القثامي العتيبي: أما ما هو جنوب صريم في اتجاه حجية وجبل اللوز فيعود إلى بني عطية لفخذ يقال له النشاري وأحدهم نشاري.
قلت: وهم الآن من سكان جبل اللوز وهو أعظم جبل في حِسْمى يرتفع 2098 قدمًا فوق سطح البحر وهو إلى الشرق من البدع وإلى الجنوب الغربي من وادي عفال، والنْشِّرَة من الأحيوات ليس فيهم شك ودخلوا قديمًا كما أسلفنا في بني عطية، ولهم أخبار كثيرة، ومنهم فريق في الديار المصرية في عداد الأحيوات وفخوذهم: الربايعة، والسرايعة، والظوَّة، والعليات، والفراحين، والمعالية،
(1)
كان البارود في عهد الأتراك عبارة عن فتايل تُحشى ملح وبارود ثم تُطلق. وهذا طبعًا في بداية صناعة الأسلحة وقتئذ.
ويقيمون بجهات القصاصين ونواحيها في التل الكبير والكوع وما جاورها في الشرقية بوادي النيل.
ب - العواودة: وهم ينسبون إلى جدهم عوَّاد وأحدهم ابن عواد وجميع العواودة الموجودون هم من سلالة اسليم بن فراج من ذريّة عواد الحمدي الأحيوي المسعودي، إلَّا الفراحين الذين عُرف بقيتهم باسم العواودة حتى يومنا هذا وهم من سلالة فرحان من ذرية عواد الحمدي الأحيوي. ومن أخبار اسليم بن فراج أنه كان على ماء المهتدي شرقي وادي عربة وهذا الماء للدغاجنة من الأحيوات، وكان مع اسليم هذا ابن عمار الخضيري من الحويطات، وكانت أغنام الخضيرات قد وردت الماء ثم جاءت بعد ذلك أغنام الأحيوات فقال لابن عمَّار: لا ترد الماء غنم الأحيوات ما دامت غنم الخضيرات على الماء، فقام إليه اسليم بن فراج الأحيوي ليقاتله وكان معه سكينًا فيما كان مع ابن عمار الحويطي سكينًا علاوة على درعية أي شبه الدرع (وهو تصغير للدرع)، فقال ابن عمار: حد الله ما بيني وبينك يا أبو فراج، فتراجع عنه اسليم بن فراج ثم تفارقا وسار اسليم نحو إبل له، أما عمار الخضيري فإنه زار الخليفي الأحيوي في بيته وتناول القهوة وكذب على الخليفي وقال: إن قريبه اسليم جبن وخاف وحدد الله للنجاة من شره - وهنا غير الحقيقة تمامًا!، فتالم الخليفي على قريبه اسليم بن فراج، فلما جاء اسليم له ذات مرّة بعدها، صبّ له الخليفي فنجانًا من القهوة ومده إليه فلما مد اسليم يده لأخذه سكبه الخليفي على الأرض، فغضب اسليم وسأله لماذا فعل هذا الشيء المهين ضده؟ فأجابه الخليفي قائلًا: كنا نظنك من خيارنا، وأخبره برواية الخضيري، فكان أن التقي اسليم بن فراج بابن عمار الخضيري الحويطي فهاجمه وأصابه إصابات بليغة، ثم تركهـ وارتحل بإبله إلى بني عطية جنوبًا في بلادهم بشمالي الحجاز، أما الخضيري فقد ظل تحت العلاج حولَّا كاملًا ثم تماثل للشفاء، وفي تلك الأثناء كان اسليم بن فراج قد تزوج ثلاث نساء من بني عطية أُولاهن سليمية من السليمات، وثانيتهن سعيدانية من السعيدانيين وثالثتهن مزيدية من المزايدة، ثم شرع في حل النزاع بين اسليم بن فراج الأحيوي وبين فراج بن عمار الخضيري الحويطي حيث فُرِض على اسليم أن يؤدي لابن عمار دية ميت وهي 40 بعيرًا، فرفض فخفض المطلوب إلى النصف فأدَّاها اسليم وهي 10 رباعيات و 10 ربَّاع من الإبل، ثم إن
اسليم تزوج بامرأة رابعة من الدغاجنة الأحيوات بعد عودته لقومه فكانت دريته كما يلي: الدغجنية أنجبت حمد وعقبه ابن مسعود، والسعيدانية من بني عطية أنجبت هليل ومنه الهلايلة وراشد ومنه الرواشدة الذين انقرضوا، والمزيدية من بني عطية أنجبت عيد جد القبالين وانقرضوا أيضًا، والسليمية من العطيات (بني عطية) عقَّبت عنيق جد العتايقة. وبذلك يكون سلالة اسليم بن فراج بن عواد الحمدي الأحيوي المسعودي المتبقية هي: الهلايلة، والعتايقة، والعواودة وهم بقية الفراحين من فرحان بن عواد أخي فراج، بالإضافة إلى ابن مسعود وهم بنو مسعود بن حميد بن مصلح بن حميد بن حمد بن اسليم بن فراج.
ج - الكبيشات: شمل هذا الاسم الفروع الأخرى من الحمدات وهم الكبيشات وأقربائهم، ومن جدودهم القدماء سدَّاح الذي عُرِف أعقابه بالسدادحة وقد اختفى هذا الاسم لتظهر بدلا منه أسماء جديدة، وسدَّاح المذكور يشمل الكبيشات والنعيلات
(1)
والعمَّرة والقرينيين والعشيان والدلايلة وهم حينما يصنعون طعامًا للتصدُّق على أرواح موتاهم كما هو سائد عند البدو يهبون أجره عند الله للسدادحة، ومن فخوذ السدادحة:
- الدلايلة: سُمي الدلايلة بهذا الاسم نسبة إلى جدتهم دلال العوادية من الحمدات من الأحيوات، والتي مات عنها زوجها وقد أنجب ولدًا واحدًا عُرف بابن دلال، وأعقابه الدلايلة والذين يجمعهم جدهم حميد الذي تزوج من بني علي بن سعد الكبيش وعقبة الدلايلة، وحميد بن دلال شارك مع الأحيوات في حربهم ضد قبيلة التياها في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، ومن العائلات القديمة المتصلة بالدلايلة واندثرت - الكيايلة - واحدهم أبو كيلة ومنهم حسن أبو كيلة الذي قال: أنا أتمم تسع جدود بين الدلايلة والكبيشات وذلك في عهد قبلان الدلايلة أي حوالي إحدى عشر أو اثني عشر جدًّا في زماننا هذا، والكيايلة لَمْ يبق منهم أحد في الأحيوات وكذلك عائلة المدني التي اندثرت هي الأخرى
(1)
النعيلات توجد أم بعيلة ما بين حقل والدرة في شمال غرب السعودية وللنعيلات نخل قديم عرف باسمهم حتى الآن. ومنهم فرقة نواحي قها بالقليوبية من الديار المصرية.
ومن جدود الدلايلة حسن الأخينع ومن فروع أو فخوذ الدلايلة بالوقت الحاضر: الجوازية، وسموا بالجوازية نسبة إلى أمهم جازية القاظومية التي تزوجها سلامة بن دلال ثم طلقها بعد أن أنجبت سليمان الذي اشتهر بسليمان بن جازية وهو أبو فخذة الجوازية.
- العشيان: وهو فرع قديم من الكبيشات سموا بذلك؛ لأنَّ جدهم كان أعشى
(1)
والأعشي معاصر لحجاج جد من أجداد السلاميين، وذكر نعوم شقير في مطلع هذا القرن أنه توفي منذ ثمانية أجيال. وعندما شبت أوار الحرب بين الأحيوات والسواركة وتم حل النزاع كان الاتفاق والحل لا يشمل فخذة الأعشى بالذات من الأحيوات وكذلك فخذة أبو الدياك من السواركة، فكان الأعشى يغزو السواركة في شمالي سيناء ويعود بما كسبه إلى بلاد التيه عند قومه الأحيوات حتى تم النزاع تمامًا بين هذه الفخذة وبين السواركة، وكان رعاة السواركة إذا أضجرتهم إبلهم يدعون عليها بقولهم "جعلكي بالعشى" أي يعنون الأعشي، وإذا امتنعت إبلهم عن شرب الماء يخاطبونها بقولهم:"انتي بتشوفي الأعشى في الماء!؟ "
- العمَّرة: هؤلاء أخوة القرينيين كان جداهما أخوين فاختلفا فقال: أولهما للثاني: زوج أقرن فسمي بالقريني. فقال الثاني للأول: زوج عمَّر فسمي أبو عمر، فكان جد العمَّرة والقريني جد القرينيين وهم أقرب للكبيشات من الدلايلة، ومن جدود العمَّرة المشهورين سويلم أبو عمر، ويقولون أن حفنة سويلم في وادي عربة منسوبة إليه، إلَّا أن الكرادمة وغيرهم من أولاد سويلم بن سعد صادق الوعد ينفون ذلك ويقولون أنَّها نسبت لسويلم بن سعد صادق الوعد الأقدم من سويلم العمَّرة. وكان العمَّرة وفروع أخرى من الحمدات قد امتدت ديارهم على الساحل الغربي لخليج العقبة في بلاد القورة قديمًا، فقال سالم بن سويلم أبو عمَّر الحمدي الأحيوي المسعودي:
لا تحسبونا طوَّرة
…
حِنَّا كبيشات وعمَّرة
(1)
الأعشى عادة لا يرى في النهار جيدًا مثلما لا يرى ليلًا ولذلك سماء العرب أعشي، وقالت أخت كليب التغلبي لما ضربها زوجها الكِنْدي (أعشت لها العينان)
أي حجبت الرؤية من شدة اللطمة (انظر الشعر عنها في السرد عن ربيعة العدنانية).
أي هنا يُذكِّر للناس أنه ساكن فقط بلاد الطوَّرة وليس منهم وإنما هو من الأحيوات مسعودي ومعروف من الحمدات.
- القرينيين. وهم أخوة العمَّرة كما أسلفنا.
- الكبيشات. هؤلاء هم ذرية سعد بن عبد الكبيشي الحمدي من الحمدات الأحيوات، وقد تزوج سعد هذا بامرأة من القرعان من الحويطات فأنجب منها ولدين هم: علي وعقبه اليوم بيت واحد، وعليان الذي أنجب أربعة بنين وهم: مسمح ومنه المسامحة، وعودة ومنه العودات، وحسين ومنه الحسينات، وعيد وقد أنجب سعد وله عقب وعتيق جد العتايقة. ومن الكبيشات هؤلاء عودة بن علي بن سعد الذي قُتِل في واقعة الهُد في العقفي عام 1885 م وهي واقعة ذكرها نعوم بك شقير، ومنهم مسمح بن عليان بن سعد شيخ الحميدات في عهده وكان يتلقي الصُرَّة من مصر، كما جاء في مراسلات كرومر المندوب السامي البريطاني، وكان دركهـ يمتد من قلعة النويبع إلى جهة العقبة، وللكبيشات أخبار لا يتسع المجال لإيرادها.
2 -
أولاد سويلم بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي، وقد عُرِف أولاد سويلم بالكرادمة نسبة إلى جدهم كريدم من نسل سويلم، وينقسمون إلى عشائر كبيرة وهي:
أ - الحواوتة وهم فرع قديم جدًّا من الكرادمة، وسُموا الحواوتة؛ لأنَّ جدهم كان يحوِّت في البحر، أي يصيد السمك فسمي الحوَّات، وأعقابه الحواوتة لهم أخبار وصولات مع قومهم من الأحيوات، ومن آثارهم القديمة مجنّة أي مقبرة قديمة على مرتفع في الفحَّام شمال شرق الكنتلة شرق التيه بوسط سيناء، ويُوصف الحوَّات بأنه جيَّاب علوم ذلك أنه ما دام أخبر قومه بخبر مفيد يهمهم وخاصة في شئون الغزوات والحروب مع القبائل الأخري، وفخوذ الحواوتة هي الحسنات، والرضيمات، وأولاد سالم، والفريجات.
ب - الرمامنة وهم فرع انبثق قديمًا من الحواوتة وصار قائمًا بذاته، وقد سموا بهذا الاسم، لأنَّ جدهم كانت بكره بنتًا وقد ولدت بشطر واحد أي ثدي واحد. فلما اشتهر أمرها لُقِّبت برمَّانة وعرف أبوها بأبو رمانة وأعقابه لقبوا
الرمامنة، والعرب يدعون الثدي رمَّانة، وقال ابن منظور: قال أبو عبيد وبعض النّاس يذهب بالرمانتين إلى أنهما الثديان والواحدة رمانة. وذكر الرمامنة هؤلاء نعوم شقير فقال: لهم تاريخ وجاب لنا حسانين النبعات ابن الرمان أحيوي مقتول، النصارى الفرنسيس قتلوه ودفنوه بحسنة بشهادة النبعات في شهر رجب 1912 م!!.
قلت: وفي التاريخ فهناك ثمة خطأ فالشهر هجري والسنة الميلادية، كما أن التاريخ حديث جدًّا ذلك أن نعوم بيك شقير أنهي كتابه في نهاية 1907 م ثم عاد إلى مصر، وأرى أن التاريخ الصحيح هو 1212 هـ وفي تلك السنة كان الفرنسيون (الفرنسيس) فعلًا قد احتلوا مصر وزحفوا حتى عكا بفلسطين. والرمامنة لهم أخبار طويلة ومنهم فرسان عدة وينسب إليهم وادي أبو رمانة الذي ينبع من جبال أم خشيب ويسيل على سر المليز غربي بلاد التيه ويُنسب إليهم طور الرمامنة في وادي الجرافي شرقي بلاد التيه في نقب فلسطين، كما ينسب إليهم طور الرمانة في جنوبي مرطبة بينها وبين الجذيع في جنوب شرق بلاد التيه (أي في صحراء النقب بفلسطين)، وينقسم الرمامنة إلى فخذين: أولاد سعيد، وأولاد سليمان. ويجدر الإشارة إلى أن من فروع الحواوتة القديمة الربيقات، وكان الربيقي شيخ الحواوتة ولهم آثار منها مرابط خيولهم في الردادي شمال غرب رأس خليج العقبة ومنها مرابط خيولهم في رأس مجيحيد وهي أربعة صخور، ومجيحيد هذا غربي العُقفي في النقب الجنوبي شرقي بلاد التيه، ومن آثارهم أيضًا حفيرة (حديقة) نخل في العقبة آلت إلى عشيرة النجادات من حويطات الجازي بسبب رهن على زمان الربيقي، وكانت حقوق الحواونة والرمامنة في الربيقة متساوية مما يعني أنه ليس أقرب نسبًا لطرف دون طرف فجميعهم حواوتة، وهناك رواية غير مؤكدة تزعم أن بقية الربيقات هم عائلة في مساعيد البدع بالمملكة العربية السعودية والله أعلم.
ج - الكرادمة: هم ذرية كريدم من نسل سويلم بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي. والكرادمة من أشهر بطون الأحيوات وفيهم القول المعروف عند عموم الأحيوات: (عادتك يا بن كريدم)، وتعني هذه الكلمات أن كريدم كان من عادته إذا غزا الأحيوات على عهد الغزو طبعًا والذي انتهى الآن، إذا غزوا قوما وغنموا منهم ساروا بما غنموه فإذا ما سار وراءهم مطاردون يقفز ابن
كريدم عن بعيره متأخرا لصد القوم ويفعل ذلك ثلاثًا حتى يبتعد الأحيوات بما غنموا؛ لذلك يقال لابن كريدم ثلاث نقزات في عقابها!، وهذا يعني أنه عاقب لقومه يحمي ظهورهم ويؤمنهم، ولذلك كان لابن كريدم هذا ثلاث طيات من خلب الناقة بدو عن سائر الأحيوات، والبدو معناه الزيادة له عندما يتقاسمون البعير عند ذبحه في الغزو ليقتاتوا به، والكرادمة بطول تاريخهم وفيهم فرسان شجعان عرفتهم البوادي ولا تنطفئ لهم نار ولا يُذَلُ لهم جار. وينقسم الكرادمة إلى فروع عديدة هي: الرتيمات وهم بنو رتيمة بن سالم بن عودة أبو تلبانة الكريدمي من ذرية سويلم بن سعد صادق الوعد، وكان الرتيمات يعرفون سابقًا بالتلابنة نسبة إلى جدهم عودة أبو تلبانة الذي لَمْ يبق من ذريته إلَّا ارتيمة بن سالم بن عودة أبو تلبانة الذي أعقب الرتيمات وهم فرع صغير الآن.
الفرع الثاني الرواشدة: وهم بنو راشد بن سلَّام بن عبد من ذرية محسن بن كريدم من سلالة سويلم بن سعد صادق الوعد، وكانوا يعرفون سابقا بأولاد عيد نسبة إلى جدهم عيد بن كريدم الذي لَمْ يبق له ذرية إلَّا راشد بن سلَّام بن عيد والذي منه الرواشدة، وأذكر من الرجالات البارزين من الرواشدة المهندس علي بن فريج بن راشد بن كريدم الأحيوي المسعودي رئيس المجلس المحلي لمحافظة شمال سيناء في مصر.
الفرع الثالث أولاد سالم: وهم بنو سالم بن سليمان من ذرية محسن بن كريدم من سلالة سويلم بن سعد صادق الوعد، ومن فخوذهم أولاد سالم وأولاد عيد، وتفرع من أولاد عبد المحاسنة وهم بنو محسن بن عيد سالم.
الفرع الرابع الصوالحة: وهم بنو صالح بن اسليم بن صالح من ذرية محسن بن كريدم من سلالة سويلم بن سعد صادق الوعد وهم فرع صغير جدًّا.
الفرع الخامس العمّاوية وسموا بذلك؛ لأنَّ جدهم لويفي كان أعمى وهو من ذرية كريدم من سلالة سويلم بن سعد صادق الوعد.
الفرع السادس المطرات وهم سلالة مطر بن كريدم ومنهم فخذ الفريجات وهم فرع صغير.
الفرع السابع المقابلة: وهم فرع قديم وصغير من ذرية مقبل بن كريدم.
3 -
الشوافين
(1)
: وهم بنو علي المُلَّقَب بشوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي، وقد شمل هذا الاسم جميع أولاد سعد صادق الوعد تمييزًا لهم عن الفروع الأخرى من الأحيوات، والشوافين قسمان كبيران هما:
أ - أولاد غانم: وهم القسم الأول من الشوافين وهم بنو غانم من شوفان بن سعد صادق الوعد وفيهم فرعان يضم الأول عشائر: الخناطلة والكساسبة، ويضم الثاني أولاد حمد والرضاوين والغياثين والنجمات.
التفصيل عن عشائر الشوافين كالتالي:
- أولاد حمد: وهم بنو حمد من أولاد سالم الرويتع من ذرية نجم الأول جد النجمات من ذرية غانم بن شوفان بن سعد صادق الوعد وفيهم فخوذ: الحميدات وقد شارك حميد جدهم في واقعة عام 1840 م ضد قبيلة بني عطية ثم قتل عام 1885 م في واقعة أخرى مع بني عطية، ومن فروعهم: الغوانمة وهم بنو غانم بن صالح بن حميد بن حمد، والدعاجين وهم بنو سلام بن حمد جد أولاد حمد، ومن الفروع المتصلة بأولاد حمد الغفرة وبقيتهم يعرفون بابن نصار ويجتمعون مع أولاد حمد في جدهم سالم الرويتع من ذرية نجم الأول من سلالة غانم جد أولاد غانم.
- الخناطلة: وهم بنو الأخطل من ذرية طوق وهذا من سلالة فراج من ذرية غانم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي، وإلى فراج هذا تنسب محجة فراج وإلى طوق، تنسب الطوقيات وهي حفائر نخيل في العقبة لَمْ تعد معروفة، ويقال أن الأخطل هو الأخطل بن طوق بن فراج، والخناطلة من فروع الشوافين القديمة ولهم عدة مزارات منها:
الشيخ عمرو المدفون في الريينة شرق السويس قرب بئر أبو قطيفة وقد ذكره نعوم شقير باسم عمر والصواب عمرو، والشيخ اسليم بن صالح وهو مدفون في وادي الحيسي أيضًا، وهذه المزارات يزورها الأحيوات ومن جاورهم، وللخناطلة أخبار لا يتسع المقام بسردها، ومنهم الشيخ ضيف الله بن سالم بن سُلَيم أبو قرود
(1)
من شيوخ الشوافين المعروفين في سيناء سليمان القريني.
الخنطلي شيخ الخناطلة وشاعر الأحيوات الذي ذكر نعوم بيك شقير وبراملي في مطلع هذا القرن، أما فروع الحناطلة حسبما توافر لدينا فهي الخففة، والدراوشة، والسلالتة، ومنهم الأحيوات الذين يقطنون اليوم قرية العوضأت بمنطقة الضليل شمال الزرقاء في شمال المملكة الأردنية الهاشمية، والشقلة ومن هؤلاء فيما يدَّعيه الأحيوات عشيرة العويضات، ومن العويضات الكلالبة ومن هؤلاء العتايقة والحسنات والعويضات وهم في السراحين إحدى فرق العزازمة في جنوب فلسطين، والقرادة ولهم فخوذ منها أولاد صالح وأولاد عطية المصري والموسة والنجيخات، وهم من أقدم فروع الخناطلة وأشهرها ولهم أخبار في تاريخ الأحيوات.
- الرضاوين: وهم بنو رضوان من سلالة جدهم سلَّام من ذرية غانم بن شوفان، وكانوا يعرفون قديمًا بالسلَّاميين وهم يعرفون اليوم بالرضاوين، وفيهم عقيد الحرب للأحيوات، ولهم مزارات عديدة منها:
مزار حجاج في نخل بوسط سيناء ويزوره جميع الأحيوات إلى جانب قبائل أخرى مثل التياها وأهالي نخل بوسط سيناء، ومزار أبو ذيب واسمه سالم وهو مدفون في الثمد ببلاد التيه، وقد ذكره نعوم شقير أنه مدفون في الملايين شرقي بلاد التيه وهذا خطأ والصواب أنه في الثمد ويزوره الأحيوات وغيرهم، ومزار سلَّام بن رضوان وهو سلَّام بن سليمان وهو مدفون في غضيان بوادي عربة يزوره الأحيوات وغيرهم، ومزار سالم بن رضوان وهو سالم بن سلَّام بن سليمان وهو مدفون في غضبان ومنهم سليمان بن رضوان وهو سليمان بن سالم أبو ذيب بن سلَّام بن رضوان وهو مدفون في المرقب بأرض القديرات من قبيلة العيايدة، ومنهم سالم بن رضوان أيضًا وهو مدفون في البحير قرب رأس خليج العقبة وهو أقدم من أبو ذيب، وللرضاوين أخبار في تاريخ عرب الأحيوات وهم عقداء الحروب وفيهم فخوذ: الرقشان، والسلَّاميين.
ومن السلَّاميين: النويجعيين وهم أقرباء الرضاوين وقد دخلوا في قبيلة الحويطات وخبرهم كما يلي: جاء قديمًا رجل حويطي بأهله جاليًا من الحجاز بعد أن قتل رجلًا من الحويطات قومه واستقر في العقفي شمال غرب العقبة وساكن السلَّاميين، فمكث عندهم زمانًا وقد زوج ابنته من أحد السلَّاميين وبعد زمان جاء
أقارب الحويطي وقد حلَّوا النزاع مع ذوي القتيل، فقال الحويطي لصهره الأحيوي (السلَّامي) وقد أراد العودة: اعزل امرأتك فقال: أعزلها في بلادها، وسار السلَّامي الأحيوي مع صهره الحويطي فعادوا إلى الحجاز وسكن الأحيوي عند أصهاره، وذات يوم تنازع مع أحد الحويطات فقام خصمه الحويطي بقتله، وكان السلَّامي المقتول قد أنجب ولدا فلما قتل تزوجت امرأته الحويطية من بعده من أحد الحويطات، فنشأ ابن السلَّامي الأحيوي عند زوج أمه وهو يظنه أباه حتى كبر وصار شابًا، ثم إنه تشاجر مع بعض الحويطات فهددوه بإلحاقه بأبيه فعاد إلى أمه مغضبًا يسألها عن حقيقة الخبر، فقالت له: اذهب إلى جدك وتعني أبيها، فسار إلى جده أبي أمه فأخبره خبر مقتل أبيه، ثم قال له جده الحويطي بعدما رأف بحاله: هل أنت تقدر تأخذ بثأر أبيك؟ فأجابه بالإيجاب، فدله جده على بلاد الأحيوات في العقبة وقال له: تسير مع البحر إلى أن ينتهي فهناك ديار قومك يعني العقبة وشمالها، ثم اتفق مع جده أن يسيرا إلى حيث يلتقيان بقاتل أبيه وكان ذلك في مجلس أبي طقيقة شيخ الحويطات، وكان جده قد اتفق معه على إشارة معينة يعرف من خلالها قاتل أبيه، فلما كان اليوم الموعود جهز السلَّامي ناقة ليهرب عليها، وسار مع جده فدخلوا إلى مجلس الشيخ أبو طقيقة وصار جده لأمه الحويطي يسلم على الحويطات واحدًا تلو آخر وابن بنته يفعل مثله، حتى وصل الجد إلى القاتل فخصه بالسلام بصوت عال وكانت تلك الإشارة بينهما، وقد انتظره الأحيوي خارج البيت وقتله وفر ممتطيًا ناقته على الساحل تجاه الشمال كما خبره جده، ولكن أبو طقيقة أمر بمطاردته على الفور بالخيول فأدركوه وردوه إلى مجلس الشيخ أبو طقيقة، فتدخَّل جده الحويطي من دونه وقال يخاطب أبا طقيقة: كأنك تذكر الله هذا جياب ثار وقص عليه القصة كلها، فقال أبو طقيقة وكان رجلًا شهمًا: كريم في كريم وأنهى النزاع على الفور. ثم أعقب هذا السلَّامي الأحيوي ذرية عرفت فيما بعد بالنويجعات وهم فريقان فريق بالحجاز وفريق في الديار المصرية ضمن عشيرة السليميين (الحويطات) ومن فخوذهم: الخرابشة، والصفاح (أبو صفحة)، والهزازعة (ابن هزاع).
- الغياثين: وهم بنو غيث من ذرية نجم الأول جد النجمات قاطبة من سلالة غانم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي ويُنسب إليهم كحيف الغياثين بمنطقة الكتلة، ومنهم محمد بن غيث الذي قُتل في واقعة الجريّدي
من بني عطية عام 184 م، ومحمد هذا هو الذي قتل فريج أبو طيرين عقيد الحرب لبني عطية في تلك الوقعة، ومنهم سليمان بن غيث الذي قُتل في واقعة الهد مع بني عطية. والغياثين أقرب نسبًا إلى النجمات من أولاد حمد، وكان جدهم غيث قد ولي شياخة الأحيوات ثم انتقلت المشيخة لفرع آخر من النجمات، ومنهم الدوالية وهم بنو نصار أبو دالي بن عيد بن غيث، وقد سُمي نصار بأبو دالي لأنه صارع رجلًا من السويس يسمى أبو دالي، وذلك لأنَّ الأحيوات ساروا إلى السويس وفيهم نصار بن عيد بن غيث وذلك ليبيعوا فحمًا هناك، وقد التقوا برجل حضري أو كما يقول البدو (فلاح) وكان يسمى أبو دالي وقد حمل معه قفة فيها خبزًا، وكان رجلًا مفتول العضلات قوي البنيان فقال لرجال الأحيوات البدو: من يباطحني أي يصارعني وله ملء هذه القفة خبزًا إن غلبني ويملؤها لي فحمًا إن غلبته؟ فوافقه على ذلك الشرط نصار المذكور فتصارعا فصرع أبو دالي وتمكن منه وطرحه أرضًا، فوفي له أبو دالي ملء القفة خبزًا وهو لا يصدق نفسه أن هذا البدوي قد غَلَبُه
(1)
، فلما عاد الأحيوي صاروا يُلقِّبونه نصار أبو دالي فاشتهر بذلك وأعقابه الدوالية. وللغياثين أخبار كثيرة لا يتسع المقام لسردها.
- الكساسبة: وهم بنو كسَّاب من أولاد طوق من ذرية فراج من سلالة غانم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي، ويقال أن كساب هو ابن طوق بن فراج من ذرية غانم بن شوفان المذكور، وكساب هذا مدفون في الحيسي قريبًا من مجنة الأحيوات وفروعهم هي: البدران: وهم بنو سالم أبو بدر بن سلامة بن عطية من ذرية جمعان من ذرية كساب جد الكساسبة وجدهم عطية مدفون في غضيان. الحمامدة: هم بنو حماد بن سليمان بن عطية وهم إخوة البدران وعددهم قليل. العلاوية: وهم بنو علاوي بن سليمان بن عطية وهم إخوة للسابق ذكرهم وعددهم قليل. القواشمة: وهم بنو حسين القاشم بن سالم بن نصار بن حسين بن زيدان من ذرية كساب المذكور.
- الزيادين: وهم إخوة القواشمة هم بنو زيدان بن سلامة بن حسين، وزيدان جد القواشمة والزيادين مدفون في الحبسي يزوره الأحيوات وغيرهم، فيما
(1)
البدو يتميزون برشاقة الجسم ويُظَنّ بهم أنهم ضعاف البنية ولكن أعصابهم قوية بسبب شرابهم المستمر من لبن النياق والذي يساعدهم على السير مسافات طويلة على الأقدام أيضًا.
دُفن ولده حسين بن زيدان في غضيان وقبره أيضًا مزار للأحيوات، وكان حسين بن زيدان قد تعهد بحماية الحجاج من نخل بوسط سيناء إلى العقبة وكذلك كان أبوه زيدان من قبل، وعندما قامت الحكومة المصرية وقتئذ بترميم قلعة نخل تولى زيدان تزويدهم بالحجارة مقابل أجرة يأخذها، وكان زيدان قد تولى أيضا شياخة الأحيوات لفترة رمنية في عهده، وكان الكساسبة يتلقون صُرَّة من الحكومة المصرية، ومن شيوخهم الذين تلقوا الصُرَّة لهذا العهد سلمان أبو شعيرة بن سالم بن نصار الذي شارك في الحرب ضد الشرارات عام 1873 م وكذلك في الحرب ضد بني عطية عام 1885 م، ولهم أخبار كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
- المراحلة: هم بنو مريحيل من ذرية كسَّاب جد الكساسبة، وهؤلاء أقرب نسبًا للقواشمة والزيادين والنصيرات من بقية الكساسبة، ولهم أخبار في تاريخ حروب الأحيوات مع القبائل الأخرى.
- النصيرات: وهم بنو منصور بن حسين بن زيدان المذكور آنفا ومنهم نصار بن نصر بن منصور بن حسين بن زيدان، وقد شارك في الحرب ضد بني عطية عام 1840 م وأخوه اسليم بن نصر قُتل عام 1873 م في القتال بين الأحيوات والشرارات.
- النجمات: هم بنو نجم بن سلامة من ذرية نجم الأول من سلالة غانم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى، وهم من أشهر عشائر الأحيوات وفيهم شياخة الأحيوات العامة، ومن فروعهم:
البعران: وهم جماعة البعيّرة وقد دخلوا في الدغيمات المساعيد.
الجواعدة: وهم من ذرية نجم جد النجمات.
الحسينات: وهم بنو حسين من ذرية نحم الثاني من سلالة نجم الاول من سلالة غانم بن شوفان، ومنهم محمد بن حسين الذي قُتل عام 1885 م في واقعة الهد في العقفي مع بني عطية.
الحمدانيين: وهم بنو حمدان بن سالم بن علي من ذرية نجم جد النجمات، وقد عُرفوا بالكثاثحة نسبة إلى جدهم سالم المُلقَّب بأبو كثاحة وهو سالم بن حمدان بن سالم بن علي المذكور.
أولاد صالح: وهم بنو صالح بن حمدان من ذرية نجم جد النجمات، وجدهم حمدان بن نجم دفين الردَّادي الذي يزوره الأحيوات، وقال نعوم شقير: قبر الشيخ حمدان بن نجم جد النجمات المدفون في رأس وادي الردادي قرب مفرق العقبة يزوره الأحيوات من كل الجهات، وقال أيضًا عنه: كان يشتهر بالصلاح والتقوى وله قبر في جبانة الشوافين عند ثميلة الردَّادي ويزوره الأحيوات.
القصَّار: وهم بنو سليمان القصيِّر ابن سالم بن علي من ذرية نجم جد النجمات، وفيهم شياخة الأحيوات وأول من تولاها منهم جدهم سليمان الملقَّب بالقصيِّر لقصر قامته ثم توالت في بنيه، وسليمان القصيِّر من مواليد عام 1826 م كما يقول الرواة، وتوفي في نهاية عام 1906 م وقد ذكره نعوم بك شقير وبراملي وغيرهما، وفيهم قال الشاعر عنيز أبو سالم الترباني:
تلفي
(1)
على رَبْع
(2)
لهم ذات قيمة
…
لا هم ترابين ولا هم حويطات
وعلاطهم
(3)
في الضيف ما هو خصيمة
…
ونعاجهم
(4)
يوم اللزوم رخيصات
وتلقى القصيِّر له مواقف جسيمة
…
والجود في وجه الرجل علامات
- المسامحة: هم بنو مسمح بن عليان من ذرية نجم جد النجمات، فيهم شياخة الأحيوات قبل إخوتهم القصَّار، وأشهر شيوخهم الثيخ مسمح بن عليان جدهم وهو الذي قاد الأحيوات في حربهم مع التياها وانتصر على التياها في موقعة مِكْون الراحة غربي بلاد التيه، ومنهم الشيخ عليان بن مسمح الذي توفي عام 1892 م وهو من أشهر شيوخ الأحيوات، قال اسليم الحوات الأحيوي يذكره وهو يُعرِّض بالنساء:
حدّن يا حواتيات
…
ذهبكن لا تلبسنه
الله يحونكن يا النسوان
…
واللِّي يامن لكنه
عقب عليان بن مسمح
…
حتى الراعي اخذتنه!
(1)
،
(2)
تلفي أي تنزل ضيفًا على رَبْع أي جماعة من البدو.
(3)
علاطهم: أي عراكهم مع الضيف كي ينزل عندهم ليس بعراك الخصم.
(4)
نعاجهم: أي أنثى الضأن ويقصد أن النعجة دائمًا غالية عند البدو لأنها تنتج اللبن وتلد - خلاف الخرفان - ولكنها عند قدوم الضيف عليهم ترخُص ويذبحونها ويقدمونها له بطيب خاطر.
ويقصد في البيت الأخير زوجة عليان التي تزوجت من بعده راعي فقير للإبل كان عنده من العميرات (الحويطات).
وبعد عليان بن مسمح تولى الشياخة سليمان القصيِّر جد القصار وذلك عام 1892 م.
- المغاربة: وهم من ذرية نجم جد النجمات.
النصيرات: وهم بنو نصار بن سالم بن علي من ذرية نجم جد النجمات.
النجوم: وهم بنو نجم بن سالم بن علي من ذرية نجم جد النجمات، ومنهم فخذان صغيران جدا وهم الجرادات، والفريحات.
وفي نهاية التفصيل عن أولاد غانم يجب الإشارة إلى أن عدة فروع قد تجمَّعت وعُرفت باسم التحيتية وهم:
أولاد حمد: ومنهم الحميدات والدعاجين ومن الحميدات الغوانمة، ويشمل ذلك فرع ابن نصار أيضًا، أي جميع ذرية سالم الرويتع الشوفاني الأحيوي، والرضاوين، والغياثين ومنهم الدوالية، والنجيخات من الخناطلة، غير هؤلاء من الأحيوات ويعرفون إلى اليوم باسم التحيتية.
ب - الغنيمات: وهم القسم الثاني من الشوافين وهم بنو غنيم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلى المسعودي ويتألفون من ثلاث عشائر هي:
- الخلايلة: وجميع الخلايلة الموجودون اليوم هم من ذرية عليان أبو خليل من نسل غنيم بن شوفان وهم أقرب نسبًا للغراقين من بقية الغنيمات ومن الفروع الأقرب نسبًا للخلايلة النميرات، وهم فرع قديم من الغنيمات لم يبق لهم إلا بقية قليلة، ويُنسب إلى الخلايلة مكتل الخلايلة في اللحيانة وهما رجلان من الزعيلات من الخلايلة وجدهم زعل أبو خليل وهو أقدم عهدًا من عليان أبو خليل ويُنسب إليه مكتل أبو خليل في الشعيب غربي وادي عربة وهو رجل من الزعيلات قتله محيسن بن رضوان، والزعيلات اندثروا فلم يبق لهم عقب، وفروع الخلايلة في الوقت الحاضر هي:
الحسينات: بنو حسن بن سويلم بن عليان أبو خليل، وكان حسن أبو خليل
هو شيخ الخلايلة في عهده، وهو الذي مثل الأحيوات في الجلسة القَبَلية الكبرى في العقبة عام 1931 م والتي خُصصت لبحث النزاع حول الحدود الشرقية للأحيوات مع قبيلة الحويطات الذين ادَّعوا ملكية وادي عربة وقتئذ، وقد كسب الأحيوات القضية، وصارت الحدود بين الأحيوات وبين الحويطات تسير عبر جبال وادي عربة الشرقية فسيولها الشرقية للحويطات وسيولها الغربية للأحيوات المساعيد.
الرتيمات: وهم بنو رتيمة بن سويلم بن عليان أبو خليل، وقد شارك ارتيمة جدهم في غزوة الظموة ضد الشرارات عام 1895 م والتي لم يقع فيها قتال بسبب ظمأ الأحيوات الذين فضَّلوا العودة فعادوا.
أولاد سلامة: وهم بنو سلامة بن عليان أبو خليل.
الصواونة: بنو صويوين بن سالم بن سويلم بن عليان أبو خليل.
الكرافتة: بنو سالم الملقب بكرفون بن سليمان بن عليان أبو خليل، وكان جدهم سليمان بن عليان هو شيخ عموم الخلايلة في مطلع هذا القرن.
المحمديون: بنو إمحمد بن سالم بن سويلم بن عليان أبو خليل، وإمحمد هذا هو شيخ أحيوات الأردن منذ ما يزيد على 40 سنة ولا يزال حيا يرزق، وهو من أشهر شيوخ الأحيوات وأجلهم قدرًا خلال هذا القرن، وأبوه سالم بن سويلم أبو خليل هو الذي تولى شياخة الخلايلة بعد سليمان أبو خليل، وقد تولى سالم أبو خليل أمر الأحيوات حين قدوم الأشراف الهاشميين إلى مدينة العقبة الأردنية عام 1917 م، فاستعد بنقل كل ما تحتاجه قوات الشريف عبر وادي عربة على إبل الأحيوات وكان له ذلك الأمر، فتولى ترتيب ذلك وقبض الأجور وإيصالها إلى مستحقيها من الأحيوات، وكان كثير من الأحيوات قد سجَّلوا جندًا مع الشريف
(1)
وشاركوا في عمليات وادي عربة والغور، وفي سالم أبو خليل قيل وكان قد اشتهر بالقضاء.
مرحوم قبير أبو خليل
…
اللي يفك الطلبة الملويَة
(1)
هناك مثل في القبائل يردده البدو حتى الآن منذ عام 1917 م حين تهافت جميع البدو في التسجيل في جيش الشريف - حسين بن علي قائد الثورة العربية على الأتراك في الحجاز والشام عام 1916 م.
"اكتبني عندك يا شريف بواردي" أي سجلني يا شريف عندك جندي يحمل بارودة ويصبح بوارديًا يُطلق على العثمانيين النار كي يخرجوا من أرض العرب.
النميرات: وهم قلة قليلة وهم في عداد قومهم الخلايلة.
- الغراقين: وهم بنو سالم أبو غريقانة من ذرية غنيم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى وهم فروع هي:
الأديّات: بنو سالم أبو غريقانة الملقب بأبو ديّة؛ لان نارًا أحرقت يده فسمي أبو دية، وهو سالم بن حمد الأعرج ابن سالم أبو دراهم بن حمد من ذرية سالم أبو غريقانة من ذرية غنيم جد الغنيمات الحوامدة: هم بنو حمد بن عيد بن حمد الأعرج ابن سالم أبو دراهم بن حمد من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين.
الزورة: هم بنو مغنَّم المُلقَّب أبو زور وهو مغنم بن حمد من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين ومنهم فخوذ هي: الزووة وهو فخذ صغير احتفظ بالتسمية الأصلية، والصوالحة وهم بنو صالح بن رويشد بن عليان من ذرية مغنم جد الزورة من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين، وقد شارك جدهم صالح وأخوه دخيل الله بن رويشد في غزوة ودعات ضد الشرارات فأصيب صالح وقُتل دخيل الله.
العوران: وهم بنو سلامة المُلقَّب بالأعور، لأن أمه ولدته أعور، وهو سلامة بن فراج من ذرية مغنم جد الزووة من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين ومنهم فراج بن سلامة الذي شارك في واقعة ودعات ضد الشرارات عام 1873 م، والنشايطة: هم بنو سالم المُلقَّب بالنشيط لسرعة عدوه، وهو سالم بن رويشد بن عليان من ذرية مغنم من سلالة سالم أبو غريقانة، وأولاد سليمان: هم بنو سليمان بن حمد الأعرج ابن سالم أبو دراهم ابن حمد من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين وهم فخوذ هي:
البواشنة: بنو علي المبوشن وهذا لقبه وهو علي بن سليمان جد أولاد سليمان، وجدهم علي المبوشن ورد خبر له في حرابة الأحيوات والبريكات من التياها التي قام فيها الأحيوات بطرد البريكات فاتجهوا إلى بلاد السبع ثم عادوا بعد حل النزاع مع الأحيوات، وأولاد حسن: بنو حسن بن سليمان جد أولاد سليمان، والخشمان: بنو اسليم الملقب بالأخشم وهو اسليم بن سليمان جد أولاد سليمان وإنما سُمي بالأخشم؛ لأن رصاصة أصابته بخشمه في حرب الأحيوات مع البريكات التياها الآنفة الذكر، والنهرة: هم بنو عليان بن سليمان جد أولاد
سليمان وعليان هذ لُقِّب بالنهاري
…
الفرارجة. بنو فراج بن عيد بن حمد الأعرج ابن سالم أبو دراهم بن حمد من ذرية سالم أبو غريقانة من سلالة غنيم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى، ومنهم عليان بن فراج بن عيد شيخ الغراقين في عهده وذكره براملي.
- الكرادشة: وكانوا يسمون قديمًا بالحجوج نسبة إلى جدهم الحاج سالم من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين، والحاج هذا حج سبع مرات وأخرج سبعة مياه تكفيرًا عن قتله لاخيه وكان قتله خطأ، والمياه هي ثميلة الحاج في العجمة جنوب بلاد التيه، وطابة بوادي عربة، والمهتدى شرقي وادي عربة، وحندس غربي وادي عربة، وخمة غربي وادي عربة، وملحان في العقفي، ومسيعط ببلاد العزازمة بنقب فلسطين.
وكان الحاج قد تولى عقد الأحيوات فأصبح عقيدًا لهم في عهده، وأما الكرادشة فهم أعقاب سلمان المُلقَّب بكرداش وهو من ذرية الحاج من نسل سالم أبو غريقانة.
المساعدة: وهم من ذرية مسيعيد من سلالة سالم أبو غريقانة جد الغراقين وهم فرع صغير.
المسوح: وهم بنو سالم وهو المُلقَّب بالمسح؛ لأنه مسح أثر الحرّ جد الحررة من الترابين في بلاد التيه، وكان الحرّ الترباني قد قتل سرار وهو أخ لسالم وهو سالم بن عيادة من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين، وكان لعيادة ولدان وهما سرار وسالم وبنت تسمى سعدى وتنسب إليها تلعة سعدى بأسفل الحيسي، وسرار هو الذي قتل بليطة كبير العليقات فقيل في ذلك:
سرَّار قتل بليطة
…
والكل يعَمّر حيطه
وقد أدى قتل بليطة إلى توسع الأحيوات في جنوب شرق بلاد التيه بعدما كانوا لا يتجاوزون درب الحاج جنوبًا؛ لأن تلك الديار للعليقات ثم إن سرار هذا قتله سالم الحرّ من الترابين وجحد قتله، فلما انكشف الأمر قام سالم بن عياد بقتل الحر فظلت له ثلاث رقاب؛ لأن أخاه قد رُبِّع حسب عوائد البدو؛ لأنه مجحود، فلما تم حل النزاع كان من نتائجه أن آلت أملاك الحرّ من الماء والمزارع في بلاد
التيه لسالم لذلك سمي بالمسح؛ لأنه مسح أثر الحر الترباني من بلاد التيه، فارتحل جماعة الحر وهم الحررة شمالًا نحو أقاربهم في بلاد العريش فتولى الأحيوات هذه البلاد حتى الآن.
الموَسة: وهم بنو موسى بن عيد بن حمد الأعرج ابن سالم أبو دراهم بن حمد من ذرية سالم أبو غريقانة جد الغراقين، ويعرف هذا الفرع بأبو هليبية (الهلبة)، وللغراقين أخبار في تاريخ الأحيوات مُشرف لا يخفى على أحد.
- الغنيمات: وهم بنو مسلم المدفون في الكنتلة وهو ذرية غنيم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي، ويروى أنهم سموا غنيمات نسبة إلى جدهم غنيم بن شوفان وهم فروع مثل:
العرجان: وفيهم الروسة ومنهم فريق دخل في القيسية ببلاد الخليل بفلسطين، والعرجان وهؤلاء احتفظوا بالتسمية الأصلية وهم فرع صغير جدا ومن الروسة جمعة أبو راس الذي شارك في واقعة عام 1840 م ضد بني عطية (المعازة).
المطور: وهم بنو مطر من ذرية غنيم بن شوفان بن سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي، وهم فخوذ مثل الصبحة وفيهم الرمقان وهم بنو علي بن محمد بن صبح، والمطور هؤلاء قد احتفظوا بالتسمية الأصلية وهم بنو حسين بن مطر.
المقاطعة: بنو عيد المُلقَّب بالمقطع وهو عيد بن مطر وفيهم العراعرة والشراقوة.
الوبران: وهم بنو سالم المُلقَّب بابن وبر وهو من ذرية مسلم من نسل غنيم بن شوفان بن سعد صادق الوعد.
ولعشيرة الغنيمات عدة مزارات منها: مزار الشيخ مسلم في وادي هاشة الشوافين بقرب الكنتلة، ومزار الشيخ صبيح بن حسين بن مطر من نسل الشيخ مسلم السالف الذكر، وقد ذكرهما نعوم شقير فقال وهو يعدد مزارات قبيلة الأحيوات: قبران في وادي الهاشة وهما قبر الشيخ مسلم وقبر الشيخ صبيح وكلاهما من بدنة المطور، ومن الغنيمات شيخهم محمد بن سالم المطور الذي ذكره براملي في مطلع هذا القرن، وللغنيمات أخبار في تاريخ الأحيوات.
ثانيا - الصفايحة
(1)
- وهؤلاء إخوة سعد صادق الوعد ابن علي بن معلَّى المسعودي، والصفايحة من نسل سيف المسعودي وهو من قادة وفرسان المساعيد إبان القرن السابع الهجري، وقد قُتل في معركة المُطَيْرية الآنفة الذكر وينسب إليه وُدي سيف (تصغير وادي)، والصفايحة من ذرية سليمان المُلقَّب بالمجَرِّب وهو من ذرية سيف المسعودي، وكان سليمان يقطن البدع مع قومه المساعيد، وقد اختلف مع قريب له عند صيدة فاقتتلا عندها، فقام سليمان بقتل خصمه ثم فرَّ جاليًا ولجا إلى العمران من الحويطات في شمال الحجاز، ومكث عندهم وتزوج منهم فأنجبت زوجته العمرانية سبعة أولاد وهم جدود الصفايحة وأنجبت بنتا اسمها حسينة، وقد سكن سليمان المجَرِّب المسعودي وأهله بصفحة جبل حقل أي جانبه ومضطجعه فسموا بالصفايحة، وهناك رواية أخرى في ذلك
(2)
ثم إن سليمان وأولاده اختلفوا مع العمران وتنازعوا معهم فارتحلوا نحو العين والزرانيق بجنوب سيناء، وكان يقطن تلك الديار آنذاك مُزينة واستقروا هناك، وذات يوم ذهب سليمان وأولاده ليخطروا؛ أي ليسافروا لشراء ما يحتاجونه، فجاء في غيبتهم جيرانهم من مُزينة ليعْدوا على غنم حسينة بنت سليمان المسعودي ليصنعوا طعامًا لهم أو لضيوف كانوا عندهم، وجاء رجال مُزينة فقال أحدهم: فَرْضوا أي شقو ذيول الغنم لنعرف السمينة بعد شقها
(3)
ففعلوا ذلك ثم أخذوا ما ناسبهم منها فلما عاد سليمان المجَرِّب وأولاده وعلموا بما جرى ارتحلوا إلى المقضبة من بلاد العريش، ثم أغاروا على مُزينة فقتلوا عدة رجال منهم وأخذوا طرشًا من الإبل لمُزينة وعادوا له، ثم باعوه في بر مصر، ومما قيل من الشعر النبطي في هذه الوقعة من قبل أولاد سليمان المساعيد:
عند معزي حسينه
…
تطلَّقت بِل مزينه
وقيل: وتسعين زينة في
…
تفرُّض معَيْزي حسينه
وأقام الصفايحة المساعيد في المقضبة جنوب العريش يجاورون قبيلة السواركة ردحًا من الزمان، ولكنهم لم يمكثوا طويلًا فقد قام أحدهم بقتل سويركي فارتحلوا
(1)
الصفايحه هنا غير أبو صفحة السالف الذكر والذي دخل في السليميين الحويطات.
(2)
الرواية هي أن أولاد سليمان عندما اختلفوا مع العمران صنعوا مركبًا وجعلوا باطنه من الصفيح وخارجه من الخشب وعبروا له خليج العقبة من حقل إلى نويبع فأطلقوا عليهم الصفايحة نسبة للمركب.
(3)
شق الذيول لمعرفة الأغنام السمينة وذلك من خلال خروج الشحم من ذيولها بعد شقها.
شمال شرق بئر السبع وجاوروا عرب القيسية جنوب بلاد الخليل، إلا أنهم سرعان ما اختلفوا مع هؤلاء فقد قام رجل قيسي بضرب ناقة لهم فقام أحدهم بضرب يده بالسيف فقطعها، فارتحلوا جنوبًا نحو الظُلَّام من بلي (ضمن قبيلة التياها) في نواحي السبع، وقد ساكنوا الظُلَّام في الفَرعة شرق بئر السبع إلا أنهم أيضًا لم يمكثوا طويلًا معهم فقد قتل أحدهم رجلًا من الظُلَّام!! فارتحلوا نحو بئر مذكور جنوبًا مع ميل إلى الشرق شرقي وادي عربة حيث يقطن الأحيوات أقاربهم، وقد سار إليهم رجال من وجهاء الأحيوات واستقدموهم إلى وادي عربة، ثم بعد رمان ارتحلوا نحو جبل يلق شمال غرب نخل بوسط سيناء وهناك فرغ ما لديهم من الماء فكادوا يهلكون عطشًا، إلا أن الله تعالى لطف بهم فجاءت كما يُروى سحابة أمطرت عليهم فشربوا وارتووا، وتذكارًا لتلك المعجزة الإلهية لهؤلاء القوم من المساعيد صنعوا رِجْمًا على شكل دائرة يحيط على مقدار الأرض التي سقط عليها المطر، وقد استقروا هناك وفي هذه المنطقة توفي سليمان المجَرِّب المسعودي فدُفُن بموقع عرف بالمجَرِّب في جوار جبل يلق، وهو مزار للبدو بتلك المنطقة ويزوره الصفايحة كل عام، وللصفايحة نخيل حتى هذا العهد في البدع ضمن نخيل قومهم من المساعيد هناك، وقد استوطن الصفايحة بعد تكاثرهم في شرق بلاد التيه وغربي وادي عربة ضمن بلاد الأحيوات، ثم أخذوا مع فروع أخرى من الأحيوات يمتدون في غرب بلاد التيه وهناك أوجدوا ديارًا خاصة بهم بعد أن نازعوا قبائل تلك المنطقة من العيايدة والتياها وغيرهم، وقد استقروا بتلك المنطقة فآلت إليهم ديار أخوتهم الأحيوات من نسل سعد صادق الوعد، قال نعوم شقير: بلاد الأحيوات شرقي بلاد التياها وغربيها فبدنة الصفايحة تسكن غربي التياها من جبل حسن إلى بئر مبعوق، وأشهر مراكزهم جبل المغارة والجفجافة وسر الحقيب وعين صدر وجبل بضيع وجبل أم خشيب وجبل الجدي وجبل سحابة غرب جبل أم لاطية وجنوب جبل حميد وجبل العرف وديارهم اليوم تمتد تقريبا من ثمادة البروك شمال نخل إلى جبل يلق عبر شرقي الجفجافة إلى جبل المغارة في الشمال الغوبي ثم إلى جبل حميد غربًا ثم إلى جبل أم خشيب في الجنوب الغربي مرورًا بغربي سر الحقيب ثم إلى نقب الراكنة في الجنوب الشرقي ببلاد العجَمة مرورا بخشم الملح والمرقب، وفي منطقة جبل أم خشيب تلتقي حدود الصفايحة بحدود العيايدة
فالشليل للعيايدة ومن وادي المشاوخ شرقًا للصفايحة، وفي أرض أم خشيب مزارع للعيايدة والبقية للصفايحة، أما حدود الصفايحة مع الحويطات فتلتقي بنواحي خشم الملح والمرقب فيما تعزل عين صدر الصفايحة شرقًا والدبور من الحويطات غربًا، أما في الشرق فإن أم سعيد تفصل بين التياها شرقًا والصفايحة غربًا حتى جهة مطلة نخل الغربية، وأقصى حدودهم شمالًا هو بمنطقة جبل المغارة، وفي الغرب جبال الراحة بين الصفايحة شرقًا وشمالًا والحويطات والترابين غربًا، وفي الجنوب فإن وادي العريش والمالحة ومجمر تفصل الصفايحة عن البدارة من الطوال من الحمدات الأحيوات.
فروع الصفايحة المساعيد
ينقسم الصفايحة إلى عدة عشائر تتفرع كالتالي إلى فرعين:
(أ) الحنيكات (ب) الشُعَّار
والشُعَّار منهم عودة الشاعر الذي شارك في الحرب ضد السواركة في مطلع القرن التاسع عشر، وفي تلك الحرب قتل نصار أبو زور من الغراقين فارس السواركة العيد أبو نوار، فأغار خيَّالة السواركة على نصار أبو زور بخيولهم فوطئوه فقتلوه، فتصدى لهم عودة الشاعر وأطلق النار عليهم فقتل اثنين منهم فسقطا إلى جانب نصار أبو زور تحت حوافر الخيول وفر الباقون. أما الحنيكات فهي عشيرة من سلالة أبو حنيك من ذرية سليمان المجَرِّب من سلالة سيف المسعودي، والرشيدات هم من الصفايحة من ذرية سلامة أبو رشيدة من نسل سليمان المجَرِّب أيضًا، والرصايصة واحدهم أبو رصاصة وهم من ذرية سليمان المجَرِّب، وفيهم فخوذ أولاد حمدان وأولاد عيد الزريقي؛ وكان الزريقي يغير على الزوايدة بجهات الدبسة في حِسْمى فشارت أوار الحروب بين الأحيوات وبين الزوايدة (بني عطية) في العشرينيات من هذا القرن الميلادي، وأولاد سليم وهم بنو سليم من سليمان المجَرِّب وقد غلب عليهم اسم الحجوج أحد فروعهم وهم ثلاث فرق هي: أولاد
سعيد وفيهم فخوذ أولاد حمد وهم بنو حميد بن دخيل الله بن سعد من ذرية سليم من سلالة سليمان المجَرِّب المسعودي، ويعرفون باسم الحجوج، والحجوج بنو الحاج سلَّام بن حميد بن دخيل الله بن سعد من ذرية سليم من سلالة سليمان المجَرِّب المسعودي، وكان الحاج سلام من القضاة المعروفين، وفي الخلاف الذي حدث عام 1885 م بين العيايدة والترابين تم الاتفاق على حل النزاع عند ثلاثة قضاء وكان أولهم فيما ذكر نعوم شقير هو سلَّام الحاج ابن صفيح من الصفايحة الأحيوات، كما كان عقيد حرب الصفايحة حينما غزا الأحيوات للانتقام من الشرارات عام 1895 م، والحاج سلَّام من مواليد حوالي عام 1825 م وولده الشيخ فريج بن سلام أبو صفيح كان أحد المشايخ ومن أعيان سيناء الذين تم انتخابهم عام 1905 م للبت والحكم في قضية قتل بعض الرجال من قبيلة الهنادي
(1)
في الشرقية.
والحجوج فروع وهي: عيال أبو حربة، والدراوشة، وعيال ابن سليم، والشيوخ (المشاوخ)، والفريجات، والقصار، وعيال محمد .. والفريجات هم أولاد فريج بن سلَّام، وأما عيال محمد هم أولاد محمد بن سلَّام جد الحجوج، أولاد حسين القاضي: وهم بنو حسين القاضي بن حميد بن دخيل الله بن سعد من سلالة سليم من سلالة سليمان المجَرِّب من ذرية سيف المسعودي.
- والسوالمة: وهم بنو الحاج سالم بن حميد بن دخيل الله بن سعد من سلالة سليم من ذرية سليمان المجَرِّب.
- العواودة: وهم بنو عواد بن حميد بن دخيل الله بن سعد بن سليم من ذرية سليمان المجَرِّب.
- العوادات: وهم من سليمان بن حميد بن دخيل الله بن سعد من ذرية سليمان المجَرِّب.
(1)
الهنادي قبيلة من بني سُلَيْم العدنانية.
- اللعايبة: وهم من سويلم بن حميد بن دخيل الله بن سعد من ذرية سليمان المجَرِّب.
- الربايعة: وهم من ربيع بن سعد من ذرية سليمان المجَرِّب، وفيهم فخوذ البرايعة وهم من سلَّام بن ربيع، والربايعة وهو من مسلم بن ربيع.
- الروَّسة: وهم من عودة بن سعد من ذرية سليمان المجَرِّب.
- السدادنة: واحدهم أبو سدَّانة، وهم بنو محمد بن سعد من ذرية سليمان المجَرِّب أيضًا، وقد شارك أحد السدادنة في غزوة الأحيوات على الشرارات عام 1895 م والتي يسميها الأحيوات غزوة الظموة؛ لأن الظمأ كاد يقتلهم في البراري وهم متجهون لإبل الشرارات وقد عادوا قبل أن تتم الغزوة وقد تخلَّف عنهم نحو ثلاثين هجانًا وكانوا على ظمأ شديد وفيهم الحاج سلَّام عقيد الصفايحة، وقال نعوم شقير: ونام أحد الذين تأخروا لشدة الظمأ فرأى شخصًا في الحلم ليقول له: قم واشرب ودلَّه على مكان فيه ماء، فاستيقظ وذهب إلى المكان الذي دله عليه، فإذا هو مشاش كبد على نحو ست ساعات من مشاش البتراء، فروى ظمأه وعاد إلى رفاقه فأتوا وشربوا وسقوا جمالهم واستطردوا السير فانضموا إلى إخوانهم في مشاش البترا وانقلبوا راجعين إلى سيناء بخفي حُنين
(1)
.
قلت: والرجل الذي نام هو أبو سدَّانة من الصفايحة.
- العنازين: هم من سلمان بن سعد من ذرية سليم من سلالة سليمان المجَرِّب المسعودي.
- العواشرة: وهم عيد بن سعد من ذرية سليم من سلالة سليمان المجَرِّب المسعودي منهم سلامة بن عيد الذي مات في السجن بسبب مقتل بالمر في عام 1882 م.
(1)
عادوا بخفي حُنين وهو مثل يقال عند العرب فى العائد من مقصده بدون فائدة أو ربح أو غنيمة في سلم أو حرب.
- المطيرات: وهم من مطير بن نصار بن سعد من ذرية سليم من ذرية سليمان المجَرِّب المسعودي، ومطير هذا قيل أنه من مواليد 1812 م وكان دليل بالمر الإنجليزي في سيناء الذي قُتل عام 1882 م، فتم اعتقال مطير بن نصار وسلامة بن عيد من الصفايحة فماتا في السجن قبل محاكمتهما هما ورجال عدة من قبيلتي الحويطات والترابين، وكان مطير من كبار الصفايحة وفيهم فخوذ البنيات وأولاد سالم والشهيبيين والنصايرة، والمطيرات ذكرهم موري في حديثه عن فروع الأحيوات في كتابه الصادر عن بدو مصر عام فى 1935 م.
مع الإشارة أن جميع العشائر السابقة يجمعها جدها الأعلى سليم، وقد غلب عليهم اسم الحجوج وهم أحد الفروع الستة للصفايحة.
المليقات: وهم ذرية مصلح أبو مليقة من ذرية سليمان المجَرِّب المسعودي وهم فخوذ أولاد حسن والرواضية وأولاد رويضي والعماوية وأولاد مرضي.
الوقيات: وهم ذرية عودة المُلقَّب بالوقا من ذرية سليمان المجَرِّب المسعودي وهم فروع البراهمة ومنهم العوايدة والمراعية والمعالية، والعمارين ومنهم السماهرة، والعمارين، والعكفان هم أشهر فروع الوقيات بل جميع الصفايحة، والمراعية، والهواشلة
(1)
.
ثالثًا - الخواطرة: وهم من الضمادية من المساعيد، والضمادية تسمية زالت لتحل محلها تسمية جديدة كالنصيرات والبحيرات واللبايدة وهم من فروع المساعيد في البدع، ونذكر الخواطرة:
الدراوشة: وهم بنو علي بن سرحان وكان رجلًا صالحًا فلُقِّب بالدرويش وهم من ذرية جدهم المُلقَّب بابن قطن الضمادي المسعودي، وهم فخذان: الحميدات بنو عيد أبو حميدة، وحميدة هي بنتَ عيد فعُرف بها، وعيد بن غدير بن علي بن سرحان هو جد الدراوشة، والدراوشة: وهم بنو عطية بن علي بن سرحان، والقطون: وهم فخذ احتفظ بالتسمية الأصلية فظلوا يعرفون بها وهم من ذرية جدهم ابن قطن الضمادي المسعودي ومنهم الجلاوية، والسكاتين: وهم بنو سكيتان من ذرية قطن الضمادي المسعودي.
(1)
الهواشلة هنا غير الهواشلة من فروع المساعيد في الشرقية.
والخواطرة: هؤلاء تبقوا مع الأحيوات بعد انتشار المساعيد وتوزيعهم حيث تتواجد بطون من الضمادية في شمالي الحجاز والديار المصرية حيث يتواجد المساعيد، والخواطرة هؤلاء عشيرة صغيرة.
رابعًا - فروع انضمت للأحيوات وهي:
- الحجازي: وهي عائلة صغيرة قدمت من بلاد اليمن منذ عهد قريب ويعتبرون في عداد البدران، وقد تزوج الرجل الذي قدم وهو مصلح الحجازي بامرأة من البدران ولا يزال حيًّا يرزق.
- الخلايفة: يدَّعون أنهم من حرب الحجاز إلا أن هذا غير مؤكد، وذكرهم نعوم شقير فقال: المشهور أنهم انضموا إلي الأحيوات بطريق الأخوة فنسبوا إليهم على عادة العشائر الضعيفة الأصيلة مع القبائل القوية، ويذكر أن طلوعهم كان مع الشوافين.
قلت: والصحيح أن الخلايفة هؤلاء هم بقية الخلايفة الذين تردد ذكرهم في وثائق دير سانت كاترين في القرن السادس عشر للميلاد وليس كما رعم البعض أنهم انضموا للأحيوات بحدود نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، والخلايفة الذين ذكرتهم وثائق الدير هم أصلًا بطن من بطون الأحيوات القديمة، وكان لهم قديمًا درك كبيدة بآخر مغائر شعيب، أي البدع وهي أرض الصمد إلى الغرب الجنوبي من مغاير شعيب على جادة الحاج القديمة، ومغاير شعيب هي الباع الحالي في شمالي غرب السعودية وهي ديرة المساعيد الرئيسية كما أسلفنا، ومن فخوذ الخلايفة: عيال سالم، والفريجات، وعيال قاسم ويقال لهم العبادلة، وكان الخلايفة: من شيوخ قبيلة الأحيوات القدماء الذين تلقوا الصُرَّة لخفارة درب الحاج من قبل الحكومة المصرية وقتئذ، ولخفارة دير سانت كاترين بجنوبي سيناء، ومن شيوخهم البارزين حينذاك التالي ذكرهم:
الشيخ قاسم بن مصلح الخليفي الأحيوي وورد له ذكر بين سنتي 1893 - 1899 م، والشيخ سليمان بن قاسم بن مصلح الخليفي الأحيوي الذي ذكره براملي
عام 1906 م، ثم برز منهم محمد بن فريج الخليفي في النصف الأول من هذا القرن، والخلايفة لهم تاريخ وأخبار مع قبيلة الأحيوات بسيناء يطول سردها ولا يتسع لنا المقام بذكرها.
- الدراملة: وأصلهم الثابت أنهم من الخُضَرة من وابصة من خُزام من قبيلة بلِّي القُضَاعية وانضموا للأحيوات على عهد الربيقي، وقد شارك جد الدراملة في الحرب ضد التياها.
- الرويضات: وأصلهم من الغصينات من فروع مُزينة بجنوبي سيناء، ومنهم الغبون الذين دخلوا في الجرامية من الترابين في نواحي غزة.
- الشوافين: وهؤلاء بطن من الشوافين الأحيوات من نسل سعد صادق الوعد ويقيمون في قرية عبسان من قرى غزة ذكرهم الدبَّاغ فقال: قال لي شيخ القرية أنهم يعودون بأنسابهم إلى الجزيرة العربية وينتسبون إلى قبيلة بني مسعود، ومن جدودهم رجل اسمه شوفان، وأنهم من عرب وادي العربة من الأحيوات.
- ابن طليحان: وهم بيت واحد وكانوا يعرفون بالعودات فلم يبق منهم إلا طليحان بن سالم العودي وأصلهم من عشيرة العُبيَّات من قبيلة الحويطات.
- العقلان: وأصلهم من الربيعيين من أولاد غارى من بطن العمران إحدى بطون قبيلة الحويطات، وكانوا في عداد الكبيشات من الحمدات الأحيوات إلا أنهم عادوا والتحقوا بقومهم العمران في شمالي الحجار بالمملكة العربية السعودية ولم يبق مع الأحيوات منهم أحد.
- العليمات: وأصلهم من الحمدات من نسل سعد صادق الوعد من الأحيوات ويقيمون في الديار المصرية في صان الحجر بالشرقية.
- القواظمة: يذكرون أنهم من حرب الحجار وهم بنو عبد الله المُسَمَّى بابن قاظوم (أبو قاضوم)، ومن فخوذهم الحسينات، وأولاد سليمان وفيهم الحسنات وأولاد سالم، ومنهم النواصرة وكان ناصر جدهم شيخ الفواظمة في النصف الأول من هذا القرن، والسلَّامات، والعليات، والمظاعين.
وللقواظمة أخبار في تاريخ الأحيوات ولا يُنكَر شدة بأسهم، ومنهم سليمان بن عبد الله أبو قاظوم الذي قُتل في واقعة الهد مع بني عطية عام 1885 م، فلما أخذ الأحيوات بالثار من بني عطية فقتلوا منهم بعدد قتلاهم دون إسراف في القتل كما ذكر نعوم شقير أخذ فرج بن صبح المطور بثأر سليمان بن عبد الله أبو قاظوم فقتل زعير العطوي بجهة حمادة الجريِّدي بوادي عربة.
- القريات: وأصلهم من القردان من وابصة من بلِّي انضموا للأحيوات على عهد الربيقي من شيوخ الحواوتة كما أسلفنا عنه، والقريات فيهم فخوذ هي: أولاد حميد، والرفايعة ويُنسب للرفايعة عثل القريات بين طابة وغضيان في وادى عربة، والعثل هو النخل، ومن أخبارهم في تاريخ الأحيوات أن رفيع بن سالم بن جمعة جد الرفايعة قُتل في واقعة ودعات بين الأحيوات والشرارات عام 1873 م.
- الهواشلة: وهم بنو هويشل الذي لُقب بذلك؛ لأنه هشل على الخواطرة الأحيوات فلُقِّب بهويشل، وأصله من الفرانجة من بطون مُزينة بجنوبي سيناء وهم فخوذ هي:
الخمايسة، والسعايدة، والقلوة.
ولابد من الإشارة إلى أن الخلايفة والقريات والهواشلة والقواظمة والرويضات جميعهم في شياخة الخليفي.
بنو عطية
ديار القبيلة:
تقع منازل بني عطية في شمالي غرب المملكة العربية السعودية في النصف الشمالي من حرَّة العويرض حتى حرَّة المواهيب، وتقطن عشائر بني عطية في تبوك وحالة عمَّار وحسمى وبئر ابن هرماس والقربة بقربها ومغيراء والقليبة وتيماء وجبل اللوز وحرَّة بني عطية وحرَّة تبوك والأخضر وذات الحاج وشرفة بني عطية وفجر ومحطة الأوجرية ومحطة المصطبغة.
نسب بنو عطية
أجمع رواة العصر ومحققو هذا القرن لما ثبت بالتواتر من ثقات النسابين من بني عطية أن الجد المؤسس لبني عطية هو معاز من نسل أسد بن ربيعة العدنانية، أي أن بني عطية (المعازة) هم أبناء عمومة عَنَزة أكبر وأقوى قبائل الجزيرة العربية على الإطلاق في الوقت الحاضر.
وقد سقط العديد من أسماء أجداد معاز حتى أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ولم يعرفها رواة العصر أو نسابة العطاونة، وبالتالي لم يؤرخها المؤرخون في القرن الحالي أو القرون الماضية، ومن ثم كان من الصعب على الباحثين معرفة نسب أو تسلسل معاز على وجه الدقة أو لأي بطون ربيعة يُعزى أو يرتد
(1)
.
وقد رجح الرواة أن معازًا له ثلاثة أبناء، هم عطية، وعقيل وقيل عقيلان، وخميس، وكان عطية الأكبر وأولاده الأكثر عددًا فغلب اسم بني عطية على عموم أبناء معاز وصار يُطلق على الجميع عطاونة. وفي مصر يُطلق على القبيلة اسم المعَّازة، أما في الأردن والمملكة العربية السعودية فيُطلق عليها اسم بني عطية أو العطاونة وأحدهم عطَّوي.
وقسم بعض الرواة أن بني عطية ثلاثة فروع هي:
(أ) العطيات
(2)
. (ب) العقيلات. (جـ) الخمايسة.
(1)
ذكر ابن عبَّار العنزي في أصدق الدلائل في أنساب بني وائل أن قبيلة بني عطية من معاز بن وائل الأخ الثالث لبكر وتغلب من ربيعة العدنانية. وذكر الشريفي صاحب التحفة الذهبية في دولة الكويت اسم معاز جد لعشيرة بني معاز كانت معروفة في صد الإسلام تفرعت من بنى كلاب من هوازن، ورجح أن قبيلة المعازة من هؤلاء الأقدمين: كما ذكر لى رأي من أحد الباحثين أن بني عطية هؤلاء من بني عطية من عذرة قضاعة الذين ذكرهم القلقشندي في قلائد الجمان وخاصة أن عذرة كانت بنفس ديار بنى عطية الحالية في شمالي غرب الحجاز. وهذن القولان فيهما نظر ولا أستطيع الجذم فيهما ويحتمل صحة أحدهما وقد يكونا خطأ أيضًا والله أعلم.
(2)
هناك العطيات الأصغر منسوب إليه عشيرة العطيات التي فيها الشيخ العام لعموم بني عطية، أما العطيات الأكبر (عطية) فمنه قبائل أو عشائر كبيرة.
تاريخ نماء بني عطية
ذكر لي الرواة من بني عطية في المملكة العربية السعودية أن معازًا وأبناءه عطية وعقيل وخميس وأسرتهم نزحوا من ديار ربيعة العدنانية في شرقي نجد في حوالي أوائل القرن الخامس الهجري تقريبًا - وقد قطنوا بنواحي سكاكا والجوف ثم تيماء شمالي نجد بالمملكة العربية السعودية، ثم بعد نماء أمر عشيرة بني عطية (المعازة) في تلك الديار بدأ العطاونة ينتقلون إلى تبوك وغربها حتى خليج العقبة، وهذا بطريقة مرحلية وتدريجيَّة بدأت في القرن السابع الهجري، وقد تغلَّب بنو عطية على تبوك وما صاقبها وما والاها من البلاد وعلى جبال حِسْمي ومعظم ديار جُذام التاريخية وهذا بعد ضعف ونزوح معظم بطون جُذام إلىَ مصر وانكماش الأخرى نحو الشام وبالتالي ضعف آخر بطن في جُذام وهو بني عُقبة والذي بدأ يضمحل بعد القرن العاشر الهجري، وقد هاجر أغلبهم إلى الديار العربية في الشام ومصر ومن بقى في شمالي الحجاز انضم إلى بني عطية والآخرين إلى الحويطات.
ولم يُذكر المعازة (بني عطية) ككيان عشائري إلا في أواخر القرن السابع الهجري أو بعد نهاية الدولة العباسية في بغداد بعد سقوطها في أيدي التتار (المغول) عام 656 هـ، وكانت عشائر بنو عطية في القرن الثامن الهجري تجوب البوادي فيما حول تبوك وتكاثروا في غربه حتى بلغوا الساحل الشرقي لخليج العقبة مجاورين لبني عُقبة والمساعيد، ولكن بظهور عشيرة الحويطات في القرن العاشر الهجري نازعوا بني عطية الكثير من المواضع ثم تغلّبوا عليها تدريجيًّا بعد تكاثرهم، وقد صارت العشائر الباقية من بني عُقبة في وسط ديرة الحويطات، وقد صار لبني عطية من شرقي حِسْمى والبدع حتى تبوك وحولها من الأماكن والجبال والوديان.
وَقد انتقل كثير من فصائل بني عطية إلى جنوبي الأردن ومارس بعضهم الزراعة إلى جانب الرعي، وقد استوطن قسم كبير في الكرك والقطرانة وما صاقبها من الديار الأردنية (جنوب بلاد الشام)، وفي القرنين الأخيرين تحالف العطاونة مع عشائر المجالية ضد بني صخر وضد حويطات العلاوين، وقد ساعد هذا التحالف في انتشار عشائر وفصائل بني عطية في شرقي الأردن، وفي سنين الجدب
(1)
كانت معظم بادية بني عطية في تبوك وما حولها بالمملكة العربية السعودية تتجه صوب الشمال في فصل الصيف إلى بلاد الأردن ثم تعود ثانية بعد حلول فصل الشتاء وهكذا دواليك.
(1)
الجدب معناه قلة الأمطار وبالتالي قلة الكلأ والمراعي، ويقال: إن البلاد أجدبت أو أمحلت، وقانا الله من ذلك البلاء.
لمحة تاريخية عن بني عطية في شمالي الحجاز بالمملكة العربية السعودية وفي شرقي الأردن [جنوب الشام]
من أبرز ما ذُكر في التاريخ في القرن الحالي عن بني عطية هو اشتراك بعض فصائلهم في الثورة العربية الكبرى ضد الأتراك العثمانيين في بداية الحرب العالمية الأولى، وذلك في نواحي تبوك وبعض نواحي الكرك، وقد ساهم بنو عطية بفرسانهم مع الحويطات وعَنَزة في معارك تحرير العقبة والقدس ودمشق من الحاميات والقلاع العثمانية التركية.
وكان بنو عطية يشتهرون بالشرور والسطو على قوافل الحج والتجارة، وقد ذكر ذلك العديد من رحالة الحج منذ القرن العاشر الهجري، ولذلك خصص لهم حكام مصر والشام والعثمانيون مبالغ مالية تسمى الصُرَّة كانت تُقدَّم لشيوخ العشائر سنويا، وذلك للحد من شرور باديتهم، وحتى لا تتعرض المستودعات التي كانت توضع في طرق الحج لتموين القوافل بالمياه والخبز وغيره للهجوم أو السلب والنهب من بني عطية الذين اشتهروا بشدة المراس وقوة البأس.
يقول شاعر من بني عطية بالأردن يُحمِّس جماعته من العطاونة على مواجهة أعدائهم واسترداد ما أُخذ من إبلهم وأغنامهم بعزم واقتدار:
شدُّوا عَـ شمص المهار
(1)
المزاعيق
…
اللِّي تزاود ركضهن بالجفالِ
شدُّوا عليهن بالعيال المزاعيق
…
حلالكو
(2)
يا مرخصين الغوالي
عيال الآدميين للملاقى
(3)
مشافيق
…
يا ماقم من شبابهم والعيالِ
مناد منهم صار للبزر تزعيق
…
العجَّة
(4)
الصفرا قطب له ظلالِ
ثار الرفق من مانعات الصناديق
…
لعيون غرَّا أو زاهية بالدلالِ
اتقوا خذيتوا دبيشنا
(5)
بالتساريق
…
وحِنَّا خذينا رقابكم بالفعالِ
(1)
المهار: صغار الخيل الصافنات.
(2)
حلالكلو: الإبل والأغنام التي نهبها الأعداء، ويقصد أن الأرواح تَرخُص في سبيل استرجاعها.
(3)
الملاقى: التقاء الفرسان في حومة الوغى.
(4)
العجة: الغبار الأصفر من آثار المعارك وركض الخيل فيها.
(5)
دبيشنا: أي أغنامنا.
ملخص عن تاريخ عشائر بني عطية [المعازة] في مصر
نزل الكثير من بني عطية (المعَّازة) إلى الديار المصرية قادمين من شمالي الحجاز بالمملكة العربية السعودية قبل خمسة قرون، واستمرت فصائلهم في النزول إلى مصر حتى أوائل القرن العشرين الميلادي، وأشهرهم السليمات والخمايسة والمصابحة والعقيلات.
وقد أقام بنو عطية فترة قصيرة في سيناء ولكن لم يطل بهم المقام فيها لما أنهم كانوا في عداء قديم مع قبائل التياها والترابين. وقد نزل القسم الأكبر من بني عطية (المعَّازة) غرب خليج السويس من البلاد المصرية وتوطنوا في تلك الأماكن قرب سفوح جبال الجلالة (القلالة)
(1)
، وتعتبر قبيلة المعازة العربية أول من سكن تلك الجبال وقد عرفوا دروبها ومسالكها منذ أواخر القرن التاسع الهجري، وقد زرعوا في وديان وسفوح هذه الجبال بعض أشجار الزيتون واللوز والتين البرشوم فأصبحت تلك المنطقة عامرة ببدو المعَّازة الذين مارسوا أيضًا الرعي والصيد في خليج السويس وكانت قبل القرن التاسع الهجري خرِبَة أقفر من بلاد الجن. وامتدت عشائر المعازة في الصحراء الشرقية لمصر شرق النيل حتى قنا.
وسوف نوضح تفصيلًا عن تلك العشائر في موضعه.
وانطلق قسم آخر من بني عطية وتوطنوا في محافظات الشرقية والإسماعيلية
(2)
من الوجه البحري لمصر، وفي القرن العاشر الهجري كوَّن بنو عطية شبه مقاطعة في الشرقية استمرت في القرون التي تلت في عهد المماليك ثم العثمانيين وكان يحكمها بعض مشايخهم، أما في عهد محمد علي باشا في بداية القرن التاسع عشر الميلادي ضعف حال أو سيطرة شيوخ بني عطية وتفرقوا في إقليم الشرقية من القطر المصري، وقد ذاب أكثرهم في القرى المصرية. وقد حافظ قسم من بني عطية على عنصرهم القَبَلي وعلى بداوتهم حتى الآن وخاصة النازلون في القرنين الأخيرين. وقد كان أول ذكر لبني عطية في مصر عام 923 هـ في بدائع
(1)
القلالة: تُنطق بالجيم المخففة لا المعطشة وهذا بلهجة البدو.
(2)
الإسماعيلية نسبت إلى الخديوي إسماعيل من أحفاد محمد علي والي مصر ومؤسس الدولة العلوية التي بدأت من عام 1805 م حتى عام 1952 م، وقد انفصلت الإسماعيلية كمحافظة قائمة بذاتها عن إقليم الشرقية في عهدٍ قريب بهذا القرن بعد افتتاح قناة السويس عام 1869 م بفترة من الزمن.
الزهور ووقائع الدهور لابن إياس، وكان حينها بنو عطية في الشرقية من الديار المصرية، وكان جزء كبير من هذا الإقليم يخضع لنفوذ مشايخهم.
ومن مميزات بني عطية الفريدة أنهم كانوا دومًا يعملون لحسابهم الخاص ولا يتقربون لحكام مصر سواء من المماليك أم لمحمد علي باشا وأحفاده في القرنين الأخيرين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، ولم يتدخلوا في أي نزاعات بين الحكام ولم يشاركوا في حروب في صالح الدول أو الحكومات المتتابعة على القاهرة، وكان بنو عطية رغم ذلك محل احترام ولهم هيبة في نفوس المماليك والعثمانيين، وكان صيتهم كبيرًا في القرن العاشر والحادي عشر في الشرقية.
وهناك الكثير من فصائل بني عطية (المعارة) الذين نزلوا مبكرًا إلى مصر في أواخر القرن التاسع وخلال القرن العاشر الهجري وقد ذابوا في قرى الشرقية ومارسوا الزراعة وأكثرهم نسوا حسبهم ونسبهم إلى قبيلة بني عطية (المعارة)، وتوجد عائلة الزرانجة التي انفصمت عن عشيرة الزرانجة
(1)
عن السليمات والذين أغلبهم في الصعيد وسنوضح عنهم، وعائلة الزرانجة هؤلاء يقطنون في القرى حول بلبيس بمحافظة الشرقية وينسب إلى هذه العائلة شيخ الجامع الأزهر السابق والإمام الأكبر عبد الحليم محمود، وقيل لي من بني عطية في الإسماعيلية أن عبد الحليم محمود رحمه الله كان يعرف نسبه إلى عرب (المعازة) وصرح بذلك مرارًا أمام عمدة المعازة في مصر، وأذكر من عُمَد قبيلة المعازة في بلبيس الشيخ محمود أحمد صالح ومقره قرية السلام بحجرة بلبيس. كما أن هناك عشائر أخرى من المعازة نزلت حول القاهرة في مناطق عرب الحصن بعين شمس والزيتون والمطرية والقليوبية وأشهرها عشيرتي الدراهمية
(2)
والغروب
(3)
، وهؤلاء رغم تحضُّرهم الأن
(1)
توجد نجوع عرب الزرنوجي المعازة في الصف جنوب محافظة الجيزة، والصف وتبعد حوالي 60 كيلو مترا عن العاصمة (القاهرة) جنوبًا، ومن الزرانجة عمدة في قبيلة المعازة حتى الآن في تلك النواحي.
(2)
الدراهمية: أكثرهم هي شارع ترعة الجبل بالزيتون وهو شارع وابور المياه القديم ويوجد منهم نحو 5 بيتا أي حوالي 300 نسمة كما توجد منهم أسر في عرب الجسر بعين شمس، ومنهم قسم في كفر حمزة في مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية.
(3)
الغروب جاءوا الى منطقة عرب الحصن بعين شمس بعد الدراهمية وكانوا تابعين لعمدية أبو طويلة العيادي من قبيلة العيايدة.
إلا أنهم يعرفون ويحفظون أنسابهم لقبيلة بني عطية (المعازة)، ويحافظون على تقاليد البدو ولهجتهم هي لهجة البدو كما هي!! ولا يصاهرون إلا قبائل العرب وتظهر عليهم النخوة العربية والشهامة واضحة المعالم في رجالاتهم.
والدراهمية كما يقول رواتهم من الخمايسة.
ما قاله المؤرخون عن بني عطية في مصر
(أ) ما قاله ابن إياس في بدائع الزهور:
- في عام 923 هـ ثار عربان بني عطية والنعائم ونهبوا ضياع الشرقية وأخذوا غنم السلطان والداودار ودخلوا حدود العباسية.
- وفي عام 923 هـ أيضًا حينما وردت أخبار انكسار السلطان الغوري أمام العثمانيين بقيادة السلطان سليم أعلن عربان الشرقية بنو عطية بزعامة الأمير أحمد بن بقر
(1)
شيخ مشايخ الشرقية تمردهم وامتناعهم عن الخراج وأخذوا ينهبون السابلة والضياع.
- وفي عام 926 هـ استدعى ناسب مصر مشايخ بني عطية والسوالم وبني عطا لمقابلة جان بردي على الدولة وإعلانه الاستقلال ببلاد الشام ثم زحفه في عسكر كثيف قاصدًا الديار المصرية، وقد خلع ناسب مصر على مشايخ العربان وكلفهم بالمسير إلى لقاء الزاحفين قبل دخولهم لأرض مصر، فخرجوا مع جماعاتهم واشتبكوا مع طرباي شيخ عرب نابلس الذي كان منحازًا إلى جان بردي والذي كان على رأس الزحف نحو مصر وكسروه.
- وفي عام 927 هـ زحف عربان بني عطية وبني عطا على قطيَّة بشمالي سيناء ووصلوا إلى الصالحية وعيَّن السلطان تجريدة ضدهم فاسترجعت دون طائل، وقد ظلَّ العربان على حركتهم وتعرضوا لأمير عين لنيابة طرابلس الشام، وخرج من مصر إلى محل عمله هناك وكادوا يقتلونه، وكان هؤلاء العربان في الشرقية في غاية الفساد في البلاد.
(1)
أحمد بن بقر من رؤساء جدام ويلقب بأبي الشوارب وهو شيخ مشايخ قبائل الشرقية عامة من جُذام وغر جُذام (بالقرن العاشر الهجري).
- في عام 927 هـ أيضًا عاد عربان الشرقية إلى شق عصا الطاعة على السلطان ونهبوا الضياع، وزحفت عليهم تجريدة اشتبكت معهم وكان قائدهم وشيخهم بيبرص ولم تفز منهم بطائل، ثم كبسوها في الليل فانهزمت فاشتد اضطراب الحالة في الشرقية وتحالف سبع طوائف من العربان على العصيان وقتئذ منهم بنو عطية (المعازة) وبنو حرام (جُذام) وبنو عطا (مُطير)، وقد أزعجت هذه الحركة ملك الأمراء وبذل جهده في تهدئتها مع الأمير أحمد بن بيبرص حتى جعله يقنع والده بالتخلي عن المشيخة ثم خلع عليه وولاه إياها.
(ب) ما قاله الجبرتي في تاريخه:
- في عام 1218 هـ لما رجع محمد بيك الألفي كبير المماليك من بريطانيا إلى مصر، أخذ الوالي العثماني والقوات العثمانية يطاردونه ودخل نجع عرب الحويطات مع طائفة من المماليك كانت معه، والتجأ إلى امرأة من العرب فأجارته وأعطته هِجْنا
(1)
وسيَّرت معه شخصين من البدو، وفي طريقه إلى الخانكة
(2)
خرج عليه جماعة من عربان بلِّي بزعامة شيخهم سعد بن إبراهيم وأحاطوا به، فما كان منه إلا أن رمى ما معه من ذهب وجواهر وفراء فشُغلوا بها فنجا منهم، ثم التجأ إلى عرب المعَّازة حيث لقي مأمنه لفترة من الوقت من سطوة الدولة.
وفي عام 1221 هـ/ 1807 م صمم محمد علي باشا الانتقام من عربان المعازة الذين استمروا ينقلون التجارة بين الصعيد والقاهرة بالرغم من محاولات محمد علي منع كل الإمدادات عن البكوات بالصعيد (هم المماليك المعادين له) فتربص لتلك القافلة عندما وصلت بالقرب من جبل المقطم ووهمهم وأخذ الجمال والمتاع وساق أولادهم ونساءهم إلى القاهرة.
(1)
هجْنا: بعيرا.
(2)
الخانكة: قرية قديمة من قرى القليوبية وذكرها ابن إياس في القرن العاشر الهجري خانقاة سرياقوس - انظر بدائع الزهور في وقائع الدهور - وسرياقوس ما زالت قرية بنفس الاسم، أما الخانكة فصارت الآن مدينة ومركزا كبيرا من مراكز المحافظة، وكان أكثر عربان هذه النواحي من الحويطات والعيايدة وبلّي.
(ج) ما ذكرته بعض الوثائق العثمانية عن قبيلة بني عطية "المعازة":
- اضطرت السلطات المصرية لاستخدام القوة مع عربان المعازة بعد أن نهبوا بريد الإنجليز وقتلوا حاملها
(1)
.
- كان عربان المعازة يعتدون على العربان المسافرين عبر مناطقهم فحدث أن قام شيخ عربان المعازة بالهجوم على العربان المسافرين إلى الواحات وأخذ منهم أربعة عشر جملًا مُحمَّلة بالمتاع، كما دأبوا أيضًا على الاعتداء على عربان الطور في جنوبي سيناء. ونتيجة لتكرار هذه الاعتداءات فقد صدر أمر بخلع شيخ المعازة وتعيين آخر ممن يلمس منهم الاعتدال والاستقامة
(2)
.
- اختص عربان المعازة بحراسة معدن الكبريت والجهات الممتدة حتى السويس عام 1865 م/ 1282 هـ
(3)
- اشترك عربان المعازة في خفارة طريق القُصير على البحر الأحمر والمتجه إلى صعيد مصر، وعوملوا معاملة الجند طوال أدائهم تلك الحراسة وذلك عام 1828 م/ 1244 هـ
(4)
.
- كان هناك فريق من عربان المعازة يتعاون مع السلطة بينما سبب الفريق الآخر قلقًا للسلطات نظرًا لتعرضهم للعربان والجمالة الذين ينقلون الذخيرة من قنا إلى القصير، وتم انتداب أحد مشايخ المعازة للإقامة في شونة قنا لتمييز الأشقياء من المستقيمين من عرب المعازة، كما تم تحذيرهم باستخدام القوة العسكرية في حالة استمرار مثل هذه الاعتداءات
(5)
.
(1)
ديوان المعاونة وثيقة 213 من الجناب العالي إلى الباشمعاون في 29 من ذي الحجة 1257 هـ/ فبراير 1842 م.
(2)
وثائق عثمانية دفتر 119 رقم 50، 62، 34.
(3)
وثيقة عثمانية 77 دفتر 557.
(4)
وثيقة عثمانية 105 دفتر 752.
(5)
وثائق عثمانية 525 دفتر 21 عام 1826 م ودفتر على وثيقة 245 عام 1830 م.
تفصيل عن عشائر بني عطية [المعَّازة] في الإسماعيلية والشرقية - مصر
الجبيلات: من أشهر عشائر بني عطية في منطقة قناة السويس (الإسماعيلية) هم الجبيلات
(1)
، وهم فرع من المصابحة، ومن الجبيلات عمدة جميع عرب المعازة في القطر المصري وذلك طوال عهد محمد علي وأحفاده، وآخر عمدة كان يسمى جمعة جمعان رحمه الله، ومن بعده كان ابنه سليم جمعة شيخ للجبيلات وقد توفاه الله من عدة سنوات، ومن شيوخهم عيد صبيح أبو فاضل، وفتحي منصور أبو فاضل، وسليمان سالم.
والجبيلات منهم فرقة في المنايف من ضواحي مدينة الإسماعيلية.
ومنهم فرقة تُسمى الفواضلة
(2)
في عين غُصين وهي تابعة لمحافظة الإسماعيلية، ومنهم فرقة تُسمى الرشايدة في عين غصين أيضًا، ومنهم فرقة تُسمى الجربان في الهويس بمحافظة الإسماعيلية، ومنهم جماعة في نفيشة بالإسماعيلية وكبيرهم قاسم جمعان، ومنهم فرقة تُسمى الطوالعة وهم في محافظة الجيزة.
وعمومًا، الجبيلات هؤلاء يملكون أراضي زراعية ويمارسون الفلاحة، وهم أُناس كُرماء متدينون ولهجتهم كبادية بني عطية في تبوك، ويغلب عليهم طابع وعادات البوادي رغم استقرارهم في مناطق زراعية.
(1)
ذكر لي أن أجداد الجبيلات نزحوا من جماعتهم المصابحة قبل قرنين ونصف تقريبا، وكان بسبب جلاء من دم في بني عطية في السعودية وقطنوا في بر مصر وزرعوا النخيل وتملكوا الأراضي ومارسوا الرعي ثم الزراعة بعد حفر قناة السويس.
(2)
الفواضلة منهم عائلتين هما أولاد عودة، وأولاد علي.
السليمات نزلت فصائل كثيرة من شتى عشائر السليمات من نواحي تبوك بشمالي الحجاز إلى الديار المصرية من عدة قرون، واستمر نزوحهم حتى منتصف هذا القرن العشرين الميلادي، وتوطن قليل منهم في الوجه البحري وأغلبهم في شرق النيل بصعيد مصر من الجيزة حتى قنا، وبعضهم توطن في الفيوم وفي قرى غرب النيل بالمنيا وبني سويف وسوهاج، والسليمات من أقوى فروع بني عطية في مصر وهم قوم جبارون، وكانوا حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي يغزون القبائل العربية في سيناء قادمين من الصعيد وينهبون الإبل ويعودون بها إلى ديارهم، وقد سببت هذه الاعتداءات المستمرة من السليمات على قبائل العرب في سيناء الحرج الشديد لعشائر وفصائل المعازة (بني عطية) المسالمين والقاطنين في ضفة قناة السويس الغربية، وطبعا كانت قناة السويس لم يتم حفرها بعد، وحدثني أحد كبار بادية بني عطية من الجبيلات (المصابحة) في الإسماعيلية أن إبلهم كانت تتعرض للنهب من قبل قبائل سيناء من الترابين والتياها والعليقات وغيرهم من المعتدَى عليهم من السليمات (المعازة) الساكنين في الصعيد المصري شرق النيل، وهذا لأن قبائل العرب في سيناء تريح نفسها من عناء الطريق ومشقة السفر للصعيد فيأخذون إبل المصابحة باعتبار أنها معازية أو من بني عطية، وفي نظرهم أنها تسد في إبلهم المنهوبة من سليمات بني عطية!، وهذا الأمر دفع على حد قوله أن قام الجبيلات (المصابحة) وبعض عشائر الخمايسة إلى تغيير وَسْم الإبل التي يملكونها، أي لا يضعون وَسْمًا (علامة) على إبلهم للمعَّازة ولكنهم يضعون وَسْم قبيلة العيايدة وهي المحلة، والعيايدة كانت وما زالت تسكن معهم في غربي قناة السويس
(1)
والسليمات بعشائرهم في مصر يملكون الأراضي الزراعية في بني
(1)
أخبرني الشيخ عودة أبو حسب الله من الخمايسة عشيرة الهلولي أن هناك فصائل من المعازة (بني عطية) دخلت في العيايدة من فترة طويلة مثل الحمدات وسيأتي التوضيح عنها، والعنايقة، والزوايرة، والبعاعرة.
سويف وجرجا وطهطا ونجع حمادي والفيوم وسوهاج ومنهم عائلات وفصائل كثيرة يمارسون الزراعة، ولكن الجزء الأكبر من السليمات يعيشون شرق النيل في الحاجر الصحراوي، وما زالوا بدوًا يمارسون الرعي ويحافظون على تقاليدهم البدوية ولا يختلفون قيد أنملة عن سليمات تبوك في السعودية.
أما في الوجه البحري فهناك فصائل قليلة من السليمات بعضهم في الشرقية في القنطرة غرب توجد فصيلة الرهيِّف، وتوجد فرقة من السليمات في الجعافرة بالقليوبية، وفرقة أخرى في منشية الجبل الأصفر قليوبية أيضًا، وهذا ما عرفته من البحث الميداني.
السليمات في صعيد
(1)
مصر
يقطن أغلب عشائر وفصائل السليمات في شرق النيل وهو ما يسمى بالحاجر وتبدأ مساكنهم من الصف جنوب شرق الجيزة وحتى محافظة قنا بعمق الصعيد المصري.
ومن أشهر عشائر الصف وأطفيح جنوب الجيزة في شرق النيل أذكر عشائر العراعرة، والمواضية، والعرايضة، والزرانجة. وفي شرق المنيا عشائر الحماديين، والحساسين، والطبابنة، والخيشومي، والعصيات.
التفصيل عن مساكن وشيوخ السليمات
تبدأ إلى الجنوب من ديرة العمارين في جنوب الصف بالجيزة وحتى قرية
(1)
من السليمات أذكر: عرب محمد البراوي في الصف، وأشهر شيوخهم الشيخ هليل المعازي وعرب بني صالح في الصف أيضًا، وعرب أبو بشير بكفر علوان جنوب القاهرة، وتوجد قرية باسم بني عطية كلها سليمات توطنوا فيها وهي في أطراف بني سويف، وهناك عرب السليمات بنجع حمادي في قنا.
وذكر أحمد لطفي السيد في كتاب قبائل العرب أن عرب المعازة "بني عطية" أكثرهم في صعيد مصر في المنيا وبني سويف وقنا إلى جانب الوجه البحري، فالمعازة أكثرهم في القليوبية والشرقية والإسماعيلية.
بياض ببني سويف مساكن عشائر المواضية، ومنهم الروضاني والهلباني والمجيرة والسودان وشيخهم إبراهيم سليمان خليل.
ثم تبدأ من القبيبات شرق النيل وجنوب وادي رشراش وحتى قرية بياض ببني سويف، فهذه المنطقة تابعة للعمدة رشيد بن ماضي وهو عمدة السليمات من النيل إلى البحر المالح (الأحمر)، ثم بعد ذلك جنوبًا تسكن عشائر الطبابنة والحساسين وشيخ الطبابنة عايد سليمان رفيع الزغيلي، وشيخ الحساسين إبراهيم الحساني، ومحسن الحساني، وتبدأ مساكنهم من بياض ووادي بياض على النيل حتى وادي الطرفة وقلنصوة بمحافظة المنيا، وشرقًا حتى رأس غارب على البحر الأحمر، ثم بعد ذلك جنوبًا تسكن عشائر العراعرة والحمادين، وتبدأ مساكنهم شرق النيل من طريق الشيخ بالمنيا حتى وادي أسيوط غربًا، ومن الشرق حتى وادي أبو حاذ قرب البحر الأحمر بمنطقة رأس غارب، ومن العراعرة في وادي قنا وشرق البحر، ومن الحمادين في وادي قنا أيضًا ومنهم غرب النيل.
وشيخ العراعرة عودة سليم دخيل الله العراعري، وشيخ الحمادين عتيق عيد الحمادي.
وبعد ذلك جنوبا تجد عشائر الخشمان والنصيري والأخيرة تعود إلى الطبابنة، وديار الخشمان من سيل المالح من وادي العرش إلى وادي البارود أو من وادي بلي إلى طريق قنا في الشرق، ومن الغرب لوادي قنا من سيل المالح ومن وادي البارود إلى وادي القصير على البحر الأحمر يخص عشيرة النصيري.
ومن شيوح الخشمان مطير سليم الخيشومي، ومسلم بن سليمان عودة الخيشومي، ومن شيوخ النصيري سلامة رفيع النصيري
(1)
.
(1)
يتسلم النصيري من طريق قنا حتى درب القُصير على البحر الأحمر هو الفاصل بين المعازة والعبابدة حيث يوجد هناك مدرج بطريق الحج القديم من قنا إلى القصير على البحر.
السليمات الساكنون في الأرياف قرب وادي النيل
يسكن الكثير من المعازة المناطق الريفية في الوادي الأخضر، أي بعيد عن الحاجر الصحراوي، وبعض المعازة ينتقلون إلى الفيوم وخاصة من منهم أهل الإبل والأغنام بإذن من عرب تلك المناطق.
وأذكر الفصائل التي تسكن على شاطئ النيل من الجيزة حتى قنا: العامري، والدراجي، والتمتامي، والعلمي، وأبو عصا، والقصَّاص، والزرنوجي، والعريضي، والجبيلات. والأخيرة منها في قليوب وغرب سوهاج، والعداسين، وبلانجة، وحماية، وحرشان، وعفيفات، وحرادي، وحوسيرات، وتهاينه، وسودان، وبيت صقر، وحمادين، وحسانية وغيرهم.
عُمديَّة المعازة في الصعيد المصري
كان أول عمدة للمعازة في مصر هو صقر العديساني من العداسين
(1)
، وقد تسلَّم العُمدية في الصعيد بعد صقر العديساني أبو رشيد من عشيرة المواضية، ثم تسلَّم منه قاسم جمعان من عشيرة الجبيلات وقد أسلفنا عنه في الإسماعيلية.
وعُمدة المعارة الحالي مرعي أبو دياب وكذلك عُمدة آخر هو أبو حسب الله العديساني، ومرعي أبو دياب هو بنفس القرية التي كان يقطن فيها العمدة القديم وهي قرية حماضة
(2)
شرق النيل بمركز بني مزار بمحافظة المنيا.
العمدة صقر العديساني في عهد المماليك
مما يذكر تاريخيًّا عن عمدة المعازة في مصر، أنه إبان عهد المماليك نُهبت قافلة متجهة إلى القُصير من القاهرة، ثم طلب السلطان من العمدة المعازي تسليم الأموال والمعتدين فرفض العمدة الطلب، فدبر السلطان حيلة للقبض عليه وتآمر مع عمدة قرية بياض في بني سويف الذي عمل حفلة ودعا لها العمدة صقر
(1)
من فخوذ العداسين السليمات (المعازة) في مصر: العودات والرفايعة، والعداسين توجد فرقة منهم مع الحويطات في السعودية وفرقة أخرى ضمن الحجايا في الأردن.
(2)
حماضة: سميت باسم قبيلة الحماضة بجنوبي سيناء.
العديساني، وقد كمن الحاكم وجنوده بمركب على النيل خلف صيوان الحفلة وعند حضور العمدة المعازي آمنًا قُبض عليه من داخل الصيوان، ووضعه الجنود في المركب من خلف الصيوان ولم يشعر جماعته بما حدث له، ولما واجه الحاكم قال: إنني وقعت في يدك ولا يفيدك قتلي ولكنك عاهدني أن أحضر لك أموال القافلة فورًا، فوافق الحاكم على هذا، ولما عاد العمدة وجد الأشرم أحد قطاع الطرق من المعازة قد غزا على قافلة في غيابه، فعاد إلى الحاكم وقال له: إنني نسيت أن محمود الأشرم قد غزا قائدك في القافلة، فقال الحاكم: إذا كان الأشرم المعازي انتصر فآتي لي بالمال فقط ولا يهمك، أما إذا كان قائدي هو المنتصر فلا ضير والعهد كما هو باق بيني وبينك، ولما ذهب العمدة صقر وجد الأشرم المعازي هو الذي انتصر على قائد قافلة السلطان، فتمكن من جمع المال المنهوب بضغطه على الأشرم ورجاله وأعاده للحاكم، ثم عاد إلى الأشرم فانتقم منه وتمكن من القبض عليه في وادي الأشيب ورهنه في الوادي حتى دفع مبلغا ماليا كبيرًا تعويضًا عما سببه للعمدة من متاعب أمام السلطة.
العقيلات
توجد بعض العائلات والفصائل من العقيلات (المعازة) في الديار المصرية أكثرهم في الشرقية والإسماعيلية وعددهم ليس كبيرًا، ومن شيوخهم سالم عيد العقيلات، وراشد سالم العقيلات، ويعدُّ من فخوذهم الشتاوين في المنايف وأبو صوير بمحافظة الإسماعيلية، وكذلك الرواشدة في القصاصين، والمغاصيب في القنطرة غرب والصالحية وكذلك السعيدات في أبي حماد شرقية، ويدخل مع العقيلات جماعة من العليين.
الخمايسة
يأتي بطن الخمايسة (المعازة) في المرتبة الثانية بعد السليمات من حيث العدد، وأغلب فصائلهم في محافظة الإسماعيلية ومحافظة الشرقية من الديار
المصرية، ومن أشهر عشائر الخمايسة الهلولات والنسبة إليهم هلولي ومن فخوذهم: الحسابلة
(1)
، والشويعر، والدراوشة، والبعيوات، والفراجات، والشوحان، والضيوفية، والصبيحات، والخمسيين، والرمَّشة، والتويجر، والمباركيين، والعمدان، والفلايلة.
وأذكر من شيوخ الهلولات وكبار شيوخ الخمايسة الشيخ عودة سليم حسب الله ويقيم في بمحافظة الإسماعيلية، كما هناك شيوخ من الهلولات أذكر منهم: صالح فرج أبو فليلة، وعيد سالم أبو فليلة، ومرزق سليمان دخيل، ومحمد جمعان سالم، ومساكن الهلولات في الإسماعيلية والشرقية.
- العشيرة الثانية الكبيرة في الخمايسة بمصر هي المحيسنيين وأهم فروعها البراهمية
(2)
، ومن مشايخ المحيسنيين أذكر صالح سويلم البراهمي
(3)
، واسليم زويد سليمان، وسليم اسليم عوده، وسعيد عوده زايد، وسليمان عوَّاد البراهمي.
ومساكن البراهمية والمحيسنيين عامة في المنايف وأبو صوير والمحسمة والقنطرة غرب والكيلو 17 بالإسماعيلية.
- العشيرة الثالثة من الخمايسة في مصر هي المباركيين وشيوخهم حماد أبو عقدة، وعبد الله حماد أبو عقدة، وعبد الله حماد أبو فاضل، ومساكنهم محافظتي الإسماعيلية والشرقية، ويقال لهم في السعودية: الفراركة واحدهم أبو فراكة وهو عقيد الخمايسة، وكان شيخهم ناصر خضر أبو فرَّاكة وتولى بعده ابنه أحمد أبو فرَّاكة.
- العشيرة الرابعة الرواضية ومقرهم الإسماعيلية والشرقية.
- العشيرة الخامسة الخضريين ومساكنهم في الشرقية. ومنهم الشيخ سالم مسلم بن خضر من كبار شيوخ وقضاة المعازة في مصر، ومقره جزيرة سعود بمركز الحسنية بمحافظة الشرقية وأخيه الشيخ عواد مسلم بن خضر.
(1)
يُطلق عليهم في السعودية الكوافين.
(2)
وذكر لي الشيخ صالح سويلم البراهيمي أن البعيوات والفراجات والخمسيين والعمدان في الهلولات هم أصلا من عشيرة المحيسنيين.
(3)
الشيخ صالح سويلم من شعراء البادية وقاضي مشهور ومن أبناء المعازة المثقفين ومن أثرياء وأعيان القبيلة في دائرة أبي صوير بمحافظة الإسماعيلية.
ويمتلك الخمايسة أراضٍ زراعية كثيرة في المنايف وأبو صوير والمحسمة بمحافظة الإسماعيلية، ومنهم في التل الكبير وجزيرة سعود والصالحية في محافظة الشرقية، وطابع البداوة ولهجة البدو ما زالت متأصلة في الخمايسة والعقيلات من معَّازة الوجه البحري، ولا يختلفون قيد أنملة عن بني عطية أقاربهم في تبوك بالمملكة العربية السعودية.
بنو عطية في السودان
هناك بعض فصائل بني عطية (المعازة) في شمالي السودان يمارسون الرعي ويملكون عددًا وفيرًا من الإبل والأبقار، وتأتي بعض إبلهم لبيعها في مصر بسوق دراو بمحافظة أسوان، وعلى تلك الإبل وسم بني عطية، وحدثني رجل من الزبَّالة من قبيلة بلِّي وهو تاجر كبير للإبل، وقال: إنه قابل الكثير من رجالات من تجار الإبل يذكرون أنسابهم لبني عطية (المعازة) أكثرهم من السليمات وبعضهم من الخمايسة (المعازة).
وذكر الدكتور عباس عمار
(1)
أن العطوية (بنو عطية) فرع من الكبابيش في السودان.
بنو عطية في فلسطين
توجد عائلات من بني عطية ضمن قبيلة التياها وأشهرها عائلة النتشة المعروفة في الخليل بالضفة الغربية وعائلة الهباب الوجيهة في يافا.
وَسْم بني عطية - المعازة
يَسِم بنو عطية المعازة على إبلهم وأغنامهم الذراع وهو عبارة عن مطرق طولي ومَعه الشاهد، ويوضع على صاغ البعير الأيمن وذراع البعير الأيمن والمعدقة على الرقبة اليمنى.
(1)
انظر المدخل الشرقي لمصر - المعهد الفرنسي بالقاهرة 1946 م، ص 149.
يقول شاعر معازي
(1)
(بني عطية) قصيدة نبطية مفتخرًا بقبيلته:
المعازة تلقاهم رجال
…
في السَعي والضيق نفوسهم أبيَّه
ظلوا سنين طويلة في مصر
…
رافعين رءوسهم وسواعدهم قويَّه
النشامة عند المعازة تلقاها مأخوذة
…
من جدودهم وتلحقهم الحميَّه
حق الله منهم رجال معدودة .... ويشهد لهم الجميع ونعم الذريَّه
المعازة لهم طَوْلات في كل ديرة
…
طرياها بين كل القبائل العربيَّه
المعازي دمه حر
…
معروفة في كل بلاد بني عطيَّه
العطَّوي معروف بقوة بأسه
…
سداد في رخا وشديَّه
العطَّوي تلقاه لاخوه سداد
…
ما يدنى عليه الرديَّه
وميخر كلامي ولي الفخر
…
باللِّي عقبتني معَّازيَّه
وعسا الله يجعلني من النشامى
…
وكل الأجاويد تطلع لاهلها في المرجليَّه
وأختم كلامي بالصلاة على نبينا محمد .... بكل ذرة شمس وهبة ريح ونجوم السما العليَّه
(1)
قيلت في مصر عام 1980 م أمام شيوخ المعازة في الشرقية.
التفصيل عن بني عطية في المملكة العربية السعودية
(*)
1 -
العطيات: عشيرة عريقة ومنها شيخ شمل بني عطية، وفيها فحوذ الحمران ومنهم الشيخ سالم بن عيد بن حرب
(1)
، والفراجات ومنهم الشيخ جزَّاع بن كريِّم بن عطية
(2)
.
2 -
الرويعيات: عشيرة أصلها من العليين، انفصمت ذاتيًّا من العليين في العصور المتأخرة.
3 -
العليين
(3)
: عشيرة من فروعها الجميعانيين وفيهم مشيخة العليين، والعرجان، والسعيدات، والذيِّبة، والدواغرة
(4)
، والكرَشة، والزعاترة.
ومساكنهم في تبوك وشمال شرقها.
(*) وهذا من رواية شيخ الشمل سالم بن حرب، وابن عمه محمد بن عاصي وغيرهم من كبار بني عطية في تبوك.
(1)
الشيخ سالم بن حرب له مكانة مرموقة عند العائلة المالكة (آل سعود) ويعتبر الشيخ العام لبني عطية في المملكة العربية السعودية.
(2)
الشيخ جزَّاع هو ابن الشيخ والفارس المعروف كريِّم بن عطية، وله ذكر مع سليم أبو دميك العطيات في المجتمع القَبَلي في الدبار السعودية.
وكريِّم بن عطية له دور محمود أيضًا مع الملك عبد العزيز آل سعود ومع الدولة السعودية، وذكر لي الرواة أن له عين باسمه في منطقة تبوك، وقد توفاه الله من عدة سنوات.
والعطيات رغم قلة عددها إلا أن هذه العشيرة كانت دائمًا وأبدًا تنجب الرجال والفرسان والشيوخ الكبار لعربان بني عطية، وللعطيات قربة باسمهم في الصف في محافظة الجيزة بالديار المصرية.
(3)
من العليين عائلات في المنايف بالإسماعيلية من الديار المصرية، ومنهم في الأردن مع الحجايا مثل الحمدات والبطنة والزعارير.
(4)
الدواغرة (العليين): منهم عائلة الدواغرة واحدهم أبو داغر في مصر في جزيرة النجدي بالقليوبية، وجلا جدهم من دم عليه في بني عطية من مدة مائة وخمسين عامًا تقريبا، وقد نزل مؤسس هذه العائلة واسمه خليل - وقيل كان اسمه عَقِيل في بلاده ثم غيره لخليل - وكان معه أخًا يسمى موسى كان صبيًّا وقد تعرَّف على رجال من حويطات الجازي العلاوين وهم آل عليان ومعهم رجال من الزلابية وأصلهم من عَنَزة ضمن حويطات العلاوين، واتفقوا على النزوح إلى مصر وأثناء رحلتهم انضم لهم رجل من عشيرة الصانع من قبيلة الترابين في فلسطين وشهرته أبو دوابة، فلما استقر بهم المقام في القليوبية عاثوا بالسلب والنهب في القرى والطرق في عهد الخديوية من أحفاد محمد علي باشا، وقُبض على بعضهم وزج بهم في الليمان (السجن)، وتعرض الآخرون للنفي في الوادي الجديد لصحراء مصر الغربية فأطلق على هؤلاء "المذنبين" فسموا "زوانبة" من العوام، وكل عائلة تنتمي إلى قبيلة، ثم تحالفوا مع الترابين في مصر وصاهروا القبائل في الديار المصرية مثل الحويطات والمساعيد والترابين والعرازمة والمعَّازة وغيرهم.
وقد تم التعارف بين عائلة أبو داغر (الدواغرة) في مصر بعشيرتهم في تبوك عام 14 هـ - 198 م، وقيل لي من كبار الدواغرة - العليين في بني عطية في تبوك بالمملكة العربية السعودية أنهم=
4 -
السبوت
(1)
: عشيرة فروعها: الفراحين وفيهم مشيخة السبوت، والزلوع، والظلاليم، والرويعيات (وهم غير الرويعيات السالفة الذكر)، والمراعية، والنجيعات، والنجَرة، واللهامطة، والقرعان، والبريكات.
ومساكن السبوت حول تبوك.
5 -
الرواضين: عشيرة منها فروع: السعايدة، والزيادين، والفريجات، والذييبات.
6 -
الخضِّرة
(2)
: عشيرة منها فروع: الطوالعة وفيهم المشيخة، والعماوية، والمهانية، والقرابية، والزلابية، والويارين، والعقايلة، والفَقرا، والقعيسات، والصفاح، والمجانين، والهذيلات، والذنيبات.
ومساكن الخضِّرة بنواحي تيماء والقليبة ومغيراء وجهات تبوك.
7 -
الفنادلة
(3)
: عشيرة فروعها: الزوايدة، والتذاريب، والصراهدة، والمسلَّميين.
= حين جلاء أجداد الدواغرة قبل قرن ونصف من دم عليهم للعطيات تنازلوا عن الصُرَّة مقابل الصلح مع العطيات، وهي مبلغ سنوي من باشا مصر كان مخصصًا لقبيلة بني عطية ويُقسَّم على عشائرها وقتئذ، وقد قبلت أسرة المقتول ذلك وتجاوزوا عن دمه في الدواغرة بعدما عرفوا أن صاحب الدم قد جلا عن تبوك، وخاصة أن سبب القتل ليس بغيًّا وإنما كان بسبب تعدي وقع من المقتول، وقد كان كبار الدواغرة في تبوك إلى عهد قريب يقولون:"وين خليل تقطَّعت دياره"، ويذكرونه عند الذبح لعشاء الموتى كما هو عند البوادي. وعن اسم الدواغرة فهو مكرر في القبائل ففي حرب عشيرة الدواغرة، وفي قحطان عشيرة في الرياض باسم الدواغرة، وفي سُبيع عشيرة الدواغرة، وفي بني خالد وعَنَزة أيضًا داغر، وفي مُطير (بني عطا) بمصر عشيرة الدواغرة في بئر العبد شمال سيناء.
(1)
من السبوت فرقة حول الكرك في الأردن، وذكرت مراجع سعودية أن من فخوذهم السواريا والمواسات والزلة والروابين والروازين. وذكر تاريخ شرق الأردن أن البريكات من السبوت فروعها القرعان والروابي والرويعات والسوارية والروارين.
(2)
من الخضِّرة فرقة حول الكرك بالأردن.
(3)
الفنادلة: عشيرة عريقة ولها تاريخ قديم في منطقة تبوك، وللفندل الجد الأول وَسْم، أي علامة ورسم خاص به في جبال الشراة بالأردن، ورسم آخر يمتد حتى وادي النقب في حرَّة بني عطية جنوب تبوك، وللفنادلة آثار فيه وموارد تعرف باسمهم وهي عبارة عن عيون تنضح من الجبال أو آبار ماء عادية وهو بئر ماء حول علقان، وعين ماء في هجرة مقنا، وبئر ماء على نعمى وهو واد في حِسْمى، والخنبرة وهو بئر ماء في وادي الخنبرة، والقصيب وهو عبارة عن ماء ينضح من الجبال ويصب في تهامة ومزروع عليه نخيل له أكثر من 150 عاما، وأساود وهو مثل سابقتها ومزروع بالنخيل، وللفنادلة في العصر الحديث هجرة أم طعيمس قرب أبا العجيجات جنوب تبوك بحوالي 20 كم، ومنحتها لهم الحكومة السعودية أيام توطين البادية ولهم فيها مزارع عديدة في هذا العهد الزاهر.
8 -
المصابحة
(1)
عشيرة منها فروع: الرواشدة، والعديلات، والغوانمة، والخويرات، والحنكان.
ومساكنهم جنوب شرق ديرة بلِّي إلى حرَّة العُلا شمالًا.
9 -
السويلميين: عشيرة منها فروع: الحسونات، والسروح، والوكَلا، والمضالعة
(2)
، والعطاطرة
(3)
، والعثوة، والجريدات
(4)
، والحياينة
(5)
، والدحالين، والخبايثة.
ومساكن السويلميين في حرَّة بني عطية جنوب تبوك شمالًا إلى حدود ديرة بلِّي جنوبًا.
10 -
السعيدانيين: عشيرة منها فروع: الصدافين
(6)
، والمحينات، والعوَّادين، والنوَّاقة، والرضام
(7)
، والركابات، والزملات، والجرابعة، والقبالين، والدوالية، والخضيرات، والغنيمات
(8)
.
ومساكن السعيدانيين في تبوك وحولها وفي الحرَّة شرق ضبا.
11 -
الرماضين: عشيرة منها فروع: العسوفية، والغمامضة، والعرود، والملسان، والطرابشة، والصقاقعة، والمدامية
(9)
.
ومساكنهم في الجنوب الغربي من تبوك.
12 -
العقيلات
(10)
: عشيرة منها فروع: الهرامسة فيهم مشيخة العقيلات، والهشيمات، والصقُّرة، والجرابعة، والفَقرا، والقوانية، والرشيد، والمراقين،
(1)
المصابحة: توجد قرية باسمهم في مركز فاقوس محافظة الشرقية بمصر، ومنهم الجبيلات في الإسماعيلية الذي تقدم ذكرهم.
(2)
المضالعة: منهم فرقة كبيرة في بلاد الكرك جنوب الأردن.
(3)
العطاطرة: توجد قرية باسمهم في مركز فاقوس بمحافظة الشرقية بمصر.
(4)
الجريِّدات: توجد قرية باسم الجريدات في جرجا وأخرى في طهطا بمحافظة سوهاج بصعيد مصر، والسويلميين أقلية منهم في الديار المصرية.
(5)
الحياينة: هم الحياينة فرقة في الكرك بالأردن.
(6)
الصدافين: منهم فرقة في الكرك بالأردن.
(7)
الرضام: منهم فرقة في القطرانة بالأردن.
(8)
الغيمات: منهم فرقة في الكرك.
(9)
المدامية: منهم فرقة حول الكرك بالأردن.
(10)
العقيلات ذكرت بعض المراجع من فخوذهم: الهيئة والزوايدة والفروج والفريجات والبصصة.
والخليفات، والمضاعين، والعقدا، والشطايطة
(1)
، والمواضريين، والحناحنة
(2)
، والنصيرات، والردون، والأذينات
(3)
، والنفارين، والفرسات
(4)
.
ومساكن العقيلات حول تبوك وبئر ابن هرماس
(5)
وكان أحد شيوخهم البارزين قديما.
13 -
الربيلات
(6)
: عشرة منها فروع: الحوامدة وفيهم المشيخة، والسعور، والأعيدة، والضباوية، والدباوين، والجميعات، والعثامين، والنوابتة، والقرينات.
ومساكن الربيلات شمال تبوك وذات الحاج وحولها ووادي اليتم.
14 -
العطون: عشيرة منها: أولاد سالم والجواعدة والمحاسنة.
15 -
السليمات
(7)
: وفروعهم: الضروج فيهم المشيخة، والسواعدة، والمعايشة، والرشيدات، والجعيبات، والمسيعديين، والسودان، والجنبة، والحواشين، والدرعان، والأيديات، والديادرة، والتراقوة، والوقيات، والمحاسنة، والرهايفة، والمراضية، والعضدة، والضباع، والعراعرة، والعداسين.
ومساكن السليمات في جبل اللوز شرق البدع وفي الوادي الأخضر ومنهم بوادي عفال أيضا.
16 -
الخمايسة
(8)
: وفروعهم: الضيوفية وفيهم المشيخة، والحماديين، والهلولات، والعميرات، والفراركة
(9)
، والفلايلة، والتَجِّرة، والصوالحة،
(1)
،
(2)
الشطايطة والحناحنة: يسمون العصيفات ومنهم جماعة جماعة كبيرة في قرى برشاق وبساتين بركات وحجرة بلبيس في محافظة الشرقية بالديار المصرية. كما يضاف تحت مسمى العصيفات في بعض المراجع العرينات والمسامرة والعنيقات والهنهانات والدهيمات والعلاوية.
(3)
الأذينات: منهم فرقة مع المحموديين من الحجايا بالأردن، ومنهم فرقة مع حويطات العلاوين.
(4)
الفرسات: ذكرت بعض المراجع أن منهم الصلعان.
(5)
هرماس: ومعناه ولد الأسد الجسور وقيل النمر الجرئ.
(6)
الربيلات: انفصمت عن العقيلات وأصبحت عشيرة قائمة بذاتها.
(7)
وذكرت بعض المراجع السعودية من فروع السليمات العبدة، والعبادلة، والضبعة، والمواجزة، والعويمريين، والمهادين.
(8)
الخمايسة: منهم المحيسيين ومنهم في الكرك بالأردن ويوجد العلياني وهي فرقة من الخمايسة مع المحموديين من قبيلة الحجايا في الأردن، وفي مصر بالقليوبية قرية تسمي الخمايسة وبها عرب معازة (من بني عطية) يمارسون الزراعة، وأيضًا في مصر بالفيوم (سنورس) قرية تسمي الخمايسة وبها معازة.
(9)
الفراركة أحدهم أبو فراكة وهو عقد حرب في الخمايسة ويطلق على الفراركة اسم المباركيين ولكن شهرتهم أبو فراكة.
والوبارية، والهلبان، والنشِّرة، والشلابية، والدراوشة، والزرارعة، والهيِّمة، والعمدان، والدعامين، والحمدات، والنهلَّلا.
ومساكن الخمايسة في شرقي حِسْمى وغرب تبوك.
- قلت: وذكرت بعض المراجع عشائر أخرى من بني عطية
(1)
هي المزايدة، والخضَّرة في منطقة تبوك في السعودية والكرك في الأردن.
قصيدة نبطية بمناسبة زيارة صاحب السمو الملكي الأمير /سلطان بن عبد العزيز لمنطقة تبوك
قال الشاعر محمد بن عاصي العطَّوي في تبوك بالمملكة العربية السعودية:
حياك يا سلطان بهجة وفرحات
…
حياك يا بدرًا يضوي
والشعب حيا من قلوب سليمان
…
كلا يحيي من ضميرة بداها
يابو فهد جانا الفهد منك بالذات
…
زانت تبوك وما تخيب رجاها
خلفت حرار وذاق بالجوال هدَّات
…
سبع السباع اللي تفارس عشاها
وفيت يا سلطان في كل حاجات
…
يا مفشّا تعرف داها ودواها
الجيش بأمرك قايمًا بالمهمات
…
عضيد لخوانك بدفعه بلاها
المنطقة من فضلكم في سعادات
…
ورجالها تفخر بطاعة ولاها
ياما حصل في بلادنا من بركات
…
رفرف وعلمها وارتفع مستواها
وحِنَّا على استعداد رهن الإشارات
…
والمملكة هل العوجا ذواها
بالله يالي عالمًا بالخفيات .... يا الله تعز الدين واللي حماها
(1)
ومن بني عطية عشيرة مفرج وتسكن في الكورة بعجلون شمالي الأردن، وعشيرة الخماعلة وهي من عَنَزة ومنضمة إلى بني عطية في السعودية وقسم منها منضم إلى حويطات العلاوين في الأردن، وتوجد فصائل من الدمانية والعطون والأذينات مع حويطات العلاوين في الأردن، وكذلك فصائل من الخضَّرة والعطاطرة والعداسين مع حويطات التَّهَمة بالسعودية.
اللِّي شهر بالدين من عقب غفلات
…
عبد العزيز اللِّي تتبع خطاها
اللِّي صبر على الحرب طلعه ونزلات
…
حتى ركب سنامها واعتلاها
كم ليلة بيت على كور عدلات
…
خيله طلوعًا والركايب وراها
خضت قربهن في صحاري وغابات
…
صقر الجزيرة كل قومٍ غزاها
نوبٍ صباح ونوب غاره وهجمات
…
مع كلمة التوحيد مظهر نداها
يلكد على الصابور ما هي روايات
…
والخيل من وجهه تقشع جذاها
وهذي سواته با السنين القديمات
…
حتى بسيفه حازاها واحتواها
وخلَّف رجالٍ والعزايم قويات
…
ولا مثلهم دولة جزيلًا عطاها
ياما عطوا بإيمانهم من معونات
…
حمية لسلامها من قصاها
أنا ومثلي ما دروا للمصيبات
…
اللِّي نحوها ما تكشف غطاها
حكامنا بالدين والعقل ثبات
…
إن قالوا الكلمة عليهم وفاها
والى وتا عدوهم بالحرابات
…
لهيب نارًا ما يتقرب سناها
وصلُّوا على محمد فضيل الصلاوات
…
على الرسول اللِّي تلقى نباها
قصيدة أخرى للشاعر محمد بن عاصي بمناسبة زيارة جلالة الملك/ فيصل بن عبد العزيز لمنطقة تبوك والتي ألقاها الشاعر أمامه في المهرجان
أبدي بذكر الله يالمسلميني
…
قولوا معي تحية بالنبا الهام
حي المليك ومن معه قادميني
…
حياكم الله يالعرب نسل الأكرام
حياكم الله في بلدكم يزيني
…
زهور في كل الليالي والأيام
يا فرحنا بقدومكم مسعديني
…
والله على قلوب المخاليق علَّام
فيصل حبيب الشعب ماله وزيني
…
حياك يا ريف الضعافي والأيتام
حبيت من صافي ضميري وديني
…
حياك يا فيصل لنا دايمًا دام
حِنَّا دعيه لطلب جاهزيني
…
وفيصل ذرانا إلى حصل فتل وإبرام
فيصل خلف لمِروي المعطشيني
…
عبد العزيز اللِّي عدل دين الإسلام
عبد العزيز مطوِّع الجاهليني
…
ناصب عمود الدين، للجهل هدَّام
خلى صماصيم الحمايل تليني
…
تريَّحوا عقب المطاريد وزحام
مع ذا وعز لمقرعات الحنيني
…
يرعن بأمان من اليمن لطرف الشام
مرحوم يا عبد العزيز الأميني
…
مامير بالتاريخ مثله بحكام
يالله عساه بجنة المهتديني
…
بجنة الفردوس يا طى بالأقدام
خلَّف حرار وكلهم صالحيني
…
والكل منهم ماخذ الفوز قدَّام
أنا أشهد أن لشعبهم محتميني
…
بقيادة فيصل حققوا كل ما يرام
حِنَّا علمنا علم، علم اليقيني
…
شبل الجزيرة للعرب شاملا عام
والحمد لله كلنا رابحيني
…
أبو عبد الله للعدوين هزَّام
العاهل اللي ضد للمشركيني
…
والى أنفتح باب الخطر حطه ردَّام
حِنَّا بفضل الله والفيصلي نستعيني
…
ومواصلة ومساعدة والسعد قام
كل ما بذْ مشروع يطلع ثميني
…
وموازنات ما تحصاه الأقلام
يا فرحنا باليوم يوم الأثنيني
…
وصلاة ربي على محمد لها ختام
قصة إكرام الطير
القصة التالية حدثت لرجل من قبيلة بني عطية وهي تدور حول إكرامه الصقر الضائع، والقصة كالتالي
أنه كان رجل كبير السن وضرير في نفس الوقت يجلس في بيته (بيت الشعر) بالبادية وأحفاده حوله، فإذا بالأحفاد يخبرونه بأنه يوحد على بيت الشعر (طير)، فقال الجد امسكوا به وأحضروه لي، فأمسك هذا الشيخ الضرير وهو الضرب وهو
يُدعى (حمود) يتلمس أجنحة وظهر الطير، وأثناء ذلك وجد (المسباق) فعرف بأن هذا الطير (صقر حر)، وأنه قد تاه من صاحبه، ولمس (الدمع) يذرف من عينيه فتأكد أنه جائع، فأمر أحفاده بأن يذهبوا ويحضروا له خروفًا من الغنم التي بالمرعى، فلما أتوا بالخروف إلى جدهم (ذبحه) إكرامًا لهذا الصقر الجائع الذي حلَّ ضيفًا على هذا الرجل وعلى بيته وقدَّمها له، وبعدها أتى صاحب الصقر فوجد (طيره) معززًا مكرمًا عند ذلك الشيخ الضرير، فشكره على ما فعله وأخذ طيره وذهب. وهو في طريقه كلما أتى إلى جماعة قصَّ عليهم قصة هذا الشيخ الضرير مع طيره، فانتشرت هذه القصة بين البادية في تلك المنطقة وتناقلوها حتى وصلت إلى مسامع الأمير (سليمان التركي السديري) أمير منطقة تبوك في ذلك الوقت. فأرسل الأمير رجاله ليتأكد من صحة هذه القصة، فعاد الرسول وأخبره بصحتها، فأمر الأمير بمكافأته بالنقود وأهداه أحد إبله وقال قصيدة بهذه القصة، وكذلك بعض من شعراء المنطقة، وحينها كان الشاعر محمد بن عاصي العطَّوي في مجلس الأمير فطلب منه أن يقول قصيدة في هذه القصة، فقال ابن عاصي: أرجو إعفائي من هذا؛ لأن الناس سوف يقولون: (عطَّوي يمتدح عطَّوي)، فألح عليه الأمير وقال هذه قصة حدثت ومثبتة. فقال ابن عاصي القصيدة التالية التي نظمها على لسان حمود ذلك الرجل المسن الكريم صاحب القصة، والشاعر هنا يسأله وهو يجيب حيث إن حمود حضر بعض الغزوات قبل العهد السعودي وله تجاربه.
قصيدة إكرام الطير
قال ابن عاصي العطيات العطَّوي:
أنا أسألك يا حمود يا مضيِّف الطير
…
وش ضيفتك للطير ياوي ضيفه
الله وعلم ما تعرف المخاسير
…
تذبح طلي للطير كله عليفه
الناس بالطليان
(1)
تجمع دنانير
…
وتذبح لطيْرٍ بالخضيري شخيفه
قال اسمع الجواب ما هي معاذير
…
حنَّا نعرف أثقالها والخفيفه
وعز الله أني أعرف بيع وتدبير
…
وبيع الطلي بفلوس ما هي كليفه
لا شك ضيف الله ما عنه مضاخير
…
أنا ضيَّفت الطير ما به مخيفه
(1)
الطلي: وجمعها طليان تعني الخروف وجمعه خراف أو خرفان.
دبحت له كبش العنم بالخناجير
…
ياكل منه ألين ياتي عريفه
ومحاورتكم فاشلة بالغدادير
…
فعلتها وأنا أبصاري كفيفه
فعلتها من يم رب المقادير
…
ودي ثواب وبالسوالف شريفه
ضيفك وجارك بي علو الأساطير
…
عنهم حديث منزلًا بالصحيفه
طيرًا حداه الجوع جاني وأنا بخير
…
ولا تشح بالدنيا تراها طفيفه
طيرًا ضياع وخالفوه المداوير
…
مبطي عن الأوناس يمشي بكيفه
بسهلة ما فيه حتى العصافير
…
والطير من جوعه عيونه ذريفه
واللي حصل صحيح ما هو بتعبير
…
لو تنحفوني كل يوم نحيفه
قلت أنا أسألك ياحمود عن ديرتك دير
…
قبل السعود يثبتون الخليفه
قال ديرتي تبوك شرفًا على النير
…
وغرب وجنوب مربعه بالوصيفه
ياما حصل من دونها من الأمارير
…
عنها العدو ننحاه نحي الوليفه
أذوادنا تشرب من السكر وتير
…
ترعى من الأبرق إلى خشم حيفه
اطلوع أهلها من وراها حواجير
…
تلقى جنبها مركزًا بالمنيفه
أنا أسألك يا حمود عن وحدة غير
…
أنا أسألك مرباك مشتى ومصيفه
قال ربيت وسط رجال حصنًا مناكير
…
أهل الشجاعه والنفوس العفيفه
وأهل الكرم لضيوفهم والمسايير
…
صيداتهم جزلات ما هي ضعيفه
قصيرهم ما شاف منهم تقاصير
…
خويهم يسلم خويهم بحد الرهيفه
قلت ما من ردي ياحمود مير أسألك مير
…
عمرك خاويت الرامحات السفيفه
قال هي مهنتي لركوب حمى المشاوير
…
مع ضف ربعًا يقطعون المخيفه
عقيدنا ابن مطير ما نقطع السير
…
هذول عدوات ودولًا نكيفه
نوب على عشره ونوب على بعير
…
ونوب مغاليس علينا كسيفه
ونوب ودى دعسان جمع وجماهير
…
عقيد عزبات غتارى وكشيفه
يوبا ناخنهن من فروع المصادير .... ولوب صباح ولوب غارة حعيفه
ونوب اهلهن يلحقونا مشامير
…
كم ساعة سووا علينا كتيفة
نوب نهوش ونوب نقفي مدابير
…
وسوالفا ماهي عليكم طريفة
قلت ياحمود منهو كرمك بالحواضير
…
وأعطاك من ميرة يقابل وظيفة
وعطاك خلفة من شناق المغاتير
…
ومن الدراهم بالمزرف لفيفة
قال اللي عطاني عارفة عطوة امير
…
فهمان ماطافة عليه المطيفة
الطيب ما يأتي بليا مخاسير
…
ولا هو بخيلا واقفا له وقيفة
قال اللي كما هداج من طلعتة بير
…
عدا قراح ولا يتقاطع غريفة
الطيب عنده جمعة بالقناطير
…
ومن غير تله جاب تلا خطيفة
هذا السديري من سلاطين بسدير
…
افكارهم ماتنتقايس عنيفة
مظهر شجاع وظاهرا من مظاهير
…
من طاح بيده ماعلية الحسيفة
كم واحد منه غدا طير ما يطير
…
كسر جناحينه وبطل رفيفة
وكم واحد في دبرتة ناولة خير
…
خلى له الدرب المعجرف قطيفة
الطيبين يحط فيهم مناشير
…
والرجل في مسعاه حظه حليفة
وياحمود ماتعطوا حلي التواسير
…
انا اتمنى بنتكم لي رديفة
ودي تجيب من العيال النوادير .... يظهر بطل مايسير لي نسر جيفة
قال تريح وانت كلك عواثير
…
ومرقعة رجلك وفيها سنيفة
وأعول عويل الخلج خلجا وهن ظير
…
على ولدهن ذابحينه بظيفة
أنا كبرت عن البني الغنادير
…
والعمر راح ومابقى به نصيفة
وقلت العوض بالله رب المقادير
…
وايست من بنت الشيوخ النظيفة
وياحمود ماقصرت يامضيف الطير
…
وصلو على محمد ومن له خليفة
قُضَاعة
نسب قُضَاعة ووجه الخلاف فيه بين العلماء والنسابين القدامى
أولًا - رأي جمهرة العلماء:
وما قد أجمع عليه غالب النسابين العرب في أنه قُضَاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمْيَر بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، أي أن قُضَاعة من حمْيَر القحطانية من بلاد اليمن، وهذا هو المشهور عن قُضَاعة وما اتفق عليه أغلب النسابين ومنهم الكَلْبي وابن إسحاق وطائفة معهم من كبار النسابين والمؤرخين نذكر منهم: ابن خلدون، والقلقشندي، والسويدي.
وفي تاريخ العبر لعبد الرحمن بن خلدون في أن نسب قُضَاعة لحمْيَر القحطانية قد احتج لما ورد في رواية ابن لهيعة عن عُقبة بن عامر الجهنى قال: يا رسول الله ممن نحن؟ قال صلى الله عليه وسلم أنتم من قُضَاعة بن مالك.
وقد قال عمرو بن مرَّة أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم:
نحن بنو الشيخ الهجان الأزهر
…
قُضَاعة بن مالك بن حِمْيَر
النسب المعروف غير المُنْكَر
ثانيًا - الرأي المؤيد في أن قُضَاعة عدنانية:
هناك رأي زعمه بعض نسابة مُضَر العدنانية كما ذكر ابن منظور والجوهري في أنه قُضَاعة بن معْد بن عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وقد أيد ذلك بعض المؤرخين مثل ابن البر، وجرجي زيدان، وقد ذكر هؤلاء حجة بأن قبائل قُضَاعة كانت دومًا إلى جاذب العدنانية ضد القحطانية أو تلزم الحياد، وقد كانت قُضَاعة بفرسانها مع بني ربيعَة وبني مُضَر تحت قيادة كُلْيب التَغْلبي من ربيعة العدنانية وذلك في موقعة خزازى التي كانت بين العدنانية والقحطانية، وقد انتصر فيها بني عدنان على عرب اليمن، وبعد هذه المعركة انتهت سيطرة ملوك اليمن على بني عدنان إلى الأبد كما احتج أيضًا بحديث عن هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قُضاعة هو ابن معد بن عدنان وكان بكر أبيه وأكبرهم وبه كان يُكَنْى أي يقال له (أبا قضاعة).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن عباس أن قُضَاعة هو ابن مَعْد بن عَدنان.
وقال زهير: قُضَاعيةْ وأختها مُضَرية فجعلها أخوين، وأضاف أن قُضَاعة هو ابن حِمْيَر بن مَعد بن عدنان!!
وأيده عبد البر لما رواه وأكده قبله ابن عباس وابن عمرو وجُبير بن مُطْعَم بن عدي القُرشي، كما هو اختار الزبير بن بكار وابن مصعب وابن هشام اليماني، ورغم هذا التأييد لنسب قُضَاعة لمَعْد بن عدنان فقد جاء في صبح الأعشى للقلقشندي وتاريخ العبر لابن خلدون تحليل آخر للرد على الالتباس الذي وقع فيه النسابون القُدامى عن قُضَاعة وقد نفوا نسبه لمَعْد بن عدنان تبعًا لما قاله السهيلي: أن الصحيح في أن أم قُضَاعة وكانت تسمى (عَبكَرة)، وقيل أن اسمها (مَعَّانة) الجُرْهُمية كما ذكره ابن حزم في الجمهرة وقد مات عنها زوجها مالك من حِمْيَر فتزوجها معد بن عدنان وهي حامل في قُضَاعة، فولدت قُضَاعة فتكنى به مَغد بن عدنان ونسب قُضاعة إليه لما أنه تربى في حجره. وهو قول الزُبير والسُهيلي.
وقال ابن خلدون في العبر: أن هناك في كتب الحكماء الأقدمين من اليونان مثل بطليموس وهروشيوس ذكر للقُضَاعيين والخبر عن حروبهم فلا يُعلم أهم أوائل قُضَاعة هؤلاء وأسلافهم أم غيرهم، وربما هذه شهادة أخرى للمؤيدين بأن قُضَاعة من عدنان؛ لأن بلادهم في الشام والحجاز بلاد بني عدنان أو أنهم لا يتصلون ببلاد اليمن من قديم الزمان، والنسب البعيد كما قال ابن خلدون يحيل الظنون ولا يرجع فيه إلى يقين تام.
وكما ذكر ابن حزم الأندلسي نفس هذا القول وقد نقل عنه ابن خلدون.
نماء بني قُضَاعة
قبل الإسلام بعدة قرون كان قُضَاعة معاصرًا في نفس تاريخ بِدْء بني عدنان من ابنه مَعْد .. وقُضَاعة له ولد واحد منه جميع نسله واسمه الحافي وقيل: الحاف وتفرعت من الحافي جميع قبائل قُضَاعة.
وللحافي ثلاثة بنين: عمرو - أسْلُم - عمران:
- فمن عمرو: بنو حَيْدان - ومنهم مُهْرة وهي قبيلة بناحية الشحر من بلاد اليمن ومنهم في عُمان وكان منهم مخلاف اليمن، وتنسب إليهم الإبل المُهْرية الشهيرة في الجزيرة العربية.
ومن عمرو أيضًا - بنو بَهْراء - وبلادهم في الشام ومنهم صحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أشهرهم المقْداد بن الأسود
(1)
وبه يشتهر، كما ذكره ابن حزم باسم (حليفه) ابن خال النبي صلى الله عليه وسلم، ومن عمرو - بلِّي - وسوف نُفصِّل عنهم في هذا المجلد من موسوعة القبائل العربية.
- أما أَسْلُم: فمنه قبائل أشهرها جُهَيْنة، وهو جُهَيْنة بن زيد بن ليث بن سَوَّد بن أسْلُم بن الحافي بن قُضَاعة .. وسوف نُفصِّل أيضا عن جُهَيْنة في هذا المجلد من الموسوعة .. ومن أسْلُم قبائل أخوة لجُهيْنة مثل بنو نِهْد بن زيد وهم قلائل وقد سكنوا بلاد اليمن ثم الشام. وهناك أيضًا بنو سعد بن هذيم، وبنو ضنة بن سعد هذيم، وبنو هذيم بن زيد، ومن أشهر بطون سعد بن هذيم: بنو الحارث بن سعد هذيم، وبنو عُذْرة بن سعد بن هذيم، وهم غير عُذرة من كلب بن وبرة من قبائل عمران بن الحافي بن قُضَاعة.
وعن بني عُذرة بن سعد بن هذيم سوف نُلخِّص دورها المهم وتزعمها لقبائل قُضَاعة التي ساعدت قُصي بن كِلاب القُرَشي جد النبي صلى الله عليه وسلم في أخذه مفاتيح الكعبة من خُزَاعة.
- أما عمران: فمنه قبيلة سَلِيح وكان منها ملوك الشام قبل الغساسنة وهم من ضجعم بن حماطة بن سعد بن سليح (عمرو) بن حلوان بن عمران، وقبائل جَرْم
(2)
بن ربَّان وقيل زبَّان، وتَغْلب والبرك والثعلب وأسد
(3)
، والثعلب وأسد أبناء وبرة مثل القيّن والنمر
(4)
وكلب
(5)
والأخيرة هي أشهر قبائل عمران بن الحافي
(1)
ذكره ابن هشام المقداد بن عمرو البهراني، وكذلك ابن حزم في الجمهرة، والمقداد هو فاتح إقليم دمياط بمصر تحت قيادة عمرو بن العاص.
(2)
ذكر صاحب قبائل بئر السبع أن معظم عشائر قبيلة العزازمة من جرم بن ربان.
(3)
من أسد بن وبرة قبيلة (تنوخ) وهم بنو تيم الله ابن أسد بن وبرة وقبيلة (القين) وهم بنو جسر بن شيع الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قُضَاعة.
(4)
من أشهر قبائل النمر بنو خشين.
(5)
ذكر الأستاذ حمد الجاسر أن الشرارات من بقايا بني كلب بن وبرة (المعجم الجغرافي للسعودية) =
وكانت أكثرها عددًا وقوة وكانت تسكن (شمال المملكة العربية السعودية) في دومة الجندل قرب (سكاكة)، ويوجد في الشام فروع كثيرة منها وكان من (عُذرة) - بني كَلْب بن وبرة - زيد
(1)
بن حارثة رضي الله عنه الذي تبناه الرسول فترة من الزمن وكان يُدْعى زيد بن محمد حتى حرَّم الله التبني فدُعِي زيد بن حارثة، وقد رفض العودة مع أبيه وقومه حبًا في الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تزوج زينب بنت جحش الأسدية ثم طلقها بعد تعاليها عليه، وقد أنزل الله في قرآنه وأحل رواج النبي صلى الله عليه وسلم بها بعد زيد حتى لا يكون هناك حرج على زواج نساء الأبناء بالتبني، وفي نفس الوقت حُرِّم التبني في الإسلام، وكان زيد صبيًّا قد أسِر في غزوة من قبل بنو الجسْر من (القين) القُضَاعيين على قبيلته القُضَاعية - بني كَلْب، وقد بيع في مكة فاشترته السيدة خديجة رضي الله عنها، وقيل أن النبي صلى الله عليه وسلم اختاره واستبقاه له، وقد قُتل شهيدًا في حروب المسلمين بالشام مع الروم (غزوة مؤتة)، وكان ابنه أسامة بن زيد قائدًا وهو شاب صغير آخر أيام الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة إلى الشام (البلقاء والداروم - فلسطين) كما ذكر ابن هشام، والبلقاء في بلاد الأردن الأن إلى أقصى الشمال من المملكة الأردنية الهاشمية.
وكانت بلاد قُضَاعة في الشحر ثم نجران ثم الشام كما سوف نُلخِّص ما ورد في معجم ما استعجم للبكري .. وكان للقُضَاعيين ملْكٌ في بلاد الشام والحجار إلى بلاد العراق وفي إيلة وجبال الكرك بالأردن إلى مشارف الشام، وقد استعملهم الروم على بادية العرب هناك، وقد غزا عمرو بن العاص ناحية من بلاد قُضَاعة (عُذرة) في غزوة ذات السلاسل في 7 هـ في حياة الرسول، وكان القُضَاعيون أشداء في الحروب، وقد حاربوا مع الروم في الشام ثم تركوا هرقل تباعًا وأسلم منهم كثيرون .. والتفصيل عن قبائل قُضَاعة لا يتسع لنا في هذا المجال وسنكتفي فقط بقبيلتي بَلِّي وجُهْيَنة لأنهما القبيلتين اللتين حافظتا على كيانهما القَبَلي حتى الآن دون سائر قُضَاعة.
= وانظر عنهم في المجلد الخامس القسم الثاني من موسوعة القبائل طبعة عام 2001 م - 1421 هـ بدار الفكر العربي بالقاهرة.
(1)
زيد بن حارثة ذكر اسمه في القرآن الكريم وهذا شرف عظيم له، وقال الله تعالى: { .... فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا
…
(37)} إلخ [الأحزاب].
لمحة عن بني عُذْرَة - قُضَاعة
عُذْرَة بطن عظيم من أسْلُم، وهو عُذرَة بن سعد بن هذيم بن زيد بن ليث بن سَوَّد بن أسلُم بن الحافي بن قُضَاعة .. وقد تفرَّعت منه أفخاذ كثيرة، وكان منهم في اليمن وأغلبهم كان في شمال الحجاز والشام، وعُذرة مشهورون بشدة العشق .. وقد قال سعيد بن عُقبة لأحد بني عُذْرة وهو لا يعرفه: ممن الرجل؟ قال مجيبًا: من قوم إذا عشقوا ماتوا!! قال سعيد له عُذري ورب الكعبة. ثم سأله: ومم ذاك يا أخ عُذرة؟ قال العُذري: لأن في نسائنا صباحة وملاحة وفي رجالنا جمال وعِفة.
وقال أبو عبيد: كان من عُذرة هؤلاء جميل بن عبد الله بن معمَّر وصاحبته بثينة بنت حِبا بن ثعلبة، وذكر ابن حزم أن لحِبْا صحبة وقال: منهم عروة بن حزام وصاحبته عفراء وهو ابن عمها وقد اشتد عليهَا حُبًا حتى مات من هواها!!
وقال الحمداني: أن من عُذرة جماعة بدمياط قرب ساحل البحر في الديار المصرية وكانوا حلفاء لسُنبُس
(1)
(طيئ) القحطانية.
عُذرة في التاريخ العربي
أهم ما يُذكر
(2)
لبني عُذرَة هي وقفتهم إلى جانب قُصي بن كلاب القُرَشي جد النبي صلى الله عليه وسلم الذي جمع قُريشا من كنَانة ونزع مفاتيح الكعبة من خُزَاعة، وقد قاتلوا مع من عاونهم من قومهم قُضَاَعة مع قصي ومن عاونه من قريش وقومه كنَانة العدنانية ضد خُزاَعة ومن عاونها من بني بكر - كنَانة، وصلة قُصي ببني عُذرةَ وقُضَاعة نشأت من زواج أم قُصي بأحد بني عُذرَة، فقد قدم ربيعة بن حرام العُذري إلى مكة المكرمة بعد هلاك كلاب بن مُرة والد قُصي وتزوج بفاطمة بنت سعد بن سيل، وكان زهرة أخو قُصي رجلًا وقصي طفل فطيم، وقد انتقل طبعًا مع أمه إلى ديار عُذرَة ونشأ قُصي لا يعرف أبًا سوى ربيعة ولا يعلم في أصله شيئا، فلما كان غلامًا يفعه دون البلوغ (حزورا) سابه رجل من قُضَاعة فعيَّره بأنه
(1)
من بقايا سُنْبس (طيئ) حتى الآن في فلسطين، وكانت سُنْبس من أكبر قبائل طيئ في بلاد الشام.
(2)
من سيرة ابن هشام المعافري اليماني للنبي صلى الله عليه وسلم.
دعيّ، أي أن قُصي يدَّعي أنه ابن ربيعَة، وقال له: لست منا وانما أنت مُلْصَقٌ فينا .. فدخل قُصي على أمه فاطمة وقد وجَم وحزن لذلك، فقالت له: يا بني صدق ما قاله الرجل لك إنك لست منهم، ولكن رهطك خير من رهطه، وآباؤك أشرف من آبائه، وانما أنت قُرشي وأخوك وبنو عمك بمكة المكرمة وهم جيران بيت الله الحرام، فدخل مسرعًا مع قافلة سيارة حتى أتى مكة، وقد كان قُصي يسمى زيدًا وسبب تسميته قُصي لما أنه بَعُدَ أو كان قَصيا أي بعيدًا عن بلده وقومه، وقد دُعي بعد ذلك مُجَمَّعا لما أنه أول رجل يجمع بني فِهْر (قُريش) من قومهم كِنَانة بعد أن كانوا بيوتات مبعثرين وليس لهم أي كيان عشائري موحد، وقد رأى قُصي أن قُريشًا هم قُرْعَة بني إسماعيل وصريح ولده وأحق من خُزاعَة في مفاتيح الكعبة، ودعى قُصي رجالًا من قريش وكنَانة لإخراج خُزَاعة من الحرم وقد أجابوه، وأرسل إلى إخوانه من أمه فاطمة وَعلى رأسهم رِزَاح بن ربيعة العُذْري يطلب المدد والعون فأجابوه بفرسان من عُذْرة وسائر قُضَاعة، وخرجت خُزَاعة تعاونها بكر من كِنَانة لمحاربة قُصي ومن معه، فاقتتل الفريقان قتالًا شديدًا فكثُر القتلى بين الفريقين جميعًا، ثم تداعوا للصلح والتحكيم وقد اختاروا لذلك رجلًا من بكر - كنانة!.
ورغم أنه من خصوم قُصي، أي قبيلته التي شذت عن كِنَانة وكانت تقف مع خُزَاعة إلا أن هذا الرجل كان عادلًا واسمه يعمر بن عوف، وقد قضى بأن قُصيا هو أولى بالكعبة وأمر الحرم بمكة من خُزَاعة، وأن كل دم أصابه قُصي من خُزَاعة أو بكر (كِنَانة) موضوع يشدخه تحت قدميه، وأما ما أصابت خُزَاعة وبكر من قريش ومن عَاونها من باقي كِنَانة وقُضَاعة ففيه الديَّة مؤداة، وأن يُخَلَّى بين قُصي وبين الكعبة، فسُمِّي يَعْمُر بن عوف (من بكر - كِنَانة) - الشدَّاخ - لما أنه قد شدخ من الدماء ووضع فيها، وتولى قُصي أمر الكعَبة ومكة وصار هو زعيم قومه، وما كانت تُنْكح امرأة قُرشيَّة أو يتزوج قُرَشي إلا في داره ويُعقد لها بعض ولده، وما كانت تدرع جارية من قريش إذا بلغت إلا في داره، وكان يُشق عليها فيها درْعُها ثم تدرعهُ ثم ينطلق بها إلى أهلها، وكان أمره في قومه في حياته ومماته كالدين المُتَّبع لا يُعمَل بغيره!!.
وكان أول من عمل دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، وفيه كانت قريش تقضي أمورها، فكان أول من سكن داخل الحرم مع قومه، وقد بلغ حدَّا من الدهاء.
"شعر رِزاح بن ربيعة العُذْري - القُضَاعي"
وقد قاله في إجابته لنصرة أخيه من أمه قُصي بن كلاب القُرشي قال رزاح:
لما أتى من قُصي رسول
…
فقال الرسول: أجيبوا الخليلا
نهضنا إليه نقود الجياد
…
ونطرح عنا الملول الثقيلا
نسير بها الليل حتى الصباح
…
ونكمي
(1)
النهار لئلا نزولا
فن سراع كورد القطا
…
يجبِّن بنا من قُصي رسولا
جمعنا من السر من أشمذين
(2)
…
ومن كل حي جمعنا قبيلا
فيا لك حلبة
(3)
ما ليلة
…
تزيد على الألف سيبًا
(4)
رسيلا
(5)
فلما مررن على عسجر
(6)
…
وأسهلهن من مستناخ سبيلا
وجاورن بالركن من ورقان
(7)
…
وجاوزن بالعرج حيا حلولا
مررن على الحيل
(8)
ما ذقنه
…
وعالجن من مر ليلًا طويلا
ندني من العوذ
(9)
أفلاءها
(10)
…
إرادة أن يسترقن الصهيلا
فلما انتهينا إلى مكة
…
أبحنا الرجال قبيلًا قبيلا
(1)
نكمي: نستتر بالحديد والسلاح.
(2)
أشمذين: اسم لقبيلتين وقل اسم جبلان وهو الصحيح.
(3)
الحلبة: جماعة من الخيل.
(4)
السيب: المشي السريع.
(5)
رسيلا: المشي المتمهل أي نمشي سراعا ولكن في رفق كما تزحف الحية.
(6)
عسجر: اسم موضع.
(7)
ورقان: جبل أسود بين العرج والريثة.
والعراج واد قرب الطائف وفيه جبل عظيم وبه عيونا عذابا وكان سكانه من أوس بن مُزينة العدنانية.
(8)
الحيل: الماء المستنقع في بطن واد.
(9)
العوذ: الفرس التي لها أولاد.
(10)
الأفلاء: جمع فلو وهو المهر العظيم.
نعاورهم ثم حد السيوف
…
وفي كل أوب خلسنا العقولا
نخبزهم
(1)
بصلاب النسور
…
خبز القوي العزيز الذليلا
قتلنا خُزَاعة في دارها
…
وبكرًا قتلنا وجيلًا فجيلا
نفيناهم من بلاد المليك
…
كما لا يحلُّون أرضًا سهولا
فأصبح سبيهم في الحديد
…
ومن كل حي شفينا الغليلا
وقال أيضًا ثعلبة بن عبد الله (هذيم القُضَاعي) في ذلك من أمر قُصي القُرشي حين دعاهم فأجابوه:
جلبنا الخيل مضمرة تُعالى
(2)
…
من الأعراف
(3)
أعراف الجناب
(4)
إلى غوري تهامة فالتقينا
…
من الفيفاء في قاع باب
فأما صوفة الخنثي فخلوا
…
منازلهم محاذرة الضراب
وقام بنو علي
(5)
إذ رأونا
…
إلى الأسياف كالإبل الطراب
وردَّ قُصي بن كِلاب على أخيه رزاح العُذري قائلًا:
أنا ابن العاصمين
(6)
بني لؤي
…
بمكة منزلي وبها رُبْيت
إلى البطحاء قد علمت مَعْد
…
ومروتها رضيت بها رضيت
فلست لغالبٍ إن لم تأتل رزاح
…
بها أولاد قَيْذر والنبيت
(7)
ناصري وبه أُسامى
…
فلست أخاف ضَيْمًا ما حييت
(1)
نخبزهم: أي نسوقهم سوقًا شديدا.
(2)
تعالى: ترفع في سيرها.
(3)
الأعراف: الرمل المرتفع.
(4)
الجناب: موضع ببلاد قُضَاعة.
(5)
بنو علي: يقصد بني كنانة لما أنه عبد مناة بن كنانة كان ربيبًا لعلي بن الأزدى القحطاني جد سطيح الكاهن المعروف في اليمن فقيل لبني كنانة بنو علي.
(6)
العاصمين: يقصد بذلك أنهم يعصمون الناس ويمنعونهم لكونهم أهل البيت الحرام.
(7)
قيذر والنبيت: أولاد إسماعيل عليه السلام.
قُصي ودوره في خلاف قُضَاعة مع بعضها البعض:
لما استقر رزاح بن ربيعَة العُذْري في بلاده نشر الله عُذْرَة وبارك فيها، وقد كان بين رزاح وبين نِهْد بن زيد وحوتكة بن أسلم وهما بطنان من أَسْلُم مثل عُذْرة، فأخافهم رزاح حتى لحقوا باليمن وأُجلوا من بلاد قُضَاعة، فقال قُصي بن كِلاب القرشي وكان يحب قُضَاعة ونماءها واجتماعها ببلادها لما بينه وبين رِزاح من الرحِم (أي أخيه لأمه) هذا أولًا، وثانيًا لبلائهم عنده إذا دعاهم إلى نصرته وقد كرهَ ما صنع بهم رزاح فقال قُصي شعرًا:
ألا من مُبلِّغ عني رزاحًا
…
فإني قد لحيتك في اثنين
لحيتك في بني نهد بن زيد
…
كما فرَّقت بينهم وبيني
وحوتكة بن أَسْلُم إن قومًا
…
عنوهم بالمساءة قد عنوني
قبائل قُضَاعة ومراحل تطورها قبل الإسلام
عن الكلبي عن ابن عباس (*) قال:
اقتسم ولد مَعْد بن عَدْنان (من ولد إسماعيل ابن الخليل إبراهيم عليهما السلام أرض الحجاز فصارت سبعة أقسام:
- فصار (لعمرو) بن مَعْد بن عَدْنان وهو قُضَاعة
(1)
لمساكنهم ومراعي أنعامهم جدة من شاطئ البحر وما دونها إلى منتهى ذات عرق إلى حيز الحرم من السهل والجبل، وبها موضع لكَلْب يدعى الجدير (جدير كَلْب)، وبجدة ولد جَرم بن ربَّان بن حلوان بن عمران بن الحافي (الحاف) بن قُضَاعة وبها سميت جدة!
قلت: وهنا لنا وقفة بأن تسمية جدة بهذا الاسم موضع خلاف بين المؤرخين، وقد أيد رأي من بين هؤلاء أن سبب تسمية جدة بهذا الاسم لموت أمنا حواء في هذا المكان فعرفت لبني آدم أن جدتهم (الجدة) الأولى قبرها بهذا الموضع، فصار يقال جدة على مر الأجيال .. والله أعلم.
- وصار لمُضَر بن نِزار بن مَعْد بن عَدْنان حيز الحرم إلى السراوات وما دونها من الغور وما والاها من البلاد لمساكنهم ومراعي أنعامهم من السهل والجبل.
- وصار لربيعة بن نِزار بن مَعْد بن عَدْنان مهبط الجبل من غمر ذي كنْدة وبطن ذات عرق وما صاقبها من البلاد في نجد إلى الغور من تهامة، فنزلوا ما أصابهم لمساكنهم ومراعي أنعامهم من السهل والجبل.
- وصار لإياد وأنمار ابني نزار بن مَعْد عَدْنان ما بين حد أرض مُضَر إلى حد نجران وما صاقبها من البلاد.
- وصار لقِنْص
(2)
وسنام وسائر ولد مَعْد بن عَدْنان (وهم البائدين) أرض مكة وشعابها وما صاقبها من البلاد، فأقاموا بها مع من كان بالحرم من بقايا جُرْهُم القحطانية (أصهار أبينا إسماعيل عليه السلام.
(*) نقلًا عن معجم ما استعجم للبكري ولم أجد مُصنفًا أجمل وأدق منه في السرد عن قُضاعة. والبكري مؤرخ وجغرافي ينسب لبني بكر (ربيعة) العدنانية.
(1)
هنا أسماه ابن عباس (عمرو) وقد اعتبره أكبر أبناء معد بن عدنان.
(2)
قِنص: يؤكد بعض النسابة أيام الفاروق عمر بن الخطاب أن منهم المُنذر بن النعمان وقومه وهم أشلاء قنص بن معد بن عدنان وقد دخلوا في لَخْم القحطانية بغرب العراق (الحيرة).
ولم يزل أولاد (مَعْد) في منازلهم هذه كأنهم قبيلة واحدة في اجتماع كلمتهم وائتلاف أهوائهم تضمهم المجامع وتجمعهم المواسم وهم يد على من سواهم حتى وقعت الحرب بينهم فتفرقت جماعتهم وتباينت مساكنهم، وأول حرب وقعت بين العدنانية كانت بسبب قتل حَزِيمة بن نَهد بن زيد بنِ لَيث بن سود بن أسْلُم بن قُضَاعة (ليذْكُر) من عَنَزة (ربيعة بن نِزار)، وكان حَزِيمة قد التقى بيذْكُر العَنَزي وكانا يجمعان أو يجتنيان القرظ
(1)
فوثب حَزِيمة على يذْكُر فقتله، وكان ذلك بسبب ضرب بني ربيعة له لتعرضه لابنه يذكُر بالشِعر، وكان حَزِيمة فتى فاتكًا متعرضًا بالأذى.
وفي مقتل يذْكُر العَنَزي من قبل حَزِيمة القُضَاعى قال العرب: حتى يئوب قارظ عنزة، وقال بشر بن أبي خازم:
فرجي الخير وانتظري إيابي
…
إذا ما القارظ العَنَزي آبا
فلما فُقِدَ يذْكر قيل لحَزِيمة: أين يذْكُر؟ قال: فارقني فلست أدري أين سلك؟ فاتهمته بنو ربيعة، وكان بسبب ذلك شر وضغينة ما بين ربيعَة وقُضَاعة لما أن يذكُر العَنَزي المقتول مجحودًا لم يتحقق أمره فيؤخذ بدَمِه، وظل هذا الحال من الغُبْن الكامن في صدور بني ربيعة حتى قال حَزِيمة القُضَاعي شِعرًا صرح واعترف فيه بقتل يذكُر العَنَزي.
وحين بلغ الشعر لبني ربيعة زاد الشر الذي بلغ حدا لا تهدأ ولا تنام علي هذا الصنيع من قبل حَزِيمة، وبالمثل اعتبر بنو مُضَر أن الضَيْم يلحقهم لما أن ربيعَة ومُضَر أبناء رجل واحد هو نِزَار، فاجتمعت ربيعَة ومُضَر على قُضَاعة وحالفتهم كنْدة القحطانية، واجتمعت قُضَاعة وحالفتهم عَكْ بن عدنان والأشعريون
(2)
القحطانية .. فاقتتل الفريقان فهُزِمَت قضَاعة وأجْلوا عن منارلهم وظعنوا مُنْجدين أي عُنوة
(3)
من بني نزار (ربيعة ومُضَر)، فقال عامر
(4)
بن الظرب بن عياذ بن بكر
(1)
القرظ شجر تدبغ بورقه الجلد.
(2)
الأشعريون من العدنانية نسبوا في اليمن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم حين وفدوا عليه أنتم مهاجرة اليمن من ولد إسماعيل.
(3)
عُنوة: قهرًا بالقوة الجبرية.
(4)
عامر بن الظرب: كان من حكام العرب وشاعرًا مشهورًا في قيس عيلان من مُضر.
ابن يشكر بن "عَدَوان"
(1)
بن عمرو بن قيس عَيَلان بن مُضَر بن نزار - في نصر بني نِزار على قُضَاعة، وطردهم من بلاد بني عدنان كلها قال شعرًا منه:
قُضَاعة أجلينا من الغور كله
…
إلى فلجات الشام تزجى المواشيا
لعمري لئن صارت شطيرًا ديارهم
…
لقد تأصر الأرحام من كان نائيا
وما عن تقال كان إخراجنا لهم
…
ولكن عقوقًا منهم كان باديا
بما قدم
(2)
النهدي لا در دره
…
غداة تمنى بالحرار
(3)
الأمانيا
فسارت تيم اللات بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة وفرقة من بني رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة وفرقة من الأشعرين نحو بلاد البحرين حتى وردوا هِجْر وبها يومئذ قوم من النِبَط فأجلوهم عنها، فقال مالك بن زهير بن عمرو بن فَهْم بن تيم اللات بن أسد وبرة:
نزعنا من تهامة أي حي
…
فلم تحفل بذاك بنو نِزار
ولم أك من أناسكم ولكن
…
شرينا دارًا آنسة بدار
فلما نزلوا بهِجْر قالوا للزرقاء بنت زهير - وكانت كاهنة - ما تقولين يا زرقاء؟ قالت: سعف وإهان وتمر وألبان خير من الهوان.
ثم 0 أنشدت تقول:
ودَعْ تهامة لا وداع مخالق
…
بذمامه مكن قلى وملام
لا تنكري هجر مقام غريبة
…
لن تعدمي من ظاعنين تهام
قالوا وما ترين يا زرقاء؟ قالت مقام وتنوخ ما ولد مولود وأنفقت فروخ إلى أن يجيء غراب أبقع أصمع أنزع عليه خلخالًا ذهب فطار فألهب ونعق فنعب يقع
(1)
عَدَوان: قبيلة من قيس عَيَلان (مُضَر) العدنانية وما زال لها باقٍ في المملكة العربية السعودية ومنها (دوس) رهط أبي هريرة رضي الله عنه ودوس دخلوا في الأزد، وكما منهم عثمان المضايفي له دور تاريخي في عصر الإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي.
(2)
بما قدم النهدي: يقصد حَزيمة لما أنه تعرض بالشعر لابنه يذكُر ثم قتله غدرًا.
(3)
تمنى الحرار أي أن حَزيمة القُضَاعي آذى ابنه يذكر الحرة ذات الحسب والنسب من عَنَزة بن أسد بن ربيعة، وهنا يقصد الشاعر أن الخطأ والجور كان من حَزِيمة وقومه من قُضَاعة على بني نِزار فاستحقت قُضَاعة ما حل بها من ضَيْم وتشريد في البلاد من قبل "ربيعَة ومُضَر".
على النخلة السحوق بين الدور والطريق فسيروا على وتيرة ثم الحيرة الحيرة، فسميت تلك القبائل تنوخ (من قُضَاعة) لقول الزرقاء مقام وتنوخ، ولحق بهم قوم من الأزْد القحطانية فصاروا إلى وقت أو عهد ابن عباس في تَنوخ أو عهد البكري بعد الإسلام بعدة قرون لذكره كلمة - صاروا إلى الآن - ولحق سائر قُضَاعة موت ذريع، ونزلت فرقة من بني حلوان بن عمران يقال لهم بنو تزيد بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة ورئيسهم عمرو بن مالك التزيدي فنزلوا عَبْقر من أرض الجزيرة، فنسج نساؤهم الصوف وعملوا منه الزرابي فهي التي يقال لها العَبْقرية، وعملوا البرود وهي التي يقال لها التزيدية، وأغارت عليها الأعاجم فأصابتهم وسبت نساء منهم فذلك قول عمرو بن مالك بن زهير:
ألا لله ليل لم ننمه
…
على ذات الخضاب مجنبينا
وليلتنا بآمد
(1)
لم ننمها
…
كليلتنا بميَّا فارقينا
وأقبل الحارث بن قراد البهراني (من بهراء بن عمرو بن الحاف بن قُضَاعة) ليعيث في بني حلوان فعرض له أباغ بن سليح صاحب عين أباغ فاقتتلا، فقُتل أباغ ومضت بهراء حتى لحقوا بالأعاجم فهزموهم وأستنقذوا ما بأيديهم من بني تزيد من السبي .. فقال
(2)
الحراث بن قراد البهراني:
كأن الدهر جمع في ليالي
…
ثلاث بتهن بشهر زور
صفقنا للأعاجم من معد
(3)
…
صفوفًا بالجزيرة كالسعير
لقيناهم بجمع من عِلاف
(4)
.... ترادى بالصلادمة الذكور
وسارت سَلِيح بن عمرو بن الحاف بن قُضَاعة يقودها الحدرجان بن سَلَمَة حتى نزنوا ناحية فلسطين على بني أذينة بن السميدع من عامِلة، وسارت أسْلُم بن
(1)
آمد: من بلاد الأتراك في الأناضول وهذا يدل على مطاردة بني تزيد للأعاجم بعد سبيهم لبعض نساء منهم على حين غرة.
(2)
وقال البكري أنه قيل: جُدي بن مالك هو قائل هذا الشعر بعد النصر على العجم.
(3)
مَعْد: يقصد الشاعر هنا أن قُضَاعة من مَعد بن عَدنان لا حِمْيَر قحطان كما يذهب غالب وجمهرة العلماء.
(4)
عِلَاف: قبيلة قُضاعية مع بني تزيد بن حلوان.
الحاف (عُذْرة ونِهْد وحَوتكة وجُهَيْنة والحارث بن سعد) حتى نزلوا من الحِجْر
(1)
إلى وادي القِرَى
(2)
، ونزلت تنوخ البحرين سنتين، ثم أقبل غراب في رجليه حلقتا ذهب فسقط على نخلة وهم في مجلسهم فنعق نعقات ثم طار، فذكروا قول الزرقاء فارتحلوا حتى نزلوا الحيرة غرب العراق وأول من اختطها هم، ورئيسهم مالك بن زهير، واجتمع إليهم لما اتخذوا بها المنازل ناس كثير من سواقط القرى فأقاموا بها زمانا، وأغار عليهم سابور الأكبر ذوي الأكتاف (كِسرى فارس) فقاتلوه، وكان شعارهم يومئذ "يا لعُبَّاد الله" فسموا العُبَّاد، وهزمهم سابور ملك فارس، فسارت قبائل أسْلُم إلى الحضر من الجزيرة يقودهم الضيزن بن معاوية التنوخي من قبيلة تنوخ (عمران بن الحاف) ونزلوا الحضر، وهو بناء بناه الساطرون الجرمقاني فأقاموا به مع (الزبَّاء) فكانوا من رجالها وولاة أمرها، فلما قتلها عمرو بن عدي استولوا على المُلك حتى غلبتهم غسَّان (الأزد)، وأغارت حمْيَر (اليمن) على بقية قُضَاعة فخيَّروهم بين أن يقيموا على خراج يدفعونه إليهم أو يخرجوا عنهم، فخرجوا وهم كَلْب وجَرْم والعِلاف وهم بنو ربان أخي تَغْلب بن حلوان، وهم أول من عمل الرحال العلافية وعِلاف لقب لربَّان، فلحقوا بالشام فأغارت عليهم بنو كِنَانة بن خُزيمة (مُضَر العدنانية) بعد ذلك بدهر فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، فانهزموا ولحقوا بالسماوة فهي منازلهم حتى وقت الراوي (البكري في القرن الرابع الهجري).
جلاء قبائل قضَاعة عن تهامة
قال ابن شبه: ثم ظعنت قُضَاعة كلها من غور تهامة، وسعد هذيم ونهد ابنا زيد بن ليث بن سود بن أسْلُم بن الحاف بن قُضَاعة منجدين، فمالت كلب بن وبرة بن تَغْلِب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة إلى حضن والسي وما صاقبها من البلاد، عدا شكم اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب فإنهم انضموا إلى نهد بن زيد اللات بن أسد بن وبرة بن تَغْلب بن حلوان بن عمران إلى البحرين وتُنِّخوا بها، ولحقتهم عصيمة بن اللبو بن امرئ مناة بن قتيبة بن النمر بن وبرة مع
(1)
الحِجْر: تقع شمال المملكة العربية السعودية (شمال خيبر).
(2)
وادي القِرَى: شمال المدينة المنورة وهو عن أشهر الوديان في الحجاز.
كلب فانضموا إليهم، ولحقت بهم قبائل من جَرْم بن ربَّان بن حلوان بن عمران وثبتوا معهم بحضن فأقاموا هنالك، وانتشرت سائر قبائل قُضَاعة في البلاد يطلبون المتسع من المعاش ويؤمون الأرياف والعمران، فوجدوا بلادًا واسعة خالية في أطراف الشام قد خرب أكثرها واندفنت آبارها وغارت مياهها لإخراب بختُنَصر
(1)
لها، فافترقت قُضَاعة فرقًا أربعًا ينضم إلى الفرقة طوائف من غيرها يتبع الرجل أصهاره وأخواله.
فسار ضَجْعم بن حماطة بن عوف بن سعد بن سَلِيح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة، ولبيد بن الحدرجان السليحي في جماعة من سَلِيح وقبائل قُضَاعة إلى أطراف الشام ومشارفها، وملك العرب يومئذ ظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العمليقي فانضموا إليه وصاروا معه، فأنزلهم مناظر الشام من البلقاء إلى حوارين إلى الزيتون، فلم يزالوا مع ملوك العماليق يغزون معهم المغازي ويصيبون معهم الغنائم حتى صاروا مع الزبَّاء بنت عمرو بن ظرب بن حسان المذكور، فكانوا فرسانها وولاة أمرها، فلما قتلها عمرو بن عدي بن نصر اللخْمي استولت قُضَاعة على المُلك في جنوب الشام، حتى غلبتهم غسَّان (الأزد) على المُلك فصاروا مع غسَّان حلفاء، وسليح وقبائل في قُضَاعة ظلت في ديارهم بالشام، وسار عمرو بن مالك التزيدي في تزيد وعشم ابني حلوان بن عمران وجماعة من علَاف (رَبَّان) بن حلوان وابنيه عوف بن رَبَّان، وجَرْم بن رَبَّان إلى أطراف الجزيرة ثم خالطوا قراها وعمرانها وكثروا بها، وكانت بينهم وبين الأعاجم هناك وقعة فهزموا الأعاجم وأصابوا فيهم، فقال شاعر قُضَاعة جُدِّي بن الدهاء وأنشد شعره وشعر عمرو بن مالك وقد تقدم ذكرهم.
فلم يزالوا بناحية الجزيرة حتى أغار عليهم سابور ذوي الأكتاف
(2)
فافتتحها وقتل بها جماعة من تزيد وعِشم وعِلاف وبقيت منهم بقية لحقت بالشام، وسارت بلِّي وبهْراء وخَوْلان بنو عمرو بن الحاف بن قُضَاعة ومُهْرة بن حَيْدان ومن لَحِق بهم إلى بلاد اليمن فوغلوا فيها حتى نزلوا مأرب أرض سبأ بعد افتراق الأزد منها،
(1)
في تاريخ العبر لابن خلدون ج 3 بُخْتنَصر ملك الموصل في بابل (العراق) غزا بلاد الشام وقد سبى أغلب بني إسرائيل حول بيت المقدس وبلاد فلسطين، وظلوا في السبي في بلاد ما بين النهرين حتى أعادهم إلى بيت المقدس كيرش ملك فارس الذي تغلب على الكلدانيين الذين كانوا ببابل ومنهم بخنتصر.
(2)
سابور ذوي الأكتاف ملك شهير من ملوك فارس (الأكاسرة).
وأقاموا فيها زمانًا ثم أنزلوا عبدًا لإراشة بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن فران بن بلِّي يقال له أشعب في بئر بمأرب وأدلو عليه دلاءهم، فطفق الغلام يملأ لمواليه ويؤثرهم عن غيرهم من قُضَاعة أو يبطئ عن زيد اللات بن عامر أخي إراشة بن عامر (من بلِّي)، فغضب زيد اللات وأهله فحط على العبد (أشعب) صخرة وقال: دونك يا أشعب فدمغته فاقتتل القوم ثم تفرقوا، فتقول قُضَاعة إن خَولان
(1)
أقامت باليمن فنزلوا مِخْلاف خَولان، وإن مُهْرة أقامت هناك وصارت منازلهم الشِحْر وإن صهرة بن حَيْدان عمران بن الحاف وأنه خَولان بن عمرو بن الحاف ويأبى نسابة اليمن ذلك فيقولون هو: خَولان بن عمرو بن مالك بن أدد بن زيد بن يشْجُب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشْجُب بن يعرب بن قحطان.
ولَحِق عامر بن زيد اللات بن عامر بن عبيلة بسعد العشيرة، وهكذا فبنو زيد اللات فيهم فيقولون: زيت اللات بن سعد العشيرة، وقال المثلم بن قرط البلوي في ذلك:
ألم تر أن الحي كانوا بغبطة
…
بمأرب إذ كانوا يحلُّونها معا
بلي وبهراء وخَوْلان إخوة
…
لعمرو بن حاف فرع منه قد تفرَّعا
أقام بها خَوْلان بعد ابن أمة
…
فأثرى لعمري في البلاد وأوسعا
فلم أر حيا من مَعْدٍ عمارة
…
أجل بدار العز منا وأمنعا
وانصرفت جماعة من تلك القبائل راجعين إلى بلادهم من تهامة والحجاز فقدموها وتفرقوا فيها، فنزل ضُبيعة بن حرام بن جعل بن عمرو بن جشم بن ودم بن ذبيان بن هميم بن ذهل بن هني بن بلي - في ولده وأهله بين أمْج وغروان (غرَّان)، وهما واديان يأخذان من حرَّة بني سُلَيم ويفرغان في البحر ولهم أنعام وأموال، ولضبيعة إبل يقال لها الدجحان سود، فطرقهم السيل وهم نيام فذهب
(1)
من خَوْلان قضاعة: (قبيلة حرب) وفصَّل عنها الهمداني في (الإكليل) وهو عن أنساب اليمن وأيده الأستاذ حمد الجاسر في مجلة العرب السعودية. قلت: وهذا هو الصحيح رغم الالتباس الوارد في مخطوطات كبار النسابين، وانظر التفصيل عن قبائل حرب من خولان في المجلدين الرابع والخامس بالقسم الثاني من موسوعة القبائل العربية طبعة 2001 م/ 1421 هـ دار الفكر العربي بالقاهرة.
بضُبيعة وابلة فقالت نائحته. سال الواديان أمْج وغروان فذهب بضُبيعة بن حرام وإبله الدحجان.
وتحول ولد ضُبيعة ومن كان معهم من قومهم إلى المدينة وأطرافها وهم سَلَمة بن حارثة بن ضُبيعة وواثلة بن حارثة والعجلان بن حارثة، فنزلوا المدينة وهم حلفاء الأنصار ثم استوبئوها فتحول إلى الجندل والسقيا والرحبة، ونزل بنو أنيف بن جشم بن تميم بن عوذ مناة بن ناج بن تميم بن إراشة بن عامر بن عبيلة (بلي) في قباء وهم رهط طلحة بن البراء الأنصاري، ونزل بنو غُصينة وهم بنو سواد بن وي بن إراشة (بلِّي) في المدينة وهم رهط المُجَذَّر بن ذياد البلوي الصحابي البدري، ونزل المدينة أيضًا بنو عبيد بن عمرو بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذهل بن هميم المذكور وهم رهط أبي بردة بن نيار بن عمرو بن عبيد بن عمرو العقبي البدري الذي حضر موقعة بدر مع النبي صلى الله عليه وسلم. وأقام بمعدن سُلَيْم (فاران بن بلي) في طائفة من بلي وهم بنو الأخثم بن عوف بن حبيب بن عُصيَّة بن خِفاف بن امرئ القيس بن بُهْثة بن سُلَيْم، أي نسبوا إلى بني سُلَيْم بن منصور، العدنانية وهم الذين يقال لهم القيون ويزعمون أن أصلهم من بلي.
وخاصم رجل منهم يقال له عُقيل بن فُضيل من بني الشريد من (سُلَيْم) في معدن
(1)
فاران زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال في ذلك خفاف بن عمرو السُّلَمي:
متى كان للقينين قين طمية
…
وقين بلِّي معدنان بفاران!
فقال عُقيل بن فُضيل وهو يتقرب إلى بلي وينسب إليهم:
أنا عُقَيْل ويقال السُّلَمي
…
وأصدق النسبة أني من بلِّي
ونزلت قبائل من بلِّي أرضًا يقال لها شغب وبدا وهي فيما بين تيماء والمدينة فلم يزالوا بها حتى وقعت الحرب بين (بني خُشينة) بن عكارمة بن عوف جشم بن ودم بن هميم بن ذهل بن هني بن بلي وبين (الرَبَعة) بن معْثم بن ودم بن هميم بن
(1)
معدن فاران: هو موضع في ديار بني سُلَيْم يُستخرج منه الذهب وسمي موضع آخر من ديارهم باسم (مهد الذهب) ويستخرج منه على نطاق كبير في القرن الحالي في عهد الملك/ عبد العزيز آل سعود وحتى الآن في المملكة العربية السعودية.
ذهل بن هني بن بلي، هكذا قال ابن شبة ويقول البكري: إنما الرَبَعة هؤلاء بفتح الراء والباء هم ولد سعيد بن هميم بن ذهل بن هني بن بلي وقد قُتل أناس منهم في حربهم مع بني خُشَيْنة، فلحقت خُشَينة بعدها بتيماء في شمالي نجد فأبت اليهود أن يدخلوهم حصنهم وهم على غير دينهم، فتهودوا فأدخلوهم تيماء فكانوا معهم زمانا ثم خرج منهم نفر إلى المدينة فأظهر الله الإسلام فبقية أولادهم بها ومنهم: عويِّم بن ساعدة وقد انتسب ولده إلى عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، ومنهم أيضًا كعب بن عُجْرة كان مقيمًا في نسبه من (بلي) في المدينة مع الأنصار .. أما باقي بطون خُشينة في تيماء فقد أقاموا مع اليهود حينئذ حتى أنزل الله بأسه ونقمته عليهم، فقال أبو الذيال أحد بني خُشينة بن عكارمة يبكي على اليهود لما أنه دخل في دينهم وسكن معهم قال:
لم تر عيني مثل يوم رأيته
…
برعبل ما أحمر الأراك وأثمرا
وأيامنا بالكبس قد كان طولها
…
قصيرًا وأيام برعبل أقصرا
فلم أر من آل السموءل عصبة
…
حِسان الوجوه يخلعون المعذرا
ولحق الديل وأشرس وعوف وبنو زيد بن عامر بن عبيلة في بني تَغْلِب، فصاروا معهم يقولون نحن بنو زيد اللات بني عمرو بن غنم بن تَغْلب ولهم يقول الأَخْطَل:
لزيد اللات أقدام صغار
…
قليل أخذهن من النعال!
ولحق أخوهم عامر بن زيد بمَذْحِج القحطانية فانتسب إلى سعد العشيرة فقال هو زيد اللات بن سعد العشيرة.
أول من خرج إلى نجد من قُضَاعة
وكان أول من ذهب من قُضَاعة إلى أرض نجد فأصحر في صحرائها جُهَيْنة ونهد وسعد هذيم وكلهم بنو زيد بن ليث بن سود بن أسْلُم بن الحاف بن قُضَاعة فمرَّ بهم راكب فقال لهم: من أنتم؟ فقالوا: بنو الصحراء، فقالت لهم العرب: صُحَّار وهو اسم مشتق من الصحراء، وقال زهير بن جناب الكلبي في ذلك وهو يعني بني سعد بن زيد:
فما إبلي بمقتدرٍ عليها
…
ولا جملي الأصيل بمُسْتعار
ستمنعها الفوارس من بلِّي
…
وتمنعها فوارس من صُحار
ويمنعها بنو القَيِّن بن جِسْر
…
إذا أوقدت للحدثان ناري
وعيقها بنو نهد وجَرْم
…
إذا طال التجاول في الغوار
بكل مناجد جلد قواه
…
وأهيب عاكفون على الدوار
وقال بشر بن سوادة بن شلوة التّغْلِبي القُضَاعي إذ نعى بني عدي أسامة بن مالك التغلبيين إلى بني الحارث بن سعد هذيم بن زيد بن سود بن أَسْلُم بن الحاف بن قُضَاعة:
ألا تغني كِنانة عن أخيها
…
زهير في الملمات الكبار
قيبرز جمعنا وبنو عدي
…
فيعلم أينا مولى صُحار
وقال بشر بن أبي خازم الأسدي (من أسد العدنانية):
وشب لطيئ الجبلين حرب
…
تهر لشجوها منها صُحار
وقال حاجز الأزدي (أزد شنوءة) القحطانية وهو أحد بني سلامان بن مفرج وذلك في الحرب التي كانت بين الأزد ومَذْحِج وأحلافها، وهو يعني نهد بن زيد وقد ضِم إليهم جَرْم بن ربَّان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة، وكانت نهد وجَرْم حلفاء بتلك البلاد ومتجاورين وكانت جَرْم قد أصحرت فأقامت بنجد:
فجاءت خَثْعم وبنو زيد
…
ومَذْحِج كلها وابنا صُحْار
فلم نشعر بهم حتى أناخوا
…
كأنهم ربيعة في الجِمار
وقال عباس بن مردالس السُّلَمي في الحرب التي كانت بين بني سُلَيْم وبني زبيد، وعباس يعني نهدًا وضم إليهم جَرْم بن رُبَّان:
فدعها ولكن هل أتاها مقادنا
…
لأعدائنا نزجى الثقال الكوانسا
بجمع نريد ابني صُحار كليهما
…
وآل زبيد مخطئًا أو ملامسا
فأقامت جُهَيْنة ونهد وسعد بصحار في نجد زمانًا فكثروا وتلاحق أولادهم حتى وثب حَزِيمة
(1)
بن نهد وكان شئومًا فاتكا جريئًاعلى الحارث وعرابة ابني سعد بن زيد فقتلهما، فقالي في ذلك نهد أبوه:
وهل نجاتي من دعوى عرابة أن
…
صارت محلة بيتي السفح والجبلا
وحاجة مثل حر النار داخلة
…
سلبتها بكناز ذمرت جملا
مطوية الزور طي البئر دوسرة
…
مفروشة الرجل فرشًا لم يكن عقلا
وصية نهد لأولاده
وكان نهد منيعًا كثير التبع والولد وعمَّر عُمرًا طِويلًا وهو أكثر قومه ولد لصلبه وهم أربعة عشر ذكرًا .. وأولاده هم: مالك، وحزِيمة، وعمرو وهو الذي يقال له كَبِد بني نهد، وزيد، ومعاوية، وصباح، وكعب، وحنظلة، وعائر، وعائذة، وجشم وهو الطول، وشبابة، وأبان، وعائدة.
وأوصى نهد بنيه حين حضرته الوفاة فقال: أوصيكم بالناس شرا ضربًا أزا وطعنا وخزا كلموهم نزرا وانظروهم شزرا واطعنوهم دسرا، اقصروا الأعنة، وطرروا الأسنة، وارعوا الغيث حيث كان.
فقال الرجل من ولده يرون أنه حَزيمة: وإن كان على الصفا؟ فقال نهد حافة الصفا فلم يُرخِّص لهم في ترك النجعة!
فهذه وصية نهد التي تذكرها العرب، قال هبيرة بن عمرو بن جرثومة النهدي:
وأوصى أبونا فاتبعنا وصاته
…
وكل امرئ موصى أبوه ذاهب
فأوصى بألا تُستباح دياركم
…
وحاموا كما كنا عليها نضارب
إذا أوقدت نار العدو فلا يزل
…
شهاب لكم ترمي به الحرب ثاقب
يفرج عن أبنائنا ونسائنا
…
جلاد وطعن يردع الخيل صائب
وما زاد عنا الناس إلا سيوفنا
…
وخطية مما يترص زاعب
(2)
وكِنْدة تهذي بالوعيد ومَذْحِج
…
وشَهْران من أهل الحجاز وواهب
(1)
حَزيمة بن نهد هو المقصود بالشؤم لأنه هو السبب في حرب قُضَاعة مع ابني نزار (ربيعَة ومضَر) ومن ثم تشتت قُضَاعة كلها عن مجاورة بني مَعْد وتفرقهم في أنحاء الجزيرة العربية والشام.
(2)
راعب رجل من حِمْيَر كان يثقف الرماح.
وقال عمرو بن مرة بن مالك النهدي أحد بني زوى بن مالك زمن علي بن أبي طالب:
رحلت إلى كلاب بحر بلادها
…
فلم يسمعوا في حاجتي قول قائل
وكانوا كظني إذ رحلت إليهم
…
وما عالم بالمكرمات كجاهل
رهنت يميني في قُضَاعة كلها
…
فأبت حميدا فيهم غير خامل
بذلك أوصاني زوي بن مالك
…
ونهد بن زيد في الخطوب الأوائل
وأوص بألا تُسْتباح دياركم
…
وحاموا عليها تنطقوا في المحافل
وغالوا بأخذ المُكْرمات فإنها
…
تفوز غداة السبق عند التفاضل
وكان حنظلة بن نهد من أشراف الصرب وكان له منزلة بعكاظ في مواسم العرب وبتهامة والحجاز ولذلك يقول قائلهم:
حنظلة بن نهد
…
خير ناشٍ في مَعْد
وقد عاش الذويد واسمه جُذَيْمة بن صبح بن زيد بن نهد زمنًا طويلًا لا تذكر العرب من طول عُمْر أحد ما تذكر من طول عمره وزعموا أنه عاش أربعمائة عام، وقال حين حضرته الوفاة:
يا رب يُبنى لذويد بيته
يا رب غيل حسن ثنيته
ومعصم موشم لويته
ومغنم في غارة حويته
لو كان الدهر بلى أبليته
أو كان قرني واحدًا كفيته
فلما قتل حَزِيمة ابنا سعد بن زيد تدابر القوم وتقاتلوا وتفرقوا إلى البلاد التي صاروا إليها.
قال ابن الكلبي: وكان أول الأمر جُهَيْنة في مسيرهم إلى جبالهم وحلولهم بها فيما حدثني أبو عبد الرحمن المدني عن غير واحد من العرب: أن الناس بينما هم حول الكعبة إذ هم بخلق عظيم قد آزى رأسه أعلى الكعبة فأجفل الناس هاريين، فناداهم ألا تراعوا فأقبلوا إليه وهو يقول:
لا هم رب البيت ذي المناكب
ورب كل راجل وراكب
أنت وهبت الفتية السلاهب
وهجمة يُحار فيها الحالب
وثلة مثل الجراد السارب
متاع أيام وكل ذاهب
فنظروا فإذا هي امرأة فقالوا: ما أنت إنسية أم جنيَّة؟ قالت: لا بل إنسية من آل جُرهُم أهلكنا الذر زمان يعلم بمجحفات وبموت لهذم للبغي منا وركوب المأثم.
ثم قالت: من ينحر لي كل يوم جزورا ويعد لي زادًا وبعيرا ويبلغني بلادًا قورا - أي واسعة - أعطه مالًا كثيرا .. فانتُدب لذلك رجلان من جُهَينة فساروا بها أياما حتى انتهت إلى جبل جُهَيْنة، فأتت على قرية غل وذر فقالت: يا هذان احتفرا هذا المكان، فاحتفرا عن مال كثير من ذهب وفضة فأوقرا بعيريهما، ثم قالت لهما: إياكما أن تلتفتا فيُخْتَلس ما معكما، قال: وأقبل الذر حتى غشيهما فمضيا غير بعيد فالتفتا فأخْتُلِس ما كان معهما من المال وناديا هل من ماء؟ قالت: نعم انظرا في موضع هذه الهضاب ثم قالت وقد غشيها الذر:
يا ويلتي يا ويلتي من أجلي
رى صغار الذر يبغي هُبَلي
سلطن يفرين على محملي
يار أين أنه لابد لي
من منعة أحرز فيها معقلي
ودخل الذر منخريها ومسامعها فوقعت لشقها فهلكت، ووجدت الجُهنيان عند الهضبة الماء وهو الماء الذي يقال له مِشْجَر وهو بناحية فرش مَلَل من مكة على سبع أو نحوها من المدينة على ليلة إلى جانب مثعر وهو ماء لجُهينة معروف .. فيقال أنهما بقيا بتلك البلاد وصارت بها جماعة من جُهينة .. وكانت بقايا جُذام سكان أرض تلك البلاد يقال لها يَنْدُد فأجلتهم عنها جُهينة وبها نخل وماء، فقال رجل من جُذام حين ظعن منها وألتفت مُتحسِّرًا إلى يَنْدُد ونخلها:
تأبري ينْدُد لا آبر لك!
وكان لعجوز من جُذام هناك نخيلات بفناء بيتها، وكانت إذا سُئلت عنهن قالت: هن بناتي فقيل لهن: (بنات بحنه) ولا يغلمونها كانت بموضع قبل يَنْدُد وفيها يقول الراجز:
لا يغرس الغارس إلا عجوه
أو ابن طاب ثابتًا في نجوه
أو الصياحي أو بنات بحنه
فنزلت جُهَيْنة تلك البلاد وتلاحقت قبائلهم وفصائلهم فصارت نحوًا من عشرين بطنًا، وتفرقت قبائل جُهينة في تلك الجبال وهي الأشعر والأجرد وقدس وآره ورضوى وصندد، وانتشروا في أوديتها وشعابها وعراضها وفيها العيون والنخل والزيتون والبان والياسمين والعسل وضرب من الأشجار والنبات، وأسهلوا إلى بطن إضم وأعراضه وهو واد عظيم تدفع فيه أودية ويفرغ في البحر، ونزلوا ذا خشب ويَنْدُد والحاضرة ولقفا والفيض وبواط والمصلى وبدرا وجفاف وودان وينبع والحوراء ونزلوا ما أقبل من العرج والخبيتين والرويثة والروحاء، ثم استطالوا على الساحل وامتدوا في التهائم وغيرها حتى لقوا بلْيًا وجُذام بناحية حقل
(1)
من ساحل تيماء، وجاورهم في منازلهم على الساحل قَبائل من كنَانة، ونزلت طوائف من جُهينة بذي المروة وما يليها إلى فيف، فلم تزل جُهَيْنة بمناَزلها حتى جاورتهم بها أشْجَع بن ريث بن غَطَفان بن سعد بن قيس عَيْلان بن مُضر، ثم نزلتها أيضًا معهم مُزينة من أد بن طابخة بن إلياس بن مُضَر، فتجاورت هذه القبائل في هذه البلاد
(1)
حقل على شاطئ البحر الأحمر - خليج العقبة - وهي من ديار حويطات التهم الآن.
وتنافسوا فيها وبيان ما صار لكل قبيلة من تلك الجبال وبلادها في الموضع الذي فيه فحالفت بطون من جُهينة بطونًا من قيس عَيلان (مضَر) ونزلوا ناحية خيبر وحرَّة النار إلى القُف، وفي ذلك يقول الحسين بن حمام المُرِّي من غَطَفان في الحرب التي كانت بين صرمة بن مُرة وسهم بن مُرة:
فيا أخوينا من أبينا وأمنا
…
دروا موالينا من قُضَاعة يذهبا
فإن أنتم تفعلوا لا أبا لكم
…
فلا تعلقونا ما كرهنا فنغضبا
فلم تزل جُهَيْنة في تلك البلاد وجبالها والمواضع التي حصلت لها اليد الذي صار لأَشْجَع (غَطَفان) ومُزينة في المنازل والمحال التي هم بها إلى أن قام الإسلام وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، ثم ظعنت بعد جُهَيْنة، وسعد بن هذيم ونهد ابنا زيد بن ليث بن أَسْلُم بن الحاف بن قُضَاعة فنزلوا وادي القِرَى والحجر والجناب وما والاهن من البلاد، ولحقت بهم حوتكة بن سود بن أَسْلُم بن الحاف بن قُضَاعة وفصائل من قدامة بن جَرْم بن ربَّان وهو عِلاف بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة وبنو ملكان بن جرْم عدا شكْم بن عدي بن غنم بن ملكان بن جَرْم، وهم بطن ينسبون إلى فزارة من غَطَفان (قَيس عَيْلان) ويقولون شكم بن ثعلبة بن عدي بن فزارة، والقوم حيث وضعوا أنفسهم أي هم أدرى بنسبهم.
فنزلت هذه القبائل تلك البلاد فلم يزالوا حتى كثروا وانتشروا فوقعت بينهم الحرب، وكان العدد والقوة والعزة والثروة في قبائل سعد بن زيد، فأخرجوا نهدًا وحوتكة وبطون جَرْم منها ونفوهم عنها، ورئيس بني سعد يومئذ رزاح بن حرام بن ضنة بن عبد بن كبير بن عُذْرة بن سعد بن زيد - وكما سبق ذكره فهو أخو قُصي بن كِلاب القُرَشي لأمه - ولم تجتمع قُضَاعة على أحد غير رِزاح وزهير بن جناب الكَلْبي - فقال زُهير لما بلغه الذي كان من أمرهم وإخراج رزاح قومه تلك القبائل من تلك البلاد كرامة لذلك، وعرف ما في تفرقهم من القلة والوهن وقد ساءه فقال شعرًا منه:
ألا من مبلِّغ عني رزاحًا
…
فإني قد لحيتك في اثنين
لحيتك في بني نهد بن زيد
…
كما فرقت بينهم وبيني
حوتكة بن أسلُم إن قوما
…
عنوكم بالمساءة قد عنوني
قلت. وفي سيرة ابن هشام للنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن هذه الأبيات قائلها قُصي بن كِلاب القُرَشي وليس زُهَير بن جَنَاب الكَلْبي القُضَاعي، والله تعالى أعلم بمن قالها.
فظعنت نهد وحوتكة وجَرْم من تلك البلاد وافترقت منها فصائل في العرب فلحقت بنو أبان وبنو نهد ببني تَغْلِب بن وائل (ربيعة)، فيقال أنهم رهط الهذيل بن هُبيرة التَغْلبي، وقد قال عمرو بن كلثوم التَغْلِبي فارس ربيعة وتغلب الشهير وهو يعني الهُذيَل بن هبيرة:
هلكت وأهلكت العشيرة كلها
…
فنهدك نهد لا أرى لك أرقما!
وقال بشر بن سوادة بن شلوة في ذلك للهُذيل بن هبيرة:
أنهديًا إذا ما جئت نهدًا
…
وتُدعى بالجزيرة من نِزار
ألا تغنى كِنَانة عن أخيها
…
زُهير في الملمات الكبار
قيبرز جمعنا وبنو عدي
…
فيعلم أينا مولى صُحار
وقد قال خِرَاش أن هذا الشعر لعمرو بن كلثوم التَغْلِبي وليس لبشر.
وسارت حَوْتكة بعد إلى مصر، وأقام منهم أناس مع بِلِّي وأناس مع بني حُميس من جُهَينة وأناس مع بني لأى من عُذْرَة.
وسارت قبائل جَرْم ونهد إلى بلاد اليمن، وهم مالك وحَزِيمة وصباح وزيد ومعاوية وكعب وأبو سود وبنو نهد فجاوروا مَذْحِج القحطانية في منازلهم من نجران وتثليث وما والاها، فنزلوا منها أرضًا تلي السراة يقال لها أديم وأمرهم يومئذ جميع وكلمتهم واحدة وغلبوا على بعض تلك البلاد، وناكرتهم طوائف من قبل مَذحِج وطمعوا فيهم فقال عبد الله بن دهثم النهدي في ذلك:
لأخرجن صريمًا من مساكنها
…
والمرتين وهمام بن سيار
لم أدر ما يمن وأرض ذي يمن
…
حتى نزلت أديمًا أفسح الدار
وصريم المذكور في البيت الأول هو رجل من بني زوى بن مالك بن نهد، أما المُرَّتان هما مُرَّة بن مالك بن نهد وأخ له آخر له اسم غير مُرة فسماهما المرتين بأحدهما .. وقال عمرو بن معد يكرب الزبيدي فارس زبيد وبلاد اليمن:
لقد كان الحواضر ماء قومي
…
فأصبحت الحواضر ماء نهد
وقال هبيرة بن عمرو النهدي القُضَاعي وهو يذكر قبائل مَذْحِج وخَثْعَم وتنمرهم لهم وتواعدهم إياهم:
وكِنْدة تهذي بالوعيد ومَذْحِج
…
وشَهْران من أهل الحجاز وواهب
قال الراوي: ونزلت خَثْعَم السراة قبل، فكثرت بطون جَرْم ونِهْد بها وفصائلهم فتلاحقوا فاقتتلوا وتفرقوا وتشتت أمرهم ووقع الشر بينهم وفي ذلك يقول أبو ليلى النهدي وهو خالد بن الصقعب (جاهلي):
أتعرف الدار قفرًا أم تحييها
…
أم تسأل الدار عن أخبار أهليها
دار لنهد وجَرْم إذ هم خُلّط
…
إذ العشيرة لم تشمت أعاديها
حتى رأيت سراة الحي قد جنحت
…
تحت الضبابة ترمينا ونرميها
وأصبح الود والأرحام بينهم
…
زرق الأسنة مجلوزًا نواحيها
إذ لا تشايعني نفس لقتلهم
…
ولا لأخذ نساء الهون أسبيها
فلحقت نهد بن زيد ببني الحارث بن كعب فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جَرْم بن ربان ببني زُبيد فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها يغزون معهم ويحاربون من حاربهم حتى تحاربت بنو الحارث وبنو زُبيد في الحرب التي كانت بينهم فالتقوا وكان على بني الحارث عبد الله بن عبد المدان وعلى بني زبيد عمرو بن مَعْد يكرب الزبيدي، فتعبى القوم فعُبيَّت جَرم لنهد وتواقع الفريقان فاقتتلوا فكانت الدبرة يومئذ على بني زبيد وفرَّت جَرْم من حلفائها من زبيد، فقال عمرو بن مَعْد يكرب في ذلك وهو يذكر جَرْفا وفرارها عن زبيد قائلًا:
لحا الله جَرْمًا كلما ذر شارق
…
وجوه كلاب هارشت فازبأرت
ظللت كأني للرماح درية
…
أقاتل عن أبناء جَرْم وفرَّت
ولم تغن جَرْم نِهْدُها إذ تلاقتا
…
ولكن جَرْمًا في اللقاء ابذعرَّت
ومعنى ابذعَرَّت .. أي تفرقت.
فلحقت جَرْم بنهد وحالفوا بني الحارث وصاروا يغزون معهم إذا غزوا ويقاتلون معهم من قاتلوا، فقال في ذلك عمرو بن مَعْد يكرب .. قال ابن الكَلْبي:
أنشد فيها أسعر بن عمرو الجعفي قال أنشد فيها خالد بن قطن الحارثي:
قل للحُصين إذا مررت به
…
ابصر إذا راميت من ترمي
تهدي الوعيد لنا وتشتمنا
…
كمُعَرض بيديه للدهم
أرأيت إن سبقت إليك يدى
…
بمُهنَّدٍ يهتز في العظم
هل يمنعك أن هممت به
…
عبداك من نهدومن جَرْم
وقال خالد بن الصقعب النهدي فيما كان بين نهد وجَرْم:
عقدنا بيننا عقدًا وثيقًا
…
شديدًا لا يوصل بالخيوط
فتلك بيوتنا وبيوت جَرْم
…
مُضْرَجة بأبدان شميط
ويؤويها الصريخ إلى طحون
…
كقرن الشمس أو كصفا الأطيط
فلم تزل جَرْم ونهد بتلك البلاد وهي على ذلك الحلف حتى أظهر الله الإسلام ومن هنالك هجر منهم وبها بقيتهم، وأقامت قبائل سعد هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلُم بن قُضَاعة بمنازلهم من وادي القِرَى والحجر والجناب وما والاها من البلاد فانتشروا فيها وكثروا بها وتفرقوا أفخاذًا وقبائل فَكان في عُذرة بن سعد وأمه عاتكة بنت مُر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مُضَر، العدد والشرف ومنهم رزاح بن ربيعة أخو قُصي بن كلَاب لأمه وفيهم كان بيت عُذْرَة بن سعد وأمهُ فاطمة بنت سعد بن سيل وهي أم قُصَي بن كلاب، القُرَشي.
وقال الراوي: كان أهل وادي القِرَى وما والاها من اليهود يومئذ كانوا نزلوها قبلهم على آثار من آثار ثمود والقرون الماضية قبلهم، فاستخرجوا كظائمها وأساحوا عيونها وغرسوا نخلها وجنانها، فعقدوا بينهم حلفًا وعقدًا وكان لهم فيها على اليهود طُعْمَة وأكُل في كل عام، ومنعوها لهم من العرب ودفعوا عنها قبائل بلِّي بن عمرو بن الحاف بن قُضَاعة وغيرهم من القبائل، وقد كان النعمان بن الحارث الغسَّاني أراد أن يغزو وادي القِرَى وأهله وأجمع على ذلك فلقيه نابغة بني ذبيان (من غَطَفان قيس عَيْلان) واسمه زياد بن معاوية، فأخبره خبرهم وحذره إياهم ليصده عنهم، وذكر له بأسهم وشدتهم ومنعهم بلادهم ودفعهم عنها من أرادها وقال في ذلك.
لقد قلت للنعمان يوم لقيته
…
يريد بني حِن ببرقة صادر
تجنَّب بني حِنْ فإن لقاءهم
…
كريه وإن لم تلق إلا بصابر
هم قتلوا الطائي بالحِجْر عنوة
…
أبا جابر واستنكحوا أم جابر
وهم ضربوا أنف الفزاري بعدما
…
أتاهم بمعقود من الأمر فاقر
وهم منعوها من قُضَاعة كلها
…
ومن مُضَر الحمراء عند التغاور
وهم طرفوا عنها بلِّيًا فأصبحت
…
بلِّي بوادٍ من تهامة غائر
فتطمع في وادي القِرَى وجنوبه
…
وقد منعوه من جميع المعاشر
وهم منعوا وادي القِرَى من عدوهم
…
بجمع مبير للعدد المكاثر
أبو جابر هو ابن الجلاس بن وهب بن قيس بن عبيد بن طريف بن مالك بن جدعاء بن ذهل بن رومان الطائي .. وبنو حِن بن ربيعة بن حرام بن ضنة من بني عُذْرَة بن سعد هذيم.
فلم يزالوا على ذلك قد منعوا تلك البلاد وجاوروا اليهود فيها حتى قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة بن النعمان بن هوذة بن مالك بن سمعان بن البياع بن دليم بن عدي بن حزاز بن كاهل (بن عُذْرَة)، فجعل له النبي صلى الله عليه وسلم رمية سوطة وحضر فرسه من وادي القِرَى، وجعل لبني عُريِّض من اليهود تلك الأطعمة التي ذكرنا في كل عام من ثمار الوادي، وكان بنو عُريض أهدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم خزيرًا أو هريسة وامتدحوه، فطُعْمَة بني عُريِّض جارية إلى اليوم ولم يُجْلَوا فيمن أجلي من باقي اليهود.
قال هشام حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ثم العجلاني عن إبراهيم بن البكير البلوي عن يثربي بن أبي قسيمة السلاماني عن أبي خالد السلاماني، قال: خرج رجل من مداش وهو ابن شق بن عبد الله بن دينار بن سعد بن هذيم يقال له ورد فلقى جَمْرة بن النعمان بعد أن أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم الوادي فكسر عصا كانت بيد جمرة، فاستأدى جمرة عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي: دعوا أسد الهروات أي (الهَلكَة) وأقطعه بوادي القِرَى يقال له: حائط المداش.
وكانت (كلْب) بن وبرة بن تَغْلب حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة وجَرم بن رَبَّان وعُصيمة بن اللبو بن امرئ مناة بن (فتية) وقيل: قتيبة بن النمر بن وبرة بن تَغلب بن حلوان بمنازلها من حضن وما والاها من ظواهر أرض نجد ينتجعون البلاد ويتبعون مواقع القطر، حتى انتشرت قبائل بني نِزار بن مَعْد وكثرت وخرجت من تهامة إلى ما يليها من نجد والحجاز، فأزالوهم عن منازلهم ورحَّلوهم عنها ونافسوهم فيها فتفرقوا عنها، فظعنت جَرْم بن رَبَّان عن مساكنهم من حضن وما قاربه، فتوجهت طائفة منهم إلى ناحية تيماء ووادي القِرَى مع بني نِهد بن زيد وحَوتكة بن سود بن أسْلُم فصاروا أهلها وسكانها، فلم يزالوا بها حتى وقعت بينهم وبين قبائل سعد هُذَيم بن زيد حرب فأخرجوهم بنو سعد منها فلحقوا ببلاد اليمن ومقامهم هنالك في مقدم حديث قُضَاعة وتفرقهم.
وسارت ناجية بن جَرْم وراسب بن الخزرج بن جدة بن جَرْم وقدام بن جَرْم وملكان بن جَرم متوجهين إلى عُمان، فمروا ببلاد اليمامة فأقامت طائفة منهم بها ومضت جماعتهم حتى قدموا عُمان فجاوروا الأزد بها وأقاموا معهم وصاروا من أتلاد عُمان الذين فيها وفيه يقول الملتمس:
إن عِلافا ومن بالطود من حضن
…
لما رأوا أنه دين خلابيس
ردوا إليهم جمال الحي فاحتملوا
…
والضيم ينكره القوم المكاييس
ويقال: إن سامة بن لؤى
(1)
بن غالب القُرَشي خرج من الحرمِ فنزل عُمان وبها تزوج امرأته الجَرْمية هناك والتي منها ولده وهي ناجية بنت جرْم فيما ذكر الكلبي، أما جَرم فيقولون ناجية بن جَرم تزوج هند بنت سامة بن لؤى .. وقال غيؤ الكلبي هي ناجية بن الخزرج بن جدة بن جَرْم بن رَبَّان القُضَاعي.
وفي الأغاني: أن بنو ناجية هؤلاء ارتدُّوا عن الإسلام ولما ولي الإمام علي بن أبي ظالب - كرم الله وجهه - الخلافة دعاهم إلى الإسلام فأسْلم بعضهم وأقام الباقون على الرِّدة فسباهم وأسترقهم فاشتراهم مُصْقَلة بن هُبيرة.
(1)
قال بن إسحاق إن سامة هرب من وجه أخيه عامر بن لؤي بعدما فقأ عينه، وقيل في الأغاني إن الخلاف كان مع أخيه كعب، ولحق بعُمان ثم هصرت حية ناقته فوقعت لشقها ثم نهشت سامة فقتلته.
فصار بنو سامة بن لؤي بعُمَان حيًّا حريدًا شديدًا ولهم منعة وثروة يقال لهم بنو ناجية وفي ذلك يقول المسيب بن عِلس الضبعي:
وقد كان سامة في قومه
…
له مأكل وله مشرب
فساموه خسفًا فلم يرضه
…
وفي الأرض عن خسفهم مذهب
فقالت لسامة إحدى النساء
…
ما لك يا سامة لا تركب
أكل البلاد بها حارس
…
مطل وضرغامة أغلب
فقال بلى إنني راكب
…
وإني لقومي مُستعْتب
فشد أمونا بأنساعها
…
بنخلة إذ دونها كبكب
فجنبها الهضب تردي به
…
كما شجى القارب الأحقب
فلما أتى بلدًا سره
…
به مرتع وبه معزب
وحِصن حصين لأبنائهم
…
وريف لعيرهم مخصب
تذكر لما ثوى قومه
…
ومن دونهم بلد غرّب
فكرت به حرج ضامر
…
فآبت به صلبها أحدب
فقال ألا فأبشروا وأظعنوا
…
فصارت عِلاف ولم يعقبوا
ولمّ فيه رحلتهم في السماء
…
نحس الحزاتين والعقرب
فبلغه دلج دائب
…
وسير إذا صاح الجندب
فحين النهار يرى شمسه
…
وحينا يلوح لها كوكب
ولحق بهم فيما يقال بنو فدي بن سعد بن الحارث بن سامة بن لؤي فانتسبوا إليهم، وكان فدي بن سعد قتل ابن أخ له يقال له حمزة بن عمرو بن سعد ثم لحق باليحمد بن حمى بن عثمان بن نصر بن (زهران) - الأزد - وقال عدي بن وقاع العقوي: منقذ بن عمرو بن مالك بن فهم وإنما سمي العقي؛ لأنه قتل أخاه جرموزا فقيل عقه فسمي لقتله إياه العقي، فقال في شأن جَرْم ونزولهم عُمان ووقعة كانت هنالك بينهم:
ناج ابن جَرْم فما أسباب جيرتكم
…
بني قدامة أن مولاهم فسدا
دليتموهم بأمراس لمهلكة
…
جرد تبين في مهواتها جردا
أخرجتموهم من الأحرام فانتجعوا
…
يبغون خيرًا فلاقوا نجعة حشدا
إلى عُمان فداستهم كتائبنا
…
يوم الرئال فكانوا مثل من حُصِدا
وانحازت كَلْب من منازلها التي كانوا بها من حضن وما والاه إلى ناحية الربذة وما خلفها إلى جبل طمية، وفي ذلك يقول زهير بن جناب الكلبي وهو يوصي بنيه ويذكر منزلة طمية:
ابني إن أهْلِك فأني قد بنيت لكم بنيه
وتركتكم أرباب سادات زنادكم وديه
ولكل ما نال الفتى قد نلته إلا التحيه
ولقد شهدت النار للسلاف توقد في طميه
ويعني هنا زهير في نظمه هذا يوم خزازى حين أوقدوا النار لكليب التغلبي (بني ربيعة) قائد بني عدنان ضد جيوش اليمن القحطانية. ويقول الراوي: فوقعت بين قبائل (كلب) حرب فاقتتلوا فكانت كلها يدًا على بني كِنَانة بن بكر بن عوف بن عُذُرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب فظهرت بنو كِنَانة كلها.
قال هشام: الصحة من ذلك أن عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن عُذْرة وعبد الله من كِنَانة بن بكر بن عوف وأحلافهم كانوا يدًا على بني كِنَانة وأحلافها فظهرت بنو كِنَانة على هاتين العمارتين: بنو عامر وبني عبد الله، وفي ذلك اليوم تحالفت أحلَاف كلب كلها فتفرقت كلب كلها وتباينت في ديارها ومنازلها، فظعنت قبائل من بني عامر بن عوف بن بكر إلى أطراف الشام وناحية تيماء فيمن لحق بهم أو كان معهم، وليست لعامر بادية، ونزلت كلب ومن حالفهم وصار معهم من قبائل كلب بخبت دومه إلى ناحية بلاد طيئ من الجبلين وحيزهما إلى طريق تيماء، وبدومه غلبهم بنو عليم بن جناب فقال أوس بن حارثة بن أوس الكلبي (جاهلي) وذلك في الحرب التي كانت بينهم.
سقنا رفيدة حتى احتل أولها
…
تيماء يذعر من سلافها جدد
سرنا إليهم وفينا كارهون لنا
…
وقد يصادف في المكروهة الرشد
حتى وردنا على ذبيان ضاحيه
…
إنَّا كذلك على ما خيلت نرد
بيوت الرياسة في قُضَاعة
قال هشام عن الشرقي: وكان أول بيت في قُضَاعة في حنظلة بن نهد بن زيد بن ليث بن أَسْلُم بن الحاف بن قُضَاعة، وكان صاحب فتاحهم أبي الحكم في الخصومات وهو حكمهم الذي يحكم بينهم وله يقول القائل:
حَنْظَلة بن نِهْد
…
خير ناشٍ في مَعْد
وكان وبرة بن تَغْلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة مرض مرضه فرفع يده إلى السماء فقَال: اللهم أدلني، أي اجعل لي دولة وغَلَبة من نهد، قال الراوي: وعز قُضَاعة يومئذ وشرفها في نهد، وكان حنظلة بن نهد صاحب فتاحة تهامة وصاحب العرب بعكاظ حين تجتمع في أسواقها، فتحول ذلك إلى كلب بن وبرة فكان أول كلبي جمع كلب وضربت عليه القبة عوف بن كِنَانة بن عوف بن عُذرة بن زيدة اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب، ودُفع إليه ود وهو صنم كان لقوم نوح، ثم ضُربت من بعده على الشجب بن عبد ود بن عوف، ثم ضُربت من بعده على ابنه عبد الله بن الشجب، ثم ضُربت على ابنه عامر بن عبد الله وهو المتمني، ثم تحولت إلى زُهير بن جناب وصار له الشرف والبيت فلم يزل فيه عمره حتى هلك، ثم تحول إلى عدي بن جناب فكان منهم الحارث بن حصْن بن ضمضم بن عدي بن جناب، ثم تحول إلى ابنه ثعلبة ثم إلى عمرو بن ثعَلبة وظلَّ حتى زمن الراوي.
وقال الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اليماني في تفرُّق قُضَاعة: أن عامرًا ماء السماء بن حارثة جرد وندب إلى الشام بأمر الملك الملطاط بن عمرو أحياء قُضَاعة وولى عليهم زيد بن ليث، فافترقوا عنه فمنهم من رجع إلى اليمن ونسلهم بها إلى اليوم وهم مُهْرَة ومَجيد، ومنهم من نزل الحجاز ونسلهم بها إلى اليوم وهم بِلِّي وبَهْراء ابنا عمرو بن الحاف بن قُضَاعة، وأقام بنو زيد أيضًا في الحجاز فافترقت بها نسله من سعد وعُذْرَة وجُهَيْنة ونِهْد، فأما نهد فارتفعت إلى
نجد العليا وقد كانت دهرًا بتهامة وأما من مضى من قُضَاعة إلى الشام ومصر والبحرين فنسلهم بها إلى اليوم وهم كَلْب وتَنوخ وسَلِيح وخشين والقَيِّن.
- للرد على الالتباس لما ذكره نسابة قُضَاعة أن (خَولان) قُضَاعية فالصحيح هو ما ذكره صاحب معجم البلدان الذي وضح أن هناك خولان فرع من قُضَاعة نزل في بلاد اليمن - في ج 2 ص 499 - كما أن هناك خَولان الأقدم ومنهم قبائل عديدة في بلاد اليمن وهي في خَولان من كهلان بن سبأ - في ج 4 ص 438.
قلت: ولما أن خَوْلان من قُضَاعة ظلت في اليمن فقد حسبوا من خولان (كَهْلان) الأكثر عددًا ولكن نسابة قُضَاعة حسبوا أن كل خَولان منهم أي (قُضَاعة)، وقد عضد ياقوت صاحب معجم البلدان قوله بأن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين خَوْلان قُضَاعة وخَولان كَهْلان القحطانية القديمة وقد سمي كَهْلان سبأ بالعالية وقال صلى الله عليه وسلم: اللهم صلي على السكاسك والسكون وعلى الأملوك ملوك ردمان وعلى (خولان العالية).
قلت: السكاسك والسكون من (كِندة)، وردمان بلدة شهيرة باليمن، وخَولان العالية هم من كَهْلان بن سبأ القحطانية وهو خَولان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مُرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.
- كانت قبائل قُضَاعة من أقوى قبائل الشام وأكثرها عددًا في عهد الخليفة معاوية بن أبي سمان وكان معاوية داهية من دواهي العرب، فيقال أنه دفع الأموال إلى رؤساء قبائل قُضَاعة كي يتمسكوا بالرأي القائل أن قُضَاعة من (العدنانية) ولكن بعض هؤلاء رفض هذا العرض وتمسكوا برأي جمهرة النسابين أن قُضَاعة من حمير من عرب اليمن، ومن القبائل المضَاعية ذات القوة والغلبة في الشام والتي سارت وراء معاوية هي كلب بَن وبرة وقد دوَّن أفرادها أنفسهم في ديوان العطاء للجند وثبتوا أنفسهم من العدنانية!، وتزوج معاوية من كلب وأنجب يزيد بن معاوية من المرأة الكلبية.
وكانت كلب خير عون لمعاوية ودولة بني أميَّة ومنهم خاصة معاوية ومستشاروه وبعض قادة جنده ومساعديه.
ومساكن كلب من دومة الجندل بين (سكاكة والجوف) بشمال المملكة العربية العودية وحتى أطراف الشام، وفي أوائل القرن الثامن الهجري كان بنو كلب كثيرون على خليج القسطنطينية مسلمين والقسطنطينية هي إسطانبول في تركيا الآن.
قال في مسالك الأمصار: ومن كلب في حلب وحولها وتَدْمر من بلاد سوريا وهناك بعض كلب في اللاذقية وهم نصيريون.
قال صاحب قبائل بشر السبع: كان لكلب إمارة في (صقلية) جنوب إيطاليا في عهد الدولة الفاطمية وأن تلك الإمارة قد استمرت من عام 336 حتى عام 431 هـ.
وفي تاريخ شرق الأردن: أن العودران التي تقطن في الطفيلة وقرية عابور من بلاد الكرك هم من أعقاب بني كلب (قُضَاعة).
وفي نهاية الأرب للقلقشندي: أن الحمداني ذكر بني كلب في الديار المصرية وأن منهم جماعة كبيرة في نواحي منفلوط بصعيد مصر.
وفي تاريخ ابن الأثير ونهاية الأرب للنويري والبيان والأعراب للمقريزي وتاريخ العبر لابن خلدون: أن من بني كلب جماعة كبيرة في عهد الدولة الفاطمية يسكنون في مصر بالوحه البحري والجيزة، وقد استعان بهم الخليفة الفاطمي المستنصر بالله عام 443 هـ في قتال الخارجين أو العُصاه من بني قُرة الهلالية وهذا بعد هزيمته منهم في بادئ الأمر، وقد جمع لهم عساكر من كلب وطيئ فهزم بنى قره (هلال) هؤلاء وجعل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عليهم حراسة في بر الجيزة حتى لا يتعرضوا بالأذى للبلاد حينئذ، وانظر عن كلب في المجلد الخامس بالقسم الثاني من موسوعة القبائل في الفصل الخاص للشرارات من كلب.
- عن قبيلة جَرْم بن رَبَّان القُضَاعية فكان أغلب فروعهم يسكن الشام وعلى الأخص فلسطين وكان منهم عصام بن شهير بن الحارث وكان شجاعًا شديدًا من رجال النعمان بن المنذر وله يقول النابغة:
فإني لا ألومك في دخول
…
ولكن ما وراءك يا عصام؟
وله قيل: نفس عصام سودت عصاما وعلمته الكر والإقداما وجعله ملكا هُماما.
وكان من جَرْم بن رَبَّان (قُضَاعة) منازل في بلاد الكرك والشراة ثم في النقب وبلاد غزة (فلسطين)، وذكر العارف أن أغلب عشائر العزازمة من بقايا جَرم بن ربَّان هؤلاء، وقد ذكر أن هناك جَرم (طيئ) القحطانية ومنهم في بلاد الشام فاحذر من الخلط بينهما.
- عن بَهراء القُضَاعية فأكثر نسلهم في بلاد حوران بسوريا وشمالي الأردن وفلسطين، وكان من بهْراء في مصر وذكرهم ابن خلدون في تاريخ العبر: أن منازلهم كانت شمال منارل بلي من الينبع إلى عقبة إيلياء ثم جاور منهم خلق كثير بحر القلزم (الأحمر) وقد انتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة وكثروا هناك وغلبوا على بلاد النوبة وهم يحارلون الأحباش حتى عهد ابن خلدون (أواخر القرن الثامن الهجرى)، وذكر أن من بهراء جماعة من الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أشهرهم المقداد بن عمرو البهراني وقد سُمي المقداد بن الأسود لما أن الأسود بن عبد يغوث بن وهب ابن خال النبي صلى الله عليه وسلم قد تبناه فنسب إليه وكان فرس المِقداد من بين ثلاثة فقط في غزوة بدر.
والمِقداد بن عمرو هو القائل في مسير النبي للقاء مشركي قريش في غزوة بدر الكبرى:
يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كلما قالت بنو إسرائيل لموسي: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغِمَاد (موضع في الحبشة أو اليمن) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له. وفي صبح الأعشي: أن بهراء يحاربون الأحباش حتى عام 814 هجري.
- ذكر النويري في نهاية الأرب: أن هناك قبيلة تسمى (الحمراء) من قُضَاعة كان لهم خطة في فسطاط مصر في بداية فتح مصر على يد عمرو بن العاص.
- ذكر ابن خلدون في العبر وابن حزم في الجمهرة: أن (عاتية) من قبائل قُضَاعة دخلوا في بني سليم بن منصور العدنانية ورحلوا إلى بلاد المغرب مع سُلَيم، وهو عاتية بن النمر بن ويرة بن تَغْلِب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة.
- ذكر المقريزي في البيان والأعراب: أن كنَانة من عُذْرة كانوا يسكنون الدقهلية والمرتاحية من الديار المصرية وذكرهم القلقشندي: عَذرة (كَلْب) منهم بطون كثيرة بمصر.
- ذكر في الجمهرة لابن حزم: أن بني القين بن جِسر بن شيع الله بن أسد بن وبرة كان لهم صولة في أكناف الشام وجمع كبير ولهم ثروة عظيمة وكانوا يناهضون كلب بن وبرة أو يتساوون معهم في القوة والسؤدد ثم ضعفوا ووهن أمرهم في القرون اللاحقة بعد الإسلام، ومن بني القين تميم بن زيد غزا بلاد الهند أيام الفتوح الإسلامية، ومنهم أبو عبد الرحمن ذو الشكوة وكان جسيمًا أى ضخم الجسم فقاتل يوم أجنادين مع أبي عبيدة بن الجراح القرشي رضي الله عنه فقتل ثمانية من الروم فقال أبو عبيدة (أمين الأمة) وقائد الجيش يومئذ:
فعل كفعل الضخم من قُضَاعة
…
في طاعة الله ونعم الطاعة
- في الجمهرة. أن بني خشين بن النمر كان منهم أبو ثعلبة الخشني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم شهد بيعة الرضوان وخيبر، وأخوه عمرو بن جرهم أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
* من أراد أن يعرف تفصيلات عن قضَاعة فليرجع إلى المطولات في جمهرة أنساب العرب وتاريخ العبر والكامل في التاريخ وغيرها.
بلِّي
نسب القبيلة
.
هو بلِّي بن عمرو بن الحافي بن قُضاعة.
ديار بلِّي في المملكة العربية السعودية:
تنتشر عشائر بلي في الوقت الحاضر في شمال الحجاز (شمال غرب المملكة العربية السعودية)، وتبدأ ديار بلي من الشمال الغربي حيث يحدها مع الحويطات - وقبلها بني غقبة - وادي داما وهو وادٍ يركز على جبال الحُمر بين شواق والديسة وسليسل، وما سال منه في الشمال في وادي سليسل هي ديار الحويطات خلفاء بني عُقبة، وما سال من الغرب في وادي داما إلى البحر هي ديار بلِّي التاريخية، والفاصل هو وادي داما مجرى السيل
(1)
، وحدود ديار بلِّي من الشمال الشرقي فهو وادي الأثيل وهو الحد بين بلي وقبيلة بني عطية.
أما ديرة بلِّي من الشرق فتمتد حتى أعلى وادي العُلا الفاصل بين بلِّي وعَنَزة وهو يصب في وادي الحمض من شرقه،
وأما من الجنوب فتنتهي ديار بلِّي عند وادي الحمض الفاصل بين قبيلة جهينة القُضَاعية (أبناء عمومة بلي) وهو واد يصب غربًا في البحر الأحمر - الحد الغربي لقبائل الحجاز وباقي قبائل جنوب غرب المملكة حتى حدود اليمن -.
لمحة عن ديار بلي قديمًا من مصنفات المؤرخين
كانت ديار بلِّي بين المدينة المنورة ووادي القِرى من منقطع دار جُهينة إلى حد دار جُذام بالنبك (بلدة شمال المملكة العربية السعودية)، وعلى شاطئ البحر الأحمر ثم عينونا من خلفها ثم إلى ميامن البر إلى حد تبوك ثم إلى جبال الشراه ثم إلى معان (جنوب المملكة الأردنية) ثم راجعا إلى إيلة (العقبة) إلى تقول المغار (موصع كانت تنزله قبيلة لحم في شمال المملكة السعودية).
(1)
وقد سكن قسم من عشائر الحويطات بعد تكاثرها في القرون الثلاثة الماضية في الجزء الشمالي من ديار بلِّي وامتدت في الداخل حتى أبو القزاز وهي قرية تقع في ديار بلِّي، وقرب الساحل حتى وادي حرامل في مشارف مدينة الوجه، وهم فيها حتى هذا العهد.
ومن ديار بلِّي أمْج وغران وهما واديان يأخذان من حرَّة بني سُلَيْم وينتهيان في البحر. ولبلِّي دار بشغب وبدا قرب البحر الأحمر ولهم الجزل والرحبا والسقيا وهجشان ومدين وفاران وخبين والهدم وذات السلاسل.
قال عبد الرحمن بن خلدون المؤرخ الكبير:
كانت مواطن بلِّي شمال جُهَيْنة إلى عَقَبة إيلة على العدوة الشرقية من بحر القلزم (الأحمر)، وقد أجاز منهم إلى العدوة الغربية وانتشروا ما بين بلاد صعيد مصر وبلاد الحبشة، وكثروا هنالك وغلبوا على بلاد النوبة وفرَّقوا كلمتهم وأزالوا مُلْكهم وحاربوا الحبشة فأرهقوهم - إلى عهد ابن خلدون في نهاية القرن الثامن الهجري.
وقال المقريزي:
كانت بلِّي في الشام فنادى رجل من بلِّي: يآل قُضَاعة فبلغ ذلك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إلى عامله على الشام أن يُسيِّر ثلث قُضَاعة إلى مصر فتفرقت بطون بلِّي في الديار المصرية، ثم صار لبلّي جسر سوهاج غربًا إلى قرب غرب قمولة، وصار لها من الشرق من عقبة قاو الخراب إلى عيذاب في صحراء أسوان.
وقال القلقشندي:
كانت منازل بلِّي حتى عهده أي في أواخر القرن الثامن الهجري في الداما
(1)
وهي دون عيون القصب (عينونا) إلى أكرى فم المضيق وعليهم درك الحجيج هنالك وقال: منهم جماعة في الصعيد المصري.
وقال الحمداني:
ديار بلِّي في أخميم (سوهاج) وما تحتها أي جنوبها من بلاد الصعيد المصري.
وفي قبائل العرب لأحمد لطفي السيد:
"أن في عهد الدولة الفاطمية بمصر اجتمعت بلِّي وجهينة على بطون قريش في أخميم والصعيد المصري وأزاحتها، فاستنجدوا بالخليفة الفاطمي في القاهرة
(1)
وهو وادي داما الذي أسلفنا عنه وكان حد بين بني عُقبة من جُذام مع بلِّي من قُضَاعة.
فأرسل عساكر لنجدة قريش فأخضع العُصاة من بلِّي وجهينة ومكَّن لقريش في ديارها بصعيد مصر".
وذكر جرجي زيدان:
"إن بلِّي كانوا في مصر منذ عهد ظهور النصرانية، وكانوا في مصر ما بين القُصير على البحر الأحمر وقنا على ضفاف النيل بصعيد مصر، وكان عليهم الاعتماد في نقل التجارة الهندية قبل ظهور الإسلام".
وفي عام 8 هـ بعد ظهور الإسلام انضمت بلِّي إلى هرقل ملك (قيصر) الروم في غزوة مؤتة، وكان مع هرقل عدد كبير من القبائل من قُضَاعة مثل بلِّي وبَهراء وبَلقين وأيضا معه لَخْم وجُذام وعَامِلة القحطانية، فبلغ عدد المستعربة مع الروم مائة ألف محارب يقودهم رجل من بلِّي.
وبعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص القُرَشي في سرية فقاتلهم، ثم قدم وفد من بلي عام 9 هـ على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم:(الحمد لله الذي هداكم للإسلام، فكل من مات على غير الإسلام فهو في النار). ثم ودعوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أجازهم ورجعوا إلى بلادهم.
وظل من بلِّي بطون في الشام مع الروم حتى عام 14 هـ وساروا مع هرقل الروم حتى نزل إنطاكية في شمال غرب سوريا، وكان معه من العرب لَخْم وجُذْام وبلقين وعَامِلة.
قلت: وانضمت قبائل العرب إلى جيش المسلمين بعد أن هزم الله الروم في المعارك الضارية التي دارت في الشام، مما دفع العرب إلى الزحف غربًا إلى مصر لطرد الروم منها وتأمين بلاد الشام من ناحية الغرب.
تاريخ بلِّي في الجاهلية والإسلام
كان لبلي
(1)
وجود في مصر والشام في عهد ظهور النصرانية واعتنق
(1)
يؤكد المؤرخون أن بلى وهمدان بدلا جهذا ملحوظًا في الهجوم على حصن بابليون في فتح مصر فارتجز عمرو بن العاص قائلًا
يوم لهمدان ويوم للصدف
…
والمنجنيق في بلي تختلف
عمرو يوقل أرقال الشيخ الخرف
معظمهم هذا الدين وكانت منطقتهم ما بين الأقصر وقنا وكان عليهم الاعتماد في نقل التجارة الهندية قبل ظهور الإسلام.
وذكر البلاذري في فتوح البلدان أن بطون بلي التي توطنت في تخوم الشام وقفت موقفا معاديا مع الرسول صلى الله عليه وسلم منذ أوائل دعوته، وكانت بلي ضمن قبائل عربية أخرى حليفة للدولة البيزنطية، وقد ساهموا في قتال جيش العرب المسلمين في معركة مؤتة في شرق الأردن عام 8 هـ/ 669 م وأوقعوا بجيش المسلمين نظرًا لأن المعركة غير متكافئة، حيث قابل جيش المسلمين وتعداده ثلاثة آلاف رجل جيشًا كاملًا من الروم والعرب تعداده مائتي ألف رجل، وكان قائد التحالف القبلي العربي مع الروم رجلا من بلي يقال له "مالك بن رافلة" وقد استمر عداء بلي في الشام للنبي بعد مؤتة، إذ بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن جمعا من بلي وقُضاعة قد تجمعوا بغية الزحف على أطراف الحجار، فدعا عمرو بن العاص فعقد له لواءً أبيض وجعله معه راية سوداء، وبعثه في سراة المهاجرين والأنصار في ثلاثمائة مقاتل وأمرهُ أن يستعين بما يمر به من قبائل العرب القاطنين في بلاد قُضاعة من بلقين وعُذرة وبلي؛ وذلك أن عمرو بن العاص كان ذا رحم بهم، وكانت أم والده العاص بن وائل بلوية، فأراد الرسول أن يتألفهم بعمرو. وهذه هي الغزوة التي تعرف بـ" ذات السلاسل" وقد وصل عمرو إلى بلاد بلي فقهرها وأجبر أهلها على الهرب والتفرق، ويبدو أن الرسول أراد أن يمحو آثار نكسة مؤتة ويوجه الدعوة للقبائل النازلة هناك للدخول في الإسلام من جهة، وترك الانحيار للبيزنطيين وتذكيرهم بما لهم من رحم مع المسلمين من جهة أخرى.
وإذا كانت فروع بلي النارلة في الشمال قد ناصبت الرسول صلى الله عليه وسلم العداء فإن فروعها التي كانت تنزل الحجار، أقامت معه صلات أكثر ودا، فقد كان بين الكثيرين من البلويين وأهل المدينة المنورة تحالفات سبقت الإسلام واعتناق أهل
المدينة له، وحين أسلموا ظلت هذه التحالفات قائمة، كما كان بعض البلويين يقيمون في المدينة حين هاجر إليها الرسول كحلفاء لبعض بطون الأنصار من الأوس والخزرج، فلمّا أسلم هؤلاء أسلموا وكانوا من أوائل الصحابة الذين حسن إسلامهم، وقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وما بعدها، وحين أرسل عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل، كان يتوقع أن يكون البلويون الشماليون عونًا له في حروبه ضد الروم ومن حالفهم من العرب، لما كان بينه وبين قومهم القاطنين في الحجاز من صلات ود وتآزر، حتى أن جيش عمرو كان يضم بعض البلويين الشماليين، وأن الرسول قد أوصاه أن يستعين بمن مر به من العرب - كما أسلفنا - وقد حقق عمرو بعض النجاح في هذا المجال، ولم تمض أشهر قليلة على ذات السلاسل حتى كان وفد من بلي يزور الرسول صلى الله عليه وسلم في عام الوفود ويقدم له فروض الطاعة والولاء ويعلن إسلامه، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"الحمد لله الذتي هداكم للإسلام، فكل من مات على غير الإسلام فهو في النار" ثم ودعوا رسول الله بعد أن أجارهم ورجعوا إلى بلادهم.
بلي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
-:
حين انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه وقامت حركة الردة، وجد عرب شمال الحجاز فرصة سانحة للعودة إلى ما كانوا عليه من ولاء لبيزنطة، هذا فضلا عن تمسك بعضهم بالنصرانية التي كانت دينهم، لكن المهم في الأمر أن عرب شمال الحجاز هؤلاء لم يكونوا عنيفين في ردتهم، كما كانت الحال بالنسبة لبعض المرتدين في أماكن أخرى في الجزيرة العربية، ولم يشغلوا بال الخليفة أبي بكر وذلك بسبب الموقع الجغرافي، وأخل أمرهم إلى زمن لاحق، وأولى اهتمامه إلى من شكلوا خطرا على دولة الإسلام من عرب نجد واليمن. وهكذ فإن عمليات عسكرية صغيرة كانت كافية لأبي بكر رضي الله عنه لاستعادة السيادة على
وقال
(1)
: البحر من ورائكم والعدو من أمامكم فأين المفر؟ فليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مآدب اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته وأقواته موفورة وأنتم لا وزر لكم غير سيوفكم ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي أعدائكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم وتعوضت القلوب من رعبها منكم الجرأة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (لدريق ملك الأندلس) فقد ألقت به إليكم مدينته المحصَّنة، وإن انتهار الفرصة فيه لممكن لكم إن سمحتم بأنفسكم للموت، وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة، ولا أحملنكم على خطة أرخص متاع فيها التفوس إلا أبدأ فيها بنفسي، واعلموا أنكم إذا صبرتم على الأشق قليلًا استمتعتم بالأرفة الألذ طويلًا، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي فما حظكم فيه أوفر من حظي، وقد بلغكم ما أنشئت هذه الجزيرة من الحور الحِسان من بنات اليونان، والرافلات في الدرر والمرجان والحُلل المنسوجة بالعقيان، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك من الأبطال عربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا وأختانًا، ثقة بارتياحكم للطعان واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان، ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمها خالصًا لكم من دون المسلمين سواكم، والله تعَالى ولي إنجادكم على ما يكون لكم ذكرًا في الدارين، واعلموا أني أول مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لدريق فقاتله إن شاء الله، فاحملوا معي فإن هلكت بعده فقد كفيتكم أمره ولن يعوركم بطل عاقل تسندون أمركم إليه، وإن هلكت قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه واحملوا
(1)
خطبة طارق بن زياد من (نفح الطيب) مجلد (1) طبعة مصر عام 1302 هـ.
* ذكر ابن حزم في الجمهرة أن هناك لبلي في بلاد الأندلس موضع يعرف باسم بلي وهو شمالي قرطة بأسبانبا وكانوا يتكلمون بالعربية ولا يحسنون الكلام باللطينية وهم على أنسابهم حتى القرن الخامس الهجري ويقرون الضيف ولا يأكلون إلية الشاة، كما كانت لهم دار أخرى بكورة مرور.
قلت: وأغلبهم نزح إلى بلاد المغرب بعد سقوط الأندلس في القرن الثامن الهجري في أيدى الأسبان.
* في تاريخ العبر لابن خلدون: أن جماعة من بلي (بنو زيد، بنو نعيف) سكنوا في المدينة مع اليهود ودخلوا في دينهم حينئذ قبل الإسلام وهم بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقَاع وكان مع اليهود جماعة من غسان تسمى (بنو الشقمة) أيضا.
بأنفسكم عليه واكتفوا المهم من فتح هذه الجزيرة بقتله فإنهم بعده يُخذَلون .. وانتهت خطبة طارق البربري في جيش البربر المسلمين ومن معهم من بعض العرب، وتمكن طارق من الملك (اليوناني من القوط) وقتله وانتصر المسلمون وفتحوا الأندلس وانتصفوا من الروم، وصار مجد العرب عظيمًا مئات السنين، ولم يذهب دم عُقبَة القُرَشي وزُهَير البَلَوي هباءً والحمد لله رب العالمين ورحِم الله الشهيدين عُقبة القرشي وزهير البلوي، وكما قال تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} [آل عمران].
تفصيل آخر عن الصحابة من بلي
قال ابن هشام:
أ) من شهدوا بيعة العقبة الأخيرة للنبي صلى الله عليه وسلم:
- هاني بن نيار (أبو بُردة) بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلي.
كان حليف الأوس (الأنصار) في المدينة المنورة وشهد غزوة بدر الكبرى.
- مَعْن بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضُبيعة البلوي.
كان حليف الأوس (الأنصار) في المدينة المنورة وقد قُتل يوم اليمامة شهيدًا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
- خُديج بن سلامة بن أوس بن عمرو بن الفرافر البلوي.
كان حليف الخزرج (الأنصار) في المدينة المنورة.
- أبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة من بني غُصَينة (بلي).
كان حليف الخزرج (الأنصار) في المدينة المنورة.
ب) (من شهدوا من بلي غزوة بدر)
1 -
حلفاء الأوس:
- عبد الله بن طارق البلوي (مات يوم الرجيع شهيدًا في الظهران بمكة).
وفي فتح بلاد المغرب كان لزهير بن قيس البلوي قيادة الجيش الذي وجهه عبد العزيز بن مروان الأموي إلى شمال أفريقيا، فبعد استشهاد عُقبة بن نافع الفهري عام 64 هـ اضطر المسلمون للتخلي عن فتوحاتهم غرب برقة، وارتد معظم البربر عن الإسلام ولم يستطع العرب المسلمون المبادرة بالأخذ بالثأر من هؤلاء البربر وقتئذ، وحال دون ذلك النزاع بين عبد الله بن الزبير والخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، ثم انتهز الأخير فترة هدوء فأرسل جيشا إلى أفريقيا سيره أخوه عبد العزيز بن مروان، وعقد لواءه لزهير بن قيس البلوي، الذي كان بالأمس القريب عدوا له وقاتله في إيلة - كما أسلفنا - واستطاع المسلمون أن يهزموا جيش الروم والبربر سنة 70 هـ وقُتل في هذه المعركة كسيلة رعيم البربر، وترك زهير حامية بالقيروان (تونس) ورحل يريد الرجوع إلى مصر فكان يمياى إلى الزهد والعبادة، ولكنه فوجئ في برقة بحملة أنزلها الروم من البحر، حين بلغهم أنه تقدم من برقة إلى أفريقيا الشمالية وترك برقة خالية من العساكر فعاث هؤلاء القراصنة في برقة فسادًا، فلما رأى رهير هؤلاء ينهبون الذراري والنساء قرب شاطئ البحر ووجد استغاثاتهم قرر ملاقاة هؤلاء الجند بما معه من العسكر الأقلاء، حيث ترك الباقين في أفريقية، وكانت معركة حامية الوطيس لدرجة أن عانق الروم العرب من شدة الالتحام، ولكن نظرا لكثرة جنود الروم فقد تغلبوا على زهير ورفاقه واستشهدوا عن آخرهم في المعركة، ويذكر البلاذري في "فتوح البلدان" أن قبور زهير ومن معه كانت موجودة هناك في برقة وتدعى قبور الشهداء. وإذا كان زهير قد استشهد على يد هؤلاء القراصنة من الروم، فقد أفلح في حملته في القضاء على قوة البربر بهزيمته لكسيلة وحشوده من البربر. وهكذا انتهت حياته بعد عُقبة بن نافع الفهري في سبيل نشر الإسلام في أفريقيا الشمالية.
ديارهم:
قال ابن خلدون: كانت مواطن بلي في الحجاز شمال قبيلة جهينة وتمتد شمالا إلى عقبة إيلة (هذا في القرن الثامن وبداية التاسع الهجري) وبلي ما زالت في ديارها للآن في نفس هذه المواقع. وقال القلقشندي عن منازل بلي في عهده: الآن منازلهم بالداما وهي دون عيون القصب وعليهم درك الحجيج ومنهم جماعة بالصعيد من الديار المصرية.
مشاهير بلي:
بعد أن ظللت راية الإسلام قبيلة (بلي) تميزت هذه القبيلة بكثرة من ظهر من أبنائها من الصحابة والفرسان الممتازين، ومن أعلام العلماء النابغين الذين أثروا الحياة الفكرية للدولة الإسلامية طيلة أحقاب من الزمن.
فكان منهم الأنصاري كعب بن عجرة بن عدي رضي الله عنه، والمجذّر بن زياد رضي الله عنه الذي أظهر بطولة نادرة يوم بدر، وعبد الله بن سلمة، والنعمان بن عمرو بن عبيد بن وائلة البلوي الذي حضر بدر. وعاصم بن عدي حليف الأنصار كان سيد بني عجلان استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على عالية المدينة وعاش عمرا طويلا قيل 120 عاما وتوفى عام 45 هـ، ومن أعلام البلويين الأندلسيين أبو عامر محمد بن عامر البلوي الطرطوشي صاحب كتاب الشفاء في الطب، ومنهم الأديب الشهير أبو يحيي البلوي الغرناطي، ومنهم القاضي الخطيب علي بن أحمد بن داود البلوي الغرناطي الذي ارتحل إلى تلمسان ثم إلى المشرق العربي فرارًا من سوء حال الأندلس في تلك الحقبة، ومنهم أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن البلوي الذي ولد عام 522 هـ وتوفى عام 623 هـ، ومنهم أبو محمد عبد الصمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي الرجاء البلوي القاضي الرحالة صاحب الرحلة المشهورة برحلة البلوي، ولد عام 713 هـ وتوفي عام 780 هـ،
وأخوه القاضي أبو بكر محمد بن عيسى البلوي، والقاضي أحمد وحفيده القاضي علي بن أحمد بن خالد.
ومن مشاهير بلي بالمغرب العربي الشاعر أبو بكر عبد الرحمن بن سليمان البلوي، وعبد الله الشبيبي البلوي القيرواني، وأبو الحسن علي بن عثمان البلوي الملقَّب بالأشبح المغربي، وقاضي الجماعة بتونس محمد بن عبد الرحمن البلوي، والشاعر أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أبي ركي البلوي.
وكان من الصحابة من بلي في مصر: مسعود بن أوس وجبارة بن زرارة اللذان شهدا الفتح واختطا في الفسطاط، وكان منهما ابن الجثمان من رجال ابن أبي حذيفة سنة 36 هـ، وعبد الله بن أبي حرملة صاحب الشرطة لمحمد بن أبي بكر الصديق، وعايذ بن ثعلبة المتوفى عام 53 هـ، ووحوح بن ثابت من أعيان وأشراف مصر، والصحابي عبد الرحمن بن عديس البلوي واشتهر ذكره وكان له شأن في مصر - وهو من الشجعان وقد بايع تحت الشجرة مع من بايعوا النبي من الأوس والخزرج، وقد شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص، ثم كان قائد الجيش الذي أرسله ابن أبي حذيفة - والي مصر إلى المدينة لخلع عثمان رضي الله عنه، ولما قتل عثمان عاد لمصر فطلبه معاوية بن أبي سفيان وقبض عليه وسجنه في اللد بفلسطين، ففر من سجنه فأدركه صاحب فلسطين فقتله ممنة 36 هـ/ 657 م.
وكذلك زهير بن قيس البلوي قائد فاتح من التابعين، شهد فتح مصر وولَّاه أميرها عبد العزيز بن مروان على برقة، وكان من القادة الشجعان وله مع البربر والروم وقائع حربية مهولة وأقام مدة يسيرة في القيروان بعد فتحها فوجه الروم من عاصمتهم القسطنطينية مراكب إلى برقة، فعاد إليها وقاتلهم وثبت في ميدان القتال إلى أن نال الشهادة مع أصحابه جميعا عام 70 هـ كما تقدم.
وظهر من قبيلة بلي في مصر المؤرخ البلوي الذي ترجم له ابن النديم في فهرسه فقال عته: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمير بن محفوظ البلوي الذي عاش خلال القرن الرابع الهجري، وألف كثيرا من الكتب التاريخية أهمها "الأبواب"، و"المعرفة"، و"الدين والفرائض"، وفقدت مؤلفات البلوي كلها ولم يبق منها سوى كتاب" سيرة أحمد بن طولون " وهو من أهم المصادر في دراسة التاريخ المصري أثناء حكم ابن طولون وكذلك عن الشرق الإسلامي خلال النصف الثاني من القرن الثالث الهجري والنصف الأول من القرن الرابع الهجري.
ومن بلي ذكر لنا القاضي المكناسي في كتابه" درر الحجال في أسماء الرجاله": أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلامة بن يوسف بن علي بن عبد الدائم البلوي القضاعي الإسكندري قاضي قضاة الشام، كان من أوعية العنم أصولا وفروعا، توفى عام 718 هـ.
بطون بلي القديمة وفروعها الحديثة:
من بطون بلي القديمة في صعيد مصر والتي ذكرها القلقشندي والمقريزي بنو هني، وبنو هرم، وبنو سوادة، وبنو رايس، وبنو ناب، وبنو شاد، وبنو عجيل، وبنو حماد، وبنو خرافة، وبنو فضالة والذين كانوا حول منفلوط، وأقام منهم بنو خيار بفرشوط، وبنو عمرة في إخميم.
أما فروع بلي في بداية الفتح لمصر فكانت بنو عثرة، وبلي جزاء وكان لهم خطة بالفسطاط - وبلي على الراية وهم الذين أقاموا مع أهل الراية من بلي، والوحاوحة وكانت لهم خطة بمصر، وبنى في خطتهم عبد العزيز بن مروان قيسارية الكباش، وبلي فاران.
وفروع بلي منتشرة بالوقت الحاضر في الحجاز بالمملكة العربية السعودية والأردن وفلسطين ومصر.
التفاصيل عن الصحابة من بلي
قال ابن حزم الأندلسي:
من بلي كان الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ضمن الأنصار في المدينة أو حلفاء لهم وهم:
- المجَذَّر بن
(1)
زياد (عبد الله) بن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عمارة بن مالك بن بُثيرة بن القشر بن تميم بن عوذ مناه بن ناج بن تيم بن إراشة بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن فاران بن بلي.
وقد اشترك المُجَذَّرَ البلوي مع أخيه عبد الله بن زياد في معركة بدر الكبرى مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان معهما ابن عم لهما يسمى عبادة بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة.
- ومن بلي الصحابي كعب بن عجرة بن عدي بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن تميم بن سواد بن مري بن إراشة بن عبيلة بن قسميل بن فاران بن بلي، ومن ولده سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة.
* ومن بنو أُنيْف (بلي) وكان بنو أُنيْف من جملة الأنصار منهم عدة صحابة وأُنيْف هو ابن جشم بن تميم بن عوذ بن مناه بن ناج بن تيم بن إراشة بن عامر بن عبيلة بن قسميل بن فاران بن بلي.
(1)
قُتل المُجَذَّر بن زياد غيلة وغدرًا في معركة أحد من أحد المنافقين واسمه الحارث بن سويد بن الصامت (الأوس) وذلك ثأرًا بأبيه والذي قتله المجَذَّر البلوي فيما قبل الإسلام، وقال ابن إسحاق: إن الحارث هرب إلى قريش بعد قتله للمُجَذَّر، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله إن هو ظفر به، ففاته ولحق بمكة، وقد بعث إلى أخيه الجلاس بن سويِّد يطلب التوبة ليرجع إلى قومه بالمدينة، فأنزل الله تعالى آية في ذلك كما قال ابن عباس - الآية في تلك، وفيها قال المولى:{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)} [آل عمران: 86]، وقال ابن هشام رأيا آخر يخالف ابن إسحاق وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في نفر من أصحابه إذ خرج الحارث بن سويد من بعض حوائط المدينة وعليه ثوبان مُضرَجان بالحُمْرة كأنهما ثوبان مُلطْخان بالدم فأمر به الرسول عثمان بن عفان وبعض الأنصار فضرب عنقه.
والصحابة المنسوبون إلى أُنيْف
(1)
من بلي هم:
- عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة بن بيجان بن عامر بن مالك بن عامر بن أُنيْف وهو في عداد بني جحجبا، وابن عمه عبد الله بن أسْلُم بن بيجان قد بايع تحت الشجرة، وابن عمه أيضًا عبد الله بن أسْلُم بن زيد بن بيجان.
- سهل بن رافع بن خُديج بن مالك بن غَنَم بن سرى بن سلمة بن أُنيْف، وهو الذي تصدق بالصاع فتكلم فيه المنافقون فأنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ
…
(79)} [التوبة].
وابن عمه طلحة بن البرّاء بن عمير بن وبرة بن ثعلبة بن غنم بن سرى بن سلمة وكانت له صحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم ونية في الإسلام خالصة، وقيل أنه مات غلامًا رحمه الله وهو حليف لبني عمرو بن عوف من الأنصار في المدينة.
* ومن بني هني (بلي) عدة صحابة هم:
- النعمان بن عمرو بن عبيد بن وائلة بن حارثة بن ضبيعة بن حوام بن جعل بن عمرو بن جشم بن وذم بن ذبيان بن هميم بن هني بن بلي، وقد حضر غزوة بدر الكبرى وبيعة العقبة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
أبو بُرْدة بن نيار بن عمرو بن عبيد بن عمرو بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذهل بن هميم بن هني بن بلي، حضر غزوة بدر الكبرى.
- زيد بن أسْلُم بن عدي بن العجلان بن حارثة بن ضُبيعة بن حرام بن جعل بن عمرو بن جشم بن وذم بن ذبيان بن هميم بن ذهل بن هني بن بلي، حضر غزوة بدر الكبرى، وابن عمه ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان حضر غزوة بدر الكبرى وقتله المتنبي (طليحة بن خويلد الأسدي) في حروب الردة مع بني أسد العدنانية.
(1)
بنو أُنيْف وقيل أُنف (بلي) استوطنوا المدينة المنورة في الأوس والخزرج.
وكذلك هناك ابن عمهما عبده بن معتب (مغيث) بن الجد بن العجلان شهد غزوة أُحد، وابنه شريك بن عبده وهو شريك بن السحماء أخو البراء بن مالك لأمه وشريك هذا هو الذي رمى به العجلان امرأته ولاعنها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك ابن عمهما مَعْن بن عدي بن الجد بن العجلان، وابن عمهم عبد الله بن سَلَمَه بن مالك بن الحارث بن عدي بن العجلان وقد حضر غزوة بدر الكبرى وقُتل يوم أُحد شهيدًا (انتهى قول ابن حزم).
وهناك صحابة من بلي نذكر منهم:
عبد الرحمن بن عُديس أحد المحاصرين للخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان قد أرسله والي مصر إلى المدينة المنورة لخلع الخليفة عثمان ولما استشهد عثمان رجع إلى مصر، فلما تولى معاوية
(1)
بن أبي سفيان أمْر الخلافة قبض عليه وسجنه في اللد (فلسطين) ففر من السجن فأدركه والي فلسطين وقتله عام 36 هـ، وقيل أن عبد الرحمن بايع تحت الشجرة، وشهد فتح مصر مع عمرو بن العاص.
كما من الصحابة الذين حضروا فتح مصر مع عمرو بن العاص غير عبد الرحمن منهم: مسعود بن أوس البلوي، وجبارة بن زرارة البلوي، وقد اختطوا بها ضياعًا أو دورًا.
(1)
معاوية كان يطالب بدم عثمان بن عفان رضي الله عنه لما أنه أموي، أي من رهطه الأقربين من أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
*** ومن الصحابة المذكورين من أيام فتح بلاد المغرب عبد الله بن أبي زمعة البلوي وله مقام في أطراف القيروان في جلولة ببلاد تونس الخضراء، وكان عبد الله مع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وقد دُفن بعد وفاته في مقامه الذي يزار حتى الآن من أهل القيروان وذلك منذ عام 34 هـ، وكان قد دخل إلى إفريقيا في جيش معاوية بن خديج في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص، ويقول الرواة في تونس أنه عند وصول عبد الله بن أبي زمعة البلوي كان العطش قد أخذ بالجميع ولكن فجأة تفجرت المياه من بئر بروته، فدعا عبد الله رضي الله عنه ربه أن تكور البئر واطئة ومنخفضة ولذلك سميت للآن البئر الواطئة، وقد جرى حفر البئر في نهاية القرن الثامن الهجري وماؤها له قدسية عند أهل القيروان، ومن المعروف أن الذي اختط القيروان هو القائد الملهم عُقبة بن نافع القرشي لتكون قاعدة لنشر الدين وكانت أول مدية إسلامية في إفريقيا وبها جامعة مشهورة.
وكانت (بلي) في بداية الفتح الإسلامي والذين اختطوا في مصر مُقسَّمين إلى خمس فرق هي:
(1)
بنو فاران. (2) بنو عُثْرة، منهم الصحابي عبد الرحمن بن عُديس وكان أشهر فرسان بلي حينئذ. (3) بلي جزاء. (4) بلي العلي الراية. (5) الوحاوحة.
وهناك صحابي اسمه أبو الشُمْرس البلوي له ذكر في فتح مصر.
- ومن بلي الفارس الشهير (زُهير بن قيس البلوي) من التابعين، تولى قيادة جيش العرب المسلمين في فتح بلاد المغرب من عام 69 إلى عام 71 هـ، وكان في عهد الدولة الأموية وقد سار إلى بلاد المغرب بعد مقتل عُقْبَة بن نافع القُرَشي في نواحي بسكرة من أوراس الجزائر من قبَل البربر وملكهم كُسيلة، فتقدم في بلاد المغرب وهزم البربر وقتل كُسيلة وثأر لعُقْبة وأصحابه، وتوغلِ حتى طنجة بالمغرب الأقصى، ولما أنه كان زاهدًا في الحكم والولاية وكان ورعًا تقيًّا أحب العودة إلى المشرق، وفي عودته ببعض عسكره وجد قراصنة الروم قد أعقبوه على المسلمين في طرابلس وقيل في برقة (بليبيا)، وقد خطفوا نساء وذراري المسلمين وهمُّوا بإدخالهم السفن، فعزم زُهير ومن معه على تخليص سبي المسلمين من الروم رغم قلتهم وكثرة الروم، لما أنهم سمعوا صراخ الأطفال والنساء فلم يبال أحدهم بالموت، وكانت معركة دموية وقتال عنيف بين الجانبين لدرجة أن عانق العرب الروم من شدة الالتحام، وتكاثر الروم على زُهير بن قيس البلوي وقتلوه هو وجماعته عن آخرهم، وسالت دماؤهم الذكية قرب شاطئ البحر في ليبيا ولم ينج مع زُهير سوى رجل واحد، فلما وصل الخبر إلى الخليفة عبد الملك بن مروان اشتد عليه وعلى المسلمين ذلك، وكانت المصيبة بزُهير البلوي مثل المصيبة بعُقْبَة بن نافع القُرَشي، فأرسل حسَّان بن نعمان الغَسَّاني (الأزد - القحطانية) في ستة آلاف من العرب، واستطاع أن يقتل الكاهنة في جبل أوراس بعد أن أسَرت ثمانين من المسلمين منهم الفارس يزيد بن خالد العبسي (عبس - العدنانية)، وواصل الأمويون دعم القوات بموسى بن نصير اللَّخْمي الَخْم - القحطانية) حتى نجحوا لحي فتح الأندلس عام 92 هـ بعد إسلام قبائل البربر، وقد قادهم طارق بن زياد إلى معركة انتحارية شعارها النصر أو الموت بعد أن أحرق السفن بعد عبوره إلى بر الأندلس باثني عشر ألف فارس
شمال حدود دولته، هذه الحدود التي يقطنها قبائل عربية سبق لبعضها أن دخل في ذمة الإسلام وفي حلف معه، على أننا لا نستطيع الجزم فيما إذا كان ولاء بلي للإسلام قد استمر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن في المصادر التاريخية ما يشير إلى أن عمرو بن العاص أثناء خلافة أبي بكر وبعد ردة بعض القبائل، أغار على بلي وبعض قبائل شمال الحجار، الأمر الذي قد يفهم منه أن بلي كانت ممن ارتد عن الإسلام على العكس من جهينة التي لم ترتد عن الإسلام وشاركت بفرسانها مع قوات المسلمين ضد المرتدين.
كما ورد عن بلي عام 14 هـ أن هرقل عظيم الروم سار حتى نزل إنطاكية وكان معه من قبائل العرب لخم وجذام وبلقين وعاملة وبلي.
بلي في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه:
إن المصادر والمراجع التاريخية التي عالجت قضية اغتيال الخليفة عثمان بن عفان كثيرة، وكل ما يهمنا من هذه القضية أو الفتنة هو موقف قبيلة بلي منها، ودور البلوين فيها. ظهر النزاع حول الخلافة في الثورة التي قامت ضد الخليفة عثمان رضي الله عنه، وحدث أن كانت مصر سببًا في تعجيل الحوادث التي انتهت بمقتل عثمان واشتعال أخطر فتنة تعرض لها الإسلام طيلة أحقاب تاريخية؛ ذلك لأن القبائل العربية التي لا تنتمي إلى قريش ومعهم بعض الصحابة والمجاهدين الذين استقروا بمصر، رأوا فيها فرصة للقيام ضد الخلافة، وهم بذلك لم يقصدوا الخليفة عثمان نفسه وإنما أرادوا زعزعة قريش وسيادتها، فقد كرهوا تلك السيادة التي زادت بعد ظهور الإسلام، على أنه وجد أيضا في مصر بعض القرشيين الذين ثاروا على عثمان، وعلى رأسهم محمد بن أبي بكر الصديق ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.
ولم تقف الثورة في مصر عند حد عصيان الخليفة، بل فكر ابن أبي حذيفة في إرسال جيش من مصر إلى مقر الخلافة، فأرسل ستمائة رجل وقيل ألف، على رأس كل مائة منهم رئيس، أما قائدهم الأعلى فكان عبد الرحمن بن عديس البلوي، وكانت النتيجة - كما نعرف - قتل الخليفة عثمان في ذي الحجة 35 هـ وعاد عبد الرحمن بن عديس بمن معه إلى مصر ثانية.
ولم يكن ابن عديس هو الوحيد من البلويين الذين ناصبوا عثمان العداء، حيث تذكر لنا المراجع التاريخية اسم عبد الله بن حرملة البلوي صاحب الشرطة لمحمد بن أبي بكر الصديق والي مصر وقتئذ، وتتابع فصول الثورة لدى البلويين وتستمر ميول بلي ضد الأمويين، فيطالعنا زهير بن قيس البلوي حاملًا لواء المعارضة ضد الأمويين، وينضم إلى عبد الرحمن بن عتبة بن جحدم الفهري والي عبد الله بن الزبير على مصر، وقد سيره ابن جحدم على رأس جيش إلى إيلة (العقبة) في مشارف الشام، ليمنع عبد العزيز بن مروان من السير إلى مصر، وقد التقى الطرفان على مقربة من إيلة فانهزم زهير البلوي ومن معه، وانتهى الأمر بتولي عبد العزيز بن مروان مصر من قبل أبيه الخليفة مروان بن الحكم الأموي سنة 65 هـ، وبذلك انتهى ذلك الدور من أدوار النزاع حول الخلافة بعد أن ساهمت فيه القبائل العربية في مصر ومنها قبيلة بلي مساهمة ذات أثر كبير.
ويستمر نفوذ بلي، ونجد لهم مساهمة في الفتوحات الإسلامية.
بلي في الفتوحات الإسلامية:
ساهمت بلي مساهمة فعالة في فتح مصر مع عمرو بن العاص، وخاصة كان لفرسانهم الأشداء دور بارز في فتح حصن بابليون القوي. وكان عمرو بن العاص يقدم رايتهم في المعارك مع الروم.
- أبو بردة بن نيار البلوي، وهو هاني بن نيار من بني هني من بلِّي.
- مَعْن بن عدي بن الجد بن العجلان البلوي.
- زيد بن أسْلُم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان البلوي.
- ريعي بن رافع بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان البلوي.
- ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان البلوي.
- عبد الله بن سَلَمَة بن مالك بن الحارث بن عدي بن العجلان البلوي.
- عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان، خرج ورده النبي صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهم مع أصحاب بدر.
أبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة بن بيجان البلوي من بني أُنيِّف من فاران بن بلي.
- النعمان بن عصر وكان حليفًا لبني عمرو بن عوف.
2 -
حلفاء الخزرج من بلي:
- المُجَذَّر بن زياد من بني غُصَيْنة وسموا باسم أمهم غُصَيْنة.
وفي الجمهرة ذياد (بالذال) وذكر أن المُجذَّرَ اسمه (عبد الله).
والمُجَذَّرَ له قصة في غزوة بدر سيأتي ذكرها.
- عمرو بن سلمة البلوي.
- سواد بن غزية البلوي.
- عبادة بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة البلوي.
- نحاب بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة البلوي.
- عبد الله بن عامر البلوي.
رضي الله عنهم وأرضاهم جميعًا.
قصة المُجَذَّر بن زياد البَلَوي مع البُخْتري القُرشي في غزوة بدر الكبرى
قبيل المعركة بين المسلمين وقريش قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه إني قد عرفت أن رجالًا من بني هاشم من قريش قد أُخرجوا كرهًا ولا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقى منكم أحدًا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقى أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد القرشي فلا يقتله فإنما خرج مكرَهًا.
قال ابن إسحاق: وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل البُخْتُري، لأنه كان أكفُ القوم عن رسول الله وهو بمكة المكرمة، وكان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم رهط النبي الأقربين وقد علَّقتها في جوف الكعبة لمقاطعة بني هاشم.
قال ابن هشام: أن بعد اندلاع القتال بين مشركي قريش وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عند ماء بدر، وفي وطيس الحرب كان البختري بن هشام القرشي يركب على بعير ومعه زميل أردفه خلفه وهو من كِنَانة (من بني ليث)، وكان أخواله من (أسد) قريش
(1)
رهط البختري واسم أمه (مَليحَة)، وكان اسم الكنَاني جنَادة بن مَليحَة نسبة لأمه القرشية وهي بنت زُهير بن الحارث بن أسد بنت عَم البخترَي.
قال ابن هشام البختري اسمه (العاص) بن هشام بن الحارث بن أسد. فلقيه المُجَذَّر بن زياد البلوي فقال للبُخْتُري: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك، قال البُخْتُري: وزميلي؟! فقال المُجْذَّر. لا والله ما نحن بتاركي زميلك ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك فقال البُخْتُري: لا والله إذن لأموتن أنا وهو جميعًا ولا تتحدث عني نساء مكة إن تركت زميلي حرصًا على الحياة!!، وارتجز البختري حين نازله المُجَذَّر البَلَوي وأبى إلا القتال قائلًا:
لن يُسْلم ابن حرة زميله
…
حتى يموت أو يرى سبيله
فاقتتلا فقتله المُجَذَّر بن زياد البَلَوي وقال شعرًا في قتله للبُخْتُري القُرَشي وهو مُكره لما نهى عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
قُريش من كنانة مثلها كأي قبيلة كنانية ولكنها نالت الشرف بنسب النبي صلى الله عليه وسلم لها.
أما جهلت أو نسيت نسبي
…
فأثبت النسبة أني من بلي
الطاعنين برماح اليزني
…
والضاربين الكبش حتى ينحني
بشِّر بيتم من أبوه البُختُري
…
أو بشِّرن بمثلها من نبي
أنا الذي يُقال أصلي من بلي
…
أطعن بالصعدة
(1)
حتى تنثني
وأعبط
(2)
القرن بعضب
(3)
مشرفي
…
أرزم للموت كإرزام المُري
فلا ترى
(4)
مُجَذَّرَا
…
يفري فري
قال ابن هشام: المُري هي الناقة التي يستنزل لبنها على عسر.
قال ابن إسحاق: ثم إن المُجَذَّرَ البلوي أتى رسول صلى الله عليه وسلم فقال: والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يُستأسر فآتيك به فأبى أن يقاتلني فقاتلته فققلته.
لمحة عن تاريخ بلي في القرون الأخيرة بمصر
ما يُميِّز عرب بلي في مصر عن غيرهم هو ولاؤهم للمماليك
(5)
، وكانت بلي لا تميل إلى محمد علي باشا الألباني الأصل والذي جاء إلى مصر عام 1214 هـ ضمن فرقة من ثلاثمائة رجل قد أرسلتها الدولة العثمانية لمحاربة الفرنسيين، ثم ساعده الحظ وقفز إلى حكم مصر بعد الفتن التي حدثت من الولاة العثمانيين مع العساكر، وكان حكمه عام 1220 هـ - 1805 م بمساعدة عمر مكرم نقيب الأشراف والشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ جامع الأزهر، ولكن محمد بيك
(1)
الصِعْدَة: في الأصل عصا الرمح والمقصود منها الرمح.
(2)
أعبط: أقتل.
(3)
العضب: السيف القاطع والأشرف المنسوب إلى المشارف.
(4)
ترى: عمل عملًا أتى فيه بأمر عجيب.
قلت: الفري أو الفرية من الاختلاق للشيء.
(5)
عن المماليك فقد بدأ حكمهم لمصر بعد نهاية الدولة الأيوبية في عام 652 هـ - 792 م واستمر حتى دخول العثمانيين مصر والقضاء على حكمهم في عام 923 هـ، ولربما استمر نفوذهم واستقلالهم عن الأتراك في فترات أيام علي بيك الكبير، ولا يذكر شيء حسن لهؤلاء المماليك الذين هم أجناس مختلفة أو لا يذكر فضل لهم إلا لهزيمتهم للتتار (المغول) في معركة عين جالوت بالشام، وبعدها كان التسلط على العرب في الشام ومصر، وكان تاريخ المماليك مملوءًا بالظلم وقد كانت قبائل العرب في مصر أول ما نالها ذلك في عام 701 هـ - 1302 م كما قال المقريزي في السلوك فقد قتلوا من العرب 16 ألفا وصادروا 32 ألفًا من الإبل و 8 آلاف من البقر و 4 آلاف من الخيل و 16 ألفًا من الغنم.
الألفي المملوكي بمساعدة الإنجليز غيَّر فرمان من السلطان العثماني لعزل محمد علي وضم معه المماليك وحاربه ثم هزمه محمد علي، فسيَّرت انجلترا حملة على رشيد والإسكندرية فهزمهم الله بمساعدة الأهالي في رشيد وعساكر الأرناؤوط مع محمد علي رعادوا إلى بلادهم مهزومين مع قائدهم (فريزر) الإنجليزي، ولما استتب الأمر لمحمد علي أيده الشعب وبعض طوائف العربان، ولكن عرب بلي والعيايدة وبعض القبائل لم تسارع في التأييد واعتبرت أن محمد علي وعساكره الأرناؤوط غرباء عن البلاد وقد يلحقهم ضرر منهم، واستطاع محمد علي أن يبيد المماليك الباقين في مصر في مذبحة القلعة، ولكن شيوخ بلي اعتبروا هذا العمل غدرًا بمسلمين مواطنين ومحمد علي لا يستحق تأييدًا؛ لأنه أسوأ من المماليك إذا استتب له الأمر. ولم تشارك بلي في أي حملة على الجزيرة العربية ولا في حملات وفتوح محمد علي لبلاد الشام والسودان وغيره، وقد ثارت بلي مع طوائف من العربان في الشرقية في عام 1220 هـ، وأخذوا يطوفون عنى بعض القرى في مصر لجباية الضرائب بدلًا من حكومة محمد علي التي لا يُعترف بها من وجهة نظرهم الشخصية، وقد مُنِعَ السفر حينئذ في الطرق وغلت الأسعار، ونهب العربان أسلحة كاشف القليوبية وطالبوا مشايخ البلاد بتقديم المئونة لهم، وقد افتُقِدَت الغلال وكَثُر النهب فخرج محمد علي بعساكره لهؤلاء العُصاة من بلي وغيرهم من العربان وجرت وقعة بين الطرفين قُتل وجُرح من الجانبين عدد كبير وأُخمدت الفتنة بعدها.
نبذة عن دور بلي قبل محمد علي وحكمه لمصر عام 1805 م
أهم ما يذكر لبلي قبل حكم محمد علي هو نضالها المستمر ضد غزو نابليون بونابرت في حملته الفرنسية على مصر التي بدأت عام 1798 م حتى عام 1801 م، وكانت قبائل بلي والعيايدة والزناتية من ألد أعداء الفرنسيين وفي حالة حرب
(1)
مستمرة معهم في مصر، وبعد عودة نابليون بعساكره لمصر من الشام مهزومًا بعد أن عجز في دخول عكا لامتناع حصونها وتفشي مرض الطاعون في الفرنسيين، أصدر نابليون منشورًا رسميا في البلاد المصرية ذكر فيه أن سبب عودته
(1)
من كتاب وصف مصر م 2 - للفرنسي أميديه جوبير ترجمة الأستاذ/ زهير الشايب.
إلى مصر ليس بسبب هزيمته وعجزه وإنما بسبب رغبته في تأديب بلي والعيايدة الذين هم السند القوي للمماليك في مصر؛ ولأن العربان من بلي والعيايدة يهاجمون عساكر الفرنسيين ويستولون على أسلحتهم ومتاعهم، وكما أن بعض شيوخ
(1)
بلي والعيايدة يحرضون الفلاحين من أهل القرى على العصيان المدني والثورة الشعبية ضد الفرنسيين في مصر، وعثر الضباط الفرنسيون على عدة خطابات لأهل سرياقوس والخانكة بالقليوبية وغيرها تؤكد هذا التحريض.
وقام الجيش الفرنسي بمطاردة عربان بلي الذين فروا إلى الصحراء الشرقية وسيناء، ولكن نابليون تمكن من عرب العيايدة في الخانكة وهاجم خيامهم ونهب أغنامهم وماشيتهم وقبض على رجال منهم وأودعهم في سجن القلعة بالقاهرة.
وظل هذا الحال في العداء المستمر ما بين بلي والغزاة الفرنسيين حتى هزمهم الله تعالى وخرجوا من البلاد المصرية بعد أن كانوا كابوسًا جثم على صدر مصر المحروسة ثلاثة أعوام هي سني الجمر بالنسبة لطوائف الشعب المصري الأبي.
(1)
ومن بين الشيوخ البارزين في مجاهدة فرنسا في حملتها على مصر 1798 م سليمان الشواربي في القليوبية وقد كان يُحرِّض أهل القرى على الثورة ضد الغزاة فقبض عليه نابليون وأعدمه شنقًا.
والشواربي من عائلة الشواربية في القليوبية وهي من أشهر العائلات في قليوب وتنتمي رغم تحضُّرها الآن إلى الأحامدة من حرب، كما ذكر الشريف البركاتي في رحلته اليمانية.
وذكر حمد الجاسر في معجمه لقبائل السعودية أن رواة حرب يذكرون أن الأحامدة من سُلَيْم، أي من بني سُلَيْم بن منصور العدنانية ودخلوا في بني سالم من حرب - نقلًا عن كتاب نسب حرب لمؤلفه السعودي عاتق بن غيث البلادي الحربي.
التفصيل عن عشائر بلي في المملكة العربية السعودية
تنقسم بلي إلى جذمين كبيرين هما: مخلد، وخُزام وأغلب العشائر تنسب لهذين الجذمين.
(أ) مخلد وفيه البركات وفيه العدد في مخلد وتتفرع من البركات عشائر: المعاقلة - الفريعات - الوحشة - الرموث - الهلبان - الخوالي - الحمران - النجيدات.
ومن مخلد عشائر أخرى كبيرة مثل:
السحمة - القواعين - الزبَّالة - العرادات - الهروف - الحمر.
التفصيل عن تلك العشائر:
(المعاقلة) فيهم الفخوذ التالية: الرفادات
(1)
واحدهم ابن رفادة شيخ بلي العام، وأكثر الرفادات في الوجه وضواحية ومن الرفادات فروع ذوي عمَّار وفيها الشيخة، والعوامرة، والعورة، والمحمد، والعبيد، وذوي أحمد، والعايد، ومن المعاقلة فخوذ أخرى أهمها المسعود، والجداعين، والصوامعة.
وديار المعاقلة عمومًا في تهامة بلي وحول الوجه على شاطئ البحر.
(الفريعات) فيهم الفخوذ التالية: الظبايين (ابن ظبية)، والعود، والصقرة، والقحوم منهم السويلم والغبن واللتاتة والخصيات والفروم والسليم وشهرتهم المقارنة.
المناقير
(2)
منهم السنيد والمسند والهندي والفهيد والسليمان واحدهم منقرة وهم شيوخ الفريعات في الشفا.
(الوحشة) فيهم الفخوذ: النمارين، والنعيرات.
(الرموث) فيهم الفخوذ التالية: الرشود، والعثامين، والزونة، والهرمة، والمحاسنة، والبياحين، والعضدة، والشنقان، والشنانطة، والكذيبات، والعذرة.
(1)
ومن الرفادات حامد أبي رفادة الشهير بالأعور تقلد من العثمانيين نياشين تركية وقد تمرد على الملك عبد العزيز آل سعود، ولكن القوات السعودية سرعان ما قضت عليه وعلى حركته وشتت من معه من المتمردين قرب جبل شار جنوب شرق ضبا، وقد لقى الأعور حتفه في هذه المعركة مع بعض أولاده وعدد كبير من رجاله. كما اشتهر في هذا القرن إبراهيم بن سليمان باشا بن رفادة كشيخ عموم بلي في الحجاز، وله مواقفه المؤيدة للملك عبد العزيز آل سعود فثبته على مشيخة عربان بلي عامة، وكما كان والده من قبله سليمان باشا قد حصل على نياشين عثمانية من الحكومة التركة.
(2)
توجد عائلة منقرة في قنا بصعيد مصر.
(الهلبان) فيهم الفخوذ التالية: الضواونة، والجبيعات، والعجارشة، والربادين، والجوابرة.
(الخوالي) فيهم الفخوذ التالية: المعتق، والبريكات، والكرادية، والسعيد.
(الحمران) فيهم الفخوذ التالية: الخمايشة، والنجم، والشواولة، والبعاجين.
(السحمة) فيهم الفخوذ التالية: المظهر، والرواحلة، والزبن، والجمعان، والسليمان، والسالم.
السالم منهم المظهر وفيهم الرياسة ومن المظهر: الفضل وفيه الرئاسة، والرباح ومنه المهنَّا، ومن فخوذ السالم أيضًا: العقلا، والقطيبان، والحمود، والمسفر، والعايض، والعمر، وأفواه الزمل، والبداهين، والنواجعة، والرجا، والسعدي، والربدة، والسوارحة.
الجمعان منهم الرواحلة ومنهم الجبارة، والجبر، والسليمان، والزبن، والسليمان ومنهم آل المعدي.
ومساكن السحمة في الجزل ولهم فيه قريتي أبو راكة وتفيهة.
(القواعين) فيهم الفخوذ التالية: الخضراء، والعلي، والعلياني، والنواضية، والقابلة.
(الهروف) فيهم الفخوذ التالية: الشرمان، والضباعين، والحماد، والحوامدة، والمتاعبة.
(العرادات) وينقسمون قسمين:
القرون وفيهم فخوذ الفريجات (القلاقلة)، والعوضات، والسعيدات، والريوط، والشرايحة، والوعاوعة، والبويات ومنهم الوثرة والمداعمة والسييدة.
القسم الثاني الهشيمات وفيهم فخوذ الشهابين، والقياضين ومنهم ذوي سليم وفيه الشيخة، والمشاغبة، والصهابين، والغرات.
ومن مساكن البويات بفروعهم أبي القزاز والعرجاء في تهامة بلي، ومن مساكن الهشيمات وادي المياه جنوب الوجه، ومن مساكن القرون جنوب الوجه على شاطئ البحر، ولهم البركة والنابع ووجه الشظوة وقرى.
ومساكن العرادات عمومًا قرب تهامة ومن أوديتهم النابع ووادي المياه وأبا العجاج وأبو محيفرات.
(الزبَّالة) فيهم الفخوذ التالية: المشاعلة، والصرابطة، والعصابين، والجذول، والبوينات، والخشمان، والعبلة، والسميرات، والقراعصة، والجحوم، والشتاوية، والمساعرة، والجردان، والصرايطة منهم السهيات.
السميرات منهم الرواشدة والمقابلة والرشيدات.
البوينات منهم الصبحة.
الجردان منهم العوامرة.
الخشمان منهم اللمعة والفوالحة.
العصابين منهم الهليلات والنصار والزويدات والطرايفة والكذيبات والكحاتين والمسافرة والدحاجية والرضيمات والطباعين.
المشاعلة منهم السليمان والمضغة والشطايطة.
وبلاد الزبّالة في سراة بلي وهضب الزبَّالة بقرب وادي الجزل والسفوح الشرقية لسراة بلي مما يلي الجزل، ولهم من الهجر الورد وآثار النحيتة والقطبة وشويمة.
(الحمر) وفيهم الفخوذ التالية: السيف، وآل محمد، والحميدان، والقبل، ومنازلهم في نواحي العلا ووادي الجزل ومغيراء النشيفة.
الحميدان منهم العوادين والصوالحة ومنهم النصاصير.
والقبل منهم السليم.
(ب) خُزام وفيه العشائر التالية:
وابصة - الفواضلة - المواهيب - المطارفة - المقابلة
(1)
- الأحامدة
(2)
.
(وابصة) وفيهم الفخوذ التالية: اللوَّطة، والخضَّرة
(3)
، والقواسمة، والزروط والغضيات، والجعايطة، والسبوت.
مساكن وابصة في تهامة قرب الوجه والكر والنجد وبدا.
(الفواضلة) وفيهم الفخوذ التالية: الرقاقصة، والحميطات، والذراعين.
(المواهيب) وفيهم الفخوذ التالية: المناصير، والشوامي، والسراحين، والرحيات، والعودة، والدغامين.
(1)
المقابلة أكثرهم في مصر.
(2)
الأحامدة أكثرهم في مصر.
(3)
الخضرة منهم القردان.
ويسكنون في حرَّة المواهيب من حرَّة عويرض جنوبي تبوك، ومن قراهم ثربة وشلال وجيدة.
وأكد الباحثون أن المواهيب من السبُعَة (عَنَزة) وجنى جدهم جناية ودخل في خُزام من بلي.
- ولقد سمعت أقوالا متضاربة عن بعض العشائر في بلي ونسبها إلى (حرب)
(1)
.
قرى وهجر بلي في المملكة العربية السعودية
(2)
المنجور - بدا - أبو القزار - الكر - النابع - خربا - جيدة - السديد - الجديدة - الضليعة - القعرة - القصير (عمودان) - العقلة - القصيبات - النشيفة - البلاطة - النجيب - الخشيبة - أبو راكة - الفارعة - عرعر - الورد - الرس - الدبوب - التفيهة - النجيل.
كما ذكر محقق كتاب المنتخب في ذكر أنساب العرب للمغيري التالي عن ديار بلي وفروعهم
(3)
:
المعاقلة: في ساحل البحر. قلت: منهم الرفادات في المنجور.
الفريعات: في بلدة الفُقير.
الرموث: في بلدة القعرة.
الهلبان: في بلدة قصيب.
الحمران: في بلدة الفرش.
الوحشة: في بلدة الظليعة.
(1)
وذكر مؤرخو السعودية هذا القول عن عشائر بلي وانتماء بعضها إلى حرب منهم البلادي وحمد الحقيل (انظر كتاب الأنساب، رحلات في بلاد العرب)، كما ذكر بعض الرواة أن هناك فروعًا تنتمي إلى جُهَينة أو بني عُقبة.
(2)
إملاء شيخ شمل بلي في المملكة العربية السعودية محمد بن إبراهيم أبو رفادة ويقطن في قرية المنجور مقر عشيرة الرفادات من بلي.
(3)
انظر ص 436 طبعة 1405 هـ/ 1985 م.
الخوالا: في بلده الظليعة.
الخشمان: في بلدة المحرق.
المشاعلة: وهم بادية رحَّل.
الصرابطة: بلدتهم خضراء.
السحمة: بلدتهم تفيهة.
الغواعين: بلدتهم بيض.
الفواضلة: بلدتهم نقيب.
الهروف: بلدتهم أبو راكة.
الرواحلة: بلدتهم الفارعة.
الشواما: بلدتهم حلفة.
السراحين: بلدتهم النشيفة.
الدفامين: بلدتهم عورش وشربة.
المناصير: بلدتهم شلال وضاع.
وابصة: بلدتهم الكر وأبو القزاز وبدا.
العرادات: وهم بادية رحَّل. قلت: والصحيح لهم قرى وهجر كما تقدم.
قصيدة نبطية عن القهوة العربية
رواها سليمان بن مسعد
(1)
عن جده رشيد عامر العرادي البلوي:
ياللي تقول قليبنا مريِّحاني
…
الله ما في القلب طلقات والوّو
يا ذيب وإن أخلت عليك المثاني
…
ولجلج عليك الجوع يا ذيب قم عو
ما يعوي إلا بارد الزند واني
…
اللي عياله عن هوى باله انحو
هاتوا لنا بنا من السوق غالي
…
يعبى لاهل شيب الغوارب ليَّا جو
(1)
هو سليمان بن مسعد بن سعيد بن حمدان بن رشيد بن عامر العرادي من قبيلة بلي. وهو من أحفاد قائل القصيدة رشيد بن عامر رحمه الله، وسليمان بن مسعد يعمل مدير مطار مدينة رفحاء وتقع قرب الحدود الشمالية الشرقية للمملكة العربية السعودية مع العراق، وقد أملاها لي مشكورًا في عام 1995 م في =
ودي سوات مزينين المباني
…
لجيت حرف ابيوتهم يم ناضو
وندّرجه تدريج حمرا متالي
…
بالصيف كدر وبالشتاء يقلبن حو
لا قائلًا نية ولا محرقاني
…
برنوق والا ريق طيرًا هوى جو
ثمين سقها للجناب اليماني
…
شرّابها عن دوخة الراص يصحو
تقصد عن اللي تاريكن المعاني
…
لقَّوا حزاب الضلع وامسوا ولاجو
يا محلا ذبحت غنمهم عداوي
…
تموا ثمان سنين ما خلصوا هَو
بلي في الأردن وفلسطين
1 -
البلاونة: وهي من عشائر الأردن وتقيم في عجلون وما حولها، وفيها ثلاثة فخوذ الحناطلة والمخادلة والعلاونة، ويسمى جسر على نهر الأردن ما بين المملكة الأردنية الهاشمية وفلسطين المحتلة باسم (جسر البلاونة).
والبلاونة بدو مستقرون ومنازلهم غور البلاونة المجاور لغور أبي عبيدة، ويؤكد رواة البلاونة أن أجدادهم خرجوا من شمال الحجاز ونزلوا بغور نمرين مجاورين لقبيلة العدوان، ومن ثم تنارعوا معهم فهاجروا إلى قريتي المجدل والجزاز بجوار مدينة جَرَش، ولما عجزوا عن دفع الضرائب للدولة هاجروا إلى الغور ومارسوا الزراعة وتملكوا الأراضي واستثمروها.
وهناك فخذ من البلاونة يسمى الفقرا في الكرك منازله بماعين وهم فريقان الكنعان وعيال عايد ومسكنهم الغور، والقلان ومسكنهم دمنة بالكرك، والفلاح مسكنهم دمنة، والسلامات في دمنة وعجلون.
2 -
الشبيكات: من عشائر الأردن تقيم في البلقاء من بلي قدمت إلى هذه الناحية قبل ثلاثة قرون ومنازلهم طبربور في شمال عمان.
3 -
الشخاترة: من عشائر الأردن في البلقاء من بلي ومنازلهم جوار مادبا ومنهم فخوذ الحمدة، والعلي، والحماد.
= رفحاء وهذا بسبب اطلاعه علَى المجلد الأول من الموسوعة طبعة أولى عام 1993 م وقراءة القصيدة غير صحيحة برواية شيخ العمارين في مصر، وهذا مما دعاني لتدوينها صحيحة من مؤلفها الحقيقي رشيد بن عامر البلوي والذي كان في زمانه أحد كبار عشيرته ومن فرسانها وشعرائها.
4 -
الزفقة: من عشائر الأردن في البلقاء من بلي وهاجر جدهم من الحجاز ونزل ماعين بغور الأردن ثم نزح إلى خريبة السوق واليادورة، وهم ينقسمون إلى ست فرق هي:
العميان، والبصالصة، والعويمر، والهميسات، والبلوش، والطلافيح، ومنازلهم بالقويسمة حاليًا.
5 -
المعاقلة: هم من معاقلة بلي نزحوا إلى الأردن بنواحي الكرك ودخلوا في المحلف من الغوارنة.
6 -
الظُلَّام
(1)
: عشيرة من عشائر فلسطين حالفوا التياها ومعروف نسبهم لبلي وينقسمون إلى:
(أ) ظُلَّام أبي ربيعة ومنهم وبيعات، ومحمديين، وقرعان، والجنايب ومنهم الكشاحرة والوجوج.
(ب) ظُلَّام أبي جويعد ومنهم رحاحلة، وبدور، ومعايدة، وصرايعة.
(ج) ظُلَّام أبي قرينات ومنهم غوَّلة، وغناميين، وأبو قرينات، وعيال سليمان.
والظُلَّام منازلهم الخصابي وعرعرة الملح وكسيفة وجرابة وفاعي وتريبة وكلها حول بئر السبع بصحراء النقب من بلاد فلسطين.
7 -
العرادات، والهروف، والزبَّالة، والقرينات:
يوجد فصائل بهذه الأسماء في قرية أم دبكل من قرى بئر السبع بفلسطين (صحراء النقب) وقد هاجرت من مدة طويلة من الحجاز وقد حالفت قبيلة التياها.
(1)
ومع الظُلَّام فخوذ من الحويطات مثل القرعان والغناميين.
بلي في الديار المصرية
من أشهر فروع بلي في سيناء والإسماعيلية والشرقية والقليوبية هم المقابلة والأحامدة والمطارفة والعرادات وبعض عائلات من وابصة والزبَّالة والمعاقلة، وقد نزلت هذه العشائر منذ ما يزيد على خمسة قرون واستمر نزوحها من الحجاز حتى منتصف القرن العشرين الحالي.
[أ] بلي سيناء
مساكنهم في منطقة بئر العبد الساحلية وتقع ديارهم جنوب قبائل السواركة والبياضية ومُطير وبعضهم ما زال في البادية يمارس الرعي، ومنهم قسم يقيم في شرقي مدينة العريش وأهم مراكزهم الريسان والمقيبرة والريشة وكلها قريبة من الساحل، ومنهم قسم سكن القنطرة شرق قناة السويس.
وأهم فروعهم المقابلة
(1)
والأحامدة
(2)
والمطارفة وأذكر من مشايخهم عيد جدوع الشليبي من الأحامدة، ومسلم عقيل عقيلان من المقابلة، وعيد سالم دهثوم من المطارفة.
وأذكر من فخوذ المقابلة في سيناء: أبو نغيمش، وأبو دراو، وأبو مطير، ومسيعيد، وأبو القيعان، وابن عايد.
وأذكر من فخوذ الأحامدة في سيناء: الشليبي، والسحيمي، والعرادي، والأحمدي.
وأذكر من فخوذ المطارفة في سيناء: دهثوم، والسريحي، وأبو عميرة، والخشمان.
ومن الفخوذ السابقة في الإسماعيلية ما بعد عام 1967 م.
[ب] بلي في الإسماعيلية والشرقية والقليوبية
تسكن فصائل بلي بالوقت الحاضر بمحافظة الإسماعيلية ومنهم في القنطرة شرق وهم المقابلة والأحامدة والمطارفة والعرادات (أولاد الفاطر) والقريني.
(1)
،
(2)
المقابلة والأحامدة فروع عريقة في بلي وكان فيهم رئاسة بلي الحجاز في القرن العشرين للهجرة ثم هاجر أغلبهم إلى سيناء ووادي النيل بالديار المصرية، ومنهم بيوتات قليلة حتى الآن في المملكة العربية السعودية.
ومن شيوخ المقابلة بالوقت الحاضر وهم مناقع دم للقبائل العربية
(1)
وهم سليمان أبو القيعان، وسليمان أبو مسيعيد، وتعد وراثية في أبي القيعان وأبي مسيعيد أما شيخ أولاد الفاطر من العرادات هو سليم أبو راشد، والأحامدة فيهم المنشد في بلي وهو سلامة سلَّام الآن، كما أذكر من شيوخ بلي وأعيانهم أيضًا في الإسماعيلية سليمان أبو سلّام في ك 11 وجمعة أبو راشد في ك 13 وسالم الشعراوي في ك 14 وعايد أبو عتيق في البعالوة في التل الكبير. وأهم ما يُميِّز عرب بلي في سيناء والإسماعيلية هو أنهم يحافظون حتى الوقت الحاضر على لهجة البدو وعاداتهم الكرم للضيوف وحماية الجار، ويمتلك معظمهم الأراضي الزراعية وأغلبها مزروعة بالبساتين.
وفي القليوبية قسم من بلي أذكر من المقابلة عائلات كبيرة وهي: أبو عاصي
(2)
، والجويلي
(3)
، وأبو راس، وأبو منشار، وأبو وادي، وأبو شتيوي، وأبو عرمان، والعظمة، وأبو بصيلان.
(1)
وهذا عند الاختلاف في قصاص الحق عند ابن حيان السليلمي من الحويطات، أو ابن مسيعيد من السليمات (بني عطية).
(2)
يذكر رواة أبو عاصي أن سبب تسميته أبو عاصي لأنه عصى الوالي محمد علي باشا وقام بتأييد الألفي بيك زعيم المماليك المنافس لمحمد علي عام 1805 م في حكم مصر، وكما أسلفنا أن بلي كانت تؤيد المماليك خلاف بعض العربان الأخرى في مصر.
ويذكر رواة أبو عاصي أن عائلتهم هي أقدم عربان بلي وأكبر عائلة في جزيرة بلي وبها نسبة كبيرة من المتعلمين والأعيان والملّاك للأراضي الزراعية والتحق بعضهم بوظائف هامة في الدولة المصرية، ومؤسس عائلة أبو عاصي هو سليمان الشهير بأبو عاصي بن حسن بن نجم بن حماد بن سلامة البروكي النازح من بلاد الحجاز بمنطقة الوجه قبل ثلاثة قرون، وقد ذُكر أولاد أبو عاصي في تواريخ قديمة وسُجلوا فيما بعد تعداد 1911 م لعائلات العربان في بندر قليوب تحت رقم 1264 دوسيه 71 مخطوط 8 ملف 214.
وذكر أيضًا رواة أبو عاصي الثقاة عن أعراب بلي في جزيرة بلي المعروفة بالقليوبية - مركز شين القناطر تنقسم إلى قرى عديدة يُطلق عليها جزيرة بلي كالتالي:
1 -
بلي المقابلة أحدهم مقبلي: أغلبهم في قرى كفر الصهبي، وعرب غانم، وأم رقيبة، وعرب الخلوة، والرواشدة، والطلوح، والجويلة.
2 -
بلي الأحامدة أحدهم أحمدي: أغلبهم في قرى عرب القديري والحويان والحمامشة وعرب الحصوة.
3 -
بلي المطارفة أحدهم مطرفي: يسكنون عرب إسماعيل والبحيضة والسبعات وعرب معروف والهجرسة. وبذلك تكون في ستة عشر تجمعًا قرويا.
خلاف ما يوجد من عائلات حديثة القدوم من الحجاز مثل العرادات ووابصة والزبَّالة والمعاقلة وسكنوا نفس المنطقة.
(3)
عائلة الجويلي عريقة أيضًا في حزيرة بلي ولا تقل عن عائلة أبو عاصي من حيث سبة الأفراد =
ومن أشهر عائلات المطارفة: أبو دهثوم، وأبو حايط، وأبو معروف، والهضابين، والمطارفة عددهم كبير في جزيرة بلي (1) بالقليوبية.
والأحامدة لم يحضرني فروعهم في بلاد القليوبية وقيل لي أن قسمًا منهم نزح إلى الإسماعيلية.
كما توجد فصائل من وابصة مثل الحربي واللوَّطة في جزيرة بلي وقليوب، وكذلك من الزبالة عائلات في القاهرة والسويس وبلبيس والصعيد وكبيرهم الشيخ طويلع الختلي في زهراء عين شمس بالقاهرة وهو من أقدم تجار الإبل، ويملك أكثر من مائتي بعير وناقة قرب مزرعته في صحراء بلبيس بمحافظة الشرقية. كما أن هناك فصائل من المعاقلة في الصعيد والشرقية أشهرهم الرفادات في بلبيس وهم جماعة أبو عمَّار، ومن الحمران فخوذ عدة في أولاد طوق وغيرها في الصعيد وعمدتهم سلامة سليمان ومقره في حاجر البلينا بمحافظة المنيا. وهذا القسم من بلي الوجه البحري غير بلي القُدامى في الصعيد الذين نزحوا منذ الفتح الإسلامي قبل ثلاثة. عشر قرنًا من الزمان وما زال يحافظ بعضهم على نسبه في عرب بلي في نواحي جرجا بسوهاج وقوص وعرب قمولة بقنا، وقيل لي أن بعض عائلات من بلي دخلت في جهينة بالصعيد على اعتبار أن كلاهما قُضَاعة.
وذكر أحمد لطفي السيد في قبائل العرب عام 1935 م أن بلي في مصر قسمان قسم في وجه بحري والثاني في وجه قبلي.
= المتعلمين والرجالات الذين التحقوا بوظائف هامة في الدولة، ومنهم ملّاك للأراضي الزراعية وأعيان، ومنهم عمدة كفر الصهبي أيضا.
- (1) جزيرة بلي تضم عدة قرى مثل كفر الصُهبي وعرب المقابلة وعرب الأحامدة وعرب المطارفة وعرب معروف وعرب غانم وأبو حايط ونزلة وادي راشد، وهي ليست جزيرة في البحر وإنما هي موضع على الأرض، وهي مرتفعة عن مستوى أراضي القليوبية وتربتها رملية وليست طينية مثل أغلب دلتا النيل، وكانت ضمن زمام بتندة حتى عام 1930 م وانفصلت بعد ذلك بزمام خاص.
وتوجد عائلات عديدة تسكن جزيرة بلي أذكر الحمايدة ويذكر البعض أنهم من عربان الشرقية ورواة الحمايدة يذكرون أنهم من قبيلة بلي، أما الطرايحة والجنادي والصهبي وأصلهم من عرب المغرب وهذه العائلات هي أصل كفر الصُهبي، والكفر سمي بإسم قبيلة الصُهبي في سُلَيْم في ليبيا ومنهم عائلة حتى الآن فيه ولها امتداد في بلبيس بالشرقية وفي صعيد مصر (انظر عن قبيلة صُهب بن جابر من بني سُلَيم).
وسم بلي
(1)
في مصر
يختلف الوَسْم حسب كل فرع من القبيلة، وأذكر الوسم لعشيرة المقابلة وهو ما يسمى بالخطام وهو عبارة عن مطرقين متوازين وساع على حنك البعير الأيمن.
أما وَسْم عشيرة المطارفة فهو ما يسمى الحويفر (عبارة عن هلال مفتوح إلى جهة اليمين) يوضع على حنك البعير الأيمن، ووسم العرادات هو الباب على ورك البعير وكذلك بعضهم يضع الطارة.
ووسم الزبالي الحويفر (عبارة عن هلال مفتوح إلى أسفل) يوضع على الجبهة اليمنى من رأس البعير.
أما الأحمدي فيختلف بين فصائلهم ولكل فخذة وَسْم خاص بها.
نبذة عن بطون بلي القدامى بمصر
ذكر القلقشندي في نهاية الأرب أن هناك بطونًا لبلي سكنت الصعيد وما زال لها سلالات وبعضهم رغم مرور مئات السنين لا يزال يعرف نسبه إلى عرب بلي ومعظمهم في سوهاج وقنا بصعيد مصر.
قال القلقشندي الموجود من أصول بلي في عهده آخر القرن الثامن الهجري بنو عمرو - بنو هرم - بنو سوادة - بنو حارثة - بنو رائس - بنو ناب - بنو شادي.
قال وشادي الأمراء في عهده وانتقلت من بنو شادي إلى بنو عُجيل.
وذكر في مراجع أخرى عن بلي القدامى التالي:
بنو هني، وبنو عقيل (عجيل)، وبنو فضالة، وبنو حماد، وبنو حيدر، وذكر أن مساكنهم في سوهاج فيما فوق أخميم حتى قمولة وفي منفلوط.
وذكر الحمداني عن بني شادي قيل: أنهم من بني أمية (قريش) نزلوا إلى قصر الخراب وقد عُرف باسمهم فيما بعد. قلت: وديار قريش عموما في أخميم مجاورة لديار بلي في الصعيد، ولكن أستبعد نسبهم إلى قريش لما أن الرئاسة لبلي كانت فيهم والله تعالى أعلم.
(1)
توجد عشيرة تسمى الرويسات يذكرون أنهم من بلي وأكثرهم في بلاد العريش بشمالي سيناء ومركز بلبيس شرقية. كما عشيرة السلاسلة (أبو سلسل) من بلي سيناء وانضموا إلى قبيلة الحناجرة بفلسطين. وذكر لي الرواة الثقاة من بلي أن فخذ المهاوسة بعشيرة السليميين من قبيلة الحويطات أصلهم من بلي.
بلي في بلاد السودان وإريتريا
من بلي عشائر كثيرة في السودان من بطون الصعيد السابق ذكرها، بعضها نزل من البلاد الحجازية إلى شمالي السودان عن طريق البحر مباشرة.
وهناك جماعات يمارسون الرعي في شرقي السودان حتى داخل إريتريا ببلاد الحبشة.
وذكر لطفي السيد أن هناك عشيرة تسمى المعاقلة إحداها في الخرطوم والأخرى في دارفور، وقد ذكر أن هؤلاء من عشيرة المعاقلة رؤساء بلي في نواحي الوجه بالحجاز.
وقد نقل عن الرحالة ماك مايكل هذه المعلومات المدونة في كتابه المترجم من الإنجليزية إلى العربية.
وهناك قبيلة عربية شهيرة ذكرها نعوم شقير في تاريخ السودان وهي خُزام وهي من القبائل المعروفة في إقليم دارفور، ولكنه لم يذكر نسبها إلى بلي.
قلت: وأرجح نسبها لخُزام بلي لأنها قبيلة عربية والتاريخ يؤكد وجود جهينة وبلي بالدرجة الأولى في بلاد السودان.
وهناك الكثير من بلي قد نسوا نسبهم وتاهوا في الشعب السوداني أو الحبشة (إريتريا)
(1)
كما حدث لكثير من بطونهم أو عشائرهم في صعيد مصر، أو بمعنى أصح لم يذهب رحالة مؤرخون لحصر مثل هذه العشائر في تلك النواحي، ولربما الشخص الوحيد الذي حصر جميع بطون جُهينة في هذا القرن في السودان هو نعوم شقير ولكنه ليس دقيقًا في حصر جميع بطون جُهينة وكذلك كان ضعيفًا في التقصي عن قبائل العرب في السودان ووضح نسب القليل منها سوف نوضح عنه في السرد عن جُهينة.
(1)
توجد في دولة إريتريا جماعة كبيرة من بلِّي ولهم شهرة كبيرة هناك ومنهم عائلات متحضرة في المدن الإريترية.
جُهيَنَة
نسب القبيلة:
هو جُهَيْنة بن زيد بن لَيْث بن سود بن أسْلُم بن الحافي بن قُضَاعة.
ديار جهينة في الوقت الحاضر في المملكة العربية السعودية
تبدأ مساكن وديار قبيلة جُهينة من جهة الشمال (جنوب ديرة قبيلة بلِّي) في محاذاة ساحل البحر الأحمر من مصب وادي الحمض "إضم قديمًا" ممتدة جنوبًا حتى جنوب مدينة ينبع البحر بحوالي 50 كم، وتخالطها عشائر من الأشراف في منطقة ينبع، أما من ناحية الشرق فتمتد نحو الداخل في جبال السراوات بطول وادي الحمض المتجه نحو الجنوب الشرقي وحتى غرب المدينة النبوية بحوالي 45 كم (ابتداء وادي بواط)، وتجاورها من الشرق قبيلة عَنَزة ثم قبيلة بني رشيد أما من الجنوب الشرقي فتجاورها قبيلة حرب.
ومن جهينة قسم كبير تحضَّر وسكن المدن في المملكة العربية السعودية مثل المدينة المنورة وجدة وينبع وأملج والرياض وغيرها.
التفصيل عن ديار جهينة القديمة:
قال الهمداني في صفة جزيرة العرب: كانت مساكن جهينة بين المدينة ووادي القِرَى في العيص، وينفرد دار جهينة من حدود رضوى والأشعر إلى ما بين نجد والبحر.
قال ابن خلدون في تاريخ العبر: كانت مساكن جهينة ما بين الينبع ويثرب (المدينة) في متسع من برية الحجاز على العدوة الشرقية من بحر القلزم (الأحمر)، وأجاز منهم إلى العدوة الغربية وانتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة وكثروا هنالك على سائر الأمم، وغلبوا بلاد النوبة وفرقوا كلمتهم وأزالوا ملكهم وحاربوا الحبشة فارهقوهم.
قلت: وشأن جهينة شأن بلي وتاريخهما مشترك في بلاد النوبة.
وقال ابن خلدون: كان من أشهر ديارهم تندُد ووادي غوى الذي غيَّره النبي صلى الله عليه وسلم وأسماه رشادا. وكان لهم يحال ولظى في جهة خيبر وأديم وهي أرض تجاور تثليث تلي السراة من تهامة واليمن وقد كانت معها جَرْم بن رَبَّان (قُضَاعة)، وكان أيضا لهم الصفراء وهي قرية كثيرة النخل والمزارع وماؤها عيون؛ وهي فوق ينبع مما يلي المدينة وماؤها يجري إلى ينبع وهي لجهينة والأنصار وقريش ونهد (قُضَاعة).
لخَّص العلَّامة الباحث السعودي الشهير - حمد الجاسر
ديار جهينة القديمة كالتالي - عن مجلة العرب السعودية:
قال: من منازل جهينة آره وهو جبل عظيم بين مكة والمدينة، وأبار وأبَير من أودية جبل الأجرد يصبان في ينبع، والأجرد أحد جبلي جهينة المشهورين والثاني الأشعر وهو أكبر منه وأخصب، والأذنبة وهي عين من عيون الأجرد، وأذينة وهو واد من أودية القبلية ويسمى تيتد، وأرابين وهو منزل على قفا مبراك ينحدر من جبل جهينة على مضيق الصفراء، والأشعر وهو أحد جبلي جهينة سمي بذلك لكثرة شجره، وأشمذان تثنية أشمذ وهما جبلان بين المدينة وخيبر ينزله جهينة وأَشْجَع (غَطَفان)، وإضم هو مجتمع أودية المدينة وهو من أعظم أودية شبه جزيرة العرب يشق الحجاز حتى يفرغ في البحر، وذهبان وهو جبل لجهينة أسفل من ذي المروة بينه وبين السقيا، والرسى من أودية القبلية، ورشاد واد من أودية الأجرد، ورشد ورضوى من أشهر جبال شبه جزيرة العرب تطل على وادي ينبع ذو شعاب كثيرة وأودية، والروحاء وهو واد مشهور يقطعه الطريق بين المدينة ومكة، وهو من عمل الفرع ويبعد عن المدينة قرابة أربعين ميلًا وفيه قرية منهل من مناهل الطريق يسمى الآن المراحا، والرويثة من مناهل الطريق بين المدينة ومكة وتبعد عن المدينة بما يقارب الستين ميلًا، وزقب الشطان موضع في الأجرد فيه بئر الحواتكة، وسكاب من جبال القبلية، والسمار من جبال الأشعر، وسويقة من عيون وادي الحرَّة (الحورة) في الأشعر، وشميس من أودية القبلية، وسويلة من مواضع الأشعر، وصرار من جبال القبلية، والصفراء: عرض كبير من أعراض المدينة فيه أودية وقرى يقع بين ينبع والمدينة وماؤه يجري إلى ينبع ويُطلق اسم الصفراء على قرية في ذلك الوادي، وصُفينة: وهي قرية تقع في جنوب المدينة، وفي الطريق النجدية بينها وبين مكة بقرب مهد الذهب، وصندد من جبال تهامة، والصهوة وهو موضع بين المدينة وينبع، وعباثر نقب ينحدر من جبال جهينة يسكن فيه فَرْج من إضم يريد ينبع، وعذمر وهو جبل عظيم من جبال الأشعر، والعذيبة وهي صحراء لا تزال معروفة يخترقها طريق ينبع إلى جدة، والعرج واد عظيم من أشهر الأودية الواقعة بين مكة والمدينة ويبعد عن المدينة بمسافة تقرب من مائة ميل، وعرم واد ينحدر من ينبع إلى البحر، وعزور وهو جبل يفصل بينه وبين رضوى طريق المعرقة إلى الشام، والعشيرة موضع من ينبع، وعويسجة موضع في الأشعر، والعويقل نقب في هضبة الجياء في جبل الأشعر، والعص. قلت: والمشهور العيص وهو. واد من أشهر أودية الحجاز الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من
المدينة وهو تابع الآن لإمارة ينبع، والغرابات جبل أسود بين ينبع والجار في شرق الطريق إذا خرجت من الجار تريد ينبع، وغسية: موضع من ناحية معدن القبلية، وغوى. واد غيَّر اسمه النبي صلى الله عليه وسلم وسماه رشادا، وغيقة: خبت على ساحل البحر يمتد بين ينبع إلى قرب بدر، والفرع من أودية الاشعر قرب سويقة بينها وبين وادي مثغر على مرحلة من المدينة، والفقارة: موضع في الأشعر ولعله هو ما يُعرف الآن باسم الفقرة، والفيض: من مياه جهينة، وفيف: من منازل جهينة، وقاعس: من جبال القبلية، والقبلية هي سراة فيما بين المدينة وينبع ما سال منها إلى ينبع يُسمى بالغور وما سال منها في أودية المدينة يُسمى بالقبلية وحدّها الشام ما بين الحت وهو جبل من جبال عرك من جهينة، وقدس وآرة: جبلان لجهينة بين حرَّة بني سُلَيْم والمدينة، والذي عليه أكثر الباحثين أن جبل قدس لمُزَيْنة وهو جبل معروف في الطريق بين مكة والمدينة، وقردس: جبل في الحجاز قرب حرَّة النار في ديار جهينة والقلادة: من جبال القبلية، وفودم: اسم جبل، والكوسرة: من جبال القبلية ولظى: موضع، والقُف: من منازل جهينة، ومبكثة: من أودية الأجرد، ومثغر: واد من أودية القبلية، والمخاضة: من مواضع الأشعر، والمرابد: جبل بأسفل الحجاز مطل على الغور من يسار ينبع، وفي رواية أنها عيون فيها نخل لقريش وبني ليث (كنانة) بأسفل جراجر وهو واد لجهينة، ومر: أرض، والمروة: يقال ذو المروة ومدينة لها شهرة تاريخية وهي معدودة من وادي القِرَى، والمصلى: من منازل جهينة، والمصنعة: موضع ورد ذكره في أقطاع عوسجة من ذي المروة، والمقشعير: من جبال القبلية، وملحتان من أودية القبلية، ومليحة الرمث: موضع في الأشعر ومليحة الحريص مثلها، ومنتخر: موضع بناحية فرش ملل من مكة على سبع ومن المدينة على ليلة وهو إلى جانب مشغر وسماه البكري مشجر، ومنشد: موضع بين رضوى وبين الساحل، وناصفة: من أودية القبلية، والنصب: جبال سود بين ينبع والصفراء لبني ضمرة
(1)
، ونملى: وادٍ من أودية الأشعر ولعله تصحيف نخلى، وودان: قرية جامعة من نواحي الفرع بينها وبين هرشاشة أميال وبينها وبين الأبواء ثمانية أميال قريبة من الجَحفة أي تقع في الطريق بين مكة والمدينة قبل رابغ (الجحفة) لقاصد مكة من المدينة، وسوس: من الوسواس من أودية القبلية يصب من الأجرد على الحاضرة؛ والنكباء وهما فرعان بهما نخل لجهينة وغيرها، والوشل ماء بطرف جبل عذامر الشامي في الأشعر، وهزر: من أودية الأجرد التي تصب في الغور، ويليل: واد ينحدر من الصفراء تجتمع فيه سيول بدر وما
(1)
قلب: بنو ضمرة من كنانة العدنانية.
حوله ويتجه مغربًا بميل نحو الجنوب حتى يصب في موضع يدعى الرايس وهو موقع الجار ميناء المدينة المعروفة قديمًا، وينبع: ناحية واسعة ذات قرى وعيون وأودية، ومن منازل جهينة الأب من أودية الأشعر، وجبل جهينة بدر، وبرادق حورة موضع من أودية الأشعر بناحية القبلية، وبرقة من جبال جهينة، البغيبغة من أشهر عيود ينبع وأقدمها، والبلدة: من مواضع الأشعر، والبلي وبواط: جبلان من أشهر جبال جهينة، وبوانة هضبة وراء ينبع قريب من ساحل البحر، وبئر بني سباع من آبار الأجرد، وبئر الحواتكة من آبار الأجرد، وبئر الصريح هما بئران بهذا الاسم في الأشعر، ويبرز من أودية الأشعر، والثاجة من أودية القبلية، وجبار ماء بين المدينة وفير جفاف الجعلات، والجياء هضبة في الأشعر الحاضرة من أودية الأجرد، والحت من جبال القبلية، وحراض موضع في جبل الأشعر، وحرحار موضع في بلاد جهينة من أرض الحجاز، وحريض موضع في الأشعر، وحزرة من أودية الأشعر، وحسنا جبل قرب ينبع، والحوراء ميناء في الحجاز، وحورة الشامية من أودية الأشعر، والخبتان من منازل جهينة، والخبتين الممتدة على الساحل، والخبط أرض بالقبلية بينها وبين المدينة خمسة أيام وهي بناحية ساحل البحر، وخريف واد عند الجار يتصل بينبع، ودبراء واد من أرض جهينة وراء العيص، والدحلان، والدهناء، وذات الأسيل وهي عين في الأشعر، وذات الشصب موضع في الأشعر، وذات النصب موضع بمعدن القبلية، وذون أقرن واد.
- ويمكن القول، وهو للجاسر: أن جهينة كانت يومًا ما تحتل البلاد الواقعة من قرب رابغ جنوبًا من ودان فما دونها يليل فبد فالصفراء إلى وادي القِرَى شمالًا من ذي المروة فما حولها، أما من الناحية الشرقية فإن بلادها تشمل جبل الفرع الواقع شرقي المدينة وآرة وجبل قدس والأودية التي بقربه والقُف ومن إضم وذي خشب شمالها وتمتد حتى ساحل البحر.
وأضاف الباحث السعودي الأستاذ حمد الجاسر: بأن جهينة كانت عند ظهور الإسلام تسيطر على رقعة واسعة من الأرض، تمتد من البحر الأحمر غربًا إلى ما يقع شرقي المدينة وما بقربها من البلاد إلى نواحي خيبر وأطراف الحِرار التي تتكون منها أطراف الحجاز الشرقية .. وبعد أن كثرت فروعها انساحت إلى تلك الجهات الشرقية فاختلطت بسكانها من القبائل ولكنها لم تستطع أن تسيطر عليها فحالفت السكان واختلطت بهم، ومن القبائل التي كانت تجاور جهينة في العصر الجاهلي الأوس والخزرج ويجمعهما بجُهينة أصل قحطاني واحد، ولكن جُهينة بقيت
ببلادها التي هاجرت إليها متمسكة بمظاهر الحياة البدوية، بينما تحضرت القبيلتان الأخريان ففقدتا بذلك كثير من مظاهر القوة وأصبحتا بحاجة إلى مؤازرة غيرهما من القبائل حتى جاء الإسلام فنالتا به عزًا بمسارعتهما إليه.
وكانت المدينة المنورة ميدانًا لصراع عنيف بين القبيلتين (الأوس والخزرج)، مما دفعهما إلى الاستعانة بالقبائل المجاورة لهما وهذا مما دفع الخزرج إلى محالفة جهينة، ويظهر أن صلة قبيلة جهينة بالمدينة كانت عريقة وقديمة حيث أن هنالك بعض الأُسَر القريبة النسب إلى جهينة مثل بني أُنف (أُنيف) من بلي من قُضَاعة وهؤلاء قد استوطنوا قبل الأوس والخزرج في المدينة.
ولما جاء الإسلام كان في المدينة جالية كبيرة من جهينة، ومن المستبعد أن يكونوا كلهم ممن هاجر بعد ظهور الإسلام، ويوضح هذا أن قبيلة جهينة كانت من أسرع القبائل استجابة للدعوة الإسلامية ومؤازرتها وهي في بلادها، ولهذا لم تكن بحاجة إلى أن تهاجر من تلك البلاد وقد ظهر فيها الإسلام، وقد انتقلت أكثر المواضع إلى غيرها من القبائل منذ عهد بعيد، ومواضع أخرى تشارك جهينة فيها قبائل غيرها، ومواضع ثالثة قد تكون نسبتها إلى جهينة من قبيل الجوار أو كانت قبائل أخرى تشارك جهينة في الاستيطان في كثير من منازلها ومواضعها، ومن القبائل التي جاورت جهينة قبيلة عَنَزة، كما جاورت جهينة في منازلها واختلطت بها قبيلة حرب.
واستطرد الجاسر عن تاريخ جهينة في صدر الإسلام قائلًا:
انتشرت جهينة في صدر الإسلام انتشارًا عظيمًا في البلاد المصرية، وقد استمرت تنمو وتتكاثر حتى أصبحت أكثر القبائل في الصعيد المصري عددًا، وبعد انتشار جهينة في مصر وبلوغها من القوة درجة تجعل حكام البلاد يناوءونها العداوة ويحاولون إضعافها ويناصرون عليها القبائل الأخرى إنساح قسم كبير منها إلى البلاد المتصلة بمصر (أي جنوب مصر).
وقد دخلت جهينة السودان في موجات متعددة، واتجه معظمها من طريق وادي النيل إلى الشرق حيث بلاد البجة وساحل البحر الأحمر، واكتظت بها المنطقة الواسعة التي تبدأ من حلفا الحالية إلى شمالي غرب الحبشة، وكان لجهينة أثر قوي في الضغط على مملكة النوبة المسيحية الشمالية (مملكة المقرة) حتى أزالتها ثم اندفعت إلى الغرب ثم إلى الجنوب فشغلت بقاعًا مترامية الأطراف من السودان تمتد من الشرق إلى الغرب انتهى قول الجاسر.
لمحة لتاريخ قبيلة جهينة القضاعية
(1)
التاريخ في صدر الإسلام والصحابة من جهينة:
قال ابن حزم الأندلسي:
ولد لجُهَينة: قيعس، ومودوعة ثم ولد لقيس بن جَهَينة غَطَفان وغيان، وقد وفد بنو غيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم:(أنتم بنو رشدان) وكان واديهم يُسمى غوى فسُمي رشدا.
ومن جهينة بسبس وضمرة ابنا عمرو بن ثعلبة بن خرشة بن عمرو بن سعد بن ذبيان بن رشدان بن قيس بن جهينة لهما صحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمهما لحا (كعب) بن حمان بن ثعلبة بن خرشة حليف بني ساعدة، وعنمة بن عدي بن عبد مناف بن كنانة بن جهينة بن عدي بن الربعة بن رشدان كلاهما حضر غزوة بدر مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك من جهينة: ربيعة بن عمرو بن يسار بن عوف بن جراد بن يربوع بن طحيل بن عدي بن الربعة بن رشدان حليف بني النجار وقد حضر غزوة بدر وابن عمه تميم بن ربيعة بن عوف بن جراد بايع تحت الشجرة للنبي صلى الله عليه وسلم، وابن عمه عمرو بن عوف بن يربوع بن وهب بن جراد بايع أيضا تحت الشجرة، وعبد العزى بن بدر بن زيد بن معاوية بن حساب بن أسد بن وديعة بن مبذول بن عدي بن الربعة بن رشدان وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم فغير اسمه، وعُقبة بن عامر بن عبس بن مالك بن الحارث بن مازن بن سعد بن مالك بن رفاعة بن نصر بن ذبيان بن رشدان بن قيس بن جهينة كان له بالأندلس عقب لم يبق منهم أحد إلا هبة الله بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن سليمان بن عُقبة بن مصدق بن عياض بن عُقبة بن عامر وأخ له مات لم يعقب ولا لهبة الله ولد أيضًا، ومنهم أيضًا: محمد بن الحسين بن سعيد بن أبان بن عبد الله بن المعافي بن عبد الله بن بشر بن عُقبة بن عامر المذكور محدث سكنه همدان (اليمن) مات بمكة عام 326 هـ، ومنهم زيد بن خالد الجهني وابناه عبد الرحمن وخالد، وعبد الله بن عكيم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وابنه معبد بن عبد الله بن عكيم تابعي، وسبرة وحرملة ابنا عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد وعمهما عبد الملك بن الربيع محدثون ولسبرة صحبة ويقال: بل هو سبرة بن عوسجة بن حرملة بن سبرة بن خديج بن مالك بن عمرو بن ذهل بن مالك بن ثعلبة بن رفاعة بن نصر بن مالك بن غطفان بن قيس بن جهينة.
ومنهم سعد بن الأطول بن عبيد الله بن خالد بن واهب يكنى أبا المطرف وقيل بل يكنى أبا قضاعة وله صحبة.
أما بنو غطفان بن قيس بن جهينة:
فمنهم عدي بن أبي الزغباء بن سميع بن ربيعة بن زهرة بن بذيل بن سعد بن عدي بن كلاهل بن نصر بن مالك بن غطفان بن قيس بن جهينة، وقد شهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن مرة بن عبس بن مالك بن الحارث بن رفاعة بن نصر بن مالك بن غطفان له صحبة وقيل هو أول من الحق قُضاعة باليمن (أي نسبهم إلى حِميَر) من القحطانية فقال في ذلك بعض شعراء بلِّي شعرًا فيه:
فلا تهلكوا في لجة قالها عمرو!
وولد عمرو هذا بدمشق، وعوسجة بن حرملة بن جذيمة بن سبرة بن خديج بن مالك بن عمرو بن ذهل بن عمرو بن ثعلبة بن رفاعة بن نصر بن مالك بن غطفان عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألف رجل من جهينة وأقطعه - ذا أمر - وهو موضع في برية الشام من جهة الحجاز.
وقد أنشد ياقوت لسنان بن أبي حارثة:
وبضرغام وعلى السديرة حاضر
…
وبذي أمر حريمهم لم يقسم
ومنهم زيد بن وهب وهو من بني حِسْل بن نصر بن مالك بن عدي بن الطول بن عوف بن غطفان له صحبة، ومنهم مجد بن وهب بن عمرو بن عدي بن الطول (بن عوف) الذي حجز بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين قبل وقعة بدر الكبرى.
والحُرقات
(1)
(بطن) من جهينة وهم الذين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أسامة بن زيد فقتل منهم الذي قال لا إله إلا الله، فعاتبه على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: وقال له النبي صلى الله عليه وسلم من لك بلا إله إلا الله يا أسامة واشتد عليه وغضب، فقال أسامة: قالها يا نبي الله خوفًا من القتل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ لك بلا إله إلا الله. قال أسامة: وظل النبي صلى الله عليه وسلم يرددها حتى لو وددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن وإني كنت أسلمت يومئذ وإني لم أقتله، قال: قلت: أنظرني يا رسول الله إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلًا يقول لا إله إلا الله أبدا.
(1)
الحُرقات (الحرقة) بطن من جهينة وهم أحمس بن عامر بن ثعلبة بن مودعة وسموا كذلك؛ لأنهم أحرقوا بني مرة بن عوف (غَطَفان) بالنبل أي قتلوهم.
ومن الحرقة: شهاب بن جمرة من بني ضرام بن مالك بن كعب بن مالك بن ثعلبة بن حميس بن عمرو المذكور، وحميس هو الحرقة، وشهاب هذا هو الذي عرض له مع عمر بن الخطاب ما عرض وكان ساكنا بذات لظى من حرَّة النار فقال له عمر رضي الله عنه: أدرك أهلك فقد احترقوا! .. انتهى قول ابن حزم عن جهينة.
تفصيل آخر عن الصحابة من جهينة
قال ابن هشام: من جهينة صحابة شهدوا بدرًا الكبرى مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم:
- كَعْب بن جماز بن ثعلبة من غبشان الجهني.
- ضُميرة وزياد وبسبس بنو عمرو الجهني.
- عدي بن أبي الزغباء الجهني.
- وديعة بن عمرو الجهني.
- ضَمَرة الجهني (من شهداء أحد).
- سُهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائد الجهني.
وجميع السابق ذكرهم حلفاء للخزرج (الأنصار) في المدينة المنورة.
وهناك عُقْبَة بن عامر الجهني الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نسب قُضاعة فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: أنتم من قُضاعة بن مالك (أي من حِمْيَر القحطانية)، وكذلك جندب بن مكبث الجهني له رواية وحديث عن النبي وَذكره ابن هشام في غزوة غالب بن عبد الله الليثي.
وكانت جهينة على المجنبة اليمنى مع خالد بن الوليد في فتح مكة المكرمة
(1)
وقال ابن هشام: أنه لم يصب مع خالد في المعركة التي خاضها مع المشركين سوى رجل واحد من جهينة هو سَلَمة بن الميلاء.
وذكر جواد علي في تاريخ العرب قبل الإسلام:
أن من جهينة: بشير بن عقربة ويقال له بشر أبو اليمان الجهني وهو محدث وله صحبة وسكن في فلسطين، وقال البخاري: إن بشرًا معروف بفلسطين وكان موجودًا حتى عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. وكان عدد فرسان جهينة ألفًا في غزوة حُنَين وشكر فيهم النبي صلى الله عليه وسلم مع عدة قبائل قائلًا: الأنصار ومُزينة
(1)
فتح مكة (أم القرى) عام 8 هـ شهر رمضان وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف مقاتل من المسلمين.
وجُهينة وغِفار وأشْجَع ومن كان من بني عبد الله موالي دون الناس والله ورسوله مولاهم. قلت: وغِفَار من كِنَانة وأشْجَع من غَطَفان.
رجال جهينة في غزوة بدر
أثناء مسير النبي صلى الله عليه وسلم للقاء المشركين من قريش سلك مع أصحابه ذات اليمين على النازية يريد بدرًا فسلك في ناحية منها حتى جزع واديًا أي قطعه وعرضه ويقال له رحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم على المضيق ثم انصب منه حتى إذا كان قريبًا من الصفراء بعث رجلين من جهينة ليعرفا أخبار قريش أو عن أبي سفيان ومن معه، وهذا لأن المنطقة التي فيها بدر هي لجهينة وهم أعرف بها من غيرهم، وكان اسم الرجلان بسبس بن عمرو الجهني وهو حليف بني ساعدة الخزرج والثاني هو عدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار الخزرج من الأنصار، فوصل كلاهما إلى عين بدر على بعيريهما فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنًّا لهما يسقيان فيه، وكان على البئر من جهينة وهو جُدي
(1)
بن عمرو وهو متكفل به حينئذ، فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري الحاضر (أي الديرة القريبة من ماء بدر) وهما يتلازمان أو على الماء الملزومة بالمدينة تقول لصاحبتها: إنما تأتي العير غدًا أو بعد غد فأعمل لهم ثم أقضيك الذي لك، قال جُدي الجهني لها: صدقت ثم خلص بينهما، وهذا لأن بدرًا تأتي فيه العرب كل موسم فيذبحون عنده الجزور ويشربون الخمر وتُعزف لهم الموسيقى أو القيان (وهذا في الجاهلية)، وكان بسبس وعدي يجلسان على بعيريهما وعرفا أن قريشًا في طريقها إلى المكان بين عشية أو ضحاها، فانطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بما سمعا على عين بدر، وأقبل أبو سفيان بن حرب القرشي حتى تقدم العير معه حذرا حتى ورد ماء بدر، فقال لجُدي بن عمرو الجهني: هل أحسست أحدًا فقال جُدي: ما رأيت أحدًا أنكره إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم أسقيا في شن لهما ثم انطلقا، فأتى أبو سفيان مناخهما أي مكان مبرك جمليهما فأخذ من أبعار بعيريهما ففته فإذا فيه النوى
(2)
.
فقال هذه والله علائف يثرب (أي المدينة) وقد عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكان قريب من الماء، فرجع إلى أصحابه سريعًا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل بها (أي أخذ جهة الساحل) فترك بدرًا بيسار وانطلق مسرعًا نحو مكة بعير قريش فأحرزها أو نجا بها من المسلمين.
(1)
ذكره ابن حزم (مجدا) وابن هشام (جُدي).
(2)
النوى: نوى البلح (علف).
وبعد نصر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين من الصحابة في بدر على مشركي قريش وكان بعض الأسرى من قريش مع المسلمين قال ابن هشام: أن عُدي بن أبي الزغباء الجهني ارتجز بشعر قائلًا:
أقم لها صدورها يا بسبس
…
ليس بذي الطلح لها معرس
ولا بصحراء غمير محبس
…
إن مطايا القوم لا تخيَّس
فحملها على الطريق أكيس
…
قد نصر الله وفر الأخنس
وقوله يا بسبس: يقصد بسبس بن عمرو الجهني الذي كان معه عند عين بدر يتحسس خبر العدو، ومعنى كلمة لا تخيس أي لا تحبس.
جهينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
-
من أهم ما يُذكر لجهينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أنها من القبائل التي لم ترتد عن الإسلام مثل سائر قبائل العرب، وقد ظلوا على عهدهم ووفائهم وإيمانهم ينصرون الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد نصروه نصرًا مؤزرًا في حروبه ضد المرتدين، حتى دانت قبائل الجرب للحق والإسلام في شهور قليلة وقد جمعهم الله إلى حظيرة الإيمان والدين القويم وقد فتحوا البلاد والأمصار.
لمحة لتاريخ جهينة في مصر وإفريقيا
ذكر أحمد لطفي السيد في تاريخ جهينة
(1)
: أن بطونًا كثيرة من جهينة نزحت إلى صحراء ليبيا عام 647 م - 27 هـ، وهذا إبان غزو العرب المسلمين تلك الديار في بداية فتح بلاد المغرب، وكان مع جهينة (قُضَاعة)، وقبيلة فزارة من (ذُبيان - غَطَفان) والأخيرة ما زالت بطون منها في ليبيا تحافظ على نسبها.
وأضاف أحمد لطفي السيد: أن من جُهَيْنة
(2)
انضم الكثير إلى
(1)
أصل المثل الشهير وعند جهينة الخبر اليقين.
قال الحمداني فيما معناه: أن جُهينة كان من أعوان ملك من ملوك اليمن وقد غاب الملك فوكل وزيرًا له يسمى نجيدة، ففسد وفجر في رعية الملك ولم يصن الأمانة، فوثب جهينة على الوزير فقتله ودفنه تحت سرير الملك ولم يعلم أحد بذلك في القصر، فلما حضر الملك تفقد الوزير فسأل عنه كل رايح وغاد فلم يقف على أثر له ولم يعرف خبره، فلما رأى جهينة الملك على هذا الحال قال شعرًا منه:
تسائل عن نُجيدة كل ركب
…
وعند جُهينة الخبر اليقين!
فسأله الملك فأوقفه جُهينة على الخبر وقتله للوزير الفاسد فقربه الملك إليه وأحسن عطاياه، وقيلت رواية أخرى في هذا المثل والله أعلم.
(2)
من جهينة (عقبة بن عامر بن قيس الجهني) تولى مصر عام 40 هـ - 661 م في عهد معاوية بن أبي سفيان.
أُمراء
(1)
أسوان من كنز (ربيعة العدنانية) وذلك عام 649 هـ وقد ساعدوا كنز في فتح بلاد البجَّة (النوبة) جنوب مصر وامتلاك مناجم الذهب.
وقال: إن المقريزي ذكرهم عام 1400 م - 803 هـ كأكثر قبائل الصعيد المصري ومنازلهم في بداية الأمر كانت في الأشمونين (مصر الوسطى) حتى أجلاهم الخلفاء الفاطميون وأسكنوا بطونًا من قريش مكانهم.
وقال ابن خلدون: إن جُهَيْنة كانت مشاركة في الأحداث التي مرت في صعيد مصر وأسوان وما بعدها جنوبًا إلى بلاد النوبة ثم بلاد الحبشة، وأن جهينة دخلت في الحبشة ثم استقرت في بلاد النوبة وصاروا إلى مصانعة النوبيين بالصهر (المصاهرة أو التزاوج) وقد جرت الدماء الملكية النوبية إلى جهينة، وبالنظر إلى عادات هؤلاء الملوك من توريث ابن البنت أو ابن والأخ فقد نجح أفراد من جهينة في اعتلاء عرش النوبة، ورغم ذلك لم تحضَّر جهينة بل ظلت كثرتها على بداوتها كما كانت في جزيرة العرب.
وأضاف أحمد لطفي: يظهر أن هذه هي طريقة القبائل البدوية كلها إذا استثنينا بعض ربيعة العدنانية من أولاد كنز في أسوان.
وقال أيضًا أن أهم ذكر لجُهينة في نسب السودانيين أنهم وصلوا إلى نيف وخمسين قبيلة (الأصح فصيلة) على ضفاف النيل الأزرق، واستقر بعضهم في الجزء الممتد من الجنوب المصري إلى كُردفان ودارفور.
ونقل هذا عن - ماك مايكل - "مستشرق ورحالة إنجليزي".
وقال عنه أيضًا: إن بعض جهينة اتجهوا غربًا في الصحراء الليبية حتى تونس.
ومن حوادث جهينة الشهيرة عام 679 هـ أنها كانت تتقاتل مع رفاعة في صحراء عيذاب بأسوان.
ورفاعة كما ذكر القلقشندي هم بطن من عامر بن صعصعة (هوازن) ومنازلهم الأعمال الأخميمية أي من سوهاج حتى أسوان.
وذكر الحمداني: أن رفاعة بطن من بني عمرو بن هلال بن عامر بن صعصعة (هوازن) العدنانية.
(1)
عبد الله بن الجهم الكنزي: قد أذل البجة وأسر ملكهم علي بابا وأرسله إلى بغداد وملك وادي العلاقي الذي له مناجم الذهب.
وقد قُتل جماعة كبيرة من الطرفين فكُتب إلى الشريف علم الدين صاحب سواكن (مدينة على البحر في السودان جنوب بورسودان) بأن يوفق بين جهينة ورفاعة ولا يعين طائفة على أخرى خوفًا من فساد الطريق التجاري عبر الصحراء إلى السودان.
جهينة في مصر بالوقت الحاضر
ذكر أحمد لطفي السيد في قبائل العرب في مصر أن جهينة
(1)
في حصر عربان وقبائل مصر عام 1883 م كانت من قبائل الشرقية والقليوبية وقنا وطهطا (سوهاج) وأسماهم جهينة بحري وجهينة قبلي.
قلت: وفي القليوبية توجد قرية كبيرة تسمى نزلة عرب جهينة تبعد عن القاهرة حوالي 35 كيلو مترا.
جهينة بالوجه البحري [القليوبية والشرقية والدقهلية وغيرها]
(أ) أبناء عتمان بن محمود المرديسي السميري من السُّمرة وهم عائلات: أبو يونس - المخ - أبو عامر - أبو سبيلة - أبو بدران - أبو محمود - أبو الشيخ حسن وهم أولاد سليمان ابن الشيخ حسن - آل صالح إبراهيم - آل سليم صالح - آل واكد - آل عتمان - آل الوتر - آل يونس حامد - آل ترك - آل محيسن - آل بريك - آل شتيوي - آل عامر.
(1)
ذكر في مالك الأبصار: أن بمنفلوط وأسيوط قوم من جهينة، وكذلك في حلب من بلاد الشام (سوريا) فرقة من جهينة، وأيضا في الكوفة من بلاد العراق محلة تنسب إلى جهينة أى تسمى باسمهم.
قال الحمداني: مساكن جهينة بالديار المصرية بنواحي القاهرة إلى أطراف الشرقية وروى الحمداني عن بلاد جهينة في الصعيد المصرى أنهم أكثر عرب الصعيد ولهم بلاد خاصة بهم وكانت مساكنهم ببلاد قريش (الأشمونيين) في أواسط الصعيد فأخرجتهم قريش بمساعدة عسكر الفاطميين فصاروا إلى بلاد "أخميم" أعلاها أي شمالها وأسفلها أي جنوبها، وأخميم هي (سوهاج حاليا) أما الأشمونيين فهي قرب ملوي (تابعة لمحافظة المنيا).
وقال الحمداني أيضًا رواية: أن بلي وجهينة كانوا جيرانًا في صعيد مصر كما هم في الحجاز فوقع بينهم واقع أدى إلى دوام الفتنة فلما خرج عسكر الفاطميين لإنجاد قرش على جهينة جافت بلي فانهزمت في أعالي الصعيد (أي جنوب الأشمونيين ديار قريش) وأديلت جهينة لقريش وملكت بطون قريش دار جهينة ثم حصل بينهم جميعًا الصلح وزالت الشحناء.
(ب) أبناء إبراهيم بن محمود المرديسي السميري من السُّمرة وهم عائلا: آل هنيدي - آل خليل - آل أبو الوفا - آل الديب - آل حماد - آل عبد النبي - آل عطية الله - آل ضاهر - العيايثة - آل سلامة - آل عياض - آل عطيوي - آل الجروي - آل مسعود - آل شحاتة - العكايرة - آل فاضل - آل جاهين عامر - آل عبد الغني نصر - آل موسى - آل الألفي - آل الشريف - آل ربيع - آل مصلح سليم - آل صقر - آل الفخ - آل حسان - آل خميس - آل دياب حامد - آل أبو الروس.
(جـ) أبناء نجم من البهوج من العطيفات من السُّمرة وهم فرع حميد بن صقر بن نجم: عائلا: آل الطنان - آل عبد السلام - آل بكر - آل زيدان - آل زويد - آل غرارة - آل عيسى.
وفرع عبيد بن صقر بن نجم وفيه عائلات: آل حليفة - آل سبيع - آل ثابت بن ثابت - آل مسلَّم بن ثابت.
وتوجد فروع من جهينة في القليوبية والشرقية وغيرها من محافظات الوجه البحري والقبلي مثل العائلات التالية:
1 -
آل كليب من رشدان من جهينة.
2 -
آل مروان من المراوين من موسى من جهينة.
3 -
آل عين من العنينات من قوفة من مالك من جهينة.
4 -
آل فضيل من كلوب من الكلابين من رشدان من جهينة.
5 -
آل عوض من رفاعة من مالك من جهينة.
6 -
البراطمة من رفاعة من مالك من جهينة.
7 -
آل وهب من الوهوب من وفاعة من مالك من جهينة.
8 -
آل بسيوني من النحالين من السُّمرة من جهينة.
9 -
آل سويلم من النحالين من السُّمرة من جهينة.
10 -
آل الفقي من المحيا من موسى من جهينة.
11 -
آل القاضي من قوفة من مالك من جهينة.
12 -
الصيايدة من عروة من مالك من جهينة.
13 -
الشوافعة من عروة من مالك من جهينة.
14 -
المشاعلة من قوفة من مالك من جهينة.
15 -
آل مطاوع من الغزور من نزة من جهينة.
16 -
آل صالح يقال لهم الصوالحة من عروة من مالك من جهينة.
17 -
آل مقبل من المرادين من موسى من جهينة.
18 -
أبو دشيشة من الفقهاء من قوفة من جهينة.
19 -
عنان من العنينات من قوفة من جهينة.
20 -
البشوتي من البشايتة من مالك من جهينة.
21 -
أولاد جويفل من الفوايدة من موسى من جهينة.
22 -
أولاد دهينة وهم في كلفر الطويل والطويل وأماكلن أخرى في الدقهلية.
ومن مشايخ جهينة السابقين التالي:
علي حسن يونس، ويونس علي حسن، وعلي يونس صالح عامر علي حسن يونس؛ وكان قاضي بمحكمة الخط، ومحمد سليمان حسن علي حسن يونس، ومحمد يونس علي حسن يونس، وسليمان علي حسن يونس وكان أحد علماء الأزهر الشريف، وسالم سليمان مسلم ثابت من علماء الأزهر أيضا، وحسن يونس علي حسن يونس، وعلي سالم مسلم ثابت، وأمين علي محمد عامر علي حسن يونس وهو الآن عمدة عرب جهينة.
ومن أعلام ورجالات جُهينة السابقين والحاليين أذكر التالي:
صالح عامر علي حسن يونس قاضي محكمة الخط وشيخ جهينة، ويونس باشا صالح وزير الدفاع المصري عام 1940 م، والدكتور محمد صالح عامر مدير مستشفى قلاوون للعيون، والدكتور محمد حامد عامر علي حسن يونس أول مدير لمصلحة الكيمياء المصرية، وصالح محمد صالح عامر علي حسن يونس أمين ثاني
الملك السابق فاروق الأول، ومحمود محمد صالح أمين ثالث الملك فاروق أيضًا، ومحمد صلاح حسن علي حسن يونس مدير عام العلاقات العامة بهيئة قناة السويس، ومحمد شوقي السيد حسن يونس علي حسن يونس رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للملاحة وأمين عام اتحاد ملاك البواخر الإسلامية بجدة وعضو مجلس الشورى في مصر، واللواء فؤاد الغنيمي مساعد المدعي العام العسكري، والدكتور كمال محمد عامر علي حسن يونس وكيل معهد الحشرات بورارة الزراعة، واللواء فؤاد الغنيمي مساعد المدعي العام الاشتراكي، واللواء أركان حرب فاروق سليمان محمد علي يونس مساعد الحاكم العسكري لقطاع غزة ومدير المخابرات الحربية قبل عام 1967 م، والدكتور فتحي مصطفى يونس صيدلي، والدكتور أمين عامر مدير مستشفى شبين القناطر المركزي، والمستشار يونس سليمان ثابت، والدكتور سمير سليمان يونس ثابت رئيس مجلس إدارة سويس فارم، والدكتور جمال الدين يونس محمد علي حسن يونس مدير عام بالهيئة البيطرية، والمهندس صفوان أحمد حسن يونس رئيس مجلس إدارة شركة جهينة للألبان، والدكتور إمام حسن محمد عامر أستاذ أمراض النساء والولادة بجامعة المنصورة، والأستاذ محمد حسيني علي محمد علي يونس رئيس مجلس إدارة شركة جهينة الزراعية، والمهندس فؤاد محمد مسلَّم ثابت مدير مكتب وزير المواصلات سابقًا، والدكتور عزت محمد حسن سليمان ثابت أستاذ بطب الأسنان بالقاهرة، واللواء طبيب سليم السيد سليمان عامر بالقوات المسلحة سابقًا، واللواء صلاح مصطفى يونس عامر بالقوات المسلحة سابقًا.
ومحمد الكردي إسماعيل بريك وكيل وزارة التأمينات الاجتماعية، والدكتور أ. حازم ترك أستاذ المسالك البولية جامعة القاهرة، والمستشار نبيل عبد الحق القاضي المحامي العام بدار القضاء العالي، وحسين مرسي محمد عودة مدير مكتب وزير الداخلية، والدكتور محمد عودة مدير بنك الاستثمار، والشيخ محمد محمد عودة عضو مجلس الشعب أمين الحزب الوطني، والدكتور محمد أحمد عطية شعبان رئيس قسم الجيولوجيا بجامعة الزقازيق، والدكتور أستاذ محمد عودة بزراعة الأزهر، واللواء أحمد محمد ثابت وزير التموين في مصر سابقًا، واللواء طبيب صالح حسن يونس ثابت أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بالقوات المسلحة، والدكتور محاسب صلاح عبد رب النبي، والمهندس ثابت يونس سالم
ثابت رجل أعمال، والدكتور ناصر فؤاد مسلّم ثابت أستاذ بجامعة المنوفية، والكيميائي ممدوح حسن عامر يونس صاحب شركة ميلر الهندسية بمدينة نصر، وحاتم ثابت صاحب شركة الحجاز للاستيراد والتصدير، والمهندس السيد سليمان يونس باحث ونسابة جهينة.
- وفي الشرقية يوجد دوار جهينة (قرية) في فاقوس، ومن جهينة الشرقية عائلة المصري في منشية المصري مركز سيدي سالم بمحافظة كفر الشيخ.
وأذكر أول عمدة كان الشيخ علي المصري، ثم بعده العمدة الشيخ زكريا المصري، ثم بعده العمدة الشيخ إبراهيم المصري، ثم العمدة طاهر إبراهيم المصري، ثم العمدة الحالي حماد صابر المصري وهو يحمل بكالوريوس تجارة.
وكذلك آخر شيخ للقبيلة في كفر الشيخ عباس أحمد الجهني.
- وفي غربي النيل في صعيد مصر أيضًا (محافظة سوهاج) توجد مدينة باسم "جهينة" وهي مركز كبير تتبعه عدة قرى وأول من سكنها عرب جهينة فسُمى بها وما زال بها جماعات منهم.
- وفي جنوبي مدينة أسوان (أقصى جنوب مصر) على سواحل بحيرة ناصر وفي القرى حول أسوان هناك فصائل كثيرة من عرب جهينة يمارسون الصيد في بحيرة ناصر التي تمتد في وادي حلفا جنوبًا في الشمال السوداني، وحدثني رجل جهني من صعيد مصر أن جهينة أسوان بعضهم يعمل في التجارة والآخرون في الزراعة وأغلبهم في صيد السمك من بحيرة ناصر
(1)
ولهم قوارب خاصة بهم ويخرجون إلى الصيد في أعماق البحيرة جماعة أو رابطة لا يشاركهم أحد في صيد أو مسكن ومعروفون هناك للجميع بأنهم جماعة جهينة.
- وفي محافظة الفيوم شمال الصعيد وتبعد عن القاهرة بحوالي 100 كيلو متر فتوجد جماعة من عرب جهينة قي بعض القرى يمارسون الزراعة والفلاحة.
(1)
بحيرة ناصر سميت باسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي ينتمي إلى "بني مُر" من سمَاك من لَخم القحطانية، (ذكرهم القلقشندي في نهاية الأرب) وهم من بطون لخم القديمة في صعيد مصر، وَبني مُر الآن بلدة من أعمال أسيوط، وذكر عارف العارف أن بني مر اللخميين منهم جماعات في فلسطين ومعهم بنو مليح وبنو عبس وبنو بكر وكلها من سماك (لَخْم) ومنهم في شرقي الأردن عائلات.
وعبد الناصر هو الذي بنى السد العالي أي في عهده، وهو بناء ضخم بين جبين جنوب أسوان وقد تم بناء السد نهائيًا عام - 1970 م وحجز مياه النيل خلفه أو جنوبه فتكونت من جراء ذلك أعظم بحيرة صناعية في العالم وقد رفع منسوب المياه إلى 170 مترًا خلف السد وخزن 130 مليار متر مكعب من مياه النيل العذبة وتبلغ مساحة البحيرة بعد تمددها في الوادي حوالي 200 كيلو متر مربع وقد امتدت البحيرة داخل حدود السودان في وادي حلفا وهي غنية بالأسماك النيلية الممتازة، ورغم فوائد السد العالي من تولد الطاقة الكهربية والحفاظ علي المياه الضائعة والوقاية من الفيضان إلا أن له أيضًا نتيجة مضادة مثل حرمان الأرض من الطمي=
- وفي قلب العاصمة المصرية (القاهرة) في حي من أشهر أحيائها وهو العتبة (الرويعي) توجد جماعة كبيرة من جهينة أغلبهم من التجار.
- وهناك قرى بأسماء عشائر من جهينة، وهم من جهينة المملكة العربية السعودية ليسوا جهينة القدامى، ومنهم في الصعيد المصري نذكر على سبيل المثال منها.
قرية العيايشة في قوص (محافظة قنا)، وقرية المساوية (إسنا) - قنا، والصبحة في ديروط (محافظة أسيوط)، وبلدة نزة في (سوهاج).
كما يقطن قسم من جهينة في الزيتية بمحافظة السويس، وقسم آخر في محافظة الإسكندرية، ومنهم جزء في البحيرة، أما أغلب بطون جهينة المعروفين فمركزهم في بلدة جهينة وبها القسم الأكبر من جهينة في مصر وهي تابعة لمحافظة سوهاج في قلب الصعيد المصري.
وأهم عشائر وأفخاذ وعائلات جهينة في الصعيد المصري:
(1)
من حويج من البهوج من السُّمرة التالي: آل النجار، وآل ودن، وآل عقيل، وآل الدالي، وآل عطاي، وآل الطويل، وآل رقم.
(2)
من فياض من المظاعين من السُّمرة التالي: آل حسام الدين، وآل عقرب، وآل فياض، وآل عودة، والمؤذن، وهارون، وهريدي،
= الذي كان يغذي التربة في وادي النيل كله، وهناك آثار فرعونية غمرتها المياه مثل معابد فيلة (فيلو) وأبو سنبل وكذلك قرى عديدة كانت تسكنها جماعات أغلبها من النوبيين ولهم لهجة خاصة بهم غير العربية وقد سكنوا في قرى جديدة في المناطق المرتفعة حول البحيرة ومحافظة أسوان ومن قراهم الشهيرة والتي كانت قبل وجود البحيرة: كلابشة - العلاقي - المضيق - كرسكو - الدر - عنيبة - وأدنان وهي نقطة الحدود المصرية المقابلة مع نقطة حدود دولة السودان (وادي حلفا)، وهناك سوق الإبل الشهير المسمي" دراو" وهو في بلدة دراو جنوبي كوم أمبو أو شمال أسواد بحوالي 35 كيلو مترا ومعظم الإبل تأتي من قبائل شمال السودان التي تمتلك آلاف القطعان وتصدر منها إلى مصر.
* (كِنَانة العدنانية) منهم فروع مجاورة لجهينة واختلط كثير من فروعهم مع جهينة في الديار والجوار والنسب والحلف حتى الآن في السعودية والمعروف أن كنانة منها قبيلة قريش التي انفصلت ذاتيًا عن كنانة قبل الإسلام.
* هناك عشائر الأشراف القرشيين (بني السبطين الحسن والحسين) يخالطون جهينة في المملكة العربية السعودية في نواحي ينبع النخل وما حولها وهناك فروع انضمت من الأشراف بالدخل والحلف مع جهينة مثل ذوي قضيل وهم مع رفاعة من مالك من جهينة، وهجار، وهزاع وهما مع بني إبراهيم من مالك من جهينة، والعيايشة مع بني مالك من جهينة.
* ذكر تاريخ شرق الأردن عشيرة الجهينة محالفة للجبور من الكعابنة من قبيلة بني صخر.
ومحروس، وإسماعيل، والواحي، والضبع، وزهاد، والموصل، والقرقاص، وأبو بكر قنبر.
(3)
من بني رمادة من ذبيان من رشدان بسوهاج: الخطيب، والشرقاوي، وشحاتة، ودرب، والجدّاوي، وعياد، وعرام، وعالية، وفروع أخرى من جهينة بالصعيد مثل:
(4)
المساحير من حبيش من موسى من جهينة ومنهم في أسوان وحلايب.
(5)
القنينات بالأقصر وبالحدادين - قنا.
(6)
الحُمرة من حبيش في قنا والسودان.
(7)
الحوافظة من عنمة من موسى في أسيوط وبعضهم في الشرقية.
(8)
علوبة
(1)
في أسيوط.
(9)
الغوانمة من الغنيم من المراوين من موسى في عوب جهينة بسوهاج ومنهم جزء في القليوبية.
(10)
الكشيكي في سوهاج ومنهم عمدة جهينة في سوهاج سابقا، والكشوك من قوفة من مالك من جهينة، وقد انتقل الكشوك إلى طهطا في سوهاج.
(11)
أبو ستيت من جهينة في سوهاج ومنهم جزء في القليوبية.
(12)
أولاد أحمد بالعقيلات بسوهاج خاصة مركز جهينة.
(13)
أولاد أبو خبر بسوهاج خاصة مركز جهينة.
(14)
الخبايرة في سوهاج - مركز جهينة.
(15)
أولاد قاسم بسوهاج مركز جهينة.
(16)
أولاد الصغير في سوهاج مركز جهينة.
(17)
أولاد الإسناوي وهو من الغربان من ذبيان وهم موزعون في إسنا وجهينة بسوهاج والأقصر والسويس والقليوبية وقفط وغيرها ومنهم عائلة رضوان المعروفة والمنتشرة في بلاد الصعيد والسويس وغيرها.
(1)
دكر علوبة باشا في مجلة الهلال عدد سبتمبر عام 1951 م أنه ينتمي إلى قيلة جهينة.
ومن رجالات جهينة في الصعيد أذكر منهم في مصر التالي:
محمد الضبع عضو مجلس الشورى المصري، والدكتور محمد عبد العزيز الضبع أستاذ الأنف والأذن في كلية طب الأزهر، والدكتور مصطغى علَّام، والدكتور محمود سلطان وزير سابق، واللواء عبد العزيز أبو عقيل، والأستاذ جمال الغيطاني الكاتب الصحفي والأديب المشهور، وقدري أبو عقيل مدير مالي بمديرية أمن سوهاج، ولطفي أبو عقيل مدير التدريب بأسبيكو، والشيخ محمد عويس مفتش الوعظ بسوهاج، ومحمود مصلح بديوان المحافظة، وكمال أبو عقيل أمين الحزب الوطني وعضو مجلس المحافظة بسوهاج، والدكتور عبد اللطيف البكري، ومحمود سلام أبو عقيل عضو مجلس الشعب، والمستشار فتحي عبد الله، ومحمد الصغير كبير مفتشي الآثار بالأقصر، وسيد نجاح رئيس مجلس قروي عنيس، والعميد محمد سعد الدين، والمقدم أحمد سعد الدين، والعميد فاروق عبد الرحمن من الشخصيات المعروفة بالإسكندرية، والدكتور خالد عبد القادر عودة أستاذ بجامعة أسيوط، والدكتور عادل أنيس ودن من رجال الأعمال.
كما ذكر ابن إياس قبيلة عرك في صعيد مصر وهي من جهينة وكان لها دور في الأحداث الجارية أيام المماليك والعثمانيين.
قلت: وعرك ذكرها الجاسر سالفًا في بطون جهينة ولها جبل الحت في الحجاز، والظاهر أن هذه القبيلة انقرضت في الحجاز بالمملكة العربية السعودية ومصر في الوقت الحاضر، وقد ذكرت عرك في بلاد السودان وسيأتي ذكرها في فصل ما ذكره الخطيب عن جهينة.
جهينة في بلاد الشام في الوقت الحاضر
ما تم حصره من قبل الباحثين في هذا القرن هو:
ذكر عارف العارف في تاريخ بئر السبع: أن الجرادات المقيمون في مختلف مدن وقرى فلسطين وشرق الأردن يعودون بالنسب إلى عشيرة المشاعلة من جهينة، قلت: والمشاعلة من قوفة من مالك من جهينة. وذكر الطويل في تاريخ العلويين أن هناك عشيرة الجهينة من عشائر محافظة العلويين في سورية.
* يوجد قصر الجهينة ونقب الجهينة في صحراء النقب بفلسطين جنوب غرب البحر الميت.
جهينة في السودان
في تاريخ السودان
قال نعوم شقير أن من أشهر قبائل السودان في القرن الحالي من جهينة:
(1)
التعايشة:
وهي من أشهر قبائل العرب في وادي دارفور
(1)
بالسودان وتنسب إلى جهينة ومسكنها مندوه قرب الكلكة وبلادهم مجاورة لبلاد الغراتيت، وكان في الماضي أكثر اشتغالهم في خطف الرقيق الأسود (من الجنوب). ومن التعايشة الخليفة الأول لمهدي السودان واسمه (عبد الله التعايشي).
(2)
الحلاويون:
من أشهر قبائل العرب في السودان تنسب إلى جهينة وتقيم على ضفاف النيلين الأبيض
(2)
والأزرق
(3)
والجزيرة بينهما ومركزهم في ظاهر المسلمية بالجزيرة.
(1)
دارفور: إقليم شاسع غرب السودان به مدن وقرى ووديان وعاصمته الفاشر ويقع جنوبه مباشرة إقليم جنوب السودان المسيحي.
(2)
النيل الأبيض: وهو فرع النيل الأطول ويأتي من جنوب السودان وأوغندة ونظرًا لأن ماءه رائق سُمى أبيض.
(3)
النيل الأزرق: وهو فرع النيل الأقصر ويأتي من هضبة الحبشة جنوب شرق السردان ونظرًا لأن مياهه معكَّرة بفعل سقوط الأمطار على هضبة الحبشة وجبالها وتكون مختلطة بالتربة الحمراء وتسمى الطمي سُمى الأزرق أي الأسود بلهجة السودان، و 80% من المياه في النيل هي من النيل الأزرق ويتقابل فرعا النيلان في مثلث مدينة الخرطوم عاصمة الدولة السوداية وبين النهرين منطقة الجزيرة أخصب الأراضي الزراعية في القطر السوداني ويغلب عليها الفيضان صيفا.
* ذكر الباحثون أن هناك قبائل من جهينة مثل أولاد حميد الخوازمة والحمر والمسيرية والزريقات.
* ذكر نعوم شقير قبائل عرية في السودان ولم يذكر نسبها لجهينة مثل: العطيفات، الحمدة، حميد، الحمران، (الحمر)، وأصحح التالي وأقول: أن العطيفات عشيرة من ذبيان من موسى من جهينة، والحمدة فرع من موسى أيضا، وحميد هم عشيرة من سنان من موسى أيضا، والحمران عشيرة من حبيش من موسى كذلك وقال نعوم: أن العطيفات في دارفور نواحي أنكا من مليط، والحمدة بين النيلين الأزرق والأبيض وفيهم حضر وبدو ولهم مشيختان إحداهما في الدندر والأخرى في دنكر في آخر حدود سنار من جهة الحبشة، والحمران فقد ذكرهم في الباطن وقال أنهم أفرس قبائل العرب وأكثرهم شأنًا، كما ذكر قبائل عربية ذكر نسبها مثل الكواهلة (الزبير بن العوام من قريش)، والزيادية (أبو زيد الهلالي من هلال - هوازن)، والعليقات (من عَقيل بن أبي طالب من قريش)، الرشايدة (من بني رشيد من عبس في السعودية وهاجروا عبر البحر للسودان عَام 1288 هـ)
كما ذكر قبائل سودانية عربية لم يذكر نسبها مثل: كِنَانة - الجعليين - الزريقات - الأنقريات - البديرة - البرياب - البشير - الترجم - التمام - جرار - الجليدات - الجمع - الجموعية - الجميعاب - الجوامعة - الحسانية =
(3)
الخوالدة:
من القبائل المعروفة في السودان على النيلين الأبيض والأزرق والجزيرة بينهما وأكثرهم في جهة عبود في باطن الجزيرة وينسبون إلى جهينة.
= - حسين - الحنيكات - الحرتية - دغيم - الرازقية - الرياطاب - الرزيقات - الزبالعة - السروراب - الشياتية - المناصير - الشامباتة - القواسمة - العقليون - العلاطيون - الغديان - العماراب - الفرانيب - المدنيون - الميرفاب - اليعقوباب - اللحويون - الماهرية - الكروبات - المرامرة - المسلمية - هلبة - الهبانية.
* وفي كتاب السودان ذكر محمود شاكر عن مجمل قبائل العرب في السودان فذكر أن أشهر قبائل العرب هى:
1 -
الجعليون وينتسبون إلى العباس بن عبد المطلب ويعيشون حول نهر النيل بين رافديه، النيل الأزرق وعطبرة وكانت مدينة شندي مركزًا لهم.
2 -
الفونج: وينتسبون إلى العدنانية حيث يعتبرون أنفسهم من أحفاد الأمويين ويعشون في أرض الجزيرة، واختلطوا بالزنوج.
3 -
الشكرية: وهم من القحطانية ويعشون في مديرية جهينة (النيل الأزرق) وخاصة في البطانة.
4 -
الرشايدة: وهي قبائل قدمت حديثًا من الحجاز في القرن التاسع عشر، وأقام بعضهم في إقليم طوكر وانتقل بعضهم إلى إقليم عطبرة. قلت: وهم ينسبون إلى رشيد "الزول" من بني عبس - انظر عنهم في المجلد الثالث من الموسوعة.
5 -
الحمران: وهم يعيشون بالقرب من نهر تكازي الذي يرفد نهر عطبرة.
6 -
العوامرة: وهم يعيشون على حدود دولة إريتريا ونسبهم في القحطانية.
7 -
الخوالدة: وهم من القبائل القحطانية ويعيشون في مديرية النيل الأزرق.
8 -
رفاعة: وهم من القبائل القحطانية ويعيشون في مديرية النيل الأزرق.
9 -
اللحويون: وهم من القبائل القحطانية ويعيشون في مديرية النيل الأزرق.
10 -
مزارة: ويعيشون في المناطق الشرقية من إقليم كردفان وهم من القحطانيين، ومنهم المعاليا والشنابلة والزيادية وبنو جرار والبزغة ..... إلخ.
11 -
الكبابيش: وموطنهم حول وادي الملوك وهم من القحطانية.
12 -
البقارة: وينتشرون في كردفان ودارفور، وهم من القحطانيين، ويعيشون على شكل قبائل عربية مثل الزريقات والتعايشة والهبائية في دارفور، والهبائية والحمر في كردفان، ويصل بعضهم إلى إقليم الجزيرة مثل المسلمية والدويحية.
13 -
الجوابرة: وقد جاءت هذه القبائل من نجد والعراق في القرن الرابع للهجرة وعاشت على جات النيل في شمالي السودان.
14 -
الهوارة: وتعيش في شمال كردفان وقد اندفعت بسبب ضغط قبائل بني هلال.
15 -
الزبيدية: وقد جاءت من الحجاز في القرن التاسع عشر الميلادي، غالبًا هي قحطانية من زبيد.
16 -
الكواهلة: وتعيش في شمالي كردفان.
** أوصت أعرابية من جُهينة ابنها قائلة له:
- يا بني إني ذقت الطيبات كلها ما وجدت أطيب من العافية، وذقت المرارات كلها ما وجدت أمر من الحاجة إلى الناس، وحملت الحديد والصخر ما وجدت أثقل من الدين واعلم يا بني أن الدهر يومان يوم لك يوم عليك، فإن كان لك فلا تتبطر، وإن كان عليك فاصبر، فكلاهما سينحسر، واحذر يا بني من اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أهنته. ومن الأحمق إذا مازحته، واحذر من الكريم إذا أغضبته.
(4)
الضباينة:
من أشهر قبائل العرب البادية في البطانة في السودان تنسب إلى جهينة وتنقسم إلى سبع عمائر كبيرة، وكان يبلغ عدد نفوسها قبل الثورة المهدية حوالي 50 ألفًا وتنزل في الصيف بين بحر ستيت وباسلام، وفي الخريف تنزح إلى البطانة ومن أماكنها الشهيرة: التومات على الأتبوا والجبرة على بحر ستيت ودوكة في البطانة.
(5)
الرفاعيون:
من أشهر قبائل العرب في السودان على النيلين الأبيض والأزرق والجزيرة بينهما ومركزها الكاملين على النيل الأزرق وتنسب إلى جهينة.
قلت: ورفاعة من مالك من جهينة لها فخوذ كثيرة في ديار جهينة بالمملكة العربية السعودية.
التفصيل عن عشائر جهينة في المملكة العربية السعودية
جهينة في السعودية تنقسم إلى جذمين كبيرين هما مالك، وموسى.
(أ) الجذم الأول مالك:
فيه بطون عروة، والزوايدة، والعوامرة، ورفاعة، وبني كلب، وبني إبراهيم، وقوفة، والصراصرة.
ومساكن أغلب هذه البطون تقع جنوب ديرة بلي حتى ينبع.
- التفصيل عن عشائر مالك (جهينة):
(1)
قوفة (*): ومن أهم عشائر هم: القضاة، والعرف، والدبسة، والكشوش، والحشاكلة، والمشاعلة، والربيات، والكتنة، والرجبان، والهدبان، والعنينات، والشظفة، والمرارات، والحصينات، والموالبة، والدشايشة
(1)
.
(*) قوفة اسم مكان في العيص اجتمعت فيه عشائر من جهينة وتحالفت، وذكرت مراجع سعودية أن من عشائرهم الحضات، والفينات.
(1)
ذكر بعض الرواة أن الدشايشة من العُرف.
(2)
عروة: ومن عشائر هم: الشلاهبة، والجعادنة، والفهود، والمسعد، والقرون، والصيايدة، والجماملة، والملادية، والبوينات، واللبدان، والمهادية، والأخاضرة، والبشايتة، والمقبلي، والزويد، والشوافعة، والصوالحة، والجراجرة، والمناصير. وديار عروة من بواط إلى حد الترعة إلى حد الزوايدة.
(3)
الزوايدة: ومن عشائرهم: العقاب ومنهم العاقلة والسعيدات، والحناشلة، والخضرة، والمسايرة، وديار الزوايدة قرب ينبع وجبل رضوى.
(4)
رفاعة: وفيهم عشائر: المساونة، والمشاهير، والوهبان، والثرود، والعتايقة، والبراطمة، والتوايهة، والثقفان، والعسالين، والجودة، والحرابية، والفداعين، والحساونة، والمدارجة، وزويد، والبشاتين، والنقران، والقبسان، وذوي قطيل
(1)
. وتمتد منازل رفاعة من ينبع جنوبًا إلى أملُج شمالًا.
(5)
بنو كلب: وفيهم عشائر: العرافين، والحضِّرة، والزهيرات، والسكان، والزيود، والحفزة.
(6)
بنو إبراهيم
(2)
: وفيهم عشائر: الحلاتيت، والصفارين، والعلاونة، والمشادقة، والشناورة، وذوو سعد، وذوو سليم، وذوو زيد، وذوو حمودة، والجرسة، والدسابكة، والموال، والعروة، وذوو هجار
(3)
.
(ب) الجذم الثاني موسى
- التفصيل عن عشائر موسى (جُهينة):
وفيه بطون: المراوين
(4)
، والمحايا، وسنان، ونَزة، وذبيان، والسمَّرة،
(1)
قطيل: من الأشراف.
(2)
قسم بعض الرواة بني إبراهيم إلى التالي.
أ - الأشراف العيالة ومعهم عشائر القبسان والفداعين والشهابي والرقيبات والفقيشي والعبسان.
ب - الصراصرة ومعهم عشائر الصيادلة والشطارية والمسافرة.
ج - الجرسة ومعهم عشائر الحلاتيت والسقطان.
د - المشادقة ومعهم عشائر الصفارين والعلاونة والنقران.
(3)
ذوو هجار من الأشراف
(4)
من المراوين الغنيم أمراء المراوين ويعتبر شيخ شمل موسي من جهينة وهو سعد بن غنيم وتوفاه الله وتولى مكانه ابنه حاليا.
والفوايدة، وحُبيش، وعَنْمة
(1)
، والحجور، والعلاوين، والبراهمة، والحمدة، والعقيبي.
(1)
المراوين: وفيهم عشائر: الغنيم، والحمدان، والمقبل ومنه العهيرات، والزرفان، والنمِّسة، والمحاسنة، والعلافين، والنطايطة، والمليحات، والفحامين
(2)
.
(2)
ذبيان: وفيهم عشائر: المداجنة، والمصلح، والهميمات، والغربان، والعطيفات، والسواحيت، والخيطة.
(3)
عَنْمة: وفيهم عشائر: المسكة (ذوي مسيكة)، والحوافظة، والمساهرة، والعودة، والزايد، والعتايقة ومنه الحميد. وبلادهم في ينبع وما حولها وبعضهم في العيص.
(4)
حُبيش: وفيهم عشائر: الضواحكة، والصبيحات، والتيِّسة، والمساحير، والمساجل، والقنينات، والحمرة، والتولات. وبلاد حبيش ينبع والعيص أو بالتحديد ما بين ينبع وأملُج والعيص.
(5)
السُّمرة (*): وفيهم عشائر: المرادسة، والمظاعين، والعطية، المضاحية (آل مضحي)، والطبسة، والعقب.
(6)
الفوايدة
(3)
: وفيهم عشائر: الشوايطة، والعرود، والحوافظة، والرقايقة، والشوايعة.
(7)
المحايا: وفيهم عشائر: الجلادين، والعسالين، والمكاحلة، والمعازلة،
(1)
عَنْمة: الاسم مطلق على ذرية عنمة بن عدي بن عبد مناف بن كنانة بن حمحمة بن عدي بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة، ذكره ابن حزم الأندلسي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وحضر غزوة بدر الكبرى.
(2)
الفحامين: يعود أصلهم كما يقول الرواة إلى الفحامين من الحويطات ولم يؤكد لي الرواة من كبارهم ذلك النسب.
*** ذكرت بعض المصنفات السعودية فرع من موسى يسمى الموالية والصحيح الموالبة وفيهم عشائر الشنادرة، والفقها.
(*) السُّمرة: قال الشريف البركاتي في رحلته اليمانية: أن السُّمرة منهم فرقتان بمصر تسكن في قرية تابعة لشبين القناطر من محافظة القليوبية ويقال لهم بيت أبو ثابت وبيت أبو يونس.
(3)
الفوايدة منهم فخوذ تسكن مقنا على ساحل خليج العقبة مع بني عُقبة وهي: الجوافلة، والصفايرة، والعرايضة.
والنجيمات، والصوالحة، والخمرات، والفقها، وذو سالم، والمضاحية، والمداهين، والبراقين، والكشاخرة، والفزارات.
(8)
نَزْة
(1)
: وفيهم عشائر: الوثارية، والملافية، والرواشدة، والموانعة، والسماليل، والفروز، والرواشدة.
(9)
سنان: وفيهم عشائر: روس البعير، والخددة، وذوي حميد، والدحالين، والنشاة، والشواهرة، والشمِّسة، وذوى شاري، والأزايدة، والفحيجي. وسنان يسكنون الحرَّة وبين رضوى والعيمى وحرَّتهم تعرف بحرَّة بني سنان تجاور بني حبيش، وقد تحضَّر من سنان كثيرون في مكة والمدينة وجدة شأنهم شأن شائر جهينة في السعودية الذي تحضَّر أكثرهم في ينبع وأَملُج والمدينة وجدة.
وأذكر من رجالات جهينة في المملكة: الدكتور علي بن طلال وزير البرق والهاتف الأسبق، والدكتور مسعد عواد البركان الجهني مستشار بإمارة المدينة، وراضي بن معلا الجهني رئيس الشئون الفنية بالمديرية العامة للتعليم بالمنطقة الغربية، والشيخ عبد الله بن سلامة بن عبد الله فياض السميري فنصل السعودية السابق بمصر، والشيخ عبد المحسن السميري مدير مكتب صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز آل سعود.
ما ذكره الدكتور إبراهيم بن محمد الزيد عن جُهينة
(2)
قال عن فروع جهينة في المملكة العربية السعودية التالي
(3)
:
أولا عمارة مالك وله من البطون:
1 -
قُوفة وأفخاذهم: القضاة، والعنينات، والحصينات، والكشوش، والحشاكلة، والموالبة، والمشاعلة، والربيات، والكتنة، و الرحيان، والهديان، والشظفة، والشبولي، والدبسة، والعرف، والمرارات.
(1)
نَزْة: توجد بلدة نزة في محافظة سوهاج بصعيد مصر وتقع شمالي بلدة جهينة، وهناك جبل شهير شرق الأقصر يسمي نزة.
(2)
في تحقيقه لكتاب المنتخب في أنساب قبائل العرب للمغيري طبعة ثانية 1405 هـ / 1985 م ص 439.
(3)
ذكر في ص 242 أنها رواية راضي بن مُعَلَّا الجهني من فخذ الحميد من بطن المراوين من عمارة موسى وهو رئيس الشئون الفنية بالمديرية العامة للتعليم بالمنطقة الغربية بجدة، وعبد الله بن محمد بن هلال الجهني من بطن رفاعة في عمارة مالك.
ومن الحصينات الدكتور علي بن طلال الجهني، ويرأس قوفة حميد بن مسعد القاضي وهو يسكن مدينة جدة.
2 -
عروة وأفخاذهم: الشلاهبة، والجعادنة، والفهود، والمسعد، والجماملة، والوديان، والشوافعة، والمهادبة، والصقرة، واللبدان، والصعاقرة، والخضرة.
3 -
الزوايدة وأفخاذهم: الخضرة، والمسايرة، والعقاب.
ومن رؤسائهم علي بن الحميدي الزايدي، ودخيل الله بن مصلح الزايدي، وتركي بن فهد الحنشل.
4 -
العوامرة ويرأسهم حَمَد بن ضيف الله العامري.
5 -
رفاعة ومن أفخاذهم: المشاهير، والحساونة، والوهبان، والثرود.
ومن رؤسائهم عبد الرحمن أبو العسل الرفاعي.
6 -
الصراصرة ومنهم فخذ المسافرة.
ومن رؤسائهم عيد بن صالح الصريصري.
7 -
الشطارية ويرأسهم معتق بن مسلم الشطيري.
8 -
بنو كلب وأفخاذهم: العرافين، والخضرة، والزهيرات.
ويرأسهم بخيت بن عرفان.
9 -
الصيايدة ويرأسهم سليمان بن فندي الصيادي.
10 -
بنو إبراهيم ومن أفخاذهم: الحُريبات منهم آل حريب في مدينة الطائف، والشهابين، والجرسة، وذوي سعد، وذوي سليم، وذوي زيد، وذوي حمودة، والحلاتيت، والمشادقة وسُموا بذلك لأن أباهم علقت بسنِّه مضغة لحم فغص بها فشق شدقه لكي يدلل على أن ذلك ليس من كبر لقمته، والعلاونة، والفقهاء.
11 -
العيَّايشة وأفخاذهم: الثقافا والفداعين.
ومن رؤسائهم صالح بن حمد العياشي، وهندي بن علي العياشي.
ثانيا: عمارة موسى وفيهم من البطون:
أ - المراوين وأفخاذهم:
1 -
الغنيم وفصائلهم: الصلاح، والحميد، والمحمد، والصالح والأخير قد
انقطع نسله، ويرأس موسى سعد بن عنيم، ثم خلفه ابنه الذي يقيم في مدينة أملج (الحوراء) وهو من فخذ الغفير.
2 -
المواليم ولهم من الفصائل: ذوي محمد، وذوي سلمان، وذوي سعد.
3 -
الحمدان.
4 -
المحاسنة.
5 -
النمِّسة.
6 -
العلافين.
7 -
الزرفان.
8 -
المقبل.
9 -
النطايطة.
10 -
المجارسة.
11 -
المليحات وفصائلهم: المساعد، والسعيد ومنهم عمدة الشرفيَّة في مدينة جدة وهو سالم حامد المليحي.
12 -
الكبيدات.
13 -
الفحامين.
14 -
مراوين الساحل: ويسكنون أملج ويرأسهم عودة بن عايد المرواني.
ب - ذبيان وأفخاذهم: المداجنة، والهميمات، والغربان، والعطيفات.
ج - عنمة وأفخاذهم: المسِّكة، والحوافظة، والصقرة، والصرعان، ومن رؤسائهم علي بن مهنى، وعاتق بن غنمي ويسكنون العيص - غرب المدينة المنورة.
د - حبيش وأفخاذهم: المساحير، والضواحكة، والتيِّسة، وكبيرهم عطية بن عيد أبو الشلاويط.
هـ - السُّمرة وأفخاذهم: المرادسة، والنطاعين، والضرمان، والبهوج، وكبيرهم جريبيع بن عبد الله بن فيّاض.
و - الفوائدة وأفخاذهم: الشوايطة، والحوافظة، والعرود، ومن كبارهم سلطان بن بركي.
ز - سنان وأفخاذهم: روس البعير، والنواجمة، والنشاه.
ويرأسهم سعد رأس البعير.
ح - الحمدة.
ط - القصايرة.
ي - المحايا.
ك - الغزوز.
ل - الحجور.
ما ذكره عبد الكريم الخطيب عن جُهينة
(1)
نسب جهينة وفروعها القديمة:
نورد تفصيلًا لنسب قبيلة جهينة وفروعها القديمة، نقلًا عن أقدم مصدر وهو كتاب "جمهرة النسب" وكتاب "النسب الكبير" للكلبيين محمد بن السائب وأبنه هشام، وهما عمدة علماء النسب، فيما يتعلق بأنساب قبائل الجزيرة العربية باستثناء قبائل اليمن.
من فروع جهينة القديمة:
ورد في كثير من كتب النسب وغيرها ذكر بعض أفخاذ قبيلة جهينة، وسنورد هنا مرتبة على حروف المعجم:
1 -
بنو إبراهيم: ذكرهم صاحب "درر الفرائد" وغيره ولا يزالون معروفين.
2 -
بديل: ورد ذكر هذا الفخذ في كتاب "درر الفرائد المنظمة في أخبار طريق الحاج ومكة المعظمة" لعبد القادر الجزيري المصري الحنبلي من أهل القرن العاشر الهجري، إلا أن مطبوعة هذا الكتاب كثيرة التحريف.
3 -
الحارث: ذكر البكري في "معجم ما استعجم" رسم الأشعر أن بني الحارث بطن من مرة بن الربعة - من جهينة.
4 -
الحُرقة: بضم الحاء المهملة - بطن من جهينة، ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "النسب" وغيره (انظر حميس).
(1)
انظر تاريخ جهينة - دار الخطيب للنشر والتوزيع.
5 -
حسَّان: قال الجزيري في "درر الفرائد" ومغارة نبط حد جهينة وأصحاب درك سقايتها بنو حسَّان، منهم محمد بن حميدي وتريم ورفقتهم، وعربان جهينة في تلك الأودية كثير، منهم الطوائف المذكورة في باب المحمل، ومنهم جماعات غيرهم.
6 -
حِسْل: بنو حِسْل بن نصر بن مالك بطن من جهينة، ذكرهم أبو عبيد في كتاب "النسب".
7 -
حميس: بضم الحاء المهملة وفتح الميم بعدها مثناة تحتية فسين مهملة - وهم بنو حميس بن عامر بن ثعلبة بن مودوعة بن جهينة ويقال لهم الحرقة، لأنهم أحرقوا بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بالنبل أي قتلوهم، ذكرهم أبو عبيد في كتاب "النسب" وصاحب "الأغاني" وغيرهما.
8 -
الحواتكة: من جهينة، ذكر البكري في "معجم ما استعجم" أن لهم بئرًا في الأجرد، بزقب الشطان.
9 -
الخارجيون: من عدوان من قيس عيلان من مُضَر وهم حلفاء لجهينة، يسكنون معهم الأشعر على ما ذكر البكري.
10 -
خميس: كذا ورد في مطبوعة "درر الفرائد" ولا أشك أنه تصحيف (حميس) بالحاء المهملة.
11 -
دينار: قال البكري: بنو دينار أخوة الربعة وهم أصحاب وادي الرشاد الذي تزعم جهينة أن اسمه غوى، فسمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم "رشاد" كذا ولا أستبعد أن (دينار) تصحيف (ذبيان) بالذال والباء الموحدة بعدها مثناة تحتية فنون.
12 -
ذبيان: هو ابن رشدان بن قيس بن جهينة، من أكبر بطون جهينة، على ما في كتب النسب.
13 -
الربعة: بفتح الراء والموحدة والتحتية والعين المهملة وآخرها هاء: هو ابن رشدان أخو ذبيان بطن ذكره علماء النسب، وهو من سكان الأشعر على ما ذكر البكري.
14 -
رستم: كذا ورد الاسم في درر الفرائد المطبوع وأراه مُصحَّفًا ولم أهتد إلى صوابه.
15 -
رشدان: انظر (غيَّان).
16 -
رفاعة - بكسر الراء وفتح الفاء بعدها ألف فعين مهملة فهاء - هو ابن نصر بن مالك بن غطفان بن جهينة، وهناك رفاعة بن نصر بن ذبيان، والبطنان مشهوران وقد يكون الاسم لبطن واحد اختلف في نسبه، ولا أشك أنه من صريح أفخاذ جهينة.
17 -
زهرة: هم بنو سعد بن عدي بن كاهل بن نصر بن مالك بن غطفان من جهينة ذكرهم أبو عبيد في كتاب "النسب".
18 -
سباع: بطن من جهينة ذكر البكري أن لهم بئرًا في الأجرد تُدعى ذات الحرى.
19 -
سلمة بن نصر بن مالك بن غطفان، عدَّ أبو عبيد بني سَلَمة هذا من بطون جهينة.
20 -
ضرام بن مالك بن شهاب بن جمرة من الحرقة، ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام أن بنيه بطن من بطون جهينة وكذا ذكره غيره.
21 -
عبد الجبار: ذكر البكري أن بني عبد الجبار فخذ من كلب من جهينة من سكان الأشعر.
22 -
عبس بن مالك بن الحارث بن مازن بن سعد بن مالك بن رفاعة بن نصر بن ذبيان بن رشدان، من بطون جهينة الكبار.
23 -
عتيل: من أسماء بطون جهينة على ما في مطبوعة كتاب" درر الفرائد" ولا أرى الاسم صحيحًا.
24 -
عثم - بالعين المهملة والثاء وآخره ميم - ورد في "معجم ما استعجم" للبكري، وأنهم بطن من بني مالك من جهينة، من سكان الأجرد، وورد في إحدى مخطوطات "المعجم":(جشم) ولا أستبعد أن الاسمين محرفان، وأن الصواب (عنمة) الآتي ذكره.
25 -
عرك - بالعين والراء وآخره كاف - عدهم ياقوت في "معجم البلدان" من بطون جهينة.
26 -
العقب: من الأسماء الواردة في كتاب "درر الفرائد".
27 -
عنمة - بفتح العين المهملة والنون والميم وآخره هاء - هو ابن عدي بن مناف بن كنانة بن رشدان، من بطون جهينة الكبيرة.
28 -
العوامرة: عدهم صاحب "درر الفرائد" من بطون جهينة.
29 -
عوف بن ذهل: من بطون جهينة ذكرهم البكري من سكان الأشعر.
30 -
العيايشة: عدهم الجزيري من بني إبراهيم وأنهم أصحاب درك الدهناء ومنهم محمد بن دواس وإن دركهم من الدهناء إلى مكة.
31 -
غطفان - على اسم القبيلة المشهورة من قيس عيلان - من بطون جهينة منسوب إلى غطفان بن قيس بن جهينة ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره.
32 -
غيان - بفتح الغين المعجمة والمثناة التحتية المشددة بعدها ألف فنون، هو ابن قيس بن جهينة، بطن غيَّر الرسول صلى الله عليه وسلم اسمهم إلى رشدان، بطن مشهور في جهينة.
33 -
الفوايدة: كذا جاء في "درر الفرائد" صحفت الواو راء، بطن من بطون جهينة.
34 -
القوادحة
(1)
: عدهم الجزيري من بني إبراهيم من أصحاب درك الدهناء.
35 -
قوفة - بضم القاف وإسكان الواو وفتح الفاء وآخر هاء - بطن ذكره الجزيري في كتاب "درر الفرائد" ولا يزال معروفًا.
36 -
كلب - بالكاف المفتوحة واللام الساكنة وآخره باء موحدة - هو ابن كثير أخو الربعة، من بطون جهينة، ذكره البكري في سكان الأشعر.
37 -
مالك: بطنان من جهينة بنو مالك بن رفاعة بن نصر، وبنو مالك بن غطفان بن جهينة.
(1)
ورد اسم القوادحة والاسم الصحيح القواد وهم ليسوا من جهينة بل فخذ من قبيلة حرب، من سكان ينبع النخل، وربما وقع هذا خطأ في الطباعة.
38 -
مُرَّة بن الربعة: من بطون جهينة من سكان الأشعر على ما ذكر البكري في "معجم ما استعجم".
39 -
المقابلة
(1)
: عدهم الجزيري في "درر الفرائد" من بطون جهينة، وهذا الكتاب كثير التحريف.
40 -
مليح: عدَّهم البكري من بطون الربعة من سكان الأشعر.
41 -
مودوعة: هو ابن جهينة، وبنوه من بطون هذه القبيلة على ما ذكر أبو عبيد في كتاب "النسب".
42 -
منادح - بضم الميم في "تاج العروس" بنو منادح بطن صغير من جهينة.
فروع جهينة وأفخاذها في هذا العهد:
جهينة - كغيرها من القبائل الكثيرة الفروع - يصعب على الباحث - إذا لم يختلط بهم مدة طويلة - معرفة جميع فروعها كالتمييز بين الفروع، وإلحاق كل فرع بأصله. ولهذا فليس من المستطاع الجزم باستكمال ذكر جميع فروع هذه القبيلة، ولا بأن كل فرع ألحق بأصله، أو بأقرب الفروع منه، ومن عدة مراجع رجعت إليها، استخلصت منها هذه الفروع:
أولهما: ما كتبه الأستاذ فؤاد حمزة رحمه الله في كتاب "قبائل جزيرة العرب" فقد حاول أن يذكر جميع أفخاذ القبائل التي تحدث عنها في كتابه، ولهذا يعتبر ما ذكره من أوسع ما كتب في الموضوع.
ثانيهما: ما أورده المؤرخ الأستاذ حمد الجاسر من سجل عمال الزكاة في عام 1363 هـ ويعتبر هذا البيان من الوثائق الرسمية الصحيحة ولهذا اعتمده أصلًا وأضاف إليه بعض الإيضاحات أو الزيادات، وصحح على أساس ما جاء فيه، ما وقع في كلام الأستاذ فؤاد من تصحيف أو تحريف في الأسماء، وأورد ما ذكر الأستاذ عبد الله سلامة الجهني وقد حرص على إيراد جميع ما ورد في ذلك
(1)
قلت: والمقابلة بطن من بطون بلي القديمة ومعظمهم نزح إلى مصر.
البيان، ومنه ذكر شيوخ فروع القبيلة وكان ذلك سنة 1363 هـ، ومن أولئك من توفي، ومنهم من استبدل بغيره، ولصلة جهينة بالأشراف غلب اسمهم على بعض فروع منها مثل بني إبراهيم.
جهينة تنقسم إلى جذمين كبيرين:
مالك وموسى، وتفصيل عشائرها كالتالي.
أ - الصراصرة، رئيسهم العام: محمد بن جبارة (توفي سنة 1363 هـ) ثم من بعده ابن أخيه عيد بن صالح.
وأفخاذ الصراصرة:
1 -
الصراصرة: معتق بن عتقا، ثم محمد بن معتق.
2 -
المسافرة: سالم بن حمدان، وسلمان بن حميد.
3 -
الشطارية: محمد بن سلمان، وسعد بن سلَّام.
4 -
الشهابين: سالم بن صالح.
5 -
الفقهاء: محمد بن صالح بن شحاد، وسليمان بن حبيب.
6 -
الصيادلة: سلامة بن سعيد، وسعيد أبو دعيج، وحمد بن حامد، وعبد الحميد بن عميرة، وسليم بن عوض.
7 -
المساوية: رجا الله بن فارس، وعطية بن عواد، وخليل بن إبراهيم.
8 -
الصيايدة: محمد بن سليم.
وذكر فؤاد حمزة: ذوي سعد، وذوي سليم، وذوي زيد، وذوي حمود، والموالي، والجرسة، والحلاتيت، والدسابكة، والشناورة، والمتادقة، والعلاونة، والصفارين.
انتهى ولست مما ذكر على يقين بل أرى أن بعض الأسماء محرف.
ب - الزوايدة وأفخاذهم:
1 -
الحضِّرة: رئيسهم الحميدي بن حميد.
2 -
العقاب: رئيسهم مصلح بن غانم.
3 -
المسايرة: فهد الحنشل.
4 -
المعاقلة: غانم بن عتيق.
5 -
العامري: سعد بن مبارك، وضيف الله بن حميد.
ب - قُوفة: رئيسهم مسعد بن عودة القاضي وأفخاذهم:
1 -
القضاة: محمد بن دخيل الله القاضي، ومحمد بن عبد الله.
2 -
العرفاء: سعد بن حسين، وصالح بن حميد.
3 -
الدبسة: مليحان بن محمد.
4 -
العنينات: مسلم بن جاسر، ومسعد بن بخيت الصحيفي.
5 -
الحصينات: داخل بن دخيل الله بن طلال، وعبد الله بن صالح.
6 -
الكشوش: متروك بن محمد.
7 -
الحشاكلة: جاري بن جريبيع.
8 -
المرارات: حميد الحميد، وحسن بن حامد.
9 -
الموالبة: سليمان بن عابد، وجريد بن عباد.
10 -
المشاعلة: سليمان بن مبارك.
11 -
الربيات: مسلم بن معتق، وعودة بن عيد.
12 -
الكتنة: دخيل بن عبد الجبار.
13 -
الشظفة: عفنان بن فريح.
14 -
الهدبان: سلامة بن سليمان.
د - عروة: أفخاذهم:
1 -
القرون: عيسى بن صايل.
2 -
الشلاهبة: هندي بن وديان، وسليمان بن ضفيدع، وعبد الله بن سويلم.
3 -
الفهود: عفنان الصلاح.
4 -
الجماملة: ابن حميدان.
5 -
المسعد: محمد بن بنية.
6 -
البوينات: سليمان بن محمد.
7 -
المهادية: عيد بن عياد.
8 -
اللبدان: سليم بن عياش.
9 -
الأخاضرة: مقبل الأخضيري.
زاد الأستاذ فؤاد حمزة الجعادنة.
هـ - بنو كلب: أفخاذهم:
1 -
الزهيرات: عيد بن سلامة.
2 -
العرافين: جليدان بن عواد.
3 -
الحفزة: فايز بن صالح.
4 -
السكان: عتيق بن حسن الأسيك.
5 -
الزيود: بدر بن سعيد.
و - رفاعة: أفخاذهم:
1 -
المشاهير: شاهر أبو العسل، وبركي بن مبارك، ومفرج بن فراج.
2 -
الحساونة: حمود بن محمد بن عويد.
3 -
العتايقة: فرج بن فرج.
4 -
الوهبان: سليمان بن علي بن عديوان.
5 -
المدارجة: عبد الله بن متعب بن رشدان، وعواد بن رشدان.
6 -
البشاتين: رجا بن عطية الله.
7 -
النوابهة: عواد بن عويض.
8 -
البراطمة: عبد الرحمن جريد، وابن زويد.
9 -
العيايشة: - وهم أشراف - أحمد بن جابر.
10 -
ذوي قطيل - وهم أشراف - صالح بن قطيل، وأحمد بن هيلون.
11 -
الثقفاء: عامر البطي، وصالح بن عودة، وعبيد الله الفقيه.
12 -
الفداعين: عطية بن فرج.
13 -
الحريبات: محمد بن عبد الله.
14 -
النقران: حسن بن سليمان.
15 -
القبسان: مازن بن عمران.
16 -
ذوي جودة: عبد الرحيم.
وعدَّ فؤاد حمزة من أفخاذهم: الثرود.
ز - الأشراف وأفخاذهم:
1 -
ذوي هجار.
2 -
ذوي هزاع.
3 -
المحاميد.
ورؤساء الأشراف: غالب بن بديوي، وجاسر بن عبد الله، وعبد الله بن زريعة، وأحمد عبد المنعم، ومحمود بن حسين، وحمد بن ناهض، ومحمد أحمد بن سليم، وحمدان بن سعد.
وجذم موسى: الرئيس العام: سعد بن غنيم المرواني.
ح - الغنيم: أفخاذهم:
1 -
الغنيم: صيَّاح بن سعد بن غنيم.
2 -
الزرفان: محمد الذويب، وسعد بن فاهد.
3 -
الحمدان: علي بن عطية، وعواد بن عويضة.
وعد فؤاد حمزة منهم: المحاسنة.
4 -
النمِّسة: محمد بن أحمد، وحمد بن محمد.
5 -
المقبل: عواد العيهري.
6 -
الملحان: حمدان بن عيد.
7 -
العلافين: عويضة بن سلمي.
8 -
الفحامين: عواد بن سعيد.
9 -
النطايطة: عواد بن عابد.
ط - الحجور:
محمد بن حامد، ومبارك بن عبيد، وزارع بن عواد، ومسلم بن عاتق.
ي - نزة: رئيسهم العام: محمد بن حامد بن جبر، وأفخاذهم:
1 -
السماليل: حمدان بن صالح.
2 -
الملافية: سليمان بن براك، وعيد بن عايد.
3 -
الوثارية: عبيد بن عبد الله.
4 -
الموانعة: سليم بن عواد.
5 -
الغزوز: غنيم بن زيدان.
6 -
الرويشدي: عبد الرحمن بن جبر، وسليمان بن عثمان.
ك - ذبيان: أفخاذهم:
1 -
المصلح: عيد بن عواد.
2 -
الهميمات: سمير بن عويضة.
3 -
السواحيت: صلاح بن حويدر.
4 -
المداجنة: مسلم بن فاهد.
5 -
الغربان: مفرج بن بخيت.
6 -
العطيفات: شتيان بن سليمان.
7 -
الخيطة: سالم بن معتق.
ل - العلاوين:
راشد بن حامد، وحسن بن ضيف الله، وسلمان بن عتيق، وراشد بن حريب، ومساعد بن سعيد، وضفيدع، ومضاي بن حسن.
م - الموال: رئيسهم: عليثة بن عبد الرحمن أبو رقيبة.
1 -
الحلاتيت: حمدان بن عواد.
2 -
الفقهاء: عايد أبو دشيشة.
3 -
الصقطان: حامد بن حميد.
4 -
الشنادرة: سعيد بن يوسف.
ن - السُّمرة وأفخاذهم:
1 -
المرادسة: راشد بن مسعود.
2 -
المضاعين: ابن قباص.
3 -
المضحي: مساعد بن نايف.
4 -
العطية: مسعد بن عبد الله، وحماد العطوي، وسمى فؤاد حمزة أحد أفخاذهم: الطبسة.
العقب: سليمان النحالة، وعبد الله بن علي المطوع.
س - الفوايدة: أفخاذهم:
1 -
الحوافظة: عواد بن بركلي، ومصلح بن صويلح.
2 -
الشوايطة: سعود بن مسعد، ومعوض بن مساعد.
3 -
العرور: ضيف الله بن رهيدان، وسالم بن عابد.
4 -
الرفايقة: فرج بن راشد.
ع - حبيش: أفخاذهم:
1 -
المساحير: عيد بن بخيت، وعبدان بن عبد ربه.
2 -
الضواحكة: محمد بن مسعود.
3 -
التولات: محمد بن عبد الله.
4 -
القنينات: محمد بن فرج.
5 -
التيِّسة: أحمد بن جزا، ومصلح بن ثويت.
6 -
الحمر: مطلق بن بريك.
7 -
الصبيحات: معتق بن عياد.
ف - المشاوقة: رئيسهم صالح بن شعيب، وأفخاذهم:
1 -
المشاهرة: عيد بن رجا.
2 -
العلاونة: راجح بن ناجم.
3 -
الصفارين: محمد بن صالح بن جبران.
ص - المحايا: أفخاذهم:
1 -
الجلادين: عايد بن جلدة.
2 -
العسالين: سعد بن مرزوق.
3 -
المغازلة: عايد بن سليم، وسعيد بن عياد.
ق - سنان وأفخاذهم:
1 -
البعران: منور بن فارع، وبادي بن حسن.
2 -
الحميد: مقيس بن مطلق، ومحمد بن عودة.
3 -
الفواحجة: عبيد بن معتاد.
4 -
الخددة: عيد بن عايش.
5 -
الدحالين: صالح بن راشد.
6 -
الشمِّسة: سالم بن جاسر.
7 -
الشوارية: غانم بن سعيد.
8 -
النشاة: عبيسان بن بخيت الناشي.
9 -
الشواهرة: سالم بن سويلم.
10 -
الأزايد: عايد بن عويد.
11 -
الحمدة: راشد بن سلامة، ومحمد بن سليم.
ر - عنمة: أفخاذهم:
1 -
الحوافظة: علي بن مهنا، ومساعد بن مبارك.
2 -
المسِّكة: عايد بن راجح المسيك.
3 -
المساهرة: مبروك بن عايد.
4 -
الدحالين: عبد الله بن فريج.
5 -
العنايقة: سليم بن مسلم الحمري.
وذكر فؤاد حمزة من عشائرهم: روس البعير، والحميد.
أما الأستاذ عبد الله سلامة الجهني، فقد سرد أسماء أربعين بطنًا من بطون قبيلة جهينة قائلًا: إن القبيلة تنقسم إلى قسمين كبيرين مالك وموسى، وإليك أشهر بطون القبيلة للقسمين في المملكة العربية السعودية، ثم سردها بدون أن يضيف كل بطن إلى القسم الذي ينتسب إليه. فمما ذكر:
- القضاة، رفاعة، العوامرة، الزوايدة، بني كلب، عروة، الحصينات، الربيات، المشاعلة، الموالبة، العنينات، الجرسة، الثقافا، الدبسة، العرف، العقب، القرون، الرجبان، العياشة، الشظفة، الكشوش، الهدبان، الحشاكلة، الكثنة، بني إبراهيم.
- وذكر أيضًا: الفوايدة، السُّمرة، سنان، عنمة، ذبيان، الغزوز، نزة، المشارقة، العلاوين، الحمدة، حبيش.
- وذكر أيضًا: النتافين، الحجور، القصايرة، القندة.
وممن تحدث عن جهينة وفروعها، الشريف بن عبد المحسن البركاتي، في "الرحلة الحجازية".
نود ذكر ما ذكره، قال: بنو مالك: الصيحة، وعروة، والحصينات، والأساورة، والمساوى، ورفاعة، وكلب، والحمدة، والموالبة.
وأشراف قبيلة بني مالك العيايشة.
بنو موسى: البراهمة، والموالي، والمراوين، والعلاوين، وذبيان، والعوامرة، والسمايحة، والسمَّرة. ومنهم فروع بمصر، بقرية لهم تابعة لشبين القناطر، يقال لهم بيت أبي ثابت وبيت أبي يونس.
وأشراف قبيلة بني موسى: ذوي هجار. انتهى.
وعدد الأستاذ علي حسن العبَّادي من (العيايشة) من مالك: عشيرة (العبسان) وقال: العبسان هؤلاء وذبيان من موسى اسمان يوافقان اسمي عبس وذبيان من غطفان من قيس عيلان من مُضَر العدنانية. ولهذا التوافق قال الشيخ حمد الجاسر ما نصه: كانت قبيلتا عبس وذبيان من غطفان العدنانية تجاوران قبيلة جُهَيْنة القُضَاعية، وقد دخلت هاتان القبيلتان في جُهَيْنة بعد الإسلام، فصارتا تعدان منها في عهدنا الحاضر، لوجود قبيلتين تسميان بهذين الاسمين
(1)
.
قلت: وهذا رأي غير صحيح؛ لأن اسم ذبيان وغطفان من بطون جهينة المعروفة قديمًا وقد تقدم الكلام عنهما.
دور جهينة في الدولة الإسلامية
ولما ظهر الإسلام وتركزت دولته في المدينة المنورة كانت جهينة بالقرب من المدينة في منطقة ينبع وما حولها من أودية وسهول وجبال، وأخذ اسم جهينة يظهر مقترنًا بكثير من الأحداث السياسية التي شهدتها المنطقة ورأيناها تساهم أفرادًا وجماعات في الأحداث الهامة التي كان لها أثر كبير في نشر الإسلام، ومن أولى أعمال جهينة التاريخية، أن قام أفراد منها بالاستخبارات لرسول الله صلى الله عليه وسلم على عير قريش القادمة من الشام إليها حتى ينبع، ولم تكن ينبع بعيدة عن بدر التي وقعت فيها أولى المعارك الفاصلة بين الشرك والإسلام، وفي هذه المعركة شارك أفراد من جهينة خوض غمارها وعلى أرض جهينة بمنطقة ينبع لوقوعها على طريق القوافل التجارية بين الحجاز والشام، وكانت ميدانًا لأحداث عديدة بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم فدارت فيها غزوات عدة وساهمت فيها قبيلة جهينة بمناصرة الإسلام: سرية العيص وغزوة بواط والعشيرة
(2)
وغزوة العشيرة كانت في جمادى الثانية في العام الثاني للهجرة قوامها مائة وخمسين من المهاجرين يعترضون عيرًا لقريش ذاهبة إلى الشام، وغزوة بواط من أرض منطقة ينبع كانت في ربيع الأول في السنة الثانية من الهجرة، إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعترض عيرًا لقريش فيها أمية بن خلف ومائة رجل من المشاركين فبلغ بواطًا من جبل جهينة فرجع ولم يلق كيدًا.
(1)
بحوث الأستاذ حمد الجاسر في مجلة العرب.
(2)
العشيرة: اندثرت العشيرة ولا زالت باقية منها قرية البركة بينبع النخل.
ندرك من هذه الأحداث التي ساهمت فيها جهينة أن العلاقة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلك القبيلة هي صلات أمن وسلام ومساهمة في الجهاد وقد تجلت جهينة في فتح مكة المكرمة في السنة الثامنة من الهجرة، إذ بلغ عدد أفراد جندها ألفًا وأربع مائة مقاتل وكان يقود جهينة وقتذاك سيف الله خالد بن الوليد، وقد دخل بها من أسفل مكة.
ولقد امتد تأثير جهينة السياسي على مدى التاريخ الإسلامي، حينما شاركت في زحف الجيوش الإسلامية على مصر والسودان والشام والعراق، وشاركت في أكثر الفتوحات.
وكان لجهينة دور واضح في أحداث التاريخ في العهد العباسي، ونجد دورها الواضح في ثورات الطالبيين في الحجاز ولا سيما ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن أخو النفس الذكية، حينما خرج على الخليفة أبي جعفر المنصور من رضوى
(1)
بمنطقة ينبع، إذ ساندته جهينة مساندة كبيرة وخرج كثير من أفرادها معه إلى المدينة وحاربت معه ودافعت عنه، والمتتبع للتاريخ يجد أن جهينة تساند وتناصر دومًا آل البيت من الطالبيين في كل تحركاتها ضد العباسيين.
وفي أنساب السمعاني ما يؤكد لنا بأن جهينة بلغت من القوة في مصر في العهد الأموي، مما جعل لها شخصية في قوة معاوية يحسب لها ألف حساب فسند إليها أهم الأعمال العسكرية وهي ولاية الجند إذ تولى عُقبة بن عامر الجهني حكم مصر.
وكان لجهينة في العراق مركز ثقل بالكوفة يدل على ذلك بالكثرة بالنسبة لارتباط اسم جهينة بهذه المدينة وبوجودها فيها كانت عنصرًا رئيسيًّا في شرطة الأمويين بالكوفة.
ولعل من مواقف جهينة المُشرِّفة في مصر يوم تولى السلطة المماليك وحاولوا فيما يبدو إقصاء العناصر العربية عن وظائف الدولة وأظهروا أن هذا العنصر غير مرغوب فيه وبدأوا يضطهدونه فحمل هذا العنصر على الهجرة من مصر، وهنا بدأ
(1)
رضوى: جبل مطل على الينبعين نخلها وبحرها.
التذمر فعبَّر عن نفسه في ثورات هادرة عارمة، فقادت جهينة إحداها ضد المماليك ولكنها لسوء الحظ انتهت بهزيمتها، وخرج كثير من أفرادها إلى السودان.
على أثر هذه الهزيمة يقول الدكتور عبد المجيد عابدين: (وصفوة القول أن جهينة في الفترة بين 698 هـ و 745 هـ كان لها نصيب وافر في المقاومة وأن هذه الحركة انتهت بكثير منهم إلى بلاد السودان).
قبيلة جهينة بينبع
جُهَيْنة من أعرق القبائل العربية نسبًا فهي قُضَاعية قحطانية تُنسب إلى جُهَيْنة بن زيد بن ليث بن أَسلُم بن الحاف بن قُضَاعة. وقُضَاعة حِمْيَرية يمنية قحطانية النسب كما أكد ذلك كبار محققي النسب كابن الكلبي والهمداني وغيرهما، ويشير ابن الكلبي ومن وافقه من خيرة علماء النسب أن منازل قُضَاعة قديمًا من شاطئ البحر الأحمر إلى جدة وما دونها إلى أسفل عرق وفيه الحرم من السهل. ولما جاء الإسلام تدافعت قبيلة جهينة مع قبائل الجزيرة لتنضم إلى الجيوش الإسلامية الفاتحة لعديد من البلاد، وكانت جهينة في مقدمة القبائل ومن ذلك فقد تفرقت جهينة وانتشرت في أكثر الأقطار الإسلامية، وأشار العلَّامة ابن خلدون - وهو يتحدث عن منازل قُضَاعة: فجهينة ما بين ينبع ويثرب إلى الآن في متسع من برية الحجاز، وهي في العدوة الشرقية من بحر القلزم - أي البحر الأحمر، وأجار منهم إلى العدوة الغربية وانتشروا ما بين الصعيد وبلاد الحبشة، وسيطروا على النوبة وانتصروا عليهم وأزالوا حكمهم وحاربوا الأحباش حروبًا ضارية فأرهقوهم، ولكن لا تزال لجهينة بقية في أماكنها القديمة في الحجاز، ولعل هذا البقاء يرجع إلى عاملين: الأول لم تكن هناك هجرات جماعية من جهينة، أما العامل الثاني فهو خصوبة أوديتها، كواحة ينبع النخل ومنطقة العيص.
وظلت قبيلة جهينة محافظة على مساكنها القديمة مع تفرق أجزاء منها، أكثرها في المواضع القريبة من منازلها القديمة كصعيد مصر والسودان لوقوع هذه المناطق قريبة من بلاد جهينة الأصلية على ساحل البحر الأحمر وهما الينبعان النخل والبحر والعيص وما جاورهما من الأودية والجبال، مع ملاحظة انتشار أقسام أخرى منها في الشام والعراق وفي شرق البلاد الإسلامية التي دخلت الإسلام، ويقصد بالشام كما يشير أستاذنا الباحث حمد الجاسر في بحوثه عن قبيلة
جهينة في مجلة العرب .. الشام المدلول اللغوي القديم الذي يشمل القطر من الحجاز إلى بلاد الروم، في هذا الجزء انتشرت أقسام من جهينة منذ الفتوحات الإسلامية، وفي العراق انضم عدد كبير من جهينة تحت راية الجيوش الإسلامية الفاتحة عند غزو العراق واستوطن بعض الجهنيين الكوفة وأصبح لهم في مدينة الكوفة حي كبير يسمى جهينة، وفي ناحية الموصل من العراق قرية تقع على نهر دجلة وعندها مرج يسمى مرج جهينة، وذكر ابن فضل العمري في كتاب مسالك الأمصار أن بمدينتي حلب وحماة بالشام قومًا من جهينة، وفي بلاد مصر عندما جهَّز عمرو بن العاص لفتح مصر انضم إلى جيشه فريق من جهينة، ويقول الجاسر في بحثه عن قبيلة جهينة وصلتها بمصر:(أنه لا يستبعد صلة قبيلة جهينة بمصر قبل هذا العهد لمجاورة بلادهم لها).
ونعود إلى جهينة وما يذكره المؤرخون من أن جهينة ونهدًا وسعدًا أقاموا بصحاري نجد وقتًا من الزمن ثم وقع بينهم سوء فرَّقهم، فانتقلت جهينة إلى الحجاز وسكنت مساكنها التي لا تزال فيها وكان يسكنها حين انتقال جهينة إليها بقايا من قبيلة جُذام فأجلتهم جهينة ونزلت تلك البلاد، وينقل لنا البكري قائلا: وتلاحقت قبائلهم وفصائلهم فأصبحت نحوًا من عشرة بطون وتفرقت جهينة في تلك البلاد، وهي الأشعر والأجرد وقدس وآره ورضوى وصندد، وانتشروا في أوديتها وشعابها وأعراضها، وفيها النخل والزيتون والبان والياسمين والعسل وأنواع من الأشجار الأخرى، وأسهلوا إلى بطن أضم وأعراضه وهو واد عظيم تدفع فيه أوديته ويفرغ في البحر الأحمر، وذو خشب وتيدد والحاضرة وتعبقاء والمصلى وبدر وودان وينبع والحوراء، ولعلني أشير هنا إلى أن الحوراء هي ميناء قديم بالقرب من ميناء ينبع وربما كان موضعه أقرب إلى ميناء أملج، ونزلوا ما قبل الروحاء والرويثة ثم استطالوا على الساحل، وامتدوا في التهائم وغيرها حتى لقوا بليًا وجُذام بناحية حقل من ساحل تيماء ولم تزل جهينة في تلك البلاد إلى أن جاء الإسلام وهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأشار المؤرخون أن قبيلة بلي سكنت منازلهم في شمال الحجاز قبل جهينة ولعله من المتعارف عليه أن جهينة وبليًّا يجمعهما جد واحد، وهو الحاف بن قُضاعة وانتقال القبيلتين إلى الحجاز ربما كان في وقت متقارب وهو قبل تفرُّق الأزد بعد خراب سد مأرب في اليمن، وليست القبيلتان من الأزد كما توهم بعض المؤرخين المتأخرين.
منازل جهينة في الحجاز
نورد هنا منازل جهينة في فترات متفاوتة من الزمن، كما أشارت إليها أوثق المراجع المظنون بها في ثلاث قوائم، الأولى للهمداني والثانية للبكري والثالثة لياقوت الحموي. ويتضح لنا من هذه القوائم أن جهينة كانت تحتفظ بمنازلها في الحجاز لأكثر من ثلاثة قرون، ولا زالت جهينة تحتفظ بمنازلها في منطقة ينبع وما حولها من أودية وجبال وشعاب حتى هذا العصر.
قائمة الهمداني (ت نحو 350) هـ
الأشعر
…
نعف
…
فيف الفحلتين
الأجرد
…
بواط
…
فيفاء الريح
تيدد
…
المصلى
…
خيبر
مشعر
…
بدر
…
فدك
وادي غوى (رشد)
…
جفجاف
…
حرة النار
قدس
…
رهاط
…
يين
آره
…
ودان
…
الربذة
رضوى
…
ينبع
…
النقرة
صنديد
…
الأثاية
…
إرن
أضم
…
الرويثة
…
صفينة
الصفراء
…
المجنبيان
…
وادي القرى
ساية
…
الروحاء
…
الحوراء
ذو خشب
…
حقل
…
العرج
الحاضرة
…
ذو المروة
ثقباء
…
العيص
قائمة البكري (ت 487) هـ
الأشعر
…
ذو خشب
…
ينبع
الأجرد
…
الحاضرة
…
الحوراء
مشعر
…
لقف
…
العرج
تيدد
…
العيص
…
الخبتين
قدس
…
بواط
…
الرويثة
آره
…
المصلى
…
الروحاء
رضوى
…
بدر
…
حقل
صندد
…
جفجاف
…
ذو المروة
أضم
…
وادن
قائمة ياقوت (ت 616) هـ
أجرب
…
أشمذان
…
رضوى
أجرد
…
يين
…
مثعر
الأشقر
…
أضم
…
الخبط
مشعر
…
تيدد
…
بواط
وادي القِرَى
…
ظبية
…
حرحار
الحِجْر
…
الجعلان
…
ينبع
الصفراء
…
جبل القبلية
…
صحار
ذو المروة
…
قدس
…
الأسود
ذهبان
…
حرَّة النار
وكانت بلاد جهينة تمتد من غرب المدينة بمحاذاة البحر وما حوله إلى فيض وادي الحمض في البحر فتشتمل السلسلة الجبلية والجبال الواقعة غرب المدينة وشمالها ومنطقة ينبع بكامل أوديتها.
جهينة في نجد
كان وجود جهينة في قلب نجد على ما يبدو قبل الإسلام إلى أن وقعت حرب بينها وبين زيد، لا نعرف من أخبارها إلا الشيء القليل، واضطرت جهينة إلى الانتقال شرقًا في الأودية والجبال، ولا نستطيع أن نحدد السنين التي مكثت فيها جهينة في تلك المنطقة، ولا نعرف شيئًا عن أخبارهم إلا سبب رحيلهم إلى الساحل الغربي وأوديته بالحجاز على أثر قتال نشب هناك، حين وثب حزيمة بن نهد وكان شرسًا مشؤومًا جبارًا على الحارث وعرابة ابني سعد بن زيد فقتلهما.
على أثر تلك الحادثة رحلت جهينة إلى الحجاز واستقرت في منطقة ينبع وما حولها من أودية.
الوثائق النبوية السياسية لجهينة
كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة كتب إلى رجالات من جهينة يؤمنهم فيها أو يدعو إلى انتصار المسلمين لهم أو يُمكِّن لهم في بعض الأماكن ويقطعهم إياها.
وقد احتفظ التاريخ ببعض هذه الوثائق العظيمة نوردها فيما يلي:
الوثيقة الأولى:
لبني الزرعة وبني الربعة من جهينة:
"أنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم وأن لهم النصر على من ظلمهم أو حاربهم إلا في الدين والأهل، ولأهل باديتهم من بر منهم واتقى ما لحاضرتهم، والله المستعان".
ففي هذه الوثيقة النبوية الشريفة يؤمن النبي الكريم بني زرعة وبني الربعة من جهينة ويضمن لهم النصر على من ظلمهم أو حاربهم، وجعل ذلك العهد لأهل البادية إذا بروا واتقوا وإن كان معقودًا مع أهل الحاضرة.
الوثيقة الثانية:
لعمرو بن معبد وبني الحرقة وبني الجرمز من جهينة:
بسم الله الرحمن الرحيم
"هذا كتاب من محمد النبي رسول الله لبني الجرمز بن ربيعة وهم من جهينة: أنهم آمنون ببلادهم وأن لهم ما أسلموا عليه"، كتبها المغيرة.
الوثيقة الثالثة:
إقطاع لعوسجة بن حرملة الجُهَني:
بسم الله الرحمن الرحيم
"هذا ما أعطى الرسول عوسجة بن حرملة الجُهَني من ذوي المروة: إعطاء بين بلكثة إلى المصنعة، إلى الجفلات إلى الحد جبل القبلة لا يحاقه
(1)
فيها أحد ومن حاقه فلا حق له، وحقه حق
(2)
".
الوثيقة الرابعة:
إلى بني جهينة أيضا:
"عن عبد الله بن عكيم الجُهَني قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض جُهَيْنة، وأنا غلام شاب قبل وفاته بشهر أو شهرين، وقال صلى الله عليه وسلم: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
الوثيقة الخامسة:
"هذا ما أعطى محمد النبي بني شمخ (من جهينة) أعطاهم ما خطوا من صفينة وما حرثوا، ومن حاقهم فلا حق له وحقهم حق" وكتب العلاء بن عقبة وشهد".
الوثيقة السادسة:
لجهينة أيضًا:
بسم الله الرحمن الرحيم
"هذا كتاب من الله العزيز، على لسان رسوله بحق صادق وكتاب ناطق مع عمرو بن مُرَّة لجُهَيْنة بن زيد: إن لكم بطون الأرض وسهولها وتلال الأودية
(1)
أي لا ينازعه.
(2)
أي وحق حرملة هو الحق.
وظهورها على أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها، على أن تؤدوا الخمس، وفي التبعة والصريمة شاتان إذا اجتمعتا فإن فرقتا فشاة شاة، ليس على أهل المثير صدقة ولا على الواردة لبقة، والله شهيد على ما بيننا ومن حضر من المسلمين".
جهينة في فلسطين والأردن
مع بداية الفتح الإسلامي انتشرت جهينة في فلسطين كما انتشرت في الشام، وقد نزل بشير بن عقربة أبو اليمان الجُهَني استشهد أبوه يوم أحد فنزل فلسطين وسكنها، قال البخاري: أن بشير معروف بالفلسطيني مات عام 85 هـ بقرية من قرى فلسطين بالقرب من الخليل. ومن بطون جهينة في فلسطين الجرادات تعود بأصلها إلى عشيرة المشاعلة
(1)
الحجازية، نزل أجدادهم في شرق الأردن ومنها نزحوا إلى قرية نصير من أعمال الخليل، كما انتشروا بالمجدل في بلاد غزة ويافا حيث يعرفون بها باسم عائلة الطاهر، والجرادات منتشرون أيضًا في محافظة أربد شمالي الأردن.
ومن بطون جهينة في فلسطين الضواحك في برية الخليل وعشيرة تتبع الجبور إحدى بطون الكعابنة في شرق الأردن تحمل اسم جهينة.
وفي ديار بئر السبع جنوب فلسطين مواقع تحمل اسم جهينة مثل وادي الجهينية.
جهينة في الشام
وفي الفتوحات الإسلامية اندفعت جهينة إلى بلاد الشام، واستقرت في مواطن عديدة إذ أشار الهمداني إلى بعضها بقوله: وللخم أيضا الجولان وما يليها من البلاد، ونوى والبثيني وشعث من أرض حوران وتخالطهم في هذه المواضع جهينة وذبيان. وفي ترجمة لاثنين من الجهنيين عمرو بن مرة بن عبس أن له صحبة وولدا بدمشق والشام هو عوسجة بن حرملة، وقد عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألف رجل من جهينة وأقطعه دامر
(2)
وهو موضع بالشام.
(1)
المشاعلة: فخذ من فخوذ جهينة المعروفة اليوم "بينبع".
(2)
دامر: هو ما يطلق عليه اليوم بدمشق مصيف دمر.
جُهَيْنة في العراق
هاجرت بعض من بطون جُهَيْنة وأفخاذها من مواطنها بالحجاز إلى (بلاد الرافدين العراق، وإن كنا لا نعرف بأي زمن رحلت ولكن نفترض أنَّها قدمت إلى العراق فاتحة مع جيوش المسلمين، بقيادة سعد بن أبي وقاص القُرشي، وأسهمت في فتح المدائن ثم انتشرت في العراق شمالًا وجنوبًا.
يقول الطبري: (ثم دخلت سنة سبعة عشر ففيها اختطت الكوفة .. إلى أن يقول وأنزل في غرب الصحن بجالة وبجيلة على طريق، وجديلة وأخلاط على طريق، وجهينة على طريق). فكان هذا هو بداية انتشار جُهَيْنة في العراق، ولهذا نجد مَعْلمًا من معالم تلك القبيلة في البصرة وهو وجود مسجد لها.
من أجود البحوث وأجملها التي كُتبت عن جُهَيْنة في مصر والسودان في الوقت الحاضر هو ما كتبه الكاتب المصري الأستاذ إبراهيم الفحام في مجلة الدارة في العدد الثامن من السنة الثالثة.
ولقد عرجت على إيراد هذا البحث في فصل جُهَيْنة من هذا المؤلف كاملًا، ولعل المتبع لتاريخ هذه القبيلة يجد فيه الفائدة والمنفعة، ولقد عاد الكاتب في بحثه إلى مراجع عدة موثوق بها وبتاريخها، وهي من أهم المراجع التاريخية الهامة التي لا يتطرق إليها الشك، وفي هذا البحث يثبت المؤلف حقيقة تاريخية جديدة وهي أن قبيلة جُهَيْنة تصدت لقوات الاحتلال الفرنسي في زمن الحملة الفرنسية، وقد آزرتها بعض الجهات المسلحة التي قدمت من ينبع عبر البحر، ومن الثابت لدينا تاريخيا أنه عندما نادي المنادي في مدن الحجاز وبواديها في أواخر عام 1899 م يدعو إلى الجهاد في سبيل تحرير مصر من الفرنسيين تدفق آلاف المهاجرين من ينبع على ميناء القصير للذود عن مصر وبذلوا الكثير من الأموال للمجاهدين، كما خرج الآلاف من أشراف ينبع للجهاد وسجلوا صفحة مُشرِّفة في تاريخ الجهاد وعرَّفهم ضباط الحملة الفرنسية باسم (أشراف ينبع).
وبعمائمهم الخضراء وأجسامهم الضامرة وجرأتهم النادرة، لكن في حين أن قادة الحملة الفرنسية ومؤرخيها أشادوا بجهاد الذين خرجوا من ينبع وسجلوا تفصيلاتهم فإن معظم مؤرخينا مرُّوا وللأسف بهذا الحدث مرورا عابرا، ويقول "كريستوفر هارولد" الذي كتب تاريخًا موثقًا بجهوده خلال وجوده في مصر: أما مصدر الرعب في الإمدادات التي تلقاها مراد بيك زعيم المماليك هو المحاربون عرب الحجاز بقيادة الشريف حسن (شريف - ينبع).
لا شك أن جهاد عرب الحجاز في معركة تحرير مصر من الفرنسيين قد ساهم إسهامًا كبيرًا في حرمان الجيش الفرنسي من الانتصار انتصارًا حاسمًا، ولقد لقى الفرنسيون مقاومة لَمْ يعرفوا مثلها في شراستها، ولا زال لهؤلاء الجدود الذين خرجوا من ينبع للذود عن مصر أحفادهم، يعرفون اليوم بمسمياتهم كأسر لازالت باقية في صعيد مصر تربطهم أواصر القربي بأبناء عمومتهم في ينبع والبعض منهم رجع إلى موطنه الأصلي في الحجاز.
جُهَيْنة في مصر والسودان
كان لانتشار القبائل العربية في أرجاء العالم الإسلامي (مع الفتوح ثم في أعقابها) أثر عظيم في تقريب كثير من شعوبه، وتوثيق روابط القرابة فيما بينهم.
وقد تكاثر بعض أبناء هذه القبائل إلى عشائر تضاخمت أحجامها، واشتهرت بأسمائها الخاصة، حتى طغى اسم العشيرة - مع الزمان - على اسم القبيلة الأم، فلم تعد تذكر إلَّا في معرض التاريخ لهذه العشائر، وبث أصولها وأنسابها.
ولكن بعض هذه القبائل العريقة، ظلت تحتفظ بأسمائها الأولى برغم تعدد بطونها وتفرق فروعها في أكثر من وطن من أوطان الوطن العربي، ومن هذه القبائل (جُهَيْنة) التي ظل اسمها هذا باقيًا في المملكة العربية السعودية، مثلما بقى في مصر والسودان.
جهينة في مصر
كانت جُهَيْنة إحدى القبائل الأربعة عشرة التي أُطلق عليها (أهل الراية) لاجتماعها تحت راية واحدة، في الجيش الذي قاده عمرو بن العاص لفتح مصر، وظلت تلك القبائل مدونة معا في ديوان الجند في التدوين الأول الذي قام به عمرو في سنة 43 هـ، كما ظلت مشتركة معًا في خطة واحدة عند تحديد الخطط التي أعدت لإقامة القبائل التي شاركت في الفتح بالفسطاط، أما باقي القبائل فقد حاربت كلّ منها تحت راية خاصة، وأفردت لها خطة خاصة ودُوِّنت على حدًا بالديوان.
ثم انفصلت جُهَيْنة عن أهل الراية، ودونت على حدًا بالتدوين الرابع الذي اجراه بشير بن صفوان سنة 102 هـ وذلك بسبب تضخم تعداد أفرادها لكثرة من انضم إليهم، ممن وفد إلى مصر من جموع الجهنيين بعد الفتح.
واعتادت تلك القبائل جميعًا - ومنها جُهَيْنة - الارتباع في الريف المصري، أي الخروج بدوابهم في فصل الربيع من كلّ عام للرعي، ثم استقرت في مناطق ارتباعها بعد ذلك، وكان استقرار جُهَيْنة في منطقة الأشمونيين (التي تقع في جنوب محافظة المنيا الآن) ثم أجلتهم عنها قريش بمساعدة الفاطميين في القرن الثالث للهجرة، فخلصت لها تلك المنطقة وأطلق عليها (بلاد قريش) بينما اتجهت جُهَيْنة جنوبًا حتى استقرت في منطقة أخميم والتي تتبع محافظة سوهاج الآن، ولكنها انتشرت شمالًا وجنوبًا، حتى قال الحمداني عن جُهَيْنة:(وهم أكثر عرب الصعيد بالديار المصرية، ولهم بلاد منفلوط وأسيوط، وبها أقوام منهم) وذكر نزوحهم إلى الجنوب فقال: (وكانت مساكنهم أولًا بلاد قريش - يقصد الأشمونيين - فنقلهم الخلفاء الفاطميون منها إلى بلاد أخميم، فسكنوا أعلاها وأسفلها) ثم قال: ويقال أن بلِّيًا - يقصد قبيلة بلِّي - وبطونها كانت بهذه الديار - أي بلاد أخميم - وكانت جُهَيْنة بالأشمونيين جيرًانا مع قريش - كما هم بالحجاز - فوقع بينهم واقع أدى إلى دوام الفتنة، فلما أتي العسكر المصري لإنجاد قريش على جُهَيْنة (يقصد الفاطميين) خافت بلِّي فانهزمت إلى أعلى الصعيد إلى أن أزيلت أي غلبت وانتصرت قريش وملكت أماكن جُهَيْنة، ثم حصل بينهم جميعًا الصلح على مساكنهم وزالت الشحناء من بينهم، ثم اتفقت جُهَيْنة وبلي على أن يكون لجهينة من المشرق من عُقبة فاو الخراب إلى عيذاب، ولبلي من جسر سوهاج إلى قريب من قمولة.
وقد استمرت بعض البطون الجهنية في الاتجاه جنوبًا حتى استقرت في بلاد النوبة وتزوج بعض رجالها من بنات ملوكها، ولما كان من عادة أولئك الملوك أن يُورِّثوا ابن البنت وابن الأخت، فقد توصل بعض الجهنيين إلى اعتلاء عرش النوبة، وبرغم استقرار بعضهم فقد ظلت الغالبية العظمى على بداوتها.
وقد أسهم الجهنيون مع بني ربيعة في فتح بلاد البجة جنوبي مصر، كما أسهموا في تفكك مملكة النوبة المسيحية وتحولها نحو الإسلام، كما اتجهت بطون =
منهم نحو المغرب، حيث أقامت مع بطون بلِّي وبني مدلج وغيرهم في الرمادة من أعمال لوبية (ليبيا)، ونزح الكثير منهم غربا إلى إفريقيا مع الفتح الإسلامي لتلك البلاد.
والي مصر عُقْبَة بن عامر الجهني:
ومن الجهنيين الأول في مصر، الصحابي الجليل "عُقبَة بن عامر الجهني" الذي قدم مصر مع الجيش الفاتح، ثم عُيِّن واليًا من قبل معاوية بن أبي سفيان من سنة 44 هـ إلى سنة 47 هـ، وتوفي بمصر سنة 58 هـ، وكان من رواة الحديث، وروي عنه من الصحابة جابر وابن عباس وأبو أمامة ومسلمة بن مخلد، وأما رواته من التابعين فكثيرون، كما كان أحد من جمعوا القرآن الكريم، وتنسب إليه قرية ميت عُقبة) التي صارت الآن حيًّا من أحياء مدينة الجيزة، وكانت تلك القرية تضم أرضًا كان معاوية قد منحه إياها.
استقرار جُهَيْنة وتوطنها في مصر:
من أهم العوامل التي ساعدت على توطن القبائل العربية في مصر، واندماجها في المجتمع المصري، وتخليها عن حياة البداوة ذلك الأمر الذي وجهه الخليفة المعتصم العباسي إلى واليه على مصر في الحلقة الثانية من القرن الثالث بإسقاط العرب من الديوان وقطع أعطياتهم، فازداد انتشارهم في أنحاء الريف، واشتغالهم بالزراعة والتجارة وغيرها من وسائل الكسب التي كانوا يترفعون عن الاشتغال بها من قبل فضاعفت ذلك حركة التعريب ونشر الإسلام، وبدأت ألقاب العرب تُعبِّر عن المناطق التي سكنوها بدلًا من أسماء القبائل التي ينتمون إليها.
وبرغم انتشار الكثير من العائلات الجهنية في أنحاء مختلفة من البلاد المصرية، فقد آثرت كثير منها أيضًا أن تعيش في تجمُّعات سكنية، ظلت تحمل اسم جُهَيْنة) إلى أيامنا هذه، وتوجد بالمحافظات التالية:
أولًا - محافظة سوهاج:
يعدُّ (مركز جُهَيْنة) أحد المراكز، أي التقسيمات الإدارية الرئيسة التي تضمها محافظة سوهاج بالصعيد.
وكانت مساكن جُهَيْنة في تلك المحافظة وهي نواة ذلك المركز تُعدُّ من توابع قرية المراغة التي صارت قاعدة لمركز المراغة بتلك المحافظة فيما بعد.
ثم انفصلت تلك المساكن مع نطاقها الزراعي من قرية المراغة، وصارت قرية مستقلة في القرن العاشر الهجري، وهي تُعدُّ أقدم ما بقي من التجمعات السكنية الجهنية.
وقد أسهم الجهنيون في التصدي لقوات الاحتلال الفرنسي في زمن الحملة الفرنسية على مصر، وقد آزرتهم الجماعات المسلحة التي قدمت من ينبع عبر البحر الأحمر، في المعركة التي دارت بينهم وبين بعض الفرق التابعة للجنرال "ديزيه" في 10 ابريل سنة 1899 م.
ويقول علي باشا مبارك في معرض حديثه عن قرية جُهَيْنة هذه في كتابه الخطط التوفيقية: (وأهلها أكثر من عشرة آلاف نسمة من عرب جُهَيْنة القبيلة المشهورة، ولهم كرم رائد، وشهامة وفصاحة لسان، وذكاء وفطنة، وثبات جنان). وذكر أنهم أصبحوا يعاملون معاملة الفلاحين - أي لَمْ يعودوا يعاملون معاملة البدو الذين كان يطبق عليهم نظام إداري خاص - إلى أن قال: (ولهم خبرة تامة بفلاحة الأرض ويقتنون جياد الخيل، وفارة الحمير، وعراب الإبل) وذكر عائلتها المشهورة في زمنه وهي (بيت البسة، وبيت أبي خبر، وبيت الحويج) ومن عائلاتها التي ذكرها محمد الهاشمي في كتابه "الدرر الذهبية في أصول أبناء الأمة العربية" آل واصل، وآل الضبع، وآل عاصم، وآل عامر، وقد نزح بعض هذه العائلة الأخيرة إلى حيث كوَّنوا قرية جديدة بمركز المراغة أطلق عليها (عامر).
وفي سنة 1913 م أنشئت قرية جهنية أخرى بالقرب من تلك القرية فعُرفت القرية القديمة باسم (جُهَيْنة الغربية) وعُرفت القرية الجديدة باسم (جُهَيْنة الشرقية) وصارتا تابعتين لمركز طهطا.
وقد تكونت جُهَيْنة الشرقية من ضم أربع قرى صغيرة متجاورة إلى بعضها وهي قري (أبو الخير وأولاد حمد وحسام الدين وبني رماد) وتحمل كلّ منها اسم عائلة من العائلات الكبرى التي تضم كلّ منها مجموعة من الأسر الجهنية.
وظلت جُهَيْنة القديمة، أي (جُهَيْنة الغربية) قرية تابعة لمركز طهطا بمديرية جرجا التي عُرفت بعد ذلك باسم مديرية سوهاج وهي محافظة سوهاج الآن حتى تكاثر عدد سكانها، واتسع نطاقها العمراني فاتخذت في سنة 1963 م قاعدة لمركز جديد بهذه المحافظة أطلق عليه (مركز جُهَيْنة) ويضم القرى الآتية فضلًا من مركز طهطا:
1 -
جُهَيْنة الغربية.
2 -
جُهَيْنة الشرقية.
3 -
نزة.
4 -
نجوع البوص.
5 -
الحرافشة.
6 -
نزة الحاجر.
7 -
نزة المخرمين.
8 -
الطليحات.
9 -
عنيبس.
10 -
نزلة علي.
ثانيًا - محافظة الشرقية:
ومن القرى التي يضمها مركز فاقوس بمحافظة الشرقية قريتا (دوار جُهَيْنة، وجهينة البحرية).
وقد تكونت أولى هاتين القريتين قبل الأخرى وكانت تدعى قبل ذلك باسم (لبينة) أو (لبيني) ثم اتسع نطاق التجمع السكاني لجهينة في نطاق تلك القرية فعدل اسمها إلى (دوار جُهَيْنة) والدوار في التعبير المصري يعني المكان الذي يُتخذ مقرها لعمدة القرية أو القبيلة، ويباشر مسئولياته الإدارية فيه.
كما تكونت في نطاق هذا المركز أيضًا قرية (جُهَيْنة البحرية) أي الشمالية.
محافظة القليوبية:
من القرى التي يضمها مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية قرية (نزلة عرب جُهَيْنة) وكانت تعد قديمًا من توابع قرية (زفيتة مشتول) حتى اكتملت مقوماتها كقرية مستقلة، فانفصلت عنها سنة 1930 م.
غير أن وجود قرى تحمل اسم جُهَيْنة لا يؤكد أن جميع سكانها من سلالة هذه القبيلة، إذ قد تعيش الكثرة من العائلات الجهنية عائلات تنتمي إلى بطون من جماعات قبيلة أخرى عريقة الصلة بجهينة مثل بلِّي وحرب والعليقات وغيرها، كما أن كثيرًا من العائلات الجهنية تعيش في مدن وقرى غير تلك التي تحمل اسم جُهَيْنة، وخاصة في الصعيدين الأوسط والأعلي، ومن أمثلة ذلك عائلة (علوبة) المعروفة بمحافظة أسيوط، وقد أشار إلى هذه الحقيقة محمد علي علوبة باشا الذي أسهم بنصيب وافر في الحركة الوطنية المصرية، وعرف باهتمامه بالقضايا العربية عامة وبقضية فلسطين بوجه خاص، وتولى عدة مناصب وزارية في مصر كما عين سفيرًا لها في أكثر من دولة إسلامية، وقد تحدث عن أصل عائلته في مقاله الذي نشر بعدد سبتمبر سنة 1951 م من مجلة الهلال تحت عنوان (أنا عربي جهيني).
ويذكر علي باشا مبارك في (الخطط التوفيقية) أسماء العائلات الكبرى بمدينة طهطا فيقول: (ومنهم بيت من مشايخ عرب جُهَيْنة يسمى بيت الكشكي، وهو بيت عمدتها إلى الآن).
وفي الوقت نفسه قدمت جماعات جهنية أخرى من الجزيرة العربية تباعًا وفي عصور متأخرة واستقرت في نواح مختلفة، وعرف بعضها بأسماء البطون التي تنتمي إليها.
وبرغم تحضر الجهنيين جميعًا واستقرارهم في أنحاء البلاد، وتخليهم تمامًا عن مظاهر الحياة البدوية، وخاصة بعد إلغاء النظام القَبَلي في المحافظات غير الصحراوية سنة 1960 م فقد ظلت تجمعهم روابط القربى والمصالح المشتركة ووحدة الذكريات.
جُهَيْنة في السودان
يعد الجهنيون أحد الأقسام الرئيسية الثلاثة التي تنقسم إليها القبائل العربية في السودان وهي:
أولًا: مجموعة القبائل الجعلية.
ثانيا: مجموعة القبائل الجهنية.
ثالثا: الكواهلة.
وبينما تمثل القبائل الجعلية الأرومة العدنانية، تمثل القبائل الجهنية الأرومة القحطانية في السودان.
وقد امتدت مواطن الجعلانيين في أواسط السودان من دنقلة شمالًا إلى أراضي الدنكا في الجنوب الشرقي، وكان انتشارها على طول هذا المحور الممتد من الشمال إلى الجنوب وإذا ابتعدوا عنه شرقًا وغربًا فإن ذلك يكون على هيئة فروع م تصلة بالمصدر الأصلي.
أما مواطن الجهنيين فقد وزعت بين شرق السودان وغربه من حوض العطبرة شرقًا إلى أقاصي دارفور غربا، وتُعدُّ هجرة القبائل الجهنية الشرقية مستقلة عن هجرة القبائل الجهنية الغربية.
وهناك من يرجح أن معظم القبائل الجهنية في شرق السودان وغربه قدمت من الشمال الشرقي، واستقر بعضها في الشرق بينما اندفع البعض الآخر نحو الغرب، ولكن يغلب أن بعضها قدم من الشمال الشرقي.
وتنقسم القبائل الجهنية من حيث مواطنها على النحو التالي:
أولًا - القبائل الشرقية:
ومواطنها جميعًا في أقاليم النيل الأزرق والبطانة شرقي السودان، وتضم القبائل الآتية:
1 -
رفاعة (أو الشعبة الرفاعية)
وهي كثيرة العدد، واسعة الانتشار، وتعيش على جانبي النيل الأزرق وعلى الأخص في النصف الجنوبي إلى الرصيرص.
وينقسم الرفاعيون إلى شطرين، أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب.
وقد استقر الشماليون في قرى يشاركهم في كثير منها أعداد غير قليلة من عناصر غريبة عنهم، بينما ظلت هناك قرى أخرى كثيرة تقتصر على الرفاعيين، وهم يمارسون الأنشطة المستقرة كالزراعة والتجارة، أما الجنوبيون فتغلب عليهم حياة البداوة، وكثيرا ما يغلب عليهم اسم (جُهَيْنة) وليس (رفاعة) وينقسم هؤلاء الجنوبيون من حيث مواطنهم إلى شعبتين:
الأولى رفاعة الشرق، ويقيمون شرقي النيل الأزرق. والثانية رفاعة الغرب.
ويطلق على كلّ من هاتين الشعبتين اسم الأسرة التي ظلت تحكمها زمنًا طويلًا، فيقال للأولى (ناس أبي جن) وللأخرى (ناس أبي روف).
وتضم رفاعة بصفة عامة أربع عشرة قبيلة صغرى مثل القواسمة والعركيين والطوال والهلالية وبني حسن وبني حسين وجهينة، وتعيش القبيلة الأخيرة التي تحتفظ باسم (جُهَيْنة) في الجنوب الغربي من البطانة، بالقرب من المجرى الأسفل النهر رهد.
وقد تفرعت من القواسمة قبيلة أخرى (لعبد للأب) وقد تركز أبناؤه حول حلفاية الملوك والخرطوم بحري، ووزعت جماعات منها على ضفاف النيل الأزرق بين رفاعة والخرطوم، حيث تحترف الزراعة والرعي، وتنتسب (العبد للأب) إلى رجل يُدعى "عبد الله جماع" الذي أسهم في القضاء على مملكة (سوبة) وتأسيس مملكة (سفار) وكان العضد الأكبر لتلك المملكة في الإقليم الشمالي، وكان أصله من قرى شرقي خانق سبلوقة وظلت قرى عاصمة له ولخلفائه مدة من الزمن، ثم انتقل مقرهم إلى حلفاية الملوك وظلت أسرته تتوارث الحكم في مملكة سنار، وكان اللقب الرسمي لأمراء العبد للأب (منجل).
ولم يكن العبد للأب مجرد زعماء للشعبة الشمالية من رفاعة، بل كانوا كذلك حكامًا إقليميين، ولهم السلطة الكاملة على جميع القبائل التي تعيش في الشطر الشمالي وملكة سنار.
2 -
اللحويون: ويعيشون في البطانة.
3 -
الحلويون: ويعيشون في الجزيرة حول بلدة حصاحيصا.
4 -
العوامرة.
5 -
العمارنة.
6 -
الفادنية.
7 -
الخوالد.
وتعيش هذه القبائل الأربع الأخيرة في الجزيرة، وتغلب عليها حياة الرعي، وإن كانت تمارس بعض الزراعة.
8 -
الشكرية: ويعيشون في إقليم البطانة.
ثانيًا - قبائل تعيش في الجهات الشرقية والوسطى من كردفان:
1 -
دار حامد:
وكانت هذه القبيلة تحيا حياة البداوة، وتتعيش من رعي الإبل غير أن القسم الأكبر منها استقر في منطقة الخيران شمالي الأبيض، وقد تفرَّع منها قسمان صغيران يعيشان عيشة البداوة، التحق أحدهما بالكبابيش والآخر بالكواهلة.
2 -
بنو جرار:
وكان لهم فيما مضى شأن كبير في كردفان ودارفور، حيث كانوا - هم والحمر - أعظم القبائل التي تنافس الكبابيش في النصف الشمالي من كردفان إلى حدود النوبة، غير أنهم اضطروا للرحيل عن دارفور، فعاشوا في إقليمين محدودين في كردفان، الأول بالقرب من النيل الأبيض حيث يستقرون في قرى كثيرة يمارسون فيها الزراعة والأخرى في أواسط كردفان، حيث يرعون الإبل وصغار الماشية.
3 -
الزيادية:
وكان أوطانهم فيما مضى موزعة بين دارفور وكردفان، وكان أكثرهم المقيمون في دارفور، ولكن نسبة كبيرة منهم اضطرت للحاق بإخوانهم في كردفان، وصار أكثرهم رعاة إبل بالقرب من مواطن دار حامد.
4 -
البزعة:
وهي قبيلة صغيرة العدد، يتصل نسبها ببني جرار، ولها قرى تنتشر في إقليم الصمغ شرقي كردفان، وجنوب بلدة أم دم، ومنها شعبة ترعى الإبل غربي كردفان.
5 -
الشنابلة:
وهم شعبتان، تمارس الأولى رعي الإبل في إقليم دار حامد والكواهلة بينما تحيا الأخرى حياة أكثر استقرارا على النيل الأبيض، وقد اندمج بعضهم في قبيلة الحمر، واكتسبوا ثروة كبيرة من الإبل، كما انضم فريق منهم إلى الكبابيش، ومن الراجح أن هناك صلة قرابة بينهم وبين الشنابلة الذين يعيشون في الضفة الشرقية للنيل بصعيد مصر، والذين تنسب إليهم قرية (عرب الشنابلة) بمركز أبنوب بمحافظة أسيوط.
6 -
المعاليا:
وتعد من أكبر قبائل فزارة من غَطَفان، وكانت أوطانها موزعة بين دارفور وكردفان، وكان أكثرهم يقيم في دارفور، ولكنهم فضلوا النزوح إلى كردفان، واستمر بعضهم في الرحيل إلى الجنوب، حتى جاوزوا الرزيقات، ثم أخذت جماعات منهم في العودة إلى شمال دارفور في أواخر الحرب العالمية الأولى، وتنظم أوطانهم في الغرب من دار حامد، كما أن بعضهم يعيش في مركز النهور والأبيض والدلنج وأم روابة، وظل يغلب على أسلوب حياتهم رعي الإبل، وإن كان جماعات منهم قد استقرت في القري، بينما اشتغل البعض الآخر برعي البقر بالجنوب الشرقي من دارفور والجنوب الغربي من كردفان.
ثالثًا - قبائل تنتشر في كردفان ودارفور:
وإن كان لبعضها أوطان أخرى في غير هذه المنطقة، وهذه القبائل هي:
1 -
الدويحية:
ويعيش بعضهم في إقليم النيل الأزرق، وتغلب عليهم حياة الاستقرار ويتعيشون من الزراعة، غير أن نسبة كبيرة منهم تمارس رعي الإبل في أواسط كردفان حيث يصاحبون الكواهلة، وينتقلون معهم.
2 -
المسلَّمية:
ويسمي كثير منهم أنفسهم بالبكرية، وهم يعيشون في الجزيرة حيث أُطلق اسمهم على أحد مراكزها وعلى ضفتي النيل الأبيض، وقد استقر معظمهم ومارسوا الزراعة ومنهم شعبة في البطانة تحيا حياة البداوة.
3 -
الحَمَر: (بفتح الحاء والميم):
وهي تتألف من الشعب الثلاث الآتية (العساكرة والدقاقمة والغريسية) وكانت هذه الشعب المستقلة إلى عهد قريب يرأس كلّ منها ناظر خاص، وإن كانت جماعات مختلفة منها تعيش أحيانًا في قرية واحدة.
وقد أعيد تنظيم (الحمر) من سنة 1928 م بحيث جعلت سلطة قبيلة عليًا تتمثل في الشيخ الأكبر للقبيلة يطلق عليه (ناظر عموم الحمر) إلى جانب وجود ناظر لكل من هذه الشعب الثلاث، وقد أدى هذا إلى تماسك القبيلة وتوطيد التعاون بين شعبها.
ويعيش الحمر بشعبهم الثلاث في الأطراف الغربية لكردفان على حدود دارفور، ومعظمهم يتعيش من الزراعة، وجمع الصمغ من أشجاره، وإن كان بعضهم لا يزال يرعى الإبل.
وفي شمال دارفور مجال الرعاية الإبل، وهو يمتد إلى واداي وإلى ما بعد حدود السودان الغربية، وفي هذا الإقليم بطون من قبائل جُهَيْنة منهم الماهرية والمحاميد والنوابية وتجاورهم في أوطانهم الشمالية وحدات أخرى من جُهَيْنة مثل العريقات والعطيفات.
4 -
الكبابيش:
وتعد من أعظم قبائل الأبالة (أي رعاة الإبل في السودان) وأكثرها عددًا، كما أنهم يمتلكون من الضأن أضعاف ما يملكون من الإبل، وتمتد مواطنهم جنوبًا إلى تخوم البقَّارة، وقد استوعبت تلك القبيلة عناصر أخرى مختلفة مثل (الفونج) سكان السودان القدامي، والبجة والنوبة، ولكن الكثرة العظمى من الكبابيش تنتمي إلى أصول عربية جهنية خالصة، ولا تكاد نسبة الجماعات غير العربية التي اندمجت فيها تتجاوز نسبة 30 % من تعدادها.
5 -
المحاميد.
6 -
المهارية.
7 -
المغاربة.
8 -
البقَّارة.
وقد سموا بذلك لاشتغالهم برعي البقر، ولا يُطلق هذا الاسم على القبائل الأخرى التي ترعى البقر، بل تختص به هذه القبيلة الجهنية التي تعيش في جنوب كردفان ودارفور وتحترف رعي البقر.
ويمتد موطن البقَّارة هؤلاء من جهة الغرب إلى جوار بحيرة تشاد أي إلى إقليم وادي وبرنو.
ومن البقَّارة في كردفان:
أ - بنو سُلَيم:
ويعيشون على النيل الأبيض، وتمتد أوطانهم إلى كاكا أي إلى حدود قبائل الشلك.
ب - أولاد حميد:
ويعيشون شمالي تقلي وجنوب أم رابة، أي أول أقاليم كردفان من الشرق.
ج. الهبانية:
ويعيشون إلى الجنوب من بلدة الرهد، وهم أكثر البقَّارة ميلًا إلى الاستقرار، ويعيش بعضهم في دارفور.
د - الحوازمة:
ويعيشون جميعًا في دارفور، وهم قبيلة كثيرة العدد.
هـ - المسيرية والحَمْر: (بفتح الحاء وسكون الميم):
وكانت هاتان القبيلتان قبيلة واحدة تسمى (المسيرية) ثم انقسمت إلى قسمين: (المسيرية الزرق) و (المسيرية الحمر) ثم كثر الحمر فانفصلوا في قبيلة خاصة
في أوائل القرن التاسع عشر، ولا تزال أوطانهم متجاورة. ومن القبائل الشديدة القرابة من المسيرية، وتعدُّ فرعًا منها مستقلًا (الثعالبة) ويعيش معظمها في دارفور إلى جوار من يعيش فيها من المسيرية.
ومن البقَّارة في دارفور:
1 -
الرزيقات:
وتقع أوطانهم في أقصى الجنوب الشرقي من دارفور، وينقسمون إلى ثلاثة أقسام هي:(الماهرية، والمحاميد، والنوابية) وهي ثلاث قبائل تكونت من اتحادها الرزيقات.
ب - الهبانية:
ويعيش معظمهم في دارفور والباقون في كردفان.
ج - التعايشية:
وهم يجاورون الهبانية، ويعدون أقرب قبائل البقَّارة نسبة إليهم، ومنهم عبد الله التعايشي خليفة محمد أحمد المهدي، وقد جلب آلافًا من قومه هؤلاء إلى أم درمان ليتخذهم سندًا له. ويقدر سلاطين باشا عدد من جلب منهم بنحو 24 ألف محارب بنسائهم وأطفالهم فسيطروا على جهات عديدة هامة مثل دنقلة، ثم عاد كثير منهم إلى ديارهم بعد انتهاء عهده، بينما بقيت أعداد صغيرة منهم في مديرية كسلا وسنار، وعلى النيل الأبيض، وفي كثير من المدن الرئيسية.
د - بنو هلية:
وهم يجاورون التعايشة، ولهم فروع فيما وراء الحدود الغربية للسودان، حيث تعيش فروع من قبائل جُهَيْنة أخري، معظمها في واداي.
هـ - الهواوير:
يعتبر بعض النسَّابة (الهواوير) من القبائل الجهنية بالسودان، وهم في الحقيقة من قبيلة (الهوَّارة) المعروفة بالصعيد الأعلى في مصر، والتي تمتد أنسابها وروابطها القَبَلية إلى بلاد المغرب، وقد نزحت جماعات متتالية منهم إلى السودان في عصور مختلفة.
وقد يرجح إلحاق الهواوير بمجموعة القبائل الجهنية، إلى ما يراه بعض النسَّابة من انتمائهم إلى الأرومة القحطانية، التي تنتمي إليها جُهَيْنة فهي أقرب إلى الجهنيين منهم إلى الجعليين الذي ينتمي إلى الأرومة العدنانية.
ويقول الأستاذ حمد الجاسر في بحوثه عن جُهَيْنة: من أهم المراجع وأوفاها التي كتبت عن جُهَيْنة في مصر والسودان هو الدكتور عبد المجيد عابدين في كتابه "دراسات في تاريخ أعالي وادي النيل" في إشارته عن العركيين في مجموعة قبيلة جُهَيْنة، وهم جماعات يسكنون قرب الجزيرة بين النيل الأبيض والأزرق، ومنهم فئات ما زالوا بقرب السودان، وأقدم من عرف عنهم من العركيين من جُهَيْنة في تاريخ السودان كانوا في أوائل القرن العاشر الهجري.
وأول من حمل لواء الزعامة الروحية في السودان منهم:
1 -
الشيخ دفع الله بن مقبل بن نافع العركي (عاش حوالي 1550 م) وهو جد جماعة أبي حراز في الجزيرة، يقول عنه ود ضيف الله مؤلف كتاب الطبقات ونسبه مشهور بالعركي، نسبة إلى عرك قبيلة معروفة.
ولأولاده الخمسة: حمد النيل، وعبد الله، ومحمد، وأبي بكر، والمجذوب، شأن في نشر الثقافة الإسلامية في السودان، وفي منطقة الجزيرة بنوع خاص.
2 -
الشيخ محمود بن محمد العركي (عاش حوالي 1530 م) ولد بالنيل الأبيض، وتلقى العلم في الأزهر على يد الشيخ الناصر اللقاني، ثم أرسل "الفونج" في طلبه من مصر ولما قدم بُني له قصر يُعرف الآن بقصر محمود، بالقرب من النيل الأبيض ووفد عليه 40 ألف طالب، وانتشرت العلوم على يديه، وعلم الفقه على مذهب الإمام مالك.
3 -
الشيخ عبد الرَّحمن بن محمد نافع العركي (عاش حوالي 1570 م) وكان أحد أجداده من الأشراف الذين تصاهروا إلى العركيين، وقد أنشأ الشيخ "بلدة الفقراء" في الجزيرة في السودان، وتوارث أحفاده تعاليم الدين في هذه البلدة إلى اليوم.
وندرك أن جُهَيْنة قد دخلت السودان في موجات متعددة وانتشرت إلى الشرق حيث بلاد البجة وساحل البحر الأحمر، وكان لها أثر قوي على مملكة النوبة الشمالية مملكة المقرة حتى زعزعوها وأزالوها، ودخلت جُهَيْنة إلى أطراف بلاد الزنج كما يقول ابن إياس، وبلاد الزنج هي بلاد الصّومال في اصطلاح العرب القديم، ومن الثابت أنَّها انتشرت في الصومال.
وفي البيان والإعراب للمقريزي قال عن قبيلة عرك من جُهَيْنة تحت عنوان "الحلف العَرَكي"
(1)
.
ولم تقف جُهَيْنة مكتوفة الأيدي إزاء المماليك، فقد أسهمت في المقاومة بنصيب بعد أن خمدت حركة الشريف حصن الدين ثعلب الجعفري بعد عام 651 هـ.
ففي عام 749 هـ نشب نزاع بين عرك وبني هلال
(2)
وتدخل المماليك في هذا النزاع، ومالأوا بني هلال، وقتل عدد كبير من المماليك وأمرائهم في هذا الحادث، وكان هذا إيذانا بحرب عنيفة بين المماليك والعركيين وحلفائهم.
وعرك بطن من جُهَيْنة كانوا في بلاد العرب في الشمال الغربي منها ومن جبالهم الحت، ثم انتقلوا مع جُهَيْنة إلى الصعيد الأعلى، واستمرت حركة المقاومة حوالي خمس سنوات أو أكثر (749 - 754 هـ) بزعامة محمد بن واصل العركي الذي كان يلقب بالأحدب لطوله وانحناء قامته، وبلغ من قوته أن نادي بالسلطة لنفسه، وجلس في "جتر"
(3)
وجعل خلفه المسند، وأجلس العرب حوله، ومد
(1)
انظر ص 128 تحقيق الدكتور عبد المجيد عابدين.
(2)
أي بقايا بني هلال في الصعيد لأنَّ معظمهم رحل إلى بلاد المغرب عام 442 هـ.
(3)
الجتر: مفرد جتور من شعار السلطنة وهو مظلة في هيئة قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب على أعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب تحمل على رأس السلطان في العيدين وهي من بقايا الدولة الفاطمية.
السماط بين يديه، وأنفذ أمره في الفلاحين، فلما عظم أمره عقد أمراء المماليك المشورة في عام 754 هـ في أمر عرب الصعيد، وقرروا تجريد العسكر لهم، فحشد محمد بن واصل شيخ عرك جموعه، وصمم على لقاء الأمراء وحلف أصحابه على ذلك، وقد اجتمع معه عرب منفلوط وغرب المراغة، وبني كلب وجهينة وعرك، حتى تجاوزت فرسانه عشرة آلاف فارس تحمل السلاح سوى الرجالة المعدة، فإنها لا تعد ولا تحصى لكثرتها، وجمع الأحدب مواشي أصحابه كلهم وأموالهم وغلالهم وحريمهم وأولادهم، وأقام ينظر قدوم العسكر وشن المماليك الحملة عليهم، وبعث أحد أمراء المماليك ليؤمن بني هلال أعداء عرك، ويحضرهم ليقاتلوا عرك أعداءهم، فانخدعوا بذلك وفرحوا به، وركبوا بأسلحتهم، وقدموا في أربعمائة فارس، فما هو إلَّا أن وصلوا إلى الأمير شيخو (قائد المماليك) حتى أمر بأسلحتهم وخيولهم فأخذت بأسرها ووضع فيهم السيف فأفناهم جميعًا
(1)
.
وقامت معارك حامية بين الحلف العركي والمماليك، وقتل من الجانبين خلق كثير وطورد العرب إلى بلاد السودان ولم يبق بدوي في صعيد مصر. ووصف ابن إياس نهاية المعركة فقال:
(ثم إن الأمراء مشوا وراء العربان الذين هربوا مسيرة سبعة أيام حتى دخلوا أطراف بلاد الزنج، ثم رجع الأمراء والسلطان إلى الديار المصرية)
(2)
.
(1)
قلت: والغدر من شيمة المماليك، فهم رقيق أصلًا كانوا يباعون ويُشترون في البلاد، وأجناسهم تركمانية وجركسية ولا خير فيهم كما أشار ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حديث له:"الأتراك لا خير فيهم" وقد ذكر التاريخ أنهم أشد النّاس ضررًا على العرب.
(2)
وقد ظلت بقية هذا الحلف في الصعيد الأعلى وعرفوا باسم عرب ابن الأحدب ولهم بعض أحداث وقعت بالتحالف مع هوارة في سنة 791 هـ.
شعراء من جهينة
كانت تعيش قبيلة جُهَيْنة في بلادها في شبه عزلة وإخلاد إلى السكون، وجهينة منازلها ينبع ومنازل أخري، ولعلنا نقول أن عزلة القبيلة هي التي سبت قلة المروي من شعر شعرائها المتقدمين، ومع ذلك ففي كتب الأدب مجموعة من الشعر منسوبة إلى قبيلة جُهَيْنة، وما نقدمه في هذا الفصل هو كلّ ما عثرنا عليه.
الشاعر: سَلَمة بن الحجاج الجهني
ومن مشاهير شعراء جُهَيْنة الشاعر سَلَمة بن الحجاج الجهني الذي أورد البحتري في حماسته له هذه المقطوعة التي يقول فيها:
ردينة لو علمت غداة جينا
…
على أضمامنا وقد اجتوينا
فقالوا بآل بُهْثَة إذا لقونا
…
فقلنا أحسنوا قولًا جهينا
فلما أن تلاقينا، وثبنا
…
جنحنا للكلاكل، وارتمينا
فلما لَمْ ندع قوسًا وسهمًا
…
مشينا نحوهم، ومشوا إلينا
تلألؤ مزنة رافت لأخرى
…
إذا عجلوا بأضياف ردينا
شددنا شدة، فقتلت منهم
…
ثلاثة فتية، ورميت فينا
وشدوا مثلها أخرى علينا
…
فجروا مثلهم، ورموا جوينا
فآبوا بالرماح محطمات
…
وأبنا بالسيوف قد انحنينا
وباتوا ليلهم ولهم أحاح
…
ولو خفت لنا الجرحي سرينا
وهذه القصيدة قالها في وقعة جرت بينهم وبين بني سُلَيْم، ولعلنا نجد على نمط هذه القصيدة قصيدة في مراجع أخرى منسوبة لشاعر آخر من جُهَيْنة وهو
عبد الشارق بن عبد العُزَّي الجهني، أوردها أبو تمام في ديوان الحماسة وهي من المنصفات.
ألا حييت عنا يا ردينا
…
نحييها وإن كرمت علينا
ردينة لو رأيت غداة جينا
…
على أضمامنا وقد اجتوينا
فأرسلنا أبا عمر ربيئًا
…
فقال ألا انعموا بالقوم عينا
ودسوا فارسًا منهم عشاء
…
فلم نغدر بفارسهم لدينا
فجاءوا عاربًا بردًا وجينا
…
كمثل السيل نركب وازعينا
تنادوا يا لُبهثة إذا رأونا
…
فقلنا أحسنوا ضربًا جهينا
سمعنا دعوة عن ظهر غيب
…
فجلنا جولة ثم ارعوينا
فلما أن توافقنا قليلًا
…
أنخنا للكلاكل فارتمينا
فلما لَمْ ندع قوسًا وسهمًا
…
مشينا نحوهم ومشوا إلينا
تلألؤ مزنة برقت لأخرى
…
إذا حجلوا بأسياف ردينا
وشدوا شدة أخرى فجروا
…
بأرجل مثلهم ورموا جوينا
وكان أخو جوين ذا حفاظ
…
وكان القتل للفتيان زينا
فآبوا بالرماح مكسرات
…
وأبنا بالسيوف قد انحنينا
فباتوا بالصعيد لهم أحاح
…
ولو خفت لنا الكلمي سرينا
ونجد أن القصيدتين متقاربتان معني ووزنًا، وإن كانتا مختلفتين في بعض الأبيات، فلربما قلَّد أحد الشاعرين الآخر ولا عيب في ذلك.
الشاعر: هلال بن سدوس الجهني
من شعره:
وحسوة حزن تمزرتها
…
ورددت في الصدر منها غليلا
خلوت بنفسي فعاتبتها
…
وقلت لها وبك صبرًا جميلا
وأنبأتها أنَّها تُبتلي
…
وألا تلبث إلَّا قليلًا
الشاعر: العلاء بن موسى الجهني
من شعره:
أتعرف دارًا بين رضم وأمهد
…
لمي تعف غير نؤي وموقد
ومن شعره أيضًا:
مضاض، غدرت الحب والحب صادق
…
وللحب سلطان يعز اقتداره
غدرت، ولم أغدر وللعهد موثق
…
وليس فتى من لا يقر قراره
إذا جاءني ليل تململت بالذي
…
دعا كبدي حتى تمكن ناره
أبيت أقاسي النجم، والليل دامس
…
وللنجم قطب لا يدور مداره
إذا غاب لَمْ أشهد وكان محله
…
علي، وداري حيثما كان داره
إذا هاج ما عندي لأول عهده
…
علاء اشتعال ما يطاق استعاره
ويقول في قصيدة أخرى:
رقية قلبي تباين صدعه
…
وللحب مني شاهده ودليله
رأيت الهوى يضنيه والوصل واصل
…
فهل لك أن يلقي الخليل خليله
(صحابة الرسول ورواة الحديث من جُهَيْنة)
(1)
1 -
أبو الضبيس الجهني
قال ابن مندة: سمعت ابن يونس يذكر عن الواقدي أنه صحابي ذكر فيمن نزل الإسكندرية، وعن الواقدي أنه من أصحاب الشجرة وتوفي في آخر خلافة معاوية، وذكره الواقدي في جملة من خرج وراء العرنيين.
1 -
أبو عبد الرَّحمن الجهني - نزيل مصر.
قال البغوي: روي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حديثين وسكن مصر، روى عنه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني (قلت) أحدهما عند أحمد وابن ماجة والطحاوي من رواية محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إني راكب غدًا إلى اليهود فلا تبدأوهم بالسلام".
(1)
انظر الإصابة في تمييز الصحابة والاستيعاب في أسماء الأصحاب - ابن حجر العسقلاني.
3 -
أبو الغادية - الجهني
اسمه يسار، بتحتانية ومهملة خفيفة ابن سبع بفتح المهملة وضم الموحّدة، قال خليفة سكن الشام وروي أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول:(إن دماءكم وأموالكم حرام) وقال الدروي عن ابن معين أبو الغادية الجهني قاتل عمار له صحبة وفرق بينه وبين أبي الغادية المزني، فقال في المزني روي عنه عبد الملك بن عمير وقال البغوي أبو الغادية الجهني يقال اسمه يسار سكن الشام، وقال البخاري: الجهني له صحبة وزاد سمع من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وتبعه أبو حاتم وقال روي عنه كلثوم بن جبر، وقال ابن سميع يقال له صحبة وحدث عن عثمان، وقال الحاكم أبو حمد كما قال البخاري.
4 -
أبو قيس الجهني
شهد الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسكن البادية، وبقي إلى آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، ذكر ذلك الواقدي.
5 -
أبو مريم الجهني
ويحتمل أن يكون أبو مريم الجهني، عمرو بن مُرّة، ذكره الزبير بن بكار في أخبار المدينة من طريق خارجة بن رافع الجهني قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلًا من أصحابه من جُهَيْنة من بني الربعة يقال له أبو مريم فعاده بين منزل بني قيس العطار الذي فيه الأراكة وبين منزلهم الآخر الذي في دور الأنصار فصلي في ذلك المنزل، فقال نفر من جُهَيْنة لأبي مريم لو لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته أن يخط لنا مسجدًا فلحقه فقال:"ما لك يا أبا مريم؟ " قال: لو خططت لقومي مسجدًا قال: فجاء فخط لهم مسجدهم في بني جُهَيْنة.
6 -
أنس الجهني
أنس الجهني
والد معاذ - ذكره خليفة فيمن نزل الشام من الصحابة، وفي تاريخ الطبري عن أبي كريب عن رشيد بن سعد عن زبان بن قائد عن سهل بن
معاذ بن أنس عن أبيه عن جده قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم لِمَ سمي الله خليله الذي وفي؛ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون".
7 -
بسبسة الجهني
بسبسة بن عمرو بن ثعلبة بن حرشة بن زيد بن عمرو بن سعد بن ذبيان بن رشدان بن غَطَفان بن قيس بن جُهَيْنة الجهني حليف بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج - ويقال له بسبس، قال ابن إسحاق وغيره شهد بدرًا باتفاق، ووقع ذكره في صحيح مسلم من حديث مسلم من حديث أنس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبسة عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فذكر الحديث في وقعة بدر وهو بوحدتين وزن فعللة، وحكي عياض أنه في مسلم بموحدة مصغر ورواه أبو داود ووقع عنده بسيبسة بصيغة التصغير، وكذا قال ابن الأثير أنه رآه في أصل ابن مندة لكن بغير هاء، والصواب الأول فقد ذكر ابن الكلبي أنه الذي أراد الشاعر بقوله:
أقم لها صدورها يا بسبس
…
إن مطايا القوم لا تحبس
8 -
بكر بن حارثة الجهني
بكر بن حارثة الجهني
- ذكره الدولابي من طريق الحسن بن بشر عن أبيه بشر بن مالك عن أبيه مالك بن ناقد عن أبيه ناقد بن مالك الجهني حدثني بكر بن حارثة الجهني قال: كنت في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتتلنا نحن والمشركين فذكر حديثًا في نزول قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً
…
(92)} [النساء: 92] قال فأدناني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجه ابن منذة وأخرج المعمري عن إسحاق بن إبراهيم الرملي عن الحسن عن بشر بهذا الإسناد إلى بكر بن حارثة الجهني أنه قاتل المشركين، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أي شيء صنعت اليوم يا بكر؟ فقلت: بربرتهم بالقنا بربرة جيدة، فسمَّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم البربير).
9 -
رشدان الجهني
رشدان الجهني
له صحبة، قال البخاري، وساق ابن السكن حديثه مطولًا من طريق أبي أويس عن وهب بن عمرو بن سعد بن وهب الجهني أن أباه أخبره عن جده أنه كان يُدعى في الجاهلية غيان - يعني بغين معجمة وتحتانية مشددة - فلما وفد على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له: ما اسمك؟ قال: غيان، قال: وأين منزل أهلك؟ قال: بوادي غوي، فقال له: بل أنت رشدان وأهلك برشاد" قال فتلك البلدة إلى اليوم تدعى برشاد.
10 -
زيد بن خالد الجهني
زيد بن خالد الجهني
، مختلف في كنيته: أبو زرعة وأبو عبد الرَّحمن وأبو طلحة - روي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعن عثمان و أبي طلحة وعائشة روى عنه ابناه خالد وأبو حرب ومولاه أبو عمرة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبو سلمة وآخرون، وشهد الحديبية وكان معه لواء جُهَيْنة يوم الفتح وحديثه في الصحيحين وغيرهما، قال ابن البرقي وغيره: مات سنة ثمان وسبعين بالمدينة وله خمس وثمانون، وقيل مات سنة ثمان وستين، وقيل مات قبل ذلك في خلافة معاوية بالمدينة.
11 -
عمرو بن مُرّة الجهني
عمرو بن مُرّة بن عبس بن مالك بن الحرث بن مازن بن سعد بن مالك بن رفاعة بن نصر بن غَطَفان بن قيس بن جُهَيْنة - نسبه بن سعد وابن البرقي، وقال خليفة مثله لكنه سقط منه عبس وزاد فيه بين نصر وغَطَفان مالكا ونسبه ابن يونس كالأول لكن قال سعد بدل نصر، وقال ابن سعد كان في عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيخًا كبيرًا وشهد معه المشاهد يكنى أبا طلحة وأبا مريم، ويقال أن أبا مريم الأزدي آخر أسلم قديمًا وشهد كثيرًا من المشاهد وكان أول من الحق قُضَاعة باليمن وهو القائل:
نحن بنو الشيخ الهجان الأزهر
…
قُضاعة بن مالك بن حِمْيَر
- في قصة جرت له مع معاوية لما أمره أن يُنصَّب في مصر، ذكرها الزبير بن بكار، قال البغوي: سكن مصر وقدم دمشق، وقال ابن سميع: مات في خلافة عبد الملك بن مروان وهكذا نقله أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن أبي ميسرة وقال ابن حبان وأبو عمر: مات في خلافة معاوية.
وله في جامع الترمذي حديث واحد في كتاب الأحكام، وهو عند أحمد أيضًا من رواية علي بن الحكم أخبرني أبو الحسن قال: قال عمرو بن مُرّة لمعاوية: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلَّا أغلق الله تعالى أبواب السماء دون حاجته ومسالته ومسكنته) قال: فجعل معاوية رجلًا على حوائج النّاس، وله في مسند أحمد حديثان آخران أحدهما في ذم العقوق والآخر فيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(من كان ههنا من سعد فليقم) فقمت فقال: اقعد فصنع ذلك ثلاثًا - الحديث، وله عند الطبراني عدة أحاديث منها حديث طويل في قصة إسلامه ورجوعه إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا ووفدوا، أخرجه ابن سعد ومنها ما أخرجه ابن مندة من طريق عيسى بن طلحة عن عمرو بن مُرّة الجهني قال: جاء رجل من قُضَاعة إلى رسول الله فذكر قصة إسلامية وأخرجه الطبراني من هذا الوجه، عن عمرو بن مُرّة أنه أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال:(ممن؟ قلت: يا رسول الله ممن نحن؟ قال: أنتم من اليد الطليقة واللقمة الهنيئة من حِمْيَر) وروى عنه أيضًا حجر بن مالك وعبد الرَّحمن بن الغار بن ربيعة وآخرون.
12 -
عنبسة الجهني
عنبسة بن ربيعة الجهني - قال ابن حبان: يقال له صحبة وتبعه جعفر المستغفري واستدركه أبو موسى.
13 -
عبد الله بن زيد الجهني
عبد الله بن زيد الجهني
- ذكره ابن مندة في إسناد حديثه نظر ثم ساق من طريق محمد بن يحيى المازني - بالزاي والموحدة عن حرام بن عثمان أحد المتروكين عن معاذ عن عبد الله بن زيد الجهني عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سرق فاقطع يده .. الحديث).
14 -
عنمة الجهني
عنمة بن عدي بن عبد مناف بن كِنَانة بن جُهَيْنة بن عدي بن الربعة - استدركهـ ابن الدباغ على ابن عبد البر وهو خطأ نشأ عن تصحيف، وإنما عنمة بالمهملة كذلك قيده الدارقطني في المؤتلف والمختلف، وذكر أن له حديثًا في المسح على الخفين نبه على ذلك ابن فتحون، وذكر الرشاطي في الأنساب أن ابن فتحون ذكره بالغين المعجمة وتعقبه بكلام الدارقطني ويحتاج هذا إلى تحرير والصواب بالعين المهملة والله أعلم.
15 -
فروة الجهني
قال ابن مندة: مجهول، وقال أبو عمرو: فروة الجهني له صحبة روى عنه بشير مولي معاوية أنه سمعه في عشرة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يقولون: إذا تراعي الهلال قولوا اللهم اجعله شهر خير وعافية.
16 -
قيس الجهني
قيس بن زيد ويقال ابن يزيد الجهني - ذكره الطبراني في الصحابة وأخرج من طريق جرير بن أيوب أحد الضعفاء عن الشعبي عن قيس بن زيد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام تطوعًا غرست له نخلة في الجَنَّة ثمرها أصغر من الرمان وأشحم من التفاح - الحديث).
17 -
معاذ بن أنس الجهني
معاذ بن أنس الجهني
حليف الأنصار - قال أبو سعيد بن يونس صحابي كان بمصر والشام قد ذكر فيهما، روي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحاديث، وله رواية عن أبي الدرداء وكعب الأحبار، روى عنه ابن سهل بن معاذ وحده وذكر أبو أحمد العكري من طريق فروة بن مجاهد عن سهل بن معاذ قال: غزوت مع أبي الصائفة في زمن عبد الملك وعلينا عبد الله بن عبد الملك فقام أبي في النّاس فذكر قصة فيها أنه غزا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
18 -
معبد بن خالد الجهني
معبد بن خالد الجهني
أبو زرعة. قال الواقدي: أسلم قديمًا وكان أحد الأربعة الذين حملوا الوية جُهَيْنة يوم فتح مكة، وكان يلزم البادية، مات سنة اثنتين وسبعين وهو ابن بضع وثمانين سنة.
19 -
مكيث الجهني
مكيث الجهني
، أورده أبو بكر بن أبي علي الذكواني من طريق عبد الرزَّاق عن معمر عن عثمان بن زفر عن رافع بن مكيث عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البر زيادة في العمر) أخرجه أبو موسى وقال وإنما رواه عبد الرزَّاق بهذا الإسناد عن بعض بني رافع عن أبيه والحديث لرافع وهو الصواب، (قلت) وكذا هو في مصنف عبد الرزَّاق وكذا أخرجه ابن شاهين عن أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي عن زهير بن محمد بن عبد الرزَّاق.
20 -
يسار بن الأطول الجهني
يسار بن الأطول الجهني
أخو سعد - سماه الحاكم أبو أحمد ترجمه أخيه أبي مطرف سعدا وأخرج عن طريق واصل بن عبد الله بن در بن واصل بن عبد الله بن سعد بن الأطول الجهني، قال سعد بن الأطول: وكان أخوه يسار بن الأطول يعني الذي مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث عند ابن ماجة والحاكم من طريق حماد بن سَلَمة أنبأنا أبو جعفر عبد الملك عن أبي نضرة عن سعد بن الأطول أن أخاه مات وخلف ثلاثمائة درهم وعيالا قال: فأردت أن أنفقها على عيال له فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: (إن أخاك محبوس بدينه فاقض عنه) قال: فقضيت عنه - الحديث.
21 -
يسار بن سويد الجهني
يسار بن سويد الجهني
والد مسلم بن يسار البصري - ذكره ابن السكن وغيره في الصحابة وأخرج سمويه في فوائده وابن السكن والخطيب في المتفق وابن مندة من طريق أبي الهيثم بن قيس عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين وفي الصرف وغير ذلك عدة أحاديث.
22 -
عُقبة بن عامر الجهني
عُقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جُهَيْنة الجهني الصحابي المشهور روي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس وأبو أمامة وجبير بن نفير وبعجة بن عبد الله الجهني وأبو إدريس الخولاني وخلق من أهل مصر، قال أبو سعيد بن يونس: كان قارئا عالمًا بالفرائض والفقه، فصيح اللسان شاعرًا كاتبًا وهو أحد من جمع القرآن، قال: ورأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان وفي آخره كتبه عُقبة بن عامر بيده، وفي صحيح مسلم عن طريق قيس بن أبي حاتم عن عُقبة بن عامر قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا في غنم لي أرعاها فتركتها ثم ذهبت إليه فقلت بايعني على الهجرة، الحديث - أخرجه أبو داود والنسائي وشهد عُقبة بن عامر الفتوح، وكان هو المشير على عمر بفتح دمشق وشهد صفين مع معاوية، وأمَّره بعد ذلك على مصر، وقال أبو عمر الكندي: جمع له معاوية في إمرة مصر بين الخراج والصلاة، فلما أراد عزله كتب إليه أن تغزو جزيرة رودس، فلما توجه سائرا استولي مسلمة فبلغ عُقبة فقال: أغُربة وعزلًا! وذلك في سنة سبع وأربعين، ومات في خلافة معاوية على الصحيح، وحكى أبو زرعة في تاريخه عن عبادة بن نسي قال: رأيت رجلًا في خلافة عبد الملك يُحدِّث فقلت: من هذا؟ قالوا عُقبة بن عامر الجهني، قال أبو زرعة: فذكرته لأحمد بن صالح فقال: هذا غلط، مات عُقبة في خلافة معاوية وكذلك أرخه الواقدي وغيره وزادوا في آخرها، وأما قول خليفة بن خياط قُتل في النهر وأن من أصحاب علي عامر بن عُقبة بن عامر الجهني فهو آخر، بدليل قول خليفة في تاريخه مات في سنة ثمان وخمسين عُقبة بن عامر الجهني.
23 -
عبد الله بن بدر الجهني
عبد الله بن بدر بن بعجة بن معاوية بن خشان - بالخاء المعجمة المكسورة والشين المعجمة - أيضًا ابن أسعد بن وديعة بن عدي بن غنم بن الربعة الجهني والد
بعجة. قال البخاري وأبو حاتم وابن حبان له صحبة وروى ابن السكن والطبراني من طريق يحيى بن أبي كثير عن بعجة بن عبد الله أن أباه أخبره أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لهم: "هذا يوم عاشوراء فصوموه، وهذا إسناد صحيح ذكره الدارقطني في الإلزامات، وروى له أبو نعيم حديثًا آخر من رواية معاذ بن عبد الله الجهني عن عبد الله بن بدر الجهني في السرقة، وأورده البغوي لكنه جعله بترجمة مفردة عن والد بعجة فالله أعلم، قال ابن سعد: كان اسمه عبد العُزَّى فغيره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وروى ابن شاهين من طريق ابن الكلبي عن أبي عبد الرَّحمن المدني عن علي بن عبد الله بن بعجة الجهني قال: لما قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة وفد إليه عبد العُزَّى بن بدر بن زيد بن معاوية ومعه أخوه لأمه يقال له أبو مروعة وهو ابن عمه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ قال عبد العُزَّى قال: "أنت عبد الله" ثم قال له: من أنت؟ قال: من بني غيان قال: "بل أنتم بنو رشدان" وكان اسم واديهم غويًّا فسماه راشدًا، وقال لأبي مروعة: "رعت العدو إن شاء الله تعالى" وأعطى اللواءين يوم الفتح لعبد الله بن بدر وكان شهد معه أُحُدًا وخط له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو أول من خط مسجدًا بالمدينة، وذكر ابن سعد أنه مات في خلافة معاوية، وقال ابن حيَّان: كان حامل لواء جُهَيْنة يوم الفتح ونزل القبيلة من جبال جُهَيْنة.
24 -
عبد الله بن خبيب الجهني
عبد الله بن خبيب - بالمعجمة مصغرًا - الجهني حليف الأنصار والد معاذ - وروى أبو داود وغيره من طريق ابن أبي أسيد البراد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه قال: خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه فضل المعوذتين و "قل هو الله أحد" وأن من قالها حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات يكفي من كلّ شيء، وأخرجه البخاري في التاريخ والنسائي من طريق زيد بن أسلم عن معاذ، وأورده من وجهين عن معاذ بن عبد الله عن أبيه عن عُقبة بن عامر له عن عُقبة طرق أخرى عند النسائي وغيره مطولًا ومختصرًا ولا يستبعد أن يكون الحديث محفوظًا من الوجهين.
25 -
عبد الله بن سبرة الجهني
عبد الله بن سبرة الجهني
- ذكره البخاري في التاريخ قال ابن السكن يقال له صحبة وقال ابن أبي حاتم عن أبيه بصري وروى أبو يعلى وتقي بن مخلد والبخاري في التاريخ وابن حبان والطبراني وابن مندة من طريق عبد الله بن نسيب عن سلمة عن عبد الله بن سبرة عن أبيه أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "أنهاكم عن ثلاث: عن قيل وقال وكثرة السؤال - الحديث" قال البغوي: لا أعرف له غيره، وقال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن عبد الله بن سبرة إلَّا بهذا الإسناد.
26 -
عبد الله بن عرابة الجهني
عبد الله بن عرابة الجهني
- روي ابن مندة من طريق موسى بن جبير عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن عبد الله بن عرابة الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح حتى إذا كنا بالكديد أتاه ناس يسألونه التسريح إلى أهلهم فأذن لهم - الحديث هكذا أخرجه ابن مندة عن علي بن محمد عن هشام بن علي عن سعيد بن سلمة عن موسى وأخرج فيمن اسمه عبد الرَّحمن عن أحمد بن محمد بن إبراهيم الوراق عن هشام بن علي بهذا الإسناد إلى معاذ بن عبد الله، قال عن عبد الرَّحمن بن عرابة الجهني وله صحبة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:(أدنى أهل الجَنَّة حظًّا يوم القيامة يخرجهم الله من النار فيدخلهم الجَنَّة فيقولوا تمنَّوا - الحديث).
27 -
عبد الرَّحمن بن خبيب الجهني
عبد الرَّحمن بن خبيب - بالتصغير - الجهني - ذكره البغوي في الصحابة وقال سكن المدينة وأخرج من طريق هشام بن سعد عن معاذ بن عبد الرَّحمن الجهني عن أبيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا عرف الغلام يمينه من شماله فمروه بالصلاة).
18 -
عدي بن أبي الزغباء الجهني
عدي بن أبي الزغباء الجهني
واسمه سنان بن سبيع بن ثعلبة بن ربيعة بن زهرة بن بذيل، بالوحدة والمعجمة مصغرًا، ابن سعد بن عدي بن كاهل بن نصر
ابن مالك بن غَطَفان بن قيس بن جُهَيْنة الجهني حليف بني النجار - شهد بدرًا وما بعدها وأرسله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مع بسبسة بن عمرو يتجسسان خبر أبي سفيان في وقعة بدر فسارا حتى أتيا قريبًا من ساحل البحر .. ذكره موسى بن عُقبة عن ابن شهاب ووصله الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وقال ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا من الأنصار ثم من بني النجار ثم من بني عائد بن ثعلبة ثم من بني خالد بن عدي بن أبي الزغباء حليف لهم من جُهَيْنة، وأما موسى بن عُقبة فقال أنه حليف بني النجار، وروى الدولابي في الصحابة من طريق محمد بن الفضل بن عبد الرَّحمن ابن عدي حَدَّثَنَا أبي عن أبيه عن جده عدي بن أبي الزغباء الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا، قال أبو عمر توفي في خلافة عمر بن الخطاب.
19 -
عُقبة بن مالك الجهني
عُقبة بن مالك الجهني
- ذكره ابن قانع وأخرج من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب سمعت رجلًا يقول سمعت عُقبة بن مالك الجهني يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من رجل يموت حين يموت وفي قلبه حبة خردل من كبر فيحل له الجَنَّة يريح ريحها) فقال رجل يقال له أبو ريحانة: إني أحب الجمال - الحديث. وروى ابن شاهين من طريق يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زحر عن أبي سعيد الرعيني عن عبد الله بن مالك الجهني أن عُقبة بن مالك الجهني أخبره أن أخته نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية غير مختمرة - الحديث - وتعقبه أبو موسى بأن هذا معروف من رواية يحيى بن سعيد بهذا الإسناد عن عُقبة بن عامر الجهني وهو الصواب، وقوله ابن مالك تصحيف، ولعُقبة بن مالك حديث آخر روى الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن أبي حميد عن جميلة بنت عبادة الأنصاري عن أختها عن عُقبة بن مالك قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا في رمضان فقال: (قد قمت وأنا أعلم بليلة القدر فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر).
30 -
عُقبة الجهني
عُقبة الجهني
والد عبد الرَّحمن - روى الطبراني وابن السكن والحاكم في تاريخ نيسابور من طريق صيفي بن نافع ويقال نافع بن صيفي، وكان بلغ المائة واثنتي عشرة سنة عن عبد الرَّحمن بن عُقبة الجهني عن أبيه، وكان أصابه سهم مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
31 -
عمرو بن ثعلبة الجهني
عمرو بن سعد بن الحرث بن عبَّاد بن سعد بن عامر بن ثعلبة بن أفضي بن حارثة قُتل شهيدًا بمؤتة، ذكر ذلك ابن شهاب في مختصر السيرة النبوية.
32 -
سبرة بن معبد الجهني
سبرة بن معبد بن الجهني بن عوسجة بن حرملة بن سبرة الجهني أبو ثرية الصحابي نزل المدينة المنورة، أقام بذي المروة
(1)
روى عنه ابن الربيع وذكر ابن سعد أنه شهد الخندق وما بعدها، مات في خلافة معاوية وقد علَّق له البخاري وروى له وأصحاب السنن، وروي سيف في الفتوح أنه كان رسول علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - لما ولي الخلافة في المدينة إلى معاوية يطلب منه بيعة أهل الشام.
33 -
سنان بن عبد الله الجهني
سنان بن عبد الله الجهني
- له ذكر في حديث ابن عباس رضي الله عنهما وله صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
34 -
سنان بن وبرة الجهني
سنان بن وبرة الجهني
- حليف بني الحرث من الخزرج قال ابن أبي حاتم عن أبيه هو الذي سمع عبد الله عن أبيه يقول إن رجعنا من المدينة - الآية - وروي الطبراني من طريق خارجة بن الحرث بن رافع الجهني عن أبيه سمعت سنان بن وبرة الجهني يقول: كنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق وكان شعارنا يا منصور أمت"، وقال أبو عمر: هو سنان بن تيم ويقال ابن وبرة.
(1)
ذي المروة موقع أم زرب في الوقت الحاضر.
35 -
سويِّد الجهني
سويِّد الجهني
والد عُقبة قال ابن حبان: سويد الجهني له صحبة وقال عمر: حديثه عن الزهري وربيعَةَ من رواية ابنه عن اللقطة وفي أحد يحبنا ونحبه، وهما صحيحان كان من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.
36 -
سلمى بن مسلم الجهني
سُلْمَى بن مسلم الجهني
، قال ابن عساكر: له إدراك وجهاد بالشام فاستشهد برج الصفر
(1)
سنة ثلاث عشر ثم أسند ذلك عن أبي حسان الزيادي.
37 -
ضمرة بن عياض الجهني
ضمرة بن عياض الجهني
- حليف بني سويد من الأنصار شهد أُحد مع رسول صلى الله عليه وسلم وقُتل يوم اليمامة شهيدًا.
38 -
عبد الله بن أنيس الجهني
عبد الله بن أنيس الجهني
أبو يحيى المدني حليف بني سَلَمة من الأنصار وقال الكلبي والواقدي: هو من ولد البرك بن وبرة، قال ابن الكلبي: واسم جده أسعد بن حزام بن حبيب بن مالك بن غنم بن كعب، روي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وروي عنه أولاده عطية وعمر وضمرة وعبد الله وجابر وآخرون.
39 -
عبد الله بن بدر الجهني
عبد الله بن بدر بن بعجة بن غنم بن الربعة، قال البخاري وأبو حاتم وابن حبان: له صحبة، وروى ابن السكن والطبراني من طريق يحيى أبي كثير عن بعجة بن عبد الله أن أباه أخبره أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له هذا يوم عاشوراء فصوموا، وهذا إسناد صحيح ذكره الدارقطني في الإلزامات، وروى له أبو نعيم حديثًا آخر من رواية معاذ بن عبد الله الجهني.
40 -
وبرة بن سنان الجهني
وبرة بن سنان الجهني
- ذكره أبو العباس الضرير في مقامات التنزيل، ويقال إنه الذي نازع جعالًا الغفاري أجير عمر بن الخطاب في حوضه ونزل فيهما {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
…
} [الحجرات: 13].
(1)
مرج الصفر: موقع معروف الآن قرب مدينة دمشق بسوريا.
الترابين
نسب القبيلة:
أجمع المحقِّقون والباحثون في هذا القرن وأيده ما تواتر عند شيوخ الترابين أن أصل القبيلة يعود إلى البقوم، ومن المعروف أن البقوم
(1)
من الأزد القحطانية، ويذكر الرواة أن أجدادهم نزلوا من وادي تربة وهو من وديان البقوم حتى الآن في المملكة العربية السعودية وسكنوا جنوب سيناء في بلاد الطور فغلب عليهم اسم الوادي أو البلاد التي انحدروا منها فسموا ترابين، ووادي تربة أو بلدة تربة تقع جنوب شرق الطائف.
ملخص قصة نماء الترابين
تواترت قصة شهيرة عند أجداد الترابين ونقلها ودوَّنها عنهم عارف العارف أن جد الترابين الأول يقال له عطية
(2)
، وقدم إلى سيناء بمنطقة الطور، وكان مع رجل يُدعى الوحيدي من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنه ونزلا ضيفين على شيخ كبير من بني واصل من عُقبة من جُذام القحطانية، وكان ذاك الشيخ له بنتان إحداهما جعدة الشعر قبيحة الوجه، والأخرى ذات شعر جميل ووجه حسن، ولم يكن له ذكور، وكان عطية فارسا مقداما ولكنه قبيح المنظر أسمر اللون، وكان الوحيدي شابا جميل الوجه أبيض اللون، فزوج عطية ابنته القبيحة الوجه، وزوج الوحيدي ابنته الجميلة، وبذلك كان عطية جد الترابين وهم كما هو ظاهر بقبح الصورة وعندهم شجاعة وبسالة في القتال، والوحيدي جد الوحيدات وهم مشهورون بالكياسة وحسن الصورة، والظاهر أن أجداد الترابين قد بدأوا في سيناء فتكاثروا وانتشروا فيها ثم نزح معظمهم فيما بعد ذلك إلى فلسطين، وما زالت الأكثرية في جنوب فلسطين، وقد رجح الباحثون أن أجداد الترابين بدأوا في سيناء في أوائل القرن الثامن الهجري.
(1)
البقوم: قبيلة من الأزد واسمه عامر بن حوالة بن الهنو بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (عرب اليمن)، والأوس والخزرج من الأزد كما هو معروف، وفي قلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة: البقوم فبيلة مقرها في الوقت الحاضر - في القرن الحالي - في جبل حضن وأطرافه حتى تَرَبة والخرمة في جنوب غرب المملكة العربية السعودية.
(2)
ذكر نعوم بيك شقير وقال: جد الترابين هو عطية، وهو ولي أو شيخ صالح مدفون في الوادي المنسوب إليه عند عين جذيع والترابين يزورون قبره كلّ سنة بعد الربيع ويذبحون له الذبائح.
أضاف عارف العارف قائلًا: يقول الترابين أن جدهم عطية جاء إلى سيناء قبل 600 سنة تقريبًا وهو مدفون في التيه (سيناء) مع ولديه نجم وحسبل وقبورهم ما برحت محج العربان من سيناء حتى يومنا هذا وهي بالقرب من السويس وعلى تل يدعى "الشرف".
وعندما مات عطية في سيناء ترك وراءه خمسة أبناء هم: مساعد، وحسبل، ونبعة، وصريع، ونجم فتأهل هؤلاء هناك وكثرت ذريتهم فكان القصَّار من أخلاف مساعد، والحسابلة من حسبل وهم ترابين سيناء في الوقت الحاضر. والنبعات من نبعة، والصرايعة من صريع وهم سكان طور سيناء بالوقت الحاضر، وأما النجمات والغوالي المعروفون في بئر السبع (جنوب فلسطين) بالوقت الحاضر فهم ذرية أتت من بعد نجم بن عطية.
خلف نجم الدين قُتل أحدهما في سيناء من قبل رجل نبعي يدعى أبو غالية، وبعد خمس سنوات طيب القاتل القتل الذي اقترفه وكان من شروط الطيبة أن أعطى ابنتيه "غالية" و "زارعة" إلى ولدي المقتول. وعلى قول أن هاتين الفتاتين هما من بني واصل. فجاء من غالية الغوالي وهم العويليون والحصينات والمغاصبة والبكور. وجاء من زارعة الشبايبة والصُّنَّاع والدهانية وغيرهم، ومن هنا جاء لقب المزارعة الذي يطلق على نجمات الصانع بالوقت الحاضر.
وأما الولد الذي لَمْ يقتل من ولدي نجم فإنه خلف الصوفة والسنايمة والعوايشة والدبارين وغيرهم.
ويظهر من هذا أن المزارعة أقرب من حيث الأصل إلى الغوالي من الصوفة، مع أنهم والصوفة يقاتلون في حف واحد، وإذا رجعت إلى جدول تصنيف العشائر وجدت المزارعة مع النجمات لا مع الغوالي، كما كان الواجب يقضي بحكم التاريخ، ولقد بحثت عن السبب في ذلك فوجدت أنه يرجع إلى تباغض مصدره "الخاوة" التي كانوا يأخذونها من المدن المجاورة (انتهى).
قلت: وخلاصة القول أن الترابين قبيلة من البقوم في سيناء وفلسطين.
ويقول عنيز شاعر الترابين في سيناء ويؤيد نسب الترابين إلى قبيلة البقوم الأردية القحطانية قائلًا:
حِنَّا بقوم ولقَّبونا ترابين
…
وقامت تزعزنا حروب الدُولِّي
لمحة لتاريخ الترابين وفاء عشائرهم في سيناء
بعد نماء عشيرة الترابين في القسم الشرقي في بلاد الطور بسيناء حدثت مصادمات بينها وبين التياها التي هي أقدم نسبيًا في بلاد التيه، وفي القرن الثامن عشر الميلادي بعد ضغط التياها على الترابين هاجر قسم كبير إلى مصر في عهد علي بيك الكبير
(1)
، فأقلقه حينئذ وجود هؤلاء البدو في وادي النيل لما أنه كان يعرف أن أي قبائل قوية في البلاد قد تهدد الاستقرار، وقد ضرب العديد من القبائل القديمة مثل نصف سعد والهوارة وغيرهم، ولما استتب له الأمر بالاستقلال بمصر عن العثمانيين قاوم الترابين، فهاجر قسم كبير منهم إلى بلاد النقب ونواحي غزة واشتغلوا في نقل البضائع التجارية بين مصر وفلسطين، وقد استقروا في بلاد غزة ونافسوا قبيلتي السواركة والرميلات، وخاضوا حروبا طويلة مع السواركة فتنازل السواركة والرميلات عن قسم من أراضيهم في القرارة وغيرها بنواحي خان يونس، ومن ثم سيطر الترابين على معظم بلاد غزة بعد نزوح السواركة والرميلات في شمال سيناء إلى جانب الباقي منهم المتوطن في تلك النواحي في السابق لهذا العهد، وفي عهد محمد علي باشا هاجر جزء من ترابين سيناء إلى بر الجيزة وجنوب القاهرة وعلى الأخص في منطقة المعادي وقد انتشروا في مناطق كثيرة في القليوبية والشرقية والفيوم وغيرها، كما استمرت الهجرات حتى من ترابين فلسطين الذين سكنوا في السويس والإسماعيلية والبحيرة (مديرية التحرير) وأطراف القاهرة وهذا بعد احتلال فلسطين من اليهود عام 1948 م، وتزايدت هجرتهم إلى الأردن أيضًا وغيرها في بلاد الشام على الأخص، وهناك تجمُّعات للترابين في بر الجيزة الشرقي يمارسون الزراعة وكذلك من منهم في القليوبية أو الشرقية أو الجيزة وأطراف القاهرة.
(1)
قال أميديه جوبير في وصف مصر المترجم من الفرنسية إلى العربية للأستاذ/ زهير الشايب عن الترابين: كانت هذه القبيلة التي يعرفها كلّ من زار مصر في الآونة الأخيرة أكبر عددًا فيما مضى عما هي عليه الآن فهي واحدة من تلك القبائل التي عانت من غضبة على بيك الكبير عندما عزم هذا الزعيم المملوكي على تخليص مصر من العربان، كما ذكر أميديه أن مساكن الترابين أيام الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 م كانت في وادي التيه، وضواحي غزة وخاصة المنطقة المسماة دير التين.
بلاد الترابين في سيناء وفلسطين
تقع منازل الترابين بوجه عام غرب قضاء بئر السبع بفلسطين المحتلة، ولهم الأراضي الواقعة بين قبيلة الحناجرة وبلاد سيناء، وتحيط بهم قبيلتا العزازمة من الشرق والتياها من الشمال، وفي سيناء يسكن الترابين أرض الديس شمال المغارة إلى غزة وتشمل الجفجافة وجبل المغارة والمقضبة والروافع والعمر وجبل الراحة، وكلها مراكز شهيرة بآبارها، كما يتقاسم الترابين والسواركة أرض الجورة شرقي العريش وجنوب الجورة، أما السواركة فيملكون منطقة البرس وهي سهول مكشوفة تكسوها الأعشاب وتصلح لرعي الإبل، أما في غربي سيناء فيملك الترابين وادي غرندل وعيون موسى وبئر أبي صويرة حتى وادي وردان الذي تسكنه بعض عشائر الحويطات. وقال نعوم شقير: أشهر مراكز الترابين في سيناء الجورة، والبرس، والبواطر، والمقضبة، والعمر، وأم قطف، والروافعة، وجبل المغارة، والجفجافة، وجبل الراحة.
وقال أيضًا: سكن الطور فريق من الترابين ولا يزال منهم في النويبع وعين أحمد وعين جذيع وعين العاقولة ولهم فيها نخيل حتى الآن، ومعظم عشائر الترابين في بلاد غزة ومنهم طائفة في شرق الجيزة، وفي سيناء فروعهم في بلاد التي يوجد فرع الحرارة وشياخته في خضر الشنوب وفرع الحسابلة وشياخته في سلامة حجازي، وفرع الشبيتات وشياخته عوده الباسلي. (انتهى كلام نعوم بيك شقير).
ملخص حروب الترابين
(1)
مع قبائل سيناء
ما يُعرف عن الترابين أنَّها قبيلة ذات بأس ونخوة وجسارة في القتال، واشتهر أغلب أفرادها بالشجاعة والإقدام ويقال لهم عيال صلدم
(2)
حينما يراد حثهم واستجلاب نخوتهم، وهي من أكثر القبائل العربية في سيناء أو فلسطين عددًا وأعتاها قوة وأوسعها أرضًا، ونلخص بعض الأحداث كالتالي نقلًا عن عدة مصادر:
- عندما زار الرحَّالة الفرنسي فولني فلسطين عام 1785 م، وجد الترابين يسيطرون على طريق دمشق القاهرة، وأن لهم سطوة كبيرة.
- وفي عام 1798 م تحالف أغا قلعة خان يونس مع الترابين ضد الحكم العثماني وقطعوا طرق المواصلات، وامتد التمرد إلى غزة، فقد تحالف مصطفي الكاشف الذي عينه العثمانيون في غزة مع الترابين والتياها حوالي عام 1825 م، ولا شك أن ذلك المصدر قلق للحكام العثمانيين، فقد بعث الحاكم العثماني في مصر بخطاب إلى إسطنبول عام 1810 م يشكو فيها من خروج تلك المنطقة عن الطاعة العثمانية، وجرت محاولات صلح مع الشيوخ، وخلعت الحكومة العثمانية عليهم الخلع وأعطتهم الهدايا، ولكن هذا لَمْ يفلح.
- وفي فبراير عام 1799 م كاد الترابين أن يقبضوا على نابليون بونابرت الذي كان في طريقة لاحتلال عكا وإقامة دولة فرنسية في الشرق، فقد انفصل عن جيشه وضل طريقه قرب خان يونس .. تُرى كم سيتغير مجرى التاريخ لو حدث ذلك؟
- في نهاية القرن الثامن عشر كان الجبارات من قبائل غزة يسكنون في جنوب خان يونس وكثرت تعدياتهم على جيرانهم الترابين، وكانوا قلة في فلسطين فحشدوا أقرباءهم في مصر وسيناء فيما عُرف "بجردة أبو سرحان" وخلال حروب استمرت 20 عامًا انتصر الترابين على الجبارات وطردوهم إلى الشمال، وصارت حدود الترابين عند قنان السِّرو، وهو خط يمتد شمال طريق غزة - بئر السبع ويمر بالكوفخة وخويلفة.
(1)
ذكر عارف العارف أن عدد الترابين عام 1931 م حوالي 16.384 ألفًا وفي صيف عام 1946 م بلغ عددهم 32.381 ألفًا.
(2)
ذكرت رواية في القضاء بين البدو أن صلدم هي امرأة إنجليزية تزوجها جد الترابين في فلسطين وتعتبر أمًّا لمعظم عشائر الترابين كما يقول الرواة.
- وفي عام 1816 م قام الترابين بقيادة ابن جهامة بالقضاء على المعَّازة في سيناء؛ لأنهم يقطعون الطريق بين الحجاز ومصر، فشكوه إلى محمد علي، فحبسه ثم أخرجه بعد سنة بفدية.
- وفي عام 1825 - 1830 م هجم بنو عطية (المعَّازة) من تبوك على بلاد غزة والخليل بغية نهب المحصولات، فتحالف الأهالي ضدهم ودحروهم دفاعًا عن أرضهم وكان على رأسهم فرسان الترابين الأشداء، وفي هذا قال الشاعر الترباني في القرن الماضي.
دارك تبوك ودارنا ساحل الخان
…
حجرك وطنا ما يعقب محنة
- وصل الترابين إلى القدس في منتصف القرن الماضي، وحاربوا في صف أبي غوش وكلاهما من حزب يمن ضد القيسية أهل الخليل، وكان الفلسطينيون خاصة من القبائل ينحازون إلى قيس أو يمن لأجل الانتماء.
- وفي عام 1872 م كان الصوفي يعبر بقافلة في أراضي أبو ستة، فتصدي له دهشان بن صقر وأثناء العراك قُتل الصوفي، وجلا صقر وأولاده إلى خويلفة عند التياها، وحدثت حروب بين قبيلتي الترابين والتياها بسبب ذلك استمرت من 1875 - 1882 م وتم الصلح عام 1920 م بين الصوفي وأبو ستة.
وذكر العارف بعض الاحداث التاريخية عن الترابين كالتالي:
وفي أيام الخديوي سعيد عام 1856 م وقعت الحرب بسيناء بين قبيلتي التفي بين والسواركة، فهاجر عقب ذلك قسم كبير من الترابين إلى فلسطين بعد تغلُّب السواركة في المعارك بعد استعانتهم بحلفائهم من السماعنة والرميلات وبلي والتياها أحيانًا.
- وفي القرن الماضي هاجم الترابين والتياها قافلة مصرية وسلبوا ما كانت تحمل من أموال كثيرة وأرزاق وفيرة وذلك في عام 1226 هـ - 1811 م ويقال إن الذي أوعز بذلك للبدو هو محمد أبو نبوت، فتسلم غزة نكاية بسليمان باشا والي عكا ولما علم محمد على باشا بالحادث احتج احتجاجًا شديدًا لوالي عكا الذي كانت بلاد غزة تابعة له، فأصدر سليمان باشا أوامره القاطعة والمشدَّدة لشيوخ القبائل ولأبي نبوت بوجوب السعي للعثور على الأموال المنهوبة، وبعد جهد كبير حصلوا على بعضها وسُلِّمت لمصر.
- ومن حروب الترابين في القرن الماضي المعارك الدامية التي قامت بينهم وبين قبيلتي السواركة والرميلات من قبائل ساحل سيناء والسبب في ذلك التنافس على أرض القرارة الواقعة شمالي بلدة خان يونس بقطاع غزة الفلسطيني والمشهور بخصبه، ومن أشهر المعارك التي حصلت بين الطرفين المعركة التي وقعت في نحو عام 1855 م والتي هاجم فيها السواركة والرميلات قبيلة الترابين في أرض القرارة وسط النهار فطردوهم منها حتى أدخلوهم خان يونس، وأما الواقعة الفاصلة فكانت في صيف عام 1856 م والتي أعمل الترابين السيف في أعدائهم حتى أفنوهم تقريبًا ولم يسلم منهم إلَّا من تمكن من الالتجاء المدينة العريش، وعلى أثرها عقد الصلح بين الطرفين وبقيت القرارة كلها بيد الترابين حتى عام 1967 م.
- وفي عام 1806 م حدثت أيضًا حرب بين الترابين والتياها امتدت نحو عشرين سنة وسببها يعود إلى أن عودة من العطاونة (التياها) طعن في عرض أخيه عامر، وعلى ذلك استغاث عامر بالترابين وانتصر بعض التياها إلى عودة فاشتبك الفريقان في القتال وامتد لهيب الحرب إلى جميع قبائل قضاء بئر السبع بفلسطين وتعرف بين البدو باسم حرابة عودة وعامر، وكانت فيها خسائر الطرفين فادحة.
- عادت الحرب المذكورة وتجددت في عام 1875 م وعُرفت باسم طربة زراع وتمكن فيها الترابين من الانتصار على التياها، ولكن الخصام عاد واشتد فقد تدخلت الحكومة العثمانية في ذلك وقامت بسجن من سجنته ونفي من نفته من زعماء الطرفين، فلم تشتبك هاتان القبيلتان بعد ذلك في أي حروب.
- وفي عام 1887 م وقعت بين الترابين والعزازمة حرب دامت نحو ثلاث سنوات بسبب قطعة أرض ولما فتك الترابين بخصومهم شكوهم إلى الباب العالي في إسطنبول) فأرسل أمرًا من الحكومة العثمانية إلى متصرف القدس لقيامه بحملة عسكرية بقيادة الجنرال رستم باشا الذي تمكن من إخماد هذه الحرب في عام 1890 م.
- ومن أشهر حروب الترابين في القرن الماضي الحروب الدموية التي حدثت بينهم وبين قبيلة الجبارات في فلسطين، ودامت نحو عشرين عامًا وكانت الخسارة فيها فادحة بين الجانبين وأخيرا انتصر فيها الترابين في سيناء مصر لإخوانهم في
فلسطين، ففازوا بطرد الجبارات والرتيمات من بلاد العريش إلى ديار غزة، وقد وقعت واقعة فاصلة على وادي الشريعة وعقدوا بعدها صلحًا وجعلوا فيه قنان السرو شرقي غزة حدًا بينهم حتى الوقت الحاضر، وفي أثناء حروب الجبارات مع الترابين نزح بعض الجبارات إلى بلاد نابلس مثل قرى حجة والطيبة وغيرها، كما رحل حلفاء الجبارات من عرب أبو كشك والجرامنة ونزلوا نهر العوجاء في ظاهر يافا وتل الربيع (تل أبيب) قرب ساحل فلسطين المحتلة.
- وفي عام 1859 م حارب ثريا باشا متصرف القدس عرب السواركة والجبارات وانتصر عليهم فقويت شوكة الترابين.
عشائر الترابين بسيناء
في سيناء المصرية أشهر عشائرهم الحررة والحسابلة والشبيتات.
ولعلَّ ترابين منطقة خليج العقبة هم أقدم ترابين سيناء، ويقدر عددهم في الوقت بنحو خمسة آلاف تقريبًا، وقد اشتهر أفراد قبيلة الترابين بالأُلفة والاتحاد والبسالة في القتال، وكما اشتهر النبعات بجودة الرأي، واشتهر الغوالية بالشجاعة والإقدام فهم يقتحمون غمرات الوغى بعزم صادق على أمل النصر أو الموت.
وأذكر ملخصًا لعشائر الترابين في مصر وفلسطين
(1)
:
القصَّار، والنبعات، والستوت، والخمامشة، وأبو عويلي، والمغاصبة، والحواورة، والنديات، والقنابزة، والصوفي، والعوايشة، والعواذرة، والشلاهبة، والسراحين، والجماعين، واللوالحة، والنعاميين.
ونذكر من شيوخ الترابين في مصر في الوقت الحاضر:
الشيخ جمعان أبو عرعرة في شمال سيناء ومسكنه في العريش، والشيخ سالم أبو عنقا، كما هناك الشيخ غيث سالم أبو النقيذ، والشيخ ابن جرمي، والشيخ سرحان الديب، والشيخ عيد بن جهامة في بساتين المعادي، والشيخ إبراهيم أبو شلهوب والشيخ محمد رفاعي أحمد ربيع شلهوب وكلاهما بمصر
(1)
القصَّار والنبعات حاليًا في شمال سيناء، والحسابلة في جبل المغارة، والشبيتات في الجنوب خاصة في منطقة نويبع.
القديمة، والشيخ عبد الحميد نافع، والشيخ سلامة أبو دياب وكلاهما في المعادي؛ ومن عمد الترابين، والشيخ جازي سليمان أبو عيد في سيناء.
ومن قضاتهم: سليمان الأحمر، وغيث أبو النقيذ، وسالم القنبيزي، وجمعان أبو عرعرة، وشاعرهم: عنيز سالم الترباني وهو من كبار شعراء بادية سيناء وله شهرة كبيرة وشعره النبطي يعتبر سمر المجالس في قبائل سيناء شمالًا وجنوبًا.
قال عنيز الترباني موجهًا رسالة إلى حمود اللوط الوابصي من قبيلة بلِّي في السعودية بعدما وعده حمود بزيارته في سيناء ولكن ظروف حالت دون ذلك فقال موجها كلامه للبلوي:
علوم يصدرن وعلوم يردن
…
وكل العلوم الطيبة يوصِّلني
ياللوط وصف لي مناريلكم وين
…
وأنا كمان أوصفك منزل اللِّي
تلقى منازلنا قريبة في العين
…
وتلقى مراشقهن علينا تدلَّي
وتلقى دبشنا قليِّل وباسنا زين
…
وصدورنا من هبة الربح ملِّي
نستجنب اللِّي في المناطق سيفيهين
…
ونستجنب اللِّي عن نطيحه يولِّي
حِنّا بقوم لقَّبونا ترابين
…
وقامت تزعزعنا حروب الدِّولِّي
ويازين ما نلقاك يالوط يا زين
…
دله نفضبها وثنتين ملِّي
وتسمع صقيل معدلات النواشين
…
اللِّي براطمهن تقول شوك سلِّي
ترقب أنا وياك وخوينا ثنين
…
من فوق نصله بين شمس وظلِّ
والماء تفرقناه وحِنَّا مكامين
…
والركب زي اللِّي نصهن خذ وخلِّي
وقمنا تنَصْاهِن وهنَ مخامين
…
وخلن علي على أثرهن ذلول المعنِّي
وتلقى الندايا زي الصقور الشياهين
…
ومن كلّ حدروب نقيسه يشلِّي
وارسل سلامي لشوقي أسمر العين
…
اللِّي علومه في المجالس تسلِّي
وسلم على اللِّي في دياركم مقيمين
…
ملوككوا وشيوخكوا لا تخلِّي
قول ياللوط لي عندكم دين
…
يا إما تخلصني يا تعتذر لي
وادخلك عَالنهار يجي شين
…
وعن شر واحد على النَّبِيّ ما يصلِّي
عشائر الترابين في فلسطين
قسَّم عارف العارف في القضاء بين البدو عشائر الترابين كالتالي:
(1)
غوالي أبو ستة: وحمايلها الستوت والتوالخة وشوبان وطعيمات وعالات وغرباء، وقد عُرف من الستوت أحمد بن صقر أبي ستة الذي نفته الحكومة العثمانية إلى الأناضول (تركيا) بسبب إيوائه أحمد عارف الحسيني رحمه الله مفتي غزة ونائب فلسطين في مجلس النواب العثماني، وقد أعدمه جمال باشا مع ولده مصطفى بتهمة اشتراكهما في الحركة العربية.
قلت: يؤكد الباحثون أن لقب أبو ستة قد ظهر في بداية القرن الثامن عشر حوالي 1735 م وقد أُطلق على فارس شجاع مشهور كان يلازمه ستة من العبيد أو الحرس ولا يفارقونه ليل نهار، فإذا رآه النّاس قالوا "هذا أبو ستة".
وقد أنشأ ظاهر العمر الزيداني - الشيخ البدوي - أول دولة فلسطينية في القرن الثامن عشر، وامتد نفوذه من موطنه في سهل البطوف إلى فلسطين كلها إلى نهر الأردن وغزة، وتحالف مع علي بيك الكبير من المماليك حاكم مصر، وقد ساعدته قبيلة الصقر
(1)
المعروفة في بيسان والتي ينتمي إليها أبو ستة - على بسط نفوذه ونشر الأمن والاستقرار في تلك البلاد، إلَّا أن الصقر أرادوا نهب الفلاحين، فحاربهم أبو ستة - رغم أنهم قومه وعشيرته في منطقة المنسي فهاجر قسم منهم إلى الجنوب عام 1735 م، وهناك قول أن أبي ستة هاجر بسبب جناية إلى غزة ثم تزوج من قبيلة الترابين ودخل فيهم وأصبح من زعمائهم هو وأولاده على مر الأجيال.
ويرى أوبنهايم الألماني أن أبي ستة من الصقر من فرع الملاك، وقد ذكر اسم 16 جدًّا للشيخ حسين دهشان أبو ستة منها 8 من أبي ستة و 8 من الملاك (الصقر)، وكان أوبنهايم قد تعمق في دراسة القبائل في شمالي وجنوب فلسطين.
ومهما يكن، فالثابت أن أحمد هو الجد المعروف لأبي ستة ووالده يرجح نسبه إلى أبي ختلة الذين كانوا جزءًا من أبي ستة حتى الحرب العالمية الأولى، وقد توفي أحمد قبيل حملة إبراهيم باشا (عام 1831 - 1840 م) وتولى مكانه ابنه
(1)
الصقور ذهب بعض الباحثين في فلسطين أنهم من سلالة المقداد بن عمرو البهراني من قبيلة بهراء القضاعية.
دهشان الأول الذي كان حكيما، فزرع الأراضي واستوطنها، وحل الخلاف بين عائلتي الأسطل والأغا على أرض السطر وقال:"هذه للأغا وهذه للأسطل وموجات البحر لي"، وقد ثار أهالي فلسطين على إبراهيم باشا عام 1834 م بعد استقبال ودي لرغبته في تقييد الحريات والتجنيد لجيشه، وكانت السلطة على فلسطين بيد شيوخها، وهم أحرار على أرضها يدافعون عنها بمحض إرادتهم، وبطش إبراهيم باشا بالجبارات، لكن حملته فشلت وعاد إلى مصر بثلث جيشه، وكان لدهشان الأول أخ اسمه حسين اشتهر بشجاعته وشراسته وقامته الجديدة فكان يقود الترابين في الحروب، كما قال جيمس فن القنصل الإنجليزي في القدس عام 1853 م.
وفي معركة الشوبك عام 1841 م اشترك صقر بن دهشان في القتال وعمره لا يزيد عن 16 عامًا، وأصبح فيما بعد عقيدا للترابين وشيخًا مشهورًا، وعندما تحالف السواركة مع الجبارات على مهاجمة الترابين وإخراجهم من أراضيهم، جنَّد صقر لهم ثلاثة جيوش من البر والبحر والثالث بقيادته في الوسط، والتقوا عند الخروبة في موقعة المكسر وأبادوا أعداءهم.
وفي عام 1865 م كان سالم أخي صقر عائدًا من مصر فقتله المعَّازة ونهبوا تجارته، فجرَّد عليهم صقر حملة وطاردهم في الشرقية والجيزة إلى مغاغة ومزقهم، وأثناء عودته احتفى به شيوخ القبائل خصوصًا عمدة قبيلة الطميلات، وعندما اشتكى المعَّازة للخديوي إسماعيل، سجن عمدة الطميلات، فلما علم صقر بذلك عاد إلى مصر مع عمه حسين وشيوخ الترابين، وقابل الخديوي وقال: ها آنذا، أطلق سراح هذا الرجل فإنه بريء"، فقال الخديوي: ألا تخاف على حياتك؟ لماذا جئت إلى هنا؟ قال أبو ستة: لئلا يقولون أهل الوفاء ماتوا"، فقال الخديوي: وأنا عفوت عنك حتى لا يقولوا أهل الكرم ماتوا"، وأقطعه ألف وخمسمائة فدان معظمها في أكياد مركز فاقوس بالشرقية، وترك صقر ابنه حماد في مصر لرعاية تلك الأراضي ولكنه بدّد معظمها وعاش حياة الباشوات.
وعند وفاة صقر عام 1890 م ومطاردة الأتراك لابنه دهشان لجأ إلى الزبن من الصخور في شرق الأردن وحارب معهم، فانتصر على أعدائهم، وعرضوا
تزويجه من ابنتهم "قطنة" لكنه عاد إلى بلاده، وهناك قابله العلَّامة التشيكي لويس موزل الذي يعمل لحساب الإمبراطور النمساوي، وكان ذلك عام 1898 م، وقال عنه: إنه صديق لمصر، وله نفوذ كبير.
وفي عام 1906 م تحددت الحدود بين مصر وفلسطين، فانقطعت الصلة بينهما، ومرت فترة خمول لآل أبي ستة حتى الحرب العالمية الأولى. ففي عام 1914 م، تجند العرب لمقاومة الإنجليز في القتال، وذهب 1500 فارس من بين قادتهم سليمان صقر أبو ستة إلى قَطْيَّة، واشتبكوا مع جنود المستعمرات البريطانية، وانتصروا عليهم وقتل سليمان في 15 نوفمبر 1914 م، وجاء ذكره في المسجد الأقصى بالقدس.
وفي عام 1916 م آوى أحمد صقر أبو ستة مفتي غزة أحمد عارف الحسيني وابنه مصطفى اللذين كانا في طريقهما للانضمام إلى الثورة العربية، فطاردهما الأتراك وشنقوا أحمد عارف وأعدموا ابنه ونفوا أحمد صقر إلى قونية بتركيا ومات هناك، وهكذا مات أخوان هما سليمان وأحمد صقر للدفاع عن بلادهم ضد أعداء مختلفين.
وفي أوائل عام 1917 م، جفل العرب إلى شرق بئر السبع أمام زحف جيش الاحتلال البريطاني، وزحفت قوات الخيالة الأسترالية التي كانت مرابطة في تل الفارعة في وادي السبع في حركة التفاف من الجنوب والشرق نحو مدينة بئر السبع، واحتلتها مساء 31 أكتوبر عام 1917 م وبهذا الاحتلال البريطاني الذي مهد الطريق للاحتلال الصهيوني بعده، وبعد يومين في 2 نوفمبر 1917 م أعلن وعد بلفور الإنجليزي المشئوم أن فلسطين هي الوطن القومي لليهود، وهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق دون علم صاحب الأرض وهم عرب فلسطين.
وفي عام 1918 م أصبح الشيخ حسين دهشان صقر شيخًا على آل أبي ستة بعد وفاة والده وعميه سليمان وأحمد، وكان حكيمًا بعيد النظر سافر إلى مصر عدة مرات وتأثر بحركة التنوير والإصلاح الاجتماعي التي بدأها محمد عبده، وثورة عرابي الوطنية التي وصلت آثارها إلى فلسطين وبني على نفقته عام 1920 م أول مدرسة ما بين خان يونس وأم رشرش (إيلات)، وفي عام 1921 م قابل
أول مدرسة ما بين خان يونس وأم رشرش (إيلات)، وفي عام 1921 م قابل تشرشل (رئيس حكومة بريطانيا) في القدس مع أعيان فلسطين، وكان قاضيًا في محكمة العشائر في بئر السبع ورئيسا لمجلس الدموم الخاص بالفصل في الثارات ومثَّل فلسطين في عدة مؤتمرات وطنية في عهد الانتداب، وتوفي عام 1970 م بعيدًا عن وطنه وله العديد من الأبناء الذين تعلموا في جامعات مصر، كما نذكر من شخصيات أبي ستة عبد الرازق حماد وكان أديبًا وخطيبًا وكوَّن جمعية البدو في بئر السبع، ومحمود صقر الذي حافظ على تراب وطنه في معين أبو ستة واستزاد منه بالشراء حتى حدود قريتي عبسان وبني سُهيلة، ومن الشهداء نذكر المجاهد عبد الله موسى أبو ستة وغيره العديد من الشهداء الستوت.
وأذكر من أعلام أبو ستة بالوقت الحاضر عبد الحميد عبد القادر غيث أبو ستة صاحب شركات أبو ستة للعلامات التجارية وبراءات الاختراعات في بلاد الخليج والشام واليمن، ويعتبر من رواد حقوق الملكية الفكرية في الوطن العربي.
(2)
غوالي أبي الحصين: وتضم حمايل الحصينات والمغاصبة والحمامشة والتعابين والسطرية وغرباء.
(3)
غوالي أبي شلهوب: وتضم الشلاهبة والمرر وغرباء.
(4)
غوالي أبي ختلة: وتضم أبي ختلة وأبو خرما وغرباء.
(5)
غوالي أبي بكرة: وتضم البكور وأبو شتية والعبيد والحميدي.
(6)
غوالي أبي عمرة: وتضم السمامرة والكحوس والكرو والعطيويين وأبو نصر الله.
(7)
غوالي الزريعي: وتتالف من زريعيين وأبو عويلي وعدوين وعوازمة وحميديين وغرباء.
(8)
غوالي العمور: وتضم العمور والعدنيين وغرباء.
(9)
غوالي النبعات: وتضم الجرامية والعطياف والجهامات والبحابصة والدلوع وغرباء.
(10)
وحيدات الترابين: وتضم الوحيدات والعابد ويمان وحمايدة وغرباء، ولقد اختلف فيما إذا كانوا هم ووحيدات الجبارات من أصل واحد، وهناك فريق يؤكد وفريق ينفي ذلك، والمعروف أن الوحيدات من الأشراف وأقاموا في سيناء
زمنا طويلًا ثم هجروها وسكنوا بلاد غزة، ولا يزال الترابين يحترمونهم إلى الآن فيذهب كبارهم إلى شيخ الوحيدات ثاني يوم عيد الأضحى احترامًا لمقامه ونسبه، وينسب إلى الوحيدات مدحت الوحيدي الذي خاض المعارك ضد بريطانيا والصهيونية في عام 36، 37، 1948 م، كما قام المجاهدون بقيادته بأعمال بطولية، وأخيرًا استشهد رحمه الله في المعركة التي حدثت في ظاهر غزة الشرقي، وباستشهاده فقدت فلسطين عامة وغزة خاصة مجاهدًا صلبًا لَمْ يعرف الهوادة في مكافحة الأعداء للعروبة والإسلام، والتواتر أن عائلة ملحس الوجيهة في نابلس تعود بنسبها إلى الوحيدات.
(11)
حسنات أبي معيلق: وتشمل الحسنات والعواقرة وغرباء، ويقول الحسنات إنهم يعودون أصلًا إلى بلِّي، وأما الرأي الراجح فهو أنهم من اللياثنة القاطنين في وادي موسى في شرق الأردن، وقد اختلف الرأي في نسب اللياثنة هؤلاء فبعضهم يقول إنهم من أحفاد لَيْث بن بكر بطن من بني كِنَانة العدنانية ومنهم الصحابي
(1)
صعب بن جثامة، وفي سبائك الذهب للسويدي أنهم من أعقاب ليث بن سود من قُضَاعة وآخرون ذكروا أنهم من بقايا المديَّنيين (من بني مدين)، فإن صح هذا الرأي فتكون الليائنة والحسنات أقدم من عرفنا من سكان فلسطين، والله أعلم.
(12)
جراوين أبي غليون: وتضم الغلاينة والعوايضة والجلالدة والشناترة والغنيمات وغرباء، منازلهم خربة الغار وقوز البصل وخور عجرم والخسيف.
(13)
جراوين أبي يحيى: وتضم جبان وسباتين وغرباء.
(14)
جراوين أبي صعيليك: وتضم صعالكة وعودات وزيداة وسراحين ومصابحة، والجراوين هؤلاء يذكرون أنهم من بني جري وهي بطن من حشم أوجشم من جُذام القحطانية.
وعن الغوالي ذكر عارف العارف في كتاب تاريخ بئر السبع نبذة أخرى، حيث قال: وَسْم الغوالي من الترابين الخدمة أي الحلقة والمطرق.
(1)
الصحابي صعب بن جثامة بن قيس الليثي من شجعان الصحابة وقد شهد الوقائع وقيل في الحديث يوم حُنَيْن: لولا الصعب لفضحت الخيل، وهذا يعني ثباته في القتال ضد كفار هَوَازِن وقتئذ.
ومنازل وديار الغوالي في فلسطين (منطقة بئر السبع) المعين والصليب والمنبل والدماث والشويحي وتل جمة والرابية والعجرة والقرين وما بينهما من سهول ووهاد. وهم الآن تسع عشائر: الستوت والحصينات والشلاهبة والختالين والبكور والزريعيون والعمور والنبعات، وكذلك الوحيدات والحسنات فإنهم يعدُّون جزءًا من هذه الكتلة.
قال حدثني الشيخ حسين بن دهشان أبو ستة أحد كبار فخذ الغوالي قائلًا: كان الستوت بادئ ذي بدء شيوخ الغوالي وأول من لقب بأبي ستة هو حمد أبو دهشان إذ كان له ستة عبيد وكان يستصحبهم في جميع غزواته ورحلاته فسمي "أبو ستة" ويزعم الملاك أن الستوت منهم وليسوا من الغوالي
(1)
. ولما سألت الشيخ حسين عن هذه النظرية لَمْ يدحضها بل قال: إنها جديرة بالاعتبار لأنَّ بين أجداده كثيرين لقبوا بـ (صقر) إشارة إلى الصقور. وهذا يكون ناشئًا من اختلاط الستوت بالصقور عندما كانوا طنبائهم بسبب الحوادث الكثيرة التي كانوا يحدثونها.
ولما تولى المشيخة "صقر بن دهشان أبي ستة" قتل ابنه دهشان
(2)
رجلًا من الصوفة يدعى "محمد بن حمدان الصوفي" وكان ذلك عام 1290 هـ. فجلا الستوت على أثر ذلك عن ديارهم. ونزلوا عند العلَّامات ثم عند الهزيل من التياها، وعاشوا هناك مدة بحماية سليمان الهزيل جد الشيخ سلمان الحالي (عام 1936 م) فقامت على أثر ذلك حروب بين التياها والترابين
(3)
.
ولا بد لنا من أن نشير هنا إلى أن وجود الستوت في حف التياها واشتراكهم بالحرب ضد الترابين اشتراكا فعليا قد أغضب باقي عشائر الترابين فقاموا يطالبون عقيدهم "حماد الصوفي" بالسعي لإرجاع الستوت إلى ديارهم ولم
(1)
هم الأسرة التي ينتمي إليها العرسان من بني صقر النازلين في غور بيسان وأصلهم من طيئ أو من بهراء قُضَاعة.
(2)
وهو والد حسين شيخ الستوت في وقت حياة عارف العارف 1936 م.
(3)
وهو والد حماد باشا الصوفي المشهور.
يسع هذا إلَّا أن ينصاع لطلبهم فمنح الستوت عطوة حولية لا تنقطع أبدًا، وتمكن هؤلاء من الرجوع إلى منازلهم ولكن مشيخة الغوالي كانت حينئذ قد انتقلت إلى الزريعيين وظلت كذلك حتى الحرب العالمية.
إن حادثة القتل التي اقترفها الستوت والتي تقدم ذكرها كونت للستوت اسمًا لَمْ يكن لهم من قبل ولا سيما لعقيدهم صقر الذي يقولون عنه أنه أبلى بلاءً حسنًا في حروبهم مع التياها ضد الترابين، وأنه غزا الصعيد في مصر وانتصر على المعازة النازلين هناك بقيادة الشيخ "حسب الله المعازي" وغزا الأيدا والفقير (عنزة) من عربان مدائن صالح وانتصر عليهم. وبينما كان صيته في الحروب سببًا في إنعام الخديوي إسماعيل باشا
(1)
عليه كان هذا أيضًا الباعث على نقمة الأتراك وسخطهم .. فاستدرجه هؤلاء إليهم وأتوا به إلى القدس، حيث عاش منفيا وظل في القدس إلى أن مات.
ولما مات صقر قام مقامه ولده دهشان، وهذا أيضًا اشتهر بالفروسية في عدة مواقع، منها تلك التي جرت بين التياها والترابين على أثر مقتل الصوفي ومنها "موقعة رمضان" وهي التي وقعت بين الترابين والعزازمة.
ولما شعر دهشان بغضب الحكومة عليه من أجل هذه المواقع هجر منازله ونزل مع العشائر النازلة شرق الأردن واحتمى بـ (طرَّاد بن زبن) من مشايخ الصخور، ثم اشترك مع هؤلاء في حرب دامية دارت رحاها بينهم وبين خصومهم الروَّلة. فمالت بسببه دفة الحرب نحو الصخور بعد أن كانت ضدهم .. قلنا أن مشيخة الغوالي ظلت بيد الستوت إلى أن اندمى هؤلاء، ثم انتقلت بسبب الحوادث المتقدم ذكرها إلى الزريعيين، وظلت كذلك حتى الحرب العالمية وهناك من يقول أن قيادة الغوالي كانت دومًا بيد الزريعيين.
(1)
أنعم عليه بخمسمائة فدان من أخصب الأراضي المصرية في مركز فاقوس من أعمال مديرية الشرقية، وقد كان لصقر ولد في مصر اسمه حماد مات فيها وبقي نسله حتى الآن في الشرقية.
وأول من شاخ على الغوالي منهم هو منصور بن نصر الزريعي
(1)
وظلوا كذلك حتى أوائل الحرب العالمية الأولى عام 1915 م، فانقسم الغوالي إلى عشائر متعددة هي:
(أ) الستوت بقيادة أحمد بن صقر أبي ستة
(2)
.
(ب) الحصينات والمغاصبة بقيادة الشيخ عبد ربه أبي الحصين.
(ج) البكور بقيادة محمد جمعة أبي بكر.
وقد ظل فريق الزريعيين بمشيخة سُلَيم إلى أن فر هذا بسبب حكم صدر ضده حينئذ شيخوا عليهم (عبد الكريم حمد الزريعي) ولما مات هذا عام 1931 م قامت قيامة العشيرة كلها وانقسموا إلى شيع وأحزاب من أجل المشيخة إلى أن فاز بالانتخاب محمد أبو زريع فنصبته شيخًا عليهم.
وأما الختالين فقد انفصلوا عن الستوت بزمن الشيخ حسين الذي شاخ بعد عمه أحمد ثم شاخ عليهم إسماعيل أبو ختلة.
وأما العمور فقد انفصلوا عن الزريعين عام 1931 م وشيخوا عليهم عميرة بن سالم العمور ويظن أنهم بطن من ربيعة رحلوا عندما وقعت بين بني ربيعة الحروب ونزلوا العراق أولًا. ومن غرائب الاتفاق أن بالصعيد المصري قرية اسمها العمور وهي من أعمال سوهاج، وأما العمرات فإنهم فلاحون وأصلهم من معن وأول من شاخ عليهم محمد أبو عمرة، ولما مات شاخ عليهم سلامة أبو نصرين.
وأسماء شيوخ الغوالي كالتالي:
غوالي أبو ستة الشيخ حسين بن دهشان بن صقر بن دهشان أبو ستة.
(1)
اشتهر هذا برجاحة العقل وبعد النظر والكرم والسياسة وهو أول من رفع شأن الزريعيين.
(2)
نفته الحكومة التركية إلى قونية بسبب إيوائه أحمد عارف الحسيني رحمه الله مفتي غزة ونائب فلسطين في البرلمان العثماني ذلك المجاهد الذي شنقته الحكومة في القدس.
غوالي أبو الحصين الشيخ عبد ربه بن صبح بن ضيف الله أبو الحصين.
غوالي أبو شلهوب الشيخ سالم بن سلمان بن عواد بن حسن أبو شلهوب.
غوالي أبو ختلة الشيخ إسماعيل بن حامد بن محمود بن خلف أبو ختلة.
غوالي أبو بكرة الشيخ جمعة بن محمد بن جمعة أبو بكرة.
غوالي أبو عمرة الشيخ سلامة بن سُلَيم بن نصر الله أبو عمرة.
غوالي الزريعي الشيخ محمد أبو زريع الزريعي.
غوالي العمور الشيخ عميرة بن سالم بن عمرو العمور.
غوالي النبعات الشيخ مصلح بن سُلَيم بن شتيوب بن مصلح بن حربي.
وأضاف العارف عن باقي فروع الغوالي في فلسطين، حيث قال عن الحسنات التالي: الحسنات ليسوا من الغوالي أصلًا وإن عدُّوا منهم في يومنا هذا. إنهم من اللياثة القاطنين في وادي موسى. وقد حدثني أحد كبار اللياثنة عندما سألته عن أصل الحسنات في بئر السبع قال: إنهم منا ونحن منهم، وقد افترقوا عنا بسبب القحط والوباء الذي كان قد تفشي بينا قبل زمن بعيد.
ومن يدري لعل حسنات أبي معيلق هؤلاء أقدم العشائر عهدًا في هذه البلاد؛ لأنَّ اسم أبي معيلق يشبه اسم أبيمالك ملك الفلسطينيين الذي جاء ذكره في أسفار العهد القديم.
وذكر المحقّق الدكتور توفيق كنعان في كتابه: Studies in The Topography and Folklore of Petra، الذي نشره عام 1930 م الشيء الكثير عن العربان الذين يعيشون في البتراء (وادي موسى) ولقد اقتبست منه الشيء الكثير عن اللياثنة لأتمكن من معرفة أصل الحسنات كما سترى في الأسطر التالية:
قال ابن فضل الله العمري في كتابه (مسالك الأبصار) أن اللياثنة أحفاد بني الليث بطن من بني كِنَانة من مُضَر. وقد أيد هذه الرواية المقريزي، وكذلك فعل
القلقشندي إذ جاء في الصفحة 350 من (صبح الأعشى) أن ليثًا بن بكر بن عبد مناة، ومنهم الصعب بن جثامة الليثي الصحابي، ومنهم طائفة بساقية قلتة بالأخميمية عن صعيد مصر وهم من بني كِنَانة.
وقال آخرون أنهم جاءوا من وادي الليث في اليمن.
والعبيديون والعلايا والشرور لياثنة أصلًا وأما بنو عطا فإنهم أحفاد بلِّي من قُضَاعة، ويقول ابن فضل الله العمري أنهم أحفاد جُذام. كان الليثانة بادئ ذي بدء تابعين للحجار، ولما انتصر السعوديون على الملك حسين بن علي (من الأشراف) وأخرجوه من الحجاز أصبحوا تابعين لإمارة شرق الأردن، وقد قاموا بحركة تشبه الثورة عام 1926 م ضد الحكومة الأردنية لكنهم عادوا وأخلدوا للسكينة.
كما أن اللياثنة الذين يعيشون الآن في وادي موسى يشبهون الفلاحين من حيث اشتغالهم بالزراعة، والبدو من حيث سكناهم في الخيام وهم أربع فرق:
أ - بنو عطا وعدد بيوتهم 30.
ب - الشرور وعدد بيوتهم 73.
ج - العبيديون وعدد بيوتهم 70.
د - العلايا وعدد بيوتهم 45.
كانوا قديمًا حماة الوادي المذكور ولكنهم هووا في الأعوام الأخيرة إلى الدرك الأسفل من الفقر. وقد قيل أنهم اضطروا لأنَّ يبيعوا أسلحتهم ليتمكنوا من شراء أكلهم وأكل عيالهم.
وللياثنة أولياء كثيرون منهم وأهمهم (الحسيني) وهو جد الحسنات وهم فرع من العبيديين، له مقام وهو عبارة عن غرفة بسيطة لكنها مائلة إلى الخراب يزورونه بين كلّ فرصة وأخرى ويقرأون الفاتحة ويحلف بعضهم بعضًا اليمين على قبره عند
وقوع اختلافات بينهم، ويعتقدون أن من يحلف كذبًا لابد وأن يصاب ببلاء قبل مرور ثلاثة أيام.
وكل فرقة من الفرق الأربع المتقدم ذكرها من الليانة تنقسم طبعًا إلى حمايل لا نرى لزومًا لذكرها كلها، وإنما لابد لنا من القول هنا أن إحدى هذه الحمائل هي "الحسنات" وهي فرع من العبيديين، ويظهر أن فريقًا من هؤلاء هجر منازله قبل زمن بعيد فنزل في القسم الشمالي من بئر السبع
(1)
. وحسنات بئر السبع منازلهم الآن في أم النذور والرماميل وخربة العذار والرسم، وعددهم يقرب من الخمسمائة، وشيخهم موسى بن سالم بن سلمان أبو معيلق، ووسمهم (الخدمة) وهي عبارة عن حلقة غير كاملة يتصل بأحد طرفيها مطرق، وهذا هو وَسْم اللياثنة في شرق الأردن، إنهم ينكرون أي صلة لهم باللياثنة وعندي أنه لابد من وجود صلة بين أبي معيليق اليوم وبين أبيمالك الذي جاء ذكره في التوراة.
وقال عن الوحيدات:
الوحيدات ليسوا من الغوالي أصلًا وإن عدوا منهم في يومنا هذا، يزعم البعض أنهم حسنيون، والقول الشائع عنهم أنهم ليسوا من الترابين وأن أصلهم من جبال الشراة في شرقي الأردن ولهم هناك أراض تدعى الضجيج فيها عيون أهمها أذرح.
ينزلون الآن في السحماني ووادي تحيتل بالقرب من غزة وشيخهم حسن بن نمر بن واكد بن عايش الوحيدي ووسمهم المجن وهم على عداء دائم مع جيرانهم الحسنات وهم أربع حمايل الوحدات والعايد والحمايدة والودّيَّان.
وقال عن الجراوين:
يَدَّعي الجراوين أن أصلهم من الحجاز وأنهم ينتمون إلى قبيلة تدعى "بني
(1)
وهنالك فرق أخرى من اللياثنة هاجرت أيضًا فنزل فريق من الطويسات حول اللد وفريق من العمارات في جهات خان يونس وقسم من السلامين في سموع وهلم جرا.
جري"
(1)
ويستدلون على ذلك باشتراك الوسم. إذ إن وَسْم القبيلتين هو الزناد [رسم] والمعروف عنهم أن جدهم جروان غادر الحجاز بسبب دم اتهم به فنزل سيناء واستوطن جبل الحلال فيها، وهم يرفضون بشدة ما يقال عنهم أنهم من سلالة رجل فلاح اسمه كلوب.
ومما يروى أن الترابين اجتمعوا مع خصومهم العيايدة في بيت جروان هذا لأجل الصلح، وفعلا تم الصلح بينهما هناك، ويظهر أن الفريقين أكبراه لعقله ودرايته فأراد كلّ منهما أن يكون جروان حليفًا له، إلَّا أنه أبى أن حليفًا للواحد ضد الآخر، وإنما رضي أن يكون أليفًا للترابين ونزل أراضي بئر السبع (وكانت في تلك الأزمان تدعى بلاد غزة).
وعندما هبط جروان هذه البلاد أحبها وعزم على استيطانها فحجر أملاك قبلي نوران والرابية والصليب وأنشا في الأخيرة بركة ماء لا تزال تدعى الآن بركة جروان.
وتزوج جروان بعد أن طاب له المقام بفتاة من أهل هذه البلاد وكثرت ذريته فصارت تدعى الجراوين.
ويظهر أن الترابين قتلوا واحدًا من الجراوين فعد هؤلاء عمل حلفائهم هذا خيانة وأرادوا الانتقام منهم إلَّا أنهم لَمْ يقدروا عليهم بسبب قلة عددهم وكثرة خصومهم فاضطروا للجلاء. ونزلوا الشمسانيات وهي منازل الرماضين في الوقت الحاضر حتى أن واحدة من نسائهم تدعى (أم غليون) وهي جدة الغلايين حفرت هناك هرابة لا تزال تدعى باسمها حتى الآن وقد ظل الغزو والقتال متصلًا بين الفريقين إلى أن اصطلحا ومن شروط الصلح:
أ - لا تجوز (جيرة) على أرض (أي لا يمنع شخص عن دخول أرض من الأراضي بوجه زيد من النّاس).
(1)
بنو جري لهم قرية كبيرة باسمهم في الشرقية بمصر وكان باقيهم في شمالي سيناء وفلسطين وهم من جُذام القحطانية.
ب - يمنع خطف فتيات الجراوين.
ج - لا تجوز وساقة أموال الجراوين قبل التشهيد.
د - تدفع دية المقتول من الجراوين مربعًا.
والكفلاء من الترابين على هذه الشروط (أبو بكرة) من الغوالي، و (أبو عادرة من النجمات، و (أبو جريبيع) من القصار، و (الدلح) من النبعات. وذلك كله جرى قبل هجوم نابليون على عكا بعشرين عامًا.
وقد ظل هؤلاء الجراوين - بالرغم من هذا الصلح - تابعين لقبيلة الترابين من حيث المشيخة حتى جاء رءوف باشا متصرف القدس ونزل في بني سهيلة وفرق الترابين عن الجراوين، ونصب عليهم شيخًا هو سلامة أبو غليون وهو جد الشيخ سلامة أبي غليون الحالي (عام 1936 م) وهو المُكنَّى بسليمان بن غيث بن سلامة بن علي بن سلمان بن سلمي بن جروان.
وقد انقسم الجراوين بعد الاحتلال الإنجليزي إلى ثلاث فرق نصبت الحكومة على كلّ فرقة منها شيخًا وهم التالي ذكرهم:
1 -
جراوين أبي غليون شيخهم سليمان أبو غليون.
2 -
جراوين أبي صعيليك وشيخهم منصور أبو صعيليك.
3 -
جراوين أبي يحيى وشيخهم فرحان أبو يحيى.
(15)
النعامين
(1)
: وهو بطن من الترابين ويُعدُّ من العشائر الكثيرة العدد والواسعة الانتشار في خارج فلسطين، ومن النعاميين في الأردن بعد عام 1948 م وهم السموح والجموع في مخيم جرش شمال المملكة الأردنية وباقي من هؤلاء
(1)
يقول رواة الترابين أن جد النعاميين يسمي نعيم وكان من أبناء عمومة عطية جد الترابين وهو أيضًا من البقوم الأزدية القحطانية.
وقلائل ظلوا صامدين في بئر السبع وحوله جنوب فلسطين المحتلة، وفي سيناء منهم أبو سرار في طرابلس الغرب بليبيا، ومنهم فخذة القرعان وهم غير قرعان الحويطات، ومنهم الفراحين في القاهرة وهم غير فراحين المساعيد، وهناك فخوذ منتشرة من النعاميين بالقاهرة في عين شمس والمعادي، والسويس، والإسماعيلية، والجيزة في منطقة عرب الحوامدية والصف وعرب التل والبدرشين وفي بلبيس بالشرقية، وفي المعصرة والجبل الأخضر من أطراف القاهرة، ومنهم بنواحي العريش بعض الأُسر.
ويجب التفريق بين عشيرة النعامين من الترابين وبين قبيلة النعام العدنانية الآتي ذكرها، والنعاميون من البقوم مثل أغلب الترابين وبذلك فهم من الأزد القحطانية من جنوبي غرب المملكة العربية السعودية، أما النعام فهم بطن من أسد بن خُزَيْمة نزل من الحجاز إلى مصر من قرون عديدة وقطنوا بلاد شرق الجيزة ثم انتشروا في الديار المصرية.
(16)
نجمات الصانع: منه أفخاذ صناع، وشبايبة، ومحافظة، وغرباء، ومن منازلهم أم صيرة الشويحي وأبو صدر وسويلمة وجيبات.
(17)
نجمات أبي صوصين: ومنه أفخاذ صواحين ومصريين، ومن منازلهم قاعة أبي صوصين.
(18)
نجمات أبي صهيبان: ومنه أفخاذ قضاة، وسلاطين، وبطاطخة، ومسامحة، وعيايدة، وأبو صيام، وصهابين، وجلادين، وحسنات، وعيال غانم، وشعوت، وبراهمة، وسطرية، وكوارعة، وغرباء.
(19)
نجمات أبي عاذرة: ومنه العواذرة وشيوخ العيد وغرباء، ومنازل العواذرة الشوشة والخلالات والقاعة.
(20)
نجمات القُصَّار: ومنه العرجاء، وهواشلة، وطيور، وخلاويين، وجرابعة، وعويضات، وحمران، وبهادرة، وجواعدة، وجعيلات، وغرباء، ومن منازل القصار الشوشة ومولد الخيل وأم عجوة والقرن وأبو قضابة وقوز الزول والبريصة وأبو معريض.
(21)
نجمات الصوفي: ومنه فخوذ صوفة، وسنايمة، وعوايشة، ودباريين، وزبيدات، ورميلات، وشلالفة، وتعامين، وفوائدة، وغرباء.
ولعلَّ الصوفي من أحفاد صوفة بطن من خُزَاعَة العدنانية كما يؤكد العلماء والغالب من النسَّابين، والرأي الآخر أن خُزَاعَة من كهلان من قحطان من عرب اليمن، وخزاعة منهم في الشام خاصة الصوفة كما ذكر ابن دريد في الاشتقاق ص 285، أما الرميلات فهم بطن من عَنَزة كان قديمًا يسكن في جوار خان يونس والقرارة وحاربهم الترابين، وقد انتقلوا إلى رفح وشمال سيناء بالأخاوة مع السواركة، ولعلَّ هؤلاء بقية حسبت ضمن الصوفي.
وفرع الصوفي كان دومًا أهم فرع في النجمات - بفتح النون والجيم - إذ نبت منهم رجال كثيرون اشتهروا بالكرم والفروسية، ويكفي أن نأتي على ذكر حمد باشا الصوفي الذي وصل من العز والسؤدد درجة نال معها لقب شيخ مشايخ ليس على الترابين فحسب بل على الصفوف كلها حتى إن الأتراك وضعوه على رأس القوة التي ألفوها من العربان وساقوها إلى قناة السويس في الحرب العالمية الأولى (الكبرى)، والنجمات عمومًا كان لهم شأن ودور فعَّال في الحروب التي خاضتها قبيلة الترابين ضد خصومها عبر القرون التي مضت.
وفي كتاب تاريخ بئر السبع قال عارف العارف نبذة أخرى عن النجمات حيث قال:
فخذ كبير من أفخاذ الترابين، وقد حدثني الشيخ حمد الصانع أحد البارزين فيهم أنهم قديمًا كانوا قادة الصف كله وكان لهم شأن كبير في جميع الحروب التي قامت بين الترابين وبين خصومهم.
ويدعون المزارعة بالنسبة إلى أنهم جاءوا من زارعة امرأة أحد أولاد نجم كما تقدم في البحث عن أصل الترابين.
كان النجمات تحت رئاسة واحد هو "أبو سنيمة" ثم شاخ عليهم حمدان الصوفي، ثم عطية أبو شباب، ثم محمد الصوفي، ثم حماد باشا الصوفي المشهور وقد انقسموا بعدئذ إلى أقسام عديدة منها:
1 -
الصوفة: يرأسه الشيخ حماد الصوفي.
2 -
الصُّنَّاع والشبابية: برئاسة الحاج حسن أبي شباب ثم حماد الصانع، ثم محمد الحاج حسن الخضري حمد الصانع.
3 -
الصواصين: برئاسة الشيخ منصور أبي صوصين فولده محمد أبي صوصين.
4 -
العرادرة: برئاسة عودة أبي عواد أبي عادرة فعودة أبي سلمى أبي عادرة.
5 -
القصار: برئاسة عودة أبي زكار ثم سلمان العرجاني.
6 -
النعيمات والضوابحة، برئاسة موسى أبي جليدان ثم أخيه عودة أبي جليدان.
وظل النعيمات والضوابحة معًا برئاسة عودة أبي جليدان إلى أن انشطروا قسمين "النعيمات" وشيخهم جبر أبو حرب النعيمي، و "الضوابحة" وشيخهم ضيف الله أبو جليدان. ثم عزل هذا واتحد الفريقان فصارا تحت قيادة شيخ واحد هو محمد أبو صهيبان".
ورسم النجمات الحنك والخطام والمطرق وبعضهم يستعمل القناع أو الشعبة ومنازلهم في الشويحي وأم صيرة وأبو صدر وسويلمة والجبيبات والربوة وخربة الصوفي والشوشة والخلالات وقاعة أبي صوصين وقوز الزول والقرن وأم عجوة وما بين ذلك من المواقع.
وذكر عارف العارف أن عموم النجمات من بني عطية
(1)
في الحجاز عدا الفروع التالية:
(1)
يقصد عارف العارف أن الترابين من بني عطية البقمي، والمؤكد أن النجمات من نجم بن عطية الذي ذكرناه سالفًا من تلك الرواية أنه جد الترابين الأول النار على بني واصل، ومما يؤكد أن عطية هو جد لهم وليس هو عطية بن معاز أن عارف العارف ذكر في موضع آخر من كتابه أن عطية جد الترابين يقال إنه من الأشراف! وكل هذا تناقض وتخبط والصحيح أن الترابين من البقوم القحطانية.
وأكد الرواة من الترابين في سيناء أن جدهم عطية من قبيلة البقوم الأردية القحطانية في تَربَة بالسعودية وليس من بني عطية (المعَّازة) العدنانيين في تبوك، وذكروا أن عطية له ثلاثة أولاد هم: نجم ومساعد ونبع. أما مساعد فله ثلاثة هم سالم ومنه العديس وفيه فروع: الجعبل والأطرش وأبو عوجان ومقرهم في بر الجيزة في نواحي مركز الصف جنوب القاهرة، والعرجان، والعفايصة، والمحاميد، والأحمر، وأبو فليان، والدراوشة، وأبو سمهدانة، والجرابعة، والعناجوة، ويطلق عليهم القصار. أما الابن الثاني لمساعد هو حمد ومنه فروع أبو عنقة والطيور والعمارين والهواشلة والسناوي والخلاوي والمواني وأبو جرار وأبو بطن. أما الابن الثالث لمساعد كان يسمي فريج ولم يعقب. وأما الابن الثاني لعطية الترباني فهو نبع ومنه ثلاثة أولاد الأول شبيت ومنه الشبيتات وفيهم فروع أبو الدول والحوار وشبلك والجهمات وابن سريح. والثاني جبيل ومنه فروع الشنوب والحرارة والجرامية والدلوح وأبو صوان وأبو دياب والأخيرين في وادي النيل. والثالث حبل ومنه فروع بوازنة والعرايضة والعبيدات والعشوب والوط والقنبيزي. وبقي الابن الأخير وهو نجم بن عطية ومنه النجمات وأغلبهم في فلسطين كما وضحنا عنهم.
أ - نجمات الصانع فهم من البقوم مثل سائر قبيلة الترابين وأكده الباحثون والرواة ومركزهم تَرَبة من أعمال منطقة مكة في المملكة العربية السعودية والتي تقع على مسافة كيلو متر إلى الجنوب الشرقي من الطائف، والبقوم من الأزد القحطانية، والأنصار من الأوس والخزرج من الأزد كما هو معروف، ومن أزد فلسطين قديمًا سعيد بن يزيد بن علقمة وقد تولى ولاية مصر لمدة سنتين 62 - 64 هـ في عهد يزيد بن معاوية، وكذلك هناك الشقران وهم بطن الصبر أبناء عم بن صريح بن مازن بن الأزد.
ب - الشعوث: وينسبون إلى الأشعت فخذ من بني زُريق من ثعلبة (طيئ) القحطانية.
ج - المحافظة: ويذكرون أنهم أبناء عم عرب السوالمة النازلين على نهر العوجاء في ظاهر يافا بفلسطين، والسوالمة
(1)
كما هو معروف من عَنَزة العدنانية.
وأضاف عارف العارف عن المحافظة (محفوظ) التالي:
قال: حدثني محفوظ أبو محفوظ أن المحافيظ التابعين الآن إلى نجمات الصانع أصلهم من السوالمة التابعين لعرب أبي كشك في جوار العوجة بقضاء يافا وأن اثنين من جدودهم الأولين وهما علي وأخاه حسن اتهما بقتل فرحلا من ديارهما ونزلا مصر واستوطنا الصالحية وتملكا فيها وتزوجا فكثر نسلهما، إلى أن شرع بمصر في فتح ترعة قناة السويس عندما ترك كبيرهم محفوظ تلك البلاد وجاء إلى هذه البلاد فنزل أراضي التياها وتملك معهم وكثرت ذريته إلى أن تكونت أسرة المحافظة الحالية.
(1)
قلت: الصحيح أن السوالمة من السوالم من لبيد من بني سُلَيم كانوا في برقة وعادوا لمصر وانساح جزء منهم في يافا وهم السوالمة.
توفي محفوظ وترك من بعده ثلاثة أولاد هم: الشيخ إسماعيل، وسالم وسليم، ثم مات سُلَيم من غير عقب، وجرى خلاف بين التياها وطنبائهم المحافظة وعلى قول أن الخلاف جرى بين الترابين والتياها من أجل هؤلاء المحافظين وتابعيهم، وكادت تقع فتنة كبيرة بين العربان من أجل ذلك، ولكنهم اجتمعوا في بيت إسماعيل أبي ختلة واصطلحوا بعد أن اتفقوا على أنَّ يظل فريق من المحافظة مع الترابين وفريق مع العزازمة، ولا يزال فريق منهم في وقتنا هذا مع الترابين وآخر مع العزازمة ليس لهم شيخ رسمي ومنازلهم على بعد ثلاثة أميال لشرق بئر السبع.
التياها
نسب التياها:
أجمع الباحثون على أنَّ قبيلة التياها
(1)
يعود أغلب عشائرها إلى ظعن سليمان العنود الذي تخلَّف عن بني هلال في أواخر القرن الرابع الهجري ثم سكن بلاد التيه في سيناء فنسب أولاده إلى التيه فسموا تياها على مر الزمن، وقيل رأي آخر أن سُموا تياها لأنَّ أجدادهم الأوائل تاهوا في وادي سدر بسيناء، ودخلت عشائر في التياها سنوضح عنها في موضعه تبعًا لما رواه المحققون في هذا القرن وليست في عمود نسب سليمان العنود الهلالي، ومن المعروف أن بني هلال من هَوَازِن من قيس عَيْلان العدنانية (انظر عن تاريخ الهلالية في السرد عنهم بالمجلد الثالث).
لمحة عن تاريخ القبيلة
يؤكد الباحثون أن التياها أقدم قبائل العرب التي توطنت واستقرت في بلاد التيه في سيناء واسم القبيلة اشتق من هضبة التيه المعروفة في أواسط سيناء، وقد حدثت هجرات القبائل عربية في تلك المناطق بعد استقرار التياها وهي الترابين التي نمت منذ القرن التاسع الهجري في سيناء، فلما تكاثروا نافسوا التياها السيطرة على كثير من المواضع وجرت مصادمات طويلة أبى ذلك إلى هجرة أغلب الترابين إلى فلسطين، كما هاجر منهم قسم كبير إلى وادي النيل في بر الجيزة الشرقي والشرقية وغيرها من الديار المصرية، واعتبر بعض الباحثين أن التياها هم سكان سيناء الأصليون، وقد اختلف رأي نعوم شقير في تاريخ سيناء حيث لَمْ يذكر التياها من قبائل سيناء الأصلية بل اعتبرهم من مهاجري الجزيرة العربية إلى شبه جزيرة سيناء مثل غيرهم وذكر قبائل أخرى من السكان الأصليين مثل الحماضة والتبنة والمواطرة
(1)
في عرف تقاليد شيوخ التياها أنهم من ظعن سليمان العنود من بني هلال والذي تخلف أو تاه في شمالي الحجاز أو جنوب الأردن وبعد ظهور بني عطية (المعازة) وتكاثرهم قاتلوا التياها فرحلوا إلى سيناء.
ويقول العامة من التياها عن أجدادهم المؤسسين "ورد بني هلال" وهم الثلاثة شبان الذين تاهوا عن الظعن من الهلاليين المتجه إلى مصر في أواخر القرن الرابع الهجري.
والبدارة، والتياها يملكون حتى الوقت الحاضر أراضي التيه ولهم حق المنافع في تلك المناطق وقد شاركهم الترابين فيما بعد في تلك المنافع إلى جانب الأحيوات والحويطات، وقال بعض الباحثين: إن التياها يحدهم من الشرق من الخط الواصل من مطلة نخل الشرقية إلى جبل الحسن ومن جبل الحلال إلى نقب الراكين، وبذلك فإنهم يملكون أغلب وادي العريش وحوض الجرافي وهي من أغني مناطق سيناء بالعيون والآبار، ومن التياها قسم كبير سكنوا جنوب فلسطين في منطقة بئر السبع بصحراء النقب منذ عدة قرون، وقد كان التياها من حلفاء السواركة وبلي والرميلات والسماعنة في فترات طويلة أثناء حروبها مع الترابين، وحالفت فترة من الوقت قبيلة الحويطات ضد السواركة.
وقال نعوم شقير: إن التياها
(1)
والترابين سكنوا سيناء في زمن واحد، وقد سكن التياها بلاد التيه وسكن الترابين الطور جوار بني واصل، ثم وقعت حرب بين القبيلتين على عين سدر كان الفوز فيها للتياها وانهزم الترابين إلى مصر، ثم عادوا إلى سيناء واصطلحوا مع التياها في بلدة نخل على أن يكون للتياها أرض الجلد وللترابين أرض الدمث، فسكن التياها بلاد التيه من جبل الحلال إلى نقب الراكنة شمالًا وجنوبًا ومن مطلة نخل الشرقية إلى جبل حسن شرقًا وغربًا وسكن الترابين شمالي جبل الحلال بين التياها والسواركة، وامتدوا شمالًا لشرق غزة وكان درك التياها في درب الحجِّ المصري من جبل حسن إلى مطلة نخل الشرقية، وأشهر مراكزهم نخل وجبل الحلال وعين القصيمة وعد المويلح، وأشهر مزارعهم في أودية المويلح والصبحة والقصيمة وضرام ومعظم وادي العريش، وتسكن عشيرة القديرات بوادي القديرات المسمى باسمهم، وعشيرة البريكات في وادي ماعين وقريا، وأضاف أن التياها هؤلاء مشهورون بالبساطة وشكاسة الأخلاق!
وذكر من فروعهم بسيناء الصقيرات والبنيات والشتيات والقديرات والبريكات، وكان شيخهم في بداية هذا القرن حمد مصلح من عشيرة الصقيرات.
(1)
وقال نعوم شقير: كان للتياها رطلان عن كلّ ما يباع من المأكولات وربع كيلة عن كلّ صنف من الغلال في سوق نِخْل.
وقال عارف العارف في القضاء بين البدو عن التياها:
سكن التياها في فلسطين في الأراضي الواقعة بين قضاء الخليل في الضفة الغربية لنهر الأردن والبحر الميت، وبين بلاد الجبارات والترابين والعزازمة والسعيديين، والقسم الشرقي من بلادهم الواقع على ساحل البحر الميت عبارة عن مرتفعات تعلو قممها إلى نحو 640 مترًا، وقد قدر عدد أفراد التياها عام 1931 م بنحو 13708 نسمة منهم 7507 ذكر، 6201 أنثي، وفي صيف 1946 م بلغوا 25153 نسمة.
[أ] التفصيل عن عشائر النباها في سيناء
أشهر عشائر التياها في بلاد التيه بسيناء المصرية هي:
الصقيرات، والبنيات، والشهيبات، والقديرات، والبريكات، وبنو عامر، وبنو عوده. وملخص مسكنهم في المنطقة الممتدة من عين سدر غربي سيناء غربًا إلى القسيمة في أواسط سيناء شرقًا، ومن منازلهم وادي العريش والقصيمة ونخل وجبل الحلال وعين المويلح ويشتهر التياها بحب السلام والوداعة وبساطة العيش ولربما بعضهم بالعناد وشكاسة الطبع.
(أ) بنو عامر: منهم في نخل وأم سعيد والملحا وبرقا وأعالي وادي العريش، ويتبع بني عامر هؤلاء تياهة الجديرات الذين يسكنون وادي الجديرات المسمى بهم.
(ب) البريكات: منهم في قريَّا وعجرود ومعين.
(ج) الشهيبات: في الحظيرة وجبل الحلال.
(د) البنيات: في القصيمة والحسنة والسمادة والحمة.
ونذكر أشهر شيوخ التياها في سيناء وهم: عيد مصلح بن عامر، وحسين الدهيني، ومبارك محمد بن ناصر.
ومن قضاة التياها في البادية نذكر: سليمان عطية سليمان بن الناصر، وعيد مصلح بن عامر، وسليمان أبو راس.
وتمتد أراضي قبيلة التياها خارج حدود سيناء إلى جنوب فلسطين، وذكر عارف العارف أن منهم حول بئر السبع بصحراء النقب حوالي خمسة عشر ألف تيهي، وقد كانت منازل التياها حتى أوائل هذا القرن قرب غزة وخان يونس وغيرها من قرى جنوب فلسطين ثم هاجر الكثير منهم إلى سيناء بعد إجبار السلطات الإسرائيلية لهم على ترك بلادهم، وقسَّم العارف تقسيمًا دقيقًا عن عشائر التياها وقال: تتألف القبيلة من 25 عشيرة، والمعروف أن الحكوك والعلَّامات والشلالين والبدينات والعرور هم ضمن عشائر التياها الأصليين الذين ينسبون إلى بني هلال العدنانية.
[ب] التفصيل عن عشائر التياها في فلسطين
(1)
الحكوك وهم:
- حكوك الهزيِّل وتتألف من فروع الهزيِّل وسعوديين وكراشفة وغرباء.
- حكوك الأسد وتتألف من الأسد وديسات وغرباء.
- حكوك أبي عبدون وتتألف من أبي عبدون وسمامرة وحجوج وابن جبرين وصابحة وغرباء.
- حكوك البريقي وتتألف من بريقين وبحيري وحمامدة.
- بلِّي: وتضم العرادات والفرينات والهروف والزبالة وغرباء، وقيل: إن العرادات من السواركة والقرينات من القرين في محافظة الشرقية مركز فاقوس ومنهم يتبع قبائل أخرى في بئر السبع، أما باقي الفروع من بلِّي فهم من قُضَاعة كما هو معروف.
(2)
العلَّامات وهما:
- علَّامات أبي لبة وتضم المزاعيل والشلوح وغرباء.
- علَّامات أبي جقيم وتتألف من جقيمات وزوايدة وصباتين وغرباء.
- علَّامات أبي شنار وتضم أبو شنار وبواطلة وغرباء.
وعرف العلَّامات من التياها بالشجاعة والإقدام والجرأة.
- الشلاليون وتتألف من الشلاليين والغيوث والنواجعة وقنشان وقضاة وسعادنة وغرباء، ويظهر أن السعادنة هؤلاء وسعادنة الجبارات من أصل واحد، ولعلَّ الغيوث هم من أعقاب الغيوث من ثعلبة (طييء) القحطانية.
(3)
القديرات وهم:
- قديرات أبي رقيق وتضم الرفايعة ونوادي وصلابة وعصيات وعبيد وغرباء.
- قديرات الصانع وتشمل الصانع وبناري وسبايتة وقَبَلي وزباركة وغرباء.
- قديرات أبي كف وتتألف من الكفوف والطرشان والبطون وغرباء.
- قديرات الأعسم وتشمل عثمان و هواشلة والسيديين وغرباء هؤلاء مصريين نزحوا من فاقوسن بمحافظة الشرقية ونزل بعضهم قضاء بئر السبع في فلسطين وآخرون في سحاب بالأردن وآخرون في مرج ابن عامر الشمالي فلسطين وجاوروا التركمان.
وقد اختلف في تعيين نسب القديرات فمنهم من نسبهم إلي التياها وآخرون نسبوهم إلى شَمَّر القحطانية في نجد أو غير ذلك، ومن القديرات فرقة في سيناء تسكن بلاد التيه، ولا يستبعد أن يكون القديرات هؤلاء من جَرْم بن ربَّان من قُضَاعة.
(4)
الظُلَّام وهم:
- ظُلَّام أبي ربيعة: وأقسامهم ربيعات ومحمديين وقرعان وغرباء.
- ظُلَّام أبي جويعد: فروعهم رحاحلة وبدور ومعايدة وصرابعة وغرباء.
- ظُلَّام أبي قرينات: أقسامهم غولة وغناميين
(1)
وأبو قرينات وعيال سليمان وغرباء.
- الجنابيب: فرع من الظُلَّام منهم كشاحرَّة، وجوج. ويعود نسب الظُلَّام إلى قبيلة بلِّي القُضَاعية.
(1)
قلت: الغناميين من حويطاته التَهَم في السعودية.
(5)
الرماضين وهم:
- رماضين مسامرة: وتشتمل على زغارنة ونقايرة ومسامرة ودغامة وعجارمة وغرباء.
- رماضين الشعور: وتتألف من الشعور والمليحات والزغارنة والدغاغمة والسواعدة وغرباء.
ويذكر الرماضيون أنهم من شَمَّر أبناء عم الرتيمات من قبيلة الجبارات، وفي دولة قطر جماعة يعرفون باسم رمازين يقولون إنهم أتوا من بلاد غزة بفلسطين، ولربما يكونوا فرعًا منهم وحولوا الضاد زاي على قاعدة الترك العثمالي التي تلفظ الضاد - ظاء والله أعلم.
- بنو عُقْبة: وتتألف من قريش وصبيحات وطوَّرة وقطاطوة وغرباء، وقد مر ذكر بني عُقبة وأن أصلهم من جُذام من كهلان القحطانيين من عرب اليمن، أما عن القطاطوة فهم قبيلة تسكن بلاد الساحل غرب العريش في سيناء، والطورة من قبائل الطور بسيناء الجنوبية.
- النتوش: أصلهم من بني عطية (المعَّازة) وينسب إليهم آل النتشة في الخليل وإلى هؤلاء عائلة الهباب الوجيهة بيافا.
- الرواشدة: وتضم الرواشدة والزوارعة وغرباء.
- البدينات: وتضم الخطاطبة والربايعة والمرابين والعوانسة والعايدي والقريناوية والقطاطوة وغرباء.
- العرور: وتشمل العرور وغرباء.
- القلازين: ويذكرون أنهم من الأشراف
(1)
وهم إخوة قلارين الجبارات ومنهم الغصينات والقطامين والحمودات والغفايرة والدبايغة والجعيثني.
(1)
قلت: الصحيح أنهم يذكرون نسبهم إلى عُتيبة من هَوَازِن، ويُروى أن القلازين من أشجع فرسان التياها ولم يثبت عليهم البدو الفرار من الميدان أيام حروب التياها مع القبائل الأخرى؛ ولذلك سُمح لنسائهم دون نساء البدو قاطبة بارتداء القناع الأبيض خلاف البدويات التي يلزم خروجهن بالقناع أو العباءة السوداء. والراجح أن تسمية القلازين مستمدة من اسم وادي قالزان في بلاد النقب.
لمحة تاريخية عن النباها وحروبهم
اشتبك التياها أيام العثمانيين في معركة كبيرة مع الجند العثمالي بعد رجوع ثريا باشا إلى القدس من غزة وذلك في عام 1858 م وكانت خسائر الطرفين فادحة، إلى جانب حروبهم الدامية مع الترابين، (انظر السرد عن الترابين والسرد عن حروب السواركة والتياها وحروب التياها والأحيوات).
وذكر نعوم شقير أن حروبًا قد قامت بين التياها وبني عطية (المعَّازة) خاصة مع بني عطية في الأردن.
ولتمام الفائدة نذكر ما ذكره المؤرخ عارف العارف الفلسطيني عن قبيلة التياها في كتابه تاريخ بئر السبع وقبائله الصادر عام 1936 م.
أولًا - قال عن أصل التياها التالي:
هنالك أقوال مختلفة وآراء متباينة في أصلهم فمن قائل أنهم من مُضَر، ومُضَر من القبائل العدنانية كما تعلم، ومن قائل أنهم من الأوس والخزرج. والأوس والخزرج من "الأزد" وهم من بني زيد بن كهلان. وبنو كهلان من الشعوب القحطانية الذين كانوا يتداولون ملك اليمن مع حِمْيَر.
والبعض يزعم أنهم فرقة من بني هلال من نجد، تاهت عنهم وهي ظاعنة البلاد المغرب. وقد جاء في (سبائك الذهب) أن هلالًا بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هَوَازِن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عَيْلان ومنازلهم في الحجاز.
وقال ابن قتيبة في كتابه "المعارف" أن قيس عَيْلان هو ابن مُضَر بن نزار بن مَعْد بن عدنان.
وقد قيل لهم "تياها"؛ لأنهم أقدم القبائل توطنًا في التيه، وعلى قول أن هذا الاسم أطلق عليهم لأنه لَمْ يلحقهم أحد من النساب بقبيلة مشهورة، والله أعلم بالصواب.
حدثني الشيخ سلامة أبو شنار من مشايخ التياها الطاعنين في السن أن جد التياها يدعى (سالم التيهي) وهو من الخزرج، وأن هذا كان قائدًا لإحدى السرايا
التي استعرضها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عندما انخرط أبو سفيان في لواء الإسلام. ولقد خرج سالم التيهي مع قومه من الحجاز مع من خرج منها أثناء الفتوحات الإسلامية الأولي، ثم نزلوا صحراء سيناء واستوطنوا التيه، وهناك كثرت ذريتهم وانتشروا حتى احتلوا قسمًا كبيرًا من الأراضي المجاورة لهم: وها هم اليوم يشغلون أخصب البقاع في سيناء وفلسطين.
وهنالك فريق يزعم أنهم لما جاءوا من الشرق كانوا بقيادة أميرهم (رباب) وأنهم بعد أن نزلوا بادية التي استوطنوا (جبل الحلال) ثم أخذوا من هناك يزاحمون العزازمة والحناجرة ويحتلون أراضيهم إلى أن أرغموهم على النزوح إلى حيث هم الآن.
ثانيًا - عن فروع التياها قال:
وفرق التياها كثيرة منها ما هو تيهي الأصل والنسب كالعلَّامات، والحكوك، والنتوش، واليدينات، وأولاد عمري، والشلاليين، والشتيات والصقيرات، والبنيات
(1)
، ومنها ما ليس بتيهي، بل تابع أو حليف انضم إليهم كالظلَّام، والرماضين، وبني عُقبة، وبلي، وغيرهم، وهذه الفرق كلها مشهورة بالكرم والوفاء والصدق.
وأما القديرات فقد اختلف في أصلهم، فمن قائل أنهم تياها أصلًا وفصلا ومن قائل أنهم ليسوا كذلك. وسنوفي هذا الموضوع حقه عند البحث عنهم في فصلهم الخاص.
كان لرباب - عندما نزل بادية التيه - خمسة أولاد هم:
عمري: جد عيال عمري.
حك: جد الحكوك.
علام: جد العلَّامات.
(1)
إن الفرق الثلاث الأخيرة من عربان سيناء في الوقت الحاضر.
مصلح: جد البدينات.
قدير: جد القديرات.
وعلى رواية أن قديرا وحكا ليسا من أولاد رباب، وأن حكا من سلالة مضيان، وأن مضيانًا وربابًا كانا أخوين عندما نزلا هذه البلاد، فجاء الحكوك والبريكات من مضيان. وجاء من رباب أربعة أولًا:(علَّام) جد العلَّامات والشلاليين و (عمري) جد عيال عمري، و (صقير) جد الصقيرات و (شتبه) جد الشتيات.
الحكوك:
من سلالة "حك" وقد كانوا قديمًا يعيشون معا تحت قيادة شيخ واحد. وظلوا كذلك حتى مشيخة "سليمان العيوطي" من الهزيليين. وكان هذا كريمًا وظالمًا في آن واحد، فانفصل عنه الأسد وأبو عبدون والبريقي
(1)
ثم وحدتهم الحكومة في بدء وأقامت عليهم رئيسا واحد من الهزيليين.
ولكنهم لَمْ يطيقوا صبرًا بعد أن ذاقوا طعم الاستقلال، فسعوا إلى الانفصال ونجحوا، وها هم اليوم أربع عشائر هي:
حكوك الهزيل: شيخهم سلمان بن علي سلمان بن علي بن عزام الهزيل.
حكوك الأسد: شيخهم سليمان بن سُلَيم بن سالم عودة بن عواد الأسد.
حكوك البريقي: شيخهم سُلَيم بن علي بن سُلَيم البريقي.
حكوك أبو عبدون: شيخهم عديسان بن حسن بن سليمان بن عديسان أبو عبدون.
يعتبر الهزيليون أنفسهم أقدم وأشرف عائلة بين التياها ويصل بعضهم إلى حد القول أنهم قادة التياها كلهم؛ وفيهم يقول البدو "قوادر الجرائم" أو "سفاكو الدماء" وموقفهم من التياها كموقف الستوت من الترابين.
(1)
كذا بلفظونها في بئر السبع، وعندي أنهم يقصدون أن يقولوا (البريكي) نسبة إلى بريك.
حدثني الشيخ سلمان الهزيل "شيخهم الحالي" قال: إن أصلنا من البريكات من تياهة سيناء وأن (بريك) جدهم و (صقير) و (بنية) و (شتيوي) إخوان أربعة من أب واحد. ولقد خلف "بريك" البريكات الموجودين الآن في سيناء بقيادة "الشيخ مضعان العضيضي"، و "صقير" الصقيرات وهم التياها الذين يرأسهم الشيخ سالم العوامرة"، ومن "بنية" جاء البنيات ومن شتيوي" جاء الشتيات وكلهم من عرب التياها النازلين في سيناء والتابعين لحكومة مصر في يومنا هذا.
وقال: "كانت سطوة الهزيل، في زمن جدي
(1)
أقوى من كلّ وقت، وكان حكمه ممتدًا من جبل الخليل حتى وادي العربة. وكان قسم كبير من القيسية
(2)
، والترابين، والعزازمة ينضمون إلى الهزيليين في حروبهم وقد وصل هؤلاء من النفوذ والسطوة إلى درجة أن العرب الذين كانوا يدخلون فلسطين من شرق الأردن في طريقهم إلى غزة كانوا يحسبون لهم حسابا عندما تطا أقدامهم وادي العربة
(3)
. وعلى قول أنهم ما كانوا ليقدروا على اجتياز الحد قبل أن يعدُّوا للأمر عدته، ويقدموا إلى كبير الهزيليين ما قدَّرهم عليه الإله من سمن ودقيق وذبائح وجمال وما إلى ذلك من هدايا وافرة".
ويظهر أن الأتراك لَمْ يعجبهم استبداد الهزيلين هذا، فاستحضروا شيخهم سليمانًا إلى الشام، وهناك شنقوه؛ ومن قائل أن الحكم بالشنق صدر على أثر الشكاوى المرة التي رفعها إليهم كلّ من الشيخ سليمان بن عطية وحليفه محمد أبو علي الشوا من ملاكي غزة ووجهائها. ومن التَهَم التي ألصقاها به أنه كان يغتصب البنات ويهتك أعراضهن جبرًا، وأنه فض بكارة أربعين فتاة من هذا القبيل. ومنها أنه جمع من العربان مالًا كثيرًا بطرق غير مشروعة، وأنه لا يدفع للحكومة شيئًا من المال الذي يجمعه باسمها.
وأما العداء بين بني هزيل التياها وبين بني عطية (المعَّازة) فيرجع إلى أسباب
(1)
ويُدعى الشيخ سلمان أيضًا وقد اشتهر بالظلم والميل للشر.
(2)
أهل جبل الخليل.
(3)
هو الحد الفاصل بين فلسطين وشرفي الأردن وسنأتي على ذكره في تاريخ السعيديين من الحويطات.
عديدة منها وأهمها مسألة الرئاسة وجمع المال فكان كلا الفريقين يسعى لهدم الآخر بأحلاف يسترضيهم ويضمهم إليه ليتمكن من قهر خصمه.
وعن "أسد" بطن من ربيعة، وربيعَةَ إحدى القبائل الأربع
(1)
المنحدرة عن نزار، ونزار من مَعْد بن عدنان.
ومن أسد بنو عَنَزة، وجديلة، وإليهم ينتهي نسب عبد القيس سكان بلاد البحرين. كانوا في الحجاز ثم نزحوا إلى البحرين وزاحموا بها بكر بن وائل وتميم. وعلى قول أن قسما منهم جاء إلى غزة ومشارف الشام أثناء تلك الحروب.
وفي رواية أخرى أن أسد والهون فرعان من خزيمة، وأن أسد بطن كبير متسع، منازلهم مما يلي الكرخ من أرض نجد بجوار طيئ، وهم "أي أسد" خصوم امرئ القيس وقتلة أبيه، ومنهم "عبيد بن الأبرص" و"بشير بن أبي خازم" الشاعران المشهوران.
هذا جل ما نعلمه عن أسد العدنانية. ولكن الذي لا نستطيع أن نجزم في صحته هو ما إذا كان فرع الأسد من الحكوك النازلين بالقرب من بئر السبع يمتون إلى أحد البطون المتقدم ذكرها بلحمة نسب؟ نترك الحكم في ذلك إلى من سيهمه هذا البحث من بعدنا. ونكتفي الآن بالقول أن الحكوك يقيمون في زبالة، واللقية، وأبي سمارة، والشريعة، وخربة زمارة، وعددهم يقرب من الألفين بين نساء ورجال.
العلَّامات:
جدهم "علَّام" من أولاد رباب جد التياها. نزلوا هذه البلاد في أوائل الفتح الإسلامي وهم بين التياها كالغوالي بين الترابين.
(1)
وبنو نزار هم: ربيعة ومُضَر وإياد وأنمار.
تحدثت إلى عدد كبير من مشايخهم، وكان بينهم جماعة من الطاعنين في السن، فحدثوني عن أصلهم وقالوا أن جدهم علَّاما خلف ولدين: أبو شلة
(1)
، وأبو شعرة
(2)
. أما أبو شلة فقد خلف الشلاليين وسنأتي على ذكرهم. وأما أبو شعرة فقد خلف: موسى، وعودة، والأقرع، وسلامة، وصبح. أما موسى فهو جد أبي شنار والعيادات والعصبي؛ وأما عودة فإنه جد الجقيمات، وأما الأقرع فقد خلف المزاغيل والشلوح، وأما سلامة فقد خلف البواطلة، وأما صبح فهو جد الزوايدة وفريق أبي زعيزع. وأول من تكنى بـ (أبي لبة)
(3)
من المزاغيل هو محسن أبو سلامة شيخ علَّامات أبي لبة في الوقت الحاضر.
والعلَّامات شجعان. وقد قدر البعض عددهم بألفين إلَّا قليلًا.
منازلهم في بطيحة، وخويلفة، وأبي سمارة، والعراقيب، وقد كانوا قديمًا في مشيخة واحدة. وكان شيخهم قديمًا عبادة بن حسن أبو شنار، ثم طليحان بن عيادة، ثم موسى بن طليحان، ثم حسن أبو علي، ثم سالم بن موسى، ثم حسن بن موسى، ثم علي بن حسن، ثم سلامة بن موسى. وعندما اتهم سلامة بن موسى أبو شنار بإيواء الأشقياء ومساعدتهم سجنته الحكومة في أوائل الاحتلال الإنجليزي، فقام الفريق الغاضب على أبي شنار من العلَّامات وطلب الانفصال نفصلوا وجعل منهم ثلاث عشائر.
(أ) علَّامات أبو شنار.
(ب) علَّامات أبو جقيم.
(ج) علَّامات أبو لبة.
وشيخ علَّامات أبو شنار موسى أبو شنار، وشيخ علَّامات أبو جقيم عطا أبو جقيم، وشيخ علَّامات أبو لبة سلامة أبو لبة.
ووسمهم الخطام والمطارق = واللذعة.
(1)
إشارة إلى أن أعداءه انقضوا عليه في أحد الأيام وهو يهيئ (شلة) جواده، فوضع الشلة في رقبته، ونهض بدرًا عنه شر أعدائه فارتدوا دون أن يفوزوا منه بطائل.
(2)
إشارة إلى أنه كان يغتسل عندما غزاه القوم، ففزع ولحق بهم قبل أن يتمكن من الارتداء بثوبه وقد كانت (شعرة حياه) ظاهرة، فسموه (أبو شعرة).
(3)
السبب في هذه التسمية أن أمه كانت تحبه حبًا جمًا حتى إنها كانت تضع في رقبته (لبة) من المذهب كما تفعل الأمهات لبناتهن.
اشتهر منهم "سُلَيم أبو طليحان أبو شنار" المُلَّقب (بالعيوطي) بالفروسية وضرب السيف، وكذلك "حسن بن عيادة أبو شنار". وكلاهما اشتهر في حرابة عودة وعامر. لكن الأول كان مختالا أكثر مما كان جريئًا؛ ولذلك لقب بـ "أبي زنيط"، وأما الثاني فقد اشتهر بمواجهة الخصم ومقارعة الفرسان وبالشجاعة أثناء الطعن والنزال، ولقد اشتهر منهم سالم بن قاسم أبو شلحة، ومحسن بن سلامة أبو لبة فقد كان الأول كريمًا مقدامًا، وكان الثاني حلَّالًا للمشاكل.
عيال عمري:
قيل أنهم أعقاب (عمري)، وعمري - كما تعلم - أحد أولاد رباب جد التياها، له فضل على التياها إذ مكنهم من الظهور على أعدائهم المتحدين، فخذلوهم وكسروهم شر كسرة، والغريب أنهم - أي التياها - أخذوا يكرهونه بعد موته كرهًا لا مزيد عليه، فتراهم يغضبون لذكره، ويرمون على قبره حجرًا كلما مروا بجانبه، كما أنهم يبولون ويتغوطون على قبره، فإذا نهاهم أحد يعتقدون أنه يعطب في الحال. إما أن يسقط عن بعيره أو يعثر به فتنكسر يده أو رجله أو صدره أو تفقأ عينه. وقد حكى لي بعض رجال عمري أن آباءهم من مدة قد اهتموا بزيارة جدهم عمري فجمعوا إبلهم وغنمهم وخيولهم وظعنوا بعيالهم حتى دخلوا إلى الرجم وذبحوا قرابينهم فما لبثوا برهة إلَّا وقد ثارت الريح والزوابع وثار الغبار وانكفأت القدور وهدمت الخيام ونفرت الإبل والخيول فانشغلوا بلم شعثهم وقبض إبلهم وخيولهم ورجعوا عنه بحالة شنيعة من الغيظ الذي ألمَّ بهم فصاروا يسبونه ويلعنونه كباقي العشائر لحد الآن، وقبره على الضفة اليسرى من (وادي الأبيض).
وإذا أراد أحد الفلاحين في فلسطين أن يغيظ أعرابيًّا قال له: "الله يجعلك من عقد عمري"
(1)
.
(1)
قلت: وقد سمعت الحويطات في مصر أيضًا يقولون لمن يفشل في قضاء حاجته: "عمري في وجهك"، وأيضًا نساء الحويطات يقلن للشيء إذا فسد على غير المتوقع "يا عمري" وهذا عندهن يرمز لسوء الحظ والنحس. ويدل ذلك على شهرة "عمري التيهي" وجعل قبائل العرب يرمزون به في الخيبة والخسران وسوء الحظ.
إن هذا الكره لعمري نشأ بعد مماته، ولم يكن له أثر في حياته. وعيال عمري في الوقت الحاضر هم "العرور" و"الرواشدة". وأما النتوش فليسوا منهم، إذ إن هؤلاء قد انفصلوا عن العرور والرواشدة قبل أن يظهر منهم عمري.
إنهم قليلو العدد لا يتجاوزون الخمسمائة ومنازلهم في العشيب، وفعيلص، والشريعة، وخربة الجندي، ووسمهم المطارق للرواشدة، والـ للعرور، وكذلك الخطام - للرواشدة والخطامان = للعرور.
النتوش:
ويقال لهم (العطاونة) نسبة إلى (عطية) جدهم. وهو مدفون في تبوك. إنهم يمتُّون بالقربى إلى بني عطية المقيمين في شرق الأردن وشمال الحجاز.
عندما توفي عطية خلَّف وراءه ولدًا اسماه (واكدًا)، وقد خلف هذا (حسينًا)، ومن بعد حسين جاء (عواد). ويظهر أن هذا أول من استوطن صحراء سيناء، وله فيها أراض شاسعة
(1)
. ثم جاء سُلَيم بن عواد فهبط فلسطين وهنا كثرت ذريته، وازداد شأنه، حتى أن ولده سالم (وهو أخو عودة وعامر المشهورين) قاوم إبراهيم باشا مقاومة عنيفة، إلَّا أنه قُتل في إحدى المعارك التي دارت بين الفريقين ودفن في (بيت جبرين) وقبره لا يزال قائمًا بالقرب من بايكة عطا الله مريزيق.
عددهم الآن ينوف عن الألف ويقطنون الجمامة والشريعة وهم من الأسر المحترمة بين التياها. وقد كانوا حتى زمن قريب قادة الصف كلهم، فالعلَّامات وعيال عمري، والبدينات، والقلازين، والظلام، والرماضين من تباهة فلسطين؛ وكذلك الشتيات، والصقيرات، والبنيات من تياهة سيناء كانوا ينضمون تحت لواء "ابن عطية"، الذي وصل من العز والسؤدد درجة كان يجبي معها (الخاوة) من أهالي غزة والجليل في فلسطين.
(1)
ولقد قام في مطلع العام الفائت فريق من العطاونة المقيمين في بئر سبع والذين يمتون إلى هذا بالنسب يطالبون الحكومة المصرية برد هذه الأراضي إليهم.
إن حرابة عودة وعامر وإن جعلت لهم صيتا في هذه البلاد بسبب أن كليهما ينتمي لهذ العائلة، إلَّا أنَّها ضعضعت - من حيث النتيجة - قسمًا كبيرًا من نفوذهم؛ لأنَّ العشائر المتقدم ذكرها سعت، على أثر تلك الحرب، لأنَّ تستقل عنهم وتكون لنفسها كيانا مستقلا وقد نجحت فعلًا كما رأيت في تاريخ كلّ منها.
إن أول من نصب شيخًا على النتوش "سُلَيم بن عطية" ثم من بعده نصب ولده سالم، ومن بعد هذا عودة وعامر اللذان سمعت بذكرهما في فصل الحروب. ومن مشايخهم الذين كان لهم شأن يذكر "سليمان العطاونة" إذ كان أشهر من أنجب النتوش من الرجال من حيث الغني والكرم وحل المشاكل. ومن رجالهم المشهورين "جبر بن سالم" فقد حدثوني عنه أنه كان فارسًا مقدامًا يهجم على الخيل مهما كان عددها دون أن يحسب لها حسابًا.
وأما الشيخ علي بن عطية، فإنه اشتهر بالحلم والتقوى وبُعد النظر، حتى أنه كان مرجعًا لعربان السبع ولا سيما التياها منهم. وقد تأهل بامرأة حضرية واستوطن السبع وكان حكام الأتراك يزورونه ويسترشدون بآرائه في كثير من الأمور، وقد عهدوا إليه بكثير من الوظائف كعضوية المجلس العمومي بالقدس، ومجلس الإدارة بالسبع، ورئاسة البلدية. وهو على ما أعتقد أول من علَّم أولاده من البدو. ومنهم الشيخ حسن شيخ العشيرة الحالي، وفريد أفندي الموظف في ديوان المالية بالسبع، وسليم أفندي خريج مدرسة الزراعة في طولكرم.
بلِّي:
بلِّي بطن من قُضَاعة
(1)
، والنسبة إليهم بلوي، إنهم بنو عمرو بن الحاف بن قُضَاعة بن مالك بن عمرو بن مره بن زيد بن مالك بن حِمْيَر بن سبا، وحمير أخو كھلان، وهما ولدا سبأ. وقد كانت منازلهم شمال الحجاز شرقي جُهَيْنة.
(1)
المشهور من قُضَاعة سبعة أحياء: بلِّي وجهينة وكلب وعذرة وبهراء ونهد وجرم.
حدثني الشيخ هليل الصهابين أن المعروف لدى العربان أن بلِّي كانوا ذوي عدد وشرف وهم أول من نزل مصر من العرب لقربهم منها؛ لأنهم يسكنون شرقي جُهَيْنة على خليج العقبة.
الفريق النازل من بلِّي في بئر السبع قليل عددهم (300)، وهم يقيمون في خربة تدعى "أم دبكل"، وينقسمون إلى أربع فرق هي: العرادات، والقرينات، والهروف، والزبالة، وسمهم المحجن.
كانوا أولاد تابعين لابن عطية، ثم صاروا مع الهزيل، وذلك بعد حرابة عودة وعامر؛ وأول من شيخوه عليهم مريزيق الكنيشي، ثم مسعد الهرفي، فسالم أبو لمونة، فهليل الصهابين شيخهم الحالي.
وهناك فرق أخرى من بلِّي تعيش في سيناء بقيادة كبيرها "حسين بن طحيمر" وآخرون في الحجاز نارلون في "الوجه" و "العلا" وكبيرهم "سليمان بن رفادة" منحه الأتراك رتبة الباشاوية وعددًا من الأوسمة، ويحكي عنه أنه كان فارسًا مغوارًا، وبعد موته أقام الملك عبد العزيز آل سعود ولده "إبراهيم بن سليمان" شيخًا على قومه، فغضب لذلك ابن عمه "حامد بن رفادة" الملقَّب بالأعور؛ ذلك لأنه كان يطمح لأن يكون هو الشيخ، ولم يمض على ذلك زمن كبير حتى استغل هذا جماعة من الحجازيين فقاموا يحرضون حامدًا ضد ابن عمه إبراهيم وبالأحرى ضد الملك عبد العزيز آل سعود .. وتسلل هذا إلى البقاع الواقعة في شمال الحجاز، ولكنه لَمْ يكد يجتاز مرحلة يوم أو بعض يوم حتى ارتد هو ومن معه على أعقابهم. وقد لاقى بعضهم حتفه في المعركة الحاسمة التي جرت بينهم وبين السعوديين في "مويلح" بالقرب من ضبا، كما أن ابن رفادة نفسه وأولاده كانوا بين المقتولين.
وعلى أثر هذه الحادثة تشتت شمل فريق كبير من بلِّي وتمزقوا أيدي سبأ، وقد رأيت كثيرين منهم هائمين على وجوههم في ديار السبع. وحدثني بعضهم أن
الجوع عضهم لدرجة أنهم اضطروا إلى أن يزوجوا بناتهم ويبيعوا أولادهم ليتخلصوا منهم!
الشلاليون:
لَمْ يستطع أحد من الشلاليين، بالرغم من أنني تحدثت إلى عدد كبير من كهولهم وشبانهم، أن ينبئني عن حقيقة تاريخهم، ولم أعثر فيما تصفحته من الكتب على أي خبر يهديني إلى ضالتي. وكل ما سمعته عنهم أنهم من ذرية سيدنا الخليل عليه السلام
(1)
. وقال قائل أنهم والعلَّامات أبناء عم، وأن جدهم يُدعى "أبو شلة" وأن أبا شلة هذا عندما مات خلف سلالة كبيرة، ومن سلالته:
(1)
أبو غيث - جد الغيوث. (2) القاضي - جد القضاة.
(3)
أبو ناجع - جد النواجعة. (4) أبو فنوش - جد الفنشان.
وأما السعادنة وهم فريق من الشلاليين فيظهر أنهم وسعادنة الجبارات من أصل واحد. وسنأتي على ذكر شيء من ماضيهم في فصل الجبارات.
كان الشلاليون تابعين إلى ابن عطية، ثم انفصلوا عنه على أثر حرابة عودة وعامر، وظلوا زمنا غير قليل معدودين من العلَّامات إلى أن انفصلوا عن هؤلاء أيضًا وكونوا لأنفسهم كيانا مستقلا، وأول من شيَّخوه عليهم سلَّام بن كوينين أبو غيث، ثم عيد بن مطلق أبو غيث، ثم عودة بن عيد أبو غيث، فسالم الشراري بن محسن أبو غيث، فمحمد بن جمعة أبو غيث الحالي.
وسمهم الباب والخطام - واللذعة، ومنازلهم في سعود، والمليحة، وقصابة، وعددهم يقرب من الألف بين كبير وصغير.
(1)
قلت: هذا القول فيه سذاجة من البدو؛ لأنَّ العرب العدنانية كلهم من ذرية إسماعيل ابن الخليل إبراهيم عليهما السلام. ولكنه لربما يشير أو يرجح أن التياها من العدنانية حسب الرأي القائل بأنهم من بني هلال، ويخالف الرأي القائل بأنهم من الخزرج لأنَّ الخزرج أرديون قحطانيون لبسوا من ذرية الخليل إبراهيم عليه السلام.
بنو عُقبة:
ليسوا بتياها أصلًا، وإنما خالطوا التياها وعاشروهم فصاروا منهم. جدهم "عُقبة"، وعلى قول أن عُقبة من جُذام، وجذام بطن من كهلان، وكهلان وحِمْيَر أعقاب يعرب، ويعرب وجرهم هما من بني قحطان.
وهناك من يقول أنهم أعقاب "مدين"، وقد ساقهم موسى إلى تلك الديار، وأنهم كانوا قديمًا جنوبي عراض بالقرب من عرعرة، ثم جاءوا إلى زحليقة حيث هم الآن.
وقد أيد هذه الرواية القلقشندي في كتابه (صبح الأعشى).
ويزعم نسابة مُضَر أنهم من مُضَر من العدنانية.
وقال الحمداني: "ويقال عنهم أنهم من ولد يعفر بن مدين
(1)
ابن سيدنا الخليل عليه السلام".
وبنو عُقبة محترمون في يومنا هذا بين العربان، يؤمونهم لأجل التقاضي في مسائل النساء وفي (بياض الوجوه) وغير ذلك، وقد عرفوا بالاطلاع الواسع في أمور القضاء قديمًا وحديثًا. وبذلك نالوا مكانة رفيعة بين البدو، حتى أن هؤلاء لا يشربون القهوة إلَّا بعد أن يشربها العُقْبي إذا كان ثمة عُقْبي، حتى لو كان هذا صبيًا يافعا.
ومن الأساطير الشائعة بين البدو عن بني عُقبة أن أجدادهم كانوا يقطنون الحجاز، وكان لهم أميران: داود وابن عمه مسعود
(2)
، وأن كلا الأميرين كان قائدًا لأربعين ألف فارس.
(1)
وقد أيد هذه الرواية Alois Musil في كتابه Arabia Petraea المطبوع في فيينا سنة 1908.
(2)
هنا الرواية غير صحيحة عن عارف المعارف حسبما تلقاها من البدو، ومسعود ليس ابن عم دارد العقي، وإنما هو أمير قبيلة المساعيد العدنانية (انظر السرد في المساعيد).
وقد حدث في إحدى السنين أن أخصبت أراضي غزة خصبًا لا مثيل له من قبل، فطار صيت مراعيها. وارتادها الرواد من كلّ جانب، وكان من بينهم بنو عُقبة المار ذكرهم، فلما وصل خبر عزمهم هذا إلى مكان بلاد غزة الجبارات (وقد كان الوحيدي قائدهم) أخذ هؤلاء يفكرون في أمرهم، ولما كان عددهم قليلًا بالنسبة إلى بني عُقبة ولا قبل لهم بمحاربة الغزاة، لجأ كبيرهم الوحيدي إلى حيلة، وهي أنه أرسل إليهم فتاة (مطيرية) جميلة من مطيرية الدويش كانت طنيبة لديهم، وأمرها بأن تتظاهر بالطنب على (داود) لعلمهم بأن (سعود بن مسعود) كان مغرمًا بالنساء ولا بد أن يسعى لأخذها من داود، فيقع قتال بين الاثنين ويضعفان، وهذا ما وقع، إذ أطنبت الفتاة على (داود) عندما كان هذا وابن عمه وجيوشهما يردون جميعًا ماء الحصب في وادي العربة. وفي هذه البرهة كان سعود يلعب (المنقلة) مع عبد من عبيد ابن عمه داود بجانب شجرة الحصب، فوردت الفتاة الماء وأخذت تشرب منه وهي سافرة، فرآها وأعجب بجمالها، ولما رأى العبد انشغال فكره سأله قائلًا:"ما تري يا حباب أي يا سيدي"
(1)
؟
قال سعود:
ما قال ابن مسعود شاف نظره
غزال ما بين الحنايا شقى بها
فالتف العبد إلى المطيرية ولما رآها أنشد يقول:
مطيرية يا أمير ما هي لنا من قبيلة
ولا هي من حمانا لك نجيبها
(1)
قلت: هذا الحوار في الشعر كان بين أميرين هما داود العقبي وسعود المسعودي، وليس بين العبد وسيده داود كما يروي هنا عارف العارف، وليس من المعقول أن يقول العبد:(وَلَا هي من حمانا) فليس العبد له حمى ولا يحمي نفسه بل هو في حمى سبيده فكيف به يحمي الآخرين.
والشعر لداود العقبي أمير بني عُقبة مع نظيره سعود المسعودي كما تقدم سرد ذلك في قبيلة المساعيد.
فقال سعود:
نجيبها بالسرد
(1)
والمرد
(2)
والقنا
وضربة تعدِّي جارها مع طنيبها
فقال العبد:
يا ما دونها يا أمير من طعن سابق
وحربة تقد
(3)
الجوف حامي لهيبها
نرعى بها حسما وشقره ونعمه وعاجات
(4)
وننثني ونعديها عن كلّ وبش
(5)
يريدها
مطيرية يا أمير ما هي لنا من قبيلة
طيبة لداود اللِّي ما يعيبها
إن شاف الغر
(6)
يجنب ثوبها
لا يسأل عنها ولا يعتني بها
(7)
يا ما دونها يا أمير من طعن سابق
وكم عودة
(8)
في الميدان ما ينسخي بها
يا ما دونها يا أمير من طعن سابق
وعين تغض البكا على حبيبها
(1)
الخيل.
(2)
الرجال.
(3)
تمزق.
(4)
أسماء ومواقع.
(5)
مفرد أوباش وهو السافل.
(6)
الشق في الثوب الذي يكشف بعض جسمها.
(7)
أي لا يغازلها.
(8)
فرس.
فقال سعود:
من لامني يبلي بحربه مسمَّه
ولا يحيه نايمه في كتيبها
وإن كان له ولدين بعدم خيارهم
والتاني يقرط لها العصى ما يجيبها
وإن كان له بنتين يعدم خيارهن
والثانية يلقي عليها طنيبها
قال ذلك وقبل أن يسمح للعبد بالجواب استل سيفه وقطع به رأس العبد. فقام داود من فوره ونادي بين قومه، فافترق القبيلان ووقع بينهما قتال شديد هو الذي كان يتمناه الوحيدي.
ولكي يجرئ بعضهم بعضًا على القتال وعدم الهرب وضع الأمير داود وراء رجاله النساء ليرمين كلّ من تحدثه نفسه بالهرب من صف القتال بالنبلة. وكذلك فعل مسعود، وظل القتال مستمرا حتى كانت (المطيرية) السبب في فناء الفريقين ولم يسلم منهما إلَّا نفر أقلاء.
ولقد تشتت هذا النفر القليل في جميع أنحاء البلاد، فنزل قسم منهم أراضي السبع، وقسم في المويلح من أعمال الحجاز، وقسم في مصر (وهم فريق أبو فومة)، وقسم في الكرك (وهم جماعة ابن ثبيت)، وقسم في الفارعة من أعمال جبل نابلس وهم (المساعيد)، وكذلك الدردار أولاد جعفر الطيار، فالشائع بين بني عُقبة أنهم من نسل الأمير داود.
ومن الذين لَمْ يقتلوا في الحرب المار ذكرها (علي بن نجدي) من جماعة الأمير داود هو جد بني عُقبة الحاليين، وقد نزل هذه البلاد مع الوحيدي أمير الجبارات، وهنا تزوج وكثرت ذريته فجاء منه النسل الذي تراه في بئر السبع في الوقت الحاضر.
إنهم ثلاث فرق: قريش وصبيحات وطوَّره. ووسمهم الدبوس "5" ومنازلهم شرقي المحرقة والعراقيب، وشيخهم الحالي محمد بن سالم العُقبي، ولهذا أولاد كثيرون أكبرهم سنا وأكثرهم ذكاء وفطنة هو إبراهيم.
القديرات:
هنالك فرقة كبيرة من فرق التياها تُدعى (القديرات). رجالها كثيرون ولقد اختلف في تعيين إصلهم، فمنهم من يقول أنهم تياها أصلا وفصلا، وأن جدهم (قدير) بن (رباب) كما بينا في الأسطر المتقدمة، ومنهم من يقول أنهم من بقايا الصليبيين بدليل أن وسم إبلهم الحالي هو الصليب +
(1)
.
وقال المستشرق النمساوي المشهور Alois Musil في كتابه Arabia Petraea
أن العثمان فقط من أصل تيهي وهم ينتسبون إلى "عثمان بن رباب" وقبره موجود في عصلوج على بعد أربعة وثلاثين كيلو مترًا من جنوب بئر السبع، وأما باقي القديرات فقد أتوا من (مدائن صالح) ونزلوا مع العثمان.
وعلى قول أنهم من شمَّر، أو من الذين عاشروا شمَّر زمنًا طويلًا حتى أصبحوا يعتقدون أنهم منهم.
حدثني الشيخ جدوع الأعسم
(2)
فقال:
إن جد الحريزات جلا عن دياره بسبب قتل اتهم به، وقد كانت عاداتهم آنئذ تقضي بجلاء القاتل عن دياره عشر سنوات وعشرة شهور وعشرة أسابيع وعشرة أيام وعشر ساعات، فاضطر للعمل بهذا الشرط وجلا ولما جلا نزل (الجفر)
(1)
قلت: هذا القول خطأ من عارف العارف لأن هناك قبائل عربية عديدة في حرب ومُطير وغيرها وسمها الصليب، وهذ الوسم ليس دليلًا على الأصل لأنه مجرد علامة تختارها العشيرة أو القبيلة لتضعها على الإبل.
(2)
هو حفيد (عثمان بن رباب) المدفون في عصلوج، وعثمان هذا كان مشهورًا بالصلاح والتقوى لدرجة أن العربان اتخذوا قبرًا بعد دفنه محجًّا يحجون إليه في كل عام، ويذبحون عنده القرابين كما أنهم يحلفون به كلما أرادوا أن يدعموا أقوالهم باليمين.
بالقرب من معان، ثم غادرها ونزل (ملغان) وتملك الماء الذي فيها، ثم غادرها ونزل (الشوبك) وهناك اجتمع مع رجل من المطارقيه (الصناع).
ثم قام الاثنان وذهبا معا إلى "الحسنة" في جزيرة سيناء. ومن هناك ذهبا إلى المكان الذي فيه "عين القديرات" الآن ولم تدع بهذا الاسم إلا بعد نزولهما فيها. ويروي القديرات حكاية عن منشأ هذه العين؛ وهي أنهم كانوا يردون "عين قديس" المشهورة في التوراة، وكان تيس من غنمهم قد ضل عن القطيع، فأخذ ينبش الأرض بحافره فخرج الماء وشرب التيس منه. ولما جاء الراعي بغنمه إلى عين قديس ليسقيها حسب عادته امتنع التيس عن الشرب فاقتفوا أثره ليعلموا السبب في امتناعه، ولما وصل إلى مكان عين القديرات وشرب منه اكتشفوا السر في امتناعه، وأخذوا يشربون من العين الجديدة.
طاب للقديرات المقام في تلك الجهات فاستوطنوها وتناسلوا فكثرت ذريتهم وهناك اجتمعوا بالتياها الذين كانوا آنئذ في التيه وشيخوا عليهم كلهم واحدا من بني عطية.
إنهم اليوم أربع فرق: جفافلة، ومطارقية، وحريزات، وعثمان، والحريزات والعثمان فرعان أصلهما الجفافلة، ومن شيوخهم: الشيخ إبراهيم الصانع شيخ المطارقية، والشيخ حسين أبو كف شيخ الحريزات، والشيخ جدوع الأعسم شيخ العثمان.
والقديرات كثير عددهم "4000 نسمة"، متسعة أراضيهم، ينزلوا في وادي الخيل، وعرعرة، والمشاش، وفي تريبة، والسر، وفي حورة، وأبي تلول، وعوجان، وحول الشريعة. ومن رجالهم الذين اشتهروا بالكرم، والفروسية والوفاء وسعة الصدر سلامة أبو رقيق، وسلمان الأعسم ومحمد الصانع. ويجدر بنا أن نذكر هنا أنه حكم على إبراهيم بن سلامة أبي رقيق بالسجن، بعد الاحتلال لأنه أطلق الرصاص على موظف مالي يدعى "صفير" وأراد أن يقتله؛ لأنه ظلمه في التخمين ولكنه هرب، وهرب معه أولاده وانخرطوا كلهم في سلك الأشقياء، واصطدموا بجند الدولة مرارا عديدة. وقد عفت الحكومة عنهم، واستخدمت اثنين
منهم في سلك الدرك، وقد حكم على الشيخ جدوع الأعسم أيضًا مثل هذا الحكم، لكنه هرب، ولم يرجع إلى منارله إلا بعد أن عفى عنه، وهو اليوم من المشايخ المعروفين برجاحة العقل، ونفوذ القول، والكرم.
ومن القديرات فرقة تدعى (السيديين) جاء رجالها من مصر من عزبة تدعى (التلاقمة) من أعمال مديرية الزقاريق مركز فاقوس، غادروا منازلهم في زمن حراية "عودة وعامر"، وقد كانوا يومئذ ثلاث عائلات، فنزلت واحدة منها في سحاب بالقرب من الكرك وأخرى نزحت إلى مرج بني عامر في شمال فلسطين وجاورت التركمان، وثالثة هبطت هذه البلاد فطانبت بادئ ذي بدء الترابين ثم جاورت الحناجرة، ثم ذهبت إلى العثمان من القديرات ولم تزل تعيش بين ظهرانيهم.
ووسم القديرات الصليب + والمطارق (مطرق واحد القديرات أبي رقيق ومطرقان لقديرات أبي كف والأعسم)، إلا قديرات الصانع فإنهم لا يستعملون الصليب وإنما يستعملون المطارق: اثنين على الرقبة وواحد على الصدغ في الجهة اليمنى.
الظُلَّام:
حدثني الشيخ محمد قبوعة قائلا:
إن الظُّلَّام كلهم أبناء رجل واحد، وهذا ينتمي إلى (بلي) من عربان الحجاز، ومما رواه لي عن السبب. في تسميتهم بالظُّلَّام هو أن فريقين من بلي اقتتلا، فقتل واحد منهم ابن الآخر، ولما اجتمعا وتفاوضا من أجل الدية حكم على القاتل بأن يدفع لوالد المقتول أربعين بعيرًا دية ولده. فجاء القاتل وسلم أبا المقتول تسعة وثلاثين بعيرًا وامتنع عن إعطائه الأربعين. فأبى والد المقتول إلا أن تكون الدية كاملة. ولما لم يستطع هذا أن يأتي بالجمل الناقص صوب إليه والد المقتول بندقيته وقتله ثم فر، فتألم الحاضرون مما جرى واستخطاوا القاتل فعدوا عمله ظلما ولقَّبوه بظالم.
بعد أن هرب (ظالم) من قبيلته لاقاه رجل غني من عشيرته يدعى (اللهيب) فاستخدمه كراعٍ لأغنامه، ثم غادر الجميع أوطانهم، ونزلوا (الحفير
(1)
) وهناك اقترن (ظالم) بفتاة من قوم اللهيب، فكثرت ذريته، ولما مات خلف ثلاثة أولاد هم:
مهنا
(2)
: جد المهاينة (جماعة أبو صبيح وأبو قرينات).
جنبوب: جد الجنابيب.
راعي الهميسة: جد الهميسات (ظلَّام أبو ربيعة).
وظل الجنابيب في الحفير وغادرها البهايبة والمهاينة والهميسات فنزلوا في (اللقية) و (خويلفة) و (العراقيب) والأراضي التي يسكنها الرماضين في الوقت الحاضر. وهناك اجتمعوا بالتياها وحالفوهم، وهذا يدلك على أنهم ليسوا بتياها أصلا وإنما هم حلفاء لهم.
بعد أن طاب لهم المناخ وقضوا ردحا من الزمن في هذه الديار وقعت حروب بين التياها والترابين، انضم فيها الظُّلَّام إلى حلفائهم التياها وظلوا يقاتلون معهم حتى تمكنوا من صد الترابين وإرجاعهم حتى "الشلال"، وهناك جاءت نجدة "أبو سرحان" المشهورة وانضمت إلى الترابين، فانهزم التياها والظُلَّام أمامهم، واندحروا حتى وصلوا إلى "درب الكنان" وفي هذه المعركة خسر الظُّلَّام ثمانين فارسا من أحسن فرسانهم. وبعد برهة قليلة اصطلح الترابين والتياها.
بعد أن اصطلح الترابين والتياها دب دبيب الخلاف بين التياها، واشتعلت نيران الحقد والبغضاء بين شيخين منهم هما "الشيخ سلمان الهزيل" و"الشيخ
(1)
ذلك جرى في أربعمائة سنة - على رواية الشيخ سلامة بن صبيح شيخ عشيرة أبي قرينات من الظُّلَّام.
(2)
وعلى قول أن (مها) هو جد الظلّام كلهم، وأنه مدفون في (وادي الحفير) يزورونه في أوقات معلومة، وهنالك في (كثريا) من أعمال شرق الأردن حامولة تدعى (المهاينة) من عشيرة القرالله.
سليمان بن عطية" وقد كان الأول شيخا على الحكوك والثاني على الشوش. وأخذ كل منهما يقوي شكيمته بأحلاف يسترضيهم لجانبه ليتمكن من قهر خصمه.
فكان الحكوك والقديرات من التياها والترابين بجانب سلمان الهزيل. ووقف الظُّلَّام بجانب سليمان بن عطية. فأراد سلمان الهزيل أن ينتقم من الظُّلَّام لوقوفهم بجانب خصمه فأخذ يغزوهم بين كل آونة وأخرى وينهب حلالهم. وقد كانوا آنئذ ضعفاء بسبب قلة عددهم، حتى إنهم اضطروا للرحيل من بلادهم، والنزول في أراضي الحجايا بالقرب من الطفيلة (جنوب الأردن).
وبعد حين شنقت الحكومة العثمانية سلمان الهزيل بسبب ظلمه فرجع الظُّلَّام إلى بلادهم ولما اشتعلت الحرب المشهورة بين (عودة) و (عامر) والتي فصلناها في غير هذا المكان كان الظُّلَّام من حلفاء عودة. ولما اصطلح الفريقان واسترجع التياها في هذا الصلح الأراضي التي خسروها بعد (حملة أبو سرحان) المشهورة نزل الظُّلَّام الملح.
وبعد ذلك اختلف الظُّلَّام وأهل جبل الخليل (يطه) من أجل الأراضي وقتل من الطرفين عدد غير قليل فسجنت الحكومة شيوخ الفريقين في سجن القدس، ثم اصطلحوا وظلوا كذلك حتى الآن.
وفي وصف الحرب التي نشبت بين الظُّلَّام وبين أهالي (يطه) أنشد الشاعر الشراري الأبيات الآتية:
أبو عرام اللي سكن بجبل قيس
…
كل بناية الحجر قدوة لو
الصربه اللي صيرت من جبل قيس
…
ملبوسها القفطان والسيف سلو
تلقى على يطه نقالة النواميس
…
عدت على الأفعال والمدح كله
جاب اخوات صبحه
(1)
ملبسه برانيس
…
مجرز
(2)
نصفي على المتن
(3)
ظله
(1)
كنية أهالي يطه.
(2)
الرمح.
(3)
ظهر الفرس.
عيال من فوق الأصايل ملابيس
…
دروز ما تطري عليه مذله
قطاعة للروس قطع العرانش
…
يشدي
(1)
الزيناتي أن حضر السعد كله
وقال في وصف الظُّلَّام:
يا راكب حر بعيد معشاه
…
يسبق معاصير الهوى بالقيادي
شده من الجولان ومعان ما جاه
…
والعصر وهو على المشاريف بادي
يا راكبه غضه
(2)
على الغر ممشاه
…
كزه
(3)
على الفرعه تخاذ المعادي
تلقى على الظلَّام يا صي تلقاه
…
بستين ألفا لا السعر غالي في البلادِ
تلقى بيوت بكسيفه
(4)
مبنى
…
يا حس النجر
(5)
يدل على كل عادي
طريحهم
(6)
بمصافق
(7)
الخيل تلقاه
…
يروي عود القنا بالطرادِ
تلقى أبو خليل
(8)
مثل بيت جديد أرواقه
…
مثل الملح يروي جميع البوادي
تلقاه ماضيات هواياه
…
مثل الفهد إلا
(9)
طب بصيد الحمادي
وسمهم المطارق اللهايبة والمهاينة وللهميسات ومنازلهم في الملح وكسيفة وعرعرة وجرابة وفاير والزويرة وما بينهم. ومشايخهم:
الشيخ سلمان بن خليل أبو ربيعة: شيخ للهميسات.
والشيخ محيسن بن حميد أبو جويعد: شيخ اللهايبة.
والشيخ سلَّام بن صبيح بن علي. شيخ المهاينة.
عددهم يربو على الألفين ومن رجالهم المشهورين (الشيخ سالم أبو ربيعة) جد الشيخ سلمان الحالي؛ فقد عرف هذا بين قومه بالكرم، والفروسية، وسعة
(1)
يشبه.
(2)
قده.
(3)
أرسله.
(4)
اسم خربة للظُّلَّام
(5)
الجرن الذين يدقون البن فيه.
(6)
قتيلهم.
(7)
مضارب.
(8)
جد الشيخ سليمان أبي ربيعة شيخ الظُّلَّام.
(9)
إذا.
الصدر، والاطلاع على العوائد، وحل المشاكل. وقد كان ذا أراضٍ واسعة، ومنحه الأتراك أوسمة كثيرة.
هناك فرع من الظُّلَّام يدعى (الجنابيب). وسمهم المطارق الخمسة وعددهم يقرب من الثلاثمائة ومنازلهم في المطردة. وطوال الملاحي، وقيطون. وشيخهم عودة بن سعد بن سلامة الكشخر.
الرماضين:
حدثني (سليمان بن غياض) عن الرباضين بحضور فريق كبير من شيوخ، العشيرة ورجالها قال:
(رمضان) جد الرماضين و (ارتيم) جد الرتيمات من الجبارات الحاليين أخوان. وهما ولدا رجل من شمَّر، نزلا هذه البلاد واستوطناها قبل جميع العشائر الأخرى، وكثرت ذريتهما فملكوا البلاد من البحر إلى البحر ولم يكن فيها آنئذ سواهم وسوى الوحيدي والكعابنة الذين يقطنون جبل الخليل في يومنا هذا.
عاش أحفاد هذين الجدين زمنًا طويلًا على وفاق ووئام، إلى أن افترقوا إلى صفين: واحد بقيادة (العجايزي) و (ابن دغوم) من نسل رمضان، وثان بزعامة (صياح) و (ضويمر) من سلالة ارتيم؛ وذلك بسبب قتال جرى بين الفريقين من أجل امرأة كما بينا ذلك في فصل الحروب.
إنهم ليسوا بتياها أصلا، وإنما هم تابعون إليهم. وسمهم الثلاثة ومنازلهم في خويفلة والمقرح والشمسانيات. كانوا قديما تحت قيادة رعيم واحد هو حسن الزغارنة، فسلمان أبو شعره، فسليمان المحدي، فإبراهيم بن عياد المسامرة. ويظهر أنهم بعد هذا قد انشطروا شطرين: مسامرة وشعور، المسامرة بقيادة علي ين مطلق، والشعور بقيادة سلمان المليحات. عددهم قليل (55) ومشايخهم في الوقت الحاضر: الشيخ حسن المسامرة شيخ المسامرة، والشيخ حسن الشعور شيخ الشعور.
(1)
يقصد هنا من البحر الميت إلى البحر الأبيض المتوسط وهي عرض فلسطين المحتلة.
وأضاف عارف العارف عن الرماضين قائلا:
يعجبني فيهم كرمهم، ونخوتهم، وإن أنس لا أنس يوما استنهضت فيه همتهم لمكافحة الجراد الذي أغار علينا عام 1930 م، بشكل مخيف فلبوا دعوتي، وقاموا يعملون مع باقي عشائر هذا القضاء لدرء شره وفقا للطرق والإرشادات التي أعطيت إليهم.
القريناوية:
ليسوا بعشيرة مستقلة، وإنما هم جماعة من الناس تابعون لعدد من العشائر الأخرى في بئر السبع. وعددهم يقرب من الخمسمائة بين ذكور وإناث.
أصلهم من الصفراء من بلاد الحجاز، ثم رحلوا ونزلوا بالقرين
(1)
من أعمال مصر. جدهم (السيد صالح الأصفر البلاسي الحسيني) وله ضريح ببندر فاقوس يحجون إليه في كل عام، ولهم أقرباء في مصر يشاركونهم السراء والضراء ويشتركون معهم في دفع (الدية) ومن هؤلاء الشيخ أحمد السيد فرحان وكيل مشيخة الطرق الصوفية هناك.
لم يستطيعوا أن يحدثوني متى هبطوا ديرة السبع، وإنما ذكروالي أنهم جاءوا إليها حتما قبل حرابة (عودة وعامر)، وقد كانوا آنئذ بقيادة كبيرهم (موسى).
خلف موسى ثلاثة أولاد هم: سليمان وسالم وإبراهيم. أما سليمان فهو جد العماوي وجماعته، وأما إبراهيم فقد خلف سلامة وعلي وصيام، ولا أدري من هم أعقاب سالم.
نزلوا بادئ ذي بدء أراضي المشبه والجور بالقرب من غزة، ثم تفرقوا فنزل فريق منهم في غزالة وكبيرهم اليوم (الشيخ سليمان القريناوي). واستوطن فريق
(1)
القرين تابع لمركز فاقوس من أعمال المديرية الشرقية في مصر.
ثان موقع (أبو سمارة) وكبيرهم الآن (محمود القريناوي)، وذهب فريق ثالث إلى (خشم جبيل) و (عوجان) وكبيرهم الآن (محمد بن عودة البسيس). وبقي فريق في الجور والمشبه وهم الآن بقيادة رعيمهم (سليمان أبو شاهرة).
وسمهم الأصلي عندما كانوا في (الصفراء) الهلال (على الرقبة اليمنى والشاهد على الصدغ الأيمن. وأما الآن فقد استبدلوا الهلال بالمغيزل T وأبقوا الشاهد.
القطاطوة:
ليسوا من التياها أصلا، وإنما هم نازلون معهم منذ القدم، عددهم يربو على الخمسمائة. وسمهم الهلال (على الرقبة اليمنى وفريق منهم يسم الصليب. وهم الآن فرقتان: فرقة نازلة مع انتياها، وبيدها أخصب الأراضي الواقعة بين خربة الجندي وبطيحة، وأخرى نازلة مع العزازمة على مسافة قريبة جدا من غرب بئر السبع ورجالها يدعون (الحسونيون)، قيل أن أصلهم من (قطية) من أعمال سيناء. وعلى قول إنهم جاءوا إليها من الحجاز. وعندما نزلوها اصطدموا بمن كان فيها من (العطيات) و (النعام) فتغلبوا عليهم وأخرجوهم من بلادهم. ويظهر أن المحل
(1)
أصاب تلك البلاد بعد حين، فاضطروا لهجرها، ونزلوا هذه الديار. إنهم وإن كانوا يزعمون أنهم جاءوا إلى هذه البلاد مع من جاء إليها من التياها، إلا أنني أميل للاعتقاد بأن مجيئهم وقع قبل مدة لا تزيد عن مائة سنة، إذ إن شيوخ القطاطوة الذين حدثوني بما تقدم عن تاريخهم قالوا: إنهم حفظوا أخبار القتال الذي جرى حول قطية من آبائهم الذين حضروا تلك الموقعة.
(1)
المحل: الجدب.
القلازين (تياها):
لم نذكر شيئًا عن تاريخ القلازين (تياها)؛ لأن أصلهم على ما نعتقد من الجبارات
(1)
، وإنما نكتفي هنا بالقول: إن الفريق الذي يعيش مع التياها منهم قليل عددهم (200) ومنازلهم في قنان بطيحة. وسمهم المحجن "6" كوسم القلازين من الجبارات، وشيخهم عبد الله بن سالم أبو الغصين.
البدينات:
إنهم من أعرق التياها أصلا. وتاريخهم مرتبط كل الارتباط بتاريخ التياها الذي بيناه في رأس هذا الفصل تفصيلا. عددهم قليل (350) ووسمهم أي مطارق ثلاثة أوسطها قصير وكذلك الخطام، وهو وسم التياها الأصلي. منازلهم في الفخاري وقنان بطيحة وأبي سمارة والعراقيب. وشيخهم عطية بن سلامة أبو خطاب. توفي قبل أيام قلائل، ولم ينتخبوا خلفا له بعد.
(1)
تناقض عارف العارف في قوله في نسب القلازين، حيث نسبهم في كتاب قضاء بئر السبع إلى الأشراف. وهنا ينسبهم إلى الجبارات، حيث إن في هذه القبيلة عشيرة بنفس الاسم.
وأقول حسب ما ذكر لي أحد الباحثين من القلازين في فلسطين أنهم من عُتيبة (هوازن) العدنانية وقد دخلوا في قبيلة التياها من مدة كبيرة.
السواركة
نسب القبيلة:
أجمع الرواة من كبار قبيلة السواركة في شمالي سيناء وقد أكده في هذا القرن بعض الباحثين في مصنفاتهم مثل نعوم شقير في تاريخ سيناء وعارف العارف في تاريخ بئر السبع في أن أصل السواركة يعود إلى العدنانية وهم من ذرية الصحابي الجليل عكاشة بن محصن بن حرثان من بني غنم أحد بطون بني أسد العدنانية الشهيرة
(1)
، وهو أسد بن خُزيمة بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن معد بن عدنان.
وقد كان عكاشة بن مِحْصن من أجمل وأتقى الرجال في عصره وشهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نال الشهادة في سبيل الله أثناء حروب الردة عام 13 هـ وكان من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم المقربين له.
نبذة عن عكاشة رضي الله عنه وهو جد السواركة الأول
كان عكاشة بن محْصن من خيرة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وقد قال عنه الرسول ذات مرة: عكاشة منا آل البيت. وهنا يقصد النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانة عكاشة كبيرة لاعتباره قريبًا أو كانه من بيت النبي الهاشمي، وكان عكاشة حليفًا لبني عبد شمس من قريش في مكة المكرمة بعد أن غادر قومه بني أسد في نجد، ثم بعد الهجرة إلى المدينة المنورة حالف أحد عشائر الأنصار، ومات عكاشة شهيدًا في المعارك مع المرتدين في نجد، ومن العجيب أن يُقتل على أيدي قومه من بني أسد، وذلك أثناء قتال المرتدين في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان على رأس المرتدين طليحة بن خويلد الأسدي الذي ادعى النبوة وتبعه بعض دهماء العرب من أسد وغيرهم، وبعد هزيمته كغيره من المرتدين في جزيرة العرب فرَّ من وجه المسلمين ثم أتى بعد ذلك وأسلم لدين الله، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه مؤنبًا إياه: أقتلت الرجل الصالح عكاشة بن مِحْصن؟!
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس له مع جماعة من الصحابة:
(1)
من بني أسد عدة رجال من الصحابة وكان منهم رهط أم المؤمنين زينب بنت جحش وهي من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لبني أسد ذكر في فتوح العراق وخاصة في معارك القادسية، وقد استلحمهم سعد بن أبي وقاص القرشي ضد الفُرس، وكان لهم بسالة في القتال ضد جيوش رستم وقد قطعوا خراطيم الفيلة، وكان منهم رماة قد أصابوها في أعينها، وكان بنو أسد العدنانيون يسكنون شمال نجد في جبلي أجا وسلمى ثم بعد قدوم قبائل طيئ القحطانية من اليمن أيام الجاهلية تغلبوا على تلك المناطق وملأوا السهل والوعر، وقد تسمى جبلي أجا وسلمى باسم شَمَر وهو بطى من طيئ في نجد، ونزح بنو أسد إلى العراق ولم تعد لهم بقية تذكر في بلادهم، وهم يشكلون قبيلة الآن تسمى بنو أسد ذكرها العزاوي العراقي في كتابه عشائر العراق.
يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب وجوههم كالقمر في ليلة البدر، فقال عكاشة بن مِحْصن: ادع لي يا رسول الله أن أكون منهم إن شاء الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مجيبًا: أنت منهم يا عكاشة إن شاء الله، فقال رجل آخر من الصحابة: ادع لي أنا أيضًا يا رسول الله أن أكون منهم، فرد النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: كلا؛ سبقك بها عكاشة! - وبردت الدعوة -.
وقد كان عكاشة من أجمل الرجال وجهًا في عصره، فسبحان الله أن جمَّل صورته في الدنيا وفي الآخرة يوم البعث بعد أن دعا له خير الورى وعلم الهدى صلى الله عليه وسلم.
تاريخ نماء قبيلة السواركة
نزح أجداد السواركة
(1)
من الجزيرة العربية كما يؤكد الرواة من قبل سبعة قرون تقريبًا وأقاموا في ضانا في الأردن وكان على رأسهم نصير وناصر وهم أخوين، ومنَّاع ومنيع وهم أخوين أيضًا وأبناء عم للآخرين، ومعهم ابن عم آخر اسمه أبو حجاج، ويقال: إن منيع كان رجلًا فاتكًا قد اعتدى على أحد أفراد عشيرة كبيرة تسكن ضانا وقطع إلية خروف من أغنامه؛ فاستصرخ قومه ضد منيع وأهله وطردهم من ضانا بسبب تلك الحادثة، وسمي منيع بالمقيطعي من حينها؛ لأنه قطع ذنب الخروف وهو يقاتل أحد البدو في ضانا، وسكنوا بعد ذلك في نواحي غزة قرب خان يونس (القرارة)، وأثناء ذلك حدثت مشادة بين نصير ومنيع بسبب طنيبة أو امرأة طنبت أي استجارت أو صارت في حمى نصير وجواره، فقام بعد ذلك منيع المُلقَّب بالمقيطعي ابن عم نصير وكان صعب المراس ومنذ أن كان في ضانا ظهر شروره على الناس، قام منيع هذا بنهب عنزة تلك المرأة طنيبة نصير ابن عمه، فلما علم نصير استاء واغتم للأمر وحزن وطالب برد العنز والجلوس في حق الاعتداء على الطنيب، فرفض وأشهر سيفه في وجه نصير، فقام نصير
(1)
لا يعرف بالضبط سبب تسمية هؤلاء الرجال من سلالة عكاشة بن محصن الأسدي باسم سواركة ويقال إن تسميهم جاءت نسبة وادي سوالك في الحجاز كما يقولون، ثم تحوَّرت إلى سواركة؛ لأن منبع أهلهم كان في ذلك الوادي ولما سألهم أهل ضانا من أين أنتم؟ قالوا: من سوالكة.
ولا أدري هل ما زال الوادي باسمه للآن أم تغير، والراجح أن سلالة عكاشة ظلت في نواحي المدينة المنورة فترة طويلة أو لعدة قرون بعد الإسلام.
بضرب منَّاع أخي منيع أثناء رعيه للأغنام فقتله، فأخبر نصير أخاه ناصرًا وقررا الجلاء من وجه منيع ابن عمهم كي لا يتمكن من الثأر بأخيه منَّاع، وظل ابن عمهم حجاج مجاورًا لمنيع في غزة، أما هما فتوجها جنوبًا قرب وادي الليف بشمالي الحجاز ونزلوا على جماعة من قبيلة بلي القُضاعية، وكان نصير متزوجًا من قومه، أما ناصر فكان أعزبًا، وكان عند البلوي النازلين في جوارة ابنة ظروة أي بها خصلة من الشعر الأبيض في مقدمة رأسها وكانت تشتهر بالذكاء والجمال دون أخواتها، ولذلك اختارها أبوها زوجة لناصر السويركي حتى ترفع رأسه أمام هؤلاء الغرباء عن قبيلته، ومرت الأيام وعقب ناصر من الفتاة (الظروة) البلوية أولاد كثيرون فسموا "عيال الظروة" وسوف نوضح عن ذلك:
وذات يوم قام جماعة من بلِّي في شمالي الحجار وهم رهط صهر ناصر السويركي قاموا بالغزو على بلاد غزة ونهبوا الإبل والأغنام من بعض العشائر هناك وهذا على عادة البدو وقتئذ، وكان ضمن الإبل المنهوبة بعض الأبعرة لأبي حجاج وهو من أبناء عم ناصر ونصير من السواركة، فلما عرف نصير الخبر ورأى وَسْم الإبل وتعرَّف عليها أنها من إبل أبناء عمومته في غزة قرر عدم الجلوس في مجلس أصهاره من بلِّي وخاصمهم، فلما سألوه عن سبب ذلك أخبرهم بالأمر، فقرروا رد الإبل إلى أبي حجاج السويركي كرامة لناصر صهرهم وأخيه نصير، وهذا على عادة العرب من احترام الجار والصهر أو ذوي الرحم، فكتب مكتوبًا لابني عمه أبو حجاج مع الإبل المرسلة له بعد نهبها من بلِّي بفترة وجيزة، فلما عرف أبو حجاج مكان ابني عمه نصير ونصار وعملهما الجميل معه في رد ماله رق قلبه وقرر رد الجميل لهما، فجلس ذات يوم ابن عمه منيع وهما يلعبان السيجة - وهي لعبة البدو المعروفة - فقال أبو حجاج لمنيع: يا ولد عمي أشرط عليك شرط: إن غلبتك تصير كفيل بالطلب الذي أطلبه منك فرد منيع قائلًا: أي والله يا ولد عمي إن غلبتني في اللعب حياك الله أنا كفيل، فلما غلب أبو حجاج منيع قال له فجاة وبصوت عال: في وجهك الجيرة يا منيع من نصير ونصار عيال عمنا السواركة الجاليين من دم أخيك منَّاع وهم عند بلِّي في الليف وردَّوا علينا الإبل المسلوبة، فلما عرف منيع حيلة أبو حجاج رفض الطلب من قبول الجيرة منه وبالتالي قبول الدية في دم أخيه، ولكن أبو حجاج صمم وذكره بقسمه بالله وبالكفل الذي قطعه
على نفسه وهو من شيَم الرجولة والشهامة العربية، فقال منيع: من أجل خاطرك قبلت الجيرة من نصير ونصار ويعودوا إلى البلاد (جنوب فلسطين) بعد ما يدفعوا الدية من خيار إبلهم وبشرط أن لا ينزلوا عند بيوتي مدى الدهر!
وجرى الصلح بين السواركة وصار الطيب وحسن الإخاء بين أولادهم وتكاثروا في نواحي غزة؛ وامتدت مساكنهم حتى شرق العريش عبر القرون التي تلت القرن السابع الهجري.
التفصيل عن عشائر السواركة
يذكر الرواة أن جميع أجداد السواركة من نسل عكاشة بن مِحْصن الأسدي وهم من نسل نصير بن عراد وأخيه ناصر وأبناء عمومتهم منيع ومنَّاع وأبو حجاج، وأغلب عشائر السواركة من نسل ناصر الذي تزوج البلوية في وادي الليف شمالي الحجاز ويقال لهم عيال الظروة، لما أن أمهم البلوية كانت ذات خصلة بيضاء في شعرها كما أسلفنا. وناصر عقب مسلَّم، ومسلَّم عقب ولداله ستة أصابع فسمي أبي خناصر وعقب أبو خناصر أربعة أولاد هم:
(أ) أسليم ومنه عشائر الدهيمات والمراشدة.
(ب) سالم ومنه عشائر الجريرات ومنهم فخوذ الزواتين والشواكين، وقد اشتهر الجريرات بالصلاح والتقوى، ومنهم الولي الصالح - غفر الله له - عيد أبو جرير والذي له مقام في جزيرة سعود بالشرقية، وكان قد هاجر إليها بعد حرب 1967 م وكماله مسجد باسمه في مدينة العريش، وكان للشيخ عيد كرامات كبيرة ويلقى حتى الآن الاحترام والتبجيل من جميع قبائل العرب في مصر ويتباركون به ويزورون أولاده وأقاربه.
(جـ) مسلَّم ومنه عشاءِ الزيود والزيادات والمنصوربين.
(د) سلَّام ومنه ذوي سلَّام وتفرع منهم عشيرة البسوس وفيهم فخوذ الرشيدات والجبالين.
والجد الأول لجميع السواركة هو عراد وله ذرية أخرى خلاف عيال ناصر المذكورين سالفًا ويطلق عليهم العرادات
(1)
ولو صح القول لقلنا: إن ذرية ناصر هي العرادات وهم أصل السواركة؛ ولأن ناصر ونصير هما أبناء عراد أيضًا، كما لحق أبناء منيع ومنَّاع وأبو حجاج بعيال نصير فسموا جميعًا السواركة، ويقال لأولاد منيع المنايعة
(2)
وهم أقل عددًا من ذرية ناصر ومعظمهم يسكنون في رفح وما حولها، وهناك فروع أخرى من السواركة أشهرها المقاطعة نسبة إلى المقيطعي، وهناك الرماحات وابن رفيع
(3)
ويسمون عشائر الربيق والوقاقدة والفلالفة والطبيقي والعبيدات وأبو رويشد وأبو عديسان ومنه الشمايطة وأبو عويدات وكذلك عائلة أبو خشان وهم من أبي حجاج المذكور من أجداد السواركة.
بلاد السواركة
يسكن السواركة من بئر العبد على ساحل البحر المتوسط في شمالي سيناء وحتى الشيخ زويِّد أقصى الشرق قرب حدود مصر مع فلسطين، وتتداخل في السكن مع السواركة على الساحل قبائل بلي والبياضية والأخارسة والدواغرة (مُطَيْر) قرب سلمانة وكذلك الرياشات في الشيخ زويِّد، وتعتبر السواركة من أكبر قبائل سيناء عددًا وأوسعها ديارًا وكثرها أملاكًا، وأغلب أراضيهم مزروعة بأشجار الخوخ في الوقت الحالي وهي أشهر الفواكة في سيناء في السنوات الأخيرة بعد تحرير سيناء عام 1982 م.
ويتميز السواركة بالطيبة والتديُّن والمعاملة الحسنة للغرباء وكرم الضيف والاهتمام به، ولهم صفات حميدة وشهامة عربية وهذا يدل على عنصرهم الكريم والنقي ومعدنهم الطيب وأصلهم العريق.
(1)
العرادات في السواركة غير العرادات في بلِّي.
(2)
ومن المنايعة عائلة كبيرة في الحمادين بمحافظة الشرقية تسمى عرب المنايعة وعمدة بلدة الحمادين من المنايعة، وكان عبد الرحمن إبراهيم منيع توفي في السبعينيات وخلفه ابنه محمد عبد الرحمن منيع. ومن المنابعه أبضًا عمده مريه الملكبين القبلية في مركز الحسنية، ومنهم اللواء علي منيع في الأمن العام، واللواء إبراهيم منيع مدير شرطة سياحة سيناء الأسبق.
(3)
ومن سواركة ابن رفيع فرقة مع قبيلة الجبارات بفلسطين.
مشايخ السواركة في الوقت الحاضر
(1)
الشيخ محمد أحمد المنيعي عن عشيرة المنايعة.
الشيوخ سالم عيد أبو جرير، ومبارك أبو جرير، وحسين أبو جرير، ومبارك سويلم عن عشيرة الجريرات وعشيرة العديسات.
الشيوخ علي بن جهينة، وجمعة عوده ملحوس، وعويضة أبو شيف عن عشيرة المقاطعة.
الشيخ محمد أبو مريشد عن عشيرة ذوي سلَّام.
الشيخ سليمان سليم بن عوض عن عشيرة المنصورين.
الشيخ سلامة بن عرادة عن عشيرتي العرادات والوقاقدة.
الشيخ محمد حسن أبو فرج عن عشيرة الدهيمات.
الشيخ حسن أبو خرقة عن عشيرة الدهيمات.
الشيخ عودة الله الملاحين عن عشيرة الدهيمات.
الشيخ حسن أبو داود عن عشيرة الزيود.
الشيخ ربيع القرم عن عشيرة الزيود.
الشيخ علي بن خلف عن عشيرة الزيادات.
الشيخ محمد جمال سعيد عن عشيرة الجريرات في بئر العبد.
ومن مشايخ السواركة السابقين والمشهورين رحمهم الله:
الشيخ سلَّام بن عراده وكان الشيخ العام لجميع عربان السواركة في شمال سيناء حتى عام 1914 م.
(1)
ومن شيوخ السواركة المجاهد خلف حسن خلف الحلفات وهو مناضل معروف منذ عام 1959 م وكان مع مصطفى حافظ ورفاقة المصريين، وفي عام 1972 م فوجئ بوضع براميل بجانب سكنه وزاويته ومسجده عن قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فقام لعمل شكاوى عديدة إلى جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل وقتئذ وكذلك بحث بشكاوى إلى الصليب الأحمر الدولي، واتصل بحزب ما بام الإسرائيلي المعارض لحكومة إسرائيل، ثم قامت السلطات الإسرائيلية بإبعاده 6 أشهر عن العريش ومنعه من زيارة أهله وذويه، وفي عام 1979 م انتخب عضوًا لمجلس الشعب المصري حتى عام 1984 م تتويجًا لكفاحه ودوره الوطني.
وبعد جلاء العثمانيين عن سيناء وبلاد العرب عامة ظهر الشيخ صبح أبو عيطة من الدهيمات ثم خلفهُ ابنه عيد صبح أبو عيطة ولُقِّب بالعمدة واشتهر بعده سِلْمي أبو زماط.
وأذكر من قضاة قبيلة السواركة: ابن زارع، وسلامة بن عراده، ومسلَّم بن شديد، وعلي بن خلف.
ووسم السواركة العمود على ورك البعير الأيمن أو الزناد على ورك الناقة الأيمن.
ما قاله الباحثون والمؤرخون عن قبيلة السواركة العدنانية:
يؤكد الباحثون أن السواركة هاجروا إلى شمالي سيناء في القرن الرابع عشر الميلادي، أى أن لهم ما يزيد عن ستة قرون في شرق العريش، وقد استطاعت هذه القبيلة أن تمد سلطانها على منطقة الرمل في شمالي سيناء وتعدَّت ذلك إلى شمالي هضبة التيه نفسها حتى إن العلماء الفرنسيين الذين كانوا مع الحملة الفرنسية أيام غزوة نابليون بونابرت عام 1798 م لمصر وكان على رأس هؤلاء العلماء أميديه جوبير الذي كتب بالفرنسية كتاب "وصف مصر" الذي ترجمه الأستاذ المصري زهير الشايب فقد قال عن السواركة: إن بلادهم تمتد من شمالي سيناء حتى جبل الطور مجاورون لأرض الترابين بل إن قسمًا منهم كان يعيش في وادي غرندل أو حول غزة ويقومون برحلات إلى داخل مصر، ولكن هذا الاتساع في أراضي السواركة انتهى في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي على يد قبائل الترابين والأحيوات والتياها الذين تكاثروا في هضبة التيه بوسط سيناء، وعند امتداد نفوذ محمد علي باشا حاكم مصر في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي إلى سيناء ومن ثم قيامه بإخضاع القبائل البدوية في سيناء وفرض عليهم تحصيل الضرائب من مركز قطيَّة على الساحل الشمالي، فقد ترك السواركة مساكنهم الأولى على مشارف التيه واحتفظوا بشريط رملي ضيق على ساحل البحر المتوسط، وكما تركوا نهائيا منطقة خان يونس بفلسطين، ويعيش السواركة في وادي العريش حيث تكثر المياه والنخيل ويزرعون الوادي خلال فصل الربيع حيث تهطل الأمطار. وذكر نعوم شقير في تاريخ سيناء أن السواركة يسكنون بلاد العريش، أي القسم الواقع بين خط الحد الشرقي من بئر العبد، وقال أهم أملاكهم في الداخل الجورة وهم أكثر
قبائل سيناء عددًا، وكان عمدتهم سلَّام عرادة من العرادات ويقال للعرادات غُز العرب لامتيازهم عن سائر البدو جيرانهم بنظافة المأكل والملبس، واشتهر الجريرات بالصلاح والتقوى، ومنهم أبو جرير الذي حلف العرب بذمته للآن، وقال: يمتاز السواركة بكثرة العدد وضعف الرأي ويُلقَّبون بأولاد الظروة. وكما ذكر عارف العارف أن بعض فخوذ قبيلة الحناجرة في فلسطين تعود بنسبها إلى قبيلة السواركة.
حروب السواركة
حدثت مصادمات وحروب بين السواركة وبين العديد من القبائل في سيناء وفلسطين ولكن أشهر هذه الحروب بينهم وبين قبيلة الترابين، فبعد تكاثر السواركة في نواحي القرارة شرقي خان يونس بفلسطين كانت عشائر الترابين تتزايد كثرة ونفوذًا وقوة في نفس الوقت، فحدثت منافسة على البلاد فكان الخلاف على القرارة، وقيل: كان على ملكية قطعة في أرض سيناء تسمى القريعي، فحدثت مصادمات عنيفة متقطعة إبان العهد العثماني بين السواركة من جهة والترابين من جهة أخرى، وكثيرًا ما تحالف السواركة مع الرميلات والتياها والسماعنة وبفي ضد الترابين، كما تحالف الترابين أيضًا مع الأحيوات والحويطات وقبائل الطور ضد السواركة، وكانت نتائج الحروب في فلسطين أن أزاح الترابين نهائيا السواركة والرميلات حلفاءهم إلى رفح والساحل الشمالي لسيناء واستولوا عليها، أما في سيناء فقد تغلب السواركة على الترابين في بلاد التيه ولم ينتصر لهم إخوانهم بفلسطين بسبب حروبهم المستمرة مع الجبارات في بئر السبع، ثم ثم الصلح بين الترابين والسواركة وتعاهدوا عند ولي صالح من السواركة له مقام وهو الشيخ زويد شرق العريش وقد سميت القرية باسمه وهي الآن مدينة، وظل الصلح عدة سنوات بين الطرفين وساد السلام بينهما ثم جاء عدة رجال من وجهاء قبيلة الجبارات الفلسطينية ونزلوا ضيوفًا على قليد
(1)
القوم لقبيلة السواركة قرب العريش فلما همَّ بإعداد الطعام لهم، قالوا: إن كنت ستحقق مبتغانا ومرادنا فهيا إلى ذبح الشاة لنا، وإن لم يكن عندك جوابًا فلا حاجة لنا بطعام ولا نبتغي زادك، فعرف قليد القوم للسواركة أن الجبارات يريدون مشاركة فرسان السواركة في حروبهم مع
(1)
قليد القوم أي صاحب الرأي النافذ خلاف عقيد الحرب وهو صاحب القيادة في المعارك.
الترابين ومهاجمتهم بعد أن عجز الجبارات من تحقيق النصر عليهم في فلسطين وهذا يعني إشعال أوار الحرب من جديد بين السواركة والترابين بعد أن ساد السلام وبعد أن تعاهدوا عليه في مقام الشيخ زويد السويركي. فقال مجيبًا لكبار الجبارات: كل شيء لكم مجاب إلا خيانة العهد - عهد السواركة مع الترابين - عندئذ قام رجل شرير
(1)
من السواركة فقال لقليد القوم وكان يُسمَّى المقيطعي: غد الضيوف أي وافقهم على رأيهم وطلبهم، فقال المقيطعي له: إن كنت تقدر على طلب الجبارات غَدْهم أنت!، فرد الرجل السويركي الشرير وقال: هات القلد عنك، قال المقيطعي جاك القلد إن وافق كبار السواركة الجالسون، فقال السويركي الشرير: يا سواركة هذا ضعف والله أن نخذل ضيوفنا الجبارات فهيا اعطوني قلد القوم، قالوا: جاك القلد ونحن موافقون والرأي رأيك فافعل ما بدا لك، فلما عرف المقيطعي موافقة القوم على إعلان الحرب وتكسير الكفل والعهد مع الترابين قال مُتهكِّمًا للقليد الجديد: مبروك عليك القلذ!
…
فلما جلس الجبارات للغذاء وقد سُرُّوا من القليد الجديد الذي طاوعهم وشكروه وأثنوا عليه، فقال لهم: تغذوا يا رجال الجبارات ما عليكم هَم، فقال المقيطعي القليد السابق مُتهكِّمًا: نعم تغذوا يا جبارات برءوس السواركة!! يقصد أن القليد الجديد سوف يجر الهزيمة للسواركة ما دام قد كسر العهد، وهذا ما حدث بالفعل فقد نُقل الخبر للترابين بواسطة رجل من الرميلات أساءه تكسير العهد عند الولي الصالح، فأخبر شيخ الترابين في فلسطين وكان حينها الصوفي وقيل أنه كان أبو ستة، فقال له الشيخ أمام رجال الترابين تحروا إن كانت مكيدة منك وفتنة قتلناك فجزاؤك تستحقه؛ وإن كان الخبر صادما أعطيتك خربتي أي مزرعتي وكانت من أحسن مزارع الترابين جنوب رفح، وأخذوا الرجل رهينة عندهم، فلما تحروا الأخبار وعرفوا صدقه وعزم السواركة في غزوهم وهبوه الخربة، فسميت باسمه حتى الآن وهي خربة الصبَّاح.
وتهيأ الترابين للقتال واستنجدوا بحلفاء لهم، وأتت الرياح بما لا تشتهي السفن للسواركة بعد أن هاجمهم الترابين شرق العريش على حين غرة دون
(1)
يقول الرواة: إنه ليس سويركي وإنما دخيل عليهم وأصله من المعازة (بني عطية).
استعداد منهم للقتال فكانت خسارة فادحة في صفوف فرسانهم، ولما علم الجبارات بفلسطين بذلك خزلوا وندموا، وبعد ذلك تم الصلح بين السواركة والترابين وقد تنازل السواركة عن أملاك لهم في شمالي التيه بسيناء واقتصروا على الساحل الشمالي وصارت أرض الرمال للسواركة وأرض الدمث (الحصى) بالداخل للترابين.
[انظر عن حروب السواركة والرميلات مع الترابين في السرد في عن قبيلة الرميلات].
حرب السواركة مع التياها
(1)
" يوم ألبني" ففي عام 1846 م هاجم السواركة والرميلات قبيلة التياها عند جبل ألبني فقتلوا منعهم تسعين رجلًا وغنموا عددًا كبيرًا من الإبل، وفي ذلك قال شاعر السواركة:
يا زين بشِّر العلَّامات
…
تسعين بيضة صبَّحن عريات
والعلَّامات بطن في التياها، وتعرف هذه الوقعة بيوم ألبني وكان في جملة ما غنمه السواركة نياق خواوير أي حلَّابة، قالوا الناقة تحلب باطية كبيرة في الصباح ومثلها في المساء .... والباطية هي ماعون الطعام عند البدو وعادة يصنع من الخشب أو النحاس.
حرب السواركة مع الأحيوات
(2)
" وقعة القريعة" غزا الأحيوات السواركة في القريعة قرب الساحل (البحر الأبيض) وكان ذلك عند رجم القبلين فقتلوا منهم ونهبوا نحو مائة بعير وانقلبوا راجعين إلى بلادهم، فجمع السواركة جموعهم وطاردوا الأحيوات فأدركوهم في العَمر وقاتلوهم ولكن الأحيوات تمكنوا من صدهم وفازوا بالغنيمة، وكان بين الإبل المنهوبة ناقة لأرملة من السواركة لها ولد وطفل فاستغاثت بكبير الأحيوات قائلة:"رد الذي لا يعرف العذر" وتعني به ولدها فردَّ لها ناقتها المنهوبة وأعطاها
(1)
انظر تاريخ سيناء لنعوم شقير.
(2)
المصدر السابق.
فوقها قعودًا وخلع عليها ملايته الحريرية، وكان الأحيوات في طريقهم إلى هذه الغزوة التقو رجلًا حسن البزة لابسًا لبس الشيوخ فقتلوه ظنا إنه شيخ للسواركة ثم ظهر أنه من أولاد سليمان العرايشية، فبعد الواقعة اجتمع كبار العرايشية وقبيلة الأحيوات في مقعد الوحيدي في وادي غزة فرضي العرايشية بأخذ الدية 40 جملًا فأخذوا منها عشرين جملًا وعلقوا العشرين الأخرى حِسْنة على الأحيوات لأن القتل كان أصلًا خطأ منهم.
قلت: وما جاء به الأحيوات غنيمة من السواركة من إبل راح ربعها في دم العرايشي وسيذهب الباقي لا محالة الآن ما جاء من مهاوش راح في مهابر! " أي ما كسب من حرام غصبًا مصيره الخسران طوعًا أو كرهًا.
"وقعة الطيبة" وبعد هذه الغزوة بسنة جمع السواركة جموعهم وغزوا الأحيوات في وادي الطيبة أحد فروع القريص، وكان هناك من الأحيوات الشيخ علي والمسح أبو غريقانة فشردا فلحق بهم فارس من السواركة فوقع الشيخ علي من على هجينه ولكنه نهض للحال وأخذ بندقيته وهمّ بضرب الفارس فصاح الفارس قائلًا: أنا في وجهك فتركه، ثم ركب ناقته وصعد على قوز مرتفع وتبعه المسح إليه فتحصنا فيه واستعداللدفاع، ولما وصل غزاة السواركة إليهما ظنوهما جمعًا كبيرًا فاجتمع شيخ السواركة بالشيخ علي وعقدا هدنة سنة، ثم اجتمعا في بيت ابن فياض الترباني وعقدا صلح "قلد"، وبعد ذلك بمدة حالف مسمح بن عليان ابن أخي علي الترابين وحارب معهم السواركة في واقعة المكسر عام 1856 م، كما سوف نبين عنها في السرد عن الرميلات.
الرميلات
نسب القبيلة:
أكد الرواة من القبيلة في رفح شمالي سيناء أن الرميلات من القطيفات وقد كان مسكنهم في بلدة القطيف في بلاد الأحساء بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، ثم رحلوا إلى بلاد الشام وسكنوا في ظانا بجنوب الأردن، ثم انتقلوا إلى منطقة غزة واستقروا في القرارة ثم نزحوا إلى رفح بعد حروبهم مع الترابين.
ويؤكد علماء الأنساب أن الرميلات والقطيفات ما هم إلا بطنان من ولد علي من عَنَزة من ربيعة العدنانية أكبر قبائل الجزيرة العربية على الإطلاق
(1)
.
التفصيل عن عشائر الرميلات
(أ) البسوم: ومن فخوذهم المعاييف وشهرتهم أبو صيبع؛ والخرافين، والحسينات، والبعيرة، والسلايمة، والسليمات.
وتعتبر عشيرة البسوم من أكثر عشائر قبيلة الرميلات عددًا وأطيبها أعراقًا.
ومن شيوخ البسوم في الوقت الحالي: صباح عبيد الله عيد
(2)
، وشديد عودة
(1)
المصدر الأول: معجم قائل العرب الحديثة القديمة لرضا كحالة السوري.
المرجع الثاني: معجم قبائل المملكة العربية السعودية لحمد الجاسر وقد ذكر في ص 585 أن القطيفات من آل سمير من ولد علي من عَنَزة أيضًا منازلهم بين العلا وخيبر بالسعودية.
قلت: وقول الرميلات أن أجدادهم القدامى كانوا بلاد القطيف صحيح؛ لأن تلك اللاد هي منبع ولد علي وبلاد عموم عَنَزة وربيعة في صدر الإسلام وما زالت بطون عنزة تسكن في تلك الديار وهي ضمن المنطقة الشرقية في الملكة العربية السعودية
(2)
يعدُّ الشيخ صباح عبيد الله بطلًا من أبطال سيناء المصرية، وقاد أيام الاحتلال حربًا إعلامية حقيقية ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1967 م، وعندما استولت إسرائيل على 20 كم 2 تملكها قبيلتا الرميلات والسواركة بمنطقة رفح قام الشيخ صباح برفع دعوى أمام محكمة القدس العليا ضد إريل شارون وإسرائيل تال ممثلا الجيش الإسرائيلي، فلما خسر الدعوى كما هو متوقع - اتصل بوسائل الإعلام العالمية وقاد حملة كبيرة ومستمرة لفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي يومًا يوم، وعلى أثر ذلك قامت السلطات الإسرائيلية بعزله وتعيين آخر غيره ثم حددت إقامته في منطقة مهجورة على ساحل البحر الأبيض (شمال سيناء) ثم حاولت اغتياله عده مرات ولكن الله حماه، ويقول الشيخ صباح بعد مقابلتي له عام 1993 م في رفح واطلاعي على وثاثق تؤكد وطنيته وحبه لمصر يقول:"لم أفقد إيماني بالله سبحانه وتعالى ولا بوطني لحظة واحدة".
أبو التوم، ومحمد أبو صيبع، ومحمود محيسن سلَّام، وعودة محمد سالم عواد السليمات، وسلَّام عواد البعيرة.
كما اشتهر منهم سليمان معيوف (أبو صيبع) كشيخ للرميلات في بداية هذا القرن العشرين وقد ذكره نعوم بيك شقير في تاريخ سيناء.
(ب) السننة: وفيهم فخوذ: الربايعة، وأبو عياد (العيايدة).
ومن شيوخ السننة: مسعد أبو ربَّاع، ومسلم أبو عياد.
(جـ) العجالين: وفيهم فخوذ: أبو مليح، والفريات.
ومن شيوخ العجالين: عبد الله أبو مليح، وسالم أبو مراحيل.
(د) العوابدة: وفيهم فخوذ: أبو قطيفان، والضريحيين، والمحاميد، والعوابدة.
ومن شيوخهم: عوض حسين حسن، وسِلْمي أبو قطيفان، وعذارى أبو ذيبان.
(هـ) الشمالخة: وتعدُّ هذه العشيرة من أكثر الرميلات عددًا بعد البسوم وهي من الفروع العريقة وأنجبت رجالًا بارزين في قبيلة الرميلات.
وقسَّم الرواة
(1)
والنسابة الشمالخة إلى عدة فروع هي:
1 -
الصيايحة: وفيهم فخوذ: الحميدات، والطبران، والمساحلة.
2 -
القواديد
(2)
: وفيهم فخوذ: الشيوخ، والسريحيين، والزوادين، والكساسبة، والسعيديين، والشيوخ المدفونة.
3 -
القصاقصة: وفيهم فخوذ: العرارات، والسمرة.
وبرز الشيخ حسان أبو شيخة
(3)
من الشيوخ كشيخ عام للقواديد وقد توفاه
(1)
على رأس الرواة: زويِّد جمعان القادود وهو نسابة من ثقاة الرميلات في رفح.
(2)
يؤكد الرواة أن القواديد وجدّهم قادود أنجب حسان ومنه العيون، وحسين ومنه السريحيين والزوادين؛ وسالم ومنه الشيوخ وهم الكساسبة السعيديين والشيوخ المدفونة.
(3)
حسان أبو شيخة رحمه الله له أدوار وطنية خالدة في التاريخ المصري وذكرت جريدة سيناء أول أكتوبر 1990 م التالي:
الشيخ حسان عواد أسعيِّد أبو شيخة مجاهد كبير في شمال سيناء أثناء الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1967 م، وقد حصل الشيخ حسان على العديد من الميداليات التقديرية والأنواط من قائد الجيش الثاني الميداني المصري، وحصل على نوط تقدير من المخابرات المصرية، وميدالية تقديرية من الفريق صفي الدين أبو شناف، ونوط الشجاعة من الرئيس الراحل أنور السادات، ونوط الامتياز من الطبقة الأولى من الرئيس محمد حسني مبارك.
الله من عدة سنوات، وتولى مكانه ابنه عواد حسان أبو شيخة ويضم لمشيخته الكساسبة والأبرق وباقي القواديد السالفة الذكر.
كما تولى مشيخة القصاقصة الشيخ عبد العزيز أبو عرار والشيخ سليمان سويلم أبو سمري.
(و) الشريطيين: ومن فخوذهم: الرقيبات، وأبو حلو.
ومن شيوخهم محمد سلام الرقيبي، وسلمان عبيد أبو حلو، وعودة الرقيبي.
(ز) الجرادات: ومن فخوذهم: الفريحات.
ومن شيوخهم عامر أبو جراد، ومحمد أبو فريح.
قضاة الرميلات
أشهر قضاة الرميلات في القضاء العرفي هم: نصر الرقيبة، وعيد سالم عبيد الله، ويوسف الضريبي، ومحمد أبو صيبع.
مساكن الرميلات
تسكن عشائر الرميلات مختلطة مع عشائر السواركة من قرية الشيخ زويِّد. شرقي مدينة العريش على الساحل الشمالي لسيناء وحتى رفح المصرية على حدود فلسطين وتستقل الرميلات برفح سيناء، وهناك بعض العائلات من الرميلات في قطاع غزة حتى الآن وخاصة في رفح فلسطين، وأغلب الرميلات حياتهم المعيشية على الزراعة وخاصة الخوخ ويُروى على الأمطار ويتميز بجودة عالمية وحلاوة مذاق وقد استُبدل أو طُعِّم بأشجار اللوز السابقة قبل عام 1967 م، ومنطقة رفح التي بها أغلب الرميلات تعتبر جنة سيناء كلها وهي تتميز بطقس وجمال بلاد الشام حيث أن الأشجار لا تحتاج إلى مياه إطلاقًا، وهي بركة منحها الله لهذه البلاد كما قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ
…
(1)} [الإسراء]. وهكذا فالبركة تراها ممتدة
على ثرى سيناء المصرية في ساحلها الشمالي حتى شرق العريش. وقال بعض العلماء: إن البركة تعم بلاد الشام كلها وتمتد إلى مصر والحجار والعراق (1).
والشيء المحبب للنفس هو أن ترى الخضرة ممتدة على الرمال الصفراء قرب الساحل للبحر الأبيض نحو الداخل في سيناء بعمق عشرين كليو متر تقريبًا وكلها تشرب من ماء السماء، سقاها وباركها الرحمن لعباده في تلك البقاع من أرض مصر المحروسة بعناية إلهية، كما يقوم بعض الرميلات بتربية الحيوانات مثل الأبقار والماعز والضأن، وكان الرميلات يقتنون الخيول أيام المؤرخ نعوم شقير الذي ذكر نبذة عن فرسانهم ذلك الوقت في أوائل القرن العشرين الميلادي.
ووَسْم الرميلات هو الشعبة، وهي عبارة عن رقم سبعة 7 توضع على صدغ البعير الأيمن.
وعن الإبل فقد قَلَّت عند الرميلات بل أصبحت نادرة لما أنهم صاروا من القبائل العربية المستقرة التي تعتمد على الزراعة لا الرعي كما هو شأن قبائل أخرى في سيناء.
لمحة عن بعض رجالات الرميلات بالوقت الحاضر
من رجالات وأعلام قبيلة الرميلات البارزين أذكر الشيخ عيسى عودة الخرافين من عشيرة البسوم وهو أحد أعضاء مجلس الشعب المصري عن محافظة شمال سيناء لكذا دورة ويعتبر أقدم عضو في سيناء، والشيخ مسعد أبو ربَّاع من عشيرة السننة وهو من أكبر ملاك الأراضي بمنطقة رفح سيناء، وكما يعد بحق كبير مدينة رفح وعاقلها الأول، وقد أقام العديد من المشروعات الخيرية لابناء رفح، ولا يبخل بجهد أو مال أو مشورة لمن يلجأ إليه من قومه الرميلات أو عموم أبناء رفح، والدكتور سليمان مرضي عياد أستاذ طب القلب بجامعة الزقازيق وحاليا في المملكة العربية السعودية، والأستاذ عياد بركات الصحفي في جريدة المساء، والدكتور عودة حسان عواد أبو شيخة المدرس للتاريخ الإسلامي والوسيط في كلية التربية بجامعة عين شمس، وهناك العديد من أبناء الرميلات من معلمين ومهندسين ومحاسبين لا يتسع المقام لذكرهم.
(*) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بارك الله في شامنا ويمننا"، أي بلاد الشام وبلاد اليمن.
قصيدة قالها أحد الرميلات
يا رب طالب منك عشرة تحارى
…
عليهن يا رحمن تكتب نصيبي
والثانية بيت يبهضل يندار
…
يتواصفنه ناكتات السبيبي
والثالثة حورية بنت اجاويد احرار
…
وتكرم الطراش يوم اغيبي
والرابعة عزوة مباشيش جُسَّار
…
بيعدلوا للمال حق الطنيبي
والخامسة على اللِّي تلحق الخيل به جار
…
بالمندق اللي فارقتها السبيبي
والسادسة ستر الولايا من العار
…
في مقعد السفاهة هرج يصيري
والسابعة تطلع على وجه العشب تحتار
…
تطلع على وجه المناسف غصيبي
والثامنة يارب تجيرنا من النار
…
يا رب يوم ناكر ونكيري
والتاسعة وأنا على أبو إبراهيم
(1)
زوار
…
وأقعد يا ربي وأواجه حبيبي
والعاشرة يا رب تعطينا جنة الأبرار
…
في الفردوس تكتب نصيبي
تاريخ الرميلات وحروبهم
ذكر الرواة من شيوخ الرميلات وأكده نعوم شقير في تاريخ سيناء أن قبيلة الرميلات هي من قبائل منطقة العريش، وكانت تسكن أرض القرارة شمال مدينة خان يونس (بقطاع غزة الفلسطيني)، فلما اشتعلت نيران الحرب بين الرميلات وقبيلة الترابين في فلسطين وانتصر الترابين أخيرًا وطردوا الرميلات من أرض القرارة الخصبة ثم طاردوهم حتى أدخلوهم في حدود مصر في شرق بلاد العريش وعلى الأخص في منطقة رفح سيناء شرق الشيخ زويِّد، فحالف الرميلات قبيلة السواركة واستمر الحلف والإخاء حتى الآن بين القبيلتين، وذكر نعوم شقير فروع الرميلات حتى عام 1916 م التالية: البسوم، والشريطيين، والسننة؛ والعجالين، والعوابدة، وقال: كاد شيخهم يدعى بأبي صيبع واسمه سليمان معيوف وهو من بدنة البسوم وهي من أكبر أعراق بدنات الرميلات.
(1)
هو المصطفى صلى الله عليه وسلم.
كما ذكر أن الرميلات قد اشتهروا بشدة المراس وحب الخصام ولما سأل شيخهم أبو صيبع عن ذلك قال: إن الرميلات رجال إذا كان الحق لهم أخذوه عنوة واقتدارًا وإن كان عليهم لم يمكنوا الخصم منه إلا بكل مشقه!
وقد ذكر نعوم بيك أيضًا أن الرميلات يهتمون بتربية الخيول الصافنات وأنهم يملكون عددًا لا بأس به من الخيول العربية الأصيلة، وقد سرد طرائف لفرسان من الرميلات ووصفهم بالجرأة وقوة الشكيمة.
التفصيل عن حروب الرميلات
(1)
" يوم القرارة الأول" بعد طرد الترابين للرميلات من أرض القرارة المشهورة بخصبها والسيطرة عليها تمامًا، استمر الترابين في مطاردة عرب الرميلات نحو الغرب (في شمال سيناء) حتى أدخلوهم أرض السواركة (بلاد العريش)، كان السواركة قد ورثوا عداوة الترابين من إخوانهم الجبارات فرحبوا بالرميلات وأسكنوهم في رفح على حد مصر الشرقي مع فلسطين، وكان يفصل بينهم وبين الترابين في فلسطين درب الحجر الذي ينشأ من حجر السواركة وينتهي ببئر رفح.
وقد شق على الرميلات جدا خروجهم من أرض القرارة فقال شاعرهم:
لا صوم عن كل الطعامات
…
وأقطع بلاد القرارة في الظلمات
وهنا إشارة من الشاعر أنه لا يطيق أن يرى القرارة بيد خصومه من الترابين وأنه لا بد من استرجاعها.
"يوم الحناجرة" وما زال الرميلات والسواركة يترقبون الفرص للأخذ بالثأر من الترابين - حتى كانت سنة 1848 م فلاحت لهم فرصة فهاجموا عرب الحناجرة القاطنين على الحدود شرقيهم تحت حماية الترابين فاكتسحوا بلادهم، وتقدموا إلى أرض الترابين فهاجموا محلة من محلاتهم وحملوا كل ما استطاعوا حمله من الأثاث وساقوا أمامهم الإبل والأغنام والخيل والحمير وعادوا إلى بلادهم، وكان بين غُزاة الرميلات رجل يقال له عواد البعيرة ففيما هو راجع من الغزوة وجد نساء
(1)
نقلا عن تاريخ سيناء لنعوم بيك شقير.
(أبو ستة) شيخ وكبير الترابين يحملن الغفور على جمل لهن فأخذ عواد الجمل بما عليه وترك النساء وشأنهن.
"يوم القرارة الثاني" وفي نحو 1885 م وقع خصام بين صرَّار أبو شريف من الخناصرة (السواركة) وبعض أقربائه فاضطهدوه فلجأ إلى أعدائهم الترابين، فجمع السواركة والرميلات جموعهم وهاجموا الترابين في أرض القرارة وسط النهار فطردوهم حتى أدخلوهم خان يونس، وقتلوا منهم وألقوا القبض على قريبهم صرار أبو شريف فقتلوه ثم بقروا بطنه وحشوه رملًا وقالوا: هذا جزاء من يخون أهله وينضم إلى أعدائهم.
وقال شاعر الرميلات في ذلك اليوم:
طاح السيف من كف الوحيدي
…
سيف الشيخ صارت له رنَّه
قوطرت به زغوب الخيل حمرا
…
زقاق الخان ما بتنزل عنَّه
"واقعة المكسر" وقد تقدم لنا أن الترباني يتحاشى الشر جهده حتى إذا لم يعد يرى منه مهربًا نهض نهضة الأسد واستنصر بحلفائه واندفع بكليته على خصمه حتى يقهره. فلما رأى الترابين ما كان من مناهضة السواركة والرميلات لهم قاموا قومة رجل واحد وجمعوا جموعهم واستنصروا بحلفائهم العزازمة والحويطات والأحيوات وغيرهم وحملوا كالسيل الجارف على السواركة والرميلات، وقد علموا بزحف الترابين فجمعوا فرسانهم في الخروبة في منتصف المسافة بين العريش والشيخ زويِّد، وكان قليد أو حسيب الترابين إذ ذاك الشيخ جمعة أبو ماسوح وعقيدهم الشيخ أبو ستة، وقليد أو حسيب السواركة والرميلات وعقيدهم أيضًا هو الشيخ سبيتان أبو عطية وعمدتهم الشيخ سلامة عرادة، فبعث حسيب أو قليد الرأي للترابين إلى حسيب السواركة والرميلات يقول له: اكفونا شر الحرب واقنعوا ببلادكم: فأجابه أبو عطية: دع عنك هذا الهذر فلا بد من استرجاع بلادنا حتى القرارة.
فشرع عقيد الترابين إذ ذاك في تنظيم جيوشه وإعدادها للهجوم فجعلها ثلاثة جيوش وأرسل جيشًا بطريق البحر وجيشًا بداخل البر بعيدًا عن الساحل وسار هو بالجيش الثالث في الطريق المعتادة قاصدًا الخرُّوبة.
فخرج السواركة لملاقاته حتى صاروا على نحو نصف ساعة من الخورُّبة فما شعروا إلا وجيوش الترابين الثلاثة قد انقضت عليهم من اليمين والشمال والأمام فوقع فيهم الفشل، فأعمل الترابين فيهم السيف حتى أفنوا أغلب فرسانهم ولم يسلم منهم إلا طويل العمر، ففروا إلى العريش واحتموا بقلعتها وقليل ما هم. وكانت هذه الوقعة الدامية في صيف سنة 1856 م، وقد سمي المكان الذي دارت فيه المعركة باسم (المكسر).
ولما كانت الدبرة على السواركة والرميلات فقد عاد الترابين إلى بلادهم بإبل وأغنام كثيرة من كلا القبيلتين، وبعد مدة طلب السواركة والرميلات الصلح مع الترابين فردّ أبو ستة قليدهم قائلًا: عليكم وجهي ترجعوا إلى بلادكم!
وهنا تظهر الشهامة العربية من أبي ستة قبل الحرب وبعد المعركة رغم النصر الباهر والظفر من أعدائه، ولكن هذا الرجل يتعامل مع خصومه كعرب مسلمين أولًا وأخيرًا، وإثر هذه البادرة الطيبة والنخوة من أبي ستة اجتمع كبار السواركة والرميلات في بيت سالم بن مصلح من قبيلة الحناجرة وعقدوا بينهم صلحًا على أن يعود كل فريق إلى بلاده ولا يطالب الرميلات أو السواركة بالقرارة، وبذلك بقيت القرارة التي هي أصل الحوب بيد الترابين، وقال شاعرهم:
حرب بنوه الرميلات
…
يا ويلهم من عِقَابه
(1)
بطيخهم أكلوه الأحيوات
…
وحِنَّا نقشقش عَقَابه
(2)
ويعتبر هذا الصلح هو (صلح قلد) وكان قليد الترابين في هذا الصلح هو جمعه أبو ماسوح، وكان أبو عيطة قليد السواركة والرميلات قد قُتل في هذه الواقعة فسمى السواركة ابنه سالم البكر قليدًا عليهم، فكان قليدهم في الصلح مع الترابين وقد توفي بعد عامين وتولى زيتون عواد قليدًا ثم توفي هو الآخر عام 1885 م.
"تجديد الصلح": اجتمع كبار السواركة والترابين في بيت الحاج حماد مصلح واختار السواركة صبح أبو عيطة المشهور قليدًا عنهم، وصبح هو شقيق
(1)
عقابه بكسر العين، هي تعني الجزاء.
(2)
نقشقش عقابه أي نجمع بواقي الشيء وعقابه بفتح العين أي باقيه القليل.
سالم المذكور وكان ذلك في 25 ربيع أول عام 1303 هـ - يناير 1886 م وعودة سويلم بن جرمي قليدًا للترابين من أبي ستة، فجدد الفليدان العهود والمواثيق في استمرار الصلح والوفاق. وفي أوائل سنة 1889 م أيام كان محمود بيك محافظًا للعريش وقع خلاف بين الترابين والسواركة فلجأ كل فريق إلى أخذ جمال الفريق الآخر بالوثاقة وكاد الأمر يفضي إلى فض النقا أي بلغة البادية إعلان الحرب، فتدارك محمود بيك الأمر بحكمته وعيَّن مندوبين من محافظة العريش وأرسل إلى قائمقامية غزة فأرسلت مندوبين من قبلها فاجتمعوا في بيت مهيزع الترباني بحضور قليذي السواركة والترابين وأعيانهم وعقدوا صلحًا في 3 جماد الآخرة عام 1306 هـ/ 4 فبراير عام 1889 م ولا يزالون عليه للآن.
"حادثة الفرس" في سنة 1904 م ساق بعض الترابين ومعهم عساكر من خان يونس، تسعة رءوس بقر للرميلات وكان المحافظ على العريش إذا ذاك محمد بيك إسلام، فكتب إلى قائمقامية بئر السبع في ردها، ومضى ستة أشهر بلا نتيجة حتى فرغ صبر الرميلات، فركب عشرة من فرسانهم إلى بلاد الترابين "المغاصبة" فأخذوا فرسًا للشيخ قعود المغاصيب وأتوا بها إلى بلادهم، فقام فرسان المغاصبة وراءهم فلم يدركوهم.
وبعد ذلك بأيام أرسلوا خبرًا للرميلات يقولون: لاقونا في بيت سلَّام عرادة عمدة السواركة في الخروَّبة في يوم كذا للتقاضي عنده فاجتمعوا في الميعاد فرد الترابيين البقر للرميلات واستردوا فرسهم، فنظم فرج سليمان شاعر الرميلات قصيدة طويلة في ذلك جاء في ختامها:
جنَّك عشر فرسان في رايق الليل
…
حامت عليك الخيل زي الحديَّاتْ
خذوا الفرس منك والعين بتشوف
…
تبكي عليها بالدموع السخيَّات
لازم تجيب الحق وتدور دورين
…
لتذوق من ضرب السيوف الطريرات
لازم تحط الحق يابو مغيصيب
…
ما يضيع حق يطلبوه الرميلات
الرياشات
الرياشات
(1)
: وأحدهم رياشي، وهو الاسم الذي يُطلق على قبيلة الرياشات والتي تسكن في منطقة الشيخ زويد شرق العريش بحوالي 35 كيلو مترًا، ومعظم عشائر الرياشات بالوقت الحاضر تسكن في قرى كبيرة مسماة بأسماء فروع من القبيلة وأهمها قرية أبو طويلة وقرية أبو زرعي.
ويبلغ تعداد هذه القبيلة في آخر إحصاء تقريبي بعد تحرير سيناء عام 1982 م حوالي خمسة آلاف نسمة مقسمة على أربع مشيخات هي شياخة أبو طويلة وشياخة أبو زرعي وشياخة أبو بخيت وشياخة الهشة.
وقبيلة الرياشات هي إحدى القبائل التي تقيم في مصر وفلسطين والأردن والحجاز واليمن وتحمل بطونها نفس الاسم. أما الرياشات في شمال سيناء بمنطقة الشيخ زويِّد حاليًا فهم يشكلون القسم الأكبر والأشهر في الوطن العربي من هذه القبيلة العريقة.
نسب الرياشات
يقول بعض رواة القبيلة من رياشات سيناء أن قبيلتهم تنسب إلى رجل ويدعى عطية الرياشي ولقبه عطية القناص
(2)
.
كما يقول بعض الرواة أن القناص ينتمي إلى أحد فروع بني عطية (المعازة)، وقال البعض الآخر أن جدهم القناص مرتبط بالحلف والدخل فقط مع هذه القبيلة وأن جذورهم القديمة تنسب إلى شجرة الأشراف الأدارسة الذين هم الآن لهم فروع في مصر والشام والجزيرة العربية علاوة على مركزهم الأول في بلاد المغرب الأقصى.
(1)
الرياشات: ذكرهم نعوم شقير في تاريخ سيناء (طبعة أثينا باليونان 1985 م صفحة 99) أن الرياشات أحد فروع قبيلة السواركة بشمالي سيناء. وهذا خطأ منه في الإسناد على بعض الرواة من السواركة أثناء جولاته الميدانية قبيل الحرب العالمية الأولى عام 1914 م في أوائل هذا القرن العشرين للميلاد، ولربما هذا يرجع لأن الرياشات قليلو العدد وقتئذ أو مختلطون بالسكن والجرار مع السواركة كما كانوا تحت عمدية السواركة إداريا.
(2)
وقالوا لُقِّب بالقناصر لشهرته بالصبد وأضافوا أنه سمي بالرياشي لأنه كان يضع الريش في مؤخرة سهامه التي يصطاد بها فرائسه.
ويؤكد الرواة الثقاة أن قدوم عطية القناص الرياشي إلى شمال سيناء من أرض مصر قد تزامن مع قدوم أجداد السواركة إلى تلك المنطقة في أوائل القرن الحادي عشر الهجري، وقد شارك القناص عرب السواركة في رحلتهم من ظانا في جنوب الأردن إلى مصر عبر قطاع قطاع غزة الفلسطيني حتى استقروا في ديارهم الحالية بشمال سيناء.
كما يروى أن عطية القنَّاص الرياشي قد ترك ثلاثة أحفاد له من أصل سبعة أبناء قتلوا جميعًا في بعض الغزوات وله فيهم المراثي الطويلة. وظل هؤلاء الأحفاد في صحراء الأردن والحجاز وكونوا عدة عشائر كتب عليها الفناء والتشتت على أيدي ولاة الشام العثمانيين ولم يتبق منها إلّا بعض العائلات القليلة والتحصت مع لمحروع الرياشات في سيناء والذين هاجروا بعد 1948 م إلى الأردن والآتي التفصيل عنهم، ويتركز وجود الرياشات بالوقت الحاضر في المملكة الأردنية الهاشمية في قرى الطيبة وزيزياء وكفر أسد والظليل والزعفران والنعيمة إلى جانب بعض المدن مثل عمان والزرقاء وجرش، وتوجد بعض الآثار أو الخرائب الدالة على وجود الرياشي القديم في تلك النواحي وخاصة في ظانا
(1)
وما حولها والشوبك
(2)
.
ومما هو جدير بالذكر أنه عند مرور عطية القنَّاص جد الرياشات على قطاع غزة تزوج من إحدى العائلات الشريفة التي تنسب إلى الأشراف في الحجاز وهي عائلة أبي الكاس، وقد عاش عطية القناصر فترة قصيرة في منطقة غزة ثم في شمال سيناء ثم عاد إلى أحفاده في الأردن وتبوك تاركًا ولده محمد مع أمه الشريفة الهاشمية.
ثم تزوج محمد بن عطية القناص الرياشي بدوره في سن مبكرة وأنجب ثلاثة أبناءهم علي وعبد السلام وعمَّار
(3)
.
(1)
توجد أطلال لقصر الرياشي في طابا جنوب الأردن وظل معروفا للناس حتى مطلع الثلاثينيات من هذا القرن العشرين للميلاد.
(2)
توجد حربة القناص بطريق الشوبك جنوب الأردن.
(3)
عمار: يقول الرواة إن "عمار" نزح إلى ساحل مصر الشمالي الغربي في نواحي مطروح وسلالته منتشرة هناك ويعرفون بالرياشات في منطقة الساحل الشمالي لمصر.
أما علي وهو الجد المؤسس لفرع رياشات سيناء الذي نحن بصدد الحديث عنه مُفصلًا فقد انتقل واستقر في قطيَّة من قرى صاحل سيناء جنوبي بحيرة البردويل، وبعد فترة نزح أبناء علي بن محمد بن عطية الرياشي إلى شرق العريش ومنها إلى الشيخ زويد حيث استقرت نهائيا ذريتهم الحالية والكائنة في هذه المنطقة حتى الآن.
كما يروى أن أولاد علي الرياشات تبادلوا بأراضيهم في قطيَّة بأراضٍ تسمى الفتح شرق العريش مع رجل من قبيلة السماعنة يدعى فتوح.
تحليل آخر عن نسب الرياشات
بعد الفحص والتمحيص لبعض الوثائق والمخطوطات تبين أن لقب الرياشي قد أُطلق على عدة فروع من قبائل العرب منها على سبيل المثال دويمع بالعراق، كما أطلق هذا اللقب أيضًا على عائلات من الأشراف الحسنيين في داخل مصر، وعلى عائلات من الأشراف الحسينيين في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية.
كما بدراسة بعض المخطوطات المصرية تبين أن لقب الرياشي هو اللقب الذي أطلق على عمَّار الرياشي حفيد عمَّار أبو الريش صاحب المقام المعروف في الصالحية بمحافظة الشرقية بالديار المصرية، وعمَّار الأكبر المُلقَّب بأبي الريش هو نجل عطية أبو الريش صاحب المقام المعروف في دمنهور عاصمة محافظة البحيرة غرب الدلتا، ونسب عطية أبو الريش ينتهي إلى الأشراف الأدارسة من ذرية الحسن بن علي - كرم الله وجهه - وهو عطية بن عز الدين بن يحيى بن محمود أبو فرشلة (نسب إلى بلدة فرشلة بالمغرب) ابن أحمد بن موسى بن عبد الله الأكبر ابن إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر ابن عبد الله بن حسن المثنى ابن الإمام الحسن رضي الله عنه ابن الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه.
وللسيد عمَّار أبو الريش أربعة إخوة أشقاء من أمه الشريفة الزيدية
(1)
: اليمنية هم سلمان ونزل بلاد الشام وكان مركزه في صيدا في لبنان وتفرقت سلالته في
(1)
الزيدية منسوبة إلى قبيلة الزيدية وهي فرع من الأشراف العلويين وتنسب إلى الإمام زيد بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويلقب أميرها بأمير المؤمنين، وقبيلة الزيدية تعد الآن من أكبر وأشهر قبائل اليمن ولها بطون متسعة في أنحاء اليمن.
بلاد الشام كلها، ومحمد قضيب، ومحمد عبد الجواد، ومحمد الشبلي، والثلاثة كلهم في دمنهور بمصر مدفونين بجوار والدهم عطية أبو الريش، وأبو الخير وهو من جارية للسيد عطية بن عز الدين أبو الريش، ولأبي الخير ذرية حتى الآن يطلقون على أنفسهم أبناء الرياشي. وتقول الدكتورة سعاد ماهر في كتابها "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون": ولد السيد عطية أبو الريش عام 394 هـ في المدينة المنورة وهو من السلالة الإدريسية بالمغرب، ودرس المذهب السني ولم يتقيد بالمذهب الشيعي
(1)
شأن آبائه وأجداده الأدارسة في المغرب، ثم رحل إلى بلاد العراق وظل فترة هناك ثم جاء إلى مصر عام 416 هـ وأول نزوله كان في جامع عمرو بن العاص في القاهرة وكان ذلك في عهد الخليفة الظاهر الفاطمي، وفي عهد المستنصر الفاطمي رحل عطية أبو الريش إلى بلاد الحوف بالشرقية شرق الدلتا حيث أقام مع بعض القبائل العربية السنية مثل جُذام ولَخْم وطيئ القحطانيين وبعض قبائل قيس عيلان العدنانيين، ثم رحل إلى غرب الدلتا سرا عام 478 هـ واستقر في مدينة دمنهور في البحيرة وتوفي عام 484 هـ حيث كان يجاهر بالعداء للخليفة الفاطمي الذي أعاد إلى الأسماع حي على خير العمل في الآذان، وكان هذا الخليفة يأمر بلعن الصحابة على الجدران!؟.
وتنتشر ذرية عمَّار الآن انتشارًا واسعًا في مصر في القرى المصرية في الشرقية والدقهلية والغربية والبحيرة والقاهرة وغيرها.
وهناك صلات تعارف ورد بين عمّار الرياشي في الصالحية وبين رياشات سيناء منذ أمد بعيد مما يؤكد وجود صلة القربى والأصل الواحد بينهما.
وبالقياس الزمني نجد أن عمار الرياشي كان موجودًا في القرن الخامس الهجري وبداية القرن السادس للهجرة كما أسلفنا، ونزول عطية القناص الرياهب المؤسس لرياشات سيناء كان في بداية القرن الحادي عشر الهجري كما يؤكد الرواة في منطقة الشيخ زويَّد فمن الراجح جدا أن يكون عطية القناص الرياشي من نسل
(1)
المذهب الشيعي كان مذهبًا للفاطميين وهم من ذرية الإمام الحسين من بني عبيد الله المهدي ابن محمد الحبيب بن المصدق ابن محمد مكتوم بن إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق ابن محمد الباقر، وكان الأدارسة قبلهم أيضًا على نفس المذهب، ويرى هؤلاء أنهم أحق من الأمويين والعباسيين في الخلافة على المسلمين.
عمَّار الرياشي ويكون آباؤه وأجداده الذين هم من نسل عمَّار قد عادوا للعيش في شمال الحجار وتكاثروا وكان منهم عطية القنَّاص الرياشي الذي سكن ظانا بجنوب الأردن وقدم مع أجداد السواركة في رحلتهم عبر غزة إلى شمال سيناء، كما من المحتمل أن تكون أسرة القنَّاص الرياشي قد مكثت في تبوك مدة كبيرة قبل نزوحها إلى ظانا بجنوب الأردن، وبالتالي تخالطت مع قبيلة بني عطية (المعازة) ودخلت فيها مما خلق الالتباس
(1)
لدى بعض الرواة من الرياشات وذكرهم أن الرياشات تنتمي إلى عرب بني عطية.
وإذا كنا أكثر تمحيصًا فتكون سلالة عطية القناص الرياشي هي من نسل سليمان بن عطية عز الدين أبو الريش الشريف الإدريسي من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا هو التحليل الأقرب للصحة؛ لأن سلمان هو الابن الوحيد لعطية أبو الريش الذي غادر دمنهور بالبحيرة في القرن السادس للهجرة ومكث في صيدا (من المدن الساحلية في لبنان الآن) وظل في بلاد الشام منذ القرن السادس وبعد بدء الحروب الصليبية الطاحنة والتي دامت عشرات السنين نزحت بالطبع سلالة سلمان كغيرها من القبائل العربية نحو الداخل في بلاد الشام وقد استقرت في صحراء الأردن وشمال الحجار، وهذا لأن المدن والقرى في لبنان وفلسطين كانت بقربها إلى البحر الأبيض أو القدس هدفًا للهجمات الصليبية وبالتالي احتلالها فترات طويلة دهاقامة دويلات أو إمارات صليبية واضطهاد السكان العرب فيها مما دفع معظم السكان إلى النزوح عن مراكز سيطرة الحكام الصليبيين في تلك الأقاليم، وجهاد الناصر صلاح الدين الأيوبي يحفظه التاريخ العربي له وللدولة الأيوبية في تحرير هذه البلاد العربية بعد كفاح بطولي من جيوش مصر وسوريا ومن عاونها من بلاد العرب والمسلمين.
ونعود إلى سلالة سلمان الرياشي فهذه السلالة لا بد وأنها نزحت كما أسلفنا وبالتحديد كان منهم قسم في ظانا في جنوب الأردن وقد اختلف الزمان معها
(1)
وهذا الالتباس يشبه قصة حويط مؤسس الحويطات الذي هو أقدم من عطية القناص الرياشي بما يزيد عن القرن والنصف القرن من الزمان، وقد لجأ حويط بعد مرضه أثناء سيره مع ذويه من أشراف المدينة المنورة إلى بني عطية (المعارة) في نواحي العقبة وقد أخطأ الرحالة الجزيري ونسب الحويطات إلى بني عطية نقلًا عن بعض الرواة في منتصف القرن العاشر الهجري (انظر التحليل التاريخي عن الحويطات) وهذا ما حدث بالفعل مع الرياشات الآن، وذكر البعض منهم أنهم من عرب عطية (المعازة).
وانقرضت ولكن حفظت نسبها للرياشي الأول (عطية أبو الريش) المدفون في مصر وهو مؤسس السلالة الرياشية في الوطن العربي، ولأن الأحفاد لا ينسبون أنفسهم إلى أبيهم بل إلى جدهم المُلقَّب وخاصة فجد أولاد سلمان هو عطية أبو الريش فهو ليس ذو لقب معروف فحسب وإنما هو ولي صالح من الأشراف (آل البيت) علاوة على أن له مقام مشهور في دمنهور، ومن هنا ظلت تسمية الرياشات باقية لا يمحوها الدهر.
ونلفت النظر إلى أن ظانا في الأردن هي من أعمال الشام حتى آخر العهد العثماني وكانت تابعة لسنجق الكرك ولولاية دمشق وهي مثل صيدا وكذلك فتبوك في شمالي الحجاز كانت تابعة لأعمال الشام، والمسافة كما هو معروف بين ظانا وتبوك هي نفس المسافة بين ظانا وصيدا، أي أن هذه المنطقة هي مركز دائرة يمر محيطها بتبوك والشام وسيناء.
وبذلك يكون الاستنتاج العلمي بالقياس الزمني والمكاني صحيحًا ويكون رياشات سيناء هم من سلالة سلمان بن عطية أبو الريش، وبالنظر إلى شجرة سلمان المدونة في المخطوطات نجد أن الأسماء الوجودة بها أو الألقاب هي نفس الأسماء في رياشات سيناء علاوة على أن لهجة الرياشات تقارب اللهجة الشامية إلى حد ما حتى الآن.
أما كون ذكر بعض الرواة من الرياشات أنهم من بني عطية فلربما اختلط على هؤلاء الآن روايات سمعوها من أجدادهم أنهم من بني عطية، وقد كان الأقدمون منهم يقصدون عطية أبو الريش الولي الصالح، وقد حسب هؤلاء أنهم من بني عطية (المعازة) واختلاط الأمر هنا خلق الالتباس على رواة هذا الزمن في هذا الجيل في أواخر القرن العشرين، ولربما يؤكد هذا الشيء هو عدم تطرق أي مؤرخ مصري آخرهم نعوم شقير في تاريخ سيناء إلى عدم نسب الرياشات إلى عرب بني عطية المعازة.
ولابد للمحقق أن يتأكد من الروايات لأن بعضها قد يكون خطأ أو جانبها الالتباس.
وبالعودة إلى رواية الرياشات فإنهم يؤكدون أن جدهم المؤسس لهم في سيناء والشهير بعطية القناص الرياشي قد تزوج من عائلة شريفة في غزة قبل مَقدمه
إلى شمال سيناء، ومن المعروف أن العائلات الشريفة عادة لا يزوجون إلا من يتأكدون من نسبه للأشراف وهذا راجع من وجهة نظرهم إلى حتمية تكافؤ النسب قبل نكاح المرأة الشريفة، وهنا نستشف أن هؤلاء قد تأكدوا في حينه من نسب عطية الرياشي إلى شجرة الأشراف قبل أن ينكحوه ابنتهم الشريفة الهاشمية.
وعلى أية حال إذا أنصفنا الرياشات كعنصر قَبَلي له كل الإعزار من المجتمع المصري، حقا نجد لهؤلاء البشر سجايا وطباعًا نبيلة وكريمة تنم عن عراقة وشرف نسبهم إلى خير شجرة، وكرم أخلاقهم خير دليل وأفضل شاهد على معدنهم الأصيل والعريق.
التفصيل عن السلالة الرياشية في سيناء
أجمع الرواة
(1)
في سيناء أن جميع الرياشات في الشيخ زويِّد حاليا هم من ذرية علي بن محمد بن عطية الشهير بالقناص الرياشي وقد أنجب سلامة وحسن ومنهما تكونت فخوذ القبيلة كالآتي:
أما حسن فعقب إبراهيم وسليمان فمن إبراهيم أولاد حسونة، وأولاد خليل (الخلايلة)، وأولاد بخيت (البخايتة)
(2)
ومن البخايتة أول شيخ في فرع أولاد حسن.
أما سليمان فعقب سالم ومنه (أولاد صويص) وفيهم: البريكات والرياشات، وحساني ومنه الحسانيين، ومحمود ومنه المحاميد، وحسين ومنه الحجوج، وجروان ومنه أولاد سلامة أبو طويلة، ومسعود ومنه القواسمة والحلوة.
وأما الابن الثاني سلامة بن علي فعقب إسماعيل وشاهين، فمن إسماعيل سليمان ومنه دويس وعقبه أولاد أبو حجاج، ومصطفى وعقبه الهشة والكعاكرة، وإسماعيل ومنه الزراعوة وفيهم عائلات أولاد حسين والثيران وأبو زقزوق والبسوط والطبوش والمداوخة والشويِّخ.
(1)
وعلى رأس الرواة الشيخ حلمي سليم أبو بخيت، والدكتور صيدلي حسن محمد علي الحجوج.
(2)
والبخايتة فيهم الشيخة حتى الآن في عموم أولاد حسن وتعد أقدم مشيخة في الرياشات وكان سليمان أبو بخيت، وبعده أبو زرعي مشيخة أولاد سلامة وهو الفرع الثاني للرياشات.
أما شاهين بن سلامة بن علي فعقب عشيرة الرفاعيين من أبناء محمد بن شاهين وفي الرفاعيين عائلات هي:
القيسي والأشقر والحساسنة واللوافية والأطراش وأبو جميل والزنديق والأحامدة.
وتوجد عائلة انضمت لمشيخة الرياشات (الهشة) هي عائلة أبو حنتوش، وعائلات منضمة تحت مشيخة الرياشات (أبو زرعي) أيضًا هي الصقور والبطين والشويطر والمشاوخ والعرجان وأولاد عواد والروابعة وأبو حسونة والسماعنة وبعض هذه العائلات من الترابين والآخرين يذكرون نسبهم للمعازة أو السماعنة.
وهناك الكثير من عائلات الرياشات، قد هاجرت خارج مصر وانقطع الاتصال بينها وبين القبيلة في شمال سيناء، ومنهم قسم كبير هاجر إلى بلاد الأردن بعد حرب عام 1948 م مع الصهيونية في فلسطين، وقد استوطن معظم الرياشات في عمان والطيبة وعددهم الآن يناهز ألفين نسمة، ولا زال هؤلاء مرتبطين مع رياشات سيناء، ومن رياشات الأردن رجالات نالوا مركز مرموقة في الحكومة الأردنية، كما انتقل من الرياشات في شمال سيناء قسم كبير إلى وادي النيل في مناطق بلبيس بالشرقية وفي مديرية التحرير في البحيرة وفي إمبابة بالجيزة وفي الإسماعيلية وفي القاهرة، وكان ذلك بعد حرب عام 1967 م واحتلال إسرائيل لسيناء المصرية، وقد عاد معظم هؤلاء بالوقت الحاضر إلى ديارهم في منطقة الشيخ زويِّد بعد تحريرها عام 1982 م.
ومن الرياشات بعض الأسر قد رحلت مع تركيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى عام 1914 م، وقد انقطعت أخبار هذه الأُسر عن ذويهم في شمال سيناء.
(1)
وهناك فروع انضمت مع الرياشات في التمثيل السياسي والمجالس المحلية والشعبية مثل المعني، وأبو عكر، والحمايدة، والجبالي.
وتوجد عائلة من الرياشات في "أبو ظبي" بدولة الإمارات العربية المتحدة وهذه العائلة هي من نسل رجل نفاه إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا منذ قرن ونصف من الزمان وكان يسمى سليمان بن جروان وقيل إنه قطع يد أحد الرعاة فنفذ فيه حكم النفي خارج البلاد وقتئذ.
لمحة عن الرياشات في وادي النيل
الرياشات قبيلة كبيرة منتشرة في القطر المصري ومركزها البحيرة، حسب ما ذكر حصر عربان مصر في القرن التاسع عشر عام 1897 م. وهم أحفاد الولي الصالح المُسمَّى عطية أبو الريش والذي له مقام في دمنهور عاصمة البحيرة، وهو من ذرية الأشراف الأدارسة.
وقد أقطع السلطان الظاهر بيبرس ألف فدان لذرية الولي الصالح من أجود الأراضي الزراعية في البحيرة وكفر الشيخ، ويوجد حتى الآن في البحيرة حوض الأرياشي.
ومن الرياشات في "أبو المطامير" بحيرة وجماعة في كفر الدوار ومنهم عائلة السويري، وجماعة أخرى في كفر الشيخ وفي الإسكندرية والسلوم وبني سويف والفيوم عائلات عديدة من الرياشات.
ومن سلالة الرياشات (أبو الريش) في البحيرة وكفر الشيخ الباحث صبحي عيد محقق نقابة الأشراف بالقاهرة، وهو من الأصدقاء المخلصين لي، ويعد موسوعة ضخمة عن الأشراف في الوقت الحاضر.
شيوخ الرياشات السابقين بسيناء
أذكر من مشايخ الرياشات قبل ثلاثة قرون أيام الحكم العثماني دويِّس أبو حجاج، ثم تولى بعده بفترة الشيخ رقاب
(1)
، ثم تولى بعده الشيخ سليمان أبو حجاج وذلك في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، ثم تولى بعده بسنوات حسين
(1)
يقال إن هذا الرجل ضم إلى الرياشات تحت مشيخته عشائر العكور والصقور والخدايجة.
إسماعيل أبو زرعي، وقد رحل مع تركيا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى بسبب تأييده القوي للأتراك العثمانيين ضد الإنجليز.
أما في عهد الحماية البريطانية على سيناء بعد عام 1914 م. تولى مشيخة الرياشات الشيخ حسين أبو زرعي وسلمان أبو بخيت حتى عام 1946 م ثم تولى الأخير في عهد الملك فاروق مشيخة أولاد حسن من قبيلة الرياشات، وبعد عام 1967 م وحتى 1973 م تولى الشيخ سالم علي سلامه مشيخة الرياشات، ونظرًا لظروف الاحتلال الإسرائيلي وقتئذ لسيناء كان مقره في القاهرة، ومن عام 1983 م حتى 1987 م تولي مشيخة الرياشات حسين عيادة زرعي وسليم سلمان بخيت وبعد وفاة الأخير تولى الآن ابنه حلمي سليم أبو بخيت، وفي عام 1990 م انبثقت شياخة الهشة من شياخة أبو زرعي، وكذلك انبثقت شياخة أبي طويلة من شياخة أبو بخيت عام 1993 م.
شيوخ وقضاة البادية للرياشات بالوقت الحاضر
شيوخ الرياشات حاليا أربعة هم الشيخ حسين عيادة زرعي والشيخ طياب سالم أبو طويلة، والشيخ حلمي سليم بخيت، والشيخ زايد الهشة.
وتنضم عائلات عدة خلاف الرياشات إلى تلك المشيخات الأربعة في مركز الشيخ زويِّد بشمال سيناء.
ومن قضاة البادية في الرياشات أذكر حسين أبو زرعي، وزايد الهشة، وسليمان أبو بخيت وتولى مكانه حلمي أبو بخيت، وأبو رفاعي، وسليمان أبو طويلة وتولى مكانه طياب سالم أبو طويلة.
وتعتبر الرياشات من أولى قبائل شمال سيناء التي التحق أبناؤها بمراحل التعليم المختلفة وبها نسبة عالية من الأطباء والمهندسين والمحاسبين والمعلمين وغيرهم وبعضهم رجال أعمال ناجحين.
ووَسْم الرياشات الدائرة والمطرق.
لمحة مشرفة عن دور الرياشات الوطني
برز كثير منهم في خدمة مصر خاصة بعد عدوان عام 1967 م واحتلال سيناء من قبل إسرائيل، وأذكر الشيخ سلمان أبو بخيت الذي كان شيخًا معتمدًا من الحكومة المصرية وبعد الاحتلال رفض المشيخة لدى حكومة إسرائيل على الرغم من المغريات المقدمة وقد استمر على الرفض وعدم الخضوع حتى تحررت سيناء. كما كان البطل الشهيد سالم حسن أبو طويلة الرياشي من أبرز رجالات القبيلة.
ويعدُّ سالم أبو طويلة بطلًا من أبطال مصر والعروبة وقد تألم لموته جميع أبناء سيناء وبكت عليه النساء والأطفال وحزنت عليه قلوب الرجال.
وقد بدأ سالم أبو طويلة عمله الوطني مبكرًا قبل عام 1956 م وذلك بانضمامه إلى جماعات الفدائيين المصريين بقيادة الشهيد والبطل المعروف مصطفى حافظ تلك الجماعات التي أقلقت إسرائيل بعد قيام دولتها عام 1948 م على التراب الفلسطيني، وعند دخول القوات الإسرائيلية إلى شمال سيناء إبان عدوان عام 1956 م الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) على مصر حاولت السلطات العسكرية الإسرائيلية اغتنام الفرصة أثناء وجودها في سيناء لتصفية قادة الفدائيين في سيناء الذين طالما سببوا لها المتاعب، وكان هدف إسرائيل وقتئذ هو رأس سالم أبو طويلة بالذات ولكن لم تصل إليه لقصر الفترة التي تواجدت فيها على تراب سيناء إبان العدوان الثلاثي، ولكنها حاولت أن تشفي الغليل بأي وسيلة، فقامت بتجميع أقارب البطل سالم أبو طويلة في أحد المنازل وقامت بقتل بعضهم وعذبت معظمهم ببشاعة ووحشية، ولا يزال من هو على قيد الحياة حتى الآن يعاني من آثار التعذيب والتشوهات رغم مرور أكثر من أربعين عامًا على هذا الحادث الأليم.
وعند دخول إسرائيل في أرض سيناء مرة أخرى بعد عدوانها عام 1967 م على مصر وسوريا والأردن لم تنس ثأرها مع هذا المناضل المصري، وقد لجأت إلى ضمه في جانبها بعد علمها بشعبيته في سيناء وهادنته فلم يهادن، ولم تثن هذه الخدعة إرادته في مواصلة الكفاح بشتى الطرق وجميع الوسائل المتاحة له، ولم تلن لهذا البطل قناة وقد تركز جهاده للاحتلال الإسرائيلي في عدة نقاط هي:
1 -
منع رحيل عشيرته من مكان تجمعها في الشيخ زويِّد إلى مكان آخر كما فعلت إسرائيل ببعض القبائل، وتحريض جماعته المستمر على التشبث بالأرض مهما كانت الضغوط، وتحدي السلطات العسكرية وتقديم التضحيات مهما كانت في سبيل تحقيق هذه الغاية.
2 -
إفساد محاولات السلطات الإسرائيلية لشراء الأراضي من المواطنين العرب في شمال سيناء بصفة عامة.
3 -
تزويد المجاهدين بما يحتاجونه من مال وطعام وسلاح ورعاية أسرهم وأسر المعتقلين منهم في السجون الإسرائيلية، وقد اعتمد في ذلك على أمواله الخاصة وعلى تعاون عشيرته المحبة له، وكل هذه بمبادرات فردية ليست إلا من أجل خدمة الوطن والتضحية في سبيل الله.
ويقول الرواة من المعاصرين للاحتلال من الرياشات وغيرهم: إن اليهود بعد عام 1967 م واحتلالهم لسيناء شرهوا في الأراضي الزراعية وطمعوا فيها، وسولت لهم أنفسهم تنفيذ مخطط جهنمي لشراء هذه الأراضي من البدو بعقود رسمية، كي تستغل ذلك في الدعاية عالميا لتوضح أن أهل البلاد باعوها وأنهم الملاك الشرعيون لهذه البلاد، وتتخذ ذلك ذريعة في دوام الاحتلال وإقامة المستعمرات على التراب المصري في سيناء، ولكن البطل أبو طويلة الرياشي وقف لليهود بالمرصاد وقام بتحذير أهل سيناء مرارًا وتكرارًا وكان يقول لهم: من يريد مالًا أعطيته، وإياكم والتفريط في الأراضي لإسرائيل.
وأثمر تحذيره وامتنع جميع السدو عن بيع شبر من أرض سيناء لليهود مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن. فنقم اليهود على أبي طويلة لما شعروا بعدم استفادتهم من الأهالي بأى بيع لأراضيهم وعرفوا أنه المُحرِّض الأول وراء ذلك
فوجهوا له تحذيرًا صارمًا عن طريق الحاكم العسكري الإسرائيلي في الشيخ زويِّد الذي عنَّفه وبالغ في تهديده والضغط عليه ليترك القبائل العربية في شمال سيناء وشأنهم مع الإسرائيليين ليصبح الباب مفتوحًا على مصراعيه ليفعلوا بهم كما يحلو لهم.
فرفض البطل سالم أبو طويلة هذا التحذير بشدة واستمر في تأدية واجبه نحو وطنه الحبيب مصر بل راد في حملة إعلامية مضاده ضد سلطات الاحتلال البغيض وكان شعاره "أن الذي يُفرِّط في أرضه وخدمة وطنه كأنما يُفرِّط بعرضه ودينه الذي يدين به أمام خالقه". وتأكد حينئذ اليهود أن هذا الرجل الثوري المتوهج بالحماس المتشبع بالايمان بالله وحب وطنه قد وقف وسيظل واقفًا في وجه التوسع والهيمنة الإسرائيلية وأنه حجر عثرة في تنفيذ مآربهم وخططهم في تهويد الأرض، فقرر جهار الموساد (المخابرات الإسرائيلية) بإعطاء الأمر الفوري لاغتيال هذا المناضل المصري الحر الأبي .. هكذا كان هو الحل وهو التصفية الجسدية بطريقة غامضة وغادرة؛ نظرًا للشعبية التي كان يتمتع بها هذا الرجل بين عشيرته ومجتمعه ككل من جميع قبائل سيناء، ووضع سالم أبو طويلة تحت المراقبة لتحديد ساعة الصفر وبالفعل قام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ قرار الموساد يوم 1/ 1/ 1973 م وذلك أثناء حضوره بسيارته من خان يونس، وعند كرم أبو حلاوة قرب الخان انطلقت عليه عشرات الطلقات النارية من المدافع الرشاشة .. هكذا اخترقت رصاصات الغدر الإسرائيلي جسده الطاهر وقد فاضت روحه الكريمة وسالت دماؤه الذكية على ثرى فلسطين فداءً لمصر والعروبة.
وبعد تحرير سيناء قامت بلدية مجلس مدينة الشيخ زويِّد بعمل نصب تذكاري (تمثال) في مدخل بلدة الشيخ زويِّد بالشارع الرئيسي ما بين العريش ورفح للبطل سالم أبو طويلة الرياشي ليصبح رمزًا خالدًا للأجيال المصرية على تراب سيناء، كما سميت مدرسة باسمه وهي مدرسة سالم أبو طويلة الابتدائية في الشيخ زويِّد، كما أخرج القصر الثقافي بالعريش مسرحية تمثل عن جهاد البطل أبي طويلة عام 92 - 1993 م.
وبعد استشهاد البطل سالم أبو طويلة لم يؤثر ذلك الإرهاب في معنويات الناس خاصة أهله وذويه الذين زاد بغضهم للاحتلال، وقد استمر على نهجة خَلفَه ابن عمه الشيخ زايد سالم أبو طويلة وقد جاهر في وجه الحاكم العسكري الإسرائيلي قائلًا:"إذا كنتم قتلتم سالم فكلنا سالم".
وجاء العبور العظيم وانكسرت شوكة إسرائيل بعد حرب عام 1973 م وأيقنت بخروجها من سيناء إن آجلًا أو عاجلًا فزاد حماس أهل سيناء ورادت المقاومة والتمرُّد والتحدي لإسرائيل في الأراضي المصرية المحتلة في شمالي سيناء وظل بركان الثورة متاججًا في نفوس أبناء سيناء حتى ارتفعت رايات النصر والتحرير وخفق علم مصر عام 1982 م على آخر شبر من أرضها من رفح شمالًا وحتى طابا جنوبًا في عهد السيد الرئيس محمد حسني مبارك الذي أولى مشكورًا اهتمامه الفوري بإعادة البنية الأساسية وتنمية سيناء في شتى الميادين ورفع المعاناة عن المواطنين بها من بدو وحضر، لتعود ثانية سيناء إلى حضن أمها مصر الحبيبة بعد أن كبَّلها الاحتلال الإسرائيلي سنوات حالكة هي سني الجمر لأهلها والمرارة والألم بالنسبة لمصر كلها.
ومع نسمات الحرية اخضرَّت شمال سيناء بالزرع والنماء في تربة خصبة طهرتها وروتها دماء الشهداء، فأصبح الشجر فيها مرويا بلا ماء، ويسقيه من عنده رب السماء.
هكذا مصر هي دائمًا تنجب الأبطال في كل رمان وستكون بحول الله مقبرة للغزاة الطامعين.
الجبارات
أصل القبيلة:
قال عارف العارف عن أصل الجبارات
(1)
:
يزعم الجبارات أن أصلهم من (الطائف) وأن جدهم يدعى (جابر الأنصاري) من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو قرشي
(2)
مدفون في الطفيلة من أعمال شرق الأردن، كانوا قبيلة كبيرة العدد غادروا الحجار مع من غادرها في أوائل الفتح الإسلامي. وعندما وصلوا إلى معان انشطروا شطرين: شطر أم العراق، وآخر بلاد الشام؛ والشطر الذي هبط بلاد الشام استوطن بلادم كثيرة فيها، فمنهم من نزل حمص وحماه ولا يزال لهم أقرباء في تلك الديار، ومنهم من استوطن شرقي الأردن وهم الجبور (عماد الصخور)، ومنهم من جاء غزة واحتل ما حولها من أراض. وكانت مواطن هذا القسم الأخير فسيحة تمتد من غزة إلى عوجة الحفير. إن (الخلصة) و (الرحيبة) و (النهية) وسائر الأراضي المجاورة للعجرة كانت لهم. وهناك منازل لا تزال تكنى بأسمائهم مثل (خبو الجباري)، وفي الخلصة قبران لرجلين من كبار الجبارات يدعيان (راشد) و (موسى).
إن الفريق الذي جاء بلاد غزة منهم كان بقيادة (أبي جبلة)، ولست أدري بالضبط من هو خلف أبي بجيلة هذا، ولكن المعلومات التي استقيتها من كثيرين من رجال الجبارات وكهولهم يمكن إرجاعها إلى نظريتين: واحدة سمعتها على لسان الشيخ حسن أبي جابر فحواها أن الجبارات عندما أتوا من الحجاز كانوا أربعة إخوة هم:
1 -
زاهر: جد الزواهرة (الدقوس).
(1)
انظر تاريخ بئر السبع لعارف العارف ص 140.
(2)
هنا خلط في رواية العارف فكيف يكون جابر أنصاريا وقرشيا في آن واحد؟!
2 -
خلاوي: جد الخلاوية (أبو رواع وأبو دعيج وجماعتهم).
3 -
عراب: جد العريبات (ومنهم أبو جابر الشيخ الحالي وأبو جرار والمكحل).
4 -
فقير: جد الفقراء والحسنات.
وهناك نظرية ثانية - أقرب إلى الحقيقة من الأولى - وهي أن عرابا وفقيرا ليسا إلا ولدا أخ ثالث لزاهر وخلاوي.
إن العشائر الأخرى التي لا تنتمي لواحد من أشخاص هذه الشجرة يجوز أن تعتبر دخيلة على الجبارات ليست منها ولا هي إليها، وإنما امتزجت معها فصارت حليفة لها مع الزمن كالرتيمات، والسعادنة، والقلازين، والسواركة، والولايدة. وهنالك قول آخر هو أن الوحيدات ليسوا من الجبارات وأنه لم يكن بين ذرية جابر الأنصاري من كان يدعى وحيدًا.
كان الجبارات في غابر الأزمان، أرباب مال وحلال وخيل وعز، ولم يضعضعهم سوى الضربة التي ضربهم إياها إبراهيم باشا يوم دعاهم لطاعته، فأبوا ولم يطيعوه، بل اعتزموا صده وكفاحه، حتى أنزل بهم أشد أنواع غضبه ونقمته، فأباح للعربان المجاورين نهبهم، فنهبوهم. وساق عليهم حملة كبيرة اضطرتهم في نهاية الأمر إلى الخضوع. وقد أسر منهم إبراهيم باشا في بادئ الأمر 400 شخص أرسلهم إلى سجن عكا ثم أسر 300 آخرين وألحقهم بالأولين. وفي المرة الثالثة أسر ما تبقى منهم من الرجال حتى لم يبق في أوطانهم سوى الكهول والنساء والأطفال. وقد حدثني الشيخ حسين الدقس أن أباه أيضًا كان من جملة الأسرى في ذلك الحين، وأن الذين أرسلوا إلى عكا لم يرجع منهم إلا القليل، إذ إن الباقين تمزقوا شر ممزق: فمنهم من ظل في عكا ومنهم من أرسل إلى الآستانة وإلى بلاد الأناضول والروم. وعلى قول أن الذين يعيشون منهم في حمص وحماه والعراق ومصر في الوقت الحاضر هم فلول الجبارات الذين شتتهم إبراهيم باشا في ذلك الحين.
الدقوس:
فرع من أهم فروع الجبارات، وهم من سلالة (راهر) أحد الإخوة الذين جاءوا من الحجاز، ونزلوا هذه البلاد (جنوب فلسطين). كانوا أصحاب القول السائد، والرأي القاطع. وهم الكواكب بين القضاة، والزيود، وأهل الرسان، كانوا جميعًا هم (والرواوعة والرفايعة والمنايعة والولايدة، والمطارقية) تحت رئاسة شيخ واحد هو الشيخ حسين بن عيد بن عودة الدقس وهو رجل طاعن في السن، نافذ القول، إلا أن أيدي التفرقة لعبت فيهم فمزقتهم إلى أربع فرق: دقوس، وسواركه، ورواوعة، وولايدة.
عشيرة الدقس لا يزيد عددها الآن عن الستمائة إلا قليلا، وسمها الباب، ومنارلها في وادي الحسى.
الرواوعة:
وأما الرواوعة فإني لا أعرف عنهم إلا أنهم من سلالة (خلاوي)، وأنهم كانوا قديما في بطن الدقس ولم ينفصلوا عنه إلا عام 1929.
عددهم لا يكاد يتجاوز المائة، ووسمهم الباب شيخهم سلام بن الحاج عيد أبو رواع، ومنازلهم في أبي سويرح، ووادي الحسى.
الولايدة:
هنالك فريق آخر من الجبارات هم (الولايدة) كانوا مع الدقوس وانفصلوا عنهم حديثا ويقولون أنهم من سلالة (خالد بن الوليد)، وأنهم أتوا إلى هذه البلاد في أوائل الفتح الإسلامي. شيخهم سليمان بن حماد أبو سلعة، عددهم يربو على المائة، وسمهم الباب مع مطرق يتصل بأحد طرفيه، ومنازلهم في الحسى.
أبو جابر:
وهو اسم لفريق كبير من الجبارات يضم تحت لوائه المكاحلة، وأبا جرار،
وأولاد حسين، والهضابين وغيرهم. ويقال لهؤلاء أيضًا (العريبات) لأنهم يرجعون بالنسب إلى (عراب
(1)
). عددهم يقرب من الخمسمائة ووسمهم الباب والشاهد ومنازلهم في القنيطرة وشيخهم حسن بن صالح أبو جابر. إنه من مشايخ الجبارات الظاهرين، وهو عضو في محكمة العشائر.
الوحيدات (جبارات):
إن (الوحيدات) بين الجبارات كالغوالي بين الترابين، والعلَّامات عند التياها. ومن الغريب أن أجدادهم الأولين لم يخلف الواحد منهم أكثر من ولد واحد، وظلوا كذلك حتى (رباح) ومن بعد هذا أخصب نسلهم.
عددهم يقرب من الثلاثمائة، ووسمهم 6، ومنازلهم في فطاطة بالقرب من الفالوجة وشيخهم حسين بن سعود بن حسين بن رباح بن أحمد بن سالم بن حسين بن بكر الوحيدي.
لقد اختلف فيما إذا كانوا هم ووحيدات الترابين من أصل واحد، فهناك من يجيب على ذلك بالسلب. وهناك من يقول: إن الفريقين من أصل واحد ويستدل على قوله هذا بأمرين: اشتراك الاسم، واشتراك الوسم؛ ثم إن وحيدات الترابين لا يتزاوجون مع العشائر الأخرى حتى لو كانت تربانية الأصل إلا وحيدات الجبارات، فإنهم يأخذون منهم ويعطونهم. وقد لا يخلو من فائدة أن نذكر هنا شيئا عن أصل الوحيدات كما يحدثنا به الوحيدات أنفسهم فاسمع ماذا يقولون
(2)
:
"الوحيدات أصلهم من قريش، إنهم ينتمون إلى الحسن بن فاطمة الزهراء، جدهم (فاعور) أول من غادر الطائف منهم؛ وذلك هربا من الظلم الذي حل
(1)
راجع ما كتبناه عن (عراب) في الوجه 260 من كتابنا (القضاء بين البدو).
(2)
تلك نبذة اقتطفتها من كتاب أرسله إلي (برجس الوحيدي) مختار قرية المخيزن من أعمال الرملة و (الشيخ حسن بن نمر الوحيدي) شيخ عشيرة الوحيدات (ترابين). ولم أتمكن من طبعها في الفصل الخاص بتلك العشيرة، إذ قد تم طبع ذلك الفصل قبل وصول هذه النبذة فأحببت تدوينها هنا.
بالحجاز في ذلك الوقت. نزح (فاعور) مع ولده (محمد) وحفيده من ولده محمد المذكور (سليط)، ولما وصلوا إلى (مدائن صالح) توفى فاعور فاستمر الاثنان في رحيلهما حتى الحدود المصرية (؟) وهناك توفى محمد وبقي سليط. وهذا استقر به المقام في أرض بمصر تدعى (الزوامل) ثم رحل إلى طور سيناء، ونزل في موقع بين عشيرتي (السواركة) و (الأحيوات) وفي أرض تسمى (الخياري) وهي مشهورة حتى الآن باسم (خياري الوحيدي).
توفى سليط في "طور سيناء" عن ولد يدعى "محمد"، فرحل هذا بعد وفاة والده إلى "الشراه" و"جبال" من أعمال شرق الأردن، ووضع يده على عين ماء تسمى "أزرح" وصار شيخًا على سكان تلك البلاد ومنهم بنو نعيم.
توفى محمد عن ولد يسمى "واكد" فنزح هذا من هناك ونزل جبل القدس و"وادي الصرار" ولما توفى دفن في قرية "يالو" وخلف ولدًا أسماه "نصارًا" وهذا خلف "جيابًا" وهذا خلف "دبيسًا"، وهذا خلف "سالمًا" وهؤلاء كلهم مدفونون في قرية يالو من أعمال القدس.
وعلى قول أن سالمًا رحل عن وادي الصرار إلى قضاء غزة، وكان معه "غندور أبو عويلي" جد عائلة أبي عويلي من الغوالي، فنزلا في أراضي غزة، وهنا استقر بهما المقام وكثرت دريتهما.
وأما الفريق الذي يقول أن لا صلة تربط وحيدات الترابين بوحيدات الجبارات فيزعم أن "الوحيدي" جد وحيدات الترابين جاء إلى بئر السبع قبل "عطية" جد الترابين، وأنه يرجع بالنسب إلى الحسين
(1)
ابن فاطمة الزهراء، وأنه سمي "الوحيدي" لأنه كان وحيدًا عندما نزل هذه البلاد. ويقولون أن (الأمير مجمود الفاعور) يمت إليهم بصلة القربى والنسب.
(1)
ولقد ناسب فريق من الوحيدات الأسرة الحسيية بغزه، وهم يفتخرون بذلك بين العربان.
الرتيمات:
الرتيمات أصلهم من عُقيل وهؤلاء كانت منازلهم بالبحرين، ثم تغلب عليهم بنو تغلب فغلبوهم، وطردوهم منها، فنزلوا العراق وملكوا الكوفة وبلاد الفرات وتغلبوا على الجزيرة والموصل وتلك البلاد. وظلوا كذلك حتى تغلب عليهم ملوك السلجوقيين، فرجعوا إلى البحرين حيث كانوا، وغلبوا بني تغلب فصار هؤلاء من رعاياهم. هذا ما عثرت عليه في بطون الكتب، وأما هم أنفسهم فاسمع ماذا يقولون:
"نحن "الرتيمات"، ويقال لنا (الصوايحة) نسبة لجدنا (الصايح)، وهذا أصله من شمَّر، وهناك حامولة من حمائل شمَّر تدعى (الصايح) يعيش فريق كبير منها في نجد.
الصايح خلف ثلاثة أولاد هم: زيد وحلاف ورزق. زيد خلف الزيود، وحلاف خلف الحلاف، وررق الرزيقات. وهؤلاء كلهم في بئر السبع، وهم الذين يدعون في يومنا هذا "رتيمات أبي العدوس"، الرماضين منا. والسبب في تسميتنا "الرتيمات" أنا تحالفنا مع بعضنا البعض عند شجرة "الرتمة" على أن لا يعتدي بعضنا على بعض.
كنا قبلا مالكين أكثر البلاد. "تل الملح" من أراضينا وبئر الملح لنا. وهناك في يومنا هذا حوض عليه وسم "الرتيمات"، كنا كثيري العدد، وكان قسم من جبل الخليل يدفع لنا "الخاوة"، وأما الصلح الذي تم عند "الرتمة" فإنه جرى في الظروف التالية:
قثل "أبو ماسوح" من الرتيمات رجلا من عشيرته يدعى "أبو خضرة" فرحل، ونزل هو وربعه عند الوحيدي في "وادي الصرار"، وحدث بعد ذلك أن كان فريق من نساء أبي خضرة ذاهبات إلى الرملة فنهبهن الوحيدي وسبهن لأنهن
طالبنه بثمن المنهوب، فتألم أبو ماسوح وربعه مما رأوه وغضبوا وغادروا منزل الوحيدي ورجعوا إلى منازلهم. والظاهر أن أبا خضرة علم يما جرى فاستقبلهم وأحسن وفادتهم وعفا عما جرى بينه وبينهم واصطلح الفريقان وتحالفا عند شجرة "الرتمة" على أن:
(1)
يظلا متحدين متفقين إلى الأبد.
(ب) ينتقما من الوحيدي الذي أهان شرف نسائهم.
وقد ظلا يرتقبان الفرص حتى بدت هذه جاهزة فقتلاه.
إنهم اليوم فريقان: (أ) أرتيمات أبي العدوس، (ب) أرتيمات الفقراء، ويقال لهؤلاء المشارقة. أما أرتيمات أبي العدوس فشيخهم نمر بن حمد بن مسلم بن سالم أبو العدوس، ووسمهم وعددهم نصف الألف أو يزيد، ومنازلهم في السكرية، ومغلس. وأما أرتيمات الفقراء فشيخهم خليل بن هديوى بن صالح المشارقة وعددهم نصف الألف إلا قليلا. منازلهم في السكرية، ووسمهم الباب والشاهد وهو كوسم حسنات بن صباح.
السواركة:
أما السواركة فالمعروف عندهم أنهم من ذرية سيدنا عكاشة الصحابي المشهور رضي الله عنه وعكاشة - كما ورد في كتاب المعارف لابن قتيبة - هو ابن محصن بن حرثان من أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
عكاشة خلف زيادًا، وهذا خلف منصورًا، وأولاد منصور هم:
سلَّام: جد السلامين والرشيدات.
مسلَّم: جد الزيود والزيادات والمنصوريين والزويديين.
سليم: جد المحافيظ والمراشدة والمصابحة.
سالم: جد الجريرات.
ومن أولاد زياد (نصير) جد العرادات و (وقاد) جد الوقادلين و (عديسان) جد العدسين و (منيع) جد المنايعة و (رفيع) جد الرفايعة؛ وهؤلاء يقطنون سيناء في الوقت الحاضر، إلا الرفايعة فإنهم كلهم في فلسطين وهم معدودون من الجبارات التابعين لقضاء بئر السبع، وأما المنايعة فإنهم قسمان: قسم تابع لحكومة مصر وآخر لحكومة فلسطين في بئر السبع.
عدد السواركة والمنايعة النازلين في قضاء بئر السبع في الوقت الحاضر خمسمائة. وسمهم والشاهد شيخهم سليمان بن رفيع، ومنازلهم في قعرة وادي الحسى. كانوا قديمًا والرواوعة والولايدة في بطن الدقس إلا أنهم انفصلوا عنه عام 1929 وكونوا لأنفسهم كيانًا مستقلا.
حسنات بن صباح:
إنهم و (الفقراء) بنو عمومة، يمتون بالنسب إلى (فقير) أحد الإخوة الأربعة الذين تقدم ذكرهم. ولست أدري إذا كانوا على صلة بحسنات الترابين. ليس بين الفريقين أي اشتراك لا في الوسم ولا في الزواج. وسمهم الباب والشاهد. عددهم يزيد على المائتين قليلا، ومنازلهم في وادي الحسى، وتل النجيلة. وشيخهم الحاج محمد بن صباح، وهو رجل طيب القلب، طاهر السريرة، مشهور بالاطلاع على عادات العربان، كما أن الأسرة التي ينتمي إليها معروفة بالتقوى يؤمها الربان من كل حدب لأجل التبرك والخلاص من بعض العلل والأسقام.
عمار بن عجلان:
يمكن الجزم بأنهم ليسوا من الجبارات أصلا. جدهم يدعى (عبد الله) وله قبر
عند (حفاير رخمة)، يقطنون الآن البحيرة، وسيسمخ. وسمهم المطارق وشيخهم سليمان بن عجلان ولهم أقرباء في شرق الأردن.
إنهم الآن أربع حمايل: فوايدة، ورويتبية، وحليسات، ومذاكير؛ وعددهم يقرب من السبعمائة.
القلازين (جبارات):
أما القلازين
(1)
فإنهم يزعمون أنهم حسينيون، وأنهم أتوا من الحجاز، وأنهم غادروا مكة ونزلوا "المشبة" بالقرب من غزة وكان معهم آنئذ رجل غريب عنهم ووحيد، ولذلك أطلقوا عليه لقب "الوحيدي"، ولما كان هذا من بيت شريف وكان حسن الطبع شريف الخصال شيخوه عليهم فساسهم وأحسن إدارتهم وصار في بحر مدة قصيرة شيخا لا على القلازين فحسب بل على الجبارات كلهم.
ومما تتناقله ألسن العربان في هذه الديار عن القلازين أنهم كانوا في كل عام يكلفون من قبل الحكومة التركية كما تكلف القبائل الأخرى بنقل المئونة والذخيرة التي يحتاج إليها المحمل من غزة إلى معان. وكان الشيخ يقود الحملة بصفته المسئول عنها. ويروى أنه في سنة من السنين استبدل القلازين الأرز (وقد كانوا مكلفين بنقله) بالذرة. عملوا ذلك دون أن يكون للوحيدي شيخهم أي علم بذلك. ولما وصل إلى معان ورأى الأتراك ما فعله القلازين أنَّبوه وكادوا يقضون على حياته، فقام هو من فوره وصلي ركعتين ودعا على القلازين بالشقاء؛ لأنهم سببوا له "سواد الوجه" هذا، ويقولون أن الله استجاب حقا لدعائه إذ أصيب القلازين بحريق شديد ذهب بالسواد الأعظم منهم.
كانوا قبلا عشيرة واحدة، ولكنهم انقسموا أثناء حرب "عودة وعامر" إلى قسمين: قسم التحق بالتياها، وآخر انضم إلى الجبارات، وعدد هؤلاء يقرب من الأربعمائة. وسمهم المحجن، ومنازلهم في المرشان، والنخابير، وشيخهم بركة ين الحاج سليم بن ثابت.
(1)
تقدم أن ذكرت أن بعض رواتهم يذكرون نسبهم في عُتيبة من هوازن، وخاصة من هم في قبيلة التياها.
السعادنة
(*):
يقولون أن أصلهم من مكة، وأن جدهم "سعد" من الصحابة، وهو رجل مبارك يقدسون ذكراه ويذبحون في يوم معلوم من كل عام ناقة على قبره، ويقيمون المهرجانات في ذلك اليوم. ومما يتناقله السعادنة عن أجدادهم أن "فاطمة السعدية" المدفونة في مكة منهم.
إنهم ليسوا بجبارات ولا هم تياها من حيث الأصل، وإنما هم عشيرة قائمة بنفسها. وقد ظلوا كذلك حتى حرب "عودة وعامر"، وفي الحرب المذكورة انشطروا شطرين: شطر التحق بالجبارات، وآخر بالتياها
(1)
، وظلوا كذلك حتى الآن. وكان فريق الجبارات حتى عام 1929 متحدًا مع الوحيدات برئاسة شيخ واحد إلى أن طلبوا الانفصال على اعتقاد منهم بأن شيخهم الوحيدي يظلمهم، ولم أر من الحكمة أن أرغمهم على البقاء معه، ففصلتهم عنه، وهم الآن فريقان:
(أ) سعادنة النويري وشيخهم سليمان بن محسن بن سلامة النويري.
(ب) سعادنة أبي جريبان وشيخهم محمد بن سالم بن سليمان أبو جريبان.
ومما يرويه السعادنة عن أجدادهم أنهم عندما غادروا مكة جاءوا إلى "العوجة" وهناك اختلفوا مع بلي من عربان الحجاز، فاختلق هؤلاء حيلة لقتلهم ودعوهم لضيافة أقاموها لإكرامهم في الظاهر ولقتلهم في الباطن. وانطلت عليهم الحيلة فقتل منهم كل رجل نافع ولم ينج من القتل سوى رجل طاعن في السن اسمه "المعيمعة"، فشرد هذا مع أسرته من تلك البلاد، ونزل "العربة"، وكان الجبارات يقيمون هناك وفي الأراضي الواقعة حول (الحفير) و (نقب غارب) فاتفقوا
(*) انظر عن السعادنة من قبائل مصر في المجلد الثاني.
(1)
وعلى قول أنهم كلهم كانوا في صف الجبارات، ولما غضب إبراهيم باشا على الجبارات التحق فريق منهم بالتياها ليتخلص من نقمته، لأن التياها كانوا حلفاءه في ذلك الحين.
معهم، وكان الجبارات آنئذ بفيادة "أبي جبلة" المار ذكره وعاشوا معا متفقين. وهنالك في شرق الأردن فريق من الصخور يدعون "الشياحين" أصلهم من السعادنة. وهؤلاء رحلوا من فلسطين قبل خمسين سنة تقريبا بسبب دم: قتلوا (المعيمعة) ورحلوا، ولم يرجعوا إلى هذه الديار حتى الآن.
عددهم يربو على الخمسمائة، ومنازلهم في المكخز، ووسمهم U الجابية.
الحناجرة
أصل القبيلة:
قال عارف العارف عن أصل الحناجرة
(1)
:
يقال: إن أصل عرب الحناجرة من السواركة، ويقال أيضًا أنهم جاءوا إلى بلاد بئر السبع (جنوب فلسطين) عن طريق شرق الأردن في أوائل الفتوحات الإسلامية. وهم ثلاثة أفخاذ:
الفخذ الأول: النباهين (فرع من الزيود).
الفخذ الثاني: الحمدات (فرع من الرفايعة).
الفخذ الثالث: النعيمات (فرع من العدسين).
وهم الآن ينقسمون، حسب تشكيلاتهم العشائرية، إلى أربع عشائر هي:
(أ) حناجرة أبي مدين: وفيهم البدرين، والجربين، والنعامين، والنباهين، والنخيلات، والنعيمات. عددهم يقرب من الألفين، وشيخهم فريح بن فرحان بن حسين أبو مدين.
(ب) الضواهرة: وفيهم العماوين، والمصالحة، والعوامرة، والعوايشة. عددهم يقرب من الخمسمائة، وشيخهم أحمد أبو ظاهر.
(جـ) الحمدات. وفيهم المناديل، والسلاسلة، وأبو حجاج، والسميري. عددهم يقرب من الألف، وشيخهم سليم بن عبد الله بن الحاج عيد السميري.
(د) النصيرات: وهم فريقان. فقيريون، وكريشان: عددهم يربو على الألف، وشيخهم عائش بن فرحار بن طيش بن سمور المصدر.
(1)
انظر تاريخ السبع المعارف ص 134.
وسمهم + أو = ومنازلهم في الشويحي، والجور، والدير، وخربة الشيخ حمودة، ووادي غزة، والأراضي الواقعة على شاطئ البحر بين غزة ودير البلح. إنهم متمسكون بدينهم الإسلامي، مواظبون على الصلاة. لهم أراض خصبة تصلح لزراعة السمسم وجميع أنواع الحبوب الصيفية.
والحناجرة منهم من هو حنجوري الأصل: كالنباهين، والنعيمات، والحمدات؛ ومنهم من ليس بحنجوري وإنما هو غريب اتصل بالحناجرة مع الزمن: كأبي حجاج
(1)
، وأبي ضاهر
(2)
، والنخيلات
(3)
، والنعامن
(4)
، وأبي سليسل
(5)
. ويقال أن النعيمات أيضًا ليسوا بحناجرة الأصل بل هم من النعيمات الموجودين في شرق الأردن.
يتساءل الناس: كيف ومن أين أتى لقب (أبي مدين)؟ ولكن ليس ثمة من يستطيع أن يجيبهم على سؤالهم هذا: لا من أبناء هذه الحمولة، ولا من أفراد العشائر الأخرى. ولست أدري إذا كان (أبو مدين) الذي بحث عنه الرحالة الشهير دوتي Daughty CC.M. في كتابه (Arabia Deserta) وقال: إنه جاب كثر أنحاء المعمورة بلباس الدراويش ولا يمت بأية صلة من صلات القربى إلى فريق أبي مدين النازلين في ديرة السبع في يومنا هذا؟ يقول الأستاذ دوتي أن (أبا مدين) ذاك من بني خيبر، وأنه عندما التقى به كان آتيا من بلاد العجم.
وأما النصيرات فليسوا بحناجرة، وإنما هم قبيلة مستقلة عنهم كل الاستقلال، وقد نزلوا هذه البلاد قبل الحناجرة والجبارات وقبل العشائر الأخرى. ظلوا مستقلين حتى عهد رءوف باشا يوم كان متصرفا بالقدس فقد ارتأى هذا أن
(1)
من السواركة.
(2)
من الضاهرية بمصر.
(3)
من نخل العريش.
(4)
من النعامين.
(5)
بلوي من سيناء.
يؤلف من عرب الحناجرة مديرية أقام عليها (أبا حجاج) من الحناجرة مديرًا. ولما كان هؤلاء في ذلك الحين أفرادًا قلائل ضم إليهم النصيرات ليكونوا كثرة تبرر خلق هذه التشكيلات. وهم بالرغم من هذا الضم ما برحوا يعتقدون أنهم أشرف من الحناجرة وأرفع؛ حتى أنهم ليرفضون تزويج بناتهم إلى أحد من الحناجرة إلا إذا كان هذا من النباهين، أو المناديل، أو الصواوين.
يعتقد النصيرات أنهم من الأوس والخزرج، وأنهم كانوا ثلاثة إخوة: نصير، ويس، وناصر؛ جاءوا من مكة إلى ضانا بالكرك. ويروون أن أحد أهالي ضانا وضع في أكلهم رمادًا عندما كانت أختهم تحمل طعامهم إلى المزرعة، فغضبوا لهذا العمل وقاموا على الرجل الذي ألقى الرماد في طعامهم، فذبحوه. ولما كان هذا ابن شيخ البلد خافوا بطش أبيه وتومه، فرحلوا، ونزلوا (كفر قدوم) في جبل نابلس. وكان كبير البلد رجل يدعى (شتيوي) فاختصموا معه، وذبحوا قومه، ثم تشتتوا؛ فنزل ناصر في عتيل، ورحل نصير إلى عين الدقيق وهي البلد المسماة بدير البلح في الوقت الحاضر، وبقي يس في كفر قدوم. وما النصيرات إلا ذرية نصير الذي استوطن عين الدقيق هذه. إن جد النصيرات مدفون في الجهة الشمالية - الشرقية من (دير البلح) وهم يحجون إليه في كل عام.
ولقد عثرت بين أسماء العشائر التي تنتمي إلى (حويطات التهامة) على عشيرة تسمى (القرعان) ومن بين الحمائل التي تتفرع عن هذه العشيرة واحدة تسمى (النصيرات) وموردها (وادي المره)، مع أن القرعان في يومنا هذا فئة صغيرة تابعة إلى النصيرات، حتى إنهم يحسبونهم مصريين توطنوا هذه البلاد مع الزمن، وهم لا يعتبرونهم إلا قليلا.
وما دمنا في صدد البحث عن الحناجرة لابد لنا أن نلقي نظرة على تاريخ حياة كبيرهم (الشيخ فريح أبي مدين) ذلك البدوي البسيط والعصامي الأمي الذي
شق لنفسه طريقا في هذه الحياة، وكون لربعه
(1)
صيتًا في هذه البلاد، ونال من المال والرفعة مقاما يحسده عليه الكثيرون فتراهم يقولون عنه أنه بعد أن كان شقيا طريدا أصبح يجالس الحكام والأمراء، وبعد أن كان لا يملك شروى نقير أضحى رب مال ومواشٍ وكروم وأطيان، وبعد أن كان هائما على وجهه في البراري والقفار مهتبلا الفرص لينقض على فرائسه أمسى يغشى المجالس ويتصدر الاجتماعات.
ولقد حدثني هو عن تاريخ حياته فقال:
"ولدتني أمي عام 1288 للهجرة ومات أبي وأنا لا أزال في نعومة أظفاري، فلقد قُتل في المعركة التي دارت رحاها بين التياها والترابين عام 1293 هـ، ودفن في الضاهرية. لم يكن لي ذكر كالذي تسمعه الآن، ولم يبد لي شأن قبل عام 1328 هـ، ويوم انتدبت لأن أكون عضوًا في (مجلس الإدارة) في بئر السبع، وبقيت عضوًا في المجلس المذكور حتى شبت نيران الحرب العالمية الأولى. وفي أثناء الحرب المذكورة عينت مأمورا لجباية الحبوب للجيش التركي الذي كان مرابطا في هذه البلاد. ولما هجر العربان منازلهم بأمر من الحكومة، ونزلوا السواحل ليكونوا بعيدين عن ميادين القتال بسبب تقدم الجيش الإنجليزي لم أستطع أن أهاجر مع من هاجر من عشيرتي بسبب مرضي، بل ظللت في (بايكتي)
(2)
إلى أن جاء الإنجليز، واعتقلوني. وقد أخذني هؤلاء إلى (دير البلح)، وهناك وضعوني في معتقل الأسرى".
"وفيما كنت أسيرًا تعرفت إلى مدير الاستخبارات في الجيش الإنجليزي، فعرفني هذا إذ كنت في أحد الأيام الغابرة قد أهديته فرسا فحفظ الجميل وأراد أن يقابلني بأحسن منه فبالغ في إكرامي وعرفني إلى قادة الجيش ورجاله، ولا سيما إلى (باركل باشا)، فأحبتي هذا وقربني إليه، وأذن لي أن أحصد جميع زروع
(1)
(الربع) جماعة من الناس، كلمة يستعملها البدو في مقام (الصحب) أو (العشيرة).
(2)
اسم المكار الذي يستعمله البدو لخزن حاصلاتهم الزراعية.
المهاجرين من عشيرتي، وقد كانت هذه ناضجة ومعدة للحصاد في ذلك الحين، كما أنه أمر عددًا كبيرًا من أهالي خان يونس وبني سهيلة ودير البلح كي يساعدوني في الحصاد فساعدوني، ثم زودني بعدد من الجند لوقايتي وصيانة الزرع الذي حصدته".
"ولقد مكثت في دير البلح على ما أنا عليه من هناء ورغد عيش حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى. ولما وضعت هذه الحرب أوزارها رجعت إلى منازلي وعينت منذ تلك الآونة شيخًا على عشيرتي (1918 م) ".
"وفي عام 1922 م عينت رئيسًا لبلدية بئر السبع، وأنعمت علي الحكومة الإنجليزية بوسام الإمبراطورية البريطانية من درجة عضو فخري. ولم يمض على ذلك أيام قلائل حتى عينت عضوًا في المجلس الاستشاري الذي أنشئ في زمن المندوب السامي الأول لفلسطين السر هربرت صموئيل، ثم عينت عضوا في مجلس الدموم الذي أنشئ خصيصا لحل قضايا الدموم القديمة، ثم عضوا في محكمة العشائر في بئر السبع وها أنا ذا فيها حتى الآن".
السماعنة
نسب القبيلة:
ذكرهم القلقشندي في نهاية الأرب وسبائك الذهب وأيده السويدي أن السماعنة مِن بطون جُذام، وفي قلائد الجمان المستدرك من العلَّامة القلقشندي عام 821 هـ عرف السماعنة ووضح قائلًا:
السماعنة من مهدي دخلوا في بنو طريف من جُذام، وأصل مهدي في التعريف أنهم من بني عُذرة من قُضَاعة من حميَر القحطانية من عرب اليمن
(1)
. وبنو مهدي أكثر بني طريف عددًا وأوسعهم نطاقًا.
والمرجح أن السماعنة من فروع مهدي التي كان لها وجود في مصر ضمن جُذام منذ القرون الأولى للإسلام، أما تفرع السماعنة كقبيلة فيعود إلى ستة قرون وقد ذكرها القلقشندي كبطن من جُذام عام 821 هـ، وكان السماعنة والسعديون من أقدم البدو الذين توطنوا في شمالي سيناء، تلا ذلك قدوم بطون من ثعلبة طيئ من الشام مثل البياضية والأخارسة والعقايلة.
وقال نعوم بيك في بداية هذا القرن عن السماعنة: إنهم من سكان شمال سيناء وكان مشايخهم محمد خضير وحسين شبانة.
عشائر السماعنة في الديار المصرية
أولًا في سيناء:
شيخ السماعنة العام في شمال سيناء هو سلمان شتيوي ثم بعد تقسيم المشيخة على العشائر اختص بمشيخة الحوامدة.
(1)
الحوامدة منهم فخوذ أولاد سويلم، وأولاد حسين، والعوايضة، وأولاد أحمد، والحلادسة، والصبايحة وشيخهم من أولاد سويلم كما أسلفنا وهو سلمان شتيوي.
(2)
الزقازقة منهم أولاد يوسف، وأولاد حسن، والزوايدة، وأولاد خليل القرموس، وشيخهم من أولاد حسن وهو سليمان حسن أبو زقزوق.
(1)
قُضَاعة منها بلِّي وجُهَيْنة وبَهْراء، انظر في الباب للشرح عن قُضَاعة.
(3)
الحساسنة منهم فخوذ أولاد إبراهيم، وأولاد حسن، والهدايبة، وأولاد شبانة (الشبانات)
(1)
، والخضايرة، وشيخهم من أولاد إبراهيم وهو حسين علي أبو حسون.
مساكن عشائر السماعنة
كما يقيم فرع من السماعنة قرب عيون موسى جنوب شرق السويس مجاورون لقبيلة العليقات، وفي منطقة جلبانة ودويدار وغراب وعسيلة وجامع العدوي والقوقة .. وكما يقيم بعض عائلات تنتمي إلى السماعنة أيضًا في صعيد مصر ضمن هوارة في دشنا وأبو طشت محافظة قنا
(2)
.
ويقيم بعض السماعنة في قطاع غزة الفلسطيني خاصة في منطقة البريج.
(قاطية) قاعدة السماعنة الرئيسية
تعتبر قرية قاطية على الساحل الشمالي هي المعقل الأول لعرب السماعنة وقد هاجر الكثير من الفخوذ إلى جوار إخوانهم من السماعنة القدامى في وادي النيل قادمين من سيناء، وتوجد في الشرقية بلدة كبيرة باسم السماعنة تصلها محطة قطار من فاقوس، وتسكن أغلب فخوذ عرب السماعنة في تلك البلدة التي أصبح تعدادها كبيرًا، كما تسكن فخوذ في أم عجرم وعرب شمس وأشكر والحسنية وبعضهم يتبع مركز الحسنية والآخرين تابعين إلى مركز فاقوس، وكما تسكن عائلات من السماعنة بالشرقية في عرب درويش والغزالة والغزلي وفاروق والحمامصة وبني عمرو ورأس طبل والسعادنة وكفر عمار وسنيطة وأم غصن وصان الحجر والصالحية الجديدة وكبري أبو شمسية وجزيرة سعود والحسنية وبني سريط وميت العز والصوفية والمأمور، وهناك الكثير من السماعنة في قرى عديدة في قويسنا محافظة المنوفية مثل الشبانات والزقازقة وغيرهم.
التفصيل عن عائلات السماعنة في محافظة الشرقية
أغلب هذه العائلات في عرب السماعنة وما حولها من القرى في مركز فاقوس والحسنية بالشرقية.
(1)
توجد قرية باسم عرب الشبانات (السماعنة) في الشرقية - مركز فاقوس.
(2)
وهناك من يقول أن سماعة هوارة بالصعيد غير قبيلة السماعنة في سيناء والشرقية بالوجه البحري.
(1)
عائلة أبو مقيبل ومنهم العمدة لعرب السماعنة سعد علي مرشد وعائلة أبو مقيبل هي فرع من عشيرة العبايدة التي فيها عائلات مقبل ومرشد وراشد وأغلبهم في عرب السماعنة.
(2)
عائلة أبو توبة ومنها نائب العمدة والقائم بأعماله الآن لظروف مرضه وهو محمد حسن منصور توبة.
(3)
عائلة الطويل ومنهم الخلايلة وأبو عايد وأبو إسماعيل.
(4)
عائلة العقيد (العقدة) ومنهم أبو سويلم وأهل عمار.
(5)
عائلة الرقايطة وعنهم أبو دياب والكر وأبو ديب.
(6)
عائلة السوالمة ومنهم أهل حسن والديابات وأبو سرحان والجرادات والمناخزة والفحايلة (أبو راشد).
(7)
عائلة الشعايرة ومنهم أبو عمر وأبو راشد وأبو سبيت.
(8)
عائلة الرهيات ومنهم أبو موسى وإبو رهية وأبو جمعة.
(9)
عائلة الحجايجة ومنهم الكلايخة وأبو سِلْمي وأبو جنة.
(10)
عائلة النجاجرة ومنهم الدراوشة وأهل حسن.
(11)
الحلوات ومنهم أبو حلو ويقال إنهم أصل عرب السماعنة وأقدم فرع نزل في تلك المنطقة المسماة بعرب السماعنة بمركز فاقوس من محافظة الشرقية وتفرعت منهم عائلة قطاوي.
(12)
العوامرة.
(13)
أبو زعرة.
(14)
الحصنة ومنهم أبو شرف وأبو شريف والحمايدة.
(15)
الذريين.
(16)
العواودة.
(17)
قرمد
(1)
، ومنهم في منشاة أبو عامر في أبو كبير ومسكنهم عرب السماعنة في القنايات بالشرقية.
** هنا ذكرنا الفروع تحت اسم عائلات لأن ذلك متعارف في الأرياف ولكن العائلة متى تفرعت عنها أُسر عديدة وبيوت صارت عشيرة في عرف الوادي عند قبائل العرب. وبعض العائلات من السواركة والنفيعات والقطَّاوية وغيرهم منضمة للسماعنة.
(1)
عن عائلة قرمد الشيخ الفاضل الراوي عن عائلات عرب السماعنة وهو عبد الرحمن إبراهيم علي السيد سلَّام الشهير بقرمد ومقيم في عرب السماعنة محافظة الشرقية.
وفي قرية أشكر عائلات من السماعنة منها:
السعادة، وأولاد أبو سعد، وأبو علي، وأبو أحمد، والجعان.
وفي قرية أم عجرم عائلات من السماعنة منها:
أبو عطوان، وأبو سعد، وأبو عامر، والذريين.
وفي قرية عرب شمس عائلات من السماعنة منها:
أبو سبيتان، والطرايدة، أبو سِلْمي، القرناوي، والصبايحة وعمدتهم يسمى قرناوي تابع دوامة.
وفي منشأة أبو عامر بمركز الحسنية محافظة الشرقية توجد عائلات من السماعنة أهمها: أبو عامر، وأبو معمر، والعطاونة، والزقازقة.
ومن كبار عرب السماعنة في الشرقية هم:
أحمد حسن العقيد، ومحمد حسن توبة، وأحمد العقيد، وإمام أبو عامر، ومحمد حسن منصور، وتوفيق أبو عامر، وفاروق أبو سعد، وعبد المقصود أبو محسن، وعبد العال أبو لباد، ومحمد أبو عليوة، وعبد المنعم أبو مقيبل، ومحمد منصور الحلوات.
لمحة لتاريخ عرب السماعنة وحياتهم المعيشية
في بر سيناء أغلبهم يعيش على الزراعة البسيطة على الأمطار والآبار وعلى الصيد من بحيرة البردويل، أما في بر النيل فأغلب السماعنة يملكون الأراضي الزراعية ويمارسون الفلاحة وتربية الحيوانات وبعضهم على التجارة، ومن السماعنة الكثير في وظائف حكومية ونال في العقود الأخيرة فيما بعد ثورة 1952 م الكثير من أبناء قبيلة السماعنة قسطًا من التعليم وتوجد مدارس ابتدائية وإعدادية خاصة بعرب السماعنة.
وبمثل عنهم دائمًا أعضاء في مجلس الشعب المصري نظرًا لكثرة أصوات السماعنة الانتخابية، ورغم أن عرب السماعنه ما زالت قرية إلا أن تعدادها كبير حدًا يفوق خمسين ألف نسمة، ويشكل نسبة العرب فيها 7 % ولكن طبائع
سماعنة الأرياف تختلف عنها لسماعنة سيناء من حيث الزي والملابس واللهجة وكما رأيت ذلك بنفسي، وطباع البداوة انتهت تقريبًا عند هؤلاء سكان الأرياف في بر النيل إلا أن أغلبهم يحافظون على جذورهم العربية حتى الآن.
ومن تاريخ السماعنة في بر سبناء
يقول الرواة: إن السواركة في شمالي سيناء هم حلفاء منذ القدم لقبيلة السماعنة القوية والقديمة في سيناء ومصر، وقد استعان السواركة بفرسان السماعنة ضد قبيلة الترابين، وقد حقق السواركة بعض الانتصارات بعد مؤازرة السماعنة لهم ضد الترابين، وقيل: إن السماعنة طاردوا الترابين في بعض المعارك مع السواركة حتى حجر أبو عويلي
(1)
ونقش السميعني وَسْمه على الحجر وهو المحلة I، وقد وضع الرمح بين صخور تلك المنطقة داخل فلسطين دليل علامة النصر، ويقول الرواة: إن السواركة والترابين لما جرى الصلح بينهما وشعر السماعنة بالحرج من الترابين لما أن أصل العداء كان بسبب حلفائهم السواركة وقد زال الخلاف والشحناء وكان الصفاء توجه وجهاء وكبار
(2)
السماعنة من قاطية إلى شيخ الترابين في فلسطين بنواحي غزة وقد طلبوا الصلح، فلما عرف شيخ الترابين شهامتهم العربية قبل منهم وعقد معهم عهدًا وصلحًا دام سنوات طويلة.
وفي القرن الحالي
ففي حركة الجهاد العربي المصري ساهم السماعنة إلى جانب رابطة قبائل شمال سيناء في حركة الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء عام 1967 م وكان على رأس المجاهدين سالم شتيوي أحد شيوخ السماعنة في شمال سيناء الآن.
(1)
أبو عويلي وهو أحد فخوذ الترابين في فلسطين.
(2)
يقول بعض رواة السماعنة: إن هؤلاء الرجال عندما جلسوا في بيت شيخ الترابين وقدم لهم الخادم حليب النياق في إناه وأوصاه الشيخ أن ينظر إليهم وهم يشربون اللبن فإن ابتلت شواربهم فهم فلاحون من القرى ولا داعي لجلوسه معهم وإن كانت شواربهم نظيفة بعد الشرب فهم بدو من قبائل العرب! ولا بد من تجهيز واجب المقابلة لهم من شيوخ الترابين والحذر منهم حتى يعرف ما يبتغون أو ما جاءوا من أجله.
البياضية
نسب القبيلة
(1)
:
ذكر القلشندي في قلائد الجمان: أن البياضية بطن من طيئ القحطانية، وهو طيئ بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وذكر المقريزي في البيان والإعراب أن البياضية من ثعلبة طيئ فقال: بقطيّا الأخارسة وبنو بياضة وهم من ثعلبة.
وكما ذكر ابن الأثير في الكامل أن السلطان صلاح الدين الأيوبي بعد أن فتح غزة عام 583 هـ أنزل ثعلبة وطائفة من جرم إلى مصر فسكن بعضها شمال سيناء وانساح الجزء الأكبر إلى الشرقية في وادي النيل.
نماء القبيلة
بدأ أجداد البياضية في بلدة قطيّة جنوب البردويل بحوالي 15 كيلو مترا وتبعد عن القنطرة 55 كيلو مترًا، ونمت عشيرة البياضية في هذه المنطقة كعرب بدو مثل غيرهم في شمالي سيناء منذ ثمانية قرون ونيف، ثم تفرعت وتكاثرت وأصبحت قبيلة، وينتشر البياضية في سيناء ووادي النيل بالوقت الحاضر.
عشائر البياضية في شمالي سيناء
(1)
عشيرة الموالكة: وهم الآن يسكنون في مكان قصرويت وحوض الراحة وأم حسن وعجار النار ولهم مشايخ حماد سالم محمد، وحسين محمد سالم، ومن فخوذ الموالكة: المرابيين ويسكنون في قطيّة وهي المراكز الأساسي للبياضية، ومنهم الغراقدة ومسكنهم قصرويت، ومنهم العيايطة ومسكنهم أم حسن، ومنهم الخلايلة ويسكنون الضبعة، ومنهم أولاد حسن يسكنون عجار النار.
(1)
يذهب أحد الباحثين في مجلة العرب السعودية أن البياضية هم من جُذام القدامى في شمالي سيناء، وقد اعتمد على نص الهمداني في صفة جزيرة العرب في القرن الرابع الهجري، حيث قال: بنو بياضة من جذام وبنو راشدة من لخم ينزلون بالقارة والعريش.
قلت: كتاب الهمداني فيه الكثير من الأوهام والأخطاء الفادحة في الأنساب انظر النقد عنه في قبيلة حرب بالمجلّد الخامس من الموسوعة.
(2)
عشيرة اليمانية: وشيوخهم سلمان محمود سالم اليماني، وموسى عواد محمد اليماني.
ومن فخوذهم: اليمانية، وأولاد عياض، والسوالمة، والحفيشات، والطوافشة، والطبايخة.
(3)
عشيرة الأبايضة: وشيخهم عطا رحيل محمد.
ومن فخوذهم: أولاد مبارك، وأولاد نصر الله، وأولاد ضيف الله، والمتيمين (أولاد تيِّم)، والعوابدة.
(4)
عشيرة الهروش (*): شيخهم سَعْدي علي الهرش، وإسماعيل محمد العلول.
ومن فخوذهم: أولاد سالم، وأولاد منصور، والديابات، والعواليل.
(5)
عشيرة الكريمات: شيخهم نصار سلامة.
ومن فخوذهم: السلاميين، وأولاد عبيد، وأولاد عامر.
(6)
عشيرة التوابتة: شيخهم سالم محمد سليم.
ومن فخوذهم: التوابتة والمقاطشة.
(7)
عشيرة الدراهسة: شيخهم عوض عيسى أبو درهوس.
ومن فخوذهم: الدراهسة، والسلاميين، والرفاعيين، والعوايطة.
(8)
عشيرة العواصية: شيخهم محمد سليمان أبو عاصي.
ومن فخوذهم: الجبارين، وأبو كلام، والخفاجات.
(9)
عشيرة الربايعة: شيوخهم سالم الزملوط، وسليمان شاهين أبو عوض.
ومن فخوذهم: الحوافظة، والعوايضة، وأولاد سليم، وأولاد عبد الكريم.
(10)
عشيرة المرازقة: شيخهم عبد الفتاح عبد العزيز مرزوقة.
ومن فخوذهم: أولاد إبراهيم (البراهمة)، والمصابحة، والسراحين، وأولاد محمد، السلاطنة.
(11)
عشيرة العمارين
(1)
: شيخهم سليمان موسى عيد عمران.
(*) ذكر نعوم شقير في سيناء أن من مشايخ البياضية عام 1914 م كان سالم الهرش.
(1)
العمارين في البياضية غير قبيلة العمارين.
ومن فخوذهم: أولاد عمير، وأولاد عامر، وأولاد موسى.
(12)
عشيرة الزوايدة: شيخهم موسى راشد زايد.
ومن فخوذهم: الهواشلة، والنوافلة، والجرابعة، وأولاد موسى، وأبو قعود، وأولاد عايد.
(13)
عشيرة العطاونة: وشيخهم سالم حسين أبو عطوة.
ومن فخوذهم: أبو ديب وأبو محسن.
مساكن البياضية
تسكن عشائر البياضية في الوقت الحاضر في قطية، ورابعة، ونجيلة، وأم عقبة، والسلام، والنصر، والخربة، والدراويش، وبئر العبد. وهي قرى على خط الساحل الشمالي لسيناء جنوب بحيرة البردويل.
وهاجر الكثير من فخوذ البياضية في سيناء إلى بر النيل ومنهم العوامرة من عشيرة الموالكة في سماكين الغرب والحسنية في محافظة الشرقية، ومنهم الموالكة في قرية القطاوية بمركز أبو حماد محافظة الشرقية، ومنهم الجبارين من عشيرة العواصية في أبو كبير محافظة الشرقية، ومنهم فخذ يقال له ولاد أبو الريش وهم فخذ من العواصية في أبو كبير جزيرة أبو يسين، ومنهم فخذ يقال له الحفيشات من عشيرة اليمانية في القطاوية، ومنهم الديابات من عشيرة الهروش في القطاوية ومنهم الطبايخة من عشيرة اليمانية في القطاوية، وهناك بعض من البياضية بيوتات متفرقة تبدأ من المنايف من ضواحي الإسماعيلية حتى ظهر الجبل قرب القنطرة ومنهم عائلات في القنطرة غرب. وفي أيام هجرة عام 1967 م هاجر الكثير من عائلات البياضية إلى منطقة مديرية التحرير في محافظة البحيرة وظلوا سنوات عديدة حتى تحررت سيناء وعادوا إلى وطنهم الأصلي وبعضهم ظل متوطنًا هناك، أما البياضية في وادي النيل فأغلبهم يعملون بالزراعة والتجارة، أما في سيناء فيعتمد أغلبهم على صيد الأسماك من بحيرة البردويل إلى جانب بعض الزراعات لأشجار الزيتون والخضر والقمح والشعير.
لمحة عن تاريخ القبيلة
في القرن الماضي كان شيخ القبيلة البارز يسمى سلمان عبد المالك وكان عمدة القبيلة من رجالات البياضية المعروفين في شمالي سيناء، وبعد وفاته صار الشيخ سالم كريم أبو ربيع ثم تفرعت القبيلة وصار لها مشايخ عدة وقد ذكرناهم سالفًا.
وروى الحاج إبراهيم محمد سالم المرابي الموالكي من قبيلة البياضية في قطية بسيناء، وهو قاضي البادية في سيناء ومصر منذ عام 1952 م وله شهرة واسعة حتى صعيد مصر ومن ثقاة الرواة فقال:
كان البياضية موالين للأتراك العثمانيين قبل عام 1914 م وكان منهم ضباط مع الأتراك وفيهم علي الهرش وقد اشترك مع الأتراك في الحرب ضد بريطانيا وكذلك سيد أحمد سالم المرابي، ومحمود شالم اليماني، وعرابي محمد عياط، وسالم حسن عبد المالك.
وقد ساهم رجالات عدة من البياضية في حركة الجهاد العربي في سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء عام 1967 م، ومن كبار المجاهدين في الحركة الوطنية نذكر محمد محمود اليماني، وإبراهيم سالم وابنه محمد إبراهيم، وعيد إبراهيم محمد، ومحمود إبراهيم محمد، وسليمان حسن عبد الملك، وعيد سالم أبو مقيبل، ومحمد علي أحمد، وسالم سليمان النشيوي وكل السابق ذكرهم من عشيرة الموالك عدا اليماني، وكذلك هناك محمد حسن عياط، وسليمان حسن عياط، وحسن حسن عياط، وجفيل علي عياط، وشلاش خالد عياط، وعلي حسن عياط، وقد حصل هؤلاء الرجال من البياضية على أنواط امتياز من الطبقة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس محمد حسني مبارك.
ونذكر أيضًا رجالات حصلوا على أنواط امتياز في الجهاد وهم: سلمان موسى زملوط، وعبد الكريم أبو حمود، وخفاجة محمد منصور، ومحمد سالم الشهير بربع الدنيا، وعبد الفتاح عبد العزيز مرروقة، ومحمد عبد الحميد، وحسين سالم صباح، وسعيد أبو مرزوقة، وخليف مقيبل نصار الهرش.
طباع البياضية
يشتهر البياضية بصفاء السريرة وحبهم للسلام ولين العريكة وحب التسامح وينالون التقدير والمحبة من قبائل سيناء، والبياضية من القبائل ذات الصدارة في التعليم، ومنهم نسبة كبيرة في التعليم سواء من منهم في سيناء أو في البر الغربي (وادي النيل)، وتعتبر البياضية من القبائل العربية الأولى في سيناء التي نال أبناؤها قسطا من التعليم، وذكر لي أن من البياضية الآن أكثر من عشرين طبيبًا والكثير من المهندسين وثمانية عشر أستاذًا جامعيا خلاف المعلمين وضباط الجيش والشرطة في مصر.
الإبل عند البياضية
وَسْم البياضية هو الهلال على الرقبة اليمنى للبعير - ل - رغم أن البياضية قرب الساحل وليسوا من أهل الإبل كقبائل سيناء في الوسط والجنوب إلا أن منهم الكثير من هواة اقتناء الإبل العربية الأصيلة، وحدثني الشيخ حمد محمد سالم المرابي البياضي شيخ الهجّانا في شمال سيناء (السباق) وقد روى من تاريخ قبيلة البياضية في سباق الإبل في سيناء كالتالي:
في عام 1936 م في بئر السبع بفلسطين المحتلة حصل سباق للإبل وفاز فيه البياضية بالمركز الأول.
- وفي عام 1958 م في العريش بسيناء مصر حصل سباق على مستوى قبائل شمال سيناء كلها، وفاز البياضية بالمركز الأول وهو صالح عبد المالك المرابي من عشيرة الموالك.
- وفي عام 1978 م حصل سباق في منطة رابعة وهي قرية على ساحل سيناء، وحصل أيضًا البياضية على المركز الأول وهو سليمان سلمان عبد المالك المرابي.
- وفي عام 1991 م حصل سباق في منطقة شمال سيناء على مستوى مركز بئر العبد وحصل البياضية على المركز الأول وهو صالح سليمان مصطفى المرابي في قصرويت قرب الساحل.
- كما كان هناك سباق عام 1990 م في منطقة قصرويت حصل البياضية على المركز الثاني وكان المركز الأول لقبيلة بلي.
ويملك البياضية
(1)
معظم أنواع الإبل (الرسان) الصافية أو الأصيلة التي توجد عند قبائل البادية في سيناء وقد اشتروها وكان عندهم منذ القدم الشغيل، وجرشان وجددوا بالشراء التالي:
* من المساعيد: عيلجان، وسمحان، وسحلان.
* من الأحيوات: عيدان، وامويجان.
* من بلي: اعويجان، وغيزلان، وعروان، واغويبان.
* من العيايدة: ضبعان، واعسفان، وزرزور، وانعيجان.
* من الترابين: اغبيشان، وفرعان، وارديمان، واجحيشان.
* من السواركة: زرعان، ولعشيبي، والملحوس، واخوينان، وأبو مضيحي.
* من الحويطات: دهمان، وجردان، واخضيران، وشمران.
* من المعازة: دنعان، واسعيدان.
(1)
توجد قرى أو نجوع باسم البياضية في فاقوس بالشرقية، وملوي والبداري في أسيوط، والأقصر وجرجا والناظر في جرجا وقنا.
الأخارسة
نسب القبيلة:
قال القلقشندي في قلائد الجمان عام 821 هـ وفي صبح الأعشى: إن قبيلة الأخارسة هي أصلًا بطن من طيئ القحطانية وأيده المقريزي في البيان والإعراب وذكر أن الأخارسة والبياضية من ثعلبة من طيئ، والراجح أن الأخارسة والبياضية أبناء عمومة ونزلوا في زمان واحد من بلاد الشام وكلاهما من طيئ، والمعروف أن طيئ من بلاد اليمن نزحت إلى شمال جزيرة العرب (بنجد) قبل بزوغ شمس الإسلام ثم ملأت السهل والوعر في العراق والشام. والبياضية والأخارسة من طيئ الساكنين بلاد الشام منذ الفتوحات وهاجروا إلى سيناء ومصر أيام حروب السلطان صلاح الدين الأيوبي مع الصليبين في الدولة الأيوبية أواخر القرن السادس الهجري
(1)
.
وذكر نعوم شقير في تاريخ سيناء في بداية هذا القرن عن الأخارسة وقال: بلادهم من شاطئ البحر المتوسط من غراقد الحسنة شمالي بركة الجمل غربًا إلى قلعة مفرج المعروفة بقلعة البلاح على نحو ساعتين من قلعة الطينة، وأهم مراكزهم القلس وشيوخهم عام 1914 م إبراهيم عطية، وعبد العال محمد.
عشائر الأخارسة
(1)
العيساوية: ومنهم فخوذ الحساسنة، والشهايبة، والكرايمة ومساكن العيساوية في قرى ستة أكتوبر (أبو حمرة سابقًا) والقلس والزقبة وشيخهم مبارك سلمان عيسى في قرية أكتوبر وكلها قرى قرب ساحل البحر المتوسط بشمالي سيناء.
(2)
الزغانوة.
(3)
الجادلات وشيخهم هو سليم سلمان حسن.
ومقر هذه العشائر في قرية رمانة على ساحل سيناء الغربي.
(1)
وقال المقريزي: ولما فتح السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بلاد غزة وأعادها الله من يدي الإفرنج إلى المسلمين جاءت ثعلبة وطائفة من جَرْم إلى مصر. (انظر البيان والإعراب ص 6،5).
قلت: فتح غزة كان عام 583 هـ. (انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 9 ص 182)
(4)
الخوالدة وشيخهم حسن نصار خليل في رمانة قرب ساحل سيناء.
(5)
العمامرة وشيخهم محمد سليمان عمار الحر في رمانة.
(6)
الزوايدة.
(7)
الرماضين.
(8)
المناسية.
(9)
أبو نوري.
وشيوخ الأربع عشائر الأخيرة في بالوظة قرب ساحل سيناء.
(10)
العطيات ومقرها في بالوظة والقنطرة شرق وغرب وشيخهم أحمد خليل عطية.
(11)
العاطلَّات ومقرها بالوظة والقنطرة شرق وغرب وشيخهم عبد العال محمد.
كما توجد فرقة من الأخارسة تسمى أبو سلَّام في المملكة الأردنية الهاشمية وقد انتشر من عشائر الأخارسة السالفة الذكر فخوذ وعائلات كثيرة في محافظات مصر وأغلبهم الآن يمارسون الفلاحة والزراعة في أرض قد استقروا فيها بتلك النواحي مثل: الإسماعيلية في حي الشيخ زايد والمنايف، والقنطرة في غرب الحرش، وبور سعيد بالرياح، وكفر صقر والحسنية
(1)
والزقازيق في الشرقية، والسنبلاوين في الدقهلية، والإسكندرية، والبحيرة بمديرية التحرير، والقليوبية. أما الأخارسة في سيناء فهم يمارسون الزراعة على الأمطار وصيد الأسماك في بحيرة البردويل شأنهم كقبائل شمال سيناء. والأخارسة بها نسبة كبيرة في وظائف حكومية وقد نال أبناء القبيلة قسطًا لا بأس به من التعليم فمنهم أساتذة وأطباء ومعلمون ومهندسون، وتأتي الأخارسة في المرتبة الثانية بعد البياضية في تعليم أبنائها بالنسبة لشمال سيناء ككل.
(1)
ومن شيوخ الأخارسة في مركز الحسينية عبد السلام عطوان، وعبد العال أبو عطوان وهو من عمد الأخارسة في الشرقية.
ورَسْم الإبل والدواب هو الهلال عليه علامة أو شرطة من اليمين وهو هلال مفتوح من أعلى وهو يشبه وسم البياضية أبناء عمومتهم من ثعلبة طيئ.
جهاد القبيلة في الحركة الوطنية المصرية
ومن تاريخ الأخارسة أنهم كانوا موالين للأتراك العثمانيين مثل البياضية في الحرب العالمية الأولى.
وفي أيام الاحتلال الإسرائيلي عقب هزيمة عام 1967 م ساهم أبناء الأخارسة في حركة الجهاد العربي مثل أغلب القبائل العربية الأصيلة، ونذكر منهم سلمان عيسى الذي حصل على نوط رئاسة الجمهورية، وسليمان إبراهيم، وحسين سليمان فريشح وغيرهم الكثير قد ساعدوا القوات المصرية في حرب التحرير عام 1973 م وخاصة القوات التي كانت خلف الخطوط في بالوظة ورمانة لصد الإمدادات والتعزيزات من العدو أثناء العمليات القتالية.
العقايلة
نسب القبيلة:
ذكر العلَّامة القلقشندي في صبح الأعشى، ونهاية الأرب أن العقيليين
(1)
. بطن من ثعلبة من طيئ القحطانية
(2)
، وبعد خروج ثعلبة وبطونها قادمة من نجد أقامت في فلسطين ثم نزلت بعض هذه البطون إلى سيناء ومصر في أواخر القرن السادس في عهد الدولة الأيوبية.
كما ذكر أحمد لطفي السيد ونعوم بيك شقير عن العقايلة بأنها من قبائل ساحل سيناء الشمالية في منطقة قاطية، ونزل منهم في وادي النيل في الشرقية وصعيد مصر وكان شيخهم عطوان سعدون عام 1914 م في سيناء.
عشائر العقايلة
(1)
أبو حميد (الحميدات)
(2)
أبو عقل (المعاقلة).
(3)
أبو عقيل ومنه الكليبات، وكليب.
(4)
أبو شريف ومنه الغوانمة، والمطيرات.
بلادهم في سيناء بالساحل الشمالي
يسكن العقايلة في الهميصة ونقيد والضبع والشوحط والكرامة وبئر الكتيب كلها قرى قرب الساحل في شمالي غرب سيناء.
مشايخ وكبار العقايلة في سيناء والشرقية
الشيخ عيادة سليم سليمان، والشيخ السيد مسلَّم سلامة سالم الصوفي، وسالم سِلْمي مسلَّم، والسيد سلامة مطير، وحسن أبو معالي ومسكنه فاقوس، وعثمان سليمان سليم ومسكنه المناجي بالحسنية بالشرقية.
ومن البلاد التي ينسكنها العقايلة في الشرقية في وادي النيل:
(1)
الأصل العقيليين وصارت تنطق العقايلة من البدو مع مرور الزمن.
(2)
هو طيئ بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
منطقة أبو معالي
(1)
(فاقوس) بها فخوذ من عشيرة الحميدات، ومنطقة المناجي (الحسنية) بها فخوذ من عشيرة أبو شريف، وعائلة أبو معالي يسكن منهم خارج الزمام في فاقوس محافظة الشرقية، وعائلة من أبو عقيل تسكن في منطقة نمرة خمسة غرب أبو خليفة - الإسماعيلية، وعائلات من أبو حميد تسكن في نفس المنطقة أيضًا، وأهم شيوخ هذه المنطقة من العقايلة نذكر في نمرة خمسة غرب أبو خليفة الشيخ جرير محمد أبو سليمان من عشيرة أبو حميد، والشيخ رزق سالم سِلْمي.
(1)
أبو معالي سميت بأحد عائلات العقايلة ونحسب من قبيلة السعديين في العمدية.
العلوية [أولاد علي]
نسب القبيلة:
ينتمي أولاد علي (العلوية) في سيناء بصلات القرابة إلى أولاد علي القبيلة الأكبر في الساحل الشمالي الغربي بمحافظة البحيرة ومطروح والإسكندرية.
وأولاد علي بطن من عقَّار من السعادي من أبي الليل منَ علَّاق بن عوف من بني سُلَيْم العدنانية (انظر التفصيل عن هذه القبيلة في المجلَّد الثالث).
مساكن العلوية
تقطن فخوذ العلوية من قاطية وعلى الأخص في المريح بمركز بئر الصير محافظة شمال سيناء وشهرتهم (العلويين)، وكان شيخهم على عهد المؤرخ نعوم شقير عام 1914 م يسمى عمر أبو الرايات، وعمدة أولاد علي (العلوية) كان محمد حسن نصار رحمه الله المقيم في عزبة سُميت باسمه في مركز أبو كبير
(1)
محافظة الشرقية، أما مساكنهم في وادي النيل فنذكر منها:
- عرب الغنيمة في الشرقية: وكبيرهم سيد عبد اللطيف الفنيجي، وإبراهيم عبد اللطيف وهو من أقطابهم، والشيخ سالم علي طالب عمدة الرحمانية.
- عرب أبو نصار في مركز أبو كبير بالشرقية، ومنهم العمدة محمد إبراهيم حسين نصار، ومن كبارهم أحمد علي الهاوي نصار من الشخصيات الهامة، ومن أولاد علي شخصيات بارزة في الصحافة وتقلدوا وظائف كبيرة ومن منهم عمل بالتجارة وحققوا نجاحًا ولهم فرع من نصار في المنصورة.
- عرب أبو زكري في قويسنا بالمنوفية: وتوجد من أولاد علي عائلات وكبيرهم نصر الله أبو أحمد، وجويفل محمد، وسليمان سلامة سعيد.
وشيخ العلوية (أولاد علي) في سيناء حاليًا هو سليمان سلامة أبو جبين.
(1)
وقد تحول في العهود الأخيرة هذا المركز إلى محافظة الإسماعيلية.
القطاوية
أصل القبيلة:
ذكر نعوم شقير أن القَطَّاوية من عرب الحجار نزلوا سيناء.
قلت: وأُطلق عليهم اسم القرية التي سكنوها وهي قاطية.
وذكر تاريخ شرق الأردن: أن القطاوية أصلهم من عرب فلسطين، وأيده تاريخ بئر السبع لعارف العارف وذكره باسم القطاطوة، وذكر أن منهم فرقة مع التياها وأخرى مع العزازمة في منطقة بئر السبع بفلسطين، كما ذكرهم وصفي ركريا وقال القطاوطية فرقة من المناظرة في الزاوية بالجولان من أرض سوريا.
قلت: ومنهم في الأردن وفلسطين ولهم صلات بإخوانهم في سيناء.
بلاد القبيلة في الديار المصرية
يسكن القطاوية
(1)
شمال سيناء في بلدة قاطية وهي ضمن عرب قاطية، ونزل الكثير من عائلات القطاوية في القنطرة شرق والقنطرة غرب والسنبلاوين دقهلية، وقرى السماعنة وأتمي الأمديد والربع السمارة في الشرقية، ونزلت منهم فرق أخرى في طنطا بالغربية، وشبين الكوم وقها في القليوبية، وفي عرب أبو ساعد في مركز الصف بالجيزة وغيرها.
فخوذ وعشائر القطاوية
أشهر الفخوذ في القطاوية في سيناء: الحجايجة، والقواسمة، والمحاميد،
كما نزلت فروع في بر النيل أشهرها التالي:
البطاحين، والصوالحة، والحجايجة، والمشارفة، والسلامين، والمعابدة، والديابات، والعبيدات، والقواسمة، والعرانية، والحمدات، والحلوان، والسحامدة.
ومن أشهر شيوخهم في سيناء سليمان محمد إبراهيم القطَّاوي، وكان شيخهم في بداية هذا القرن كما ذكر هو سعيد أبو بطيحان.
(1)
في الشرقية قرية تسمى القطاوية أغلبها من تلك القبيلة، وبعض عائلاتها انضموا للسماعة في محافظة الشرقية واختلطوا بهم
السعديين
نسب القبيلة:
ذكر بعض الرواة
(1)
أن جدهم سعد الأنصاري ويقال لهم بني سعد، والصحيح أن بني سعد هم من جُذام القحطانية وليسوا من الأنصار.
نبذة عن جُذام ومنهم بني سعد (السعديين)
كانت عربان جُذام القحطانية من سكان الحجاز ومنهم بطون ملأت بلاد الشام قبل الإسلام وهم من قدماء الفاتحين مع عمرو بن العاص لمصر مع إخوانهم لَخْم القحطانية، وكان أكثر جيش عمرو منهم لذلك أسماهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه القبائل المصرية، ولَخْم وجُذام من أول القبائل التي سكنت بلاد الحوف في الشرقية، وسكن بعض جُذام منطضة العريش فترة طويلة وهم بني سعد وامتدت مساكن بني سعد إلى الشرقية، وكما سكن بطون أخرى من جُذام غرب الإسكندرية وحتى برقة في ليبيا وكانوا أهل إقدام وضرب بالسيف ورشق بالسهام، كما وصفهم القلقشندي عام 800 هـ في نهاية الأرب.
وذكر أيضًا القلقشندي في قلائد الجمان عام 821 هـ وأيده السويدي في سبائك الذهب أن من جُذام في بداية فتح مصر بطون أشهرها جَري واسمهم عرب القاطع، ووائل، وبني سعد (السعديين) وقال: كان طابعهم عنيفًا في مصر واختطوا دورًا، ومنهم أئمة أشهرهم روح بن زنباع تولى فلسطين أيام الدولة الأموية، كما منهم بكر بن سوادة وعثمان بن الحكم وهم من أئمة مصر المجتهدين، والحديث يطول عن جُذام ليس بالمقام متع له. وقال القلقشندي عن سعد جُذام نقلًا عن الحمداني مهمندار الديار المصرية: اجتمع بمصر خمسة فروع يُطلق عليهم بنو سعد أو السعديين وقد اختلط بعضهم ببعض، فمنهم بنو سعد بن إياس بن حرام بن جُذام، ومنهم بنو سعد بن مالك بن زيد بن أفصى بن سعد بن إياس بن حرام بن جُذام وإليه ينسب أكثر السعديين، ومنهم بنو سعد بن مالك بن حرام بن جُذام، ومنهم بنو سعد بن إبامة بن عبيس بن غطفان بن سعد بن مالك
(1)
الراوي شيخ (الملاعبة) السعديين أبو صيام وراجعه سليمان العماوي في قرية الشهداء شرق رمانة بسيناء.
ابن حرام بن جُذام، ومنهم بنو سعد بنو مالك بن سعد بن إياس بن حرام بن جُذام قال: وأكثر السعديين هؤلاء وحتى أوائل القرن التاسع الهجري مشايخ البلاد وخفراءها ولهم مزارع ومآكل وفسادهم كثير في البلاد وفيهم عشائر كثيرة، وذكر الحمداني أن ديارهم في ضواحي القاهرة حتى أطراف الشرقية.
ويؤكد قول الراوي أن السعديين هؤلاء من أعقاب بني سعد من جُذام قدامى سكان مصر من العرب هو أن السعديين قومه كانوا يسيطرون على شمالي سيناء كلها ولا توجد أي قبائل لها ذكر بالمرة في شمالي سيناء من تلك التي لها كيان الآن والتي أسلفنا عنها.
قلت: وهذا صحيح لأن القبائل المتواجدة الآن كلها جاءت تباعًا من الشام وبر الحجاز وسكنت شمال ووسط وجنوب سيناء بعد جُذام خاصة السعدين، وهذا منذ ستة قرون تقريبًا أي بعد موت القلقشندي من مؤرخي مصرعام 821 هـ، وعن السعديين فقد قل نفوذهم تدريجيا في سيناء وظل أغلبهم في الشرقية بل ونزل إلى الأرياف من بقي في سيناء منهم إلى جانب إخوانهم القدامى في الشرقية في وادي النيل.
لمحة تاريخية عن السعديين
من تواريخ مصر في بدائع الزهور أنه في عام 875 هـ قبض السلطان على بعض أعيان الشرقية وبعض بني سعد (السعديين) وبعض بني حرام وكلها من جُذام القحطانية، وهذا لكثرة شغبهم فلما بلغ الخبر عربانهم أعلنوا العصيان وأخذوا يفسدون البلاد، وأرسل السلطان قوة لقمع العصيان فعادت بدون طائل، ثم في 876 هـ اشتدت حركة هؤلاء العربان في أرياف الشرقية حتى تعطلت الأسفار من كثرة العدوان والنهب، وقد هاجموا القاهرة نفسها ونهبوا الدكاكين وشلَّحوا الناس!!
السعديين [الملاعبة] في أكتوبر 1973 م
كان لقبيلة السعديين دورًا بارزًا في حرب تحرير سيناء المصرية عام 1973 م حيث عمل مجموعة من شبابها بقيادة شيخهم سليمان أبو صيام في إمداد المخابرات المصرية بمعلومات عن تحرك قوات المدرعات الإسرائيلية من منطقة رمانة
في اتجاه خط بارليف بعد هجوم القوات المصرية الباسلة على الخط خلال ساعات قليلة، وقد أدى ذلك إلى دفع القوات المصرية بسرية كوماندوز في منطقة رمانة لتعطيل هذه المدرعات للعدو الإسرائيلي، وكانت السرية المصرية بقيادة النقيب أحمد شلبي، ويوجد حاليا مكان الشهداء الأبرار في سرية الكوماندوز الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل تحرير سيناء الحبيبة، وسميت المنطقة أو القرية باسم الشهداء وهي عرفانًا من عشيرة الملاعبة من قبيلة السعديين لهؤلاء الأبطال، ومن السعديين في قرى سوادة بمركز فاقوس رجال بارزون في الاقتصاد والصحافة والجيش في مصر.
عشائر السعديين
(1)
الملاعبة ومن عائلاتهم أبو صيام وأبو ديب وأبو ملعب، ومنهم شيخي السعديين في سيناء وهما سليمان أبو صيام، وسِلْمي سليم أبو صيام، وكذلك عميدهم العماري. والملاعبة هي العشيرة. الوحَيدة التي اشتهرت في الساحل الشمالي من السعديين ومعهم أيضًا عائلات من الشويين وأبو سمري.
(2)
قايد وهو ما يسمي أبو شلبي ومنهم عمدة السعديين
(1)
هو حاليا مازن محمد عبد العظيم شلبي، وخلف والده من فترة قصيرة. وذكر أحمد لطفي السيد في كتاب قبائل العرب في مصر المطبوع عام 1934 م أن عمدة السعديين هو محمد بيك عبد العظيم شلبي في الشرقية وهو من كبار الأعيان هناك.
(3)
الطوال.
(4)
التراكي.
والطوال والتراكي من أقدم عشائر السعديين ومنهم الشيخ سرحان الطوال.
(5)
الشويين. (6) أبو سمري.
(7)
نبهان. (8) أبو خويطر.
(9)
أبو معالي. (10) أبو ناجح.
(11)
البازات. (12) الحيوان
(1)
.
(1)
الحيوان: تعتبر عشيرة قائمة بذاتها وقيل لي إن أصلهم يعود إلى عُقيل من الشام وعقيل من الأجود من غزية طيئ القحطانية كانوا يسكنون برية الحجاز كما ذكر القلقشندي في نهاية الأرب، وعقيل اشتهروا بتجارة الإبل والخيول بين مصر والشام، وقيل إن الحيوان كان عقيد قومه أي قائدهم للحرب وسكن في إحدى قرى سوادة مجاورًا لعرب السعديين وهو في الحيوانية ومنهم عمدة الحيوانية.
الديار الحالية لعشائر السعديين
(1)
:
(أ) محافظة شمال سيناء: في منطقة رمانة وكان به حوض نخيل قيل إنه كان للسعديين من عدة قرون ومنحوه أو تركوه للأخارسة جيرانهم في سيناء بعد تكاثر الضرائب في عهد محمد علي باشا منذ قرنين وعمل مركز تحصيل الرسوم في قطيّة قرب الحديقة المزروعة فيها، ونزحت أغلب السعديين في سيناء إلى جوار إخوانهم في الشرقية وتبقى عائلات قليلة من الملاعبة في قرية الشهداء وأبو سمري في قرية قصر غانم، والشويين في قرية التحرير.
(ب) الإسماعيلية. توجد عائلات من عشائر الملاعبة أو الصيامات والديابات في مناطق الحرش وظهر الجبل والماركوني والقنطرة غرب نمرة 2 وجبل أبو خليفة.
(جـ) الشرقية: وبها أغلب عشائر السعديين في قرى سوادة
(2)
وقيل إن عدد القرى والعزب نحو تسعة وتسعين، وأحيانًا ما يسمى قرى أبو شلبي باسم عمدة القبيلة وهي تابعة لمركز فاقوس، وفي الخطارة والسماعنة وأبو ليلة وفي عزبة الملاعبة بمركز أبو حماد وعزبة الروضة في الحيوانية ومنهم عمدة الحيوانية، والسعدين في الشرقية مالوا إلى الفلاحة وغلب عليهم طابع الفلاحين منذ ما يزيد على قرنين من الزمان، هذا بخلاف السعديين في سيناء الذين يتمسكون بأصولهم العشائرية والقبلية حتى الآن.
(1)
هناك قرية من المعديين في فلسطين ومنهم في جنوب الأردن وبعضهم بادية ضمن قبيلة الحويطات ويجب عدم الخلط بينهم وبين السعيديين من بطون الحويطات في فلسطين.
ذكر أميديه جوبير في وصف مصر المترجم أن عرب السعديين في فلسطين قرب قيصرية مجاورين للنفيعات والحوارث.
ذكر نعوم شقير في تاريخ سيناء أن شيخ السعيديين في عهده عام 1914 م كان يسمى مقبول نصر أبو صيام وكانوا ضمن عربان قطية قرب الساحل الشمالي لسيناء.
(2)
يسكن في قرى سوادة عائلات لا تنتمي إلى السعديين رغم أن عمدتهم من السعديين وبعضهم من فلاحين الشرقية، كما تشكل عشيرة التوايهة من الحويطات نسبة كبيرة من سكان قرى سوادة، وأعتقد أن تسمية قرى سوادة بهذا الاسم يرجع إلى عرب سويِّد جُذام الذين كانوا أقدم من سكن هذه المنطقة منذ فترة كبيرة، وكما أسلفنا أن بني سعد أبناء عمومة عرب سويِّد تغلبوا على هذه الديار منذ عدة قرون، وهناك احتمال تسميه قرى سوادة بهذا الاسم نسبة لبكر بن سوادة وهو أحد أئمة جُذام المشاهير في عهد الأمويين ولربما قد أقطعت إليه فسكنها من من جُذام فيما بعد.
لمحة عن السعديين في القرون الأخيرة
ذكر نعوم شقير أن السعديين من أهم القبائل التي توطنت بحوض قاطية (منطقة بئر العبد حاليا) في شمالي سيناء، حيث امتد دركهم أيام إرساليات البريد العثماني من منطقة قاطية وحتى منطقة جلبانة شرقي القنطرة شرق، ثم رحل أغلب عشائرها بعد حفر قناة السويس فانحسر تواجدهم بمنطقة رمانة وأبو عدي والشهداء وقصر غانم والتحرير وكلها في شمالي سيناء، ويحدهم في الشمال البحر المتوسط وفي الشرق قبائل الأخارسة والسماعنة والعلوية (أولاد علي).
ويذكر الرواة أن السعديين حالفوا قبيلتي المعارة والمساعيد فترة من الزمن في القرون الماضية ولربما استمر هذا الحلف للآن.
ووَسْم القبيلة الشعبة وعليها الشاهد ووسمه هكذا (>) وتوضع على العنق الأيمن للبعير.
قبائل الطوَّرة [جنوب سيناء]
مقدمة: يقول البعض من المؤرخين على رأسهم نعوم شقير أن سيناء كان بها تجمعات قبلية سكن معظمها في بلاد الطور قبل الفتح الإسلامي، بينما يؤكد آخرون أن كل البدو هم من بقايا العرب الفاتحين القادمين من الجزيرة العربية.
قبائل سيناء القديمة
(1)
الحماضة
(1)
: مركزهم في حديقة فيران وبلاد الطور وأبو زنيمة ووادي الصهو، وكانت لهم السيادة على منافع البلاد من حراسة الدير والتنقيب عن الفيروز ونقل الحجاج والتجارة، ثم حالفوا العليقات وصار لهم جزء يسير من منافع البلاد بعد تغلب العليقات والصوالحة على جنوبي سيناء من مدة كبيرة رجحها الرواة أنها تزيد على الستة قرون، والحماضة
(2)
في الوقت الحاضر قبيلة صغيرة أشهر فروعها الربيقي، والنواجعة، والهشمري، والسويعدات، وقد نزل منهم فخوذ في السويس وغيره من البلاد المصرية غرب القناة وفي القاهرة، وشيخهم سليمان سلامة الربيقي في قرية أبو زنيمة شرق خليج السويس (بسيناء)، وسعيد عيد في قرية عامر قرب عرب أبو سيال شمال السويس.
ووَسْم الحماضة الشعبة على صدغ البعير.
(2)
البدارى
(3)
: مركزهم الأول في جبال العجمة ببلاد التيه بأواسط سيناء، وذكر لي أنهم سكنوا قديمًا في جبل واسط وقرية النويبع غرب خليج العقبة (بسيناء) وكان لهم نخيل قد اشتروه وسمى باسمهم شعب البدارى، وانتقل منهم جماعة في وادي فيران جنوب الطور ولكنهم استقروا من زمن بعيد جدا في بلاد التيه وحالفوا قبيلة التياها التي توطنت من مدة كبيرة في البلاد بعد البدارى، ثم
(1)
يقول رواة الحماضة أن أصلهم من بني تميم العدنانية في بلاد نجد وقدموا إلى بلاد الطور قديمًا. وذكر حمد الحقيل في كنز الأنساب من 163 ط 21 عام 1413 هـ - 1993 م أن الحماضا من فروع بني تميم في نجد بالمملكة العربية السعودية، كما ذكر سمير عبد الرازق في كتاب أنساب العرب ص 53 أن الحماضا من تميم في الوشم، وفي ص 197 أن الحماضا من النواصر سكان ثادق بالوقت الحاضر.
(2)
توجد نجوع عرب غالب أبو حسب الله من الحماضة في بني مزار بالمنيا.
(3)
يذكر بعض الرواة الأحيوات أن البدارى أصلًا من الأحيوات (انظر السرد عن دروع الأحيوات) =
اختلفوا مع التياها وحالفوا الصفايحة من قبيلة الأحيوات، ولهم حسنة مع قبيلة العليقات من مدة زمنية كبيرة، وعدد البدارى في سيناء لا يتجاوز مائة بيت، وفي السويس وغيرها حوالي مائة بيت، وشيخ البدارى سلامة البدري وسكنه حاليا في التيه بسيناء.
(3)
المواطرة: كان مركزهم الأول قرب مدينة الطور يزرعون أرضها بالنخيل، ويؤكد الرواة أن المواطرة والتبنة من أقدم سكان سيناء وهم الآن في حمى الصوالحة.
(4)
التبنة: ومركزهم في حديقة فيران يزرعون النخيل ويقلمونه حتى اليوم.
(5)
الجبالية
(1)
: يؤكد الباحثون وأجمع رواة أهل المنطقة من قبائل الطوَّرة أن الجبالية قدماء في بلاد الطور وقد أسلموا في تلك البلاد من عدة قرون بعد أن كانوا نصارى من أهل البادية وخالطوا القبائل، وأصل وجودهم في جنوبي سيناء هو حماية دير سانت كاترين أو حراسته والقيام على خدمته، ويؤكد بعض الباحثين في أوروبا أن الجبالية من سلالة يونانية من بلاد الروم أوما كان يُطلق عليهم الرومان قديمًا، وقال رأي آخر أنهم من البنطس من طائفة كخ.
وعشائر الجبالية أهمها: أولاد جندي وهم من أصول مصرية قبطية، أما العشائر الأخرى فيطلق عليها في سيناء أولاد بخيت وهم من الروم أصلًا كما أسلفنا، ومنهم الوهيبات، والحمايدة، والسلايمة (ولاد سليم)، ومن شيوخهم البارزين منصور فرحان حسين الهيِّم في فيران، ومحمد مرضي سليمان، ومن قضاتهم محمد حميد أبو مساعد، ولهم وَسْم على الإبل وهو (E) ويوضع على صدغ البعير الأيمن.
وذكر نعوم شقير في تاريخ سيناء أن قبائل الطور يأنفون من الزواج من القبائل السالفة الذكر لأن ليس لهم أصول معروفة أو عريقة في العرب، ولكن هذا
(1)
من الجبالية فرع شمال سيناء يقطنون الخروبة وقبر عمير والشيخ زويِّد وجدهم نزح من جنوبي سيناء من قبيلته قبل 400 عام، وهذا بسبب دم عليه وقد جاور السواركة والرياشات ولحق الحجر للأراضي قرب الساحل ثم صاهرت ذريته الرياشات وتفرعت منه عائلات البراهمة والكبابسة والفراحين والبوابير، وشيخ هذه العائلات حسين نبهان من البراهمة وهاجرت معظم هذه العائلات إلى بلبيس وبرشاق وحجرة بلبيس بالشرقية منذ عام 1948 م، والآن منها بقايا تعد نحو 50 بيتًا، وحياتهم في سيناء على الزراعة الحديثة أما في الشرقية على تجارة الإبل والزراعة.
القول مبالغ فيه، وتوجد صلات مصاهرة بين قبائل الطوَّرة الأخرى وبين الجبالية والبدارى والحماضة، ويعاملون معاملة طيبة من الجميع في بلاد الطور.
وذكر نعوم شقير هذا القول عن الجبالية يعود سببه إلى خطأ أحد الطوَّرة قديمًا فيهم بسبب رواج أحد بنات النصيرات
(1)
في قبيلة الجبالية ولكن هذا الرجل قد دفع الحق للجبالية (انظر عن تفاصيل ذلك السرد عن قبيلة الصوالحة).
ولا يجوز من خلال هذه القصة أن لا يتزاوج منهم باقي القبائل في الطور لأن مثل هذه المشاكل تحدث مع غير الجبالية فلا يصح تعميمها وبالتالي لا يصح تخصيصها على قبيلة الجبالية أو غيرها في جنوبي سيناء.
بنو واصل
(2)
من أقدم قبائل الطور وأصلها من بني عُقبة من جُذام القحطانية، وذكرهم القلقشندي في نهاية الأرب وقلائد الجمان وأيده السويدي في سبائك الذهب.
ويرجح قدومهم إلى سيناء في القرن الخامس للهجرة، ثم هاجر أغلب بني واصل وكذلك أولاد سليمان المساعيد إلى بر النيل قبل مجيء الصوالحة من بر الحجاز، وتوجد من بني واصل نواحي جرجا وأسيوط ومنفلوط والمنيا وبني سويف ولهم نجوع حتى الآن في صعيد مصر.
ويؤكد الرواة وقد سجل ذلك نعوم شقير في كتابه تاريخ سيناء أن بني واصل لما استقر بهم المقام في جنوبي سيناء (بلاد الطور) قاسموا الحماضة في منافع البلاد بعد أن حاربوهم فترة طويلة وأدت هذ الحروب إلى إضعاف الطرفين وكان آخر هذه الحروب في مكان يسمى للآن مِكْون الحماضة، ثم تصالح بنو واصل مع الحماضة على أن يأخذوا الجزء الجنوبي من بلاد الطور إلى وادي فيران
(1)
ويقول رواة الجبالية ومزينة حين أخطأ أبو نصير في الجبالية طنبوا على شيخ مزينة سليمان أبو صبحة في وادي السعال وقد أوصلهم إلى شمالي سيناء حتى عاد لهم الحق بواسطة الصوالحة، ولأبي صبحة المزيني حسنة على الجبالية، وللجالية في وادي السعال ربع باسمهم للآن تؤكد هذه الرواية.
(2)
ذَكر في كتاب الأم المحفوظ بدير سانت كاترين ذكرًا عن بني واصل وقيل إن بني عقبة في بر الحجاز أصحاب الدرك في قلعة المويلح تعدوا على تجار من بني واصل هناك في 4 صفر 1002 هـ - 3 أكتوبر 1593 م. قلت: ومن العجيب أن يكون المتعدي على بني واصل هم من بني عُقبة قومهم القدامى الذين انفصموا عنهم في سيناء والصعيد.
وأن يأخذ الحماضة القسم الشمالي في وادي فيران وشماله إلى جبال التيه بوسط سيناء، وظلوا فترة طويلة على ذلك بعد أن قسموا المنافع، ثم قدم الصوالحة أواخر القرن الثامن الهجري وقد تغلبوا على البلاد كما سوف نفصل عن ذلك في موضعه.
وبنو واصل عددهم قليل وهم ضمن حلف الصوالحة، وأذكر من فخوذهم الحجايجة والجوابرة ومغبش والعمريين، وشيخهم موسى سليمان موسى أبو مغبِّش.
أولاد سليمان
هي من القبائل التي سكنت بلاد الطور من وقت مبكر ويرجح أن يكون هذا في أواخر القرن السابع الهجري، والمتفق عليه أن أولاد سليمان من قبيلة المساعيد قد نزلوا بعد بني واصل في حقبة زمنية تقارب قرنين وكانوا مجاورين الحماضة، ولكن أولاد سليمان هاجروا إلى الشرقية والفيوم وغيرها (انظر التفصيل عنهم في السرد عن المساعيد).
الصوالحة
نسب القبيلة:
ذكر في إحدى الوثائق القديمة الخاصة بالبدو والمحفوظة بدير سانت كاترين وبعد الاطلاع عليها أن أصل الصوالحة من مؤسسهم صالح بن حميد بن سليم من حرب الحجاز، وأضاف الرواة من كبار الصوالحة أنهم من بني سالم كما تواتر عند أجدادهم قبل سبعة قرون.
كما ذكر نعوم شقير في تاريخ سيناء ص 11: أن في تقاليد الصوالحة أن أصلهم من قبيلة حرب في الحجاز.
وذكر الدكتور عباس مصطفى عمَّار عن أصل الصوالحة في المدخل الشرقي لمصر حاشية ص 82 فقال: أكد لي مشايخ البدو الذين قابلتهم في صيف عام 1943 م أن أصل الصوالحة من حرب.
نماء الصوالحة وانفصامهم من حرب وتاريخهم بسيناء
ذكر في أحد وثائق دير سانت كاترين مدوَّن فيها جلسة رسمية لشيوخ العربان برئاسة الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي
(1)
من عرب العايد من جُذام القحطانية بتاريخ 18 من شهر جمادى آخر عام 800 هـ، وقد ذكر عن شيخ الصوالحة قويضي بن خبيزات بن منجد من العوارمة إحدى فروع الصوالحة، لما سأله الشيخ إبراهيم العايدي عن نسب الصوالحة وتاريخهم ليُسجَّل في وثائق الدير أجاب شيخ الصوالحة قائلًا: إن جد الصوالحة هو صالح بن حميد بن سليم من حرب الحجاز وكان له أربعة أولاد هم عارم ومنه العوارمة، وحميد منه الحميدات
(2)
، ورضوان ومنه الرضاونة، وناصر ومنه النواصرة.
(1)
الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي وكان وقتئذ مكلفًا من سلطات مصر بالإشراف على بعثة الحجاج من مصر في الذهاب والعودة وكدلك قيامة بفصل المنازعات بين البدو، وعشيره العايد ظلت فيها الرئاسة والمسؤلية للحجاج فترة طويلة أي لعدة قرون حتى عهد محمد علي باشا.
(2)
الحميدات سموا بعد ذلك في وثائق دير سانت كاترين منذ عام 815 هـ باسم المحاسنة تبعًا لجدهم محسن من الحميدات وهو ولي صالح يزاد، وكان قليد قومه فغلب اسم المحاسنة على فرع الحميدات، ومن المحاسنة عقيد الحرب لعموم الصوالحة ويلقَّب حتى الآن أولاده باسم العقدة أو فلان العقيد.
وأضاف الشيخ قويضي أن سبب جلاء جدهم صالح قديمًا من حرب يعود إلى خلاف وقع مع ابن عمه عودة بن عتيِّق بن سليم على قسمة كرم نخيل، وقد اشتدت الخلافات فقام صالح بقتل ابن عمه وجلا عن عشيرته على عادة القبائل وسكن ضبا وتبوك، وكانت إقامته لفترة زاد فيها نسله وتكاثروا من أولاد عارم وحميد وناصر ورضوان، ثم نزلوا إلى جنوبي سيناء عام 778 هـ تقريبًا وكان معهم فرع أولاد سعيد بن عيد الجهني وقد حالفهم أيضًا فرع يسمى النفيعات (من النفِّعة من قبائل عُتيبة) ونزل معهم إلى جنوبي سيناء، وقال: إن حلف النفيعات تمَّ في ضبا من عهد قريب وقتئذ.
ولما سأله العايدي هل ضربتم جعلًا من الدراهم على سكان البلاد (جنوب سيناء) الأقلة الضعفاء في بلاد الطور؟
أجاب شيخ الصوالحة: لم نضرب على سكان البلاد الأقلة بل نحميهم ممن يعتدي عليهم بسوء بدون مقابل ولا نهينهم ولا نأسى عليهم وهم التبنة سكان حديقة فيران يزرعون أرضها ويلقحون نخلها، والمواطرة سكان حديقة الحمام وغربه من وادي الطور يزرعون أرضها ويلقحون نخيلها مثلهم مثل التبنة في حديقة فيران وهم بقية نصارى فيران وراية وأجبروا على الإسلام بعد فتح العرب لسيناء وهم المذكورون الأقلة سكان بلاد الطور والآن هم في حمى الصوالحة، وأضاف الشيخ قويضي الصوالحي قائلًا: وضربنا جعلًا من الدراهم على كل من يأتي بلاد الطور بقصد التجارة ومن يأتي بلاد الطور بقصد زيارة البلاد للأماكن المقدسة، وضربنا جعلًا من الدراهم على رهبان الدير وعلى كل حديقة يجنونها وعلى كل جمل يدخل الدير يحمل مهمات الدير أو يخرج منه، ووعدنا بحماية الرهبان وممتلكاتهم من أرض وإبل وأغنام وحماية صبيان الدير وأموالهم وهم الجبالية وردع من يتعرض لهم بسوء.
وسأل العايدي شيخ الصوالحة هل بينكم وبين عشائر الشمال في سيناء اختلافات؟ أجاب الشيخ قويضي قائلًا: نعم اختلافات وهي أن أتانا رجلًا من عشائر الشمال يجلب تجارة بن وضربنا عليه جعلًا
(1)
من الدراهم، وهذا حقنا. مثلنا
(1)
ذكر نعوم شقير ص 145 في تاريخ سيناء نص قديم في كتاب الأم تحت رقم (11) يقول: "لخيامة الحرب الصوالحة - قلت: وتعني الخيامة السيطرة والتحكم - أن لهم على كل حمل كان للتجار الذين يحصلون في البندر قبل نزوله إلى البحر عشرة أنصاف كما سبقت به عوائد آبائهم وأجدادهم.
مثل القبائل الأخرى في بلادهم، من يدخل حدود بلادهم بتجارة يضربون عليه جعلًا من المال، فغضبت عشائر الشمال ولا ندري غضبهم بسبب تاجر البن أم يريدون أن يتحرشوا بنا جميعًا في البلاد ومنافعها، وأرسلوا لنا رسولًا من وقت قريب وقال لنا رسولهم: حدود عشائر بلاد الشمال من العريش إلى رأس خليج العقبة وإلى بلاد الطور وكلها بلاد عشائر الشمال وطلب منا رسولهم إذا أردنا السكن في البلاد أن ندفع لهم جعلًا من الدراهم، وكان ردنا مع رسولهم أن البلاد عندما أتيناها وجدناها خالية وأهلها سكان ضعفاء لا يحمون أنفسهم من الغزاة، وقد سكنا البلاد وثبتنا أقدامنا حتى يحكم الله في الأمر، وقمنا بحماية سكان البلاد الضعفاء، كما ردينا أيضًا مع رسولهم أننا نأخذ جعلًا من المال وإن كانوا يريدون الحرب نحن في انتظارهم، وحين ذاك نترك نحن البلاد أم نجليهم عنها وهذا ردنا مع رسول قبائل الشمال.
وقام الشيخ العايدي بإبلاغ قبائل الشمال بالجلسة مسبقًا ولم يحضروا إلا في ثاني يوم 19 جمادى الآخرة سنة 800 هـ، واجتمع كبار قبائل الشمال وكبار قبائل الطور وهم الصوالحة في بيت الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي وقال العايدي، في هذه الجلسة: لقد بحثنا الاختلافات بين السواركة والصوالحة، وقال السواركة: لم نرسل إلى بلاد الطور رسولًا ولا نطلب على أحد جعلًا من المال ولا لنا شيء في بلاد الطور. وقال العايدي: وبحثنا اختلافات الصوالحة والترابين وتوجد خلافات بسيطة مثل اختلافات التاجر الترباني وبعض عائلات الترابين وهم عائلة عشيش وفرع صغير يسمى الأحيوات وهم من عرب المساعيد دخلوا مع الترابين بتحالف وهم العائلات المذكورة وقد سبق من قبل أن ضرب عليهم الصوالحة جعلًا من الدراهم، وقال الصوالحة: نعم ضربنا عليهم جعلا من الدراهم ونضرب عليهم وعلى غيرهم جعلًا من الدراهم وهذا حقنا في بلادنا مثلنا مثل القبائل الأخرى، وقال الصوالحة أيضًا لأن عشيش الترباني وربعه يقتلون رهبان الدير ويقطعون الطريق على القوافل التي تحمل مهمات الدير من قبلنا ولأن رهبان الدير وممتلكاتهم وصبيان الدير وهم الجبالية هم في حماية الصوالحة.
وشهد أحد الرهبان الحاضرين في الجلسة المدوَّنة وهو أحد رهبان دير بلاد الطور (سانت كاترين) وقال نعم كان عشيش الترباني ومن يقطعون الطريق
على القوافل التي تحمل مهمات الدير ويقتلون الرهبان من قبل ما يوفدوا الصوالحة من بر الحجاز، وقد قام الصوالحة بمنع الخطر وحمايتنا. وبحثنا جميع الاختلافات، وتم الصلح بين الطوَّرة وبين قبائل الشمال وأشهرنا وعرفنا لكل منهم حد بلاده وحدوده أي حدود قبائل الشمال وهم الترابين والسواركة وحدود بلاد الطوَّرة وهم الصوالحة وهي درب الحاج بسيناء على نخل إلى رأس العقبة، وتفصل درب الحاج المذكورة بين الجارين شمال درب الحاج وهي بلاد عشائر الشمال وهم الترابين والسواركة ومن درب الحاج جنوبًا على الحدود المذكورة وهي حدود قبائل بلاد الطور وهم الصوالحة، وكل من الطرفين يستنفع بمنافع بلاده ولا أحد يدخل في منافع الآخر على الحدود المذكورة بين الطرفين ولا يسكن ولا يجلب تجارة من أحد الأطراف المذكورين في بلاد الآخر ولا يجلب الصوالحة ولا يسكنون في بلاد الترابين والسواركة إلا برضاهم ولا يجلبوا ولا يسكنون الترابين والسواركة في بلاد الصوالحة المذكورة حدودها إلا برضاهم، وقد خصص لهم الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي دفترين لقبائل الشمال وقبائل بلاد الطور وهم الصوالحة الأول يوضع أمانة في مكتبة دير مكتبة طور سيناء وتوضع فيه جميع ما تم من اتفاقات وشروط وتوضع فيه أول فرع من قبائل الحروب (حرب) وتعقد اتفاقات في بلاد مصر وهم الصوالحة، وهذا الدفتر مختص للصوالحة وفروعهم الأربعة وهم الصوالحة الأصل، ولا يجوز أن يسجل أحد غيرهم إلا باتفاقهم وتوقيع شيخهم، وإلزامًا عليهم أن يسجلوا من دخل معهم من فروع جديدة وبتوقيع شيخهم لنحملهم مسئولية من دخل معهم من فروع وإلزامًا عليهم أن يسجلوا من فصلوه من فروعهم وتوقيع شيخهم وتاريخ الفصل لنخلي مسئوليتهم عن الفرع المفصول ونحرمه من المنافع، وإنهم أي شيوخ الصوالحة مفوضين منا بفصل من يريدون ويدخلون من يريدون معهم من فروع بتفويض منا وتوقيعنا إبراهيم العايدي.
أما الدفتر الآخر لقبائل بلاد الترابين والسواركة فيوضع أمانة في مكتبة وكالة الدير بضواحي غزة لأن القبائل المذكورة يحملون المهمات من وكالة الدير بضواحي غزة والتزامًا عليهم أن يكتبوا في الدفتر المذكور كل من دخل معهم من فروع جديدة لنحملهم مسئولية من دخل معهم من هذه الفروع وإلزامًا عليهم يكتبوا أيضًا من فصلوه من فروعهم على أن تخلى مسئوليتهم عمن فصلوه من فروعهم
ويحرم من منافع البلاد، وهذا الدفتر مخصص لقبائل الشمال واتفاقاتهم وشروطهم وتوضع فيه اتفاقاتهم القديمة المسجلة بنسخ اتفاقات سابقة وجديدة.
وكتب هذا العقد من ست نسخات بتوقيع المتفقين جميعًا من قبائل الشمال وقبائل بلاد الطور وهم السواركة والترابين والصوالحة، والنسخة الأولى تبقى مع الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي مفوض الحكومة والنسخة الثانية يتسلمها شيخ الصوالحة والثالثة شيخ السواركة والرابعة لشيخ الترابين ونسخة كتبت في دفتر قبائل الطور وهم الصوالحة، وتم التوقيع عليها وتم الاتفاق بتراضٍ من كل الأطراف وكفلوا الثلاثة وهم أكابر القبائل المذكورة وكفل سليمان بن حميد بن عواد كبير الترابين، وكفل سليمان بن حسين بن محمد كبير السواركة، وكفل قويضي بن خبيزات بن منجد كبير الصوالحة، ووقع الشيخ إبراهيم العايدي مفوض الحكومة بضمان نفاذ العقد المبرم على جميع الأطراف وأقسموا جميعًا بالله العظيم ووقعوا أختامهم على الوثيقة ووقع مفوض الحكومة إمضاءه.
الدولة المصرية تعهد حماية الحجاج للصوالحة
ذكر في وثيقة من وثائق الدير مؤرخة بتاريخ 20 جماد الآخر عام 800 هـ أن جلسة رسمية عقدت في ديوان الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي بحضور الأطراف الثلاثة المعلنة وهو طرف أول مفوض الحكومة، وطرف ثان رهبان الدير ببلاد الطور، وطرف ثالث الصوالحة سكان بلاد الطور، وقد عهد في هذه الجلسة من قبل مفوض الحكومة إلى الصوالحة نقل الحجاج المصريين من قلعة مصر إلى رأس خليج العقبة، ونقل زوار البلاد من قلعة مصر إلى الطور لزيارة الأماكن المقدسة وكلفهم بمهمات الدير من حبوب وخلافه ونقل رهبان الدير.
وقد تعهد وتضمن وتكفل شيخ الصوالحة قويضي بن خبيزات بن منجد على جميع الشروط وهي أمن الحجاج المصريين وسلامتهم وزوار البلاد للأماكن المقدسة في بلاد الطور من مسلمين ونصارى أو أي راهب من رهبان الدير، وأن يحضر الجاني المعتدي على أي مر هؤلاء سواء من فروع الصوالحة أو من قبائل أخرى وأن يسلمه إلى ديوان الحكومة المصرية، ولو عجز الشيخ عن إحضار الجاني على الصوالحة أن يدفعوا ألف دينار من الذهب للحكومة.
كما اتفق في هذه الجلسة على أجر الإبل التي تنقل الحجاج من قلعة مصر إلى رأس العقبة ويكون أجر الراكب من الحجاج المصريين الذين يؤدون فريضة الحج بنتا ونصف البنتو، أي تساوى ثمانين قرشًا وإجمالي المبلغ مائة وعشرين قرشًا، وأما أجر حمل الجمل من الأمتعة ووزنة لا يزيد على 140 أقة يكون أجره بنتًا ونصف من قلعة مصر إلى رأس العقبة، كما اتفق على أجر الإبل لنقل زوار بلاد الطور إلى الأماكن المقدسة ويكون أجر الجمل على الراكب بنتًا وتساوي ثمانين قرشًا ونقل مهمات الدير من حبوب وخلافها من قلعة مصر إلى دير بلاد الطور، وأما الوزن فيكون إردبًا أو مائة وأربعين أقة، ومن المهمات الأخرى أجر الجمل بنتًا أي ثمانين قرشًا.
وقد اتفق جميع الأطراف المعنية الثلاثة على ما ذكر في عقد الاتفاق أول مفوض الحكومة وطرف ثان رهبان الدير وطرف ثالث قبيلة الصوالحة، وهذا العقد المبرم كتب من أربع نسخات النسخة الأولى تدوَّن في ديوان الحكومة والنسخة الثانية تسلم لرهبان الدير والنسخة الثالثة لشيخ قبائل الصوالحة والنسخة الرابعة مخصوصة بدير سانت كاترين في بلاد الطور والذي تدون فيه جميع الاتفاقات المختصة بقبائلهم وفروعهم، وقد وقع مفوض الحكومه بضمان نفاذ العقد وما فيه من شروط واتفاقات وهو الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي، ووقع موكل وكالة رسمية عن رهبان الدير بشهادة قاضي محكمة برقم 37041 وهو سامي خوله نخلة ووقع كفيل الصوالحة وكبيرهم قويضي بن خبيزات بن منجد بخاتمه، وتم الاتفاق على ما ذكر في العقد على بركة الله.
الدير بسانت كاترين يودع ممتلكاته لشيخ الصوالحة
بتاريخ 24 جمادي الآخرة عام 800 هـ في ديوان الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي طلب الدير برغبته أن يودع الصوالحة وشيخهم قويضي بن خبيزات بن منجد رهبان الدير وصبيان الدير وهم الجبالية وممتلكاتهم من أرض مزروعة وحدائق الدير المزروعة بالأشجار وأموالهم من إبل وأغنام ومباني الدير وكنائسه، وقد قبل شيخ الصوالحة قويضي بن خبيزات بن منجد حدائق الفريع وحديقة غربه وحديقة رمحان وحديقة الشريج وحديقة النصب وحديقة حضره وحديقة نويبعة ما عدا
زرنوق البدري مُشَّرف من العطى وهو من داخل حديقة نويبعة على حده وحدوده، وبزرنوق تسعة حفاير نخيل وهي ملك حسين بن بدر بن عواد من عرب بني واصل، وقد قام كبير الصوالحة بتوزيع الحدائق المعطاه من الدير على كل من الآتي ذكره: أعطى أولاد سعيد ثلاث حدائق على حدهن وحدودهن المزروعة هي حديقة غربه وحديقة الشريج وحديقة رمحان، وأعطى النفيعات ثلاث حدائق على حدهن وحدودهن المزروعة وهي حديقة حضرة وحديقة نويبعة ما عدا زرنوق البدري مُشَّرف، وأعطى بني واصل حديقة في الفريع وحدودها معروفة وباقي حدائق الفريع ويوزعوهن لفروع الصوالحة وأما الحدائق المعطاه والسابق ذكرها في العقد لا تُباع ولا تُشترى وتظل ذكرى للأجيال القادمة، ومن باعها بيعته باطلة وتعود لصاحبها الشيخ قويضي بن خبيزات بن منجد، وقد تم الاتفاق على ما ذكر في العقد المبرم وكفلوا الطرفين وهم طرف أول رهبان الدير وطرف ثان الصوالحة ووقع الطرف الأول عن الرهبان وموكل وكالة رسمية بشهادة قاضي محكمة برقم 37041 وهو سامي خوله نخلة، وكفل شيخ الصوالحة وكبيرهم قويضي بن خبيزات بن منجد ووقع مفوض الحكومة وهو الشيخ إبراهيم بن أحمد العايدي وشهد على ما تم في ديوانه ووقع طرف أول موكل الدير وختم كفيل الصوالحة قويضي بن خبيزات بخاتمه.
حرب الصوالحة مع النفيعات ومن معهم من حلفائهم العليقات
(1)
النفيعات من النفِّعة من قبائل عُتيبة (هوازن) حالفوا الصوالحة في بر الحجاز ونزلوا معهم إلى بلاد الطور عام 778 هـ ثم أخذوا نصف منافع نقل الحجاج المصرين مع الصوالحة، وقد حالف النفيعات فرع من العليقات بسيناء وصاروا يعطونهم نصيبًا من قسمتهم مع الصوالحة واستمر الحال حتى عام 949 هـ.
ففي إحدى الوثائق المصوَّرة والمحفوظة بدير سانت كاترين ذكرت الحرب وأسبابها مفصَّلة.
(1)
ذكر نعوم شقير أن الحرب كانت بين العليقات والصوالحة في البداية وكذلك نقل عنه أحمد لطفي في كتابه عام 1935 "انظر في السرد عن العليقات وانظر في السرد عن النفيعات".
النص الوارد في إحدى وثائق الدير عن الواقعة
بتاريخ 3 ذو القعدة عام 949 هـ حدثت المعركة بين الصوالحة وبين النفيعات وحلفائهم العليقات في قلعة الطور قرب وادي الحمام، وشهد فيها شهود عيان وهم الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم من عرب العايد وهو مشرف على قافلة الحجاج كما هو مُتّبع من زمن كبير أن الإشراف
(1)
على الحجاج من قبيلة العايد من جُذام القحطانية، كما شهد شاهد عيان آخر وهو محمد الدميري محمد دنين رئيس محكمة شرعية بمصر وكان يؤدي فريضة الحج.
وقال الشيخ يوسف بن أحمد العايدي: وأرسلنا رسولًا يبلغ قبائل بلاد الطور ليحضروا على حسب العادة لنقل الحجاج المصريين وحضر الشيخ عودة بن ربيع بن أحمد شيخ النفيعات ومن دخل معهم من العليقات وقتئذ وسألناه عن الشيخ سالم بن موسى بن قديِّم وعرف بجده قويضي شيخ قبائل الطور عمومي منذ عام 800 هـ، كما ذكر في أول وثائق دير سانت كاترين فقال الشيخ عودة بن ربيع النفيعي: إن الشيخ سالم بن قويضي غير موجود عندما أتى رسولكم ليقابلنا وقد حضرنا جميعًا نحن قبائل الطوَّرة، وأما الشيخ سالم بن قويضي سيأتي قريبًا أو يقابلنا في الطريق.
فقال الشيخ يوسف - كما يروي في الوثيقة: وصدَّقت قول الشيخ عودة بن ربيع النفيعي لأنه لم يبلغ الشيخ سالم بن موسى بن قويضي من الصوالحة، وأضاف: سرنا على بركة الله بقافلة الحجاج وكان عددهم مائة وثلاثة وتسعين حاجًا، وكان احتياج الحجاج من الإبل لنقلهم وحمل أمتعتهم حوالي أربعمائة. بعير من الإبل، ووجدت معنا في القافلة عدد رجال أكثر من احتياج القافلة، وبمرورنا لاحظت الشيخ عودة بن ربيع النفيعي يدور بمدولات غريبة ومستمرة وكان مرورنا على الطريق الساحلي أي المرور على وادي الطور وبيَّتنا في قلعة الحمام قرب وادي الطور.
(1)
الإشراف هنا تكليف من سلاطين مصر منذ القرن السادس الهجري لقبيلة العايد الجُذامية من القحطانية، وظل هذا متتابعًا حتى عهد محمد علي باشا وأحفاده في القرن التاسع عشر للميلاد.
وسابقًا أبلغني الشيخ عودة بن ربيع أن الشيخ سالم بن موسى سيأتي ويقابلنا في الطريق، وبالفعل أتي الشيخ القويضي ورجاله وهم في عدة رجال يفوق عددهم مائة رجل بقليل وهم الصوالحة، وتوقعت أن الشيخ سالم يقابلنا مقابلة حميدة، ولكن الشيخ سالم بن موسى أتانا غاضبًا وقال لي ماذا حدث في الأمر يا عايدي ترسل قافلة الحجاج دون ما تبلغنا ونحن أصحاب البلاد ومتضمنين سلامة الحجاج وحمايتهم من أيام أجدادنا بأمانة؟.
فاعتذرت للشيخ سالم ولكنه قال لي: لم أصدقكم ولم يقنعني قولكم هذا، فأرسلت للشيخ عودة بن ربيع شيخ النفيعات والعليقات وأتانا من عند رجاله وهم قريب لقافلة الحجاج ثم واجهته بما حدث من إدعائه في قوله أنه أبلغ سابقًا الشيخ سالم بن موسى بأمر القافلة، ثم دار الحديث بين الشيخ سالم والشيخ عودة حتى غروب الشمس ولم يقتنع الشيخ عودة بن ربيع النفيعي بأن يساوي القسمة بينه وبين الشيخ سالم شيخ الصوالحة فينقل الحجاج على حسب العادة، ورفض الشيخ عودة كل المحاولات، وقال له الشيخ سالم: بيننا وبينكم عهد وقسمة من أيام أجدادكم وأجدادنا، فقال له الشيخ عودة بن ربيع: نعم بين أجدادكم وأجدادنا عهد وقسمة وليس ملزم لنا العهد والقسمة اليوم!! ثم قال بحدة للشيخ سالم بن موسى: إذا كنت تريد قسمة منافع الحجاج عليكم بسيوفكم!
ثم رد الشيخ سالم بكل تحدِّ وإعلان الحرب فورًا على النفيعات قائلًا للشيخ عودة: قم عند رجالك خارج قافلة الحجاج ونأتيك للحرب فخرج الشيخ عودة غاضبًا. فقال العايدي بعد خروجه للشيخ سالم بن موسى: وحاولت أقنع الشيخ سالم قويضي ورجاله من الصوالحة، فرد القويضي وقال لي: وضعنا في اللوم نحارب أم نستسلم ونترك بلادنا ومنافعها، ثم أضاف قائلًا لي الشيخ سالم: لا تتدخلوا يا عايدي بيننا لسلامتك وسلامة الحجاج
…
ويسرد العايدي قائلًا:
فقامت بين الطرفين الصوالحة من جهة والنفيعات ومن معهم من حلفائهم العليقات من جهة أخرى واقعة عظيمة وكان النصر في المعركة للصوالحة.
"وقد اقتتلوا قتالًا عنيفًا وثبتوا في مستنقع الموت بعد غروب الشمس وكان سر الليل عند الصوالحة "ادهك يا داهوك" وكانوا يرددون هذه الكلمة بصوت عال
ليتعارفوا بها في الظلام، فمن لم يرددها علموا أنه عدو وقتلوه، وكان عدد رجال النفيعات وحلفاؤهم العليقات قبل المعركة يفوق المائتين وتسعين رجلًا. وأرسل لي الشيخ سالم بن موسى بن قويضي رسولًا في المساء بعد المعركة مباشرة وأبلغني أن القتال انتهى وخسر النفيعات وحلفاءهم العليقات المعركة، وحتى يطمني على الحجاج قال الرسول عن لسان الشيخ سالم: ستمرون لحجكم بأمر الله وبسلامة الله.
وأضاف العايدي يسرد عن المعركة قائلًا:
وكان ما تبقى من جيش النفيعات وحلفائهم العليقات حوالي أربعين رجلًا، وقد جاء لنا من الصباح الباكر هؤلاء ومعهم الشيخ عودة بن ربيع النفيعي مأسورًا وخسر رجاله وخسر البلاد ومنافعها، ثم عفاهم الشيخ سالم بن القويضي شيخ الصوالحة من الأسر وولوا منصرفين، ثم قام القويضي بنقلنا على أن نبيت في راس راية وتركنا القتلى والمصابين في المعركة وسرنا بسلامة.
وفي العودة بعد ما أدينا الحج كل العادة وقابلونا الصوالحة عند رأس خليج العقبة ونقلونا إلى بلاد الطور عائدين .. أبلغنا الشيخ سالم أنه فيما بعد رحلينا للحج مباشرة جمع النفيعات وحلفائهم العليقات رجالهم للأخذ بالثأر من الصوالحة بعجل من قبل توصيل الصوالحة لنا وعودتهم إلى الطور، وكان غياب معظم رجال الصوالحة بعد المعركة لتوصيل الحجاج برأس خليج العقبة يستغرق ثلاثة عشر يومًا ثم يعودوا لمساكنهم وكانت فرصة للنفيعات والعليقات، وفي أثناء هذه الفترة يعلم النفيعات وحلفاؤهم أن موسم زيارة الشيخ صالح
(1)
من الصوالحة قد حلَّت، وكان مسكن الصوالحة في قرية المرواء قرب من قبر الشيخ صالح، وقد أتت مجموعة من الصوالحة وفي أثناء مرورهم لزيارة الشيخ صالح وفي وادي الطرفة قرب من الواطية وهي معروفة بوادي الشيخ صالح وقد باتت تلك المجموعة غرب الواطية، وأثناء ذلك أتت عليهم مجموعة من مُزَيْنة قد نزلوا من بر الحجاز
(1)
الشيخ صالح ولي صالح مدفون في وادي فيران وهو صالح أبو جبير من (الصوالحة)، وهو غير صالح جد الصوالحة المؤسس والذي توفي في نواحي ضبا ببر الحجاز.
من وقت قريب وهم ثلاثة فروع وقد سكن هؤلاء في رأس وادي الأخضر قرب الواطية كي يريحوا ظعونهم، وقد أتى إلى الصوالحة غرب الواطية سبعة رجال من مُزينة بحجة أنهم يريدون التوطن في البلاد ويدخلون مع الصوالحة بتحالف ويأخذون نصيبًا في منافع البلاد
…
وسألهم حميد بن حسان كبير الرضاونة من الصوالحة من أين أصلكم؟ فقالوا له: نحن مزينة حرب، فقال لهم الشيخ حميد: لا توجد في قبائل حرب
…
مزينة، وأما مزينة هي قبيلة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز من قبل قبائلنا حرب ما ينحدرون من اليمن
(1)
، وإن كنتم تريدون التوطن معنا ونعطيكم قسمة عليكم تدفعوا نصفين من الدراهم على كل بنت تزوجونها من بناتكم!!.
وقال العايدي في روايته: أما أنا الشيخ يوسف العايدي اتفق من الشيخ حميد بن حسان، أي نعم لا توجد في قبائل حرب (مزينة)، ومزينة عشيرة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز من قبل ما ينحدروا قبائل حرب من اليمن، وأضاف قائلًا: وانصرف رجال مزينة يترقبون الصوالحة، ويقصد العايدي وأنهم رفضوا قول الشيخ حميد دفع المال على زواج البنات عندهم إلى الصوالحة من حرب، ومعنى يترقبون أي يراقبون الصوالحة، ثم أضاف يترقبون الصوالحة لحساب النفيعات والعليقات من البداية، وعلمنا من الصوالحة أن النفيعات وعدوا مزينة بإعطائهم نصيبًا في المنافع لو ربحوا الحرب مع الصوالحة، وترقبوا أي مزينة والنفيعات والعليقات حتى استغرق الصوالحة في النوم وهجموا عليهم ليلًا وقتلوهم شر قتلة، وكانت كلمة السر في الليل عندهم "اطعن يا طاعون".
وقال العايدي عن هذه الواقعة في سرده متُهَكِّمًا:
وأخذ النفيعات والعليقات ثأرهم من الصوالحة .. أي بهذه الطريقة تمكنوا من الصوالحة وفتكوا بهم.
(1)
هنا قول الشيخ حميد لرجال مزينة أن حرب من بلاد اليمن يؤكد أن اجداد الصوالحة حتى عام 949 هـ يحفظون أنسابهم ليس إلى حرب فقط ولكن يحفظون نسب حرب إلى بلاد اليمن أي للقحطانية.
وهذا يؤكد لنا صحه قول الهمداني في الإكليل أن حرب من خولان القحطانية قدمت للحجاز بعد عام 131 هـ وهذا الرأي أيده الباحثون السعوديون على رأسهم الأستاذ حمد الجاسر أشهر علَّامة سعودي وينسب إلى حاضرة حرب في نجد وكذلك أيده الأستاذ الباحث المعروف غيث البلادي الحربي في مصنفه نسب حرب، وكذلك الأستاذ فايز البدراني الحربي في العديد من المصنفات المطبوعة في السعودية. وما أريد تأكيده على هؤلاء الباحثين الأجلاء أن ابن حزم ومن تابعة مثل ابن خلدون والقلقشندي مخطئين في نسب حرب إلى بني هلال من هوازن.
ثم أضاف قائلًا: وولوا تاركين البلاد ومنافعها أي العليقات والنفيعات ومعهم انضمت مزينة بعد هذه الواقعة أي قبل حضور باقي رجال الصوالحة من العقبة والذين يوصلون الحجاج، وعلمنا أن عدد روار الشيخ صالح الذين قتلوهم النفيعات وحلفاؤهم العليقات ومعهم مزينة كانوا أربعة وثلاثين رجلًا، وبعد ذلك هاجر النفيعات والعليقات وسكنوا في بلاد الشرقية حينئذ وسكن العليقات ومعهم فرع من مُزينة وهم أولاد سالم وسكنوا في بلاد شمال سيناء، وسكن فرعان مع النفيعات ببلاد الشرقية وهم المحاميد والدهاشين
(1)
.
وحضر مشايخ وكبار الصوالحة في ديوان الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم وهم الشيخ سالم بن موسى بن قديم
(2)
بن قويضي
(3)
، وسليمان بن سلَّام بن إبراهيم وعرف بوالده محسن، وحميد بن سالم بن رحمة، ومحمد بن أحمد بن مسلم، ومنصور بن سويعد بن مسعود والجميع من الصوالحة، وطلبوا من الشيخ يوسف العايدي فصل النفيعات ومن معهم من العليقات من البلاد ومنافعها، وقال الشيخ يوسف: نتفق معكم على فصل الفرعين المذكورين ونبقي معنا الحماضة ونعطي الحماضة في قسمة المنافع بقدر ما كان يأخذ النفيعات، ثم أضاف قائلًا للصوالحة: ليس لنا شأن بما تفصلونه من فروع وقبائل، وبلاد الطور بلادكم أي بلاد الصوالحة وحدهم ونحن أي الحكومة نتمسك بما تعهدتم من تعهدات أبرمت في عقود سابقة بتاريخ 20 جمادى الآخرة عام 800 هـ الموافق عام 1397 م مع أجدادكم كما نبلغ أن شيخ الصوالحة هو سالم بن موسى بن قديِّم القويضي أنه ملتزم بتعهدات أجداده السابقة ويصرف له راتبًا من الحكومة المصرية وقدره أربعون جنيهًا سنويًّا بالإشهاد الشرعي وشهد عليهم بذلك محمد محمد الدميري محمد دنين أنهم يحمون الدرك والحجاج وخلافهم من يمر في بلاد الطور ويستحقون التقدير، ووقع محمد محمد الدميري ووقع الشيخ يوسف بن أحمد العايدي على الوثيقة المدوَّنة بسرد هذا الاتفاق وحروب الصوالحة مع قبائل الطور الأخرى.
(1)
الدهاشين منهم عائلة القرماني في الإسماعيلية وهي عائلة تحضرت ومنها رجالات نالوا مراكز مرموقة وكان منهم محافظ في شمالي سيناء. ونزوح هذه القبائل هي عادة القبائل المنتصرة وخاصة القبائل العدنانية، وهنا النفيعات والعليقات ومُزينة من مُضر من عدنان.
(2)
قديِّم ذكره العايدي أنه قديِّم الأخرس، ويقول الرواة إنه ضعيف النطق وليس أصمًا.
(3)
قويضي ذكره العايدي أنه شيخ قبائل الطور عامة.
صلح العليقات مع الصوالحة وعودتهم لبلاد الطور
ذكر في إحدى وثائق الدير المدونة بتاريخ 41 من محرم عام 1001 هـ أن كبار الصوالحة والعليقات قد اجتمعوا في بيت شيخ العرب سليمان بن حسن الودي وعقدوا صلحًا بينهم بعد ما دارت بينهم حرب من قديم الزمان أي عام 949 هـ وتسامحوا في ما دار بينهم من اختلافات بالرضى والإخلاص، وأن يعيشوا في البلاد شركة وإخوان وهم العليقات ومعهم مزينة وانضم لهم الحماضة وفرع صغير من النفيعات وهم السواعدة وكل الفروع المذكورة في باطن العليقات على شرط أن لا يدخلوا فروعًا أخرى جديدة ولا أفرادًا ولا يدخلوا في فروع الصوالحة ولا يربطوا معهم روابط أو شروطًا إلا بموافقة الصوالحة، وحرصًا من الوقوع في اختلافات الماضي، كما لا يربط العليقات ومن معهم من فروع روابطًا أو تحالفًا مع قبائل أخرى إلا بموافقة الصوالحة ولو حدث ذلك وربطوا روابط مع قبائل أخرى يكون ساقطًا حقهم ومنافعهم في البلاد، ولا تتم روابط يربطها الصوالحة مع قبائل أخرى إلا بموافقة العليقات ومزينة، وقد تم الاتفاق بينهم على أن يكونوا إخوانًا وشركة في البلاد
(1)
ومنافعها رجلًا واحدًا على أية قبائل أخرى خارج الصوالحة ومن معهم أو العليقات ومن معهم وتساووا في المنافع على الشروط الآتية:
أن يأخذ العليقات نصيبهم النصف في منافع البلاد أي نقل الحجاج وزوار البلاد وجميع المنافع الأخرى وحتى الفيِّد الذي يلفظه البحر على شطوط جزيرة سيناء ما عدا منافع الدير أي نقل مهمات الدير ونقل رهبانه فنصيب العليقات الربع في المنافع الديرية، وكفلوا على ما ذكر في عقد اتفاق بين الطرفين الصوالحة والعليقات وكفل كفيل العليقات وكبيرهم جميل بن سليمان بن سالم من الخريصات وهو قليد رأيهم، وكفل كفيل الصوالحة وكبيرهم وقليد رأيهم وهو سالم بن نصار بن حسن بن قويضي وشهد على ما ذكر في عقد الاتفاق وفوض لجميل برضاه وهو كبير مزينة وقليد رأيهم وهو عودة بن سالم بن صباح بن غانم من أولاد فراج، وقسم الأكفال بالله على ما ذكره في العقد ولا يجوز تغيير الأكفال
(1)
صارت بلاد جنوب سيناء (الطور) نصفين صوالحية وعليقية بعد هذا الصلح المبرم بين الصوالحة والعليقات واستمر الحال من عام 949 هـ حتى الآن أي لمدة أربعة قرون وعشرين عامًا.
ولا أهل القلد المذكورين في العقد إلا برضى الثلاثة أطراف أي الصوالحة والعليقات ومُزينة وهي أكفال ثابتة لا يغيرها الموت ولا الزمان ووجه الكفيل من الثلاثة أطراف المذكورين وجه الميت معلق بوجه الحي، وتم الاتفاق والله خير الشاهدين ووقع الأكفال خاتم كل منهم وشهد سليمان حميد حسن الودي على نص وثيقة الاتفاق المبرمة في التاريخ المذكور سالفًا في مقدمتها.
حلف الترابين مع الطوَّرة [الصوالحة]
ذكر في إحدى وثائق الدير المدوَّنة بتاريخ 5 رجب عام 1003 هـ أنه قد اجتمع كبار الطوَّرة وهم الصوالحة وكبار الترابين في بيت عمر بن فتيح بن سليمان عقيد الصوالحة وتم بينهم حلف بتراضي جميع الصوالحة ومن معهم من قبائل الطوَّرة والترابين واتفقوا على الآتي:
أن لا يحارب ولا يغزو أحد منهم بلاد حليفه أي لا يغزو الترابين بلاد الطوَّرة ولا يتدخلون في شئون ومنافع الطوَّرة، وكذلك بالمثل لا يغزو الطوَّرة بلاد الترابين ولا يتدخلون في شئونهم ومنافع بلادهم ويورد كل منهم الحوض ويرتع في الروض الحليف في بلاد حليفه، ولكن إذا اختلفت الأنفس الكل يقف على حد بلاده المذكورة في الاتفاق ويستمر الحلف ساري المفعول ولا يتعرض لأي فسخ من اختلاف يحدث، وكل اختلاف يحدث يطبق عليه قانون العشائر.
كما لا يجوز أن يدخل أحد الحلفاء في فروع الطرف الآخر ولا يتم معه روابط بدون أخذ رأي الطرف الآخر والفرع أو الفرد الذي يرميه كبير الطوَّرة في علمه ولا يشيلوه الترابين ومن معهم من قبائل والذي يرميه كبير الترابين في علمه ولا يشيلوه الطوَّرة ومن معهم من قبائلهم وبينهم في حقوقهم الطلبة والشاهد أي ناقصة الشهود واردات الزيود، وإذا حدث خطر على أحد الحلفاء يرسل المتضرر المنذر على بيت كفيل الكفلة من الطرف الآخر، ولو حدث خطر علي الطوَّرة يبرك المنذر علي بيت كبير الترابين أي كفيل الكفلة معه في دحر الخطر، ولو المتضرر من الترابين يبرك المنذر على بيت كبير الطوَّرة أي كفيل الكفلة ليوقف معه في دحر الخطر، وحدود بلادهم المعروفة وهي درب الحاج من مصر شرقًا على وادي الحاج
وتمر على نخل إلى رأس خليج العقبة إلى حجر علوي، تقسم بين الحليفين درب الحاج شمالًا بلاد الترابين ومن معهم من قبائل وتقسم درب الحاج جنوب بلاد الطوَّرة ومن معهم من قبائل، وفوضوا كبار الترابين وكفلوا حضوريا إلى سليمان بن سليم بن حمد أنه كبيرهم وكفيل الكفلة وقليد رأيهم، وكفلوا كبار الحويطات عنهم فرج بن سالم بن عوده من العمران
(1)
كفل وفوض إلى سليمان بن سليم بن حمد أنه كبيرهم وقليد رأيهم وكفلوا الأحيوات
(2)
حضوريا إلى كبيرهم سليم بن حميد بن عيد من الشوافين وكفل كبير الأحيوات إلى سليمان بن سليم بن حمد وهو كبيرهم وقليد رأيهم، وفوض الصوالحة وكفلوا حضوريا إلى سالم بن نصار بن حسن بن قويضي كبيرهم وكفيل الكفلة وقليد رأيهم، وفوضوا كبار العليقات وكفلوا جميل بن سليمان بن سالم من الخريصات وفوض وكفل جميل إلى سالم بن نصار بن حسين بن قويضي من الصوالحة أنه كبيرهم وقليد رأيهم، وكفلوا كبار مزينة عنهم عودة بن سالم بن صباح بن غانم، وفوض وكفل عودة بن سالم بن صباح إلى جميل بن سليمان بن سالم أنه كبيرهم وقليد رأيهم.
وتم الحلف بين الفريقين
(3)
دايم من يوم البحر بحر والكف ما ينبت شعر والأكفال المذكورين في العقد دائمًا ووجه الميت معلق بوجه الحي وأقسموا بالله العظيم جميعًا وكفل كفيل كفلاء الترابين ومن معهم من عشائر وفروع وهو سليمان بن سالم بن حمد كبيرهم وقليد رأيهم، وكفل كفيل كفلاء الصوالحة ومن معهم من عشائر وفروع وكبيرهم وقليد رأيهم سالم بن نصار بن حسن القويضي وفوض وشهد على ما ذكر في عقد الاتفاق وهو عقيد الترابين سليم بن سالم بن سلمي، وفوَّض وشهد على ما ذكر في العقد وهو عقيد الطوَّرة عمر بن سليمان بن فتيح وعلى ما تم في منزله من اتفاقات، ووقع الأكفال أختامهم ووقع عقداء الترابين والطورة على وثيقة الحلف.
(1)
،
(2)
العمران والأحيوات كانتا في هذا الوقت فخوذًا منضمة إلى الترابين الذين هم أقدم منهم في سيناء.
(3)
تجدد الحلف بين الطورة يمثلهم الصوالحة وبين الترابين عام 1936 م، كما تجدد أخيرًا في 15/ 7/ 1993 م الحلف بين الترابين والطورة يمثلهم الصوالحة في المشبحة محمد منصور سعيد كبير عربه ويمثل الترابين جميعان عيد أبو ماسوح كبير عربه.
الصوالحة ومقتل أحد رهبان دير سانت كاترين
ذكر في إحدى وثائق الدير أنه في يوم 23 شعبان 1018 هـ عقدت جلسة تعرف بالشورى بين رهبان الدير في عهد الأسقف كيريو واصف وبين مشايخ الصوالحة وأولاد سعيد والعليقات في ديوان الشيخ منصور ابن الشيخ صيام العايدي في البرقوقية
(1)
بمصر وهو من باشاوات مصر ومختص بنقل الحجاج والإشراف عليهم، وأسباب انعقاد الجلسة هي شكوى من رهبان الدير إلى الشيخ منصور العايدي من العشائر في واقعة قتل الراهب أنطوانة مخالي، والسبب هو أن أحد رواد الدير كان معه كتيب يقرأ فيه فساله أحد البدو من الصوالحة من أين جئت بهذا الكتيب؟ فقال الزائر: من الراهب أنطوانة مخالي، وسحبوا الزائر، على الراهب أنطوانة واعترف الراهب هو الذي باع الكتيب على الزائر وقد شرح كبار القبائل أسباب قتل الراهب وهو سبب هذا الكتيب وما فيه من إهانات في الفروع سمى في فرع العشيرة الذين جدهم واحد معروف ومدوَّن بديوانكم من أين أتت العشيرة ومن فروعها ومشهر من دخل معها بتحالف، وقال الراهب خطأ في فروعها، وقال هذا جاء من شرق وهذا جاء من غرب وهذا جاء من شمال بالكذب وبعد الاطلاع للشيخ منصور العايدي على الكتب المدونة في ديواننا من قص صحيح عن القبائل من أين أتت ومن معها من فروع دخلت بتحالف ومدونة في وثائق الدير بتاريخ 778 هـ موافق 1371 م ومدونة بعقود أخرى في 20 جمادى الآخرة عام 800 هـ الموافق 1397 م، وأن أي كتاب يصدر بيانات غير البيانات المدونة في ديواننا أو غير البيانات المدونة في دفتر الأم المختص بقبائل الطوَّرة يكون مزور وكاذب مثل كتاب الراهب أنطوانة مخالي وقد غير فيه أسماء الفروع وغير التواريخ المدونة بديواننا وجميع ما كتب الراهب أنطوانة مزوَّر وكذاب في ما قاله، وقال الأسقف كيريو واصف: إن الراهب أنطوانة مخطئ وكذَّاب في ما قاله في الكتيِّب، ووعد الأسقف كيريو واصف أن لا يتكرر مثل هذ الخطأ الفادح مرة أخرى ومنع إصدار هذا الكتيب وإتلافه من كتب الدير، وطلب الأسقف إذا حضر
(1)
البرقوقية: هي العباسية من أحياء القاهرة الآن.
أحد من الزوار لا يدخل من العربان أحد معهم إلى الدير إلا بتسليم مهمات الدير ولا ينزلون بالقرب منه إلا مسافة يوم، ولا يحضرون بخيول إلى الدير ولا يدخلونه بالجملة، وعليهم بحفظ القوافل المذكورة وكف أسباب الضرر عنهم، وكان على القبائل شروط من ضمن الشروط سبق ذكرها في العقود سابقة ومدونة بتاريخ 20 جمادى الآخرة عام 800 هـ الموافق 1397 م .. وإذا قتل أحد الرهبان بالدير أو غيرهم عليه إحضار الجاني وتسليمه إلى الحكومة، وإذا عجزوا عن إحضاره عليهم أن يدفعوا ألف دينار من الذهب، وقد قتلوا الراهب ولم يحضروا الجاني وعليهم أن يدفعوا ألف دينار من الذهب، وقبلوا العشائر أن يدفعوا المبلغ بتقسيط الممهل ويخصم الأجر للإبل التي تنقل الججاج وغيرهم من زوار ومهمات الدير، وتكفل الشيخ منصور العايدي بضمان نفاذ ما تم بين الطرفين ودفع المبلغ لمجلس الشورى وتم الصلح ووقعوا على ما تم بينهم ووقع موكل المبلغ لمجلس الشورى للرهبان بوكالة رسمية بشهادة قاضي محكمة برقم 648 هو ميشيل حنا جرجس، وكفل عتيق عودة عيد بن زهير من أولاد سعيد وكفل جميل سليمان سالم من الخريصات - العليقات، وكفل سالم نصار حسن قويضي من الصوالحة، ووقع موكل الرهبان على الوثيقة وقع الأكفال أختامهم ووقع كفيل الصوالحة خاتمة وقع العايدي إمضاءه.
نص اتفاقيات جديدة للعايدي مع الصوالحة وباقي الطوَّرة
بتاريخ 15 رمضان 1020 هـ حضر مشايخ بلاد الطور على رأسهم الصوالحة وأولاد سعيد والعليقات ومزينة بطلب حضور في ديوان الشيخ منصور بن صيام العايدي، وقد قال الشيخ منصور العايدي: إن سبب انعقاد الجلسة العجز في تحضير الإبل في الأيام الأخيرة من القبائل المتضمنة بتحضير الإبل لنقل الحجاج وزوار البلاد ومهمات الدير وخلافها وهم الصوالحة الملتزمين والمتكلفين من تاريخ 20 جمادى آخر عام 800 هـ إلى تاريخنا هذا، وهذا العجز عن حضور الإبل للحجاج وزوار البلاد ومهمات الدير يتحتم من وضع شروط جديدة وهي كالآتي.
يتغرم نصف الأجر على البعير الذي يغيب من الإبل وقت الطلب ويتكفل ويتضمن بدفع نصف الأجر الشيخ المتكفل، ولو عجز عن دفع نصف المشروط
تفسخ العقود السابقة والحاضرة، ولو دفع نصف الأجر وقت العجز تظل العقود سارية.
وقد تقدم بطلب إلى الشيخ منصور العايدي شيخ الصوالحة سالم بن نصار بن حسن بن قويضي برفع أجر الإبل السابقة وهو بنتا ونصف البنتو ويساوي مائتين قرشًا حتى يستطيع تحضير الإبل ولا يتكرر العجز ووافق العايدي على زيادة الأجر على الحجاج وحمل متاعهم من مصر إلى رأس خليج العقبة أو أي زوار للبلاد في الأماكن المقدسة، أما راتب الدليل أي الشيخ المسئول عن حمل الحجاج بالذات فزاده من اثنين بنتًا ونصف إلى خمسة بنتًا أي يساوي أربعمائة قرشا، وأما مرافقة الحجاج من مسئولية الشيخ سالم بن نصار بن حسن بن قويضي أو من يخلفه من الصوالحة.
أما دليل حملة روار البلاد ومهمات الدير وخلافها من مهمات تُقَسَّم على حسب عوايدكم على قبائل وفروع الطوَّرة.
ووافق كبار المشايخ المعنية حضوريا على ما ذكر في العقد من شروط وخلافه، والتزم وكفل على ما ذكر في العقد من شروط وخلافه الشيخ سالم بن نصار بن حسن بن قويضي شيخ قبائل بلاد الطور عمومي من الصوالحة، وتعهَّد بضمان نفاذ العقد وهو الشيخ منصور بن صيام العايدي ووقع مفوض الحكومة وقتئذ، ووقع شيخ عام الطوَّرة بخاتمه على وثيقة العقد المبرم.
الصوالحه يساوون قسمتهم في المنافع مع حلفائهم
بتاريخ 23 ربيع الثاني عام 1023 هـ تساوت قسمة المنافع بين الصوالحة والفروع المتحالفة معهم، وقد أعطى الصوالحة لأولاد سعيد ومن معهم نصيبهم الثلث في منافع الدير فنصيبهم فيها الربع فقط، وقد أعطى الصوالحة أيضًا الخمس بعد حق أولاد سعيد للنصيرات وأولاد أبو كريمة والحرامشة هذه الفروع تقتسم الخمس نصفين فيما بينهم أي نصف الخمس للنصيرات والنصف الآخر للحرامشة وأولاد أبو كريمة ما عدا منافع الدير فهي خاصة بالصوالحة وحدهم، وباقي نصيب الصوالحة يقتسموه على أربعة فروع بالسوية أي للعوارمة والنواصرة والرضاونة والمحاسنة.
أما حق الدليل لحمل الحجاج فيختص به الصوالحة وحدهم، وقد تم الاتفاق من جميع الأطراف المذكورة وكل منهم مرتضيا لقسمته، وكفل جميع الأطراف حضوريا ووقع الأكفال عن الصوالحة غنيم حسن بن حسين بن فانوس، وعن أولاد سعيد عتيق عودة عيد أبو زهير وكفل عن الحرامشة والنصيرات حميد حمدان المحرمش القراشي.
حادثة الجبالية وحماية الصوالحة لهم
في تاريخ 8 جمادى الأولى عام 1230 هـ عقد صلح بين النصيرات حلفاء الصوالحة والجبالية.
وسبب الخلاف بين النصيرات والجبالية هي رواج ابنة حسين بن سليمان من النصيرات إلى ابن كبير بن رفيع من الجبالية، ولما علم الشيخ صالح بن نصير شيخ النصيرات غضب من هذه الزيجة لأنه يرغب أن يزوجها لأحد أقاربه وقام بالاعتداء على كبير ونهب جملين منه، فلما قدم الجبالية على الشيخ صالح بن نصير يطلبون الحق ومعهم شاهد من أولاد بدر (البدارى) فعصى أن يعطيهم الحق وأخطأ عليهم بألفاظ قبيحة وقال لهم أنتم عندي مثل العنايا ولا لكم حق ولا أحد يزوجكم ويترفعوا القبائل عن زواجكم مثلكم مثل البدارى .. أي هنا أخطأ في الشاهد نفسه فغضب الجبالية وأشهدوا عليه في ما قاله من أقوال قبيحة ثم قاموا بنهب سبعة إبل من الشيخ صالح وتركوا البلاد وسكنوا بلاد الشمال (شمال سيناء).
ثم قدَّم رهبان الدير شكوى واحتجاج إلى الصوالحة على أن يلتزموا بتعهداتهم وشروطهم السابقة وهي كف الأذى عن رهبان الدير وصبيان الدير وهم الجبالية.
فتكفل على الفور الصوالحة بإحضار الجبالية ورفع عنهم الضيم، وفعلًا أحضروا الجبالية من بلاد الشمال إلى الدير وأجبروا الشيخ صالح بن نصير على أن يجلس في الحق عند ثلاثة من كبار القبائل أو يثبت عند هؤلاء الثلاثة ما قاله من أقوال قبيحة، وامتثل الشيخ صالح في خطئه وأعطى الجبالية والبدارى الحق، والبدارى فرعين هم أولاد بدر بن عواد من بني واصل، وقطع الحق للجبالية
والبدارى عند سليمان بن سليم من الغوانمة (مزينة) وهو أحد الثلاثة المذكورين للحكم في القضية، وسدت الإبل السبعة التي أخذها الجبالية من الشيخ صالح وأخذ كبير بن رفيع جملين من الشيخ صالح، وأخذ الجبالية كرم نخيل بوادي فيران يسمى كرم السعداني وهو في ريع أبو حربي، وتنازل الجبالية في باقي الحق المقطوع لهم على الشيخ صالح بن نصير، أما البدارى فأخذوا جملين من الشيخ صالح وتنازلوا عن الباقي لهم من الحق وسامحوا فيه.
انفصال الجبالية عن النصيرات
بتاريخ 9 جمادى الأولى عام 1230 هـ انفصل الجبالية من النصيرات في قسمة المنافع وخلافها وكذلك فصلوا وسمهم من وَسْم النصيرات وكانوا يسمون وسمهم عندما عجز النصيرات عن تحضير الإبل لنقل نصيبهم في المنافع في وقت سابق، وقد ضمهم الصوالحة إلى النصيرات ليساعدوهم في نقل نصيبهم في المنافع وكان هذا الضم لنقل المنافع فقط ولا غيره، كانوا يسمون على إبلهم وسم النصيرات وهي ثلاثة مطارق وقطعوا وسم الجبالية بمطرق رابعة قفل على الثلاثة مطارق، وقد تم فصل الجبالية من النصيرات في المنافع وغيره، وأعطى الصوالحة للجبالية الربع في منافع الدير ومن حقهم مرافقة الزوار في جبال وديان الدير وجبال الوديان المجاورة مثل جبال وادي غربة وجبال وادي شعيب محسن وجبال وادي الشيخ صالح وجبال الرحبة وجبال وادي أسلة وجبال وادي حبران، ومن هذا التاريخ المذكور من حق الجبالية مرافقة الزوار بالأماكن المقدسة في الجبال المذكورة، وتم تسوية منافع الدير أي نقل مهمات ونقل رهبان الدير على أربعة قبائل وهي الصوالحة والعليقات وأولاد سعيد والجبالية، وهذه القبائل متكلفة بإحضار الإبل لنقل مهمات الدير، ويحضروا الإبل بالسوية ويقسموا الأجر بالسوية، وكفل عن الصوالحة الشيخ نصار بن حسين بن موسى بن قديِّم وشهد على ذلك ربيع بن فتيح بن حميد بن زهير من أولاد سعيد، وسليمان بن سليم بن عودة من الغوانمة (مزينة)، وجبلي سليمان من الخريصات (العليقات) ووقع الأكفال أختامهم والشهود على وثيقة الاتفاق.
الجبالية ينضمون إلى الصوالحة
بتاريخ 10 جمادى الأولى عام 1230 هـ أشهر الصوالحة أن الجبالية فرع يتبع الصوالحة ولا يجوز على الجبالية أي قول أو ترابط إلا بعلم ومشورة كبار الصوالحة، واتفقوا أن يدفع الجبالية قرش الدم مع الصوالحة أي يدفعوا الطرفين كل نقال سيف مثلهم مثل القبائل الأخرى، وتم الاتفاق حضوريا بحضور كبار الصوالحة والجبالية وهم أربعة أرباع مثل الصوالحة وهي الحمايدة والوهيبات وأولاد سليم وأولاد جندي.
وكفل عن الجبالية بالتزام دفع قرش الدم للصوالحة يوم أن يأتي طلب دفع ذلك القرش وهو عيد بن عطية بن حامد أبو وهيب من الجبالية، وكفل عن الصوالحة بالتزام دفع قرش الدم للجبالية يوم يأتي طلب دفع ذلك القرش وهو الشيخ نصار بن حسين بن موسى بن قديِّم بن قويضي من الصوالحة، وقد شهد على ما تم بين الطرفين ربيع فتيح بن حميد بن زهير من أولاد سعيد ووقع الكفلاء والشاهد وأختامهم على عقد الاتفاق الموثق في كتاب الأم.
بنو واصل يعود لهم حقهم في المنافع من الصوالحة
بتاريخ 10 جمادى الأولى عام 1230 هـ أشهر الشيخ نصار بن حسين بن بدر بن عواد، وأولاد حسن بن بدر بن عواد من بني واصل، وقد أعاد شيخ الصوالحة نصيبهم في المنافع، وكان نصيب بني واصل مع الصوالحة سابقًا السدس من تاريخ قسمة المنافع بين الصوالحة والنفيعات وقد انضم الحماضة للنفيعات وانضم بنو واصل للصوالحة، وسبب فصل بني واصل من المنافع جميعًا وهو عجزهم عن تحضير الإبل سابقًا وقد سقط نصيبهم من المنافع وعاد للصوالحة.
وبنو واصل من ثلاثة فروع وهم أولاد بدر بن عواد وأولاد حميد بن موسى وأولاد عامر بن حمدان، واختلفوا سابقًا مع بعضهم وكان الاختلاف بسبب بنت من أولاد بدر بن عواد جعلوها ترعى من قبيلة أخرى وهي بالغة الزواج وسببت مشاكل كبيرة لبني واصل وقد أدى ذلك إلى أن فصل بني واصل عنهم أولاد بدر بن عواد من المنافع ومن نخيلهم في بلاد الطور واحتفظوا بنصيبهم في
المنافع وفي النخيل وهم أولاد حميد بن موسى وأولاد عامر بن حمدان، وقد أعاد الصوالحة نصيب بني واصل جميعًا من المنافع، وكفل الشيخ نصار بن حسين بن موسى شيخ الصوالحة أن يتحمل عجز بني واصل إذا عجزوا عن نقل المنافع مرة أخرى، وأن من حق بني واصل أن يحتفظوا بحقهم ويعودوا وقتما يستطيعون لنقل منافعهم، وكفل على ما تم شيخ الصوالحة وهو نصار بن حسين بن موسى بن قديِّم بن قويضي، وشهد على ما تم ربيع فتيح جميل بن زهير من أولاد سعيد، وسليمان جبلي سليمان من الخريصات (العليقات) ووقع شيخ الصوالحة خاتمه ووقع الشهود والكفلاء أختامهم على وثيقة الاتفاق المبرمة.
عشائر الصوالحة بالوقت الحاضر
ينقسم الصوالحة من أبناء صالح قبل سبعة قرون إلى أربعة فروع هي:
العوارمة
(1)
، والمحاسنة
(2)
والرضاونة
(3)
، والنواصرة.
ذكر نعوم شقير أن بلاد الصوالحة في قلب منطقة الطور جنوب شبه جزيرة سيناء المصرية ومعهم حلفاؤهم القرارشة وأولاد سعيد وتحيط بهم قبيلة العليقات من الشمال ومزينة من الجنوب كدائرة، وأضاف قائلًا وإن في تقاليد الصوالحة أنهم من حرب الحجاز، وقد هاجر قسم منهم إلى القليوبية بسبب مجاعة في سيناء ولبعض المهاجرين أملاك ظلت حتى عهد قريب في وادي فيران، وكان كبيرهم في قليوب هندي أبو شعيرة من النواصرة، وقد ذكر نعوم بيك بعض الفصائل من العوارمة مثل الرديسات والفوانسة وأولاد شاهين وكان شيخهم قبيل عام 1914 م يسمى غنيم فانوس من الفوانسة (العوارمة).
(1)
العوارمة: منهم الشيخ العام للصوالحة ومنهم قليد الرأي للقبيلة.
(2)
المحاسنة: منهم عقيد الحرب للقبيلة.
(3)
الرضاونة: أشهر عائلاتهم الهضيبي وكان أحد رؤساء جماعة الإخوان المسلمين والرضاونة أكثرهم في عرب الصوالحة بالقليوبية.
الصوالحة في القليوبية
أشهرهم عائلة أبو شعير
(1)
من النواصرة وفيهم عمدة عرب الصوالحة
(2)
، وعائلات الهضيبي والكرت وأبو عرموش من الرضاونة، وعائلة أبو منون من العوارمة، وعائلات العقدة (العقيد) وأولاد عيد والحسيسي من المحاسنة وانضمت لعُمدية الصوالحة عائلات أخرى في القليوبية، ويقول الرواة: إن الكثير من الصوالحة تفرقوا في الوجه البحري وبعضهم سكن بلاد الصعيد المصري.
ومن أعلام الصوالحة في القليوبية الدكتور أحمد الحسيسي رئيس قسم اللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة عين شمس.
لمحة تاريخية عن الصوالحة في سيناء ودورهم الوطني خلال هذا القرن
من أهم ما يذكر لقبيلة الصوالحة في أثناء الحرب العالمية الأولى وهو وقوف فرسانهم إلى جانب العثمانيين، ولما دخل الإنجليز ومن معهم من الحلفاء إلى بلاد الطور تصادموا مع الحامية التركية العثمانية في الطور قرب منطقة تسمى السد، فنثبت معركة حامية الوطيس بين العثمانيين وكان معهم 74 من رجال الصوالحة وبين الإنجليز من جهة أخرى، وقد قُتل معظم رجال الصوالحة في معركة السد ثم قُبض على رجالات آخرين ونفذ فيهم حكم الإعدام ورج ببعضهم في غياهب السجون وقد لقى معظمهم حنفه فيها.
وكانت بذلك قبيلة الصوالحة أشد ما نالها الضرر أثناء الحرب العالمية الأولى لمناصرتها للأتراك العثمانيين بدافع الدين المشترك وهو الإسلام وبغضهم للإنجليز الذين يحتلون مصر منذ عام 1882 م وحتى قيام الحرب العالمية عام 1914 م، أما في حرب 1967 م فقد ساعد رجال من الصوالحة في ترحيل القوات المصرية إلى غرب قناة السويس، وقد شاركوا أيضًا في العمليات الفدائية مع القوات المصرية
(1)
ذكرت في وثيقة عثمانية معية عربي مجموعة 4 سجل 1 وثيقة 227،1250 هـ/ 34 - 1835 م أن حكومة محمد علي باشا قد ولت الشيخ إسماعيل أبو شعير شيخ عربان الصوالحة الإشراف على قرية المريج الكائنة بالقليوبية.
(2)
عرب الصوالحة: تبعد عن القاهرة شمالًا في محافظة القليوبية بحوالي 35 كيلو مترًا وتجاورها عرب جهينة وعرب العليقات.
خلف خطوط العدو قبل حرب 1973، وبعد حرب أكتوبر 1973 م كان لقبيلة الصوالحة دور وطني في مساعدة الجيش المصري وكان بسبب ذلك أن ألقي القبض على عدة رجال من القبيلة وزج بهم في سجون إسرائيل وتعرضوا لحملات التنكيل والتعذيب بتهم التعاون مع القوات المصرية وإيواء الضباط والجنود المصريين المشاركين في العمليات الخاصة بجنوبي سيناء في المغارات بالجبال الوعرة، وقد حصل العديد من الصوالحة على أنواط الامتياز من الدرجة الأولى، وأذكر منهم الشيخ سمحان موسى مطير المحاسنة وأخيه عودة وسليم سليمان وحسين مبارك سعيد، وقد اطلعت بنفسي على هذه الأنواط الشرفية المقدمة من الرئيس الراحل أنور السادات لهم عرفانًا بدورهم الوطني، والشيخ سمحان هو الآن مستشارًا للمحافظ بجنوبي سيناء في شئون القبائل وعنده تفويض من مشايخ قبائل الطور بجنوبي سيناء بهذا الشأن، ومما هو جدير بالذكر أن الصوالحة فيهم المشيخة العامة في بلاد الطور كما أسلفنا نقلًا عن وثائق الدير.
من كبار قبيلة الصوالحة السابقين ومشايخهم وقضاتهم سابقا
منصور سالم وشهرته أبو قرمة من عشيرة العوارمة، وعوض عتيّق عوض وشهرته أبو قرمة من العوارمة، وعياد صالح بن زاير وشهرته أبو خشمان من العوارمة، وحسن نصار حسن وشهرته أبو نصار من العوارمة، وسليمان منصور عليان وشهرته النمر، وفرح إسماعيل حميد من المحاسنة وهو عقيد قبيلة الصوالحة، وموسى مطير أبو جديع من المحاسنة، وحسين سعيد حسين وشهرته أبو ناصر، وأشراحه صبيح ناصر، وعودة حسن وشهرته الرقابي وهو من النواصرة أيضًا، وحسين عامر حسين أبو ناصر، وجمعة حسين جمعة أبو رضوان من الرضاونة، وحمدان سليمان وشهرته أبو رضوان، وغنيم ربيع غنيم وشهرته أبو فانوس من العوارمة، وحسين غنيم سليمان وشهرته أبو فانوس من العوارمة، وطليح وشهرته أبو طلح من العوارمة، وعارم حسن نصار وشهرته أبو نصار من العوارمة، ومبارك سعيد مبارك وشهرته أبو نصار من العوارمة، ومبارك حسين مبارك وشهرته أبو نصار من العوارمة، وجمعة مبارك سالم وشهرته أبو نصار، وحسين مبارك سالم وشهرته أبو نصار من العوارمة أيضًا.
من كبار الصوالحة ومشايخهم وقضاتهم حاليا
سمحان موسى مطير المحاسنة وهو شيخ الطوَّرة، وسالم منصور سالم أبو قرمة من العوارمة وهو شيخ قبيلة الصوالحة حاليا، ومبارك منصور سعيد شيخ قبيلة الصوالحة حاليا، ومحمد فرح إسماعيل وهو عقيد الطوَّرة حاليا وهو من المحاسنة، وحسين صباح سليمان أبو فانوس، وحسن عارم حسن وشهرته أبو نصار، وجمعة عتيق جمعة وشهرته أبو مبارك، وحسين مبارك سعيد وشهرته أبو مبارك، وسمليمان جمعة عتيق وشهرته أبو طلح، وطليح سالم عتيق وشهرته أبو طلح، وسالم صالح حسين وشهرته أبو طلح، وربيع غنيم ربيع وشهرته أبو فانوس، وسلامة حسين سعيد وشهرته النواصرة، وحسن عودة حسن وشهرته الرقابي، وعبد الله موسى مطير المحاسنة، وخضير عتيق عوض المحاسنة، وسالم مبارك حسين وشهرته أبو مبارك، وسليمان حمدان وشهرته أبو رضوان، ومطير سليمان منصور وشهرته أبو رضوان، وعليان عطوة وشهرته أبو رضوان، ومحمد منصور سعيد العوارمة توفاه الله عام 1997 م وكان من أبرز القضاة في الصوالحة، وكان رحمه الله ذا رأي نافذ على قبيلته في جنوبي سيناء.
ووسَمْ الصوالحة
(1)
العام مطرق على الحنك الشمال للبعير ومطرق على الورك الشمال ومطرق على الرقبة، وهناك علامات كأمارات بين الفخوذ مثل ربط المطرقين أو وضع المغيزل على الرأس أو وضع مطرقين على الرقبة أو الحنك.
(1)
الصوالحة: يوجد بينهم وبين قبيلة الحويطات اتفاق على التعاون في قرش الدم وهذا باتفاق رسمي بين الصوالحة وشيخ الطقيقات في مصر عام 1948 م شهر مارس.
الصوالحة من حرب في شمالي الصعيد
توجد عائلات كبيرة في صعيد مصر ينسبون إلى الصوالحة من حرب منها التالي:
أولاد نويِّر، وأولاد دياب وهم في البر الشرقي لنهر النيل جنوب المنيا، وأولاد أحمد بن منصور وهم في البر الغربي لنهر النيل جنوب المنيا وأسيوط، وأولاد يحيى وأولاد مارن وأولاد شعيب وهم في البر الشرقي لنهر النيل وجنوب سوهاج والأخيرة منها في قنا وأسوان، وأولاد إبراهيم بن منصور وهم في أسوان ومنهم فرع في المنطقة ما بين الخرطوم وأبو أحمد في السودان، وأولاد زهران وهم أكبر عددًا، حيث يجتمعون في البر الشرقي لنهر النيل بمنطقة البرشا شرق ملوي.
كما يوجد فروع أخرى لحرب بمنطقة الشوش بمحافظة سوهاج، وكذلك في حجازة بمحافظة قنا وكبيرهم من أولاد الشيخ كامل الجبلاني، وكذلك الشيخ عبد العزيز كامل تمساح.
أما العائلات في المنيا فيذكرون قرابتهم للصوالحة من بني سالم من حرب، ولديهم وثائق تؤكد هذه القرابة ويجمعهم صالح بن حميد بن سليم بن شعيفان الحربي، وأذكر من أعلامهم (من أولاد أحمد منصور) الدكتور قطب أحمد طلبة أحمد أستاذ ورئيس قسم الأطفال بكلية طب جامعة عين شمس، والمهندس محمد كمال دسوقي وهب، وهو رجل أعمال وشاعر، ويعتبر من عمداء صوالحة حرب بالصعيد وعلى صلة كبيرة بالقبائل العربية، وإسماعيل أحمد طلبة مدير عام بوزارة التربية والتعليم بالمنيا، والمهندس أحمد كامل دسوقي مدير صيانة بورارة الكهرباء بالمنيا، ومحمود منتصر دسوقي مدير مدرسة ثانوية بالمنيا، ووهب كامل متولي وهب رئيس أقسام بشركة السكر في أبي قرقاص، وفوزي كامل متولي وهب رئيس قسم بشركة السكر بأبي قرقاص، وجمال كامل متولي وهب مأمور بالتأمينات الاجتماعية بأبي قرقاص، وأحمد كامل متولي وهب تاجر بالمنيا.
ومن أعلام (أولاد نويِّر) سامح شعماش شيخ عرب وكبير قومه، وعبد العظيم شعماش من كبار المزارعين، وحسن شعماش مدير مدرسة ثانوية، وحسن حسين نصر مدير مدرسة، وحمد سطوحي مدير مدرسة، وزكي قطب مدير إدارة تعليمية، ورأفت علي قطب عقيد شرطة، وعماد علي جداوي مدرس أول.
ومن أعلام (أولاد دياب) عمر عبد الحكيم كبير قومه ومن كبار التجار.
ومن أعلام (أولاد شعيب) مبارك محمد شعيب قاضي عرب وكبير قومه، ومحمد أحمد شعيب تاجر كبير، وأحمد محمد أحمد شعيب شيخ عرب وتاجر.
أولاد سعيد
نسب القبيلة:
ذكر في إحدى وثائق دير سانت كاترين بجنوب سيناء أن أولاد سعيد من جدهم سعيد بن عيد الجهني (جُهَيْنة - القُضَاعية).
التفصيل عن تاريخ نماء أولاد سعيد
كان سعيد بن عيد الجهني حسبما ورد في إحدى وثائق دير سانت كاترين قد نشأ عند صالح الحربي جد قبيلة الصوالحة في ضبا بعد نزوح صالح جاليا من عشيرته من حرب الحجاز إلى تلك المنطقة على ساحل البحر الأحمر، وقبل وفاة صالح الحربي جمع أولاده الأربعة عارم ورضوان وحميد وناصر وأوصاهم أن يعتبروا سعيدًا أخًا خامسًا لهم وأن يأخذ في تركته بعد وفاته من إبل وأغنام، وهكذا حالف أولاد سعيد أبناء صالح (الصوالحة) منذ عهد قديم في بر الحجاز، ثم نزلوا معهم إلى جنوب سيناء ببلاد الطور منذ عام 778 هـ وتوطنوا في تلك البلاد وتغلبوا على سكانها الضعفاء كما أسلفنا.
فروع أولاد سعيد ومن دخل معهم
وينقسم أولاد سعيد الجهني إلى فرعين زهير
(1)
وسعيد، ومن سعيد تفرع أولاد بشارة (البشارين).
التفصيل عن فروع انضمت لأولاد سعيد
(1)
أولاد سيف: أصلهم من عرب المساعيد (انظر في ذرية وقصة سيف المسعودي أحد كبار المساعيد الذي قُتل في واقعة المُطَيْرية في جنوبي فلسطين في السرد عن قبيلة المساعيد).
(1)
دخل مع أولاد زهير (الزهيرات) رجلان هما رشيد ونحيلة وأصلهم من عرب قيس في فلسطين منذ قرنين، وقيس عدنانيون، كما دخل رجل يسمى عامر منه العوامرة مع الزهيرات منذ قرن ونصف وأصله من غمازة جنوب الجيزة.
وذكر في إحدى وثائق دير سانت كاترين أن أولاد سيف من عرب المساعيد انضموا إلى أولاد سعيد (من جهينة) بتاريخ 17 صفر عام 995 هـ، وذكر في نص الوثيقة المدونة أن أولاد سيف هم وأولاد سعيد مثل الرجل الواحد في الخير إخوان وفي الشر أعوان، ويأكلون في البورة ويلمون العورة، الرجل يسد في الرجل، والبنت تسد في البنت ويأخذون نصيبهم في منافع البلاد مع أولاد سعيد، وحشمهم ولزمهم مع الصوالحة من أولاد صالح الحربي، وقد وافق الصوالحة على دخل ولاد سيف المسعودي مع ولاد سعيد الجهني باعتبار أن الحلف يشمل اسم الصوالحة لأن أولاد سعيد معهم من البداية كما أسلفنا.
وكفلوا الطرفين على ما تم في تاريخه وكان كفيل ولاد سيف (المساعيد) دخيل عيد سلامة وكفيل أولاد سعيد عتيِّق بن عودة بن رهير وهو كبير ومفوض وقليد أولاد سعيد كلهم وقتئذ، وشهد على ذلك العقد الشيخ سالم بن نصار بن حسن من الصوالحة، وقد أقسموا بالله جميعًا ووقع كل منهم خاتمه على وثيقة الحلف المدوَّنة في التاريخ السالف الذكر وينقسم أولاد سيف إلى فرقتين هما أبو علاج والزيِّرة.
(2)
انضم أيضًا لأولاد سعيد الجهني بالدخل والحلف أولاد مسلَّم وقد ذكر في وثيقة مدونة بهذا عام 998 هـ الموافق 10 محرم وذكر في الوثيقة أن أولاد مسلَّم أصلهم من عرب السلايمة (؟)، ودخلوا مع أولاد سعيد وأولاد سيف وصاروا ثلاثة إخوان وتعاهدوا بالله في الخير إخوان وفي الشر أعوان وأن يأخذ أولاد مسلَّم نصيبهم في منافع البلاد ضمن أولاد سعيد ووافق الصوالحة على هذا الدخل وكفل عن أولاد سعيد عتيق بن عودة بن عيد، وكفل عن ولاد سيف دخيل بن عيد بن سلامة بن علاج ووقع كل منهم خاتمه على وثيقة الحلف أو الدخل.
وينقسم أولاد مسلَّم إلى أبو شرارة والرزنة
(1)
، والفرع الأخير قد انفصل
(1)
الرزنة ومنهم الهديبات ذكرهم نعوم شقير في تاريخ سيناء وقال: إنهم فرع غريب انضم إلى قبيلة أولاد سعيد، ويحتمل أن الرزنة من قبائل المرابطين في ليبيا والمنضمة مع قبيلة الحرابي من السعادي من بني سُلَيْم. والراجح أن الرزني من درماء من طيئ القحطانية، وقد ذكر أبو علي الهجري في القرن الثالث وأول الرابع للهجرة اسم الرزني، ولا يستبعد أن يكون هؤلاء منهم. انظر ص 176 في أبو علي الهجري تحقيق حمد الجاسر.
عن ولاد مسلَّم منذ قرن تقريبًا بسب حادثة لأحد قضاتهم في البادية لم يحكم بالعدل بين الجبالية ثم دخلوا فيما بعد مع ولاد سيف وصارت قسمتهم في المنافع معهم.
شيوخ أولاد سعيد في جنوبي سيناء بالوقت الحاضر
شيوخ صباح أبو لديِّد وهو من نحيلة الزهيرات، ومحنى علي صالح وهو من عامر الزهيرات أيضًا.
ومن قضاتهم: سالم أبو لديِّد، وحسين عطوة طعيمة أبو علاج.
أولاد سعيد في القليوبية
توجد عائلات من أولاد سعيد بفروعهم الثلاثة في عرب التُربة (الصوالحة الشرقية) المجاورة لنزلة عرب جُهينة منذ عدة قرون وأهمها أبو علاج وأبو سيف وأبو عليان وأبو مغنَّم، وكذلك هاجرت عائلات منهم بعد عام 1967 م إلى السويس والتحرير في البحيرة والقاهرة.
ووسم أولاد سعيد مطرقين على حنك البعير، ومطرقين على ورك البعير.
قصائد نبطية لشاعر الطوَّرة الكبير سليمان حمدان الزيت القراشي رحمه الله
الأولى قالها بعد هجرة البدو بعد عام 1967 م وقال فيها:
لي وطن عييت أنسى وداده
…
وبيوت ظلت على العوالي أمبناه
الأوله من مكة بلاد العباده
…
والثانية بسيناء بوادي المناداه
(1)
جينا بظلام الليل منها شراده باطفال
…
والجيد اللِّي سلم بالزاد واغطاه
والنسوان تمشي مفاده
…
ما زهدنا العمر والموت ردناه
والطير يشكي لو تفرَّق ولاده
…
والله يعلم كل ضمير ومشكاه
فيه طبيب إن عالج الجرح زاده
…
وفيه طبيب إن عالج الجرح داواه
شكواتنا لله وحده انفراده
…
سريع في زوال الصعوبات برضاه
يطوي السما مولاك طي البجاده
…
وتلقى الجبل كالعهن عاليه وادناه
والله يوم الحشر يسأل عباده
…
كتاب ينشر حق والناس تقراه
في يومٍ المظلوم يأخذ سداده
…
اللي كم قاصر تحداه
في يوم ما تنفع فيه الجحاده
…
في يوم لا مولود يجزي عن أباه
والويل للَّي جاب لله انداده
…
يهز رأسه والمخاليق تنهاه
واللي انقتل انتصر في الجهاده
…
والصابر اللي فوض الأمر لله
في جنة الرحمن ليهم وهاده
…
وليهم ثمر موجود طرَّاح وجناه
وكأس عن قلبك يزيل النكاده
…
يشفي جميع الغل ويروي الظما ماه
وحور من كل الجوانب توادى
…
وجود ربك ما مخاليق تحصاه
رضوان يا مرحبا ويا خلاده
…
مليون ترحيبة ومليون تهناه
طبتم سكنتوها ونعم المجاده
…
وليكم نعيم ما شافت العين رؤياه
لا فيها حسد ولا بيها حقاده
…
ولا كَبر يسطي على القوس يحناه
(1)
وهنا يقصد الشاعر أن موطنه بسيناء كان الوادي المقدس طوى وهو مُكرَّم بعد أرض الحرم الشريف.
ومغرور من ظن الليالي بعاده
…
وما تعلم اللِّي كوَّن الكون يفناه
ومن صدَّقوا بالرسل نالوا السعاده
…
واللِّي كفر مذعور بيعض في يداه
يوم في جهنم بتنعى أفراده
…
وهذا جزاء اللِّي نسي الله ينساه
وقصيدة ثانية قال فيها:
لفَّيت وسط الناس لف بتجريب
…
كم من تشوف من زين ورداه
ناديت بعالي الصوت عييت لا أجيب
…
وعيب على رجل يعود المناداه
لفيت شرق ولقيت تغريب
…
وطرقت باب للمخاليق منداه
وقلت لا تتكل عليهم مناكيب
…
يا مداول الأيام يا رافع الجاه
اللي قصد مخلوق يستاهل يخيب
…
واللي وقف على باب عبدى ترجاه
الفقر من دون العذاريب ما يعيب
…
موسى سرح لشعيب وشعيب راعاه
لا تنفتن لو كان مالك صواليب
…
لا تنفتن بالغش والدهر يفناه
لا تنفتن بالدعر لو هي محاجيب
…
يا تموت يا تحيا عجوز مخزَّاه
أوصيك عف الخمر دون المشاريب
…
اللِّي دموه عقبين لله مدماه
أوصيك لجارك بالملافيظ لا تعيب
…
لربما بعض الملافيظ ما أذاه
الجرح يبرى والكلمات لا تطيب
…
أوصيك عن جرح يعاف المداواه
والضيف لنه جاك لاقه بترحيب
…
والبشه عند الضيف أحسن من قراه
والضيف لنه جاك لاقه بترحيب
…
الضيف يقفي والمخاليق محكاه
واحرس من المظلوم ترى دعوته تصيب
…
يشكيك للِّي ما مخاليق تقواه
والله في حق المخاليق ما يسيب
…
يسمع ويرى ما عن الله متقاه
الله ما بين الشريكين حسيب
…
حط الحقوق وخلص الناس بوفاه
حِنّا ورانا يوم فيه الطفل يشيب
…
واللِّي زرع وقت الشدايد بيجناه
بالليل صلي وادعي نومة الذيب
…
وخلِّي بيتك للمساكين ملجاه
وقال قصيدة ثالثة:
ربك رقيب وبالمخاليق يعلم
…
وخالق المخلوق وكاتب مساره
وصغار فتناها بصحراء وراء اليَّم
…
العين تبكي والضماير وقاره
ويحمد كلامك يشداك للسم
…
وعادات فيكم تلهدون البراره
هاجر رسول الله واحنا بني عم
…
لا تحسب الهجرة هتيكو معاره
فاتت علينا أيام زي جرعة السم
…
وفي تقن عقلي أزود من السم باره
وساكن ثماني سنين في بيت مظلم
…
وبيت بلا خلان تطفني أنواره
وبلاد تطردنا وبلاد تنذم
…
وفاتت علينا قرون وحِنَّا حيارى
وهكذا الدنيا مكاتيب وأقسام
…
وهاعدة الأيام حلوه ومراره
ما نقصد المخلوق في الله نعشم
…
ولو زاد يعطي العبد صاحب قدارى
يسمع دبيب النمل وهو بحجر صم
…
ولو شاء يبني الحيط عقب انهياره
ويحيي العظام الباليه الهالكه الرم
…
ويبعث الأرواح يوم النشارى
ومن كان في وسط المخاليق يرحم
…
تأتيه أعمال الخير ما تغيب باره
ومن كان في وسط المخاليق يظلم
…
عدَّى حياته حنزه عَـ كباره
ما ينفع التعذير واليوم ينذم
…
ينادي بعالي الصوت ويا حسارى
ومن خالف الرحمن من دين يسلم
…
وقت الشدايد ما يجد له أنصاره
وعامل البطَّال له يوم يندم
…
كنها تطول أيام ولا قصارى
علوم نبديها وعلوم تكتم
…
من ضمير لعليم السراره
وعلوم تنفع والمخاليق تزحم
…
يوم الخلايق بين ربح وخساره
ويا راكب اللِّي يقطع البعد لا انهم
…
يطوي سراب البعد والمشي غاره
وراكبه بين السراديب منضم
…
وتلقى عليقه شرب ما هي بصاره
وتلقى قرايبنا بني عم
…
وقت اللزوم محرمين القصاري
يوم المناخه والرجاجيل تلتم
…
ما فيهم اللِّي يدرج وينداري
جيَّابة النوماس زيَّاحة الهم
…
صنَّاعة المعروف ضد الصغاري
يابو علي يا حسين ياعم
…
انتو عمام النّاس ما انتو صغاري
ابن طلال يشدك زي النيل لا نزَّم
…
يركض على الضلعان دفع النهاره
وحسين وحسن يشداك هيكل الورد ينشم
…
وأنعم بمحمد وانعم خالله
ولك خال في وقت الملازيم يهتم
…
والمعتدي ياما لعنتوا مداره
وأنتم هواشم ساس ما أنتم حوش لَمْ
…
يا منوتي يا ملوكنا والأماره
تدور الأيام والهم يهزم
…
ولا يجلي ظلام الليل غير نهاره
وقصيدة أخرى قال فيها:
يا واحد مالك شرايك ربوبه
…
الأرض باسطها ورافع سماها
سينا دايم معرَّضه للحروبه
…
وفيها خلايق صامدة عَـ غثاها
الله من مال أعدانا غدوبه
…
وحقوقنا ما تروح وحِنَّا وراها
بالله عسى كفارة للذنوبه
…
وقت اللزوم في الآخرة نلتقاها
وفخر لنا يوم المواقف صعوبه
…
في يوم لا ولدان تجزي عن أباها
بالله إنك تخلف علينا بتوبه
…
يوم النفوس بتنسئل عن خطاها
به ما ننسى جميل العقوبه
…
واللي زرع زرعات يأكل جناها
يا فيصل المحبوب عند العروبه
…
ولكم روايح شامخة في علاها
وفهد فعاله كلّ الخلايق حكوبه
…
وحنا لكم على الدوام زايد بناها
وجودكم بحر تدافق جنوبه
…
تضايق الخلجان من دفع ماها
بسيوف مضي تنقل بالجنوبه
…
فعل فعلتوا ودفعتم بعون الله بلاها
ما زيكم في شرقها والغروبه
…
مرج اقوله صح ما هي وجاهه
وحياة دفَّاع البلى والكروبه
…
من غير ربي يراعي جناها
أنا قاصد اللِّي ما تغلقش بوبه
…
وقاصد الله ما يخيب رجاها
المال يغني والدهور تذوبه
…
وإن شاء ربك لعبيده عطاها
مُزَيْنَة
نسب القبيلة:
يعود أصل مُزَيْنَة في جنوب سيناء إلى مُزَيْنَة في شرق الحجاز بالمملكة العربية السعودية، وسنبين عن نماء مُزَيْنَة في بلاد الطور بجنوبي سيناء في موضعه.
ما قاله المؤرخون عن مُزَيْنَة
قال العلَّامة القلقشندي: مُزَيْنَة بطن من طابخة (عمرو)، وذكرنا قصة تسمية عمرو وعامر في بلاد السرد عن مُضَر العدنانية، وقبيلة مُزَيْنَة من نسل أوس وعثمان ابني عمرو. ومُزَيْنَة أمهما وهي بنت كلب بن وبرة بن تَغْلِب بن حلوان بن الحافي بن قُضَاعة، وتسمى أبناء أوس وعثمان باسم مُزَيْنَة، وأبيهما هو عمرو بن أد بن طابخة (عمرو) بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعْد بن عدنان.
وقال حمد الحقيل صاحب كنز الأنساب: مُزَيْنَة يسمو المزينات وحالفوا حرب قديمًا واختلطوا بهم ومسكنهم شرقي الحجاز، وكانت مُزَيْنَة العدنانية من أقدم القبائل التي جاورت جُهَيْنة القُضاعية.
وكانت بلاد مُزَيْنَة جنوب وغرب بلاد بني سُلَيم بن منصور، ويشاركون سُلَيم في بعض المساكن بالحجاز، وأضاف الحقيل أن فروع مُزَيْنَة الآن هي بنو سعد، والشاركة، والمرادين، والعونة، والقبعة، والهبارية، والصعائنة، والشقران، والحبارية.
وقال عاتق بن غيث البلادي العربي: إن مُزَيْنَة حالفت المراوحة في بني سالم من حرب قديمًا ومنهم في القصيم، وقرب المدينة المنورة، وذكر بعض فروعهم وهم بنو سعود وفيهم البشارية والمراوين والصبحة، وبنو مسعود وفيهم النحايتة والعريمات والسرابتة والعونة والقصية والدبابيغ والحنتم، وبنو سعد وفيهم الهبارية والصعاقرة والشقران والحبارية، والهواملة، والقصرين، والحصنان وفيهم الطعيسات والبهمات، وكما ذكر أن قسمًا من مُزَيْنَة ينزل الساحل الممتد من مجيرمة جنوب
شرقي جدة إلى وادي الليث ومن عشائرهم: ذوو جيلان، والمقطعة، وذوو ردة، والطوال، وذوو نغموش، والفقهاء.
وقال بعض الرحَّالة مثل البتنوني في الرحلة الحجازية والشريف البركاتي في الرحلة اليمانية والعزاوي العراقي: إن مُزَيْنَة في السعودية منهم آل مسعود وآل عريمان، والحصنان، والمشارية، والهواملة.
وفي تواريخ الاشتقاق والعروض الأنف وابن خلدون وغيرها ذكر عن مُزَيْنَة: كانت مساكنهم بين المدينة المنورة ووادي القِرَى ومن ديارهم وقراهم: فيحة، والروحاء
(1)
، والعمق
(2)
، والفرع.
ومن جبالهم: آره، وميْطان
(3)
، وورقان، وقدس، وآراه
(4)
ونبهان
(5)
.
ومن أوديتهم: رئم
(6)
، وشمس، وساية
(7)
، ولأي، ويدوم.
لمحة عن تاريخ مُزَيْنَة
قدم وفد من مُزَيْنَة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهم أربعمائة رجل، وقاتلوا مع رسول الله في غزوة حُنين وعددهم ألفًا، واشتركوا في فتح مكة المكرمة مع خالد بن الوليد، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم شاكرًا في مُزَيْنَة: الأنصار ومُزَيْنَة وجُهَيْنة وغِفَار وأَشْجَع ومن كان من بني عبد الله موالي دون النّاس والله ورسوله مولاهم
(8)
.
ونزلت مُزَيْنَة بلاد الكوفة بالعراق عام 17 هـ. واشتركوا في حوادث عام 65 هـ، وخرجت جماعة منهم مع محمد بن عبد الله بن حسن بن علي أبي جعفر المنصور أيام الدولة العباسية.
(1)
الروحاء: على ليلتين من المدينة المنورة وبينهما واحد وأربعون ميلًا.
(2)
العمق: موضع قرب المدينة.
(3)
ميطان: من نواحي الربذة وهي قرية غناء من جبال المدينة مقابل الشوران.
(4)
قُدس وآراه: جبلان بحذاء سقيا مُزَيْنَة.
(5)
نبهان: هما جبلان بتهامة يقال لهما نهب الأسفل ونهب الأعلى.
(6)
رِئم: وادٍ قرب المدينة يصب فيه ورقان وله ذكر في المغازي وفي أشعار مُزَيْنَة.
(7)
سَاية: وادٍ عظيم من وديان سُلَيْم به أكثر من سبعين نهرًا فيه السيول، كانت تنزله مُزَيْنَة مع بني سُلَيم العدنانية في الحجاز ما بين مكة والمدينة المنورة.
(8)
الحديث عن صحيح مسلم ج 7 ص 178.
وقيل: إنه كان لمُزَيْنَة في الجاهلية صنم يقال له نهم وبه كانت تسمي عبد نهم وكان سادنهم يسمي خُزَاعي بن عبد نهم من مُزَيْنَة ثم من بني عدي فلما سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم أسلم وسار إلى الصنم فكسره.
ما قاله العلَّامة ابن حزم في الجمهرة عن مُزَيْنَة
قال: وهم ولد عمرو بن أد ثم ولد له أوس، وعثمان وأمهما مُزَيْنَة بنت كلب بن وبرة فنسب ولدها إليها، وكانت دار مُزَيْنَة بالأندلس (أسبانيا والبرتغال)"بيانة" وهي بقرب قبره، ومن مُزَيْنَة: بلال بن حارث الذي أقطعه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم معادن القَبَلية وهو من بني مازن بن حلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد، ومعقل بن سنان بن نهشة بن سلمة بن سلامان بن النعمان بن صبح بن مازن بن حلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم وله صحبة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والشاعر زهير بن أبي سلمي، وأخته سُلمى بنت أبي سلمي شاعرة معروفة أيضًا، واسم أبي سلمي هو ربيعة بن رياح بن قرط بن الحارث بن مازن بن حلاوة بن هذمة وابناه بجير، وكعب الذي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهما صحبة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومن ولده: العوام بن عُقبة؛ وعقبة هم المضرب بن كعب بن زهير بن أبي سلمى كلهم شعراء في نسق، والحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرَّحمن بن عُقبة والمضرب شاعر أيضًا، وسنان بن مخنف بن عمير بن عبيد بن زيد بن رواحة بن زبينة بن عامر بن عدي بن عبد الله بن ثعلبة بن ثور بن هذمة، وهو الذي استخلفه النعمان بن مقرن إذ سار إلى نهاوند رحمه الله والنعمان بن مقرن وإخوانه سويد، ومعاوية، ونعيم، وعقيل، وعمرو، وسابع لهم لَمْ يبلغني اسمه وكلهم صحبة وهجرة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكانوا أصحاب فضل في الإسلام وابنه عمرو بن النعمان، وهم بنو مقرن بن صبح بن هجير بن نصر حبشية بن كعب بن عبد ثور بن هذمة، وقُتل النعمان، وسويد يوم نهاوند في فتح بلاد فارس رضي الله عنهما، ومن ولدهم معاوية بن سويد بن مقرن وعبد الله، وعبد الرَّحمن ابنا معقل بن مقرن محدثان للنبي، وعبد الله بن الوليد بن عبد الله بن معقل المذكور محدث أيضًا، ومعبد بن خليد بن أثينة بن سُلَيم بن رويح بن كلفة بن كعب بن عبد بن ثور بن كعب بن عبد بن نور له صحبة، ومعقل بن يسار بن عبد الله بن معبد بن
حراق بن لأي بن كعب بن عبد بن ثور له صحبة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وإليه يُنسب نهر معقل بالبصرة، وخُزَاعي بن عبد نهم بن عفيف بن سحيم بن ربيعة بن عدي بن ثعلبة بن ذؤيب بن سعد بن عدي بن عثمان بن عمرو بن طابخة وله صحبة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأخوه المغفل بن عبد نهم كان سيدًا في قومه، وابنه عبد الله بن مغفل له صحبة ومعن من زبيد بن عدي بن ثعلبة بن ذؤيب بن سعد بن عدي بن عثمان عمرو الذي يقول:
لعمرُك ما أدري وإني لأوجلُ
…
على أينا تعدو المنية أولُ
ومن مُزَيْنَة أيضًا المحتفر بن عثمان بن بشير بن أوس بن نصر بن زياد بن أسعد بن ربيعة بن عدي بن ثعلبة بن ذؤيب بن سعد بن عدي بن عثمان الفارس المشهور بخراسان من بلاد المعجم، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن بكر بن عثمان بن عمرو بن أد محدث، ولجده عمرو بن عوف صحبة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وشريح بن ضمرة من بني لُحَيّ بن جرس بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد أول من جاء بصدقة مُزَيْنَة إلى النَّبِيّ، وإياس بن عبد الله المزني وله صحبة. أما من بني أوس بن عمرو بن أد (فرع مُزَيْنَة الثاني) فمنهم: القاضي إياس بن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رئاب بن عبيد بن سواءة بن ساية بن ذبيان بن ثعلبة بن سُلَيم بن أوس بن عمرو بن أد ولأبيه راوية ولجده صحبة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويُكني إياس أبا وائلة.
وقال ابن هشام في سيرة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إن من مُزَيْنَة رجل يسمى مالك بن نميلة وكان من شهداء أُحد وكان حليفًا للأوس (الأنصار) في المدينة المنورة.
نماء مُزَيْنَة في سيناء
ذكر رواة مُزَيْنَة في جنوب سيناء أن أصل جميع مُزَيْنَة من سبعة رجال وقيل كان ثامنهم عبدًا أسود لهم ونزلوا من الحجاز قبل خمسة قرون إلى جنوب سيناء وتفرق منهم أربعة في فلسطين والشام ومنهم مُزَيْنَة هناك حتى الآن، وقيل معظمهم من بني سالم ويُطلق عليهم الطوَّرة. وظل ثلاثة رجال في جنوبي سيناء هم علوان وفراج وطرفا والأخير لَمْ يعقب، وقيل: إن مُزَيْنَة أرادوا الحلف مع
أولاد سعيد أو الصوالحة فجعلوا عليهم شاة المرعى أو الرِتَاعة وعُكْة سمن ومال يُفرض على زواج بناتهم، فأبت مُزَيْنَة هذا الشرط وحالفوا العليقات وظلوا معهم حتى الآن، ولهم قسمة في منافع بلاد الطور مع العليقات.
التفصيل عن عشائر مُزَيْنَة في سيناء
تنقسم مُزَيْنَة العدنانية في سيناء المصرية إلى فرعين:
(أ) علوان ومنه عشائر العلاونة، والشذاذنة. والعلاونة أشهر فخوذهم: النيص، السماحات، أبو محمود. اما الشذاذنة أشهر فخوذهم النصيرات، الرواحلة، الحرابة.
(ب) فراج ومنه عشائر ولاد علي، والغوانمة.
ولاد علي أشهر فخوذهم: الغصينات، والدرارمة، والمحاسنة
(1)
. والغوانمة
(2)
أشهر فخوذهم: العويسات، والسوارية، والفطايمة
(3)
.
ومساكن مُزَيْنَة في جنوب سيناء تبدأ من رأس محمد حتى نويبع على خليج العقبة وتمتد على الغرب في بئر سهب ووادي السيق الغربية ويعيش أفراد القبيلة على الرعي للإبل والأغنام وبعض الزراعات والصيد في خليج العقبة وخليج السويس، ووَسم مُزَيْنَة العام هو الهلال على صدغ البعير الأيسر ويضع بعض عشائر مُزَيْنَة أمارة أو علامة ليُميِّز بعضهم عن البعض الآخر مثل (L) أو يضعون مطرقًا على الهلال أو جانبه.
رجالات وشيوخ مُزَيْنَة بالوقت الحاضر في أواخر القرن العشرين
سالم جمعة حمدان أبو صبحة شيخ السوارية، وعودة صالح مبارك شيخ الرواحلة، وصفيران موسى صفيران العمارية شيخ المحاسنة، وصباح صبيح جميع شيخ الدرارمة، وحميد مبارك سويلم شيخ الغصينات، ومحني جبلي صبيح شيخ السماحات، ومحمد سالم جبلي شيخ العويسات، ومسيعيد علي مسيعيد شيخ الزرقان من الغرامة.
(1)
المحاسنة يطلق عليهم العمارية باسم جلتهم بعمرية.
(2)
الغوانمة منهم عائلة أبو صبحة وفيهم القلد لعموم مُزَيْنَة وهو حاليًا الشيخ سالم جمعة حمدان.
(3)
الفطايمة: منهم مسلم درويش سالم أبو فاطوم عقيد الحرب لمُزَيْنَة في سيناء.
ومن قضاة مُزَيْنَة في البادية نذكر التالي:
سالم مبارك أبو رويحل، وعيد عتيِّق أبو رويحل، وجمعة حمدان أبو صبحة، وسالم جمعة حمدان أبو صبحة، وحسين سالم موسى، وحميد سالم النيص، وعودة صالح مبارك، وحمدان موسى أحمد أبو نخرة، وصالح عيد عتيِّق وجمعة صباح عويّد، وسويلم محمد عيد، وصالح مبارك جمعة، ومن شيوخ مُزَيْنَة البارزين في سيناء رحمهم الله: خضير العجوزة من العويسات من الغوانمة وابنه خضر خضير، وعويض بدر، ثم ظهر بعده سالم جبلي أبو بريك من العويسات وكان الشيخ العام لمُزَيْنَة في جنوب سيناء وقد ظل نحو نصف قرن وتوفي في عام 1991 م، وكان من مشايخ مُزَيْنَة أيضًا صبيح جميع الساخن وهاجر للأردن وتوفي هناك وابنه شيخ كما أسلفنا.
تفرُّق بعض مُزَيْنَة في مصر والأردن كالتالي
نزح بعض مُزَيْنَة من سيناء إلى العقبة بالأردن وهم من الدرارمة والهواشلة والغصينات.
ومن مُزَيْنَة عائلة الدهاشنة وجدهم يسمى دهشان من فخذة النصيرات من الشذاذنة من ولاد علوان ومسكنهم في الإسماعيلية بقرية نفيشة. وكما يقال أيضًا أن هناك عائلة تسمى القرماني هي من مُزَيْنَة وتسكن ما بين أبو صوير والإسماعيلية وفي السبع بيار وقرية الشيخ.
ومن مُزَيْنَة فرق أو عائلات متفرقة في محافظة السويس أغلبهم بالزيتية والجناين والمثلث (كفر العرب).
ومن مُزَيْنَة في مديرية التحرير (بحيرة)، عائلات توطنت وأغلبها تعيش على حرفة للزراعة وقد هاجروا إليها عقب عام 1967 م وأكثر هذه العائلات من الغوانمة.
ومن مُزَيْنَة عائلات تحضرت في أحياء القاهرة والجيزة مثل مصر الجديدة والدقي والبساتين وعين شمس.
ومن مُزَيْنَة عائلات عديدة مجاورة لعرب العليقات في القليوبية أشهرها أبو رضوان ومنهم أبو شحات ويعرفون بالشرقاوي، وأبو سعيد، وأبو عبيد، وأبو صبيح، والمصالحة والجبارنة وأبو الروس. وفي عرب العيايدة مركز الخانكة بالقليوبية أولاد أبو ابريك من أبي جبلي في سيناء، وأولاد أبو دعيش في جزيرة أبي نملة بمركز أبو حماد بالشرقية، ومنهم جزء في سرابيوم بالإسماعيلية. ومن مُزَيْنَة عائلات في جهات كثيرة في الصعيد هاجروا من سيناء من عدة قرون ومن مُزَيْنَة قدماء أيضًا في بلاد الصعيد أيام الفتوحات وأكثرهم في محافظة أسيوط وتوجد قرى باسمهم للآن في نواحي ديروط، كما توجد لهم رابطة أبناء مُزَيْنَة وتقع على كورنيش النيل قرب سوق روض الفرج بالقاهرة.
وفي عُمان توجد مجموعة أسر متحضرة من مُزَيْنَة في ساحل الباطنة ويذكرون أنهم قدموا إلى بلاد عُمان منذ ألف عام تقريبًا من نواحي المدينة المنورة ولا يُعرف سبب إقامتهم في تلك البلاد بعيدين عن قومهم في الحجاز.
وفي منطقة عربستان غرب إيران والقريبة من رأس الخليج العربي توجد عائلات عديدة من مُزَيْنَة.
وفي قطاع غزة بفلسطين عائلات كبيرة متحضرة من مُزَيْنَة.
وفي ليبيا توجد جماعة كبيرة من مُزَيْنَة تحضروا في المدن الليبية منذ أمد بعيد.
وفي المغرب خاصة منطقة مكناس جماعة كبيرة من مُزَيْنَة، وينتمي لهم الدكتور محمد المزيني الأستاذ في جامعة الملك محمد الخامس بالمغرب.
قال نعوم شقير في كتابه تاريخ سيناء عن مُزَيْنَة في سيناء:
منهم العلاونة والشذاذنة والغواصية وأولاد علي وكان شيخهم قبل عام 1916 م خضر فرحان من العويصات وبلادهم من جنوب مدينة الطور وتمتد على الشطوط البحرية من رأس محمد إلى النويبع فالرملة وأصلهم ضمن حرب واشتهروا بحب السلام ولين العريكة والأمانة مع أنهم فقراء ومن أشغالهم حجارة الرحى
(1)
وعمل الفحم وصيد السمك ومنهم سقاة في السويس ويسكن مع مُزَيْنَة
(1)
الرحي هي عبارة عن حجرين مستديرين سمك الواحد نحو 20 سم وقطره نحو 70 وهو مثبت على الآخر بثقب من الوسط في الحجر العلوي المتحرك والسفلي الثابت والحجر العلوي له يد من حديد أو خشب توضع على طرفه ثم يدار على الحجر السفلي بعد أن توضع الحبوب من الفجوة التي في منتصف الرحي ويخرج من أطرافها الطحين على مفرش مَعْد لذلك أسفل الرحي.
من جهة النويبع نفر من العزايزة
(1)
ولعل هؤلاء من العزايزة بفلسطين الساكنين في غزة. (انتهى قول نعوم شقير).
مُزَيْنَة في المملكة العربية السعودية:
ذكر الأستاذ مساعد المزني
(2)
أن مُزَيْنَة في السعودية بالوقت الحاضر هي مُزَيْنَة العثمانية من عثمان بن أد بن عمرو (طابخة) بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن مَعْد بن عدنان، أما مُزَيْنَة الأوسية من أوس بن أد فقد تفرقت في الأمصار منذ الفتوحات الإسلامية ولم يبق لها من بقية في بلادها في الحجاز.
والمتواتر عند الرواة الثقاة وبالإجماع من مُزَيْنَة أنهم من سلالة رجل واحد هو رمث بن جحيش بن عبد الرَّحمن بن مبشر بن الحارث بن بلال بن الحارث الصحابي الجليل والذي ينتمي إلى بني مازن بن حلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن أد بن عمرو (طابخة) بن إلياس بن مُضَر.
وأضاف أن مُزَيْنَة في السعودية بالوقت الحاضر عدتهم عشرون عشيرة، وقد ولد رمث المؤسس لمُزَيْنَة في السعودية الآن أجحوش وأجحيش وقصير، ثم ولد أجحوش مسعود وسعد وسعود، أما الأول مسعود فذريته سعدي وسعود ويحيى، فسعدي بن مسعود منه عشائر: النحايتة، والحنتم، والدبابيغ وهم العمرو، والدبيس، والحصين، والقبعة وهم الغنيم، وأما سعود بن مسعود بن أجحوش بن رمث فذريته بطنان هما: العريمات والعونة.
أما يحيى بن مسعود بن أجحوش فمنه بطن السرابتة
(3)
. وأما سعود بن أجحوش بن رمث فمنه أربعة بطون هي البشارية، والمراوين، والرواشدة، والصبحة.
(1)
العزايزة منهم قوم في الصعيد المصري وهم مجاورون لقبائل مُطير والعوازم والرشايدة، وفي المنتخب للمغيري أن العزايزة من قبائل صعيد مصر كانوا يسكنون بلدة صفينة، وهم من بني هلال بن عامر، وانضم قسم مع بني عبد الله بن غَطَفان من مُطير، ولهم نجوع باسمهم في "أبو تيج" مركز أسيوط وفي قنا.
(2)
هو صاحب كتاب نبيلة مُزَيْنَة في الجاهلية والإسلام الصادر عن المملكة العربية السعودية عام 1988 م واسمه مساعد بن مسلم البهيّمة الحصني المزني ينتمي إلى قبيلة مُزَيْنَة في المدينة المنورة، وهذا المصنّف له قيمة علمية وأدبية وتاريخية لاحتوائه على تجميع كامل لتاريخ هذه القبيلة العدنانية العريقة ذات التاريخ المجيد، وقد قام الأخ الباحث السعودي بتجميع هذا التاريخ مشكورًا من بطون الكتب والمخطوطات ومن أفواه الرواة ليقدم هذا التراث للأجيال العربية الحاضرة والمستقبلة لتهتدي ونقتدي به وتسير على منهاجه دائما وأبدًا.
أما سعد بن أجحوش بن رمث فمنه أربعة بطون أيضًا وهم: الهبارية والصعاقرة والحبارتة والشقران .. فهؤلاء كلهم ذرية أجحوش بن رمث، أما أجحيش بن رمث فذريته بطنان هما الهواملة والحصنان (عيال ظاهر وظوهير ابني جحيش)، أما قصير بن رمث فذريته بطن واحد وهم القصيرين.
التفصيل عن عشائر مُزَيْنَة
أولًا: ذرية سعدي بن مسعود بن أجحوش بن رمث المزني:
تمهيد:
أولهم عقب نحيت بن سعدي ويقال لهم النحايتة والنسبة إليهم نحيتي وهم فخذان: المبارك، والمبرك، أما المبارك فكانت فيه الإمرة سابقًا بعد نحيت ثم انتقلت الإمرة إلى المبرك وبقيت في آل عوشز ثم في آل شبيب للآن ورئاسة النحايتة على مُزَيْنَة قديمًا، فقد تولى الإمارة منهم اثنا عشر أميرًا آخرهم الآن سالم بن محمد بن حجاب في ظل عائلة آل سعود الكريمة مما يوحي بأن إمارة نحيت الأول قبل ثلاثة قرون، وترتيب الإمارة كالتالي: نحيت بن سعدي بن مسعود ثم مبارك بن نحيت ثم سالم بن مبارك بن نحيت، ثم تولى شعف بن عوشز بن مبرك ثم ثواب بن شعف، ثم شبيب بن فهد بن مبرك، ثم طامي بن ثواب بن شعف ثم محمد بن طامي بن ثواب ثم حجاب بن محسن بن شبيب، ثم ضيف الله بن حجاب، ثم محمد بن حجاب، ثم سالم بن محمد بن حجاب الأمير الحالي ومقره بلدة الفوارة في نجد.
(1)
عشيرة النحايتة منهم فرع مبرك بن نحيت ومنه آل فهد وفيهم آل شبيب وهم آل زايد، وآل زيد، وآل محسن، وآل عايد، وأما ذرية عوشز بن مبرك وهم ذوو شعف بن عوشز منهم ثواب بن شعف تولى الإمارة في عصره وإخوانه ثلاثة هو رابعهم انقرض عقبهم عدا واحد وهو ثاني بن شعف ومنه ذو معيبد وهم آل عبد الله وآل علي وآل نافع وآل نقا، ومن آل عوشز أيضًا ذوو سودان وهم آل فهد وآل غازي.
أما القسم الثاني من العشيرة فهم سلالة مبارك بن نحيت وهم ينقسمون إلى أربعة فروع هي آل ناصر، وآل منصور، وآل سالم، وآل خليوي. وهناك فخذ يقال لهم الوهيبات وهم حلفاء المبارك من النحايتة وأصلهم من بني وهب من الحجور من عَنَزة العدنانية.
(2)
عشيرة الحُصين والنسبة إليهم حصني وهم عقب نحيت مصغرًا وهو أخي نحيت السالف، ومنه فرعان هما: الحصين، والشويط .. فالحُصين هم ذوو حصين ومنهم العلي والمناور، ومن العلي: الراشد الثاني والمحسن والبخيت، ومن ذوي المناور بن حصين: الخليف والسليمان.
أما الشريط الفرع الثاني من الحصين فمنه الصخير والطّويل.
(3)
عشيرة الدبيس وهم عقب دبيس بن مسعود وأكثرهم انقرض وبقي منهم آل رميح وهم ذوو شعيب، والشلاشي، وذوو ماشي.
(4)
عشيرة آل حنتم وهم عقب حنتم بن سعدي بن مسعود وهم ينقسمون إلى قسمين آل الدغيمان، وآل عُقيل.
(5)
عشيرة الدبابيغ وهم عقب عمرو بن سعدي بن مسعود ولقبه الدباغ وهم ينقسمون إلى آل مهاوش وآل ركبان وآل فاضل.
(6)
عشيرة القبَّعة وهو لقب لأحد أجدادهم وتنسب لهم الفرس القبعية وهي من سلالة الحمدانيات، وهم من عقب غنيم بن سعدي بن مسعود وفيهم ثلاثة فروع ذوو علي، وذوو عليان بكسر العين وسكون اللام، وذوو عليان بسكون العين وفتح اللام وتشديد الياء.
ثانيًا: عقب عون بن مسعود بن أجحوش بن رمث:
(7)
عشيرة العونة من عون بن مسعود وفيهم بطون كبيرة هي الشهلول
(1)
، والصعيب، والبويتل، والراضي، والشطيط.
(1)
الشهلول منه العمهوج وفيهم رئاسة العشيرة.
(8)
عشيرة العريمان وهم عقب سعد بن مسعود وفيهم خمسة فروع هي السلامة، والسالم، والمسيعد، والوصيل، والسريحان.
(9)
عشيرة السرابتة وهم عقب دلهام بن ملفي بن سعود بن مسعود وفيهم آل جبر، وآل خزيم، وآل خزام، وآل هميج.
ثالثا: عقب سعود بن أجحوش بن رمث:
(10)
عشيرة البشارية وهم عقب بشر بن سعود بن مبارك بن سعود بن أجحوش وهم ينقسمون إلى ذوي سعود، وذوي دخيل الله، وذوي ضيف الله.
(11)
عشيرة الراشد وهم عقب راشد بن مسعود وينقسمون إلى ذوي عيد، وذوي براك، وذوي فواز.
(12)
عشيرة الصبحة وهم ينقسمون إلى آل عايش، وآل عُقيل، وآل بخيت، وآل حمرون.
(13)
عشيرة المراوين وهم عقب مروان بن سعود بن مبارك بن سعود وهم قسمان ذوو عيَّاد، ذوو عيد .. فمن عيَّاد ذوي الشوشان والذهان والسلامة، ومن ذوي عيد الرويشد والهواش.
تنبيه: يوجد فرع العطانا وأحدهم عطني وهم ذوو ناصر، وذوو سليمان، وذوو إبراهيم، وذوو محمد، وذوو صالح، وذوو عيد.
(14)
عشيرة الصعاقرة من عقب سعد بن أجحوش وهم ينقسمون إلى قسمين ذوو صعيقر، وذوو مسفر.
فأما ذوو صعيقر فمنه آل درعان، وآل درع، وآل دريع
(1)
والحميدي، أما ذوو مسفر فمنه آل معيوف، وآل عيفة، وآل العفين.
(15)
عشيرة الهبارية وهم عقب سعد بن أجحوش بن رمث وفيهم فرعان هما آل معمر، وآل عماير .. فمن آل معمر ذوي شطيط (المداهين) وذوي منزّل وذوي مبارك، ومن آل عماير وهم (الحثا) حيث وهم عقب محيسن بن عماير.
(1)
يطلق عليهم بلحيان.
(16)
الشقران
(1)
. وهم من ذوي سعد بن أجحوش ويرجعون إلى الهبارية وهم ذوي مبارك بن هليبان الثاني بن معمر بن هليبان الأول ويشتبكون مع الهبارية في هليبان بن معمر ومنهم آل سالم وآل ماطر.
(17)
عشيرة الحبارتة وهم من عقب سعد بن أجحوش بن رمث وهم ينقسمون إلى ذوي رشيد، وذوي فيد.
(18)
عشيرة القصيرين وفيهم فخوذ الغنام
(2)
، والمرشد، والفوازعة، والضويحي، والخلية (أبا الخيل).
(19)
عشيرة الهواملة وهم بطن كبير من مُزَيْنَة وجدهم ظاهر بن أجحيش بن رمث وفيهم فخوذ كبيرة هي ذوو محيمد، وذوو حماد. فمن ذوي محيمد الشرطة والمسارعة والتواجر والثوامرة، ومن ذوي حماد آل حسان، والشيمان.
(20)
عشيرة الحُصان
(3)
. وهم بطن كبير وهم من عقب راشد بن جرو من ذرية ظويهر بن أجحيش بن رمث وفيهم ثلاثة فروع كبيرة هي ذوو ريان، وذوو عوض، وذوو عجيان، أما ذوو ريان ففيهم المساعد والمهنا والزبير والسرور، وذوو عوض فيهم فخوذ ذوو بخيت وذوو مرشود وذوو عودة وذوو مسلم وذوو عبد الله، ومن ذوي عجيان فخوذ الشامان والمبارك.
الفروع المتحضرة من مُزَيْنَة في السعودية
ففيهم قسمان (أ) آل محمد. (ب) آل راشد.
(أ) آل محمد وفيه ستة فروع:
(1)
العلي: منهم آل رشيد وآل عبد الرَّحمن وآل محمد وآل صالح.
(2)
المسلَّم: وهم فرعان ذرية محمد العلي وهم آل جار الله وآل راشد وآل سالم وآل عبيد وآل سلامة وآل عيسى والفرع الآخر هم آل اشد وآل محمد.
(1)
الشقران لقب ريمان جدهم.
(2)
الغنام فيهم الشيخ للعشيرة.
(3)
الحُصنان: معهم قسم من قبيلة سُلَيْم العدنانية يقال لهم آل عويضة وآل معوض وكانوا حلفاء للحثول فأضحى لهم تعاقب نسب في مُزَيْنَة وصارت لهم أملاكًا في ديارهم، ومن فخوذ آل عويضة: ذوو عبد الرَّحمن ذوو مبارك وذوو صالح، ومن فخوذ آل معوض: ذوو مقبل وذوو قبلان وأخوالهم القبعة من مُزَيْنَة.
(3)
السليمان: ومنه آل عبد الله، ومنه آل سليمان وآل محمد.
(4)
السلام: ومنه آل علي، ومن العلي آل دهيش وآل حمد.
(5)
العبد الله: ومنه حمود وفيه آل إبراهيم وهم آل حمود وآل عبد العزيز وآل محمد.
(6)
الإبراهيم: وهم آل عبد الرَّحمن وآل عبد الله، فأما آل عبد الرَّحمن هم المحمد والعبد العزيز، وأما آل عبد الله فهم الرشيد والمحمد واليوسف.
(ب) آل راشد وفيه خمسة فروع:
(1)
آل نايف وفيهم آل محمد و آل راشد ومن آل محمد العبيد وسلامة ومن آل راشد الحمد وعبد الكريم.
() آل عبد وهم العلي ومنه عبد الله وآل جار الله وآل فهد وآل محمد.
(3)
آل ضيف الله وهم آل راجح وآل جار الله.
(4)
آل صالح وهم آل سليمان وآل راشد.
(5)
آل عبد الرَّحمن وهم آل إبراهيم ومنه الصالح والسليمان.
أهم منازل مُزَيْنَة في المملكة العربية السعودية في عصرنا الحاضر
(أ) دخنة: بكسر الدال وإسكان الخاء ثم نون مفتوحة وهي قرية كبيرة بل مدينة تقع إلى الجنوب من جبل خزار
(1)
المعروف وهي في وادي منعج وقد عمرها مفضي بن فهد البهيمة عام 1333 هـ جد المؤلف لأبيه لكتاب مُزَيْنَة الذي نقلنا عنه تفصيلًا عن عشائر مُزَيْنَة في السعودية بطريقة مختصرة عما ورد في مصنفه.
وينسب إلى عشيرة الحُصْنان من مُزَيْنَة العدنانية، وقد استقرت هذه الجماعة في دخنة وما زالوا بها، وأميرهم الآن عبد العزيز بن محمد البهيَّمة وقد عمرت واتسعت أطرافها وتفرقت مزارع بها على ضفة واديها.
(1)
(*) جبل خزاز كان فيه وقعة بين عرب اليمن والعدنانيين بقيادة كليب التغلبي في الجاهلية (انظر عن التفصيل في بداية المجلد الأول من الموسوعة).
(2)
دهيما:
وهي قرية مترامية الأطراف كثيرة المزارع المعتمدة على المياه الارتوازية وماؤها عذب ترده الماشية، وتقع إلى جنوب الغربي من رحال الشقيقة بينها وبين قرية دخنة، وهي للحُصنان من مُزَيْنَة وأميرها الآن غلَّاب بن طعسة الحصني المزني.
(3)
درعة: قرية بقرب بلدة دخنة، أسسها فالح بن جامع من القبعة من مُزَيْنَة واستوطنها، وسميت هكذا لأنَّها تقع في أصل جبل درعان من الجنوب وهو من هضاب دخنة يقع جنوبًا من خزار المعروف ويبعد عنه بحوالي 3 كيلو متر.
(4)
الخريشاء: هي إلى الشمال من جبل أمره، نزلها مفضي الشامي من الهواملة من مُزَيْنَة وجماعته وأسسوا هجرة فيها مزارع ونخيل.
(5)
بقيعا: ويقال لها بقيعا أصبح وقد عمرها البشري أمير عشيرة البشارية من مُزَيْنَة عام 1350 هـ وأميرها الآن الشيخ سعود بن ذويخ البشري ثم عمر الفويلق بعدها وهو واد كبير تأتي سيوله من جبال الموشم وفيه أراض زراعية واسعة ومياهه جوفية غزيرة وقد استوطنه مع جماعته.
(6)
الفوَّارة: ونزلها الأمير حجاب بن نحيت رئيس قبيلة مُزَيْنَة عام 1344 هـ مع جماعته واتخذوها لهم وأميرهم، الآن سالم بن محمد بن حجاب.
(7)
بدع الموشم: وهي عدة آبار قديمة وأول من حفرها عشيرة النحايتة رؤساء مُزَيْنَة منذ أكثر من مائتي سنة وما زالت بأيديهم، وقد حفر فيه الحُصنان من مُزَيْنَة آبارًا في الزمن القديم.
(8)
مراغان: يقع إلى الشرق من الفوارة على بعد 15 كيلو مترًا، فيه قسم من النحايتة منهم الشيخ زيد بن غازي بن سودان وعترته، وقسم من العريمات وقسم من القبعة، وكلهم من عشائر مُزَيْنَة وهو تابع لإمارة الفوارة وأرضه زراعية.
(9)
مشاش جرود: منسوب له مشاش وهو جرود العريمة، وهو قرية لعشيرة العريمات من مُزَيْنَة وأميرهم سعد بن جرود العريمة.
(10)
النومانية: تابعة للفوَّارة وتقع إلى القسم الجنوب الغربي منها على بعد 15 كيلو مترا، ويسكنها من عشائر مُزَيْنَة قسم من الهواملة وقسم من العريمات وقسم من الحنتم وقسم من الحبارتة وهي أرض زراعية طيبة التربة.
(11)
المطيوي: تابع للفوارة، يقع إلى الشمال من جبال الموشم ويسكنه قوم من السرابتة من مُزَيْنَة، منهم الشيخ الكريم طعيسان بن علي.
(12)
الهبيرية: نسبة إلى الهبارية، وهي عشيرة من مُزَيْنَة وهي قرية لهم تقع إلى الشمال الغربي من الفوارة على بعد ثلاثين كيلو عمروها سنة 1376 هـ وهي تابعة لإمارة الفوارة.
(13)
الدرعية: نسبة إلى آل درع من الصعاقرة من ذوي سعد من مُزَيْنَة، تقع أيضًا إلى الشمال الغربي من الفوارة، وهي تابعة لها وتبعد عنها بنحو 20 كيلو مترا، وقد غمَّرها آل درع فنسبت إليهم وأرضها طيبة ذات مزارع.
(14)
قطن: الجبل المعروف، يقع في غرب أبان الأسمر الشمالي وعلى يمين المسافر إلى المدينة من القصيم، وبه هجرة أنشئت عام 1347 هـ سميت باسمه، عمرها الأمير شديد الديري أمير عشيرة القصيرين من مُزَيْنَة.
(15)
الرفايع: يقال لها رفايع الذيبية نزلها قسم من الحُصنان من ذوي عجيان ومن الحثول واتخذوا بها مزارع ونخيلا وهي تابعة لإمارة الذيبية.
(16)
الصليبية: وهي للهواملة من مُزَيْنَة عمرها الأمير رديني بن شعلان بن مشلوط الهويملي من مُزَيْنَة سنة 1373 هـ. واتخذها هجرة له ولقومه، وصارت لها حدود واسعة زراعية فيها آبار ارتوازية، وأميرها الآن كساب بن رديني بن مشلوط المزني.
(17)
العمودة: من ضواحي الفوارة، سميت باسم جبل العمودة الواقع شمال الحضر بينه وبين القنان قرية بها مزارع تابعة لإمارة الفوارة يسكنها أقسام من عشائر مُزَيْنَة من النحايتة ومن المراوين ومن البشارية ومن القبعة ومن السرابتة ومن القصيرين ومن الشقران ومن الهواملة.
(18)
القراين: وهي ثلاث قور متقاربة واقعة في غربي شرفة المخرم في شمال القصيم، أقرب القرى إليها الفوارة تبعد عنها بحوالي ثلاثين كيلو مترا وتوجد إلى الغرب أسفل من القراين فيضة أحدث فيها عمارة ذعار بن مصلح بن شطينة من بني سالم من قبيلة حرب وقد استثار بئرًا ارتوازيا عام 1384 هـ.
(19)
عبلا: وتقع إلى الغرب من رمال الشقيقة فيها بين دخنة ورامة عمَّرها قوم من الحثول من الحصان من مُزَيْنَة واستوطنوها.
وأما ديار مُزَيْنَة في الحجاز التي بأيديهم فهي بقية من الديار الأولى فمنها فيحة وتقع بين مكة والمدينة في طريق الهجرة، والعمق وهو موضع قرب المدينة وهو من بلاد مُزَيْنَة ويقع غرب المهد
(1)
بحوالي 40 كيلو مترا، والروحاء وتقع في شرق المسيجيد بما يقارب خمسة كيلوات وهي من ديار الكتبة من الهواملة من مُزَيْنَة، والحسا وهي مزارع وآبار على بين المدينة وذي الحليفة على ضفة وادي العقيق يسكنه ذوو راضي من الهواملة وآل. غانم من عشيرة القصيرين وكلها عشائر من مُزَيْنَة، والحرَّة الغربية وهي منطقة في المدينة المنورة يسكنها قسم من الصبحة وقسم من الكتبة والمسارعة من الهواملة، وشعب أحد (سيد الشهداء)
(2)
يسكنه قوم من الرواشدة وقسم من الصبحة من مُزَيْنَة، والثمد وهو في طريق خيبر وفيه قسم من مُزَيْنَة وللكريم الشيخ عايض بن غثيان به بلاد واسعة ونخل كثير، والنقمي شمال المدينة من أودية مُزَيْنَة، وأبو بريقا شمال المدينة أيضًا به موارد مياه المُزَيْنَة قديمًا ويقع غرب مزارع دثير المعروفة شمال الصويدرة.
(1)
المهد: وكان يُسمى مهد الذهب وهو من ديار بني سُلَيم القديمة.
(2)
وهو حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه المدفون في سفح جبل أحد.
مُزَيْنَة في الكويت
(1)
أشهر هذه الفروع آل راشد، وآل محمد، وقد تقدم ذكرهما نقلًا عن كتاب مُزَيْنَة ويُطلق عليها أسرة المزيني (والصحيح المزني).
وذكر الدكتور أحمد عبد العزيز المزيني أنه توجد وثيقه لدي أسرة المزيني المتحضرة في الكويت مكتوبة بتاريخ 12 ربيع أول 1242 هـ وفيها بيان نسب جدهم الآتي: (عبد الله بن نايف بن ضيف الله بن غازي بن محسن بني يحيى بن مسعود بن أجحوش بن رمت المزني، وكتبت بحضور أعمامه منور ومناور أبناء ضيف الله وكتبت بسبب براءة الأب نايف من ابنه عبد الله بن نايف لأنه تزوج من ابنة نجار ورفض تطليقها فلجأ عبد الله بن نايف إلى القضاء لكي يثبت نسبه حتى لا يخفي، وكتب الوثيقة قاضي الجبل الشيخ عبد العزيز بن عثمان بن عبد الجبار بن شبانة التميمي في عهد الإمام تركي بن عبد الله آل سعود وبشهادة الشهود صالح بن علي الرشيد ومحمد بن علي الرشيد، وعبد الله هذا هو الجد الخامس الأسرة المزيني والتي كانت تسكن المدينة ثم نزحت إلى حائل والكهـھفة ومنها انتشرت في القصيم والمجمعة والرياض والدمام ومكة المكرمة ودولة الكويت وقطاع غزة بفلسطين.
قلت: وعن هذه العائلات المتحضرة فقد حافظت على نسب واسم القبيلة الأول (مُزَيْنَة)، ولم تنسب نفسها إلى حرب كما فعلت سائر مُزَيْنَة البدوية في المملكة العربية السعودية، وقد نسبوا أنفسهم إلى بني سالم من حرب، نظرًا الوجود الحلف القديم بين مُزَيْنَة وحرب كما هو معروف.
البارزون من مُزَيْنَة قبل الإسلام
(2)
من مُزَيْنَة ربيعة بن رباح بن قرط المزني من بني عثمان بن عمرو بن أد، يكفي أبو سلمى بضم السين ولم يكن في العرب غيره. كذا قيل.
(1)
نقلًا عن كتاب أنساب الأسر والقبائل في الكويت للدكتور أحمد عبد العزيز المزني.
(2)
نقلًا عن كتاب مُزَيْنَة في الجاهلية والإسلام المساعد بن مسلم البهيمة الحصني المزني. طبعة 1408 هـ/ 1988 م.
كان ربيعة بن رياح أبو سلمى مجاورًا لبني عبد الله بن غَطَفان، وأخواله من غَطَفان أسعد بن الغدير، وبشامة بن الغدير. واتفق ذات يوم أن بني عبد الله بن غَطَفان وهم بنو مُرّة، أرادوا أن يغيروا على قوم من طيئ. فخرج أسعد بن الغدير وابنه كعب بن أسعد وذهب معهم أبو سلمي، فأصابوا نعمًا كثيرة وأموالًا، فرجعوا حتى انتهوا إلى أرضهم فقال ربيعة بن رباح لحاله أسعد ولابن خاله كعب بن أسعد: أفردا لي سهمي فأبيا عليه ومنعاه حقه. فكف عنهما حتى إذا كان من الليل أتى أمه فقال: والذي يحلف به، لتقومنَّ إلى بعير من هذه الإبل فلتقعُدِنَّ عليه، أو لأضربنَّ بسيفي تحت قرطك، فقامت أمه إلى بعير منها فاعتنقت سنامَه فقال أبو سلمى وهو يرتجز: مستاقًا معه بعض الإبل.
ويل لأجمال العجوز مني
…
إذا دنوت ودنون مني
وكأنني سمعمع من جني
فخرج بها وبالإبل حتى انتهى إلى مُزَيْنَة وهو يقول:
لتغدونَّ إبل مجنَّبه
(1)
…
من عند أسعد وابنه كعب
الأكلين صريح قومهما
…
أكل الحباري برعم الرطب
فلبث أبو سلمى في قومه مُزَيْنَة حينًا وأراد أن يغير بهم على بني ذبيان من غَطَفان وهم قوم أسعد بن الغدير، فأبت عليه مُزَيْنَة ذلك. فلما رأى هذا منهم غضب عليهم وذلك حين يقول:
من يشتري فرسًا لخير غزوها
…
وأبت عشيرة ربها أن تسهلا
يقول: إن عشيرة صاحب الفرس أبت تنزل لتغير على الآخرين فمن يشتري هذه الفرس التي أعدت لهذا الغرض.
قلت: وهذا دليل قاطع أيضًا على أنَّ منازل مُزَيْنَة هي رؤوس الجبال من أرض الحجاز. وأقول أيضًا ما أشقى العرب في ذلك الزمان. انظر إلى هذا الشاعر الذي غزا مع أخواله وأخذوا مالًا حرامًا من أموال طيئ بعدما سفكوا الدماء بدون شك فلما أبو أن يقسموا له أخذ ما زاد عن قسمه بالقوة انتقاما، فلما لبث في
(1)
شرح شعر زهير ص 14.
قومه حينًا من الدهر، تحركت فيه دواعي الانتقام مُرّة أخرى، وأراد أن يجر قبيلته إلى الغارة على قبيلة آمنه ويعرض كلا الفريقين لسفك الدماء والسبي عند أتفه الأسباب، أما كان عليه أن يقتنع بما أخذه من أخواله ويحاول الإصلاح ما استطاع فذلك خير، أم أن تلك الأمم طبعت على هذه القسوة الوحشية فلا ترد دواعيها مهما ضعفت. وقد أحسنت مُزَيْنَة حينما لَمْ توافقه على ما أراد، ولو كنت معهم لسفهت رأي هذا الشاعر الجاهلي، اللهم إلَّا أن تكون لي عقلية غير عقليتي هذه. وهذا من محاسن هذه القبيلة، فهي لا تبدأ أحدًا بالاعتداء حتى هو يبدأها، وهي خاصية طبعت عليها وعرفت بها في الجاهلية وفي الإسلام، وفي عصرنا الحاضر. فمن المعروف الآن أن المزني لا يبدأ الاعتداء أبدًا وهذا مشاهد ومُجَّرب، وغالبًا ما يكون النصر حليف المعتدي عليه، فالاعتداء ظلم والظالم لا يُنصر.
ثم أقبل أبو سلمى من قومه حتى حلَّ في أخواله من بني مُرّة، فلم يزل في بني مُرّة من غَطَفان عند خاله بشامة بن الغدير، وكان شاعرًا، جمع إلى الشعر والحكمة جودة الرأي، وكانت غَطَفان إذا أرادوا الغزو وأتوه فاستشاروه وصدروا عن رأيه. فإذا رجعوا من الحرب قسموا له مثل ما يقسمون لأفضلهم وكان رجلًا مقعدًا ولا ولد له فلذا كثر ماله
(1)
.
وكان بشامة بن الغدير خالًا لربيعَةَ بن رياح كما قدمنا فزوجه أخته ابنة الغدير، والغدير هذا من بني سهم بن مُرّة بن عوف، فولدت له زهيرًا وأوسًا.
زهير بن أبي سُلمى الشاعر الحكيم
ومن مُزَيْنَة: زهير بن ربيعة بن رياح بن أبي سلمى المزني. تزوج زهير هذا من امرأة من بني سحيم، وكان يذكر في شعره دائما فعال بني مُرّة وغَطَفَان وكان سيدًا في الجاهلية، كثير المال حليمًا، وكان يعرف بالورع، لا يحب الظلم ويخاف من عاقبته، أرأيت أنه لما هجا أهل بيت من كلب من بني عُليم بن جناب، وكان بلغه عنهم شيء كرهه، وكان قد نزل عندهم رجل مولع بالقمار من بني عبد الله بن غَطَفان، فنهوه عن المقامرة فأبى أن ينتهي، فقامروه الأولى والثانية والثالثة،
(1)
شرح شعر زهير لأبي العباس ثعلب تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة.
كلها يرددون عليه، فقامروه الرابعة فلم يردوا عليه شيئًا، فذهب إلى زهير، واشتكى إليه، والعرب إذ ذاك يتقون الشعراء اتقاء شديدًا، فقال يهجو بني عليم:
عفا من آل فاطمة الجَواءُ
…
فيمن فالقوادم فالحساءُ
(1)
وهي قصيدة طويلة عدتها ستة وستين بيتًا، يذكر فيها شيم العرب وكرمهم ويطلب من بني عليم المحاكمة إلى عادات القبائل العربية وتقاليدها، ولم يقذع فيها. ثم قال بعد ذلك: ما خرجت من ليلة ظلماء، إلَّا خشيت أن يصيبني الله بعقوبة لهجائي قومًا ظلمتهم.
وقيل: إن زهيرًا كان أحسن أهل الجاهلية شعرًا وأبعدهم من سخف، وأجمعهم لكثير من المعنى في قليل من المنطق، وأشدهم مبالغة في المدح وأكثرهم أمثالًا في شعره
(2)
.
وقال الأحنف بن قيس لبعض الأمراء: إن زهيرا ألقى عن المادحين فضول الكلام. وقال ابن عباس: قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنشدني الأشعر شعرائكم قلت: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: زهير، قلت بِمَ كان ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: كان لا يعاظل بين الكلام ولا يتبع حواشيه، ولا يمدح الرجل بما لا يكون في الرجال، قال فأنشدته حتى برق الصبح
(3)
. وقد كان يقدم زهيرًا على الشعراء وكان من أعجب شعره إليه الذي يقول:
قد جعل المبتغون الخير في
…
هرم والسائلون إلى أبوابه طرقا
وعن حبيب بن زادان عن أبيه قال: دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده نفر من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فذكروا الشعر فقال لهم عمر: مَن كان أشعر العرب فاختلفوا، فبينما هم كذلك، إذ طلع عليهم عبد الله بن عباس فقال عمر: لجلسائه، قد جاءكم ابن بجدتها "أي العالم المتقن الخبير" وأعلم النّاس بأيامها ثم قال عمر من كان أشعر النّاس يابن عباس؟ قال: ذاك زهير بن أبي
(1)
انظر لهذا كله شرح شعر زهير لأبي العباس ثعلب في أماكن متفرقة. وهو بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة.
(2)
شرح شعر زهير ص 144.
(3)
شرح شعر زهير ص 144 وفيه نظر بل المبالغة ظاهرة عليه لأنَّ عمر رضي الله عنه لا يحيي الليل كله على سماع الشعر فتنبه لذلك.
سلمى المزني فقال عمر: هلا تنشدنا من شعره أبياتًا نستدل بها على قولك فيه؟ قال: نعم. مدح قومًا من غَطَفان يقال لهم بنو سنان فقال: فأنشدهم ابن عباس قصيدته تلك وهي تربو على ثلاثين بيتًا ومنها:
قوم أبوهم سنان حين أنسبهم
…
طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
لو كان يقعد فوق الشمس من أحد
…
قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
أو كان يخلد أقوام يمكرمة
…
أو ما تسلف من أيّامهم خلدوا
جنّ إذا فزعوا إنس إذا أمنوا
…
مرزّؤون بهاليل إذا جهدوا
محسّدون على ما كان من نعم
…
لا ينزع الله منهم ماله حسدوا
لو يوزنون عيارًا أو مكايلة
…
مالوا برضوي
(1)
ولم يعدلهمو أحد
فجثا عمر على ركبتيه، ثم قال ما لهذا الشاعر قاتله الله لقد قال كلامًا ما كان ينبغي أن يقال إلَّا في أهل رسول الله لما خصهم الله به من النبوة والكرامة
(2)
. وكان خال أبيه بشامة بن الغدير أشعر غَطَفان في زمانه، فلما حضره الموت جعل يقسم ماله في أهل بيته وبني إخواته. فأتاه زهير فقال يا خالاه لو قسمت لي من مالك؟ قال: قد والله يابن أخت قسمت لك أفضل ذلك وأجزله. قال: ما هو؟ قال شعري ورثتنيه. وكان زهير قبيل ذلك قد عرف شعره (فقال له زهير: الشعر شيء ما قلته فكيف تعتد به علي. قال فمن أين جئت بهذا الشعر لعلك ترى أنك جئت به من مُزَيْنَة. قد علمت العرب أن حصاتها وعين مائها في الشعر هذا الحي من غَطَفان
(3)
.
قال مؤلفه غفر له: هذا الكلام من بشامة بن الغدير مجانب للصواب إذ العرب أكثرها تقول الشعر قبل أن يخلق بشامة بن الغدير وبعدما هلك والتاريخ يشهد بذلك، فهل يريد بشامة بن الغدير أن نعتبر شعراء العرب السابقين واللاحقين كلهم نزعهم عرق من بشامة هذا؟
بل إن ما سنلحقه في هذا الكتاب من شعراء هذه القبيلة بالذات يرد قول
(1)
جبل قرب ينبع كانت تنزله مُزَيْنَة قبل الإسلام ثم تحولت منه إلى قدس فنزلته جُهَيْنة، قال ذلك البكري وفيه نظر.
(2)
شرح شعر زهير.
(3)
شعر زهير.
هذا الغَطَفاني؟، والحقيقة أن هذا شيء تناقلته الرواة ودوِّن في الكتب، ونحن لا يضيرنا هذا ولا يشغلنا، ولكنا لا نريد أن نكتب إلَّا ما يقره العقل فإذا اضطررنا إلى نقل مثل هذا فلا بد أن نبين وجهة نظرنا، والله الموفق للصواب.
ثم إن زهيرًا استمر في بني عبد الله بن غَطَفان هو وأهل بيته حلفاء لهم وذلك بسبب غضبه على قبيلته
(1)
. وكانت منازلهم بالحاجر وهو معروف بهذا الاسم إلى اليوم.
ثم مضى زهير في شعره يمدح، ويرثي، وينصح، وكان أكثر شعره في مدح سنان بن أبي حارثة. ومدح هرم بن سنان، والحارث بن عوف بن أبي حارثة، لما تحملا ديات القتلى في حرب داحس والغبراء، وذلك في معلقته التي سنورد منها هذه الأبيات:
سَعَى سَاعيًا غَيْظِ بن مُرّة بَعْدمَا
…
تَبَزَّل ما بَينْ العشيرة بالدِّمِ
الساعيان هنا هرم بن سنان والحارث بن عوف. يقول سعيًا بالصلح بعدما أن الوفاق الذي بين العشيرتين تشقق بالدم. وتبزل كلمة تقال للشيء إذا تقطع وتشقق وهي معروفة في البادية إلى اليوم ومعناها تمع. فهم يقولون للسحاب إذا تفرّق وعصفته الريح تمزَّع، وتبزَّلَ.
فأقْسَمْتُ بالْبَيتِ الذِّي طافَ حولَه
…
رجالٌ بَنَوْهُ من قُريْشٍ وَجُرْهُم
وجُرْهُم كانوا أرباب البيت قبل قريش، وهذا القسم من زهير مغاير لما كان معروفًا عنه فقد عرف من شعره أنه لا يقسم إلَّا بالله وإيمان هذا الرجل سنتكلم عنه في آخر أخباره.
يَمينًا لنعم السَّيِّد إن وُجدتُما
…
على كلِّ حالٍ من سَحِيلٍ ومُبْرمِ
السحيل الأمر الذي لَمْ يحكم فهو متفرق كتفرق خيوط الطاقة، والمبرم الخيط المفتول المبروم.
تَدَاركْتُما عَبْسًا وذُبْيانَ، بَعْدَما
…
تَفَانَوْا ودَقُّوا بَيْنَهم عِطْرَ مَنْشِمِ
منشم امرأة عطارة من خُزَاعَة كانت تبيع العطر فإذا حاربوا اشتروا منها كفاورا لموتاهم فتشاءموا بها، وكانت تسكن مكة وهذا مثل يضرب في شدة التشاؤم وغلبة الشر على الخير.
(1)
شرح شعر زهير.
وَقَدْ قلتُما إن نُدرِكَ السِّلْمَ واسعًا
…
بمالٍ ومَعْرُوفٍ من الأَمْر نَسْلَمِ
بمعنى إن حصل لنا إتمام الصلح بين القَبيلتين ببذل المال وإسداء المعروف سلمنا من هذه الحروب الدامية.
فأصْبَحْتُما منْها على خَير مَوطنٍ
…
بَعِيدَيْن فيها من عُقُوقٍ ومَأثمِ
عَظيمين في عُليا مَعَدٍ هُديتما
…
ومن يَستَبحْ كنزًا من المجد يَعْظُمَ
بمعنى أنكما من عظماء العرب ومن علياء بني مَعْدٍ وهم بني نزار والممدوحان منهم. ويقول أنتما في هذه القضية على خير حال لا إثم ولا قطيعة رحم.
فأَصْبَحَ يَجْري فِيهُمُ من تلادِكم
…
مَغانِمُ شَتَّى من إِفَالٍ مُزَنَّمِ
التلاد الإبل الذي كانت عندكم من قديم توالدت وهي من أملاككم فبذلتموها للصلح، والإفال: الفصيل من الإبل ويقال للواحد أفِيل، والمزنّم فحل معروف نسبها إليه.
تُعَفّى الكُلُومُ بالمئِين فأصْبَحَتْ
…
يُنَجّمُها مَنْ لَيْسَ فِيهَا بِمُجْرِمِ
بمعنى أن هذه الجراح تمحى بالمئات من الإبل التي دفعها مالكها وهما الممدوحان غرمًا على أقساط مع أنهما لَمْ يجنيا فيها جريمة وإنما دفعاها بغية السلم وهذا من أعظم الأعمال.
يُنَجّمُها قومٌ لقومٍ غرامةً
…
ولَمْ يُهريقُو بينَهُم مِلْءَ محْجَم
بمعنى أنكم دفعتم هذه الإبل غرامة وضعتموها على أنفسكم درءًا للخطر وحتى لا يضيع من الدم ما يملأ المحجم وهو كأس الحجَّام.
فَمَن مُبْلغُ الأحْلافَ عَنِّي رسَالةً
…
وذُبيانَ هلْ أَقْسَمْتُمُ كلّ مُقْسَمِ
يريد بالأحلاف أسد وسائر غَطَفان حالفوا ذبيان على حرب عبس.
والمعنى: أبلغ ذبيان وأحلافها بأنكم أقسمتم على الصلح كلّ قسم عظيم فلا تضمروا الغدر.
فَلَا تَكْتُمَنَّ الله ما في نُفُوسِكمُ
…
ليخْفَى ومَهْمَا يُكْتَمِ الله يَعْلَمِ
يُؤخَّرْ فيوضَعْ في كِتاب فَيدّخَرْ
…
ليَوْمِ الحِسابِ أَوْ يُعَجّلْ فَيُنْقَمِ
البيتان واضحان لا حاجة إلى شرحهما، وهو يقول لهؤلاء الأحلاف إن أضمرتم غير ما أقسمتم عليه اليمين فسيعاقبكم الله عليه إن عاجلًا وإن أَجلًا ومن هنا قالوا: إن الشاعر كان مؤمنًا بالبعث، والصحيح أنه عارف ولكن لَمْ يكن مؤمنًا، فهو عارف تمام المعرفة مصير العباد ولكنه مات على دين أبيه.
وأدلة ذلك في القرآن والسنة كثيرة ومعلومة لدى الجميع.
وأما إن أراد زهير أنَّها حينما تأخذ النّاس كصفة خبط العشواء وأظن هذا رأيه فهذا حق. فهي أحيانًا تأخذ الشيخ الكبير الفاني وأحيانًا تأخذ الشاب وتأخذ الفتى بل وأحيانًا الأجنة في بطون أمهاتهم فاللهم ارحمنا برحمتك.
وَأَعْلَمُ مَا في اليوْمِ والأَمْسِ قَبْلَهُ
…
ولَكِنَّنِي عَنْ عِلْم مَا في غَدٍ عَمِ
يقول إن الذي مرَّ عَلي بالأمس وباليوم أعرفه، وأما ما سيأتي في غد فعلمه ليس إليَّ فأنا جاهل به.
وَمَن لَا يُصَانِعْ في أُمورٍ كَثيرةٍ
…
يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ ويُوطَأْ بمَنْسَمِ
المصانعة: الترفق والمداراة. ومن لا يترفق بالنّاس ولم يدارهم في كثير من الأمور، يعض بالأضراس ويوطأ بمنسم وهو خف البعير وهذه التسمية باقية إلى اليوم.
وَمَنْ يَكُ ذا فَضلٍ وَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ
…
عَلَى قَوْمِهِ يُسَتَغَنَ عنْهُ وَيُذْمَمِ
وَمَنْ يَجْعَلْ المَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ
…
يَفرْهُ وَمَنْ لَا يَتَّقِ الشِّتْمَ يُشْتَمِ
وَمَنْ لَا يَذُدْ عنْ حَوْضِهِ بِسِلَاحِهِ
…
يُهَدَّمْ وَمَنْ لَا يَظْلم النَّاسَ يُظْلَمِ
هذه الأبيات واضحة لا لبس فيها. أما قوله ومن لا يذد عن حوضه فالحوض هنا بمعني حريم الرجل وهكذا تكني العرب عن الحريم بالحوض، وإلى الآن البادية تعلم أبناءها بهذا، فهم يقولون للولد الصغير (هل تفك الحوض) بمعنى هل تحمية؟ فيقول: نعم فيوافقونه على ذلك ويشكرونه.
ومن لا يحمي حوضه أوشك أن يظلمه النّاس فيهدم حوضه.
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ
…
وَلَوْ نَالَ أَسْبَابَ السَّمَاء بسُلَّمِ
هذا صحيح فإن من هاب وخاف أسباب المنية نالته ولَمْ يُجْدِ عليه خوفه وهيبته إياها نفعًا ولو رام الصعود إلى السماء فرارًا منها.
ومَن يُوفِ لا يُذّمَمْ ومن يُقْضِ قَلْبُهُ
…
إلى مُطمَئنَّ البِرِّ لَا يَتَجمْجَمِ
وَمَن يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُوًا صَدِيقَهُ
…
وَمَن لَا يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لَا يُكَرَّمِ
مطمئن البر: أي البِرِّ المطمئن في القلب، والتجمم هو التردد، ويقول: من سافر واغترب حسب الأعداء أصدقاء لأنه لَمْ يجربهم فتوقفه التجارب على ضمائر صدورهم، ومن لَمْ يكرم نفسه بتجنب الدنايا، لَمْ يكرمه النّاس.
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَليقَةٍ
…
وَإِنْ خَالَهَا تَخفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
يقولون: إن الاخلاق لا تخفى والتخلق لا يبقى. وهذا معنى البيت، فمهما كان للإنسان من خلق فظن أنه يخفي على النّاس عُلم ولم يخف. ولهذا ما أسر عبد سريرة إلَّا أظهرها الله علانية.
وَكَائِنْ تَرَى مِن صَامِتْ لَكَ مُعْجَبٍ
…
زيَادَتُهُ أَوْ نَقصُهُ في التَّكَلُّمِ
يقول: كم صامت يعجبك صمته فتحبه وتستحسن صمته ولا تظهر زيادته على غيره، ونقصانه عنه إلَّا عند تكلمه. وهذا كما قيل: الرجل بأصغريه قلبه ولسانه.
لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ فُؤَادُهُ
…
فَلَمْ يَبْقَ إلَّا صفورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ
تقدم شرحه في البيت السابق. بل هو بعينه شرح لما قبله.
وَإِنَّ سَفَاهَ الشَّيْخِ لَا حِلْمَ بَعْدَهُ
…
وَإِنَّ الفَتَى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُمِ
البيت واضح، والصحيح أن من بلغ الأربعين ولم يتم عقله فإنه:
وما الحرْبُ إلَّا ما عَلِمْتُمُ وذُقْتُمُ
…
وما هُوَ عِنْهَا بالحْديثِ المُرَجّم
يقول: إن الحرب قد سعرتكم وقد ذقتم ويلاتها وحديثي عنها وتخويفي لكم من مغبتها ليس رجمًا بالغيب فهو شيء قد جربتموه.
متى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثوها ذَميمةً
…
وتَضرَ إذا ضريتموها فتُضْرَمِ
والمعنى متى تهيجوا الحرب تهيجوها غير ممدوحين في ذلك وَإنما يشتد حرها وتضرم نارها وتصلادكم بلهبها والنتيجة:
فَتُعرككُم عَرْكَ الرَّحَا بِثِفَالِهَا
…
وتَنقَحْ كِشَافًا ثُمْ تُنْتِجْ فَتُتْمِ
بمعنى أن الحرب إذا هيجتموها تطحنكم طحن الرحا وأتفه الأسباب يلقحها وحملها لا قبل لكم به فكل مصيبة تجر معها مصيبة.
وهذا معنى فتتئم. وولادتها:
فَتُنتجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُهُمْ
…
كَأَحْمَرِ عَادٍ ثُمْ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ
أحمر عاد والصحيح أنه (أحيمر ثمود) عاقر الناقة وهو قُدار بن سالف وخطاه كثير من الشراح ولكن الذي عندي أن العرب في الجاهلية كانت تسمى عادًا الأولى: وثمود الثانية وقال الله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50)} [النجم] فعلم أن هناك عادا الثانية وهي ثمود، والمعنى: أنه يولد لكم أثناء تلك الحروب أبناء كلّ واحد منهم يضاهي في الشؤم عاقر الناقة ثم ترضعهم الحروب وتفطمهم، فتكون ولادتهم ونشاتهم في الحرب فيصبحون مشائيم على آبائهم. ذكر ذلك أبو العباس ثعلب والنص منقول من تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة.
فَتُغلِلْ لَكْم مَا لا تُغِلُّ لأَهْلِهَا
…
قُرَّى بالعِراقِ من قفيزٍ وَدِرْهِمَ
يقول: إن غلت الحرب ليست كغلات قرى العراق التي تغل المكيلات والدراهم وإنما غلتها لكم الموت والهلاك وهذا شأن الحرب. وهذا حث منه لهم على التزام الصلح.
لَعَمْرى لَنعْمَ الحَيِّ جَرَّ عَلَيْهِمُ
…
بِمَا لَا يُواتِيهِمْ حُصَيْنُ بنُ ضَمْضَمِ
حصين بن ضمضم هذا من بني مُرّة لَمْ يوافقهم على الصلح ولما اجتمعوا على عقد الصلح شَدَّ على رجل منهم فقتله وقصته تأتي في البيت الذي بعده.
وَكَانَ طَوَى كَشْحًا على مُسْتَكِنَّةٍ
…
فَلَا هُو أَبْداهَا وَلَمْ يَتَجَمْجَمِ
وَقَالَ سَأَقْضِي حَاجَتي ثُمَّ أَتَّقِي
…
عَدُوِّي بأَلْفٍ مِنْ وَرَائِي مُلْجَمِ
فَشَدَّ وَلَمْ يُفْزغ بُيُوتًا كَثِيرَةً
…
لَدَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ
وملخص هذه القصة: أن رجلًا من عبس، قتل أخًا للحصين بن ضمضم قبل الصلح، فلما عرف الحصين أنهم يريدون الصلح، أضمر في نفسه الأخذ بثأره، بقتل قاتل أخيه، أو بقتل رجل من أهله، إلى أن لقي رجلًا من عبس فشد عليه وقتله، واعتمد على أن يناصره، ألف فارس من قومه، إذا غضبت عبس
لقتيلها، فثارت عبس، وتدارك الحارث بن عوف الشر، فدفع مائة من الإبل دية القتيل، وتم الصلح بين عبس وذبيان.
ومعنى الكلمات: المستكن المستر داخل الضمير فلم يبديها حتى يؤخذ الحذر منه ولم يتقدم للصلح، وأم قشعم: المنية.
لَدَى أسَدٍ شَاكِي السِّلَاح مُقَذَّف
…
لَهُ لبَدّ، أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
يصف في هذا جيش بني عبس الذي لم يعلم بالجريمة ولو علم بها لدافع أشد الدفاع ويقول: كان هذا عند رجل كالأسد الذي له لبد على عنقه، ولم تقلم أظافره وهو شائك السلاح يقذف به في الحروب.
جَريءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقِبْ بِظُلْمِهِ
…
سرَيعًا وَإِلَّا يُبْدَ بالظُّلْم يَظْلِمِ
يصف هذا الجيش بأنه جريء إذا ظلم عاقب ظالمه سريعًا بظلمه وإن لَمْ يبدأه النّاس باللقاء بدأهم بظلمه لثقته بنفسه.
رَعَوْا مَا رَعَوْا مِن ظمْئِهِم ثُمَّ أَوْرَدُوا
…
غِمارًا تَفَرَّى بالسِّلاح وبالدَّمِ
بمعنى أنهم تركوا الحرب وبقوا يتمتعون بنعيم السلم مدة ثم عادوا وأوردوا أنفسهم غمارًا منها لا تسيل إلَّا بالرماح والدم.
فَقَضَّوْا مَنايَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَصْدَرُوا
…
إلى كَلاءٍ مُسْتَوبَلٍ مُتَوَخِّمِ
لَعَمْرُكَ مَا جَرَّت عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُم
…
دَمَ ابْنَ نَهيَكٍ أَوْ قَتيل المُثَلَّمِ
وَلَا شَارَكَتْ في المَوْتِ في ذَم نَوْفَلٍ
…
وَلَا وَهَب مِنْهَا وَلَا ابْنَ المْحَزَّمِ
ابن نهيك والقتيل الذي قتل في المثلم، ونوفل ووهب وابن المحزم كل هؤلاء عقلهم هرم بن سنان والحارث بن عوف أي كرموا دياتهم لأولياء دمائهم مع أنهم لَمْ يقتلوها برماحهم، وإنما غرموا تبرعًا وإيثارًا للصلح بين القبيلتين.
فكلَّا أَرَاهُم أَصْبَحُوا يَعْقِلُونَهُ
…
عُلَالَةَ أَلْفٍ بَعْدَ أَلْفٍ مُصَتَّمِ
تُسَاقُ إلى قَوْمٍ لِقَوْمٍ غَرامَةً
…
صحيحات مَالٍ طَالعَاتٍ بِمَخْرَمِ
لَجِيٍّ حِلإِلٍ يَعْصِم النَّاسَ أمْرُهُم
…
إذَا طَرَقَتْ إحْدَى اللَّيالي بمُعْظَمِ
المعنى أرى هؤلاء الكرام يعقلون القتلى بألف تام العدد بعدها ألف أخرى من الإبل الصحيحات التي تساق إلى قوم ليبلغوها الآخرين من أولياء القتلى الذين
لَمْ يشعروا بها إلَّا وهي طالعة عليهم فجأة مع خريمة الجبل. وهذه الإبل تساق إلى حي يحفظون جيرانهم إذا نزلت بهم الخطوب العظيمة لأجل المحافظة على ولائهم.
كِرَامٌ فَلَا ذُو التَّبْل مُدْرِكُ تَبْلِهِ
…
لَدَيْهْم وَلَا الجَاني عَلَيْهِمْ بِمُسْلَمِ
قال أبو العباس ثعلب: التَّبْلُ، والضِّغْنُ، والْحقْدُ، والغُمْرُ، والضَّبُّ، والحَسَيَفَة والحَسيكَة، والدِّمْنَةُ: غِلٌّ في الصدر يجده الرَجل على صاحبِهِ، ويقال: لي عند بني فلان. طَائِلة، وَذَحْلٌ، وتَبْلٌ، وَوَتْرٌ، وَوَغْرٌ، ودِعْثٌ. هَذا كله شيء واحد.
قلت: التبل في البيت: بمعنى الوتر، وهو أنهم كرام، فلا يدرك صاحب الحقد ثأره منهم، ولا يخذلون من جنى عليهم من جيرانهم، وحلفائهم، بل يمنعونه ممن رامه بسوء.
سَئمْتُ تكَاليف الحَيَاةِ ومَن يَعشْ
…
ثَمَانِينَ حَولًا لَا أَبَالَكَ يَسْأَمِ
رَأَيْتُ المَنايَا خَبْطَ عَشْواءَ مَنْ تُصِبْ
…
تُمِتْةُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
يقول زهير: إني مللت مشاق الحياة والشدائد التي نالتني بها ليس بوسعي تحملها وحُق لمن مثلي عامثن ثمانين سنة أن يسأم.
قلت: هذا البيت من زهير يدلُّ على حصافة ورأي سديد واعتبار بمن مضى من الأمم، وفرق بين عقليته وعقلية أناس اليوم، فكثير من شيوخ هذا الزمن إذا كبر كبر معه حب الدنيا وطول الأمل. فتراه يزيد حرصه على المال وهو لَمْ ينتبه أنه عاش كلّ هذه السنين وهو مرروق ولم يمت جوعًا. فالذي رزقه كلّ هذه المدة لا شك أنه قادر على أنَّ يرزقه ما بقي من عمره، ولكننا لا نعتبر ولا نفكر.
وأما قول زهير: رأيت المنايا خبط عشواء. فهذا على حسب معلومات الجاهليين وظنونهم، أما الحقيقة التي عرفناها من دين الإسلام فهي أن المنايا لا تأتي إلَّا بأمر الله وذلك حين ينتهي الأجل والرزق فلم يعد للإنسان بقاء في هذه الدنيا. حينذاك يقول الله اقبضوا روح عبدي ليس بعد الأربعين نمو، والشيخ إذا
كان سفيهًا فمتى يكون عاقلًا. وأما الفتى فكلما تقدمت سنة ازداد معرفة وخبرة، وكبر عقله وهذا مشاهد.
سَأَلْنَا فَأَعْطَيْتُمْ وَعُدْنَا فَعُدْتُمُ
…
وَمَن كثَرَ التَّسآل يَوْمًا سَيُحْرَمِ
يقول: سألناكم رفدكم ومعروفكم فجدتهم بهما علينا فعدنا إلى السؤال وعدتم إلى النوال. ومن أكثر السؤال حرم يومًا لا محالة.
وبهذا تم ما أدت التعليق عليه وما قصدت تسجيله من معلقة زهير بن أبي سلمى المزني وشعر هذا الرجل كثير وقد دوِّن وشرح شروحًا كثيرة فمن شاء الاطلاع عليه فإنه متوفر بالمكتبات.
وهذه التعليقات التي أوردتها خلف أبيات القصيدة مستقاة من شرح ديوان زهير. نشر المكتبة الثقافية بيروت، ومن شرح شعر زهير لأبي العباس ثعلب بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، ومن شرح المعلقات السبع للزوزني مع تصرف في بعض التعليقات واختصار للمطول منها.
فصل: في البحث في إيمان هذا الشاعر الحكيم
اختلف النّاس اختلافًا كثيرًا، حول إيمان زهير بن أبي سلمى قبل البعثة وللناس فيه آراء كثيرة. فمنهم من يقول آمن زهير وعده من قبل من أهل الفترة، كورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو بن نفيل، وقس بن ساعدة الإيادي. ومنهم من جعله اتبع أحبار اليهود والنصارى وآمن بمعتقداتهم وأخذ علمه منهم وهذا ما قررته الأستاذة: فتحية محمود فرج العقدة في مؤلفها المسمى "الفكرة والصورة في شعر زهير بن أبي سلمى" حيث قارنت في كتابها هذا بين نصوص من التوراة والإنجيل وبين الجانب الديني في شعر زهير فخرجت بشبه الاقتناع بإيمان زهير بل نقلت ما قاله ابن قتيبة في الشعر والشعراء ووافقته في قوله: كان زهير يتألّه ويتعفف في شعره ويدل شعره على إيمانه بالبعث"
(1)
. وعلق الألوسي في كتابه بلوغ الأرب بعد أن شرح الأبيات الدالة على إيمان زهير قائلًا: فقد اعترف في هذه الأبيات بوجود الباري - عز اسمه - وأثبت له سبحانه صفات الكمال كالعلم والحياة
(1)
ص 75 من كتاب الفكرة والصورة للأستاذة فتحية محمود فرج العقدة.
والقدرة، وأقر بالبعث والنشور، والثواب والعقاب، والحفظة وغير ذلك مما جاءت به الحنيفية البيضاء وهذا أدل دليل على يقينه وإيمانه
(1)
.
وقال هؤلاء وغيرهم: إن زهيرًا كان يتكلم بالحكمة، وكان شعره موافقًا لما جاء به الإسلام، فمن ذلك قوله:
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم
…
ليخفي ومهما يكتم الله يعلم
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر
…
ليوم الحساب أو يعجل فينقم
فإيمانه واضح في هذين البيتين: فهو مؤمن بالله وبعلمه وأن الله لا تخفي عليه خافية. كذلك إيمانه بالجزاء والحساب، وأن المعاصي إما أن تعجل العقوبة لصاحبها في الدنيا، وإما أن تؤخر له في الآخرة. فهذا من الأدلة على إيمانه، ثم إنه يقول أيضًا:
تزوّد إلى يوم الممات فإنه
…
ولو كرهَتْه النفس آخر موعد
ويقول:
حياض المنايا ليس عنها مزحزح
…
فمنتظر ظمئًا كآخر وارد
خبال وسقم مضني ومنية
…
وما غاب إلَّا آخر شاهد
فلو كان حي ناجيًا لوجدته
…
من الموت في أحراسه رب رامد
أو الخضر
(2)
لَمْ يمنع من الموت ربه
…
وقد كان ذا مال طريف وتالد
ألم تر أن النّاس تخلد بعدهم
…
أحاديثهم والمرء ليس بخالد
قالوا: وهذا أيضًا إيمان بفناء الدنيا وهو موافق لما نحن مؤمنون به. وقالوا: إنه كان يمر بالغضاة. وقد أورقت بعد يبس ويقول: لولا أن تسبني العرب لآمنت
(1)
بلوغ الأرب (2 - 278).
(2)
الحَضْرُ اسم مدينة بنيت بالحجارة المهندمة بيوتها وسقوفها وأبوابها كان يقال لملكها الساطرون فزال ملكهـ كما زال غيره من الأمم وانهدمت الحضر وسورها العجيب، فما أعظم العبر وأكثرها لو نعتبر. انظر المعجم الياقوت.
قلت: والحضر أيضًا جبل قائم على مدينة الفوَّارة من الشرق لكن المقصود عند زهير هي مدينة ذكرت هذا البيان الاختلاف في الإتلاف، والله أعلم.
أن الذي أحياك بعد يبس سيحيي العظام وهي رميم. وقد نزل القرآن بذلك في آخر سورة يس. وقد كان يقول:
ألا ليت شعري هل يرى النّاس ما أرى
…
من الأمر أو يبدو لهم ما بداليا
بدا لي أن النّاس تفنى نفوسهم
…
وأموالهم ولا أرى الدهر فانيا
وإن متى أهبط من الأرض تلعة
…
أجد أثرًا قَبَلي جديدًا وعافيا
أراني إذا ما بتُّ بتَّ على هوى
…
فثم إذا أصبحت أصبحت غاديا
إلى حفرة أهوي إليها مقيمة
…
يحث إليها سائق من ورائيا
كأني وقد خلفت تسعين حجة
…
خلعت بها عن منكبي ردائيا
بدا لي أني عشت تسعين حجة
…
تباعًا وعشرًا عشتها وثمانيا
بدا لي أن الله حق فزادني
…
إلى الحق تقوى الله ما بدا ليا
بدا ليا أني لست مدرك ما مضى
…
ولا سابقي شيء إذا كان جائيا
وما إن أرى نفسي تقيها كريمتي
…
وما إن تقي نفسي كريمة ماليا
ألا لا أرى على الحوادث باقيًا
…
ولا خالد إلَّا الجبال الرواسيا
وإلا السماء والبلاد وربنا
…
وأيامنا معدودة واللياليا
أراني إذا ما شئت لاقيت آية
…
تذكرني بعض الذي كنت ناسيًا
ألم تر أن الله أهلك تُبَّعًا
…
وأهلك لقمان بن عادٍ وعاديا
وأهلك ذا القرنين من قبل ما ترى
…
وفرعون أردى جنده والنجاشيا
ألا لا أرى إمة
(1)
أصبحت به
…
فتتركه الأيام وهي كما هيا
أم ترى للنعمان كان بنجوة
…
من العيش لو أن امرءًا كان ناجيا
فعبر عنه رُشْد عشرين حجة
…
من الدهر يوم واحد كان غاويا
فلم أر مسلوبًا له مثل قرضه
…
أقلّ صديقًا معطيًا أو مواسيا
فأين الذين كان يعطي جياده
…
بأرسانهن والحسان الحواليا
(1)
الإمة: النعمة.
وأين الذين كان يعطيهم القرى
…
بغلاتهن والمئين الغواليا
وأين الذين يحضرون جفانه
…
إذا قدمت ألقوا عليها المراسيا
رأيتهم لَمْ يشركوا بنفوسهم
…
منيته لما رأوا أنَّها هيا
سوى أن حيًا من رواحة أقبلوا
…
وكانوا قديمًا يتقون المخازيا
يسيرون حتى حَبَّسوا عند بابه
…
ثقال الروايا والهجان المتاليا
فقال لهم خيرًا وأثنى عليهم
…
وودَّعهم وداع أن لا تلاقيا
وأجمع أمرًا كان ما بعده له
…
وكان إذا ما اخلولج الأمر ماضيا
(1)
قالوا فهل بعد هذا من إيمانه تشك فيه؟ والجواب عن هذا كله من وجوه:
الوجه الأول: هو أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما بلغته قصيدة كعب قبل إسلامه والتي سنسوقها في ترجمة كعب والتي يقول فيها لأخيه بجير:
وخالفت أسباب الهدى واتبعته
…
على أي شيء ريب غيرك دلكا
على خلق لَمْ تلف أمًا ولا أبًا
…
عليه ولم تدرك عليه أخًا لكا
قال صلى الله عليه وسلم: أجل لَمْ يدرك عليه أباه ولا أمه. فهذا من الأدلة القاطعة على أنَّ زهيرًا لَمْ يؤمن، وإن كان عارفًا فمجرد المعرفة لا تكفي ما لَمْ يتوجها صاحبها بالتصديق والاعتقاد الجازم. وهذا شيء من المؤسف أن نجده في مجتمعنا كثيرًا، وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها. فلو خلا الإنسان بنفسه وتدبَّر كيفية إيمانه لوجد أنه لَمْ يقتنع اقتناعًا جادًّا وإنما وجد آباءه مؤمنين فاتبعهم. وحصاد هذا أننا الآن لا نتورع عن الغش والخديعة، والكذب، والغيبة والنميمة، والبطر، وإنفاق السلع
(1)
ولهذه الأبيات قصة وهي أن النعمان بن المنذر حين طلبه كسرى ليقتله خرج فأتي طيئًا وكانت ابنة أوس بن حارثة الطائية عنده فأتاهم فسألهم أن يدخلوه جبلهم ويؤووه فابوا ذلك عليه وكانت له في بني عبس يد؛ لأنَّ مروان بن زنباع كان قد أسر فأحسن في أمره وكلَّم فيه عمرو بن هند عمه وتشفع له على أن عوف بن محلم قد كان أمنه يومئذ وجاء به معه حتى وضع عوف نفسه في يد عمرو بن هند ثم وضع يد مروان على يده ويومئذ قال عمرو بن هند (لا حُرَّ بوادي عوف) فحمله النعمان وكساه فكانت بنو عبس تشكر ذلك للنعمان. فلما هرب من كسرى ولم تدخله طيئ جبلها لقيته بنو رواحة من عبس فقالوا له: أقم فينا فإنا نمنعك ما نمنع منه أنفسنا فأثنى عليهم خيرًا، وقال: لا طاقة لكم بكسري فيومئذ قال زهير هذه القصيدة. ذكر ذلك أبو العباس عن حماد انظر شرح شعر زهير ص 206.
بالحلف الكاذب، فتأمل ذلك قارئي العزيز. واخْلُ بنفسك قليلًا وتدبَّر كيفية بناء دينك فإذا لَمْ يكن على أساس صحيح فثبت اساسه بتصحيح الاعتقاد وستجد عند ذلك حلاوة الطاعة، وتعرف قبح المعصية، كان الله بعون الجميع.
فالمقصود أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ولو كان زهير مؤمنًا لَمْ يوافق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الشاعر في قوله هذا وهو قطعا لا يقول إلَّا حقًّا، ولا ينطق إلَّا صدقًا، ولا يوافق على ظلم، فداه أبي وأمي ونفسي.
الوجه الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين على أن يُشهد لآبائهم بالإيمان. ولو لمس كعب بن زهير وبجير بن زهير رضي الله عنهما أن هناك فرصة للاستغفار لوالدهما لَمْ يترددا في ذلك ولطلبا من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له. وهذه لا تغيب عنهما ولا عن غيرهما أبدًا كيف وهما من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم، بل هي منقبة عظيمة لهما أن يكون أبوهما آمن من قبل نزول الوحي وهذا لا يحتاج إلى دليل.
الوجه الثالث: أن بجير بن زهير لما أرسل له كعب تلك القصيدة أجابه بهذه الأبيات:
من مبلغ كعبًا فهل لك في التي
…
تلوم عليها باطلًا وهي أحزم
إلى الله (لا العزى ولا اللات) وحده
…
فتنجو إذا كان التجاء وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت
…
من النّاس إلَّا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه
…
ودين أبي سلمى عليَّ محرم
فهذه شهادة من بجير رضي الله عنه وتبرؤه من دين أبيه وجده مما يدلُّ دلالة واضحة على أنَّ زهيرًا مات على دين آبائه، وأن علومه ومعارفه لَمْ تغن عنه شيئًا لأنه لَمْ يعتقدها، ومن هذا المنطلق يتبين أن العقيدة هي الأساس، وأن الإيمان هو الأعمال الباطنة بمعنى الاعتقاد الجازم الذي لا يشوبه شك أو شبهة، وأن الإسلام هو الأعمال الظاهرة كالصلاة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك
(1)
، فلو
(1)
القاعدة المعروفة أنه إذا ذكر الإيمان على التصديق والاعتقاد ودلَّ الإسلام على الأعمال الظاهرة التي هي أعمال الجوارح، وإذا ذكر الإيمان دخل فيه الإسلام.
آمن زهير حقيقة لَمْ يطالب بالأعمال الظاهرة التي لَمْ تفرض إلَّا بعد وفاته، ولكن نقصه الاعتقاد، فلم ينفعه علمه بيوم الميعاد.
وهنا أريد أن أذكر من حَمَّلَهم الله مسؤولية تربية الأجيال، بأن عليهم غرس العقيدة الصافية في قلوب الناشئة فعليها ينبني الإسلام وهي التي تحمل النشء فيما بعد على امتثال الأوامر واجتناب النواهي وعمل الصالحات فإنا نجد أن الله سبحانه وتعالى كثيرًا ما يقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
…
} [الكهف: 30] فتبين لنا أن العمل بعد الإيمان، وهذا هو مراده تعالى من قوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
…
} [محمد: 19] وهذا ليس بجديد فقد عرفه المصلحون ودعوا إليه. وما نفتأ نسمع الدعوة إلى هذا الأمر من جلالة المصلح الكبير فهد بن عبد العزيز، فلا توجد خطبة من خطبه ولا توجيهًا من توجيهاته حتى وإن كان لقاءً صحفيًا إلَّا وفيها الحث على التمسك بالعقيدة ولكن من المؤسف حقًّا أن نسمع كلمات المصلحين تتردد في كلّ مناسبة ولا نلقي لها بالًا وهذا ما أصبنا به، فاللهم سلم.
الوجه الرابع: ما ذكره (الشهرستاني) في الملل والنحل، لما ذكر المؤمنين في الفترة قال: ومن هؤلاء زهير بن أبي سلمى كان يمر الغضاة وقد أورقت بعد يبس. فيقول: لولا أن تسبَّني العرب لآمنت بمن أحياك بعد يبس سيحيي العظام وهي رميم. قال: ثم آمن بعد ذلك وقال قصيدته المعلقة ا هـ.
ومن هنا علمنا أن زهيرًا لَمْ يؤمن لأنه قال: لولا أن تسبَّني العرب لآمنت بمن أحياك، فقدم الخوف من مسبة العرب على معرفته وعلمه فمات كما قال بجير رضي الله عنه (فدين زهير وهو لا شيء دينه) فتبين بذلك ما أثبتناه، نعوذ بالله من علم لا ينفع. فتأمل قصة هذا الرجل الذي محمد من أعلم أهل زمانه وأحكمهم. وقارن بين علومه ومعارفه وبين ما مات عليه، يتبين لك الفرق بين الإسلام والإيمان وبين مُجَّرد العلم والاعتقاد والله المستعان.
هذا، وقد كانت ولادة شاعرنا سنة 520 م وتوفي سنة 627 م وقد عاش مائة سنة وثمان سنين على الأصح وحسب قوله في قصيدته التي قدمناها. والله أعلم.
خنساء بنت زهير
قال أبو العباس: وقالت خنساء أخت زهير ترثي أخاها
(1)
.
قلت: بل هي بنت زهير لأنَّ أخت زهير اسمها سُلمى بنت أبي سُلمى وهي شاعرة مجيدة، وإنما هذه الأبيات الخنساء بنت زهير كما علمنا وهي تقول في مرثية أخيها سالم:
لا يغني توقي المرء شيئًا
…
ولا عقد التميم ولا الغضار
إذا لاقى مَنيتّه فأمسى
…
يساق به وقد حق الجوار
ولا قاه من الأيام يوم
…
كما من قبل لَمْ يخلد قدار
تقول: لا يغني عن المرء شيء يتوقي به عن الموت، ولا تنفع التمائم، والعوذ. وهذا يبين لنا مدى ما هم متعلقين به من هذه التمائم. إلَّا أن خنساء تنكرها وتعلم أنَّها لا تضر ولا تنفع. وهو يدلُّ على أنَّ القوم أصحاب عقول ولكن أضلها باريها. وعلَّق أبو العباس على هذا بقوله: كان أحدهم إذا خشي المرض علَّق على نفسه خزفًا من الخزف الأخضر فلا يدنو منه المرض
(2)
.
قال مؤلفه عفا الله عنه: لا أدري كيف غفل أبو العباس عن التعليق على هذا الكلام مع أنه ساقه بصيغة التمريض فقال: يقال. ولكن لا يجب السكوت على مثل هذه الشركيات حتى يبين الحق فيها، فهي أمور قد جاء الإسلام بإبطالها، وأخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)
(3)
. والودعة هي الخزف الأخضر. وقال صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت الطيرة عنده (أحسنها الفأل ولا ترد مسلمًا فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلَّا أنت ولا يدفع السيئات إلَّا أنت ولا حول ولا قوة إلَّا بك)
(4)
.
وهذه الأبيات وأبيات لزهير تقدمت تدل على أنَّ القوم يحفظون تاريخ الأمم قبلهم وأنهم على علم بما فعل بهم. ولكن العادات القَبَلية والتقاليد صرفتهم عن التفكير في البحث عن دينهم الأول وهو دين إبراهيم الحنيفية السمحة فطغى عليهم تقليد الآباء ونسوا ما خُلقوا له.
(1)
شرح شعر زهير ص 271.
(2)
شرح شعر زهير ص 271.
(3)
رواه أحمد عن عُقبة بن عامر.
(4)
أخرجه أبو داود بسند صحيح عن عُقبة بن عامر.
وأبيات الخنساء هذه لها قصة أوردها أبو العباس فقال: كان لزهير ابنٌ يقال له سالم جميل الوجه حسن الشعر، فأهدى إليه رجل بُرْدَيْن فلبسهما وركب فرسًا له خيارًا وهو بماءة يقال لها النُّتَاءَةُ: مَاءُ لِغِنِي
(1)
. ومرَّ بامرأة من العرب فقالت: ما رأيت كاليوم قطُّ رجلًا ولا بردين ولا فَرَسًا أحسن، فما مضى قليلًا حتى عثر به الفرس، فاندقت عنقه، وانشق البردان واندقت عنق الفرس.
فقال زهير يرثي ابنه سالمًا:
رأت رجلًا من العيش غبطة
…
وأخطاه فيها الأمور العظائم
وشبَّ له فيها بنون وتوبعت
…
سلامة أعوام له وغنائم
فأصبح محبورًا يُنَظَّرُ حَوْلَهُ
…
بمغبطة لو أن ذلك دائم
وعندي من الأيام ما ليس عنده
…
فقلت تَعَلَّم إنما أنت حالم
لَعَلَّك يومًا أن تراعي بفاجع
…
كما راعني يوم النُّتَاءَةِ سالم
(2)
وقالت بنت زهير الأبيات السابقة. والخنساء شاعرة كبيرة ولكن لَمْ يصل إلينا من شعرها سوى ما دوِّن مع شعر أبيها.
(1)
غني قبيلة من قيس عَيْلان من مُضَر، والنتاءة هي الشبيكية الآن المعروفة في أعالي القصيم، قال ذلك العبودي في معجمه وانتصر له ولا إخاله إلَّا على حق حسب اطلاعنا.
(2)
أبو العباس بتحقيق الدكتور قباوة ص 225، 256.
ومن مُزَيْنَة: كعب بن زهير بن أبي سُلمى
هذا صحابي جليل لا يحسن بنا أن نذكره في فترة ما قبل الإسلام ولكن ولادته كانت قبل البعثة، وشب وترعرع في بادية نجد وتعلم الشعر هناك، والحديث عن حياته بعد إسلامه ليس هذا موضعه ولكن نسوق قصته مع الشعر في الجاهلية:
قال أبو العباس: تحرك كعب بن زهير بقول الشعر فكان زهير ينهاه مخافة أن يكون لَمْ يستحكم شعره فيروي له ما لا خير فيه، فكان يضربه في ذلك، ففعل به مرارًا يضربه وينتهره فغلبه فطال ذلك عليه فأخذه فحبسه. ثم قال: والذي أحلف به لا تتكلم ببيت شعر ولا يبلغني أنك تريغ الشعر (أي تطلبه) إلَّا ضربتك ضربًا ينكلك عن ذلك فمك، محبوسًا عدة أيام ثم أخبر أنه يتكلم به فدعاه فضربه ضربًا شديدًا ثم أطلقه وسرحه في بهيمه وهو غليِّم صغير فانطلق فرعاها ثم راح بها عشية وهو يرتجز:
كأنما أحدو ببهمي عيرًا
…
من القرى موقرة شعيرًا
فخرج زهير إليه وهو غضبان فدعا بناقته وكَفَلَها بكسائه. ثم قعد عليها حتى انتهى إلى ابنه كعب فأُخذ بيده فأردفه خلفه، ثم خرج يضرب ناقته وهو يريد أن يتعنت ابنه كعبًا ويعلم ما عنده ويطَّلع على شعره فقال زهير حين برز من الحي:
إني لَتُعْديني على الهمّ جَسْرة
…
تَخُبُّ بوصَّال صروم وتَعْنِقُ
ثم ضرب كعبًا وقال أجز يالكع "أجز قل هذا، واللكع الليثم الأحمق" فقال كعب:
كبناية القريبي موضع رحلها
…
آثار سعيها من الدف أبلق
فقال زهير:
على لاحب مثل المجرة خلته
…
إذا ما علا نشزا من الأرض مهرق
ثم ضرب كعبًا وقال أجز يالكع. فقال كعب:
منير هداه ليله كنهاره
…
جميع إذا يعلوا الحزونة أفرت
ثم استمر زهير وابنه كعبًا على هذا المنوال حتى عرف جودة شعره وأنه لا يحسن به أن يرده عن قول الشعر. فأمسك بيده وقال له أذنت لك يا بني في الشعر. فلما نزل كعب وانتهى إلى أهله وهو صغير يومئذ قال:
أبيت فلا أهجو الصديق ومن يبع
…
بعرض أبيه في العاشر ينفق
(1)
ونكتفي بهذا القدر من سيرة هذا الصحابي الجليل لنستأنف سيرته الإسلامية مع الصحابة الكرام رضي الله عنهم وحشرنا في زمرتهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ومن مُزَيْنَة: معن بن أوس المزني
هو معن بن أوس بن نصر بن زياد بن سعد بن أسحم بن زبيد بن عدي بن ثعلبة بن ذؤيب بن سعد بن عدي بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مُضَر. هكذا نسبه الأستاذ عمر محمد سليمان القطان في كتابه الذي أفرده لهذا الشاعر
(2)
وهو من الشعراء المخضرمين عاش في الجاهلية وفي الإسلام وبقي إلى أيام ابن الزبير، وكانت له منزلة عند خلفاء بني أمية إذ كان معاوية بن أبي سفيان يفضل مُزَيْنَة في الشعر ويقول: كان أشعر أهل الجاهلية منهم وهو زهير، وكان أشعر أهل الإسلام منهم وهو ابنه كعب، ومعن بن أوس.
وقال عبد الملك بن مروان لنفر من أهل بيته وولده: ليقل كلّ واحد منكم أحسن شعر سمع به. فذكروا لامرئ القيس والأعشي وطرفة فأكثروا حتى أتوا على محاسن ما قالوا. فقال عبد الملك: أشعرهم والله معن بن أوس المزني. وفي تمييز الكلام جيده من رديئه، ونادره من بارده. قال أبو هلال العسكري: "الكلام أيدك الله يحسن بسلاسته، وسهولته، ونصاعته، وتخير لفظه وإصابة معناه، وجودة مطالعه ولين مقاطعه، واستواء تقاسيمه، وتعادل أطرافه، وتشابه أعجازه
(1)
شرح شعر زهير ص 185، 186.
(2)
شعر معن بن أوس المزني للقطان، ص 11.
بهواديه، وموافقة مآخيره لمباديه، مع قلة ضروراته بل عدمها أصلًا حتى لا يكون لها في الألفاظ أثر، فتجد المنظوم مثل المنثور في سهولة مطلعه، وجودة مقطعه، وحسن رصفه وتأليفه، وكمال صوغه وتركيبه، فإذا كان الكلام كذلك كان بالقبول حقيقًا والتحفظ خليقًا كقول معن بن أوس
(1)
.
لعمرك ما أهويت كفي لريبة
…
ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها
…
ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة
…
من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي
ولست بماشٍ ما حييت لمنكر
…
من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
وروى الأصبهاني: أن معن بن أوس المزني سافر إلى الشام وخلَّف ابنته ليلى في جوار عمر بن أبي سلمة وأمه أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنهما، وفي جوار عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. فقال له بعض عشيرته: على من خلّفت ابنتك ليلى في الحجاز وهي صبية ليس لها من يكفلها فقال:
لعمرك ما ليلى بدار مضيعة
…
وما شيخها إن غاب عنها بخائف
إن لها جارين لن يغدرا بها
…
ربيب النبي وابن خير الخلائف
وقال أيضًا وأظنها في عبيد الله بن زياد:
ألا من مبلغ عني رسولًا
…
عُبيدَ الله إذْ عَجِلَ الرِّسالا
تَعاقَلَ دُونَنَا أبْناءُ ثَوْرٍ
(2)
…
ونحن الأكثرون حصًى ومالا
إذا اجتمعوا حَضَرْتَ فَصِرْتَ رِدفًا
…
وراء الماسحين لك السبالا
أبناء ثور هنا هم بنو ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة وهم مزينة، وروى (إذا اجتمعوا حضرتَ فجئتَ ردفًا) والردف هو كل شيء تبع شيئًا ومنه الرديف.
(1)
نقل هذا النص من كتاب القطان ص 13.
(2)
أبناء ثور هم مزينة العثمانية فقط ولكنهم يطلقون هذا الاسم على كل مزينة وقد يكون من الشرح ورواة الأخبار وإلا فهم قسمين.
فَلَا تُعْطِي عَصَا الخُطَباءِ فيهُم
…
وقَدْ تُكْفَى الْمقَادَةَ والمْقَالَا
فَإنَّكُم وتَرْك بَني أَبيكُم
…
وأُسْرتُكُم تَجرُّونَ الحِبالا
وَودُّكُمْ العدى مِمَّن سواكم
…
لكَا الْحيْرانِ يَتَّبعُ الظلالا
تَحُفُّ الْمترَعاتُ إذا شَتَوْنا
…
إذا النَّكْبَاءُ عاقَبَتِ الشِّمالا
نُدِرُّ الحرب ما درَّت عَصُوبًا
…
وَنَخلُبُها ونُمريها عَلَالَا
يقول في هذه الأبيات: إن مزينة أبناء ثور هم الأكثرون عددًا ومالًا وإذا اجتمعوا وحضرت أنت ومن يمسِّحون لك لحاهم جئتم ردفًا لنا. فلا تؤمر عليهم أحدًا فإنهم سيكفونك القول والقيادة. ويقول لعبيد الله: أنتم يا بني أمية حينما تتركون بني أبيكم وهم مزينة؛ لأن الاصل واحد ونسب قريش ونسب مزينة واحد إلى إلياس بن مُضَر. كأنكم حيارا تتبعون الظلال، والواجب عليكم أن تولوا الأمور من هو أقرب لكم نسبًا. والشروج قليب لبني عبس وكذلك ماء بقرب جبلي طيئ. والنكباء ريح انحرفت عن مهابّ الرياح القُوَّم ووقعت بين ريحين.
وقال معن:
أَتَهْجُرُ نُعْمًا أمْ تُديمَ لَهَا وَصْلًا
…
وَكَمْ صَرَمَتْ نُعْمٌ نُعْمٌ لذي حُلَّةٍ حَبْلَا
إذَا أَنْتَ عَزّيْتَ الفُؤَادَ عَنِ الصَّبَا
…
تَذَكَّرْت منْهَا الأُنْسَ والْمنْطِقَ الرِّسْلا
وَذَا أُشْرِ عَذْبًا تَرِفُّ غُرُوبهُ
…
وَسَالِفَةٍ في طُولِهَا جُدِلَتْ جَدْلا
وَنَحْرًا كَفَا ثُورِ اللُّجَيْن وَنَاهِدًا
…
وَبطْنًا كَغِمْدِ السّيْفِ لَمْ يدرِ ما الحمْلَا
فَإِنْ تَكُ نُعْمٌ صَرّمتْني فإِنَّهَا
…
تَريشُ وَتَبْري لي إذا جئتُهَا النَّبْلَا
تَبَدِّي فَتَدْنُو ثُمَّ تَنْأَى بِوَصْلِهَا
…
لِتَبْلُغَ مِنِّي أَوْ لِتَقْتُلَني قَتْلًا
فَمَا الحْبْلُ مِن نُعْمٍ بَباقي جَديدُهُ
…
وَلَا كَائنٌ إلَّا المَواعِيدَ وَالْمطْلَا
وَرَدَّ قِيَانَ الحيّ حين تَحَمَّلوا
…
لبَيْنَهْمَ أُدْمًا مُخَيَّسَةً بُزْلَا
رَفَعْنَ غَداةَ البَيْن خَزِّا وَيُمْنَةً
…
وَأَكْسيَتِ الدِّيبَاجِ مُبَطّنَةً خَمْلا
عَلَى كُلِّ فَتْلَاءَ الذِّرَاعَيْن جَسْرَةٌ
…
تَمُرُّ على الحْاذين مَطّردًا جَثْلَا
وَأَصْهبَ نَصَّاحَ المْقِدِّ مُفَرَّجٌ
…
جلَالٍ عَلَى الحْزَّانِ يَسْتَضْلِعُ الحَمْلا
فَأَتْبَعْتُ عَيْنيَّ الحْمُولَ صَبَابَةً
…
وَشَوقًا وَقَدْ جَاوَزْنَ مِن عَالِجٍ رَمْلَا
عِظَامُ مَغِيل الهَام غُلْبًا رِقَابُهَا
…
مُعَرقَةَ الأَلْحِي يَمانَيةً هُدْلَا
إذا احْتَنَّها الحَادِي الْقَبيضُ تَجَاَسَرَتْ
…
دَوَامِجُ بالْمُومَاتِ تَحْسَبُهَا نَخْلَا
ظَعَائِنُ مِنْ أَوْس وَعُثمانَ كَالدُّمِي
…
حوَاصِنُ لَمْ يُخْزينَ عَمَّا وَلَا بَعْلَا
أَوَانِسُ أَتْرَابٍ وَعينٌ كَأَنَّها
…
نِعَاجُ الصّريمِ أَوْطَنَت بِالرُّبَا بَقْلَا
أوَانِسُ يَرْكُضْنَ الْمُروطَ كَأَنَّها
…
يطَانُ إذَا اسْتَوْسَقْنَ في جُدَدٍ وَحْلَا
فَيَا أَيُّهَا الْمرْءُ الْذِي لَيْسَ صَامتًا
…
وَلَا ناطِقًا إنْ قَالَ فصْلًا وَلَا عَدْلَا
إذ قُلْتَ فَاعْلَمْ مَا تَقُولُ وَلَا تَكُنْ
…
كحَاطِب لَيْل يَجْمَعُ الدِّقَّ وَالجْزْلَا
مُزيْنَة قَوْمي إنْ سَأَلْتَ فَإِنّهُمْ
…
لَهُمْ عزّةٌ لَا تسْتَطِيعُ لَهَا نَقْلَا
وَلَوْ سرْتَ حتّى مَطْلَعِ الشّمْسِ لَمْ تَجدْ
…
لِقوَمٍ عَلَى قَوْمِي وَإنْ كَرُمُوا فَضْلَا
أَعَفُّ وَأَوْفَى بِالصّبَاحِ فَوَارِسًا
…
إذَا الخْيْلُ جَالَتْ في أعنَتَها قُبْلَا
نَقُولُ فَيُرْضى قَوْلُنَا وَنُعِينُهُ
…
وَنَحْنُ أُنَاسٌ نُحْسِنُ الْقِيْلَ وَالفِعْلَا
وَنَحْنُ نَضَيْنَا عَنْ تِهَامَةَ بِالْقَنَا
…
وَبالْجرْدِ يَمْعَلْنَ الرِّقَاقَ بَنَا مَعْلَا
مُدَربَّةٌ قُبَّ البُطُونِ تَرَى لَهَا
…
مُتُونًا طوَالًا أُدِمِجَتْ وَشَويَّ عَبْلَا
إذَا امْتُريَتْ بالقَدّ جَاشَتْ وأزبدت
…
وَإِنْ وَاضَخَتْ تَعْريَبَها وَبَلَتْ وبلَا
لكُلِّ فَتيَّ رخْوَ النِّجَادِ سَمَيْدعٌ
…
وَأَشْمَطَ لَمْ يُخْلَقَ جَبَانًا وَلَا وَغْلَا
بِأَيْديُهم سُمْرَ المُتُونِ مَوَارِنُ
…
وَمَشْهُوَرَةٌ هنْديَّةٌ أَخْضَلَتْ صَقْلَا
إذَا مَا فَرَغْنَا مِنْ قِراعِ كَتِيبَةٍ
…
نَصَبْنَا إلى أُخْرَى تَكُونُ لَنَا شُغْلَا
فكَمْ مِنْ عَدُوٍّ قَدْ أَبَاحَتْ رِمَاحُنَا
…
وَكَمْ مِنْ صَدِيقٍ نَالَ مِنْ سيْبِنَا سَجْلَا
هذا الصحابي الجليل يفخر بعشيرته ويذكر فضلهم وما لهم من مناقب، وفي نظري أن هذه القصيدة قيلت قبل إسلام معن، فإنه ذكر أنه لا حي يفضل مزينة ولو كان قد أسلم لاستثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وإلى هنا نكتفي بهذا القدر لنفرد له ترجمة مختصرة أخرى مع الصحابة رضي الله عنهم.
في ذكر من اشتهر من الصحابة من مُزينة
1 -
أبجر المزني رضي الله عنه: ذكره ابن منده وأبو نعيم. قال أبو نعيم واختلف فيه فقيل: ابن أبجر وقيل أبجر. وصوابه غالب بن أبجر، وأورد حديثًا بسنده إلى عبد الله بن بسر عن ناس من مزينة الطاهرة، أن سيدنا أبجر أو ابن أبجر سأل النبي صلى الله عليه وسلم: فقال يا رسول الله لم يبق من مالي إلا حمري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أطعم أهلك من سمين حمرك" فإنما حرمتها من أجل جوالّ
(1)
القرية". كذا رواه أبو داود. قال: وخالفه غندر فساق بسند آخر إلى عبد الرحمن بن بسر. أن أناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. حدثوا أن سيد مزينة ابن الأبجر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله، ورواه غيرهما فقال غالب بن أبجر. وسيرد في اسم غالب إن شاء الله. أخرجه بن منده وأبو نعيم
(2)
.
2 -
أسيد المزني رضي الله عنه بفتح أوله وكسر السين. قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يومًا أريد أن أسأله، فوجدت عنده رجلًا يريد أن يسأله، فأعرض عنه مرتين أو ثلاثًا، ثم قال:"من كان عنده أوقية ثم سأل، فقد سأل إلحافًا" أخرجه ابن منده وأبو نعيم. قال ابن السكن: إسناده صالح ولم أقف على نسبه. ذكر ذلك الحافظ في الإصابة ونسبه إلى مزينة
(3)
.
3 -
الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه صحابي جليل من المهاجرين روى له مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي من طريق أبي بردة بن أبي موسى عن الأغر المزني أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس، توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم والليلة مائة مرة" وفي رواية مسلم وأحمد عن الأغر المزني وكانت له صحبة.
وذكر أبو نعيم حديث معاوية بن قرة عن الأغر المزني في الوتر ولفظه: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: يا رسول الله إني أصبحت ولم أوتر. قال: "إنما الوتر بالليل. وفي لفظ حديث أبي بردة: إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" أخرجه ابن منده وأبو عمر
(4)
.
(1)
جوال: بتشديد اللام، ويخطئ من يشدد الواو. فتنبه.
(2)
أسد الغابة ج 1 ص 38.
(3)
الإصابة ج 1 ص 63 وأسد الغابة ج 1 ص 91.
(4)
الإصابة ج 1 ص 70.
قلت: وقد حصل إشكال في نسب الأغر فقال بعضهم جهني وقال آخرون مزني، والصحيح أنه مزني. لما أورده الحافظ ابن حجر قال: وكذا جزم ابن عبد البر بأن الأغر المزني، والجهني واحد. وقال أبو علي بن السكن حدثنا محمد بن الحسن عن البخاري قال كان مسعر يقول في روايته: عن الأغر الجهني. والمزني أصح. قال ابن عبد البر يقال: إن سليمان بن يسار روى عن الأغر المزني ولا يصح ومال ابن الأثير إلى التفرقة بين المزني والجهني وليس بشيء، لأن مخرج الحديث واحد. وقد أوضح البخاري العلة فيه وأن مِسعَرًا تفرد بقوله الجهني فأزال الإشكال اهـ
(1)
. وهذا يزيل الشك ويتبين أنه مزني.
4 -
إياس بن هلال ين رئاب بن عبد الله المزني أبو قرة، له ولولده صحبة رضي الله عنهما، روى النسائي وابن ماجه وابن أبي خيثمة وابن السكن والماوردي وغيرهم من طريق يوسف بن المبارك عن عبد الله بن إدريس عن خالد بن كريمة عن معاوية بن قرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرَّس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمَّس ماله
(2)
.
5 -
إياس بن عبد عوف المزني وقيل أبو الفرات كوفي تفرد بالرواية عنه أبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم. أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع الماء) قال علي بن المديني قلت: لسفيان إياس بن عبد المزني روى عنه أبو المنهال يعرف؟ قال: نعم سألت عبد الله بن الوليد بن عبد الله بن معقل بن مقرن المزني عنه فقال هو جدي أبو أمي، وقال أبو عمر هو حجازي روى عنه أبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم
(3)
.
6 -
إياس بن معاوية المزني: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا بد من قيام الليل ولو حلب ناقة ولو حلب شاة وما كان بعد عشاء الآخرة فهو من الليل"
(4)
.
7 -
أرطأة بن سهية. وسهية أمه وهو أرطأة بن زفر بن عبد الله بن مالك بن سواد بن ضمرة المزني، الشاعر المشهور، أدرك الجاهلية وعاش إلى خلافة عبد الملك. قال هشام بن الكلبي: أخبرنا محرز بن جعفر مولى أبي هريرة قال:
(1)
نفس المصدر.
(2)
أسد الغابة (: 154).
(3)
أسد الغابة (1: 156).
(4)
أسد الغابة (1: 159).
دخل أرطأة ابن سهية المزني على عبد الملك بن مروان وقد أتت عليه مائة وثلاثون سنة فذكر قصة.
فعلى هذا يكون مولده قبل البعثة بنحو من أربعين سنة. وقال المرزباني في معجمه: أرطأة ابن سهية يكنى أبا الوليد وكان في صدر الإسلام أدركه عبد الملك بن مروان شيخًا كبيرًا فأنشد عبد الملك:
رأيت المرء تأكله الليالي
…
كأكل الأرض ساقطة الحديد
وما تبغي المنية حين تأتي
…
على نفس ابن آدم من مزيد
وأعلم أنها ستكر حتى
…
توفي نذرها بأبي الوليد
فارتاع عبد الملك وظن أنه أراده. فقال يا أمير المؤمنين إنما عنيت نفسي فسكت. ويقال: إن أرطأة عُمِّر فكان شبيب بن البرصاء يُعيِّره، ويقول: إنه لم يحصل له ما حصل لآل بيته من العمى، فمات شبيب قبل أرطأة، ثم عمي أرطأة. فكان يقول ليته عاش حتى رآني أعمى.
وقال أبو الفرج الأصبهاني: كانت سهية أمة لضرار بن الأزور ثم صارت إلى زفر فجاءت بأرطأة على فراشه. فادعاه فراش ضرار في الجاهلية فأعطاه له زفر ثم انتزعه قومه منه فغلبت عليه النسبة إلى أمه. وقال المررباني كان الحارث بن عوف بن أبي حارثة المزني لابن سهية أم أرطأة وكانت أخيذة من كلب قبل أن تصير إلى زفر فولدت أرطأة على فراش زفر فلما مات زفر وشب أرطأة جاء ضرار بن الأزور إلى الحارث فقال:
يا حارث أطلق بني من زفر
…
كبعض من تطلق من أسرى مُضَر
أعرفه مني كعرفان القمر
…
إن أباه شيخ شقران كفر
فدفعه الحارث لضرار فأردفه خلفه فبلغ أقرم بن عقصان عم أبي زفر فقال لضرار ألقه وإلا انتضيتكما بالسيف فألقاه فما صار أرطأة يعرف إلا أرطأة ابن سهية، ذكر هذا كله الحافظ ابن حجر في الإصابة.
8 -
بجير بن زهير بن أبي سلمى المزني الشاعر: أخو كعب بن زهير الشاعر المشهور أيضًا، أسلم قبل أخيه كعبًا وبعث له بقصيدة يحثه فيها على الدخول في الإسلام وسيأتي ذكر ذلك. مفصلًا في ترجمة كعب بن زهير إن شاء الله. وبجير هذا شهد الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حنين والطائف، وأورد له ابن إسحاق يوم فتح مكة:
نفى أهل الحبلّق كل فج
…
مزينة غدوة وبني خفاف
(1)
ضربناهم بمكة يوم فتح النبي
…
الخير بالبيض الخفاف
صبحناهم بسبع من سُلَيْم
…
وألف من بني عثمان واف
(2)
نطا أكتافهم ضربًا وطعنًا
…
ورشقًا بالمريّشة اللطاف
ترى بين الصفوف لها حفيفًا
…
كما انصاع الفواق من الرصافي
فرحنا والجيادُ تجولُ فيهم
…
بأرماح مقومة الثقاف
فأبنا غانمين بما اشتهينا
…
وآبوا نادمين على الخلاف
وأعطينا رسول الله منا
…
مواثقنا على حسن التصافي
وقد سمعوا مقالتنا فهمَّوا
…
غداة الروع منا بانصراف
ثم أورد ابن إسحاق لشاعرنا بجير بن زهير هذه القصيدة يوم حنين:
لولا الإله وعبدُهُ ولَّيتم
…
حين استخف الرعب كل جبان
بالجزع يوم حبالنا أقراننا
…
وسوابح يكبون للأذقان
من بين ساعٍ ثوبه في كفه
…
ومقطّر بسنابكٍ ولَبَانِ
والله أكرمنا وأظهر ديننا
…
وأعزنا بعبادة الرحمن
والله أهلكهم وفرق جمعهم
…
وأذلهم بعبادة الشيطان
إذ قام عمُّ نبيكم ووليُّه
…
يدعون بالكتيبة الإيمان
أين الذين هم أجابوا ربهم
…
يوم العُريض وبيعة الرضوان
(1)
بنو خفاف بطن من بني سُلَيْم.
(2)
بنو عثمان هم مزينة.
9 -
بدر بن عبد الله المزني: روى عنه بكر بن عبد الله المزني أنه قال قلت يا رسول الله إني رجل محارب، أو محارف لا ينمي لي مال. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا بدر بن عبد الله، قل إذا أصبحت بسم الله على نفسي بسم الله على أهلي ومالي اللهم رضني بما قضيت لي وعافني فيما أبقيت حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت". فكنت أقولهن فأثمر الله مالي وقضى عني ديني وأغناني وعيالي. أخرجه ابن منده وأبو نعيم، ذكره ابن الأثير في أسد الغابة.
10 -
بشر بن عصمة المزني: روى عنه كثير بن أفلح مولى أبي أيوب أنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "خزاعة مني وأنا منهم" ذكره ابن أبي حاتم وأبو أحمد العسكري وابن عبد البر. وذكر سيف في الفتوح أنه كان أحد الأمراء الذين وجههم أبو عبيدة إلى فخذه لكل منهم صحبة. وأورده ابن عساكر فيمن اسمه بشر كالذي هنا والله أعلم قاله الحافظ في الإصابة.
11 -
بشر بن المحتفر المزني: الفارس المشهور قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مع خزاعي بن عبد نهم وبلال بن الحارث وبايعوه على قومهم من مزينة.
12 -
بلال بن مالك المزني: بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني كِنَانة سنة خمس من الهجرة فأشعروا به فلم يصب منهم إلا فارسًا واحد ذكره الحافظ.
13 -
بلال بن الحارث بن عاصم بن سعيد بن قرة بن حلاوة بن ثعلبة بن ثور أبو عبد الرحمن المزني من أهل المدينة أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم العقيق وكان صاحب لواء مزينة يوم الفتح
(1)
وكان يسكن وراء المدينة ثم تحول إلى البصرة، له أحاديث في السنن وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، ذكر ذلك الحافظ في الإصابة فيمن اسمه بلال. قال مؤلفه عفا الله عنه: بلال بن الحارث صحابي جليل ومن رؤساء مزينة وله ذكر كثير في كتب الحديث والسير ولولا ما وعدت به في أول هذه التراجم من الاختصار لأتيت بذكر كل ماله من الأحاديث غير أني أقتصر على نبذة من سيرته لأستكمل ترجمته وافية إن شاء الله في بحث مستقل فأقول هنا:
(1)
يعني أحد ألوية مزينة، فمزينة يوم الفتح معها أربعة ألوية، راجع فتح مكة عند ابن كثير.
إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث:
قال محمد بن سعد في طبقاته: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث المزني. أن له النخل وجزعه (شطره) ذا المزارع والنخل وأن له ما أصلح به الزرع من قَدس وأن له المضة والجزع والغيلة إن كان صادقًا.
وقال الإمام مالك رحمه الله في موطَّئه: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة.
قلت: هذا الإقطاع من النبي صلى الله عليه وسلم بقي في أيدي قبيلة مزينة مدة من الدهر وتلته اقطاعات أخرى. منها حرَّة المدينة الغربية فإنها بقيت في أيدي من بقي من هذه القبيلة إلى ما قبل الحكم السعودي بل فتحت المدينة وهي في أيديهم حيث إن الدولة العثمانية اشترت من مزينة طريق القطار وموقفه في باب العنبرية على تفصيل في ذلك سيأتي ذكره إن شاء الله في موضعه من هذا السفر المبارك. وقال ابن جرير الطبري في تاريخه (3: 192) عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كانت الرمادة جوعًا أصاب الناس بالمدينة وما حولها فأهلكهم حتى جعلت الوحش تأوي إلى الإنس وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها وإنه لمقفر، فكان الناس بذلك وعمر كالمحصور عن أهل الأمصار. حتى أقبل بلاله بن الحارث المزني رضي الله عنه فاستأذن عليه فقال: أنا رسول رسول الله إليك، يقول لك رسول صلى الله عليه وسلم لقد عهدتك كيِّسًا وما زلت على رجْل فما شأنك. فقال: متى رأيت هذا؟ قال: البارحة فخرج فنادى في الناس الصلاة جامعة فصلى بهم ركعتين ثم قام فقال: أيها الناس أنشدكم الله هل تعلمون مني أمرًا غيره خير منه؟ قالوا: اللهم لا. قال فإن بلال بن الحارث يزعم (ذَيْتَ وَذَيْتَ) فقالوا صدق بلال فاستغيث بالله للمسلمين. وكان عمر عن ذلك محصورًا فقال عمر: الله أكبر بلغ البلاء مدته فانكشف، ما أذن لقوم في الطلب إلا وقد رفع عنهم البلاء.
فكتب إلى أمراء الأمصار، أغيثوا أهل المدينة ومن حولها فإنه قد بلغ جهدهم. وأخرج الناس إلى الاستسقاء فخرج وخرج معه العباس ماشيًا فخطب فأوجز ثم صلى ثم جثا لركبتيه، وقال: اللهم إياك نعبد وإياك نستعين اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا، ثم انصرف فما بلغوا المنازل راجعين حتى خاضوا الغدران.
وفي رواية أخرى لابن جرير: فقال أهل بيت من مزينة لصاحبهم، وقد بلغ بنا الجهد من الجوع فاذبح لنا شاة. قال: ليس فيهن شيء، فلم يزالوا به حتى ذبح لهم شاة فسلخ عن عظم أحمر. فنادى: يا محمداه. فأري فيما يرى النائم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فقال أبشر بالحيا. ائت عمر فأقرئه السلام، وقيل له: إن عهدي بك وأنت وفي العهد شديد العقد فالكيس الكيس يا عمر. فجاء حتى أتى باب عمر، فقال لغلامه: أتأذن لرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى عمر فأخبره ففزع وقال: رأيت به مسَّا؟ قال: لا. قال: فأدخله فدخل فأخبره الخبر. فذكره مثله اهـ.
(تنبيه):
هذه الرواية
(1)
أوردتها للتنبيه عليها فقط، فمدارها بجميع رواياتها التي أوردها ابن جرير رحمه الله على (سيف الضبي) وسيف ضعيف في الحديث ولا تخفى حاله على جميع أهل الصنعة الحديثية فقد أفحش ابن حبان القول فيه وحسبك بابن حبان.
وهي ربما لم تكن مقصودة لا من سيف الضبي ولا من ابن جربر يرحمه الله.
ولكن العجب كيف لم يتعرض لها أحد من العلماء يذكر زيفها وباطلها مع أنها تمس العقيدة أن من اطلع عليها لم يعتبر كلمة "يا محمداه" نداء استغاثة! وعلى كل حال فلابد أن نحسن الظن بعلماء المسلمين فقد حفظوا لنا هذا الدين رحمهم ولا حرمهم الأجر والثواب.
(1)
يعني الرواية الأخيرة المشتملة على نداء الاستغاثة، وأما الرواية الأولى فلا بأس بها وهي من مناقبه رضي الله عنه.
ولنا أن نقول: لا يمكن لصحابي جليل كبلال بن الحارث رضي الله عنه أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره فالصحابة رضي الله عنهم أفضل الأمة بعد نبيها، استقبلوا القرآن وحفظوه وعملوا بما فيه. ولا يمكن لأحد من الصحابة الكرام أن يلجأ في الشدائد إلى غير الله وقد نزل عليهم قوله تعالى:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)} [النمل].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم فلم يتجهوا بالدعاء إلا إلى الله أو يطلبون منه
(1)
الدعاء لهم وقد أوضح الله ذلك بما فيه الكفاية فقال: {
…
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64)} [النساء].
إن هذه العقيدة هي قوة الأمة الإسلامية وهي وحدتها، وقد شرق بها أعداء الإسلام منذ ظهوره وأخذوا يكيدون لتفريق المؤمنين.
لعلمهم أنها القوة التي لا تضادها قوى الأرض كلها، وللأسف صرنا نستقبل من أعدائنا كل شيء، وصار بعض المسلمين دعاة إلى ذلك الضلال الذي هو سبب ضعفنا ورجوعنا عن طريقنا المرسوم الذي به عزتنا. ولا شك أن هؤلاء عرفوا من أين نضعف وفيم نفشل. فيا عجبًا لأمة أعداؤها أعرف بدينها منها، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بعاقبة التفرق وحذرنا منها كما في حديث عبد الله بن مسعود الذي أخرجه الإمام أحمد. قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده ثم قال:"هذا سبيل الله مستقيمًا" وخط عن يمينه وشماله ثم قال: "هذه السُبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعوا إليه" ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
…
} [الأنعام]. وقال ابن عباس حول هذه الآية: (أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والتفرقة وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله).
فهل ينتبه المسلمون إلى هذه الدسائس ويستعيدون وحدتهم وتلاحمهم وتكاتفهم فإنا نرى أنه قد حان الوقت الذي به نقول لأعداء الإسلام، كفى تضليلًا وابتداعًا، فقد وضحت الرؤية واستبان الطريق. والله المستعان.
(1)
يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنا لنعجب أشد العجب من إمام جليل كابن جرير الطبري رحمه الله مع ما هو فيه من علم، كيف يورد مثل هذه القصة ويسكت عنها سامحنا الله وإياه وغفر لنا وله
(1)
.
أما أبو عبد الرحمن الصحابي الجليل رضي الله عنه فقال القلقشندي في نهاية الأرب: أبو عبد الرحمن بلال بن الحارث المزني صحابي شجاع أسلم سنة خمس من الهجرة وكان أحد من يحمل ألوية مزينة يوم الفتح، وسكن موضعًا وراء المدينة يعرف بالأشعر
(2)
، ثم شهد غزو أفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكان حامل لواء مزينة يومئذ وهم أربعمائة، وتوفي في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة 60 هـ وعمره ثمانون عامًا.
14 -
جنيد بن سميع المزني لم أطلع له على رواية وقد ذكره العقيلي في الصحابة قاله الحافظ.
15 -
جابر بن عمر المزني: قال الطبري: ولَّاه عمر ما سقت دجلة والفرات فاستعفى. وقال الحافظ: استدركه ابن فتحون ونقل كلام الطبري عن ابن فتحون.
16 -
الحارث بن بلال المزني
(3)
: ذكر سيف في الفتوح عن شيخه أن خالد بن الوليد تركه مع المثنى بن حارثة حين قاسمه من معه من الصحابة. وذكر في موضع آخر أنه كان عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصف جديلة بني طيئ ذكر ذلك الحافظ عنه، وقد ذكره ابن جرير أيضًا في (4: 42).
17 -
الحارث بن عوف بن أبي حارثة المزني: من فرسان الجاهلية ومن سادات مزينة. ذكر أبو عبيد في كتاب الديباج ما يدل على أنه أسلم، وكذا ذكره غيره. قال أبو عبيد: أيام العرب الطوال ثلاثة: حرب ابني قيلة الأوس والخزرج، وحرب داحس والغبراء بين بني غطفان من عبس وفزارة، وحرب ابني وائل بكر وتغلب. ثم حمل الحاملات دماءهم، والحاملات خارجة بن سنان، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المزني. فبعث الله النبي صلى الله عليه وسلم وقد بقي على الحارث بن عوف
(1)
بينما أنا أكتب في هذا أتحفني شيخنا بالأولى من السلسلة الأنصارية ومن ضمنها رسالة سماها "تحفة القاري في الرد على الغماري" أورد فيها أثر بلال هذا وعلق عليه بما يشفي الغليل لطالب الحق، وذكر أن المحدث الجليل الشيخ الألباني وقد وعد بإفراد رسالة لهذا الموضوع فجزاهما الله خير الجزاء.
(2)
هو جبل معروف بهذا الاسم ويقع بين مكة والمدينة وهو إلى المدينة أقرب.
(3)
هو ابن بلال بن الحارث ينحدر منه نسب القبيلة الموجودة الآن من مُزينة في الحجاز.
شيء من دمائهم فأهدره في الإسلام. وكان النبي صلى الله عليه وسلم خطب إليه ابنته فقال لا أرضاها لك إن بها سوءًا ولم يكن بها فرجع فوجدها قد برصت فتزوجها ابن عمها يزيد بن جمرة المزني فولدت له شبيبًا فعرف بابن البرصاء واسم البرصاء قرصافة. ذكر ذلك الحافظ في الإصابة، قال: ذكر ذلك الرشاطي. وقال غيره: قال أبوها إن بها بياضًا، والعرب تكني عن البرص بالبياض، فقال لتكن كذلك فبرصت من وقتها.
قال مؤلفه عفا الله عنه: هذا ما ذكره الحافظ في الإصابة. وهناك الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري ولا أدري أيهما الذي حمل الديات مع خارجة بن سنان وإن كنت قبل الاطلاع على ما ذكره الحافظ جازمًا أن الذي حمل الديات هو المرئي وليس المزني، ولكن عندما قرأت للحافظ ومن نقل عنه الحافظ وقد مر بنا في ترجمة أرطأة ابن سهية حينما عيَّره شبيب بن البرصاء بقوله: إنه لم يحصل له ما حصل لآل بيته من العمى. وعرفنا في هذه الترجمة أن شبيبًا أمه قرصافة وهي مُزينة وأبوه يزيد بن جمرة المزني اختلف الأمر علينا فإما أن يكونا اثنين كلاهما الحارث بن عوف بن أبي حارثة وإما أن يكونا واحدًا، واختلف هل هو المرِّي أو المزني. على أن ابن حزم في الجمهرة ذكر يزيد بن جمرة فقال: يزيد بن جمرة بن عوف بن أبي حارثة بن مرَّة هكذا قال. فتبين لي أن مُرَّة اسم وليس نسبًا، فإن كان كذلك فهو مزني بلا شك وإن كان غيره وهو الذي عليه أكثر المؤرخين فهو مُرّي، غير أن في النفس من هذا شيئًا وعسى أن نعود إليه في بحث آخر ليتضح الصواب، والله الموفق.
18 -
الحارث بن عقبة بن قابوس المزني: من شهداء أحد وهو الذي قال فيه عُمرُ وسعد بن أبي وقاص: إن أحب موتة إلينا موتة المزنيين. لما استشهد مع عمه في أحد وقصتهما كاملة سنوردها إن شاء الله في ترجمة عمه وهب بن قابوس المزني.
19 -
خزاعي بن عبد نُهْم المزني: من سادات مزينة وهو حاجب صنم مزينة قبل الإسلام، قال الحافظ روى ابن شاهين من طريق ابن الكلبي حدثنا أبو مسكين
وغيره عن أشياخ لمزينة قالوا: كان لمزينة صنم يقال له نُهْم وكان الذي يحجبه خُزاعي بن عبد نهم المزني، فكسَّر الصنم ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
ذَهَبْتُ إلىَ نُهْم لأَذْبَحَ عِنْدَهُ
…
عَتِيرةَ نُسْكٍ كَالذِي كُنْتُ أَفْعَلُ
وَقُلْتُ لِنَفْسي حِينَ رَاجَعْتُ حَزْمَهَا
…
أهَذَا إله أبْكَمُ لَيسَ يَعْقِلُ
أَبَيْتُ فَدِيني الْيَوْمَ دينُ مُحَمَّدٍ
…
إلهِي اله السَّمَاء الْماجِدِ الْمُتُفَضِّلُ
قال: فَبايع النبي صلى الله عليه وسلم وبايعه على قومه من مزينة فَأسلَم وَوعد أن يأتي بقومه فأبطأ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت فقال فيه:
أَلَا أَبْلِغْ خُزَاعِيًا رَسُولًا
…
فَإِنَّ الْغَدْرَ يَغْسِلُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّكَ خَيرَ عُثْمَانَ بْنَ عَمْرٍو
…
وَأَسْنَاهَا إذَا ذُكِرَ السَّنَاءُ
وَبَايَعْتَ النَّبي فَكانَ خَيْرًا
…
إلىَ خَيْرٍ وَأَدَّاكَ الثَّراءُ
فَمَا يُعْجِزْكَ أوْ مَا لَا تُطِقْهُ
…
مِنَ الأشْيَاء لَا تَعْجَزْ عَدَاءُ
يعني قبيلته. قال: فلما سمع ذلك أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم معه فأسلموا.
20 -
سبيع بن نصر المزني: نقل الحافظ عن ابن شبه بسنده قال: لما قدم الناس المدينة وكثروا بها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله رجلًا كفانا قومه" فقام سبيع بن نصر فقال من كان هاهنا من مزينة فليقم. فقامت حتى خَفَّت المجالس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله مزينة ثلاث مرات".
21 -
سعيد بن مُقَرِّن المزني: أمَّره خالد بن الوليد على بعض العراق حين توجه إلى الشام في خلافة أبي بكر الصديق، ذكره الطبري وقد قيل: إنه أحد الإخوة من أبناء مقرن وسنتعرض لتحقيق ذلك في موضعه إن شاء الله.
22 -
سنان بن مقرن المزني: أحد الإخوة لم أقف له على رواية قال ابن منده: له ذكر في المغازي، وقال ابن سعد: له صحبة، وأقر ذلك الحافظ في الإصابة.
23 -
سنان بن مخنف المزني صحابي استخلفه النعمان بن مقرن إذ سار إلى نهاوند ولم أطلع له على رواية.
24 -
سهل بن قيس المزني: روى عنه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن عامر بن عبد الله المزني عن سهل بن قيس المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على من أسلف مالًا زكاة" قال ابن الأثير: أخرجه ابن منده وأبو نعيم.
25 -
سويد بن مقرن بن عائذ المزني أحد الإخوة. يُكنَّى أبا عدي سكن الكوفة. قال: لقد رأينا سبعة إخوة. ما لنا خادم إلا واحدة فلطمها أحدنا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نعتقها، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد" أخرجه الثلاثة ذكر ذلك ابن الأثير في أسد الغابة.
وقال الحافظ روى حديثه مسلم وأصحاب السنن، وروى عنه ابنه معاوية ومولاه أبو شعبة وهلال بن يساف وغيرهم.
قال مؤلفه عفا الله عنه: هذا الصحابي الجليل له ذكر كثير في الفتوح وقد بعثه خالد بن الوليد عاملًا على تُسْتُر فنزل منزلًا بها يقال له العَقُر تسمى عقر سويد إلى اليوم ذكره ابن جرير، وذكر ابن جرير كتاب عمر بن الخطاب لنعيم بن مقرن وهو على نهاوند أَنْ سِرْ حتى تأتي هَمَذَان وابعث على مُقَدّمتك سويد بن مقرن وعلى مجنبتيك ربعي بن عامر ومهلهل بن زيد، هذا طائي وذاك تميمي في كلام طويل.
وكتب عمر إلى نعيم بن مقرن أن قدَّم سويد بن مقرن إلى قومس وابعث على مقدمته سماك بن مخرمة وعلى مجنبتيه عتيبة بن النهاس وهند بن عمرو الجملي فَفَصَل سويد بن مقرن في تعبيته من الرَّيِّ نحو قومس فلم يقم له أحد فأخذها سلمًا وعسكر بها، فلما شربوا من نهر لهم يقال له ملاذ فشا فيهم القَصَر
(1)
فقال لهم سويد غيروا ماءكم حتى تعودوا كأهله ففعلوا واستمرءوه وكاتبه الذين لجأوا إلى طبرستان منهم والذين أخذوا المفاوز فدعاهم إلى الصلح والجزاء، وكتب لهم بسم الله الرجمن الرحيم هذا ما أعطى سويد بن مقرن المزني أهل
(1)
أي الكسل، قاله في القاموس.
قومس ومن حَشَوْا من الأمان على أنفسهم ومللهم وأموالهم على أن يؤدوا الجزية عن يدٍ عن كل حالم بقدر طاقته وعلى أن ينصحوا ولا يغشوا وعلى أن يدلُّوا وعليهم نُزْلُ من نزل بهم من المسلمين يومًا وليلة من أوسط طعامهم وإن بدلوا واسْتَخَفُّوا بعهدهم فالذمة منهم بريئة وكتب وشهد.
ثم عسكر سويد بن مقرن (ببسطام) وكاتب ملك جُرْجَان واسمه "رُزْبَان صول" ثم سار إليها وكاتبه (رزبان صول) وبادره بالصلح على أن يؤدي الجزاء ويكفيه حرب جرجان فإن غُلب أعانه فقبل ذلك منه، وتلقاه رزبان صول قبل دخول سويد جرجان فدخل معه وعسكر بها حتى جُبِيَ إليه الخراج وكتب بينهم وبينه كتابًا: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من سويد بن مقرن لرزبان صول بن رزبان وأهل دهستان وسائر أهل جرجان أن لكم الذمة وعلينا المنعة على أن عليكم منهم الجزَاءَ في كل سنة على قدر طاقتكم على كل حالم ومن استعنَّا به منكم فله جزاؤه في معونته عوضًا من جزائه ولهم الأمان على أنفسهم وأموالهم ومللهم وشرائعهم ولا يغير من ذلك هو إليهم ما أدَّوا وأرشدوا ابن السبيل ونصحوا وقَرَوا المسلمين ولم يَبْدُ منهم سَلُّ ولا غِلُّ ومن أقام فيهم فله مثل ما لهم ومن خرج فهو آمن حتى يبلغ مأمنه وعلى أن من سبَّ مسلمًا بُلغَ جَهدُهُ ومن ضربه حلَّ دمه، شهد سواد بن قطبة وهند بن عمرو وسماك بن مخرمة وعتيبة بن النهَّاس وكتب في سنة ثمانية عشرة.
ثم فتح طبرستان وكتب لأهلها كتابًا: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من سويد بن مقرن للفَرخان اصبهبذ خراسان على طبرستان وجيل جيلان من أهل العدو إنك آمن بأمان الله عز وجل على أن تكف لَصْوتَكَ وأهل حواشي أرضك ولا تؤوي لنا بُغْيَة وتتقي من ولي فرج أرضك بخمسمائة ألف درهم من دراهم أرضك فإذا فعلت ذلك فليس لأحد منا أن يغير عليك ولا يتطرق أرضك ولا يدخل عليك إلا بإذنك سبيلنا عليكم بالإذن آمنة وكذلك سبيلكم ولا تؤون لنا بغية ولا تسلون لنا إلى عدو ولا تغلون، فإن فعلتم فلا عهد بيننا وبينكم، شهد سواد بن قطبة التميمي، وهند بن عمرو المرادي، وسماك بن مخرمة الأسدي، وسماك بن عبيد العبسي، وعتيبة بن النهَّاس البكري، وكتب سنة ثمانية عشر.
26 -
شبل بن خليد المزني: جاء عنه حديثان، أحدهما في قصة العسيف والآخر في قصة الأمة إذا زنت، قاله الحافظ.
قال مؤلفه: أما حديث الأمة إذا زنت. فقد قال الطبري: أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد إجازة بإسناده إلى ابن أبي عاصم حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل بن خليد عن النبي صلى الله عليه وسلم (الأَمة تزني قبل أن تحصن). قال: إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم قال في الثالثة أو الرابعة ثم بيعوها ولو بحبل من شعر.
أما حديث قصة العسيف فلم أطلع عليها ولعلي ألحقها فيما بعد في رسالة خاصة بروايات الصحابة من مزينة إن شاء الله تعالى.
وقد أورد ابن الأثير في "أسد الغابة" هذه الترجمة ورعم أن المترجم له شبل بن معبد المزني، وقال روى أبو عثمان النهدي، قال شهد أبو بكرة ونافع يعني ابن علقمة وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة أنهم نظروا إليه كما ينظرون إلى المرود في المكحلة فجاء زياد فقال عمر: جاء رجل لا يشهد إلا بحق. فقال رَأَيْتُ مجلسًا قبيحًا ونهزًا فجلدهم عمر اهـ.
27 -
شريح بن ضمرة المزني: أوّل من قدم بصدقة مزينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكره ابن الأثير في أسد الغابة وذكره ابن حزم وقال هو من بني لحي بن جرس بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أدّ.
28 -
ضرار بن مقرن المزني: أحد الأخوة كان مع خالد بن الوليد لما حاصر الحيرة في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة قاله الطبري وقال هو عاشر عشرة أخوة. قال الحافظ ذكر سيف والطبري أن خالدًا أمَّره لما حاصر الحيرة وكانوا لا يؤمِّرون إلا الصحابة.
29 -
عاصم بن التكير المزني: حليف للأنصار ذكره موسى بن عُقبة فيمن شهد بدرًا وأُحدًا: قاله الطبري، وأخرجه أبو عمرو وقال: فيه نظر.
30 -
عامر بن سحيم المزني: سكن المدينة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ: ذكره البغوي عن البخاري.
قلت: لم أقف له على رواية.
31 -
عامر بن عمرو المزني والد هلال: ذكر له حديثان أحدهما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى على بغلة بيضاء وعليه برد أحمر ورجل من أهل بدر يعبر عنه، ذكر ذلك ابن الأثير والحافظ.
والثاني: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأعطاه، فلما وضع رجله على أسكفة الباب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئًا. قال الحافظ في هذا الحديث: هو خطأ نشأ عن تصحيف وإنما هو عائذ بن عمرو. كذلك أخرجه النسائي وأحمد وغير واحد.
32 -
عائذ بن عمرو بن هلال بن عبيد بن يزيد المزني يكنى أبا هبيرة كان ممن بايع تحت الشجرة ثبت ذلك في البخاري، وله عند مسلم في الصحيح حديثان غير هذا: وقال ابن الأثير: كان من صالحي الصحابة سكن البصرة وابتنى بها دارًا وتوفي في إمارة عبيد الله بن زياد أيام يزيد بن معاوية وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي لئلا يصلي عليه ابن زياد. أورد له ابن الأثير حديث المسألة المتقدم ذِكْرُهُ في ترجمة عامر بن عمرو. قال مؤلفه: والذي يظهر لي أن عائذًا هذا وعامر الذي قبله اسمان لمسمى واحد. والله أعلم.
33 -
عبد الله بن ذرة بن عائذ المزني: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم مع خزاعي بن عبد نهم وبلال بن الحارث ونسبه أبو أحمد العسكري فقال هو مولى أرطبان جد عبد الله بن عوف بن أرطبان وكنيته أبو بردة. قال الحافظ وروى محمد بن الحسن المخزومي في أخبار المدينة بإسناد له أن أول صلاة عيد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث. قال: ثم صلى الثالث عند دار عبد الله بن ذرة المزني. وعن يحيى بن محمد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يصلي إلى دار عبد الله بن ذرة المزني فجعل أطم بني رزيق إلى شحمة أذنه.
34 -
عبد الله بن الحارث بن عويمر المزني ويقال الأنصاري. قال الحافظ نسبوه أنصاريًا ولم يذكروا أباه في الصحابة. ثم وجدت الخطيب ذكره. فقال عبد الله بن الحارث بن عويمر المزني قال: لقد كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهيمة بنت عمرو ولم يقل عمته ونسبه مزنيًا.
35 -
عبد الله بن سنان بن نبشة المزني نزيل البصرة قال الحافظ: وقيل عبد الله بن عمر بن سنان وقال ابن الأثير: قال ابن أبي خيثمة عبد الله بن عمرو بن سنان بن نبشة بن سلمة من بني لاطم بن عثمان وهو أبو علقمة بن عبد الله المزني، أورده ابن منده في عبد الله بن عمرو، مات في خلافة معاوية.
36 -
عبد الله بن سرجس المزني، قيل له حلف في بني مخزوم أكل مع النبي صلى الله عليه وسلم خبزًا ولحمًا واستغفر له، عداده في البصريين، روى عنه عاصم الأحول، وقتادة قال عاصم: رأى عبد الله بن سرجس النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن له صحبة قال أبو عمر: لا يختلفون في ذكره في الصحابة ويقولون له صحبة على مذهبهم في اللقاء والرؤية والسماع. وأما عاصم فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء وأولئك قليل. أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة أخبرنا أبو القاسم بن الحُصين أخبرنا أبو علي بن المذهب بإسناده إلى عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن ريد عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قال: "اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب ومن الْحَوْرِ بَعْدَ الكَوْر" ذكر ذلك ابن الأثير في أسد الغابة.
37 -
عبد الله أبو عاصم المزني: أورده ابن شاهين روى سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق القرشي عن عصام بن عبد الله المزني عن أبيه قال: بحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقتلوا ما لم تروا مسجدًا أو تسمعوا مؤذنًا. قال: فأتينا بطن نخلة فرأينا رجلًا فقينا: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله فلم يجبنا حتى قلنا ثلاثًا وقلنا له إن لم تقل قتلناك. قال: ذروني أقضي إلى النسوان حاجة فأتى امرأة منهن فقال:
فلا ذنب لي قد قلت إذ نحن جيرة
…
أثيبي بودٍّ قبل إحدى الصفائق
أثيبي بود قبل أن يشحط النوى
…
وينأى أميري بالحبيب المفارق
قال: فقتلناه فجاءت امرأة فوقعت عليه فلم تزل ترشفه حتى ماتت عليه.
قال سفيان وكانت امرأة كثيرة اللحم.
قال مؤلفه عفا الله عنه: هذه القصة على فرض صحتها فإنه لا يمكن لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون تلك دعوتهم فإن الذي نقل إلينا من أخبارهم أنهم يدعون الناس بالحكمة والتعليم والإرشاد ولم يؤثر أنهم بدأوا الناس بالقتال إلا المحاربين وهذا شأن الدعاة. وقد عَرَضَ لي وأنا أفتش في كتب التاريخ عن مصدر هذه القصة كلام لابن الأثير في الكامل رأيته أقرب إلى الصواب فأردت أن أسوقه هنا لتتضح الحقيقة لأن بعض مصادر التاريخ تكتب كل ما نقل إليها.
فأقول:
قال ابن الأثير في الكامل الجزء الثاني صفحة 174 الطبعة المنيرية: قال عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي: كنت يومئذ في جند خالد (يعني يوم غزوته لبني جُذيمة)
(1)
. قال فأثرنا في أثر ظعن مصعدة يسوق بهن فتية فقال: أدركوا أولئك قال: فخرجنا في أثرهم حتى أدركناهم فمضوا، ووقف لنا غلام شاب على الطريق فلما انتهينا إليه جعل يقاتلنا ويقول:
ارفعن أطراف الذيول وارتعن
…
مشى حَيِيَّات كأن لم تُفزعن
إن تُمَنَع اليوم النساءُ تُمَنَعْن
فقاتلناه طويلًا فقتلناه ومضينا حتى لحقنا الظعن فخرج إلينا غلام كأنه الأول فجعل يقاتلنا ويقول:
أقسم ما إن خادر ذو لبده
(2)
…
يروم بين أثلة ووهده
(3)
يفرس شبان الرجال وحده
…
بأصدق الغداة مني نجده
(1)
ليست في الأصل ولكن يقتضيها السياق.
(2)
الخادر: الأسد.
(3)
الأثلة: نوع من الشجر، الوهدة: الأرض المنخفضة.
فقاتلناه حتى قتلناه وأدركنا الظعن فأخذناهن فإذا فيهن غلام وضيء الوجه به صفرة كالمنهوك، فربطناه بحبل وقدمناه لنقتله فقال لنا: هل لكم في خير؟ قلنا ما هو؟ قال تدركون بي الظعن في أسفل الوادي ثم تقتلوني؟ قلنا: نفعل، فعارضنا الظعن، فلما كان بحيث يسمعن الصوت نادى بأعلى صوته: اسْلَمِي حُبَيْشْ على فقد العيش. فأقبلت إليه جارية بيضاء حسناء وقالت: وأنت فأسلم على كثرة الأعداء وشدة البلاء. قال سلام عليك دهرًا وإن بقيت عصرًا. قالت: وأنت سلام عليك عشرًا وشفعًا تترى وثلاثًا وترًا. فقال:
إن يقتلوني يا حبيش فلم يدع
…
هواك لهم مني سوى غلة الصدر
فأنْتِ التي أخليتِ لَحْمِي من دَمي
…
وعظمي وأسبلت الدموع على نحري
فقالت له:
ونحن بكينا من فراقك مرة
…
وأخرى وواسيناك في العسر واليسر
وأنت تبعد فنعم فتى الهوى
…
جميل العفاف والمودة في ستر
فقال لها
أرأيتك إن طالبتكم فوجدتكم
…
بحلية أو ألفيتكم بالخوانق
(1)
ألم يك حقا أن ينول عاشق؟
…
تكَلَّف إدلاج السرى في الودائق
فلا ذنب لي قد قلت إذ نحن جيرة
…
أثيبي بود قبل إحدى الصفائق
أثيبي بود قبل أن يشحط النوى
…
وينأى الأمر بالحبيب المفارق
فأني لا آبه بالذي أرَعينه
…
ولا منظر مُذْ غِبْتِ عنِّي برائق
عليَّ بآيات العشيرة شاغل
…
ولا ذكر إلا ذكر هيمان وامق
فقدموه فضربوا عنقه. ثم قال ابن الأثير: هذا الشعر لعبد الله بن علقمة الكناني وكان من جذيمة مع حبيشة بنت حبيش الكنانية، وساق قصة أخرى شبيهة بها، ثم قال: وعلى إثر ذلك بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بعثه داعيًا ولم يبعثه مقاتلًا فنزل على الغميصاء ماء من مياه جُذيمة بن عامر بن عبد مناه بن كِنَانة فأخذ بنو جُذيمة السلاح فقال لهم خالد: ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموَا فوضعوا
(1)
الخوانق: جمع خانق وهو الشعب الضيق.
السلاح فأمر خالد بهم فكُتِّفوا ثم عَرضَهم على السيف فقتل منهم من قتل، فلما انتهى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ثم أرسل عليا ومعه مال وأمره أن ينظر في أمرهم، فودى لهم الدماء والأموال حتى إنه ليدى ميلغة الكلب، وبقي معه مال فقال لهم عليٌّ هل بقي لكم مال أو دم لم يود؟ قالوا؟ لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية احتياطًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أصبت وأحسنت. انتهى بتصرف من الكامل، وانظر القصة بكاملها هناك، وانظر إلى تعليق قيم على هذه القصة كتبه الشيخ عبد الوهاب النجار في الطبعة المذكورة وهذا ما أردت إيضاحه، والله من وراء القصد.
38 -
عبد الله بن عمرو بن هلال المزني والد علقمة وبكرا بني عبد الله وهو أحد البكائين الذين نزلت فيهم: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ
…
(92)} [التوبة]. وكانوا ستة نفر، روى عنه ابنه علقمة وأبو بريدة له صحبة ورواية وكان ابنه بكر من جلة أهل البصرة، كان يقال: الحسن شيخها وبكر فتاها: ورد له حديث نهي نبي الله صلى الله عليه وسلم عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم، وحديث: إذا اشترى أحدكم لحمًا فليكثر مرقته فإن لم يجد لحمًا أصاب مرقه وهو أحد اللحمين. أخرجه الثلاثة، ذكره ابن الأثير.
39 -
عبد الله بن عنمة المزني له صحبة شهد فتح مصر، ذكره محمد بن عمر الواقدي وقال: شهد فتح الإسكندرية الثاني، له ذكر في الصحابة عند ابن الأثير وابن منده وأبي نعيم.
40 -
عبد الله بن فضالة المزني كانت له صحبة، له كلام في علي بن أبي طالب أنه أول من أسلم، قال ابن الأثير أخرجه أبو موسى.
41 -
عبد الله بن عبد نهم بن عفيف بن سحيم المزني كان اسمه عبد العُزَّى فغيَّر اسمه النبي صلى الله عليه وسلم وهو عَمُّ عبد الله بن مغفل.
قال ابن حبان له الصحبة. وقال ابن إسحاق كان عبد الله رجلًا من مزينة وهو ذو البجادين يتيمًا في حجر عمه، وكان محسنًا له فبلغ عمه أنه أسلم فنزع
منه كل شيء أعطاه حتى جرده من ثوبه، فأتى أمه فقطعت له بجادًا لها باثنتين. فاتزر نصفًا وارتدى نصفًا ثم أصبح، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت عبد الله ذو البجادين فالتزم بأبي، فالتزم بابه، وكان يرفع صوته بالذكر فقال عمر أَمُرَاءٍ هو؟ قال: بل هو أحد الأواهين، قال التيمي: وكان ابن مسعود يحدث قال: قمت في جوف الليل في غزوة تبوك فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر فاتبعتها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين قد مات فإذا هم قد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته فلما دفناه قال: "اللهم إني أمسيت عنه راضيًا فارض عنه". قلت: وجاء عن ابن مسعود في رواية أخرى فتمنيت أن أكون صاحب الحفرة.
قال الحافظ: وروى عمر بن شبة من طريق عبد العزيز بن عمران قال لم ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبر أحد إلا خمسة بنهم عبد الله المزني ذو البجادين. قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر وعزبت عليه الطريق فأبصره ذو البجادين فقال لأبيه: دعني أدله على الطريق فأبى ونزع ثيابه عنه وتركه عريانًا، فاتخذ بجادًا من شعر وطرحه على عورته ثم لحقهم فأخذ يزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وأنشأ يرتجز:
هذا أبو القاسم فاستقيمي
…
تَعَرَّضي مدارجًا وسومي
تعرض والجزاء في النجوم
ذكر هذا الحافظ، والأول أصح، والله أعلم.
42 -
عبد الله بن مقرّن المزني أحد الإخوة روى عنه محمد بن سيرين وعبد الملك بن عمير كذا قال ابن منده ولم يخرج له شيئًا. قال الحافظ: وقد وقع له ذكر في الفتوح قال سيف في كتاب الرِّدَّة عن سهل بن يوسف عن القاسم بن محمد قال: وخرج أبو بكر يمشي وعلى ميمنته النعمان بن مقرن وعلى ميسرته عبد الله بن مقرن وعلى الساقة سويد بن مقرن فما طلع الفجر إلا وهم والعدو بصعيد واحد فذكر القصة في قتال أهل الرِّدَّة.
43 -
عبد الله بن هلال المزني. ذكره جماعة منهم البزار في الصحابة
وأخرج ابن السكن والطبراني من طريق كثير بن عبد الله عن بكر بن عبد الله عن عبد الله بن هلال المزني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ليس لأحد بعدنا أن يحرم بحج ثم يفسخ حجه بعمرة وقال ابن السكن: لم يرو عنه غير هذا. وقال الحافظ: قلت كثير ضعيف وقد قيل عنه عن أبيه عن جده عن بلال بن الحارث المزني اهـ.
44 -
عبد الله بن مغفل بن عبد نهم ين عفيف بن سحيم بن ربيعة بن عدي المزني أبو سعيد وأبو زياد، نقل البخاري عن يحيى بن معين أنه كان يكنى أبا زياد وعن بعض ولده أنه كان يكنى بهما، وأنه كان له عدة أولاد منهم سعيد وزياد، من مشاهير الصحابة، قال البخاري: له صحبة سكن البصرة، وهو أحد البكائين في غزوة تبوك وشهد بيعة الشجرة، ثبت ذلك في الصحيح وهو أحد العشرة الذين بعثهم عمر ليفقهوا الناس بالبصرة وهو أول من دخل من باب مدينة تست، ومات بالبصرة سنة تسع وخمسين، فأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي، فصلى عليه، وقيل مات سنة ستين وقيل إحدى وستين، قال ذلك الحافظ.
قال مؤلفه: ذكر الحافظ رحمه الله ترجمة عبد الله بن عبد نهم ذو البجادين قبل هذا وذكر أنه عم عبد الله بن مغفل بن عبد نهم بن عفيف. ثم ذكر نسب الأول فقال. عبد الله بن عبد نهم بن عفيف بن سحيم مع تقديم وتأخير في تسلسل النسب وهذا لا يؤثر ولكنه ذكر في هذه الترجمة عبد الله بن مغفل بن عبد نهم بن عفيف بن أسحم. والذي أعرفه من هذا النسب هو أنه سحيم وليس أسحم، وقد مر ذلك في ترجمة خزاعي بن عبد نهم فتنبه لذلك.
ثم ذكر الحافظ في عبد الله بن مغفل هذا أنه أول من دخل من ياب تستر، وقد ذكر ذلك الحافظ ابن كثير في البدايه في الجزء السابع ص 86 في قصة فتح تُسْتُرْ وأَسْر الهرمزان وبَعَثُهُ إلى عمر. وهذه القصة مختصرة قال ابن كثير: وقد تزاحفوا أيامًا متعددة حتى إذا كان في آخر زحف قال المسلمون للبراء بن مالك وكان مجاب الدعوة. يا براء أقسم على ربك ليهزمنهم لنا، فقال: اللهم اهزمهم لنا واستشهدني، قال: فهزمهم المسلمون حتى أدخلوهم خنادقهم واقتحموها عليهم
ولجأ المشركون إلى البلد فتحصَّنوا به، وقد ضاقت بهم البلد وطلب رجل من أهل البلد الأمان من أبي موسى فأمنه فبعث يدل المسلمين على مكان يدخلون منه إلى البلد وهو من مدخل الماء إليها فندب الأمراءُ الناسَ إلى ذلك، فانتدب رجال من الشجعان والأبطال وجاءوا فدخلوا مع الماء كالبط إلى البلد وذلك في الليل، فيقال كان أول من دخلها عبد الله بن مغفل المزني وجاءوا إلى البوابين فأناموهم وفتحوا الأبواب. وكبَّر المسلمون فدخلوا البلد وذلك في وقت الفجر إلى أن تعالى النهار ولم يُصلُّوا الصبح يومئذ إلا بعد طلوع الشمس. كما حكاه البخاري عن أنس بن مالك قال شهدت فتح تستر وذلك عند صلاة الفجر فاشتغل الناس بالفتح فما صلوا الصبح إلا بعد طلوع الشمس فما أحب أن لي بتلك الصلاة حمر النعم اهـ.
قلت ومن كلامه قوله: لقد خبتَ وخسرتَ إن لم تكن مؤمنًا. ذكره البيهقي في كتاب الإيمان ص 23.
45 -
عبد الرحمن بن صفوان بن قدامة التميمي المزني من بني امرئ القيس بن زيد بن مناة بن تميم، قال ابن السكن: يقال له صحبة حديثه في البصريين. وروى الطبراني عن موسى بن هارون عن موسى بن ميمون بن موسى المزني عن أبيه ميمون عن أبيه موسى عن جده عبد الرحمن بن صفوان بن قدامة قال: هاجر أبو صفوان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام وقال له: "إني أحبك قال: المرء مع من أحب" ورواه ابن منده مطولًا وكان معه ابناه عبد الرحمن وعبد الله وكان اسمهما عبد العزى، وعبد تميم وغَيَّرهما النبي صلى الله عليه وسلم قال: وفي ذلك يقول ابن أخيه نصر بن نصر بن قدامة:
تَحَمَّلَ صَفْوانُ فَأَصَبْح عَادِيَا
…
بأبنائه عمدًا وخَلّى المواليا
فَيَا ليْتَني يَوْم الحُنَيْن اتَّبَعْتَهُمُ
…
قَضَى الله في الأشْيَاءِ مَا كَانَ قَاضِيا
فأجابه صفوان:
من مبلِّغ نصرًا رسالة عاتبٍ
…
بِأنكَ بالتقصير أصبحَت راضيًا
فأقام صفوان بالمدينة حتى مات فرثاه ابنه عبد الرحمن المترجم له بأبيات منها:
وأنا ابن صفوان الذي سبقت له
…
عند النبي سوابق الإسلام
ثم إن عمر بعث عبد الرحمن بن صفوان مددًا إلى المثنى بن حارثة بالعراق. وروى أبو عوانة في صحيحه من طريق مهدي بن موسى بن عبد الرحمن حدثني أبي عن أبيه عن صفوان بن قدامة قال، وقال ابن السكن: لا يروى حديثه إلا بهذا الإسناد اهـ. ذكر ذلك الحافظ.
قال مؤلفه: أورد الحافظ ابن حجر رحمه الله ترجمة عبد الرحمن هذا ضمن ترجمة أبيه صفوان بهذا النسب (التميمي المزني من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم).
ولعل هذا تصحيف ممن نقل عنهم الحافظ. فإن بني تميم بن مر بن أن بن طابخة ليسوا من مزينة ونسبهم كما يلي: هم بنو امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم بن مُرّ بن أن بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. فهؤلاء إذا قيل لهم بني مر: فالنسبة إليهم مُرِّي وهم غير بني مرة المعروفين اليوم
(1)
، وإذا قيل لهم بني تميم: وتميم أحد أجدادهم فالنسبة إليهم تميمي. ومنهم مجدِّد الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. فبنو تميم هؤلاء من قبائل طابخة. فالمقصود أن بني تميم ومنهم المترجم له من بني مر بن أن بن طابخة، ومزينة هم أولاد عثمان وأوس ابني عمرو بن أن بن طابخة. فعلى يكونون هذا أبناء عم. وقد كون التصحيف نشأ عن كلمة المرِّي فقرئ المزني وهو الأقرب للصواب، والله أعلم.
46 -
عبد الرحمن بن عقيل بن مقرن المزني أبوه أحد الإخوة قال ابن سعد: له صحبة وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك الحافظ.
47 -
عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني قال أبو حاتم وابن السكن: له صحبة ذكره البخاري وابن سعد وابن البرقي، وذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الأولى من الصحابة الذين نزلوا حمص وكان اختارها. سكن الشام، وحديثه عند الشاميين. وأخرج الترمذىِ والطبراني بسندهما إلى عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية: "اللهم
(1)
الذين منهم قُصَّاص الأثر (أبي علم القيافة) وهم في شرق الجزيرة يجاورون بني خالد وبني هاجر.
عَلِّمه الكتاب والحساب وقه العذاب" هذا لفظ الطبراني. ولفظ الترمذي "اللهم اجعله هاديا مهديًا واهْدِ به" وله حديث "يكون في بيت المقدس بيعة هدى" قال ابن سعد. وعند أحمد من طريق جبير بن نفير عن عبد الرحمن بن أبي عميرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما في الناس نفس مسلمة يقبضها ربها تحب أن ترجع إليكم وأن لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد".
وعند ابن أبي عاصم وابن السكن من طريق سويد بن عبد العزيز بسندهما إلى ابن أبي عميرة المزني قال: خمس حفظتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صفر ولا هامة ولا عدوى ولا يتم شهران ستين يومًا. ومن خفر ذمة الله لم يرح رائحة الجنة" ذكر ذلك الحافظ وانتصر لإثبات الصحبة له اهـ.
48 -
عبد الرحمن بن مقرن بن عائذ المزني قال ابن سعد: له صحبة ويقال اسمه عبد عمرو فغيره النبي صلى الله عليه وسلم. قلت هو أحد الإِخوة فكلهم أولاد مقرن بن عائذ، والله أعلم.
49 -
عبد الرحمن المزني والد عمر ويقال والد محمد. ذكره البغوي وغيره في الصحابة وأخرجوه من طريق أبي معشر عن يحيى بن شبل عن عمرو بن عبد الرزاق المزني عن أبيه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال: "قوم قتلوا في سبيل الله وهم عاصون لآبائهم فمنعهم من الجنة عصيانهم لآبائهم ومن النار قتلهم في سبيل الله" وهكذا أخرجه ابن مردويه في التفسير وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير كلاهما من وجه آخر عن أبي معشر.
قال مؤلفه: لا بد من إلقاء بعض الضوء على أصحاب الأعراف الوارد ذكرهم في القرآن الكريم والذي ورد ذكرهم في هذا الحديث. وهو أن هذا الحديث كما قال الحافظ مضطرب والاضطراب فيه عن أبي معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن وهو ضعيف، فعلى هذا لا يعتبر الحديث نصا في الموضوع ولا تقوم به حجة. وقد ذكر المفسرون حول آية الأعراف أقوالًا كثيرة واختلفوا فيها ولم يثبت فيها نص صحيح صريح يعوِّل عليه سوى ما ورد عن حذيفة وعبد الله بن عباس وحسبك بهما. إنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار فوقفوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما يشاء
ثم يدخلهم الجنة بفضل منه ورحمة. وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا أبو بكر الهُذَلي قال سعيد بن جبير يحدث عن ابن مسعود قال: "يحاسب الله الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته أكثر بواحدة دخل النار، ثم قرأ قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
…
(103)} [المؤمنون]، ثم قال: إن الميزان يخف بمثقال حبة أو يرجح. قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار فإذا نظروا إلى أهل الجنة "نادوا سلام عليكم"{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)} [الأعراف] اهـ. فهؤلاء الأئمة الأعلام رضي الله عنهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اتفقوا على هذا القول فحسبنا بقولهم عند عدم النص. كيف لا وأولهم عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل.
وثانيهم حذيفة بن اليمان العبسي أمن سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وثالثهم عبد الله بن مسعود الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم "من سره أن يقرأ القرآن غضا كما نزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد" فهؤلاء حجة على من خالفهم إذا لم يوجد نص، وقد ذكر الإمام ابن القيم في "طريق الهجرتين وباب السعادتين" هذا القول وانتصر له، والذي يظهر لي أن هذا أقرب إلى الصواب، والعلم عند الله تعالى.
50 -
عبد الرحمن الزني آخر ذكره أبو موسى وذكر عن عبد الله بن عبد الرحمن المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت في علي تسع خلال ثلاثًا في الدنيا وثلاثًا في الآخرة وثلاثًا أرجوها له وواحدة أخافها عليه، فذكر الحديث ويجوز أن يكون هو المتقدم، والله أعلم.
51 -
عبيد بن مراوح المزني روى عنه ابنه عبد بن عبيد بن مراوح المزني عن أبيه قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقيع والناس يخافون الغارة بعضهم على بعض فنادى مناديه: الله أكبر فقال: لقد كثرت كبيرًا، فقال. أشهد أن لا إله إلا الله فارتعدت وقلت: لهؤلاء نبأ فقال: أشهد أن محمدًا رسول الله، فقلت: بُعث نبي فقال حي على الصلاة، فقلت. نزلت فريضة، واعتمدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته
عن الإسلام فأسلمت، وعلمني الوضوء والصلاة وصلى فصليت معه، وحمى النقيع واستعملني عليه. ذكره الحافظ.
52 -
عصام المزني، قال البخاري: له صحبة وذكره ابن سعد في طبقة أهل الخندق. روى له الترمذي حديثًا قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشًا قال: إذا رأيتم مسجدًا أو سمعتم مؤذنًا فلا تقتلوا أحدًا، هكذا أورده مختصرًا. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير من طريق أحمد بن حنبل وحامد بن يحيى البلخي ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة. عن عبد الملك بن نوفل عن ابن عصام المزني عن أبيه وكان له صحبة فذكره إلى قوله فلا تقتلوا أحدًا، وزاد: فبعثنا النبي صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا بذلك فخرجنا نسير بأرض تهامة فأدركنا رجلا يسوق ظعائن فعرضنا عليه الإسلام فقلنا أمسلم أنت؟ قال: وما الإسلام؟ فأخبرناه فإذا هو لا يعرفه قال فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟ قلنا نقتلك: قال: فهل أنتم منتظرون حتى أدرك الظعائن؟ فقلنا نعم ونحن مدركوهم، قال: فخرج فإذا امرأة في هودجها فذكر قصة حبيش المتقدم ذكرها في ترجمة عبد الله أبو عصام هذا.
قال مؤلفه: هذه القصة كما أشرت وردت في ترجمة عبد الله أبو عصام المزني وذكرناها هناك وبينَّا ما رأينا أقرب إلى الصواب إن شاء الله. وهنا ذكرها الحافظ مرة أخرى ونحتاج إلى التدقيق في ذلك أيهما الصحابي وأيهما صاحب القصة ولماذا أوردها الحافظ في كلا الترجمتين.
والذي يظهر لي أن القصة واحدة وهي للصحابي منهما مؤكدًا والآخر رواها عنه وهذا لا شك فيه.
(تنبيه)
أورد هذه القصة مرتين. وهي مغايرة لما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من العلم والفقه في الدين والرأفة والرحمة بجميع البشر. أما أن يأتوا إلى رجل مع ظعائنه وحده ويكتفوا بعرض الإسلام عليه فإذا لم يفهم ويدخل في الإسلام من أول وهلة قتلوه فهذا رأي أرى أنه مجانب لما كانوا عليه رضي الله عنهم وأرضاهم. كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يربط الأسرى في المسجد ويتركهم حتى يدخلوا في الإسلام طائعين. وما فعل بثمامة أكبر دليل على ذلك. وإن الإنسان ليخجل أشد
الخجل حينما يجد في التاريخ قصصًا كهذه ويضطر إلى ذكرها. فاللهم قيض لتاريخ هذه الأمة من يقوم عليه أحسن قيام، وينقحه التنقيح التام، ويصفيه مما شابه به الجهلة الطعام
(1)
.
53 -
عقيل بن مقرن المزني قال البخاري: له صحبة، ويكنى أبا حكيم وذكره الواقدي فيمن نزل الكوفة روى حديث: إذا أتاكم من ترضون دينه فأنكحوه. وقال الحافظ: زعم ابن قانع أنه يكنى أبو حاتم وهذا معدود من أوهامه.
قلت: هو عقيل بن مقرن بن عائذ المزني أحد الإخوة صحابي جليل.
54 -
عمرو بن النعمان بن مقرن المزني. قال أبو عمر له صحبة وكان أبوه من جلة الصحابة، قال الحافظ: ذكره البغوي والماوردي والطبراني وغيرهم في الصحابة، وأخرجوا له حديثًا قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجلس من مجالس الأنصار وكان رجل من الأنصار كان يعرف بالبذَّاء ومسابة الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" فقال الرجل والله لا أساب رجلًا أبدًا. وأخرج ابن أبي شيبة من طريق معاوية بن قرة قال: كنت نازلًا على عمرو بن النعمان بن مقرن فلما حضر رمضان أتاه رجل بكيس دراهم فقال: إن الأمير مصعب بن الزبير يقرئك السلام ويقول: لم يدع قاريًا إلا وقد وصل إليه منا معروف فاستعن بهذا فقال: قل له والله ما قرأنا القرآن نريد به الدنيا ورده عليه.
قلت: هو ابن النعمان بن مقرن صاحب نهاوند وستأتي ترجمة والده إن شاء الله تعالى.
55 -
عمرو بن بلال بن الحارث المزني أبوه بلال بن الحارث صاحب الإقطاع وهو صحابي استخلفه حذيفة بن اليمان على الماهين.
56 -
عمير المزني ذكره الطبراني في الصحابة وتبعه أبو نعيم ولم يورد له شيئًا.
57 -
عبد الله بن مغفل بن مقرن المزني أبوه أحد الإخوة واختلف في إدراكه قال ابن حبان: مات سنة بضع وثمانين وأرّخه البخاري سنة ثمان وثمانين قاله الحافظ.
(1)
في التحقيق مندوحة للعلماء رحمهم الله عن نقل مثل هذه الدسائس.
58 -
عبد الله بن يسار المزني: قال الحافظ تابعي صغير وقد ذكره البغوي في الصحابة وأورد له حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تذهب الأيام والليالي حتى يخلق القرآن في قلوب أقوام من هذه الأمة كما يخلق النبات، ويكون ما سوى القرآن إليهم" الحديث، قال الحافظ: وهذا سند غير ثابت اهـ.
59 -
عبد الرحمن بن مغفل بن مقرن المزنى أبوه أحد الإخوة ذكره الطبرى في تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
…
} [التوبة] وقد جزم الحافظ بأنه تابعي، وهو أقرب.
60 -
عطاء المزني قال ابن منده صوابه عصام، وقال كذلك رواه الحافظ من أصحاب ابن عيينة.
61 -
عمرو بن سليمان المزني ذكره بن قانع وأورد له حديث "العجوة من الجنة" قاله الحافظ.
62 -
غالب بن أبجر المزني: اختلف في هذا الاسم اختلافًا كثيرًا فقال بعضهم هو بهذا الاسم، وقال الآخرون بل هو أبجر بن الأبجر وكيفما كان فالاسمان لمسمى واحد، وقد تقدم له رواية في الحمر الأهلية، وقد أوردها ابن الأثير وجزم بأنه غالب بن أبجر، والله أعلم.
63 -
فضالة بن هلال المزني: ذكره الدارقطني فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه قال الحافظ بعد سياقه لهذا الكلام نقلته عن ابن عبد البر.
64 -
كعب بن زهير بن أبي سلمى الشاعر المشهور صاحب البردة. صحابي معروف روى قصة إسلام الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير عن أبيه عن جده قال: خرج كعب بن زهير وأخيه بجير حتى أتيا أبرق العزاف "وهو الأبرق الذي بالربذة شرق المدينة" فقال بجير لكعب اثبت في غنمنا هنا حتى آتي هذا الرجل فأسمع ما يقول، فجاء بجير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم فبلغ ذلك كعبًا فقال:
ألا أبلغا عني بجيرًا رسالة
…
على أي شيء ريب غيرك دلكا
على خلق لم تلف أمًا ولا أبًا
…
عليه ولم تدرك عليه أخًا لكا
سقاك أبو بكر كأس روية
…
وأنهلك المأمور منها وعلكا
فبلغت أبياته رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من لقي كعبًا فليقتله" وأهدر دمه وكتب بذلك بجير إليه ويقول له النجاء. ثم كتب إنه لا يأتيه أحد مسلمًا إلا قبل منه وأسقط ما كان قبل ذلك فأسلم كعب وقدم حتى أناخ بباب المسجد قال: فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت ثم قلت: الأمان يا رسول الله أنا كعب بن زهير "قال: أنت الذي تقول" والتفت إلى أبي بكر فقال كيف؟ قال: فذكر الأبيات الثلاثة فلما قال فأنهلك المأمور. قلت: يا رسول الله ما هكذا قلت: وإنما قلت المأمون قال "مأمون والله" وأنشده القصيدة التي أولها: بانت سعاد، ونجاء في لفظ عن سعيد بن المسيب. قال: لما انتهى إلى كعب بن زهير قتل ابن خطل وكان بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوعده بما أوعد به ابن خطل. قيل لكعب إن لم تدارك نفسك قتلت، فقدم المدينة فسأل عن أرقِّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدُلَّ على أبي بكر فأخبره خبره فمشى أبو بكر وكعب فمدَّ النبي صلى الله عليه وسلم يده فبايعه وأسفر عن وجهه فأنشده قصيدته هذه: بانت سعاد فقلبي اليوم مَتْبُولُ.
وقال ابن إسحاق: ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف كتب بجير بن زهير إلى أخيه كعب يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالًا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه وأن من بقي من شعراء قريش ابن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فِطِرْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحدًا جاءه تائبًا مسلمًا وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجاتك، وكان بجير قد قال لكعب:
من مبلغ كعبًا فهل لك في التي
…
تلوم عليها باطلًا وهي أحزم
إلى الله لا العُزَّى ولا اللات وحده
…
فتنجو إذا كان النجاء وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس مفلت
…
من الناس رلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه
…
ودين أبي سلمى علي محرم
فلما بلغ كعبًا الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه وأرجف به من كان حاضره من عدوه فقال هو مقتول فلما لم يجد من شيء بدًّا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه، ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جُهينة كما ذكر لي فغدا
به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيى صلى الصبح فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا رسول الله فقم إليه واستأمنه فذكر لي أن قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إليه فوضع يده في يده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه فقال يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائبًا مسلمًا فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قال أنا يا رسول الله كعب بن زهير. قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه عنك فقد جاء تائبًا نازعًا. فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير، فقال قصيدته اللامية التي يصف فيها محبوبته وناقته التي أولها:
بانَتْ سُعادُ فَقَلبْي اليَوْمَ مَتْبُولُ
…
مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ الْبَيْنِ إِذْ رَحَلوا
…
إِلَّا أَغَنُّ غَضِيضُ الطّرْفِ مَكْحُولُ
تَمْشي الغُواةُ جَنَابَيْها وَقَوْلُهُم
…
إنَّكَ يَا ابْن أَبي سُلْمَى لمَقْتُولُ
وَقَالَ كُلُّ صَدِيقٍ كُنْتُ آمُلُهُ
…
لَا أُلْهِيَنَّكَ إِنِّي عَنْكَ مَشْغُولُ
فقُلْتُ خَلُّو طَريقي لَا أَبَالَكُمُ
…
فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحُمَنْ مفْعُولُ
كُلُّ ابْن أْنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ
…
يَوْمًا عَلَى آلَهٍ حدْبَاءَ مَحْمُولُ
نُبِّئتُ أنَّ رَسُولَ الله أوْعَدَني
…
والْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ الله مَأْمُولُ
مَهْلًا هَدَاكَ الّذي أَعطَاكَ نَافلَة
…
الْقُرآن فيها مَوَاعيظٌ وَتَفْصِيلُ
لَا تَأخُذَنِّي بأَقوالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ
…
أُذْنِبْ وَلَوْ كَثُرتْ فِيَّ الأَقَاوِيلُ
لَقَدْ أقُومُ مَقامًا لَوْ يقُومُ به
…
أَرَى وَأَسْمعُ ما لَوْ يَسمعُ الفيلُ
لَظَلّ تَرْعُدُ مِن خوفٍ بوَادرُهُ
…
إنْ لَم يكُنْ منْ رسُولِ الله تَنْويلُ
حتى وضعتُ يميني ما أُنازعُها
…
في كَفِّ ذي نقماتٍ قوْلُهُ الْقيلُ
لذاك أَخوِف عندي إذ أُكَلّمُهُ
…
وقيل إنّك منْسُوبٌ ومسئُول
من صبعم من ليوث الأُسد مسكنُهُ
…
في بطن عتر دُونهُ عيلٌ دونه عيل
يَغُدُو فَيُلْحِم ضِرْغَامَيْنِ عَيْشُهُما
…
لَحْمٌ مِنَ النَّاسِ معْقُولٌ خَراديلُ
إِذَا يُسَاوِرُ قِرْنًا لَا يَحِلُّ لَهَ
…
أنْ يَترُكَ الْقِرْنَ إِلَّا وَهْو مَفْلُولُ
مِنْهُ تَظلُّ سِبَاعُ الجَوّ نَافِرَةً
…
وَلَا تَمَشي بوادِيْهِ الأَرَاجيلُ
وَلَا يَزَالُ بِوادِيْهِ أَخوُ ثِقَةٍ
…
مُطَرّحُ الْبَزِّ وَالدّرْسانِ مَأْكُولُ
إنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتضَاءُ بهِ
…
مُهَنّدٌ مِنْ سُيُوفِ الله مَسْلُولُ
في عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قال قَائِلُهُم
…
بِبَطْنِ مَكّةَ لَمَّا أَسْلمُوا زُولُوا
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفٌ
…
عِنْدَ اللِّقاءِ وَلَا مِيلٌ مَعَازيلُ
يَمْشُونَ مَشْىَ الجمَالِ الزُّهرِ يَعْصمُهُم
…
ضَرْبٌ إذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابيلُ
شُمُّ الْعَرَانِينِ أَبْطالٌ لَبُوسُهُمُ
…
مِن نَسْجِ دَاوُدَ في الْهَيْجَا سَرابيلُ
بيضٌ سَوابِغُ قَدْ شكَّتْ لَهَا حَلَّقٌ
…
كَأَنّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ
لَيْسُوا مَعَاريجَ إنْ نَالتْ لَهَا رِمَاحُهُم
…
قَوْمًا وَلَيسُوا مَجَازِيعًا إذَا نيلُوا
لَا يَقَعُ الطَّعْنُ إِلَّا في نُحُورِهُمُ
…
وَمَا لَهُمْ عَنْ حِياضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ
والقصيدة أطول مما ذكرنا فهي تقع في خمسة وخمسين بيتًا في أكثر رواياتها ومن أراد الاطلاع عليها فهي أشهر من نار على علم وتعرض لها علماء كثيرون بالتشطير والتخميس والشرح فبلغت شروحها أكثر من ثلاثين كتابًا وتخميساتها سبعة عشر كتابًا وتشطيرها ثلاثة كتب ولقد عنى السلف بهذه القصيدة أشد عناية، وأكثر ما كتب عنها موجود في مكتبات إستانبول وبالمكتبات الأوربية، ذكر ذلك الدكتور محمود حسن زيني في تحقيقه لشرح ابن الأنباري على قصيدة البردة قال ابن إسحاق: قال عاصم بن عمر بن قتادة: فلما قال كعب "إذا عرّد السود التنابيل" وإنما عنى معشر الأنصار لما كان صاحبنا صنع به، وخصّ المهاجرين بمدحته غضب عليه الأنصار. وفي بعض من الألفاظ أنه لما بلغ في إنشاده هذه القصيدة، إلى قوله:"لا يقع الطعن إلا في نحورهم" نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من كان بحضرته من قريش كأنه يُومئُ إليهم أن اسمعوا فلما قال: "إذا عرَّد السود التنابيل" فعرَّض بالأنصار أنكرت قريش عليه. وقالوا: لم تمدحنا إذ هجوتهم، ولم يقبلوا ذلك منه فمدح الأنصار بقوله:
مَنْ سَرّهُ كَرَمُ الحَيَاةِ فَلَا يَزَلْ
…
في مَنْقبٍ مِنْ صَالِحِ الأَنْصَارِ
وَرِثُوا الْمكَارِمَ كَابرًا عَن كَابِرٍ
…
إنَّ الْخِيَارَ هُمُ بَنُوا الأَخْيَارِ
الْبَاذِليِنَ نُفُوسَهُمِ لِنَبِيِّهمْ
…
يَوْمَ الْهيَاجِ وَسَطْوَةِ الْجَبَّارِ
وهي أطول من ذلك. فكساه الرسول صلوات الله وسلامه عليه بردته واشتراها معاوية بن أبي سفيان من آل كعب بن زهير بعده بمالٍ كثير وبقيت إلى عهد خلفاء بني العباس يتوارثونها ويصلون بها صلاة الأعياد. فلهذا سميت هذه القصيدة بالبردة. فلما خرجت قصيدة البردة للبوصيري التي أنكرها العلماء عليه لغلوه فيها غلوًّا فاحشًا حيث يقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
…
سواك عند حلول الحادث العمم
في قصيدة طويلة كلها من هذا النوع، ردّ عليه علماء السلف فيها ردًّا مفحمًا ثم خرجت قصيدة أخرى لأحمد شوقي سميت نهج البردة وغنتها أم كلثوم أيضًا. أقول عندما خرجت هذه القصيدة سميت قصيدة كعب ببانت سعاد.
قال مؤلفه: وفي ابتداء كعب بالشعر يروي لنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا عمر بن علي حدثنا زكريا هو ابن أبي زائدة الشعبي قال: أنشد النابغة الذبياني الغطفاني النعمان بن المنذر:
تراك الأرض أمامت حقا
…
وتحيي ما حييت بها ثقيلا
فقال له النعمان: هذا البيت إن لم تأت بعده ببيت يوضح معناه وإلا كان إلى الهجاء أقرب، فتعسر على النابغة النظم، فقال له النعمان: قد أجلتك ثلاثًا فإن قلت فلك مائة من الإبل العصافير وإلا فضربة بالسيف بالغة ما بلغت. فخرج النابغة وهو وجل فلقيه زهير بن أبي سُلمى المزني فذكر له ذلك فقال: اخرج بنا إلى البرية فتبعهما كعب فرده زهير فقال له النابغة: دع ابن أخي يخرج معنا وأردفه فلم يحضرهما شيء فقال كعب للنابغة ياعم ما يمنعك أن تقول:
وذلك إن فللت الغي عنها
…
فتمنع جانبيها أن تميلا
فأعجب النابغة وغدا على النعمان فأنشده فأعطاه المائة فوهبها لكعب بن زهير فأبى أن يقبلها.
وقال الحافظ: قال ابن دريد في أماليه أنبأنا السكن بن سعيد حدثنا محمد بن عباد، حدثنا ابن الكلبي قال: زار النابغة زهيرًا فنحر له وأكرمه وجاء بشراب فجلسا فعرض لها شعره فقال النابغة: البيت الأول وقال بعده: "نزلت بمستقر العز منها".
ثم وقف فقال لزهير أجز فهمهم ولم يحضره شيء وكان كعب حينئذ يلعب بالتراب مع الصبيان فأقبل فرأى كلًّا منهما ذقنه على صدره يفكر فقال يا أبت ما لي أراك قد اغتممت فقال: تَنَحّ لا أم لك، فدعاه النابغة فوضعه على فخذه وأنشده فقال: ما يمنعك أن تقول "فتمنع جانبيها أن تميلا" فضمه أبوه إليه وقال ابني ورب الكعبة! وقال أبو أحمد العسكري: وكان موت زهير قبل المبعث. ويروى أن زهيرًا قال لبنيه: يا بني إني رأيت كأني رفعت إلى السماء بسبب ثم قُصر بي، وأوصاهم إن أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلموا لأنه كان قد جالس أهل الكتب، وعرف أنه آن أوان مبعثه صلوات الله وسلامه عليه.
قال مؤلفه: هذا أثر لم أطلع عليه وأنا أكتب في إيمان زهير فعرض لي وأنا أكتب ترجمة كعب فذكرته هنا وهو لا يفيد في إيمان الرجل شيئًا لأن السبب قصر به وهذا واضح نسأل الله حسن الخاتمة اهـ.
وقال خلف الأحمر: لولا قصائد لزهير ما فضلته على ابنه كعب وكان زهير وولداه بجير وكعب، وولدا كعب عقبة والعوام شعراء، وقال الحطيئة لكعب بن زهير أنتم أهل بيت ينظر إليكم في الشعر فاذكرني في شعرك ففعل.
وقال أبو عمر من جيد شعر كعب قوله:
لَوْ كُنْتُ أعْجَبُ مِنْ شيءٍ لأَعْجَبَنَيِ
…
سَعْيُ الفَتَى وَهْوَ مَخْبُوءٌ لَهُ القَدَرُ
يَسْعَى الْفَتَى لأُمُورٍ لَيْسَ يُدْركُهَا
…
فَالنّفْسُ وَاجِدَةٌ والْهَمُّ مُنْتَشِرُ
وَالْمَرْءُ ما عَاشَ مَمْدودٌ لَهُ أمَلٌ
…
لَا تَنْتَهي الْعَيْنُ حَتَّى يَنْتهِيِ الأَثرُ
وقال ابن القيِّم في زاد المعاد: ومما يستحسن من شعر كعب قوله في النبي صلى الله عليه وسلم:
تَحْدِي بِهِ الناقة الأَدْمَاءُ مُعَتَجِرًا
…
بِالْبُرْدِ كَالْبَدْرِ جَلَّى لَيْلَةَ الظُّلَمِ
فَفِي عِطَافَيْهِ وَأَثْنَاءِ بُرْدَتِهِ
…
مَا يَعْلَمُ اللهُ مِنَ دينٍ وَمِنْ كَرَمِ
صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد ورضي الله عن أصحابه الكرام.
65 -
مالك بن نميلة المزني حليف لبني معاوية بن عوف من الأنصار شهد بدرًا واستشهد بأُحد، ذكره ابن إسحاق.
66 -
المحتفر بن أوس بن زياد المزني. قال الحاكم في تاريخ نيسابور: المحتفر بن أوس بن نصر بن زياد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر العباس بن مصعب أنه ورد خراسان، وقال أحمد بن سنان: استوطن مُرُو وذكر بشر بن المحتفر أنه كان مع أبيه بخراسان في جيش عبد الرحمن بن سَمُرةَ. ثم أخرج من طريق عيسى بن موسى غنجار عن عيسى بن عبيد الكندي عن الحسين بن عثمان بن بشر بن المحتفر بن أوس عن أبيه عن جده المحتفر أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة وأنهم نحروا البدنة عن سبعة. كذا في الإصابة.
67 -
محمد بن أبي عمَير المزني. ذكره البخاري وقال: له صحبة يعد في الشاميين ثم أخرج من طريق ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن محمد بن أبي عميرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن عبدًا أخر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرمًا في طاعة الله عز وجل لحقره ذلك اليوم وَلَودَّ أنه ازداد كيما يزداد من الأجر والثواب". قال الحافظ وسنده قوي وأخرجه ابن المبارك في الزهد. وأخرجه ابن شاهين من طريقه، لكنه وقع عنده محمد بن عميرة. وأخرجه ابن أبي عاصم البغوي من طريق الوليد بن مسلم عن ثور موقوفًا. وأخرجه أحمد من طريق بقية عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن عُقبة بن عبد السُّلَمي مرفوعًا. وأخرج ابن السكن وابن شاهين بسند صحيح إلى بقية عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن ابن أبي عميرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يا أيها الناس ما من نفس منفوسة تحب أن تعود إلى الدنيا". ذكره الحافظ
قال مؤلفه: محمد بن أبي عميرة هذا: وأخوه عبد الرحمن بن أبي عميرة. تقدم لنا، وقد ذكر الحافظ رحمه الله حديث "ما من نفس منفوسة" هناك برواية عبد الرحمن وساقه هنا بلفظ عن ابن أبي عميرة فلا شك أن مخرج الحديث واحد علمًا أن هناك اختلافا في لفظه عن هذا والسند واحد. فتنبه.
68 -
محمد المزني والد مهند. روى نصر بن مزاحم عن عمر الأعوج عن مهند بن محمد المزني عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قرض مرتين كصدقة مرة" قال الحافظ ذكره مُطَيِّن في الصحابة ثم قال: قال أبو نعيم لا يصلح له صحبة ولا رؤية فيما أرى.
69 -
معاوية بن سويد بن مقرن المزني أبو سويد الكوفي أبوه أحد الإخوة تقدم ذكره. حديثه عن أبيه وعن البراء بن عازب في صحيح مسلم وغيره. قال الحافظ وقد ذكره أبو يعلى والحسن بن سفيان والبغوي وابن السكن في الصحابة.
70 -
معاوية بن عفيف المزني. قال في الإِصابة ذكره ابن عساكر في تاريخه وأورد عن أبي الحسن الرازي. والد تمام قال: قال بعضهم: الدار التي في سقيفة جناح
(1)
دار أبي قحافة ومعاوية ابني عفيف المزني.
71 -
معاوية بن معاوية المزني ذكره البغوي وغيره وقالوا: مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولوفاته قصة. أخرجها الطبراني في فضائل القرآن والبيهقي في دلائل النبوة كلهم من طرق محبوب بن هلال المزني عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال: نزل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد مات معاوية بن معاوية المزني. أتحب أن تصلي عليه؟ قال: نعم. فضرب بجناحيه فلم يبق أكمة ولا شجرة إلا تضعضعت فرفع سريره حتى نظر إليه فصلى عليه وخلفه صفان من الملائكة، كل صف سبعون ألف ملك. فقال يا جبرائيل "بم نال معاوية هذه المنزلة" قال "بحب قل هو الله أحد" وقراءته إياها جائيًا وذاهبًا وقاعدًا وعلى كل حال. وفي رواية لأنس بن مالك قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فطلعت الشمس يومًا بنور وشعاع وضياء لم نره قبل ذلك فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من شأنها
(1)
لم نجدها في المعاجم التي بين أيدينا بهذا الاسم.
فذكر القصة ونزل جبريل إلا أنه قال معاوية بن معاوية الليثي ورجح الحافظ أنه المزني وليس الليثي.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة إيراده لهذه الرواية وذكر مصادرها قال أبو عمر وأسانيد هذه الأحادث ليست بالقوية اهـ
(1)
.
وقال الحافظ أيضًا بعد إيراده لهذه الروايات كلها. قلت: قد يحتج به من يجيز الصلاة على الغائب ويدفعه ما ورد أنه رفعت الحجب حتى شهد جنازته فهذا يتعلق بالأحكام، والله أعلم اهـ.
72 -
معاوية بن مقرن المزني. قال ابن عبد البر: معاوية بن مقرن المزني معروف وهو أحد الإخوة. وقال الحافظ ذكره ابن شاهين وأورد في ترجمته حديثًا أوله "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشًا أوصى أميرهم" الحديث.
73 -
معبد بن خليد بن أثينة بن سليم صحابي من مزينة، ذكره ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ولم يذكر غيره حسب اطلاعي.
74 -
معقل بن مقرن المزني له صحبة ويكنى أبو عمرة، قال البغوي: سكن الكوفة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وقال الواقدي وابن نمير: كان بنو مقرن سبعة كلهم صحب النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو عمر: ليس ذلك لأحد من العرب غيرهم.
قلت: قد أخرج الطبري من طريق البختري عن المختار بنِ عبد الرحمن بن معقل بن مقرن أن ولد كانوا عشرة نزلت فيهم {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
…
(99)} [التوبة].
75 -
معقل بن يسار بن معبر بن حراق المزني ويكنى أبا علي، وقيل: كنيته أبو عبد الله، أسلم قبل الحديبية وشهد بيعة الرضوان. وهو الذي حفر نهر معقل بالبصرة بأمر عمر فنسب إليه، ونزل البصرة وبنى بها دارًا ومات بها في خلافة معاوية، وقيل سنة 65 هـ. وقال يونس بن عبيد ما كان هاهنا يعني بالبصرة أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أهنأ من معقل بن يسار.
(1)
جاء في ذيل الضعفاء والمتروكين للذهبي الذي حققه شيخنا حماد الأنصاري في ترجمة. نوح بن عمرو بن نوح بن حوّى السكسكي عن بقية، لم يضعفه أحد لكن انفرد بحديث الصلاة على معاوية بن معاوية المزني، هو خبر منكر لا يصح. اهـ ص 74.
وأخرج أحمد عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار "حرمت الخمر ونحن نشرب الفضيخ فجعلت أشرب وأقول هذا آخر العهد بالخمر".
وأخرج البغوي من طريق أبي الأشهب عن الحسن قال: عاد عبيد الله بن زياد معقل بن يسار في مرضه الذي توفي فيه فذكر الحديث الذي في ذم الذي يغش رعيته.
قال مؤلفه الله عنه: أبو عبد الله من جلة الصحابة رضي الله عنهم كان في بيعة الرضوان واقفًا على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ورافعًا عن رأسه الشريف غصن شجرة. نسب إليه نهر معقل بالبصرة والتمر ابعقلي بها، وأما حديثه المذكور فقد أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، "باب من استرعى رعية فلم ينصح لها".
76 -
معن بن أوس بن نصر بن زياد بن أسعد بن سحيم الشاعر الفحل عاش في الجاهلية والإسلام، وقد قدمنا شيئًا من سيرته في الجاهلية. ونستأنف الآن سيرته الإسلامية. قيل: إنه أسلم مع قومه من مزينة، ذكره القطان فإن كان هذا الخبر ثابتًا فهو صحابي لا شك في ذلك، والأستاذ عمر القطان لم يشر إلى مصدر محدّد، وأظنه ساقه بصيغه التمريض ولم أجده في كتب الصحابة، وقد ذكر أنه وفد على عمر مستعينًا به على أمر وخاطبه بقصيدته التي أولها:
تَأَوَّبهُ طَيْفٌ بَذاتِ الْحَوَائم
…
فَنَامَ رفيقَاهُ وَلَيْس بِنَائِمِ
وهو القائل:
لَعَمْرُكَ مَا أَدْري وَإنِّي لأَوْجَلُ
…
عَلَى أَيِّنَا تَعْدُ والْمَنِيَّة أَوَّلُ
وَإِنِّي أخُوكَ الدَّائِمُ الْعَهْدِ لَمْ أَحُلْ
…
إِنْ ابْزَاكَ خَصْمٌ أَوْ نَبا بِكَ مَنْزلُ
أُحَارِبُ مَنْ حَاَربْتَ مِنْ ذِي عَدَاوَةٍ
…
وَأَحْبِسُ مَالي إنْ غَرِمْتَ فَأَعْقِلُ
وَإِنْ سُؤْتَني يَوْمًا صَفَحْتُ إِلىَ غَدٍ
…
لِيُعْقِبَ يَوْمًا مِنْكَ آخَرَ مُقْبِلُ
كأَنّكَ تشفي مِنْكَ دَاءَ مَسَاءَتي
…
وَسُخْطِي وَمَا في رِيْبَتي مَا تَعَجَّلُ
وَإِنِّي عَلَى أَشْيَاءَ مِنْكَ تُرِيبُني
…
قَديمًا لَذوُ صَفْح عَلَى ذَاكَ مُجْمِلُ
ستَقْطَعُ في الدُّنْيَا إِذا مَا قَطعَتْني
…
يَمينُك فَأنْظُرْ أَيَّ كَفٍ تَبَدَّلُ
وَفي النَّاس إِنْ رَثَّتْ حِبَالَكَ وَاصِلٌ
…
وَفي الأَرْضِ عَنْ دَارِ الْقِلىَ مُتَحَوّلُ
إِذَا أنْتَ لَمْ تُنْصفْ أخَاكَ وَجَدَّتهُ
…
عَلَى طَرَفِ الْهجرانِ إِنْ كَانَ يَعْقِلُ
وَيَرْكَبُ حَدَّ السَّيْفِ مِنْ أنْ تَضِيمَةُ
…
إِذا لَمْ يكن عَنْ شِفْرَةِ السَّيفْ مَدْخَلُ
وَكُنْتُ إِذَا مَا صَاحبٌ رَامَ ظَنَّتي
…
وبَدَّل سُوءًا بالَّذي كُنْتُ افْعَلُ
قَلبْتُ لهُ ظَهْرَ المْجِنِّ فَلَمْ أدُمْ
…
عَلَى ذَاكَ إلَّا رَيْثَمَا أَتَحَوَّلُ
إذا انْصَرفَتْ نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ لَمْ تَكَدْ
…
إِلْيهِ بِوجْه آخر الدَّهْرِ تُقْبِلُ
وهو القائل:
دَعَاني يَشُبُّ الْحَرْبَ بَيْني وبَيْنَه
…
فَقُلْتُ لَهُ لَا بَلْ هَلْمَّ إلىَ السِّلْمِ
وَيَّاكَ وَالحَرْبَ الَّتي لَا أدِيُمهَا
…
صَحِيحٌ وَلَا تَنْفكُّ تَأْتي عَلَى وَغْمِ
فَلَمَّا أَبَى خَلَّيْتْ فَضْلَ عِنَانهِ
…
إِلَيْهِ فلَمْ يَرْجِعْ بِحَزْمٍ وَلَا عَزْمِ
فكانَ صريعَ الخيل أوَّل وَهْلَةٍ
…
فَبُعْدًا لَهُ مُخْتَارَ جَهْلٍ عَلَى عِلَمِ
روي أن عبيد الله بن العباس مرّ بمعن بن أوس وقد كف بصره فسأله عن حاله فقال له معن ضعف بصري وكثر عيالي وغلبني الدَّين. قال عبيد الله: وكم دينك؟ قال عشرة آلاف درهم فبعث بها إليه، ثم مر من الغد فقال كيف أصبحت يا معن؟ فقال:
أَخَذْت بِعَيْنِ الْمِال حَتَّى نَهكْتُهُ
…
وَبالدَّيْنِ حَتَّى مَا كَادُ أُدَانُ
وَحَتَّى سألت الْقَرْضَ عنْد ذَوِي الْغِنىَ
…
وَرَدَّ فُلَانٌ حاجَتي وَفلَانُ
فقال عبيد الله: الله المستعان، إنا بعثنا إليك بالأمس لقمة فما لُكْنها حتى انتزعت من يدك فأي شيء للأهل والقرابة والجيران؟ وبعث إليه بعشرة آلاف درهم أخرى. وعُمِّرَ معن بن أوس إلى زمان ابن الزبير وهو الذي قال لابن الزبير لعن الله ناقة حملتني إليك
(1)
.
(1)
لم أجد مرجعًا لشعر معن بن أوس وأخباره سوى كتاب صغير الحجم عظيم الفائدة لمؤلفه الأستاذ عمر محمد سليمان القطان فكفاني مؤونة البحث عن غيره، جزى الله مؤلفه خيرًا.
77 -
مغفل بن عبد نهم بن عفيف بن سحيم المزني أخو خزاعي بن عبد نهم وأبو الصحابي الجليل عبد الله بن مغفل توفي هذا عام الفتح قبل دخولهم مكة قال الحافظ وابن جرير الطبري: هو عم عبد الله ذي البجادين الذي توفي في غزوة تبوك ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في حفرته.
قلت: قال ابن الأثير في أسد الغابة: إن مغفل هذا هو أخو ذي البجادين. وهذا هو الصواب لأن عبد الله ذي البجادين هو ابن عبد نهم وهذا مُغَفَّل بن عبد نهم وأخوهما خزاعي بن عبد نهم أحد رؤساء مزينة كلهم إخوة. وإنما أراد الحافظ وأبو جعفر أن ذي البجادين عَمُّ عبد الله بن مغفل وهذا صحيح والله أعلم.
78 -
نظير المزني. ذكره أبو موسى في الذيل من طريق ابن شهاب عن إسماعيل بن أبي حكيم عن نظير المزني أو المدني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله إذا سمع قراءة {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1] يقول: أبشر عبدي فوعزتي لا أنساك على حال من أحوال الدنيا والآخرة. وهذا الحديث سنده: محمد بن إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن سلمة عن ابن شهاب عن إسماعيل بن أبي حكيم عن نظير المزني. قال الحافظ قال المستملي ذكر لابن طرخان فلم يعرفه وقال: الحديث أكثر من أن يحصى انتهى. وعبد الله بن سلمة واهي الحديث.
79 -
النعمان بن مقرن بن عائذ المزني أحد الإِخوة وأمير الفتوح له ذكر كثير في فتوح العراق وبعض إخوته قدم بشيرًا على عمر بفتح القادسية وهو الذي فتح أصبهان ونهاوند واستشهد بها عام 21 هـ وسيرته مشهورة نورد بعضها هنا.
روى ابن جرير في تاريخه عن محمد بن بشار وبندار كلاهما عن محمد بن خالد بن عثمة عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده. فذكر حديثًا فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط الخندق بين كل عشرة أربعين ذراعًا. قال واحتقَّ المهاجرون والأنصار في سلمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلمان منّا آل البيت" قال عمرو بن عوف المزني فكنت أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن وستة من الأنصار في أربعين ذراعًا فحفرنا حتى إذا بلغنا الندى ظهرت لنا صخرة بيضاء مَرْوة فكسرت حديدنا وشَقَّت علينا فذهب سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قبة تركية فأخبره عنها فجاء فأخذ المعول من سلمان فضرب الصخرة ضربة صدعها وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها يعني المدينة حتى كأنها مصباح في
جوف ليل مظلم، فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبَّر المسلمون. ثم ضربها الثانية فكذلك. ثم الثالثة فكذلك. وذكر ذلك سلمان والمسلمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه عن ذلك النور. فقال: لقد أضاء لي من الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب. فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها. ومن الثانية أضاءت القصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها. ومن الثالثة أضاءت قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فابشروا، واستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعود صادق، قال: ولما طلعت الأحزاب قال المؤمنون هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيمانًا وتسليما. وقال المنافقون: يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كِسرَى وأنها تُفتحُ لكم، وأنتم تحفرون الخندق لا تستطيعون أن تبرروا، فنزل فيهم:{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} [الأحزاب: 12] قال ابن كثير: وهذا حديث غريب جدا.
قلت: حديث الصخرة هذا قد ورد من عدة طرق غير هذا بألفاظ مختلفة عن عمرو بن عوف المزني عند الطبراني. وعن ابن عباس عند الطبراني أيضًا وذكر قصة العجين والجدي الذي ذبحه صاحبه للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
(1)
. وأورده البيهقي عن البراء بن عازب الأنصاري. وأورده النسائي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وله طرق كثيرة ليس هنا مجال ذكرها.
والشاهد منها أن المترجم له رضي الله عنه شهد غزوة الخندق بل مزينة كلها شهدتها أو أكثرها لأن إسلام مزينة كما تقدم في رجب سنة خمس والأحزاب في شهر شوال سنة خمس فلم يكن بين إسلام القبيلة والغزوة سوى ثلاثة أشهر. والعلم عند الله تعالى.
وقال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن النعمان بن مقرن قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم. فكان إذا طلع الفجر أمسك حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قاتل: الحديث.
(1)
وهو جابر بن عبد الله رضي الله عنه وحديثه هذا في غزوة الخندق من صحيح البخاري.
وقال ابن الأثير في الكامل ج 3 ص 3 قال: نفرت الأعاجم بكتاب يزدجرد فاجتمعوا بنهاوند على الفيرزان في خمسين ألفًا ومائة ألف مقاتل وكان سعد كتب إلى عمر بالخبر ثم شافهه به لما قدم عليه. وقال له إن أهل الكوفة يستأذنونك في الانسياح وأن يبدأوهم بالشدة ليكون أهيب لهم على عدوهم. فجمع عمر الناس واستشارهم. وقال لهم: هذا يوم له ما بعده وقد هممت فيمن قِبَلي ومن قدرت عليه فأنزل منزلًا وسطًا بين هذين المصرين ثم أستنفرهم وأكون لهم ردءًا حتى يفتح الله عليهم ويقضي ما أحب فإن فتح الله عليهم صببتهم في بلدانهم. فقام طلحة بن عبيد الله فتكلم، ثم قام عثمان فتكلم، ثم قام علي فتكلم وأجاد فقال عمر: هذا هو الرأي كنت أحب أن أتابع عليه فأشيروا علي برجل أوليه ذلك الثغر وليكن عراقيا "أي من جند العراق" فقالوا: أنت أعلم بجندك وقد وفدوا عليك ورأيتهم وكلمتهم. فقال: والله لأولينّ أمرهم رجلًا يكون أول الأسنّة إذا لقيها غدًا. فقيل: من هو؟ فقال: هو النعمان بن مقرن المزني فقالوا: هو لها. وكان النعمان يومئذ معه جمع من أهل الكوفة، قد اقتحموا جند نيسابور والسوس فكتب إليه عمر، وهذا لفظ كتابه عن الطبري: بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى النعمان بن مقرن سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فإنه بلغني أن جموعًا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبعون الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين ولا توطئهم وعرًا فتؤذيهم ولا تمنعم حقهم فتكفرهم، ولا تدخلنهم غيضة فإن رجلًا من المسلمين أحب إليَّ من مائة ألف دينار والسلام عليك. أ هـ. رجعنا إلى رواية ابن الأثير. ثم كتب عمر إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان ليستنفر الناس مع النعمان كذا وكذا، ويجتمعوا عليه بماه (وهو موضع)، فندب الناس فكان أسرعهم إلى ذلك الروادف
(1)
ليبلوا في الدين وليدركوا حظا. فخرج الناس منها وعليهم حذيفة بن اليمان ومعه نعيم بن مقرن حتى قدموا على النعمان واجتمع الناس على النعمان. وفيهم حذيفة بن اليمان، وابن عمر، وجرير بن عبد الله البجلي، والمغيرة بن شعبة، وغيرهم. فأرسل النعمان طليحة بن خويلد، وعمرو بن معد يكرب، وعمرو بن ثني وهو ابن أبي سلمى. ليأتوه بخبر الأعاجم، فخرجوا
(1)
الذين لم يشهدوا المشاهد الأولى لصغر أو تأخر إسلام.
وساروا يومًا إلى الليل، فرجع عمرو بن ثني. فلما كان آخر الليل رجع عمرو بن معد يكرب، ومضى طليحة ولم يحفل بهما حتى انتهى إلى نهاوند، وبين موضع المسلمين الذين هم به ونهاوند، بضعة وعشرون فرسخًا. فقال الناس ارتدَّ طليحة الثانية (وكان قد ارتدّ قبل ذلك) فعلم كلام القوم واطلع على الأخبار. ورجع فلما رأوه كبَّروا فقال ما شأنكم؟ فأعلموه بالذي خافوا عليه فقال: والله لو لم يكن دين إلا العربي ما كنت لأجزر المعجم الطماطم، هذه العرب العاربة. فأعلم النعمان أنه ليس بينهم وبين نهاوند شيء يكرهه ولا أحد. فرحل النعمان وعبى أصحابه وهم ثلاثون ألفًا فجعل على مقدمته نعيم بن مقرِّن وعلى مجنبتيه حذيفة بن اليمان وسويد بن مقرِّن وعلى المجردة القعقاع بن عمرو وعلى الساقة مجاشع بن مسعود، وقد توافت أمداد المدينة فيهم المغيرة بن شعبة فانتهوا إلى اسبيذهان، والفُرس وقوف على تعبيتهم، وأميرهم الفيرزان، وعلى مجنبتيه الزردق، وبهمن جاذويه الذي جعل مكان ذي الحاجب. وقد توافى إليهم الأمداد بنهاوند كل من غاب عن القادسية ليسوا بدونهم، فلما رآهم النعمان كبَّر وكبَّر معه الناس فتزلزلت الأعاجم، وحطَّت العرب الأثقال وضرب فسطاط النعمان فابتدر أشراف الكوفة فضربوه، منهم حذيفة بن اليمان، وعقبة بن عامر، والمغيرة بن شعبة، وبشير بن الخصاصية، وحنظلة الكاتب، وجرير بن عبد الله البجلي، وِالأشعث بن قيس، وسعيد بن قيس الهمداني، ووائل بن حجر. وغيرهم فلم يُرَ بُنَّاءُ فسطاط بالعراق كهؤلاء
(1)
. وأنشب النعمان القتال بعدما حطَّ الأثقال، فاقتتلوا يوم الأربعاء، ويوم الخميس والحرب بينهم سجال، وأنهم انجحروا في خنادقهم يوم الجمعة. وحصرهم المسلمون وأقاموا عليهم ما شاء الله، والفرس بالخيار، لا يخرجون إلا إذا أرادوا الخروج، فخاف المسلمون أن يطول أمرهم، حتى إذا كان ذات يوم في جمعة من الجمع، تجمع أهل الرأي من المسلمين فتكلموا، وقالوا: نراهم علينا بالخيار. وأتوا النعمان في ذلك، فوافوه وهو يروّي في الذي روّوا فيه، فأخبروه، فقال: على رسلكم لا تبرحوا، فبعث إلى من بقي من أهل النجدات والرأي فأحضرهم، فتكلم النعمان فقال: قد ترون المشركين واعتصامهم بخنادقهم ومدنهم، وأنهم لا
(1)
لم يذكر ابن الأثير رحمه الله أسماء هؤلاء الذين بنوا الفسطاط وهم من أشراف الحرب إلا ليدلَّل على منتهى الطاعة للأمير؛ وليبن أن أولئك القوم لم يريدوا من الدنيا ما نحن نتنافس عليه فرضي الله عنهم (المؤلف).
يخرجون إلينا إلا إذا شاءوا ولا يقدر المسلمون على إخراجهم، وقد ترون الذي فيه المسلمون من التضايق، فما الرأي الذي به نستخرجهم إلى المناجزة وترك التطويل؟
فتكلم عمرو بن ثني وكان أكبر الناس سنا وكانوا يتكلمون على الأسنان. فردوا عليه رأيه. ثم تكلم عمرو بن معد يكرب فردوا عليه رأيه، ثم تكلم طليحة بن خويلد الأسدي فقال: أرى أن نبعث خيلًا لينشبوا القتال فإذا اختلطوا بهم رجعوا إلينا استطرادًا فإنا لم نستطرد لهم في طول ما قاتلناهم فإذا رأوا ذلك طمعوا وفرحوا فقاتلناهم حتى يقضى الله فيهم وفينا ما أحب. فأمر النعمان القعقاع بن عمرو وكان على المجردة، فأنشب القتال بعد احتجاز من المعجم فأخرجهم من خنادقهم كأنهم جبال، وقد تواثقوا أن لا يفروا وقرن بعضهم بعضًا كل سبعة في قران، وألقوا حسك الحديد خلفهم لئلا ينهزموا. فلما خرجوا نكص ثم نكص واغتنمها الأعاجم ففعلوا كما ظن طليحة وقالوا: هي، هي. فلم يبق أحد إلا من يقوم على الأبواب وركبوهم ولحق القعقاع بالناس وانقطع الفُرس عن حصنهم بعض الانقطاع والمسلمون على تعبية في يوم جمعة صدر النهار وقد عهد النعمان إلى الناس عهده وأمرهم أن يلزموا الأرض ولا يقاتلوا حتى يأذن لهم ففعلوا واستتروا بالحجف من الرمي. وأقبل المشركون عليهم يرمونهم حتى أفشوا فيهم الجراح وشكا بعض الناس ذلك إلى بعض، وقالوا للنعمان ألا ترى ما نحن فيه فما تنتظر بهم؟ ائذن للناس في قتالهم فقال: رويدًا، رويدًا. وانتظر النعمان بالقتال أحب الساعات كانت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقى العدو فيها، وذلك عند الزوال وتفيؤ الأفياء ومهب الرياح. فلما كان قريبًا من تلك الساعة ركب فرسه وسار في الناس. لفظ ابن جرير (على برذون أحوى قريب من الأرض) قال ووقف على كل راية يذكرهم، ويحرضهم، ويمنيهم الظفر وقال لهم: إني مكبر ثلاثًا فإذا كبرت الثالثة فإني حامل إن شاء فاحملوا وإن قتلت فالأمير بعدي حذيفة فإن قُتل ففلان حتى عدَّ سبعة آخرهم المغيرة بن شعبة. ثم قال اللهم أعزز دينك وانصر عبادك واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك، وقيل بل قال: اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام واقبضني شهيدًا فبكى الناس ورجع إلى موقفه فكبر ثلاثًا والناس سامعون مطيعون مستعدون للقتال، وحمل النعمان والناس معه، وانقضت رايته انقضاض العقاب والنعمان
معلَّم ببياض القباء والقلنسوة فاقتتلوا قتالًا شديدًا لم يسمع السامعون بوقعة كانت أشد منها، وما كان يسمع إلا وقع الحدد وصبر لهم المسلمون صبرًا عظيمًا وانهزم الأعاجم وقُتل منهم ما بين الزوال والإِعتام ما طبق أرض المعركة دمًا يزلق الناس والدواب فيه. فلما أقر الله عين النعمان بالفتح استجاب له فقُتل شهيدًا زلق به فرسه فصُرع. وقيل بل رمي بسهم في خاصرته فقتله فسجاه أخوه نعيم بثوب وأخذ الراية قبل أن تقع وناولها حذيفة فأخذها وتقدم إلى موضع النعمان وترك نُعيمًا مكانه. وقال لهم المغيرة اكتموا مصاب أميركم حتى ننظر ما يصنع الله فينا وفيهم لئلا يهن الناس. فاقتتلوا فلما أظلم الليل عليهم انهزم المشركون وذهبوا فلزمهم المسلمون وعمي عليهم قصدهم فتركوه وأخذوا نحو اللهب الذي كانوا نزلوا دونه باسبيذهان فوقعوا فيه فكان الواحد منهم يقع عليه ستة بعضهم على بعض في قياد واحد فيقتلون جميعًا وجعل يعقرهم حسك الحديد فمات منهم في اللهب بشر لا يحصون كثرة سوى من قتل في المعركة.
قال: وكان السائب بن الأقرع الثقفي كاتبًا حاسبًا فأرسله عمر إليهم وقال له: إن فتح الله عليكم فاقسم على المسلمين فيأهم وخذ الخمس وإن هلك هذا الجيش فاذهب فبطن الأرض خير من ظهرها.
وكان صاحب بيت النار يقال له الهربذ وكان حذيفة أمَّنه ومن معه على أن يخرج ذخيرة لكسرى تركت عنده لنوائب الزمان فأحضر جوهرًا نفيسًا في سفطين. قال السائب: فلما فتح الله علي المسلمين وأحضر الفارسي السفطين اللذين أودعهما عنده (النخيرجان) فإذا فيهما اللؤلؤ، والزبرجد، والياقوت، فلما فرغت من القسمة احتملتهما مغي وقدمت على عمر، وكان قد قدَّر الوقعة فبات يتململ ويخرج ويتوقع الأخبار فبينما رجل من المسلمين قد خرج في بعض حوائجه فرجع إلى المدينة ليلًا فمر به راكب فسأله من أين أقبل؟ فقال: من نهاوند وأخبره بالفتح وقتل النعمان. فلما أصبح الرجل تحدث بهذا بعد ثلاث من الواقعة فبلغ الخبر عمر فسأله فأخبره فقال: ذلك بريد الجن. ثم قدم البريد بعد ذلك فأخبره بما يسره ولم يخبره بقتل النعمان، قال السائب فخرج عمر من الغد يتوقع الأخبار قال فأتيته
فقال: ما وراءك؟ فقلت: خيرًا يا أمير المؤمنين فتح الله عليك وأعظم الفتح واستشهد النعمان بن مقرن، فقال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون ثم بكى فنشج حتى بانت فروع كتفيه فوق كتده
(1)
. قال: فلما رأيت ذلك وما لقي قلت: يا أمير المؤمنين ما أصيب بعده رجل يعرف وجهه، فقال: أولئك المستضعفون من المسلمين ولكن الذي أكرمهم بالشهادة يعرف وجوههم وأنسابهم، وما يصنع أولئك بمعرفة عمر، ثم أخبرته بالسفطين فقال أدخلهما بيت المال حتى ننظر في شأنهما والحق بجندك، قال: ففعلت وخرجت سريعًا إلى الكوفة. انتهى بتصرف واختصار.
80 -
النعمان بن عمرو بن مقرن، ذكره البغوي في الصحابة قال الحافظ أخرج البغوي من طريق جرير عن منصور عن أبي خالد الوالبي عن النعمان بن مقرن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" ذكر الحافظ هذا الحديث في هذه الترجمة وذكر غيره أن هذا الحديث من رواية عمرو بن النعمان بن مقرن.
ثم أوردت تحت هذه الترجمة حديثا لعمرو بن النعمان بن مقرن فقال: أخرج ابن شاهين من طريق يحيى بن عطية عن أبيه عن عمرو بن النعمان بن مقرن قال: قدم رجال من مزينة فاعتلوا على النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لا أموال لهم يتصدقون منها وقدم النعمان بن مقرن بغنمٍ يسوقها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت فيه {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ} [التوبة: 99].
قال: وعمرو بن النعمان، ابن عم صاحب الترجمة، ويقال هو هو انقلب على الراوي ويقال: إن حديث النعمان هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. انتهى.
قال مؤلفه عفا الله عنه: هذا الكلام وهم من الحافظ رحمه الله.
فإن أولاد مقرن عشرة كلهم ليس فيهم من اسمه عمرو. وهذه الترجمة لا وجود لها بهذا الاسم؛ ولذلك قالوا: إن حديثه مرسل وهو صحيح، أما حديث عمرو بن النعمان بن مقرن فحديثه موصول بوالده عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أيضًا صحابي ذكره أبو عمر.
(1)
وكان قتله يوم جمعة ولما جاء نعيه إلى عمر خرج إلى الناس فنعاه إليهم على المنبر ووضع يده على رأسه وبكى. وقال ابن مسعود إن للإيمان بيوتًا وإن للنفاق بيوتًا وإن من بيوت الإيمان بيت ابن مقرن. اهـ ابن الأثير في الأسد.
ثم إن الحافظ رحمه الله ذكر حديث "سباب المسلم فسوق" في ترجمة عمرو بن النعمان بن مقرن فكيف يغفل عنه ويعيد الحديث نفسه بصيغة أخرى في ترجمة أخرى في ترجمة النعمان بن عمرو بن مقرن ولا وجود لهذا الاسم في أولاد مقرن العشرة الذين ثبت عندنا أنهم إخوة، وإنما ذكرت هذه الترجمة لأرد رواياتها إلى بعضها وتصبح من رواية عمرو بن النعمان بدلًا من النعمان بن عمرو، وهذا هو الموافق للصواب حسب اطلاعي على أسماء أولاد مقرن وأنه ليس فيهم عمرو والعلم عند الله تعالى
(1)
.
81 -
النعمان بن هلال المزني. أورد له الحافظ حديث "قدمنا في أربعمائة من مزينة" إلخ ثم قال: وهذا يعرف بالنعمان بن مقرن كما نبهت عليه في ترجمته اهـ.
قلت: هذا الحديث قد ورد عن النعمان بن مقرن، وخزاعي بن عبد نهم، وأبجر بن الأبجر ولا يمنع ذلك أن يكون من ضمن الأربعمائة هؤلاء النعمان بن هلال فيروي الحديث كما رواه الثلاثة، إذ إن هذا العدد كلهم شهدوا قصة تمر عمر ولا ضير إذا وجدت رواية عند كل واحد منهم على حدة. والله أعلم.
82 -
نعيم بن مقرن المزني. قال أبو عمر وهو الذي خلف أخاه النعمان لما استشهد بنهاوند وأخذ الراية فدفعها إلى حذيفة بن اليمان ثم كانت فتوح فارس على يده وقد سبقت الإشارة إلى كتاب عمر للنعمان بن مقرن حين أمره بالمسير إلى نهاوند، وقد زاد ابن جرير أن من كتاب عمر إلى النعمان: إن حدث بك فعلى الناس حذيفة بن اليمان فإن حدث بحذيفة حدث فعلى الناس نعيم بن مقرن.
قال ابن جرير وكتب عمر إلى نعيم بن مقرن أن سر حتى تأتي همذان وابعث على مقدمتك سويد بن مقرن وعلى مجنبتيك ربعي بن عامر، ومهلهل بن زيد، هذا طائي وذاك تميمي، فخرج نعيم بن مقرن في تعبيته حتى نزل ثنية العسل وهي تشرف على همذان فانحدر منها على مدينة همذان فتحصن أهلها فحصرهم فيها وأخذ ما بينها وبين ضواحيها، واستولى على بلاد همذان كلها فلما رأى ذلك أهل المدينة سألوا الصلح على أن يجريهم ومَن استجاب مُجرىَ واحدًا ففعل
(1)
وربما بعد البحث والتحقيق يتبين لنا الصواب في غير ذلك فنثبته.
وقبل منهم الجزاء على المنعة، وبينما نعيم في مدينة همذان في توطئتها في اثني عشر ألفًا من الجند تكاتب الديلم وأهل الري وأهل أذربيجان ثم خرج كل منهم بجيشه وبعثوا إلى نعيم بالخبر فاستخلف يزيد بن قيس وخرج إليهم في الناس بموقع يقال له (واج روذ) فاقتتلوا بها قتالًا شديدًا وكانت وقعة عظيمة تعدل نهاوند ولم تكن دونها وقتل من القوم مقتلة عظيمة لا يحصون وقد كانوا كتبوا إلى عمر باجتماعهم ففزع منها عمر واهْتمَّ بحربها وتوقع ما يأتيه عنهم فلم يفجأه إلا البريد بالبشارة فقال أبشير؟ فقال بشير، فقال عمر: رسول نعيم. قال: رسول نعيم. قال: الخبر، قال: البشرى بالفتح والنصر وأخبره الخبر فحمد الله وأمر بالكتاب فقرئ على الناس فحمدوا الله فكتب عمر إلى نعيم أن سر حتى تقدم الري فتلقى جمعهم ثم أقم بها فإنها أوسط تلك البلاد وأجمعُها لما تريد فأقر نعيم يزيد بن قيس الهمْداني على هَمَذَان
(1)
. وسار من واج الروذ بالناس إلى الري وقال نعيم في واج الروذ:
لَمّا أتَاني أنَّ مَوْتًا وَرَهْطَهُ
(2)
…
بَني بَاسلٍ جَرُّوا جُنُود الأعَاجِم
نَهَضتُ إلْيهِم بالجُنُود مُسَاميًا
…
لأمْنَعَ مِنهم ذِمَّتي بِالْقواصِم
فَجئْنَا إِليْهمِ بالْحَديد كَأنَّنَا
…
جِبالٌ تَرَاءَى مِن فُرُوع الْقَلَاسِم
فَمَّا لَقِينَاهُم بَها مَسْتَفِيضَة
…
وَقَدْ جَعَلُوا يَسْمُونَ فعْل المُساهم
صَدَمْنَاهُمُ في وَاج رَوذ يَجْمعنَا
…
غَدَاة رَمَيْناهَمُ بِإحْدَى الْعظَائِم
فَمَا صَبَرُوا في حَوْمَةِ الموت سَاعَةً
…
لَجِدَّ الرِّمَاحِ والسُّيوفِ الصَّوارِمِ
كَأنَّهُم عِنْد انْبِثَاثِ جُمُوعِهِم
…
جِدَارُ تَشَطّى لِبْنُهُ لِلْهَوادم
أصَبنَا بهَا مَوْتًا وَمَنْ لَفَّ جَمْعُهُ
…
وَفيهَا نِهِابٌ قَسْمُهُ غَيْرُ عَاتِم
تَبعْنَاهُمُ حَتَّى أوَوْا في شِعَابِهِمَ
…
نُقَتِّلُهْم قَتْلَ الْكِلَابِ الْجَوَاحِم
كَأَنّهُمُ في وَاج رَوْذٍ وَجَوِّهِ
…
ضَئِينٌ أصابتها فَرُوجُ الْمَخارِم
(1)
هَمذان قبيلة باليمن. صاحب الإكليل، وهَمَذَان بلدة معروفة في شرق آسيا.
(2)
موتا: رجل من كبارهم.
قالوا وخرج نعيم بن مقرن من واج روذ في الناس وقد أخر بها إلى الرِّي فصالحه أهلها وكتب لهم كتابًا. بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى نعيم بن مقرن: الزينبي بن قوله
(1)
. أعطاه الأمان على أهل الرّي ومن كان معهم من غيرهم على الجزاء طاقة كل حالم في كل سنة وعلى أن ينصحوا ويدلّوا ولا يغلّوا ولا يسلّوا وعلى أن يقروا المسلمين يومًا وليلة وعلى أن يفخّموا المسلم فمن سبّ مسلمًا أو استخفّ به نهك عقوبة، ومن ضربه قُتل ومن بَدّل منهم فلم يُسْلَم برُميّة فقد غيّر جماعتكم. وكتب وشهد. ثم كتب كتابًا آخر لأهل دنباوند.
بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا كتاب من نعيم بن مقرن لاهل دنْباوَنْد إنك آمن ومن دخل معك على الكفّ أن تكفَّ أهل أرضك وتتقي من وَلِيَ الفَرْجَ بمائتي ألف درهم وزن سبعة في كل سنة لا يغار عليك ولا يدخل عليك إلا بإذن ما أقمت على ذلك تُغَيَّر ومن غَيّر عليك ولا يدخل عليك إلا بإذن ما أقمت على ذلك حتى تُغيّر، ومن غَيَّر فلا عهد له ولا لمن لم يسلمه وكُتِبَ وشَهِدَ اهـ من ابن جرير ج 4 ص 254.
83 -
ناشرة المزني. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم له ذكر في قتل سجاح بنت الحارث التميمية التي ادعت النبوة. قال الحافظ ذكره سيف والطبري.
84 -
النضر بن بشير بن عمرو المزني له إدراك ذكره الكندي وكان شهد فتح مصر واخْتَطَّ بها ثم وُلّيَ ابنه قضاءها في سنة اثنتين وسبعين ومات بها سنة 89 هـ.
85 -
نافع بن عمرو المزني. ذكره أبو مسعود الأصبهاني في الصحابة وأورد من طريق هلال بن عامر المزني عنه أنه كان في حجة الوداع قال الحافظ وهو خطاء.
86 -
هلال بن عامر المزني. قال الحافظ هو تابعي قال وذكره جعفر المستغفري، وأورد عن شيخ من بني فزارة يحدث عن هلال بن عامر المزني وغيره، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة شهباء أو على بعير. الحديث. قال الحافظ وهذا وهم
(1)
ورد اسمه هكذا.
87 -
الوليد بن زفر المزني. ذكره ابن شاهين وأخرج من طريق هشام بن الكلبي عن رجل من جهينة عن رجل من بني مرَّة بن عوف قال: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم الوليد بن زفر فعقد له فأتته امرأته فبكت فنهض ابن عم له يقال له سارية بن أوفى فأخذ نحو النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فدعا بصعدة
(1)
. فعقد له ثم سار إلى بني مرة فعرض عليهم الإسلام فأبطأوا عنه فوضع فيهم السيف فلما أسرف في القتل أسلموا وأسلم من حولهم من قيس ثم سار إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ألف فارس ذكر ذلك الحافظ.
88 -
وهب بن قابوس المزني. قد وعدنا بإيراد قصته في ترجمة ابن أخيه الحارث بن عقبة بن قابوس المزني وها نحن نفي بوعدنا.
قال ابن السكن: حدثنا محمد بن طلحة عن محمد بن الحصين بن عمرو بن سعد بن معاذ عن أبيه عن جده قال لقي رجل من مزينة يقال له وهب بن قابوس بالعرج فأسلم وبايعه "يعني النبي" ثم أقام في أهله حتى إذا كان يوم أحد خرج بحبل فيه غنم حتى قدم المدينة فوجدها خلوا فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له إنه يقاتل بأحد أو قريبًا من أُحد فرمى بحبله وتوجه إليه بأحد فطلعت الخيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يوزع عنا الخيل جعله الله رفيقي في الجنة" فتقدم وهب فضرب بسيفه حتى ردها حتى صنع ذلك ثلاث مرات فقتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه حتى نفرغ له" فلما فرغ التمس فلم يوجد. فقال عمر: ما من الناس أحد أحب إلي من أن ألقى الله بعمله من وهب بن قابوس. قال الحافظ: وقرأت في كتاب النصوص لصاعد اللغوي قال: كان عمر يقول: إن أحب هذه الأمة إليَّ أن ألقى الله بصحيفته للمزني وهب بن قابوس فذكر قصته مختصرًا.
قلت: أما قوله فالتمس فلم يوجد فلا أظنها تثبت. لما قد رواه ابن سعد في طبقاته: قال: أقبل وهب بن قابوس المزني ومعه ابن أخيه الحارث بن عقبة بن قابوس بغنم لهما من جبل مزينة فوجدا المدينة خلوا فسألا أين الناس فقالوا: بأُحد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين من قريش فقالا: لا نسأل أثرًا بعد عين فأسلما ثم خرجا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم بأُحد فيجدان القوم يقتتلون والدولة لرسول
(1)
قناة مستوية ولا تحتاج إلى تثقيف اهـ - قاموس.
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأغارا مع المسلمين في النهب وجاءت الخيل من ورائهم خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل فاختلطوا فقاتلا أشد القتال فانفرقت فرقة من المشركين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لهذه الفرقة؟ فقال وهب بن قابوس: أنا يا رسول الله فقام فرماهم بالنبل حتى انصرفوا ثم رجع، فانفرقت فرقة أخرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لهذه الكتيبة؟ فقال المزني: أنا يا رسول الله فقام فذبها بالسيف حتى ولَّوا ثم رجع المزني، ثم طلعت كتيبة أخرى فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فقال المزني: أنا يا رسول الله فقال: قم وأبشر بالجنة. فقام المزني مسرورًا يقول والله لا أقيل ولا أستقيل، فقام فجعل يدخل فيهم فيضرب بالسيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه والمسلمون حتى خرج من أقصاهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم ارحمه ثم يرجع فيهم فما زال كذلك وهم محدقون به حتى اشتملت عليه أسيافهم ورماحهم فقتلوه فوجد به يومئذ عشرون طعنة برمح كلها قد خلصت إلى مقتل ومُثِّل به أقبح المثل يومئذ ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتى قتل. فكان عمر بن الخطاب يقول: إن أحب ميتة أموت عليها لما مات عليه المزني.
وقال الواقدي: كان بلال بن الحارث المزني يحدث يقول: شهدنا القادسية مع سعد بن أبي وقاص فلما فتح الله علينا وقسمت بيننا غنائمنا، فأسقط فتى من آل قابوس من مزينة، فجئت سعدًا حين فرغ من نومه فقال بلال؟ قلت: بلال قال مرحبًا بك من هذا معك؟ قلت: رجل من قومي من آل قابوس، قال سعد ما أنت يا فتى من المزني الذي قُتل يوم أُحد؟ قال: ابن أخيه، قال سعد: مرحبًا وأهلًا ونعم الله بك عينًا، ذلك الرجل شهدت منه يوم أحد مشهدًا ما شهدته من أحد، لقد رأيتنا وقد أحدق المشركون بنا من كل ناحية ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا والكتائب تطلع من كل ناحية وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرمي ببصره في الناس يتوسمهم، يقول من لهذه الكتيبة كل ذلك يقول المزني أنا يا رسول الله يردها كل ذلك يردها فما أنسى آخر مرة قامها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم وأبشر بالجنة، قال سعد: وقمت على أثره يعلم الله إني أطلب مثل ما يطلب يومئذٍ من الشهادة فخضنا حومتهم حتى رجعنا فيهم الثانية. وأصابوه رحمه الله وودت والله أني كنت أصبت يومئذ معه ولكن أجلي استأجر. ثم دعا سعد من ساعته بسهمه فأعطاه وفضله وقال: اختر في المقام عندنا أو الرجوع إلى أهلك، فقال بلال: إنه يستحب الرجوع فرجعنا.
وقال سعد: أشهد لرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفًا عليه وهو مقتول وهو يقول رضي الله عنك فإني عنك راضٍ ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على قدميه وقد نال النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح ما ناله وأني لأعلم أن القيام ليشق عليه، على قبره حتى وضع في لحده وعليه بردة لها أعلام خضر فمدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم البردة على رأسه فخمر وأدرجه فيها طولًا وبلغت نصف ساقيه وأمرنا فجمعنا الحرمل فجعلناه على رجليه وهو في لحده ثم انصرف فما حال أموت عليها أحبُّ إليَّ من أن ألقى الله تعالى على حال المزني.
وفي رواية ابن سعد فوقف عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهما مقتولان فقال رضي الله عنك فإني عنك راض يعني وهبًا. وفيها فلم يزل النبي قائمًا حتى وضع المزني في لحده عليه بردة لها أعلام حمر.
89 -
يزيد بن عبد المزني حجازي، استدركه أبو موسى وأخرج ابن ماجه من طريق أيوب بن موسى عنه رفعه "يعق عن الغلام" قال الحافظ هو تابعي. وقال البخاري إنما روى هذا الحديث عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تثبت صحبة أبيه أيضًا.
90 -
أبو أسماء المزني: أحد من أسلم من مزينة على يدي خزاعي بن عبد نهم وشهد فتح مكة، قال ذلك الحافظ.
91 -
أبو حاتم المزني حجازي قال الترمذي وابن حبان وابن السكن: له صحبة وأخرج الترمذي حديثه في تزويج "الأكفاء إذا جاءكم من ترضون دينه" الحديث. وقال: لا أعرف له غيره.
92 -
أبو حكيم المزني: وهو غير أبو حكيم المسمى عقيل بن مقرن فذاك أحد الإخوة وهذا غيره. قال: الحافظ قال الماوردي: له صحبة وحديثه عند الحمصيين. وأخرج الطبراني وابن السكن من طريق ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد قال زعم أبو حكيم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو لم ينزل على أمتي إلا سورة الكهف لكفاهم" وله ذكر في أثر موقوف أخرجه عبد الرزاق من طريق عبد الله بن مرداس قال: جاءني يسألني فقلت: عليك بعبد الله بن مسعود أو بأبي حكيم المزني فذكر قصة في صيام الجنب. وأخرجه الطبراني أيضًا وهو يدل على أنه كان مشهورًا بالفتيا اهـ.
93 -
أبو حميضة المزني: أورده الحافظ وابن الأثير في الصحابة وقال الحافظ قال ابن حبان: له صحبة. قال: وأخرج الطبراني وابن السكن من طريق نصر بن علقمة عن أخية محفوظ عن ابن عائذ عن غضيف بن الحارث حدثني أبو حميضة المزني قال: حضرنا طعامًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشتغل بحديث رجل أو امرأة وجعلنا نأكل ونحن نقصر في الأكل أو كما قال، فأقبل إلينا النبي صلى الله عليه وسلم فأكل معنا ثم قال: كلوا كما يأكل المؤمنون قلنا: كيف يأكل المؤمنون؛ فأخذ لقمة عظيمة فقال هكذا لقمات خمسًا أو ستًا إن كان مع ذلك شيء وإلا شرب وقام. قال الحافظ قال ابن السكن لم أجد له من الرواية غير هذه، وقال ابن الأثير أخرجه أبو موسى.
94 -
أبو شييم المزني، ذكره الواقدي عن شيوخه قالوا: كان أبو شييم المزني قد أسلم فحسن إسلامه يحدث ويقول لما نفرنا مع عيينة بن حصن يعني في الأحزاب رجع بنا فلما كان دون خيبر رأى منامًا فقدم فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قد فتح خيبر فقال: يا محمد أعطني عما غنمت من حلفائي فإني انصرفت عنك وعن قتالك فلم يعطه شيئًا، فانصرف فلقيه الحارث بن عوف فقال له: ألم أقل لك والله ليظهرن محمد ما بين المشرق والمغرب. ذكره الحافظ.
95 -
أبو العالية المزني: لا يعرف اسمه ولا سياق نسبه. قال الحافظ: أخرج حديثه الطبراني في مسند الشاميين من طريق أبي سُعيد بالتصغير واسمه حفص بن غيلان عن حبان بن حجر عن أبي العالية المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تكون بعدي فتن شداد خير الناس فيها المسلمون من أهل البوادي لا يفندون من دماء الناس ولا أموالهم".
96 -
أبو عطية المزني: روى حديثه بكر بن سواده عن عبد الرحمن بن عطية عن أبيه عن جده. عداده في المصريين قاله أبو سعيد بن يونس، ذكر ذلك ابن الأثير والحافظ.
97 -
أبو الغادية المزني: قال ابن الأثير بسنده إلى العاص بن عمر الطغاوي قال خرج أبو الغادية وحبيب بن الحارث وأم أبي الغادية مهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا فقالت المرأة: يا رسول الله أوصني، فقال إياك وما يسوء الأذن. ثم ساق بسند آخر إلى أبي الغادية المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ستكون بعدي فتن شداد" الحديث المتقدم في ترجمة أبي العالية وقال الحافظ أخرج تمام في فوائده
من طريق مساور بن شهاب بن مسروق بن سعد بن أبي الغادية حدثني أبي عن أبيه عن جده سعد عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة من الصحابة فمرت به جنازة فسأل عنها فقالوا من مزينة، فما جلس مليًا حتى مرت به الثانية فقال: ممن؟ قالوا: من مزينة، فما جلس مليًا حتى سرت به الثالثة فقال: ممن؟ قالوا: من مزينة فقال: "سيري مزينة لا يدرك الدجال منك أحد" الحديث ثم قال: قال ابن عساكر بعد تخريجه لهذا الحديث. والراجح أن المزني غير الجهني
(1)
.
قلت: وهو الصحيح فإن المزني غير الجهني وأثبت ذلك ابن عبد البر وابن الأثير وأبو نعيم وأبو موسى وقال أبو عمر هو "يغني الجهني" من شيعة عثمان رضي الله عنه.
98 -
أبو هيضم المزني: قال ابن زبالة في أخبار المدينة قال الزبير بن بكار حدثنا محمد بن الحسن عن عبد الله بن عمر عن محمد بن هيضم المزني عن أبيه قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي فقال: "إني مستعملك على هذا الوادي فمن جاءك من هاهنا وهاهنا فامنعه" فقال إني رجل ليس لي إلا بنات وليس معي أحد يعاونني فقال: "إن الله سيرزقك ولدًا ويجعل لك أولياء" قال فعمل عليه وكان له بعد ذلك ولد فلم يزل الولاة يُولُون عليه. وبهذا السند إلى محمد بن هيضم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على طرف وسط البقيع فصلى فيه.
99 -
أبو هاشم بن مسعود بن سنان بن أبي حارثة المزني له إدراك ومن ذريته إبراهيم بن محمد بن زياد بن سويد بن أبي هاشم وهو القائل:
مهما فعلت فليس عندك من
…
حاليك إلا لدون ما عندي
100 -
جُمْل بنت يسار المزنية أخت معقل بن يسار وهي التي عضلها أخوها، أخرج البخاري من طريق إبراهيم بن طهمان عن يونس بن عبيد عن الحسن قال في هذه الآية حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه، قال: كنت زوجت أختًا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له: زوجتك وأكرمتك وأفرشتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لا تعود إليها أبدًا، قال:
(1)
يعني أن هناك جهنيا بهذا الاسم قلت. وهناك مزني آخر بهذا الاسم أيضًا وفيه خلاف كبير سنتعرض له في بحث غير هذا، والله الموفق.
وكان رجلًا لا بأس به وكانت المرأة لا تكره أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله فزوجها إياه. قال الحافظ لم تقع تسميتها في الصحيح. وأخرج الطبري من طريق ابن جريج أن اسمها جميلة والله أعلم.
101 -
حسانة المزنية كان اسمها جثامة فغيَّره النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ أسند قصتها أبو عمر من طريق صالح بن رستم عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها من أنت: قالت: أنا جثامة المزنية قال: "كيف حالكم كيف أنتم بعدنا". قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال فقال: "إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان". قلت: أوردها الحافظ المدنية بدل المزنية وقد جاءت في عدة روايات المزنية. أخرج روايات المزنية البيهقي وابن النجار وغيرهما وقالوا: قال لها: من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية. قال: بل أنت حسانة المزنية إلخ. . ذكره في الكنز وأثبتها ابن الأثير المزنية وساق قصتها.
102 -
حمنة بنت أوس المزنية لم أقف لها على رواية وقد ذكرها الحافظ.
103 -
سهيمة بنت عمير المزنية امرأة ركانة بن عبد يزيد المطلبي، قال الحافظ؛ وقع ذكرها في مسند الشافعي بسنده إلى شافع بن عجير بن عبد يزيد أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة ألبتة ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني طلقت امرأتي سهيمة ألبتة، والله ما أردت إلا واحدة فقال: والله ما أردت إلا واحدة فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة. فردها النبي صلى الله عليه وسلم وطلقها الثانية في زمن عمر والثالثة في زمن عثمان، وأخرجه ابن منده بعلو عن الشافعي. ذكره الحافظ.
104 -
ابنة أبي القين المزنية، ذكرها الواقدي في غزوة خيبر قال: وحدثني ابن أبي سبرة عن أبي حرملة عن أخته أم عبد الله عن ابنة أبي القين المزني قالت: كنت آلف صفية بنت حيي من بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تحدثني عن قومها وما كانت تسمع منهم، قالت: خرجنا من المدينة حيث أجلانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمنا بخيبر، فتزوجني كنانة بن أبي الحقيق فأعرس بني قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام وذبح جُزُرًا ودعا باليهود، وحولني في حصنه بسلالم، فرأيت في النوم كأن قمرًا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لكنانة زوجي فلطم عيني
فاخضرّت فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلتُ عليه فسألني فأخبرته. وذكر الواقدي القصة بكاملها إلى أن قالت وكنت ألقى من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يفخرْن عليّ يقلْنَ: يا بنت اليهودي. وكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلطف بي ويكرمني فدخل عليَّ يومًا وأنا أبكي، فقال ما لك؟ فقلت: أزواجك يفخرْن علي ويقلْن يا بنت اليهودي. قالت: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غضب ثم قال: إذا قالوا لك أو فاخروك فقولي: أبي هارون وعمي موسى اهـ. على أني أشك في رواية الواقدي هذه فليس من أخلاق أمهات المؤمنين أن يقلن هذا القول لمن هي من أمهات المؤمنين وقد أسلمت وصارت زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن كان الواقدي لم ير بذلك بأسًا لأنهن لم يسُبَّن صفية رضي الله عنها وإنما السب راجع إلى أبيها وهو يهودي ومات يهوديا فلذلك ذكر هذه القصة، والله أعلم.
الشعر النبطي لشعراء مُزينة المعاصرين في المملكة العربية السعودية
" أشرف الزمان اللِّي تهوَّل هيله"
ونبدأ بقصائد الشعراء المعاصرين، فمنهم الشاعر البليغ محمد بن عبد الله العسيلي المزني الذي شهد له معاصروه بجودة شعره وبعده عن الإسفاف والتكلف، وقربه من اللغة الفصحى، وهذه بادرة طيبة منه ومن جميع شعرائنا الذين سيأتي ذكرهم، إذ هذه المبادرة منهم ورجوعهم إلى اللغة الفصحى تباشير خير تبشرنا بالعودة إلى لغة دستورنا التي طالما حاول أعداء الأمة إبعادنا عنها فجزى الله شعراءنا خيرًا على هذه الاتجاه، والقصائد التي سنوردها نضعها بين يدي القارئ العزيز ليتأمل ويعرف الفرق بينها وبين سابقتها التي مضى عليها قرن من الزمان، وهذه أولى قصائد هذا العربي وهي نصيحة سبقت إذاعتها بإذاعة البادية بالكويت. قال فيها:
يا الله يا اللي عالم الجهر والخفا
…
يا الواحد اللي ما تعدد فضائله
سامع دبيب النمل في حالك الدجى
…
على الصخرة الصماء ومحصي فصايله
يا من له المظلوم يشكي مظالمه
…
وايظاله المحتاج يرفع مسايله
يا قاضي الحاجات بالجود والكرم
…
عليك ما صعبت مطاليب سايله
عظيم كريم مستديمه وهابيه
…
يعطي عطايا ما تكوده وسايله
تعالت صفاته في كماله وقدرته
…
على قدرته تشهد عظايم دلايله
يفرج هموم تشكي النفس ضيمها
…
هموم نكابدها ولا هي بزايله
ونحاول نعالجها بكتمان غيظها
…
عن هرج بعض الناس عدله ومايله
ونصبر وراعي الصبر ما يحرم الفرج
…
عسى هاجس بالنفس تبرى غلايله
هم يلازمني ودايم يزوروني
…
عما الله عن نفس تعاني ملايله
نفس تتوق الذبة الرجم ساعه
…
وتجاوب القمري على راس طايله
والرجم عدوا فيه قبلي هل الشقا
…
وكل بشانه ما تعويل عبايله
عدوا به الشعار قبلي وغيرهم
…
ومن واق راس الرجم هاضت مثايله
واختار من الأمثال ما شاق خاطره
…
وكل على شفه يوجه زمايله
أحد تجي شكواه من ميلة الدهر
…
واحد بمحبوبه يوصف جدايله
واحد يصارع له مشاكل بضامره
…
وهمه تقل من راس طعس يهايله
واحد يشوف من اهل الوقت ريبه
…
ويشوف له سيل سواقيه عايله
وأنا اليا نظرت أصحاب وقتي وخيمهم
…
أشوف الزمان الّي تهول هوايله
واخترت الطريق الصعب عن عشرة الردي
…
وتركت الهزيل ولا ترجيت ظايله
ضعيف الإرادة تضعف النفس صحبته
…
ورفيق الرخى متوافرات بدايله
رفيق الرخا ما ترفع الراس فزعته
…
عميت عيون بالموده تخايله
اليا صار حيله ما يوصل حبالك
…
وقت السعه من ما انته بحاجة جمايله
خله يولِّي واطرد الهم بالنجم
…
واظروف القسا لا بدها بيوم زايله
وصبرك على الشدات وسيلة الفرج
…
والهرج يكفي عن كثيره صمايله
وإن صرت مختزٍ من الناس صاحب
…
عليك بمن كان الكرم من شمايله
اللي اليا شاكك من الوقت معضله
…
يشيل الحمول اللي سواعدك شايله
شجاع رفيع النفس عن موطن الدنس
…
بعيد النظر ما بتنتحايل محايله
كما شامخٍ يوجد به الظل والذرى
…
يذريك عن قارص ولاهوب قايله
صديق صدوق صادق السر والعلن
…
سليل الرجال اللي تنومس سلايله
حليف الندى يأبى جنابه عن الردى
…
ولو اندثر مجده يجدد سمايله
عليك في هدَّاج يا طالب الروى
…
والرِّس خله لا تغرك نثايله
الرِّس ما تشد الرحال المناهله
…
ومران ما صك القطين بثمايله
وموت الفتى بأرض فراشه نباتها
…
أخير من فضل المنون ونحايله
ولو جاد مرة كل يوم يمنها
…
ويا سرع ما ينكف عن الخير أصايله
وفضل ماهوب من خالق الأرض والسما
…
اقطع رجاه الله يقطع عقايله
والناس يا خالد تراهم معادن
…
وكل على ماضيه توصف خصايله
على ما يقال أن المثل يتبع المثل
…
وصدوق الحيا تتبع تواليه اوايله
ومن كان له بالمجد ماض يشرفه
…
عسى حاضره يتبع قدايم حمايله
وأنا أبيك يا خالد اليا اشتد ساعدك
…
جمل على والدك تحمل ثقايله
وأبيك تجزى راعي الطيب بالمثل
…
وراعى الردي ما تنخدع في حبايله
ترا الجزا مثل الجزا عامل الوفا
…
وكل يبي يعرف وسيمة عذايله
وخلك لربعك درع عن صكة الدهر
…
ترى الناس كل يفتخر في قبايله
تجاوز عن الهفوات منهم وصونهم
…
عن الكلام اللي قليله نفايله
وزلة رفيقك لا تسرع بردها
…
ار في بشيمتك الخطا من فعايله
إلا اليا صارت تمس الكرامة
…
عليك باللي ما تعالج وهايله
في ضربة تجلى عن الوجه لايمه
…
وتجلى عن الخاطر طناه وغلايله
ترى موقفك بالعز ساعه من الدهر
…
أخير من عمر تعاني ذلايله
وترى من يروم العز ما يداري الخطر
…
اليا اشتد هول الخطب يركب جلايله
واشفق على العفة على الجار والخوي
…
أياك وايا الجار تنظر حلايله
وترى الآدمي ما هو بمعصوم عن الخطا
…
وإبليس والنفس الردية تحايله
وإن عميت الاريا عليك بصعيبها
…
جدد كلام الضيغمي في دلايله
ترى الأمور ازمام يا طالب العلا
…
وترى راعي القفوات يشرب حثايله
ولا ترافق اللي ما عرف وازع الغضب
…
عند الحقوق ولا تحرك حفايله
متساوية عنده جميع المعاني
…
يضحك ولو أن الناس تاطا شلايله
مثل فاقد الإحساس من كل ناحيه
…
يسكت لو إسكاته يسبب فشايله
لا مفرح الصاحب ولا مغضب العدا
…
ولا فاعل طيب ولا هو بنايله
وها النوع لا تشد الظهر في مواقفه
…
عسى عاصف الغربي يفرق مخايله
تجنبه حتى تجنب مشاكله
…
والايام تكشف لك نتايج عمايله
وتم الكلام بذكر من يعلم الخفا
…
الواحد اللي ما تعدد فضايله
قصيدة أخرى للعسيلي
هم الرجال اللِّي عليهم حسوفي
يالله يا الحي الكريم العطوفي
…
يا منشي مزون يعزل هللها
بحسناك يا رازق خشاش الكهوفي
…
انك تصون نفوسنا عن زللها
يا عالم ما يحيطنا من ظروفي
…
يارب ميلات الزمان تعدلها
وقت ساوت به جميع الصنوفي
…
ما ينتميز هيلها من بصلها
اللي من اول مركبه بالردوفي
…
هو ليه ما يكب الا شدة لاهلها
ياحمود شفنا اللي عيونك تشوفي
…
والناس يعميها هواها وجهلها
لا تصير في زلة خويك زهو في
…
الناس زلات الخوي تحتملها
والصبر في كل المواجيب يوفي
…
وعواقبه يرغب بها من فعلها
الاوله قل جعلها بالذلوفي
…
والثانية ميز مداها وحولها
والثالثه عليك بالك تطوفي
…
اقطع توالي شيمة ما قبلها
الشجرة اللي ما غذاها مخلوفي
…
اقطع ورقها قبل يطلع سبلها
وعن صحبة الانذال خلك عزوفي
…
وابعد عن انذال كثير حيلها
ناس عن العثرة تدق الدفوفي
…
أهل النفوس اللي على الشين ولها
إن شفت منهم يالسنافي احفوفي
…
خلك عزيز وكلمة الحق قلها
وايطا بقدمك اهل النفوس الضعوفي
…
الياما تذوب انفوسهم من زعلها
حنا الياخرب انتظام الصفوفي
…
وشانت وقرين النفوس ارتحلها
صدوق منا النو ما هو اشعوفي
…
اليا اختلط شر النفوس وزملها
ندوس غبات الخطر دون خوفي
…
ونرمي على الخصم المقابل ثقلها
لنا على الماضي أكثر الناس نوفي
…
ولو صعبت العليا نحاول نصلها
ياما لطمنا من خشوم قنوفي
…
اليامن حواش الودايع عز لها
وناقف مع اللي يستحق الوقوفي
…
اليامن مطعون القبيلة خذ لها
أسلافنا يروون حدب السيوفي
…
وإن ثورت صم الحوافر نثلها
بارماحهم كم ارملوا من هنوفي
…
وكم مهرة راحت تلاعب اكثلها
هم الرجال اللي عليهم حسوفي
…
كرام النفوس اللي قليل بدلها
يا حمود وين اللب عند الجلوفي
…
متفاوته ما ينتقارن عملها
عليك بالطيب ندي الكفوفي
…
اللي الياشحت حبالك وصلها
اللي عن الهفوات نفسه عيوفي
…
ذخر الرجال اللي حميده خصلها
اللي بماضيه الحميد معروفي
…
وإن عمست الاريا براية فصلها
ما كل الاسما تتفق بالحروفي
…
وحتى المعاني ما توافق اجملها
ولا كل من غامر تجي له صدوفي
…
ولا كل من رام المعالي نزلها
ولا كل من يرمي حصاة محذوفي
…
يا طالب العليا بساعدك نلها
يا حمود ما هي بالهوا والشفوفي
…
تمت وميزان المعاني قفلها
"
وأنصاره الأنصار والمزنان
"
وهذا هو الأخ الشاعر منصور بن فالج بن دفيلج من ذوي دبيس من ذوي سعدي من ذوي مسعود من مزينة. وشاعرنا له فرائد أدبية وقصائد مشوقة وعنده اطلاع واسع على كتب التاريخ وبعض كتب السنة. ونحن نرى أن القراءة أحسن وسيلة لتنمية المدارك وتوسعة الأفق الثقافي، بالنسبة للأشخاص العاديين فكيف بالشعراء؟ فهي تزيدهم مع أحاسيسهم الخيالية أحاسيس ثابتة مرئية أمام أعينهم، والحقيقة أن الشاعر الذي لا يحاول الاستمرار في القراءة يخسر من موهبته كثيرًا، بل يرفض هذه الموهبة ولا يحاول تعهدها وتوسعتها، فلقد عرفنا من شعراء مزينة المعاصرين من لو زاد اطلاعهم وكثرت قراءتهم وتنوعت، لصار لهم شأن في الشعر ولصاروا حكماء علماء.
قال المزيني والمزيني مزني
…
يالله يا مطلوب يا رحمن
يا خالق الدنيا وما كان كاين
…
أنت الوحيد مداول الأزمان
بعثت للإسلام عبدك نبيك
…
صفوة قريش وحطم الأوثان
العربي الأمي المدثر
…
الهاشمي أفضل نسب عدنان
حمَّلته الدعوه وقام وثابر
…
وانصاره الأنصار والمزنان
واسليم واشجع مع بني عبد الله
…
وغفار واسلم وابلوا الجهنان
وحنا مزينة معدن عدناني
…
قبيلة باهى بها النعمان
باهى بها النعمان بالقادسية
…
وفتح الفتوح من أكبر البرهان
والميمنة والميسرة والساقة
…
في حرب فتنة ردة العربان
ومنا قبيلة حرب والأنصار منا
…
وساس النسب عدنان مع قحطان
دليل قاطع بالمغازي والسير
…
ما هي علوم فلان وإلا فلان
ذا عقدنا اللي جار لمسمانا
…
ما هي رواية ما لها وكدان
واقول حرب اللابه الخزرجيه
…
وغلطان يا اللي قلت من خولان
اقولها ماني بخولان مزدري
…
أجاوب العلَّامة الغلطان
من ترجم السيرة وشاف الحاضر
…
أقول يستغنى عن البهتان
عن الكليل ولهجة الجواله
…
وسوالف مختلة الأوزان
سبحان رب الكون محصي خلقه
…
سبحان خلَّاق انسها والجان
عبَّرت بالصحيح عن ماضينا
…
ولله بخلقه كل يوم شان
وحنا بدور شامخ بامجاده
…
بقيادة اللي جدهم مرخان
عزوتهم العوجا اليا ثار الدخن
…
مروين حد السيف بالميدان
السيف يدب والشريعة تحكم
…
وبالحنبليه حاكمين كيان
بقيادة المقرن عريبين النسب
…
ودستورهم من محكم القرآن
توارثوها كابر عن كابر
…
آل السعود بسيفهم شامان
هذي فضايلهم وهذا كيانهم
…
وفي حكمهم صار الجميع اخوان
عقب انطلق من نجد نور الشريعه
…
هياله الله دعوة الإحسان
أقام فيها الدعوه الوهابي
…
وهياله الله نصر الشجعان
حتى انتهى من نجد تيار الجهل
…
ولبست حللها لنجد بالإيمان
وكل الجزيرة لابسه ثوب الشرف
…
تحت سماها دولة الظفران
الله يثبتهم ويقهر ضدهم
…
أقولها من صافي الوجدان
يرى شاعرنا في مطبع قصيدته أن النسبة إلى مزينة مُزَني وليست مزيني كما يقوله المتأخرون ونحن نرى معه هذا الرأي وهو الصحيح في لغة العرب والشاعر يرى هذا الخطأ حتى في بعض المعاملات الرسمية.
الجهل ليل وقلة العلم ليلة
وهذه القصيدة للشاعر مرزوق بن مبشِّر الحثل الحصني المزني.
ونطلب من الله العون والسداد في القول والعمل وأن يوفق جميع أفراد هذه القبيلة وعموم المسلمين إلى ما فيه الخير في دينهم ودنياهم ونسأله لنا ولهم حسن الخاتمة.
يا الله يا غافر خطأ كل من تاب
…
يا من على عرشه يناجي خليله
يا الواحد اللي من ترجاه ما خاب
…
يا صاحب الأسماء والصفات الجميله
ياوامر الهادي بتفريق الاحزاب
…
يا منزل الماء من بخار المخيله
ياللي خلقت آدم من الروح واتراب
…
يا مرسي الأوتاد فوق الثقيله
تغفر العبد من خطايا منصاب
…
كيف يتخارج باللقى من عميله
ما هو لقى بسيوف وارماح واحراب
…
احساب والمكتوب صعب تعديله
ما به وساطه لا معارف ولا اقراب
…
كل الحاله والمحاصب يجي له
دام الحياه العبد ما يجس بعقاب
…
ولا يحط في دنياه لآخر رجيله
وطبع الحياه الناس مل بهنداب
…
وكل بذاته له اسلوب ووسيله
أحد اسلوبه يوصله راس مرقاب
…
واحد قصر من دون راس الطويله
ولا كامل إلا المعتلي رب الارباب
…
والناس كل فيه عدله وميله
الخير له ساعي وللنار شباب
…
وكل على مسعاه يلقى حصيله
للشعر نقَّاد وللعلم كُتَّاب
…
والناس كل سايرٍ في سبيله
والعلم نور وجاهل العلم مرتاب
…
والجهل ليل وقلة العلم ليله
ليل طويل وفيه نور القمر غاب
…
مظلم وساري ليلته مستطيله
والعلم باب وداخله عدة أبواب
…
وعلم الأدب والدين ساس الفضيله
ويا اهل الأدب بيت الأدب حفظ الأنساب
…
لمن جاد ساس بناه واثبت دليله
واعرب عن الماضي وثبت بالاعراب
…
والسيل قصه من عوالي مسيله
وقاده وساقه واثبت البيت باطناب
…
على عمد من صلب باصل القبيله
واثبت خبر ماضي المن هو باصلاب
…
بيت حجر على صخر مبتني له
ولا مات من أخَّر من القول ما طاب
…
يقراه جيل يارثه عقب جيله
دام الشريعة بالبلد ظل واحجاب
…
في ظل حكم ما ندور بديله
ما فيه لا احزاب ولا موجة ارهاب
…
واهل النفوس الكوس تبقى ذليله
إلا أن بالغفلات صلب العرب ذاب
…
والزند يمكن يعترف بالفتيله
ومن لا انتبه ماله عن ذياب مجناب
…
وشلفا ذياب مصممه للكحيله
علَّق بها غاسق وثبَّت بها ناب
…
واشتالته بين الضلوع الأصيله
والحبل في وقت الرخى صابر داب
…
يقرص بمثناته ورايه وذيله
والبل جنبها يفكها شر الاجناب
…
ويحضر الجاني الخصمه كفيله
ولا كل من يرمي الهدف للهدف صاب
…
ياللي تمنى ظل دوحه ظليله
تبي الشباب وراس أبو زيد قد شاب
…
وما فات مات وعودته مستحيله
يبقى الغراب غراب والحر حطاب
…
متفاختين وكل نوع ومثيله
والسيف له حدين وادباب وانصاب
…
واليا عطى المعطي بعي وكيله
والماص ل مفراص واللوح مشذاب
…
والعنق يقطع بالسيوف الصقيله
اليامن شيخ القوم عن ماقفه هاب
…
ادر انها راحت عليهم سحيله
واليا استدل الراس في راي الاذناب
…
غيم سماه وعرضوه الفشيله
وإن صار ما للحق بالقوم طلَّاب
…
تبقى الفريضه عندهم كالنفيله
من الخطايا بالرجل ترك الاسباب
…
واغذاه دم اقراه باردا فصيله
من لا حسب للمقبله مية احساب
…
النفس تامر سبدها بالرذيله
البير له حفار والدلو جذَّاب
…
والوقت ثابت ما تغيَّر موديله
اللي تغيَّر من لبس جلد سنجاب
…
غير تقاليده وقلَّد زميله
واللي اليامنه وصل حزم كلَّاب
…
من ردنه المياخ عمر سبيله
فهار بالبتار عكفان الاشناب
…
تهاب عكفان الشوارب مقيله
راعي هلا بالاجنبي مثل الاصحاب
…
بنفس على الميسور ما هي بخيله
تحت اسمر مبني على سبعة اقطاب
…
ونجره بنادي للنشاما عويله
اليوم ينظر له تقل وسط دولاب
…
يكن عبراته ويكتم غليله
حل بمحله من احديه إلى اغراب
…
على الجميل يشاورن الحليله
ناس مجالسها نميمة ومغتاب
…
ولا اربعه والكل يشتم قبيله
قوم تحسينها ملاعن وكداب
…
متبادلين الساذجات الهزيله
ولا اعم كل الناس والكثر غلَّاب
…
والسالمين اليوم ناسٍ قليله
والناس مثل الأرض وديان وهضاب
…
يا فاهمين مقصدي وتحليله
استفتح الشاعر قصيدته بالطلب من الله العزيز غفران الذنوب بعد تمجيد الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا. وقد ثقلت عليه الخطايا، ولا يستطيع الانفكاك أو اللجوء إلى أحد يحميه وذلك كما قال تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} [عبس] وهذا هو الوقت الحرج، بل هو اللقاء الصعب، الذي يجب على كل مسلم أن يتخيله دائمًا ولا يسهو عنه أو يلهو فالأمر مهم جدا.
وبعد هذه المقدمة بدأ الشاعر يحث على حفظ النسب، وهذا هو بيت القصيد الذي ندعو إليه في هذا العصر.
العليقات
أصل القبيلة:
من عَقِيل بن أبي طالب الهاشمي من قُريش العدنانية.
وهو عَقِيل بن أبي طالب بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مُرة بن كَعْب بن لؤي بن غالب بن فهر (قريش) بن مالك بن النَضْر بن كِنَانة بن خُزَيْمة بن مِدْركَة بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعْد بن نِزار بن عدنان.
نبذة عن نسل عَقِيل
ذكر أحمد لطفي السيد في كتابه قبائل العرب في مصر عن نسل عَقِيل قائلًا: أجمع النسابون على أن كل من انتسب إلى عَقِيل من غير ولده محمد فهو دعي كذاب. . هكذا يقول المشجر الكشاف وابن قتيبة.
ومن أعقاب محمد هذا في الحجار والعراق والشام ومصر وفارس والهند والأفغان، أي أكثر من خمس وعشرين بطنًا فيهم الحضر والبادية. أما مسلم بن عقيل الشهيد فقد قتله عبيد الله بن زياد الأموى عام 60 هـ حين بعثه الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليأخذ البيعة له في الكوفة بالعراق، وقد أعقب ثلاثة انقرضوا جميعًا.
وأعقب محمد بن عقيل السالف الذكر ثلاثة: القاسم وعبد الرحمن وعبد الله، وقد انقرض نسل الأولين وبقي نسل عقيل ممثلين في ذرية عبد الله بن محمد بن عَقيل
(1)
. ومن عبد الله هذا الفرعين العظيمين مسلم بن عبد الله، ومحمد بن عبد الله.
(1)
بحر الأنساب لابن عنبة، وعمدة الطالب لآل أبي طالب، وبحر الأنساب للحسين النجفي، وكل هذه المصادر مخطوطة في دار الكتب المصرية.
(أ) ذرية محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل:
أعقب هذا خمسة رجال: عقيل والقاسم والطبري وطاهر وعلي وإبراهيم، ولإبراهيم عقب بفارس، ولظاهر عقب بمصر، أما القاسم الطبري فله ذيل طويل وأعقب عقيل وعبد الرحمن، وللأخير ذرية في طبرستان يقال لهم بنو المرقوع، أما عقيل بن القاسم فأعقب: عبد الله، ومسلم، وأحمد، والقاسم. أما عبد الله فأعقب خمسة: عقيل، وأحمد، والحسن، وعلي، ومحمد. أما أحمد فأعقب علي، وحسن، وإبراهيم ولهم ذرية في نصيبين
(1)
، وأما عقيل بن عبد الله فقد أعقب عبد الله كان في أصفهان
(2)
. ومحمد كان في قُم
(3)
، ومن ذرية عبد الله، جعفر العالم والنسابة توفي عام 344 هـ وله أعقاب في حلب وبيروت ومصر وأبو القاسم مات بفاس وأعقب هناك محمد وعبد الله.
أما مسلم بن عقيل فقد أعقب محمدًا أمير المدينة وحفيده مسلم بن محمد عام 330 هـ؛ أما أحمد فقد أعقب جعيفر وله ذرية في اليمن، وأعقب القاسم بن عقيل محمد بن الأنصارية وله ذرية في بلاد الهند، وعبد الله بن القريشة وله ذيل طويل في مصر سنوضحه في موضعه.
(ب) ذرية مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل
(4)
.
أما مسلم بن عبد الله بن عقيل، فقد أعقب سليمان ومحمد وعبد الله ابن الجُمَحية وعبد الرحمن، ومحمد كان له عقب بالكوفة، وعبد الرحمن كان له بقية في طبرستان من ابنه جعفر، أما إبراهيم بن عبد الرحمن فله ذيل طويل، أما
(1)
نصيبين: بلدة في تركيا على حدود سوريا الشرقية المالية مقابل بلدة القامشلي السورية.
(2)
أصفهان: بلدة في إيران مشهورة.
(3)
قُم: بلدة إيرانية أيضًا تاريخية ويطلق عيها الآن قُم المقدسة كمركز للخوميني والمذهب الشيعي الإسلامي الحاكم بعد الثورة الشعبية على الشاة هو نهاية الإمبراطورية الإيرانية في بلاد فارس في أواخر هذا القرن العشرين الميلادى.
(4)
ومن أبناء عقيل الذين قُتلوا في مذبحة كربلاء بالعراق من بني أمية مع الإمام الحسين وآل البيت هم جعفر، وعبد الله، ومسلم، ومحمد بن أبي سعيد والأخير حفيده، وقالت زينب بنت عَقِيل بعد مقتل الحسين ابن عمها ومعه آل البيت من بني هاشم:
ماذا تقولون إن قال النبي لكم
…
ماذا إذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي
…
منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم
…
أن تخلفوني بسوء في ذوي رحم
عبد الله ابن الجُمَحية فقد أعقب خمسة رجال، وفيهم الكثرة وهم محمد وعيسى الأوقص وسليمان وإبراهيم دخنة وأحمد، ومحمد له بقية بالكوفة يقال لهم بنو جعيفر منهم فاطمة النائحة بالعراق، وعيسى الأوقص من ولده قاضي الداعي الكبير وله ذيل طويل في جرجان وطربستان وخراسان من بلاد المعجم وإيران، أما سليمان فأعقب أحمد ومنه علي له ذرية في مصر يقال لهم بنو قمرية. أما إبراهيم دخنة فقد أعقب عليا، وعلي أعقب إبراهيم الَعَلَق
(1)
وهو رأس قبيلة العليقات الذين كانوا في نصيبين، والذين سنورد عنهم الكلام مفصلًا. وأعقب أحمد إسماعيل ومن ذريته الأمير همام، رأس بني همام كانوا في نصيبين مع بني عمومتهم العليقات حتى دخول التتار (المغول) العراق في منتصف القرن السابع الهجري أي عام 656 هـ.
أما أولاد ابن القرشية فقد أعقب ابن الحارثية، وهذا أعقب القاسم الجزولي وأعقب الجزولي عبد الرحمن بن القاسم أقضي القضاة: أبا القاسم النويري الشهيد الناطق في وقعة الإفرنج بدمياط عام 648 هـ والنويري نسبة للنويرة وهي قرية ببني سويف في صعيد مصر، ويعد هذا البيت من أعظم البيوتات المصرية في العلم والأدب، ظل يخرج فطاحل العلماء والفضلاء خلال ثلاثة قرون طويلة، وأعقب الشهيد الناطق القاسم جمال الدين وعنه أخذ ابن النعمان الإمام الشهير، وأعقب القاسم عبد العزيز وأعقب عبد العزيز أحمد شهاب الدين خديجة أم الفضل الصوفية، وعلي نور الدين كان موجودًا عام 786 هـ؛ ومحمد أبا الفضل قاضي قضاة، وقد ترجم الأخير صاحب شذرات الذهب في وفيات عام 786 هـ وقال وفيها توفي القاضي جمال الدين أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز النويري نسبة للنويرة من أعمال القاهرة، ولد في شعبان عام 722 هـ وسمع بدمشق من المزي وغيره، وبمكة المكرمة من ابن جماعة، وصار قاضي مكة وخطيبها، وقال الحافظ ابن حجر عنه: كان رجلًا عالمًا يستحضر الفقه وغيره، وقال ابن حبيب: ولي قضاة مكة نيف وعشرين سنة، وكان فصيح العبارة لسنا، جيد الخطبة متواضعًا محبا للفقراء، توفي وهو متوجه إلى الطائف في رجب وحُمل إلى مكة ودفن بها وخلف تركة وافرة، أما علي نور الدين فقد أعقب
(1)
العَلَق: النفيس.
عبد العزيز مفتي مكة وقد ترجمه صاحب شذرات الذهب كما ترجم لعمه في وفيات عام 826 هـ قال: تفقه ومهر وقرأ سنن ابن داوود، وأخذ عن شيوخهم، ثم دخل اليمن وولي القضاة بتعز ثم رحل إلى مكة وفيها توفي.
وقد أعقب عبد الرحمن ومحمد وعمر. وأعقب علي نور الدين غير القاضي عبد العزيز محمد كمال الدين وله محمد أمين الدين وكمالية المحدثة وعبد الرحمن، وللأخير خديجة المحدثة ومحمد أبي الفضل كان موجودًا عام 797 هـ؛ وأحمد أبي البركات خطيب الحرمين توفي عام 799 هـ، وأحمد أبي البركات هذا محمد أبو المفاخر توفي عام 820 هـ ومحمد الخطيب أبو الفضل توفي عام 827 هـ؛ ومحمد شمس الدين أبو الفضل وأعقب محمد شمس الدين أبو الفضل هذا أحمد أبو البركات، ومحمد أبا الشيخ، وستيته أم محمد، ورينب المحدثة، ومحمد أبو القاسم شرف الدين، والأخير له أحمد المحب، وأعقب محمد أبو الشيخ الخطيب شرف الدين كان موجودًا عام 813 هـ وهو من مشايخ السيوطي، وزينب أم المهدي، وعبد العزيز كان موجودًا عام 827 هـ وقد أعقب عبد العزيز هذا محمد عز الدين أبا المفاخر كان موجودًا عام 869 هـ وعنه أخذ السخاوي المؤرخ، والآن وقد عرفنا من ذرية عقيل الحاضرة فلنعد إلى البادية لنذكر العليقات في فصل خاص.
العليقات في الديار المصرية
عرفنا ذرية مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل، وعرفنا أن ولده عبد الله ابن الجُمَحية قد أعقب خمسة رجال، منهم إبراهيم دخنة بن عبد الله بن مسلم، وقد أعقب إبراهيم هذا عليا وثلاثة آخرين ومات بمصر عام 341 هـ؛ ومن علي هذا إبراهيم العَلَق رأس العليقات كان موجودًا في نصيبين
(1)
.
وكانت العليقات منذ التاريخ القديم مع بني همام بني عمومتهم تتردد ما بين الجزيرة والشام، ثم استقر قرارهم في حلب (شمال سوريا) على عهد الحمداني في القرن السابع الهجري
(2)
، وقد كان الحمداني هذا الموظف المختص بشئون العرب وقبائلها على عهد الدولة الأيوبية وأوائل دولة المماليك (يُسمى مهنمدار الديار
(1)
عن عمدة الطالب ص 138 (مخطوط) بدار الكتاب المصري.
(2)
عن نهاية الأرب للقلقشندي طبع بغداد ص 297، وسبائك الذهب للسويدي طبع الهند ص 73.
المصرية)، وشهد كيف تفرقت العرب عند هجوم التتار (المغول) على ممالك المسلمين وأخذهم حلب عام 658 هـ وقد تفرق العربان وهاجروا إلى شبه جزيرة سيناء وأطراف مصر والشام حتى كانت موقعة عين جالوت التي انتصر فيها جيش مصر على التتار عام 658 هـ بقيادة السلطان المملوكي سيف الدين قُطُز وقائده بيبرس وكانت من المواقع الفاصلة في تاريخ الإسلام، وبقي بعدها العرب جميعًا في حماية مصر من حدود العراق إلى المحيط الهندي، ولما سقطت مصر في أيدي العثمانيين عام 922 هـ - 1517 م بدأ العرب يهجرون جزيرتهم إلى الأماكن التي كانوا فيها من قبل وإلى مصر معبودة العرب منذ فجر التاريخ، وهكذا هبطت فيها قبيلة العليقات سيناء مع قبائل أخرى من البادية، ومع أننا نجهل السنة التي هبطت فيها العليقات سيناء، إلا أننا عثرنا في كتاب الأم وهو سجل العقود للبيع والشراء في سيناء ومحفوظ في دير طور سيناء إلى اليوم (سانت كاترين) على عقد بيع لصبيح بن سِلْمي العليقي في غرة المحرم سنة 1058 هـ، فرجحنا أن وجود القبيلة في ذلك المكان من سيناء قبل ذلك، لأن الشاهد على هذا العقد عليقي أيضًا، وأهم ما أغرى قبائل العرب جميعًا باختيار هذا المكان القفر من أول الفتح العربي لمصر على يد عمرو بن العاص هو نقل المتاجر بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، ثم خفارة دير طور سيناء ثم تقديم الإبل للمحمل المصري في موسم الحج أخيرًا.
التفصيل عن العليقات في سيناء
يذكر بعض الرواة من العليقات أن مؤسس العليقات بسيناء هو صبيح بن سِلْمي
(1)
: وأعقب أربعة رجال هم خريص ومنه الخريصات، وسِلْمِي ومنه أولاد سِلْمي، وحمادة ومنه الحمايدة، وتليل ومنه التليلات.
فمن الخريصات عشائر الزميليين والمحربيين والمنفيين.
ومبن أولاد سِلْمي
(2)
عشائر الدياكين ومنهم المداخلة وأولاد سلمي.
ومن التليلات عشائر: التليلات والعقيدين.
ومن حمادة أو حميد عشيرة الحمايدة.
(1)
هذه الرواية ليست صحيحة؛ لأن العليقات في سيناء أقدم من صبيح بن سلمي الذي ذكر في أحد العقود قبل أربعة قرون فقط، ووثائق دير سانت كاترين تؤكد أن وجود العليقات في سيناء من بداية القرن التاسع الهجري، فهذه الفروع ليست من رجل واحد وإنما من أجداد متفرقين من العليقات.
(2)
سِلْمي يلقبه البدو اسم زلوم.
ومع العليقات السواعدة وهم بقايا النفيعات بسيناء، كما تحالف العليقات قبيلتي الحماضة ومُزينة كما أسلفنا.
ذكر رواة العليقات أن لهم فروعًا منتشرة في الوجه البحري وأهم فروعهم في نواحي القليوبية في أبي زعبل وتسمى عرب العليقات
(1)
حتى الآن، ومنهم في الجناين بالسويس، وأما أغلب العليقات بوادي النيل منهم الآن في شرق النيل (الحاجر) بقوص وقنا وكوم أمبو وأسوان وتمتد حتى شمال السودان
(2)
.
مشايخ العليقات بسيناء
عبيد الله عوده الشهير بأبي عبه ومسكنه في أبي زنيمة بسيناء، ومحارب أسليم محارب، وكلاهما من الخريصات، وسليمان مَدَخَّل من أولاد سِلْمي، وصباح محمد ربيع من الحمايدة.
ومن قضاتهم: عيد هاشم مرشد الزميلي، وعبيد الله سلامة عودة أبو عبة، وسِلْمي سليمان أبو دياكة.
ومن مشايخ العليقات السابقين:
سلامة سلْمي سلمان، وعبيد الله سلامة عوده، ومَدخَّل سليمان نصر، وعوده الزميلي.
ووَسْم العليقات يسمى الحنك والخطام على حنك البعير الأيسر وخشم البعير الأيسر.
ما قاله نعوم بيك شقير عن العليقات في عام 1916 م في تاريخ سيناء:
قال فروع العليقات بسيناء أولاد سِلْمي والتليلات والحمايدة والخريصات وقد انضم لهم الحماضة، والواعدة (النفيعات) وكان شيخ العليقات عام 1914 م هو مَدَخَّل سليمان من أولاد سِلْمي، وتمتد بلاد العليقات من الرملة إلى وادي غرندل ومنهم في القليوبية وأسوان.
(1)
عرب العليقات شمالي القاهرة بحوالي 35 كيلو مترًا.
(2)
قال عبد الله حسين في تاريخ السودان ج 1 ص 6: إن العليقات في السودان ترجع نسبتها إلى وادي العلاقي الذي نزلوا منه بعد خرابه ويدَّعون النسب إلى عَقِيل بن أبي طالب وتقيم في منطقة بين بلدتي المضيق، وكرسكور. قلت: ووادي العلاقي جنوب أسوان وَكان مشهورًا بمناجم الذهب وسكانه الأصليون من قبائل النوبة.
العليقات في القليوبية:
وتنقسم إلى عائلات كبيرة في عرب العليقات بحري، وعرب العليقات قبلي (أي شمال وجنوب السكة الحديدية المتجهة من المرج إلى شبين القناطر).
ومن عائلات عرب العليقات بحري:
1 -
الزغاليل: وهم من فرع أبو زلومة في سيناء وهم أولاد سِلْمي.
2 -
القرش: ويذكرون أنهم من أولاد سلمي ومنهم فرع في إنشاص الرمل في الشرقية.
3 -
أبو عوض: وجدهم سليم بن حميد وشهرته أبو جراد ويذكرون أنهم من حميد أو حمادة العليقي مؤسس عشيرة الحميدات في سيناء.
4 -
العسيلي
(1)
ويذكرون أنهم من فروع الحمايدة.
5 -
أبو عمرو من التليلات في سيناء.
6 -
أبو ربَّاع.
7 -
أبو نجيعة.
8 -
أبو شرويدة وهو من الزميليين في سيناء.
وعائلات أبو شرويدة وأبو عمرو وأبو نجيعة وأبو ربَّاع لها علاقة قرابة وشيخهم واحد هو قطب أبو شرويدة.
أما عرب العليقات القبلية ففيها الفروع التالي ذكرها:
1 -
أولاد أبو موسى وهم أولاد موسى بن حسن بن موسى بن عودة العليقي، وفيهم عمدية العليقات بالقليوبية وكان عمدتهم عودة سلامه موسى، وذكر لطفي السيد أن جدهم موسى كان معاصرًا عام 1900 م في بداية القرن العشرين الميلادي. وتتفرع إلى عائلات أبو عودة وأبو إبراهيم وأبو غرارة وأبو إسماعيل والأخير منهم في "أبو زعبل" وكفر عبيان بالقليوبية وغيرها.
(1)
يقول بعض الرواة أن العسيلي من الأشراف.
2 -
العتامنة وهم أولاد عودة حسن العليقي ولقبوا بالعتامنة ومنه عائلات علي بن جمعة بن علي العليقي وتفرع إلى أولاد سند وأولاد عودة، وكبيرهم عودة محمد عودة، وأولاد سليمان العربي في بلاد السودان حاليًا.
كما من أبناء عمومة علي بن جمعة هناك عائلة أبو سميِّح وشهرتهم أبو منيفي وكبيرهم سليمان حسن سليمان أبو منيفي، وعائلة أبو نجدي وكبيرهم سلامة نجدي، وذكر لي محمد السيد محمد عودة العليقي أن من العتامنة عائلة كبيرة في مركز فاقوس بالشرقية، وعائلة أخرى في كفر عليم بالقليوبية. وانفصموا عن عتامنة عرب العليقات القبلية من مدة كبيرة.
3 -
أولاد محمد عودة.
4 -
أولاد إبراهيم عودة.
وذكر لي الشيخ عودة حسن سالم حسن عودة حسن أن الجد الأكبر هو عودة من ذرية سالم العليقي، وليس من فروع سيناء الحالية، وإنما هو قائم بذاته وفروعه: أولاد موسى، وأولاد عودة، وأولاد إبراهيم، وأولاد محمد أبو عودة، وأولاد موسى أبو عودة. قلت: وفي بعض وثائق الدير المحفوظة ذكر في بداية القرن التاسع اسم سالم العليقي بالفعل ضمن رجالات العليقات وقتئذ.
وفي خرائط المساحة توجد أحواض من الأراضي الزراعية بأسماء عائلات من أبي موسى والعتامنة والحمايدة في المحلة القديمة المسماة بعرب العليقات في القليوبية.
وكان أجداد عليقات القليوبية قريبين إلى البداوة في عاداتهم وملابسهم، وكانت نساء العليقات يلبسن البراقع البدوية وأغلبهن يلبسن براقع بيضاء، وقيل: إن ذلك كان عقب انتصار العليقات على الصوالحة في سيناء وإدراك ثأرهم في الحرب المشهورة بين القبيلتين في القرن العاشر بعد الهجرة.
وقال أحمد لطفي للسيد عام 1935 م عن تاريخ العليقات في مصر:
أنساب جزء من العليقات إلى القليوبية بعد ذلك، وأخذ جزءًا آخر طريقه إلى السودان في أوائل القرن الثاني عشر الفجري تقريبًا حيث حطَّ رحاله بجوار
بني عمومتهم الجعافرة في قنا وأسوان وما بعدها، ولا تزال القبيلة ممثلة في سيناء والقليوبية وقنا وأسوان كلما سيجيء.
وفي عهد أمير الصعيد همَّام
(1)
، ناط بهم خفارة طريق الحجار من قنا للقُصير، كما اشتغل الغالبية في نقل التجارة السودانية بين الشلال الأول والثاني مع خفارة الدرب الأربعيني الموصل بين دارفور وأسيوط، وكان مقرهم الرئيسي الوادي المسمى باسمهم إلى اليوم، وادي العرب بين المضيق وكرسكور مركز الدر بالسودان.
وكان في طريق الحجاز من قوص للقُصير قبيلتان من العربان عليهما خفارة الدرب وتوصيل القوافل هما: الطريفات والشرايقية، وقد أساءوا السيرة وأكثروا من السلب والنهب لقوافل الحجاج، وأخيرًا أخذوا يصادرون غلال الحرمين الشريفين، فضرب شيخ العرب همام أمير الصعيد وقتئذ على أيديهم وأحل العليقات محلهم، وكانت فروع القبيلة متصلة ببعضها اتصالًا محكمًا لصد غارات العربان المنافسين لهم في خفارة الدرب وطريق السودان وطريق الحجاز، وكان شيخ العليقات بقوص: عشري بن أحمد من الروافية، وقد ظل شيخًا لعموم العليقات حوالي عشرين عامًا، وكان معاصرًا لشيخ العرب همام. ولما مات تولى بعده علي محمد جابر من الروافية أيضًا، وكان هذا الشيخ معاصرًا لمحمد علي، وفي عهده تفاقم النزاع بين العليقات والعبابدة في شأن خفارة الدرب وسكة السودان، وقد احتكموا جميعًا عند محمد علي فأحالهم على ابنه إبراهيم في نجد، فذهب ثلاثة من زعماء العليقات له هناك وهم الحاج علي المذكور، وأحمد البرسي، وسعد خلف، الأول من الروافية والثاني من العمراب
(2)
. والثالث من الصلحاب، والعمراب والصلحاب من عشائر العبابدة، وتركوا رابعًا اسمه سعد بن سعد جبريل للمدافعة عنهم أمام حكام مصر وكان من الروافية (العليقات)، وقد أكرم إبراهيم باشا وفادتهم ومنحهم كل امتيازات العربان من المعافاة من الجندية إلى حفر الترع
(1)
همام هو من قبيلة الهوارة وقد كون دويلة إباق حكم الأتراك العثمانيين في جنوب الصعيد وقد تغلَّب عليه محمد بك أبو الذهب قائد الأتراك المماليك في عهد علي بيك الكبير بالخيانة مع ابن عمه أثناء قتاله.
(2)
لفظ آب الذي ينتهي به الاسم مأخوذ من البجاوية ومعناه عائلة أو عشيرة (عن تاريخ السودان لنعوم بيك شقير).
والجسور، وخص بهم الدرب الأربعيني من مصر إلى السودان وأباح لهم ما كانوا يجبونه من الضرائب على القوافل السودانية، على كل جمل ريال وعلى كل رأس من الرقيق ريال أيضًا.
لما شرع محمد علي في فتح السودان عام 1821 م ذهب في حملته فريق كبير من العليقات كخبراء في الطريق، فضلًا عما يحملون على جمالهم من معدات للحملة، كما استعملهم على البريد محمد بيك الدفتردار في حروبه مع الملك نمر بالسودان.
وتضاءلت مشيخة قوص بصعيد مصر بعد فتح السودان الأول فتولاها الحاج أحمد عوض الله من الروافية حتى عام 1264 هـ، وحين شرعت الحكومة المصرية في عمل الإحصاء الأول عام 1268 هـ، هرب العرب جميعًا وأوغلوا في أطراف القطر حتى عام 1276 هـ تقريبًا، ومن هؤلاء العربان فرع قوص وقد نزحوا عنها لداخلية القطر ففقدوا بذلك حوالي خمسة آلاف فدان في زمام البلدة، وحين رجعوا كان الحاج أحمد قد توفي وتولي الشياخة محمد خير محمد وقد عاش الأخير حتى عام 1313 هـ، ثم أعقبه الشيخ محمد حامد الطيب من الغلياب
(1)
، وفي تلك الفترة ثارت العرب من الجوازي
(2)
عام 1268 هـ، واعتصموا بالصحراء حصنهم المنيع فطاردتهم الحكومة فذهبوا إلى طرابلس الغرب، ثم السودان في شبه غزوة مارين بالدرب الأربعيني الذي تحفره العليقات (فرع وادي العرب) وقد أبدى شيخهم محمد عمار العليقي لسعيد باشا من الولاء والإخلاص ما أكبر القبيلة كلها في عينه، وجعل يحررها من سلطة كشاف الدر، كما وصل ذرية الشيخ محمد عمار إلى مشيخة القبيلة كلها فيما بعد.
وحين اعتزمت الحكومتان المصرية والإنجليزية استرجاع السودان عام 1314 هـ - 1896 م ورابط الجيش المصري في كروسكو واتخذها قاعدة حربية له، طلبت الحكومة إلى محمود بيك عمار عمدة القبيلة أن ينظم قوة من أفرادها لحماية الحدود من غارات المهديين، وحين حرك الجيش من حلفا إلى دنقلة كان في الحملة 176 هجانًا من العليقات تحت قيادة شيخهم حسن بيك عمار، وحين تم الفتح منحتهم
(1)
ذكر أحمد لطفي السيد أن الذي أخبره بذلك هو الشيخ محمد سليمان القمار شيخ العليقات بقوص.
(2)
الجوازي بطن من السعادي من بني سُلَيْم العدنانية ونزلوا من ليبيا إلى مصر ومنهم الأستاذ أحمد لطفي السيد وعشيرته في غربي المنيا من صعيد مصر حتى الوقت الحاضر.
الحكومتان المصرية والإنجليزية أوسمة التقدير، ورقي حسن بيك إلى مشيخة القبيلة كلها من قوص إلى السودان وقد قلَّت أهمية خفارة طريق الأربعين وآباره لعدم سير القوافل ولظهور وسائل النقل الحديثة من بواخر وسكة حديدية وطائرات، فلقد كانت القافلة تسير من السودان إلى مصر في قرابة الشهر والنصف فأصبحت بالوسائل الحديثة أسبوعًا وبالطائرة بضع ساعات وهكذا أحيل الجمل والأعرابي كليهما على الاستيداع!
وكان شيخ القبيلة محمد عمار من الروافية، ثم بعده نجله الأكبر محمود بيك عمار، ثم ابن أخيه حسن بيك عمار قائد القبيلة في حملة السودان وقد اعتزل المشيخة عام 1906 م وبدت له الهجرة إلى السودان بعد أن وحد القبيلة في الصعيد المصري، وكان يؤمل أن يضم إليها فرع القليوبية أيضا، وفعلًا زارها في مقرها وتشاور مع مشايخها لتوحيد العليقات في القطر المصري ويأبى الله إلا ما يريد، وهو الآن من أعيان السودان وتعين شيخًا بذلك بدله محمد محمود عمار العمدة حتى سنة 1908 م ومنذ ذلك الحين وشيخ القبيلة النور محمد عمار العمدة الحالي ومقره في المالكي بوادي العرب
(1)
، وكان شيخ عربان قوص من الروافية أو الغلياب هما رؤوس القبيلة كلها وكل العليقات في قوص وما بعدها جنوبًا، أما أن يكونوا من فروعها أو من عربان أخرى دخلت في العليقات بالحلف أو الموالاة والمشيخة كانت تتراوح في هاتين الفخذين دائمًا - إنَّما الغالبية كانت في الروافية، ومنهم شيخ مشايخ القبيلة الحالي وحتى عام 1299 هـ - 1883 م كان من العليقات في النواحي والنجوع 6693 نفس وفي الخيوش أي بيوت الشعر في البادية نحو 1553، وكانت النسبة المئوية للعليقات النازلين في الخيوش 1885، 8115؛ للعليقات المقيمين، كما كانت نسبة الذكور للإناث 59.40، كما كانت أول القبائل العربية التي ذاقت لذة المدنية فأصبحوا مستديمي الإقامة بعد البداوة شأن الزمان في أبنائه والتاريخ في أنبائه!، وقد سكنت قبيلة العليقات في أقسام مصر الإدارية بحسب إحصاء مايو عام 1883 م فيما يلي:
(1)
وقال أحمد لطفى: بهذا أخبره أحمد النور نجل الشيخ نور محمد عمار، وأحمد أفندى وقتئذ موظف بحكومة السودان وهو صاحب فكرة تغيير اسم القبيلة من العليقات إلى العقيلات هو الاسم الرسمي للقبيلة في صعيد مصر الآن أي عام 1935 م وما بعدها، وقد طبع كتاب قبائل العرب في مصر (الطبعة الأولى) على نفقة جمعية عربان العقيلات (العليقات) في القاهرة في شارع الساحة حارة الكفاروة.
في القليوبية 385 ذكورًا 345 إناث، وفي إسنا 1124 ذكورًا، 1491 إناث، وفي قنا 2517 ذكورًا، 2384 إناث، والجملة للذكور 4026 وللإناث 4220 وإجمالي العليقات في وادي النيل عدا سيناء نحو 8246 نسمة.
وفي قوص بقنا يقيم عرب العليقات في ترى معوض وإسماعيل بيك والعليقات، ومن شيوخهم عام 1935 م محمد منصور، وموسى حسين محمد خير.
وفي فرشوط بقنا العليقات في ترية البلابيش شرق النيل وكان شيخهم أبو زيد ماضي. وفي إسنا بقنا يقيم العليقات في قرى السباعية والبصيلية وكان شيخهم علي عوض الله.
وفي إدفو بأسوان يقيم العليقات في تري داراو والأعقاب والخناق والمنصورية وبنبان وأقليت وكان شيخهم خلف أحمد.
وفي الكنوز
(1)
بأسوان يقيم العليقات في قرى صالح عباس وحمد أبو علي وشاطرمة، ومحمود محمد حمد والقرنة والقروناب والحدر باب والدوم الدكر والعمراب وعبد الدايم وأبو ديس وحجر واصل والقرود ويوسف محمد عبده وساقية نافع والسبوع والمرخة والنصراب وكرار سعد والبطحة والجبل (نجع) الحاج سعد وصالح محمد سلطان والمالكي والسنقاري والسدرة والدخلانية وكان شيخهم محمد عمار.
وفي السودان ذكر نعوم شقير
(2)
أن من العليقات فروع أهمها العريقات في دارفور ومركزهم كتم. كما ذكر عثمان حمد الله
(3)
أن الصوادرة في بلاد المحس من ذرية عقيل بن أبي طالب.
قلت: وذكر لي عامر حسين محمد علي أحمد جاد الطيب العليقي من عليقات الصعيد من جزيرة المنصورية والتي تقع أمام آثار كوم أمبو وتسمى وادي العلاقي عن تواجد العليقات الآن في نهاية القرن العشرين في محافظات الصعيد المصري كالتالي:
1 -
في محافظة أسيوط: في بلدة الرياينة.
(1)
الكنوز. سميت باسم قبيلة كنز من ربيعة العدنانية.
(2)
انظر تاريخ السودان ج 1 ص 38
(3)
انظر سهم الأرحام في السودان ص 24.
2 -
في محافظة قنا: في بلدة قفط وللعليقات 12 نجعا في الحاجر الشرقي لنهر النيل، وفي قوص لهم 12 نجعا أيضًا في الحاجر الشرقي للنيل.
3 -
في محافظة أسوان: في بلدة كوم أمبو وفي القرى التابعة لها مثل الشط وكرم الديب ومنيحة والمنصورية ووادي العرب (عرب العليقات) وأضاف أنه توجد الآن فروع كبيرة في وادي حلفا داخل بلاد السودان الشقيق.
ونعود إلى سرد أحمد لطفي السيد فقال عن عليقات بحري:
أما في بحري بمحافظة القليوبية فيقطن عرب العليقات في منطقة تسمى باسمهم بمركز شبين القناطر مجاورين عرب الصوالحة. وعرب جهينة وهي قرب مدينة أبو زعبل الشهيرة، كما يقطن بعضهم في عزبة عثمان جلال بشبرا الخيمة وشيخهم عودة موسى، وتعداد عليتهات القليوبية لا يتجاوز 730 نفسًا في عام 1883 م.
وهناك جماعات صغيرة من العليقات قد انسابت في داخل القطر المصري في أولاد جاد بنجوع مازن شرق بسوهاج، وفي أبنوب الحمام بأسيوط، وفي عزبة الإدارة بالأشمونين بملوي بالمنيا، ولا تزال شياخة هؤلاء جميعًا تعين من مركز القبيلة العام في أسوان، كما هو الشأن في عموم قبائل العرب لوادي النيل ما عدا فرع القليوبية فشياخته مستقلة.
لمحة تاريخية عن العليقات كما حققها أحمد لطفي السيد
جاء العليقات لسيناء المصرية في القرن العاشر الهجري
(1)
وحالفوا النفيعات وصاروا حزبًا واحدًا ثم بعد رحيل النفيعات حول الزقازيق وغيرها خلفهم العليقات وتوسعوا في التملك في شبه جزيرة سيناء شرقًا وغربًا بعد انتصارهم على عربان الكعابنة
(2)
الفلسطينيين في وادي الفهيدي، ووهبهم رهبان الدير حديقة واسعة كانت لهم بحيث صار للعليقات نصف منافع شبه جزيرة سيناء كلها والنصف الآخر كان لقبيلة الصوالحة وهم بطن من جهينة
(3)
، وكانت شبه جزيرة
(1)
استند أحمد لطفي على تاريخ سيناء لنعوم شقير كما ذكر في هامش كتابه ص 90، والعليقات لهم وجود منذ بداية القرن التاسع الهجري حسب وثائق دير سانت كاترين.
(2)
الكعابنة من بني صخر من جذام سكان البلقاء بشرق الأردن.
(3)
ذكر أحمد لطفي هنا أن الصوالحة من جهينة وهذ ليس صحيحًا انظر السرد عن قبيلة الصوالحة ولربما يقصد أولاد سعيد حلفاءهم فهم من جُهينة كما أسلفنا.
سيناء في أول الأمر مقصورة على بني واصل من عُقبة من عرب شمال الحجاز، وكان لهم النصف الجنوبي إلى وادي فاران، وحماضة هم سكان الجزيرة الأصليون لهم من وادي فاران، إلى أقصى الشمال، وكانت فوائد البلاد مقسومة بينهم بالعدل ثم ضعفوا جميعًا ثم تفرقوا في ريف مصر بعد ذلك
(1)
.
ثم جاءت الصوالحة والنفيعات من الحجاز واستولوا على البلاد واقتسموا منافعها على نحو ما كان عليه واصل وحماضة وانضم من بقي من حماضة إلى النفيعات ثم إلى حلفائهم العليقات فيما بعد، فقويت النفيعات على الصوالحة، فلما رحلت النفيعات إلى الشرقية أخذت العليقات مكانهم ونشبت حروب بينهم وبين الصوالحة علي قسمة منافع البلاد ونقل الحجاج كان النصر فيها حليف الصوالحة، ثم جاءت مُزينة من حرب الحجاز فحالفت العليقات على أن تعطيها نصف منافعها ما عدا حديقة الدير فإنها تبقي للعليقات وحدهم، وقد قويت العليقات بهذا الحلف الجديد وزاد في قوة العليقات المدد الذي جاءهم من حلفائهم الأقدمين النفيعات، فحاربوا الصوالحة وانتصروا عليهم، ثم شعر الجميع بخطر الحروب الأهلية وكان اتفاقهم على أن تكون منافع جنوب سيناء مناصفة كما كانت بين بني واصل وحماضة، وكان الحكم بين قبائل الطوَّرة جميعًا من العايد
(2)
كما ورد في كتاب الأم المحفوظ الآن بالدير (سانت كاترين). وفي بيت شيخهم كانت تعقد شروط الصلح والاتفاقية المشهورة (بالشورة) المعقودة بين رهبان الدير في عهد الأسقف كيرو واصف وبين مشايخ الصوالحة وأولاد سعيد والعليقات بشأن تأجير وتأمين الطرق عقدت في منزل شيخ العرب منصور العايدي في البرقوقية وهي العباسية الآن في القاهرة عام 1053 هـ. وحن تحضرت العايد أي تركت البداوة وأخذت مساكنها في خط بلبيس التزم تقديم الإبل للمحمل المصري وقتئذ أربع قبائل بدوية هي العليقات، والصوالحة، وأولاد سعيد، والجبالية، وفي العهد الأخير وقبل أن تتعهد الحكومة المصرية بخفارة المحمل ذهابًا وإيابًا كانت الإبل يقدمها للمحمل سائر عرب الشرقية والقليوبية بالتناوب سنة يلتزمها عرب القليوبية
(1)
قول صحيح لأن معظم واصل في أخميم بجرجا وكذلك الحماضة بنواحي بني مزار في المنيا.
(2)
العايد: قال القلقشندي في نهاية الأرب وقلائد الجمان وسبائك الذهب إنهم بطن من جُذام القحطانية، وقال ابن خلدون إن العايد من بني النافرة من بني نفاثة من جُذام القحطانية.
وهم: الحويطات، وبلي، والصوالحة، وجهينة، والعليقات، والعيايدة. وسنة يلتزمها عرب الشرقية وهم النفيعات، والسماعنة، والطميلات، والسعديين، والعقايلة، والمساعيد، والبياضية، وأولاد علي، والأخارسة، وكان كل فريق من السابقة الذكر يقدم أربعمائة إلى خمسمائة جمل.
وتضاءلت قبيلة العليقات في سيناء في أوائل القرن العشرين بعد هجرة فريق منهم إلى القليوبية وفريق إلى الصعيد حتى صارت العليقات لا تزيد على 2400 نفس وأهم فروعها في سيناء أولاد سِلْمي، والتليلات، والحمايدة، والخريصات، ومعهم بالحلف والموالاة حماضة، والسواعدة (النفيعات)، إلى جانب مزينة، وكان شيخ مشايخ عليقات سيناء في عام 1935 م زيدان مدخَّل سليمان ومقره أبو زنيمة على خليج السويس الشرقي (بسيناء)، ومن الغريب أن العداوة التاريخية بين الصوالحة والعليقات لم تمنع الاثنين أن تسكنا محلة قرب أبو زعبل في القليوبية وقد رأيتهم بنفسي في يناير الماضي أي عام 1934 م عند زيارتي لشيخ العليقات هناك وهو سلامه موسى. (انتهى قول أحمد لطفي السيد رحمه الله.
العقيليون في المخلاف السليماني وتهامة في المملكة العربية السعودية
(1)
ينتمون إلى الشريف العلَّامة أبو العباس أحمد بن عمر الزيلعي بن محمد بن حسين بن ملكان بن عقيل بن حسين بن طلحة بن أحمد بن حسين بن عدي بن أحمد بن عبد الله بن مُسْلم بن عبد الله بن محمد بن عَقِيل بن أبي طالب الهاشمي القرشي.
(انظر: العقيليون: للعقيلي صفحة 91).
وينقسم العقيليون في المخلاف السليماني وتهامة وعسير والحجاز إلى تسعة بطون وهي:
البطن الأول: بنو إبراهيم مناجي بن أحمد بن عمر العقيلي.
ومن هذا البطن: قبيلة بنو الدعوري وهم ينتمون إلى الشيخ أبي بكر بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عثمان بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن عثمان بن أبي بكر بن علي بن راجح بن عثمان بن سليمان بن عبد الغفار بن موسى بن أحمد بن عيسى بن مقبول بن إبراهيم مناجي العقيلي.
وهم يسكنون الجامعي بوادي مور من تهامة، ولهم بيوتات في جازان وفرسان ومدينة جدة.
ومن هذا البطن أيضًا: عشيرة العادلي: وهم ينسبون إلى الشيخ عادل بن أبي بكر بن حسين بن محمد بن علي بن محمد بن أبي بكر بن حسين بن أبي بكر بن عثمان بن عبد الغفار بن محمد بن حسين بن إبراهيم مناجي العقيلي.
وهم يسكنون قرية الصالحي القديم والجديد وقرية الخبت وسَنَّق بوادي قنونا وفي يبس.
(1)
نقلًا عن كتاب العقيليون في المخلاف السليماني وتهامة تأليف أحمد بن علي بن محمد الراجحي العقيلي طبعة أولى 1412 هـ/ 1992 م دار المنار بالقاهرة.
وهم يتفرعون إلى خمسة فخوذ:
الفخذ الأول: آل حسين بن أبي بكر بن حسين بن عادل العقيلي. ومن هذا الفخذ الشيخ محمد بن أبي بكر بن صالح بن أبي بكر بن صالح آل حسين الزيلعي العقيلي.
وإلأستاذ الأديب الشاعر سعود بن أبي بكر بن صالح بن أبي بكر بن صالح آل حسين الزيلعي العقيلي.
الفخذ الثاني: آل بكري بن عادل العقيلي.
الفخذ الثالث: آل عبده بن عادل العقيلي.
الفخذ الرابع: آل مشِيني وهو لقب اشتهر به الشيخ مديني بن حسين بن عبد الله بن مديني بن حسين بن عادل العقيلي.
الفخذ الخامس: آل محسن بن محمد بن عادل العقيلي.
(انظر: العقيليون: للعقيلي ص 95).
البطن الثاني: بنو راجح الميزان بن عثمان بن أبي بكر بن أحمد بن عمر العقيلي.
وهم يتفرعون إلى قسمين:
القسم الأول: آل عثمان بن راجح الميزان العقيلي.
القسم الثاني: آل محمد بن راجح الميزان العقيلي.
أما القسم الأول: آل عثمان بن راجح الميزان العقيلي، فهم يسكنون جزيرة فرسان وجزيرة قماح وجزيرة بكلان ومدينة جدة ومكة المكرمة والرياض. ويتفرع هذا القسم إلى أربعة فخوذ.
الفخذ الأول: آل محمد بن إبراهيم بن راجح بن محمد بن راجح بن محمد بن عثمان بن أبي بكر بن عثمان بن راجح الميزان العقيلي.
ومن هذا الفخذ: شيخ بلدة المحرق وهو الشيخ عثمان بن محمد بن موسى بن عثمان آل محمد العقيلي، والشيخ محمد بن موسى بن محمد بن موسى بن عثمان آل محمد العقيلي، والشيخ فتح الدين بن عيسى بن فتح الدين بن علي بن إبراهيم آل محمد العقيلي.
الفخذ الثاني: آل موسى بن راجح بن محمد بن راجح بن محمد بن عثمان بن أبي بكر بن عثمان بن راجح الميزان العقيلي.
ومنه: الأستاذ أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم المعنق ابن محمد آل موسى العقيلي، والأستاذ عيسى بن علي بن عيسى بن إبراهيم المعنق ابن محمد آل موسى العقيلي.
الفخذ الثالث: آل موسى بن عثمان بن أبي بكر بن عثمان بن أبي بكر بن عثمان بن راجح الميزان العقيلي.
ومنهم: شيخ جزيرة بكلان الشيخ إبراهيم بن عثمان بن موسى بن عثمان بن موسى بن راجح آل موسى العقيلي.
الفخذ الرابع: آل أبو بكر بن عثمان بن أبي بكر بن عثمان بن أبي بكر بن عثمان بن راجح الميزان العقيلي، ويشتهرون بالزماهرة نسبة إلى جزيرة زمهر.
وأما القسم الثاني: آل محمد بن راجح الميزان العقيلي، فهم يتفرعون إلى عشرة فخوذ:
الفخذ الأول: آل زين بن علي بن أحمد بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد الزين بن راجح الأصفر بن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي، ومن هذه الفخذ: القاضي العلَّامة الشيخ محمد بن محمد بن علي بن عبده آل زين الراجحي العقيلي.
الفخذ الثاني: آل العباس بن علي بن أحمد بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد الزين ابن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي، ومن هذا الفخذ: القاضي العلَّامة الشيخ إبراهيم بن علي بن عيسى بن علي آل العباس الراجحي العقيلي.
الفخذ الثالث: آل أحمد بن علي بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد الزين بن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي.
الفخذ الرابع: آل جريمش وهو محمد بن علي بن أحمد بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد الزين بن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد راجح الميزان العقيلي، منهم: الشيخ أحمد بن علي بن عبده بن عيسى بن أحمد آل جريمش الراجحي العقيلي.
وهذه الفخوذ الأربعة شيخهم في تهامة "دير الحسي" هو الشيخ إبراهيم بن محمد المجاهد ابن عيسى بن علي آل العباس الراجحي العقيلي.
أما في خلب ووادي تعشر فشيخهم هو الشيخ محمد بن طيب بن راجح بن مساوي آل زين الراجحي العقيلي.
الفخذ الخامس: آل محمد بن عقيل بن أحمد بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد الزين ابن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي، ومن هذا الفخذ الشيخ ياسين بن حمد بن راجح آل محمد العقيلي، ومنهم الأستاذ منيف بن ياسين بن حمد بن راجح آل محمد العقيلي.
الفخذ السادس: آل راجح بن عقيل بن أحمد بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد الزين بن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي، ومنهم: الشيخ ياسين بن عبد الله بن غَشُوم بن حمد آل راجح العقيلي.
الفخذ السابع: آل مقبول بن عقيل بن أحمد بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد الزين بن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي.
الفخذ الثامن: آل علي بن عقيل بن أحمد بن طاهر بن مساوي بن عبده بن أحمد بن أحمد الزين بن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد
ابن راجح الميزان العقيلي ومنهم: الأستاذ حسين بن إبراهيم بن أحمد بن محمد آل علي العقيلي.
الفخذ التاسع: آل إبراهيم بن علي بن راجح بن عبد الله بن أحمد بن راجح الأصفر بن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي، ومن آل إبراهيم: الزعابنة، والذبالية.
الفخذ العاشرة: آل عقيل بن راجح بن محمد بن عبد الله بن أحمد الزين بن راجح الأصفر ابن محمد بن راجح الأوسط ابن محمد بن راجح الميزان العقيلي، ومن آل عقيل: الشيخ مهدي بن حسن بن علي بن عبد الله بن علي بن عبد الله آل عقيل العقيلي.
وأكبر تواجد لآل محمد بن راجح الميزان العقيلي في حصارة والعميرية بوادي جازان وفي جريبة وصبياء ووادي وساع وشهدان ووادي تعشر ووادي خلب والمواسم ودير الحسي بوحل.
(انظر العقيليون: للعقيلي صفحة 96 إلى 108).
البطن الثالث: بنو عمر بن أحمد بن عمر العقيلي.
ومن بني عمر: قبيلة الفقهاء العقيليين الساكنين بقرية باقلة الجديدة بوادي حلي بن يعقوب، والقوز والحبيل "حبيل القوز"، وفي الشعب شمال شرق كياد.
ومن الفقهاء: آل إبراهيم بن محمد بن عمر بن علي الفقيه العقيلي.
ومنهم: شيخ القبيلة الشيخ عمر بن محمد بن علي آل إبراهيم بن محمد بن عمر بن علي الفقيه العقيلي، ومنهم الأستاذ أحمد بن عمر بن محمد بن علي آل إبراهيم الفقيه العقيلي.
ومن الفقهاء: آل عامر الفقيه العقيلي.
وللفقهاء تواجد في قرية البيطارية والمنجارة والعر بمنطقة جازان.
ولهم تواجد في قرية "الفقرة" في أعالي وادي بوحل ويشتهرون "آل أحمد طير" بن أبي بكر المجاهد ابن عبد الله الفقيه العقيلي.
ومن الفقهاء: آل إبراهيم بن أبي بكر المجاهد بن عبد الله الفقيه العقيلي. وهم يسكنون أيضًا القفرة، ولهم تواجد في قرية درينة الغربية من تهامة وقرية العسيلة.
البطن الرابع: بنو علي راعي الصالحي ابن محمد بن علي بن أحمد بن عمر العقيلي، وهم يسكنون الصالحي وقرى الخبت وسنق وعمرات والأحد المشقل بوادي قنونا وقرى المتاحمة بالغميم ويبس وحبيل القوز والعرضية الجنوبية في تريبان وبلد دعامرة وبلحارث وبالقرية من ثنومة ببلاد بني شهر وآل يزيد ومدينة مكة المكرّمة ومدينة جدة وأبها وبدر ومستورة.
وهم يتفرعون إلى قسمين: ويتكون القسم الأول من آل صاحب وآل جزنبر وهم يتفرعون إلى خمسة فخوذ:
الفخذ الأول: آل علي بن صاحب بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي راعي الصالحي والزيلعي العقيلي. ويتفرع هذا الفخذ إلى: آل خليل وآل زين وآل صاحب، وآل جزنبر وآل أحمد.
ومن آل خليل شيخ القبيلة وهو الشيخ مناجي بن علي بن حسن آل خليل الزيلعي العقيلي، ومنهم: الأستاذ أحمد بن علي بن حسن آل خليل الزيلعي العقيلي، ومنهم: الأستاذ عبد الله بن علي بن حسن آل خليل الزيلعي العقيلي.
ويتفرع آل أحمد إلى: بنو إبراهيم وبنو عبد الله وبنو علي وبنو غريب.
ومن بني عبد الله آل أحمد الزيلعي العقيلي آل عبد الله وآل جابر وآل غرامة، وهم يسكنون القريَّة من تنومه ببلاد بني شِهْر، وآل أحمد مع آل يزيد وفي أبها.
منهم: الشيخ عبد العزيز بن أحمد بن موسى بن أحمد بن عمر بن عبد الله آل أحمد بن علي بن محمد بن علي بن صاحب الزيلعي العقيلي، والدكتور عوض بن أحمد بن موسى بن أحمد بن عمر بن عبد الله آل أحمد بن علي بن محمد بن علي بن صاحب الزيلعي العقيلي، والعقيد محمد بن أحمد بن موسى
ابن أحمد بن عمر بن عبد الله آل أحمد بن علي بن محمد بن علي بن صاحب الزيلعي العقيلي، والأستاذ سعيد بن أحمد بن موسى بن أحمد بن عمر بن عبد الله آل أحمد بن علي بن محمد بن علي بن صاحب الزيلعي العقيلي.
الفخذ الثاني: المتاحمة وهو لقب اشتهر به الشيخ محمد واخوانه أبناء أحمد بن يحيى بن خضر بن أحمد بن صاحب بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي راعي الصالحي الزيلعي العقيلي، وهم يسكنون قرى الغميم "قرية المتاحمة" ولهم بقية بالصالحي بوادي قنونا. وقرية الصفة بوادي حلي.
منهم: الشيخ عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن يحيى بن محمد المتحمي العقيلي. والشيخ عمر بن محمد بن أحمد بن يحيى بن محمد المتحمي العقيلي، والشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن يحيى بن محمد المتحمي العقيلي.
الفخذ الثالث: آل ابن الشعيري وهو لقب اشتهر به جدهم علي بن حزنبر بن محمد بن حزنبر بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي راعي الصالحي الزيلعي العقيلي.
ويتفرع آل ابن الشعيري إلى: آل علي شيخ، وآل أبو بكر وآل أحمد، وآل محمد.
الفخذ الرابع: آل شمس الزيلعي العقيلي.
وهم يتفرعون إلى: آل أحمد، وآل خضر، وآل شمس، وآل عبد الرحمن، وآل خضر، وآل عقيل، وآل علي، وآل محمد أبو ظهير، وآل يحيى.
الفخذ الخامس: آل مجبر الزيلعي العقيلي.
البطن الخامس: بنو محمد بن عيسى بن أحمد بن عمر العقيلي.
وهم يتفرعون إلى عدة فخوذ:
الفخذ الأول: بنو الهرملي وهو عيسى المشتهر بالهرملي ابن مقبول بن إبراهيم أبو سيفين، بن أبي بكر بن أحمد بن موسى بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون مدينة جازان وجدة، ومن بني الهرملي: آل إبراهيم بن عيسى بن عمر بن إبراهيم عيسى الهرملي العقيلي.
ومن آل إبراهيم: الشيخ محمد بن أحمد بن عيسى آل إبراهيم العقيلي، مؤرخ جازان وعلَّامة المنطقة وأديبها وشاعرها، والدكتور قاضي بن مقبول بن محمد بن عيسى آل إبراهيم العقيلي؛ وكيل جامعة الملك فيصل بالدمام، والدكتور عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن عيسى آل إبراهيم العقيلي الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض.
ومن بني الهرملي: أل أحمد بن عيسى بن عمر بن إبراهيم بن عيسى الهرملي العقيلي.
ومن آل أحمد: بنو عيسى، وبنو محمد غريب، وبنو محمد الطويل.
الفخذ الثاني: بنو أبي سيفين وهو إبراهيم بن محمد بن عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن إبراهيم أبو سيفين بن أبي بكر بن أحمد بن موسى بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون بلدة فرسان وجزيرة السقيد ومدينة جدة. ومنهم شيخ جزيرة السقيد بفرسان الشيخ عيسى بن محمد بن عيسى بن أحمد آل إبراهيم أبو سيفين العقيلي.
ومن بني أبو سيفين: بنو أحمد، وبنو عبد الرحمن، وبنو عبد القادر، وبنو محمد.
الفخذ الثالث: آل حسن بن أحمد بن عقيل بن عبده بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر السراج ابن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي، وهم يسكنون مدينة جدة.
ومن آل حسن: بنو أحمد، وبنو علي، وبنو يحيى. ومنهم الشيخ علي بن أحمد بن عبد الرحمن آل حسن العقلي.
الفخذ الرابع: آل هيجان بن عبده بن محمد بن أحمد بن عقيل بن عبده بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر السراج بن محمد بن إبراهيم
ابن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي، ومنهم الدكتور عبد الرحمن بن أحمد بن محمد آل هيجان العقيلي الأستاذ بمعهد الإدارة بالرياض.
ويسكن آل هيجان الشفيق والدرب وأبها ومكة المكرمة.
الفخذ الخامس: آل بوجخ بن أحمد بن عقيل بن عبده بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر السراج بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقلي.
وهم يسكنون قرية أبد من تهامة.
الفخذ السادس: آل علي بن أحمد بن عقيل بن عبده بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر السراج ابن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون قرية نعمان وقرية العقيلية من تهامه.
الفخذ السابع: آل فارس بن أحمد بن عقيل بن عبده بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر السراج بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون قرية أبد ونعمان من تهامة.
الفخذ الثامن: آل محمد بن عبد الله بن عقيل بن عبده بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر السراج ابن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون في بلاد حجور.
الفخذ التاسع: بنو الخال وهو لقب اشتهر به القاضي العلَّامة الشريف أحمد المعروف بصاحب الخال بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن أحمد بن موسى بن أبي بكر بن مجمد بن عيسى العقيلي. المتوفى سنة 1565 هـ.
ويتفرع بنو الخال إلى فرعين:
الفرع الأول: بنو محمد القصير بن أحمد الخال العقيلي.
ومن بني محمد: آل أحمد بن إبراهيم الفرج بن محمد القصير بن أحمد الخال العقيلي.
وهم يسكنون خبت الشمهانية والشمهانية والسعدية وقرية العبدلية بالموسم.
ومن هذا الفخذ شيخ القبيلة وهو الشيخ علي بن محمد بن محمد بن علي آل أحمد الخال العقيلي.
ومن بني محمد: آل علي بن إبراهيم الفرج بن محمد القصير ابن أحمد الخال العقيلي. وهم سكنون الشهانية وأبو القعايد.
وآل موسى بن إبراهيم الفرج بن محمد القصير بن أحمد الخال العقيلي، وهم يسكنون قرية العِشَّة والفطيحة.
وآل موسى بن أحمد الفرج بن محمد القصير ابن أحمد الخال العقيلي، وهم يسكنون الشهانية والسعدية.
وبنو شعفة: وهم يتواجدون في الموسم وقرية العِشَّة والمطعن والخطن في بيش ومدينة جدة.
ومن ذرية أحمد الفرج أيضًا: بنو القزمول، وبنو العكيري.
وهم يتواجدون في أبي حلق بتهامة.
ومن ذرية أحمد الفرج بن محمد القصير بن أحمد الخال العقيلي. آل حربين بن أحمد الفرج الخال العقيلي.
وهم يتواجدون في أبو حلق بتهامة.
الفرع الثاني: بنو موسى بن أحمد الخال العقيلي.
وهم يتواجدون في أبو حلق بتهامة.
ومن بني موسى: بنو باري، وبنو المختلي.
الفخذ العاشر: بنو الزيلعي وهو عثمان بن خضير بن أحمد بن أبي بكر بن عثمان بن أبي بكر بن موسى بن أحمد بن موسى بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون قرية المحصارة بجوار قرية المروة بوادي دهوان، وفي الكربوس ومدينة جدة.
ويتفرع بنو الزيلعي إلى: آل عبده، والشعافلة، والعراجة، وآل محمد، والذيابة.
وشيخهم بقرية المحصارة هو الشيخ يحيى بن أحمد بن حسين بن علي الزيلعي العقيلي.
الفخذ الحادي عشر: بنو أبو سرين وهو مقبول ابن أحمد بن مقبول بن أحمد بن عثمان بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون مدينة مور ودير الفحيل ورأس عيسى ومدينة باجل.
ومن بني أبو سرين: الفقهاء بنو المحمول وهو علي محمول ابن حسن تبع ابن علي بن محمد أبو سرين بن أحمد بن مقبول بن عيسى بن أحمد بن عثمان أبو القصب بن مقبول أبو سرين العقيلي.
واشتهروا ببني المحمول نسبة إلى الموضع الذي سكنه جدهم الشريف أحمد بن عمر الزيلعي العقيلي، وهو قريب من مدينة مور، وقد اندرس الآن.
ومن بني المحمول: السيد مقبول بن أحمد بن علي محمول الزيلعي العقيلي. ومن بني أبو سرين: بنو حسن قبا أبو سرين العقيلي. وبنو عقيل أبو سرين العقيلي.
الفخذ الثاني عشر: بنو العقيلي وهم ينتمون إلى الشريف عبد الغفار بن أبي بكر بن محمد المقبول ابن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون قرية العقيلية، وجبل الملح ومحل القرابشة بوادي مور الأسفل من تهامة.
ومن بني العقيلي: آل إبراهيم بن عمر العقيلي.
ومن آل إبراهيم: المشارمة. وآل عقيل بن محمد شامي العقيلي.
ومن آل عقيل: بنو الساكت، وآل الجبلي "أبناء جبلي" بن عمر بن عقيل العقيلي.
ويشتهرون "بنو عقيل مكعب".
وشيخ بنو العقيلي هو الشيخ محمد دوم بن محمد بن مقبول بن عقيل آل إبراهيم بن عمر العقيلي.
الفخذ الثالث عشر: بنو أبو سيفين "السيفاني" وهو إبراهيم المكنى أبو سيفين بن عمر بن أحمد بن أبي بكر بن محمد بن عيسى العقيلي، وهم يمثلون ربع بلاد البعجية من تهامة.
وأغلبهم يسكنون كدف العقيلية، وكدف الخضري ببلاد البعجية. وهم يتفرعون إلى: بنو أمحمد بن علي بن أمحمد بن مقبول أبو سيفين العقيلي، وبنو عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد بن عيسى أبو سيفين العقيلي، وبنو عيسى الخماسي أبو سيفين العقيلي.
وشيخهم هو الشيخ محمد بن إبراهيم تَنْبُول ابن محمد بن أحمد بن مقبول أبو سيفين العقيلي.
الفخذ الرابع عشر: بنو المكن وهو عقيل بن مسلم المكني السباعي ابن أحمد صغير ابن مقبول بن عيسى بن إبراهيم بن أحمد بن خلوفة بن أحمد الأكبر بن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى ابن خلوفة ابن إبراهيم المشطا بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي. ومن بني المكين: آل محمد هيجان العقيلي، وآل خلوفة العقيلي، وآل عبد الله.
ومنهم: الشيخ عيسى بن محمد بن أحمد آل محمد هيجان بن عثمان بن عيسى بن عقيل المكين المشطا العقيلي.
الفخذ الخامس عشر: بنو المقضي وهو عيسى المشتهر بالمقضى بن أحمد صغير بن مقبول بن عيسى بن إبراهيم بن أحمد بن خلوفة بن أحمد بن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى بن خلوفة بن إبراهيم المشطا بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي.
الفخذ السادس عشر: بنو الجمل وهو محمد المشتهر بالجمل ابن أحمد صغير بن مقبول بن عيسى بن إبراهيم بن أحمد بن خلوفة بن أحمد بن أحمد بن خلوفة
ابن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى بن خلوفة بن إبراهيم المشطا بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي.
الفخذ السابع عشر: بنو إبراهيم بن أحمد بن مقبول بن عيسى بن إبراهيم بن أحمد بن خلوفة بن أحمد بن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى بن خلوفة بن إبراهيم المشطا بن عيسى بن أحمد بن أحمد بن عيسى العقيلي.
وهم يشتهرون ببني حاشي.
الفخذ الثامن عشر: بنو خلوفة بن أحمد صغير ابن مقبول بن عيسى بن إبراهيم بن أحمد بن خلوفة بن أحمد بن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى بن خلوفة بن إبراهيم المشطا ابن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي.
ويتفرع بنو خلوفة إلى: بنو جنان، وبنو مقبول.
الفخذ التاسع عشر: بنو أحمد بن خلوفة بن مقبول بن عيسى بن إبراهيم بن أحمد بن خلوفة بن أحمد بن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى بن خلوفة بن إبراهيم المشطا بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي.
ويتفرع بنو أحمد إلى: بنو حسن، وبنو مسعود.
الفخذ العشرون: بنو خلوفة.
الفخذ الحادي والعشرون: بنو عراج.
الفخذ الثاني والعشرون: بنو قثيمة.
الفخذ الثالث والعشرون: بنو محمد هندي.
الفخذ الرابع والعشرون: بنو يحيى هندي.
الفخذ الخامس والعشرون: بنو هندي.
وهذه الفخوذ: بنو خلوفة وبنو عراج وبنو قنيمة وبنو محمد هندى وبنو يحيى هندي وبنو هندي هم أبناء السيد مزبل لقر ابن أحمد الأصغر ابن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى بن خلوفة ابر إبراهيم المشطا بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي.
وجميع هذه الفخوذ يشتهرون باللقب العام لها وهو "بنو المشطا وهو إبراهيم بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي" وهم يتواجدون في منطقة تسمى "عزلة بنو المشطا" بمنطقة عيسى جنوب مدينة عبس وشمال خميس الهيج وشرق كدف البتري. وهي تتكون من القرى الآتية: قرية الحدية وهي كبر قرى العزلة، وقرية بني المفضي، وقرية بني الهندي، وقرية الدكوم، وقرية بني القاوي، وقرية الكوزية من تهامة ولهم تواجد أيضًا في أسلم بالجبال، وكدف البتري، وقرية قباص بوادي مور.
الفخذ السادس والعشرون: بنو إبراهيم بن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن عيسى بن خلوفة بن إبراهيم المشطا ابن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي. وهم يسكنون بلاد أسلم بالجبال.
الفخذ السابع والعشرون: بنو خلوفة بن أحمد بن خلوفة بن إبراهيم بن خلوفة بن عيسى بن خلوفة بن إبراهيم المشطا بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي. وهم يشتهرون "بنو العسل" ويسكنون الدكوم وهران بالجبال.
الفخذ الثامن والعشرون: بنو القاوي. وهم من ذرية إبراهيم المشطا ابن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى العقيلي، وهم يسكنون قرية بني القاوي وقرية الكدمة، ومنهم: بنو العماد.
الفخذ التاسع والعشرون: بنو العقيلي وهو محمد بن أحمد العقيلي من ذرية أبو بكر بن محمد بن عيسى العقيلي، وهم يسكنون البرك والفحمة ومدينة جدة وبلدة فرسان، ومن بني العقيلي: بنو أحمد، وبنو محمد بن عمر، وبنو عمر، وبنو محمد بن إبراهيم.
الفخذ الثلاثون: بنو فتحي بن محمد بن علي بن عقيل بن علي بن أبي السيل بن مدي بن إبراهيم بن فتحي بن موسى بن عقيل بن أحمد بن موسى بن عبد الهادي بن المقبول بن عبد الأول بن عبد الغفار بن عبد الأول بن محمد ابن عيسى العقيلي.
وهم يسكنون الظبية ضاحية صبياء بمنطقة جازان ويتفرعون إلى: آل موسى، وآل إبراهيم، ومنهم الأستاذ الأديب أحمد بن إبراهيم من محمد بن أحمد بن
موسى آل إبراهيم بن فتحي العقيلي، والأستاذ محمد بن علي بن موسى بن إبراهيم بن موسى آل إبراهيم فتحي العقيلي.
الفخذ الحادي والثلاثون: بنو مهدي بن غالب بن عقيل بن علي بن أبي السيل بن مهدي بن إبراهيم بن فتحي بن موسى بن عقيل بن أحمد بن موسى بن عبد الهادي ابن المقبول بن عبد الأول بن عبد الغفار بن عبد الأول بن محمد بن عيسى العقيلي، وهم يسكنون الظبية ضاحية صبياء بمنطقة جازان. يتفرعون إلى فرعين: آل غالب، وآل موسى. ومنهم: المْاضى العلَّامة الشيخ إبراهيم بن أحمد بن موسى بن أحمد آل موسى بن مهدي العقيلي، والأستاذ محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله آل موسى بن مهدي العقيلي، والأستاذ موسى بن إسماعيل بن محمد بن موسى بن أحمد آل موسى بن مهدي العقيلي.
الفخذ الثاني والثلاثون: بنو العولة وهم ذرية عثمان بن محمد العقيلي.
وهم يسكنون في مكان مشتهر باسمهم "بنو العولة" في بلاد البعجية، وبلدة فرسان ومدينة جدة. يتفرعون إلى: بنو أمحمد، وبنو الحاج وهو محمد بن مقبول بن مقبول بن عيسى بن أحمد بن عثمان العقيلي، وبنو الجتيم، وآل حتيمش.
الفخذ الثالث والثلاثون: بنو التويمة وهم من ذرية محمد بن عيسى العقيلي. ويتفرعون إلى بنو الحرب، وبنو الجتيم، وبنو المقبول، وبنو الظبي، وبنو المساوي، وبنو مفلح، وبنو الأثرم.
ويسكن بنو التويمة العقيلي قرية الملحة.
الفخذ الرابع والثلاثون: بنو العضابي. وهم من ذرية محمد بن عيسى العقيلي.
وهم يتواجدون في الخبت من تهامة ويحدهم جنوبًا وادي مور وشمالًا قبائل مطوله. ومن ديارهم: دير العضابي ودير كزابة. وهم يتقرعون إلي: بنو الوحيش وهو لقب للشيخ علي بن المعروف بن أمحمد بن المعروف بن أمحمد بن علي العضابي العقيلي.
ومنهم: شيخ القبيلة وهو الشيخ محمد بن محمد بن علي بن محمد بن علي الوحيش العقيلي.
بنو الفقيه: وهو لقب للشيخ علي الفقيه العضابي العقيلي:
ومن بني الفقيه: بنو إبراهيم، وبنو حرب، وبنو عقيل وبنو عمري، وبنو العكيري، وبنو عيسى، وبنو قدري، وبنو كزابة، وبنو عيسى.
ومنهم: الشيخ الفقيه أحمد بن أمحمد بن عيسى بن أمحمد بن مكين بن علي بن أمحمد بن أحمد بن علي الفقيه العضابي العقيلي.
بنو بلوش: وهو لقب للشيخ محمد بلوش بن إبراهيم بن محمد بن شيبة بن أبي بكر العضابي العقيلي.
وهم يتفرعون إلى: بنو بلوش، ومنهج شيخ القبيلة وهو الشيخ أحمد بن يوسيف بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن شيبة بن أبي بكر العضابي العقيلي، وبنو الحليص واسمه معروف، وبنو سويد واسمه أبا بكر. وبنو مكين الأكبر، وبنو مكين الأصغر، وبنو ماني، وبنو العسكر.
وهناك قبائل دخلت في بني العضابي وهم الأقربون لبني العضابي بصلة نسب، وهذه القبائل: بنو كلادة وهم عرب من الدناكل. وبنو المعَنْقَر وهو عرب من البعجية، وبنو هيجان وهم عرب من بني الفحيل في قطبة، والعكادة وهم عرب من بني العاتي من الطينة.
الفخذ الخامس والثلاثون: بنو الطرف. وهم يسكنون بالآرمة بوادي مور.
ومنهم: بنو إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم بن عثمان الزيلعي العقيلي.
الفخذ السادس والثلاثون: بنو البليهي، وهم يسكنون في شفر بمنطقة عبس، منهم: بنو عثمان بن عثمان البليهي الزيلعي العقيلي.
الفخذ السابع والثلاثون: بنو المُغاص. وهم ينسبون إلى السيد محمد بن مقضي الدين المغاص العقيلي.
وهم يسكنون الأرمة بوادي مور بالبعجية، والخشم، والقطبية من بلدة البعجية في قرية تسمى الملحة "جيل الملح" وفي بني قيس.
وفي قرية "مُجعر" شمال شرق مدينة عبس بمنطقة عبس.
وهم يتفرعون إلى أربعة فروع:
الفرع الأول: بنو أحمد بن عيسى بن علي بن محمد بن مقضي الدين المغاص العقيلي. ومن بني أحمد: بنو على، وبنو عيسى الأكبر، وبنو عيسى الأصغر.
الفرع الثاني: بنو علي بن عيسى بن علي بن محمد بن مقضي الدين المغاص العقيلي.
ومن بني علي بنو عبده، وبنو عيسى، وبنو محمد.
الفرع الثالث: بنو عيسى بن عيسى بن علي بن محمد بن مقضي الدين المغاص العقيلي ومن بني عيسى: بنو محمد، وبنو عيسى قحم، وبنو عيسى وبنو إبراهيم، وبنو علي.
الفرع الرابع: بنو محمد بن عيسى بن علي بن محمد بن مقضي الدين المغاص العقيلي. ويشتهر بابن العضابية.
ومن بني محمد: بنو علي، وبنو محمد.
البطن السادس: بنو أبكر بن محمد بن موسى بن أحمد بن عمر العقيلي.
ويشتهرون ببني موسى.
وهم قبيلة متفرقون في بلاد البعجية وعبس من تهامة. وتشتهر أماكنهم "دير موسى"، و"محل بني الحاج" و"حل العاقل". وهم يتفرعون إلى أربعة فخوذ:
الفخذ الأول: بنو موسى بن إبراهيم الجتيم ابن موسى الجتيم الزيلعي العقيلي.
الفخذ الثاني: بنو الحاج أبكر صغير ابن أبكر الزيلعي العقيلي.
الفخذ الثالث: بنو العاقل وهو محمد بن يوسف بن محمد الزيلعي العقيلي.
الفخذ الرابع: بنو بحيض وهو محمد بن مقبول بحيض الزيلعي العقيلي.
البطن السابع: بنو عبد القادر بن أحمد بن عمر العقيلي.
وهم متفرقون في وادي قنونا بالصالحي، وفي دير مرة والمعقد بالبعجية من
تهامة، وشيخهم يقال له العاقل وهو الشيخ محمد بن إبراهيم سنبل أبو سيفين القادري العقيلي.
وهم يتفرعون إلى قسمين: القسم الأول: آل القادري ومنهم: آل محمد القادري. وآل أبو طالب القادري.
البطن الثامن: بنو عبد الغفار بن أحمد بن عمر العقيلي، الشهير "بأبي خشعة".
وهم يسكنون بوادي حلى بن يعقوب الأسفل، في منطقة تسمى الخشعي، وهي قرب حلى القديم.
وهم يتكونون من ثمانية فخوذ:
الفخذ الأول: آل إبراهيم.
الفخذ الثاني: آل أحمد.
الفخذ الثالث: آل بحيض.
الفخذ الرابع: الشيابين.
الفخذ الخامس: الحمزات.
الفخذ السادس: آل عقيل.
الفخذ السابع: آل غريب.
الفخذ الثامن: الفراعية.
البطن التاسع: بنو عبد الأول بن أحمد بن عمر العقيلي. وهم يشتهرون بالعقالية بنو عبد الأوب، ويسكنون بلدة سير وبلدة فرسان بجزيرة فرسان وجزيرة ختب ومدينة جازان وصبياء وأبو عريش ومدينة جدة ومكة المكرمة.
وهم يتفرعون إلى سبعة فخوذ:
الفخذ الأول: آل أبكر.
ومن آل أبكر شيخ الشمل الشيخ محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم آل أبكر بن عمر بن حسن بن محمد بن أحمد بن عبد الله العقيلي.
الفخذ الثاني: آل الشعراوي، وهو عمر المشتهر "الشعراوي" ومن آل عمر الشعراوي: الأستاذ زيلعي بن علي بن محمد بن عبد الله آل عمر الشعراوي.
الفخذ الثالث: آل حسن.
ومن آل حسن: الشيخ عبد الله بن عبده بن عثمان بن أحمد آل حسن بن عثمان بن أحمد بن حسن بن محمد بن أحمد بن عبد الله العقيلي.
الفخذ الرابع: آل محسن.
ومن آل محسن: شيخ بلدة صير بفرسان، وهو الشيخ إبراهيم بن أحمد بن عبده بن آل محسن بن عبده بن عبد الله العقلي.
ومنهم: الأستاذ موسى بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبده آل محسن بن عبده بن عبد الله العقيلي.
الفخذ الخامس: آل عثمان.
ومن آل عثمان: الشيخ عبد الله بن حسن بن أحمد آل عثمان بن عيسى بن عمر بن أحمد بن عبده العقيلي.
الفخذ السادس: آل عبد الأول
ومن آل عبد الأول: الشيخ إبراهيم المشتهر المهاج ابن محمد بن أحمد آل عبد الأول ابن محمد بن أحمد بن عبد الله العقيلي.
الفخذ السابع: آل بوكر "أبو بكر".
ومن آل بوكر: الأستاذ عبد المحسن بن محمد بن يوسف بن أحمد بن محسن بن عبده آل بوكر بن محسن بن عبده بن عبد الله العقيلي.
النفيعات
نسب القبيلة:
من كتاب النفيعات للأستاذ مجدي بن أحمد العِدْوي النفيعي قال
(1)
: النفيعات هي إحدى قبائل العرب في مصر
(2)
والنسبة إليهم نفيعي
(3)
من النفَّعة أحد فرعي البطنين من بني سعد بن بكر
(4)
من برقا من عُتيبة
(5)
ومواطنهم الدار الحمراء
(6)
على مسيرة بضعة أميال من مكة المكرمة
(7)
، وهم يشكلون قسمًا كبيرًا من قبائل عُتيبة في المملكة العربية السعودية
(8)
وعُتيبة من أشهر قبائل العرب
(9)
في الوطن العربي وأوسعها بلادًا، وديارها في عصرنا الحاضر لا يضاهيها ديار أي قبيلة أخرى لسعتها وكبر رقعهتا
(10)
ولذا يقول شاعر من عُتيبة:
ربعي عتيبة من العارض إلى الحرَّة
…
سقم المعادي اللِّي جاه الكلام مردودي
وعُتيبة قبيلة عظيمة ذات قوة ومنعة كانت تخشاها كل القبائل، ولذا يقولون لها (عتيبة الهيلاء)
(11)
، أو (عتيبة دفَّاعة الشر)، لأنها ترد من يعتدي عليها مهما كانت قوته
(12)
، وكما يقول شاعرهم:
(1)
كتاب قبيلة النفيعات بين الماضي والحاضر، طبع في القاهرة عام 1997 م / 1418 هـ، ويُعدُّ هذا الكتاب دراسة تاريخية للنفيعات وفروعها في مصر والسعودية والأردن وفلسطين، وهو من أفضل المصادر التي اعتمدنا عليها في النقل عن هذه القبيلة في الموسوعة، ومن أراد المزيد فليرجع إلى هذا الكتاب ففيه الكفاية عن هذه القبيلة العريقة.
(2)
انظر معجم العرب ص 1190 ج 3 - عمر رضا كحالة.
(3)
النفيعي تصغير ترخيم لكلمة نافع - انظر معجم أسماء العرب ج 2 ص 1775.
(4)
وهم أظآر النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم استُرضع - انظر جمهرة أنساب العرب ص 265 - لابن حزم -
(5)
معجم قبائل الحجاز ص 496 للبلادي - دار مكة للنشر والتوزيع.
(6)
الدار الحمراء هي قرية بمنطقة خديد من ديار بني سعد بنواحي الطائف.
(7)
جريدة الأنصار المصرية الصادرة في جمادي أول عام 1363 هـ.
(8)
ومن أراد المزيد عن النفعة وسائر قبائل عتيبة هوازن فليرجع إلى المجلد الخامس بالقسم الثاني من موسوعة القبائل العربية - محمد سليمان الطيب، طبع عام 2001/ 1421 هـ بدار الفكر العربي بالقاهرة.
(9)
كتاب منهاج المطلب عن مشاهير قبائل العرب ط 1986 م - القاهرة.
(10)
كتاب قبائل الطائف وأشراف الحجاز ص 71، ط 1401 هـ.
(11)
معجم قبائل الحجاز للبلادي ص 298.
(12)
موسوعة القبائل العربية المجلد الخاص ط 2001 م/ 1421 هـ - لمحمد سليمان الطيب - دار الفكر العربي بالقاهرة.
حِنَّا عتيبة كم حريبًا لطمناه
…
دقلاتنا لاقت مثل الخيل الرزيني
وتمثل عتيبة اليوم قبائل سعد بن بكر، وجُشَم بن معاوية بن بكر من هوازن بن منصور
(1)
، وتنقسم إلى فرعين عظيمين: برقا والرّوقة، وعلماء النسب يرجعون أصولها إلى هوازن بن منصور من قيس عيلان
(2)
.
وفي الجمهرة
(3)
: عُتيبة بن غزّية بن جُشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان. وقد انتقل قسم من النفَّعة من ديار بني سعد بالطائف إلى الحمراء من ديار حرب واختلطوا بالحلف مع الموارعة والحوازم (المراوحة) من بني سالم من قبائل حرب، ثم رحل معظم هؤلاء النفَّعة من ديار حرب إلى ضبا بشمال الحجاز، ثم انتشروا في مصر والأردن وفلسطين وعرفوا بالنفيعات.
النفيعات عند بعض المؤرخين
لقد أخطأ الكثير من مؤرخي العصر في الخلط بين أنساب القبائل العدنانية والقحطانية، فنجد قبيلة النفيعات (النفّعة) وهي من قبائل عُتيبة من هوازن العدنانية إحدى القبائل الوافدة إلى مصر من بلاد الحجاز، قد شاب نسبها شيء من الخلط كما شاب غيرها من القبائل الأخرى؛ وذلك لاجتهاد خاطئ من قِبل أحد المؤرخين وتناقلته عنه كتب الأنساب بعد ذلك، ومن ذلك ما أورده الرحالة الجزيري عن نسب النفيعات إلى بني عُقبة في مخطوطه الدرر الفرائد المنظمة بالقرن العاشر الهجري، ومَنْ صار على نهجه فيما بعد مثل نعوم شقير في كتابه تاريخ سيناء القديم والحديث في بداية هذا القرن العشرين للميلاد، وذكره نسب النفيعات إلى نافع بن مروان
(4)
من ثعلبة (طيئ) القحطانية، وهذا غير صحيح للأسباب التالية:
أولًا: المجمع عليه عند علماء النسب وعند القبائل العربية في جزيرة العرب أن قبيلة ثعلبة من طيئ قحطانية، وأن النفّعة ومنهم النفيعات من عُتيبة من هوازن
(1)
موسوعة القبائل العربية المجلد الثاني ص 518 ط 1995 م.
(2)
انظر كنز الأنساب لحمد الحقيل ص 143 ط 120 عام 1413 هـ - الرياض.
(3)
انظر جمهرة النسب للكلبي ص 383 ط 1407 هـ - عالم الكتب - بيروت.
(4)
وقيل عنه أيضًا نافع بن ثوران في بعض المراجع.
العدنانية، وهذا معلوم لدى أبناء النفيعات في مصر والأردن وفلسطين وفي المملكة العربية السعودية التي بها أصل القبيلة إلى اليوم.
ثانيًا: أن النفيعات مساكنهم الأولى هي مساكن قومهم النفَّعة في الدار الحمراء بنواحي مكة وبلاد بني سعد بالطائف، ثم انتلقوا إلى الحمراء من ديار حرب، ومنها إلى ضبا من بلاد بني عُقبة وكلها ديار في بلاد الحجاز، أما ثعلبة وفروعها فديارها معروفة في بلاد الشام منذ صدر الإسلام وانتقلوا إلى مصر في عهد الدولة الأيويبة، أي قبل مجيء النفيعات إلى الديار المصرية.
ثالثًا: أما ما ذكره رحَّالة الحج المصري عبد القادر الجزيري في مخطوطه الدرر الفرائد المنظمة أن النفيعات بدنة من بدنات بني عُقبة فهو خطأ فادح؛ لأنه ألحق العديد من القبائل العربية معلومة النسب بشمال الحجاز ببني عُقبة
(1)
، وذلك لعدم درايته بعلم الأنساب
(2)
. والنفيعات كما هو معروف أصلهم من النفَّعة إحدى قبائل عُتيبة (هوازن) العدنانية، وقد رحلوا من الحمراء بالمدينة المنورة إلى ضبا وحالفوا بني عُقبة من جُذام القحطانية، وقد أوضح ذلك الرحَّالة الألماني أوبنهايم في كتابه البدو عام 1935 م أن النفيعات تابعين لبني عُقبة أي مجرد حلفاء لهم وليسوا من أصلهم.
رابعًا: هناك اسمان نسبت إليهما القبيلة - خطأ - وهما نافع بن مروان، أو نافع بن ثوران، وقيل هما ابنا عوف بن ثعلبة من طيئ القحطانية.
كما أن النسبة إلى نافع هذا (نَفَّعي)
(3)
وليس نفيعي كما هو متداول ووارد في نسب النفيعات أو النفَّعة على حد سواء.
(1)
ذكر البلادي في كتاب - شمال الحجاز أن الجزيري رحّالة الحج أخطأ في إلحاقه فروعًا من قبائل في قبائل أخرى، وأن علم الأنساب في القبائل المتخالطة في السكن والجوار والمتحالفة لا يعرف حقيقة نسبها بالضبط سوى ابن البيئة المقيم لا الرحالة العابر أو المتنقل مثل الجزيري وأمثاله.
قلت: والنفيعات كما هو ظاهر كلما نزلوا ديار قبيلة عربية حالفوها وخالطوها، لدرجة يصعب فيها التفريق بين بعض عشائرها وبين القبيلة الأخرى، كما حدث في الحمراء واختلاطهم بحرب، وكذلك في ضبا واختلاطهم ببني عُقبة.
(2)
انظر في نقد صاحب الموسوعة لأخطاء الجزيري في مخطوطه الدرر الفرائد المنظمة في قبيلة الحويطات في بداية المجلد الأول.
(3)
وهذا ما يؤكده ما ورد في بدائع الزهور ووقائع الدهور لابن إياس في بداية القرن العاشر الهجري - انظر=
وبالاطلاع على ذرية عوف وجد أن لعوف ثلاثة من الولد هم: زريق ودرما ووائل؛ ودرما اسمه عمرو لكنه غلب عليه اسم أمه فلُقِّب به
(1)
، والذين نزحوا إلى مصر من ثعلبة (طيئ) زريق ودرما
(2)
، وبالاطلاع الدقيق على جميع فروع طيئ القديمة والحديثة لم يرد فيها ذكرًا للنفيعات إطلاقًا.
خامسًا: أما عن نسب القبيلة إلى نافع بن ثوران الذي أورده الكاتب عبد العاطي خضر في جريدة الأنصار
(3)
اعتمادًا منه على وجود الاسم في كتاب البيان والإعراب عما في أرض مصر من الأعراب للمقريزي، فهو نسب خاطى، وذلك لأنه من الجدير بالذكر معرفة أن المقريزي مؤلف مخطوط البيان والإعراب كان قبل مجيء النفيعات من الحجاز إلى مصر، ولذا فقد تناول المقريزي الحديث عما بأرض مصر من الإعراب أي القبائل الموجودة في عصره، ولم يتحدث عن النفيعات ولم يشر إليها إطلاقًا، إنما الذي ذكره هو اسم نافع بن ثوران من ثعلبة طيئ، ومن فروعه المراونة بالصعيد. وكون طبع هذا المخطوط مؤخرًا تحت اسم البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب وورود ذكر نافع بن ثوران قد صادف وجود قبيلة النفيعات في مصر آنذاك، مما حمل الكاتب عبد العاطي خضر
(4)
= ج 4 ص 194؛ فذكر في جمادي الآخرة سنة 916 هـ أن سلطان مصر المملوكي الملك الأشرف أبو النصر قانصوة الغوري قد قام بإعدام أحد رجالات ثعلبة وأبطالهم قائلًا: "رسم السلطان بشنق شخص من العربان المفسدين يقال له عمرو بن موس النَفْعي من عربان ثعلبة، وكان من شجعان العرب. (انتهى) ومن سياق النص يتأكد لنا أن النَفّعي من فخوذ ثعلبة في بداية القرن العاشر الهجري، وهو غير النفيعي المنسوب إلى النفيعات (النفّعة) من عُتيبة، والنفيعات كانت قبيلة معروفة آنذاك في سيناء والشرقية بدليل ذكرهم بنفس الاسم في مخطوط الجزيري (الدرر الفرائد المنظمة) من قبائل بلاد الطور والذي ألفه عبد القادر محمد الجزيري بعد منتصف القرن العاشر الهجري، أي بعد مخطوط ابن إياس (بدائع الزهور) بسنوات قلائل، ولم يذكر الجزيري نسب النفيعات إلى ثعلبة ولو كان ذلك مشهورًا عنهم في حينه لذكر ذلك، وهذا يؤكد أن ما ذكره ابن إياس لا صلة لهم بالنفيعات، وقد ذكر الجزيري كما أسلفنا نسب النفيعات من بني عُقبة خطأ في موضع آخر، وقد أوضحنا عن ذلك الالتباس كما تقدم.
كما نلفت النظر أن هناك عشيرة كبيرة باسم النوافعة وأحدهم نافعي ولا صلة لهم بالنفيعات، وهي منضمة إلى قبيلة العيايدة من القحطانية، فالحذر مطلوب من تشابه الأسماء بين قبائل العرب لعدم الوقوع في الخطأ والخلط في الأنساب.
(1)
انظر مخطوط سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب للسويدي ص 56 - ط بيروت.
(2)
انظر قلائد الجمان للقلقشندي ص 58 - ط دار الكتب الحديثة
(3)
جريدة مصرية كانت تصدر في الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي.
(4)
وقد تراجع الأستاذ عبد العاطي خضر عن هذا الاجتهاد الخاطئ وأخبر مؤلف كتاب النفيعات قائلًا له (الحقيقة دائمًا هي بنت البحث).
ومن قبله نعوم شقير، على قولهما بأن نافع هذا هو مؤسس قبيلة النفيعات، وهذا اجتهاد خاطئ منهما.
سادسًا: ورد في أنساب العرب
(1)
أثناء السرد عن قبائل طيئ وبطونها وفروعها اسم نافع بن مروان، ولم ينسب إلى أي من بطون طيئ، ولكنه ذكر أن من فروع نافع بن مروان (آل حمداني) ومنهم الجلاهمة، ولم يرد ذكر النفيعات من نسل نافع المذكور إطلاقًا.
سابعًا: أن النفيعات في الديار المصرية هبم من قبيلة النفَّعة التي اختلطت بقبيلة حرب الحجازية منذ أمد بعيد، وكذلك فحلفهم معروفًا مع الصوالحة من بني سالم من حرب في ضبا قبل دخولهم بلاد الطور بجنوب سيناء، والأحلاف بين عُتيبة عامة، وبين حرب كانت دائمًا وما زالت حتى اليوم في المملكة العربية السعودية
(2)
.
ثامنًا: تتمثل النفيعات في مصر في الفخوذ الآتية:
السواعدة - الهضيبات - الظواهرية - الحجاجنة - الجمايلة - العمارين - بني أيوب - التعيرات - الدبور - الحمايدة - الحميدات
(3)
.
أما ثعلبة طيئ التي منها نافع بن ثوران أو ابن مروان فتتمثل في التالي
(4)
.
أولًا - أفخاذ درما: سلامة والأحمر وعمرو وقصير وأويس أو أوس.
ثانيًا - أفخاذ رزيق: أشعب والبقعة والشبول والحنابلة والمراونة
(5)
.
(1)
انظر كتاب أنساب العرب لسمير عبد الرازق القطب - ط بيروت ص 152.
(2)
قال الأستاذ مجدي العدوي: مما يؤكد هذه الصلة بين النفيعات (النفّعة) وبين حرب وتحالفهم واختلاطهم ببعض خاصة بني سالم، هو أن العديد من القرى التي استوطنها عرب النفيعات بالشرقية في مصر تنسب إليهم كعرب الجمايلة وعرب بني أيوب والظواهرية، وهذه الفخوذ من النفيعات ما زالت إلى اليوم تذكر في عداد قبيلة حرب في المملكة العربية السعودية. قلت: وقد ذكر الهمداني في الإكليل أن هناك رابطة قوية بين حرب وبين جُشم من هوازن بعد قدوم حرب من اليمن، وسبب ذلك أن أم زعيم حرب وقتئذ كانت جُشَمية،: وجُشم هي عتيبة الآن، فالتحالف والاختلاط قديم جدًّا بين حرب وعُتيبة.
(3)
نقلًا عن جريدة الأنصار عام 1363 هـ وعن تعداد القبيلة وجردها الخاص عام 1908 م.
(4)
انظر قلائد الجمان ص 52، وكذا الأعشى للقلقشندي.
(5)
وفي صبح الأعشى 1: 323 المراونة وفي البيان والإعراب للمقريزي المراونية.
والطلحيون، وفي الطلحيين آل حجاج وآل عمران وآل حفصان والمصافحة، ومن زريق أيضًا الصبحيون ومنهم الغيوث والزموت والروايات والنمورة والسعالي والرمالي والمعديون والسنديون والبحابحة.
ومن زريق أيضًا العقيليون والمساهرة والغوفة والمعافرة ومنهم العلميون، ومن العلميين القمعة والرياحين وبنو مالك.
ومن ثعلبة الجواهرة، ومنازل ثعلبة في مصر (شمال سيناء) إلى جهة الشام
(1)
.
مما تقدم يتبين لنا خطأ الجزيري في الخلط بين النفيعات وبين بني عُقبة من جُذام، وخطأ نعوم شقير في الخلط بين النفيعات من النفعَّة من عُتيبة (هوازن) وبين نافع بن مروان من ثعلبة (طيئ)، وكذلك خطأ المصادر التي نقلت عنهم هذا النسب الخاطئ بدون تحميص مثل:
1 -
أحمد لطفي السيد في كتابه قبائل العرب في مصر.
2 -
خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام أثناء ترجمة عن محمد الأحمدي الظواهري من قبيلة النفيعات.
3 -
زكي محمد مجاهد في كتابه الأعلام الشرقية في ترجمة الظواهري أيضًا.
4 -
عبد العاطي خضر الكاتب بجريدة الأنصار عام 1363 هـ، مقالة عن قبيلة النفيعات حين ذاك.
5 -
محمد سليمان الطيب في المجلد الأول من الموسوعة - الطبعة الأولى عام 1993 م / 1413 هـ في دار الفكر العربي بالقاهرة.
ولكن الأستاذ محمد الطيب صاحب الموسوعة استدرك مشكورًا هذا الخطأ النقلي عن نعوم شقير، حيث أثبت النسب الصحيح لقبيلة النفيعات إلى النفّعة من عُتيبة (هوازن)، وأخبرني قائلًا:
(1)
عن قلائد الجمان للقلقشندي ص 52، وكذا في صبح الأعشى بنفس المؤلف.
"هذا ما كنتُ أميل إليه في السابق"
(1)
، ووعد بتأكيد ذلك في الطبعة الثانية في المجلد الأول من الموسوعة في عام 1997 م / 1418 هـ والطبعات التي تليها وهذا ما تم بالفعل ولله الحمد، وعلاوة على ذلك هو تخصيص مساحة أكبر لقبيلة النفيعات فجزاه الله خيرًا.
من الحمراء ديار حرب إلى ضبا ديار بني عُقبة
لقد مر على العالم الإسلامي عصور ظللته دولة واحدة، وكان العربي في مقدوره استيطان أي إقليم يشاء من أقاليم الإسلام
(2)
؛ لذا فقد شهد مطلع القرن التاسع الهجري
(3)
- الخامس عشر الميلادي - حركات انتقال وهجرات قَبَلية واسعة النطاق امتدت إلى أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وذلك بسبب القحط الشديد والجفاف الذي انتاب شبه الجزيرة العربية
(4)
، وكما هو مشهور عن البدو بأنهم قوم رُحَّل يسكنون الخيام ولا يستقرون في مكان، ينتجعون الكلأ ويتبعون مساقط الماء ومنابت العشب
(5)
، ففي هذه الأثناء هاجر قسم كبير من النفّعة بالحمراء بنواحي المدينة المنورة إلى منطقة ضبا من ديار عُقبة في شمال الحجاز وانضموا إلى بني عُقبة من جُذام في بلادهم، ثم عقدوا حلفًا مع الصوالحة من حرب وقد عُرفوا حيتئذ بالنفيعات
(6)
، ثم رحل جزء منهم إلى الأردن وفلسطين ببلاد الشام، والجزء الآخر دخل إلى بلاد الطور بجنوب سيناء مع حلفائهم الصوالحة من حرب وتوطنوا بها.
النفيعات والصوالحة في بلاد الطور
حين دخل النفيعات والصوالحة بلاد الطور وجدوا أسياد البلاد آنذاك قبيلتي
(1)
انظر في قبيلة النفّعة من عُتيبة (هوازن) - المجلد الخامس بالقسم الثاني ص 877 من موسوعة القبائل - ط 2001 م / 1421 هـ - دار الفكر العربي.
(2)
انظر نسب حرب للبلادي - دار مكة، ساحة إسلام.
(3)
انظر أطلس تاريخ الإسلام ص 213 - ط الزهراء بالقاهرة.
(4)
Doughty، Chables Thavels in Ahabiah Deseht
(5)
انظر أنساب العرب لسمير عبد الرازق - طبعة دار البيان - بيروت ص 257.
(6)
لأن عرب شمال الحجاز يكثرون من جمع المؤنث السالم في الأسماء كما هو معروف، وقد ذكر هذه الملاحظة نعوم شقير في تاريخ سيناء. وقد ذكر حمد الحقيل أن مزينة مع حرب في الحجاز يطلق عليها المزينات (انظر كنز الأنساب) وهذا دليل آخر على إضافة تاء التأنيث لاسم القبيلة حتى في قلب الحجاز بنواحي المدينة المنورة.
الحماضة وبني واصل ولكن لكثرة الحروب بينهما على قسمة منافع البلاد فقد ضعف حالهم، فانضمت الحماضة إلى النفيعات وبني واصل إلى الصوالحة، وقسمت خيرات بلاد الطور من خفر الدير ونقل الحجاج بالسوية بين قبيلتي الصوالحة والنفيعات، ثم جاء العليقات إلى سيناء وحالفوا النفيعات وصاروا معهم حلفًا واحدًا رئيسهم النفيعي، وسكن العليقات أولًا جهة عين الحدرة والنويبع، ثم حدث قحط في بلاد الطور
(1)
أدى إلى هجرة بطون كثيرة من قبائل البدو بسيناء إلى وادي النيل بالقطر المصري، ولذا فقد هاجرت قبيلة النفيعات إلى أماكن أحسنوا اختيارها في بادية الشرقية لوجه الشبه الشديد بينها وبين بوادي الطور والحجاز، حيث هي مسكنهم من قبل، وقد ترك النفيعات في سيناء بدنة منهم يقال لها السواعدة تقيم مع حلفائهم العليقات إلى اليوم، وفي بادية الشرقية استوطنت النفيعات في قرى كثيرة تظاهر الصحراء تعرف بجزيرة النفيعات
(2)
ويطلقون عليها كلمة عرب، وفي هذه الأثناء نزحت عشائر من النفيعات بفلسطين (بلاد الشام)
(3)
ويعرفون باليوبيين من بني أيوب وأحدهم يوبي، وحطّوا رحالهم بجوار اخوانهم من الذين سبقوهم من النفيعات بالشرقية وسكنوا معهم إلى اليوم في بلدة تنسب إليهم وتعرف ببني أيوب
(4)
، ثم حدثت فيما بعد هجرات أخرى معاكسة لبعض العائلات والعشائر من الشرقية وسيناء إلى فلسطين
(5)
والأردن وظلت هذه الهجرات مستمرة حتى منتصف هذا القرن العشرين الميلادي.
وللنفيعات في مصر مواقف عظيمة مع غيرها من القبائل الأخرى تدل على أصالتها حتى أصبح لهذه القبيلة من جودها وكرمها وتضحيتها دليلًا عليها، ومن ذلك أنه في عام 1362 هـ أرادت إحدى شركان التعدين الأجنبية أن تشتري من
(1)
انظر تاريخ سيناء ص 110.
(2)
جزيرة النفيعات هي قرية تابعة لميت ردين مركز أبو حماد - محافظة الشرقية.
(3)
وبقدوم هذه العشائر من نفيعات الشام إلى الشرقية، يلتقي فرعى النفيعات الشوام والطوّرة على أرض مصر مرة أخرى بعدما تفرقا بالأردن وفلسطين من قبل.
(4)
بني أيوب: هي بلدة تابعة لمركز أبو حماد بالشرقية.
(5)
ذكر الدّباغ في كتاب بلادنا فلسطين أن عرب النفيعات في حيفا (فلسطين المحتلة) 820 نسمة، وأنهم يعودون بأصلهم إلى نفيعات مصر. كما ذكر أميديه جوبير الفرسي في كتاب وصف مصر أن مساكن النفيعات بلبيس والقرين في الشرقية بمصر. وكذلك ذكرهم من قبائل فلسطين.
النفيعات إحدى الآبار التي تمتلكها القبيلة في سيناء، لتغرس فيها الشركة الأنابيب الرافعة للمياه وتظفر بمائها، فرفض شيخ النفيعات الشيخ إبراهيم صالح منصور علي النفيعي ذلك مع سخاء العرض في قيمتها، وذلك حرصًا على تركها مباحة للعرب العابرين ينتفعون بمائها في شربهم وروي ماشيتهم
(1)
.
كما أن للنفيعات عد وحديقة مسوَّرة بالنخيل في طور سيناء، ولكنهم يهبون ثمارها لبعض العليقات من سكان شبه جزيرة سيناء ومن سكان بعبعة
(2)
.
ولقد اشتهر النفيعات بالكرم إلى الحد الذي لا يعرفون فيه الإبقاء على شيء، والذي أناخ على الكثير فن بيوتهم، على أنهم في كلا الحالين كانوا ولا يزالون مشتركي الغني أعفاء الفقر، لا يزودون عما في أيديهم طالب حاجة، وبيوتهم في كل محلاتهم وقراهم مفتوحة على مصراعيها، ويهشون للضيف كأنما خلقوا من أجله؛ ولهذا السبب تجتمع القبائل العربية في مصر في أكثر خصوماتها إلى بيت النفيعات للتقاضي فيه وتترك مقادة التحكيم إليهم، ولقد كان من هذه القضايا ما حدث في عام 1362 هـ، حيث فصلت بين قبيلتي العيايدة والسعديين في خصومة مستحكمة ذهب فيها الكثير من الأموال والأنفس، وحارت فيها سلطة البلاد آنذاك.
وقد شهد اجتماع الصلح هذا في بيت الشيخ إبراهيم صالح منصور علي النفيعي آلاف عدة من العرب الذين أقبلوا على خيولهم وفي سيارتهم من مسافات بعيدة، ليحضروا الفصل في هذا النزاع القديم، وقد أكرم النفيعات وفادة هذه القبائل دون أن يمسوا شيئًا مما يصطلح المتقاضون على تقديمه بالتساوي لأهل بيت التحكيم: المعروف (بالرزقة) وهو يكاد يعادل جزء كبير من ديات القتلى.
ومع شدة جود وكرم النفيعات فإنه لا يُغتصب شيء منهم ولا يُسلب عنوة، ولا يضيع له حق مهما طال العهد لطبيعتهم الأبية.
ولذا فقد كان النفيعات قبل هجرتهم من سيناء يقومون بخفارة أملاك عنصرة النصراني، وبعد وفاته في مدينة الطور ترك كرمًا في وادي الحمَّام ولم يكن له
(1)
جريدة الأنصار عام 1363 هـ
(2)
تاريخ سيناء ص 912
وريث
(1)
غير أخته زوجة الخواجة قسطندي عنصرة، فاستولت على الكرم. فلما عَلِم النفيعات في الشرقية بموته، قاموا يطالبون بالكرم مع أنهم تركوا سيناء، إلا أن الصلة لم تنقطع لوجود السواعدة النفيعات بها وأملاك القبيلة هناك، فرفع العناصرة الأمر للداخلية المصرية، ولما رأى النفيعات أن الداخلية لا تنصر العناصرة سألوا عن خفراء العناصرة من البدو فوجدوا أن خفراءهم أولاد سعيد، فأغار النفيعات على إبل أولاد سعيد وأخذوا منهم جملين بطريق الوثاقة
(2)
، وقالوا لهم: إنكم خفراء العناصرة فأنتم مسئولون لنا عن حقنا منهم، ثم دخل الشيخ موسى أبو نصير القراشي شيخ مشايخ الطوّرة وقتئذ في الصلح، فأعطى النفيعات عشرون جنيهًا مصريا فوق البعيرين وأعاد لهم حقهم وحسم النزاع
(3)
.
ولا يزال للنفيعات إلى اليوم أملاك في أودية فيران والنصب وبعبعة من بلاد الطور، وفي برقطية من بلاد العريش يشرف عليها السواعدة وحلفاؤهم العليقات.
النفيعات وحرب الصوالحة مع العليقات
(4)
عندما رحلت قبيلة النفيعات إلى بادية الشرقية حلّ محلهم حلفاؤهم العليقات في قسمة منافع البلاد من خفر الدير ونقل الحجاج، مما أثار غضب الصوالحة؛ لذلك اختلفوا مع العليقات على القسمة واقتتلوا في موقعة عظيمة في وادي الحمّام قرب مدينة الطور.
وفي تفاصيل ذلك أن الصوالحة هاجموا العليقات ليلًا وهم نائمون على شاطئ البحر ينتظرون "الفيد" الذي يلفظه البحر، ولم ينج من العليقات في تلك الليلة سوى أربعين رجلًا، وكانت كلمة سر الليل عند الصوالحة "إدهك ياداهوك" فكانوا يرددونها بصوت عالٍ ليتعارفوا بها في الظلام، فمن يرددها علموا أنه عدو وقتلوه. فضعفت العليقات وعجزوا عن حفظ مركزهم مع الصوالحة، وفي هذه الأثناء هاجر جماعة من مُزَيْنة وهم أصلًا قبيلة من حرب بالحجاز
(5)
وأرادوا التوطن في سيناء مع الصوالحة، فضرب الصوالحة عليهم جعلًا قدره نصفان من
(1)
في شريعة البدو آنذاك أن المالك إذا توفي ولم يكن له أحد؛ وريثه يكون حارسه.
(2)
الوثاقة هي رهائن من الإبل تؤخذ خلة للحصول على حق ممطول - انظر تاريخ سيناء ص 407.
(3)
المصدر السابق ص 413.
(4)
نقلًا عن نعوم شقير في تاريخ سيناء ص 110، وأحمد لطفي السيد في قبائل العرب في مصر.
(5)
مُزينة: الصحيح أنها قبيلة مضَرية عدنانية قديمة الحلف مع حرب.
الدراهم على كل بنت يزوجونها من بناتهم، فأبوا وحالفوا العليقات على أن يكون لكل قبيلة نصف منافع الجهة ما عدا منافع الدير تبقى للعيقات وحدهم. فقويت بذلك العليقات وهبوا لأخذ الثأر، فأرسلوا إلى حلفائهم النفيعات بالشرقية لنجدتهم قائلين:
عليقات يا عليقات
…
يا أهل الرمق والنجاده
الطيرر غربي سربال
(1)
…
ما عقَّب غير النكاده
فأسرعت قبيلة النفيعات بإرسال فرسانها إليهم وأرسلوا العيون تراقب تحركات الصوالحة، وكان الصوالحة قد ذهبوا إلى زيارة الشيخ صالح المدفون في واديه، ولما لم يكن عند القبة حطب كاف أتوا بالذبيحة إلى غابة الطرفاء غرب الواطية فذبحوا ناقتهم واكلوا وناموا، وانتظرهم العليقات حتى استغرقوا في النوم كما كان حالهم من قبل على شاطئ الجزيرة، فانقضُّوا عليهم كالنسور وقتلوهم شر قتلة، وكانت كلمة سر الليل عند العليقات "اطعن يا طاعون"
(2)
.
وقد ارتجز أحد فرسان النفيعات ويُدعى غانم النفيعي
(3)
عند عودته من المعركة مارًا ببلدة القرين في الشرقية قائلًا:
اشهد علينا يا نخل القرين والظل مايل
…
خمسة وثلاثين فارس هزموا جميع القبائل
(4)
وقد جاء في إثر ذلك أن امرأة من الصوالحة قالت لامرأة من العليقات:
أبوكي وين يا سليمه
…
راح في عتمة ظليمه
(5)
فردَّت عليها المرأة العليقية قائلة:
أبوكي وين يا دلال
…
راح في كيد الرجال
(1)
سربال: جبل شاهق في جنوب سيناء.
(2)
ذكرها نعوم شقير في تاريخ سيناء (افعص يافاعوص) خطأ والصواب ما ذكرنا عاليه.
(3)
هو غانم الشهير بالعدوي ابن السيد ربيع أبو قطيطية النفيعي وكان مقره في جزيرة النفيعات بالشرقية، وإليه ينتمي أولاد العدوي في عرب العليقات بالقليوبية.
(4)
المقصود هنا القبائل التي كانت تحالف الصوالحة وهم: أولاد سعيد والقرارشة وبني واصل والجبالية، أما فروع الصوالحة الأصل فهم العوارمة والرضاونة والمحاصنة والنواصرة.
(5)
العتمة هي الظلام الحالك، وهو الوقت الذي اعتدى فيه فرعان الصوالحة على العليقات.
وبعد هذه الوقعة اجتمع كبراء الصوالحة والعليقات في بيت عربي بمصر يُدعى "الودي" وعقدو صلحًا على أن يعود لكل فريق منهم الأملاك التي كانت له قبل الحرب من نخيل ومزارع، وأن تعود منافع البلاد من خفر الدير أي الرهبان وأمتعتهم ونقل حجاج الدير ونقل حجاج مصر المسلمين الآتين بطريق الطور أو بطريق نخل على الإبل، فتقسم بينهم بالسوية كما كان الحال بين الحماضة وبني واصل ثم بين الصوالحة والنفيعات من قبلهم
(1)
.
بطون وعشائر النفيعات في الديار المصرية
تنقسم قبيلة النفيعات في مصر إلى فرعن أحدهم يعرف بالطوَّرة
(2)
والآخر يُعرف بالشوام
(3)
، ولكل منهما عمودية مستقلة.
أولًا - النفيعات (فرع الطوَّرة)
(أ) السواعدة: وتشمل العشائر التالية:
1 -
الغنيمات: جماعة غنيم سميري غنثور سويعد النفيعي، ويتفرع منها أرباع عيد وعواد وسعيد ورويبض وغنيم، وكبير الغنيمات الحالي الشيخ إبراهيم سعد عيد عودة غنيم ومقره وادي قال جنوب سيناء.
2 -
الشقاطفة: جماعة شقيطف سميري غنثور سويعد النفيعي، ويتفرع منها أرباع خضير وسالم، وكبير الشقاطفة جمعة خميس سالم سعد شقيطف ومقره في وادي ثال جنوب سيناء.
3 -
العكارية: جماعة سويعد النفيعي، ويتفرع منها أرباع درويش ومحمد وكبير العكارية الحالي حمدان مطير درويش ومقره في السويس.
ويسكن السواعدة في الوقت الحاضر الأماكن التالية في جنوب سيناء:
مدينة الطور - وادي ثال - أبو زنيمة - الصهوة - حمام فرعون - رأس سدر - وادي غرندل - شركة الجبس بالهوارة - وادي فيران.
(1)
انظر تاريخ سيناء ص 11 - 1 طبعة بيروت.
(2)
الطوّرة: اسم يُطلق على جميع القبائل التي سكنت بلاد الطور بجنوب سيناء.
(3)
الشوام: اسم يُطلق على فم من النفيعات وهي العشائر التي هاجرت إلى مصر من فلسطين والأردن ببلاد الشام.
وشيخ السواعدة سالم بن سعد بن سالم شقيطف سويعد، وهو الشيخ العام لعموم مشايخ قبيلة النفيعات في مصر، ومقره في وادي ثال جنوب سيناء. وقد توفي هذا العام 1421 هـ/ 2000 م رحمه الله.
(ب) الهضيبات وتشمل العشائر التالية:
1 -
أولاد منصور
2 -
العطويين.
3 -
أولاد سويلم
4 -
السراحنة.
5 -
أولاد مطاوع
6 -
النجاجرة
7 -
العُرج
8 -
العدويين
(1)
.
9 -
الحمايدة.
10 -
القطاطوة
(2)
وهؤلاء جميعًا يُعرفون بعرب النفيعات ومساكنهم في جزيرة النفيعات التابعة لقرية ميت ردين في مركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، كما لهم فروع في الأماكن التالية:
- محافظة الشرقية: في عزبة مطاوع وعزبة النجار بمركز أبو حماد، وعزبة العرج بمركز بلبيس، وعرب سرحان موسى عمران بمركز الزقازيق، وقرية المساعيد التابعة لقرية أم عجرم وقرية الشمولي بمركز فاقوس، وقرية العدوة بمركز ههيا.
(1)
العدويين: إحدى فروع القطاطوة الهضيبات في قبيلة النفيعات، ومؤسس هذه العشيرة هو غانم النفيعي الملقّب بالعدوي نسبة إلى بلدة العِدْوة بالشرقية والتي كان له السيطرة والنفوذ عليها بعد هجرة النفيعات من سيناء إلى بادية الشرقية، وقد أعقب كل من غانم وسيد أحمد وحسن وسالم وسليمان وهؤلاء جميعًا يعرفون بالقطاطوة عدا الأخير فقد انفصمت أولاده ذاتيا عن القطاطوة وعرفو بالأولاد العِدْوي وهم حسن موسى والسيد أبناء سليمان بن غانم بن السيد ربيع أبو قطيطية النفيعي الشهير بالعدَوى، وقد رحل هؤلاء الثلاثة من جزيرة النفيعات بالشرقية منذ عهد الخديوية إلى مديرية القليوبية قاصدين حلفاءهم العليقات فسكنوا معهم إلى اليوم وكبيرهم الحالي الشيخ إبراهيم بن عبد العظيم العِدوي النفيعي، قال هذه العشيرة ينتمي مؤلف كتاب النفيعات بين الماضي والحاضر.
قلت: ويجب عدم الخلط بني العدوي المنسوب إلى بني عدي من قريش في صعيد مصر وبين العدوى من نفيعات عُتيبة (هوازن) العدنانية.
(2)
القطاطوة: عشيرة كبيرة معروفة من قيلة النفيعات، وهم جماعة أبو قطيطية وأحدهم قطّاوي، وهم غير قبيلة القطّاوية في شمالي سيناء فهي قبيلة قائمة بذاتها وليس لها أي صلة بأصل النفيعات، وانظر عنهم في قبائل شمال سيناء في المجلد الأول من موسوعة القبائل العربية.
- محافظة الإسماعيلية: في عرب صبيح، وعزبة الشيخ سليم بالمحسمة، والمحسمة المحطة، وعين غُصين، وعزبة أبو حسان بسرابيوم، والقنطرة غرب، والروضة نمرة 3.
- محافظة السويس: في قرية العمدة بالجناين.
- محافظة القليوبية: في عرب العليقات القبلية بمركز الخانكة.
- محافظة الجيزة: في عرب أبو ساعد العيادي التابعة لمنيل السلطان بمركز القاهرة: في حي المعادي والحلمية بالزيتون.
ولفخذ الهضيبات عمودية قبيلة النفيعات فرع الطوّرة إلى اليوم، وشيخهم فاروق إبراهيم صالح منصور عمدة القبيلة الحالي ومقره في جزيرة النفيعات.
(ج) الحمايدة
(1)
وتشمل العشائر التالية:
1 -
البيّلة.
2 -
أولاد سويلم.
3 -
العبايسة.
4 -
أولاد سيد أحمد.
5 -
الحجايج.
6 -
أولاد عودة.
7 -
النواجعة.
8 -
أولاد سليمان.
8 -
البراغتة.
10 -
أولاد أبو أبريِّك.
11 -
الغرايرة.
12 -
أولاد أبو عوض.
13 -
أولاد عامر.
وتسكن عشائر الحمايدة في الأماكن التالية:
- محافظة الشرقية في عزبة الحمايدة التابعة لقرية تل مفتاح بمركز أبو حماد، والرحمانية بمركز أبو كبير.
- محافظة المنوفية في عزبة سويلم بمركز قويسنا.
- محافظة الغربية في عزبة مشرف بمركز زفتى.
وشيخ الحمايدة الحالي السيد حسن حسن حسين الشهير بالبيَّلي، ومقره في عزبة الحمايدة بالشرقية.
(1)
وهم أولاد حامد النفيعي.
(د) الحميدات
(1)
وتشمل العشائر التالية:
1 -
أبو هليل.
2 -
العبايدة
(2)
.
3 -
أبو حميد.
4 -
أولاد الأعرج.
5 -
الجعيدات.
وتسكن عشائر الحميدات في عزبة الحميدات، والجزيرة الخضراء، وعزبة الشيخ مبارك، وعزبة المراعوة وهي تابعة لقرية تل مفتاح بمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية.
(هـ) الظواهرية
(3)
ويعرفون بالضواهرية وأخدهم ضواهري وتشمل عائلات كبيرة، والظواهرية من أشهر فروع النفيعات في مصر ومساكنهم كالتالي:
- محافظة الشرقية في كفر الشيخ الظواهري، والأرانطة بمركز ههيا، وعرب سرحان وعزبة الظواهرية بكفر موسى عمران، وهريَّة رزنة، وكفر الإشراف بمركز الزقاريق، وفي الشيخ جبيل بمركز أبو حماد، وفي قرى الظواهرية والفولي والفخفاخ وأبو جويفل بمركز الحسنية، وفي بني صالح، وعزبة المغربي الكبيرة بقرية السنيطة بمركز فاقوس، وفي الصورة بكفر صقر.
- محافظة الإسماعيلية في المحسمة.
- محافظة القاهرة في حلمية الزيتون بترعة الجبل.
وشيخ الظواهرية الحالي هو محمد أبو الأمين الظواهري ومقره قرية الظواهرية بمركز الحسنية بمحافظة الشرقية.
(و) العمارين
(4)
وتشمل العشائر التالية:
(1)
وهم أولاد حميد النفيعي.
(2)
ومنهم جماعة أبو محيسن.
(3)
يقول الأستاذ مجدي العدوي النفيعي: لقد جاب الصواب الأخ الباحث السعودي عاتق بن غيث البلادي الحربي في كتابه "نسب حرب" حيث ذكر أن الظواهرية بمصر يرجعون في نسبهم إلى المراوحة من بني سالم من حرب، والصحيح أنهم من صميم قبيلة النفيعات (النفعة) من عتيبة هوازن، وهو بطن حليف قديمًا في بني سالم من قبائل حرب في المملكلة العربية السعودية وإلى اليوم.
(4)
والعمارين كفخذ هنا في النفيعات غير قبيلة العمارين من قبائل المعّارة.
1 -
الأقريمات.
2 -
أولاد عمران.
3 -
الحمادنة.
4 -
أولاد بلوق.
5 -
الشراشحة.
6 -
أولاد موسى.
7 -
المعمريين.
8 -
أولاد عويمر
(1)
.
9 -
الشهاينة
(2)
.
10 -
أولاد الستيني.
11 -
الغنايمة.
12 -
أولاد عامر
(3)
.
13 -
الذواكرة
(4)
.
14 -
الدرغي.
وتسكن عموم عشائر العمارين في الشرقية في عزبة إسماعيل عامر وعزبة الشيخ مبارك وعزبة شرشح وعزبة مشرف حمود وعزبة عامر محمد التابعة لقرية تل مفتاح بمركز أبو حماد، وفي القرين، وفي عزبة أبو عتيق بالقصاصين، وفي بني حسن وفي القضايا بمركز أولاد صقر، وفي عزبة موسى عمران بمركز الزقاريق. كما للعمارين عائلات وبيوت في عزبة مراد تبع قرية الدير بمركز طوخ محافظة القليوبية. وشيخ العمارين الحالي محمد خليل سلامه عمران ومقره في عزبة الشيخ مبارك بالشرقية.
(ز) الحجاجنة وتشمل العشائر التالية:
1 -
الخضرة.
2 -
المهايرة.
3 -
أولاد رجال.
4 -
المعالية.
5 -
العمايشة.
6 -
أولاد عثمان.
7 -
المراعوة.
8 -
البسايسة.
9 -
أولاد داود.
10 -
أولاد حسونة.
(1)
ومنهم آل مرداس.
(2)
ومنهم جماعة أبو النصر.
(3)
ويعرفون بعرب الصر ومنهم جماعة الرقابعة والجميعات والعيادات وأولاد عاشور.
(4)
ومنهم المطاردة، وهم غير المطاردة من الهنادي.
ومساكن الحجاجنة في قرية الشيخ جبيل وقرية تل مفتاح بمركز أبو حماد في محافظة الشرقية. وشيخ الحجاجنة الحالي علي محمد علي خضر ومقره بالشيخ جبيل.
(ج) النعيرات وتشمل العشائر التالية:
1 -
العطايات.
2 -
أولاد أبو اعتيِّق.
3 -
أولاد عمار
(1)
.
4 -
أولاد أبو جراب.
5 -
أولاد سويلم
6 -
القطيشان.
7 -
أولاد أبو بنيَّة
(2)
.
8 -
الدوايكة.
9 -
أولاد أبو عتيق.
10 -
الكعدة.
ومساكن النعيرات في عزبة عودة وعزبة جلال التابعة لقرية أكياد القبلية، وعزبة النفيعات بالمغربي الصغيرة والخطّارة بمركز فاقوس، وقرية تل مفتاح بمركز حماد، وجزيرة سعود بمركز الحسنية وكل هذه العزب في محافظة الشرقية، كما يسكن قسم منهم في القصاصين بالإسماعيلية. وشيخ النعيرات الحالي محمد إبراهيم عمَّار ومقره الخطَّارة مركز فاقوس.
(ط) الدبور
(3)
وتشمل العشائر التالية:
1 -
البلايلة.
2 -
الغبونة
(4)
.
3 -
العقدة.
4 -
أولاد عسَّاف
(5)
.
5 -
الربايعة.
6 -
أولاد سليمان.
7 -
العرايفة.
8 -
أولاد حسن.
9 -
النوايرة.
(1)
ومنهم جماعة العوادات.
(2)
ومنهم آل حمود.
(3)
والدبور في النفيعات غير الدبور في قبيلة الحويطات.
(4)
ومنهم جماعة الدراوشة.
(5)
ومنهم الحوطة.
10 -
أولاد بدران.
11 -
أولاد حتحوت (آل جذُوع).
12 -
المجايدة.
13 -
أولاد السيوطي.
14 -
الشهاينة
(1)
.
15 -
أولاد أبو خليل.
16 -
أولاد عيسى.
17 -
أولاد أبو سيد أحمد.
18 -
أولاد أبو نوار.
19 -
أولاد مغنم.
20 -
أولاد مسلم.
21 -
الحلايفة.
22 -
أولاد محسن.
23 -
أولاد الدبري.
24 -
أولاد قطوش.
25 -
أولاد عمران.
ومساكن الدبور في القنطرة غرب، وأبو خليفة، والكيلو 12، 14 على طريق إسماعيلية - بورسعيد، وفايد، والتل الكبير، والقصاصين، وعزبة أبو نور وعزبة حبيب في أبو سلطان، وعزبة المنياوي بفايد، وعزبة السماكين، والمنايف بالإسماعيلية، والصالحية، وعزبة سامي سعد، وعزبة الخلايلة، بمركز فاقوس، ونزلة العزاري، والشيخ جبيل، وعرب الجمايلة بمركز أبو حماد، والمنشية بالحسنية، والقرين الصغيرة بالتل الكبير، والزهايرة بالسنبلاوين محافظة الدقهلية، وعزبة غرود بأتمي الأمديد، وكفر تلبانة بالمنصورة، والمحلة الكبرى وكيرها. وشيخ الدبور الحالي أنور عطية بلال ومقره القنطرة غرب بالإسماعيلية.
(ي) الجمايلة وتشمل العشاير التالية:
1 -
المشالية.
2 -
المواقعة
(2)
.
3 -
الحجايجة.
4 -
المطاوعة.
5 -
الحساسنة.
6 -
الشحايتة.
7 -
المعالية.
8 -
العمايشة.
9 -
العلايفة.
10 -
العواصية.
(1)
ومنهم جماعة أبو عفاش في الإسماعيلية.
(2)
منهم بعزبة عاكف بمركز طوخ بالقليوبية، وهم أولاد أبو موجع (تنطق الجيم بدل القاف) عند العامة.
11 -
العدوسة.
12 -
الغنايمة
(1)
.
13 -
المحارزة.
14 -
آل زناتة.
15 -
آل براق.
16 -
آل عزازي.
17 -
آل بدوي.
18 -
آل مكي
(2)
.
19 -
أولاد الأعرج.
20 -
أولاد ازويَّد.
21 -
آل اتريِّح.
22 -
أولاد حسين.
23 -
آل صقر.
24 -
أولاد علي.
ومساكن الجمايلة في عرب الجمايلة والأسدية وكفر العزازي وميت ردين بمركز أبو حماد والهيصمية والشرف مركز فاقوس بالشرقية، والقصاصين بالإسماعيلية وعزبة عاكف بمركز طوخ بالقليوبية. وشيخ الجمايلة الحالي ضيف الله محمد مشالي ومقره عرب الجمايلة بالشرقية.
ثانيًا - بني أيوب (نفيعات الشام)
تنقسم إلى عشائر كبيرة هي:
1 -
الكرايدة وأحدهم كريدي ومنهم جماعة آل نصر الله ولهم عمودية بني أيوب، وآل حماد، والعبابدة، وآل الشريف.
2 -
المعاريف ومنهم جماعة آل حبيب، وآل فهد، وآل منصور، وآل مسلم، وآل عمرو، وآل إبراهيم، وآل حسن، وآل علي ويعرفون بأولاد النفيعي.
3 -
الفرايحة.
4 -
السعيدات.
5 -
الفضولة.
6 -
الشتيات.
7 -
العجميين.
8 -
الشناينة.
(1)
وهم جماعة القزاح في قلقيلية بفلطين.
(2)
ومنهم جماعة الألفي وهم غير الألفي في طوخ القرموس بمركز ههيا.
9 -
العقَّدة.
10 -
الدهاشنة.
11 -
المشارفة.
12 -
القعابة.
13 -
الدرايقة.
14 -
أولاد الشاعر.
15 -
العطايات.
16 -
أولاد ثابت.
17 -
البقرية
(1)
.
18 -
أولاد عرفات.
19 -
الصقور.
20 -
أولاد غانم.
21 -
السوالكة.
22 -
أولاد الدريهمي.
23 -
الكيولة.
24 -
أولاد الدويري.
25 -
آل رزيق (الرزيقات).
26 -
الروايضة.
27 -
النقارشة.
28 -
العنافشة.
29 -
المجانين
(2)
.
ومساكن بني أيوب في عرب بني أيوب والشيخ جبيل وعرب الشوامين وكفر حافظ وتل مفتاح بمركز أبو حماد وعرب أبو ثابت التابعة لقرية السناجرة وعزبة ثابت التابعة لقرية عمريط والعباسة وعزبة الشناينة بمركز أبو حماد ومنشية أبو خليل مركز أبو كبير وفايد بالإسماعيلية والقنطرة والخطَّارة وجزيرة النص والهيطة الكبرى والحلوفي بمركز فاقوس محافظة الشرقية، وعرب العيايدة مركز الخانكة بمحافظة القليوبية ومسطرد بمركز شبرا الخيمة بالقليوبية أيضًا والقلج البلد بمركز الخانكة قليوبية، وسرابيوم بالإسماعيلية.
وعمدة بني أيوب (فرع نفيعات الشام) هو الشيخ إبراهيم خليل نصر الله ومقره حاليًا في عرب بني أيوب بالشرقية.
(1)
البقرية: إحدى عشائر بني أيوب النفيعات بخلاف البقرية الأنصار الذين صدر عنهم مؤخرًا كتاب هجرة الرسول إلى عرب الأنصار.
(2)
ومنهم الدوايدة في شمال سيناء، وأولاد المجنون بعزبة سليمان مراد التابعة لقرية الدير بمركز طوخ بمحافظة القليوبية.
وقد كانت الصلة قائمة إلى وقت قريب بين عرب النفيعات بمصر وعرب النفيعات بالأردن وفلسطين ولم تنقطع إلا بعد وفاة الشيخ إبراهيم صالح منصور عمدة النفيعات والذي كان يُنتدب لحل الخلافات والنزاعات بين عشائر النفيعات بالأردن في أوائل هذا القرن العشرين الميلادي.
النفيعات في فلسطين والأردن
ذكر الباحث فايز أبو فردة عن النفيعات في الأردن وفلسطين (بلاد الشام) في الوقت الحاضر قائلًا:
النفيعات إحدى قبائل الساحل الفلسطيني، تمتد أراضيهم من وادي المفجر شمالًا إلى وادي الحوارث (نهر اسكندرونة) جنوبًا ضفن قضاء حيفا، إذ تقع ديارهم في الطرف الجنوبي الغربي من قضاء حيفا على حدود قضاء طولكرم يحدهم من الغرب البحر المتوسط، ومن الشرق أراضي الخضيرة، ومن الشمال أراضي عرب الفقراء والخضيرة وأراضي مستعمرة (حفتي باه) التي تشكلت من جزء من أراضيهم وأراضي العشائر المجاورة، ويحدهم من الجنوب أراضي عرب الحوارث، بلغت مساحة أراضي عرب النفيعات عام 1945 م حوالي 8937 دونمًا انتُزعت منهم عنوة، ومن حيث لا يعلمون على أيدي الصهاينة وسماسرتهم وقدر عدد أفراد قبيلة النفيعات في العام المذكور 820 نسمة
(1)
، وتشتهر بلادهم بوفرة مياهها وكثافة أشجارها الحرجية، وخاصة الخروب والسريس والسدر، وهي ذات تربة غنية، ولذلك زرعت بالخضراوات وبيارات الحمضيات والحبوب، ومن زراعاتهم أيضًا البطيخ والذرة الصفراء والبندورة والكوسة والفستق وغيرها من الخضار.
تاريخهم في فلسطين: قدم النفيعات إلى هذه الديار في نهاية القرن السابع عشر الميلادي من مصر وسيناء.
ففي عام 1799 م ذكرهم علماء الحملة الفرنسية ضمن ديارهم التي كانوا بها قبيل عام 1948 م وكان شيخهم يسمى عبد الله السراب وهم قليلو العدد نسبيا
(2)
. ومن مواقعهم وديارهم في فلسطين:
(1)
sami Hadawi village Statitics .b .47.
(2)
انظر علماء الحملة الفرسية "العرب في ريف مصر وصحرواتها" ترجمة زهير الشايب ص 384 - 385.
1 -
خربة سركس، وللسرابات فيها أملاك واسعة وبيوت.
2 -
كينة الخشاب.
3 -
الشيخ رحال.
4 -
الصفراء
5 -
الخربة وفيها مقبرة لعرب النفيعات.
6 -
بركة عطا.
7 -
بركة الصريخية وهي بركة صناعية تربي فيها الأسماك.
8 -
الفروش وتقع جنوب بركة الصريخية.
9 -
عين المليساء.
10 -
القعواربة.
11 -
أرض أبو سمارة.
12 -
تل أبو ناعسة.
13 -
تل الجارية.
14 -
المركز إلى الشرق من الصفراء وكان مقرًّا للجيش البريطاني.
وذكر الرحالة الألماني أوبنهايم عام 1935 م النفيعات، وقال بأن شيوخهم نمر حسين السيد، وعلي عبد الله
(1)
.
بطون وعشائر النفيعات في فلسطين:
1 -
السرابات (ابن سراب): عشيرة ذات مكانة مرموقة، لها وجاهتها منذ القرن الثامن عشر الميلادي، وقد صاهرت هذه العشيرة آل الجيوشي زعماء بني صعب وآل أبي كشك زعماء عشائر الوسط الفلسطيني، ومن شيوخهم في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر الميلاديين الشيخ عبد الله السراب، ومنهم في القرن الماضي ومطلع القرن العشرين الشيخ حسن السيد والشيخ مصطفي العبد الله، وتنقسم هذه العشيرة إلى:
(1)
انظر "البدو" لأوبنهايم الألماني ج 2 ص 94.
1 -
أبناء حسن السيد وهم نمر وأبناؤه، وعلي وأبناؤه، وعبد الرحمن، ومحمد.
2 -
أبناء عبد الله وهم مصطفى العبد الله، وعلي العبد الله، ونايف العبد الله.
3 -
أبناء صقر وهم سعد صقر، وعواد الصقر.
وكان للسرابات منازل وأملاك في خربة سركس في الشمال الشرقي من الخضيرة، وشيخهم بعد نكبة عام 1948 م وحتى الآن ويسكن طولكرم هو الشيخ فوزي نمر حسن السيد السراب.
وقد استقر السرابات بعد نكبة عام 1948 م في بلدة برقة قضاء نابلس. وفي هزيمة حزيران عام 1967 م تشتتوا في أماكن متفرقة، ومنهم من يسكن وادي السير ومرج الحمام وعمان وطولكرم وغيرها.
1 -
الدُّللة وأحدهم دُليلي: وهي عشيرة من أصل سبعة إخوة كانوا أساس قبيلة النفيعات في فلسطين، وقد فرقهم الزمن بعد أن كانت السيادة لهم وجاء بعدهم أبو خنصة (الخنوص) الآتي ذكره. ومنهم محمد العقبة وعلي السعد الدللة ومحمود العطية وعبد القادر الدللة وعبد الجبار الدللة.
2 -
الحصيوات وهم بيتان كبيرهم في الثلاثينيات من هذا القرن سالم الإبراهيم
(1)
.
3 -
التمامات: وهم من أكثر عشائر النفيعات عددًا.
4 -
أبو عزبي.
5 -
المهلب: وهم - أخوان - محمد وعبد الرحمن المهلب.
6 -
آل عنبر منهم محمود حسن عنبر.
أما العشائر التي انضمت لقبيلة النفيعات هي:
1 -
الخنوص (قوم أبو خنصة): وأصلهم من عبَّاد من منطقة البلقاء شمال
(1)
المصدر السابق.
الأردن، ومنهم محمد الأسعد وتقدر بيوتهم بـ 11 بيتًا وذلك قبيل عام 1948
(1)
. وأقاربهم آل أبو خنصة المنصوري في الحوارث الشمالي، وكانوا في هذه المنطقة قبل قدوم السرابات إليها.
2 -
العكاشات (عكاشة): وهم من آل الجودة في الغزاوية في بيسان وكبيرهم محمد عكاشة الذي ترك دياره وأرضه في بيسان واتجه إلى أخواله النماردة في عرب الصقر، ومن هناك انتقل إلى عرب النفيعات وذلك في العشرينيات من القرن التاسع عشر الميلادي وقد تفرع منهم آل محسن وآل شتيوي وآل سليمان وآل أحمد وشهاب وعبد الله والأخيرين لم ينجبا ذكورًا.
ومن شيوخهم قبل عام 1948 م محسن عكاشة وولده محمد عكاشة
(2)
. والآن فيهم رجال كثر لا مجال لحصر أسمائهم، وقد ذكر الشيخ جمعة عكاشة أن الجودة جاءوا مع قومهم من نجد إلى العراق (ضفاف الفرات) ومن هناك إلى سوريا ومنها إلي بيسان.
3 -
الحميدان: أصلهم من الدبوس ضمن الغزاوية، ولهم منطقة الخريطة في بيسان ميلكًا، وانتقل جدهم حميدان واتجه غربًا إلى أن وصل إلى عرب النفيعات واستقر هناك، وقد أنجب حميدان ولدين هما عبد الرحمن ومحمد منهما تفرع الحميدان هؤلاء إلى آل حسين عبد الرحمن، وآل عايش محمد، ومن كبارهم حسين بن عبد الرحمن الحميدان الذي توفي في السبعينيات من هذا القرن، وعايش بن محمد الحميدان ويسكن طولكرم حاليًا.
4 -
الخولي: وكبيرهم حاليًا محمد ناصر الخولي، وقد جاءوا من عوجا أبو كشك ولهم أقارب هناك.
5 -
الحجاب (الحاجبي): وأصلهم من بني مُرَّة في منطقة رام الله
(3)
، وأقاربهم آل الحاجبي الذين انتقلوا إلى وادي الحوارث، منهم فهيم وصالح أبناء إبراهيم الحاجبي. وذكر أوبنهايم أن شيخهم في الثلاثينيات من هذا القرن هو العبد الحاجبي.
(1)
انظر البدو لأوبنهايم ص 50.
(2)
المصدر السابق.
(3)
انظر أوبنهايم "البدو" ص 50.
وقد ذكر الشيخ عبد اللطيف حسن البدو لأبو فردة أن آل الحاجبي هؤلاء أصلهم من وادي الحوارث يعودون إلى عائلة الفاهومي إحدى عائلات فلسطين العريقة، وكان لجدهم أحمد الفاهوم دور زمن أحمد باشا الجزار. والفاهوم عائلة حجازية
(1)
سكنوا الكرك ومنها تفرقوا في سلواد ورام الله وجنين والناصرة، ومن هنا جاء القول بأن آل الحاجبي من بني مُرَّة، إذ إن سلواد هي إحدى قرى بني مُرَّة في منطقة رام الله.
6 -
أبو ستة: وهم من جنوب فلسطين
(2)
.
7 -
أبو زينة: وهم من جنوب فلسطين أيضًا.
8 -
العبيد: وهم من عبيد السرابات النفيعات وقسم منهم عبيد الخولي.
9 -
المباركين (أبو مبارك): منهم الحاج سالم سليمان مبارك، وعبد الله المبارك ويتبعون الحاجبي.
وكانت تفد إلى هذه المنطقة عشائر وعائلات كثيرة منها ما يستقر ومنها ما يغادر إلى منطقة أخرى طلبًا للكلأ والماء، وكان هؤلاء يسكنون في بيوت الشعر، وبعد عام 1936 م بنى الكثير منهم بيوتًا من اللبن وتغطى بالزينكو.
وذكر أوبنهايم أن وسم السرابات من النفيعات هو الهلال على الرقبة اليسرى وحزوز في أطراف الأذان اليسرى
(3)
.
أما السيد عبد الفتاح حسين حميدان فيذكر أن وسم النفيعات هو الشعبة على فخذ البعير الأيمن، ووسم الحميدان مطرق على الحنك من جهة الرقبة
(4)
وفي عام 1992 م شكّل عدد من الأفراد والعشائر من عتيبة في الأردن مثل الحفاة والروسان والدعاجين والروقة رابطة في عمان باسم (رابطة عُتيبة) وانضمت معهم قبيلة النفيعات، وهذا نابع من اعتقادهم أن النفيعات من النفّعة من عُتيبة في المملكة
العربية السعودية.
(1)
انظر بلادنا فلسطين للدبّاغ ج 7 - ق 2 ص 44.
(2)
قلت: وغالبًا من قبيلة الترابين، وعن عشرة السنوت (أبو ستة) هؤلاء فمن المعروف أن أصلهم من الصقرات وانضموا إلى الترابين.
(3)
انظر البدو لأوبنهايم ص 50.
(4)
لقاء أبو فردة مع السيد أحمد حسين عبد الرحمن حمدان وعبد الفتاح حسين حمدان.
وقد أمدنا الأخ فارس علي حسين السيد النفيعي العتيبي من الأردن بإضافات عن قبيلة النفيعات في الأردن وفلسطين في هذه الطبعة، حيث ذكر عن تاريخ النفيعات وفروعهم تفصيلات دقيقة وصحيحة كالتالي:
تاريخهم في فلسطين:
قدم الأجداد من شمالي الحجاز إلى العقبة، ومن ثم إلى بني حميدة (قرب مادبا)، حيث حلوا ضيوف عليهم مدة من الزمن ودلوهم على الطريق إلى فلسطين عبر نهر الأردن وسمى هؤلاء فيما بعد (الدللة) من دليل وبقوا عندنا حتى الوقت الحاضر، وبعد عبورهم نهر الأردن بقي قسم منهم في الغور من فلسطين وسُموا (الضامن) ولا زالوا هناك حتى الوقت الحاضر، وقسم آخر توجه إلى جنوب فلسطين (بئر السبع) ومن ثم إلى سيناء فوادي النيل بمصر.
أما جدنا النفيعي فتوجه غربًا صوب الساحل الفلسطيني، ووجد هناك عرب الحصيوات وشيخهم حصوة، وأقام جدنا هناك، ونظرًا لكرمه الأصيل وجوده فقد فتح مجلسه للضيوف وكثر الناس في مجلسه، مما أثار حفيظة شيخ الحصيوات آنذاك وأخذ يكن لجدنا الدسائس والمكائد والأحقاد ولم يحل الإشكال بينهما إلا المباررة بالسيف والخيل وانتصر جدنا عليه وأوقعه أرضا وهوى بالسيف عليه ولم ينجده أحد إلا أفراد عشيرته بالطلب من جدنا بعدم قتله وتركله مهانًا، وقتله الغيظ بعد ذلك ومات وانتقلت الشيخة إلى جدنا وكونه نفيعي سميت عربه بعرب النفيعات حتى وقتنا الحاضر والتف العموم حوله وناصروه وأيدوه وشيخوه عليهم، وبقيت الشيخة لهم ولأبنائه من بعده حتى وقتنا الحاضر، وهم بالترتيب أسعد السليمان، ومصطفى عبد الله، وحسن السيد، ونمر حسن السيد، وعلي العبد الله،
وعلي حسن السيد، وفوزي نمر حسن السيد.
بطون وعشائر النفيعات في فلسطين:
1 -
السرابات: عشيرة ذات مكانة مرموقة، لها وجاهتها منذ القرن الثامن عشر الميلادي، سميت بهذا الاسم نظرا لتكاتفهم وتعاونهم واحترامهم لبعضهم
البعض وحتى في سيرهم يحترم صغيرهم كبيرهم وقويهم ضعيفهم لدرجة تسريبهم وراء بعضهم بعضًا أمام الناس فسموا بالسرابات بمنظومة ضبط وربط ونظام مما أعطاهم هيبة واحتراما أمام الناس فلقِّبوا بالسرابات تيمنا بذلك، وهناك نفر من العائلة يقولون سموا بذلك لكون جدهم اسمه سراب، إلا أن الرواية الأولى هي الأرجح، وقد صاهرت هذه العشيرة آل الجيوسي زعماء بني صعب، وآل أبي كشك رعماء عشائر الوسط الفلسطيني، ومن شيوخهم في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر الميلادين الشيخ عبد الله السليمان، ومنهم في القرن الماضي ومطلع القرن العشرين الشيخ حسن السيد، والشيخ مصطفى العبد الله، وتنقسم هذه العشيرة إلى:
1 -
أبناء حسن السيد النفيعي، وهم:
أ - نمر وأولاده وهم:
- فوري وأبناؤه: نمر وعز الدين ورياض وزياد وأحمد ومحمد.
- فايز وأبناؤه: عوني وفاروق ووليد ووحيد وماجد ومجدي ومحمد وأحمد.
- فواز وأبناؤه: فضل ومحمد وأحمد ومحمود وخليل.
- حسن وأبناؤه: محمد وإبراهيم.
- يوسف وأبناؤه: يعقوب وخالد وماهر وزاهر.
ب - علي وأولاده، وهم:
- فارس وأبناؤه: فراس وعلي ومهند وعمرو ومحمد.
- سليمان وأبناؤه: وائل وبشير وعلي ومحمد.
- مرزوق وابنه رائد.
- رزق وأبناؤه: لؤي ونعيم.
- صبحي وأبناؤه: أسامة وقيس ومحمد.
- السيد وأبناؤه: فادي وهادي ومحمد.
- محمد وأبناؤه: قصي وأحمد وعلي وعبد الرحمن.
- إسعاف وأبناؤه: سامر وثامر وطارق ومحمد وعبد العزيز.
ج - عبد الرحمن وأولاده، وهم:
- عادل وأبناؤه: جمال وعلاء وعبد الرحمن.
- حاتم.
- سمير وأبناوه: عبد الرحمن وعصام.
- بسَّام وأبناؤه: وليد وخالد.
- مروان.
- عدنان وأبناؤه: طلال وعبد الرحمن.
- برهان.
- أحمد.
د - محمد وأولاده، وهم:
- رفعت وأبناؤه: عماد وخالد ومحمد.
- أسعد.
- سراب وأبناؤه: أحمد.
- غالب وأبناؤه: طلال.
- سعيد وأبناؤه: مهند.
2 -
أبناء عبد الله النفيعي، وهم:
أ - مصطفى العبد الله: وابنه عبد الله ومن أبنائه فتحي ونايف وسهيل ويحيى ومصطفى رحمه الله.
ب - علي العبد الله: ومن أبنائه:
- عبد الله: وأبناؤه فخري وفهمي وفوزي ونظمي وعلي.
- أحمد: وأبناؤه حسني وحلمي ومحمد ورسمي وصدقي وتيسير وخيري وشوقي.
- محمد: وأبناؤه لطفي ومنذر.
- عبد اللطيف وأبناؤه: زهير وجمال وعدنان ونضال ومحمد.
- محمد شفيق وأبناؤه: عصام وأحمد وياسين.
- جميل وأبناؤه: يحيى ويونس ويوسف.
- محمود وابنه علي.
- سعد وأبناؤه: توفيق ويحيى.
- حسين وأبناؤه: حلمي وعلاء وبهاء.
3 -
أبنا صقر النفيعي، وهم:
أ - سعد صقر ومن أبنائه:
- صالح وأبناؤه: خالد ووليد ومحمد.
- خميس وأبناؤه: مدحت وشوكت وجودت وأحمد.
- محمد وأبناؤه: سعد ويحيى وسيف وبهاء.
- أحمد وأبناؤه: عماد وعبد الله وصقر وعلي.
- محمود وأبناؤه: عنان وهاني.
- حسني وابنه أحمد.
- حسن وأبناؤه: مازن ومحمد ومعاذ.
ب - عواد صقر ومن أبنائه:
- عبد الفتاح وأبناؤه: خليل وتيسر ومحمد ولطفي.
ج - عبده صقر.
وكان للسرابات منازل وأملاك في خربة سركس إلى الشرق من الخضيرة، وشيخهم بعد نكبة عام 1948 م في فلسطين هو الشيخ علي حسن السيد، ومن بعده الشيخ فوزي نمر حسن السيد.
وقد استقر السرابات بعد نكبة عام 1948 م في بلدة برقة قضاء نابلس. وبعد هزيمة حزيران عام 1967 م تشتتوا في أماكن متفرقة، وهاجر قسم كبير منهم إلى الكويت، وبعد حرب الخليج عام 1990 م عادوا إلى الأردن، ومنهم من يسكن وادي السير، ومرج الحمام، وعمان، وطولكرم، وجنين، والسخنة، وإربد، ومخيم البقعة، وغيرها. وتندرج تحت مظلة النفيعات العائلات التالية:
1 -
الدللة واحدهم دليللي: وأصلهم من بني حميدة (بني عُقبة) شرق الأردن، ومنهم علي السعد الدللة ومحمود العطية، وعبد القادر الدللة، وعبد الجابر الدللة.
2 -
الحصيوات: وهم الأساس في تلك المنطقة، ومن بعدهم قدم أجدادنا، وسميت المنطقة منذ ذلك الحين عرب النفيعات وحتى الآن.
3 -
التمامات: وهم أكثر عشائر النفيعات عددًا.
4 -
أبو عزبي: كانوا يقطنون قبل قدوم أجدادنا النفيعات.
5 -
المهلب: وهم - إخوان - محمد وعبد الرحمن المهلب وقد قدموا من بئر السبع جنوب فلسطين.
6 -
آل عنبر: منهم محمود حسن عنبر، وقد قدموا من منطقة الشعراوية (زيتا).
أما العشائر التي انضمت لقبيلة النفيعات هي:
1 -
الخنوس (قوم أبو خنسة): وقد سكنوا المنطقة قبل قدوم النفيعات.
2 -
العكاشات (عكاشة): وهم من آل جودة في الغزاوية في بيسان وكبيرهم محمد عكاشة الذي ترك دياره وأرضه في بيسان واتجه إلى إخوانه النماردة في عرب الصقر، ومن هناك انتقل إلى عرب النفيعات وذلك في العشرينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، وقد تفرع منهم آل محسن وآل شتيوي وآل سليمان وآل أحمد وشهاب وعبد الله والأخيرين لم ينجبا ذكورا.
ومن شيوخهم قبل عام 1948 م محسن عكاشة وولده محمد عكاشة، والآن فيهم رجال كثر لا مجال لحصر أسمائهم، وقد ذكر الشيخ جمعة عكاشة أن الجودة جاءوا مع قومهم من نجد إلى العراق (ضفاف الفرات) ومن هناك إلى سورية ومنها إلى بيسان في فلسطين.
3 -
الحميدان: أصلهم من الدبوس ضمن الغزاوية، ولهم منطقة الخريطة في بيسان ملكًا، وانتقل جدهم حميدان، واتجه غربًا إلى أن وصل عرب النفيعات واستقر هناك، وأنجب حميدان ولدين هما عبد الرحمن ومحمد ومنهما تفرع الحميدان هؤلاء إلى: آل حسين عبد الرحمن وآل
عايش محمد، ومن كبارهم حسين بن عبد الرحمن الحميدان الذي توفى في السبعينيات من هذا القرن، وعايش بن محمد الحميدان ويسكن في طولكرم (فلسطين) حاليا.
4 -
الخولي: وكبيرهم حاليا محمد ناصر الخولي، وقد جاءوا من عوجا أبو كشك على ساحل فلسطين ولهم أقارب هناك.
5 -
الحجاب (الحاجبي): وأصلهم من بني مرة في منطقة رام الله، وأقاربهم آل الحاجبي الذين انتقلوا إلى وادي الحوارث، منهم فهيم وصالح وأبناء إبراهيم الحاجبي. وذكر أوبنهايم أن شيخهم في الثلاثينيات من هذا القرن هو العبد الحاجبي.
وقد ذكر الشيخ عبد اللطيف حسن البدو لأبي فردة أن آل الحاجبي هؤلاء أصلهم من وادي الحوارث يعودون إلى عائلة الفاهومي إحدى عائلات فلسطين العريقة، وكان لجدهم أحمد الفاهوم دور زمن أحمد باشا الجزار. والفاهوم عائلة حجازية سكنوا الكرك (جنوب الأردن) ومنها تفرقوا في سلواد ورام الله وجنين والناصرة، ومن هنا جاء القول بأن آل الحاجبي من بني مرة، إذ إن سلواد هي إحدى قرى بني مرة في منطقة رام الله.
6 -
المناصير: وأصلهم من قبيلة بني عباد شرق الأردن، ومنهم مصطفى مسعود المطلق وعثمان لافي المناصير وعبد المناصير.
7 -
السعايدة: وأصلهم من بني عباد شرق الأردن، ومنهم سالم الإبراهيم وإبراهيم محمد ويوسف محمد وفريج علي الموسي.
8 -
أبو ستة: وهم من جنوب فلسطين، ومنهم محمد عبد القاسم ومحمد عبد الحافظ.
9 -
أبو زينة: وهم من جنوب فلسطين أيضًا.
10 -
العبيد: وهم من عبيد السرابات النفيعات.
11 -
المباركين (أبو مبارك): منهم الحاج سليمان مبارك، وعبد الله المبارك، ويتبعون الحاجبي.
12 -
الجواهرة: وهم من عبيد أبو خنسة، ومنهم محمد الجوهر وإبراهيم الجوهر، وحسن الجوهر واشتيوي الجوهر.
13 -
الريحان: ومنهم علي الريحان وربيع الريحان.
14 -
عايش الحسن: ومنهم محمد العايش.
15 -
العطا: وهم من كفل حارب ومنهم تايه العطا وحسين العطا.
16 -
أبو سعيد: وهم من دير أبي سعيد في الأردن ومنهم سعيد الأحمد.
وكانت تفد إلى هذه المنطقة عشائر وعائلات كثيرة منها ما يستقر ومنها ما يغادر إلى منطقة أخرى طلبا للكلأ والماء، وكان هؤلاء يسكنون في بيوت الشعر، وبعد عام 1936 م بنى الكثير منهم بيوتًا من اللبن وتغطى بالزينكو.
وذكر أوبنهايم أن وسم السرابات من النفيعات هو الهلال على الرقبة اليسرى وحزوز في أطراف الأذن اليسرى، التي كانت توشم بها دوابهم وماشيتهم، أما السيد عبد الفتاح حسين حميدان فيذكر أن وسم النفيعات هو الشعبة على فخذ البعير الأيمن، ووسم الحميدان مطرق على الحنك من جهة الرقبة، وفي عام 1992 م شكل عدد من الأفراد والعشائر رابطة في عمان باسم (رابطة عتيبة) منها
النفيعات، وهذا نابع من اعتقادهم أن النفيعات من النفعة من عتيبة في المملكة العربية السعودية، ولهم كذلك جمعية هوازن الخيرية وجمعية عتيبة وديوان باسمهم الخاص اسمه ديوان عشائر النفيعات يجتمعون به كل خميس من أول كل شهر عربي.
شيخ الأزهر:
نظرًا لصلات القربى بين النفيعات في فلسطين ومصر فقد تمت مراسلات وكتب واتصالات في منتصف الأربعينيات بين شيخ الأزهر في مصر وشيخ النفيعات علي حسن السيد عن طريق بعض الطلبة الفلسطينيين بالأزهر الشريف، وجاء أحدهم برسالة إلى الشيخ علي حسن السيد يطلب فيها تزويده بأسماء الشيوخ وعدد وأماكن السكن والأصول وزودوه بها، وبعدها حدثت نكنة عام 1948 م، تشتتوا وسكنوا في برقة - قضاء نابلس، ثم حدثت نكسة عام 1967 م ولجأوا إلى الأردن وسكنوا بها إلى الآن في عمان، وإربد، وجرش، والزرقا، ومادبا، والعقبة، ووادي السير، ومرج الحمام.
أسماء الشيوخ من عرب النفيعات:
1 -
الشيخ محمد الحاج علي العبد الله النفيعي رحمه الله.
2 -
الشيخ عبد الفتاح عواد الصقر النفيعي.
3 -
الشيخ عبد اللطيف علي العبد الله النفيعي رحمه الله.
4 -
الشيخ فايز نمر الحسن السيد النفيعي.
5 -
الشيخ فواز نمر الحسن السيد النفيعي.
6 -
الشيخ خميس سعد الصقر النفيعي.
7 -
الشيخ عبد الرحمن الحسن السيد النفيعي رحمه الله.
8 -
الشيخ جميل محسن العكاشة النفيعي.
9 -
الشيخ عبد الله مصطفى عبد الله النفيعي.
10 -
الشيخ علي حسن السيد النفيعي.
أعلام قبيلة النفيعات في الأردن بالوقت الحاضر:
1 -
فارس علي حسن السيد النفيعي، كابتن طيار في الملكية الأردنية، ورئيس طيارين ومدرب وطيار خاص للمغفور له صاحب الجلالة الحسين بن طلال المعظم.
2 -
محمود سعد صقر النفيعي، من كبار رجال الأعمال.
3 -
حلمي أحمد الحاج علي السرابي النفيعي، مستشار قانوني سابق في رئاسة الوزراء وحاليا مستشار في دولة الإمارات العربية المتحدة.
4 -
حاتم عبد الرحمن السيد النفيعي، مدير مديرية المسرح في وزارة الثقافة.
5 -
نمر فوزي السيد النفيعي، مهندس طيران ومدير صيانة في الأجنحة الملكية.
6 -
عوني فوزي السيد النفيعي، رجل أعمال ناجح.
7 -
لطفي محمد الحاج علي عبد الله النفيعي، طبيب أسنان في وزارة الصحة.
8 -
زهير عبد اللطيف الحاج علي النفيعي، طبيب أسنان في وزارة الصحة.
9 -
وليد فايز السيد النفيعي، اختصاصي الأمراض الجلدية في اليمن.
10 -
صدقي أحمد الحاج علي النفيعي، طبيب عام.
11 -
أحمد فوري السيد النفيعي، طبيب عام في طولكرم بفلسطين.
12 -
محمد فوري السيد النفيعي، مهندس كيميائي في السلطة الفلسطينية.
13 -
رزق علي حسن السيد النفيعي، مهندس زراعي بدائرة الإحصاءات العامة.
14 -
مدحت خميس صقر النفيعي، دكتوراه في علم البترول.
15 -
إسعاف علي حسن السيد النفيعي، رجل أعمال.
16 -
فراس فارس السيد النفيعي، طيار في شركلة طيران الخليج - البحرين.
17 -
خليل عبد عواد الصقر النفيعي، رجل أعمال.
18 -
علاء حسين علي العبد الله النفيعي، ماجستير ومحاضر.
19 -
عصام محمد شفيق علي العبد الله النفيعي، مهندس في الكويت.
20 -
جمال عبد اللطيف الحاج علي العبد الله النفيعي، ماجستير ورجل أعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة.
21 -
خليل فواز السيد النفيعي، ماجستير إدارة أعمال وموظف ببنك القاهرة - عمان.
22 -
زاهر يوسف السيد النفيعي، ماجستير إدارة عامة.
23 -
صهيب نمر السيد النفيعي، مهندس كهرباء.
24 -
عمرو فارس السيد النفيعي، طيار تجاري.
أعلام قبيلة النفيعات في الماضي
1 -
فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر محمد الأحمدي الظواهري
(1)
رحمه الله وهو الشيخ التاسع والعشرون من شيوخ الأزهر الأجلاء، وقد كان شيخ فخذ الظواهرية في قبيلة النفيعات.
وقد ولد الشيخ محمد الأحمدي سنة 1296 هـ/ 1878 م، وفي سنة 1929 م اختاره الملك فاروق الأول شيخًا للأزهر الشريف ورئيسًا لهيئة كبار العلماء وشيخًا للشافعية. وللشيخ الظواهري مؤلفات علمية كثيرة، وفي عهده أصدر مجلة باسم الأزهر سماها مجلة الأرهر وتوفي عام 1363 هـ/ 1944 م.
2 -
الشيخ الفاضل محمد الطيب النجار النفيعي رحمه الله كان رئيس جامعة الأزهر، وله مؤلفات عديدة هامة.
3 -
الدكتور محمد محفوظ سويلم النفيعي رحمه الله كان أستاذًا بكلية أصول الدين والدعوة بالزقازيق، وتوفي في المملكة العربية السعودية ودُفن في المدينة النبوية.
4 -
الأستاذ أحمد موسى سالم رويِّض النفيعي رحمه الله مفكر إسلامي وكاتب صحفي بجريدة الأخبار المصرية، وعضو في مجلس الشعب عن السويس، وعضو في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
ومن مؤسسي جريدة الأنصار الإسلامية، وكان من المائلين إلى حياة البداوة في الصحراء المصرية، وقد حاول العيش فترة من الزمن بالفعل في صحراء السويس، وللأستاذ أحمد موسى مؤلفات عديدة.
ومن أشهر أبناء النفيعات في أوائل القرن العشرين:
1 -
الشيخ إبراهيم منصور علي النفيعي: ويُعرِّفه اللاحقون من أبناء النفيعات بالشيخ الكبير، وقد كان أول عمدة رسمي لقبيلة النفيعات بعد شيخها أبو عمران فكان خير خلف لخير سلف رحمه الله، ومن مآثره الباقية تلك الصدقات الجارية المتمثلة في الأراضي الشاسعة من أجود الأراضي بزمام قرية ميت ردين، والتي
(1)
انظر كتاب السياسة والأزهر، والأعلام الشرقية، والأعلام للزركلي.
تزيد عن الثلاثمائة فدان والتي وقفها وقفًا خيريا لله تعالى، وأوصى ببناء مسجد للعبادة، وقد بُني ولا يزال يحمل اسمه إلى الآن وبجواره مدفنه بجزيرة عرب النفيعات في قرية ميت ردين مركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، وكذلك المستشفى المركزي والمدرسة والجمعية والوحدة البيطرية ولا تزال هذه المنشئات الخيرية في قرية ميت ردين، ولا تزال هذه الأراضي موجودة يجري الله بها الرزق للغير من المسلمين ويذهب ريعها إلى وزارة الأوقاف المصرية.
2 -
الشيخ إبراهيم صالح منصور علي النفعي: وجيه العرب ووجيه الشرقية، وهبه الله خلقًا وخُلقًا طيبًا، وسعة في الرزق والعلم فنال أعلى الشهادات العلمية في عصره - رحمه الله تعالى، وكان المتحدث الرسمي للقبائل العربية آنذاك، وكان كريمًا جوادًا حتى إنه ليظل ديوانه مفتوحًا طوال الليل والنهار أمام أضيافه، لا تجف دماء الذبائح من منزله الفسيح، والذي لا يزال دليلًا باقيًا على عظمة صاحبه وساكنيه من آل الكرام إلى الآن.
وكان أبناء العرب من البدو دون تمييز يجدون في أراضيه الواسعة وأراضي أبناء عشيرته مرتعًا خصبًا لإبلهم وأغنامهم في موسم الربيع، فيضربون خيامهم حول بيوت النفيعات، فيجدون الحماية الكاملة بحيث لا يتعرض أحد لهم بأذى.
وكانت له صداقة مع ملك الأردن السابق عبد الله بن الحسين رحمه الله.
3 -
الشيخ منصور بيك ابن إبراهيم نصر الله النفيعي: كان رحمه الله من وجهاء العرب الذين نالوا حظا وافرًا من العلم والثقافة كغيره من أبناء القبيلة، وتبوأ مكانة رفيعة في المجتمع المصري، في سنة 1322 هـ منحه الخديوي عباس حلمي لقب (بيك)، فكانت فرحة أبناء القبيلة وقتئذ به فرحة شديدة. وكان منصور بيك النفيعي مشهورًا بتربية الخيل والاشتراك في مسابقاته، كما كان مشهورًا بالكرم وقد ورث أبناؤه هذا الكرم عنه فلا يزال ديوان منصور بيك مفتوحًا للأضياف في أي وقت.
ومن أشهر رجالات النفيعات في الوقت الحاضر التالي ذكرهم:
1 -
الدكتور محمد الشافعي الظواهري النفيعي، عالم الطب المشهور في مصر وأستاذ الأمراض الجلدية في جامعة القاهرة ورئيس الجمعية الطبية المصرية،
وقد حصل على عدة أوسمة من جميع حكام مصر بداية من الملك فاروق ثم رؤساء جمهورية مصر العربية، والدكتور الظواهري محب للقبيلة والبحث في تاريخها، وقد حدث اتصال بينه وبين أبناء القبيلة في منازلها الأولى بالمملكة العربية السعودية، وهو عميد عائلة الظواهرى في مصر.
2 -
السفير حسين محمد الأحمدي الظواهري النفيعي، نجل الشيخ الأحمدي الظواهري شيخ الجامع الأزهر الأسبق رحمه الله، عمل أول سفير لمصر في الفلبين عام 1948 م، كما عمل سفيرًا لمصر في فرنسا، وهو معروف بالبذل والسخاء والإنفاق في سبيل الله.
3 -
المستشار عبد السلام فهمي البسيوني محمد الظواهري النفيعي، وكيل مجلس الدولة السابق والمستشار القانوني لوزير الكهرباء المصري.
4 -
اللواء محمد محمد الشافعي الظواهري النفيعي، مساعد وزير الداخلية، ومدير شرطة المطافئ سابقًا.
5 -
الأستاذ محمد فاروق الشافعي الحسيني إبراهيم الظواهري النفيعي، وكيل الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
6 -
المهندس شريف محمد الشافعي الظواهري النفيعي، المستشار الفني لوزير الصناعة في مصر.
7 -
الأستاذ الدكتور محمد علي محمد إبراهيم الظواهري النفيعي، المدير الطبي لمستشفيات الزهراء بمكة المكرمة والمدينة المنورة.
8 -
الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم محمد عبد الكريم الظواهري النفيعي رئيس منظمة الصحة العالمية ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية.
9 -
الأستاذ عبد الرحيم محمد الأحمدي الظواهري النفيعي، المدير العام بوزارة العدل.
10 -
الأستاذ فاروق إبراهيم صالح منصور علي النفيعي، الخبير بمنظمة الأوبك. وهو عمدة القبيلة المرشح من أبناء النفيعات في السنوات الأخيرة بعد عام 1994 م وفاءً لوالده عمدة النفيعات الأسبق.
11 -
اللواء صلاح محمد الشافعي الظواهري النفيعي، بالقوات المسلحة.
12 -
اللواء ربيع محمد إبراهيم خليل الظواهري النفيعي، مستشار بوزارة الدفاع بدولة الإمارات العربية المتحدة.
13 -
اللواء أركان حرب أحمد عبد المجيد حسن حمد النفيعي، بالقوات المسلحة.
14 -
اللواء الزين سالم حمد النفيعي، بالقوات المسلحة.
15 -
اللواء محمد إبراهيم منصور النفيعي، بالقوات المسلحة.
16 -
اللواء جمال حسن منصور النفيعي، بالقوات المسلحة.
17 -
المستشار عادل أحمد سعيد الظواهري النفيعي، رئيس نيابات شبرا.
18 -
الأستاذ بهاء محمد زين عبد الكريم الظواهري النفيعي، مدير عام بالإذاعة والمشرف على إذاعة سيناء.
19 -
الأستاذ الدكتور ضياء محمد الشافعي الظواهري النفيعي، رئيس أقسام الجراحة في طب المنصورة.
20 -
الأستاذ الدكتور بكر محمد الشافعي الظواهري النفيعي، أستاذ الأمراض الجلدية بكلية الطب بالقصر العيني - جامعة القاهرة.
21 -
الأستاذ الدكتور كامل حسن الشافعي الظواهري النفيعي، استشاري ورئيس أطباء الأمراض الباطنة بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية.
22 -
الأستاذ الدكتور رياض حسن الشافعي الظواهري النفيعي، أستاذ طب الأسنان بجامعة الأزهر.
23 -
الأستاذ الدكتور كمال حسن الشافعي الظواهري النفيعي، استشاري الأمراض الصدرية بالولايات المتحدة الأمريكية.
24 -
الدكتور عمر محمد الشافعي الظواهري النفيعي، أستاذ طب وجراحة العيون بكلية طب جامعة القاهرة والقصر العيني.
25 -
الدكتور علي محمد الشافعي الظواهري النفيعي، أستاذ جراحة العظام والمفاصل بكلية طب القصر العيني.
26 -
عقيد شرطة أشرف أحمد مصطفى الظواهري النفيعي.
27 -
مقدم شرطة عبد المنعم موسى حسين الظواهري النفيعي، نائب مأمور قسم الزرقاء بمحافظة دمياط.
28 -
مقدم شرطة هشام محمد الشافعي الظواهري النفيعي، بالقاهرة.
29 -
رائد شرطة نادر بهاء محمد زين الدين الظواهري النفيعي، بأمن القاهرة.
30 -
رائد شرطة محمد محمد محمد الشافعي الظواهري النفيعي بمطافئ القاهرة.
31 -
رائد شرطة السيد حسن الظواهري النفيعي بتنفيذ الأحكام بالإسماعيلية.
32 -
الدكتور عبد العزيز سرحان النفيعي، أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس.
33 -
الأستاذ سمير محمد علي القطاوي النفيعي، رئيس نيابة بالإسماعيلية.
34 -
الأستاذ حسن محمد محمد الظاهر القطاوي النفيعي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية.
35 -
الأستاذ محمود محمد العناني القطاوي النفيعي، مدير مكتب رئيس مجلس إدارة شركة سيديكو للأدوية.
36 -
الأستاذ ماهر إسماعيل موسى القطاوي النفيعي، بالتربية والتعليم.
37 -
الدكتور شفيق إبراهيم القطاوي النفيعي، دكتور العلاج الطبيعي بالإسماعيلية.
38 -
الأستاذ مجدي منصور إبراهيم صالح النفيعي، مدير العلاقات العامة بالشرقية.
39 -
الأستاذ الدكتور عبد الحميد حسن النفيعي، نائب رئيس جامعة الزقازيق بكلية الزراعة.
40 -
الأستاذ سعيد محمد الصادق القطاوي النفيعي، رئيس تفتيش تموين أبو صوير - الإسماعيلية.
41 -
الأستاذ الدكتور صفوت الهادي سويلم نور النفيعي، جراج المسالك البولية في أبو حماد.
42 -
الأستاذ السيد عبد الكريم الظواهري النفيعي، مدير هيئة تحكيم القطن بالشرقية.
43 -
الأستاذ عصام عبد الكريم الظواهري النفيعي، رئيس شئون العاملين بمصر للزيوت.
44 -
الأستاذ إبراهيم الزين حمد النفيعي، وكيل أول وزارة بالجهاز المركزي للمحاسبات.
45 -
الدكتور عمر حافظ سليم عاصي سعيدة النفيعي، معيد بكلية اللغة العربية - جامعة الزقازيق.
46 -
الأستاذ عبد العاطي خضر النفيعي، مدير بهيئة السكة الحديد سابقًا، وأديب وكاتب.
47 -
الأستاذ صالح محمد أحمد حمد النفيعي، بالتربية والتعليم.
48 -
الأستاذ محمد السيد أحمد العدوي النفيعي، بالتربية والتعليم.
49 -
الأستاذ ناجي حسين غانم العدوي النفيعي، بالتربية والتعليم.
50 -
المهندس أحمدي السيد أحمد العدوي النفيعي، بالثروة المعدنية.
51 -
المهندس فؤاد سليمان إبراهيم الظواهري النفيعي، بوزارة الري بالشرقية.
52 -
الأستاذ عبد الخالق صديق الظواهري النفيعي، بوزارة الصحة.
53 -
اللواء حفني النجار بالقوات المسلحة.
54 -
الشيخ حسام الدين النجار المدير العام بالأوقاف.
55 -
المقدم عفيفي حفني النجار بمديرية أمن الدقهلية.
56 -
الأستاذ أبو عيسى صرحان برئاسة مجلس الوزراء.
57 -
الدكتور عصام محمد سليمان خضر أستاذ بطب عين شمس.
58 -
الدكتور أحمد سليمان خضر أستاذ بطب عين شمس.
59 -
الأستاذ كريم أحمد سليمان خضر صاحب مصحة علاج طبيعي بالقاهرة.
60 -
الأستاذ حسن فوزي خضر عضو مخلس الشعب سابقًا.
61 -
الأستاذ أحمد إلهامي سليمان خضر مدير حسابات بالمقاولين العرب.
62 -
المهندس مدحت سليمان خضر، بالمقاولين العرب.
63 -
الأستاذ مدحت محمد الطيب النجار رئيس التنظيم والإدارة بجامعة الأزهر.
64 -
الأستاذ سيد يوسف عبد العال الشاعر.
65 -
الأستاذ محمد علي القعب عمدة قرية الناصرية.
66 -
نقيب شرطة فتحي إبراهيم خليل نصر الله النفيعي.
67 -
المهندس فتحي إبراهيم خليل نصر الله النفيعي.
68 -
الأستاذ محمد السيد عبد العزيز عطوة النفيعي.
69 -
الأستاذ مجدي أحمد عبد العظيم العِدوي النفيعي.
70 -
الأستاذ محمد حسين غانم العِدْوي النفيعي.
أثر النفيعات في المجتمع المصري
أولا - الدور الثقافي:
1 -
ساهم أبناء قبيلة النفيعات منذ أكثر من مائة عام في إنشاء مدرسة العرب بمدينة الزقازيق، فكانت أول رافد من روافد العلم بمحافظة الشرقية.
2 -
كما قام أبناء النفيعات ببناء دور العلم والمساجد والمستشفيات في جميع الأماكن التي يقطنون بها، وقاموا بوقف أراض وأموال لهذا الغرض الخيري، ومن ذلك على سبيل المثال ما فعله عمدتهم الشيخ إبراهيم منصور علي والشيخ الأحمدي الظواهري وابنه السفير حسين الظواهري، والعمدة أبو الصادق القطَّاوي والد عمدة القنطرة غرب حاليًا الشيخ أحمد أبو الصادق، وكذلك العمدة الشيخ إبراهيم بقري الشيخ سليمان محمد حسن حمد، واللواء محمد إبراهيم منصور.
3 -
ومن أبناء النفيعات من تولى المناصب الثقافية الكبيرة التي لعبت دورًا كبيرًا في تاريخ مصر، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ إبراهيم الظواهري الذي تولى مشيخة الأزهر وقد توفي سنة 1907 م ثم تولاها من بعده ابنه فضيلة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري النفيعي سنة 1929 م.
4 -
تخرَّج عدد كبير من أبناء النفيعات في مختلف المدارس والكليات، فكان وما زال منهم القضاة والمفكرون والأطباء والمهندسون والأساتذة والمدِّرسون في وقت كان التعليم مقصورًا فقط على أبناء الباشوات والباكوات والأعيان، وهذا يدل على حياة السعة التي يعيشونها وحرصهم على العلم والمعرفة، ومن النماذج في ذلك الأستاذ أحمد موسى سالم النفيعي المفكر الإسلامي الكبير وعضو مجلس الأمة المصري السابق، وقد توفي في عام 1994 م. ومن النماذج أيضًا الطبيب العالمي المشهور الأستاذ الدكتور محمد الظواهري أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة القاهرة، ورئيس اتحاد أطباء الجلد العرب ورئيس الجمعية الطبية المصرية، وعميد عائلة الظواهري.
5 -
ومن الجدير بالذكر ما قام به السيد رئيس جمهورية مصر العربية محمد حسني مبارك بمنح أحد أبناء النفيعات وهو الطالب سامح لطفي عبد العظيم العِدْوي النفيعي شهادة تقدير مع مكافأة تشجيعية نظرًا لتفوقه في مسابقة ليلة القدر في حفظ القرآن الكريم كاملًا على مستوى الجمهورية حيث كان ترتيبه من الأوائل عام 1990 م وكان عمره آنذاك عشر سنين.
ثانيًا - دور النفيعات الوطني:
1 -
اشترك النفيعات بكل قواهم اشتراكًا فعليا في حركة الثورة العرابية مثل الكثير من المصريين، فقدموا في معارك هذه الحركة كل ما عندهم من الرجال
والخيل والإبل والأقوات، وقد كان الشيخ إبراهيم نصر الله النفيعي عمدة القبيلة قائدًا للخيَّالة العرب في جيش أحمد عرابي، وهناك رسائل متبادلة بين أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي تشيد ببطولة شيخ النفيعات في هذه الثورة الوطنية.
2 -
الدور الكبير الذي قام به أبناء قبيلة النفيعات ضد العدو الإسرائيلي على أرض مصر في حرب عام 1973 م بسيناء وما شهد به رئيس جمهورية مصر العربية الرئيس الراحل أنور السادات لشيخ النفيعات سالم بن سعد سويعد النفيعي، والشيخ إبراهيم بن عيد سويعد النفيعي وغيرهم كثير في أبناء القبيلة قد مُنحوا نوط الشرف من الدرجة الأولى عرفانًا لجهدهم الوافر.
ثالثًا - دور النفيعات الاجتماعي:
ساهم أبناء النفيعات من عائلة الظوهري بتبرعات كثيرة في أعمال الخير منها على سبيل المثال تبرع الشيخ محمد الأحمدي الظواهري شيخ الجامع الأزهر بإنشاء إدارة الأزهر من ماله الخاص، والتبرع بأملاك العائلة في قصر الشوق ووقف 60 فدانًا بعزبة الشيخ الظواهري بكفر موسى عمران لمساعدة طلاب الأزهر. كما قام سعادة السفير حسين محمد الأحمدي الظواهري بالتبرع بمساحة 37 فدانًا من أجود الأراضي الزراعية بالزقازيق للأزهر الشريف يزيد ثمنها عن مليون ونصف مليون جنيه مصري، كما ورد ذلك بجريدة الجمهورية في 29/ 3/ 1988 م.
وكما قام سعادته بالتبرع أيضًا بمساحة 1200 متر من منزل والده الكائن بشارع ترعة الجبل بحلمية الزيتون بالقاهرة يزيد ثمنها عن خمسة ملايين جنيه مصري، وتمّ إنشاء مسجد وعيادة شاملة عليها يحملان اسم الشيخ الظواهري. كما قام أبناء الظواهرية النفيعات بوقف 54 فدانًا للإنفاق منها على المسجد الموجود في كفر الشيخ الظواهري في مركز ههيا بمحافظة الشرقية، وكذلك الأعمال الخيرية.
وفي هذه الأيام يتولى السيد الأستاذ المستشار عبد السلام الظواهري النفيعي إنشاء مجمع خدمات كامل بقرية كفر الشيخ الظواهري يتكون من مستشفى ومسجد كبير على مساحة 800 متر، ومعهد ديني بنين وآخر للبنات، وسنترال،
وتزيد تكلفة المشروع عن خمسة ملايين من الجنيهات المصرية. كما شهدت بيوت النفيعات الكثير من مجالس القضاء والصلح بين المتخاصمين الذين يلجأون لتلك البيوت لما عُرف عن أصحابها من مناصرة الحق والوقوف ضد الظلم، ومن أشهر هذه البيوت ديوان آل منصور في جزيرة النفيعات بميت ردين بمركز أبو حماد شرقية، وديوان آل نصر الله في بني أيوب مركز أبو حماد شرقية.
ونذكر من تلك المجالس على سبيل المثال:
(أ) ما شهده بيت عمدة النفيعات الشيخ إبراهيم صالح منصور في تلك الخصومة المستحكمة بين قبيلتي العيايدة والسعديين سنة 1941 م.
(ب) ما شهده ديوان آل نصر الله في عهد عمدة القبيلة منصور بيك إبراهيم نصر الله من الصلح بين عائلتين من الصعيد، حيث أعدَّ عمدة القبيلة لكل عائلة مكانًا على هيئة بيت مت الشعر وأكرم ضيافة العائلتين ثم جمع بينهما في مجلس واحد، وكانت النتيجة أن خرج الجميع متصالحين متحابين من بيت النفيعات.
(ج) ما شهده ديوان آل نصر الله من مجلس قضاء وصلح سنة 1970 م بين قريتين من أكبر قرى مركز أبو حماد وهما قريتي تل مفتاح والأسدية، وكان ذلك في حضور الأستاذ إبراهيم منصور المحامي ومحمد عبد العزيز عمدة كفر العزازي آنذاك قبل فصل بني أيوب عنها.
كما من النماذج التي يُضرب بها المثل في الكرم عمدتهم الشيخ إبراهيم أبو صالح رحمه الله الذي لم تهدأ حركة الطهي في دواره ساعة من ليل أو نهار ولم تنقطع عن هذا الدوار الأضياف الذين كان لهم تواجد فيه طوال العام. وكذلك الفارس المشهور أبو معروف الذي كانت أمام بيته حفرة معروفة لا يجف منها ذبح الذبائح لأضيافه، ومن المأثور عنه أنه كان له رمح طويل يضربه في ظاهر القرى التي يجيرها، ويلقي عليها ثوبه فيصبح من موقع الرمح إلى مدى البصر حِمى له لا يُؤذى أهله.
وقد اشتهر النفيعات بحب الخيل الصافنات وتربيتها والمتاجرة فيها والاشتراك في سباقاتها منهم على سبيل المثال: إبراهيم نصر الله وأولاده منصور وعبد الرحمن، وكذلك الفارس أبو معروف وسلامه معالي وأبو حسان ومحمود عاصي والفارس غانم العدوي وغيرهم.
وقد اشتهر كثير من النفيعات كقضاة عرب يُنتدبون لحل المنازعات في ربوع مصر وخارجها مثل الشيخ إبراهيم نصر الله وابنه منصور بيك، والحاج عبد الرحمن إبراهيم، والشيخ خليل منصور إبراهيم، وكذلك الشيخ إبراهيم أبو صالح، والشيخ سليم عاصي، والشيخ الزين سالم أبو أحمد، والشيخ صالح العقيد، والشيخ إبراهيم محمد خليل الظواهري، والشيخ إبراهيم سليمان الظواهري، والشيخ حسن موسى العدوي، والشيخ أحمد أبو الصادق القطَّاوي، والحاج حسين أبو حسان القطَّاوي، والشيخ محمود محمد صالح القطَّاوي، والشيخ محمد الأمين الظواهري، والحاج حسين أبو فريح، والحاج سليمان أبو حمد النفيعي، ومحمد أبو حمد.
وفي هذه الآونة الأخيرة تتضح أصالة هذه القبيلة من خلال الدور الذي يقوم به أبناؤها على كافة جميع المستويات، من العمل على الاهتمام بشئون قبيلتهم ورفعتها، وذلك عن طريق عقد الاجتماعات التي ينظمها مشايخ القبيلة لدراسة ومعايشة مشاكل القبيلة ونذكر من هذه الإجتماعات الضخمة والتي أقيمت لها سرادقات كبيرة التالي ذكرها:
1 -
اجتماع القبيلة في عام 1994 م في فاقوس بالشرقية في ضيافة الحاج طلال الشاعر والحاج علي عوض الله.
2 -
اجتماع القبيلة في 24/ 3/ 1995 م في نادي الصيد بالعزازي مركز فاقوس بمحافظة الشرقية في ضيافة عائلة أبو فريح.
3 -
اجتماع القبيلة في 25/ 5/ 1995 م في وادي ثال بجنوب سيناء في ضيافة السواعدة النفيعات.
4 -
اجتماع مشايخ القبيلة في الجناين بالسويس في ضيافة العطويين النفيعات.
5 -
اجتماع مشايخ القبيلة في عرب العليقات القبلية بالقليوبية بتاريخ 15/ 8/ 1995 م في ضيافة أولاد العِدْوي النفيعات.
6 -
اجتماع مشايخ القبيلة في جزيرة النفيعات بالشرقية بتاريخ 29/ 2/ 1996 م في ضيافة العمدة فاروق إبراهيم صالح.
7 -
اجتماع مشايخ القبيلة وأفرادها مع دعوة مشايخ قبيلة العليقات وبعض قبائل جنوب سيناء في 22/ 3/ 1996 م في عزبة الشناينة بالشرقية في ضيافة الشناينة النفيعات.
8 -
اجتماع مشايخ القبيلة وأفرادها ودعوة بعض شيوخ قبائل عربية أخرى في جزيرة النفيعات بالشرقية في 2/ 5/ 1996 م في ضيافة عربان النقيعات.
9 -
اجتماع قبيلة النفيعات في 11/ 8/ 1996 م في الناصرية بمركز الحسّنية في ضيافة القعابة النفيعات.
وستستمر هذه الاجتماعات - إن شاء الله دائمًا - لتقوية أواصر القبيلة في الديار المصرية، كما ستكون هذه الصحوة أيضًا لربط نفيعات الشام (الأردن وفلسطين) بنفيعات مصر، وكذلك بربط كلاهما بالقبيلة الأصل (النفّعة) في الديار السعودية وسائر قبائل عُتيبة في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت في خلال السنوات المقبلة بحول الله تعالى.
العمارين
أصل القبيلة:
أجمع الرواة لما تواتر عند أجدادهم من القبيلة واتفق الرواة من خارج العمارين في أن أصل العمارين من بني عطية (المعازة)، وأصل بني عطية من أسد بن ربيعة العدنانية كما وضحنا، ويؤكد رواة العمارين بالإجماع أن جدهم المنفصم عن بني عطية هو ناصر وقد كون عشيرة سكنت قرب الساحل في شمالي الحجاز بقي منها فرقة مع عمران
(1)
الحويطات وأخرى في العقبة وبعضها في فلسطين
(2)
وهاجروا في غرب الزرقاء واسمهم النصيرات العمارين وكذلك أراضي العمارين الأصلية في الشوبك بالأردن.
تاريخ نماء القبيلة وأحداثها التاريخية
نزل العماربن ضمن عربان المعازة لمصر عبر سيناء وعبروا خليج السويس وسكنوا غربه، وبدأت موجات الهجرة لعرب بني عطية إلى الشرقية وصحراء مصر الشرقية منذ ما يزيد على خمسة قرون، واستمرت الموجات حتى أوائل هذا القرن العشرين الميلادي، وهذا يرجع إلى سنين الجفاف التي كانت تسود شمال الحجاز على الأخص، ولهذا كانت أكبر هجرة من قبائل تلك المنطقة بالجزيرة العربية. وكان تمركز وسكن عرب المعازة في محافظة الشرقية مجاورين للعيايدة، وفي الصحراء الشرقية تقع ديرتهم جنوب قبيلة الحويطات، وكان مسكن أجداد العمارين ضمن قومهم بني عطية (المعارة) في وادي عربة ما بين جبال القلالة البحرية والقلالة القبلية، ثم حدثت حادثة أدت إلى انفصال العمارين عن شياخة المعازة.
حادثة نهب المركب في الزعفرانة (الزمُلي)
قبل عهد السلطان حسين أي في أواخر عهد الخديوية في مصر غرقت مركب تابعة للخديوي ترب الزعفرانة بعد تصادمها ببعض الشعب المرجانية، وقد نجا بعض
(1)
العمارين فخذة الآن في السعودية ضمن شياخة دياب بن مقبول من العمران من قبيلة الحويطات وأملاكهم في طيب اسم وتوابعه ووادي الحمض.
(2)
هي فرقة تسمى عمارين بن عجلان ضمن قبيلة الجبارات ببئر السبع عن تاريخ بئر السبع لعارف العارف، فرقة تسمى العمارين ضمن الهلسة إحدى عشائر الكرك بالأردن.
ركاب المركب وكان به أميرة من أسرة محمد علي باشا مصر، وقد نهب رجال من العمارين والحساني وأبو مكفرة وكلها بطون من بدو المعازة، نهبوا ما في المركب من أموال وذهب ومؤن وخطفوا هذه الأميرة ومن معها من النساء وأسروهن فترة معهم في الصحراء ودفنوا المجوهرات والحلي في جبل القلالة البحرية وبعدها تركوا الأميرة ومن معها في أطراف القاهرة، وكانت تلك الأميرة قد تعرفت على جميع الرجال الذين سرقوها وأسروها ونالوا منها كل مرادهم، فأبلغت الخديوي الذي أعطى أمرًا صارمًا إلى عمدة عرب المعازة أن يسلم هؤلاء الرجال وإلا سوف يقبض عليه ويضرب عنقه وكان يسمى صقر الحساني من الحساسين، فتمكن في عدة أيام أن يقبض هو وأعوانه على المشاغبين ومنهم أولاد عمه الحساني وأبو مكفرة ولم يتمكن من العمارين الذين هربوا من وجهه شمال جبال القلالة ودخلوا بلاد الحويطات، أما الحساني وأبو مكفرة فقد زج بهم في السجن وظلوا فيه حتى وافتهم المنية بعد عدة سنوات، وأما العمارين فقد توجهوا إلى قرية أجهور الصغرى بالقليوبية وطنبوا أي طلبوا العون من عمدة الحويطات، "ابن شديد الموسي" وكان داهية من دواهي العربان وبه فطنة وذكاء خارق وإلى جانب أن له مكانة لدى الخديوية لأنه الساعد الأول من العربان لأسرة محمد علي باشا، فقال لهم ابن شديد: يا عمارين إذا فككت رقابكم من السلطة تكونوا تابعين لي في الصحراء وتدخلوا تحت عمدية الحويطات؟، قالوا له: نحن طوع أمرك فإن شيخنا أو عمدتنا من المعازة لم يجد لنا حيلة ويطارد فينا خوفًا من الحاكم، قال ابن شديد: لاعليكم وهيا نذهب إلى الحاكم ثم تضعوا ثقتكم في الله وتواجهوه بجسارة ثم بعد أن تمثلوا أمامه تحلفوا برأسه العزيزة وتقسموا بحياته قائلين: "وحياة رأسكم يامولانا احنا ما تقينا ولا بقينا إلا اللي في القلالة خلينا". والقلالة المقصود بها الجبل المعروف غرب خليج السويس، وهنا يظهر أن هذا القَسَم الذي لقنه لهم ابن شديد فيه خدعة للحاكم لأنهم فعلًا لم يبق معهم شيء من المجوهرات إلا في بطن الجبل وقد دفنوه!، ودخلت الحيلة على الخديوي وإرضاء لصديقه ابن شديد قال للسلحدار المرافق ورجل الشرطة: بدو عمارين يُك ليمان!، يعني ليس عبيهم جُرم فلا يدخل منهم أحد في السجن مثل البدو الآخرين من عرب المعازة، وقد سارع ابن شديد ليؤكد براءة هؤلاء الرجال وقال للخديوي: يامولانا هؤلاء من الحويطات
وهم ملزومين مني وتحت رئاستي وأنا عمدتهم فقال: عفارم ابن شديد أي أحسنت، وثبت رسميا أن العمارين فرقة من الحويطات ومسكنهم في شمالي القلالة
(1)
البحرية حتى غبة البوص على البحر (خليج السويس) وأصبح العمارين ضمن عرب الحويطات من وقت ذلك الحادث وحتى الوقت الحاضر.
ابن شديد عمدة الحويطات يطارد العمارين
!
يعد ذلك بعدة سنوات تولى رجل آخر عمدية الحويطات من عائلة ابن شديد وتغير الخديوي وتولى السلطان حسين، وقام العمارين بنهب قافلة للحجاج المتجهة إلى بر الحجاز، فجرَّ ذلك الويل على عمدة الحويطات ابن شديد بعد أن طلبت السلطة وقتئذ القبض على الجناة، فأمر بتجريدة لمطاردة المشاغبين من جماعة العمارين المتحصنين بجبال القلالة البحرية وقد قتلوا بعض رجال التجريدة إلى جانب قتل حصان قائد الجند لسهولة إصابتهم من بين صخور الجبال وهم في الوادي، فعادت التجريدة دون جدوى ولم يظفروا بشيء، فجن جنون إبن شديد وأرسل قوة أخرى من الهجانا أو الخيول فقام العمارين بقتل حصان القائد بعد أن وثب على الجبل فسمي حتى الآن منقز الحصان. فلما تحيَّر ابن شديد قرر الاستعانة ببدو العميرات من قبيلة الحويطات القاطنين في شمالي شرق الصف بمحافظة الجيزة وكان على رأسهم سعيد العميري، وقد اصطحب سعيد بعض رجال العميرات الأشداء من ذوي البأس والشجاعة وعاهد ابن شديد أن يأتي بجميع الجناة أو يموت في سبيل ذلك، فلما أشرفوا على جبل القلالة البحرية شمال وادي الرشراش والذي يعتصم به العمارين، قابل هؤلاء الرجال قريب لهم عاقل من بدو عشيرة العميرات في وادي الحي ويقع شرق قرية الحي وهو واد يصب في النيل ويقع شمال مدينة الصف بشرق الجيزة، فقال متهكمًا ساخرًا موجهًا سؤاله لسعيد ورجاله العميرات: يا بني عمي هل أحضرتم معكم شبك؟ قالوا: لا، ولماذا الشبك؟ قال: أنتم في حاجة ماسة له حتى تحملوا رجالكم القتلى فيه ما دمتم قاصدين العمارين الذين نهبوا قافلة الحجاج، لأنكم لن تصلوا إليهم في القلالة وسوف يتصيدكم
(1)
اطلعت على محضر مؤرخ عام 1931 م موجود لدى شيخ العمارين في السويس أن ديرة العمارين تقع شمال وادي الرشراش في القلالة وتمتد شالًا حتى ديار الحويطات البحرية، وهذا كان محضر صلح بين العمارين التابعين للحويطات (عمدية ابن شديد) وبين المعازة الساكنين قبلي الوادي.
ويقتنصكم العمارين قبل أن تصلوا إلى واحد منهم لتقبضوا عليه!، قال الرجل: صدقت يا ولد عمنا الجبال العُصَّي أي الوعرة ما فيها كَوْن أي عراك أو قتال والخاسر هو المهاجم مهما كثر عدده، وإن شعر العمارين بنا سوف يضعونا على رقاب بعضنا أي سوف يبيدوا جمعنا. وتفرق رجال العميرات من حول عقيدهم سعيد العميري، وعندئذ فكر سعيد إن هو عاد إلى ابن شديد بعد تعهده على نفسه فسوف يأمر الحاكم بإيعاز منه بقتله وإن سار وحده إلى العمارين فسوف يقتلوه شر قتلة، فدبَّ اليأس إلى نفسه وسولت له أن يوجه بارودته إلى صدره وقد داس على الزناد بيده وانتحر وخر صريعًا في الحال وسط اندهاش جماعته الذين كانوا قريبين منه عند بئر مياه في الوادي، فغسلوه ودفنوه عند البئر ومن حينها سمي هذا البئر باسم (بئر سعيد). وظل العمارين في منأى عن السلطة وجبال القلالة كما يقولون هي بلاد العز! لأنها حصنهم الأمين من السلطان وبطش الحكام في وقت لا توجد فيه طائرات أو خلافه من آلات وأسلحة الوقت الحاضر.
عمدة الحويطات يتمسك بالعمارين عام 1919 م
في عام 1919 م طلبت السلطة من جميع شيوخ وعمد العربان أن تقدم كل عشيرة عشر جمال أي إبل وعشرة رجال من البدو وذلك للمعاونة في حمل سلاح الجيش المصري والإنجليزي، واجتمع ابن شديد بشيوخ عشائر قبيلة الحويطات ليفي بما طلب تنفيذًا لأوامر الحكومة أو السلطة في مصر وقتئذ، وكان شيخ العمارين حينها يسمى خضر عطية سويلم فقال لابن شديد عمدة القبيلة: لن أستطيع الوفاء لك يا عمدة الحويطات بعشرة جمال لأن عشيرة العمارين فقيرة الحال ولا تزرع وليس عندها أي مورد، وكل رجل يسعى وراء بعيره ليأكل لقمة العيش ولا يسد رمقه هو وأولاده فكل حياته على الفحم الذي يحمله إلى القرى ليبيعه في الأسواق على بعيره، فقال ابن شديد متمسكًا بتنفيذ أوامر السلطة: لا محالة فلابد من إعطاء الإبل والرجال فورًا من أي شيخ تابع لعمدية الحويطات، حينئذ استشاط الشيخ خضر العمارني غضبًا وقال: يا عمدة نحن لسنا حويطات ونحن معارة ودخلنا معكم للعز لأننا ما قبلنا الضيم حتى من قومنا المعازة، أما إذا كنت ذا الحين تريد عصرنا فلن نُعْصَر ولن نستكين لأي سلطة منك ولا من غيرك لأن هذا فوق
طاقتنا، وسوف أضم العمارين من الآن إلى عمدة المعازة ابن عديسان السليمات وسوف أَودَّع وأُشهَّد شيوخ قبائل مصر على فك الدخل والحلف معكم يا معشر الحويطات، فلما عرف ابن شديد العمدة وعرف أبو طقيقة الشيخ العام في مصر صدق وعزم شيخ العمارين على تنفيذ قوله تبادلا النظرات، ثم قال العمدة بصوت رقيق للشيخ خضر العمارني: لا عليك يا شيخ خضر ونحن نسد عنكم والحلف كما هو وأنتم حويطات داداما حتى يوم القيامة ما يمسكم يمسنا ومايعزكم يعزنا، فهدأت ثورة الشيخ خضر وقال: لا بأس يا حضرة العمدة ونحن مستعدين بالرجال وما تريده منا تحت أمرك، قال العمدة: لا بأس يابو عطية وانتهت الأزمة بين الطرفين.
عشائر العمارين وشيوخهم
(1)
الرميثي وهو رميئة ومنه الرميثات وكبيرهم الشيخ خضير فريج سلامة شيخ قبيلة العمارين العام ومسكنه في السويس وأملاكه في غبة البوص مع جماعته وهي أرض زراعية جيدة غرب خليج السويس تقع إلى جنوب السويس، ومنهم عواد بن حسن، وفريج سالم سليم وهم قضاة مشهورون في العمارين ومسكنهم في حاجر الصف - جيزة مع فرقة كبيرة مستقرة في هذه المنطقة من العمارين.
(2)
المحمدية وهو أمحمد جدهم الأول وتفرق من فخوذ أشهرها المزايدة، والحروق، والنمسة، وكبيرهم موسى بن سليم من المزايدة، وصالح فرج سالم من الحروف.
(3)
النصيرات وهو حسان النصري منهم فخوذ ابن عطية، والنصري والشدادي
(1)
، والجرابي، ومن كبارهم إبراهيم سليم نصير الجرابي
(2)
، وسويلم سليم خضر العطيات، وعودة محسن سليم النصري، وعطية سلامة خضر.
(4)
المطارقي منهم فخوذ المطارقية ومساكنهم في الجيزة والفيوم، ومنهم فرقة في الأردن في الشلالة والعقبة وبئر الريغات.
(1)
الشدادي منهم الشيخ فرج مسعود في البدع السعودية.
(2)
كان سليم نصير متعهدا على قبيلة العمارين من أيام الملك فاروق فيما يخص حدود العمارين مع قبيلة المعازه قبلي وادي الرشراش.
ورميثة وأمحمد وحمدان وحسان النصري وهم أجداد العشائر السابق ذكرها كلهم من أولاد سلامة من أحفاد ناصر مؤسس العمارين الذي ينتمي إلى بني عطية (المعازة) في شمال غرب الحجاز في المملكة العربية السعودية.
كما هناك عشائر أخرى ضمن العمارين في الديار المصرية مثل:
(5)
الضباعين وكبيرهم حسن أبو عياد.
(6)
الحمران وكبيرهم سالم فرع الطليعة.
(7)
الصبيحات وكبيرهم غانم الصبيحي.
(8)
الغصينات وكبيرهم نصار هليِّل.
ومن الحمران فرقة في مركز العياط - جيزة، وهناك فرقة من العمارين في ميت رهينة قرب البدرشين - جيزة، كما يملك العمارين أراضي زراعية في فواحي الصف وأطفيح وغمازة ويمارسون الفلاحة في. عهود قريبة، مساكنهم أغلبها في الحواجر شرق النيل ومنهم بدو الصحراء الشرقية في تجمعات بحري القلالة البحرية وشمال وادي الرشراش وحتى غبة البوص يمارسون الرعي وهي الحرفة الرئيسية الأولى، ويملك العمارين نسبة لا بأس بها من الإبل الأصيلة
(1)
، ووَسْم القبيلة هو TI ويسمى الرويكب ويوضع على صدغ البعير الأيمن.
قصيدة نبطية رواها شيخ العمارين خضير فريج سلامة
وهي في (ناقة زريقة) من الإبل أصيلة أو صافية يملكها بدوي وخطب فتاة ليتزوج فطلبت منه سياق أو مهر للعروس ولكنها لم تهن عليه فقال ذلك البدوي:
يا بكرتي ياللي عبسكي أحلى من الطيب
وأحلى من عطر البنات الملاحي
والله ما آخذ في الزريقة معاويض
غير كان المدمي يبطل نقل السلاحي
ولَّى الذيب يرعى مع الغنم في الدغاليب
ولَّى الديك يبطل الصياح في طلوع الصباحي
(1)
قيل لي إنه حدث سباق للإبل في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عند أهرام الجيزة وقد فاز العمارين بالمركز الأول في هذا السباق.
وروى قصيدة ثانية:
وهي في رجل له أولاد أوصاهم بإحضار القهوة أو البن من الريف فلما أقبلوا عليه تذكروا البن، فرجع أحدهم من فوره ولم يكمل المسافة حتى مجلس أبيه حتى يعود بالبن، فقال الأب يوصي ولده عن القهوة العربية:
أوصيك يا علاج عن حبة من السوق تشرو
وتحمِّس في جديد المحاميس
حمِّسها بين نيه وبين حراق مثل المتلاي
في الشتاء يقلبّن حو
ولقِّمها في ربيب الدلالي وصبها كما البرنوق
ولا ريق طير هوا جو
وصب لي منها على الدور فنجان
واقصرها عن المساء وفي الضلعة ولا جو
والشايب اللي عياله عن هوا باله بينحو
وروى أيضًا قصيدة أخرى:
وهي في رجل من قبيلة المعازة اسمه فريج هربك ذهب قبلي إلى قبيلة العبايدة في بلاد النوبة، وكان هؤلاء البشر يقطعون شجر العذبا أي يحتطبوها ثم يبيعوها، فلما نزل ضيفًا عليهم لم يهتموا به وأقروه بالموجود
(1)
عندهم من الطعام، فكبرت في نفسه فلما جاء ضيفًا على قبيلة العمارين في غبة البوص وهم أهل الغنم فحيا به أحدهم على الفور وذبح له شاة من الغنم فرحًا لقدومه، فقال يمدح الكرم ويذم البخل عند العبايدة أهل الإبل:
(1)
هناك مثل بدوي يقول عن الكرم: فيه جود من الموجود وفيه جود حمو كبود .. يعني الكرم درجات، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وعلى قدر أهل الكرم تأتي المكارم.
حطَّابة العذبا وجوههم سود على هاذي
المعاني خسارة
الصبح يوم تجيهم تلقى لبتهم حوف عربود
بهياك من فرس الأرانب كسارى
أبو ثمانين ناقة من القود يبراه بالجود
راعي حماره!
فرد عليه العبادي قائلًا:
يا فريج هربك لا تعيب
عيب اللحى بيدني للصغارى
أنت خابر يوم جيتنا واحنا قِدرنا
(1)
تنداس حجاره
إحنا نحطب العذبا ونسلم القود ونشري بها من بن اليماني تجاره
(1)
قدرنا أي القدور التي تطهى فيها الطعام وتوضع على حجارة.
العيايدة
نسب القبيلة:
أجمع الرواة ومحققو العصر لما تواتر عند أجداد العيايدة أن نسبهم إلى قبيلة قحطان
(1)
في الجزيرة العربية، وأن أجدادهم المؤسسون كانوا إخوة ثلاثة قد توطنوا حوالي النصف الثاني من القرن السابع الهجري، ومن هؤلاء الرجال نمت القبيلة وتكاثرت ثم انتشرت في الديار المصرية.
تاريخ نماء القبيلة
أجمع الرواة لما تواتر عند أجداد العيايدة أن الثلاثة رجال هم جربوع ومنه بطن الجرابعة، وسلطان ومنه بطن السلاطنة، وجوعل ومنه بطن الجواعلة، وقيل: إن هؤلاء من أبناء رجل يسمى سعود بن عياد والأخير هو القادم من الجزيرة العربية فتسمت به القبيلة، وقيل: إن قبر سعود في سيناء.
وذكر نعوم بك شقير في تاريخ سيناء وقال عن العيايدة
(2)
:
كان شيخهم قبل عام 1914 م من عشيرة السبوع ويسمى أبو السباع، كما ذكر من السبوع من الجرابعة شيخ آخر أيام الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 م وكان يقطن في بئر العبد في شمال سيناء، وبلاد العيايدة تمتد من ضواحي القنطرة
(1)
قحطان من كبرى قبائل المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر وذكر الباحث السعودي الشهير حمد الجاسر في معجمه قبائل المملكة العربية السعودية أن فروع تلك القبيلة متفرقة في شرق سراة الحجاز وجنوبها وفي الأودية المنحدرة منها نحو نجد مثل فروع أودية بيشة وتثليث وطريب وجاش وظهران والجوف، وقال في ص 570 مضيفًا في هامش الصفحة: إن قحطان مؤسس القبيلة ليس المقصود به بقحطان القديم في بلاد اليمن وهو الأصل الثاني من أصول العرب مقابل عدنان، بل هو قحطان فرع من قحطان الأصل وسمي به، وذكر حمد الحقيل صاحب كنز الأنساب أن قبيلة قحطان الآن في السعودية تتألف من مجموعة قبائل من خولان، وهمدان وهم من أكبر القبائل ببلادهم ما بين نجران وأبها، وجنوب نجد ومنهم سكان الحصاة، وعريجا، وصبحا، وتثليث، والرين وغيرها. كما ذكر أيضا الباحث السعودي: عاتق بن غيث البلادي من قبيلة حرب في كتابه بين مكة وحضرموت أن أغلب بطون قبيلة قحطان تعود بأصولها إلى مَذْحِج وتعتبر قحطان الحالية هي بقايا مَذْحِج اليمانية القديمة والتي كانت تسكن منطقة عسير قبل الإسلام بعدة قرون. ومَذْحِج هو ابن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
(2)
ذكر الرحَّالة المصري عبد القادر الجزيري في رحلات الحج في مخطوطه "درر الفرائد المنظمة" قبيلة العيايدة تحت اسم (بني عياد) وذلك عام 955 هجرية.
شرق إلى تل حبوة فالمرقب فأم ضيان فالشيخ حميد فجبل الريشة، ويحدهم من الشمال قبيلة المساعيد، ومن الجنوب عشيرة الصفايحة من قبيلة الأحيوات، ومن الشرق قبيلة بلي وتسمى بلي البر، ومن الغرب ترعة السويس.
وذكر نعوم أيضًا أن العيايدة سكنوا قديمًا بلاد الطور جنوب سيناء فترة زمنية لما أجدبت البلاد هاجروا
(1)
إلى شمالي غرب سيناء، وذكر أن العيايدة كان لهم نخيل حتى بداية هذا القرن في منطقة الطور وقد باعه رجل عيادي اسمه سليمان بن غانم لرجل من العوارمة (قبيلة الصوالحة) وذلك عام 1905 م.
نزوح كثير من العيايدة إلى بر النيل
بدأ نزوح العيايدة من مدة تقارب أربعة قرون إلى غرب قناة السويس في محافظة الشرقية والسويس ثم القليوبية أو ضواحي القاهرة وكانت صحراءً وأريافًا ذلك الوقت، ومن أشهر فخوذ العيايدة في منطقة عين شمس الغربية الآن التي نزلت من سيناء: أبو طويلة وجماعة من الجرابعة والسلاطنة والجواعلة وبعضهم سكن قرب الخانكة بالقليوبية فسميت الأولى في عين شمس باسم عرب
(2)
أبو طويلة وهو شيخ عموم العيايدة وقتئذ وعقيد قومه، وسميت الثانية في الخانكة باسم عرب العيايدة وأصبح عمدتهم أبو فودة
(3)
فيما بعد كما سنبين في موضعه، ويذكر الرواة أن السبب الرئيسي لنزوح العيايدة من سيناء يعود إلى الجدب أو القحط للبلاد، والعيايدة كانوا من أهل الإبل وعندهم منها الكثير وحتى الآن، والسبب الثاني هو المنازعات القَبَلية مع قبائل الترابين والحويطات الذين تكاثروا منذ ثلاثة قرون في سيناء وكان العيايدة وقتئذ يسكنون بمحاذاة خط مرور الحجاج عبر سيناء وقسم منهم في جنوبي السويس، وبعد ذلك تنازعوا مع الحويطات والترابين من بعض المناطق وأدى ذلك إلى عدة مصادمات مع تلك القبائل أو غيرها، وقد استمرت هجرة العيايدة إلى وادي النيل وتكاثروا في الشرقية والإسماعيلية
(1)
قيل في هجرة العيايدة قول مأثور عنهم عند ارتحالهم من الطور في منطقة خشيم الطر. (تركنا الشر في خشيم الطر!).
(2)
عرب أبو طويلة مثبوتة في خرائط المساحة حتى الآن في محافظة القاهرة منذ حكومة محمد علي باشا.
(3)
توجد عزبة حسن فودة في فاقوس شرقية، عزبة علي فودة في السنبلاوين والجيزة.
والسويس والقليوبية والدقهلية والجيزة وغيرها، كما سيطرت العيايدة فترة من الوقت على طرق التجارة والحج من بلبيس حتى قرب العريش في شمال سيناء.
ذكر أحمد لطفي السيد
(1)
أستاذ الجيل في مصنفه قبائل العرب في مصر وقال عن العيايدة: "إنها من القبائل العربية في مصر وتنتشر في عدة محافظات مثل الشرقية والدقهلية والجيزة والغربية والمنوفية".
وذكرت في مراجع مصرية أن عرب العيايدة لهم قرى كثيرة باسم القبيلة ذاتها أو باسم عائلات شهيرة تفرعت منها مثل: عرب الطوايلة في ضواحي القاهرة، وعرب فودة وتسمى أيضًا عرب العيايدة وهي بمركز الخانكة قليوبية، وعرب العيايدة في جزيرة النجدي غرب قرية. الزوهيين أو شرق قرية السد في مركز قليوب ويطلق عليها عرب صبيح وهو فرع من فودة وفيهم العمدية، وهناك عزبة فاطمة العيادية في القليوبية، وقرية العيايدة في البحر الأحمر، ونجوع وعزب كثيرة في الصف - جيزة بأسماء أفراد أو شيوخ أو فروع من قبيلة العيايدة، وعرب العيايدة في الصف ولهم عمدة الآن وسنوضحه في موضعه.
أحداث تاريخية عن قبيلة العيايدة
من أبرز ما ورد في تواريخ الجبرتي لخصنا بعض الأحداث للعيايدة في القرنين الأخيرين في الديار المصرية:
في عام 1202 هـ نهب العيايدة قافلة التجار والحجاج الواصلة من السويس وفيها شيء كثير جدا وكان يحملها ستة آلاف جمل، وبعد أيام جاءت طائفة من هؤلاء العيايدة الفاعلين للحادث وقابلوا إسماعيل بك شيخ البلد وصالحوه على مال، فرضي واتفق معهم على حمل ذخيرة أمير الحج ثم خلع عليهم بعض الخلع أو الملابس والهدايا.
في عام 1213 هـ خرجت طوائف من الفرنسيين للتفتيش في مخيمات عرب العيايدة في نواحي الخانكة، فوجدوا عندهم كثيرًا من الأسلحة والأمتعة الفرنسية المنهوبة فقتلوا منهم جماعة وأسروا جماعة من الرجال والنساء وسجنوهم في القلعة، واستولوا على ما في مخيماتهم من أموال ومواش ومنهوبات، ثم ذهبوا
(1)
ذكر أحمد لطفي السيد أن عدد قبيلة العيايدة في 7 يناير 1906 م بلغ حوالي 19252 نسمة في وجه قبلي، 3071 نسمة في وجه بحري.
إلى جهات ضافر وأجهور الورد وقرنفيل وكفر منصور
(1)
وبلاد أخرى للتفتيش على العرب، وكانوا يجدون أسلحة وأمتعة فرنسية منهوبة ويفعلون في من يجدونها عندهم مثل ما فعلوا بالعيايدة.
حينما عاد نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية مرتدا من فلسطين أذاع منشورًا ذكر فيه أن من أسباب عودته رغبته في تأديب العربان من العيايدة وبلي وغيرهم الذين يناصرون المماليك الغز (الأتراك)، ويحركون الفتن في الأقاليم في غيابه ويعيثون في البلاد فسادًا ونهبًا وكان ذلك عام 1213 هـ.
وفي عام 1219 هـ انتشر العربان في أقاليم الشرقية والقليوبية يعيثون فيها فسادًا وينهبون الغلات المدروسة والمواشي ويحرقون غير المدروس، وذهبت طائفة منهم إلى بلبيس فحاصروها وفيها الكاشف ثم نقبوا الحيطان حتى تمكنوا من الدخول إليه فقتلوا جملة من عساكره وأخذوه أسيرًا مع اثنين من كبار العسكر، وجاء شيخ العيايدة أبو طويلة إلى الأمراء أي أمراء المماليك ولامهم على النهب والحرق وقال لهم: إن أكثر الزرع للعربان، وطلب منهم الكف عن ذلك، واغتاظ العربان العصاة الذين مع الأمراء منه وكادوا يقتلونه، وذهب العربان والأمراء بعد ذلك إلى القليوبية وحصروا كاشفها ولكنه تمكن من النجاة فنهبوا متاعه وجبخانته (عتاده الحربي) وطالبوا مشايخ النواحي مثل شيخ الروامل والعايد
(2)
وقليوب وغيرها بتقديم المئونة لهم وألزموهم وفرضوا على القرى التكاليف وأخذوا يطوفون لجبايتها ويقاتلون من يستعظم التكاليف ويمتنع عن أدائها وينهبونه ويسلبونه ويحرقون جرونه، فكانت محنة عظيمة وامتُنِعَ السير وانفقدت الغلال وغلَت الأسعار، وخرج الوالي محمد علي بالعساكر لمحاربتهم وكانت وقعة عظيمة قُتل وجرح فيها كثير من الطرفين.
وفي عام 1221 هـ في بداية تولي محمد علي باشا حكم مصر وقع نزاع مسلح بين العيايدة والحويطات في نواحي الخانكة بالقليوبية وقد انقطعت السبل بين الطرفين وهاجم كل منهما الآخر، ولما علم شيخ البلد وأعلم محمد علي باشا
(1)
ضافر وأجهور الورد وقرنفيل وكفر منصور كلها قرى في محافظة القليوبية بالديار المصرية ولا زالت تحمل نفس الاسم.
(2)
العايد غير العيايدة وأكثر العايد هؤلاء في الشرقية ومنهم الأباظية ظهر منهم باكوات وباشاوات في القرنين الأخيرين وينسب العايد إلى جُذام القحطانية، ووَهَم من ظن أن العيايدة من العايد كما تخبط بعض الباحثين الحديثين في بعض المصنّفات في هذا القرن.
ناصر الحويطات ضد العيايدة ونزل في العدلية قرب العباسية، وهذا لأن العيايدة موالين للألفي بيك زعيم المماليك، وقد سارع السيد عمر مكرم نقيب الأشراف في مصر بالصلح بين الطرفين وإزالة الشحناء وإعادة الصفاء. كما أن نعوم شقير قد ذكر أيضًا أن قتالًا قد وقع بين العيايدة والحويطات قرب عجرود في السويس.
ذكر في وصف مصر المترجم من الفرنسية إلى العربية هو للمؤرخ الفرنسي أميديه جوبير قال عن العيايدة أيام الحملة الفرنسية عام 1798 م: أنها قبيلة تسكن مصر في ضواحي القاهرة على مسيرة يوم إلى الشرق منها، وعدد فرسانها نحو ألف فارس. قلت: وكان العيايدة من ألد أعداء فرنسا مع بلي وكما أسلفنا عن نابليون أنه قام بعمل منشور رسمي أعلن فيه العداء ونيته لتأديب عربان العيايدة وبلي على وجه الخصوص لشدتهم على توجيه الضربات الموجعة للقوات الفرنسية وتشتيت قواها في قرى مصر أو تحريض الفلاحين في القرى على العصيان المدني لحكومة فرنسا الغازية لبلاد الإسلام، وقد فتك نابليون فعلا بالعيايدة في الخانكة بالقليوبية، ولم يتمكن من بلي لفرارهم إلى الصحراء بعد سماعهم عودة نابليون من فلسطين بعد فشله في فتح عكا وتفشي مرض الطاعون في قواته هناك.
التفصيل عن عشائر العيايدة وبطونها
(أ) بطن السلاطنة:
منه عشيرة أبو طَماعة: وفيهم العمدية للقبيلة ومسكنهم في قرية نجوع العرب مركز الصف (جيزة) ومنهم بعض الأسر في مدينة حلوان، وتعد من أعرق عائلات محافظة الجيزة، وكان منها عين أعيان الجيزة في بداية هذا القرن وهو سليم حسن طماعة، وكان عمدة عموم عرب العيايدة في بداية هذا القرن وقد خلفه ابنه محمود سليم أبو طماعة وقد كان في آخر عهد الملك فاروق الأول ملك مصر قبل عام 1952 م وتوفي من عدة سنوات، وكان أيضًا جده حسين أبو طماعة عمدة، وتم تعيينه منذ عام 1383 هـ أيام الخديوي توفيق، ويحكى أن العمدة حسن حسين أبو طماعة والد سليم المذكور كان رجلًا كريمًا مع ضيوفه ويحافظ على عادات البدو، وقد زار جماعة من الحويطات رجلًا من العيايدة عام 1883 م فلم يهتم بهم وقد أقراهم أي قدم لهم طعامًا عبارة عن جريشة وهي قمح مجروش
في سمن وهو من الأطعمة البدوية عند قبائل العرب، وفي اليوم التالي توجهوا إلى زيارة العمدة حسن أبو طماعة فقدم لهم واجب الضيافة اللازم حسب أصول البدو، فمدح أحد قبيلة الحويطات من الضيوف أبو طماعة ببيت من القصيد النبطي قائلًا:
بالله يا أهل الركايب تعطوهم طاعة
…
يا ريت خير الدنيا عند أبو طمَّاعة
وعشيرة أبو طمَّاعة أغلبهم يمارس الزراعة ويملكون بعض الأراضي في منطقة نجوع العرب مثل باقي عشائر العيايدة، ومنهم من تقلد وظائف ومراكز مرموقة ومنهم عضو في مجلس الشعب المصري، وفي الفترة الأخيرة أصبح من أبي طماعة عمدة لقرية نجوع العرب فقط وهي ما بين قريتي غمازة الكبرى والصغرى وهو الآن يوسف حسن منصور أبو طمَّاعة. ومن كبارهم بكر محمد طماعة في نجوع العرب.
ونذكر أيضًا من أشهر عشائر السلاطنة في بر الجيزة الشرقي بمركز الصف:
عشيرة أبو الريش (الرياشة) ومساكنهم في نزلة عليَّان من حاجر الصف الشرقي وهي مجاورة لغمازة ونجوع العرب، ومن أبو الريش فخوذ في محافظات الإسماعيلية والسويس وسيناء.
عشيرة الصانع ومنهم جماعة في بحري الصف وبحري غمَّازة الكبرى وحلوان ومنهم عرب راشد.
عشيرة أبو حمدي في جوار نجوع العرب بمركز الصف.
عشيرة أبو حماد في جوار نجوع العرب بمركز الصف.
عشيرة العتوي جنوبي حلوان.
عشيرة القميعي مركزهم عرب القميعي قرب الديسمي.
وهناك عشائر من السلاطنة في الوجه البحري وسيناء مثل:
المحاسنة، والمجاولة، والعمارات، وأبو عبية، والهروش، والحميدات، وأبو عويمر، ومساكن هذه العشائر في الشرقية والإسماعيلية في مناطق ك/ 17،
وأبو صوير، وأبو خليفة، وفايد، وسرابيوم، وأبو سلطان وهي قرية على ضفاف القناة سميت بأحد الأعيان من السلاطنة، والقنطرة شرق وغرب، وسيناء في الجفجافة وأبو عروق أم خشيب والعقارية جنوب بئر العبد، ومن عشيرة المحاسنة (السلاطنة) القائم بأمر البشعة
(1)
وهو حاليًا أبو جريبيع ويسكن في قرية سرابيوم قرب القناة بمحافظة الإسماعيلية.
(ب) بطن الجرابعة:
منه عشيرة أبو عواد (العواودة) وهي أصل الجرابعة.
وعشيرة أبو طويلة وينسب له عرب الطوايلة وكلهم من العيايدة ومسكنهم قرب حصن عين شمس الروماني
(2)
القديم قبل فتح مصر.
وهناك عشائر نزلت إلى بر الجيزة من الجرابعة بأمر أبو طويلة شيخ العيايدة وهي: أبو سلَّام، وأبو غُرة، وأبو حسين، وقد انضم لهم فخوذ من الشتيات (التياها)، وأولاد أبو لافي (بني عُقبة)، والكواملة وهم فخوذ وينسبون لقحطان نجد وسنوضح عنهم في موضعه، وهذه العشائر قد قدمت من القليوبية وأطراف القاهرة كي تساعد عرب مُطير ضد المكاثرة (النعام) ومن عاونهم من الترابين وهذا قبل قرنين ونصف قرن من الزمان، ويسكنون من جنوب حلوان حتى أطفيح، والجرابعة مقرهم الأصلي كما أسلفنا هو سيناء كغيرهم من بطون قبيلة العيايدة ومنهم حتى الوقت الحاضر فخوذ في الجفجافة وأم خشيب وأبو عروق والعقارية ومنهم في القنطرة شرق وفي غرب قناة السويس منهم عشائر عديدة أغلبها في فايد
(1)
البشعة عبارة عن قطعة مستديرة من الحديد سمكها 10 سم ولها يد خشبية وتوضع في النار حتى يحمر لونها مثل الجمر، ثم يقوم المبشع أو القائم على البشعة بالتلاوة لعزيمة يحفظها وهي استخارة لله أن يظهر الحق إذا كان المتهم بشيء ما بريئًا أو غير بريء ويأمر المتهم بأن يخرج لسانه ويلحس البشعة، وبأمر الله البريء لا يحدث له شيء والمجرم يحرق لسانه ويسمى عند البدو (وغيف) وتثبت عليه الجريمة التي ارتكبها من سرقة أو قتل أو زنا، ويوقع عليه القصاص.
(2)
الحصن كان مقرا لحماية رومانية وبه دارت معركة عين شمس بين عمرو بن العاص ومن معه من العرب المسلمين وكان عددهم نحو أربعة آلاف وبين الروم في الحصن وهزمهم عمرو ففر الباقون إلى حصن بابليون القوي، فحاصرهم عمرو وطلب المدد من أمير المؤمنين، فمده باثني عشر ألفًا من المسلمين على رأسهم الزبير بن العوام وواصل فتح أقاليم مصر كلها ثم انطلق إلى برقة بليبيا وانطلق الزبير إلى بلاد النوبة، وسكن الحصن منذ عدة قرون عشائر من المعازة وهم الغروب والدراهمية وبعدها عشائر من العيايدة فسميت عرب الحصن وعرب الطوايلة نسبة لأبي طويلة الجربوعي العيادي، وتوجد في الحصن أثار مسلات فرعونية قيل: إنها من عهد سيدنا يوسف عليه السلام، وعريز مصر الذي سكن هذه المنطقة وزوجته وقصتها معروفة.
وسرابيوم وأبو سلطان ومنهم في قرى التل الكبير بالشرقية ونذكر عشائر من الجرابعة مثل:
المصابحة، والغيوث، والغنيمات، والسبوع، وأبو نوفل (النوافلة)
(1)
، وأبو دقومة، والفريحات، وأبو رجيلة، والحسابلة من ترابين سيناء، والحمدات
(2)
وهم من المعازة وكلاهما عشائر دخلت في العيايدة ولا ينكرون أنسابهم كما يفعل الكثير من بطون قبائل العرب ويرفضون الإعلان عن نسبهم الحقيقي وهو حرام شرعًا ولا يزكيه الله ولا ينظر إليه من يفعل ذلك.
ومن عائلات الجرابعة العريقة عائلة القريوي والتي كان منها عمدة قبيلة العيايدة، وكان يسمى حسين مصلح القريوي وهذا حسب رواية الشيخ سليمان القريوي ثابت في دفتر الجرعه جرد عام 1864 م بمحفوظات التجنيد، وبعد وفاته تفرقت العيايدة إلى ثلاث عمد هم حسن أبو طويلة وحسين فودة وأبو طماعة.
وكان في عهد حسين القريوي منطقة عرب العيايدة تسمى عرب السبيل في عين شمس الحالية بضواحي القاهرة، وكانت تابعة لمديرية القليوبية وبعد ذلك سميت عرب أبو طويلة في عهد الشيخ علي أبو طويلة عمدة قبيلة العيايدة، وتعتبر عائلات القريوي وأبو طويلة من رؤوس بطن الجرابعة، وعائلة القريوي الآن تسكن في منطقة عين شمس في عرب أبو طويلة وعرب الحصن وكبيرهم سليمان عودة محمد القريوي ويسكن في عين شمس وله مصاهرات مع قبيلتي المساعيد والحويطات.
ومن عائلات الجرابعة أذكر أيضًا عائلة أبو رجب وقد هاجرت من موطنها الأصلي في سيناء وسكنت نجوع العرب في مركز الصف بمحافظة الجيزة ولها نجع خاص بها، وجدهم هو رجب بن سالم بن سلامة بن سويلم بن سليم بن سلامة
(1)
أبو نافل من العجاجات أصله من عشيرة الموسة من قبيلة الحويطات.
(2)
روي أن جد الحمدات يسمى سلامة من الخمايسة إحدى بطون المعازة (بنى عطية) سكان تبوك في السعودية وسمى كذلك لأن قومًا غزت إبله في ديرته هناك بالحجاز ونهبوها وهذا على عهد قديم على عادات القبائل قبل حكم ابن سعود، فلمَّا هب لنجدة إبله منعته زوجته وكان عنده ابنة كبيرة تسمى حمدة فقال لها: آفا عليكي (أي ويحك) وأنا أبو حمدة لن أترك إبلي سأموت دون مالي أكرم، وهجم على الرجال وافتك إبله منهم، فسمي أبو حمدة ولقب أولاده بالحمدات، ولما هاجروا إلى سيناء بسبب المحل والجدب في الحجاز وكانوا أهل إبل وغنم دخلوا مع الجرابعة من قبيلة الجايدة حرضا على مالهم وإبلهم وظلوا حتى الآن ضمن قبيلة العيايدة ومنهم في الإسماعيلية ونواحي التل (عرب الشيخ سليم).
ابن أحمد بن عبد المنعم بن إبراهيم بن رجب الجربوعي العيادي القحطاني، وعقب ثلاثة هم حسانين وعلي وعبد النبي عقبوا ثلاث أسر ينتمون إلى آل رجب ومقرهم الآن غير الصف في عرب النوار بمركز الخانكة محافظة القليوبية، وانتقل بعضهم في القاهرة والإسماعيلية والبحيرة ويقدر عدد بيوتهم 300 بيت، وأغلب هذه العائلة من التجار وملاك الأراضي الزراعية وبعضهم موظفين في الدولة المصرية، وكان من كبارهم سيد محمد حسانين أبو رجب رحمه الله وكان علمًا من أعلام قبيلة العيايدة، وكان ديوان ضيافته بمنطقة عرب النوار لا يخلو يوميًا من وجود عائلات وقبائل متنازعة، وكان يفض النزاع في هذا البيت، وأهم مؤتمر كان فيه هو صلح قبيلتي بلي ومُطير عام 1982 م، وقد تولى مكانه ابنه حُسن سيد أبو رجب وهو من أبرز قضاة العربان، وله شهرة كبيرة وتقدير من أبناء القبائل مثل والده من قبله، ومن كبار عائلة أبو رجب الآن سليمان محمد حسانين وله شهرة في فض المنازعات على مستوى القبائل العربية، وله ديوان في النزهة الجديدة بالقاهرة على غرار ديوان سيد محمد حسانين، وسليم عبد الرحيم حسانين، ودسوقي إبراهيم حسانين، وعابدين عبد السلام حسانين، كما من (فرع عبد النبي) سليمان سليم عبد النبي المعروف بالعيادي ومن (فرع علي) عبد السلام سليمان علي رجب، ولآل رجب مصاهرات مع فروع أخرى من قبيلة العيايدة ومع عدة قبائل عربية في مصر.
عشيرة أبو فودة
وعشيرة أبو فودة ضمن عشائر الجرابعة. ويؤكد الرواة أنهم من بني عُقْبة في شمالي الحجاز، وعُقْبة معروفة النسب لجُذام القحطانيين وكانت من أقوى قبائل العرب في شمالي الحجاز، ويروى أن أحد عائلة أبو فودة الساكنة في عرب العيايدة بالخانكة صاهر أبو طويلة شيخ
(1)
الجرابعة وكان رجلًا بارزًا فنصب عمدة للعيايدة في القليوبية بعد اختياره من كبار قبيلة العيايدة، وقد ظهر عبد المطلب فودة في أوائل القرن الحالي كعمدة للعيايدة بحري ومن رجالات العيايدة البارزين
(1)
أبو طويلة أيضًا عمدة العيايدة الأول في القاهرة وقد معين عمدة في الخانكة بالقليوبية كي يساعده في مهام العمدية.
في نواحي الخانكة وعموم القليوبية وقد توفاه الله من عدة سنوات، ومن عشيرة فودة عائلة صبيح المعروفة في عرب صُبيح أو عرب العيايدة في شرق قرية السد أو غرب قرية الزهويين مركز قليوب، وتملك عشيرة فودة أراضي زراعية، وأنجبت عشيرة أبو فودة رجالات تقلدوا مراكز مرموقة في مجلس الشعب والجيش والشرطة، وعراقة هذه العشيرة تجعلها دائمًا في الصدارة في قبيلة العيايدة، ونذكر بعض العشائر والعائلات في عرب العيايدة
(1)
بمركز الخانكة تحت عُمدية أبو فودة وأهمها: السماحنة، والشريفات، وأبو عبد النبي، وأبو سلَّام، وأبو علي، والجبلَّات، والعطاونة، وعياد، والدِبْس، وأبو سلامة، وأبو حسين، والصواوين، وأبو مِسْهر، والبقوشي.
(جـ) بطن الجواعلة:
فيه عشيرة الفوارسة بحري حلوان، ومنهم عرب تسمى الجواعلة بحري حلوان.
وعشيرة القديريين، وعشيرة العتايقة، وعشيرة الشريفات، وكلها تسكن سيناء بالجفجافة وأبو عروق وأم خشيب والعقارية ومنهم فخوذ في الإسماعيلية والشرقية والسويس وغيرها.
ومن شيوخ الجواعلة نذكر التالي:
عودة القديري، وسلامة القديري، ويسكنون في القنطرة وأبو عروق بسيناء.
شيوخ العيايدة الرئيسية
(2)
الشيخ العام للعيايدة هو سويلم حماد شحاتة من الجواعلة ومقره في قرية ميت أبو الكوم الجديدة في سيناء (شرق قناة السويس) وهي تابعة لمحافظة الإسماعيلية في السنوات الأخيرة.
وأذكر أيضًا شيوخ البطون وهم: عن بطن الجرابعة: الشيخ أبو السباع من السبوع، وإبراهيم أبو نافل. وعن بطن السلاطنة: الشيخ سِلْمي أبو عويمر من أبو
(1)
وهناك أقوالًا متضاربة عن بعض الفروع المذكورة لا تنسب للعيايدة وكما ذكر فروع انضمت للعيايدة في القليوبية مثل العجاجات، والزقلة، وأبو رفاعي وغيرهم.
(2)
أذكر بعض الشيوخ من رجالات العيايدة: حسن أبو سليم من السلاطنة ويقطن فايد بالإسماعيلية، وحماد سالم أبو حماد سالم أبو صبيح، عبيد الله أبو معيوف الأول، في التل والثاني في "أبو حماد" شرقية، وسليمان عامر الفريحي في "أبو صوير" بالإسماعيلية.
عويمر، وعيد أبو سلمي المحاسنة. وعن بطن الجواعلة: الشيخ مبارك سلمان من الشريفات، والشيخ سليم زياد سعيد القديري.
نذكر من قضاتهم:
عيد أبو سلمي المحاسنة، وسلامة عليان القديري، وعودة عيد عواد القديري، وإبراهيم سالم الغنيمات، وسالم سليمان أبو مغنم، ومبارك سلمان الشريفات، ونصار أبو عطيوه الحمدات، وسعيد فريج وغيرهم الكثير.
والوَسْم العام للعيايدة (I) وهو يسمى المحلة وتوضع على الفخذ الأيمن للبعير، والعيايدة من أكبر القبائل اقتناء للإبل في سيناء ورأيت بعيني مئات الإبل الصافية في سيناء يملكها العيايدة فبارك الله لهم فيها، وكما يقول المثل عن الإبل:"فهي سفينة الصحراء بالنسبة للبدو من قبائل العرب".
الكواملة
هم بطن ضمن قبيلة العيايدة في بر الجيزة الشرقي شرق النيل في الحاجر تسكن عشائرهم من حلوان حتى أطفيح.
أصل الكواملة تبعًا لما يقول رواتهم
(1)
نزل كامل بن سليم جد الكواملة كما يقول الرواة من الجزيرة العربية وكان ذلك من مدة ثلاثة قرون ويرجع نسبه إلى بطن جحدر من قحطان من بلاد نجد، وقيل: إنه من نجد الحرثة أو السابعة، ولعل القدامى من البدو كانوا يقسمون نجد إلى مناطق، وكان متزوجًا من ابنة عمه وقد ترك ابنًا له في العقبة، ولما نزل على القليوبية سكن في عرب الطوايلة بأسرته وبدأ نجمه يلمع وأصبح معروفًا بحل القضايا للبدو وذاع صيته في عرب العيايدة وغيرهم وأعجب به أبو طويلة فزوجه ابنته فزاد نفوذه وأصبح مسموع الكلمة نافذ الرأي في القبيلة، فلما عرف أبو طويلة العيادي أن كامل بدأ ينافسه في رئاسة العرب استدعاه وقال له: يا صهري العزيز إني والله أنوي مغادرة الديرة إلى ديرة أخرى لأن البلاد لا تسع رجلان مثلي ومثلك، - وهذا دهاء ومكر من أبي طويلة حتى يبعد عنه منافسه بطريقة ودية -، فرد كامل بشهامة وقال: يا شيخ العيايدة والديرة والبلاد مبروكة على أهلها، وحِنَّا نشوف بلاد نطيِّبْها! أي نبحث عن بلاد نصبح فيها شيوخًا بفعلنا وشهامتنا ونمد
(1)
من رواتهم الشيخ عبد الرحمن أبو دياب مسلم درويش أبو موسى دغيم، والعميد أيمن القعيني.
فيها نفوذنا كعرب من أهل الخيول والفروسية، قال أبو طويلة: نعم الرجولة ونعم الصهْر وأنت حليفي مع أولادك ليوم الدين سيفنا قبل سيفك وعصافا قبل عصاك ومعَك في الهم والدم، ثم أضاف قائلًا: يا كامل أنت وأولادك فرسان شجعان وجاءني رسول من القناص عقيد الحرب لمُطَيْر في بر الجيزة إن المكيثري من النعام لحقه هو وقومه ضَيْم منهم، فالحق حارب مع مطَيْر الذين حالفونا وحاربوا معنا الترابين في مرطبة بفلسطين فواجب نرد الجميل لهم، قال كامل: نحن لها وبعون الله نأخذ الحق من الظالم ونرده للمظلوم، ثم قال لأبي طويلة بنبرة فيها تحد وإصرار على النصر: لا ترد إذن من أختاره من فرسان العيايدة، قال أبو طويلة: هي لك خذ ما تشاء، فجهز أولاده وسلاحه واختار رجالًا من الجرابعة والسلاطنة والجواعلة منهم: الصوانعة والفوارسة والعتوي والقعيني وأبو سلامة أبو غُرة وأبو حسين وأبو بحيري وأبو طماعة وأبو الريش وأبو حمدي وأبو حماد وأبو سلام، وقد تصدى هؤلاء جميعًا للمكاثرة النعام ومن عاونهم وكانوا أصحاب الصولة في بر الجيزة وهم أهل المنافع والحراسات على القرى، وخاض أولاد كامل ومن معهم من فرسان العيايدة معارك شرسة دامت شهورًا حتى كسروا النعام الذين نزحوا إلى بر الجيزة الغربي ثم تقاسموا المنافع أولاد كامل أو ما يطلق عليهم الكواملة مع فخوذ العيايدة الآخرين، وقد تملكوا بعد ذلك الأراضي الزراعية شرق النيل وصارت لهم نجوعًا وقرى في الحاجر شرق النيل كما هو في الوقت الحاضر وهذا على مدى قرنين ونصف قرن أو ما يزيد من الزمان.
فروع الكواملة
(1)
أولاد أبو ساعد
(1)
: وأغلبهم في الحاجر أي شرق قرية المنيا والشرفا بالصف - جيزة، ومن كبارهم الشيخ منصور أبو حسين، ونصار محمد نصار، وسليمان أبو ساعد والأخير يسكن التبين.
(2)
الدريملي: وأغلبهم في عرب أسكر شرق قرية أسْكر
(2)
والديسمي وجدهم يسمى سويلم وقد أعقب سعد وبركات وسعد أعقب سلام، ومن أولاده
(1)
يؤكد بعض الرواة أن أبا ساعد من الحويطات.
(2)
أسكر: يذكر الرواة أن تلك القرية قد ولد فيها سيدنا موسى عليه السلام والراجح أن قومه من بني إسرائيل كانوا يسكنون شرق النيل في تلك المنطقة من بر الجيزة، وبعد ظلم فرعون لهم وأمر الله لنبيه =
عائلات عطوة، وسعد، وحسن، وغياض، ومرعي، وصالح. ومن بركات أولاد فيهم عائلات حسن، وعطا الله، وسبيتان، وكامل ومنه سلمان، وحسين. ومن كبار وشيوخ آل الدريملي عبد العزيز حسين حسن الدريملي، ومحمد حسين حسن الدريملي، وسعيد الدريملي، وكامل إبراهيم سعد الدريملي، وعلي سليم عطوة الدريملي، وحسن مرعي الدريملي، وسالم زيدان الدريملي وكل السابقين من أولاد سلام، أما من كبار أولاد بركات أذكر سلامة عبد القوي حسين كامل بركات الدريملي، وأحمد حسين سلمان كامل بركات الدريملي، وحسين عطا الله بركات الدريملي، وموسى حسين أبو فودة الدريملي، وآل الدريملي منهم عائلة في الأردن وغزة كما يذكر الرواة منهم.
(3)
أبو درويش موسى (دغيِّم): عشيرة كبيرة من الكواملة أغلب عائلاتهم في عرب العيايدة شرق قرية الفهميين
(1)
أو قبلي عرب الحصار (مُطَيْر) في حاجر الصف من شرق النيل، ومن أبو موسى عمدة للعرب في هذه القرية أو النجع ويسمي يسين تمام أبو موسى، ومن كبارهم أذكر عبد الرحمن أبو درويش أحمد محمد سليم، وكامل حسن مسلم، وإبراهيم مسلم، ومن عائلاتهم: أبو رفاعي، وأبو كساب، وأبو منصور.
= وكليمه موسى أن يخرج ببني إسرائيل وكانوا اثنتا عشرة فرقة (سبطًا) فاتجه إلى الجنوب إلى قرية مسيد وأصل اسمها مسجد موسى وسميت هكذا لأن سيدنا موسى صلى فيها وأمر فيها قومه بالسجود لله والدعاء أن يهديه السبيل، بعدها توجه شرقًا في الجبل وأشاع أنه يصطحب قومه لعمل مراسم العيد لهم حتى لا يتبعه فرعون، وسلك في وادي عربة ما بين جبال القلالة البحرية والقبلية وأشرف على الزعفرانة على ساحل البحر (خليج السويس) فلما تأكد فرعون أنه ينوي الخروج من أرض مصر بقومه كما فعل في السابق وخرج وحده إلى أرض مدين بشمالي الحجاز، دعى قواته وخيوله وجمع جيشًا كثيفًا للفتك بموسى وقومه وأن يضع السيف فيهم ويسبي نساءهم وذريتهم، فلما رآه القوم على مرمى البصر هلعوا وطفقوا يسرعون تجاه البحر وكانوا قريبين منه، وضرب موسى البحر بعصاه بوحي إلهي فأصبح اليَمُ مُلجمًا بقدرة الله كالطود العظيم أي وقف الماء كالجبل وأصبح من الجهتين غير موصول وبينهما طريق للعبور، فأمر سيدنا موسى أن يعبر كل سبط تلو الآخر ويكون هو آخر العابرين، وتم العبور .. ولما صار سيدنا موسى في سلام قرب الشاطئ الآخر وصل فرعون وهاله المنظر وظن أنه سحر البحر، فدفع خيوله وعربته الحربية في الطريق الذي ما زال مفتوحًا يشق البحر، ونبي الله في البر الآخر الشرقيّ بسيناء ينظر ويتعجب من هذا المعاند الكافر ومن اندفعوا وراءه من الكفرة وظنهم أنه إله يعبدوه فلم يفكروا في المصير، وعند دخولهم في نصف البحر (خليج السويس) ضك الماء بعنف بأمر الواحد القهار على فرعون ومن معه فكان من المُغرقين، ونبذهُ الله بجسده لينجيه من سمك البحر ليراه الناس ويكون آية للعالمين.
(1)
قرية الفهميين منسوبة إلى فهم الجمرات من بني بحر من لخم القحطانية. انظر نهاية الأرب مخطوط 159 - 2، وتاج العروس ج 9 ص 16، معجم قبائل العرب ج 3 ص 929.
(4)
القعيني: وأغلبهم في عرب أُسْكر وبعضهم في الديسمي وكبارهم العميد سابق أيمن محمد سعيد القعيني، وطلعت إسماعيل القعيني، وسعيد حسن سِلْمي القعيني.
(5)
أبو عواد: ويسكن أغلبهم في عرب أسكر وبعضهم في قرية الديسمي ومن كبارهم نبيه فرحان سليم أبو عواد، ومحمود فرحان أبو عواد، وإبراهيم علي أبو عواد، ولبيب حسن أبو عواد.
(6)
أبو القلايع (القليعي): ويسكنون في قرية الديسمي وكبيرهم. محمد أبو حسب الله.
(7)
أبو صبيح: و يسكنون في عرب قرية الشرفا على النيل وكبيرهم سليمان أبو خليفة.
(8)
أبو مطلق: ويسكنون قرية الديسمي جنوبي الصف.
نبذة عن رجالات الكواملة
ظهر في القرن الماضي والقرن الحالي رجالات اشتهروا بالفروسية منهم حسن سويلم الدريملي، وكان أبوه كبير عرب الكواملة ورجلًا يشتهر بالكرم ونافذ الرأي على عشيرته ونشأ حسن في عز وجاه وأحب الخيول العربية وبدأ يقتني الصافنات الجياد، وكانت تلك الخيول الأصيلة تأتيه من الشام ومن الشرقية (جزيرة سعود) من عشيرة الطحاوية من قبيلة الهنادي، وكان حسن الدريملي رحمه الله كبير الخيالة في عربان مصر وكان يلقَّب بملك الخيول العربية، وكان معروفًا لدى السلطان حسين ومن بعده للملك فؤاد الأول، ومعه أخوه مرعي الدريملي، وزاد حسن في محافل الفروسية التي كانت تقام في المناسبات الوطنية إبان عهد الملكية في مصر، وكان صديقًا لفارس آخر من العرب وهو سالم أبو دراهم من قبيلة المعازة، ويروى عن حسن الدريملي أنه دخل على الملك فؤاء فلما رأى الرعايا يُقبلون يده وقف أمام الملك ورفض الانحناء فسأله لماذا لم تسلم يا حسن؟ قال يا ملك مصر أنا رجل بدوي عربي حر من فرسان زماني لا أُقَبِّل يد مخلوق من عباد الله حتى ولو كان ملكًا يأمر بقتلي أو سجني، ويحكى أيضًا من نوادره أن لملوم
بيك السعدي من عرب الفوايد بالمنيا قد عمل حفلًا دعا فيه الملك فؤاد، وكان لملوم واسع الجاه والنفوذ والشراء الفاحش وبلغ به الحد أنه كان أقوى من الملك نفسه، فلما دخل حسن الدريملي على الصيوان وكان لملوم يقف في يسار الباب والملك - لحسن الحظ - في اليمين قال لملوم: سلم يا حسن - أي يدعوه - أن يسلم عليه قبل الملك لأنه صاحب الحفلة وعلاوة على ذلك فهو رجل أخذته العظمة، فقال حسن الدريملي: سلامي على اليمين لو أبو زيد الهلالي على الشمال!، عند ذلك كسب محبة وصداقة الملك فؤاد حتى توفي، وقيل إنه بعد وفاة حسن الدريملي ماتت خيوله بعد أيام واحدة تلو الأخرى، وساد حزن عميق على عشيرته ونعاه العربان والأمراء والأعيان في أنحاء القطر المصري، وخلفه ابنه حسين الذي اشتهر بالكرم والسخاء بين العربان في الصف إلى جانب ورعه وتدينه، وكان ديوان بيته مفتوحًا لحل قضايا الناس، وكما نذكر من الكواملة رجالات أحبوا الخيول والفروسية عن أبيهم الروحي حسن الدريملي منهم درويش أبو سليم، وحميد أبو عواد، وإبراهيم أبو مسلم.
يقول حسن الدريملي وكان شاعرًا (5):
شرق الصف والشمس تلعق
(1)
ركابي
…
والشرق والغرب يعمل حسابي
أنا الدريملي بنا له دار ودوار
…
واسطبل للخيل داوي
(2)
والضيفان من كل العربان في ديواني
…
لأكل العيش وتخدمهم عبيد في شرب القهاوي
في الجود ما يقْرعه حد
…
في الجدب وفي يوم الغلاوي
راكب على البَد
(3)
…
للجام يقض الحضاوي
(4)
عليه لَبب
(5)
حرير من سد
(6)
…
والرشم
(7)
على الخد ضاوي
(*) يقال عن حسن الدريملي إلى جانب فروسيته وشعره وكرمه فقد كان جميلًا حسن الصورة بهي الطلعة قوي البنيان فصيح اللسان.
(1)
تلعق: تضوي.
(2)
داوي: مملوء.
(3)
البد: الحصان.
(4)
الحضاوي: الركاب.
(5)
لَبب: السرج.
(6)
سد: الفضة.
(7)
الرشم: حية لوجه الحصان.
مصلي الفرض وأنا لربي عبد
…
وآتي شروط الزكاوي
يروح على نادي العين
…
زغروت في البيت داوي
يضرب بحس الفرنجي
(1)
…
يغني من كثر الملاوي
قصائد نبطية رواها سعيد فريج العيادي
(1)
وتحكي القصيدة الأولى عن رجل من البدو دخل السجن أيام سلطة الاحتلال الإنجليزي في مصر، وكان مؤيدًا للملك عبد العزيز آل سعود الذي كان رمزًا لصحوة العروبة في الجزيرة العربية في هذا القرن فقال:
الله من قلب له ألف دكان
…
له سوق عامر والخلايق سجودي
يا راكب الذي زي قمر خطف لابان
…
تقول ظبي غارفاته فهودي
غضه على الذي ملايم الخصم شفقان
…
ضاري على ذبح القران وعنودي
يشداك في الوصف لسلطان الإخوان
…
عبد العزيز الذي حكم حجازها والنجودي
يغداه باقي الناس بدو وحضران
…
يغداه سلطان الحبش والهنودي
ويا رب ترزقنا من ديرة الشرق سلطان
…
بسيلٍ يكسر مانعات السدودي
ويا بخت من لم شوقه بالاحضان
…
من قبل يسكن مظلمات اللحودي
(2)
وتقول القصيدة الثانية لرجل من البدو يتمعن في ملكوت الله قائلًا:
يا رب يا رافع السماء بدون شيء يقلَّه
…
ومْزَيْنه بعد هذا بالمصابيح
وجاعل الشَّمس تطلع في ضحاها تحِلَّه
…
والقمر للشهور الاهله وحساب السنين المفاسيح
وجاعل الليل لكل شيء يِلَّمه
…
وإن طلع النهار تسرح كل السراريح
ولا بيحتاج لليل كله
…
غير الوحوشه والسمك والتماسيح
عمرك ورزقك والقدر ثالثٍ له
…
بيد من مسيِّر السحب والريح
(1)
الفرنجي، السيف.
النَعَّام
نسب القبيلة:
قال الزبيدي في تاج العروس
(1)
: النَعَّام بطن من بني أسد وهو أسد بن خُزيْمة بن مدْركَة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن مَعْد بن عَدْنان، وقد كانوا يسكنون طريقَ المدينة المنورة.
وقال أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد ونعوم بك شقير: إن النعام من قبائل العرب قدمت من بلاد الحجاز من عدة قرون إلى الديار المصرية.
قلت: النعام ليس لهم بقية في بلادهم الآن، بل جميع بني أسد تفرقوا في البلاد وأغلبهم في العراق في الوقت الحاضر (انظر السرد من أسد العدنانية في قبيلة السواركة).
التفصيل عن عشائر وفخوذ النعام في الديار المصرية:
(1)
أبو علَّام: وفيهم عمدة القبيلة في مصر ويدعى حسين أبو علَّام.
(2)
أبو غيث: وفيه فخوذ: محسن، والنوام.
(3)
المحاسنة: وفيه فخوذ: عبد الصَّمد، وبركات، ويونس، ودرويش، وحنبل، وفزع، وعويضه، وحماد، وجندي.
(4)
الختارشة: وفيه فخوذ: خلف، ومفرج، وجاد الله.
(5)
أبو صالح: وفيه فخوذ: أبو رزق، والسبتان، وعطوة، ومنصور، وحماد.
(6)
أبو هريش: وفيه فخوذ: عسكر، ومبارك، ونعيم.
(7)
أبو برس (البروس): وفيه فخذ: تركي.
(8)
أبو هليِّل: وفيه فخوذ إبراهيم، ونصار.
(1)
انظر تاج العروس ج 9 ص 81.
(9)
أبو رحمة.
(10)
أبو جانب.
(11)
المكاثرة (*).
(12)
الزقالطة.
(13)
أبو عصية.
مساكن النعام في مصر
تقطن عائلات وفخوذ أو عشائر النعام في مجملها في الحوامدية وأبو النمرس والمناوات وإمبابة وأبو نجم وأبو صير الملق وعرب التل وطموة والناصرية في محافظة الجيزة، وفي أحياء مصر القديمة والحلمية والنعام بعين شمس والمعادي وعرب الجسر والجبل الأخضر والعباسية والمعصرة في محافظة القاهرة، كما هناك فروع عديدة في قنا بالصعيد المصري، وكذلك في محافظة الشرقية وفي قرب العريش بسيناء، وأغلب عائلات قبيلة النعام مارسوا التجارة وتقلدوا الوظائف الحكومية وقد اشتهروا بحب السلام ولين العريكة وقد كسبوا محبة المجتمع من القبائل العربية.
(*) المكاثرة: كان لهذا الفخذ صولة في بر الجيزة الشرقي وقد سيطر على القرى الواقعة من حلوان حتى أطفيح وذلك قبل قرنين ونصف من الزمان حتى نازعته قبيلتا العيايدة ومُطَير فنزح إلى غرب الجيزة ومناطق أخرى (انظر السرد عن ذلك في قبيلة بني عطا - مُطَيْر).
العزازمة
(*)
نسب القبيلة:
ذكر عارف العارف المؤرخ الفلسطيني لما تواتر عد أجداد العزازمة في فلسطين أن القبيلة من بقايا جَرْم بن رَبَّان من قُضَاعة وقد انضم لهم بعض العشائر من قبائل أخرى سنوضح عنها في موضعه. وقُضَاعة معروف نسبها إلى حِمْيَر من العرب القحطانية في اليمن ومن أقدم قبائل العرب في بلاد الشام (انظر في باب الشرح عن قُضَاعة).
التفصيل عن عشائر العزازمة وديارهم
(أ) العزازمة في فلسطين:
ومهد القبيلة في صحراء النقب بمنطقة بئر السبع، وهي من القبائل البدوية ومساكنهم مترامية الأطراف من بئر السبع حتى وادي عربة وحدود سيناء المصرية، وذكر عارف العارف عن ديار العزازمة في فلسطين قائلًا: تمتد منازلهم من بئر السبع بفلسطين ووادي الخليل في الشمال حتى وادي رامان والحضيرة والنقاب المطلة على وادي العربة في الجنوب، وأضاف أن بلاد العزازمة تقع بين أراضي التياها والترابين والسعيديين والأحيوات وقد قدر عددهم في إحصاء عام 1931 م حوالي 8668 نسمة، وفي عام 1946 م بلغوا 16730 نسمة، وصف صاحب تاريخ بئر السبع وقبائلها عن العزازمة وقال: لونهم أسمر قاتم ولهم خصال جميلة منها وأهمها صدقهم وميلهم للصبر والتوكل، ويعزُّون الطنيب (الجار) ويضحون بأنفسهم في سبيله، ويكثر عندهم المَحَل أي الجدب ولذلك تراهم يرحلون من مكان إلى مكان أكثر من أي قيلة، وبلادهم جبال وسهول ووهاد وتلول وأراضيهم
(*) يجب التفرقة ببين العزازمة والعوازم والعزام، فالعوازم قبيلة هوازنية شرق نجد بالسعودية ومنها بطون في الشام ومصر. أما العزام فهم بطن من قبيلة الشرارات بشمال شرق السعودية.
فسيحة الأرجاء لكنها غير مزروعة إلا القليل منها فمزروع قمح وشعير وقليل منهم يعرف زراعة الذرة والبطيخ، وتتألف قبيلة العزازمة من عدة عشائر بيانها كالتالي:
(1)
الصبحيون: وفيها فخوذ الغريبات والطبايعة وعكلان والطواقين والعتايقة والقطافين والعوران واللوافية وغرباء أي فخوذ من خارج العشيرة.
(2)
الزرية: وفيها فخوذ البتاترة وغرباء، منازلهم رحمة وبئر بن تركية وخلصة السبع.
(3)
الصبيحات (*): وفيها فخوذ الرقيبات والمساقية والسمران وغرباء.
(4)
الفراحين: وفيها فخوذ عيال عيد وعيال عياد وجليقات والفران ومنازلهم الحياضية وعصلوج والعوسجي والشريف حول بئر السبع.
(5)
المسعوديون
(1)
: وفيهم فخوذ الفضلات والولايدة والحمامدة والقلوع المحيسنيين والرياطي وغرباء، والرياطية يذكرون أنهم نزحوا من قضاء صهيون من أعمال اللاذقية بسورية وذلك في القرن الماضي، وقد وصفهم صاحب تاريخ بئر السبع وقبائلها بقوله: إنهم متوقدوا الذهن عندهم ميل شديد لطلب العلم وكثير بينهم من يحسن القراءة والكتابة مثل سكان المدن وهم يستشيرون البنت في زواجها وهم رجال ونساء متعصبون لدينهم وقد يصل ازدراؤهم بمن لا يصلي منهم إلى أن ينبذوه من بين ظهرانيهم.
(6)
العصيَّات: وفيهم فخوذ العصيَّات والزيادين والعرجان والحوصة والسعيدات.
(7)
السواخنة: وفيهم فخوذ عيال سليمان وعيال سلَّام وغرباء، ومساكنهم في بئر مويلح وأم برغوث ورحمة حول بئر السبع بفلسطين.
(8)
المريعات: وفيها فخوذ الصباحين والرجيلان والدعاعرة والمغاربة.
(*) الصبيحات كما ذكر عارف العارف من أعقاب الصبحيين من ثعلبة طيئ القحطانية في فلسطين ودخلوا في العزازمة، وهناك الصّبيح وهي قبيلة من قبائل شمال فلسطين وإليها تنسب عائلة أبي حجلة في نابلس.
(1)
من منازل المسعوديين حول بئر السبع: الخزعلي، ومرطبة، والشقيب، والرملة، والعوسجي، ووادي الخليل، وأم حلقوم.
(9)
المحمديون: وفيهم الجخادمة والمعامير والشياخين والملاطعة وعرون والمواضي وزبيلات وحجيات والشماعلة وحجوج وعوايشة ورسيسات ونغامشة ويوشية وفشقات وعمرات وقطاطوة ووقاقدة ومصافير وغرباء.
ويذكر المحمديون أن نسبهم من قبيلة حرب الحجازية والمعروف أن حرب من خولان القُضاعية القحطانية وبها عناصر عدنانية.
ودخل المحمديون في العزازمة في فلسطين بعد هجرتهم إليها منذ عدة قرون قادمين من الحجاز.
(10)
السراحين
(1)
: وفيهم فخوذ الوريدات والغويضات وعيال سويلم وعيال سِلْمي والخواطرة، ودعي السراحين بهذا الاسم نسبة إلى موطنهم الأصلي الذي أتوا منه وهو وادي سرحان شمالي نجد الواقع ما بين حدود الأردن والسعودية والسرحان الذي نسب إليهم هذا الوادي بطن من الأسبع من كلب بن وبرة من قُضَاعة من حمْيَر القحطانية، وبذلك فالسراحين هم من أرومة باقي العزازمة من كلب من قُضَاَعة.
وفي كتاب تاريخ بئر السبع
(2)
ذكر عارف العارف نبذة أخرى من أصل وفروع قبيلة العوازم في جنوبي فلسطين حيث قال:
أصل العزازمة من قضاعة من حِمْيَر. هذا ما يعرفه العزازمة عن أصلهم.
(1)
في تاريخ شرق الأردن، خمسة أعوام في شرق الأردن لبولس سلمان: السرحان قبيلة عريقة من كلب قُضَاعة، كانت من أقوى قبائل حوران بسوريا وأعظمها سلطانًا في القرن السادس عشر الميلادي، وكانت على رأس حلف قبائل كبيرة تدعى بأهل الشام وتضم قبائل الفحيلي والفضل والعيسى، وحوالي عام 1650 م نازعت قببلة السردية بزعامة محمد المهيدي سيادة السرحان فاقتتل الطرفان قتالًا عنيفًا سقط فيه عدد كبير من القتلى وبعدها أكدت السيادة في المنطقة من دمشق إلى البلقاء إلى المحفوظ السردي وانفصل الفيحيلي والعيسي عن السرحان فتضاءلت قوتهم وتزعزع سلطانهم ورحلوا من حوران عام 1650 - 1700 م ونزلوا في واحة الجوف بعد أن اغتصبوها من أصحابها وشرعوا في بناء مجدهم الغابر، وفي عام 1925 م أغار عليهم السعوديون وفتكوا بهم وكان ذلك صبيًّا في استقرارهم جميعًا، والآن يرتاد البادية في فصل الشتاء فقط أكثر من نصف القبيلة، ولا يتوغلون في منازلهم أبعد من الهزيم وكاف والشامية حيث يقضون شهرين أو ثلاثة ثم يعودون إلى منازلهم في الغرب، ويملك السرحان هؤلاء حدائق نخيل في كاف وسكاكا والجوف شمال المملكة العربية السعودية، ولهم أقارب يقطنون دومًا في هاتين البلدتين، وفي فروع السرحان: الرشيد، والهياب، والحجل، والمنيد، والحمدان.
(2)
انظر من ص 94 حتى ص 102.
ولقد سألت الأمير شكيب أرسلان عن بعض الأمور التي لها صلة بأعراب بئر السبع، فبعث إلي من لوزان بكتاب قال فيه - حفظه الله: إنه يظن أن أصل العزازمة من الشرارات الذين منهم فرقة يقال لها العزازمة أيضًا، وأنَّه لابد من وجود صلة بين عزازمة بئر السبع وعزازمة الشرارات. كما أن "آل عزام" في الجيزة بمصر هم من عزازمة فلسطين، وأن بني عزام الدروز الموجودين في حوران منهم، فإذا علمنا أن الشرارات من بني كلب وأن بني كلب من العرب القحطانية تأكدنا أنهم من أصل عربي معروف.
وقد حدثني الشيخ عودة بن جخيدم عن جدهم "عزام" فقال:
إنه عندما كان رضيعًا أخذته أمه وخرجت به إلى الفلاء، وقد كان الحر شديدًا في ذلك اليوم. وبعد أن قطعا شوطًا كبيرًا من الطريق أصابهما ظمأ شديد، فحاولت الأم أن تجد الماء ولكنها عبثًا حاولت إذ خانتها قواها فألقت بولدها إلى الأرض لتستطيع أن تستأنف السير وتفتش على الماء فأخذ هذا ينبش الأرض برجليه من غير قصد، ولم يلبث برهة حتى ظهر الماء، وشربت الأم، وأنقذ الولد
(1)
.
سارت الأم بولدها بعد أن شربت من الماء حتى وصلت إلى "عينونة" و "أقيان" من أعمال الحجاز فنزلاها واستوطناها وزرعا فيها أشجار النخيل فترعرع عزام هناك وكبر ثم تأهل بفتاة من أهلها. ولما مات خلف وراءه ستة أولاد هم سرحان، ومحمد، وفرحان، وسعيدة، واشتيه، ونصر.
ثم هجر الإخوة فعا تلك الديار وهبطوا أرض سيناء والقسم الجنوبي من فلسطين فاستوطنوا الأراضي المجاورة للشلال، وكثرت ذريتهم؛ فخلف سرحان السراحين والزربة، وخلف محمد المحمديين، وخلف فرحان الفراحين والمريعات، وخلف اشتيه المسعوديين والسواخنة والطبايعة "أي الصبحيين"، وخلف سعيد
(1)
هذه القصة وردت في رواة المساعيد عن الجد الأول للأحيوات (انظر عن ذلك قبيلة الأحيوات من المساعيد).
العصيات والزيادين والصبيحات، ولم يخلف نصر أحدًا إذ إنه قتل قتلا قبل أن يتزوج.
وقد هاجمهم الجبارات من جهة والتياها من جهة أخرى فجرت بين الفريقين حروب اضطر العزازمة على أثرها لمغادرة البلاد والرحيل إلى العريش، وقد كان عدد الأشخاص الذين يستطيعون ركوب الخيل منهم ضئيلًا في ذلك الحين. ولكنهم لم ينفكوا عن مناوشة خصومهم وشن الغارات عليهم من حين إلى حين حتى تمكنوا من الرجوع إلى الأراضي التي احتلوها قبلا في جنوب فلسطين من أطراف "الشلال" و "البحيرات" و "القرين" و "العراقيب" وغيرها.
ثم جرت حروب بينهم وبين الترابين، حمى وطيسها واشتد لهيبها، فاضطروا إلى الانسحاب نحو الجبال والأراضي الوعرة، فنزلوا "المشاش" و "الشريف" و "الضاهرية" وغيرها وظلوا في حرب وقتال متواصلين حتى تأسست مدينة السبع الجديدة ووطد الأتراك دعائم حكمهم في هذه البلاد.
وهنالك فرقة كبيرة من العزازمة تدعى المحمديين وقد حدثني شيخها عودة بن سليمان الجخادمة قال أن المحمديين ليسوا من العزازمة أصلًا، وإنما هم التحقوا بهم مؤخرًا وأن جدهم يدعى "حمد بن سليمان" من قبيلة حرب في الحجاز. وأن حمدًا هذا غادر مع زوجته بلده ونزل الوجه ومنها جاء إلى "شرمه" و "عينونة" وفي هذه البلد زرع أغراس النخلوخلف أولادًا منهم "مساعد"
(1)
، و "محمد"
(2)
، و "خميس"
(3)
، و "عويمر"
(4)
، و "موسى"
(5)
، ثم قال:
(1)
هو جد الجخادمة والشياحين والمصافير.
(2)
هو جد الملاطعة والفنشان والشماعلة والعمارات والحجوج.
(3)
هو جد الحجيات والزبيلان والمشامير.
(4)
هو جد العويمرات والمواضي.
(5)
هو جد العرون والبوشيه.
قتل موسى واحدًا من الحويطات فريق أبي طقيقة يدعى أبو ريشة فرحل هو وإخوانه تبعًا لعوائد العربان ونزلوا على حفائر ماء واقعة في رأس وادي العريش تدعى الروافعة وعندما وردوا الحفائر المذكورة وجدوا الترابين قد أتوا إليها قبلهم بيوم واحد. فشربوا من الماء المذكور وأسقوا منه إبلهم؛ ولذلك غضب الترابين فكسروا حميلهم
(1)
فانتقموا هم أيضًا من الترابين في اليوم التالي وكسروا حميلهم فلم الترابين شعثهم وجمعوا جموعهم وأرادوا أن يهجموا على المحمديين لكنهم تريثوا قليلًا وأرادوا أن يجسوا نبض خصومهم ويستطلعوا طلعهم ليدركوا مبلغ قوتهم ومقدرتهم على الطعن والنزال، فأرسلوا إليهم رسلًا عادوا إليهم وأفهموهم أنه ليس من الحكمة مهاجمتهم، فعدلوا عن الهجوم، وضافوا كبارهم، فتحالفوا حلفًا أبديًا:"وحتى ينشف البحر أو ينبت في الكف الشعر"
(2)
. وعلى هذا النمط دخلوا هم وباقي فرق العزازمة الحرب التي نشبت نيرانها بين حلفائهم الترابين والجبارات، وبين الترابين والسواركة، وبين الترابين والتياها. وظل العزازمة حلفاء أصدقاء للترابين حتى قبيل تأسيس السبع ببضع سنوات، حيث قامت الحرب بينهم وبين الترابين من أجل الأراضي، ولم تنته
(3)
إلا بتأسيس مدينة السبع، كما بينا ذلك في غير هذا المكان.
ينقسم العزازمة في يومنا هذا إلى عشر عشائر هي:
1 -
المحمديون: شيخهم عودة بن سليمان بن صالح بن سليمان أبو جخيدم.
2 -
الصبحيون: شيخهم سلام بن عيد بن مسلَّم بن كريشان.
3 -
الصبيحات: شيخهم سالم بن مسلَّم بن نصار بن عيادة أبو سمرة.
(1)
أي جرار الماء.
(2)
أي حلف لا نهاية له.
(3)
راجع تاريخ بئر السبع.
4 -
الزربة: شيخهم عيد بن سويلم بن عواد بن ربيعة.
5 -
الفراحين: شيخهم عيد بن مسلم بن سلامة بن خضيرة.
6 -
المسعوديون: شيخهم سلامة بن مسلم بن سليمان بن سعيد.
7 -
السواخنة: شيخهم عودة بن عواد أبو الخيل.
8 -
العصيات: شيخهم سليمان بن سلمان بن عودة أبو عصا النميلي.
9 -
المريعات: شيخهم سالم بن سويلم بن سلامة بن صبح الأزرق.
10 -
السراحين: شيخهم سليم بن سعد وسالم الأنيم.
والعزازمة أصحاب مواشٍ وحلال وسمهم [رسم](الباب) ويضعونه على الورك الأيمن و (العامود) للجمل، غير أن للبعض منهم (أمارات) مثل [رسم] للسراحين، وهو كما ترى للباب بإضافة خطأ صغير إلى ذيله من الجهة اليمنى.
عددهم يربو على العشرة آلاف، لونهم أسمر قاتم، ولهم خصال جميلة منها وأهمها صدقهم، وميلهم للصبر والتوكل، يعزون الطنيب ويضحون أنفسهم في سبيله، يكثر عندهم خطف النساء، ويقوم هاته برعي المواشي، يكثر عندهم المحل، ولذلك تراهم يرحلون من مكان إلى مكان أكثر من أية قبيلة أخرى.
وأما منازلهم فإنها تمتد من بئر السبع ووادي الخليل في الشمال حتى وادي رامان والحضيرة والنفاب المطلة على وادي العربة في الجنوب، فهناك
(1)
بئر السبع ووادي الخليل وما حولهما وهناك
(2)
الشقيب، ومرطبة، والخزعلي، والخلصة، ورحيبه، والحياضية، والشريف، ورخمة، وعصلوج، وسبيطة، وعبده، والبقار، والمشرفة، ووادي الأبيض:
(1)
في أقصى الشمال.
(2)
في جنوب بئر السبع.
وهناك
(1)
الحصب، ووادي المرة، ووادي الفقرا.
وهناك
(2)
العوجاء، وبئر بئرين، والجرافي على الحدود المصرية في شبه جزيرة سيناء.
وهناك
(3)
حضيرة العزازمة ووادي رامان و "النقاب" المطلة على وادي العربة.
وهناك ما بين هذه المواقع كلُّها من جبال وسهول ووهاد وتلول. أراضيهم فسيحة الأرجاء، لكنها غير مزروعة، إلا القليل منها فإنَّه مزروع قمحًا وشعيرًا وقليل منهم من يعرف زراعة الذرة والبطيخ.
(المعازة) أعداؤهم
(4)
، وكذلك الصخور في شرقي الأردن، وقد تم الصلح بينهم وبين خصومهم على أساس "حفار ودفان" وكان ذلك عام 1930، وقد وقعوا على وثيقة الصلح بحضوري في بئر السبع.
كانوا بادئ ذي بدء حلفاء الترابين، يدخلون الحرب معًا في صف واحد، وظلوا كذلك إلى ما بعد الانتهاء من "حرابة زارع" فقد اختلفوا بعد ذلك من أجل الأراضي، وقامت بينهم حروب دامت بضع سنين.
الرياطية:
فريق من العرب يعيش أكثرهم مع الصبحيين والبعض منهم مع المسعوديين بيد أن لهم أراض وأملاك مع هاتين العشيرتين، ومع أكثر العشائر الأخرى من قبيلة العزازمة كالزربة، والمحمديين، والعصيات، والصبيحات.
(1)
في الجنوب الشرقي.
(2)
في الجنوب الغربي.
(3)
في أقصى الجنوب.
(4)
مع أن إحدى الروايات التي عشرت عليها تثبت أن العزازمة أصلهم من المعازة إلا السراحين فإنهم ليسوا بعزازمة أصلًا، بل كانوا يسكنون شمال وادى السبع وهاجروا تحت قيادة رجل اسمه (سمعان)، وعلى قول أن جد السراحين (سويلم) وله قبر عند (موجة الدفية) وقد جاءوا من (وادي السرحان).
أصلهم من سوريا، لم يستطيعوا أن يحدثوني بالضبط من أية جهة من جهات سوريا أتوا إلى هذه البلاد. ولكن كبيرهم (عبد القادر بن حسن الرياطي) قال لي يوم تحدثت إليه في هذا الأمر، أنه سمع في صباه عن أبيه (الحاج حسن) أن جده يدعى (عبد القادر الجندي) وأن هذا جاء من (بابنا) من أعمال (صهيون) إلى ديرة السبع وذلك في زمن إبراهيم باشا وخلال الحروب التي وقعت في ذلك الحين.
قيل له (الجندي) لأنَّه كان منخرطا في سلك الجيش مع عمال البرق والبريد وهو من أسرة تدعى (سحلول) ولم يكنى بلقب (الرياطي) إلا بعد أن جاء إلى هذه البلاد ولهذا التكني حكاية يذكرها أحفاده؛ وهي أنه حضر مجلسًا تخالف فيه اثنان من العرب واحد ترباني والآخر تيهي من تياهة البر (سيناء) ويظهر أن الترباني خاطب التيهي بقوله (يارياطي
(1)
) فغضب التيهي غضبًا ساقه إلى امتشاق الحسام، وكاد يقع بين الرجلين ما لا تحمده عقباه. لولا أن (عبد القادر الجندي) تداخل في الأمر ورجا التيهي أن يسكن من غضبه قائلا له:(أنا الرياطي لا أنت؛ أنا الرياطي) وقد ظل هذا اللقب ملاصقا له ولا عقابه من بعده حتى يومنا هذا.
نزل عبد القادر بادئ ذي بدء منازل النعيمات من الترابين وعاشرهم زمنًا واقترن بفتاة من (الغرابلية
(2)
) تدعى (مليحة) أتاه منها أربعة أولاد وست بنات خطف الترابين كبراهن فغضب عبد القادر وقام من فوره ورحل إلى مصر بعد أن طلق امرأته
(3)
وهناك في مصر اقترن بفتاة عقبية تدعى (فاطمة).
عدد الرياطية في يومنا هذا ينوف عن المائتين ووسمهم الشعبة 7 والمطرق للإبل والشعبة 7 فقط للغنم. وهذا يشبه وسم الكثيرين من الترابين ومنازلهم في
(1)
معنى الرباط هنا القذر.
(2)
أصلهم من القرين من مصر.
(3)
لأنها كانت على اعتقاده السَّبب فيما جرى.
الخلصة، وأم عجرة، والضبعي؛ يشتغلون بفلاحة الأرض والبعض منهم يتعاطى تجارة الغنم والحلي والثياب البدوية لا في الحوانيت وإنما في بيوت الشعر.
إنهم متوقدو الذهن وعندهم ميل شديد إلى طلب العلم وكثير بينهم من يحسن القراءة والكتابة مثل سكان المدن، يستشيرون البنت في زواجها، ويجرى النكاح بواسطة عقد يعقده الرجل المأذون من قبل قاضي الشرع، وهم رجالًا ونساء متعصبون لدينهم وقد يصل ازدراؤهم بمن لا يصلي منهم إلى أن ينبذوه من بين ظهرانيهم.
(ب) العزازمة في الديار المصرية:
نزل إلى وادي النيل فرق عديدة من العزازمة في بئر السبع بفلسطين وتوطنوا في جزيرة النجدي بالقليوبية وأغلبهم من السواخنة، وهناك عزبة السلامية من أولاد سلَّام، والمحمديين
(1)
وغيرهم، ومازالوا يحافظون على عادات البدو وأغلبهم يمارسون الزراعة والتجارة.
كما ذكر أحمد لطفي السيد أن العزازمة عُدَّت في قبائل مصر عام 1883 م في نواحي قنا من صعيد مصر، والعزازمة في الديار المصرية وخاصة من هم في القليوبية لهم صلات مصاهرة مع قبائل العرب في مصر ولا يصاهرون الفلاحين تمسكًا منهم بالبداوة والقَبَلية.
وهناك بعض العزازمة في الشرقية وفي مديرية التحرير محافظة البحيرة في الوجه البحري، ومن العزازمة أيضًا جماعة في محافظة المنيا بشمال الصعيد. ويعود وجود العزازمة في مصر إلى أكثر من قرنين من الزمن.
(جـ) العزازمة في المملكة العربية السعودية:
توجد فصائل من قبيلة العزازمة سكنت شمال مدينة ضبا مجاورة للحويطات والمساعيد، وانتقل بعضهم إلى مدينة تبوك، والظاهر أن سكنى هؤلاء قرب الساحل في شمال الحجاز يعود إلى بداية عهد الأتراك العثمانيين.
(1)
المحمديون: لهم صلات مصاهرة مع عائلة الشواربية في قليوب وكلا العشيرتين من حرب في الحجاز.
لمحة عن العزازمة بعد عام 1948 م:
مما هو جدير بالذكر أن أغلب عشائر العزازمة في بئر السبع قد هاجرت إلى الأردن وأغلبها في شمالي الأردن قرب جرش وعجلون وفي الزرقاء وقليل منهم في عمان والعقبة وهذا بعد عام 1948 م، وزادت الهجرة بعد عام 1967 م ولم يتبق إلا القليل من بعض عشائر القبيلة في بلادهم الأصلية حول بئر السبع بفلسطين المحتلة - انظر حروب العزازمة مع الترابين - في السرد عن الترابين.
أشهر حروب العزازمة في القرن التاسع عشر الميلادي
(*)
في عام 1875 م تجددت الحرب بين الترابين والتياها بشأن الحدود ونصر العزازمة الترابين ففازوا على التياها فنظم أحد شعراء العزازمة قصيدة في ذلك قال:
يا ريح قل للقديرات
(1)
…
حمَّاد
(2)
وفى كلامه
بيرين لابن كريشان
(3)
…
والعَمر لابن جهامه
(4)
وقال أبو عرقوب الشاعر العزامي المشهور ينوِّه بهذه الحرب ويمدح "حربة" بنت حسين أبو ستة وزوجها حماد الصُّوفي من قبيلة الترابين:
حربة بلُّور تضي زي النور
…
في الليالي العتمة
بتمشي هز يبراها العز
…
عيونها سمر بلا كحلِ
أبوها سور يقود صقور
…
حمَّاي الحور عن الذلِ
سيفه روباص بيقطع رأس
…
يوم الفراس مثل النحلِ
ربعه حماد ملمَّ جياد
…
وفي ذمتي أنه فحلِ
هذا حماد يذبح خرفان
…
يقري الضيفان مع الهشلِ
(*) نقلًا عن كتاب تاريخ سيناء لنعوم شقير.
(1)
القديرات: فرع من قبيلة التياها.
(2)
حماد: هو حماد الصُّوفي شيخ الترابين.
(3)
ابن كريشان: شيخ العزازمة.
(4)
ابن جهامة: أحد رجال الترابين.
صقر الغالي عز التالي
…
يركض عـ النار وهي شعلي
يوم الله عاد جانا حماد
…
رد الاجواد من الدَّحلِ
شفت الصبيان يهزوا الزان
…
ينخَّوا نوران وأولاد علي
حرب الترابين والعزازمة
ففي عام 1887 م وقعت حرب بين الترابين والعزازمة بسبب قطعة أرض زراعية في جهة الخليل "الضفة الغربية الفلسطينية"، فاستنصر الترابين إخوانهم وحلفاءهم في سيناء، فنصرهم 150 رجلًا من الترابين و 100 من التياها و 80 من الأحيوات (الصفايحة)، ودامت هذه الحرب نحو ثلاث سنوات، ففتك الترابين بالعزازمة وضيقوا عليهم، فلجأوا إلى بطرك القدس فحمل الدولة على التوسط في الصلح، فتصالحوا بعد حرب دامية كانت فيها خسارة العزازمة نحو 124 قتيلًا وألف بعير وكثير من الخيل والماعز، وخسارة الترابين كانت أقل من ذلك بكثير.
مُطيْر (بني عطا)
نسب القبيلة وما فيه من روايات من رواة مُطَيْر في مصر:
أجمع الرواة أن مُطَيْر في مصر هي بطن من عربان مُطَيْر المعروفين في نجد بالمملكة العربية السعودية ونزلوا من مدة تزيد على سبعة قرون من نجد وقد سكنوا شمال الحجاز
(1)
ثم انتقلوا إلى الشام ثم مصر على مراحل زمنية، وأول سكناهم كان شمال سيناء ثم الشرقية ثم نزح منهم فرقة إلى أسيوط، ومنهم قوم مستقرون مثل الدواغرة في بئر العبد شمال سيناء، ومُطَيْر بعرب الحصار القبلية والبحرية في مركز الصف بمحافظة الجيزة، وعرب مُطَير في محافظة أسيوط وكلها في شرقي النيل أي الحاجر الموالية للجبل سواء في الجيزة أم أسيوط في صعيد مصر.
كما قال الرواة
(2)
: إنهم أقارب الدويش في نجد والمعروف أن الدوشان من زعماء قبائل مُطَيْر حتى الآن، وقد ذكر حمد الحقيل الباحث السعودي في كنز الأنساب أن الدوشان من ناهس من أرومة أنْمار بن نِزار بن مَعْد بن عدنان وانتقلوا لليمن وصاهروا قحطان هناك، وقال الشاعر الهاشمي في ذات الفروع عن ناهس:
وناهس الشم الذي نقلهم
…
إلى الروع أفراس عناجيح شذَّب
أنمار أنمار الطعان الذي هم
…
ليوث صدام في الوغى لا تكذب
والدويش أو الدوشان في فروع الموهة من علوى من مُطَيْر، وذكر الحقيل أن من مُطَيْر فرقة في شمالي الأردن في المشقر والكندم واسمهم المطيريون وأيده تاريخ الأردن، وقال: إن مُطيرًا منها في الديار المصرية قوم في أسيوط والشرقية والفيوم.
(1)
على رأسهم عبد الغفار القناص كبير عربان مُطير في الديار المصرية وأجداده منهم عقيد القوم في الحرب، ومسكن الشيخ عبد الغفار الآن في عرب الحصار القبلية بحاجر الصف من بر الجيزة الشرقي.
(2)
يؤكد قول رواة مُطَير قول رواة المساعيد في مصر الذين يذكرون أن مُطيرًا نزلت معهم من نجد إلى شمالي الحجاز في القرن السادس الهجري وكانوا فرقة صغيرة في بداية الأمر محالفين لهم ثم تفرقوا عنهم بعد فتنة المساعيد مع بني عُقبة (انظر تاريخ نماء المساعيد في السرد عنهم).
تحليل آخر عن نسب مطَيْر في مصر
يروي القناص وهو من ثقاة الرواة أن مُطَيْر في مصر جدهم (عطا) ويقال لهم بني عطا في مصر، وفعلًا هذا القول صحيح لما رواه غيرهم من جميع عربان مصر وكذلك ما ورد في تواريخ بدائع الزهور في وقائع الدهور عن تواريخ البلاد المصرية وسوف نورد نصوصًا منها في موضعه تباعًا، ويؤكد أن عطا من نسل الصحابي حاطب بن بلتعة القحطاني، وإذا حللنا هذا الكلام يمكن أن نرجح أن مُطَيْرًا في مصر من فرع بني عطا وهم من سلالة قحطانية انضمت إلى مُطَير في مدة زمنية قديمة وحسبوا ضمن عربان مُطَير، والمعروف أن قبائل مُطَير الآن خليط من عناصر عدنانية وقحطانية ولكن أغلبها من بني عبد الله بن غطَفان من قَيس عَيلان العدنانية، ونورد قصة حاطب والسبب الخفي في نزوح ذريته من نواحي المدينة ومكة بعد فترة قصيرة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى نجد وانضمامهم إلى مُطَير أو إلى بني عبد الله من غَطَفان في تلك الديار النجدية كما نستنتج من الرواة.
قصه حاطب بن بلتعة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام المعافري اليماني
نسب حَاطب بن بَلتَعة
(1)
:
هو من لَخْم القحطانية، ولَخْم هو مالك بن عدي أخي جُذام بن عدي، وعدي هو ابن الحارث بن مرة بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان من عرب بلاد اليمن.
وملخص قصة حاطب أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبيل فتح مكة وبعد أن نقضت قريش عهدها مع الرسول وساندت بني بكر من كنَانة ضد خُزَاعة وقد استنجدت الأخيرة بالنبي صلى الله عليه وسلم لما لها معه من الحلف والميثاق أَو العهد والوعد سواء من منهم مسلمين أو غير مسلمين، قرر النبي صلى الله عليه وسلم المسير إلى أم القرى (مكة المكرمة) بغتة أو خفية حتى لا يعلم كفار قريش ومن عاونهم من كِنَانة العدنانية بمسيره لفتح مكة، وهذا حرص منه صلى الله عليه وسلم على عدم إراقة مزيد من الدمَاء العربية من
(1)
وكان حاطب ضمن من أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى جريج مقوقس مصر.
قومه في البلد الحرام علَّ الله يهديهم للإسلام، فلما علم حاطب الخبر كتب إلى قريش بمكة يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم ثم أعطى الكتاب إلى امرأة تسمى سارة
(1)
من موالي بني عبد المطلب من بني هاشم وقد جعل لها حاطب جعلًا أي مالًا على أن تبلغ قريش الخبر في أسرع وقت ممكن فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها أي ضفائر شعرها ثم انطلقت نحو مكة مسرعة لتنفيذ أوامر حاطب بن بلتعة، ولكن وحي السماء كان أسرع ونزل جبريل عليه السلام يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما صنع حاطب، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم وراء المرأة علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما فأدركا المرأة في الحليفة وهي في طريقها لمكة فالتمسا الكتاب في رحلها فلم يجدا شيئًا، فقال لها علي بن أبي طالب إني أحلف بالله ما كذب النبي صلى الله عليه وسلم علينا ولا كذبناه ولتُخْرِجَن لنا هذا الكتاب أو لَنكْشِفْنك، يعني شعر رأسها وهو عورة المرأة، فلما رأت الجد منه قالت: إعرض عن وجهي، فأعرض، فحلت قرون رأسها وضفائر شعرها فاستخرجت الكتاب منه فدفعته إليه، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله حاطب وقال له: يا حاطب ما حملك على هذا؟ فقال يا نبي الله أنا والله لمؤمن بالله ورسوله ما غيَّرت ولا بدَّلت ولكني كنت امرءًا ليس لي في القوم أصل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل (يقصد قريش) فصانعتهم عليهم، أي هنا يقصد أنه من لَخْم القحطانية وحليف سابق لقريش فأراد أن يكسب رضاهم حتى يضمن ماله وأهله وولده في مكة إذا حدث القتال بين المسلمين وقريش!! وكأنه لا يضمن النصر للنبي أو يستبعد فتح مكة في نظره، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني لأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر لعلَّ الله قد اطلع إلى أصحاب بدر، فقال سبحانه: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، وهنا يقصد النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دام من أصحاب بدر أو المشاركين فيه فلا يتهم بالنفاق
(1)
يقول رواة من قبائل العرب أن هذه المرأة تسمى (جرادة) وهي جدة بني عطا، وهذا كلام غير صحيح وليس له سند تاريخي، ولا تاريخ فوق سيرة النبي لابن هشام اليماني الذي كان يتحرى أحيانًا الأخبار من عشرات الأفراد قبل تدوينه في السيرة النبوية حرصًا منه في عدم الوقوع في الخطأ واعتبره يضاهي البخاري ومسلم في إتقانهما نقل الحديث النبوي المسند أو الصحيح.
في دينه ولربما هو خطأ في التقدير منه لمصلحة ذاتية، فأنزل الله تعالى آية في حاطب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
…
(1)} [الممتحنة].
لمحة عن بني عطا (مُطَيْر) في تاريخ مصر
ذكر في بدائع الزهور ووقائع الدهور التالي:
ذكر ابن إياس في حوادث عام 926 هـ خبر تمرد نائب دمشق جان بردي على الدولة وإعلان الاستقلال في بلاده وزحفه في عسكر كثيف قاصدًا ديار مصر ومعه طائفة من الأكراد والعربان، فاستدعى ناسب مصر مشايخ عربان بني عطا (مُطَير) وبني عطية (المعازة) والسوالم (سُلَيْم) وخلع عليهم وكلفهم لقاء الزاحفين قبل دخولهم أرض مصر، فخرجوا مع جماعتهم، واشتبكوا مع طرباي شيخ عرب نابلس الذي كان منحازًا إلى جان بردي والذي يبدو على رأس الزحف وكسروه.
وفي عام 927 هـ زحف العربان على قطيَّة شمال سيناء ثم وصلوا إلى الصالحية فتنكد ملك الأمراء وعين تجريدة لهم، وقد ارتكبت هذه التجريدة فسادًا كبيرًا وسلبًا وفسقًا حتى ضج أهل الضياع منها فاسترجعت دون طائل من العرب الذين ظلوا على حركتهم، وقد تعرضوا لأمير عين لنيابة طرابلس الشام وخرج من مصر إلى محل عمله وكادوا يقتلونه، وكان العربان في هذه الأيام غاية في الفساد وهم عربان بني عطا (مُطَيْر) وبني عطية (المعازة).
وفي عام 927 هـ أيضًا عاد عربان الشرقية إلى شق عصا الطاعة ونهب الضياع وزحفت عليهم تجريدة فاشتبكت معهم وكان قائدهم شيخهم بيبرس، لم تفز منهم بطائل ثم كبسوها في الليل فانهزمت فاشتد اضطراب الحالة في الشرقية، وتحالف سبع طوائف من العربان على العصيان منهم بنو حرام (من جُذَام) وبنو عطية (المعَّازة) وبني عطا (مطَيْر) وقد أزعجت هذه الحركة ملك الأمراء وبذل جهده في تهدئتها مع الأمير أحمد بن بيبرس حتى جعله يقنع والده بالتخلي عن المشيخة ثم خلعها عليه وولاه إياها.
تاريخ نماء القبيلة
كما أسلفنا أن بني عطا (مُطَيْر) عندما دخلت فلسطين في منتصف القرن السابع الهجري هاجر جزء منهم في الشام في شمال الأردن ونزح القسم الأكبر إلى شمالي سيناء، واستوطنوا قرب بئر العبد وأشهرهم أولاد الدويغري ويطلق عليهم مُطَيْر - الدواغرة، وسمي جدهم هكذا لأنه كان يدْغُر على الطَّعام عند موائد الرجال. كما هناك فروع أخرى مثل الدبيسات وهم من العواصية مثل الدواغرة.
وقيل لي: إن أصل بني عطا في مصر من ثلاثة إخوة هم:
عاصي، وشميل، وحبيل.
التفصيل عن مُطَيْر (الدواغرة) في شمالي سيناء
من مساكن الدواغرة في منطقة بئر العبد عدة قرى قرب الساحل تابعة لمركز بئر العبد وهي النجاح والتعاون والكفاح والسادات وسلمانة والتلول ومصفق وعمورية ومناطق الزقبة، وتحديد ديرتهم من غرب معن، ومن بحري نجيلة، ومن قبلي حتى حد قبيلة بلي - البر، وكلها داخل مركز بئر العبد الذي توجد به عدة تجمعات سكانية من الحضر والقبائل الأخرى في الوقت الحاضر.
فروع الدواغرة (مُطَيْر)
قسم البعض ذرية الدواغرة إلى فرعي المحافيظ والمراعنة، وأما الآن فيشكلون عدة عشائر كبيرة هي:
(1)
الزعابطة: ومنهم فخوذ الحلاليف، وأبو غنمي، والنغامشة، وأبو سعودي، والرقيعي، والأقرع، والرجاوين، وأبو رجل، والورور، والسيسي، وأبو المليح، وأبو سرية، وأبو در، والمزعبط، وأبو صبيح، وأبو عبد الله، وأبو نويجع، وأبو سويري، والشيخ العام للزعابطة هو مسلَّم غنمي سعد.
(2)
أبو عياد: ومنهم فخوذ أبو عياد، وأبو سعادة، وأبو خيط، وأبو عايد، والقرق، والأخيرق، وأبو مطاوع، والشيخ العام عياد سالم عياد.
(3)
المصابحة: ومنهم فخوذ الأشقم، وأبو دينات، والبواصيل، وأبو صيح، والربقي، وأبو هويشل، وأبو روزة، والدبير، والهلامنة، وأبو جردة، وشيخهم العام سِلْمي سليمان معيوف.
(4)
الحليسات: ومنهم فخوذ أبو غراب، والعطيشات، والحليس، وأبو مريحيل، وأبو عكيدان، وأبو عين، وأبو ضبي، وأبو جبر، وأبو جبار، وأبو نافل، والرديسي، والبوزة، والشيخ العام للحليسات هو محمد حماد الحليس.
الدواغرة في وادي النيل
ومن الدواغرة فخوذ كثيرة نزلت إلى وادي النيل في مدد زمنية متفاوتة فمنهم من سكن نواحي جمصة وضواحيها في الدقهلية قرب رشيد على البحر الأبيض، ومنهم في بلطيم وبيلا في كفر الشيخ، ومنهم في نواحي الصالحية وفاقوس وضواحي الحسنية وبحر البقر وتل الجراد وغرب القنطرة في قرية الشرفا وكلها تابعة لمحافظة الشرقية ومنهم قرب دمياط، وفي الإسماعيلية ك 7 فرقة، وفي الصف جيزة فرقة منهم أيضًا.
ووَسْم الدواغرة
(1)
هو الكفة - ل - على رقبة البعير، وحياة الدواغرة المعيشية على صيد السمك من بحيرة البردويل وبعض الزراعات على الأمطار في منطقة الساحل وقليلًا منهم من يعمل في الملاحات أو تصنيع الملح للطعام.
ما قاله نعوم شقير في تاريخ سيناء عن الدواغرة
قال: الدواغرة بطن من عرب مُطَيْر يسكنون مناطق الزقبة شمال سيناء، كما ذكر أنهم قديمًا كانوا من القبائل الضعيفة العدد، وكان من مشايخهم قبل عام 1914 م عيد سويلم وسالم مصبح.
(1)
وهو وَسْم عموم مُطَيْر في مصر وهي الكفة.
ومن عشائر بني عطا في الشرقية والإسماعيلية
(1)
الخماسين (*): ومنهم اللوافي وهم من العواصية من بني عطا من مُطَيْر، ويسكنون في "أبو صوير" وخليج/ 16 من الإسماعيلية.
(2)
الدبيسات: وهم من العواصية ومعظمهم يسكن في الحسنية بالشرقية، وبعضهم كما أسلفنا يسكن حول بئر العبد شمال سيناء.
(3)
الجغيلات: وهم من الحبابلة بنواحي الزقازيق شرقية وكبيرهم حامد أحمد سليمان من ولاد مطر.
(4)
حماد: وهم من الشميلات في الشرقية بتل الجراد وإنشاص الرمل.
(5)
العبابدة
(1)
: وهم في جزيرة سعود بالحسنية محافظة الشرقية وكبيرهم سيد عبد العال، وبعضهم في هيشة والقنطرة غرب وشرق.
(مُطَيْر) عرب الحصار في حاجر الصف - جيزة
تسكن عشائر مطَيْر في تجمعين كبيرين أحدهما الأكبر وهو الحصار القبلية والثاني الحصار البحرية وهما يقعان في شرق النيل ولهما زمام وعمدية والسكان في هذه المنطقة يزرعون في أراضيهم الخصبة التي تقع شرق النيل، ويسكنون موالين للصحراء أو الجبل، وعرب مطَيْر من بني عطا نزلوا الصف منذ ثلاثة قرون تقريبًا وكانوا يرعون الغنم والإبل كأعراب ناجعة وكانوا قادمين من الشرقية، وكان في هذه المنطقة عرب المكاثرة (النعام) المسيّطرين على هذه المناطق وكان بسبب اعتداء أحدهم على راعية غنم وخطف منها شاة ثم أساء الأدب معها، وعند ذلك استدعى القناص عقيد قومه في الفشن قرب بني سويف في قرية غياضة، فجمع فرسان مُطَيْر واستدعى المدد من حلفائه العيايدة وأرسل لشيخهم أبو طويلة في القليوبية، لما أن مطَير حاربت مع العيايدة ضد الترابين قبل هذه الواقعة في مرطبة
(*) وكبير اللوافي سلمي لافي في ك/ 16 بالإسماعيلية، وكبير الخماسين السيد عوض في عرب الخماسين بوادي الملاك بمنطقة التل الكبير بالإسماعيلية.
(1)
العبابدة هنا عشيرة من مُطَيْر وليسوا من قبيلة العبابدة في صعيد مصر وصحرائها الشرقية والسودان.
بصحراء فلسطين وانتصرت العيايدة بسبب مساعدة مُطَيْر، فلبى أبو طويلة النداء من القناص عقيد الحرب لمُطَيْر وأمده بفرسان من العيايدة، ودارت مصادمات عنيفة بين مُطَيْر وحلفائهم العيايدة من جهة وبين المكاثرة (النعام) وحلفائهم الترابين من جهة أخرى، تغلبت فيها مُطَيْر بمساعدة العيايدة ونزح النعام إلى بر النيل الغربي والترابين إلى بلاد المعادي في صحراء الجيزة والقاهرة، وقد أعطى القناص للعيايدة حوض من الأرض يسمى حوض أبو طويلة وهو شيخ القبيلة، وتوطن العيايدة في بر الجيزة بعد أن كانوا في القليوبية بعد هذه الوقعة، ورجح الرواة أن ذلك كان قبل قرنين ونصف قرن من الزمان.
سبب تسمية عرب مُطَيْر باسم عرب الحصار
يؤكد الرواة أن بعد العداء السافر بين مُطَيْر وبين النعام والترابين بعد أن استقرت ناجعتهم تمامًا وأصبحوا أهل قرى ومزارعين، قرر سالم القنَّاص عقيد القوم أن يبني سورًا حول عرب مُطَيْر في القريتين الساكنتين من قومه مُطَيْر وهي البحرية والقبلية، وكان هذا السور من الطوب اللبن طوله حوالي خمسة أمتار واعتبر حصنًا لهم من هجمات الأعداء بغتة للانتقام في الليل والناس نيام، فسميت من حينها عرب الحصار لأنهم حصروا أنفسهم بهذا السور الذي لم يفطن له أحد من العرب قبلهم.
عشائر مُطَيْر (بعرب الحصار القبلية والبحرية)
(1)
العواصية:
ومنهم فخوذ القناص، وأبو غنيم، وأبو إسماعيل، وأبو ربيع، والهري، وأبو شلبي، وأبو غنام، وأبو خمس، والصرايعة، والكعبش، وأبو عطية، وأبو صبيح، وأبو زيادة، وأبو الشيخ سليم، والقصير، وأبو صناط، وهناك عائلات من تلك الفخوذ خارج عرب الحصار ومنه في بولاق الدكرور والجبيل الأخضر من القاهرة، وأبي زعبل بالقليوبية.
(2)
الشميلات:
ومنهم فخوذ أبو حماد، والمَحرَّق، وأبو معمَّر، وأبو إبراهيم، وأغلبهم في الحصار بالصف جيزة.
(3)
الحبابلة:
ومنهم فخوذ أبو عابد، وأبو زيدان، وأبو ساري، وأبو عمار، وأبو بسيوني، وأبو شوره، وأبو قطيط، والبراوي، وأبو كوحل، وأبو عبد الله، والبراغيث، والزناري.
ومن الحبابلة وغيرهم من مُطَيْر في عرب الحصار في نواحي غمازة والصف وبعضهم يعمل بالزراعة وآخرين بالرعي أو التجارة للإبل والأغنام أو بعضهم يعمل في طوائف المقاولات والمعمار.
أما عقيد القوم منذ عدة قرون فكان في فخذ القناص من العواصية وكبير القوم حاليًا
الشيخ
عبد الغفار سالم القناص وهو كبير عرب الحصار بل ويعتبر كبير مُطَير في مصر، وهناك رجالات من كبار فخوذ في مُطَيْر الحصار وهم:
حسين سلمان أبو صبيح، وفرج سالم القصيِّر، وتوفيق الخمس، وشكري أبو حسين، وسيد مفرح، وسليم أبو محمد أبو كوحل، وعيد سليم عبد الله، ونصار جاد المولى عواد، ومحمد سالم المَحرق، وصادق أحمد محمد ربيع.
عشائر مُطَير أسيوط
(*)
(1)
أولاد زيدان:
فيهم فخوذ العطلات (عطا الله)، والبوازين، وأبو الحسن، والجبلَّات (أبو جبل)، وعيسى أبو لولي، والمباريك، وأولاد زيدان من العواصية من مُطَير.
(2)
الشيخ: فيهم المواسات، وأبوالهلالي، والجلب، وأبو حمرة، وأبو خليفة، والشيخ من العواصية من مُطَيْر.
(*) مُطَيْر في أسيوط تعد أكثر قسم من عربان مُطَيْر في الديار المصرية من حيث التعداد السكاني ويؤكد الرواة أن عدد مُطير بالوقت الحاضر يناهز مائتين وخمسين ألفًا وتشكل مطَير في محافظة أسيوط قرى بأكملها ومنها عرب مُطَير الكبرى وعزب أبو إسحاق وبركات والحاج مبارك ونجع رويشد، وعزبة الشيخ سويف وعرب الرباط البوازين قبلي بساحل سليم وعرب البجاوين بمركز البداري، ومن كبارهم في عزبة أبو إسحاق الشيخ هاشم حسن مهني، وفي عزبة الحاج مبارك الشيخ علي ابن الحاج مبارك، وفي عرب مُطَير الكبرى الشيخ حامد إبراهيم محمد، وفي نجع رويشد الشيخ حسين القطيم، وفي عزبة الشيخ سويف معبد سالم أبو صقر، وفي عرب الرباط الشيخ محمد حامد العردان، وفي عرب البجاوين الشيخ فرحان حسين.
* أملى علي بعض الرواة فروعًا ضمن مُطَير منها:
الهتايرة، وأولاد فرحان، وأبو زويد، والرشيدات، كما هناك عائلات أو فخوذ ليست من مُطير ومنضمة معها وهم من قبائل عربية أخرى في مصر.
(3)
المطور:
وفيهم فخوذ الحجابات، والروسة، وأبو دقلة، والعوارين، وحسن، وبرغوث، والمطور من الحبابلة من مُطَيْر.
ومنهم عمدة مُطير أسيوط وهو فرحان ثابت مطر (المطور).
(4)
الطويل:
وهم من العواصية وكان منهم العمدة سابقًا (لمُطَيْر).
(5)
أولاد أبو عيد:
وهم من العواصية من مُطَيْر.
(6)
أبو غنمي والمرخ:
من الشميلات من مُطَيْر.
(7)
أولاد أبو غانم:
من العواصية من مُطَيْر.
(8)
أولاد سعيد:
منهم البجاوين، والزرق، وأبو عون، وأولاد سعيد وهم من الحبابلة من مُطَيْر.
(9)
أبو غنام:
من العواصية من مُطَيْر.
(10)
الجلويات:
من الشميلات من مُطَير.
(11)
أبو فضل الله:
من الشميلات من مُطَيْر.
ويسكن أغلب عشائر مُطَيْر في أبنوب والحمام وأغلبهم في عرب مُطَيْر من حاجر أسيوط شرقي النيل.
ومن شيوخهم أو من كبارهم في أسيوط:
راغب محمد جاد الله وفرحان علي حسن، وعثمان أبو لولي من أولاد زيدان، وأنور أبو خليفة وشحاتة حسين العادلي من أولاد الشيخ، وحسين بركات حسين من غنام، وعلي محمد حسين من الطويل، وسيد عبد الله من أبو عيد، وأحمد حسن غنمي من أبو غنمي والمرخ، وعبد السميع الراس من أولاد سعيد، وحفني علي أبو غنمي من الشميلات.
تجمعات أخرى لمطَيْر في الصعيد المصري
في المنيا: توجد جماعات كبيرة من مُطَيْر في محافظة المنيا يبلغ تعدادها عشرة آلاف نسمة، كبارهم زهري محمد يوسف ومحمد فرحان.
في قنا: كما توجد تجمعات كبيرة في محافظة قنا خاصة في منطقة الشعراني بمركز قوص ويبلغ تعدادها حوالي 20 ألفًا، وكبار مُطَيْر هناك الشيخ بغدادي والشيخ أبو المجد.
الطميلات
نسب القبيلة:
تعود تسمية الطميلات في مصر على بطون تنسب إلى عَنَزة العدنانية في شمال نجد وهاجرت قادمة من الجزيرة العربية إلى سيناء ثم إلى وادي النيل وسكنت وادي الطميلات الممتد في ترعة الإسماعيلية إلى بحيرة التمساح، وسمي الوادي باسم هذه القبيلة بعدما نزلوا بها في القرن الحادي عشر الهجري، وهو واد كبير امتدت فيه ترعة الإسماعيلية حتى بحيرة التمساح، وكان حتى القرن العاشر يسمى وادي العباسية. وذكر الجزيري قبيلة الطميلات من قبائل المحمل لقوافل الحاج في سيناء في القرن العاشر الهجري.
قال أحمد لطفي السيد: الطميلات قبيلة عربية من عرب الحجاز وعدَّت في حصر عربان مصر عام 1883 م من قبائل الشرقية، ومنه عشائر في بني سويف والفيوم والدقهلية والغربية. ورجح المؤرخون هجرة الطميلات أو هؤلاء البطون من عَنَزة إلى سيناء ثم الشرقية ووادي النيل قبل خمسة قرون تقريبًا.
بطون وعشائر الطميلات
(أ) الحماطرة
(1)
: وهي أصل القبيلة وأكبر بطونها ومنهم فخوذ في الشرقية وهناك قرى كاملة من العباسة وأبو حماد حتى الإسماعيلية تعود بنسبها إلى (الحماطرة) الطميلات، كما منهم عائلات وعشائر في الفيوم وبني سويف والدقهلية والغربية، ونذكر من الحماطرة عشائر العداربة والمطالقة والدراهشة والجريدات والبغدادي
(2)
والكواتمة والنوافعة
(3)
والهواشمة، والهواشمة لهم قرية باسمهم في سرابيوم بالإسماعيلية يسكنها منهم ومن بعض الأناس غيرهم.
(1)
الحماطرة ذكرها الجاسر في معجم قبائل السعودية، وذكرها رضا كحالة في معجم قبائل العرب أنهم بطن من السويلمات من الدهاشمة من العمارات من بشر من عنزة في نجد ومسكنهم فدك (الحائط والحويط).
(2)
تولى البغدادى البقري وقاسم محمد من مشايخ الطميلات الإشراف على ناحية الشبانات بالشرقية أيام حكم محمد علي باشا.
(3)
ذكر بركات محمد عامر من الطميلات في الجناين - السويس وقال: إن أصله من العميرات من قبيلة الحويطات ونزح جده من نواحي الصف جيزة إلى الطميلات ودخل فيهم وصاهرهم وقال أن الطميلات معهم فروع كثيرة ليست من أصلها وأن الأصل هم الحماطرة وقيل: إن النوافعة من الهنادي ودخلوا في =
(ب) الهواتية:
وأشهر فروعهم الهتايمة ومنهم في الجناين بالسويس وأبو صوير وغيرها من قرى الإسماعيلية.
(جـ) البعالوة:
ومسكنهم في القصاصين بالإسماعيلية وغيرها من قرى الشرقية.
وذكر لي أن من الطميلات فروع مثل السويدات في المحسمة الجديدة بالإسماعيلية، والأشكوات في السويس والإسماعيلية، والهياكلة وعامر في الشرقية وغيرها من محافظات الوجه البحري والقبلي، ومن الطميلات أولاد مطر في عرب العليقات البحرية وكفر الصهبي وعزبة مراد بالقليوبية وغيرهم، وكان عمدة الطميلات في بداية هذا القرن منصور أبو بغدادي
(1)
، تولى بعده ابنه فيصل، ثم حسن فيصل، ثم عبد الجليل منصور، ثم محمد فيصل منصور، والعمدية للآن في آل فيصل.
لمحة عن الطميلات في القرون الأخيرة
من أبرر ما ذكر عن الطميلات في تاريخ مصر ونقله الفرنسي أميديه جوبير في كتاب وصف مصر المترجم من الأستاذ زهير الشايب فقد ذكر أميديه عن الطميلات أنها من قبائل الشرقية تسكن في وادي الطميلات الذي كان يمر فيه خليج أمير المؤمنين قديمًا، وقال: إن هذه القبيلة العربية في مصر يبلغ عدد فرسانها نحو خمسمائة فارس إبان الحملة الفرنسية عام 1798 م على مصر.
حياة الطميلات المعيشية
اتجه عرب الطميلات إلى الفلاحة والزراعة وصاروا من فلاحين مصر ونسوا عادات البدو منذ نصف قرن تقريبًا، ويملك عائلات الطميلات أراضي خصبة في الشرقية والإسماعيلية والسويس، كما تَحَضَّر الكثير من عائلاتهم الآن في المدن بالقناة والشرقية.
= الطميلات ومنهم مع (أبو طماعة) في الصف ضمن عمدية العيايدة، وهناك قرية النوافعة في فاقوس بالشرقية. والظاهر أن اسم الطميلات لقب على بعض العشائر القريبة من بعضها في النسب وقد أطلق عليها في بر سيناء بعد قدومها من الجزيرة العربية.
(1)
كان مسكن عمدة الطميلات في جزيرة أبو نملة قرب الزقاريق محافظة الشرقية، وآل بغدادي من أعرق فروع الطميلات وأكثرها عددًا في العصور الأخيرة ومنهم في الشرقية والإسماعيلية وبني سويف.
الجعافرة
نسبهم: ينسبون إلى جعفر بن أبي طالب الهاشمي القُرشي العدناني (انظر نسب أبي طالب في العليقات).
وقد اختلطوا مع الجعافرة من ذرية جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه.
تاريخ القبيلة في مصر
ذكره أحمد لطفي السيد عن الجعافرة نقلًا غن المقريزي أن بني جعفر قد عظُم شأنهم في أيام الدولة الأيوبية وظلوا زعماء العرب في مصر حتى أول دولة المماليك حتى تفرَّق العرب بعد موقعة سخا عام 651 هـ كما سيأتي مفصلًا.
وأضاف أحمد لطفي أن ذرية علي بن أبي طالب لهم بيوت كثيرة في القرى وهم الأشراف في الصعيد خصوصًا في ديار قريش من شمالي منفلوط إلى سمالوط غربًا وشرقًا ويحتاجون إلى كتاب خاص للتفصيل عنهم
(1)
.
نبذة لجعفر الشهير بالطيار
كان جعفر شقيق علي وأسن منه بعشرة سنين وأسلم قديمًا وهاجر الهجرتين أولًا لبلاد الحبشة (أثيوبيا) ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فتح خيبر، فعانقه وقال صلى الله عليه وسلم: ما أدري أأفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر. وكان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثهم حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يكنيه أبا المساكين وكثيرًا ما كان يقول له: "أشبهت خَلْقي وخُلُقي"، وقُتل شهيدًا في غزوة مؤتة بأرض الشام عام 8 هـ وهو أمير بيده راية الإسلام بعد مقتل زيد بن حارثة شهيدًا في ساحة المعركة، ووجد بجعفر أكثر من ثمانين جرحًا وقد قُطعت يده اليمنى فأمسك بلواء الإسلام بيده اليسرى فقطعها الروم فأمسك بعضديه الراية حتى لا تسقط ولكن فرسان الروم عجلوه وأصابوه في مقتل بعد أن تكاثروا عليه وكانوا أضعاف جيش المسلمين، وكان وقتئذ عمره أربعين سنة، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه حزنًا شديدًا، ثم رأى فيما
(1)
عن الأشراف في مصر فعددهم كبير وتوجد منهم تجمعات في قرى الوجه البحري خلاف من هم يحيى الصعيد، وقد تحضر أكثرهم، وسنفصل عنهم في مجلد خاص بهم في الموسوعة إن شاء الله تعالى.
كشف له الله أن جعفرًا له جناحان يطير بهما في الجنة مع الملائكة وهما مضرجان بالدم وقد أبدله الله يدان خيرًا من يديه التي فقدهما، ولذلك أسماء الناس (جعفر الطيار).
سلالة جعفر بن أبي طالب
وقد أعقب جعفر الطيار تسعة منهم ثلاثة لهم عقب وهم جعفر الأصغر، ومحمد الأكبر، وعبد الله أكبر، أما جعفر فأعقب عبد الله وأعقب عبد الله وعبد الرحمن وإسحاق وإسماعيل ومعاوية، وأما محمد الأكبر فأعقب عبد الله وعبد الرحمن والقاسم، وأعقب عبد الله الأكبر إسماعيل الزَّاهد وإسحاق العرضي وعلي الزينبي، أما إسماعيل الزَّاهد فمن عقبه زينب النائحة المعروفة ببنت النبطية الصوفية الشهيرة في بغداد، أما إسحاق العرف في أو العريض نسبة إلى العريض إحدى قرى المدينة المنورة فقد أعقب ثلاثة هم محمد وجعفر وقاسم وكان الأخير أمير اليمن وأعقب هذا أربعة هم أبي هاشم وداود وإسحاق وجعفر وعبد الله، ثم أعقب إسحاق حفيده عبد الرحمن، وأعقب جعفر: القاسم وإسحاق ومحمد ومن ذرية الأخير أبي علي عيسى نقيب عُمان، وأعقب عبد الله أربعة محمد وعبد الرحمن يزيد وجعفر، ومن ذرية الأخير بني شوشان وكانوا في نصيبين في شمالي سوريا وتقع إلى الشمال الشرقي داخل الحدود التركية.
ومن ذرية أبي هاشم داود وكان راوية لشعر ابن إدريس، وذخيرة الدين محمد بن عبد الله الظاهر بن عبد الولي بن الحسين ولد عام 626 هـ، ومن قرايتهم كمال الدين علي بن أحمد بن جعفر بن عبد الظاهر ولد بقوص وسكن إخميم من الصعيد المصري
(1)
.
وصلنا إذًا إلى ذرية علي الزينبي بن عبد الله بن جعفر الطيار وسمي الزينبي لأن أمه زينب هي بنت علي بن أبي طالب وقد أعقب: محمد الرئيس، إسحاق الأشرف.
أما إسحاق الأشرف فأعقب عبيد الله والحسن وعبد الله الأصغر وعبد الله وعبد الله الأكبر ومحمد القنطواني وجعفر وحمزة، والحسن أعقب إبراهيم
(1)
عن الروض المعطار للسيد مرتضى الزبيدي ص 11 (مخطوط).
والحسين والأخير رأس آل رفاف، ولعبد الله الأصغر عقب، ولعبد الله الأكبر عقب ينتهي عند جعفر رأس آل الأكوع، ولمحمد القنطواني عقب انتهى إلى الحسين رأس آل الحقاني، وأعقب جعفر محمدًا وعلي المرجا وعبد الله الأصغر وعبد الله الأكبر وهو رأس العمشليق، وأعقب حمزة محمد الصدري، وللصدري فرعان من داود والحسن فأعقب داود محمد وإسحاق وإسماعيل رأس آل اللطيم، فأعقب الحسن زيدًا ومحمد وإسحاق وأحمد يزيد رأس آل الحملاتي وإسحاق رأس آل الهياج وأحمد رأس الفافا.
أما محمد الرئيس فأعقب أربعة هم يحيى وعيسى والعباس وجعفر وإبراهيم، وأما عيسى فأعقب محمد المطبقي وله ثلاثة فروع، والعباس وابنه محمد الأمير علي الكوفة، وإبراهيم ومن أعقابه طوزي رأس آل طوزي وأحمد وكان له عقب بالكوفة، وأما عبد الله أبو الكرام فقد أعقب داود وإبراهيم ولهما عقب، ومحمد أحمر عينه وله ثلاثة منهم عبد الله رأس بني شاشان.
بقى إبراهيم الأعرابي قد أعقب عشرة منهم أربعة معقبون عبد الرحمن وعبد الله وجعفر السيد وعبيد الله وأعقب عبد الرحمن أربعة وأعقب عبد الله اثنين هما علي وإبراهيم، ومن ذرية الأخير أبي طالب النقيب ذي الجلالتين. أما جعفر السيد فقد أعقب أثنى عشر، ونقتصر على ذكر المعقبين منهم سليمان أعقب أربعة، وداود أعقب ثلاثة، وموسى أعقب خمسة، وعبد الله القرشي أعقب اثنين ومن ذريته الأمير جمال الدين أبي علَّاق الذي شنقه الظاهر بيبرس ملك مصر مع الأمير حصن الدولة ثعلب كما سيجيء، ومن أولاد جعفر السيد، ويعقوب ملك الحجاز وهو رأس القواسم بمصر، وعيسى الخلصي وله ذرية، ومحمد العالم وله داود، ومن داود محمد وعبد الله، ومن الأخير آل عجرة وآل حفاف، ومن أولاد جعفر السيد أيضًا يوسف أبو الأمراء وله سليمان وإبراهيم ومحمد أبو المحمديين أمراء الحجاز، ولمحمد هذا سليمان وإسحاق وجعفر، ومحمد صاحب المروة، ومن ذرية سليمان آل عبد الله أمراء وادي القِرَى في الحجاز، وبين بني يوسف وبني إسماعيل أخيه وبين بني علي بن أبي طالب (الأشراف) قامت الفتنة العظيمة التي أسفرت عن هجرة آل جعفر الطيار كليا إلى الديار المصرية في القرن العاشر للميلاد
(1)
.
(1)
عن بحر الأنساب ورقة (25) - مخطوط -.
ومن أولاد جعفر السيد، وإسماعيل وله إبراهيم المقتول، وأحمد المليح، وعيسى الشعراني، ومحمد العالم وللأخير سبعة من ذريته.
أما إبراهيم المقتول فله ثلاثة هم موسى ويعقوب وإسحاق ومن ذرية موسى أبي جميل رأس الجمايلة المشهورون في صعيد مصر، وشكر رأس بني شكر بالصعيد المصري أيضًا، أما الجمايلة في الصعيد ففيهم كثرة في المحافظات إسنا وقنا وأسيوط، وقال السيد المرتضى الزبيدي في كتابه الروض المعطار في 8 من جمادى الثانية عام 1191 هـ: رأيت من الجمايلهْ جماعة كثيرة بفرشوط وإسنا وأسيوط وقنا وكانت فيهم نقابة الأشراف بقنا
(1)
وأضاف السيد المرتضى وقال عن الجمايلة: غالبهم لا يحفظ نسبه إلا أنهم يعرفون أنهم من الجمايلة، وقال من ولد أبي جميل كان من نسله الأمير حصن الدولة فخر العرب أبي النور ثعلب بن يعقوب بن مسلم بن يعقوب بن حسان، وله خمسة بنين كانوا أمراء وهم عز العرب فارس والحسام عبد الملك وعلي وقطب الدين حسام وفخر الدين أبو الفدا إسماعيل والأخير أحد الأمراء في مصر في أيام الدولة الأيوبية وقد تولى إمارة الحاج عام 592 هـ وهو صاحب المدرسة الشريفية التي على رأس حارة الجودرية بالقاهرة تمت عام 612 هـ وقد توفي عام 613 هـ.
وحدد الحمداني مساكن الجعافرة على عهده في أواخر القرن السابع للهجرة في الديار المصرية فقال: مساكنهم من بحري منفلوط إلى سمالوط غربًا وشرقًا وعد من بطونهم حينئذ الحيادرة والسلاطنة وذكر أن منهم الشريف حصن الدين بن ثعلب صاحب دورة سريام بالأشمونين وبه عرفت دورة الشريف، وقد سمت نفسه للمُلك في أواخر الدولة الأيوبية وبقى حتى مَلَك الظاهر بيبرس بعد نصره على المغول (التتار) في عين جالوت بالشام، فلما عرف خبره أعمل له غوائل الغدر حتى قبض عليه وشنقه في الإسكندرية، وقد ساق هذا صاحب صبح الأعشى على اعتبار أن الشريف حصن الدولة من الجعافرة الذين ينتمون إلى جعفر الصادق
(2)
(1)
عن الروض المعطار ص 24.
(2)
وعن ذرية جعفر الصادق الأشراف من نسل الحسين بن علي بن أبي طالب فقد ذكر في مخطوطات المقريزي والقلقشندي وفي نهاية الأرب للنويري والقاموس للفيروز آبادي ولسان العرب لابن منظور ومعجم البلدان لياقوت الحموي أن بني جعفر الصادق هؤلاء منهم طائفة في مصر وأكثر نزلهم في الصعيد =
من ولد الحسين بن علي، والصَّواب رواية المقريزي من أن الشريف حصن الدولة كان عميدًا لآل الطيار في مصر
(1)
قال: والجعافرة هؤلاء يد مع بني طلحة وهو طلحة الجود تزوج فاطمة بنت القاسم بن محمد بن محمد بن جعفر التي أمها أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر وزينب بنت علي بن أبي طالب، وقد ولدت فاطمة هذه لطلحة إبراهيم بن طلحة، وولدت زينب لعبد الله بن جعفر أولادًا عرفوا بالزيانبة هم جعافرة الصعيد ومنهم ثعلب، ومن هنا كانت بنو طلحة المذكورة يدًا مع بني جعفر، فقيل طلحة وجعفر وهم يظنون أنهم من طلحة بن أبي بكر الصديق خطأ، وفاطمة هذه هي أم يحيى وأم أبي بكر ابني حمزة بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي، ومن هذه الإخوة كانت بنو طلحة وبنو الزبير والجعافرة يدًا واحدة في الصعيد، وللجعافرة في سعيد مصر بطنان هما: بنو عبد الله، وبنو محمد وقد غلب عليهم اسم بني إسماعيل وفيهم عدة بطون ذكر منهم المقريزي
(2)
ثلاثة عشر بطنًا ومنهم أولاد الشريف حصن الدولة ثعلب السابق الذكر. وعدَّ في أحلافهم أولاد حسين والأنصار ومُزينة
(3)
، وعدَّ في أولاد عبد الله عشرة بطون وعدَّ في أحلافهم عَنَزة وفزارة وبني عثمان الأمويين من قريش وبني خالد وبني مسلمة وبني ضباب وبني عسكر وبني ندا، ويطلق على الجعافرة الزيانبة لأن علي الزينبي أمه زينب بنت علي بن أبي طالب كما أسلفنا. وقد أعقب الشريف حصن الدولة ستة، ومن أحفاد حصن الدولة ثعلب بن علي أمير الجعافرة ورئيس القوم وقد أنِفَ من سلطنة المماليك وثار في سلطنة المعز أيبك التركماني وكاتب الملك الناصر يوسف بن عبد العزيز صاحب دمشق وجمع عربان مصر، فخرجت إليه كتائب الأتراك من المماليك وحاربوه فقبض عليه وسجن بالإسكندرية ثم شنقه الظاهر بيبرس وقتل معه ابن عمه الأمير جمال الدين أبي علَّاق.
= وبعضهم في وادي بني زيد من بلاد الشام وحول القدس الشريف، وفي بعض قرى أذرعات قوم يدعون أنهم من بني جعفر، ومن بلادهم ومراكزهم في الحجاز كنانة وهي عين بين الصفراء والأثيل، وذو الأثيل وهي بين بدر والصفراء كثيرة النخل.
قلت: توجد بلدة الإشراف بقنا وفيها من نسل جعفر الصادق طائفة وغيرها من نسل الإمام الحسين بن علي، كما هناك جماعة في الصعيد وفي سفاجة من الجعافرة ينسبون إلى عَنَزة وهناك رأي من الباحثين يرى أن هناك في المجد منهم نوع ينسب إلى جعفر من بني كلاب من هَوَازن وكانوا ضمن هِلَال (هَوَازِن) ومكثوا في الصعيد بينما واصل بنو هِلَال غزوهم بأمر الخليفة الفَاطمي لبلاد المغَرب عام 443 هـ.
(1)
عن البيان والإعراب ص 42.
(2)
في البيان والإعراب للمقريزي.
(3)
مُزَينة: غير مزينة سيناء وهم قدماء في صعيد مصر.
وقد ساق علي باشا مبارك حكاية الأمير حصن الدولة في الخطط في الكلام عن دوره الشريف قال: كان بقرب دهروط مساكن كثيرة للعربان ومسكن أميرهم الأمير حصن الدولة ثعلب ابن الأمير الكبير نجم الدين علي مجد العرب من عائلة ثعلب بن يعقوب صاحب دروط سريام، وفي عام 651 هـ قام ذلك الأمير وقامت معه جميع عربان الصعيد برا وبحرًا ثم كتب ذلك إلى الأمير الناصر صاحب حلب ودمشق أن يتجهز إلى مصر وهو يكون معه بجميع العربان وكانت خيالته 12 ألف فارس غير عدد لا يحصى من الرجال، وقد علم الملك المعز أيبك التركماني بذلك فجيَّش خمسة آلاف من الجند وسيرهم إليهم مع الأمير فارس الدين أقطاي بن عبد الله بالنجمي وبالمستعرب مات سنة 672 هـ، وكان أولًا من مماليك نجم الدين محمد بن أيمن ودخل في خدمة السلطان نجم الدين أيوب ولقب بالمستعرب، والتحمت الحرب عند دهروط فحدثت مقتلة عظيمة من طلوع الشَّمس إلى الزَّوال، وبينما الأمير حِصن الدولة يجول في المعركة إذ سقط عن فرسه فاحتاطت به ودافعت عنه الأتراك (أتراكه) فما أركبوه فرسه إلا وقد قتل من عبيده ورجاله نحو أربعمائة، ثم رأى الغلبة عليه فتقهقر بجيشه وتبعهم الأتراك (المماليك) بالقتل والأسر إلى دخول الليل، وأخذوا كثيرًا من نسائهم وأولادهم وغنموا منهم ما لا يحصى من الخيل وغيرها، ورجعوا بجميع ذلك إلى معسكرهم في بلبيس، ثم قاموا لمقاتلة قبيلتي لواتة وضب وكانوا أكثر أهل الغربية والمنوفية وقد تجمعوا في قسم سخا وسنهور والتحمت الحرب وانهزم العربان وخمدت جمرتهم في مصر.
ثم إن حصن الدولة بعد ما جمع ما بقي من أصحابه أرسل للمعز يطلب الصلح والدخول تحت طاعته، فقبل منه المعز ذلك ووعده بإقطاعات له ولرجاله على أن يكونوا من ضمن الجيش ويحاربون معه الأعداء، فاغتر حصن الدولة وظن المماليك الأتراك لا يستغنون عنه في محاربة الناصر، وقام وسار برجاله إلى بلبيس فلما قرب منهم وكان معه ألف فارس وستمائة راجل نصبت لهم المشانق ما بين بلبيس والقاهرة وصلبوا جميعًا إلا الأمير حصن الدولة فإنه أرسل إلى الإسكندرية وسُجن، وأمر الملك المعز بازدياد القطيعة المضروبة على العربان وأن يزادوا في القود
(1)
على المعتاد وأن يعاملوا بالشدة والقسوة فذلت العربان في مصر وضعفوا وانكسرت شوكتهم ونقص عددهم للغاية بعد وقعة سخا المذكورة.
(1)
القود: ما يبعث به للمملوك من الخيل والإبل العزيزة، ويقال وصل بالقود أو جهز القود على =
وهناك فوج آخر من أولاد جعفر الطيار هبط في أوائل المائة الخامسة في السويط إحدى قرى الشام وكان أميرهم سعد بن نعمة بن سلطان بن سرور بن رائع بن الحسن بن جعفر السيد، وحدث رجل منهم ورد إلى الحلة في العراق أيام حكم الأمير سليمان بن مهنا بن عيسى فقال: نحن بنو جعفر الطيار بادية مع آل مهنا نقرب من أربعة آلاف فارس نحفظ أنسابنا وننكح في أعراب طيئ ولا ننكحهم وأكثرنا لا يعرف تفصيل نسبه إلى جعفر الطيار، إنما كلنا نعرف أننا فقط من ولده
(1)
، ثم نزل فريق منهم إلى مصر وأسس قرية الجعفرية المعروفة بالغربية، ومن ذرية سعد الإمام المحدث ناصر الدين محمد ولد بالجعفرية عام 693 هـ وتوفي عام 788 هـ ترجمة السخاوي في الضوء اللامع.
ولا تزال الجعافرة
(2)
تنتشر في الجعفرية وما والاها من قرى الغربية في الديار المصرية، كما لا تزال فروع آل جعفر الطيار في نابلس بفلسطين، هبط السيد شرف الدين عبد الرحمن من ذرية السيد نعمة المتقدم نابلس في منتصف القرن السابع الهجري وفيها توفى وله هناك مقام يزار، ومن أحفاده قاضي القضاة بدر الدين محمد وتوفي في نابلس عام 881 هـ وقاضي القضاء كمال الدين محمد، ولي قضاء نابلس وتوفي بالإسكندرية عام 889 هـ، ومن ذريته أيضًا السيد مصطفى النقيب وهو نقيب الأشراف في نابلس، والسيد هاشم الفقيه العلَّامة
= العادة أو بعث القود اثني عشر فرسًا ونحو ذلك. قلت: وتاريخ المماليك أسود حالك السواد وليس مع العربان وحدهم ولكن مع جميع طوائف الشعب المصري، والأتراك العثمانيون هم امتداد للمماليك الأتراك الجنس، وهذا الجنس مشهور بالقسوة على الجنس العربي ويحب سفك الدماء ومجبول على الغدر والخيانة وتاريخهم يشهد بذلك، فكما رأينا بيبرس يقتل سيف الدين قطز وهو في نشوة انتصاره على التتار، وغيره الكثير من غدر المماليك ببعضهم، وآخر عصرهم هو غدر محمد علي بهم وذبحهم جميعًا في القلعة وقد بلاهم الله بمن هو أشد منهم غدرًا!.
(1)
عن بحر الأنساب لابن عنبة ورقة 27 (مخطوط).
(2)
توجد قرى الجعافرة في القليوبية، وفي فاقوس بالشرقية وفي إطسا بالفيوم، وفي قنا قرية تسمى الجعفرية ونجوع الجعافرة أيضًا في قنا (بقوص).
ومن الجعافرة بطون كثيرة في بلاد السودان بعضُهم من جعفر الطِيار الهاشمي وبعضهم من جعفر الصادق من الأشراف من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب وهم في قرى فطيرة بأسوان ويلقبون المحافيظ، وأشهر أجدادهم الأمير أحمد من نسل جعفر الصادق بن موسى الكاظم، ورأس الجعافرة في دراو وبنبان وسلوة ومنيخة وفطيرة التابعة لكوم أمبو، ومن شيوخهم صالح الجعفري رحمه الله المدفون بحديقة الدراسة بالقاهرة وقد شيد في حياته مسجد كبير هناك
والسيد محمد زيتون وابنه السيد هاشم وكلاهما سمع على السيد مرتضى الزبيدي في منزله في سويقة اللالا عام 1191 هـ، والأخير ألف الروض المعطار، ومن ذرية السيد هاشم السيد باشا هاشم رئيس وزراء الأردن في عام 1935 م. ومن الجعافرة مع العليقات من عَقيِل بن أبي طالب في نواحي إسنا بقنا من صعيد مصر، وكان عددهم 340 نفسًا وفي قرى فطيرة والمنصورية من أعمال إدفو (أسوان) وكان لهم شيخان وهما فضل عوض وعبد الله يوسف، وعلى كلٍّ فقد ذابت الجعافرة في قرى ومدن مصر وقد امتزجت بأهلها بعد أن كان لها من الحول والطول ما بيناه عنهم.
قلت: ومن بني جعفر الصادق أيضًا أذكر نجع الجعافرة في مركز قوص بمحافظة قنا، ومنهم قسم آخر في عزبة الإسماعيلية بكوم أمبو محافظة أسوان. والجعافرة من جعفر الصادق وكذلك الجعافرة من جعفر الطيار لهم صلات مصاهرة مع قبيلتي العليقات والعبابدة في بلاد الصعيد.
وذكر الشيخ حمد الجاسر
(1)
الجعافرة من جعفر بن أبي طالب الهاشمي القرشي في منطقة الأحساء بشرقي المملكة العربية السعودية.
وذكر عثمان حمد الله
(2)
أن من الجعافرة طوائف انتشرت جنوبًا في بلاد السودان خاصة في بلاد المحس، ومنهم شعبة الآن تعيش في كردفان وتتصل بالجوامعة هناك.
(1)
انظر معجم الأسر المتحضرة في المملكة العربية السعودية ص 100.
(2)
انظر سهم الأرحام مع السودان، ط. مكتبة القاهرة بالأزهر.
قريش
قبل الدخول إلى التفصيل عن أشهر بطون قريش القديمة في الديار المصرية نفصل لمحة عن كِنَانة أصل قريش، ومن المعروف أن جد قريش هو فهر ومن لم يجتمع فيه فليس بقرشي، ولقب أبناء فهو بقريش كما يقول الباحثون لتقرشهم حول الكعبة بعد أن جمعهم قُصي بن كلاب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانوا بيوتًا متفرقين في قومهم كِنَانة، والتقرش هو التكتل والتجمع وقيل: إن قريشا منسوبة لسمك أو وحش البحر الذي يجتمع حول فريسته وهو ما يعرف بالقرش. وفِهْر هو ابن مَالِك بن النَضْر بن كنَانة بن خُزيْمَة بن مِدْركَة بن إلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعْد بن عَدْنان. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: نحن بنو النضر بن كنَانة، وكانت تسكن الحجاز منذ سنة 100 ميلادية وديارهم في تهامة حول مكة المكرمة وقد تزعمهم قُصي بن كلاب حوالي 440 م. وفي بداية القرن السابع الميلادي كانت كِنَانة وقريش تعبدان العُزَّى وهو صنم نصبه عمرو بن لُحيَ جد خُزَاعة حول الكعبة المشرفة، وكان في الجاهلية أيضًا معبودان آخران لكِنَانة هما القمر والدبران، ورغم أن قريشا من كِنَانة إلا أن الأولى لزعامتها وانبثاقها عن كِنَانة لا تفتأ أن تتحارب معها، ففي عام 580 م نشبت حرب عظيمة بين قريش وباقي كِنَانة. أما ما يختص بهجرة باقي كِنَانة خلاف قُرَيْش إلى مصر فأمرها غير معروف تمامًا، لكن في زمن البطريرك شنودة في أواخر القرن السابع الميلادي وفي الربع الثالث من القرن الأول الهجري عام 81 هـ - 700 م، كان بنو مَدْلَج من كِنَانة من القوة بحيث استطاعوا أن يحاصروا مدينة الإسكندرية، وامتنعوا عن دفع الضرائب حتى جردت عليهم حملة خاصة
(1)
ثم نجد أن كِنَانة بعد ذلك بأعوام قليلة يساهمون في الثورة القبطية خصوصًا بني مَدْلج هؤلاء، ومن كِنَانة قدمت طائفة للديار المصرية على عهد الصالح بن رزيك وزير الخليفة الفاطمي عام 545 هـ ونزلوا دمياط وما حولها
(2)
وكانت كِنَانة العدنانية في أوائل القرن التاسع للهجرة حوالي عام 830 هـ ثلاثة بطون هم:
(1)
عن ماك مايكل ج ص 141، ص 142.
(2)
عن البيان والإعراب للمقريزي.
ضَمَرة، واللِّيث، وفِراس بن غنم
(1)
ومنازلهم في ساقية قُلتة ومما يليها في صعيد مصر أشهرها بنو لَيْث بن عبد مناة، وبنو مَدلج بن مُرة بن عبد مناة، وبنو صخر بن بكر بن عبد مناة، وبنو مالك بن مالك، وبنو ضمرة، وبنو فراس بن غنم. وقد حدد بعض الباحثين أن هناك أسماء انبثقت عن كِنَانة في الصعيد أشهرها بطون من الليث وهو بطن عثوارة وكذلك بطون أخرى مثل العقب، وجرش، وكنانة طلحة وذكر أن جماعات كنَانة
(2)
القادمة من بلاد الحجاز عندما نزلوا مصر حاولوا النزول في بلاد الصعيد خَاصة التي ينتشر فيها القرشيون، فلم يمكنوهم على أساس مراسلتهم وتبعيتهم لبني إبراهيم بن محمد من أمراء الجعافرة الهاشميين، وكانت مع كنَانة أخلاط من بعض القبائل قد دخلوا في كنفهم، وفي زمن المقريزي في أواخر القرن الثامن للهجرة ذكر بنو اللَيث من كنَانة وقال مساكنهم في ساقية قُلْتَة في صعيد مصر وباقيهم مما يليها أي في محافظات سوهاج وقنا.
ولنرجع إلى قُرَيْش: ويرى ماك مايكل أن هناك بطونًا من قريش في مصر ممثلة في الفتح من بني عدي وبني مخزوم وبني أمية وبني العباس، لأنَّنا عرفنا من ابن الحكم ومن أبي المحاسن أسماء الصحابة الذين كانوا في جيش عمرو بن العاص حين الفتح وهم جميعًا من قريش وكانت لهم القيادة، فعمرو والزبير كانا قائدين من قريش، فضلًا عن كثير من الأمويين الذين هاجروا إلى مصر بعد قيام الدولة العباسية ومطاردتهم من بلاد الشام، وبعد ذلك آل الخليفة العباسي الذي قدم على مصر بعد سقوط بغداد في أيدي التتار سنة 656 هـ وقد جعل لهم الظاهر بيبرس خلافة اسمية في القاهرة وظلت فترة طويلة في عهود المماليك. ويرى ماك مايكل أن بعض الأمويين والعباسيين قد أخذوا طريقهم إلى بلاد السودان في القرن الثامن الميلادي.
وفي أوائل القرن العاشر الميلادي اضطرت سلالة جعفر الطيار الهاشمي إلى النزوح من الحجاز تحت ضغط بني الحسن بن علي بن أبي طالب (الإشراف)، وكما
(1)
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حروبه في العراق لوددت لو أن لي في جيشي مائة من فرسان فراس بن غنم، وهذا لشجاعتهم النادرة في ساحة الوغى والقتال.
(2)
ومن كِنَانة جماعة من غفار في الصعيد المصري وبلبيس بالشرقية وحسب أيضًا معهم جماعة من القارة من خُزَيمة.
وضحنا أن الجعافرة توطنوا مع قبيلة ربيعة (كنز) العدنانية ما بين قوص بقنا وأسوان حتى السودان، ويمكن تلخيص البطون أو الجماعات القُرَشية التي سكنت مصر في بلاد الأشمونين والبهنسا بالمنيا على الأخص وما والاها من الصعيد، وقد أخذت قبائل جُهَيْنة وبلي إلى النزوح جنوبًا بضغط من الفاطميين الأشراف خلفاء الدولة الفاطمية في مصر كي تسكن محلها في مصر الوسطى (بني سويف والمنيا) تلك البطون القرشية.
نبذة عن أشهر الجماعات القرشية في الديار المصرية
(1)
بنو سَهم من كعب بن لؤي وهم رهط عمرو بن العاص فاتح مصر عام 640 م وكانت خطتهم حول الجامع العتيق (جامع عمرو) في الفسطاط وكانت هناك حصة وقف لأهل عمرو في الفسطاط، وقد تفرق هؤلاء أشتاتًا في أقاليم مصر خاصة في بلاد الصعيد وقد ذكرهم الحمداني في أواخر القرن السابع الهجري.
(2)
بنو عَدي
(1)
بن كعب بن لؤي رهط عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكر صاحب مسالك الأبصار أنه وفد من بني عدي القرشيين جماعة إلى الديار المصرية في عهد وزارة الصالح طلائع بن رزيك وزير الخليفة الفاطمي الفائز عام 545 هجرية، ومنهم رجال من بني عمر بن الخطاب في مقدمتهم خلف بن نصر العمري وأنهم لقوا من الصالح وافر الاحترام ونزلوا البُرلُس
(2)
من سواحل الأعمال الغربية، وذكر بعض الباحثين أن هناك في مصر طائفة كانت تعرف بالعمريين نسبة إلى عمر بن الخطاب وهم طائفة من سلالة عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(3)
بنو تيم بن مرة رهط أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وطلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ذكرهم الحمداني آخر القرن السابع الهجري: أن من بني الصديق أي من ذرية عبد الرحمن ومحمد ولدي أبي بكر جماعة في الأشمونين والبهنسا في (محافظة المنيا الآن) من بلادهم ثلاث فرق، الأولى: بنو إسحاق
(1)
لا تزال حتى الوقت الحاضر توجد قرى في بني سويف وأسيوط تحمل اسم بني عدي.
(2)
عن صبح الأعشى. قلت. والبُرلُس هي شمال كفر الشيخ الآن.
والثانية: فضاء طلح وهم بطون عدة، والثالثة: بنو محمد بن أبي بكر الصديق ومنازلهم في البرجين وسفط سكرة وطحا المدينة ودهروط البهنسائية وكلها في محافظة المنيا، وصاروا أشتاتًا في قرى بلاد الأشمونين، وزاد بعض الباحثين أن من بطونهم أيضًا بنو قصة ومنهم عائلات كثيرة هناك.
(4)
بنو مخزوم رهط خالد بن الوليد ومنهم سعيد بن المسيب التَّابعي الشهير وقد ذكر الحمداني أن من بني مخزوم جماعة في الصعيد بالأشمونين (المنيا) فيهم بأس ونجدة وقوة، وذكر بعض الباحثين أن منهم فروعًا في البهنسا يجاورون بنو الزبير بن العوام وكان لهم زرع وضرع مثلهم في تلك النواحي.
(5)
بنو كلاب بن مرة وزهرة بن كلاب ومنهم سعد بن أبي وقاص ومنهم آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن عوف، وذكرهم الحمداني وقال: منهم جماعة في بلاد الأشمونين ولا تزال قرية تحمل اسمهم إلى الآن وهي قرية زهرة بن كلاب، والأشمونين تابعة الآن لمحافظة المنيا مركز ملوي.
(6)
ومن بني شيبة من بني عبد الدار بن قُصي بن كلاب الذين بيدهم مفاتيح الكعبة، وقال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وقد أعطاهم مفاتيح الكعبة: لا ينزعها منكم إلا ظالم.
وذكرهم الحمداني وقال: إن من بني شيبة جماعة في الصعيد المصري في صفط وما يليها من البهنساوية ويعرفون بجماعة نهار.
قلت: وصفط قرية في مركز ببا بمحافظة بني سويف، ولربما هي صفط سكرة قرب البهنسا وهو الأصح، والبهنسا هي تابعة لمحافظة المنيا.
(7)
بنو أسد بن عبد العُزّى بن قُصي: منهم الزبير بن العوام وخديجة بنت خويلد رضي الله عنها أول زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وذكرهم الحمداني وقال من بني الزبير جماعة بالبهنساوية وما يليها، فمن ولد عبد الله بن الزبير: بنو بدر، وبنو مصلح، وبنو رمضان، ومن ولد مصعب بن الزبير جماعة محمد بن رواق. ومن ولد عروة بن الزبير: بنو غني وبهم تعرف القرية المسماة باسمهم إلى اليوم في مركز سمالوط بمحافظة المنيا، وهم أهل زرع وضرع.
(8)
بنو أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب: رهط عثمان
ابن عفان رضي الله عنه ومنهم أبو سفيان بن حرب وولده معاوية مؤسس الدولة الأموية، ومنهم جماعة في مصر منهم من ينتسب إلى خالد بن معاوية بن أبي سفيان، ومنهم من ينتسب إلى مسلمة بن عبد الملك أو حبيب بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ومنهم ولد إبان بن عثمان بن عفان بن العاص بن أمية، وديارهم في تندة وما حولها في مركز ملوي بمحافظة المنيا، وكان معهم المروانية من مروان بن الحكم الأموي، وأيام دولة الفاطميين في القاهرة ظلوا في ديارهم لم يُروع لهم سرب ولم يكدر لهم شرب.
(9)
ومن بنو الحسن (*) بن علي بن أبي طالب جماعة كبيرة أكثرها كان في جرجة منفلوط التابعة لأسيوط ومنهم في قنا في بلدة الأشراف، ومنهم بنو حسن الأشراف في المنيا، ونزلة الأشراف في المنيا، ونزلة الأشراف في طهطا بسوهاج وكان منهم رفاعة الطهطاوي أحد العلماء في مصر.
(10)
ومن بنو الحسين بن علي بن أبي طالب جماعة كبيرة أكثرهم من ذرية أولاد إسماعيل بن جعفر الصادق ويعرفون بأولاد الشريف القاسم بن جعفر الصادق، وقال المقريزي يذكر بنو إسماعيل بن جعفر الصادق: إن البلاد التي ينزلون فيها هم ومواليهم وأتباعهم وأحلافهم تمتد من الأشمونين بالمنيا بحري اتليدم ومعظم عائلاتهم في الذروة ومنهم جماعات بقنا، وقال الزبيدي في تاج العروس: إن من جعفر الصادق نقباء في حلب وبعلبك. وعن الأشراف وقريش سنفصل عنهم في المملكة العربية السعودية والبلاد العربية في مجلد خاص بهم من الموسوعة، وسنذكر الفروع القرشية والهاشمية والأشراف الذين لم يتم حصرهم حتى الآن في مصر، ونأمل التعاون مع محقّقي نقابات الأشراف في الفترة القادمة خاصة في مصر والمغرب وبلاد العراق والشام، إلى جانب بعض المراجع الهامة التي لم تكتمل بعد عن جميع البلدان العربية ونسعى إلى تجميعها لتكون مصدرًا لنا في التاريخ عن هذه القبائل في موسوعة القبائل العربية إن شاء الله تعالى.
(*) ومن الأدارسة من ذرية الحسن بن علي سلالات كبيرة في الصالحية بمحافظة الشرقية ودمنهور بالبحيرة والغربية وكفر الشيخ وكلها تنسب إلى الولي الصالح عطية أبو الريش الإدريسي. كما يوجد في السباعية مركز إدفو (أسوان) ويطلق عليهم القرشية وهم مجاورين للبصيلية وينسبون إلى الشيخ محمد جمال الدين بن محمد بن عبد السلام بن مشيش الإدريسي الحسني القادم من المغرب إلى مصر في القرن الثامن الهجري وشهرته "السايح" ومن القرشية في بولاق بالقاهرة والجيزة.
وذكر الدكتور عبد المجيد عابدين نبذة عن قريش في بلاد السودان قائلًا
(1)
:
القرشيون: تتمثل قريش، بمختلف فروعها، في عرب السودان. ففيهم البكريون والعمريون والزبيريون والطالبيون والعباسيون والأمويون، ويرى أحد نسابة السودان المعاصرين تقسيم العرب في السودان إلى ثلاثة أقسام هم: جهينة والطالبيون والعباسيون، فالطالبيون أكثرهم في السودان يجتمعون في ركاب ابن غلام الله بن عائذ. والعباسيون تجمعهم قبائل جعل أي الجعليين
(2)
. ويذكر نعوم شقير (أن أهم الأصول التي يرجع عرب السودان إليها في أنسابهم هي: بنو أمية وبنو العباس وجهينة والزبير بن العوام وجعفر الطيار (ابن أبي طالب)، وأن معظمهم ينتسب إلى جهينة وبني العباس إلا أن المنتسبين إلى جهينة أكثر)
(3)
.
ولا شك أن فئات من القرشيين في السودان قد اندمجت في مجموعات أخرى بالحلف أو المصاهرة، وربما كان هذا من أسباب اختلاف النسابين في نسب المجموعة الواحدة أحيانًا، فبعضهم ينسبها إلى قريش، وبعضهم ينسبها إلى جهينة أو ربيعة أو مضر (من غير قريش). وليس الاختلاف في رواية هذه الأنساب، هو دائما وليد جهل أو خطأ، ولسنا ممن يذهبون إلى الشك في هذه الأنساب جملة وتفصيلا، بل نعدها - إلى حد ما - مادة قد تهدينا إلى "نوع الحلف" الذي تألفت منه القبيلة أو المجموعة. فالشكرية - مثلًا - ينسبون في روايات مختلفة إلى جهينة أو فزارة أو جعفر بن أبي طالب. وهذا لا يعني أن هذه الروايات غير صحيحة جملة وتفصيلا، وإنما هي في نظرنا علامة قد تفيدنا في احتمال أن يكون هناك جماعات من هذه الأصول الثلاثة قد اندمجت في زمن ما، أو أزمان مختلفة في مجموعة الشكرية.
وقد نزحت جماعات من قريش إلى السودان في فترات مختلفة في مرحلة الأحلاف وربما جاء معظمهم من وادي النيل، وقليل منهم جاء من طرق أخرى
(1)
انظر البيان والإعراب للمقريزي تحقيق عبد المجيد عابدين.
(2)
محمد الفاتح 10 - 11.
(3)
تاريخ السودان 1/ 63.
كالطريق الليبي وطريق البحر الأحمر. ويحدثنا المقريزي أن أولاد أبي بكر رضي الله عنه كانوا من جملة العرب الذين اشتركوا في غزو بلاد النوبة أيام السلطان قلاوون
(1)
. وفي السودان "نجد المسلمية" هي القبيلة الوحيدة التي تنتسب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكثير منهم يسمون أنفسهم البكرية مبتعدين بنسبهم عن كل من الجعليين والجهنيين، وهم يعيشون في الجزيرة، حيث سمي أحد المراكز باسمهم، وعلى ضفتي النيل الأبيض، وأكثرهم مستقرون يمارسون الزراعة، ولهم في "البطانة" شعبة صغيرة تعيش عيشة البداوة
(2)
.
كذلك العمريون أو أولاد عمر، لعلهم دخلوا السودان على فترات، ومنهم طائفة كانت في حملة قلاوون التي أشرنا إليها، وربما دخل فريق منهم في أيام الظاهر بيبرس. فقد ورد في مخطوط قديم لأحد نسابة السودان كلام عن جماعة العواصم قال:(وهم آل عاصم بن عامر بن نصير العمري من بني عمر بن الخطاب، وكان أول سكونهم بمصر، ففروا إلى أرض السودان في أيام الظاهر بيبرس)
(3)
.
أما العباسيون، فكانوا أكثر عددًا في السودان. واشتهر الجعليون في السودان بأنهم عباسيون. والظاهر أن هذا اللفظ لم يكن يراد به اتجاه سياسي معين لهذه القبائل المهاجرة، فلعله أريد به مجرد النسب الشريف الذي يميزهم عن الطالبيين خاصة. ففي تلك المرحلة التي غذّت السودان بمعظم الهجرات العربية، كان اللفظ في أوساط العرب ولا سيما أهل البادية، أدل وأكثر اشتهارا على إحدى الطائفتين الشريفتين في بني هاشم، ونحن نعلم أنه كانت هنالك نقابة لهما، ثم أصبح لكل فريق منهما نقيب خاص في بغداد.
(1)
سلوك 1 - 3/ 737.
(2)
محمد عوض 224 - 225.
(3)
أحمد الفقيه: 196 - 197.
وليس من اليسير أن نرجع المجموعة الجعلية إلى بطونها الأولى في مصر. ولكن موقعها الجغرافي على نهر النيل ما بين الخرطوم وبلاد النوبة، وانتشارها من هذا المركز في شعب وفروع نحو البطانة والنيل الأزرق، ونحو النيل الأبيض جنوب الخرطوم، ونحو الغرب إلى كردفان - كل ذلك يحمل الدليل على أن هذه المجموعة قد دخلت السودان من الشمال من طريق وادي النيل
(1)
.
وليس في أقوال الرواة عن أصل تسمية "جعل" ما يرشدنا إلى معرفة نواة القبيلة أو المجموعة في شمال الوادي. ويختلف النسابة في أصل التسمية على قولين: القول الشائع أن إبراهيم الهاشم، جد الجعليين كان جوادًا كريمًا، وأنَّه كان يقول للجماعات التي تنضوي تحت لوائه: جعلناكم منا، فسمي لذلك جعلا. وفي مخطوط سوداني يرجع إلى سنة 1277 هـ/ 1860 م أنه لقب جعلا (بضم الجيم) لسمرته الشديدة ومنظره
(2)
. والواقع أنه لم يرد لفظ جعل ومشتقاته في أسماء قبائل العرب القديمة إلا في قبيلتين: إحداهما جعال بن ربيعة، حي أقطعهم الرسول صلى الله عليه وسلم أرض إرم من ديار جُذام
(3)
. والأخرى بنو حرام بن جعل، بطن من بلي من قُضاعة وهم بنو حرام بن عمرو بن جثمّ
(4)
. فاللفظ إذن معروف في الجزء الشمالي الغربي من شبه جزيرة العرب، أي في المستودع الأول الذي أمد مصر بموجاته العربية المتلاحقة، بل إن المصادر تحدثنا أن من بين الصحابة الذين نزلوا مصر حزام بن عوف البلوي، وكان من بني جعل من بلي، وهو ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة في رهط من قومه بني جعل، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم لا صخر ولا جعل. أنتم بنو عبد الله
(5)
. على أننا لا نستطيع أن نجد صلة ما بين هؤلاء والجعليين في السودان، ولا سيما إذا واجهنا اتفاق جمهور النسابة على أن
(1)
محمد عوض 160، 164.
(2)
أحمد بن الفقيه: 193.
(3)
لسان العرب 13/ 119، 14/ 281، القاموس المحيط 3/ 349.
(4)
تاج العروس للزبيدي 8/ 243.
(5)
ابن حجر، الإصابة 1/ 323، السيوطي، حسن المحاضرة 1/ 82.
الجعليين عباسيون، وأن جعلا ليس إلا لقبًا لإبراهيم. وفي روايات أخرى أن الذي سُمي جعلا هو "عبد الله جعل" حفيد إبراهيم جعل أو الجعلي (وقد يختلط بعض الناس فيقول عبد الله جعل، أو إبراهيم جعل، فإن عبد الله حفيد إبراهيم فلا غرابة ولا داعي للجدل)
(1)
. ويلاحظ أن نسب الجعليين المتفق عليه يشتمل على بعض أجداد من أعقاب سبأ مثل يمن الخزرجي وذي الكلاع الحميري وهو ابن سعد الأنصاري نسبة إلى أمه الأنصارية، إلا أنه يستمر بعد ذلك إلى العباس:(سعد الأنصاري بن الفضل بن عبد الله بن عباس).
أما الطالبيون فمركزهم الرئيسي في وادي الكنوز ووادي النوبة إلى حدود دنقلة، ونحن نعلم أن جيرانهم "الكنوز" من بقايا بني كنز الدولة (ربيعة) الذين كانوا سندًا قويًّا للدولة الفاطمية. ولا يبعد أن يكون الطالبيون قد اختاروا هذه المنطقة لصلة تربطهم بالكنوز. ويبدو أن هذه المنطقة ظلت طالبية حتى وفد إليهم جماعات أخرى مثل الجوابرة والغربية فسكنوا إلى جوارهم.
فالركابية يسكنون أواسط بلاد المحس، ومواطنها الرئيسية في مركز دنقلة وهم ينتسبون إلى جد من نسل الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو ركاب بن غلام الله بن عائذ. وإن صحت الروايات المتواترة لديهم، تكون هجرتهم من الناحية الشرقية من طريق البحر الأحمر. وقد هاجر منهم كثير إلى غرب السودان
(2)
.
وقبيلة الجعافرة نسبة إلى جعفر بن أبي طالب، كانت منهم جماعات تنزل الصعيد الأعلى وما زالت بقاياهم إلى اليوم، بين قوص وأسوان، ثم انتشرت طوائف منها جنوبًا إلى بلاد المحس ومع ذلك فإن لهم شعبة الآن تعيش في كردفان، وتتصل بالجوامعة
(3)
.
(1)
عثمان حمد الله 169.
(2)
محمد عوض 193.
(3)
نفس المرجع 193.
والعليقات عشيرة كانت من جملة العشائر التي تعمل في وادي العلاقي في أرض المعدن، وبعد أن أصاب الوادي الخراب، نزحوا شمالًا إلى بلاد الصعيد وإلى سيناء، والظاهر أن تسميتهم نسبة إلى العلاقي، ومنهم فروع سكنت بين المضيق وكرسكو وهم ينتمون إلى عَقِيل بن أبي طالب
(1)
. ومن ذرية عَقِيل أيضًا جماعة الصواردة في بلاد المحس
(2)
.
وفي دنقلة، عاشت أسرة سوار الذهب، وهو الشيخ ساتي محمد ولد عيسى، وفي رواياتهم أنه يرجع في نسبه - من جهة أبيه - إلى العباس، ومن جهة أمه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وفي بوهين سكنت جماعة من القادنية ويتصل نسبهم بمحمد بن الحنفية، وأول من ذكر منهم الشريف محمود بن. محمد بن سليمان بن جعفر بن عبد الله
(3)
.
وفي أنحاء السودان تفرقت جماعات أخرى كثيرة تنسب إلى قريش، وليس من اليسير إحصاؤها، وحسبنا أن نذكر منهم العبابدة، وهم يروون أنهم من نسل الزبير بن العوام، ويربطون نسبهم بالكواهلة. وسنرى أن العبابدة والكواهلة كانوا من قبائل أرض المعدن، ومنها تفرقوا في أنحاء وادي النيل.
ومن قريش "البطاحين" وهم يقولون أن اسمهم مشتق من بطحاء مكة، ويلتقون في نسبهم مع أجداد الجعليين. وقد روى لي أحد رواتهم أن هجرتهم كانت من طريق مصر إلى غرب السودان، ولهم في كردفان آثار يعرفونها، (وصاروا ينتجعون المراعي ومعهم أبناء عمهم القنن، فنزلوا بالضفة الشرقية للنيل في المكان الواقع شرقي الجريفات اليوم إلى ما بعد شرقي الحلفاية شمالًا
(4)
).
(1)
بركهارت 16 هامش (رحلاته إلى النوبة - الترجمة العربية).
(2)
عثمان حمد الله: 204.
(3)
أحمد بن الفقيه: 192 - 193.
(4)
رواية الشيخ حسن طلحة من أعيان البطاحين، في خلال زيارتي لأبي دليق منذ سنوات.
ومن قريش أيضًا ملوك سنار الذين عرفوا باسم الفونج، وهم الذين أسسوا أول سلطنة إسلامية واسعة النفوذ في السودان، وحكموا أكثر من ثلاثمائة سنة، منذ أول القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي). وهؤلاء الفونج ينتسبون إلى بني أمية، ومسألة موطنهم السابق الذي خرجوا منه إلى قلب السودان، حيث أسسوا عاصمتهم سنار، وهي مثار خلاف واسع بين الباحثين، ففريق يرى أنهم جاءوا من الحبشة، وفريق يرى أنهم من منطقة بحيرة شاد حيث الكانم والبرنو، وآخرون يزعمون أن لهم أصلًا زنجيا. ولم يعد للرأي الأخير ما يؤيده في الوقت الحاضر، أما عن الرأيين السابقين، فلا ينبغي - أن يؤدي أحدهما إلى الخلط بين الموطن والأصل العربي، وسواء أكان موطنهم السابق بلاد الحبشة أم بلاد البرنو، فإن هذا لا يمنع من أن يكونوا ذوي صلة بأعقاب بني أمية الذين استوطنوا هذه الجهة أو تلك. والجدير بالذكر أن أعقاب بني أمية، قبل قيام سلطنة الفونج، كانت منهم طوائف أموية تحدثنا المصادر أنهم سكنوا بلاد الحبشة والبرنو، ففي الحبشة (كان بنو أحمر، وهم قبيلة من بني أمية انقرض أكثرهم ولم يبق منهم إلا القليل)
(1)
. وفي منطقة البرنو يحدثنا أبو عبيد البكري، أن الكانم والبرنو يزعمون أن قومًا من بني أمية صاروا إليها عند محنتهم ببني العباس
(2)
، ويؤيد ر. بالمر هذه الرواية بمصادر أهل البرنو أنفسهم
(3)
.
ومن القبائل التي تمت بصلة القربى إلى قريش، قبيلة كنانة بن خزيمة، وكان منها طوائف في صعيد مصر وفي الوجه البحري. وفي سنة 647 هـ / 1249 م ألفت كنانة قوة من حرس دمياط واشتهروا بالتفوق في الدفاع عن هذه المدينة ضد هجمات لويس التاسع وجيشه من الصليبيين. ثم نزح قسم من كنانة إلى صعيد
(1)
أحمد بن الفقيه 196.
(2)
ياقوت: معجم البلدان 4/ 432.
(3)
بالمر 6 هامش.
مصر، ونزح قسم آخر منهم غربًا إلى مراكش
(1)
، ويحدثنا المقريزي أن كثيرًا من كنانة كانوا في إخميم في زمانه. ولعل أول من قدم منهم إلى السودان جماعة بزعامة "منصور"، عَبَروا طريق النيل من مصر إلى السودان، حوالي سنة 720 هـ/ 1320 م. ومن منصور تشعبت بطون كنانة الستة ومنهم أولاد سوار. وفي زمن ابن بطوطة الرحالة كانت كنانة ممن سكنوا سواكن
(2)
(في الفترة التي بين 1330 - 1340 م) وربما كان كمال بن سوار الذي أشار إليه القلقشندي وذكر أنه أحد زعماء القبائل الذين كانوا يكاتبون سلطان مصر في سنة 763 هـ / 1361 م
(3)
- هو شيخ كنانة في ذلك الحين. ويظهر أن كنانة هاجرت بعد ذلك إلى دنقلة، واستقروا هناك زمنًا، ثم تفرقوا فذهبت طائفة إلى كُوُن، جنوبي تقلي في كردفان، ولحق قسم منهم بالكبابيش، وبقي قسم كبير شرقي النيل الأبيض إلى اليوم
(4)
.
(1)
ماكمايكمل (1)168.
(2)
رحلة: 1/ 155.
(3)
صبح الأعشى 8/ 5.
(4)
ماكمايكمل (1)169.
ما قاله الشريف مصطفى شملول في عروبة مصر عن أشراف قنا
(*)
مقدمة عن القبائل العربية في قنا ومساكنها:
إن محافظة قنا عامرة بالقبائل العربية الأصيلة التي هاجرت من شبه جزيرة العرب على طول فترات التاريخ واتخذت منازلها في هذه المنطقة العريقة حيث طاب لها المقام، وما زالت التقاليد العربية بين أبناء هذه القبائل تشهد على طيب المحتد وعراقة الأصول.
ولعل سبب توالي الهجرات على هذه المنطقة بالذات يرجع إلى قربها من الحجاز عن طريق القصير، وخاصة أن هذا الطريق كان طوال العصور الوسطى طريقًا حيويًا مأمونًا، فقد كانت هناك قبائل بكاملها تتوالى بإذن من الوالي أو السلطان خفارة الدرب بين قنا والقصير وتوصيل القوافل
(1)
.
وإذا درسنا منازل القبائل العربية في محافظة قنا مبتدئين بشمالها، منتهين بجنوبها لوجدنا في نجع حمادي ودشنا قبيلة الهوارة
(2)
. وإلى جانب هذه القبيلة نجد عديدًا من البيوتات العربية التي ما زالت تحتفظ بعاداتها وتقاليدها، وكان هذه البيوتات على سبيل المثال لا الحصر بنو شادي الذين سكنوا القصر الذي عُرف باسمهم، فيقال له "قصر بني شادي" أو "قصر بني كليب" وينتسب بنو شادي إلى بني أمية
(3)
، وتتبع قرية القصر الآن مركز نجع حمادي.
ثم إننا إذا اتجهنا جنوبًا نجد قبائل أولاد عمرو والطوابية والغوصة والحجيرات وكلها تتبع لمركز قنا. وترتبط هذه القبائل مع بعضها كما ترتبط مع قبيلة الأشراف في قنا بروابط المحبة والمودة والوئام منذ مئات السنين. ثم تأتي بعد ذلك قرية الشيخ عيسى حيث تتجاوز بيوت الأشراف والعرب فلا تكاد تميِّز بعضهم عن
(*) قنا: أصلها Kainipolis بمعنى "المدينة الجديدة" على اعتبار أن دندرة Tantyrts " مدينة الإله هاتور" هي المدينة القديمة - (محمد رمزي: القاموس الجغرافي للبلاد المصرية - القسم الثاني "البلاد الحالية" ج 4 ص 176، 178).
(1)
أحمد لطفي السيد: قبائل العرف في مصر ج 1 ص 83.
(2)
المقريزي: البيان والإعراب ص 60.
(3)
القلقشندي: صبح الأعشى ج 4 ص 67 - 72
بعض، فالكل إخوة تربط بينهم جميعًا روابط المحبة والتراحم، وقد ضربوا للناس بذلك خير الأمثال في الإخوة العربية الصادقة التي يجب أن تسود كل قبائل المحافظة.
وتمتد بعد ذلك قرى الأشراف حتى مدينة قنا، ومن المعروف أن الأشراف في قنا إما من بني الحسن أو من بني الحسين، فالحسينيون هم ذرية الشريف جمال الدين جماز
(1)
بن القاسم بن مهنا أمير المدينة المنورة
(2)
وقد كانت هجرتهم إلى مصر في حوالي سنة 647 هـ - 1249 م.
أما الحسنيون فإنهم من ذرية الشريف محمد أبي نميّ بن أبي سعد الحسن بن علي بن قتادة أمير مكة المكرمة
(3)
، وقد حدثت هجرتهم في منتصف القرن العاشر الهجري (القرن السادس عشر الميلادي).
وعندما نصل إلى مدينة قنا نجد فيها قبيلتي الأشراف والحميدات اللتين صارتا في العهد الجديد على أتم وفاق، فقد انتهت الثارات والدماء إلى غير رجعة، وسادت بين القبيلتين روح عربية عالية فيها الاحترام المتبادل وفيها الرغبة الأكيدة لبذل الجهود من أجل بناء مجد البلاد وترك المهاترات والخلافات التي تؤخر المنطقة ولا تعود بالفائدة على أحد.
وبالإضافة إلى ذلك نجد في مدينة قنا أيضًا كثيرًا من العائلات التي تحفظ أصولها فهي إما عائلات مهاجرة من بلاد المغرب أو من شبه جزيرة العرب.
ثم إننا إذا اتجهنا جنوبًا بعد ذلك لوجدنا من بين القبائل العربية عرب الجبلاو، ولعل هذه التسمية ترجع إلى جا لهم اسمه (جبل أو جبيل) أو أنها تعني أن أصولهم نزحت من الجبال، وإلى جنوب مدينة قنا أيضًا نجد منازل الإشراف وقراهم التي تمتد حتى أبنود.
ثم نجد عرب الكلاحين
(4)
، والعليقات
(5)
، وحجازة الذين تمتد منازلهم بين
(1)
وزارة الأوقاف "قلم السجلات - قسم النظار يومية 190 جزء 14 وقفيات أهلية".
(2)
عمر رضا كحالة؛ معجم قبائل العرب القديمة والحديثة ج 3 ص 1152.
(3)
زيني دحلان - خلاصة الكلام في أمراء البيت الحرام ص 28.
(4)
عمر رضا كحالة: معجم قبائل العرب القديمة والحديثة ج 3 ص 990.
(5)
عمر رضا كحالة: تفس المصدر ج 2 ص 819.
أبنود وقوص، تلك القبائل الثلاث التي هاجرت من الحجاز واستقرت جموعها متجاورة على الجانب الشرقي للنيل في أقصى الصعيد عند قنا. ومن القبائل العربية التي تسكن أيضًا قرب أبنود. عرب كرم عمران وعرب البراهمة، ثم إننا إذا انتقلنا إلى قفط نجد فيها عائلات عربية عريقة
(1)
كما نجد قرب هذه البلدة قرية القلعة حيث يسكن عرب الأمراء، وبمناسبة ذكر عرب الأمراء يجدر الإشارة إلى أن لهم فروعًا أخرى تسكن في دندرة غربي النيل، وكذلك نجد قرب قفط قرية فاروقية الأشراف حيث يسكن الأشراف البركاتية الشهابية من ذرية الشريف عبد الله الأكبر الحصني السمهودي
(2)
. وقرب قفط أيضًا نجد عرب العويضات.
أما عند قوص فإننا نجد عرب دنفيق وعرب القمولات (البحري قمولا والأوسط قمولا والغربي قمولا والقبلي قمولا)، وعرب خُزام، وعرب شنهور وعرب الحجيرات، هذا بالإضافة إلى العائلات العربية التي تسكن بلدة قوص نفسها.
أما في الأقصر فإننا نجد الحجَّاجية الذين ينتسبون إلى السيد يوسف أبي الحجاج الحسيني، كما نجد من القبائل العربية هناك أيضًا قبيلة عرب العبابدة
(3)
.
وبين أرمنت وإسنا نجد عرب المطاعنة الذين اتخذوا منازلهم في كيمان المطاعنة وطفيس المطاعنة وأصفون المطاعنة ونجع الغريرة، وكما نجد هناك أيضًا عرب الرزيقات والعديسات والرياينة وغيرهم.
وفي إسنا نجد عرب الرواجح وآل حزيِّن، كما نجد عند إسنا أيضًا قبائل العضايمة والكلابية.
وهكذا يتبين لنا أن محافظة قنا عامرة بالقبائل العربية التي تؤكد أصالة العروبة في أرض النيل، وإن إيماننا لعظيم بجميع أبناء هذه المحافظة العريقة على اختلاف عائلاتهم وقبائلهم، كان أملنا لكبير في أن باستطاعتهم أن يرفعوا شأن محافظتهم ويدفعوا بها إلى التقدم والمجد، ويعيدوا إليها الحياة من جديد،
(1)
محمود كامل: عروبتنا ص 50، 51.
(2)
ابن عميد الدين النجفي: المشجر الكشاف ص 137 - مخطوط.
(3)
عمر رضا كحالة: معجم قبائل العرب القديمة والحديثة ج 2 ص 717.
ويعوضوا ما فاتهم في العهود البائدة، عهود الجهل والتخلف، يعوضوه عملًا وتعاونًا وإنتاجًا.
وإني أعتقد أن الدماء العربية التي تجري في عروق أبناء قنا والأنساب العربية التي تربطهم بعدنان وقحطان، لهي القوة التي تدفعهم إلى المجد والتقدم وتحفزهم دائمًا إلى العلياء، كما أني أدرك تمام الإدراك أهمية الدراسات التاريخية في تقوية المعنويات، ففي التاريخ معين لا ينضب من الخبرة والعبرة والأمل، وهو الذي يجدد العزم في القلوب ويحيى الثقة في النفوس.
ولقد وجدت تحت يدي من المراجع التاريخية والوثائق الكثيرة عن إحدى قبائل هذه المحافظة ما شجعني على أن أبدأ بها دراستي .. تلك هي قبيلة الإشراف في قنا التي جعلت منها نقطة البداية في هذا الموضوع الكبير، وما هذه القبيلة إلا واحدة في القبائل العربية العديدة التي هاجرت من منزل الوحي إلى أرض الكنانة لتتخذ في منطقة قنا منارلها.
وبودِّي لو تتاح لي الفرصة لأكتب عن تاريخ كل أسرة أو قبيلة في هذا الإقليم الأصيل، فلابد وأن في تاريخها جميعًا صفحات رائعة من العظمة والمجد، والبطولة والفداء.
قبيلة الأشراف في قنا
تسكن هذه القبيلة في محافظة قنا ويبلغ تعداد أفرادها حوالي خمسين ألف نسمة، وهم يسكنون مدينة قنا وضواحيها، كما تنتشر قراهم أيضًا على الضفة الشرقية للنيل شمال مدينة قنا وجنوبها على مسافة تبلغ حوالي 30 كيلو مترًا
(1)
، ففي شمال قنا يسكنون في القرى والنجوع الآتية:
المخادمة والشيخ عيسى ونجع الجزيرية والأشراف البحرية حيث نجع البطاطخة ونجع الشويخات.
وفي جنوب قنا يسكنون في:
الأشراف القبلية حيث نجع الخربة ونجع الكوم وفي الأشراف الشرقية حيث نجع الدومة ونجع الحي، وفي الأشراف الغربية حيث نجع الكراوين ونجع الأخصاص ونجع النوابعة وفي العسيلية.
وقد بلغ كثيرًا من أفراد هذه القبيلة شأنًا عظيمًا بين الناس في المنطقة بفضل نشاطهم. وعلمهم وفضلهم، ومما يدعو إلى الفخر أن الأشراف في قنا رغم ما وصلوا إليه من مناصب عالية كالوزارة وعضوية مجالس النواب والشيوخ في الماضي إلا أنه لم توجه لأي فرد منهم تهمة استغلال النفوذ أو الرشوة، ولم يصدر قرار واحد بالعزل ضد أحد منهم في عهد الثورة.
وليس هذا فحسب بل إنهم في عهد الثورة المجيدة أصبحوا جنودها المخلصين فغزوا بإخلاصهم وعلمهم جميع مرافق الحياة، فنجد منهم أعضاء في (المجالس النيابية والأحزاب السياسية) والقوات المسلحة، كما يعد خريجو الجامعات منهم بالمئات وفيهم المهندس والطبيب والقاضي والمستشار والمحامي والمذيع والأستاذ والمحاسب .. بالإضافة إلى أن العمال والزراع من أبناء القبيلة يساهمون بكلِّ عزيمة وإيمان في بناء مجد البلاد ورفع شأن مصر.
(1)
خريطة طرق مواصلات الوجه القبلي - مقياس 1: 300،000 مصلحة المساحة 1955 (52/ 229).
ويرجع تاريخ هذه القبيلة في منطقة قنا إلى سبعمائة عام وينتسب أفرادها إلى رجلين
(1)
: أحدهما من نسل الحسين الشهيد ابن علي بن أبي طالب وهو الشريف جمال الدين جمَّار بن القاسم بن مهنا أمير المدينة المنورة
(2)
وقد عاصر جماز الملك عبد العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبي الذي حكم مصر 589 - 595 هـ (1193 - 1198)
(3)
، وكانت هجرة ذرية الشريف جمار إلى مصر في حوالي سنة 647 هـ - 1249 م وهي السنة التي قُتل فيها الأمير شيحة بن هاشم أمير المدينة المنورة على أيدي بني لام من قبيلة طيئ ثم حدث فيها النزاع على إمرة المدينة، هذا النزاع الذي انتهى بتولي عيسى الحرون بن شيحة حكم المدينة
(4)
وهجرة الجمامزة إلى مصر، ومنذ ذلك التاريخ استقرت بهم الأحوال في أرض الكنانة. ويؤلف الجمامزة الآن معظم أفراد قبيلة الأشراف في قنا والقرى المحيطة بها.
أما الرجل الثاني فهو من نسل الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب وهو الشريف حسن بن بساط العنقاوي، وقد نزل الحسن في قنا في منتصف القرن العاشر الهجري أي القرن السادس عشر الميلادي، ورافقه في هجرته ابن أخيه الشريف محمد بن شكيب بن بساط، واستقرت ذريتهما في مدينة قنا، كما يسكن بعضهم في قرية المخادمة.
وقد كان للأشراف تقاليدهم وعاداتهم التي تمسكوا بها عبر القرون والأجيال، ومازالوا حتى اليوم متمسكين بها محافظين عليها.
ويروي لنا التاريخ أن الأشراف بعد هجرتهم إلى قنا كانوا عنصرًا من عناصر الاستقرار والأمن لهذه المنطقة، وكانت الأماكن التي سكنوها تعيش في أمن وسلام ورغد، فلا طغيان ولا تحكم، ولا اعتداء على أحد بدون سبب، وها هو الخالدي أحد المؤرخين الذين كتبوا عن تاريخ مصر إبان القرن التاسع الهجري
(1)
حسين الرفاعي: تحقيق "بحر الأنساب" وبذيله كتاب "نور الأنوار" ص 29 - 31.
(2)
ابن عنبسة: عمدة الطالب ص 119 - مخطوط.
(3)
زامباور: معجم الأنساب ج 1 ص 150، 151 ترجمة زكي حسن.
(4)
ابن فرحان اليعمري: نصيحة المشاور س 140 - مخطوط؛ القلقشندى، صبح الاعشى ج 4 ص 302.
(القرن الخامس عشر الميلادي) أي بعد هجرة الأشراف الجمامزة إلى قنا بأكثر من مائتي عام .. كتب يقول: إن الهوارة استقروا في صعيد مصر وسكنوا في المنطقة الواقعة غرب النيل ابتداء من أسيوط ثم ما يليها جنوبًا، وبعد أن تحدث عنهم قال: أما عن الجهة الشرقية للنيل في الصعيد الأعلى فإنه ابتداء من بلدة أبويط شمالًا وحتى آخر جرجة قوص جنوبًا فقد "كانت بلادهم بلاد أمن وررع ومراعي وضرع"
(1)
. ويقصد بذلك أراضي وقرى في شرق النيل من بينها قرى الأشراف وأراضيهم.
تلك كلمة عامة عن هذه القبيلة وسندخل الآن في التفاصيل فنتحدث أولًا عن العنقاويين من بني الحسن .. تاريخهم قبل هجرتهم إلى قنا وكيف اعتلى جدهم الشريف قتادة بن إدريس منصب الإمارة في مكة المكرمة
(2)
وكيف توالى أبناؤه وأحفاده من بعده على الإمارة، ذادةً عن الحجيج وحماة لبيت الله الحرام، وكيف ازداد نفوذهم وحتى وجد سليم الأول سلطان الدولة العثمانية أنه أحوج ما يكون لشريف مكة ليكسبه الصفة الشرعية في حكم الأمة الإسلامية؟ ثم نتكلم عن سبب هجرة العنقاويين إلى أرض الكنانة حيث نزلوا إلى جوار بني عمهم الجمامزة من بني الحسين في قنا.
ونتحدث بعد ذلك عن الجمامزة من بني الحسين .. تاريخهم قبل هجرتهم إلى قنا، وكيف اشتغلوا في المدينة المنورة بالعلم والفقه
(3)
بعد استشهاد جدهم الحسين بن علي بن أبي طالب؟ ثم توليهم منصب الإمارة في المدينة المنورة في رحاب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ثم نتكلم عن مساهمتهم في الحروب الصليبية تحت لواء صلاح الدين الأيوبي .. ومن هنا بدأت علاقة أمراء المدينة المنورة بالأيوبيين، وقد استحق الأمير جمال الدين جماز بن القاسم أمير المدينة كل تقدير وإكرام من الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبي لما أبلاه هو وأبوه الأمير عز الدين القاسم بن مهنا من جهاد وبطولة في الحروب الصليبية، ثم نتعرض للحديث عن أراضي قنا
(1)
الخالدي: المقصد الرفيع المنشا ص 143 - 144 مخطوط.
(2)
زيني دحلان: خلاصة الكلام في أمراء البيت الحرام ص 22، 23.
(3)
سيد أمير علي: مختصر تاريخ العرب ص 204 - ترجمة عفيف البعلبكي.
التي أوقفها العزيز عثمان على جمال الدين جماز وعلى ذريته، وبعد ذلك نتكلم عن الفترة ما بين إمرة الجمامزة
(1)
في المدينة وبين هجرتهم إلى مصر - سنة 647 هـ - 1249 م تقريبًا، وسبب هجرتهم ونزولهم في الأراضي الموقوفة عليهم بقنا، ثم قصة هذه الأرض
(2)
.
وعندما نجيء إلى قصة الأراضي الموقوفة نجد أنفسنا في لقاء مع العنقاويين من بني الحسن، نلتقي بهم لنواجه معًا طغيان الأتراك وجبروتهم وظلم السلطان سليم الأول واستبداد الوالي التركي البغيض محمد علي.
ويجب ألا يغيب عن ذاكرتنا أن للدوحة النبوية فروعا كثيرة، وقد انتشرت هذه الفروع في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، ولكني سأقتصر في بحثي هذا على دراسة تاريخ الأشراف العنقاويين والجمامزة فقط من بني الحسن والحسين.
الحلقة التاريخية بين المدينة المنورة وقنا
(الشريف جماز الثاني ابن مهنا وأخوه الشريف هاشم)
في سنة 647 هـ - 1249 م هاجر الأشراف الجمامزة من المدينة المنورة إلى الديار المصرية عن طريق سيناء، ومن المعروف أن مثل هذه الرحلة تستغرق أربعين يومًا بالقافلة
(3)
، وقد استقر بهم المقام أولًا في محافظة الشرقية، فنزلوا في مكان قريب من مدينة الزقازيق الحالية، ويعرف هذا المكان باسم "كوم الأشراف" حتى اليوم وذلك نسبة لهم، ثم رحلوا إلى صعيد مصر حيث استقروا في الأراضي الموقوفة عليهم بناحية قنا، عدا أحد الجمامزة وهو الشريف نائل بن جماز فإنَّه بقي في كوم الأشراف بالشرقية حتى توفى هناك، ثم لحقت بعض ذريته بأبناء عمومتهم في قنا، وبقي البعض الآخر في هوم الأشراف وما زالوا فيها حتى الآن.
(1)
ابن فرحان اليعمري: نصيحة المشاور ص 140 - مخطوط.
(2)
وزارة الأوقاف (قلم السجلات - قسم النظار - يومية 190 جزء 14 وقفيات أهلية).
(3)
جورج أنطونيوس: يقظة العرب ص The Arab Awakening ترجمة دكتور ناصر الدين الأسد ودكتور إحسان عباس (بيروت 1962).
وكانت أول منازل الأشراف في الجمامزة في ناحية قنا في المكان المعروف بـ "الأخصاص" وهذا المكان يقع في جنوب مدينة قنا الحالية، وسمي بالأخصاص لأن الجمامزة بنو فيه أخصاصهم، وذلك قبل أن يعمروا بيوتهم في المنطقة، وقد تكاثرت ذرية الشريف جمال الدين جماز في قنا وأصبحوا يشكلون القسم الأكبر من قبيلة الأشراف فيها.
ثم نتساءل بعد ذلك عن ذرية الشريف جمال الدين جماز وأفرادها فنجد أنهم يسمون بالجمامزة أو الجامزة، وقد تكرر ذكرهم بهذا الاسم في المراجع التي تعرضت لتاريخ المدينة المنورة، وذلك أثناء الحديث عن الخلاف الذي نشب بينهم وبين أبناء عمومتهم من أولاد الشريف شيحة بن هاشم، ويؤكد المؤرخون من أمثال ابن عميد الدين الحسيني النجفي
(1)
وابن فرحون اليعمري
(2)
وابن عنبة
(3)
أن الأمير جمال الدين جماز بن القاسم قد أنجب ابنين هما القاسم ومهنا وابنة هي مريم، أما القاسم فإنَّه تولى إمرة المدينة المنورة بعد وفاة عمه سالم بن القاسم بن مهنا، وظل في الحكم حتى قُتل على يد بني لام أحد بطون طيئ، وقد أعقب القاسم عميرًا. ولكن عميرًا لم ينجب، أما مهنا بن جمال الدين جماز فإنَّه أنجب ابنين هما: جمَّاز وهاشم ويذكر المؤرخون أن كلا من جماز وهاشم قد أعقب.
ومن المعروف أن ذرية الشريف جمال الدين جماز بن القاسم في قنا تنتسب إلى أربعة رجال من الجمامزة هم: الشريف هاشم والشريف نائل والشريف نجد والشريف عمارة.
وإني أرجح أن الشريف هاشم جد الأشراف الكراوين والدغيمات والبويرات (المخادمة والشويخات والبطاطخة) .. أقول إني أرجح أنه هو نفسه الشريف هاشم ابن مهنا بن جماز الكبير. كما أرجح أن الشريف جماز بن مهنا بن جماز الكبير هو الذي أنجب الشريف نائل جد النوائل والشريف عمارة جد العمارات والشريف نجد جد أولاد سرور والبدور.
(1)
ابن عميد الدين النجفي: المشجر الكشاف ص 74 - 93 مخطوط.
(2)
ابن فرحون اليعمري: نصيحة المشاور ص 140 مخطوط.
(3)
ابن عنبة: عمدة الطالب ص 115 - 119 مخطوط.
ثم أضيف إلى ذلك شيئًا وهو أنه قد يكون هاشم أخا لنائل ونجد وعمارة وليس عمهم، ولكن ما يقول المؤرخون من أن هاشمًا بن جماز الكبير قد أعقب يجعلني أرجح أنه عمهم وليس أخاهم .. هذا هو ما أعتقده بعد أن استقصيت أخبار ذرية الشريف جمال الدين جماز من مراجع متعددة.
بقيت كلمة أخيرة وهي أنه من المتواتر في قنا بين الأشراف الجمامزة أن هاشمًا ونائلًا ونجدًا وعمارة هم أولاد الشريف جماز، والمقصود بذلك هو جماز ابن مهنا بن جماز الكبير، بالإضافة إلى أن افتخارهم بجدّهم الأول جمال الدين جماز الكبير أمير المدينة المنورة ومحارب الصليبيين ورفيق بني أيوب في السلاح وأخوهم في الجهاد، أقول: إن فخرهم واعتزازهم بجدِّهم جماز الكبير جعل القول متواترًا بأن نائلا ونجدا وعمارة وهاشمًا هم أولاد جماز الكبير مباشرة وليسوا أولاد أولاده.
ومع هذا فنحن لسنا في معرض الأقوال المتواترة فقط .. ولكننا نريد أن نبحث الموضوع بحثًا تاريخيًا علميًا، ونريد أن ندخل في تفاصيل أوسع .. لذلك نقول: إن الذين هاجروا من الجمامزة إلى الديار المصرية هم الشريف جماز بن مهنا بن جمال الدين جماز وأخوه هاشم وذريتهما، ومما يؤكد هذا الرأي أن وفاة الشريف جمال الدين جماز كانت في المدينة المنورة حوالي سنة 600 هـ - 1203 م وقد تولى بعده أخوه سالم بن القاسم على حكم المدينة
(1)
، ثم تولى القاسم بن جمال الدين جماز ثم توالت الأحداث وحدثت الفتنة التي أدت إلى هجرة الجمامزة من المدينة المنورة
(2)
، وكانت هذه الفتنة في سنة 647 هـ - 1249 م على أثر مصرع الأمير شيحة بن هاشم في تلك السنة
(3)
، فمن غير المعقول أن يكون جماز الكبير هو الذي هاجر، وأنَّه هو الذي دفن في قنا، ولكن المعقول الذي يتفق مع تسلسل الحوادث هو أن جماز الحفيد هو الذي هاجر ومعه أخوه هاشم.
ومهما يكن من شيء فإن انتسابهم إلى جماز مباشرة أو أنهم أولاد أولاده فإن هذا لا يسيء إلى القضية، فإن مرجع الأبناء والأحفاد إلى جدهم الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن مآل هذه الفروع النامية إلى أصلها الكريم.
(1)
زامباور: معجم الأنساب ج 1 ص 177، 178 ترجمة زكي حسن.
(2)
ابن فرحون اليعمري: نصيحة المشاور ص 140 مخطوط.
(3)
القلقشندي: صبح الأعشى ج 4 ص 298 - 302.
ثم أسوق لكم في معرض الحديث عن ذرية الشريف جماز أحد نصوص الحكم الذي تحفظه سجلات وزارة الأوقاف بشأن الأراضي الموقوفة على الأشراف بناحية قنا
(1)
. وينص الحكم على أن:
"
…
عمر الناظر واضع يده على حقهم لسنة سبع وثمانين وتسعمائة 987 هـ - 1580 م وأجاب المذكور بالنظر بالاعتراف والنظر، ولم يعلم أنهم من ذرية جماز، وأحضروا جماعة من الأشراف واستشهدوا بما يعلموه فشهدوا بأنهم من ذرية الشريف جماز المذكور أمير المدينة وبنو عمهم ومتصل نسبه بهم، وحكم القاضي بذلك بعد الثبوت، وقيد ذلك بالمحكمة وسألوا المتهمين الإفراج من الديوان ليتصرفوا في ذلك وفي الخراج بالسوية بينهم حسب ما ارتضوه المذكورين بالديوان
…
".
والواقع أننا إذا انحدرنا مع أعقاب الشريف جمال الدين جماز لوجدنا أن الجيل الذي صار بخصوصه هذا الحكم من محكمة قنا الشرعية يعتبر الجيل الخامس أو السادس بعد جماز، وهذا ما لا يسمح بنسيان الأب والجدار جد الجد.
ومن الواضح أنهم لو كانوا أدعياء لما آلت إليهم هذه الأوقاف، ولما مكن الله لهم في الأرض، فالمعروف أنه كان للأراضي في ذلك الوقت نظام دقيق، فلها سجلات وأوراق ممهورة بالأختام، وقد أسهب الخالدي في كتابه (المقصد الرفيع المنشا - مخطوط) عند الحديث عن النظم المتبعة بشأن حيازة الأراضي في هذه العهود، فقال: إن لها سجلات دقيقة وحجج مكتوبة بعبارات خاصة وممهورة بالأختام.
وهناك اعتبار آخر وهو أن شروط وقفية الأشراف تنص على أنه إذا انقرضت ذرية جماز ولم يبق منهم أحد فإن هذه الأراضي تئول إلى حاكم المدينة المنورة، وهذا ما لم يحدث .. لا في عهد الأمير عيسى الحرون الذي استولى على مقاليد الأمور من الجمامزة ولا في عهد من خلفه من أمراء المدينة وشروط الوقفية غير خافية على أحد.
كما وأنَّه من المعروف أن طريق الحجاز بين قنا والقصير فالبحر الأحمر كان طريقًا سهلًا مأمونًا في ذلك الوقت، فقد كانت هناك قبيلتان من العرب تتوليان
(1)
وزارة الأوقاف (قلم السجلات - قسم النظار - يومية 190 جزء 14 وقفيات أهلية).
خفارة التدريب من قنا للقصير وتوصيل القوافل وهما الطريفات والشرايقية ثم حل محلهما عرب العليقات في الحراسة
(1)
. فإذا أراد حاكم المدينة المنورة أن يتصل بقنا أو يعرف قصة أراضيها الموقوفة فهو أمر سهل وبسيط.
وإلى جانب ذلك فإن المؤرخين - كما سبق أن قلنا - قد أجمعوا على أن الشريف جمال الدين جمَّاز أعقب من ذرية يطلق عليها (الجمامزة) أو (الجامزة) وهذا هو السمرقندي الحسيني العلوي يذكر في كتابه (تحفة الطالب) بكلِّ دقة جميع عائلات الأشراف وأعقابهم حتى سنة 994 هـ - 1585 م ومن بينهم الجمامزة
(2)
وذلك بعد هجرة الأشراف الجمامزة إلى قنا بحوالي 347 سنة، كما أن النسابة إدريس بن أحمد الحسني العلوي صاحب كتاب (الدرر البهية) الذي فرغ من تأليفه سنة 1314 هـ - 1896 م بعد أن اعتمد فيما يتعلق ببني الحسين على الجرائد الحسينية الوثيقة
(3)
وكتب الأنساب الثابتة، قال عن أعقاب الحسين الأصغر ابن علي زين العابدين أن من بينهم الأشراف الجمامزة
(4)
.
ومن البديهي أن نقول: إن الأشراف في قنا لو كانوا أدعياء فأين الأبناء الحقيقيون لجمال الدين جماز؟ وهل قصرت السنين الطويلة عن إماطة اللثام عن الادعاء وإعادة 8750 فدانًا إلى أبنائه الحقيقيين، ومن المؤكد أن المجال كان متسعًا لدحض أي ادعاء أو افتراء، وخير مثال علي ذلك ما حدث من أن بعض الناس ادعوا انتسابهم إلى الشريف جماز واستحقاقهم لنصيب معين في أراضي الوقفية بقنا ورفعوا دعاوى أمام القضاء على أشراف قنا عدة مرات، ولكن في كل مرة كانت الأحكام تصدر لصالح الأشراف في قنا بناء على الوثائق والحجج التي كانوا يقدمونها .. لقد كانت الأحكام تصدر مؤكدة أن أشراف قنا من بني الحسين هم الأبناء الحقيقيون للشريف جماز وأنهم هم أصحاب الحق الشرعي في الأراضي الموقوفة، كما أظهر القضاء كذب المدعين وحكم ضدهم ولا زالت الوثيقة التي
(1)
أحمد لطفي السيد: قبائل العرب في مصر ج 1 ص 83.
(2)
السمرقندي: تحفة الطالب ص 18 - 20 مخطوط.
(3)
إدريس بن أحمد: الدرر البهية (الوجه الأيمن) - مخطوط.
(4)
إدريس بن أحمد: الدرر البهية ص 189 (الوجه الأيسر) - مخطوط.
تؤكد ذلك محفوظة حتى اليوم ضمن سجلات مبايعات الباب العالي 274 مسلسل بقلم حفظ محكمة مصر الشرعية (نيابة القاهرة للأحوال الشخصية حاليًا - قسم الولاية على النفس).
كما أن جميع القرى التي نزلوا بها ما زالت تسمى بقرى (الأشراف) حتى الآن سواء في الشرقية أو في قنا، فالمجتمع المحيط بالجمامزة من حكام ومحكومين كانوا يعلمون أنهم الأشراف أولاد جماز، كما أن عاداتهم وتقاليدهم تؤكد أنهم الفروع النامية من الدوحة النبوية المباركة، ولعل ما جاء في الخرائط الرسمية الصادرة من مصلحة المساحة
(1)
وما جاء في القاموس الجغرافي
(2)
ما يثبت أسماء هذه القرى التي حملت اسم (الأشراف) منذ قرابة سبعمائة عام جيلًا بعد جيل.
تلك هي الحلقة التاريخية التي مر بها الأشراف الجمامزة ما بين هجرتهم من المدينة المنورة واستقرارهم في قنا، ويتبين لنا مما تقدم أن الحقائق تتكلم، مما يوضح الأمور ويجلي الشكوك، وهذا هو التاريخ شاهدي على ما أقول.
عائلات قبيلة الأشراف في قنا
تنتمي عائلات الأشراف في قنا إلى فرعين أولهما الفرع العنقاوي من بني الحسن وثانيهما الفرع الجمازي من بني الحسين، وسنتعرض في هذا الباب لأسماء العائلات في كلا الفرعين، كما سنتعرض أيضًا لأماكن إقامتها. وتشتمل عائلات الفرع العنقاوي على 30 عائلة. كما تشتمل عائلات الفرع الجمازي على 137 عائلة ووفقًا لهذين العددين يكون المجموع الكلي لعائلات الأشراف هو 167 عائلة، وإذا قدَّرنا بوجه عام تعداد كل عائلة بثلاثمائة نسمة فقط، فإن تعداد قبيلة الأشراف في قنا يبلغ 50 ألف نسمة في تعدادها وخاصة بين الأشراف الذين يسكنون القرى المحيطة بمدينة قنا.
وقد اعتمدت في معرفة أسماء هذه العائلات وحصرها على سجلات نظار الأشراف من بني الحسن والحسين التي تحوي أسماء جميع المستحقين لمرتبات المعاش
(1)
خريطة طرق مواصلات الوجه القبلي - مقياس 1: 000، 300 - مصلحة المساحة 1955 (52/ 279)؛ خريطة طرق مواصلات الوجه البحري والفيوم - مقياس 1 - 000، 300 مصلحة المساحة 1950 (471/ 49) 146/ 53.
(2)
محمد رمزي: القاموس الجغرافي (القسم الثاني البلاد الحالية) ج 4 ص 179، 180، 182.
حتى سنة 1961 م - 1381 هـ وهي نفس الأسماء المدونة بالإعلامات الشرعية المحفوظة حاليًا في سجلات محكمة قنا الشرعية (الأحوال الشخصية حاليًا) وهذه الإعلامات تشتمل على أسماء جميع المستحقين وبيان ما يخص كل شخص منهم وفق قوانين الوراثة ويبلغ عددهم حوالي 700 مستحق يمثلون جميع العائلات الحالية للأشراف في قنا.
ومما هو جدير بالذكر أن أقول إني استعنت بكتاب السيد بدوي صقر فيما يتعلق بهذه العائلات وخاصة أسماء عائلات المخادمة، وذلك لأنَّه كان رحمه الله على دراية كبيرة واتصال شخصي بجميع فروع العائلات الحالية.
وبذلك ضمنت بقدر جهدي واستطاعتي عدم نسيان آية عائلة من عائلات الأشراف .. وسنبدأ الآن حديثنا عن عائلات الفرع العنقاوي من بني الحسن ثم نتحدث عن عائلات الفرع الجمازي من بني الحسين.
عائلات الفرع العنقاوي من بني الحسن
قلنا: إن الشريف حسن بن بساط هو أول من هاجر من العنقاويين إلى قنا قادمًا من مكة المكرمة، ثم لحق به ابن أخيه وهو الشريف محمد بن شكيب بن بساط، ومنذ ذلك الوقت استقر الشريف حسن وابن أخيه في هذه الديار وتكاثرت ذريتهما.
وقد أعقب الشريف حسن بن بساط من أربعة رجال هم الشريف عمر الناظر والشريف أبو بكر والشريف بساط والشريف علي، وسنتكلم الآن عن ذرية كل منهم:
1 -
الشريف عمر الناظر بن الحسن: وهو الذي تولى النظارة على أوقاف الأشراف في قنا بعد أبيه، وهو الذي جاء اسمه في نصوص الحكم الصادر من محكمة قنا الشرعية بتاريخ أواسط ربيع آخر سنة 989 هـ - 1581 م بشأن الأشراف الجمامزة، وقد أنجب الشريف عمر ابنًا واحدًا هو الشريف عنقا الذي انقطعت ذريته.
2 -
الشريف أبو بكر بن الحسن: وقد أعقب من رجلين هما الشريف أحمد والشريف بصرى، أما ذرية أحمد بن أبي بكر فهي عائلات مسعود شيخ وحسنين وفندي وبلبص.
وأما ذرية بصرى بن أبي بكر فهي عائلات الأحمر والأبيض والفوال وحفني وشرقاوي والحجازي والخلاوي وعنقا ولعابة ووقعة.
3 -
الشريف بساط بن الحسن: وذريته هي عائلات مساعد والدالي والوليد ومعجب وحمدان.
4 -
الشريف علي بن الحسن: وقد أعقب من رجلين هما الشريف مبارك والشريف بركات، أما ذرية مبارك بن علي فهي عائلات مبارك وأبي إصبع وسيدي وأبو صغير وشريفة، وأما ذرية بركات بن علي فهي عائلات غشيمة وعنيبة ومراد محسن.
5 -
الشريف محمد بن شكيب بن بساط: هو ابن أخي الشريف حسن بن بساط، وذرية الشريف محمد بن شكيب هي عائلات قللي وبلاش وعبد الله.
وتقيم جميع عائلات الفرع العنقاوي من بني الحسن في مدينة قنا ما عدا آل الخلاوي، فهم يقيمون في ناحية المخادمة بمركز قنا، كما يقيم البعض من ذرية الشريف بصرى في المدينة المنورة حتى اليوم، وللعنقاويين أيضًا أقارب يسكنون إلى الآن في وادي فاطمة بمكة المكرمة، وبمناسبة ذكر وادي فاطمة، فإن هذا المكان يقع في شمال غرب مكة، ويسمى أيضًا بمرّ الظهران، ويرجع سبب استقرار كثير من أشراف بني الحسن هناك إلى أنه عندما اضطربت أمور مكة في القرن الثامن الهجري وكثر النزاع على الإمارة فيها. هجرها هؤلاء الأشراف، وانتقلوا إلى وادي فاطمة حيث استقر بهم المقام
(1)
.
عائلات الفتح الجمازي من بني الحسين
سبق وأن تحدثنا عن الشريف الأمير جمال الدين جماز بن عز الدين القاسم بن مهنا، وقلنا: إنه أنجب ابنين هما القاسم ومهنّا وابنة هي مريم. أما القاسم بن جمال الدين جماز فقد أنجب عميرًا ولكن عميرًا لم يعقب. وأما مهنا بن جمال الدين جماز فقد أعقب من رجلين هما جماز وهاشم، وعلى عهد هذين الرجلين حدثت الفتنة في المدينة المنورة وهي الفتنة التي آلت إلى هجرة الأشراف الجمامزة
(1)
فؤاد حمزة: قلب الجزيرة العربية ص 308.
إلى الديار المصرية في سنة 647 هـ - 1249 م وحضر الشريف جماز بن مهنا أخوه الشريف هاشم بن مهنا ومعهما أولادهما إلى أرض الكنانة، واستقر بهم المقام أولًا في محافظة الشرقية فقد نزلوا في مكان قريب من مدينة الزقازيق الحالية، ويعرف هذا المكان باسم "كوم الأشراف" حتى اليوم نسبة لهم، ثم رحلوا إلى صعيد مصر حيث استقروا في الأراضي الموقوفة عليهم بناحية قنا.
وقد أعقب الشريف جماز بن مهنا بن جمال الدين جماز الكبير من ثلاثة رجال هم الشريف نائل والشريف نجد والشريف عمارة، ومن المعروف أن الشريف نائل هو أكبر أبناء الشريف جماز، وهو جد النوائل ولم يرحل نائل مع بقية الجمامزة إلى قنا بل بقي في كوم الأشراف بالشرقية حتى توفي هناك ثم لحقت بعض ذريته بأبناء عمومتهم في قنا، وبقي البعض الآخر في كوم الأشراف، وما زالوا فيها حتى الآن.
أما الشريف نجد بن جماز فقد أعقب من رجلين هما بدر وسرور، فبدر هو جد البدور، وسرور هو جد أولاد سرور.
أما الشريف عمارة بن جماز فهو جد العمارات بناحية الأشراف القبلية ومدينة قنا.
ونعود بعد ذلك إلى الشريف هاشم بن مهنا بن جمال الدين جماز الكبير، وقد أعقب الشريف هاشم من ثلاثة رجال هم الشريف بوير والشريف دغيم والشريف كروان، ومن المعروف أن الشريف بوير بن هاشم قد أعقب من ثلاثة رجال هم الشريف مخدم جد المخادمة والشريف بطيخ جد البطاطخة والشريف شويخ جد الشويخات.
أما الشريف دغيم بن هاشم فهو جد الدغيمات، والشريف كروان بن هاشم هو جد الكراوين.
وبمقتضى هذا التسلسل يمكننا أن نقسم عائلات الأشراف من بني الحسين في قنا إلى تسعة أقسام .. ينتمى كل قسم منها إلى أحد الأشراف الجمامزة، ومرجعهم جميعًا إلى جدهم الشريف جمال الدين جماز الكبير بن القاسم بن مهنا الحسيني العَلَوي وهم كالتالي:
1 -
ذرية الشريف نائل بن جماز بن مهنّا بن جماز الكبير.
2 -
ذرية الشريف بدر بن نجد بن جماز بن مهنّا بن جماز الكبير.
3 -
ذرية الشريف سرور بن نجد بن جماز بن مهنّا بن جماز الكبير.
4 -
ذرية الشريف عمارة بن جماز بن مهنا بن جماز الكبير.
5 -
ذرية الشريف مخدم بن بوير بن هاشم بن مهنّا بن جماز الكبير.
6 -
ذرية الشريف بطيخ بن بوير بن هاشم بن مهنّا بن جماز الكبير.
7 -
ذرية الشريف شمويخ بن بوير بن هاشم بن مهنّا بن جماز الكبير.
8 -
ذرية الشريف دغيم بن هاشم بن مهنّا بن جماز الكبير.
9 -
ذرية الشريف كروان بن هاشم بن مهنا بن جماز الكبير.
أولًا - الشريف نائل بن جماز
هو جد النوائل، وذريته هي عائلات مهنّا والجدامي وجودي والبحيري وأبو جودة ومقدم ومحارب وقاسم، ويقيم آل مهنا وآل الجدامي وآل جودي وآل البحيري في مدينة قنا، ويقيم آل أبو جودة في ناحية المخادمة مركز قنا، ويقيم آل مقدم وآل محارب وآل قاسم في أولاد سرور تبع ناحية المخادمة مركز قنا، كما يقيم بعض النوائل حتى الآن في كوم الأشراف قرب مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية.
ثانيًا - الشريف بدر بن نجد بن جماز
هو جد البدور، وذريته هي عائلات الزُمر وحمد الله والمرابط وأحمد فراج وعلى موسى وقويته وحرحوش وجبل ومشالي وعويضة وحمدان والجهيني والنعارة وجاد الله وعتمان أحمد وعيارو وأبو دياب ومرعي والعجل وسنادة وفارس وراجح وطروش.
وبوجه عام تقيم معظم عائلات البدور في ناحية الأشراف الشرقية مركز قنا وتشتمل الأشراف الشرقية على الدومة ونجع الحي ونجع حمد الله ما عدا آل أبو
دياب الذين يقيمون في ناحية العسيلية جنوب الأشراف الغربية مركز قنا وبعض آل مرعي وآل حرحوش الذين يقيمون في الجزيرية تبع ناحية الشيخ عيسى مركز قنا، وآل عثمان أحمد وآل الجهيني الذين يقيمون في مدينة قنا نفسها.
ثالثًا - الشريف سرور بن نجد بن جماز
هو جد أولاد سرور وذريته هي عائلات شعبان ناصر وتمام وعاجة وعمار وطنطاوي والكلحي والجمل وزنانة والنقيطي ويقيم آل شعبان ناصر وآل تمام في مدينة قنا، كما يقيم أن محتاجة وآل عمار وآل طنطاوي وآل الكلحي وآل الجمل وآل زنانة وآل النقيطي في أولاد سرور تبع ناحية المخادمة مركز قنا.
رابعًا - الشريف عمارة بن جماز
هو جد العمارات، وذريته هي عائلات العماري والحرز وشملول وقرافيل والأعرج والقران والعلامي والبحيري والناظر وشطي والجعري والمريمي وزعيتر والسمهودي والاعيور وحصرف. وتقيم معظم هذه العائلات في ناحية الأشراف القبلية مركز قنا ما عدا آل العماري وآل شملول وآل القرآن وآل المريمي وآل الاعيور فإنهم يقيمون في مدينة قنا وفي ناحية الأشراف القبلية، وتشتمل الأشراف القبلية على الخربة ونجع الكوم.
خامسًا - الشريف مخدم بن بوير بن هاشم
هو جد المخادمة، وذريته هي عائلات أولاد مالك وأولاد شاهين أولاد عيت الله وأولاد مرعي وأولاد علي، ولعائلات المخادمة فروع كثيرة، وتسكن هذه العائلات من أولاد مالك وأولاد شاهين وأولاد عيت الله وأولاد مرعي في ناحية المخادمة مركز قنا، وفي أولاد سرور تبع ناحية المخادمة، أما أولاد علي فيسكنون في ناحية الشيخ عيسى مركز قنا.
كما توجد من بين عائلات المخادمة جالية كبيرة تقيم في مدينة رأس غارب ومنطقة البحر الأحمر أيضًا، وفروع أولاد مالك هم آل رشوان وآل الدحيش
وآل سلطان وآل داود وآل بدوي وآل طالب وآل إبراهيم وآل شواحي وآل طبارة وآل عوادة وآل الصعيدي وآل الهواري وآل العبد وآل رفاعي وآل حميد وآل قاسم.
أما فروع أولاد شاهين فهم أن صقر وآل عمارة وآل حافظ وآل الديب وآل الأحمر وآل زناتة وآل خور وآل نصار وآل كحيل وآل فراج وآل رحيم وآل خليفة وآل مخلوف وآل محفوظ وآل مقلد وآل عبد الرحيم السيد وآل حسين صقر وآل محمد حسين وآل جاد كساب وآل الخنجري وآل طلوز، ويوجد فرع من آل طلوز يسكن منذ مدة بعيدة نجع الهواشم تبع ناحية الغابات مركز البلينا محافظة سوهاج.
وأما عائلات أولاد مرعي فهم: أن مصطفى وآل السبال وآل قناوي وآل أبي الحاج وآل زناته وآل حسين مصطفى وآل البحيري وآل الطقري وآل خيان وآل نسيرة وآل البربري وآل أبي دويل وآل الأقرع وآل أبي سليم.
وأما أولاد عيت الله فهم آل الشيخ وآل الجداوي وآل عثمان وآل مهدي وآل أبي سحلي وآل الطرشة وآل شلبي وآل أبي الكلاب وآل عمير وآل محسن وآل العديسي وآل متولي عبد الرحيم وآل السمباكي وآل دقينة.
وأما فروع أولاد علي فهم آل كرار وآل مصطفى حسن وآل حسن عميش وآل الحشاش وآل حسن عثمان وآل علي حسن وآل أحمد مغنم.
سادسًا - الشريف بطيخ بن بوير بن هاشم
هو جد البطاطخة وذريته هي عائلات حامد ومقلد وعوض والهمهامي والعجل والشلخي وسوس وأبو سيف وعامر وأبو يوسف وأبو حجازي وهمام صقر الشخيبي والقلع وسراج. ويقيم آل حامد في عزبة حامد بضواحي مدينة قنا، وكذلك يقيم آلسوسو وآل أبو سيف في مدينة قنا، ويقيم آل مقلد وآل عوض وآل الهمهامي وآل العجل وآل الشلخي في ناحية الأشراف البحرية (نجع البطاطخة) مركز قنا، كما يقيم آل عامر وآل أبو يوسف وآل أبو حجازي في نجع الجزيرية تبع ناحية الشيخ عيسى مركز قنا، ويقيم آل همام صقر وآل الشخيبي وآل القلع في نجع النحال بضواحي مدينة قنا.
سابعًا - الشريف شويخ بن بوير بن هاشم
هو جد الشويخات وذريته هي عائلات شاهين ومفتاح وقرواش والكاشف وأبو خاطر وغزالي وأبو دياب وبشير وعشري وأبو حسنة وأبو النصر وحمير .. وتقيم معظم هذه العائلات في ناحية الأشراف البحرية (نجع الشويخات) مركز قنا وبعضها يقيم في مدينة قنا مثل آل غزالي وآل بشير وآل عشري وآل أبو النصر.
ثامنًا - الشريف دغيم بن هاشم
هو جد الدغيمات وذريته هي عائلات الدغيمي ومعتوق والغراب والعبودي والديب وضاحي والدقر وفراج وحديد والبعيري وخضر ودويدار وحجي والدرعي وخربوطلي وجفالة، وتقيم معظم عائلات الدغيمات في ناحية الاشراف القبلية مركز قنا ما عدا آل الدغيمي وآل معتوق وآل الديب فإنهم يقيمون في مدينة قنا وفي ناحية الأشراف القبلية.
تاسعًا - الشريف كروان بن هاشم
هو جد الكراوين وذريته هي العائلات الآتية: عائلة أحمد حسن (التي من فروعها آل الصغير وآل رشوان وآل عويض) وعائلة أبو شقرة (التي منها آل طربوش)، هذا بالإضافة إلى عائلات حمدان وبلابل وأبو زيد الديابي وسلامة والمسيدي والبارودي وحسين وزناتة والمزرقاني ومكي وزيدان والسلخ والجلوي ومحارب ودوح وجبيل وعمران وأبو صيري وعواد وسباق والنويقة ومحمد سالم والمعري وحسان وكليب وحربي والقويضي وسلاطين والقصري وهيكل ونقرة.
وتقيم معظم عائلات الكراوين في ناحية الأشراف الغربية مركز قنا وتشتمل الأشراف الغربية على الكراوين والأخصاص والنوابعة. ولكن من بين عائلات الكراوين من يقيم في نجاحية الأشراف القبلية مثل آل أبي شقرة وآل زيدان وآل حربي وآل القويضي وكذلك يقيم منهم في مدينة قنا آل أبو زيد الديابي وآل سلامة وآل زناتة وآل مكي وآل الجلوي وآل محارب وآل عواد وآل سلاطين.
ويتبين لنا مما تقدم أن الفرع الجمازي من بني الحسين يكون القسم الأكبر من قبيلة الأشراف في قنا .. ويقيم الأشراف الجمامزة في مدينة قنا وفي القرى المحيطة بهذه المدينة على الضفة الشرقية لنهر النيل ابتداء من الأشراف البحرية شمالًا حتى الأشراف الغربية والأشراف الشرقية جنوبًا.
كما يقيم في المدينة المنورة منذ زمن طويل بعض أفراد من الأشراف الجمامزة من آل صقر وآل عتمان.
عائلات الأشراف في فاروقية الأشراف بقفط
(1)
وفي سمهود والمنشاة
تنتسب عائلات الأشراف التي تقيم الآن قي فاروقية الأشراف بقفط محافظة قنا وفي سمهود مركز أبو طشت محافظة قنا وفي مركز المنشاة محافظة سوهاج .. ينتسب أفراد كل هذه العائلات إلى رجل واحد من بني الحسن، فهم أشراف حسنيون، جدهم هو الشريف عبد الرحمن بن أبي المحاسن جمال الدين عبد الله (الأكبر) ابن شهاب الدين أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي الروح عيسى بن جلال الدين أبي العليا محمد (الأزرق) ابن أبي الفضل جعفر بن علي بن أبي طاهر الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد (قتادة) ابن إسحاق بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكي ندرس شخصيات هؤلاء الأجداد دراسة تاريخية ينبغي أن نبدأ بالحسن بن علي فإنه - كما سبق أن قلنا - أعقب من رجلين هما: الحسن المثنى وزيد الأبلج. أما الحسن المثنى فإنه أعقب من عبد الله الكامل (المحض) وداود وجعفر وإبراهيم القمر والحسن المثلث .. وقد سبق أن تحدثنا عن عبد الله الكامل في معرض حديثنا عن الأشراف العنقاويين من بني الحسن في قنا .. أما بقية أبناء الحسن المثنى فيهمنا من بينهم في هذا المقام داود، فهو الجد الذي تنتسب إليه عائلات الأشراف في فاروقية الأشراف بقفط وفي سمهود والمنشاة.
لقد كان داود بن الحسن المثنى يكنى بأبي سليمان وكان يلي صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نيابة عن أخيه عبد الله المحض، وكانت وفاة داود
(1)
تسمى فاروقية الأشراف حاليًا بالظافرية.
بالمدينة المنورة وله من العمر ستون سنة، وقد أعقب داود من سليمان، وسليمان هذا أمه هي أم كلثوم بنت علي زيت العابدين ابن الحسين، وقد أعقب سليمان من محمد، أما محمد فإنه خرج من المدينة أيام أبي السرايا ويقال: إن حياته انتهت بالقتل كما قيل أيضًا إنه توفي في حياة أبيه وله نيف وثلاثون سنة، وقد أعقب محمد من أربعة أحدهم إسحاق، وأعقب إسحاق من محمد وكان محمد يلقب بقتادة وأعقب محمد من الحسن ثم أعقب الحسن من محمد ثم أعقب محمد من الحسن ثم أعقب الحسن من محمد ثم أعقب محمد من أحمد وأعقب. أحمد من الحسن الذي كان يكنى بأبي طاهر وأعقب أبو طاهر الحسن من علي .. ثم أعقب علي من جعفر الذي كان يكنى بأبي الفضل، وقد أعقب أبو الفضل جعفر من محمد وكان محمد يكنى بأبي العليا ويلقب بجلال الدين كما كان يلقب أيضًا بالأزرق، ثم أعقب أبو العليا محمد من عيسى الذي كان يكنى بأبي الروح، وأعقب أبو الروح عيسى من علي الذي كان يكنى بأبي الحسن، ثم أعقب أبو الحسن علي من أحمد الذي كان يلقب بشهاب الدين، ويعتبر شهاب الدين أحمد من أقضى القضاة، وقد أعقب من عبد الله، وكان عبد الله يُلقَّب بجمال الدين ويكنى بأبي المحاسن، كما كان يُعرف أيضًا بعبد الله الأكبر، وقد اشتغل مثل أبيه بالقضاء .. وكان ميلاده في سنة 804 هـ - 1401 م بسمهود وقدم إلى مصر (القاهرة) حيث درس علوم الفقه والدين ثم عاد إلى بلدة سمهود وبقي فيها حتى مات سنة 866 هـ - 1416 م ودفن بها وله ضريح مشهور يقع بحارة الأشراف المجاور لرحبتهم من الجهة البحرية، وقد أعقب عبد الله من ابنين هما علي وعبد الرحمن.
أما علي بن عبد الله فهو من أشهر المؤرخين الذين كتبوا عن المدينة المنورة وكان علي يلقب بنور الدين ويكنى بأبي الحسن وقد ولد سنة 844 هـ - 1440 م ثم نزل بالمدينة المنورة وعكف على الدراسة والتأليف، وأصبح علمًا من أعلام المؤرخين اشتهر باسم (السمهودي المدني) وهو صاحب كتاب (وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى) وكتاب (جواهر العقدين). أما الابن الثاني لعبد الله الأكبر فهو عبد الرحمن الذي تولى قضاء بلده عن أبيه في حياته وكان عبد الرحمن عالمًا كبيرًا، والشريف عبد الرحمن بن أبي المحاسن جمال الدين عبد الله (الأكبر) هو جد الأشراف الحسنيين في فاروقية الأشراف بقفط وفي سمهود والمنشاة.
وقد ذكرنا تسلسل نسبهم هذا وفق ما جاء في كتاب المشجر الكشاف لابن عميد الدين النجفي (مخطوط)
(1)
، ومن المعروف أن الأشراف في فاروقية الأشراف بقفط يقال لهم (الشهابية البركاتية) وذلك نسبة إلى أحد أحفاد الشريف عبد الرحمن بن عبد الله الأكبر وهو الشريف أحمد الشهابي الحسني السمهودي، وكذلك نسبة إلى الشريف بركات وهو من ذرية أحمد الشهابي، ويحتفظ أشراف قفط بكثير من الوثائق والحجج التي توضح تسلسل نسبهم هذا وفق ما جاء في كتاب المشجر الكشاف. ومن بين هذه الوثائق صورة من نسبهم مؤرخة بتاريخ 25 رجب سنة 1316 هـ - 1898 م ويحتفظ بها الآن أحد أشراف قفط الذين يسكنون حاليًا في مدينة الإسماعيلية. وهو السيد عبد الرحمن أحمد عبد الله وعلى هذه الوثيقة أكثر من خمسمائة ختم بأسماء أمراء القلعة بقفط وعربان البراهمة وعربان قفط وعربان حجازة والكلاحين.
وبعد. فتلك هي أصول الأشراف الذين اتخذوا منازلهم في قفط وسمهود والمنشاة. وأقاموا بذلك دليلًا جديدًا على عروبة مصر من أسراتها وقبائلها.
وتحضرني في هذا المقام أسرات أخرى من الأشراف تسكن الديار المصرية بوجه عام دائمًا وأبدًا جنودًا مخلصين للكنانة وظهر من بينهم زعماء وأدباء لهم مواقف وطنية رائعة، فهذا هو السيد عمر مكرم ابن أسيوط الذي قال عنه المؤرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتي إنه قاد المصريين في ثورتهم ضد حملة نابليون الفرنسية واشترك مع جموع الشعب في المعارك وحفر الخنادق وإقامة المتاريس.
وعندما طغى محمد علي في الأرض وتجبر في مصر وقف ضده عمر مكرم فكان جزاؤه النفي إلى دمياط ثم إلى طنطا على يد هذا الوالي التركي البغيض.
هذا هو السيد عمر مكرم نقيب الأشراف وزعيم الشعب المصري في مطلع القرن التاسع عشر.
وهذا هو أحمد عرابي قائد الثورة العرابية الذي ثار على الخديوي توفيق وواجه الإنجليز في المعارك، وكان جزاؤه في النهاية أيضًا أن نفي إلى جزيرة
(1)
ابن عميد الدين النجفي المشجر الكشاف ص 137 مخطوط.
سيلان، ذلك هو عرابي الذي قال عنه الأستاذ الخفيف في كتابه "عرابي المفترى عليه"
(1)
: إن سبب زعامته وثقته بنفسه ترجع إلى عاملين:
أولهما أنه شريف ينتسب إلى الإمام الحسين رضي الله عنه ولذلك فإنه كان عندما يواجه الخديوي يخاطبه بكل اعتزار وثقة لأنه يشعر في قرارة نفسه أن أي نسب مهما علا فهو دون نسبه
(2)
، وأما العامل الثاني فهو أنه ابن شيخ الجلد في قريته (هريَّة ررنه) القريبة من الزقازيق بمحافظة الشرقية.
وهذا هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ارتاد أوروبا ونادى بالتحرر والانطلاق، ومصطفى لطفي المنفلوطي صاحب العبرات والنظرات، ومنصور فهمي عضو المجمع اللغوي، والدكتور عبد الوهاب مورو المدير الأسبق لجامعة القاهرة، وآل خشبة في أسيوط وشربين، وآل حجازي وآل النشّار بشربين وغيرهم.
فيجب علينا أن نحفظ تاريخنا لنقتدي بأمجادنا ونحذو حذو أجدادنا الذين كانوا فرسان الميادين ومصابيح الظلام.
(1)
محمود الخفيف: أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه ص 4، 5 - مطبعة الرسالة بالقاهرة 1947 م.
(2)
وفي الأعلام للزركلي ج 1: أنه أحمد بن محمد عرابي بن محمد بن وافي بن محمد من قبيلة المحامدة، انتقل جد عائلته من بطائح العراق إلى مصر في أواسط القرن السابع الهجري، وفي مذكراته نسبة إلى الإمام الحسين السبط رضي الله عنه.
المراجع
- القرآن الكريم
- جمهرة أنساب العرب
…
ابن حزم الأندلسي
- تاريخ العبر ومبتدأ الخبر
…
ابن خلدون
- معجم ما استعجم
…
البكري
- سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
…
ابن هشام المعافري
- معجم قبائل العرب القديمة والحديثة
…
رضا كحالة
- نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب
…
القلقشندي
- كنز الأنساب ومجمع الآداب
…
حمد الحقيل
- معجم قبائل المملكة العربية السعودية
…
حمد الجاسر
- المعجم الجغرافي للمملكة العربية السعودية
…
حمد الجاسر
- مجلة العرب السعودية
…
حمد الجاسر
- تحقيق رحلات الحج للجزيري
…
حمد الجاسر
- ملخص رحلتي الدرعي المغربي
…
حمد الجاسر
- قلائد الجمان
…
القلقشندي
- سبائك الذهب
…
السويدي
- مروج الذهب
…
المسعودي
- قلب جزيرة العرب
…
فؤاد حمزة
- تاريخ العرب قبل الإسلام
…
د. جواد علي
- معجم تقوير البلدان
…
ياقوت الحموي
- قبائل العرب في مصر
…
أحمد لطفي السيد
- عروبة مصر
…
شملول الشريف
- النجوم الزاهرة
…
جمال الدين بردي
- لورانس العرب
…
شاكر خليل
- نسب عدنان وقحطان
…
المبرد
- صفة جزيرة العرب
…
الهمداني
- الإكليل
…
الهمداني
- عامان في عمان
…
الزركلي
- الرحلة اليمانية
…
البركاتي
- الرحلة الحجارية
…
البتنوني
- البيان والإعراب
…
المقريزي
- تاريخ الجبرتي
…
الجبرتي
- جمهرة نسب قريش
…
ابن بكار
- الروض البسَّام
…
الرفاعي
- تاريخ السودان
…
نعوم شقير
- تاريخ بئر السبع وقبائله
…
عارف العارف
- القضاء في بئر السبع
…
عارف العارف
- تاريخ شرق الأردن
…
فردريك بيك
- تاريخ سيناء
…
نعوم شقير
- زهرة المقول
…
الشدقمي
- الدرر الكامنة
…
ابن حجر
- تاج العروس
…
الزبيدي
- اللباب في تهذيب الأنساب
…
ابن الأثير
- الطبقات الكبرى
…
ابن سعد
- الكامل في التاريخ
…
ابن الأثير
- المغاري
…
الواقدي
- شريعة الصحراء
…
رفعت الجوهري
- نهاية الأرب
…
النويري
- تاريخ السودان
…
ماك مايكل
- وصف مصر
…
أميديه جوبير
- الخطط التوفيقية
…
علي باشا مبارك
- المشجر الكشاف
…
النجفي
- بحر الأنساب
…
ابن عنبة
- عمدة الطالب في آل أبي طالب
…
ابن عنبة
- الروض المعطار
…
مرتضى الزبيدي
- الإحصاء العام عام 1883 م لقبائل مصر
…
طبع بولاق
- مرآة الحرمين
…
إبراهيم باشا رفعت
- الاشتقاق
…
ابن دريد
- قبيلة مزينة
…
مساعد البهيمة المزني
- بدائع الزهور
…
ابن إياس
- أسد الغابة
…
ابن الأثير
- بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب
…
الآلوسي
- الأنساب
…
السمعاني
- جمهرة النسب
…
الكلبي
- صحيح الأخبار
…
ابن بليهد الخالدي
- قبائل الشام
…
وصفي زكريا
- أنساب العرب
…
سمير قطب
- بحوث عن قبيلة المساعيد
…
راشد بن حمدان الأحيوي
- درر الفرائد المنظمة (مخطوط)
…
للجزيري
- تاريخ جبل نابلس والبلقاء
…
إحسان النمر
- رحلات في بلاد العرب
…
عاتق بن غيث البلادي
- معجم قبائل الحجاز
…
عاتق بن غيث البلادي
- الدرر السنية في الأنساب الحسنية والحسينية
…
البرادعي
- النفيعات بين الماضي والحاضر
…
مجدي العدوي
- السودان
…
محمود شاكر
- أنساب الأسر والقبائل في الكويت
…
د. أحمد المزيني
صبح الأعشى
…
القلقشندي
تهذيب الأسماء واللغات
…
النووي
الأعلام
…
الزركلي
أرض مدين
…
بورتون
المدخل الشرقي لمصر
…
عباس عمار
سيناء موقع وتاريخ
…
عبده مباشر
أبناه إسماعيل
…
لمري
التحفة الذهبية
…
الشريفي
المنتخب في ذكر أنساب العرب
…
المغيري
مسالك الأبصار
…
لابن فضل الله العمري
وثائق دير سانت كاترين
…
مخطوطة من رهبان الدير
العقيليون في المخلاف السليماني
…
أحمد الراجحي العقليلي
معجم القبائل والحكومات
…
القثامي